الدارس في تاريخ المدارس

النعيمي

فصل دور القران الكريم

المجلد الأول فصل دور القران الكريم دار القران الخيضرية ... بسم الله الرحمن الرحيم فصل دور القران الكريم 1 - دار القران الخيضرية شمالي دار الحديث السكرية بالقصاعين أنشأها في سنة ثمان وسبعين وثمانمائة قاضي القضاة قطب الدين أبو الخير محمد بن محمد بن عبد الله بن خيضر الخيضري الدمشقي الشافعي الحافظ ورتب فيها الفقراء والجوامك والخبز ووقف على تربته لصيق المنجكية بمحلة مسجد الذبان وعلى مطبخ باب الفراديس ومطبخ بني عديسة بالمدينة المنورة على الحال بها أفضل الصلاة وأتم السلام أوقافا دارة ولد سنة إحدى وعشرين وثمانمائة بدمشق ونشأ يتيما في حجر والدته وحفظ القران والتنبيه وأشتغل بتحصيل الحديث وسمع بمكة المشرفة والقدس وبعلبك ومصر وتخرج فيه بابن حجر1 وتفقه بالتقي ابن قاضي شهبة2 وغيره أخذ النحو عن البصروي وخرج له التحرير وفهرس مشيخة وله مؤلفات منها طبقات الشافعية وشرح الألفية أي ألفية العراقي3 وشرح التنبيه وولي تدريس دار الحديث الأشرفية ووكالة بيت المال وكتابة السر وقضاء الشافعية توفي رحمة الله تعالى سنة أربع وتسعين وثمانمائة ودفن بتربته بالقاهرة.

_ 1 الحافظ شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد الكناني العسقلاني صاحب فتح الباري وكتب كثيرة في علم الرجال والحديث. شذارات الذهب 7: 270. توفي سنة 852 هجرية. 2 نقي الدين أبو بكر بن شهاب الدين أحمد بن محمد بن قاضي شهبة توفي سنة 851 هجرية شذرات الذهب 7: 269. 3 الحافظ عبد الرحيم بن حسين العراقي المتوفي سنة 806 هجرية. شذرات الذهب 7: 55.

دار القران الكريم الجزرية

2- دار القران الكريم الجزرية قيل أنها بدرب1 الحجر قال الحافظ أبن حجر في سنة أربع وثلاثين وثمانمائة محمد بن محمد بن محمد بن يوسف الحافظ الإمام المقري شمس الدين أبن الجزري 2 ولد ليلة السبت الخامس والعشرين من شهر رمضان سنة إحدى وخمسين وسبعمائة بدمشق وتفقه بها ولهج بطلب الحديث والقران وبرز في علم القراءات وعمر مدرسة للقراء وسماها دار القرآن وأقرأ الناس وعين لقضاء الشام مدة وكتب توقيعه عماد الدين أبن كثير3 ثم عرض عارض فلم يتم ذلك وقدم القاهرة مرارا وكان مثريا وشكلا حسنا وفصيحا بليغا وأطال ترجمته توفي في أوائل سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة

_ 1 راجع البداية والنهاية 13: 219. 2 شذرات الذهب 7: 204. 3 اسماعيل بن عمر صاحب متاب البداية والنهاية توفي 774 هجرية شذرات الذهب 6: 231.

دار القران الكريم الدلامية

3 - دار القران الكريم الدلامية بالقرب من المار دانية بالجسر الأبيض بالجانب الشرقي من الشارع الآخذ إليه بالصالحية وفيها تربة الواقف أنشأها الجناب الخواجكي الرئيسي الشهابي أبو العباس أحمد بن المجلس الخواجكي زين الدين دلامة أبن عز الدين نصر الله البصري أجل أعيان الخواجكية بالشام إلى جانب داره ووقفها في سنة سبع وأربعين وثمانمائة كما رأيته في كتاب وقفها ورتب بها إماما وله من المعلوم مائة درهم وقيما وله مثل الإمام وستة أنفار من الفقراء الغرباء المهاجرين في قراءة القرآن ولكل منهم ثلاثون درهما في كل شهر ومن شرط الإمام الراتب أن يتصدى شيخا لا قراء القرآن للمذكورين وله على ذلك زيادة على معلوم الإمامة عشرون درهما وستة أيتام بالمكتب أعلى بابها ولكل منهم عشرة دراهم في كل شهر أيضا وقرز لهم شيخا وله من المعلوم

ستون درهما في كل شهر وقراءة البخاري في الشهور الثلاثة وله من المعلوم مائة درهم وعشرون درهما وناظرا وله من المعلوم في الشهر ستون درهما وعاملا وله من المعلوم كل سنة ستمائة درهم ورتب للزيت في كل عام مثلها وللشمع لقراءة البخاري والتراويح مائة درهم ولأرباب الوظائف خمسة عشر رطلا من الحلوى ورأسى غنم أضحية ولكل من الأيتام جبة قطنية وقميصا كذلك ومنديلا وقرر قارئ يوم الثلاثاء من كل أسبوع وله في الشهر ثلاثون درهما وشرط على أرباب الوظائف حفظ حزب الصباح والمساء لأبن داود1 يقرؤونه بعد صلاة الصبح والعصر وأن يكون الإمام هو القارئ للبخاري والقارئ علي ضريح الواقف والقيم هو البواب والمؤذن ثم توفي رحمه الله تعالى في ثامن عشر المحرم سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة وقد قارب الثمانين وأول من باشر الإمامة والمشيخة الشيخ شمس الدين البانياسي وقراءة الميعاد الشيخ شمس الدين أبن حامد2.

_ 1 زين الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن أبي بكر، توفي سنة 856 هجرية. شذرات الذهب 7: 288. 2 محمد بن عيسي بن إبراهيم توفي سنة778 هجرية.

دار القران الكريم الرشائية

4 - دار القران الكريم الرشائية بدرب الخزاعية شمالي الخانقاه السميساطية بباب الناطفانيين أنشأها رشأ بن نظيف بن ما شاء الله أبو الحسن الدمشقي في حدود سنة أربعمائة قال الصلاح الصفدي3 في كتابة الوافي على الوفيات في حرف الراء رشأ4 بن نظيف بن ما شاء الله أبو الحسن الدمشقي المقري قرأ بحرف أبن عامر5 على أبي الحسن بن داود الداراني6 وله دار موقوفة على القراء توفي رحمه الله تعالى سنة أربع وأربعين وأربعمائة انتهى ملخصا

_ 3 خليل ابن أبيك بن عبد الله توفي 764سنة هجرية. شذرات الذهب 6: 200. 4 شذرات الذهب 3: 271. 5 أبو عمران بن عبد الله بن عامر اليحصي توفي 118سنة. هجرية. شذرات الذهب 1: 156. 6 علي بن داوود القطان توفي سنة 402. هجرية. شذرات الذهب 3: 164.

وقال الأسدي في كتابه الأعلام بتاريخ الإسلام في سنة أربع وأربعين وأربعمائة: رشأ بن نظيف ولد في حدود سنة سبعين وثلاثمائة وقرأ بحرف أبن عامر علي أبي الحسن بن داود الداراني وقرأ بمصر والعراق بالروايات وسمع الحديث من عبد الوهاب الكلابي1 وأبي مسلم الكاتب2 وأبي عمرو بن مهدي3 وجماعة كثيرة روى عنه رفيقه أبو علي الأهوازي4 وعبد العزيز الكناني5 وأحمد بن عبد الملك المؤذن6 وآخرون وقرأ عليه جماعة أخرهم موتا أبو الوحش سبيع أبن قيراط7 قال الكناني وكان ثقة مأمونا انتهت إليه الرياسة في قراءة أبن عامر رحمه الله تعالى وقال الذهبي له دار موقوفة على القراء بباب الناطفانيين وقال الكتبي8 هي التي جوار خانقاه السميساطية من الشمال قلت وقد زالت عينها وأدخلت في غيرها توفي رحمه الله تعالى في المحرم انتهى وأظنها الآن هي الإخنائية التي أنشأها قاضي القضاة بدمشق شمس الدين محمد أبن القاضي تاج الدين محمد أبن فخر الدين عثمان الإخنائي9 الشافعي ودفن بها في شهر رجب سنة ست عشرة وثمانمائة وكان باب الخانقاه السميساطية قديما هنا ثم حول في أيام تاج الدولة تتش10 إلى دهليز الجامع الأموي حيث هو الآن بأذنه في ذلك.

_ 1 أبو الحسين الكلابي عبد الوهاب بن الحسن توفي 396سنة هجرية. شذرات الذهب 3: 147. 2 محمد أحمد بن علي البغدادي توفي سنة 399 هجرية. شذرات الذهب 3: 156. 3 أبو عمر بن مهدي عبد الواحد بن محمد البزاز توفي سنة 410. هجرية. شذرات الذهب 3: 192. 4 الحسن بن علي توفي 446سنة هجرية. شذرات الذهب 3: 274. 5 عبد العزيز بن أحمد الكناني توفي سنة 466 هجرية. شذرات الذهب 3: 325. 6 أبو صالح المؤذن النيسابوري. توفي سنة 470 هجرية. شذرات الذهب 3: 335. 7 سبيع بن مسلم الدمشقي المقرئ الضرير توفي سنة 508 هجرية شذرات الذهب 4: 23. 8 المؤرخ صلاح الدين محمد بن شاكر الداراني توفي سنة 764 هجرية. شذرات الذهب 6: 203. 9 محمد بن محمد السعدي توفي سنة 816 هجرية. 10 أبو سعيد ابن السلطان ألب ارسلان توفي سنة 488 هجرية. شذرات الذهب 3: 384.

دار القرآن الكريم السنجارية

5 - دار القرآن الكريم السنجارية تجاه باب الجامع الشمالي المسمى الناطفانيين قال أبن كثير في سنة خمس وثلاثين وسبعمائة علاء الدين علي بن إسماعيل بن محمود السنجاري واقف دار القران عند باب الناطفانيين شمالي الأموي بدمشق كان أحد التجار الصدق الأخبار ذوي اليسار المسارعين إلى الخيرات توفي رحمه الله تعالى بالقاهرة ليلة الخميس ثالث عشر جمادى الآخرة وقال الحافظ البرزالي في سنة خمس وثلاثين وسبعمائة وفي الخامس والعشرين من جمادى الآخرة وصل الخبر إلى دمشق بموت علاء الدين السنجاري التاجر المشهور وكانت وفاته ليلة الخميس ثالث عشر جمادى الآخرة بالقاهرة وصلى عليه على باب زويلة ودفن عند قبر القاضي شمس الدين أبن الحريري1 الحنفي وكان رجلا جيدا فيه ديانة وبر وأنشأ دار القرآن السنجارية قبالة باب الناطفانيين أحد أبواب الجامع الأموي بدمشق ورتب فيها جماعة يقرؤون القرآن ويتلقونه وله مواعيد حديث وكتب إلي بموته زين الدين الرحبي وأنه مات فجأة وكانت جنازته حافلة ورؤيت له منامات صالحة انتهى.

_ 1 محمد بن عثمان بن أبي الحسن توفي سنة 737 هجرية شذرات الذهب 6: 88.

دار القرآن الكريم الصابونية

6 - دار القرآن الكريم الصابونية خارج دمشق قبلي باب الجابية غربي الطريق العظمي ومزار أوس بن أوس الصحابي رضي الله عنه وبها جامع حسن بمنارة تقام فيه الجمعة وتربة الواقف وأخيه وذريتهما إنشاء المقر الخواجكي أحمد الشهابي القضائي أبن علم الدين أبن سليمان بن محمد البكري الدمشقي المعروف بالصابوني ابتدأ في عمارة ذلك في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وستين وثمانمائة وفرغ منه في سنة ثمان وستين وثمانمائة وخطب به شيخنا قاضي القضاة جمال الدين يوسف أبن قاضي

القضاة شهاب الدين أحمد الباعوني1 الشافعي في شعبان سنة ثمان وستين وثمانمائة وذكر في خطبته فضل بناء المساجد ثم خطب بها صاحبنا العالم علاء الدين علي بن يوسف بن علي بن أحمد البصروي2 الشافعي إلى سنة تسعين وتولى إمامتها صاحبنا العالم عبد الصمد الجبرتي الحنفي ثم توفي فتولاها أبن معروف الجبرتي3 وشرط الواقف النظر في ذلك لنفسه ثم لذريته ثم نصف النظر الحاجب دمشق كائنا من كان والنصف الآخر للإمام وشرط قراءة البخاري في الثلاثة أشهر وشرط في الخطيب أن يكون شافعي المذهب وفي الإمام إن يكون من الطائفة المباركة الجبرتية وأن يكون حنفيا وأن يكون معه عشرة فقراء من جنسه يقريهم القرآن الحكيم وجعل للإمام في المكان المذكور قاعة لسكنه وعياله وجعل للفقراء خلاوي عدة عشرة فإن لم يوجد الإمام من الجبرتية الحنفية فيمانيا فإن لم يوجد فحجازيا فإن لم يوجد فآفاقيا وجعل للمنارة عدة سنة مؤذنين وجعل قيما وبوابا وفراشا وجابيا للوقف وبنى أيضا تجاه المكان المذكور بشرق مكتبا لأيتام عشرة بشيخ يقريهم القرآن العظيم بمعاليم شرطها لهم معلومة تصرف عليهم من جهات عديدة منها عدة قرى غربي مدينة بيروت تحت يد أمير الغرب بالعين المعجمة تعرف هذه القرى بالصابونية ومنها جميع قرية مديرى بالغوطة من المرج الشمالي ومنها قرية ترحيم بالبقاع عدة فدان ونصف فدان ومنها بقرية الصويرة أربعة فدادين ومنها القرعون في البقاع ربعها ومنها بقرية كحيل بحوران عدد ستة فدادين ومنها بقرية الخيارة قبلي دمشق عدة فدان ونصف فدان ومنها بقرية السبينة الغربية عدة فدان ونصف ومنها بقرية بيت الأبيار مزرعة تعرف بالسياف ومنها بقرية جرمانا ربع بستان ومنها بالوادي التحتاني بستان يعرف بالوثاب ومنها بقرية عين ترما بستان واحد ومنها بقرية سقبا عدة سبع قطع أرض

_ 1 يوسف بن أحمد بن ناصر توفي سنة 880 هجرية شذرات الذهب 7: 330. 2 العاتكي الدمشقي توفي سنة 905 هجرية شذرات الذهب 8: 27. 3 عمر بن معروف الجبرتي توفي سنة 946. شذرات الذهب 8: 266.

ومنها بقرية حمورية بستان واحد ومنها بقرية برزة ومنها بقرية جوبر عدة أربعة بساتين ومنها بالنيرب الفوقاني عدة بساتين ومنها بأرض المزة عدة أربعة بساتين ومنها بقرية كفر سوسة عدة أربعة بساتين ومنها بأرض قينية عدة ثلاثه بساتين وأما المسقف الذي بباطن دمشق وخارجها فمنها خان البقسماط ومنها بعين لؤلؤة قاعة واحدة منها بالدباغة حانوت واحد ومنها بالعقيبة الكبرى عدة أربع طباق ومنها بالعقيبة أيضا خان طولون ومنها بسوق عمارة الأخنائي عدة ثلاثة حوانيت شركة الحرمين الشريفين ومنها بمحلة مسجد القصب عدة ستة حوانيت ومنها جوار الجامع الأموي عدة قاعتين ومنها جوار المارستان النوري عدة أربع طبقات ومنها جوار باب دمشق طبقة واحدة ومنها بالقضمانية عدة أربعه حوانيت ومنها بباب الجابية عدة ستة حوانيت ومنها بمحلة سوق الهواء خان واحد ومنها بمحلة قصر حجاج خان واحد. وأما ما وقفه يوسف الرومي مملوك الواقف غربي مصلى العيدين جوار بستان الصاحب فبستان واحد وبقرية كفرسوسية معصرة الزيتون وقاعة لصيق الجامع والتربتين المذكورتين وعلوها طبقة أخرى قبلي ذلك وعلوها عدة طبقتين والله أعلم.

دار القرآن الكريم الوجيهية

7 - دار القرآن الكريم الوجيهية قبلي المدرسة العصرونية والمسرورية وغربي الصمصامية التي شمال الخاتونية وإلى زقاقها يفتح بابها قال السيد شمس الدين الحسيني في ذيله على العبر في سنة إحدى وسبعمائه الشيخ وجيه الدين محمد بن عثمان بن المنجا التنوخي رئيس الدماشقه عن إحدى وسبعين سنة حدثنا عن جعفر الهمداني1 وغيره وهو واقف دار القرآن المذكور آنفا وقال الصفدي في الوافي في كلامه على

_ 1 أبو الفضل بن علي بن هبة الله الهمداني الاسكندراني توفي سنة 636هجرية شذرات الذهب 5: 180.

المحمدين ما عبارته وجيه الدين بن المنجا محمد بن عثمان الإمام الرئيس شيخ الأكابر وشيخ الحنابلة أبو المعالي التنوخي الدمشقي ولد سنة ثلاثين وتوفي سنة إحدى وسبعمائة وسمع من اللتي1 حضورا ومن جعفر الهمداني ومكرم2 وسالم بن صصرى وحضر ابن المقير3 وحمل عنه الجماعة ودرس بالمسمارية وكان صدرا محترما دينا محبا للأخيار صاحب أملاك ومتاجر وبر وأوقاف أنشأ دارا للقرآن الكريم بدمشق ورباطا بالقدس الشريف وعمل ناظرا لجامع الأموي تبرعا وكان مع سعة ثروته مقتصدا في ملبسة وتوفي بدار القرآن في شعبان في التاريخ المتقدم انتهى.

_ 1 عبد الله بن عمر بن علي القزاز توفي سن 635، شذرات الذهب 5: 17. 2 أبو المفضل مكرم بن محمد بن حمزة القرشي الدمشقي المعروف بابن أبي الصقر توفي سنة 635 هجرية شذرات الذهب 5: 174. 3 أبو الحسن علي بنأبي عبد الله الحسين بن علي البغدادي تةفي سنة 643.هجرية شذرات الذهب 5: 223.

فصل دور الحديث الشريف

فصل دور الحديث الشريف دار الحديث الإشرفية ... فصل دور الحديث الشريف 8 - دار الحديث الإشرفية جوار باب القلعة الشرقي غربي العصرونية وشمالي القيمازية الحنفية قال ابن كثير في تاريخه وقد كانت دار الحديث الإشرفية دارا لهذا الأمير يعني صارم الدين قايماز بن عبد الله النجمي واقف القيمازية وله بها حمام فاشترى ذلك الملك الأشرف مظفر الدين موسى بن العادل1 وبناها دار حديث وأخرب الحمام وبناه سكنا للشيخ المدرس بها انتهى. وقال الذهبي في مختصر تاريخ الإسلام في سنة ثمان وعشرين وستمائة: وفيها أمر الملك الأشرف بعمل دار الأمير قايماز النجمي دار حديث فتمت في سنتين وجعل شيخها الشيخ تقي الدين بن الصلاح2 انتهى. وذكر السبط3 في سنة ثلاثين وستمائة في ليلة النصف من شعبان فتحت دار الحديث الأشرفية وأملى بها الشيخ تقي الدين بن الصلاح الحديث ووقف عليها الملك الأشرف الأوقاف وجعل بها نعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: وسمع الملك الأشرف صحيح

_ 1 شذرات الذهب 5: 175. 2 عثمان بن عبد الرحمن. الشهرزوري توفي سنة 643 هجرية، شذرات الذهب 5: 221. 3 ابن الجوزي يوسف بن فرغلي توفي سنة 654هجرية، شذرات الذهب 5: 266.

البخاري في هذه السنة على الزبيدي1 قلت وكذا سمعوا عليه بالدار وبالصالحية انتهى وقال في سنة خمس وثلاثين وستمائة: فيها كانت وفاة الملك الأشرف وبسط ذلك مطولا ومن شرطه في الشيخ أنه إذا اجتمع من فيه الرواية ومن فيه الدراية قدم من فيه الرواية والشيخ تقي الدين ابن الصلاح المذكور هو الإمام العلامة مفتي الإسلام أبو عمرو عثمان ابن الشيخ الإمام البارع الفقيه المفتي صلاح الدين أبي القاسم عبد الرحمن بن عثمان بن يونس بن أبي نصر النصري بالنون الكردي الشهر زوري ولد سنة سبع وسبعين بتقديم السين فيهما وخمسمائة وتفقه على والده ثم نقله إلى الموصل فاشتغل فيهما مدة وبرع في المذهب. قال ابن خلكان بلغني أنه كرر جميع كتاب المهذب ولم يطر شاربه ثم ولي الإعادة عند العناد ابن يونس2 انتهى وسمع الكثير بالموصل وفي بغداد وديز ونيسابور ومرو وهمذان ودمشق وحران من خلائق ودرس بالقدس الشريف في الصلاحية فلما خرب الملك المعظم أسواره قدم دمشق قال الذهبي وإنما خربها لعجزه ثم لما تملك نجم الدين أيوب امر بعمارته من مغل القدس انتهى ثم درس بدمشق في الشامية الجوانية ودار الحديث المذكور قال الذهبي ولي مشيختها ثلاث عشرة سنة انتهى ثم درس بالرواحية وهو أول من درس بهما واشتغل وأفتى وكانت العمدة في زمانه على فتاويه وصنف التصانيف مع الديانة والجلالة وكان لا يمكن أحدا في دمشق من قراءة المنطق والفلسفة والملوك تطيعه في ذلك وممن أخذ عنه القاضيان ابن رزين وابن خلكان3 والكمالان سلار4 وإسحاق5 وشمس الدولة عبد الرحمن بن نوح المقدسي وشهاب الدين أبو شامة وغيرهم قال ابن خلكان كان أحد

_ 1 الحسين بن المبارك الربعي توفي سنة631 هجرية. شذرات الذهب 5: 144. 2 صاحب شرح التنبيه الإمام أحمد بن موسي توفي سنة 622 هجرية. شذرات الذهب 5: 99. 3 أحمد بن محمد البرمكي الاربكي توفي سنة 681 هجرية. شذرات الذهب 5: 371. 4 سلار بن الحسن بن عمر الاربلي الشافعي توفي سنة 670 هجرية. شذرات الذهب 5: 331. 5 اااسحاق بن أحمد بن عثمان المعربي الشافعي توفي سنة 650 هجرية شذرات الذهب 5: 249.

فضلاء عصره في التفسير والحديث والفقه وله مشاركة في عدة فنون وكان من الدين والعلم على قدم حسن وترجمته طويلة تركناها خشية الإطالة توفي رحمه الله تعالى بدمشق في حصار الخوارزمية في السادس والعشرين من ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعين وستمائة ودفن بمقابر الصوفية بطرفها بشمال قبلي الطريق. وقال الذهبي في ذيل العبر في سنة خمس وعشرين وسبعمائة: ومات الفقيه المعمر شهاب الدين أحمد بن الفقيه العفيف محمد بن عمر الصقلي1 ثم الدمشقي الحنفي إمام مسجد الرأس في صفر وله ثمانون سنة وثلاثة أشهر وهو أخر من حدث عن ابن الصلاح انتهى ثم ولي دار الحديث بعده الشيخ الإمام العالم القاضي خطيب الشام عماد الدين أبو الفضائل عبد الكريم ابن قاضي القضاة جمال الدين عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري الخزرجي الدمشقي ابن الحرستاني ولد في شهر رجب سنة سبع وسبعين بتقديم السينين فيهما وخمسمائة بدمشق وسمع من والده ومن الخشوعي2 ومن البهاء ابن عساكر3 وحنبل4 وابن طبرزد5 وغيرهم وتهاون أبوه وفتوته السماع من يحيى الثقفي6 وطبقته واشتغل على أبيه في المذهب وبرع فيه وتقدم وأفتى وناظر ودرس وناب عن أبيه في الحكم واشتغل بالقضاء بعد أبيه مدة قليلة ثم عزل ودرس بالغزالية مدة كما سيأتي وباشر الخطابة مدة وروى عنه الدمياطي7 وبرهان الدين الإسكندري وابن

_ 1 ترجمته في شذرات الذهب 6: 67. 2 أبو اسحاق إبراهيم بن الشيخ أبي طاهر بركات توفي سنة 640 هجرية. شذرات الذهب 5: 207. 3 بهاء الدين القسم بن المظفر توفي سنة 723هـ. شذرات الذهب 6: 61. 4 ابو عبد الله حنبل بن عبد الله الرصافي توفي سنة 604هـ. شذرات الذهب 5: 12. 5 أبو حفص، عمر بن محمد بن معمر الدارقزي توفي سنة 607هـ. شذرات الذهب 5: 26. 6 يحي بن محمود بن سعد. توفي سنة 584 هـ. شذرات الذهب 4: 282. 7 عبد المؤمن بن خلف بن أبي الحسن توفي سنة 705 هـ. شذرات الذهب 6: 12.

الخباز1 وابن الزراد2 قال الذهبي وكان من كبار الأئمة وشيوخ العلم مع التواضع والديانة وحسن السمت والتجمل وولي مشيخة الأشرفية بعد أبن الصلاح فباشرها إلى أن توفي بدار الخطابة في تاسع عشرين جمادى الأولى سنة اثنتين وستين وستمائة وصلي عليه بجامع دمشق ودفن عند أبيه بسفح قاسيون ثم ولي دار الحديث بعده شهاب الدين أبو شامة كما قاله الذهبي في العبر وقال تلميذه أبن كثير في سنة اثنتين وستين وستمائة: وفي جمادى الآخرة منها درس الشيخ شهاب الدين أبو شامة عبد الرحمن بن إسماعيل المقدسي بدار الحديث الأشرفية بعد وفاة القاضي عماد الدين بن الحرستاني الخزرجي وحضر عنده القاضي شمس الدين أبن خلكان وجماعة من الفضلاء والأعيان وذكر خطبة كتاب المبعث وأورد الحديث بسنده ومتنه وذكر فوائد كثيرة مستحسنة ويقال أنه لم يراجع شيئا حتى أورد درسه ومثله لايستكثر عليه ذلك انتهى. قلت وأبو شامة هذا هو الشيخ الإمام العلامة المجتهد ذو الفنون المتنوعة شهاب الدين القاسم عبد الرحمن بن العماد بن إسماعيل بن إبراهيم بن عثمان المقدسي ثم الدمشقي الشافعي الفقيه المقريء النحوي المؤرخ صاحب التصانيف المعروف بأبي شامة لشامة كبيرة فوق حاجبه الأيسر ولد بدمشق في أحد الربيعين سنة تسع وتسعين بتقديم التاء فيهما وخمسمائة وختم القرآن وله دون عشر سنين واتقن فن القراءة على الشيخ السخاوي وله ست عشرة سنة وسمع الكثير من الشيخ الموفق3 وعبد الجليل بن مندويه4 وطائفة قال الذهبي وكتب الكثير من العلوم وأتقن الفقه ودرس وافتى وبرع في فن العربية وذكر أنه حصل له الشيب وهو ابن خمس وعشرين سنة وولي مشيخة القراءة بالتربة الاشرفية ومشيخة الحديث بالدار وكان مع كثرة فضائلة متواضعا مطرحا

_ 1 أبو الفدا اسماعيل بن إبراهيم بن سالم توفي 703هـ. شذرات الذهب 6: 8. 2 محمد بن أحمد بن أبي الصالحي. توفي سنة 726هـ. شذرات الذهب 6: 72. 3 موفق الدين المقدسي، أبو محمد بن عبد الله بن أحمد توفي سنة 620هـ. شذرات الذهب 5: 88. 4 عبد الجليل بن أبي غالب بن مندويه الأصبهاني توفي 610هـ. شذرات الذهب 5: 42.

للتكلف ربما ركب الحمار بين المداوير وقرأ عليه القرآن جماعة توفي رحمة الله تعالى في تاسع عشر رمضان سنة خمس وستين وستمائة ودفن بباب الفراديس على يسار المار إلى مرجة الدحداح ثم وليها بعده سنة خمس وستين المذكورة الأمام العلامة ولي الله شيخ الأسلام الفقيه الزاهد الحافظ محيي الدين أبو ذكريا يحيى بن شرف بن مري بن حسن بن حسين بن محمد ابن جمعة بن الحزامي الحزمي النواوي 1 بالألف كما رأيته وقرأته بخطه قال الذهبي بحدفها ويجوز اثباتها الدمشقي ولد في محرم سنة إحدى وثلاثين وستمائة وقرأ القرآن ببلده وختم وقد ناهز الاحتلام قال أبن العطار2 قال لي الشيخ فلما كان لي تسع عشرة سنة قدم بي والدي إلى دمشق سنة تسع وأربعين فسكنت المدرسة الرواحية وبقيت سنتين لم أضع جنبي إلى الأرض وكان قوتي بها جراية المدرسة لا غير وحفظت التنبيه في نحو أربعة أشهر ونصف قال وبقيت أكثر من شهرين أو أقل يجب الغسل من إيلاج الحشفة في الفرج أعتقد أن ذلك قرقرة البطن وكنت أستحم بالماء البارد كلما قرقر بطني قال وقرأت حفظا ربع المهذب في باقي السنة وجعلت أشرح وأصحح على شيخنا كمال الدين إسحاق المغربي3 ولازمته فأعجب بي وأحبني وجعلني أعيد لأكثر جماعته قال الأسنوي وأكثر انتفاعه عليه قال الذهبي وحج مع أبيه سنة إحدى وخمسين ولزم الاشتغال ليلا ونهارا نحو عشر سنين حتى فاق الأقران وتقدم على جميع الطلبة وحاز قصب السبق في العلم والعمل ثم أخذ في التصنيف من حدود الستين وستمائة إلى أن مات وسمع الكثير من الرضي بن البرهان4 والزين خالد5 وشيخ الشيوخ عبد العزيز الحموي6 وأقرانهم وكان من متجره

_ 1 الإمام النووي صاحب كتاب رياض الصالحين توفي سنة 676هـ. شذرات الذهب 5: 304. 2 علي بن إبراهيم بن داود توفي سنة 624هـ. شذرات الذهب 6: 62. 3 أبو اسحق إحمد بن عثمان توفي سنة 650هـ. شذرات الذهب 5: 249. 4 أبو اسحق إبراهيم بن عمر توفي سنة 663هـ. شذرات الذهب 5: 312. 5 أبو البقاء خالد بن يوسف توفي سنة 663هـ. شذرات الذهب 5: 313. 6 عبد العزيز بن عبد الرحمن بن قرناص توفي سنة 654هـ. شذرات الذهب 5: 265.

في العلم وسعة معرفته بالحديث واللغة والفقه وغير ذلك مما قد سارت به الركبان رأسا في الزهد قدوة في الورع عديم المثل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قانعا باليسير راضيا عن الله رضي الله تعالى عنه مقتصد إلى الغاية في ملبسه ومطعمه وأثاثه تعلوه سكنينة فالله سبحانه وتعالى يرحمه ويسكنه الجنة وولي مشيخة دار الحديث بعد الشيخ شهاب الدين أبي شامة وكان لا يتناول من معلومها شيئا بل يتقنع بما يبعث إليه أبوه توفي رحمه الله تعالى في الرابع والعشرين من رجب سنة سبع وسبعين وستمائة1 بتقديم السين فيهما ودفن بقربة نوى عند أهله. ثم وليها بعده الشيخ زين الدين أبو محمد عبد الله بن مروان بن عبد الله بن قيراني الحسن الفارقي 2 خطيب دمشق ومدرس الشامية واالناصرية الجوانية ولد في المحرم سنة ثلاث وثلاثين وستمائة وسمع الحديث من جماعة وأشتغل وافتى مدة طويلة ودرس في عدة مدارس قال الذهبي في معجمه كان غارفا بالمذاهب وبجملة حسنة في الحديث ذا اقتصاد في بيته وتصون في نفسه وله سطوة على الطلبة وفيه تعبد وحسن معتقد وقال ابن كثير: وكانت له همة وشهامة وصرامة ويباشر الاوقات جيدا وهو الذي عمر دار الحديث هذه بعد خرابها في فتنة قازان وقد باشرها سبعا وعشرين سنة بعد النواوي رحمهما الله تعالى إلى حين وفاته وكان معه خطابة الجامع الاموي والشامية البرانية تسعة أشهر. وقال السبكي3: كان رجلا عالما صالحا وحكى عنه حكاية وهى تدل على كرامته توفي رحمه الله تعالى ببيت الخطابة في بالجامع المذكور بعد عصر الجمعة في

_ 1 وردت سنة وفاة الإمام النووي في معظم الكتب سنة 676هـ. شذرات الذهب 5: 354. 2 زين الدين أبو محمد عبد الله بن مروان بن عبد الله بن فيروز بن الحسن توفي سنة 703هـ. شذرات الذهب 6: 8. 3 أبو نصر عبد الوهاب بن علي توفي سنة 771هـ. شذرات الذهب 6: 221.

صفر سنة ثلاث وسبعمائة وصلى عليه ضحى يوم السبت ابن صصري1 عند باب الخطابة وبسوق الخيل قاضي الحنفية شمس الدين بن الحريري2 وعند جامع الصالحية قاضي الحنابلة تقي الدين سليمان3 ودفن بالصالحية بتربة اهله شمالي تربة الشيخ أبي عمر4 ولما توفي كان نائب السلطنة نواحي البلقاء فلما قدم تكلموا معه في وظائف الفارقي فعين الخطابة لشرف الدين الفزاري5 وعين الشامية البرانية ودار الحديث للشيخ كمال الدين ابن الشريشي6 فأخذ منه الشامية الشيخ كمال الدين ابن الزملكاني7 ثم وصل مرسوم شريف سلطاني بجميع جهات الفارقي لصدر الدين بن الوكيل ثم جاء مرسوم بالخطابة لشرف الدين الفزاري فاستقرت دار الحديث هذه بعد الفارقي لصدر الدين ابن الوكيل وهو الشيخ الإمام العلامة ذو الفنون أبو عبد الله محمد ابن الشيخ الإمام العالم مفتي المسلمين الخطيب زين الدين أبي حفص عمر بن مكي بن عبد الصمد العثماني المعروف بابن المرحل وبابن الوكيل شيخ الشافعية في زمانه وأشهرهم في وقته بالفضيلة وكثرة الاشتغال والمطالعة والتحصيل ولد بدمياط في شوال سنة خمس وستين وستمائة وسمع الحديث على جماعة من المشايخ من ذلك مسند أحمد علي بن علان8 والكتب الستة وقرىء عليه قطع كثيرة من صحيح مسلم بدار الحديث عن الامين الاربلي9

_ 1 أبو العباس أحمد بن محمد توفي سنة 723هـ. شذرات الذهب 6: 59. 2 محمد بن عثمان أبي الحسن الدمشقي توفي سنة 727هـ. شذرات الذهب 6: 88. 3 أبو الفضل سليمان بن أبي حمزة توفي سنة 715هـ. شذرات الذهب 6: 35 – 36. 4 محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة المتوفي سنة 607هـ. شذرات الذهب 5: 27. 5 أحمد ين إبراهيم توفي سنة 705هـ. شذرات الذهب 6: 12. 6 أحمد بن محمد بن أحمد بن الشريشي توفي سنة 718هـ. شذرات الذهب 6: 47. 7 أبو المعالي محمد بن علي بن عبد الواحد توفي سنة 727هـ. شذرات الذهب 6: 78. 8 أبو الغنائم المسلم بن محمد المسلم توفي سنة 680هـ. شذرات الذهب 5: 369. 9 أبو محمد القسم بن أبي بكر توفي سنة 680هـ. شذرات الذهب 5: 380.

والعامري1 والمزي وكان يتكلم على الحديث بكلام مجموع من علوم شتى من الطب والفلسفة وعلم الكلام وليس ذلك بعلم وعلم الاوائل. قال ابن كثير في هذه الترجمة في سنة ست عشرة وسبعمائة وكان يكثر من ذلك وكان يقول الشعر جيدا وله ديوان مجموع يشتمل على أشياء لطيفة وحفظ كتبا كثيرة يقال أنه إذا وضع بعضها على بعض كانت طول قامته وحفظ المفصل في مائة يوم ومقامات الحريري في خمسين يوما وديوان المتنبي في جمعة واحدة وتفقه على والده وعلى الشيخ شرف الدين المقدسي2 والشيخ تاج الدين الفزازي3 وغيرهم وأخذ الاصلين عن الصفي الهندي4 والنحو عن بدر الدين بن مالك5 وبرع وتفنن في علوم عديدة وقد أجاد معرفة المذهب والاصلين ولم يكن في النحو بذاك القوي فكان يقع منه اللحن الكثير مع أنه قرأ فيه المفصل للزمخشري وأفتى وله ثنتان وعشرون سنة واشتغل وناظر واشتهر اسمه وشاع ذكره ودرس بالشاميتين والعذراوية وكان له أصحاب يحسدونه ويحبونه وآخرون يحسدونه ويبغضونه وكانوا يتكلمون فيه بأشياء ويرمونه بالعظائم وقد كان مسرفا على نفسه وقد ألقى جلباب الحياء فيما يتعاطاه من القاذورات والفواحش وكان ينصب العداوة للشيخ تقي الدين ابن تيمية ويناظره في كثير من المحافل والمجالس وكان يعترف للشيخ تقي الدين بالعلوم الباهرة ويثني عليه ولكن كان يحاجف على مذهبه وناحيته وهواه وينافح عن طائفته وقد كان شيخ الاسلام يثني عليه وعلى علومه وفضائله ويشهد له بالاسلام وإذا قيل له في أفعاله وأعماله القبيحة فكان يقول كان مخلطا على نفسه متبعا مراد الشيطان فيه يميل الى الشهوة والمحاضرة ولم يكن كما قال فيه بعض أصحابه ممن يحسده ويتكلم فيه أو ما

_ 1 محمد بن أبي بكر توفي سنة 682هـ. شذرات الذهب 5: 380. 2 شرف الدين حسن بن عبد الله توفي سنة 695هـ. شذرات الذهب 5: 430. 3 أبو محمد عبد الرحمن بن إبراهيم توفي سنة 690هـ. شذرات الذهب 5: 413. 4 أبوعبد الله محمد بن عبد الرحيم توفي سنة 715هـ. شذرات الذهب 6: 37. 5 أبو عبد الله محمد بن عبد الله، صاحب الألفية توفي سنة 686هـ. شذرات الذهب 5: 398.

هو في معناه وولي في وقت الخطابة بالاموي أياما يسيره ثم قام الخلق عليه وأخرجوها من يده ولم يرق منبرها ثم خالط نائب الشام أقوش الافرام فجرت له أمور لا يحسن ذكرها ولا يرشد أمرها وأخرجت جهاته ثم آل به الحال الى أن عزم على الانتقال من دمشق إلى حلب لاستحوازه على قلب نائبها الامير أستدمر1 فأقام بها ودرس ثم تردد في الرسلية بين السلطان مهنا2 صحبة ارغون والطنبغا ثم أستقر به المنزل بمصر ودرس بها بحلقة الشافعي بجامع مصر وبالمشهد الحسيني وبالمدرسة الناصرية وهو أول من درس بها وجمع كتاب الاشباه والنظائر ومات قبل تحريره فحرره وزاد عليه ابن أخيه زين الدين3 وشرع في شرح الاحكام لعبد الحق4 وكتب منه ثلاثة مجلدات دالات على تبحره في الحديث والفقه والاصول. وقال السبكي في الطبقات الكبرى: كان الوالد يعظمه ويحبه ويثني عليه بالعلم وحسن العقيدة ومعرفة الكلام على مذهب الاشعري توفي رحمه الله تعالى بكرة نهار الاربعاء رابع وعشرين من ذي الحجة سنة ست عشرة وسبعمائة بداره قريبا من جامع الحاكم بالقاهرة ودفن من يومه قريبا من الشيخ محمد بن ابي حمزة بتربة القاضي ناظر الجيش بالقرافة ولما بلغت وفاته دمشق صلى عليه بجامعها صلاة الغائب بعد الجمعة ثالث المحرم من السنة الآتية وحين بلغت وفاته ابن تيمية قال أحسن الله عزاء المسلمين فيك يا صدر الدين ورثاه جماعة منهم أبو غانم علاء الدين5 والقحفازي والصلاح الصفدي. وقال ابن كثير في سنة ست عشرة وسبعمائة: وفي يوم الخميس سادس عشر

_ 1 استدمر الكرجي توفي سنة 711 هـ. شذرات الذهب 6: 25. 2 مهنا بن الملك عيسي توفي سنة 735 هـ. شذرات الذهب 6: 112. 3 أبو محمد عبد الله بن عبر توفي سنة 738 هـ. شذرات الذهب 6: 118. 4 عبد الحق بن عبد الرحمن بن عبد الله المعروف بابن الخراط توفي سنة 581هـ. شذرات الذهب 4: 311. 5 ورد في شذرات الذهب 6: 114 أحمد بن محمد بن غانم.

شعبان باشر الشيخ كمال بن الزملكاني مشيخة دار الحديث الاشرفية عوضا عن ابن الوكيل وأخذ في التفسير والحديث والفقه فذكر من ذلك دروسا حسنة ثم لم يستمر بها سوى خمسة عشر يوما حتى أنتزعها منه كمال الدين بن الشريشي انتهى. وكمال الدين بن الزملكاني هذا قاله ابن كثير في سنة سبع وعشرين وسبعمائة هو شيخنا الامام العلامة محمد أبو المعالي بن الشيخ علاء الدين بن عبد الواحد بن خطيب زملكا عبد الكريم بن خلف بن نبهان الانصاري الشافعي شيخ الشافعية بالشام وغيرها انتهت إليه رياسة المذهب تدريسا وافتاء ومناظرة ولد ليلة الاثنين ثامن من شوال سنة ست وستين وستمائة وسمع الكثير واشتغل على الشيخ تاج الدين الفزاري وفي الاصول على القاضي بهاء الدين ابن الزكي1 وفي النحو على بدر الدين بن مالك وغيرهم وبرع وحصل وساد أقرانه من أهل مذهبه وحاز قصب السبق عليهم بذهنه الوقاد في تحصيل العلم الذي أسهده ومنعه الرقاد وعبارته التي هي أشهى من كل شيء معتاد وخطه الذي هو أزهر من أزاهير الوهاد وقد درس بعدة مدارس بدمشق وباشر عدة جهات كبار كنظر الخزانة ونظر المارستان النوري وديوان الملك السعيد ووكالة بيت المال وله تعاليق مفيدة واختيارات حميدة سديدة ومناظرات سعيدة ومما علقه قطعة كبيرة من شرح المنهاج للنواوي ومجلد في الرد على الشيخ العالم تقي الدين بن تيمية في مسألة الطلاق وغير ذلك انتهى. قلت قيل إنه أول من شرح المنهاج المذكور وله فتاوى حسنة محررة والله سبحانه وتعالى أعلم ثم قال ابن كثير وأما دروسه في المحافل فلم أسمع أحدا من الناس درس أحسن منها ولا أحلى من عبارته وحسن تقريره وجودة احترازاته وصحة ذهنه وقوة قريحته وحسن نظمه وقد درس بالشامية البرانية والعذراوية والظاهرية الجوانية والرواحية والمسرورية فكان يعطي كل واحدة منهن حقها بحيث ينسخ كل واحد من تلك الدروس ما قيل من حسنة

_ 1 أبو الفضل يوسف بن يحي قاضي القضاة توفي سنة 685هـ. شذرات الذهب 5: 394.

وفصاحته ولا يهوله تعداد الدروس وكثرة الفقهاء والفضلاء بل كلما كان الجمع أكبر والفضلاء أكثر كان الدرس أنظر وأنضر وأحلى وأنصح وأفصح ثم لما انتقل إلى قضاء حلب وما معه من المدارس العديدة عاملها معامله مثلها وأوسع الفضيلة جميع أهلها وسمعوا من العلوم ما لم يسمعوا هم ولا آبائهم ثم طلب إلى الديار المصرية ليولى البلاد الشامية دار السنة النبوية فعاجلته المنية قبل وصوله فمرض وهو سائر على البريد تسعة أيام ثم عقب المرض بحران الحمام فقبضه هادم اللذات وحال بينه وبين سائر الشهوات ولإرادات والأعمال بالبينات ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها كذا فهجرته إلى ما هاجر إليه وكانت نيته الخبيثة إذا رجع إلى الشام متوليا أن يؤذي شيخ الإسلام أبن تيمية فدعا عليه فلم يبلغ أمله توفي في سحر يوم الأربعاء سادس عشر شهر رمضان منها بمدينة بلبيس وحمل إلى القاهرة ودفن بالقاهرة بمقبرة القرافة ليلة الخميس جوار قبة الإمام الشافعي رحمهما الله تعالى. وقال أبن كثير في سنة ست عشرة وسبعمائة: وفي يوم الأحد ثامن شهر رمضان باشر الشيخ كمال الدين بن الشريشي مشيخة دار الحديث عوضا عن أبن الزملكاني انتهى، وكمال الدين بن الشريشي هذا قال أبن كثير في الوفيات من تاريخه في سنة ثمان عشرة وسبعمائة: هو الشيخ الإمام العلامة أبو العباس أحمد أبن الإمام العلامة كمال الدين أبي بكر محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن سحبان البكري الوائلي مولده في شهر رمضان سنة ثلاث وخمسين وستمائة، كان أبوه مالكيا فاشتغل هو بمذهب الشافعي فبرع وحصل علوما كثيرة وكان خبيرا بالكتابة مع ذلك وسمع الحديث ورحل وكتب الطباق بنفسه وحدث عن النجيب1 وغيره، وأفتى ودرس وباشر وناظر عدة مدارس ومناصب فكان أول ما باشر مشيخة دار الحديث بتربة أم الصالح بعد والده من سنة خمس وثمانين وستمائة إلى أن توفي، وناب في الحكم عن ابن

_ 1 أبو عبد اللطيف بن عبد المنعم الحراني توفي سنة 672هـ. شذرات الذهب 5: 336.

جماعة1 ثم تركه وولي وكالة بيت المال وقضاء العسكر ونظر الجامع مرات ودرس بالشامية البرانية عوضا عن زين الدين الفارقي لما تولى الناصرية وتركها ثم عاد إلى الشامية وتولى الشيخ كمال الدين الناصرية عوضا عنه لأن شرط الشامية أن لا يجمع بينها وبين غيرها وأستمر الشيخ كمال الدين بالناصرية يدرس بها عشرين سنة ثم أنتزعها من يده أبن جماعة وزين الدين الفارقي فاستعادها منهما وباشر مشيخة الرباط الناصري بقاسيون مدة أكثر من خمس عشرة سنة ومشيخة دار الحديث الأشرفية هذه ثمان سنين وكان مشكور السيرة في ما تولاه من هذه الجهات كلها وفي هذه السنة عزم على الحج فخرج بأهله فأدركته منيته بالحسا في سلخ شوال من هذه السنة ودفن هناك رحمه الله تعالى وتولى بعده الوكالة جمال الدين أبن القلانسي ودرس في الناصرية كمال الدين بن الشيرازي2 وبدار الحديث الأشرفية الحافظ جمال الدين المزي وبأم الصالح الشيخ شمس الدين الذهبي وبالرباط الناصري ولده جمال الدين3 انتهى. وقال أبن كثير في سنة ثمان عشرة أيضا وفي يوم الخميس ثالث عشرين ذي الحجة باشر شيخنا ومفيدنا أبو الحجاج المزي مشيخة دار الحديث الأشرفية عوضا عن كمال الدين بن الشريشي ولم يحضر عنده كبير أحد لما في نفوس بعض الناس من ولايته لذلك مع أنه لم يتولها أحد قبله أحق بها منه ولا احفظ منه وما عليه منهم إذا لم يحضروا عنده فإنه لايوحشه إلا حضورهم عنده وبعدهم عنه أنس انتهى. وأبو الحجاج المزي هذا هو الإمام الحافظ الكبير شيخ المحدثين عمدة الحفاظ أعجوبة الزمان جمال الدين يوسف بن الزكي أبي محمد عبد

_ 1 محمد بن إبراهيم بن سعدالله توفي سنة 733. شذرات الذهب 6: 105. 2 أبو القاسم أحمد بن محمد بن محمد بن هبة الله توفي سنة 736هـ. شذرات الذهب 6: 112. 3 أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الله الوائلي الشريشي توفي سنة 779هـ. شذرات الذهب 6: 263.

الرحمن بن يوسف بن عبد الملك بن يوسف بن علي بن أبي الزهر القضاعي الكلبي الحلبي الدمشقي ميلاده في شهر ربيع الآخر سنة أربع وخمسين وستمائة قرأ شيئا من الفقه على مذهب الإمام الشافعي وبرع في التصريف واللغة ثم شرع في طلب الحديث بنفسه وله عشرون سنة وجمع الكثير ورحل قال بعضهم ومشيخته نحو الألف وبرع في فنون وأقر له الحفاظ من مشايخه وغيرهم بالتقدم وحدث بالكثير نحو خمسين سنة فسمع منه الكبار والحفاظ وولي دار الحديث هذه ثلاثا وعشرين سنة وقد بالغ في الثناء عليه أبو حيان1 وابن سيد الناس2 وغيرهما من علماء العصر توفي رحمة الله تعالى في صفر سنة ثنتين وأربعين وسبعمائة ودفن بمقابر الصوفية غربي قبر صاحبه ابن تيمية وهو صاحب تهذيب الكمال والأطراف وغيرهما ثم ولي بعده مشيخة دار الحديث الشيخ الإمام الفقيه المحدث الحافظ المفسر المقري الأصولي المتكلم النحوي اللغوي الحكيم الأديب المنطقي الجدلي الخلافي النظار شيخ الإسلام وقاضي القضاة تقي الدين ابو الحسن علي بن القاضي زين الدين أبي محمد السبكي الأنصاري الخزرجي 3 قال ولده قال والدي أنه ما دخلها أعلم ولا أحفظ من المزي ولا أورع من النواوي وابن الصلاح وستأتي له ترجمة أن شاء الله تعالى في الأتابكية وولد في مستهل صفر سنة ثلاث وثمانين وستمائة وتوفي في جمادي الآخرة سنة ست وخمسين وسبعمائة. وهذا آخر ما انتهى إلينا ممن ولي مشيخة دار الحديث هذه على الترتيب ثم وليها جماعات أخر لم أتحقق الترتيب بينهم فمنهم الحافظ العلامة عماد الدين أبو الفدا إسماعيل بن عمر بن كثير بن عنوني بن ضوء بن زرع4 القرشي البصروي الدمشقي ميلاده سنة إحدى وسبعمائة

_ 1 محمد بن يوسف بن علي النفري توفي سنة 745هـ. شذرات الذهب 6: 145. 2 أبو الفتح محمد بن محمد توفي سنة 734هـ شذرات الذهب 6: 108. 3 ترجمته في شذرات الذهب 6: 180. 4 صاحب كتاب "البداية والنهاية" ومصنفات أخري كثيرة.

وتفقه على الشيخ برهان الدين الفزاري1 وكمال الدين ابن قاضي شهبة ثم صاهر الحافظ أبا الحجاج المزي ولازمه وأخذ عنه وأقبل على العلم أي علم الدين وأخذ الكثير عن ابن تيمية وقرأ الأصول على الشيخ الأصفهاني2 وولي مشيخة أم الصالح بعد موت الذهبي ومشيخة دار الحديث مدة يسيرة ثم اخدت منه قال الحافظ ابن حجي3 السعدي كان أحفظ من أدركناه لمتون الأحاديث وأعرفهم بتخريجها ورجالها وصحيحها وسقيمها وكان أقرانه وشيوخه يعترفون له بذلك وكان يستحضر شيئا كثيرا من التفسير والتاريخ قليل النسيان وكان فقيها جيد الفهم صحيح الدين ويحفظ التنبيه إلى آخر وقت ويشارك في العربية مشاركة جيدة ونظم الشعر وما أعرف أني اجتمعت به على كثرة ترددي إليه إلا وأخذت منه توفي رحمة الله تعالى في شعبان سنة أربع وسبعين وسبعمائة ودفن بمقبرة الصوفية عند شيخه ابن تيمية ومنهم العلامة قاضي القضاة تاج الدين أبو نصر عبد الوهاب ابن الشيخ الإمام شيخ الإسلام تقي الدين أبي الحسن الأنصاري الخزرجي السبكي ميلاده بالقاهرة سنة سبع بتقديم السين وقيل ثمان وعشرين وسبعمائة وحضر وسمع بمصر من جماعة ثم قدم دمشق مع والده في جمادى الآخرة سنة تسع وثلاثين وسمع بها من جماعة واشتغل على والده وعلى غيره وقرأ على الحافظ المزي ولازم الذهبي وتخرج به وطلب بنفسه ودأب قال الحافظ شهاب الدين: أخبرني أن الشيخ شمس الدين ابن النقيب أجازه بالإفتاء والتدريس ولما مات ابن النقيب4 كان عمر القاضي تاج الدين ثماني عشرة سنة وأفتى ودرس وحدث وصنف وناب عن أبيه بعد وفاة أخيه القاضي حسين5 ثم اشتغل بالقضاء بسؤال والده في شهر ربيع الأول سنة ست وخمسين ثم عزل مدة لطيفة

_ 1 إبراهيم بن عبد الرحمن بن إبراهيم توفي سنة 729هـ. شذرات الذهب 6: 88. 2 أبو الثناء محمود بن عبد الرحمن توفي سنة 749هـ. شذرات الذهب 6: 165. 3 حجي بن موسي بن أحمد السعدي الحسباني توفي سنة 782هـ. شذرات الذهب 6: 274. 4 محمد بن أبي بكر بن إبراهيم بن عبد الرحمن توفي سنة 745هـ. شذرات الذهب 6: 144. 5 أبو الطيب الحسين بن علي بن عبد الكافي توفي 755هـ. شذرات الذهب 6: 177.

ثم أعيد ثم عزل بأخيه بهاء الدين1 وتوجه إلى مصر على وظائف أخيه ثم عاد إلى القضاء على عادته وولي الخطابة بعد وفاة ابن جملة ثم عزل وحصلت له محنة شديدة وسجن بالقلعة نحو ثمانين يوما ثم عاد إلى القضاء وقد درس بمصر والشام بمدارس كبار فبدمشق العزيزية والعادلية الكبرى والغزالية والعذرواية والشاميتين والناصرية والأمينية ومشيخة دار الحديث الأشرفية هذه وقد ذكر شيخه الذهبي في المعجم المختص وأثنى عليه وقال ابن كثير: جرى عليه من المحن والشدائد ما لم يجر على قاض قبله وحصل له من المناصب ما لم يحصل لأحد قبله وسيأتي ذكره في المدارس المتقدمة توفي شهيدا بالطاعون في ذي الحجة سنة إحدى وسبعين وسبعمائة ودفن بتربتهم بسفح قاسيون عن أربع وأربعين سنة. ومنهم قاضي القضاة بقية الأعلام صدر مصر والشام بهاء الدين أبو البقاء محمد ابن القاضي سديد الدين عبد البر ابن الإمام صدر الدين يحيى ابن علي الأنصاري الخزرجي السبكي المصري الدمشقي الحاكم بالديار المصرية والبلاد الشامية مولده في شهر ربيع الأول سنة سبع بتقديم السين وسبعمائة وتفقه على قطب الدين السنباطي2 ومجد الدين الزنكلوني3 وزين الدين ابن الكتاني4 وغيرهم وقرأ الأصول على جده صدر الدين والشيخ علاء الدين القونوي5 ثم على ابن عم أبيه شيخ الإسلام السبكي وقرأ عليه كتاب الأربعين في أصول الدين وقرأ النحو على أبي حيان وأخذ المعاني عن القاضي جلال الدين القزويني6 وروى عنه كتابه تلخيص المفتاح وسمع

_ 1 أبو البقاء محمد بن عبد البر توفي سنة 777هـ. شذرات الذهب 6: 253. 2 أبو عبد الله محمد عبد الصمد توفي سنة 722هـ. شذرات الذهب 6: 57. 3 أأأبو بكر بن اسماعيل بن عبد العزيز توفي سنة 740هـ. شذرات الذهب 6: 125. 4 عمر بن أبي الحزم توفي سنة 738هـ. شذرات الذهب 6: 117. 5 علي بن اسماعيل بن يوسف توفي سنة 729هـ. شذرات الذهب 6: 91. 6 محمد بن عبد الرحمن بن عمر بن أحمد توفي سنة 739هـ. شذرات الذهب 6: 123.

الحديث بمصر والشام وخرج له الحافظ أبو العباس الدمياطي جزءا من حديثه وحدث به وشغل الناس بمصر ثم قدم مع قاضي القضاة السبكي إلى دمشق فاستنابه وتصدى لشغل الناس بالعلم وقصده الطلبة وحضر حلقته الفضلاء وعلا صيته وتقدم على شيوخ الشام وله إذ ذاك بضع وثلاثون سنة واشتهرت فضائله ودرس بالأتابكية والظاهرية البرانية والرواحية والقيمرية كما سيأتي فيهن ثم ولي القضاء بدمشق مع تدريس الغزالية والعادلية مدة يسيرة ثم طلب إلى مصر في أوائل سنة خمس وستين بعد ما نزل عن وظائفة لولديه فولي قضاء العسكر والوكالة السلطانية ونيابة الحكم الكبرى ثم ولي قضاء القضاة بالديار المصرية مع الوظائف المضافة إلى القضاء واستمر نحو سبع سنين ثم عزل ودرس بقبة الإمام الشافعي رحمه الله تعالى والمنصورية ثم ولي قضاء الشام وقدمها في أوائل سنة سبع وخمسين قاضيا ومدرسا بالغزالية والعادلية والناصرية وشيخا بدار الحديث الاشرفية وأضيف إليه قبل موته بشهر الخطابة بالجامع الأموي توفي رحمه الله تعالى في جمادى الأولى سنة سبع بتقديم السين وسبعين وسبعمائة فاجتمعت في ميلاده سينان وفي وفاته ثلاث ودفن بتربة السبكيين بالسفح. ومنهم ولده قاضي القضاة ولي الدين أبو ذر عبد الله 1 ميلاده في جمادى الآخرة سنة خمس وثلاثين وسبعمائة بالقاهرة وسمع من جماعة بها وسمع بدمشق من الحافظ المزي وأبي العباس الجزري وغيرهما وحفظ الحاوي الصغير وأخذ عن والده وغيره وأفتى ودرس بالشامية الجوانية والرواحية والأتابكية والقيمرية وناب قي القضاء وولي وكالة المال ثم ولي القضاء والخطابة ومشيخة دار الحديث وتداريس القضاء سنة سبع وسبعين نحو ثمان سنين ونصف إلى أن توفي في شوال سنة خمس وثمانين وسبعمائة ودفن عند والده بتربة السبكيين بالسفح.

_ 1 ابن أبي البقاء توفي سنة 785هـ. شذرات الذهب 6: 288.

ومنهم الإمام العلامة الأوحد المفنن الفقيه المحدث المفسر الواعظ زين الدين أبو حفص عمر بن مسلم بن سعيد بن عمر بن بدر بن مسلم القرشي الملحي 1 "بفتح الميم واللام" الدمشقي ولد في شعبان سنة أربع وعشرين وسبعمائة وورد دمشق بعد الأربعين واشتغل في الفقه على خطيب جامع الجراح شرف الدين قاسم وأخذ عن الشيخ علاء الدين حجي وأخذ علم الأصول عن الشيخ بهاء الدين الأخميمي واشتغل في الحديث وشرع في عمل المواعيد فكان يعمل مواعيد نافعة ويقيد الخاصة والعامة وانتفع به خلق كثير من العوام وصار لديه فضيلة وأفتى وتصدى للإفادة ودرس بالمسرورية ثم بالناصرية ووقع بينه وبين قاضي القضاة برهان الدين ابن جماعة بسببها وحصل له محنة ثم عوض عنها بالأتابكية ثم أخذت منه فلما ولي ولده شهاب الدين أحمد قضاء دمشق في سنة إحدى وتسعين ترك له الخطابة وتدريس الناصرية والأتابكية ثم فوض إليه دار الحديث الأشرفية هذه فلما جاءت دولة الظاهر برقوق أخذ وأعتقل مع ابنه في القلعة وجرت لهما محن وطلب منهما أموال فرهن كثيرا من كتبه على المبلغ الذي طلب منهما وولده هذا درس في الحلقة الكندية بالجامع الأموي في شهر ربيع الأول سنة ست وسبعين وولي مشيخة الشيوخ والأسرار والإسراء وغير ذلك قال الحافظ شهاب الدين بن حجي2 برع الشيخ زين الدين في علم التفسير وأما علم الحديث فكان حافظا للمتون عارفا بالرجال وكان سمع الكثير من شيوخنا وله مشاركة في العربية انتهى وقال الشيخ تقي الدين الأسدي: وكان القاضي تاج الدين يعني السبكي هو الذي أدخله بين الفقهاء فلما حصل له المحنة كان ممن قام عليه وكان مشهورا بقوة الحفظ ودوامه إذا حفظ شيئا لا ينساه كثير الإنكار على أرباب الشبه شجاعا مقداما كثير المساعدة لطلبة العلم يقول الحق على من كان من غير مداراة في الحق ولا محاباة وملك من نفائس

_ 1 شذرات الذهب 6: 323. 2 أبو العباس بن حجي الحسباني توفي سنة 816هـ. شذرات الذهب 7: 116.

الكتب شيئا كثيرا وكان كثير العمل والاشتغال لا يمل من ذلك ولم يزل حاله على أحسن نظام إلى أن قدر الله عليه ما قدر وتوفي معتقلا بقلعة دمشق في ذي الحجة سنة ثنتين وتسعين وسبعمائة ودفن بالقبيبات وشهد جنازته خلق كثير لا يحصون انتهى. قلت وقبره مشهور بآخر مقبرة المزرعة الشرقية: المزار المعروف الآن بصهيب الرومي قبلي الزوزانية وشمالي زاوية الرفاعي شرقي ميدان الحصى ويتبرك بالدعاء عنده. ومنهم الشيخ الحافظ المصنف الخير شمس الدين أبو عبد الله محمد بم أبي بكر بن عبد الله بن محمد بن بهاء الدين أبي بكر عبد الله ابن ناصر الدين محمد بن أحمد بن مجاهد بن يوسف بن محمد بن أحمد بن علي القيسي1 الدمشقي الشافعي المحدث المعروف بلقب جده ميلاده بدمشق سنة سبع وسبعين وسبعمائة وطلب الحديث وجود الخط على طريقة الذهبي بحيث أنه حاكاه سمع وأكثر عن المشايخ الدمشقيين وغيرهم فمن شيوخه أبو هريرة بن الذهبي2 ومحمد بن محمد بن عبد الله بن عوض وارسلان بن أحمد الذهبي والشهاب أحمد بن علي بن علي الحسيني3 وعمر البالسي4 وأبو اليسر أبن الصائغ5 ومحيي الدين الفرضي ومن لا يحصى كثرة وصنف تصانيف كثيرة منها المولد النبوي في مجلدات ثلاثة ومنها المولد المختصر في كراسة ومنها توضيح المشتبه في ثلاثة مجلدات ومنها الاعلام بما وقع في مشتبه الذهبي من الأوهام ومنها بديعة البيان عن موت الاعيان نضم فيها حفاظ الإسلام إلى عصره وشرحها ومنها القصيدة المسماة بواعث الفكرة في حوادث الهجرة ومنها القصيدة المضمنة أنواع الحديث وشرحها مطولا

_ 1 شذرات الذهب 8: 243. 2 عبد الرحمن بن الحافظ أبي عبد الله محمد الذهبي توفي سنة 799هـ. شذرات الذهب 6: 360. 3 أحمد بن علي بن يحي الحسيني توفي سنة 803هـ. شذرات الذهب 7: 25. 4 عمر بن محمد بن أحمد توفي سنة 803هـ. شذرات الذهب 7: 33. 5 أحمد بن عبد الرحمن بن نورة توفي سنة 803هـ. شذرات الذهب 7: 61.

ومختصرا، ومنها المسلسلات وسماها نفحات الأخيار في مسلسلات الأخبار ومنها رفع الملام عمن حقق والد محمد بن سلام ومنها معراجان مطول ومختصر، ومنها كراريس في افتتاح الصحيح، وعدة ختوم نقلت ذلك من أسند عما بخطه ورأيت بخطة وصولا صورته الحمد لله قبض كاتبه محمد ابن أبي بكر بن عبد الله بن محمد عفا الله عنهم من سيدنا العبد الفقير إلى الله تعالى القاضي بدر الدين أبي عبد الله محمد بن المغربي الشافعي أدام الله تأييده وبركته وحرس مجده ونعمته مبلغ خمسمائة درهم نصفها مائتا درهم وخمسون درهما بما في القبض مبلغ مائة درهم على يد القاضي تقي الدين الصغير أيده الله تعالى كتبت بها خطي والقبض المذكور عنه معلوم كاتبه عن مشيخة دار الحديث الاشرفية بدمشق تغمد الله تعالى واقفها بالرحمة والرضوان عن سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة انتهى قلت: وقد ظلمه شيخنا البرهان البقاعي1 في عنوان العنوان. قال الشيخ تقي الدين الاسدي: في شهر رجب سنة اثنتين وأربعين توفي ليلة الجمعة سادس عشرية وصلي عليه من الغد قبل الصلاة بجامع التوبة ودفن بمقابر باب الفراديس بطرفها الغربي من جهة الشمال واستقر الشيخ علاء الدين بن الصيرفي عوضه في مشيخة دار الحديث الاشرفية وتفرقت بقية جهاته ولم يحصل لأحد من الطلبة منها شيء انتهى. بعد أن ترك بياضا نحو ورقة. والشيخ علاء الدين بن الصيرفي المشار إليه هو العلامة الأوحد الفقيه أبو الحسن علي بن عثمان بن عمر بن صالح الدمشقي الشافعي المحدث ميلاده سنة ثمان وسبعين وسبعمائة وسمع من ابن أبي المجد البخاري ومن البدر بن قوام2 بعض الموطأ رواية أبي مصعب ومن أحمد بن علي بن محمد بن عبد الحق3 وعمر البالسي وحسن بن محمد بن علي أبي الفتح البعلي والبرهان بن

_ 1 إبراهيم بن عمر بن حسن توفي سنة 885هـ. شذرات الذهب 7: 339. 2 محمد بن محمد بن محمد بن عمر بن أبي بكر توفي سنة 803هـ. شذرات الذهب 7: 38. 3 ترجمته في شذرات الذهب 7: 15.

صديق وفاطمة بنت المنجا1 وغيرهم ولزم السراج البلقيني2 والحافظ العراقي3 وسمع منهما وله مؤلفات منها كتاب "الوصول لما وقع في الرافعي من الاصول" و"شرح المنهاج للنواوي" وشيء في الوعظ وناب في درس الشامية البرانية وبالغزالية ودرس في دار الحديث هذه وكان صالحا متواضعا توفي بدمشق سنة أربع وأربعين وثمانمائة ودفن بمقبرة باب الصغير بطرفها القبلي اتجاه باب المصلى. فوائد: الاولى: قال الشيخ تقي الدين السبكي في كتاب الوقف من فتاويه، من وقف دار الحديث هذه ثلث حزرما وقفا مؤبدا. الثانية: كان ينوب عن أبن الشريشي في مشيخة دار الحديث هذه الشيخ صدر الدين سليمان بن هلال الجعفري الحوراني4 صاحب النواوي توفي سنة خمس وعشرين وسبعمائة. الثالثة: قال الشيخ تقي الدين الاسدي في تاريخه وفي يوم الاثنين عاشر ربيع الاخر سنة ثلاث وثلاثين بعد خروج القضاة من دار السعادة حضر قاضي القضاة شهاب الدين الونائي بدار الحديث الاشرفية وحضر معه القضاة الثلاثة وجماعة من الفقهاء وتكلم على الحديث الاول من صحيح مسلم بعد ما رواه بسنده انتهى. وقال في تاريخه أيضا: في صفر سنة ست وأربعين في يوم السبت الحادي والعشرين منه حضر قاضي القضاة يعني شمس الدين الونائي5 بدار الحديث الاشرفيه ثم في العادلية الكبرى وفي يوم الثلاثاء حضر الغزالية والبادرائية،

_ 1 فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي: قرأ عليها الحافظ ابن حجر توفيت سنة 803هـ. شذرات الذهب 7: 33. 2 عمر بن رسلان بن نصير توفي سنة 805هـ. شذرات الذهب 7: 51. 3 عبد الرحيم بن الحسين صاحب الألفية توفي سنة 806هـ. شذرات الذهب 7: 55. 4 شذرات الذهب 6: 67. 5 محمد بن اسماعيل بن محمد بن أحمد توفي سنة 849هـ. شذرات الذهب 7: 265.

وسبب ذلك أنه أراد الحضور في يوم الأحد فقيل له إن الفقهاء لا يتفرغون بحضورهم معك وكذلك في يوم الأربعاء فحضر في هذين اليومين انتهى. وفي أخر جمعة في شهر رمضان بعد صلاتها سنة أربع وتسعمائة حضر بها قاضي القضاة شهاب الدين بن الفرفور1 ومعه القضاة الثلاثة ونوابهم ومشايخ الإسلام والمسندون بدمشق، لإسماع ولده الولوي محمد2 عليهم فقرأ عليهم قطعا متفرقة من نحو سبعين كتابا بعد أن قرأ الولوي المذكور الحديث المسلسل بالأولية وستة أحاديث من الكتب الستة وكان المرتب لهذا المجلس الشيخ شمس الدين الخطيب المصري الحنفي. الرابعة: قال السيد الحسيني في ذيله في سنة ثلاث وستين وسبعمائة مات الشيخ الصالح الزاهد العابد الناسك فتح الدين يحيى بن الإمام زين الدين عبد الله بن مروان الفارقي الاصل الدمشقي الشافعي خازن الاثر الشريف وإمام الدار الاشرفية ولد سنة ثنتين وسبعين وسمع الشيخ شمس الدين بن أبي عمر3 وكان أخر أصحابه وسمع الفخر وابن شيبان4 وخلقا وحدث باليسير من مسموعاته تورعا وكان ذا زهد وورع حسن ويقنع باليسير وقيض لي السماع منه توفي في سادس عشرين من شهر ربيع الآخر انتهى. الخامسة: قال الذهبي في كتاب العبر: في سنة ثمان وأربعين وستمائة والمجد ابن الاسفراييني قارئ دار الحديث أبو عبد الله محمد بن محمد بن عمر الصوفي روى عن المؤيد الطوسي5 وجماعة توفي في ذي القعدة بالسميساطية وقال أيضا في سنة خمس وثمانين: وابن المهتار الكاتب المجود والمحدث الورع مجد الدين يوسف بن محمد بن عبد الله المصري ثم الدمشقي الشافعي

_ 1 توفي سنة 910هـ. شذرات الذهب 8: 47. 2 محمد بن أحمد بن محمود توفي سنة 937هـ. شذرات الذهب 8: 224. 3 أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن قدامة المقدسي توفي سنة 682هـ. شذرات الذهب 5: 376. 4 أبو العباس أحمد بن شيبان بن تغلب العطار توفي سنة 685هـ. شذرات الذهب 5: 390. 5 المؤيد بن محمد بن علي توفي سنة 617هـ. شذرات الذهب 5: 78.

قارئ دار الحديث الاشرفية ولد في حدود سنة عشر وسمع من ابن الزبيدي وابن الصباح1 وطبقتهما وروى الكثير توفي تاسع ذي القعدة انتهى. وولي الاقراء بها الامام العالم البارع سيف الدين أبو بكر بن عبد الله الحريري البعلبكي الدمشقي 2 ولد سنة نيف وتسعين بتقديم التاء وستمائة واشتغل في الفقه والحديث ولازم الحافظ المزي مدة وقرأ العربية وفضل فيها وقرأ القرآن على الكفري3 وسمع من جماعة ودرس بالظاهرية البرانية كما سيأتي فيها عوضا عن الاردبيلي كما انتقل إلى تدريس الناصرية كما سيأتي وأعاد بغيرها وولي مشيخة النحو بالناصرية والاقراء بدار الحديث الاشرفية ذكره الذهبي في المعجم المختص وقال فيه الامام المحصل ذو الفضائل سمع وكتب وتعب واشتغل وأفاد وسمع مني وتلا بالسبع وأعرض عن أشياء من فضلات العلم توفي في ربيع الأول سنة سبع بتقديم السين وأربعين وسبعمائة ودفن بالصوفية.

_ 1 أبو صادق الحسن بن صباح المخزومي توفي سنة 632هـ. شذرات الذهب 5: 148. 2 توفي سنة 747هـ. شذرات الذهب 6: 151هـ. 3 حسين سن سليمان بن فزارة توفي سنة 719هـ. شذرات الذهب 6: 51.

دار الحديث الأشرفية البرانية

9 - دار الحديث الأشرفية البرانية. المقدسية بسفح جبل قاسيون على حافة نهر يزيد تجاه تربة الوزير تقي الدين توبة بن علي التكريتي وشرقي المدرسة المرشدية الحنفية وغربي الاتابكية الشافعية بناء الملك الأشرف مظفر الدين موسى بن العادل باني دار الحديث الأشرفية المتقدمة قبل هذه للحافظ ابن الحافظ جمال الدين عبد الله بن تقي الدين عبد الغني المقدسي 4 قال ابن مفلح في طبقاته: عبد الله بن عبد الغني ابن علي بن سرور المقدسي ثم الدمشقي الحافظ ابن الحافظ جمال الدين، سمع بدمشق من عبد الرحمن بن علي الخرقي والخشوعي وغيرهما، وببغداد من ابن

_ 4 شذرات الذهب 5: 131.

كليب1 وابن المعطوش2، وبأصبهان من أبي المكارم ابن اللبان وخلق آخرين وبمصر من ابن أبي عبد الله الأرتاجي3 وكتب بخطه الكثير وجمع وصنف وأفاد وقرأ القراآت على عمه العماد4 والفقه على الشيخ موفق الدين5 والعربية على أبي البقاء العكبري6 قال الحافظ الضياء7: كان علما في وقته وقال الحافظ ابن الحاجب8: لم يكن في عصره مثله في الحفظ والمعرفة والأمانة وكان كثير الفضل وافر العقل متواضعا مهيبا جوادا سخيا له القبول التام مع العبادة والورع والمجاهدة وقال الذهبي: روي عنه الضياء وابن أبي عمر وابن البخاري9 وآخر من روى عنه اجازة القاضي تقي الدين سليمان بن حمزة10 وبنى له الملك الأشرف11 دار الحديث بالسفح وجعله شيخها وقرر له معلوما فمات قبل فراغها توفي رحمه الله تعالى يوم الجمعة خامس شهر رمضان سنة تسع وعشرين وستمائة ودفن بالسفح ورآه بعضهم في النوم فقال له ما فعل الله بك فقال أسكنني على بركة رضوان ورآه آخر فسأله فقال لقيت خيرا فقال له كيف الناس فقال متفاوتون على قدر أعمالهم انتهى كلام ابن مفلح وأول من درس بهذه الدار القاضي شمس الدين بن أبي عمر12.

_ 1 أبو الفرج عبد المنعم بن عبد الوهاب توفي سنة 596هـ. شذرات الذهب 4: 327. 2 أبو طاهر المبارك بن المبارك توفي سنة 599هـ. شذرات الذهب 4: 343. 3 شذرات الذهب 5: 6. 4 شذرات الذهب 5: 57. 5 شذرات الذهب 5: 88. 6 شذرات الذهب 5: 67. 7 شذرات الذهب 5: 217. 8 شذرات الذهب 5: 137. 9 شذرات الذهب 5: 414. 10 شذرات الذهب 6: 35. 11 شذرات الذهب 5: 175. 12 شذرات الذهب 5: 376.

قال ابن كثير في سنة ثنتين وثمانين وستمائة شيخ الجبل الشيخ الامام العلامة شيخ الاسلام شمس الدين أبو محمد عبد الرحمن ابن الشيخ أبي عمر محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة الحنبلي أول من ولي قضاء الحنابلة بدمشق ثم تركه وتولاه ابنه نجم الدين1 وتدريس الاشرفية بالجبل وقد سمع الحديث الكثير وكان من علماء الناس وأكثرهم ديانة في عصره وأمانة مع هدوء وسمت حسن وخشوع ووقار توفي رحمه الله تعالى ليلة الثلاثاء سلخ شهر ربيع الأول من هذه السنة عن خمس وثمانين سنة ودفن في مقبرة والده ثم ولي تدريسها الامام شمس الدين بن الكمال2. قال الذهبي في تاريخه العبر في سنة ثمان وثمانين وستمائة الشيخ المحدث شمس الدين بن الكمال أبو عبد الله محمد بن عبد الرحيم بن عبد الواحد ابن أحمد المقدسي الحنبلي ولد سنة سبع وستمائة وسمع الكندي3 وابن الحرستاني حضورا ومن داود بن ملاعب4 وطائفة وعني بالحديث وجمع وخرج مع الدين المتين والورع والعبادة وولي مشيخة الضيائية ومشيخة الأشرفية بالجبل. وقال الصفدي في تاريخه في المحمدين: الشيخ القدوة الصالح شمس الدين ابن الكمال ابن أخي الحافظ ضياء الدين سمع من أبي الفتوح البكري وموسى ابن عبد القادر5 والشمس أحمد العطار6والعماد إبراهيم والشيخ الموفق وابن أبي لقمة7 وابن صصري8 وابن البن9 وزين الامناء10 وابن راجح11 وأحمد بن طاوس وابن الزبيدي وخلق كثير وحدث بالكثير نحو أربعين

_ 1 شذرات الذهب 5: 407. 2 شذرات الذهب 5: 405. 3 شذرات الذهب 5:54. 4 شذرات الذهب 5: 67. 5 شذرات الذهب 5: 82. 6 شذرات الذهب 5: 62. 7 شذرات الذهب 5: 110. 8 شذرات الذهب 5: 118. 9 شذرات الذهب 5: 117. 10 شذرات الذهب 5: 123. 11 شذرات الذهب 5: 82.

سنة، وتمم تصنيف الأحكام الذي جمعه عمه الحافظ الضياء وكان فاضلا نبيها حسن التحصيل وافر الديانة كثير العبادة نزها عفيفا نظيفا روى عن القاضي تقي الدين سليمان وابن تيمية وابن العطار والمزي وابن مسلم1 وابن الخباز2 والبرزالي3. وولي مشيخة الأشرفية التي بالجبل وقرأ غير مرة ودرس بالضيائية وحج مرتين وحفر مكانا بالصالحية لبعض شأنه فوجد جرة مملوءة ذهبا وكانت معه زوجته تعينه فطمه وقال لزوجته: هذا فتنة وله مستحقون لا نعرفهم فوافقته وطماه وتركاه توفي رحمه الله تعالى في تاسع جمادى الآخرة وهي سنة ثمان وثمانين وستمائة ثم درس بها الشرف حسن المقدسي. قال ابن كثير في تاريخه في سنة خمس وتسعين وستمائة هو قاضي القضاة شرف الدين أبو الفضل الحسن ابن الشيخ الامام الخطيب شرف الدين أبي بكر عبد الله ابن الشيخ أبي عمر المقدسي سمع الحديث وتفقه وبرع في الفروع والفقه واللغه وفيه أدب وحسن محاضرة مليح الشكل تولى القضاء بعد نجم الدين ابن الشيخ شمس الدين في أواخر سنة سبع وثمانين ودرس بدار الحديث الاشرفية بالجبل. وقال الصفدي في تاريخه في حرف الحاء: الحسن بن عبد الله ابن الشيخ القدوة الزاهد أبي عمر بن أحمد بن محمد بن قدامة قاضي القضاة شرف الدين أبو الفضل ابن الخطيب شرف الدين الصالحي الحنبلي ولد سنة ثمان وثلاثين وستمائة وسمع من ابن قميرة4 وابن مسلمة5 والمرسي6 واليلداني7 وجماعة،

_ 1 شذرات الذهب 6: 72. 2 شذرات الذهب 6: 181 وذكر ابن عماد "ابن الخباز". 3 شذرات الذهب 5: 216. 4 شذرات الذهب 5: 249. 5 شذرات الذهب 5: 249. 6 شذرات الذهب 5: 266. 7 شذرات الذهب 5: 269.

وقرأ الحديث بنفسه على الكفرطابي1 وغيره وتفقه على عمه شمس الدين وصحبه مدة وبرع في المذهب وكان مديد القامة حسن الهيأة به شيب يسير وفيه لطف كثير ومكارم وسيادة ومروءة وديانة وصيانة وأخلاق زكية وسيرة حسنة في الاحكام سمع منه البرزالي وغيره ودرس بمدرسة جدة وبدار الحديث الاشرفية وولي القضاء بعد نجم الدين ابن الشيخ توفي ليلة الخميس الثاني والعشرين من شوال ودفن من الغد بمقبرة جده بالسفح وحضر نائب السلطنة والقضاة والأعيان جنازته وعمل من الغد عزاؤه بالجامع المظفري وباشر القضاء بعده تقي الدين سليمان بن حمزة قال ابن كثير وكذا مشيخة دار الحديث الاشرفية بالسفح وقد وليها شرف الفائق الحنبلي النابلسي2 مدة شهور ثم صرف عنها واستقرت بيد التقي سليمان المقدسي انتهى. وتقي الدين سليمان هذا هو المقدسي، قال ابن كثير في سنة خمس عشرة وسبعمائة: القاضي السند العمدة الرحلة تقي الدين سليمان بن حمزة بن أحمد بن عمر ابن الشيخ ابي عمر المقدسي الحنبلي الحاكم بدمشق ولد في نصف شهر رجب سنة ثمان وعشرين وستمائة وسمع الحديث الكثير وقرأ بنفسه وتفقه وبرع وولي الحكم وحدث وكان من خيار الناس وأحسنهم خلقا وأكثرهم مروءة توفي رحمه الله تعالى فجأة بعد مرجعه من البلد وحكمة بالجوزية فلما صار إلى منزله بالدير تغيرت حاله ومات عقب صلاة المغرب ليلة الاثنين حادي وعشرين ذي القعدة ودفن من الغد بتربة جدة حضر جنازته خلق كثير وجم غفير. وقال الذهبي في مختصر تاريخه: أي تاريخ الاسلام وله ثمان وثمانون سنة وكان مسند الشام في وقته وقال في العبر أي في الذيل في سنة خمس عشره وسبعمائه ومات في ذي القعده فجأة قاضي القضاة تقي الدين أبو الفضل

_ 1 شذرات الذهب 5: 277. 2 شذرات الذهب 5:335.

سليمان روى الصحيح عن الزبيدي1 حضورا وسمع من ابن اللتي وجعفر وابن المقير وكريمة2 وابن الجميزي3 والحافظ الضياء وأجاز له عمر بن كرم4 وأبو الوفاء محمد بن محمود بن منده5 وشهاب الدين السهروردي6 وله معجم في مجلدين عمله ابن الفخر وكان بصيرا بالمذهب دينا متعبدا متواضعا كثير المحاسن واسع الرواية أفتى نيفا وخمسين سنة وتخرج به الفقهاء انتهى. ثم درس بها ولده بعده عز الدين. قال الذهبي في تاريخه في سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة ومات في صفر قاضي الحنابلة عز الدين محمد ابن قاضي القضاة تقي الدين سليمان المقدسي وله ست وثلاثون سنة روى عن الشيخ وعن أبي بكر الهروي وبالإجازة عن ابن عبد الدائم7 ودرس بدار الحديث الاشرفية وغيرها وكان متوسطا في العلم والحكم متواضعا ثم درس بها ولده بعده بدر الدين قال الصفدي في حرف الحاء: الحسن بن محمد بن سليمان بن حمزة ابن الشيخ الإمام أقضى القضاة بدر الدين ابن قاضي القضاة سليمان المقدسي الأصل ثم الدمشقي، سمع من جده وعيسى8 المطعم ويحيى بن سعد9 وغيرهم وحدث ودرس بدار الحديث الأشرفية بالسفح وذكر لي جدي الشيخ شرف الدين أنه كان يحفظ شيئا من شرح المقنع للشيخ شمس الدين بن أبي عمر مقدارا ويلقيه في الدرس ويتكلم الحاضرون فيه ودرس بالجوزية وكان بيده نصف تدريسها وناب في الحكم عن ابن قاضي الجبل بعد عزله بصلاح الدين ابن المنجا وقد أعيد بعد وفاته مات ليلة الخميس خامس شهر ربيع الأول سنة سبعين وسبعمائة ودفن بالسفح ثم استمر كل من تولى قضاء الحنابلة يتولاها وإن لم يكن أهلاً

_ 1 شذرات الذهب 5:144. 2 شذرات الذهب 5: 212. 3 شذرات الذهب 5:246. 4 شذرات الذهب 5: 132. 5 شذرات الذهب 5: 155. 6 شذرات الذهب 5: 153. 7 شذرات الذهب 6: 48. 8 شذرات الذهب 6: 52. 9 شذرات الذهب 6: 56.

للتدريس بها ولها إعادة. فوائد: الأولى: الوف عليها خمس ضياع بالبقاع الدير والدوير والتليل والمنصورة والشرفية ولها بيت ابن النابلسي المعروف بابن الشكل والجنينة وحكر حارة الجوبان. الثانية: أسمع بها الإمامان القاضيان المحب أحمد بن نصر الله1 البغدادي الحنبلي قاضي القضاة بالديار المصرية والشمس محمد بن أحمد البساطي المالكي قاضي القضاة بها أيضا جزءا مخرجا من حديث شيخ الإسلام سراج الدين أبي حفص عمر بن أرسلان البلقيني تخريج الحافظ ولي الدين أبي زرعة أحمد ابن العراقي المصري2 الشافعي له من مسموعاته لما قدما دمشق مع السلطان الملك الأشرف3 في يوم السبت رابع عشر ذي الحجة الحرام سنة ست وثلاثين وثمانمائة بحضور العلامة الحافظ شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أبي بكر عبد الله بن ناصر الدين الدمشقي الشافعي. الثالثة: أسمع بها قاضي القضاة نظام الدين أبو حفص عمر بن أقضى القضاة برهان الدين إبراهيم بن مفلح ونائبه الشمس أبو عبد الله محمد بن عمر ابن ثابت الدروسي4 الحنبليان مشيخة أبي محمد عيسى بن عبد الرحمن المطعم المقدسي الدلال تخريج الحافظ أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي له يوم السبت ثالث جمادى الآخرة سنة سبع وتسعين وثمانمائة بحضور المحدث جمال الدين أبي المحاسن يوسف بن حسن بن أحمد بن عبد الهادي الصالحي5 رحمهم الله سبحانة وتعالى.

_ 1 شذرات الذهب 6: 219. 2 شذرات الذهب 7: 173. 3 شذرات الذهب 7: 238. 4 شذرات الذهب 7: 366. 5 شذرات الذهب 8: 43.

دار الحديث البهائية

10 - دار الحديث البهائية داخل باب توما قال الحافظ ابن كثير في تاريخه في سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة: شيخنا الجليل المسند المعمر الرحلة بهاء الدين أبو محمد القاسم ابن الشيخ بدر الدين أبي غالب المظفر إلى أن قال ووقف آخر عمره داره المعروفة دار حديث وولي تدريسها الشهاب الأذرعي وهو كما قال الحافظ برهان الدين الحلبي 1 في مشيخة تخريج الحافظ نجم الدين بن فهد2 أحمد ابن حمدان بن أحمد بن عبد الله بن عبد الواحد بن عبد الغني بن محمد بن أحمد بن سالم بن داود بن يوسف بن جابر الأذرعي نسبة إلى أذرعات الشام ثم الدمشقي ثم الحلبي الشافعي الإمام العلامة شيخ المذهب أبو العباس ابن الشيخ شهاب الدين مولده في إحدى الجماديين سنة ثمان وسبعمائة بأذرعات ونشأ بدمشق وسمع على القاسم ابن عساكر وأحمد بن الشحنة3 وسمع من الصدر عبد المؤمن بن عبد الرحمن بن عبد العزيز الحارثي النصف الأخير من رسالة الشافعي أو أكثر وقرأ على الحافظين الذهبي والمزي وذكر أنهما كانا يعجبان بقراءته وأجاز له من دمشق أبو نصر ابن الشيرازي4 وإسحاق الآمدي5 وأبو عبد الله بن الزراد وغيرهم ومن مصر أبو الحسن بن قريش وأبو الحسن الواني وأبو الفتح الدبوسي وصالح بن مختار الأشنهي ويوسف بن عمر الختني6 وآخرين ومن الإسكندرية عمر بن محمد العتبي7 وعبد الله بن خلف الصواف وغيرهما خرج له عنهم الإمام شهاب الدين أبو العباس أحمد ابن حجي جزءا حدث به وأخذ الفقه عن شيوخه بدمشق وتفقه وبرع وتميز وساد وشهر حتى صار شيخ البلاد الشامية وأحفظ الناس لفروع المذهب وناب في الحكم في بعض الجهات الدمشقية ثم انتقل إلى حلب واستوطنها،

_ 1 شذرات الذهب 7: 237. 2 شذرات الذهب 7: 342. 3 شذرات الذهب 6: 93. 4 شذرات الذهب 6: 62. 5 شذرات الذهب 6: 66. 6 شذرات الذهب 6: 97. 7 شذرات الذهب 6: 64.

وناب في الحكم عن ابن الصائغ1 أول ما قدم حلب ثم ترك ذلك وذكر لي القاضي شرف الدين الأنصاري أنه كان يأخذ العهد على أصحابه أنهم لا يلون القضاء ولما ترك القضاء اقتنع ببعض المدارس وأكب على الاشتغال وأقبل على التصنيف فصنف كتابا في المذهب سماه "قوة المحتاج" وآخر سماه "غنية المحتاج" كلاهما في شرح المنهاج ثم صنف "المتوسط في الفتح بين الروضة والشرح" يعني شرح الرافعي الكبير في عشرين مجلدة وهو كتاب جليل جمع فيه فأوعى وتعقب على المهمات للأسنوي واختصر الحاوي للماوردي ودرس بالمدرسة البلدقية بقرب الكلاسة وبالمدرسة الظاهرية وبالمدرسة الأسدية وبدار الحديث البهائية وله إعادة بعدة مدارس من مدارس الشافعية وتصدر بالجامع للافتاء والتدريس وشاعت فتاويه في الأفاق مع التوقي الشديد خصوصا في الطلاق وكان الشيخ زين الدين الباريني يجمع عنده فتاوي يستشكلها فيأتي الأذرعي فيسأله عنها ولم يكن له خبرة بحساب الفرائض وقد وقعت له في ذلك أغلاط اعتنى بجمعها فقيه ورد عليهم حلب من مصر يقال له النوي وأوقف عليها الشيخ سراج الدين البلقيني والشيخ ضياء الدين القربي فأطلق فيها ضياء الدين لسانه إذ لم يكن عارفا بحقيقته وعظم البلقيني شأنه لما يعرف من حاله لكنه كتب أنه لا يصلح للفتوى في الفرائض انتهى. وعرض له في آخر عمره سقطة وصمم شديد وكان كثير الإسناد للشعر وله نظم على طريقة الفقهاء وكانت وفاته عند الزوال من يوم الأحد الخامس والعشرين من جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة وصلي عليه بالجامع الأموي بحلب المحروسة وتقدم عليه في الصلاة القاضي جمال الدين بن العديم2 الحنفي ودفن من يومه خارج باب المقام تجاه تربة ابن الصاحب والغريب من تربة سودون ولم يخلف بعده بتلك الديار مثله وولي مشيختها السيد الشريف المؤلف المفيد شمس الدين

_ 1 شذرات الذهب 6: 123. 2 شذرات الذهب 6: 295.

أبو المحاسن ويقال أبو عبد الله الحسيني الدمشقي 1 ميلاده سنة خمس عشرة وسبعمائة. قال الحافظ الذهبي في المعجم: المحقق العالم الفقيه المحدث طلب وكتب الأجزاء وهو في زيادة من السماع والتحصيل والتخريج والإفادة وقال الحافظ ابن كثير: جمع أشياء مهمة في الحديث وكتب أسماء رجال مسند أحمد واختصر كتابا في أسماء الرجال مفيدا وولي مشيخة دار الحديث التي وقفهافي داره بهاء الدين القسم داخل باب توما وقال الحافظ ابن رافع جمع مختصرا من "تهذيب الكمال" لشيخنا المزي وزاد فيه رجال مسند أحمد وكتب بخطه كثيرا وقال الحافظ العراقي2: إنه شرع في شرح "سنن النسائي" وقال تقي الدين الأسدي: ومن مؤلفاته "اختصار الأطراف للمزي" وكتاب "رياض الزاهدين في مناقب الخلفاء الراشدين" وكتاب "الإمام في آداب دخول الحمام" وكتاب" العرف الذكي في النسب الزكي" و"ذيلا على العبر" من سنة إحدى وأربعين إلى سنة اثنتين وستين كذا قال وفيه نظر إنما هو إلى أن توفي في شعبان سنة خمس وستين وسبعمائة ودفن رحمه الله تعالى بقاسيون.

_ 1 شذرات الذهب 6: 205. 2 شذرات الذهب 6: 234.

دار الحديث الحمصية

11 - دار الحديث الحمصية المعروفه بحلقة صاحب حمص لم نقف له على ترجمة ودرس فيها الحافظ أبو الحجاج المزي وقد تقدمت ترجمته في دار الحديث الأشرفية بدمشق. ثم درس بها بعده الحافظ صلاح الدين العلائي قال الذهبي في "العبر" في سنة ثمان وعشرين وسبعمائة: وفيها في المحرم درس العلائي بحلقة صاحب حمص بحضرة القضاة فأورد درسا باهرا نحو ستمائة سطر وقال تلميذه ابن كثير في تاريخه في سنة ثمان وعشرين وسبعمائة وفي يوم الأربعاء ثاني المحرم درس بحلقة صاحب حمص الشيخ الحافظ صلاح الدين العلائي نزل له عتها شيخنا

الحافظ المزي وحضر عنده الفقهاء والقضاة والأعيان وذكر درسا حسنا مفيدا انتهى. وقال الصفدي في تاريخه في حرف الخاء المعجمة ما عبارته خليل بن كيكلدي بن عبد الله الشيخ الإمام العلامة الحافظ المحدث الفقيه الأصولي الأديب صلاح الدين أبن العلائي الدمشقي الشافعي ولد في أحد الربيعين سنة أربع وتسعين وستمائة أول سماعه صحيح مسلم سنة ثلاث وسبعمائة على الشيخ شرف الدين الفزاري خطيب دمشق عن المشايخ الأربعة عشر وفيها كمل عليه ختم القرآن العظيم ثم أنه سمع صحيح البخاري على أبن مشرف1 سنة أربع وفيها ابتدأ بقراءة العربية وغيرها على الشيخ نجم الدين القحفازي والفقه والفرائض على الشيخ زكي الدين زكوي ثم أنه جد في طلب الحديث سنة عشر وسبعمائة وقرأ بنفسه على القاضي سليمان الحنبلي الكثير وعلى أبي بكر بن عبد الدائم وعيسى المطعم وإسماعيل بن مكتوم2 وعبد الأحد بن تيمية3 والقاسم بن عساكر وأبن عمه إسماعيل4 وهذه الطبقة ومن بعدها وشيوخه بالسماع نحو سبعمائة شيخ ومن مسموعاته الكتب الستة وغالب دواوين الحديث وقد علق ذلك في مجلده سماه "آثار الفوائد المجموعة في الإشارة إلى الفرائد المسموعة" ومن تصانيفه أيضا كتاب "النفخات القدسية" في مجلد كبير بشتمل على تفسير آيات وشرح أحاديث ذكره مواعيد حفظا بالمسجد الأقصى و"كتاب الأربعين في أعمال المتقين" في ستة وأربعين جزءا وكتاب "تحفة الرائض بعلوم آيات الفرائض" و"برهان التيسير في عنوان التفسير" و"إحكام العنوان لأحكام القرآن" و"نزهة السفرة في تفسير خواتيم سورة البقرة" و"المباحث المختارة في تفسير آية الدية والكفارة" و"نظم الفوائد لما تضمنه حديث ذي اليدين من الفوائد" و"تحقيق المراد في أن النهي يقتضي الفساد" و"تفصيل الإجمال في تعارض الأقوال والأفعال" و"تحقيق الكلام في نية الصيام" و"شفاء المسترشدين في اختلاف

_ 1 شذرات الذهب 6: 16. 2 شذرات الذهب 6: 38. 3 شذرات الذهب 6: 30. 4 شذرات الذهب 6: 25.

المجتهدين" و"رفع الاشتباه عن أحكام الإكراه" وغير ذلك ومن تصانيفه مما لم يتم إلى يومئذ كتاب "نهاية الإحكام لدراية الأحكام" وكتاب "الأربعين الكبرى" يقع كل حديث منها بطريقة والكلام عليه في مجلد وله التعليقات الأربعة الكبرى والوسطى والصغرى والمصرية في أثني عشر مجلدا ومن الأجزاء الحديثية ما يطول ذكره وخرج للقاضي تقي الدين ولأبن جماعة من الشيوخ وكان أولا يعاني الجندية ثم أنه في سنة خمس عشرة وسبعمائة عاود الاشتغال بالفقه والأصوليين وغير ذلك وحفظ التنبيه ومختصر أبن الحاجب ومقدمتيه في النحو والتصريف وكتاب "لباب الأربعين في أصول الدين" لسراج الدين الأموي وكتاب الإمام في الأحكام وعلق عليه حواشي ثم أنه رحل صحبة الشيخ كمال الدين بن الزملكاني إلى زيارة القدس سنة سبع عشرة وسبعمائة وسمع من زينب بنت شكر1 وغيرها ولازم الشيخ كمال الدين المذكور سفرا وحضرا وعلق عنه كثيرا وحج معه سنة عشرين وسبعمائة وسمع بمكة من الشيخ رضي الدين الطبري2 ولازم القراءة على الشيخ برهان الدين الفزاري في الفقه والأصول مدة سنين وخرج له مشيخة وغيرها وولي تدريس الحديث بالناصرية سنة ثمان عشرة وسبعمائة ثم أنه درس بالأسدية سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة وأفتى بأذن الشيخ كمال الدبن الزملكاني وقاضي القضاة سنة أربع وعشرين وسبعمائة ثم أنه درس بحلقة صاحب حمص سنة ثمان وعشرين وسبعمائة ثم أنتقل إلى تدريس المدرسة الصلاحية بالقدس سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة وأقام به الى يومئذ وتولى مشيخة دار الحديث السيفية بالقدس اجتمعت به مرة بدمشق والقدس والقاهرة وارتوبت من فوائده في كل علم وقل إن رأيت مثله في تحقيق ما يقوله وتدقيقه ونقلت له من خطه خطبة أنشأها لدرس الحديث بحلقة صاحب حمص وهي قوله الحمد لله الذي رفع متن العلماء وجعل لهم من لدنه سندا وأبقى حديثهم الحسن على الإملاء أبدا وأمدهم بمتتابعات كرمه

_ 1 شذرات الذهب 6: 56. 2 شذرات الذهب 6: 56.

المشهور بوصل ما كان مقطوعا وأعز من كان مفردا وحمى ضعيف قلوبهم من الاضطراب حتى غدت ثابتة الأفكار وعدد موازين نظرهم حين رجحت بفضلهم المبين بشواهد الاعتبار وأنجز لهم من صادق وعده علو قدرهم المرفوع وأطاب بألسنة الأقلام وأفواه المحابر مشافهة ثنائهم المسموع وجعل شرفهم موقوفا عليهم وشرف من عداهم من جملة الموضوع أحمده على حديث نعمة الحسن المتصل المسلسل وتواتر مننه التي يرفع بها تدليس كل أمر معضل ومزيد كرمه الذي عم المختلف والمؤتلف فلا ينقطع ولا يوقف على أن يطل وأشهد أن لا إله ألا الله وحده لا شريك له شهادة اتخذها لسعي الخير منهجا وآنس بها يوم أمسي في جانب اللحد غريبا وفي طي الأكفان مدرجا وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أنصح من جاء عن ربه مرسلا وأفصح من خاطب بوحيه حتى أمسى جانب الشرك متروكا مهملا الذي رمى قلوب الأعداء وخشومهم بالتجريح وطاعن بالعوالي حتى استقام وقوي متن الدين الصحيح صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعلى آله وأصحابه الذين أبادوا المنكر وأربى على المتفق والمختلف سنا مجدهم الأكبر صلاة معتبرة الإفراد دالة على أنهم في فضل الدنيا والآخرة نعم السادة الأفراد انتهى. وقال السيد الحسيني في "ذيل العبر" في سنة إحدى وستين وسبعمائة: وفي الثالث المحرم مات شيخنا بقية الحفاظ صلاح الدين أبو سعيد خليل بن كيكلدي العلائي الدمشقي ثم المقدسي الشافعي مدرس المدرسة الصلاحية وغيرها بالقدس عن سبع وستين سنة وروى عن القاضي تقي الدين سليمان الحنبلي وطبقته وأكثر وكان إماما في الفقه والنحو والأصول مفتنا في علوم الحديث ومعرفة الرجال علامة في المتون والأسانيد ومصنفاته تنبئ عن إمامته في كل فن توفي رحمه الله تعالى ببيت المقدس وولي بعده تدريس الصلاحية ابن الخطيب العلامة ابن جماعة1 ومشيخة التنكزية شهاب الدين محمود زاد الأسدي بالهامش قال شيخنا بتفويض منه متقدم ودرس بها

_ 1 شذرات الذهب 6: 311.

الشيخ علاء الدين المقدسي الشافعي. قال الشيخ صلاح الدين الصفدي في وافيه. علي بن أيوب بن منصور الشيخ الإمام علاء الدين المقدسي الشافعي معيد المدرسة الباذرائية كان يعرف بعليان وكتب ذلك بخطه في أول امرة ودرس بالأسدية وبحلقة صاحب حمص وسمع من الفخر ابن البخاري وعبد الرحمن ابن الزين1 وحدث بدمشق والقاهرة وكتب بخطه المليح في أول أمره كثيرا من كتب العلم ولما بيعت في حياته تغالى الناس فيها لصحتها وكان قد عني بالحديث وطلب بنفسه وقرأ بنفسه أيضا وحرر وجود الألفاظ وضبطها ثم أنه سكن القدس بآخره واختلط في سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة وكان يعبث في اختلاطه بذكر الجن ويقول قد وعدوني بأن يأتوا يسوقون نهرا من النيل ونهرا من زيت نابلس إلى داري هذه ويعد لذلك أماكن يكون بها الماء والزيت وأشياء من هذه المستحيلات وقاسى فقرا شديدا وفاقة وتوفي بالقدس سنة ثمان وأربعين وسبعمائة في شهر رمضان المعظم انتهى.

_ 1 شذرات الذهب 5: 408.

دار الحديث الدوادارية والمدرسة والرباط

12 - دار الحديث الدوادارية والمدرسة والرباط قال ابن كثير في سنة ثمان وتسعين وستمائة: وفيها وقف الأمير علم الدين سنجر الدوادار رواقه داخل باب الفرج دار حديث ومدرسة وولي مشيخته الشيخ علاء الدين بن العطار وحضر عنده القضاة والأعيان وعمل لهم ضيافة انتهى. وقال الذهبي في العبر في سنة تسع وتسعين وستمائة: الأمير الكبير علم الدين سنجر التركي الصالحي كان من نجباء الترك وشجعانهم وعلمائهم وله مشاركة جيدة في الفقه والحديث. وفيه ديانة وكرم وسمع الكثير من الزكي المنذري2 والرشيد العطار3 وطبقتهما وله معجم كبير وأوقاف بدمشق

_ 2 شذرات الذهب 5: 277. 3 شذرات الذهب 5: 311.

والقدس تحيز إلى حصن الأكراد فتوفي به رحمه الله تعالى في شهر رجب عن بضع وسبعين سنة انتهى. وقال الصلاح الصفدي في حرف السين المهملة: سنجر الأمير الكبير العالم المحدث أبو موسى الدواداري ولد سنة نيف وعشرين وستمائه وتوفي رحمه الله تعالى سنة تسع وتسعين وستمائه وقدم من الترك في حدود سنة اربعين وستمائه وكان مليح الشكل مهيبا كبير الوجه خفيف اللحيه صغير العينين ربعه من الرجال حسن الخلق والخلق فارسا شجاعا دينا خيرا عالما فاضلا مليح الخط حافظا لكتاب الله تعالى قرأ القرآن على الشيخ نجيب الدلاصي وغيره وحفظ الإشارة في الفقه للشيخ سليم الرازي1 وحصل له عناية بالحديث وسماعه سنة بضع وخمسين وسمع الكثير وكتب بخطه وحصل الأصول وخرج له المزي جزءين عوالي وخرج له البرزالي معجما في أربعة عشر جزءا وخرج له ابن الظاهري قبل ذلك معجما. سار بكسوة البيت الشريف بعد أن أخذ بغداد من الديار المصرية وقبل ذلك كان نائبها الاستادار من الخليفة وحج مرة هو واثنان من مصر على الهجن وكان من الاسرى في أيام الظاهر ثم أعطى امرية بحلب ثم قدم دمشق وولي الشدمرة ثم كان من أصحاب سنقر الأشقر ثم أمسك ثم أعيد إلى رتبته وأكثر ثم أعطى خبزا وتقدمة على الالف وتقلبت به الاحوال وعلت رتبته في دولة الملك المنصور حسام الدين لاشين2 وقدمه على الجيش في غزوة سيس وكان لطيفا مع أهل الصلاح والحديث يتواضع لهم ويحادثهم ويؤانسهم ويصلهم وله معروف كثير وأوقاف بدمشق والقدس وكان مجلسه عامرا بالعلماء والشعراء والأعيان وسمع الكثير بمصر والشام والحجاز وروي عن الزكي عبد العظيم3 والرشيد العطار وابن عبد السلام4 والكمال

_ 1 شذرات الذهب 3: 275. 2 شذرات الذهب 5: 44. 3 شذرات الذهب 5: 44. 4 شذرات الذهب 5: 301.

الضرير1 والشرف المرسي وعبد الغني بن بنين2 وإبراهيم بن بشارة وأحمد ابن حامد الأرتاحي وإسماعيل بن عزون3 وسعد الله أبي الفضل الفتوحي وعبد الله بن يوسف بن اللمط4 وعبد الرحمن بن يوسف المنبجي ولاحق الأرتاحي5 وأبي بكر بن مكارم وفاطمة بنت الملثم بالقاهرة وفاطمة بنت الحزام الحميرية بمكة المشرفة وابن عبد الدائم6 وطائفة بدمشق وهبة الله ابن رزين وأحمد بن النحاس7 بالاسكندرية وعبد الله بن علي بن معن وبأنطاكية وحلب المحمية وبعلبك والقدس وقوص والكرك وصفد وحماة وحمص وطيبة والفيوم وجدة وقل من أنجب من الترك مثله وسمع منه خلق بدمشق والقاهرة وشهد الوقعة وهو ضعيف ثم التجأ بأصحابه إلى حصن الأكراد فتوفي به ليلة الجمعة ثالث شهر رجب بتاريخ تقدم انتهى. قلت وكان الشيخ فتح الدين به خصيصا ينام عنده ويساهره فقال لي: كان الامير علم الدين قد لبس الفقيري وتجرد وجاء مكة فجاور بها وكتب الطباق بخطه وكانت في وجهة آثار الضروب من الحروب وكان إذا خرج إلى غزوة خرج طلبة كذا وهو في زيه وإلى جانبه شخص يقرأ عليه جزءا فيه أحاديث الجهاد وقال: إن السلطان حسام الدين لاجين رتبه في عمارة جامع ابن طولون وفوض أمره إليه فعمره وعمر وقوفه وقرر فيه دروس الفقه والحديث وجعل من جملة ذلك وقفا يختص بالديوك التي تكون في سطح الجامع في مكان مخصوص بها وزعم ان الديوك تعين الموقتين وتوقظ المؤذنين في الاسحار وضمن ذلك كتاب وقف فلما قرئ على السلطان أعجبه ما اعتمده في ذلك فلما انتهى إلى ذكر الديوك أنكر ذلك وقال: ابطلوا هذه لا يضحك الناس علينا وكان سبب أختصاص فتح الدين به أنه سأل الشيخ.

_ 1 شذرات الذهب 5: 306. 2 شذرات الذهب 5: 306. 3 شذرات الذهب 5: 324. 4 شذرات الذهب 5: 289. 5 شذرات الذهب 5: 296. 6 شذرات الذهب 5: 325. 7 شذرات الذهب 5: 333.

شرف الدين الدمياطي عن وفاة البخاري فلما استحضر تاريخها فسأل فتح الدين عن ذلك فأجابه وغالب رؤساء دمشق وكبارها وعلماؤها نشوءه وجمع الشيخ كمال الدين بن الزملكاني مدائحه في مجلدين أو واحد وكتب ذلك بخطه وكتب إليه علاء الدين الوداعي1 بولد أسمه عمر ومن خطه نقلت: قل للآمير وعزه في نجله ... عمر الذي أجرى الدموع أجاجا حاشاء يظلم ربع صبرك بعدما ... أمسى لسكان الجنان سراجا ومن خطه نقلت: علم الدين لم يزل في طلاب الـ ... ـعلم والزهد سائحا زمالا فيرى الناس رأيين ووراء ... عند الأربعين وأبدالا كذا وقال فيه لما اخذ في دويرة السميساطي بيتا: لدويرة الشيخ السميساطي من ... دون البقاع فضيلة لا تجهل هي موطن للأولياء ونزهة ... في الدين والدنيا لمن يتأمل كملت معاني فضلها مذ حلها ... العالم الفرد الغياث الموئل إني لأنشد كلما شاهدتها ... ما مثل منزلة الدويرة منزل انتهى. والشيخ علاء الدين بن العطار الذي تولى مشيختها أولا هو كما قال الصلاح الصفدي في وافيه علي بن إبراهيم بن داود الشيخ الإمام المفتي المحدث الصالح بقية السلف علاء الدين أبو الحسن بن الموفق العطار ابن الطبيب الشافعي شيخ دار الحديث النورية ومدرس القوصية والعلمية يعني هذه لا العلمية الحنفية الآتية ثم قال ولد يوم عيد الفطر سنة أربع وخمسين وستمائة وتوفي في سنة أربع وعشرين وسبعمائة وحفظ القرآن وسمع من ابن عبد الدائم وابن أبي اليسر2 وعبد العزيز بن عبد الله والجمال الصيرفي3 وابن أبي

_ 1 شذرات الذهب 6: 39. 2 شذرات الذهب 5: 338. 3 شذرات الذهب 5: 363.

الخير1 والجمال محمد بن إسماعيل بن عساكر والعماد بن محمد صصري2 وابن مالك شيخ الصوفية والشمس ابن هامل3 وأبي بكر محمد بن البشتي وخطيب بيت الأبار4 ومحمد بن عمر5 الخطيب وابن أبي عصرون6 وأحمد بن هبة الله الكهفي7 والكمال بن فارس المقري والشيخ حسن الصقلي والفقيه زهير الزرعي والقاضي أبي محمد بن عطاء الأذرعي8 ومدللة بنت الشيرجي وابن علوان المقري9 وعدة وسمع بمكة من يوسف بن إسحاق الطبري وأبي اليمن بن عساكر10 وبالمدينة من أحمد بن محمد النقيبي وبالقدس من قطب الدين الزهري11 وبنابلس من العماد عبد الحافظ وبالقاهرة من الأبرقوهي12 وابن دقيق العيد13 وعمل له الشيخ شمس الدين معجما سمعه الشيخ كمال الدين بن الزملكاني بقراءته سنة سبع وتسعين وابن الفخر وابن المجد14 والبرزالي والمقاتلي15 وصحب الشيخ محيي الدين النواوي رحمه الله تعالى وتفقه عليه وقرأ عليه التنبيه وأفتى ودرس وجمع وصنف ونسخ الأجزاء ودار مع الطلبة وسمع الكثير وكان فيه زهد ويفيد ويأمر بالمعروف على عادة في أخلاقه وله أتباع ومحبون أصيب بالفالج سنة إحدى وسبعمائة وكان يحمل في محفة إلى المدارس وإلى الجامع رأيته غير مرة ولم أسمع منه وكان والده يهوديا انتهى. وذكره الذهبي في المعجم المختص وقال وأحسن باستجازته لي كبار المشيخة وفي العبر وقال: كان يلقب بمختصر النواوي وخرجت له معجما،

_ 1 شذرات الذهب 5: 360. 2 شذرات الذهب 5: 332. 3 شذرات الذهب 5: 334. 4 شذرات الذهب 5: 321. 5 شذرات الذهب 5: 393. 6 شذرات الذهب 5: 345. 7 شذرات الذهب 5: 334. 8 شذرات الذهب 5: 340. 9 شذرات الذهب 5: 435. 10 شذرات الذهب 5: 395. 11 شذرات الذهب 5: 401. 12 شذرات الذهب 6: 4. 13 شذرات الذهب 5: 452.. 14 شذرات الذهب 5: 376. 15 شذرات الذهب 6: 46.

وأصابه فالج أكثر من عشرين سنة وذكره ابن كثير في تاريخه وقال له مصنفات وتواريخ وفوائد ومجاميع توفي رحمه الله تعالى يوم الاثنين مستهل ذي الحجة سنة أربع المذكورة وصلي عليه بالجامع ودفن بقاسيون وقال غيرهما أخذ عن جمال الدين بن مالك1 ولازم النواوي وهو أشهر أصحابه وأخصهم به لزمه طويلا وانتفع به وله معه حكايات واطلع على أحواله وكتب مصنفاته كثيرا وبيض منها ومن تصانيفه شرح العمدة لكنه أخذ شرح ابن دقيق العيد وزاد عليه من شرح مسلم للنواوي رحمه الله تعالى مع فوائد أخر حسنة سماء أحكام شرح عمدة الأحكام ومصنف في فضل الجهاد وآخر في حكم البلوى وابتلاء العباد وآخر في حكم الأخبار والاحتكار عند فقد غلاء الأسعار انتهى. قلت وممن درس بهذا المكان الشيخ الأصيل الفقيه نور الدين أبو عبد الله محمد ابن الشيخ العالم الصالح القدوة نجم الدين أبي بكر بن محمد بن عمر ابن الشيخ الكبير أبي بكر ابن قوام بن علي بن قوام البالسي الأصيل الدمشقي المعروف بابن قوام ولد في شهر رمضان سنة سبع بتقديم السين عشرة وسبعمائة وسمع من جماعة وتفقه ودرس بالناصرية البرانية مدة سنين بعد أبيه وبالرباط الدواداري داخل باب الفرج وكان يحب السنة ويفهمها جيدا وقال ابن رافع سمع وتفقه ودرس وكان حسن الخلق توفي في شهر ربيع الآخر سنة خمس وستين وسبعمائة ودفن بسفح قاسيون بزاويتهم انتهى.

_ 1 شذرات الذهب 5: 339.

دار الحديث السامرية

13 - دار الحديث السامرية وبها خانقاه أوقفها الصدر الكبير سيف الدين أبو العباس أحمد بن محمد ابن علي بن جعفر البغدادي السامري بفتح الميم وتشديد الراء نسبه إلى مدينة سر من رأى وهي بلدة على الدجلة وينسب إليها أيضا بلفظ السرمري وهي إلى جانب الكروسية بدمشق وكانت داره التي يسكن فيها فدفن بها

بعد أن وقفها دار حديث وخانقاه وكان قد انتقل إلى دمشق وأقام بها بهذه الدار مدة وكانت قديما تعرف بدار ابن قوام بناها من حجارة منحوتة كلها وكان السامري كثير الأموال حسن الأخلاق معظما عند الدولة جميل المعاشرة له أشعار رائقة ومبتكرات فائقة توفي رحمه الله تعالى يوم الاثنين ثامن عشر شعبان سنة ست وتسعين وستمائة وقد كان له حظوة ببغداد عند الوزير ابن العلقمي1 وامتدح المستعصم2 وخلع عليه خلعه سوداء سنية ثم قدم دمشق في أيام الناصر صاحب حلب فحظي عنده أيضا فسعى فيه أهل الدولة فصنف فيهم أرجوزة فتح عليهم بسببها باب مصادرة الملك لهم بعشرين ألف دينار فعظموه جدا وتوسلوا به إلى أغراضهم وله قصيدة في مدح النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد كتب عنه الحافظ الدمياطي شيئا من شعره قال ذلك كله ابن كثير في سنة ست وتسعين بعد أن قال في سنة ست وثمانين وستمائة وفيها استدعى سيف الدين السامري من دمشق إلى الديار المصرية ليشتري منه ربع قرية حزرما الذي اشتراه من بنت الملك الأشرف موسى فذكر لهم أنه أوقفه وقد كان المتكلم في ذلك علم الدين الشجاعي وكان قد استنابه الملك المنصور بديار مصر وجعل يتقرب إليه بتحصيل الأموال فقرر لهم ناصر الدين محمد ابن أبي عبد الله عبد الرحمن المقدسي3 أن السامري اشترى هذا من بنت الأشرف وهي غير رشيدة وأثبت سفهها على زين الدين بن مخلوف4 وأبطل البيع من أصله واسترجع على السامري بمغل عشرين سنة مائتي ألف درهم أخذوا منه حصة من الزنبقية قيمتها سبعون ألفا وعشرة آلاف مكملة وتركوه فقيرا على برد الديار ثم أثبتوا رشدها واشتروا منها تلك الحصص بما أرادوا ثم أرادوا أن يستدعوا الدماشقة واحدا بعد واحد ويصادروهم وذلك أنه بلغهم أن من ظلم بالشام لا يفلح وأن من ظلم بمصر أفلح وطالت مدته فكانوا يطلبونهم إلى مصر أرض الفراعنة والظلم ويفعلون بهم ما أرادوا انتهى.

_ 1 شذرات الذهب 5: 272. 2 شذرات الذهب 5: 270. 3 شذرات الذهب 5: 408. 4 شذرات الذهب 6: 49.

وممن ولي مشيختها الشهاب بن قوام قال الشيخ تقي الدين بن قاضي شهبة في ذيله في جمادى الآخرة سنة خمس وعشرين وثمانمائة شهاب الدين أحمد بن علاء الدين علي بن قوام الشافعي حفظ المنهاج للنواوي وطلب الحديث وأفتى وولي مشيخة الحديث بالسامرية قبل الفتنة ثم أنه أصابه وجع في صلبه وأقعد وافتقر وصار يشهد وتكلم في شهادته وكان حسن المحاضرة له عقل جيد توفي في يوم الأحد سادس عشرين رجب سنة التاريخ المتقدم ودفن بالروضة رحمه الله تعالى انتهى.

دار الحديث السكرية

14 - دار الحديث السكرية بالقصاعين داخل باب الجابية وبها خانقاه لم أقف لواقفها على ترجمة وولي مشيختها الشيخ الإمام العالم الفقيه شهاب الدين عبد الحليم ابن الشيخ الإمام العلامة مجد الدين عبد السلام بن عبد الله بن القاسم بن محمد بن الخضر بن تيمية الحراني1. قال ابن كثير في سنة اثنتين وثمانين وستمائة: والد شيخنا العلامة العالم تقي الدين بن تيمية مفتي الفرق الفارق بين الفرق كانت له فضيلة حسنة ولديه فوائد كثيرة وكان له كرسي بجامع دمشق يتكلم عليه عن ظهر قلبه وولي مشيخة دار الحديث السكرية بالقصاعين وبها كان مسكنة تم درس ولده الشيخ بها بعده في السنة الآتية كما سيأتي ودفن بمقابر الصوفية. وقال ابن مفلح في طبقاته سمع من المجد والده2 وغيره ورحل في صغره إلى حلب وسمع من ابن اللتي وابن رواحه3 وقرأ العلم على والده المجد وتفنن في الفضائل ودرس وأفتى وصنف وصار شيخ البلد بعد أبيه المجد وخطيبه وحاكمه وكان إماما كثير الفوائد جيد المشاركة في العلوم له يد طولي في الفرائض والغوامض والحساب والهيئة وكان دينا متواضعا حسن

_ 1 شذرات الذهب 5: 376. 2 شذرات الذهب 5: 257. 3 شذرات الذهب 5: 215.

الأخلاق جوادا من حسنات الدهر وكان من أنجم الهدى وإنما اختفى بين نور القمر وضوء الشمس إشارة إلى أبيه وابنه الشيخ تقي الدين فأن فضائله وعلومه انغمرت بين فضائلها وعلومهما توفي رحمه الله تعالى ليلة الأحد سلخ ذي الحجة سنة اثنتين وثمانين وستمائة بدمشق ودفن من الغد بسفح جبل قاسيون انتهى. ولم يذكر أنه ولي مشيخة السكرية وقال إنه دفن بالسفح وهو وهم إنما دفن بالصوفية كما قاله ابن كثير ثم قال أيضا في تاريخه في سنة ثلاث وثمانين وستمائة: وفي يوم الاثنين ثاني المحرم منها درس الشيخ الإمام العالم العلامة تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الحراني بدار الحديث السكرية التي بالقصاعين وحضر عنده قاضي القضاه بهاء الدين يوسف بن الزكي الشافعي والشيخ تاج الدين الفزاري شيخ الشافعية والشيخ زين الدين بن المرحل والشيخ زين الدين المنجا الحنبلي1 وكان درسا هائلا حافلا يعني في البسملة كما ذكره ابن مفلح في طبقاته وقد ذكره الشيخ تاج الدين الفزاري بخطه لكثرة فوائده وكثرة ما استحسنه الحاضرون وقد أطنب الحاضرون في شكره على حداثة سنه وصغره فأنه كان إذ ذاك عمره عشرين سنة وسنتين ثم جلس الشيخ تقي الدين المذكور أيضا يعني مكان والده بالجامع كما ذكره ابن كثير يوم الجمعة عاشر صفر بالجامع الأموي بعد صلاة الجمعة على منبر قد هيء له لتفسير القرآن العزيز فابتدأ من أوله في تفسيره وكان يجتمع عنده الخلق الكثير والجم الغفير ومن كثرة ما كان يورد من العلوم المتنوعة المحررة مع الديانة والزهادة والعبادة سارت بذكره الركبان في سائر الأقاليم والبلدان واستمر على ذلك مدة سنين متطاولة. زاد ابن مفلح في طبقاته وأنه كان بورد من حفظه في المجلس نحو كراسين أو أكثر وبقي يفسر في سورة نوح على نبينا وعليه الصلاة والسلام عدة سنين. وأطال في ترجمته كثيرا، وشهرته تغني عن الاطناب في ذكره

_ 1 شذرات الذهب 5: 433.

والإشهار في أمره ولد يوم الاثنين عاشر شهر ربيع الأول سنة إحدى وستين وستمائة بحران وقدم مع أهله سنة سبع وستين وستمائة إلى دمشق فسمع بها من ابن عبد الدائم والمجد بن عساكر وابن أبي الخير والقاسم الاربلي والمسلم بن علان وإبراهيم بن الدرجي1 وابن أبي اليسر وخلق كثير وأقبل على العلوم في صغره فأخذ الفقه والأصول عن والده والشيخ شمس الدين بن أبي عمر والشيخ شمس الدين بن المنجا2 وبرع في ذلك وقرأ في العربية أياما على ابن عبد القوي ثم أخذ كتاب سيبويه وتأمله ففهمه وأقبل على تفسير القرآن العزيز فبرز فيه وأحكم الفرائض والحساب والجبر والمقابلة وغير ذلك من العلوم ونظر في علم الكلام وبرز في ذلك على أهله ورد على رؤسائهم وتأهل للفتوى والتدريس وله دون العشرين سنة وأمده الله تعالى بكثرة الكتب وسرعة الحفظ وقوة الفهم وبطء النسيان وعني بالحديث أتم عناية ونسخ الأجزاء ودار على الشيوخ وخرج وانتقى وبرع في الرجال وعلل الحديث وكان كثير المحاسن فارغا عن شهوات المأكل والملبس والجماع لا لذة له في غير نشر العلم وتدوينه عرض عليه قضاء القضاة قبل التسعين ومشيخة الشيوخ فلم يقبل شيئا من ذلك وامتحن وأوذي مرات وحبس بقلعة مصر والقاهرة وبالإسكندرية وبقلعة دمشق مرتين وصنف التصانيف الحسنة التي هي أشهر من أن تذكر وأعرف من أن تنكر وحدث بدمشق ومصر والثغر وسمع منه خلق من الحفاظ والأئمة من الحديث ومن تصانيفه وخرج له ابن الواني أربعين حديثا حدث بها وقد أفرد له الحافظ أبو عبد الله بن عبد الهادي3 ترجمة في مجلدة وكذلك أبو حفص البزار4 البغدادي في كراريس ومات بدمشق في القلعة معتقلا سحر ليلة الاثنين عشرين ذي الحجة أو ذي القعد سنة ثمان وعشرين وسبعمائة ثم جهز وأخرج إلى جامع البلد وكان الجمع أعظم من جمع الجمع حزر الرجال بستين ألفا وأكثر والنساء

_ 1 شذرات الذهب 5: 373. 2 شذرات الذهب 5: 210. 3 شذرات الذهب 6: 141. 4 شذرات الذهب 6:163

بخمسة عشر ألفا صلى عليه أخوه زين الدين عبد الرحمن1 بسوق الخيل بعد خروج جنازته من باب الفرج ودفن بمقابر الصوفية إلى جانب أخيه بالشرق وهو عبد الله2 أي أخيه ورؤيت له منامات حسنة ثم وليها بعده الحافظ ابن عبد الله الذهبي وهو محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز بن عبد الله التركماني الفارقي الأصل الدمشقي الشافعي الإمام العلامة شيخ المحدثين قدوة الحفاظ والقراء مؤرخ الشام ومفيده شمس الدين ولد سنة ثلاث وسبعين وستمائة بدمشق وجمع القراآت السبع على الشيخ أبي عبد الله بن جبريل المصري نزيل بيت المقدس فقرأ عليه ختمة جامعة لمذاهب القراء السبعة بما اشتمل عليه كتاب التيسير لأبي عمر الداني ونظم حرز الأماني لأبي محمد القاسم الشاطبي3 وعني بالحديث من سنة اثنين وتسعين وهلم جرا فسمع ما لا يحصى كثرة من الكتب الكبار والأجزاء على خلق كثير فسمع من أحمد بن عساكر4 صحيح مسلم والموطأ للإمام مالك5 رضي الله تعالى عنه رواية أبي مصعب وعلى ابن القواس6 معجم ابن جميع7 وعلى زينب بنت كندي وخلق كثير ورحل إلى مصر فسمع بها على أبي المعالي الأبرقوهي السيرة النبوية لابن إسحاق8 وجزاء ابن الطلاية9 وبالقاهرة من ابن الحافظ شرف الدين الدمياطي وغيره وسمع بالإسكندرية من الغرافي10 وببعلبك من التاج عبد الخالق11 وبحلب من سنقر12 وبنابلس من العماد بن بدران13 وغيره وبمكة من الفخر التوزي وعدة مشايخ وأجاز له بالاستدعاء الشيخ علاء الدين ابن العطار وأحمد بن أبي الخير بن سلامة الحداد والشيخ عبد الرحمن بن أبي

_ 1 شذرات الذهب 6: 152. 2 شذرات الذهب 6: 76. 3 شذرات الذهب 4: 301. 4 شذرات الذهب 5: 445. 5 شذرات الذهب 1: 289. 6 شذرات الذهب 5: 289. 7 شذرات الذهب 4: 157. 8 شذرات الذهب 1: 230. 9 شذرات الذهب 4: 145. 10 شذرات الذهب 6: 10. 11 شذرات الذهب 5: 435. 12 شذرات الذهب 6: 14. 13 شذرات الذهب 5: 442.

عمر وخلق كثير من أصحاب ابن طبرزد والكندي وحنبل وابن الحرستاني وغيرهم فشيوخه في معجمه الكبير أزيد من ألف ومائتين بالسماع والإجازة وخرج جماعة من شيوخه وأقرانه وعدل وخرج وصحح واستدرك وأفاد وانتقى واختصر كثيرا من تواريخ المتقدمين والمتأخرين وصنف الكتب المفيدة منها تاريخ الإسلام عشرين مجلدا وميزان الاعتدال في نقد الرجال مجلدين وطبقات الحفاظ مجلدين وطبقات القراء مجلد والمغني في أحوال الرواة مجلد ومصنفاته ومختصراته وتخاريجه تقارب المائة وقد سار بكل منها الركبان في أقطار البلدان وولي مشيخة الظاهرية قديما ومشيخة النفيسية والفاضلية والسكرية هذه وأم الصالح وغير ذلك ولم يزل يكتب ويصنف وينتقي حتى أضر في سنة إحدى وأربعين وسبعمائة ومات رحمه الله تعالى ليلة الثلاثاء الثالث من ذي القعدة سنة ثمان وأربعين وسبعمائة بدمشق ودفن بمقبرة الباب الصغير رحمه الله ثم ولي مشيخة السكرية هذه بعده الصدر المالكي قال الشيخ شمس الدين السيد في ذيل العبر سنة تسع وأربعين وسبعمائة والإمام صدر الدين سليمان بن عبد الحكم المالكي مدرس الشرابيشية وشيخ السكرية بعد الذهبي انتهى. وقال صلاح الدين الصفدي في تاريخه في حرف السين سليمان بن عبد الحكم الشيخ الإمام الفاضل صدر الدين الباردي بالباء الموحدة وبعد الألف راء ودال مهملة المالكي الأشعري مدرس المدرسة الشرابيشية بدمشق مولده سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة ووفاته يوم الأحد خامس جمادى الأخرة سنة تسع وأربعين وسبعمائة ودفن بالشرابيشية انتهى.

دار الحديث الشقيشقية

15 - دار الحديث الشقيشقية بدرب البانياسي قال الذهبي في تاريخه فيمن مات سنة ست وخمسين وستمائة: وابن الشقيشقة المحدث نجيب الدين أبو الفتح نصر الله بن أبي العز مظفر بن عقيل الشيباني الدمشقي الصفار الشاهد ولد بعد الثمانين وخمسمائة وسمع من حنبل وابن طبرزد وخلق كثير وروى مسند أحمد1.

_ 1 شذرات الذهب 2: 96.

وكان أديبا ظريفا مليح البزة رماه أبو شامة بالكذب ورقة الدين توفي في جمادى الآخرة ووقف داره بدمشق دار حديث انتهى. وقال تلميذه ابن كثير في سنة سبع وخمسين وستمائة: النجيب بن الشقيشقة الدمشقي أحد الشهود بها وله سماع حديث وقف داره بدرب البانياسي دار حديث وهي التي كان يسكنها شيخنا المزي الحافظ قبل انتقاله إلى دار الحديث الأشرفية. وقال أبو شامة: وكان ابن الشقيشقة وهو النجيب نصر الله بن أبي العز بن أبي طالب الشيباني مشهورا بالكذب ورقة الدين وغير ذلك وهو أحد الشهود المقدوح فيهم ولم يكن بحال أن يؤخذ عنه قال وقد أجلسه أحمد بن يحيى بن هبة الله الملقب بالصدر بن سني الدولة1، في حال ولايته قضاء القضاة بدمشق فأنشد فيه بعض الشعراء: جلس الشقيشقة الشقي ليشهدا ... بأبيكما ماذا عدا في ما بدا هل زلزل الزلزال أم قد أخرج الـ ... ـدجال أم عدم الرجال ذوو الهدى عجبا لمحلول العقيدة جاهل ... بالشرع قبل أوانه أن يعقدا وقيل قرأت من خط المصنف الذي هو شيخ لمشايخنا رحمه الله تعالى ما نصه: عجبا لمحلول العقيدة جاهل ... بالشرع قد أذنوا له أن يعقدا انتهى. وهو الصحيح كتبه عبد الرحمن بن الفرفور2 عفى عنهم من خط المذكور بحروفه ولم أقف على أن أحمد ولي مشيختها.

_ 1 شذرات الذهب 5:291. 2 شذرات الذهب 8: 427.

دار الحديث العروية

16 - دار الحديث العروية بمشهد ابن عروة بالجانب الشرقي من صحن الجامع الأموي قبلي الحلبية ويعرف قديما بمشهد علي رضي الله تعالى عنه قال الحافظ عماد الدين ابن كثير في تاريخه في سنة عشرين وستمائة: ابن عروة شرف الدين محمد بن

عروة الموصلي المنسوب إليه مشهد ابن عروة بالجامع الأموي لأنه أول من فتحه وكان مشحونا بالحواصل الجامعية وبنى فيه البركة ووقف على الحديث دروسا ووقف خزائن كتبه فيه وكان مقيما بالقدس الشريف ولكنه كان من خواص أصحاب الملك المعظم1 فانتقل إلى دمشق حين خرب سور بيت المقدس إلى أن توفي بها وقبره عند قباب طغتكين2 قبلي المصلى. وقال الصلاح الصفدي في كتابه الوافي بالوفيات: المنسوب إليه المشهد محمد ابن عروة شرف الدين والموصلي إنما نسب إليه لأنه كان يخزن فيه آلات تتعلق بالجامع فعزله وبيضه وعمل له المحراب والخزانتين ووقف فيهما كتبا وجعله دار حديث توفي رحمه الله تعالى سنة عشرين وستمائة وأول من ولي مشيخته الفخر بن عساكر أبو منصور الدمشقي قال ابن كثير في تاريخه في سنة عشرين وستمائة فخر الدين بن عساكر عبد الرحمن بن محمد بن الحسن ابن هبة الله بن عساكر أبو منصور الدمشقي شيخ الشافعية بها اشتغل من صغره بالعلم على شيخه قطب الدين مسعود النيسابوري3 وتزوج بابنته ودرس مكانه بالجاروخية وبها كان يسكن في إحدى القاعتين اللتين أنشأهما وبها توفي غربي الإيوان ثم ولي تدريس الصلاحية الناصرية بالقدس الشريف ثم ولاه الملك العادل تدريس التقوية وكان عنده من الأعيان ثم تفرغ فلزم المجاورة بالجامع في البيت الصغير إلى جانب محراب الصحابة يخلو فيه للعبادة والمطالعة والفتاوى وكانت الفتاوى تفد إليه من كل الأقطار وكان كثير الذكر حسن السمت وكان يجلس تحت قبة النسر في كل يوم اثنين وخميس مكان عمه لإسماع الحديث بعد العصر فيقرأ دلائل النبوة وغيره وكان يحضر مشيخة دار الحديث النورية ومشهد ابن عروة أول ما فتح وقد استدعاه الملك العادل لما عزل قاضيه زكي الدين بن الزكي4 فأجلسه إلى جانبه وقت السماط وسأل منه أن يلي القضاء بدمشق فقال حتى أستخير الله

_ 1 شذرات الذهب 5: 15. 2 شذرات الذهب 4: 65. 3 شذرات الذهب 4: 263. 4 شذرات الذهب 5: 73.

تعالى ثم امتنع من ذلك فشق على السلطان امتناعه وهم أن يؤذيه فقيل له احمد الله الذي في بلادك مثل هذا ولما توفي العادل1 وأعاد ابنه المعظم الخمور انكر عليه الشيخ الدين فبقى في نفسه منه فانتزع منه تدريس الصلاحية التي بالقدس وتدريس التقوية ولم يبق معه سوى الجاروخية ودار الحديث النورية ومشهد ابن عروة وكانت وفاته يوم الأربعاء بعد العصر عاشر رجب من هذه السنة وله خمس وستون سنة وصلي عليه بالجامع وكان يوما مشهودا وحملت جنازته إلى مقابر الصوفية فدفن بها في أولها قريبا من شيخه قطب الدين مسعود انتهى ملخصا. وقال الذهبي في العبر: وكان له مصنفات في الفقة لم تنشر وقال الاسدي في تاريخه في سنة عشرين وستمائة: الشيخ فخر الدين بن عساكر عبد الرحمن ابن محمد بن الحسن بن عبد الله بن الحسين الإمام المفتي فخر الدين أبو منصور الدمشقي الشافعي ابن عساكر شيخ الشافعية بالشام ولد في شهر رجب سنة خمسين وخمسمائة وسمع من عمية الصائن2 والحافظ أبي القاسم3 وحسان الزيات4 وأبي المكارم بن هلال5 وأبي المعالي بن صابر6 وجماعة وتفقه على الشيخ قطب الدين النيسابوري حتى برع في الفقه وزوجه القطب بابنته وولي تدريس الجاروخية ثم الصلاحية بالقدس ثم تدريس العزيزية وكان عنده بالتقوية فضلاء الوقت حتى كانت تسمى نظامية الشام وهو أول من درس بالعذراوية في سنة ثلاث وتسعين وكان يقيم بالقدس الشريف أشهرا وبدمشق الشام أشهرا وكان لا يمل الشخص من النظر إليه لحسن سمته واقتصاده في لباسه ولطفه ونور وجهه وكان لا يخلو لسانه من ذكر الله تعالى وكان يسمع عليه تحت قبة النسر وهو المكان الذي كان يسمع فيه على الحافظ أبي القاسم عمه وكان العادل قد طلبه لتوليه القضاء فألح عليه فامتنع وأصر على

_ 1 شذرات الذهب 5: 65. 2 شذرات الذهب 4: 207. 3 شذرات الذهب 4: 239. 4 شذرات الذهب 4: 188. 5 شذرات الذهب 4: 215. 6 شذرات الذهب 4: 256.

الامتناع وأشار بتولية ابن الحرستاني. قال أبو شامه" كان يتورع من المرور في رواق الحنابلة لئلا يأتموا بالوقيعة فيه وذلك ان عوامهم يبغضون بني عساكر لأنهم أعيان الأشعرية الشافعية وعزله الملك المعظم عن توليته تدريس العادلية لكونه أنكر عليه تضمين المكوس والخمور ثم أنه لما حج اخذ منه التقوية واخذت منه قبل ذلك الصلاحية التي بالقدس وما بقي معه الا الجاروخية روى عنه الزكي البرزالي والضياء المقدسي والتاج عبد الوهاب بن زين الامناء1 والزين خالد2 وغيرهم وتفقه عليه جماعة منهم الشيخ عز الدين بن عبد السلام قال ابن الحاجب هو أحد الائمة المبرزين بل وأوحدهم فضلا وكبيرهم شيخ الشافعية في وقته وكان إماما زاهدا ذاكرا لله كثير التهجد غزير الدمعة حسن الإخلاق كثير التواضع قليل لغضب سلك طريق أهل اليقين وكان أكثر أوقاته في بيته في الجامع وفي نشر العلم وكان مطرح التكلف وعرض عليه مناصب وولايات دينية فتركها وحدث بمكة المشرفة ودمشق والقدس الشريف وصنف في الفقه وفي الحديث عدة مصنفات. قال الشهاب القوصي في معجمه: كان شيخنا فخر الدين كثير البكاء سريع الدموع كثير الورع والخشوع وافر التواضع عظيم الخضوع وكثير التهجد قليل الهجوع مبرزا في علم الأصول والفروع جمعت له العلوم والزهادة وعليه تفقهت فأحرزت الإفادة توفي رحمه الله تعالى في شهر رجب قال أبو شامة أخبرني من حضر وفاته قال: صلى الظهر ثم جعل يسأل عن العصر فقيل له لم يقرب وقتها فتوضأ ثم تشهد وهو جالس وقال: رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نبيا لقنني الله حجتي وأقالني عثرتي ورحم غربتي ثم قال: وعليكم السلام فعلمت أنه قد حضرته الملائكة ثم انقلب على قفاه ميتا رحمه الله تعالى ودفن بمقابر الصوفية بطرفها الشرقي

_ 1 شذرات الذهب 5: 302. 2 شذرات الذهب 5: 313.

جوار تربة شيخه القطب وكان الجمع لا ينحصر من الكثرة انتهى كلام الأسدي ثم وليها بعده الحافظ زكي الدين البرزالي. قال الصفدي في الوافي: محمد بن يوسف بن محمد بن يداس بالياء التحتية والدال المهملة المشددة والسين المهملة بعد الألف الحافظ الرحال زكي الدين أبو عبد الله البرزالي ذكر ان مولده تقريبا سنة سبع وسبعين وخمسمائة قدم دمشق سنة خمس وستمائة ثم رجع إلى مصر ثم رد إلى دمشق ورحل إلى خرسان وبلاد الجبل وسمع بأصبهان ونيسابور ومرو وهراة وهمذان وبغداد والري والموصل وتكريت وإربل وحلب وحران وعاد إلى دمشق بعد خمس سنين واستوطنها وكتب بخطه عن دير ودرج وأم بمسجد فلوس طرف ميدان الحصى وولي مشيخة مشهد عروة ولم يفتر عن السماع حدث بالكثير وتوفي رحمه الله تعالى سنة ست وثلاثين وستمائة انتهى. قال ابن كثير في سنة ست وثلاثين المذكورة: الحافظ الكبير زكي الدين أبو عبد الله احد من اعتنى بصناعة الحديث وبرز فيه وأفاد الطلبة وكان شيخ الحديث بمشهد عروة ثم سافر إلى حلب فتوفي بحماة في رابع عشر شهر رمضان من هذه السنة وهو والد شيخنا علم الدين القاسم بن محمد البرزالي مؤرخ دمشق الذي ذيل على الشيخ شهاب الدين أبي شامة وقد ذيلت انا على تاريخه بعون الله تعالى وقدرته انتهى. ثم وليها بعده العلامة الفخري الحنبلي. قال ابن كثير في تاريخه سنة ثمان وثمانين وستمائة: الشيخ فخر الدين أبو محمد عبد الرحمن بن يوسف البعلبكي الحنبلي شيخ دار الحديث النورية ومشهد ابن عروة وشيخ الصدرية وكان يفتي ويفيد الناس مع ديانة وصلاح وعبادة وزهادة ولد سنة إحدى عشرة وستمائة وتوفي رحمه الله تعالى في شهر رجب فيها انتهى وهذا آخر ما انتهى عمن ولي مشيختها وأما مشيخة الحديث بالجامع الأموي فالظاهر انها غير مشيخة عروة هذا وهي التي وليها الشيخ المقري شمس الدين محمد بن سلام الشافعي.

قال تقي الدين الأسدي في ذيله في صفر سنة ست وعشرين وثمانمائة عنه: قرأ القرآن على الشيخ نجم الدين العجمي وكان له دكان يتسبب فيها ويحيى في شهر رمضان بمحراب الصحابة رضي الله عنهم ثم بعد الفتنة قرأ صحيح البخاري على الشيخ جمال الدين بن الشرايحي وأذن له في قراءته وصحب الشيخ محمد بن قديدار1 ولازمه فصار من خواصه الملازمين له وعرفه الناس بواسطة الشيخ وحصل له وظائف جيدة مشيخة الحديث بالجامع الأموي وأذان وقراءة حديث وجلس بالجامع يقرأ عليه القرآن والبخاري ويشتغل مع ذلك بالعلم مع الطلبة وعنده سكون ويقرأ الحديث بفصاحة طعن يوم الاثنين خامس عشرة وتوفي رحمه الله تعالى يوم الخميس تاسع عشرة وصلى عليه بالجامع الأموي الشيخ محمد بن قديدار وقاضي القضاة وخلق كثير مع أنه كان يوما مطيرا ودفن بمقبرة باب الصغير وهو في عشر الخمسين وعمل له الؤذنون من الغد بعد الصلاة ختمة في المقصورة انتهى واستقر في مشيخة إسماع الحديث بالجامع الأموي عوضه الشيخ العلامة شمس الدين البرماوي وجرى بسبب ولايته فتنة كانت هي أول أسباب محنة القاضي نجم الدين ابن حجي2 الشافعي وقد قرأ البخاري بالجامع المذكور خلق كثير منهم ما قاله الشيخ تقي الدين بن قاضي شهبة في شوال سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة وممن توفي الخطيب الخير الفاضل زين الدين بن طلحة بن السلف ربي بأرض المصلى وقرأ التنبيه أو بعضه واشتغل بالفرائض والحساب وفضل فيهما واشتغل بالنحو وقرأ البخاري بالجامع الأموي عدة سنين ولازمني في الفقه في التنبيه وشرحه مدة ومع ذلك فلم ينجب لوقوف ذهنه وكان في آخر عمره يكتب على فتاوى الفرائض والحساب ويأخذ الأجرة على ذلك كغيره من أصحاب هذا الفن وخطب بالمصلى مدة طويلة وبيده أذان بالجامع وهو أخو الرئيس فخر الدين وبيده فقاهات وكان ضغيف البنية منقبضا عن الناس،

_ 1 شذرات الذهب 7: 218. 2 شذرات الذهب 7: 193.

سليم الباطن وكان الشيخ تقي الدين الحصني1 يقصد أن يصلي خلفه الجمعة توفي رحمه الله تعالى يوم الثلاثاء رابع عشرة وصلي عليه بالمصلى ودفن بالباب الصغير عن نحو ستين سنة انتهى. وقوله ويأخذ الأجرة على ذلك إلى آخره، قال الصفدي في تاريخه في ترجمة محمد بن موهوب بن الحسن الفرضي الضرير: إنه كان أوحد أهل وقته في علم الفرائض والحساب وله مصنفات حسنة في ذلك قرأ عليه جماعة وتخرجوا به إلى أن قال: وكان لا يأخذ أجرة على تعليمه الفرائض والحساب ولكن يأخذ الأجرة على الجبر والمقابلة ويقول الفرائض مهمة وهذا من الفضل انتهى ولم يذكر له وقت وفاة ولا ميلاد.

_ 1 شذرات الذهب 7: 188.

دار الحديث الفاضلية

17 - دار الحديث الفاضلية بالكلاسة كذا رأيته بخط الشيخ تقي الدين الأسدي ورأيت في كتاب ابن شداد2 قال زكرياء: في الجامع من حلق الحديث ميعاد بالكلاسة للقاضي الفاضل انتهى. وقال أبو شامة في كلامه على وفاة صلاح الدين3: إن تربته جوار المكان الذي زاده الفاضل في المسجد انتهى قلت والفاضل هو عبد الرحيم بن علي بن الحسن بن الحسين بن أحمد ابن الفرج بن احمد القاضي محيي الدين4 وقيل مجير الدين أبو علي ابن القاضي الأشرف ابي الحسن اللخمي البيساني العسقلاني المولد المصري المنشأ صاحب العبارة والفصاحة والبلاغة والبراعة ولد في جمادى الأولى سنة تسع بتقديم التاء وعشرين وخمسمائة. وقال الأسدي في تاريخه سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة: انتهت إليه براعة الإنشاء وبلاغة الترسل وله في ذلك معان مبتكرة لم يسبق إليها مع كثرتها اشتغل بصناعة الترسل على الموفق يوسف بن الخلال5 شيخ الإنشاء

_ 2 شذرات الذهب 5: 388. 3 شذرات الذهب 4: 298. 4 شذرات الذهب 4: 324. 5 شذرات الذهب 4: 324.

للمتأخرين ثم إنه دخل ثغر الإسكندرية في سفينة وأقام بها مدة. قال عمارة1 الفقيه اليمني: ومن محاسن العادل بن الصالح بن رزيك خروج امره إلى والي الإسكندرية بتسيير القاضي الفاضل إلى الباب واستخدامه في ديوان الجيوش فإنه غرس منه للدولة بل للملة شجرة مباركة متزايدة النماء أصلها ثابت وفرعها في السماء وقد سمع أبا طاهر السلفي2 وأبا محمد العثماني وأبا طاهر ابن عوف وأبا القاسم ابن عساكر الحافظ وعثمان بن سعيد بن فرج العبدي وكان كثير الصدقات والصوم والصلاة ورده في كل يوم وليلة ختمة كاملة. قال المنذري: ركن السلطان صلاح الدين إليه ركونا تاما وتقدم عنده كثيرا وله آثار جميلة ظاهرة مع ما كان عليه من الإغضاء ولاحتمال وقال الموفق عبد اللطيف3: كان له غرام بالكتابة وتحصيل الكتب وكان له العفاف والدين والتقى مواظب على اوراده ولما ملك أسد الدين شيركوه احتاج إلى كاتب فأحضره فأعجبه سمته وتصوره فلما ملك صلاح الدين استخلصه لنفسه وحسن اعتقاده فيه وكان قليل اللذات كثير الحسنات دائم التهجد مشتغلا بالأدب وكان قليل النحو لكن له دربة قوية توجب قلة اللحن وكتب في الإنشاء ما لم يكتبه أحد وكان متقللا في مطعمه ومنكحه ولباسه يلبس البياض ولا يبلغ جميع ما عليه من ثياب دينارين ويركب معه غلام وركابي ولا يمكن أحدا أن يصحبه ويكثر لقي الجنائز وعيادة المرضى وزيارة القبور وله معروف في السر والعلانية وكان ضعيف البنية رقيق الصورة له حدبة يغطيها الطيلسان وكان فيه سوء خلق يكمد به في نفسه ولا يضر أحدا به ولأصحاب الفضائل عنده نفاق يحسن إليهم ولا يمن عليهم ولم يكن له انتقام من أعدائه إلا بالإحسان إليهم والإعراض عنهم وكان دخله ومعلومه في السنة نحو خمسين ألف دينار سوى متاجر الهند

_ 1 شذرات الذهب 4: 234. 2 شذرات الذهب 4: 255. 3 شذرات الذهب 5: 132.

والمغرب وغيرهما وأحوج ما كان إلى الموت عند تولي الإقبال وإقبال الإدبار وهذا يدل على أن الله تعالى به عناية. وقال ابن خلكان: نقل عنه أنه قال أن مسودات رسائله في المجلدات والتعليقات في الأوراق إذا اجتمعت ما تقصر عن مائة مجلدة وله نظم كثير وقيل أن كتبه التي ملكها تكون مائة ألف مجلدة. وقد اثنى عليه العماد الكاتب1 اثناء عظيما في الخريدة وغيرها توفي فجأة في سابع شهر ربيع الآخر يوم دخول العادل إلى قصر مصر واحتفل الناس في جنازته وزار قبره في اليوم الثاني الملك العادل وتأسف عليه ويقال أنه لما سمع أن الملك العادل لما أخذ الديار المصرية دعا على نفسه بالموت خشية أن يستدعيه وزيره صفي الدين بن شكر2 أو يجري في حقه إهانة فأصبح ميتا رحمه الله تعالى وكان له معاملة حسنة مع الله تعالى وتهجد بالليل وله مدرسة بالقاهرة على الشافعية والمالكية ومكتب للأيتام وترجمه الذهبي في تاريخه في ورقتين ونصف وقال: إنه كتب في ديوان الإنشاء في الدولة الفاطمية ولما صار أسد الدين شيركوه وزيرا في الديار المصرية جعله كاتبا ومشيرا وقال ابن كثير: والعجب أن القاضي الفاضل مع براعته وفصاحته التي لا يداني فيهما ولا يجارى لا يعرف له قصيده طويلة طنانة له ما بين البيت والبيتين والثلاثة في أثناء الرسائل وغيرها انتهى كلام الأسدي. قال بعضهم: بل له قصيدة طويلة مطلعها: لله روض بالحدائق محدق ... وبكل ما تهوى النواظر مونق وهي فوق الثلاثين بيتا وغيرها أطول منها انتهى. قلت والوقف على دار الحديث هذه مزرعة برتايا لصيق أرض حمورية يفصل بينهما نهر كذا أخبرني المحب بن سالم وغيره وهي بيد الزيني عبد الغني بن السراج ابن الخواجا شمس الدين بن المزلق ثم صارت للمحب ناظر الجيش بدمشق في سنة خمس عشرة وتسعمائة ولعل أول من درس بها التقي اليلداني انتهى قال ابن كثير في سنة خمس وخمسين وستمائة: وبها توفي الشيخ تقي الدين عبد الرحمن بن أبي

_ 1 شذرات الذهب 4: 332. 2 ابن كثير 13: 118.

الفهم اليلداني في ثامن شهر مشتغلا بالحديث سماعا وكتابة وإسماعا إلى أن توفي وله نحو من مائة سنة قلت وأكثر كتبه ومجاميعه التي بخطه موقوفة بخزانة الفاضلية في الكلاسة ثم وليها بعده النجم أخو البدر. قال ابن كثير في سنة سبع وخمسين وستمائة والنجم أخو البدر مفضل وكان شيخ الفاضلية في الكلاسة وكانت له إجازة من السلفي انتهى. ثم وليها بعده الحافظ الذهبي وقد تقدمت ترجمته في دار الحديث السكرية ثم وليها بعده الحافظ المتقن المعمر الرحلة تقي الدين أبو المعالي محمد ابن الشيخ المحدث المقري جمال الدين أبي محمد رافع بن هجرس بن محمد ابن شافع السلامي بتشديد اللام الصميدي المصري المولد والمنشأ ثم الدمشقي ميلاده في ذي القعدة سنة أربع وسبعمائة أحضره والده على جماعة وأسمعه على آخرين واستجاز له الحافظ الدمياطي ورحل به والده إلى الشام في سنة أربع عشرة وسبعمائة وأسمعه من طائفة ورجع وتوفي والده فطلب بنفسه في حدود سنة إحدى وعشرين وتخرج في علم الحديث بالحافظ قطب الدين الحلبي ثم بالحافظ أبي الفتح بن سيد الناس وسمع وكتب بنفسه ثم رحل إلى الشام أربع مرات وسمع بها وأخذ عن حفاظها المزي والبرزالي والذهبي وذهب في بعضها إلى بلاد الشمال ثم قدمها خافقا صحبة القاضي تقي الدين السبكي واستوطنها ودرس بها بدار الحديث النووية وليها بعد وفاة المزي المذكور سنة ثلاث وأربعين والفاضلية بالكلاسة بعد وفاة الذهبي وعمل لنفسه معجما في أربع مجلدات وهو في غاية الضبط والإتقان مشحون بالفوائد يشتمل على أكثر من ألف شيخ وجمع وفيات ذيل بها على البرزالي وصنف ذيلا على تاريخ بغداد لابن النجار أربع مجلدات وتخرج به جماعة من الفضلاء وانتفعوا به وخرج له الذهبي جزءا من عواليه وحدث قديما وحديثا ذكره الذهبي في المعجم أي المختص وقال فيه العالم المحدث المفيد الرحال المتقن وفي بعض نسخ المعجم المذكور وصفه بالحافظ وقال الحافظ شهاب الدين ابن حجي السعدي: كان ذا معرفة تامة تفنن بالحديث ومعرفة الرجال والعالي والنازل متقنا محررا لما

يكتبه ضابطا لما ينقله وعنه أخذت هذا العلم وقرأت عليه الكثير وعلقت عنه فوائد كثيرة وكان يحفظ المنهاج والألفية لابن مالك ويكرر عليهما وولي مشيخات كالقوصية والنورية ثم حصل له وسواس في الطهارة حتى انحل بدنه وأفسدت ثيابة وهيأته ولم يزل مبتلي به إلى أن مات في جمادى الأولى سنة أربع وسبعين وسبعمائة ودفن بباب الصغير ثم وليها بعده الإمام العالم الأوحد المفتي شمس الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد العزيز بن رضوان البعلي المعروف بابن الموصلي ميلاده سنة تسع وتسعين بتقديم التاء فيهما وستمائة وسمع من جماعة وتفقه بحماة على الشيخ شرف الدين بن البارزي1 وغيره وأقام بطرابلس وصار من فضلائها وكتب بخطه المليح شيئا كثيرا نسخا وحصل مالا وكتبا ثم طلب إلى دمشق بسبب توليه خطابة جامع يلبغا حين شرع في بنائه وخطب به قبل فراغه ثم توفي الواقف وجرت خطوب وصار للحنفية فأقام بدمشق وكان يجلس عند باب مئذنة العروس يشتغل هناك في العلم وله تصدير على الجامع ويواظب على سوق الكتب وولي مشيخة الفاضلية هذه بعد ابن رافع ونظم مطالع الأنوار وفقه اللغة والمنهاج للنواوي. وقال الحافظ شهاب الدين بن حجي السعدي: كان يحفظ علما كثيرا من لغة وحديث ومذاهب العلماء ويفتي على مذهب الشافعي رحمه الله تعالى ونظمه جيد حسن وخطه فائق منسوب توفي رحمه الله تعالى في جمادى الآخرة سنة أربع وسبعين وسبعمائة.

_ 1 شذرات الذهب 6: 119.

دار الحديث القلانسية

18 - دار الحديث القلانسية وبها رباط ومئذنة وتعرف الآن بالخانقاه غربي مدرسة أبي عمر رحمه الله تعالى وجامع الأسماء يكون مبارك أنشأها الصاحب عز الدين أبو ليلى حمزة ابن مؤيد الدين أبي المعالي أسعد بن عز الدين غالب بن المظفر ابن

الوزير مؤيد الدين أبي المعالي أسعد بن العميد أبي يعلى حمزة بن أسد ابن علي بن محمد التميمي الدمشقي ابن القلانسي. أحد روساء دمشق الكبار ولد سنة تسع وأربعين وستمائة وسمع الحديث من جماعة ورواه. قال الحافظ ابن كثير في سنة تسع وعشرين وسبعمائة: وسمعنا عليه وله رياسة باذخه وأصالة كبيرة وأملاك هائلة كافية لما يحتاج إليه من أمور الدنيا ولم تزل معه صناعة الوظائف إلى أن ألزم بوكالة بيت السلطان ثم بالوزارة في سنة عشرة ثم عزل وقد صودر في بعض الأحيان وكانت له مكارم على الخواص والكبار وله إحسان على الفقراء والمحتاجين ولم يزل معظما وجيها عند الدولة من النواب والملوك والأمراء وغيرهم إلى أن توفي ببستانه ليلة السبت سادس ذي الحجة وصلي عليه من الغد ودفن بتربته بسفح قاسيون وله في الصالحية رباط حسن بمئذنة وفيه دار حديث وبر وصدقة. وقال الذهبي في العبر: ومات الصاحب الأمجد رئيس الشام عز الدين حمزة بن المؤيد بن القلانسي الدمشقي في ذي الحجة يعني من سنة تسع وعشرين وسبعمائة عن ثمانين سنة وأشهر وكان محتشما معظما متنعما عمل الوزارة وغيرها وروى عن البرهان وابن عبد الدائم انتهى. ولم أقف على أحد ممن ولي مشيختها رحمه الله تعالى.

دار الحديث القوصية

19 - دار الحديث القوصية بالقرب من الرحبة ورأيت بخط الأسدي دار الحديث القوصية وبها قبر واقفها القوصي وستأتي ترجمته إن شاء الله تعالى في القوصية في الجامع الأموي بمدارس الشافعية. قال ابن كثير في تاريخه في سنة خمس وسبعمائة: وقع خبطة كبيرة وتشويش بدمشق بسبب غيبة نائب الشام في الصيد وطلب القاضي ابن صصري جماعة من أصحاب الشيخ ابن تيمية وعزر بعضهم ثم اتفق أن الحافظ جمال الدين

المزي قرأ فصلا في الرد على الجهمية من كتاب أفعال العباد للبخاري تحت قبة النسر بعد قراءة ميعاد البخاري بسبب الاستسقاء فغضب بعض الفقهاء الحاضرين وشكاه إلى القاضي الشافعي يعني ابن صصري وكان عدو الشيخ فسجن المزي فبلغ ذلك الشيخ تقي الدين فتألم لذلك وذهب إلى السجن فأخرجه منه بنفسه وراح إلى القصر فوجد القاضي هناك فتقاولا بسبب المزي فخلف القاضي ابن صصري لا بد أن يعيده إلى السجن وإلا عزل نفسه فأمر نائب الغيبة باعادته تطييبا لقلب القاضي وحبسه عنده في القوصية أياما ثم أطلقه ولما قدم نائب السلطنة ذكر له الشيخ تقي الدين ما جرى في حقه وحق أصحابه في غيبته فتألم النائب لذلك ونادى في البلدان لا يتكلم أحد في العقائد ومن عاد إلى ذلك حل ماله ودمه ونهبت داره وحانوته فسكنت الأمور انتهى. قلت: ولم نعلم ممن ولي مشيختها سوى الشيخ علاء الدين بن العطار وقد مرت ترجمته في دار الحديث الدوادارية وسوى الشيخ تقي الدين بن رافع كما قاله الشهاب بن حجي أ. هـ.

دار الحديث الكروسية

20 - دار الحديث الكروسية غربي مئذنة الشحم، قال الحافظ ابن كثير في سنة إحدى وأربعين وستمائة: واقف الكروسية محمد بن عقيل بن كروس جمال الدين محتسب دمشق كان كيسا متواضعا توفي بدمشق، في شوال ودفن بداره التي جعلها مدرسة وستأتي في مدارس الشافعية ثم قال وله دار حديث انتهى. وقال الصفدي في وافيه: المحتسب ابن كروس محمد بن عقيل بن عبد الواحد بن أحمد بن حمزة بن كروس بن جمال الدين أبو المكارم السلمي الدمشقي سمع من بهاء الدين بن عساكر1 وابن حيوس وكان رئيسا محتشما

_ 1 شذرات الذهب 4: 347.

قيما بالحسبة توفي سنة إحدى وأربعين وستمائة ولم أقف على أحد ممن ولي مشيختها والله سبحانه وتعالى أعلم أهـ.

دار الحديث النورية

21 - دار الحديث النورية قال ابن الأثير: وبنى نور الدين محمود دار الحديث بدمشق وهو أول من بنى دارا للحديث وقيل واقفها عصمة التي قيل إنها كانت زوج صلاح الدين وهو خلاف المعروف. ونور الدين هذا هو الملك العادل أبو القاسم محمود بن أبي سعيد زنكي بن آق سنقر التركي الشهيد قال الشيخ بدر الدين الأسدي في كتابه الكواكب الدرية في السيرة النورية توفي رحمه الله تعالى يوم الأحد الحادي من شوال سنة تسع وستين وخمسمائة وقت طلوع الشمس عن ثمان وخمسين سنة ووقفها قليل. قال ابن كثير في تاريخه في سنة إحدى عشرة وستمائة. وفيها وسع الخندق مما يلي القيمازية فأخرجت دور كثيرة وحمام قايماز وفرن كان هناك وقفا على دار الحديث النورية وغير ذلك وتبعه الأسدي فلما بنى الأشرف دار الحديث غربها شرط أن يؤخذ من وقفها ألفا درهم فتضاف إلى وقفها فانصلح حالها. وقال الصلاح الصفدي في حرف العين: عبدان الفلكي الأمير عز الدين صاحب الدار والحمام تجاه دار الحديث النورية بدمشق توفي رحمه الله تعالى سنة تسع وستمائة انتهى. قلت: وإنما تجاهها اليوم العادلية الصغرى وحمام بن موسك فلعل العادليه هي دار عبدان المذكور. وقال أبو شامة في أول الروضتين: في ترجمة نور الدين وبنى بدمشق أيضا دار الحديث ووقف عليها وعلى من بها من المشتغلين بعلم الحديث وقوفا كثيرة وهو أول من بنى دار حديث في ما علمناه انتهى. تولى مشيختها الحافظ الكبير ثقة الدين أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عبد

الله بن عساكر الدمشقي الشافعي إمام أهل الحديث في زمانه وحامل لوائهم مولده في العشر الأخير من المحرم سنة تسع وتسعين بتقديم التاء فيهما وأربعمائة اعتنى به أبوه وأخوه الإمام صائن الدين هبة الله فسمعناه في سنة خمس وخمسمائة وفي ما بعدها من الشريف أبي القاسم النسيب1 وأبي طاهر الحنائي2 وغيرهما ثم طلب بنفسه ورحل في هذا الشأن في سنة عشرين إلى الآفاق وجاب في البلاد وأبعد في الرحلة وجمع وكتب الكثير في العراق وخراسان وأصبهان وغيرهما وجمع أربعين بلدانية وهو أول من جمعها أو السلفي وجملة شيوخه ألف وثلاثمائة شيخ ونيف وثمانون امرأة وصنف التصانيف الجليلة منها تاريخ دمشق في ثمانين مجلدا ومن تصفحه علم منزلته في الحفظ وكان كثير العلم غزير الفضل حسن السمت دينا خيرا ثقة متقنا جمع بين معرفة المتن والإسناد سمع منه أبو سعد السمعاني3 وأكثر عنه وقال: هو حافظ متقن جمع بين معرفة المتون والأسانيد ورحل في طلب الحديث وجمع ما لم يجمعه غيره. وقال الحافظ عبد القادر الرهاوي4: قد رأيت السلفي وأبا العلاء الهمداني5 وأبا موسى المديني6 وما رأيت فيهم أحفظ من أبي القاسم بن عساكر أو قال مثل أبي القاسم بن عساكر انتهى مات رحمه الله تعالى ليلة الاثنين حادي عشر شهر رجب سنة إحدى وسبعين وخمسمائة ودفن بمقبرة باب الصغير في الحجرة التي فيها معاوية رضي الله تعالى عنه ثم تولاها بعده ولده الحافظ المسند بهاء الدين أبو محمد القاسم. قال الأسدي في تاريخه في سنة ستمائة: القاسم بن عساكر مولده في جمادى الأولى سنة سبع بتقديم السين وعشرين وخمس مائة وسمع أباه ومحمد الصائن هبة الله وجد أبويه القاضي أبا الفضل يحيى بن علي القرشي7 وابنه القاضي أبا

_ 1 شذرات الذهب 4: 23. 2 شذرات الذهب 4: 29. 3 شذرات الذهب 4: 205. 4 شذرات الذهب 5: 50. 5 شذرات الذهب 4: 231. 6 شذرات الذهب 6: 273 7 شذرات الذهب 4: 105.

المعالي محمد بن يحيى1 وجمال الإسلام بن المسلم2 وأبا الفتح نصر الله المصيصي3 وهبة الله بن طاووس4 وأبا القاسم بن البحر وأبا سعد السمعاني وخلقا كثيرا وأجاز له عامة مشايخ خراسان الذين لقيهم أبوه في سنة ثلاثين منهم زاهر الشحامي5 أبو عبد الله الفراوي6 وهبة الله السيدي7 وأجاز له القاضي أبو بكر الأنصاري8 قاضي المارستان وجماعة من بغداد وكان محدثا فهما ثقة حسن المعرفة شديد الورع كريم النفس مكرما للغرباء ذا أنسة لمن يقرأ عليه وخطه وحش لكنه كتب الكثير وكتب تاريخ أبيه يعني الثمانين المجلدة مرتين وصنف وشرح وعني بالكتابة والمطالعة فبالغ إلى الغاية وكان ظريفا كثير المزاح وقال المفسر النسابة كان أحب ما إليه المزاح. وقال ابن نقطة9: هو ثقة إلا أن خطه لا يشبه خط أهل الضبط وقال الحافظ عبد العظيم قلت للحافظ أبي الحسن المقدسي10 أقول حدثنا القاسم ابن علي الحافظ بالكسر نسبة إلى والده فقال بالضم فأني اجتمعت به في المدينة فأملى علي أحاديث من حفظه ثم سير إلى الأصل فقابلتها فوجدتها كما أملاها وفي بعض هذا يطلق عليه الحفظ. قال الذهبي: وليس هذا هو الحفظ العرفي، وقد صنف كتاب "المستقصى في فضائل المسجد الأقصى" وكتاب "الجهاد" وأملى مجالس وكان يتعصب لمذهب الأشعري ويبالغ من غير أن يحققه وقد خلف أباه في إسماع الحديث بالجامع وولي بعده دار الحديث النورية ولم يتناول من معلومه شيئا بل جعله مرصدا لمن يرد عليه من الطلبة وقيل أنه لم يشرب من مائها ولا توضا منه وسمع منه خلق كثير وحدث بمصر والشام وروى عنه أبو المواهب بن

_ 1 شذرات الذهب 4: 116. 2 شذرات الذهب 4: 102. 3 شذرات الذهب 4: 131. 4 شذرات الذهب 4: 114. 5 شذرات الذهب 4: 102. 6 شذرات الذهب 4: 96. 7 شذرات الذهب 4: 103. 8 شذرات الذهب 4: 108. 9 شذرات الذهب 5: 133. 10 شذرات الذهب 6: 153.

صصري1 وأبو الحسن بن الفضل وعبد القادر الرهاوي ويوسف بن خليل2 والتقي اليلداني والشيخ عز الدين بن عبد السلام والتاج عبد الوهاب بن زين الأمناء والخطيب عماد الدين بن الحرستاني توفي رحمه الله تعالى يوم الخميس ثاني صفر ودفن بعد العصر على أبيه بمقابر باب الصغير شرقي قبور الصحابة رضي الله تعالى عنهم خارج الحضيرة ثم وليها أخوه زين الأمناء بن عساكر. قال الذهبي في تاريخه في سنة سبع وعشرين وستمائة: زين الأمناء الشيخ الصالح أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن بن هبة الله بن عساكر الدمشقي الشافعي روى عن أبي العشائر محمد بن خليل3 وعبد الرحمن الداراني والعلكي4 وطائفة وكان صالحا خيرا من سروات الناس حسن السمت تفقه على جمال الأئمة محمد بن الماسخ وولي نظر الخزانة والأوقاف ثم تزهد عاش ثلاثا وثمانين سنة وتوفي في صفر. وقال ابن كثير في سنة سبع وعشرين وستمائة: زين الأمناء ابن عساكر سمع الحديث عن عميه الحافظ أبي القاسم والصائن وغير واحد وعمر وتفرد بالرواية وجاوز الثمانين بنحو من ثلاث سنين وأقعد في آخر عمره فكان يحمل في محفة إلى الجامع ولي دار الحديث النورية لأسماع الحديث وانتفع الناس به مدة طويلة ولما توفي حضر الناس جنازته ودفن عنه أخيه الشيخ فخر الدين بن عساكر بمقابر الصوفية: وقال الصلاح خليل بن أيبك الصفدي في وافيه: الحسن بن محمد بن عبد الله زين الأمناء أبو البركات بن عساكر ولد سنة أربع وأربعين وخمسمائة وتوفي رحمه الله تعالى سنة سبع وعشرين وستمائة سمع الكثير وكان شيخا جليلا خيرا متعبدا حسن الهدى والسمت مليح التواضع ولي نظر الخزانة وولي نظر الأوقاف ثم ترك ذلك وأقبل على شأنه وكان كثير الصلاة حتى

_ 1 شذرات الذهب 5: 316. 2 شذرات الذهب 5: 243. 3 شذرات الذهب 4: 154. 4 شذرات الذهب 4: 188.

لقب السجاد وأقعد في آخر عمره وكان يحمل في محفة إلى الجامع وإلى دار الحديث النورية وعاش ثلاثا وثمانين سنة وسمع من عبد الرحمن بن أبي الحسن الدارمي وأبي المظفر سعيد الفلكي وأبي المكارم بن هلال وعميه الصائن هبة الله وأبي القاسم الحافظ وأبي محمد الحسن الحسين بن الغنى وعبد الواحد ابن إبراهيم ابن القرة والخضر بن شبل الحارثي1 وإبراهيم بن الحسن الحصني وجماعة وروى عنه البرزالي وعز الدين علي بن2 محمد بن الأثير والذكي المنذري والكمال القوصي والشهاب الأبرقوهي وتفقه على جمال الأئمة أبي القاسم علي بن الحسن بن الماصح وقرأ برواية ابن عامر على أبي القاسم العمري وتأدب على علي بن عثمان السلمي وبالغ في وصفه ابن الحاجب وقال السيف: إلا أنه كثير الالتفات في الصلاة ويقال أنه كان يشير بيده في الصلاة ويشاري بيده لم يبتاع منه وقال ابن الحاجب: سألت البرزالي عنه فقال ثقة نبيل كريم صين انتهى. ثم درس بها بعده ابنه التاج بن زين الأمناء. قال الذهبي في سنة ستين وستمائة: والتاج عبد الوهاب بن زين الأمناء أبي البركات الحسن بن محمد الدمشقي بن عساكر سمع الكثير من الخشوعي وطبقته وولي مشيخة النورية بعد والده أمين الدين عبد الصمد وجاور قليلا ثم توفي في حادي عشرين جمادى الأولى بمكة انتهى. ثم قال الذهبي في سنة ست وثمانين وستمائة عن عبد الصمد المذكور: وابن عساكر الإمام الأوحد أمين الدين أبو اليمن عبد الصمد بن عبد الوهاب بن زين الأمناء الدمشقي المجاور بمكة روى عن جده والشيخ الموفق وكان صالحا خيرا قوي المشاركة في العلم بديع النظم لطيف الشمائل صاحب توجه وصدق ولد سنة أربع عشرة وستمائة وجاور أربعين سنة وتوفي رحمه الله تعالى في جمادى الأولى انتهى. ثم درس بها بهاء الدين النابلسي وقال ابن كثير في سنة ثلاث وستين وستمائة: وممن توفي فيها الشيخ زين الدين خالد بن يوسف بن سعد

_ 1 شذرات الذهب 4: 205. 2 شذرات الذهب 5: 137.

النابلسي الحافظ شيخ دار الحديث النورية بدمشق وكان عالما بصناعة الحديث حافظا لأسماء الرجال اشتغل عليه في ذلك الشيخ محيي الدين النواوي رحمهما الله تعالى وتولى بعده مشيخة النورية تاج الدين الفزاري وكان الشيخ زين الدين حسن الأخلاق فكه النفس كثير المزاج على طريقة المحدثين وكان قد رحل إلى بغداد واشتغل بها وسمع الحديث وكان فيه خير وصلاح وعبادة وكانت جنازته حافلة ودفن بمقابر باب الصغير انتهى. وقال الصفدي: خالد بن يوسف بن سعد بن الحسن بن مفرج بن بكار الحافظ المفيد زين الدين أبو البقاء النابلسي ثم الدمشقي ولد بنابلس سنة خمس وثمانين وتوفي سنة ثلاث وستين وستمائه وقدم دمشق ونشأ بها وسمع من القاسم بن عساكر ومحمد بن الخصيب1 وابن طبرزد وحنبل وطائفة وسمع ببغداد من الأخضر2 وابن شنيف3 وكتب وحصل الأصول النفيسة ونظر في اللغة والعربية وكان إماما ذكيا فطنا ظريفا حلو النادرة لطيف المزاح وكان يعرف قطعة كبيرة من الغرائب والأسماء والمختلف والمؤتلف وله حكايات متداولة بين الفضلاء وكان الناس يحبونه وكذلك الملك الناصر كان يحبه ويكرمه روى عنه الشيخ محيي الدين النواوي والشيخ تاج الدين الفزاري وأخوه الخطيب شرف الدين وتقي الدين بن دقيق العيد والبرهان الذهبي وأبو عبد الله الملقن وجماعة وكان ضعيف الكتابة جدا ويعرج من رجله حدث الشرف الناسخ أنه كان بحضرة الملك الناصر بن العزيز فأنشد شاعر قصيدة يمدحه فيها فقلع الزين خالد المذكور سراويله وخلعه على الشاعر فضحك الناصر وقال ما حملك على هذا فقال: لم يكن معي ما أستغنى عنه غيره فعجب منه ووصله وولي مشيخة النورية وكان قصيرا شديد السمرة يلبس قصيرا ومن شعر قوله: أيا حسرتا إني إليك وإن نأت ... ركابي إلى بغداد ما عشت تائق

_ 1 شذرات الذهب 5:6. 2 شذرات الذهب 5: 46. 3 شذرات الذهب 5: 42.

ولو عنت الأقدار قبلي لعاشق ... لما عاقني عن حسن وجهك عائق وقال أيضا: يا رب بالمبعوث من هاشم ... وصهره والبضعة الطهر لا تجعل اليوم الذي لا ترى ... عيني تاج الدين من عمري انتهى. وتاج الدين الفزاري الذي وليها بعده هو الإمام العلامة مفتي الإسلام تاج الدين أبو محمد عبد الرحمن ابن الشيخ المقري برهان الدين أبي إسحاق إبراهيم بن سباع بن ضياء الفزاري البدري المصري الأصل الدمشقي الفركاح ولد في شهر ربيع الأول سنة أربع وعشرين وستمائة وسمع البخاري من ابن الزبيدي وسمع من ابن اللتي وابن الصلاح ومن السخاروي1 وخرج له البرزالي عشرة أجزاء صغار عن مائة نفس وخرج من تحت يده جماعة من القضاه والمدرسين والمفتين وتفقه في صغره على الشيخين ابن الصلاح وابن عبد السلام وبرع في المذهب وهو شاب وجلس للاشتغال وله بضع وعشرون سنة وكتب في الفتاوى وقد كمل ثلاثين سنة ولما قدم الشيخ النواوي من بلده أحضروه ليشتغل عليه فحمل همه وبعث به إلى المدرسة الرواحية ليحصل له بها بيت ويرتفق بمعلومها ولم يشتغل إلى أن مات وكانت الفتاوى تأتيه من الأقطار وأعاد بالناصرية أول ما فتحت ودرس في المجاهدية ثم تركها. وقال القطب اليونيني: انتفع به جم غفير ومعظم قضاة دمشق وما حولها وقضاة الأطراف تلامذته وكان عنده من الكرم المفرط وحسن العشرة وكثر الصبر والاحتمال وعدم الرغبة في التكثير والقناعة والإيثار والمبالغة في اللطف ولين الكلمة وقلة الأذى ما لا مزيد عليه مع الدين المتين وملازمة قيام الليل والورع وشرف النفس وحسن الخلق والتواضع والعقيدة الحسنة في الفقراء والصالحين وزيارتهم له وله تصانيف مفيدة تدل

_ 1 شذرات الذهب 5: 222.

على محله من العلم وتبحره فيه، وكانت له يد في النظم وفي النثر. وقال الذهبي: فقيه الشام درس وناظر وصنف وانتهت إليه رئاسة المذهب وكان من أذكياء العالم وممن بلغ رتبة الاجتهاد ومحاسنه كثيرة وهو آجل ممن ينبه عليه مثلي وكان يلثغ بالراء غينا فجل من له الكمال وكان لطيف اللحية قصيرا أسمر حلو الصورة مفركح الساقين وكان يركب البغلة ويحتف به أصحابه ويخرج بهم إلى الأماكن النزهة ويباسطهم وله في النفوس عظمة لدينه وتواضعه وخيره ولطفه وجوده وكان أكبر من الشيخ النواوي رحمه الله تعالى بسبع سنين وكان أفقه نفسا وأذكى قريحة وأقوى مناظرة من الشيخ محيي الدين بكثير ولكن كان الشيخ محيي الدين أنقل للمذهب وأكثر محفوظا منه وكان قليل المعلوم كثير البركة وكان مدرس البادرائية ولم يكن في يده سواها إلا ما له على المصالح. وقال الذهبي في المعجم المختص: شيخ الإسلام كبير الشافعية جمع تاريخا مفيدا رأيته أنا وسمعت كلامه في حلقة إقرائه وكان بينه وبين النواوي وحشة كعادة النظراء وله في تاريخه عجائب توفي رحمه الله تعالى بالبادرائية في جمادى الأولى سنة تسعين وستمائة ودفن بمقبرة باب الصغير في القبة البهائية بشمال شرقي أوائل المصلى مصلى العيدين ثم وليها الحافظ جمال الدين وهو أيضا قال الذهبي في تاريخه العبر في سنة إحدى وسبعين وستمائة والشرف ابن النابلسي الحافظ أبي المظفر يوسف بن الحسن بن بدر الدمشقي ولد بعد الستمائة وسمع من ابن اللتي1 وطبقته وفي الرحلة من عبد السلام الداهري وعمر بن كرم وطبقتهما وكتب الحديث الكثير وكان فهما يقظا حسن الخلق مليح النظم ولي مشيخة دار الحديث النورية وتوفي في حادي عشر المحرم انتهى ثم الجمال بن الصابوني وهو قال الذهبي في عبره الجمال ابن الصابوني الحافظ أبو حامد محمد بن علي بن محمود شيخ دار الحديث

_ 1 شذرات الذهب 5: 117.

النورية ولد سنة أربع وستمائة، وسمع من أبي القاسم بن الحرستاني وخلق كثير وكتب العالي والنازل وبالغ وحصل الأصول وجمع وصنف واختلط قبل موته بسنة أو أكثر وتوفي في ذي القعدة انتهى. قال الصلاح الصفدي في المحمدين في تاريخه الوافي: المحدث جمال الدين ابن الصابوني محمد بن علي بن محمود بن أحمد الحافظ أبو حامد ابن الشيخ علم الدين المحمودي شيخ دار الحديث النورية ولد سنة أربع وستمائة وتوفي رحمه الله تعالى سنة ثمانين وستمائة سمع الحديث من ابن الحرستاني وابن ملاعب وابن البنا1 وأبي القاسم العطار وابن أبي لقمة وعني بالحديث وكتب وقرأ وصار له فهم ومعرفة وسمع من ابن اللتي وابن صصري وهذه الطبقة بدمشق وكان صحيح النقل مليح الخط حسن الأخلاق صنف مجلدا سماه تكملة الإكمال ذيل به على ابن نقطة فأجاد وأفاد وهو من رفاق ابن الحاجب2 والشريف ابن المجد وابن الذخميسي وابن الجوهري3 وطال عمره وعملت رتبته وروايته وروى الكثير بمصر ودمشق روى عن الدمياطي وابن العطار والبرزالي والدواداري والبرهان الذهبي وابن رافع جمال الدين وقاضي القضاة ابن صصري وكان له إجازة من المؤيد الطوسي وابن طبرزد وحصل له قبل موته بسنة أو أكثر تغير في عقله وساء حفظه وأجاز الشيخ شمس الدين مروياته ودفن بسفح قاسيون انتهى. وقال ابن كثير في تاريخه في سنة خمس وثمانين وستمائة: الشيخ مجد الدين يوسف بن محمد بن محمد بن عبد الله المصري ثم الدمشقي الشافعي الكاتب المعروف بابن المهتار كان فاضلا في الحديث والأدب يكتب كتابة حسنة جدا وتولى مشيخة دار الحديث النورية وقد سمع الكثير وانتفع الناس به وبكتابته توفي في عاشر ذي الحجة ودفن بباب الفراديس انتهى وقال فيه سنة ثمان وثمانين وستمائة: الشيخ فخر الدين الحنبلي شيخ دار الحديث النورية،

_ 1 شذرات الذهب 5: 53. 2 شذرات الذهب 5: 234. 3 شذرات الذهب 5: 218.

وقد تقدمت ترجمته في دار الحديث العروية. وقال فيه في سنة أربع وتسعين وستمائة: شرف الدين أحمد بن نعمة المقدسي الإمام العلامة أقضى القضاة خطيب الشام ولد في سنة ثنتين وعشرين وستمائة وولي درس دار الحديث النورية والشامية البرانية والغزالية توفي رحمه الله تعالى في شهر رمضان. وقال فيه في هذه السنة: وفي شوال باشر مشيخة دار الحديث النورية الشيخ علاء الدين بن العطار عوضا عن شرف الدين وقد تقدمت ترجمة الشيخ علاء الدين هذا في دار الحديث الدوادارية ثم وليها بعده الإمام الحافظ المؤرخ المفيد علم الدين أبو محمد القاسم بن محمد بن يوسف بن محمد البرزالي الاشبيلي الأصل الدمشقي ولد سنة ثلاث والصحيح سنة خمس وستين وستمائة وسمع الجم الغفير وكتب بخطه ما لا يحصى كثرة وتفقه بالشيخ تاج الدين الفزاري وصحبه وأكثر عنه ونقل عن الشيخ تاج الدين في تاريخه وولي مشيخة دار الحديث النورية هذه ومشيخة النفيسية وصنف التاريخ ذيلا على تاريخ أبي شامة بدأ فيه من عام مولده وهو السنة التي مات فيها أبو شامة رحمه الله تعالى وهي سنة خمس والمعجم الكبير وجمع لنفسه أربعين بلدانية وبلغ ثبته بضعة وعشرين مجلدا أثبت فيه كل من سمع منه وانتفع به المحدثون من زمانه إلى أخر القرن ذكره الذهبي في معجمه وقال الإمام الحافظ المتقن الصادق الحجة مفيدنا ومعلمنا ورفيقنا محدث الشام ومؤرخ العصر ومشيخته بالإجازة والسماع فوق الثلاثة آلاف وكتبه وأجزاؤه الصحيحة الفصيحة مبذولة لمن قصده وتواضعه وبشره مبذول لكل غني وفقير توفي رحمه الله تعالى محرما بخليص في رابع ذي الحجة سنة تسع بتقديم التاء وثلاثين وسبعمائة ووقف كتبه وكتب ابن حبيب1 على معجمه هذه الأبيات: يا طالبا نعت الشيوخ وما رووا ... فيه على التفصيل والإجمال دار الحديث أنزل تجد ما تبتغي ... هـ بارزا في معجم البرزالي

_ 1 شذرات الذهب 6: 262.

قلت: وقد وقفت في أثناء جمادى الأولى سنة أربع وتسعين وثمانمائة على الجزء الأخير من تاريخه من أول سنة ثلاثين وستمائة إلى أواخر سنة ست وثلاثين وسبعمائة فرأيته قد نقل فيه عن الذهبي في نحو سبعة مواضع ثم رأيت الذهبي وقد وقف عليه وكتب على أوله علقه ودعى له الذهبي خط ابن حجر عليه في أماكن أفاد فيها زيادة على ما ذكره البررالي والله تعالى أعلم. ثم وليها بعده الحافظ أبو الحجاج المزي وقد تقدمت ترجمته في دار الحديث الأشرفيه الدمشقيه ثم وليها بعده الحافظ تقي الدين بن رافع وقد تقدمت ترجمته في دار الحديث الفاضلية وهذا أخر ما وقفنا عليه ممن ولي مشيختها. فائدتان: الأولى: قال الذهبي في ذيل العبر في سنة تسع وثلاثين وسبعمائة: ومات بدمشق نقيب الأشراف عماد الدين موسى بن جعفر بن محمد بن عدنان الشريف الحسيني وكان سيدا نبيلا وقف على من يقرأ الصحيحين بالنورية في الأشهر الحرام. الثانية: قال الصلاح الصفدي في حرف العين: عبد العزيز بن عثمان بن أبي طاهر بن مفضل الشيخ عز الدين أبو محمد الإربلي المحدث إمام دار الحديث النورية بدمشق كتب عنه القدماء كابن الحاجب وطبقته ومات رحمه الله تعالى بجوبر قرية بدمشق سنة أربع وأربعين وستمائة انتهى.

دار الحديث النفيسية

22 - دار الحديث النفيسية بالرصيف قبلي المارستان الدقاقي وباب الزيادة عن يمنة الخارج منه شمالي غربي المدرسة الأمينية بالزقاق قال الذهبي في العبر في سنة ست وتسعين وستمائة والنفيس إسماعيل بن محمد بن عبد الواحد بن صدقة الحراني ثم الدمشقي ناظر الأيتام وواقف النفيسية بالرصيف روى عن مكرم القرشي وتوفي رحمه الله تعالى في ذي الحجة منها أو ذي القعدة عن نحو سبعين سنة.

وقال تلميذه ابن كثير في سنة ست وتسعين وستمائة أيضا: واقف النفيسية التي بالرصيف الرئيس نفيس الدين أبو الفداء إسماعيل بن محمد بن عبد الواحد ابن إسماعيل بن سلامة بن علي بن صدقة الحراني كان أحد شهود الغيبة وولي نظر الإيتام في وقت وكان ذا ثروة من المال ولد سنة ثمان وعشرين وستمائه وسمع الحديث ووقف داره دار حديث توفي رحمه الله تعالى يوم السبت بعد الظهر الرابع من ذي القعدة ودفن بسفح قاسيون بكرة يوم الأحد بعدما صلي عليه بالأموي انتهى. وقال في سنة ست عشرة وسبعمائة: صاحب التذكرة الإمام المقريء المحدث النحوي الأديب علاء الدين علي بن المظفر بن إبراهيم بن عمر بن زيد بن هبة الله الكندي الإسكندراني ثم الدمشقي سمع الحديث على أزيد من مائتي شيخ وقرأ القراءات السبع وحصل علوما جيده ونظم الشعر الحسن الرائق الفائق وجمع كتابا في نحو خمسين مجلدا فيه علوم جمة أكثرها أدبيات سماه التذكرة الكندية وقفها بالسميساطية وكتب حسنا وحسب جيدا وخدم في عدة خدم وولي مشيخة دار الحديث النفيسية مدة عشر سنين وقرأ صحيح البخاري مرات عديدة وأسمع الحديث وكان يلوذ بشيخ الإسلام أبن تيمية توفي رحمه الله تعالى ببستانه عند قبة المسجد ليلة الأربعاء تاسع عشر شهر رجب ودفن بالمزة عن ست وسبعين سنة انتهى. وولي مشيختها الإمام علم الدين البرزالي وقد تقدمت ترجمته في دار الحديث النورية المذكوره قبل هذه.

دار الحديث الناصرية

23 - دار الحديث الناصرية وبها رباط بمحلة الفواخير بسفح قاسيون قبلي جامع الأقرم الذي أنشى سنة ست وسبعمائة وخطب به شمس الدين بن العز هذه هي الناصرية البرانية وستأتي الجوانية إن شاء الله تعالى كلاهما إنشاء الملك الناصر صلاح الدين يوسف ابن الملك العزيز محمد ابن الملك الظاهر غياث الدين غازي

ابن صلاح الدين يوسف بن أيوب بن شادي فاتح بيت المقدس قال ابن كثير في سنة عشر وستمائة: ولد الملك العزيز1 للظاهر غازي وهو والد الملك الناصر صاحب دمشق واقف الناصريتين انتهى وكان مولد الناصر هذا بحلب في سنة سبع وعشرون وستمائه ولما توفي أبوه في سنة أربع وثلاثين وستمائه بويع بحلب بالسلطنة وعمره سبع سنين وقام بتدبير مملكته جماعة من مماليك أبيه العزيز وكبيرهم الشمس لؤلؤ وكان الأمر كله من رأي جدته أم أبيه ضيفة خاتون ابنة الملك العادل أبي بكر بن أيوب ولهذا سكت الملك الكامل لأنها أخته فلما توفيت سنة أربعين اشتد الناصر واشتغل عنه الكامل بعمه الصالح ثم فتح عسكره له حمص سنة ست وأربعين فوليها عشر سنين وفي سنة اثنتين وخمسين دخل بابنة السلطان علاء الدين صاحب الروم2 وهي بنت ابنة العزيز وكان حليما جوادا موطأ الأكناف حسن الأخلاق حسن السيرة في الرعايا محببا إليهم كثير النفقات ولا سيما لما ملك دمشق مع حلب فيه عدل في الجملة وقلة جور وفيه صفح وكان الناس معه في عيشة هنية إلا وقت إدارة الخمور وكان للشعراء دولة في أيامه وكان مجلسه مجلس ندماء وأدباء ثم خدع وعمل عليه حتى وقع في قبضة التتار فذهبوا به إلى هولاكو3 فأكرمه فلما بلغه كسرة جيشه على عين جالوت غضب وتنمر وامر بقتله فتذلل له وقال: ما ذنبي فأمسك عن قتله فلما بلغه كسرة بيدرا على حمص استشاط غضبا وأمر بقتله وقتل شقيقه الملك الظاهر عليا فقتلا. قال الذهبي في العبر في سنة تسع وخمسين وستمائة: وقيل بل قتله في الخامس والعشرين من شوال سنة ثمان ودفن بالشرق وكان قد أعد تربة برباطه الذي بناه بسفح قاسيون فلم يقدر دفنه به وكان شابا أبيض مليحا حسن الشكل بعينيه قبل قال ابن كثير في سنة أربع وخمسين وستمائة: وفيها أمر الناصر بعمارة الرباط الناصري بسفح قاسيون وذلك عقيب فراغ الناصرية

_ 1 شذرات الذهب 5: 163. 2 شذرات الذهب 5: 168. 3 شذرات الذهب 5: 316.

الجوانية بدمشق، والناصرية البرانية من أغرب الأمكنة في البنيان المحكم، والجوانية من أحسن المدارس وهو الذي بنى الخان الكبير تجاه الزنجاري وحولت إليه دار الأطعمة وقد كانت قبل ذلك غربي القلعة في إصطبل السلطان الآن وكانت مدة تملكه لدمشق عشر سنين فبنى فيها هذه الأمكنة وباشر مشيخة الرباط الناصري هذا أكثر من خمس عشرة سنة الشيخ كمال الدين بن الشريشي وقد تقدمت ترجمته في دار الحديث الإشرفية الدمشقية، ثم درس بها بعده ولده الإمام العلامة بقية السلف جمال الدين محمد المكني بأبي بكر ميلاده سنة أربع أو خمس وتسعين وستمائة أحضر على جماعة وممن سمع عليه جماعة منهم الحافظان العراقي والهيثمي1 وأجاز له آخرون واشتغل في صباه وتفنن في العلوم مدة وأشتهر بالفضيلة وكان حسن المحاضرة دمث الأخلاق ودرس في حياة والده ببعض المدارس ثم بعد وفاة والده بالرباط الناصري ثم درس بعدة مدارس وأفتى كل ذلك في زمن الشبيبة ثم ولاه القونوي قضاء حمص فتوجه إلى هناك وأقام زمانا طويلا ثم قدم دمشق في أول ولاية الشيخ تقي الدين السبكي فتولى تدريس البادرائية في سنة إحدى وأربعين كما سيأتي وأقام بها يشغل الناس بالجامع ويفتي ثم ترك البادرائية لولده شرف الدين2 سنة خمسين عندما ولي تدريس الأقبالية ثم تركه لولده الآخر بدر الدين3 ولما عزل القاضي تاج الدين في سنة تسع وستين توجه إلى مصر فولاه البلقيني نيابته في الطريق ثم توجه إلى القاهرة فولي تدريس الشامية البرانية سنة تسع بتقديم التاء وستين وسبعمائة وعاد إلى دمشق وباشر التدريس المذكور والحكم في النيابة المذكورة يوما واحد ثم مرض ومات في شوال من هذه السنة بالمدرسة الإقبالية ودفن بتربتهم بسفح قاسيون مقابل جامع الأقرم وهو الذي اختصر "الروضة" وشرح "المنهاج" في أربعة أجزاء لخصه من شرح الرافعي4 الصغير وله من غير زيادة "زوائد

_ 1 شذرات الذهب 7: 70. 2 شذرات الذهب 6: 342. 3 شذرات الذهب 6: 218. 4 شذرات الذهب 5: 108.

الحاوي على المنهاج" وله خطب ونظم وحدث بمصر والشام وسمع منه أبو زرعة بن العراقي وابن حجي وغيرهما. وقال ابن كثير في سنة خمس وعشرين وسبعمائة: وفي سابع عشر شوال درس بالرباط الناصري بقاسيون حسام الدين القرمي الذي كان قاضي طرابلس قايضه بها الكمال الشريشي إلى تدريس المسرورية وكان قد جاء توقيعه بالعذراوية والظاهرية فوقف في طريقه قاضي القضاة جلال الدين ونائباه ابن جملة1 والفخر المصري2 وعقد له ولكمال الدين مجلسا ومعه توقيع بالشامية البرانية فعطل الأمر عليهما لأنهما لم يظهرا استحقاقهما في ذلك المجلس فصارت المدرستان العذراوية والشامية لابن المرحل وأعطى القرمي المسرورية فقايض فيها لابن الشريشي إلى الرباط الناصري فدرس به في هذا اليوم وحضر عنده القاضي جلال الدين ودرس بعده ابن الشريشي بالمسرورية وحضر عنده الناس أيضا انتهى. والحسام القرمي هذا هو القاضي بطرابلس ابو علي الحسن بن رمضان بن الحسن حسام الدين القرمي توفي رحمه الله تعالى بطرابلس سنة ست وأربعين وسبعمائة. وقال ابن كثير أيضا في سنة تسعين وستمائة: والأمير الكبير بدر الدين علي ابن عبد الله الناصري وناظر الرباط بالصالحية عن وصية أستاذه وهو الذي ولى الشيخ شرف الدين الفزاري مشيخة الرباط بعد ابن الشريشي انتهى. والشرف الغزاري هو الحافظ شرف الدين أبو العباس احمد بن إبراهيم بن سباع بن الضياء الفزاري خطيب دمشق وهو أخو الشيخ تاج الدين ولد بدمشق في شهر رمضان سنة ثلاثين وستمائة وقرأ بثلاث روايات على السخاوي وسمع منه الكثير ومن ابن الصلاح وتلا بالسبع على الشيخ شمس الدين بن أبي الفتح وأحكم العربية على المجد الاردبيلي وطلب الحديث بنفسه وقرأ الكتب الكبار وله مشيخة ودرس بالرباط الناصري وغبره،

_ 1 شذرات الذهب 6: 119. 2 شذرات الذهب 6: 170.

وولي خطابة جامع جراح ثم ولي خطابة جامع دمشق. قال الذهبي في مختصر تاريخ الإسلام في سنة خمس وسبعمائة: وفي شوال توفي خطيب دمشق ونحويها ومحدثها الشيخ شرف الدين الفزاري أخو شيخنا تاج الدين وله خمس وسبعون سنة انتهى فليتأمل هذا المحل فان ظاهر كلام المؤرخين في تقديم بعض من وليها على بعض التغابن والله سبحانه وتعالى أعلم وقال السيد الحسيني في ذيل العبر في سنة ست وأربعين وسبعمائة: ومات ببلدة طرابلس قاضية العلامة حسام الدين القرمي مدرس الناصرية بالجبل تفقه للشافعي وبرع في علم الحديث وصنف وأفاد وكان أحد الأئمة ودرس بعده بالناصرية شيخنا نجم الدين بن قوام هذا هو الشيخ الامام العالم الصالح الزاهد القدوة أبو بكر بن محمد بن عمر ابن الشيخ الكبير ابي بكر بن قوام بن علي بن قوام البالسي الأصل الدمشقي ميلاده في ذي القعدة سنة تسعين وستمائة وسمع وتفقه وحدث عن عمر بن القواس وغيره وكان شيخ زاوية والده ودرس بالرباط المذكور وسمع منه الشريف الحسيني وآخرون. وقال الحافظ ابن كثير: وكان رجلا حسن الهيئة جميل المعاشرة فيه أخلاق وآداب حسنة وعنده فقه ومذاكرة ومحبة للعلم توفي رحمه الله تعالى في شهر رجب سنة ست وأربعين وسبعمائة ودفن بزاويتهم بسفح قاسيون إلى جانب والده ودرس بعده ولده الشيخ نور الدين أبو عبد الله محمد وستأتي ترجمته في زاويتهم وقال ابن كثير في سنة خمس وثمانين وستمائة: وممن توفي بها الشيخ الامام العالم البارع جمال الدين أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله ابن سحبان البلوي ابن الشريشي المالكي ولد بشريش سنة إحدى وستمائة ورحل إلى العراق فسمع بها الحديث من المشايخ كالقطيعي وابن روزبه وابن اللتي وغيرهم واشتغل وحصل وساد أهل زمانه ثم عاد إلى مصر فدرس بالفاضيلة ثم أقام بالقدس شيخ الحرام ثم جاء إلى دمشق فتولى مشيخة الحديث بتربة ام الصالح ومشيخة الرباط الناصري بالسفح ومشيخة

المالكية وعرض عليه القضاء فلم يقبل توفي رحمه الله تعالى يوم الاثنين الرابع والعشرين من شهر رجب بالرباط الناصري بقاسيون ودفن بسفحه اتجاه الناصرية وكانت جنازته حافلة جدا انتهى. فائدتان: الاولى: قال ابن كثير في سنة ثلاث عشرة وسبعمائة: الشيخ الكبير المقرئ تقي الدين أبو بكر بن عمر بن المشيع الجزري المعروف بابن المقصاني نائب الخطابة وكان يقرئ الناس بالقراءات السبع وغيرها من الشواذ وله المام بالنحو وفيه ورع واجتهاد توفي ليلة السبت الحادي والعشرين من جمادى الآخرة ودفن رحمه الله تعالى من الغد بسفح قاسيون تجاه الرباط الناصري وقد جاوز الثمانين. وقال السيد الحسيني في ذيل العبر في هذه السنة: ومات بدمشق شيخ القراء الشيخ تقي الدين بن المقصاتي في جمادى الآخرة عن بضع وثمانين سنة أم مدة بالرباط الناصري وتلا على الشيخ عبد الصمد1 وغيره وروى عن الكواشي تفسيره وكان دينا صالحا بصيرا بالسبع قراءات انتهى. الثانية: قال ابن كثير في سنة أربع وستين وستمائة وممن توفي بها أيد غدي ابن عبد الله الامير جمال الدين العزيزي وكان من أكابر الأمراء وأحظاهم عند الملك الظاهر لا يكاد يخرج عن رأيه وهو الذي أشار عليه بولاية القضاء أي من كل مذهب قاض على سبيل الاستقلال وكان رحمه الله تعالى متواضعا لا يلبس محرما كريما وقورا رئيسا معظما في الدولة أصابته جراحة في حصار بلاد صفد فلم يزل مريضا منها حتى مات ليلة عرفة ودفن بالرباط الناصري بسفح قاسيون انتهى.

_ 1 شذرات الذهب 5: 353.

فصل دور القرآن والحديث معا

فصل دور القرآن والحديث معا دار القرآن والحديث التنكزية ... فصل دور القرآن والحديث معا 24 – دار القرآن الحديث التنكزية وهي شرقي حمام نور الدين الشهيد بسوق البزورية وتجاه دار الذهب كانت هذه الدار حماما يعرف بحمام سويد فهدمه نائب السلطنة تنكز الملكي الناصري وجعله دار قرآن وحديث وجاءت في غاية الحسن ورتب فيها الطلبة والمشايخ قاله ابن كثير في سنة ثمان وعشرين وسبعمائة وقال وفيها وفي شهر ربيع الأول توجه نائب السلطنة تنكز الملكي الناصري إلى الديار المصرية لزيارة السلطان فأكرمه واحترمه واشترى في هذه السفرة دار الفلوس التي بالقرب من البزوريين والجوزية وهي شرقيهما وقد كان سوق البزوريين اليوم يسمى سوق القمح فاشترى هذه الدار وعمرها دارا هائلة ليس بدمشق دار أحسن منها وسماها دار الذهب واجتاز في رجوعه من مصر بالقدس الشريف وزاره وأمر ببناء دار حديث أيضا فيها خانقاه. ثم قال فيها وفي سادس عشرين في ذي القعدة نقل تنكز حواصله وأمواله من دار الذهب داخل باب الفراديس إلى الدار التي أنشأها وكانت تعرف بدار الفلوس فسميت دار الذهب انتهى. وقال الصلاح الصفدي: تنكزالأمير الكبير المهيب سيف الدين أبو سعيد نائب السلطنة بالشام جلب إلى مصر وهو حدث فنشأ بها وكان أبيض اللون إلى السمرة رشيق القد مليح الشعر خفيف اللحية قليل الشيب

حسن الشكل ظريفه جلبه الخواجا علاء الدين السيواسي فاشتراه الأمير حسام الدين لاجين فلما قتل لاجين في سلطنته صار من خاصكية السلطان وشهد معه وقعه الخزندار ثم وقعة شقحب أخبرني القاضي شهاب الدين القيسراني قال: قال لي يوما أنا والأمير سيف الدين طنيال من مماليك الأشرف وسمع صحيح البخاري غير مرة على ابن الشيخ وصحيح مسلم وكتاب الآثار على غيره وسمع من عيسى المطعم وأبي بكر بن عبد الدائم وحدث وقرأ عليه المقريزي ثلاثيات البخاري بالمدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة وأتم السلام وأمره الملك السلطان الناصر أمرية عشرة قبل توجهه إلى الكرك وكان قد سلم أقطاعه إلى الأمير صارم الدين صاروجا المظفري وكان على مصطلح الترك أغاله ولما توجه إلى الكرك كان في خدمة الملك السلطان الناصر1 وجهزة مرة إلى دمشق رسولا إلى الأفرم فاتهمه أن معه كتابا إلى امراء الشام فحصل له منه مخافة شديدة وفتش وعرض عليه العقوبة فلما عاد إلى السلطان الناصر عرفه بذلك فقال له إن عدت إلى الملك فأنت نائب دمشق فلما حضر من الكرك جعل الأمير سيف الدين أرغون وهو الدواراد نائب السلطان بمصر بعد إمساك الجوكندار الكبير وقال: لتنكز ولسودي2 أحضرا كل يوم عند أرغون وتعلما منه النيابة والأحكام فبقيا كذلك سنة يلازمانه فلما مهرا جهز سيف الدين سودي إلى حلب نائبا وسيف الدين تنكز نائبا إلى دمشق فحضر إليها على البريد هو والحاج سيف الدين سودي وأرقطاي والأمير حسام الدين طرنطاي البشمقدار وكان وصولهم إليها في شهر ربيع الآخر سنة اثنتي عشرة وسبعمائة وتمكن في النيابة وسار بالعسكر إلى ملطية فافتتحها وعظما شأنه وهابه الأمراء بدمشق وأمن الرعايا ولم يكن أحد من الأمراء ولا من أرباب الجاه يقدر أن يظلم ذميا أو غيره خوفا منه لبطشه وشدة إيقاعه ولم يزل في ارتقاء وعلو درجة تتضاعف أقطاعاته وأنعامه وعوائده من الخيل والقماش

_ 1 شذرات الذهب 6: 134. 2 إبن كثير 14: 74.

والطيور والجوارح حتى كتب له: أعز الله أنصار المقر الكريم العالي الأميري، وفي الألقاب الأتابكي القائدي وفي النعوت معز الإسلام والمسلمين سيد الأمراء في العالمين وهذا لم يعهد يكتب عن سلطان النائب ولا غير نائب على اختلاف الوظائف المناصب وكان السلطان لا يفعل شيئا في الغالب حتى يشير إليه ويستشيره فيه واعتمد شيئا ما سمعناه عن غيره وهو أنه كان له كاتب ليس له شغل ولا عمل غير عمل الحساب إي ما يدخل خزانته من الأموال أمره بحسابه وما يستقر له فإذا حال الحول عمل أوراقا بما يجب عليه صرفه من الزكاة فيأمر بإخراجه وصرفه إلى ذوي الاستحقاق وزادت أمواله وأملاكه وعمر الجامع المعروف به بحكر السماق بدمشق وأنشأ إلى جانبه تربة وحماما وعمر تربة إلى جانب الخواصين لزوجته وعمر دار القرآن والحديث إلى جانب داره دار الذهب وأنشأ بالقدس رباطا وعمر القدس وساق إليه الماء وأدخله الحرم على باب المسجد الأقصى وعمر به حمامين وقيسارية مليحة إلى الغاية وعمر بصفد البيمارستان المعروف به وخانا وغيرهما وله بجلجولية خان المنة للسبيل في غاية الحسن وبالقاهرة في الكافوري دار عظيمة وحمام وحوانيت وغير ذلك وجدد القنوات بدمشق وكانت مياهها قد تغيرت وجدد عمائر المساجد والمدارس ووسع الطرقات بها واعتنى بأمرها وله في سائر الشام آثار وأملاك وعمائر انتهى. ملخصا وقد بسط أحواله وأموره في نحو نصف كراسة فراجعه ثم غضب السلطان عليه وجهز للقبض عليه جماعة فاستسلم وأخذ سيفه وقيد خلف مسجد القدم وجهز إلى السلطان في ذي الحجة سنة أربعين وسبعمائة وتأسف أهل دمشق عليه واحتيط على حواصله ثم جهز إلى الإسكندرية وحبس بها مدة دون الشهر ثم قضى الله تعالى فيه أمره وصلى عليه أهل الإسكندرية وكان قبره يزار ويدعى عنده ولما كان في اوائل شهر رجب سنة أربع وأربعين وسبعمائة احضر تابوته من الإسكندرية إلى دمشق ودفن في تربته جوار الجامع المعروف بإنشائه ورثاه الصلاح الصفدي رحمه الله تعالى بأبيات طويلة ورأيت

في قائمة قديمة من وقف دار القرآن والحديث هذا الهلالي سوق القشاشين خارج السوق حوانيت ثمانية عشر حانوتا وداخل السوق حوانيت أيضا عدة تسعة عشر حانوتا وبحارة القصر طبقتان واصطبل والخراجي بزبدين بستان يعرف بالبندر وبها مشيخة الإقراء باسم البرهان الاربدي والامامة في الشهر مائة وعشرين وثلاث مشيخات للحديث الأولى باسم البرهان بن التقي شهره خمسة عشر الثانية باسم اولاد الشيخ شهره كذلك الثالثة باسم الشمس الارموي شهره كذلك والمشتغلون بالقرآن العظيم عدة اثني عشر لكل واحد في الشهر سبعة ونصف والمستمعون عدة خمسة لكل واحد في الشهر كذلك ولكاتب الغيبة في الشهر عشرة وأذان وبوابة وقيامة أربعين وصحابة الديوان أربعين والمشارف أربعين والعامل ثلاثين والجباية خمسين وشهادة العمارة خمسة وعشرين ومشد العمارة كذلك والمعمارية خمسة عشر ونيابة النظر أربعين والنظر مائة. قال السيد الحسيني في ذيل العبر في سنة تسع وأربعين: والأمام صدر الدين سليمان بن عبد الحكم الماليك شيخهم ومدرس الشرابيشية وشيخ التنكزية بعد الذهبي انتهى. وقد تقدمت ترجمة الذهبي في دار الحديث السكرية وقال الصلاح الصفدي في تاريخه في حرف السين: سليمان بن عبد الحكيم الشيخ الأمام الفاضل صدر الدين الباردي بالباء الموحدة وبعد الألف راء ودال مهملة المالكي الأشعري مدرس المدرسة الشرابيشية بدمشق مولده سنة ثلاث وأربعين وستمائة ووفاته يوم الأحد خامس جمادى الآخرة سنة تسع وأربعين وسبعمائة انتهى.

دار القرآن والحديث الصبابية

25 - دار القرآن والحديث الصبابية قبلي العادلية الكبرى وشمالي الطبرية قال السيد الحسيني شمس الدين في ذيله الصدر الحنبلي شمس الدين محمد بن أحمد بن محمد بن أبي العز الحراني ثم الدمشقي المعروف بابن الصبان ولد سنة أربع وسبعين وستمائة

وسمع من الشيخ شمس الدين بن أبي عمر وابن البخاري بدمشق انتهى. وقال الحافظ ابن كثير في تاريخه في سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة: وفي شهر رمضان منها فتحت الصبابية التي أنشأها شمس الدين بن تقي الدين ابن الصبان التاجر دار قرآن وحديث وكانت خربة شنيعة انتهى. ولم أقف على أحد ممن وليها أصلا.

دار القرآن والحديث المعبدية

26 - دار القرآن والحديث المعبدية داخل دمشق والمنقول أنها دار قرآن فقط. قال السيد شمس الدين الحسيني الشريف في ذيل العبر: في سنة ست وأربعين وفي ذي القعدة مات بدمشق الأمير علاء الدين علي بن معبد البعلبكي ودفن إلى جانب داره. ورأيت بخط الأسدي ودفن والده داخل دمشق بتربيه أنشأها له وجعلها دار قرآن انتهى.

فصل مدارس الشافعية

فصل مدارس الشافعية المدرسة الاتابكية ... فصل مدارس الشافعية 27 المدرسة الأتابكية بصالحية دمشق غربيها المرشدية ودار الحديث الأشرفية المقدسية. قال القاضي عز الدين الحلبي: أنشأتها بنت نور الدين أرسلان بن أتابك صاحب الموصل انتهى والصواب أنها أخت أرسلان هذا كما قال الذهبي في العبر في سنة أربعين وستمائة والحجة الأتابكية امرأة الملك الأشرف مظفر الدين موسى صاحبة المدرسة والتربة تركان يعني بالتاء أولا خاتون بنت السلطان الملك عز الدين مسعود بن قطب الدين مودود ابن أتابك زنكي بن آق سنقر قال أبو شامة وفي ليلة وفاتها كان وقف مدرستها وتربتها بالجبل ودفنت بها رحمها الله تعالى ونقبل منها. وقال الصفدي: توفيت في شهر ربيع الأول سنة أربعين وستمائة ودفنت بتربتها والمدرسة التي أنشأتها بقاسيون انتهى وقال الذهبي أيضا في مختصر تاريخ الإسلام سنة سبع وستمائة: وفيها مات صاحب الموصل نور الدين أرسلان شاه بن عز الدين مسعود بن مودود بن أتابك وكان شهما شجاعا مهيبا فيه ظلم وجبروت. وكانت دولته ثمانية عشر عاما بعد أبيه وبنى مدرسة الشافعية في غاية الحسن، وتملك بعده ابنه عز الدين مسعود انتهى. وقال فيه في سنة ستمائة، وتزوج الملك الأشرف صاحبة التربة والمدرسة بالجبل. وقال ابن أبي السعادات بن الأثير قال وزيره: ما قلت له في فعل خير إلا وبادر إليه.

وقال أبو شامة: كان عقد نور الدين صاحب الموصل مع وكيله بدمشق على بنت الملك العادل على مهر ثلاثين ألف دينار، ثم بان أنه مات من أيام وقال ابن خلكان: وكان شهما عارفا بالأمور، تحول شافعيا ولم يكن في بيته شافعي سواه، وله مدرسة قل أن يوجد مثلها في الحسن توفي في شهر رجب وتسلطن ابنه عز الدين وقال في سنة خمس عشرة وستمائة: وصاحب الموصل السلطان الملك العادل عز الدين أبو الفتح مسعود ابن السلطان نور الدين أرسلان شاه الأتابكي ولد سنة تسعين وخمسمائة وتملك بعد أبيه وله سبع عشرةة وكان موصوفا بالملاحة والعدل والسماحة قيل إنه سم ومات في شهر ربيع الآخر وله خمس وعشرون سنة. وعظم على الرعية أمره وولي بعده بأمر منه ولده نور الدين أرسلان شاه ويسمى أيضا عليا وله عشر سنين فمات في أواخر السنة أيضا انتهى. وقال العز الحلبي: أول من درس بها تاج الدين أبو بكر بن طالب المعروف بالاسكندري وبالشحرور، ولم يزل بها إلى أن توفي وذكر بها الدرس نجم الدين إسماعيل المعروف بالمارداني وهو مستمر بها إلى آخر سنة أربع وسبعين وستمائة انتهى. ودرس بها العلامة صفي الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الرحيم بن محمد الهندي الأرموي الشافعي المتكلم على مذهب الأشعري ميلاده بالهند في شهر ربيع الأول سنة أربع وأربعين وستمائة. وكان جده لأمه فاضلا فقرأ عليه وخرج من دهلي في شهر رجب سنة سبع وستين فحج وجاور ثلاثة أشهر ثم دخل اليمن فأعطاه ملكها المظفر أربعمائة دينار ثم دخل مصر سنة إحدى وسبعين وأقام بها أربع سنين ثم سافر إلى الروم على طريق أنطاكية فأقام إحدى عشرة سنة وبقونية خمسا وسيواس خمسا وبقيسارية سنة واجتمع بالقاضي سراج الدين فأكرمه ثم قدم إلى دمشق في سنة خمس وثمانين فأقام بها واسطوطنها وولي بها مشيخة الشيوخ ودرس بها بالظاهرية الجوانية والرواحية والدولعية والأتابكية هذه، ونصب للافتاء والاقراء في الأصول والمعقول والتصنيف وانتفع الناس به وبتصانيفه، إلا أن خطه في

غاية الرداءة وانتفع الناس أيضا بتلاميذه ووقف كتبه بدار الحديث الأشرفية وكان فيه بر وصلة. وقال الصفدي: وصنف "الفائق في أصول الدين" وله أوراد واشتغل بالجامع الاموي وكان حسن العقيدة وقال الذهبي: تفقه بالهند على جده لأمه الذي توفي سنة ستين وستمائة وسار من دهلي في سنة سبع وستين إلى اليمن ثم حج وجاور ثلاثة أشهر وجالس ابن سبعين1 ثم قدم مصر ثم سافر إلى بلاد الروم ودرس وتميز واجتمع بالسراج الارموي ثم قدم دمشق وسمع من ابن البخاري وتصدر للافادة وأخذ عن أبن الوكيل2 وابن الفخر المصري وابن المرحل والكبار وكان يحفظ ربع القران وكان ذا دين وتعبد وإيثار وخير. وقال ابن كثير: توفي ليلة الثلاثاء تسع وعشرين صفر سنة خمس عشرة وسبعمائة ولم يكن معه وقت موته سوى الظاهرية وبها مات فأخذ بعده ابن الزملكاني الظاهرية فدرس بها وأخذ ابن صصري الأتابكية انتهى ودفن بمقبرة الصوفية ثم قال ابن كثير: في هذه السنة وفي يوم الأربعاء تاسع جمادي الآخرة درس ابن صصري بالاتابكية عوضا عن الشيخ صفي الدين الهندي ثم قال في سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة: في من توفي بها وقاضي القضاة نجم الدين بن صصري أبو العباس أحمد بن العدل عماد الدين محمد بن العدل أمين الدين سالم ابن الحافظ المحدث بهاء الدين أبي المواهب الحسن بن هبة الله بن محفوظ ابن الحسن بن محمد بن الحسن بن أحمد بن محمد بن صصري التغلبي الربعي الشافعي قاضي القضاة بالشام ولد في ذي القعدة سنة خمس وخمسين وستمائة وسمع الحديث واشتغل وحصل وكتب عن القاضي شمس الدين بن خلكان

_ 1 شذرات الذهب 5: 329. 2 شذرات الذهب 6: 40.

وفيات الاعيان. وسمعها عليه وتفقه بالشيخ تاج الدين الفزاري وعلى أخيه شرف الدين في النحو وكان له يد في الإنشاء وحسن العبارة ودرس بالعادلية الصغرى سنة اثنتين وثمانين وبالامينية سنة تسعين وبالغزالية سنة أربع وتسعين وولي قضاء العساكر في دولة العادل كتبغا ثم ولي قضاء الشام سنة اثنتين وسبعمائة بعد ابن جماعة حين طلب للقضاء بمصر بعد ابن دقيق العيد ثم أضيف إليه مشيخة الشيوخ مع تدريس العادلية والغزالية والاتابكية وكلها مناصب دنيوية انسلخ منها زانسلخت منه ومضى عنها وتركها لغيره وأكبر أمنيته بعد وفاته أنه لم يمكن تولاها وهي متاع قليل من حبيب مفارق وكان رئيسا محتشما وقورا كريما جميل الاخلاق معظما عند الولاة والسلطان توفي فجأة ببستانه بالسهم ليلة الخميس سادس عشر شهر ربيع الأول وصلي عليه بالجامع المظفري وحضر جنازته نائب السلطان والقضاة والأمراء والأعيان وكانت جنازته حافلة ودفن بتربتهم بالركنية انتهى. وقال الذهبي في مختصر تاريخ الاسلا: ومات قاضي دمشق ورئيسها نجم الدين بن صصري الشافعي في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة عن ثمان وستين سنة يروي عن الرشيد العطار حضورا وعن ابن عبد الدائم انتهى. ثم درس بها [هـ] بعد قاضي القضاة جمال الدين الزرعي1 انتهى. قال ابن كثير في سنة ست وعشرين وسبعمائة: وفي ذي القعدة سافر القاضي جمال الدين الزرعي من الأتابكية إلى مصر ونزل عن تدريسها لمحيي الدين بن جهبل انتهى. وهو الشيخ العالم محيي الدين أبو الفداء إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن طاهر بن نصر بن جهبل أخو الشيخ شهاب 2 الدين مولده بدمشق سنة ست وستين وستمائة واشتغل وحصل وأفتى ودرس بالاتابكية هذه وسمع من جماعة وحدث سمع منه البرزالي وخرج له مشيخة وحدث بها وناب في الحكم بدمشق وولي قضاء طرابلس مدة ثم عزل عنها وعاد

_ 1 شذرات الذهب 6: 107. 2 شذرات الذهب 6: 104.

إلى دمشق، توفي رحمه الله تعالى في شعبان سنة أربعين وسبعمائة ودفن عند أخيه بمقبرة الصوفية ثم وليها بعده قاضي القضاة ابن جملة قال ابن كثير في سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة وفي يوم الأحد ثالث عشر شوال: حدث بالأتابكية قاضي القضاة ابن جملة عن محيي الدين بن جهبل تولى قضاء طرابلس وحضره القضاة وأكابر المدرسين والعلماء وقال ابن البرزالي: ثم درس بها قاضي القضاة شهاب الدين بن المجد مع الغزالية والعادلية مع بقاء الاقبالية عليه انتهى. وقال ابن كثير: في سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة وفي ثاني يوم من ذي الحجة درس صدر الدين ابن قاضي القضاة جلال الدين القزويني بالأتابكية وأخوه الخطيب بدر الدين في الغزالية والعادلية نيابة عن ابيهما قاضي القضاة أي قاضي الشام بعد وفاة ابن المجد انتهى. ثم درس بها الشيخ الامام الفقيه المحدث المفسر المقرئ الأصولي المتكلم النحوي اللغوي الحكيم المنطقي الجدلي الخلافي العطار شيخ الاسلام قاضي القضاة تقي الدين أبو الحسن علي بن عبد الكافي بن علي بن تمام يوسف بن موسى بن تمام الانصاري الخزرجي السبكي ولد بسبك من أعمال المنوفية في مستهل صفر سنة ثلاث وثمانين وستمائة وحفظ التنبيه وقدم القاهرة فعرض على القاضي تقي الدين ابن بنت الأعز1 وتفقه في صغره على والده ثم على جماعة آخرهم ابن الرفعة2 وأخذ التفسير عن علم الدين العراقي وقرأ القراءات على الشيخ تقي الدين الصائغ3 والحديث على الحافظ الدمياطي والأصلين وسائر المعقولات على علاء الدين الباجي4 والمنطق والخلاف على سيف الدين البغدادي والنحو على الشيخ أبي حيان وصحب في التصوف الشيخ تاج الدين بن عطاء الله5، وسمع الحديث من الجم الغفير ورحل الكثير

_ 1 ابن كثير 13: 367. 2 شذرات الذهب 6:22. 3 شذرات الذهب 6: 69. 4 شذرات الذهب 6: 34. 5 شذرات الذهب 6: 19.

وسمع معجمه العدد الكثير، واشتغل وأفتى وصنف ودرس بالمنصورية والهكارية والسيفية، وتفقه به جماعة من الأئمة كالأسنوي1 وأبي البقاء وابن النقيب وقريبه تقي الدين أبو الفتح2 وأولاده وغيرهم من الأئمة الأعلام، وولي قضاء دمشق في جمادى الآخرة سنة تسع وثلاثين عوضا عن جلال الدين القزويني وباشر القضاء على الوجه الذي يليق به ست عشرة سنة وشهرا وقد درس بدمشق في الغزالية والعادلية الكبرى والأتابكية هذه والمسرورية والشامية البرانية وليها بعد موت ابن النقيب، قال ولده: فما حل مفرقها ولا اقتعد بمشرقها أعلم منه كلمة لا اسثناء فيها وولي بعد الحافظ المزي مشيخة دار الحديث الإشرفية وقد خطب بجامع دمشق مدة طويلة وجلس للتحديث بالكلاسة فقرأ عليه الحافظ تقي الدين أبو الفتح السبكي جميع معجمه الذي خرجه له الحافظ شهاب الدين بن أيبك الدمياطي3 وسمعه عليه خلائق منهم الحافظان أبو الحجاج المزي وأبو عبد الله الذهبي وفي آخر عمره أستعفى من قضاء الشام ورجع إلى مصر متضعفا فأقام بها دون العشرين يوما وتوفي رحمه الله تعالى في جمادى الآخرة سنة ستة وخمسين وسبعمائة ودفن بمقابر الصوفية هناك ثم درس بها قاضي القضاة بهاء الدين أبو البقاء ابن السبكي ثم ولده قاضي القضاة ولي الدين أبو ذر عبد الله ثم العلامة زين الدين أبو حفص الملحي وقد تقدمت تراجم هؤلاء الثلاثة في دار الحديث الإشرفية الدمشقية ثم درس بها قاضي القضاة بدر الدين أبو عبد الله محمد ابن قاضي القضاة بهاء الدين أبي البقاء المتقدم ذكره ميلاده في شعبان سنة إحدى وأربعين وسبعمائة وسمع من جماعة وأخذ عن والده وغيره من علماء العصر وفضلا في عدة فنون واشتغلا ودرس وأفتى وحدث بمصر والشام وغيرهما ودرس بدمشق بالاتابكيه هذه والرواحية وغيرهما وناب عن والده في القضاء وغيره بالقاهرة وغيرها وباشر عدة وظائف وولي مشيخة الحديث

_ 1 شذرات الذهب 6: 223. 2 شذرات الذهب 6: 141. 3 شذرات الذهب 6: 160.

القبة المنصورية، ثم ولي القضاء عن ابن جماعة في شعبان سنة تسع وسبعين، وأعطيت قبة الشافعي التي كانت بيده فتولاها لما انتقل والده إلى قضاء الشافعية للبلقيني والمنصورية للغوي فباشر سنة ونحو أربعة أشهر ثم عزله وأعيد ابن جماعة واستمر بطالا ليس بيده وظيفة أزيد من ثلاثين سنين ثم أعيد للقضاء في صفر سنة أربع وثمانين فباشر خمس سنين ونحو خمسة أشهر ثم عزل وتولى ابن جماعة ثم ولي خطابة الجامع الأموي وتدريس الغزالية ثم صرف في شهر رجب سنة إحدى وتسعين ثم ولي القضاء مرتين عن القاضي صدر الدين المناشري وعزل في المرتين به ومدة مباشرته في ولاياته الأربع ثماني سنين ونصف في مدة ثماني عشرة سنة وولي في آخر وقت تدريس الشافعي واستمر بيده إلى أن مات قال الشيخ تقي الدين الأسدي: وكان لينا في مباشرته وفي لسانه رخاوة وكان ولده جلال الدين غالبا على أمره فمقته الناس. وقال الحافظ شهاب الدين بن حجر المصري: أشتغل في الفقه وغيره، فمهر، وكان لين الجانب قليل المهابة، بخيلا بالوظائف، حسن الخلق، كثير الفكاهة، منصفا في البحث وكان أعظم ما يعاب به تمكينه ولده جلال الدين من أموره توفي في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وثمانمائة ودفن خارج باب النصر ثم وليها ولده جلال الدين ثم درس بها فتح الدين محمد بن محمد بن محمد بن محمد الجزري الدمشقي. قال الأسدي في تاريخه: أخذ عن والده القراءات ويسيرا من النحو ولم يكن يعرف شيئا غير ذلك وكان عنده أقدام وجرأة ويتكلم كلاما كثيرا لا حاصل له وسافر إلى مصر غير مرة وحصل تدريس الأتابكية ونظرها يعني عن جلال الدين بن أبي البقاء وكان بيده جهات والده نصف خطابة جامع التوبة ومشيخة الأقراء في عدة أماكن وكان يخطب حسنا ويقرأ في المحراب جيدا توفي بمنزله بالأتابكية يوم الأثنين ثالث عشرين صفر سنة أربع عشر وثمانمائة وهو في عشر

الأربعين - أظنه ابن خمس وثلاثين سنة - ونزل عن وظائفه للشيخ شهاب الدين بن حجي وحصل في وظائفه خباط وذلك أن القاضي لما بلغه ضعفه وأنه مطعون عين الأتابكية لشهاب الدين بن حران وخطابة جامع التوبة لشيخنا شهاب الدين بن حجي ثم إنه نزل عن جميع وظائفه للشيخ شهاب الدين بن حجي فأمضى ذلك القاضي ثم أن الشيخ نزل عن خطابة جامع التوبة لابن الحسباني1 لما بلغه وفاة ابن الجزري قصد الشيخ شهاب الدين ابن حجي فولاه نصف الخطابة لأنه الناظر الخاص وذلك قبل أن يعلم الشيخ بنزول ابن الجزري والتزم ذلك ولقد عجبت من شيخنا في ولايته له مع تصريحه بأن شرط الواقف غير موجود فيه لعدم حفظ القرآن ولا أعلم أنه وقعت من شيخنا قصة أنكرها كل من سمعها غير هذه والجواد لابد له من كبوة ثم أن ابن عبادة الصغير2 الذي هو شافعي جاء بنزول من ابن الجزري بتدريس الأتابكية فقال قاضي القضاة ابن الأخنائي اسكت لا تتكلم بهذا حتى لا يسمع الشيخ يغتاظ فقال لو وصلت يد ابن حجي إلى السماء لا أسكت عنه فأنكر هذا من بلغه وبالغ في سب ابن عبادة وسب أبيه الحنبلي وغلب على ظن كل واحد أن ما معه زور مفتعل لا حقيقة له مع عدم أهليته وفي يوم الأربعاء رابع عشرين صفر سنة أربع عشرة المذكورة حضر شيخنا درس الأتابكية وحضر معه القضاة ولم أحضر هذا الدرس وبلغني أنه حصل لابن عبادة في هذا المجلس إهانة زائدة وهدد بالكلام القبيح على ما نقل ولم يتكلم بكلمة واحدة وفي هذا اليوم توفي يونس ابن القاضي علاء الدين بن أبي البقاء وولي في وظائفه وحضر تدريس العزيزية والقيمرية الشيخ شهاب الدين بن حجي3 والمتصدر ابن قاضي القضاة نجم الدين بن حجي ثم نزل لابن عذري وأرسل إلى القاضي ابن الأخنائي الشافعي أن يقرره فيه ومدرس الصارمية شمس الدين الكفيري4 انتهى.

_ 1 شذرات الذهب 7: 108. 2 شذرات الذهب 7: 47. 3 شذرات الذهب 7: 193. 4 شذرات الذهب 7: 196.

وشهاب الدين بن حجي المذكور قال تقي الدين الأسدي في ذيله في سنة ست عشرة: وفيها توفي شيخنا الإمام العلامة العالم الحافظ المتقن ذو الخصال الزكية والأخلاق المرضية وشيخ الشافعية شهاب الدين أبو العباس أحمد ابن الشيخ الإمام العلامة بقية الشام علاء الدين أبي محمد حجي بن موسى ابن أحمد بن سعد بن غثم بن غزوان بن علي بن شرف بن تركي بن سعدي الحسباني الأصل الدمشقي مولده بين المغرب والعشاء ليلة الأحد الرابع من المحرم سنة إحدى وخمسين وسبعمائة بخانقاه الطواويسية بالشرف الأعلى ظاهر دمشق ورأيت بخطه رحمه الله تعالى الأوليات المصادفة لمولدي عشرة أول نصف القرن الثامن أول السنة العربية أول السنة الشمسية أول يوم من فصل الربيع أول يوم برج الحمل أول الليل أول الآسبوع أول صيرورة الهلال قمرا أول سكون الشياطين بعد أنتشارها عند ذهاب فحمة العشاء واشرت إلى بعض ذلك في ما كتبته على إجازه وثامن القرن مبدأ نصفه ومبدأ الأسبوع وهو الأحد ومبدأ الرابع من المحرم مبتدأ الربيع نادر المولد قرأ القرآن على المؤدب المقرئ شمس الدين بن حبش وختمه في سنة ستين وأخذ عن شيخه المذكور علم الميقات وحفظ التنبيه وغيره وسمع البخاري من خلائق من أصحاب ابن البخاري وأحمد بن شيبان1 وأبي الفضل بن عساكر والشيخ ابن مشرف الدين اليونيني2 وابن شرف والتقي سليمان وعيسى المطعم وطبقتهم منهم المسند نجم الدين أبو العباس أحمد بن إسماعيل بن أحمد بن عمر ابن الشيخ أبي عمر المقدسي الصالحي3 الحنبلي4 والمسند المعمر أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد المنعم الحراني والمسند أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عمر بن عوض المقدسي الصالحي وتاج الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد الله محبوب5 الدمشقي والمسند أبو حفص عمر بن الحسن بن مزيد بن أميلة المراغي المزي6 والمسند شهاب

_ 1 شذرات الذهب 5: 390. 2 شذرات الذهب 6: 3. 3 شذرات الذهب 6: 226 4 شذرات الذهب 6: 116. 5 شذرات الذهب 6: 300. 6 شذرات الذهب 6: 258.

الدين أبو العباس أحمد بن عبد الكريم بن أبي الحسين البعلي1 والمسند الجليل صلاح الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن العز إبراهيم بن عبد الله ابن الشيخ أبي عمر2 والخطيب أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن مالك العجلوني3 خطيب بيت لهيا وعلاء الدين أبو الحسين علي بن محمد بن أحمد ابن عثمان بن المنجا التنوخي4 والشيخ الفقيه عز الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن عمر السلمي المعروف بابن السكري واجاز له من دمشق قاضي القضاة شرف الدين أبو العباس بن قاضي الجبل الحنبلي والقاضي الاوحد بدر الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن أحمد بن محمود الزقاق الكاتب المعروف بإبن الجوخي والامام العالم بدر الدين حسن ابن قاضي القضاة عز الدين محمد بن سليمان بن حمزة5 والشيخ الخير تقي الدين أبو محمد عبد الله بن محمد بن إبراهيم الصالحي بن قيم الضيائية6 وخلائق ومن القدس الحافظ صلاح الدين العلائي والشيخ الفقيه تقي الدين القرقشندي7 والخطيب برهان الدين أبو اسحق إبراهيم بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة وعز الدين عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة8 والشيخ تقي الدين محمد بن عمر بن الياس المراغي المقدسي ومن المدينة المحدث عفيف الدين أبو جعفر عبد الله بن محمد بن أحمد بن خلف الانصاري الخزرجي العبادي المعروف بابن المطري وغيره ومن بعلبك الكاتب شهاب الدين أبو العباس أحمد بن علي بن الحسن بن عمرون البعلي والشيخ برهان الدين إبراهيم بن محمد بن محمود بن مري الكاتب البعلي والشيخ العالم ناصر الدين قرأ بن إبراهيم بن محمود بن قرا البعلبكي الحنبلي وغيرهم ومن مصر وحلب وغيرهما جماعة كثيرون وقد كتب أسماء مشايخه مجردا في

_ 1 شذرات الذهب 6: 250. 2 شذرات الذهب 6: 267. 3 شذرات الذهب 6: 225. 4 شذرات الذهب 6: 257. 5 شذرات الذهب 6: 217. 6 شذرات الذهب 6: 191. 7 شذرات الذهب 6: 256. 8 شذرات الذهب 6: 208.

بعض مجاميعه على حروف الهجاء ومن مسموعاته الكتب الستة والموطأ ومسند الشافعي وغالب مسند أحمد1 ومسند الدارمي2 ومسند أبي يعلى3 ومعجم الطبراني وصحيحي ابن خزيمة4 وابن حبان5 والمنتخب من مسند عبد بن حميد ومسند أبي حنيفة6 تخريج الحارثي وتخريج ابن العربي وكتب أبي عبيد7 الأموال وفضائل القرآن والطهور والغريب وغير ذلك مما وقع له من حديث الدارقطني8 والحاكم9 والبيهقي10 والبغوي وابن صاعد المحاملي11 وأبي بكر الشافعي وأما الأجزاء فلا تنحصر وأخذ الفقه عن والده الشيخ علاء الدين والشيخ شمس الدين ابن قاضي شهبة12 وقاضي القضاة بهاء الدين أبي البقاء والشيخ شمس الدين الموصلي وغيرهم واجتمع بمشايخ العصر واستفاد منهم كالشيخ شهاب الدين الأذرعي وصاحبه الشيخ عماد الدين الحسباني13 والشيخ جمال الدين بن قاضي الزبداني14 والشيخ شمس الدين بن خطيب يبرود15 وقاضي القضاة تاج الدين السبكي والقاضي شمس الدين الغزي16 وتخرج في علوم الحديث بالحافظين عماد الدين بن كثير وتقي الدين بن رافع وأخذ النحو عن الشيخ العالم نجم الدين أبي الخير سعيد بن محمد بن سعيد التلمساني المغربي المالكي وعن شيخه شيخا النحاة شهاب الدين أبي العباس العنابي17 ودرس وأفتى وأعاد وصنف وكتب بخطه الحسن ما لا يحصى كثرة فمن ذلك شرح على

_ 1 شذرات الذهب 2: 96. 2 شذرات الذهب 2: 130. 3 شذرات الذهب 2: 250. 4 شذرات الذهب 2: 262. 5 شذرات الذهب 3: 16. 6 شذرات الذهب 1: 227. 7 شذرات الذهب 2: 54. 8 شذرات الذهب 3: 116. 9 شذرات الذهب 3: 176. 10 شذرات الذهب 3: 304. 11 شذرات الذهب 2: 326. 12 شذرات الذهب 6: 276. 13 شذرات الذهب 6: 256. 14 شذرات الذهب 6: 244. 15 شذرات الذهب 6: 253. 16 شذرات الذهب 6: 218. 17 شذرات الذهب 6: 240.

المجمل لابن عبد الهادي كتب منه قطعة ورد على مواضع مهمة للأسنوي وعلى مواضع من الألغاز له وجمع فوائد في علوم متعددة في كراريس متعددة سماه "جمع المفترق" وكتابا سماه "الدارس فن أخبار المدارس" يذكر فيه ترجمة الواقف وما شرطه وتراجم من درس بالمدرسة إلى آخر وقت وهو كتاب نفيس يدل على اطلاع كثير وقد احترق غالبه في وقعة التتار وقد وقفت على كراريس منه محرقة وكتب هذا التاريخ الذي تذيل وقد درس بالظبيانية في حياة والده وأشياخه في ذي القعدة سنة أربع وسبعين وأعاد بالعصرونية والدماغية ثم بعد ذلك أعاد بالشامية البرانية والتقوية في حياة والده أيضا ثم بالأمينية والرواحية والعذراوية ودرس بالشامية البرانية والعذراوية نيابة وناب للقاضي شهاب القرشي ثم تغير وأخذ من القضاء وبعد الفتنة درس بالحسامية الجوانية والأتابكية والشامية البرانية وولي الخطابة ومشيخة الشيوخ مرتين ثم ترك نيابة القضاء وانجمع على العبادة والإنشاء والاشتغال انتهى. كلام تلميذه الأسدي في تاريخه ثم ترك بياضا ثم إن ابن حجي المذكور نزل عن نصف تدريس هذه المدرسة للقاضي شمس الدين الأخنائي. قال الشيخ تقي الدين الأسدي في رابع ذي الحجة سنة أربع عشرة: درس قاضي القضاة شمس الدين الأخنائي بالمدرسة الأتابكية في النصف الذي أخذه من شيخنا شهاب الدين بن حجي. وقال في سنة أربع وعشرين: استطرادا ثم نزل الشيخ شهاب الدين بن حجي للقاضي الأخنائي عن النصف الآخر مع غيره من الوظائف في مرض موته والقاضي الأخنائي هذا هو قاضي القضاة شمس الدين أبو عبد الله محمد ابن القاضي تاج الدين محمد بن فخر الدين عثمان الأخنائي الشافعي مولده سنة سبع وخمسين وسبعمائة وتنقل في قضاء البر وولي قضاء الركب في سنة سبع وثمانين وسبعمائة مرتين من ابن جماعة بشفاعة الأمير جبرائيل وكان قاضي زرع انتقل إليه من الرجعة في شهر رجب سنة ست وثمانين وسبعمائة ثم ولي قضاء غزة ثم في ذي القعدة

سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة ناب في القضاء بدمشق عن القاضي شهاب الدين الباعوني1 ونزل له شهاب الدين بن الظاهري عن قضاء العسكر في ذي الحجة من السنة ودرس بالظاهرية الجوانية نزل له عنه القاضي علاء الدين الكركي كاتب السر وكان قد أخذه عن ابن الشهيد2 وولي وكالة بيت المال أيضا ثم ناب للقاضي علاء الدين بن أبي البقاء لما ولي القضاء في جمادى الآخرة سنة ست وتسعين وسبعمائة ثم ولي نظر الجيش بدمشق عوضا عن القاضي شمس الدين بن مشكور في شهر رمضان سنة ست وتسعين وسبعمائة وبذل عليه مالا كثيرا فلم يمش حاله فيه ولم تحسن مباشرته فعزل عنه بعد ثمانية أشهر وعاد إلى نيابة القضاء ووكالة بيت المال ثم ولي قضاء حلب في جمادى الآخرة سنة سبع وتسعين وسبعمائة ونزل عن المدرسة الظاهرية لتاج الدين بن الشهيد ثم عزل من قضاء حلب في شهر رجب سنة تسع وتسعين وسبعمائة ثم ولي قضاء دمشق والخطابة والمشيخة وما يضاف إلى ذلك من التداريس والأنظار في جمادى الأولى سنة ثمانمائة ثم عزل في شعبان سنة إحدى وثمانمائة ثم أعيد في ذي الحجة منها وفي سنة اثنتين وثمانمائة عزل من مصر بالقاضي شرف الدين مسعود ثم أعيد في شعبان من غير أن يباشر مسعود توفي رحمه الله تعالى ليلة الجمعة سابع عشر شهر رجب سنة ست عشرة وثمانمائة وصلي عليه من الغد بالجامع الأموي ولم أعلم أين دفن ولما مات الأخنائي هذا استقر في تدريس هذه المدرسة كاتب سر نوروز ناصر الدين البصروي فلما ذهبت أيام نوروز أخذه القاضي ناصر الدين بن البارزي لولده كمال الدين3. قال الأسدي في ذيله في جمادى الآخرة سنة سبع عشرة وثمانمائة وفي يوم الأحد تاسعه درس الفاضل نور الدين بن قوام بالمدرسة الأتابكية نيابة عن ابن كاتب السر كمال الدين بن البارزي وحضر عنده قاضي القضاة والشيخ

_ 1 شذرات الذهب 7: 118. 2 شذرات الذهب 6: 364. 3 شذرات الذهب 7: 290.

محمد بن قديدار وجماعة وقد كان التدريس المذكور لفتح الدين بن الجزري تلقاه عن جلال الدين بن أبي البقاء فلما توفي في طاعون سنة أربع عشرة وثمانمائة نزل عنها الشيخ شهاب الدين بن حجي فترك نصفها لقاضي القضاة ابن الأخنائي ثم إنه نزل عن النصف الآخر له مع غيره في مرض موته فلما مات أخذها كاتب السر يعني بدمشق لنوروز ناصر الدين البصروي فلما جاء السلطان أخذها كاتب السر لابنه ودخلت في ديوان كتاب السر انتهى. وكذا رأيته بخطه كتاب بتشديد التاء ثم قال في ذيله أيضا في شعبان سنة تسع عشرة وثمانمائة: وفي يوم الأثنين عشريه درس الشيخ علاء الدين بن سلام1 بالمدرسة الأتابكية نيابة عن االقاضي كمال الدين ابن القاضي ناصر الدين بن البارزي كاتب السر وحضر عنده قاضي القضاة ابن االقاضي الجديد يعني ابن زيد2 بعد عزل نجم الدين بن حجي وجماعة ودرس قي قوله تعالى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا} الآية انتهى. وستأتي ترجمه الشيخ علاء الدين هذا في الركنية وممن درس بها نيابة عن ابن كاتب السر كمال الدين البارزي الشهاب أحمد بن علي بن عبد الله الدلجي المصري ثم الدمشقي الشافعي اشتغل بمصر وفضل في النحو وغيره من العلوم العقلية ثم توجه إلى طرابلس فأقام بها يسيرا ثم قدم دمشق حوالي سنة ثماني عشرة وثمانمائة ولزم القاضي نجم الدين بن حجي وحظي عنده ثم أبعده وحكم بإراقة دمه وكان فاضلا في المعقول وعبارته صحيحة فصيحة ودرس بالأتابكية نيابة عن ابن البارزي وجلس للاشتغال بالجامع مدة يسيرة وتوفي رحمه الله بالقاهرة في شوال سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة وتعاطى الشهادة وخطه جيد وهو عارف بالصنعة وعبارته جيدة وحصل دنيا من الشهادة وخدم بعد القاضي نجم الدين بن حجي القاضي شهاب الدين بن الكشك3 الحنفي وكذلك خدم القاضي بهاء الدين بن حجي وكان قليل

_ 1 شذرات الذهب 7: 190. 2 شذرات الذهب 7: 179. 3 شذرات الذهب 7: 219.

الدين متهاونا بالصلاة يتكلم بكلام يدل على زندقته وشاع ذلك عنه وقد حكم القاضي نجم الدين بن حجي مرة بكفره كما أشرنا إليه والقاضي الحنفي أخرى وكان مستنقصا للخلق مستزريا بهم مصرا على أنواع من المعاصي وكان قد سافرإلى مصر فاتفق وصول الخبر بوفاة ابن المنلاوي فولي عنه مشيخة بخانقاه خاتون ونظرها وقدم دمشق وباشر ذلك مباشرة مذمومة وآذى الصوفية بها وفي العام الماضي عزل شخصا من الصوفية بها وسعى في أذاه إلى أن ضرب فانتصر له الشيخ علاء الدين البخاري1 والحاجب ووقع بينهما وبين القاضي بهاء الدين بن حجي بسببه وكتب الشيخ إلى مصر في القاضي بهاء الدين فكان ذلك من أسباب عزله ثم إن النائب بلغه سوء سيرة المذكور فهم بطلبه وأخذ شيء منه فخاف وأظهر أنه نزل عليه اللصوص في بيته بين النهرين وكان ساكنا هناك ليسهل عليه ما يرومه من أنواع المفسقات فأظهر أنه ذهب جميع ما يملكه ولم يكن لذلك حقيقة ونزل عن الخانقاه لولي الدين بن قاضي عجلون بمبلغ جيد ثم ندم على ذلك واستمر منكدا مضللا إلى أن توجه بعد أشهر إلى مصر لتحصيل الشهادة عند القاضي الحنبلي فتوفي عاجلا وذهب جميع ما حصله من الحرام ولم يتزوج عمرة وكان يزعم أنه يعيش العمر الطبيعي مائة وعشرين سنة وسر الناس بموته وكان قد علق فوائد بخطه من شرح البخاري للكرماني2 وتكلم فيه وذكر فيه فوائد وجمع مختصرا تكلم فيه على قول الناس فلان معلول وذكر فيه فوائد وجمع بين المتوسطة والخادم في مجلدات قال أبو الفضل الخطيب النويري: أنه اشترى من تركة قاضي القضاة بهاء الدين بن حجي منه مجلدات تكون أربعة ضخمة وأكثر وأنه يدل على فضل الرجل الفضل الزائد وجاء الخبر بوفاته في أوائل ذي القعدة من السنة المذكورة في عشر السبعين ظنا. وقال الشيخ تقي الدين بن قاضي شهبة: في ذي القعدة سنة أربع وعشرين

_ 1 شذرات الذهب 7: 241. 2 شذرات الذهب 6: 294.

وثمانمائة وفي أواخر هذا الشهر قدم شخص من أقارب ابن البارزي وقد نزل له كمال الدين بن البارزي عن تدريس الأتابكية ونظرها ثم قال في جمادى الأولى سنة تسع وعشرين وثمانمائة وفي يوم الاثنين خامس عشريه دخل من مصر الشيخ شمس الدين بن الجزري المقريء وعليه خلعة ومعه ولده شهاب الدين أبو الخير احمد وهو متوجه إلى مردي شاه روخ1 بن تمرلنك التتري في رسالته وكان قاصد تمرلنك2 قد وصل إلى مصر من قبله بأيام وكان بعد سفره من دمشق إلى مصر في شهر رجب سنة سبع وعشرين حصل له بمصر اكرم وحج وتوجه الى اليمن في متجر ثم عاد وحج ثانيا ورجع الى مصر ومعه متجر له ثم جاء في هذا الوقت وجاء معه نزول لولده شهاب الدين من أخيه فتح الدين مثبوت بتدريس المدرسه الأتابكيه ومرسوم ببقيه الجهات التي كانت للشيخ شمس الدين قديما ثم انتقلت الى ولده فتح الدين منها مشيخة الإقراء بأم الصالح وبالعادلية وتصدير بالجامع الأموي وكان ولده فتح الدين قد نزل عن تدريس الأتابكية ونظرها والتصدير بالجامع وغير ذلك للشيخ شهاب الدين بن حجي والاقراء بأم الصالح والعادليه للشيخ صدقه3 المقرئ وذلك قبيل وفاته في صفر سنة أربع عشرة ثم أن الشيخ في مرض موته نزل عن تدريس الأتابكية ونظرها مع غيرها للقاضي شمس الدين الأخنائي بعوض فلما توفي الأخنائي استقر فيها البصروي كاتب سر نوروز فلما زالت أيام نوروز استقر القاضي ناصر الدين البصروي ثم أنه نزل عنها لابن عمه ناصر الدين بن هبة الله واستمرت بيده يجيء من حماة يباشرها ويتولى قسم بلدها ثم يرجع إلى حماة فجاء شهاب الدين ابن الشيخ شمس الدين في هذا الوقت ومعه تفويض من أخيه بها مثبوت وكان التصدير قد نزل عنه الشيخ شهاب الدين بن حجي لأخيه قاضي القضاة نجم الدين ثم نزل عنه القاضي نجم الدين

_ 1 شذرات الذهب 7: 269. 2 شذرات الذهب 7: 62. 3 شذرات الذهب 7: 170.

للشيخ شرف الدين قاسم العلائي الحنفي ثم نزل عنه الشيخ شرف الدين لكاتبه وولده وأما الإقراء بالمكانين المذكورين فإنه بيد فخر الدين بن الصلف تلقاه عن شرف الدين صدقة الضرير وأخبرني ولده أن مولد والده سنة إحدى وخمسين وأن مولد ولده سنة إحدى وثمانين وكان ذهاب الشيخ شمس الدين إلى بلاد الروم سنة سبع وتسعين وفي جمادى الآخرة من سنة تسع وعشرين يوم الأحد خامسه حضر شهاب الدين احمد ابن الشيخ شمس الدين بن الجزري بالمدرسة الأتابكية انتهى. ثم قال: وفي آخر ليلة الثلاثاء سابعه توجه الشيخ شمس الدين بن الجزري المقريء إلى بلاد العجم إلى القآن مردي شاه روخ بن تمرلنك انتهى. قال الشيخ تقي الدين: وفي شهر ربيع الآخر سنة سبع وعشرين وثمانمائة وفي يوم الاثنين ثامن عشريه وصل الشيخ شمس الدين بن الجزري المقريء إلى البلاد بعد غيبته في بلاد الروم والعجم نحو ثلاثين سنة قال: ولم أتعلم التركي ولا العجمي لأني لم أقم هناك يوما واحدا بنية الإقامة بل في كل يوم عزمي التحول وكان قد حصل له وجاهة عظيمة في بلاد الروم عند تمرلنك ثم ولي قضاء شيراز واستقر بها وله دنيا متسعة انتهى. ثم قال وفي شعبان سنة إحدى وثلاثين وفي يوم الاثنين تاسع الشهر وصل القاضي كمال الدين ابن القاضي ناصر الدين البارزي إلى دمشق متوليا كتابة السر وخلع عليه بلاسه انتهى. ثم قال: في ذي القعدة منها في يوم الأحد ثالثه درس القاضي كمال الدين ابن البارزي كاتب السر في المدرسة الأتابكية وكان قد استعادها من ابن الجزري بمرسوم بحكم أنها كانت لهم ودرس في قوله تعالى: {وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ} الآية وكنت أنا أسدها عن ابن الجزري رحمه الله تعالى من حين سفره إلى الآن انتهى.

المدرسه الأسعردية

28 - المدرسه الأسعردية وبها تربته المعروفة بمدرسة الخواجا إبراهيم1 بالجسر الأبيض قال الشيخ تقي الدين بن قاضي شهبة في الذيل: في جمادى الآخرة سنة ست عشرة وثمانمائة وقد خرب في هذه السنة ثلاثة مساكن وهي أحسن مساكن بساتين دمشق الدهيشة وبستان النشوة على حافة ثورى بالقرب من الربوة وبستان ابن جماعة بالمزة ولكن هذا الثالث نقلت آلته إلى مدرسة الخواجا إبراهيم الأسعردي وانتفع الناس بها. وقال: في ذي الحجة سنة سبع عشرة فرغت عمارة الخواجا إبراهيم الأسعردي بالجسر الأبيض ومات وهي في غاية الحسن ورتب بها وظائف كثيرة وقال في شهر رجب سنة ست عشرين وثمانمائة: وممن توفي فيه من الأعيان الخواجا الكبير برهان الدين إبراهيم بن مبارك شاه الأسعردي كان والخواجا شمس الدين بن المزلق2 اكبر التجار بدمشق وله المتاجر السائرة في البلدان قد أعطاه الله تعالى المال والبنين وكان عنده كرم وإحسان للفقراء وعمر المدرسة المشهورة على الجسر الأبيض وتأنق في بنائها وعمل بها تربة ورتب بها فقراء ومقرئة يقرؤون القرآن وهي من أحسن عمائر دمشق توفي في آخر نهار الجمعة انقطع يومين فقط ودفن من الغد بتربته وهو في عشر الستين ولم يحتفل الناس بجنازته بالنسبة إلى ما احتفلوا لما توفي ولده وترك أموالا وبضائع لا تحصى وقيل إنه مات وعلى طوالته كثير من الخيول المسومة التي لا نظير لها وخلف ولدين شابين حسنين وزوجة ووالدة وزوجته بنت الخواجا شمس الدين بن مزلق سامحه الله تعالى وبلغني أنه توفي في هذه المدة وفي هذا الفصل من بيته عشرون نفسا انتهى والله سبحانه وتعالى أعلم.

_ 1 شذرات الذهب 7: 172. 2 شذرات الذهب 7: 363.

المدرسة الأسدية

29 - المدرسة الأسدية بالشرف القبلي ظاهر دمشق وهي المطلة على الميدان الأخضر وهي على الطائفتين الشافعية والحنفية قال أبو شامة وقال القاضي عز الدين بن شداد في كتابه الأعلاق الخطيرة: المدرسة الأسدية على الفريقين أنشأها أسد الدين شيركوه الكبير انتهى وقوله على الفرقين أي الشافعية والحنفية كما في الدماغية والعذراوية والظاهرية فهذه مشتركة بيننا وبين الحنفية وذكر قبل ذلك في كلامه على الجامع الأموي عبارة سقتها في الصلاحية بالكلاسة وفي آخر عبارته مدرسة الملك المظفر أسد الدين شافعية انتهى فتأمله. قال الذهبي في سنة أربع وستين وخمسمائة شيركوه بن شادي بن مروان الملك المنصور أسد الدين قد ذكرنا من أخباره سابقا توفي بالقاهرة فجأة في الثاني والعشرين من جمادى الآخرة ثم نقل إلى مدينة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكان بطلا شجاعا شديد البأس ممن يضرب بشجاعته المثل له صيت بعيد توفي شهيدا بخانوق عظيم قتله في ليلة وكان كثيرا ما يعتريه وورثه ولده الملك القاهر ناصر الدين محمد1 صاحب حمص انتهى. وقال الأسدي في تاريخه في سنة أربع وستين وخمسمائة: شيركوه بن شادي ابن مروان بن يعقوب وقيل مروان بن محمد بن يعقوب الملك المنصور أسد الدين مولده بدوين بلدة من طرف أذربيجان ونشأ بتكريت إذ كان أبوه متولى قلعتها قال ابن الأثير: أصلهم من الأكراد الحدثانية وأنكر جماعة من بني أيوب النسبة إلى الأكراد وقالوا: إنما نحن عرب نزلنا عند الأكراد وتزوجنا منهم وأسد الدين هذا من أمراء نور الدين رحمه الله تعالى سيره إلى مصر عونا لشاور2 يعني الوزير السعدي ولم يف له شاور فعاد إلى دمشق وفي سنة ثنتين وستين عاد إلى مصر أسد الدين طامعا في أخذها فكانت تلك الوقعة عند الأشمونيين وكسر عسكر مصر والفرنج إلى أن قال:

_ 1 شذرات الذهب 4: 273. 2 شذرات الذهب 4: 212.

وولي أسد الدين وزارة مصر فأقام خمسة وستين يوما وتوفي في جمادى الآخرة بالقاهرة ثم نقل إلى المدينة النبوية على الحال بها أفضل الصلاة والسلام بوصية منه رحمه الله تعالى وكانت الفرنج تهابه وتخافه وأقطعه نور الدين1 الرحبة وحمص مع ماله من الأقطاع وإليه تنسب المدرسة الأسدية بالشرف القبلي والخانقاه داخل باب الجابية انتهى. وقال ابن كثير في سنة أربع وستين وستمائة: وفيها قدم ولد الخليفة المستعصم بن المستنصر الناصر العباسي واسمه علي إلى دمشق وانزل بالدار الأسدية تجاه المدرسة العزيزية وقد كان أسيرا في أيدي التتار انتهى. وقال الأسدي: في سنة أربع عشرة وثمانمائة في صفر منها توفيت زوجة القاضي نجم الدين بن حجي أم ولده مطعونة بالمدرسة الأسدية ظاهر دمشق وصلي عليها بجامع تنكز ودفنت بطرف مقبرة الصوفية عند رجلي الشيخ تقي الدين بن الصلاح وشيعها القضاة والعلماء وغيرهم. وقال في سنة ثمان عشرة في صفر منها: في عاشرة كان كتاب بهاء الدين محمد ولد قاضي القضاة نجم الدين بن حجي بالمدرسة الأسدية وكان والده ضعيفا وقال فيها في شهر ربيع الآخر في يوم الاثنين ثالث عشريه لبس قاضي القضاة نجم الدين بن حجي خلعة إلى أن قال: ثم ذهب إلى بيته تجاه المدرسة الأسدية البرانية وجاءته الناس يهنئونه انتهى. ودرس بها جماعة منهم العز القرشي قال الأسدي في تاريخه سنة خمس عشرة وستمائة: عمر بن عبد العزيز بن حسن بن علي بن محمد بن محمد بن علي القرشي الدمشقي الفقيه أبو الخطاب الشافعي سمع من الخشوعي وجماعة وولي قضاء حمص مدة ثم استعفى ورد إلى دمشق ودرس بالاسدية التي على ميدان ومات رحمه الله تعالى قبل الكهولة وهو والد المعين2 المحدث توفي رحمه الله تعالى في جمادى الآخرة انتهى. ومنهم الركن البجلي.

_ 1 شذرات الذهب 4: 228. 2 شذرات الذهب 5: 312.

قال ابن كثير في تاريخه في سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة: شيخنا العلامة الزاهد الورع بقية السلف ركن الدين أبو يحيى زكريا بن يوسف بن سليمان بن حماد البجلي نائب الخطابة ومدرس الأسدية والطيبة وله حلقة للاشتغال بالجامع الأموي يحضر بها عنده الطلبة وكان يشتغل في الفرائض وغيرها مواظبا على ذلك توفي رحمه الله تعالى يوم الخميس الثالث والعشرين من جمادى الأولى عن سبع وستين سنة ودفن قريبا من شيخنا العلامة تاج الدين الفزاري انتهى ومنهم الحافظ صلاح الدين العلائي وقد تقدمت ترجمته في دار الحديث الحمصية ومنهم العلامة شهاب الدين الأذرعي كما ذكره ابن حبيب1 في ذيله على تاريخ والده2 وغيره وقد تقدمت ترجمته في دار الحديث البهائية ومنهم القاضي الرمثاوي قال الأسدي في تاريخه: أقضى القضاة شرف الدين موسى بن شهاب الدين أحمد بن موسى الرمثاوي الشافعي حفظ التنبيه وغيره واشتغل على الشيخ شرف الدين الغزي3 وأخذ الفرائض عن الشيخ محب الدين المالكي وفضل عليه فيها وكانت أجود علومه وأخذ يسيرا من الطب عن الرئيس جمال الدين وأخذ بمكة عن ابن ظهيرة4 لما حج وجاور وأذن له الشرف الغزي بالإفتاء ثم رأيت إذن ابن هلال المالكي والأنطاكي الحنفي له بالإفتاء له قبل ذلك من سنة سبعين وكتب بخطه كثيرا ثم تزوج بنت الشيخ شرف الدين الغزي وماتت معه وورث منها مالا تأثل به وقد درس بالاسدية في صفر سنة خمس وتسعين ثم في شوال سنة ست وتسعين نزل له قاضي القضاة بدر الدين بن أبي البقاء عن تدريس الرواحية ونظرها قال شيخنا وهو رجل من صغار الطلبة اشتغل في الفرائض واستنزل عن تدريس الأسدية في أيام الباعوني ثم نزل عنها وترقى إلى هذه المدرسة مع ما فيها من الشروط ثم بطل حكم هذا النزول ثم ناب في القضاء عن القاضي علاء الدين بن أبي البقا في سنة ثلاث

_ 1 شذرات الذهب 6: 262. 2 شذرات الذهب 7: 75. 3 شذرات الذهب 6: 360. 4 شذرات الذهب 7: 18.

وثمانمائة قبيل الفتنة ثم باشر بعدها مدة طويلة لغير واحد من القضاه وحج في سنة أربع عشرة قاضي الركب وكان سيء المباشرة جدا يضرب به المثل وحصل أموالا وأملاكا على وجه مذموم وكان عنده معرفة ودهاء ودخول في الناس وتقدم بذلك على أضرابه ومن هو أولى منه توفي يوم الخميس ثامن المحرم بعد العصر بسكنه بالقرب من المدرسة الزنجارية قبلي باب توما وقتل مهددا من نوروز على وديعة كمال الدين الاستدار اتهم بها وقيل غير ذلك دفن من الغد بمقبرة باب الصغير عند قبة الصياحة وصلي عليه بمسجد القصب ورؤيت له منامات سيئة والله تعالى يسامحه فإنه فتق في دين الله خرقا أعجز الراقع ومولده على ما أخبرني به صاحب القاضي شمس الدين الكفيري قريبا من حوالي الستين وقيل بعد ذلك وختم على موجوده وطلب النائب من تركته مالا وكانت زوجته وهي بنت قاضي القضاة شمس الدين الأخنائي حاملا فولدت بعد موته بثمانية عشر يوما ولدا ذكرا فسموه باسمه وامتحقت تركته ووظائفه وهو أخو الشيخ بدر الدين محمد المار في شهر ربيع الآخر سنة إحدى وثمانمائة انتهى. وقبة الصياحة هذه هي شمالي صفة الشهداء بنحو عشرين خطوة وشرقي القبة الريانة وتربة تاج الدين الفزاري وجماعة وابن خطيب داريا وجماعات من العلماء اخرهم شيخنا مفلح انتهى. واعاد بها جماعة منهم الشيخ علاء الدين المقدسي معيد البادرائية وقدتقدمت ترجمته في دار الحديث الحمصية ومنهم تاج الدين عبد الوهاب بن عبد الرحيم الشهير بالحباب المصري قدم دمشق وأعاد بالأسدية هذه والرواحية ثم توجه بعد الخمسين والسبعمائة إلى قضاء الشوبك فتوفي بها سنة ست وستين وسبعمائة فقدم ولده العالم المفتي الخير شهاب الدين أبو العباس أحمد بن الحباب دمشق وجلس مع الشهود ثم صحب القاضي في أيام محنته فقربه وأحسن إليه ودخل بين الفقهاء وتنزل ابالمدارس ولم يشتغل على شيخ وإنما كان يطالع ويشتغل وحده ثم صحب القونوي1 وكان يرسل معه

_ 1 شذرات الذهب 6: 305.

الرسائل ثم إنه ترك المدارس أيام القاضي ولي الدين وجلس بالجامع يشتغل ويفتي وكان يرجع إلى دين ويعاني القوة وآلات الحرب أخذ ذلك عن القونوي وكان فيه إحسان إلى الطلبة ويساعدهم وعنده مروءة وعصبية وكان يحج كثيرا ويتجر أثناء ذلك وكان ينهي عن المنكر ويعلم الناس في طريق الحج أمور دينهم ميلاده سنة سبع بتقديم السين وثلاثين وسبعمائة بدمشق توفي في ذي القعدة سنة ثمانمائة وهو متوجه إلى العقبة بطريق الحج ودفن بالطبيلة انتهى.

المدرسة الأصفهانية

30 - المدرسة الأصفهانية بحارة الغرباء وبالقرب من درب الشعارين وكانت قبل ذلك تعرف بسكن شرف الدين إسماعيل بن التبي بناها رجل من أصبهان تاجر ودرس بها جمال الدين عبد الكافي قال الذهبي في العبر في سنة تسع وثمانين وستمائة: خطيب دمشق جمال الدين أبو محمد عبد الكافي بن عبد الملك بن عبد الكافي الربعي الدمشقي المفتي ولد سنة اثنتي عشرة وستمائة وسمع من الزبيدي وطائفة وناب القضاء مدة وكان دينا حسن السمت فيه صفة مفيدة كثيرة مات في سلخ جمادى الأولى انتهى. ثم من بعده الفقيه جمال الدين أحمد بن عبد الله المعروف بالمحقق1 وهو مستمر بها إلى الآن قاله القاضي عز الدين بن شداد في كتابه الأعلاق الخطيرة.

_ 1 شذرات الذهب 5: 426.

المدرسة الاقبالية

31 - المدرسة الاقبالية داخل باب الفرج وباب الفراديس بينهما شمالي الجامع والظاهرية الجوانية وشرقي الجاروخية ولاقبالية الحنفية وغربي التقوية بشمال أنشأها جمال الدين بل جمال الدولة إقبال عتيق ست الشام2 وقال ابن شداد أنشأها خواجا إقبال خادم نور الدين الشهيد انتهى. ورأيت بخط الأسدي على العبر: جمال

_ 2 شذرات الذهب 5: 67.

الدين خادم السلطان صلاح الدين واقف الاقباليتين التي للحنفية والتي للشافعية بدمشق توفي ببيت المقدس انتهى وقال الحافظ بن كثير في تاريخه سنة ثلاث وستمائة إقبال الخادم جمال الدولة أحد خدام الملك صلاح الدين واقف الاقباليتين وكانتا دارين فجعلهما مدرستين ووقف عليهما وقفا الكبيرة للشافعية والصغيرة للحنفية وعليها ثلث الوقف وكانت وفاته بالقدس الشريف انتهى زاد الأسدي أنها في ذي القعدة فائدة وقال ابن كثير في سنة ثمان وعشرين وستمائة وفيها تكامل بناء المدرسة الاقبالية التي بسوق العجم من بغداد المنسوبة إلى إقبال الشرابي وحضر بها الدرس وكان يوما مشهودا واجتمع فيها جميع المدرسين والمفتين ببغداد وعمل بصحنها قباب الحلوى فحمل منها إلى جميع المدارس والربط ورتب فيها خمسة وعشرين فقيها لهم الجوامك الدارة في كل شهر والطعام في كل يوم والحلوى في أوقات المواسم والفواكه في زمانها وخلع على المدرسين والمعيدين والفقهاء يومئذ وكان وقفا حسنا تقبل الله منه انتهى وتبعه عليه الأسدي في تاريخه في السنة المذكورة قال ابن شداد ثم وليها شمس الدين بن سني الدولة قال الذهبي في سنة خمس وثلاثين وستمائة وشمس الدين بن سني الدولة قاضي القضاة أبو البركات يحيى بن هبة الله بن الحسن الدمشقي الشافعي والد قاضي القضاة صدر الدين أحمد ولد سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة وتفقه على ابن أبي عصرون والقطب النيسابوري وسمع من احمد ابن الموازيني وطائفة توفي في ذي القعدة انتهى قال ابن شداد ثم وليها من بعده ولده صدر الدين قال الذهبي في تاريخه العبر في سنة ثمان وخمسين وستمائة وفيها توفي ابن سني الدولة قاضي القضاة أبو العباس أحمد الملقب بصدر الدين بن يحيى بن هبة الله بن الحسن التغلبي الدمشقي المعروف بابن سني الدولة وهو لقب لجده الحسن ولده سنة تسعين وخمسمائة وسمع من الخشوعي وجماعة وتفقه على أبيه قاضي القضاة

شمس الدين وعلى فخر الدين بن عساكر وبرع في المذهب وقرأ الخلاف وقل من نشأ مثله في صيانته وديانته واشتغاله ورياسته ودرس في سنة خمس عشرة وأفتى بعد ذلك وناب في القضاء عن أبيه ثم ولي وكالة بيت المال ودرس بالاقبالية والجاروخية وولي القضاء مدة ورجع من عند هولاكو متمرضا وأدركه الموت ببعلبك في جمادى الآخرة وله ثمان وسبعون سنة انتهى وقال غيره ثم اشتغل بمنصب القضاء مدة ثم عزل واستمر على تدريس الاقبالية المذكورة وعلى الجاروخية جوارها كما سيأتي بيانه في حرف الجيم وقد درس أيضا بالعادلية الكبرى جوارها كما سيأتي في حرف العين المهملة ودرس بالناصرية وهو أول من درس بها كما سيأتي في حرف النون وخرج له الحافظ الدمياطي معجما توفي ببعلبك في جمادى الآخرة سنة ثمان وخمسين وستمائة قال ابن شداد ثم وليها من بعده ولده نجم الدين بن سني الدولة ثم من بعده بدر الدين بن خلكان ثم شمس الدين بن خلكان بعد أن توجه بدر الدين المذكور إلى الديار المصرية وناب عن شمس الدين المذكور محيي الدين النواوي إلى آخر سنة تسع وستين وستمائة ثم تولاها تاج الدين المراغي المعروف بابن الجواب وهو من أصحاب نجم الدين البادرائي وهو مستمر بها إلى الآن انتهى أما النواوي فقد تقدمت ترجمته في دار الحديث الأشرفية الدمشقية وأما المراغي فقال ابن كثير في سنة ثلاث وتسعين وستمائة الشيخ الإمام العلامة تاج الدين موسى بن محمد بن موسى المراغي المعروف بابن الجواب الشافعي درس بالاقبالية وغيرها وكان من فضلاء الشافعية له يد في الفقه والأصول والنحو وفهم جيد قوي توفي فجأة يوم السبت ودفن بمقابر باب الصغير وقد جاوز التسعين انتهى ثم درس بها الشيخ العلامة قاضي القضاة وشيخ الشيوخ فريد العصر علاء الدين أبو الحسن علي بن نور الدين أبي الفداء إسماعيل بن يوسف القونوي التبريزي ولد بمدينة قوينة سنة ثمان

وستين وستمائة تقريبا واشتغل هناك وقدم دمشق في أول سنة ثلاثه وتسعين وله ترجمه طويله توفي بدمشق سنة تسع بتقديم التاء وعشرين وسبعمائة ودفن بسفح قاسيون ثم درس عوضا عنه الشيخ شهاب الدين بن المجد وهو بالقاهرة قال ابن كثير في سنة سبعمائة وفي شوال درس بالإقبالية الشيخ شهاب الدين بن المجد عبد الله عوضا عن علاء الدين القونوي بحكم إقامته بالقاهرة انتهى والشيخ شهاب الدين هو قاضي القضاة شهاب الدين محمد بن المجد عبد الله بن الحسين بن علي الروذراوري الاربلي الأصل ثم الدمشقي قاضي قضاة الشافعية بدمشق ولد سنة اثنتين وستين وستمائة اشتغل وبرع وحصل وأفتى سنة ثلاث وتسعين ودرس بالاقبالية هذه ثم بالرواحية وتربة أم الصالح ثم ولي وكالة بيت المال ثم صار قاضي قضاة الشام إلى أن توفي في مستهل جمادى الآخرة ثم درس بالاقبالية المذكورة الإمام العلامة المدرس المحقق عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن خليفة بن عبد العالي وهو نابلسي الأصل الحسباني ميلاده تقريبا سنة ثماني عشرة وسبعمائة وأخذ بالقدس عن الشيخ تقي الدين وهو القلقشندي الأصل ولازمه حتى فضل وقدم دمشق سنة ثمان وثلاثين فقرر فقيها بالشامية البرانية وأنهاه مدرسها الشيخ شمس الدين ابن النقيب وانتهى معه الشيخ علاء الدين بن حجي في السنة المذكورة ولم يزل في نمو وازدياد واشتهر بالفضيلة ولازم الشيخ فخر الدين المصري حتى أذن له بالإفتاء ودرس وأفتى وأفاد وقصد بالفتاوى من البلاد وناب عن أبي البقاء والبلقيني وكان ممن قام على القاضي تاج الدين السبكي وأخذ منه تدريس الأمينية ودرس بالاقبالية هذه والجاروخية توفي في ذي القعدة سنة ثمان وسبعين وسبعمائة ودفن بباب الصغير قبلي جامع جراح على يسرة المار نحو القبلة ثم درس بها نحو سنة خمسين وسبعمائة الكمال أبو بكر بن الشريشي وقد تقدمت ترجمته في دار الحديث الناصرية ثم درس بها بعده ولده العلامة الأصيل إمام أهل اللغة في عصره بدر الدين أبو عبد

الله بن محمد أخذ العلم عن والده وقرأ النحو على أبي العباس العنابي وبرع في الفقه واللغة والغريب ونظم الشعر وكان يستحضر الفائق للزمخشري والصحاح للجوهري والجمهرة والنهاية وغريب أبي عبيد والمنتهى في اللغة للبرمكي وهو أكثر من ثلاثين مجلدا وقد عقد له مجلس فحضره أعيان علماء دمشق وامتحن في هذه الكتب في شعبان سنة ثلاث وستين ودرس بالاقبالية هذه نزل له عنها والده وكان قليل الاختلاط بالناس منجمعا على طلب العلم كان يقول أخوه شرف الدين أخي بدر الدين أزهد مني قال الحافظ تقي الدين بن رافع اشتغل باللغة والفقه وبرع في اللغة ودرس ونظم الشعر وكان متوددا للناس حسن الخلق توفي في شهر ربيع الأول سنة سبعين وسبعمائة عن ست وأربعين سنة كما قاله ابن حبيب في تاريخه ودفن عند والده ثم درس بها ابن أخته قاضي القضاة جلال الدين أبو المعالي قال الأسدي محمد بن محمد بن عثمان بن أحمد بن عمرو بن محمد بن قاضي القضاة جلال الدين أبو المعالي ابن قاضي القضاة نجم الدين الزرعي الأصل الدمشقي الشهير بابن شمرنوح سبط الشيخ جمال الدين ابن الشريشي رباه جده وخالاه بدر الدين وشرف الدين حفظ المنهاج وحضر المدارس بين الفقهاء ونزل له خاله بدر الدين عن تدريس الاقبالية ولم يتم أمره بها نازع فيها بعد ذلك وأخذها وكان توجه إلى حلب وناب لابن عمه فخر الدين ثم تولى قضاء حلب بعد وفاته في شوال سنة ثمان وسبعين ثم قدم دمشق في شهر رمضان متوليا قضاء العسكر عوضا عن القاضي شرف الدين ووكالة بيت المال وتدريس الاقبالية ثم استعاد الحسباني منه الاقبالية بعد شهر ثم استعادها هو في آخر السنة ثم ولي هو قضاء حلب بعد عزل المعري في ربيع الآخر سنة ثمانين وصالح الحسباني عن الافبالية بمال وباشر قضاء حلب واستمر إلى أن توفي قال ابن قاضي شهبة رأيت في بعض تواريخ المصريين أنه كان جميل الوجه قليل الكلام

كثير الصمت جيد المعرفة والدراية لاحكام الشريعة توفي في شهر ربيع الأول سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة قال ابن حجي وما أظنه بلغ الأربعين انتهى كلام الأسدي ثم درس بها الشيخ شهاب الدين أبو العباس أحمد ابن الإمام العلامة عماد الدين إسماعيل الحسباني ميلاده سنة تسع بتقديم التاء وأربعين وسبعمائة واشتغل في صباه بعلم الفرائض وأتقنها ثم اشتغل بالعربية على أبي العباس العنابي فبرع فيها وطلب الحديث وقرأ قراءة حسنة وحصل الكتب وفضل في هذا العلم ورحل إلى القاهرة وسمع بها وبدمشق من جماعة وحصل الأجزاء وضبط الأسماء واعتنى بتحرير المشتبه منها وكتب بخطه أشياء نسخا وتصنيفا وكان يحضر عند والده في الحلقة أي في حلقة الفقه وفهمه جيد صحيح ودرس بالاقبالية هذه والأمينية وغيرهما وخطب بجامع التوبة وأفتى وحكم نيابة مدة ثم بعد الفتنة ولي قضاء القضاة استقلالا وشارك في الخطابة ومشيخة الشيوخ قال الشيخ تقي الدين الأسدي وكانت نفسه سامية وامتحن من جهة الدولة وكاد يهلك وجرى له مع القاضي برهان الدين ابن جماعة فتنة وآداه ابن جماعة كثيرا وكان عليه مآخذ في دينه وأكثر الفقهاء يكرهونه مات في شهر ربيع الآخر سنة خمس عشرة وثمانمائة ودفن بقاسيون ثم وليها الشيخ تقي الدين بن قاضي شهبة قال في تاريخه في شهر ربيع الآخر سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة وفي يوم الأحد سادس عشريه درس الولد أبو الفضل محمد حفظه الله تعالى بالمدرسة الاقبالية وكنت نزلت له عنها وحضر عنده القاضي تقي الدين الحصني ونوابه وجمع من الفقهاء والطلبة ولم أكن حضرتها درسا إلى الآن وكنت قد وليتها أنا والشيخ شمس الدين الكفيري عن تاج الدين الحسباني نزل لي وله عن التدريس والنظر فنازع ابن الأفتكين في النظر واستولى عليه وعمرها ولما مات الشيخ شمس الدين الكفيري وليت النصف الذي كان بيده انتهى

المدرسة الأكزية

32 - المدرسة الأكزية قال ابن شداد في كلامه على المدرسة الشبلية الحنفية: إنها قبالة الأكزية وقال في كلام عليها بانيها أكز حاجب نور الدين محمود انتهى وهي غربي الطيبة والتنكزية وشرقي أم الصالح وقد رسم على عتبة بابها ما صورته بعد البسملة وقف هذه المدرسة على أصحاب الإمام أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه الأمير أسد الدين أكز في ست وثمانين وخمسمائة وتمت عمارتها في أيام الملك الناصر صلاح الدين والدنيا ومنقد البيت المقدس من أيدي المشركين أبي المظفر يوسف بن أيوب محيى دولة أمير المؤمنين الدكان التي شرقيها وقف عليها والثلث من طاحون اللوان سنة سبع وثمانين وخمسمائة. فائدة: قال البرزالي في تاريخه في سنة ست وثلاثين وسبعمائة ومن خطه نقلت وفي ليلة السبت ثامن عشر جمادى الآخرة توفي الشيخ الفقيه العدل الكبير المعمر شرف الدين أبو محمد حسن بن يعقوب بن اليأس بن علي الحاكي الشافعي بسكنه بالمدرسة الأكزية بدمشق وصلي عليه ظهر السبت بالجامع المعمور ودفن بمقبرة الباب الصغير وكان مولده بعد الأربعين والستمائة بقليل بلغ خمسا وتسعين سنة وسمع من إبن أبي الخير وحدث عنه وكان فقيها في المدارس وشاهدا بمركز الطيوريين داخل باب الجابية ومأذونا له في العقود ولم يزل يواظب على الجلوس مع الشهود والتردد إلى المدارس على دابته إلى آخر وقت وكان متواضعا حسن الخلق انتهى. قال ابن شداد: ثم درس بها تاج الدين بن جهبل ثم من بعده المجد بن الروذراوري عبد المجيد وكان عالما أديبا فاضلا في أنواع العلوم ثم من بعده برهان الدين المراغي1 ثم من بعده مجد الدين محمود الشهرزوري وهو مستمر بها إلى الآن انتهى. ثم ممن درس بها الكمال بن الحرستاني. قال الاسدي في

_ 1 شذرات الذهب 5: 374.

تاريخه في سنة أربع وعشرين وستمائة: عبد الجبار بن عبد الغني بن علي بن أبي الفضل بن علي بن عبد الواحد بن عبد اللطيف الأنصاري كمال الدين أبو محمد بن الحرستاني الفقيه المفتي الشافعي مولده سنة تسع وأربعين سمع أبا القاسم الحافظ وأبا سعد بن أبي عصرون وأجاز له خطيب الموصل والحافظ أبو موسى المديني سمع منه البرزالي وخرج له جزءا وأبو حامد بن الصابوني وطائفة وقال ابن الحاجب: درس الكلاسة والأكزية وهو من بيت طليس توفي في شعبان انتهى والبدر النابلسي وهو الشيخ بدر الدين محمد بن البرهان إبراهيم بن وهيب ويقال هبة الله بن عبد الرحمن بن أبي القاسم بن محمد الجزري الأصل الصلتي النابلسي ولي قضاء نابلس قديما وكان قبل ذلك ينوب بها وولي أيضا قضاء بعلبك ثم نقله قاضي القضاء تاج الدين إلى دمشق واستنابه في الحكم وربما أنابه في الخطابة ثم ولي قضاء طرابلس واستمر نحو عشرين سنة وكان ولي بدمشق تدريس الأكزية هذه ومشيخة الأسدية وإمامة مسجد القصب ودرس بها أيضا بطرابلس وولي خطابتها بنزاع كثير وكان قد سمع من الجرائدي جزء القرآن والتوكل لابن أبي الدنيا وسمع من ابن الشحنة الصحيح وسمع من النجم بن هلال العسقلاني والمزي سنة اثنتين وعشرين وسمع من زينب بنت شكر1 وأبي العباس بن جبارة2 وحدث قديما بنابلس وبعلبك ودمشق وطرابلس وكان كبير السن جاوز الثمانين مولده سنة ست وسبعمائه ويقال أنه حكم في أيام ابن صصري فلم يكن قاض أقدم منه في القضاء وكان يحفظ المنهاج ولما كان بدمشق كان جيد السيرة في الأحكام سمع منه الأنفي3 وابن سعد سنة إحدى وخمسين كان قاضي بعلبك ومن نظمه يقول: زار الحبيب بلا وعد تقدمه ... فلك الهنا يا مقلتي فتمتعي سرحت طرفي في بهاء جماله ... وحفظت جوهر لفظه في مسمعي

_ 1 شذرات الذهب 6: 56. 2 شذرات الذهب 6: 87. 3 شذرات الذهب 6: 292.

وفرشت خدي في الثرى لقدومه ... وجعلت منزله حشاي وأضلعي ونحرت نومي في الجفون قرى له ... وسألته وصلا بغير تمنع فأجابني بالمنع وهو مودع ... أهلا به من زائر ومودع [انتهى كلام أخينا المعتمدي] .

المدرسة الأمجدية

33 - المدرسة الأمجدية بالشرف الأعلى. قال ابن شداد: بانيها ومنشئها الملك المظفر نور الدين عمر ابن الملك الأمجد حين قتل والده الملك الأمجد مجد الدين بهرام شاه بن عز الدين فروخشاه بن شاهنشاه بن أيوب بدار السعادة قتله مملوك له في صفر سنة تسع وعشرين وستمائة وقيل شرع الملك المظفر في عمارة هذه المدرسة من مال وصية أوصى بها والده انتهى وقال الذهبي في العبر في سنة ثمان وعشرين وستمائة: والملك الأمجد مجد الدين أبو المظفر بهرام شاه بن فروخشاه بن شاهنشاه بن أيوب بن شادي صاحب بعلبك تملكها بعد والده خمسين سنة وكان جوادا كريما شاعرا محسنا قتله مملوك له مليح بدمشق انتهى وقال ابن كثير في ترجمة فروخشاه: وإليه تنسب المدرسة الفروخشاهية بالشرف الشمالي وإلى جانبها التربة الأمجدية وهما على الحنفية والشافعية انتهى. وقال في سنة ثمان وعشرين وستمائة: الملك الأمجد واقف الأمجدية بالشرف فيها كانت وفاة الأمجد بهرام شاه بن فروخشاه بن شاهنشاه بن أيوب صاحب بعلبك بعده ولم يزل بها حتى قدم الأشرف موسى بن العادل إلى دمشق فملكها في سنة ست وعشرين فانتزع من يده بعلبك في سنة سبع وعشرين وأسكنه عنده بدمشق في دار أبيه. وقال في سنة خمس وثلاثين في وفاة الأشرف: أنه وقف دار فروخشاه التي يقال لها دار السعادة وبستانه بالنيرب على أبنه انتهى. ثم قال في سنة ثمان وعشرين وستمائة: فلما كان في شهر شوال من هذه السنة عدا عليه مملوك من مماليكه تركي فقتله ليلا وكان قد اتهمه بحياصة له وحبسه فتغلب عليه بعض الليالي فقتله

وقتل المملوك بعده ودفن الأمجد في تربته التي إلى جانب تربة أبيه في الشرف الشمالي وقد كان شاعرا فاضلا له ديوان شعر وقد أورد له ابن الساعي1 قطعة جيدة من شعره الرائق الفائق وترجمته في طبقات الشافعية ولم يذكره أبو شامة في الذيل وهو عجيب منه وقال الصفدي في وافيه في حرف الباء: بهرام شاه بن فروخشاه بن شاهنشاه بن أيوب السلطان الملك الأمجد مجد الدين أبو المظفر صاحب بعلبك ولي بعلبك بعد أبيه خمسين سنة وكان أديبا فاضلا شاعرا جوادا ممدوحا له ديوان شعر موجود أخذت منه بعلبك سنة سبع وعشرين وتملكها الأشرف موسى وسلمها إلى أخيه الصالح2 فقدم الأمجد إلى دمشق وأقام بها قليلا وقتله مملوك له مليح ودفن بتربة والده على الشرف الشمالي في شهر شوال سنة ثمان وعشرين وستمائة وحصره الأشرف موسى وأعانه صاحب حمص أسد الدين شيركوه فلما قدم دمشق اتفق أنه كان له غلام محبوس في خزانة الدار فجلس ليلة يلهو بالنرد فعالج الغلام برزة الباب ففكها وهجم على الأمجد فقتله ثاني عشرين شوال وهرب الغلام ورمى بنفسه من السطح فمات وقيل لحقه المماليك عند وقوعه فقطعوه ويقال أنه رآه بعض أصحابه بالمنام فقال له ما فعل الله بك فقال: كنت من ذنبي على وجل ... زال عني ذلك الوجل أمنت نفسي بوائقها ... عشت لما مت يا رجل ثم ذكر أبياتا له في نحو ورقة وهي أشعار رائعة فراجعها من وافيه انتهى. وقال الأسدي في سنة ثمان وعشرين وستمائة: بهرام شاه بن فروخ شاه بن شاهنشاه بن أيوب الملك الأمجد مجد الدين أبو المظفر صاحب بعلبك أعطاه صلاح الدين بعلبك بعد وفاة أبيه سنة ثمان وسبعين إلى سنة سبع وعشرين أخذ منه الأشرف البلد وسلمها إلى أخيه الصالح فقدم هو دمشق وأقام بها قليلا قال أبو المظفر وكان المظفر يحب الأمجد ويحترمه ويعظمه ولقد رأيته

_ 1 شذرات الذهب 5: 343. 2 شذرات الذهب 5: 241.

يقبل يده وكان يتعزز على الكامل1 والأشرف والناس بالمعظم فلما مات المعظم ثارت الأحقاد فأخرجوه من بعلبك وجاء إلى دمشق وسرق له حياصة لها قيمة ودواة تساوي مائتي دينار فاتهم بها بعض مماليكه فظهر عليه فأخذه وحبسه في خزانة دار فروخشاه وكانت الخزانة خلف الأمجد وهدد المملوك بقطع اليد والصلب فجلس الأمجد ليلة في شوال ومعه جماعة من عشرائه بين يدي الخزانة التي فيها المملوك وكان مع المملوك سكين صغيرة فعالج رزة باب الخزانة قليلا قليلا فقلعها وهجم وأخذ سيف الأمجد وجذبه وضربه فصاح لا والك يا مأبون وهو يضربه فحل كتفه ونزل السيف إلى بزه ثم ضربه ضربة أخرى فقطع يده وطعنه في خاصرته وانهزم فصعد إلى السطح وصعدوا خلفه فألقى نفسه إلى الدار فمات وقطعه الغلمان قطعا ودفن الامجد بتربته التي على شرف الميدان الشمالي وقال أبو المظفر والذهبي: إنه دفن بتربه أبيه وقال ابن كثير: بتربته التي كانت تربة أبيه وقال: ذكره ابن الساعي وأهمله أبو شامة في ذيله وهو عجب. وقال أبو المظفر: وكان فاضلا شاعرا نسيخا كاتبا وله ديوان كبير وكان جوادا ممدحا مدحه خلق كثير وأجازهم الجوائز السنية ومن شعره في شاب رآة يقطع قضبان بان فأنشا على البديهة يقول: من لي بأهيف قال حين عتبته ... في قطع كل قضيب بان رائق يحكي شمائله الرشاق إذا انثنى ... ريان بين جداول وحدائق سرقت غصون البان لين شمائلي ... فقطعتها والقطع حد السارق وله دو بيت: كم يذهب هذا العمر في الخسران ... ما أغفلني عنه وما أنساني ضيعت زماني كله في لعب ... يا عمر فهل بعدك عمر ثان انتهى كلام الأسدي. قال بن شداد: أول من درس بها رفيع الدين الجيلي2 ثم بعده نجم الدين بن سني الدولة ثم من بعده أمين الدين بن

_ 1 شذرات الذهب 5: 171. 2 شذرات الذهب 5: 214.

عساكر ثم من بعده برهان الدين بن الخلخال ثم من بعده تاج الدين بن الخلخال ثم من بعده مجد الدين المارداني ثم من بعده جمال الدين المعروف بالمحقق وهو مستمر بها إلى الآن انتهى قال ابن كثير في سنة أربع وتسعين وستمائة الجمال المحقق أحمد بن عبد الله بن الحسين الدمشقي اشتغل بالفقه على مذهب الشافعي وبرع فيه وأفتى وأعاد وكان فاضلا في الطب وقد ولي مشيخة الدخوارية لتقدمه في صناعة الطب على غيره وعاد المرضى بالمارستان النوري على قاعدة الأطباء وكان مدرسا في الشافعية في الفروخشاهية ومعيدا بعدة مدارس وكان جيد الذهن مشاركا في فنون كثيرة سامحه الله انتهى ثم درس بها الشيخ العالم القاضي شهاب الدين أحمد بن عبد الرحمن بن عبد الله الدمشقي المعروف بالظاهري ميلاده في شوال سنة ثمان وسبعين وستمائة وقيل سنة سبع وخمسين وسمع من جماعة وتفقه على الشيخ برهان الدين الفزاري وحدث وسمع منه البرزالي والذهبي وولده تقي الدين ودرس بالأمجدية المذكورة والمجنونية وأعاد بعدة مدارس وأفتى وولي قضاء الركب سنين كثيرة وحج بضعا وثلاثين سنة وزار القدس أكثر من ستين مرة توفي في شعبان سنة خمس وخمسين وسبعمائة ودفن بقاسيون ثم درس بها شهاب الدين احمد بن محمد بن قماقم الدمشقي الفقاعي كان أبوه فقاعيا فاشتغل هو بالعلم وأخذ عن الشيخ علاء الدين ابن حجي وقرأ بالروايات على ابن السلار1 وكان يفهم ويذاكر وقدم القاهرة سنة الكائنة العظمى وأقام بها مدة ثم رجع إلى دمشق فمات بها في جمادى الآخرة سنة تسع وثمانمائة سمع بقراءة الحافظ ابن حجر على البلقيني في الفقه والحديث وقماقم لقب أبيه. قال ابن حجي: كان يستحصر البويطي وسمعت البلقيني يسميه البويطي2 لكثرة استحصاره له ثم وليها السيد ناصر الدين محمد ابن السيد علاء الدين علي بن نقيب الأشراف قال الأسدي في صفر سنة أربع عشرة وثمانمائة من تاريخه اشتغل في اوائل الأمر يسيرا

_ 1 شذرات الذهب 6: 275. 2 شذرات الذهب 6: 71.

بخلاف أخيه شهاب الدينب1 فلم يشتغل قليلا ولا كثيرا ثم إن المذكور أولا لما كان بعد الفتنة ورأى الدنيا قد خلت بقي يذهب إلى مصر ويرجع ويصحب الأكابر وتولى وظائف منها تدريس الناصرية ونظرها ومشيخة الأسدية الجوانية وتدريس الأمجدية وتصدير في الجامع ونصف خطابة مسجد القصب وغير ذلك من الوظائف والأنظار ورأس وبقي معظما بين الناس بغير فضل ولا فضيلة فإنه كان رديء المباشرة في الأوقاف إلى الغاية مع إظهار دين وتقشف وبراءة ساحة ولما مات والده استقر له ولأخيه ما كان بيده من الجهات ولم يتزوج قط وإنما عقد عقدة على ابنة ابن المزلق فيما أظن ولم يدخل بها حكى لي شيخنا جمال الدين الطيماني2 عنه أنه قال: لم أطأ قط وطأ لا حلالا ولا حراما وكان عنده شح لم يبلغنا عنه أنه أحسن إلى أحد ولا آثره بشيء وجمعها من غير حل وخلفها لمن لا يعمل فيها بتقوى الله ولا قوة إلا بالله أخرجت جنازته يوم الثلاثاء ثانيه وكان عمره نحو خمسين سنة أو ثلاثين سنة وكان أشقر الذقن أزرق العينين وكان الناس يسمونه زريق وولي أخوه شهاب الدين بعده تدريس الناصرية ونطرها وقام ابن الحسباني ينازعه وزعم أن بيده حصة من التدريس والنظر وأن قاضي القضاة كان وافقه على ذلك ثم قام مع ابن النقيب أي نقيب الأشراف وساعده على ابن الحسباني فاستقرت باسمه ثم قال الأسدي في ذيله في جمادى الآخر سنة ثماني عشرة وثمانمائة وفي يوم السبت حادي عشر بلغني أن شمس الدين محمد ابن قاضي القضاة شهاب الدين احمد الباعوني قد رجع من مصر وقد آخذ جهات باسمه واسم أخيه برهان الدين3 نظر الحرمين ونصف تدريس الأمجدية ونظرها عن السيد شهاب الدين نقيب الأشراف وغير ذلك كل شهر ألف درهم وكان الطنبغا العثماني4 قد ساعده على ذلك فلما رجع قاضي القضاة يعني ابن حجي واستقرت الأمور رتب لهم

_ 1 شذرات الذهب 7: 201. 2 شذرات الذهب 7: 111. 3 شذرات الذهب 7: 309. 4 شذرات الذهب 7: 350.

شيء من معلوم وقف نظر الحرمين من غير مباشرة واستقر بأيديهم بعض الجهات ثم أخذت منهم في ما بعد انتهى. ثم نزل شيخنا المرحوم العلامة بدر الدين بن قاضي شهبة عن نصف الأمجدية للسيد القاضي عز الدين حمزة الحسيني والنصف من التدريس الآخر للقاضي محب الدين أبي الفضل محمد ابن القاضي برهان الدين إبراهيم بن قاضي عجلون فدرس بها وحضر شيخنا النازلي وشيخنا شمس الدين بن سعد والسيد عز الدين وبرهان الدين بن المعتمد1 والطلبة وحضرت معهم وأولم وليمة لم أر مثلها من لحوم الإوز والدجاج وألوان من الأطعمة ودرس في قوله تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} الآية وشيخنا عن يمينه ولم يبدأ في الدرس حتى استأذنه ثم أثنى عليه في أثناء الخطبة ثم قال وعن سيدي وشيخي من نحن بين يديه وأشار إليه ثم استمرت بيد القاضي محب الدين إلى أن توفي ليلة الجمعة ثالث عشرين شهر ربيع الأول سنة إحدى وتسعين ودفن عند والده غربي القلندرية بتربة باب الصغير وميلاده سنة ست وعشرين وثمانمائة وكان رئيسا خطيبا بليغا وتولى القضاء بدمشق وحسنت سيرته وأحبه الناس وكان يخطب بالأموي نيابة خطبا بليغة عليها الأنس الكثير وعلى قراءته بالمحراب ثم تولاها عنه العلامة السيد كمال الدين ابن المرحوم أقضى القضاة السيد عز الدين البعلبكي الحسيني2 مضافا لما بيده عن والده النصف الأول فكلمت له أي للسيد والقاضي عز الدين حمزة هو العلامة الحسيب النسيب رئيس المؤذنين بالأموي ميلاده سنة خمس عشرة وتوفي غريبا بالقدس الشريف في ثاني شهر ربيع الآخر سنة أربع وتسعين وثمانمائة ودفن بمقبرة ماملا بين الشيخ بولاد والشيخ العلامة شهاب الدين بن الهائم3 كان ظريفا دمث الأخلاق تولى نيابة القضاء بدمشق فسار أحسن سيرة وكان والده ابن أبي هاشم ابن الحافظ شمس الدين الحسيني الدمشقي الشافعي رئيس

_ 1 شذرات الذهب 8: 13. 2 شذرات الذهب 8: 194. 3 شذرات الذهب 7: 109.

المؤذنين بالجامع الأموي ميلاده سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة ومات سلخ صفر سنة ثمان وأربعين وثمانمائة بدمشق والعلامة السيد كمال الدين محمد هو المفنن ميلاده خامس جمادى الأولى سنة خمسين وثمانمائة تولى عدة تداريس عن والده وعن عمه وعن المرحوم القاضي محب الدين أبي الفضل محمد ابن القاضي برهان الدين إبراهيم بن قاضي عجلون وعنه تولى إفتاء دار العدل وعن خاله الشيخ العلامة تقي الدين بن ولي الدين بن قاضي عجلون وأذن له شيخنا بدر الدين بن قاضي شهبة بالإفتاء واستولى إليه رئاسة دمشق لحسن سيرته وذكائه وصودر في سنة خمس وتسعين وحبس بجامع القلعة مدة وخرج سالما بحمد الله تعالى وسيأتي له ذكر بالركنية وغيرها.

المدرسة الأمينية

34 - المدرسة الأمينية قبلي باب الزيادة من أبواب الجامع الأموي المسمى قديما بباب الساعات لأنه كان هناك بنكاب الساعات يعلم منها كل ساعة تمضي من النهار عليها عصافير من نحاس ووجه حية من نحاس وغراب فإذا تمت الساعة خرجت الحية وصفرت العصافير وصاح الغراب وسقطت حصاة قاله القاضي ابن زير كذا وهي شرقي المجاهدية جوار قاسارية القواسين بظهر سوق السلاح وكان به بابها وتعرف هذه المحلة قديما بحارة القباب وهناك دار مسلمة بن عبد الملك وقد حكى ابن عساكر في ترجمة محمد بن موسى أبو عبد الله البلاساغوني الحنفي القاضي المتوفى في سنة ست خمسمائة أنه كان قد عزم على نصب إمام حنفي بالجامع فامتنع أهل دمشق من الصلاة خلفه وصلوا جميعهم في دار الخيل وهي التي قبلي الجامع مكان المدرسة الأمينية وما يجاورها وحدها الطرقات الأربع قيل أنها أول مدرسة بنيت بدمشق للشافعية بناها أتابك العساكر بدمشق وكان يقال له أمين الدولة وقال ابن شداد بانيها أمين الدولة ربيع الأسلام وقال الذهبي في مختصر تاريخ الإسلام في سنة ثلاثين وخمسمائة وفيها ولي أتابكية عسكر دمشق أمين الدين

كمشتكين بن عبد الله الطغتكيني واقف الأمينية انتهى. قلت وهو نائب قلعة بصرى وقلعة صرخد ولاه على القلعتين الأتابك طغتكين فامتدت أيامه فيهما إلى أن توفي رحمه الله تعالى قال الذهبي في تاريخ الإسلام: أمير جليل كثير الحرمة توفي سنة إحدى وأربعين وخمسمائة قاله الذهبي في الكبير وأهمله في العبر وفي هذه السنة توفي عماد الدين زنكي والد نور الدين الشهيد رحمه الله تعالى وقال الكتبي توفي أمين الدين المذكور في سنة أربعين وقيل في السنة التي بعدها وكان وقف هذه المدرسة سنة أربع عشرة ووقف عليها غالب ما حولها من سوق السلاح وقيسارية القواسين وقد أخبرني بعض شيوخي أنها كانت تسمى حق الذهب ولها حصه من بستان الخشاب بكفر سوسيا وغير ذلك. فائدة: قال الذهبي في سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة: وفيها لقي كمشتكين بن الدانشمند صاحب ملطية وسيواس الفريج بقرب ملطية وكسرهم وأسر ملكهم بيمند ووصل في البحر سبعة قمامصة فأخذوا قلعة أنكورية وقتلوا أهلها فالتقاهم ابن الدانشمند فلم يفلت أحد من الفرنج سوى ثلاثة آلاف هربوا من الليل قال وكانوا ثلثمائة ألف انتهى. قال ابن شداد: درس بها جمال الدين بن سيما والنظر من جهة الواقف مسند إليه ثم من بعده ابن عبد الله الذي كان خطيبا بالجامع ثم من بعده نجم الدين أبو البركات عبد الرحمن بن أبي عصرون ثم من بعده القاضي بدر الدين أبو المحاسن يوسف ابن قاضي سنجار وكان ينوب عنه فيها شمس الدين الأحمدي أخوه بها وبالعزيزية ثم تولى من بعده نجم الدين بن سني الدولة نيابة القاضي بدر الدين المذكور ثم وليها شمس الدين بن عبد الكافي ثم عادت إلى نجم الدين نيابه عن القاضي بدر الدين أيضا ثم من بعده محيي الدين بن زكي الدين1 وبقي مستمرا بها إلى حين طلب إلى الديار المصرية ثم وليها رفيع الدين الجيلي عبد العزيز بن عبد الواحد أبو

_ 1 شذرات الذهب 5: 327.

حامد الشافعي ثم وليها قطب الدين بن أبي عصرون واستمر بها إلى سنة تسع وستين وستمائة ثم أخذها نجم الدين أبو بكر محمد بن أحمد بن سني الدولة وهو مستمر بها إلى الآن انتهى قلت أول من درس بها بتعيين الواقف جمال الإسلام أبو الحسن علي بن المسلم بن محمد بن علي السلمي الدمشقي الفقيه الفرضي تفقه على القاضي أبي المظفر عبد الجليل بن عبد الجبار المروزي ثم تفقه على الفقيه نصر المقدسي1 وسمع عليه وأعاد الدرس له ولازم الغزالي2 مدة مقامة بدمشق ودرس بحلقة الغزالي بالجامع مدة وهو الذي أشار على الغزالي بجلوسه في حلقة الشيخ نصر وهو المكان المعروف في الجامع بالغزالية. قال الحافظ شمس الدين الذهبي في كتابه العبر في سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة: مدرس الغزالية والمعينية ومفتي الشام في عصره صنف في الفقه والتفسير وتصدر للاشتغال والرواية فحدث عن أبي نصر بن طلاب3 وعبد العزيز الكناني وطائفة وأول ما درس بمدرسة أمين الدولة سنة أربع عشرة وخمسمائة انتهى. وسمع منه ابن عساكر والسلفي وبركات الخشوعي وطائفة قال الحافظ ثقة الدين أبو القاسم بن عساكر في تاريخه: بلغني أن الغزالي قال: خلفت بالشام شابا أن عاش كان له شأن عطيم قال: فكان كما تفرس فيه الغزالي رحمه الله تعالى. وسمعنا منه الكثير وكان ثقة ثبتا عالما بالمذهب والفرائض. وكان حسن االخط موفقا في الفتاوى وكان يكثر من عيادة المرضى وشهود الجنائز وملازما للتدريس والإفادة حسن الأخلاق له مصنفات في الفقه والتفسير وكان يقعد في مجلس التذكير ويظهر السنة ويرد على المخالفين ولم يخلف بعده مثله وذكر أيضا في طبقات الأشاعرة ومن تصانيفه كتاب أحكام الخنائي وهو مختصر مفيد في بابه توفي في ذي القعدة سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة في حياة الواقف وهو ساجد في صلاة

_ 1 شذرات الذهب 3: 395. 2 شذرات الذهب 4: 10. 3 شذرات الذهب 3: 336.

الصبح ودفن بباب الصغير في الصفة التي فيها جماعة من الصحابة رضي الله عنهم ثم درس بها بعده ولده أبو بكر محمد. قال الأسدي في تاريخه في سنة أربع وستين وخمسمائة: محمد بن علي بن المسلم ابن محمد بن علي بن الفتح الواعظ أبو بكر بن جمال الإسلام أبي الحسن السلمي الفقيه الدمشقي سمع أباه وعلي بن الموازيني1 وهبة الله بن الأكفاني2 وجماعة وكتب وحصل ودرس ووعظ في حياة أبيه وولي تدريس الأمينية بعد أبيه وخطابة جامع دمشق وتدريس الزاوية المقابلة لباب البرادة وناب في القضاء عن القاضي كمال الدين بن الشهرزوري3 وكان حسن الأخلاق قليل التصنع روى عنه القاسم بن عساكر الحسن بن صصري4 وغيرهما توفي في شوال منها عن اثنتين وستين سنة ودفن على أبيه وقد ذكره الذهبي هكذا في تاريخ الإسلام وأهمله في العبر. ثم درس بها بعده ولده شرف الدين أبو الحسن علي بن أبي بكر بن جمال الإسلام السلمي مدة طويلة قال الشيخ جمال الدين الأسنوي في الطبقات: مولده بدمشق سنة أربع وأربعين وخمسمائة وتفقه وسمع من أبي يعلى بن الحبوبي وأبي القاسم بن البن5 وخاليه الصائن هبة الله بن عساكر والحافظ أبي القاسم وجماعة وحج ودخل بغداد وقرأ على الكمال الأنباري6 بعض تصانيفه وحدث ببغداد ومصر وكانت له اليد الطولي في الخلاف والبحث وكان فصيحا حسن العبارة. درس بالأمينية مكان أبيه والزاوية المقابلة لباب البرادة ثم أخرج من دمشق فأقام بحمص مدة إلى أن توفي قال الذهبي في تاريخ الإسلام: وكانت له اليد الطولي في الخلاف والبحث وكان فصيحا حسن العبارة وأهمله في العبر. وقال أبو شامة: وكان عالما بالمذهب والخلاف ماهرا في ذلك.

_ 1 شذرات الذهب 4: 46. 2 شذرات الذهب 4: 73. 3 شذرات الذهب 4: 243. 4 شذرات الذهب 5: 118. 5 شذرات الذهب 5: 158. 6 شذرات الذهب 4: 258.

وقال ابن كثير في تاريخه في سنة اثنتين وستمائة: وممن توفي فيها من المشاهير شرف الدين أبو الحسن علي بن محمد بن علي جمال الإسلام ابن الشهرزوري بمدينة حمص في جمادى الآخرة. وقال الأسدي في هذه السنة بعد أن ذكره: وحدث عنه يوسف بن خليل والضياء محمد والشهاب الفوي. وقال: أخبرنا مفتي الشام شرف الدين بقراءتي عليه بمدرسة الأمينية وعجب من ابن شداد لم يذكره ولا أباه بعد جده جمال الإسلام وإنما ذكر بعده ابن عبد أبا البركات الحارثي الدمشقي خطيبها ومدرس الغزالية والمجاهدية. قال الذهبي: قرأ على أبي الوحش سبيع صاحب الأهوازي وسمع من أبي الحسن ابن الموازيني. وقال غيره: بنى له نور الدين الشهيد رحمه الله تعالى المدرسة التي داخل باب الفرج التي يقال لها العمادية فهو أول من درس بها ثم اشتهرت بمدرسها بعده العماد الكاتب تفقه على الشيخ نصر المقدسي وجمال الإسلام ابن المسلم وبرع في المذهب وبعد صيته أخذ عنه ابن عساكر وأثنى عليه ولد سنة ست وثمانين وأربعمائة وتوفي رحمه الله تعالى في ذي القعدة سنة اثنتين وستين وخمسمائة ودفن بباب الفراديس. ثم ممن درس بها الشيخ الإمام العلامة قطب الدين أبو المعالي مسعود بن محمد النيسابوري الطريثيثي صاحب كتاب الهادي في الفقه ولد في شهر رجب سنة خمس وخمسمائة وتفقه بنسابور على محمد بن يحيى1 صاحب الغزالي وبمرو على إبراهيم المروزي وأخذ الأدب عن والده وسمع من جماعة وأقبل على الوعظ ودرس بنظامية نيسابور نيابة وورد بغداد ووعظ بها وحصل له بها القبول التام ثم قدم دمشق سنة أربعين فأقبلوا عليه فدرس بالمجاهدية ثم بالزاوية الغزالية بعد موت نصر الله المصيصي ثم خرج إلى حلب ودرس بالنورية والأسدية ثم مضى إلى همذان وولي بها التدريس مدة ثم عاد إلى دمشق سنة ثمان وستين فدرس بهذه المدرسة الأمينية وبالغزالية وشرع نور الدين الشهيد رحمه الله تعالى في بناء مدرسة له وهي العادلية الكبرى وقد درس

_ 1 شذرات الذهب 4: 151.

بالجاروخية أيضا وانتهت إليه رئاسة المذهب بدمشق وكانت له اليد الباسطة في الخلاف والتفسير والأصول والأدب وكان حسن الأخلاق قليل التصنع قاله ابن النجار. ويقال بلغ حد الإمامة على صغر سنة. مات في آخر شهر رمضان سنة ثمان وسبعين وخمسمائة. قال الذهبي: ودفن بتربة أنشأها بغربي مقابر الصوفية وبنى مسجدا على الصخرات التي مقابل طاحون الميدان ثم درس بها أبو الحسن علي بن عقيل. قال الأسدي في تاريخه في سنة إحدى وستمائة: علي بن عقيل بن هبة الله ابن الحسن بن العلي الفقيه الشافعي ضياء الدين أبو الحسن بن الحوبي الثعلبي الدمشقي العدل ولد سنة سبع وثلاثين وخمسمائة وحدث عن أبي المكارم عبد الواحد بن هلال وأبي المظفر الفلكي1 وأبي محمد بن الموازيني روى عنه ابن خليل والشهاب القوصي. وقال: كان كثير الفضل ظريف الشكل درس بالأمينية وأم بمشهد علي رضي الله تعالى عنه توفي في شهر رجب انتهى وقد أهمله الذهبي في الكبير والعبر ثم درس بها الإمام صائن الدين أبو محمد عبد الواحد بن إسماعيل ابن ظافر الدمياطي الشافعي المتكلم ولد سنة ست وخمسين ظنا ونزل بدمشق ودرس بالأمينية وأفاد وسمع من السلفي واحمد ومحمد2 ابني عبد الرحمن الحضرمي وعبد الله بن بري3 النحوي ودخل أصبهان وسمع من احمد بن ابي منصور التركي وغيره روى عنه الضياء والزكيان البرزالي والمنذري والشهاب القوسي وجماعة آخرهم الفخر علي المقدسي توفي رحمه الله تعالى في شهر ربيع الأول سنة ثلاث عشرة وستمائة قاله الأسدي في تاريخه ثم درس بها التقي عيسى بن يوسف بن احمد العراقي الضرير. قال أبو شامة: كان ضريرا عفيفا فقيها مفتيا مدرسا بالمدرسة الأمينية. قال

_ 1 شذرات الذهب 4: 188. 2 شذرات الذهب 4: 297. 3 شذرات الذهب 4: 273.

الذهبي في العبر في سنة اثنتين وستمائة: وفيها توفي التقي الأعمى مدرس الأمينية وجد مشنوقا بالمنارة الغربية امتحن بأخذ ماله فاتهم به قائده وأحرق بيته فأهلك نفسه ودرس بعده جمال الدين المصري وكيل بيت المال انتهى وقال ابن كثير في تاريخه: في هذه السنة التقي الضرير مدرس الأمينية كان يسكن المنارة الغربية وكان عنده شاب يخدمه ويقوده فعدم للشيخ دراهم فاتهم هذا الشاب بها فلم يثبت له عنده شيئا وأتهم الشيخ عيسى هذا بأنه يلوط به ولم يكن يظن ان عنده شيئا من المال فضاع المال وأتهم عرضه فأصبح يوم الجمعة السادس من ذي القعدة مشنوقا ببيته من المنارة الغربية فأحجم الناس عن الصلاة عليه لكونه قتل نفسه فتقدم الشيخ فخر الدين عبد الرحمن بن عساكر فصلى عليه فأتم الناس به قال الشيخ شهاب الدين أبو شامة: وأنما حمله على ما فعله كثرة همه بضياع ماله والوقوع في عرضه. قال: وقد جرت لي أخت هذه القصة وعصمني الله تعالى بفضله وقد درس بعده في الأمينية الجمال المصري1 وكيل بيت المال انتهى. كلام ابن كثير وقال الأسدي في تاريخه في السنة المذكورة: التقي الضرير الفقيه الشافعي مدرس الأمينية كان فقيها عارفا بالمذهب مضننا نبيلا قال أبو شامة: وفي ذي القعدة وجد مشنوقا بالمئذنة الغربية وكان يسكن في أحد بيوت منارة الجامع الغربيه وكان ابتلى بأخذ مال له من بيته وأتهم شخصا كان يقرأ عليه ويطلع معه إلى البيت يقضي حاجته ويقوده من المدرسة إلى البيت ومن البيت إلى المدرسة فأنكر الشخص المتهم ذلك وتعصب له أقوام عند نائب البلد وواليها فوقع الناس في عرضه من اتهامه من ليس من أهل التهم ومن كونه جمع ذلك المال وهو وحيد غريب ونسبوه إلى أنه غير صادق فيما ادعاه فزاد عليه الهم من ضياع ماله والوقوع في عرضه ففعل بنفسه ما فعل وبلغني أن جماعة المتفقهة امتنعوا من الصلاة عليه وقالوا قتل نفسه فتقدم شيخنا فخر الدين بن عساكر فصلى عليه فاقتدى الناس به ودرس

_ 1 شذرات الذهب 5: 112.

بعده بالأمينية الجمال المصري وكيل بيت المال انتهى كلام الأسدي. ثم درس بها بعده الجمال المصري وهو قاضي القضاة جمال الدين أبو الوليد يونس بن بدران بن فيروز بن صاعد بن عساكر بن محمد بن علي القرشي الشيبي الحجازي الأصل المصري ولد بمصر تقريبا في سنة خمس وخمسين وخمسمائة وسمع من السلفي وغيره وحدث وسمع من جماعة منهم عمر بن الحاجب قال أعني ابن الحاجب: يشارك في علوم كثيرة وكان وكيلا لبيت المال بدمشق فلم يحسن السيرة ثم ولي قضاء القضاة بدمشق في شهر رجب سنة ثماني عشرة ونبل شأنه أيام العادل ودرس بالأمينية هذه وولاه إياها الوزير صفي الدين أبو بكر بعد الضرير التقي وكان معتنيا بأمره وباشر وكالة بيت المال بعد عزل الزكي بن الزكي وولاه تدريس العادلية الكبرى حين كمل بناؤها فكان أول من درس بها وحضر عنده الأعيان وكان ذلك أيام الملك المعظم وألقى بها التفسير كاملا دروسا وأختصر كتاب الأم للشافعي رضي الله تعالى عنه وصنف كتابا في الفرائض وقال أبو شامة: وكان في ولايته عفيفا نزها مهيبا ملازما للحكم وكان ينقم عليه أنه كان يشير على بعض الورثه بمصالحة بيت المال وفي استنابته لولده1 مع أن سيرته غير مستقيمة وطعنوا في نسبته إلى قريش وقال الذهبي في العبر: كان غير محمود في ولايته وقال ابن كثير كان يجلس في كل يوم جمعة قبل الصلاة بالعادلية بعد فراغها سنة تسع عشرة وفي هذه السنة درس بها لإثبات المحاضر ويحضر عنده في المدرسة جميع الشهود من كل المراكز حتى يعسر على الناس إثبات كتبهم في الساعة الواحدة وقال في سنة ثلاث وعشرين وستمائة: ولي تدريس العادلية الكبيرة وكان أولا: يقول درسا في التفسير حتى أكمل التفسير إلى آخره ثم توفي عقيب ذلك ويقال درس الفقه بعد التفسير وكان يعتمد في أمر إثبات السجلات اعتمادا حسنا وهو أنه كان يجلس في كل يوم جمعة

_ 1 شذرات الذهب 13: 211.

بكرة ويوم الثلاثاء ويستحضر عنده في أبواب العادلية جميع شهود أهل البلد ومن كان له كتاب يثبته حضر واستدعى شهوده فأدوا على الحاكم ويثبت ذلك سريعا وكان يجلس كل يوم جمعة بعد العصر في الشباك الكمالي بمشهد عثمان فيحكم حتى يصلي المغرب وربما مكث حتى يصلي العشاء أيضا وكان كثير المذاكرة للعلم كثير الاشتغال حسن الطريقة لم ينقم عليه أنه أخذ شيئا لأحد وإنما ينقم عليه أنه استناب ولده محمدا التاج ولم يكن مرضي الطريقة وأما هو فكان عفيفا في نفسه نزها مهيبا ودرس بالعمادية توفي في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وعشرين وستمائة ودفن بقاعته بداره بقرب القليجية الحنفية في رأس درب الريحان من ناحية الجامع قبلي الخضراء ولتربته شباك شرقي المدرسة الصدرية الحنبلية التي بجانبها الغربي وقد قال فيه ابن عنين وكان هجاه: ما قصر المصري في فعله ... إذ جعل التربة في داره أراح الأحياء من ريحه ... وأبعد الأموات من ناره وتولى القضاء بعد شمس الدين احمد بن الخليل الخويي1 انتهى ملخصا. ثم درس بها رفيع الدين الجيلي وهو القاضي الرفيع أبو حامد عبد العزيز ابن عبد الواحد بن إسماعيل بن عبد الهادي بن محمد بن حامد الجيلي الشافعي أخذ قضاة الجور وولاه الصالح إسماعيل قضاء دمشق سنة ثمان وثلاثين بعد شمس الدين الخويي مع تدريس الغزالية وكان قاضيا ببعلبك فأحضره إلى دمشق الوزير أمين الدولة غزال2 الذي كان سامريا فأسلم ووزر للصالح إسماعيل واتفق هو وهذا القاضي وفي أخر الأمر كان سببا في قتله قال الذهبي في تاريخ الإسلام كان فقيها فاضلا مناظرا متكلما متفلسفا رديء العقيدة مغترا وقال في عبره في سنة اثنتين وأربعين وستمائة: وكان بارعا في المعقولات رقيق الديانة قبض عليه في أواخر سنة إحدى وأربعين ثم بعث من ورائه من رماه في هوة بأرض البقاع نسأل الله الستر. وقال أبو

_ 1 شذرات الذهب 5: 183. 2 شذرات الذهب 5: 241.

المظفر بن الجوزي1: حدثني جماعة أعيان أنه كان فاسد العقيدة دهريا مستهزئا بأمور الشريعة يجيء إلى صلاة الجمعة سكران وأن داره كانت مثل الحانة وقد كتب إلى الصالح يقول: قد حملت إلى خزانتك من أموال الناس ألف ألف دينار فقبض عليه وصودر ثم أعدم في ذي الحجة سنة اثنتين وأربعين وستمائة رمي في هوة بأرض البقاع. وله مصنفات في الطب وفوضت مدارسه إلى الشيخ تقي الدين بن الصلاح فعينها لأهل العلم وعين هذه المدرسة لشمس الدين بن عبد الكافي الربعي الصقلي ثم درس بها شمس الدين بن عبد الكافي هذا وهو القاضي أبو عبد الله محمد بن عبد الكافي ابن علي بن موسى الربعي الصقلي ثم الدمشقي وربما كني بأبي بكر ناب في القضاء مدة بدمشق وولي قضاء حمص أيضا وقد سمع من أسامة بن مرشد بن علي بن منقذ2 وحدث وروى عنه ابن الحلوانية3 ومجد الدين ابن العديم4 والحافظ الدمياطي وجماعة. قال الحافظ تاج الدين بن عساكر: ولي وكالة بيت المال بدمشق مدة طويلة وحكم نيابة عن الرفيع. وقال الذهبي في تاريخ الإسلام: ومن أعيان الشافعية كان وأهمله في العبر. وقال الكتبي: درس بالأمينية والكلاسة توفي في ذي الحجة سنة تسع وأربعين وستمائة ودفن بقاسيون مولده في شهر رمضان سنة سبع وستمائة ولا أعرف من درس بها بعده إلا أن الذهبي في سنة ثمان وخمسين وستمائة في أيام استيلاء التتار على دمشق قال تبعا لأبي شامة وغيره: إن القاضي محيي الدين بن الزكي لما ولي قضاء دمشق انتزع تدريس الأمينية من علم الدين القاسم5 وولاها لولده عماد الدين عيسى مع مشيخة الشيوخ ولا أعرف ترجمة المعزول ولا المتولي وقد ذكرت في الذيل الذي كتبته سنة أربع وأربعين جماعة من أولاد القاضي محيي الدين وذكرت تراجمهم ثم درس بها القاضي الرئيس قطب الدين أبو

_ 1 شذرات الذهب 5: 266. 2 شذرات الذهب 4: 279. 3 شذرات الذهب 5: 323. 4 شذرات الذهب 5: 358. 5 شذرات الذهب 5: 307.

المعالي أحمد بن أبي محمد عبد السلام بن المطهر ابن القاضي الإمام العلامة أبي سعد عبد الله بن أبي عصرون ولد في شهر رجب سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة وختم القرآن في آخر سنة تسع وأربعين وأجاز له ابن الجوزي1 وابن كليب وجماعة من العراق وأبو طاهر الخشوعي وغيره من دمشق وسمع من ابن طبرزد وأبي اليمن الكندي وأبي القاسم بن الحرستاني وغيرهم. قال الذهبي في تاريخ الإسلام: وتفقه مدة ولم يبرع في الفقه لكن له محفوظات وتثبت وجلالة درس بالأمينية وبالعصرونية بدمشق وطال عمره وعلت روايته وأكثر عنه الطلبة روى عنه الدمياطي وابن تيمية وابن العطار وابن الخباز وجماعة توفي في جمادى الآخرة سنة خمس وسبعين وستمائة ثم درس بها بعده قاضي القضاة نجم الدين أبو بكر محمد ابن قاضي القضاة صدر الدين أبي العباس أحمد ابن قاضي القضاة شمس الدين أبي البركات يحيى بن هبة الله بن الحسن الملقب بسني الدولة في سنة تسع وستين وستمائة سنة قسمة الوظائف بعد قدوم الصاحب بهاء الدين بن الحنا2 دمشق في شهر رجب أخذت له من قطب الدين بن أبي عصرون واستمرت في يده إحدى عشرة سنة ولد سنة ست عشرة وستمائة وسمع من أبي القاسم ابن صصري وغيره واشتغل وناب عن والده في القضاء بدمشق ثم ولي قضاء القضاة عقب كسرة التتار على عين جالوت في شهر رمضان سنة ثمان وخمسين فبقي سنة وعزل ثم اسكن مصر وصودر ثم ولي قضاء دمشق أياما عقب زوال سنقر الأشقر في صفر سنة تسع وسبعين وستمائة وكان ولي قضاء حلب قبل ذلك حينئذ انتزع منه تدريس الأمينية قاضي القضاة شمس الدين أحمد بن خلكان في محرم السنة المذكورة وباشرها أياما ثم لما قدم نجم الدين في صفر المذكور انتزعها منه. قال الذهبي في تاريخ الإسلام: وقد درس بالأمينية والركنية وعدة مدارس وكان موصوفا بجودة النقل وصحته

_ 1 شذرات الذهب 5: 286. 2 شذرات الذهب 5: 358.

وكثرته وكان مشهورا بالصرامة والهيبة والهمة العالية والتحري في الأحكام. وقال في العبر: وكان يعد من كبار الفقهاء العارفين بالمذهب مع الهيبة والتحري توفي في ثامن المحرم سنة ثمانين وستمائة ودفن بقاسيون بتربة جده ولما توفي رسم بتدريس هذه المدرسة للشيخ تاج الدين الفزاري فلم يقبل فوليها الشيخ علاء الدين أبو الحسن علي ابن العلامة كمال الدين عبد الواحد بن عبد الكريم بن الزملكاني الأنصاري 1 ودرس بها في العشرين من المحرم. قال الشيخ تاج الدين: وذلك من جملة الأحوال المنكرة فأقام بها سنة وأياما. ثم أخذها منه قاضي القضاة شمس الدين أحمد بن خلكان وهو أبو العباس أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلكان بفتح الخاء المعجمة وتشديد اللام كما رأيته بخطه وهو أسم جده كما قال الأسنوي أنه نسبه إلى قرية البرمكي الاربلي فدرس بها في صفر سنة إحدى وثمانين وستمائة ثم باشرها إلى أن مات رحمه الله تعالى مولده باربل بكسر الهمزة سنة ثمان وستمائة وسمع البخاري من ابن مكرم وأجاز له المؤيد الطوسي وجماعة قاله الذهبي في العبر وتفقه بالموصل على كمال الدين بن يونس2 وبحلب على القاضي عز الدين بن شداد وغيرهما وقرأ النحو على أبي البقاء يعيش بن علي النحوي3 وقدم الشام في شبوبيته وأخذ عن ابن الصلاح ودخل الديار المصرية وسكنها وناب في القضاء عن القاضي بدر الدين السنجاري4 مدة طويلة وأدى عنده شهادة شيخ المالكية أبو عمرو بن الحاجب وسأله عن مسألة دخول الشرط على الشرط ثم قدم الشام وولي القضاء في ذي الحجة سنة تسع وخمسين منفردا بالأمر فأضيف إليه مع القضاء نظر الأوقاف والجامع والمارستان وتدريس سبع مدارس العادليه والناصريه والعذراوية والفلكية والركنية ولاقبالية والبهنسية وقريء تقليده يوم عرفة

_ 1 شذرات الذهب 5: 417. 2 شذرات الذهب 5: 206. 3 شذرات الذهب 5: 228. 4 شذرات الذهب 5: 313.

يوم الجمعة بعد الصلاة بالشباك الكمالي في جامع دمشق ثم عزل بعز الدين بن الصائغ1 سنة تسع وستين فسافر إلى مصر فأقام بها سبع سنين معزولا بمصر ثم أعيد وصرف ابن الصائغ في أول سنة سبع وسبعين ثم عزل في آخر المحرم سنة ثمانين وأعيد عز الدين واستمر شمس الدين معزولا وبيده الأمينية والنجيبية. قال الشيخ تاج الدين الفزاري في تاريخه: كان قد جمع حسن الصورة وفصاحة المنطق وغزارة الفضل وثبات الجأش ونزاهة النفس. قال الذهبي: وكان إماما فاضلا بارعا متقنا عارفا بالمذهب حسن الفتاوى جيد القريحة بصيرا بالعربي علامة في الأدب والشعر وأيام الناس كريما جوادا ممدوحا وقد جمع كتابا نفيسا في وفيات الأعيان توفي بايوان المدرسة النجيبية عشية السبت سادس وعشرين شهر رجب سنة إحدى وثمانين وستمائة ودفن بسفح قاسيون عن ثلاث وسبعين سنة ثم درس بها بعد وفاة القاضي شمس الدين في سنة إحدى وثمانين وستمائة كما قاله ابن كثير وقد استعادها علاء الدين بن الزمالكاني ثانيا ودرس بها بدر الدين ابن قاضي القضاة صدر الدين بن سني الدولة قدم من مصر ومعه مرسوم بها عوضا عن ابن الزملكاني فدرس بها في جمادى الأولى سنة اثنتين وثمانين وستمائة ثم تركها بعد شهرين لصاحبها وكان قبل ذلك قد درس بالركنية والبهنسية فلما أخذ الأمينية أخذهما خصمه ثم رد إليه الأمينية واستعادهما قال الشيخ تاج الدين وكان عنده حدة في أخلاقه وأدبرت عنه الدنيا في آخر عمره وأخذت منه الأمينية وتعصب عليه وكثرت الدعاوى بسبب والده وأحضر إلى مجالس الحكام بالرذالة توفي في شهر رجب سنة ثلاث وثلاثين وستمائة ودفن بالصالحية وقد أهمله الذهبي في العبر والكتبي ثم عاد إليها علاء الدين بن الزملكاني في شعبان من السنة وهو الإمام المفتي أبو الحسن علي ابن العلامة البارع كمال الدين عبد الواحد بن عبد الكريم بن خلف الأنصاري السماكي الدمشقي الشافعي مدرس الأمينية هذه سمع من خطيب

_ 1 شذرات الذهب 5: 383.

مردى1 والرشيد العطار ولم يحدث قال الذهبي وكان إماما جليلا وافر الحرمة حسن السيرة مليح الصورة تام الشكل مهيأ وقال الشيخ تاج الدين اشتغل في الفقه اشتعالا يسيرا ثم ولي استيفاء الأوقاف وحصل جملة ثم اتصل بأمير يعرف بالشمس فتعصب له وأخذ له تدريس الأمينية بعد أن طلب أن يكون فقيها بها في أيام القاضي نجم الدين فامتنع نجم الدين من ذلك وكان قليل الحظ من العلم ولكنه قادر على دخول على أسباب الدنيا مرض بالفالج مدة وفي المحرم سنة تسعين قدم شمس الدين إبراهيم بن سني الدولة إلى دمشق ومعه توقيع بالأمينية وعلم عليه ملك الأمراء وذكر التدريس ثم طلب إلى دار السعادة ومنعت وسلمت الأمينية لابن الزملكاني وبطل التوقيع السلطاني حكاه الشيخ تاج الدين ثم باشرها ابن الزملكاني إلى أن توفي في شهر ربيع الآخر سنة تسعين وستمائة. فائدة: قال الشيخ تاج الدين الفزاري في سنة خمس وثمانين وستمائة: من الوقائع العجيبة الغريبة في هذه السنة ان العلاء ابن الزملكاني نظر في كتاب وقف المدرسة الأمينية فزعم أن القيسرية التي إلى جانب المدرسة لا يحل إكراؤها ويجب أن يسكنها الفقراء بغير أجرة فأبطل جملة من الكراء كل شهر ثم اقتضى رأيه ونظره أن الدرس يذكر كل يوم حتى يوم الجمعة والثلاثاء وذكر الدرس بعد العيد بثلاثة أيام واستمر في الدرس يوم الثلاثاء وهذا من العجائب التي لم تعهد ولم يعترض عليه معترض في ذلك كذا بخط الشيخ تقي الدين الأسدي على ظهر كراسة فيها ذكر الأمينية ثم درس بها في حال مرضه وبعده ولده الشيخ الإمام العلامة بقية أعيان الشافعية كمال الدين أبو المعالي محمد مولده في شوال سنة سبع وستين وستمائة وتفقه على الشيخ تاج الدين الفزاري وغيره قال ابن كثير في سنة تسعين وستمائة: وهو

_ 1 شذرات الذهب 5: 283.

والد شيخنا الإمام العلامة كمال الدين أبي المعالي بن علي بن الزملكاني وقد درس بعد أبيه المذكور بالمدرسة الأمينية وكانت وفاة والده ليلة الثلاثاء التاسع والعشرين من شهر ربيع الآخر بالأمينية ودفن بمقابر الصوفية عند والده انتهى. ثم نزل عنها لقاضي القضاة نجم الدين بن صصري وأخذ منه العادلية الكبرى ثم درس بها قاضي القضاة نجم الدين بن صصري في سنة تسعين وستمائة وقد تقدمت ترجمته في المدرس الأتابكية. وقال ابن كثير في سنة أربع وتسعين وستمائة: وفي أواخر شهر رمضان قدم القاضي نجم الدين بن صصري من الديار المصرية على قضاء العساكر بالشام وفي أواخر شوال منها قدمت من الديار المصرية تواقيع شتى منها تدريس الغزالية لابن صصري عوضا عن الخطيب المقدسي وتوقيع بتدريس الأمينية لإمام الدين القزويني1 عوضا عن نجم الدين بن صصري ورسم لأخيه جلال الدين بتدريس الظاهرية البرانية عوضا عنه انتهى ثم درس بها القاضي الإمام العالم العالم إمام الدين أبو المعالي عمر بن القاضي سعد الدين أبي القاسم عبد الرحمن ابن الشيخ الإمام إمام الدين أبي حفص عمر بن أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن الحسين بن علي بن أحمد بن خلف التميمي العجلي القزويني ولد بقزوين سنة ثلاث وخمسين وستمائة واشتغل في العجم والروم وقدم دمشق في الدولة الأشرفية هو وأخوه جلال الدين فقررا في مدارس فدرس إمام الدين هذا بالقيمرية بعد صدر الدين عبد البر ابن قاضي القضاة تقي الدين بن رزين كما قاله الذهبي في سنة خمس وتسعين من العبر ثم انتزع أمام الدين قضاء الشام من بدر الدين بن جماعة في سنة ست وتسعين وناب أخوه عنه وكان جميل الأخلاق كثير الإحسان رئيسا قليل الأذى ولما أزف قدوم تتار قازان سافر إلى مصر فلما وصلها سالما لم يقم بها سوى أسبوع وتوفي في شهر ربيع الآخر سنة تسع وتسعين وستمائة ودفن بالقرب

_ 1 شذرات الذهب 5: 451.

من قبة الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه عن ست وأربعين سنة. ثم عاد المنصب إلى بدر الدين بن جماعة مضافا إلى ما بيده من الخطابة وتدريس القيمرية الذي استقر فيه عنه لما عزله عن القضاء ثم درس بعده أخوه جلال الدين في الأمينية في ثاني شعبان سنة تسع وتسعين وستمائة. ولد جلال الدين هذا بالموصل في شعبان سنة ست وستين وستمائة وتفقه بأبيه وأخذ الأصلين عن الاربلي واشتغل في أنواع من العلوم وسمع من أبي العباس الفاروني1 وغيره وخرج له البرزالي جزءا من حديثه وحدث وأفتى ودرس وناب في القضاء عن أخيه أمام الدين ثم عن ابن صصري في سنة خمس وسبعمائة. ثم ولي الخطابة بدمشق ثم القضاء عن جمال الدين الزرعي في سنة أربع وعشرين وسبعمائة مع العادلية والغزالية وأخذت منه الأمينية حينئذ ثم انتقل في سنة سبع وعشرين وسبعمائة إلى قضاء الديار المصرية لما عمي بدر الدين بن جماعة فأقام بها نحو إحدى عشرة سنة ثم صرف في جمادى الآخرة سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة ونقل إلى قضاء دمشق ثم صرف وتولى القاضي تقي الدين السبكي في جمادى الآخرة سنة تسع وسبعمائة. قال الذهبي: أفتى ودرس وناظر وتخرج به الأصحاب وكان مليح الشكل فصيحا حسن الأخلاق غزير العلم وأصابه طرف فالج مدة مديدة ثم ناب عنه ابنه الخطيب المفتي الإمام بدر الدين في هذه التولية الأخيرة توفي رحمه الله تعالى في [جمادى الأولى] سنة تسع وثلاثين وسبعمائة ودفن بمقابر الصوفية ثم درس بها بعده الشيخ الإمام العالم جمال الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن محمد بن نصر الله ابن المظفر بن أسعد بن حمزة بن علي بن محمد الصدر الكبير الرئيس التميمي الدمشقي ابن القلانسي ميلاده في العشر الأول من ذي الحجة سنة تسع بتقديم التاء وستين وستمائة وحفظ التنبيه ثم المحرر واشتغل على الشيخ تاج الدين الفزاري والأدب على الرشيد الفارقي2 وولي قضاء العسكر

_ 1 شذرات الذهب 5: 425. 2 شذرات الذهب 5: 409.

ووكالة بيت المال بعد ابن الشريشي وتدريس الأمينية والظاهرية والعصرونية وغير ذلك كما قال البرزالي. قال الذهبي وكان محتشما عالما لين الكلمة مليح الشكل حدث عن ابن البخاري وقال ابن كثير تقدم بطلب العلم والرئاسة وباشر جهات كبارا ودرس في أماكن عدة وتفرد في وقته بالرئاسة في بيت المال والمناصب الدينية والدنيوية وكان فيه تواضع وحسن سمت وتودد وإحسان وبر بأهل العلم والصلحاء وهو ممن أذن لي بالافتاء وكتب إنشاء ذلك وأنا حاضر على البديهة فأجاد وأفاد وأحسن التعبير وعظم في عيني وسمع الحديث من جماعة وخرج له فخر الدين البعلبكي مشيخة سمعناها عليه توفي في يوم الاثنين ثاني عشر ذي القعدة سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة عن اثنتين وسبعين سنة كما قال الذهبي ودفن بتربتهم بالسفح. وقال البرزالي: ومن خطه نقلت توفي ببستانه بأرض مقرى وصلي عليه بعد العصر من اليوم المذكور بالجامع المظفري بسفح قاسيون ودفن بتربة القاضي ابن صصري بناحية المدرسة الركنية شرقي الصالحية ثم درس بها وبالظاهرية بعده أخوه القاضي علاء الدين بن القلانسي في يوم الاربعاء سادس المحرم سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة. قال ابن كثير: في هذه السنة وفي يوم الاربعاء ذكر الدرس بالأمينية والظاهرية علاء الدين بن القلانسي عوضا عن أخيه جمال الدين المتوفي وذكر ابن اخيه أمين الدين1 محمد بن جمال الدين المتوفي الدرس في العصرونية تركها له عمه المذكور وحضر عنده جماعة من الأعيان وقال في سنة ست وثلاثين وسبعمائة: علاء الدين بن شرف الدين محمد بن القلانسي قاضي العسكر ووكيل بيت المال وموقع الدست ومدرس الأمينية والظاهرية وغير ذلك من المناصب ثم سلبها كلها سوى التدريسين المذكورين وبقي معزولا إلى أن توفي بكرة يوم السبت خامس وعشرين صفر ودفن بتربتهم انتهى وقال الذهبي في العبر في سنة ست وثلاثين وسبعمائة: ومات في صفر فجأة القاضي علاء الدين بن القلانسي مدرس الأمينية والظاهرية وكان

_ 1 شذرات الذهب 5: 306.

ولي أيضا الوكالة وقضاء العسكر والمارستان مع نظر ديوان ملك الأمراء وذكر للقضاء ثم تنفر له النائب وصودر وعزل حدث عن الفخر علي وعاش ثلاثا وستين سنة انتهى ورأيت بخط علم الدين البرزالي في تاريخه سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة وفي يوم الاثنين الخامس والعشرين من ذي الحجة وصل الخبر بتولية القاضي جلال الدين بن القلانسي مناصب أخيه وهي تدريس الأمينية والظاهرية والعصرونية وقضاء العسكر المنصور الشامي ووكالة بيت المال وغيرها وفي غير هذا اليوم وصل توقيع وهو مؤرخ خامس عشر ذي الحجة فتوجه الناس إليه وهنأوه بذلك وقرأوا توقيع السلطان انتهى. وذلك عوضا عن أخيه علاء الدين الماضي قبله ثم درس بها بعده يوم الأربعاء رابع شهر رمضان سنة ست وثلاثين وسبعمائة الإمام البارع في فنون العلم بهاء الدين أبو المعالي وأبو عبد الله محمد بن الشيخ الإمام العالم علاء الدين علي بن سعيد بن سالم الأنصاري الدمشقي المعروف بابن إمام المشهد محتسب دمشق ولد في ذي الحجة سنة ست وتسعين وستمائة وسمع بدمشق ومصر وغيرهما. قال السيد الحسيني في ذيل العبر: وأسمع أولاده وحدث عن الطحاوي وغيره وكتب الطباق بخطه الحسن وتلا بالسبع على الكفري وغيره وتفقه على المشايخ الشيخ برهان الدين الفزاري وكمال الدين بن الزملكاني وكمال الدين ابن قاضي شهبة وغيرهم وأخذ النحو عن الشيخين مجد الدين التونسي1 ونجم الدين القحفازي وبرع في الحديث والقراآت والعربية والفقه وأصوله وأفتى وناظر وكتب الخط المنسوب ودرس بهذه المدرسة كما قال الذهبي في عبره في سنة ست وثلاثين وسبعمائة ودرس بالحسينية وخطب بجامع التوبة وولي الحسبة ثلاث مرات وقال الصفدي: توجه إلى حلب ثم إلى طرابلس وأقام بهما مدة يقريء الناس ويشتغلون عليه في البلدين ثم عاد إلى دمشق وأقام مدة ثم توجه إلى مصر وحضر بين يدي السلطان الملك الناصر على الأهرام وولاه مدرسة الأمينية بدمشق وحضر

_ 1 شذرات الذهب 6: 47.

إليها على البريد وهو مجموع متناسب الحسن أخلاقه حسنة وأشكاله حسنة وأجاز لي بروايه ماله توفي في شهر رمضان سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة بدمشق ودفن بمقبرة باب الصغير ثم درس بها بعده علاء الدين الأنصاري. قال السيد الحسيني في ذيله في سنة ثلاث وستين وسبعمائة: وفي صفر توفي الإمام علاء الدين علي بن محمد بن أحمد بن سعيد الأنصاري محتسب دمشق ومدرس الأمينية توفي عن بضع وأربعين سنة ثم درس بعده بالأمينية قاضي القضاة شيخ الإسلام تاج الدين السبكي انتهى. وقد تقدمت ترجمة قاضي القضاة هذا في دار الحديث الأشرفية ودرس بها علاء الدين علي ولد قاضي القضاة هذا في حياة أبيه وعمره سبع سنين ثم درس بها الإمام العلامة المحقق عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن خليفة بن عبد العال النابلسي الأصل الحسباني مولده تقريبا سنة ثماني عشرة وسبعمائة وأخذ بالقدس عن الشيخ تقي الدين القرقشندي ولازمه حتى فضل وقدم دمشق سنة ثمان وثلاثين فقرر فقيها بالشامية البرانية وأنهاه مدرسها الشيخ شمس الدين بن النقيب وأنهى معه الشيخ علاء الدين في السنة المذكورة وترجمته طويلة وكان ممن قام على القاضي تاج الدين السبكي وأخذ منه تدريس الأمينية هذه ثم استعادها السبكي منه ثم وليها ولد القاضي تاج الدين ثم بعد وفاة الولد المذكور وليها القاضي فتح الدين بن الشهيد1 وستأتي ترجمته في الظاهرية الجوانية ثو انتزعها الشيخ عماد الدين الحسباني من فتح الدين بن الشهيد وستأتي ترجمته في الظاهرية الجوانية ثم اننتزعها الشيخ عماد الدين الحسباني من فتح الدين بحكم أن بيده ولاية قديمة بها ثم درس بها الشيخ عماد الدين أيضا وقد تقدمت ترجمته بالمدرسة الإقبالية ثم درس بها بعده ولده الشيخ شهاب الدين أبو العباس أحمد وميلاده سنة تسع بتقديم التاء وأربعين وسبعمائة وقد تقدمت تتمة ترجمته بالمدرسة الإقبالية أيضا ثم درس

_ 1 شذرات الذهب 6: 329.

بها ولده الإمام العالم القاضي تاج الدين محمد ابن الشيخ شهاب. الدين قال الأسدي: مولده في سنة أربع وثمانين وسبعمائة قرأ القراآت ثم حفظ الحاوي الصغير ولم يشتغل بالعلم ونزل له والده عن تدريس الاقبالية فدرس بها في شعبان سنة اثنتين وثمانمائة وحضر درسه بها قضاة مصر والشام وخطب بجامع التوبة بعد الفتنة وولي الحسبة مدة يسيرة وناب لوالده لما ولي في سنة ثمان ثم ناب لغيره من القضاة وصار يصحب الترك وغيرهم ويعاشرهم على المنكرات ويجاهر بذلك وظهر معه سلاطة وفجور وتروم القضاء وسعى في ذلك إلى أن أخذه الله تعالى وابتدأ بغفلة شديدة من جهة النسوان والامرة إلى أن حجر القاضي عليه وجعل زوجته تتصرف عليه ورأى العبر في نفسه توفي مطعونا بسكنه بزقاق تربة السلطان صلاح الدين يوسف يوم الخميس عاشره وصلى بالجامع الأموي عليه جمع كثير ودفن عند والده بالصالحية بالروضة وولي عوضه في خطابة جامع التوبة ونظر حمام الشجاع ولد قاضي القضاة بهاء الدين بن نجم الدين بن حجي والأمينية ونظرها الشيخ شمس الدين البرماوي ثم إن كاتب السر القاضي بدر الدين حين ولي نظر الأمينية ودار الحديث بمرسوم النائب انتهى كلام الأسدي في ذيله في جمادى الأولى سنة ست وعشرين ثم قال: وفي يوم الأحد ثالث عشرة درس الشيخ شمس الدين البرماوي بالمدرسة الأمينية عوضا عن الحسباني وحضر معه القاضي نجم الدين وبعض الفقهاء ولم يكن سقف بها غير الإيوان الغربي انتهى ولم يدرس بها غير هذا اليوم وشمس الدين المذكور هو الشيخ الإمام العلامة المحقق المتقن المفنن أبو عبد الله محمد بن عبد الدائم بن موسى العسقلاني التميمي البرماوي المصري ميلاده في ذي القعدة سنة ثلاث وستين وسبعمائة وأخذ عن الشيخ سراج الدين البلقيني وسراج الدين ابن الملقن1 والشيخ زين الدين العراقي والقاضي بدر الدين أبي البقاء وكان في صغره في خدمته وسمع الكثير وحصل وتميز وفضل في الفقه

_ 1 شذرات الذهب 7: 44.

والنحو والحديث والأصول وكانت معرفته بهذه العلوم الثلاثة أكثر من معرفته بالفقه سافر بعد وفاة ولده أبي الفضل بخمسين يوما وهو سابع شعبان سنة ست وعشرين وثمانمائة إلى مصر ثم سافر منها إلى الحجاز سنة ثمان وعشرين وثمانمائة وجاور هناك بمكة المشرفة ونزل في ذي الحجة منها عن جهاته بدمشق لبهاء الدين بن قاضي القضاة نجم الدين بن حجي ثم درس بها الشيخ الإمام العالم العلامة شيخ الشافعية قاضي القضاة تقي الدين أبو بكر ابن القاضي شهاب الدين أبي العباس أحمد ابن شيخ الإسلام شمس الدين أبي عبد الله محمد الأسدي ثم درس بها ولده القاضي العالم سري الدين ثم درس بها العلامة عز الدين حمزة الحسيني ثم درس بها ولده بعده العلامة كمال الدين محمد وقد تقدمت ترجمتها في المدرسة الأمجدية وقد ولي الاعادة بهذه المدرسة جماعات منهم عبد الكريم الحرستاني. قال الأسدي في تاريخه في سنة إحدى وستين وخمسمائة: عبد الكريم بن محمد بن أبي الفضل بن محمد بن عبد الواحد الفقيه أبو الفضائل الأنصاري الحرستاني الدمشقي الدار الشافعي أخو القاضي جمال الدين عبد الصمد1 ولد سنة سبع عشرة وسمع على جمال الإسلام السلمي وأبي الحسن ابن قبيس ورحل فسمع ببغداد درس أبي منصور بن الرزاز2 وسمع بخراسان درس محمد بن يحيى وأعاد بالأمينية عن ابن أبي عصرون توفي في شهر رمضان وقد اهمله الذهبي في العبر وذكره الكتبي بلفظ واستنابه ابن أبي عصرون بالزاوية الغربية بجامع دمشق وضم إليه المدرسة الأمينية. ومنهم جمال الأئمة بن الماسح قال الأسدي في سنة اثنتين وستين وخمسمائة: علي بن الحسن بن أحمد أبو القاسم بن أبي الفضائل الكلابي الدمشقي الفقيه الشافعي الفرضي النحوي المعروف بجمال الأئمة بن الماسح من علماء دمشق الكبار ولد سنة ثمان وثمانين وقرأ على أبي الوحش وغيره لابن عامر وغيره وتفقه على جمال الإسلام السلمي ونصر الله

_ 1 شذرات الذهب 5: 60. 2 شذرات الذهب 4: 122.

المصيصي وسمع أباه وجماعة روى عنه أبو المواهب وأبو القاسم بن صصري وجماعة وكانت له حلقة كبيرة بالجامع يقريء فيها القرآن والفقه والنحو وكان معيدا لجمال الإسلام بالأمينية ودرس بالمجاهدية وكان حريصا على الإفادة وكان عليه الاعتماد في الفتوى وقسمة الأرضين توفي رحمه الله تعالى في ذي الحجة انتهى. ومنهم عبد الرحمن الملحي قال الأسدي في سنة سبع وثمانين وخمسمائة: عبد الرحمن بن علي بن المسلم بن الحسين بن أحمد الفقيه أبو محمد الملحي الدمشقي الخرقي الشافعي ولد في شعبان سنة تسع وتسعين وسمع أبا الحسن ابن الموازيني وعلي بن أحمد بن بشر وأبا الحسن بن السلمي الفقيه وطاهر ابن سهل الاسفراييني1 ونصر الله المصيصي الفقيه وجماعة وروى عنه الشيخ الموفق2 والبهاء عبد الرحمن3 والحافظ الضياء ويوسف بن خليل وأحمد ابن عبد الدائم وطائفة وأعاد بالأمينية عن جمال الإسلام أبي الحسن السلمي وكان من جملة العلماء الكبار وأضر وأقعد قال ابن الحاجب: كان فقيها يقرأ كل يوم وليلة ختمة توفي رحمه الله تعالى في ذي القعدة ودفن بباب الصغير انتهى. ومنهم الحافظ المحقق ذو الخصال الزكية والأخلاق المرضية شيخ الشافعية شهاب الدين أبو العباس أحمد ابن الإمام العلامة فقيه الشام علاء الدين أبي محمد حجي بن موسى بن أحمد بن سعد بن غشم بن غزوان بن علي ابن مشرف بن تركي السعدي الحسباني الدمشقي ميلاده في المحرم سنة إحدى وخمسين وسبعمائة وحفظ التنبيه وغيره وسمع الحديث من خلائق وأجاز له خلق من بلاد شتى وقرأ بنفسه الكثير وكتب الأجزاء وكان يضرب المثل بجودة ذهنه وحسن أبحاثه توفي رحمه الله تعالى في المحرم سنة

_ 1 شذرات الذهب 4: 97. 2 شذرات الذهب 5: 88. 3 شذرات الذهب 5: 114.

ست عشرة وثمانمائة ودفن عند والده بالصوفية على جادة الطريق عند رجلي ابن الصلاح رحمه الله تعالى وقد تقدمت تتمة ترجمته في المدرسة الأتابكية أهـ.

المدرسة البادرائية

35 - المدرسة البادرائية داخل باب الفراديس والسلامة شمالي جيرون وشرقي الناصرية الجوانية وكانت قبل ذلك دارا تعرف بأسامة قال ابن كثير قي تاريخه في سنة تسع وستمائة أسامة الجبلي احد أكابر الأمراء وكان بيده قلعة عجلون وكوكب وكان شيخا كبيرا قد أصابه النقرس اعتقله العادل ببلد الكرك واستولى على حواصله واملاكه وامواله من ذلك داره وحمامه داخل باب السلامة وداره هي التي جعلها البادرائي مدرسة انتهى ملخصا قال ابن شداد: المدرسة البادرائية أنشأها الشيخ الإمام العلامة نجم الدين ابو محمد عبد الله بن أبي الوفاء محمد بن الحسن بن عبد الله بن عثمان البادرائي بالمعجمة البغدادي الفرضي ولد سنة أربع وتسعين وخمسمائة وسمع من جماعة وتفقه وبرع في المذهب ودرس بالنظامية وترسل عن الخلافة غير مرة وحدث بحلب ودمشق ومصر وبغداد وبنى بدمشق المدرسة الكبيرة المشهورة. قال الذهبي: وكان فقيها عالما دينا صدرا محتشما جليل القدر وافر الحرمة متواضعا دمث الأخلاق منبسطا وقد ولي القضاء ببغداد على كره منه وتوفي رحمه الله تعالى بعد خمسة عشر يوما في ذي القعدة سنة خمس وخمسين وستمائة وعافاه الله تعالى من فتنة التتار الكائنة ببغداد في ذي الحجة منها وقال ابن كثير في هذه السنة: وفي يوم الأربعاء عاشر ذي الحجة من هذه السنة المباركة عمل عزاء واقف المدرسة البادرائية بها الشيخ نجم الدين عبد الله ابن محمد البادرائي البغدادي مدرس النظامية ورسول الخلافة إلى ملوك الآفاق في الأمور المهمة وإصلاح الأحوال المدلهمة وقد كان فاضلا بارعا رئيسا متواضعا وقد ابتنى بدمشق مدرسة حسنة مكان دار الأمير أسامة الذي

قبض عليه العادل انه اتهمه بمكاتبة الظاهر1 صاحب حلب وأخذ منه ألف ألف دينار وخرب قلعة كوكب إلى الأرض عجزا عن حفظها وكانت بيد أسامة المذكور وشرط على المقيم بها العزوبية وأن لا يكون الفقيه في غيرها من المدارس وإنما أراد بذلك توفير خاطر الفقيه وجمعه على طلب العلم ولكن حصل بسبب ذلك خلل كثير وشر لبعضهم كبير وقد كان شيخنا الإمام العلامة شيخ الشافعية بالشام وغيرها برهان الدين ابو إسحاق إبراهيم ابن الشيخ تاج الدين الفزاري مدرس هذه المدرسة وابن مدرسها يذكر أنه حضر الواقف في أول يوم درس بها وحضر عنده السلطان الناصر قرئ كتاب الوقف وفيه لا يدخلها امرأة فقال السلطان ولا صبي فقال الواقف يا مولانا ربنا ما يضرب بعصاتين فكان إذا ذكر هذه الحكاية تبسم عندها رحمهما الله تعالى وكان هو أول من درس بها ثم ولده كمال الدين من بعده وجعل نظرها إلى وجيه الدين بن سويد2 ثم صار في ذريته إلى الآن وقد نظر فيه بعض الأوقات القاضي شمس الدين بن الصائغ ثم انتزع منه حين أثبت لهم النظر وقد وقف البادرائي على هذه المدرسة أوقافا حسنة دارة وجعل بها خزانة كتب نافعة وقد عاد إلى بغداد في هذه السنة فولي بها القضاء كرها منه فأقام فيها سبعة عشر يوما ثم توفي رحمه الله تعالى في مستهل ذي القعدة من هذه السنة ودفن بالشونيزية وكان سمع من عبد العزيز ابن منينا3 وغيره انتهى. وقد أشار إلى ان أول من درس بها واقفها ثم ولده من بعده. قال الحافظ ابن كثير في تاريخه في سنة سبع وسبعين وستمائة: عبد الرحمن ابن عبد الله بن محمد بن الحسن بن عبد الله بن الحسن بن عثمان جمال الدين ابن الشيخ نجم الدين البادرائي البغدادي ثم الدمشقي درس بمدرسة أبيه من بعده حتى حين وفاته يوم الأربعاء سادس شهر رجب ودفن بسفح

_ 1 شذرات الذهب 5: 55. 2 شذرات الذهب 5: 333. 3 شذرات الذهب 5: 53.

قاسيون وكان رئيسا حسن الأخلاق جاوز خمسين سنة انتهى. ثم ذكر الدرس بها من بعده الشيخ الإمام العلامة مفتي الشام كمال الدين أبو الفضائل سلار بن الحسن بن عمر بن سعيد الأربلي شيخ الأصحاب ومفيد الطلاب. تفقه على ابن الصلاح حتى برع في المذهب وتقدم وساد واحتاج الناس إليه وكان في البادرائية عينه لها واقفها فباشرها إلى أن توفي رحمه الله ولم يكن معه غيرها يعيد ويفيد ويصنف ويعلق ويؤلف وينشر المذهب ولم يزد منصبا آخر وقد اختصر البحر للروياني1 في مجلدات عديدة وانتفع به جماعة من الأصحاب منهم الشيخ محيى الدين النواوي وأثنى عليه ثناء حسنا. قال: وتفقه على جماعة منهم أبو بكر الماهيالي وعلى ابن البرزي وقال الشريف عز الدين2: كان عليه مدار الفتوى بالشام في وقته ولم يترك بعده في بلاد مثله في الافتاء توفي رحمه الله تعالى في جمادى الآخرة سنة سبعين وستمائة في عشر السبعين وقيل أنه نيف عليه وإنه دفن بباب الصغير ثم ذكر الدرس بها القاضي عز الدين أبو حفص عمر بن أسعد بن أبي غالب الأربلي معيد البادرائية وصاحب ابن الصلاح وشيخ النواوي رحمهما الله تعالى سمع الحديث من جماعة. قال الذهبي: وكان دينا فاضلا بارعا في المذهب وقد ناب في القضاء عن ابن الصائغ ودرس واشتغل وكان النواوي رحمه الله تعالى يتأدب معه ربما قام وملأ الإبريق ومشى به قدامه للطهارة توفي رحمه الله تعالى في شهر رمضان سنة خمس وسبعين وستمائة ثم وليها بعده العلامة تاج الدين الفركاح ودرس بها في سنة ست وسبعين وقد تقدمت ترجمته في دار الحديث النورية ثم وليها بعده ولده في التدريس العلامة شيخ الإسلام برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم ولد في شهر ربيع الأول سنة ستين وستمائة وسمع الكثير من ابن عبد الدائم ابن أبي اليسر وعدة غيرهما وله مشيخة خرجها العلاني وأخذ عن والده وبرع وأعاد في حلقته وأخذ النحو عن عمه شرف الدين

_ 1 شذرات الذهب 4: 4. 2 شذرات الذهب 5: 430.

وخلف أباه في أشغال الطلبة بهذه المدرسة وغيرها الافتاء قال الذهبي في معجم شيوخه ناب في مشيخة دار الحديث أشهرا فبهرت معرفته وخضع له الفضلاء ومناقبه يطول شرحها توفي رحمه الله تعالى بالبادرائية في جمادى الأولى سنة ثمان وعشرين وسبعمائة ودفن عند أبيه وعمه. قال ابن كثير في سنة خمس وسبعمائة: وفي يوم الخميس ثاني عشر ذي القعدة وصل البريد من مصر بتوليه الفزاري الخطابة عوضا عن عمه شرف الدين المتوفى وخلع عليه بذلك وباشر يوم الجمعة ثالث عشر الشهر وخطب الشيخ برهان الدين خطبة حسنة حضرها القاضي والأعيان ثم بعد خمسة أيام عزل نفسه عن الخطابة وآثر بقاءه على تدريس البادرائية حين بلغه أنها طلبت لتؤخذ منه فبقي منصب الخطابة شاغرا ونائب الخطيب يصلي بالناس ويخطب ودخل عيد الفطر وليس للناس خطيب وقد كاتب نائب السلطنة في ذلك في المرسوم بالزامه بذلك وفيه لعلمنا بأهليته وكفايته واستمراره على ما بيده من تدريس البادرائية فباشرها في صفر كمال الدين ابن الشيرازي وسعى في البادرائية فأخذها وباشرها في صفر من السنة الآتية بتوقيع سلطاني فعزل الفزاري نفسه من الخطابة ولزم بيته فراسل نائب السلطنة في ذلك فصصم على العزل وأنه لا يعود إليها أبدا وذكر أنه عاجز عنها فلما تحقق ذلك نائب السلطنة أعاد إليه مدرسته وكتب له بها توقيعا في العشر الأول من ذي الحجة انتهى. والشيخ كمال الدين بن الشيرازي الذي درس بها مدة يسيرة هو الصدر الكبير العالم أبو القاسم أحمد ابن الصدر عماد الدين محمد بن محمد بن الشيرازي ولد سنة سبعين بتقديم السين وستمائة وسمع من جماعة وحفظ من مختصر المزني1 وتفقه على الشيخين تاج الدين الفزاري وزين الدين الفارقي وقرأ الأصول على الشيخ صفي الدين الهندي ودرس في وقت بالشامية البرانية ثم ولي تدريس الناصرية الجوانية مدة سنين إلى حين وفاته

_ 1 شذرات الذهب 2: 148.

توفي رحمه الله تعالى ثالث عشر صفر سنة ست وثلاثين وسبعمائة وصلي عليه بالجامع المعروف بتنكز ودفن بتربتهم بسفح قاسيون. قال الذهبي في العبر: عن ست وستين ببستانة بأرض الحميريين وروى عن أبيه [و] ابن البخاري وذكر للقضاء وكان له معرفة وتواضع وصيانة وقال البرزالي: وأثنى علية القاضيان ابن جماعة وابن الحريري وكان يكتب الخط المنسوب وكذا والده انتهى. ثم ولي تدريسها بعد وفاة البرهان الفزاري الشيخ شهاب بن جهبل. قال ابن كثير في سنة تسع وعشرين: وفي يوم الاثنين منتصف جمادى الآخرة درس القاضي شهاب الدين بن جهبل بالمدرسة البادرائية عوضا عن شيخنا برهان الدين الفزاري توفي إلى رحمة الله تعالى وأخذ مشيخة دار الحديث الظاهرية منه الحافظ شمس الدين الذهبي وحضرها في يوم الأربعاء سبع عشرة ونزل عن خطابة كفر بطنا انتهى وشهاب الدين بن جهبل هذا هو الشيخ الإمام أبو العباس أحمد بن يحيى بن إسماعيل بن طاهر بن نصر بن جهبل الحلبي الأصل الدمشقي ولد بكرة يوم الخميس الخامس والعشرين من المحرم سنة سبعين وستمائة وسمع من جماعة واشتغل بالعلوم ولزم الشيخ صدر الدين بن المرحل وأخذ عن الشيخ شرف الدين المقدسي وغيره ودرس بالصلاحية بالقدس مدة ثم تركها وتحول إلى دمشق فباشر مشيخة الحديث الظاهرية مدة وولي تدريس البادرائية هذه واستمر فيها إلى أن مات وهو أصغر من أخيه الشيخ محيي الدين إسماعيل المتقدم ذكره في المدرسة الأتابكية ومات قبله أيضا وقال ابن كثير: ولم يأخذ معلوما من واحدة منهما سمع منه الحافظ علم الدين البرزالي وله رد على ابن تيمية في نحو كراسين توفي بدمشق يوم الخميس بعد العصر تاسع جمادى الآخرة سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة وصلي عليه بعد الجمعة ودفن بمقابر الصوفية قال البرزالي وكان كريم النفس يؤثر الطلبة والأصحاب وحج مرارا وطال مرضه وأيقن بقرب الوفاة ووهب وأحسن ونظر في أمره ومات على أحسن حال انتهى وقال البرزالي وابن كثير في سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة: وفي

خامس عشرين شهر رجب درس بالبادرائية القاضي علاء الدين علي بن شريف ويعرف بابن الوحيد الزرعي عوضا عن ابن جهبل توفي في الشهر الماضي وحضر عنده القضاة وجمع من الفقهاء والاعيان انتهى كلامهما ثم ولي تدريسها في سنة إحدى وأربعين الكمال بن الشريشي وقد تقدمت ترجمته في دار الحديث الناصرية ثم درس بها شيخ الشافعيه ولده شرف الدين ميلاده بحمص سنة تسع بتقديم التاء وعشرين وسبعمائة أخذ العلم عن والده والشيخ شمس الدين بن قاضي شهبة وأضرابهما من مشايخ عصره وقرأ في الاصول والنحو والمعاني والبيان وشارك في ذلك كله مشاركة قوية ونشأ في عبادة وتقشف وسكون وأدب وانجماع عن الناس ودرس بالناصرية في شهر ربيع الاول سنة خمسين نزل له والده عنها كما سيأتي فيها وأستمر يدرس بها إلى حين وفاته وناب للقاضي تاج الدين في أخر عمره ومن بعده درس بالرواحية مدة يسيرة ولازم الاشغال والافتاء واشتهر بذلك وصار هو المقصود بالفتاوي من سائر الجهات وكان يكتب على الفتاوى كتابة حسنة ونقل عن الشيخ زين الدين القرشي أنه قال يقبح علينا أن نفتي مع وجود ابن الشريشي وتخرج به خلق كثير من فقهاء البادرائيه وغيرهم وكتب بخطه أشياء كثيره وكان محببا إلى الناس ليس فيه شيء من الشر بل كله خير كثير وانتهت إليه وإلى رفيقه الشيخ شهاب الدين الزهري1 رئاسة الشافعية. قال الحافظ شهاب الدين بن حجي: لازم القاضي تاج الدين وحضر حلقته فاستنابه في الحكم قبل موته بيسير واستمر ينوب عن القضاة التي بعده نحو عشرين سنة وتصدر للاشتغال بالجامع وأفتى وأشتهر بالافتاء وكان ساكنا وقورا قليل الشر ريض الاخلاق ولديه مشاركة حسنة في الاصول والعربيه والادب انتهى توفي رحمه الله تعالى في صفر سنة خمس وتسعين وسبعمائة ودفن بتربتهم في الصالحية مقابل جامع الافرم في السفح ثم درس بها الشيخ شهاب الدين أحمد بن محمد الحلبي ثم الدمشقي قاضي كرك نوح على نبينا

_ 1 شذرات الذهب 666: 338.

وعليه الصلاة والسلام والخطيب بها قال ابن حجي السعدي كان من خيار الفقهاء وقد ولي قضاء القدس وولي تدريس البادرائية بدمشق مات في ذي الحجة سنة خمس وثمانمائة ثم ولي تدريسها الشيخ شرف الدين موسى بن سعيد المعروف بابن البابا الدمشقي ثم المصري. قال الاسدي: في شعبان سنة عشر اشتغل بمصر وفضل وكان رفيقا لشيخنا الشيخ جمال الدين الطيماني في الطلب وجاء بعد الفتنة إلى دمشق ونزل في خانقاه خاتون ثم ولي تدريس البادرائية اسما بغير حضور ولا معلوم طائل قال وكان علمه نتفا يسيرة من الفقه وبعض أصول وجملة من النحو والطب من أشهر علومه ويكتب خطا حسنا وكلامه بتقاعد وتمشيخ وكان قد شرع في شرح على التمييز للبارزي فكتب من ذلك يسيرا قيل إنه كان يذكر العبارات من غير تصرف توفي ليلة السبت سابعة ودفن من الغد بالصالحية وحضر جنازته طائفة من الفقهاء وكان أسمر اللون يشبه الزيالع وكان قد شاخ وغلب البياض على شعره وكان بيده تصدير نزل عنه قبل موته لنجم الدين بن حجي ونصف الخطابة بجامع التوبة نزل عنه أيضا لنجم الدين في مرض موته وتدريس البادرائية وليه كاتب السر البصروي انتهى ولم أقف على ترجمة كاتب السر هذا. ثم درس بها القاضي شمس الدين محمد بن كامل التدمري وناب في الحكم بدمشق وولي قضاء القدس ذكره العثماني في طبقاته بأنه توفي في سنة إحدى وأربعين وآخر من علمنا ولي تدريسها الشيخ الفقيه الصالح الخير شمس الدين أبو عبد الله محمد بن حسن بن محمد الحسيني الشافعي ابن أخي الشيخ تقي الدين الحصني اشتغل في العلم وفضل في النحو وانتفع بعمه ولزم طريقته في العبادة والتجرد ومع ذلك ولي تدريس البادرائية ولم يقبض بها معلوما وقام في عمارة المدرسة المذكورة وكان يذهب إلى اللاذقيه لرفق الحال بها فيقيم هناك مدة ويرجع إلى دمشق وهناك توفي رحمه الله تعالى يوم الاثنين ثالث شهر ربيع الاول سنة أربع وتسعين وثمانمائة وصلى عليه في

الجامع الاموي بعد صلاة يوم الجمعة وكان أشعريا منحرفا على التيمية وأعاد بها جماعة منهم الامام الفقيه علاء الدين علي بن أيوب بن منصور ابن رزين المقدسي [بالسين المهملة] ولد سنة ست وستين وستمائة تقريبا وقرأ على الشيخ تاج الدين الفزاري وولده برهان الدين وبرع في الفقه والعربية سمع منه الذهبي وذكره في المعجم المختص وقال فيه الامام الفقيه البارع المحدث بقية السلف قرأ بنفسه ونسخ أجزاء وأعاد بالبادرائية ثم تحول إلى القدس الشريف ودرس بالصلاحية ثم تغير وجف دماغه وكان إذا سمع عليه في حال تغيره يحضر ذهنه وتقدمت تتمة ترجمته بدار الحديث الحمصية. ومنهم الفقيه أبو عبد الله محمد بن علي بن أبي بكر بن الحسن بن يوسف ابن التميمي الجوهري المقدسي بالسين المعحمة في آخره ويقال له المقدشاوي معيد البادرائية هذه مع الشيخ علاء الدين المقدسي بالسين المهملة المتقدم وهو من الانفاق العجيب بسبب أن الشيخ علاء الدين المقدسي بالمهملة وأبو عبد الله هذا بالمعجمة وهما معيدان في هذه المدرسة في وقت واحد قال الذهبي في المشتبه: حدثنا أبو عبد الله هذا عن ابن الذخميسي قال ابن ناصر الدين في توضيحه: إن نسبته إلى مقدشو بلدة مشهورة من قرى الحبشة مما يلي الزنج ويعرف بابن الكلوي انتهى. ومنهم الحافظ ابن الخراط قال الذهبي في سنة تسع وثلاثين وسبعمائة: ومات بدمشق معيد البادرائية المعمر علاء الدين علي بن عثمان الخراط حدث عن ابن البخاري وغيره وعمل خطبا ومقامات انتهى ومنهم الكواكبي وهو الشيخ شمس الدين محمد بن عمر بن عثمان الكواكبي سمع من الحجار وغيره وتفقه وأعاد بالبادرائية ثم أنتقل إلى الكرك وناب في الحكم قال ابن رافع: وكتب بخطه كثيرا من الكتب بلغنا وفاته رحمه الله تعالى في شهر رجب سنة تسع وستين وسبعمائة انتهى.

المدرسة البهنسية

36 - المدرسة البهنسية بجبل الصالحية أنشأها الوزير مجد الدين المعروف بأبي الأشبال الحارث ابن مهلب كان وزير الملك الأشرف مظفر الدين موسى ابن الملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب. قال ابن كثير في تاريخه في سنة ثمان وعشرين وستمائة: ألمجد البهنسي وزير الملك الأشرف ثم عزله وصادره ولما توفي دفن بتربته التي أنشأها بالسفح وجعل كتبه بها وقفا وأجرى عليها أوقافا جيدة دارة انتهى. قال الأسدي في هذه السنة المذكورة: واقف البهنسية بالسفح الحارث القاضي الجليل مجد الدين أبو الأشبال ابن الرئيس العالم النحوي مهذب الدين أبي المحاسن المهلب بن حسن بن بركات بن علي بن غياث المهلبي المصري الشافعي المعروف بالمجد البهنسي أتصل بالصاحب رضي الدين بن شكر وسافر معه إلى الشام وغيرها وترسل إلى الديوان العزيز وإلى ملوك النواحي ووقف وقفا يحصر على الزاوية التي كان والده يقرئ بها بالجامع العتيق وهو أخو الفقيه [موفق الدين] بن عقيل وكان المجد ذا يد طولي في اللغة وله شعر حسن توفي بدمشق في صفر وقد جاوز السبعين كتب عنه الفرضي وغيره شعرا وقد وزر بالشرق للأشرف. قال السبط: لم يقطع رزق أحد وكان حسن المحاضرة عاقلا لم يكن فيه ما يعاب إلا استهتاره ثم إن الأشرف نكبه وصادره وحبسه مدة انتهى. قال ابن شداد: درس بها القاضي نجم الدين بن سني الدولة ثم من بعده شمس الدين بن خلكان ثم من بعده عادت إلى نجم الدين أيضا ثم أعطاها لولده شمس الدين محمد وهو مستمر بها إلى الآن انتهى. وقد تقدمت ترجمة ابن سني الدولة وابن خلكان في المدرسة الامينية انتهى.

المدرسة التقوية

37 - المدرسة التقوية هي من أجل مدارس دمشق داخل باب الفراديس شمالي الجامع شرقي الظاهرية والاقباليتين بانيها في سنة أربع وسبعين وخمسمائة الملك المظفر تقي

الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب وله بمصر المدرسة المعروفة بمنازل العز بناها للعلامة شهاب الدين أبي الفتح محمد بن محمود الطوسي1 الشافعي قال ابن كثير في تاريخه: وله بحماة مدرسة هائلة وكذلك بدمشق مدرسة مشهورة وعليها أوقاف كثيرة وقال الذهبي في مختصر تاريخ الإسلام في سنة سبع وثمانين وخمسمائة: وصاحب حماة المظفر تقي الدين عمر ابن أخي السلطان صلاح الدين توفي يوم الجمعة تاسع عشر شهر رمضان وكان بطلا شجاعا له مواقف مشهورة انتهى. قال الأسدي في تاريخه في السنة المذكورة: وفيها أنعم السلطان صلاح الدين على ابن أخيه تقي الدين عمر بحماة والمعرة وأفامية ومنبج فتسلمها وبعث نوابه إليها ثم توجه الملك المظفر تقي الدين وترتب في خدمته أميران كبيران شمس الدين بن المقدم2 وسيف الدين بن المشطوب3 وكانوا في مقابلة صاحب أنطاكية وترتب بحمص بن شيركوه في مقابلة المقومين وفيها وقف السلطان تقي الدين عمر مدرسة بدمشق انتهى وقال في سنة سبع وثمانين وخمسمائة: السلطان تقي الدين عمر ابن أخي السلطان صلاح الدين صاحب المدرسة التقوية الأمير نور الدين والدولة شاهنشاه ابن الأمير نجم الدين أيوب بن شادي بن مناكرد وصاحب حماة وأبو ملوكها كان بطلا شجاعا له مواقف مشهودة في قتال الفرنج مع عمه صلاح الدين وكان يحبه وهو الذي اعطاه حماة واستنابه بمصر مدة واعطاه المعرة وسلمية وكفر طاب وميافارقين واللاذقية وجبلة ثم اعطاه في العام الماضي حران والرها وأذن له السلطان في السفر إلى تلك البلاد ليقرر قواعدها وسار إليها في سبعمائة فارس وكان علي الهمة فقصد مدينة حاني فحصرها وافتتحها فلما سمع بكتمر4 صاحب خلاط سار لقتاله في أربعة الآف واربع مائة فارس فالتقوا فلم يثبت عسكر خلاط وانهزموا فسار تقي الدين وراءهم وأخذ قلعة لبكتمر ونازل خلاط وحاصرها فلم ينل غرضا لقلة عسكره ونازل منازكرد مدة

_ 1 شذرات الذهب 4: 227. 2 شذرات الذهب 4: 276. 3 شذرات الذهب 4: 294. 4 شذرات الذهب 4: 297.

وله افعال بين مصر والفيوم ودمشق وغيرها وسمع بالإسكندرية من السلفي وإسماعيل بن عوف1 وكان فيه عدل وكرم ورئاسة وكان تقي الدين قد حدث نفسه بملك مصر لما مرض عمه فلم يتم له وعوفي عمه صلاح الدين وعزله وطلبه إلى الشام فامتنع وهم بالتوجه إلى بلاد المغرب ثم أن السلطان كتب إليه وثنى عزمه فقدم الشام فأحسن إليه عمه واكرمه وزاده وداراة واعطاه عدة بلاد. قال ابن واصل2: كان المظفر عمر شجاعا جوادا شديد البأس عظيم الهيبة وكان من اركان البيت الأيوبي وكان عنده فضل وأدب وله شعر حسن أصيب السلطان صلاح الدين بموته لأنه كان من اعظم اعوانه على الشدائد قال صاحب المرآة وله ديوان شعر وذكره ابن كثير في طبقات الفقهاء الشافعية لبنائه المدرسة المشهورة بدمشق توفي رحمه الله تعالى وهو يحاصر منازكرد من اعمال أرمينية ثم نقل إلى حماة فدفن بها في مدرسة له بنيت بظاهر حماة واستقر بعده في ملك حماة ولده المنصور محمد3 وأخرجت عنه بقية البلاد ودام ملك حماة في أولاده إلى بعد الاربعين وستمائة ومن شعره رحمه الله تعالى: دمشق سقاك الله صوب غمامة ... فما غائب عنها لدي رشيد فز بسعد إلى أن ابيت بأرضها ... الآ أنني لوصح لي لسعيد وله: أرى قوما حفظت لهم عهودا ... فخانوني ولم يرعوا حفاظا لهم عندي محافظة فألفى ... لهم خلقا وأفئدة غلاضا وله يمدح عمه صلاح الدين: خير الملوك أبو المظفر يوسف ... ما مثل سيرته الشريفة يعرف

_ 1 توفي سنة 581هـ شذرات الذهب 4: 268. 2 شذرات الذهب 5: 438. 3 شذرات الذهب 5: 77.

لو سطرت سير الملوك رأيتها ... ديوان شعر وهي فيها مصحف ملك يبيت الدهر يرعد هيبة ... منه وليس يخافه من ينصف انتهى. وقال أبو شامة في كتاب الروضتين في سنة سبع وثمانين: قال العماد في شهر ربيع الأول منها تولى القضاء القاضي محيي الدين محمد بن الزكي أي قضاء دمشق. وفيها وفي يوم تاسع عشر شهر رمضان كانت وفاة تقي الدين عمر ابن أخي السلطان صلاح الدين وهو على محاصرة منازكرد وكان كما تقدم قد توجه إلى بلاده التي زاده إياها السلطان صلاح الدين وراء الفرات فامتدت عينه إلى بلاد غيره واستولى على السويداء وعلى مدينة حاني وعزم على قصد خلاط وكسر صاحبها سيف الدين بكتمر وتملك معظم تلك البلاد ثم أناخ على منازكرد يحاصرها ومعه عساكر كثيرة فأناخت بجسده المنية بسبب مرض اعتراه وزاد إلى أن بلغ منه المراد وأخفى ولده الملك المنصور وفاته ورحل عن البلد المحصور وفاته وعاد به إلى البلاد التي في يد وعجب الناس من حزمه وعزمه وثباته وجلده وجاءت رسله إلى السلطان تخبره بأنه قام مقام والده فيما كان له من البلدان وطلب منه شروطا نسبه بسببها إلى العصيان وكاد أمره يضطرب وقلبه يكتئب وشأنه ينعكس وينقلب حتى احتمى بالملك العادل فنصره واظهره إلى الوجود. وقال ابن شداد: كانت وفاته في طريق خلاط عائدا إلى ميا فارقين فحمل ميتا حتى وصل به إلى ميافارقين ثم عملت له تربة عليها مدرسة مشهورة وحمل إليها ودفن بها انتهى. وكان مولده في سنة أربع وثلاثين وخمسمائة كذا قاله شيخنا الأسدي في كواكبه: وقال ابن شداد: أول من ذكر الدرس بها قاضي القضاة محيي الدين محمد بن علي ومن بعده محيي الدين بن زكي الدين ثم انتزعت من يده ووليها فخر الدين ثم عادت إلى محيي الدين ثم تولاها عماد الدين بن الحرستاني قال الأسدي: ودرس بها في سنة ثمان وعشرين وستمائة انتهى. قال ابن شداد: ثم عادت إلى القاضي محيي الدين أبي الفضل يحيى ثم إلى ولده عماد الدين ثم من بعده إلى أخيه علاء الدين أحمد ثم من

بعده إلى زكي الدين الحسن ثم من بعده إلى علاء الدين أحمد وهو مستمر بها إلى الآن انتهى قلت ولعل أول من درس بها أبو المظفر ابن عساكر فإنها وقفت سنة أربع وسبعين وخمسمائة وهو توفي في شهر ربيع الأول سنة إحدى وسبعين وخمسمائة ولم أقف على وفاة قاضي القضاة محيي الدين محمد بن الزكي1. وأبو المظفر هذا قال الأسدي في تاريخه في سنة إحدى وسبعين المذكورة: عبد الله بن محمد بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله أبو المظفر بن عساكر أخو زين الدين ويقال زين الأمناء بن عساكر الدمشقي الشافعي مولده في شهر رجب سنة تسع وأربعين وخمسمائة وتفقه على القطب النيسابوري وغيره وسمع من عميه الصائن والحافظ وجماعة وقرأ الأدب على محمود بن نعمة بن أرسلان الشيرازي النحوي وخرج أربعين حديثا وحدث بدمشق ومصر والقدس وحماة وشيزر والإسكندرية ودرس بدمشق بالتقوية وكان مجمع الفضائل قتل غيلة بظاهر القاهرة في شهر ربيع الأول انتهى. ثم درس بها بعد قاضي القضاة محيي الدين بن الزكي شيخ الشافعية الفخر ابن عساكر وقد تقدمت ترجمته في دار الحديث العروية ثم بها درس الإمام الفقيه قاضي القضاة بهاء الدين أبو الفضل يوسف ابن قاضي القضاة محيي الدين يحيى ابن قاضي القضاة منتجب الدين أبي المعالي محمد بن قاضي القضاة زكي الدين علي ابن قاضي القضاة منتجب الدين محمد بن زكي الدين القرشي الدمشقي ولد سنة أربعين وستمائة وسمع بمصر والشام من جماعة وأخذ عن أبيه وأخذ العلوم العقلية عن القاضي كمال الدين التفليسي2 وولي القضاء بعد ابن الصائغ سنة اثنتين وثمانين إلى أن توفي وهو أخر من ولي القضاء من هذا البيت وقد جمع أجل مدارس دمشق وهي العزيزية والتقوية والفلكية والعادلية والمجاهدية والكلاسة توفي رحمه الله تعالى في ذي الحجة سنة خمس وثمانين وستمائة عن خمس وأربعين

_ 1 شذرات الذهب 4: 337. 2 شذرات الذهب 5: 337.

سنة ودفن بتربتهم جوار الشيخ العارف محيي الدين بن عربي رحمه الله تعالى. ثم درس بها القاضي الرئيس إمام الدين عبد العزيز أبو محمد ابن قاضي القضاة محيي الدين يحيى بن محمد بن الزكي أخو المتقدم قال الصلاح الصفدي درس بالتقوية والعزيزية وهو أحد من ولي نظر الجامع غير مرة وكان صدرا رئيسا محتشما مليح الشكل وعين للقضاء قرأ عليه البرزالي مشيخة أبي شهر بروايته حضورا عن إبراهيم بن خليل1 مولده سنة أربع وخمسين وستمائة وتوفي كهلا سنة تسع وتسعين وستمائة انتهى. ثم درس بها المعمر الصالح كمال الدين محمد بن القاضي محيي الدين بن الزكي قال الحافظ شمس الدين الحسيني في ذيل العبر سنة أربع وأربعين وسبعمائة ومات الكمال ابن الزكي القرشي الشافعي مدرس التقوية والعزيزية عن سن غالية وسمع من ابن البخاري وغيره ودرس بعده بالتقوية القاضي الإمام تاج الدين أبو نصر عبد الوهاب بن السبكي وأخذ في قوله تعالى {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} انتهى. وفد تقدمت ترجمة القاضي الإمام تاج الدين هذا في دار الحديث الأشرفية الدمشقية. ثم درس بها الإمام العلامة المصنف الجامع بين أشتات العلوم شمس الدين أبو عبد الله محمد بن سليمان الصرخدي نيابة لكن لا أعلم عمن ناب أخذ العلوم عن مشايخ ذلك العصر وممن أخذ عنه الشيخ شمس الدين ابن قاضي شهبة والشيخ عماد الدين الحسباني وأبو العباس العنابي وكان أجمع أهل البلد لفنون العلم أفتى ودرس واشتغل وصنف غير أن لسانه كان قاصرا وقلمه أحسن من لسانه وكان حظه من الدنيا قليلا لم يحصل له شيء من المناصب وإنما درس بالتقوية هذه والكلاسة نيابة وله تصدير بالجامع وكان ينصر مذهب الشيخ أبي الحسن الأشعري2 كثيرا ويعادي الحنابلة وصنف شرح المختصر ثلاثة أجزاء واختصر إعراب السفاقسي واعترض عليه

_ 1 شذرات الذهب 5: 292. 2 شذرات الذهب 2: 303.

في مواضع واختصر قواعد العلائي والتمهيد للأسنوي1 واعترض عليهما في مواضع واختصر المهمات وغير ذلك وكتب الكثير بخطه واحترق غالب مصنفاته في الفتنة قبل تبييضها وكان فقيرا وله عائلة توفي رحمه الله تعالى في ذي الحجة أو ذي القعدة سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة ودفن بباب الصغير بالقرب من معاوية رضي الله تعالى عنه. وقال الشيخ تقي الدين الأسدي في الذيل في ذي القعدة سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة: الفقيه الفاضل بدر الدين أبو عبد الله محمد ابن الشيخ العلامة شمس الدين محمد بن عبد الله خلف بن كامل التقوي الشافعي مولده سنة أربع وستين وتوفي ليلة الاثنين حادي عشره ببستان بأرض حمام الزمرد وصلي عليه من الغد بعد صلاة الظهر بالجامع المظفري 2 ودفن عند والده بتربته غربي الجامع المذكور وقد نزل لولده وهو صغير عن نصف وظائفه وهي تدريس التقوية وتدريس القوصية وحصة في نظر وقف التقوية ونزل لي عن النصف الآخر ثم قال في شهر ربيع الأول سنة اثنتين وثلاثين: وفي يوم الأربعاء حادي عشريه حضرت الدرس بالمدرسة التقوية وأخذت في أول كتاب الحج من التنبيه ثم قال في يوم الجمعة رابع ذي الحجة سنة خمس وثلاثين: وقد سألني في نيابة القاضي الجديد كمال الدين البارزي فامتنعت عن استنابته فلما كان هذا اليوم سئلت في ذلك وألحوا علي فأجبت استحياء من القاضي والحاضرين وترك لي القاضي نصف تدريس التقوية وكان لي في نفس الأمر ولكن كان القاضي قد تغلب عليه انتهى. ثم درس بها ولده شيخنا المرحوم العلامة بدر الدين أبو الفضل محمد بن قاضي شهبة ثم نزل عن تدريسها للقاضي محب الدين أبي الفضل محمد ابن شيخنا القاضي برهان الدين بن قاضي عجلون ثم درس بها نيابة عنه في نصف تدريسها واستقلالا في النصف الآخر صهره العلامة كمال الدين ابن القاضي عز الدين بن حمزة الحسيني في شهر ربيع الأول سنة خمس وسبعين

_ 1 شذرات الذهب 6: 223.

وثمانمائة في أول كتاب صلاة الجماعة وحضره جماعه منهم العلامة زين الدين خطاب1 وآخرون وحضرت معهم وقد تقدمت تراجم هؤلاء في المدرسة الأمجدية. فائدة: قال الذهبي في عبره في سنة أربع وسبعين وستمائة: وظهير الدين أبو الثناء محمود بن عبد الله الريحاني الشافعي المفتي أحد مشايخ الصوفية كان إمام التقوية وغالب نهاره بها صحب الشيخ شهاب الدين السهروردي وروي عنه وعن أبي المعالي صاعد رحمه الله تعالى توفي في شهر رمضان وله سبع وسبعون سنة انتهى. هذا آخر ما انتهى إلينا من تدريس التقوية من السادة العلماء الشافعية.

_ 1 شذرات الذهب 7: 324.

المدرسة الجاروخية

38 - المدرسة الجاروخية داخل بابي الفرج والفراديس لصيقة الإقبالية الحنفية شمالي الجامع الأموي والظاهرية الجوانية قال ابن شداد: بانيها جاروخ التركماني يلقب بسيف الدين انتهى، وقال في العبر في سنة تسع وثلاثين وستمائة البدر علي بن عبد الصمد بن عبد الجليل الرازي المؤدب بمكتب جاروخ بدمشق روى عن السلفي ثمانين الآجري2 توفي رحمه الله تعالى في شهر ربيع الآخر انتهى. بناها جاروخ برسم المدرس العلامة الإمام أبي القاسم محمود بن المبارك بن علي ابن المبارك المعروف بالمجير الواسطي ثم البغدادي الشافعي أحد العلماء الأذكياء والمحررين في المذهب تفقه بالنظامية على أبي منصور بن الرزاز3 وغيره وسمع الحديث من جماعة وكان ذكيا فصيحا بليغا أعاد في شبيبته للإمام أبي النجيب السهروردي4 في مدرسته ثم سار إلى دمشق فدرس بالمدرسة التي بنيت له وهي هذه الجاروخية المذكورة قاله ابن كثير وابن قاضي شهبة في تاريخيهما في سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة فخرج إلى دمشق

_ 2 شذرات الذهب 3: 35. 3 شذرات الذهب 3: 122. 4 شذرات الذهب 4: 208.

ونشر بها علم الطب واتصل بامرأة من بنات الملوك وبنت له مدرسة جاروخ ثم توجه إلى شيراز وبني له بها مدرسة فلما جاءت دولة ابن القصاب1 أحضره إلى بغداد وولاه تدريس النظامية ويوم ألقى الدرس كان يوما مشهودا فدرس بها اسبوعا وسير في الرسالة إلى همذان وكان أحذق أهل زمانه مع سكون ظاهر وقلة انزعاج روى عنه ابن خليل في معجمه وخرج رسولا إلى خوارزم شاه إلى أصبهان فمات بطريقه بهمدان في ذي القعدة ودفن هناك انتهى. وقال ابن الدبيثي2 برع في المذهب حتى صار أوحد أهل زمانه وتفرد بمعرفة الأصول والكلام وما رأينا أجمع لفنون العلم منه مع حسن العبارة وكان بينه وبين شيخ الشافعية جمال الدين بن فضلان3 مناظرات وكان كل منهما يشنع على الآخر وتوفي ابن فضلان بعده في شعبان سنة خمس وتسعين وخمسمائة. وقال الذهبي في العبر في سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة: والمجير الإمام محمود ابن المبارك الواسطي البغدادي الفقيه الشافعي أحد الأذكياء والمناظرين تفقه على أبي منصور بن الرزاز وأخذ علم النظر عن أبي الفتوح محمد بن الفضل الأسفرائيني4 وصار المشار إليه في زمانه والمقدم على أقرانه حدث عن ابن الحصين5 وجماعة ودرس بالنظامية وكان طويلا جدا غواصا على المعاني قدم دمشق وبنيت له مدرسة جاروخ ثم توجه إلى شيراز وبنى له ملكها مدرسة ثم أحضره ابن القصاب وقدمه انتهى. وابن القصاب المذكور هو الوزير الكبير مؤيد الدين أبو الفضل محمد بن علي البغدادي المنشئ البليغ توفي في هذه السنة المذكورة وهي سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة ثم درس بها الفقيه أبو الفتح نصر الله بن محمد بن عبد القوي المعروف بالمصيصي الأشعري نسبا ومذهبا سكن دمشق ودرس بهذه المدرسة كما قاله ابن

_ 1 شذرات الذهب 4: 311. 2 شذرات الذهب 5: 185. 3 شذرات الذهب 4: 321. 4 شذرات الذهب 4: 118. 5 شذرات الذهب 4: 77.

شداد وبالغزالية كما سيأتي فيها بعد شيخه نصر وله أوقاف على وجوه البر توفي رحمه الله تعالى في شهر ربيع الأول سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة ودفن بمقابر باب الصغير ثم درس بها بعده الفقيه قطب الدين وهو النيسابوري صاحب كتاب الهادي في الفقه وقال الأسنوي وهو مختصر قريب من مختصر التبريزي1 في الحجم كانت المتفقهة في بعض النواحي من الأعصار المتقدمة يحفظونه وقد تقدمت ترجمته في دار الحديث العروية ثم وليها الشيخ شهاب االدين أحمد ابن شيخ الإسلام ويعرف بالأعرج وكان زاهدا عالما فاضلا بارعا وله قدم مع الملوك ناب في ديار العدل بالديار المصرية ثم وليها الشيخ نجم الدين البارزي وتوفي رحمه الله تعالى بها لفالج لحقه ثم وليها تاج الدين أبو بكر بن علي بن أبي طالب الإسكندري ثم وليها الشيخ مجد الدين عبد المجيد الروذراوري وكان عالما أديبا فاضلا في أنواع العلوم وتوفي بها ثم وليها الشيخ كمال الدين محمد بن رضي الدين أحمد بن علي المعروف بابن النجار وكيل بيت المال بدمشق إلى سنة تسع وستين وستمائة ثم وليها عز الدين عمر الأردبيلي ثم وليها نجم الدين الفاروثي ورد من بغداد فولي بها إلى سنة إحدى وسبعين وستمائة وارتحل عنها إلى الحجاز ثم ردت إلى عز الدين عمر الأردبيلي وهو مستمر بها إلى الآن قال ذلك ابن شداد وهو عجب فان ممن درس بها قاضي القضاة صدر الدين بن سني الدولة وقد مات سنة ثمان وخمسين وستمائة ولم يذكره وقد تقدمت ترجمة قاضي القضاة هذا في المدرسة الإقبالية. ثم ممن درس بها الفقيه الإمام العالم المناظر شرف الدين أبو عبد الله الحسين بن كمال الدين علي بن إسحاق بن سلام بتشديد اللام ابن عبد الوهاب بن الحسن بن سلام الدمشقي الشافعي ولد سنة ثلاث وسبعين وستمائة واشتغل وبرع وحصل وناظر وأفتى. وقال ابن كثير: ودرس بالجاروخية والعذراوية وأعاد بالظاهرية وولي إفتاء دار العدل أيام الأفرم

_ 1 شذرات الذهب 4: 5.

ومن كلام الكتبي يفهم أنه أول من ولي إفتاء دار العدل وكان واسع الصدر كبير الهمة كريم النفس مشكور السيرة في فهمه وخطه فصاحته ومناظرته. قال الذهبي: وكان من الأذكياء توفي رحمه الله تعالى رابع عشرين شهر رمضان سنة سبع بتقديم السين عشرة وسبعمائة ودفنت بباب الصغير وترك أولادا ودينا كثيرا فوفته عنه زوجته بنت زويزان تقبل الله تعالى منها وسيأتي ذكر والده كمال الدين في الدولعية وقال ابن كثير في هذه السنة المذكورة: وفي سادس عشر شوال درس بالجاروخية القاضي كمال الدين محمد ابن الشيخ كمال الدين بن الشريشي بعد وفاة الشيخ شرف الدين بن سلام وحضر عنده الأعيان والكبار انتهى. وقد تقدمت ترجمة القاضي كمال الدين هذا في دار الحديث الناصرية وقال ابن كثير في سنة ثلاثين وسبعمائة: الشيخ نجم الدين عبد الرحيم بن عبد الرحمن بن نصر الموصلي المعروف والموصوف بابن الشحام اشتغل ببلده ثم سافر وأقام بمدينة سراي من مملكة أزبك خان ثم قدم دمشق في سنة أربع وعشرين فدرس بالظاهرية البرانية ثم بالجاروخية وأضيف إليه مشيخة رباط القصر ثم نزل عن ذلك لزوج ابنته نور الدين الأردبيلي توفي في شهر ربيع الأول وكان يعرف طرفا من الفقه والطب انتهى. ثم درس بها بعده الإمام العالم العلامة الفقيه الأصولي نور الدين أبو محمد فرج بن محمد بن أحمد بن أبي الفرج الأردبيلي قرأ المعقولات بتبريز وتخرج بالشيخ فخر الدين الجاربردي1 ثم قدم دمشق واشتغل في الفقه ودرس بالظاهرية البرانية والجاروخية هذه ثم بالناصرية الجوانية قال الحافظ تقي الدين بن رافع: كان دينا خيرا ملازما للاشتغال والجمع بشوش الوجه حسن الملتقي متواضعا انتهى. وقال السيد في ذيل العبر: وشرح منهاجي البيضاوي والنواوي توفي شهيدا في جمادى الآخرة سنة تسع وأربعين وسبعمائة ودفن بباب الصغير رحمه الله تعالى ثم وليها العلامة عماد الدين

_ 1 شذرات الذهب 6: 148.

الحسباني وقد تقدمت ترجمته في الاقبالية وهذا آخر ما وقفنا عليه من مدرسيها. تنبيه: قال ابن كثير في سنة ست وتسعين وخمسمائة: الفقيه مجد الدين أبو محمد طاهر بن نصر الله بن جهبل مدرس القدس الشريف اول من درس بالصلاحية وهو والد الفقهاء من بني جهبل كانوا بالمدرسة الجاروخية ثم صاروا إلى العمادية والدماغية في أيامنا هذه ثم ماتوا ولم يبق إلا شرحهم انتهى قلت وهو الذي بشر بفتح بيت المقدس للسلطان صلاح الدين حين فتح حلب الشهباء قال ابن كثير في سنة تسع وسبعين وخمسمائة: وقد كان بشر بفتح بيت المقدس حين فتح حلب الشهباء وذلك ان الفقيه مجد الدين ابن جهبل الشافعي رأي في تفسير إبي الحكم المغربي1 عند قوله تعالى {ألم غُلِبَتِ الرُّومُ} الآية البشارة بفتح بيت المقدس في سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة واستدل على ذلك بأشياء فكتبه في ورقة وأعطاها للفقيه عيسى2 الهكاري ليبشر بها السلطان فلم يتجاسر على ذلك خوفا من عدم المطابقة فأعلم بذلك القاضي محيي الدين بن الزكي فنظم معناها في قصيدة يقول فيها: وفتحكم حلب الشهباء في صفر ... مبشر بأفتتاح القدس في رجب وقدمها للسلطان صلاح الدين فتشوقت همة السلطان إلى ذلك فلما افتتحها كما سيأتي أمر القاضي محيي الدين بن الزكي فخطب يومئذ وكان يوم الجمعة ولما بلغه أن ابن جهبل هو الذي اطلع على ذلك اولا امره فدرس على نفس الصخرة درسا عظيما واحسن إليه وأجزل له العطاء وبالغ في الثناء عليه انتهى. وقال في سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة: واستمر القاضي محيي الدين محمد بن علي بن الزكي القرشي يخطب بالناس في أيام الجمع أربع جمعات ثم ق 4 رر السلطان للقدس خطيبا مستقرا وارسل إلى حلب فاستحضر المنبر الذي كان

_ 1 شذرات الذهب 4: 113. 2 شذرات الذهب 12: 356.

الملك العادل نور الدين محمود قد استعمله لبيت المقدس لما كان يؤمله من فتحه في حياته فلما كان إلا على يدي بعض أتباعه بعد وفاته رحمه الله تعالى. نكته: قال الشيخ شهاب الدين أبو شامة في الروضتين: وقد تكلم عليه شيخنا أبو الحسن علي بن محمد السخاوي في تفسيره الأول فقال: وقع في تفسير أبي الحكم الأندلسي يعني ابن برجان في أول سورة الروم إخبار عن فتح بيت المقدس وأنه ينتزع من أيدي النصارى سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة قال السخاوي: ولم أر مأخذ ذلك من علم الحرف وإنما أخذه فيما زعم من قوله تعالى: {الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ} الآية فبنى الأمر على التاريخ كما فعله المنجمون ثم ذكر أنهم سيغلبون في سنة كذا على ما يقتضيه دوائر التقدير ثم قال: وهذه نجابة وافقت إصابة إن صح أنه قال: ذلك قبل وقوعه وكان في كتابه قبل حدوثه قال: وليس هذا من قبيل علم الحرف ولا من ناب الكرامات لأنها لا تنال بحساب قال: وقد ذكر في تفسير سورة القدر أنه لو علم الوقت الذي نزل فيه القرآن لعلم الوقت الذي يرفع فيه قلت ابن برجان ذكر هذا في تفسيره في حدود سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة ويقال إن الملك نور الدين أوقف على ذلك فطمع ان يعيش إلى سنة ثلاث وثمانين لأن مولده في سنة إحدى عشرة وخمسمائة فتهيأ لأسباب ذلك حتى انه أعد منبرا عظيما هائلا لبيت المقدس إذا فتحه الله تعالى على يديه والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب انتهى.

المدرسة الحمصية

39 - المدرسة الحمصية تجاه الشامية البرانية قال ابن كثير في سنة ست وعشرين وسبعمائة: وفي يوم الأحد رابع عشر ذي القعدة فتحت المدرسة الحمصية تجاه الشامية البرانية ودرس بها العالم العلامة محيي الدين الطرابلسي وكان رحمه الله تعالى قاضي حصن عكار ويلقب بأبي رياح وحضر عنده الشيخ العالم القاضي الشافعي يعني جلال الدين القزويني انتهى.

المجرسة الحلبية

المجرسة الحلبية ... 40 - المدرسة الحلبية هي بخط السبعة أقيمت الجمعة فيها سنة ثلاث عشرة وثمانمائة قال ابن قاضي شهبة رحمه الله تعالى في صفر اربع عشرة وثمانمائة ثم قال: وفي رجب سنة خمس عشرة وممن توفي فيها شهاب الدين احمد بن عبد الخالق كان في أول أمره مغنيا يعلم الجواري الغناء ثم تاب عن ذلك وكان ملازما للصلاة ووقف إلى جانب المدرسة الحلبية مسجدا وأصنافه إلى المدرسة المذكورة ووقف عليها وقفا ولم يخلف ولدا ووقف ثلث قاعة على الزيت الذي يوقد في الحجرة النبوية على الحال بها أفضل الصلاة وأتم السلام والثلث على زوجته والثلث الثالث على ابن أخيه ووقف على قراءة البخاري بالحلبية ومآل ذلك إلى الزيت على الحجرة المذكورة توفي يوم الأحد مستهل الشهر المذكور وكان شيخا دينا جدا انتهى. ثم قال في جمادى الآخرة سنة ثمان وعشرين وثمانمائة: في وفاة الأمير سيف الدين زمرة أثر الظاهري الحاجب أصله من مماليك برقوق ولي الحجوبية بدمشق بعد الفتنة وحصل مالا من المغسلين للموتى بدمشق ثم وقع بينه وبين قاضي القضاة علاء الدين بن أبي البقاء وضرب بعض الشهود وترافعوا إلى النائب الشيخ خاصكي1 فعزل بعد ذلك بقليل وتحمل لقلة من بقي من إخوته وشيخه وبقي بطالا مدة طويلة وحصل أملاكا كثيرة توفي ليلة الأحد عاشر الشهر المذكور ودفن بمقبرة الشيخ ارسلان رحمه الله ورحمنا به في الدنيا والآخرة وهو في سن السبعين وبنى على قبره قبة ومات رحمه الله تعالى عن غير ولد ووقف املاكه كلها على جهات بر بمكة المكرمة وبالمدينة المنورة على الحال بها افضل الصلاة وأتم السلام ووقف بعض شيء من أملاكه على مدرسة أبي عمر رحمه الله تعالى ورحمنا به في الدارين آمين وجعل بعض شيء للمدرسة الحلبية

_ 1 شذرات الذهب 7: 6.

وكانت المدرسة المذكورة مقابل بيته وكان مقابل داره سبيلا وجعل شيئا من قراءة الحديث للمدرسة الحلبية المذكورة وقراء البخاري وجهات بر وخير رحمه الله تعالى ونفعه بما فعل وأجزل له العمل آمين انتهى ذلك ملخصا.

المدرسة الخبيصية

41 - المدرسة الخبيصية قبلي الزنجاري قال الأسدي في المحرم سنة أربع عشرة وثمان: مائة أقضى القضاة بدر الدين حسين المعروف بابن قاضي أذرعات اشتغل في النحو على شرف الدين الأنطاكي حتى فضل في ذلك وأخذ الفقه عن نجم الدين ابن الجابي1 وشرف الدين بن الشريشي واشتغل مع الفقهاء أي فقهاء البادرائية وصحب القاضي سري الدين2 ثم صحب قاضي القضاة علاء الدين3 واختص به كثيرا وحصل له منه نفع ووظائف وناب بعد الفتنة لقاضي القضاة نجم الدين بن حجي ولقاضي القضاة الأخنائي ولشهاب الدين الباعوني ثم ترك ذلك وأشهد عليه انه تاب من ولاية القضاة وكان يكتب خطا حسنا سريعا نسخ بخطه أشياء كثيرة وكان فصيح العبارة ذكيا ولكنه كان قليل الاستحضار للفقه وله تصدير بالجامع يشتغل فيه وكان قليل الأذى بلسانه وفعاله وكان آخر عمره خيرا من أوله وختم له بالشهادة فتوفي ليلة الأحد وقت المغرب سلخ الشهر بسكنه بأعلى مدرسة الخبيصية ودفن من الغد بتربه الشيخ أرسلان وحضر جنازته خلق كثير وخلف ثلاثة بنين وكتب جهاته وهي التصدير وإعادة العذراوية ومشيخة مدرسة الخبيصية وعمالة السميساطية ونصف خطابة الكرك والفقاهات باسم أولاده ولم يكن بيده تدريس وكان كريم النفس وكان له أربعة عشر من فقهاء الشافعية المشهورين انتهى وقال الأسدي في شهر رمضان سنة ست عشرة وثمانمائة وممن صلى في هذا الشهر بالقرآن الكريم عبد الوهاب ابن

_ 1 شذرات الذهب 6: 296. 2 شذرات الذهب 6: 220 3 شذرات الذهب 6: 220.

الشيخ بدر الدين ابن قاضي أذرعات بمدرسة الخبيصية وحضر ختمه القاضي تاج الدين الزهري1 وجماعة من الفقهاء وابن القاضي تاج الدين المالكي بالشاغور وابن الأمير محمد بن سعد الدين المنجكي صلى بمكان بني منجك وهو بسويقة ساروحا بناه الزين بن سعد الدين في سنة ثلاث وأربعين وختم بجامع تنكز وخلع عليه الاستدار أرغون شاه خلعة بطراز وركب في ختمه هو والحاجب الثاني شاهين الشبلي انتهى كلامه.

_ 1 شذرات الذهب 7: 167.

المدرسة الخليلية

42 - المدرسة الخليلية بدمشق. قال الشريف الحسيني في ذيل العبر سنة ست وأربعين وسبعمائة: مات بحمص نائبها الأمير سيف الدين بكتمر الخليلي صاحب مدرسة الخليلية بدمشق ونقل إليها في تابوت فدفن بالقبيبات رحمه الله تعالى.

المدرسة الدماغية

43 - المدرسة الدماغية داخل باب الفرج غربي الباب الثاني الذي قبلي باب الطاحون وهي قبلي وشرقي الطريق الآخذ إلى باب القلعة الشرقي وهذا الطريق بينها وبين الخندق وهي أيضا شمالي العمادية منتصفة بين الشافعية والحنفية قال ابن شداد المدرسة الدماغية على الفريقين منشئها جده فارس الدين بن الدماغ زوجة شجاع الدين بن الدماغ العادلي 2 في سنة ثمان وثلاثين وستمائة قال ابن كثير في سنة أربع عشرة وستمائة: الشجاع محمود المعروف بابن الدماغ كان من أصدقاء العادل يضحكه فحصل اموالا جزيلة كانت داره داخل باب الفرج فجعلتها زوجته عائشة مدرسة للشافعية والحنفية ووقفت عليها أوقافا وقال الأسدي في سنة أربع عشرة المذكورة شجاع الدين محمود ابن الدماغ قال أبو شامة: كان من أصدقاء العادل في زمن شبيبته وبقي معه في زمن السلطنة مضحكا له وحصل له ثروة عظيمة توفي بدمشق في ذي

_ 2 شذرات الذهب 5: 61.

القعدة وداره بدمشق جعلتها زوجته عائشة مدرسة للفريقين الشافعية والحنفية بحضرة باب الفرج انتهى ووقفها بقصر اللباد شرقي مقري ثمانية أسهم من أربعة وعشرين سهما وهي الثلث من المزرعة الدماغية والحصة من رجم الحيات والحصة من حمام إسرائيل خارج دمشق والحصة بدير سلمان من المرج ومزرعة شرخوب عند قصر أم حكيم شرقي قرية عراد وقبلي شقحب وقال الأسدي ومحاكرات وغير ذلك وقال في سنة خمس عشرة وستمائة من تاريخه إن نعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اليمنى كانت بهذه المدرسة الدماغية والنعل اليسرى بدار الحديث الأشرفية الدمشقية وإن تمرلنك أخذ الفردتين فاعرفه قال ابن شداد أول من درس بها من الشافعية قاضي القضاة شمس الدين الخويي المشهور ثم موفق الدين الخويي بشرط الموافقة وكان الناظر عليها ثم شهاب الدين ابن قاضي القضاة شمس الدين الخويي ثم كمال الدين التفليسي ثم عماد الدين بن يونس الموصلي مستمرا بها إلى أن توفي في ذي القعدة سنة أربع وسبعين وستمائة 4 انتهى ثم درس بها وهو شاب قاضي القضاة ذو الفنون شهاب الدين أبو عبد الله محمد ابن قاضي القضاة شمس الدين أبي العباس احمد ابن الخليل بن سعادة بن جعفر الخويي قاضي دمشق وابن قاضيها ولد في شوال سنة ست وعشرين وستمائة بدمشق وله ترجمة طويلة توفي في خامس عشرين شهر رمضان سنة ثلاث وتسعين وستمائة ودفن بتربته بالسفح وقال ابن كثير في سنة ثلاث وثمانين وستمائة في وفاة عز الدين ابن الصائغ ودرس بعده بالعذراوية الشيخ زين الدين عمر بن مكي بن المرحل وكيل بيت المال ودرس ابنه محيي الدين أحمد بالعمادية وزاوية الكلاسة في جامع دمشق ثم توفي ابنه احمد بعده في يوم الاربعاء ثامن شهر رجب فدرس بالعمادية والدماغية الشيخ زين الدين الفارقي شيخ دار الحديث نيابة عن أولاد القاضي عز الدين بن الصائغ بدر الدين وعلاء الدين انتهى ثم درس بها الشيخ الإمام الزاهد بدر الدين ابو اليسر محمد ابن قاضي القضاة عز

الدين محمد بن عبد الخالق بن خليل بن مقلد بن جابر الأنصاري الدمشقي المعروف بابن الصائغ ميلاده في المحرم سنة ست وسبعين بتقديم السين وستمائة وقرأ التنبية ولازم حلقة الشيخ برهان الدين الفزاري زمانا وسمع الكثير وحدث سمع منه البرزالي وخرج له جزءا من حديثه وحدث به ودرس بالعمادية كما سيأتي وبالدماغية هذه وجاءه التقليد بقضاء القضاة في سنة سبع وعشرين فامتنع وأصر على الامتناع فأعفي ثم في سابع عشر شهر رمضان سنة أربع وثلاثين وسبعمائة وولي خطابة القدس الشريف وخطب بها في الثاني والعشرين من شهر رمضان عوضا عن زين الدين بن جماعة بمقتضى تركه واختياره العود إلى القاهرة وطلب بدر الدين أن يكون عوضه في المدرستين الدماغية والعمادية بدر الدين بن غانم فأجيب ووقع المذكور ثم ترك الخطابة المذكورة وقال الذهبي الإمام القدوة العابد كان مقتصدا في أموره كثير المحاسن حج غير مرة وقال ابن رافع كان على طريقة حميدة وعنده عبادة واجتهاد وملازمة للصلحاء والأخيار وإعراض المناصب عن المنصب وكان معظما مبجلا وقورا توفى رحمه الله تعالى بدمشق في جمادى الأولى سنة تسع وثلاثين وستمائة ودفن بتربتهم بسفح قاسيون ثم درس بها ولده نور الدين محمد قال السيد في ذيل العبر في سنة أربع وأربعين وسبعمائة وولي قضاء الشافعية بحلب شيخنا الزاهد قاضي القضاة نور الدين محمد بن محمد بن الصائغ ودرس بعده في الدماغية بدمشق القاضي جمال الدين السبكي وأخذ في قوله تعالى {وعدكم الله مغانم كثيرة} الآية انتهى توفي رحمه الله نور الدين المذكور بحلب قاضيا بها في سنة تسع وأربعين وسبعمائه والقاضي جمال الدين الذكور هو الإمام جمال الدين أبو الطيب الحسين ابن شيخ الإسلام تقي الدين السبكي ولد بمصر في شهر رجب سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة وأحضره والده على جماعة من المشايخ وسمع البخاري على الحجار لما ورد مصر وتفقه على والده وعلى الشيخ السنكلاني وغيره وأخذ النحو عن أبي حيان

والأصول عن الأصفهاني وقدم دمشق مع والده سنة تسع وثلاثين ثم طلب الحديث بنفسه وقرأ على المزي والذهبي وأخذ الفقه عن الشيخ شمس الدين ابن النقيب ثم رجع إلى مصر ودرس بالهكارية ثم عاد إلى دمشق وأفتى وناظر وناب عن والده في أوائل سنة خمس وأربعين ودرس بالشامية البرانية والعذراوية والدماغية هذه وبعدة مدارس غيرها وكان من أذكياء العالم يحكم جيدا نظيف العرض من قضاة العدل عجبا في استحضار كتاب التسهيل والحاوي الصغير توفي في دمشق في شهر رمضان سنة خمس وخمسين وسبعمائة قبل والده بتسعة أشهر ودفن بتربتهم بسفح قاسيون ثم ولي تدريسها قاضي القضاة تاج الدين بن السبكي وقد تقدمت ترجمته في دار الحديث الأشرفية الدمشقية ثم درس بها الإمام العلامة صدر المدرسين وأوحد المناظرين شمس الدين أبو عبد الله محمد بن الخطيب شهاب الدين أحمد خطيب يبرود ومدرس الشامية البرانية خمس عشرة سنة كما سيأتي ميلاده سنة إحدى وسبعمائة واشتغل على الشيخين برهان الدين الفزاري وكمال الدين بن قاضي شهبة وأخذ عن محيي الدين بن أبي جهل وكمال الدين الزملكاني أيضا وأخذ العربية عن الشيخ نجم الدين القحفازي والأصول عن الشيخ شمس الدين الأصفهاني وبرع في الأصول وشارك في العلوم ودرس وأفتى قديما سنة ست وثلاثين بتربة أم الصالح كما سيأتي وناب في الحكم عن القاضي جلال الدين القزويني في ولايته الثانية ثم توجه إلى الديار المصرية فصادف وفاة الشيخ شمس الدين بن اللبان فاستقر عوضه في تدريس قبة الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه وتدريس جامع الحاكم فباشرهما مدة سنة ثم نزل عنهما للقاضي بهاء الدين بن السبكي بحكم نزول أخيه القاضي جمال الدين له عن تدريس الشامية البرانية وقدم وباشر التدريس المذكور أزيد من تسع سنين ثم ناقل قاضي القضاة تاج الدين بن السبكي منه إلى تدريس المسرورية والدماغية وغيرهما ثم نزل عن وظائفة بدمشق وتوجه إلى الحجاز في سنة ستين فجاور بالمدينة المنورة على

الحال بها أفضل الصلاة وأتم السلام مدة ثم ولي القضاء بها ثم قدم إلى القاهرة وولي تدريس الناصرية الجوانية بدمشق بعد وفاة القاضي شمس الدين الغزي الذي نزل عنه تاج الدين بن السبكي وقدم دمشق ودرس بها دون سنة فلما توفي القاضي تاج الدين تركها وولي تدريس الشامية البرانية واستمر بها نحو ست سنين إلى أن توفي في سنة سبع بتقديم السين وسبعين وسبعمائة ودفن بباب الصغير عند الشيخ حماد ثم درس بها العلامة البارع المفتي النظار نجم الدين أبو العباس أحمد بن عثمان بن عيسى بن حسن بن حسين بن عبد المحسن الياسوفي الأصل الدمشقي المعروف بابن الجابي ميلاده في أواخر سنة ست وثلاثين وسبعمائة سمع الحديث وكتب بخطه طباقا والمشتبه الذهبي وطالع في الحديث وفهم فيه وأخذ الفقه عن المشايخ الثلاثة الغزي والحسباني وابن حجي وغيرهم وأخذ الأصول عن الشيخ بهاء الدين الأخيمي ودرس وأفتى واشتغل واشتهر اسمه وشاع ذكره وكان أولا فقيرا ودرس بالدماغية هذه ثم تحول فورث فورت هو وابنه مالا من جهة زوجته وكثر ماله ونما واتسعت عليه الدنيا وسافر إلى مصر في تجارة وحصل له وجاهة بالقاهرة بكاتب السر الأوحد وولي تدريس الظاهرية أخذها من ابن الشهيد وأعاد بالشامية الجوانية توفي في جمادى الأولى سنة سبع بتقديم السين وثمانين وسبعمائة ودفن بمقبرة الصوفية ثم درس بها الشيخ الإمام العلامة مفتي المسلمين أقضى القضاة شهاب الدين أبو العباس أحمد بن راشد بن طرخان اللمكاوي الدمشقي أحد الائمة العلماء المعتبرين وأعيان الفقهاء الشافعيين اشتغل في الفقه والحديث والنحو والأصول على مشايخ عصره ونقل عن الشيخ شهاب الدين الزهري أنه قال ما في البلد من أخذ العلوم على وجهها غيره وكان ملازما للاشتغال وتخرج به جماعة وناب في القضاء ودرس في الدماغية هذه وناب في الشامية الجوانية كما سيأتي فيها وكان في آخر عمره قد صار مقصودا بالفتاوى من سائر

الأقطار وكان يكتب عليها كتابة حسنة وخطه جيد قال الشيخ تقي الدين الأسدي وكان في ذهنه وقفة وعبارته ليست كقلمه وكان يرجع إلى دين وملازمة لصلاة الجماعة لكنه يميل إلى ابن تيمية كثيرا ويعتقد رجحان كثير من مسائلة وفي أخلافه حدة وعنده نفرة من الناس وانفصل من الوقعة وهو متألم مع ضعف بدنه السابق وحصل له جوع فمات في شهر رمضان سنة ثلاث وثمانمائة وهو في عشر التسعين ظنا ودفن بمقبرة باب الفراديس بطرفها الشمالي من جهة الغرب ثم درس بها شيخنا شيخ الاسلام بدر الدين الأسدي ثم نزل عنها لرفيقنا العلامة مفتي المسلمين بهاء الدين أحمد الحواري الدمشقي ثم نزل عنها للقاضي زين الدين ابن القاضي ولي الدين الشهير بابن قاضي عجلون

المدرسة الدولعية

44 - المدرسة الدولعية بحيرون قبلي المدرسة البادرائية بغرب أنشأها العلامة جمال الدين أبو عبد الله محمد بن أبي الفضل بن زيد بن ياسين بن زيد الخطيب التغلبي الأرقمي الدولعي ثم الدمشقي خطيبها ولد بالدولعية من قرى الموصل كما قاله الصفدي وغيره في جمادى الآخرة سنة خمس وخمسين وخمسمائة ورد دمشق شابا فتفقه على عمه الشيخ ضياء الدين عبد الملك الدولعي1 خطيب دمشق وسمع منه ومن جماعة وولي الخطابة بعد عمه وطالت مدته في المنصب قال الذهبي في العبر: ولي بعد عمه سبعا وثلاثين سنة ذكره في ترجمة عمه وقال في ترجمته فيها: وسمع من ابن صدقة الحراني2 ومن جماعة انتهى. وولي تدريس ذالغزالية مدة وكان له ناموس وسمت حسن يفخم كلامه وقال ابن كثير في تاريخه: وكان مدرسا بالغزالية مع الخطابة وقد منعه المعظم في وقت عن الفتوى فعاتبه السبط في ذلك فاعتذر بأن شيوخ بلدهم أشاروا بذلك لكثرة أخطائه في فتاويه وكان شديد المواظبة على

_ 1 شذرات الذهب 4: 336. 2 شذرات الذهب 4: 282.

الوظيفة لا يكاد يفارق بيت الخطابة ولم يحج قط مع انه كانت له أموال كثيرة ووقف مدرسة بجيرون وولي الخطابة بعده أخ له وكان جاهلا فلم يستقر فيها وتولاها الكمال عمر بن أحمد بن هبة الله بن طلحة النصيبي وولي تدريس الغزالية الشيخ عز الدين بن عبد السلام انتهى مات في جمادى الاولى سنة خمس وثلاثين وستمائة ودفن في مدرسته المذكوره وفيه يقول شرف الدين ابن عنين الشاعر: طولت يا دولعي فقصر ... فأنت في غير ذا مقصر خطابة كلها خطوب ... وبعضها للورى منفر تظل تهذي ولست تدري ... كأنك المغربي المفسر وقال شعرا آخر لا حاجة لنا به وترك هذا هنا أولى لانه غيبة. قال ابن شداد: وهو أول من ذكر بها الدرس ومن بعده أخوه ثم كمال الدين ابن سلام1 وهو مستمر بها إلى الان وقال الذهبي في تاريخه العبر في سنة ثمان وثمانين وستمائة: والكمال بن النجار محمد بن أحمد بن علي الدمشقي الشافعي مدرس الدولعية ووكيل بيت المال روى عن ابن أبي لقمة وجماعة وكان ذا بر وشهامة انتهى وقال تلميذه ابن كثير في سنة إحدى وتسعين وستمائة: وفي يوم الاثنين ثاني جمادى الاولى منها درس بالدولعية كمال الدين ابن الزكي انتهى ثم درس بها الشيخ الامام المفتي الزاهد جمال الدين أبو محمد عبد الرحيم بن عمر بن عثمان الباجربقي الموصلي أشتغل بالموصل وأعاد ثم قدم دمشق في سنة سبع وسبعين وستمائة فخطب في جامع دمشق نيابة ودرس بالقليجية والدولعية المذكورة وحدث بجامع الاصول لابن الاثير2 عن والده عن المصنف وترجمته طويلة توفي في شوال سنة تسع بتقديم التاء وتسعين وستمائة وقال ابن كثير في سنة تسع وتسعين: وفي منتصف شوال درس بالدولعية قاضي القضاة جمال الدين الزرعي نائب الحكم

_ 1 شذرات الذهب 5: 331. 2 شذرات الذهب 5: 22.

عوضا عن جمال الدين الباجربقي انتهى. وقال ابن كثير في سنة سبعمائة: في جمادى الآخرة وفي أواخر الشهر درس ابن الزكي بالدولعية عوضا عن جمال الدين الزرعي لغيبته يعني خوفا من هجوم التتار انتهى. ثم درس بها الشيخ صفي الدين الهندي وقد تقدمت ترجمته في المدرسة الاتابكية وقال ابن كثير في سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة: علاء الدين علي بن محمد بن عثمان بن أحمد بن أبي المهني بن محمد بن محمد بن نحلة الدمشقي الشافعي ولد سنة ثمان وخمسين وستمائة وقرأ المحرر ولازم الشيخ زين الدين الفارقي ودرس بالدولعية والركنية وكان ناظر بيت المال وابتنى دارا حسنة إلى جانب الركنية ومات وتركها في شهر ربيع الاول ودرس بعده بالدولعية القاضي جمال الدين بن جملة وبالركنية زكي الدين الحرستاني انتهى. وقال في سنة ثلاث وثلاثين: وفي شهر ربيع الاول درس الفخر المصري بالدولعية عوضا عن ابن جملة بحكم ولايته القضاء انتهى. والفخر المصري هذا هو الامام العالم العلامة فقيه الشام وشيخها ومفتيها القاضي فخر الدين أبو الفضائل وأبو المعالي محمد ابن الكاتب تاج الدين علي بن إبراهيم بن عبد الكريم المصري الأصل الدمشقي المعروف بالفخر المصري ولد بالقاهرة سنة اثنتين وقيل إحدى وتسعين وستمائة وأخرج إلى دمشق وهو صغير وسمع الحديث بها وبغيرها وتفقه على المشايخ برهان الدين الفزاري وكمال الدين ابن قاضي شهبة وصدر الدين بن المرحل وكمال الدين بن الزملكاني وتخرج به في فنون العلم وأذن له بالإفتاء في سنة خمس عشرة وأخذ الأصول عن الصفي الهندي والنحو عن مجد الدين التونسي ونجم الدين القحفازي وأثير الدين أبي حيان وقرأ المنطق على رضي الدين المنطقي1 والشيخ علاء الدين القونوي وكتب كتبا كثيرة وحفظ مختصر ابن الحاجب في نحو سنة وتسعة عشر يوما وكان يحفظ من المنتقى كل يوم خمسمائة سطر وناب في القضاء مدة ثم ترك ذلك وتفرغ للعلم وتصدر للإشتغال والفتوى وصار هو الإمام

_ 1 شذرات الذهب 6: 97.

المشار إليه والمعول عليه في الفتاوى ودرس بالعادلية والرواحية أيضا كما سيأتي وبالدولعية هذه قال البرزالي في تاريخه سنة ثلاث وثلاثين ومن خطه نقلت وفي يوم الإحد منتصف شهر ربيع الآخر درس القاضي فخر الدين المصري بالدولعية بدمشق وحضر عنده القضاة والاعيان عوضا عن قاضي القضاة جمال الدين بن جملة الشافعي بمقتضى انتقاله إلى تدريس العادلية والغزالية وتولية القضاء اهـ وحصل له نكبة آخر أيام تنكز وصودر وأخرجت عنه العادلية والدولعية ثم بعد موت تنكز استعادهما انتهى وقال الذهبي: برع واشتهر بمعرفة المذهب وبعد صيته وأفتى وناظر وشغل الناس بالعلم مدة مديدة وكان من أذكياء العالم وقال الصلاح الكتبي أعجوبة الزمان وكان ابن الزملكاني معجبا به وبذهنه الوقاد يشير إليه في المحافل وينوه بذكره ويثني عليه وقال الحافظ شهاب الدين بن حجي السعدي وكان قد صار عين الشافعية بالشام فلما جاء السبكي أطفأه قال وسمعت شيخنا ابن كثير يقول إنه سمعه يقول منذ علقت العلم لم أصل صلاة إلا واطمأننت فيها ولا توضأت وضوءا إلا واستكملت مسح رأسي توفي في ذي القعدة سنة إحدى وخمسين وسبعمائة ودفن بمقابر الصوفية كذا رأيت وإنما هو في مقابر باب الصغير ظاهرا قبلي قبة القلندرية وقال ابن كثير في تاريخه في سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة: وفي يوم الجمعة ثاني عشر شهر ربيع الآخر عزل القاضي علم الدين بن القطب من كتابة السر وضرب وصودر ونكب بسببه القاضي فخر الدين المصري وعزل عن مدرسة الدولعية وأخذها ابن جملة والعادلية الصغرى وباشرها ابن النقيب ورسم عليه بالعذراوية مائة يوم وأخذ شيئا من ماله انتهى. وقال الصلاح الصفدي في تاريخه الوافي في المحمدين: محمد بن علي بن عبد الكريم ابن الشيخ الامام الفاضل العلامه ذو الفنون أعجوبة الزمان القاضي فخر الدين أبو عبد الله المقري الشافعي المصري سألته عن مولده فقال سنة إحدى وتسعين وستمائة بظاهر القاهرة في الجنائية ووفاته رحمه الله

تعالى بدمشق في داره بالعادلية الصغيره بعد مرضة طويلة عوفي في أثنائها ثم أنتكس يوم الاحد سادس عشر ذي القعدة سنة إحدى وخمسين وسبعمائة وصلي عليه الظهر بالجامع الاموي ودفن في مقابر باب الصغير وكانت جنازته حافلة أخرج من الديار المصرية أول سنة أثنتين وسبعمائة وأقام بدمشق وقرأ القران على جماعة منهم الشيخ موسى العجمي وقرأ العربيه والفقه أولا على الشيخ كمال الدين بن قاضي شهبة ثم قرأ الفقه على الشيخ برهان الدين إبن الشيخ تاج الدين الفزاري وقرأ بقية العلوم على الشيخ كمال الدين بن الزملكاني وهو أكثرهم إفادة له وكان معجبا به وبذهنه الوقاد وحفظه المنقاد يشير إليه في المحافل والدروس وينوه بقدره ويثني عليه وقرأ الفقه على الشيخ صدر الدين والنحو على الشيخ مجد الدين التونسي وعلى الشيخ نجم الدين القحفازي كتاب المعرب في النحو وحفظ الجزولية وبحث منها جانبا على الشيخ نجم الدين الصفدي وقرأ الحساب على النعمان والمنطق على جماعة اشهرهم الشيخ رضي الدين المنطقي وعلى الشيخ علاء الدين القونوي وحفظ المنتخب في أصول الفقه وحفظ مختصر ابن الحاجب في مدة تسعة عشر يوما وهو أمر عجيب إلى الغاية فان الفاظ المختصر قلقة عقدة ما يرتسم معناها في الذهن ليساعد على الحفظ وحفظ المحصول في أصول الدين وهو قريب من ألفاظ المختصر وحفظ المنتقى في أيام عديدة كراسة في كل يوم والكراسة في قطع البلدي تتضمن خمسمائة سطر وفي سنة خمس عشرة وسبعمائة ولي تدريس العادلية الصغرى وفيها أذن له بالإفتاء وكان له من العمر ثلاث وعشرون سنة ولما توفي شيخه الشيخ برهان الدين ابن االشيخ تاج الدين جلس بعده بالجامع الأموي في حلقة الاشتغال بالمذهب وتأدب مع شيخه فأخلى مكانه وجلس دونه وعلق دروسا من التفسير والحديث والفقه مفيدة وسمع الحديث على هدية بنت عسكر1 وأحمد بن مشرف وحج إلى سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة سبع مرات جاور في الأولى بمكة والمدينة ولما

_ 1 شذرات الذهب 31:6.

حضر من الحجاز كتب له توقيعا بإعادة تدريس الدولعية ونظرها إليه وهذه نسخته. "رسم بالأمر العالي لا زال يرتفع به العلم الشريف إلى فخره ويعيده إلى خير حبر تقتبس العوائد من نوره وتغترف من بحره ويحمد الزمان بولايته من هو علم عصره وفخر مصره أن يعاد المجلس العالي الفخري إلى كذا وكذا وضعا للشيء في محله ورفعا للوابل على طله ودفعا لسيف النظر إلى يد هي تألف هزه وسله ومنعا لشعب مكة أن ينزله غير أهله إذ هو لأصحاب الشافعي رضي الله تعالى عنه حجة ولبحر مذهبه الزاخر لجة ولأهل فضله الذين يقطعون مفاوزه بالسرى صبح بالمسير محجة طالما 2 ناظر الأقران فعدلهم وجادل الخصوم في حومة البحث فخذلهم وجندلهم كما قطع الشبهات بحجج لا يعرفها السيف وأتى بوجه ما رأى الراؤن أحلى منه في أحلام الطيف ودخل باب علم فتحه القفال لطلب نهاية المطلب التبري وارتوى من معين ورد عين حياته الحضرمي1 وتمسك بفروع صح سبكها فقال ابن الحداد2 هذا هو الذهب المصري وأوضح المقال بما نسف به جبال النسفي3 وروى أقوال اصحاب المذاهب بحافظة يتمناها الحافظ السلفي كم جاور بين زمزم والمقام والقى عصا سفره لما رحل عنها الحجيج وأقام وكم طاب له القرار بطيبة وعطر بالأذخر والجلبل رداءه وجيبه وكم استروح بظل نخلها والثمرات وتملى بمشاهدة الحجرة الشريفة وغيره يسفح على قرب تربها العبرات وكم كتب بالوصل له وصلا وبث شكواه فلم يكن بينه وبين الرسول رسولا لا جرم أنه عاد وقد زاد وقارا وآب بعدما غاب ليلا فتوضح سبيله نهارا فليباشر ما فوض إليه جريا على ما عهد من إفادته وألف من رئاسته لهذه العصابة وزيادته وعرف من زيادة يومه على أمسه فكان كنيل بلاده ولايتعجب في زيادته حتى بدرسه ما درس وبثمر عود

_ 1 شذرات الذهب 2: 14. 2 شذرات الذهب 2: 367. 3 شذرات الذهب 4: 115.

الفروع فهو الذي أنبته في هذه المدرسة وغرس مجتهدا في نظر وقفها معتمدا على تتبع ورقات حسابها وصحفها عاملا بشروط الواقف فيما شرط قابضا ما قبضه وباسطا ما بسط ويقوى الله تعالى على حبه ليرفع فيها خاطره ويسرح في رياضها الناضرة ناظره ومثله لا ينبه عليها ولا يومي له بالإشارة إليها فلا ينزع ما لبس من حلاها ولا يسيره في مهمة مهم إلا بسناها والله يديم بفوائده لأهل العلم الظل الوريف ويجدد له سعدا يشكر التالد منه والطريف والظرف والخط الكريم أعلاه حجة بمقتضاه." وقال السيد في ذيل العبر سنة إحدى وخمسين وسبعمائة: ومات بدمشق الفخر المصري كهلا حدث عن ابن الجرائدي وغير ابن الجرائدي وناب في الحكم عن القاضي جلال الدين القزويني ودرس بالرواحية والدولعية وغيرها وكان يلقي دروسا حافلة ويورد في دروسه من الأحاديث الطوال حفظا سردا من غير توقف وكان كثير التلاوة مغرما بالتجارة ثم قال: في هذه السنة مات بدمشق ممن درس بها الإمام العالم قاضي القضاة شمس الدين الأخنائي وقد تقدمت ترجمته في المدرسة الأتابكية ثم درس بها العالم العلامة المحدث الفقيه الواعظ أقضى القضاة محيي الدين أبو زكريا يحيى بن أحمد ابن حسن القبابي1 المصري ثم الدمشقي ميلاده في أواخر سنة ستين وأول سنة إحدى وستين واشتغل بالقاهرة وأقام بمدرسة السلطان حسن وحفظ التنبيه ومختصر ابن الحاجب والألفية وأخذ عن الشيخ سراج الدين البلقيني وابن الملقن والأبناسي2 وغيرهم من علماء العصر وأخذ الحديث عن الشيخ زين الدين العراقي والأصول عن الشيخ عز الدين بن جماعة والنحو عن الشيخ محب الدين بن هشام3 وحفظ الحاوي الصغير وتميز وفضل وقدم دمشق في سنة خمس وثمانين وحضر المدارس مع الفقهاء واشتهر فضله وأثنى المشايخ عليه.

_ 1 شذرات الذهب 2: 323. 2 شذرات الذهب 7: 2. 3 شذرات الذهب 6: 361.

قال الشيخ تقي الدين الأسدي: وبلغني أن الشيخ شهاب الدين الزهري قال: ما جاءنا من طلبة مصر أفضل منه ولزم الشيخ شهاب الدين المذكور وقرأنصف المختصر وقرأ النصف الآخر شهاب الدين الغزي1 وأذن لهما بالإفتاء لما ختما الكتاب في سنة إحدى وتسعين مع ولديه وشيخهما شهاب الدين بن نشوان2 كما تقدم وعمل الشيخ محيي الدين معادا بالجامع قبل الفتنة بشيء يسير وازدحم الناس عليه فلما وقفت الفتنة افتقر واحتاج أن يقيم بقرية في البر فذهب إلى خربة روحا فأقام بها مدة ثم سافر إلى مصر فلم يحصل له بها شيء فعاد ودخل في المواعيد فأقبل عليه الناس لعلمه وفصاحته وانتفع به جماعة من العوام وقرأ صحيح البخاري للأمير نوروز مرتين واستنابه القاضي شهاب الدين بن حجي في سنة إحدى عشرة وباشر لمن بعده من القضاة ولم يجد في ذلك وكان في بصره ضعف ثم إنه تزايد إلى أن أضر قبل الثلاثين وثمانمائة وهو مستمر على مباشرة نيابة القضاء وربما أخذ بيده وعلم وكان يكتب عنه في الفتوى ويكتب هو اسمه ودرس بهذه المدرسة وناب في تدريس الشامية البرانية مرتين وكان فصيحا ذكيا فاضلا في فنون جمة جيد الذهن حسن الظاهر والباطن لين العريكة سهل الانقياد قليل الحسد والغيبة وعنده مروءة وعصبية وفي أواخر عمره بعد موت رفقته دخل الجامع واشتغل وأقرأ التنبيه والمنهاج والحاوي كل واحد في مدة أشهر لكن من غير مطالعة ولا تحرير بل يجري على الظاهر توفي يوم السبت سابع عشر صفر سنة أربعين وثمانمائة ودفن بمقبرة باب الصغير شمالي قبر سيدي بلال رضي الله تعالى عنه قبلي الطريق قال البرزالي والقباب المنسوب إليها قرية من قرى أشموم الرمان من الوجه البحري بجزيرة اليشموم المتصلة بثغر دمياط وكان والده خطيب القرية المذكورة وقباب قرية بالعراق بقرب بعقوبا وقباب محلة بنيسابور وكان تدريسه لهذه المدرسة في شوال سنة ثمان عشرة وثمانمائة في يوم الأربعاء سلخه وحضر عنده قاضي

_ 1 شذرات الذهب 7: 153. 2 شذرات الذهب 7: 135.

القضاة يعني نجم الدين بن حجي وجماعة من الفقهاء والأعيان ودرس في قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً} الآية وتكلم عليها من أوجه وروى حديث "من يرد الله به خيرا يفقهه من الدين" بسنده إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد تلقى هذا التدريس عن قاضي القضاة شمس الدين الأخنائي نزل عنه في مرض موته ولم يباشره إلى هذا الوقت حتى صلحت المدرسة وكان في حياة الأخنائي قد سقف الإيوان فقط ثم عزلت وهيئت وحضر بها هذا اليوم انتهى. ولم أعلم من درس بها بعده سوى ولده.

المدرسة الركنية الجوانية الشافعية

45 - المدرسة الركنية الجوانية الشافعية قال ابن شداد: واقفها ركن الدين منكورس1 عتيق فلك الدين سليمان العادلي وهو الذي بنى الركنية الحنفية البرانية ثم قال وليها شمس الدين بن سني الدولة ثم ولده قاضي القضاة صدر الدين من بعده ثم نجم الدين ولد صدر الدين القاضي ثم شمس الدين بن خلكان وكان ينوب بها عنه الشيخ محيي الدين النواوي ثم بدر الدين محمد بن سني الدولة وهو مستمر بها إلى الآن انتهى وقال ابن كثير في تاريخه سنة ستين وستمائة: وفيها أي هذه السنة نزل القاضي شمس الدين بن خلكان عن تدريس الركنية للشيخ شهاب الدين أبي شامة وحضر عنده حين درس وأخذ في أول مختصر المزني أثابه الله انتهى ثم درس بها علاء الدين بن نحلة وقد تقدمت ترجمته في المدرسة الدولعية ثم درس فيها بعده ركن الدين الحرستاني ولم أقف له على ترجمة ثم درس بها الفقيه المحدث الأديب المتقن تقي الدين أبو الفتح محمد ابن القاضي علاء الدين عبد اللطيف ابن الشيخ صدر الدين يحيى بن علي بن تمام بن يوسف بن موسى بن تمام بن تميم بن حامد الأنصاري السبكي ولد بالمحلة سابع عشر شهر ربيع الآخر سنة أربع وقيل سنة خمس وسبعمائة وطلب الحديث في صغره وسمع خلقا وتفقه على جده الشيخ صدر الدين

_ 1 شذرات الذهب 5: 147.

وعلى الشيخ تقي الدين السبكي وعلى الشيخ قطب الدين السنباطي وتخرج بالشيخ تقي الدين قريبه في كل فنونه فقها وأصولا وكلاما وحديثا ونحوا وغير ذلك وقرأ النحو على الشيخ أبي حيان وتلا عليه بالسبع ودرس بالقاهرة وناب في الحكم ثم قدم دمشق وناب في الحكم أيضا ودرس في الشامية الجوانية كما سيأتي وفي هذه المدرسة توفي ليلة السبت ثامن عشر ذي القعدة سنة أربع وأربعين وسبعمائة ودفن بتربتهم بسفح قاسيون وذكر له الصلاح الصفدي ترجمه طويلة حسنة وأنه درس بالركنية والشركسية وأنه حكى له بعض فقهاء المدرسة الركنية أنه كان لا يتناول منها ما للمدرسة فيها من الجراية ويقول تركي لهذا في مقابلة أني ما يتهيأ لي فيها الصلوات الخمس رحمه الله تعالى ثم درس بها ولده القاضي الإمام العالم البارع الأوحد أقضى القضاة بدر الدين أبو المعالي محمد ميلاده بالقاهرة سنة خمس وثلاثين وسبعمائة وحضر وسمع من جماعة بمصر والشام وكتب بعض الطباق واشتغل في فنون العلم وحصل وأفتى وله درس بالركنية هذه وعمره خمس عشرة سنة في حياة جده لأمه قاضي القضاة شيخ الإسلام تقي الدين السبكي وحدث وناب في الحكم لخاله القاضي تاج الدين ثم ولي قضاء العسكر ولما ولي خاله الشيخ بهاء الدين قضاء الشام كان هو الذي سد القضاء عنه والشيخ بهاء الدين لايباشر شيئا في الغالب وولي تدريس الشامية الجوانية كما سيأتي عوضا عن ناصر الدين بن يعقوب1 في آخر سنة ثلاث وستين ورسم له في سنة ست وستين أن يحكم فيما يحكم فيه خاله القاضي تاج الدين مستقلا فيه منفردا بعده ودرس بالشامية البرانية. قال الحافظ ابن كثير: وكان ينوب عن خاله في الخطابة وكان حسن الخطابة كثير الأدب والحشمة والحياء وله تودد إلى الناس والناس مجمعون على محبته وكان شابا حسن الشكل له اشتغال في العلم وقال الحافظ شهاب الدين بن حجي: كانت له همة عالية في الطلب ذكيا فهيما حسن العبارة في التدريس محببا إلى الناس توفي بالقدس في شوال سنة إحدى وسبعين

_ 1 ابن كثبر 14: 311.

وسبعمائة ودفن بمقابر باب الرحمة وولي الشامية مكانه خاله نزل له عنها وكتبت الركنية باسم ولد له صغير اسمه يحيى وله نصف سنة وولي قضاء العسكر كاتب السر ابن الشهيد ثم درس بها قاضي القضاة سري الدين ثم نزل عنها لولده قبل موته ثم درس بها شهاب الدين الباعوني عوضا عن ابن سري الدين في شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وثمانمائة بولاية النائب تنبك فيها وفي الشامية ثم ناب عن ابن سري الدين في ذلك الشيخ شهاب الدين بن حجي ثم بعد الفتنة نزل عنه ابن سري الدين للشيخ شهاب الدين بن حجي ولأخيه نجم الدين قاضي القضاة وباشراه. وقال الأسدي في تاريخه في سنة خمس عشرة وثمانمائة: وفي يوم الأحد سادس عشر ذي القعدة حضر الشيخ جمال الدين الطيماني تدريس المدرسة الركنية عوضا عن الشيخ شهاب الدين بن حجي والسيد شهاب الدين ابن نقيب الأشراف نزلا له عنها بمائة وخمسين افلوريا قبضا بعضا وصبرا ببعض وأصل القضية أن قاضي القضاة نجم الدين كان قد ولاه تدريس الظاهرية عوضا عن ابن تاج الدين بن الشهيد وعن عمه بحكم عدم أهليتهما ثم صالحهما بنحو خمسين أفلوريا ثم إنه نزل عن نصف التدريس لشرف الدين الرمثاوي عن النصف الذي بيده وحضرا في هذا اليوم حضر الطيماني أولا وحضر معه القاضي شمس الدين ابن الأخنائي وشهاب الدين بن حجي وأخوه نجم الدين وجماعة يسيرة من الفقهاء وذكر خطبة حسنة وتكلم على تفسير قوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} الآية وحكى شيخنا في هذا المجلس أن الرمثاوي لما درس في الشامية البرانية وقرأ قوله تعالى: {وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً} الآية فعزل بعد شهر. ثم حضر نجم الدين الظاهرية ومعه القاضي وأخوه ومعه الفقهاء فذكر في تفسير {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} انتهى كلام الأسدي وفيه نظر فليتأمل والشيخ جمال الدين الطيماني المذكور هو الإمام العالم المفتي البارع الناسك أبو محمد عبد الله ابن محمد بن ركن الدين بن طيمان المصري ثم الدمشقي قال ابن قاضي

شهبة في تاريخه في سنة خمس عشرة مولده بمصر سنة إحدى وسبعين وسبعمائة وربي يتيما فقيرا وصلى بالقرآن وهو ابن سبع سنين ثم شرع في الاشتغال على مذهب الإمام أحمد وقرأ بعض الخرقي ونظر في رؤوس المسائل لأبي الخطاب وكان يحفظ مسائل الخلاف ويبحث مع الناس قال في وكنت حمبليا يشغلني فأشير علي بالانتقال إلى مذهب الشافعي رحمه الله تعالى ولزم الشيخ برهان الدين الاسكندراني وقرأ في المنهاج نحو ربعه وشرع مع الدرس في الفهم وشرع في الاشتغال بالفقه فتقدم في ذلك ثم عدل عن المنهاج إلى الحاوي الصغير وقرأه في ثلاثة أشهر وأخذ عن الشيخ سراج الدين البلقيني ولازمه مدة وأخذ الآصول والنحو والعلوم العقلية عن الشيخ عز الدين بن جماعة وقدم دمشق مرات بسبب وقفه الذي هو عليه بدمشق أولها في آخر أيام الشيخ نجم الدين بن الجابي ثم إنه في آخر أمره أقام بالشام يشتغل ويفتي ويصنف ويدرس بالركنية هذه والعذراوية والظاهرية والشامية الجوانية والفارسية وأعاد فيها وولي خدمة الخانقاة السميساطية قال الشيخ شهاب الدين بن حجي: اشتغل وفضل وبرع وقدم علينا دمشق طالبا فاضلا ولازم التحصيل والشغل للطلبة وكان يفتي ويتصوف وأخذ عني وكان تركي الشكل ولا يتكلم إلا معربا وعمامته صغيرة وللناس فيه عقيدة انتهى. وقال الشيخ تقي الدين الأسدي: وكان يدرس دروسا مليحة مشحونة بفوائد الشيخ سراج الدين البلقيني ويرويها بفصاحة وتعقل وقتل بمنزلة في التعديل في الفتنة التي بين الناصر1 وغرمائه في صفر سنة خمس عشرة وثمانمائة عن نحو سبع بتقديم السين وأربعين سنة ودفن بمقابر الحميرية بالقرب من الشويكة قرب محلة قبر عاتكة إلى جانب الشيخ الزاهد علي بن أيوب2 رحمهما الله تعالى. ثم أخذ تدريسها عنه القاضي ناصر الدين بن البارزي ثم نزل عنه قبل سفره إلى مصر لقاضي القضاة نجم الدين أبي الفتوح عمر ابن العلامة فقيه الشام علاء الدين أبي محمد بن حجي السعدي الحسباني

_ 1 شذرات الذهب 7::112. 2 شذرات الذهب7: 31.

الدمشقي الإمام المتقن ناصر السنة ميلاده سنة سبع بتقديم السين وستين وسبعمائة ودرس بالشاميتين والركنية هذه والظاهرية والغزالية وترجمته طويلة توفي قتيلا بمنزله بين الربوة والنيرب في ذي القعدة سنة ثلاثين وثمانمائة ودفن لى جانب أخيه قرب أبيه وابن الصلاح عن ثلاث وستين سنة وكسر. قال ابن قاضي شهبة في شوال سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة: وفي يوم الأحد سادس عشريه درس قاضي القضاة نجم الدين بالمدرسة الشامية البرانية وبالغزالية ثم درس بالظاهرية والركنية والناصرية وجعل يوم الأحد للأوليين ويوم الأربعاء بين الثلاث وقد كان له مدة طويلة لم يحضر درسا وقال الأسدي في ذي القعدة سنة أربع وعشرين وثمانمائة: وفي يوم الأحد خامسه درس الشيخ برهان الدين بن خطيب عذرا1 بالركنية نزل له عنه قاضي القضاة نجم الدين بن حجي لما ولي تدريس الشامية البرانية عن نصف التدريس وللشيخ علاء الدين بن سلام عن النصف الآخر ثم وقعت هذه الحركات فلم يتفق حضوره إلى هذا اليوم ودرس في قوله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ} انتهى. قلت: والشيخ برهان الدين بن خطيب عذرا هذا هو الامام العالم أقضى القضاة برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن عيسى العجلوني الدمشقي المعروف بابن خطيب عذرا ميلاده سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة وحفظ المنهاج واشتغل على الشيخ علاء الدين وعلى مشايخ ذلك الوقت ولازم الشيخ علاء الدين بن حجي كثيرا وفضل في الفقه وأنهاه ابن خطيب يبرود بالشامية البرانية بغير كتابة شهد له باستحقاق ذلك الشيخ جمال الدين بن قاضي الزبداني ثم توجه إلى حلب ايام الشيخ شهاب الدين الأذرعي فأقام بها مدة طويلة وصحب الخطيب ابن عشائر2 وغيره وقيل إنه كان في

_ 1 شذرات الذهب 7: 169. 2 شذرات الذهب 6: 309

زمن الأذرعي يستحضر الروضة بحيث أنه إذا أفتى الأذرعي بشيء يعترضه ويقول المسألة في الروضة في الموضع الفلاني ودرس بحلب الشهباء بجامع منكلي بغا1 ولما عاد الشيخ البلقيني من حلب المحروسة أثنى عليه ثناء حسنا ووصفه بالفضل ولاستحضار ثم ولي قضاء صفد في حياة الملك الظاهر برقوق2 بواسطة الشيخ محمد المغربي3 ثم عزل وولي بعد الفتنة مرتين أو ثلاثا ثم قدم دمشق في شهر رمضان سنة ست وثمانمائة وبقي بطالا مدة وحصل له حاجة وفاقة ثم نزل بمدارس الفقهاء وحصل له تصدير بالجامع فجلس واشتغل [وأشتغل] وانتفع به جماعة وناب في القضاء وولي قضاء الركب سنة عشرين ثم في آخر سنة اثنتين وعشرين ترك القضاء وحصل له نفرة منه بعد أن كان يميل إليه ميلا كثيرا واستمر بطالا إلى أن مات وفي آخر عمره نزل له قاضي القضاة نجم الدين ابن حجي عن نصف تدريس المدرسة الركنية هذه فدرس بها درسين أو ثلاثة في ذي القعدة في خامسه من سنة أربع وعشرين وكان شكلا حسنا مهابا سليم الخاطر سهل الانقياد وقد كتب شرحا على المنهاج في أجزاء غالبه مأخوذ من الرافعي وفيه فوائد غريبة ولم يكن له اعتناء بكلام المتأخرين ولا يد له في شيء من العلوم سوى الفقه. قال الأسدي في ذيله في سنة خمس وعشرين: اتفق له أن أخرج ليلة الاثنين خامس عشري المحرم ليصلي العشاء الآخرة بمدرسة بلبان وهي على باب بيته فانفرك به القبقاب ووقع فحمل ولم يتكلم وقيل إنه حصل له فالج وتوفي يوم الأربعاء سابع عشريه وكانت له جنازة حافلة وصلي عليه بالمدرسة الزنجارية وأم الناس الشيخ محمد بن قديدار ثم صلي عليه ثانيا بالشيخ أرسلان4 وأم الناس القاضي شهاب الدين ابن الحبال5 الحنبلي

_ 1 شذرات الذهب 6: 236. 2 شذرات الذهب 7: 6. 3 شذرات الذهب 7: 279. 4 شذرات الذهب 14: 177. 5 شذرات الذهب 7: 202.

ودفن بمقبرة الشيخ أرسلان رحمهما الله تعالى على حافة الطريق على يمين المتوجه إلى الباب الشرقي إلى جانب الشيخ زين الدين الكردي1 ورؤيت له منامات حسنة منها ما حكاه لي الشيخ أحمد الخجندي قال: رأيته في النوم فقلت له: ما فعل الله بك فتغير حاله فأكدت عليه في السؤال فقال الحق تكرم علي انتهى وولي النائب تصديره لشخص يقال له ناصر الدين بن الكبودي وبقية الجهات جعلت باسم ابن قاضي القضاة ثم قال ابن قاضي شهبة: وفي ذي القعدة سنة أربع وعشرين وثمانمائة وفي يوم الأربعاء ثامنه درس الشيخ علاء الدين بن سلام في المدرسة الركنية ودرس في قوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} الآية هـ. والشيخ علاء الدين بن سلام هذا هو الامام العالم المتقن المجمل علاء الدين أبو الحسن علي بن جمال الدين عبد الله بن كمال الدين محمد ابن الشيخ العالم شرف الدين الحسين ابن الشيخ كمال الدين المعروف بابن سلام بتشديد اللام كما تقدم في نسب جديه في الدولعية والجاروخية ولد سنة خمس أو ست وخمسين وسبعمائة وحفظ التنبيه والألفية ومختصر ابن الحاجب واشتغل في الفقه على الشيخ شمس الدين ابن قاضي شهبة وعلى الشيخ علاء الدين بن حجي وتلك الطبقة وفي النحو والأصول على المشايخ من أهل عصره ورحل إلى القاهرة لاكمال قراءة المختصر على الركراكي2 المالكي. قال الشيخ تقي الدين الأسدي: وكان الركراكي يعرف المختصر أحسن من الذي صنفه ولازم الاشتغال حتى مهر وفضل واشتهر بالفضل وهو صغير قال لي: كنت أبحث في الشامية البرانية في حلقة ابن خطيب يبرود وكان يحضر الدروس فلا يترك شيئا يمر به حتى يعترضه وينشر البحث بين الفقهاء بسبب ذلك وفي الفتنة التيمورية حصل له نصيب وافر من العذاب والحريق وأصيب بماله كما جرى لغيره وأخذوه معهم إلى ماردين ثم رجع من هناك وبعده وفاة الحافظ شهاب الدين بن حجي نزل له القاضي نجم الدين ابن حجي عن

_ 1 شذرات الذهب 7: 137. 2 شذرات الذهب 6: 33331.

تدريس الظاهرية البرانية ولما توفي الشيخ شهاب الدين ابن نشوان ساعده القاضي نجم الدين حتى نزل له القاضي تاج الدين ابن الزهري عن تدريس العذراوية. قال ابن قاضي شهبة: في المحرم سنة خمس وعشرين وثمانمائة عقيب وفاة الشيخ برهان الدين بن خطيب عذرا وجعلت بقية الجهات باسم قاضي القضاة فلما جاء قاضي القضاة يعني من الحجاز ولي الشيخ علاء الدين بن سلام نصف تدريس الركنية الثاني الذي كان بيد برهان الدين فكملت له حينئذ وولي الشيخ شمس الدين البرماوي تدريس الرواحية ونظر تربة بلبان انتهى ثم قال في شهر ربيع الأول سنة خمس وعشرين المذكورة وفي يوم الأربعاء سابع عشرة درس الشيخ علاء الدين بن سلام بالركنية لأجل النصف الذي تولاه عوضا عن الشيخ برهان الدين بن خطيب عذرا وحضر قاضي القضاة والفقهاء وخطب وبالغ في الدعاء والثناء للقاضي نجم الدين بن حجي وللسيد شهاب الدين ابن نقيب الأشراف ناظر المكان ودرس في أول الهبة انتهى وكان فاضلا في الفقه يستحضر كثيرا من كتب الفقه للرافعي ويحفظ عليه إشكالات وأسئلة حسنة ويعرف المختصر معرفة جيدة ويعرف الألفية معرفة تامة ويحفظ كثيرا من تواريخ المتأخرين وله يد طولى في النثر والنظم وكان منجمعا عن الناس ولا يكتب على الفتاوى إلا قليلا وبحثه أحسن من تقريره وكان كثير التلاوة حسن الصلاة مقتصدا في ملبسه وغيره شريف النفس مليح المحاضرة ولم يكن فيه ما يعاب إلا أنه كان يطلق لسانه في بعض الناس. ويأتي في ذلك بعبارات غريبة حج في سنة تسع وعشرين وثمانمائة فلما قضى حجة ورجع مرض بين الحرمين ومات بوادي بني سالم ونقل إلى المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة وأتم السلام فدفن رحمه الله تعالى بالبقيع وغبط بذلك انتهى. كلام الأسدي وأخبرني ولده بدر الدين شيخنا أنه كان شرس الأخلاق وأنه ولي تدريس مشيخة النحو بالناصرية الجوانية والله سبحانه وتعالى أعلم وقد تقدم في ترجمة جده كمال

الدين علي بن إسحاق في الدولعية عن الشيخ تاج الدين الفزاري أنه قال: كان في أخلاقه شراسة وتقدم أيضا في الجاروخية ذكر جده الأدنى الحسين بن علي عن الحافظ ابن كثير أنه كان واسع الصدر كبير الهمة كريم النفس مشكورا في فهمه وفصاحته ومناظرته والله أعلم ثم ولي تدريسها بعد الشيخ علاء الدين بحكم وفاته الشيخ تقي الدين بن قاضي شهبة قرره فيها قاضي القضاة نجم الدين بن حجي. ثم تقرر فيها وفي العذراوية يحيى بن بدر الدين بن المدني والقاضي بدر الدين بن مزهر ثم قال: في جمادى الأولى سنة خمس وثلاثين وفي يوم الأربعاء رابعه دعوت بالشامية البرانية وكان حضور الناس قليلا في هذه السنة جدا غير الجهات التي بيدي حضر قاضي القضاة بالغزالية مرة واحدة وحضر معه محيي الدين المصري بالشامية الجوانية مدة نيابته ثلاث مرات وحضر بالركنية مرة واحدة انتهى. ولا أعلم متى تولى محيي الدين فليحرر كذا يعني الركنية. ثم قال: في ذي القعدة سنة خمس وثلاثين وفي [يوم] الأربعاء عاشره أو حادي عشره حضرت الدرس بالمدرسة الركنية نصفها أصالة ونصفها نيابة انتهى ولم يزد عليه حتى يعلم كيف ذلك ثم قال في صفر سنة تسع وأربعين وثمانمائة: وفي يوم الأربعاء حادي عشره درس المولى سري الدين حمزة بالمدرسة الركنية نزله له وللقاضي تقي الدين بن الأذرعي عن نصف تدريسها والنصف الآخر بيد نجم الدين بن البدوي يأكله بلا مشاورة ويوم الأربعاء ثامن عشره درس القاضي تقي الدين الأذرعي في الركنية عن الربع الذي صار إليه ثم قال في ذي القعدة سنة تسع وأربعين: ويوم الأربعاء ثاني عشره درس خطاب بالركنية انتهى ولم يزد ثم ترك بياضا والظاهر أن تدريسه عن ابن المدني في نصفه واستمر التدريس بيد الشيخ زين الدين خطاب بكماله إلى حين وفاته. وهذه ترجمة شيخنا العلامة مفتي المسلمين زين الدين خطاب ابن الأمير عمر بن مهنا بن يوسف بن يحيى الفزاري بكسر الغين المعجمة وبالزاي المنقوطة الخفيفة العجلوني ثم الدمشقي الشافعي ميلاده تقريبا سنة سبع أو

ثمان وثمانمائة بمدينة عجلون ودرس بالشامية البرانية بعد وفاة شيخنا بدر الدين بن قاضي شهبة وفي المدرسة الركنية هذه وفي الكلاسة نيابة وفي غيرهن من المدارس وانتهت إليه الفتاوى والعمدة على إفتائه وكان أعجوبة في سرعة الكتابة عليها مع الاصابة وكان يخطب نيابة على المنبر الأموي خطبا حسنة بعد شيخنا ابن الشيخ خليل يسمعه غالب من في الجامع ويخشع القلب عند سماعها توفي بمنزله شمالي البادرائية بمرض الدق في ثلث ليلة الاثنين عشرين رمضان سنة ثمان وسبعين وصلى عليه القاضي الشافعي قطب الدين الخيضري بالجامع عند باب الخطابة وخلفه نائب الشام جاني بك قلقسيس وكانت جنازته حافلة ودفن تحت المئذنة البصية شرقي مسجد البص بطرف مقبرة باب الصغير على جادة الطريق الآخذ إلى مسجد النارنج شرقي تربة قطب الدين الخيضري ثم درس بعده بها الشيخ العلامة تقي الدين أبو الصدق أبو بكر ابن قاضي القضاة ولي الدين عبد الله ابن الشيخ زين الدين عبد الرحمن الدمشقي الشهير بابن قاضي عجلون1 ثم نزل عن نصف تدريسها ونظرها للعلامة برهان الدين بن المعتمد ودرس في نصفه بها في ذي القعدة سنة اثنتين وثمانين في كتاب الصداق والنصف الآخر للسيد كمال الدين محمد ابن السيد عز الدين حمزة الحسيني ودرس بها في نصفه في سنة ست وثمانين في أول كتاب الصلح وقد تقدمت ترجمته رحمه الله تعالى في الأمينية.

_ 1 شذرات الذهب 8: 157.

المدرسة الرواحية

46 - المدرسة الرواحية شرقي مسجد ابن عروة بالجامع الأموي ولصيقه شمالي جيرون وغربي الدولعية وقبلي الشريفية الحنبلية قال ابن شداد: بانيها زكي الدين أبو القاسم التاجر المعروف بابن رواحة انتهى وقال الذهبي في تاريخه العبر في من مات سنة اثنتين وعشرين وستمائة: الزكي بن رواحة هبة الله بن محمد الأنصاري التاجر المعدل واقف المدرسة الرواحية بدمشق وأخرى بحلب توفي

في شهر رجب بدمشق انتهى. وقال ابن كثير في سنة ثلاث وعشرين وستمائة: واقف الرواحية بدمشق أبو القاسم هبة الله ابن محمد المعروف بابن رواحة كان أحد التجار ذوي الثروة وهو من المعدلين بدمشق وكان في غاية الطول والعرض وقد ابتنى المدرسة الرواحية داخل باب الفراديس ووقفها على الشافعية وفوض تدريسها ونظرها إلى الشيخ تقي الدين بن الصلاح الشهرزوري وله بحلب الشهباء مدرسة أخرى مثلها وقد انقطع في آخر عمره في المدرسة التي بدمشق وكان يسكن البيت الذي في إيوانها من الشرف ورغب فيما بعد أن يدفن فيه إذا مات فلم يمكن من ذلك بل دفن بمقابر الصوفية وبعد وفاته شهد محيي الدين العارف بالله بن عربي الطائي1 وتقي الدين خزعل النحوي المصري المقدسي ثم الدمشقي إمام مشهد علي رضي الله تعالى عنه شهدا على ابن رواحة المذكور أنه عزل الشيخ تقي الدين ابن الصلاح رحمهم الله تعالى عن هذه المدرسة فجرت أمور وخطوب طويلة ولم ينتظم ما راموه ومات أبو الحسن خزعل في هذه السنة أيضا فبطل ما سلكوه. وقال الأسدي في تاريخه في سنة ثلاث وعشرين وستمائة: واقف الرواحية هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن رواحة زكي الدين أبو القاسم الأنصاري الحموي التاجر المعدل وكان في غاية الطول والعرض كثير الأموال محتشما أنشأ مدرسة بدمشق داخل باب الفراديس وفوض تدريسها ونظرها إلى ابن الصلاح المذكور وله بحلب الشهباء أخرى مثلها وحدث عن أبي الفرج بن كليب وإنما قيل له ابن رواحة لأنه ابن أخت أبي عبد الله الحسين بن عبد الله بن رواحة رحمه الله تعالى قال أبو المظفر: توفي في رجب ودفن بمقابر الصوفية وتبعه ابن كثير على أنه توفي هذه السنة وقال الذهبي: إنه توفي في شهر رجب سنة اثنتين قال وغلط من قال إنه مات في سنة ثلاث. قال الذهبي: وشرط على الفقهاء والمدرس شروطا صعبة لا يمكن القيام ببعضها

_ 1 شذرات الذهب 5: 190.

وشرط أن لا يدخل مدرسته يهودي ولا نصراني ولا حنبلي حشوي انتهى. قلت: وأول من درس بها القاضي شرف الدين أبو طالب عبد الله بن عبد الرحمن بن سلطان بن يحيى بن علي بن عبد العزيز زين القضاة أبي بكر القرشي الدمشقي ناب في القضاء عن ابن عمه القاضي محيي الدين بن الزكي كما قاله الذهبي ثم عن ابنه زكي الدين الطاهر ودرس بالرواحية المذكورة كما قاله ابن كثير وتبعه الأسدي في سنة أربع وستمائة فكان أول من درس بها ودرس بالشامية البرانية كما سيأتي قال أبو المظفر: سبط بن الجوزي رحمه الله تعالى وكان فقيها نزها لطيفا عفيفا وقال الشهاب القوصي كان ممن زاده الله بسطة في العلم والجسم توفي في شعبان سنة خمس عشرة وستمائة ودفن بمقبرتهم بمسجد القدم وكان الجمع متوافرا قال ابن شداد: ثم تولاها من بعده الشيخ شمس الدين عبد الرحمن المقدسي ثم ولده ناصر الدين محمد ثم من بعده شرف الدين أحمد بن كمال الدين أحمد بن نعمة النابلسي المقدسي وهو مستمر بها إلى الآن انتهى. قلت: ثم أخوه شهاب الدين ثم نجم الدين البياني 1 نائب الحكم كما ذكره ابن كثير في سنة اثنتين وثمانين وستمائة وهو القاضي نجم الدين عمر بن نصر بن منصور البياني الشافعي توفي رحمه الله تعالى في شوال سنة ثلاث وثمانين وستمائة كما قاله ابن كثير فيها من تاريخه قال وكان فاضلا ولي قضاء زرع ثم ولي قضاء حلب ثم ناب في دمشق ودرس بالرواحية وباشرها بعد شمس الدين ابن نوح المقدسي يوم عاشر شوال انتهى. قلت: وشمس الدين عبد الرحمن بن نوح بن محمد بن التركماني المقدسي سمع الحديث من جماعة وتفقه على ابن الصلاح وولي تدريس الرواحية المذكورة وأخذ عنه النواوي رحمهما الله تعالى ورحمنا بهما وقال في أول التهذيب شيخنا الإمام العارف الزاهد العابد الورع المتقن مفتي دمشق في وقت انتهى توفي في شهر ربيع الآخر سنة أربع وخمسين وستمائة عن نحو سبعين سنة.

_ 1 شذرات الذهب 13: 322.

قال الشيخ علاء الدين بن العطار: قال لي الشيخ يعني النواوي رحمه الله تعالى فلما كان لي تسع عشرة سنة يعني من عمره قدم بي والدي من نوى إلى دمشق سنة تسع وأربعين وستمائة فسكنت المدرسة الرواحية يعني ذلك بمساعدة العلامة مفتي الشام تاج الدين الفزاري ولما أحضروه ليشتغل عليه حمل همه وبعث به إلى المدرسة الرواحية ليحصل له بها بيت ويترفق بمعلومها قال ابن العطار: قال وبقيت سنين لم أضع جنبي إلى الأرض وكان قوتي بها جراية المدرسة لاغير ثم قال الذهبي في العبر في سنة تسع وستين وستمائة: وفيها توفي العلامه ابن البارزي قاضي حماة شمس الدين إبراهيم بن المسلم بن هبة الله الحموي الشافعي توفي في شعبان عن تسع وثمانين سنة وكان ذا علم ودين تفقه بدمشق على الفخر ابن عساكر وأعاد له ودرس بالرواحية ثم تحول إلى حماة ودرس وأفتى وصنف انتهى. ثم قال ابن كثير في سنة ست وثمانين وستمائة: وفي يوم الاحد ثالث شوال درس بالرواحية الشيخ صفي الدين الهندي وحضر عنده القضاة والشيخ تاج الدين الفزاري وعلم الدين بن الدواداري انتهى. وقد تقدمت ترجمة الشيخ صفي الدين الهندي في المدرسة الاتابكية ثم قال الذهبي في العبر: في سنة تسع وثمانين وستمائة وابن المقدسي ناصر الدين محمد ابن العلامة المفتي شمس الدين عبد الرحمن بن نوح الدمشقي تفقه على ابيه وسمع من ابن اللتي ودرس بالرواحية وتربة أم الصالح ثم داخل الدولة وولي وكالة بيت المال ونظر الأوقاف فظلم وعسف وعدا طوره ثم أعتقل بالعذراوية فوجد فيها مشنوقا بعد أن ضرب بالمقارع وصودر توفي في شعبان منها انتهى. وقال ابن كثير في تاريخه في سنة تسع وثمانين وستمائة: وفي جمادى الآخرة جاء البريد بالكشف على ناصر الدين محمد بن المقدسي وكيل بيت المال وناظر الخاص والأوقاف فظهر عليه مخاز من أكل الأوقاف وغيرها فرسم عليه بالعذراوية وطولب بتلك الأموال وضيق عليه وعمل فيه سيف الدين أبو العباس السامري قصيدة يتشفى بها لما كان أسدي من الظلم إليه وأذاه مع أنه

راح إليه وتغمم له وتمازحا هنالك ثم جاء البريد بطلبه إلى الديار المصرية فخاف البواب من ذهابه إليها وفضوله وشره فأصبح يوم الجمعة ثالث شعبان وهو مشنوق بالمدرسة العذراوية فطلب القضاة والشهود فشاهدوه كذلك ثم جهز وصلي عليه يوم الجمعه ثم دفن بمقابر الصوفية عند أبيه وكان مدرسا بالرواحية وتربة أم الصالح مع الوكالتين والنظر انتهى. وقال الصفدي في تاريخه في المحمدين: ناصر الدين بن المقدسي المشنوق محمد بن عبد الرحمن بن نوح بن محمد الفقيه الرئيس الدمشقي الشافعي تفقه على والده العلامة أجل أصحاب بن الصلاح شمس الدين وسمع من ابن اللتي حضورا وتاج الدين بن حمويه1 وتميز في الفقه قليلا ودرس بالرواحية وتربة أم الصالح ثم داخل الدوادار وتوصل إلى أن ولي سنة سبع وثمانين وكالة المال ونظر جميع الأوقاف بدمشق وفتح أبواب الظلم وخلع عليه بطرحة غير مرة وخافه الناس وظلم وعسف وعدا طوره وتحامق حتى تبرم منه النائب ومن دونه وكاتبوا فيه فجاء الجواب بالكشف عما أكل من الأوقاف ومن أموال السلطان والبرطيل فرسموا عليه بالعذراوية وضربوه بالمقارع فباع ما يقدر عليه وحمل جملة وذاق الهوان واشتفى منه الأعادي وكان قد أخذ من السامري أن يبقيه فمضى إليه وتغمم له متشفيا فقال له ساءلتك الله أن لا تعود تجيء إلي فقال فيه هذه الأبيات التي أولها يقول: ورد البشير بما أقر الأعينا ... فشفى الصدور وبلغ الناس المنى إن أنكر اللص العظيم فعاله ... في المسلمين فأول القتلى أنا ولما ولاه السلطان الوكالة قال علاء الدين بن مظفر الوداعي: ونقلت ذلك من خطه رحمه الله تعالى وهو: قل للمليك أمده ... رب العلى منه بروح إن الذي وكلته ... لا بالنصيح ولا الفضيح

_ 1 شذرات الذهب 5: 214.

وهو ابن نوح فاسأل الـ ... ـقرآن عن عمل ابن نوح وكان يباشر شهادة جامع العقيبة فحصل بينه وبين قاضي القضاة بهاء الدين ابن الزكي تغير فتوجه إلى مصر ودخل على الشجاعي فأدخله على السلطان فأخبره بأشياء منها أمر بنت الملك الأشرف موسى بن العادل وأنها باعت أملاكها وهي سفيهة تساوي أضعاف ما باعته به فوكله السلطان وكالة خاصة وعامة فعاد إلى دمشق وطلب مشتري أملاكها بعد أن أثبت سفهها فأبطل بيعها واسترجع تلك الأملاك من السيف السامري وغيره وأخذ منهم تفاوت المغل وأخذ منهم الخان الذي بناه الملك الناصر قريب الزنجارية وبساتين بالنيرب ونصف قرية حزرما ودار السعادة وغير ذلك ورده إلى بنت الأشرف ثم إنه عوضها عن هذه الأملاك شيئا يسيرا وأثبت رشدها واشترى ذلك منها فكان من أمره ماكان ثم أنه طلب إلى مصر سنة تسع وثمانين وستمائة ثم أنه جاء المرسوم يحمله إلى الديار المصرية فخافوا غائلته ولما كان ثالث شعبان سنة تسع هذه أصبح مشنوقا بعمامته بالعذراوية وحضر جماعة ذوو عدل وشاهدوا الحال ودفن بمقابر الصوفية ثم قال ابن كثير في تاريخه في سنة تسعين وستمائة: وفيها درس نجم الدين بن مكي بالرواحية عوضا عن ناصر الدين بن المقدسي انتهى. ثم قال فيه في سنة اثنتين وتسعين وستمائة: وفي مستهل صفر درس الشيخ كمال الدين بن الزملكاني بالرواحية عوضا عن نجم الدين بن مكي بحكم انتقاله إلى حلب الشهباء وإعراضه عن المدرسة المذكورة وقد تقدمت ترجمة الشيخ كمال الدين ابن الزملكاني في دار الحديث الأشرفية الدمشقية ثم قال ابن كثير فيه في سنة خمس وعشرين وسبعمائة: وفي يوم الأربعاء ثاني عشر شوال درس الشيخ ابن الأصبهاني بالرواحية بعد ذهاب ابن الزملكاني إلى حلب وحضر عنده القضاة والأعيان وكان منهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وجرى يومئذ بحث في العام إذا خص وفي الاستثناء بعد النفي ووقع انتشار وطال الكلام في ذلك المجلس وتكلم الشيخ تقي الدين كلاما بهت الحاضرين

انتهى. والشيخ شمس الدين هذا هو العلامة أبو الثناء محمود بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن أبي بكر بن علي الأصبهاني ولد بأصبهان سنة أربع وتسعين وستمائة في شعبان واشتغل بتبريز وتصدر للاقراء بها ثم قدم دمشق في سنة خمس وعشرين وسبعمائة ودرس بالرواحية هذه وأفاد الطلبة ثم قدم الديار المصرية. قال البرزالي: طلب على خيل البريد بمرسوم السلطان وترجمته طويلة توفي رحمه الله تعالى شهيدا في ذي القعدة سنة تسع وأربعين وسبعمائة ودفن بالقرافة ثم قال ابن كثير في سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة: وفي رابع عشر رمضان درس عبد الله بن المجد بالرواحية عوضا عن ابن الأصبهاني بحكم إقامته بمصر انتهى. ورأيت بخط البرزالي في السنة هذه وفي يوم الخميس السادس والعشرين من شهر رمضان ذكر الدرس الشيخ شهاب الدين أحمد ابن الشيخ مجد الدين عبد الله الشافعي بالمدرسة الرواحية عوضا عن الشيخ شمس الدين الأصبهاني بمقتضى إقامته بالديار المصرية وحضر الدرس قضاة الشام وجماعة من الأعيان انتهى. وقال في سنة أربع وثلاثين وسبعمائة: وفي يوم الأحد سادس ذي الحجة ذكر الدرس بالمدرسة الرواحية بدمشق القاضي الإمام العلامة فخر الدين المصري الشافعي عوضا عن قاضي القضاة شهاب الدين الشافعي الحاكم بمقتضى انتقاله إلى الحكم والتدريس من قبله وحضر الدرس المذكور القضاة الأربعة وأعيان المدرسين والفقهاء انتهى. وقد تقدمت ترجمة الإمام فخر الدين المصري في المدرسة الدولعية ثم درس بها قاضي القضاة بهاء الدين أبو البقاء بن السبكي وقد تقدمت ترجمته في دار الحديث الأشرفية الدمشقية ثم درس بها ولده قاضي القضاة ولي الدين أبو ذر عبد الله وقد تقدمت ترجمته في دار الحديث المذكورة ثم درس بها قاضي القضاة بدر الدين أبو عبد الله محمد بن بهاء الدين المتقدم وقد تقدمت ترجمته في الأتابكية ثم ولي تدريسها الامام العلامة الفقية المصنف مفتي المسلمين مفيد الطالبين أقضى القضاة شرف

الدين أبو الروح عيسى بن عثمان بن عيسى الغزي ثم الدمشقي قدم دمشق للاشتغال في الفقه على المشايخ منهم شمس الدين ابن قاضي شهبة وعماد الدين الحسباني وشمس الدين الغزي وعلاء الدين حجي والقاضي تاج الدين السبكي وسافر إلى الشيخ صدر الدين الخابوري1 بمدينة طرابلس فأذن له بالإفتاء ودخل القاهرة وأخذ عن الشيخ جمال الدين الأسنوي ولم يزل مواظبا على الاشتغال والمطالعة واشتغل بمعرفة الفقه وحفظ الغرائب وفي زمن القاضي ولي الدين بن أبي البقاء حفظ تصديرا على الجامع وتصدى للاشتغال واعتنى بذلك وكثرة طلبته وصار بعد موت الشيخ نجم الدين ابن الجابي هو عين المصدرين بالجامع ويحضر عنده فضلاء الطلبة وتصدى للإفتاء بعد موت الشيخين الزهري وابن الشريشي وجمع مصنفات كثيرة مهمة حسنة في الفقه وغالبها احترق في فتنة تمرلنك وناب في القضاء على الشريف شرف الدين وغيره ودرس بالمسرورية بعد موت الشيخ زين الدين القرشي ثم نزل له القاضي بدر الدين محمد بن أبي البقاء عن تدريس الرواحية هذه بعوض قبل موته بنحو ثلاث سنين توفي في شهر رمضان سنة تسع وتسعين وسبعمائة ودفن بمقبرة باب الصغير ثم ولي تدريسها ونظرها قاضي القضاة برهان الدين بن خطيب عذرا وقد تقدمت ترجمته في المدرسة الركنية ثم ولي ذلك عوضا عنه الشيخ شمس الدين البرماوي وقد مرت ترجمته في المدرسة الأمينية ولم اذكر وفاته وهي في جمادى الآخرة سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة وقال ابن قاضي شهبة في ذيله في المحرم سنة خمس وعشرين: وعقب وفاة برهان الدين فلما جاء قاضي القضاة يعني من الحجاز ولي الشيخ علاء الدين بن سلام نصف تدريس الركنية الذي كان بيد برهان الدين شريكه وولي الشيخ شمس الدين البرماوي تدريس الرواحية ونظرة تربة بلبان انتهى وأعاد بهذه المدرسة جماعة منهم الإمام العلامة الفقيه المفتي كمال الدين أبو إبراهيم إسحاق بن أحمد بن عثمان المغربي أحد مشايخ

_ 1 شذرات الذهب 6: 216.

الشافعية وأعيانهم أخذ عن الشيخ فخر الدين بن عساكر ثم عن ابن الصلاح وكان اماما عاملا فاضلا مقيما بالرواحيه أعاد بها عن ابن الصلاح عشرين سنة وأفادة الطلبة وقد أخذ عن جماعة وممن قرأ عليه الشيخ محيي الدين النواوي. قال عنه في أوائل تهذيب الأسماء واللغات: أول شيوخي الإمام المتفق على علمه وزهده وورعه وكثرة عبادته وعظيم فضله وتمييزه في ذلك على أشكاله وترجمته طويلة توفي بالرواحية في ذي القعدة سنة خمسين وستمائة ودفن إلى جانب ابن الصلاح بالصوفية وممن اعاد بها تاج الدين بن الحباب وقد تقدمت ترجمته في المدرسة الأسدية. تنبيه: قد ذكرنا هنا أن بدر الدين بن أبي البقاء نزل عن تدريس هذه المدرسة للشرف الغزي وتقدم في المدرسة الأمينية أنه نزل بدر الدين عن تدريسها ونظرها للشرف الرمثاوي فلعله استعاد التدريس من الشرف هذا ثم نزل عنه الشرف الغزي والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.

المدرسة الخضرية

47 - المدرسة الخضرية بمقصورة الخضر عليه السلام غربي الجامع الأموي بدمشق والذي حقق من مدرسيها: الشيخ عماد الدين ثم من بعده جمال الدين بن الحموي وكان يذكر هناك الدرس عماد الدين عبد العزيز بن محمد بن الصائغ1 ثم توفي قاله ابن شداد: وقال ابن قاضي شهبة في صفر سنة أربع وثلاثين وثمانمائة: وممن توفي فيها بهاء الدين محمد وخلى بياضا قرأ التنبيه في صغره ودرس بالنجيبية البرانية والحلقة الخضرية بالجامع وباشر نظر الربط ثم ترك ذلك وكان يكدح على الدنيا ويظهر فقرا كثيرا والناس يتهمونه بذهب كثير واشياء في مباشرة الربط ناله من تمرلنك إلى الآن لم يعمر شيئا منها مع أن بعضها له وقف جيد وإذا جاء شيء بسبب الاوقاف صبر للترسيم والاهانة واستشفع بالناس توفي يوم الجمعة يوم تاسع عشر وصلي عليه من الغد ودفن

_ 1 ابن كثير 13: 286.

بالصوفية فيما أظن عن نحو ستين سنة انتهى. ولم أقف على شيء من مدرسيها سوى ذلك.

المدرسة الساوجية

48 - المدرسة الساوجية قال ابن شداد: أنشأها جمال الدين الساوجي كان تاجرا وقفها على الشريف كمال الدين حمزة الطوسي وهو مستمر بها إلى الآن انتهى.

المدرسة الشامية البرانية

49 - المدرسة الشامية البرانية بالعقيبة قال ابن كثير: بمحلة العوينة. وقال ابن شداد: بانيها والدة الملك الصالح إسماعيل أول من درس بها تقي الدين بن الصلاح ثم من بعده شمس الدين الاعرج ثم عادت إلى شمس الدين المقدسي وتوفي وبقيت على ولده إلى الآن انتهى. ولعله سبق قلم من الصالحية المعروفة بأم الصالح إلى الشامية. ثم قال في موضع: باني المدرسة الشامية البرانية أنشأتها ست الشام ابنة نجم الدين أيوب بن شادي بن مروان أخت الملك الناصر صلاح الدين وهي من اكبر المدارس وأعظمها واكثرها فقهاء واكثرها أوقافا انتهى. قال الذهبي في تاريخه الصغير فيمن مات سنة ست عشرة وستمائة: وست الشام الخاتون أخت الملك الناصر صلاح الدين والعادل توفيت في ذي القعدة ودفنت بتربتها التي بمدرستها الشامية انتهى. وقال ابن كثير في تاريخه السنة المذكورة: واقفة المدرستين الخاتون الجليلة ست الشام بنت أيوب بن شادي يعني ابن يعقوب كذا رأيته بخط البرزالي في وفاة الملك المؤيد1 صاحب حماة أخت الملوك وعمة اولادهم وكان لها من الملوك المحارم خمسة وثلاثون ملكا منهم شقيقها الملك المعظم توران شاه بن أيوب2 صاحب اليمن وهو مدفون عندها في تربتها في القبر القبلي من الثلاثة وفي الأوسط منها زوجها وابن عمها ناصر الدين محمد بن أسد الدين شيركوه بن شادي صاحب حمص

_ 1 شذرات الذهب 6: 98. 2 شذرات الذهب 4: 255.

وكانت قد تزوجته بعد أبي أبنها حسام الدين عمر المدفون في القبر الثالث وهي في الذي يلي مكان الدرس ويقال للتربة والمدرسة الحسامية نسبة إلى ابنها هذا حسام الدين عمر بن لاجين وكانت من اكثر النساء صدقة وإحسانا إلى الفقراء والمحاويج وتعمل في كل سنة في دارها بألوف من الذهب اشربة وادوية وعقاقيروغير ذلك فيفرق على الناس وكانت وفاتها يوم الجمعة آخر النهار سادس عشرين ذي القعدة من هذه السنة في دارها التي جعلتها مدرسة عند المارستان وهي الشامية الجوانية ونقلت منها إلى تربتها بالشامية البرانية وكانت جنازتها عظيمة حافلة انتهى فائدة قال ابو شامة في كلامه على قتل شاهنشاه بن أيوب أخي الملك الناصر صلاح الدين قلت وهو والد عز الدين فروخ شاه وتقي الدين عمر والست عذراء المنسوب إليها المدرسة العذراوية داخل باب النصر بدمشق وقبره الآن بالتربة والنجمية جوار المدرسة الحسامية بمقبرة العوينة ظاهر دمشق انتهى ويعني بالحسامية هذه المدرسة الشامية البرانية وأما النجمية فلم أعرفها إلا أن تكون هذه القبة قبلي المدرسة المذكورة وقد صنف الشيخ تقي الدين ابن قاضي شهبة في ست الشام كراسة وهي عندي ومن وقفها السلطاني وهو قدر ثلاث مائة فدان حده قناة الريحانية إلى اوائل القبيبات إلى قناة حجيرا ودرب البويضة ومنه الوادي التحتاني وادي السفرجل وقدره نحو عشرين فدانا ومنه ثلاثة كروم وغير ذلك قال العلامة أبو شامة شرط واقفها أن لا يجمع المدرس بينها وبين غيرها كذا نقله ابن كثير في سنة ثمان وخمسين في ترجمة يحيى ابن الزكي وقال في سنة خمس عشرة وستمائة القاضي شرف الدين أبو طالب عبد الله ابن زين القضاة عبد الرحمن بن سلطان بن يحيى بن علي القرشي الدمشقي من بني عم ابن الزكي وكان اول من درس بالشامية البرانية وبالرواحية أيضا وناب في الحكم عن ابن عمه محيى الدين ابن الزكي وتوفي في شعبان من هذه السنة ودفن عند مسجد القدم وقد تقدمت ترجمته في المدرسة الرواحية قال ابن شداد ثم ذكر الدرس بها

قاضي القضاة شمس الدين أبو البركات يحيى بن الحسن بن هبة الله بن علي المعروف بابن سني الدولة ثم من بعده نجم الدين أحمد بن راجح بن خلف المغربي المعروف بابن الحنبلي ثم من بعده عز الدين عبد العزيز ابن قاضي القضاة نجم الدين ابي البركات عبد الرحمن ابن قاضي القضاة شرف الدين أبي سعد عبد الله بن أبي عصرون ثم من بعده قاضي القضاة محيي الدين أبي الفضل يحيى بن الزكي ثم من بعده القاضي رفيع الدين عبد العزيز بن عبد الهادي الجيلي انتهى قال ابن كثير درس بها في شهر ربيع الأول سنة سبع وثلاثين وستمائة انتهى ثم قال ابن شداد ثم من بعده يحيى بن الزكي أي زكي الدين أيضا ثم من بعده الشيخ تقي الدين أبو عبد الله محمد بن الحسين بن رزين الشافعي ثم ناب عنه بها شمس الدين أبو عبد الله محمد المعروف بالمقدسي في الأيام الظاهرية ثم تولاها عز الدين محمد بن شرف الدين عبد القادر بن خليل الأنصاري ثم تنازع هو وشمس الدين المقدسي في الأيام الظاهرية منازعة طائلة وبقيا على ذلك مدة ثم قسمت بينهما نصفين وصار كل واحد منهما يذكر الدرس إلى بعض النهار إلى سنة تسع وستين وستمائة واشتغل بها شمس الدين محمد المقدسي المذكور وهو مستمر بها إلى الآن وهو آخر سنة أربع وسبعين وستمائة انتهى وقال ابن كثير في سنة اثنتين وثمانين وستمائة ولما توفي شمس الدين محمد المقدسي في شوال ولي مكانه أخوه شرف الدين أحمد بن نعمة تدريس الشامية البرانية وأخذت منه العادلية الصغيرة فدرس بها نجم الدين أحمد بن صصري التغلبي في ذي القعدة وأخذت من شرف الدين أيضا الرواحية فدرس فيها نجم الدين البياني نائب الحكم انتهى وإنما أخذتا منه لأن شرط مدرس الشامية هذه أن لا يجمع المدرس بينها وبين غيرها كما تقدم وكذا ذكره ابن قاضي شهبة في ذيله في شوال سنة أربع وعشرين وثمانمائة وزاد أنه أيضا شرط في متفقهها ويشكل علي كلام ابن كثير هذا التابع لكلام ابن شداد وما قاله في سنة خمس وخمسين وستمائة القاضي تاج الدين أبو عبد الله محمد ابن قاضي القضاة جمال

الدين المصري ناب عن أبيه ودرس بالشامية وله شعر فمنه قوله صيرت فمي لفيه باللثم لثام ... عمدا ورشفت من ثناياه مدام فازور وقال أنت في الفقه إمام ... ريقي خمر وعندك الخمر حرام وما قاله في سنة ثلاث وتسعين وستمائة وفي يوم الأربعاء ثاني ذي القعدة درس بالغزالية الخطيب شرف الدين المقدسي عوضا عن قاضي القضاه شهاب الدين بن الخويي توفي وترك الشامية البرانية وباشر تدريس الشامية البرانية عوضا عن شرف الدين المقدسي الشيخ زين الدين الفارقي وانتزعت من يديه الناصرية فدرس بها ابن جماعة وبالعادلية في العشرين من ذي الحجة انتهى ملخصا وقال في سنة ست وتسعين وستمائة ثم خرج السلطان العادل كتبغا بالعساكر من دمشق بكرة يوم الثلاثاء ثاني عشرين المحرم وخرج بعده الوزير وهو فخر الدين الخليلي فاجتاز بدار الحديث وزار الأثر النبوي وخرج إليه الشيخ زين الدين الفارقي وشافهه بتدريس الناصرية وترك زين الدين تدريس الشامية البرانية فوليها القاضي كمال الدين بن الشريشي وذكر أن الوزير أعطى الشيخ شيئا من حطام الدنيا فقبله وكذلك أعطى خادم الأثر وهو المعين خطاب وخرج الأعيان والقضاة مع الوزير لتوديعه ووقع في هذا اليوم مطر جيد استسقى الناس به وغسل آثار العساكر من الأوساخ وغيرها إلى أن قال ودرس ابن الشريشي بالشامية البرانية بكرة يوم الخميس مستهل صفر وتقلبت أمور كثيرة في هذه الأيام ثم قال في السنة المذكورة في شعبان وأيدت الشامية البرانية إلى الشيخ زين الدين الفارقي مع الناصرية بسبب غيبة كمال الدين بن لشريشي بالقاهرة انتهى وقال في سنة ثلاث وسبعمائة ولما توفي زين الدين الفارقي كان نائب السلطنة في نواحي البلقاء فلما قدم تكلموا معه في وظائف الفارقي فعين الخطابة لشرف الدين الفزاري وعين الشامية البرانية ودار الحديث للشيخ كمال الدين بن الشريشي وأخذ منه الناصرية للشيخ كمال الدين ابن الزملكاني إلى أن قال فلما كان بكرة

الاثنين ثاني عشرين شهر ربيع الأول وصل البريد من مصر صحبة الشيخ صدر الدين بن الوكيل وقد سبقه مرسوم السلطان له بجميع جهات الفارقي مضافا إلى ما بيده من التدريس إلى أن قال فمنعه من الخطابة وأقره على التدريسين ودار الحديث إلى أن قال وأخذ الشيخ كمال الدين بن الزملكاني تدريس الشامية البرانية من يد ابن الوكيل وباشرها في مستهل جمادى الأولى واستقرت دار الحديث بيد ابن الوكيل مع مدرستيه الأوليتين وأظنهما العذراوية والشامية الجوانية انتهى وقد تقدمت ترجمة الشيخ زين الدين الفارقي والقاضي كمال الدين بن الشريشي والشيخ صدر الدين بن الوكيل والشيخ كمال الدين بن الزملكاني في دار الحديث الأشرفية الدمشقية وقال ابن كثير في سنة تسع وسبعمائة وفي ذي الحجة درس كمال الدين ابن الشيرازي بالمدرسة الشامية البرانية انتزعها من يد الشيخ كمال الدين ابن الزملكاني وذلك أن الأمير استدمر ساعده على ذلك انتهى ومثله في العبر وقال ابن كثير في سنة عشر وسبعمائة وفي يوم الأربعاء سادس عشر ذي الحجة عاد الشيخ كمال الدين ابن الزملكاني إلى تدريس الشامية البرانية انتهى ومثله في العبر إلا أنه قال وبعد شهر أخذت من ابن الشيرازي الشامية وقال الذهبي فيها في سنة خمس وثلاثين وستمائة وأبو نصر بن الشيرازي القاضي شمس الدين محمد بن هبة الله بن محمد بن هبة الله بن يحيى بن بندار بن مميل ولد سنة تسع وأربعين وخمسمائة وأجاز له أبو الوقت وطائفة وسمع من أبي يعلى بن الحبوبي وطائفة كثيرة وله مشيخة في جزء درس وأفتى وناظر وصار من كبار أهل دمشق في العلم والرواية والرئاسة والجلالة ودرس مدة بالشامية الكبرى وتوفي في ثامن جمادى الآخرة انتهى وقال تلميذه ابن كثير في هذه السنة المذكورة والقاضي شمس الدين ابن الشيرازي الدمشقي سمع الكثير على الحافظ ابن عساكر وغيره واشتغل في الفقه وناب في الحكم عدة سنين وكان فقيها عالما فاضلا كيسا حسن الأخلاق عارفا بالأخبار وأيام

العرب والأشعار كريم الطباع حميد الآثار وكانت وفاته ليلة الخميس ثالث جمادى الآخرة وقال الصفدي وكان عديم النظير في عدم المحاباة في الحكم يستوي الخصمان في النظر عنده وهو حفيد أبي نصر المتقدم ذكره انتهى فأجاز له خضر بن يسار الهروي وجماعة وسمع الكثير وطال عمره وتفرد عن أقرانه واشتغل بالقضاء بعد نيابة في الشام فكان من خيار قضاتها ودرس بمدرسة العماد الكاتب والله سبحانه وتعالى أعلم وقال ابن كثير في سنة خمس وعشرين وسبعمائة وفي أواخر شهر رجب قدم الشيخ زين الدين محمد ابن عبد الله بن المرحل من مصر على تدريس الشامية البرانية وكانت بيد ابن الزملكاني فانتقل إلى قضاء حلب فدرس بها في خامس شعبان وحضر القاضي الشافعي وجماعة وقال الصفدي في تاريخه في المحمدين محمد بن عبد الله بن عمر الإمام العلامة الورع الخير زين الدين بن علم الدين ابن الشيخ زين الدين ابن المرحل الشافعي هو ابن أخ الشيخ صدر الدين كان من أحسن الناس شكلا وربي على طريقة خيرة في عفاف وملازمة اشتغال وانجماع عن الناس وكان عمه يحسده ويقول لا إله إلا الله ابن الجاهل طلع فاضلا وابن الفاضل طلع جاهلا يعني الشيخ صدر الدين بذلك ابنه عينه قاضي القضاة شمس الدين بن الحريري للقضاء وأشار به على السلطان إما لقضاء مصر أو لقضاء الشام فلم يكن فيه ما منعه من ذلك غير صغر سنه وأحضر على البريد من مصر وتولى تدريس الشامية البرانية من مصر عوضا عن الشيخ كمال الدين ابن الزملكاني لما توجه قاضيا بحلب الشهباء وأخبرني جماعة أن دروسه لم تكن بعيدة من دروس الشيخ بن الزملكاني لفصاحته وعذوبة لفظه وكان الفقه والأصول قد جودهما وأما العربية فكان فيها ضعيفا وناب عن قاضي القضاة علم الدين الأخنائي بدمشق في الحكم وتوفي سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة انتهى

وقال ابن كثير في سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة وباشر بعده تدريس الشامية البرانية ابن جملة ثم توفي بعد شهور وذلك يوم الخميس رابع عشر ذي القعدة وقال الذهبي في ذيل العبر في سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة ومات بدمشق مدرس الشامية الذي كان قاضي القضاة جمال الدين يوسف بن إبراهيم بن جملة المحجي ثم الصالحي الشافعي في ذي القعدة عن سبع وخمسين سنة حدث عن الفخر وغيره وتفقه بابن الوكيل وبابن النقيب ودرس سعى له في القضاء ناصر الدين الدوادار فولي القضاء نحو سنتين وعزل وسجن مدة ثم أعطي الشامية وكان قوي النفس ماضي الحكم على حدة فيه وكان كثير الفضائل انتهى وقال ابن كثير في سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة المذكورة وفي ذي القعدة حضر تدريس الشامية البرانية قاضي القضاة شمس الدين ابن النقيب عوضا عن القاضي جمال الدين بن جملة توفي وحضره خلق كثير من الفقهاء والأعيان وقال السيد الحسيني في ذيله في سنة خمس وأربعين وسبعمائة وفي ليلة الجمعة ثاني عشر ذي القعدة مات شيخنا محمد بن أبي بكر بن إبراهيم ابن النقيب إلى أن قال ودرس بالشامية الكبرى عوضا عن ابن جملة ثم درس بها بعده الشيخ تقي السبكي وقد تقدمت ترجمته في المدرسة الأتابكية ثم درس بها بعده ولده القاضي جمال الدين حسين ثم درس بها بعده القاضي علاء الدين علي ابن القاضي فخر الدين الزرعي في المحرم سنة سبع وأربعين ثم انتزعت منه بعد أشهر ثم أعيد ثانيا القاضي جمال الدين حسين وقد تقدمت ترجمته في المدرسة الدماغية ثم الإمام شمس الدين ابن خطيب يبرود وقد تقدمت ترجمته في المدرسة الدماغية أيضا ثم الشيخ تاج الدين السبكي وقد تقدمت ترجمته في دار الحديث الأشرفية الدمشقية ثم شيخ الشافعية محمد ابن قاضي شهبة ثم نزل عنها لشهاب الدين الزهري ودرس بها أبو العباس أحمد بن محمد بن أحمد بن عمر بن إلياس بن الخضر الدمشقي

المعروف بابن الرهاوي في شوال سنة تسع وستين ثم أخذت منه بعد شهر ثم طلب إلى مصر مع مستخلفه سراج الدين البلقيني في ذي القعدة من السنة ثم عاد في المحرم من السنة الآتية ثم جاء المرسوم في شهر ربيع الأول سنة سبعين بالقبض عليه وكشف عليه وأوذي وكما تدين تدان وأخذ منه أربعون ألفا ثم ردت عليه وظيفة القضاء بسعي الشيخ سراج الدين ثم بعد موت القاضي تاج الدين درس بالناصرية عوضا عن ابن خطيب يبرود ثم انتقل الى الشامية البرانية ثم انتزعها منه الغزي في شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وسبعين ثم حصل له خمول وتأخير إلى أن توفي ذكره ابن حجي وقال فيه الإمام الأوحد أحد صدور الشام المشاهير والفضلاء المعروفين بالذكاء والمشاركة في العلوم كان سريع الإدراك حسن المناظرة كان يرفع في المجالس ولم يزل في علو وارتفاع حتى دخل في قضية القاضي تاج الدين وتولى مخالفة أمره وادرك البرهان الفزاري وحضر عنده وتفقه على جماعة وقرأ بالروايات واشتغل بالعربية وقرأ الأصول والمنطق على شمس الدين الأصفهاني واعتنى بالحساب وأفتى وتوفي في شهر ربيع الأول سنة سبع وسبعين وسبعمائة بتقديم السين فيهن وله بضع وستون سنة قال الأسدي في تاريخه في سنة إحدى وثمانمائة عبد الله بن أحمد بن صالح بن خطاب ابن القاضي جمال الدين ابن الأمام العلامة شهاب الدين الزهري مولده في جمادى الآخرة سنة تسع وستين وسبعمائة وحفظ التمييز هو وأخوه تاج الدين في سنة ثلاث وثمانين وأنهى هو وأخوه بالشامية في جمادى الآخرة سنة خمس وثمانين وأذن له والده ولأخيه بالإفتاء في جماعه من الفقهاء في جمادى الآخرة سنة إحدى وتسعين ونزل له والده قبل موته عن تدريس الشامية البرانية شريكا لأخيه وناب في الحكم سنة وتسعة أشهر وكان له كلمة عالية وإقدام توفي في المحرم منها انتهى ثم قال الأسدي فيه في صفر سنة أربع وعشرين وثمانمائة قاضي القضاة مفتي المسلمين صدر المدرسين تاج الدين أبو نصر عبد الوهاب ابن شيخ الشافعية شهاب الدين الزهري

البقاعي الفاري الأصل الدمشقي مولده سنة سبع وستين وسبعمائة وحفظ التمييز للبارزي وغيره وأخذ عن والده وعن الشيخ نجم الدين بن الجابي وعن الشيخ شرف الدين بن الشريشي وغيرهم من مشايخ العصر هو وأخوه القاضي جمال الدين ونشأ على طريقة حسنة وملازمة لطلب العلم وأنهى في هذه المدرسة مع أخيه جمال الدين ومعهما الشيخ شهاب الدين بن نشوان والشيخ نجم الدين بن زهرة وغيرهم بسؤال الشيخ شهاب الدين بن حجي وحضر قراءة المختصر على والده وفرغ منه في جمادى الآخرة سنة إحدى وتسعين ودرس بالعادلية الصغرى في حياة والده وناب عن والده في القضاء في تلك المدة اليسيرة ثم ناب بعد ذلك في القضاء مدة طويلة ونزل له والده عند موته عن نصف تدريس الشامية ولأخيه جمال الدين فباشر ذلك ثم توفي أخوه فنزل له عند موته عن تدريسها الآخر وعن القليجية وقضاء العسكر وغير ذلك واستمر على ذلك بعد الفتنة وكان يكتب كتابة حسنة وتصدى للإفتاء وكان يستحضر التمييز إلى آخر وقت وذهنه جيد وكان عاقلا ساكنا كثير التلاوة ويقوم الليل وعنده حشمة وأدب ولسانه طاهر وقد ولاه الأمير نوروز القضاء بعد وفاة ابن الأخنائي في شهر رجب سنة ست عشرة فباشره إلى أن قدم المؤيد في أول السنة الآتية وباشر بعفة ولكن نقم بعض الناس ولايته على هذا الوجه توفي بمنزله بالصالحية بالجسر الأبيض يوم الجمعة ثالث عشريه قبل الصلاة بسبب الفجأة فانه كان له مدة منقطعا بسبب نزلة ثم عوفي ودخل الحمام وركب فلما كان في أول هذا اليوم تغبر حاله ومات وصلي عليه على باب الماردانية أم بالناس عليه قاضي القضاه الشافعي نجم الدين بن حجي ثم صلي عليه ثانيا بجامع يلبغا بعد صلاة العصر وحضر هناك خلق عظيم ثم صلي عليه ثالثا بجامع تنكز وحضر هناك النائب والأمراء وأم عليه الشيخ محمد قديدار وحمل الأمراء

جنازته ودفن على والده بمقبرة الصوفية واستقر عوضه في تدريس الشامية البرانية قاضي القضاة بعدما وزن خمسمائة دينار على ما قيل واستقر ولداه في بقية وظائفه مع أنهما ليسا بنجيبين بل أحدهما قد أيس من فلاحه فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وقال الشيخ تقي الدين في ذيله في صفر سنة أربع وعشرين وفي يوم الخميس تاسع عشريه حضر قاضي القضاة الإمام العالم نجم الدين بن حجي تدريس الشامية البرانية وعليه خلعة خلعها عليه النائب وحضر النائب والأمراء والقضاة والفقهاء من الشافعية وغيرهم وجلس النائب على يساره وجلس القضاة الثلاثة على يمينه ودرس في قوله تعالى {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} إشارة إلى أنه أهل لذلك وقال في الخطبة عند ذكر سيدنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والنبوة فلم تكن تصلح إلا له ولم يكن يصلح إلا لها انتهى وقد تقدمت ترجمه قاضي القضاة المذكور في المدرسة الركنية ثم قال في شوال منها وممن حج في هذه السنه قاضي القضاه الشافعي واستخلف القاضي السيد شهاب الدين ابن نقيب الأشراف وجعل الشيخ شمس الدين البرماوي نائبه في الخطابة والمدارس المتعلقة به غير مدارس القضاة وهي الشاميتان والظاهرية الجوانية إلى أن قال وفي يوم الأحد تاسع عشرية حضر الشيخ شمس الدين البرماوي المدرس بالشاميتين نيابة عن قاضي القضاة ثم حضر الظاهرية في الشهر الآتي انتهى ثم قال في شهر ربيع الأول سنة خمس وعشرين وفي يوم الأربعاء ثالثة درس قاضي القضاة الشافعي بالشامية البرانية وهو أول من درس بها في أول النهار يوم الأحد وكان في المده الماضية يحضر بها يوم الخميس العصر وأخذ في الكلام على أول كتاب النكاح من مختصر المزني وفي هذا اليوم ابتدأ الناس بالدروس انتهى ثم قال في شهر ربيع الأول سنة سبع وعشرين وفي يوم الأحد شرعنا في حضور الدرس وكان القاضي نجم الدين بن حجي ضعيفا فباشر عنه تدريس الشامية

البرانية نائب الاعادة الشيخ محيي الدين المصري وباشر ابن سلام تدريس الشامية الجوانية نيابة عن السيد شهاب الدين ابن نقيب الأشراف وعن بهاء الدين ابن قاضي القضاة وباشرت أنا تدريس الظاهرية الجوانية نيابة عن ابن قاضي القضاة أيضا ثم قال في صفر سنة تسع وعشرين وفي يوم الأحد ثاني عشرة حضر القاضي نجم الدين بن حجي بالمدرسة الشامية البرانية وحضر معه يسير من الفقهاء من أهلها وكان قد أراد أن يدرس بعد رواح الحاج فمنع السيد الفقهاء من الحضور معه واحتج عليهم بأن المدارس في هذه السنة ليس فيها شيء فأي فائدة في الحضور فترك الحضور في الشامية وتعطل الحضور في بقية المدارس بسببها فلما كان في هذا الوقت ذكر له أن القاضي نجم الدين يريد الحضور فقال إلى شهر ربيع الأول فلم يلتفت القاضي نجم الدين إلى كلامه وحضر في اليوم المذكور ثم جاء مطر كثير في ليلة الاربعاء ويومها وفي ليلة السبت ثامن عشرة وليلة الأحد ويومها ووقع ثلج علق على الجبال والأسطحة نحو شبر ثم وقع مطر في ليلة الثلاثاء وفي ليلة الأربعاء وكان كثيرا جدا ويومه وليلة الجمعة ويومها وليلة السبت وكان الناس محتاجين إلى ذلك ثم وقع في ليلة الأربعاء ثاني عشرية وليلة الخميس ويومه وليلة الجمعة ويومها وليلة السبت وليلة الأحد ويومها وتراكم في الطرقات ثم وقع مطر ليلة الأربعاء تاسع عشرية وليلة الخميس ووقع مطر كثير إلى أن قال ولم ينفق حضور الفقهاء إلا في الشهر الآتي انتهى ثم قال في شهر ربيع الأول منها وفي يوم الأحد تاسع عشره حضر قاضي القضاة نجم الدين بن حجي بالشامية البرانية وحضر معه الفقهاء على العادة وكان قد حضر من ثاني عشر الشهر الماضي للاعلام ثم لم يتفق له الحضور إلا في هذا اليوم لتوالي الأمطار والثلوج وحضر بالشامية الجوانية والظاهرية ثم ضعف ولده انتهى ثم قال في شهر ربيع الآخر منها وفي يوم الأحد سلخ الشهر دعا القاضي نجم الدين بن حجي بالشامية البرانية وكان

الحضور في هذه السنة قليلا بسبب قلة الجوامك في المدارس بهذه السنة بسبب الاجاحات الواقعة في المغل من العام الماضي وأكثرها لم يفرق فيها شيء انتهى ثم قال وفي يوم الجمعة الثاني عشر من شوال منها وفي هذا اليوم بلغني أن قاضي القضاة نجم الدين بن حجي نزل عن تدريس الشامية البرانية لابنه الصغير أحمد وهو ابن سنتين من أمة سوداء وعجب الناس من ذلك واستضعفوا رأيه فانه لم يبق من مناصب أهل العلم شيء لم يتغير إلا تدريس هذه المدرسة ومنذ بنيت إلى الآن لم يتولها صغير فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم انتهى قلت ثم سافر نجم الدين بن حجي إلى مصر بعد مجيء كتاب الدوادار بيد غريمه وطلبه فسافر من الناصرية البرانية ليلا ولم يجتمع بالنائب وذلك ليلة الأربعاء مستهل ذي القعدة سنة تسع وعشرين ثم طلب الشافعي غريمه السيد بساع من مصر ثم سافر السيد يوم جاءت الأخبار باكرام ابن حجي من مصر وهو ثاني ذي الحجة منها وفي يوم الاثنين سادس عشرية سافر بهاء الدين ابن القاضي نجم الدين إلى مصر ومعه كتب من كتب أبيه وحوائج على أن يقيم بمصر ثم أعيد القاضي نجم الدين إلى قضاء دمشق وفي شهر ربيع الآخر سنة ثلاثين في يوم الأحد رابعه حضر قاضي القضاة نجم الدين الدرس بالشامية البرانية وقد تاجر الحضور عن وقت العادة بشهرين ثم قتل القاضي نجم الدين في ثاني ذي القعدة منها وسافر ولده بهاء الدين إلى مصر في أمر والده ثم قال في ذي القعدة عقيب قتل نجم الدين بن حجي بستة أيام وفي يوم الأحد ثامنه درست بالشامية البرانية نيابة عن ولد قاضي القضاة نجم الدين الولد الصغير وعمره نحو ثلاث سنين وابتدأت من باب الاجارة في الحاوي الصغير ثم درست بالشامية الجوانية والظاهرية نيابة عن أخيه بهاء الدين ولد قاضي القضاة نجم الدين انتهى لأنه كان سافر إلى مصر كما علمت قيل عقب قتل والده بثلاثة أيام ثم قال في شهر ربيع الآخر سنة إحدى وثلاثين وفي يوم الأحد ثامن عشرية دعيت بالشامية البرانية

وكان جملة الحضور بها في هذه العمالة في أول النهار سبعة عشر درسا وحضرت بالمدرسة العزيزية في النصف الذي كان للشيخ شمس الدين الكفيري سبعة دروس وغالب مدارس دمشق لم يحضر بها أحد في هذه السنة فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم انتهى ثم قال في شهر رمضان سنة أثنتين وثلاثين وثمانمائة وفي يوم الأحد رابع عشرية حضر القاضي محيي الدين المصري الدرس بالشامية البرانية نيابة عن أحمد ابن قاضي القضاة نجم الدين ابن حجي وحضر معه القضاة وكان كاتبه يباشر النيابة في المدرسة المذكورة من حين وفاة القاضي نجم الدين إلى الآن فلما كان في هذا الوقت أرسل القاضي بهاء الدين بن حجي يسأل أن يستقر المذكور في النيابة لأمر أوجب ذلك وساعده غيره على ذلك فجاء مرسوم استقراره في النيابة فقدر الله تعالى أن عوضت بتدريس الظاهرية الجوانية أصالة ولله الحمد والمنة انتهى ثم قال في صفر سنة أربع وثلاثين وفي يوم الأربعاء ثالث عشره باشرت نيابة التدريس بالشامية البرانية على عادتي وقد كانت خرجت لمحيي الدين المصري ولم يكن ذلك بقوته وإنما كان ذلك لأسباب أوجبت ذلك ثم الآن تغير ذلك وعدت إلى ما كنت عليه ويوم الأربعاء المذكور أول حضور الدرس انتهى ثم قال في شوال منها وفي يوم الأربعاء سلخه حضرت الدرس بالشامية البرانية انتهى ثم قال في صفر سنة سبع وثلاثين وفي يوم الأحد تاسع عشره شرعت في حضور الدرس وكنت قد عزمت على ان أشرع في الدرس في شهر ربيع الأول لأن كثيرا من الناس في صفر في أشغالهم من قسم المغل وغيره ثم أنه وقع بيني وبين قاضي القضاة فاني رأيت ما أكره ولم يمكني الكلام فتركت المباشرة فبادر باستنابة الشيخ محيي الدين المصري في الشامية البرانية فحينئذ علمت أنه لا يتم لي ما قصدته من إبدال صفر بغيره أي تدريس صفر يكون في غير صفر فأنه إذا دعى في الشامية لم يبق حضور فيفوت شهر من الحضور وربما يبقى ذلك عادة في مستقبل الزمان فبادرت

إلى تدارك ما أمكن تداركه وحضرت في هذا اليوم العذراوية والعزيزية وحضرت في يوم الأربعاء ثاني عشريه الظاهرية والركنية والتقوية انتهى ثم قال في شهر ربيع الأول منها وفي يوم الأحد ثالثه ابتدأ الشيخ محيي الدين المصري في حضوره الدروس في الشامية البرانية انتهى واستمر الشيخ محيى الدين إلى أن توفي في صفر في تاسع عشره سنة أربعين وقد تقدمت ترجمته في المدرسة الدولعية ثم أنه قال في شهر ربيع الأول منها وفي يوم الأحد رابعه كان ابتداء الدروس وحضر في الشامية البرانية نيابة عن المدرس علاء الدين ابن الصيرفي وكان يسرد أشياء على طريقة المواعيد بحيث أن طلبة العلم كانوا يعجبون من دروسه انتهى قلت وأفادني ولده سراج الدين بن الصيرفي أن أول تدريس والده فيها كان في قوله تعالى {اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين} الآية وقد تقدمت ترجمه علاء الدين هذا في دار الحديث الأشرفية الدمشقية ثم قال في صفر سنة أربع وأربعين وفي يوم الأحد تاسعه حضر شمس الدين البلاطنسي في الشامية البرانية نيابة عوضا عن الشيخ علاء الدين بن الصيرفي وكان المذكور قد حج في سنة اثنتين وأربعين وجاور وعاد في هذه السنة وهو من أهل العلم والدين ولكن استنكر الناس ذلك لكبر المنصب بالنسبة إليه ولكن الزمان قد آل إلى فساد عظيم وعدم مراعاة ما كان الناس عليه انتهى ثم رأيت على الهامش بخط تلميذه شيخنا زين الدين خطاب ما أدري من استنكره انتهى واستنكاره ظاهر بالنسبة إلى وجود شيخه وحضوره مدرسا وشيخه في فقاهته مع تقدم مباشرته للتدريس المذكور ولكن حسن ظن البلاطنسي شيخنا بأن شيخه يفرح به ألجأه إلى قبول النيابة فيه مع وجود شيخه والله تعالى أعلم ثم قال وفي يوم الاثنين عاشره دخل القاضي سراج الدين الحمصي إلى دمشق

وهو متمرض وقرىء تقليده على العادة واستمر بابن الصيرفي وقال إن السلطان لا يولي غيره انتهى فكتب الشيخ زين الدين خطاب أيضا بالهامش هذا هو الفساد العظيم لا تدريس من هو من أهل العلم والدين بشهادتك انتهى قلت وشمس الدين البلاطنسي هذا هو العلامة الرباني مفتي المسلمين أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن خليل بن أحمد بن علي بن حسين البلاطنسي الدمشقي الشهير في بلاطنس بابن عكا ولد بها سنة ثمان وتسعين بالمثناة وسبعمائة اشتغل وبرع ودرس وأفتى وناظر وناب بهذه المدرسة إلى أن توفي سنة ثلاث وستين في سادس عشر صفرها ليلة الثلاثاء بمنزله جوار مدرسة البادرائية ودفن بمقبرة باب الصغير شمالي المزار الشهير بأوس بن أوس رضي الله تعالى عنه قباله تربة بهادر ثم قال في جمادى الأولى سنة خمس وأربعين وممن توفي فيه شهاب الدين أحمد ابن قاضي القضاة نجم الدين بن حجي ولد في شهر ربيع الأول سنة سبع وعشرين ونزل له والده عن تدريس الشامية البرانية واستنكر الناس ذلك كثيرا إذ لم يتفق مثل ذلك من حين بنيت هذه المدرسة وحفظ المنهاج وغيره وكان جيد الحافظة حتى صار في ظن جماعة أنه متأهل للتدريس قريبا فلما طلب منه الفهم وقف حاله ثم ترك الاشتغال وكان ساكنا قيل إنه كان يحسن النظم وكانت أمه جارية سوداء وهو نحيف دميم الشكل بلي من سنين بريح الشوكة نسأل الله العافية توفي يوم السبت رابع عشره انتهى وقرر قاضي القضاة الونائي في تدريس الشامية أخوه بهاء الدين أبا البقاء بحكم وفاة أخيه ثم نزل لابنه محيي الدين قبل موته قال الشيخ تقي الدين في ذيله في ترجمة بهاء الدين واستقرت جهاته وهي كثيرة جدا منها إمرته ورزقه وتدريس الشامية البرانية كان ولاه إياه القاضي شمس الدين الونائي بعد موت أخيه من أبيه ولم يباشر ذلك بنفسه ونظرها وخطابة جامع التوبة ونظره ونصف نظر جامع تنكز وتدريس الناصرية البرانية ونظرها وتدريس الناصرية الجوانية ونظرها كل

ذلك استقر باسم ولده يحيى لا حياة الله وهو ابن عشر سنين ومات عنه وعن ثلاث بنات وكان قبل ذلك قد نزل عن تدريس الظاهرية لكاتبه وعن نصف تدريس الشامية الجوانية ونصف نظر جامع تنكز للسيد شهاب الدين ابن نقيب الأشراف ونزل عن غير ذلك من جهاته انتهى ثم ناب عن بهاء الدين أبي البقاء ثم عن ولده شيخنا شيخ الاسلام أقضى القضاة بدر الدين أبو الفضل محمد ابن شيخ الاسلام تقي الدين الأسدي درس بها في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وستين واستمر إلى أن وصل إلى مسألة تفريق الصفقة من شرحه الكبير وتوفي ليلة الخميس ثاني عشر شهر رمضان سنة أربع وسبعين وأفردت له ترجمة في كراسة سيمتها النخبة في تراجم بيت ابن قاضي شهبة ثم درس بها نيابة العلامة مفتي المسلمين البارع في ذلك المتفنن زين الدين خطاب ابن الأمير عمر بن مهنا بن يوسف بن يحيى الغزاوي العجلوني ثم الدمشقي يوم الأحد رابع ذي القعدة سنة أربع وسبعين وابتدأ من أول باب الأضحية من الرافعي الكبير واستمر إلى أن وصل إلى باب النذر في مسألة ذبح الولد ثم توفي ليلة الاثنين عشرين رمضان سنة ثمان وسبعين وقد تقدمت تتمة ترجمته في المدرسة الركنية ثم درس بها بعده مفتي المسلمين العلامة تقي الدين أبو بكر ابن شيخنا أقضى القضاة ولي الدين عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن شرف بن منصور بن محمود بن يونس بن محمد بن عبد الله الشهير بابن قاضي عجلون ميلاده أبقا الله تعالى في شعبان سنة إحدى وأربعين وثمانمائة حفظ المنهاج واشتغل وبرع وأفتى ودرس وانتهت إليه مشيخة الشافعية بدمشق ودرس بالشامية البرانية وابتدأ من أول كتاب الوقف من الرافعي الكبير ثم نزل له عن التدريس المذكور العلامة سيدي محيى الدين يحيى ابن قاضي القضاة بهاء الدين أبي البقاء ابن قاضي القضاة نجم الدين بن حجي كان تلقاه عن أبيه المذكور كما قدمناه وكان نزوله عن التدريس المذكور وعن النظر لصلاح الدين العدوي في مصر واستمرا في ذلك إلى ذي الحجة سنة خمس وتسعين فنزل الشيخ

تقي الدين المذكور عن ثلث التدريس المذكور للشيخ العلامة مفتي المسلمين خطيب الخطباء أقضى القضاة سراج الدين أبي حفص عمر بن العلامة أقضى القضاة علاء الدين علي بن الصيرفي الدمشقي المتقدم ذكر والده أبقاه االله تعالى وميلاده في سنة خمس وعشرين وثمانمائة واشتغل وبرع وافتى ودرس في الحكم لجماعات ثم درس بها في الثلث المذكور يوم الأحد خامس صفر سنة ست وتسعين وهو سادس برج الجدي وحضر معه قاضي القضاة شهاب الدين بن الفرفور والجماعة على العادة وألقى درسه يومئذ في قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم} الآية وكان درسا حافلا وضيف الجماعة عقيب الدرس معمولا بسكر ثم ابتدأ من أول كتاب البيع من الرافعي الكبير وولي إعادة هذه المدرسة جماعات رأيت بخط علم الدين البرزالي في سنة ثلاثين من تاريخه وفي يوم الأحد عاشر جمادى الأولى توفي القاضي الإمام العالم الفقيه العامل الصالح كمال الدين أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن يوسف بن شرف العثماني الديباجي الملوي المعروف بالمنفلوطي بالخانقاه الشهابية جوار المدرسة العادلية بدمشق وصلي عليه عصر اليوم المذكور بجامع دمشق ودفن بمقبرة الصوفية مولده في سنة ثلاث وثمانين وستمائة ببلد الأشمونين من الديار المصرية وكان رجلا مباركا فقيها صالحا خيرا دينا اشتغل وحصل ولازم الطريقة الحميدة وحج وجاور ولما قدم شيخ الشيوخ علاء الدين القونوي دمشق متوليا القضاء قدم معه فولاه قضاء بعلبك فأحسن السيرة وأجله أهلها ورأوا من عفافه وصيانته وديانته ما لم يروه من حاكم قبله ثم نقله إلى نيابة الحكم بدمشق فباشرها إلى حين وفاته ثم استمر قاضي القضاة علم الدين بن الأخنائي فباشر ذلك أياما يسيرة وتمرض ومات وباشر أيضا بدمشق إعادة المدرسة الشامية البرانية وجلس بالجامع للاشتغال وله نظم كتبه عنه أمين الدين الواني وسمع صحيح البخاري بتمامه على ابن الشحنه الحجار انتهى

وقال الأسدي في سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة في شهر رمضان منها نزل الشيخ شهاب الدين بن حجي عن إعادة الشامية البرانية للشيخ شهاب الدين بن نشوان الحواري بعوض انتهى وقد تقدمت ترجمة الشيخ شهاب الدين بن حجي في المدرسة الأتابكية وأما شهاب الدين هذا فلم أقف على ترجمته فوائد الأولى قال الذهبي في ذيل عبره في سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة وأقيمت بالشامية جمعة وخطب قطب الدين عبد النور ثم تقرر كمال الدين ابن الزكي انتهى وقال ابن كثير في هذه السنة وأقيمت الجمعة بالشامية البرانية في خامس عشرين شعبان وحضرها القضاة والأمراء وخطب بها الشيخ زين الدين عبد النور المغربي وذلك باشارة الأمير حسام الدين اليشمقدار الحاجب بالشام ثم خطب عنه كمال الدين بن الزكي انتهى وقال السيد في ذيل العبر في سنة إحدى وخمسين وسبعمائة ومات القاضي تقي الدين عبد الله ابن العلامة أقضى القضاة زين الدين بن المرحل الشافعي درس بالعذراوية وخطب بالشامية توفي في مدينة حلب المحمية انتهى ثم قال في الذيل هذا في سنة ثلاث وستين وسبعمائة ومات بدمشق الزاهد عبد النور بن علي المغربي المكناسي المقريء الصوفي حدث ببعض الصحيح عن ست الوزراء وخطب بالشامية أياما وكان عبدا صالحا زاهدا سعيدا توفي في جمادى الأولى انتهى الثانية قال الذهبي من كتابه ذيل العبر في سنة سبع وثلاثين وسبعمائة ومات بدمشق في شهر رجب العالم شمس الدين محمد بن أيوب بن علي الشافعي ابن الطحان نقيب الشامية والسبع الكبير وله خمس وثمانون سنة وأشهر سمع من عثمان بن خطيب القرافة ومن الكرماني والزين خالد انتهى الثالثة قال ابن كثير في تاريخه في سنة تسع وعشرين وستمائة الفخر

ابن الشيرجي أبو بكر محمد بن عبد الوهاب بن عبد الله الأنصاري فخر الدين الشيرجي الدمشقي أحد المعدلين بها ولد سنة تسع وأربعين وخمسمائة وسمع الكثير وكان يلي ديوان الخاتون ست الشام بنت أيوب وفوضت إليه أمر أوقافها وقال السبط وكان ثقة أمينا كيسا متواضعا قال وقد وزر ولده شرف الدين للناصر داود مدة يسيرة وكان وفاة فخر الدين في يوم عيد الأضحى ودفن بمقابر باب الصغير انتهى وقال الشيخ تقي الدين في الذيل في شهر رمضان سنة ست وعشرين وممن توفي فيه الصدر الأصيل صلاح الدين أبو الصفاء خليل بن نجم الدين أبي محمد عبد الوهاب ابن القاضي فخر الدين سليمان الأنصاري المعروف بابن الشيرجي مولده على ما نقلته من خط شيخنا سنة سبع وأربعين وسبعمائة وباشر نظر الشاميتين قديما وغيرهما من اوقاف ست الشام شريكا لأقاربه وكان هو المتكلم ولما مات القاضي ولي الدين سنة خمس وثمانين ولي القاضي سري الدين تدريس الشامية البرانية والجوانية واستمرتا بيده مع أن الشيخ فتح الدين بن الشهيد وليهما بمرسوم السلطان فلم تحصل له وباشر الأوقاف بهمة وقوة نفس وحشمة وكرم والقضاة وأعيان الفقهاء وغيرهم كانوا يترددون إليه وبعد الفتنة افتقر وساءت حاله ثم أنه نزل عن حصته في نظر الشامية البرانية وصار مشارفا بها وقوي القضاة وبعض الفقهاء واستولوا على غالب الأوقاف وكان غالب إقامته بقرية المجيدل وقف الشامية الجوانية ولم يمت حتى رأى في نفسه العبر من الفقر وشماتة الاعداء وقد عمر الشاميتين بعد الفتنة وعمر البرانية مرة اخرى لما احترقت في فتنة الناصر توفي يوم الاثنين سادس عشر الشهر ودفن بتربتهم بباب الصغير وكان هو آخر من بقي من اعيان هذا البيت انتهى بعد أن قال في شهر ربيع الأول سنة أربع وعشرين وثمانمائة وفي هذه الأيام قبض على تاج الدين عبد الوهاب ابن الأنصاري ناظر الشامية البرانيه واستادار بن لاقي كان يطلب منه مال قيل

الف وخمسمائة دينار وضرب وعصر وبقي بين أثنين دابرا في البلد يتدين ويسأل فلما كمل ضرب ثانيا وعصر وطلب منه مبلغ آخر فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

المدرسة الشامية الجوانية

50 - المدرسة الشامية الجوانية قبلي المارستان النوري. قال ابن شداد: إنشاء ست الشام بنت نجم الدين أيوب بن شادي بن مروان انتهى. وقد تقدمت ترجمتها في الشامية قبل هذه وكانت هذه المدرسة دارا جعلتها بعدها مدرسة وفيها توفيت ونقلت إلى تربتها بالشامية البرانية ويقال لها الحسامية أيضا كما تقدم فيها. وقال شيخ الاسلام تقي الدين السبكي في فتاويه الكبرى - فصل - قال الشيخ الأمام مختصر كتاب الشامية الجوانية: هذا ما وقفه فخر الدين أبو بكر محمد بن عبد الوهاب بن عبد الله بن علي بن أحمد الأنصاري ما يأتي ذكرة فمن ذلك جميع الدار بدمشق ومنه بظاهر دمشق ضيعة تعرف ببزينة وحصة مبلغها أحد عشر سهما ونصف سهم من أربعة وعشرين سهما تعرف بجرمانا من بيت لهيا ومنها أربعة عشر سهما وسبع من أربعة وعشرين سهما تعرف بجرمانا من بيت لهيا ومنها اربعة عشر سهما وسبع من أربعة وعشرين سهما من ضيعة تعرف بالتينة من جبة عسال ومنه جميع الضيعة المعروفة بمجيدل القرية ومنه نصف ضيعة تعرف بمجيدل السويدة وقفا على الخاتون ست الشام بنت نجم الدين أيوب بن شادي ثم على بنت أبنها زمرد خاتون بنت حسام الدين محمد بن عمر بن لاجين ثم على أولادها للذكر مثل حظ الاثنيين ثم على أولاد أولادها ثم على أنسالهم كذلك فإذا انقرضوا ولم يوجدوا عاد على الجهات التي يأتي ذكرها فالدار مدرسة على الفقهاء والمتفقهه الشفعوية المشتغلين بها على المدرس بها الشافعي قاضي القضاة زكي الدين أبي العباس الطاهر أحمد بن محمد بن علي القرشي إن

كان حيا فإن لم يكن حيا فعلى ولده ثم ولد ولده ثم نسله المنتسبين إليه ممن له أهلية التدريس فعلى المدرس الشافعي بهذه المدرسة ومن شرطهم أن يكونوا من أهل الخير والعفاف والسنة غير منسوبين إلى شر وبدعة والباقي من الاملاك على مصالح المدرسة وعلى الفقهاء والمتفقهه المشتغلين بها وعلى المدرس بها قاضي القضاة زكي الدين أو من يوجد من نسله ممن له أهلية التدريس وعلى الأمام المصلي بالمحراب بها والمؤذن بها والقيم المعد لكنسها ورشها وفرشها وتنظيفها وإيقاد مصابيحها يبدأ من ذلك بعمارة المدرسة وثمن زيت ومصابيح وحصر وبسط وقناديل وشمع وما تدعوا الحاجة اليه وما فضل كان مصروفا إلى المدرس الشافعي وإلى الفقهاء والمتفقهه وإلى المؤذن والقيم فالذي هو مصروف إلى المدرس في كل شهر من الحنطة غرارة ومن الشعير غراره ومن الفضة مائة وثلاثون درهما فضة ناصرية والباقي مصروف إلى الفقهاء والمتفقهه والمؤذن والقيم على قدر أستحقاقهم على ما يراه الناظر في أمر هذا الوقف من تسوية وتفضيل وزيادة ونقصان وعطاء وحرمان وذلك بعد إخراج العشر وصرفه إلى الناظر عن تعبه وخدمته ومشارفته للاملاك الموقوفة وتردده إليها وبعد إخراج ثمانمائة درهم فضة ناصرية في كل سنة تصرف في ثمن بطيخ ومشمش وحلوى في ليلة النصف من شعبان على ما يراه الناظر ومن شرط الفقهاء والمتفقهه والمدرس والمؤذن والقيم أن يكونوا من أهل الخير والدين والصلاح والعفاف وحسن الطريقة وسلامة الاعتقاد والسنة والجماعة وأن لا يزيد عدد الفقهاء والمتفقهه المشتغلين بهذه المدرسة عن عشرين رجلا من جملتهم المعيد بها والامام وذلك خارج عن المدرس والمؤذن والقيم إلا أن يوجد في إرتفاع الوقف نماء وزيادة وسعة فللناظر أن يقيم بقدر ما زاد ونما هذا صريح في جواز الزيادة عند السعة بقدرها ومعرفة قدر الزيادة ما علمناه والظاهر أنه مأيوس من معرفته في هذا الوقت فأنه يستدعي معرفة حال الوقف وبسطه في قريب كراسة فراجعه انتهى. ودرس بها العلامة أبو عمرو بن الصلاح. قال ابن كثير في تاريخة في سنة

ثمان وعشرين وستمائة: وفيها درس الشيخ تقي الدين بن الصلاح الشهرزوري الشافعي بالمدرسة الشامية الجوانية جوار البيمارستان في جمادى الأولى منها انتهى. زاد الأسدي وحضر الملك الصالح الدرس انتهى. وقد تقدمت ترجمة الشيخ تقي الدين بن الصلاح هذا في دار الحديث الأشرفية الدمشقية وقال ابن شداد ثم من بعده شمس الدين عبد الرحمن المقدسي ثم انتزعت من يده وتولاها تاج الدين محمد بن أبي عصرون وهو مستمر بها إلى الآن انتهى. قال الذهبي في العبر في سنة ست وتسعين وستمائة: وابن أبي عصرون تاج الدين محمد بن عبد السلام بن محمد بن عبد السلام بن المطهر بن عبد الله ابن أبي سعد بن عصرون التميمي الشافعي مدرس الشامية الصغرى ولد بحلب في سنة عشرة وأجاز له المؤيد الطوسي وطبقته وسمع من أبيه وابن روزبه وجماعة وروى الكثير وكان خيرا متواضعا حسن الإيراد للدرس توفي في شهر ربيع الأول انتهى. ثم درس بها العلامة صدر الدين العثماني المعروف بابن المرحل وبابن الوكيل ورأيت في ذيل العبر في سنة عشر وسبعمائة دخلت وسلطان الوقت الملك الناصر محمد إلى أن قال: ونائب دمشق قره سنقر ونائب حلب استدمر ونائب حماة قبجق ودرس بالعذراوية الصدر سليمان الكردي وبالشامية الجوانية الأمين سالم انتزعاها من ابن الوكيل ثم أعيدتا إليه بشفاعة استدمر ثم ذهب استدمر إلى حماة فأخرق قرا سنقر بابن الوكيل فخارت قوته وأسرع إلى القاضي الحنبلي فحكم باسلامه إلى أن قال: ثم أخذت الشامية وردت إلى الأمين سالم جاءه توقيع من مصر انتهى ملخصا. وقد تقدمت ترجمة ابن الوكيل هذا في دار الحديث الأشرفية الدمشقية. وقال ابن كثير في سنة عشرة المذكورة: في المحرم منها باشر الشيخ أمين الدين سالم تدريس الشامية الجوانية والشيخ صدر الدين سليمان بن موسى الكردي تدريس العذراوية كلاهما انتزعاها من يد ابن

الوكيل بسبب إقامته بمصر وكان قد وصل إلى المظفر فأكرمه ورتب له رواتب لانتمائه إلى نصر المنبجي1 ثم عاد بتوقيع سلطاني إلى مدرستيه فأقام بهما شهراوسبعة أيام ثم استعاداهما منه ورجعتا إلى المدرسين الأولين إلى أن قال: ووقعت منازعة بين صدر الدين بن الوكيل وبين الصدر سليمان الكردي بسبب العذراوية وكتبوا في ابن الوكيل محضرا يتضمن أشياء من القبائح والفضائح والكفريات على ابن الوكيل فبادر ابن الوكيل الى القاضي تقي الدين سليمان الحنبلي فحكم بإسلامه وحقن دمه وحكم باسقاط التعزيز عنه والحكم بعدالته واستحقاقه للمناصب وأشهد عليه بذلك في المحرم من السنة المذكورة ولكن خرجت عنه المدرستان العذراوية لسليمان الكردي والشامية لأمين سالم ولم يبق معه سوى دار الحديث الأشرفية وقال فيها: في شهر ربيع الآخر كان الأمير سيف الدين استدمر قد قدم دمشق لبعض أشغاله وكان له حنو على الشيخ صدر الدين بن الوكيل فاستنجر له مرسوما بنظر دار الحديث وتدريس العذراوية فلم يباشر ذلك حتى سافر الأمير استدمر فاتفق له بعد يومين أنه وقعت كائن بدار ابن درباس بالصالحية من الحنابلة وغيرهم وذكروا أنه وجد عنده شيء من المنكرات وغير ذلك وبلغ ذلك نائب السلطنة فكاتب فيه فرد الجواب بعزله عن المناصب الدينية فخرجت عنه دار الحديث الأشرفية وبقي بدمشق وليس بيده وظيفة فلما كان في آخر شهر رمضان سافر إلى حلب الشهباء فقرر له نائبها الأمير إستدمر على الجامع شيئا ثم ولاه تدريسا هناك وأحسن إليه انتهى. قلت: والأمين سالم المذكور هو الشيخ الإمام المفنن أمين الدين سالم بن أبي الدر عبد الرحمن ويقال له لؤلؤ بن عبد الله المعروف بإمام مسجد ابن هشام وكيل بيت المال ميلاده سنة خمس وأربعين وستمائة واشتغل على القاضي عز الدين بن الصائغ ولازم الشيخ محيى الدين النواوي وانتفع به فلما توفي أخذ عن شرف الدين المقدسي وزين الدين الفارقي وغيرهما وأم بمسجد ابن

_ 1 شذرات الذهب 6: 52.

هشام وحدث بالكرسي به وأعاد بعدة مدارس ودرس بالشامية الجوانية المذكورة انتزعها من الشيخ صدر الدين بن الوكيل واستمرت بيده إلى أن توفي في شعبان سنة ست وعشرين وسبعمائة بدمشق ودفن بباب الصغير. وقال الصلاح الصفدي في الوافي في حرف السين المهملة: سالم بن أبي الدر الشيخ أمين الدين مدرس الشامية الجوانية وكان إمام مسجد الفسقار وقرأ على المراكشي مدة ونسخ بعض مسموعاته ورتب صحيح ابن حبان قال الشيخ شمس الدين: سمعت منه الأول من مشيخة ابن عبد الدائم وعاش اثنتين وثمانين سنة وكان ذا دهاء وخبرة بالدعاوى توفي في سنة ست وعشرين وسبعمائة انتهى: وقال ابن كثير في هذه السنة وهي سنة ست وعشرين: وفي يوم الثلاثاء رابع شعبان درس بالشامية الجوانية شهاب الدين ابن جهبل وحضر عنده القزويني القاضي الشافعي جلال الدين وجماعة عوضا عن الشيخ أمين الدين سالم توفي ثم بعد أيام جاء توقيع السلطان بولايتها للقاضي الشافعي المذكور فباشرها في عشرين شهر رمضان انتهى. وقال ابن كثير في سنة سبع وعشرين: وفي يوم الجمعة منتصف جمادى الآخرة جاء البريد بطلب القاضي الشافعي جلال الدين القزويني الخطيب إلى مصر فدخلها في مستهل شهر رجب فخلع عليه بقضاء مصر إلى أن قال: وأرسل ولده بدر الدين ابن القزويني إلى دمشق خطيبا بالأموي وعلى تدريس الشامية الجوانية انتهى على قاعدة والده جلال الدين القزويني فخلع عليه في أواخر شهر رجب ثاني عشريه وحضر عنده الأعيان انتهى. ثم درس بها الفقيه أبو الفتح السبكي قريب الشيخ تقي الدين السبكي وقد تقدمت ترجمته في المدرسة الركنية. ثم درس بها الإمام العالم الصدر الكامل الرئيس قاضي العساكر الحلبية ناصر الدين أبو عبد الله محمد ابن الصاحب شرف الدين يعقوب الحلبي ثم الدمشقي ولد بحلب الشهباء وسمع من ابن النصيبي1 وغيره ودرس وولي كتابة السر بحلب الشهباء ثم نقل إلى دمشق فولي كتابه السر بها ومشيخة الشيوخ ودرس بالناصرية والشامية هذه.

_ 1 شذرات الذهب 6: 38.

قال السيد شمس الدين الحسيني في ذيل العبر في سنة ستين وسبعمائة: وفي شهر ربيع الأول صرف القاضي ناصر الدين الحلبي عن كتابة السر بدمشق ومشيخة الشيوخ إلى كتابة سر حلب الشهباء فولى بعده كتابة السر بدمشق شيخنا وكيل بيت المال القاضي أمين الدين بن القلانسي مع تدريس الناصرية والشامية الجوانية ومشيخة الشيوخ انتهى. ثم قال في سنة ثلاث وستين وسبعمائه: ومات بدمشق القاضي الرئيس النبيل أمين الدين أبو عبد الله محمد بن القاضي جمال الدين ابي العباس أحمد بن محمد بن نصر الله التميمي الدمشقي ابن القلانسي ولد سنة إحدى وسبعمائة وأجاز له الحافظ شرف الدين الدمياطي1 وغيره وحدث عن إسماعيل ابن مكتوم وعيسى المطعم وست الوزراء وغيرهم وولي قضاء العساكر بدمشق ووكالة بيت المال مرات ودرس بالعصرونية ثم ولي كتابة السر عوضا عن القاضي ناصر الدين الحلبي ومشيخة الشيوخ وتدريس الناصرية والشامية الجوانية ثم عزل في العام الماضي وأوذي وأدى في المصادرة جملة وتوفي في شهر ربيع الأول انتهى. ثم قال في سنة ثلاث وستين المذكورة: ومات القاضي ناصر الدين الحلبي وكان عاد في العام الماضي إلى دمشق على جهاته وكان دينا فاضلا عفيفا نزها عديم الشر تام العقل توفي في ذي القعدة وتولي بعده تدريس الناصرية سيدنا قاضي القضاة بهاء الدين أبو حامد السبكي2 وتدريس الشامية الجوانية قاضي القضاة بدر الدين السبكي انتهى وقد تقدمت ترجمة قاضي القضاة بدر الدين السبكي هذا في المدرسة الأتابكية. ثم درس بها قاضي القضاة ولي الدين أبو ذر عبد الله ابن قاضي القضاة بهاء الدين أبي البقاء السبكي وقد تقدمت ترجمته في دار الحديث الأشرفية الدمشقية. وقال ابن قاضي شهبة في ذيله في شهر رمضان سنة ست وعشرين في وفاة ابن الشيرجي: ولما مات القاضي ولي الدين سنة خمس وثمانين ولي القاضي سري الدين تدريس الشامية الجوانية واستمرت بيده مع أن فتح الدين بن

_ 1 شذرات الذهب 6: 12. 2 شذرات الذهب 6: 226.

الشهيد وليها بمرسوم السلطان فلم تحصل له انتهى. ثم درس بها بعده قاضي القضاة شهاب الدين الباعوني عوضا عنه في شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وثمانمائة بولاية النائب تنبك كما في المدرسة الركنية ثم درس بها الشيخ شهاب الدين بن حجي وقد تقدمت ترجمته في المدرسة الأتابكية. وقال الأسدي في تاريخه: في ذي القعدة سنة خمس عشرة وثمانمائة وفي يوم الأحد ثامن عشره حضر مدرس الشامية البرانيه ثم درس بعده شيخنا الشيخ جمال الدين الطيماني في الشاميه الجوانية ونزل له عن ربع تدريسها شيخنا الحافظ شهاب الدين بن حجي انتهى. ثم قال في المحرم سنة ست عشرة وثمانمائة: وفي يوم الأحد ثاني عشريه حضر الشيخ شهاب الدين بن نشوان تدريس المدرسة العذراوية نزل له عنه الشيخ شهاب الدين بن حجي في مرض موته إلى أن قال: ثم درس قاضي القضاة نجم الدين بن حجي بالشامية الجوانية عوضا عن أخيه في النصف والنصف الآخر بيد نقيب الأشراف وحضر عنده القاضي الشافعي وهو شمس الدين الأخنائي وجماعة من الفقهاء وأخذ في تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي} الآية ثم قال في شهر ربيع الأول سنة إحدى وعشرين وثمانمائة: ثم حضر قاضي القضاة في الشامية الجوانية والغزالية وهذا أول شروع القاضي في التدريس انتهى. ثم قال في شوال سنة ثلاث وعشرين: وفي يوم الأحد سادس عشريه درس قاضي القضاة الشافعي بالمدرسة الشامية الجوانية ثم درس بالظاهرية والركنية والناصرية وجعل يوم الأحد للأولتين ويوم الأربعاء بين الثلاث وقد كان له مدة طويلة لم يحضر ثم قال في شوال سنة أربع وعشرين: لما عزم قاضي القضاة ابن حجي على الذهاب إلى الحجاز استخلف القاضي السيد شهاب الدين ابن نقيب الأشراف وجعل الشيخ شمس الدين البرماوي نائبه في الخطابة والمدارس المتعلقة به غير مدارس القضاء وهي الشاميتان والظاهرية الجوانية انتهى. وقد تقدمت ترجمة قاضي القضاة نجم الدين ابن حجي هذا في المدرسة الركنية. ثم قال في ذي القعدة سنة خمس وعشرين: وفي يوم الأربعاء خامسه

درس الشيخ شمس الدين البرماوي بالشامية الجوانية والظاهرية نيابة عن بهاء الدين ابن قاضي القضاة نزل له والده عنهما بسبب أن شرط واقف الشامية البرانية أن لا يجمع بينها وبين غيرها انتهى. وقد تقدمت ترجمة شمس الدين البرماوي هذا في المدرسة الأمينية. ثم قال في يوم ثامن شهر ربيع الأول: باشر تدريس الشامية الجوانية الشيخ علاء الدين بن سلام نيابة عن السيد شهاب الدين ابن نقيب الأشراف وعن بهاء الدين ولد قاضي القضاة عوضا عن الشيخ شمس الدين البرماوي فانه لما توفي ولده وكان عمره نحو عشرين سنة وكان نجيبا لم يقدر على الاقامة بدمشق فسافر إلى مصر في أوائل شعبان سنة ست وعشرين والله سبحانه وتعالى أعلم وتقدم كل ذلك بالأمينية ثم قال في شهر ربيع الآخر سنة ثلاثين: وفي يوم الأربعاء سابعه حضر بهاء الدين أبو البقاء ابن قاضي القضاة نجم الدين بن حجي الدرس في الظاهرية الجوانية وحضر عنده والده والقاضيان الحنفي هو ابن الكشك والمالكي هو الأموي وحاجب الحجاب هو سيباي وجماعة من الأمراء والفقهاء والمباشرين ودرس في قوله تعالى: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً} الآية في أول سورة الفتح واشتغل يدرس بنفسه بالظاهرية والشامية الجوانية انتهى. ثم قال: في يوم الأحد ثامنه درست بالشامية البرانية إلى أن قال: ثم درست بالشامية الجوانية والظاهرية نيابة عن بهاء الدين ولد قاضي القضاة نجم الدين انتهى. ثم قال: وفي ذي القعدة سنة ثلاث وثلاثين وفي يوم الأحد ثانيه حضر محيى الدين المصري الدرس بالشامية البرانية وحضر بالشامية الجوانية شيخنا استحبابا لاستنابة السيد فإنه لم يرد في ذلك شيء انتهى. ثم قال: وفي شعبان سنة ثمان وثلاثين في مستهله وهو ثاني شباط درست بالشامية الجوانية نيابة عن القاضي كمال الدين بن البارزي يعني كاتب سر مصر وكان السيد قد استنزل القاضي بهاء الدين بن حجي عن النصف الذي كان بيده فلما توفي السيد صار التدريس المذكور في جملة وظائف السيد إلى القاضي زين الدين عبد الباسط يعني ناظر الجيش بمصر فنزل عنه في هذه السنة للمذكور

بمبلغ كثير وجاءني كتابه في هذه الأيام يسألني في ذلك وكان لها سنين لم يحضر بها أحد والمدرس يعني محيى الدين المصري والمعيد يعني اللوبياني يقبضان معلومها كاملا ويحصل للفقهاء شيء يسير جدا انتهى. ثم قال في ذي القعدة سنة تسع وأربعين: وفي يوم الأحد خامسه حضرت بالمدرسة الشامية الجوانية ثم الظاهرية والتقوية انتهى. وولي الإعادة بهذه المدرسة جماعات منهم الإمام العلامة بقية السلف مفتي الشام جمال الدين أبو عبد الله محمد ابن القاضي محيي الدين الحسن بن محمد بن عمار بن متوج بن جرير الحارثي المعروف بابن قاضي الزبداني ميلاده في جمادى الآخرة سنة ثمان وثمانين وستمائة وسمع الحديث من جماعة وكتب بخطه بعض الطباق وتفقه على الشيخ برهان الدين الفزاري وكمال الدين بن قاضي شهبة وكمال الدين بن الزملكاني وأذن له بالفتوى ودرس قديما بالنجيبيه سنة ست وعشرين ثم بالظاهرية الجوانية والعادلية الصغرى كما يأتي فيهن وأعاد بالمدرسة الشامية ودرس بها نائبا عن غيره مدة. قال الحافظ ابن حجي السعدي: وكان يكتب على الفتاوى كتابة جيدة بخط حسن وعبارة محررة حتى كان شيخه برهان الدين فيما بلغنا يثني عليه في ذلك واشتهر بدمشق في شأن الفتوى وصار المشار إليه في ذلك ويقال إنه لم يضبط عليه فتوى أخطأ فيها وكان معظما تخضع له الشيوخ ويقصد لقضاء حوائج الناس عند القضاة وغيرهم ويمشي بنفسه في قضاء ذلك وعنده تواضع وأدب توفي في مستهل المحرم سنة ست وسبعين وسبعمائة شهيدا بالطاعون ودفن بالصالحية ومنهم العلامة نجم الدين ابن الحابي وقد تقدمت ترجمته في الدماغية ومنهم الشيخ تقي الدين اللوبياني. قال الشيخ تقي الدين بن قاضي شهبة في شهر رجب سنة إحدى وعشرين وثمانمائة: وفي يوم الاثنين رابع عشريه وقع أمر ينكر جدا لم يقع نظيره في هذه الأزمان وهو أن الشيخ تقي الدين اللوبياني بيده إعادة الشامية الجوانية وقد عمرت وهو يباشرها ويقبض معلومها هو والمدرس فلما جاء الأمير محمد

ابن منجك يعني الذي بنظر الأوقاف رسم بتتمة عمارتها وبياضها فكتب الناظر الحساب وذهب إليه وتظلم وكتب بيد الشيخ تقي الدين اللوبياني عشرين ألفا وكسرا فرسم أن تسترجع منه ومن غيره لأجل العمارة وطلب لشيخ تقي الدين ورسم عليه ثم إن القاضي أي القضاة نجم الدين دخل في القضية ووفق الأمر على أن يزن ألفين وتقبل منها لشخص كذا فاحتال ذلك الشخص حتى أثبتها في ذمته بطريق شرعي وكتب بها وثيقة ثم آل الأمر أن اشتكى خصمه عليه في هذا اليوم إلى النائب يعني بلبك العلائي فلما حضر اللوبياني دخل الأمير محمد بن منجك عند النائب فتكلم فيه عند النائب وشكا عليه وقال: إنه أخذ من مال الوقف عشرين ألفا وهو حذر ما يعطي أحدا شيئا فلم يسمع النائب لتقي الدين اللوبياني كلاما ومده وضربه ضربا كثيرا حتى قيل إنه أكثر من ثلاثمائة عصا ثم أعتذر النائب بأنه ما عرفه وذهبت في كيسه انتهى. قلت ناب في تدريس هذه المدرسة القاضي شهاب الدين الملكاوي ولم نعلم عمن وقد تقدمت ترجمته في المدرسة الدماغية. فائدة: قال تقي الدين الأسدي في ترجمة السيد شهاب الدين ابن نقيب الأشراف المتقدم ذكره: واستولى على عدة تداريس منها الشامية الجوانية وأخذ منها جملة أموال ولم يذكر بها درسا واحدا بل لم يقع التدريس في مجموع عمره رحمه الله تعالى.

المدرسة الشاهينية

51 - المدرسة الشاهينية هي وظيفة تصدير بجامع التوبة بالعقيبة جددها الأمير شاهين الشجاعي داودار شيخ قال الشيخ شهاب الدين بن حجي كان من أعظم أعوان استاذه في الفتن وعمر بجامع التوبة بعد حريقة بالفتنة من ماله توفي رحمه الله تعالى في شهر رمضان سنة ست عشرة وثمانمائة بطريق مصر وأسف عليه كثير من الناس وقالوا هو كان سعد أستاذه انتهى. درس بها الشيخ العالم شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن موسى العجلوني الكفيري الأصل الدمشقي

ميلاده في أوائل شوال سنة سبع وخمسين وسبعمائة وحفظ التنبيه وأدرك الشيخ شمس الدين بن قاضي شهبة وغيره من المشايخ وأخذ عنهم يسيرا ثم لازم الشيخ شرف الدين الغزي مدة طويلة وبه انتفع واشتهر بحفظ الفروع في شيبيته وكتب بخطه الكثير نسخا لنفسه وللناس وكان له قدرة على الكتابة وناب للقاضي علاء الدين أبي البقاء قبل الفتنة ثم باشر نيابة القضاء بعد الفتنة غير مرة عن ابن الأخنائي والباعوني وابن حجي وابن الزهري وغيرهم وولي تدريس الصارمية وغيرها وفي صفر سنة أربع عشرة عوضا عن القاضي علاء الدين ابن أبي البقاء وعمر بعضها ونزل له القاضي شمس الدين الأخنائي في مرض موته على حصته من تدريس العزيزية وتصدر في الجامع من مدة قريبة كذا قاله الشيخ تقي الدين الأسدي ثم قال: ولم ينجب عليه أحد من الطلبة وولي قضاء الركب في سنة تسع وعشرين وجمع مختصرا في الحديث وشرحا على البخاري في ست مجلدات واختصر شرح البخاري لابن الملقن في أربع مجلدات والكرماني في ثلاثة وشرح غاية الاختصار وكتب نكتا مختصرة على التنبيه في مجلدات وغير ذلك وكان لا يعرف شيئا من العلوم غير الفقه وطرفا من الحديث وينظم كثيرا ولا يعرف العروض وكان كثير التغير لا يثبت على حال ولا يبقى على كلمة وعنده صبر واحتمال ورياضة توفي في ثالث عشر المحرم سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة وصلي عليه بمسجد القصب بعد الظهر ودفن بمقبرة الصوفية ونزل عن غالب وظائفه للسيد شهاب الدين ابن نقيب الأشراف وذمه أكثر الناس على ذلك. قلت: زاد في الذيل ونزل عن نصف تدريس المدرسة العزيزية للشيخ تقي الدين اللوبياني ووليتها أنا عنه بولاية معلقة وكلم فيها قاضي القضاة الحنفي ونفذ ولم يحصل لي ولا له انتهى. ودرس بها بعده شيخنا العلامة بدر الدين أبو الفضل محمد ابن شيخ الشافعية تقي الدين أبي بكر ابن قاضي شهبة في يوم الثلاثاء رابع شهر ربيع الأول سنة إحدى وثلاثين المذكورة وحضر القاضيان

الشافعي بهاء الدين أبو البقاء بن حجي والمالكي شهاب الدين الأموي والحاجب وجماعة من الفقهاء والطلبة ودرس في قوله تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} الآية قاله الشيخ تقي الدين والده في ذيله. وقال فيه: في صفر سنة ثمان وأربعين وثمانمائة ويوم السبت خامس عشريه كان ختم مختصر ابن الحاجب بجامع التوبة وكان يقرأ عليه فيه بجامع التوبة يوم السبت وبالفارسية يوم الاثنين بعد العصر وفرغا في نحو ثلاث سنين بعدما حصل في أثناء ذلك بطالات وقد كنت جعلت شرح الأصفهاني كالمتن وأنظر عليه شرح السيد ركن الدين وشرح علاء الدين القونوي وشرح تاج الدين السبكي وشرح السيد شمس الدين الحسيني ونظرت الجزء الأول من شرح الشيخ بهاء الدين بن السبكي وهو الموجود من شرحه وفي أثناء الكتاب نظرت الحاشية للتفتازاني والحاشية للأبهري وغير ذلك من الفوائد والغرائب انتهى. وقال في الذيل:

المدرسة الشومانية

52 - المدرسة الشومانية أنشأتها خاتون بنت ظهير الدين شومان أخبرني أخونا القاضي برهان الدين إبراهيم بن محمد بن برهان الدين الشهير بابن المعتمد أن هذه المدرسة المساة الآن بالطيبة سموها بذلك تيمنا انتهى. أول من درس بها الشيخ تاج الدين عبد الرحمن. ثم من بعده أخوه شرف الدين وهو مستمر بها إلى الآن قاله ابن شداد.

المدرسة الشريفية

53 - المدرسة الشريفية التي عند حارة الغرباء وقال الشيخ تقي الدين الأسدي الشريفية بدرب الشعارين لم أعرف واقفها درس بها سيدنا الشيخ نجم الدين الدمشقي رحمه الله تعالى في سنة تسعين وستمائة ولم أعرف من درس بها غيره انتهى والله أعلم بذلك.

المدرسة الصالحية

45 - المدرسة الصالحية بتربة أم الصالح الملك غربي الطيبة والجوهرية الحنفية وقبلي الشامية الجوانية بشرق. قال ابن كثير في سنة ثمان وأربعين وستمائة: الصالح أبو الجيش إسماعيل بن الملك العادل سيف الدين أبي بكر وهو واقف تربة أم الصالح وقد كان الصالح ملكا عادلا عاقلا حازما تقلبت به الأحوال أطوارا كثيرة وقد كان الأشرف موسى أوصى له بدمشق من بعده فملكها شهورا ثم انتزعها منه أخوه الكامل ثم ملكها من الصالح خديعة ومكرا فاستمر بها أزيد من أربع سنين ثم استعادها منه الصالح أيوب عام الخوارزمية سنة ثلاث وأربعين وستمائة واستقرت بيده بعلبك وبصرى ثم أخذتا منه ولم يبق له بلد يأوي إليه فلجأ إلى المملكة الحلبية في جوار الناصر يوسف صاحب حلب الشبهاء فلما كان في هذه السنة كما ذكرنا عدم بالديار المصرية فلا يدرى ما فعل الله به والله سبحانه وتعالى أعلم وهو واقف التربة والمدرسة ودار الحديث والاقراء بدمشق انتهى. ثم قال في سنة ثلاث وثمانين وستمائة: وفيها توفي الملك السعيد فتح الدين عبد الملك ابن الملك الصالح أبي الجيش إسماعيل ابن الملك العادل وهو والد الملك الكامل ناصر الدين محمد في ليلة الاثنين ثالث شهر رمضان ودفن من الغد بتربة أم الصالح وكان من خيار الأمراء محترما كبيرا رئيسا روى الموطأ عن يحيى بن بكير1 عن مكرم بن أبي الصقر2 وسمع من ابن اللتي وغيره انتهى. وقال في سنة ثمان وثمانين وستمائة: الملك المنصور شهاب الدين محمود ابن الملك الصالح إسماعيل بن العادل توفي يوم الثلاثاء ثامن عشر شعبان وصلي عليه بالجامع ودفن من يومه بتربة جده وكان ناظرها وقد سمع الحديث الكثير وكان يحب أهله وكان فيه لطف وتواضع انتهى. وقال في سنة سبع وعشرين: الملك الكامل ناصر الدين أبو المعالي محمد ابن

_ 1 شذرات الذهب 2: 59. 2 شذرات الذهب 5: 174.

الملك السعيد فتح الدين عبد الملك ابن السلطان الملك الصالح إسماعيل أبي الجيش ابن الملك العادل أبي بكر بن أيوب أحد أكابر الأمراء وأبناء الملوك كان من أحاسن الناس ذكاء وفطنة وحسن عشرة ولطافة كلام بحيث يسرد الكثير من الكلام بمنزلة الأمثال من قوة ذهنه ولطافة فهمه وكان رئيسا من أجود الناس توفي عشية الأربعاء عشرين جمادى الأولى وصلي عليه ظهر الخميس في صحن الجامع تحت النسر ثم أرادوا دفن عند جده لأمه الملك الكامل فلم يتيسر ذلك فدفن بتربة أم الصالح سامحه الله تعالى وكان له سماع كثير سمعنا عليه منه وكان يحفظ تاريخا جيدا وقام ولده الأمير صلاح الدين مكانه في أمره الطبلخانات وجعل أخوه في عشرته ولبسا الخلع السلطانية بذلك انتهى. وقال في سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة: الخاتون المصونة خاتون بنت الملك الصالح إسماعيل بن العادل بن أبي بكر بن أيوب بن شادي توفيت بدارها وتعرف بدار كافور وكانت رئيسة محترمة ولم تتزوج قط وليس في طبقتها من بني أيوب غيرها في هذا الحين توفيت يوم الخميس الحادي والعشرين من شعبان ودفنت بتربة أم الصالح رحمها الله تعالى انتهى. درَّس بها القاضي العلامة نجم الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن خلف بن راجح بن بلال ابن هلال بن عيسى المقدسي الحنبلي ثم الشافعي ولد في شعبان سنة ثمان وسبعين وخمسمائة وقرأ المقنع على مؤلفة سنة ثلاث عشرة واشتغل في مذهب الأمام أحمد ودرس في مدرسة الشيخ أبي عمر رحمه الله تعالى وسافر إلى بغداد وله سبع عشرة سنة فسمع من ابن الجوزي وغيره ورحل إلى همذان فأخذ عن الركن الطاوسي ولازمه مدة حتى صار معيده وبرع في علم الخلاف وصار له صيت بتلك البلاد ومنزلة رفيعة ثم اشتغل في مذهب الشافعي وعاد إلى دمشق وله جلالة ومكانة وكان لا يترك الاشتغال ليلا ونهارا ويطالع كثيرا ويشتغل ودرس بالشامية البرانية كما تقدم وبأم الصالح هذه وبالعذراوية وبالصارمية كما سيأتي وناب في القضاء قال أبو شامة:

وكان يعرف بالحنبلي وكان فاضلا دينا بارعا في علم الخلاف وفقه الطريقة حافظا للجمع بين الصحيحين للحميدي1 توفي في سادس شوال سنة ثمان وثلاثين وستمائة. قال ابن كثير في تاريخه: وناب في الحكم عن جماعة من القضاة إلى أن توفي وهو نائب الرفيع الحيلي ودفن بقاسيون ورأيت بخط الأسدي الصالحية بتربة أم الصالح درس بها شهاب الدين بن المجد لما ولي القضاء سنة اثنتين وثلاثين ثم درس بها ناصر الدين بن المقدسي وقد تقدمت ترجمته في المدرسة الرواحية وقال ابن كثير في سنة تسع وثمانين وستمائة: ودرس بأم الصالح بعد ابن المقدسي القاضي إمام الدين القزويني وقد تقدمت ترجمته في المدرسة الرواحية ورأيت بخط الأسدي الصالحية بتربة أم الصالح درس بها شهاب الدين بن المجد لما ولي القضاء سنة اثنتين وثلاثين. وقال البرزالي في سنة خمس وثلاثين: وفي مستهل المحرم يوم الخميس ذكر الدرس بالمدرسة الصالحية المعروفة بتربة أم الصالح الفقيه شمس الدين ابن خطيب يبرود عوضا عن قاضي القضاة شهاب الدين بمقتضى انتقاله إلى المدرسة العادلية والغزالية والأتابكية وتولية الحكم بدمشق واستمراره على تدريس الإقبالية انتهى كلامه. وقد تقدمت ترجمة الشيخ شمس الدين هذا في المدرسة الدماغية. ثم درس بها آخر عمره الشيخ الإمام سعد الدين سعد بن يوسف بن إسماعيل بن يوسف النواوي الدمشقي ميلاده سنة تسع بتقديم التاء وعشرين وسبعمائة قدم دمشق صغيرا وسمع الحديث واشتغل ولازم الشيخ تاج الدين المراكشي2 مدة وتفقه على الشيخ شمس الدين ابن قاضي شهبة وقرأ على الشيخ عماد الدين ابن كثير علوم الحديث الذي ألفه وأذن له بالفتوى واشتغل بالجامع وأعاد بالناصرية والقيمرية وكتب في الإجازات وعلى الفتاوى وناب في القضاء وحصل له بعد الفتنة فاقة بعد ما كان مثريا توفي في شهر ربيع الآخر سنة خمس وثمانمائة ببلد الخليل على نبينا

_ 1 شذرات الذهب 3: 392. 2 شذرات الذهب 6: 172.

وعليه الصلاة والسلام قاضيا بها وكان قد ولي ذلك مدة يسيرة. وقال الشيخ تقي الدين ابن قاضي شهبة في ذيله في جمادى الأولى سنة تسع عشرة: الشيخ الإمام العالم شهاب الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن نشوان بن محمد بن أحمد الحواري الشافعي مولده في المحرم سنة سبع وخمسين وسبعمائة بقرية حوار قدم دمشق وقرأ القرآن الكريم بالسنجارية ثم أقرأ ولدي الشيخ شهاب الدين الزهري واشتغل في العلم معهما وبسببهما على الشيخ شهاب الدين ولازمه كثيرا وأخذ عن علاء الدين المجدلي وقال إنه انتفع به واشتغل عند مشايخ ذلك العصر إلى أن نبه وفضل وحضر الدروس مع الفقهاء وظهر فضله وأذن له الشيخ سراج الدين في الإفتاء لما قدم دمشق ثم نزل له الشيخ شهاب الدين بن حجي عن إعادة الشامية البرانية بعوض وجلس للاشتغال بالجامع الأموي وانتفع به الطلبة واشتهر اسمه وقد درس في آخر عمره بالعذراوية وكان عاقلا ذكيا يتكلم في العلم كلاما حسنا ويكتب على الفتاوى كتابة جيدة وعنده إنصاف ومحاضرة حسنة وفي آخر عمره لم يكن بقي في أقرانه من يناضره في العلم والرواج سوى الشيخ شهاب الدين الغزي وكان في يده جهات كثيرة ومات ولم يحج وكان قد اشتغل علي كثيرا ولم يكن له مختصر يحفظه وإنما كان يستحضر من التمييز لأنه علق بعضه بخاطره لما أقرأه لولدي مولانا الشيخ وقد مرض بالاستسقاء وطال مرضه حتى رأى في نفسه العبر وذلك بالخانقاة النجيبية ثم انتقل في آخر مرضه عند تيقنه الموت إلى البيمارستان النوري لغرض الصلاة عليه بالجامع الأموي ولغير ذلك توفي يوم الأربعاء خامسه بعد العصر وصلي عليه من الغد بالجامع الأموي وحضر جنازته خلق كثير من القضاة والفقهاء والأعيان ودفن بمقبرة الصوفية عند قبر شيخه القاضي شهاب الدين الزهري ومحقت تركته ولم يظهر لها عصارة ونزل عن وظائفه للقاضي تاج الدين الزهري ولولديه ثم قال الشيخ تقي الدين في ذيله لتاريخ شيخه الحافظ ابن حجي في سنة تسع عشرة وثمانمائة: وفي يوم الأربعاء تاسع عشره درس القاضي تاج الدين بن

الزهري بالمدرسة العذراوية وبالشامية البرانية عوضا عن الشيخ شهاب الدين بن نشوان نزل له ولولديه عن جهاته ومنها هذه المدرسة أم الصالح وثلث العزيزية وإعادته بالشامية البرانية وإعادة العادلية الصغرى وتصدير الجامع وذلك مضافا إلى ما بيده من تدريس الشامية البرانية والعادلية الصغرى وإفتاء دار العدل وقضاء العسكر وتصدير الجامع وغير ذلك من الوظائف والأنظار انتهى. وقد مر في الشامية البرانية أن من شروط واقفها أن لايجمع المدرس بها بينها وبين غيرها فلا قوة إلا بالله وباشر مشيخة الإقراء بهذه المدرسة الشيخ الإمام العلامة علم الدين أبو الفتح علي بن محمد بن عبد الصمد الهمذاني السخاوي المصري شيخ القراء والنحاة والفقهاء في زمانه بدمشق ولد سنة ثمان أو تسع وخمسين وخمسمائة. قال الذهبي في العبر في سنة ثلاث وأربعين وستمائة: وعلم الدين السخاوي أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الصمد ابن عبد الأحد الهمذاني المقرىء النحوي ولد قبل الستين وخمسمائة وسمع من السلفي وجماعة وقرأ القراآت على الشاطبي والغزنوي1 وأبي الجود2 والكندي وانتهت إليه رياسة الإقراء والأدب في زمانه بدمشق وقرأ عليه خلق لا يحصيهم إلا الله سبحانه وتعالى وما علمت أحدا في الإسلام حمل عنه القراآت أكثر مما حمل عنه وله رحمه الله تعالى تصانيف سائرة متقنة توفي رحمه الله تعالى ورحمنا به بمسكنه بتربة أم الصالح المذكورة في ثاني عشر جمادى الآخرة ودفن بتربته بجبل قاسيون. ثم قال الذهبي فيها في سنة إحدى وثمانين: وقال الصفدي أبو الفتح الأنصاري الملوني محمد بن علي ابن محمد بن موسى شمس الدين لم يشتهر إلا بكنيته كان فاضلا عارفا بالقراآت تفرد بذلك في وقته وكان يقرىء بتربة أم الصالح هذه بدمشق توفي في سابع عشر صفر سنة سبع وخمسين وستمائة وانتفع به الناس انتهى. ثم قال الذهبي في العبر سنة إحدى وثمانين وستمائة: والشيخ زين الدين الزواوي

_ 1 شذرات الذهب 4: 343. 2 شذرات الذهب 5: 17.

الإمام ابو محمد عبد السلام بن علي بن عمر ابن سيد الناس المالكي القاضي المقريء شيخ المقرئين ولد ببجاية سنة تسع وثمانين وقرأ القرآن الكريم بالإسكندرية على عيسى1 وبدمشق على السخاوي وبرع في الفقه وعلوم القرآن والزهد والإخلاص ولي مشيخة الإقراء بتربة أم الصالح اثنتين وعشرين سنة وقرأ عليه عدد كثير وولي القضاء تسعة أعوام ثم عزل نفسه يوم موت رفيقه القاضي شمس الدين بن عطاء2 واستمر على التدريس والإفراء بتربة أم الصالح إلى أن توفي رحمه الله تعالى في شهر رجب منها ثم قال فيها في سنة اثنتين وتسعين وستمائة: والقاضي جمال الدين أبو إسحاق إبراهيم بن داود بن ظافر العسقلاني ثم الدمشقي المقرىء صاحب السخاوي ولي مشيخة الإقراء بتربة أم الصالح مدة وسمع من ابن الزبيدي وجماعة وكتب الكثير توفي في جمادى الأولى انتهى. ثم وليها شيخ القراء والنحاة مجد الدين أبو بكر بن محمد بن قاسم التونسي الشافعي أخذ القراآت والنحو عن الشيخ جسن الراشدي وتصدر بتربة الأشرفية الآتية وبأم الصالح هذه وتخرج به الفضلاء وكان دينا صيتا ذكيا حدث عن الفخر علي مات بدمشق في ذي القعدة سنة ثمان عشرة وسبعمائة عن اثنتين وستين سنة قاله الذهبي. وقال ابن كثير في هذه السنة المذكورة: وفي يوم الأربعاء ثاني عشرين شوال بكرة باشر بدر الدين محمد بن بضحان مشيخة الإقراء بتربة أم الصالح عوضا عن الشيخ مجد الدين التونسي توفي وحضر عنده الأعيان وقد حضرته يومئذ انتهى. ثم وليها العالم المفنن شهاب الدين أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم البعلبكي المعروف بابن النقيب سمع بدمشق من ابن الشحنة والشيخ برهان الدين الفزاري وعلاء الدين بن العطار وطائفة وبالقاهرة من جماعة وأخذ القراآت عن الشيخ شهاب الدين الكفري والنحو عن الشيخين مجد الدين التونسي وأبي حيان والأصول عن الأصفهاني وولي مشيخة الإقراء بأم الصالح هذه ومشيخة الأشرفية ودرس

_ 1 شذرات الذهب 5: 132. 2 شذرات الذهب 5: 340.

بالعادلية الصغرى والقليجية وولي إفتاء دار العدل وناب في الحكم عن ابن المجد. وقال ابن كثير: وكان بارعا في القراآت والنحو والتصريف وله يد في الفقه وغيره توفي رحمه الله تعالى في شهر رمضان سنة أربع وستين وسبعمائة ودفن بمقبرة الصوفية. ثم وليها الشيخ الإمام شهاب الدين أحمد بن بلبان بن عبد الله البعلبكي الشافعي المقرىء المجود النحوي المتقن شيخ وظيفة الإقراء بتربة أم الصالح هذه وبالأشرفية ومدارس القليجية والعادلية الصغرى وكان مولده ببعلبك في سنة ثمان وتسعين وستمائة وانتقل إلى دمشق فاشتغل بالعلم وتلا بالسبع على الشيخ شهاب الدين الحسين بن سليمان الكفري الحنفي وأخذ النحو عن الشيخ مجد الدين التونسي وناب في الحكم لقاضي القضاة شهاب الدين ابن المجد وسمع من الشيخ شهاب الدين محمود بن سلمان الحلبي1 وعلاء الدين علي بن إبراهيم بن داود العطار وغيرهما وباشر وظيفة إفتاء دار العدل بدمشق مدة وخلفه فيها صهره شهاب الدين الزهري المتقدم ذكره توفي في شهر رمضان سنة أربع وستين وسبعمائة قاله السيد شمس الدين الحسيني. ثم وليها بعده الشيخ شمس الدين محمد بن أحمد بن عبد المؤمن الإمام العلامة شمس الدين بن اللبان المصري سمع الحديث من جماعة ونفقه على ابن الرفعة وغيره وصحب في التصوف الشيخ ياقوت الملثم2 بالإسكندرية صاحب أبي العباس المرسي صاحب الشيخ أبي الحسن الشاذلي توفي شهيدا في شوال سنة تسع وأربعين وسبعمائة. ثم وليها العلامة شمس الدين ابن الجزري المقرىء مع مشيخة العادلية وقد تقدمت ترحمته في دار القرآن الجزرية ثم انتقلنا إلى ولده فتح الدين وقد تقدمت ترجمته بالمدرسة الأتابكية. ثم نزل عنها قبيل وفاته في صفر سنة أربع عشرة للشيخ شرف الدين صدقة المقريء الضرير. ثم تلقاهما عنه الشيخ فخر الدين بن الصلف وهو عثمان بن محمد بن خليل بن أحمد بن يوسف الشيخ الإمام العلامة أبو

_ 1 شذرات الذهب 6: 69. 2 شذرات الذهب 6: 103.

عمرو فخر الدين بن الصلف بمهملة ولام مكسورة الدمشقي الشافعي المقريء رئيس المؤذنين بالجامع الأموي ولد سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة ومات في أواخر طاعون سنة إحدى وأربعين وفي ليلة الأحد خامس عشر شوال من السنة بدمشق وكانت جنازته حسنة حافلة أهـ. قلت وباشر مشيخة الحديث بهذه المدرسة العلامة كمال الدين بن الشريشي وقد تقدمت ترجمته في دار الحديث الأشرفية الدمشقية. قال ابن كثير: وفي يوم الإثنين العشرين من ذي الحجة سنة ثمان عشرة وسبعمائة باشر الشيخ شمس الدين الذهبي الحافظ بتربة أم الصالح عوضا عن كمال الدين بن الشريشي توفي بطريق الحج وقد كان له في مشيختها ثلاث وثلاثون سنة وحضر عند الذهبي جماعة من القضاة انتهى وقد تقدمت ترجمته في دار الحديث السكرية وكان أراد أن أن يلي بعد موت المزي دار الحديث الأشرفية هذه فلم يمكن من ذلك لفقد شرط الواقف في اعتقاد الشيخ فيه انتهى. ثم وليها بعده الحافظ عماد الدين بن كثير وقد تقدمت ترجمته في دار الحديث الأشرفية الدمشقية. فائدة: قال الذهبي في العبر في سنة عشرين وسبعمائة: ومات في شهر ربيع الآخر بمصر المعمر المقرىء الرحلة أبو علي الحسن بن عمر بن عيسى الكردي الدمشقي ابن فراش تربة أم الصالح عن نيف وتسعين سنة سمع من ابن اللتي كثيرا وهو حاضر سكن بالجيزة وكان يرتزق ببيع الورق في سنة اثنتي عشرة صم وثقل سمعه بآخرة بحيث أنه حدث بالأول من حديث ابن السماك تلقينا وكان رأس ماله نحو درهمين ثم وصلوه بدراهم منها في صرة مائة درهم وأكثروا عنه انتهى.

المدرسة الصارمية

55 - المدرسة الصارمية داخل باب النصر والجابية قبلي العذراوية بشرق قال القاضي عز الدين: بانيها صارم الدين أزبك مملوك قايماز النجمي انتهى. ورأيت مرسوما بعتبتها ما صورته: بسم الله الرحمن الرحيم هذا المكان المبارك إنشاء الطواشي الأجل

صارم الدين جوهر بن عبد الله الحر عتيق الست الكبيرة الجليلة عصمة الدين عذراء1 ابنة شاهنشاه رحمها الله تعالى وهو وقف محرم وحبس مؤبد على الطواشي المسمى أعلاه مدة حياته ثم من بعد حياته على المتفقهة من أصحاب الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه والنظر في هذا المكان والوقف عليه للطواشي جوهر المسمى أعلاه مدة حياته على ما دون في كتاب الوقف فمن بدله الآية كتب سنة اثنتين وعشرين وستمائة انتهى. وهي عبارة ركيكة واقلها عبارة الطواشي وعلى كل حال فقوله أزبك فيه نظر والله سبحانه وتعالى أعلم. ثم قال القاضي عز الدين: الذي علم من مدرسيها القاضي نجم الدين بن الحنبلي ثم من بعده ولده ثم من بعده تاج الدين عبد الرحمن يعني الفركاح ثم أخوه شرف الدين وهو مستمر بها إلى الآن انتهى. ثم درس بها العلامة نجم الدين الحنبلي وقد تقدمت ترجمته في المدرسة الصالحية قال ابن كثير في سنة أربع وعشرين وسبعمائة: شيخنا القاضي المعمر الفقيه محيى الدين أبو زكريا يحيى ابن الفاضل جمال الدين إسحاق بن خليل بن فارس الشيباني الشافعي اشتغل على الشيخ النواوي ولازم المقدسي وولي الحكم بزرع وغيرها ثم أقام بدمشق يشتغل في الجامع ودرس في الصارمية وأعاد في تداريس عدة إلى أن توفي في سلخ شهر ربيع الآخر ودفن بقاسيون وقد قارب الثمانين وسمع كثيرا وخرج له الذهبي شيئا وسمعنا عليه الدارقطني وغيره انتهى. ورأيت بخط الحافظ علم الدين البزرالي في تاريخه في سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة وفي ليلة السبت العشرين من جمادى الآخرة توفي الشيخ الفقيه الإمام نجم الدين أبو محمد هاشم ابن الشيخ عبد الله بن علي التنوخي البعلبكي بالمدرسة الصارمية التي هو مدرسها وصلي عليه ظهر السبت بجامع دمشق ودفن بمقبرة باب الصغير وحضره جماعة من الفقهاء وكان ممن اشتغل بالعلم مدة عمره وكتب ونسخ وحصل الكتب وقرأ على الشيوخ

_ 1 شذرات الذهب 13: 18.

وسمع بقراءتي على الشيخ تاج الدين الفزاري وغيره وتوجه في الحفل إلى القاهرة وسمع من المقاتلي وولي المدرسة بعده الشيخ عماد ولد قاضي القضاة علم الدين الأخنائي ودرس بها في تاسع عشر رجب انتهى. وقال ابن كثير في شهر ربيع الآخر سنة إحدى وثلاثين: وفي هذا الشهر تولى عماد الدين ابن قاضي القضاة الأخنائي تدريس الصارمية وهو صغير بعد وفاة النجم هاشم البعلبكي وحضرها في شهر رجب وحضر عنده الناس خدمة لأبيه انتهى. ثم درس بها الشيخ السيد الشريف شمس الدين أبو عبد الله محمد بن الحسن بن عبد الله الحسيني الواسطي نزيل الشامية الجوانية ميلاده سنة سبع عشرة وسبعمائة اشتغل وفضل ودرس بهذه المدرسة وأعاد بغيرها وكتب الكثير نسخا وتصنيفا بخطه الحسن فمن تصنيفه مختصر الحلية لأبي نعيم1 سماه مجمع الأحباب في مجلدات وتفسير كبير وشرح مختصر ابن الحاجب في ثلاث مجلدات نقل فيه كلام الأصفهاني فأكثر ونقل من شرح القاضي تاج الدين فوائد وصرح بنقلها منه وكتاب في أصول الفقه مجلد وكتاب الرد على الأسنوي في تناقضه قال الحافظ ابن حجي السعدي: سمعته يعرض بعضه على القاضي بهاء الدين أبي البقاء السبكي قبل سفره إلى مصر ويقرأ عليه فيه. قال: وكان منجمعا عن الناس وعن الفقهاء خصوصا توفي في شهر ربيع الأول سنة ست وسبعين وسبعمائة ودفن عند مسجد القدم. ثم درس بها شرف الدين يونس ابن قاضي القضاة علاء الدين علي ابن قاضي القضاة أبي البقاء السبكي وهو صبي صغير توفي في يوم الأربعاء خامس عشرين صفر سنة أربع عشرة وثمانمائة كان قد صلى في العام الماضي بمدرسة الخبيصية وله ذكاء ومعرفة وحضر جنازته خلق من الفقهاء. قال الأسدي: وهو أخر من بقي من الذكور من ذرية أبي البقاء فيما أظن إلا أن يكون بمصر أحد من أولاد ابن عمه جلال الدين ابن القاضي بدر الدين وولي وظائفه وحضر في تدريس العزيزية

_ 1 شذرات الذهب 3: 245.

والقيمرية الشيخ شهاب الدين بن حجي والتصدير قاضي القضاة نجم الدين ابن حجي ثم تركه لأبن خطيب عذرا وأرسل إلى القاضي أن يقرره فيه وتدريس الصارمية لشمس الدين الكفيري اهـ وقد تقدمت ترجمة شمس الدين هذا في الشاهينية. ثم قال الأسدي في شعبان سنة إحدى وثلاثين: القاضي شمس الدين محمد بن خطيب قارا حفظ المنهاج واشتغل يسيرا ثم ولي القضاء بمعاملات منها حمص والقدس ثم توصل إلى قضاء طرابلس فوليه بمساعدة القاضي شمس الدين الهروي في جمادى الأولى سنة سبع وعشرين فلما ولي قاضي القضاة نجم الدين ابن حجي كتابة السر يعني بمصر هرب من طرابلس خوفا منه لأنه كان يكرهه ثم ولي قضاء حماة في شهر ربيع الآخر سنة تسع وعشرين. ثم عزل في ذي القعدة سنة ثلاثين وذهب إلى مصر فلما وصل الخبر إلى مصر بوفاة الشيخ شمس الدين الكفيري بقي في وظائفه وكتب خطه بمبلغ وقدم دمشق فلم يصل إلى شيء من جهات المذكور لاستقرار غيره فيها فتوجه إلى مصر على طريق الساحل مرافقا لمن وقف في طريقه وساعيا في القضاء على ما قيل فغرق بالقرب من دمياط وسلم من كان معه ولم يغرق سواه لتأخره عن التحول من المركب إلى عيره بسبب ما كان معه من المال في المركب توفي في عشر الستين وكان لا بأس بمباشرته وترك عليه ديونا كثيرة ووصل الخبر بوفاته إلى دمشق في حادي عشرين الشهر وفي ثالث عشرين أيضا جاء الخبر إلى دمشق أن ولد القاضي بدر الدين بن مزهر استقر في وظائف الشيخ شمس الدين الكفيري عوضا عن القاري بحكم غرقه انتهى. وسيأتي في العزيزية زيادة إيضاح في ذلك وان ولد بدر الدين بن مزهر نزل عنها حتى عن الفقاهات لكاتب سر دمشق الكمال بن ناصر الدين بن البارزي ثم وليها شيخنا العلامة شمس الدين بن حامد عنه ثم وليها الشيخ العلامة تلميذه الشيخ زين الدين عبد القادر1 في ثاني عشر شوال سنة سبع وثمانين وثمانمائة وذكر أنه وليها من شيخنا بدر الدين ابن

_ 1 شذرات الذهب 8: 18.

قاضي شهبة قبل بولاية معلقة من مدة نحو أكثر من عشر سنين وهو مستمر بها إلى الآن ثم توفي ليلة السبت سادس عشر ذي الحجة سنة ثلاث وتسعمائة ودفن بمقبرة باب الصغير. فائدة: قال ابن كثير في سنة ست عشرة وسبعمائة: الشيخ الصالح الزاهد المقريء أبو عبد الله محمد ابن الخطيب سلامة بن سالم بن الحسن ابن ينبوب الماليني أحد الصلحاء المشهورين بجامع دمشق سمع الحديث واقرأ الناس نحوا من خمسين سنة وكان يفصح الأولاد في الحروف الصعبة وكان مبتلى في فمه يحمل طاسة تحت فمه من كثرة ما يسيل من الريال وغيره وقد جاوز الثمانين بأربع سنين توفي في المدرسة الصارمية يوم الأحد ثاني عشرين ذي القعدة ودفن بباب الصغير بالقرب من القلندرية وحضر جنازته خلق كثير جدا نحوا من عشرة آلاف رحمه الله تعالى انتهى.

المدرسة الصلاحية

56 - المدرسة الصلاحية بالقرب من البيمارستان النوري بانيها نور الدين محمود بن زنكي الشهيد ونسبت إلى الملك الناصر صلاح الدين فاتح بيت المقدس. قال الذهبي في العبر في سنة تسع وستين وخمسمائة: السلطان نور الدين محمود العادل أبو القاسم ابن أتابك زنكي بن آق سنقر التركي تملك حلب بعد أبيه ثم أخذ دمشق فملكها عشرين سنة وكان مولده في سنة إحدى عشرة وخمسمائة وكان أجل ملوك زمانه وأعدلهم وأكثرهم أدبا وجهادا وأسعدهم في دنياه وآخرته وهزم الفرنج غير مرة وأخافهم وجرعهم المر ومحاسنه في الجملة أبين من الشمس والقمر وكان أسمر طويلا مليحا تركي اللحية نقي الخد شديد المهابة حسن التواضع طاهر اللسان كامل العقل والرأي سليما من التكبر خائفا من الله تعالى قل أن يوجد في الصلحاء الكبار مثله فضلا عن الملوك ختم الله تعالى له بالشهادة ونوله الحسنى إن شاء الله تعالى وزيادة فمات رحمه الله تعالى بداء الخوانيق في حادي عشر شوال وعهد بالملك إلى ولده الصالح

إسماعيل1 وعمره إحدى عشرة سنة انتهى وسيأتي إن شاء الله تعالى باقي ترجمته في المدرسة النورية الحنفية وقال في سنة تسع وثمانين وخمسمائة: وصلاح الدين السلطان الملك الناصر أبو المظفر يوسف بن أيوب بن شادي بن مروان ابن يعقوب الدويني الأصل التكريتي المولد ولد في سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة إذا أبوه شحنة تكريت ملك البلاد ودانت له العباد وأكثر من الغزو وواظب وكسر الافرنج مرات وكان خليقا للملك شديد الهيبة محببا إلى الأمة عالي الهمة كامل السؤدد جم المناقب ولي السلطنة عشرين سنة وتوفي بقلعة دمشق في السابع والعشرين من صفر وارتفعت الاصوات بالبلد بالبكاء وعظم الضجيج حتى أن العاقل تخيل أن الدنيا كلها تصبح صوتا واحدا وكان امرا عجبا رحمه الله تعالى انتهى. ويقول كاتبه: ودفن بالقلعة ثم نقل منها إلى تربة بنيت له لصيق دار أسامة التي بناها ولده الملك العزيز2 مدرسة المعروفة الآن بالعزيزية شمالي دار الحديث الفاضلية بالكلاسه لصيق الجامع الأموي من جهه الشمال بالقرب من الزاويه الغزاليه. وسيأتي إن شاء تعالى في الخانقاه الناصرية وإليها تنسب المدرسة الصلاحية التي ببيت المقدس. قال الحافظ ابن كثير في سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة: وعمل للشافعية المدرسة الصلاحية ويقال لها الناصرية وكان موضع كنيسة على جسد حنة أي على قبر حنة أم مريم عليها السلام ووقف على الصوفية رباطا لها كان للبترك إلى جانب العمامة وأجرى على الفقراء والقراء والفقهاء الجامكيات والجرايات وأرصد الختم والربعات في أرجاء المسجد الأقصى لمن يقرأ وينظر فيها من المقيمين والزائرين وتنافس بنو أيوب فيما يفعلونه من الخيرات في القدس الشريف للقادمين والظاعنين والقاطنين فجزاهم الله تعالى خيرا اجمعين انتهى. لم نعلم في هذه المدرسة الصلاحية الدمشقية مدرسين إلا عماد الدين بن

_ 1 شذرات الذهب 4: 258. 2 شذرات الذهب 4: 219.

أبي زهران الموصلي ثم من بعده محيي الدين خطيب الجامع وهو مستمر بها إلى الآن. قال ابن شداد: الصلاحية بالكلاسة وهي عبارة عن زاوية فيها. قال ابن شداد في الكلام على الجامع الأموي: إنها مدرسة شافعية حيث قال: ذكرنا فيه من المدارس مدرسة شافعية بالكلاسة المدرسة الغزالية وتعرف بالشيخ نصر المقدسي مدرسة ابن شيخ الاسلام مدرسة الملك المظفر أسد الدين شافعية مدرسة للمالكية مدرسة ابن منجا حنبلية انتهى. فأفاد أمورا وعدد في الجامع إحدى عشرة حلقة يصرف عليها من مال المصالح وعدد به تسعمائة وأربعة وعشرين سبعا بأوقاف تجري عليها وثلاثة وسبعين تصديرا لاقراء القرآن وذكر عدة حلق للحديث وغير ذلك انتهى. والذي تحقق في هذه الصلاحية من المدرسين شمس الدين الكردي الأعرج ثم من بعده مجد الدين عبد الله الكردي وهو بها إلى الآن قاله ابن شداد انتهى والله سبحانه وتعالى أعلم.

المدرسة التقطائية

57 - المدرسة التقطائية ورأيت في قائمة بكشف الأوقاف سنة عشرين وثمانمائة: التقطائية بالتاء المثناة الفوقيه من المدارس الشافعية عمر بعضها وهي داخل الباب الصغير بنحو مائة ذراع شرقيه بشام غربي بيت الخواجا الناصري قبلي منارة الشحم لها منارة صغيرة قال ابن كثير في تاريخه في سنة ست عشرة وسبعمائة: وفي شهر رجب نقل نائب حمص الأمير شهاب الدين قرطاي 1 الى نيابة طرابلس عوضا عن الأمير سيف الدين التركستاني بحكم وفاته وولي الأمير سيف الدين ارقطاي نيابة حمص وتولى نيابة الكرك سيف الدين طقطاي الناصري عوضا عن سيف الدين يلبغا انتهى. ولم يذكر له مدرسة. ورأيت في الوافي لصلاح الدين الصفدي في حرف الطاء المهملة ذكر أثنين: أحدهما طقطاي السلطان صاحب القبجاق بن منكو تمر بن سابر خان الطاغية الأكبر جنكيز خان المغلي توفي سنة

_ 1 ابن كثير 14: 176.

ثلاثة عشرة1 وسبعمائة وثانيهما طقطاي الأمير عز الدين داوادار الأمير سيف الدين يلبغا اليحيوي كان ممن حمل راية السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون وأنما أعطاه ليلبغا فعمله دوادارا وكان يقول عنه هذا قرابتي وهو حدث وكان قد سلم قياده إليه وهو النائب وحديث الناس معه في سائر الأمور ولم يكن يقول شيئا فيخالفه وهو حسن الوجه عاقل كثير الاطراق قليل الكلام ساكن كثير الخير عديم الشر لم يؤذ أحدا ولا تطلع إلى مال أحد نعم إن أهدى الناس إليه شيئا قبله ورعى له خدمة وكان ينفع أصحابه كثيرا واعطاه الملك الكامل إمرة عشرة بدمشق فكتب إليه ونحن على منزلة الكسوة نريد التوجه إلى الصيد بنواحي الأزرق وقد ورد المرسوم بذلك منه: ياسيدا رب العلى ... لكل خير يسره ومن حباه طلعة ... بالبشر أمست يعمره ومن له محاسن ... ترضي الكرام البرره تهن أمر إمرة ... ابناؤها مشتهره بها الوجوه قد غدت ... ضاحكة مستبشرة تناله كامله ... مضروبة في عشره ثم لما خلع الكامل وتولى الملك المظفر توجه إليه من دمشق فرعى له خدمة مدحه ورسم له بامرة طبلخانات ولم يزل عند أستاذه خطيبا إلى أن توجه معه في نوبة أستاذه وخروجه على الكامل وتوجه معه إلى حماة وامسك مع بقية الأمراء وجهز معه إلى مصر مع أخيه يلبغا فجهز إلى الإسكندرية ثم إن الأمير سيف الدين شيخو والأمير سيف الدين صرغتمش2 شفعا فيه عند الملك فأفرج عنه وعن أخيه يلبغا وأقام هو عند شيخو وجهز يلبغا إلى حلب وذلك في شهر رجب سنة ثمان وأربعين وسبعمائة ثم إنه أعطى امرية

_ 1 شذرات الذهب 6: 40. 2 ابن كثير 14: 275.

عشرة وأقام بالقاهرة وتزوج هناك امرأة الأمير سيف الدين طغيتمور النجمي الدوادار وهي أخت الأمير سيف الدين طاز المالكي واسمه محمد بن نوح انتهى. ولم يذكر لهما مدرسة ولا خانقاه ولا غيرهما والله سبحانه وتعالى أعلم.

المدرسة الطبرية

58 - المدرسة الطبرية بباب البريد وقفها برأس العين وحوانيت بالنورية داخل دمشق درس بها الشيخ الإمام العالم الأصيل شرف الدين أبو عبد الله الحسين بن علي ابن محمد بن حامد بن محمد بن عبد الله بن علي بن محمود بن هبة الله بن ألُّه بفتح الهمزة وضم اللام وإسكان الهاء ومعناه بالعربي العقاب الأصفهاني الأصل الدمشقي المعروف بابن الشرف حسين ميلاده في المحرم سنة سبع بتقديم السين وخمسين وستمائة وسمع جماعة واشتغل وأفتى وكتب بخطة الحسن كثيرا من الكتب قال الحافظ الذهبي في العبر: شيخنا المعمر الصالح درس بالعمادية وقال الحافظ تقي الدين بن رافع حدث وسمع منه البرزالي وخرج له جزءا من حديثه بالسماع وجزءا بالاجازة وحدث بهما ودرس بالطبرية بباب البريد توفي في شهر رجب سنة تسع وثلاثين وسبعمائة ودفن بقاسيون رحمه الله تعالى.

المدرسة الطيبة

59 - المدرسة الطيبة قبلي النورية الحنفية وشرقي تربة زوجة تنكز بقرب الخواصين داخل كمسق وقد قدمنا عن البرهان بن المعتمد أنها هي المسماة بالشومانية وإنما غير اسمها تينا. قال الصفدي في حرف الطاء المهملة: باني الطيبة العابر علي بن أبي بكر انتهى وليكشف من العين من كلامه درس بها الخطيب أبو العباس الفزاري وقد تقدمت ترجمته في دار الحديث الناصرية وقال ابن كثير في سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة: شيخنا العلامة الزاهد الورع بقية السلف ركن الدين أبو يحيى زكريا بن يوسف بن سليمان ابن حامد البجلي الشافعي نائب الخطابة ومدرس الطيبة والأسدية وقد تقدمت تتمة ترجمته في كلام ابن كثير

هذا فيها ثم درس بها الشيخ بهاء الدين ابن إمام المشهد وقد تقدمت ترجمته في المدرسة الأمينية ثم درس بها القاضي تاج الدين أحمد ابن القاضي فتح الدين محمد بن إبراهيم بن محمد بن الشهيد اشتغل في صغره ودرس بالطيبة هذه سنة أربع وسبعين وسبعمائة ثم ولي قضاء العسكر سنة خمس وسبعين إلى أن عزل بالقاضي سري الدين أول سنة ثمان وسبعين ودرس بالظاهرية نزل له عنها قاضي القضاة شمس الدين الأخنائي ولم تزل بيده إلى أن توفي وكذلك نظر الأسرى قال ابن حجي كان في أيام سعادة والده مقصودا معظما وحصل أوقافا وثمرا وزادت في أيامه أجور الأوقاف وكان محببا إلى الناس وعنده فضيلة في الأنشاء وكان خبيرا بصنعة الكتابة صانعا صالحا لوظيفة كاتب السر مرجحا على غيره توفي في ذي القعدة سنة ثمانمائة مطعونا ودفن بمقبرة الصوفية بالقطعة العالية من غربيها بتربة لهم لا سقف لها وقد بلغ الخمسين ظنا انتهى ثم وليها الشيخ شمس الدين محمد بن الكفتي الشافعي قال الشيخ تقي الدين بن قاضي شهبة في جمادى الأولى سنة ثمان عشرة وثمانمائة في ذيلة التاريخ شيخه اشتغل في صغره وحفظ التنبيه ورافق الشيخ تقي الدين ابن إمام المشهد زمانا وفضل وكان ذهنه جيدا وله فهم في النحو وأفتى في الشامية البرانية قبل الفتنى بغير كتابة حكى لي قال كنت أنا وشمس الدين الجرجاوي وشمس الدين الصناديقي وبهاء الدين ابن إمام المشهد نجتمع في الأمينية نشتغل فاتفق أن الصناديقي علق على التنبيه مجلدا ثم إنه أراد الأخذ في الشامية البرانية في طبقة الإفتاء فذهب إلى القاضي شهاب الدين الزهري وسأله ذلك فقال حتى تكتب فقال له خذ هذه المجلدة يعني التي جمعها وعما شئت فاسألني منها فما كتبت فيها شيئا إلا وأنا أستحضره ففعل ذلك فأجابة فأذن له أن يأخذ في طبقة الإفتاء فقال للقاضي شهاب الدين كلما فيها فرفقتي يشاركونني في معرفته يعني الجرجاوي

وابن إمام المشهد وابن الكفتي فأنهى للجميع وكان أول أمره على طريقة حسنة جدا حكى لي من عاشره في طريق الحج عن عبادته وخيره ثم عاشر الناس ودخل في الترك والدواوين وتغير حاله وساءت طريقته وخرج عن وظائفة وحصل مالا من غيره وجهة ولما توفي الشيخ شهاب الدين ابن إمام المشهد أوصى إليه على بنته ونزل له عن جهاته تدريس الطيبة وتدريس القواسية وتصدير في الجامع وغيره ذلك فلم يعش بعده إلا يسيرا توفي يوم الأحد ثاني عشره بعد ضعف طويل وخلف كتبا كثيرة ومالا ودفن من الغد بمقبرة باب الفراديس ولم يحضر جنازته إلا نفر يسير لاشتغال الناس بالفتنة الواقعة في هذا الشهر يعنى عصيان قاتباي المحمدي نائب الشام والذي عليه من القلعة مات عن بنت وزوجتين ونزل عن تدريس الطيبة لصاحبنا نور الدين بن قوام وعن تصدير الجامع للقاضي تاج الدين الحسباني وغيره واستقر عوضه في تدريس القواسية الشيخ تقي الدين اللوبياني وماتت البنت من بعده بمدة يسيرة وأخذ الميراث من لا يستحقه انتهى ثم درس بها شيخنا مفتي المسلمين شمس الدين أبو عبد الله محمد بن سعد العجلوني في خامس ذي القعدة سنة سبع وثلاثين وثمانمائة قال الشيخ تقي الدين ابن قاضي شهبة في هذا الشهر منها ويوم الأحد خامسة درس الولد أبو الفضل أبقاه الله تعالى بالمدرسة العذراوية نيابة عني وحضر عنده الشيخ محيي الدين المصري والقاضي تقي الدين بن الحريري والقاضي برهان الدين بن رجب وفقهاء المدرسة ويومئذ درس شمس الدين محمد بن سعد العجلوني بالطيبة عند باب الخواصين وحضر معه الجماعة الذين حضروا بالعذراوية انتهى فهما رحمهما الله تعالى رفيقان ابتدآ بالتدريس في يوم واحد ولهذا كنت أراهما على قلب واحد رحمهما الله تعالى ورحمنا بهما في الدارين آمين

المدرسة الظبيانية

60 - المدرسة الظبيانية قبلي المدرسة الشامية الجوانية وغربي المدرسة الصالحية التي غربي مدرسة

الطيبة من وقفها: المزرعة بقرية يعقوبا والمحاكرات حول الخندق قبلي سور دمشق وشمالي مقبرة باب الصغير درس بها في ذي القعدة سنة أربع وسبعين وسبعمائة الحافظ شهاب الدين بن حجي وقد تقدمت ترجمته في المدرسة الأتابكية.

المدرسة الظاهرية البرانية

61 - المدرسة الظاهرية البرانية خارج باب النصر بمحلة المنيبع شرقي الخاتونية الحنفية وغربي الخانقاه الحسامية بين نهري القنوات وبانياس على الميدان بالشرف القبلي بناها الملك الظاهري غازي ابن الملك الناصر صلاح الدين بن أيوب. قال الذهبي في تاريخه العبر في سنة ثلاث عشرة وستمائة: والملك الظاهر غازي صاحب حلب ولد السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب ولد بمصر سنة ثمان وستين وخمسمائة وحدث عن عبد الله بن بري وجماعة وكان بديع الحسن كامل الملاحة ذا غور ودهاء ومصادقةلملوك النواحي فيوهمهم أنه لولاه لقصدهم عمه العادل ويوهم عمه أنه لولاه لاتفق عليه الملوك وشاقوه وكان سمحا جوادا تزوج ببنتي عمه توفي في العشرين من جمادى الآخرة بمرض الإسهال وتسلطن بعده الملك العزيز1 وله ثلاثة أعوام وكاس الملك العادل لأجل بنته أم الطفل انتهى. وقال في سنة تسع وخمسين وستمائة: فيمن مات بها صاحب صهيون بن منكورس تملك صهيون بعد والده ثلاثا وثلاثين سنة كان حازما شايبا عمره تسعون سنة ودفن بقلعة صهيون وتملك بعده ابنه سيف الدين محمد2 والملك الظاهر غازي شقيق الملك الناصر يوسف وأمهما تركية وكان مليح الصورة شجاعا جوادا قتل مع أخيه بين يدي هولاكو انتهى. وقال ابن كثير في تاريخه في سنة ثلاث عشرة المتقدمة: وفيها توفي صاحب حلب الملك الظاهر غازي ابن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب. وكان من خيار

_ 1 شذرات الذهب 5: 168. 2 شذرات الذهب 5: 335. 3 شذرات الذهب 5: 298.

الملوك وأسعدهم سيرة ولكن كان فيه عسف ويعاقب على الذنب اليسير شديدا وكان يكرم العلماء والشعراء والفقراء وأقام في الملك ثلاثين سنة وحضر كثيرا من الغزوات مع أبيه وكان ذكيا له رأي جيد وعبارة وعادة سارة وفطنة حسنة وعمره أربع واربعون سنة ولما حضرته الوفاة جعل الملك من بعده لولده الملك العزيز غياث الدين محمد وهوابن ثلاث سنين وقد كان له أولاد كبار ولكنه عهد إلى هذامن بينهم لأنه كان من بنت عمه العادل وأخواله الأشرف والمعظم1 والكامل وجده العادل لا ينازعونه وهذا وقع سرا وبايع له جده العادل وخاله الأشرف صاحب حران والرها وخلاط وهم المعظم ينفض ذلك فلم يتفق له وقام بتدبير مملكته الطواشي شهاب الدين طغرل2 الرومي الأبيض وكان دينا عاقلا انتهى. قال الأسدي في تاريخه في سنة عشر وستمائة: وفي ذي الحجة ولد الملك المنصور محمد بن الظاهر صاحب حلب من ضيفة خاتون بنت الملك العادل: قال ابن واصل: فزينت له حلب وصاغ له عشرة من المهود من الذهب والفضة وفتح للطفل ثلاث ترجيات من اللؤلؤ والياقوت ودرعان وخوذتان ويرك طوان من اللؤلؤ وغير ذلك وثلاثة سروج مجوهرة وثلاثة سيوف غلفها بالذهب والياقوت ورماح أسنتها جوهر منظوم وفرحوا به فرحا شديدا انتهى، وقال الأسدي أيضا: الملك الظاهر غازي صاحب حلب بن يوسف بن أيوب بن شادي بن مروان السلطان الملك الظاهر غياث الدين أبو منصور ابن السلطان صلاح الدين صاحب حلب ولد بمصر في شهر رمضان سنة ثمان وستين وسمع بالإسكندرية من ابن عوف3 وبمصر من ابن بري وبدمشق من الفضل البانياسي وحدث بحلب وولي سلطنتها ثلاثين سنة. قال الموفق بن عبد اللطيف كان جميل الصورة رائع الملاحة موصوفا

_ 1 شذرات الذهب 5: 171. 2 شذرات الذهب 5: 145. 3 شذرات الذهب 4: 268 ...

بالجمال في صغره وفي كبره وله غور ذكاء ودهاء ومكر وأعظم دليل على دهائه مفاوضته لعمه العادل وكان لا يخليه يوما من شغل قلب وخوف وكان يصادق ملوك الأطراف ويباطنهم ويلاطفهم ويوهمهم أنه لولاه لكان العادل يقصدهم ويوهم عمه أنه لولاه لم يطعه أحد من الملوك ولكاشفوه بالشقاق فكان بهذا التدبير يستولي على الجهتين ويستعبد الفريقين ويشغل بعضهم ببعض وكان كريما معطيا يغمر الملوك بالتحف والشعراء والقصاد بالصلات وتزوج بنت العادل وماتت معه ثم تزوج بأختها فكان له عرس مشهور وجاءت منه بالملك العزيز في أول سنة عشرة وأظهر السرور بولادته وبقيت حلب مزينة شهرين والناس في الأكل والشرب ولم يبق صنف من أصناف الناس إلا أفاض عليهم النعم ووصلهم بالإحسان وسير إلى المدارس والخوانق الغنم والذهب وأمرهم أن يعملوا الولائم. ثم فعل ذلك مع الأجناد والغلمان والخدم وكان عنده من أولاد أبيه وأولاد أولادهم مائة وخمسة وعشرون نفسا وزوج الذكور منهم بالإناث وعقد في يوم واحد خمسة وعشرين عقدا بينهم ثم صار كل ليلة يعمل عرسا ويحتفل به وقال أبو المظفر ابن الجوزي: كان مهيبا له سياسة وفطنة ودولة معمورة بالفضلاء والعلماء مزينة بالملوك والأمراء وكان محسنا إلى رعيته وإلى الوافدين عليه حضر معظم غزوات أبيه وانضم إليه أخوته وأقاربه وكان يزور الصالحين ويتفقدهم وكان يتوقد ذكاء وفطنة قال الحافظ أبو عبد الله: ذكرت في الحوادث أن الظاهر قدم دمشق وحاصرها غير مرة مع أخيه الأفضل1 وحاصر منبج وأخذهما وحاصر حماة وكان ذا شجاعة واقدام وكان سفاكا لدماء الخلق في أول أمره ثم قصر عن ذلك وأحسن إلى الرعية وكان ذكيا حسن النادرة. قال له الحلي2 الشاعر مرة في المنادمة وهو يعبث به وزاد عليه فقال: انظم يهدد بالهجو فقال السلطان أنثر وأشار إلى السيف توفي في جمادى الآخرة عن خمس وأربعين سنة بدمشق ودفن بالقلعة ثم نقل

_ 1 شذرات الذهب 5: 101. 2 شذرات الذهب 5: 123.

إلى مدفن مدرسته التي أنشأها بحلب وله مدرسة أخرى بدمشق بالمنيبع وأوصى بالسلطنة لابنه العزيز محمد لأنه كان من بنت العادل وطلب بذلك استمرار الأمر له لأجل جده وأخواله وهكذا وقع وجعل الأمر من بعده لولده الأكبر أحمد1 وقام بأمر ابنه الخادم طغرل أحسن قيام وقصد عز الدين2 صاحب الموصل حلب في أيام الأشرف ونزل بظاهر حلب فرجع عز الدين إلى بلاده وهم المعظم عيسى بأخذ حلب فلم يوافقه أخوه الأشرف موسى انتهى. وقال ابن قاضي شهبة وفي المحرم سنة تسع وستمائة: اصطلح الملك الظاهر مع عمه العادل وتزوج بابنته وكان العقد بدمشق بوكالتين على خمسين ألف دينار وهي ضيفة خاتون شقيقة الملك الكامل وبعثت لى حلب في الحال وكان جهازها على ثلاثمائة جمل وخمسين بغلا ومعها مائتا جارية فلما أدخلت على الظاهرمشى لها خطوات وقدم لها خمس عقود جوهر قيمتها ثلاث مائة ألف وخمسون ألف درهم وأشياء نفيسة وكان عرسا مشهورا اهـ. ودرس بها العلامة شمس الدين محمد أبو عبد الله بن معن (بفتح الميم وسكون العين المهملة ثم نون) ابن سلطان الشيباني الدمشقي تفقه بحلب على ابن شداد وحفظ كتاب الوسيط للغزالي وسمع وحدث ودرس بالظاهرية البرانية هذه وكان فقيها إماما مناظرا أديبا قارئا بالسبع توفي في سنة أربع وستمائة وله كتاب التنقيب على المذهب في جزءين فيه غرائب وأوهام في عزو الأحاديث إلى الكتب وقال الذهبي في تاريخه العبر في سنة اثنتين وتسعين وستمائة: وابن الأستاذ عز الدين أبو الفتح عمر بن محمد ابن الشيخ أبي محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي الحلبي مدرس المدرسة الظاهرية التي بظاهر دمشق روى سنن ابن ماجة3 عن عبد اللطيف

_ 1 شذرات الذهب 5: 253. 2 شذرات الذهب 5: 62. 3 شذرات الذهب 2: 164.

توفي في شهر ربيع الأول انتهى. وقال ابن كثير في سنة اثنتين وتسعين وستمائة: وفي عاشر جمادى الأولى درس القاضي إمام الدين القزويني بالظاهرية البرانية وحضر عنده القضاة والأعيان انتهى. وقال في سنة أربع وتسعين وستمائة: وفي آخر شوال قدمت من الديار المصرية تواقيع شتى منها: بتدريس الغزاليه لإبن صصري عوضا عن الخطيب المقدسي وتوقيع بتدريس الأمينية لإمام الدين القزويني عوضا عن نجم الدين بن صصري ورسم لأخيه جلال الدين بتدريس الظاهرية البرانية عوضا عنه انتهى. وقال في سنة خمس وتسعين: وفي شهر رجب درس كمال الدين بن القلانسي بالظاهرية البرانية عوضا عن جلال الدين القزويني انتهى. وقال في سنة أربع وعشرين وسبعمائة: وفي شهر رمضان قدم إلى دمشق الشيخ نجم الدين عبد الرحيم ابن الشحام الموصلي من بلاد السلطان أزبك وعنده فنون في علم الطب وغيره ومعه كتاب بالوصية به فأعطى تدريس الظاهرية البرانية نزل له عنها جمال الدين بن القلانسي فباشرها في مستهل ذي الحجة ثم درس بالجاروخية انتهى، وقد تقدمت ترجمة الشيخ نجم الدين هذا في المدرسة الجاروخية ثم درس بها بعده بنزول له عنها زوج ابنة ابن الشحام نور الدين الأردبيلي وقد تقدمت ترجمته في المدرسة الجاروخية أيضا ثم قال ابن كثير في سنة ست وثلاثين: وفي يوم الأربعاء عاشر جمادى الأولى درس بالظاهرية البرانية الشيخ الإمام المقرئ أبو بكر الحريري عوضا عن نور الدين الأردبيلي نزل له عنها لما حصلت له الناصرية الجوانية انتهى، وقد تقدمت ترجمة الإمام أبو بكر الحريري هذا في دار الحديث الأشرفية الدمشقية. ثم درس بها أبو العباس أحمد الرهاوي وقد تقدمت ترجمته في المدرسة الشامية البرانية. ثم درس بها قاضي القضاة بهاء الدين بن السبكي وقد تقدمت ترجمته في دار الحديث الأشرفية الدمشقية. ثم درس بها الخطيب العالم العابد جمال الدين أبو الثناء محمود بن محمد بن إبراهيم بن جملة بن مسلم بن تمام بن حسين بن يوسف المحجي الدمشقي قيل إن ميلاده سنة سبع بتقديم السين وسبعمائة وسمع

من جماعة وحفظ التعجيز لابن يونس وتفقه على عمه القاضي جمال الدين وتصدر بالجامع الأموي واشتغل بالعلم وافتى ودرس بالظاهرية البرانية هذه وناب في الحكم عن عمه يوما واحدا ثم ولي خطابة دمشق في ذي القعدة سنة تسع وأربعين وأعرض عن الجهات التي في يده ففرقت على الفقهاء واستمر في الخطابة إلى حين وفاته مواظبا على الاشتغال والإفناء والعبادة وكان معظما جاء إليه السلطان ويلبغا فلم يعبأ بهما وسلم عليهما وهو بالمحراب ذكره الذهبي في المعجم المختص وقال: شارك في الفضائل وعني بالرجال ودرس واشتغل وتقدم مع الدين والتصوف توفي في شهر رمضان سنة أربع وستين وسبعمائة وقال السيد في آخر ذيل: في هذه السنة توفي الخطيب الإمام العلامة القدوة جمال الدين بن جملة أحد الأعيان تفقه بعمه قاضي القضاة جمال الدين يوسف بن إبراهيم بن جملة روى عن جماعة منهم القاضي تقي الدين سليمان بن حمزة الحنبلي وناب في الحكم يوما واحدا ودرس بالظاهرية البرانية وأعاد بعدة مدارس وأفتى واشتغل وألف كتبا كثيرة وكان ملازما لبيته وهو مشتغل بما يعنيه وكان محبا للفقراء دينا صينا وباشر خطابة الجامع الأموي بعد الشيخ تاج الدين عبد الرحيم ابن القاضي جلال الدين القزويني وكانت وفاته رحمه الله تعالى في العشرين من شهر رمضان وولي الخطابة بعده قاضي القضاة شيخ الإسلام تاج الدين أبو نصر عبد الوهاب بن السبكي وكان مولد الخطيب المذكور سنة سبع وسبعمائة وكانت جنازته حافلة انتهى. ثم ولي تدريسها الحافظ شهاب الدين ابن حجي وقد تقدمت ترجمته في المدرسة الأتابكية انتهى. وقال الأسدي في سنة تسع وثمانمائة: وفي صفر اصطلح الشيخ شهاب الدين بن حجي والقاضي علاء الدين بن أبي البقا على أن الخطابة والغزالية ونظر الحرمين يكون بينهما نصفين ونزل القاضي للشيخ عن تدريس الظاهرية البرانية ونظرها وتهايآ في الخطابة كل شهر يخطب واحد انتهى. ثم ولي تدريسها بعد وفاته المتقن علاء الدين بن سلام نزل له قاضي القضاة نجم الدين بن حجي بعد وقاة أخيه الشيخ شهاب الدين عنه. وقد تقدمت ترجمة علاء الدين هذا في المدرسة.

الركنية. وفي يوم السبت ثامن شهر ربيع الآخر سنة أربع وسبعين بتقديم السين وثمانمائة درس فيها شيخنا شيخ الشافعية في وقته نجم الدين محمد بن ولي الدين عبد الله الدمشقي الشهير بابن قاضي عجلون1 وحضرت معه فيها مع فضلاء الطلبة الأقدمين إلى آخر حضوراته فيها ودرس بها في المنهاج في أول كتاب البيع فظهر منه إتقان وتفنن وتحرير وهو إذ ذاك يؤلف في كتابه الأعجوبة شرح المنهاج المسمى بالتحرير وهو شرح عظيم الشأن لو بيض لجاء في مجلدات وله تصحيح على المنهاج كبير ودونه وله كتاب التاج في زوائد الروضة على المنهاج وهو أعجوبة في غاية الإتقان وله شرح على المنهاج في قدر العاجلة سماه الفتوح وله مصنف في تحريم لبس السنجاب وآخر في تحريم ذبايح اليهود والنصارى الموجودين في هذا الزمان وله شرح العقيدة الشيبانية ميلاده سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة أخذ عن والده وعن تقي الدين ابن قاضي شهبة وعن الشرواني وعن جماعة آخرين.

_ 1 شذرات الذهب 7: 322.

المدرسة الظاهرية الجوانية

62 - المدرسة الظاهرية الجوانية داخل بأبي الفرج والفراديس بينهما جوار الجامع شمالي باب البريد وقبلي الاقباليتين والجاروخية وشرقي العادلية الكبرى بابهما متواجهان بينهما الطريق بنيت مكان دار العقيقي وهي كانت دار أيوب2 والد صلاح الدين. قال ابن كثير في سنة ست وسبعين وستمائة: وفي يوم السبت تاسع جمادى الأولى شرع في بناء الدار التي تعرف بدار العقيقي تجاه العادلية لتجعل مدرسة وتربة الملك الظاهر ولم تكن قبل ذلك إلا دارا أيضا للعقيقي وهي المجاورة لحمام العقيقي تجاه العادلية وأسس أساس التربة في خامس جمادى الآخرة وأسست المدرسة أيضا. وقال ابن قاضي شهبة في سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة: العقيقي صاحب الحمام بباب البريد أحمد بن الحسين بن أحمد بن علي العقيقي توفي في جمادى الأولى من هذه السنة وحضر جنازته بكجور

_ 1 شذرات الذهب 7: 322. 2 شذرات الذهب 4: 226 ...

نائب البلد وأصحابه ودفن خارج باب الصغير وقد اشترى الملك الظاهر بيبرس داره وبناها مدرسة ودار حديث وتربة وذلك في حدود سنة سبعين وستمائة انتهى ملخصا. والملك الظاهر هذا هو السلطان ركن الدين أبو الفتوح بيبرس التركي البندقداري الصالحي النجمي صاحب مصر والشام ميلاده في حدود العشرين وستمائة اشتراه الأمير علاء الدين البندقداري فقبض الملك الصالح على البندقداري وأخذ ركن الدين المذكور فكان من جملة مماليكه وطلع شجاعا ضاريا شهد وقعة المنصورة وكان أميرا في الدولة المعزية ثم صار من أعيان البحرية وولي السلطنة في سابع عشر ذي القعدة سنة ثمان وخمسين وستمائة وله فتوحات مشهورة ومواقف مشهودة ولولا ظلمه وجبروته في بعض الأحايين لعد من الملوك العادلين توفي يوم الخميس بعد الظهر ثامن عشرين المحرم سنة ست وسبعين وستمائة بقصره الأبلق بدمشق وخلف من الأولاد الملك السعيد محمد1 والخضر وسلامش2 وسبع بنات ودفن بتربة أنشأها ابنه الملك السعيد وبيلبك3 الخازندار الظاهري نائب سلطنة مولاه وكان بيلبك المذكور قد اخفى موت الملك الظاهر وخرج من دمشق إلى مصر بمحفة يوهم أن السلطان فيها مريض إلى أن دخل مصر فسلطن الملك السعيد ناصر الدين أبا المعالي محمد ميلاده في حدود سنة ثمان وخمسين وستمائة بظاهر القاهرة وتملك بعد أبيه في صفر سنة ست وسبعين وستمائة قال الذهبي في العبر: وكان شابا مليحا كريما حسن الطباع فيه عدل ولين وإحسان ومحبة للخير. وفي ذي الحجة سنة سبع وسبعين وستمائة قدم الملك السعيد وعملت القباب ودخل قلعة دمشق يوم خامس الشهر فاسقط ما وظفه أبوه على الأمراء ففرح الناس به ودعوا له وفي سنة ثمان خلع نفسه بقلعة القاهرة وقنع بالكرك ورتبوا أخاه سلامش في السلطنة وعمره سبع سنين ثم في شهر رجب منها خلعه أتابكه سيف الدين قلاوون4 ولقب

_ 1 شذرات الذهب 5: 362. 2 شذرات الذهب 5: 351. 3 شذرات ااالذهب 5: 351. 4 شذرات الذهب 5: 409.

بالملك المنصور ثم توفي الملك السعيد شبه الفجأة في نصف ذي القعدة بعد أن أقام شهرا بقلعة الكرك ثم نقل بعد شهر إلى عند والده بالتربة المذكورة وتملك بالكرك أخوه خضر وقال ابن كثير في سنة سبع وسبعين وستمائة: قال اليونيني: وفي يوم الأربعاء ثالث عشر صفر درس بالظاهرية وحضر نائب السلطنة ايدمر1 الظاهري وكان درسا حافلا حضره القضاة وكان مدرس الشافعية الشيخ رشيد الدين الفارقي ومدرس الحنفية الشيخ صدر الدين سليمان2 ولم يكن بناء المدرسة كمل انتهى. وأمر بإكمالها السلطان الملك المنصور قلاوون ومدرس الشافعية الشيخ رشيد الدين الفارقي المذكور هو العلامة أبو حفص عمر بن إسماعيل بن مسعود بن سعد الدين الربعي الفارقي ثم الدمشقي الفقيه الأديب المفنن ولد سنة ثمان وتسعين وخمسمائه وسمع الحديث من جماعة واشتغل بفنون العلم ومدح السخاوي بقصيدة مؤنقة فمدحه السخاوي أيضا وأفتى وناظر ودرس بالناصرية الجوانية المذكورة وروى عنه عن شعره الحافظ الدمياطي والمزي والبرزالي وآخرون. قال الذهبي: برع في البلاغة والنظم وكانت له اليد الطولي في التفسير والمعاني والبيان والبديع واللغة وانتهت إليه رياسة الأدب واشتغل عليه خلائق من الفضلاء وقد برز وتقدم وكان حلو المحاضرة مليح النادرة كيسا فطنا يشارك في الأصول والطب وغير ذلك وله مقدمتان في النحو كبرى وصغرى. وقال الشيخ تاج الفزاري: وكانت له مشاركة في أكثر العلوم من غير اشتغاله بشيء منها سوى علم الأدب وصناعة الإنشاء وكان الغالب عليه علم النجامة والنظر في أحكام النجوم والكواكب ومع هذا كان رديء الاختيارات. وجد مخنوقا في مسكنة بمدرسة الظاهرية وقد أخذ ماله في المحرم سنة تسع بتقديم التاء وثمانين وستمائة ودفن بمقابر الصوفية. وقال الذهبي في تاريخه العبر: ودرس بعده بها علاء الدين بن بنت الأعز3. وقال

_ 1 شذرات الذهب 5: 456. 2 شذرات الذهب 5: 357. 3 شذرات الذهب 5: 444.

ابن كثير في سنة إحدى وتسعين وستمائة وفي يوم الإثنين ثاني جمادى الأولى ذكر الدرس بالظاهرية الشيخ صفي الدين الهندي عوضا عن علاء الدين ابن بنت الأعز انتهى، وقد تقدمت ترجمة الشيخ صفي الدين في المدرسة الأتابكية وفي ذيل العبر للذهبي في سنة خمس عشرة وسبعمائة: ودرس بالأتابكية قاضي القضاة ابن صصري وبالظاهرية ابن الزملكاني بعد الصفي الهندي انتهى. وقال تلميذه ابن كثير: ودرس بها بعد الشيخ صفي الدين قاضي القضاة كمال الدين بن الزملكاني يوم الأربعاء سادس عشر جمادى الآخرة سنة خمس عشرة وسبعمائة بحكم وفاته انتهى، وقد مرت ترجمة قاضي القضاة كمال الدين في المدرسة الرواحية ثم درس بها عوضا عنه بحكم ولايته حلب بغير رضى سنة أربع وعشرين كما مر في الرواحية المذكورة الرئيس جمال الدين القلانسي وحضر عنده القاضي القزويني كذا قاله ابن كثير وغيره وقد مرت ترجمته بالمدرسة الأمينية. وقال ابن كثير في سنة اثنتين وثلاثين: وفي يوم الأربعاء ذكر الدرس بالأمينية والظاهرية علاء الدين بن القلانسي عوضا عن أخيه جمال الدين توفي وذكر ابن أخيه امين الدين محمد بن جمال الدين الدرس في العصرونية نزل له عمه وحضرهما جماعة من الأعيان انتهى، وقد مرت ترجمة علاء الدين هذا في المدرسة الأمينية. ورأيت بخط الحافظ علم الدين البرزالي في تاريخه في سنة ست وثلاثين وسبعمائة ومن خطه نقلت: وفي يوم الأحد رابع عشر جمادى الأولى ذكر الدرس بالمدرسة الظاهرية الشيخ جمال الدين ابن قاضي الزبداني عوضا عن علاء الدين القلانسي وحضر القضاة والأعيان وكان يوم مطر وثلج ووحل انتهى. وقال ابن كثير في تاريخه: في هذه السنة نحوه وقد مرت ترجمة الشيخ جمال الدين هذا في المدرسة الشامية الجوانية. ثم درس القاضي العالم الأديب الكاتب فتح الدين أبو بكر محمد بن إبراهيم بن محمد النابلسي الأصل الدمشقي المعروف بابن الشهيد كاتب السر بدمشق ميلاده سنة ثمان وعشرين وسبعمائة بنابلس واشتغل في العلوم وتفنن وفاق اقرانه في النظم والنثر وترجمته طويلة حسنة

ذكرها الأسدي في طبقاته. وقد درس بهذه المدرسة عوضا عن ابن قاضي الزبداني نزل له عنها ثم درس بالأمينية كما مر فيها ثم درس بالظاهرية هذه بعد العلامة نجم الدين بن الجابي وقد مرت ترجمته في الدماغية. وفي أيامه درس بها الشيخ شهاب الدين الأذرعي مدة وقد مرت ترجمته في دار الحديث البهائية ثم درس بها قاضي القضاة شمس الدين الأخنائي نزل له عنها القاضي علاء الدين بن الكركي كاتب السر وكان قد أخذها عن ابن الشهيد وقد مرت ترجمة قاضي القضاة هذا في المدرسة الأتابكية. ثم نزل عن هذه المدرسة لتاج الدين بن الشهيد ولم تزل بيده إلى أن توفي وقد مرت ترجمته في المدرسة الطيبه ثم درس بها الإمام جمال الدين الطيماني وقد مرت ترجمته في المدرسه الركنية وقال الأسدي في شوال سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة: وفي يوم الأربعاء ثالث عشرية درس قاضي القضاة نجم الدين بن حجي بالمدرسة الشامية الجوانية ثم درس بالظاهرية والركنية والناصرية وجعل يوم الأحد للأوليتين ويوم الأربعاء بين الثلاث وقد كان له مدة لم يحضر درسا انتهى. ثم قال في شوال سنة أربع وعشرين: وفي يوم الأحد تاسع عشرية حضر الشيخ شمس الدين التدريس بالشاميتين نيابة عن قاضي القضاة ثم حضر الظاهرية في الشهر الآتي انتهى، يعني لما سافر قاضي القضاة للحج في هذه السنة فاعرفه لما توفي ولد الشيخ شمس الدين البرماوي في جمادى الآخرة سنة ست وعشرين فأقام والده بعد ذلك نحو خمسين يوما ثم سافر إلى مصر كما قدمناه ثم قال الأسدي: في يوم الأحد ثامن عشر شهر ربيع الأول سنة سبع وعشرين شرعنا في حضور الدرس وكان القاضي نجم الدين بن حجي ضعيفا فباشر عنه تدريس الشامية البرانية نائب الاعادة الشيخ محيي الدين المصري. إلى أن قال: وباشرت أنا بتدريس الظاهرية الجوانية نيابة عن ابن قاضي القضاة أيضا. ثم قال في شهر ربيع الآخر سنة ثلاثين وثمانمائة: وفي يوم الأربعاء سابعه حضر بهاء الدين قاضي القضاة الدرس في الظاهرية الجوانية وحضر والده والقاضيان الحنفي والمالكي وحاجب الحجاب وجماعة من الأمراء والفقهاء والمباشرين ودرس في أول سورة الفتح واشتغل يدرس بنفسه

بالظاهرية والشامية الجوانيتين ثم قال: في شهر رمضان سنة اثنتين وثلاثين بعد عزل أبي البقاء من القضاء وفي يوم الأحد رابع عشريه حضر القاضي محيي الدين المصري درس الشامية البرانية. إلى أن قال: فقدر الله تعالى أن عوضني تدريس الظاهرية الجوانية أصالة والحمد لله على ذلك. وقال في صفر سنة تسع وثلاثين: حضرت يوم الأربعاء سادسة الظاهرية والركنية والتقوية والناصرية الجوانية ويوم الخميس سابعة حضرت العذراوية والشامية الجوانية والعزيزية والمسرورية وقال في صفر سنة ثلاث وأربعين: وفي يوم الأربعاء ثالثة ابتدأت في حضور الدرس بالظاهرية وما معها وقال في ترجمة بهاء الدين بن حجي ونزل عن تدريس الظاهرية لكاتبه وعن نصف تدريس الشامية الجوانية ونصف نظر جامع تنكز للسيد شهاب الدين ابن نقيب الأشراف وتولى مشيخة دار الحديث بهذه المدرسة وهي بين إيوان الحنفية القبلي والشافعية الشرقي بها جماعة قال الذهبي في تاريخه العبر سنة سبع وثمانين وستمائة: وأبو إسحاق اللوري إبراهيم بن عبد العزيز بن يحيى الرعيني الأندلسي المالكي االمحدث ولد سنة أربع عشرة وحج فسمع من ابن رواح1 وطبقته وسكن دمشق وقرأ الفقه وتقدم في الحديث مع الزهد والعبادة والايثار والصفات الحميدة والحرمة والجلالة ناب في القضاء ثم ولي مشيخة دار الحديث الظاهرية هذه توفي في الرابع والعشرين من صفر بالمنيبع انتهى. وقال في كتاب المشتبه: الإمام أبو إسحاق اللوري يعني باللام المفتوحة ثم بعد الواو الساكنة راء مهملة شيخ دار الحديث الظاهرية سمع من ابن الجميزي وطبقته. وقال ابن ناصر الدين في توضيحه: هو ابن عبد العزيز بن يحيى بن علي الرعيني الأندلسي اللوري نزيل دمشق ولد سنة أربع عشرة وستمائة بلورة وهي من أعمال إشبيلية انتهى. ثم وليها الشيخ الأمام المقرىء الواعظ المفسر الخطيب الصوفي شيخ العراق عز الدين أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن عمر بن الفرج بن أحمد بن سابور بن علي بن غنيمة

_ 1 شذرات الذهب 5: 242.

(بالضم والفتح) الفاروثي الواسطي ولد بواسط في ذي القعدة سنة أربع عشرة وستمائة وقرأ القرآن على والده وعلى الحسين بن الحسن بن ثابت الطيبي وسمع ببغداد وواسط وأصبهان ودمشق من خلق ولبسة الشيخ شهاب الدين السهروردي رحمة الله تعالى ورحمنا به خرقة التصوف وروى الكثير بالحرمين والعراق ودمشق وسمع عليه خلائق منهم البرزالي سمع منه بقراءته وقراءة غيره نحوا من ثمانين جزءا ولبس منه الخرقة خلق وقرأ عليه القراآت جماعات وقدم دمشق في سنة إحدى وتسعين. قال في العبر: وولي مشيخة الحديث بالظاهرية وتدريس النجيبية وولي خطابة الجامع بعد ابن المرحل ثم عزل من الخطابة بالخطيب الموفق1 فتألم لذلك وترك الجهات وأودع بعض كتبه وكانت كثيرة جدا. قال ابن كثير: وخلف ألفي مجلد ومائتي مجلد وحدث بالكثير سمع منه البرزالي كثيرا "صحيح البخاري"2 و"جامع الترمذي"3 و"سنن ابن ماجة" و"مسند الشافعي" و "مسند أحمد" و "مسند عبد الله" و "معجم الطبراني الصغير" و"مسند الدارمي" و"فضائل القرآن لأبي عبيد" ثمانين جزءا وغير ذلك انتهى. وسار مع الراكب الشامي سنة إحدى وتسعين فحج وسار مع حج العراق إلى واسط. قال الذهبي: كان فقيها شافعيا مدرسا مفتيا عارفا بالقراآت ووجوهها وبعض عليها خطيبا واعظا زاهدا عابدا صوفيا صاحب همة وله أخلاق وكرم وإيثار ومروءة وفتوة وتواضع وحلم وعدم تكلف وكان كثير البذل كبير القدر وافر الحرمة له القبول التام من الخاص والعام وله محبة في القلوب ووقع في النفوس مات رحمه الله تعالى بواسط في ذي الحجة سنة أربع وتسعين وستمائة وصلي عليه صلاة الغائب بدمشق وغيرها. وقال ابن كثير في سنة اثنتين وتسعين وستمائة: وولي مشيخة دار الحديث الظاهرية في آخر عمره الشيخ تقي الدين الواسطي أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن أحمد بن فضل الواسطي

_ 1 شذرات الذهب 5: 453. 2 شذرات الذهب 2: 134. 3 شذرات الذهب 2: 174.

ثم الدمشقي الحنبلي بدمشق توفي يوم الجمعة آخر النهار رابع عشرين جمادى الآخرة عن تسعين سنة وكان رجلا صالحا انفرد بعلو الرواية ولم يخلف بعده مثله وقد تفقه ببغداد ثم رحل إلى الشام ودرس الصاحبية عشرين سنة وبمدرسة أبي عمر وفي آخر عمره ولي مشيخة دار الحديث الظاهرية بعد سفر الفاروثي وكان داعية إلى مذهب السلف والصدر الأول وكان يعود المرضى ويشهد الجنائز ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وكان من خيار عباد الله تعالى ودفن بالروضة رحمه الله تعالى ودرس بعده في الصاحبية الشيخ شمس الدين محمد بن عبد القوي المرداوي1 وبدار الحديث شرف الدين عمر ابن خواجا إمام الدين المعروف بالناسخ قاله ابن كثير في سنة اثنتين وتسعين وقال في سنة اثنتين وسبعمائة: وباشر الشيخ شرف الدين الفزاري مشيخة دار الحديث الظاهرية يوم الخميس ثامن شهر ربيع الآخر عوضا عن شرف الدين الناسخ وهو أبو حفص عمر بن محمد بن عمر بن حسن ابن خواجا إمام الدين الفارسي توفي عن سبعين سنة كان فيه بر ومعروف وله أخلاق حسنة وذكر الشيخ شرف الدين المذكور درسا مفيدا وحضر عنده جماعة من الأعيان انتهى. وقال في سنة خمس وعشرين وسبعمائة: شيخنا المعمر السند الرحلة عفيف الدين إسحاق بن يحيى بن إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل الآمدي ثم الدمشقي الحنفي شيخ دار الحديث الظاهرية ولد في حدود الأربعين وستمائة وسمع الحديث على جماعة كثيرين منهم يوسف بن خليل ومجد الدين بن تيمية وكان شيخا حسنا بهي المنظر سهل الإسماع يحب الرواية ولديه فضيلة توفي ليلة الإثنين ثاني عشرين شهر رمضان ودفن بقاسيون وهو والد فخر الدين ناظر الجيوش والجامع وقال في سنة ست وعشرين وسبعمائة: وفي يوم الأحد ثامن المحرم باشر مشيخة دار الحديث الظاهرية الشيخ شهاب الدين بن جهبل بعد وفاة ابن العفيف إسحاق وترك تدريس الصلاحية بالقدس الشريف واختار دمشق

_ 1 شذرات الذهب 5: 452.

وحضر عنده القضاة والأعيان انتهى، وقد مرت ترجمة الشيخ شهاب الدين هذا في المدرسة البادرائية. وقال في سنة تسع وعشرين وسبعمائة: وأخذ مشيخة دار الحديث الظاهرية منه. يعني من ابن جهبل المذكور الحافظ شمس الدين الذهبي وحضرها في يوم الأربعاء سابع عشر جمادى الآخرة ونزل عن خطابة كفربطنا للشيخ كمال الدين السلامي المالكي فخطب بها يوم الجمعة تاسع عشرة انتهى. فائدة: ومن وقف هذه المدرسة الحصص بالقنيطرة ثم كفر عاقب والصرمان بكمالها والأشرفية قبلي دمشق ونصف قرية الاصطبل بالبقاع ونصف الطرة والبستان بالصالحية. قال القاضي تقي الدين ابن قاضي شهبة في الذيل في سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة: شمس الدين محمد البهنسي عامل المدرسة الظاهرية الجوانية كان ساكنا لينا وكان يقرأ البخاري بالجامع المقابل للشبلية وغيره توفي رحمه الله تعالى يوم الثلاثاء تاسعه عن نحو تسعين سنة ثم دفن بسفح قاسيون رحمه الله تعالى انتهى.

المدرسة العادلية الكبرى

63 - المدرسة العادلية الكبرى داخل دمشق شمالي الجامع بغرب وشرقي الخانفاه الشهابية وقبلي الجاروخية بغرب وتجاه باب الظاهرية يفصل بينهما الطريق. وقال ابن شداد: أول من أنشأها نور الدين محمود بن زنكي وتوفي ولم تتم فاستمرت كذلك ثم بني بعضها الملك العادل سيف الدين ثم توفي ولم تتم أيضا فتممها ولده الملك المعظم وأوقف عليها الأوقاف التي منها إلى الآن جميع قرية الدريج وجميع قرية ركيس وجميع نكت قرية ينطا والباقي استولى عليه لتقادم العهد بعض أرباب الشوكة بطريق ما ودفن فيها والده ونسبها إليه انتهى وقال الأسدي في تاريخه في سنة ثمان وستين وخمسمائة: وفيها شرع نور الدين في عمارة مدرسة الشافعية وضع محرابها فمات ولم يتممها وبقي أمرها على ذلك إلى أن أزال الملك العادل ذلك البناء وعمل مدرسة عظيمة فسميت العادلية انتهى. وقال الذهبي في تاريخه العبر في سنة خمس عشرة وستمائة: والسلطان

الملك العادل سيف الدين أبو بكر محمد ابن الأمير نجم الدين أيوب بن شادي ولد ببعلبك حال ولاية أبيه عليها ونشأ في خدمة نور الدين مع أبيه وكان أخوه صلاح الدين يستشيره ويعتمد عليه وعلى رأيه وعقله ودهائه ولم يكن أحد يتقدم عليه عنده ثم انتقلت به الأحوال واستولى على الممالك وسلطن ابنه الكامل على الديار المصرية وابنه المعظم على الشام وابنه الأشرف على الجزيرة وابنه الأوحد على خلاط وابن ابنه المسعود على اليمن وكان مليكا جليلا سعيدا طويل العمر عميق الفكر بعيد الغور جماعا للمال ذا حلم وسؤدد وبر كثير وكان يضرب المثل بكثرة أكله وله نصيب من صوم وصلاة ولم يكن محببا إلى الرعية لمجيئه بعد الدولتين النورية والصلاحية وقد حدث عن السلفي وخلف سبعة عشر ابنا تسلطن منهم الكامل والمعظم والأشرف والصالح والأوحد وشهاب الدين غازي صاحب ميافارقين وتوفي في سابع جمادى الآخرة وله بضع وسبعون سنة انتهى. وقال ابن كثير في سنة اثنتي عشرة وستمائة: وفيها شرع في بناء المدرسة العادلية الكبيرة بدمشق المقابلة لدار العقيقي انتهى. وقال في سنة خمس عشرة وستمائة: وفيها توفي الملك العادل أبو بكر بن أيوب يوم الجمعة سابع جمادى الآخرة بقرية عالقين فجاء ولده المعظم إليه مسرعا فجمع حواصله وارسله في محفة ومعه خادم بصفة أن السلطان مريض وكلما جاء احد للتسليم على السلطان يمنعه الطواشي عنه يعني لضعف السلطان عن الرد عليهم فلما انتهى به إلى القلعة المنصورة ودفن بها مدة ثم حول إلى تربته بمدرسة العادلية الكبرى انتهى. وقال: وكان كثير الأكل ممتعا بصحته وعافيته مع كثرة صيامه يأكل في اليوم الواحد أكلات جيدة ثم بعد كل هذا يأكل وقت النوم رطلا بالدمشقي من الحلوى أي السكرية اليابسة وكان يعتريه مرض في أنفه في زمان الورد فكان لا يقدر على الإقامة بدمشق حتى يفرغ زمن الورد يضرب له الوطاق بمرج الصفر ثم يدخل البلد بعد ذلك وتوفي عن خمس وسبعين سنة وقال في سنة تسع عشرة وستمائة:

فيها نقل تابوت الملك العادل من القلعة إلى تربته بالعادلية الكبرى فصلي عليه أولا تحت النسر بالجامع الأموي ثم جاؤوا به إلى التربة المذكورة فدفن بها ولم تكن المدرسة كملت بعد وقد تكامل بناؤها في السنة الآتية وقال أبو شامة في الروضتين في سنة ثمان وستين وخمسمائة: قال العماد: وفيها وصل الفقيه الإمام الكبير قطب الدين النيسابوري وهوفقيه عصره ونسيج وحده فسر نور الدين به وأنزله بحلب بمدرسة باب العراق ثم أطلقه إلى دمشق فدرس بزاوية الجامع الغربية المعروفة بالشيخ نصر المقدسي ونزل بمدرسة الجاروخية وشرع نور الدين في إنشاء مدرسة كبيرة للشافعية لفضله وأدركه الأجل دون إدراك عملها لأجله. قلت: هي المدرسة العادلية الآن التي بناها بعده الملك العادل أبو بكر بن أيوب أخو الملك صلاح الدين وفيها تربته وقد رأيت أنا ما كان بناه نور الدين ومن بعده منها وهو موضع المسجد والمحراب الآن ثم لما بناها الملك العادل أزال تلك العمارة وبناها هذا البناء المتقن المحكم الذي لا نظير له في بنيان المدارس وهي المأوي وبها المثوى وفيها قدر الله سبحانه وتعالى جمع هذا الكتاب فلا أقفر ذلك المنزل ولا أقوى آمين وبقي قطب الدين إلى أن توفي في الأيام الناصرية في سنة ثمان وسبعين ووقف كتبه على طلبة العالم ونقلت بعد بناء هذه المدرسة إليها وفما فإنها ثمرته إذ فإنها مباشرته رحمه الله تعالى وقال الأسدي في سنة ثمان وستين وخمسمائة: شرع نور الدين بقرب الجاروخية في بناء مدرسة للشافعية وهي المدرسة المعروفة بالعادلية الآن فمات ولم تتم إلى أن جاء العادل فبناها ودفن بها بعد أن أحضر إلى صحن الجامع وصلى عليه الخطيب الدولعي وخرجوا به من باب الناطفائيين من الزحمة انتهى. وذكر الدرس بها أولا كما قاله ابن كثير في سنة تسع عشرة وستمائة القاضي جمال الدين المصري وحضر عنده السلطان المعظم فجلس في الصدر عن شماله القاضي وعن يمينه جمال الدين الحصيري1 شيخ الحنفية وكان في المجلس الشيخ سيف الدين الآمدي2 إلى جانب المدرس وإلى جانبه

_ 1 شذرات الذهب 5: 183. 2 شذرات الذهب 5: 144.

شمس الدين بن سني الدولة ويليه الشيخ خليل قاضي العسكر وتحت الحصيري شمس الدين بن الشيرازي وتحته محيي الدين بن الزكي وفيه خلق من الأعيان والأكابر وفيهم فخر الدين بن عساكر انتهى. والذي رأيته في تاريخ الأسدي وفيها نقل تابوت الملك لعادل إلى تربته وألقى الدرس بمدرسته القاضي جمال الدين المصري وجلس الملك المعظم وجلس المدرس عن يسار السلطان وعن يمينه شيخ الحنفية جمال الدين الحصيري ويليه فخر الدين ابن عساكر شيخ الشافعية ثم القاضي شمس الدين الشيرازي ثم محيي الدين بن الزكي وتحت المدرس السيف الآمدي ثم القاضي شمس الدين بن سني الدولة ثم نجم الدين خليل قاضي العسكر ودارت حلقة عظيمة والخلق ملء الإيوان وكان قبالة الملك المعظم في الحلقة تقي الدين بن الصلاح ولم تكن المدرسة كملت بعد وقد تكامل بناؤها في السنة الآتية انتهى. وقد مرت ترجمة القاضي جمال الدين المصري في المدرسة الأمينية ثم درس بها بعده قاضي القضاة شمس الدين أحمد بن خليل الخويي1 وكانت وفاته في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وعشرين وستمائة وكانت بقيت على ولده فوليها رفيع الدين الجيلي غصبا وقد مرت ترجمته في المدرسة الأمينية أيضا قال الذهبي في مختصر تاريخ الإسلام في سنة إحدى وأربعين وستمائة: وفيها قتل قاضي دمشق الرفيع الجيلي أهلك سرا لقلة دينه ولخذه أموال الناس بالزور أقام شهود زور وأناسا يدعون على الرجل المتمول بمبلغ من المال فينكر ويحلف فيحضر المدعي الشهود الكذبة فيلزمه المال فيصيح ويستغيث بالله فيقول الجيلي أخرج على رضى غريمك فخرب ديار الناس حتى قصمه الله تعالى وكان معاملا ذلك الوزير انتهى. ثم ذكر فيها الدرس القاضي كمال الدين عمر أبو حفص بن بندار (ببا موحدة بعدها نون ساكنة) ابن عمر التفليسي ولد سنة اثنتين وستمائة تقريبا نيابة عن قاضي القضاة شهاب الدين الخويي ثم اشتغل بهاكمال الدين المذكور إلى أن توجه إلى الديار المصرية وتوفي بها في شهر ربيع الأول سنة اثنتين وسبعين وستمائة. وقال ابن شداد: وذكر الدرس

_ 1 شذرات الذهب 5: 183.

بها نجم الدين بن سني الدولة ثم بعده شمس الدين بن خلكان ثم من بعده قاضي القضاة بدمشق عزالدين محمد ب شرف الدين عبد القادر ابن الصائغ وهو مستمر بها إلا الآن انتهى. ودرس بها قاضي القضاة بهاء الدين بن الزكي وقد مرت ترجمته في المدرسة التقوية. ودرس بها قاضي القضاة نجم الدين صصري وقد مرت ترجمته في المدرسة الأتابكية. قال ابن كثير في سنة أربع وسبعمائة: وفي شهر رجب جلس قاضي القضاة نجم الدين بن صصري بالمدرسة العادلية الكبرى وعملت التخوت بعدما جددت عمارة المدرسة ولم يكن أحد يحكم بها بعد وقعة قازان بسبب خراجها. انتهى بعد أن قال في سنة ثلاث وتسعين وستمائة: وفي يوم الأربعاء ثامن ذي القعدة درس بالغزالية اليخ شرف الدين المقدسي عوضا عن قاضي القضاة شهاب الدين الخويي لما توفي وترك الشامية البرانية وقدم على قضاء الشام القاضي بدر الدين بن جماعة يوم الخميس رابع عشرين ذي الحجة ونزل في العادلية إلى أن قال: واستناب تاج الدين الجعبري1 نائب الخطابة وباشر تدريس الشامية البرانية عوضا عن شرف الدين المقدسي الشيخ زين الدين الفارقي وانتزعت من بده الناصرية فدرس بها ابن جماعة وبالعادلية في العشرين من ذي الحجة وقال في سنة ست وتسعين وستمائة: ولما كان في جمادى الآخرة وصل البريد فاخبر بولاية إمام الدين القزويني القضاء بالشام عوضا عن بدر الدين بن جماعة وإبقاء ابن جماعة على الخطابة وتدريس القيمرية التي كانت بيد إمام الدين وجاءه كتاب السلطان بذلك وفيه احترام وإكرام له فدرس بالقيمرية يوم الخميس ثاني شهر رجب ودخل إمام الدين إلى دمشق عقب صلاة الظهر يوم الأربعاء الثامن من شهر رجب فجلس بالعادلية وحكم بين الناس وامتدحه الشعراء منها قصيدة لبعضهم يقول في أولها هذا الشعر وهو: تبدلت الأيام من عسرها يسرا ... وأضحت ثغور الشام تفتر بالبشرى وكان حال دخوله عليه خلعة السلطان ومعه القاضي كمال الدين الزواوي

_ 1 شذرات الذهب 14: 45.

قاضي القضاة المالكية وعليه خلعة أيضا وقد شكر إمام الدين في السفر وذكر من حسن أخلاقه ورياضته ما هو حسن جميل ودرس بالعادلية بكرة يوم الأربعاء منتصف شهر رجب وأشهد عليه بعد الدرس بتولية أخيه جلال الدين نيابة الحكم وجلس في الإيوان الصغير وعليه الخلعة وجاء الناس يهنونه وقرئ تقليده يوم الجمعة بالشباك الكمالي بعد الصلاة بحضرة نائب السلطنة سيف الدين قبجق المنصوري. وقال في سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة: وكانت ولاية القاضي جمال الدين الزرعي لقضاء الشام عوضا عن نجم الدين بن صصري في يوم الجمعة رابع عشرين جمادى أو ربيع الأول وخلع عليه بمصر وكان قدومه إلى دمشق آخر نهار الأربعاء رابع جمادى الأولى فنزل بالعادلية وقد قدم على القضاء ومشيخة الشيوخ وقضاء العساكر وتدريس العادلية والغزالية والأتابكية انتهى. وقال في سنة أربع وعشرين: وقدم البريد إلى نائب الشام - يعني تنكز - يوم الجمعة خامس عشرين شهر ربيع الآخر بعزل قاضي الشافعية الزرعي فبلغه ذلك فامتنع بنفسه من الحكم وأقام بالعادلية بعد العزل خمسة عشر يوما ثم انتقل منها إلى الأتابكة واستمرت بيده مشيخة الشيوخ وتدريس الأتابكية واستدعى نائب السلطنة شيخنا الإمام الزاهد برهان الدين الفزاري فعرض عليه القضاة فامتنع فألح عليه بكل ممكن فأبى إلى أن قال: فلما كان يوم الجمعة قدم البريد دمشق فأخبر بتولية قضاء الشام لجلال الدين القزويني ثم دخل دمشق في خامس شهر رجب على القضاء مع الخطابة وتدريس العادلية والغزالية فباشر ذلك كله وأخذت منه الأمينية فدرس بها كمال الدين بن القلانسي مع وكالة بيت المال وأضيف إليه قضاء العساكر وخوطب بقاضي القضاة جلال الدين القزويني انتهى. وقال في سبع وعشرين وسبعمائة: فلما كان شهر ذي القعدة اشتهرت تولية علاء الدين علي بن إسماعيل القونوي قضاء الشام فسار إليها من مصر وزار بيت المقدس ودخل بكرة يوم الإثنين سابع عشرين ذي القعدة فاجتمع بنائب السلطنة.

ولبس الخلعة وركب معه الحجاب والدولة إلى العادلية وقرئ تقليده بها وحكم بها على العادة انتهى وقال في سنة ثلاثين وسبعمائة: وتولى مكانه في رابع المحرم منها علم الدين محمد بن أبي بكر بن عيسى بن بدران الأخنائي الشافعي وقدم دمشق في الرابع والعشرين منه صحبة نائب السلطنة تنكز وقد زار القدس وحضر معه تدريس التنكيزية التي أنشأها به ولما قدم دمشق نزل بالعادلية الكبرى على العادة ودرس بها وبالغزالية واستمر بنيابة المنفلوطي ثم استناب زين الدين بن المرحل انتهى. وقال في سنة ثلاث وثلاثين: وفي نصف شهر ربيع الأول لبس ابن جملة خلعة القضاء للشافعية بدمشق بدار السعادة ثم جاء إلى الجامع وهي عليه وذهب إلى العادلية وقرئ تقليده بها بحضرة الأعيان ودرس في العادلية والغزالية يوم الأربعاء ثاني عشرين الشهر المذكور. وفي يوم الإثنين رابع عشرينه وحضر ابن أخيه جمال الدين محمود إعادة القيمرية ونزل له عنها ثم استنابه بعد ذلك في المجلس وخرج إلى العاذلية وحكم بها ثم لم يستمر وعزل عن النيابة بيومه واستناب بعده جمال الدين إبراهيم بن شمس الدين محمد بن يوسف الحسباني انتهى. ثم درس بها شيخ الإسلام قاضي القضاة تقي الدين السبكي وقد مرت ترجمته في المدرسة الأتابكية ثم درس بها ولده العلامة قاضي القضاة بهاء الدين أبو حامد أحمد ولد في جمادى الآخرة سنة تسع عشرة وسبعمائة سمع بمصر والشام من جماعة وقرأ النحو علي أبي حيان قرأ عليه التسهيل وبرع في ذلك وقرأ الأصول على الأصبهاني وتفقه على أبيه وغيره وتميز ودرس وأفتى وساد صغيرا ورأس على أقراته وأسرع به الشيب وأفتى في حدود الأربعين ولما ولي والده قضاء الشام درس بالمنصورية والسيفية والهكارية وله عشرون سنة وشهد له القاضي عز وجل الدين بن جماعة بأهلية ذلك ثم درس بتربة الإمام الشافعي رضي الله عنه وبالخشابية ثم بالشيخونية أول ما فتحت ثم أفتى بدار العدل ثم ولي قضاء الشام سنة ثلاث وستين وسبعمائة كارها ودرس بالعادلية والغزالية والناصرية ثم

عاد في صفر من السنة الآتية إلى مصر على وظائفه ثم ولي قضاء العسكر ةحدث وسمع منه الحفاظ وصنف وكان والده يثني عليه في دروسه توفي بمكة المشرفة مجاورا في شهر رجاب سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة ثم درس بها اخوة العلامة قاضي القضاة تاج الدين أبو نصر عبد الوهاب وقد مرت ترجمته في دار الحديث الأشرفية الدمشقية ثم درس بها قاضي القضاة بهاء الدين أبو البقاء السبكي مدة يسيرة في أول مرة من ولايته القضاء ثم ثاني مرة وقد مرت ترجمته في دار الحديث المذكورة أيضا. وقال الشيخ تقي الدين بن قاضي شهبة في الذيل: في شهر ربيع الآخر سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة وفي يوم الأربعاء خامسه حضر قاضي القضاة سراج الدين الحمصي الدرس بالغزالية ودرس في قوله تعالى {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} الآية وذكر درسا لا بأس به أخذ من مسودات جمال الدين البقليني ثم ذهب إلى العادلية الكبرى فدرس بها في أول المنهاج ومن تمرلنك إلى الآن لم يدرس بها أحد وكذلك لم يدرس بها المذكور غير هذا الدرس انتهى. وقال في صفر في سنة ست وأربعين: وفي يوم السبت الثاني والعشرين منه حضر قاضي القضاة شمس الدين الونائي في دار الحديث الأشرفية وفي العادلية الكبرى ثم في يوم الثلاثاء حضر العادلية والغزالية والبادرائية انتهى.

المدرسة العادلية الصغرى

64 - المدرسة العادلية الصغرى دخل باب الفرج شرقي باب القلعة الشرقي قبلي الدماغية والعمادية قال ابن شداد: العادلية الصغرى منشئها زهرة خاتون بنت الملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب انتهى. وقال الأسدي في سنة تسع وستمائة: عبدان الفلكي الأمير عز وجل الدين صاحب الدار والحمار المنسوبين بعده لابن موسك مقابل دار الحديث النورية قاله أبو شامة وداره هي العادلية الصغرى انتهى. ورأيت بخط شيخنا بدر الدين بن قاضي شهبة ما صورته العادلية الصغرى كانت جارا تعرف بابن موسك ملكتها الخاتون عصمة الدين زهرة ابنة الملك

العادل أبي بكر محمد بن أيوب ثم ملكت الخاتون زهرة لابنة عم أبيها الخاتون بابا خاتون ابنة أسد الدين شيركوه الدار المذكورة وقرية كامد والحصة من قرية برقوم من أعمال حلب والحصة م قرية بيت الدير من الأصغار والحمام والمعروف بابن موسك فوقفت بابا خاتون ذلك جميعه على زهرة خاتون المملكة ومن يعدها تكون مدفنا ومدرسة ومواضع للسكنى وشرطت للمدرسة مدرسا معيدا وإماما ومؤذنا وبوابا وقيما وعشرين فقيها ووقفت الجهات المذكورة منها ما هو على مصالح المدرسة مصارفها وبعضها على أقاربها ومعتقيها وذلك في مستهل شهر رمضان سنة خمس وخمسين وستمائة انتهى. قال ابن شداد: أول من ذكر بها الدرس شرف الدين أحمد بن أحمد ابن نعمة المقدسي ثم بمن بعده تقي الدين بن حياة ثم عاد إلى شرف الدين المقدسي وهو مستمر بها إلى الآن انتهى. وقال ابن كثير في تاريخه قال سنة اثنتين وثمانين وستمائة: وفي آخر شعبان باشر نيابة الحكم عن ابن الزكي شرف الدين أحمد بن نعمة المقدسي أحد أئمة الفضلاء وسادات العلماء المصنفين ولما توفي أخوه شمس الدين محمد في شوال ولي مكانه تدريس الشامية البرانية وأخذت منه العادلية الغرى فدرس بها القاضي نجم الدين بن صصري في ذي القعدة منها واخذت من شرف الدين أيضا الرواحية فدرس بها نجم الدين البياني نائب الحكم انتهى. قلت: لأن شرط المدرس بالشامية أن لا يجمع بينها وبين غيرها كذا نقله أبو شامة وقد قدمته عنه. وقال ابن كثير في سنة تسعين وستمائة: وفيها درس بالأمينية القاضي نجم الدين ابن صصري بعد ابن الزملكاني وأخذت منه العادلية الصغرى لكمال الدين الزملكاني انهتى وقد مرت ترجمة ابن صصري في المدرسة الأتابكية وابن الزملكاني في المدرسة الرواحية انتهى. وقال ابن كثير في سنة خمس عشرة وسبعمائة: وفي يوم الأربعاء سادس عشرين شهر رمضان درس بالعادلية الصغرى الفقيه الإمام فخر الدين المصري المعروف بابن كاتب قطلوبك بمقتضى نزول مدرسها كمال الدين بن الزملكاوي له عنه وحضر عنده القضاة

والأعيان والخطيب وابن الزملكاني أيضا انتهى. وقال في سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة: وعزل فخر لدين مندرسة الدولعية وأخذها ابن جملة والعادلية الغصرى وباشرها ابن النقيب انتهى وقد مرت ترجم فخر الدين المصري في المدرسة الدولعية وابن النقيب في الصالحية المعروفة بأم الصالح. وقال ابن كثير في سنة ثمان وثلاثين أيضا: وفي ثاني ذي الحجة درس بالعادلية الصغرى تاج الدين عبد الرحيم ابن قاضي القضاة جلال الدين القزويني عوضا عن ابن النقيب بحكم ولايته مدرسة الشامية البرانية وحضره القضاة والأعيان انتهى. ثم درس بها العلامة جمال الدين بن قاضي الزبداني وقد مرت ترجمته في المدرسة الشامية الجوانية. ثم درس بها العلامة بقية السلف مفتي المسلمين صدر المدرسين شهاب الدين أبو العباس أحمد بن صالح بن أحمد بن خطاب بن ترجم العلوي الزهري البقاعي الدمشقي ميلاده سنة اثنتين أو ثلاث وعشرين وسبعمائة قدم دمشق صغيرا مع بعض أقاربه وسمع بها من الحافظين المزي والبرزالي ثم رجع إلى بلده ثم قدم ثانيا للإشتغال قبيل الأربعين ولازم الشيخ فخر الدين المصري ثم القاضي بهاء الدين أبا البقاء وكان يقرئ أولادهما وأخذ عن الشيخ شمس الدين بن قاضي شهبة وغيره من مشايخ العصر وأخذ الأصول عن الشيخ شمس الدين بن قاضي شهبة وغيره من مشايخ العصر وأخذ الأصول عن الشيخ نور الدين الأردبيلي ثم عن الشيخ بهاء الدين الأخميمي وبرع في ذلك وأذن له القاضي بهاء الدين بالافتاء سنة ثلاث وخمسين ودرس بالقليجية وولي إفتاء دار العدل ودرس بالعادلية هذه والعصرونية ثم درس بالشامية البرانية نزل له عنها ابن قاضي شهبة في شهر ربيع الأول سنة تسع وسبعين وناب في القضاء للبقليني مدة يسيرة ثم عن القاضي كمال الدين الغزي فمن بعده من القضاة آخرهم ابن جماعة وولاه الأمير منطاش القضاء والتدريس في جمادى الأولى سنة اثنتين وتسعين واستمر بقية أيام منطاش شهرا ونصفا وانفصل بانفصاله وعجب الناس من دخوله في ذلك مع وفور عقله وانقطع بعد ذلك للعبادة والاعتكاف في الجامع بالحلبية وتوفي في المحرم سنة خمس وتسعين وسبعمائة

ودفن بمقبرة الصوفية. ثم درس بها بعده ولده قاضي القضاة تاج الدن عبد الوهاب وقد تقدمت ترجمته في المدرسة الشامية البرانية. وقال تقي الدين الأسدي في ذيله في شهر ربيع الأول سنة خمس وعشرين وثمانمائة: وفي يوم الأحد سابعه درس شهاب الدين أحمد ابن لقاضي تاج الدين بن الزهري بالعادلية الصغرى وحضر قاضي القضاة والفقهاء وكان المذكور لما توفي والده لم يكن له اشتغال بالعلم إلا شيء يسير وكان سيء السيرة فلما مات والده حج وأظهر أنه قد حسنت طريقته وأقبل على الاشتغال بالعلم وحضر هذا الدرس انتهى. وشهاب الدين هذا قرأ بعض التمييز واشتغل يسيرا في حياة والده ثم لما مات والده أقبل على سماع الحديث واستقر هو أخوه جلال الدين في جهات أبيهما مع كثرتها لم يخرج عنهما إلا تدريس الشامية البرانية ولبس خلعة بقضاء العسكر في سنة خمس وعشرين وباشر أياما ثم ترك المباشرة وتوفي مطعونا يوم الثلاثاء ثاني عشر شهر ربيع الأول سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة ثم قال الأسدي في ذيله في شهر ربيع الأول منها: وفي يوم رابع عشره درس جلال الدين محمد ابن القاضي تاج الدين بن الزهري بالعادلية الصغرى وحضر قاضي القضاة والفقهاء وهذا أصغر من أخيه وأصلح وقد قرأ التمييز وجمع الجوامع وعنده ذكاء وله اشتغال ما انتهى. وأعاد بالعادلية هذه الإمام العلامة الخير الفقيه المحدث النحوي بدر الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عيسى بن عبد الكريم بن عساكر بن سعد بن أحمد بن محمد بن سالم بن مكتوم السويدي الأصل الدمشقي المعروف بابن مكتوم كميلاده سنة بضع وأربعين وسبعمائة وسمع من جماعة وحفظ التنبيه ثم الحاوي وطلب الحديث وقرأ بنفسه وكان يقرأ صحيح البخاري بالجامع في شهر رمضان بعد الظهر مدة قال الحافظ شهاب الدين بن حجي: وهو رجل فاضل قرأ الفقه على والدي وعلى الحسباني ولازمه وقرأ في النحو على أبيه العباس أحمد العناني وبرع فيه وتصدر للإشتغال بالجامع خمس عشرة سنة وكان يفتي بأجرة وأعاد بالناصرية

والعادلية وولي مشيخة النحو بالناصرية أيضا وكان رجلا خيرا عنده ديانة وله عبادة من صوم وصلاة وقراءة انتهى. وقال الشيخ تقي الدين الأسدي: وكان فيه إحسان إلى طلبة العلم والفقهاء يضيفم ويفطرهم في شهر رمضان وله بر وصلة لأقاربه وتقلل في ملبسه ويشتري حاجة بيته بنفسه ويحملها وهو قليل المخالطة بالفقهاء وغيرهم توفي في جمادى الأولى سنة سبع بتقديم السين وتسعين وسبعمائة ودفن بمقبرة باب الصغير عند والده وعمه عند قبر الشيخ حماد. وقال الشيخ تقي الدين بن قاضي شهبة في شهر رجب سنة اثنتين وثلاثين: وممن توفي فيه الشيخ شمس الدين أبو عبد الله محمد بن حسن بن الصيدلاني الشافعي أصله من بزبور من بلاد صيدا ثم قدم دمشق وقرأ القرآن واشتغل بلعلم وصحب الشيخ شمس الدين الصلخدي ولزمه مدة وكان يحفظ كثيرا من أحواله وفوائده وخدم الشيخ شهاب الدين لزهري وانتفع به ودام في صحبة أولاده وأصحابه وكان فيه خصال محمودة كريم النفس مع قلة ذات اليد ومحبة طلب العلم ومساعدتهم بما تصل إليه قدرته والمروءة الزائدة على عادة أهل البر وتلاوته القرآن وقيام الليل كل ليلة بثمن ختمة لا يترك ذلك حضرا ولا سفرا وكان صادق اللهجة قليل الغيبة لا أعلم في طائفة الفقهاء نظيره ولي كتابة الغيبة بالشامية البرانية ونقابة الفقهاء بها مدة طويلة وولي إعادة العادلية الصغرى وتصديرا بالجامع الأموي وكان مستمرا على طلب العلم إلى أن توفي في سحر ليلة الأربعاء مستهل الشهر بمسكنه بخانقاه الطواويس ودفن من الغد بمقبرة الصوفية عند القاضي شهاب الدين الزهري وولديه والشيخ شهاب الدين بن نشوان رحمهم الله تعالى. فائدة: قال ابن كثير في سنة خمس وثلاثين: تاج الدين علي بن إبراهيم بن عبد الكريم المصري ويعرف بكاتب قطلوبك وهو والد العلامة فخر الدين شيخ الفقهاء الشافعية ومدرسهم في عدة مدارس ووالده هذا لم يزل في الخدمة والكتابة إلى أن توفي عنده بالعادلية الصغرى ليلة الثلاثاء ثالث

عشرين شعبان وصلي عليه من الغد بالجامع الأموي ودفن في مقبرة باب الصغير رحمه الله تعالى الله تعالى انتهى.

المدرسة العذراوية

65 - المدرسة العذراوية بحارة الغرباء داخل باب النصر المسمى الآن بباب دار السعادة وفيها باب ينفذ إليها وهي وقف على الشافعية والحنفية. قال ابن شداد: أنشأتها الست عذارء بنت أخي صلاح الدين يوسف بن أيوب فاتح بيت المقدس رحمه الله تعالى ورحمنا به في الدنيا والآخرة في شهور سنة ثمانين وخمسمائة داخل باب النصر في حارة الغرباء انتهى. وقال ابن كثير في سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة: وفيها توفيت الست عذارء بنت أخي صلاح الدين شاهنشاه بن أيوب ودفنت بمدرستها انتهى. وقال الصفدي: عذراء بنت شاهن شاه بن أيوب بن شادي الخاتون الجليلة صاحبة المدرسة العذراوية التي داخل باب النصر وهي أخت عز وجل الدين فروخ شاه وعمة الملك الأمجد توفيت سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة ودفنت بالمدرسة التي أنشأتها انتهى. قال الأسدي في تاريخه الأعلام المنتقى من تاريخ الذهبي وتاريخي ابن كثير والكتبي ما عبارته: الست عذارء واقفة المدرسة هي عذراء بنت شاهنشاه بن أيوب بن شادي الخاتون الجليلة أخت فروخشاه وصاحبة المدرسة المشهورة وهي على الشافعية والحنفية داخل باب النصر توفيت في أول عام ثلاث وتسعين وخمسمائة ودفنت بتربتها في مدرستها وهي والدة الأمير سعد الدين مسعود بن الحاجب مبارك صاحب صفد توفي بها في شوال سنة اثنتين وستمائة وتوفي قبله في شهر رمضان أخوه بدر الدين ممدود شحنة دمشق وكانا أميرين كبيرين لهما مواقف مشهورة مع صلاح الدين وهما أبنا ست عذراء المذكورة انتهى. ورأيت بالهامش ما صورته: قال المؤلف: رأيت على حاشية تاريخ ابن كثير واقفة العذاروية هذه ولكن توفيت قبل أبيها وقبل بناء العذراوية ودفنت بالتربة التي بالعذراوية اليوم كانت قبة من القاعة ثم صرتها مدرسة

ولا أدري من أين له ذلك انتهى ورأيت بخط الأسدي قال الذهبي: ماتت الست عذراء بنت شاهنشاه بن أيوب أخت عز وجل الدين فروخشاه فدفنت بدارها وكانت أقرت بدارها لأمها فوقفتها الأم على الشاعفية والخليفة انتهى. وقال الأسدي في تاريخه في سنة اثنتين وستمائة: مسعود بن الجاجب مبارك الأمير سعد الدين صاحب صفد وأمه أم فروخشاه وست عذراء ولدا شاهنشاه وكانت أميرا كبيرا له مواقف كثيرة مشهودة مع السلطان صلاح الدين وله دار بدمشق صارت للأمير جمال الدين موسى بن يغمور1 وهي بقرب حمام جاروخ مجاورة لرباط زهرة خاتون توفي بصفد في شوال وتوفي قبله بشهر شقيقه ممدود شحنة دمشق وكان أميرا كبيرا له مواقف مشهودة مع السلطان صلاح الدين وداره بدمشق بحارة البلاطة وصارت لنجم الدين ابن الجوهري2 فوقفتها مدرسة انتهى. وقال الصفدي في حرف الشين المعجمة: شاهنشاه بن أيوب بن شادي بن مروان نور الدين الدولة ابن نجم الدين أخو السلطان صلاح الدين يوسف كان أكبر الأخوة وهو والد عز وجل الدين فروخشاه ووالد الملك الأمجد صاحب بعلبك ووالد الملك المظفر تقي الدين عمر صاحب حماة وقتل شاهنشاه في الوقعة التي اجتمع فيها الفرنج سبعمائة ألف ما بين فارس وراجل على ما يقال وتقدموا إلى باب دمشق وعزموا على قصد بلاد المسلمين قاطبة ونصر الله تعالى عليهم الإسلام وكان قتله في سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة في شهر ربيع الأول وكان شاهنشاه له ابنة تسمى عذراء وهي التي بنت المدرسة العذراوية بدمشق انتهى. وقال شيخنا بدر الدين بن قاضي شهبة في الكواكب الدرية في السيرة النورية في سنة ثلاث وأربعين وخمسماة نقلا عن ابن أبي طي قال: وقتل في هذه الكسرة يعني كسرة نور الدين ابن صاحب أنطاكية شاهنشاه بن أيوب أخو الملك الناصر صلاح الدين وهو والد عز وجل الدين فروخشاه وتقي الدين عمر والست

_ 1 شذرات الذهب 5: 313. 2 شذرات الذهب 5: 428.

عذراء المنسوب إليها المدرسة العذراوية وقبره بالتربة النجمية جوار المدرسة الحسامية بمقبرة العوينة ظاهر دمشق انتهى. وهي التربة التي داخل الشامية البرانية وأول من درس بها من الشافعية الإمام فخر الدين بن عساكر سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة وقد مرت ترجمته في دار الحديث العروية. وقال ابن شداد: ثم ولي تدريسها مجد الدين بن الحبوبي ثم بعده شمس الدين ابن سني الدولة. ثم من بعده نجم الدين الخبلي ثم وليها رفيع الدين الجيلي. ثم من بعده عزالدين عبد العزيز بن أبي عصرون. ثم من بعده رفيع الدين الجيلي ثم محيي الدين ابن الزكي أي زكي الدين. ثم صدر الدين بن سني الدولة. ثم نجم الدين ولده ثم شمس الدين ابن خلكان. ثم عماد الدين عبد العزيز بن محمد بن عبد القادر عرف بابن الصائغ ومن بعده قاضي القضاة عزالدين أخو القاضي بدمشق الآن وهو مستمر بها إلى الآن انتهى. وقد مرت ترجمة نجم الدين الجيلي في الصالحية المعروفة بتربة أم الصالح وترجمة رفيع الدين الخبلي في المدرسة الأمينية وأما عماد الدي بن الصايغ فقال ابن كثير فيمن توفي سنة أربع وسبعين وستمائة: الشيخ عماد الدين عبد العزيز محمد بن عبد القادر بن عبد الله1 بن خليل بن مقلد الأنصاري الدمشقي أخو عز الدين كان مدرسا بالعذراوية وشاهدا بالخزانة بالقلعة يعرف الحساب جيدا وله سماع ورواية توفي ودفن بقاسيون انتهى. وأما أخوه قاضي القضاة عزالدين هو أبو المفاخر محمد ولد سنة ثمان وعشرين وستمائة توفي في شهر ربيع الآخر سنة ثمان أو ثلاث وثمانين وستمائة. ثم درس بها بعده العلامة صدر الدين المعروف بابن المرحل وبابن الوكيل وقد مرت ترجمته في دار الحديث الأشرفية الدمشقية. ورأيت في ذيل العبر في سنة عشر وسبعمائة: ودرس بالعذراوية الصدر سليمان الكردي وبالشامية الجوانية الأمين سالم2 انتزاعاهما من ابن الوكيل ثم أعيدتا إليه بشفاعة الأمير استدمر نائب حلب

_ 1 شذرات الذهب 5: 383. 2 شذرات الذهب 14: 130.

ثم ذهب استدمر إلى حماة وكاتب قرأ سنقر نائب الشام بابن الوكيل فخاف من قوله وأسرع إلى القاضي الجيلي فحكم بإسلامه وكانت الرشوة إلى قرأ سنقر متواصلة وجرت أمور وكان هو يتبرطل من الجهتين ففسد النظام وانعسفت الرعية وكان متهاونا بالصلاة ثم أخذت الأمينية وردت إلى الأمين سالم جاءه توقيع من مصر. وقال: في سنة إحدى عشرة وسبعمائة عزل عن دمشق قرأ سنقر المنصوري وولي العذاروية شرف الدين حسين بن سلام لرواح سليمان الكردي مع قرأ سنقر انتهى وقد مرت ترجمة شرف الدين هذا في المدرسة الجاروخية. قال ابن كثير في سنة سبع عشرة: وفي التاسع عشر من شوال درس كمال الدين بن الزملكاني بالعذاروية عوضا عن ابن سلام انتهى وقد مرت ترجمة كمال الدين هذا في دار الحديث الأشرفية الدمشقية. ثم درس بها الإمام زين الدين بن المرحل وهو ابن أخي صدر الدين المتقدم فيها وتلميذه أخذ عنه الفقه والأصلين ونزله له عمه بالقاهرة عن تدريس المشهد الحسيني فدرس به مدة ثم قايض ابن الشيخ العلامة شهاب الدين أحمد بن الأنصاري1 الذي فوض إليه تدريش الشامية البرانية وهذه المدرسة عوضا عن ابن الزملكاني لما ولي قضاء حلب سنة أربع وعشرين وأخذ زين الدين المذكور التدريسين من ابن الأنصاري المذكور ودرس بهما إلى حين وفاته وقد مرت ترجمة زين الدين هذا في المدرسة الشامية البرانية. وقال السيد الحافظ شمس الدين الحسيني في الذيل في سنة إحدى وخمسين وسبعمائة: ومات القاضي تقي الدين عبد الله ابن العلامة أقضى القضاة زين الدين بن المرحل الشافعي درس بالعذراوية وخطب بالشامية وتوفي بحلب انتهى. ثم درس بها القاضي جمال الدين بن السبكي وقد مرت ترجمته في المدرسة الدماغي. ثم درس بها قاضي القضاة تاج الدين بن السبكي وقد مرت ترجمته في دار الحديث الأشرفية الدمشقية. ثم درس بها ابن أخته الإمام العالم

_ 1 شذرات الذهب 6: 159.

الأصيل زين الدين محمد ابن القاضي تقي الدين عبد الله ابن الإمام العلامة صدر المدرسين زين الدين محمد ان القاضي علم الدين عبد الله ابن الشيخ الإمام خطيب المسلمين زين الدين عمر بن مكي بن عبد الصمد بن أبي بكر ابن عطية العثماتني الدمياطي الأصل الدمشقي سبط الشيخ تقي الدين السبكي. ميلاده سنة سبع بتقديم السين وأربعين وسبعمائة وحضر على جماعة. قال الحافظ شهاب الدين حجي: سمع من جده عدة من مصنفاته وكان له اشتغال في الفقه ويفهم فيه فهما جيدا وعنده تحقيق درس بالعذراوية سنة تسع بتقديم التاء وستين انتزعها من يد خاله القاضي تاج الدين السبكي وكان ينوب عنه فسعى هو فيها من القاهرة وكان من خيار الناس وأغزر خلق الله تعالى مروءة ما رأينا أحدا أكثر مروءة وتفضلا على أصحابه ومساعدة لمن يقصده ولا أشد تعصبا لأهل المروءات ولا أكثر تواضعا وأدبا ورياسة منه توفي رحمه الله تعالى في شوال سنه سبع بتقديم السين وثمانية وسبعمائة ودفن بتربة خاله بسفح قاسيونز ثم درس بها الإمام الحافظ شهاب الدين بن نشوان وقد تقدمت ترجمته في المدرسة الصالحية المعروفة بتربة أم الصالح. ومن نظمه: واخجلتي وفضيحتي في موقف ... فيه المواقف والخلائق تعرض وتوقفي لمهدد لي قائل ... أصحيفة سودا وشعرك أبيض وقال السدي في ذيله في أول سنة ست عشرة: وفي يوم الأحد ثاني عشريه حضر الشيخ شهاب الدين بن نشوان تدريس المدرسة العذراوية نزل له عنه الشيخ شهاب الدين في مرض موته وحضر عنده القاضي الشافعي والقاضي نجم الدين بن حجي والقاضي تاج الدين بن الزهري وجماعة من الفقهاء ودرس في قوله تعالى: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْر} الآية والمناسبة في وقوله تعالى: {وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ} الآية وبقي السيد شهاب الدين ابن نقيب الأشراف الناظر على المدرسة المذكورة شكرا كذا انتهى.

وقال ابن قاضي شهبة في شهر ربيع الأول سنة إحدى وعشرين: وفي يوم الأحد عاشره حضر الشيخ علاء الدين بن سلام تدريس العذراوية وقد كان هذا التدريس بيد الشيخ شهاب الدين بن نشوان فنزل عنه مع جملة وظائفة للقاضي تاج الدين بن الزهري فاستكثر الناس عليه وظائفه مع هذه الوظائف فلما كان في هذه الأيام تكلم في ذلك وشرع ابن سلام ينقم من ذلك وهو صاحب الأمير محمد بن منجك فدخل الناس في هذه القضية فامتنع القاضي تاج الدين من النزول لابن سلام عن شيء واتفق الرأي على أنه ينزل لقاضي القضاة والقاضي ينزل لابن سلام ففعل ذلك وحضر في هذا اليوم وحضر القاضيان الشافعي والحنفي محمد بن قديدار والأمير محمد محمد بن منجك والفقهاء وتكلم على قوله تعال: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} الآية انتهى وقد مرت ترجمة علاء الدين بن سلام في المدرسة الركنية. وقال الأسدي في ذيله في جمادى الأولى سنة تسع عشرة وثمانمائة: وفي يوم الأربعاء تاسع عشره درس القاضي تاج الدين بن الزهري بالمدرسة العذراوية عوضا عن الشيخ شهاب الدين ابن نشوان نزل له ولولديه عنه انتهى وقد مرت ترجمة القاضي تاج الدين هذا في المدرسة الشامية البرانية. وقال تقي الدين الأسدي في جمادى الأولى سنة ثلاثين وثمانمائة: وفي يوم الأحد سابع عشره حضر يحيى بن بدر الدين المدني الدرس بالمدرسة العذراوية وحضر عنده الحاجب والقاضيان الشافعي والمالكي وجماعة من الفقهاء ودرس درسا عجيبا وعجز عن الكلام وتلعثم في الدرس فإن المذكور ليس هناك كذا توجه من الوجوه وكان الدرس المذكور قد نزل عنه الشيخ شهاب الدين بن حجي للشيخ جمال الدين الطيماني قبل فتنة الملك الناصر فرج وتوفي الشيخ جمال الدين ولم يحضر بها ثم أن الخليفة قرر ولده الشيخ جمال الدين في وظائف والده ثم أن الشيخ شهاب الدين بن حجي أخذ تدريس العذراوية بمرسوم نائب الشام نوروز فلما توفي الشيخ شهاب الدين بن حجي نزل عنها للشيخ شهاب الدين بن نشوان ثم نزل عنها في مرض موته للقاضي تاج الدين بن الزهري ثم أن القاضي تاج

الدين نزل عنها لقاضي القضاة نجم الدين ففوضها قاضي القضاة إلى علاء الدين بن سلام فلما بلغ قاضي القضاة وفاة ابن سلام وهو في الطريق قررني في هذه المدرسة وكان يحيى المذكور في الحجاز فجاء إلى مصر وتوصل إلى أن كتب التدريس المذكور وتدريس الركنية باسمه واسم ولد القاضي بدر الدين بن مزهر وقد انتهت المناصب كلها إلى غير أهلها فإنا لله وإنا إليه راجعون انتهى. ثم قال الشيخ تقي الدين في ذي القعدة سنة خمس وثلاثين وثمانمائة: وفي يوم الأحد رابع عشره حضرت الدرس بالمدرسة العذراوية النصف بطريق الاصالة والنصف نيابة وكنت قد وليتها بعد وفاة الشيخ علاء الدين بن سلام فحصل في ذلك معارضة إلى أن قدر عود نصفها إلي انتهى. ثم قال في ذي القعدة سنة سبع وثلاثين: وفي يوم الأحد خامسه درس الوليد أبو الفضل أبقاه الله تعالى في المدرسة العذراوية نيابة عني وحضر عنده الشيخ محيي الدين المصري والقاضي تقي الدين الحريري والقاضي برهان الدين بن رجب وفقهاء المدرسة ويومئذ درس شمس الدين بن سعد العجلوني بالطيبة عند باب الخواصين وحضر معه الجماعة الذين حضروا بالعذراوية انتهى. وهذا أول تدريسها. وقال في شهر بيع الأول سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة: وفي يوم الأحد سادسه حضر الناس الدروس وحضرت العذراوية والعزيزية والمسرورية وكنت قد تلقبت تدريسها ونظرها عن السيد شهاب الدين ابن نقيب الأشراف أيام غضب الملك المؤيد عليه وحكم لي باستحقاقها فلما رضي عنه المؤيد عليه استولى عليها ثم لما مات جرت أمور إلى أن قدر الله تعالى عود التدريس إلي في هذا الوقت انتهى. ثم نزل عنه شيخنا العلامة بدر الدين ابن شيخ الشافعية تقي الدين بن قاضي شهبة للقاضي محب الدين أبي الفضل محمد بان القاضي برهان الدين إبراهيم ابن القاضي زين الدين عبد الرحمن بن قاضي عجلون وقد مرت ترجمته في المدرسة الأمجدية. ثم نزل عنها للعلامة أقضى القضاة برهان الدين إبراهيم ابن القاضي شمس الدين محمد ابن برهان الدين إبراهيم بن المعتمد ودرس بها في يوم الأحد رابع عشر ذي

القعدة سنة ثمانين وثمانمائة في قوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} الآية.

المدرسة العزيزية

66- المدرسة العزيزية شرقي التربة الصلاحية وغربي التربة الأشرفية وشمالي الفاضلية بالكلاسة لصيق الجامع الأموي قال ابن شداد: ولما مات السلطان صلاح الدين بن أيوب بنى ولده الملك العزيز عثمان مدرسة إلى جنب الكلاسة بالجامع ونقل إليها والده في قبة في جوارها انتهى. وقال في آخر: المدرسة العزيزية جوار الكلاسة أو من أسسها الملك الأفضل ثم أنمها الملك العزيز عثمان انتهى. وقال الذهبي في العبر في سنة إحدى وتسعين وخمسمائة: وأما آل أيوب فسار الملك العزيز ولد صلاح الدين من مصر فنزل بحوران ليأخذ دمشق من أخيه الافضل فاستنجد الأفضل عمه العادل فرد العزيز وتبعاه فدخل القاضي الفاضل في الصلح وأقام العادل بمصر فعمل نيابة السلطنة ورد الأفضل انتهى. وقال في سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة: وفيها قدم العزيز دمشق مرة ثالثة ومعه عمه العادل فحاصر دمشق مدة أيضا ثم خامر جند الأفضل عليه ففتحوا لما ودخلا في شهر رجب وزال ملك الأفضل وأنزل في صرخد ورد العزيز وبقي العادل بدمشق وخطب بها للعزيز قليلا وكانت دار الأمير أسامة بجنب تربة صلاح الدين فأمر العزيز القاضي محيي الدين بن الزكي أن يبنيها له مدرسة ففعل انتهى. وقال في سنة خمس وتسعين وخمسمائة: وفيها مات العزيز صاحب مصر وأقيم ولده علي ولقب بالمنصور فاختلف الأمراء وكاتب بعضهم الأفضل أخا العزيز الذي سجن بصرخد فسار من صرخد إلى مصر وعمل نيابة السلطنة ثم سار الجيوش لتأخذ دمشق من عمه فأحرق العادل الحواضر والنيرب ووقع الحصار ثم دخل الأفضل من باب السلامة وفرحت به العامة وحوصرت القلعة مدة انتهى. وقال فيه: فيها الملك العزيز أبو الفتح عثمان ابن السلطان صلاح الدين

يوسف بن أيوب صاحب مصر توفي في المحرم عن ثمان وعشرين سنة وكان شابا مليحا ظريف الشمائل وقيا ذا بطش وكرم وحياء وعفة بلغ من كرمه أنه لم يبق له خزانة وبلغ من عفته أنه كان له غلام بألف دينار فحل لباسه ووقف فتركه وأسرع إلى سرية له فافتضها وخرج وأمر الغلام بالتستر وأقيم بعده ابنه وهو مراهق انتهى. وقال في سنة ست وتسعين: أن الملك الظاهر وأخاه الأفضل ابني صلاح الدين حاصرا عمهما العادل بدمشق وأن العادل أمر جيشه فترحلوا عنها ورد الظاهر إلى حلب والأفضل إلى مصر فساق العادل وراءه وأدركه عند الغرابي ثم تقدم عليه وسبقه إلى مصر فرجع الأفضل محبوسا إلى صرخد وغلب العادل على مصر وقال: هذا صبي وقطع خطبته ثم أحضر ولده الكامل وسلطنه على الديار المصرية في أواخر السنة فلم ينطق أحد من الأمراء وسهل له ذلك لاشتغال أهل مصر بالقحط فإن فيها كسر النيل من ثلاثة عشر ذراعا إلا ثلاثة أصابع واستمر القحط وعدمت الأفراس وشرع الربا وعظم الخطب ثم ىل بهم الأمر إلى أكل الآدميين الموتى وقال في سنة سبع وتسعين: محمد بن عبد العزيز بن صلاح الدين أبعده الكامل وأسكنه بمدينة الرها انتهى. وقال أبو شامة في الروضتين وابن كثير في سنة أربع وثمانين وخمسمائة: وممن توفي فيها من الأعيان الأمير الكبير سلالة الملوك والسلاطين بشيزر مؤيد الدولة أبو الحرث وأبو المظفر أسامة بن مرشد بن علي بن منقذ أحد الشعراء المشهورين والأمراء المشكورين بلغ من العمر ستا وتسعين سنة وكان عمره تاريخا مستقلا وحده وكانت داره بدمشق مكان العزيزية معقلا للفضلاء ومنزلا للعلماء وله من الأشعار الفائقة والمعاني الرائقة كثير ولديه علم غزير وعنده جود وفضل كثير وكان من أبناء ملوك شيزر ثم أقام بالديار المصرية مدة أيام في أيام الفاطميين ثم عاد إلى الشام وقدم على الملك صلاح الدين في سنة سبعين وخمسمائة بدمشق وله ديوان شعر كبير وكان الملك صلاح الدين يفضله على سائر الدواوين وقد كان أسامة الأمير ولد في سنة

ثمان وثمانين وأربعمائة وكان في شبيبته شهما شجاعا فاتكا قتل الأسد مواجهة وحده ثم عمر إلى أن توفي في هذه السنة. قال ابن خلكان: ليلة الثلاثاء الثالث والعشرين من شهر رمضان مات ودفن شرقين جبل قاسيون وزرت قبره وقرأت عنده وأهديت إليه انتهى. وقال في سنة تسع وثمانين: في كلامه على وفاة صلاح الدين الدين وكان الذي تولى غله خطيب ابلد الفقيه الدوامي وكان الذي أحضر الكفن ومؤنة التجهيز القاضي الفاضل من صلب ماله الحلال وأبرز سيفه معه وصلى عليه صلاة الظهر يوم الأربعاء السابع والعشرين من صفر وكان له من العمر سبع وخسمون سنة وأم الناس عليه القاضي ابن الزكي ثم دفن في داره بالقلعة المنصورة وشرع ابنه 0 يعني الأفضل نور الدين علي وهو أكبر أولاده الستة عشر الذكور في بناء تربة له وبمدرسة للشافعية بالقرب من مسجد القدم لوصيته بذلك قديما فلم يكمل بناؤها ولم يتم وذلك حين قدم ولده العزيز وكان محاصرا لأخيه الأفضل كما سيأتي بيانه في سنة تسعين ثم اترى الأفضل دارا شمالي الكلاسة وراء ما زاده القاضي الفاضل في الكلاسة وجعلها تربة هطلت سحائب الرحمة عليها ووصلت ألطافه الواقية إليها وكان نقلته إليها في يوم عاشوراء سنة اثنتين وتسعين وصلي عليه تحت قبة النسر قاضي القضاة محمد بن علي القرشي بن الزكي1 عن إذن ولده الأفضل له ودخل في لحده ولده الأفضل فدفنه بنفسه وهو سلطان الشام وذلك لما عليه من الحق والخدمة والإكرام ويقال إنه دفن معه سيفه الذي يحضر به الجهاد وذلك عن أمر القاضي الفاضل تفاؤلا بأنه يكون معه يوم القيامة يتوكأ عليه حتى يدخل الجنة لما أنعم الله به عليه من كسر الأعداء ونصر الأولياء وأعظم عليه بذلك المنة ثم عمل عزاه في الجامع الأموي ثلاثة أيام وحضر الخاص والعام والرعية والحكام وسط ذلك. وقال سنة اثنتين وتسعين في شهر رجب: منها أقبل العزيز من مصر صحبة عمه العادل في العساكر فدخلا دمشق قهرا

_ 1 شذرات الذهب 4: 337.

وأخرجا منها الأفضل ووزيره الذي أساء تدبيره وصلى العزيز عند تربة والده الملك الناصر وخطب له بدمشق وقد دخل في هذا اليوم إلى القلعة المنصور وجلس في دار العدل للحكم والفصل هذا كله وأخوه الأفضل حاضر عنده في الخدمة وأمر القاضي محيي الدين بن الزكي بتأسيس المدرسسة العزيزية إلى جانب تربة أبيه وكانت دار الأمير أسامة يعني عزالدين نائب بيروت أخذها منه الفرنج من غير قتال سنة ثلاث وتسعين ثم استناب على دمشق عمه العادل وانشمر إلى الديار المصرية يوم الإثنين تاسع من شوال والسكة والخطبة له وصولح الأفضل على صرخد وهرب وزيره ضياء الدين بن الأثير الجزري1 إلى جزيرته وقد أتلف نفسه وملكه بجزيرته وانتقل الأفضل إلى صرخد بأهله وأولاده وأخيه قطب الدين انتهى. وقال الأسدي في سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة: قال أبو شامة في الروضتين: وفيها نزل العزيز بقلعة دمشق ودخل هو وأخوه الأفضل مصاحبين الىالضريح الناصري وصلى الجمعة عن دضريح والده ودخل دار أسامة في جوار التربة وامر القاضي محيي الدين أن يبنيها مدرسة فهي المدرسة العزيزية ووقفها قرية عظيمة تعرف بمحجة انتهى. وقال في سنة خمس وتسعين: عثمان بن يوسف ابن أيوب بن شادي السلطان الملك العزيز أبو الفتح وأبو عمر وابن السلطان الملك الناصر صلاح الدين صاحب مصر ولد في جمادى الأولى سنة سيع وستين وسمع من أبي طاهر السلفي وأبي طاهر بن عوف وعبد الله بن بري النحوي وحدث بالإسكندرية وملك مصر بعد والده وقصد دمشق وملكها كما ذكرنا في الحوادث وأنشأ بها المدرسة العزيزية وكانت السكة والخطبة باسمه بها وبحلب. قال الموفق عبد اللطيف: كان العزيز شابا حسن الصورة ظريف الشمائل قويا ذا بطش زائد وخفة حركة حييا كريما عفيفا عن الأموال والفروج وبلغ من كرمه أنه لم يبق له خزانة ولا خاص كذا ولا يرك وفلا فرس وأما بيوت أصحابه فتفيض بالخيارات وكان

_ 1 شذرات الذهب 4: 337.

شجاعا مقداما وبلغ من عفته أنه كان له غلام تركي اشتراه بألف دينار يقال له أبو شامة فوقف على رأسه في خلوة فنظر إلى جماله فأمره أن ينزع ثيابه وجلس بقصد الفاحشة فأدركه التوفيق فنهض مسرعا إلى بعض جواريه فقضى وطره والمملوك بحاله فامره بالتسر والخروج وأما عفته عن الأموال فلا أقدر أن أصف حكاياته في ذلك ثم حكى ثلاث حكايات في المعنى. وقال ابن واصل: كانت الرعية تحبه محبة عظيمة وفجعت بموته إذ كانت الآمال متعلقة بأنه يسد مسد أبيه ثم حكى ابن واصل حكايتين في عدله ومروءته ولما سار أخوه الأفضل مع العادل فنزلا بمدينة بلبيس فتزلزل أمره بذات له الرعية أموالها ليذب عنه نفسه فامتنع قال ابن واصل: وقد حكى أنه لما امتنع قيل له اقترض من القاضي الفاضل فإنه أمواله عظيمة فامتنع فألحوا عليه فاستدعى القاضي الفاضل فلما رآه مقبلا قام حياء ودخل إلى النساء فراسله الأمراء وشجعوه فخرج وقال له بعد أن أطنب في الثناء عليه أيها القاضي قد ضاقت علي وليس البيهقي إلا حسن نظرك وإصلاح الأمر برايك أو مالك أو بنفسك فقال جميع ما أنا فيه من من نعمكم ونحن نقدم الرأي أولا والحيلة ومتى احتيج إلى المال فهو بين يديك فوردت رسالة من العادل إلى القاضي الفاضل باستدعائه فوق الاتفاق وقد حكي عنه ما هو أبلغ من ذلك وهو أن شخصا جاء إلى الأمير فخر الدين جهاركس1 وقال هذه خمسة آلاف دينار لك وهذه أربعون ألفاء للسلطان وأريد قضاء الإسكندرية وذلك لعداوة شديدة بينه وبين القاضي الفاضل فأخذ منه المال واجتمع بالملك العزيز ليلا وأحضر له الذهب وحدثه فسكت ثم قال: رد عليه المال وقل له إياك والعود إلى مثلها فما كل ملك عادلا أفأنا أبيع أهل الإسكندرية بهذا المال قال جهاركس: فوجمت وظهر علي يقول: أراك واجما وأراك أخذت شيئا على الوساطة قلت: نعم قال: كما أخذت قلت: خمسة آلاف دينار. قال: أعطاك ما لا تنتفع به إلا مرة فأنا أعطيك ما تنتفع به في

_ 1 شذرات الذهب 5: 32.

قبالته مرات ثم أخذ القلم ووقع لي خطة بإطلاق جهة يقال لها طنبذا كنت أستغلها سبعة آلاف دينار وخرج إلى الفيوم فرماه الفرس فخسف صدره فرد إلى القاهرة ومرض أسبوعين ومات في المحرم عن ثمان وعشرين سنة ودفن بدارم ثم حول إلى قرب تربة الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه وخلف من الولد عشرة وأقيم بعده ولده المنصور محمد بن عثمان وهو ابن عشر سنين أوصى له بالملك وأن يكون مدبره الأمير بهاء الدين قراقوش1 الأسدي فاختلف راي الأسدية وكانوا محبين للملك الأفضل مؤثرين له ولكن الأمراء الصلاحية بالعكس لكونهم أشاروا إليه فاجتمعوا بالقاضي الفاضل فاشار بإقامة الأفضل في الأتابكة فطلب من صرخد ليعمل الأتابكية سبع سنين ثم يسلم الأمر لابن أخيه بشرط أن لا يذكر في خطبة ولا سكة فكتبوا إليه فأسرع إلى مصر في عشرين فارسا انتهى. قال ابن شداد: أول من درس بها قاضي القضاة محيي الدين ثم من بعده الشيخ سيف الدين علي الآمدي المشهور ثم أقضى القضاة شمس الدين بن الشيرازي ثم بدر الدين قاضي سنجار ثم محيي الدين ثم ولده علاء الدين ثم ولده الآخر زكي الدين ثم من بعده ولده الآخر بهاء الدين. وهو مستمر بها إلى الآن انتهى. قلت: درس بها بعد محيي الدين بن الزكي لما عزل عن القضاء قاضي القضاة أبو القاسم جمال الدين عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل بن علي بن عبد الواحد الأنصاري الخزرجي العبادي الدمشقي الفقيه الشافعي الشهير بابن الحرستاني ولد في أحد الربيعين سنة عشرين وخمسمائة وسمع الكثير وحدث وبرع في المذهب وأفتى ودرس وطال عمره وناب في القضاء بدمشق عن ابن أبي عصرون وكان إماما فقيها عارفا ورعا صالحا محمود الأحكام كبير القدر حسن الصورة. قال أبو شامة: حدثني الشيخ عز الدين بن عبد السلام أنه لم ير أفقه منه وعليه ابتدأ

_ 1 شذرات الذهب 4: 331.

أشغاله ثم صحب فخر الدين بن عساكر فسأله عنهما فرجح ابن الحرستاني توفي في ذي الحجة سنة أربع عشرة وستمائة وهو ابن خمس وتسعين سنة ودفن في الحجة سنة أربع عشرة وستمائة وهو ابن خمس وتسعين سنة ودفن بفسح قاسيون وفيه يقول ابن عنين: تبا لحكمك لا حرستا ... هل أنت إلا من حرستا اسم تجمع من حر ... واست فصار إذن حرستا ثم نقل ما قال أبو شامة: ثم قال: قلت وناهيك من يثني عليه الشيخ الدين بن عبد السلام هذا الثناء. وقال إنه يحفظ الوسيط للغزالي ولي القضاء نيابة بدمشق أيام شرف الدين بن أبي عصرون ولما أصر شرف الدين بقي على نيابته مع ابنه محي الدين1 فلما عزل وولي محي الدين بن الزكي وهو شاب انقطع ابن الحرستاني في بيته إلى ان ولاه العادل قضاء القضاة وأخذ منه مدرستيه العزيزية والتقوية محي الدين واعتنى به العادل عناية كثيرة إلى الغاية بحيث انه جهر له ما يفرش تحته في مجلس الحكم لضعفه وكبره وما يستند غليه وكان يجلس للحكم بمدرسته المجاهدية وناب بها عنه ابنه عماد الدين عبد الكريم وكان يجلس بين يديه فإذا قام يستند مكانه ثم إنه منعه ذلك لشيء بلغه عنه وناب غنه أيضا أكابر الشيوخ والقضاة يومئذ شمس الدين ابن الشيرازي وكان يجلس قبالته في إيوان المجاهدية وشمس الدين ابن اني الدولة وشرف الدين بن الموصلي2 الحنفي بمجلس المحراب بها وبقي في القضاء نحوا من سنتين وسبعة أشهر ولما توفي كانت جنازته حافلة عظيمة وكان له يوم توفي خمس وتسعون سنة وفيه قال شهاب الدين فتيان الشاغوري3: يا من تدرع في حمل الخمول ويا ... معانق الهم في سر وإعلان لا تيئس روح من عادي لدى ماية ... قاضي القضاة الجمال بن الحرستاني

_ 1 شذرات الذهب 5: 379. 2 شذرات الذهب 5: 129. 3 شذرات الذهب 5: 63.

يعني أنه غريب ولاية قاضي القضاة من هو في هذا السن على أنه امتنع من الولاية لما طلب لها فالزمه العادل بها وكان عادلا في ولايته صارما وكان عديم الإلتفات إلى شفاعة الأكابر عند. قال سبط بن الجوزي: اتفق أهل دمشق على أنه ما فاته صلاة بجامع دمشق في جماعة إلا إذا كان مريضا ينزل في الحويرة من سلم طويل فيصلي ويعود إلى داره ومصلاه بيده وكان مقتصدا في ثيابه ومعيشته ولم يدع أحدا من غلمان القضاة يمشي معه وقال إن العادل كتب لبعض خواصه كتابا يوصيه به في خصومة بينه وبين آخر فجاء إليه ودفع إليه الكتاب فقال: أي شيء فيه قال: وصية بي! قال: أحضر خصمك فأحضره والكتاب بيده لم يفتحه وادعى على الرجل فظهر الحق لغريمه فقضى عليه ثم فتح الكتاب وقرأه ورمى الكتاب لحامله وقال: كتاب الله تعالى قد قضى وحكم على هذا الكتاب فمضى الرجل إلى العادل فبكى بين يديه واخبره بمال قال فقال العادل: صدق كتاب الله أولى من كتابي وكان القضاي جمال الدين المذكور قد ضارك الحافز أبا القاسم بن عساكر في كثير من ماشيخة الدمشقية سماعا وفي الغرباء إجازة وسمع بدمشق علي بن المسلم وعبد الكريم بن حمزة1 وعلي بن أحمد بن قيس2 المالكي وسمع بحلب علي بن سليمان المرادي أكثر سنن البيهقي وكان آخر من حدث عن عبد الكريم الحداد وجمال الإسلام علي بني المسلم سماعا وأجاز له أبو عبد الله الفراري وهبة الله بن مميل3 وقاضي المارستان وابن السمرقندي4 والأنماطي5 وزاهر بن ظاهر الشحامي6 وأبو المعالي الفارسي7 وعبد المنعم بن أبي القاسم القشيري8 انتهى كلام الصفدي.

_ 1 شذرات الذهب 4:78. 2 شذرات الذهب 4: 95. 3 شذرات الذهب 4: 103. 4 شذرات الذهب 4: 112. 5 شذرات الذهب 4: 116. 6 شذرات الذهب 4: 102. 7 شذرات الذهب 4: 124. 8 شذرات الذهب 4: 99.

وذكر له الأسدي ترجمته في نحو ورقة في سنة سبع عشر وستمائة وقال في سنة سبع عشر وستمائة: وفيها درس بالعزيزية القاضي شمس الدين بن الشيرازي ثم عزل بالآمدي انتهى وقد مرت ترجمة القاضي شمس الدين هذا في المدرسة الشامية البرانية والآمدي هو العلامة شيخ المتكلمين في زمانه سيف الدين علي بن أبي علي بن محمد بن سالم التغلبي الحنبلي ثم الشافعي ميلاده بآمد بعد الخمسين والخمسمائة وقدم دمشق في سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة وأقام بها مدة ثم ولاه الملك المعظم بن العادل تدريس العزيزية المذكورة ولما ولي أخوه الأشرف موسى عزله عنها ونادى في المدارس من ذكر غير التفسير والحديث والفقه أو تعرض لكلام الفلاسفة نفيته فأقام السيف الآمدي خامدا خاملا في بيته إلى أن توفي في صفر سنة إحدى وثلاثين وستمائة ودفن بترتبته بقايسون وقال الذهبي: أقرأ بمصر مدة فنسبوه إلى دين الأوائل وكتبوا محضرا بإباحة دمه فهرب وسكن بحماة ثم تحول إلى دمشق ودرس بالعزيزية ثم عزل لأمر أتهم فيه ولزم بيته يشتغل ولم يكن له نظير في الأصلين والكلام والمنطق توفي في ثالث صفر. وقال الأسدي في سنة ست عشرة: وكان في دولة المعظم قد كثر الاشتغال بعلوم الأوائل فنادى الملك الأشرف في البلدان لا يشتغل الناس بذلك وأن يشتغلوا بعلم التفسير والفقه والحديث وكان سيف الدين الامدي مدرسا بالعزيزية فعزله عنها وبقي ملازما منزله حتى مات انتهى. ثم درس بها القاضي إمام الدين بن الزكي وقد مرت تركته في المدرسة التقوية ثم درس بها قاضي القضاة بهاء الدين بن الزكي أخو إمام الدين وقد مرت ترجمته في المدرسة المذكورة أيضا وقال البرزالي في سنة خمس وثلاثين وسبعمائة وفي ليلة الجمعة العشرين من شهر رجب قبل الفتنة الفاضل محيي الدين محمد ابن القاضي شمس الدين محمد ابن قاضي القضاة بهاء الدين يوسف بن الزكي القرشي توفي وصلي عليه عقب صلاة الجمعة ودفن بسفح قاسيون وكان شابا ابن اثنتين وثلاثين سنة وحفظ وشارك في تدريس المدرسة العزيزية

وألقي بالمدرسة الدرس مدة انتهى. ثم درس بها المعمر كمال الدين بن الزكي أخو المتقدمين وقد مرت ترجمته في المدرسة التقوية. ثم درس بها قاضي القضاة تاج الدين بن السبكي وقد مرت ترجمته في دار الحديث الأشرفية الدمشقية ثم درس بها القاضي شمس الدين الأخنائي وقد مرت ترجمته في المدرسة الأتابكية وقد مر في المدرسة الصارمية بأنه ولي تدريسها يونس بن القاضي علاء الدين بن أبي البقا وأنه توفي في صفر سنة أربع عشرة وثمانمائة وولي وظائفه فحض في تدريسها والقيمرية أيضا الشيخ شهاب الدين بن حجي والصدر قاضي القضاة نجم الدين بن حجي ثم تركه لابن خطيب عذرا نوارسل إلى القاضي أن يقرره فيه وتدريس الصارمية لشمس الدين الكفيري انتهى. وقال الأسدي في ذيله لتاريخ شيخه في ذي القعدة سنة ثلاث وعشرين: وفي يوم الأحد عاشره درس القاضي شمس الدين الكفيري بالمدرسة العزيزية وحضر قاضي القضاة نجم الدين وجماعة الشافعية ودرس في أول باب الحجر وكان قد ولي هو والشيخ شهاب الدين بن نشوان تدريس المدرسة المذكورة مثالثة عوضا عن القاضي شمس الدين الأخنائي بنزوله لهم على ما قيل فلما توفي الشيخ شهاب الدين نزل عن حصته للقاضي تاج الدين بن الزهري فتركها لهما ثم في يوم الأحد سابع عشره درس شيخ تقي الدين اللويباني بالمدرسة المذكورة وحضر القاضي والفقهاء أيضا انتهى وقد مرت ترجمة القاضي شمس الدين الكفيري في المدرسة الشاهينية وأما الشيخ تقي الدين اللوبياني فقال تقي الدين بن قاضي شهبة في الذيل في ذي القعدة سنة ثمان وثلاثين: الشيخ تقي الدين أبو بكر ابن عبد الرحمن ابن رحال بن منصور اللوبياني ثم الدمشقي الشافعي ولد بولبيا على ما أخبرني اقرانه ورفقته في سنة أربع وخمسين وسبعمائة تقريبا وقدم دمشق وهو كبير وقرأ التنبيه ورأيت له عرضا على ابن الخطيب1 في ذي القعدة سنة خمس وسبعين وسكن البادرائية واشتغل على الشيخ شرف الدين بن

_ 1 شذرات الذهب 6: 244.

الشريشي وغيره يسيرا وأنهى بالشامية البرانية ورافق زين الدين الكفيري1 وشمس الدين الكفيري واندرج بصحبتهما وأذن له بالإفتاء وولي إمامة المدرسة القواسية وسكن بها مدة طويلة واستنزل عن إعادة الشامية الجوانية والناصرية واستقر معها في المدارس وحصل له تصدير في الجامع ولما جاءت الفتنة كان ممن أقام بدمشق في الفتنة وأوذي وقعد بعدها في الشهود مدة ثم أن القاضي نجم الدين بن حجي استنابه مع غيره من الفقهاء في القضاء فباشره لغير واحد من القضاة مدة يسيرة كان متوقفا في الحكم لا يدخل في شيء ولما أن مات القاضي شمس الدين الأخنائي نزل له عن ثلث تدريس العزيزية ثم صار له النصف ودرس بها دروسا عجيبة درس مرة أو مرتين في باب الغلس ثم انتقل إلى باب الضمان وخرج من الباب ولم يفرغ منه وكان كثير الحرص على تحصيل الدنيا ويأخذ من المدارس بغير حضور حتى أنه حصل له بسبب ذلك اذى وضربه النائب بلبك ضربا مؤلما ولم يرجع عن ذلك وكان في آخر أمره ترك التدريس وأساء لعجزه وكان يأخذ المعلوم منه ومن سائر جهاته من غير مباشرة وكان يكتب على الفتاوى كتابة عجيبة ولم يكن يعرف شيئا من العلوم سوى الفقه على طريقة المتقدمين ولا يعرف شيئا من كلام المتأخرين وتحريراتهم ومات ولم يتخرج به أحد من طلبة العلم وكرههم وكرهوه كوان له طرق في تحصيل الدنيا لا يستحسن غيره أن يفعلها ومع ذلك كان مقترا على نفسه في عيشه وملبسه يمشي مع كبر سنه ولا يسمح بدابة يركبها وكان قد ترك مباشرة القضاء للقاضي بهاء الدين بن حجي مدة بحيث ظن الناس أنه ترك وظيفة القضاء فلما جاء القاضي السراج الحمصي ناب له وباشر مرات ثم ترك المباشرة ومات وهو متولي القضاء وكان رفيقه الشيخ شمس الدين الكفيري في مرض موته فنزل له عن نصف تدريس العزيزية فلم يحصل له من ذلك غبن شديد ثم إنه وقف في مرض موته فنزل عن نصف تدريس العزيزية وإعادة

_ 1 شذرات الذهب 7: 32.

الشامية الجوانية بعوض ليحيى بن العطار1 وهو رجل ديون وكان من سنين لا بسا زي الجند نسأل الله تعالى حسن الخاتمة وحصل في وظائفه خبط كثير ولم يحصل لأحد من طلبة العلم منها شيئا توفي ليلة الأربعاء عاشرة واجتمع في جنازته خلق كثير من الناس وصلي عليه عند قناة ابن العوني تقدم عليه في الصلاة القاضي السراج الحمصي الشافعي ودفن بباب الفراديس بطرفها الشرقي ولم يظهر له طائل انتهى. وقال الشيخ تقي الدين بن قاضي شهبة: ووليتها أنا عن الشيخ شمس الدين الكفيري بولاية معلقة وحكم بها قاضي القضاة الحنفي وفقد ولم تحصل لي ولا للشيخ تقي الدين انتهى. وقال في صفر سنة ثلاث وعشرين: وفي يوم الأحد عاشره ابتدأت في الدرس بالشامية البرانية ثم في يوم الأربعاء ثالث عشره حضرت في العزيزية في النصف الذي كان للشيخ شمس الدين الكفري وأخذت في باب قسم الفيء والغنيمة من التنبيه انتهى. وقال في شهر ربيع الآخر منها: وفي يوم الأحد ثامن عشريه دعيت بالشامية البرانية وكان جملة الحضور بها في هذه العمالة أول النهار سبعة عشر درسا وحضرت في العزيزية في النصف الذي كان للشيخ شمس الدين الكفيري سبعة دروس وغال مدارس دمشق لم يحضر بها أحد في هذه السنة فلا حول ولا وقوة إلا بالله العلي العظيم انتهى. ثم قال في جمادى الأولى سنة اثنتين وثلاثين وثمانمائة: دعيت بالشامية البرانية وكان الحضور بها في أول النهار أربعة عشر درسا وكان الحضور بالتقوية ست مرات وبالقوصية سبع مرات وقل من حضر من مدارس دمشق في هذه السنة ولم يحضر قاضي القضاة الشافعية مطلقا والحنفية لم يحضروا إلا قبل البطالة بدرسين وفي يوم الأحد ثانية وهو اليوم الذي دعيت فيه درس القاضي كاتب السر كمال الدين بن ناصر الدين ابن البارزي في المدرسة العزيزية في النصف الذي كان بيد القاضي شمس الدين الكفيري وكنت قد تلقيته عنه بولاية معلقة على الشغور وباشرته في العام الماضي وكان مع

_ 1 شذرات الذهب 7: 278.

الشيخ تقي الدين اللوبياني نزول به من شمس الدين الكفيري فلم يلتفت إليه ثم أتى به خطيب قارا متوليا جميع وظائف الكفيري من مصر فلم يقدر على شيء فعاد إلى مصر فغرق في البحر وكفى الله تعالى شره فولي الجهات المذكورة ولد القاضي بدر الدين بن مزهر وكانت قد صارت إلى جماعة من العلماء والطلبة فأخذ الجميع ثم نزل للقاضي كمال الدين من مدة عن جميع الجهات حتى عن القضاء ودرس في هذا اليوم في قوله تعالى: {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا} الآية وكانت الآية الشريفة مناسبة للحال وحضر عنده القضاة الثلاثة والسيد ابن نقيب الأشراف وجماعة من الفقهاء انتهى. وقال في شهر ربيع الآخر سنة أربع وثلاثين: وفي يوم الأحد ثاني عشريه حضر القاضي كمال الدين البارزي في المدرسة العزيزية وحضر قاضي القضاة وهو الأموي المعروف بابن المحمرة1 وجماعة من الفهاء وذكر درسا مختصرا من التفسير وكان قد حضر في سنة إحدى وثلاثين مرة أخرى واستحق بذلك معلوم التدريس فإنا لله وإنا إليه راجعون وقال في شهر ربيع الآخر سنة ثمان وثلاثين: وفي يوم الأحد سادسه حضر الناس الدروس وحضرت العذراوية والعزيزية والمسرورية وكنت قد تلقيت تدريسها ونظرها أيضا عن السيد شهاب الدين ابن نقيب الأشراف أيام غضب المؤيد عليه وحكم إلي باستحقاقهما فلما رضي عليه المؤيد استولى عليهما ثم لما مات جرت أمور إلى أن قدر الله تعالى عود الدرس إلى في هذا الوقت انتهى.

_ 1 شذرات الذهب 7: 234.

المدرسة العصرونية

67 - المدرسة العصرونية داخل بأبي الفرج والنصر شرقي القلعة وغربي الجامع بمحلة حجر الذهب قال ابن كثير: عند سويقة باب البريد قبالة داره بينهما عرض الطريق قلت صارت داره الآن قيسارية لعمارة الغير والأرض لذريته لا للمدرسة وبقي الآن آثار عمارته خرابا. ومن وقف المدرسة عشرة قرارايط

ونصف قيراط في قرية هريرة ومنه ببعلبك مزرعتان معروفتان الآن بدير النيط وقدريهما عشرة قراريط شركة الخانقاه السميساطية ومنه مزرعة تعرف بالجلدية نحو أربعة عشر قيراطا يزرعها أهل الجعيدية ومنه في قرية حمارا بالمج الشمالي قيراط ونصف وربع قيراط ومنه بالثابتية خارج باب الجابية بدمشق بستان يعرف بالسنبوسكي وشرط أن لا يزاد في عدة فقهائها على عشرين فقيها على الشافعية وغيرهم وأن التدريس لذريته ويستناب عن غير المتأهل وأن يدرس بها من تصانيف الواقف الآتي ذكره الإنتصار وغيره لا من تصانيف الشريف فإن تعذر من تصانيقه فيدرس به في الخلاف وأن يكون لكل من أرباب وظائفها كذا وكذا من القراطيس كذا أخبرني به أقضى القضاة نور الدين بن منعة الحنفي زوج بنت من ذرية الواقف تسمى زينب توفيت بمكة المشرفة في سنة عشرين ولها بنت اسمها بركة عن كتاب وقفها والله سبحانه وتعالى أعلم أنشأها العلامة قاضي القضاة فقيه الشام شرف الدين أبو سعيد عبد الله بن محمد بن هبة الله بن المطهر بن علي ابن أبي عصرون بن أبي السري التميمي الحديثي ثم الموصلي ثم الدمشقي أحد الأعلام وكان من الصالحين والعلماء العاملين كما قاله الذهبي ولد بالموصل في شهر ربيع الأول سنة اثنتين أو ثلاث وتسعين وأربعمائة وقدم بغداد قال الأسدي في تاريخه في سنة خمس وثمانين وخمسمائة: وقرأ بالسبع على أبي عبد الله البارع1 وبالعشر على أبي بكر المرزقي2 ودعوان3 وسبط الخياط4 وتفقه على القاضي أبي محمد عبد الله بن القاسم بن الشهرزوري5 وتوجه إلى واسط وتفقه بها على القاضي الفارقي أبي علي6 وبرع عنده وعلق ببغداد عن أسعد المهني7 وأخذ الأصول عن أبي الفتح

_ 1 شذرات الذهب 4: 69. 2 شذرات الذهب 4: 81. 3 شذرات الذهب 4: 131. 4 شذرات الذهب 4: 114. 5 شذرات الذهب 4: 85. 6 شذرات الذهب 4: 80. 7 شذرات الذهب 4: 61.

ابن برهان1 وسمع من أبي القاسم بن الحصين2 وأبي البركات بن البخاري3 وإسماعيل بن أبي صالح المؤذن4 ودرس النحو على علي بن دبيس وأبي دلف وسمع قديما في سنة ثمان وخمسمائة من أبي الحسن بن طوق ورجع إلى بلده بعلم كثير ودرس بالموصل في سنة ثلاث وعشرين ثم أقام بسنجار مدة وولي قضاء سنجار ونصيبين وحران وغيرها ودخل حلب في سنة خمسين وأربعين فأقيل عليه صاحبها السلطان نور الدين فلما أخذ دمشق سنة تسع وأربعين قدم معه درس بالغزالية وولي نظر الأوقاف ثم ارتحل إلى حلب وولي قضاء سنجار وحران وديار بكر وتفقه عليه جماعة ومن أكبر تلامذته فيه الفخر بن عساكر ثم عاد إلى دمشق في سنة سبعين فولي القضاء سنة ثلاث وسبعين بعد أن استعفى ضياء الدين ابن أخي القاضي كمال الدين الشهرزوري وأضر قبل وفاته بعشر سنين ففوض السلطان القضاء إلى ابنه أبي حامد وأقام معظما بداره إلى أن توفي وقد صنف التصانيف وانتفع به خلق كثير وانتهت إليه رياسة المذهب قال ابن الصلاح: وكان من أفقه أهل عصره واليه المنتهى في الفتاوى والأحكام توفي في شهر رمضان وقد بلغ ثلاثا وتسعين سنة ودفن بمدرسته قبالة داره وقد بني له نور الدين المدار بحلب وحماة وحمص وبعلبك وبني لنفسه مدرسة بحلب وأخرى بدمشق روى عنه أبو القاسم بن صصري وأبو نصر ابن الشيرازي وأبو محمد ابن قدامة وخلق آخرهم مولانا العماد أبو بكر بن عبد الله بن النحاس نومن تصانيفه "صفوة المذهب من نهاية المطلب" في سبع مجلدات وكتاب "الانتصار" في أربع مجلدات وكتاب "المرشد" في مجلدين وكتاب "الذريعة في معرفة الشريعة" وكتاب "التيسير في الخلاف" أربعة أجزاء وكتاب "مأخذ النظر" ومختصرا في الفرائض وكتاب "إرشاد المغرب في نصرة المذهب" ولم يتم وذهب فيما نهب له بحلب وكتاب التنبيه

_ 1 شذرات الذهبد 4: 77. 2 شذرات الذهب 4: 60. 3 شذرات الذهب 4: 99. 4 شذرات الذهب 4: 287.

في معرفة الأحكام وكتاب "فوائد المنذري" في مجلدين وجمع جزءا في جواز قضاء الأعمى وقد أورد له العماد أشعارا كثيرة ومما أورد له ابن خلكان قوله: أؤمل أن أحيا وفي كل ساعة ... تمر بي الموتى تهز نهوشها وهل أنا إلا مثلهم غير أن لي ... بقايا ليال في الزمان أعيشها انتهى كلام الأسدي. قد وقفت على كتابه التنبيه فرأيته سماه في أوله "التنبيه والإشارة في معرفة الأحكام المختارة" وهو في قدر منهاج النواوي رحمهما الله تعالى ورأيت خطه في آخره وهذه عبارته بحروفها يعني بالله وحده قرأ علي جميع مختصري هذا صاحبه الفقيه أبو محمد سلمان بن فضل الله بن خير وفقه الله قراءة دراية وفهم نفع الله به ووفقه ليعمل بموجبه كتبه الفقير إلى رحمة ربه عبد الله بن محمد بن هبة الله بن علي بن المطهر بن أبي عصرون بخطه في العشر الأول من شعبان سنة تسع وخمسمائة لهجرة سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بحاضر حلب جعلها الله خلدا مقيلا أبدا حامدا الله تعالى ومصليا على نبيه محمد وآله ومسلما ومستقرا لذنوبه ولوالديه ولمشايخه وكافة المسلمين آمين. شعر: يا ناظرا في الكتاب بعدي ... مجتنيا من ثمار جهدي بي افتقار إلى دعاء ... تهديه لي في ظلام لحدي أصبحت بعد الغني فقيرا ... وبعد جميع الجموع وحدي انتهى ما رأيته بخطه. والذي ولاه ولد نجم الدين القضاء السلطان صلاح الدين ولم يعزله تطيبا لقلبه قال ابن شداد: وهو أول من ذكر الدرس بها ثم من بعده ولداه قاضي القضاة محيي الدين ونجم الدين ثم من بعده ابن شهاب الدين المطهر1 وكان ينوب بها عنه نجم الدين ابن الشيرجي2 ثم شرف الدين بن أبي عصرون وكان ينوب بها عنه علم الدين أبو القاسم الأندلسي

_ 1 شذرات الذهب 5: 149. 2 شذرات الذهب 5: 289.

النحوي فلما توفي شرف الدين في سنة ثمان وخمسين وستمائة وليها كمال الدين محمد المعروف بالجنيد ثم وليها شرف الدين محمد بن ناصر الدين بن أبي عصرون ثم وليها من بعده الشيخ قطب الدين بن أبي عصرون وهو مستمر بها إلى الآن انتهى. وقال الذهبي في العبر: فيمن مات سنة سبع وخمسين وستمائة وابن الشيرجي الصدر نجم الدين مظفر بن محمد بن إلياس الأنصاري الدمشقي ولي تدريس العصرونية والوكالة وحدث عن الخشوعي وجماعة وولي أيضا الحسبة ونظر الجامع توفي في آخر السنة انتهى. وقال في سنة اثنتين وثمانين: وابن أبي عصرون الشيخ محيي الدين أبو الخطاب عمر بن محمد بن محمد ابن القاضي أبي سعد عبد الله بن محمد التميمي الدمشقي الشافعي سمع في الخامسة من طبرزد وسمع من الكندي ومحمد بن الشريف وتعاني الجندية ثم لبس البقيار ودرس بمدرسة جده بدمشق توفي فجأة في ذي القعدة انتهى. وقال الأسدي في سنة سبع وثمانين وستمائة: وفيها توفي أحمد بن محمد بن نصر الله تاج الدين الحموي الشافعي كان فقيها فاضلا متقنا وولي مشيخة الشيوخ ودرس بالعصرونية انتهى. وقال ابن كثير في سنة اثنتين وتسعين: وفي أول المحرم ودرس الشيخ شمس الدين بن غانم بالعصرونية انتهى. وقال في سنة تسع وتسعين: الصدر سليمان بن سليمان بن حمايل بن علي المقدسي المعروف بابن غانم كان من أعيان الناس وأكثرهم مروءة ودرس بالعصرونية توفي رحمه الله تعالى وقد جاوز الثمانين وكان من المشاهير الكبار المشكورين وهو والد علاء الدين بن غانم انتهى. ثم درس بها الإمام جمال الدين القلانسي وقد مرت ترجمته في المدرسة الأمينية. ثم درس بها ولده القاضي الرئيس النبيل أمين الدين أبو عبد الله محمد ولد سنة إحدى وسبعمائة وأجاز له الحافظ الدمياطي شرف الدين وعدة غيره وحدث عن إسماعيل بن مكتوم وعيسى المطعم وست الوزراء وغيرهم وولي قضاء العساكر بدمشق ووكالة بيت المال مرات ودرس بهذه المدرسة ثم ولي كتابة الس عوضا عن القاضي ناصر الدين بن شرف الدين يعقوب الحلبي ومشيخة

الشيوخ وتدريس الناصرية الجوانية والشامية الجوانية وقد أوردت تتمة ترجمته فيها. وقال ابن كثير: في سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة وفي يوم الأربعاء ذكر الدرس بالأمينية والظاهرية والعصرونية وتركها له علاء الدين بن القلانسي عوضا عن أخيه جمال الدين وذكر ابن أخيه أمين الدين محمد بن جمال الدين الدرس عقب والده في العصرونية تركها له عمه وحضر عنه جماعة من الأعيان انتهى. ثم درس بها العالم المفتى المدرس القاضي جمال الدين أبو المحاسن يوسف ابن الإمام العلامةالزاهد الورع شيخ الشافعية شمس الدين محمد ابن القاضي نجم الدين عمر الأسدي المعروف بابن قاضي شهبة ميلاده في شهر رمضان سنة عشرين وسبعمائة وسمع الحديث من جماعة وتفقه على والده وعلى أهل عصره وأذن له والده بالافتاء وكان يثني على فهمه وتنقل في قضاء البر ثم ترك ذلك وأقام بدمشق على وظائف والده نزل له عنها في حياته وهي تصدر بالجامع الأموي وإعادات ثم درس بالعصرونية هذه ودرس بالمجاهدية نيابة وكان فاضلا في الفقه غير أنه حصل ثقل في لسانه في مرضية مرضها وكان يعسر عليه الكلام وكان دينا منجمعا على نفسه ساكنا حسن الشكل توفي في شوال سنة تسع وثمانين وسبعمائة ودفن عند والده. ثم درس بها الشيخ شهاب الدين الزهري وقد مرت ترجمته في المدرسة العادلية الصغرى ثم درس بها شيخ الشافعية تقي الدين أبو بكر ابن الفقيه الفرضي شهاب الدين أبي العباس أحمد ابن شيخ الشافعية شمس الدين محمد ابن القاضي نجم الدين عمر بن قاضي شهبة ابن العلامة شرف الدين محمد ابن العلامة كمال الدين عبد الوهاب ابن جمال الدين أبي عبد الله المتقدم ذكره ثم درس بها الشيخ تقي الدين الأذرعي ثم شيخنا بدر الدين بن قاضي شهبة ثم برهان الدين النواوي ثم القاضي محيي الدين ابن غازي ثم شهاب الدين بن أبي عبية1 الواعظ.

_ 1 شذرات الذهب 8: 25.

فائدة: قال الصفدي: بنو عصرون جماعة منهم: تاج الدين محمد بن عبد السلام ومحيي الدين بن عبد الله بن محمد وشهاب الدين عبد السلام بن المطهر وقطب الدين أحمد بن عبد السلام وشرف الدين عثمان بن محمد ومحيي الدين عمر بن محمد وشرف الدين عبد الله بن محمد انتهى كلامه في الألقاب. وقال قبل ذلك عبد السلام ابن المطهر ابن قاضي القضاة أبي سعد عبد الله بن أبي السري بن هبة الله ابن أبي السري بن هبة الله بن المطهر بن علي بن أبي عصرون الفقيه شهاب الدين أبي العباس التميمي الدمشقي الشافعي سمع من جده ومن جماعة وكان فقيها جليل القدر وافر الديانة ترسل من حلب إلى بغداد إلى الخليفة في رسالة وإلى الأطراف وانقطع في الآخر بمكانه بالجبل عند حمام النحاس بدمشق وكان منهمكا في التمتمع كان له أكثر من عشرين سرية حتى نفشت أعضاؤه وتولدت عليه أمراض وتوفي سنة اثنتين وثلاثين وستمائة انتهى. وذكره الذهبي في العبر في هذه السنة فقال: وكان صدرا محتشما. وابن كثير فيها أيضا: وقال: كان فقيها زاهدا عابدا ودفن بقاسيون وهو والد قطب الدين وتاج الدين انتهى. وقال قبل ذلك أيضا في عثمان: وهو عثمان بن محمد بن عبد الله بن محمد بن هبة الله بن علي بن المطهر بن أبي عصرون التميمي الشافعي أخو محيي الدين عمر ولد بدمشق سنة أحدى وثمانين وخمسمائة وتوفي سنة ثمان وخمسين وستمائة ولم يرو عن جده شيئا وسمع وروى وكان جوادا مفضالا أنفق أمولاا عظيمة إلى أن افتقر وكان أبوه خلف من الأموال والخدم والخيل شيئا كثيرا من ذلك سطل بلور قدر المد أو أكبر بطوف ذهب وهو ملآن جواهر نفيسة فأذهب الجميع انتهى.

المدرسة العمادية

38 - المدرسة العمادية داخل بابي الفرج والفراديس لصيق المدرسة الدماغية من قبلة. وقال ابن شداد: المدرسة العمادية الصلاحية بانيها عماد الدين إسماعيل بن نور الدين والواقف عليها صلاح الدين أول من درس بها عماد الدين ثم من بعده ولده

عزالدين ثم من بعده تاج الدين بن جهبل ثم من بعده محيي الدين ولده وتوفي بها ثم وليها بعده ابنه ولم يزد على ذلك وإنما بناها نور الدين محمود ابن زنكي الشهيد رحمه الله تعالى برسم خطيب دمشق أبي البركات بن عبد الحارثين وهو أول من درس بها. قال الذهبي فيمن مات سنة اثنتين وستين وخمسمائة: وفيها توفي خطيب دمشق أبو البركات الخضر بن شهبل بن عبد الحارثي الدمشقي الفقيه الشافعي درس بالغزالية والمجاهدية وبنى له نور الدين محمود رحمه الله تعالى مدرسته التي عند باب الفرج فدرس بها وتعرف الآن بالعمادية [وقرأ] على أبي الوحش سبيع صاحب الأهوازي وسمع من أبي الحسن علي بن الموازيني توفي في ذي القعدة وقال الأسدي في سنة اثنتين وستين وخمسمائة: الخضر بن شبل بن عبد الفقيه الشافعي أبو البركات الحارثي الدمشقي خطيب دمشق ومدرس الغزالية والمجاهدية ولد في شعبان سنة ست وثمانين وقرأ على أبي الوحش سبيع وسمع منه ومن أبي القاسم النسيب وأبي طاهر الحنائي وأبي الحسن علي الموازيني وجماعة كثيرة وصحب أبا الحسن بن قيس ونفقه على جمال الإسلام وأبي الفتح نصر الدين المصيصي روى عنه ابن عساكر وابنه وزين الأمناء وأبو نصر بن الشيرازي وآخرون وكان فقيها إماما كبير القدر بعيد الصيت بني نور الدين رحمه الله تعالى مدرسة عند باب الفرج وجعله مدرسها. قال ابن عساكر: كتب كثيرا من الحديث والفقه ودرس سنة ثمان عشرة وكان سديد الفتوى واسع المحفوظ ثبتا في الرواية ذا مروءة ظاهرة لزمت دروسه مدة وعلقت عنه في مسائل وكان عالما بالمذهب يتكلم في الأصول والخلاف توفي في ذي القعدة ودفن رحمه الله تعالى بباب الفراديس انتهى. وقال فيها: وفي شعبان منها كان قدوم العماد الكاتب من بغداد إلى دمشق فأنزله القضي كمال الدين الشهرزوري بالمدرسة النورية داخل باب الفرج فنسبت إليه لسكناه بها فيقال لها العمادية ثم ولي تدريسها وولي عماد الدين كتابة الإنشاء لنور الدين رحمه الله تعالى انتهى. وقال الأسدي في تاريخه في سنة سبع وتسعين: العماد الكاتب

محمد بن محمد بن حامد بن محمد بن عبد الله بن علي بن عبد الله بن محمود بن هبد الله بن أله (بفتح الهمزة وضم اللام وتسكين الهاء ومعناه بالعربي العقاب) الإمام العلامة المنشىء البليغ الوزير عماد الدين أبو عبد الله الأصبهاني الكاتب المعروف بابن أخي العزيز ولد لأصبهان سنة تسع عشرة وقدم بغداد وهو ابن عشرين سنة أو نحوها وتفقه بالنظامية على أسعد الميهني وأبي منصور الرزاز وأتقن الخلاف والنحو والأدب وسمع من ابن الرزاز وأبي منصور بن خيرون1 وعلي بن عبد السلام2 وأبي القاسم ابن الصباغ3 وطائفة ورجع إلى أصبهان سنة ثلاث وأربعين وقد برع في العلوم فسمع بها وقرأ الخلاف على أبي المعالي الوركاني4 وحمد ابن عبد اللطيف الخجندي5 ثم عاد إلى بغداد وتعانى الكتابة والتصرف وسمع بالثغر من السلفي وإجاز له ابن الحصين والغراوي6 وروى عنه ابن خليل والشهاب القوصي وشرف الدين محمد بن إبراهيم الأنصاري وطائفة. قال ابن خلكان. كان شافعيا تفقه بالنظامية وأتقن الخلاف وفنون الأدب وولاه ابن هبيرة7 نظر البصرة ثم واسط ثم انتقل إلى دمشق في سنة اثنتين وستين واتصل بالسلطان نور الدين رحمه الله تعالى بطريقة الأمير نجم الدين أيوب وكتب الإنشاء وعلت منزلته عنده وفوض إليه تدريس المدرسة المعرفة بالعمادية فلما توفي نور الدين رحمه الله تعالى خرج إلى العراق فلما وصل إلى الموصل مرض فلما بلغه أخذ صلاح الدين دمشق عاد إلى دمشق في سنة سبعين وقصد صلاح الدين ومدحه ولزم ركابه فاستكتبه واعتمد عليه وقرب منه حتى صار يضاهي الوزراء وكان القاضي الفاضل ينقطع عن خدمة السلطان في مصالح الديار المصرية فيقوم العماد مقامه وكان بينه وبين القاضي الفاضل مخاطبات ومحاورات ومكاتبات. قال ابن خلكان: ولم ينزل

_ 1 شذرات الذهب 4: 125. 2 شذرات اىلذهب 4: 122. 3 شذرات الذهب 4: 131. 4 شذرات الذهب 4: 187. 5 شذرات الذهب 4: 163. 6 شذرات الذهب 444: 96. 7 شذرات الذهب 4: 191.

العماد على مكانته إلى أن توفي الملك صلاح الدين فاختلفت أحواله فلزم بيته وأقبل على التدريس والتصنيف. وقال زكي الدين المنذري وهو أمام البلغاء وشمس الشعراء وقطب رحى الفضلاء أشرقت أشعة فضائله وأنارت وأنجدت الركبان بأخباره وأغارت في الفصاحة قس دهره وفي البلاغة سحبان عصره فاق الأوائل طرا نظما ونثرا استعبدت رسائله المعاني الأبكار وأخجلت الرياض عند إشراف النوار توفي رحمه الله تعالى بدمشق في شهر رمضان ودفن بمقابر الصوفية ومن تصانيفه "خريدة القصر في شعراء العصر" جعله ذيلا على "زينة الدهر" لأبي المعالي سعد بن علي الخطيري و"زينة الدهر" ذيل علي دمية القصر وعصره أهل العصر للباخرزي1 و"الدمية" ذيل على يتيمة الدهر للثعالبي2 و"اليتيمة" ذيل على كتاب البارع لهارون بن علي المنجم فذكر العماد الكاتب في كتابه هذا الشعراء الذين كانوا بعد المائة الخامسة إلى سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة وجمع شعراء العراق والعجم والجزيرة ومصر والمغرب وهو في عشر مجلدات وله كتاب "البرق الشامي" في سبع مجلدات وإنما سماه البرق الشامي لأنه شبه أوقاته في الأيام النورية والصلاحية بالبرق لطيبها وسرعة انقضائها وصنف كتاب "الفتح القسي" في مجلدين وصنف كتاب "السيل على الذيل" وكتاب "نصرة الفترة وعصرة الفطرة" في أخبار بني سلجوق ودولتهم وله ديوان رسائل كبير وديوان شعر في أربع مجلدات وديوان دوبيت صغير انتهى. وقال الأسدي في سنة سبع وستين وخمسمائة: قال العماد الكاتب في شهر رجب: فوض إلى نور الدين اللدين المدرسة التي عند حمام القصير وهي التي أنا منذ قدمت دمشق فيها ساكن وكان فيها إمام الكبير ابن عبد وقد استفاد من علمه كل حر وعبد فتوفي وخلف ولدين استمرا فيها على رسم الوالد ودرسا بها فخدعهما مغربي بالكمياء فلزماه والتقيا به وأغنياه وغاظ نور الدين

_ 1 شذرات الذهب 3: 329. 2 شذرات الذهب 3: 246.

ذلك فأحضرهما وونجهما ورتبني فيها مدرسا وناظرا انتهى. وقال العماد بن كثير: وولاه نور الدين الدين يعني العماد الكاتب ابن أله المدرسة التي أنشأها داخل باب الفرج اللتي يقال لها العمادية نسبة إلى العماد الكاتب هذا لكثير قامته بها وتدريسه فيها ولم يكن أول من درس بها بل قد سبقه إليها في التدريس غير واحد وكان بارعا في درسه يتزاحم الفضلاء فيه لفوائده وفرائده انتهى ملخصا ثم درس بها الشيخ بدر الدين بن الصائغ وقد مرت ترجمته في المدرسة الدماغية ثم درس بها قاضي القضاة شمس الدين بن الشيرازي وقد مرت ترجمته في المدرسة الشامية الكبرى ثم درس بها العالم شرف الدين ابن أله وقد مرت ترجمته في المدرسة الطبرية. وقال الذهبي في العبر قي سنة تسع وثلاثين وسبعمائة: ومات شيخنا المعمر الصالح شرف الدين الحسين بن علي بن محمد بن العماد الكاتب عن ثمانين سنة وأشهر ودرس بالعمادية وحدث عن ابن أبي اليسر وابن الأوحدي1 وجماعة انتهى. وقال ابن كثير في تاريخه في سنة ثلاث وثمانين وستمائة: في ترجمه عز وجل الدين بن الصائغ ودرس بعده ابنه محي الدين أحمد بالعمادية وزاوية الكلاسة من جامع دمشق ثم توفي ابنه أحمد في يوم الأربعاء ثامن شهر رجب فدرس بالعمادية والدماغية الشيخ زين الدين الفارقي شيخ دار الحديث نيابة عن أولاد القاضي عز وجل الدين بن الصائغ بدر الدين وعلاء الدين انتهى وقد مرت ترجمة الشيخ زين الدين الفارقي شيخ دار الحديث هذا دار الحديث الأشرفية الدمشقية. فائدة: وقد وقفت على قائمة بخط تقي الدين ابن شهلا صورتها الحمد لله محاسبة مباركة إن شاء الله تعالى بما تحصل من ربع وقف المدرسة العمادية داخل باب الفرج رحم الله تعالى وافقها وبما صرف في العمائر لالمدرسة المشمول ذلك بنظر كاتبه وذلك عن سنة خمس وستين وثمانمائة من الدراهم ألف واثنتين وسبعين من الحانوت جوار المدرسة سكن الأدمي في السنة أربع وثمانين طبقة علو ذلك عطل محاكرة المزرعة المعروفة بالعمادية بقصر اللباد

_ 1 شذرات الذهب 5: 361.

بالقرب من حارة السليماني ثمانمائة محاكرة نصف المزرعة بالوادي التحتاني وتعرف بالدماغية بيد ابن عصفور خمسا وعشرين محاكرة الجنينة وبيت الأجورد القرادي ثلاثمائة محاكرة الجنينة وبيت قرملك عشرين محاكرة بيت قرابغا الأطرش مسلم محاكرة أرض الحوانيت الحاملة لعمارة زين الدين بن عطا خمس عشرة محاكرة الحوانيت الحاملة لعمارة ابن عصفور خمساً وثلاثين محاكرة أرض الحوانيت والمطلع الحاملة لعمارة شاهين مسليم المصري المعروف تفصيله في أجرة فاعلين وتعزيل حول الحرة وغيرهما بما فيه مؤنة أربعة عشر وما هو معتد به بما كان صرف على وجهة الوقف في عمارة المدرسة في شهور أربع وستين. قال: له سبعين وخراج وفريضة لسنة خمس وستين ونقيب الوقف عشرة الباقي بعد ذلك سبعمائة وستة سلم للنظر مائة وستين للتدريس ثلاثمائة للبواري ثمن زيت أربع وعشرين العمالة مائة الإمامة أربعين وهم عشرة أنفار الشيخ شهاب الدين أحمد العنبري عشرين الشيخ شمس الدين محمد بن حجي الخبري عشرين الشيخ محمد الهريري عشرين الشيخ شهاب الدين الحمصي عشرين الشيخ شمس الدين أحمد الحواري عشرين الشيخ شهاب الدين أحمد الأريحي أيضا عشرين الشيخ عمر الطيبي الضرير عشرين الشيخ جمال الدين عبد الله بن عبد السلام العدوي عشرين الشيخ علي العصياني عشرين الشيخ شمس الدين محمد بن الفراش البواب عشرين والخير يكون إن شاء الله تعالى انتهت بحروفها.

المدرسة الغزالية

69 - المدرسة الغزالية في الزاوية الشمالية الغربية شمالي مشهد عثمان المعروف الآن بمشهد النائب من الجامع الأموي. قال ابن شداد في ذكر ما في الجامع من المدارس: المدرسة الغزالية وتعرف بالشيخ نصر المقدسي. قال في موضع آخر الزوايا بالجامع: الزاوية الغزالية منسوبة إلى الشيخ نصر المقدسي وتنسب إلى الغزالي

رحمهما الله تعالى لكون الغزالي رحمه الله تعالى دخل إلى دمشق اللمحروسة وقصد الخانقاه السميساطية ليدخل إليها فمنعه الصوفية من ذلك لعدم معرفتهم به فعدل عنها وأقام بهذه الزاوية بالجامع إلى أن علم مكانه وعرفت منزلته فحضر الصوفية بأسرهم إليه واعتذروا له ثم أدخلوه الخانقاه السميساطية فعرفت الزاوية به وإنما تنسب إلى الشيخ نصر المقدسي بعده انتهى. وقال ابن كثير في موضع آخر من تاريخه في سنة سبع وعشرين وستمائة: الشيخ بيرم المارديني رحمه الله تعالى كان صالحا منقطعا محبا للعزلة عن الناس وكان مقيما بالزاوية الغربية من الجامع وهي التي يقال لها الغزالية وتعرف بزاوية الدولعي وبزاوية القطب النيسابوري وبزاوية الشيخ نصر المقدسي قاله الشيخ شهاب الدين أبو شامة. كان يوم جنازته يوما مشهودا ودفن بسفح قاسيون. قال في سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة: وفي صفر من هذه السنة وقف السلطان الملك الناصر قرية حزم على الزاوية الغزالية ومن يشتغل بها بالعلوم الشرعية أو ما يحتاج الفقيه إليه ونظرها جعله لقطب الدين النيسابوري في مدرسها انتهى. وأصل ذلك في كلام أبي شامة في الروضتين حيث قال في صفر سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة: وفيها وقف السلطان قرية حزم باللوي من حوران على جماعة الذين يشتغلون بعلم الشريعة أو بعلم يحتاج إليه الفقيه والحضور لسماع الدرس بالزاوية الغربية من جامع دمشق المعروفة بالفقيه الزاهد نصر المقدسي رحمه الله تعالى وعلى من هو مدرسهم بهذا الموضع من أصحاب الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه وجعل النظر للشيخ قطب الدين النيسابوري رحمه الله تعالى ورأيت كتاب الوقف وعليه علامة السلطان الحمد لله وبه توفيقي انتهى. قال ابن شداد: أول من درس بها الشيخ نصر المقدسي. ثم من بعده ابن عبد خطيب الجامع بدمشق ثم من بعده جمال الدين الدولعي. ثم من بعده أخوه شرف الدين. ثم من بعده أصيل الدين الأسعردي1 ثم من بعده عماد الدين ابن شيخ الشيوخ2. ثم من بعده عز

_ 1 شذرات الذهب 5: 204. 2 شذرات الذهب 5: 181.

الدين بن عبد السلام ثم من بعده كمال الدين محمد بن طلحة1. ثم عماد الدين داود خطيب بيت الآبار2. ثم عماد الدين بن الحرستاني ثم ولده محيي الدين وهو مستمر بها إلى الآن. فائدة: درس بها بعد الاشيخ نصر المقدسي تلميذه عالم الشام نصر الله المصيصي وقد مرت ترجمته في المدرسة الجاروخية وكان لنصر الله هذا تلاميذ كثيرة فإنه عمر اربعا وتسعين سنة كما قاله الذهبي في مختصر تاريخ الإسلام في سنة اثنتين وأربعين ولكن أكثرهم ملازمة إمام جامع دمشق أبو الحجاج يوسف بن مكي بن علي الحارثي الدمشقي الشافعي. قال الأسدي في سنة أربع وستين وخمسمائة: عنه ولزم الفقيه نصر الله وأعاد له وقد أوصى له بتدريس الزاوية فلم يصح له توفي رحمه الله تعالى في صفر منها انتهى. وقال في سنة إحدى وستين وخمسمائة: محمد بن علي ابن الوزير أبي نصر أحمد ابن الوزير نظام الملك أبي علي الطوسي صدر إمام معظم تفقه على أسعد الميهني ودرس بمدرسة جده ببغداد ستة أعوام ثم صرف ثم أعيد سنة أربع وسبعين وفوض إليه تظر أوقافها وكان ذا جاه عريض وحرمة تامة ثم عزل سنة سبع وسبعين واعتقل مدة ثم أطلق فحج سنة تسع وسبعين ثم سافر إلى الشام فكرمه نوروز وولي تدريس الغزالية إلى أن توفي وقد سمع من أبي منصور بن خيرون وأبي الوقت ولم يرو لأنه مات شابا توفي في صفر. وقال الصفدي: أبو نصر الفقيه ابن نظام الملك هو محمد بن علي بن أحمد بن الحسن بن علي بن إسحاق الطوسي أبو نصر بن أبي الحسن بن أبي الحسن ابن الوزير بن نظام الملك بن علي من البيت المشهور بالوزارة ودرس الفقه على سعد الميهني وعلى غيره وبرع وتولى مدرسة والده ثم عزل ثم أعيد إليها وفوض إليه نظر أوقافها وكانت له الحرمة التامة والجاه العريض والقرب من الديوان إلى أن عزل واعتقل بالديوان مديدة ثم حج وعاد إلى بغداد وتوجه إلى دمشق وولي تدريس الزاوية

_ 1 شذرات الذهب 5: 259. 2 شذرات الذهب 5: 275.

الغربية من الجامع وأقام بها إلى أن توفي سنة إحدى وستين وخمسمائة ومع من أبي زرعة1 وغيره قال ابن النجار2: وما أظنه روى لأنه مات شابا انتهى. ثم درس بها خطيب دمشق أبو البركات بن عبد وقد مرت ترجمته في المدرسة الأمينية والعمادية. وقال الذهبي في العبر في سنة ثلاث وستين وخمسمائة: والصائن أبو الحسين هبة الله بن الحسن بن هبة الله بن عساكر الفقيه الشافعي قرأ القرآن بالقراآت على جماعة منهم أبو الوحش سبيع وسمع من النسيب وتفقه على جمال الإسلام وسمع ببغداد من ابن نبهان3 وعلق الخلاف على سعد الميهني ودرس بالغزالية وأفتى وعني بفنون العلم وكان ورعا خيرا كبير القدر عرضت عليه خطابة لبلد فامتنع توفي في شعبان انتهى. وقال الأسدي في تاريخه سنة ثلاث وستين هذه: الفقيه صائن الدين بن عساكر هو هبة الله بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله بن عساكر الفقيه صائن الدين أبو الحسين الدمشقي الشافعي أخو الحافظ أبي القاسم ولد في شهر رجب سنة ثمان وثمانين وقرأ بالروايات على سبيع بن قيراط وعلى أحمد بن محمد بن خلف الأندلسي مصنف المقنع في القرآت وسمع أبا القاسم النسيب وأبا طاهر الحناني وأبا الحسن الموازيني وتفقه على أبي الحسن بن المسلم وعلى نصر الله بن محمد ورحل إلى بغداد سنة عشر فسمع أبا علي بن نبهان وأبا القاسم بن المهتدي بالله4 وأبا طالب الزيني وأصحاب التنوخي وعلق الخلاف على أسعد الميهني وقرأ على أبي عبد الله بن أبي كدية المتكلم شيئا من أصول الدين وعلى أبي الفتح بن برهان شيئا من أصول الفقه وحج سنة إحدى عشرة وسمع بالكوفة ومكة ورجع إلى بغداد فأقام بها إلى سنة أربع عشرة ثم عاد إلى دمشق وأعاد بالأمينية لشيخه أبي الحسن ودرس بالغزالية وأفتى وكت الحديث. قال أخوه الحافظ أبو القاسم: وكان معتنيا بعلوم القرآن والنحو واللغة حدث بطبقات ابن سعد

_ 1 شذرات الذهب 4: 86. 2 شذرات الذهب 5: 226 3 شذرات الذهب 4: 31. 4 شذرات الذهب 4: 57.

وسنن الدارقطني وأكثر مسند أحمد وعرض عليه الخطابة وغيرها فامتنع وكان سأله أبو المعالي أن ينوب عنه في القضاء فلم يفعل وكان ثقة متقنا متيقظا له شعر كثير روى عنه أخوه وابنه القاسم وابن السمعاني1 وبنو أخيه الحسن وتاج الأمناء أحمد2 وفخر الدين عبد الرحمن أبنا محمد بن الحسن وأبو القاسم بن صصري وآخرون وذكر ابن الدبيثي أن الصائن وقع في الحمام ففلج أياما ومات توفي في شعبان ودفن بباب الصغير عند والده وإخوته رحمهم الله تعالى انتهى. وقال الأسدي في هذه السنة: عبد الرحيم بن رستم أبو الفضائل الزنجاني الفقيه الشافعي تفقه ببغداد على أبي منصور الرزاز وقدم دمشق ودرس بالمجاهدية ثم بالغزالية ثم ولي القضاء ببعلبك ولم يزل بها حتى قتل شهيدا قال ابن عساكر: كان عالما بالمذهب والأصول وعلوم القراآت شديدا على المخالفين يعني الحنابلة وله شعر جيد قتل ببعلبك في شهر ربيع الآخر وحمل إلى دمشق ودفن بها انتهى. ثم درس بها مرتين العلامة قطب الدين النيسابوري وقد مرت ترجمته في المدرسة الأمينية. وقال الأسدي في سنة تسع وسبعين وخمسمائة: عقب وفاة قطب الدين المذكور بنجير بن علي بن بنجير القاضي أبو الفتح الشيري الفقيه نزيل دمشق حدث عن عبد الملك الكروخي3 روى عنه أبو قاسم بن صصري وغيره وناب في القضاء عن الشهرزوري ودرس بالغزالية مدة وعاش نيفا وسبعين سنة توفي في شهر ربيع الآخر انتهى. ثم درس بها قاضي القضاة شرف الدين بن أبي عصرون وقد مرت ترجمته في المدرسة العصرونية. ثم درس بها مدة طويلة الشيخ الفقيه العلامة الخطيب ضياء الدين أبو القاسم عبد الملك بن زيد بن يس بن زيد بن قائد بن جبل التغلبي الأرقمي الدولعي الموصلي الشافعي ولد بالدولعية وهي قرية من قرى الموصل سنة أربع عشرة وخمسمائة وقيل سنة

_ 1 شذرات الذهب 5: 75. 2 شذرات الذهب 5: 40. 3 شذرات الذهب 4: 148.

سبع وتفقه ببغداد ثم قدم الشام في شبيبته فتفقه على نصر المصيصي وعلى ابن أبي عصرون وولي خطابة جامع دمشق وتدريس هذه المدرسة. قال الشيخ العلامة النواوي رحمه الله تعالى في طبقاته: كان شيخ شيوخنا وكان أحد الفقهاء المشهورين والصلحاء الورعين توفي في شهر ربيع الأول سنة ثمان وتسعين وخمسمائة ودفن بمقبرة باب الصغير نقل عنه في الروضة في موضعين فقط. وقال الذهبي في هذه السنة: والشيخ الدولعي خطيب دمشق سمع من الفقيه نصر الله المصيصي وببغداد من الكروخي وكان متقنا خبرا خبيرا بالمذهب ودرس بالغزالية وولي الخطابة بعد ابن أخيه انتهى. ثم درس بها مدة ابن أخيه العلامة جمال الدين الدولعي وقد مرت ترجمته في مدرسته الدولعية. ثم درس بها بعده كما قاله ابن كثير في تاريخه: سلطان العلماء عزالدين عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن الحسن السلمي الدمشقي ثم المصري ولد سنة سبع أو ثمان وسبعين وخمسمائة وله ترجمة طويلة جدا وتوفي بمصر في جمادى الأولى سنة ستين وستمائة. ثم درس بها بعده سنة ثمان وثلاثين وستمائة الشيخ الإمام عماد الدين أبو المعالي داود بن عمر بن يوسف بن يحيى بن عمر بن كامل الزبيدي القرشي ثم الدمشقي وقال الصلاح الصفدي الخطيب عمادالدين أبو المعالي وأبو سليمان المقدسي الشافعي خطيب بيت الآبار وابن خطيبها ولد سنة ست وثمانين وخمسمائة وتوفي سنة ست وخمسين وستمائة وسمع من الخشوعي وعبد الخالق ابن فيروز الجوهري1 وعمر بن طبرزد وحنبل والقاسم بن عساكر وجماعة وروى عنه الدمياطي والزين الفارقي والعماد النابلسي2 والشمس ابن النقيب المالكي والخطيب شرف الدين والفخر بن عساكر وولده الشرف محمد وطائفة من أهل القرية وكان مهذبا فصيحا مليح الخطابة لا يكاد يسمع موعظته أحد إلا وبكى وخطب بدمشق ودرس بالزاوية الغزالية سنة ثمان وثلاثين بعد الشيخ عزالدين بن عبد السلام لما انفصل عن دمشق

_ 1 شذرات الذهب 4: 301. 2 شذرات الذهب 4: 27.

ثم عزل العماد بعد ست سنين ورجع إلى خطابة القرية انتهى. وقال الذهبي في العير في سنة ست وخمسين وستمائة: والعماد الآباري خطيب بيت الآبار كان فصيحا بليغا ولي خطابة دمشق وتدريس الغزالية بعد ابن عبد السلام ثم عزل بعد ست سنين وعاد إلى خطابة القرية بها توفي في شعبان ودفن هناك انتهى. وقال ابن كثير في سنة خمس وأربعين: وفي شهر رجب منها عزل الخطيب عماد الدين خطيب بيت الآبار عن الخطابة بالجامع الأموي وتدريس الغزالية وولي ذلك القاضي عماد الدين عبد الكريم ابن الحرستاني شيخ دار الحديث بعد ابن الصلاح انتهى. وقد مرت ترجمة القاضي عمادالدين هذا في دار الحديث الأشرفية الدمشقية ثم درس بها ولده الخطيب محيي الدين بن الحرستاني. قال الصفدي في تاريخه في المحمدين: محمد بن عبد الكريم بن عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الخطيب محيي الدين أبو حامد ابن القاضي الخطيب عماد الدين بن الحرستاني الأنصاري الدمشقي الشافعي خطيب دمشق وابن خطيبها ولد سنة أربع عشرة وستمائة وأجاز له جده المؤيد الطوسي وأبو روح الهروي1 وبنت الشغري وسمع من زين الأمناء وابن الصباح وابن الزبيدي وابن ماسويه2 وابن اللتي والعلم الصابوني3 والفخر الأربلي4 وأبي القاسم بن صصري والفخر بن الشيرجي وسمع بالقاهرة من عبد الرحيم ابن الطفيل5 وحدث بالصحيح وغيره أقام بصهيون مدة حياة أبيه وولي الخطابة بعد موت أبيه ودرس بالغزالية والمجاهدية وأفتى وأجاد وكان متصوفا حسن الديانة وله نظم وكان طيب الصوت على خطبته روح روى عنه ابن الخباز وابن العطار وابن البرزالي وأجاز الشيخ شمس الدين مروياتهن وتوفي سنة اثنتين وثمانين وستمائة انتهى. وقال ابن كثير في سنة اثنتين هذه. الخطيب محيي الدين محمد

_ 1 شذرات الذهب 5: 81. 2 شذرات الذهب 5: 149. 3 شذرات الذهب 5: 208. 4 شذرات الذهب 5: 161. 5 شذرات الذهب 5: 184.

ابن الخطيب قاضي القضاة عمادالدين عبد الكريم ابن قاضي القضاة جمال الدين بن الحرستاني الشافعي خطيب دمشق ومدرس الغزالية كان فاضلا بارعا أفتى ودرس وولي الغزالية بعد أبيه وحضر جنازته نائب السلطنة وخلق كثير توفي في جمادى الآخرة عن ثمان وستين سنة ودفن بقاسيون انتهى. قلت: وكان ينوب عنه في الغزالية والخطابة ولده تاج الدين أبو القاسم عبد الصمد1 الرجل الصالح والله أعلم وقال ابن كثير في سنة اثنتين وثمانين: هذه في شعبان منها درس الخطيب جمال الدين عبد الكافي بن عبد الملك بن عبد الكافي بالغزالية عوضا عن الخطيب بن الحرستاني وأخذ منه الدولعية لكمال الدين بن النجار الذي كان وكيل بيت المال ثم أخذ شمس الدين الأيكي تدريس الغزالية من ابن عبد الكافي المذكور انتهى. وشمس الدين الأيكي هذا قال ابن كثير في سنة سبع وتسعين: شمس الدين محمد بن أبي بكر بن محمد الفارسي المعروف بالأيكي كان أحد الفضلاء الحلالين للمشكلات المفسرين للمعضلات لاسيما في علم الأصلين والمنطق وعلم الأوائل باشر في وقت مشيخة الشيوخ بمصر واقام يدرس بالغزالية قبل ذلك توفي رحمه الله تعالى بقرية المزة يوم الجمعة ودفن يوم السبت ومشى الناس في جنازته منهم قاضي القضاة إمام الدين القزويني وذلك في الرابع من شهر رمضان ودفن بمقابر الصوفية إلى جانب شملة وعمل عزاؤه بخانقاه السميساطية وكان معظما في نفوس كثير من العلماء وغيرهم انتهى. بعد أن قال ابن كثير في سنة خمس وثمانين: وفيها درس بالغزالية بدر الدين بن جماعة انتزعها من يد شمس الدين إمام الكلاسة الذي كان ينوب عن شمس الدين الأيكي شيخ سعيد السعداء باشرها شهرا ثم جاء مرسوم بإعادتها إلى الأيكي وقد استناب عنه جمال الدين الباجربقي فباشرها الباجربقي في ثالث شهر رجب انتهى. وقال ابن كثير في سنة تسع وتسعين. الخطيب الإمام العالم أبو المعالي محمد بن محمد

_ 1 شذرات الذهب 5: 426.

ابن أبي الفضل النهرواني القضاعي الحموي خطيب حماة ثم خطب بدمشق عوضا عن الفاروثي ودرس بالغزالية ثم عزل بابن جماعة وعاد إلى بلده ثم قدم دمشق عام غازان فمات بها. قلت فلعله إمام الكلاسة الذي كان ينوب عن الأيكي قبل جمال الدين الباجربقي والله سبحانه وتعالى أعلم. قال ابن كثير في سنة ثلاث وستيعن وستمائة. وفي يوم الأربعاء ثامن ذي القعدة درس بالغزالية الخطيب شرف الدين المقدسي عوضا عن قاضي القضاة شهاب الدين الخويي توفي وترك الشامية البرانية وقدم على قضاء الشام القاضي بدر الدين بن جماعة يوم الخميس الرابع عشر من ذي الحجة ونزل العادلية وخرج نائب السلطنة والجيس الرابع عشر من ذي الحجة ونزل العادلية وخرج نائب السلطنة والجيش بكماله لتلقيه وامتدحه الشعراء واستناب تاج الدين الجعبري نائب الخطابة وباشر تدريس الشامية البرانية عوضا عن شرف الدين المقدسي الشيخ زين الدين الفاروثي وانتزعت من يديه النصارية فدرس بها ابن جماعة وبالعادلية في العشرين من ذي الحجة انتهى. وقال ابن كثير في سنة أربع وتسعين: وفي أواخر شهر رمضان قدم القاضي نجم الدين بن صصري من الديار المصرية على قضاء العساكر بالشام. إلى أن قال وفي أواخر شوال: قدمت من الديار المصرية تواقيع شتى منها تدريس الغزالية لابن صصري عوضا عن الخطيب القدسي وتواقيع الأمينية لإمام الدين القزويني عوضا عن نجم الدين بن صصري ورسم لأخيه جلال الدين بتدريس الظاهرية البرانية عوضا عنه انتهى. وقال ابن كثير في سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة. وكانت ولاية القاضي جمال الدين الزرعي في قضاء الشام عوضا عن النجم بن صصري في يوم الجمعة رابع عشرين شهر ربيع الأول وخلع عليه بمصر وكان قدومه إلى دمشق آخر نهار الأربعاء رابع جمادى الأولى فنزل بالعادلية وقد قدم على القضاء ومشيخة الشيوخ وقضاء العساكر ودريس العادلية والغزالية والأتابكية انتهى. وقال في سنة أربع وعشرين: وقدم البريد إلى نائب الشام يعني تنكز يوم الجمعة خامس عشرين ربيع الآخر بعزل قاضي الشافعية

الزرعي فلما كان يوم الجمعة قدم البريد فأخبر بتولية قضاء الشام لجلال الدين القزويني وفي خامس شهر رجب دخلها على القضاء مع الخطابة وتدريس العادلية والغزالية باشر ذلك كله انتهى ملخصا. وقال في سنة ثلاثين وسبعمائة: وتولى في رابع المحرم منها علم الدين محمد بن أبي بكر بن عيسى بن بدران الأخنائي الشافعي قضاء الشافعية بدمشق وقدم بها في الرابع والعشرين منه صحبة نائب السلطنة تنكز ونزل بالعادلية الكبرى على العادة ودرس بها وبالغزالية انتهى ملخصا. وقال في سنة ثلاث وثلاثين: وفي نصف شهر ربيع الأول لبس ابن جملة خلعة القضاء بدمشق للشافعية بدار السعادة ثم جاء إلى الجامع وهي عليه وذهب إلى العادلية وقرأ تقليده بها ودرس في العادلية والغزالية يوم الأربعاء ثاني عشرين الشهر المذكور انتهى ملخصا. ثم درس بها شيخ الإسلام قاضي القضاة تقي الدين السبكي وقد مرت ترجمته في المدرسة الأتابكية ثم درس بها ولده العلامة قاضي القضاة بهاء الدين أبو حامد وقد مرت ترجمته في المدرسة العادلية الكبرى ثم درس بها أخوه العلامة قاضي القضاة تاج الدين أبو نصر عبد الوهاب وقد مرت ترجمته في دار الحديث الأشرفية الدمشقية ثم درس بها قاضي القضاة بهاء الدين أبو البقاء السبكي مدة يسيرة في أول مرة من ولايته القضاء ثم في ثاني مرة وقد مرت ترجمته في دار الحديث المذكورة أيضا واقل الأسدي في ذيله في سنة ست عشرة وثمانمائة في جمادى الأولى وفي يوم الأربعاء خامس عشريه حضر قاضي القضاة الشافعي يعني شمس الدين الأخنائي المدرس بالغزالية وكان لهذا المكان مدة طويلة لم يحضر فيه أحد ودرس في قوله تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ} الآية ثم حضر فيه مرارا انتهى. وقال أيضا في جمادى الآخرة: وفي يوم الأربعاء سادس عشره حضر قاضي القضاة بالغزالية ودرس وهو رابع درس حضر بها وكان يحضر بها وبالأتابكية يو الأحد انتهى. وقال في شهر رجب سنة ست عشرة المذكورة: وفي يوم الأحد سادس عشرية درس قاضي القضاة تاج الدين الزهري في الغزالية يعني بعد وفاة

شمس الدين الأخنائي وحضر عنده جماعة قليلة درس في قوله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} الآية. وقال في شوال سنة عشرة وثمانمائة: وفي يوم الأحد رابع عشريه حضر قاضي القضاة يعني نجم الدين بن حجي الدرس بالحلقة الغزالية انتهى. وقال في شوال سنة ثلاث وعشرين: وفي يوم الأحد سادس عشريه درس قاضي القضاة الشافعي بالمدرسة الشامية الجوانية وبالغزالية ثم درس بالظاهرية والركنية والناصرية وجعل يوم الأحد للأوليين ويوم الأربعاء بين الثلاث وقد كان له مدة طويلة لم يحضر درسا انتهى. وقال في شهر ربيع الأول سنة إحدى وثلاثين: وفي يوم الأحد ثانية درس قاضي القضاة يهاء الدين بن حجي بالغزالية في قوله تعالى: {وَعَدَكُمُ اللَّهُ} الآية. وقال في صفر سنة ثلاث وثلاثين: وفي يوم الأربعاء عاشره حضر قاضي القضاة الشافعي يعني ابن المحمرة بالحلقة الغزالية ثم حضرها مرات انتهى. وقال في شهر ربيع الأول سنة أربع وثلاثين: وفي يوم الأحد سادس عشرة حضر قاضي القضاة الشافعي بالغزالية كان قد عزم من صفر على الحضور فتتابعت الأمطار وحصل للقاضي نزلة فلم يتفق الحضور إلا في هذا اليوم انتهى. وقال في شهر ربيع الآخر سنة ثمان وثلاثين: وفي يوم الأحد خامسة حضر قاضي القضاة الشافعي يعني القاضي الجديد سراج الدين الحمصي الدرس بالغزالية ودرس في قوله تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} الآية ذكر درسا لا بأس به أخذه من مسودات القاضي ججلال الدين البليني ثم ذهب إلى العادلية الكبرى فدرس بها في أول كتاب المنهاج ومن تمر لنك إلى الآن لم يدرس بها أحد وذلك لم يدرس بها ذكور غير هذا الدرس انتهى. هكذا قال ثم قال في جمادى الأولى منها: وفي يوم الأحد ثالثة حضر القاضي يعني سراج الدين المذكور باللغزالية ولم يحضر معه إلا قليل من الفقهاء ودعا انتهى هكذا. ثم قال في صفر سنة ست وأربعين: وفي يوم السبت الحادى والعشرين منه حضر قاضي القضاة يعني شمس الدين الونائي بدار الحديث الأشرفية ثم في العادلية ثم في يوم الثلاثاء حضر بالغزالية والبادرائية اهـ.

المدرسة الفارسية

70 - المدرسة الفارسية والتربة بها غربي الجوزية الحنبلية تجاه الخارج من باب الزيادة واقفها الأمير سيف الدين فارس الدوادار التنمي في سنة ثمان وثمانمائة في وقفه الجديد واقف قرية صحنايا وغيرها على مدرسين وعشرة فقهاء فقهاء وعشرة مقرية ويقرئ خمسة عشر يتيما إذا حفظ أحدهم القرآن يخرج ويقرر غيره وتفرقة خبز في كل جمعة زنة ربع قنطار ومقرئين آخرين فيها أيضا غير العشرة المذكورة يحضران عقب الظهر والعصر. قال الحافظ شهاب الدين بن حجي السعدي في سنة أحد عشر من تاريخه في العشر الأول من شوال من هذه السنة: حضرت الدرس بالمدرسة الفارسية قبلي الجامع التي أنشأها الأمير سيف الدين فارس التنمي دوادار تنم في حياة أستاذه وكان وقف عليها حوانيت إلى جانبها لها وقفا على إمام وغيره ثم اتشرى قرية صحنايا في سنة ثمان وثمانمائة بإذن السلطان بمصر وكنت إذ ذاك هناك في المحرم ثم وقفها على جهات بها على شيخين مدرسين للعلم. قال: ويقرا عليهما أنواع العلوم من المذاهب الأربعة وجعل لكل شيخ ثمانين درهما وللطلبة كل شهر خمسا وأربعين وجعل عددهم عشرة وكذلك المقرية لكل منهم خمسة عشر درهما وتمادي الأمر إلى هذا الوقت فعين من الجماعة القاضيان شمس الدين الكفيري ونور الدين ابن قاضي أذرعات وتقي الدين بن قاضي شهبة وىخرون منهم من لا أعرفه ولا أطلب له وقررت أحد الشيخين وقرر الشيخ جمال الدين الطيماني الآخر فحضرت يومئذ أول درس وحضر عزالدين القاضي المالكي وبعض الفقهاء وحضر جمال الدين المذكور فذكرت درسا مختصرا في تفسير أول سورة النساء ثم قلت لجمال الدين تتكلم أيضا أنت فذكر شيئا في تفسير آية أخرى انتهى. وبلغني من جمال الدين بن تقي الدين إمامها أن لكل يتيم في كل شهر خمسة عشر درهما. وفي كل موسم وعيد لكل واحد خمسة عشر درهما ولما مات جمال الدين الطيماني المصري استقر ولده في تدريس الفقهاء واستنيب عنه الشيخ تقي الدين العلامة ابن

قاضي شهبة فكان يحضرها يوم الإثنين بعد العصر. ثم ولده شيخنا العلامة بدر الدين واستمر بها شيخ الفقهاء إلى أن نزل عنها للشيخ تقي الدين بن قاضي عجلون. قال الأسدي في تاريخه في شهر ربيع الآخر سنة ثلاثين وثمانمائة: في يوم الأحد سابعه حضرت الدرس بتربة الأمير فارس وقد تقرر فيها عشرة من الفقهاء وعشرة مقرية وذلك في الوقف الجديد وكان الأمير فارس قد وقف اولا وقفا على قراء وأيتام وغير ذلك ثم وقف قرية صحنايا وغيرها في سنة ثمان وثمانمائة على مدرسين وفقهاء ومقرية ودرس بها الشيخان شهاب الدين ابن حجي وجمال الدين الطيماني في شوال سنة إحدى عشرة وثمانمائة ولما توفي حضرت الدرس بها نيابة عن ولده جمال الدين ولم يقرر بها أحد من الفقهاء وإنما يحضر عندي من يقرأ علي وكان يصرف للمدرس معلوم يسير فلما كان شيخنا في هذا الوقت حصل ما أوجب ظهور شرط الواقف والعمل به. وفي شرط الوقف في الشهر لكل مدرس ثمانون درهما ولكل مقرئ خمسة عشر درهما وشرط للحرمين جملة وغير ذلك وجعل الفاضل بعد ذلك لذريته واستقر فيها فقهاء نواب القاضي وأعيان الطلبة وصرف لهم معلوم سنة عند تقريرهم في السنة الماضية انتهى كلامه بحروفه. ومن وقفها كما أخبرني به جمال الدين العدوي بوابها ربع قرية فزاره من عمل الجولان والعشر في قرية بالين من عمل البقاع وربع سوق السلاح شركة المدرسة الأمينية وبيت ابن مزلق انتهى.

المدرسة الفتحية

71 - المدرسة الفتحية أنشأها الملك الغالب فتح الدين صاحب بارين نسيب صاحب حماة. قال بعضهم: وبها قبر الواقف ووقفها بالديار المصرية وجعل نظر التدريس فيها إلى القاضي عماد الدين الحرستاني ثم من بعده ولده محيي الدين ثم أخذت منه سنة تسع وستمائة وأعطيت لعزالدين محمد بن عبد القادر بن عبد الخالق بن خليل الأنصاري وهو مستمر بها إلى الآن. قال ابن شداد: ثم

درس بها الشيخ جمال الدين الباجربقي وقد مرت ترجمته في المدرسة الدولعية ثم درس بها القاضي شهاب الدين الحسباني وقد مرت ترجمته في المدرسة الإقبالية ثم نزل عن هذه المدرسة الفتحية بعوض للقاضي شرف الدين أبي محمد قاسم بن سعد بن محمد الحسباني السماقي. قال ابن قاضي شهبة في شعبان سنة سبع وعشرين وثمانمائة: مولد على ما رأيته بخط شيخنا سنة تسع وأربعين أو ثمان وأربعين قال: لأن والده مات وهو رضيع في الطاعون كذا قال أخوه وكان أخوه كبيرا يذكر الطاعون وموت والده قرأ التنبيه واشتغل يسيرا في الفقه وجلس لتحمل الشهادة بباب الشامية وبسويقه صاروجا ثم صار موقعا بالعادلية وقد درس بالفتحية في هر ربيع الأول سنة أربع وتسعين ثم أن قاضي القضاة النجم بن حجي استنابه فتعجب الناس من ذلك وكلن ولي العرض نادما وباشر برذالة مع ملازمة الجلوس في الشهر وولي قضاء حمص في وقت وقضاء الجبة وكان قليل البضاعة قصير اللسان غير أنه يدخل ويحكم بكل ما أمر به توفي يوم الثلاثاء حادي عشريه وقيل قارب الثمانين ودفن بمقبرة الوزير غربي سويقة صاروجا وكنت قد رأيت له في حياته مناما سيئا نسأل الله السلامة انتهى.

المدرسة الفخرية

73 - المدرسة الفخرية بين السورين. قال الحافظ ابن حجي في تاريخه في سنة إحدى وعشرين وثمانمائة: وفي شهر رمضان تكاملت عمارة الفخري وقررت فيها الصوفية وفوضت مشيختها للشيخ شمس الدين البرماوي ودرس الحنفية للقاضي شمس الدين الديري1 ودرس المالكية للقاضي جمال الدين المالكي ودرس الحنابلة للقاضي عز الدين البغداد ثم المقدسي الذي ولي عن قريب تدريس الحنابلة بالمؤيدية ولم يستطع فخر الدين الأستاذ الحضور عند المدرسين لشدة مرضه وتمادى به الأمر إلى أن مات في سادس شوال ودفن فيها في فسقية

_ 1 شذرات الذهب 7: 182.

اتخذت له بعد موته انتهى. تنبيه: لنا مدرستان فخريتان إحداهما بالقدس الشريف. قال ابن كثير في تاريخه في سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة: القاضي فخر الدين كاتب المماليك وهو محمد بن فضل الله 1 ناظر الجيوش بمصر أصله قبطي فأسلم وحسن إسلامه وكان له أوقاف كثيرة وبر وإحسان إلى أهل العلم وكان صدرا معظما حصل له من السلطان حظا وافر وقد جاوز السبعين واليه تنسب الفخرية بالقدس الشريف توفي في نصف شهر رجب وأحيط على أمواله وأملاكه بعد وفاته انتهى. ثانيتهما بمصر. قال الصفدي: عثمان بن قزل الأمير فخر الدين أبو الفتح الكاملي ولد بمدينة حلب الشهباء وكان من خيار أمراء الكامل وقف المدرسة المشهورة بالقاهرة والجوز المقابل لها وكتاب السبيل والرباط بمكة المشرفة والرباط بسفح المقطم وكان مبسوط اليد بالمعروف في الصدقات في حياته وبعد موته رحمه الله تعالى توفي بحران ودفن بظاهرها سنة تسع وعشرين وستمائة وكتب إليه زكي الدين بن أبي الإصبع وقد جاءه ولدان في ليلة واحدة يهنيه ويقول له شعرا: ليهنك عيناك بدرا ... ن زينا الخافقين الآن صرت يقينا ... عثمان ذا النورين

المدرسة الفلكية

73 - المدرسة الفلكية غربي المدرسة الركنية الجوانية بحازة الافتريس داخل بأبي الفراديس والفرج أنشأها فلك الدين سليمان أخو الملك العادل سيف الدين أبي بكر لأمه. قال ابن شداد: وقال ابن كثير في تاريخه في سنة ست وتسعين وخمسمائة: وقي شوال رجع إلى دمشق الأمير فلك الدين أبو منصور سليمان بن شروة بن خدلك وهو أخو الملك العادل لأمه وهو وقف المدرسة الفكلية داخل باب الفراديس وبها قبره فأقام بها محترما معظما إلى أن توفي رحمه الله

_ 1 شذرات الذهب 14: 167.

تعالى. وقال في سنة تسع وتسعين وخمسمائة: وممن توفي فيها من الأعيان الأمير فلك الدين أبو منصور سليمان بن شروة ابن خلدك أخو الملك العادل لأمه وكانت وفاته في السابع والعشرين من المحرم ودفن بداره التي جعلها مرسة داخل باب الفراديس في محلة الأفتريس وقف عليها الجمان بكمالها تقبل الله منه انتهى. وقال الأسدي في سنة تسع وتسعين هذه: واقف الفلكية سليمان بن شروة بن خلدك الأمير الكبير فلك الدين أبو منصور أخو الملك العادل لأمه توفي في المحرم ودفن بداره التي جعلها مدرسة داخل باب الفراديس ووقف عليها قرية الجمان انتهى. وقال ابن شداد: وليها شمس الدين بن سني الدولة ثم من بعده ولده صدر الدين قاضي القضاة أبو العباس أحمد وبعده ولده نجم الدين محمد وبعده شمس الدين بن خلكان. ثم وليها كمال الدين محمد بن النجار ثم من بعده تقي الدين محمد بن حياة الرقي ثم من بعده عزالدين الأربلي ثم تولاها الشيخ المراغي وهو بها إلى الآن انتهى. قلت: المراغي هذا هو العلامة برهان الدين أبو الثناء محمود بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد المراغي ولد سنة خمس وستمائة واشتغل بالعلم وتقدم وسمع بحلب الشهباء من أبي القاسم بن رواحة وابن الأستاذ1 ودرس بدمشق بالفلكية هذه مدة وأفتى واشتغل بالجامع مدة طويلة وحدث وروى عنه المزي وابن العطار والبزرالي وجماعة وعرض عليه القضاء فامتنع وعرضت عليه مشيخة الشيوخ فامتنع. قال الذهبي: وكان إماما مفتيا مناظرا أصوليا كثير الفضائل وكان مع براعة فيها صالحا زاهدا متعففا عبادا متنفننا بالأصلين والخلاف وكان شيخا طويلا حسن الوجه مهيبا متصوفا وكان لطيف الأخلاق كريم الشمائل عارفا بالمذهب والأصول مكمل الأدوات توفي في شهر ربيع الآخر سنة إحدى وثمانين وستمائة وله نيف وسبعون ودفن بمقابر الصوفية وقال ابن كثير في هذه السنة الشيخ برهان الدين أبو الثناء محمود بن عبد الله بن عبد الرحمن المراغي الشافعي

_ 1 شذؤات الذهب 5: 108.

مدرس الفلكية كان فاضلا بارعا عرض عيه القضاء فلم يقبل توفي يوم الجمعة الثالث والعشرين من شهر ربيع الآخر عن ست وسبعين سنة وسمع الحديث وأسمعه ودرس بعده بالفلكية القاضي بهاء الدين بن الزكي انتهى. وقد مرت تركمة القاضي بهاء الدين هذا في المدرسة التقوية ودرس بها نيابة العالم الحبر علاء الدين علي بن زيادة بن عبد الرحمن الحبكي بفتح الحاء المهملة والباء الموحدة والكاف نسبة إلى قرية من قرى حوران اشتغل على الشيخ علاء الدين بن سلام معيد الشامية فلما توفي لازم فقيه الشام علاء الدين بن حجي وتفقه به وحضر عند القاضي بهاء الدين أبي البقاء وعند شيخ الشافعية شمس الدين بن قاضي شهبة وقرأ في الأصول والعربية وكان الغالب عليه الفقه وكان يفتي بأجرة وعنده ديانة وتورع ومباشرة لملازمة وظائفه لا يترك الحضور بها وإن بطل المدرسون وعنده وسواس في اجتناب النجاسة ودرس نيابة في المجاهدية كما سيأتي فيها والفلكية هذه والكلاسة كما سيأتي فيها توفي في ذي القعدة سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة وجاوز الخمسين ظنا ودفن بمقبرة الصوفية بتربة صاحبه القاضي شهاب الدين الزهري انتهى. ودرس بها في آخر الأمر العلامة تقي الدين أبو بكر بن ولي الدين عبد الله ابن زين الدين عبد الرحمن الشهير بابن قاضي عجلون. ثم درس بها بعده العلامة أقضى القضاة برهان الدين إبراهيم بن شمس الدين محمد بن برهان الدين إبراهيم بن المعتمد في ذي القعدة سنة اثنتين وثمانين في كتاب الشركة انتهى.

المدرسة القليجية

74 - المدرسة القليجية داخل البابين الشرقي وباب توما شرقي المسمارية وغربي المحراب التربة وكذا شرقيها بحجر مزي منحوت قد طمست كذا ظهر لي أنها هي وقال عزالدين بن شداد: المدرسة القليجية المجاهدية بانيها مجاهد الدين ابن قليج

محمد بن شمس الدين محمود وهي في موضع يعرف بقصر ابن أبي الحديد انتهى. وقال: قبل ذلك في الجوامع في كلامه على جامع جراح بعد عمارة الأشرف موسى له ثم احترق في أيام الملك الصالح عماد الدين إسماعيل في أواخر سنة اثنتين وأربعين وستمائة لما نزل دمشق معين الدين ابن الشيخ ثم جدد بناءه الأمير مجاهد الدين بن محمد ابن الأمير شمسالدين محمد ابن الأمير غرس الدين قليج النوري في سنة اثنتين وخمسين وستمائة انتهى. ومجاهد الدين هذا غير الأول وإنما ذركته للتنبيه على أنهما اثنان. قال ابن شداد: أول من درس بها القاضي زكي الدين بن اللتي ثم ولده ثم من بعده عماد الدين بن العربي ثم جمال الدين بن عبد الكافي وهو مستمر بها إلى الآن انتهى. يعني إلى سنة أربع وسبعين وستمائة. قلت: ودرس بها الإمام علاء الدين بن العطار وقد مرت ترجمته في دار الحديث الدوادارية ثم درس بها بعده أخوه الثقة المعمر أبو سليمان داود ابن إبراهيم الدمشقي. قال السيد الحسيني في ذيل العبر في سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة: ولد في شوال سنة خمس وستين وتفقه وجود الخط وحدث عن الشيخ شمس الدين وابن أبي الخير وابن علان وظائفة وأجازله شيخ الإسلام محيي الدين النواوي وابن عبد الدائم وابن أبي اليسر وآخرون رحمهم الله تعالى وولي مشيخة القليجية بعد أخيه الشيخ علاء الدين توفي في جمادى الآخرة منها ثم درس بها بعده المفتي شهاب الدين ابن النقيب وقد مرت ترجمته في الصالحية المعروفة بتربة أم الصالح. ثم درس بها بعده صهره العلامة شهاب الدين الزهري وقد مرت ترجمته في المدرسة العادلية الصغرى ثم وليها بعده ولده جمال الدين ثم نزل عنها لأخيه قاضي القضاة تاج الدين في أول سنة إحدى وثمانمائة وقد مرت ترجمتهما في المدرسة الشامية البرانية. تنبيهات: الأولي: درس بها بدر الدين بن غالب وأظنه نيابة. قال الصفدي في كتابه الوافي بالوفيات: محمد بن علي بن محمد بن غانم الشيخ بدر

الدين ابن الشيخ علاء الدين كان من جملة كتاب الإنشاء بدمشق وكان مسددا لا يكتب إلا شيئا يوافق الشرع وإن كان غير ذلك لم يكتبه وطلب الإعفاء من كتابه الإنشاء وسأل أن يكون يظهر معلومه على الجامع الأموي فأجيب إلى ذلك وكان يدرس بالقليجية الشافعية وكان قليل الكلام ملازم الصمت منجمعا عن الناس منقبضا لا يتكلم فيما لا يعنيه مكبا على الاشتغال يكرر على محفوظاته الليل والنهار يحب الكتب ويجمعها وخلق لما مات الفي مجلدة وكان معه عدة وظائف يباشرها بما يقارب الألف درهم في كل شهر توفي في جمادى الأولى سنة أربعين وسبعمائة انتهى. الثانية: قد ذكر الصفدي في الوافي ترجمة أبي بكر بن أبي يوسف بن أبي بكر بن محمود بن عثمان بن عبدة المقرئ بقية المشايخ زين الدين الدمشقي الشافعي المعروف بابن الحريري المقرئ المتوفى في سنة ست وعشرين وسبعمائة أنه درس بالقليجية الصغرى وغيرها ولم أعلم كونه وصفها بالصغرى اللهم إلا أن يكون نسبة إلى القليجية الحنفية التي عند دار الذهب. الثالثة: قال ابن كثير في سنة ست وعشرين وسبعمائة: الشمس الكاتب محمد بن أسد الحراني المعروف بالنجار كان يجلس ليكتب الناس عليه بالمدرسة القليجية توفي رحمه الله تعالى في شهر ربيع الآخر من السنة المذكورة ودفن عند باب الصغير انتهى.

المدرسة القواسية

75 - المدرسة القواسية بالعقيبة الصغرى بحارة السليماني بالقرب من مسجد الزيتونة. قال الشيخ عمادالدين في سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة: الأمير عزالدين إبراهيم بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن القواس كان مباشرا للسر في بعض الجهات السلطانية وله دار حسنة بالعقيبة الصغرى فلما حضرته الوفاة أوصى أن تجعل مدرسة ووقف عليها أوقافا دارة وجعل تدريسها للشيخ عماد الدين الكردي الشافعي توفي بوم الأربعاء العشرين من ذي الحجة انتهى.

ورأيت بخط البرزالي في تاريخه في السنة المذكورة ما صورته: وفي يوم الأحد عشية النهار وقت المغرب الرابع والعشرين من ذي الحجة توفي عزالدين إبراهيم بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن القواس بالعقيبة ودفن يوم الإثنين بسفح قاسيون ووقف داره مدرسة ظاهر دمشق خارج باب الفارديس انتهى. ثم درس بها الشيخ بهاء الدين بن إمام المشهد وقد مرت ترجمته في المدرسة الأسدية ثم نزل عنه للشيخ شمس الدين الكفتي وقد مرت ترجمته في المدرسة الطيبة ثم استقر فيه بحكم وفاته في جمادى الأولى سنة ثمان عشرة وثمانمائة الشيخ تقي الدين اللوبياني وقد مرت ترجمته في المدرسة العزيزية وقد كان آخر من درس بهان وكان استولى عليها من ذرية الواقف جماعة ثم انتقلت إليه ثم انتقلت عنه بالوفاة إلى قريبه جمال الدين يوسف اللوبياني أحد المعدلين بمركز باب الفراديس ثم من بعده لقريبه الشيخ خليل الكناوي ثم لأخيه الشيخ موسى ثم من بعده انتقلت عنه بنزوله إلى القاضي محيي الدين الناصري الحنفي. فائدتان: الأولى: قال البرزالي في سنة خمس وثلاثين في وفاة شمس الدين محمد بن يوسف بن نفيس التدمري كان رجلا صالحا وفقيها فاضلا يعرف كتاب الحاوي الصغير ويقريه ويفتي ويدرس بالمدرسة القواسية توفي بحمص انتهى ملخصا. الثانية: قال الشيخ تقي الدين بن قاضي شهبة في شهر رجب سنة ست وعشرين شمس الدين محمد بن الطباخ وكان هو قد سمى نفسه ابن النحاس حفظ المنهاجين ولازم برهان الدين بن خطيب عذرا مدة قرأ علي المنهاج للبيضاوي جميعه وأذن له الشيخ برهان الدين في الإفتاء وأنكر ذلك على الشيخ وكان ذكيا يفهم جيدا توفي مطعونا بأعلى المدرسة القواسية في ليلة الثلاثاء ثالث عشرة ودفن من الغد بمقابر باب الفراديس وقد قارب الثلاثين انتهى.

المدرسة القوصية

76 - المدرسة القوصية وهي الحلقة بالجامع الأموي. قال ابن شداد: الزاوية القوصية لم يعلم لها واقف والذي تحقق ممن ذكر الدرس بها شهاب الدين القوصي إلى أن توفي وذكره بعده عزالدين الأربلي وهو بها الآن انتهى. قلت هي تجاه البرادة وقال جماعة: إن واقفها جمال الإسلام وعرفت بالقوصي المذكور. وقال آخرون: إن واقفها مدرسها القوصي وهو الشيخ الفقيه المدرس الأخباري الأديب الرئيس شهاب الدين أبو المحامد وأبو طاهر وابو العز إسماعيل بن حامد بن عبد الرحمن بن المرجان المرحل الأنصاري الخزرجي وكيل بيت المال بالشام ولد بقوص في المحرم سنة أربع وسبعين وخمسمائة وقدم القاهرة في سنة تسعين ثم قدم الشام سنة إحدى وتسعين واستوطنها وسمع الكثير ببلاد متعددة واتصل بالصاحب صفي الدين بن شكر وترسل إلى البلاد وولي وكالة ببيت المال وتقدم عند الملوك ودرس بحلقته وكان يلازم لبس الطيلسان المحيك والبزة الجميلة ويركب البغلة. قال الذهبي: كان فقيها فاضلا مدرسا أديبا أخباريا حافظا للأشعار فصيحا مفوها بصيرا بالفقه روى عن ابن يس إسماعيل والأرتاحي والخشوعي وخلق كثير وخرج لنفسه معجما في أربع مجلدات كبار ما قصر فيه ويقال فيه غلط كثير مع ذلك وأوهام عجيبة ووصفه في مختصر تاريخ الإسلام بالمحدث المفتى. وقال في العبر في سنة ثلاث وخمسين وستمائة: وفيها توفي القوصي شهاب الدين في شهر الأول ودفن في جاره التي وقفها دار حديث انتهى. وهي كما تقدم بالقرب من الرحبة داخل باب شرقي أحد أبواب دمشق. وقال الحافظ ابن ناصر الدين ومن خطه نقلت من مسودته توضيح المشتبه: وفيها المحدص الإمام شهاب الدين أبو العز القوصي ومعجمة في أربع مجلدات كبار قرأته وليس بالمتقن لما يقوله. قلت: هو إسماعيل بن حامد وكيل ببيت المال واقف دار الحديث القوصية

بدمشق وبها قبره وأكثر مشايخ معجمه بالإجازة توفي سنة ثلاث وخمسين انتهى. ثم درس بها الشيخ علاء الدين بن العطار وقد مرت ترجمته في دار الحديث الدوادارية قال ابن كثير في تاريخه في سنة أربع وسبعمائة: وفي ذي القعدة تكلم الشيخ شمس الدين بن النثيب وجماعة منالفقهاء في الفتاوى الصادرة من الشيخ علاء الدين بن العطار شيخ دار الحديث النورية والقوصية وإنها مخالفة لمذهب الشافعي وفيها تخبيط كثير فتوهم من ذلك وراح إلى الحنفي فحقن دمه وأبقه على وظائفه ثم بلغ ذلك نائب السلطنة يعني الأفرم فأنكر على المنكرين عليه ورسم عليهم ثم اصطلحوا ورسم نائب السلطنة أن لا تثار الفتن بين الفقهاء انتهى. ثم درس بها البرهان الإسكندري في سنة تسعين وستمائة ثم درس بها قاضي طرابلس ابن المجد قال ابن كثير في سنة ثلاثين وسبعمائة: قاضي قضاة طرابلس شمس الدين محمد بن عيسى ابن محمود البعلبكي المعروف بابن المجد الشافعي اشتغل مدة وبرع في فنون كثيرة وأقام بدمشق مدة يدرس بالقوصية بالجامع ويؤم في مدرسة أم الصالح ثم انتقل إلى قضاء طرابلس فأقام بها أربعة أشهر ثم توفي في سادس شهر رمضان. قال الصلاح الصفدي: القاضي شمس الدين بن المجد ابن محمد بن عيسى بن عبد اللطيف العلامة المناظر البعلبكي الشافعي ولد سنة ست وستين ببعلبك وتوفي سنة ثلاثين وسبعمائة تفقه وبرع بحلب وكان صاحب فنون ولي قضاء بعلبك مدة ثم ترك ذلك وسكن دمشق وأم بتربة أم الصالح ودرس بالقوصية ثم انتقل إلى قضاء طرابلس فمات بعد أشهر انتهى. وسمع الكثيرة وقرأ على ابن مشرف والموازيني1 وسمع سنن ابن ماجة م القاضي تاج الدين عبد الخالق بن عبد السلام بنعيد بن علوان وأجاز له بخطه في سنة تسع وعشرين وستمائة بدمشق انتهى. زث م تولاها بعده ولده تقي الدين وهو أحد الفضلاء المشهورين أسمعه والده ولم تطل مدته حتى عزل عنها وأخرج منها. ثم درس بها الإمام بهاء الدين ابن إمام المشهد

_ 1 شذرات الذهب 6: 18.

وقد نرت ترجمته في المدرسة الأمينية. وقال الشيخ تقي الدين الأسدي في صفر سنة اثنتين وثلاثين وثمانمائة: وفي يوم الأربعاء تاسع عشريه حضرت الدرس بالحلقة القوصية بالجامع الأموي وكان المرحوم بدر الدين ابن الشيخ شمس المغربي قد نزل في مرض موته عن نصف تدريس التقوية ونصف تدريس القوصية ولولده عن النصف الآخر انتهى. وقال في شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وأربعين: وفي يوم الأحد رابع عشره درس القاضي تقي الدين ابن الذرعي بالحلقة القوضية أعرضت له عنها وحضرت أنا عنده وجماعة من الفقهاء انتهى. ثم درس بها شيخنا العلامة بدر الدين بن قاضي شهبة ثم درس بها اقاضي محب الدين أبو الفضل محمد ابن شيخنا العلامة القاضي برهان الدين بن قاضي عجلون. ثم درس بها صهره السيد كمال الدين ابن السيد عزالدين في كتاب البيع وقد مرت ترجمتهم في المدرسة الأمجدية انتهى.

المدرسة القيمرية

77 - المدرسة القيمرية بالحريميين. قال ابن شداد: المدرسة القيمرية منشؤها الأمير ناصر الدين الحسين بن علي وقفها على القاضي شمس الدين علي الشهرزوري1 وهو مستمر بها إلى الآن انتهى. وقال الذهبي في عبره سنة خمس وستين وستمائة: والقيمري الإمام مقدم الجيوش ناصر الدين حسين بن عبد العزيز الذي أنشأ المدرسة بسوق الحريميين كان بطلا شجاعا رئيسا عادلا جوادا وهو الذي ملك دمشق للناصر توفي مرابطا بالساحل في شهر ربيع الأول انتهى. وقال في مختصر تاريخ الإسلام في هذه السنة: ومات واقف المدرسة القيمرية مقدم الجيوش ناصر الدين حسين بن عبد العزيز القيمري انتهى. وقال تلميذه ابن كثير في هذه السنة أيضا واقف القيمرية الأمير الكبير ناصر الدين أبو المعالي الحسين بن عبد العزيز بن أبي الفوارس القيمري الكردي كان من أعظم الأمراء مكانة عند الملوك وهو الذي سلم الشام إلى الملك الناصر صاحب حلب حين قتل توران شاه بن الصالح2 أيوب بمصر وهو واقف المدرسة

_ 1 شذرات الذهب 13: 288. 2 شذرات الذهب 5: 22241.

القيمرية عند مئذنة فيروز وعمل على بابها الساعات التي لم يسبق إلى مثلها ولا عمل على شكلها يقال إنه غرم عليها أربعين ألف درهم. وقال الصفدي: حسين بن عبد العزيز أبي الفوارس الأمير ناصر الدين أبو المعالي القيمري صاحب المدرسة القيمرية الكبرى التي بسوق الحريمين كان من أعظم الناس وجاهة وأقطاعا وكان بطلا شجاعا وهو الذي ملك الناصر دمشق وكان أبوه شمس الدين من أجل الأمراء وتوفي مرابطا بالساحل سنة خمس وستين وستمائة وكان الظاهر قد أقطعه أقطاعا جيدا وجعله مقدم العساكر بالساحل فمات به وعمل عزاه بالجامع وان يضاهي الملوك في مركبه وتجمله وغلمانه وحاشيته وقيل إنه غرم على الساعات التي على باب مدرسته ما يزيد على أربعين ألف درهم انتهى. ثم إن واقفها فوض تدريسها الىالقاضي شمس الدين الشهرزوري وإلى أولي الأهلية من ذريته وهو الإمام شمس الدين أبو الحسن علي بن محمود بن علي بن محرز بن علي الشهرزوري الكردي. قال الذهبي: فقيه إمام عارف بالمذهب موصوف بجودة النقل حسن الديانة قوي النفس ذو هيبة ووقار وقد ناب في القضاء على ابن خلطان تكلم بدار العدل بحضرة الملك الظاهر عندما احتاط على الغوطة فقال الماء والكلأ والمرعى لا تملك وكل من بيده ملك فهو له فبهت السلطان لكلامه وانفص الموعد على هذا المعنى وقد وقع نحو هذا الكلام للملك الظاهر من قاضي القضاة الحنفية شمس الدين أبي محمد المعروف بالقاضي عبد الله الأذرعي مدرس المرشدية وهو أول من درس بها وأول من ولي قضاء الحنفية مستقلا بدمشق وأغلظ على السلطان في خطابه حيث قال بدار العدل: اليد لأرباب الأملاك ولايحل لأحد أن ينازعهم في أملاكهم ومن اتحل ما حرم الله فقد كقر فغضب السلطان غضبا شديدا وتغير لونه وقال أنا أكفر انظروا لكم سلطانا غيري وانفض المجلس على وحشة من السلطان فلما كان الليل أرسل السلطان في طلب القاضي فلما دخل عليه قام له وعظمه وخلع عليه ونزل مجبورا معظما لخصت ذلك من شرح الطرسوسي

للمنظومة توفي صاحب الترجمة شمس الدين في شوال سنة خمس وسبعين1 وستمائة وأظن أنه دفن تجاه وجه الشيخ تقي الدين بن الصلاح بالصوفية وتوفي قبله قاضي القضاة شمس الدين الحنفي يوم الجمعة ثاني جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين ودفن بسفح قاسيون ثم درس بهذه المدرسة ولد الشهرزوري الشيخ صلاح الدين محمد. قال ابن كثير في سنة إحدى وثمانين وستمائة: الشيخ صلاح الدين محمد ابن القضاي شمس الدين علي بن محمود بن علي الشهرزوري مدرس القيمرية وابن مدرسها توفي في آخر رجب وتوفي أخوه شرف الدين بعد بشهر انتهى. وقال الصفدي في تاريخه في المحمدين: صلاح الدين مدرس القيمرية محمد بن علي بن محمود أبو عبد الله الشهروزري الشافعي مدرس القيمرية بدمشق وناظرها الشرعي كان شابا نبيها حسن الشكل كريم الأخلاق طيب الكلام ولي تدريسها بعد والده القاضي شمس الدين توفي في إحدى وثمانين وستمائة ودفن إلى جانب والده بتربة الشيخ تقي الدين بن الصلاح ولم تكمل له أربعون سنة ثم درس بها بعده في هذه السنة القاضي بدر الدين ابن جماعة ثم قاضي القضاة شمس الدين بن خلكان وهو أول من جدد في أيامه قاضي القضاة من سائر المذاهب فاستلقوا بالأحكام بعدما كانوا نوابا له وقد مرت ترجمته في المدرسة الأمينية. وقال ابن كثير في سنة سبع وثمانين وستمائة: وفي شهر رمضان توجه الشيخ بدر الدين ابن جماعة إلى خطابة القدس الشريف بعد موت خطيبه قطب الدين فباشر بعده تدريس القيمرية علاء الدين أحمد ابن القاضي تاج الدين ابن بنت الأعز قاضي مصر ثم من بعد ثلاث سنين أخذ ابن جماعة قضاء الديار المصرية عوضا عن ابن بنت الأعز انتهى. وقال في سنة إحدى وتسعين وستمائة: وفي سادس شوال ولي والسلطان الأشرف خليل بن قلاوون نيابة دمشق لعز الدين أيبك الحموي2 عوضا عن الشجاعي علم الدين سنجر وقدم الشجاعي من بلاد الروم في هذا اليوم من عزله فتلقاه الفاروثي وقال: قد عزلنا من

_ 1 شذرات الذهبن 5: 340. 2 ابن كثير 14: 32.

الخطابة فقال الشجاعي: ونحن من النيابة فقال الفاروثي: {عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} الآية فلما بلغ ذلك الوزير ابن السلعوس1 غضب عليه وكان قد عين له القيمرية فترك ذلك وسافر السلطان عاشر شوال إلى مصر انتهى. ثم درس بها عوضا عن علاء الدين أحمد الشيخ الإمام صدر الدين عبد البر ابن قاضي القضاة تقي الدين محمد بن رزين إلى أن توفي في شهر رجب سنة خمس وتسعين وستمائة قاله في العبر. وقال ابن كثير في سنة خمس وتسعين هذه: وفي يوم الأربعاء ثاني شهر رجب درس القاضي إمام الدين بالقيمرية عوضا عن صدر الدين ابن رزين توفي في السنة المذكورة انتهى. وقد مرت ترجمته أي إمام الدين هذا في المدرسة الأمينية. وقال ابن كثير في سنة ست وتسعين وستمائة: ولما كان في جمادى الأولى وصل البريد فأخبر بولاية إمام الدين القزويني القضاء بالشام عوضا عن بدر الدين بن جماعة وإبقاء ابن جماعة على الخطابة وتدريس القيمرية التي كانت بيد إمام الدين وجاءه كتاب السلطان وفيه اترام وإكرام له فدرس بالقيمرية يوم الخميس ثاني شهر رجب ودخل إمام الدين إلى دمشق عقب صلاة الظهر يوم الأربعاء ثامن شهر رجب فجلس بالعادلية وحكم بين الناس انتهى. وقال الذهبي في العبر في سنة سبع وأربعين وسبعمائة: وفيها توفي الشيخ شمس الدين بن الصلاح مدرس القيمرية وفي ذيله لتلميذه السيد شمس الدين الحسيني في هذه السنة وفيها توفي شيخنا شمس الدين محمد ابن الصلاح مدرس القيمرية الشهرزوري انتهى. ثم درس بها قاضي القضاة بهاء الدين أبو البقاء السبكي وقد مرت ترجمته في دار الحديث الدمشقية. ثم ولده قاضي القضاة ولي الدين أبو ذر عبد الله وقد مرت ترجمته في دار الحديث المذكورة ثم درس بها شرف الدين يونس ابن القاضي علاء الدين بن أبي البقاء إلى أن توفي يوم الأربعاء خامس عشرين صفر سنة أربع عشرة وثمانمائة. قال الأسدي في تاريخه: وولي وطائفه وحضر

_ 1 شذرات الذهب 5: 424.

في تدريس العزيزية والقيمرية الشيخ شهاب الدين بن حجي والصدر قاضي القضاة نجم لدين بن حجي ثم تركه لابن خطيب عذرا وأرسل إلى القاضي أن يقرره فيه وتدريس الصارمية شمس الدين الكفيري انتهى. وأعاد بهذه المدرسة الإمام سعد الدين النووي وقد مرت ترجمته في الصالحية المشهورة بتربة أم الصالح. وقال ابن كثير في سنة ثلاث وثلاثين: وفي يوم الأحد رابع عشرين شهر ربيع الأول حضر ابن أخي قاضي القضاة جمال الدين بن جملة محمود إعادة القيميرية نزل له عنها انتهى. قلت: سيف الدين القيميري صاحب المارستان بالجبل كان من جملة الأمراء وأبطالهم المذكورين توفي بنابلس ونقل فدقن بقبته التي بإزاء البيمارستان ذكره الذهبي فيمن مات في سنة ثلاث وخمسين وستمائة.

القيمرية الصغرى

78 - القيمرية الصغرى بالقباقبية العتيقة غربي المقدمية الحنفية وشمالي الحنبلية وهي بين القيمرية الكبيرة المارة التي عند سوق الحريميين وسوق الصناديق وغير القيميرية التي هي بطريق الشبلي التي هي قبلي الحافظية نزل عنها بهاء الدين بن جمال الدين الباعوني سنة اثنتين وتسعين وثمانمائة رحمه الله تعالى عليهم أجمعين.

المدرسة الكروسية

79 - المدرسة الكروسية التي إلى جانب السامرية الشافعية. قال الحافظ ابن كثير في سنة إحدى وأربعين وستمائة واقف الكروسية محمد بن عقيل بن كروس بن جمال الدين محتسب دمشق كان كيسا متواضعا توفي بدمشق في شوال ودفن بداره التي جعلها مدرسة وله دار حديث انتهى. وقال الصفدي في وافيه: المحتسب بن كروس محمد بن عقيل بن عبد الواحد بن أحمد بن حمزة بن كروس المحتسب جمال الدين أبو المكارم السلمي الدمشقي سمع من بهاء الدين بن عساكر وابن حيوس وكان رئيسا محتشما قيما بالحسبة وتوفي سنة

المدرسة الكلاسة

إحدى وأربعين وستمائة انتهى وقال الصفدي أيضا محمد بن عمر الشيخ نجم الدين ابن الشيخ نجم الدين بن أبي الطيب وكيل بيت المال بدمشق كان قد تزوج بنت القضي محيي الدين بن فضل الله فحصل لما توجه القاضي محيي الدين إلى كتابة السر بالديار المصرية كل خير وولي الوظائف الكبار مثل نظر الخزانة بقلعة دمشق ووكالة بيت المال وكان بيده نظر الرباع السلطانية وتدريس المدرسة الكروسية وسوف يأتي إن شاء الله تعالى في ترجمة والده عمر بن أبي القاسم في حرف العين التنبيه على تسمية بيتهم يعني أبا الطيب وأم نجم الدين هذا بنت شمس الدين ابن القاضي نجم الدين أبي بكر محمد ابن قاضي القضاة بدمشق وكان وليها بعد عزل القاضي علاء الدين بن علي القلانسي لما غضب عليه الأمير سيف الدين تنكز وعزله عن وطائفه وكان وليها بعد الشيخ كمال الدين بن الزملكاني ووليها بعد ابن الشريشي المذكور ووليها بعد نجم الدين عمر والد نجم الدين المذكور وكان نجم الدين المذكور شافعي المذهب حسن الشكل تام الخلق له تودد وملقى حسن توفي في جمرة ظهرت بوجهه في يومين وكانت وفاته في رابع شعبان سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة وكان حفظ الأخبار في أهل عصره وتواريخهم ووقائعهم لا يدانيه أحد في ذلك واعترف له بذلك القاضي شهاب الدين بن فضل الله 80 - المدرسة الكلاسة لصيق الجامع الأموي من شمالي ولها باب إليه عمرها نور الدين الشهيد في سنة خمس وخمسين وخمسمائة وأحرقت هي ومئذنة العروس في المحرم سنة سبعين وخمسمائة وسميت هذا الإسم لأنها كانت موضع عمل الكلس أيام بناء الجامع وجعلت زيادة لما ضاق الجامع بالناس وفي تاسع عشر شهر ربيع الأول ملك صلاح الدين بن أيوب دمشق فأمر بتجديد عمارة الكلاسة في سنة

خمس وسبعين وخمسمائة على يد الحاجب أبي الفتح عرف بابن العميد وأول من صلى الله عليه وآله وسلم بها أبو جعفر القرطبي1 ولم تزل الإمامة في يده ويد أولاده إلى سنة ثلاث وأربعين وستمائة فانقرضوا ولم يبق لهم عقب. ثم تولي إمامتها في الأيام الصالحية النجمية الشيخ أحمد بن محمد بن الخلاطي الصوفي ولم يزل بها إلى أن توفي سنة إحدى وسبعين وستمائة وتوفي بها بعده ولده وهو مستمر بها إلى الآن وجدد المرحوم جمال الدين بن يغمور في أيامه بركة الكلاسة وبلط دهليزها وأرض البركة في سنة سبع وأربعين وستمائة قال ذلك ابن شداد. وقال ابن قاضي شهبة في ذيلة في شهر رمضان سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة: وفيه شرع في تعزيل التراب من المدرسة الكلاسة من الإيوان الشرقي وسبب ذلك أن النائب جقمق2 فتح لتربته شبابيك إلى الكلاسة من الإيوان فأراد عمارتها فطلب العامل على المدرسة المذكورة وسال عن مالها فقال أخذه المدرس والناظر وبعض الفقهاء فحسب ما أخذه فكان أزيد من خمسة آلاف فرسم بأن تسترجع ويعمر بها فقيل له إن هذا الوقف ليس هو وقف الكلاسة وإنما هو وقف على من درس بها فلم يسمع ورسم على تقي الدين صهر الغزي شهاب الدين المدرس والعامل بدار السعادة أكثر من شهر ثم أطلقا على أن يشرعا في العمارة انتهى. وذكر قبل ذلك نحو صفحة حكاية عن المجادلي إمام الكلاسة وما قال في حق الغزي وما جرى له بسببه. ودرس بها الكمال بن الحرستاني وقد مرت ترجمه في المدرسة الأكزية. ثم درس بها قاضي القضا بهاء الدين ابن الزكي وقد مرت ترجمته في المدرسة التقوية ورتب مدرسا بها عن بني الزكي. قال المعتمدي: محمد بن إبراهيم الصفدي ثم الدمشقي المصري الشيخ الإمام الفقيه المحصل العالم البارع المتصوف شمس الدين قدم من بلاده فانزله الشيخ زين الدين بن المرحل في بيته الشامية ثم تنزل فقيها بالمدرسة وحفظ كتاب الشيخ زين الدين الذي ألفه في الأصول واشتغل وحصل ثم أذن له بالفتوى مدرس الشامية ابن خطيب يبرود

_ 1 شذرات الذهب 4: 323. 2 شذرات الذهب 7: 164.

وكتب له إجازة بخطه وصحب القاضي تاج الدين وكان يطريه ويمدحه وقال ابن حجي: وكان مع دخوله في الفقهاء ومزاحمتهم في الوظائف سالكا مسلك طريق الفقهر وولي إمامة الطواويس وكان له هناك وقت للذكر ورتب له شيء على الجامع وطالع هو ووالدي كتاب النهاية في الفقه ورتب مدرسا بالكلاسة عن بني الزكي ثم سافر إلى مصر توفي في يوم عشرين جمادى الآخرة سنة تسع وثمانين وسبعمائة وقد جاوز السبعين ثم درس بها مدة قاضي القضاة عز الدين أبو المفاخر محمد بن شرف الدين عبد القادر ابن عفيف الدين عبد الخالق بن خليل الأنصاري الدمشقي ولي قضاء القضاء بدمشق مرتين عزل به شمس الدين بن خلكان ثم عزل بابن خلكان بعد سبع سنين قم عزل ابن خلكان به ثانية ثم عزل هو وسجن وولي بعده بهاء الدين بن الزكي وبقي معزولا إلى أن توفي ببستانه في تاسع شهر ربيع الأول سنة ثلاث وثمانين وستمائة بسوق الخيل ثم دفن بسفح فاسيون وكان مولده سنة ثمان وعشرين وستمائة وكان مشكور السيرة له عقل وتدبير واعتقاد كثير في الصالحين وقد سمع الحديث وخرج له ابن بلبان مشيخة قرأها ابن جعوان1 عليه ثم درس بهذه المدرسة بعده ابنه محيي الدين أحمد وتوفي بعده في يوم الأربعاء ثامن شهر رجب قاله ابن كثير ملخصا في السنة المذكورة: ثم درس بها الإمام جمال الدين بن الرهاوي في سن إحدى وخمسين انتزعها من محيي الدين بن الزكي. ثم ولي نظر الجامع في سنة إحدى وستين شهرا واحدا ثم وكالة بيت المال في ذي القعدة سنة أربع وستين ثم عزل وقد مرت ترجمته في المدرسة الشامية البرانية. ثم درس بها العلامة شمس الدين الصرخدي وقد مرت ترجمته في المدرسة التقوية: الشيخ تقي الدين الأسدي في ثالث ذي القعدة سنة خمس وثلاثين وثمانمائة ويومئذ خضر رضي الدين محمد ابن الشيخ الإمام شهاب الدين الغزي مدرس الكلاسة وكان بيد والده ودرس جيدا وله طلب وفضل ونشأ على طريقة حسنة غير أنه

_ 1 شذرات الذهب 5: 444.

يلثغ في حروف يبدلها بغيرها. وقال أيضا في شهر ربيع الأول سنة سبع وأربعين: ويوم الأربعاء تاسع عشرة حضر الفقيه رضي الدين ابن الشيخ شهاب الدين الغزي الشافعي بالكلاسة وحضرت أنا عنده والقاضي جمال الدين الباعوني وجمع من الفقهاء وكان قد سافر إلى مصر مع القاضي الونائي للشهادة على السراج الحمصي بما التمسه من مال البيمارستان فولاه القاضي كاتب السر بمصر كمال الدين البارزي تصديرا جدده له بالكلاسة ورتب له كل شهر مائة وخمسين درهما انتهى. فائدتان: درس بها نيابة الشيخ علاء الدين الحبكي وقد مرت ترجمته في المدرسة الفلكية وجلس للتحديث بها شيخ الإسلام تقي الدين السبكي فقرا عليه الحافظ تقي الدين أبو الفتح السبكي جميع معجمه الذي خرج له الحافظ شهاب الدين بن أيبك الدمياطي وسمع عليه خلائق منهم الحافظان أبو الحجاج المزي وأبو عبد الله الذهبي وذكره في المعجم المختص وأطال فيه إلى أن قال: سمعت منه وسمع مني وحكم بالشام حمدت أحكامه فالله تعالى يؤيده ويسدده سمعنا معجمه بالكلاسة وقد مرت ترجمته في المدرسة الأتابكية. تنبيه: الحلقة الكوثرية تجاه شبك الكلاسة تحت مئذنة العروس بالجامع الأموي وقفها الشهيد نور الدين على صبيان صغار وأيتام يقرءون في كل ليلة بعد العصر ثلاث مرات {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ويهدون ثوابها للواقف ولهم على ذلك مرتب يتناولونه من ديوان السبع الكبير يعني السبع الذي هو بالجامع المذكور الذي ذكره وإن عدة من فيه يومئذ على ما استقر عليه الحال ثلاثمائة واربعة وخمسون نفرا والله سبحانه وتعالى أعلم.

المدرسة المجاهدية الجوانية

81 - المدرسة المجاهدية الجوانية. بالقرب من باب الخواصين واقفها الأمير الكبير مجاهد الدين أبو الفوارس بزان بن يامين بن علي بن محمد الجلالي الكردي أحد مقدمي الجيش

بالشام في دولة نور الدين وقبلة وناب بصرخد. ولم يذكر ابن شداد اسمه ولا ترجمته هنا في كتابه الأعلاق وذكره في كلامه على مساجد جمشق حيث قال: مسجد في مدرسة بزان بن يامين الكردي المعروف بمجاهد الذين التي كانت دار الشريف القاضي أبي الحسن علي وفي كلامه على كورة حوران حيث قال: ولما فتح معين الدين1 صرخد وبصري وسلم صرخد للأمير مجاهد الدين بزان بن يامين الكردي وسلم بصرى إلى حاجبه فارس الدولة صرخك فأقام مجاهد الدين في صرخد إلى أن توفي ليلة الجمعة ثاني صفر سنة خمس وخمسين وخمسمائة وتسلمها ولده سيف الدين محمد فلما ملك الملك العادل نور الدين محمود دمشق أخذها منه إلى آخر كلامه وفي كلامه أن بانيها مجاهد الدين قليج بن شمس الدين محمود انتهى. وهو عجب فإنه إنما ذكر ذلك في المجاهدية القليجيبة ورأيت في الروضتين لأبي شامة ما صورته ثم دخلت سنة خمس وخمسين قال الرئيس أبو يعلى - يعني القلانسي - في صفر توفي الأمير مجاهد الدين بزان بن يامين أحد مقدمي أمراء الأكراد وهو من ذوي الوجاهة في الدةل موصوف بالشجاعة والبسالة والسماحة مثابر على بث الصلات والصدقات في المساكين والضعفاء والفقراء مع الزمان في كل عصر يمضي وأوان جميل المحيا حسن البشر في اللقاء وحل من داره بباب الفراديس إلى الجامع للصلاة عليه ثم إلى المدرسة المشهورة باسمه يعني المجاهدية التي عند باب الفراديس فدفن فيها في اليوم يعني وفي الصفة الشامية ولم يخل من باك عليه ومرث له ومتأسف على فقده لجميل فعاله وحميد خلاله. قلت: وله أوقاف على أبواب البر منها المدرستان المنسوبتان إليه إحداهما التي دفن بها وهي لصيق باب الفراديس المجدد والأخرى قبالة باب دار سيف الغزي في صف مدرسة نور الدين رحمه الله تعالى وله وقف على من يقرأ السبع كل يوم بمقصورة الخضر بجامع دمشق وغير ذلك وقد مدحه

_ 1 شذرات الذهب 4:

عرقلة1 الدمشقي الشاعر وغيره انتهى كلان أبي شامة رحمه الله تعالى. وقال الذهبي في مختصر الإسلام في سنة خمس وخمسين وخمسمائة: وفيها مات الأمير مجاهد الدين بزان واقف المجاهدية بدمشق انتهى. وفي غيره وأوصى إلى القاضي زكي الدين بن الزكي وجعل النظر لعقبه على أوقافه كلها وأوصى أن يحج عنه بثلاثين دينارا واليه ينسب السبع المجاهدي بالجامع بمقصورة الخضر داخل باب الزيادة. وقال صلاح الدين بزان بن يامين الأمير مجاهد الدين الكردي أحد الموصوفين بالشجاعة والرأي والسماحة والصدقات والصلات توفي رحمه الله تعالى سنة خمس وخمسين وخمسمائة انتهى. ومن وقفها طاحون اللوان بأواخر المزة والديروسية. قال ابن شداد: أول من درس بها قطب الدين النيسابوري. ثم ولها بعده الفقيه أبو الفتح نصر الله المصيصي وتوفي بها وعادت إلى قطب الدين النيسابوري عند عوده من العجم المرة الثانية ووليها القاضي شمس الدين يحيى بن هبة الله بن سي الدولة ثم من بعده عماد الدين ابن الحرستاني ثم ولده محيي الدين الخطيب الآن بدمشق ثم أخذت منه في سنة تسع وستين وستمائة ووليها تاج الدين عبد الرحمن الفقيه المفتي وهو مسمر بها إلى الآن انتهى. قلت: أول من درس بها قاضي القضاة منتجب الدين أبو المعالي محمد ابن قاضي القضاة أبي الفضل يحيى بن علي بن عبد العزيز القرشي وقد ولد في أوائل سنة سبع وستين وأربعمائة وتفقه على الشيخ نصر المقدسي وناب عن والده في القضاء لما حج أبوه في سنة عشر ثم استقل بالقضاء لما كبر أبوه وبعد موته ودرس في هذه المدرسة ثم ولاه الواقف على النظر والتدريس توفي في شهر ربيع الأول سنة سبع وثلاثين وخمسمائة ودفن عند والده بمسجد القدم قال الشيخ تقي الدين ودرس بها بعده فيما أظن ولده قاضي القضاة زكي الدين أبو الحسن علي2 وقد ولي قضاء دمشق ثم استعفي منه في سنة خمس وخمسين فأعفي وذهب إلى العراق قال الذهبي:

_ 1 شذرات الذهب 4: 220. 2 شذرات الذهب 4: 213.

وكان فقيها خيرا دينا محمود [السيرة] توفي ببغداد في شوال سنة أربع وستين وخمسمائة ومولده سنة سبع وخمسمائة ودرس بها العلامة ثطب الدين النيسابوري لما قدم إلى دمشق في المرة الأولى سنة أربعين وخمسمائة ثم درس بالزاوية الغزالية بعد موت الشيخ نصر الله المصيصي في سنة اثنتين وأربعين وقد مرت ترجمة العلامة قطب الدين في المدرسة الأمينية. قال الأسدي: وأظنه انتزع هذه المدرسة من القاضي زكي الدين ثم لما سافر قطب الدين استعادها القاضي زكي الدين ثم بعد سفره إلى العراق درس بها الخطيب ابن عبد وقد مرت ترجمته في المدرسة العمادية ثم درس بها جمال الأئمة أبو القاسم ابن المانح إما أنه انتزعها من الخطيب ابن عبد أو أنه درس بها بعد وفاته أياما وقد مرت ترجمته في المدرسة الأمينية ثم درس بها أبو الفضائل ابن رستم وقد مرت ترجمته في الغزالية ثم درس بها الخطي بن الحرستاني وقد مرت ترجمته في الغزالية أيضا ثم درس بها مدة ثم تركها مفتي الإسلام تاج الدين الفزاري وقد مرت ترجمته في دار الحديث النورية ثم درس بها قاضي القضاة بهاء الدين بن الزكي وقد مرت ترجمته في المدرسة التقوية ثم درس بها نيابة العالم العلامة علاء الدين الحبكي وقد مرت ترجمته في المدرسة الفلكية ثم درس بها أيضا نيابة القاضي جمال الدين بن قاضي شهبة وقد مرت ترجمته في المدرسة العصرونية. قال الشيخ تقي الدين بن قاضي في ذيله في شهر ربيع الأول سنة ست وعشرين وثمانمائة ومن خه نقلت: وفي يوم الأحد سادس عشرة درست بالمدرسة المجاهدية وحضر عندي فقهاء الشافعية وكنت قد وليت التدريس من سنين وكانت المدرسة خرابا فلما تماثل أمرها باشرت التدريس المذكور انتهى. ثم قال في صفر سنة تسع وأربعين: وفي يوم الأحد ثامنه درس الولد بدر الدين أبو الفضل بالمدرسة المجاهدية نزلت له عنه وكان التدريس المذكور بيدي أكثر من ثلاثين سنة انتهى ثم تولاها ولده الزيني عبد القادر. ثم نزل عنها لشيخنا قطب الدين الخيضري. ثم نزل عنها لبرهان الدين بن المعتمد ولزين الدين

الطرابلسي ثم مات الطرابلسي وأخذ نصفه عنه أخوه أظنه بنزول منه ثم نزل عن ذلك النصف لابن احماي شمس الدين الكفرسوسي ثم نزلعنه للشريف الموقع الحلبي ثم الدمشقي نائب كاتب السر بدمشق واستمر النصف بيد البرهان بن المعتمد إلى أن توفي. ثم صار للشريف المشار إليه وقد أخبرني عن ميلاده أنه سنة خمسين وثمانمائة انتهى.

المدرسة المجاهدية البرانية

82 - المدرسة المجاهدية البرانية بين بأبي الفراديس واقفها الأمير مجاهد الدين وقد مرت ترجمته في المدرسة التي قبلها وبها دفن. قال ابن شداد: والذي تحقق ممن وليها من المدرسين شمس الدين عبد الكافي ومن بعده تاج الدين أبو بكر الشحروري ثم من بعده تاج الدين المراغي من أصحاب الشيخ البادرائي وهو مستمر بها إلى الآن انتهى ملخصا.

المدرسة المسرورية

83 - المدرسة المسرورية قال ابن شداد: بباب البريد أنشأها الطواشي شمس الدين الخواص مسرور وكان من خدام الخلفاء المصريين وهو صاحب خان مسرور بالقاهرة انتهى. وقال الشيخ تقي الدين الأسدي: ورأيت بخط شيخنا أنها منسوبة إلى الأمير فخر الدين مسرور الملكي الناصري العادلي وقفها عليه شبل الدولة كافور الحسامي1 واقف الشبلية ووقفت على كتابها الثاني الذي زاد فيه زيادات على الواقف الأول تاريخه سابع صفر سنة أربع وستمائة وهو متصل الثبوت بالقاضي الدمشقيي بقاض بعد قاض إلى آخر وقت وأول من درس بهذه المدرسة بشرط الواقف الفقه العالم ناصح الدين أو الحسن علي ابن مرتفع بن أفتكين الجميزي المصري الدمشقي العدلي وشرط الواقف أن له أن يباشر ذلك بنفسه ويستنيب فيه من أراد ممن هو أهل لذلك لما

_ 1 شذرات الذهب 5: 109.

علم من دينه وأهليته للتدريس بها واستجماع شرائط الواقف وجعل التدريس فيها لذريته إذا كان فيهم من هو أهل قال ولا أعلم وقت وفاته وولي النظر بعده ولده العدل جما الدين يوسف إلى أن توفي في خامس صفر سنة تسع وخمسين وستمائة ودفن على أبيه بالجبل ذكره الكتبي ودرس بها بعد الشيخ ناصح الدين فيما أظن ولده الصدر ركن الدين يونس إلى أن توفي في سنة ثلاثة وتسعين وستمائة ذكره الكتبي أيضا انتهى ورأيت ابن شداد قال أول من درس بها شيخ الإسلام ثم من بعده ولده شهاب الدين ثم من بعده ناصح الديت علي بن مرتفع بن أفتكين ثم من بعده ولده ركن الدين يونس وهو مستمر بها إلى الآن انتهى ثم درس بها بعده القاضي جلال الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن عمر العجلي القزويني الدمشقي عوضا عن ركن الدين بن أفتكين قال ابن كثير في سنة ثلاث وتسعين وفي اليوم الثاني والعشرين من شعبان درس بالمسرورية القاضي جلالالدين القزويني أخو إمام الدين وحضر أخوه وقاضي القضاة شهاب الدين بن الخويي والشيخ تقي الدين بن تيمية وكان درسا حافلا انتهى واستمر بها إلى أن توفي في جمادى الأولى سنة تسع وثلاثين وسبعمائة بدمشق ثم درس به الشيخ كمال الدين بن الزملكاني في شهر رجب سنة أربع وعشرين لما ولي القاضي جلال الدين القضاء وقد مرت ترجمة الشيخ كمال الدين المذكور في دار الحديث الأشرفية الدمشقية ثم درس بها بعد سفره إلى حلب القاضي حسام الدين القرمي وقد مرت ترجمته في دار الحديث الناصرية ثم درس بها الشيخ جمال الدين بن الشريشي قايض القاضي حسام الدين منها إلى الناصرية البرانية وقد مرت ترجمة الشيخ جمال الدين هذا فيها ثم درس بها تقي الدين عبد الرحمت ابن الشيخ كمال الدين بن الزملكاني وفي يوم الأحد ثاني عشر صفر سنة ثمان وعشرين بحكم انتقال الشيخ جمال الدين إلى قضاء حمص وحضر الناس عنده وترحموا على والده كمال الدين الزملكاني واستمر بها إلى أن توفي في صفر سنة تسع وثلاثين وسبعمائة ثم درس بها الخطيب جمال الدين بن جملة وقد

مرت ترجمته في المدرسة الظاهرية البرانية ثم تركخا للشيخ تاج الدين المراكشي ويحتمل أنه لما ولي هذا الخطابة سنة تسع وأربعين ثم درس بها الشيخ تاج الدين هذا بعد وفاة الشيخ تقي الدين بن الزملكاني قال الأسدي فيما أظن ثم غنه أعرض عنها وقال وجدت في شرطك واقف المسرورية أن يعرف الخلاف وأنا لا أعرفه قال الأسدي قال شيخنا قال لي والدي والذي زهده في التدريس بالمسرورية الشيخ شمس الدين القونوي الحنفي وكان صاحبه انتهى والشيخ تاج الدين المذكور وهو محمد بن إبراهيم بن يوسف بن حامد المراكشي ميلادخ سنة إحدى وقيل ثلاث وسبعمائة واشتغل بالقاهرة على الشيخ علاء الدين القونوي وغيره من مشايخ العصر وأخذ النحو عن أبي حيان وتفنن بالعلوم وسمع بالقاهرة وبدمشق من جماعة وأعاد بقية الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه وكان ضيق الخلق لا يجابي أحدا ولا يتحاشى من أحد فآذاه لذلك القاضي جلال الدين القزويني أول دخول القاهرة فلم يرجع فشاور عليه السلطان فرسم بإخراجه من القاهرة الى الشام مرسما عليه قال الصفدي أظن ذلك في اواخر سنة سبع وثلاثين فورد دمشق وأقام بها ودرس بالمسرورية مدة يسيرة ثم أعرض عنها تزهدا قال الأسنوي حصل علوما عديدة أكثرها بالسماع لأنه كان ضعيف النظر مقاربا للعمى وكان ذكيا غير أنه كان عجولا محتقرا للناس كثير الوقيعة فيهم ولما قدم دمشق أقبل على الاشتغال والاشغال وسماع الحديث وولي تدريس المسرورية ثم انقطع قبل موته بنحو سنة في دار الحديث وترك التدريس الذي له واقبل على التلاوة والنظر في العلوم إلى أن توفي فجأة في جمادى الآخرة سنة إخدى وقيل اثنتين وخمسين وسبعمائة ثم درس بها بعده قاضي القضاة تقي الدين السبكي في أول سنة إحدى وخمسين بعد إعراض الشيخ تاج الدين عنها واعترافه بأنه لا يعرف أحدا يعلم علم الخلاف غير القاضي تقي الدين المذكور وقد مرت ترجمته في دار الحديث الأشرفية ثم درس بها بنزوله ولده قاضي

المدرسة المنكلائية

القضاة تاج الدين عبد الوهاب وقد مرت ترجمته في دار الحديث الأشرفية الدمشقية ثم درس بها الشيخ شمس الدين بن خطيب يبرود وقد مرت ترجمته في المدرسة الدماغية ثم درس بها قاضي القضاة جمال الدين الرهاوي نزل له عنها الشيخ شمس الدين بن خطيب يبرود وكان تدريس القاضي جمال الدين بها في ذي القعدة سنة ستين وقد مرت ترجمته في المدرسة الشامية البرانية ثم درس بها الشيخ شهاب الدين الزهروي بعد وفاة الرهاوي وقد مرت ترجمة الشيخ شهاب الدين في المدرسة العادلية الصغرى ثم درس بها الشيخ زين الدين عمر بن مسلم بن سعيد القرشي في المحرم سنة ثمان وسبعين وسبعمائة واستمر في يديه إلى أن توفي في ذي الحجة سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة ثم درس بها بعد وفاته الشرف عيسى بن عثمان الغزي إلى أن توفي قال الشيخ تقي الدين بن قاضي شهبة في الذيل في شهر ربيع الأول سنة ثمان وثلاثين حضر الناس الدرس وحض العذراوية والعزيرية والمسرورية وكنت قد تلقيت تدريسها ونظرها عن السيد شهاب الدين ابن نثيب الأشراف أيام عضب المؤيد عليه وحكم باستحقاقها فلما رضي المؤيد عليه استولى عليهما ثم لما جرت أمور إلى أن قدر عود التدريس إلي في هذا الوقت انتهى والظاهر أنه أراد هذه المدرسة 84 - المدرسة المنكلائية قال الصفدي في حرف السين المهملة في ترجمة سنجر الأمير الكبير علم الدين الشجاعي المنصوري ما عبارته: وكان قد ربي أولا بدمشق عند إمرأة تعرف بست قجاجوار المدرسة النكلائية انتهى.

المدرسة الناصرية الجوانية

85 - المدرسة الناصرية الجوانية داخل باب الفراديس شمالي الجامع الأموي والرواحية بشرق وغربي بشمال وشرقي القيمرية الصغرى والمقدمية الجوانية إنشاء الملك الناصر

يوسف بن صلاح الدين الدين يوسف بن أيوب وقد مرت ترجمته في دار الحديث الناصرية وتعرف بالناصرية البرانية قال ابن شداد وكانت هذه المدرسة تعرف بدار الزكي المعظم وفرغ من عمارتها في اواخر سنة ثلاث وخمسين وستمائة أول من درس بها قاضي القضاة صدر الدين بن سني الدولة ومن بعده وله نجم الدين ثم القاضي شمس الدين بن خلكان ثم من بعده الشيخ رشيد الدين الفارقي وهو مستمر بها إلى الآن انتهى قلت وكان شروع قاضي القضاة صدر الدين بن سني الدولة في تدريسها في سابع المحرم سنة أربع وخمسين بحضرة الواقف وحضرة الأمراء والدوادار نجم الدين البادرائي وأعيان الشام قال ابن كثير وجمهور أهل الحل والعقد بدمشق وقد مرت ترجمته في المدرسة الإقبالية ثم درس بها بعده أشهرا قاضي القضاة محيي الدين يحيى ابن قاضي القضاة محيي الدين محمد بن الزكي في سنة ثمان وخمسين وستمائة ثم ذهب إلى مصر وتوفي بها في شهر رجب سنة ثمان وستين وستمائة ثم وليها بعده القاضي نجم الدين أبو بكر محمد ابن قاضي القضاة صدر الدين بن سني الدولة في ذي القعدة سنة ثمان وخمسين إلى ذي القعدة في سنة تسع وستين وقد مرت ترجمته في المدرسة الأمينية ثم درس بها بعده الشيخ رشيد الدين الفارقي سنة تسع وستين وهي سنة قسم الوظائف بين الفقهاء فباشرها نحو سبع سنين إلى سنة سبع وستين وستمائة وقد مرت ترجمته في المدرسة الظاهرية الجوانية وقال ابن كثير في تاريخه في سنة تسعين وستمائة وفيها أثبت ابن الخويي محضرا يتضمن أن يكون تدريس الناصرية للقاضي الشافعي وانتزعها من زيد الدين الفارقي انتهى وقال في سنة تسعين وفيه أعيدت الناصرية إلى الفارقي انتهى وقال ابن كثير في سنة ثلاث وتسعين وستمائة وفي يوم الأربعاء ثاني ذي القعدة درس بالغزالية شرف الدين الخطيب المقدسي عوضا عن قاضي القضاة شهاب الدين بن الخويي توفي وترك الشامية البرانية إلى أن قال وباشر تدريس الشامية عوضا عن شرف الدين المقدسي الشيخ زين الدين

الفارقي وانتزعت من يديه الناصرية فدرس بها ابن جماعة وبالعادلية في العشرين من ذي الحجة انتهى وقال ابن كثير في سنة ست وتسعين وستمائة وفي ثاني عشرين المحرم خرج السلطان الملك العاجل كتبغا بالعساكر من دمشق بكرة النهار وخرج بعده الوزير وهو فخر الدين الخليلي فاجتاز بدار الحديث الأشرفية وزار الأثر النبوي بها وخرج إليها زين الدين الفارقي وشافهه بتدريس النصارية أي بعد عزل ابن جماعة وترك زين الدين تدريس الشامية البرانية فوليها القاضي كمال الدين بن الشريشي وذكر أن الوزير أعطى الشيخ شيئا من حطام الدنيا فقبله وكذلك أعطى خادم الأثر النبوي على صاحبخ ألف ألف صلاة وألف وألف سلام وهو المعين خطاب وخرج الأعيان والقضاة مع الوزير لتوديعه ووقع في هذا اليوم مطر جيد استشفى الناس به وغسل آثار العساكر من الأوساخ وغيرها ثم قال فيها ودرس الشيخ زين الدين المذكور بالناصرية الجوانية عوضا عن القاضي بدر الدين بن جماعة في يوم الأربعاء آخر يوم من المحرم الحرام ثم قال فيها في شعبان وأعيدت الشامية البرانية إلى الشيخ زين الدين مع النصارية بسبب غيبة كمال الدين بن الشريشي بالقاهرة ثم قال فيها في ذي القعدة منها وقدم الشيخ كمال الدين بن الشريشي ومعه توقيع بتدريس الناصرية عوضا عن الشامية البرانية وقال في سنة سبعمائة وكان الشيخ زين الدين الفارقي قد درس بالناصرية لغيبة مدرسها وهو كمال الدين ابن الشريشي بالكرك هاربا يعني من التتار قم عاد إليها في شهر رمضان انتهى وقال في سنة إحدى وسبعمائة وفي نصف شهر ربيع الآخر حضر القاضي بدر الدين بن جماعة تدريس الناصرية الجوانية عوضا عن كمال الدين ابن الشريشي وذلك أنه ثبت محضر أنها لقاضي الشافعية بدمشق فانتزعها من يد ابن الشريشي انتهى وقال فيها وأعيدت الناصرية إلى أن الشريشي ودرس بها يوم الأربعاء الرابع عشر من جمادى الآخرة انتهى وقال في سنة ثلاث وسبعمائة فلما توفي الشيخ زين الدين الفارقي كان نائب السلطنة في

نواحي البلقاء فلما تكلموا معه حين قدم فيه وظائفه عين الشامية البرانية ودار الحديث للشيخ كمال الدين بن الشريشي إلى أن قال وأخذ منه أي من كمال الدين المذكور الناصرية الشيخ كمال الدين ابن الزملكاني إلى أن قال فلما كان بكرة يوم الإثنين ثاني عشرين شهر ربيع الأول وصل البريد من مصر صحبة الشيخ صدر الدين بن الوكيل والشيخ كمال الدين بن الزملكاني في دار الحديث الأشرفية الدمشقية وقال ابن كثير في سنة تسع عشرة وسبعمائة وفي يوم الأربعاء خامس صفر درس بالناصرية الجوانية النجم بن صصري عوضا عن ابن الشريشي أيضا وحضر عنده الناس على العادة انتهى وقد مرت ترجمة النجم هذا في المدرسة الأتابكية وفي رابع شهر ربيع الآخر درس بالناصرية الجوانية الشيخ كمال الدين بن الشيرازي بتوقيع سلطاني واخذها من ابن صصري وباشرها إلى أن توفي وقد مرت ترجمة الشيخ كمال الدين هذا في المدرسة البادرائية وقال ابن كثير في سنة ست وثلاثين وفي يوم الأربعاء عاشر جمادى الأولى درس بالناصرية الجوانية نور الدين الأردبيلي عوضا عن كمال الدين الشيرازي لما توفي وحضر عنده القضاة انتهى ونحو رأيت بخط البرزالي في تاريخه وفي العبر للذهبي وقد مرت ترجمة نور الدين هذا في المدرسة الجاروخية ثم درس بها القاضي ناص الدين بن يعقوب وقد مرت ترجمته في المدرسة الشامية الجوانية ثم درس بها القاضي أيمن الدين بن القلانسي لما سافر القاضي ناصر الدين إلى وظيفة كتابة السر بحلب ثم درس بها ناصر الدين لما عاد على جهاته في سنة اثنتين وستين وسبعمائة وقد مرت ترجمة القاضي أمين الدين هذا في المدرسة الشامية الجوانية أيضا ثم درس بها بعده سنة تاريخه قاضي القضاة بهاء الدين أبو حامد أحمد بن السبكي وقد مرت ترجمته في المدرسة العادلية الكبرى ثم درس بها بعده أخوه العلامة قاضي القضاة تاج الدين أبو نصر عبد الوهاب وقد مرت ترجمته في دار الحديث الأشرفية الدمشقية ثم درس بها الإمام جمال الدين بن الرهاوي وقد مرت ترجمته في المدرسة الشامية البرانية ثم انتزعها منه القاضي شمس الدين

الغزي في ربيع الأول سنة اثنتين وسبعين والقاضي شمس الدين هذا هو الإمام العلامة أبو عبد الله محمد بن خلف بن كامل بن عطاء الله الغزي ثم الدمشقي ميلاده سنة ست عشرة وسبعمائة بغزة وقدم دمشق واشتغل بها ثم رجل إلى القاضي شرف الدين البارزي فتفقه عليه وأذن له بالإفتاء ثم عاد إلى دمشق وجد اجتهد وسمع الحديث ودرس وأعاد وناب للقاضي تاج الدين بن السبكي وترك له تدريس الناصرية هذه وقد كان في محنة القاضي تاج الدين المذكور قام قياما عظيما وخانق عنه وأخذ البلقيني منه تدريس الناصرية هذه ثم استعادها منه بمرسوم السلطان توفي في شهر رجب سنة سبعين وسبعمائة ودفن بتربته السبكيين ثم درس بها بعد وفاته العلامة شمس الدين بن خطيب يبرود دون سنة تركها لما ولي تدريس الشامية البرانية وقد مرت ترجمته في المدرسة الدماغية ثم ولي تدريسها قاضي القضاة بهاء الدين أبو البقاء بن السبكي مع قضاء الشام ثاني مرة وقد مرت ترجمته في دار الحديث الأشرفية الدمشقية ثم ولي تدريسها العلامة زين الدين الملحي ثم درس بها مع القضاء ولي الدين أبو ذر عبد الله ولد القاضي بهاء الدين أبي البقاء المذكور وقد مرت ترجمته وترجمة الشيخ زين الدين في دار الحديث المذكورة ثم تركها القاضي ولي الدين هذا للمفنن فتح الدين بن الشهيد وقد مرت ترجمته في المدرسة الظاهرية الجوانية وقد مر في المدرسة الأمجدية أن تدريس هذه المدرسة ونظرها تولاهما السيد ناصر الدين محمد ابن نقيب الأشراف ثم وليهما بعد موته أخوه شهاب أحمد وقد تقدمت ترجمة الإثنين هناك ثم قاضي القضاة شهاب الدين الحسباني بعد عزله من القضاء أخذ من السلطان الخليفة نصف الناصرية عوضا عن ابن نقيب الأشراف فوقف لنوروز نائب الشام بسببها فرسم بردها إليه فلم يمكن الحسباني منها كذلك ذكره ابن قاضي شهبة في يوم الأحد سادس عشر شهر ربيع الأول سنة خمس عشرة وثمانمائة ثم قال في شوال سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة وفي يوم الأحد سادس عشريه درس قاضي القضا الشافعي يعني نجم الدين بن حجي بالمدرسة

الشامية الجوانية وبالغزالية ثم درس بالظاهرية والركنية والناصرية وجعل يوم الأحد للأوليتين ويوم الأربعاء بين الثلاث وقد كان له مدة طويلة لم يحضر درسا انتهى وقد مرت ترجمته في المدرسة الركنية ثم درس بها شيخنا شيخ الشام شمس الدين البلاطنسي ثم شيخنا شيخ الإسلام بدر الدين بن قاضي شهبة ثم شيخنا العلامة المفنن نجم الدين بن محمد ولي الدين بن قاضي عجلون ودرس في المنهاج وفي باب الرهن ثم بعده أخوه الشيخ تقي الدين أبو بكر القاضي ثم القاضي محيي الدين يحيى بن أحمد بن غازي زوج أخت ناظرها قاضي الحنفية ابن قاضي عجلون ودرس في أول خطبة المنهاج ثم لما مات الحنفي المذكور أخذ النظر من السلطان نقيبه إسماعيل الناصري وجرى له أمور ولم يعط لأحد بها معلوم ثم في سنة خمس وتسعمائة نزل لقاضي القضاة الشافعية شهاب الدين أحمد بن شرف الدين محمود بن جمال الدين عبد الله بن الفرفور وفي يوم الأربعاء رابع جمادى الآخرة وهو سابع عشرين تشرين الأول عقب حضور الشامية الجوانية حضر قاضي القضاة المشار إليه تدريس الناصرية هذه واجلس ولده ولي الدين المراهق عن يساره وتحته نائبه الشهاب الولي ثم كاتبه ابن مكية النابلسي ثم بهاء الدين بن سالم وعن يمينه النجم ابن تقي الدين بن قاضي عجلون ثم جلال الدين البصروي ثم الصدر الموصلي وقدامه بدر ادين بن الياسوفي والشمس الكفرسوسي والتقي القاري وفضلاء الوقت ودرس في كتاب البيع من المنهاج واستدل بقوله تعالى {وأحل الله البيع وحرم الربا} وبقوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم} الآية التي في سورة البقرة وذكر إعراب كل آية

ومن قرأ تجارة وتجارة ثم في يوم الأربعاء لم يحضر لشغل خاطره بمصادرة النائب له ولغيره بأخذ اماولهم وأعاد بهذه المدرسة أول ما فتحت شيخ الإسلام تاج الدين الفركاح وقد مرت ترجمته في دار الحديث النورية وأعاد بها مدة سنتين القاضي العالم الزاهد الورع صدر الدين أبو الربيع سليمان بن هلال بن شبل بن فلاح بن خصيب الهاشمي الجعفري المعروف بطيب داريا ولد سنة اثنتين وأربعين وستمائة وتفقه على الشيخ تاج الدين الفركاح ومحيي الدين النواوي رحمهما الله تعالى وولي الخطابة وناب في الحكم مدة سنين واستسقى الناس به في سنة تسع عشرة فسقوا وكان يذكر نسبة إلى جعفر الطيار رضي الله تعالى عنه بينهما ثلاثة عشر أبا وترجمته طويلة حسنة توفي رحمه الله تعالى في ذي القعدة سنة خمس وعشرين وسبعمائة ودفن بباب الصغير عند شيخه تاج الدين ثم عاد بها العلامة بدر الدين بن مكتوم وقد مرت ترجمته في المدرسة العادلية الصغرى ثم أعاد بها سعد الدين النواوي وقد مرت ترجمته في الصالحية أي في تربة أم الصالح وقال ابن كثير في سنة ست وسبعمائة القاضي تاج الدين صالح بن تامر بن حامد بن علي الجعبري الشافعي نائب الحكم بدمشق معيد الناصرية وكان ثقة دينا عادلا مرضيا زاهدا حكم في سنة سبع وخمسين وستمائة له فضائل وعلوم وكان حسن الشكل توفي في شهر ربيع الأول عن ست وسبعين سنة ودفن بالسفح وناب في الحكم بعده نجم الدين الدمشقي انتهى ودرس بمشيخة النحو بهذه المدرسة العالم سيف الدين البعلبكي وقد مرت ترجمته في دار الحديث الأشرفية الدمشقية ودرس بها شيخ النحاة بدمشق شهاب الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن محمد بن علي العنابي تلميذ الشيخ أثير الدين أبي حيان وخادمه واشتغل ببلاده ثم قدم القاهرة فأخذ عن الشيخ أبي حيان العربية والقراآت ولازمه وكتب عنه تصانيفه بخطه الحسن العربي وسمع منه وروى عنه وتفقه على مذهب الشافعي واشتهر في حياة شيخه ثم قدم دمشق

المدرسة المجنونية

وصار صوفيا بالخانقاه الأندلسية الآتية وشيخ النحو بهذه المدرسة وقصده الناس للأخذ عنه وانتفعوا به وعظم قدره واشتهر ذكره وشرح التسهيل وغيره وكان حسن الخلق كريم النفس توفي في المحرم سنة ست وسبعين ودفن بمقبرة الصوفية وقد جاوز الستين وولي هذه المشيخة العلامة بدر الدين بن مكتوم المار ذكره قريبا 86 - المدرسة المجنونية شرقي الشامية البرانية بالعقيبة. لم يقع لنا من مدرسيها إلا القاضي شهاب الدين الظاهري وقد مرت ترجمته في المدرسة الأمجدية والمدرسة المجنونية أنشأها شرف الدين بن الزراري المعروف بالسبع مجانين بعد الثلاثين وستمائة. قال ابن شداد. أول من ذكر الدرس بها شيخ يقال له عز الدين أحمد بن محمد بن علي الموصلي فتوفي يها وذكر بعده جمال الدين أحمد بن إسماعيل الهكاري وذكر بعده بدر الدين ثم بعده وأهلى بياضا ثم من بعده كمال الدين ابن بنت نجم الدين بن سلام وهو مستمر ها إلى آخر سنة أربع وسبعين وستمائة انتهى. ودرس بها في ذي القعدة سنة إحدى وأربعين وسبعمائة الشيخ الفاضل علاء الدين علي أب الإمام شرف الدين الحسين بن علي بن سلام الدمشقي. قال ابن رافع: سمع معي على جماعة منهم أحمد بن عبد الرحمن المرداوي وتفقه وأعاد بالشامية البرانية ودرس بالمجنونية وأفنى وحج انتهى. وقال تقي الدين الأسدي: حكى لي قريبه أنه نزل له عنها اليمني يعني شمس الدين أيام كان يدرس فيها ابن النقيب ولم يذكره ابن كثير في ذيله هنا يعني في الشامية وإنما ذكره درس في المجنونية في ذي القعدة سنة احدة وأربعين وسبعمائة.

المدرسة النجيبية

87 - المدرسة النجيبية لصيق المدرسة النورية وضريح نور الدين الشهيد من جهة الشمال. قال الذهبي في تاريخه في سنة سبع وسبعين وستمائة: والنجيبي جمال الدين أقوش الصالحي1 النجمي استادار الملك الصالح2 وولي أيضا للملك الظاهر الأستدراية ثم نيابة دمشق تسعة أعوام وعزل بعز الدين ايدمر ثم بقي بالقاهرة مدة بطالا ولحقه فالج قبل موته بأربع سنين وكان محبا للعلماء كثير الصدقة لديه فضيلة وخبرة عاش بضعا وستين سنة وتوفي في شهر ربيع الآخر وله بدمشق خانقاه وخان ومدرسة ولم يخلف ولدا انتهى. بعد أن قال في سنة سبعين: فيها سار السلطان إلى دمشق فعزل عنها النجيبي وأمر عليها عزالدين ايدمر مملوكه وفي نصف شعبان حصل بدمشق خوف شديد من التتار ورسم نائب البلد علم الدين طيبرس الوزيري على من له قدرة أن يسافر من دمشق إلى مصر ووقعت الرجفة في الشام وفي بلاد الروم أيضا فأرسل السلطان الملك الظاهر بيبرس في ذي القعدة فأمسك النائب المذكور وعزله واستناب بها الأمير جمال الدين أقوش النجيبي وكان من أكابر الأمراء انتهى. وقال تلميذه ابن كثير في سنة اثنتين وستين وستمائة: قال أبو شامة وفي الثامن والعشرين وتوفي محيي الدين عبد الله بن صفي الدين إبراهيم بن مرزوق بداره بدمشق المجاورة للمدرسة النورية رحمه الله تعالى. قلت: داره هذه هي التي جعلت مدرسة للشافعية وقفها الأمير جمال الدين أقوش النجيبي تقبل الله تعالى منه وبها إقامتنا جعلها الله دارا تعقبها دار القرار في الفوز العظيم. وقد كان القاضي صفي الدين وزير الملك الأشرف وملك من الذهب ستمائة ألف دينار خارجا عن الأملاك والأثاث والبضائع وكانت وفاته بمصر قال سنة تسع وخمسين ودفن بتربته عند جبل المقطم انتهى. وقال في سنة سبع وسبعين: وممن توفي فيها من الأعيان: أقوش بن عبد الله

_ 1 شذرات الذهب 13: 296. 2 شذرات الذهب 5: 237.

الأمير الكبير جمال الدين النجيبي أبو سعد الصالحي أعتقه الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل وجعله من أكابر الأمراء ولاه استداريته ثم استنابه بالشام تسع سنين فاتخذ فيها المدرسة النجيبية ووقف عليها أوقافا دارة واسعة لكن لم يقدر للمستحقين قدرا يناسب ما وقفه عليهم ثم عزله السلطان واستدعاه إلى مصر فأقام بها مدة بطالا ثم مرض بالفالج أربع سنين وقد عاده في بعضها الملك الظاهر ولم يزل به حتى كانت وفاته ليلة الجمعة خامس شهر ربيع الآخر بالقاهرة بداره بدرب الملوخية ودفن يوم الجمعة قبل الصلاة بتربته التي أنشأها بالقرافة الصغرى وقد كان بني لنفسه تربة النجيبية وفتح لها شبابيك إلى الطريق فلم يقدر دفنه بها وكان كثير الصدقة محبا للعلماء محسنا إليهم حسن الإعتقاد شافعي المذهب متغاليا في السنة ومحبة الصحابة رضي الله تعالى عنهم وبغض الروافض ومن جملة أوقافه الحسان البستان والأراضي التي وقفها على الجسورة التي قبلي جامع كريم الدين1 اليوم وعلى ذلك أوقاف كثيرة وجعل النظر في أوقافه لابن خلكان انتهى. وقال فيها: وفي العشر الأول من ذي القعدة فتحت المدرسة النجيبية وحضر تدريسها قاضي القضاة شمس الدين بن خلكان ثم نزل عنها لولده كمال الدين موسى وفتحت الخانقاه النجيبية وقد كانت أوقافهما تحت الحوطة إلى الآن انتهى وقد مرت ترجمة قاضي القضاة هذا في المدرسة الأمينية وأنه توفي بغيوان هذه المدرسة وقال ابن كثير في سنة تسعين وستمائة: وفيها درس الخطيب عزالدين الفاروثي بالمدرسة النجيبية عوضا عن كمال الدين موسى بن خلكان انتهى وقد مرت ترجمة الخطيب عزالدين في المدرسة الظاهرية الجوانية. وقال ابن كثير في سنة إحدى وتسعين وستمائة: وفي يوم الإثنين سابع جمادى الآخرة درس بالنجيبية الشيخ ضياء الدين عبد العزيز الطوسي 2 بمقتضى نزول الفاروثي له عنها انتهى. والشيخ ضياء الدين

_ 1 توفي سنة 724هـ إبن كثير 14: 120. 2 شذرات الذهب 6: 14.

هذا هو الإمام أبو محمد عبد العزيز بن محمد بن علي الطوسي ثم الدمشقي مدرس النجيبية هذه وأعاد بها أيضا شرح الحاوي ومخحتصر ابن الحاجب توفي فجأة يوم الأربعاء بعد مرجعه من الحمام تاسع عشرين جمادى الأولى سنة ست وسبعمائة وصلي عليه يوم الخميس ظاهر باب النصر وحضر مائب السلطنة وجماعة من الأمراء والأعيان ودفن بالصوفية رحمه الله تعالى وقال ابن كثير في سنة ست هذه: وفي يوم الأربعاء سادس جمادى الآخرة حضر تدريس النجيبية بهاء الدين يوسف بن كمال الدين أحمد بن عبد العزيز العجمي الحلبي عوضا عن الشيخ ضياء الدين الطوسي توفي وحضر عنده ابن صصري وجماعة من الفضلاء انتهى. وقال في سنة ست عشرة وسبعمائة: وفي يوم الأربعاء عاشر شهر رجب درس بالنجيبية القاضي نجم الدين عوضا عن بهاء الدين العجمي سبط الصاحب كمال الدين بن العديم ودفن عند خاله ووالده بتربة العديم انتهى. وقال في سنة ست وعشرين وسبعمائة: القاضي نجم الدين أحمد بن عبد المحسن بن حسن بن معالي الدمشقي ولد سنة تسع وأربعين ثم اشتغل على تاج الدين الفزاري وحصل وبرع وولي الإعادة ثم الحكام بالقدس ثم عاد إلى دمشق فدرس بالنجيبية وناب في الحكم عوضا عن ابن صصري مدة بالنجيبية المذكورة يوم الأحد ثامن عشر ذي القعدة وصلي عليه العصر بالجامع ودفن بباب الصغير. ثم قال فيها: وفي ثاني عشر ذي الحجة درس بالنجيبية ابن قاضي الزبداني عوضا عن الدمشقي نائب الحكم مات بالمدرسة المذكورة انتهى وقد مرت ترجمة ابن قاضي الزبداني هذا في المدرسة الدمشقية الجوانية انتهى. وقال ابن كثير في سنة ست وثلاثين: وبعده بيوم يعني الخميس حادي عشر جمادى الأولى درس بالنجيبية كاتبه إسماعيل بن كثير عوضا عن الشيخ جمال الدين بن قاضي الزبداني تركها حين تعين لتدريس الطاهرية الجوانية وحصر عنده القضاة والأعيان وكان درسا حافلا اثنى عليه الحاضرون في قوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} الآية وانساق الكلام إلى مسألة ربا الفضل انتهى. وقال الشيخ

تقي الدين الأسدي في سنة خمس وثلاثين وثمانمائة وفي يوم الأحد حادي عشر شهر ربيع الأول حضر القاضي تقي الدين بن الحريري الدرس بالمدرسة النجيبية وليه عن ابن كثير ودرس درسا عجيبا أضحك الحاضرين وعجز أن يتكلم بشيء وصير ذلك تاريخا عليه يتحاكاه الناس انتهى. وقد مرت ترجمة ابن كثير هذا في دار الحديث الأشرفية الدمشقية.

فصل في المدارس الحنفية

فصل في المدارس الحنفية المدرسة الأسدية ... فصل مدارس الحنفية 88 - المدرسة الأسدية وقد تقدم ذكر محلها وأنها على الفريقين الحنفية والشافعية وترجمة واقفها. قال ابن شداد: والذي تحقق من مدرسيها يعني من الحنفية الشيخ تاج الدين بن الوزان وعمر إلى أن نيف على التسعين سنة ثم توفي سنة خمس وأربعين وستمائة فوليها بعده تج الدين بن النجار. ثم وليها بعده صادر الدين أحمد بن الكاسي. ثم ذكر بها الدرس ولده نجم الدين أيوب وهو مستمر بها إلى الآن انتهى. وقال الأسدي في سنة أربع وثمانين وخمسمائة: عبد الله بن محمد بن سعد الله أبو محمد البجلي الحريري البغدادي الحريمي الحنفي الواعظ المعروف بابن الشاعر نزيل القاهرة روى عن ابن الحصين وأبي المواهب بن ملوك1 والقاضي أبي بكر وجماعة من الكبار وقدم دمشق وسمع من أبي المكارم بن هلال والحافظ ابن عساكر ودرس بالأسدية بالشرف القبلي وحدث بدمشق ومصر وروى عنه أبو الفضل الحافظ وأبو القاسم بن صصري وكان ذا جاه وقبول وتقدم في مذهبه توفي بالقاهرة رحمه الله تعالى عن اثنتين وسبعين سنة انتهى.

_ 1 شذرات الذهب 4: 73.

المدرسة الإقبالية

89 - المدرسة الإقبالية قد تقدم ذكر محلها إشارة عند ذكر المدرسة الإقبالية الشافعية وذكر

واقفها والذي رأيت مرسوما بعتبة بابها بعد البسملة وقف هذه المدرسة المباركة الأمير الأجل جمال الدين إقبال عتيق الخاتون الأجلة ست الشام ابنة أيوب رحمه الله على الفقهاء من أصحاب الإمام سراج الأمة الشريفة النعمان أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه وأوقف عليها الثمن من الضيعة المعروفة بالمسوقة والثلث من مزرعة الأفتريس والثلث من مزرعة في الحديثة وقيراط من مليحة زرع ما حاط بطريق سالكة من زرع إلى بصري وذلك في الرابع عشرين من ذي القعدة سنة ثلاث وستمائة عظم الله أجره انتهى. قال ابن شداد: ذكر من علم بها من المدرسين: بهاء الدين عباس كان مدرسا بها وخطيبا بالقلعة ولم يزل بها إلى حين توفي فوليها بعده تاج الدين عبد العزيز ابن سوار الحنفي إلى أن توفي فجأة بها. وولي بعده رشيد الدين سعيد الحنفي1 وولي بعده برهان الدين التركماني. وولي بعده فخر الدين أبو الوليد المغربي الأندلسي وهو مستمر بها إلى سنة أربع وسبعين وستمائة انتهى. ثم وليها بعد وفاة فخر الدين تقي الدين أحمد ابن قاضي القضاة صدر الدين سليمان الحنفي في ثامن عشر جمادى الأولى سنة ست وسبعين وستمائة. قلت: قال الذهبي في مختصر تاريخ الإسلام في سنة سبع وسبعين وستمائة: وفيها مات قاضي القضاة شيخ الحنفية صدر الدين سليمان بن أبي العز الحنفي الأذرعي 2 ثم الدمشقي وله ثلاث وثمانون سنة والصاحب العلامة قاضي القضاة مجد الدين عبد الرحمن بن عمر بن العديم الحنفي قبل صدر الدين سليمان بأشهر انتهى. وقال في العبر في السنة المذكورة:والصدر سليمان ابن أبي العز بن وهيب اذرعي ثم الدمشقي شيخ الحنفية قاضي القضاة أبو الفضل أحد من انتهت إليه رئاسة المذهب في زمانه وبقية أصحاب الشيخ جمال الدين الحصيري درس بمصر مدة ثم قدم دمشق فاتفق موت القاضي ابن العديم فقلد بعده القضاء فبقي فيه ثلاثة أشهر ثم توفي في شعبان عن ثلاث وثمانين سنة. وولي بعده القاضي حسام الدين الرومي3 انتهى. قال

_ 1 شذرات الذهب 5: 385.. 2 شذرات الذهب 5: 357. 3 شذرات الذهب 5: 446.

الصفدي رحمه الله تعالى في حرف السين سليمان بن أبي العز بن وهيب المفتي الكبير الشيخ صدر الدين الحنفي قاضي القضاة أبو الفضل الأذرعي ثم الدمشقي الحنفي إمام عالم متبحر عارف بدقائق الفقه وغوامضه واليه انتهت الرئاسة في الحنفية بمصر والشام وتفقه على الشيخ جمال الدين الحصيري وغيره وقرأ الفقه بدمشق مدة ثم سكن مصر وحكم بها ودرس بالصالحية ثم انتقل إلى دمشق قبل موته فاتفق موت مجد الدين بن العديم وكان الملك الظاهر بيبرس يحبه ويبالغ في احترامه واذن له أن يحكم حيث حل وكان لا يكاد يارقه في غزواته وحج معه ولم يخلف بعده مثله في مذهبه وله شعر مات رحمه الله تعالى الله تعالى سنة سبع وسبعين وولي القضاء بعده حسام الدين الرومي انتهى. وقال الحافظ علم الدين البرزالي في تاريخه ومن خطه نقلت في سنة أربع وثلاثين وسبعمائة: وفي ليلة السبت منتصف شوال توفي الشيخ الفقيه الإمام شمس الدين محمد بن عثمان بن محمد الأصبهاني المعروف بابن العجمي الحنفي وصلي عليه ظهر السبت بجامع دمشق ودفن بمقبرة باب الصغير وكان مدرسا بالإقبالية الحنفية وفيها مات ودرس أيضا بالمدينة النبوية الشريفة على الحال بها الصلاة والسلام وسمع من ابن البخاري مشيخته وحدث بالمدينة النبوية الشريفة على مشرفها أفضل الصلاة وأتم السلام وكان فقيها فاضلا وجمع منسكا على مذهبه وكان فيه وسواس في الطهارة وفيه ديانة وقلة مخالطة للناس وولي المدرسة المذكورة بعده نجم الدين ابن قاضي القضاة عماد الدين الحنفي ودرس بها في يوم الإثنين الرابع والعشرين من شوال وحضر درسه القضاة وأعيان المدرسين والفقهاء وأثنوا عليه وعلى نباهته وفهمه وحسن آدابه وفصاحته وقوة جنانه مع صغر سنه زاده الله من فضله انتهى. وقال ابن كثير في سنة أربع وثلاثين وسبعمائة: وفي يوم الإثنين رابع عشرين شوال درس بالإقبالية الحنفية نجم الدين ابن قاضي القضاة عماد الدين الطرسوسي الحنفي عوضا عن شمس الدين ابن قاضي القضاة عماد الدين الطرسوسي الحنفي عوضا عن شمس الدين محمد بن عثمان بن محمد بن عمر الأصبهاني بن العجمي الحنيطي ويعرف بابن الحنبلي وكان

دينا متقشفا كثير الوسوسة في الماء جدا وأما المدرس مكانه وهو القاضي نجم الين ابن الحنفي فإنه ابن خمس عشرة سنة وهو في غاية النباهة والفهم وحسن الاشتغال والشكل والوقار بحيث غبط الحاضرون كلهم أباه على ذلك ولهذا آل أمره إلى أن تولى قاضي القضاة في حياة أبيه نزل له عنه وحدث فيه سيرته وأحكامه انتهى.

المدرسة الآمدية

90 - المدرسة الآمدية بالصالحية العتيقة جوار الميطورية من الغرب ولهذا قال الشيخ تقي الدين الأسدي في تاريخه في سنة إحدى وعشرين وثمانمائة ما صورته: وغربي الميطورية مدرسة للحنفية يقال لها الآمدية حكى لي من شاهدها وهي عامرة وعلى بابها طواشية انتهى. وقال لي ناظرها الآن قاضي القضاة يعني الحنفية كان محب الدين بن القصيف إنها تربة والله أعلم.

المدرسة البدرية

91- المدرسة البدرية قبالة الشبلية التي بالجبل عند جسر كحيل قاله السيد وابن كثير ويعرف الآن بجسر الشبلية قال ابن شداد بانيها الأمير بدر الدين المعروف بلالا في سنة ثمان وثلاثين وستمائة. وقال ابن كثير في تاريخه في سنة خمس عشرة وستمائة: وفيها فوض الملك المعظم النظر في التربة البدرية تجاه مدرسة الشبلية عند الجسر الذي على ثورا ويقال له جسر كحيل وهي منسوبة إلى بدر الدين حسن بن الداية كان هو وإخوته من أكابر أمراء نور الدين محمود ابن زنكي. قلت: وقد جعلت في حدود الأربعين وستمائة جامعا فيه خطبة يوم الجمعة ولله الحمد ووقفها نصف الحمام بقرية مسنون والبستان بقرب جسر كحيل كذا رأيته مكتوبا بأعلى عتبتها انتهى. وقال ابن كثير في سنة أربع وخمسين وستمائة: الشيخ شمس الدين سبط ابن الجوزي يوسف ابن الأمير حسام

الدين قز أوغلي بن عبد الله بن عتيق الوزير عون الدين ابن هبيرة الحبلي الشيخ شمس الدين أبو المظفر الحنفي البغدادي ثم الدمشقي سبط ابن الجوزي أمه رابعة بنت الشيخ جمال الدين أبي الفرج بن الجوزي الواعظ وقد كان حسن الصورة طيب الصوت حسن الوعظ كثير الفضائل والمصنفات وله كتاب مرآة الزمان في عشرين مجلدا من أحسن التواريخ نظم فيه كتاب المنتظم لجده وزاد عليه وذيل إلى زمنه وهو من أحسن التواريخ وأبهجها قدم دمشق في حدود الستمائة وحظي عند ملوك بني أيوب وقدموه وأحسنوا إليه وكان له مجلس وعظ كل يوم سبت بكرة النهار عند السارية التي يقوم عندها الوعاظ اليوم عند باب مشهد علي بن الحسين زين العابدين وقد كان الناس يبيتون ليلة السبت بالجامع ويتركون البساتين في الصيف حتى يسمعوا ميعاده ثم يسرعون إلى بساتينهم فيتذكرون ما قاله من الفوائد والكلام الحسن على طريقة جده رحمهما الله تعالى وكان الشيخ تاج الدين الكندي رحمه الله تعالى وغيره من المشايخ يحضرون عنده تحت قبة يزيد التي عند باب البريد ويستهجنون ما يقول ودرس بالعزية البرانية التي بناها الأمير عزالدين أيبك المعظمي بدرب ابن منقذ ودرس السبط أيضا بالشبلية التي بالجبل عند جسر كحيل وفوض إليه البدرية التي قبالتها وكانت سكنه وبها توفي ليلة الثلاثاء الحادي والعشرين من ذي الحجة من هذه السنة وحضر جنازته سلطان البلد الملك الناصر بن العزيز فمن دونه وقد أثنى الشيخ شهاب الدين أبو شامة عليه في علومه وفضائله ورئاسته وحسن وعظه وطيب صوته ونضارة وجهه وتواضعه وزهده وتودده وكلنه قال وقد كنت مريضا ليلة وفاته فرأيت وفاته في المنام قبل اليقظة ورأيته في حالة منكرة ورأى غيري أيضا كذلك نسأل الله العافية ولم أقدر على حضور جنازته وكانت جنازته حافلة حضرها خلق كثير وقد كان فاضلا عالما ظريفا منقطعا منكرا على أرباب الدول ما هم عليه من المنكرات وكان مقتصدا في لباسه

مواظبا على المطالعة والاشتغال والجمع والتصنيف مصنفا لأهل العلم والفضل مباينا لأهل الخزية والجهل وتأني الملوك وأرباب الدولة إليه زائرين وقاصدين وربي في طول زمانه في حاه عريض عند الملوك والعوام نحو خمسين سنة وكان مجلس وعظه مطربا وصوته فيما يورد فيه حسنا طيبا رحمه الله تعالى قلت وهو ممن ينشد له عند موته قول الشاعر ما زلت تكتب في التاريخ مجتهدا ... حتى رأيتك في التاريخ مكتوبا وقد سئل يوم عاشوراء من الملك الناصر صاحب حلب أن يذكر للناس شيئا من مقتل الحسين رضي الله تعالى عنه فصعد المنبر جلس طويلا لا يتكلم ثم وضع المنديل على وجهه وبكى ثم أنشأ يقول وهو يبكي شعرا ويل لمن شفعاؤه خصماؤه ... والصور في نشر الخلائق ينفخ لا بد أن ترد القيامة فاطم ... وقميصها بدم الحسين ملطخ ثم نزل عن المنبر وهو يبكي وصعد إلى الصالحية وهو يبكي كذلك انتهى وقال الذهبي في العبر في سنة أربع وخمسين وستمائة وابن الجوزي العلامة المؤرخ شمس الدين أبو المظفر يوسف بن قز أوغلي التركي ثم البغدادي العوني الهبيري الحنفي سبط الشيخ جمال الدين أبي الفرج بن الجوزي أسمعه جده منه ومن ابن كليب وجماعة وقدم دمشق سنة بضع وستمائة فوعظ بها وحصل له القبول العظيم للطف شمائله وعذوبة وعظه وله تفسير في تسعة وعشرين مجلدا وشرح الجامع الكبير وجمع مجلدا في مناقب أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه ودرس وأفتى وكان في شبيبته حنبليا توفي رحمه الله تعالى في الحادي والعشرين من ذي الحجة وكان وافر الحرمة عند الملوك انتهى وقال شمس الدين الشريف الحسيني رحمه الله تعالى في ذيل العبر في سنة إحدى وأربعين وسبعمائة وفي هذا العام جددت خطبة بالمدرسة البدرية جوار الشبلية باعتناء القاضي شهاب الدين بن فضل الله كتاب السر انتهى

المدرسة البلخية

وقال ابن شداد اذكر من درس بها الذي تحقق منهم زكي الدين زكريا بن عقبة ثم من بعده صفي الدين يحيى بن فرج بن عتاب الحنفي البصروي المعروف بالاسود بالأسود وهو مستمر بها إلى الآن انتهى وقال الحافظ البرزالي في تاريخه في سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة وفي ليلة الثلاثاء ثالث عشر ربيع الأول توفي الشيخ الفقيه الإمام العالم العدل الرضي شمس الدين محمد بن علي بن هاشم بن جبريل بن ذرع الحنفي وصلي عليه ظهر الثلاثاء بجامع دمشق ودفن بسفح قاسيون بتربة الشيخ موفق الدين وكان يوما مطيرا وكان رجلا جيدا فقيها فاضلا عدلا محترما فقيها بالمدارس وله تدريس بالصالحية بمدرسة صغيرة تعرف بالبدرية وله مركز يجلس فيه مع الشهود تحت الساعات واذن له في الفتوى وكان يسكن بخانقاه الشنباشي بحارة البلاطة وهناك مات وسمع من الشرف أحمد بن عساكر والكمال تمام الحنفي وجماعة انتهى ومن خطه نقلت 92 - المدرسة البلخية كانت تعرف قديما بخربة الكنيسة وتعرف أيضا بدار أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه أنشأها الأمير ككز الدقاقي بعد سنة خمس وعشرين وخمسمائة للشيخ برهان الدين أبي الحسن علي البلخي قاله ابن شداد وقال الذهبي في العبر في سنة ثمان وأربعين وخمسمائة: وأبو الحسن البلخي علي بن الحسن الحنفي الواعظ الزاهد درس بالصادرية ثم جعلت له دار الأمير طرخان مدرسة وقام عليه الحنابلة لأنه تكلم فيهم وكان يلقب برهان الدين وكان زاهدا معرضا عن الدنيا وهو الذي قام في إبطال حي على خير العمل من حلب وكان معظما مفخما في الدولة درس أيضا بمسجد خاتون ومدرسته داخل الصادرية انتهى. قلت: وبابها الآن إليها وكان بابها عند الحمام بباب البريد. وقال الذهبي

أيضا في مختصر تاريخ الإسلام في سنة ثمان وأربعين المذكورة وشيخ الحنفية برهان الدين علي بن الحسن البلخي الواعظ مدرس الصادرية واليه تنسب المدرسة البلخية انتهى. قال ابن شداد: ودرس بها بعده ولده شمس الدين وجماعة لم يحقق منهم إلا من يذكر منهم القاضي بدر الدين أبو محمد يوسف ابن الخضر بن عبد الله الحنفي ومن بعده ولده شمس الدين أبو عبد الله محمد ومن بعده الشيخ سديد الدين التميمي ومن بعده القاضي عزيز الدين أبو عبد الله محمد بن أبي الكرم بن عبد الله بن عبد الرحمن بن علوي السنجاري إلى أن توفي بها في سنة ست وأربعين وستمائة في السادس والعشرين من شعبان وكان له من العمر ست وسبعون سنة وتولى من بعده ولده كمال الدين أبو الفضائل عبد اللطيف ولم يزل بها مدرسا بها إلى أن أخرج من دمشق ناجعا بسبب استيلاء التتار عليها في سنة ثمان وخمسين وستمائة ثم وليها بعده صدر الدين إبراهيم الهندي ثم عاد كمال الدين إليها في أواخر السنة المذكورة وبقي مستمرا بها إلى أن توجه صحبة الخليفة المستنصر1 المعروف بالأسود وقتل بالفلوجة. ومولد كمال الدين المذكور في جمادى الآخرة سنة ثمان عشرة وستمائة واستخلف بها المولى الشيخ الإمام عبد القادر وأقام بها سنة واحدة وشهرين وتولاها بعده رشيد الدين إسماعيل المعروف بابن المعلم وهو مستمر بها إلى سنة أربع وسبعين وستمائة انتهى. وفي الذيل على العبر في سنة أربع عشرة وسبعمائة: ومات بمصر العلامة المعمر شيخ الحنفية رشيد الدين إسماعيل بن عثمان بن المعلم القرشي الدمشقي في شهر رجب عن إحدى وتسعين سنة سمع من ابن الزبيدي الثلاثيات وسمع من الخاوي والنسابة وجماعة وتفرد وتلا بالسبع على السخاوي وأفتى ودرس ثم انجفل إلى القاهرة سنة سبعمائة ومات قبله ابنه تقي الدين ببعلبك تغير قبل موته بسنة أو أكثر وانهزم. وقال ابن كثير في سنة أربع عشرة: والشيخ رشيد الدين أبو الفدا إسماعيل بن محمد القرشي الحنفي المعروف بابن المعلم كان من

_ 1 ابن كثير 13: 248.

أعيان الفقهاء والمفتين ولديه علوم شتى وفوائد وفرائد وعنده زهد وانقطاع عن الناس وقد درس بالبلخية مدة ثم تركها لولده وسافر إلى مصر فأقام بها وقد عرض عليه قضاء دمشق فلم يقبل وقد جاوز التسعين من العمر توفي سحر يوم الأربعاء خامس شهر رجب ودفن بالقرافة رحمه الله تعالى انتهى.

المدرسة التاجية

93 - المدرسة التاجية بزاوية الجامع الأموي الشرقية غربي دار الحديث العروية. قال عز الدين محمد بن عمر الأنصاري: في الأيام المعظمية جددت المقصورة التاجية المعروفة بابن سنان قديما والآن بالسلارية في سنة أربع وعشرين وستمائة انتهى. وقال الذهبي في العبر: فيسنة ثلاث عشرة وستمائة وفيها توفي العلامة تاج الدين الكندي أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد بن الحسن البغدادي النحوي اللغوي المقرئ شيخ الحنفية والقراء والنحاة بالشام ومسند العصر ولد سنة عشرين وخمسمائة وأكمل القراآت العشر وله عشرة أعوام وهذا ما لا أعمله تهيأ لأحد سواه أعتنى به سبط الحافظ فأقرأه وحرص عليه وجهزه إلى أبي القاسم هبة الله بن الطبر1 فقرأ عليه بست روايات وإلى أبي منصور ابن خيرون وأبي بكر خطيب الموصل وأبي الفضل بن المهتدي بالله فقرأ عليهم بالروايات الكثيرة وسمع من ابن الطبر المذكور وقاضي المارستان وأبي منصور القزاز وخلق وأتقن العربية على جماعة ونال الجاه الوافر وقال الشعر الجيد وكان الملك المعظم مديما للاشتغال عليه وكان ينزل إليه من القلعة انتهى وستأتي ترجمة الملك المعظم هذا في المدرسة المعظمية إن شاء الله تعالى. ثم قال: توفي الكندي رحمه الله تعالى في سادس شوال ونزل الناس بموته درجة في القراآت وفي الحديث لأنه آخر من سمع من القاضي أبي بكر

_ 1 شذرات الذهب 4: 97.

والقاضي آخر من سمع من أبي محمد الجوهري والجوهري آخر من روى عن القطيعي والقطيعي آخر من روى عن الكدمي وجماعة انتهى كلام الذهبي. وقال ابن كثير في سنة ثلاث عشرة المذكورة: الشيخ العلامة تاج الدين أبو اليمن الكندي الحنبلي ثم النحوي الحنفي اللغوي المفنن وكانت داره بدرب العجم ووفاته رحمه الله تعالى يوم الإثنين سادس شوال من هذه السنة وله ثلاث وتسعون سنة وشهر وستة عشر يوما وصلي عليه بجامع دمشق ثم حمل إلى الصالحية فدفن بها وكان قد وقف كتبا نفيسة وهي سبعمائة وإحدى وستون مجلدا على معتقه نجيب الدين ياقوت1 ثم على ولده من بعده ثم على العلماء في الحديث والفقه وغير ذلك وجعلت في خزانة كبيرة بمقصورة ابن سنان الحلبية المجاورة لمشهد علي زين العابدين رضي الله تعالى عنه ثم أن هذه الكتب تفرقت وبيع كثير منها ولم يبق في الخزانة المشار إليها إلا القليل وهي بمقصورة الحلبية وكانت قديما يقال لها مقصورة ابن سنان وقال في سنة ثلاث وعشرين: ياقوت ويقال له يعقوب بن عبد الله نجيب الدين مولى الشيخ تاج الدين الكندي وقد وقف عليه الشيخ الكتب التي بالخزانة بالزاوية الشرقية الشمالية من جامع دمشق وكانت سبعمائة وإحدى وستين مجلدا ثم على ولده من بعده ثم على العلماء فتمحقت هذه الكتب وبيع أكثرها وقد كان ياقوت هذا ليده فضيلة وأدب وشعر جيد وكانت وفاته ببغداد في مستهل شهر رجب ودفن بمقبرة الخيزران بالقرب من مشهد أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه انتهى. وقال الصفدي في تاريخه في حرف الزاي المعجمة: زيد بن الحسن بن زيد ابن الحسن بن زيد بن الحسن ثلاثة ابن سعيد بن عصمة ابن خير بن الحارث ابن الأصغر تاج الدين أبو اليمن الكندي النحوي اللغوي الحافظ المحدث ولد ببغداد سنة عشرين وخمسمائة وتوفي سنة ثلاث عشرة وستمائة فحفظ القرآن وهو ابن سبع سنين وأكمل القراآت العشر وهو ابن عشر وفاق

_ 1 ابن كثير 13: 176.

أهل الأرض إسنادا في القراآت إلى أن قال: وقدم دمشق في شبيبته وسمع بها من المشايخ وبمصر وسكن دمشق ونال بها الحشمة الوافرة والتقدم وازدحم الطلبة عليه وكان حنبليا فصار حنفيا وتقدم في مذهب أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه وأفتى ودرس وصنف وأقرأ القراآت والنحو واللغة والشعر وكان صحيح السماع ثقة في النقل ظريفا في العشرة طيب المزاج إلى أن قال: استوزره فروخشاه ثم بعد ذلك اتصل بأخيه تقي الدين عمر صاحب حاة واختص به وكثرت أمواله وكان المعظم عيسى يقرا عليه دائما قرأ عليه كتاب سيبويه وشرحه معا وقرأ الحماسة والايضاح وقرأ شيئا كثيرا وكان يأتي من القلعة ماشيا إلى درب العجم والمجلد تحت إبطه واستملي عليه فروخشاه وابنه الملك الأمجد ثم ترد إليه بدمشق الملك الأفضل وأخوه الملك المحسن ولما مات خامس ساعة من يوم الإثنين سادس شوال في التاريخ المتقدم صلي عليه العصر بجامع دمشق ودفن بتربته بسفح قاسيون وأطال في ترجمته وما له من الشعر. والفوائد وما قال فيه العلماء في نحو نصف كراس فراجعه وفيه يقول الشيخ علم الدين السخاوي رحمهما الله تعالى شعرا. لم يكن في عصر عمرو مثله ... وكذا الكندي في آخر عصر فهما زيد وعمرو إنما ... بني النحو على زيد وعمرو وقال ابن كثير في سنة إحدى عشرة وسبعمائة: الشيخ شعبان بن أبي بكر بن عمر الإربلي شيخ الحلبية بجامع بني أمية كان صالحا مباركا فيه خير كثير وكان كثير العبادة وإيجاد الراحة للفقراء وكانت جنازته حافلة جدا صلي عليه بالجامع بعد ظهر بوم السبت تاسع عشرين شهرب رجب ودفن بالصوفية وله سبع وثمانون سنة وروى شيئا من الحديث وخرجت له مشيخة حضرها الأكابر انتهى. وقال في ذيل العبر في سنة إحدى عشرة المذكورة: ومات الشيخ الصالح الزاهد البركة الشيخ شعبان بن أبي بكر بن عمر الإربلي شيخ مقصورة الحلبيين في شهر رجب عن سبع وثمانين سنة

وكانت جنازته مشهودة خرج له رفيقه ابن الظاهري عن محمد بن النعالي وعبد الغني بن بنين1 والكمال الضرير وطبقتهم وكان خيرا متواضعا وافر الحرمة انتهى كلام صاحب العبر.

_ 1 شذرات الذهب 5: 306.

المدرسى التاشية

94 - المدرسى التاشية قال ابن شداد: مدرسة الناشيء وتعرف بمسجد التاشي أنشئ في شهور سنة نيف وخمسين وخممسائة بانيه الأمير التاشي الدقاقي أول من درس بها قل أن تعلم أنها مدرسة ثم علمت بعد ذلك في الأيام العادلية السيفية القاضي عزالدين أبو عبد الله محمد الحنفي واستمر إلى أن انتقل عنها إلى المدرسة البلخية ثم وليها بعده جماعة لم يتحقق منهم إلا أوحد الدين بن الكعكي إلى أن توفي ثم من بعده تاج الدين ابن الأرشد إلى أن سافر إلى الديار المصرية وأقام بها إلى أن توفي. وقد تولاها من بعده سفره عمادالدين داود البصروي. ثم تولاها بعده التقي إبراهيم الرقي ثم اخذها منه فخر الدين موسى الحنفي إلى سنة تسع وستين وستمائة فوليها شرف الدين الرسعني وبقي بها مدة. وأخذها مجد الدين بن فخر الدين موسى وهو مستمر بها إلى الآن انتهى. وقال الحافظ البرزالي ومن خطه نقلت في تاريخه في سنة خمس وثلاثين وسبعمائة: وفي ليلة الثلاثاء الثالث والعشرين من شعبان توفي الإمام الفاضل المفتي بدر الدين محمد بن الصدر جمال الدين يحيى ابن الشيخ الإمام بدر الدين محمد بن عبد الرحمن بن الفويرة السلمي الحنفي بداره ظاهر دمشق وصلي عليه صحوة النهار على باب الزنجبيلية وبسوق الخيل وبالصالحية ودفن بتربة لهم بسفح قاسيون ومولده في سنة ثلاث وتسعين وستمائة وكان رجلا فاضلا حسن السيرة خطب بالزنجبيلية ودرس بالخاتونية البرانية وبمسجد التاشي وأفتى واشتغل عليه الطلبة وكان له حلقة بجامع دمشق وسمع على جماعة من رواه الحديث وحدث انتهى.

المدرسة الجلالية

95 - المدرسة الجلالية بدمشق والتربة بها لصيق البيمارستان النوري بشامة وستأتي ترجمة واقفها في المدرسة الخاتونية ومن وقفه فدان ونصف في لقرية الساهلية.

المدرسة الجمالية

96 - المدرسة الجمالية بسفح قاسيون رحمه الله الله واقفها الأمير جمال الدين يوسف ولم أقف له على ترجمة ولا وقفت لها على وقف.

المدرسة الجقمقية

97 - المدرسة الجقمقية وبها التربة وتجاهها من الشمال خانقاهها يفضل بينهما الطريق الآخذ إلى المدرستين الظاهرية والعادلية من جهة الغرب والآخذ إلى الجامع الأموي وغيره من جهة الشرق. قال السيد الحسيني رحمه الله تعالى في ذيله في سنة إحدى وستين وسبعمائة: وفي شهر ربيع الأول قبض على شيخنا المعلم سنجر الهلالي وأخذ منه أزيد من ألف ألف درهم بسبب ما نقل عنه من عدم أداء الزكاة والثلث الفاحش على الأمراء ثم احتيط على حججه وأملاكه وحواصله فكانت ازيد من ثلاثة آلاف ألف درهم ثم سلموها إليه بعد مدة وأخذ من ابنه شمس الدين محمد الصائغ تربته التي كان أنشاها بباب الجامع انتهى. وقال الأسدي في تاريخه في شعبان سنة أربع عشرة وثمانمائة ما صورته: وهذه التربة كان قد أسسها المعلم سنجر الهلالي وابنه شمس الدين الصائغ فانتزعها الملك الناصر حسن فيشهر ربيع الآخر سنة إحدى وستين وسبعمائة لما صادرهما كما مر ذلك مبسوطا ثم إن السلطان أمر بعمارتها فبنوا فوق الأساسات وجعلوا لها شبابيك من شريقها وبنوا حا ئطها بالحجارة البيض والسود وجاءت في غاية الحسن وكان السلطان قد رسم بأن تجعل مكتبا

للأيتام فلم يتم أمرها حتى قتل في جمادى الأولى سنة اثنتين وستين وسبعمائة وقد درس بها الشيخ عز الدين ابن شيخ السلامية الحنبلي في المحرم سنة تسع وستين وسبعمائة ثم إنها صارت خانقاه بعد ذلك ولها وقف يسي جدا إلى ان احترقت في الفتنة انتهى قال الأسدي أيضا في تاريخه وتولى سيف الدين جقمق المذكور نيابة دمشق في شوال سنة اثنتبن وعشرين وثمنمائة ودخلها في ذي القعدة منهما وكان له همة في عمارة دمشق بنفسه وبالزام الناس بذلك وبالنقلة إلى داخلها وشرع في عمارة الطيوريين والفسقار وعمارة التربة بباب الناطفييين وفرغها وجاءت في غاية الحسن والزخرفة وقيل انه ليس بدمشق ولامصر نظيرها ووسعها من جهة القبلة وجعل لها شبابيك إلى الكسة ومن جهة الشمال نو بني مقابلة خانقاه للصوفية ورتب بها شيخا وصوفيه ورتب بالتربة المذكورة ميعادا بعد صلاة الجمعة وجعل في قبلة التربة مكتبا للأيتام وقد كان في هذا المكان مكتب للأيتام قبل الفتنة ووقف السوق الذي عمره داخل باب الجابية وطاحون الأعجام التي أنشأها بالوادي والخان شمالي المصلي والبعض على التربة والبعض على نفسه وأولاده والبعض على غير ذلك وهذه التربة كان قد اسسها المعلم سنجر وعصى جقمق في أول سنة أربع وعشرين وأخذ قلعة دمشق ثم قام عليه القوشي وأخره في جمادى الأولى منها ثامن شهر ربيع ثم أعيد ثانية إلى دمش مكانه تنبك ميق في سادس جماي الأولى المذكورة وقال الأسدي أيضا فيه وفي يوم الجمعة ثامن شهر ربيع الآخر سنة أربع وعشرين وثمانمائة وفي هذا اليوم حضر الشيخ شرف الدين ابن مفلح بترية النائب وقد رتب له ميعاد في كل جمعة وحضر معه قاضي القضاة يعني نجم الدين بن حجي وجماعة من الفقهاء وهذا وقد كملت التربة المذكورة وجاءت في غاية الحسن ولكن ظلمة الظالم لائحة عليها انتهى وكان ذكر فيما تقدم انه دفن أمه بها في آخر السنة قبلها وورث منها مالا كثيرا وقال الأسدي في

جمادى الآخرة منها وفي يوم الأربعاء عاشره بلغني ان الأمير ماماش استقطع وقف جقمق واستخرج منه أجرة شهرين وأرسل إلى التربة يأخذ منها البسط والقناديل الكفت ومنع الصوفية والقراء من الحضور فيها وقيل إنه طلب كتاب الوقف وغسله انتهى ثم إن جقمق لما سئم من المحاضرة بقلعة صرخد طلب الأمان من السلطان ثم لما رجع السلطان من حلب يوم السبت ثالث عشر شعبان سنة أربع وعشرين ونزل في القلعة طلب جقمق فحضر وقبل الأرض بين يدي السلطان الملك المظفر بن المؤيد وبين يدي الأمير الكبير ططر فرسم عليه بقاعة القلعة وطلب منه المال الذي أخذه ثم إنه في ليلة الأحد قيل أنه عوقب وقرر على المال وفي يوم الإثنين خامس عشريه أرسل إلى حبس الخيالة وقيد وفي ليلة الأربعاء قتل جقمق بعد أن عوقب وقرر على ماله من الودائع والذخائر وبقي ملقى في القلعة إلى عشية الخميس فنقل ودفن بتربته ولقي ما قدمه وكان ذكيا عارفا بالناس وتراجمهم وقد تدرب ومهر في الظلم فالله سبحانه وتعالى يسامحه وإيانا إنه على كل شيء قدير انتهى ملخصا وقال الحافظ ابن الحجر في تاريخه في سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة وفي الثامن من جمادى الأولى ولد الملك المظفر أحمد ابن الملك المؤيد شيخ فقدر الله تعالى أنه ولي السلطنة في أول سنة أربع وعشرين وعمره سنة واحدة وثمانية أشهر واياما انتهى ثم قال أيضا في سنة ثلاث وعشرين وفي العشرين من شوال عهد المؤيد شيخ لولده أحمد بالسلطنة وعمره سنة ونصف ثم قال فيها أيضا وفي ثالث شوال قرر جقمق في نيابة الشام عوضا عن تنبك ميق في تقدمه ألف على إقطاع جقمق واستقر تنبك الدوادار في وظيفة جقمق انتهى وكانت وفاة جقمق ليلة الثلاثاء سابع عشرين شعبان ودفن يوم الأربعاء بمدرسته التي أنشأها بدمشق عند باب الجامع الأموي الشمالي وكان ظالما غشوما متطلعا إلى أموال الناس قاله ابن حجر رحمه الله تعالى وولي مشيخة

هذه المدرسة والتدريس بها السيد عمادالدين أبو بكر ابن السيد علاء الدين أبي الحسن علي ابن السيد برهان الدين أبي إسحاق إبراهيم أن السيد الشريف عندنان ابن السيد النبيه أمين الدين جعفر ابن السيد الكبير محيي الدين محمد بن عدنان الحسيني قال تقي الدين بن قاضي شهبة في شهر رجب سنة ثلاث وثلاثين مولده في شهر رجب سنة خمس وسبعين واشتغل في مذهب أبي حنيفة رحمه الله تعالى يسيرا وفي النحو وكتب خطا حسنا وباشر أيام أخيه نيابة كتابة السر دمشق ثم ولي الحسبة في شهر رجب سنة ست وعشرين ثم عزل في شهر ربيع الآخر سنة سبع وعشرين واستمر بطالا وبيده مشيخة الجقمقية وتدريس الريحانية والعذراوية والمقدمية ولما ولي أخوه كتابة السر بمصر طلبه ليساعده فذهب في صفر من هذه السنة وأقام هناك على كره منه وكان يباشر نيابة كتابة السر أحيانا والوظيفة باسم شرف الدين الموقع فلما توفي أخوه تعين لكتابة السر للطمع في تركة أخيه ولم يبق إلا أن يخلع عليه فلم يمتنع ومات بعد أخيه بستة عش يوما في يوم الجمعة ثالث عشرة أول النهار وأخرج قبل الصلاة ودفن بمقبرة الصوفية بوصية منه وكانت جنازته حافلة بخلاف جنازة أخيه والعجب أن في هذا اليوم جاء من أخخبر أهله بموته فأقاموا عليه العزاء ثم قيل إن قائل ذك لم يتحرز وإن الخبر كذب انتهى ثم قال في شعان منها وفي يوم الخميس سابع عشرة خلع على ولده السيد عماد الدين ابن نثيب الأشراف عوضا عن عمه السيد شهاب الدين وذهب معه القضاة وبعض الحجاب والدوادارية وكاتب السر وقرئ بالجامع توقيعه باستقراره في نقابة الأشراف واستقراره في وظائف أبيه انتهى وأما وظائف عمه شهاب الدين فأخذها جميعها القاضي زين الدين عبد الباسط التداريس والأنظار وغيرها ولم يحصل لأحد من الفقهاء منها شيء وكان شهاب الدين بن المغربي وشهاب الدين الحلبي الاستدار متكلمين للسيد شهاب الدين فطلبا إلى مصر ليسألا عن جهاته وما يتعلق بها قاله تقي الدين ابن قاضي شهبة في سنة ثلاث وثلاثين

في شعبان منها وقال في شهر رمضان سنة خمس وثلاثين وممن ختم في هذه السنة ولد لسيد عماد الدين ابن نقيب الأشراف صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمسجد النائب وختم بمسجد القصب وخلع عليه خلع كثيرة وحضر في ختمه خلق من الأعيان انتهى وقال في جمادى الأولى سنة ست وثلاثين وممن توفي فيه السيد عدنان ابن السيد النقيب شرف الدين حسين بن عدنان ابن عم السيد علاء الدين ابن نقيب الأشراف كان خاملا في زمن أولاد عمه وهو منجمع عن الناس مقيم بالمزة وبعد موت السيد عمادالدين إلتف على ولده وكان يتردد إليه وكان ساكنا سليم الفطرة عنده نوع سذاجة توفي يوم الثلاثاء سادس الشهر وهو في عشر السبعين ظنا مات عن بنت وابن عمه يوسف أصغر أولاد السيد عماد الدين انتهى وقال الصفدي في المحمدين من كتابه الوافي بالوفيات الشريف ابن عدنان محمد بن عدنان بن حسن الشيخ الإمام العالم العابد الشريف السيد محيي الدين العلوي الحسيني الدمشقي الشيعي شيخ الإمامية ولد سنة تسع وعشرين وستمائة ولي مدة نظر السبع وولي ابناه زين الدين حسين وأمين الدين جعفر نقابة الأشراف فماتا واحتسبهما عند الله تعالى أخبرني غير واحد أنها لما مات كل واحد منهما كان مسجى قدامه وهو قاعد يتلو القرآن ولم ينزل له دمعة عليه وكان كل منهما رئيس دمشق وولي النقابة في حياته ابن ابنه شرف الدين عدنان بن جعفر وكان محيي الدين ذا تعبد زائد وتلاوة وتأله وانقطاع بالمزة آخر مدة وكان يترضى على عثمان وغيره من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم اجمعين يتلو القرآن ليلا ونهارا ويناظر منتصرا للإعتزال متظاهرا به توفي في سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة وقال الصفدي أيضا في حرف الحاء الحسين بن محمد بن عدنان الشريف زين الدين الحسيني الكاتب المشهور قدم للكرك الشوبك شابا وحضر إلى دمشق وتنقل في المباشرات ثم انتقل إلى نظر حلب ثم إلى نقابة الأشراف بدمشق والديوان

المدرسة الجركسية

إلى أن استولى قازان على دمشق واستخرج منها ذلك المال العظيم وكان ظاهره أربعة آلاف ألف درهم وتوزيعه ما لا يحصى فباشره زن الدين كاتب ديوانه قال ابن القضاعي ولم يحصل إلى قازان منه عشره هذا عير ما بذله الناس مداراة وما أخذ من الحواصل ولما عادت الدولة الإسلامية وشمس الدين الأعسر المشد في شعبان سنة سبع وتسعين وستمائة عوقب الشريف زين الدين وضرب هو وأخوه أمين الدين بدار الوزير الأمير شمس الدين الأعسر وصودر بأموال كثيرة وأخذ إلى مصر ثم إن الأمير جمال الدين الأفرم أرسل في طلبه مرارا ليحاققه فارسل إليه فولاه ديوانه ونظر الجامع ثم أعاده إلى الديوان فتوفي سنة ثمان وسبعمائة انتهى وقال الذهبي في ذيل العبر في سنة أربع عشرة وسبعماة ومات نقيب الأشراف أمين الدين جعفر ابن شيخ الشيعة محيي الدين محمد بن عدنان الحسيني في حياة أبيه فولي النقابة بعده ولده شرف الدين عدنان وخلع عليه بطرحة وهو شاب طرير انتهى وقال في سنة تسع وثلاثين وسبعمائة ومات بدمشق نقيب الأشراف عمادالدين موسى بن جعفر بن محمد بن عدنان الحسيني وكان سيد النبلاء وقف على من يقرأ الصحيحين بالنورية في الأشهر الحرم انتهى وقال الحسيني في ذيل العبر في سنة تسع وأربعين وسبعمائة ومات السيد الشريف النقيب علاء الدين علي بن السيد النقيب زين الدين الحسيني ابن محمد بن عدنان نيب العلويين بدمشق ولد في مستهل سنة خمس وثمانين وستمائة وسمع من ابن البخاري وباشر المواريث ثم نقابة السادة الأشراف وتوفي في شعبان وولي بعده زين الدين الحسيني ابن عمه انتهى وقد تقدم في الأمجدية والأسدية شيء من تراجم بني عدنان 98 - المدرسة الجركسية ويقال لها الجهاركسية بالصالحية مشتركة بين الحنفية والشافعية ويؤيد هذا

أنه ذكر الدرس بها القاضي تقي الدين أبو الفتح محمد بن عبد اللطيف السبكي الشافعي وقد مرت ترجمته في المدرسة الركنية ثم أخبرني قاضي الحنفية محب الدين محمد الشهير بابن القصيف أن وقف على كتاب وقفها وأنها على الحنفية فقط ووافقها فخر الدين شركس1 الصلاحي. قال الذهبي في العبر في سنة ثمان وستمائة: وجهاركس الأمير الكبير فخر الدين الصلاحي أعطاه العادل بانياس والشقيف فأقام هناك مدة توفي في شهر رجب ودفن بتربته بقاسيون انتهى. وقال ابن كثير في تاريخه في سنة ثمان وستمائة: الأمير فخر الدين شركس ويقال له جهاركس أحد أمراء الدولة الصلاحية واليه تنسب قباب شركس بالسفح تجاه تربة خاتون وبها قبره. قال القاضي ابن خلكان: وهو الذي بني القيسارية الكبرى بالقاهرة المنسوبة إليه وبنى في أعلاها مسجدا معلقا وربعا وقد ذكر جماعة من التجار أنهم لم يروا لها نظيرا في سائرا البلدان في حسنها وعظمها وإحكام بنائها وقال وججهاركس بمعنى أربعة نفس قلت وكان نائب العادل على بانياس والشقيف وتبنين وهونين انتهى. وقال في سنة خمس وثلاثين وستمائة: الأمير الكبير المجاهد المرابط صارم الدين خطلبا بن عبد الله مملوك شركس ونائبه بعده مع ولده على تبنين وتلك الحصون وكان كثير الصدقات والإحسان ودفن مع أستاذه بقباب شركس وهو الذي بناها بعده وكان خيرا قليل الكلام كثير الغزو مرابطا مدة سنين انتهى. وقال الصلاح الصفدي في حرف الجيم: جهاركس بن عبد الله الأنصاري الأمير فخر الدين كان من أكابر الأمراء الصلاحية وكان كريما نبيل القدر عالي الهمة بني القاهرة القيسارية الكبرى المنسوبة إليه قال القاضي شمس الدين أحمد بن خلكان: رأيت جماعة من التجار الذين طافوا البلاد يقولون لم نر في شيء من البلدان مثلها في حسنها وعظمها وإحكام بنائها وبنى بأعلاها مسجدا كبيرا وربعا معلقا وتوفي سنة ثمان وستمائة بدمشق ودفن بجبل الصالحية وترتبه مشهور هناك وكان العدل أعطاه

_ 1 ابن كثير 13: 69.

بانياس وتبنين والشقيف فأقام هناك مدة ولما مات أقر العادل ولده على ما كان عليه وكان أكبر من بقي من أمراء الصلاحية وقيل اسمه إياز جركس يعني اشتري باربعمائة دينار انتهى. وقال: خطلبا الأمير صارم الدين التنيسي كان غازيا مجاهدا دينا كثير الرباط والصدقات توفي سنة خمس وثلاثين وستمائة بدمشق ودفن بتربة جهاركس بالجبل وهو الذي أنشأها ووقف عليها من ماله انتهى. وقال الأسدي في تاريخه في سنة ثمان وستمائة: الأمير جهاركس الصلاحي ويقال شركس الأمير الكبير فخر الدين أبو منصور الصلاحي أعطاه العادل نيابة بانياس والشقيف وتبنين وهونين وكان أكبر من بقي من أمراء صلاح الدين وابنه الملك العزيز كان كريما نبيل القدر عالي الهمة شهد مع أستاذه الغزوات كلها وكان منحرفا عن الأفضل. قال ابن خلكان: وهو الذي بنى بالقاهرة القيسارية الكبرى المنسوبة إليه وبنى في أعلاها مسجدا وربعا معلقا توفي في شهر رجب ودفن بتربته كماتقدم ولما توفي ترك ولدا صغيرا فأقره العادل على ما كان يليه أبوه وجعل له مدبرا فلم تطل حياته بعد أبيه وقيل مات سنة سبع وجهاركس بكسر الجيم. قال ابن خلكان: ومعناه بالعربي أربعة أنفس وهو لفظ أعجمي معربة إستار والإستار أربع أواق. وقال في المرآة: جهاركس معناه اشترى بأربعمائة دينار انتهى. وقال في المرآة أيضا: وقام بأمره الأمير صارم الدين خطلبا التنيسي واشترى الكفر بوادي بردى وأوقفها على تربة فخر الدين وقبره له قبة عظيمة على الجادة انتهى. قلت: ومن وقفها الحصة من قرية "بيت سوى" ومبلغها النصف والثلث وحصة أخرى مبلغها اثناعشر سهما والثلث من المزرعة.

المدرسة الجوهرية

99 - المدرسة الجوهرية شرقي تربة أم الصالح داخل دمشق بحارة بلاطة وكانت دارا للأمير الكبير ممدوح ودارا للست عذراء أنشأها الصدر نجم الدين أبو بكر محمد

ابن عياش التميمي الجوهري. قال الذهبي في العبر في سنة أربع وتسعين وستمائة: والجوهري الصدر نجم الدين أبو بكر بن محمد بن عياش التميمي صاحب المدرسة الجوهرية الحنفية بدمشق توفي في شوال ودفن بمدرسته عن سن عالية انتهى. ورأيت قد رسم على عتبة بابها بعد البسملة هذه المدرسة المباركة وقف العبد الفقير إلى الله تعالى أبو بكر بن محمد بن أبي طاهر بن عياش بن أبي المكارم التميمي الجوهري على مذهب الإمام أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه وكان الفراغ من عمارتها والتدريس بها في سنة ست وسبعين وستمائة انتهى. وقال ابن كثير في سنة ثمانين وستمائة: وفي يوم الأحد سابع شهر رمضان فتحت المدرسة الجوهرية بدمشق في حياة منشئها وواقفها الشيخ نجم الدين محمد بن عياش بن أبي المكارم التميمي الجوهري ودرس بها قاضي الحنفية حسام الدين الرازي1 انتهى. وقال في سنة أربع وتسعين وستمائة: واقف الجوهرية توفي ليلة الثلاثاء تاسع شوال ودفن بمدرسته وقد جاوز الثمانين وكان له خدم على الملوك فمن دونهم انتهى. ثم درس بها الشيخ محيي الدين الأسمر الحنفي ثم أخذ تدريس الركنية ودرس بها رابع عشرين جمادى الأولى سنة عشرين وسبعمائة وأخذت منه الجوهرية لشمس الدين الرقي الأعرج وسيأتي ذلك من كلام ابن كثير في الركنية وقال ابن كثير في سنة ثلاثين وسبعمائة: وفي يوم الأحد سادس شهر رجب حضر الدرس الذي أنشأه القاضي فخر الدين كاتب المماليك على الحنفية بمحرابهم بجامع دمشق ودرس به الشيخ شهاب الدين ابن قاضي الحصن أو قاضي القضاة برهان الدين بن عبد الحق بالديار المصرية وحضر عنده القضاة والأعيان وانصرفوا من عنده إلى عند ابن أخيه صلاح الدين الدين بالجوهرية فدرس بها عوضا عن حموه شمس الدين الرقي نزل له عنها انتهى. ورأيت بخط الحافظ علم الدين البرزالي في تاريخه سنة ثلاثين المذكورة: وفي يوم الأحد سادس عشر شهر رجب الفرد ذكر الدرس الشيخ شهاب الدين أحمد ابن قاضي الحصن الحنفي بجامع دمشق

_ 1 شذرات الذهب 5: 446.

بمحراب الحنفية الجديد وهذه الوظيفة أنشأها القاضي فخر الدين ناظر الجيوش المنصورة ورتبها بالمكان المذكور تقبل الله منه وحضر القضاة والأعيان وانصرفوا من درسه إلى درس ابن أخيه الفيه صلاح الدين ولد شمس الدين ابن قاضي الحصن بالمدرسة الجوهرية فإنه وليها مكان حموه الشيخ شمس الدين الرقي بمقتضى نزوله له عنها وكان الشيخ شهاب الدين المذكور قدم من الديار المصرية هو وأخوه قبل ذلك بأيام من زيارة أخيهم قاضي القضاة برهان الدين الحنفي الحاكم بالديار المصرية بعد المثول بالأبواب السلطانية والإنعام عليهم وتشريفهم بالخلع انتهى. ثم ولي تدريسها الشيخ شرف الدين أبو محمد نعمان ابن الشيخ فخر الدين بن جمال الدين يوسف الحنفي. قال الأسدي في شعبان سنة عشرين من ذيله لتاريخ شيخه: مولده سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة وهكذا أخبر به وأنا اسمع وكان والده من أهل العلم فأخذه عنه وقدم دمشق وسكن المدرسة النورية ثم بعد الفتنة ولي مشيخة الخانقاه الحسامية وسكنها وتزوج بعد الفتنة وكان قد تكلم فيه بسبب العزوبية ودرس المدرس العزية البرانية وله تصددير بالجامع الأموي للاشتغال وولي الخدمة بالخانقاه السميساطية في سنة خمس عشرة وكان له مشاركة في النحو والأصول وبعض العقلية لكنه قاصر في الفقه وكان كذلك في الفتاوى وتوفي يوم الأربعاء عاشر الشهر بالمارستان النوري عن سبع وسبعين سنة وصلي عليه بالجامع الأموي ودفن بمقابر الصوفية وحضر جنازته القاضي الحنفي وبعض الفقهاء وولي عوضه اتدريس الجوهرية ومشيخة الحسامية وبعض التصدير ابن عوض بنزول قديم كان معه ونصف تدريس العزية ونصف الخدامة والإمامية بالخانقاه المذكورة وهو الذي كان بيد شهاب الدين ابن الفصيح وليس بأهل للتدريس بوجه من الوجوه انتهى. وسيأتي ذكر شهاب الدين هذا بالعزية إن شاء الله تعالى.

المدرسة الحاجبية

100- المدرسة الحاجبية والخانقاه بها قبلي المدرسة العمرية بصالحية دمشق أنشأها الأمير ناصر

الدين محمد ابن الأمير مبارك الإينالي دوادار سودون النوروزي كان قد توجه في حياة مخدومه هذا إلى مصر فبعد توجهه بثلاثة أيام مات مخدومه سودون المذكور وكان صحبته من للسلطان تقدمة كثيرة ثم عاد إلى دمشق وقد استقر حاجبا صغيرا بها وأمير التركمان وشرع في تجهيز الأغنام الشامية إلى مصر ثم خرج إلى البلاد الشمالية واستخرج عدد الأغنام فكانت عدة ستة عشر ألف رأس غنم واشترى نائب القلعة سودون عدة عشرين ألف رأس غنم وجهزاها إلى مصر فتحت عيون المصريين إلى حضور الغنم إليهم فصارت سنة قبيحة وكانت العادة أن أعداد الأغنام تذبح وتباع بدمشق فحصل للناس بسب ذك غلاء في اللحم حتى صار الرطل يباع بستة دراهم وفي سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة استقر في نيابة البيرة واستهلت سنة سبع وخمسين وهو الحاجب الكبير بدمشق وفي ثاني عشرين جمادى الأولى منها عزل عنها وفي يوم تاسع جمادى لااخرة منها ألبس التشريف بإمرة التركمان والأكاريد وفي يوم الجمعة تاسع عشرين شهر ربيع الآخر سنة ثمان عاد من مصر إلى دمشق وكان له مدة بمصر وقد استقر أحد الألوف بدمشق مع إمرة التركمان والأكاريد فأقام أياما قلائل ثم سافر إلى البلاد الشمالية لجمع أعداد الأغنام وإرسالها إلى مصر قاتله الله تعالى على ظلمه والتركمان معه في أسوإ الأحوال ثم في أوائل سنة اثنتين وسبعين ورد إليه مرسوم بتجهيز الأغنام على العادة ومن مضمونه أن يشتري مائة فرس ويجهزها إلى الاصطبلات الشريفة فشرع في ذلك. [وقال] شيخنا الجمال ابن المبرد في الرياض: ولي نيابة طرابلس وحماة وعنده معرفة وماشركة توفي سنة ثمان وسبعن وثمانمائة ودفن بتربته بالقرب من تربة السبكيين تحت كهف جبل جبريل بسفح قاسيون.

المدرسة الخاتونية البرانية

101- المدرسة الخاتونية البرانية مسجد خاتون على الشرف القبلي عند مكان يسمى صنعاء الشام المطل على وادي الشقراء وهو مشهور بدمشق واقفته الس خاتون أم شمس الملوك

أخت الملك دقاق1 قاله ابن شداد: وقال الحافظ في العبر في سنة سبع وخمسين وخمسمائة: المحترمة صفوة الملوك زمردخاتون ابنة الأمير جاولي أخت دقاق لأمه وزوجة تاج الملوك بوري وأم ولديه شمس الملوك إسماعيل ومحمود سمعت الحديث من أبي الحسن علي بن قبيس واستنسخت الكتب وحفظ القرآن الكرين وبنت المدرسة الخاتونية بصنعاء دمشق ثم تزوجها أتابك زنكي فبقيت معه تسع سنين فلما قتل حجت وجاورت بالمدينة المنورة فماتت ودفنت هناك بالبقيع وأما خاتون بنت2 أنر زوجة الملك نور الدين فتأخرت ولها مدرسة بدمشق وخانقاه معروفة على نهر بانياس انتهى. وقال ابن كثير في سنة إحدى وثمانين وخمسمائة عثب ذكر خاتون عصمة الدين الآتية: فأما الخاتونية البرانية التي على القنوات بمحلة صنعاء دمشق ويعرف ذلك المكا الذي هي فيه بتل الثعالب فهي من إنشاء الست زمرد خاتون ابنة جاولي وهي أخت الملك دقاق لأمه وكانت زوجة زنكي والد نور الدين صاحب حلب وقد ماتت قبل هذا الحين كما تقدم انتهى. وقال صلاح الدين الصفدي: زمرد الخاتون بنت الأمير جاولي بن عبد الله الحجة صفوة الملوك أخت الملك دقاق وزوجة الملك بوري تاجر الملوك3 وأم الملك إسماعيل شمس الملوك4 ومحمود5 ابني بوري سمعت الحديث واستنسخت الكتب وقرأت القرآن الكريم وبنت المسجد الكبير الذي في صنعاء ووقفت مدرسة للحنفية وهي من كبار مدارسهم وأجودها معلوما وكانت كبيرة القدر وافرة الحرمة خافت على ابنها شمس الملوك الأتابك فدبرت الحيلة في تسليمه بحضرتها وأقامت أخاه شهاب الدين محمود وتزوجها الأتابك قسيم الملك زنكي والد نور الدين6 وسارت إليه إلى حلب فلما مات عادت إلى دمشق ثم حجت على درب بغداد وجاورت إلى أن ماتت [بالمدينة] ودفنت بالبقيع سنة سبع وخمسين وخمسمائة واليها ينسب مسجد خاتون الذي هو مدرسة الأصحاب

_ 1 شذرات الذهب 3: 405. 2 شذرات الذهب 4: 272. 3 شذرات الذهب 4: 265. 4 شذرات الذهب 4: 90 5 شذرات الذهب 4: 103. 6 شذرات الذهب 4: 61.

أي أصحاب أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه بأعلى الشرف القبلي وقد تقدم ذكره انتهى. وقال شيخنا بدر الدين في كتابه الكواكب الدرية في السيرة النبوية في سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة وفيها أخذ عماد الدين زنكي مدينة حمص وتزوج بالست زمرد خاتون أم شمس الملوك إسماعيل وهي التي تنسب إليها المدرسة الخاتونية البرانية بدمشق بألى الشرف القبلي انتهى. وقال ابن شداد: تاريخ وقفه سنة ست وعشرين وخمسمائة وقف على الشيخ أبي الحسن علي البلخي المشهور وهو أول من ذكر بها الدرس والذي علم من بعده فخر الدين القاري وبعده ولده نجم الدين وبعده القاضي شرف الدين عبد الوهاب الحوراني ثم من بعده قاضي القضاة صدر الدين سليمان المشهور. ثم من بعده ابن أخيه عز الدين عبد العزيز. ثم من بعده فخر الدين موسى ابن هلال بن موسى وهو مستمر إلى سنة أربع وسبعين وستمائة. وقال الذهبي في تاريخه العبر سنة إحدى وتسعين وستمائة: والخبازري الإمام العلامة جلال الدين أبو محمد عمر بن محمد بن عمر الحنفي الخجندي كان فقيها بارعا زاهدا ناسكا عابدا عارفا بالمذهب صنف في الفقه والأصلين ودرس بالعزية على الشف الشمالي ثم حج وججاور بمكة سنة ثم رجع إلى دمشق فدرس بالخاتونية التي على الشرف القبلي إلى أن توفي في آخر ذي الحجة عن اثنين وستين سنة وفدن بالصوفية رحمه الله تعالى انتهى. وقال تلميذه ابن كثير في سنة تسعين وفي هذا الشهر. درس الشيخ جلال الدين الخبازي بالخاتونية البرانية انتهى. وقال في سنة إحدى وتسعين المذكورة: جلال الدين الخبازي عمر بن محمد بن عمر أبو محمد الخجندي واحد مشايخ الحنفية الكبار أصله من بلاد ما وراء النهر من بلد يقال لها خجندة وهناك اشتغل ودرس بخوارزم وأعاد ببغداد ثم قدم دمشق فدرس بالعزية والخاتونية البرانية وكان فاضلا بارعا مصنفا في فنون كثيرة توفي رحمه الله تعالى لخمس بقين من ذي الحجة منها وله اثنان وستون سنة ودفن بالصوفية انتهى. ثم ولي

تدريسها في سنة ثمان وتسعين وستمائة شمس الدين بن الحريري قاضي القضاة وستأتي ترجمته في المدرسة الفرخشاهية. وقال الذهبي في ذيل العبر في سنة خمس عشرة وسبعمائة: قدم قاضي ملطية بعد فتحها إلى دمشق فأعطي تدريس الخاتونية البرانية وشيخ الصوفية انتهى. وقال تلميذه ابن كثير في تاريخه في السنة المذكورة: وفي يوم الأربعاء سادس عشر جمادى الآخرة درس قاضي ملطية الشريف شمس الدين بالمدرسة الخاتونية البرانية عوضا عن قاضي القضاة الحنفي البصروي1 وحضر عنده الأعيان وهو رجل له فضيلة وحسن خلق كان قاضيا بملطية وخطيبا بها نحوا من عشرين سنة انتهى. وقاضي القضاة المشار إليه هو صدر الدين أبو الحسن علي ابن الشيخ صفي الدين أبي القاسم الحنفي البصروي وفي يوم الجمعة التاسع والعشرين من ذي الحجة سنة ست قدم دمشق من القاهرة متوليا قضاء الحنفية عوضا عن الذرعي مع ما بيده من تدريس التورية والمقدمية وخرج الناس لتلقيه وهنؤوه وحكم بالنورية وقرئ تقليده بالمقصورة الكندية في الزاوية الشرقية من جامع بني أمية وتوفي رحمه الله تعالى في شعبان سنة سبع وعشرين وسبعمائة عن خمس وثمانين سنة. وقال ابن كثير في سنة تسع عشرة وسبعمائة في جمادى الآخرة: وفي هذا الشهر درس بالخاتونية البرانية القاضي بدر الدين أبو نويرة الحنفي وعمره خمس وعشرون سنة عوضا عن القاضي شمس الدين محمد قاضي ملطية لما توفي انتهى. وقال الأسدي في شهر رمضان سنة ست عشرة وثمانمائة من ذيله على تاريخ شيخه: وفي يوم الجمعة ثامن عشريه بلغني وفاة قاضي القضاة صدر الدين الآدمي بالقاهرة مات رحمه الله تعالى بالفولنج ولم ينقطع إلا يومين وكان له بدمشق جهات كثيرة وكانت خرجت قبل ذلك فلما جاء الخبر بموته أخرج بايها فما كان بيده: تدريس الخاتونية البرانية والقصاعين والشبلية وخزانة كتب الأشرفية بالجامع ومباشرات وأنظار كثيرة وخلف

_ 1 شذرات الذهب 6: 78.

ابنا صغيرا انتهى. فائدتان "الأولى": قال ابن كثير في تاريخه سنة أربع وثلاثين وسبعمائة: وفي يوم الجمعة ثاني ربيع الأول أقيمت الجمعة بالخاتونية البرانية وخطب بها شمس الدين النجار المؤذن بالأموي وترك خطابة جامع القابون انتهى. زاد البرزالي في تاريخه ومن خطه نقلت وخلع عليه خلعة الخطابة وقرر له معلوم على مال المصالح المبرورة وانتفع بذلك أهل تلك الناحية وولي مكانه خطابة القابون الإمام به ولد الشيخ عبد الوهاب التركماني الحنفي انتهى. الثانية: قال ابن كثير أيضا فيه في سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة: وفيها توفيت الست خاتون والدة الملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب توفيت بدمشق في ذي الحجة في دارها المعروفة بدار العقيقي انتهى. ويقول كاتبه: كأنها أم ست الشام أو زوجة أبيها ولم أدر أي تربتها الآن فإن دار العقيقي الآن هي المدرسة الظاهرية وشرقيها دار ابن البارزي بل رأيت في كلام بعضهم أن الأسدية تجاه العزيزية شرقي دار العقيقي وهي الآن الدار المذكورة فليحرر.

المدرسة الخاتونية الجوانية

102 - المدرسة الخاتونية الجوانية بمحلة حجر الذهب1 أنشأتها خاتون بنت معين الدين انر زوجة الشهيد نور الدين محمود بن زنكي تنسب إليها وقفها سعد الدين أخوها عليها ثم من بعدها على عقبها ونسلها وماتت ولم تعقب قاله عزالدين وقال الذهبي في العبر في سنة إحدى وثمانين وخمسمائة وعصمة الدين الخاتون بنت الأمير معين الدين أنر زوجة نور الدين ثم صلاح الدين واقفة المدرسة التي بدمشق للحنفية والخانقاه التي بظاهر دمشق توفيت في ذي الحجة ودفنت بتربتها التي هي تجاه قبة جركس بالجبل انتهى. وقال في مختصر تاريخ الإسلام في سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة: وفيها سار صحاب حلب نور الدين محمود بن

_ 1 شذرات الذهب 5: 138.

زنكي فاستفاد أبراجا من الفرنج فخافته ورعبت منه وتزوج بابنة نائب دمشق معين الدين أنر وارسلت إليه إلى حلب انتهى. وقال ابن كثير في تاريخه في سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة: وفي صفر منها تزوج السلطان صلاح الدين بالست خاتون عصمة الدين بنت معين الدين أنر وكانت زوجة الملك نور الدين فأقامت مدة القلعة محترمة مكرمة معظمة وولي تزويجها منه أخوها الأمير سعد الدين مسعود بن أنر وحضر القاضي ابن أبي عصرون العقد ومعه جماعة من العدول وبات السلطان عندها تلك الليلة والتي بعدها ثم سافر إلى مصر بعد يومين من الدخول بها انتهى. وقال في سنة إحدى وثمانين وخمسمائة: الست خاتون عصمة الدين بنت معين الدين نائب دمشق وأتابك عساكرها قبل نور الدين كما تقدم وقد كانت زوجة نور الدين ثم خلق عليها من بعده صلاح الدين وكانت من أحسن النساء وأعفهن وأكثرهن خدمة وهي واقفة الخاتونية الجوانية بمحلة حجر الذهب وخانقاه خاتون ظاهر باب النصر في أول الشرف القبلي على بانياس ودفنت بتربتها في سفح قاسيون قريا من قباب الجركسية ولها أوقاف كثيرة غير ذلك انتهى. وقال الأسدي في تاريخه في سنة إحدى وثمانين وخمسمائة: عصمة الدين خاتون بنت معين الدين أنر زوجة السلطان صلاح الدين تزوجها سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة وكانت قبله زوجة نور الدين محمود وكانت من أعف النساء وأكرمهن وأحزمهن ولها صدقات كثيرة وبر عظيم بنت بدمشق مدرسة لأصحاب أبي حنيفة النعمان رضي الله تعالى عنه في محلة حجر الذهب وبنت للصوفية خانقاه خارج باب النصر على بانياس وبنت تربة بقاسيون على نهر يزبد مقابل تربة جركس ووقفت على هذه الأماكن أوقافا كثيرة وكانت وفاتها في شهر رجب كذا قال في المرآة. وقال الذهببي: توفيت رحمها الله تعالى في ذي القعدة ودفنت بتربتها وبلغ السلطان وفاتها وهو مريض بحران فتزايد مرضه وحزن عليها وتأسف وكان يصدر عن رأيها ومات بعدها أخوها سعد الدين مسعود في جمادى

الآخرة من هذه السنة من جرح أصابه في حصار ميافارقين وكان من أكبر الأمراء زوجه السلطان أخته ربيعة خاتون فلما توفي زوجها مظفر الدين1 صاحب إربل وفي زماننا وسعت تربتها وصارت جامعا واثيمت فيه الجمعة وغيرها انتهى. قال الشيخ شهاب الدين أبو شامة في الروضتين في سنة إحدى وثمانين وخمسمائة: قال العماد في هذه السنة توفيت الخاتون ذات العصمة بدمشق في ذي القعدة وهي عصمة الدين بنت معين الدين أنر وكانت في عصمة الملك العادل نور الدين الدين محمود بن زنكي رحمه الله فلما توفي وخلفه السلطان بالشام في حفظ البلاد ونصرة الإسلام تزوج بها في سنة اثنتين وسبعين وخمسائة وهي من أعف النساء وأعصمهن وأجلهن في الصيانة وأحزمهن متمسكة من الدين العروة الوثقى ولها أمر نافذ ومعروف وصدقات ورواتب للفقهراء وإدارات وبنت للفقهاء والصوفية بدمشق مدرسة ورباطا قلت وكلاهما ينسبان إليها فالمدرسة داخل دمشق بمحلة حجر الذهب قرب الحمام الشركسي والرباط خارج باب النصر راكب على نهر بانياس في أول الشرف القبلي وأما مسجد خاتون الذي آخر الشرف القبلي من الغرب فهو منسوب إلى خاتون أخرى قديمة تقدم كرها وهي زمرد بنت جاولي أخت الملك دقاق لأمه والد نور الدين رحمهما الله تعالى. قال العماد: وذلك سوى وقوفها على معتقيها وعوارفها وأقاربها وكان لسلطان حينئذ بحران في بحر المرض وبحرانه وعنف الألم وعنفوانه فما أخبرناه بوفاتها خوفا من تزايد علته وتوقد غلته وهو يستدعي في كل يوم درجا ويكتب إليها كتابا طويلا ويلقي على ضعفه من تعب الكتابة والفكر حملا ثقيلا حتى سمع نعي ناصر الدين محمد بن شيركوه ابن عمه فنعيت إليه الخاتون وقد تعدت عنه إليهما المنون وكانت وفاة ناصر الدين يحمص في تاسع ذي الحجة فجأة من غير مرض وأجرى السلطان أسد الدين شيركوه ولده على ما كان لوالده ومقابلته بأحسن عوائده قلت وقبر الخاتون المذكورة في التربة المنسوبة إليها بسفح

_ 1 شذرات الذهب 5: 438.

جبل قاسيون قبلي المقبرة الشركسية وأما ناصر الدين فنقلته ابنة عمه ست الشام بنت أيوب فدفنته في مقبرتها بمدرستها بالعونية فهو القبر الأوسط بين قبرها وقبر أخيها وكانت ست الشام كثيرة المعروف والبر والصدقات. إلى أن قال: قال العماد وفيها في جمادى الآخرة توفي أخو الخاتون المذكورة سعد الدين مسعود ابن أنر ونحن قد فتحنا ميافارقين بها ولد كان من الأكارم والأكابر ومن ذوي المآثر والمفاخر وما رأيت أحسن منه خلقا وأزكى عرقا ولم يزل في الدولتين النورية والصلاحية أميرا مقدما وعظيما مكرما ولغور فضائله ووفور فواضله وجد شهامته وحد صرامته رغب السلطان وهو زوج أخته أن يكون هو أيضا زوج أخته فزوجه بالتي تزوجها مظفر الدين كوكبري بعده قلت وهي ربيعة خاتون بنت أيوب عمرت إلى أن توفيت بدمشق بدار أبيها وهي دار العقيقي في شهر رمضان سنة ثلاث وأربعين وستمائة وهي آخر أولاد أيوب لصلبه موتا وكان يحترمها الملوك من أولاد إخوتها وأولادهم ويزورونها في دارها انتهى كلامه. وقال شيخنا في الكواكب الدرية في السيرة النورية: وقد كانت زوجته هذه أيضا من الصالحات الخيرات تكثر القيام فنامت ذات ليلة عن وردها فأصبحت وهي غضبى فسألها نور الدين عن أمرها فذكرت لها نومها الذي فوت عليها وردها فأمر نور الدين عند ذلك بضرب طبلخانات في القلعة وقت السحر ليوقظ النائم بذلك الوقت لقيام الدين ورتب للضارب جراية وجامكية انتهى. قال ابن الأثير: وكان لا يفعل فعلا إلا بنية حسنة انتهى. وقال ابن شداد: وانتقلت المدرسة في شهور سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة. وأول من ذكر بها الدرس حجة الإسلام والدين إلى أن توفي. ثم من بعده تولاها فخر الدين الحواري إلى أن توفي واستمر بها ولده إلى أن توفي وبقيت على ولده تاج الدين محمد المذكور. وقد ناب عنه بها نجم الدين خليل بن علي الحموي إلى أن توفي فجأة ووليها بعده ولده شمس الدين علي وانتزعت من يده في زمان الملك الصالح نجم الدين أيوب في جمادى سنة أربع وأربعين وستمائة. ووليها

بعده القاضي عزالدين السنجاري إلى أن توفي في سادس عشرين شعبان سنة ست وأربعين وستمائة. ووليها بعده ولده كمال الدين عبد اللطيف في الشهر المذكور في السنة المذكورة واستمر بها إلى حين استيلاء التتار على دمشق في صفر من سنة ثمان وخمسين وستمائة فوليها في أيام التتار القاضي شمس الدين عبد الله بن محمد بن عطاء الحنفي إلى حين عود الشام إلى يد المسلمين فعاد كمال الدين عبد اللطيف المذكور وانتزعها من يده ووليها واستمر بها إلى حين توجه الخليفة إلى بغداد فسار معه وقتل بالفلوجة في سنة تسع وخسمين وستمائة وكان ينوب عنه في حال غيبته صدر الدين إبراهيم بن عقبة الحنفي فلما صح قتله وليها القاضي شمس الدين عبد الله بن محمد الحنفي المتقدم ذكره إلى حين توفي وهو متوليها في خامس جمادى سنة ثلاث وسبعين وستمائة ودفن بسفح قاسيون بالتربة المعظمية وكان له من العمر ثمان وسبعون سنة وكان رجلا فاضلا ثم ولي بعده قاضي القضاة مجد الدين أبو المجد عبد الرحمن ابن الصاحب كمال الدين أبي القاسم عمر ابن قاضي القضاة نجم الدين أبي الحسن أحمد ابن قاضي القضاة جمال الدين أبي الفضل هبة الله ابن قاضي القضاة مجد الدين أبي غانم محمد ابن قاضي القضاة جمال الدين أبي الفضل هبة الله ابن قاضي القضاة نجم الدين أبي الحسن أحمد بن أبي جرادة الحنفي وهو مستمر بها إلى سنة خمس وسبعين وستمائة انتهى. أما ابن عطاء المذكور فقال الذهبي في العبر في سنة ثلاث وسبعين وستمائة: وفيهاتوفي قاضي القضاة شمس الدين عبد الله بن محمد بن عطاء الأذرعي الحنفي وكان المشار إليه في مذهبه مع الدين والصيانة والتواضع والتعفف واشتغل عليه جماعة وتوفي في جمادى الأولى روى عن ابن طبرزد وغيره ومات وقد قارب الثمانين انتهى. وأما ابن عقبة فقال الذهبي فيها أيضا والصدر بن عقبة الفقيه أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن عقبة البصروي افتى ودرس وولي مرة قضاء حلب وكان ذا همة وجلادة وسعي توفي في شهر رمضان عن سن عالية

سنة سبع وتسعين وستمائة انتهى. وقال ابن كثير في تاريخه في هذه السنة: الصدر بن عقبة إبراهيم بن أحمد بن عقبة بن هبة الله بن عطاء البصروي الحنفي درس وأعاد وولي في وقت قضاء حلب ثم سافر قبل وفاته إلى مصر فجاء بتوقيع فيه قضاء حلب فلما اجتاز بدمشق توفي بها في شهر رمضان من هذه السنة وله سبع وثمانون سنة انتهى. واما ابن أبي جرادة فقال الشيخ نجم الدين الطرسوسي في شرح منظومته قاضي القضاة مجد الدين أبو محمد عبد الرحمن ابن الصاحب الكبير كمال الدين بن عمر بن أحمد بن هبة الله بن يحيى بن زهير بن هارون بن موسى بن عيسى بن عبد الله بن محمد بن أبي جرادة ميلاده بحلب سنة أربع عشرة وستمائة كان إماما جليلا فاضلا دينا متعبدا متقشفا مواظبا على ورده من التوافل ممدوحا رئيسا لم يزل من أول عمره عند الناس معظما حتى قيل إنه في حياة والده كان يرجح عليه مع جلالة والده درس بحلب ودمشق ومصر فدرس بدمشق بالخاتونية العصمية وهو أول من درس بالمدرسة الظاهرية بالقاهرة وحضر السلطان درس وسمع بحثه ومناظرته وتأهر هو عن الناس حتى تكاملوا فلما حضر قام له السلطان وتلقاه وولي الخطابة بالجامع الحاكمي مدة بمصر وكان له أوراد من العبادة لا يخل بشيء منها وفي يوم الأربعاء سلخ ذي القعدة سنة ثلاث وسبعين وستمائة قدم دمشق قاضي القضاة بها بعد القاضي شمس الدين عبد الله واستناب القاضي بدر الدين مدرس المعينية الاتي ذكرها ومات بجوسقة ظاهر دمشق في الشرف القبلي يوم الثلاثاء سادس عشر شهر ربيع الأول سنة سبع وسبعين وستمائة ودفن بتربته بالقرب منه ومما أنشد لنفسه يقول: شهود ودي تؤدي وهي صادقة ... وحاكم الشوق بالأسجال قد حكما هب أنني مدع قد غاب شاهده ... أليس قلبك يقضي بالذي علما وممن درس بها البرهان بن الموفق. قال الذهبي في العبر في سنة تسع وتسعين بالتاء فيهما وخمسمائة: والعلامة أبو الموفق مسعود بن الموفق شجاع

الأموي الحنفي الدمشقي مدرس النورية والخاتونية وقاضي العسكر كان صدرا معظما مفتيا رئيسا في المذهب وارتحل إلى بخارى وتفقه هناك وعمر دهرا توفي رحمه الله تعالى في جمادى الآخرة وله تسعون إلا سنة وكان لا يغسل له فرجيه يهبها ويلبس جديدة انتهى. وقال الأسدي في تاريخه في هذه السنة: مسعود بن شجاع بن محمد الإمام برهان الدين بن الموفق القرشي الأموي الدمشقي الحنفي مدرس النورية والخاتونية أيضا إمام خبير بالمذهب درس وأفتى وأشغل وكان ذا أخلاق شريفة وشمائل لطيفة ولد بدمشق ورحل إلى ما وراء النهر فتفقه على شيوخ بخارى وسمع بها من الإمام ظهير الدين الحسن بن علي المرغيناني وجماعة وولي قضاء العسكر لنور الدين وحصل له جاه وافر ودنيا واسعة وكان لا يغسل له فرجية بل إذا اندعكت وهبها ولبس أخرى جديدة وطال زمانه ولد في جمادى الآخرة سنة عشر وخمسمائة وتوفي في جمادى الآخرة أيضا روى عنه الشهاب القوضي في معجمه وابن خليل قال بعضهم وجمع كتابا في الفقه انتهى ودرس بها الحسام الرومي. قال الصفدي في وافيه في حرف الحاء: الحسن بن أحمد بن أنو شروان قاضي القضاة حسام الدين أبو الفضائل ابن قاضي القضاة تاج الدين أبي المفاخر الرازي الحنفي الرومي ولد سنة إحدى وثلاثين بآق سراي وولي ملطية أكثر من عشرين سنة وخرج إلى الشام سنة خمس وسبعين وستمائة بعد القاضي صدر الدين سليمت وامتدت عليه أيامه إلى تسلطن حسام الدين لاجين فسار إليه سنة ست وتسعين وستمائة فأقبل عليه وولاه القضاء بالديار المصرية وولي ابنه جلال الدين1 مكانه بدمشق ويقي معظما وافر الحرمة إلى أن قتل السلطان حسام الدين وهو عنده فلما زالت لدولة حسام الدين قدم دمشق على مناصبه وقضائه بدمشق وعزل ولده وكان مجمع الفضائل كثير المكارم يتودد إلى الناس له أدب وشعر وفيه خير ومروءة وحشمة

_ 1 ابن كثير 14: 225.

خرج إلى المصاف وشهد الغزاة فكان ذلك آخر العهد به في سنة تسع وتسعين وستمائة. قال الشيخ شمس الدين: والأصح أنه لم يقتل بالغزو وصح بروزه مع المنهزمين بناحية الجرديين وأنه أسر مع الفرنج وأدخل إلى قبرس هو وجمال الدين المطروحي وقيل إنه تعاطى الطب والعلاج وإنه جلس يطيب بقبرس وهو في الأسر ولكن لم يثبت ذلك والله سبحانه وتعالى أعلم قلت ولما كان بدمشق سنة خمس وثلاثين وسبعمائة جاء الخبر إلى ولده القاضي جلال الدين فأشاع بدمشق أن والده القاضي حسام الدين حي يرزق بقبرس وأنه يريد الحضور إلى الشام ويطلب بما يفك به من الأسر ثم أن القضية سكنت انتهى كلام الصفدي. وقال الذهبي في العبر في سنة تسع وتسعين وستمائة: وقاضي القضاو حسام الدين الرازي ثم الرومي الحنفي عدم بعد الوقعة وحدث أنه بقبرس ولم يثبت ذلك والله سبحانه وتعالى أعلم وكان هو المطروحي من أنباء السبعين انتهى. وقال تلميذه ابن كثير في سنة سبع وتسعين وستمائة: وفي عاشر صفر تولى جلال الدين بن حسام الدين القضاء مكان أبيه بدمشق وطلب أبوه إلى مصر فاقم عند السلطان وولاه قضاء مصر للحنفية عوضا عن شمس الدين السروجي1 واستقر ولده يدمشق قاضي قضاة الحنفية ودرس بمدرستي أبيه والمقدمية وترك مدرسة القصاعين والشبلية انتهى. وقال في سنة ثمان وتسعين وستمائة: وفي العشر الأول من ذي الحجة عاد القاضي حسام الدين الرازي إلى قضاء الشام وعزل عن قضاء مصر وعزل ولده عن قضاء الشام انتهى. وقال في سنة تسع وتسعين وستمائة وفي يوم الأحد الحادي والعشرين من شعبان: وولي قضاء الحنفية بدمشق شمس الدين بن الصفي الحريري عوضا عن حسام الدين الرازي فقد يوم المعركة في ثاني شهر رمضان انتهى. وقال فيه أيضا: حسام الدين أبو الفضائل الحسن ابن القاضي تاج الدين أبي المفاخر أحمد بن الحسن بن انو شروان الرازي الحنفي ولي قضاء ملطية مدة عشرين سنة ثم

_ 1 شذرات الذهب 6: 23.

قدم دمشق فوليها مدة ثم انتقل إلى مصر فوليها مدة وولده جلال الدين بالشام ثم صار إلى الشام فعاد إلى الحكم بها ثم لما خرج الجيش إلى لقاء قازان بوادي الخزندار عند سلمية خرج معهم ففقد من الصف ولم يدر ما خبره وقد قارب السبعين وكان فاضلا بارعا رئيسا له نظم حسن ومولده بافسس من بلاد الروم في المحرم سنة إحدى وثلاثين وستمائة قلت وسلمية هذه ببلاد الشيخ محيي الدين النواوي رحمه الله تعالى انتهى. وفقد يوم الأربعاء الرابع والعشرين من شهر ربيع الأول منها وقد قنل فيه يومئذ من سادات الأمراء خلق ثم ولي القضاء بعده شمس الدين الحريري انتهى. وقال في سنة سبعمائة: وفي يوم الجمعة ثالث عشرين من ذي القعدة عزل شمس الدين بن الحريري عن قضاء الحنفية بالقاضي جلال الدين بن حسام الدين على قاعدته وقاعدة أبيه وذلك باتفاق من الوزير الأمير شمس الدين الأعسر ونائب السلطان الأفرم انتهى. وقال في سنة إحدى وسبعمائة: استمرت الخاتونية الجوانية بيد القاضي جلال الدين بن حسام الدين بإذن نائب السلطنة انتهى. وقال السيد شمس الدين رحمه الله تعالى في ذيله وما بدمشق العلامة قاضي القضاة جلال الدين أبو المفاخر أحمد ابن قاضي القضاة حسام الدين الحسن بن أحمد بن الحسن بن أنو شروان الرازي ثم الدمشقي الحنفي عن ثلاث وتسعين سنة ونصف حدث عن ابن البخاري وغيره ونائب في الحكم بدمشق عن والده ثم ولي استقلالا ثم عرض له صمم فصرف بالقاضي شمس الدين الحريري ودرس بالخاتونية والزنجارية والقصاعين واليه المنتهى في مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم توفي رحمه الله تعالى في شهر رجب سنة خمس وأربعين وسبعمائة ودفن بمدرسته التي أنشأها بدمشق المعروفة بالجلالية وكانت سكنه رحمه الله انتهى. وقال تقي الدين بن قاضي شهبة في ذيله في شهر ربيع الأول في سنة خمس وعشرين وثمانمائة وفي يوم الأحد حادي عشريه حضر ابن القاضي شهاب الدين بن العز بالمدرسة الخاتونية الجوانية وحضر عنده القاضي الشافعي

وبعض الفقهاء والترك وكان يوما مطيرا انتهى. ثم قال في ثامن عشرين المحرم سنة ست وعشرين وثمانمائة وهو يوم دخل المحمل ما عبارته: وفي يوم دخول المحمل سأل قاضي القضاة شهاب الدين بن العز قاضي القضاة الشافعي أن يستنيب ولده في القضاء فأجابه إلى ذلك وهو شاب لم تطلع ذقنه بعد ولكنه قد قرأ كتبا واشتغل وباشر الخاتونية الجوانية وباشر القصاعين وكان يحضر معه نواب والده وغيرهم من الحنفية انتهى. ثم قال في محرم سنة أربعين: وفي يوم الجمعة ثاني عشره بلغني أن قاضي القضاة شمس الدين الصفدي رجع ومعه ولايته بالخاتونية الجوانية ثم قاتل في ذلك غريمه ووقفا للنائب ثم قيل إنهما يصطلحان فلم يتفق ذلك وأرسل كل منهما قاصده يسعى في ذلك انتهى. ثم قال في سنة إحدى وخمسين ما عبارته: وفي العشر الأخير أي من شهر رمضان إلى أن قال: وفيه جاء مرسوم فيه أن القاضي حسام الدين بن العماد الحنفي أنهى أن الخاتونية والقصاعين كانتا بيد القضاة وهي معروفة عندهم وبهم فجاء مرسوم أن يعقد لهما مجلس عند النائب بحضرة القضاة والعلماء فإن كان كما أنهاه فيسلمان إليه وإن كانتا بيده القاضي شمس الدين الصفدي بطريق شرعي فتستمران بيده فقعد له مجلس في رابع عشريه وحضر الصفدي وأظهر بيده نزولا من ابن العز بالقصاعين محكوما له بالاستحقاق وولاية الخاتونية عوضا عن ابن العز بحكم واته ومحضر مثبوت على المصريين على أن الوظيفة المذكورة لم تزل بيد بني العز في حال ولايتهم وعزلهم ومال أكثر أهل المجلس مع الصفدي وتكلم خصمه حسام الدين بكلام ساقط ونسب أهل المجلس إلى التحامل عليه وانقضى المجلس على المراجعة واحتج الحسام بأشياء لا تجدي شيئا فأجيب عنها في المجلس انتهى.

المدرسة الدماغية

103 - المدرسة الدماغية قد تقدم محلها وأنها على الفريقين الحنفية والشافعية وترجمة واقفها. قال

ابن شداد: أول من درس بها يعني من الحنفية الافتخار الكاشغري1 إلى أن توفي وهو من أصحاب الشيخ جمال الدين بن الحصيري ثم وليها بعده القاضي عزالدين السنجاري ثم استناب فيها تاج الدين عبد الله بن الارشد إلى أن تولي المدرسة الخاتونية القاضي عزالدين المذكور فنزل عنها لفخر الدين أحمد ولم يزل بها إلى أن توفي ووليها بعده عماد الدين محمد ولم يزل بها إلى أن انتزعت من يده وتولاها مجد الدين بن السحنون خطيب النيرب وهو بها إلى الآن انتهى. قال الذهبي في العبر في سنة أربع وتسعين وستمائة: وابن سحنون خطيب النيرب مجد الدين شيخ الأطباء أبو محمد عبد الوهاب بن أحمد بن سحنون الحنفي روى عن خطيب مردا يسيرا وله شعر وفضائل توفي في ذي القعدة. وقال ابن كثير في السنة المذكورة: الشيخ الإمام العالم المفتي الخطيب الطبيب مجد الدين أبو محمد عبد الوهاب بن أحمد ابن أبي الفتح بن سحنون التنوخي الحنفي خطيب النيرب ومدرس الدماغية للحنفية وكان طبيبا ماهرا حاذقا توفي بالنيرب وصلي عليه بجامع الصالحية وكان فاضلا وله شعر حسن وروى شيئا من الحديث توفي ليلة السبت خامس ذي القعدة عن خمس وسبعين سنة رحمه الله تعالى انتهى.

_ 1 شذرات الذهب 5: 230.

المدرسة الركنية البرانية

104 - المدرسة الركنية البرانية بالصالحية. قال القاضي عزالدين: منشئها الأمير ركن الدين منكورس الفلكي 2 في سنة نيف وعشرين وستمائة انتهى. وقال الحافظ ابن كثير في تاريخه في سنة إحدى وثلاثين وستمائة: واقف الركنية الحنفية الأمير الكبير ركن الدين منكورس الحنفي الفلكي غلام فلك الدين أخي الملك العادل لأمه واقف الفلكية كما تقدم وكان هذا الرجل من خيار الأمراء ينزل في كل ليلة وقت السحر إلى الجامع وحده بطوافة ويواظب على حضور الصلوات فيه مع الجماعة وكان قليل الكلام كثير الصدقات وقد بنى المدرسة الركنية

_ 1 شذرات الذهب 5: 230. 2 شذرات الذهب 5: 147.

بسفح قاسيون وأوقف عليها أوقافا كثيرة وعمل عندها تربة وحين توفي بقرية جرود حمل إليها رحمه الله انتهى. قال الأسدي في تاريخه في سنة خمس وعشرين وستمائة: وفيها نجزت مدرسة ركن الدين الفلكي بالسفح ودرس بها ملك شاه أبو المظفر وجيه الدين القاري وكان رجلا فاضلا بارعا متعبدا مشهورا بالدين والعلم إلى أن انتقل عنها فوليها بعده تاج الدين محمد بن وثاب بن رافع البجلي إلى أن انتقل عنها إلى المدرسة بالقصاعين فوليها بعده صدر الدين بن عقبة إلى أن انتقل عنها إلى حلب المحروسة فوليها بعده ولده محيي الدين أحمد إلى حين عود والده من حلب ثم اخذها من ولده واستمر بها إلى الآن انتهى. ووجدت بخط تقي الدين الأسدي على هامش ذيل الحسيني في وفاة زين الدين القحفازي خطيب جامع تنكز ومدرس الحنفية بالظاهرية ما صورته أول من خطب به ودرس بالركنية بالجبل ثم تركها لأنه اطلع على أن من شرط واقفها على المدرس السكن بها ذكره البرزالي في معجمه وقال تميز في الفقه والعربية وغيرهما وله ذهن جيد ومناظرة صحيحة وهو ملازم للإقراء بالجامع وله شعر جيد وتعين للفتوى والتدريس والاشتغال وقصده الطلبة وقد مات البرزالي قبله بمدة في سنة تسع وثلاثين وسبعمائة انتهى. ما وجدته بخطه وقال ابن كثير في تاريخه في سنة عشرين: وفي يوم الأربعاء رابع عشرين جمادى الأولى درس بالركنية الإمام محيي الدين الأسمر الحنفي واخذت منه الجوهري لشمس الدين الرقي الأعرج وتدريس حامع القلعة لعماد الدين بن محيي الدين الطرسوسي الذي ولي قضاء الحنفية بعد هذا وخذ من الرقي إمامة مسجد نور الدين بحارة اليهود لعماد الدين بن الكيال وإمامة الربوة للشيخ محمد النصيبي انتهى. ثم درس بها الشيخ برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم ابن الشيخ العالم شهاب الدين أبي العباس أحمد بن خضر الحنفي مولده في سابع شهر رمضان سنة أربع وأربعين وسبعمائة. وقال الأسدي في تاريخه: في شهر ربيع الأول سنة ست عشرة نقلته من خط شيخنا وقال إنه أخبره بذلك اشتغل على والده

وغيره وفضل وأفتى ودرس بالركنية بالسفح والمقدمية شريكا لغيره وناب في القضاء بالديار المصرية قديما عن القاضي ابن منصور وباشر إفتاء دار العدل بدمشق مدة طويلة وكان عنده جرأة وإقدام ومرافعة نثم أنه بعد الوقعة تأخر وترك الاشتغال بالعلم وافتقر وضعف توفي بسكنه بالشبلية ليلة السبت سابع عشريه وصلى عليه من الغد بعد الظهر بجامع الحنابلة وحضر جنازته جمع من الفقهاء وغيرهم ودفن بسفح قاسيون واستقر في جهاته أخوه القاضي عز الدين1 وصهره السيد ركن الدين بن زمام ووالده توفي في شهر رجب سنة خمس وثمانين وقد مرت ترجمته. ثم قال تقي الدين في شعبان سنة خمس وعشرين: وفي هذا الشهر أخرج النائب تبنك ميق عن السيد ركن الدين الركنية البرانية ونصف النظر عليهما لشمس الدين ابن اللبودي بلا سبب فشق عليه وعلى غيره ذلك مع أنه لم يكن محمودا في مباشرته نظرها انتهى. ثم قال تقي الدين في محرم سنة ست وعشرين: وفي يوم الأربعاء ثاني عشريه حضر تدريس المدرسة الركنية بالسفح شرف الدين بن برهان الدين ابن الشيخ شرف الدين بن منصور وحضر معه القضاة والفقهاء وذلك عن ربع التدريس بالمكان المذكور ونزل عنه ابن عمه وكان تدريس هذه المدرسة قد صار إلى بدر الدين ابن الشيخ صدر الدين بن منصور فنزل عن نصفه لشيخ بدر الدين ابن الرضي2 فلما توفي نزل عنه لولده شمس الدين فنزل عنه للقاضي بدر الدين المقدسي ثم نزل عنه لولده شمس الدين فنزل عنه للقاضي بدر الدين المقدرسي ثم نزل عنه لابنه فنزل عنه للشيخ برهان الدين ابن خضر ثم نزل عنه للسيد ركن الدين بن زمام واستمر النصف الآخر بيد ولده بدر الدين بن منصور ثم نزل عنه لابن منصور وشمس الدين بن الرضي نصفين انتهى. ثم قال في الشهر المذكور منها: وفي هذا الشهر وحكى لي القاضي ناصر الدين بن اللبودي الحموي أنه صالح السيد ركن الدين ورد إليه تدريس الركنيه ورجع هذه معيدا رتب له شيء وعجل له بعضه انتهى.

_ 1 شذرات الذهب 7: 133. 2 شذرات الذهب 6: 368.

المدرسة الريحانية

105 - المدرسة الريحانية قال القاضي عز الدين جوار المدرسة النورية لغرب منشئها خواجا ريحان الطواشي خادم نور الدين الشهيد محمود بن زنكي في سنة خمس وستين وخمسمائة ووقف عليها أوقافا معلومة مشهورة انتهى. وقال أبو شامة في كلامه على سلطنة ولد نور الدين: وحضر جمال الدين ريحان وهو أبكر الخدم هذه عبارته. وقال بعد ذلك: وجمال الدين ريحان والي القلعة والسجن من قبله والامر إليه بتفصيله وجمله. ثم قال: فلما دخل صلاح الدين لأخذ دمشق بقي جمال الدين ريحان الخادم في القلعة على تأبيه فراسله حتى استماله وأغزر له نواله وتملك المدينة والقلعة اه ورأيت قد رسم على عتبة بابها بعد البسملة وقف هذه المدرسة البماركة الأمير جمال الدين ريحان بن عبد الله على المتفقهة على مذهب الإمام سراج الأمة أبي حنيفة النعمان بن ثابت رضي الله عنه ووقف عليها جميع البستان الرخاجي المعروف بأرض الحواري والأرض المعروف بدف العناب والقرماوي بدف القطايع والجورتين البرانية والجوانية بأض الخامس والنصف والثلث من الريحانية ومن الإصطبل المعروف بعمارية ببستان بقر الوحش وذلك معروف مشهور {فَمَنْ بَدَّلَهُ} الآية وذلك في شعبان سنة خمس وسبعين وخمسمائة انتهى. وقال ابن شداد: الذي يعلم ممن وليها من المدرسين وليها حجة الدين إلى أن توفي ووليها جماعة لم يقع لي منهم سوى تاج الدين محمد الحواري ثم من بعده نجم الدين ابن خليل قاضي العساكر العادلية إلى حين أن توفي واستمر بها ولده شمس الدين علي إلى حين توفي. وبقيت مدة معطلو في الأيام الناصرية. فوليها المولى جمال الدين محمد ابن المولى الصاحب كمال الدين بن العديم وبقي مستمرا بها وينوب عنه بها تاج الدين محمد البجلي ثم من بعده القاضي شمس الدين عبد الله الحنفي إلى أن انتقل جمال الدين المذكور إلى حماة وناب عنه بدر الدين مظفر بن رضوان بن أبي الفضل الحنفي نائب الحكم العزيز بدمشق فاخذت

منه. ووليها القاضي محيي الدين محمد بن يعقوب بن إبراهيم بن النحاس1 الحلبي وهو مستمر بها إلى الآن انتهى. والظاهر أن نجم الدين خليل المذكور هو من ذكره الصفدي حيث قال: خليل بن علي بن الحسين نجم الدين الحموي الحنفي قدم دمشق وتفقه بها وحدث وخدم المعظم فأرسله إلى بغداد ودرس في الريحانية بدمشق وناب عن القاضي الرفيع2 في القضاء وتوفي في شهر ربيع الأول سنة إحدى وأربعين وستمائة انتهى. وأما ابن النحاس الحلبي فقال البرزالي ومن خطه نقلت في تاريخه: في سنة أربع وثلاثين وسبعمائة في ليلة الجمعة الثاني من شهر ربيع الأول توفي علاء الدين علي ابن الصاحب محيي الدين بن يعقوب بن إبراهيم بن النحاس الأسدي الحلبي الحنفي وصلي عليه عثيب الجمعة بقرية المزة ودن هناك بتربة والده وأهله بعد أن مرض خمسة أشهر انتهى. وقال الذهبي في العبر في سنة خمس وتسعين وستمائة: وابن النحاس الصاحب العلامة محيي الدين أبو عبد الله محمد بن يعقوب بن إبراهيم الأسدي الحلبي الحنفي روى عن الكاشغري وابن الخازن3 وكان من أساطين المذهب توفي رحمه الله تعالى بالمزة في سنة خمس وله إحدى وثمانون سنة وشهران انتهى. وقال في مختصر تاريخ الإسلام في هذه السنة: توفي شيخ الحنفية الصاحب محيي الدين محمد بن يعقوب ابن النحاس الأسدي الحلبي الحنفي بالمزة وله غحدى وثمانون سنة انتهى. وقال الصفدي:محمد بن يعقوب بن إبراهيم بن هبة الله بن طارق بن سالم الإمام العلامة محيي الدين أبو عبد الله ابن الإمام القاضي بدر الدين بن النحاس الأسدي الحلبي الحنفي ولد بحلب سنة أربع عشرة وسمع من ابن شداد وجده لأمه موفق الدين يعيش4 شيئا يسيرا وكأنه كان مكبا على الفقه والاشتغال. قال الشيخ شمس الدين لم أجده سمع من ابن روزنة ولا من الموفق عبد اللطيف ولا هذه الطبقة واشتغل ببغداد وجالس بها العلماء

_ 1 شذرات الذهب 13: 366. 2 شذرات الذهب 5: 214. 3 شذرات الذهب 5: 226. 4 شذرات الذهب 5: 228.

وناظر وبان فضله وسمع من أبي إسحاق الكاشغري وأبي بكر بن الخازن وكان صدرا معظما متبحرا في المذهب وغوامضه موصوفا بالذكاء وحسن المناظرة انتهت إليه رياسة المذهب بدمشق ودرس بالريحانية والظاهرية وولي نظر الدواوين وولي نظر الأوقاف والجامع وكان معمارا مهندسا كاتبا موصوفا بحسن الإنصاف في البحث وكان يقول أنا على مذهب الإمام أبي حنيفة في الفروع ومذهب الامام أحمد في الأصول وكان يحب الحديث والسنة سمع منه ابن الخباز وابن العطار والعرضي والمزي والبرزالي وابن تيمية وابن حبيب والمقاتلي وأبو بكر الرحبي وابن النابلسي توفي رحمه الله تعالى سنة خمس وثمانين وستمائة ودفن بتربته بالمزة وحضر جنازته نائب السلطنة والقضاو والأعيان وفيه يقول علاء الدين الوداعي وقد قرر قواعد مذهب أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه ويعرض بذكر ولده الشيخ شهاب الدين يوسف ومن خطه نقلت: ومن مثل محيي الدين دامت حياته ... الى مذهب الدين الحنيفي يرشد لقد أشبه النعمان وهو حقيقة ... أبو يوسف في علمه ومحمد انتهى. كلام الصفدي رحمه الله تعالى. وقال السيد شمس الدين الحسيني في ذيل العبر في سنة خمس وخمسين وسبعمائة: ومات الإمام العلامة ذو الفنون فخر الدين أبو طالب أحمد بن علي بن أحمد الهمداني الكوفي ثم الدمشقي الحنفي المعروف بابن الفصيح ولد بالكوفة سنة ثمانين وستمائة وسمع من الدواليبي وغيره وتفقه وبرع وقدم دمشق ودرس بالريحانية وأفتى وناظر وظهرت فضائله وله النظم والنثر والمصنفات المفيدة وكان رفيقي في الحج سنة خمسين وتوفي في شعبان من ذا العام رحمه الله تعالى انتهى ثم درس بها السيد عماد الدين أبو بكر بن عدنان وقد مرت ترجمته في المدرسة الجقمقية انتهى.

المدرسة الزنجارية

106 - المدرسة الزنجارية قال القاضي عزالدين المدرسة الزنجارية خارج باب توما وباب السلامة انتهى. ويقال لها الزنجيلي بالسبعة تجاه دار الأطعمة وبها تربة جامع بخطبة بمعلوم على الجامع الأموي وهي من أحسن المدارس ثم رأيت في تاريخ ابن كثير في سنه سبع وسبعين وخمسمائة وأما نائب عدن فخر الدين عثمان بن الزنجيلي فإنه خرج من اليمن قبل قدوم طغتكين إليها فسكن الشام وله أوقاف مشهورة باليمني ومكة واليه تنسب المدرسة الزنجيلية خارج باب توما تجاه دار الطعم وكان قد حصل من اليمن أموالا عظيمة جدا انتهى. وقال في المرآة له مدرسة بمكة المشرفة وله رباط بالمدين المنورة على الحال بها أفضل الصلاة وأتم السلام انتهى. وتبعهما الأسدي في تاريخه وقال أبو شامة في الروضتين: ولهذا الأمير أوقاف وصدقات بمكة واليمن ودمشق واليه تنسب المدرسة والرباط المتقابلان بباب العمرة بمكة المشرفة والمدرسة التي خارج باب توما بدمشق رحمه الله انتهى. ثم قال القاضي عزالدين: أنشئت في سنة ست وعشرين وستمائة أنشأها الأمير عزالدين أبو عمرو عثمان بن علي الزنجيلي وكان صاحب اليمن وانتقل إلى الشام في زمن الملك العادل سيف الدين أبي بكر انتهى. وبها دفن والذي وجد من وقفها في سنة عشرين وثمانمائة حانوتان جوارها ولها طاحون بالقرب منها وبجوار الطاحون حانوت كذا رأيته في كشف مشد الأوقاف شيدي محمد بن منجك الناصري في السنة المذكورة ثم قال: القاضي عزالدين أول من درس بها حميد الدين السمرقندي إلى أن توفي ثم ذكر الدرس بعده في سنة خمس وثلاثين كمال الدين عبد اللطيف بن السنجاري واستمر بها مدرسا وناظرا إلى أن توفي ثم درس بها في زمن التتار المخذولين بولاية جماعة منهم عزالدين إسحاق المعروف بالأقطع إلى حين عاد المسلمون إلى الشام فعادت إلى كمال الدين المذكور وتولاها بعد تاج الدين عبد الرحمن بن عبد الباقي المعروف بابن النجار إلى حين توفي وتولاها بعده عماد الدين ابن الشماع إلى حين نزل فيها

في سنة خمس وستمائة وتولاها فخر الدين بن عثمان المعروف بالزقزوق إلى أن توفي ثم تولاها شمس الدين سليمان بن إسماعيل المعروف بالملطي وهو مستمر بها إلى الآن انتهى. ثم درس بها الصاحب محيي الدين بن النحاس وقد مرت ترجمته في المدرسة التي قبل هذه ثم قال ابن كثير في سنة ست وتسعين: وفي المحرم منها حضر شهاب الدين يوسف ابن قاضي حلب ووزير دمشق محيي الدين محمد بن بدر الدين يعقوب بن إبراهيم بن عبد الله بن طارق بن سالم بن النحاس الأسدي الحلبي أصل الحنفي الدمشقي تدريس أبيه في الزنجارية والظاهرة وحضر الناس عنده عوضا عن والده توفي ببستانه بالمزة عشية الإثنين سلخ ذي الحجة من سنة خمس وتسعين وستمائة ودفن يوم الثلاثاء مستهل هذه السنة انتهى كلامه. وقال في سنة ثمان وتسعين وستمائة: القاضي شهاب الدين يوسف ابن الصاحب محيي الدين بن النحاس أحد رؤساء الحنفية ومدرس الزنجارية الظاهرية توفي ببستانه بالمزو ثالث عشر ذي الحجة انتهى. ودرس بعده بالزنجيلية قاضي القضاة شمس الدين الأذرعي1 وستأتي ترجمته في المدرسة العلمية ودرس بعده بالزنجارية القاضي جلال الدين بن حسام الدين انتهى. وقد مرت ترجمته القاضي جلال الدين هذا في المدرسة الخاتونية الجوانية ثم درس بها الشيخ شمس الدين القطعة. قال الأسدي في شهر رمضان سنة ست عشرة وثمانمائة من ذيله لتاريخ شيخه: وممن توفي فيه الشيخ شمس الدين محمد الحجيني الحنفي المعروف بالقطعة أخذ عن جماعة من مشايخ الحنفية كالشيخ صدر الدين بن منصور وأخيه والشيخ شهاب الدين بن خضر وحفظ كتابا ولازم الاشتغال حتى صار في آخر عمره أحفظ الحنفية بدمشق لفروع مذهبه ثم أنه كان بعيد الذهن جدا جامدا وكان يكتب خطا رديئا إلى الغاية بحيث أنه إذا أراد أن يكتب ينقط له رسم الكتابة وكان رث الهيأة والملبس معانقا للفقر وقد درس بالمدرسة الزنجيلية مات رحمه الله تعالى في خامس هذا الشهر ولم أعلم

_ 1 شذرات الذهب 14: 70.

بحقيقة ذلك إلا في نحو نصف الشهر وأظنه قارب السبعين انتهى. فائدتان: "الأولى": أقرأ بالزنجيلية المذكورة القاضي شهاب الدين الكفري. قال الصفدي الحسين بن سليمان بن فزارة القاضي شهاب الدين الكفري 0 بفتح الكاف وسكون الفاء وبعدها راء الدمشقي الحنفي تلا بالسبع على علم الدين القاسم1 وسمع من ابن طلحة ومن ابن عبد الدائم وتصدر للإقراء وطال عمره وقرأ عليه خلق من الفضلاء ودرس وأفتى وناب في الحكم وكان دنيا خيرا عالما توفي رحمه الله تعالى في سنة تسع عشرة وسبعمائة عن اثنتين وثمانين سنة ودرس بالطرخانية وكان شيخ الإقراء بالمقدمية وأيضا بالزنجيلية وقرأ بنفسه على ابن أبي اليسر وكتب الطباق وأضر بىخره رحمه الله تعالى انتهى. الثانية: قال ابن قاضي شهبة في شوال سنة تسع عشرة وثمانمائة الشيخ الخبر شمس الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الله المعروف بابن مؤذن الزنجيلية الحنفي اشتغل في صغره بالعلم وحفظ مجمع البحرين ورأيت عرضه له في المحرم سنة تسع وثمانين ثم حفظ الألفية وغيرها وأخذ الفقه على القاضيين بدر الدين بن الرضي وبدر الدين المقدسي وأخذ الفرائض عن الشيخ محب الدين الفرضي وجلس للشهادة على باب المدرسة المذكورة وكان دينا خيرا انتهى. وجلس للاشتغال بالفرائض بالجامع الأموي وفضل في الفضائل والفرائض وانتفع الناس به توفي رحمه الله تعالى يوم الإثنين ثالث عشر بالمدرسة الزنجيلية ودفن بمقبرة الشيخ رسلان رحمهما الله تعالى انتهى.

_ 1 شذرات الذهب 5: 307. 2 شذرات الذهب 5: 432.

المدرسة السفينية

107 - المدرسة السفينية قال الغزي الحلبي المدرسة السفينية بجامع دمشق لم يعلم لها واقف ذكر من علم ممن ذكر بها الدرس ركن الدين بن سلطان2 إلى أن توفي وتولى

بعده صدر الدين بن عقبة إلى أن تولى القضاء بحلب المحروسة وسافر إليها فتولى بعده محيي الدين. ثم انتزعها من يده القاضي تاج الدين عبد القادر بن السنجاري وبقي بها إلى أن عاد من حلب المأنوسة بعد عزله عنها فسأل من كان بها متوليا وهو القاضي تاج الدين عبد القادر المذكور بحضور جماعة من العلماء والفقهاء من جملتهم عماد الدين ابن الشجاع وسألوه أن ينزل عنها لصدر الدين المذكور ثم عزل عنها وتولى بعده الشيخ عماد الدين بن الشماع وهو شيخ عالم فاضل متعبد وهو مستمر بها إلى الآن يشتغل بها جماعة من العلماء والفقهاء انتهى.

المدرسة السيبائية

108 - المدرسة السيبائية خارج باب الجابية وشمالي بئر الصارم والتربة بها والزاوية بها أيضا هي إنشاء نائب الشام الذي كان أمير السلاح بمدينة مصر المحروسة رحمه الله تعالى واسمع سيباي.

المدرسة الشبلية البرانية

109 - المدرسة الشبلية البرانية قال ابن شداد في المدارس الخارجة عن البلد: المدرسة الشبلية الحسامية بسفح جبل قاسيون بالقرب من جسر ثوري بانيها الطواشي شبل الدولة الحسامي في سنة ست وعشرين وستمائة انتهى. قال الذهبي في تاريخه العبر فيمن مات سنة ثلاث وعشرين وستمائة: وكافور شبل الدولة الحسامي طواشي حسام الدين محمد بن لاجين ولد ست الشام وله فوق جسر ثوري المدرسة والتربة والخانقاه وكان دنيا وافر الحشمة روى عن الخشوعي انتهى. وقال ابن ثير في تاريخه في سنة ثلاث وعشرين وستمائة: واقف الشبلية التي بطريق الصالحية شبل الدولة كافور الحسامي نسبة إلى حسام الدين محمد بن لاجين ولد ست الشام وهو الذي بنى الشبلية الحنفية والخانقاه على الصوفية إلى جانبها وكانت منزله وأوقف القناة والمصنع والساباط وفتح للناس طريقا

من عند المقبرة غربي الشامية البرانية إلى طريق عين الكرش ولم يكن للناس طريق إلى الجبل من هناك إنما كانوا يسلكون من عند مسجد الصفي بالعقيبة وكانت وفاته إلى رحمة الله تعالى في شهر رجب ودفن في تربته التي كانت مدرسة وقد سمع الحديث من الكندري وغيره وقال في سنة خمس وخمسين وستمائة بشارة بن عبد الله الأرمني الأصل بدر الدين الكاتب مولى شبل الدولة المعظمي سمع الكندي وغيره وكان يكتب خطا جيدا وأسند إليه مولاه النظر في أوقافه وجعله من ذريته فهم الآن ينظرون في الشبلتين وكانت وفاته رحمه الله تعالى في النصف في شهر رمضان من هذه السنة انتهى وقال الصفدي في حرف الباء من كتابه الوافي بشباك الشبلي الحسامي الكاتب مولى شبل الولة صاحب المدرسة والخانقاه عند ثوري بدمشق سمع من مولاه وحنبل وابن طبرزد وغيرهما وروى عنه الدمياطي والأبرقوهي وجماعة وهو رومي الجنس وهو من أولاد بشارة المشهورين بدمشق وكان يكتب خطا جيدا وذريته يدعون النظر على المدرسة والخانقاه المنسوبة إلى شبل الدولة المذكور وتوفي سنة أربع وخمسين وستمائة وقال الأسدي في سنة ثلاث وعشرين وستمائة شبل الدولة الحسامي كافور بن عبد الله الطواشي الكبير خادم الأمير حسام الدين محمد بن لاجين ولد الخاتون ست الشام يقال إنه كان من خدام القصر بالقاهرة وكان دينا صالحا عاقلا مهيبا ذا حرمة وافرة ومنزلة عند الملوك وعليه اعتمدت مولاته في بناء الشامية البرانية وقد سمع من الخشوعي والكندي روى عنه البرزالي والأبرقوهي قال أبو شامة وكان حنفيا فبنى المدرسة واللخانقاه والتربة التي دفن فيها عند جسر كحيل وفتح للناس طريقا إلى الجبل من عند المقبرة التي عند غربي الشامية يفضي إلى عين الكرش ولم يكن لعين الكرش طريق إلا من عند مسجد الصفي الذي بالعقيبة قال أبو المظفر الجوزي وله صدقات دارة وإحسان كثير توفي رحمه الله تعالى في شهر رجب ودفن بتربته انتهى ثم قال ابن شداد أول من درس بها الشيخ الصفي

الدين السنجاري وكان ضريرا فاضلا عالما إلى أن توفي ووليها بعده شمس الدين بن جوزي وبعده الشيخ وجيه الدين محمد وكان رجلا فاضلا عالما إلى أن توفي ثم من بعده جمال الدين يوسف إلى أن توفي ووليها بعده نور الدين ابن قاضي آمد إلى أن استولى التتار المخذولون على الشام وتولاها عزالدين عبد العزيز إلى أن توفي ووليها بعده بدر الدين ابن الفويرة وانتقل عنها ووليها بعده رشيد الدين سعيد بن علي بن سعيد البصروي وهو مستمر بها إلى الآن قال الذهبي في سنة أربع وثمانين وستمائة والرشيد سيعد بن علي بن سعيد البصروي الحنفي مدرس الشبلية أحد أئمة المذهب وكان دنيا ورعا نحويا شاعرا توفي في شعبان وقد قارب الستين انتهى وقال ابن كثير في تاريخه في سنة أربع وثمانين وستمائة الرشيد سعيد بن علي بن سعيد الشيخ رشيد الدين الحنفي مدرس الشبلية وله تصانيف مفيدة كثيرة ونظم حسن ومن ذلك قوله قل لمن يحذر أن تدركه ... نكبات الدهر لا يغني الحذر أذهب الحزن اعتقادي أنه ... كل شيء بقضاء وقدر ومن شعره أيضا قوله إلهي لك الحمد الذي أنت أهله ... على نعم منها الهداية والحمد إلى آخره توفي رحمه الله تعالى يوم السبت ثالث شهر رمضان وصلي عليه العصر بالجامع المظفري ودفن بالسفح انتهى وقال الصفدي في حرف السين سعيد بن علي بن سعيد العلامة رشيد الدين أبو محمد البصروي الحنفي مدرس الشبلية كان إماما مفتيا مدرسا بصيرا بالمذهب جيد العربية متين الديانة شديد الورع عرض عليه القضاء أو ذكر له فامتنع قال شمس الدين أبو الفتح لم يخلف الرشيج شعيج بعده مثله في المذهب وكان خبيرا بالمذهب والنحو وغيره وكتب عنه ابن الخباز وابن البرزاليي وتوفي سنة أربع وثمانين وستمائة ومن شعره قوله

إستجر دمعك ما استطعت معينا ... فعساه يمحو ما جنيت سنينا أنسيت أيام البطالة والهوى ... أيام كنت لدى الضلال قرينا ومنه ألا أيها الساعي على سنن الهوى ... او بذل مال للنفوس غرور أتدري إذا حان الرحيل وقربت ... مطايا المنايا منك أين تسير أطعت داعي الهوى لدى سكرة الصبا ... امالك من شيب العذر نذير كاني بأيام الحياة قد انقضت ... وإن طال هذا العمر فهو قصير ووافاك ترداد الحمام ويا لها ... زيارة من لا تشتهيه يزور وأصبحت مصروع السقام معللا ... يقولون داء قد ألم يسير وهيهات هل خطب عظيم وبعده ... عظائم منها الراسيات تمور ولما تيقت الرحيل ولم يكن ... لديك على ما قد أتاك نصير وما لك من زاد وأنت مسافر ... ولا من شفيع والذنوب كثير بكيت فما يغني البكاء على الذي ... جرى وتلافي الماضيات عسير فبادر وأيام الحياة مقيمة ... وحالك موفور وأنت قدير انتهى وقال ابن كثير في سنة اثنتي عشرة وسبعمائة قاضي القضاة شمس الدين أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن داود بن حازم الذرعي الحنفي كان فاضلا درس وأفتى وولي قضاء الحنفية بدمشق سنة ثم عزل واستمر على تدريس الشبلية مدة ثم سافر إلى مصر فأقام بسعيد السعداء خمسة أيام وتوفي يوم الأربعاء ثاني عشرين شهر رجب انتهى وقال الذهبي في سنة ست وثلاثين وسبعمائة وعزل الشمس الكاشغري من تدريس الشبلية بنجم الدين أحمد الطرسوسي انتهى وقال ابن كثير في هذه السنة وفي يوم الأربعاء سابع ذي الحجة ذكر الدرس بالشبلية القاضي نجم الدين ابن قاضي القضاة عماد الدين الطرسوسي وهو ابن سبع عشرة سنة وحضر عنده القضاة والأعيان وشكروا فضيلته ونباهته وفرحوا لأبيه انتهى ورأيت بخط البرزالي في السنة المذكورة وفي يوم الأربعاء سابع ذي الحجة ذكر الدرس بالمدرسة

الشبلية بسفح قاسيون القاضي نجم الدين أحمد ابن قاضي القضاة عماد الدين بن الطرسوسي الحنفي عوضا عن الشيخ شمس الدين الكاشغري وحضر قضاة القضاة وأعيان المدرسين وأكرموه وأجلسوه بينهم في مجلس التدريس وأثنوا على فضيلته مع صغر سنه انتهى وقال السيد الحسيني في ذيله في سنة ثمان وخسمين وسبعمائة ومات الإمام العلامة قاضي القضاة نجم الدين أحمد ابن قاضي القضاة عمادالدين علي بن الطرسوسي الحنفي ولد بالمزة وتفقه بوالده وغيره وبرع في الفقه والأصول ودرس وأفتى وناظر وافاد مع الديانة والصيانة والتعفف والمهابة ناب في الحكم عن والده ثم ولي استقلالا بعده وحدث عن ابن الشيرازي وغيره توفي في شعبان وولي بعده نائبه القاضي شرف الدين الكفيري انتهى وقال الصفدي في تاريخه في حرف السين سليمان بن عثمان المفتي الزاهد الورع بقية السلف تقي الدين التركماني مدرس الشبلية ناب في القضاء بدمشق لمجد الدين بن العديم ثم استعفى ولازم الاشتغال قال وكان من أعيان الحنفية وتوفي سنة تسعين وستمائة انتهى وقال الشيخ تقي الدين بن قاضي شهبة في ذيله في شوال سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة شمس الدين محمد ابن القاضي العالم بدر الدين بن الرضي الحنفي كان في حياة والده قد قرأ كتبا في العلم واشتغل يسيرا ودرس في حياة والده بالمدرسة الشبلية ثم بعد موت والده ترك الاشتغال وبقي بيده بعض جهات والده ووقع له قضية بعد فتنة التتار وأوذي فيها ووضع في عنقه الزنجير ولما ولي الأمير سيف الدين تنبك ميق نيابة دمشق وكان له بالمذكور معرفة فأحسن إليه وجعله نائب الناظر بالجامع فلم يحسن المباشرة فلما مات تعب يسيرا ثم استقر في مباشرته بالجامع وما بيده من الجهات إلى أن توفي ليلة الأربعاء حادي عشريه شبه الفجأة بمنزله بارض مقري في عشر الستين وقرر القاضي الشافعي القاضي زين الدين عبد الباسط فيما في يده من التداريس والأنظار وكان بعد ذلك بمدة يسيرة قد قرر المذكور في وظائف ابن نقيب

الأشراف التداريس والأنظار فيعجب الناس من القاضي في ذلك والله المستعان انتهى أعاد بهذه المدرسة جماعة منهم ابن عباد قال الذهبي في عبره فيمن مات سنة تسع وسبعين وستمائة والفقيه المعمر أبو نصر بن هلال بن عباد الحنفي عماد الدين معيد الشبلية توفي في شهر رجب عن مائة وأربع سنين وقد سمع في الكهولة من أبي القاسم بن صصري وغيره انتهى وقال الصفدي أبو بكر بن هلال بن عباد عماد الدين الحنفي معيد الشبلية كان عالما صالحا منقطعا عن الناس مشتغلا بنفسه ونفع من يقرأ عليه مولده سنة خمس وسبعين وخمسمائة وتوفي في سنة تسع وسبعين وستمائة وسمع وهو كبير من ابن صصري ومن ابن الزبيدي ولو سمع صغيرا لكان أسند أهل الأرض وكان يعرف بالعماد الجبلي وسمع البرزالي وابن الخباز انتهى ومنهم ابن بشارة قال البرزالي ومن خطه نقلت في تاريخه في سنة أربع وثلاثين وسبعمائة وفي ليلة السبت سابع شعبان توفي الفقيه الإمام العالم علاء الدين علي ابن الشيخ الإمام شرف الدين الحسين بن علي بن بشارة الشبلي الحنفي بسفح قاسيون وصلي عقب الظهر من يوم الثلاثاء المذكور بالجامع المظفري ودفن هناك وكان شابا فاضلا عفيفا عاقلا ولي إعادة المدرسة الشبلية وشهد له بأهلية التدريس والفتوى وسمع معنا كثيرا ورافقته في الحج انتهى (فائدة) قال الذهبي في سنة إحدى عشرة وسبعمائة وممن توفي فيها من الأعيان الشيخ الرئيس بدر الدين محمد ابن رئيس الأطباء أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن طرخان الأنصاري من سلالة سعد بن معاذ السويدي من سويداء حوران سمع وبرع في الطب توفي في شهر ربيع الأول ببستانه بقرب الشبلية ودفن في تربة له في قبة فيها عن سبعين سنة انتهى رحمه الله

المدرسة الشبلية الجوانية

110 - المدرسة الشبلية الجوانية قال ابن شداد: قبالة الأكزية أي الشافعية أنشأها شبل الدولة كافور المعظمي انتهى وقد مرت ترجمته في المدرسة قبلها ثم قال ابن شداد اول من درس بها تاج الدين عبد الرحمن بن نجار إلى أن أخذها فخرالدين موسى ثم ذكر بها الدرس زكي الدين زكريا البصروي ثم ذكر بها الدرس نجم الدين حمزة بن الكاشي ثم بعد ذلك أخذها مجد الدين بن فخر الدين موسى المذكور ثم عادت إلى والده واستمر بها إلى الآن انتهى.

المدرسة الصادرية

111 - المدرسة الصادرية داخل باب البريد. قال القاضي عزالدين: هي داخل دمشق بباب البريد على باب الجامع الأموي الغربي أنشأها شجاع الدولة صادر بن عبد الله وهي أول مدرسة أنشئت بدمشق سنة إحدى وتسعين وأربعمائة وأول من درس بها الإمام العالم علي بن زنكي الكاشاني ولم يزل بها إلى أن نزل عنها للشيخ الإمام أبي الحسن علي بن الحسن البلخي الواعظ المشهور العلم يعني صاحب المدرسة البلخية لصيقها. وولي بعده الشهاب أبو العيش الدمشقي الأصل وكان جد الشهاب النثيب لأمه وإليه ينسب بنو العيش ثم بعده الشيخ مجد الدين الحنفي في الدولة الصلاحية ودرس بها أوحد الدين الدمشقي وبعده رشيد الدين الغزنوي وبعده عزالدين عرفة بن مسعود وبعده أوحد الدين بن الكعكي وبعده الرضي الملتاني الهندي وبعده برهان الدين إبراهيم بن محمود الغزنوي المعروف بأبي الهول وبعده الشيخ الإمام العالم عماد الدين محمد بن عبد الكريم بن عثمان المارداني المعروف بابن الشماع من أول المحرم من سنة ثمان وخمسين وستمائة في الأيام الناصرية وهو مدرسها إلى الآن انتهى. ثم توفي يوم الثلاثاء تاسع عشرين شهر رجب سنة ست وسبعين وستمائة. وقال الذهبي في العبر في سنة أربع وستين وخمسمائة: وأبو محمد عبد الخالق بن أسد الدمشقي الحلبي مدرس الصادرية والمعينية روى عن عبد

الكريم بن حمزة وإسماعيل بن السمرقندي1 وطبقتهما ورحل إلى بغداد وأصبهان وخرج لنفسه المعجم توفي في المحرم انتهى. وقال الأسدي في تاريخه في سنة أربع وستين المذكورة: عبد الخالق بن أسد بن ثابت الفقيه تاج الدين أبو محمد الطرابلسي الأصل الدمشقي الحنفي تفقه شافعيا ثم تحول حنفيا على البرهان المشلي ورحل في الحديث وجمع وخرج ودرس بالصادرية والمعينية وعمل مجلس للوعظ سمع جمال الإسلام بن المسلم ونصر اللد المصيصي وابن طاووس وطائفة بدمشق وإسماعيل بن السمرقندي وأبا محمد سبط الخياط وعبد الوهاب الأنماطي ببغداد وعمر بن إبراهيم العلوي2 بالكوفة وهبة إله ابن أخت الطويل بهمدان وإسماعيل الحمامي3 وطائفة بأصبهان وعمل لنفسه معجما توفي في المحرم بدمشق انتهى. قال الذهبي في سنة سبع وستين وخمسمائة: وأبو المظفر محمد بن أسعد بن الحكيم العراقي الحنفي الواعظ كان له القبول التام في الوعظ بدمشق ودرس بالصادرية والطرخانية والمعينية سمع أبا علي بن نبهان وجماعة وروى المقامات عن الحريري4 وصنف لها شرحا وصنف تفسير القرآن عاش نيفا وثمانين سنة انتهى. وقال الأسدي في هذه السنة: محمد ب أسعد بن محمد بن نصر الفقيه أبو المظفر بن الحكيم البغدادي الحنفي الواعظ نزيل دمشق درس بالطرخانية وبالصادرية وبنى له الأمير معين الدين أنر مدرسة وظهر له القبول في الوعظ سمع أبا علي بن نبعان وأبا طالب القزاز ونور الهدى الزيني وغيرهم روى عنه أبو المواهب وأبو القاسم بن صصري والقاضي أبو نصر ابن الشيرازي وغيرهم وقد كتب عنه ابن السمعاني. وقال ابن عساكر في ترجمته: وذكر أنه سمع المقامات من الحريري وألف تفسيرا وشرح المقامات وأنشد في ماردين أبياتا لفتنة بها توي عن نيف وثمانين سنة انتهى كلامه.

_ 1 شذرات الذهب 4: 112. 2 شذرات الذهب 4: 122. 3 شذرات الذهب 4: 158. 4 شذرات الذهب 4: 50.

المدرسة الطرخانية

112 - المدرسة الطرخانية قبلي البادرائية. قال ابن شداد: بجيرون أنشأها الحاج ناصر الدولة طرخان انتهى. وقال في تعداد مساجد دمشق: مسجد في المدرسة المعروفة بدار طرخان وهي كانت قديما للشريف أبي عبد الله بن أبي الحسن فوقها سنقر الموصلي وجعلها مدرسة لأصحاب أبي حنيفة رحمه الله تعالى انتهى. وقال الذهبي في العبر في سنة ثمان وأربعين وخمسمائة: وأبو الحسن البلخي علي بن الحسن الحنفي الواعظ الزاهد درس بالصادرية ثم جعلت له دار الأمير طرخان مدرسة انتهى. وقد مرت ترجمته في المدرسة البلخية. وقال الصفدي في حرف الطاء: من وافيه طرخان بن محمود الشيباني أحد الأمراء الكبار بدمشق صاحب المدرسة التي بجيرون توفي في حدود الخمس مائة وعشرين انتهى. ثم قال ابن شداد: أنشئت للشيخ برهان الدين أبي الحسن علي البلخي في سنة خمس وعشرين وخمسمائة وهو أول من درس بها وبعده جماعة منهم رشيد الدين الحواري وبعده ولده ثم بهاء الدين عباس بن الموصلي ثم زين الدين العتال من أصحاب الشيخ الإمام جمال الدين الخضيري ثم وليها الخطيب شمس الدين الحسين بن العباس بقلعة دمشق وهو مستمر بها إلى سنة أربع وسبعين وستمائة انتهى. وقال ابن كثير في تاريخه في سنة ثلاثين وستمائة: القاضي شرف الدين إسماعيل بن إبراهيم 1 أحمد مشايخ الحنفية وله مصنفات في الفرائض وغيرها وهو ابن خالة القاضي شمس الدين بن الشيرازي الشافعي وكلاهما كان ينوب عن ابن الزكي وابن الحرستاني وكان يدرس بالطرخانية وبها مسكنه فلما أرسل إليه الملك المعظم2 أن يفني بإباحة نبيذ التمر وماء الرمان امتنع من ذلك وقال: أنا على رأي محمد بن الحسن3 في ذلك والرواية عن أبي حنيفة شاذة ولا يصح حديث ابن مسعود4 في ذلك ولا الأثر عن عمر5 أيضا فغضب عليه المعظم وعزله عن التدريس

_ 1 شذرات الذهب 5: 129. 2 شذرات الذهب 5: 115. 3 شذرات الذهب 1: 321. 4 شذرات الذهب 1: 38. 5 شذرات الذهب 1: 240.

وولاه تلميذ الزين بن العتال وأقام الشيخ بمنزله حتى مات رحمه الله تعالى انتهى. وقال الأسدي في سنة تسع وعشرين وستمائة: إسماعيل بن إبراهيم بن أحمد بن غازي بن محمد القاضي شرف الدين أبو الفضل ويقال أبو الطاهر الشيباني المارداني الدمشقي الحنفي عرف بإبن فلوس ولد ببصرى في شهر ربيع الآخر سنة أربع وأربعين واشتغل في الفقه وسمع الحديث بدمشق من يوسف بن معالي البزاز1 وهبة الله بن محمد الشيرازي2 وناب في الحكم بدمشق بالمدرسة الطرخانية بجيرون ودرس بها روى عن الزكي البرزالي والشهاب القوصي والمجد بن الحلوانية وجماعة وأجاز لتاج العرب بنت غيلان وهي آخر من روى عنه وكان شيخا دينا لطيفا من أعيان الحنفية وبعث إليه الملك المعظظم يأمره بإظهار إباحة الأنبذة فابي وقال لا أفتح على أبي حنيفة هذا الباب وأنا على مذهب محمد في تحريمها وقد صح عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه ما باشرها قط وحديث ابن مسعود لا يصح وما روي فيه عن غير لا يثبت فغضب الملك المعظم وأخرج عنه الطرخانية وأعطاها للزين بن العتال تلميذ شرف الدين فلم يتأثر شرف الدين المذكور وأقام في بيته واقبل على التحديث والفتوى والإفادة إلى أن توفي رحمه الله تعالى في جمادى الأولى ودفن بقاسيون وذكره ابن كثير فيمن توفي سنة ثلاثين. قال: وله مصنفات في الفرائض وغيرها وكان جده شيرازيا فسكن الموصل مدة وولي قضاء الرها وقدم أبوه القاضي أبو إسحاق إبراهيم وناب بدمشق في القضاء انتهى. ثم درس بها أبو المظفر العراقي وقد مرت ترجمته في المدرسة الصادرية انتهى وقال ابن كثير في سنة تسع عشرة وسبعمائة: وممن توفي فيها من الأعيان الشيخ المقرئ شهاب الدين أبو عبد الله الحسين بن سليمان بن فزارة بن بدر الكفري الحنفي ولد تقريبا في سنة سبع وثلاثين وستمائة وسمع الحديث وقرأ بنفسه كتاب الترمذي وقرأ القرآن بالقراآت وتفرد بها مدة يشتغل الناس عليه وجمع عليه السبع أكثر

_ 1 شذرات الذهب 4: 311. 2 شذرات الذهب 4: 263.

من عشرين طالبا وكان يعرف النحو والأدب وفنونا كثيرة ودرس بالطرخانية أكثر من أربعين سنة وناب في الحكم عن الأذرعي مدة ولايته وكان خيرا مباركا وأضر في آخر عمره وانقطع في بيته مواطبا على التلاوة والذكر وإقراء القرآن إلى أن توفي رحمه الله تعالى الله تعالى سنة تسع عشرين وخمسمائة يوم الإثنين ثالث عشر جمادى الأولى وصلي عليه بعد الظهر يومئذ بجامع دمشق ودفن بقاسيون انتهى وقد مرت ترجمته من كلام الصفدي في المدرسة الرنجيلية.

المدرسة الطومانية

113- المدرسة الطومانية تجاه دار الحديث الأشرفية الدمشقية غربي الشريفية والفقاعية. لم أقف على ترجمة واقفها وقفها نصف قرية قصيفة غربي المغونس وقبلي لاهتة من اللجاة وحوانيت جوارها خراب. ورأيت في تاريه ابن قاضي شهبة في جمادى الأولى سنة سبع عشرة وفي يوم الأربعاء سابعه حضرت الدرس بالشامية البرانية ثم حضر قاضي القضاة في مدراسه وحضر القاضي الحنبلي - يعني شمس الدين بن عبادة - فحكم بها وكان من حين دخلوا إلى المدينة من بعد الوقعة إلى الآن يحكم بالطومانية الحنفية فلما كان في هذا الحصار احترق بعضها فانتقل إلى الفارسية ودخل نواب الحنفي إلى دار الحديث النورية وكانوا قبل يحكمون ببيت القاضي الحنفي بالقرب من السبعة انتهى. ولعل واقفها طومان النوري. قال الأسدي في تاريخه في سنة خمس وثمانين وخمسمائة: طومان بن ملاعب بن عبد الله الأنصاري الخزرجي النوري حسام الدين نجم الدولة الأمير الكبير الكامل الفاضل صاحب الرقة كان شجاعا جوادا محبا للخير كثير الصدقات مائلا إلى العلماء والفقهاء بنى بحلب المحروسة مدرسة الحنفية وكان السلطان يحبه ويعتمد عليه وكان من شجعان المسلمين واكبر أمراء نور الدين رحمه الله تعالى توفي رحمه الله تعالى مع السلطان ليلة النصف من شعبان وقد جاوزت سنه المائة بمكان يقال له تل

العاصية من مدينة صور وقبره بها يزار رحمه الله تعالى وقد بنى الخان المعروف به بطريق حلب المحروسة.

المدرسة الظاهرية الجوانية

114 - المدرسة الظاهرية الجوانية البيرية الصالحية قد تقدم محلها وأنها على الفريقين الحنفية والشافعية وترجمة واقفها وأن أول من درس بها الشيخ صدر الدين سليمان من الحنفية وهو قاضي القضاة الصدر سليمان بن أبي العز بن وهيب بن عطاء أبو الربيع الحنفي الأذرعي صاحب الجامع الصغير شيخ الحنفية في زمانه وعالمهم شرقا وغربا أقام يدرس مدة بدمشق ويفتي ثم انتقل إلى الديار المصرية ميلاده سنة أربع وتسعين وخمسمائة تفقه على الشيخ جمال الدين الحصيري وولي قضاء القضاة بالقاهرة في أيام السلطان الملك الظاهر بيبرس وحج زميله وكان قلده القضاء حيث حل ركاب السلطان وكان يحبه ويعظمه ولا يفارقه في غزواته ثم استعفاه من القضاء بالقاهرة وعاد إلى دمشق فأقام بها مدة مديدة يدرس بهذه المدرسة ثم مات مجد الدين بن العديم فعرض عليه المنصب مكانه فقبل وباشره مدة ثلاثة أشهر ومات ليلة الجمعة سادس شعبان سنة سبع وسبعين وستمائة ودفن من الغد بعد الصلاة بتربته بالقرب من الجامع الأفرم ومن لطيف شعره في مملوك تزوج جارية للملك المعظم: يا صاحبي قفا لي وانظرا عجبا ... أني به الدهر فينا من عجائبه البدر أصبح فوق الشمس منزلة ... وما العلو عليها من مراتبه أضحى يماثلها حسنا يشاركها ... كفوا وسار إليها في مواكبه وأشكل الفرق لولا وشي نمنمة ... بصدغه واخضرار فوق شاربه وقال ابن كثير في تاريخه في سنة ثلاث وسبعين: قاضي القضاة شمس الدين أبو محمد عبد الله ابن الشيخ شرف الدين محمد بن عطاء بن حسن ابن جابر بن وهيب الأذرعي الحنفي ولد سنة خمس وتسعين وخمسمائة سمع الحديث وتفقه على مذهب أبي حنيفة وناب في الحكم عن الشافعي

مدة ثم اشتغل بقضاء الحنفية أول ما ولي القضاة من المذاهب الأربعة ولما وقعت الحوطة على املاك الناس أراد السلطان منه أن يحكم بما بمقتضي مذهبه فغضب من ذلك وقال هذه الأملاك بأيدي أربابها وما يحل لمسلم أن يتعض لها ثم نهض من المجلس وذهب فغضب السلطان من ذلك غضبا شديدا ثم سكن غضبه فكان يثني عليه بعد ذلك ويمدحه ويقول لا تثبتوا كتابا إلا عنده وكان ابن عطاء من العلماء الأخيار كثير التواضع قليل الرغبة في الدنيا روى عنه ابن جماعة وأجاز البرزالي توفي رحمه الله يوم الجمعة ناسع جمادى الأولى ودفن بالقرب من المعظيمة بسفح قاسيون انتهى. ولم يذكر له تدريسا بهذه المدرسة. ثم درس بها الصاحب محيي بن النحاس وقد مرت ترجمته في المدرسة الزنجارية. ثم درس بها العلامة ركن الدين السمرقندي. قال الذهبي في مختصر تاريخ الإسلام في سنة إحدى وسبعمائة: في صفر ختق شيخ االحنفية العلامة ركن الدين السمرقندي عبيد الله بن محمد السمرقندي مدرس الظاهرية وألقى في بركتها وأخذ ماله ثم ظهر قاتله أنه قيم الظاهرية فشنق على حائطها انتهى. وقال ابن كثير في إحدى وسبعمائة: وفي يوم الثلاثاء عاشر شهر ربيع الآخر شنق الشيخ علي الحوراني بواب الظاهرية على بابها وذلك أنه اعترف بقتل الشيخ ركن الدين السمرقندي انتهى. وقال صلاح الدين الدين الصفدي في: الوافي عبيد الله بن محمد السمرقندي الإمام العابد شيخ الحنفية ركن الدين البارشاه السمرقندي نزيل دمشق مدرس الظاهرية ثم النورية وكان من كبار أئمة المذهب مكبا على المطالمة والتعليم له ورد في اليوم والليلة مائة ركعة وله حلقة بالجامع أصبح يوما ملقى في بركة الظاهرية كأنه خنق بشيء من حطام الدنيا وأخذ علي الحوراني قيم دار الحديث بالظاهرية وضرب فأقر بقتله فشق بذلك في سنة إحدى وسبعمائة انتهى. ثم درس بها العلامة شمس الدين الحريري وهو كما قال الصلاح الصفدي: محمد بن عثمان بن أبي الحسين قاضي القضاة شيخ المذهب شمس الدين بن صفي الدين الأنصاري الحنفي بن الحريري الدمشقي

ولد في صفر سنة ثلاث وخمسين وتفقه وبرع وحفظ الهداية وغيرها وأفتى ودرس وتميز مع الوقار والسمت الحسن والأوراد وحسن الهد والفتوة والهيبة انطلاق العبارة سمع من أبي اليسر وابن عطاء والجمال بن الصيرفي والقطب بن أبي عصرون وجماعة ودرس بأماكن ثم ولي القضاء بدمشق مدة قال ابن كثير في سنة تسع وتسعين: وفي يوم الأحد الحادي والعشرين من شعبان ولي قضاء الحنفسة بدمشق شمس الدين بن الصفي الحريري عوضا عن حسام الدين الرازي فقد في المعركة في ثاني شهر رمضان انتهى. ثم قال الصلاح الصفدي: وطلب إلى الديار المصرية وولي بها القضاء وكان صارما تولاها بحق حميد الأحكام قليل المثل متين الديانة وانتقدوا عليه امورا من تعظيم نفسه توفي بالقاهرة سنة ثمان وعشرين وسبعمائة وكانت جنازته مشهودة وطلب القاضي برهان الدين ابن قاضي الحصن مكانه باشارته أخبرني الشيخ فتح الدين بن سيد الناس ان المصريين لم يعدوا على القاضي شمس الدين بن الحريري أنه ارتشى في حكومته ويقال أنه كان له قلم للعلامة وقلم للتوقيع وله أشياء من مراعاة الأعراب في لفظة حتى مع النساء في بيته انتهى. وقال ابن كثير في سنة عشر وسبعمائة: في شهر ربيع الأخر درس القاضي شمس الدين بن أبي العز الحنفي بالظاهرية عوضاً عن شمس الدين بن الحريري وحضر عند خاله الصدر علي قاضي قضاة الحنفية وبقية القضاة ةالأعيان انتهى. وقال في سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة: وممن توفي فيها من الأعيان القاضي شمس الدين بن أبي العز أبو عبد الله محمد ابن الشيخ عز الدين أبي العز بن وهيب الأذرعي الحنفي أحد مشايخ الحنفية وأحد أعيانهم وفضلائهم في فنون من العلوم متعددة حكم نيابة نحوا من عشرين سنة وكان شديد الأحكام محمود السيرة جيد الطريقة كريم الأخلاق كثير البر والصلة والإحسان إلى أصحابه وغيرهم وخطب بجامع الأفرم مدة وهو أول من خطب به ودرس بالمعظيمة واليغمورية والقلبيجية والظاهرية وكان ناظر أوقافها وأذن للناس في الإفتاء وكان كبيرا معظما مهيبا توفي رحمه الله تعالى بعد مرجعه

من الحج بأيام قلائل يوم الخميس سلخ المحرم وصلي عليه يومئذ بعد الظهر بجامع الأفرم ودفن عند المعظيمة عند أقاربه وكانت جنازته حافلة وشهد له الناس بالخير وغبطوه بهذه الموتة رحمه الله تعالى ودرس بعده في الظاهرية نجم الدين القحفازي وفي المعظمية والقليجية والخطابة بالأفرم ابنه علاء الدين. وباشر بعده نائبه الحكم القاضي عمادالدين الطرسوسي مدرس القلعة انتهى. وقال الذهبي في العبر في سنة اثنتين وعشرين المذكورة: درس بالظهارية القحفازي بعد موت ابن أبي العز الحنفي انتهى. وقال ابن كثير في السنة المذكورة: وفي يوم الأربعاء سادس صفر درس الشيخ نجم الدين القحفازي بالظاهرية للحنفية وهو خطيب جامع دنكز وحضر عنده القضاة والأعيان ودرس في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} الآية وذلك بعد وفاة القاضي شمس الدين بن العز الحنفي في مرجعه من الحجا وباشر بعده نياية القضاء عمادالدين الطرسوسي وهو زوج ابنته وكان ينوب عه في حال غيبته فاستمر بعده ثم ولي الحكم بعده مستنيبه فيها انتهى. وقال السيد الحسيني رحمه الله تعالى في ذيل العبر في سنة خمس وأربعين وسبعمائة: ومات بدمشق شيخ الأدب الإمام ذو الفنون نجم الدين علي بن داود بن يحيى بن كامل القرشي القحفازي الحنفي خطيب جامع دنكز ومدرس الحنفية بالظاهرية سمع من البرهان بن الدرجي1 وغيره ولد سنة ثمان وستين وولي الخطابة بعد القاضي عمادالدين بن العز انتهى. وقال الذهبي في العبر في سنة خمس وعشرين وسبعمائة: ومات بدمشق شيخ الظاهرية عفيف الدين إسحاق بن يحيى الآمدي الحنفي في شهر رمضان عن ثلاث وثمانين سنة وروى كثيرا عن ابن خليل وعن عيسى الخياط والضياء صقر2 وغيره وطلب الحديث وحصل أصولا بمروياته وخرج له ابن المهندس معجما قرأته عليه وكان لا بأس به انتهى. وقال السيد في سنة ثمان وخمسين وسبعمائة: مات بالقاهرة الشيخ قوام الدين لطف الله الحنفي أحد الزهاد وقد ولي مشيخة الظاهرية بدمشق أياما انتهى.

_ 1 شذرات الذهب 5: 373. 2 شذرات الذهب 5: 261.

المدرسة العذراوية

115 - المدرسة العذراوية قد مر محلها وأنها على الحنفية والشافعية وترجمة واقفها. قال ابن شداد: ذكر من علم بها من المدرسين - يعني الحنفية - القاضي عزيز الدين السنجاري بقي بها مدة فلما حضر الشيخ حميدالدين السمرقندي نزل عنها له وتولاها مدة ثم أخذت من يده وتولاها قاضي القضاة صدر الدين سليمان الحنفي ولم يزل بها إلى الدولة الناصرية الصلاحية واستناب ولده شمس الدين محمد وتوجه إلى الديار المصرية فاستقل بها ولده حين أقام والده قاضي القضاة بالديار المصرية وهو مستمر بها إلا الآن انتهى. ثم درس بها السيد عمادالدين بن عدنان وقد مرت ترجمته في المدرسة الجقمقية ثم درس بها القاضي جلال ادين الرازي وقد مرت ترجمته في المدرسة الخاتونية الجوانية انتهى.

المدرسة العزيزية

116 - المدرسة العزيزية جوار المدرسة المعظمية بالصالحية وقال ابن شداد المدرس المعظمية والمدرسة العزيزية جاورة لها أنشئت المعظمية بالصالحية في سنة إحدى وعشرين وستمائة انتهى. قال ابن كثير في سنة ثلاثين وستمائة: والملك العزيز عثمان ابن الملك العادل وهو شقيق الملك المعظم وكان صاحب بانياس وتلك الحصون التي هناك وهو الذي بنى الصبيبة وكان عاقلا قليل الكلام مطيعا لأخيه المعظيم ودفن عنده وكانت وفاته يوم الإثنين عاشر شهر رمضان ببستانه الناعمة من بيت لهيا سامحه الله تعالى. وقال الذهبي في العبر في السنة المذكورة: الملك العزيز عثمان ابن الملك العادل أخو الملك المعظم لأبويه هو الذي بنى قلعة الصبيبة بني بانياس وتبنين وهونين اتفق موته بالناعمة وهو بستان له بيت لهيا في عاشر رمضان انتهى. ثم قال ابن شداد:

أول من وليها القاضي صدر الدين إبراهيم ابن الشيخ برهان الدين مسعود. ثم من بعده مجد الدين أخوه إلى أن توفي. ثم وليها بعده كمال الدين عبد اللطيف ابن القاضي عزالدين السنجاري فظهر كتاب وقفها فعلم أن مدرسها يكون مدرس المعظمية. ثم انتقلت من بعده إلى من انتقلت إليه المعظمية إلى الآن انتهى. ثم درس بها الشيخ شمس الدين محمد الحنفي المعروف بابن عزيز الواعظ. قال الأسدي في تاريخه في جمادى الآخرة سنة تسع عشرة وثمانمائة: كان فاضلا ذكيا يكتب خطا حسنا ودرس بالمعظمية والعزيزية بها ومشيخة اليونسية وكان قبل الفتنة يركب في حمدة ويلبس ثيابا حسنة ثم أنه بعد الفتنة افتقر وساءت حاله وكان حسن العشرة كريم النفس توفي بقرية كتيبة وقف المدرسة العزيزية وقدم منها ميتا يوم الخميس سادس واستقر عوضه في تدريس المعظمية والعزيزية القاضيان بدر الدين الحسيني وشمس الدين بن الأذرعي انتهى.

المدرسة العزية البرانية

117 - المدرسة العزية البرانية فوق الوراقة وقفها بالشرف الأعلى شمالي ميدان القصر خارج دمشق قال القاضي الحلبي: مدرسة الأمير عز الدين استادار المعظمي المعروف بصاحب صرخد منشئها الأمير عز الدين المذكور في سنة ست وعشرين وستمائة انتهى. قال الذهبي في مختصر تاريخ الإسلام في سنة خمس وأربعين وستمائة: وفيها توفي صاحب صرخد عز الدين أيبك ونقل في تابوت فدفن بتربته المشرفة على الميدان انتهى. وقال ابن كثير في تاريخه في السنة المذكورة: واقف العزية الأمير عز الدين أيبك استادار المعظم وكان من العقلاء الأجواد الأمجاد استنابه الملك على صرخد فظهرت منه نهضة وكفاية واقف العزيتين البرانية والجوانية ولما أخذ منه الصالح إسماعيل فاحتيط عليه وعلى أمواله وحواصله فمرض وسقط إلى الأرض وقال: هذا آخر عبدي ثم

لم يتكلم حتى مات ودفن بباب النصر بمصر ثم نثل إلى تربته التي فوق الوراقة وإنما ارخ السبط وفاته في سنة سبه وأربعين فالله سبحانه تعالى أعلم. وقال ابن كثير في سنة أربع وخمسين وستمائة: الأمير مظفر الدين إبراهيم ابن صاحب صرخد عزالدين أيبك استادار المعظم واقف العزيتين الجوانية والبرانية على الحنفية وفدن عند والده بالتربة تحت القبة عند الوراقة انتهى. ثم قال القاضي الحلبي: أول من ذكر بها الدرس شمس الدين ابن فلوس وكان رجلا فاضلا إلى أن توفي ثم من بعده رشيد الدين الغزنوي ثم من بعده تاج الدين العتابي. ثم من بعده فخر الدين ابن الصلاح إلى أن توفي. ثم درس بعده شمس الدين يوسف سبط ابن الجوزي ثم من بعده ولده عزالدين إلى أن توفي. وكان ينوب عنه فيها كمال الدين علي بن عبد الحق ثم تولاها بعده الشيخ برهان الدين محمد بن علي بن سفيان الترمذي إلى أن انتقل إلى قضاء الحصن بعد أخذه من الفرنج المخذولين. ثم تولى بعده عزالدين إسحاق المعروف بالعباس وهو مستمر بها إلى الآن انتهى وقد مرت ترجمة السبط في المدرسة البدرية. وأما ولده فقال الصفدي: عبد العزيز بن يوسف عزالدين ابن الشيخ شمس الدين سبط بن الجوزي رحمهما الله تعالى. كان قد درس مكان أبيه بعده بالمدرسة العزية التي فوق الميدان الكبير ودفن عند أبيه بجبل قاسيون لما مات في سلخ شوال سنة ستين وستمائة انتهى. ثم درس بها الشيخ جلال الدين الخجندي وقد مرت ترجمته في المدرسة في المدرسة الجوهرية وقال تقي الدين بن قاضي شهب في محرم سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة: من ذيله لتاريخ شيخه وفي يوم الأربعاء خامسه درس قوام الدين الرومي الحنفي بالمدرة العزية البرانية وحضر عنده قاضي القضاة الشافعي يعني نجم الدين بن حجي وغيره وكان هذا الرجل بمصر وولي قضاء العسكر ثم عضب عليه السلطان وأخرحه إلى القدس فأقام نحو سنة على ما بلغني ثم قدم دمشق

وهو متزوج بنت المقريء شمس الدين بن الجزري فسعى وأخذ تصدير ابن الجزري بالجامع وجلس يشتغل وله يد في العلوم العقلية وتودد إلى النائب ثم أعطى نصف تدريس هذه المدرسة عن ابن القطب وابن الخشاب وكان ذاك تلقاها عن أبيه وهذا عن أخيه ولم يحضر بها أحد من الأربعة فأعطيت لهذا بحكم أهلية المذكورين وبلغني أيضا أنه اعطي الفرخشاهية وغيرها من الجهات التي بيد ابن الخشاب بحكم أنه أخذ وقف المدرسة العزية الجوانية في المدة الماضية وطلب من العمارة في العام الماضي فعجز وسجن بالقلعة مدة وأخرجت جهاته ودرس في النصف الآخر شمس الدين بن الجزري وكان هذا النصف قد تلقاه في سنة عشرين شخص لا أهلية له عن شرف الدين نعمان ولم يباشر ثم نزل عنه في هذا الوقت لهذا الرجل انتهى. ثم قال فيه أيضا في شوال سنة سبع وعشرين: وفي يوم الإثنين سابعه سافر إلى مصر الشيخ المعمر المقريء شمس الدين ابن الجزري ومعه الشيخ قوام الدين ابن قاسم العلائي الحنفي كان قد قدم من سنين من مصر وجلس للاشتغال بالجامع الأموي ودرس بالعزية البرانية وولي خدمة الجيش وغير ذلك فنزل عن جهاته وتوجه إلى مصر انتهى. قال في شعبان سنة سبع وعشرين المذكورة: وممن توفي فيه الشيخ العالم شمس الدين أبو عبد الله محمد بن شهاب الدين أحمد بن زين العابدين المبارك الحموي الأصل الحنفي المعروف بابن الجزري بلغني أنه قرأ على الشيخ شرف الدين بن منصور وغيره من أشياخ الحنفية بدمشق وأقام بحماة مدة طويل ثم سكن بعد الفتنة بمصر وتاب بها القضاء الحنفي ثم قدم بدمشق من سنين واتنزل عن تصدير الجامع الأموي وجلس للاشتغال وحصل له نصف تدريس العزية البرانية وكان مشاركا في فنون ويده في الفقه ضعيفة وكان ضعيف البنية كثير الأمراض توفي بمنزلة بالعزية البرانية يوم الأربعاء خامس عشر الشهر وصل عليه بجامع يلبغا ودفن بالمقبرة التي سلبها السلطان الملك الأشرف غربي خانقاه عمر شاه وأظنه جاوز السبعين وكان قد اتقي وكان يتهم بمال فلم

يظهر طائل على ما بلغني وكان أخوه زين الدين قاضي حماة الشافعي وكان قد قدم إليه في ضعفه فنزل عن التصدير وأمضى النزول ثم خرج عنه لغيبته بحماة يعني سمى فيه قوام الدين قاسم العلائي عند النائب ولهذين الأخوين أخ ثالث يقال له علاء الدين هو الأوسط بلغني أنه فاضل يستحضر في الروضة كثيرا ويفتي بحماة انتهى. ثم قال فيه أيضا في شعبان سنة ثمان وعشرين وثمانمائة: الشيخ شهاب الدين أحمد بن الفصيح الحنفي كان قبل الفتنة يشهد بالمدرسة النورية عند القاضي الحنفي ثم توجه إلى مصر ودخل في الأكابر وكان له وجاهة عند القاضي صدر الدين بن الآدمي وكان بينهما قرابة وعند القاضي ناصر الدين بن الفصيح البارزي وحصل له بسبب ذلك وظائف ومنها خدامة الخانقاه البيبرسية ونصف خدمة الخانقاه السميساطية ونصف تدريس بالعزية البرانية وعمل نقابة قاضي القضاة شهاب الدين ابن حجي وكان عنده عقل وسياسة توفي بالقاهرة وقد قارب السبعين أو جاوزها واستقر عوضه في جهاته ولده ووصل الخبر بوفاته إلى دمشق في يوم الأحد رابع عشره انتهى. وقد مر في الجوهرية أنه ولي نصف تدريس العزية هذه عنه ابن عوض وولي مشيخة الحديث بهذه المدرسة جماعة مهم ابن صابر. قال الذهبي في العبر في سنة سبع وثلاثين وستمائة: وأبو طالب بن صابر الدمشقي محمد بن أبي المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن أحمد بن علي بن صابر السلمي الصوفي روى عن أبيه وجماعة وصار شيخ الحديث بالعزية. قال ابن النجار: لم أر إنسانا كاملا غيره زاهدا عابدا ورعا كثير الصلاة والصوم توفي في سابع المحرم انتهى. ومنهم ابن المظفر. قال السيد الحسيني في ذيل العبر في سنة ثمان وخمسين وسبعمائة: ومات الحافظ المفيد شهاب الدين أبو العباس أحمد بن المظفر النابلسي سبط الزين خالد ولد سنة خمس وسبعين في شهر رمضان وسمع من زينب مكي1 وابن الواسطي2 وخلق ورحل وقرأ وكتب وعني بهذا الشأن نوولي مشيخة العزية

_ 1 شذرات الذهب 5: 404. 2 شذرات الذهب 6: 24.

وغيرها توفي في شهر ربيع الأول بدمشق وكان من أئمة هذا الشأن انتهى.

المدرسة العزية الجوانية

118 - المدرسة العزية الجوانية قال ابن شداد: بالكشك تعرف هذه المدرسة بدار ابن منقذ منشئها الأمير أبيك المعظمي استدار الملك المعظم انتهى. وقد مرت ترجمته في المدرسة قبلها. وقال ابن كثير في سنة أربع وخمسين وستمائة: في ترجمة مدرسها شمس الدين سبط ابن الجوزي ودرس بالعزية البرانية التي بناها الأمير عز الدين ايبك المعظمي استادار الملك المعظم وهو واقف العزية الجوانية التي بالكشك أيضا وكانت قديما تعرف بدور ابن منقذ انتهى. ثم قال ابن شداد: ذكر من درس بها القاضي مجد الدين قاضي الطور إلى ان توفي ثم ذكر من بعده القاضي شرف الدين عبد الوهاب الحوراني إلى ان توفي وبعده شرف الدين داود ثم من بعده شمس الدين بن الجوزي الواعظ المشهور. ثم تولاها بعده ولده عز الدين بن عبد العزيز إلى ان توفي ووليها بعده عماد الدين داود البصروي وهو بها إلى الآن انتهى. وقال ابن كثير في تاريخه في سنة أربع وثمانين وستمائة: القاضي عماد الدين داود بن يحيى بن كامل القرشي البصروي الحنفي مدرس العزية بالكشك وناب في الحكم عن مجد الدين بن العديم وسمع الحديث وتوفي في ليلة النصف من شعبان وهو والد الشيخ نجم الدين القحفازي شيخ الحنفية وخطيب جامع دنكز انتهى. وقال الصفدي: داود بن يحيى القاضي عماد الدين القرشي الحنفي البصروي والد الشيخ نجم الدين القحفازي ولي تدريس العزية بالكشك وناب في القضاء وروى الحديث عن أبي القاسم بن صصري فيما قيل وعن أبي إسحاق الصيرفيني وعبد الرحمن الصولي وناب عن القاضي مجد الدين بن العديم وكان إماما محققا ولد سنة ثمان وتسعين وتوفي سنة أربع وثمانين وستمائة انتهى. فائدة: قال الذهبي في عبره فيمن مات في سنة إحدى وثمانين وستمائة: والبرهان أحمد بن الدرجي أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق بن إسماعيل

ابن إبراهيم بن يحيى القرشي الدمشقي الحنفي إمام مدرسة الكشك روى عن الكندي وأبي الفتوح البكري وأجاز له أبو جعفر الصيدلاني1 وطائفة وروى المعجم الكبير للطبراني توفي في صفر. وقال ابن كثير في السنة المذكورة: وممن توفي فيها من الأعيان الشيخ الصالح بقية السلف برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم ابن الشيخ صفي الدين أبي الفدا إسماعيل بن إبراهيم بن يحيى بن علوي ابن الرضي الحنفي إمام العزية بالكشك وسمع الكثير من جماعة منهم الكندي وابن الحرستاني ولكن لم يظهر سماعه منهما إلا بعد وفاته وقد أجاز له أبو جعفر الصيدلاني وعفيفة الفارقانية2 وابن المنازي وكان رجلا صالحا محبا لإسماع الحديث كثير البر بالطلبة وقد قرأ عليه الحافظ جمال الدين المزي معجم الطبراني الكبير وسمع منه بقراءته الحافظ البرزالي وجماعة كثيرون وكان مولده في سنة تسع وتسعين توفي في يوم الأحد سابع صفر وهو اليوم الذي قدم فيه إلى دمشق الحجاج من الحجاز وكان هو معهم فمات بعد استقراره بدمشق رحمه الله تعالى.

_ 1 شذرات الذهب 5: 10. 2 شذرات الذهب 5: 19.

المدرسة العزية الحنفية

119 - المدرسة العزية الحنفية قال عز الدين الحلبي: بجامع دمشق واقفها عز الدين ايبك المعظمي استدار الملك المعظم واشرط وقفها أنه بنى مدرسة بالقدس الشريف على أنه متى كان القدس بيد المسلمين يكون الوقف على المكان المذكور وإن تعطل أي تعطل القدس كان على مدرسته بالجامع الأموي المعمور جوار مشهد علي انتهى. وهو الذي أنشأ المدرستين قبل هذه وقد مرت ترجمته في أولاهما. ثم قال عز الدين: ذكر من درس بها حين تعطل القدس القاضي مجد الدين قاضي الطور وكان رجلا فاضلا يلبس الطرحة ويذكر بها الدرس. ثم ذكر بعده القاضي شرف الدين عبد الوهاب بن الحوراني وبقي مدة. وذكر بعده

رضي الدين عمر بن الموصلي إلى حين دار القدس الشريف. ثم ذكر بعده شمس الدين بن الجوزي إلى حين دار القدس الشريف فعاد وقف المدرسة العزية كما تقدم بالقدس الشريف على حجم شريط الواقف.

المدرسة العلمية

120 - المدرسة العلمية شرقي جبل الصلحية وغربي اليطورية. قال عز الدين الحلبي: بانها الأمير علم الدين سنجر المعظمي في شهور سنة ثمان وعشرين وستمائة انتهى. ولم يذكره الصفدي في تاريخه فإنه قال: علم الدين سنجر الحصني وعلم الدين سنجر التركستاني وعلم الدين سنجر الصالحي وعلم الدين سنجر الحلبي وعلم الدين سنجر العبدي وعلم الدين سنر الشجاعي المنصوري وعلم الدين سنجر الإمام الأمير العالم المحدث التركي الدواداري وعلم الدين سنجر الجاولي1 وعلم الدين سنجر الحمصي ولم يذكر المعظمي. قال عز الدين - ذكر من درس بها -: أول من درس بها صدر الدين علي المعروف بأبي الدلالات العباسي إلى أن توفي وناب عنه بها تاج الدين النخيلي نيابة عن ولده نجم الدين حمزة إلى أن توفي الولد وتولاها بعده تقي الدين التركماني. ثم تولاها بعده شرف الدين الراسعيني. ثم وليها بعده كمال الدين على بن عبد الحق من وهو مستمر بها إلى الآن انتهى. وممن درس بها قاضي القضاة شمس الدين محمد بن إبراهيم بن داود بن حازم الأذرعي وميلاده سنة أربع وأربعين وستمائة بأذرعات تفقه على الشيخ رشد الدين سعيد البصروي وأخ علم النحو عن بدر الدين بن مالك ولما قدم من أذرعات كان دون العشرين بقليل فقرأ القرآن الكريم بالجامع الأموي على الشيخ يحيى بن المنبجي2 في مدة يسيرة فيما قيل دون ستة أشهر ثم اشتغل بالفقه وتوجه إلى حلب ودرس بالحلاوية وأفتى ثم انتقل إلى دمشق ودرس بالعلمية وغيرها وفي سنة خمس وسبعمائة ولي القضاء بدمشق وكانت ولايته

_ 1 شذرات الذهب 6: 142. 2 شذرات الذهب 5: 354.

سنة كاملة وتوفي يوم الأربعاء ثامن عشرين شهر رجب سنة اثنتي عشرة وسبعمائة بالقاهرة وقد مرت له ترجمة مختصرة من كلام ابن كثير في المدرسة الشبلية البرانية واتفق له في توليته للقضاء اتفاق غريب. قال ابن كثير في سنة خمس وسبعمائة: وفي يوم الخميس ثاني عشر ذي القعدة وصل البريد مصر بتولية القضاء لشمس الدين محمد بن إبراهيم الأذرعي قضاء الحنفية عوضا عن ابن الحريري. وقال في سنة ست وسبعمائة: وفي يوم الأحدى والعشرين من شهر ربيع الآخر قدم البريد من القاهرة ومعه تجديد توقيع للقاضي شمس الدين الأذرعي الحنفي فظن الناس أنه بولاية القضاء لابن الحريري فذهبوا إليه ليهنوه مع البريدي إلى الظاهرية واجتمع الناس لقراءة التقليد على العادة فشرع الشيخ علم الدين البرازالي في قراءته نفلما وصل إلى الإسم تبين أنه ليس له وأنه للأذرعي فبطل القارئ وقام الناس مع البريدي إلى الاذرعي وحصلت كسرة وخمدة على الحرير والحاضرين انتهى. وقال الحافظ الحسيني: والحافظ المفيد شرف الدين عبد الله بن محمد بن إبراهيم الواني الحنفي درس العلمية توفي في سنة تسع وأربعين وسبعمائة وذكره في ذيل العبر في هذه السنة انتهى.

المدرسة الفتحية

121 - المدرسة الفتحية قال ابن شداد: هي برحيبة خالد منشئها الملك الغالب فتح الدين صاحب بارين نسيب صاحب حماة ولها أوقاف بالديار المصرية في سنة ست وعشرين وستمائة انتهى. وأنشأ مدرسة أخرى على الشافعية كما مر في مدارسهم. وقال الصفدي في ترجمة خالد بن أسد بن أبي العيش شذرات1: وذكر أب الحسين الرازي أن لدار والحمام والمعروفين بخالد في رحبة خالد بن أسد. قال ابن عساكر: يشبه أن يكون ذلك نسبة إلى خالد بن عبد الله بن خالد ابن أسد أنه كان بدمشق مع عبد الملك وهو من أهل دمشق. ثم قال

_ 1 شذرات الذهب 1: 97.

الصلاح في ترجمة في ترجمة خالد بن عبد الله بن يزيد بن أسد أبي الهيثم البجلي القسري أمير مكة المشرفة للوليد وسليمان أمير العراقين: قال الحافظ ابن عساكر: وداره بدمشق هي الدار الكبيرة التي في مربعة القز بقرب القدم بدار الشريف المزيدي وإليه ينسب الحمام الذي مقابل قنطرة سنان بباب توما وهو الذي قتل جعد بن درهم وكان جوادا سخيا ممدحا فصيحا إلا أنه كان رجل سوء كان يقع في علي رضي الله تعالى عنه الله تعالى عنه ويذم بئر زمزم وكان نحوا من الحجاج مات في المحرم سنة ست وعشرين ومائة بعد ان عصرت قدماه ثم ساقاه حتى انقصفنا ثم صلبه فمات حينئذ. ثم قال ابن شداد: أول من درس بها الشيخ بهاء الدين عباس إلى أن توفي ثم تولي من بعده الصدر الشريف العباسي وما زال بها إلي أن توفي ثم وليها القاضي نظام الدين ابن الشيخ جمال الدين الحصيري في الدولة الناصرية وما زال بها إلى سنة تسع وستين وستمائة ثم وليها الزين عبد الرحمن ابن الشيخ نصر وهو مستمر بها إلى الآن انتهى والله تعالى أعلم.

المدرسة الفرخشاهية

122 - المدرسة الفرخشاهية قال عز الدين الحلبي: تعرف بعز الدين فرخشاه واقفتها حظ الخير خاتون ابنة إبراهيم بن عبد الله والدة عز الدين فرخشاه وهي زوجة شاهنشاه بن أيوب أخي صلاح الدين الدين وذلك في سنة ثمان وسبعين وخمسمائة وانتهى. وقال الذهبي في العبر فيمن مات في سنة ثمان وسبعين وخمسمائة: وفرخشاه بن شاهنشاه بن أيوب بن شادي عز الدين صاحب بعلبك وأبو صاحبها الملك الأمجد ونائب دمشق لعمه صلاح الدين الدين كان ذا معروف وبر وتواضع وادب وكان للتاج الكندي به اختصاص توفي بدمشق ودفن بقبته التي بمدرسته على الشرف الشمالي في جمادى الأوللى وهو أخو صاحب حماة تقي الدين انتهى. وقال في مختصر تاريخ الإسلام في السنة المذكورة: وفيها مات عز الدين فرخشاه بن شاهنشاه بن أيوب بعلبك ودفن بمدرسته

التي على الشرف الأعلى وتملك بعلبك ابنه الأمجد انتهى. وقال ابن كثير في السنة المذكورة في تاريخه: فصل في وفاة المنصور عزالدين فرخشاه بن شاهنشاه بن أيوب صاحب بعلبك ونائب مشق لعمه الملك صلاح الدين الدين وهو والد الملك الأمجد بهرام شاه صاحب بعلبك يضا بعد أبيه المذكور وإليه تنسب المدرسة الفرخشاهية بالشرف الشمالي والي جانبها التربة الأمجدية لولده هما وقف على الحنفية والشافعية وقد كان فرخشاه شهما شجاعا بطلا عاقلا ذكيا فاضلا: كريما ممدحا امتدحه الشعراء لفضله وجوده واحسانه وكان من أكابر أصحاب الشيخ تاج الدين أبي اليمن الكندي عرفه من مجلس القاضي الفاضل إلى أن قال: ومن محاسن المنصور عز الدين فرخشاه صحبته لتاج الدين الكندي وله في الكندي مدائح وقد اورد الشيخ شهاب الدين ذلك مستقصى في الروضتين ومن ذلك أنه دخل يوما إلى الحمام فرأى رجلا كان يعرفه من أصحاب الأموال وقد نزل به الحال حتى أنه تستر ببعض ثيابه حتى لايبدو جسده فرق له وأمر غلامه ان ينقل بقجة وسماطا إلى موضع الرجل وأحضر ألف دينار وبغلة وتوقيعا له في كل شهر بعشرين ألف درهم فدخل الرجل الحمام من أفقر الناس وخرج منه وهو من أغنى الناس وذلك منه لوجه آل على الأجواد والأكياس. ثم قال عزا لدين المذكور: ولم اتحقق ممن درس بها سوى عماد الدين ابن الفخر غازي إلى ان توفي ثم من بعده أوحد الدين محمد بن الكعكي وقد تقدم ذكره في مسجد التاشي ثم من بعده تاج الدين موسى بن عبد العزيز سوار ثم من بعده القاضي عزا لدين أبو عبد الله محمد ابن أبي الكرم الحنفي وقد تقدم ذكره ثم من بعده ولده كمال الدين عبد اللطيف في حال حياة والده ثم نزل عنها لأخيه عماد لدين عبد الرحيم وبقي بها مستمرا إلى ان توفي في سنة تسع وستين وستمائة ثم وليها من بعده القاضي تاج الدين عبد القادر بن السنجاري أخو المتوفين وهو ستمر بها إلى حين هذا التاريخ انتهى. يعني سنة أربع وسبعين وستمائة ثم درس بها في سنة إحدى وثمانين الشيخ شمس الدين بن

الصفي الحريري كما قال ابن كثير في تاريخه: وهو قاضي القضاة شمس الدين محمد بن عثمان بن أبي الحسن بن عبد الوهاب الأنصاري المعروف بابن الحريري حافظ الهداية. قال قاضي القضاة نجم الدين الطرسوسي في شرح منظومته: ميلاده بدمشق في عاشر صفر سنة ثلاث وخمسين وستمائة وقرأ الفقة على الشيخ عماد الدين ابن الشماع وعلى الشيخ رشيد الدين بن البصري وتفقه عليه والدي وعمي قاضي القضاة برهان الدين بن عبد الحق وأخوه الشيخ شهاب الدين والشيخ شمس الدين بن هاشم وشيخنا الشيخ نجم الدين وجماعة وشرح الهداية وعلق فوائد فقهية وولي تدريس المدرسة الخاتونية البرانية في سنة ثمان وتسعين وستمائة وولي القضاء بدمشق في يوم الثنين ثاني شهر رمضان سنة تسع وتسعين وستمائة واستناب جدي لأمي اقضى القضاة شمس الدين بن العز وذكر الدرس بالمدرسة الخاتونية ودرس أيضاً قديماً في سنة إحدى وثمانين وستمائة ودرس بالظاهرية بدمشق عوضاً عن القاضي شمس الدين الملطي وفي ثاني عشر ذي القعدة سنة سبعمائة عزله قاضي القضاة جلال الدين وكانت هذه العلة غير صحيحة فإنها لم تكن م السلطان وإنما كانت من الوزير والنائب ولهذا أحكام جلال الدين فيها لاتنفذ ثم في يوم الثلاثاء خامس جمادى الآخرة سنة إحدى وسبعمائة اعيد إلى القضاء بتقليد السلطان فصارت المدة التي لا تنفذ فيها أحكام جلال الدين ستة أشهر ثمانية عشر يوم ودرس بالمدرسة المرشدية والصادرية وولي بعد مدارس العز في ثامن شهر ربيع الأول سنة عشر وسبع عشر وسبع مائة ووصل البريد بطلبه إلى القاهرة حاكماً وتوجه يوم الإثنين العشرين من الشهر المذكور وبلغني ممن اثق بع أنه امتنع عن ركوب البريد وركب بغلته توفي بمصر على القضاء في يوم السبت خامس بجمادي الآخرة سنة ثمان وعشرين وسبعمائة انتهى كلام الطرسوسي. وقد مرت ترجمه لشمس الدين هذا مختصرة في المدرسة الظاهرية.

تنبيه: ما قدمناه من كلام ابن كثير صريح في ان هذه المدرسة مشتركة بين الفريقين. وفي كلام الأسدي ما يخالفه فإنه قال عقيب ما تقدم: ودفن بتربته بالشرف الأعلى التي إلى جانب مدرسته وهي على الحنفية وولي بعده ابنه الأمجد ومن شعر فرخشاه قوله: إذا شئت ان تعطي الأمور حقوقها ... وتوقع حكم العدل أحسن موقعة فلا تضع المعروف في غير أهله ... فظلمك وضع الشئ في غير موضعه

المدرسة القجماسية

123 - المدرسة القجماسية دخل باب النصر وباب السعادة أنشأها نائب الشام قجماس الاسحاقي الشركسي كفل دمشق سبع سنين وثمانية شهور ورتب فيها أربعين مقرئا بعد العصر كل يوم يقرأ كل منهم جزءا من الربعة وشيخا ومجاورين وشيخا لهم وأوقافا دارة وفي يوم الأربعاء وهو حادي عشرين ايلول كان يوم عيد الفطر من سنة اثنتين وتسعين وثمانمائة وشاع عند الناس أنه على خطر وكان متمرضا ببيت ابن دلامة بالصالحية واتى به ليلة الإثنين قبل العيد بيومين في محقة إلى اصطبل دار السعادة وعيد به ودفن بالتربة التي أنشأها بالمدرسة المذكورة عند بيته وأول من ولي مشخة هذه المدرسة العلامة شمس الدين أبو تراب محمد بن رمضان الامامي الدمشقي لحنفي الصوفي انتهى.

المدرسة القصاعية

124 - المدرسة القصاعية بحارة القصاعين انشأتها خطبلسي خاتون بنت ككجا في سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة. قال عز الدين: والذي ورأيته مكتوبا بنقر فيصخرة فوق بابها أن اسمعها فاطمة بنت الأمير كوكجا وكذا وهو في كتاب وقفها كما أخبرني عاملها القاضي بهاء الدين الحجيني وشرط الواقف فيها إذا تعذر الحضور بالمدرسة يخبر بالجامع بالرواق الشمالي وشرط المدرس بها ان يكون أعلم الحنفية بالأصلين. ثم قال عز الدين: ذكر من علم ممن درس به شهاب الدين على الكأسي ثم وليها

شرف الدين بن سوار إلى ان سافر إلى بغداد ووليها بعده رضي الله تعالى عنه الدين الموصلي وبقي بها مدة ثم توجه إلى الديار المصرية ووليها بعده القاضي تاج الدين أبو عبد الله محمد بن وثاب بن رافع النخيلي إلى ان مات فجأة في مساطب الحمام بعد خروجه سنة سبع وستين وستمائة يعني ودفن بقاسيون ووليها بعده بدر الدين الفويرة وهو مستمر بها إلى سنة أربع وسبعين وستمائة انتهى قال الذهبي في مختصر فيمن مات سنة خمس وسبعين وستمائة وابن الفويرة بدر الدينن محمد ابن عبد الرحمن بن محمد السلمي الدمشقي الحنفي أحد الأكابر الموصوفين درس وأفتى وبرع في الفقة والأصول والعربية ونظم الشعر الرقيق الرابق وتوفي في الحادي والعشرين من جمادى الأولى قبل الكهولة انتهى وقال تلميذه ابن كثير في تاريخه في هذه السنة محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن الحافظ بدر الدين أبو عبد الله بن الفويرة السلمي الحنفي ناشتغل على الصدر سليمان وابن عطاء وفي النحو على ابن مالك وحصل وبرع ونظم ونثر ودرس في القصاعين والشبلية وطلب لنيابة القضاء وامتنع وكتب الكتابة المنسوبة وقد رآه بعض أصحابه في المنام بعد وفاته فقال ما فعل الله بك فانشأ يقول ماكان لي من شافع عنده ... غير اعتقادي انه واحد توفي رحمه الله تعالى الله تعالى في جمادى الأولى ودفن بظاهر دمشق انتهى ثم وليها بعده عماد الدين بن الشماع قال الصدي في المحمدين محمد بن عبد الكريم ابن عثمان عماد الدين أبو عبد الله المارديني الحنفي المعروف بابن الشماع كان م فقهاء الحنفية درس بمدرسة القصاعين بدمشق وغيرها وكان عنده فطنة وتيقظ وبيته مشهور بماردين بالحشمة والرياسة توفي رحمه الله تعالى في سنة ست وسبعين وستمائة وهو فيما يقارب الخمسين انتهى ثم وليها بعده الحسام الرازي قال العلامة نجم الدين الطرسوسي في شرح منظومته وممن درس بها قاضي القضاة جلال الدين أحمد ابن قاضي القضاة حسام الدين الحسن بن أحمد بن الحسن بن انو شروان الرازي الحنفي وميلاده سنة إحدى وخمسين وستمائة ولي القضاء بخرت برت وعمره سبع وعمره عشرة سنة وناب عن والده في الحكم في

سنة ست وتسعين بتقديم التاء وفي سنة سبع بتقديم السين وتسعين بتقديم التاء ولي القضاء استقالاً عن والده لما انتقل والده إلى القاهرة ودرس بالخاتونية العصمية وردس أيضاً بالزنجارية والعذراوية والمقدمية توفي يوم الجمعة تاسع عشر شهر رجب سنة خمس وأربعين وسبعمائة انتهى وقد مرت ترجمة والده الحسام ثم ترجمته من كلام غير ابن الطرسوسي في الخاتونية الجوانية وقال الشيخ تقي الدين بن قاضي شهبة في شهر ربيع الأول سنة سبع وعشرين وثمانمائة وممن توفي فيها الشيخ العالم شرف الدين يعقوب بن التباني الحنفي المصري تفقه على والده وغيره ودرس بعدة أماكن وأفتى وولي ولايات عديدة وكان في آخر عمره من أعيان الحنفية بالديار المصرية وقد علينا دمشق في شهر رجب سنة اثنتي عشرة هاربا منالملك الناصر اهمه بمكاتبة الأمير شيخ لمكان أخيه ثم ولاه النائب شيخ مشيخة الشيوخ في شوال سنة اثنتي عشرة عوضا عن القاضي شهاب الدين الباعوني نودرس بالمقصورة بالجامع الأموي عن الخاتونية بالقصاعين لخرابها وكانت بيد القاضيين صدر الدين بن الآدمي وشهاب الدين ابن العز ثم انه عاد إلى مصر واستمر بها على جهاته وغيرها محروق الميل في غالب اوقاته لا يزال مسبوقا وكان فاضلا في عدة علوم من أعيان علماء بلده يلغني وفاته بمصر في هذا الشهر والظاهر انه في أواخر الشهر الماضي وهو في عشر السبعين ظنا واخوة الاضي شمس الدين توفي في شهر رمضان سنة ثمان عشرة انتهى ثم درس بها قاضي القضاة عماد الدين بن العز الصالحي الشهير بابن الكشك ثم أولاده من بعده ثم قاضي القضاة شمس الدين محمد بن عمر بن علي الصفدي الحنفي ثم قاضي القضاة حسام الدين حمد ابن قاضي القضاة زين الدين عبد الرحمن بن العماد الكاتب الحنفي ثم قاضي القضاة حميد الدين محمد ابن قاضي بغداد النعماني ثم اعيد إليها قاضي القضاة حسام الدين واشتغل بها إلى الآن توفي في ثاني عشر شهر رمضان سنة أربع وسبعين وثمانمائة فاستقر بها ولده جلال الدين محمد إلى ان توفي في رابع شهر رجب سنة إحدى وثمانين فاستقر بها مفتي الحنفية شرف الدين قاسم بن محمد بن معروف الرومي

المدرسة القاهرية بالصالحية

ثم الدمشقي الحنفي إلى ان توفي رابع عشر شهر ربيع الأول سنة سبع وثمانين ثم استقر بها قاضي القضاة محب الدين بن علاء الدين علي بن أحمد بن هلال بن عثمان بن عبد الرحمن الدمشقي الشهير بابن القصيف في سلخ جمادى الآخرة سنة سبع وثمانين ودرس بها في هذه السنة وأعاد بهذه المدرسة الفقية شهاب الدين أحمد بن الشيخ الفقيه مجير الدين محمد ابن الصدر نجم الدين محمد بن فخر الدين مفضل بن محمد بن سعد بن الوزان الحنفي كان فقيها وحفظ الهداية في الفقه وحفظ عدة كتب وكان مجانيا للناس نقليل الخلطة قال الحافظ البرزالي وباشر الاعادة بمدرسة القصاعين سمع من ابن البخاري وزينب بنت مكي ولم يرو شيئا توفي يوم السبت سادس عشر صفر فائدة قال الأسدي في تاريخه في سنة ست وتسعين وخمسمائة عسكر بن خلفية بن خياط الفقيه أبو الجيوش الحموي الحنفي وحدث عن نصر الله المصيصي وهبة الله بن طاووس وكان من خيار الحنفية بدمشق روي عنه الشهاب القوصي فقال شيخ الإسلام بدر الدين كان مبرزا في جميع الفنون قرأت عليه بمدرسة القصاعين توفي رحمه الله تعالى في جمادى الأولى انتهى 125 - المدرسة القاهرية بالصالحية على حافة يزيد لصيق دار الحديث القلانسية المشهور الآن بالخانقاه يفصل بينمها الطريق وغربي المدرسة العمرية.

المدرسة القليجية

126 - المدرسة القليجية قال ابن شداد الموصي بوقفها الأمير سيف الدين علي بن قليج النوري إلى قاضي القضاة صدر الدين بن سني الدولة الشافعي وعمرها بعد وفاة الموصي في سنة خمس وأربعين وستمائة انتهى. وقال الشيخ تقي الدين الأسدي: وبها قبر الواقف انتهى. وقال الحافظ ابن كثير في تاريخه في سنة ثلاث وأربعين وستمائة: وفيها وفاة واقف القليجية الحنفية وهو الأمير سيف الدين بن قليج ودفن

بتربية التي بمدرسته المذكورة التي كانت سكنه بدار الفلوس انتهى ورأيت بخط الحافظ علم الدين البرزالي في تاريخه في سنة خمس وثلاثين وسبعمائة في شهر رجب منها كانت وفاة زوجة نائب الشام دنكز وعمل عزاؤها بالمدرسة القليجية الحنفية جوار الدار التي دفنت فيها انتهى وأظنها التي قبلي الخضراء قبلي الجامع الأموي شمالي الصدرية وغربي تربة قاضي القضاة الجمال المصري ورأيت على الدين أبو الحسن على بن قليج بن عبد الله رحمه الله تعالى وأوصى ان تكتب هذه الأبيات على تربته بعد وفاته رحمه الله تعالى ورحم اموات المسلمين هذه دارنا التي نحن فيها ... دار حق وما سواها يزول فاعتمر ما استطعت دارا إليها ... عن قليل يفضي بك التحويل واعتمد صالحا يؤانسك فيها ... مثلما يؤنس الخليل الخليل انتهى وأحسن من هذه الأبيات ما كتبه سعدون المجنون على جدار قبر في مقبرة حرب هذه الأبيات وهي يا طالب الدنيا إلى نفسه ... إن لها في كل يوم الخليل ما أقبح الدنيا لخطابها ... تقتلهم عمدا قتيلا قتيل تستنكح البعل وقد وطنت ... في موضع آخر منه البديل أي لمغتر وإن البلي ... يعمل في النفس قليلا قليل تزويد إلى الموت زادا فقد ... نادى مناديه الرحيل الرحيل ثم قال ابن شداد أول من ذكر بها الدرس شمس الدين علي ابن قاضي العسكر إلى ان توفي وبقيت على أولاده وناب عنهم فخر الدين إبراهيم بن خليفة البصروي ثم اشتغل بها إلى ان انتقل إلى التدريس وتولاها بعده تقي الدين أحمد ابن قاضي القضاة صدر الدين سليمان الحنفي ثم أخذت منه ووليها بهاء الدين أيوب بن النحاس وهو بها إلى الآن انتهى وقال الذهبي في العبر في سنة تسع ة تسعين وستمائة وأيوب ابن أبي بكر بن إبراهيم بن هبة الله الشيخ بهاء

المدرسة القيمازية

الدين أبو صابر الأسدي الحلبي الحنفي الشهير بابن النحاس مدرس القليجية وشيخ الحديث بها روى لنا عن ابن روزبه وعن مكرم وابن الخازن والكاشغري وابن الخليل توفي في شوال عن اثنتين وثمانين سنة انتهى ثم درس بها الشيخ شمس الدين بن العز وقد مرت ترجمته في المدرسة الظاهرية الجوانية ثم درس بها بعده ابنه علاء الدين وقال الدمشقي أي السيد شمس الدين الحسيني في ذيل العبر في سنة تسع وأربعين وسبعمائة وشيخ الشيوخ علاء الدين علي بن محمود بن حميد القونوي ثم الدمشقي الحنفي مدرس القليجية انتهى ثم قال في سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة ومات شيخنا المعمر الثقة داود أبو سليمان بن إبراهيم بن داود العطار الدمشقي الشافعي ولد في شوال سنة خمس وسبعين وتفقه وجود الخط وحدث عن الشيخ شمس الدين وابن أبي الخير وابن علان وطائفة واجاز له شيخ الإسلام محيي الدين النواوي وابن عبد الدائم وابن أبي اليسر وآخرون رحمهم الله تعالى في جمادى الآخرة من السنة المذكورة انتهى 127 - المدرسة القيمازية قال عز الدين: داخل بأبي النصر والفرج ومنشئها صارم الدين قايماز النجمي انتهى. قال أبو شامة في الروضتين في سنة ست وتسعين وخمسمائة: فصل في وفاة جماعة من الأعيان في هذه السنة قال العماد وفيها ثالث عشر جمادى الأولى توفي في داره بدمشق المير صارم الدين قايماز النجمي وكان يتولى أسباب صلاح الدين الدين رحمه الله تعالى في مخيمه وبيوته ويعمل عمل أستاذ الدار وإذا فتح بلدا سلمه إليه واستأمنه عليه فيكون أول من افتض عذرته وشام ديمته وحصل له من بلد آمد عند فتحها ومن ديار مصر عند فتح عاضدها أموال عظيمة وتصدق في يوم واحد بسبعة آلاف دينار مصرية عينا وأظهر أنه قضى من حقوق الله في ذمته دنيا وهو بالعرف معروف وبالخير موصوف يحب

قتتاء المفاخر ببناء الربط والقناطر ومن جملتها رباط خسفين ورباط نوى وله مدرسة مجاورة داره ولقد كفى الله دمشق الحصر نهض وراء العال إلى مصر فرده إلى دمشق ليلازم خدمة المعظم ولده وان يكون م أقوى عدده واوفى عدده وكان في خلقه رغادة وكانت حصافئه مستعادة. قال: ولما دفن نبشت أمواله وفتشت رحاله وحضر أمناء القاضي وضمناء الوالي وأخرجوا خبايا الزوايا وسموط النقود وخطوط النسايا وغيروا رسوم المنزل ومعالمهن واستنبطوا دنانيره ودراهمه وحفروا أماكن في الدار وبركة الحمام في الجوار فحملوا أوقارا من النضار وظهروا على الكنوز المخفية والدفائن الألفية فقيل زادت على مائة ألف دينار وهو قليل في جنب مايحرز به من كذا وكذا قنطاران واستقل ما حواه الحزن واخفاه الدفن وقيل كان يكنز في صحاري ضياعه ومفازات اقطاعه واتهم بعده جماعةبأن له عندهم ودائع وتأذى بذلك منهم المأبي والطائع وداره بدمشق هي التي بناها الملك الأشرف أبو الفتح موسى بن العادل دارا للحديث فيسنة ثلاثين وستمائة وأخرب الحمام الذي كان مجاورا لها وأدخله في ربعها نذلك في جوار قلعة دمشق بينهما الخندق والطريق وثم مدرسته المعروفة بالقمازية انتهى. وقال ابن كثير في تاريخه في سنة ست وتسعين وخمسمائة: والأمير صارم الدين قايماز بن عبد الله النجمي ومن أكابر الدولة الصلاحية وكان عند الملك صلاح الدين الدين بمنزلة أستاذ دار وهو الذي تسلم القصر حين مات العاضد بمصر فحصل له أموال جزيلة جدا نوكان كثير الصدقات والأوقاف وقد تصدق في يوم بسبعة آلاف دينار وهو واقف المدرسة القيمازية شرقي القلعة المنصورة وقد كانت دار الحديث الأشرفية دارا لهذا الأمير وله بها حمام فاشترى ذلك الملك الأشرف فيما بعد موسى بن العدل وبناها دار حديث وأخرب الحمام وبناه مسكنا للشيخ المدرس بها ولما توفي ودفن في قبره نبشت دوره وحواصله وكان متهما بمال جزيل وقد كان متحصل ما جمع من ذلك مائة ألف دينار وكان يظن ان عنده أكثر من ذلك ولكن كان يدفن أمواله في الخراب من أراضي

ضياعه وقراياه فسامحه الله بل بالرحمه ثراه انتهى. وقال الأسدي في تاريخه فيها: واقف القيمازية هو قايماز بن عبد الله الأمير صارم الدين النجمي من أكابر مماليك نجم الدين أيوب واعيان الدولة الصلاحية وكان عند الملك صلاح الدين الدين بمنزلة استادار وهو الذي تسلم القصر حين مات العاضد. وقال في المرآة: بني القنطرة التي بين خسفين ونوى. وكان العادول قد جعله بدمشق مع ولده المعظم عيسى ثقة به فتوفي في جمادى الأولى وظهرت له أموال عظيمة يقال أنه وجد في أسفل بركة مائة ألف دينار انتهى كلام الأسدي. ثم قال عز الدين: ولم نحقق من وليها إلا الشيخ حميد الدين السمرقندي ثم تولاها صدر تادين سليمان قاضي القضاة ثم عاد إليها الشيخ حميد الدين السمرقندي ولم يزل بها إلى أن توفي ثم وليها ظهير الدين الاربلي إلى أن توفي ووليها من بعده ولده شمس الدين إلى أن توفي ووليها بعده أخوه مجد الدين1 وهو مستمر بها إلى عصرنا وهو سنة أربع وسبعين وستمائة انتهى. قال الذهبي في عبره فيمن مات سنة سبع وسبعين وستمائة: وابن الظهير العلامة مجد لدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي شكر الاربلي الحنفي الأديب ولد سنة اثنتين وستمائة باربل وسمع من السخاوي وطائفة بدمشق وممن الكاشغري وغيره ببغداد ودرس بالقيمازية مدة وله ديوان مشهور وظم رائق مع الجلالة والديانة التامة توفي رحمه الله تعالى في شهر ربيع الآخر انتهى. قال تلميذه ابن كثير فيها من تاريخه: الشيخ محمد بن الظهير اللغوي محمد بن أحمد بن عمر بن أحمد بن أبي شاكر مجد الدين أبو عبد الله الاربلي الحنفي المعروف بابن الظهير ولد باربل سنة اثنتين وستمائة ثم أقام بدمشق ودرس بالقيمازية وأقام بها حتى توفي ليلة الجمعة ثاني عشر شهر ربيع الآخر ودفن بمقابر الصوفيةن وكان بارعا في اللغة والنحو وكانت له يد طولي في النظم وله ديوان مشهور وشعر رائق فمن شعره قوله رحمه الله تعالى

_ 1 شذرات الذهب 5: 359.

كل حي إلى الممات إيابه ... ومدى عمره سريع ذهابه ثم من قبره سيحشر فردا ... واقفا وحده يوفي حسابه معه سائق له وشهيد ... وعلى العرض ويحه وكتابه وهي طويلة جدا فراجعها وقال ابن كثير أيضا في سنة ست وتسعين وستمائة: وفي ضحية يوم الأحد ثالث عشر المحرم درس القاضي شمس الدين بن الحريري بالقيمازية عوضا عن ابن النحاس باتفاق بينهما وحضر عنده جماعة وقد مرت ترجمته في المدرسة الريحنية اعني ابن النحاس وأما ابن الحريري فمرت ترجمته في المدرسة الفرخشاهية. وقال الذهبي في العبر في سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة: فمات بدمشق المفتي العلامة رضي عنه الدين المنطقي إبراهيم بن سليمان الرومي الحنفي مدرس القيمزية وحج سبع مرات وبلغ ستا وثمانين سنة وله تلامذه انتهي. ورأيت بخط الحافظ علم الدين البرزالي في تاريخه في سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة المذكورة وفي ليلة الجمعة السادس والعشرين من شهر ربيع الأول توفي الشيخ العالم رضي الله تعالى عنه الدين إبراهيم بن سليمان الحموي الأب كرمي الرومي الحنفي المعروف بالمنطقي بسكنه بالمدرسة النورية بدمشق وصلي عليه بجامع دمشق عقب صلاة الجمعة. ودفن بمقبرة الصوفية جوار الشيخ برهان الدين الحنفي وكان شيخا فاضلا وله إحسان إلى أصحابه وتلامذته وفيه ديانة وخير وتواضع وحج سبع مرات وكان مدرسا بالمدرسة القيمازية وإماما بمقصورة الحنيفة الشمالية ومعيدا بالمدارس وقرأ عليه جماعة من الفضلاء وهو من قرية من قرى أب كرم وهي بليدة صغيرة بالقرب من قونية كثيرة الفواكهه من بلاد الروم وبلغ من العمر ستا وثمانين سنة هكذا نقل عنه وولي تدريس القيمازية بعده قاضي القضاة عماد الدين الطرسوسي ودرس بها في ثامن شهر ربيع الآخر وحضر عنده جماعة من القضاة والأعيان انتهى. وقال ابن كثير في السنة المذكورة: الشيخ رضي الدين إبراهيم بن سليمان بن عبد الله أي المنطقي الحنفي أصله من أب كرم الله تعالى وجهه من بلاد قونية أقام بحماة ثم بدمشق بالقيمازية وكان فاضلا في الجدل والمنطق وقد اشتغل

عليه جماعة في ذلك بلغ من العمر ستا وثمانين سنة وحج سبع مرات توفي رحمه الله تعالى في ليلة الجمعة سادس عشر ربيع الأول وصلي عليه بعد الصلاة ودفتن بالصوفية وفي تاسع شعر ربيع الآخر منها حضر الدرس بالقيمازية عماد الدين بن الطرسوسي الحنفي عوضا عن الشيخ رضي الدين المنطقي الذي توفي وحضر عنده القضاة والأعيان انتهى.

المدرسة المرشدية

128 - المدرسة المرشدية بالصالحية على نهر يزيد جوار دار الحديث الأشرفية. قال ابن شداد: منشئتها بنت الملك المعظم شرف الدين عيسى ابن الملك العادل في سنة أربع وخمسين وستمائة وأول من د رس بها صدر الدين أحمد بن شهاب الدين علي الكاشي. ثم انتزعت من يده ووليها صدر الدين إبراهيم بن عقبة إلى أن توجه إلى حلب المحروسة نفوليها بعد صدر الدين علي وهو مستمر بها إلى الآن انتهى. قلت: قال قاضي القضاة النجم الطرسوسي في شرح منظومته: إن أول من درس بها الشمس بن عطاء حيث قال فبه: قاضي القضاة شمس الدين أبو محمد عبد الله بن محمد بن عطاء بن جبير بن جابر بن وهيب الأذرعي الحنفي المعروف بالقاضي عبد الله ميلاده سنة تسع وتسعين وخمسمائة تفقه على الشيخ رشيد الدين سعيد بن علي البصروي وقاضي القضاة صدر الدين علي بن أبي القاسم البصروي واتفق ان والده كان حنبلي المذهب وكان يتغالى في الشيخ الفقيه اليونيني البعلبكي ورحل إليه إلى بعلبك وأقرأ ولده عبد الله المشار إليه القرآن على الشيخ الفقيه ثم استأذنه فيما يشتغل به ولده فأشار الشيخ الفقيه بأن يشغله على مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه فاشتغل وحفظ القدوري ورحل إلى دمشق فتفقه بها حتى صار رئيس الحنيفة ودرس بالخاتونية العصمية وبالمرشدية وهو أول من درس بها وباشر نيابة القضاء بدمشق مدة عن قاضي القضاة أحمد بن سني الدولة الشافعي وعمن بعده من القضاة الشافعية يعني قبل حدوث القضاة الأربعة نثم ولي القضاء استقلالا من

السلطان الملك الظاهر بيبرس الصالحي في سنة أربع وستين وستمائة وفي سادس جمادى الأولى منها استناب القاضي بدر الدين المظفر بن رضوان النبجي المدرس بالمعينية واستمر قاضي القضاة إلى ان توفي وجرت له حكاية مليحة مع السلطان الملك الظاهر لما احتط على البساتين بدمشق حين حضر السلطان بدار العدل بدمشق وجرى الكلام في ذلك فتكلم قاضي القضاة شمس الدين عبد الله المذكور بين الحاضرين وقال: السيد لأرباب الأملاك ولا يحل لأحد ان ينازعهم في املاكهم ومن استحل ما قد حرم الله فقد كفر فغضب السلطان غضبا شديدا وتغير لونه. ثم قال: أنا أكفر؟ انظروا لكم سلطانا غيري! وكان الذي حمل القاضي على هذا الكلام مخافة الله وخشيته وألقى الله تعالى على خاطره هذه الآية الكريمة {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ} الآية وانفض المجلس على وحشة من السلطان فلما كان الليل أرسل السلطان طلب القاضي فخاف وأوصي وودع أهله وراح إلى السلطان وفي ذهنه أنه لايعود فلما دخل قام السلطام وعظمه وقال يا قاضي تكفرنا اليوم فقال يا مولانا أنا ما خصصت مولانا السلطان بهذا الكلام ولكن كل من استحل ما حرم الله فقد كفر فقال السلطان لحاشيته القاضي كما هو يكفرنا خلع عليه ورجع إلى بيته مجبورا معظما. قال البرزالي في المنتقي: وأجاز لي جميع مروياته وتوفي في يوم الجمعة الثمن من جادي الأولى سنة ثلاث وسبعين وستمائة ودفن بسفح قاسيون انتهى. وقد مرت ترجمة ابن عطاء هذا من كلام الذهبي في المدرسة الخاتونية الجوانية ومن كلام ابن كثير في المدرسة الظاهرية وقد تقدم في المدرسة القيمرية الشافعية ان القاضي شمس الدين أبا الحسن علي بن محمود الشهرزوي الكردي الشافعي مدرس لقيمرية. قال بدار العل بحضرة الملك الظاهر عندها احتاط لى الغوطة: الماء والكلأ والمرعى لله لا يملك وكل من بيده فهو له فبهت السلطان لكلامه ونفصل الموعد انتهى. وقال الذهبي في التاريخ المختصر في سنة ست وستين وستمائة: وفيها كانت الصقعة العظمي على الغوطة يوم ثالث نيسان إثر حوطة السلطان عليها ثم صالح أهلها على ستمائة ألف

درهم فأضر الناس وباعوا بساتينهم بالهوان انتهى. ثم درس بهذه المدرسة قاضي القضاة شمس الدين الحريري وقد مرت ترجمه في المدرسة الفرخشاهية.

المدرسة المعظمية

129 - المدرسة المعظمية بالصالحية بسفح قاسيون الغربي جوار المدرسة العزيزية. قال الغزي الحلبي: المدرسة المعظمية والمدرسة العزيزية مجاورة لها أنشئت المدرسة المعظمية في سنة إحدى وعشرين وستمائة والمردسة العزيزية في سنة خس وثلاثين وستمائة انتهى. وقال الذهبي في العبر في سنة أربع وعشرين وستمائة: والملك المعظم سلطان الشام شرف الدين عيسى بن العادل الفقيه الأديب ولد بالقاهرة سنة ست وسبعين وخمسمائة وحفظ القرآن الكريم وبرع في الفقةه وشرح الجامع الكبير في عدة مجلدات باعانة غيره ولازم الاشتغال زمانا وسمع المسند كله لابن حنبل وله شعر كثير وكان عديم الالتفات إلى النواميس وانفه الملوك ويركب وحده مرارا ثم تتلاحق مماليكه بعده نتوفي في سلخ ذي القعدة وكان فيه خير وشر كثير سامحه الله الله تملك بعد أبيه انتهى. وقال ابن كثير في سنة أربع وعشرين وستمائة: السلطان الملك المعظم عيسى بن العادل سيف الدين أبي بكر بن ابوب ملك دمشق والشام وكنت وفاته يوم الجمعة سلخ ذي القعدة من السنة وكان استقلاله بملك دمشق لما توفي أبوه سنة خمس عشرة وستمائة وكان شجاعا عاقلا فاضلا اشتغل في الفقه على مذهب أبي حنفية رضي الله تعالى عنه على الحصيري رحمه الله تعالى مدرس النورية فقرأ عليه الجامع وغيره وفي اللغة والنحو على الشيخ تاج الدين الكندي وكان محفوظه مفصل الزمخشري وكان يصل من يحفظه بثلاثين دينارا وكان امران يجمع له كتاب في اللغة يشتمل على صحاح الجوهري والجمهرة لابن دريد والتهذيب للأزهري وغير ذلك وأمر ان يرتب له منسد أحمد وكان يحب العلماء ويكرمهم ويجتهد في متابعة الخير ويقول: أنا على عقيدة الطحاوي وأمر عند وفاته ان لايكفن إلا في البياض وان يلتحد له ويدفن في الصحراء ولا يبني عليه وكان يقول: واقعة دمياط

أذخرها عند الله تعالى وأرجو أن يرحمني بها - يعني أنه أبلى فيها بلاء حسنا رحمه الله تعالى - وقد جمع له بين الشجاعة والسماحة والبراعة والعلم ومحبة أهله وكان يجيء في كل يوم جمعة إلى تربة والده فيجلس قليلا ثم إذا ذكر المؤذنون ينطلق إلى تربة عمه صلاح الدين الدين فيصلي فيها الجمعة وكان قليل التعاظم ويركب في بعض الأحيان وحده ثم يلحقه بعض غلمانه سوقا. وقال فيه بعض أصحابه وهو محب الدين أبي السعود البغدادي: لئن غودرت تلك المحاس في الثري ... بوالي ما وجدي عليك ببال ومذ غبت عني ما ظفرت بصاحب ... أخي ثقة إلا خطرت ببالي وملك دمشق بعده ولده الناصر داود بن المعظم وبايعه الأمراء انتهى. وقال ابن كثير في سنة اثنتين وستمائة: وفي يوم الجمعة العشرين من شهر ربيع الأول توفيت الخاتون أم السلطان الملك المعظم زوجة الملك العادل فدفنت بالقبة بالمدرسة المعظمية بسفح قاسيون انتهى. وقال في سنة ست وستمائة: وفيها توفي الملك1 المغيث فتح الدين عمر ابن الملك العادل ودفن بتربة أخيه الملك المعظم بسفح قاسيون انتهى. وقال: ولما توفي الملك الجواد يونس بن مودود ابن الملك العادل مسجونا بسجن عزتا نقل إلى تربة المعظم بسفح قاسيون انتهى. وقال في سنة خمس وخمسين وستمائة: في ترجمة الملك الناصر داود ابن المعظم عيسى ابن العادل2 رسم عليه الناصر بن العزيز بقرية البويضا التي لعمه مجيرالدين يعقوب3 حتى توفي بها في السنة فاجتمع الناس وحمل منها فصلي عليه ودفن عند والده بسفح قاسيون. وقال في سنة اثنتين وتسعين وستمائة. الملك الزاهر مجير الدين أبو سلمان داود ابن الملك المجاهد أسد الدين شيركوه صاحب حمص ابن ناصر الدين محمد أبن الملك المعظم توفي ببستانه عن ثمانين سنة وصلي بالجامع المظفري ودفن بتربته بالسفح وكان دينا كثير

_ 1 شذرات الذهب 5: 212. 2 شذرات الذهب 5: 275. 3 شذرات الذهب 5: 266.

الصلاة في الجامع نوله اجازة من المؤيد الطوسي ومن زينب الشعرية1 وأبي روح2 وغيرهم توفي في جمادى الآخرة انتهى. وقال البرزالي في تاريخه في سنة ثلاثين وسبعمائة: وفي بكرة السبت عاشر جمادى الآخر توفي الأمير العالم الفاضل سيف الدين أبو بكر محمد بن صلاح الدين الدين أبي الحسن محمد ابن المذلك الأمجد مجد لدين الحسن ابن السلطان الملك الناصر صلاح الدين الدين داود ابن الملك المعظم شرف الدين عيسى ابن الملك العادل سبط أبي بكر محمد بن أيوب ابن شادري بسفح جبل قاسيون وصلي عليه الظهر بجامع الصالحية ودفن بالتربة المعظمية عند والده وأجداده وكان فقيه فاضلا وله شعر كتب عنه شيئا منه سنة خمس وسبعمائة وذكر لي أنه مدح الخليفة والسلطان وقاضي القضاة نجم الدين بن صصري والشيخ كمال الدين الزملكاوي وذكر لي أن الشيخ كمال الدين المذكور أجابه بقصيدة مدحه فيها عوضا عن قصيدته وأقام بحماة مدة ثم عاد إلى دمشق وأقام بها وسمع معنا على الفاروثي وغيره وكان يسمع مع والده أيام الجمع بالكلاسة بقراءة الشيخ جمال الدين المزي وسمع بقراءتي على ابن مؤمن سنة تسعين وستمائة انتهى. وقال الصفدي في حرف الباء: أبو بكر بن داود بن عيسى ب أبي بكر بن محمد بن أيوب بن شادي سيف الد الملقب بالملك العادل كان جمع من حسن الأوصاف ومكارم الأخلاق وحسن الصورة وسعة الصدر وحسن العشرة وكثرة الإيصال واحتمال الأذى وبذل المعروف ما لا يضاهيه فيذلك أحد م ابناء جنسه وكان له ميل للاشتغال بالعلم والأدب وعنده ذكاء مفرط وحدة ذهن عبارة حلوة وآدابه ملكوية ولم ير في زمانه أوفر عقلا منه وكان له وقار وحشمة وميل إلى ارباب القلوب وأصحاب الاشارات يلازمهم ويقتدي بهم ويمتثل ما يأمرونه به نويزور الصلحاء حيث سمع بهم وروى عن ابن اللتي وتوفي فيشهر رمضان سنة اثنتين وثمانين وستمائة وصلي عليه بالجامع الأموي وحمل إلى تربة جده الملك المعظم بسفح قاسيون وهو في عشر

_ 1 شذرات الذهب 5: 63. 2 شذرات الذهب 5: 81.

الأربعين لم يبلغها انتهى. وقال الأسدي في تاريخه في سنة أربع وعشرين وستمائة: الملك المعظم عيسى بن أبي بكر محمد بن أيوب بن شادري السلطان الملك المعظم شرف الدين بن عيسى ابن السلطان الملك العادل سيف الدين أبي بمكر محمد صاحب دمشق الفقيه الحنفي الأديب ولد بالقاهرة سنة ست وسبعين قيل أنه ولد بعد أخيه موسى بليلة واحدة ونشأ بالشام وحفظ القرآن وتفقه على الشيخ جمال الدين الحصيري وبرع في المذهب ولازم التاج الكندي مدة وكان ينزل إلى داره بدرب العجم من القلعة والمكتاب تحت إبطه فيأخذ عن كتاب سيبويه وشرحه للسير افي وأخذ عنه الحجة في القراآت لأبي علي الفارسي والحماسة وغير ذلك من الكتب المطولة وحفظ الايضاح في النحو وسمع المسند من حنبل وسمع من عمر بن طبرزد وغيره واعتنى بالجامع الكبير فشرحه في عدة مجلدات بمعاونة غيره وصنف في العروض وله ديوان مشهور وكان محبا لمذهبة مغاليا فيه قيل إن أباه قال له كيف خالفت أهلك وصرت حنيفا؟ قال: ياخوند ألا ترضون أن يكون منكم واحد مسلما قاله على سبيل المداعبة وكان كثير الاشتغال مع كثرة الأشتغال وكان يحب كتاب سيبويه وطالعه مرات وكان يحب الفضيلة وجعل لمن يحفظ المفصل للزمخشري مائة دينار ولمن يحفظ الجامع الكبير مائتي دينار ولمن يحفظ الايضاح ثلاثين دينارا سوى الخلع وقد حج سنة إحدى عشرة وجدد البرك والمصانع وأحسن إلى الحجاج كثيرا وبني سور دمشق والطاومة التي على باب الحديد وبني بالقدس مدرسة وبني عند جعفر الطيار رضي الله تعالى عنه مسجداً قال أبو المظفر الجوزي: وبنى بمعان دار مضيف وحمامين وكان قد عزم على تسهيل طريق الحجاج وان يبني في كل منزلة مكانان وكان يتكلم مع العلماء ويناظر ويبحث وكان ملكا حازما وافر الحرمة ومشهورا بالشجاعة والاقدام وفيه تواضع وكرم وحياء وكان قد اعتد للجواسيس والقصاد فإن الفرنج كانوا على كتفه فلذلك كان يظلم ويعسف ويصادر وأخرب القدس لعجزه عن حفظه من الفرنج وكان يملك

من العريش إلى حمص والكرك وكان يركب وحده مرارا عديدة ثم يتبعه غلمانه يتطاردون خلفه وكان مكرما لأصحابه كأنه واحد منهم ويصلي الجمعة في تربة عمه الصالح السلطان صلاح الدين الدين رحمه الله تعالى ويمشي منه إلى تربة أبيه وكان إخوته وملوك الأرض والأطراف يعظمونه. قال الملك الظاهر صاحب حلب عنه: هو والله واسطة العقد وعين القلادة وكان الملك الكامل يقول وهل انبت الشعر على رؤسنا إلا الملك المعظم. قال ابن الأثير: كان عالما بعدة علوم فاضلا فيها ومنها الفقه ومنها علم النحو وكذلك اللغة نفق سوق العلم في زمنه وقصده العلماء من الآفاق فأكرمهم وأعطاهم إلى أن قال: ولم يسمع أحد منهم ممن صحبه كلمة نزقة وكان يقول كثيرا كاعتقادي في الأصول ما سطره أبو جعفر الطحاوي وكان يقول في مرضه لي عند الله في أمر دمياط ما أرجو أن يرحمني به وقال ابن واصل كان جند الملك المعظم ثلاثة آلاف فارس لم يكن عند إخوته جند مثلهم في فرط تجملهم وحسن زيهم وكان بهذا العسكر القليل يقاوم إخوتهن وكان الكامل يخافه لما يتوهمه من ميل عسكر مصر إليه لما يعلمونه من أمر اعتنائه بأمر أجناده وكان المعظم يخطب لأخيه الكامل في بلاده ويضرب السكة باسمه ولا يذكر اسمه مع الكامل وكان مع شهامته وعظم هيبته قليل التكليف جدا لايركب في الصناجق السلطانية في غالب اوقاته بل في جمع قليل ولقد رأيته بالقدس الشريف في سنة ثلاث وعشرين الرجال والنساء يزاحمونه فلا يردهم فلما كثر هذا منه ضرب به المثل فيمن يفعل فعلا لا تكلف فيه قيل فعله كاملعظم توفي رحمه الله في سلخ ذي القعدة واوصى ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يدفن في القلعة ويخرج إلى الميدان ويصلي عليه الناس ويحمل إلى قاسيون فيدفن على باب تربة والدته فلم تنفذ وصيته ودفن في القلعة نثم أخرجه الملك الأشرف لما ملك دمشق ودفن مع والدته في القبة وفيها أخوه المغيث وجرى على الرعية ما لا يجر عليهم عند موت أحد من الملوك انتهى. وقال الأسدي أيضا في سنة إحدى عشرة وستمائة: وفيها حج المعظم فسار على الهجن في حادي عشر ذي القعدة ومعه عز الدين ايبك صاحب صرخد

وعماد الدين بن موسك1 والظهير بن سنقر الحلبي وجدد المصانع والبرك وأحسن إلى الناس وتلقاه سالم صاحب المدينة وقدم له حيلا ودلم سالم معه إلى الشام وأما قتادة2 صاحب مكة فقصر في خدمته ولم يرفع له رأسا انتهى. ورأيت على الهامش عن المظفر ابن الجوزي وكانت القلاع لبني صخر وهي قلعة فأخذها منهم ورتب فيها جماعة. وقال في سنة تسع وعشرين وستمائة: العزيز أخو المعظم وشقيقه عثمان بن محمد بن أيوب الملك العزيز ابن الملك العادل باني القلعة الصليبية وكان عاقلا قليل الكلام مطيعا لأخيه المعظم وكان بعد موت المعظم قد قصد بعلبك ليأخذها من الملك الأمجد فأرسل إليه الملك الناصر داود فرحله عنها كرها فلما جاء الكامل إلى القدس ذهب إليه وحسن له أخذ دمشق ودفن في تربة المعظم انتهى. ثم قال العز الحلبي: أول من ذكر بها الدرس القاضي مجد الدين قاضي الطور إلى أن توفي ثم وليها صدر الدين ابن الشيخ برهان الدين مسعود ثم وليها بعده القاضي شرف الدين عبد الوهاب الحواراني. ثم وليها بعد القاضي شمس الدين عبد الله بن محمد بن عطاء الحنفي وبقي مستمرا بها إلى أن توفي. ثم وليها تقي الدين سليمان التركماني وهو مستمر بها إلى الآن انتهى. وقال ابن كثير في سنة أربع وتسعين وستمائة: وفي شهر رجب منها درس بالمعظمية القاضي شمس الدين بن العز انتزعها من يد العلاء ابن الدقاق انتهى. وقال في سنة سبع وتشعين: وفي يوم الجمعة ثاني عشر شهر ربيع الآخر أقيمت الجمعة في المدرسة المعظمية وخطب فيها مدرسها القاضي شمس الدين بن العز الحنفي انتهى. ودق مرت ترجمته وأن ابنه العلاء الدين درس بالمعظمية بعده والله سبحانه وتعالى أعلم انتهى. ثم درس بالمعظمية بعده الشيخ عزالدين بن عبد العزيز وقد مرت ترجمته في المدرسة العزيزية وأنه استقر عوضه في تدريس المدرستين المذكورتين القاضي بدر الدين الحسيني وشرف الدين بن الأذرعي كما تقدم في العزيزية انتهى. وقال الأسدي في جمادى الآخرة سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة الشيخ شمس الدين أبو عبد الله محمد بن

_ 1 ابن كثير 13: 183. 2 شذرات الذهب 5: 76.

شهاب الدين أحمد بن سليمان الأذرعي الحنفي اشتغل على القضاي بدر الدين ابن الرضي والقاضي بدر الدين المقدسي ثم أنه بعد الوقعة صار شافعيا وولي في زمن القاضي ابن عباس بعلبك وغيرها ثم إنه عاد إلى مذهبه واشتغل وفضل وأفتى ودرس وولي نيابة القاضي شمس الدين بن القباني واختص به وحصل منه أذى للقاضي شهاب الدين بن العز فلما توفي ابن القباني1 اشتمر الشر بينه وبين القاضي ابن العز واشتكى عليه إلى المؤيد ثم إنه أصلح بينهما واستنابه مدة يسيرة ثم وقعت له قضية فأغرى النائب جقمق به فضربه في جمادى الآخرة سنة ثلاث وثلاثين وبقي بعدها مجمعا ويجلس بالجامع للفتوى وكان يكتب على الفتوى جيدا وخطه جيد وكان بيده تدريس جامع القلعة ونظره وحصته من تدريس المعظمية والعزيزية بها وكان يقرأ البخاري قراءة حسنة ويقرأ في المحراب جيدا وبلغني أنه كان له تهجد في الليل ثم إنه توجه آخر عمره إلى مصر لبعض مآربه وسافر برسباي فبعدها وصل إلى هناك طعن ومات شهيدا غريبا وكانت وفاته في نصف الشهر عن نحو ستين سنة واستقر ولده في غالب جهاته وقال لي إن جده سليمان الكردي كان يسكن عند باب المصلى ثم انتقل إلى أذرعات وخدم عند الكاشف أظنه قال دوادار وأقام هناك وولد له انتهى.

_ 1 شذرات الذهب 7: 291.

المدرسة المعينية

130 - المدرسة المعينية بالطريق الآخذ إلى باب المدرسة العصرونية الشافعية. قال عز الدين بحصن الثقفيين أنشأها معين الدين أنر كان أتابك مجير الدين2 ابن صاحب دمشق في شهور خمس وخمسين وخمسمائة انتهى. وقال الذهبي في العبر في سنة أربع وأربعين وخمسمائة: والأمير معين الدين أنر بن عبد الله الطغتكيني مقدم عسكر دمشق ومدبر الدولة كان عاقلا سايسا مدبرا حسن الرياسة ظاهر الشجاعة كثير الصدقات وهو مدفون بقيته التي بين دار البطيخ والشامية توفي في شهر ربيع الآخر وله مدرسة بالبلد انتهى. وقال في مختصر تاريخ الإسلام في سنة

_ 2 شذرات الذهب 4: 211.

أربع وأربعين المذكورة والأتابك ملك الأمراء معين الدين أنر وقبره في قبة خلف دار البطيخ وهو واقف المعينية وبنته خاتون هي واقفة الخاتونية انتهى. ووجدت بخط ابن ناصر الدين في مسودة توضيحه في المشتبه. قال الذهبي: ومعين الدين أنر أمير الجيش الشامي واقف المعينية وكتب على أنر على الألف ضمة وفتح النون وصح عليها وجعل الراء مهملة فليحرر انتهى. وقال أبو شامة في الروضتين: في كلامه على محق معين الدين أنر تنصل من عسكره بحوران ووصل إلى دمشق في أواخر شهر ربيع الآخر لأمر أوجب ذلك ودعاه إليه وأمعن في الأكل فلحقه عقب ذلك انطلاق وتأذى به وتولد معه مرض في الكبد فأوجب الحال عوده إلى دمشق في محفة لمداواته وقضى نحبه في ليلة الثالث والعشرين من شهر ربيع الآخر ودفن في إيوان الدار الأتابكية التي كان يسكنها ثم نقل بعد ذلك إلى المدرسة التي عمرها قلت قبره في قبة بمقابر العوينة شمالي دار البطيخ الآن واسمه مكتوب على بابها فلعله نقل من ثم إليها انتهى. وقال الذهبي في العبر في سنة أربع وستين وخمسمائة: وفيها توفي أبق الملك المظفر مجير الدين صاحب دمشق قبل نور الدين وابن صاحبها جمال الدين محمد ابن تاج الملوك بوري التركي ثم الدمشقي ولد في دمشق في أمارة أبيه عليها وولي دمشق بعد أبيه عليها وولي دمشق بعد أبيه خمس عشرة سنة وملكوه وهو دون البلوغ وكان المدبر لدولته أنر فلما مات أنر انبسطت يد أبق انتهى. وقال في مختصر تاريخ الإسلام في سنة خمس وأربعين وخمسمائة: وفيها حاصر نور الدين دمشق فخرج إليه صاحبها أبق ووزيره فخضعا فرق لهما وخلع عليهما ورد إلى حلب فأحبه الناس انتهى. قال عز الدين: والذي علم من مدرسيها الشيخ رشيد الدين الغزنوي إلى حين توفي بها ثم من بعده ثم نجم الدين النيسابوري إلى حين توفي. وولي من بعده سراج الدين محمد ولده ثم من بعده القاضي شمس الدين ملك شاه ثم من بعده بدر الدين مظفر ابن رضوان بن أبي الفضل الحنفي واستمر بها إلى سنة أربع وأربعين وستمائة انتهى. ودرس بها عبد الخالق بن أسد. ثم أبو مظفر بن الحكيم وقد مرت

ترجمتها في المدرسة الصادرية. وقال الذهبي في العبر في سنة سسبع وثلاثين وستمائة: والرشيد النيسابوري محمد ابنابي بكر بن علي الحنفي الفقيه سمع بمصر من أبي الجيوش العساكر والتاج المسعودي1 وجماعة ودرس وناظر وعاش سبعا وسبعين سنة وولي قضاء الكرك والشوبك ثم درس بالمعينية توفي في خامس ذي القعدة انتهى. وقال الذهبي تقي الدين في سنة سبع وثلاثين وستمائة: محمد بن أبي بكر بن علي بن سليمان الفيه رشيد الدين النيسابوري الحنفي تفقه بخراسان على الركن المعيني وبمكة على محمد بن مكرم الكرماني وبمصر على الفقيه موسى بن عبد الغني وبدمشق على البرهان مسعود2 الحنفي وسمع من أبي الجيوش عساكر علي وأبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن المسعودي والبوصيري3 وجماعة وبدمشق من الخشوعي وحدث وذكر أنه ولد بنيسابور في سنة تسع وخمسين وكان من كبار الحنفية روى عنه المجد بن الحلوانية ومحمد بن يوسف الذهبي وبالإجازة القاضيان ابن الحوبي وتقي الدين سليمان الحنبلي وولي قضاء الكرك والشوبك ثم درس بالمعينية توفي في ذي القعدة انتهى. وقال ابن كثير في سنة سبع عشرة وسبعمائة: الشيخ شهاب الدين الرومي أحمد بن محمد بن إبراهيم المراغي درس بالمعينية وأم بمحراب الحنفية بمقصورتهم الغربية إذ كان محرابهم هناك وتولى مشيخة الخاتونية وكان يؤم بنائب السلطنة الأفرم وكان يقرأ حسنا بصوت مليح وكان له مكانة عنده وربما راح إليه الأفرم ماشيا حتى يدل عليه زاويته التي أنشأها بالشرف الشمالي على الميدان الكبير ولما توفي في المحرم ودفن بالصوفية قام ولداه شرف الدين وعماد الدين في وظائفه انتهى. وقال الأسدي في سنة خمسين وثمانمائة: وولي نظرها وتدريسها القاضي نجم الدين عمر النعماني البغدادي ثم الدمشقي الحنفي من ولد الإمام أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه على ما يزعمون قدم دمشق مع أبيه وأخرجه أبوه من بغداد بعدما قطع أرنبة أنفه فقد هو وابنه وهما في غاية الفقر وتوجها إلى مصر

_ 1 شذرات الذهب 4: 280. 2 شذرات الذهب 4: 343. 3 شذرات الذهب 4: 338.

وسعيا في أن يرتب لهما شيئا على مدارس الحنفية ثم إن المذكور دخل إلى دار القاضي الحنفي وصار شاهدا ومحلفا وصار في وقت شاهدا على عمارة بسعيه في ذلك ثم اتصل بنائب القلعة الأمير كمشبغا فنسب إلى أنه اتفق هو وجماعة كمشتغا على أخذ مال وظهرت قرائن تدل على ذلك ثم توجه إلى القاهرة ولما جاء العسكر المصري جاء معهم وباشر كتابة السر عن بهاء الدين بن حجي مدة ثم ولي الحسبة في شهر ربيع الآخر سنة أربع وأربعين جاءته الولاية من مصر وكانت الحسبة قد أعيدت بعد ناصر الدين بن شبلي إلى النائب وولي فيها شخصا وضيعا وجاءت الولاية لهذا وشرط عليه أن لا يأخذ لأحد شيئا ولا معلوم له فشكا ذلك إلى النائب فقال له أنت سعيت فيها فاعمل مصلحتك ثم أنه شرع في البلص وأخذ الأموال بحيث أنه زاد على من تقدمه في ذلك وجعل المدرسة المعينية وكانت بيده نظرها وتدريسها وكان عمرها بعد حريقها مجلس حكمه وأدخل نفسه في كل شيء ثم ولي وكالة بيت المال بعد وفاة أبي شامة ثم ولي القضاء عوضا عن القاضي شمس الدين الصفدي في صفر سنة ست وأربعين وكان قد توجه إلى مصر فعاد قاضيا إلى أن عزل بعد سنة وثلاثة أشهر ولم تكن سيرته محمودة وكان عنده جرأة وإقدام يزدحمون عليه لأغراضهم ولما عزل استمر بيده الحسبة وكان يجلس بالمدرسة المعينية وعلى بابه أعوان كثيرة ويدخل نفسه في كل شيء في الأحكام الشرعية ولا يهاب ثم توجه إلى مصر في أول السنة وأخذ معه هدايا كثيرة فلما وصل حصل له قبول زائد وأعيد إلى القضاء وعين له وظئاف أخرى على ما بلغني وكانت المنية أعجل من ذلك فمرض وتوفي في رابع صفر ونزل السلطان فصلة عليه وشهد جنازته بعد الصلاة جمع قليل ودفن بمقابر الغرباء بسقح المقطم وكان عمره نحو ستين سنة وسر كثير من الناس بموته وعدوا موته نعمة من الله تعالى انتهى.

المدرسة الماردانية

131 - المدرسة الماردانية على حافة نهر ثورا لصيق الجسر الأبيض بالصالحية. قال: القاضي عزالدين الحلبي:

أنشأتها عزيزة الدين أحشا خاتون بنت الملك قطب الدين صاحب ماردين وهي زوجة السلطان الملك المعظم في سنة عشر وستمائة ووقفتها سنة أربع وعشرين وستمائة انتهى. وأظن قطب الدين مودود1 ابن أتابك زنكي أخو نور الدين الشهيد هو والدها والله سبحانه وتعالى أعلم والذي وجد من وقفها في سنة عشرين وثمانمائة بكشف سيدي محمد بن منجك النصاري بستان جوار الجسر الأبيض وبستان آخر جوار المدرسة المذكورة وعدة ثلاث حوانيت بالجسر المذكور والأحكار جوارها أيضا انتهى. ومن شرط واقفها مدرسها أن لا يكون مدرسا بغيرها. ثم قال عز الدين: أول من درس بها الصدر الخلاطي وبعده برهان الدين إبراهيم التركماني إلى أن توفي فوليها شمس الدين ملك شاه المعروف بقاضي بيسان ثم عادت إلى برهان الدين المذكور وبقي بها إلى أن توفي. ثم وليها بعده برهان الدين أبو إسحاق حمزة بن خلف بن أيوب ثم أخذت منه ووليها الصدر بن عقبة. ثم أخذت منه وعادت إلى برهان الدين المذكور. ثم أخذت منه في سنة سبع وخمسين وستمائة وتولاها شمس الدين مشرف العجمي ولم يزل بها إلى أن توفي في سنة سبعين وستمائة. ثم عادت إلى برهان الدين التركماني وهو بها إلى الآن انتهى. وقال الشيخ تقي الدين بن قاضي شهبة في الذيل في جمادى الآخرة سنة إحدى وثلاثين. وممن توفي فيه الشيخ زين الدين أبو عبد الله محمد ابن القضاي تاج الدين عبد الله بن علي المارداني الاصلي الدمشقي الحنفي المعروف بابن قاضي صور مولده على ما أخبرني به سنة تسعين وسبعمائة وتلقى عن والده تدريس الماردانية ونظرها ونظر التربة الجركسية بالصالحية وغير ذلك وباشر ذلك مباشرة سيئة وكان يقع بينه وبين المستحقين شر كثير ولم يكن قائما بشيء من العلوم ثم ولي نيابة القضاء في شهر رمضان سنة تسع وعشرين بمالة بذله وأنكر الناس ولايته توفي بسكنه بالصالحية يوم الأحد حادي عشر الشهر وكان له مدة متضعفا ثم عوفي وكان يوم الخميس ثامن الشهر يحكم المدرسة النورية ودفن بتربتهم بسفح قاسيون

_ 1 شذرات الذهب 4: 216.

بالقرب من المعظمية ووالده توفي في شهر ربيع الآخر سنة تسع وتسعين انتهى. فائدة: قال الشيخ تقي الدين فيمن توفي في جادى الأولى سنة ست عشرة وثمانمائة: أسنك بالسين والنون ابن أزدمر أخو الأمير الكبير أسنك بن أزدمر بلغني أنه كان حملا عند أسر أبيه وأخيه ثم أنه جاء من بلاده إلى عند أخيه من مدة يسيرة دون السنة فمات يوم الجمعة عشرينه ودفن بتربته بالمدرسة الماردانية بالجسر الأبيض لأن الواقفعة لم تدفن بها وحضر النائب يعني نوروز الحافظي والأمراء جنازته واشترى أخوه وقفا ووقفه على مقرئين يقرءون على تربته واشترى للمدرسة بسطا وتردد إلى قبره مرات وعمل له ختم في ليالي الجمع وبات هناك وعمل اسمطة ومدت هناك انتهى.

المدرسة المقدمية الجوانية

132 - المدرسة المقدمية الجوانية داخل باب الفراديس الجديد. قال عز الدين: منشئها الأمير شمس الدين محمد بن المقدم في الأيام الصلاحية انتهى. وقال الذهبي في العبر في سسنة ثلاث وثمانين وخمسمائة: وابن المقدم الأمير الكبير شمس الدين محمد بن عبد الملك كان من أعيان أمراء الدولتين وهو الذي سلم سنجار إلى نور الدين ثم تمل بعلبك وعصي علي صلاح الدين مرة فحاصره ثم صالحه وناب له دمشق وكان بطلا شجاعا محتشما عاقلا شهد في هذا العام الفتوحات وحج فلما حل بعرفات رفع علم السلطان صلاح الدين الدين وضرب الكوسات فأنكر عليه أمير ركب العراق طاشتكين فلم يلتفت وركب في طلبه وركب طاشتكين فالتقوا وقتل جماعة من الفريقين وأصاب ابن المقدم سهم في عينه فخر صريعا وأخذ طاشتكين ابن المقدم فمات من الغد بمنى انتهى. وقال ابن كثير الأمير شمس الدين محمد بن عبد الملك بن المقدم أحد نواب الملك صلاح الدين الدين لما فتح بيت المقدس أحرم جماعة في زمن الحج منه إلى المسجد الحرام وكان أمير الحج تلك السنة فلما كان بعرفة ضرب الدبادب ونشر الأولية وأظهر علم السلطان صلاح الدين فغضب طاشتكين أمير الحاج من جهة الخليفة فزجره عن ذلك فلم يسمه فاقتتلا فجرح ابن المقدم ومات في اليوم الثاني بمنى رحمه الله تعالى

ودفن هناك وجرت خطوب كثيرة وليم طاشتكين على ما فعل وعزل من منصبه انتهى. وقال الذهبي في مختصر تاريخ الإسلام في سنة أربع وسبعين: وفيها نزل السلطان صلاح الدين ببعلبك أشهرا يراود صاحبها شمس الدين بن المقدم على تسليمها وهو يأبى ثم سلمها على عوض فأعطاها السلطان صلاح الدين أخاه شمس الدولة توران شاه وقال في سنة ثلاث وثمانين وفيها وقعت خبطة بعرفات فقدم الأمير شمس الدين محمد بن المقدم قبل أصحاب الناصر لدين الله وضربت كوساته فركب طاشتكين بمنى بعسكر وخلق من البغداديين فنشب القتال وقتل خلق من ركب الشام وجرح ابن المقدم وأسر وخيطوا جراحاته عند طاشتكين فمات بمنى وقد عمل نيابة دمشق مرة انتهى. وقال الصفدي في المحمدين من تاريخه: ابن المقدم محمد بن عبد الملك بن المقدم الأمير شمس الدين من كبراء أمراء الدولتين نور الدين وصلاح الدين وهو الذي سلم سنجار إلى نور الدين وسكن دمشق ولما توفي نور الدين كان أحد من قام بسلطنة ولده ثم أن صلاح الدين أعطاه بعلبك ثم عصى عليه فجاء إليه وحاصره ثم أعطاه بعض القلاع عوضا عنها ثم استنابه على دمشق وكان بطلا شجاعا حضر وقعة حطين وعكا والقدس والسواحل وتوجه إلى الحج فلما بلغ عرفات ضرب الكوسات ورفع علم صلاح الدين وكان أمير الركب العراقي طاشتكين فتقاتلا وجرح ابن المقدم وخيط جرحه فتوفي من الغد بمنى سنة أربع وثمانين وخمسمائة ولما بلغ السلطان صلاح الدين الدين بكى عليه وتأسف وله دار كبيرة بدمشق إلى جانب المدرسة المقدمية ولما صارت لصاحب حماة ثم صارت لقرا سنقر المنصوري ثم للسلطان الملك الناصر وله تربة ومسجد وخان كل ذلك مشهور جوار باب الفراديس بدمشق انتهى. وقال الأسدي في سنة ثلاث وثمانين وخمشمائة: محمد بن عبد الملك الأمير شمس الدين بن المقدم من كبار أمراء الدلتين النورية والصلاحية ولما توفي نور الدين كان أحد من قام بلسطنة صلاح الدين ثم أن صلاح الدين أعطاه بعلبك فتحول إليها وأقام بها ثم عصي على صلاح الدين فجاء إليه وحاصره وأعطاه عوضها بعض القلاع ثم استنابه

على دمشق سنة نيف وثمانين وكان بطلا شجاعا محتشما وقد حضر في هذا العام وقعة حطين وفتوح عكا والقدس والسواحل وتوجه إلى الحاج في محمل عظيم فلما بلغ عرفات رفع علم صلاح الدين وضرب الكوسات فأنكر عليه طاشتكان أمير الركب العراقي وقال لا يرفع علينا إلا علم الخليفة فلم يلتفت إليه وأمر غلمانه فرموا علم الخليفة وركب فيمن معه من الجند الشاميين وركب طاشتكين فالتقوا وقتل بينهما جماعة وجاء ابن المقدم سهم في عينه فخر صريعا وجاء طاشتكين فحمله إلى خيمته وخيط جراحته فتوفي من الغد بمنى يوم الأضحى ودفن بها رحمه الله تعالى ونهب الركب الشامي وأخذ طاشتكين شهادة الأعيان أن الذنب لابن المقدم وقرأ المحضر في الديوان ولما بلغ السلطان صلاح الدين مقلته بكى وحزن عليه وقال قتلني الله إن لم أنتصر له وتأكدت الوحشة بينه وبين الخليفة وجاءه رسول يعنذر إليه فقال أنا الجواب عما جرى ثم اشتغل عن ذلك. قال الذهبي رحمه الله تعالى: وله دار كبيرة إلى جانب مدرسته المقدمية بدمشق ثم صارت لصاحب حماة ثم صارت لقراسنقر المنصوري ثم صارت للسلطان الملك الناصر بعده وله تربة وخان داخل باب الفراديس انتهى. قلت: ويحرر قوله داخل ولعلها خارج. ثم قال عز الدين: ذكر لي من ولي بها التدريس الذي علم من ذلك الشيخ فخرالدين القاري ثم من بعده عمادالدين أخوه ثم من بعده قاضي القضاة صدر الدين سليمان الحنفي ثم أخذت منه ووليها رضي الدين الهندي ثم أخذت ووليها قاضي القضاة صدرالدين سليمان بن أبي العز بن وهيب الحفي المذكور ثم من بعده ولده شمس الدين محمد ثم من بعده ولده تقي الدين أحمد وهو مستمر بها إلى حين وضعنا هذا التاريخ يعني سنة أربع وسبعين وستمائة انتهى. قال العلامة تقي الدين: ودرس بها الصدر سليمان بن أبي العز بن وهيب الأذرعي قاضي القضاة أحد من انتهت إليه رياسة المذهب توفي في شعبان سنة سبع وسبعين وستمائة. ثم درس بها ابنه تقي الدين أحمد توفي في شهر رجب سنة خمس وثمانين وستمائة ذكره الشيخ تاج الدين. ثم درس بها قاضي

القضاة حسام الدين أبو الفضائل الحسن بن الحسين بن أنو شروان الرازي في شعبان سنة خمس وثمانين وستمائة. ثم درس بها ابنه القاضي جلال الدين أبو المفاخر أحمد لما انتقل والده إلى قضاء مصر في أوائل سنة ثمان وتسعين وستمائة. ثم درس بها قاضي القضاة حسام الدين لما عاد من مصر إلى قضاء دمشق. قال في آخر سنة ثمان وتسعين: واستمر إلى أن فقد في السنة الآتية في وقعة قازان ثم درس بها قاضي القضاة صدر الدين علي بن الصفي أبي القاسم بن محمد البصروي في عاشر شهر رمضان سنة تسع وتسعين وستمائة وتوفي في شعبان سنة سبع وعشرين وسبعمائة ودفن بقاسيون ثم درس بها عز الدين محمد ابن قاضي القضاة صدر الدين المذكور في جمادى الأولى سنة ست وعشرين وسبعمائة نزل له والده عنها إلى أن توفي في شهر ربيع الأول سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة ودفن بسفح قاسيون ثم درس بها عنه قاضي القضاة عمادالدين أبو الحسين علي بن أحمد بن عبد الواحد الطرسوسي وقد توفي في ذي الحجة سنة ثمان وأربعين وسبعمائة ثم درس بها الشيخ ناصر الدين محمد بن أحمد بن عطية بن عبد العزيز القونوي في شعبان سنة خمس وأربعين وسبعمائة عوضا عن القاضي القضاة عماد الدين تركها لما ولي الريحانية توفي الشيخ ناصر الدين في جمادى الأولى سنة أربع وستين ثم درس بها ابنه شرف الدين نزل له والده عنها في شوال سنة سبع وخمسين وسبعمائة ثم درس بها الشيخ شهاب الدين أحمد بن خضر في المحرم سنة أربع وسبعين وسبعمائة بتوقيع شريف انتهى. كلام تقي الدين وقد تقدمت ترجمة هؤلاء في الغالب. وابن الربوة. قال السيد الحسيني رحمه الله تعالى في آخر ذيل العبر في سنة أربع وستين وسبعمائة: والشيخ ناصر الدين محمد بن أحمد بن عبد العزيز احنفي الشهير بابن الربوة مدرس المقدمية بدمشق وكان فقيها متفننا ذا مروءة وولي خطابة الجامع المذكور بعد سيدنا قاضي القضاة جمال الدين يوسف ابن شيخنا قاضي القضاة شرف الدين أحمد الكفري الحنفي انتهى. وأصله من

قونية ومولده سنة تسع وسبعين وستمائة شرح الفرائض وهي السراجية توفي في جمادى الأولى منها وولي مشيخة الإقراء بهذه المدرسة القاضي شهاب الدين الكفري وقد مرت ترجمته في المدرسة الزنجاوية وأقرأ بها الشريف علاء الدين علي بن أبي طالب بن محمد الحسيني الموسوي الدمشقي ولد سنة ثمان وسبعين وخمسمائة وسمع من أبي اليمن الكندي. قال الذهبي في تاريخ الإسلام: كان عدلا حسن الشكل توفي في ذي القعدة سنة ثمان وستين وستمائة انتهى. وقال الشيخ تقي الدين بن قاضي شهبة في شوال سنة تسع عشرة وثمانمائة أبو المحاسن محمد بن علي بن الحسين ابن السيد علاء الدين أبو الحسن علي ابن المحدث المؤلف أبو المحاسن محمد بن علي بن الحسن بن حمزة بن أبي المحاسن محمد ابن ناصر الدين بن علي بن الحسين بن إسماعيل بن الحسين بن أحمد بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق رضي الله تعالى عنهم، هكذا ذكر هذا النسب أبو عبد الله الذهبي في المعجم المختص في ترجمة والده إلا أنه سقط عليه الحسين بن حمزة بن علي توفي والده في شعبان سنة خمس وستين وهو صغير فربي عند ابن عمه وحفظ القرآن والتنبيه وقرأ القراآت على الشيخ سلار وابن الجزري وولي مشيخة الإقراء بالمقدمية وكتب الخط المنسوب وجلس للشهادة عند باب الرواحية ثم جلس بالنورية ووقع على القضاء وفي آخر عمره في ذي القعدة في السنة الحالية ولي نقابة الأشراف ثم عزل وباشر نظر الأوصياء وتوفي ليلة الأربعاء ثامن عشره بسكنه بالعنابة ودفن خلف قبة الشيخ أرسلان رحمه الله تعالى من جهة الشرق بالقرب منها انتهى.

المدرسة المقدمية البرانية

133 - المدرسة المقدمية البرانية بحارة الركنية بسفح قاسيون شرقي الصالحية وهي غير تربة ابن المقدم فإن هذه بانيها فخر الدين ابن الأمير شمس الدين بن المقدم المتقدم ذكره في المدرسة قبلها قال الشيخ الدين الأسدي: وأما المقدمية البرانية بمرجة

الدحداح وتعرف بتربة المقدم فأنشأها الأمير فخر الدين إبراهيم توفي في سنة سبع وتسعين وخمسمائة ودفن بتربته المذكورة انتهى. وقال في هذه السنة المذكورة: إبراهيم بن محمد بن عبد الملك فخرالدين بن المقدم كان شجاعا عاقلا ولي قلعة بارين وعدة حصون وله بها نواب فمد عينه إليها الملك الظاهر غازي فأخذها وبقيت له بارين توفي بدمشق ودفن بمدرستهم خارج باب الفراديس انتهى. قلت: ولعله خارجه فسبق القلم فإنها معروفة الآن هناك قال ابن شداد: أول من درس بها نجم الدين بن الفخر القاري ثم تغلب عليها أولاد الواقف وتعطلت عن ذكر الدرس بسبب ذلك ثم ذكر الدرس بعده مدة زمانية صفي الدين يحيى البصراوي ثم من بعده نجم الدين الصرخدي ثم من بعده محيي الدين بن عقبة ثم من بعده نجم الدين أيوب الكاشي ثم من بعده فخر الدين بن أبي الوليد وهو مستمر بها إلى الآن انتهى. تنبيه: الوقف عليها بحماه أزوار معروفة وعلى التي قبلها المحمدية وجسرين بغوطة دمشق انتهى والله سبحانه وتعالى أعلم.

المدرسة المنجكية الحنفية

134 - المدرسة المنجكية الحنفية بالخلخال قبلي الصوفية وغربيها إنشاء الأمير سيف الدين منجك اليوسفي الناصري أصله من مماليك الناصر محمد بن قلاوون وتنقلت به الأحوال إلى أن صار أميرا بمصر وولي حجوبة الحجاب بدمشق في سنة ثمان وأربعين وسبعمائة مدة يسيرة ثم توجه إلى مصر وصار مقدما وولي الوزارة ثم قبض عليه وسجن ثم أطلق عند زوال دولة الناصر حسن ثم ولي نيابة طرابلس في شوال سنة خمس وخمسين ثم نقل في صفر سنة سبع وخمسين إلى نيابة حلب ثم نقل إلى نيابة دمشق في جمادى الأولى من السنة المذكورة ثم نقل إلى نيابة صفد في ذي الحجة من السنة المذكورة ثم طلب إلى مصر بعد شهر فهرب من الطريق واختفى نحو سنة ثم ظفر به نائب الشام وارسله إلى مصر ولما وصل أكرم إكرما عظيما وأطلق وأقام بالقدس الشريف وحينئذ عمر الخانقاة والمدرسة

بالقدس الشريف ولما عصى نائب الشام بيدمر وقد قتل مع الملك الناصر حسن دخل مع الأمير سيف الدين منجك المذكور ثم قبض عليهما وسجنا ثم أطلق معه ثم في أواخر سنة ست وستين أعطي نيابة طرسوس ثم نقل إلى طرابلس سنة ثمان وستين ثم نقل في صفر من السنة الآتية إلى نيابة دمشق عوضا عن بيدمر بعد قتل يلبغا واستمر مدة سبع سنين إلا أربعة أشهر ثم طلب في شوال سنة خمس وسبعين إلى مصر فتولى نيابتها واستمر إلى أن توفي رحمه الله بالقاهرة في ذي الحجة سنة ست وسبعين وسبعمائة على الصحيح ودفن بتربته التي أنشأها عند جامع بالقرب من قلعة الجبل عن سبع وستين سنة. قال الحافظ شهاب الدين بن حجي السعدي: كان سيف الدين منجك المذكور من أعيان الأمراء المشار إليهم والمعتمد في الأمور المهمة عليهم له ذكر قديم وفضل جسيم ومعروف بين إخوته بالتبجيل والتعظيم تنقل في الولايات من الوزارة ونيابة السلطنة في البلاد الشامية والديار المصرية وله المآثر الحسان والصدقات والإحسان وأوقاف على البر على اختلاف الأنواع وأصلح القناطر ومهد السبل والقنوات والطرقات وأقام بالأماكن المخوفة الخفراء ورتب لهم ما يكفيهم ولم يزل في خير من الله تعالى ومن سعادته أنه ظفر بشعر من شعر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فكان لا يزال معه وكان حسن الملتقى سيما لأهل العلم. قال الذهبي رحمه الله تعالى في كتاب المشتبه: وكاف في آخره مع فتح أوله والجيم السيفي منجك نائب السلطان بدمشق كان كثير المعروف والخير وأوقاف البر رحمه الله تعالى انتهى. وقد جمعت في ترجمته كراسة جيدة. وأوقف على المدرسة المذكورة حمامه المعروف والفرن إلى جانبه والربع فوقه. وقال الأسدي في تاريخه في سنة أربع عشرة وثمانمائة: قاضي القضاة جمال الدين بن القطب الحنفي كان عاريا من سائر العلوم ولي الحسبة قبل الفتنة ثم ولي ولاية الحنفي فاستعجب الناس من ذلك كل العجب فلما كان بعد الفتنة أقبل مولى قاضي القضاة ثم عزل ثم ولي وكانت سيرته من أقبح السير ثم إنه في آخر عمره تخمل وولي القضاء عن نيروز ثم تأخر واختفى ومات خاملا

وكان بيده تدريس المنجكية وبعض العذراوية وغير ذلك وتوفي يوم الأربعاء سادس عشرينه ودفن بالمقدمية البرانية على واقفها واستنكر الناس ذلك انتهى. وقال ابن حجي في سنة أربع عشرة المذكورة كوفي ثامن صفر منها درس الشيخ شرف الدين الأنطاكي النحوي بالمدرسة المنجكية عند الخلخال تلقاها عن القاضي ابن القطب بواسطة كاتب السر كان أخذ الوظائف ثم تركها لابنه الصغير والأوسط واستثنى هذه وأعطاها للأنطاكي وحضر عنده بعض القضاة وبعض العلماء وجاء لولده الكبير وجعل ينازع الشيخ شرف الدين لأخيه الصغير فجعل النصف لليتيم والنصف لشرف الدين انتهى. وقال الأسدي في تاريخه في السنة المذكورة: وفي يوم الأربعاء أو يوم الأحد ثامن عشرين صفر بلني أن الأنطاكي درس في المنجكية عوضا عن القضاي جمال الدين القطب انتهى. وقال في شعبان سنة خمس عشرة وثمانمائة: الشيخ شرف الدين محمود الأنطاكي الحنفي شيخ هذه البلاد في النحو والتصريف اشتغل عليه غير واحد من أعيان البلد وتنبهوا وفضلوا وماتوا قبله منهم شمس الدين الحمصي وابن سيف الحنفي وبدر الدين ابن قاضي أذرعات وكان يجلس في أول أمره وينفع الناس كثيرا وكان هو والأنباري يتنازعان المشيخة في النحو لكن هذا أعلم منه في النحو والأنباري أعلم باللغة وأحفظ للشعر وكان يتردد إلى الأكابر ويقرئهم بالأجرة ويشهد ويكتب خطا حسنا جدا ولا يزال فقيرا يضرب به المثل في الفقر ولما كان بعد الفتنة زاد فقرة حتى أنه لبس عدلا في بعض الأحيان وجلس مقابل الجركسية بالصالحية يشهد وكان في شهاداته مقال وينسب إلى أشياء معلومة مشهورة لا حاجة بنا إلى ذكرها وكان في غاية القدرة على النظم والنثر وعلى الكلام وكلما زاد فضلا زاد تأخرا وكان رث الهيئة الملبس وكان في آخر أمره قليل النفع لمن يقرا عليه وقد درس في آخر عمره بالمنجكية بعد أبن القطب وجرى له نزاع مع أولاد ابن القطب وكان في غاية الظرف له كلمات مأثورة محفوظة

وتنديبات حسنة توفي يوم الأربعاء حادي عشره بالصالحية ودفن بها وكان شيخا مسنا رحمه الله تعالى انتهى. ثم قال الأسدي في شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة: وفي يوم الإثنين ثاني عشريه حضر قوام الدين قاسم العجمي المنجكية بالمنيبع وأخذها لما توجه من أولاد القاضي جمال الدين بن القطب بحكم عدم أهليتهم وكان قد أخذ منهم قبل ذلك نصف العزية البرانية ودرس بها كما تقدم وأخذ تدريس بل تصدير الشيخ شهاب الدين العزى انتهى.

المدرسة الميطورية

135 - المدرسة الميطورية قال ابن شداد: بجبل الصالحية من شرقيه واقفتها الست فاطمة خاتون بنت السلار في سنة تسع وعشرين وستمائة انتهى. قال الشيخ تقي الدين الأسدي في تاريخه في سنة إحدى وعشرين وثمانمائة: ومن عجيب ما وقع أن المدرسة الميطورية بين الصالحية والقابون سلمت إلى بعد الوقعة فهدمت وأخذت آلتها وحصل بسببها تشنيع كثير على الفقهاء وقيل إنه يشتري مكان بالصالحية ويجعل مدرسة انتهى. قلت اشترى مكان بالزقاق قدام باب الجامع المظفري من الغرب بالقرب من التربة الصارمية. ثم قال ابن شداد: والميطور كان مزرعة ليحيى بن أحمد بن يزيد بن الحكم وكان يسكن أرزونا وهو الميطور الشرقي انتهى. وهذا الميطور هو وقف المدرسة المذكورة. ثم قال ابن شداد: أول من درس بها الدرس الشيخ حميد الدين السمرقندي إلى أن توفي وذكر بعده ولده محيي الدين إلى أن انتقل إلى الديار المصرية ومات بها وذكر عنه الدرس شمس الدين الحسين القونوي الخطيب بالقلعة المنصورة بدمشق ثم وليها محيي الدين أحمد بن عقبة وهو بها إلى الآن انتهى.

المدرسة المقصورة الحنفية

136 - المدرسة المقصورة الحنفية قال ابن شداد بعد أن ذرك المدارس المشتركة بين الحنفية والشافعية وهن: العذراوية والدماغية والأسدية والمقصورة الحنفية بالجامع ذكرناها مع

المشتركة لكونها مدرسته وإقامته انتهى وفيه أمور منها أنه أهمل من المشترك أيضا الظاهرية ولم يذكر الظاهرية البرانية الشافعية وعدة مدارس أخر كالجوهرية الحنفية قال ابن كثير في تاريخه في سنة أربع وستين وستمائة وفيها توفي العفيف بن الدرجي إما مقصورة الحنفية الغربية بجامع دمشق انتهى وقال الذهبي في العبر في سنة أربع وستين وستمائة وفيها توفي الشيخ أحمد بن سالم المصري النحوي نزيل دمشق فقير متزهد محقق للعربية اشتغل بالنصرية وبمقصورة الحنفية مدة وتوفي في شوال انتهى وذكر البرزالي في تاريخه في سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة الشيخ في ترجمة الشيخ رضي الدين المنطيقي مدرس القيمازية أنه كان إماما بمقصورة الحنفية الشمالية انتهى وذكر ابن كثير في تاريخه في سنة سبع عشرة وسبعمائة الشيخ شهاب الدين الرومي أنه أم بمحراب الحنفية بمقصورتهم الغربية إذ كان محرابهم هناك ولما توفي قام ولداه عمادالدين وشرف الدين وفي وظائفه انتهى وقال البرزالي في تاريخه في سنة أربع وثلاثين وسبعمائة وفي ليلة الجمعة رابع عشر جمادى الأولى باشر إمامة محراب الحنفية بجامع دمشق الشيخ شمس الدين محمد بن إبراهيم المعروف بالزنجيلي الحنفي النقيب وانفصل عمادالدين بن شهاب الدين الرومي من هذه الوظيفة انتهى وقال ابن كثير في سنة ثمان وعشرين وسبعمائة وفي يوم الثلاثاء ثالث عشرين شهر رجب رسم للأئمة الثلاثة الحنفي والمالكي والحنبلي بالصلاة في الحائط القبلي من الجامع الأموي فعين المحراب الجديد الذي بين باب الزيادة والمقصورة للإمام الحنفي وعين محراب الصحابة رضي الله تعالى عنهم للمالكي ومحراب مقصورة الخضر الذي كان مصلى الحنفي للحنبلي وعوض إمام محراب الصحابة بالكلاسة وكان قبل ذلك في حال العمارة محراب الحنفية بالمقصورة المعروفة بهم ومحراب الحنابلة من خلفهم من الرواق الثالث الغربي وكانا بين الاعمدة فقلعت تلك المحاريب وعوضوا بالمحاريب المستقرة في الحائط القبلي واستقر الأمر كذلك انتهى وقال في سنة ثلاثين وسبعمائة وفي يوم الأحد سادس شهر رجب حضر الدرس الذي أنشأه القاضي فخر الدين كاتب المماليك على الحنفية بمحرابهم

المدرسة النورية الكبرى

بجامع دمشق ودرس به الشيخ شهاب الدين بن قاضي الحصن أخو قاضي القضاة برهان الدين بن عبد الحق بالديار المصرية وحضر عنده القضاة والأعيان وانصرفوا من عنده إلى عند ابن أخيه صلاح الدين بالجوهرية فدرس بها عوضا عن حميه شمس الدين بن الزكي نزل له عنها انتهى وقال في سنة اثنتين وثلاثين القاضي فخر الدين كاتب المماليك وهو محمد بن فضل الله ناظر الجيوش بمصر أصله قبطي فأسلم وحسن إسلامه وكان له أوقاف كثيرة وإحسان وبر إلى أهل العلم وكان صدرا معظما حصل له من السلطان حظ وافر وقد جاوز السبعين واليه تنسب المدرسة الفخرية بالقدس الشريف توفي رحمه الله تعالى في نصف شهر رجب وأحيط على أمواله وأملاكه بعد وفاته انتهى 137 - المدرسة النورية الكبرى قال ابن شداد وهي بخط الخواصين أنشأها الملك العادل نور الدين محمود ابن زنكي بن آقسنقر رحمه الله تعالى في سنة ثلاث وستين وخمسمائة انتهى. وفيه نظر إنما أنشأها ولده الملك الصالح إسماعيل ثم نقله من القلعة بعد فراغها ودفنه بها وهي بعض دار هشان بن عبد الملك بن مروان وكانت قديما دار معاوية ابن أبي سفيان وكان لمعاوية رضي الله تعالى عنه دار أخرى بباب الفراديس تحت السقيفة يقال إنها الدار المعروفة الآن بابن المقدم انتهى. قال الذهبي في العبر في سنة خمس وعشرين ومائة: وفيها مات في ربيع الآخر الخليفة أبو الوليد هشام بن عبد الملك الأموي وكانت داره عند الخواصين بدمشق فعمل منها مدرسة السلطان نور الدين انتهى. وقال في المختصر: وكانت داره عند الخواصين وهي اليوم تربة الملك العادل نور الدين الشهيد ومدرسته رحمه الله تعالى انتهى. وقال الأسدي في سنة تسع وستين وخمسمائة: محمود بن أبي سعيد زنكي ابن آقسنقر التركي الملك العادل نور الدين أبو القاسم ولد بحلب

في شوال سنة إحدى عشرة وخمسمائة ودخل قلة حلب بعد قتل علي صغير1 في شهر ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين وله ثلاثون سنة وكان أعدل ملوك زمانه بالإجماع وأكثرهم جهادا وأحرصهم على فعل الخير وأدينهم وأتقاهم لله تعالى قصده الإبرنس صاحب أنطاكية فواقعه فكسره نور الدين رحمه الله تعالى وقتله وقتل ثلاثة آلاف من الفرنج وأظهر السنة بحلب وغير البدعة التي كانت في التأدين وقمع الرافضة وبنى بها المساجد والمدارس ووسع في أسواقها ومنه من أخذ ما كان يؤخذ منهم من المغارم بدار البطيخ ودار الغنم وضمان الشهر والكيالة وأبطل الخمر وكان في الحرب رابط الجأش ثابت القدم حسن الرمي وكان يعرض نفسه للشهادة ويسألها ولقد أحسن إلى العلماء وأكرمهم وبنى دور العدل وحضرها بنفسه ووقف على المرضى وأدر على الضعفاء والأيتام وعلى المجاورين وأمر بإكمال سور المدينة النبوية على صاحبها الصلاة والسلام واستخرج العين التي بأحد وكانت دفنتها السيول وفتح سبيل الحاج من الشام وعمر الربط والخوانق والبيمارستانات في بلاده وبنى الجسور والطرق والخانات ووقف كتبا كثيرة على أخذ العلم وكسر الفرنج وكسر الأرمن على حارم وكان العدو ثلاثين ألفا فلم يفلت منهم إلا القليل وقبلها كسر الفرنج على بانياس وأرسل جيوشه إلى مصر مرات إلى أت استولوا عليها وطهروها من الرفض وأعادوا الخطبة العباسية. قال ابن عساكر: وكان حسن الخط حريصا على تحصيل الكتب الصحاح والسنن كثير المطالعة للفقه والحديث مواظبا على الصلوات في جماعة كثير التلاوة والصيام والنسخ عفيفا متحريا في المطعم والمشرب عريا عن التكبر وكان ذا عقل متين ورأي رصين متقديا بسيرة السلف الصالح متشبها بالعلماء والصلحاء وروى الحديث وأسمعه بالإجازة وكان من رآه شاهد من جلالة السلطنة وهيبة الملك ما يبهره وإذا فاوضه رأى من لطافته وتواضعه ما يحيره. قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى: ولي الشام سنين وجاهد الثغور وانتزع من أيدي الكفار نيفا وخمسين مدينة

_ 1 شذرات الذهب 4: 209.

وحصنا وبنى مارستانا بالشام وبنى بالموصل جامعا غرم عليه سبعين ألف دينار ثم أثنى عليه. وقال ابن شداد: بل ابن الجوزي رحمهما الله تعالى ما شد عن طاعة الخلافة وكان يميل إلى التواضع ومحبة العلماء والصلحاء وعاهد صاحب طرابلس وقد كان في قبضته أسيرا على أن يطلقه على ثلاثمائة ألف دينار وخمسمائة حصان وخمسمائة زردية ومثلها أتراس أفرنجية ومثلها قنطاريات وخمسمائة أسير مسلم وبأن لا يغير على بلاد المسلمين سبع سنين وسبعة أشهر وأخذ منه في قبضته على الوفاء بذلك نيابة عن أولاد الفرنج وبطارقهم فإن نكث أراق دماءهم وعزم على فتح بيت المقدس فتوفي رحمه الله تعالى وقال الموفق عبد اللطيف كان نور الدين الدين له بمنزلة كسير من الجهاد وكان يأكل من عمل يده ينسج تارة ويعمل علابا تارة ويلبس الصوف ويلازم السجادة والمصحف وكان حنيفا ويراعي مذهب الشافعي ومالك رضي الله تعالى عنه عنهم وقال ابن خلكان كان زاهدا عابدا متمسكا بالشريعة مجاهدا كثير البر والأوقاف وبنى بالموصل الجامع النوري وله من المناقب ما يستغرق الوصف توفي رحمه الله تعالى بقلعة دمشق بالخوانيق وأشاروا عليه بالفصد فامتنع وكان مهيبا فما روجع وكان أسمر طويلا ليس له لحية إلا في حنكه وكان واسع الجبهة حسن الصورة حلو العينين وقد طالعت السير فلم أر فيها بعد الخلفاء الراشدين وعمر بن عبد العزيز رضي الله عنهم أحسن من سيريته ولا أكثر تحريا للعدل وكان لا يأكل ولا يلبس ولا يتصرف في الذي يخصه إلا من ملك كان له قد اشتراه من سهمه في الغنيمة ومن الأموال المرصدة لمصالح المسلمين ولقد طلبت منه زوجته فأعطاها ثلاثة دكاكين بحمص كراها نحو عشرين دينارا في السنة فاستقلتها فقال ليس لي إلا هذا وجميع ما أنا فيه خازن المسلمين وهو أول من بنى دار الحديث وكان رحمه الله تعالى يصلي كثيرا بالليل وكان عارفا بالفقه على مذهب أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه ولم يترك في بلاده على سعته مكسا. إلى أن قال في أوقافه على أنواع البر سمعت أن حاصل وقفة في الشهر تسعة آلاف دينار صوري. وقال له القطب النيسابوري

مرة بالله لا تخاطر بنفسك فإن أصبت في معرك لم يبق للمسلمين أحد إلا أخذه الشر فقال له ومن محمود حتى يقال له ذلك من حفظ البلاد قبل ذلك غير الذي لا إله إلا هو ولأسامة بن منقذ فيه: سلطاننا زاهد والناس قد زهدوا ... له فكل عن الخيرات منكمش أيامه مثل شهر الصوم طاهرة ... من المعاصي وفيها الجوع والعطش وقال مجد الدين بن الأثير في تاريخ الموصل: لم يلبس حريرا قط ولا ذهبا ولا فضة ومنع من بيع الخمر في بلاده وكان كثير الصيام وله أوراد في الليل والنهار وكان كثير اللعب بالكرة فكتب إليه بعض الصالحين ينكر عليه ويقول تتعب الخيل في غير فائدة فكتب إليه بخطه والله ما أقصد اللعب وإنما نحن في تعب فربما وقع والصوت لتكون الخيل قد أدمنت الكر والفر وكان رحمه الله تعالى عارفا بمذهب أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه عنه ليس عنده تعصب والمذاهب عنده سواء. قال:وكان يلعب يوما في ميدان دمشق وجاءه رجل وطلبه إلى الشرع فجاء معه إلى مجلس القاضي كمال الدين بن الشهرزوري وتقدم الحاجب يقول للقاضي قد. قال: لك لا تزعج واسلك معه ما تسلكه مع آحاد الناس فلما حضر سوى بينه وبين خصمه فتحاكما فلم يثبت للرجل عليه حق وكان يدعي ملكا في يد نور الدين الدين فقال نور الدين هل ثبت له حق فقالوا لا. قال: فاشهدوا علي أني قد وهبت له الملك وإنما حضرت معه لئلا يقال عني دعيت إلى الشرع فأبيت. قال: ودخل يوما فرأى مالا كثيرا فقالوا بعث هذا القاضي كمال الدين من فائض الأوقاف فقال ردوه وقولوا إنما رقبتي رقيقة لا أقدر على حمله غدا وأنت رقبتك غليظة تقدر على حمله ولما قدم أمراؤه دمشق اقتنوا الأملاك واستطالوا على الناس خصوصا أسد الدين شيركوه ولم يقدر القاضي كمال الدين على الانتصار من شيركوه فأمر نور الدين ببناء دار العدل في الأسبوع فقال شيركوه: إن نور الدين الدين ما بنى هذه الدار إلا بسبي وإلا فمن يمتنع على القاضي كمال الدين؟ وقال لنوابه والله إن حضرت إلى دار العدل بسبب واحد منكم لأصلبنه فإن كان بينكم وبين أحد

منازعة فارضوه مهما أمكن ولو أتى على جميع مالي وكان نور الدين يقف عند دار العدل في الأسبوع أربع مرات ويحضر عنده العلماء والفقهاء ويأمر بإزالة الحجاب والبوابين وأنفق على عمارة جامع الموصل ستين ألف دينار وفوض أمر عمارته إلى الشيخ عمر المنلا الزاهد ويقال أنفق عليه ثلاثمائة ألف دينار فتم في ثلاث سنين وبنى جامع حماة على جانب العاصي ووقع في أسره ملك الفرنج فأشار الأمراء ببقائه في أسره خوفا من شره فبذل هو في نفسه مالا فبعث إليه نور الدين سرا يقول له أحضر المال فأحضر ثلاثمائة ألف دينار فأطلقه فعند وصوله إلى مأمنه مات فطلب الأمراء سهمهم من المال فقال كما تستحقون منه شيئا لأنكم نهيتم عن الفداء وقد جمع الله تعالى لي الحسنتين الفداء وموت اللعين وخلاص المسلمين منه فبنى بذلك المال المارستان والمدرسة بدمشق ودار الحديث وما كان أحد من الأمراء يتجاسر أن يجلس عنده من هببته فإذا دخل عليه فقير أو علم أو رث خرقة قام ومشى إليه وأجله إلى جانبه ويعطيهم الأموال فإن قيل له يقول هءلاء لهم حق في بيت المال فإذا قنعوا منا ببعضه فلهم المنة علينا وقال العماد الكاتب في البرق الشامي أكثر نور الدين في السنة التي توفي فيها من الصدقات والأوقاف وعمارة المساجد وأسقط كل ما فيه حرام فما أبقى سوى الجزية والخراج وما يحصل من الغلات على فويم المنهاج وأمرني بكتب مناشير لجميع أهل البلاد فكتبت أكثر من ألف منشور وحسبنا ما تصدق به في تلك الشهور فكان ثلاثين ألف دينار وكان له برسم نفقة الخاص في كل شهر من الجزية ما يبلغ الفي قرطاس يصرفها في كسوته وما حوله وأجرة خياطة وجامكية طباخه ويستفضل منها ما يتصدق في آخر الشهر وقيل إن استمر كل ستين قرطاسا بدينار وذكر العماد الكاتب جملة من فضائله ومبلغ ما أطلق من الرسل والضرائب في كل سنة خمس مائة ألف وستة وثمانون ألفا وأربع مائة وستون دينارا وقد ذكر الذهبي تفصيل ذلك بالنسبة إلى كل بلد من بلاده. ونقل ابن واصل وغيره أنه كان من أقوى الناس بدنا وقلبا وأنه لم ير على ظهر فرس أشد منه كأنما خلق عليه ولا

يتحرك وكان إذا حضر الحرب أخذ قوسين وتركاشين وباشر القتال بنفسه وكان يقول طالما تعرضت للشهادة فلم أدركها. قال الذهبي. قلت وقد أدركها على فراشه وبقي ذلك في أفواه المسلمين تراهم يقولون نور الدين الدين الشهيد وما شهادته إلا بالخوانيق رحمه الله تعالى ومن فضائله كما قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى: أنه كان له عجائز بدمشق وحلب وكان يخيط الكوافي ويعمل السكاكر ويبيعها له العجائز سرا فكان يوم يصوم يفطر على أثمانها وحكى شرف الدين يعقوب بن المعتمد أن في دارهم سكرة على خرستان من عمل نور الدين يتبركون بها وهي باقية إلى سنة خمسين وستمائة. قال ابن كثير: كان يجلس يوم الثلاثاء في المسجد المعلق الذي بالكشك ليصل إليه كل أحد من المسلمين وأهل الذمة وأغلق باب كيسان وفتح باب الفرج ولم يكن هناك قبله باب بالكلية وفي أيامه فتحت المشاهد الأربعة بالجامع وقد كانت حواصل الجامع فيها من حين احترق سنة إحدى وستين وأربعمائة وأضاف إلى أوقاف الجامع المذكور الأوقاف التي لا يعرف واقفها ولا تعرف شروطهم فيها وجعلها قلما واحدا وتسمى مال المصالح ورتب عليه لذوي الحاجات من الفقراء والمساكين والأرامل والأيتام وما أشبه ذلك توفي رحمه الله تعالى في شوال في قلعة دمشق بالخوانيق ودفن بتربته بمدرسة باب الخواصين وعهد بالملك إلى ولده الصالح إسماعيل وهو ابن إحدى عشرة سنة وحلف الوزراء لولده أن يكون في السلطنة بعده وكان الصالح أحسن أهل زمانه صورة وللعماد الكاتب يرثيه ويقول: شعر: يا ملكا أيامه لم تزل ... بفضله باهية فاخرة ملكت دنياك وخلفتها ... وسرت حتى تملك الآخرة وفي كتاب البرق الشامي وغيره من مؤلفات العماد الكاتب كثير من سيرة نور الدين واجتهاده وقد عني الإمام أبو شامة في كتاب الروضتين في أخبار الدولتين بسيرته وترجمة السلطان نور الدين وكراماته ومناقبه ومآثره وما مدح به ورثي طويلة مشهور وهذا الكتاب مبني على الاختصار وفيما ذكرنا مقنع وبلاغ بل فيه تطويل بالنسبة إلى موضوع هذا الكتاب انتهى. قلت: وقد جمع شيخنا

ولده كتبابا اسماه الدر الثمين في مناقب نورا لدين ورأيت في الوضتين لأبي شامه أنه في سنة سبع وأربعين وخمسمائة ولد بحمص لنور الدين ابن سماه أحمد ثم توف بدمشق وقبره خلف قبر معاوية رضي الله تعالى عنه إذا دخلت الحظيرة في مقابر باب الصغيرة انتهى. وقال شيخنا بدرا دلين الأسدي في كتابه الكواكب الدرية في السيرة النورية: وسار نور الدين الدين إلى حارم فملكها وغنم ما كان فيها من الأموال والخيل والسلاح والخيام وغير ذلك وعاد إلى حلب بالأسارى والغنائم وامتلأت حلب منهم وبيع الأسير بدينار وفرقهم نور الدين الدين على العساكر واعطى أخاه وصاحب الحصن من الأموال العظيمة والتحف الكثيرة وعادوا إلى بلادهم. قال الكتبي وفادي نور الدين الملوك وكان قد استفتى الفقهاء فقال قوم يقتل الجميع وقال قوم يفاديهم فمال إلى الفداء فأخذ منهم ستمائة ألف دينار معجلة وخيلا وسلاحا وغير ذلك وكان نور الدين يحلف بالله تعلا لا ان جميع ما بناه من المدارس والأوقاف والربط وغيرها من هذه المفاداة وجميع وقفه منها وليس فيها من بيت المال الدرهم الفرد انتهى. قال صاحب الروضتين وبلغني أن نور الدين لما إلتقى الجمعان أو قبيله انفرد تحت تل حارم وسجد لربه عزوجل ومرغ وجهه وتضرع وقال يا رب هؤلاء عبيدك وهم أولئك وهؤلاء عبيدك هم أعداؤك فانصر أولياءك على أعدائك إيش فضول محمود في الوسط يشير إلى أنك يا رب إن نصرت المسلمين فدينك نصرت فلا تمنعهم النصر بسبب محمود إن كان غير مستحق للنصر. قال وقد بلغني أنه قال: اللهم انصر دينك ولا تنصر محمود ومن هو محمود الكلب حتى ينصر انتهى. وكانت هذه الوقعة في سنة تسع وخمسين وخمسمائة وقال في مختصر تاريخ الإسلام في سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة وفيها سار صاحب حلب الملك نور الدين محمود بن زنكي فاستقبل أرباحا من الفرنج فجاءت معه فاخفته الفرنج ورعبت منه وتزوج بابنة نائب دمشق معين الدين أنر وأرسلت إليه إلى حل وقال في سنة أربع وأربعين وخمسمائة وفيها مات غازي صاحب الموصل أخو نور الدين وله أربع وأربعون سنة. وقال في سنة خمس وأربعين وخمسمائة: وفيها حاصر نور

الدين دمشق فخرج صاحبها ابق ووزيره وخضعا فرق إليهما وخلع عليهما ورد إلى حلب فأحبه الناس وقال في سنة خمسين وخمسمائة: وفيها غزا نور الدين الدين الفرنج وافتتح حصونا وسار إلى أن وصل إلى قونية وعظم شأنه وبعد صيته فلقبه المقتفي1 بالملك العادل وقال في سنة خمس وستين وخمسمائة: وصاحب الموصل قطب الدين مودود أخو نور الدين تملك بعد أخيه غازي انتهى. وقال شخينا في كواكبه في سنة تسع وستين وخمسمائة: فلما كان يوم الأربعاء الحادي والعشرين من شوال من هذه السنة قبض الله روحه يعني نور الدين رحمه الله تعالى وقت طلوع الشمس عن ثمان وخمسين سنة مكث فيها في الملك ثمان وعشرين سنة وصلي عليه بجامع القلعة ودفن بالقلعة ثم نقل إلى تربة تجاور مدرسته التي بناها لأصحاب أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه عنه جوار الخواصين وكانت دار سليمان بن عبد الملك بن مروان وقبره يزار وتخلق شبابيكه وتطيب ويتبرك به كل مار ويقول قبر نور الدين الشهيد لما حصل له من الخوانيق وكذا يقال لأبيه الشهيد لأنه قتل ظلما وفيها بويع بعد موت نور الدين لولده الملك الصالح إسماعيل وكان صغيرا لم يبلغ الحلم وجعل أتابكه الأمير شمس الدين بن المقدم وحلف له الأمراء والمقدمون بدمشق وأطاعه الناس في سائر بلاد الشام وأطاعه صلاح الدين وخطب له بها وضربت السكة باسمه فيها ومات الصالح سنة سبع وسبعين وخمسمائة وقد ذكر صلاح الدين الصفدي رحمه الله تعالى ترجمة زنكي والد نور الدين رحمهما الله تعالى فقال: زنكي بن آقسنقر بن عبد الله الملك المنصور عماد الدين أبو الجود المعروف والده بالحاجب كان والده صاحب الموصل وتقدم ذكر أبيه وكان من الأمراء المتقدمين وفوض إليه السلطان محمود بن محمد بن ملكشاه السلجوقي2 ولاية بغداد سنة إحدى وعشرين وخمسمائة وكان لما قتل آقسنقر الرسقي ورد مرسوم السلطان من خراسان بتسليم الموصل إلى دبيس بن صدقة3

_ 1 شذرات الذهب 4: 172. 2 شذرات الذهب 4: 76. 3 شذرات الذهب 4: 76.

الأسدي صاحب الحلة وقد تقدم فتجهز دبيس للمسي وكان بالموصل أمير كبير يعرف بالجاولي يستحفظ قلعة الموصل ويتولاها من جهة البرسقي فطمع في البلاد وحدثته نفسه يتملكها فأرسل إلى بغداد أبا الحسن علي بن القاسم السهروردي وصلاح الدين محمد البقيساني لتقرير قاعدته فلما وصلا إليها وجدا المسترشد قد أنكر تولية دبيس وقال: لا سبيل إلى هذا وترددت الرسائل بينه وبين السلطان محمود وآخر ما وقع الاختيار عليه زنكي المذكور باختيار المسترشد1 فاستدعى الرسولين الواصلين من الموصل وقرر معهما أن يكون الحديث في البلاد لزنكي ففعلا ذلك وبذلك المسترشد من ماله مائة ألف دينار فبطل دبيس وتوجه زنكي إلى الموصل وتسلمها ودخل في عاشر شهر رمضان سنة إحدى وعشرين وخمسمائة على ما ذكره ابن العقيمي ولما تسلم زنكي الموصل سلم إليه السلطان محمود ولديه ألب ارسلان وفروخشاه المعروف بالخفاجي ليربيها فلهذا قبل لزنكي أتابك ثم إن زنكي استولى على ما والي الموصل من البلاد وفتح الرها سنة تسع وثلاثين وخمسمائة وكانت لجوسلين الأرمني وتوجه إلى قلعة جعبر ومالكها يومئذ سيف الدولة أبو الحسن علي بن مالك فحاصرها وأشرف على أخذها فاصبح يوم الأربعاء خامس شهر ربيع الآخر إحدى وأربعين وخمسمائة مقتولا وهو راقد على فراشه ليلا ودفن بصفين رحمه الله تعالى وسار ولده نور الدين الدين فاستولى على حلب واستولى ولده الآخر سيف الدين غازي أخو قطب الدين مودود على الموصل وكان زنكي قد استرد من الفرنج حصونا كثيرى مثل كفرطاب والمعرة وملك الموصل وحلب وحماة وحمص وبعلبك ومدائن كثيرة وأولاد زنكي غازي ومحمود ومودود أبو ملوك الموصل وامير ميران وبنت انتهى. ثم قال زنكي بن مودود بن زنكي: هو أبو الفتح أو أبو الجود عماد الدين بن قطب الدين بن عماد الدين2 المذكور قبله صاحب سنجار كان قد ملك حلب بعد ابن عمه الملك الصالح عمادالدين إسماعيل بن نور الدين الدين محمود بن زنكي. ثم إن السلطان صلاح الدين الدين يوسف بن

_ 1 شذرات الذهب 4: 86. 2 شذرات الذهب 4: 316.

أيوب نزل على حلب وحاصرها سنة تسع وسبعين وخسمائة وآخر الأمر وقع الاتفاق على أنه عوض عماد الدين زنكي سنجار وتلك النواحي وأخذ منه حلب وذلك في صفر سنة تسع وسبعين وخمسمائة وانتقل إلى سنجار ولم يزل بها إلى أن توفي سنة أربع وتسعين وخمسمائة وكان شديد البخل لكنه عادل في الرعية عفيف عن أموالهم رحمه الله تعالى انتهى. وقال الذهبي في مختصر تاريخ الإسلام في سنة إحدى وأربعين وخمسمائة: وفيها حاصر زنكي بن آقسنقر جعبر فرتب عليه ثلاثة مماليك فقتلوه وتملك ابنه غازي الموصل وابنه نور الدين الدين محمود حلب كوان زنكي رجلا شجاعا مهيبا انتهى. وقال الذهبي فيه فيمن توفي سنة سبع وثمانين وأربعمائة: والأمير قسيم الدولة آقسنقر التركي مملوك السلطان ملكشاه وقيل هو لصيق به فحظي عنده وولاه حلب الشهباء واسمع منقوش على منارة جامع حلب المحروسة وكان محسنا إلى الرعية قتله تتش ودفن رحمه الله تعالى بالمدرسة الزجاجية بمدينة حلب المحروسة بعد كلب آمد ما بقي مدفونا بالمشهد نقله ولده الأتابك زنكي والد الملك نور الدين رحمه الله تعالى انتهى. وكان زنكي والد نور الدين رحمهما الله تعالى يشبه والد آقسنقر فإنه كان حسن الصورة أسمر مليح العينين طويل القامة وليس بالطويل بالباين وكانت سيرته من أحسن السير ومن أملح سير الملوك وكان من اكابرها حزما وضبطا للأمور وكانت رعيته في أمن شامل يعجز القوي عن التعدي على الضعيف فأشبه أباه ومن يشابه أباه فما ظلم انتهى. ثم قال ابن شداد: أول من درس بها بهاء الدين بن العقادة وكان شيخا فاضلا مشهورا إلى أن توفي. ثم درس بها بعده برهان الدين مسعود الدمشقي وكان شيخا عالما مشهورا فاضلا إلى أن توفي ثم درس بها بعده أولاد الصدر إبراهيم والمجد أخوه وكان ينوب عنهما الشرف داود الحنفي الدمشقي وبقي برهة من الزمان إلى أن قدم شيخ الإسلام جمال الدين محمود بن أحمد بن عبد السيد الحصيري المشهور بالدين والعلم وانتماء العلماء إليه وتلمذتهم له وليها سنة وثلاث وعشرين وستمائة واستمر بها متوليا إلى أن توفي بها في رابع صفر

سنة ست وثلاثين وستمائة وبقيت على ولده من بعده قوام الدين محمد. وكان ينوب عنه بها صدر الدين إبراهيم إلى أن كبر وذكر بها الدرس واستمر بها متوليا إلى حين توفي في رابع شوال سنة خمس وستين وستمائة ودفن بجنب والده بمقابر الصوفية وكان مولده في حادي عشر شعبان سنة خمس وعشرين وستمائة وولي أخوه الشيخ نظام الدين أحمد ابن الشيخ جمال الدين 1 المذكور وهو مستمر بها إلى حين وضعنا هذا التاريخ في سنة أربع وسبعين وستمائة ومولده حادي عشر شعبان سنة تسع وعشرين وستمائة انتهى. قلت أما ابن العقادة فقال ابن كثير في سنة ست وتسعين وخمسمائة وفيها توفي الشيخ العلامة بدر الدين بن عسكر رئيس الحنفية بدمشق. قال أبو شامة: ويعرف بابن العقادة انتهى. قلت وأما البرهان مسعود فقد مرت ترجمته في المدرسة الخاتونية الجوانية وأما الشرف داود فقال الصفدي: داود بن أرسلان الشيخ شرف الدين نقلت من خط الشيخ شهاب الدين القوصي في معجمه. قال: أنشدني بدمشق لنفسه يخاطب الصاحب صفي الدين بن شكر رحمه الله تعالى وأموات المسلمين: حوى ملك الإسلام ملكا وصالحا ... ولا زال في الإقبال ما بقي الدهر وجاءته أخبار الوزير لأمرنا ... فتثقف أمر الناس إذ أسر الصقر صفي بصفي الدين كل مكدر ... من العيش والأيام ضاحكة زهر علوت فأصحاب العمائم كلها ... نجوم وأنت الشمس والقمر البدر وأعاد شرف الدين هذا مدة طويلة للإمام برهان الدين مسعود بالمدرسة النورية وكان حنفي المذهب وتوفي سنة تسع وثلاثين وستمائة انتهى. وأما الشيخ العلامة شيخ الإسلام الحصيري فقال الأسدي في تاريخه في سنة إحدى عشرة وستمائة وفيها شرع في تبليط جامع دمشق وكانت أرضه في تكسر رخامها وتخفرت وفيها ولي تدريس النورية جمال الدين محمود الحصيري وحضر الملك المعظم درسه في شهر ربيع الأول انتهى.

_ 1 شذرات الذهب 5: 440.

وقال الذهبي في تاريخه العبر في سنة ست وثلاثين وستمائة: وجمال الدين الحصيري شيخ الحنفية أبو المحامد محمود بن أحمد بن عبد السيد البخاري وله تسعون سنة توفي في صفر وروى صحيح مسلم عن أصحاب الفراوي ودرس بالنورية خمسا وعشرين سنة وكانت من العلماء العاملين انتهى. ومثله في مختصر تاريخ الإسلام له وزاد وازدحم الخلق على نعشه حمل على الأصابع. وقال تلميذه ابن كثير في هذه السنة: جمال الدين بن الحصيري الحنفي محمود بن أحمد العلامة جمال الدين شيخ الحنفية بدمشق ومدرس النورية أصله من قرية يقال لها حصير منىمعاملة بخارى وسمع الحديث الكثير وسار إلى دمشق فانتهت إليه رياشة الحنفية بها ولا سيما في أيام الملك المعظم كان يقرأ الجامع الكبير وله عليه شرح وكان يحترمه ويعظمه ويكرمه وكان رحمه الله تعال. غزير الدمعة كثير الصدقة عاقلا نزها عفيفا توفي رحمه الله تعالى يوم الأحد ثامن صفر ودفن بمقابر الصوفية وله تسعون سنة وأول درسه في النورية كان في سنة إحدى عشرة وستمائة بعد الشرف داود الذي تولاها بعد البرهان مسعود وهو أول مدرسها رحمه الله تعالى وأما ابنه النظام المذكور. فقال الذهبي في العبر في سنة ثمان وتسعين وستمائة: وفيها توفي ابن الحصيري نائب الحكم نظام الدين أحمد ابن العلامة جمال الدين محمود بن حمد البخاري الأديب الدمشقي الحنفي وله نحو من سبعين سنة انتهى. وقال تلميذه ابن كثير في سنة ثمان المذكورة: الشيخ نظام الدين أحمد ابن الشيخ جمال الدين محمود بن عبد السيد الحصيري الحنفي مدرس النورةي توفي ثاني المحرم ودفن في ثالثه يوم الجمعة في مقابر الصوفية وكان مفننا فاضلا ناب في الحكم في وقت ودرس بالنورية بعد أبيه ثم درس بها بعده الشيخ شمس الدين بن الصدر سليمان انتهى. وقال في سنة إحدى وسبعمائة: وفي نصف صفر ولي تدريس النورية الشيخ صدر الدين علي البصراوي الحنفي عوضا عن الشيخ ولي الدين السمرقندي وإنما كان وليها ستى أيام درس بها أربعة دروس بعد بني الصدر سليمان توفي وكان من كبر الصالحين يصلي كل يوم مائة ركعة انتهى.

وقال الذهبي في ذيل العبر في سنة سبع وعشرين وسبعمائة ومات في دمشق قاضي الحنفية صدر الدين علي البصراوي في شعبان ببستانه عن خمس وثمانين حدثنا عن ابن عبد الدائم وكان رأسا في المذهب مليح الشارة كثير النعمة حكم بدمشق عشرين سنة وأوصى بثلاثة صدقة وولي بعده ابن الطرسوسي انتهى. قلت وابن طرسوسي هذا هو كما قال الصفدي قاضي القضاة الحنفية بالشام بعد قاضي القضاة صدر الدين علي الحنفي وكان نائبه أولا وكان سيوسا حسن الشكل كامل القامة أنيق الصحة قال الحسيني رحمه الله تعالى في ذيله سنة ثمان وأربعين وسبعمائة والامام العلامة قاضي القضاة عماد الدين أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد الواحد بن عبد المنعم الطرسوسي الحنفي حدث عن ابن البخاري وغيره وولي قضاء الحنفية بدمشق في سنة سبع وعشرين بعد القاضي صدر الدين البصراوي فشكرت سيرته وأحكامه وكانرجلا جليلا مهيبا وقورا كثير التلاوة متعبدا توفي رحمه الله تعالى في ذي الحجة منها بالمزة وولي بعده ابنه القاضي نجم الدين إبراهيم انتهى وقال نجم الدين هذه هو قاضي القضاة عمادالدين أبو الحسن علي ابن الشيخ محيي الدين أبي العباس أحمد بن عبد الواحد بن عبد المنعم ابن عبد الصمد الطرسوسي الحنفي ميلاده في يوم السبت ثاني شهر رجب سنة تسع بتقديم التاء وتسعين وستمائة بمنية ابن خصيب بالصيعد الأعلى بديار مصر تفقه بدمشق على قاضي القضاة شمس الدين بن الحريري وعلى الشيخ سراج الدين أحمد الرومي وعلى الشيخ أبي العلاء محمود الحنفي البخاري وقرأ الخلاف على الصاحب محيي الدين بن النحاس درس أولا بجامع قلعة دمشق يوم الخمس خامس عشرين جمادى الأولى سنة عشرين وسبعمائة وفي صفر سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة باشر نيابة الحكم عن القاضي صدر الدين علي بن صفي الدين البصراوي وولي القضاء استقلالا بعد مشيبه وباشر في النصف من شهر رمضان سنة سبع وعشرين وسبعمائة درس بالنورية والمقدمية والريحانية والقيمازية وله من الشعر كما أنشدته في قرية المزة ما عمله ارتجالا وهو في مجلس واحد قوله:

أهواك يا مزة الفيحاء أهواك ... أهوى هواك وماك البارد الزاكي قد طفت في البر والبحر المديد فلم ... أر جمالا وحسنا مثل مغناك نباتك الطيب والأزهار أجمعها ... وام أذق قط طعما مثل مجناك أنهارك كرحيق السلسبيل جرى ... بين الرياض ونشر المسك رياك فالحمد لله مولانا وسيدنا ... إذ خصنا وحبانا طيب سكناك ثم الصلاة على المختار من مضر ... خير البرية من عرب وأتراك ونزل عن القضاء في أول ذي الحجة سنة ست وأربعين وسبعمائة وتزهد عن الدنيا وانقطع رحمه الله تعالى في منزله بالمزة علىالعبادة والتلاوة إلى أن توفي رحمه الله تعالى يوم الإثنين سلخ ذي الحجة سنة ثمان وأربعين وسلعمائة بمنزله بالمزة ودفن بالمزة بتربة الشيخ علاء الدين الصوابي انتهى. وابنه نجم الدين إبراهيم هذا هو العلامة قاضي القضاة الحنفية بالشام بعد والده كان فقيها بارعا في الفقه صنف عدة مجلدات وله نظم حسن ومذاكرات مفيدة وفهم وسياسية وتودد وملتقى حسن. قال السيد الحسيني في ذيله في سنة ثمان وخمسين وسبعمائة: والامام العلامة قاضي القضاة نجم الدين إبراهيم ابن قاضي القضاة عماد الدين علي بن الطرسوسي الحنفي مولده بالمزة في ثاني المحرم سنة عشرين وسبعمائة وتفقه بوالده وغيره وبرع في الأصول والفقه ودرس وأفتى وناظر وافاد مع الديانة والصيانة والتعفف والمهابة ناب في الحكم عن والده ثم ولي الحكم استقلالا بعده وحدث عن ابن الشيرازي وغيره توفي رحمه الله تعالى في شعبان وولي بعده نائبه القاضي شرف الدين الكفري1 انتهى. وقال الحسيني أيضا في ذيله في سنة تسع وخمسين وسبعمائة: وفي العشر الأخير من شعبان صرف قاضي القضاة شرف الدين الكفري وقاضي القضاة جمال الدين المسلاتي المالكي عن القضاء بدمشق وولي قاضي الشافعية قاضي القضاة بهاء الدين

_ 1 شذرات الذهب 6: 239.

أبو البقاء السبكي وقاضي الحنفية قاضي القضاة جمال الدين محمود بن السراح فحكم نحوا من ثلاثين يوما ثم صرف في أول شوال وأعيد قاضي القضاة تاج الدين السبكي وقاضي القضاة شرف الدين الكفري وخلع عليها يوم الإثنين خامس شوال وفي يوم الأربعاء ثاني شهر رمضان قدم شيخنا قاضي القضاة شرف الدين أحمد بن الحسين العراقي من القاهرة على قضاء المالكية بدمشق عوضا عن القاضي جمال الدين المسلاتي ثم من الغد أقدم القاضي أمين الدين بن عبد الحق على حسبة دمشق عوضا عن علاء الدين الأنصاري وكانت التنقلات بأسرها صادرة عن راي صرغتمش انتهى. وقال في سنة ثلاث وستين وسبعمائة: وفي تاسع جمادى الأولى ولي قاضي القضاة جمال الدين أبو المحاسن يوسف ابن شيخنا قاضي القضاة شرف الدين أحمد بن الحسين الكفري قضاء الحنفية عوضا عن والده واستناب القاضي بدر الدين الجواشيني والقاضي عزالدين منصور انتهى. وقال الأسدي في صفر سنة سبع عشرة وثمانمائة: في قدوم الملك المؤيد إلى قتال نوروز وفي هذا اليوم يعني يوم الأربعاء خامس عشرينه سلمنا على قاضي القضاة نجم الدين بن حجي وقد استقر في قضاء القضاة والخطاة والمشيخة وما يتبع ذلك والقاضي شمس الدين التباني استقر في قضاء الحنفية انتهى. ثم قال في ثاني شهر ربيع الأول منها وفي هذا اليوم اصطلح القاضي شمس الدين بن التباني الحنفي والقاضي المنفصل شهاب الدين بن الكشك ونزل ابن التباني عن الوظائف التي كان أخذها من القاضي شهاب الدين المذكور وأخذ منه شيئا على ما بلغني انتهى. ثم قال في شهر رمضان سنة ثمان عشرة وثمانمائة: وممن توفي فيه قاضي القضاة شمس الدين أبو عبد الله محمد ابن الشيخ العالم جلال الدين الحنفي الشهير بابن التباني كان فاضلا له مشاركة في العلوم ويعرف بالتركي جيدا وعنده كرم الله تعالى وجهه نفس وحشمة وكان بينه وبين السلطان يعني الملك المؤيد شيخ من مصر صحبة قديمة فقيل إن السلطان قرأ على والده وقيل غير ذلك فقدم عليه أيام نيابته بدمشق أظنه سنة إحدى عشرة فأكرمه

وعظمه وولاه نظر الجامع وغيره ولم تكن سيرته إذ ذاك بمحمودة ثم إنه في سنة ثلاث عشرة جيء به من مدينة حلب المحروسة في الترسيم إلى الملك الناصر إلى دمشق فأهانهما وحبسهما في القلعة بسبب صحبتهما للملك المؤيد شيخ وصودر شمس الدين وباع ثيابه وسأل الناس بالأطراق وعاد هو وأخوه إلى مصر فلما تسلطن الملك المؤيد شيخ قربهما على العادة فلما خرج السلطان من مصر أول سنة سبع عشرة إلى دمشق إلى قتال نوروز وخرج معه فولاه قضاء الحنفية بدمشق فجاء وباشر مباشرة لا باس بها بالنسبة إلى العفة عن أموال الناس وكان قد فوض الحكم إلى نوابه وهو قليل جدا لا يدخل إلى مدرسة الحكم أبدا وإنما نوابه يسدون مسده وله وجاهى وجربه وولي بعض التداريس في القصاعين وغيرها وجلس مدة يسيرة في الجامع يشتغل ولما دخل فتنة قاتباي دخل إلى القلعة ودبر أمرها وكانت غالب الأمور إليه فلما وقع الحريق من القلعة انكر الناس ذلك منه وقيل إن ذلك برأيه وإن لم يكن برأيه فلو شاء لأنكره ولكن بلغني أنه حلف أن ذلك لم يكن برأيه ولا بعلمه وكان في ظنه وظن الناس أنه قد نال بما فعل عند السلطان مرتبة لا يصل إليها فلم يظهر من السلطان احتفال بما فعلوه بل ربما ذم على ما وقع من الحريق ولما توجه السلطان إلى حلب المحروسة في أول شهر رمضان توجه إليه السلطان فأراد السلطان أن يرسله إلى ابن قرمان في رسالته فساله الإقالة من ذلك فغضب السلطان عليه وأمره بالرجوع إلى دمشق فرجع ومرض في الطريق قيل إنه أطعم في حماة لوزينجا مسموما ووصل إلى دمشق مريضا يوم السبت عشرينه وتوفي عند الصبح يوم الإثنين تاسع عشريه جوار مدرسة بلبان وحضر جنازته خلق من الفقهاء والترك وغيرهم وصلي عليه بمسجد القصب وأم الناس الشيخ محمد بن قديدار ثم صلي عليه ثانيا بجامع يلبغا وحضر الصلاة هناك ملك الأمراء ثم صلي عليه ثالثا بباب الجبابية ودفن بمقبرة باب الصغير على يسار الذاهب إلى مسجد الذيان مقابل تربة الجيبغاي على حافة الطريق وتوفي رحمه الله تعالى في العشر الأخير ظنا وترك عليه ديونا كثيرة وتركة يسيرة لا

تفي بما عليه وكان لباسه ولفته تشبه أهل الدواوين لا القضاة انتهى. ثم قال في شوال منها: وفي يوم الإثنين سابعه لبس القاضي شهاب الدين بن العز الحنفي المعروف بابن الكشك خلعة نظر الجيش بدمشق عوضا عن صدر الدين بن العجمي1. إلى أن قال: ثم بعد أيام ورد له مرسوم بأن يباشر القضاء عن ابن التباني وجمع بينه وبين نظر الجيش كما فعل القاضي جمال الدين العجمي2 بمصر أيام الملك الظاهر برقوق وأما بدمشق فلم يتفق ذلك انتهى. ثم قال في ذي القعدة منها: وفي يوم الخميس ثانية وصل إلى دمشق يعني من السلطان وهو بحلب توقيع القاضي شهاب الدين بن العز بوظيفة قضاء الحنفية عوضا عمن تقدم بدمشق وخلع عليه وقرئ التوقيع بالجامع وهو مؤرخ بخامس عشرين شوال انتهى. وقال في جمادى الأولى أو الآخرة سنة اثنتين وثلاثين وثمانمائة: وفي يوم الإثنين خامس عشره آخر النهار وصل الخبر بعزل القاضي الحنفي هو ابن العز المذكور بالقاضي شمس الدين الصفدي قاضي طرابلس بدعما كتب خطه بألفي دينار وبعزل السيد ابن نقيب الأشراف من نظر الجيش بالقاضي جمال الدين بن الصفي3 وقيل إنه خلع عليه بذلك يوم الخميس رابع الشهر انتهى. وكان ابن العز المذكور المعروف بابن الشك قد زوج ولده بنت السيد المذكور واتفقا على القاضي نجم الدين بن حجي وحصل لهما بسببه شر كثير وغرما مالا كثيرا نحو عشرين ألف دينار على ما بلغنا مع كثرة الظنون فيهما لما قيل والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب. ثم قال في شهر رجب منها: وفي سحر ليلة الثلاثاء سابعه وصل قاضي القضاة شمس الدين الصفدي على غفلة من طرابلس وجاء إلى دار السعادة فسلم على النائب ثم ذهب ومعه الدوادار الكبير وكاتب السر والحاجب الثاني وجماعة من الأمراء إلى منزله ونزل عن أخيه بمرج الدحداح وقد استقر ولده شهاب الدين أحمد وهو شاب صغير السن في قضاء طرابلس واخبر بأن له في طرابلس ثلاثين سنة إلا شهرا

_ 1 شذرات الذهب 7: 202. 2 شذرات الذهب 6: 362. 3 شذرات الذهب 7: 290.

وأياما وكان مشكور السيرة بها مشهور الإسم مقصودا للطلبة وفي يوم الخميس تاسعه لبس في الاصطبل ومعه القاضي المالكي وكاتب السر والحجاب الصغار ودوادار السلطان وجاء إلى الجامع وقرئ تقليده قرأه عماد الدين بن السرميني نائب كاتب السر وليس فيه شيء من الوظائف بل فيه ويستقر في الوظائف التي تتعلق بالقضاء وتاريخ توقيعه مستهل الشهر واستتناب السيد ركن الدين1 فقط ويومئذ وصل الخبر أن كاتب السر بدر الدين بن مزهر توفي وكان ولده جلال الدين استقر في كتابة سر مصر عوضا عن والده بمائة ألف دينار وهو صبي صغير عمره نحو خمس عشرة سنة انتهى. ثم قال: في ذي القعدة منها وفي ثامنه عقد مجلس للقاضيين الحنفيين المتصل والمنفصل بسبب حاجب الحجاب وسبب ذلك أن السلطان كان قد رسم أن تكون الوظائف كلها وظائف القضاء وغيرها بينهما نصفين نصف للقاضي المتصل ونصف للمنفصل وولده فسعى القاضي في إحضار مرسوم بأن ينظر في مستندات القاضي شهاب الدين بن العز ويحرر وأنه ما منع من تحريرها في مصر إلا أنه لا يمكن ذلك هناك فيعمل بينهما بالحق مع غير حيف أو ميل من إحدى الجهتين على الأخرى وإن وقع حيف أو ميل من أحد من القضاة فتجمل القضاة الثلاثة إلى مصر وأن الأمير محمد بن منجك يحضر الصلح فحضر عند الحاجب القضاة ونوابهم وجماعة من العلماء ووقع كلام وانتشر ثم اصطلحوا على أن القاضي شهاب الدين بن العز ينزل للقضاي شمس الدين الصفدي عن تدريس القصاعين ونظرها وتدريس الصادرية ونظرها ففعل ذلك واستقر باسم ابن القاضي تدريس الخاتونيتين والمرشدية ونظرها وخطابة جامع دنكز وبيده والده نظر الجمالية ونظر الحافظية ونصف نظر الماردانية وانفصل الأمر انتهى. ط ثم قال في شهر رمضان سنة أربع وثلاثين وثمانمائة: وفي يوم الأربعاء حادي عشره وصل الخبر إلى دمشق بعزل القاضي شمس الدين الصفدي الحنفي ورسم بعوده إلى قضاء طرابلس عوضا عن ولده ولبس قاضي الضاة شهاب الدين بن

_ 1 شذرات الذهب 7: 231.

العز يوم الأحد رابع عشره وقرئ توقيعه بالجامع وفي التوقيع يستقر هو وولده فيما كان بيجهما من الوظائف ومن جملتها الخاتونية والصادرية وكان القاضي شمس الدين الصفدي قد أخدهما بنزول ابن قاضي القضاة له في ذلك المجلس الذي عقده ببيت الحاجب في ذي القعدة سنة اثنتين وثلاثين واستمر بنيابة السيد ركن الدين واستناب بقية نوبة انتهى. ثم قال في المحرم سنة سبع وثلاثين وثمانمائة: وفي يوم الجمعة خامس عشره استناب نواب القاضي الحنفي من المدرسة النورية إلى دار الحديث النورية وكان القاضي شمس الدين الصفدي لما عرض عليه القاضي شهاب الدين الحنفي النورية والصادرية اعتل الصفدي بأن نواب القاضي والشهود والرسل كذا بالنورة فكيف ندخل إليها فقال له القاضي الحنفي أنا أنتقل منها ثم إن اقاضي الصفدي لحق السلطان وأخذ منه مرسوما بالوظيفتين كتب معه القاضي زين الدين عبد الباسط إلى الحنفي أن يفي له بما شرطه فلم يسعه إلا الانتقال منها وحصل له بذلك ذل انتهى. وقال في شهر ربيع الأول منها: وممن توفي فيه قاضي القضاة شهاب الدين أبو العباس أحمد ابن قاضي القضاة محيي الدين محمود ابن قاضي القضاة نجم الدين أحمد ابن قاضي القضاة عماد الدين إسماعيل بن الشيخ شرف الدين أبي البركات محمد بن عز الدين أبي العز الأذرعي الأصل الدمشقي الحنفي المعروف بابن العز وبابن الكشك مولده على ما أخبرني به ليلة الجمعة سايع عشر شهر رمضان سنة ثمانين واشتغل بالعلم يسيرا ودرس بالمدرسة الظاهرية وناب عن والده وهو شاب فأنكر الناس ذلك ولما جاء التتار ورحل والده معهم كان هو أيضا معه في ذلك وأخذهما تمرلنك إلى مدينة تبريز ثم رجعا ولما مات والده في ذي الحجة سنة ست وثمانمائة أخذ ججهاته وناب في القضاء وظهر للناس جراته وإقدامه ثم ولي القضاة في صفر سنة اثنتي عشرة ثم عزل بعد نحو شهرين ثم أعيد ثانيا في شهر رمضان سنة ثلاث عشرة وعزل في آخر سنة أربع عشرة بابن القضامي الحموي ثم اعيد المذكور قبل مباشرة ابن

القضامي وكان قبل ذلك بأسبوع قدم من مصر على قضاء الحنفية رجل إسكندري يقال له ابن عطاء الله فأعقبه وصول توقيع ابن العز قبل أن يباشر ففي مدة عشرة أيام كان بدمشق ثلاثة قضاة حنفية وعزلوا وولي القاضي شهاب الدين فيها مرتين وهذا من عجيب الاتفاقات ثم عزل في أواخر سنة عشرة عند إرادة الملك المؤيد الخروج من مصر لقتال نوروز ثم ولي نظر الجيش في شوال سنة ثمان عشرة وثمانمائة ثم أعيد في الشهر المذكور إلى القضاء وجمع له بين الوظيفتين ثم عزل بعد مباشرته نظر الجيش ست سنين وأربعة أشهر في صفر سنة خمس وعشرين واستمر في القضاء إلى أن عزل في جمادى الآخرة سنة اثنتين وثلاثين يعد مباشرته في هذه المرة ثلاث عشرة سنة وثمانية أشهر ثم أعيد إلى القضاء وهي الولاية السادسة في شعبان سنة أربع وثلاثين واستمر يباشر إلى حين وفاته ومباشرته في ولاياته الست محو تسع عشرة ونصف وبعد قتل القاضي نجم الدين بن حجي اطلب إلى مصر بسبب ذلك هو والسيد ابن النقيب أي نقيب الأشراف فقيل إنه ظهرت براءة ساحته من ذلك ومن ذلك غرم لهم جملة مستكثرة نحو أربعة آلاف دينار وكان جريئا مقداما سديد الرأي لا يبالي ما يقول ولا ما يفعل ولا يتأثر بما يغرم من الأموال. حكي لي أنه غرم من سلطنة المؤيد إلى سلطنة الملك الظاهر ططر سبعين ألف دينار وغرم بعد ذلك أموالا كثيرة وكان يتهم بان ذلك مما أخذوه من أموال الناس في الفتنة وحصل أملاكا كثيرة وأخذ غالب مدارس الحنفية تدريسا وأنظار الخاتونيتين والقصاعين والنورية والصادرية وغير ذلك من عامر وخراب ثم إن الصفدي انتزع منه القصاعين والصادرية فلما عزل الصفدي استعادهما ولما جاء السلطان في هذه السنة سعى الصفدي في المدرستين المذكورتين فرسم له بهما فسعى المذكور إلى ان القاضي شمس الدين الصفدي يسكن النورية والصادرية وانتقل القاضي ونوابه من النورية وحصل له بذلك نكاية عظيمة. وقال في مرض موته: ما ملك فقيه في زماني من النقد ما ملكت: ملكت مائتي مملوك ومائتين جارية. وكان كثير الإسراف على نفسه شديد التخليط والله

غفور رحيم غير أنه كان لا يأخذ في القضاء شيئا لا هو ولا نوابه وكان كثير المداراة للظلمة وأعدائه والوفود إلى أبوابهم واخضوع لهم وكان ينجبر على غيرهم وكان ذكيا يتكلم في العلم جيدا لكن من غير حاصل ويستحضر جملة من التارخ توفي يمسكنه بالصالحية آخر ليلة الخميس السابع منه وصلي عليه من الغد بجامع الخاتونية وحضر جنازته النائب والحجاب والقضاة وخلق من الناس ودفن بتربتهم غربي المدرسة المعظمية سامحه الله وإيانا وعامله وإيانا بفضه وكرمه لا بعدله انتهى. ثم قال في شهر ربيع الآخر منها: وفي يوم الأحد ثاني عشره آخر النهار وصل الخبر بولاية القاضي شمس الدين ابن القاضي شهاب الدين بن الكشك قضاء الحنفية عوضا عن والده وجاء كتابه إلى القاضي ركن الدين بالمباشرة قباشر من الغد انتهى. ثم قال في جمادى الأول منها: وفي يوم الإثنين مستهلة دخل القاضي شمس الدين ابن القاضي شهب الدين بن العز إلى دمشق لابسا خلعى القضاء وجاء إلى النائب فسلم عليه ثم ذهب إلى الجامع ومعه القضاة والحجاب وكاتب السر وغيرهم وقرئ توقيعه بالجامع على العادة المذكورة وقرأه عمادالدين بن السرميني وفيه استمراره لما كان بيده ويد والده من التداريس والأنظار انتهى. ثم قال في صفر سن ثمان وثلاثين وثمانمائة وفي يوم الأربعاء سابع عشره وصل هجان ومعه توقيع بقضاء الحنفية أيضا للقاضي شمس الدين في القبول وأرسل النائب إليه من الغد ليلبس الخلعة فامتنع لأنه جاء في كتابه أنه يؤخذ منه ألف وخمسمائة دينار وخمسمائة للمستقر وذلك على القضاء بمجردة والمذكور لا يأخذ على القضاء شيئا فآل الحال به بعد أيام أنه سافر إلى مصر انتهى. ثم قال في شهر ربيع الآخر منها: وفي ليلة الجمعة ثالثه وصل إلى دمشق القاضي شمس الدين الصفدي الحنفي من القاهرة وقد اجتمع بالسلطان واعتذر عن ولايته فأعفي من ذلك وذلك بعد أن نقص عنه من الألفين المذكورة خمسمائة فلم يقبل ورجع وحمده الناس على ذلك ولكن تأذى منه المباشرون انتهى.

ثم قال في جمادى الآخرة منها: وفي يوم الإثنين ثالثه لبس القاضي شمس الدين بن الكشك خلعة عوده إلى القضاء من بيته وجاء إلى دار السعادة فسلم على النائب وذهب إلى الجامع ومعه القضاة والحجاب وكاتب السر وناظر الجيش وجماعة من الفقهاء والأعيان فقرأ تقليده بدر الدين ابن قاضي أذرعات وكان قد ورد على يده وتاريخ ذلك عاشر جمادى الأولى ولم ينتظم ما جاء به الخبر أولا من اذخذ النورية والصادرية من القاضي شمس الدين الصفدي وكان قد جاءهم كتاب بذلك ثم انتقض انتهى. ثم قال في شعبان منها: وفي يوم الخميس سادس عشره جاءه الخبر بأن السيد ركن الدين بن زمام ولي قضاء الحنفية عوضا عن القاضي شمس الدين بن العز وسبب ذلك ان ابن العز كتب يسعى في النورية أو يعفى من القضاء والصفدي قبله كتب يسعى في القضاء والخاتونية ولم يقبل القضاء مجردا فغضب السلكان منهما وسأل عن شخص من أهل العلم يوليه فذكر له المذكور فولاه واستقر عوضه في إفتاء دار العدل قوم الدين بن قوام الدين انتهى. ثم قال فيه وفي يوم الإثنين: عشريه لبس السيد ركن الدين على العادة وحضر معه الحاجب والقضاة وغيرهم وتاريخ التوقيع في خامس شعبان واستناب السيد بدر الدين الخضيري والشمس بن اللبودي والشرف بن منصور الذي كان نقيب القاضي نجم الدين بن حجي ولم يستحسن الناس منه ذلك انتهى. ثم قال فيه سنة تسع وثلاثين: وفي آخر يوم السبت سابع عشر المحرم توفي الإمام العالم المفيد شيخ الحنفية قاضي القضاة ركن الدين أبو هريرة عبد الرحمن بن علاء الدين أبي الحسن علي بن شمس الدين بن محمد بن زمام الحسيني، مولده على ما أخبرني سنة تسع وستين أو سنة سبعين واشتغل وحفظ المنظومتين وغير ذلك وكان يستحضر في المجالس إلى آخر وقت ويحفظ منظومة في الوفيات وناب في القضاء بعد الفتنة إلى آخر وقت وولي إفتاء دار العدل عوضا عن الشيخ برهان الدين بن خضر وكان قد صحبه كثيرا وخدمه وأخذ وصاهره وخطب بجامع يلبغا وكان بيده نصف الخطابة يخطب به شهرا

وبالركنية شهرا ودرس بالركنية وكان بيده حصة من التدريس بالزنجيلية وغيره ذلك وكان بيده جهات كثيرة وكانت سيرته في القضاء جيدة من جهة الأخذ على القضاء لم يسمع ذلك عنه إلا أنه لا يتوفق في شيء ويحكم بما دب ودرج ويعسر على المشارع في ذلك المدح في حكمة لعلمه وعدم الأخذ على القضاء فهلك بذلك خلق كثير أقاله الله تعالى عثرته ورحمه بموته وكان لا يهتدي إلى معرفة الصواب بل الغالب سلامة الفطرة وعليه مأخذ في دينه ومباشرته الأوقاف وكان يشغل بالجامع ويفتي وهو عين مذهبه بدمشق من مدة وكان لا يحسن تعليم الطلبة ولا يتصرف في البحث وغيره وإنما ينقلل ما يحفظه ويستحضر فوائد غريبة ولقد بحثت معه مرة من مدة قريبة فسألته عن تحقيق شيء فقال أنتم تنقلون وتتصرفون ونحن ننقل ولا نتصرف وقال للي في ختم مسلم بالجامع الأموي وقد نقل شيئا فنازعته أنا وغيري فيه فقال لي خمسون سنة أبحث مع العلماء وهم يكذبوني ولا أغصب وكان عنده كرم الله تعالى وجهه نفس وتواضع وقدر في آخر عمره أنه ولي القضاء من غيره سؤال وكان السبب في ذلك أن القاضي شمس الدين بن العز استعفى والقاضي شمس الدين الصفدي لم يقبل الولاية بما وضع عليه فغضب السلطان الأشرف برسباي وأراد أن يولي ثالثا فذكر له فولاه القضاء وتدريس القصاعين لا غير وجاءته الولاية في أثناء شعبان من غيره سعي منه ولا طلب فباشر ذلك دون الخمسة أشهر ولم يسمع عنه ما يحمد به بل كان له حرمة لما كان نائبا أكثر منها لما كان مستقلا بالقضاء ودفن بسفخ قاسيون عند والدته بالقرب من زاوية اللشيخ عبد الرحمن ابن أبي بكر بن داود رحمه الله تعالى وكانت جنازته مشهودة حضرها النائب والحاجب والأمراء والقضاة والفقهاء وخلق من الناس وصلي عليه بالجامع المظفري فقدم في الصلاة عليه القاضي الشافعي السراج الحمصي وأرسل القاضي الشافعي المذكور ولاية للقاضي زين الدين عبد الباسط ناظر جيش مصر بوظائفه يتقرب إلى خاطره بذلك انتهى. ثم قال في أول سنة أربعين: وقاضي القضاة الحنفي شمس الدين الصفدي

واستقر في ذي القعدة من السنة الحالية انتهى. ثم قال في شعبان سنة أربع وأربعين: وفي يوم الخميس حادي عشرة توفي العماد إسماعيل ابن القاضي شهاب الدين بن الكشك وهو صغير وانقرض هذا البيت فسبحان الدائم الباقي انتهى. ثم قال في سنة ست وأربعين في صفر: وفي يوم السبت الحادي والعشرين وصل الخبر بعزل القاضي شمس الدين الصفدي الحنفي من القضاء الحنفية بالقاضي تاج الدين بن قاضي بغداد وسر الناس بذلك ولقد باشر مباشرة قبيحة وسار قضاة الشر وكان لا يتوقف فيما يقوله ولا فيما يفعله ولا يتوقف في الحكم على مذهب معين ويصرح بذلك ويتبجح به انتهى. ثم قال في شهر ربيع الأول منها: في ليلة مستهله سافر الصفدي المنفصل عن القضاء إلى مصر غير مصحوب بالسلامة انتهى. ثم قال في شهر ربيع الآخر منها وفي يوم الخميس تاسعه دخل القاضي بهاء الدين بن حجي راجعا من مصر ودخل معه القاضي نجم الدين ابن القاضي بغداد متوليا قضاء الحنفية ووكالة بيت المال مضافا إلى الحسبة وخرج النائب إلى لقاهما فلم يصل إلى القبة بل وقف عند القبو فلما وصلا إليه نزلا وقبلا يده فاستنكر الناس ذلك وقريء تقليد الحنفي بالجامع على العادة. إلى أن قال: وفي يوم الخميس عاشرة استناب القاضي شهاب الدين ابن اللشيخ بدر الدين ابن قاضي أذرعات وهو شاب لا اشتغال له في الفقه أصلا انتهى. ثم قال في أول سنة سبع وأربعين: وقاضي القضاة نجم الدين ابن قاضي بغداد ولي في صفر من اشنة الحالية وبيده الحسبة. ثم عزل بالقاضي شمس الدين الصفدي في جمادى الأولى من هذه السنة انتهى. ثم قال فيها جمادى الأولى: وفي يوم الإثنين حادى عشريه لبس القاضي شمس الدين الصفدي وعزل نجم الدين بن البغدادي وشكا عليه إلى مصر ولم

تكن سيرته محمودة وكان عنده جرأة وإقدام والناس يزدحمون عليه لأغراضهم انتهى. ثم قال في أول سنة ثمان وأربعين: وقاضي القضاة شمس الدين الصفدي عزل في شهر رجب بالشيخ قوام الدين انتهى. ثم قال في شهر رمضان منها وفي يوم اللخميس ثانيه طلب الشيخ قوام الدين الرومي الأصل الحنفي وقد وصل توقيعه بالقضاء مؤرخا من أربعين يوما وعرض عليه قبول ذلك فيه أشياء وأنه يشتم الخصمين شتما قبيحا انتهى. ثم قال في شوال منها وفي يوم الخميس عشره جاء ساع ومعه كتاب بأن الشيخ قوام الدين يلزم بمباشرة القضاء فتعلل أياما ثم لبس الخلعة يوم الخميس ثاني عشريه انتهى. ثم قال في ذي القعدة منها ويوم الخميس سابعة بلغني أن الشيخ قوام الدين استناب شخصا طالب علم يقال له ابن الحمراء وهو رجل خامل لكن قيل له فضل انتهى. ثم قال في ذب الحجة منها في أوله جاء مرسوم للشيخ قوام الدين أن يرتي له على الجوالي كل يوم أربعين درهما عوضا عن الوظائف التي لم يقبلها ورسم أن يستمر في إفتاء دار العدل ويستنيب انتهى. ثم قال في أول سنة خمسين: وقاضي القضاة قوامالدين الرومي الأصل الدمشقي الحنفي باشر في شوال من السنة الحاللية بعدما كان ورد توقيعه في شعبان وروجع فيه فجاء الجواب بالزامه بذلك انتهى. ثم قال: في سنة إحدى وخمسين في خامس عشر شهر ربيع الآخر تولى العلامة شيخنا حسام الدين محمد بن زين الدين عبد الرحمن بن العماد الكاتب قاضي صفد الشهر هناك بابن بريطع عوضا عن قوام الدين فسافر من صفد لى قضاء دمشق

ثم قال في سنة ثلاث وخمسين: في مستهل شهر رجب منها وصل حميد الدين وقد استقر قاضي الحنفي بدمشق من مصر عوضا عن حسام الدين ورسم لحسام الدين بقضاء طرابلس. ثم قال في سنة أربع وخمسين: وفي أول جمادى الأولى منها أخرج أبو الفتح في مجيئه مرسوما بعزل حميد الدين فتوجه إلى مصر وقال في سنة أربع وخمسين وفي يوم الإثنين حادي عشرين في شعبان منها وصل حميد الدين ابن قاضي بغداد من مصر إلى دمشق وقد أعيد إلى قضاء الحنفية بها. قال ابن الزملكاني رحمه الله تعالى: وفي يوم الإثنين خامس عشر شهر ربيع الآخر سنة خمس وخمسين وصل تشريف من مصر بإعادة شيخ الحنفية قوام الدين محمد بن قوام الدين لقضاء الحنفية بدمشق فأبى أن يلبسه وامتنع غاية الامتناع فلم يزل عليه أركان دولة دمشق حتى قبل بعد الجهد العظيم ورسم على المعزول شيخنا حميد الدين بالعادلية ليقوم بما التمسه من أموال أوقاف الحنفية ثم ضمن عليه وخرج ليعمل الحساب فسحب إلى مصر وفي أواخر شعبان سنة خمس وخمسين المذكورة عزل قوام الدين المذكور وأعيد حميد الدين المنسحب إلى مصر وفي يوم الإثنين ثاني عشرين جمادى الأولى سنة ست وخمسين وصل قاصد من مصر وعلى يده تشريف بقضاء الحنفية للشيخ قوام الدين محمد بن قوام الدين فامتنع أيضا من لبس التشريف وصمم على عدم قبول الولاية فلاطفه القاضي جمال الدين الباعوني ونائب الشام جلبان والحاجب والدوادار إلى أن وافق كرها وألبس التشريف عوضا عن حميد الدين ولم يحضر توقيعه حينئذ ثم ورد التوقيع من مصر في شهر رجب وفي يوم السبت ثالث عشرين جمادى الآخرة سنة سبع وخمسين وصل الشيخ العلامة حسام الدين بن العماد الحنفي إلى دمشق على أنظار أوقاف الحنفية بدمشق عوضا عن القاضي حميد الدين ابن قاضي بغداد وفي سابع شهر ربيع الأول سنة ثمان وخمسين ورد الخبر من مصر بعزل قوام الدين وتولية حميد الدين المذكور وعوضه. ثم في ثالث عشرين ربيع الأول المذكور وصل القاضي حميد الدين إلى دمشق في وظيفة قضاء الحنفية عوضا عن

قوام الدين وكان قبل هذا الشهر أشيع بدمشق باستمرار قوام الدين في القضاء ثم أشيع ولاية حسام الدين ثم أسفر الحال عن ولاية حميد الدين وفي عاشر شوال من السنة ثمان وخمسين المذكورة ورد مرسوم السلطان إلى دمشق بأن الشيخ حسام الدين قد استقر في قضاء الحنفية بدمشق عوضا عن حميد الدين مضافا لما بيده من الوظائف والأنظار وأن توقيعه وتشريفه وأصلان إليه صحبة الحاجب الكبير بدمشق جانبك البرسباي وأن يجهز حميد الدين المشار إليه إلى بغداد بلدته من درك إلى درك من غير فترة ولا مراجعة ثم تجهز من فوره إلى بغداد فطلبه جلبان نائب الشام وأمره أن لا يقيم يوما واحدا بدمشق حسب المرسوم الشريف فجهز المذكور وصحبته شرف الدين موسى أحد الحجاب بدمشق وأمير آخر معهما ليوصلاه إلى نائب الرحبة ليرسله مع العماد من عنده إلى العراق ثم أعقبه مرسوم ثان بأن يجهز من الرحبة إلى حلب المحروسة ليقيم بها ملازما لبيته لا يخرج منه فتوجه من درب الرحبة إلى حلب المحروسة ثم أطلق ابن الزملكاني لسانه فيه لا حول ولا وقوة إلا بالله ثم في خامس ذي القعدة منها عاد جانبك إلى الحاجب الكبير المذكور مستمرا وعلى يده التوقيع والتشريف المذكوران وقرئ بالجامع على العادة ثم في يوم الخميس ثامن ذي القعدة المذكور توفي الشيخ قوام الدين محمد بن قوام الدين المذكور عن بنت صغيرة اسمها عائشة من زوجته آسية بنت التاجر عزالدين العيني وعن أخت لأبويه وزوجة وكان بيده أقطاع بالحلقة من جلمته قرية انخل من عمل نؤى فأراد جماعة أخذه بحكم وفاته فجعله النائب رزقه لابنته المذكورة وأسل اللا مصر فأحضر لها مرسوما بذلك توفي المذكور بعد مرض طويل بداره بالحراكين بصالحية دمشق وقد قارب الستين ودفن تجاه داره وكان قد وقف كتبه على الحنفية بدمشق وكان هو رأس الحنفية بدمشق عالما عاملا كثير المعروف للناس ولي قضاء الحنفية مرات مكرها وحضر له توقيع بوظائف الحنفية والأنظار فلم يقبل. وكانت جنازته حافلة حضرها النائب فمن دونه ورؤيت له منامات حسنة بعد موته تدل على خير فيه رحمه الله تعالى. ثم في أول جمادى

الآخرة سنة تسع وخمسين ورد مرسوم من مصر بعود القاضي حميد الدين من حلب المحروسة إلى دمشق بعد أن كان رسم له أن يتوجه إلى بغداد يقيم بها ورد مرسوم أن يقيم بحلب المحروسة ثم ورد في هذا التاريخ أن يعود إلى دمشق وفي يوم الإثنين سابع شهر ربيع الآخر سنة اثنين وستين وصل علاء الدين علي ابن شهاب الدين أحمد بن قاضي عجلون الزرعي إلى دمشق وقد استقر في قضاء الحنفية بها عوضا عن حسام الدين بن العماد وكان لعلاء الدين علي المذكور مدة مقيما بمصر لم ينقض له شغل حتى قام فيها بمال كثير واستقر حسام الدين المذكور في وظيفتين من وظائف الحنفية القصاعين والخاتونية بمال قام به فيها انتهى. وفي يوم السبت سابع شعبان سنة اثنتين وثمانين توفي قاضي الحنفية بدمشق وهو علاء الدين علي بن شهاب الدين أحمد بن قاضي عجلون الزرعي بل دخول السلطان قايتباي إلى دمشق من البلاد الشمالية بستة أيام من هيبة السلطان وكثرة الشكاوي عليه بمرض الفواق ودفن غربي القلندرية بمقبرة باب الصغير وكان يوم تزيين دمشق لقدوم السلطان وفي يوم الأحد ثامن شهر رمضان سنة اثنتين وثمانين فوض السلطان وهو بقلعة دمشق قضاء الحنفية بها للشيخ شرف الدين موسى بن أحمد بن عيد بحكم وفاة علاء الدين علي ابن قاضي عجلون وفي تاسع شهر رجب سنة أربع وثمانين عزل شرف الدين موسى بن عيد بمصر عن قضاء الحنفية بدمشق وتولى مكانه فيها تاج الدين عبد الوهاب بن شهاب الدين أحمد ابن عربشاه ودخل دمشق في حادي عشرين ذي القعدة منها وقرأ توقيعه نقيبه بهاء الدين الحجيني بمشهد النائب بالجامع وفي سابع شهر رجب سنة خمس وثمانين فوض نيابة القضاء لأمين الدين ابن قاضي القضاة الحسباني وفي ثالث عشرين شوال منها عزل تاج الدين ابن عربشاه عن قضاء الحنفية بدمشق وتولاها عنه محب الدين محمد بن علاء الدين علي بن القصيف ودخل دمشق يوم الإثنين ثامن عشر المحرم سنة ست وثمانين وقد تزلزلت الأرض قبل دخوله بيوم وهو بقبة يلبغا وبها سقطت شرافة على قاضي الحنفية بمصر شرف الدين بن

عبد المنفصل عن قضاء الحنفية بدمشق فمات منها وفي سادس عشرين شهر رجب سنة ست وثمانين تولى بمصر قضاء الحنفية بدمشق العمادي إسماعيل الناصري وعزل المحب بن القصيف ثم في ذي القعدة سنة إحدى وتسعين عزل العمادى الناصري وتولى الزيني عبد الرحمن بن أحمد الحسباني بمصر ودخل إلى دمشق في رابع عشرين ذي الحجة سنة اثنتين وتسعين وصحبته خصاكي قيل إنه من اقارب السلطان ليسلمه جميع الجهات التي كانت بيد علاء الدين بن قاض عجلون وتلقاهما نائب الغيبة أينال الخسيف والأمير الكبير بدمشق جاثم ومحمد بن شاهين نائب القلعة بدمشق ونزل الحسباني في بيت المستوفى جوار الحنبلية وكان قد تقدمه ولده أمين الدين معزولا من كتابة السر بدمشق ونزل بمنزل قاضي القضاة علاء الدين علي بن قاضي عجلون في جيرون ونائبا عن والده في العرض وغيره وتولى بعده كتابة السر بدر الدين بن الفرفور ثم في آخر شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وتسعين اعتقل القاضي زين الدين الحسباني بقلعة دمشق على دين كثير لأمير أخور ثم أطلق بعد أيام ثم في يوم الثلاثاء ثامن جمادى الأولى بل الآخرة منها أعيد العمادي قاضي الحنفية بدمشق وعزل الزيني الحسباني عنها ثم دخل العمادي من مصر إلى دمشق بخلعة بيضاء يوم السبت ثامن عشر شهر رجب منها صحبة أمير أخور الكبير قانوصية خمسمائة وفي يوم الخميس ثامن عشر شوال منها ورد المرسوم الشريق بإعادة اليني الحسباني إلى قضاء الحنفية وبالترسيم على العمادي فطاش الحسباني وركب في المراكب وعرض واعتقل بمجرد ذلك من غير ليسن تشريف والذي في المرسوم إنا قد عزلنا العمادى واستقرينا الزيني الحسباني ثم قدم الأمير أخور قانصوه خمسمائة المفوض إليه التفويض إلى العمادي في ولايته المنفصل عنها والعمادي خلفه ولم يعلم العمادي بعزل الحسباني ثم أهين الحسباني بسبب الديون مرارا وفي يوم الإثنين رابع شوال سنة أربع وتسعين ورد المرسوم الشريف بعزل الحسباني من قضاء الحنفية وأن يختار الحنفية لهم قاضيا فيفوض إليه النائب فاختار بعضه تولية العمادى وفوض إليه النائب ثم بعد أيام سافر الحسباني إلى مصر فلما دخل إليها أهين

إهانة بالغة بسبب الديون، وفي يوم الإثنين خامس شهر ربيع الآخر سنة خمس وتسعين لبس العمادي تشريفا من السلطان لكون النائب فوض إليه بالإذن الشريف وقرئ توقيعه بالجامع وفيه إطراء كثير فلا حول ولا وقوة إلا بالله. وفي يوم الأحد عاشر شهر رجب منها وهو آخر آذار ورد مرسوم شريف بالقبض على قاضي الحنفية بدمشق العمادي إسماعيل وأن يطي المنفصل عنها الزيني الحسباني أربعة آلاف دينار وفي يوم الجمعة ثاني عشر ذي القعدة قبل صلاتها منها ورد مرسوم تشريف إلى الحاجب يونس بأن يفوض وظيفة قضاء الحنفية عوضا عن العمادي لمن يختاره وكان النائب يومئذ بالمرج مغيبا عن جلبان السلطان مرجعهم من التجريدة فقام جماعة مع القاضي البرهان بن القطب وقام آخرون مع المحب بن القصيف وزاد في قدر المال وتأبى البرهان واعتذر بالعجز والضعف فاستكتب المحب جماعة بأنه لا بأس به وأحضر خطوطهم للحاجب المذكور ثم في يوم الثلاثاء سادس عشري الشهر المذكور فوض إليه الحاجب المذكور وألبسه التشريف والطرحة من الاصطبل إلى بيته قرب الجرن الأسود وفي يوم السبت حادي عشر شهر ربيع الأول سنة ست وتسعين لبس المحب المشار إليه تشريفا جاء من مصر على حكم تفويض الحاجب المذكور وورد مرسوم شريف باعتقال البرهان بن القطب إلى أن يعطي المحب المذكور ألف دينار ويقبل الوظيفة عوضا عن المحب المذكور فاعتقل بقلعة دمشق ثم عزل المحب المذكور في ثاني عشر جمادى الآخرة منها وفي يوم الخميس عاشر شهر رجب منها وهو يوم موسم الحلاوة لبس البرهان بن القطب تشريف قضاء الحنفية بدمشق عوضا عن المحب المذكور على مبلغ الفي دينار وذلك بعد أن اعتقل بجامع قلعة دمشق نحو تسعة شهور وقرأ توقيعه بالجامع صاحبه الحلبي الشمسي على العادة وتاريخه ثاني عشر جمادى الآخرة المذكور وفي شهر رمضان من سنة ست المذكورة وصل الحسباني من مصر إلى غزة منفصلا فرفسه به فرس وهو راكب فانكسرت رجهل فحمل إلى دمشق ودخلها أيام العيد فاستمر في شدة منها ومن غيرها وفي يوم السبت تاسع عشر صفر سنة سبع وتسعين سافر

البرهان بن القطب إلى مصر ثم رجع إلى دمشق ووقع بينه وبين الجمال بن طولون1 وفي يوم الجمعة ثامن عشرين ذي القعدة سنة سبع المذكورة سافر أيضا البرهان ابن القطب وصحبته القاضي نور الدين بن منعة2 مطلوبين إلى مصر. وفي يوم الثلاثاء سابع شهر رجب سنة ثمان وتسعين وصل الخبر من مصر إلى دمشق بأن البرهان المذكور توفي بمصر في حادي عشرين جمادى الآخرة منها وأنه دفن بالصوفية بعد أن ضيق عليه بمال كثير بسبب شكاية جمال الدين ابن طولون ومولده سنة سبع وعشرين وثمانمائة وفي يوم الثلاثاء ثالث عشر ذي الحجة سنة ثمان المذكورة دخل العمادي إسماعيل من مصر إلى دمشق وقد ضرب قبل ذلك بالمقارع على ظهره وأزلم بنحو ألفي دينار وفي يوم الإثنين ثامن شهر رجب سنة تسع وتسعين وهو رابع عشر نيسان لبس المحب بن القصيف تشريف قضاء الحنفية وفي يوم الخميس تاسع عشري جمادى الآخرة سنة تسعمائة توفي بصالحية دمشق قاضي قضاة الحنفية وكان الشيخ زين الدين عبد الرحمن بن الشهاب أحمد الحسباني الدمشقي الصالحي بعد أن دخل في أمور سامحه الله تعالى وإيانا بعد أن أظهر الفاقة وترك ولدا رجلا وآخر صغيرا ودفن في مقبرة سوق القطن وفي أول شهر رجب سنة إحدى وتسعمائة تواتر الخبر بعزل قاضي الحنفية بدمشق المحب بن القصيف منها وتوليتها لنور الدين بن منعة الذي له مدة يصادر بالقلعة ثم لم يصح ذلك ثم في أول شعبان منها صلى الله عليه وآله وسلم بالجامع الأموي غائبة على تاج الدين عبد الوهاب بن شهاب الدين أحمد بن عربشاه الصالحي توفي بالمدرسة الصرغتمشية في مصر في خامس عشر منها ومولده سنة ثلاث عشرة وثمانمائة وفي الخميس حادي العشرين المحرم سنة اثنتين وتسعمائة ورد التوقيع الشريف بعزل المحب بن القصيف وتولية البدري محمد بن الفرفور3 ثم في يوم الإثنين عاشر صفر منها دخل من مصر إلى دمشق الأمير أركماس وقد تولى نيابة حماة وصحبته الشريف عبد الرحيم العباسي4 وصحبتهما

_ 1 شذرات الذهب 8: 227. 2 شذرات الذهب 8: 24. 3 شذرات الذهب 8: 147. 4 شذرات الذهب 888: 335.

تشريف البدري بقضاء الحنفية بدمشق ثم في يوم الخميس ثالث عشر لبس التشريف على العادة وقرأ توقيعه بالجامع وتاريخه خامش عشر المحرم منها وقرأه الشريف الجعبري الموقع وصحف فيه كثيرا وفي بكرة يوم الثلاثاء خامس عشري شعبان سنة ثلاث وتسعمائة سابع عشر نيسان لبس البدري المذكور تشريفه بقضاء الحنفية بدمشق. وفي أوائل شهر رجب سنة سبع وتسعمائة شاع بدمشق عزل البدري المذكور عن الوظيفة المذكورة وإعادة المحب بن القصيف وفي بكرة يوم الإثنين ثامن شهر رجب منها لبس المحب المذكور تشريفة بذلك وقرئ توقيعه على العادة وتريخه رابع عشر جمادى الآخرة منها وفي شهر رجب المذكور سقط المحب بن القصيف عن قبقابه وانفكت رجله وفي يوم الخميس رابع عشر ربيع الأول سنة ثمان وتسعمائة توفي العمادي إسماعيل النصاري الدمشقي بالمدرسة المعينية بعد أن ظلم نفسه بأمور وأهين وكان في آخر عمره قد خرج به الحب الفارسي وفي هذه الايام شاع بدمشق عزل المحب بن القصيف عن قضاء الحنفية بدمشق وإعادة البدري بن الفرفور ثم في سلخ المحرم سنة تسع وتسعمائة ورد من مصر ترشيفه بذلك على يد عبد القادر بن الشبق البغدادي العاتكي ثم سافر النائب ولم يلبث إلى أن يلبس البدري تشريفه ثم عاد النائب إلى دمشق وفي الخميس عاشر صفر منها لبس البدري تشريفه المذكور وكان المحب بن القصيف في شدة من وجعه بالحب الفارسي بعد انفكاك رجله وقد بني له حماما في بيته واجره وكان يظن أن عم خصمه قاضي القضاة شهاب الدين بن الفرفور الشافعي الذي هو بمصر معه على ابن أخيه فلما بلغه زاد طيشه وهمه وحنقه على الفرفورين وقرئ توقيع البدري بالجامع على العادة وتاريخه المحرم الماضي قبله وفي يوم الخميس سادس عشر ربيع الأول منها توفي المحب محمد بن علي بن أحمد بن هلال بن عثمان الشهير بابن القصيف مولده سنة ثلاث وأربعين وكان يقول سنة أربعين وبالأول أخبرني أخوه من أبيه كمال الدين قد ظلم نفسه بأمور سامحه الله ودفن بمقبرة باب الفراديس. وفي أوائل شهر رجب سنة إحدى عشرة وتسعمائة اعتقل البدري

الفرفوري الحنفي بجامع القلعة على مال وجد عليه في دفتر عمه مكتوب بمرسوم شريف. وفي يوم الجمعة ثاني عشرين منها فرج عنه ثم في في يوم الأحد ثالث عشرين شعبان المذكور أعيد إلى جامع القلعة. ثم في يوم الثلاثاء خامس عشريه دخل من حلب المحروسة إلى دمشق محيي الدين عبد القادر بن يونس1 قاضي الحنفية بحلب وقد سعى في قضاء دمشق وسكن بالجرن الأسود ثم سافر إلى مصر بعد أن حكم وفوض لجماعة واستولى على الجهات ثم في يوم الأربعاء آخر أيام التشريق منها ورد الخبر من مصر بأن البدري لم يعزل عن القضاء ونودي له في دمشق بذلك واستمر هو بالقلعة لم يخرج وحينئذ قد آن وصول خصمه إلى القاهرة ثم تولى بمصر ودخل إلى دمشق في رابع عشر جمادى الأولى سنة اثنتي عشرة وتسعمائة والبدري مستمر بالقلعة وفي مستهل ذي القعدة منها أفرج عنه بعد سفر أمه إلى مصر وتعلقها بمن يشفع بولدها فشفع الأمير الكبير فيه على سبعة آلاف دينار وفي يوم الإثنين ثاني عشر المحرم سنة ثلاث عشرة لبس خلعة العود التي جاءته من مصر ودخل الجامع وجلس بمحراب الحنفية على العادة وبقية القضاة الأربعة وقرأ توقيعه أحد العدول وهو الحب بركات ابن سقط2 وتاريخه في مستهل ذي الحجة من الماضية وفي يوم الأحد حادي عشرين شعبان سنة ثلاث المذكورة أعيد البدري المذكور إلى القلعة على ثلاثة آلاف دينار وخصمه ابن يونس بمصر ثم في يوم الأربعاء حادي عشري ذي الحجة منها دخل إلى دمشق بعد عزل البدري وتاريخ تويعه سابع شوال منها وفي يوم الإثنين رابع عشر شهر ربيع الأول سنة خمس عشرة سافر المحيوي بن يونس قاضي الحنفية بدمشق مطلوبا إلى مصر وفي يوم الخميس خامس عشرين ذي القعدة سنة خمس عشرة المذكورة رجع إلى دمشق على عادته بخلعة وفي يوم الجمعة سابع ذي الحجة ورد مرسوم شريف إلى نقيب القلعة باعتقاله على تسعة آلاف دينار قيل وخمسة مائة فوضع في جامع القلعة قبل صلاة الجمعة.

_ 1 شذرات الذهب 8: 174 2 شذرات الذهب 8: 91.

فائدة: قال الذهبي في سنة تسع وثلاثين وسبعمائة: مات بدمشق نقيب الأشراف عماد الدين موسى بن جعفر بن محمد بن عدنان الحسيني وكان سيدا نبيلا وقف على من يقرأ الصحيحن بالنورية في الأشهر الحرم انتهى.

المدرسة النورية الحنفية الصغرى

138 - المدرسة النورية الحنفية الصغرى بجامع قلعة دمشق. قال ابن شداد: مدرسة بجامع القلعة واقفها الشهيد نور الدين محمود بن زنكي رحمه الله تعالى وقد مرت ترجمته بالمدرسة النورية قبل هذه ثم قال ابن شداد: ولم يعلم من درس بها من زمن نور الدين الشهيد رحمه الله تعالى إلى زمن الملك الأشرف سوى بهاء الدين عياك وكان خطيبا بالجامع وكان رجلا فاضلا وتولاها من بعده تاج الدين بن سوار إلى أن انتقلت منه إلى شمس الدين سلمان الملطي ثم تولاها بعده برهان الدين التركماني أياما قلائل ثم تولاها بعده نجم الدين حمزة المعروف بابن الكاشي إلى أن سافر إلى الكرك وأقام بها فتولاها شخص يقال له الشهاب الرومي وذكر بها الدرس أياما قلائل ثم نقل إلى الديار المصرية واعتقل بها فولاها بعده شمس الدين محمد بن الأذرعي وهو بها إلى الآن وقد مر في المدرسة الركنية الحنفية أن درس بهذه المدرسة الشيخ محيي الدين الأسمر ثم أخذ منه لعماد الدين بن الطرسوسي الذي ولي قضاء الحنفية.

المدرسة اليغمورية الحنفية

139 - المدرسة اليغمورية الحنفية بالصالحية. لم أقف على ترجمة واقفها ولكن قال الذهبي في العبر في سنة ثلاث وستين وستمائة وجمال الدين يغمور الباروقي ولد في الصعيد سنة تسع وتسعين وكان من أعيان الأمراء ولي نيابة مصر دمشق توفي في شعبان انتهى. وقال ابن كثير في سنة سبع وأربعين وستمائة: وفي عاشر صفر دخل إلى دمشق نائبها الأمير جمال الدين ابن يغمور من جهة الملك الصالح أيوب فنزل بدرب الشعارين داخل باب الجابية. وفي جمادى الآخرة أمر النائب بتخريب

الدكاكين المحدثة في وسط باب البريد وأمر أن لا يبقى فيه دكان سوى ما في جانبيه إلى جانب الحائطين القبلي والشمالي وما في وسط الطريق فهدم قال أبو شامة رحمه الله تعالى وقد كان الملك العادل هدم ذلك ثم أعيد ثم هدمه ابن يغمور والمرجو استمراره على هذه الصنعة وفيها توجه الملك الناصر داود من الكرك إلى حلب المحروسة فأرسل الملك الصالح أيوب إلى نائبه بدمشق وهو جمال الدين بن يغمور بخراب دار أسامة المنسوبة إلى الناصر بدمشق وبستانه الذي بالقابون وهو بستان القصر أن تقطع أشجاره ويخرب القصر انتهى والذي علم من مدرسيها القاضي شمس الدين بن أبي العز وقد مرت ترجمته رحمه الله تعالى في المدرسة الظاهرية الجوانية تم الجزء الأول

المدارس المالكية

المجلد الثاني المدارس المالكية الزاوية المالكية ... فصل المدارس المالكيه 140- الزاويه المالكيه قال عز الدين رحمه الله تعالى: الزاويه بالجامع واقفها السلطان الملك الناصر صلاح الدين رحمه الله تعالى ملاصق المقصوره الحنفيه من غربي الجامع بدمشق انتهى وقد مرت ترجمة السلطان هذا في المدرسه الصلاحيه الشافعيه بأختصار ثم قال عز الدين رحمه الله تعالى"بعد أن أخلى بياضا" ثم درس بها الشيخ جمال الدين أبو عمرو عثمان ثم بعده الشيخ زين الدين الزواوي ثم بعده جمال الدين أبو يعقوب يوسف الزواوي وهو مستمر بها إلى الآن انتهى قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تاريخه سنة ست وأربعين وستمائه الشيخ أبو عمرو بن الحاجب المالكي عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس الرويني ثم المصري العلامه أبو عمرو بن الحاجب المالكي كان أبوه حاجب الأمير عز الدين موسك الصلاحي واشتغل هو بالعلم فقرأ القراآت وحرر النحو تحريرا بليغا وتفقه وساد أهل عصره وكان رأسا في علوم كثيره منها الأصول والفروع والنحو والتصريف والعروض والتفسير وغير ذلك وكان قد استوطن دمشق في سنة سبع عشرة وستمائة ودرس بها للمالكية بالجامع حتى كان خروجه صحبة الشيخ عز بن عبد السلام رحمه الله تعالى في سنة ثمان وثلاثين فسار إلى الديار المصرية حتى كانت وفاة الشيخ أبي عمرو عثمان رحمه الله تعالى في هذه السنة بالإسكندرية ودفن بالمقبرة التي بين المنارة والبلد قال الشيخ أبو شامة رحمه الله تعالى وكان من اذكى اللأئمة قريحة وكان ثقة حجة متواضعا عفيفا كثير الحياء منصفا محبا للعلم وأهله ناشرا له محتملا للأذى صبورا على البلوى قدم دمشق مرارا

آخرها سنة سبع عشرة ف أقام بها مدرسا للمالكية وشيخا للمستفيدين عليه وقد أثنى عليه ابن خلكان ثناء كثيرا وذكر أنه جاء في أداء شهادة حين كان ابن خلكان نائبا في الحكم بمصر فسأله عن مسألة اعتراض الشرط على شرط كما إذا قال إن أكلت إن شربت فأنت طالق لم كان لا يقع الطلاق حين يشرب أولا وأذكر أنه أجاب عن ذلك في تؤدة وسكون قلت له مختصر في الفقه من أحسن المختصرات انتظم فيه جواهر ابن شاس1 وله مختصر في أصول الفقه استوعب فيه عامة فوئد الأحكام لسيف الدين الآمدي وقد من الله سبحانه وتعالى علي بحفظه وجمعت كراريس في الكلام على ما أودعه فيه من الأحاديث النبوية ولله الحمد والمنة وله شرح المفصل والأمالي والمقدمة المشهورة في النحو أختصر فيها مفصل الزمخشري وشرحها وقد شرحها غيره أيضا وله التصريف وشرحه وله في العروض قصيدة على وزن الشاطبية انتهى وقال في سنة أربع وأربعين وستمائة والضياء عبد الرحمن بن عبد الله العمادي المالكي الذي ولي وظائف الشيخ أبي عمرو ابن الحاجب حين خرج من دمشق سنة ثمان وثلاثين وجلس في حلقته ودرس مك أنه بزاوية المالكية انتهى وقال في سنة ثلاث وثمانين وستمائة القاضي جمال الدين أبو يعقوب يوسف بن عبد السلام بن عمر الزواوي قاضي المالكية ومدرسهم بعد القاضي زين الدين الزواوي الذي عزل نفسه وكان ينوب عنه فاستقل في الحكم بعده توفي رحمه الله في الخامس من ذي القعدة وهو في طريق الحجاز وكان عالما فاضلا قليل التكلف والتكليف وقد شغر المنصب بعده ثلاث سنين ودرس بعده للمالكية الشيخ جمال الدين الشريشي وبعده أبو إسحاق اللورى وبعده مجد الدين أبو بكر التونسي ثم لما وصل القاضي جمال الدين سليمان2 حاكما درس بالمدارس والله سبحانه وتعالى أعلم وإمام حراب المالكية بالجامع المذكور فقد أم به جماعات. قال الأسدي في تاريخه رحمه الله تعالى في سنة ست عشرة وستمائة علي بن

_ 1 شذرات الذهب 5: 69. 2 شذرات الذهب 6: 107.

علوش بن عبد الله المغربي برهان الدين إمام المالكيه بدمشق قال أبو شامه رحمه الله تعالى كان عالما ب الأصول والفروع والعربيه روى شيئا من مراثي المغاربه وروى عنه الشهاب القوصي وغيره توفي رحمه الله تعالى في شعبان ودفن بسفح قاسيون انتهى وقال رحمه الله تعالى في سنه خمس وعشرين وستمائه على الشيخ الفقيه الصالح أبو الحسن المراكشي المقيم بالمدرسه المالكيه توفي رحمه الله تعالى في شهر رجب وقال أبو شامه رحمه الله تعالى ودفن بالمقبره التي وقفها الرئيس خليل زويزان1 قبلي مقابر الصوفيه وكان أول من دفن بها وأم بمحراب المالكيه انتهى وقال ابن كثير رحمه الله تعالى في سنة اثنتين وسبعمائه وفي ذي الحجه باشر الشيخ أبو الوليد بن الحاج الاشبلي المالكي إمامه محراب المالكيه بجامع دمشق بعد وفاة الشيخ شمس الدين محمد الصنهاجي انتهى وقال الذهبي رحمه الله تعالى في العبر سنة ثمان عشرة وسبعمائه ومات بدمشق الإمام الكبير أبو الوليد محمد بن أبي القاسم أحمد بن القاضي أبي الوليد محمد بن محمد بن الحاج التجيبي القرطي إمام محراب المالكيه وولي إمامته في شهر رجب وله ثمانون سنه كان من العلماء العاملين ومن بيت قضاء وجلاله حدثنا عن الفخر ابن البخاري انتهى وقال السيد الحسيني رحمه الله تعالى في سنة ثلاث وأربعين وسبعمائه ومات رحمه الله بظاهر دمشق الإمام الزاهد المفتي عبد الله بن أبي الوليد المالكي إمام محراب المالكيه بالجامع الأموي حدث عن ابن البخاري انتهى وقال رحمه الله تعالى في سنة خمس وأربعين وسبعمائه مات الإمام المفتي الكبير الزاهد أبو عمرو أحمد بن أبي الوليد محمد بن أبي جعفر أحمد بن قاضي الجماعه أبي الوليد محمد الاشبيلي ثم الدمشقي المالكي ولد بغرناطه سنة اثنتين وسبعين ثم قدم دمشق فسمع ابن البخاري وابن مؤمن والفاروثي وغيرهم حدث عنه الذهبي وأم محراب المالكيه بالجامع توفي رحمه الله تعالى في ثاني شهر رمضان وكان يخطب انتهى وقال تقي الدين الأسدي رحمه الله تعالى في الذيل في سنة سبع وعشرين وثمانمائه في شهر ربيع الأول الشيخ شمس الدين

_ 1 ابن كثير 13: 140.

محمد بن شهاب الدين أحمد المعروف بابن أخي الشاذلي كان القاضي برهان الدين الشاذلي متزوجا بأخته وكان هذا قوي النفس به وكان بيده مباشرات في الاسرى وغيرها ثم أنه كبر وضعف وابتلى بأمراض مزمنه وافتقر وقوة النفس والتصميم لم تزل وحج مرات وجاور وولي إمامه المالكيه بالجامع الأموي ولم يكن يعرف شيئا من العلم وإنما كان مباشرا توفي بالصالحيه ليلة الجمعه مستهل الشهر وقد جاوز التسعين أو السبعين فيما يظهر وولي الامامه بعده شهاب الدين الأموي المالكي رحمه الله تعالى انتهى.

المدرسه الشرابيشيه

141- المدرسه الشرابيشيه بدرب الشعارين لصيق حمام صالح شمالي الطيوريين داخل باب الجابية قال القاضي عز الدين رحمه الله تعالى المدرسة المعروفه بنور الدوله علي الشرابيشي بدرب الشعارين انتهى ورأيت بخط الحافظ البرزالي رحمه الله تعالى في تاريخه سنة أربع وثلاثين وسبعمائه وفي يوم الخميس الرابع والعشرين من صفر توفي شهاب الدين أحمد بن نور الدوله علي بن أبي المجد بن محاسن الشرابيشي التاجر السفار ودفن يوم الجمعه بالمكان الذي وقفه والده خارج الباب الصغير قباله جامع جراح وكان له همة ونهضه وتودد إلى الناس انتهى ثم قال عز الدين رحمه الله تعالى أول من ذكر بها الدرس تاج الدين عبد الرحمن المعروف بالزواوي وهو مستمر بها إلى الآن انتهى وقد مرت ترجمته في المدرسه قبلها ثم درس بها الإمام صدر الدين البارزي شيخ الدنكزيه بعد الذهبي وقد مرت ترجمته فيها في دور القرآن والحديث.

المدرسه الصمصأميه

142- المدرسه الصمصأميه بمحلة حجر الذهب شرقي دار القرآن الوجيهية وقبلي المسروريه الشافعيه وشام الخاتونيه العصميه الحنفيه وقال ابن كثير في سنة سبع عشره وسبعمائه وفي ذي القعده يوم الأحد درس بالصمصأميه التي تجددت للمالكيه وقد وقف عليها

الصاحب شمس الدين غبريال الاسمري درسا ودرس بها فقها وعين تدريسها لنائب الحكم الفقيه نور الدين علي بن عبد النصير المالكي وحضر عنده القضاة والاعيان وممن حضر عنده الشيخ تقي الدين ابن تيميه رحمه الله تعالى وكان يعرفه من الاسكندريه انتهى قال البرزالي ومن خطه نقلت في تاريخه في سنة اربع وثلاثين وسبعمائه وفي يوم الاربعاء ثاني عشر شوال وصل البريد من الديار المصريه الى دمشق واخبر بوفاة الصاحب شمس الدين غبريال رحمه الله تعالى وكتب الى الشيخ ابو بكر الرحيبي ان وفاته في ليلة السبت ثامن شوال ودفن في تربة قراسنقر خارج باب النصر وكان قد اخذ منه الفا الف درهم وذكره شمس الدين بن الجزري رحمه الله تعالى في تاريخه وقال كان حسن التدبير ورفع ضرب المقارع من الكتاب وكان اسلامه في احدى وسبعمائه اسلم هو وامين الملك معا انتهى وقال الذهبي رحمه الله تعالى في مختصر تاريخ الاسلام سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائه وفي شعبان نكب الصالح شمس الدين غبريال المصري وصودر الى ان مات واخذ منه ومن اولاده نحو الف الف درهم وسلم من التشهير فانه آذى الناس في الزغل في الدينار البحشوري انتهى ثم ذكر وفاته فيه سنة اربع وثلاثين وسبعمائه وقال في ذيل العبر في سنة اثنتين وثلاثين المذكورة ونكب الصاحب شمس الدين غبريال بدمشق وصودر وزالت سعادته انتهى ثم قال فيه في سنة اربع وثلاثين وسبعمائه ومات الصاحب شمس الدين غبريال المسلماني بمصر في عشر الثمانين يقال انه ادى الفي الف درهم واهين وصودر اهله من بعده وكان صدرا محتشما نبيها محبا للستر على الناس قليل الشر والأذى لولا ما وقع في ايامه من زغل الذهب وتاذى الناس من ذلك وامتدت ايامه بدمشق في سعادة وتنعم وكان يحب اصحاب ابن تيميه رحمه الله تعالى كثيرا ويذب عنهم انتهى

المدرسه الصلاحيه

143- المدرسه الصلاحيه قال القاضي عز الدين رحمه الله تعالى مدرسة أنشأها الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب فاتح بيت المقدس رحمه الله تعالى وهي بالقرب من البيمارستان النوري انتهى وقد مرت ترجمة الملك الناصر هذا في المدرسه الصلاحيه الشافعيه ووجدت بخط الشيخ تقي الدين بن قاضي شهبه الأسدي رحمه الله تعالى في تسمية مدارس المالكيه تسمية هذه المدرسه بالنوريه وتسمية المدرسه الزاويه الماره بالحلقه ثم قال القاضي عز الدين ذكر من علم من مدرسيها وترك بياضا ثم الشيخ جمال الدين المعروف بحمار المالكيه ثم من بعده جمال الدين عثمان بن الحاجب ثم من بعده الشيخ زين الدين عبد السلام الزواوي ثم أعطاها لزوج ابنته جمال الدين أبي يعقوب يوسف الزواوي وهو مستمر بها إلى الآن انتهى قلت لعل الشيخ جمال الدين المذكور هو الإمام يوسف الفندلاوي1 قال شيخنا رحمه الله تعالى في الكواكب الدريه في السيره النوريه2 في سنة ثلاث وأربعين وخمسمائه وفيها نزل الفرنج على دمشق إلى أن قال وكان صاحب دمشق آبق بن محمد بن بوري بن طغتكين ومدبر ال أمور انر والحكم له وليس لآبق الملقب بمجير الدين منه شيء فلما كان سادس عشر ربيع الأول لم يشعر أهل دمشق إلا وملك الالمان قد خيم على المزه وزحف على البلد بخيله ورجله وكان معه نحو ستين ألف راجل وعشرة الآف فارس إلى أن قال وخرج إليه م معين الدين ومجير الدين في مائة الف راجل سوى الفرسان في يوم السبت سادس شهر ربيع الأول وقاتلوا قتالا شديدا واستشهد من المسلمين في هذا اليوم نحو مائتين منهم الإمام يوسف الفندلاوي شيخ المالكية عند النيرب قريب الربوة وكذلك الزاهد عبد الرحمن الجلجولي قتلا في مكان واحد إلى أن قال وذكر الحافظ أبو القاسم ابن عساكر رحمه الله تعالى في تاريخه أن الفقيه الفندلاوي رؤى في المنام فقيل له أين أنت؟ قال في جنات عدن على سرر متقابلين وقبره الآن يزار بمقابر باب الصغير من ناحية حائط

_ 1 شذرات الذهب 4: 136. 2 ابن كثير 13: 322.

المصلى وعليه بلاطه كبيرة منقورة فيها شرح حاله قاله ابن الأثير رحمه تعالى انتهى وأما جمال الدين بن الحاجب فقد مرت ترجمته في المدرسة الزاوية قريبا وأما الشيخ زين الدين عبد السلام الزواوي رحمه الله تعالى فقال ابن كثير رحمه الله تعالى في تاريخه في سنة أربع وستين وستمائه وفيها استجد بدمشق أربعة قضاة كما فعل بالعام الماضي بديار مصر وفيها وردت الولايات لقضاء القضاة من المذاهب ال أربعة فصار كل مذهب فيه قاضي القضاة فكان في منصب الشافعية شمس الدين أحمد بن محمد بن إبراهيم بن خلكان البرمكي رحمه الله وصار على قضاء الحنفيه شمس الدين عبد الله1 بن محمد بن عطاء وللحنابله شمس الدين عبد الرحمن ابن الشيخ أبي عمر بن أحمد بن قدامة رحمهم الله تعالى وللمالكية عبد السلام بن الزواوي وقد امتنع من الولاية فالزم بها حتى قبل ثم عزل نفسه ثم الزم بها فقبل بشرط أن لا يباشر أوقافا ولا يأخذ جامكية على الحكم فأجيب إلى ذلك وكذلك قاضي الحنابله لم يأخذ على أحكامه أجرا وقال نحن في كفاية فأعفي من ذلك أيضا رحمهم الله أجمعين وقد كان هذا الصنيع الذي لم يسبق إلى مثله قد فعل في العام الماضي بالديار المصرية أيضا واستقرت الأحوال على هذا المنوال ولله الحمد والمنه انتهى. وقال ابن كثير رحمه الله تعالى أيضا في سنة إحدى وثمانين وستمائة القاضي الإمام العلامة شيخ القراء زين الدين أبو محمد عبد السلام بن على بن عمر الزواوي المالكي قاضي القضاة المالكية بدمشق وهو أول من باشر القضاء بها وعزل نفسه عنه تورعا وزهادة واستمر بلا ولاية ثماني سنين ثم كانت وفاته رحمه الله تعالى ليلة الثلاثاء من شهر رجب منها عن ثلاث وثمانين سنة وقد سمع الحديث واشتغل على السخاوي وابن الحاجب رحمهم الله تعالى انتهى وأما زوج ابنة قاضي القضاة المالكية جمال الدين يوسف الزواوي بعده فقد مرت ترجمته في المدرسة الزواوية. وقال الذهبي في العبر في سنة سبع عشرة وسبعمائة ومات بدمشق قاضي

_ 1 شذرات الذهب 5: 340.

المالكية المعمر جمال الدين محمد بن سليمان ابن سوير الزواوي عن بضع وثمانين سنة وبقي قاضيا ثلاثين سنة وإصابه فالج سنوات ثم عجز فجاء على منصبه قبل موته بعشرين يوما العلامه فخر الدين أحمد بن سلأمه الاسكندراني وثنا الزواوي عن الشرف المرسي وابن عبد السلام إنتهى. وقال تلميذه ابن كثير رحمه الله تعالى في تاريخه في سنة أربع وسبعمائة وفي يوم الخميس الثاني والعشرين من ذي القعدة حكم قاضي القضاة جمال الدين بن الزواوي بقتل شمس الدين محمد بن جمال الدين عبد الرحيم الباجربقي1 واراقة دمه وإن تاب وإن أسلم بعد إثبات محضر عليه يتضمن كفر الباجرقي المذكور وكان ممن شهد عليه فيه الشيخ مجد الدين التونسي النحوي الشافعي فهرب الباجريقي2 إلى بلاد الشرق فمكث بها مدة سنين ثم جاء بعد موت الحاكم المذكور كما سيأتي انتهى. وقال في سنة ست وسبعمائة وفي سابع عشر شهر رمضان حكم القاضي تقي الدين الحنبلي بحقن دم محمد بن الباجربقي واحضر عنده محضرا بعداوة بينه وبين الشهود الست الذين شهدوا عليه عند المالكي حين حكم باراقة دمه وممن شهد بهذه العداوة ناصر الدين بن عبد السلام3 وزين الدين ابن الشريف عدنان وقطب الدين ابن شيخ السلامية4 انتهى وقال في سنة خمس عشرة وسبعمائة وفي ثامن شوال قتل أحمد الزويني شهد عليه بالعظائم من ترك الواجبات واستحلال المحرمات وتنقصه واستهانته بالكتاب والسنه فحكم المالكي بإراقة دمه وإن أسلم فاعتقل ثم قتل انتهى وقال في سنة سبع عشرة وفي يوم السبت ثالث عشرين شهر ربيع الآخر قدم قاضي المالكية إلى الشام من مصر وهو الإمام العلامة فخر الدين أبو العباس أحمد بن سلامة بن أحمد بن سلامة

_ 1 شذرات الذهب: 6: 47. 2 شذرات الذهب 6: 64. 3 ابن كثير 14: 58. 4 شذرات الذهب 6: 103.

الاسكندري المالكي على قضاء دمشق عوضا عن قاضي القضاة جمال الدين الزواوي لضعفه واشتداد مرضه فالتقاه القضاة والأعيان وقرئ تقليده بالجامع ثاني يوم وصوله وهو مؤرخ بثاني عشر الشهر وقدم نائبه الفقيه نور الدين السخاوي ودرس يالجامع في مستهل جمادى الأولى وحضر عنده الأعيان وشكرت فضائله وعلومه وصرامته ونزاهته وديانته وبعد ذلك بتسعة أيام توفي الزواوي المعزول رحمه الله تعالى وقد باشر القضاء بدمشق ثلاثين سنه انتهى وهذه ترجمته رحمه الله تعالى قاضي القضاه جمال الدين أبو عبد الله محمد ابن الشيخ سليمان بن يوسف الزواوي قاضي القضاه المالكيه بدمشق من سنة سبع وثمانين وستمائه قدم مصر من المغرب واشتغل بها وأخذ عن مشايخها منهم الشيخ عز الدين بن عبد السلام ثم قدم دمشق قاضيا في سنة تسع وثمانين وستمائه وكان مولده في سنة تسع وعشرين وستمائه وأقام شعار مذهب مالك رضي الله عنه وعمر الصمصأميه في أيامه وجدد عمارة النوريه وحدث بصحيح مسلم وموطأ مالك رضي الله تعالى عنه رواية يحيى بن يحيى عن مالك وكتاب الشفاء القاضي عياض رحمه الله تعالى وعزل قبل وفاته بعشرين يوما عن القضاء وهذا من خيره بحيث لم يمت قاضيا رحمه الله تعالى توفي بالمدرسه الصمصأميه يوم الخميس التاسع في جمادى الأولى أو الآخره وصلي عليه بعد الجمعه ودفن بمقابر باب الصغير تجاه مسجد النارنج وحضر جنازته خلق كثير واثنوا عليه خيرا وقد جاوز الثمانين رحمه الله تعالى ولم يبلغ إلى سبع عشره من عمره على مقتضى مذهبه أيضا انتهى بعد أن قال سنة سبع وثمانين وستمائه وفي عاشر جمادى الأولى قدم من الديار المصريه قاضي القضاه حسام الدين الحنفي والصاحب تقي الدين توبة التكريتي وقاضي القضاه جمال الدين محمد بن سليمان الزواوي المالكي على قضاء المالكيه بعد شغور دمشق عن حاكم مالكي ثلاث سنين ونصفا ف أقام شعار المنصب ونشر المذهب وكان له سؤدد ورياسة انتهى. وقال الذهبي في سنة ثمان عشرة وسبعمائه ومات في ذي القعده بدمشق قاضي القضاه المالكيه العلامه الأصولي البارع فخر الدين أحمد بن سلأمه بن أحمد بن

محمد الاسكندري عن سبع وخمسين سنة وكان حميد السيره بصيرا بالعلم محتشما انتهى وقال تلميذه ابن كثير رحمه الله تعالى في السنه المذكورة قاضي القضاه فخر الدين أبو العباس أحمد بن تاج الدين أبي الخير سلأمه بن زين الدين أبي العباس أحمد بن سلأمه الاسكندري المالكي ولد سنة إحدى وسبعين وستمائه وبرع في علوم كثيره وولي نيابة الحكم في الاسكندريه فحمدت سيرته وديانته وصرامته ثم قدم على قضاء الشام للمالكيه في السنه الماضيه فباشر أحسن مباشره سنة ونصفا إلى أن توفي بالصمصأميه بكرة الأربعاء مستهل ذو الحجه ودفن إلى جانب الفندلاوي بباب الصغير وحضر جنازته خلق كثير وشكره الناس وأثنوا عليه رحمه الله تعالى انتهى. وقال السيد رحمه الله تعالى في السنة المذكوره ومات بدمشق قاضي المالكيه العلامه الأصولي فخر الدين أحمد بن سلأمه بن أحمد الاسكندري عن سبع وخمسين سنه كان حميد السيرة بصيرا بالعلم محتشما انتهى وقال الذهبي رحمه الله تعالى في سنة تسع عشرة وسبعمائة قدم على قضاء المالكية شرف الدين محمد ابن قاضي القضاة معين الدين أبي بكر بن ظافر الهمذاني1 النويري ونائبه شمس الدين القفصي انتهى وقال ابن كثير رحمه الله تعالى في السنة المذكوره وفي بكرة يوم الثلاثاء خامس جمادى الآخرة قدم من مصر إلى دمشق قاضي القضاة شرف الدين أبو عبد الله محمد بن قاضي القضاة معين الدين أبي بكر ابن الشيخ زكي الدين ظافر الهمذاني المالكي على قضاء المالكية بالشام عوضا عن ابن سلامة توفي رحمه الله تعالى فكان بينهما ستة أشهر ولكن تقليد هذا مؤرخ تاسع شهر ربيع الأول ولبس الخلعة وقرئ تقليده بالجامع انتهى وقال السيد رحمه الله تعالى في ذيل العبر في السنة المذكورة وقدم على قضاء المالكية شرف الدين محمد ابن قاضي القضاة معين الدين أبي بكر بن ظافر الهمذاني النويري ونائبه شمس الدين القفصي انتهى وقال في سنه ثمان وأربعين وسبعمائة ومات قاضي القضاة وشيخ الشيوخ شرف الدين أبو عبد الله محمد ابن قاضي

_ 1 ابن كثير 14: 233.

القضاه معين الدين أبي بكر بن ظافر الهمداني النويري المالكي في ثاني المحرم عن بضع وثمانين سنه وولي بعده قضاء المالكيه نائبه الإمام جمال الدين محمد بن عبد الرحيم المسلاتي1 ومشيخة الشيوخ شيخنا علاء الدين علي بن محمود القونوي الحنفي الصوفي انتهى. وقال فيه في سنة تسع وخمسين وسبعمائه وفي يوم الأربعاء ثاني شهر رمضان قدم شيخنا قاضي القضاه شرف الدين أحمد بن الحسين العراقي من القاهره على قضاء المالكيه بدمشق عوضا عن القاضي جمال الدين المسلاتي انتهى وقال في سنة ستين وسبعمائه وفي يوم الأحد رابع شهر ربيع الأول صرف قاضي القضاه شرف الدين العراقي عن قضاء المالكيه بدمشق وأعيد قاضي القضاه جمال الدين ابن المسلاتي انتهى وقال الأسدي رحمه الله تعالى في تاريخه في سنة سبع وثمانمائه وفي أول المحرم وصل توقيع بدر الدين حسن المالكي فترك القاضي شرف الدين عيسى الحكم انتهى وقال في شهر ربيع الأول منها ووقع الاتفاق بين القاضيين المالكيين على أن القاضي عيسى ويكون حسن نائبه فعزل حسن نفسه من ال ولاية التي وافته واستخلف الحنبلي القاضي عيسى واذن له في استبانة حسن فإستب أنه والتزم بعد عزله وحكم الحنبلي بلزوم ذلك وهذا من جملة الغرائب التي جددت بهذه الازمنه فلما بلغ النائب ذلك انكره وقال لا يكون احدهما نائب الآخر وعقد المجلس بسبب ذلك وسئل النائب عن الأولى منهما فوقع الاتفاق على ترجيح القاضي عيسى فاستمر به ومنع الآخر من الحكم انتهى ثم قال في سنة تسع وثمانمائه وفي شهر ربيع الأول عزل القاضي عيسى المالكي بالقاضي حسن الزرعي انتهى ثم قال وفي ثامن عشر جمادى الآخره منها أعيد القاضي شرف الدين المالكي إلى قضاء المالكيه انتهى ثم قال في أول سنة ست عشره وثمانمائه في جمادى الآخره وفي يوم السبت سابع عشريه ولي ناصر الدين ابن قاضي القضاه شرف الدين المالكي من نوروز قضاء المالكيه بدمشق عوضا عن شرف الدين عيسى وكان قبل ذلك قاضي طرابلس فجاء منها خوفا من

_ 1 شذرات الذهب 6: 219.

نائبها بعد ما شوش عليه وكان سيء السيره يتهتك في الرشوه وقد ولي قديما قضاء حماة وحلب المحروسه وجلس للحكم بالمدرسه الظاهريه الجوانية انتهى ثم قال أول سنة سبع عشره وثمانمائه وقاضي القضاة ناصر الدين ابن القاضي سري الدين المالكي ولي في جمادى الآخره من نوروز عوضا عن القاضي شرف الدين العامري إلا أنه قدم السلطان ف أعيد القاضي شرف الدين في جمادى الأولى منها انتهى ثم قال في جمادى هذه وفي يوم الجمعه ثانيه صلى السلطان بالجامع الأموي على العاده وبلغني أنه إذن للقاضي شرف الدين المالكي في الحكم ولم يلبس لأجل الكلفه انتهى ثم قال في سنة إحدى وعشرين وقاضي القضاة شرف الدين العامري المالكي وصل الخبر إلى دمشق بعزلة بالقاضي شهاب الدين الأموي في جمادى الأولى منها ثم قال فيه منها وفي يوم الجمعه تاسع عشره بلغني أن كتاب القاضي المالكي الأموي وصل إلى القاضي محيى الدين المالكي أن يباشر عنه إلى أن يقدم فباشر انتهى ثم قال في يوم الاثنين سادس جمادى الآخرة منها ويومئذ وصل القاضي شهاب الدين المالكي الأموي ولبس من عند النائب من الغد وقرئ توقيعه بالجامع بحضرة القضاة وهو مؤرخ بسابع شهر ربيع الأول انتهى ثم قال في أول سنة اثنتين وعشرين وثمانمائه وقاضي القضاة شهاب الدين الأموي ولي في جمادى الأولى من السنه الماضية ثم عزل بالقاضي شرف الدين العامري في شهر رمضان انتهى ثم قال في شهر رمضان منها وفي يوم الجمعه ثالث عشريه بعد الصلاة لبس القاضي شرف الدين العامري المالكي خلعه القضاة عوضا عن القاضي شهاب الدين الأموي ببيت الحاجب ثم جاء إلى الجامع ومعه كاتب السر والقاضي الحنبلي والحاجب ابن الخطاب وكان القاضي الشافعي في الجامع واجتمع بعض الفقهاء عند محراب المالكيه وادعى عنده دعوة وقرأ القرآن ثم قاموا ولم يقرأ له توقيع ثم ذهبوا معه إلى بيته انتهى ثم قال في أول سنة أربع وعشرين وثمانمائه وقاضي القضاة شرف الدين العامري المالكي عزل في جمادى الأولى منها بالقاضي شهاب الدين الأموي انتهى ثم قال في جمادى الأولى هذه وفي يوم الخميس سادس عشرة خلع على القاضي شهاب الدين الأموي المالكي بعوده إلى القضاء عوضا عن القاضي شرف

الدين العامري المالكي انتهى ثم قال في أول سنة ست وثلاثين وثمانمائه وفي شهر ربيع الأول قاضي القضاه شهاب الدين الأموي كان توفي في صفر استقر عوضه في هذا الشهر القاضي محيي الدين اليحيائي انتهى ثم قال في أول سنة اثنتين وأربعين وثمانمائه وقاضي القضاة المالكي محيي الدين اليحيائي توفي في ذي القعده منها واستقر عوضه القاضي علاء الدين الناسخ انتهى ثم قال في أول سنة ثلاث وأربعين وثمانمائه وقاضي القضاه علاء الدين الناسخ في ذي القعده ولي من السنة الخ إليه ثم في صفر استناب برهان الدين ابن بنت الأموي وسافر إلى حلب المحروسه فعزل في شهر ربيع الآخر من السنة بسالم الزواوي انتهى ثم قال في جمادى الأولى منها وفي يوم الجمعه سابع عشرة وصل توقيع القاضي سالم المغربي بقضاء المالكيه وهذا الرجل كان قد ورد من سنين والتف على محي الدين وكان قد أسره الفرنج وخلص وجلس في سوق برا واتجر وهو خامل جدا لا يحسن كلام الناس غير أنه يعرف الفروع على مذهب مالك رضى الله تعالى عنه وهو رجل جيد انتهى ثم قال في أول سنة خمس وأربعين وثمانمائه وقاضي القضاة زين الدين سالم الزواوي المالكي عزل في صفر منها بالقاضي شهاب الدين التلمساني ووصل دمشق في أول شهر ربيع الأول منها ثم عزل في شوال وأعيد الذي كان قبله ثم في مستهل ذي الحجه منها دخل القاضي أمين الدين سالم المالكي من القدس الشريف عائدا إلى وظيفة قضاء المالكيه وبعد يومين سافر خصمه إلى مصر وكان قد أرسل من جهته يطلب له الحضور فاجيب إلى ذلك قيل ليتولى قضاء الاسكندريه عوضا عن قاضيها المتوفي انتهى ثم قال في سنة ست وأربعين وثمانمائه في المحرم منها تاسع عشرة بلغني أن الشهاب التلمساني المالكي أرسل حافيا إلى الاسكندريه وسر الناس ببعده لما فيه من الحماقه وقلة المعرفه انتهى ثم قال في سنة سبع وأربعين وثمانمائه وقاضي القضاه سالم التونسي المالكي جاء الخبر أنه عزل في جمادى الأولى منها بشخص من مصر ثم انتفض هذا واستمر سالم ثم عزل بسبب ما نسب إليه من الحكم باستمرار صغار أولاد سامري أسلم جدهم على الكفر وولي شخص يقال له أبو القاسم التويري أصله من غزه قيل أنه يعرف غريمه وأنه استمر بدمشق مدة ثم ولي

قضاء القدس وحصل له شر كثير حتى جاء به الأمير اركماس الجلباني وشاله على رجليه وأراد ضربه فشفع فيه ثم توجه إلى مصر ف أقام بها وفي جمادى الآخرة منها في خامس عشرة قي لأنه وصل كتاب إعادة القاضي سالم المالكي إلى وظيفة القضاء وسر الناس بذلك كراهية بالذي كان قد تولى انتهى ثم قال في سنة خمسين وثمانمائه وقاضي القضاة أمين الدين سالم التونسي المالكي أعيد في شوال سنة خمس وأربعين واستمر إلى أن عزل في آخر شعبان منها واستقر عوضه القاضي ابن عامر المصري المالكي وفي آخر يوم من الشهر طلب القاضي المالكي إلى النائب فلما حضر أعلمه أنه عزل وكان سبب ذلك أنه أثبت للنائب شيئا بالخطوط في تركه للسلطان فيها استحقاق فغضب السلطان من ذلك وأرسل بعزله انتهى ثم قال في أول سنة إحدى وخمسين وثمانمائه وقاضي القضاة ابن عامر المصري المالكي ولي في ذي القعده من السنة الخ إليه وقدم إلى دمشق في ذي الحجه انتهى ثم ولي بعده شهاب الدين التلمساني المغربي ودخل إلى دمشق في ذي القعده سنة اثنين وخمسين وثمانمائه إلى أن عزل بسبب الوقوع بينه وبين الحاجب الثاني وهو أن شهاب الدين طلب غريما عند الحاجب المذكور فامتنع من إرساله إليه فطلب الحاجب المذكور فلما حضر إليه المذكور اه أنه واخرق فيه فتعصب الأمراء وكتبوا إلى مصر فورد مرسوم بان القضاة لا يطلبون أحدا من عند حكام السياسة ولا يحكمون في من سبقت دعواه إليه م وكذلك حكام السياسه لا يأخذون احدا من مجالس الشرع الشريف ولايحكمون فيه ونودي بذلك بدمشق في شوال منها ثم حضر من مصر القاضي ابن عامر المالكي عوضه وعلى يده مرسوم السلطان بأن حكام السياسه لا يأخذون من مجلس حكمه غريما وإن كان لأحد عنده محاكمة شرعيه وخصمه عند السياسه يطلبه من عندهم ويعمل بينهما ما يقتضيه مذهبه الشريف ثم أعيد شيخنا سالم إلى قضاء المالكيه بدمشق وحكم بإراقة دم ابن أبي الفتح في ثالث عشر شهر رمضان سنة أربع وخمسين فلما قضى المصريون مرادهم بالحكم المذكور عزلوه في صفر سنة خمس وخمسين ثم استقر عوضه فيها شهاب الدين أحمد بن سعيد بن

عثمان بن محمد بن إبراهيم بن التلمساني ووصل من مصر إلى دمشق في شهر ربيع الأول سنة ثمان وخمسين ثم وصل تشريف له بإستمراره في وظيفته ثم في خامس عشر شوال سنة تسع وخمسين وصل من مصر تشريف قاضي القضاة سراج الدين الحمصي باستمرار في القضاء الشافعيه بدمشق وانفصال القاضي المالكي شهاب الدين التلمساني من قضاء المالكيه بها واستقرار القاضي زين الدين عبد الرحمن ابن محمد بن عثمان بن منيع السويدي1 المغربي المالكي ثم في يوم الاثنين سابع ذي الحجه من سنة تسع المذكورة أعيد شهاب الدين التلمساني بعد أن بذل نحو خمسمائة دينار على ما قيل وعزل زين الدين عبد الرحمن المذكور ثم في يوم الثلاثاء ثاني شعبان سنة ستين وصل القاضي زين الدين عبد الرحمن المذكور من طرابلس وقد أعيد إلى قضاء المالكيه بدمشق عوضا عن شهاب الدين المذكور والبس تشريفه بذلك في يوم الخميس تاسع عشر شعبان المذكور وفي يوم الخميس مستهل ذي الحجه سنة إحدى وستين وثمانمائه أعيد القاضي شهاب الدين التلمساني إلى قضاء المالكيه بدمشق عوضا عن زين الدين السويدي وألبس تشريفة بذلك وفي أوائل سنة اثنتين وستين توفي القاضي عبد الرحمن السويدي المذكور وفي تاسع صفر سنة ثلاث وسبعين توفي شيخنا في رواية الحديث قاضي القضاة زين الدين ويقال أمين الدين وعلم الدين سالم بن إبراهيم بن عيسى الصنهاجي المغربي الدمشقي المالكي بالمدرسة الشرابيشية مولده سنة سبع وسبعين وسبعمائه قرأت عليه من أول البخاري إلى مناقب عمار رضي الله تعالى عنه وهو النصف منه وأجاز لي بذلك وبكل ما يجوز أو يصح له روايته وخطه عندي بذلك ودفن رحمه الله تعالى شرقي المقبره الحميريه. وفي يوم الأربعاء خامس شهر ربيع الأول سنة أربع وسبعين توفي قاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن سعيد بن عثمان بن محمد بن سعيد بن إبراهيم رحمه الله تعالى قال الأسدي رحمه الله تعالى في تاريخه أخذ القضاء بدمشق عن علم الدين سالم في صفر خمس وأربعين انتهى ودفن شمالي الذهبيه شرقي

_ 1 شذرات الذهب 7: 311.

الطريق بمقبرة باب الفراديس وقد قارب الثمانين ظنا مني رحمه الله تعالى وكان قد عزل شيخنا شيخ الإسلام قاضي القضاه محيى الدين عبد القادر بن عبد الرحمن بن عبد الوارث البكري المصري المالكي في سنة سبع أو ثمان وستين روى عنه موطأ الإمام مالك رضي الله تعالى عنه وصحيح مسلم وغيرهما وسار في القضاء بحرمه وافرة مراتب حافله حتى أن شيخنا قاضي القضاة جمال الدين الباعوني كان يتأيد به ويستعين واستمر كذلك إلى أن توفي رحمه الله تعالى في يوم الاثنين ثامن عشر جمادى الأولى سنة أربع وسبعين المذكورة ثم ولي بعده قاضي القضاة كمال الدين محمد بن أحمد العباسي الحموي ثم الدمشقي واستمر إلى أن عزله وكيل السلطان البرهان النابلسي في جمادى الأولى سنة ثمانين ثم ولي قضاء القضاة شهاب الدين أحمد بن المريني المغربي في يوم الخميس سابع عشر جمادى الأولى منها وفي يوم الجمعه عيد الأضحى بعد صلاتها ب الأموي صلي على قاضي قضاة المالكيه بدمشق شهاب الدين أحمد بن المريني بكسر الميم والراء المهمله المخففه بعدها ياء آخر الحروف ثم نون ثم ياء النسبه من سنة ست وتسعين اتى إلى دمشق بعد الستين وثمانمائه فقيرا له بعض اشتغال في العلم فاستعان به قاضي القضاة جمال الدين الباعوني في البيمارستان النوري فظهرت أمانته وديانته فكان السبب في ترقيته فاشتغل في غضون ذلك بدمشق ورافقته في الاشتغال على الشيخ علي حجي العجمي المقيم يومئذ بالمدرسه الشامية الجوانيه مدة يسيره وهو إذا ذاك نائب الحكم لقاضي القضاة شهاب الدين التلمساني ثم لقاضي القضاة محيي الدين بن عبد الوارث وفي سنة خمس وتسعين المذكورة صودر بولده ثم في آخر سنة ست وتسعين المذكورة سافر إلى قسم الصرفند ووقف المالكيه فتمرض ببلد القرعون وتوفي بعد الظهر يوم عرفه وحمل منها إلى دمشق ودخل به ليلة العيد من باب المدينه إلى منزله وكانت جنازته مشهودة ومشي فيها النائب إلى مقبرة باب الصغير ودفن غربي جامع جراح بقربة وهو في عشر الثمانين ظنا مني وفي شهر ربيع الأول سنة سبع وتسعين وثمانمائه ورد كتاب مصر إلى دمشق بان وظيفة قضاء المالكيه بدمشق

قد خرجت باسم الشمس الطولقي1 التاجر في حانوت يومئذ بدمشق وان توقيعه أخذه الساعي له قاضي القضاة الشافعي شهاب الدين بن الفرفور الذي هو الآن بمصر وهو السبب في ذلك وفي يوم الأحد سابع عشر جمادى الأولى دخل القاضي الشافعي المذكور إلى دمشق وفي يوم الخميس مستهل جمادى الآخرة منها تاسع عشرين آذار البس الطولقي التشريف بقضاء المالكيه وقرئ توقيعه بالجامع على العاده وتاريخه مستهل شهر ربيع الأول منها وفي يوم الاثنين سلخ ذي الحجه سنة تسع وتسعين قبض على قاضي المالكيه الشمس الطولقي بمرسوم شريف من مصر على يد مملوك ووضع بالقلعه محتفظا عليه ثم سافروا به صبيحة يوم الاثنين سابع ذي الحجه منها فمرعلينا بمحلة مسجد الذبيان راكبا فرسا لابسا جبلة حمراء وقدامه جماعة وخلفه جماعة مماليك وبجانب فرسه ماشيا عن يمنيه وعن شماله وقد اصفر وجهه وتغير ثم وليها قاضي القضاة شمس الدين محمد بن يوسف الأندلسي في أواخر سنة تسعمائه وفي يوم الاثنين سابع عشر شهر رمضان سنة إحدى وتسعمائه وهو الثلاثون من أيار لبس بدمشق التشريف بقضاء المالكيه سعى له الشهاب بن المحجوب2 عند كاتب السر بمصر وبلغني أنه استعان على ذلك بمكاتبة النائب له في ذلك واعتضد بعبد النبي3 في أمور هـ وسكن في شمالي المدرسه القيمريه شرقي الجامع الأموي وسافر إلى الصرفند ثم قدم ثامن عشر المحرم سنة اثنتين وتسعمائه وفي بكرة يوم الاثنين ثامن صفر منها وهو خامس عشر تشرين ثاني دخل من مصر إلى دمشق قاضي المالكيه الشمس الطولقي الذي كان عزل عنها واستمر مدة بمصر وتولاها عنه شمس الدين المذكور لشغورها مدة وقرأ توقيعه بالجامع الأموي بهاء الدين الحجيني نائب الحنفي وتاريخه خامس عشري المحرم ثم فوض للشهاب أحمد ابن أخي شعيب وفي سلخ شهر رمضان منها

_ 1 شذرات الذهب 8: 161. 2 شذرات الذهب 8: 56. 3 شذرات الذهب 8: 126.

أعيد قاضي المالكية شمس الدين محمد بن يوسف الأندلسي ولبس التشريف وعزل الطولقي ماكان وفي هذه الأيام اوقع بابن أخي شعيب تنكيلا بالغا وفي يوم الثلاثاء عشرين شهر رجب سنة ثلاث وتسعمائة شاع بدمشق عزل قاضي القضاة المالكية شمس الدين محمد بن يوسف واعادة شمس الدين الطولقي وكان الطولقي حينئذ بحلب المحروسة ذهب مع نائب الشام كرتباي ولم يمتنع الشمس ابن يوسف من الحكم اعتمادا على النائب كرتباي صديقه فإن ال أمور الشامية حينئذ مرجعها إليه كما اخبر هو أنه يولي من يختار ويعزل من يختار وفي يوم الثلاثاء حادي عسرين شعبان منها ورد مرسوم النائب كرتباي من حلب المحروسة بان ابن يوسف مستمر على عادته يحكم وأنه لا يلتفت إلى غير ذلك وفي يوم الجمعة ثالث عشر شهر رمضان منها وصل من صلب المحروسة إلى دمشق بغتة قاضي المالكية بها وصح عزل الأندلسي في ثاني شهر رجب حسب مرسوم السلطان الناصري وأنكر على الأندلسي استمراره في الحكم في الأيام الماضية باشارة من النائب كرتباي وفي يوم الخميس أول أو ثاني ذي الحجة سنة أربع وتسعمائة شاع بدمشق عزل الشمس الطولقي من قضاء المالكية وان ابن يوسف أعيد إليها وهو الآن بمصر قد سافر إليها من شهور ولم يمتنع الطولقي من الحكم ليراجع له النائب جلبان فلما عزل صرح قاضي الشافعية ابن الفرفور بعزله وعزم الطولقي على السفر إلى الديار المصرية صحبة النائب المعزول عن دمشق وفي يوم الاثنين ثاني عشر المحرم سنة خمس وتسعمائة سافر صحبة النائب المذكور إلى مصر ثم اتى القاضي الجديد ابن يوسف وذهب لملاقاة النائب قصروه الآتي من حلب المحروسة وفي يوم الاثنين حادب عشر صفر منها ألبس ابن يوسف خلعته التي جاءت معه من مصر وفي ثالث شهر ربيع الأول سنة ست وتسعمائة شاع بدمشق أن السلطان الجديد جان بولاد1 أعاد الطولقي إلى القضاء بدمشق وهو من العجب فإن نائبها قصروه المذكور لأي عد المولى سلطانا وقد أخذ منه غالب البلاد الشامية فالسلطان مزلل حينئذ ثم في يوم الخميس رابع

_ 1 شذرات الذهب 8: 28.

جمادى الأولى سنة ست وتسعمائة دخل الدوادار الكبير بمصر طومان باي دمشق ودخل صحبته من مصر قاضي المالكية شمس الدين الطولقي وقد خلع عليه بخلعة حافله ثم لما تسلطن طومان باي دمشق وجلس على الكرسي دخل القضاة عليه يوم السبت ثاني جمادى الأولى المذكور دخل معهم الشمس بن يوسف الأندلسي المعزول عن قضاء المالكية وسلموا عليه فلما فرغوا وقاموا أمر الطولقي الذي اتى معه من مصر بإلتزام بيته واعادة الأندلسي المذكور مك أنه ثم خرج لوداع السلطان المذكور الراجع إلى مصر وفي يوم الأربعاء سادس شعبان منها ورد الخبر من مصر إلى دمشق بعزل الشمس بن يوسف عن قضاء المالكية وإعادة الشمس الطولقي بتاريخ خامس عشرين شهر رجب منها وفي اثناء شعبان منها سافر الشمس الأندلسي المعزول إلى مصر ليسعى في عزل غريمه الطولقي وفي يوم الأحد ثالث عشري رمضان سنة ست وتسعمائة المذكورة شاع بدمشق أن ابن يوسف الذي كان قد عزل من قضاء المالكية في خامس عشرين شهر رجب منها بالطولقي قد أعيد إليها وعزل الطولقي منها وذلك في تاسع عشر رمضان المذكور وأنه لم يعط للسلطان طومان باي شيئا غير ألفاتحة قراها بعجلة وسرعة على قاعدة قراءة المغاربة وان السلطان قال لكاتب السر ابن آجا ومختصر ألفاتحة أيضا وأنه أرسل ليستناب في الحكم عن الشهاب الطرابلسي وأنه تصالح مع عبد النبي الذي كان سافر للشكوى عليه وفي بكرة يوم الخميس ثاني ذي الحجة منها دخل من مصر إلى دمشق قاضي المالكية بها الشمس بن يوسف الأندلسي المذكور ومعه خلعة لقاضي الشافعية ابن الفرفور وتلقاه نائب الغيبة جان بولاد والحاجب الكبير ألفاجر إلى تربة تنم الحسيني بميدان الحصى قبل طلوع الشمس بساعة وقد مر أنه تولاها يوم تاسع عشر شهر رمضان منها وفي يوم الأربعاء مستهل شعبان سنة سبع وتسعمائة سافر قاضي المالكية ابن يوسف إلى مصر وفي أيام تشريفها اتى الشمس الطولقي المعزول الذي كان بمصر إلى دمشق واخبر أنه اصطلح مع خصمه الشمس الأندلسي وأنه ولاه نائبا له فلم يمكن من الحكم لكونه ولاه في غير ولايته فولاه القاضي.

الشافعي عنه واستمر هو بمصر وفي اثناء شوال سنة تسع وتسعمائة وردت الأخبار من مصر بعزل الطولقي المذكور ومنعه من الحكم وان محمد بن يوسف فقد ولم يعلم أي ن هو واشتهر بدمشق أنه غرق وبعضهم يقول خنق والطولقي إنما كان قد إذن له الشافعي في الحكم بدمشق ثم سافر الطولقي إلى مصر وفي يوم الاثنين ثاني عشر جمادى الأولى سنة عشر وتسعمائة دخل من مصر إلى دمشق الطولقي وقد أعيد إليها وفي ثاني عشر شهر ربيع الآخرة سنة إحدى عشرة وتسعمائة تولى خير الدين أبو الخير محمد بن عبد القادر بن جبريل الغزي1 وهو بغزة وعزل الشمس الطولقي وفي يوم الاثنين ثاني عشر جمادى الأولى وهو عشرون تشرين الأول دخل من غزة إلى دمشق قاضي المالكية الجديد خير الدين ومعه خلعة إلى دار العدل ثم ألبسه النائب اركماس الخلعة ثم ركب ودخل الجامع وفرىء توقيعه وتاريخه ثامن عشر شهر ربيع الأول كما تقدم.

_ 1 شذرات الذهب 8: 160.

فصل مدارس الحنابله

فصل مدارس الحنابله المدرسة الجوزية ... فصل مدارس الحنابله 144- المدرسه الجوزية قال عز الدين رحمه الله تعالى هي بسوق القمح بالقرب من الجامع أنشأها محيي الدين ابن الشيخ جمال الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي رحمه الله تعالى ورحمنا به بعد الثلاثين في أيام الملك الصالح عماد الدين انتهى وقال الذهبي رحمه الله تعالى في تاريخه فيمن مات سنة ست وخمسين وستمائه ومحيي الدين بن الجوزي الصاحب العلامه سفير الخلافه أبو المحاسن يوسف ابن الشيخ أبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد التيمي البكري الحنبلي البغدادي وهو أستاذ دار المستعصم بالله ولد سنة ثمانين وخمسمائه وسمع من أبيه وذاكر ابن كامل1 وابن يونس وطائفة وقرأ القراآت بواسطة علي ابن الباقلاني وكان كثير المحفوظ قوي المشاركه في العلوم وافر الحرمه ضربت عنقه هو وأولاده تاج الدين والمحتسب جمال الدين وشرف الدين في صفر انتهى. وقال تلميذه ابن كثير رحمه الله تعالى ثم محيي الدين يوسف وكان أنجب أولاده وأصغرهم ولد سنة ثمانين ووعظ بعد أبيه واشتغل وحرر وأتقن وساد اقر أنه ثم باشر حسبه بغداد ثم صار رسول الخلفاء إلى الملوك باطراف البلاد ولا سيما إلى بني أيوب بالشام وقد حصل منهم من الأموال والكرامات ما ابتغى من ذلك بناء المدرسه الجوزيه التي بالنشابين بدمشق ثم صار أستاذ دار الخليفه المستعصم في سنة أربعين وستمائه واستمر مباشرها إلى أن قتل مع الخليفه

_ 1 شذرات الذهب 5: 6.

عام هولاكو بن تولي بن جنكيز خان انتهى وقال في سنة خمس عشرة وستمائه وفيها ولي حسبة الصاحب محيي الدين يوسف بن الشيخ أبي الفرج بن الجوزي وهو مع ذلك يذكر ميعاد الوعظ على قاعدة أبيه وشكرت مباشرته للحسبه انتهى وقال في سنة ثلاث وعشرين وفيها قدم محيي الدين من بغداد في الرسليه إلى الملك المعظم بدمشق ومعه الخلع والتشاريف لأولاد العادل من الخليفه الظاهر بأمر الله إلى أن قال وركب القاضي محيي الدين ابن الجوزي إلى الملك الكامل بالديار المصريه وكان ذلك أول قدومه إلى الشام ومصر وحصل له جوائز كثيره من الملوك منها كان بناء المدرسه الجوزيه بالنشابين من دمشق انتهى ومثله قال الأسدي رحمه الله تعالى في السنة المذكوره وفي أولاد الملك الأشراف والملك المعظم والملك الكامل ثم قال ابن كثير رحمه الله تعالى ثم في سنة ست وخمسين وستمائه وممن قتل مع الخليفه واقف الجوزيه بدمشق أستاذ دار الخلافه الصاحب محيي الدين يوسف ابن الشيخ جمال الدين أبي الفرج بن الجوزي عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي بن عبد الله بن حماد بن أحمد بن يعقوب بن جعفر بن عبد الله بن القاسم بن النصر بن محمد بن أبي بكر الصديق المعروف بابن الجوزي القرشي التيمي البكري البغدادي الحنبلي رحمه الله تعالى ولد في ذي القعده سنة ثمانين وخمسمائه ونشأ شابا حسنا وحين توفي والده رحمهما الله تعالى وعظ في موضعه فأجاد وأحسن وافاد ثم تقدم وولي حسبة بغداد مع الوعظ الرائق والاشعار الحسنه الرائعه وولي تدريس الحنابلة بالمستنصرية سنة اثنتين وثلاثين وستمائه وكانت له مدارس آخر ولما ولي مؤيد الدين بن العلقمي الوزراة وشغر عنه الاستاداريه وليها عنه محيي الدين هذا وأنتصب ابنه عبد الرحمن للحسبة والوعظ فأجاد فيها وسار سيرة حسنة ثم كانت الحسبة تنتقل في بنية الثلاثه جمال الدين عبد الرحمن وشرف الدين عبد الله وتاج الدين عبد الكريم وقد قتلوا معه في هذه السنة ولمحيي الدين هذا مصنف في مذهب الإمام أحمد رضي الله تعالى عنه وذكر له ابن الساعي اشعارا حسنة يهنئ بها الخليفة في المواسم والأعياد تدل على فضيلة تامه وفصاحة بالغه وقد وقف المدرسة الجوزية بدمشق.

وهي من أحسن المدارس وأوجهها تقبل الله منه وأثابه الرحمة والجنة وأيانا وجميع المسلمين أجمعين أمين انتهى ثم قال عز الدين البغدادي ثم من بعده الشيخ عز الدين بن التقي سليمان ثم من بعده الشيخ شمس الدين خطيب الجامع وهو مستمر بها إلى الآن انتهى وقال الذهبي في العبر فيمن مات سنة تسع وخمسين وستمائة والشرف حسن ابن الحافظ أبي موسى عبد الله ابن الحافظ عبد الغني أبو محمد المقدسي الحنبلي ولد سنة خمس وستمائة وسمع من الكندي ومن بعده وبرع في المذهب ودرس بالجوزية مدة توفي رحمه الله تعالى في المحرم انتهى زاد أبو شامة وكان خيرا توفي في الثامن المحرم في دمشق ودفن بسفح قاسيون وقال الصفدي رحمه الله تعالى الحسن بن عبد الله بن الحافظ عبد الغني ابن عبد الواحد الإمام شرف الدين أبو محمد بن الجمال أبي موسى المقدسي الحنبلي رحمه الله تعالى ولد سنة خمس وستمائة وتوفي سنة تسع وخمسين وستمائة وسمع من الكندي وابن الحرستاني وابن ملاعب وموسى بن عبد القادر ابن راجح والشيخ الموفق وتفقه عليه وعلى غيره رحمهم الله تعالى وأتقن المذهب وأفتى ودرس ورحل في طلب الحديث ودرس بالجوزيه وكتب عنه الدمياطي والأبيوردي1 وروى عنه ابن الخباز وابن الزراد والقاضي تقي الدين سليمان وولي القضاء ولده شهاب الدين وناب عنه أخوه شرف الدين انتهى وفيه نظر فإن الذي تولى القضاء إنما هو شرف الدين عبد الله ابنه واستناب ابن أخيه التقي عبد الله كما سيأتي وقال شيخنا ابن مفلح الحسن بن محمد بن سليمان بن حمزه المقدسي اقضى القضاة بدر الدين ابن قاضي القضاة عز الدين ابن قاضي القضاة تقي الدين سمع من جده ومن عيسى المطعم ويحيى بن سعد وغيرهم وحدث ودرس بدار الحديث الأشرفية بسفح الجبل وقيل كان يحفظ شيئا من شرح المقنع للشيخ شمس الدين أبي محمد بن أبي عمر رحمه الله تعالى مقدار جهده ويلقيه في التدريس ويتكلم الحاضرون فيه وقال ابن رافع رحمه الله تعالى ودرس بالجوزيه وكان له نصف تدريسها وناب في الحكم عن

_ 1 شذرات الذهب 5: 325.

ابن قاضي الجبل بعد عزله لصلاح الدين بن المنجا وقد أعيد بعد وفاته رحمه الله تعالى ومات ليلة الخميس خامس شهر ربيع الأول سنة سبعين وسبعمائة ودفن بسفح قاسيون انتهى. وقد مرت له ترجمه في دار الحديث الأشرفيه الصالحيه من كلام الصفدي رجمه الله تعالى وقد اشتهرت قضاة الحنابلة بهذه المدرسه وأول من ولي قضاءهم بدمشق الإمام أبو محمد شيخ الجبل شمس الدين ابن أبي عمر رحمهم الله تعالى وقد مرت ترجمته بأختصار في دار الحديث المذكورة وله ترجمة طويله في الطبقات لابن مفلح رحمه الله تعالى قال بعضهم وكان رحمه للمسلمين ولولاه لراحت أملاك الناس لما تعرض إليها السلطان فقام فيها قيام المؤمنين وعاداه جماعة الحكام وتحدثوا فيه بما لا يليق ونصره الله سبحانه وتعالى عليهم بحسن نيته وأخذ عنه الشيخ النواوي رحمهما الله تعالى وكان يقول هو أجل شيوخي وتولى قضاء الحنابلة مدة تزيد على اثنتي عشرة سنة ولم يتنأول عليه معلوما ثم عزل نفسه في آخر عمره وبقي قضاء الحنابلة شاغرا مدة حتى وليه ولده نجم الدين أحمد مولده سنة إحدى وخمسين وستمائة وسمع حضورا من خطيب مردا وسمع من إبراهيم بن خليل وابن عبد الدائم كان شابا مليحا مهيبا تام الشكل ليس له من اللحية إلا شعرات يسيرة وكان له مع القضاء خطابة بالجبل وإمام هـ بحلقة الحنابلة وكان حسن السيرة في إحكامه مليح الدرس له قدرة على الحفظ وله مشاركة جيدة في العلوم تولي القضاء في أيام ولده لما عزل نفسه كما تقدم توفي رحمه الله تعالى في ثالث جمادى الأولى سنة تسع وثمانين وستمائه ودفن عند والده في مقبرة جده رحمهم الله تعالى عاش ثماني وثلاثين سنة وقول ابن كثير رحمه الله تعالى عاش أربعين سنة سهو ووهم فتأمله ثم نولى بعد نجم الدين المذكور ابن عمه شرف الدين الحسن بن عبد الله بن قدامه رحمهم الله تعالى وهو المقدسي الأصل ثم الصالحاني قاضي القضاة شرف الدين أبو الفضل ابن الخطيب شرف الدين ابن أبي بكر ابن شيخ الإسلام أبي عمر رحمه الله تعالى سمع من جماعة منهم ابن مسلمة تفقه وبرع في

المذهب وشارك في الفضائل وولي القضاء بعد نجم الدين أحمد يعني ابن عمه قال ابن كثير رحمه الله تعالى في سنة تسع وثمانين وستمائه وفيها باشر الشرف حسن قضاء الحنابلة عوضا عن ابن عمه نجم الدين ابن الشيخ الجبل عن مرسوم الملك النمصور قبل موته انتهى واستمر إلى حين وفاته وقال البرزالي رحمه الله تعالى كان قاضيا بالشام ومدرسا بدار الحديث الأشرفيه ومدرسة جده وكان مليح الشكل حسن المناظرة كثير المحفوظ عنده فقه ونحو ولغة مات رحمه الله تعالى ليلة الخميس ثاني عشر شوال سنة خمس وتسعين وستمائه وله تسع وخمسون سنة كما قال في العبر ودفن بمقبرة جده وحضر جنازته النائب والقضاة والأعيان وعمل له صبيحة بكرة الجمعه بالجامع المظفري وحضر خلق كثير وهو والد الشيخ شرف الدين أحمد ابن القاضي الجبل الذي تولي القضاء في شهر رمضان سنة سبع وستين وسبعمائه بعد موت جمال الدين المرداوي1 واستمر فيه إلى أن مات كما سيأتي وقد مرت ترجمته في دار الحديث الأشرفيه الصالحيه من كلام الصفدي وغيره رحمهما الله تعالى ثم تولى بعد شرف الدين المذكور الشيخ تقي الدين سليمان بن حمزه بن أحمد بن عمر بن الشيخ أبي عمر محمد بن أحمد بن محمد بن قدامه المقدسي ثم الصالحي الشيخ الإمام العلامة قاضي القضاة تقي الدين أبو الفضل رحمهم الله تعالى قال الصفدي رحمه الله تعالى في الوافي ولد في نصف شهر رجب قال ابن كثير رحمه الله تعالى في سنة ثمان وعشرين وستمائة سمع الصحيح حضورا في الثانيه2 من ابن الزبيدي وسمع صحيح مسلم وما لا يوصف كثرة من الحافظ ضياء الدين ربما عنده عنه ستمائة جزء وسمع حضورا من جده الجمال وابن المقير وأبي عبد الله الإربلي وسمع من ابن اللتي وجعفر الهمداني وابن الجميزي وكريمة الميطورية وعدة وغيرهم وأجاز له محمد بن عمار3 وأبن باقا4 والمسلم المازني5 ومحمود بن

_ 1 شذرات الذهب: 6: 217. 2 شذرات الذهب: 5: 144. 3 شذرات الذهب: 5: 155. 4 شذرات الذهب: 5: 135. 5 شذرات الذهب: 5: 147.

منده ومحمد بن عبد الواحد المديني1 ومحمد بن زهير شعوانة2 وأبو حفص السهروردي3 والمعافا ابن أبي السنان والمقري ابن عيسى4 وخلق كثير رحمهم الله تعالى قال البرزالي هم بالسماع نحو مائة شيخ وبالإجازة أكثر من سبعمائة شيخ قال الصفدي رحمه الله تعالى وخرج له ابن المهندس5 مائة حديث وخرج له شمس الدين جزءا من مصافحات وموافقات وخرج له ابن الفخر معجما ضخما وتفرد في عصره ورحل إليه وروى الكثير لا سيما بقراءة الشيخ علم الدين البرزالي زاد بعضهم وحدث بثلاثيات البخاري وبجميع صحيح مسلم وسمع منه جماعة منهم ابن الخباز وتوفي قبله قال الصفدي رحمه الله تعالى وتفقه بالشيخ شمس الدين بن أبي عمر وصحبه مدة وبرع في المذهب وتخرج به الأصحاب وله معرفة بتآليف الشيخ موفق الدين واقرأ المقنع وغيره ودرس بعده مدارس وكان جيد الادراك والإيراد لدرسه يحقطه من ثلاث مرات وولي القضاء عشرين سنة ومن تلاميذه ولده قاضي القضاه عز الدين وقاضي القضاة ابن مسلم والإمام عز الدين محمد بن العز والإمام شرف الدين أحمد القاضي6 وطائفة رحمهم الله تعالى أجمعين وسمع منه المزي وابن تيمية وابن المحب والواني والعلائي صلاح الدين7 وابن رافع وابن خليل وعدد كثير رحمهم الله تعالى وعزل سنة تسع عن القضاء بالقاضي شهاب الدين ابن الحافظ8 عزله الجاشنكير9 ثم ولي القضاء لما جاء الملك الناصر من الكرك واجتمع به فولاه وقرأ طرفا من العربية وتعلم الفرائض والحساب وحفظ الأحكام لعبد الغني والمقنع وكان إذا أراد أن يحكم قال صلوا على طه الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإذا صلوا حكم رحمه الله تعالى انتهى قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تاريخه في سنة خمس وتسعين وستمائة وفي يوم الأحد سادس عشر ذي القعدة ولي

_ 1 1 شذرات الذهب: 5: 155. 2 شذرات الذهب: 5: 155. 3 شذرات الذهب: 5: 153. 4 شذرات الذهب: 5: 132. 5 شذرات الذهب: 6: 105. 6 شذرات الذهب: 6: 157. 7 شذرات الذهب: 6: 190. 8 شذرات الذهب: 6: 21. 9 شذرات الذهب: 6: 18.

قضاء الحنابلة الشيخ تقي الدين سليمان بن حمزه المقدسي عوضا عن شرف الدين رحمه الله تعالى انتهى وقال في سنة سبع وتسعين وستمائه وفي شهر ربيع الأول درس بالجوزيه عز الدين ولده وحضر عنده إمام الدين القاضي الشافعي وأخوه جلال الدين وجماعة من الفضلاء رحمهم الله تعالى وبعد التدريس جلس وحكم عن أبيه بإذنه له وقال في سنة تسع وتسعين وستمائة وفي مستهل جمادى الآخرة وصل بريدي بتوليه قضاء الحنابلة بدمشق للشيخ شهاب الدين أحمد بن شرف الدين حسن ابن الحافظ جمال الدين أبي موسى عبد الله ابن الحافظ عبد الغني المقدسي عوضا عن التقي سليمان بن حمزه بسبب تكلمه في نزول الملك الناصر عن الملك يعني لجاشنكير وأنه انما نزل عنه مضطرا إلى ذلك ليس بمختار وقد صدق فيما قال انتهى والقاضي شهاب الدين المشار إليه هو أحمد بن حسن بن عبد الله بن عبد الواحد المقدسي ثم الصالحي الفقيه قاضي القضاة شهاب الدين ابن الشيخ شرف الدين سمع من ابن عبد الدائم وبرع وتفقه في المذهب وأفتى ودرس بالصالحيه وبحلقه الحنابلة بالجامع الأموي وتولي القضاء نحو ثلاثة أشهر من سنة تسع وتسعين في دولة اليشبكي ثم عزل لما عاد الملك الناصر إلى الملك وأعيد القاضي سليمان قال البرزالي كان رجلا جيدا من أعيان الحنابلة وفضلائهم مات في تاسع عشرين شهر ربيع الأول سنة عشر وسبعمائة ودفن بمقبرة الشيخ أبي عمر رحمه الله تعالى وكان عود الملك الناصر لدمشق في يوم السبت الثاني والعشرين من شعبان سنة تسع وتسعين المذكورة قال ابن كثير رحمه الله تعالى وفي هذا اليوم رسم السلطان بتقليد قضاء الحنابلة وعوده إلى تقي الدين سليمان وجاء إلى السلطان إلى القصر فسلم عليه ومضى إلى الجوزيه فحكم بها ثلاثة أشهر انتهى واستمر بالقضاء إلى أواخر سنة خمس عشرة فتوفي فجأة بعد مرجعه من البلد وحكمه بالجوزيه فلما وصل إلى منزله بالدير تغيرت حاله ومات عقب صلاة المغرب ليلة الاثنين حادي عشرين ذي القعده قال الذهبي رحمه الله تعالى وله ثمان وثمانون سنة وكان مسند الشام في وقته ودفن من الغد بتربة جده رحمهم الله تعالى وحضره خلق كثير وجم غفير ثم تولى بعد تقي الدين المذكور القاضي ابن مسلم

بتشديد اللام وهو شمس الدين أبو عبد الله محمد بن مسلم بن مالك بن مزروع بن جعفر الزيني الصالحي الفقيه قاضي القضاة شمس الدين أبو عبد الله محمد مولده كما قال ابن كير سنة ستين وستمائة ومات أبوه وكان من الصالحين سنة ثمان وستين فنشأ يتميما فقيرا لا مال له ثم اشتغل وحضر على ابن عبد الدائم وعني بالحديث وتفقه وبرع وأفتى وتصدى للاشتغال والآفاده فطار ذكره واشتهر اسمه مع الدي أنه والورع والزهد فلما مات التقي سليمان ذكر للقضاء والنظر في أوقافهم فتوقف في القبول ثم استخار الله تعالى وقبل بعد أن شرط أن لأ يلبس خلعه حرير ولايركب في المواكب ولا يقتني مركوبا فاجيب إلى ذلك ثم لبس الخلعة وتوجه إلى الجامع الأموي ماشيا ومعه الأعيان فقرئ تقليد في سادس عشر صفر سنة ست عشرة وسبعمائه وتاريخ تقليد في سادس ذي الحجة بحضور القضاة والحاجب والأعيان ومشوا معه وعليه الخلعه إلى دار السعادة فسلم على النائب ثم خلع الخلعة وتوجه إلى الصالحيه ثم نزل من الغد إلى الجوزية فحكم بها على عادة من تقدمه واستناب بعد أيام الشيخ شرف الدين ابن الحافظ وكان من قضاة العدل مصمما في الحق وقد حدث وسمع منه جماعة وخرج له المحدثون تخاريج عدة وحج ثلاث مرات ثم لما حج الرابعة في سنة ست وعشرين مرض في الطريق بعد رحيلهم من العلا فورد المدينة الشريفه على مشرفها أفضل الصلاة وأزكى السلام يوم الاثنين ثالث وعشرين ذي القعدة وزار الضريح النبوي على الحال به ألف ألف سلام وصلى في مسجده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكان بالأشواق إلى ذلك وكان قد تمنى موته هناك لما مات رفيقه في بعض الحجات وهو شرف الدين بن نجيح ودفن بالبقيع شرقي ابن عقيل رضي الله تعالى عنه وغبطه بذلك فلما كان عشية ذلك اليوم ليلة الثلاثاء رابع عشرين الشهر المذكور توفي رحمه الله وصلى عليه في مسجد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالروضة ودفن بالبقيع إلى جانب قبر رفيقه شرف الدين بن نجيح المذكور فرحمه الله تعالى عليهما وقد ذكر له الصفدي رحمه الله تعالى في كتابه الوافي ترجمة مهمة ثم تولى بعد ابن مسلم المذكور القاضي عز الدين محمد ابن قاضي القضاة تقي الدين ابن قاضي القضاة سليمان المتقدم ذكره سمع الحديث

وناب عن والده في شهر ربيع الأول سنة سبع وتسعين ودرس بالجوزيه كما تقدم في ترجمة والده بعد أن كان والده يدرس بها فتركه له في حياته وكتب على الفتوى ودرس بعد والده بدار الحديث الأشرفيه بالسفح ثم ولي القضاء بعد ابن مسلم المتقدم قبله وقرئ تقليده في يوم الجمعه تاسع عشر ربيع الأول سنة سبع عشرة بمقصورة الخطابة بحضرة القضاة والأعيان وحكم وكان قبل ذلك قرئ أي تقليده بالصالحيه قال ابن كثير رحمه الله تعالى وكان ذا فضل وعقل وحسن خلق وتودد رحمه الله تعالى. قال الذهبي رحمه الله تعالى وروى عن الشيخ وعن أبي بكر الهروي رحمهما الله تعالى وبالإجازة عن ابن عبد الدائم رحمه الله تعالى. وكان متوسطا في العلم والحكم متواضعا مات رحمه الله تعالى في تاسع صفر سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة بالجوزية هذه وله ست وثلاثون سنة وكان عاقلا ثم تولى بعده القاضي شرف الدين عبد الله بن شرف الدين حسن ابن الحافظ أبي موسى عبد الله بن عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي الفقيه المحدث قاضي القضاة شرف الدين أبو محمد ولد سنة ست وأربعين وسمع من مكي بن علان ومحمد بن عبد الهادي وإبراهيم بن خليل وغيرهم وأجاز له جماعة وطلب بنفسه وقرأ على ابن عبد الدايم وتفقه وناب في الحكم عن أخيه ثم عزل عن ابن مسلم ثم ولي القضاء في آخر عمره بعد عز الدين بن التقي فوق سنة ودرس بالصالحيه وولي مشيخة دار الحديث بالصدرية والعالية ثم بدار الحديث الأشرفيه بالسفح وكمان فقيها عالما صالحا خيرا منفردا بنفسه ذا فضيلة جيده حدث وسمع منه الذهبي وغيره قال ابن كثير رحمه الله تعالى في إحدى وثلاثين وفي يوم الخميس آخر شهر ربيع الأول لبس القاضي شرف الدين عبد الله بن شرف الدين حسن ابن الحافظ أبي موسى ابن الحافظ عبد الغني المقدسي خلعه قضاء الحنابلة عوضا عن عز الدين بن التقي سليمان لما توفي رحمه الله تعالى وركب من دار السعادة إلى الجامع الأموي فقرئ تقليده تحت قبة النسر بحضرة القضاة والأعيان ثم ذهب إلى المدرسة الجوزية فحكم بها ثم ذهب إلى الصالحيه وهو لابس الخلعة واستتاب يومئذ ابن

أخيه التقي عبد الله بن شهاب الدين أحمد انتهى توفي رحمه الله تعالى فجأة وهو يتوضا لصلاة المغرب آخر نهار الأربعاء مستهل جمادى الأولى سنة اثنين وثلاثين وسبعمائة بمنزله بالدير بعد أن حكم يومئذ بالجوزية قال الذهبي رحمه الله تعالى في المختصر عن ست وثمانين سنة وهو الصواب لما قاله في أنه عاش ثماني وثمانين سنة ودفن بمقبرة أبي عمر رحمه الله تعالى وحضره خلق كثير ثم تولى بعده القاضي علاء الدين ابن الشيخ زين الدين منجا بن عثمان بن أسعد بن المنجا هو الشيخ الإمام العلامه قاضي القضاة علاء الدين على أبو الحسن التنوخي الدمشقي ولد سنة سبعة وسبعين وستمائة وسمع أباه وابن البخاري وأحمد بن شيبان1 وطائفة استوعبهم ابن سعد في معجم خرجه له وتفقه بأبيه وغيره وأفتى ودرس وولي قضاء الحنابلة بعد وفاة شرف الدين بن التقي المذكور. قال ابن كثير رحمه الله تعالى في سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة وفي يوم الأربعاء حادي عشر شهر رجب خلع على قاضي القضاة علاء الدين علي بن الشيخ زين الدين المنجا بقضاء الحنابلة عوضا عن شرف الدين ابن الحافظ وقرأ تقليده بالجامع وحضرة القضاة والأعيان وفي اليوم الثاني استناب برهان الدين الزرعي وحدث بالكثير انتهى قال الشيخ زين الدين بن رجب2 رحمه الله أنه قرأ عليه الأحاديث التي رواها مسلم في صحيحه عن الإمام أحمد رحمهم الله تعالى بسماعه للصحيح من أبي عبد الله محمد بن عبد السلام بن أبي عصرون بإجازة من المؤيد الطوسي رحمهم الله تعالى توفي رحمه الله في شعبان سنة خمسين وسبعمائة بدمشق ودفن بسفح قاسيون قال الحسيني رحمه الله تعالى في ذيل العبر ولي القضاء بعد ابن الحافظ فشكرت سيرته وكان رجلا وافر العقل حسن الخلق كثير التودد رحمه الله تعالى توفي في ثامن شعبان وولي بعد القاضي جمال الدين المرداوي انتهى والقاضي جمال الدين المذكور هو يوسف ابن محمد ابن التقي عبد الله بن محمد بن محمود وهو جد بيت ابن مفلح الشيخ الإمام العالم

_ 1 شذرات الذهب 5: 41. 2 شذرات الذهب 6: 339.

العلامة الصالح الخاشع قاضي القضاة جمال الدين المرداوي رحمه الله تعالى سمع صحيح البخاري من أبي بكر بن عبد الدايم وابن الشحنة ووزيره وبعضه عن فاطمة بنت عبد الرحمن الفرا وقاضي القضاة تقي الدين سليمان بن حمزة وشرح عليه كتاب المقنع ولازم قاضي القضاة شمس الدين بن مسلم إلى حين وفاته وأخذ النحو عن نجم الدين بن القحفاري وباشر وظيفة قضاء الحنابلة بالشام سبع عشرة سنة بعد موت القاضي علاء الدين علي بن المنجا في شهر رمضان سنة خمسين بعد تمنع زائد وشروط شرطها عليهم واستمر إلى أن عزل في شهر رمضان سنة سبع وستين بالقاضي شرف الدين أحمد ابن قاضي الجبل وذلك لخيره عند الله تعالى قي لأنه كان يدعو الله تعالى أن لا يتوفاه وهو قاض فاستجاب الله تعالى دعاه. وقال الذهبي رحمه الله تعالى في المعجم المختص في حقه الإمام المفتي الصالح أبو الفضل شاب خير إمام في المذهب نسخ الميزان بخطه وله اعتناء بالمتن والاسناد وقال الشيخ شهاب الدين بن حجي السعدي رحمه الله تعالى كان عفيفأ نزها ورعا صالحا ناسكا خاشعا ذا سسمعت حسن ووقار ولم يغير ملبسه ولا هيأته ويركب الحمارة ويفصل الحكومات بسكون ولا يحابي أحدا ولا يحضر مع النائب إلا يوم دار العدل وأما في العيد والمحمل فلا يركب وكان مع ذلك عالما بالمذهب لم يكن فيهم مثله مع فهم حسن وكلام جيد في النظر والبحث ومشاركة في الأصول والعربية وجمع كتابا فيه احاديث الأحكام حسنا وكان قبل القضاء يتصدر بالجامع المظفري للاشتغال والفتوى لم يتفق لي السماع منه ولكن أجاز لي انتهى وقال قاضي القضاة برهان الدين بن مفلح رحمه الله في طبقاته وقد اجاز لجملة قال الشيخ شرف الدين واخوته وجماعة آخرين وكتابه هذا اسماه الانتصار وبوبه على ابواب المقنع وهو محفوظنا قال ابن حبيب في تاريخه عالم علمه ظاهر وبرهان ورعه ظاهر وإمام تتبع طرائقه وتغتنم ساعاته ودقائقه كان لين الجانب متلطفا بالطالب رضي الأخلاق شديد الخوف والاشفاق عفيف اللسان كثير التواضع والاحسان لا يسلك في ملبسه مسلك أبناء الزمان ولا يركب حتى إلى دار

الأمارة غير الآتان تولى الحكم بدمشق عدة اعوام ثم صرف واستمر إلى أن لحق بالسالفين من العلماء والأعلام وناب له صهره القاضي الإمام العالم العلامة شمس الدين أبو عبد الله محمد بن مفلح المقدسي رحمه الله تعالى فشكرت سيرته واحكامه أفتى ودرس وناظر وصنف وافاد وكان ذا حظ من زهد وتعفف وله صيانة وورع ثخين ودين متين حدث عن عيسى المطعم وغيره توفي رحمه الله تعالى بالصالحية في شهر رجب سنة ثلاث وستين وسبعمائه عن إحدى وخمسين سنه انتهى وناب عن جمال الدين المرداوى ابن أخيه الشيخ شمس الدين أبو عبد الله محمد بن التقي1 من حين توجه إلى الحج سنة ستين واستمر يحكم عنه سبع سنين إلى أن عزل مستخلفه توفي جمال الدين المذكور يوم الثلاثاء ثامن شهر ربيع الأول سنة تسع وستين وسبعمائة بالصالحية وصلى عليه بعد الظهر بالجامع المظفري ودفن بتربة شيخ الإسلام موفق الدين في الروضة بسفح قاسيون وحضره جمع كثير رحمه الله تعالى ثم تولى بعده شرف الدين ابن قاضي الجبل هو أحمد ابن قاضي القضاة شرف الدين حسن الذي تقدم أوائل القضاة بدمشق ولد في الساعة الأولى من يوم الاثنين تاسع شعبان سنة ثلاث وتسعين وستمائة وكان من أهل البراعه الفهم متفننا عالما بالحديث وعلله والنحو واللغة والأصلين والمنطق وكان في الفروع له القدم العالي قرا على الشيخ تقي الدين عدة مصنفات في علوم شتى وقرأ عليه المحصل للرازي وأفتى في شبيبته واذن له بالإفتاء هو وغيره وسمع في صغره من إسماعيل الفراء2 ومحمد ابن الوسطي ثم طلب بنفسه بعد العشر وسبعمائه فسمع من القاضي تقي الدين سليمان وأجاز ة والده والمنجا التنوخي وابن القواس وابن عساكر وخرج له المحدث شمس الدين مشيخه عن ثمانية عشر شيخا حدث بها ودرس بعدة مدارس ثم طلب في آخر عمره إلى مصر للتدريس بمدرسة السلطان حسن وولي مشيخة سعيد السعداء وأقبل عليه أهل مصر وعنه أخذوا ثم عاد إلى الشام ف أقام بها مدة يدرس ويشتغل ويفتي وراس على أقرأنه

_ 1 شذرات الذهب 6: 304. 2 شذرات الذهب 6: 89.

إلى أن ولي القضاء بعد قاضي القضاة جمال الدين المذكور قبله في شهر رمضان سنة سبع وستين وسبعمائه فباشر مباشرة لم يحمد فيها وكان عنده مداراة وحب للمنصب ووقع بينه وبين الحنابلة من المرادرة وغيرهم قال ابن كثير رحمه الله تعالى لم تحمد مباشرته ولا فرح به صديقه بل شمت به عدوه وباشر القضاء دون أربع سنين إلى أن مات وهو قاض ذكره الذهبي في المعجم المختص والحسيني في ذيله كيف كان ذلك ولعل الحسيني ذكره في معجم له أو مشيخته كما سبق وقال فيه مفتي الفرق سيف المناظرين وبالغ ابن رافع وابن حبيب في مدحه وكان فيه مزح وانكات في البحث ومن انشاده وهو بالقاهرة المحروسه رحمه الله تعالى: الصالحيه جنة ... والصالحون بها أقاموا فعلى الديار وأهلها ... من التحيه والسلام وقال أيضا رحمه الله: نبيي أحمد وكذا أمامي ... وشيخي أحمد كالبحر طامي واسمي أحمد وبذاك أرجو ... شفاعة أحمد الرسل الكرامي وكان يحفظ كما قيل عنه نحو عشرين ألف بيت شعر وله رحمه الله تعالى أختيارات في المذهب منها أختار أن النزول عن الوظيفة توليه وهي مسألة تنازع فيها هو والقاضي برهان الدين الزرعي وأفتى كل منهما بما أختار وله مصنفات منها ما وجد في ألفائق ومنها كتاب في أصول الفقه وشرح المنتقى ولم يكمله توفي رحمه الله تعالى بمنزله بالصالحيه يوم الثلاثاء رابع عشر رجب سنة إحدى وسبعين وسبعمائه وصلي عليه بعد الظهر بالجامع المظفري ودفن بمقبرة جده الشيخ أبي عمر رحمه الله تعالى وشهده جمع كثير ثم تولى بعده القاضي الإمام العالم العلامه علاء الدين أبو الحسن علي ابن قاضي القضاة صلاح الدين محمد بن محمد المنجا ابن عمان ابن أسعد بن المنجا التنوخي المعري الدمشقي مولده سنة خمسين وسبعمائه بعد وفاة عمه قاضي القضاة علاء الدين

بسبعة أيام قرأ القرآن واشتغل ودرس بالمسماريه وغيرها واستب أنه قاضي القضاة شرف الدين ابن القاضي الجبل باشارة قاضي القضاة تاج الدين بن السبكي الشافعي رحمه الله تعالى قال الشيخ شهاب الدين بن حجي السعدي نشا في صيانة وديانة سمع شيئا من الحديث ومات رحمه الله تعالى معزولا وكان رئيسا نبيلا لم يبق في الحنابلة أنبل منه وكان حسن الشكل كثير التواضع والحياء لايمر بأحد إلا ويسلم عليه وكان كثير الإحسان والإكرام قليل المداخلة ل أمور الدنيا توفي يوم الاثنين ثالث عشر رجب سنة ثمانمائه بمنزله بالصالحيه مطعونا وانقطع ستة أيام وصلى عليه بعد الظهر بالجامع الآف رم تقدم بالصلاة عليه الشيخ علي بن أيوب ودفن في داره وشيعه جماعة كثيرون وقد كمل خمسين سنة إلا شهرين ويومين قاله ابن مفلح شيخنا ولم يذكر هنا أنه تولى مستقلا بل ذكره في ترجمة أخيه تقي الدين أحمد ثم تولى بعده القاضي شمس الدين النابلسي هو محمد ابن أحمد بن محمود الشيخ الإمام العلامه قاضي القضاة شمس الدين النابلسي تفقه على الشيخ شمس الدين ين عبد القادر وقرأ عليه العربيه واحكمها ثم قدم دمشق بعد السبعين وقاضي الحنابلة إذا ذاك علاء الدين على العسقلاني واستمر في طلب العلم وحضر حلقة قاضي القضاة بهاء الدين السبكي ثم جلس في الجوزيه يشهد واشتهر أمره وعلا صيته وكان له معرفة تامه وكتابة حسنة وقصد في الإشتغال ولم يزل يترقى حتى سعى على قاضي القضاة علاء الدين بن المنجا لأمر وقع بينهما فولي في شهر ربيع الآخرة سنة ست وتسعين وسبعمائه ووقع له العزل والولاية مرات وكانت له حلقة لإقراء العربيه يحضره الفضلاء درس بدار الحديث الأشرفيه بالسفح والحنبليه وله حرمة وابهة زائده لكن باع من الأوقاف كثيرا رحمه الله تعالى توفي رحمه الله تعالى في ليلة السبت ثاني عشر المحرم سنة خمس وثمانمائة بمنزله بالصالحيه ودفن رحمه الله تعالى بها قال شيخنا قاضي القضاة برهان الدين ابن مفلح في المحمدين من طبقاته رحمه الله تعالى زاد الأسدي عزل وولي خمس مرات وحكم بفسقه في جمادى الأولى سنة أربع

قال الحافظ شهاب الدين بن حجي ولم يكن بالمرضي في شهاداته ولا قضائه وباع كثيرا من الأوقاف بدمشق قي لأنه ما بيع في الإسلام من الأوقاف ما بيع في أيامه وقل ما وقع منها شيء صحيح في الباطن وافتتح على الناس بابا لا يسد ابدا ولما جاء تيمورلنك دخل معهم في أمور منكرة ونسب إليه أشياء قبيحه من السعي في اذى الناس وأخذ أموالهم توفي في المحرم منها ودفن بسفح قاسيون ثم تولى عنه القضاء شيخ الحنابله هو إبراهيم بن محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج الارمني الأصل المقدسي ثم الدمشقي الإمام العلامة الفقيه رئيس الحنابله برهان الدين وتقي الدين أبو إسحاق مولده سنة تسع وأربعين وسبعمائة وحفظ كتبا عديدة وأخذ عن جماعة منهم والده وجده قاضي القضاة جمال الدين المراداوي وقرأ على القاضي بهاء الدين السبكي رحمهم الله تعالى ودرس بدار الحديث الأشرفية وبالصالحية وغيرهما وصنف كتاب "فضل الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" وكتاب "الملائكة" وشرح "المقنع" "ومختصر ابن الحاجب" وعدم غالبها في فتنة تيمورلنك وله "كتاب طبقات أصحاب الإمام أحمد رضي الله تعالى عنه" احترق عنه غالبها وناب في الحكم مدة للقاضي علاء الدين علي ابن المنجا وغيره ورافقه في النيابة لعلاء الدين علي المذكور شيخ الحنابلة علاء الدين علي بن اللحام1 وأنتهت إليه في آخر عمره مشيخة الحنابله وكان له ميعاد بمحراب الحنابله بالجامع الأموي بكرة يوم السبت ثم ولي القضاء مستقلا في شهر رجب سنة إحدى وثمانمائة وتاخر بدمشق لما جاء تيمورلنك وخرج إليه ومعه جماعه وجرى له ولأهل دمشق منه أمور وتفاقم الأمر وحصل له تشويش في بدنه من بعضهم وتألم إلى أن توفي يوم الثلاثاء سابع عشرين شعبان سنة ثلاث وثمانمائه ودفن تحت رجلي والده بالروضة ثم ولي القضاء بعده الشيخ الإمام قاضي القضاة تقي الدين أبو العباس أحمد بن القاضي صلاح الدين محمد بن محمد بن المنجا ابن محمد بن عثمان بن أسعد بن محمد بن المنجا التنوخي رحمه الله تعالى حصل وداب وكان له مهابة ومعرفة وذهن مستقيم وناب في الحكم لأخيه

_ 1 شذرات الذهب 7: 31.

قاضي القضاة علاء الدين علي ثم استقل بالوظيفه بعد الفتنة مدة أشهر قال شيخنا ابن المفلح رحمه الله تعالى وذكر لي جدي شرف الدين أنه ابتداء عليه قراءة الفروع لوالده فلما انتهى في القراءة إلى الجنائز حضر أجله ومات معزولا في ذي الحجة سنة أربع وثمانمائه انتهى ثم ولي القضاء القاضي عز الدين الخطيب هو محمد بن علي بن عبد الرحمن بن محمد الخطيب الشيخ الإمام العلامة قاضي القضاة عز الدين خطيب الجامع المظفري وابن خطيبه تفقه في المذهب وكان خطيبا بليغا له مؤلفات حسنة وقلم جيد وله النظم المفيد الأحمد في مفردات الإمام أحمد ناب في القضاء عن قاضي القضاةعلا الدين علي بن المنجا ثم استقل بالوظيفة بعد موت القاضي شمس الدين النابلسي واستناب شمس الدين بن عبادة1 ثم سعى عليه وصارت الوظيفة بينهما دولا وكان في بعض الولايات يمكث فيها أربعين يوما ثم توفي رحمه الله تعالى في سنة عشرين وثمانمائة كذا قاله شيخنا ابن مفلح ولم يفصل قال شيخنا تقي الدين بن قاضي شهبة رحمه الله تعالى في سنة سبع وثمانمائه في آخر محرم وصل القاضي شمس الدين بن عبادة متوليا قضاء الحنابله ومشيخة دار الحديث الأشرفية بالسفح وتدريس المدارس ووصل مع توقيع الشيخ شهاب الدين بن حجي بالخطابة ثم اصطلح القاضيان الحنبليان على أن تكون الوظائف بينهما نصفين خلا الجوزية ينفرد بها القاضي عز الدين ويستقل القاضي شمس الدين بالقضاء ودفع إلى القاضي عز الدين خمسة الآف واشهد على نفسه القاضي عز الدين أن لا يسعى في القضاء ولا يتولاه وكلما ولي فهو معزول وحكم بصحة هذا التعليق القاضي الحنفي والتزم أنه متى وليه كان للقاضي عنده عشرة الآف درهم وحكم بصحة الالزام المالكي أيضا انتهى والقاضي شمس الدين المذكور هو محمد بن محمد بن عبادة الشيخ الإمام قاضي قضاة الحنابله بالشام كان فردا في معرفة الوقائع والحوادث ناب في الحكم لعز الدين المذكور قبله ثم سعى عليه بعد أن كان من أعيان الموقعين رفيقا لشمس الدين النابلسي وغيره ثم استقل بالقضاء بعد وفاة بني المنجا وكانت وظيفة القضاء دولا بينه وبين

_ 1 شذرات الذهب 7: 148.

القاضي عز الدين الخطيب كما تقدم إلى أن لحق بالله تعالى في شهور سنة كذا بيض له قاضي القضاة برهان الدين ابن مفلح في الطبقات ويقول كاتبه توفي شمس الدين المذكور في خامس شهر رجب سنة عشرين وثمانمائه ودفن بالروضة قريبا من الشيخ موفق الدين ثم أخذ القضاء عنه القاضي صدر الدين ابن مفلح وهو أبو بكر بن إبراهيم بن محمد بن مفلح الإمام العالم الواعظ صدر الدين ولي نيابة الحكم عن قاضي القضاة شمس الدين بن عبادة مدة ثم اشتغل بالوظيفة مدة يسيره ثم عزل منها وأعيد القاضي شمس الدين بن عبادة واستمر معزولا إلى أن لحق بالله تعالى وكان يعمل الميعاد بالجامع الأموي بعد صلاة الجمعة بمحراب الحنابلة ويجتمع فيه الناس ويستفيدون منه ويعمل في غيره هكذا ذكره برهان الدين بن مفلح ولم يزد رحمه الله تعالى قال الشيخ تقي الدين الأسدي في تاريخه رحمه الله تعالى في شوال سنة سبع عشرة وثمانمائة وفي يوم الأحد سابع عشرة وصل من مصر دوادار النائب ناصر الدين بن العطار إلى أن قال وجاء مع الأمير ناصر الدين المذكور ولاية بقضاء الحنابلة لصدر الدين ابن الشيخ تقي الدين بن مفلح عوضا عن القاضي شمس الدين بن عبادة وهو شاب صغير السن قليل البضاعة لا يعرف شيئا من العلوم إلا أنه يعظ العوام والنساء على الكراسي ولبس من الغد الخلعه وجاء معه القضاة إلى الجامع فجلس بمحراب الحنابلة وقرئ توقيعه وهو مؤرخ بخامس عشرين شهر رمضان انتهى وذلك عقيب وصول السلطان الملك المؤيد شيخ إلى مصر فإنه خرج من دمشق عقب رجوعه من حلب يوم السبت رابع شعبان منها وفي يوم الثلاثاء عشرينه نودي بالزينة بدمشق لمجىء الخبر بوصول السلطان إلى مصر سالما ثم عزل صدر الدين المذكور في مستهل شهر ربيع الأول وأعيد القاضي شمس الدين بن عبادة في مستهل ربيع الأول سنة ثماني عشرة وثمانمائه ثم وصل توقيعه إلى دمشق في شهر ربيع الآخر منها بوظيفة القضاء والمدارس دار الحديث بالصالحيه والصاحبيه والحنبلية والانظار عوضا عن صدر الدين بن مفلح وخلع عليه عند النائب بالمرح وقرئ توقيعه بالجامع المظفري بالصالحيه وهو مؤرخ

بمستهل شهر ربيع الأول المذكور وذلك بعد شر كبير وقع بينهما في ولاية صدر الدين كان كتب عليه محضر بمال كثير لما أراد عبادة السعي عليه ثم اصطلحا ثم أنه طلب المحضر فقال صدر الدين أرسلته إلى مصر ثم عمل ابن عبادة وليمة وطلب الجماعة إلى بيته فأخرج العبيد والمهاترة عليهم بالسكاكين وانقلب الناس على ابن عبادة واستمر إلى أن توفي وقد ذكر له الأسدي ترجمة وأنه أخذ عن الشيخ زين الدين بن رجب ثم عن علاء الدين علي بن اللحام ثم اشتغل بفن الشهادة ثم أنه ولي القضاء وأنه باشره مباشرة سيئة وأنه دخل في مناقلات كثيره قبيحه ثم بالغ في ذلك مبالغة عظيمه وتأثل مالا وعقارا وأنه سمع من شيخه ابن حجي يقول عنه وعن شرف الدين الرمثاوي كلاما لا أوثر ذكره وأنه توفي في ليلة الخميس خامس شهر رجب سنة عشرين وأنه صلي عليه بالجامع المظفري ودفن بالروضة عن سبع وخمسين سنة وأنه روي له منامات قبيحه وأنه خلف ثلاثة بنين الواحد نائبه وآخرهم اشغله شافعيا ثم ذكر ترجمة جده ثم والده فراجعه عفا الله عنه وعنا وعنهم ثم أعيد القاضي عز الدين الخطيب بعده وفاة خصمة شمس الدين بن عبادة قال الأسدي في شهر ربيع الأول سنة إحدى وعشرين وولي القضاء القاضي شهاب الدين ابن القاضي شمس الدين بن عبادة1 وليس فيه صفة تقتضي ذلك فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم مع أنه لم يبق بالحنابلة من يصلح لذلك إلا الشيخ شرف الدين بن مفلح لولا كلام في سيرته ثم قال في صفر سنة ثلاث وعشرين وفي يوم السبت سلخه وصل القاضي عز الدين الحنبلي ومعه كتب المصريين بإكرامه وأنه طلب القضاء ورسم له بنفقة من الخزينة ثم قال في شهر ربيع الأول منها وفي يوم الاثنين ثانيه لبس القاضي عز الدين الحنبلي وقرئ توقيعه بالجامع الأموي بحضور القضاة وهو مؤرخ بالعشر الأخير من المحرم انتهى والقاضي شهاب الدين المذكور قال قاضي القضاة برهان الدين بن مفلح في الطبقات قاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن القاضي شمس الدين محمد بن محمد بن عبادة كان من خيار المسلمين

_ 1 شذرات الذهب 7: 148.

كثير التلاوة لكتاب الله تعالى ولي بعد والده مدة ثم ترك الوظيفه أختيارا منه وحصل له الراحه الوافرة واستمر بعد عزله يتردد الي ميدان الحصى إلى الشيخ أبي الصفا1. وقال ابن الزملكاني في تاريخه رحمه الله تعالى في سنة أربع وستين وفي يوم الأربعاء خامس عشرين شوال منها توفي القاضي شهاب أحمد بن شمس الدين محمد بن عبادة وكان قد ولي قضاء الحنابلة بعد أبيه شمس الدين ثم انفصل عنه واستمر بطالا ولم يكن له رغبة في القضاء وفي الحكم ومات من غير ولد وورثه ابن أخيه القاضي شهاب الدين أحمد ويقال ابن أخيه نجم الدين عبد الكريم2 سامحه الله تعالى انتهى والقاضي عز الدين الحنبلي المذكور قال ابن مفلح في طبقاته عبد العزيز بن علي بن عبد العزيز بن عبد المحمود الشيخ الإمام العالم المفسر قاضي القضاة عز الدين البغدادي الأصل ثم الدمشقي منشأ أخذ الفقه عن الشيخ علاء الدين علي بن اللحام وعرض عليه الخرقي واعتنى بالوعظ وكان يستحضر كثيرا من تفسير البغوي واعتنى بعلم الحديث وله مشاركة في الفقه والأصول واشتغل ودرس وكتب على الفتوى يسيرا وله مصنفات منها أنه أختصر المغني وشرح الشاطبيه وصنف في المعاني والبيان وجمع كتابا سماه "القمر المنير في أحاديث البشير النذير" ولي بعد الفتنة قضاء بيت المقدس وطالت مدته وجرى له فصول ثم ولي قضاء دمشق مدة مديده ثم صرف عنه فولي تدريس المؤيديه ثم ولي قضاء دمشق في دفعات يكون مجموعها ثماني سنين وكان منفورا لم تحمد سيرته في القضاء ونرجو من كرم الله تعالى ان يتجاوز عنا وعنه بمنه وكرمه توفي ليلة الأحد مستهل ذي القعدة سنة ست وأربعين وصلي عليه من الغد بالجامع الأموي وحضر جنازته القضاة وبعض اركان الدولة ودفن عند والده بمقابر باب كيسان إلى جانب الطريق انتهى ثم ولي عنه القاضي شهاب الدين بن الحبال هو أحمد بن علي بن عبد الله بن علي بن حاتم الشيخ الإمام المحدث الرحلة شهاب الدين أبو العباس أحمد بن

_ 1 شذرات الذهب 7: 346. 2 شذرات الذهب 7: 350.

الحبال ولي قضاء دمشق مدة بعد قضاء طرابلس وسمع الحديث من جماعة قال الأسدي في شهر جمادى الآخرة سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة وفي يوم الخميس حادي عشرة لبس القاضي شهاب الدين بن الحبال قضاء الحنابلة وذلك بعد أن اشترط شروطا منها أن لا يركب مع القضاة إلى دار السعادة وينكر المنكر من كل أحد كائنا من كان فأجيب إليها على ما قيل وذلك بمساعدة علم الدين بن الكويز كاتب السر وجاء إلى الجامع وليس معه من القضاة أحد ثم ذهب إلى الصالحيه ثم بلغني بعد ذلك أنه كتب له توقيع وقرئ بالجامع بالصالحيه واستناب اثنين إحداهما قاضي بعلبك الحنبلي وشخصا آخر يقال له جمال الدين يعقوب كان شاهدا ببعلبك فجاء معه فولاه نيابته وانفصل القاضي عز الدين البغدادي ثم بلغني أنه سعى له أن يرتب له على الجوالي بمصر كل يوم نصف دينار وهذا قدر كثير بالنسبة إلى الفلوس بمصر انتهى وكان إذ ذاء السلطان الملك المظفر أحمد بن المرحوم الملك المؤيد قد وصل من مصر إلى قلعة دمشق ومعه امة سعادات بنت صرغتمش دخلت معه من باب السروهي حامل ومعها الأمير الكبير ططر. قال شيخنا برهان الدين بن مفلح وكان قاضي شهاب الدين مهابا معظما عند الخاص والعام شديد القيام على الأتراك وغيرهم وللناس فيه اعتقاد وحكى الشاب التائب1 للشيخ تقي الدين بن قاضي شهبة رحمه الله تعالى أن أهل طرابلس يعتقدون فيه الكمال بحيث أنه لو جاز أن يبعث الله نبيا في هذا الزمان لكان هو وكان قد كبر وضعف وزال بصره في آخر عمره وكان مواظبا على الجمعة والجماعة والنوافل دائما انتهى وقال الأسدي في شعبان سنة اثنتين وثلاثين وثمانمائة وفي رابع عشرة جاء الخبر إلى دمشق بعزل القاضي شهاب الدين ابن الحبال وولاية القاضي نظام الدين بن مفلح وهو بالقاهرة بحكم أن ابن الحبال عمي وأراني القاضي كمال الدين بن البارزي كاتب السرفتاوي المصريين في

_ 1 شذرات الذهب 7: 198.

القاضي إذا عمي أنه ينعزل عنها خط القاضي الشافعي وعلم الدين ابن البلقيني والقاضي الحنفي والقاضي الحنبلي انتهى ثم قال ابن مفلح في طبقات الحنابلة وعزل قبل وفاته بنحو سنة وتوجه إلى طرابلس وبها مات في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة وصلي عليه بدمشق صلاة الغيبة انتهى والقاضي نظام الدين المذكور هو عمر بن إبراهيم بن محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج ابن عبد الله الراميني المقدسي ثم الصالحاني الشيخ الإمام الواعظ الاستاذ قاضي القضاة نظام الدين ابن قاضي القضاة برهان الدين المتقدم ذكره مولده تقريبا سنة ثمانين وسبعمائة قال برهان الدين في طبقاته فيما أظن فإن له حضورا على الشيخ الصامت1 سنة أربع وثمانين سمع من والده ومن عمه الشيخ شرف الدين وجماعة وحضر عند الشيخ البلقيني وابن معلي وغيرهما رحمهما الله تعالى من الائمه وكان رجلا دينا يعمل الميعاد يوم السبت بكرة النهار على طريقة والده وقرأ البخاري على الشيخ شمس الدين ابن المحب وأجاز هـ وباشر نيابة الحكم مدة ثم ولي الوظيفة بعد عزل الشيخ شهاب الدين بن الحبال المتقدم ذكره بعد سنة إحدى وثلاثين قال الأسدي في شهر رمضان سنة اثنتين وثلاثين وفي يوم الثلاثاء ثاني عشره دخل إلى دمشق القاضي نظام الدين ابن الشيخ تقي الدين بن مفلح متوليا قضاء الحنابلة عوضا عن القاضي شهاب الدين ابن الحبال ولاقاه القضاة إلى عند تربة العجمي2 ولاقاه أيضا الحاجب وكاتب السر وناظر الجيش وجماعة من الناس وعليه الخلعة وجاء إلى دار السعادة فسلم على النائب ثم ذهب إلى الجامع ومعه من ذكر سابقا فقرىء توقيعه عند محراب الحنفيه قرأه شمس الدين الحجاوي وفيه وظائف القضاء وتاريخه في عاشر شعبان وفارقه القضاة وغيرهم من الجامع وذهب إلى الصالحيه ومعه جماعة قليلون فقريء توقيعه وتقليده بجامع الحنابلة انتهى ثم قال في صفر سنة ثلاث وثلاثين وفي يوم الأربعاء عاشره استناب القاضي الحنبلي تاج الدين بن منجا فإن أحد نائبيه سافر إلى مصر والآخر عزله فلم يجد احدا يوليه فاحتاج إلى

_ 1 شذرات الذهب 6: 609. 2 ابن كثير 14: 239.

ولأيه المذكور مع أنه أصلح النائبين المذكورين بإعتبار السن والحصانة ثم عاد الخطيب عز الدين من مصر في شهر رجب وباشر ثم قال في سنة خمس وثلاثين عزل نظام الدين في ذي القعدة بالقاضي عز الدين البغدادي الحنبلي واستمر إلى أن عزل في جمادى الأولى سنة سبع وثلاثين بالقاضي نظام الدين بن مفلح ثم قال في جمادى الأولى سنة سبع وثلاثين وفي يوم الجمعة تاسع عشره جاءت كتب إلى القاضي الشافعي في جواب مكاتبه على القاضي الحنبلي بأنه عزل يوم السبت سادس الشهر بالقاضي نظام الدين بن مفلح فترك الحكم يومئذ ثم اجتمع يوم الأحد بالنائب والحاجب وقال هذا الذي قاله الشافعي من عزلي ما هو صحيح وهو عدوي وعاد إلى الحكم ولم يحضر كتاب من ابن مفلح فاستمر يحكم إلى أن جاء جماعة من مصر واخبروا بولاية ابن مفلح فترك الحكم ثم لما طال خبرا ابن مفلح قال لم يصح الخبر وربما قيل انتسخ ذلك فعاد إلى الحكم فلم يأت أحد إليه وعجب الناس من ولاية مثل هذا على المسلمين فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ثم قال في شهر رجب منها وفي مستهله دخل القاضي نظام الدين بن مفلح متوليا قضاء الحنابلة وكان قد تأخر مجيئة وتخيل خصمه أن الأمر انتقض وخيله بعض الناس حتى أنه في الجمعة الماضيه عمل ميعاد الجامع وقال إن تلك الأخبار التي اتيحت لم تصح وأما أنا أذهب إلى المدرسة أحكم فمن كانت له قضية فليأتني فعجب الناس من ذلك وكان المذكور قد اساء المباشرة وبالغ في الأخذ وتراذل ولم يتحاش شيئا من ذلك مع أنه قال لي من قاسني بابن مفلح فقد ظلمني أنا أقاس بسري السقطي والجنيد1 وحاصل الأمر أنه لا عقل له ولا دين وقرىء تقليده أي تقليد القاضي بالجامع قراة الشيخ شمس الدين بن سعيد الحنبلي وتاريخه خامس جمادى الأولى ثم قال في المحرم سنة ثمان وثلاثين وفي يوم الجمعة ثامن عشري الشهر وصل توقيع القاضي عز الدين البغدادي2 بعوده إلى قضاء الحنابلة ولبس بعد الصلاة الخلعه وقرىء توقيعه بالجامع وساء ذلك غالب الناس لسوء سيرة

_ 1 ابن كثير 8: 62. 2 شذرات الذهب 7: 259.

المذكور وقلة عقله وكان القاضي الشافعي بهاء الدين بن حجي قد ساعده وكتب فيه إلى مصر فجاءت ولايته ثم قال في سنة اثنتين وأربعين وقاضي القضاة عز الدين بن البغدادي الحنبلي وهو على حاله لم بنصلح ثم أراح الله سبحانه وتعالى المسلمين منه في أوائل المحرم بالقاضي نظام الدين ابن مفلح ثم قال في جمادى الآخرة سنة أربع وأربعين وفي يوم الأربعاء ثالث عشره وصل عز الدين البغدادي من مصر وقد أخذ من نظام الدين دار الحديث نظرها وتدريسها حصة القاضي والجوزيه ونظرها وتدريسها وانظار تتعلق بالقاضي الحنبلي وذكر أن السلطان عرض عليه القضاء فامتنع ثم قال في شهر ربيع الآخر سنة خمس وأربعين وفي يوم السبت تاسعه أو ثامنه ومن الغد وصل كتاب القاضي عز الدين الحنبلي بأنه قد أعيد إلى القضاء وأنه يستناب عنه فإستناب القاضي برهان الدين ابن مفلح1 وهو شاب له همة عالية في الطلب وحفظه قوي وهو أفضل أهل مذهبه ثم قال في الشهر المذكور وفي يوم الاثنين رابع عشريه دخل القاضي عز الدين الحنبلي وقرئ تقليده بالجامع ثم قال في جمادى الآخرة منها وفي يوم الاثنين تاسع عشريه بلغني أن القاضي نظام الدين ابن مفلح جاءته الوظائف وبقي مع خصمه القضاء مجردا فتجرد لقطع المصانعة مع أنه كان متلبسا بذلك قبل هذا ثم قال في جمادى الآخرة سنة ست وأربعين وفي يوم الاثنين في الرابع منه أعيد القاضي نظام الدين بن مفلح فتمرض خصمه عز الدين البغدادي إلى أن توفي ليلة الأحد مستهل ذي القعدة منها وكانت بضاعته في الفقه مزجاة وسيرته عجيبة يحكى عنه غرائب وعجائب وعنده دناءة ورذاله وعمر مدرسة اشترى بيت ابن الشهيد وبناه وجعله دار قرآن وكان يأخذ على القضاء على وجه شنيع ويصرفه في عمارة المدرسة وترك سبعة أولاد صغار ولم يخلف شيئا ثم استمر القاضي نظام الدين بن مفلح في القضاء إلى أن عزله السلطان جقمق في شهر رجب سنة إحدى وخمسين وولي ابن عمه برهان الدين بن مفلح انتهى واستمر نظام الدين المذكور معزولا وعمر إلى أن الحق الأحفاد

_ 1 شذرات الذهب 7: 338.

بالأجداد واسمع مسموعاته على الحافظ أبي بكر بن المحب كمشيخة المطعم والمنتقى من مسند الحارث بن أبي أسامة والأربعين الحموية وغير ذلك مما ظهر منها مرات وبني مدرسة شرقي الصالحيه جوار حمام العلائي ورتب فيها مشيخة للحديث وتوفي سنة سبعين وثمانمائة وصلي عليه بالجامع المظفري ودفن بالروضة قريبا من والده وابن عمه برهان الدين المذكور وهو القاضي العلامة شيخنا أبو إسحاق إبراهيم ابن الشيخ الإمام أكمل الدين محمد ابن الشيخ الإمام العلامة اقضي القضاة أبي عبد الله محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج الراميني المقدسي الصالحي مولده يوم الاثنين خامس عشرين جمادى الأولى سنة ست عشرة وثمانمائة ونشأ على الصيانة وعلو الهمة ذكره الشيخ تقي الدين الأسدي في تاريخه رحمه الله تعالى في سنة خمس وأربعين وعمره حينئذ نحو تسع وعشرين فقال كما مر ذكره في ولاية عز الدين البغدادي واستناب القاضي برهان الدين بن مفلح وهو شاب له همة عالية في الطلب وحفظ قوي وهو أفضل أهل مذهبه انتهى قرا على جماعة منهم تقي الدين الأسدي الشهير بابن قاضي شهبة المذكور في مختصر ابن الحاجب بجامع التوبة وبالفارسية ومنهم قاضي الحنابلة عز الدين البغدادي ومنهم الشيخ يوسف الرومي وروى عن جماعة منهم الشيخ زين الدين عبد الرحمن بن الطحان ومنهم شمس الدين بن المحب1 قال وسمعت عليه ودرس بمدرسة أبي عمر بالصالحيه ودار الحديث الأشرفيه منزله والحنبلية والمسماريه والجوزيه والجامع المظفري وقرأ عليه في آخر عمره تقي الدين الجراعي سنن ابن ماجه سمعت عليه شيئا منها وأجاز ني وصنف شرح المقنع وسماه المبدع في أربع مجلدات وأنتهت إليه رياسة الحنابلة واستمر في وظيفه القضاء ومتعلقاتها إلى أن أعيد ابن عمه نظام الدين بن مفلح سنة اثنين وخمسين وتوجه برهان الدين إلى مصر وكان والده أكمل الدين2 قد سبقه إليها فأعيد إلى القضاء ورجع إلى دمشق ودخل في يوم الاثنين تاسع عشرين شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وخمسين ثم أعيد نظام الدين في شعبان منها ثم أعيد برهان الدين

_ 1 شذرات الذهب 7: 186. 2 شذرات الذهب 7: 292.

كذا قال ابن الزملكاني رحمه الله تعالى وفيه نظر انما عزله ابن عمه القاضي علاء الدين على ابن صدر الدين أبي بكر بن مفلح1 قاضي حلب المحروسة كان في جمادى الأولى سنة سبع وخمسين ودخل دمشق سلخ الشهر المذكور عوضا عن شيخنا برهان الدين المذكور ولبس تشريفة بذلك إلى أن عزل في ثالث عشر شهر ربيع الأول سنة ثمان وخمسين وأعيد شيخنا برهان الدين وفي ثامن عشر ذي الحجة منها البس تشريفا بإستمراره على وظيفة القضاء المذكور ثم أعيد القاضي علاء الدين علي بن صدر الدين أبي بكر بن مفلح سنة ستين وفي ثامن عشر جمادى الآخرة منها وصل علاء الدين علي المذكور من مصر إلى دمشق وقرئ توقيعه بالجامع ثم أعيد شيخنا برهان الدين في رابع عشر جمادى الآخرة سنة اثنتين وستين وقرئ توقيعه بالجامع وفي يوم الاثنين سادس عشرين المحرم سنة ثلاث وستين ورد الخبر من مصر إلى دمشق بعزل شيخنا برهان الدين من القضاء وعزل شيخنا قطب الدين الخيضري من كتابه السر واستقر القاضي علاء الدين علي المذكور في الوظفتين المذكورتين عن المذكورين فامتنعا عن المباشرة وفي يوم الخميس ثامن عشرين شهر ربيع الآخر منها وصل القاضي علاء الدين علي المذكور من مصر إلى دمشق بالوظفتين المذكورتين عن الشيخين المذكورين وقرئ توقيعه بالجامع على العادة ثم أعيد شيخنا برهان الدين واستمر إلى أن توفي ليلة الأربعاء رابع شعبان سنة أربع وثمانين وثمانمائة بمنزله بدار الحديث الأشرفيه بالسفح وحضر جنازته النائب فمن دونه والقضاة فمن دونهم وحملت جنازته على الأصابع وصلى عليه ولده نجم الدين عمر إماما ودفن بالروضة عند أبيه وأجداده رحمهم الله تعالى ثم تولى بعده القضاء ولده نجم الدين عمر2 المذكور في سنة أربع وثمانين المذكورة وفي يوم الخميس رابع شهر ربيع الأول سنة أربع وتسعمائة لبس قاضي القضاة نجم الدين المذكور خلعه العود بعد عزل الساعي عليه بمصر بهاء الدين بن عز الدين بن قدامة3 المقيم بمصر فلبس الخلعة المذكورة في دار العدل وكان النائب كرتب أي الأحمر في

_ 1 شذرات الذهب 7: 335. 2 شذرات الذهب 8: 92. 3 شذرات الذهب 8: 48.

مرض الموت ومات يوم تاسعه ثم شاع عزل نجم الدين المذكور في آخر السنة المذكورة وفي أول محرم سنة خمس وتسعمائة وصلت خلعة نجم الدين المذكور وابن قدامة المذكور أعيد إلى قضاء الحنابلة بمصر أيضا فجعل كالمستجد المستعار وفي يوم الخميس رابع عشر صفر لبس نجم الدين المذكور خلعة القضاء التي اتت له من مصر وفي شهر رجب سنة تسع وتسعمائة شاع بدمشق عزل نجم الدين المذكور ثم تبين أنه عزل في مستهل شهر رجب بابن قدامة بهاء الدين الذي هو بمصر ثم وصل بهاء الدين المذكور إلى دمشق أول سنة عشر إلى تربة تنم بعد توعك حصل له وفي بكرة يوم الاثنين ركب النائب وتلقاه ودخل معه الاصطبل وقرأت مطالعاته ثم لبس خلعته وركب إلى الجامع وقرئ توقيعه وتاريخه مستهل جمادى الأولى من الماضيه وفيه غالب وظائف الحنابلة وعزل من فيها وقد حصل له وهن وخور من حين دخل الاصطبل فلم يستطع الخروج من الجامع فدخل بيت الخطابة وهو ضعيف. وفي سادس شهر ربيع الأول من سنة عشر سافر النجمي المذكور إلى مصر وفي يوم الجمعة عاشر شهر ربيع الأول توفي بهاء الدين ابن قدامه وفي يوم السبت ثالث عشر شهر رجب منها وصل النجمي من مصر ودخل وفوض لولده شرف الدين يوم عاشوراء سنة إحدى عشرة. فوائد: الأولى: رأيت بخط تقي الدين ابن قاضي شهبة في تاريخه في سنة عشرين وثمانمائة في جمادى الأولى منها وفيه انتهت عمارة المدرسة الجوزيه وكانت قد احترقت قبل ذلك بمدة يسيرة في أيام نيابة تنبك وعمرت في أيام القاضي شمس الدين النابلسي1. انتهى. الثانية: بها إعادة وقرأ ءة حديث وإمام ة أم بها أبو القاسم محمد بن خالد بن إبراهيم الحراني الفقيه بدر الدين أخو الشيخ تقي الدين بن تيميه لأمه سمع بدمشق من ابن عبد الدائم وابن الصيرفي وابن أبي عمر وتفقه ولازم شيوخ

_ 1 شذرات الذهب 7: 52.

المذهب وأفتى وام بالمدرسة الجوزيه قال البرزالي كان فقيها مباركا كثير الخير قليل الشر حسن الخلق منقطعا عن الناس وكان يتجر ويتكسب وخلف لأولاده تركه وروى عن ابن عرفة1 مرارا توفي رحمه الله تعالى يوم الثلاثاء ثامن جمادى الآخرة سنة سبع عشرة وسبعمائة ودفن في يومه عند والديه بمقابر الصوفيه وحضرة جمع كثير انتهى. الثالثة: الذي علم من وقفها نصف دير عصرون وقرية عند القصير وفدانان بقرية بالا وأرض بقرية يلدا. الرابعة: آخر من روى عن واقفةا بالإجازة زينب بنت الكمال قال ابن مفلح في طبقاته يوسف بن عبد الرحمن بن علي بن محمد بن عبد الله الفقيه الأصولي الواعظ الشهيد محي الدين أبو المحاسن ابن الشيخ جمال الدين سمع من أبيه وابن كليب وابن المعطوش2 وجماعة آخرين قرأ القرآن بالروايات العشر على ابن الباقلاني3 بواسط ولبس الخرقة من الشيخ ضياء الدين عبد الوهاب بن سكينة واشتغل بالفقه والخلاف والأصول وبرع في ذلك وكان امهر من أبيه فيه علا أمره وعظم شأنه وولي الولايات الجليلة قال الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى كان إماما كبيرا وصدرا معظما عارفا بالمذهب كثير المحفوظ ذا سمت حسن ووقار درس وأفتى وصنف وأما رياسته وعقلة فتنقل عنه بالتواتر حتى أن الملك الكامل مع عظم سلط أنه قال كل أمرئ يعوزه زيادة عقل إلا محيي الدين بن الجوزي فإنه يعوزه نقض عقل وله تصانيف منها "معادن الابريز في تفسير الكتاب العزيز" ومنها "المذهب الأحمد في مذهب أحمد" وسمع منه جماعة منهم عبد الصمد ابن أبي الجيش4 وابن الكسار وأخر من حدث عنه بالإجازة زينب بنت الكمال ولما دخل هولاكو ملك التتار إلى بغداد قتل الخليفة المستعصم بالله وغالب أولاده وقتل معه أعيان الدولة

_ 1 شذرات الذهب 6: 39. 2 شذرات الذهب 4: 343. 3 شذرات الذهب 4: 314. 4 شذرات الذهب 5: 353.

والأمراء وشيخ الشيوخ وقتل أستاذ الدار محيي الدين وأولاده الثلاثة وذلك في سنة ست وخمسين وستمائة بظاهر سور كلف دار رحمة الله تعالى عليه وعليهم أجمعين وأموات المسلمين.

المدرسة الجاموسيه

145- المدرسة الجاموسيه هي غربي العقيبة بدمشق لم أعرف واقفةا اخبر الصدر ابن القاضي علاء الدين علي بن مفلح رحمهم الله تعالى أن والده أخذ من ابن ناظر الصاحبة ورقه فيها أن والده ناظر الصاحبة قرر صدر الدين1 يعني جده رحمه الله تعالى وحكى النظام في وظيفة العمالة والقيامه الوقف على السادة الحنابلة قال شيخنا الجمال بن المبرد رحمه الله تعالى وقد تواترت الأخبار بذلك والوقف على المدرسة المذكورة وثلث الحانوت بالعقيبة الكبرى والبستان المعروف بالطبرزيه وجنينة الرصاص ومحاكرة الجنينة بمصاطب الطرق ومحاكرة البستان بقرية جسرين ومحاكرة تمرين الأمير وابن الرملي جوار المدرسة والمحاكرة جوارها بإسم ابن نور الدين والبستان فوق حمام الورد بيد أولاد نظام الدين انتهى.

_ 1 شذرات الذهب 7: 170.

المدرسة الحنبلية الشريفية

146- المدرسة الحنبلية الشريفية بالشين المعجمة عند القباقبيه العتيقة قال الذهبي رحمه الله تعالى في العبر في سنة ست وثلاثين وخمسمائة وشرف الإسلام عبد الوهاب ابن الشيخ أبي الفرج الحنبلي عبد الواحد بن محمد الأنصاري الشيرازي ثم الدمشقي الفقيه الواعظ شيخ الحنابلة بالشام بعد والده ورئيسهم وهو واقف المدرسة الحنبلية بدمشق توفي رحمه الله تعالى في صفر وكان ذا حرمة وحشمة وقبول وجلاله ببلده وقال رحمه الله تعالى في مختصر تاريخ الإسلام في سنة ست وثلاثين المذكورة وشيخ الحنابلة بدمشق واقف الحنبليه شرف الإسلام عبد الوهاب ابن الشيخ أبي الفرج رحمهم الله تعالى انتهى. ولا تغتر بقول ابن شداد حيث قال

مدرسة سيف الاسلام اخي صلاح الدين يوسف بن ايوب بالقرب من مدرسة الرواحية داخل باب الفراديس انتهى واما والد شرف الاسلام فقال الذهبي في العبر في سنة ست وثمانين واربعمائة والشيخ ابو الفرج الشيرازي عبد الواحد ابن محمد بن علي الواعظ الفقيه القدوة سمع بدمشق من ابي الحسن علي السمسار وابي عثمان الصابوني وتفقه ببغداد زمانا على ابي يعلي ونشر بالشام مذهب الامام احمد رضي الله عنه وتخرج به الاصحاب وكان اماما عارفا بالمذهب والفقه والاصول صاحب حال وعبادة وتأله وكان تتش صاحب الشام يعظمه لأنه كاشفه مرة توفي رحمه الله تعالى في ذي الحجة وفي ذريته مدرسون وعلماء انتهى وقال ابن مفلح في طبقاته عبد الوهاب بن عبد الواحد بن محمد بن علي الشيرازي ثم الدمشقي الفقيه الواعظ المفسر شرف الاسلام ابن الشيخ الاسلام توفي والده رحمه الله تعالى وهو صغير فإشتغل بنفسه وتفقه وبرع وناظر وافتى واشتغل عليه جماعة كثيرون وكان فقيها بارعا وواعظا فصيحا وصدرا معظما ذا حرمة وحشمة وسؤدد ورياسة ووجاهة وجلالة وهيئة قال يوسف بن محمد بن مقلد التنوخي سمعته بدمشق ينشد على الكرسي في جامعها وقد طالب وقته سيدي علل الفؤاد العليلا ... واحيني قبل ان تراني قتيلا إن تكن عازما على قبض روحي ... فترفق بها قليلا قليلا وله تصانيف كثيرة منها المنتخب في الفقه مجلدان والمفرادات والبرهان في اصول الدين حدث عن ابيه ببغداد ودمشق وسمع منه ابو بكر ابن كامل وبني مدرسة بدمشق يقال لها الحنبلية وجرى له امور في بنائها توفي رحمه الله تعالى في ليلة الاحد سابع عشر صفر سنة ست وثلاثين وخمسمائة ودفن عند والده بمقابر الشهداء بباب الصغير انتهى واما والده فقال فيه ايضا عبد الواحد بن محمد بن علي بن احمد الشيرازي

المقدسي الدمشقي الفقيه الزاهد ابو الفرج الانصاري السعدي شيخ الشام في وقته واختلف النسابون في نسبته والاشهر انه من ولد سعد بن عبادة تفقه على القاضي ابي يعلى ثم قدم الشام فسكن بيت المقدس ونشر مذهب الامام احمد رضي الله تعالى عنه فيما حوله ثم اقام بدمشق فنشر مذهب الامام احمد رضي الله تعالى عنه ايضا وتخرج به جماعة من الاصحاب وسمع بها من ابي الحسن علي بن السمسار وابي عثمان الصابوني واشتهر اسمه وحصل له القبول التام وكان اماما عارفا بالمذهب والاصول شديدا في السنة زاهدا عابدا متألها ذا احوال وكرامات وكان تتش صاحب الشام يعظمه ويقال انه اجتمع مع الخضر مرتين وكان يتكلم في عدة اوقات على الخاطر كما كان يتكلم ابن القرمي الزاهد وكان الشيخ ابو الفرج يدعو على بعض السلاطين المخالفين ويقول كم ارميه ولا تقع الرمية به فلما كان في الليلة التي هلك فيها قال لبعض اصحابه قد رميت فلانا وقد هلك فحسب فرأي هلاكه في تلك الليلة التي اشار اليها وله عدة تصانيف في الاصول والفقه توفي رحمه الله تعالى يوم الأحد ثامن عشر ذي الحجة سنة ست وثمانبن واربعمائة بدمشق ودفن بمقبرة باب الصغير وقبره مشهور يزار انتهى وهو الذي دفن الى جانبه الشيخ زيد الدين بن رجب رحمهما الله تعالى ثم قال ابن مفلح فيها عبد الملك بن عبد الوهاب بن عبد الواحد الانصاري الشيرازي الدمشقي قال بهاء الدين بن شرف الاسلام تفقه ودرس وافتى وناظر وذكر ابو المعالي حمزة بن القلانسي وكان اماما فاضلا مناظرا مفتيا على مذهب ابي حنيفه واحمد بن حنبل رضي الله عنه وكان يعرف اللسان الفارسي مع العربي وهو حسن الحديث في الهزل والجد توفي يوم الاثنين سابع عشر شهر رجب سنة خمس واربعين وخمسمائة وكان له يوما مشهود ودفن جوار والده في مقابر الشهداء بالباب الصغير انتهى وقال فيها علي بن ابراهيم بن نجا ابن غنائم الانصاري الدمشقي الفقيه ابو الحسن علي سبط شيخ ابي

الفرج الشيرازي سمع درس خاله شيخ الاسلام وشرفه وتفقه عليه واكب على الوعظ واشتغل به وقال ناصح الدين حفظني خالي مجلس وعظ وعمري عشر سنين ثم نصب كرسيا في داره واحظر لي جماعة وقال تكلم فتكلمت فبكى وقال اول مجلس جلسته في بغداد في جامع المنصور ثم حكى مجلسه مبسوطا ثم قال ابن شداد اول من ذكر بها الدرس والد الناصح الحنبلي ثم من بعده ولده ناصح الدين ثم من بعده ولده سيف الدين ثم اخذها منه ابن عمر تاج الدين المعروف بقتال السباع الى ان توفي واخذها بعده زين الدين بن المنجا وهو مستمر بها الى الآن انتهى ووالد الناصح هو نجم الدين ابن عبد الوهاب ابن عبد الواحد بن محمد علي الشيرازي الاصل الدمشقي الانصاري الشيخ نجم الدين أبو العلاء بن شرف الاسلام ابن الشيخ ابي الفرج شيخ الحنابلة بالشام في وقته ولد سنة ثمان وتسعين وله اجازة من ابي الحسن علي ابن الزاغونى وغيره واشتغل وافتى ودرس وهو ابن نيف وعشرين وعاش هنيئا مرهقا لم يل ولاية من جهة السلطان وما زال محترما معظما ممتعا قويا ونقل من خط والده ناصح الدين كان الشيخ الموفق واخوه ابو عمر اذا اشكل عليهما شئ سألا والدي قال وخرج له ابو الخير سلامه بن ابراهيم بن الحداد مشيخه قال ولما مرض رحمه الله قال لا تحزن علي انا ما توليت القضاء ولا شحنكية ولا حبست ولا ضربت ولا دخلت بين الناس ولا ظلمت احدا فان كان لي ذنوب فبيني وبين الله تعالى عز وجل ولي ستون سنة افتي الناس والله ماحابيت في دين الله تعالى توفي في شهر ربيع الآخر ودفن بسفح قاسيون وشيعه خلائق هذا ما ذكره الاسدي في تاريخه ولم يذكر انه درس بها فليحرر كلام ابن شداد رحمه الله تعالى وقال ابن مفلح في طبقاته في النون نجم الدين بن عبد الوهاب بن عبد

الوحد بن محمد بن علي الشيرازي ثم الدمشقي الانصاري الشيخ نجم الدين بن شرف الاسلام ابن الشيخ ابي الفرج شيخ الحنابلة في وقته سمع وافتى ودرس وهو ابن نيف وعشرين سنة الى ان مات رحمه الله تعالى وعاش هنيا مترفها لم يل ولايه من جهة سلطان وما زال محترما معظما ممتعا قويا وقال رحمه الله تعالى رايت الحق عز وجل في منامي فقال يا نجم اما علمتك وكنت جاهلا قلت بلى يا رب قال افما اغنيتك وكنت فقيرا قلت بلى يا رب قال اما امت سواك واحييتك وجعل يعدد النعم ثم قال اعطيتك ما اعطيت موسى بن عمران وهذا المنام قبل موته بسنه انتهى وكان الشيخ موفق الدين واخوه ابو عمر اذا اشكل عليهما شيء سألا والدي وخرج له ابو الخير سلامه بن ابراهيم الحداد مشيخه وذكر المنذري ان له اجازة من ابي الحسن علي بن الزغواني وغيره توفي رحمه الله تعالى في ثاني عشر شهر ربيع الاول سنة ست وثمانين وخمسمائة ودفن بسفح قاسيون وكان له عدة اخوه منهم بهاء الدين عبد الملك وقد مرت ترجمته قريبا ومنهم سديد الدين عبد الكافي قال ناصح الدين كان فقيها ماهرا وعظة في سياسة وكان يذكر الدرس في الحلقة مستندا الى خزانة ابيه وكان شجاعا مات بعد الثمانين وخمسمائة ودفن تحت مغاره الدم ومنهم الشيخ شمس الدين عبد الحق قال الناصح كان فقيها فاضلا عاقلا عفيفا حسن العشره كثير الصدقة سافر في طلب العلم وقرا الهداية ورحل الى بلاد العجم وراى آمد وخراسان ثم عاد الى دمشق ومات في جمادى الآخرة سنة احدى واربعين وستمائة ودفن بسفح قاسيون ومنهم الشيخ شرف الدين محمد كان فقيها فرضيا يعرف القراآت ويعبر المنامات ويتجر ودفن رحمه الله تعالى بباب الصغير ومنهم الشيخ عز الدين عبد الهادي كان فقيها واعظا فاضلا شجاعا حسن الصوت بالقرآن شديدا في السنة شديد القوى حكي عنه انه بارز فارسا من الفرنج فضربه بدبوس فقطع ظهره وظهر الفرس فوقعا جميعا ويقال انه رفع الحجر الذي على بئر جامع دمشق فمشى به خطوات ثم رده الى مكانه وبنى مدرسه بمصر ومات رحمه الله قبل تمامها انتهى كلام

ابن مفلح ولم يذكر ايضا انه درس بها فتعين التحرير واما والده ناصح الدين فقال الذهبي رحمه الله تعالى في تاريخه العبر في سنة اربع وثلاثين وستمائة والناصح بن الحنبلي ابو الفرج عبد الرحمن بن نجم بن عبد الوهاب ابن الشيخ ابي الفرج الشيرازي الانصاري الحنبلي الواعظ المفتي ولد بدمشق سنة اربع وخمسين وبرز في الوعظ ورحل وسمع من شهدة وطبقتها وسمع بأصبهان من ابي موسى المديني وغيره وله خطب ومقامات وله تاريخ الوعاظ انتهت اليه رئاسة المذهب بعد الشيخ موفق الدين في ثالث المحرم انتهى وقال شيخنا ابن مفلح في طبقات الحنابلة عبد الرحمن ابن نجم بن عبد الوهاب بن عبد الواحد الانصاري الشيرازي الفقيه الواعظ ناصح الدين ابو الفرج سمع من والده والقاضي ابي الفضل محمد بن الشهرزوري وعلي بن نجا وغيرهم رحمهم الله تعالى شرع في الاشتغال ورحل الى البلاد سمع ببغداد واصبهان والموصل من جماعة ودخل بلادا كثيرة واجتمع بفضلائها واشتغل ببغداد علي ابي الفتح ابن المني واشتغل بالوعظ وبرع فيه وحضر فتح بيت المقدس مع السلطان صلاح الدين ودرس بعدة مدارس منها الحنبلية مدرسة جده ودرس بالمسماريه دولا مع اسعد بن المنجا ثم اشتغل بها بنو المنجا بحكم ان نظرها لهم ثم بنت لهم الصاحبة وهي ربيعة خاتون مدرسة بالجبل تسمى الصاحبة فدرس بها فكان يوما مشهورا وحضرت الواقفه من وراء الستر وانتهت اليه رئاسة المذهب بعد الشيخ موفق الدين وكان يساميه في حياته وبينهما مراسلات حدث بدمشق وبغداد وغيرهما وكان له مصنفات وهو من بيت الحديث والفقه سمع منه النابلسي خالد وابن المنجا الحافظ توفي يوم السبت ثالث المحرم سنة اربع وثلاثين وستمائة بدمشق ودفن بيومه في تربتهم بسفح قاسيون انتهى قال الاسدي في تاريخه في سنة تسع عشرة وستمائه عبد الكريم ابن الفقيه نجم الدين بن نجم بن شرف الاسلام عبد الوهاب ابن الشيخ ابي

الفرج الانصاري السعدي العبادي الشيرازي الاصل الدمشقي الفقيه شهاب الدين ابو الفصائل ابن الحنبلي ولد سنة تسع وخمسين ورحل الى بغداد وسمع من نصر الله القزاز وغيره وبدمشق من ابي المعالي ابن صابر وحدث ودرس بمدرستهم روى عنه الشهاب القوصي وعمر ابن الحاجب وقال فقيه عالم عنده اقدام وشهامة الا انه كان يرى بالشر وكثرة الوقيعة في الناس قال ابو شامة رحمه الله تعالى هو اخو البهاء والناصح وهو اصغرهم وكان ابرعهم في الفقه والمناظرة والدعاوى والبينات لكنه كان متعصبا على شيخنا ابي الحسن على السخاوي وجرت بينهما امور توفي رحمه الله تعالى في شهر ربيع الاول انتهى وقال ابن مفلخ في طبقاته عبد الكريم بن نجم بن عبد الوهاب بن عبد الواحد الشيرازي الفقيه ابو الفضل سمع ببغداد من نصر الله القزاز واجاز له الحافظ ابو موسى المديني وتفقه وبرع وافتى وناظر ودرس بمدرسة جده وقال ابن الساعي في تاريخه رحمه الله تعالى كان فقيها فاضلا خيرا عارفا بالمذهب والخلاف واجاز للمنذري توفر رحمه الله تعالى في سابع شهر ربيع الاول سنة تسع عشرة وستمائة ودفن من الغد بسفح قاسيون انتهى وقال الذهبي رحمه اللع تعالى في سنة سبع وستين وستمائة والتاج مظفر بن عبد الكريم بن نجم الحنبلي الدمشقي مدرس مدرسة جدهم شرف الاسلام روى عن الخشوتمي وحنبل ومات فجأة في صفر وله ثمان وسبعون سنة وكان مفتيا عارفا بالمذهب حسن المعرفه انتهى وقال الذهبي ايضا رحمه الله تعالى في مختصره في سنة اثنتين وسبعين وستمائة ويحيى بن الناصح عبد الرحمن بن نجم ابن الحنبلي الانصاري سيف الدين سمع حضورا من الخشوعي وبه ختم حديثه وسمع من حنبل وجماعة توفي رحمه الله تعالى في سابع عشر شعبان انتهى وقال ابن مفلح في طبقاته يحيى بن عبد الرحمن بن نجم الحنبلي الشيخ

الامام سيف الدين بن الناصح سمع من حنبل وابن طبرزد والكندي وغيرهم بدمشق والموصل وبغداد وهو آخر من حدث بالسماع من الخشوعي وحدث بمصر ودمشق سمع منه العلامة تاج الدين الفزاري واخوه شرف الدين والحافظ الدمياطي وابن العطار وجماعه توفي رحمه الله تعالى في سابع عشر شوال سنة اثنتين وسبعين وستمائة انتهى وسياتي ذكر ولده يوسف في المدرسه الصاحبيه وقال السيد الحسيني رحمه الله تعالى في ذيل العبر في سنة خمس وتسعين فيمن توفي فيها من الاعيان الشيخ زين الدين بن المنجا الشيخ الامام العالم العلامه مفتي المسلمين الصدر الكامل زين الدين ابو البركات بن المنجا ابن الصدر عز الدين ابي عمرو عثمان بن اسعد بن المنجا بن بركات بن المؤمل التنوخي شيخ الحنابلة وعالمهم ولد سنة احدى وثلاثين وستمائة وسمع الحديث وتفقه وبرع في فنون من العلم كثيرة من الاصول والفروع والعربيه والتفسير وغير ذلك وانتهت اليه رئاسة المذهب وصنف في الاصول وشرح المقنع وله تعاليق في التفسير وكان قد جمع له بين حسن السمت والديانة والعلم والوجاهة وصحة الذهن والتعليق والمناظرة وكثرة الصدقه ولم يزل يواظب على الجامع للاشتغال متبرعا حتى توفي يوم الخميس رابع شعبان وتوفيت معه زوجته ام محمد بنت صدر الدين الخجندي واسمها ست البهاء وصلي عليهما جملة بعد الجمعه بجامع دمشق وحملا جميعا الى سفح قاسيون شمالي الجامع المظفري تحت الروضه فدفنا في تربة واحدة رحمهما الله وهو والد قاضي القضاة علاء الدين علي وكان شيخ المسماريه ثم وليها بعده شرف الدين ولده وعلاء الدين علي وكان شيخ الحنبلية فدرس بها بعده الشيخ تقي الدين بن تيميه رحمهما الله تعالى كما ذكرنا في الحوادث انتهى وقال ابن كثير رحمه الله تعالى في سنة خمس وتسعين وسبعمائة وفي يوم الاربعاء سابع عشر شعبان درس الشيخ الامام العلامه شيخ الاسلام تقي الدين ابن تيميه الحراني رحمه الله تعالى بالمدرسة الحنبليه عوضا عن الشيخ زين الدين ابن المنجا توفي الى

رحمة الله تعالى وعفوه ونزل ابن تيميه عن حلقة العماد ابن المنجا لشمس الدين ابن الفخر البعلبكي رحمهم الله تعالى انتهى وقد مرت ترجمة الشيخ تقي الدين هذا في دار الحديث السكريه ثم قال ابن كثير في سنة سبع عشرة وسبعمائة في شوال وفيه درس الشيخ شرف الدين ابن تيميه رحمه الله تعالى بالحنبليه عن اذن اخيه له في ذلك بعد وفاة اخيهما لامهما بدر الدين قاسم بن محمد بن خالد ثم سافر الشيخ شرف الدين الى الحج فحضر الشيخ تقي الدين الدرس بنفسه وحضر عنده خلق كثير من الاعيان وغيرهم حتى عاد اخوه وبعد عوده ايضا انتهى وقال في سنة ست وعشرين وسبعمائة وفي يوم الاربعاء عاشر ذي القعدة درس بالحنبليه القاضي برهان الدين ابراهيم بن احمد بن هلال الزرعي الحنبلي عوضا عن شيخ الاسلام ابن تيميه فحضر عنده القاضي الشافعي جلال الدين القزويني وجماعة من الفقهاء وشق ذلك على كثير من اصحاب الشيخ تقي الدين انتهى وقال الحافظ شمس الدين الحسيني رحمة الله تعالى في ذيل العبر في سنة ست واربعي وسبعمائة وفي منتصف جمادى الاولى مات شيخنا الرئيس الامام عز الدين محمد بن احمد بن المنجا التنوخي الحنبلي محتسب دمشق وناظر الجامع حضر زينب بنت مكي وكان رجلا خيرا دمث الاخلاق ذا اشارة وبزة حسنة وسيما جيدا مجتهدا في لف العمامة ودرس بعده بالحنبليه عز الدين حمزه ابن شيخ السلاميه وولي الحسبة عماد الدين ابن الشيرازي انتهى وقال ابن كثير رحمه الله تعالى في سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة قطب الدين موسى بن احمد بن الحسين ابن شيخ السلاميه ناظر الجيوش الشاميه كانت له ثروة واموال كثيره وله فضل وافضال وكرم واحسان إلى اهل الخير وكان مقصدا في المهمات توفي رحمه الله تعالى في يوم الثلاثاء ثاني ذي الحجة وقد جاوز السبعين ودفن بتربتة تجاه الناصريه بقاسيون وهو والد الشيخ الامام العلامه عز

الدين حمزة مدرس الحنبلية انتهى قال الصفدي رحمه الله تعالى حمزة بن موسى الشيخ الامام العالم الفقيه الحنبلي عرف نسبة الى الفتح بن خاقان وزير المتوكل عز الدين ابن القاضي قطب الدين ابن شيخ السلاميه يأتي والده وذكره ان شاء الله تعالى في حرف الميم مكانه سالته عن مولده فقال سنة ست عشرة وسبعمائة توفي والده وهو في الجيش يباشر مشارفه الجيوش بدمشق ثم ان الامير سيف الدين دنكز اخذ منه مبلغ مائة الف درهم فيما اظن من غير ذنب ولا جناية لكن نقم على والده من غير انزعاج ولا اكراه ثم ترك الخدم واقبل على العلم وزهد في المناصب واعرض عنها اعراضا كليا واكب على الاشتغال والمطالعة الى ان برع في المذهب والخلاف وصار علامة في المنقول ومعرفة مذاهب الناس وتولى تدريس الحنبلية التي عند الرواحية داخل باب الفراديس وشرح مراتب الاجماع لابن حزم في عشرة اسفار واستدرك عليه قيودا اهملها وحسبك بمن يستدرك على الحافظ ابن حزم وشرح احكام الشيخ مجد الدين بن تيميه رحمهما الله تعالى في مجلدات كثيرة انتهى قال ابن مفلح رحمه الله تعالى في الطبقات حمزة بن موسى بن احمد بن الحسين بن بدران الشيخ الامام العلامة عز الدين ابو يعلي المعروف بابن شيخ السلامية سمع من الحجار وتفقه على جماعة ودرس بالحنبلية وبمدرسة السلطان حسن بالقاهرة وافتى وصنف تصانيف عدة منها على اجماع ابن حزم استدراكات جيده وشرح على احكام المجد بن تيميه قطعة صالحة وكان له اطلاع جيد ونقل على مذاهب العلماء المعتبرين واعتنى جيدا بنصوص الامام احمد رضي الله عنه وعلى فتاوى الشيخ تقي الدين بن تيميه وله فيه اعتقاد صحيح وقبول لما يقوله وينصره ويوالي عليه ويعادي فيه قال شيخنا الشيخ تقي الدين ابن قاضي شهبة رحمه الله تعالى ووقف درسا بتربتة بالصالحية وكتبا وعين لذلك الشيخ زين الدين بن رجب رحمه الله تعالى توفي ليلة الاحد

حادي عشرين ذي الحجة سنة تسع وسبعمائة ودفن عند والده وجده عند جامع الافرم بتربته رحمه الله تعالى انتهى وقال ايضا فيها عبد الرحمن بن احمد ابن رجب بن الحسين بن محمد بن مسعود الشيخ العلامة الحافظ الزاهد شيخ الحنابلة زين الدين ابو الفرج ابن الشيخ الامام المقري المحدث شهاب الدين البغدادي ثم الدمشقي قدم مع والده وهو صغير واجاز له ايضا الامام النواوي رحمه الله تعالى وسمع بنفسه بمكة المشرفة على الفخر عثمان بن يوسف واشتغل بسماع الحديث بإعتناء والده وسمع من ابن الخباز وابن العطار بدمشق وعن الميدومي بمصر ومن جماعة من اصحاب ابن البخاري رحمهم الله تعالى وله تصانيف شتى مفيدة منها شرح الترمذي وشرح اربعين الامام النواوي وشرع في شرح البخاري سماه فتح الباري في شرح البخاري ونقل فيه كثيرا من كلام المتقدمين وله اللطايف في الوعظ واهوال القبور والقواعد الفقهيه تدل على معرفة تامه بالمذهب وله ذيل على طبقات الحنابلة وغير ذلك ودرس بالحلقات الثلاث والمدرسة الحنبلية وكان لا يعرف شيئا من امور الناس ولايتردد الى احد من ذوي الولايات وكان يسكن المدرسة السكريه بالقصاعين توفي رحمه الله تعالى ليلة الاثنين رابع شهر رمضان سنة خمس وتسعين وسبعمائه بأرض الحميريه ببستان كان استأجره وصلي عليه من الغد ودفن بباب الصغير الى جانب قبر الشيخ ابي الفرج الشيرازي انتهى يعني بصفة الشهداء شرقي قبر معاوية رضي الله عنه بينه وبينه مقدار عشرة اذرع ووصفه جماعة من اشاعرة الشافعيه بالعبد الصالح رحمه الله تعالى ثم درس بها قاضي القضاة شمس الدين النابلسي وقد مرت ترجمته في المدرسة الجوزيه انتهى وقال الشيخ تقي الدين بن قاضي شهبة رحمه الله تعالى في شوال سنة خمس عشرة وثمانمائة في ذيله تقي الدين عبد الله ابن قاضي القضاة شمس الدين ابن التقي الحنبلي درس بالحنبلية وافتى ثم ولي بعد الفتنة قضاء نابلس مدة طويلة ومعلوم القضاء هناك ضعيف جدا وكان يطلب من النواب وغيرهم لا سيما ممن يعرف والده ولما كان في هذه السنة جاء الى دمشق واقام بها وكان

غالب اقامته بجامع دنكر وقيل انه كان ينتظر ان يحصل منه له شئ فمات بدمشق في خامسه او سادسه وكان عاريا من العلم جدا ولسانه ثقيل جدا لا يكاد يفهم كلامه وقيل انه كان عفيفا في القضاء ولم مات وجد له شئ من الدنيا ولم يظهر فقيرا على ما كان يظن به وقد غلب عليه الشيب انتهى وقال في ذي القعدة سنة اربع وعششرين وثمانمائة وممن توفي في هذا الشهر جلال الدين محمد ابن قاضي القضاة شمس الدين ابي عبد الله محمد ابن الفقيه تقي الدين عبد الله بن شمس الدين المعروف والده بابن التقي الحنبلي توفي والده في شهر رمضان سنة ثمان وثمانين وهذا صغير فكتب بإسمه واسم اخيه الكبير تدريس الحنبلية وغيره ثم اخرج عنهما تدريس الحنبليه واشتغل هذا يسيرا وناب عن اخيه في قضاء طرابلس مدة وكان عنده سذاجه وانجماع عن الناس توفي رحمه الله تعالى يوم الاثنين سادسه بقرية المنصورة وقف الحنابلة خرج ابو القاسم فمات هناك شبه الفجأة ودفن هناك انتهى ثم ولي تدريسها ونظرها قاضي القضاة برهان بن مفلح وقد مرت ترجمته في المدرسة الجوزية فوائد الاولى قال الاسدي رحمه الله تعالى في ترجمة الحافظ عبد القادر الرهاوي في سنة اثنتي عشرة وستمائة وكتب بخطه الكثير من الكتب والاجزاء واقام بدمشق بمدرسة ابن الحنبلي مدة حتى نسخ تاريخ ابن عساكر انتهى وبسط ترجمته وفيها فوائد كثيرة الثانيه سراج الدين ابو حفص عمر بن علي بن موسى ابن خليل البغدادي الازجي الفقيه المحدث رحل الى دمشق فقرا صحيح البخاري على الحجار بالحنبلية وحضر قراءته الشيخ تقي الدين بن تيميه وخلق كثير توفي مطعونا في طريق الحج قبل دخوله الى الميقات ودفن بتلك المنزله ومعه نحو خمسين نفسا سنة تسع واربعين وسبعمائة لخصته من طبقات الحنابلة لابن مفلح رحمه الله تعالى الثالثه الوقف عليها البستان والحصة في الحولة والارض في جهة حلبون

المدرسة الصاحبيه

وعسال قال الشيخ علم الدين البرزالي في تاريخه ومن خطه رحمه الله تعالى نقلت في سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة وفي يوم الاثنين سادس عشر رجب توفي الشيخ شعيب بن ميكائيل بن عبد الله التركماني الجاكيري وصلي عليه ظهر اليوم المذكور بجامع دمشق ودفن بمقبرة باب الصغير وكان موته رحمه الله تعالى بالمارستان ومولده تقريبا في سنة ثمان واربعين وستمائة وسمع بقراءتي صحيح البخاري وكان رجل مباركا حنبليا صالحا صالحا وكان تاجرا في الكتب مدة ثم ضعف وعجز عن الحركه واشترى بما كان معه ملكا ووقفه على نفسه ثم على المدرسة الحنبلية 147- المدرسة الصاحبيه بسفح قاسيون من الشرق قال ابن شداد رحمه الله انشأ ربيعة خاتون بنت نجم الدين أيوب بجبل الصالحية انتهى. قال الذهبي رحمه الله تعالى في العبر في سنة ثلاث وأربعين: اتصل مظفر الدين بخدمه السلطان صلاح الدين وتمكن منه وتزوج بأخته ربيعة واقفة المدرسة الصاحبة وأخت العادل أيضا وقد نفيت على الثمانين ودفنت بمدرستها بالجبل توفيت رحمها الله تعالى في شعبان منها انتهى. وقال ابن كثير رحمه الله تعالى في سنة إحدى وثمانين وخمسمائة: الأمير الكبير سعد الدين مسعود بن معين الدين أنر كان من الأمراء الكبار أيام نور الدين رحمه الله تعالى وصلاح الدين رحمه الله تعالى أيضا وهو أخو الست خاتون وحين تزوجها صلاح الدين زوجه بأخته ست ربيعة بنت أيوب التي تنسب إليها المدرسة الصاحبية بالسفح على الحنابلة وقد تأخرت وفاتها فتوفيت في سنة ثلاث وأربعين وستمائة وكانت آخر من بقي من أولاد أيوب لصلبة انتهى. وقال في سنة ثلاث وأربعين وستمائة المذكورة: الخاتون ربيعة خاتون واقفة الصاحبة بقاسيون بنت أيوب أخت السلطان صلاح الدين زوجها أخوها أولا بالأمير سعد الدين مسعود بن معين الدين اثر وتزوج هو بأخته عصمة الدين خاتون التي كانت زوجة الملك نور الدين رحمه الله تعالى لها الخاتونيه الجوانية

والخانقاه ثم لما مات الأمير سعد الدين زوجها من الملك مظفر الدين صاحب إربل فأقامت عنده بإريل أزيد من أربعين سنة حتى مات ثم قدمت دمشق فسكنت في دار العقيقي وهي دار أبيه اأيوب حتى كانت وفاتها في هذه السنة وقد جاوزت الثمانين ودفنت بقاسيون وكان في خدمتها الشيخة الصالحة العالمة امة اللطيف بنت الصالح الحنبلي وكانت فاضلة لها تصانيف وهي التي أرشدتها إلى وقف المدرسة الصاحبة بقاسيون على الحنابلة انتهى. وسيأتي في المدرسة العالمة أنه انها صودرت لأجلها. وقال الصفدي رحمه الله تعالى في حرف الراء: ربيعة خاتون بنت نجم الدين أيوب بن شادي أخت الناصر والعادل تزوجت بالأمير سعد الدين مسعود ابن الأمير معين الدين انر فلما مات تزوجت بالملك المظفر صاحب إربل فبقيت عنده بإربل فلما مات قدمت إلى دمشق وفي خدمتها العالمة امة اللطيف بنت الناصح بن الحنبلي فأحبتها وحصل لها من حبها أموال عظيمة وأشارت عليها ببناء المدرسة الصاحبة بسفح قاسيون فبنتها ووقفتها على الناصح والحنابلة وتوفيت بدمشق سنة ثلاث وأربعين وستمائة في دار العقيقي التي صيرت المدرسة الظاهرية ودفنت بمدرستها تحت القبور ولقيت العالمة بعدها شدائد من الحبس ثلاث سنين بالقلعة والمصادرة ثم تزوج بها الأشرف صاحب حمص ابن المنصور1 وسافر بها إلى الرحبة وتوفيت هناك سنة ثلاث وخمسين وستمائة ولربيعة عدة محارم سلاطين وهي أخت ست الشام الآتي ذكرها إن شاء الله في حرف السين انتهى. واستولى الصاحب معين الدين ابن الشيخ على موجودها فلم يمنع وعاش بعدها أيام قلائل. وقال ابن خلكان رحمه الله تعالى: كانت وفاتها بدمشق وغالب ظني أنها جاوزت ثمانين سنة وأدركت من محارمها الملوك من إخوتها وأولادهم أكثر من خمسين رجلا فإن إربل كانت لزوجها مظفر الدين والموصل لأولاده ابنها

_ 1 شذرات الذهب 5: 311.

وخلاط وتلك الناحية لابن أخيها وبلاد الجزيرة الفراتيه للأشرف ابن أخيها وبلاد الشام لأولاد إخوتها والديار المصرية والحجازية واليمن لأخوتها وأولادهم قالت أنا مثل عاتكة بنت يزيد بن معاوية رحمه الله تعالى زوجة عبد الملك بن مروان وسيأتي ذكرها في حرف العين انتهى. ثم قال ابن شداد رحمه الله تعالى: أول من ذكر بها الدرس ناصح الدين الحنبلي ثم من بعده ولده سيف الدين يحيى إلى أن توفي وناب عنه فيها صفي الدين خليل المراغي1 حين توجه إلى بغداد وابن أخيه شرف الدين محمد بن علي بن عبد الله ابن الشيخ ناصح الدين وبقيت على أولاده وينوب عنهم فيها الشيخ تقي المعروف بابن الواسطي2 وهو مستمر بها إلى الآن انتهى. وقال ابن كثير رحمه الله تعالى في تاريخه سنة ثمان وعشرين وستمائة: وفيها درس الناصح الحنبلي بالصاحبة بسفح قاسيون التي أنشأتها الخاتون ربيعة بنت أيوب أخت ست الشام اه. زاد الأسدي في سنة ثمان وعشرين المذكورة: ودرس بالصاحبة الناصح بن الحنبلي في شهر رجب وكان يوما مشهورا وحضرت الواقفة وراء الستر انتهى. ثم قال ابن كثير في سنة أربع وثلاثين وستمائة: والناصح بن الحنبلي في ثالث المحرم توفي الشيخ ناصح الدين عبد الرحمن بن نجم بن عبد الوهاب ابن الشيخ أبي الفرج الشيرازي وهم ينتسبون إلى سعد بن عبادة رضي الله تعالى عنه ولد الناصح سنة أربع وخمسين وخمسمائة وقرأ القرآن وسمع الحديث وكان يعظ في بعض الأحيان وقد ذكر أنه وعظ في حياة الحافظ عبد الغني3 وهو أول من درس بالصاحبية التي بالجبل وله تصانيف وقد اشتغل على ابن المني ببغداد وكان فاضلا وكانت وفاته بالصالحية ودفن هناك انتهى. وقد مرت له ترجمة في المدرسة الحنبلية من كلام الذهبي وغيره ومرت ترجمة يحيى ابنه فيها أيضا. وقال الذهبي في سنة اثنتين وتسعين وستمائة وابن الواسطي العلامة الزاهد

_ 1 شذرات الذهب 5: 390. 2 شذرات الذهب 5: 419. 3 شذرات الذهب 4: 345.

القدوة مسند الوقت تقي الدين أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن أحمد بن فضل الصالحي الحنبلي ولد سنة اثنتين وستمائة وسمع من ابن الحرستاني وابن البنا وطائفة ورحل إلى بغداد وسمع من الفتح ابن عبد السلام1 وطبقته وأجاز له ابن طبرزد وأبو الفخر أسعد2 وخلق وتفقه وأتقن المذهب ودرس بالصاحبية وكان فقيها زاهدا عابدا مخلصا قانتا صاحب جد وصدق وقول بالحق وله هيبه بالنفوس توفي رحمه الله تعالى في يوم الجمعة رابع جمادى الآخرة ودفن بالروضة انتهى. وقال ابن كثير في تاريخه في سنة اثنتين وتسعين المذكورة: الشيخ تقي الدين الواسطي أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن أحمد بن فضل الواسطي ثم الدمشقي الحنبلي تقي الدين شيخ الحديث بالظاهرية بدمشق توفي رحمه الله تعالى يوم الجمعة آخر النهار رابع عشرين جمادى الآخرة عن تسعين سنة وكان رجلا صالحا انفرد بعلو الرواية ولم يخلف بعده مثله وتفقه في بغداد ثم رحل إلى الشام ودرس بالصاحبية عشرين سنة وبمدرسة أبي عمر رحمه الله تعالى وولي في آخر عمره مشيخة الحديث في الظاهرية بدمشق بعد سفر ألفاروثي وكان داعية إلى مذهب السلف والصدر الأول وكان يعود المرضى ويشهد الجنائز ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وكان من خيار عباد الله تعالى وقد درس بعده بالصاحبه الشيخ شمس الدين محمد بن عبد القوي المرداوي وبدار الحديث الظاهرية شرف الدين عمر بن الخواجا المعروف بالناسخ3 انتهى. وابن عبد القوي المذكور قال ابن مفلح محمد بن عبد القوي ابن بدران بن عبد الله المقدسي الفقيه المحدث شمس الدين أبو عبد الله سمع من خطيب مردا وعثمان ابن خطيب القرافة وابن عبد الهادي4 وغيرهم وطلب وقرأ بنفسه وتفقه على الشيخ شمس الدين بن أبي عمر ودرس وأفتى وصنف وولي تدريس الصاحبة بعد ابن الواسطي مدة فتخرج به جماعة وممن قرأ عليه العربية الشيخ تقي الدين بن تيميه وله تصانيف وحدث وروى عنه

_ 1 شذرات الذهب 5: 116. 2 شذرات الذهب 5: 24. 3 شذرات الذهب 6: 4. 4 شذرات الذهب 5: 293.

إسماعيل بن الخباز في مشيخته توفي رحمه الله تعالى في ثاني عشر شهر ربيع الأول سنة تسع وتسعين وستمائة ودفن بسفح قاسيون انتهى. وقال الذهبي في ذيل العبر في سنة عشر وسبعمائة: ومات بالصالحية قاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن حسن1 بن أبي موسى ابن الحافظ المقدسي مدرس الصاحبية الذي انتزع القضاء من تقي الدين سليمان بن حمزة ثم عزل بعد ثلاثة أشهر وأعيد تقي الدين روى عن ابن عبد الدائم وعاش أربع وخمسين سنة انتهى. وقد مرت ترجمته بأطول من هذه في المدرسة الجوزية وقال الحافظ شمس الدين الحسيني في ذيل العبر في سنة إحدى وخمسين وسبعمائة: ومات بدمشق في شعبان شيخنا الإمام الثقة الخير المعمر شمس الدين أبو المظفر يوسف بن يحيى بن عبد الرحمن بن نجم بن الحنبلي الشيرازي الأصل الصالحي الحنبلي حدث عن أبيه والشيخ شمس الدين وطائفة ودرس بالمدرسة الصاحبية بالجبل وله خمس وستون سنة وكان عبدا صالحا انتهى. ثم درس بها العلامة الشيخ اقضى القضاة شمس الدين محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج الراميني صاحب كتاب الفروع وذكر له ابن حفيده في طبقاته ترجمة طويلة فلتراجع قال الحسيني: في ذيله في سنة ثلاث وستين وسبعمائة وفي شهر رجب مات بالصالحية القاضي الإمام العالم العلامة شمس الدين أبو عبد الله محمد بن مفلح المقدسي الصالحي الحنبلي عن إحدى وخمسين سنة أفتى ودرس وناظر وصنف وأفاد وناب في الحكم عن حمية قاضي القضاة جمال الدين المرداوي فشكرت سيرته وأحكامه وكان ذا حظ من زهد وتعفف وصيانة وورع تحسين ودين متين حدث عن عيسى المطعم وغيره انتهى. ثم درس بها شيخ الحنابلة برهان الدين إبراهيم بن محمد بن مفلح صاحب الميعاد بالجامع الأموي بمحراب الحنابلة بكرة نهار السبت يسرد فيه على ما يقال نحو مجلد صغير ويحضر مجلسه الفقهاء من كل مذهب وقد مرت ترجمته في المدرسة الجوزية فوائد:

_ 1 شذرات الذهب 6: 21.

"الأولى" قال الصفدي: محمد بن غازي الموصلي يعرف بالفقاعي شر بدار الست ربيعة خاتون أخت العادل له شعر توفي سنة تسع وعشرين وستمائة انتهى. "الثانية" قال الذهبي في العبر: في سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة مات بمصر المحدث الإمام تاج الدين أبو القاسم عبد الغفار بن محمد بن عبد الكافي السعدي الشافعي في شهر ربيع الأول عن اثنتين وثمانين سنة سمع ابن عزون والنجيب1 وعدة وخرج التساعيات وأربعين مسلسلات وطلب وكتب الكثير وتميز وأتقن وولي مشيخة الصاحبة وأفتى ونسخ نحوا من خمسمائة مجلد وخرج لشيوخ انتهى. وقال تلميذه ابن كير فيها: القاضي الإمام العالم المحدث تاج الدين أبو القاسم عبد الغفار بن محمد بن عبد الكافي بن عوض بن سنان بن عبد الله السعدي الفقيه الشافعي سمع الكثير وخرج لنفسه معجما في ثلاثة مجلدات وقرأ بنفسه الكثير وكتب الخط الجيد وكان متقنا عارفا بهذا الآن يقال أنه كتب بخطه نحوا من خمسمائة مجلد وقد كان شافعيا مفننا ومع هذا ناب في وقت عن القاضي الحنبلي وولي مشيخة الحديث بالمدرسة الصاحبة وتوفي رحمه الله تعالى في مصر في مستهل ربيع الأول عن اثنتين وثمانين سنة انتهى. "الثالثة" الذي علم الآن من وقفها غالب قرية جبة عسال والبستان الذي تحت المدرسة والطاحون وحاكورة غالب تلك الحارة جوارها انتهى. والله سبحانه وتعالى أعلم.

_ 1 شذرات الذهب 5: 336. 2 شذرات الذهب 5: 88م.

المدرسة الصدرية

148- المدرسة الصدرية قال عز الدين الحلبي رحمه الله تعالى واقفها صدر الدين بن منجا2 قال الذهبي في العبر فيمن مات في سنة سبع وخمسين وستمائة: والصدر بن المنجا واقف المدرسة الصدرية الرئيس أبو الفتح أسعد بن عثمان ابن وجيه الدين

أسعد بن المنجا التنوخي الحنبلي المعدل ولد سنة ثمان وتسعين وخمسمائة روى عن ابن طبرزد وتوفي في شهر رمضان ودفن بمدرسته انتهى. وقال تلميذه ابن كثير في سنة سبع المذكورة: واقف الصدرية الرئيس صدر الدين أسعد بن المنجا بن بركات بن مؤمل التنوخي المصري ثم الدمشقي الحنبلي أحد المعدلين ذوي الأموال والمروآت والصدقات الدارة البارة وقف مدرسة للحنابلة قبره بها إلى جانب تربة القاضي جمال الدين المصري في رأس درب الريحان من ناحية الجامع المبرور وقد ولي نظر الجامع المبرور مدة وقد استجد أشياء كثيرة منها سوق النحاسين قبلي الجامع ونقل الصاغة إلى مكانها الآن وقد كانت قبل ذلك حيث يقال لها الصاغة العتيقة وجدد الدكاكين التي بين أعمدة باب الزيادة وثمر للجامع أموالا كثيرة جزيلة وكانت له صدقات كثيرة وذكر عنه أنه كان يعمل صنعة الكيمياء وأنه صح معه عمل الفضة وعندي أن هذا لا يصح عنه والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب انتهى. وقال الصفدي: عثمان بن أسعد بن المنجابن بركات الأجل عز الدين أبو عمرو وأبو الفتح التنوخي الدمشقي الحنبلي والد زين الدين بن المنجا ووجيه الدين محمد وصدر الدين أسعد واقف المدرسة الصدرية بدمشق ولد بمصر وسمع من البوصيري وغيره وكان ذا مال وثروة توفي سنة إحدى وأربعين وستمائة انتهى. وقال شيخنا ابن مفلح في طبقات الحنابلة: أسعد بن عثمان بن أسعد بن المنجا التنوخي: ثم الدمشقي قال الذهبي كان رئيسا محتشما متمولا ووقف داره مدرسة تسمى الصدرية على الحنابلة ووقف عليها ودفن رحمه الله تعالى بها. سمع من حنبل وابن طبرزد روى عنه الدمياطي وابن الخباز وولي نظر جامع بني أمية مدة وثمر له أموالا كثيرة وهو الذي استجد الدكاكين التي بسوق باب الزيادة بين العواميد من الجهتين وبنى في حائط الجامع القبلي حوانيت النحاسين وله آثار حسنة مات رحمه الله تعالى في تاسع عشر شهر رمضان سنة سبع وخمسين وستمائة انتهى. ثم قال عز الدين الحلبي أول من درس بها وجيه الدين ثم أخوه ابن المنجا نيابة عن ولد أخيه صدر الدين ثم من بعده ولد وجيه الدين وهو مستمر بها إلى الآن انتهى.

وقال ابن كثير في تاريخه في سنة ثمان وثمانين وستمائة: الشيخ فخر الدين أبو محمد عبد الرحمن بن يوسف البعلبكي الحنبلي شيخ دار الحديث النورية ومشهد ابن عروة وشيخ الصدرية كان يفتي ويفيد الناس مع ديانة وصلاح وعبادة وزهادة ولد سنة إحدى عشرة وستمائة وتوفي في شهر رجب منها انتهى. وقال الحافظ شمس الدين الحسيني في ذيل العبر في سنة أربعين وسبعمائة: ومات بظاهر دمشق الحافظ الإمام العلامة ذو الفنون شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الهادي المقدسي الصالحي الحنبلي ولد سنة خمس وسبعمائة وسمع أباه القاضي تقي الدين سليمان وأبا بكر بن عبد الدايم وهذه الطبقة ولازم الحافظ المزي فأكثر عنه وتخرج به واعتنى بالرجال والعلل وبرع وجمع وصنف وتفقه بشيخ الإسلام تقي الدين بن تيميه وكان من جملة أصحابه ودرس بالمدرسة الصدرية وولي مشيخة الضيائية والصبابية وتصدر للاشغال والإفادة وكان رأسا في القراآت والحديث والفقه والتفسير والأصلين والعربية واللغة وتخرج به خلق وروى الذهبي عن المزي عن السروجي عنه توفي يوم الأربعاء عاشر جمادى الأولى وسمعت شيخنا الذهبي يقول يومئذ بعد دفنه والله ما اجتمعت به قط إلا استفدت منه رحمهم الله تعالى انتهى. وقال ابن مفلح في طبقاته: إبراهيم بن محمد بن أبي بكر بن أيوب الشيخ العلامة برهان الدين ابن الشيخ المفنن شمس الدين المعروف بابن القيم حضر على أيوب ابن نعمة النابلسي1 ومنصور بن سليمان البعلي وسمع من ابن الشحنة واشتغل في أنواع العلوم وأفتى ودرس وناظر وذكره الذهبي في معجمه المختص وقال: تفقه بأبيه وشارك بالعربية وسمع وقرأ وتنبه واسمعه أبوه بالحجاز وطلب بنفسه وقال ابن رافع طلب الحديث وأفتى وتفقه واشتغل بالعربية ودرس بالصدرية زاد ابن كثير والتدمرية وله تصدير بالجامع الأموي وخطابة جامع خليخان يعني بالقراونة وشرح الفية ابن مالك وسماه "ارشاد السالك إلى حل الفية ابن مالك". قال شيخنا قاضي القضاة تقي الدين ابن قاضي شهبة: وكان له

_ 1 شذرات الذهب 6: 93.

أجوبة مسكته وقد وقع بينه وبين ابن كثير في بعض المحافل فقال له ابن كثير: أنت تكرهني لأني أشعري فقال له: لو كان من رأسك إلى قدمك شعر ما صدقك الناس أنك أشعري توفي يوم الجمعة مستهل صفر سنة سبع وستين وسبعمائة ببستانه بالمزة وصلي عليه بجامع المزة ثم صلي عليه بجامع جراح ودفن عند أبيه بباب الصغير وحضر جنازته القضاة والأعيان وكانت جنازته حافلة. قال ابن كثير: بلغ من العمر ثماني وأربعين سنة فترك مالا كثيرا يقارب مائة ألف درهم انتهى. وقال في المحمدين: محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعيد الزرعي ثم الدمشقي الفقيه الأصولي المفسر النحوي الصادق شمس الدين أبو عبد الله محمد بن قيم الجوزية سمع من القاضي تقي الدين سليمان وفاطمة بنت جوهر وعيسى المطعم وأبي بكر بن عبد الدايم وجماعته وتفقه في المذهب وأفتى ولزم الشيخ تقي الدين وأخذ عنه وتفنن في علوم شتى وكان عارفا عالما بالتفسير وبأصول الدين والفقه وله اعتناء بعلم الحديث والنحو وعلم الكلام والسلوك وقد أثنى عليه الذهبي ثناء كثيرا. وقال برهان الدين الزرعي ماتحت اديم السماء أوسع علما منه ودرس بالصدرية وغيرها وأوقف كتبا حسانا في علوم شتى توفي في ليلة الخميس ثالث عشر شهر رجب سنة إحدى وخمسين وسبعمائة وصلي عليه من الغد بالجامع الأموي ودفن رحمه الله تعالى بمقبرة باب الصغير وشيعه خلق كثير ورؤيت له منامات حسنة انتهى. وقال فيها عبد الله ابن محمد بن أبي بكر بن أيوب الزرعي الأصلي ثم الدمشقي الفقيه الفاضل المحصل جمال الدين ابن الشيخ العلامة شمس الدين بن قيم الجوزية الخطيب بجامع سليمان وهو أول من خطب به قال ابن كثير: وكان لديه علوم جيدة وذهن حاضر حاذق أفتى ودرس وناظر وحج مرات وكان اعجوبة زمانه وتوفي رحمه الله تعالى يوم الأحد رابع عشر شعبان سنة ست وخمسين وسبعمائة وكانت جنازته حافلة انتهى. وقال فيها عبد الرحمن بن أبي بكر بن أيوب بن سعد بن حريز بن مكي الشيخ القدوة أبو الفرج زين الدين الزرعي ثم الدمشقي أخو الشيخ شمس الدين بن القيم وسمع من أبي بكر

ابن عبد الدائم وعيسى المطعم والحجاز وحدث قاله ابن رافع. وذكره ابن رجب في مشيحته وقال: سمعت عليه كتاب "التوكل" لابن أبي الدنيا بسماعه على الشهاب العابر وتفرد بالرواية عنه توفي رحمه الله تعالى ليلة الأحد حدثا من عشرين ذي الحجة سنة تسع وستين وسبعمائة وصلي عليه من الغد بجامع دمشق ودفن بباب الصغير انتهى. وقال إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن أيوب الشيخ الإمام الخطيب عماد الدين أبو الفدا ابن الشيخ زين الدين الزرعي الأصلي الدمشقي المعروف بابن القيم وابن قيم الجوزية هو أبو بكر قال الشيخ شهاب الدين بن حجي كان رجلا حسنا اقتنى كتبا نفيسة وهي كتب عمه الشيخ شمس الدين محمد وكان لا يبخل بعاريتها وكان خطيب جامع خليخان وأخذ الخطابة بعده القاضي برهان الدين بن العماد توفي رحمه الله تعالى يوم السبت خامس عشر شهر رجب سنة تسع وتسعين وسبعمائة والله سبحانه وتعالى أعلم انتهى.

المدرسة الضيائية المحمدية

149- المدرسة الضيائية المحمدية بسفح قاسيون شرقي الجامع المظفري قال ابن شداد بانيها الفقيه ضياء الدين محمد بجبل الصالحيه انتهى. قال الذهبي في تاريخه العبر فيمن مات في سنة ثلاث وأربعين وستمائة والشيخ الضياء أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي الحنبلي الحافظ أحد الأعلام ولد سنة سبعه وستين وخمسمائة وسمع من الخضر بن طاووس1 وطبقته بدمشق ومن ابن المعطوش وطبقته ببغداد ومن ابن البوصيري وطبقته بمصر ومن أبي جعفر الصيدلاني وطبقته بأصبهان ومن أبي الروح والمؤيد وطبقتهما بخراسان وأفنى عمره في هذا الآن مع الدين المتين والورع والفضيلة التامة والثقة والإتقان انتفع الناس بتصانيفه والمحدثون بكتبه توفي رحمه الله تعالى في السادس والعشرين جمادى الآخرة انتهى. وقال تلميذه ابن كثير في تاريخه الحافظ ضياء الدين محمد المقدسي صاحب الأحكام

_ 1 شذرات الذهب 4: 261.

هو محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن المقدسي سمع حديث الكثير وكتب كثيرا ورحل وطاف وجمع وصنف وألف كتبا مفيدة حسنة كثيرة الفوائد من ذلك "كتاب الأحكام" ولم يتمه و "كتاب الأحاديث المختارة" وفيه علوم حسنة مفيدة حديثية وهي أزيد وأجود من مستدرك الحاكم لو كملت وله "فضائل الأعمال" وغير ذلك من الكتب الحسنة الدالة على كثرة حفظه واطلاعه وتضلعه من علم الحديث متنا وإسنادا. وكان في غاية العبادة والزهادة والورع وقد وقف كتبا كثيرا بخطه بخزانة المدرسة الضيائية التي وقفها على أصحابهم من أهل الحديث والفقهاء وقد وقف عليها أوقافا آخر كثيرة بعد ذلك انتهى. وقال الصفدي في تاريخه في المحمدين: الحافظ ضياء الدين المقدسي محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن بن إسماعيل الحافظ الحجة الإمام ضياء الدين أبو عبد الله السعدي المقدسي الصالحي صاحب التصانيف ولد بالدير المبارك سنة سبع وستين وخمسمائة لزم الحافظ عبد الغني وتخرج به وحفظ القرآن وتفقه ورحل أولا إلى مصر سنة خمس وتسعين ورحل إلى بغداد بعد موت ابن كليب ومن هو أكبر منه وسمع من ابن الجوزي الكثير بهمدان ورحل ثم رجع إلى دمشق بعد الستمائة ثم رحل إلى أصفهان فأكثر فيها وتزيد وحصل أشياء كثيرة من المسانيد والأجزاء ورحل إلى نيسابور فدخلها ليلة وفاة الفرواي1 ورحل إلى مرو وسمع بحلب المحروسة وحران والموصل وقدم دمشق بعد خمسة أعوام بعلم كثير وحصل أصولا نفيسة فتح الله بها عليه هبة وشراء ونسخا وسمع بمكة المشرفة ولزم الاشتغال لما رجع واكب على التصنيف والنسخ وأجاز له السلفي وشهدة وأحمد ابن علي الناعم وأسعد بن يلدك2 وتجنى الوهبانية3 وابن شاتيل وعبد الحق اليوسفي4 وأخوه عبد الرحيم5 وعيسى الدوشابي6 ومحمد بن نسيم العيشوني7 ومسلم بن ثابت

_ 1 شذرات الذهب 4: 261. 2 شذرات الذهب 5: 34. 3 شذرات الذهب 4: 250. 4 شذرات الذهب 4: 251. 5 شذرات الذهب 4: 248. 6 شذرات الذهب 4: 252. 7 شذرات الذهب 4: 249.

النحاس1 وأبو شاكر السفلاظوني2 وابن بري النحوي وأبو الفتح الخرقي3 وخلق كثير. قال الشيخ شمس الدين: سمعت الحافظ أبا الحجاج المزي وما رأيت مثله يقول: الشيخ الضياء أعلم بالحديث والرجال من الحافظ بن عبد الغني ولم يكن في وقته مثله ومن تصانيفه "كتاب الأحكام" يقرب قليلا ثلاث مجلدات و "فضائل الأعمال" مجلد و "الأحاديث المختارة" خرج منها تسعين جزءا وهي الأحاديث التي تصلح أنه يحتج بها سوى ما في الصحيحين خرجها من مسموعاته و "فضائل الشام" ثلاثة أجزاء و "فضائل القرآن" جزء وكتاب "صفة الجنة" وكتاب "صفة النار" و "مناقب أصحاب الحديث" و "النهي عن سب الصحابة" و "سير المقادسة كالحافظ عبد الغني والشيخ الموفق والشيخ أبي عمر وغيرهم" رحمهم الله تعالى في عدة مجلدات وله تصانيف كثيرة في أجزاء عديدة وبنا مدرسة على باب الجامع المظفري واع أنه عليها بعض أهل الخير وجعلها دار حديث وان يسمع فيها جماعة من الصبيان ووقف بها كتبه وأجزاءه وفيها من وقف الشيخ موفق الدين والبهاء عبد الرحمن والحافظ عبد العزيز وابن الحاجب وابن سلام وابن هامل والشيخ علي الموصلي4 وقد نهبت في نكبة الصالح نوبة قازان وراح منها شيئا كثير ثم تمايلت وتراجعت وجمع بين فقه الحديث ومعانيه وسنده وطرفا من الأدب وكثيرا من التفسير واللغة ونظر في الفقه وناظر فيه توفي رحمه الله تعالى يوم الاثنين ثامن عشرين جمادى الآخرة سنة ثلاثة وأربعين وستمائة وله أربعون سنة انتهى. وقال برهان الدين بن مفلح في طبقاته: واقف الضيائية محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن بن إسماعيل بن منصور السعدي المقدسي الحافظ الكبير ضياء الدين أبو عبد الله محدث عصره ووحيد دهره وشهرته تغني عن الأطناب في ذكره سمع بدمشق من أبي المجد البانياسي والخطبة من الخضر بن هبة الله بن طاووس وبمصر من البوصيري

_ 1 شذرات الذهب 4: 243. 2شذرات الذهب 4: 246. 3 شذرات الذهب 4: 266. 4 شذرات الذهب 5: 60.

وببغداد من ابن الجوزي وطبقته وسمع ببلاد شتى يقال أنه كتب عن ازيد من خمسمائة شيخ وحصل أصولا كثيرة وأقام بهراة ومرو وله إجازة من السلفي وشهدة. قال ابن النجار: وكتب عنه ببغداد ونيسابور ودمشق وهو حافظ متقن ثبت ثقة صدوق نبيل حجة عالم بالحديث وأحوال الرجال له مجموعات وتخريجات وهو ورع تقي زاهد عابد محتاط في أكل الحلال مجاهد في سبيل الله ولعمري ما رأت عين أي مثله في نزاهته وعفته وحسن طريقته في طلب العلم وأثنى عليه عمر بن الحاجب والشرف بن النابلسي والذهبي وقال بنى مدرسة على باب الجامع المظفري واع أنه عليها بعض أهل الخير روي عنه ابن نقطة وابن الخباز وابن النجار والبرزالي وابن الحاجب وابن أخيه الفخر بن البخاري والقاضي تقي الدين سليمان بن حمزة وأبو بكر بن عبد الدايم وعيسى المطعم وخلق توفي رحمه الله تعالى يوم الاثنين ثامن عشر جمادى الآخرة سنة ثلاث وأربعين وستمائة ودفن بجبل قاسيون انتهى. ثم ذكر بعده محمد بن عبد المنعم بن غازي بن هامان بن موهوب الحراني إلى أن قال وأقام بدمشق ووقف كتبه وأجزاءه بمدرسته وأثنى عليه البرزالي توفي بدمشق بالمارستان الصغير ليلة الأربعاء ثاني شهر رمضان سنة إحدى وسبعين وستمائة ودفن من الغد بسفح قاسيون انتهى. ثم قال ابن شداد: أول من ذكر بها الدرس بانيها ثم بعده الشيخ عز الدين بن تقي الدين ثم من بعده شمس الدين خطيب جبل الصالحية قاضي القضاة وهو مستمر بها إلى الآن انتهى. وقال الذهبي في تاريخه العبر في سنة ثمان وستمائة وابن الكمال المحدث الإمام شمس الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الرحيم بن عبد الواحد بن أحمد المقدسي الحنبلي ولد سنة سبع وستمائة وسمع الكندي وابن الحرستاني حضورا ومن داود بن ملاعب وطائفة وعني بالحديث وجمع وخرج مع الدين المتين والورع والعبادة وولي مشيخة الضبائية ومشيخة الأشرفية بالجبل توفي رحمه الله تعالى في تاسع جمادى الأولى انتهى. وقال الصفدي في تاريخه في المحمدين: المحدث شمس الدين بن الكمال محمد بن عبد المنعم بن عبد الواحد بن أحمد الإمام المحدث

القدوة الصالح شمس الدين بن كمال المقدسي الحنبلي ابن أخي الحافظ ضياء الدين ولد سنة سبع وستمائة وسمع من الكندي وابن الحرستاني حضورا وابن ملاعب والبكري أبي الفتوح وموسى بن عبد القادر والشمس أحمد بن العطار والشيخ العماد إبراهيم والشيخ الموفق وابن أبي لقمة وابن البن وابن صصري وزين الأمناء وابن راجح وأحمد بن طاووس وابن الزبيدي وخلق كثير وحدث بالكثير نحو أربعين سنة وتمم تصنيف الأحكام الذي جمعه عمه الحافظ ضياء الدين وكان محدثا فاضلا نبيها حسن التحصيل وافر الديانة كثير العبادة نزها عفيفا مخلصا روى عنه الحافظ تقي الدين سليمان وابن تيميه وابن العطار والمزي وابن مسلم وابن الخباز والبرزالي وولي مشيخة الأشرفية التي بالجبل ودرس بالضيائية وحج مرتين حفر مكانا بالصالحية لبعض شأنه فوجد جرة مملؤة ذهبا وكانت زوجته تعينه فقال لزوجته هذا فتنه ولهذا مستحقون لعلنا أن لا نعرفهم فوافقته وطماه وتركاه توفي في سنة ثمان وثمانين وستمائة انتهى. وقال شيخنا ابن مفلح في طبقاته في الأحمدين: وأحمد ابن عبد الله بن أحمد بن أبي بكر السعدي أبو العباس كان من كبار الصالحين الأتقياء حدث عن إبراهيم بن خليل وابن عبد الدايم سمع منه الذهبي وقال: سألت عنه ولده فقال ما أعلم فيه شيئا يشينه في دينه وكان شيخ الحديث في الضيائيه حدث بالكثير سمع منه ابن الخباز وغيره توفي في ذو الحجة سنة ثلاث وسبعمائة انتهى. وقال فيها أيضا: محمد بن إبراهيم ابن عبد الله ابن الشيخ أبي عمر المقدسي الخطيب البليغ الصالح العالم القدرة عز الدين أبو عبد الله محمد ابن الشيخ العز سمع من ابن عبد الدائم والكرماني حضورا وسمع كثيرا من أبي عمر وتفقه قديما بعم أبيه الشيخ شمس الدين ودرس بمدرسة جده وخطب بالجامع المظفري وكان من الصالحين الأخيار المتفق عليهم وعمر وحدث بالكثير توفي رحمه الله تعالى يوم الاثنين عشرين شهر رمضان سنة ثمان وأربعين وسبعمائة ودفن بتربة جده الشيخ أبي عمر انتهى. وقال فيها: عمر بن سعد الله بن عبد الأحد الحراني ثم الدمشقي الفقيه الفرضي القاضي زين الدين

أبو حفص حضر على أبي الحسن بن البخاري وسمع بالقاهرة ودخل بغداد وأقام ثلاثة أيام وتفقه وبرع في الفقه والفرائض ولازم الشيخ تقي الدين وغيره وكتب بخطه الكثير من كتب المذاهب وكان خيرا دينا حسن الأخلاق متواضعا بشوشا فاضلا فرضيا وذكره الذهبي في معجمه المختص وقال فيه: عالم ذكي متواضع بصير بالفقه والعربية سمع الكثير وولي مشيخة الضيائية فالقى دروسا محررة توفي رحمه الله تعالى في ستة تسع وأربعين وسبعمائة مطعونا شهيدا انتهى. وقال فيها أيضا: شمس الدين القباقبي محمد ابن محمد ابن إبراهيم ابن عبد الله المرداوي الشيخ الإمام شمس الدين الشهير بالقباقبي ثم الصالحي سمع علي أحمد بن عبد الهادي1 نسخة إسماعيل ابن قيراط أبي الفخر عن الخشوعي وله يد طولى في الفقه اشتغل وأفتى ودرس وأنتفع به جماعة منهم صاحبنا الشيخ شمس الدين النسيلي باشر درس الضيائيه جوار جامع المظفري وحضرنا درسه بحضور قاضي القضاة شهاب الدين بن الحبال وجدي الشيخ شرف الدين وغيرهما توفي رحمه الله تعالى يوم الأربعاء ثامن عشر ذي القعدة سنة ست وعشرين وثمانمائة ودفن بالصالحية. فوائد: الأولى قال فيها أيضا: أحمد بن محمد بن عبد الرحيم الشيخ المحدث موفق الدين قارئ الحديث بالضيائية وله اعتناء بالحديث وحصل الأجزاء وصار له معرفه وفهم وكان شابا حسنا دينا محببا إلى الناس سمع من ابن عبد الدائم فمن بعده توفي سنة ثلاث وتسعين وستمائة. الثانية: اعادة بيد الشيخ علي البغدادي. الثالثة: الوقف عليها غالب دكاكين السوق الفوقاني وحوانيت وجنينة في النيرب وأرض بسقبا ويؤخذ لأهلها ثلث قمح ضياع وقف دار الحديث الأشرفية بالجبل الدير والدوير والمنصورة والتليل والشرفية انتهى.

_ 1 شذرات الذهب 6: 171.

المدرسة الضيائية المحاسنية

105- المدرسة الضيائية المحاسنية قال ابن شداد: مدرسة ضياء الدين محاسن1 كان رجلا صالحا بنى هذه المدرسة وجعلها موقوفة على من يكون أمير الحنابلة يذكر فيها الدرس فأول من ذكر بها الدرس الشيخ عز الدين ابن الشيخ التقي ثم من بعده الشيخ شمس الدين خطيب الجبل وهو مستمر بها إلى الآن انتهى. قلت ولعله الشرابيشي والد نور الدين واقف الشرابيشية المالكية وواقف التربة قبالة جامع جراح فليحرر ورأيت في العبر للذهبي: وماتت عائشة بنت محمد المسلم الحرانية أخت محاسن2 في شوال عن تسعين سنة روت عن العراقي3 والبلخي4 حضورا وعن اليلداني ومحمد بن عبد الهادي5 وتفردت رحمها الله تعالى انتهى. ورأيت في طبقات الحنابلة: محاسن بن عبد الملك بن علي بن منجا التنوخي الحموي ثم الصالحي الفقيه الإمام ضياء الدين أبو إبراهيم سمع من الخشوعي وتفقه على الشيخ موفق الدين حتى برع وأفتى وكان فقيها عارفا بالمذهب زاهدا ما نافس في منصب قط ولا دنيا ولا أكل من وقف بل كان يتقوت من شكارة تزرع له بحوران وما آذى قط مسلما ولا دخل حماما ولا تنعم في ملبس ولا مأكل ولا زاد على ثوب وعمامة قرأ عليه توفي رحمه الله تعالى ليلة الرابع من جمادى الآخرة سنة ثلاث وأربعين وستمائة بجبل قاسيون ودفن به انتهى.

_ 1 شذرات الذهب 5:223. 2 شذرات الذهب 6:113. 3 شذرات الذهب 5: 255. 4 شذرات الذهب 5: 261. 5 شذرات الذهب 5: 295.

المدرسة العمرية الشيخية

151- المدرسة العمرية الشيخية قال عز الدين مدرسة الشيخ أبي عمر بالجبل في وسط دير الحنابلة واقفها وبانيها الشيخ أبو عمر الكبير والد قاضي القضاة شمس الدين الحنبلي وكان من الأول ياء المشهورين انتهى. قال الذهبي في العبر في سنة سبع وستمائة: والشيخ

أبو عمر المقدسي الزاهد محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة بن مقدام بن حسن الحنبلي القدوة الزاهد أخو العلامة موفق الدين ولد بجماعيل سنة ثمان وعشرين وخمسمائة وهاجر إلى دمشق لاستيلاء الفرنج على الأرض المقدسة وسمع الحديث من أبي المكارم عبد الواحد بن هلال وطائفة كثيرة وكتب الكثير بخطه وحفظ القرآن والفقه والحديث وكان إماما فاضلا مقريا زاهدا عبادا قانتا لله خائفا من الله منيبا إلى الله كثير النفع طلق الوجه ذا أوراد وتهجد واجتهاد وأوقات مقسمة على الطاعة بين الصيام والقيام والذكر وتعلم العلم والفتوى والفتوة والمروءة والخدمة والتواضع رحمه الله تعالى فلقد كان عديم النظير بزمانه خطب بجامع الجبل إلى أن توفي في الثاني والعشرين من شهر ربيع الأول رحمه الله تعالى انتهى. وقال في مختصر تاريخ الإسلام في سنة سبع المذكورة والزاهد الكبير أبو عمر محمد بن أحمد بن قدامة الصالحي الحنبلي واقف المدرسة المباركة وله ثمانون سنة انتهى. وذكر له شيخنا البرهان بن مفلح في الطبقات ترجمة طويلة إلى أن قال: وله آثار جميلة منها مدرسة بالجبل وهي وقف على القرآن والفقه وقد حفظ القرآن فيها أمم لا يحصون وذكر جماعة أن الشيخ أبا عمر قطبا أقام قطب الوقت قبل موته ست سنين وكان آخر كلامه {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إلا وأنتمْ مُسْلِمُونَ} الآية. وحرز من حضر جنازته فكانوا عشرين ألفا ودفن بجبل قاسيون انتهى. وأما والده فقال الحافظ الذهبي في سنة ثمان وخمسين في كتاب العبر: وفيها توفي الشيخ أحمد بن محمد بن قدامة الزاهد والد الشيخ أبي عمر والشيخ موفق الدين وله سبع وستون سنة وكان خطيب قرية جماعيل ففر بدينه من الفرنج مهاجرا إلى الله ونزل مسجد أبي صالح الذي بظاهر باب شرقي سنتين ثم صعد إلى الجبل وبنى الدير ونزل هو وآله بسفح قاسيون وكانوا يعرفون بالصالحين لنزولهم بمسجد أبي صالح المذكور ومن ثم قيل جبل الصالحية وكان زاهدا صالحا قانتا لله صاحب جد وصدق وحرص على الخير رحمه الله تعالى انتهى. وقال ابن كثير في تاريخه في ترجمة أبي عمر في سنة سبع وستمائة: ولد سنة ثمان وعشرين وخمسمائة

بقرية أكساوية وقيل بجماعيل وهو الذي ربى الشيخ موفق الدين أخاه وأحسن إليه وكان يقوم بمصالحة وهو الذي قدم به من تلك البلاد فنزلوا بمسجد أبي صالح ثم انتقلوا منه إلى السفح وليس له من العمارة سوى دير الحوراني قال فقيل لنا "الصالحين" ينسبوننا إلى مسجد أبي صالح لا أننا صالحون وسميت هذه البقعة بالصالحية نسبة الينا انتهى. ولأحمد بن الحسن بن عبد الله بن أبي عمر1 في مدح الصالحيه يقول: الصالحية جنة ... والصالحون بها أقاموا فعلى الديار وأهلها ... مني التحية والسلام وولي قضاء الحنابلة وهو المشهور بشرف الدين جمال الإسلام ابن قاضي القضاة شرف الدين الخطيب المعروف بابن قاضي الجبل مات رحمه الله تعالى سنة إحدى وسبعين وسبعمائة ودفن بمقبرة جده أبي عمر ومسجد أبي صالح المذكرو قال ابن شداد في كتابه الاعلاق الخطيرة: مسجد أبي صالح قديم ثم كان يلزمه أبو بكر بن سند بن حمدوية الزاهد وخلفه فيه أبو صالح صاحبه فنسب إليه سكنه جماعة من الصالحين فيه بئر وله وقف وإمام انتهى. وقال الذهبي في كتابه العبر في سنة ثلاثين وخمسمائة: وفيها الزاهد العابد أبو صالح صاحب المسجد المشهور الكائن بظاهر باب شرقي يقال له مفلح وكان من الصوفية العارفين انتهى. وقال الشيخ تقي الدين الأسدي الشهير بابن قاضي شهبة في تاريخه في سنة ثلاثين وخمسمائة: أبو صالح العابد مفلح بن عبد الله الشيخ العابد أبو صالح الحنبلي واقف مسجد أبي صالح ظاهر باب شرقي صحب الشيخ أبا بكر بن سند بن حمديه الدمشقي وكان له كرامات وأحوال ومقامات روى الحافظ ابن عساكر من طريق أبي بكر محمد بن داود الدينوري الرقي عن الشيخ أبي صالح قال: كنت أطوف بجبل لبنان في طلب العباد فرأيت في جبل اللكام رجلا عليه مرقعة جالسا على حجر فقلت: ياشيخ ما تصنع

_ 1 شذرات الذهب 6: 219.

ههنا؟ فقال أتفكر وأرعى فقلت: ما أرى بين يديك إلا الحجارة فما تنظر وترعى؟ فتغير وقال: انظر خواطر قلبي وأرعى أوأمر ربي فبحق الذي أظهرك علي إلا جزت عني فقلت له كلمني بشيء أنتفع به حتى أمضي قال: من لزم الباب أثبت من الخدم ومن أكثر الذنوب أكثر الندم وعن الشيخ أبي صالح قال: مكثت ستة أيام أو سبعة أيام لا آكل ولا أشرب ولحقني عطش شديد فجئت النهر الذي وراء المسجد فجلست أنظر إلى الماء فذكرت قوله تعالى: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} فذهب عني العطش فمكثت تمام العشرة أيام وعنه قال: مكثت مرة أربعين يوما لا أشرب فلقيني الشيخ أبو بكر محمد بن حمدوية فأدخلني منزله وجاءني بماء وقال لي: اشرب فشربت فأخذ فضلي وذهب إلى أمراته وقال: اشربي فضل رجل قد مكث أربعين يوما لم يشرب الماء. قال أبو صالح: ولم يكن اطلع على ذلك إلا الله تعالى عز وجل. قال ابن كثير: ولأبي صالح مناقب كثيرة توفي رحمه الله تعالى في جمادى الأولى انتهى. وشرط النظر فيه الحنابلة وهو بيد القاضي ناصر الدين بن زريق وفيه أمور مرتبة وفيه بيوت حوله وغالب ما فيه انقطع والبيوت خربت والظاهر أن هذه المدرسة العمرية أصلها من بناية نور الدين الشهيد رحمه الله تعالى ولما قال شيخنا بدر الدين بن قاضي شهبة في كتابه الكواكب الدرية في السيرة النورية قال في المرآة إلى أن قال فيها وفيها ما حكاه لي الشيخ أبو عمر شيخ المقادسة رحمه الله تعالى قال كان نور الدين يزور والدي الشيخ أحمد في المدرسة الصغير التي على نهر يزيد المجاورة للدير ونور الدين بنى هذه المدرسة والمصنع والفرن قال فجاء نور الدين لزيارة والدي وكان بسقف المسجد خشبة مكسورة فقال له يا نور الدين لو كشفت السقف وجددته فنظر إلى الخشبة وسكت فلما كان من الغد جاء معماره ومعه خشبة صحيحة فزرقها موضع المكسورة ومضى قال: فعجب الجماعة فلما جاء إلى الزيارة قال بعض الحاضرين: يا نور الدين فاكرتنا في كشف سقف وإعادته فقال: لا والله وإنما هذا الشيخ أحمد رجل صالح وأنا أزوره لانتفع به وما أردت أن أزخرف له المسجد وانقض ما هو صحيح وهذه

الخشبة يحصل بها المقصود فدعوني مع حسن ظني فلعل الله ينفعني به انتهى. ولكن التحقيق والصواب أن هذه المدرسة التي بناها نور الدين هي المسجد المشهور الآن بمسجد ناصر الدين غربي المدرسة العمرية بدليل قوله: وكان في سقف المسجد وقوله المجاورة للدير فان العمرية بفصل بينها وبين المسجد الطريق ووصفها بالصغيرة فإنه اصغيرة بالنسبة إلى العمرية والمسجد المذكور يقال له أيضا: مسجد عز الدين إمامته بيد الشيخ علي البغدادي وبه درس ابن الحبال بن شهاب الدين بن زريق مرتب فيه عشرون من الطلبة والدير المذكور يعرف بدير الحنابلة أيضا عليه أوقاف منها أضحية ست زينيه تفرق في كل سنة بيد القاضي بدر الدين بن عبد الهادي والهامه أختلف فيها فقيل هي وقف عليه وفرقت على أهل الدير مدة وقيل على أهل الدين من الحنابلة وحكم بذلك القاضي محب الدين بن قاضي عجلون سنة ثمان وسبعين وثمانمائة وهي بيد شهاب الدين بن زريق وبني عبد الملك والمصنع المذكور وهو المشهور الآن ببير الشيخ قبلي الدير يفصل بينهما النهر والفرن ليس الآن بموجود قال ابن كثير في سنة أربع وعشرين وسبعمائة: القاضي سيف الدين بكتمر والي الولاة صاحب الأوقاف في بلدان شتى من ذلك مدرسة بالصلت وله درس بمدرسة أبي عمر وغير ذلك توفي رحمه الله تعالى بالأسكندرية وهو نائبها في خامس شهر رمضان انتهى. وذكرت في ذيل على ذيل ابن قاضي شهبة في سنة سبع وأربعين وثمانمائة: وفي آخر يوم الخميس تاسع عشرين شهر رجب منها توفي بدمشق شهاب الدين أحمد بن زريق بن زين الدين عبد الرازق الحنبلي المعروف بابن الديوان الكاتب بديوان ابن منجك قال ابن الزملكاني: وقد جاوز الخمسين سنة وأفادني ولده تاج الدين أن ميلاده سنة إحدى وثمانمائة فعلى هذا لم يصل الخمسين بل تنقص عنها سنتان كان والده من طلبة الحنابلة رافق تقي الدين بن قاضي شهبة في الأخذ عن الشيخ علاء الدين بن اللحام وباشر عند الأمير محمد بن منجك وصار ابن منجك يلطخ بسببه باعتقاد الحنابلة ويساعدهم وكان فقيرا يركب حمارة لكنه لما باشر عند المذكور وعند والده تنبل وحصل له دنيا وظهر له

كفاية ونهضة وسياسة بحيث أن الأمير محمد سلم أمره إليه واعتمد عليه في أمور هـ كلها وعمولة الجامعين المشهورين ولما مات أوصى إليه وطلب إلى مصر فدارى ورجع وكان فيه حشمة وعقل تام وبنصر الحنابلة ويذب عنهم ورؤوسهم مرتفعة به ووسع مدرسة أبي عمر من جهة الشرق وكان مقصدا كثير الصدقات والإحسان إلى جير أنه والفقراء والأرامل توفي رحمه الله تعالى ليلة الخميس المذكورة بعد ضعف طويل نحو ثلاث سنين ومع ذلك كان لا ينقطع من الاشتغال وعمل مصالحه ودفن في الروضة وترك مالا كيرا وعدة أولاد صغار وأوصى إلى شمس الدين الباعوني زوج أخته انتهى. وهذه التوسعة المذكورة في مدرسة أبي عمر هي المسماة بالجديدة وقد وسعها أستاذ قبله من حد أي ون الحنفية إلى جهة الشرق وقد ذكرت في الذيل المذكور في سنة أربع وأربعين وثمانمائة وفي يوم الأحد خامس عشر شهر ربيع الأول منها توفي الأمير ناصر الدين محمد بن إبراهيم بن منجك أحد الأمراء بدمشق وصلي عليه بجامع دنكزف أنه توفي رحمه الله تعالى بالمنيع وكانت جنازته حافلة حضرها النائب والأمراء وغالب أهل دمشق ومبارك شاه قاصد شاه رخ الملك العجم ثم حمل إلى تربته التي أنشأها بجسر الفجل بميدان الحصى فدفن بها وكان ذا عقل تام ودين وافر وله مآثر حسنة منها أنه عمر جامعا لصيق تربته المذكورة وجامعا آخر بمحله مسجد القصب خارج سور دمشق وعمر بمدرسة أبي عمر الجانب الشرقي منها وجاء في غاية الحسن وعمر بدرب الحاج بركة تبوك وأجرى على الفقراء وعلى الأرامل صدقات كثيرة وكان مغرما بالصيد وبالجوارح ماهرا في ذلك ثم أنه حج ولما وصل إلى المدينة الشريفة على مشرفها أفضل الصلاة وأتم السلام أراد المقام بها والتخلف عن الحج لمرض اعتراه واستمر متمرضا إلى أن عاد فأوصى إلى كاتبه ابن عبد الرزاق وجعل النظر في ذلك للقاضي عظيم الدولة زين الدين عبد الباسط وخلف مالا كثيرا وترك ولدا اسمر من جارية حبشية اسمه إبراهيم انتهى. ثم قال عز الدين أول من ذكر بها الدرس الشيخ تقي الدين ثم من بعده عز الدين ولده ثم من بعد الشيخ شمس الدين الخطيب ثم

أعطاها لولده نجم الدين الخطيب وهو مستمر بها إلى الآن انتهى. وقال ابن مفلح في الطبقات: عبد العزيز بن عبد الملك بن عثمان المقدسي الفقيه عز الدين أبو محمد سمع من أسعد بن سعيد بن روح وعمر بن طبرزد وغيرهما وتفقه في المذهب ودرس بمدرسة الشيخ أبي عمر حدث توفي في حادي عشر ذي القعدة سنة أربع وثلاثين وستمائة وقال فيها: علي بن عبد الرحمن بن أبي عمر ابن الشيخ الإمام أبو الحسن علي ابن شيخ الإسلام شمس الدين المقدسي قتله التتار على مرحلتين من البيرة قال البرزالي: كان رجلا حسنا درس بحلقة الثلاثاء بجامع دمشق وبمدرسة جده الشيخ أبي عمر رحمه الله تعالى وأم بالجامع المظفري وقتل مع جماعة من الحنابلة مات في شهر ربيع الآخر سنة تسع وتسعين وستمائة انتهى. ثم قال: درس بها الخطيب عز الدين بن العز وقد مرت ترجمته في المدرسة الضيائية ثم درس بها العلامة صاحب الفروع شمس الدين بن مفلح وقد مرت ترجمته في المدرسة الصاحبة وقال تقي الدين ابن قاضي شهبة في شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وثمانمائة وممن توفي فيه القاضي علم الدين أبو الربيع سليمان ابن افقيه نجم الدين أبي المنجا فرج بن علم الدين الحجيني الحنبلي اشتغل في أول أمره بدمشق على الحنابلة الموجودين كابن الطحان1 وابن غلام الدين الخطيب وعلى القاضي شهاب الدين الزهري وغيره ثم أنه قبل الفتنه سافر إلى الديار المصرية وقرأ على الشيخ سراج الدين بن الملقن وغيره ثم عاد بعد الفتنه إلى دمشق وناب في القضاء للقاضي شمس الدين بن عبادة2 ثم لولده وكان يعرف طرفا من الفقه والنحو والأصول والفرائض ويجلس للأشغال بالجامع الأموي ودرس بمدرسة أبي عمر وكان يكتب على الفتاوى ولكن في عبارته قصور وعليه الخمول وكان دني النفس جدا بحيث أنه بعد مباشرته نيابة القضاء جلس يكتب على الشعير الذي يجيء للسلطان برسم الإقامة وكان متساهلا في القضاء إلى الغاية القصوى كل قضية زور تروج عنده ودخل في مناقلات كثيرة مزمنه توفي رحمه الله تعالى يوم الخميس ثاني عشرية بالصالحية

_ 1 شذرات الذهب 6: 259. 2 شذرات الذهب 7: 148.

وصلي عليه بالجامع المظفري وحضر جنازته القضاة وبعض الفقهاء ودفن بالروضة شرقي قبر الشيخ الموفق على نحو خمس وستين سنة وترك ثلاث بنات صغار انتهى. ثم درس بها الشيخ الإمام العالم العلامة ذو الفنون تقي الدين أبو بكر بن إبراهيم بن قندس وقد ذكر له ابن مفلح في طبقاته ترجمة فراجعها ثم درس بها القاضي برهان الدين بن مفلح يوم الأحد ويوم الأربعاء وقد مرت ترجمته في المدرسة الجوزية والقاضي علاء الدين المرداوي1 يوم الاثنين ويوم الخميس والشيخ تقي الدين الجراعي2 يوم السبت ويقال أنه ناب عن ابن عبادة في حلقة الثلاثاء فإنها بيده ويزعمون أنها محصورة في عشرة أو عشرين وأن الوقف عليها نصف حمام الشلبيه ثم خرب فعمر بالنصف فبقي الربع والجنينة خلفه والبيت فوقه وأما حلقة الثلاثاء بالجامع الأموي فقد مر أنه درس بها أبو الحسن علي بن أبي عمر المارة ترجمته أعلاه ودرس بها الشيخ زين الدين بن رجب وقد مرت ترجمته في المدرسة الحنبلية ودرس بها الشيخ شمس الدين بن الفخر وستاتي ترجمته في المدرسة المسمارية وقال الشيخ تقي الدين الأسدي في تاريخه في جمادى الأولى سنة سبع وأربعين وثمانمائة: وفي يوم الأحد عشرينه درس زين الدين خطاب العجلوني الشافعي بمدرسة أبي عمر استجد له القاضي بهاء الدين بن حجي بها تدريسا وجعل له في الشهر مائة وخمسين درهما فتوقف الناظر في ذلك ثم اتفق الحال على أن قرر له في كل شهر تسعين درهما وحضر في هذا اليوم وحضرت أنا والقاضي يعني جمال الدين الباعوني وجمع من الشافعية وغيرهم ودرس درسا حسنا وبلغني أن ذلك شق على بعض الحنابلة كيرا انتهى. وقد مرت ترجمة الشيخ زين الدين خطاب في المدرسة الركنية الشافعية قال الجمال بن عبد الهادي: مدرسة الشيخ أبي عمر وقف على الحنابلة لم يدخل فيها غيرهم قط وأخبرت أن في أيام القاضي شرف الدين بن قاضي الجبل أراد غيرهم الدخول فيها فقال: والله لا تنزلون فيها أحدا إلا أنزلنا في الشامية الكبيرة نظيره فلما كان في أيام الشيخ عبد الرحمن بن داود ووقع بينه

_ 1 شذرات الذهب 7: 340. 2 شذرات الذهب 7: 337.

وبين الحنابلة أدخل فيها غيرهم من المذاهب فشق ذلك على أصحابنا وأما أنا فرأيته حسنا فإن فضل الشيخ كان على الحنابلة فقط فصار على الأربع مذاهب وكان شهاب الدين عبد الرازق قصد إخراج غيرهم منها وأرسل إلى مصر ليخرج مراسيم بذلك فأدركته المنية قبل ذلك ودرس بالشافعية بها الشيخ خطاب ثم الشيخ نجم الدين بن قاضي عجلون ثم أخو الشيخ تقي الدين يوم السبت ويوم الثلاثاء عند البئر وللحنفية بها الشيخ عيسى البغدادي ثم الشيخ زين الدين بن العيني كذلك في الإيوان الشمالي وجدد القاضي المالكي درسا ثم انقطع انتهى. "فوائد" الأولى: قال الشيخ تقي الدين بن قاضي شهبة في جمادى الآخرة سنة ست عشرة وثمانمائة من ذيله: وممن توفي فيه الشيخ شمس الدين أبو عبد الله محمد بن السلاوي عامل خانقاه خاتون وشيخ الأقراء بمدرسة الشيخ أبي عمر وكان عاقلا ساكنا حسن الكتابة مات في بعض القرى وحمل إلى أهله فغسل وصلي عليه بجامع دنكز يوم الخميس ثالثه ودفن بالصالحية انتهى. وشيوخ اقرأ القرآن بها داخل المدرسة سبعة: أحدهم على الخزانة الغربية استجده ابن مبارك واقف المدرسة الحاجبية والآخر على الشرقية وآخر بينهما وشيخ المدرسة في المحراب وآخر شرقية واثنان غربية وحلقة الشيخ زين الدين بن الحبال لاقرائه واقراء العلم بين بابي المدرسة والسلم الشرقيين. الثانية- قال ابن مفلح في طبقاته: محمد بن أحمد بن أبي بكر بن عبد الصمد بن مرجان الشيخ الصالح القدوة شمس الدين أبو عبد الله شيخ التلقين بمدرسة شيخ الإسلام أبي عمر رحمه الله تعالى روى عن التقي سليمان ويحيى بن سعد الكثير وحدث وسمع منه الحافظ ابن الحجي توفي رحمه الله تعالى في عاشر شعبان سنة أربع وسبعين وسبعمائة انتهى. الثالثة- أم بمدرسة أبي عمر هذه الصلاح ابن أبي عمر قال ابن مفلح في طبقاته محمد بن أحمد بن أبي الحسن بن عبد الله ابن شيخ الإسلام أبي عمر

الشيخ البارع صلاح الدين ابن قاضي القضاة شرف الدين المعروف بابن قاضي الجبل ولي النظر على مدرسة جده قال الشيخ شهاب الدين بن حجي وكان قد سمعه والده واحضر وحسنته سيرته في آخر أيامه توفي في العشر الأخير من شهر رجب سنة إحدى وثمانين1 وسبعمائة ودفن عند والده بتربة جده أبي عمر رحمهما الله تعالى وقال فيها: محمد بن محمد بن عبد الله الحاسب الإمام العالم موفق الدين تفقه في المذهب وحفظ فيه المقنع حفظا جيدا وكان يستحضره وله فضيلة وكان من النجباء الأخيار وعنده حياء وتواضع وهو سبط الشيخ صلاح الدين ابن أبي عمر وكان يؤم بمدرسة شيخ الإسلام أبي عمر رحمه الله تعالى توفي رحمه الله تعالى يوم الأحد ثاني عشر صفر سنة أربع وثمانين وسبعمائة قال شيخنا تقي الدين لعله بلغ الثلاثين انتهى. وقال فيها أيضا: يوسف ابن أحمد بن العز إبراهيم بن عبد الله ابن الشيخ أبي عمر الشيخ الإمام العالم جمال الدين أبو المحاسن المقدسي الأصلي ثم الصالحي إمام مدرسة جده أبي عمر رحمهما الله تعالى سمع من الحجار وغيره وقال الشيخ شهاب الدين بن حجي: كان فاضلا جيد الذهن صحيح العلم وكان معروفا بذلك وكان مولعا بالفتوى بمسالة الطلاق على ما ذكره الشيخ تفي الدين بن تيميه ويسال المناظرة عليها وهو أخو شيخنا صلاح الدين راوي المسند توفي رحمه الله تعالى يوم الأحد ثامن عشر شهر رمضان سنة ثمان وتسعين وسبعمائة وصلى عليه من الغد ودفن بمقبرة الشيخ أبي عمر انتهى. الرابعه- قال الشيخ جمال الدين بن عبد الهادي هذه المدرسة عظيمة لم يكن في بلاد الإسلام أعظم منها والشيخ بنى فيها المسجد وعشر خلاوي وقد زاد الناس فيها ولم يزالوا يوقفون عليها من زمنه إلى اليوم قل سنة من السنين تمضي إلا ويصير إليها فيها وقف فوقفها لا يمكن حصره من جملته: العشر من البقاع والمرتب على داريا من القمح ستون غراره ومن الدراهم خمسة الآف للغنم

_ 1 شذرات الذهب 6: 265.

في شهر رمضان ومما رأيناه وسمعنا به من مصالحها الخبز لكل واحد من المنزلين فيها رغيفان وللشيخ الذي يقري أو يدرس ثلاثة وهو مستمر طول السنة والقمصان في كل سنة لكل منزل فيها قميص وقد رأيتاه والسراويل لكل واحد سروال سمعنا به ولم نره وطعام شهر رمضان بلحم وكان الشيخ عبد الرحمن ينوع لهم ذلك ويوم الجمعة العدس ثم انقطع تنوع واستمرت القمحية وزبيب وقضامة ليلة الجمعة يفرق عليهم بعد قراءة ما تيسر رأيناه ووقفه دكاكين تحت القلعة وكل سنة مرة زبيب وقفها تحت يد ابن عبد الرزاق خارج عن وقف المدرسة وفرا وبشوت في كل سنة وقفها أيضا وحلاوة دهنية من وقفها سمعنا بها ولم نرها وحصر لبيوت المجاورين مستمرة وصابون سمعنا به ولم نره وختان من لم يكن مختونا في كل سنة من الفقراء والأيتام النازلين فيها رأيناه ثم انقطع وسخانة يسخن فيها الماء في الشتاء لغسل من احتلم وكعك سمعنا به ولم نره ومشبك بعسل في ليلة العشرين من رمضان مستمر وكنافة ليلة العشر الأول من رمضان ثم نقلت إلى النصف مستمرة وقنديل يشعل طول الليل في المقصورة للمدرسة مستمر وحلاوة في الموسم في شهر رجب لوزية وجوزية وغيرها مستمرة في نصف شعبان وأضحية في عيد الأضحى مستمرة وطعام في عيد الفطر حامض ولحم وهريسة ورز وحلو مستمر إلى الآن انتهى.

المدرسة العالمة

152- المدرسة العالمة شرقي الرباط الناصري غربي سفح قاسيون تحت جامع الأفرم واقفتها الشيخة الصالحة العالمة امة للطيف بنت الشيخ الناصح الحنبلي المتقدم ذكره في المدرسة التي قبل هذه وكانت فاضلة لها تصانيف وهي التي أرشدت ربيعة خاتون بنت نجم الدين أيوب أخت الملك صلاح الدين إلى وقف المدرسة الصاحبية بقاسيون على الحنابلة أيضا ثم لما ماتت ربيعة خاتون وقعت العالمة المذكورة في المصادرات وحبست مدة ثم أفرج عنها وتزوجها الأشرف صاحب حمص وسافرت معه إلى الرحبة وتل باشر ثم توفيت رحمها اللة تعالى في سنة

ثلاث وخمسين وستمائة ووجد لها بدمشق جواهر وذخائر نفيسة تقارب ستمائة ألف درهم غير الأملاك والأوقاف قال ابن كثير في سنة ثلاث وأربعين وستمائة وتتمة كلامه مر في المدرسة الصاحبية قال الصفدي رحمه الله تعالى في المحمدين من تاريخه ابن هامل المحدث محمد بن عبد المنعم بن عمار بن هامل شمس الدين أبو عبد الله الحراني سمع ابن الزبيدي وابن اللتي والإربلي والهمداني وابن رواحة والسخاوي والقطيعي وعمر بن كرم وابن رواح وجماعة بديار مصر وعنى بالحديث عناية كلية وكتب الكثير وتعب وحصل روى عنه ابن الخباز والدمياطي وابن أبي الفتح وابن العطار توفي رحمه الله تعالى في شهر رمضان سنة إحدى وسبعين وسبعمائة ووقف أجزاءه بالضيائية وكان شيخ الحديث بالمدرسة العالمة المذكورة هذه انتهى. وقال ابن مفلح في طبقاته يوسف ابن يحيى بن الناصح عبد الرحمن بن الحنبلي الشيرازي الأصلي الدمشقي ثم الصالحي من بيت مشهور بالعلماء والفضلاء قال شيخنا الشيخ تقي الدين بن قاضي شهبة هو الشيخ الأصيل المدرس المعتبر شمس الدين أبو المحاسن وأبو المظفر حضر على والده وسمع من ابن أبي عمر وابن البخاري وابن المحاور وولي مشيخة العالمة والنظر عليها وعلى الصاحبة ودرس بهما سمع منه ابن رافع وابن المقري وابن رجب والحسيني رحمهم الله تعالى توفي يوم الجمعة سادس شعبان سنة إحدى وخمسين وسبعمائة بالصالحية وصلي عليه عقب الجمعة بالجامع المظفري ودفن بسفح قاسيون انتهى. فائدتان: الأولى: الوقف عليها البستان بجسر البطة والغيضة. الثانية: وحكر ابن صبح عند الشامية والقاضي برهان الدين يزعم أنها محصورة في عشرين من أعيان الطلبة والله سبحانه وتعالى أعلم قال ابن حجر1: محمد بن علي بن عبد الله اليمني توفي رحمه الله تعالى يوم الثلاثاء ثاني المحرم سنة خمس وسبعين وسبعمائة2 بمنزل شهاب الدين ابن المحب بالمدرسة العالمة المذكورة وكان صاحبه رحمهم الله تعالى أجمعين انتهى.

_ 1 شذرات الذهب 6: 244. 2 شذرات الذهب 6: 243.

المدرسة المسمارية

153- المدرسة المسمارية قبلي القيمرية الكبرى داخل دمشق قال عز الدين: بالقرب من مئذنة فيروز واقفها الشيخ مسمار رحمه الله تعالى وقال الأسدي: في تاريخ ابن عساكر الحسن ابن مسمار الهلالي الحوراني المقرئ التاجر قرأ بالروايات وسمع الحديث ورحل إلى بغداد وسمع بها من أبي القاسم بن حصين وكان يصلي بجامع دمشق بحلقة الحنابلة صلاة التراويح ويقرأ فيها بعدة روايات يخلطها ويردد الحرف المختلف فيه فأنكر ذلك عليه وقالوا هذا مذهب ترتيب النظم في القرآن الكريم وكان مثريا مقترا على نفسه بلغني أنه أوصى عند موته بإخراج جملة من زكاة ماله اجتمعت عليه من سنين عديدة على مدة حتى أمر باخراجها توفي رحمه الله يوم الأحد سادس شهر رمضان سنة ست وأربعين وخمسمائة انتهى. وقال في تاريخه في سنة ست وستمائة: الوجيه ابن المنجا أسعد بن المنجا ابن بركات ابن المؤمل القاضي أبو المعالي وجيه الدين ويقال في أبيه أبو المنجا التنوخي المصري الأصل الفقيه الحنبلي ولد سنة تسع عشرة وخمسمائة وارتحل إلى بغداد وبها تفقه وبرع بالمذهب وسمع نوشتكين1 الرضواني والقاضي أبا الفضل الأرموي2 وأبا جعفر العباسي3 وسمع بدمشق من نصر بن أحمد بن مقاتل4 وغيره وولي قضاء حران في آخر دولة نور الدين رحمه الله تعالى وأخذ الفقه عن الشيخ عبد القادر5 وأحمد الحربي6 وتفقه أيضا بدمشق على شرف الإسلام عبد الوهاب بن الشيخ أبي الفرج وهو آخر أصحابه أخذ عنه الشيخ الموفق وروي عنه ابن خليل والضياء والشيخ شمس الدين والفخر علي والحافظ عبد العظيم والشهاب القوصي وآخرون رحمهم الله تعالى. قال الذهبي: ومن أجله بنى الشيخ مسمار المدرسة ووقفها عليه وله شعر

_ 1 شذرات الذهب 4: 142. 2 شذرات الذهب 4: 145. 3 شذرات الذهب 14: 170. 4 شذرات الذهب 4: 151. 5 شذرات الذهب 4: 198. 6 شذرات الذهب 4: 174.

حسن وفي ذريته علماء وأكابر. وقال غيره: كف بصره في آخر عمره توفي رحمه الله تعالى في شهر ربيع الأول ودفن بسفح قاسيون ومن تصانيفه "الكفاية في شرح الهداية" في بضعة عشر مجلدا قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى: وفيها فروع ومسائل كثيرة غير معروفة في المذهب والظاهر أنه كان ينقلها عن كتب غير الأصحاب ويخرجها على ما يقتضيه المذهب عنده ومنها "الخلاصة في الفقه" مجلد و "العمدة في الفقه" أصغر منه انتهى. ثم قال عز الدين: ذكر من درس بها وأول من ذكر بها الدرس وجيه الدين بن منجا ثم ولده صدر الدين بن منجا ثم من بعده زين الدين إلى حين انتقل إلى مدرسة سيف الإسلام ثم ذكر بعده وجيه الدين بن منجا أخوه وهو مستمر بها إلى الآن انتهى. قال الذهبي في العبر وأسعد بن المنجا ابن أبي البركات القاضي وجيه الدين أبو المعالي التنوخي المصري ثم الدمشقي الحنبلي مصنف "الخلاصة في الفقه" روى عن القاضي الأرموي وجماعة وتفقه على شرف الإسلام عبد الوهاب بن الحنبلي بدمشق وعلي الشيخ عبد القادر الجيلي ببغداد رضي الله تعالى عنهم أجمعين ومن تصانيفه كتاب النهاية في شرح الهداية يكون في بضعة عشر مجلدا عاش سبعا وثمانين سنة انتهى. وقال الأسدي: ودرس بها ناصح الدين أبو الفرج عبد الرحمن ابن نجم ابن عبد الوهاب ابن الشيخ أبي الفرج الشيرازي الأنصاري درس بها مع وجيه الدين أسعد ثم اشتغل بها الناصح بعد وفاة ابن منجا فيما أظن ثم في سنة خمس وعشرين استقر بنو منجا في التدريس بحكم أن نظرها لهم وتقدم القاضي الحربي إلى المفتين أن لا يكتبوا فتوى إلا بإذنه ثم بنت له الصاحبة مدرسة بالجبل توفي رحمه الله تعالى سنة أربع وثلاثين وستمائة انتهى. ثم قال: ودرس بها القاضي شمس الدين أبو الفتوح عمر ابن القاضي وجيه الدين أسعد بن المنجا في سنة خمس وعشرين انتهى. قال ابن كثير في سنة إحدى وأربعين وستمائة: الشيخ شمس الدين أبو الفتوح عمر بن أسعد بن المنجا التنوخي المصري الحنبلي قاضي حران قديما ثم قدم دمشق ودرس بالمسمارية وتولى خدما في الدولة المعظمية وكانت له رواية عن ابن جابر

والقاضيين الشهرزوري وابن أبي عصرون وكانت وفاته في سابع شهر ربيع الأول من هذه السنة وتوفي أخوه العز بعده في ذي الحجة ودفن بمدرسته التي بالجبل انتهى. وقال ابن مفلح في طبقاته: عمر بن أسعد بن المنجا بن بركات ابن المؤمل التنوخي القاضي شمس الدين أبو الفتوح وأبو الخطاب ابن القاضي وجيه الدين تفقه على والده وسمع من عبد الوهاب ابن أبي حبة1 وقدم دمشق وسمع بها من القاضي أبي سعد بن أبي عصرون والقاضي أبي الفضل الشهرزوري وببغداد من ابن سكينة2 وغيره وأفتى ودرس وكان عارفا بالقضاء بصيرا بالشروط والحكومات والمسائل الغامضات ودرس بالمسمارية وحدث وروي عنه البرزالي ومجد الدين بن العديم ووزيرة ابنته وهي خاتنة من روي عنه بالسماع وأجاز لابن الشيرازي وفي المستوعب حاشية أنه نقل عن والده ان مراد الأصحاب بقولهم يؤجل العنين سنة يراد بها السنة الشمسية لا الهلالية لأن الشمسية تجمع الفصول ال أربعة توفي رحمه الله تعالى في سابع شهر ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين وستمائة ودفن بسفح قاسيون انتهى. وقال فيها عثمان ابن أسعد بن المنجا بن بركات بن المؤمل التنوخي الفقيه المدرس عز الدين أبو عمر سمع ببغداد من ابن يونس وابن سكينة وبمصر من البوصيري ويوسف بن الطفيل3 وحدث وسمع منه الحافظ ابن الحاجب وابن الحلوانية وجماعة وأجاز للقاضي تقي الدين سليمان بن حمزة ودرس بالمسمارية عن أخيه شمس الدين نيابة وكان تاجرا ذا مال وثروة توفي رحمه الله تعالى في مستهل ذي الحجة سنة مات أخوه عام إحدى وأربعين وستمائة انتهى. ثم درس بها الشيخ وجيه الدين أبو المعالى محمد بن عز الدين عثمان بن وجيه الدين أسعد بن المنجا وأخوه زين الدين أبو البركات المنجا بعد وفاة عمهما شمس الدين سنة إحدى وأربعين وقد مرت ترجمة الشبخ وجيه الدين هذا في دار القرآن الوجيهية قال الذهبي في ذيل العبر في سنة إحدى وسبعمائة ومات الشيخ وجيه الدين محمد بن عثمان بن المنجا التنوخي رئيس الدماشقه عن إحدى وسبعين

_ 1 شذرات الذهب 4: 293. 2 شذرات الذهب 5: 124. 3 شذرات الذهب 4: 344.

سنة حدثنا عن جعفر الهمداني وغيره وهو واقف دار القرآن انتهى. وقال ابن مفلح في طبقاته محمد بن عثمان بن أسعد ابن المنجا الشيخ الإمام وجيه الدين صدر الرؤساء أبو المعالي التنوخي أخو الشيخ زين الدين حضر على ابن اللتي ومكرم وابن المقير وسمع من جعفر الهمداني والسخاوي وكان شجاعا عالما فاضلا كثير المعروف والصدقات والتواضع وله هيبة وسطوة وجلالة درس بالمسماريه والصدريه ثم تركهما لوالده ومات في حياته وحدث وروى عنه جماعة مات في شعبان سنة إحدى وسبعمائة انتهى. وقال الأسدي: رأيت في تاريخ الإسلام ومما جرى في سنة تسع وستين وقبلها الوجيه بن المنجا ولي المسمارية وقد درس بها فخر الدين عبد الرحمن بن يوسف بن محمد البعلي نيابة عن نبي المنجا قاله الذهبي. ثم قال الأسدي: ونيابته أما عن وجيه الدين أو أخيه زين الدين وتوفي فخر الدين في شهر رجب سنة ثمان وثمانين وستمائة ودرس بها بعد وفاة زين الدين في شعبان سنة خمس وتسعين وستمائة ولداه شرف الدين محمد أبو عبد الله1 وعلاء الدين أبو الحسن علي قاضي القضاة الحنابلة في النصف الذي كان معه ولا أدري من درس بعد وجيه الدين في النصف الذي له وكان له ثلاثة بنين انتهى. قلت قال الذهبي في العبر في سنة تسع وتسعين وستمائة: وابن الفخر المفتي شمس الدين محمد ابن الإمام فخر الدين عبد الرحمن بن يوسف البعلي الحنبلي أحد الموصوفين بالذكاء المفرط وحسن المناظرة والتقدم في الفقه وأصوله والعربية والحديث وغير ذلك روى عن خطيب مردا وطبقته وعاش خمسا وخمسين سنة توفي رحمه الله تعالى في سابع شهر رمضان ودرس بالمسمارية وحلقة الجامع انتهى. وقال ابن مفلح في طبقاته محمد ابن عبد الرحمن بن يوسف بن محمد البعلي ثم الدمشقي الفقيه المناظر المفنن شمس الدين أبو عبد الله ابن الشيخ فخر الدين سمع الكثير من خطيب مردا وابن عبد الدايم وغيرهما وتفقه وبرع وأفتى وناظر وحفظ عدة كتب ودرس بالمسمارية وحلقة الجامع وكان موصوفا بالذكاء المفرط والتقدم في الفقه وأصوله

_ 1 شذرات الذهب 6: 56.

والعربية والحديث. قال الذهبي: لم يتفرغ للحديث لأنه كان مشغولا باصول المذهب وفروعه حضرت بحضرته مع شيخنا ابن تيمية ولي منه إجازة قال الشيخ زين الدين بن رجب: وبلغني أنه كان يحفظ الكافي في الفقه وثنى عليه البرزالي توفي ليلة الأحد تاسع شهر رمضان سنة تسع وتسعين وستمائة وصلي عليه بالجامع الأموي ودفن بمقابر باب توما قبلي مقبرة الشيخ أرسلان رحمه الله تعالى وحضر جنازته جمع كثير انتهى. على أن ابن مفلح قال في الأحمدين: أحمد بن أحمد بن محمد بن عثمان بن أسعد بن المنجا الإمام الفقه الرئيس شمس الدين درس بالمسمارية وكان مليح الشكل فاضلا دينا عاقلا منقطعا عن الناس مات في شوال سنة اثنتين وتسعين وستمائة انتهى. وشرف الدين المذكور قال ابن مفلح في طبقاته: محمد بن المنجا بن عثمان بن أسعد المنجا التنوخي الدمشقي الشيخ شرف الدين أبو عبد الله ابن الشبخ زين الدين سمع الكثير من ابن أبي عمر وجماعة وسمع المسند والكتب الكبار وتفقه وأفتى ودرس بالمسارية وكان من أصحاب بل خواص الشيخ تقي الدين بن تيمية مشهورا بالتقوى والديانة وروى عنه الذهبي في معجمه وقال: كان فقيها إماما حسن الوجه والفهم صالحا متواضعا توفي في رابع شوال سنة أربع وعشرين وسبعمائة وشيعة خلق كثير ودفن بسفح قاسيون انتهى. وقال الذهبي في ذيل العبر في سنة أربع وعشرين: هذه ومات الإمام شرف الدين محمد ابن الإمام زين الدين المنجا بن عثمان التنوخي مدرس المسمارية عن خمسين سنة وكان دينا صينا فاضلا انتهى. وعلاء الدين أخوه مرت ترجمته في المدرسة الجوزية ثم درس فيها حفيد الوجيه القاضي عز الدين محمد ابن شمس الدين أحمد بن وجيه الدين إلى أن توفي رحمه الله تعالى في جمادى الأولى سنة ست وأربعين وسبعمائة والقاضي صلاح الدين محمد بن شرف الدين عبد الله بن زين الدين المنجا توفي رحمه الله تعالى في شهر ربيع الآخر سنة سبعين وسبعمائة. فائدة: الوقف عليها الحكر المعروف بها وحدة من طريق جامع دنكز إلى مقابر الصوفية إلى الطريق الذي به القنوات إلى الطريق الأخذ على مدرسة شاذبك ويعرف قديما بستانها وحكر الزقاق وهو المعروف بالساقية بأرض مسجد القصب.

المدرسة المنجائية

154-المدرسة المنجائية وهي زاوية بالجامع الأموي تعرف بابن منجا قاله ابن شداد ثم قال: أول من ذكر الدرس بها زين الدين بن منجا ثم من بعده شمس الدين عبد الوهاب وهو مستمر بها إلى حين وضعنا هذا الكتاب انتهى. قال في العبر في سنة خمس وتسعين وستمائة: وابن المنجا العلامة زين الدين أبو البركات المنجا بن عثمان ابن أسعد بن المنجا التنوخي الدمشقي الحنبلي أحد من إنتهت إليه رياسة المذهب وأصوله مع التبحر في العربية والنظر والبحث وكثرة الصلاة والصيام والوقار والجلالة روى عن ابن المقير حضورا ومات في شعبان عن أربع وستين سنة انتهى. وقال ابن مفلح في طبقاته: منجا بن عثمان بن أسعد بن المنجا التنوخي الفقيه الأصولي المفسر النحوي زين الدين أبو البركات بن عز الدين بن القاضي وجيه الدين المذكور حضر على أبي الحسن بن المقير وجعفر الهمذاني وغيرهما وتفقه على أصحاب جده وأصحاب الشيخ موفق الدين وقرأ الأصول على كمال الدين التفليسي والنحو على ابن مالك وبرع في ذلك كله وأفتى وصنف وناظر وأنتهت إليه الرياسة لمذهبه بالشام وله تصانيف منها "شرح المقنع" وجلس في الجامع للاشتغال والفتوى نحو ثلاثين سنة متبرعا وكان حسن الأخلاق معروفا بالذكاء وصحة الفهم وسئل الشيخ جمال الدين ابن مالك عن شرح الالفية فقال: شرحها لكم ابن المنجا درس بعدة مدارس وأخذ عليه الفقه الشيخ تقي الدين بن تيمية وتقي الدين الزريراني1 وحدث فسمع منه ابن العطار والمزي والبرزالي توفي رحمه الله تعالى يوم الخميس رابع شعبان سنة خمس وتسعين وستمائة بدمشق انتهى. تنبيه: وجدت بخط الشيخ تقي الدين الأسدي في تعداد مدارس الحنابله

_ 1 شذرات الذهب 6: 89.

للحنافية والحنابلة حلقة الأوزاعي وللحنابلة حلقة السفينية وحلقة المحراب انتهى. والمحراب المشار إليه قال ابن كثير في سنة أربع عشر وستمائة في ترجمة العلامة عماد الدين المقدسي الحنبلي أخي الحافظ عبد الغني: وكان يؤم بمحراب الحنابلة مع الشيخ الموفق وإنما كانوا يصلون بغير محراب ثم وضع المحراب في سنة سبع عشرة وستمائة وكان يؤم الناس لقضاء الفوائت وهو أول من فعل ذلك وقال في سنة سبع عشرة: وفي هذه السنة نصب محراب الحنابلة بالرواق الثالث الغربي من جامع دمشق بعد ممانعة من بعض الناس لهم ولكن ساعدهم بعض الأمراء في نصبه لهم وهو الأمير ركن الدين المعظمي وصلى فيه الشيخ الموفق بن قدامة قلت: ثم رفع في حدود سنة ثلاثين وسبعمائة وعوضوا عنه بالمحراب الغربي عند باب الزيادة كما عوض الحنفية عن محرابهم الذي كان في الجانب الغربي من الجامع بالمحراب المجدد لهم شرقي باب الزيادة حين جدد الحائط الذي هو فيه في الأيام التنكزية على يد ناظر الجامع تقي الدين بن مراجل أثابه الله تعالى انتهى. وقال الأسدي في سنة أربع وتسعين وخمسمائة: سلامة بن إبراهيم بن سلامة المحدث تقي الدين أبو الخير الدمشقي الحداد والد أبي العباس أحمد سمع أبا المكارم عبد الواحد بن محمد بن هلال وعبد الخالق بن أسد الحنفي وعبد الله بن عبد الواحد العثماني وأبا المعالي بن صابر وجماعة ونسخ الكثير بخطه وكان فقيرا صالحا فاضلا ام بحلقة الحنابلة بدمشق مدة روى عنه الحافظ الضياء وابن خليل والشهاب القوصي وابن عبد الدائم وآخرون توفي رحمه الله تعالى في شهر ربيع الآخر في اوان سن الشيخوخة ودفن بسفح قاسيون قال الحافظ زين الدين بن رجب وابن نقطه الحافظ يعتمد على خطه وينقل عنه في استدراكه انتهى. وقال الصفدي سلامة بن إبراهيم بن سلامة محدث أبو الخير الدمشقي الحداد والد أبي العباس أحمد سمع أبا المكارم عبد الواحد بن محمد بن هلال وعبد الخالق بن أسد الحنفي وعبد الله بن عبد الواحد الكتاني أبا المعالي بن صابر وجماعة ونسخ الكثير بخطه وكان ثقة صالحا فاضلا أم بحلقة الحنابلة بدمشق مدة وكان يلقب تقي الدين روى عنه

الحافظ الضياء وابن خليل والشهاب القوصي وابن عبد الدائم وآخرون وتوفي رحمه الله تعالى سنة أربع وتسعين وخمسمائة انتهى. وقال الذهبي في العبر في سنة ثمان وسبعين وستمائة: وفيها توفي أبو العباس أحمد بن أبي الخير سلامة بن إبراهيم الدمشقي الحداد الحنبلي ولد سنة تسع وثمانين وخمسمائة وكان أبوه إماما بحلقه الحنابلة فمات وهوصغير سمع سنة ستمائة من الكندي وأجاز له خليل البرزالي وابن كليب والبوصيري وخلق وعمر وروى الكثير توفي رحمه الله تعالى يوم عاشوراء وكان خياطا ودلالا ثم قرر بالرباط الناصري وأضر بآخره وكان يحفظ القرآن انتهى. وقال شيخنا ابن مفلح في طبقاته: محمد بن أحمد بن الحسن بن عبد الله بن عبد الواحد الشيخ الإمام شمس الدين بن الشيخ شهاب الدين المقدسي الأصلي ثم الدمشقي كان إماما بمحراب الحنابلة بجامع دمشق وحضر على ابن البخاري المسند والغيلانيات وسمع من جده لأمه تقي الدين الواسطي وابن عساكر وغيرهما وحدث وسمع منه الحسيني وابن رجب وذكراه في معجميهما توفي رحمه الله تعالى يوم السبت سابع عشر شعبان سنة تسع وخمسين وسبعمائة بسفح قاسيون ودفن به وهو أخو الشيخ الإمام العالم القاضي تقي الدين عبد الله المتوفي سنة أربع وأربعين وقد أهمله ابن رجب في الطبقات انتهى. وقال فيها أيضا: الحسن بن أحمد بن الحسن ابن عبد الله بن عبد الغني الشيخ الإمام بدر الدين المقدسي سمع من قاضي القضاة تقي الدين سليمان بن حمزة وغيره وتفقه وبرع وأفتى وأم بمحراب الحنابلة بدمشق توفي رحمه الله تعالى بالصالحية ثاني عشر شعبان سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة انتهى. "فوائد" الأولى: قال الأسدي في تاريخه في سنة تسع عشرة وثمانمائة: في شهر ربيع الأول منها رابع عشرية وضع الكرسي بجامع بني أميه ليجلس عليه شاب حنبلي يقال له عبد الرحمن ممن أخذ عن الشيخ علاء الدين ابن اللحام وسكن بعد الفتنة في الصالحية وأظهر الزهد والتقشف وله شعر وصار داعية إلى اعتقاد ظاهر أحاديث الصفات وصار له اتباع بالصالحية ثم انتقل فصار يقرأ مواعيد بجامع يلبغا ثم أراد الانتقال إلى الجامع الأموي فقام أصحابنا الشافعية

كثر الله تعالى منهم عليه فحصل في ذلك كلام كثير وكان قاضي القضاة لينا في ذلك بسؤال الأمير محمد بن منجك في ذلك وهو ممن يميل إلى هذه الطائفة وآخر الأمر منع وكفى بالله الناس شره انتهى. والشيخ علاء الدين المشار إليه قال ابن مفلح في طبقاته: علي بن عباس الشيخ الإمام العلامة الأصولي علاء الدين الشهير بابن اللحام وشيخ الحنابلة في وقته اشتغل على الشيخ زين الدين ابن رجب وبلغني أنه أذن له في الإفتاء وأخذ الأصول عن الشيخ شهاب الدين الزهري ودرس وناظر واجتمع عليه الطلبة وأنتفعوا به وصنف في الفقه والأصول وناب في الحكم عن قاضي القضاة علاء الدين بن المنجا رفيقا لعمي الشيخ برهان الدين ثم ترك النيابة وتوجه إلى مصر وعين له وظيفة القضاء بها فلم يبرم ذلك واستقر يدرس بالمنصوريه إلى أن توفي في عيد الفطر سنة ثلاث وثمانمائة انتهى. الثانية: قد قدمنا في المدرسة الجوزية أول حنبلي حكم بدمشق وأول حنبلي حكم بمصر شمس الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الوهاب بن منصور الحراني الفقيه الأصولي المناظر باشر نيابة القضاء عن قاضي القضاة تاج الدين ابن بنت الأعز1 ثم لما ولي الشيخ شمس الدين بن العماد قضاء الحنابلة بها استنابه مدة ثم رجع وترك ذلك إلى دمشق فدرس الفقه في حلقة له بالجامع ويكتب بخطه على الفتوى وابتلى بالفالج قبل موته مدة أربعة أشهر وبطل شقه الأيسر وثقل لسانه توفي ليلة الجمعة بين العشاءين لست خلون من جمادى الأولى سنة خمس وسبعين وستمائة وصلي عليه بالأموي ودفن بباب الصغير انتهى. ورأيت في ترجمة موسى بن فياض بن عبد العزيز بن فياض الفندقي النابلسي أنه أجاز لجماعة منهم الشيخ شهاب الدين ابن حجي وأنه ولي قضاء حلب المحروسة في سنة ثمان وأربعين وسبعمائة قال ابن حبيب: وباشر حاكما رابعا وكان مبادرا إلى الخير طارحا للتكلف جزيل الديانة والتعفف واستمر حريصا على المصلحة ومجدا في طلبها ولم نسمع أن قاضيا حنبليا قبله ولي بها

_ 1 شذرات الذهب 5: 319.

انتهى. قال ابن مفلح: ثم أعرض عن وظيفة القضاء واستمر ولده شهاب الدين أحمد فيها ثم أقبل على العبادة إلى أن توفي في ذي القعدة سنة ثمان وسبعين وسبعمائة بحلب المحروسة ودفن رحمه الله تعالى بها انتهى. الثالثة: قد قدمنا فيها قيم الجوزية وأما قيم الضيائية فقال ابن مفلح في طبقاته: أحمد بن محمد بن عمر بن حسين الشيخ الصالح السيد الأيلي الشيرازي الأصلي ثم الدمشقي المعروف زغنش قيم الضيائية سمع من ابن البخاري وحدث قال الشيخ شهاب الدين بن حجي: وهو من الأخبار الصالحين وكان بيته في الضيائية موضع الباب الذي فتحه قاضي القضاة شرف الدين ابن قاضي الجبل وانتقل منه وترك الوظيفة ولم يزل كذلك حتى رأى من أولاده وأولاد أولاده مائة وهو جد صاحبنا المحدث شهاب الدين أحمد بن محمد ابن المهندس1 توفي يوم الأحد ثامن المحرم سنة إحدى وسبعين وسبعمائة ودفن بتربة الموفق بالروضة عن نيف وتسعين سنة انتهى. الرابعة: قد قدمنا فيها تراجم بني مفلح ولم نذكر ترجمة أكمل الدين وهو محمد بن عبد الله بن محمد بن مفلح بن مفرج الشيخ الإمام العالم المفتي الأصولي أكمل الدين أبو عبد الله محمد اشتغل بعد الفتنة ولازم والده ومهر على يديه وكان له فهم صحيح وذهن مستقيم سمع من والده والشيخ تاج الدين ابن بردس2 أفتى ودرس في حياة والده وبعد وفاته وناب في الحكم لشيخنا قاضي القضاة محب الدين بن نصر الله وعين لقضاء الشام ولم ينبرم ذلك وكان له سلطة على الأتراك ووعظ ووقع له مناظرات مع جماعات من العلماء الأكابر وظهر النقل معه وكان يستحضر مسائل وفروعا من فنون شتى ويتدبر ما يقول ولكنه لم يواظب الاشتغال على ما هو المعهود وحصل له في سنة ثلاث وأربعين داء ألفالج وقاسي منه أهوالا ثم من الله تعالى عليه بالعافية ولكنه لم يتخلص من بالكلية توفي ليلة السبت سادس عشر شوال سنة ست وخمسين

_ 1 شذرات الذهب 7: 41. 2 شذرات الذهب 7: 194.

وثمانمائة. وصلي عليه بالجامع المظفري وكانت جنازته حافلة حضرها النائب والقضاة والأعيان وغيرهم ودفن بالروضة على والده إلى جانب جده صاحب الفروع رحمهم الله تعالى قلت: تزوج بابنة زين الدين عمر بن ناصر الدين المزي واسمها مغل فاتت منه بالقاضي برهان الدين المار ذكره وكان له أختان اخريتان احداهما عائشة وهي أم محيي الدين الرجيحي انتهى. الخامسة: وقف التزويج يعطي منه كل من تزوج من فقراء الحنابلة وهو بيد القاضي علاء الدين المرداوي ووقف الأعراض يعطي منه كل من أعرض كتابا على مذهب الإمام أحمد رحمه الله تعالى وهو بيد ابن عبادة ووقف المرادوة من أولاد العجوز وفقراء الجماعلين من الحنابلة وهو قرية كتيبة من بلاد حوران فرقت زمانا ثم تغلب عليها بنو عبد الملك ثم حكم بانتزاعها منهم القاضي محب الدين وإن النظر فيها الخطباء الجامع المظفري وفرقت سنة ثمان وسبعين وثمانمائة انتهى.

فصل مدارس الطب

فصل مدارس الطب المدر سة الدخوارية ... فصل مدارس الطب 155- المدرسة الدخوارية بالصاغة العتيقة بقرب الخضراء قبلي جامع الأموي أنشأها مهذب الدين عبد الرحيم بن علي بن حامد المعروف بالدخوار في سنة إحدى وعشرين وستمائة بالصاغة العتيقة كما تقدم أول من درس بها واقفها ثم من بعده بدر الدين محمد ابن القاضي بعلبك ثم عماد الدين الدنيسري وهو بها إلى الآن قاله في الأعلاق الخطيرة قال الذهبي في تاريخ العبر فيمن مات سنة ثمان وعشرين وستمائة: والمهذب الدخوار عبد الرحيم بن علي حامد الدمشقي شيخ الطب وواقف المدرسة التي بالصاغة العتيقة على الأطباء ولد سنة خمس وستين وخمسمائة أخذ عن الموفق بن المطران1 والرضي الرخي 2 وأخذ الأدب من الكندي وأنتهت إليه معرفة الطب وصنف فيه التصانيف وحظي عند الملوك ولما جاوز سن الكهولة عرض له طرف خرس حتى بقي لا يكاد يفهم كلامه واجتهد في علاج نفسة فما أفاد بل ولد له أمراضا وكان يشغل إلى أن مات في صفر ودفن بتربة انتهى. وقال في سنة إحدى وثلاثين وستمائة: والرضي الرخي أبو الحجاج يوسف بن حيدرة شيخ الطب بالشام واحد من انتهت إليه معرفة الفن قدم دمشق مع أبيه حيدرة الكحال في سنة خمس وخمسين ولازم الاشتغال على المهذب بن النقاش ونوه باسمه ونبه على محل علمه وصار من اطباء صلاح الدين وحياته امتدت وصار أطباء البلد تلامذته حتى إن من جملة أصحابة المهذب

_ 1 شذرات الذهب 4: 288. 2 شذرات الذهب 5: 147.

الدخوار وعاش سبعا وتسعين سنة ممتعا بالسمع والبصر توفي يم عاشوراء انتهى. وقال ابن كثير في تاريخه في سنة ثمان وعشرين المذكورة: الدخوار الطبيب واقف الدخوارية مهذب الدين عبد الرحيم بن علي بن حامد المعروف بالدخوار شيخ الأطباء بدمشق وقد وقف داره بدرب العجل بالقرب من الصاغة العتيقة على الأطباء بدمشق مدرسة لهم وكانت وفاته من هذه السنة في صفر ودفن بسفح قاسيون وعلى قبره قبة على أعمدة في أصل الجبل شرقي الركنية وقد ابتلى بسته أمراض متعاكسة منها ريح اللقوة وكان مولده سنة خمس وستين وخمسمائة وكان عمره ثلاثا وستين انتهى كلامه. قال الأسدي في سنة ثمان وعشرين المذكورة: مهذب الدين الدخوار عبد الرحيم بن علي بن حامد الشيخ مهذب الدين الطبيب المعروف بالدخوار شيخ الأطباء ورئيسهم بدمشق وأخذ العربية عن الكندي وقرأ الطب على الرضى الرخي ثم لازم الموفق بن المطران مدة حتى مهر ثم أخذ عن الفخر المارديني لما قدم دمشق في أيام صلاح الدين وتخرج به جماعة كثيرة من الأطباء وروى عنه الشهاب القوصي وغيره شعراء وصنف في الصناعة الطبية كتبا منها: "كتاب الجينية" و "اختصار الحاوي" لأبي بكر1 الرازي و "مقالة في الاستفراغ" واختصر الاغاني وغير ذلك وقد اطنب ابن أبي أصبعية2 في وصفه فقال: كان أوحد عصره وفريد دهره وعلامة زمانه وإليه انتهت رئاسة الطب على ما ينبغي أتعب نفسه في الاشتغال حتى فاق أهل زمانه وحظي عند الملوك ونال المال والجاه وكان أبوه كحالا مشهورا وكذلك أخوه حامد بن علي وكان هو أول أمره يكحل وقد نسخ كتبا كثيرة بخطه المنسوب أكثر من مائة مجلد في الطب وغيره وخدم الملك العادل ولازم خدمة صفي الدين بن شكر وحظي عند العادل بحيث أنه حصل له منه مرضه سنة عشر سبعة الآف دينار مصرية ومرض الكامل بمصر فعالجه فكان مبلغ ما وصل إليه من الذهب في نوبة الكامل نحو اثني عشر ألف دينار وأربع عشرة بغلة بأطواق ذهب والخلع

_ 1 شذرات الذهب 2: 263. 2 ابن كثير 13: 272.

الأطلس وغيرها وذلك في سنة اثنتي عشرة وولاه العادل رئاسة أطباء مصر والشام وكان خبيرا بكل ما يقرأ عليه وقرأت عليه مدة وكان في كبره يلازم الاشتغال ويجتمع كثيرا بالسيف الآمدي وحفظ شيئا من كتبه وحصل معظم مصنفاته ونظر في الهيئة والنجوم ثم طلبه الأشرف فتوجه إليه سنة اثنتين وعشرين فأكرمه وأقطعه ما يغل في السنة نحو ألف وخمسمائة دينار ثم عرض له تقل في لسانه واسترخاء فجاء إلى دمشق لما ملكها الأشرف سنة ست وعشرين فولاه رياسة الطب وجعل له مجلسا لتدريس الصنعة ثم زاد به ثقل لسانه حتى بقي لا يكاد يفهم كلامه فكان الجماعة يبحثون قدامه ويجيب هو وربما كتب لهم الذي يشكل في اللوح واجتهد في علاج نفسه واستعمل المعاجين الحارة فعرضت له حمى قوية وتوالت عليه أمراض كثيرة توفي في صفر ودفن في تربة له بقاسيون فوق الميطور شرقي الركنية وعلى قبره قبة على أعمدة قال بعضهم: بعدما أسهل أشهرا فظهر فيه غير واحد من الأمر اض وسالت عينيه انتهى. وقال ابن كثير: ابتلي بستة أمراض متعاكسة ووقف داره بالصاغة العتيقة مدرسة للطب انتهى. وكان معاصره المهذب الموصلي. قال ابن كثير في سنة عشر وستمائة: وفي المحرم منها توفي المهذب الطبيب المشهور وهو علي بن أحمد بن مقبل الموصلي شيخ الحديث وكان أعلم أهل زمانه بالطب وله في تصنيف حسن وكان كثير الصدقة حسن الأخلاق انتهى. ثم قال في سنة سبع وستين وستمائة: الطبيب الماهر شرف الدين أبو الحسن علي بن يوسف بن حيدره الرخي شيخ الأطباء بدمشق ومدرس الدخوارية عن وصية واقفها وله بذلك التقدم في هذه الصناعة على اقر أنه من أهل زمانه ومن شعره قوله: يساق بنو الدنيا إلى الحتف عنوة ... ولايشعر الباقي بحالة من يمضي كأنهم الأنعام في جهل بعضها ... بما تم من سفك الدماء على بعض وقال الذهبي في العبر في سنة تسعين وستمائة: والسويدي ابن الحكيم العلامة شيخ الأطباء عز الدين أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن علي بن طرخان الأنصاري الدمشقي الشافعي ولد سنة ستمائة وسمع من الشمس بن العطار

وابن ملاعب وطائفة وتادب على ابن معطي وأخذ الطب عن المهذب الدخوار وبرع في الطب وصنف فيه وفاق الاقران وكتب الكثير بخطه المليح ونظر في العقليات وألف كتاب "الباهر في الجواهر" و "التذكرة في الطب" توفي في شعبان انتهى. وقال الذهبي في مختصر تاريخ الإسلام في سنة سبع وثمانين وستمائة: وشيخ الأطباء علاء الدين علي بن أبي الحزم بن النفيس الدمشقي صاحب التصانيف بمصر وكان من أبناء الثمانين انتهى. وقال ابن كثير في تاريخه في سنة سبع المذكورة: الحكيم الرئيس علاء الدين على بن أبي الحزم بن نفيس شرح قانون ابن سينا وصنف الموجز وغيره من الفوائد وكان يكتب من خفظه وكان اشتغاله على ابن الدخوار وتوفي بمصر في ذي القعدة انتهى. وإنما ذكرت هذين الطبيبين لكونهما من تلاميذ الدخوار استطرادا والظاهر أن الذي درس بها بعد وصي الواقف الرئيس الدنيسري وستاتي ترجمته في مدرسته قريبا وقال ابن كثير في سنة تسعين وستمائة: وفيها درس كمال الدين الطبيب بالمدرسة الدخوارية الطبية في ذي القعدة انتهى. وقال الصفدي في المحمدين: في تاريخه محمد بن عبد الرحيم بن مسلم كمال الدين الطبيب شيخ قديم عارف بالطب بصير بأصوله ومفرداته درس بالدخوارية وطال عمره وتوفي سنة سبع وتسعين وستمائة انتهى. وقال ابن كثير في سنة أربع وتسعين وستمائة: الجمال المحقق أحمد بن عبد الله بن الحسين الدمشقي اشتغل على مذهب الشافعي وبرع فيه وأفتى وأعاد وكان فاضلا في الطب وقد ولى مشيخة الدخوارية لتقدمه في صناعة الطب على غيره وعاد المرضى بالبيميارستان النوري على قاعدة الأطباء وكان مدرسا للشافعية بالمدرسة الفروخشاهية ومعيدا بعدة مدارس وكان جيد الذهن مشاركا في فنون كثيرة انتهى. وقد مرت ترجمته بالمدرسة الفروخشاهية ولعل بدر الدين المذكور في الأعلاق هو ما قاله ابن كثير في سنة إحدى عشرة وسبعمائة: وممن توفي فيها من الأعيان الشيخ الرئيس بدر الدين محمد ابن رئيس الأطباء أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن طرخان الأنصاري من سلالة سعد بن معاذ رضي الله تعالى عنه وهو السويدي أي من سويدا

حوران سمع الحديث وبرع في الطب توفي في شهر ربيع الأول ببست أنه بقرب الشبلية ودفن بتربة له في قبة عن سبعين سنة انتهى. وقال الذهبي في مختصر تاريخ الإسلام في سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة: مات كبير الأطباء أمين الدين سليمان بن داود الدمشقي عن سبع وستين سنة انتهى. وقال في العبر: ومات بدمشق كبير الطب أمين الدين سليمان بن داود في عشر التسعين فيها درس بالدخوارية انتهى. وقال ابن كثير في سنة اثنتين المذكورة: والطبيب الماهر الحاذق الفاضل سليمان أمين الدين بن داود بن سليمان كان رئيس الأطباء بدمشق ومدرسهم مدة ثم عزل بجمال الدين بن شهاب الكحال مدة قبل موته لامر تعصب عليه فيه نائب السلطنة توفي يوم السبت سادس عشرين شعبان ودفن بالقبيبات انتهى. وقال فيها البرزالي: ومن خطه نقلت وفي يوم السبت سادس عشرين شعبان ودفن بالقبيات انتى وقال فيها البرزالي ومن خطة نقلت: وفي يوم السبت السادس والعشرين من شعبان توفي الطبيب الفاضل الرئيس أمين الدين سليمان بن داود بن سليمان وصلي عليه ظهر اليوم المذكور بجامع دمشق ودفن بالقبيبات قبلي البلد وكان طبيبا مشهورا وللناس فيه اعتقاد لفضله واقدامه على المداوة ومعرفته بالمعالجة وكان رئيس الأطباء ومدرس الطب مدة ثم إنه باشر ذلك غيره وكان شيخه بالطب عماد الدين الدنيسري وسمع بقراءتي عليه شيئا من الحديث في سنة ثلاث وثمانين وستمائة وحج غير مرة انتهى. وقال ابن كثير في سنة سبع عشرة وسبعمائة: في ذي القعدة وفيه درس بالدخوارية الشيخ جمال الدين محمد بن شهاب الدين أحمد الكحال ورتب في رئاسة الطب عوضا عن أمين الدين سليمان الطبيب بمرسوم نائب السلطنة دنكز وأختياره لذلك انتهى. "تنبيه" الدخوارية هذه بالراء المهملة قبل الياء المثناة من تحت ووجدت قائمة فيه وقف المدارس وفيها أيضا في سنة عشرين وثمانمائة قال الدخوارية: عمر بعضها الناظر برسم رئيس الأطباء العمالة له كذا وجد انتهى.

المدرسة الدنيسرية

156- المدرسة الدنيسرية غربي باب البيمارستان النوري والصلاحية باخر الطريق من قبله قال الذهبي

في العبر في سنة ست وثمانين وستمائة: عماد الدين أبو عبد الله محمد بن عباس ابن أحمد الربعي الرئيس الطبيب الحادق ولد بدنيسر سنة ست وسمع بمصر علي بن مختار1 وجماعة وتفقه للشافعي وصحب البهاء زهير2 مدة وتادب به وصنف وقال الشعر وبرع في الطب توفي في ثاني صفر انتهى. وقال ابن كثير في تاريخه في سنة ست المذكورة: عماد الدين محمد بن عباس الدنيسري الطبيب الماهر الحاذق الشاعر خدم الأكابر والوزراء وعمر ثمانين سنة توفي في صفر من هذه السنة بدمشق انتهى. وقال الصفدي في تاريخه في المحمدين: عمادالدين الدنيسري الطبيب الشافعي محمد بن العباس بن أحمد بن صالح الحكيم البارع عماد الدين الربعي الدنيسري ولد بدنيسر سنة خمس أو ست وقرأ الطب حتى برع فيه وسار وسمع الحديث بالديار المصرية من علي بن مختار العامري وعبد العزيز ابن باقا والحسن بن دينار وابن المقير وصحب البهاء زهير مدة وتخرج به في الشعر والأدب وتفقه على مذهب الشافعي وصنف في الطب المقالة المرشدة في درج الأدوية المفردة وأرجوزة في الترياق ألفاروق وأرجوزة نظم المقدمة المعروفة لابقراط وكتاب في المثروديطوس وغير ذلك ثم سافر من دنيسر ودخل مصر ورجع إلى الشام وخدم بالقلعة الدولة الناصرية ثم خدم بالبيمارستان الكبير وكان أبوه خطيبا بدنيسر سمع من قاضي القضاة نجم الدين ابن صصري والموفق بن أبي اصيبعة والبرزالي وتوفي سنة ست وثمانين وستمائة ومن شعره قوله: وقلت شهودي في هواك كثيرة ... واصدقها قلبي ودمعي مسفوح فقال شهود ليس يسمع قولهم ... فدمعك مقذوف وقلبك مجروح وأحسن منه قول الآخر: ودمعي الذي يملي الغرام مسلسل ... رمى جسدي بالضعف والجفن بالجرح وقال الأسدي في سنة ست المذكورة: وفيها العماد محمد بن عباس بن أحمد

_ 1 شذرات الذهب 5: 189. 2 شذرات الذهب 5: 276.

ابن عبيد بن صالح الحكيم البارع في الطب صاحب المدرسة للأطباء بالقرب من بيمارستان نور الدين الشهيد رحمه الله تعالى وله مصنفات في الطب وله من أبي ات ثم ذكر الأبيات المتقدمة والدنيسري هذا هو غير الباجربقي قال الذهبي في العبر في سنة تسع وتسعين وستمائة: والباجربقي المفتي جمال الدين عبد الرحيم ابن عمر بن عثمان الشيباني الدنيسري الشافعي اشتغل بالموصل وقدم دمشق فدرس واشتغل وحدث بجامع الأصول عن رجل عن مؤلفه وعاش نحو السبعين أو أكثر كان حسن السمت كثير العبادة والإفادة توفي في خامس شوال انتهى. والله سبحانه وتعالى أعلم.

المدرسة اللبودية النجمية

157- المدرسة اللبودية النجمية قال القاضي عز الدين: مدرسة خارج البلد ملاصقة لبستان الفلك المشيري أنشأها نجم الدين يحيي بن محمد بن اللبودي في سنة أربع وستين وستمائة انتهى. وقال ولد المؤلف هو الشيخ محيي الدين يحيى1: وفي سنة تسع وأربعين وتسعمائة أقام ها جديده وبعد أن صارت تل تراب وجعلها مسجدا برسم تأديب الاطفال قاضي القضاة محمد بك الرومي2 الحنفي قيل بأنه من مماليك مولانا السلطان بايزيد بن عثمان3 جد سلطاننا الآن السلطان سليمان4 نصره الله تعالى وفتحها وجعل لها شيخا يؤدب الأطفال فليعلم انتهى. قول ولد المؤلف بحروفه. قال الذهبي في تاريخه العبر فيمن مات سنة إحدى وعشرين وستمائة: وابن اللبودي شمس الدين محمد بن عبد الله الدمشقي الطبيب قال ابن أبي أصيبعة كان علامة وقته وأفضل أهل زمانه في العلوم الحكمية وكان له ذكاء مفرط وحرص بالغ توفي في ذي القعدة ودفن بتربته في طريق المزة انتهى. قلت: ولعلها تربة حمام الفلك. وقال الصفدي في تاريخه في المحمدين: شمس الدين بن اللبودي الطبيب محمد بن عبد الله بن عبد الواحد الطبيب العلامة البارع شمس الدين

_ 1 شذرات الذهب 8: 383. 2 شذرات الذهب 8: 284. 3 شذرات الذهب 8: 86. 4 شذرات الذهب 8: 375.

اللبودي الدمشقي: قال ابن أبي أصيبعة: أفضل أهل زمانه سافر إلى العجم واشتغل على النجيب أسعد الهمداني وله مجلس الاشتغال خدم الظاهر غازي بحلب المحروسة ثم قدم بعد موته إلى دمشق توفي سنة إحدى وعشرين وستمائة وله من العمر إحدى وخمسون سنة وله من التصانيف "الرأي المعتبر في معرفة القضاء والقدر" و "شرح الملخص" للإمام فخر الدين1 و "رسالة في وجع المفصل" و "شرح فصول ابقراط" و "شرح مسائل حنين بن إسحاق" وهو والد الصاحب نجم الدين اللبودي انتهى. وقال الأسدي في سنة إحدى وعشرين المذكورة: محمد بن عبدان بن عبد الواحد شمس الدين اللبودي الحنفي الدمشقي الطبيب البارع قال ابن أبي أصيبعة في سنة سبعين: نجم الدين يحيى بن محمد بن عبد الواحد بن اللبودي واقف اللبودية التي عند حمام الفلك المبرز على الأطباء ولديه فضيلة بمعرفة الطب وقد ولي نظر الدواوين بدمشق مات ودفن بتربته عند اللبودية انتهى. يعني تربة أبيه كما قدمناه في كلام الذهبي والصفدي والأسدي ثم قال القاضي عزالدين: أول من درس بها جمال الدين الزواوي وسافر عنها وقتل على القصب في طريق حمص ثم تولى بعده المغربي وهو مستمر بها إلى الآن انتهى. "فوائد" الأولى: قال ابن كثير في سنة ثمان وستين وستمائة: الشيخ موفق الدين أحمد بن القاسم بن خليفة الخزرجي الطبيب عرف بابن أبي اصيبعة له تاريخ الأطباء في عشر مجلدات لطاف وهو وقف بمشهد عروة بالجامع الأموي توفي بصرخد وقال كان قد جاوز التسعين انتهى. الثانية: قال الذهبي في مختصر تاريخ الإسلام في ثلاث وعشرين وسبعمائة: وتوفي مسند الشام بهاء الدين القاسم بن مظفر بن محمود بن عساكر الطبيب وقف أماكن ودفن بتربته يعني بالروضة بسفح قاسيون وعاش أربعا وتسعين سنة مات في شعبان وله سماعات وأجاز ات وتفرد بأشياء قرأ عليه البرزالي

_ 1 شذرات الذهب 5: 21.

نحوا من مائة وحدث عن ابن اللتي وغيره انتهى. وقال فيه في سنة ثلاثين وسبعمائة وتوفي المعمر زين الدين أيوب بن نعمة الدمشقي الكحال في ذي الحجة عن تسعين سنة يروي عن المزي وجماعة انتهى. قال الصفدي في كتابه الوافي في ذكر المحمدين: محمد بن عبيد الله بن المظفر بن عبد الله الباهلي هو أفضل الدولة أبو المجد بن أبي الحكم من الحكماء المشهورين كان طبيبا حاذقا وله يد طولى في الهندسة والنجوم ويعرف الموسيقى ويلعب بالعود ويزمر وله في سائر الآلات المطربة يد عمالة وعمل ارغنا وبالغ في اتق أنه وقرأ على والده وغيره الطب وكان في دولة نور الدين ابن الشهيد ولما عمر البيمارستان بدمشق جعل أمر الطب فيه إليه وكان يدور على المرضى فيه وكان يعتبر أحوالهم وبين يديه المشارفون والخدم للمرضى وكل ما يكتبه للمرضى لأي ؤخر عنهم فإذا فرغ من ذلك طلع القلعة وافتقد مرضى السلطان وغيرهم وعاد إلى البيمارستان وجلس في الأيوان الكبير وجميعا لأيون مفروش ويحضر كتب الاشغال وكان نور الدين قد أوقف جملة كثيرة من الكتب الطبية وكانت في الخزانتين اللتين في صدر الأيوان وكان جماعة الأطباء والمشتغلين ياتون إليه ويجلسون بين يديه ثم تجري مباحث طبية وتقرأ التلاميذ ولا يزال معهم في مباحث واشتغال ونظر في الكتب مقدار ثلاث ساعات ثم يركب بعد ذلك كله إلى داره بدمشق توفي بها سنة سبعين وخمسمائة انتهى.

فصل الخوانق

فصل الخوانق الخانقاه الأسدية ... فصل الخوانق 158- الخانقاه الأسدية بدرب الوزير قاله ابن شداد. وقال الشيخ شهاب الدين أبو شامة في الروضتين: والخناقاه الأسدية داخل باب الجابية بدرب الهاشميين إنشاء أسد الدين شيركوه الكبير منشئ المدرسة الأسدية بالشرف القبلي ظاهر دمشق المطلة على الميدان الأخضر وقد مرت ترجمته فيها في مدارس الشافعية ونبهنا عليها في مدارس الحنفية فإن المدرسة هذه مشتركة بين الفريقين. قال الذهبي في العبر في سنة أربعين وسبعمائة: ومات بدمشق الشيخ المعمر نجم الدين بن بركات أبو الفضل بن القرشية البعلي الصوفي أحد أعيان الصوفية وأكابر الفقراء القادرية عن تسعين سنة أو أكثر حدث عن الشيخ الفقيه وكان خاتمة أصحابة وابن عبد الدايم وابن أبي اليسر وجماعة وولي مشيخة الشبلية والأسدية توفي في شهر رجب انتهى. وقال الحسيني في ذيله في سنة تسع وأربعين وسبعمائة: والعلائي بهاء الدين محمد بن الإمام شمس الدين محمد بن أبي الفتح البعلي ثم الدمشقي الحنبلي حضر عمر بن القواس1 وسمع من طائفة وولي العقود ومشيخة الأسدية انتهى. ثم ولي مشيختها السيد ناصر الدين بن نقيب الأشراف وقد مرت ترجمته في المدرسة الامجدية ثم ولي مشيختها بدر الدين بن البرهان وقد مرت ترجمته في المدرسة الاكزية فائدتان الأولى: قال البرزالي في سنة خمس وثلاثين وسبعمائة: وفي يوم

_ 1 شذرات الذهب 5: 442.

الخميس ثاني المحرم توفي برهان الدين إبراهيم بن ناصر الدين إسحاق ابن الشيخ برهان الدين إبراهيم بن إسحاق بن مظفر الوزيري وصلي عليه بعد العصر بجامع دمشق ودفن بمقبرة باب الصغير وكان رجلا جيدا فيه دين وخير وكان من صوفية الأسدية وله حلقة بالجامع ووظائف انتهى. الثانية قال الذهبي في تاريخه العبر في سنة تسعين وستمائة: والأبهري القاضي شمس الدين عبد الواسع بن عبد الكافي بن عبد الواسع الشافعي سمع من ابن رزوبه وابن الزبيدي1 وطائفة وأجاز له الشيخ أبو الفتح الميداني2 والمؤيد بن الاخوة وخلق توفي في شوال بالخانقاه الأسديه وله اثنان وتسعون سنة إلا شهرا انتهى. والله سبحانه وتعالى أعلم انتهى.

_ 1 شذرات الذهب 5: 144. 2 شذرات الذهب 5: 17.

الخانقاه الاسكافية

159- الخانقاه الاسكافية أنشأها شرف الدين محمد بن الاسكاف على نهر يزيد بسفح قاسيون قاله القاضي عز الدين بن شداد انتهى.

الخانقاه الأندلسية المشهورة

160- الخانقاه الأندلسية المشهورة شرقي العزيزية والأشرفية داخل الكلاسة لصيق الجمقيقية غربي السميصاتية قال بعضهم: وقفها مختلط. وقال ابن شداد: الخانقاه المعروفة بأبي عبد الله محمد ابن أحمد بن يوسف الأندلسي قبالة السميصاتية انتهى. ومن صوفيتها العلامة شهاب الدين أحمد العنابي وقد مرت ترجمته بالمدرسة الناصرية وقال ابن كثير في سنة إحدى وثمانين وستمائه: القاضي أمين الدين الاشتري ابوالعباس أحمد بن شمس الدين أبي بكر عبد الله بن محمد بن عبد الجبار بن طلحه الحلبي المعروف بالاشتري الشافعي المحدث سمع الكثير وحصل ووقف أجزاء بدار الحديث الأشرفيه توفي رحمه الله تعالى بالخانقاه الأندلسية يوم الخميس

الخانقاه الباسطية

الرابع والعشرين من شهر ربيع الاول عن ست وستين سنة رحمه الله تعالى وكان الشيخ محيي الدين النواوي رحمه الله تعالى يثني عليه ويرسل له الصبيان ليقرأوا عليه في بيته لأمانته عنده وصيناته وديانته انتهى 161- الخانقاه الباسطية بالجسر الأبيض غربي المدرسه الاشعريه وشمالي الخانقاه العزيه أنشأها القاضي زين الدين عبد الباسط بن خليل ناظر الجيوش الإسلاميه والخوانق والكسوة الشريفه وكانت هذه الخانقاه دارا له فلما نزل السلطان الملك الأشرف برسباي إلى آمد سنة ست وثلاثين وثمانمائة خاف من نزول العسكر بها فجدد لها محرابا وأوقفها ثم اجتمع بهذا السلطان وعظم شأنه عنده وصار الحل والعقد بيده ولا يبرم الأشرف المذكور أمرا إلا برأيه وشرع في عمارة بلاد السلطان فزاد متحصلها بذلك وكان سعيد الحركات لم يصل أحد من المباشرين إلى ما وصل إليه عمر المدارس بالحرمين والقدس وبمصر على باب داره وبدمشق بالصالحية ووقف على ذلك كله أوقافا حسنة جيدة ورتب في الركبين الموفودين المصري والشامي سحابتين وما يحتاجان إليه من الجمال والرجال وغير ذلك وهما خيمتان كبيرتان على صفة الجملون برسم الفقراء والمساكين ورتب أيضا لكل سحابة خمسة وعشرين قنطارا من البقسماط وما يكفيهما من أحمال الماء جزاه الله خيرا وتقرر مملوكه جاني بك دواداره في استدرابة السلطان وأوصى قبل وفاته إلى جماعة منهم مملوكه المذكور ومملوكه الآخر ارغون وأسند النظر عليهما في تركته إلى ناظر الجيوش الإسلامية محب الدين بن الاشقر والى الأمير جاني بك الجركسي وتوفي بمصر ثاني شوال سنة أربع وخمسين وثمانمائة وقد قارب الستين سنة وصلي عليه بدمشق صلاة الغائبة وكان والده عاقلا مداريا وغبطه السلطان بقربة حسرين من الغوطة ووالدته جركسيه وخلف ولدين ذكرين أبا بكر وعثمان وابنتين احداهما زوجة إبراهيم بن منجك والآخرى تزوج بها السلطان جقمق وطلب السلطان جقمق من أولاده مائة الف

دينار وصارت وظائفه بدمشق لناظر الجيش بدر الدين حسن بن المزلق1 وتوفي معه في هذا العام من الأعيان بمصر القاضي ولي الدين الشطي الشافعي توفي في ذي الحجة وصلي عليه بدمشق بالنية صلاة الغائبة والعالم الفاضل نائب الحكم بدمشق شهاب الدين أحمد بن عرب شاه2 وهو الحنفي توفي بمصر وأول من ولي مشيخة هذه الخانقاه قاضي القضاه الباعوني3 رحمه الله تعالى.

_ 1 شذرات الذهب 7: 323. 2 شذرات الذهب 7: 280. 3 شذرات الذهب 7: 309.

الخانقاه الحسامية

162- الخانقاه الحسامية شمالي المدرسة الشبلية البرانية عند جسر كحيل قال ابن شداد منسوبة لأم حسام الدين بن عمر بن لاجين وهي بنت أيوب ست الشام أخت السلطان الملك الناصر صلاح الدين خارج دمشق بالشرق القبلي انتهى. وقوله بالشرف القبلي خطأ وصوابه ما قدمناه. وقال ابن كثير في تاريخه في سنة سبع وثمانين وخمسمائة: الأمير حسام الدين محمد بن عمر بن لاجين وأمه ست الشام بنت أيوب واقفة الشامية الجوانية والشامية البرانية بدمشق توفي ليلة الجمعة تاسع عشر شهر رمضان ففجع السلطان بابن أخيه تقي الدين عمر بن شاهنشاه صاحب المدرسة التقوية وبابن أخته في ليلة واحده فقد كانا من أكبر الأعوان وأعز الإخوان ودفن حسام الدين بالتربة الحسامية وهي التي أنشأتها أمه بمحلة العوينة وهي الشامية البرانية انتهى. وقال الصفدي: محمد بن عمر بن لاجين ابن أخت السلطان صلاح الأمير حسام الدين توفي في الليلة التي توفي فيها صاحب حماه تقي الدين المظفر في سنة سبع وثمانين وخمسمائة وحزن السلطان عليهما ودفن حسام الدين بالتربة الحسامية المنسوبة إليه من بناء والدته ست الشام وهي الشامية الكبرى بظاهر دمشق انتهى. وقال الأسدي في سنة سبع وثمانين وخمسمائة: محمد ابن عمر بن لاجين حسام الدين بن ست الشام وكان صاحب نابلس وكان شجاعا مقداما جوادا توفي بدمشق في شهر رمضان في الليلة التي مات فيها تقي

الدين عمر ففجع السلطان صلاح الدين بابن أخيه وابن أخته ودفن بتربة أمه بالشامية بالقبر الأوسط على والده انتهى. ولي مشيختها الشيخ شرف الدين نعمان وسكنها وقد مرت ترجمته بالمدرسة الجوهرية انتهى.

الخانقاه الخاتونية

163- الخانقاه الخاتونية ظاهر باب النصر المعروف الآن بباب دار السعادة في أول الشرف القبلي على بانياس وهي شرقي جامع دنكز ولصيقه وبابها يفتح للقبلة قال ابن شداد: منسوبة إلى خاتون بنت معين الدين انر تزوجت نور الدين الشهيد انتهى. وقد مرت ترجمتها في المدرسة الخاتونية الجوانية انتهى. وقال الصفدي: في العين عبد الواحد بن عبد الوهاب بن علي بن عبد الله الامين أبو الفتوح المعروف بابن سكينة أسمعه والده في حياته من أبي الفتح بن البطي وأبو زرعة المقدسي وأبي بكر أحمد بن المقرب الكرخي وغيرهم وقرأ القرآن وبرع وتفقه وقرأ الأدب وتغرب نحو عشرين سنة ويتردد ما بين الحجاز والشام ومصر والجزيرة وسميساط وغيرها ويخالط ملوكها وتولي مشيخة رباط القدس ثم بخانقاه خاتون ظاهر دمشق وعاد إلى بغداد وتلقى بالديوان بالاكرام والاحترام وولي المشيخة برباط جده شيخ الشيوخ وأنفذ رسولا إلى كيش فأدركه أجله بها سنة ثمان وستمائة ومولده سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة ومن شعره قوله: دع العذال ما شاؤوا يقولوا ... فأين السمع مني والعذول أتوا برقيق عذلهم ليمحوا ... هوى جللا له خطر جليل وسمعي عنهم في كل شغل ... بوجه شرحه شرح يطول تمكن في شغاف القلب حتى ... غدا ورسيسه فيه دخيل وقال ابن كثير في سنة سبع عشرة وسبعمائة: الشيخ شهاب الدين الرومي أحمد بن محمد بن إبراهيم المراغي تولي مشيخة الخاتونية توفي في المحرم منها ودفن بالصوفية انتهى ملخصا. وقد مر بتمامه في المدرسة المعينية. وقال الأسدي:

في صفر سنة ثمان وعشرين وثمانمائة من ذيله: سراج الدين عمر ابن الشيخ شهاب الدين أحمد بن محمد بن أحمد بن عمر بن رضوان بن السلاوي اشتغل في الفقه يسيرا وفي الفرائض وفضل فيها وأقام بطرابلس مدة وحصل فيها وظائف ثم استقر بدمشق وباشر جهات والده إمامه جامع الأموي وغيرها ثم ولي مشيخة خانقاه خاتون ونظرها بعد وفاة الشيخ عبد المالك وكان يتردد إلى الأكابر ويجتمع بهم ويباسطهم ويعاشرهم والناس لذلك يراعونه توفي يوم الاثنين خامس عشره وقد جاوز الستين ودفن بمقبرة الصوفية عند والده ووالده توفي في تاسع عشرين صفر سنة ثلاث عشرة وثمانمائة فبينه وبين والده خمس عشرة سنة إلا نصف شهر انتهى. ثم تولي بعده مشيختها ونظرها الشهاب الدلجي1 المصري وليها منه وقدم دمشق وباشر ذلك مباشرة مذمومة وقد مرت ترجمته في المدرس الأتابكية. وقال ابن قاضي شهبة في سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة: في محرمها يوم الاثنين سابع عشره نزل الشهاب الدلجي الزنديق عن مشيخة خانقاه خاتون ونظرها لبرهان الدين وولي الدين ابن قاضي عجلون بعوض أخذه عنهما وكانت وقعت له قضية بسبب الخناقاه قام معه قاضي القضاة بهاء الدين بن حجي وساعده ووقع بين قاضي القضاة المذكور والشيخ علاء الدين البخاري بسبب ذلك فكتب الشيخ في القاضي إلى مصر فعزل ثم بعد أيام وقعت له قضية قبيحة صار بها من أبين الناس. شعر: لقد أسمعت إذ ناديت حيا ... ولكن لا حياة لمن تنادي وبعد مدة وجيزة أشهد عليه برهان الدين أن الوظيفة المذكورة يختص بها أخوه ولي الدين دونه اهـ. ثم تلقاها عنه شيخ الشافعية نجم الدين ثم تلقاها عنه أخوه زين الدين عبد الرحمن ثم تلقاها عنه أخوه تقي الدين أبو بكر ثم نزل عنها للقاضي شهاب الدين أحمد بن علي البقاعي ثم تلقاها عنه ولده انتهى. والله أعلم.

_ 1 شذرات الذهب 7: 322.

الخانقاه الدويرية

164- الخانقاه الدويرية المعروفة بدويرة حمد بدرب السلسلة بباب البريد قاله بن شداد. وقال الأسدي في تاريخه في سنة إحدى وأربعمائة: حمد صاحب الدويرة بباب البريد حمد بن عبد الله بن علي أبو الفرج الدمشقي المقري المعدل من جملة عدول البلد وهو صاحب دويرة حمد بباب البريد حكى عنه محمد بن عوف الترسي1: قال هبة الله الأكفاني في سنة إحدى وأربعمائة: وجد حمد وزوجته مذبوحين وصبي قرابته في داره بباب البريد حكاه الذهبي انتهى. ومن وقفها الحصة وهي النصف شائعا من جنينة بني وهبان بالطريق الوسطاني الأخذ إلى المزة ومنه أيضا النصف كذلك من البستان المعروف بالصوفية من أرض اللوان بالمزة أيضا ومنه أيضا نظير الحصة المذكورة وهي النصف شائعا كذلك من البستان المعروف بدفوف الأصابع بالمزة أيضا ومنه أيضا جميع قرار أرض البستان المعروف بحسين الآمدي بالمزة أيضا ومنه أيضا جميع الحصة وهي أحد عشر سهما ونصف سهم من أربعة وعشرين سهما وهي الربع والسدس ونصف الثمن شائعا من المزرعة المعروفة بالعصامية بزقاق الماء بالمزة ومنه سهم واحد من أربعة وعشرين سهما شائعا من البستان المعروف بالقاطوع بالمزة أيضا ومنه نظير الحصة المذكورة من الجنينة قرب القاطوع المذكور وتعرف بجنينة فاطمة يفصل بينهما نهر داريا والمزة جوار طاحون السيفي منخاص ومنه أيضا نظير الحصة المذكورة شائعا من الجنينة الملاصقة لحمام العوافي بالمزة أيضا ومنه الحصة الشائعة وهي سهم واحد من أربع وعشرين سهما من قرار أرض الجنينة المعروفة باللحام بحارة صلاح بالمزة أيضا ومنه الحصة الشائعة وقدرها ثلاثة أسهم من أربعة وعشرين سهما من قرار أرض البستان وهو المعروف بالخزان بزقاق الماء بالمزة أيضا علها حكر في كل سنة مبلغ ستين درهما ومنه الحصة الشائعة ومبلغها نصف سهم من أربع وعشرين سهما من الدار الرحى الخراب المعروفة بالشهابية

_ 1 شذرات الذهب 3: 249.

من جملة أراضي المزة بوادي النيرب قبلي نهر بردى ومنه قطعة الأرض السليخه من أراضي قصور داريا من أراضي قرية كفر سوسيا ومنه الحصة من قرار الأرض الشائعة ومبلغها اثنا عشر سهما من أربعة وعشرين سهما وهي النصف من القطعتين من الأرض المذكورة الخراجيتين المعروفه احداهما بالدورة والآخرى بالطويلة من أرض الشاغور ومنه الحصه الشائعة وهي النصف من الأرض الخراجية المعروفة بجنينة الوتار وشربها من نهر الانباط ومنه أيضا الحصة الشائعة وهي ستة أسهم من أربعة وعشرين سهما وهي الربع من قطعة الأرض السليخة الخراجية المعروفة بحقل الفرس ومنه أيضا الحصة الشائعة وقدرها ستة أسهم من أربعة وعشرين سهما من المكان المعروف بالمطبخ شمالي الوقف على المدرسة الشامية البرانيه ومنه أيضا الحصة الشائعة وقدرها نصف سهم من أربعة وعشرين سهما من المزرعة المعروفة بالصفوانية شمالي نهر بردى وطاحون الشيخ ومنه الحصة المقسومة المفروزة سهمين من أربعة وعشرين وهي نصف السدس من القرية المعروفة بالبويضة من وادي العجم قرب البريج ومنه أيضا الحصة الشائعة وقدرها أربعة أسهم من أربعة وعشرين سهما وهي السدس من القطعة المعروفة بحلقة قافية من أراضي قرية داعية ومنه نظير الحصة المذكورة وهي السدس شائعة من الحقل الخراجي المعروف بحقل محفوظ من أراضي داعية المذكورة ومنه نظير الحصة المذكورة أيضا وهي السدس شائعا من الحقل المعروفه بحقل عبيد من أراضي داعية أيضا ومنه الحصة الشائعة وقدرها سهم واحد من أربعة وعشرين سهما وهي ثلث الثمن من جميع قطع الأراضي السبع الخراجيات المعروفة بوقف القاطوع من أراضي بيت رانس تعرف الأولى منها بالكرم الصغير والثانية بحقل الزيتونة والثالثه بالماحل والخامسة بالتبوكية والسادسة بالقطبية والسابعة بالبرانس ومنه الحصة الشائعة وقدرها سهمان من أربعة وعشرين من الدار المعروفة بطاحون باب توما العامرة ومنه الحصة الشائعة وقدرها من أربعة وعشرين سهما من الحوانيت الأربعة والمقعد داخل دمشق بسوق البزورية قبلي الدخلة الغير النافذة الآخذه إلى العشر وبرأس المقعد الدخله المذكورة

ومنه جميع قرار أرض الاصطبل بدرب السلسلة بجوار الخانقاه المذكورة والطبقات التي كانت علو الاصطبل المذكور ومنه قرار الأرض المحاكرة بمحلة سوق ساروجة المعروفة بحكر الأقرع وبحارة السودان قديما بالقرب من تربة يونس ثبت أن ذلك جميعه وقف على مصالح الخانقاه المذكورة وعلى الصوفية المقررين بها وعلى سائر جهاتها ومصارفها الشرعية ثبوتا شرعيا وحكم بموجب ذلك اقضى القضاة شرف الدين أبو محمد عبد الله بن مفلح الحنبلي لكن أخذ الطباق المذكورة السيد تاج الدين وأدخلها في عمارته لصقيها ثم وقف عوضها الربع على الخانقاه المذكورة. وقال الحافظ السيد شمس الدين الحسيني في ذيل العبر لشيخه الذهبي في سنة خمس وأربعين وسبعمائة: ومات بطرابلس شيخنا مجد الدين محمد بن عيسى بن يحيى بن أحمد أبو الخطاب النيني المصري ثم الدمشقي الصوفي عن اثنتين وسبعين سنة حدث بجامع الترمذي عن ابن ترجم وولي مشيخة دويرة حمد بباب البريد انتهى. وقال الذهبي في تاريخه وهو الصغير المعروف بالعبر في سنة سبع وثمانين وستمائة: والجمال بن الحموي أبو العباس أحمد بن أبي بكر بن سليمان بن علي الدمشقي حضر ابن طبرزد وسمع من الكندي وابن الحرستاني افترى على الحاكم ابن الصايغ بشهادة فأسقط لأجلها ومات بدويرة حمد في ذي القعدة وله سبع وثمانون سنة وكان شهد في المحضر الذي زور على قاضي القضاة شمس الدين بن الصايغ في محنته التي خلصه الله منها والله أعلم انتهى. وقال أيضا في سنة تسع وتسعين وستمائة وأحمد بن محمد بن حمزة بن منصور أبو العباس الهمداني الطبيب النجم الحنبلي روى عن ابن الزبيدي ومات بدويرة حمد في شهر رمضان انتهى. وقال ابن كثير في سنة ست وعشرين وسبعمائة: العز حسن بن أحمد بن زفر الإربلي ثم الدمشقي كان يعرف طرفا صالحا من النحو والحديث والتاريخ وكان مقيما بدويرة حمد صوفيا وكان حسن المجالسة انتهى. وأثنى عليه البرزالي في نقله وحسب معرفته مات بالبيمارستان الصغير في جمادى الآخرة ودفن بباب الصغير عن ثلاث وستين سنة انتهى. وقال البرزالي في تاريخه رحمه الله تعالى في سنة أربع وثلاثين وسبعمائة

ومن خطه نقلت: وفي يوم الأربعاء عاشر ذي القعدة توفي الشمس محمد بن الشيخ بدر الدين محمد بن محمد بن نعمة المقدسي رحمه الله تعالى بدويرة حمد ودفن يوم الخميس بمقبرة باب كيسان عند اقاربه ومولده في سنة ثمانين وستمائة وكان جابيا بدويرة حمد وبجامع القبيبات وبجامع القابون انتهى. يعنى الجامعين اللذين أنشأهما كرم الدين1 المتشرف بالاسلام وكيل الخاطر السلطاني رحمهما الله تعالى ورحمنا أيضا أمين.

_ 1 ابن كثير 14: 109.

الخانقاه الروزنهارية

165- الخانقاه الروزنهارية بالبرج المستجد خارج باب الفراديس الأول والتربة به قال ابن كثير في سنة عشرين وستمائة: الشيخ أبو الحسن الروزنهاري توفي ودفن بالمكان المنسوب إليه بين السورين عند باب الفراديس انتهى. وقال الأسدي في تاريخه رحمه الله تعالى في سنة عشرين وستمائة: أبو الحسن الروزنهاري المدفون خارج باب الفراديس الأول في البرج المستجد قاله أبو شامة رحمه الله تعالى. وقال الذهبي: المدفون بالبرج الذي على يمين باب الفراديس بالخانقاه الروزنهارية انتهى. والله تعالى أعلم.

الخانقاه السميساطية

166- الخانقاه السميساطية السميساطية بمهلات مصغرة نسبة للسميساطي أبي القاسم علي بن محمد بن يحيى السلمي الحبشي من أكابر الرؤساء بدمشق حدث عن عبد الوهاب الكل أبي وطائفة منهم والده ولم يرو عنه غير ابنه أبي القاسم فيما ذكره عبد العزيز الكناني وتوفي أبوه محمد بن يحيى في سنة اثنتين وأربعمائة وتوفي أبو القاسم يوم الخميس بعد صلاة العصر العاشر من شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة بدمشق ودفن من الغد في داره بباب الناطفانيين التي وقفها على فقراء الصوفية وقف علوها على الجامع ووقف أكثر نعمة على وجوه البر وكان فيما

قال ابن الاثير مقدما في الهندسة وعلم الهيئة كذا ذكره ابن ناصر الدين في توضيح المشتيه وسميساط قلعة على الفرات بين قلعة الروم وملطية وقال الذهبي في ستة ثلاث وخمسين واربعمائة وابو القاسم السميساطي واقف الخانقاه على بن محمد بن يحيى السلمي الدمشقي روي عن عبد الوهاب الكلابي وغيره وكان بارعا في الهندسة والهيئة صاحب حشمة وثروة واسعة ومروءة وافرة عاش ثمانين سنة انتهى وقال الواني كان مذهب ابيه محمد الاعتزال روى عنه ابنه وقال توفي في صفر سنة اثنتين واربعمائة انتهى وكانت هذه الخانقاه دار عبد العزيز بن مروان بن الحكم ابي الاصبغ الاموي امير المؤمنين وابنه عمر رضي الله عنه ولي عهد امير المؤمنين بعد اخيه عبد الملك بعهد مروان ان صححنا خلافة مروان فإنه خارج على ابن الزبير رضي الله عنهما ثم انتقلت هذه الدار بعده الى ابنه عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه وذلك مكتوب على عنبة الباب الى اليوم روى عنه ابيه وابي هريرة وعقبة بن عامر وابن الزبير رحمهم الله تعالى قال ابن سعد كان ثقة قليل الحديث قال عبد العزير يا ليتني لم اكن شيئا يا ليتني كنت قبل هذا الماء الجاري توفي في جمادى الآخرة سنة خمس وثمانين من الهجرة بحلوان وحمل في النيل الى مصر وقد بسط الصفدي ترجمته وقال ايضا عبد العزيز بن الوليد بن عبد الملك بن مروان ابي الاصبغ هو ابن اخت عمر بن عبد العزيز داره بالكشك قبلي دار البطيح العتيقه ولي نيابة دمشق لابيه توفي في حدود العشرة والمائة انتهى ولما قدم ابو القاسم المذكور اي السميساطي دمشق سكن بدرب الخزاعية واليه كان يفتح باب هذه الدار وعرف الدرب به اشترى هذه الدار وبنى بها الصفة القبلية وجنبها لاغير وباقيها ساحه قال ابن شداد الخانقاه السميساطية منسوبه الى ابي القاسم السميساطي ولما ملك تاج الدولة تتش سالوه ان يفتح لها بابا

في دهليز الجامع فأذن لهم ففتح حيث هو الآن ثم عمرت فكان اول من شرع فيها الوزير المعروف بالفلكي بني البركة والصفة الغربية والطباق على دهليزها ثم مجد الدين بن الداية عمر الصفة الشرقية الله تعالى اعلم انتهى وقال الصفدي رحمه الله تعالى في حرف السين سعيد بن سهيل بن محمد بن عبد الله ابو المظفر المعروف بالفلكي النيسابوري توفي رحمه الله تعالى في سنة ثمان وسبعين واربعمائة سمع ابا الحسن علي ابن احمد بن محمد المديني وابا علي نصر الله ابن احمد بن عثمان الخشنامي وغيرهما ثم سكن خوارزم وولي الوزارة لاميرها ودخل بغداد مرارا وحدث بها عنه ابو محمد الاخضر ثم سافر الى دمشق لزيارة القدس فوردها في ايام نور الدين الشهيد فاكرم مورده وطلب العودة الى بلاده فلم يسمح نور الدين له وامسكه وانزله الخانقاه السميساطية وجعله شيخها فأقام بها مدة لا يتناول من وقفها شئيا ويجمع نصيبه عنده الى ان صار بيده منها جملة حسنة فعمر بها الايوان الذي في الخانقاه يعني الشمالي والسقاية واقام هناك الى حين وفاته وروي عنه الحافظ ابو القاسم ابن عساكر والله تعالى أعلم انتهى وقال الاسدي في سنة ثلاث وستين وخمسمائة وفيها فوض نور الدين امر الربط والزوايا والاوقاف بدمشق وحمص وحماه وحلب الى الشيخ ابي الفتح شيخ الشيوخ عمر بن علي بن محمد بن حموية وكتب له العماد منشورا انتهى قال ابو شامة ثم ذكر العماد نسخة المنشور وفيه فلينظر في رباط السميساطية وقبة الطواويس ورباط الطاحونة وغيرها من الربط التي للصوفية بدمشق وبعلبك انتهى وقال الاسدي في سنة سبع وسبعين وخمسمائة في ترجمة محمد بن علي بن الزاهد محمد بن علي بن محمد بن حموية ابو الفتح الجويني الصوفي شيخ الشيوخ بدمشق ولد في جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة الى ان قال واقبل عليه نور الدين واحسن اليه وفوض اليه مشيخة الشام على الصوفيه بدمشق وبعلبك وحمص وحماة وحلب المحروسة وغيرها وكان السلطان صلاح الدين يحترمه ويعظمه الى ان قال توفي في شهر رجب رحمه الله تعالى ودفن بمقابر الصوفية

وفوض السلطان صلاح الدين رحمه الله تعالى المشيخة الى ولده صدر الدين من بعده قال ابو شامه رحمه الله تعالى ومن عقبة جماعة من الشيوخ والامراء اليه ينسبون وبه يعرفون انتهى ملخصا وقال الذهبي في العبر في سنة سبع وستين وخمسمائة وشيخ الشيوخ ابو الفتح عمر بن علي ابن الزاهد محمد بن علي بن حموية الجويني الصوفي مات وله اربع وستون سنة روى عن جده والفراوي وطائفة وولاه نور الدين مشيخة الشيوخ بالشام وكان وافر الحرمة انتهى وقال ايضا في سنة اثنتين واربعين وستمائة وتاج الدين بن حموية شيخ الشيوخ ابو محمد عبد الله ويسمى ايضا عبد السلام بن عمر بن علي بن محمد الجويني الصوفي شيخ السميساطية ولد بدمشق سنة ست وستين وسمع من شهدة والحافظ ابي القاسم ودخل الغرب قبل الستمائة فقام هناك ست سنين وله مجاميع وفوائد توفي رحمه الله تعالى في صفر انتهى وقال ايضا في سنة ست وخمسين وستمائة والصدر البكري ابو علي الحسن بن محمد بن محمد بن محمد بن عمروك التميمي النيسابوري ثم الدمشقي الصوفي الحافظ ولد سنة اربع وسبعين وخمسمائة وسمع بمكة المشرفه من عمر الميانشي وبدمشق من ابن طبرزد وبحران من ابي روح وباصبهان من ابي الفتوح بن الجنيد وكتب الكثير وعنى بهذا الشان اتم عناية وجمع وصنف وشرع في مسودة ذيل على تاريخ ابن عساكر وولي مشيخة الشيوخ وحسبة دمشق وعظم في دولة المعظم ثم فتر سوقه وابتلي بالفالج قبل موته باعوام ثم تحول الى مصر فتوفي بها في حادي عشر ذو الحجة وضعفه بعضهم وقال الزكي البرزالي رحمه الله تعالى كان كثير التخليط انتهى وقال فيها ايضا في سنة اربع وسبعين وستمائة وسعد الله شيخ الشيوخ الخضر ابن شيخ الشيوخ تاج الدين عبد الله ابن شيخ الشيوخ ابي الفتح عمر بن علي ابن القدوة الزاهد محمد بن حموية الجويني ثم الدمشقي عمل الجندية مدة ثم لزم الخانقاه وله تاريخ مفيد وشعر متوسط سمع من ابن طبرزد وجماعة واجاز له ابن كليب والكبار توفي في ذي الحجة

وقد نيف على الثمانين انتهى وقال فيها ايضا في سنة ثمان وسبعين وستمائة وشيخ الشيوخ شرف الدين ابو بكر عبد الله ابن شيخ الشيوخ تاج الدين عبد الله ابن عمر بن حمويه الجويني ثم الدمشقي الصوفي ولد سنة ثمان وستمائة وروى عن ابي القاسم ابن صصري وجماعة توفي في شوال انتهى وقال الصفدي في الوافي في حرف الباء الموحده ابو بكر بن عبد الله بن مسعود جمال الدين البزوري البغدادي التاجر المقيم بدمشق يعرف بالامير جمال الدين اقوش النجيبي لما كان نائب السلطان بالشام فولاه نظر الجامع الاموي والخوانق والبيمارستان النوري وجعله شيخ الشيوخ ورفع من قدره فبقي على ذلك مدة وذهب روس العمد في الجامع ورخم الحائط الشمالي واعجله العزل فلم يتمه توفي سبع وسبعين وستمائة بدمشق انتهى وقال ابن كثير في تاريخه في سنة احدى وسبعمائة وفي يوم الاربعاء تاسع عشرين شهر ربيع الاول جلس قاضي القضاة وخطيب الخطباء بدر الدين بن جماعة بالخانقاة السميساطية شيخ الشيوخ بها عن طلب الصوفية له في ذلك ورغبتهم فيه وذلك بعد وفاة الشيخ يوسف بن حموية الحموي وفرحت الصوفية به وجلسوا حول ولم تجتمع هذه المناصب قبله لغيره ولا بلغنا انها اجتمعت لاحد بعده الى زماننا هذا القضاء والخطابة ومشيخة الشيوخ قلت قد اجتمعت بعد موت المؤلف بجماعة منهم برهان الدين بن جماعة وبعده شرف الدين وعلاء الدين بن ابي البقاء وشهاب الدين الباعوني وقبله شهاب الدين الغزي وشمس الدين الاخنائى وشهاب الدين بن حجي وغير هؤلاء رحمهم الله تعالى تولوا هذه المناصب على قاعدة بدر الدين بن جماعة والله تعالى اعلم وقال فيه في سنة اثنتبن وسبعمائة وفي يوم السبت ثالث شعبان باشر مشيخة الشيوخ يعد ابن جماعة القاضي ناصر الدبن بن عبد السلام وكان جمال الدين الزرعي يسد الوظيفة الى هذا التاريخ انتهى وقال فيه في ثالث شوال سنة اثنتين وسبعمائة وطلب الصوفية من نائب دمشق الافرم ان يولي عليهم مشيخة الشيوخ للشيخ صفي الدين الهندي فاذن له في المباشرة يوم الجمعة

سادس شوال عوضا عن ناصر الدين بن عبد السلام انتهى وقال فيه في سنة ثلاث وسبعمائة في آخرها وترك الشيخ صفي الدين الهندي مشيخة الشيوخ فوليها القاضي عبد الكريم ابن قاضي القضاة محيي الدين ابن الزكي وحضر الخانقاه يوم الجمعة سادس عشرين ذي القعدة وحضر عنده ابن صصري وهو قاضي القضاة وعز الدين القلانسي والصاحب ابن مبشر والمحتسب وجماعة انتهى وقال فيه في سنة احدى عشرة وفي آخر ذي الحجة وصل الشيخ شهاب الدين محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحيم بن عبد الكريم بن محمد بن علي بن الحسن بن الحسين بن يحيى بن موسى بن جعفر الصادق رضى الله تعالى عنهم وهو الكاشغري الشريف من القاهرة ومعه توقيع بمشيخة الشيوخ فنزل الخانقاه وباشرها بحضرة القضاة والأعيان وانفصل ابن الزكي عنها انتهى وقال فيه في سنة ست عشرة وسبعمائة وفي يوم الاثنين سادس عشرين جمادى الأولى باشر ابن صصري مشيخة الشيوخ بالسميساطية بسؤال الصوفية وطلبهم له من نائب السلطنة فحضرها وحضر عنده الاعيان في هذا اليوم عوضا عن الشريف شهاب الدين ابي القاسم الكاشغري انتهى وقال فيه في سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة وجاءت ولاية القاضي جمال الدين الزرعي لقضاء الشام عوضا عن النجم بن صصري وفي يوم الجمعة رابع عشرين شهر ربيع الاول فنزل العادلية وقد قدم على القضاء ومشيخة الشيوخ وقضاء العساكر وتدريس العادلية والغزالية والاتابكية انتهى وقال فيه في سنة سبع وعشرين وسبعمائة وفي يوم الجمعة سادس عشرين شعبان باشر صدر الدين المالكي مشيخة الشيوخ مضافة الى قضاء القضاة المالكية وحضر النائب عنده وقريء تقليده بذلك بعد انفصال الزرعي عنها الى مصر انتهى وقال فيه في سنة ثمان وعشرين وفي يوم الجمعة رابع المحرم حضر قاضي القضاة علاء الدين الفونوي مشيخة الشيوخ بالسميساطية عوضا عن القاضي المالكي شرف الدين وحضر عنده الفقهاء والصوفية على العادة انتهى وقال فيه ايضا وفي يوم الجمعة ثاني عشر ذي الحجة

حضر مشيخة الشيوخ بالسميساطية قاضي القضاة شرف الدين المالكي بعد وفاة قاضي القضاة الشافعي القونوي وقريء تقليده بالمشيخة بها وحضره الاعيان واعيد الى ما كان عليه انتهى وقال الحسني في ذيل العبر في سنة ثمان واربعين وسبعمائة ومات قاضي القضاة وشيخ الشيوخ شرف الدين ابو عبد الله محمد ابن قاضي القضاة معين الدين ابي بكر بن طاهر الهمداني النويري المالكي في ثاني المحرم عن بضع وثمانين سنة وولي بعده قاضي القضاة المالكية نائبه الامام جمال الدين محمد بن عبد الرحيم المسلاتي ومشيخة الشيوخ شيخنا علاء الدين علي ابن محمود القونوي الحنفي الصوفي انتهى وقال فيه في سنة تسع واربعين وسبعمائة وشيخ الشيوخ علاء الدين ابو الحسن علي بن محمود بن حميد بن موسى القونوي الدمشقي الحنفي مدرس القليجية انتهى وقال فيه في سنة سبع واربعين وسبعمائة وفي شعبان مات بدمشق شيخنا القاضي الامام العالم الرئيس الكامل تقي الدين ابو محمد عبد الكريم بن قاضي القضاة محي الدين يحيى بن قاضي القضاة محي الدين ابو المعالي محمد بن قاضي القضاة زكي الدين ابي الحسن علي بن قاضي القضاة منتخب الدين ابي المعالي محمد بن يحيى بن علي بن عبد العزيز القرشي الاموي العثماني المصري ثم الدمشقي الشافعي ولد ليلة عرفة سنة اربع وستين وستمائة بالقاهرة ثم قدم دمشق وتفقه بها وسمع من ابن البخاري وغيره وولي مشيخة الشيوخ ودرس باماكن وكان رجلا ساكنا عاقلا معتبرا مهيبا ذا غور ودهاء انتهى وقال ابن كثير في تاريخه في سنة ستين وسبعمائة وفي يوم الاحد رابع شهر ربيع الاول صرف القاضي ناصر الدين محمد ابن الشرف يعقوب الحلبي من كتابه السر بدمشق ومشيخة الشيوخ الى كتابه سر حلب وولي بعده كتابة السر بدمشق شيخنا وكيل بيت المال القاضي امين الدين محمد بن احمد بن القلانسي مع تدريس الناصرية الشامية الجوانية ومشيخة الشيوخ انتهى وقال فيه في سنة اثنتين وستين وسبعمائة واستقر في كتابة السر بدمشق ومشيخة الشيوخ بها القاضي ناصر الدين محمد بن شرف الدين يعقوب الحلبي عوضا عن القاضي امين الدين بن القلانسي وقبض على ابن القلانسي وصودر

فادى في المصادرة نحو مائتي الف درهم انتهى وقال فيه في سنة اربع وستين وسبعمائة وهي آخر سنة ذكرها وفي اول شوال صرف القاضي جمال الدين بن الاثير عن كتابة السر بدمشق وعن مشيخة الشيوخ بها وتوجه القاضي فتح الدين محمد بن ابراهيم بن الشهيد وتولي الوظيفتين المذكورتين عوضا عن المذكور وعاد الى دمشق وكان دخوله في اليوم الثاني من ذي الحجة انتهى وقال الاسدي في تاريخه في سنة ثلاث وثمانمائة في جمادى الآخرة منها في سادسة حضر ابن العز القاضي الحنفي الخانقاه على قاعدة القاضي الشافعي لان تمورلنك كان يعظم الحنفيه وحضر معه القاضي الحنبلي وحاجب الحجاب ومن كان بدمشق من الحنفيه وخطب يومئذ بالجامع الاموي ودعا للسلطان محمود فادعه للامير تيمور واستقر الحنفي مقيما ببيت الخطابة وباشر الاوقاف المتعلقة بالقاضي الشافعي ويقال انه لم يقم الجمعة في الجامع الا مرة واحدة وهي الجمعة الاولى من استيلاء تمورلنك على البلد وبعد هذا نزل بالجامع امير يقال له شاه ملك هو واهله وخدمه انتهى وقال فيه في سنة اربع وعشرين في شوال وفي هذه الايام اسقط قاضي القضاة نجم الدين بن حجي من الخانقاه السميساطية المزوجين واهل البلد وقرر فيها عزبانا وكان قد تقرر فيها الفقهاء وصارت مدرسة وقل الحاصل ثم انقطع اخيرا احد وقال فيه في صفر سنة خمس وعشرين وثمانمائة وفي يوم الجمعة سادسه اعيد حضور خانقاه السميساطية الى ما كان عليه قبل الفتنة في اول النهار وكان في هذه المدة الحضور بعد الصلاة ويحضر بها خلق كثير من الناس بسماع القراء والمداح وكل من يرد من البلاد يعمل فيها ويسمعه الناس ويطل ذلك انتهى وولي مشيختها ولم اعرف متى محمد بن ابي بكر بن محمد الفارسي شمس الدين الايكي كان فاضلا في فنون المعقولات له شرح على مقدمة المنطق التي في اول مختصر ابن الحاجب وقد مرت ترجمته في الغزالية مظولة فائدة قال الشيخ علاء الدين الوداعي للامير الكبير العالم المحدث سنجر

الخانقاه الشومانية

التركي الدواداري لما اخذت دويرة السميساطي ابياتا: لدويرة الشيخ السميساطي من ... دون البقاع فضيلة لاتنحل هي موطن للاولياء ونزهة ... في الدين والدنيا لمن يتامل كملت معاني فضلها مذ حلها ... العالم الفرد الغياث المتبل إني لأنشد كلما شاهدتها ... ما مثل منزلة الدويرة منزل ومن صوفيتها علي بن عبد القادر الشيخ الامام شرف الدين المراغي ثم الدمشقي المعتزلي الصوفي قال ابن حجي كان فاضلا في العلوم العقلية ويعرف العربية ويقرأ المنهاج في الاصول وكان بارعا في الطب ويدري علم النجوم وما يتعلق بذلك ويقرىء الكشاف وكان معتزليا وينسب الى التشيع والرفض وكان اولا صوفيا بالخانقاه السميساطية فقام جماعة وشهدو به الى الحاكم فاستتابه وعزره ثم قرر بخانقاه خاتون الماضية ولم يزل بها الى ان مات وحصل له استيحاش من الفقهاء وربما كان يقرأ عليه من يأنس له أخذ عنه تقي الدين بن مفلح والقاضي نجم الدين بن حجي توفي في شهر ربيع الآخر سنة ثمان وثمانين وسبعمائة بخانقاه خاتون المتقدم ذكرها ودفن رحمه الله تعالى بالصوفية وقد جاوز الستين والله سبحانه تعالى اعلم انتهى 166- الخانقاه الشومانية قال ابن شداد رحمة الله تعالى: أنشأها شومان ظهير الدين وهو أحد مماليك بني أيوب انتهى.

الخانقاه الشهابية

167- الخانقاه الشهابية داخل باب الفرج غربي العادلية الكبرى وشمالي المعينية واللاقية. قال ابن كثير في تاريخه رحمه الله تعالى في سنة سبع وسبعين وستمائة: أيدكين بن عبد الله الأمير الكبير علاء الدين الشهابي واقف الخانقاه الشهابية داخل باب الفرج: كان من

الخانقاه الشبلية

خيار الامراء بدمشق وقد ولاه الظاهر النيابة بحلب المحروسة مدة وكان من خيار الامراء وشجعانهم وله حسن ظن بالفقراء والاحسان اليهم توفي رحمه الله تعالى في خامس عشر شهر ربيع الاول وهو في عشر الخمسين ودفن بتربة الشيخ عماد الرومي بسفح قاسيون وكان للخانقاه شباك الى الطريق الشهابي نسبة الى الطواشي شهاب الدين رشيد الكبير الصالحي انتهى ولم يذكره الذهبي في العبر ولا في المختصر وممن ولي مشيختها الشيخ شمس الدين السلسبيلي قال المعتمدي محمد بن عيسى الامام العالم المفتي شمس الدين السلسبيلي المصري سمع من عبد الرحيم بن ابي اليسر كما حكاه ابن رافع عن بعض الطلبة وحفظ التنبية والالفية واشتغل به وولي مشيخة الخانقاه الشهابية بدمشق قال ابن رافع علق في التفسير شيئا وذكره ابن حجي فقال صاحبنا وشيخنا كان رجلا فاضلا بالعربية وكان يشغل تحت قبة النسر بالجامع الاموي وله عمل جيد في الفقه وغيره وكان الفقهاء من اصحابة ورفقائه والطلبة يترددون اليه ويحبونه وينشرحون لحديثه وكان عزبا وهو رجل جيد له عبادة من صيام وصدقه ويزور مقابر الباب الصغير كل سبت لا يترك ذلك شتاء ولا صيفا وكان كثير المطالعة والمذاكرة والاشتغال بمنزلة والجامع وله سؤالات بالعربية سأل عنها تقي الدين السبكي فأجابة وله ارجوزة في التصريف وكتب على المنهاج في الفقه توفي في ثالث عشر شهر ربيع الاول سنة سبعين وسبعمائة بالخانقاه الشهابية من مرض طال به ودفن بباب الصغير وقد جاوز الخمسين انتهى 168- الخانقاه الشبلية قال ابن شداد: أنشأها شبل الدولة كافور المعظمي بسفح قاسيون انتهى. وقد مرت ترجمة في مدرسة الشبيلية البرانية وقال الذهبي في العبر سنة أربعين وسبعمائة: ومات بدمشق الشيخ المعمر نجم الدين إبراهيم بن بركات بن أبي الفضل بن القرشية البعلبكي الصوفي أحد أعيان وأكابر الفقراء

القادرية عن تسعين سنة أو أكثر حدث عن الشيخ الفقيه وكان خاتمة أصحابة وعن ابن عبد الدائم وابن أبي اليسر وجماعة وولي مشيخة الشبلية والأسدية توفي في شهر رجب انتهى. وقال السيد الحسيني في ذيله: في سنة خمس وخمسين وسبعمائة مات شيخنا سابق الدين عثمان بن علي بن بشارة الشبلي الحنفي عن ثلاث وثمانين سنة حدث عن ابن البخاري وغيره وولي نظر خانقاه الشبلية توفي في ثامن عشرين جمادى الآخرة انتهى.

الخانقاه الشنباشية

169- الخانقاه الشنباشية بحارة البلاطة تعرف بأبي عبد الله الشنباشي قاله ابن شداد في كتابه الاعلاق.

الخانقاه الشريفية

170- الخانقاه الشريفية تجاه الهروية التي هي شرقي دار الحديث الأشرفية ولصيق المدرسة الطومانية شرقي باب قلعة دمشق وغربي العادلية الصغرى بها تربة واقفها السيد الحسيني شهاب الدين أحمد بن السيد شمس الدين محمد المعروف بابن الفقاعي وكان يتردد إليها الفقراء والأفاقية كذا رأيته ولم أر لها كتاب وقف ولا متى بنيت ولها دار قرآن أو زاوية وتحتمل أن تكون مدرسة لقول ابن شداد أول من درس بها رشيد الدين ألفارقي أيضا وهو مستمر بها إلى الآن انتهى. وقفها بمدينة حمص عدة حوانيت تجار ومزرعة ناب بحوران ووقف عليها أيضا أحد أولاده الثلاثة السيد محمد ثلث قرية عربيل وغير ذلك ووقف عليها أيضا ولده الثاني أحمد والثالث إبراهيم وقف عليها قراءة بخاري لمن له أهلية بذلك. وقال ابن ناصر الدين في توضيحه: والشريفي أمير له تربة بدمشق بالقرب من منزلنا انتهى. فليحرر أين منزله.

الخانقاه المعروفة بخانقاه الطاحون

171- الخانقاه المعروفة بخانقاه الطاحون خارج البلد. قال ابن شداد: هي منسوبة للسلطان نور الدين محمود بن زنكي بالوادي انتهى. وقد مرت ترجمته مختصرة في المدرسة الصلاحية ومطولة في المدرسة النورية الكبرى. قال الذهبي في العبر في سنة تسع وتسعين وستمائة: والشيخ سعيد الكاساني الفرغاني شيخ خانقاه الطاحون وتلميذ الصدر القونري كان أحد من يقول بالوحدة شرح تائية ابن ألفارض1 في مجلدين ومات في ذي الحجة عن نحو سبعين سنة انتهى.

_ 1 شذرات الذهب 5: 149.

الخانقاه الطواويسية

172- الخانقاه الطواويسية قال ابن شداد: منسوبة لدقاق أو لابنه انتهى. وقال في كلامه على المساجد التي خارج دمشق: مسجد كبير فيه قبر الملك دقاق في قبة معروفة بقبة الطواويس بالشرف الأعلى وفي الرباط بيت أم دقاق انتهى. وقال الذهبي في سنة سبع وتسعين وأربعمائة: توفي دقاق شمس الملوك أبو نصر بن تاج الدولة تتش ابن السلطان الب أرسلان السلجوقي صاحب دمشق انتهى. وهو دقاق ابن تاج الدولة أبو سعيد تتش ابن السلطان الكبير عضد الدولة أبي شجاع الب أرسلان بن الملك جغري بك1 وهو داود بن ميكائيل بن سلجوق بن فقاق بن سلجوق التركي وهو السلجوقي وفقاق بالتركي قوس جيد وهو أول من دخل في دين الإسلام والب أرسلان أول من قيل له السلطان عن منابر بغداد والله أعلم. ثم قال الذهبي: ولي دقاق دمشق بعد أبيه عشر سنين ومرض مدة ومات في شهر رمضان من هذه السنة وقيل سموه في عنب ودفن بخانقاه الطواويس وقام أتابكة طغتكين في السلطنة انتهى. ثم قال الذهبي في سنة سبع وخمسمائة: وردت عساكر الوصل وتخلف مقدمهم مودود2 عند طغتكين بدمشق وأمر العساكر بالقدوم في الربيع فوثب على مودود باطني في يوم الجمعة فقتله وقتل

_ 1 شذرات الذهب 10: 6. 2 شذرات الذهب 4: 20.

الباطني ودفن مودود عند دقاق بخانقاه الطواويس ثم نقل إلى أصبهان انتهى. وقال في مختصر تاريخ الإسلام وهو لطيف في سنة سبع وخمسمائة عقيب ما ذكر هنا: كان بطبرية مصحف عثماني فنقله طغتكين إلى جامع دمشق فهو الذي بمقصورة الخطابة انتهى. وقال في سنة ست وعشرين وستمائة: وفيها أخلى الملك الكامل البيت المقدس وسلمه إلى الأنبرور ملك الفرنج قبحه الله تعالى فإنا لله وإنا إليه راجعون فكم بين من طهره من الشرك وبين من أظهر الشرك عليه ثم أتبع فعله ذلك بحصار دمشق وأذية الرعية وجرت بينه وبين عسكر الناصر وقعات وقتل جماعة في غير سبيل الله ونهبوا في الغوطة والحواضر وقد أحرقت الخانات وخانقاه الطواويس وخانقاه خاتون ودام الحصار أشهرا انتهى. وقال البرزالي في سنة أربع وثلاثين وسبعمائة: وفي ليلة الاثنين الحادي والعشرين من ذي الحجة توفي عز الدين محمد ابن الشيخ شمس الدين محمد بن ادم بن إبراهيم الدربندي الؤذن بجامع دمشق وصلي عليه يوم الاثنين على باب جامع جراح ودفن بمقبرة باب الصغير وكان من أعيان المؤذنين وفيه ديانة وصلاح وكان خادم الصوفية بخانقاه الطواويس وساكنا بها وفيها مات وكان ينوب في الرئاسة بالجامع المعمور مدة سنين وينشىء أشياء حسنة من النظم والنثر مما يذكر في التسبيح بالمئذنة انتهى. وقال الأسدي في شهر ربيع الآخر سنة خمس وأربعين وثمانمائة وممن توفي فيه محب الدين محمد الصيدلاني اشتغل في مذهب الإمام الشافعي يسيرا وكان شكلا حسنا وعنده دين ومروءة وبيده وظائف يباشرها وله مباشرات غيرها ويؤم بالخانقاه الطواويسة توفي رحمه الله تعالى بعد مرض طويل في يوم الخميس سادسه أو سابعه في عشر الخمسين ودفن بمقابر باب الفراديس والله أعلم.

الخانقاه العزية

173- الخانقاه العزية بالجسر الأبيض قبلي دار عبد الباسط وغربي الماردانية ومدرسة الخواجا إبراهيم الاسعردي بغرب قال ابن شداد خانقاه على نهر تورا إنشاء الأمير عز

الدين أيدمر الظاهري ونائب السلطنة بالشام انتهى. ووقفها كما رأيته في مصادقة بين بهاء الدين الباعوني وولده البقاعي إبراهيم وملخصها أن التربة العزية بصالحية دمشق بالجسر الأبيض والمسجد بها والرباط والوقف على ذلك الحصة وقدرها إحدى وعشرون قيراطا من قرية دسيا الدال المهملة ثم سين مهملة مفتوحة ثم ياء تحتانية مشددة ثم ألف مقصورة وهي من وادي بردى وجميع الخان بمحلة باب الجابية المعروف بخان العميان الذي حده من القبلة خان ابن حجي ومن الشرق البايكة من جملة أوقاف التوريزي1 وتمامه الدخلة وفيه الباب قبلي تربة الجيهان ومن الشام أملاك الحمصاني ومن شركه ومن الغرب الخان المعروف قديما بابن الحارة ويومئذ بخان المراءة وجميع الفرن المعروف قديما بوقف التربة المذكورة والله تعالى أعلم انتهى.

_ 1 شذرات الذهب 7: 90.

خانقاه القصر

174- خانقاه القصر مطلة على الميدان إنشاء شمس الملوك قاله ابن شداد وقال ابن كثير في تاريخه في سنة إحدى وسبعين وستمائة: الخطيب فخر الدين أبو محمد عبد القاهر بن عبد الغني بن محمد بن القاسم بن محمد بن تيمية الحراني الخطيب بها وبيته معروف بالعلم والخطابة والرياسة توفي رحمه الله تعالى ودفن بمقابر الصوفية وقد قارب الستين سنة وقد سمع الحديث من جده الخطيب فخر الدين1 صاحب ديوان الخطب المشهورة وتوفي بخانقاه القصر المذكور ظاهر دمشق انتهى.

_ 1 شذرات الذهب 5: 102

الخانقاه القصاعية

175- الخانقاه القصاعية بالقصاعين قال ابن شداد إنشاء خاتون ابنة خطلجي انتهى. وقد أخبرني ناظرها وعاملها بان اسمها فاطمة وقال السيد شمس الدين في ذيل العبر في سنة تسع وأربعين وسبعمائة: والعدل بهاء الدين محمد بن أبي الفتح البعلي ثم

الخانقاه الكججانية

الدمشقي الحنبلي حضر عمر بن القواس وسمع من طائفة وولى العقود ومشيخة الاسدية وامه سكينة بنت الحافظ شرف الدين اليونيني حدث عن ابيها والقاضي تاج الدين عبد الخالق والثقة شهاب الدين محمد بن محمد بن هارون الساوجي الصوفي عن نحو سبعين سنة حدث بالترمذي عن ابن البخاري وولي مشيخة الخانقاه القصاعين انتهى 176- الخانقاه الكججانية ظاهر دمشق بالشرف الأعلى بين خانقاه المعروفة بالطواويس والمدرسة العزية البرانية الحنفية قال الحافظ السيد الحسيني في ذبل العبر لشيخه الذهبي في سنة إحدى وستين وسبعمائة: وفي هذا العصر أنشأت الخانقاه الكججانية بالشرف الأعلى جوار خانقاه الطواويس ظاهر دمشق انتهى. زاد الأسدي بخطه من الهامش وكانت دار الأمير بلاط وقد تهدمت وخربت انتهى. ورأيت بخطه على ظهر سنة ست وعشرين وثمانمائة الكججانية البرانية وقف إبراهيم الكججاني رحمه الله تعالى في شهور سنة أربع وأربعين وسبعمائة انتهى فليحرر.

الخانقاه المجاهدية

177- الخانقاه المجاهدية قال ابن شداد رحمه الله تعالى: منسوبة لمجاهد الدين إبراهيم1 أخي زين الدين أحمد أمير خازندار الملك الصالح نجم الدين أيوب ابن الملك الكامل كانت على الشرف القبلي انتهى. وقال الأسدي في تاريخه1 سنة ست وخمسين وستمائة: قال ابن عساكر: وفيها فتح المجاهد إبراهيم المكان الذي جدده بالشرف القبلي وجعله خانقاه للصوفية وقرر فيه عشرين صوفيا وهو مستمرض توفي رحمه الله تعالى في هذه السنة وهو إبراهيم ابن ارينا الأمير مجاهد الدين أمير خزندار الملك الصالح نجم الدين أيوب وولي ولاية دمشق ونيابة القلعة في أيام الملك الصالح أيوب توفي رحمه الله تعالى في شهر ربيع الأول من هذه السنة ودفن بخانقاهه ثم ذكر أبياتا من شعره وقال ابن كثير في تاريخه سنة ست وسبعين وستمائة: علي بن علي اسفنديار نجم الدين الواعظ بجامع

_ 1 شذرات الذهب 5: 264.

دمشق أيام السبوت في الأشهر الثلاثة وكان شيخ الخانقاه المجاهدية وبها توفي في هذه السنة وكان فاضلا بارعا وكان جده يكتب الانشاء للخليفة الناصر واصلهم من بوشنج ومن شعره نجم الدين المذكور هذا قوله إذا زار بالجثمان غيري فانني ... أزور مع الساعات ربعك بالقلب وما كل ناء عن ديار بنازح ... ولا كل دان في الحقيقة ذو قرب وقال الصفدي علي بن اسفنديار بن الموفق ابن ابي علي العالم الواعظ نجم الدين ابو عيسى البغدادي ولد سنة ست عشرة وستمائة وتوفي رحمه الله تعالى سنة ست وسبعين وستمائة وسمع من ابن اللتي والحسين ابن رئيس الرؤساء وابن القبيطي وقدم دمشق ووعظ وحصل له القبول التام وازدحم الناس على ميعاده لحسن ايراده ولطف شمائله ولي مشيخة المجاهدية روى عنه ابن العطار وابن الخباز وجماعة ودفن بمقابر الصوفية وروي انه استاذن الامام الناصر في الوعظ فلم ياذن له ايام ابن الجوزي قال القاضي شمس الدين بن خلكان كان يحكي لي شيخ نجم الدين الحكاية ثم يعيدها فأتمنى انه لا يفرغ من حكايته وتنميقه انتهى وقال الحافظ علم الدين البرزالي في تاريخه في سنة ست وثلاثين وسبعمائة ومن خطه نقلت وفي يوم الخميس عاشر ذي القعدة توفي الشيخ الحافظ الصالح المحدث شهاب الدين محمد بن تاج الدين علي بن ابي بكر الرقي المعروف بابن القدسية بطريق الحجاز الشريف بوادي الاخضر ووصل خبره الى دمشق في منتصف ذي الحجة وكان شيخ الخانقاه المجاهدية ظاهر دمشق وله مواعيد حديث يقل بها بجامع دمشق بالجامع السيفي وباماكن اخر وكان فيه تعبد وانقطاع وكرم وسخاء وحج مرات وجاور وسمع على عمر ابن القواس ويوسف الغسولي وغيرهما وسمع ببعلبك من الشيخ تاج الدين عبد الخالق وحدث انتهى والله تعالى أعلم

الخانقاه النجيبية

178- الخانقاه النجيبية ويقال لها النجيبية البرانية وخانقاه القصر لكونها بحارته وهي مطلة على الميدان إنشاء النجيبي جمال الدين اقوش الصالحي النجمي وقد مرت ترجمته في المدرسة النجيبية داخل دمشق وقال ابن كثير رحمه الله تعالى: لما كان يوم الجمعة رابع عشرين ذي القعدة سنة ثمان سبعين وستمائة ركب الأمير شمس الدين سنقر الأشقر من دار السعادة بعد صلاة العصر وبين يديه جماعة من الأمراء والجند مشاة وقصد باب القلعة الذي يلي المدينة فهجم منه ودخل القلعة واستدعى الأمراء فبايعوه على السلطنة ولقب بالملك الكامل وذلك لما بلغه خلع العادل ولد الملك الظاهر وتوليه قلاوون مك أنه فخرج حينئذ عن طاعته وأقام بقلعة دمشق ونادت المنادية بذلك فلما أصبح يوم السبت استدعى القضاة والعلماء والأعيان وروؤساء دمشق إلى مسجد أبي الدرداء الذي بالقلعة وحلفهم وأرسل عسكر إلى غزة حفظا للاطراف وأخذ الغلات وفي مستهل سنة تسع ركب الكامل المذكور من قلعة دمشق وخرج إلى الميدان وبين يديه الأمراء ومقدمو الحلقة وعليهم الخلع والقضاة والأعيان ركاب معه فسير في الميدان ساعة ثم رجع إلى القلعة وأمر أن تضاف البلاد الحلبية إلى ولاية القاضي شمس الدين بن خلكان وولاه تدريس الأمينية انتزعها من ابن سني الدولة. ولما بلغ السلطان الملك المنصور قلاوون بالديار المصرية ما كان من أمر سنقر أرسل إليه جيشا فلما وصل الجيش إلى قرب دمشق أمر الملك الكامل سنقر المذكور أن يضرب دهليزه بالجسورة وذلك يوم الأربعاء ثاني عشر صفر وأنفق أموالأ جزيلة واستخدم خلقا ونزل هناك وفي سادس عشرة أقبل الجيش المصري صحبة الأمير علم الدين سنجر الحلبي وتقابل الفريقان إلى رابعة النهار وثبت الكامل سنقر المذكور ولكن خامر عليه جيشه فهرب على جهة المرج في طائفة يسيره إلى قرية الرحبية ثم بعث الأمراء الذين خامروا عليه فأخذوا لهم أمانا من الأمير سنجر وقد نزل في ظاهر دمشق فراسل نائب القلعة إلى أن فتح له باب الفرج وفتحت القلعة من داخل البلد فتسلمها للمنصور قلاوون وفي

هذا اليوم جاء ابن خلكان ليسلم على الأمير سنجر المذكور فاعتقله في علو الخانقاه النجيبية وعزله في يوم الخميس العشرين من صفر ورسم للقاضي نجم الدين بن سني الدولة بالقضاء فباشره ثم جاء البريدية ومعهم كتاب من الملك المنصور قلاوون بالعتب على طوائف والعفو عنهم كلهم وتقليد نيابة الشام للأمير حسام الدين لاجين السلحدار المنصوري فدخل معه علم الدين سنجر المذكور فرتبه بدار السعادة وأمر سنجر القاضي ابن خلكان أن يتحول من المدرسة العادلية الكبرى ليسكنها نجم الدين بن سني الدولة وألح عليه في ذلك فاستدعى جمالا لينقل أهله وثقله إلى الصالحية فجاء البريد بكتاب من السلطان فيه تقرير ابن خلكان على القضاء والعفو عنه وشكره والثناء عليه وذكر خدمته المتقدمة ومعه خلعة سنيه فلبسها وصلى بها الجمعة وسلم على الأمراء فأكرموه وعظموه وفرح الناس به وبما وقع من الصفح عنه انتهى. وفي ذي الحجة جاء تقليد ابن خلكان أيضا بإضافة المعاملة الحلبية إليه فرتب لها من شاء من نوابه وفي محرم سنة ثمانين وستمائة وصل الملك المنصور قلاوون إلى دمشق اهـ. وقال ابن كثير في تاريخه في سنة سبع وسبعين وستمائة: وفي العشر الأول من ذي القعدة فتحت المدرسة النجيبية إلى أن قال وفتحت الخانقاه النجيبية وقد كانت أوقافهما تحت الحوطة إلى الآن انتهى. وممن ولي مشيختها علي بن مجاهد علاء الدين المجدلي اشتغل ببلده ثم قدم القدس الشريف فلازم التقي وهوالقلقشندي ثم قدم دمشق فاشتغل وقدم مصر سنة ثمانين فأخذ عن الضياء القرمي1 وعاد إلى دمشق وتصدر بالجامع واشتغل الناس وأختص بالقاضي سري الدين واضاف إليه قضاء المجدل ثم وقع بينهما فأخذت وظائفه ثم غرم مالا حتى استعادها وولي مشيخة النجيبية باخرة وسكنها وكان فهمه جيدا متوسطا في الفقه توفي رحمه الله تعالى في شهر رمضان سنة أربع وتسعين وسبعمائة انتهى.

_ 1 شذرات الذهب 6: 226.

الخانقاه النحاسية

179- الخانقاه النحاسية والتربة بها غربي الذهبية وشمالي حمام شجاع بطرف مقبرة الفراديس أنشأها الخواجا الكبير شمس الدين بن النحاس الدمشقي توفي بجده من أعمال الحجاز في شهر رجب سنة اثنتين وستين وثمانمائة وترك أموالا وأولادا رحمه الله تعالى انتهى.

الخانقاه النجمية

180- الخانقاه النجمية بنواحي باب البريد قال ابن شداد: أنشأها نجم الدين أيوب والد صلاح الدين يوسف تعرف بالشيخ صدر الدين البكري 1 المحتسب بدرب قطمطة انتهى. قال أبو شامة رحمه الله تعالى في سفر نجم الدين أيوب إلى عند ولده صلاح الدين يوسف إلى مصر قلت: ووقف رباطا داخل الدرب الذي بقرب العوينية بباب البريد انتهى. وقال الذهبي في العبر في سنة ثمان وستين وخمسمائة: وأيوب بن شاذي الأمير نجم الدين الدويني والد الملوك وهم صلاح الدين يوسف وسيف الدين وشمس الدولة وسيف الإسلام وشاهنشاه وتاج الملوك بوري وست الشام وربيعة خاتون واخو الملك أسد الدين شب به فرسه فحمل به إلى داره ومات بعد أيام في ذي الحجة وكان يلقب بالأجل الأفضل ودفن عند أخيه ثم نقل سنة تسع وسبعين إلى المدينة النبوية وأول ما ولي نجم الدين ولاية قلعة تكريت بعد أبيه لصاحبها الخادم بهروز2 نائب بغداد ثم غضب بهروز عليه بسبب أخيه أسد الدين فقصد اتابك زنكي فاستخدمهما فلما ولي بعلبك بها استناب نجم الدين فعمر بها الخانقاه الكبيرة وغيرها وكان دينا عاقلا كريما انتهى. وقال الأسدي في تاريخه المنتقى من تاريخ الإسلام للذهبي وتاريخ ابن كثير في سنة ثمان وستين وخمسمائة: الأمير نجم الدين أيوب وهو أيوب بن شاذي بن مروان بن يعقوب الأمير نجم الدين أبو الشكر الكردي الدويني والد الملوك كان أبوه من أهل دوين ومن أبناء اعيانها وبها ولد

_ 1 شذرات الذهب 5: 274. 2 ابن الأثير 11: 106.

أيوب وكان أسن من أخيه شيركوه وكان شاذي صديقا لكمال الدولة بهروز فلما ولي بهروز نيابة بغداد استصحب معه شاذي وأولاده ثم اعطاه السلطان قلعة تكريب فإنه لم يثق بأمرها بسوى شاذي فأرسله إليها فأقام بها مدة إلى أن توفي بها ثم تولى عليها ولده نجم الدين فقام في أمر القلعة أحسن قيام فشكره بهروز وأحسن إليه ثم وقع من شيركوه ما أوجب أن بهروز كتب إليه ما لستما على حق واشتهى أن تخرجا من بلدي فخرجا إلى الموصل فأحسن إليه ما أتابك زنكي وأكرمهما وفي ليلة خروجهما من القلعة ولد صلاح الدين يوسف فتشاءما به فلما ملك زنكي بعلبك استناب بها نجم الدين أيوب ووليها لنور الدين أيضا قبل أن يستولي على دمشق فولد له بها الملك العادل أبو بكر وعمر بها خانقاه للصوفية ولما توجه أخوه أسد الدين إلى مصر وغلب عليها كان نجم الدين في خدمة نور الدين بدمشق فلما ولي الوزارة صلاح الدين سره نور الدين إلى ابنه صلاح الدين فدخل القاهرة في رجب سنة خمس وستين وخرج العاضد للقائه وترجل ولده في ركابة وكان يوما مشهودا ولما خرج صلاح الدين لحصار الكرك خرج نجم الدين في بعض الأيام من باب النصر فشب به فرسه فرماه فحمل إلى داره وبقي تسعة أيام ومات في ذي الحجة ودفن إلى جانب أخيه أسد الدين بالدار ثم نقلا إلى المدينة الشريفة في سنة تسع وسبعين ودفنا بتربة الوزير جمال الدين الجواد1. وكان نجم الدين رجلا خيرا مباركا كثير الصدقات سمحا وافر العقل قليل الكلام جدا لا يتكلم إلا عن ضرورة وكان يلقب بالأجل الأفضل ولأيوب من الأولاد: صلاح الدين يوسف والعادل أبو بكر وشمس الدوله وتوران شاه2 صاحب اليمن وشاهنشاه والد صاحب بعلبك فرخشاه وصاحب حماة تقي الدين عمر بن شاهنشاه وسيف الإسلام طغتكين3 صاحب اليمن وتاج الملوك بوري وهو أصغرهم وست الشام وربيعة خاتون وشاذي اسم عجمي معناه فرحان ودوين بضم الدال وكسر الواو بلدة بآخر أذربيجان تجاور بلاد الكرج وله بمصر خانقاه ومسجد

_ 1 ابن كثير 12: 267. 2 شذرات الذهب 4: 255. 3 شذرات الذهب 4: 311.

وقناة خارج باب النصر وله بدمشق خانقاه بباب البريد انتهى. كلام الأسدي وقال شيخنا ولده في كتابه الكواكب الدرية في سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة ولما تملك يعني جمال الدنين محمد بن تاج الملوك1 وكان ببعلبك قبل ذلك ولاها يعني بعلبك لنجم الدين أيوب والد صلاح الدين يوسف وكتب له ثلثها واستقر فيها هو واهله ولم يزل بها إلى الأيام النورية يعني نور الدين محمود انتهى. وقال في سنة إحدى وأربعين وخمسمائة: وقتل الأتابك عماد الدين زنكي آق سنقر وهو يحاصر قلعة جعبر قتله نفر من ممالكيه غليه وهو نائم ثم هربوا وختم له بالشهادة رحمه الله تعالى. وفيها سار مجير الدين2 صاحب دمشق في عسكر إلى بعلبك وحاصرها وبها نائب زنكي نجم الدين أيوب والد السلطان صلاح الدين يوسف فسلمها صلحا له وأخذ منه مالا وملكه قرايا من أعمال دمشق وانتقل نجم الدين أيوب إلى دمشق وأقام بها انتهى. وقال في سنة خمسين وخمسمائة: وفيها تسلم نور الدين بعلبك وكانت بيد نجم الدين أيوب وكانت قلعتها بيد رجل يقال له ضحاك البقاعي وأحضر نجم الدين إلى دمشق واقطعه اقطاعا حسنة وجعل ابنه توران شاه شحنة دمشق ثم بعده جعل أخاه صلاح الدين يوسف وهو شحنة الشحنة وجعله من خواصه لا يفارقه سفرا ولا حضرا لأنه كان حسن الشكل حسن اللعب بالكرة وكان نور الدين رحمه الله تعالى يحب لعب الكرة انتهى. وقال في سنة ثمان وستين وخمسمائة: وفيها كانت وفاة الأمير نجم الدين أيوب بن شاذي والد السلطان صلاح الدين سقط في فرسه فمات بعد ثمانية أيام رحمه الله تعالى وكان صلاح الدين قد عاد من الكرك فبلغه خبره بالطريق فحزن عله وتاسف حيث لم يحضره انتهى.

_ 1 شذرات الذهب 4: 105. 2 شذرات الذهب 4: 211.

الخانقاه الناصرية

181- الخانقاه الناصرية أنشأها الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن الملك العزيز محمد بن غازي بن أيوب بجبل قاسيون مجاورة تربته على نهر يزيد قاله ابن شداد رحمه الله تعالى وقد مرت ترجمته في دار الحديث الناصريه رحمهم الله تعالى انتهى.

الخانقاه الناصريه

182- الخانقاه الناصريه قال ابن شداد رحمه الله تعالى: منسوبه إلى الناصر صلاح الدين يوسف بن نجم الدين أيوب بن شاذي بن مروان بدرب خلف قاساريه الصرف كانت داره لما كان واليا بدمشق انتهى. وقال ابن قاضي شهبة رحمه الله تعالى في سنة إحدى وعشرين في أول هذه السنه: قاساريه الصرف عمرها السلطان الملك المؤيد حجارة محازن وطباق وقد جعل بعضها للجهه التي كانت موقوفه عليها انتهى. وقد مرت له ترجمة من كلام الذهبي في المدرسه الصلاحيه مختصره وهذه ترجمته هنا ملخصه من تاريخ الإسلام له وتاريخي ابن كثير والصفدي وغيرهما وهي السلطان الملك ناصر صلاح الدين يوسف أبو المظفر ابن الأمير نجم الدين أيوب بن شاذي بن مروان بن يعقوب الدويني الأصل التكريتي المولد ودوين بلدة من طرف أذربيجان من جهة اران والكرج أهلها أكراد قال ابن كثير أصلهم أكراد من الأكراد الهذانيه وأنكر بنو أيوب النسبه إلى الأكراد وقالوا: إنما نحن عرب نزلنا عند الأكراد وتزوجنا منهم. قال الأسدي رحمه الله تعالى في تاريخه في ترجمة أسد الدين شيركوه في سنة أربع وستين وخمسمائه ولد بتكريت سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائه اذ أبوه وإليها وسمع من أبي طاهر السفلي والإمام أبي حسن ابن بنت أبي سعد وأبي طاهر بن عوف1 وعبد الله بن بري النحوي والقطب مسعود النيسابوري وغيرهم وحدث بالقدس سمع منه الحافظان أبو المواهب ابن صصري وأبو محمد القاسم بن علي الدمشقيان والفقيهان أبو محمد عبد اللطيف ابن الشيخ أبي النجيب السهروردي وأبو المحاسن بن شداد وغيرهم من النبلاء وملك البلاد ودانت له العباد وافتتح المفتوحات وكسر الفرنج مرات وجاهد في سبيل الله بنفسه وماله وكان خليقا بالملك أقام في السلطنه أربعا وعشرين سنه وروى عنه يونس بن

_ 1 شذرات الذهب 4: 268.

محمد ألفارقي والعماد الكاتب وغيرهما وقد أسمع وهو في بعض مصافه جزءا وهو بين الصفوف لا بين الصفين ويتبجح بذلك وقال: هذا موقف لم يسمع فيه أحد حديثا وكان ذلك بإشارة العماد الكاتب وكان كريما جوادا شجاعا بطلا كامل القوى والعقل شديد الهيبة ضحوك الوجه كثير البشر لا يتضجر من خير يفعله افتتح بسيفه وبما قال به من اليمن إلى الموصل إلى أوائل المغرب إلى أسوان قال الموفق عبد اللطيف: أتيت الشام وكان السلطان صلاح الدين بالقدس فأتيته فرأيت ملكا عظيما علا العيون روعة والقلوب محبة قريبا بعيدا مجيبا وأصحابه يتشبهون ويتسابقون إلى المعروف وأول ليلة حضرته وجدت مجلسا محفوفا بأهل العلم يتذاكرون في أصناف العلوم وهو يحسن الاسماع والمشاركة ويأخذ في كيفيه بناء الأسوار وحفر الخنادق ويفقه في ذلك ويأتي بكل معنى بديع وكان مهتما في بناء سور بيت المقدس وحفر خندقه يتولى ذلك بنفسه ينقل الحجارة على عاتقه ويتأسى به جميع الناس الاغنياء والفقراء والأقوياء والضعفاء حتى العماد الكاتب والقاضي الفاضل ويركب لذلك قبل طلوع الشمس إلى وقت الظهر فيأتي داره فيمد السماط ثم أنه يستريح ويركب وقت العصر ويرجع في ضوء المشاعل ويصرف أكثر الليل فيما يعمل نهارا وكان يحفظ الحماسة ويظن أن كل فقيه يحفظها فكان ينشد القطعة فإذا توقف في موضع استطعم فلا يطعم وجرى له ذلك مع القاضي الفاضل ولم يكن يحفظها فخرج من عنده فلم يزل حتى حفظها ولما كان شحنة دمشق كان يشرب الخمر فمذ باشر الملك طلق الخمر واللذات وكان محببا خفيفا على قلب نور الدين يلاعبه بالكرة وملك مصر وكانت وقعته مع السودان سنة بضع وستين وكانوا نحو مائتي ألف فانتصر عليهم وقتل أكثرهم وهرب الباقون وابتنى سور القاهرة وقطع حطبة العاضد بمصر وخطب للمستضيء ومات العاضد واستولى صلاح الدين على القصر وذخائره وفي سنة تسع وستين مات نور الدين وافتتح أخوه شمس الدولة اليمن وقتل المتغلب عليها عبد النبي وفي سنة سبعين سار من مصر وتملك دمشق ودخلها يوم الاثنين سلخ شهر

ربيع الأول ولم ينتطح فيها عنزان ولا أختلف سيفان فنزل في دار والده وهي دار العقيقي وهي التي بنيت مدرسة الملك الظاهر بيبرس وأحسن إلى أهل دمشق غاية الإحسان وكان في القلعة إذ ذاك الطواشي جمال الدين ريحان الخادم فلم يزل يكاتبه ويفعل له في الذروة والغارب حتى استماله وأجزل نواله فسلمها إليه ووفد عليه ومثل بين يديه فأكرمه واحترمه وأحسن إليه وأظهر أنه أحق بتربية ولد نور الدين لما له عليهم من الإحسان المتين وذكر أنه خطب لنور الدين بديار مصر وظرب باسمه السكه ثم عامل الناس بالجميل وأمر بوضع ما حدث بعد نور الدين من المكوس والضرائب في أيام والده إسماعيل الصالح وكان قاضي دمشق قاضي القضاة كمال الدين محمد بن عبد الله الشهرزوري وتوفي في أول سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة وكان من خيار القضاة واخص الناس بنور الدين الشهيد رحمهم الله تعالى وفي سنة ثلاثة وسبعين كسرته الفرنج على الرمله وفي سنة خمس وسبعين كسرهم وأسر ملوكهم وأبطالهم وفي سنة ست أمر ببناء قلعة القاهرة على جبل المقطم وفي سنة ثمان عبر الفرات وفتح سنجار وسروج ونصبين وامد والرها وحران والرقة والبيرة وحاصر الموصل وملك حلب المحروسة ثم حاصر الموصل ثانيا وثالثا وأنزل أخاه العادل عن قلعة حلب المحروسة وسلمها لولده الملك الظاهر غازي وعمره إحدى عشرة سنة وسير أخاه العادل إلى مصر ثانيا كان تقي الدين عمر بها فقدم الشام وفي سنة ثلاث وثمانين فتح السلطان صلاح الدين رحمه الله تعالى طبرية ونازل عسقلان وكانت وقعة حطين وكان الفرنج فيها أربعين ألفا فأخذهم عن بكرة أبيهم وأسر ملوكهم وأخذ عكا وبيروت وقلعة كوكب والسواحل وسار فأخذ القدس الشريف بالأمان بعد قتال ليس بالشديد ودخل قراقوش التركي مملوك تقي الدين عمر المغرب فاستولى على أطرافها وكسر عسكر تونس وخطب لبني العباس ثم إن الفرنج نازلوا عكا مدة طويله وكانوا مما لا يحصون كثرة يقال بلغت جموعهم مائة الف ويقال ستمائة الف وقتل منهم مائة الف وتعب المسلمون واشتد الأمر وآل إلى أخذها قال عبد اللطيف: ومدة أيامه لم يختلف

عليه أحد من أصحابه وكان الناس يأمنون ظلمه ويرجون بره وأكثر ما كان عطاؤه يصل إلى أهل العلم وأهل البيوتات ولم يكن ليمطل ولا لصاحب هزل عنده نصيب وكان حسن الوفاء بالعهد حسن القدرة إذا قدر كثير الصفح وإذا نازل بلدا وأشرفوا على أخذه ثم طلبوا منه الأمان أمنهم فكان يتألم جيشه لذلك لفوات حظهم وقد عاقد الفرنج وهادنهم عندما ضرس عسكره الحرب ومكر قال القاضي بهاء الدين بن شداد: قال السلطان في بعض محاورته في الصلح أخاف أن أصالح وما أدري أي شئ يكون مني فتقوى يد العدو وقد بقيت لهم بلاد فيخرجون الاستفادة ما في أي دي المسلمين ويرى كل واحد من هؤلاء يعني أخاه ويعني أولاده وأولاد أخيه قد قعد في رأس تلة يعني قلعة وقال لا أنزل ويهلك المسلمون فكان والله كما قال توفي رحمه الله تعالى عن قريب واستقل كل واحد من أهل بته بناحية ووقع الخلف بينهم فكان الصلح مصلحة فلو قدر موته والحرب قائمة لكان الإسلام على خطر. وقال أبو المظفر بن الجوزي: حسب ما أطلعه مدة مقامه على عكا مرابطا للفرنج إلى أن تقاله كان معه اثنا عشر ألف رأس من الخيل العراب والأكاديش الجياد وقال المنذري: ومآثره رحمه الله تعالى في فتح بيت المقدس والاستيلاء على معاقل الفرنج وبلادها بالساحل مشهورة ومكارمه فيما أرصده في وجوه البر بالديار المصرية والشامية مذكورة وقال ابن خلكان: قدم به أبوه وهو رضيع فناب أبوه بعلبك لما أخذها الاتابك زنكي في سنة ثلاث وثلاثين ثم خدم نجم الدين أيوب وولده صلاح الدين نور الدين الشهيد فصيرهما أمرين وكان أسد الدين أرفع منهما منزلة عنده فإنه كان مقدم جيوشه وولي صلاح الدين وزارة مصر وهي كالسلطنة في ذلك الوقت سنة أربع وستين فلما هلك العاضد في أول سنة سبع استقل بالأمر مع المداراة لنور الدين ومخادعته إلى أن قال وفي سنة ثلاث وثمانين افتتح بلاد الفرنج وقهرهم وأباد عساكرهم وأسر ملوكهم وفتح القدس وعكا وطبرية وغير ذلك وافتتح في هذا العام من الفتوحات ما لم يفتحه ملك قبله فطار صيته في الدنيا وهابته الملوك وبقي مرابطا على عكا نحو من

سنتين وكان متشرعا في ملبسه ومأكله ومشربه ومركبه فلا يلبس إلا الكتان والقطن والصوف ولا يعرف أنه تخطى مكروها بعد أن انعم الله تعالى عليه بالملك وكان همه الأكبر نصر الإسلام وكان عنده فضيلة تامة في اللغة والأدب وأيام الناس قي لأنه كان يحفظ الحماسة بكاملها وكان يفهم ما يقال بين يديه من البحث والمناظرة ويشارك في ذلك مشاركة قريبة حسنة وان لم يكن بالعادة المصطلح عليها وكان قد جمع له القطب أبو المعالي مسعود النيسابوري نزيل دمشق عقيدة فكان يحفظهما ويحفظها من عقل من أولاده وكان يحب سماع القرآن العظيم ويواظب على سماعه وسماع الحديث الشريف وكان رقيق القلب سريع الدمعة عند سماعه كثير التعظيم لشعائر الدين وكان قد لجأ إلى ولده الظاهر غازي وهو بحلب شاب يقال له الشهاب السهروردي1 وكان يعرف الكيمياء وشيئا من الشعوذة والأبواب النارنجيات فافتتن به ولده وقربه واحبه وخالف فيه حملة الشرع فكتب إليه أن يقتله لا محالة فصلبه ولده عن أمر والده وشهره ويقا لأنه حبسه بين حائطين حتى مات كمدا وذلك في سنة ست وثمانين وكان صلاح الدين رحمه الله تعالى مواظبا على الصلوات في اوقاتها في جماعة يقا لأنه لم تفنه الجماعة في صلاة قبل وفاته بدهر طويل حتى في مرض موته وكان يدخل الإمام فيصل به ويتجشم القيام مع ضعفه واستهلت سنة تسع وثمانين وخمسمائة وهو في غاية الصحة والسلامه وخرج هو وأخوه أبو بكر العادل معه إلى الصيد شرقي دمشق وقد اتفق الحال بينه وبين أخيه العاد لأنه بعدما قد يفرغ من أمر الفرنج هذه المدة يسير هو إلى بلاد الروم ويبعث أخاه إلى بغداد وكان همه الأكبر ومقصوده الاعظم نصر الإسلام وكسر الاعداء اللئام ويعمل فكره في ذلك ورايه وحده ومع من يثق به وبرأيه ليلا ونهارا سرا وجهرا فإذا فرغا من شأنه ما سارا جميعا إلى بلاد أذربيجان وبلاد العجم فإنه ليس دونهما أحد يمانع عنها ولا يصدهم ولما قدم الحجيج من الحجاز الشريف في يوم الاثنين حادي عشر صفر منها خرج لتلقيهم وكان معه ولد

_ 1 شذرات الذهب 4: 290.

أخيه سيف الإسلام صاحب اليمن فأكرمه والتزمه واحترمه وعاد إلى القلعة المنصورة فدخلها من باب الحديد وكان ذلك آخر ما ركب في هذه الدنيا ثم أنه اعتراه حمى صفراوية ليلة السبت سادس عشره فلما أصبح دخل عليه القاضي وابن شداد وابنه الأفضل فأخذ يشكو إليهم كثرة قلقة البارحة وطاب له الحديث وطال مجلسهم عنده ثم تزايد به المرض واستمر وفصده الأطباء في اليوم الرابع فاعتراه يبس وحصل له عرق شديد بحيث نقذ إلى الأرض فقوي اليبس أيضا فأحضره الأمراء والأكابر والرؤساء فبويع الأفضل نور الدين علي وكان نائبا على ملك دمشق وذلك عندما ظهرت مخايل الضعف الشديد وغيبوبة الذهن في بعض الأوقاف وكان الدين يدخلون عليه في هذه الحال القاضي الفاضل وابن شداد وقاضي البلد ابن الزكي وتفاقم به الحال ليلة الأربعاء السابع والعشرين من صفر المذكور واستدعي الشيخ أبو جعفر إمام الكلاسة ليبيت عنده يقرأ القرآن ويلقنه الشهادة إذا جد به الأمر فذكر أنه كان يقرأ عنده وهو في غمرات الموت فقراء قوله تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} "الآية". فقال: وهو كذلك صحيح فلما إذن الصبح جاء القاضي الفاضل فدخل عليه وهو بآخر رمق فلما قرأ القاريء قوله تعالى: {لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ} تبسم وتهلل وجهه وسلمها إلى ربه عز وجل ومات رحمه الله تعالى وأكرم مثواه وجعل جنة الفردوس مأواه عن سبع وخمسين سنة وغلقت بالأسواق واحتفظ على الحواصل وأخذوا في تجهيزه وغسله وحضر جميع أولاده واهله ويعز عليهم أن يأتوا بمثله وكان الذي تولى غسله خطيب البلد الفقيه الصالح ضياء الدين عبد الملك الدولعي وكان الذي أحضر الكفن ومؤنه التجهيز هو القاضي الفاضل من صلب ماله الحلال هذا وأولاده الكبار والصغار يبرزون وينادون ويبكون وأخذ الناس في العويل والانتحاب والابتهال وابرز نعشه في تابوت بعد صلاة الظهر وأم الناس في الصلاة عليه قاضي القضاة محي الدين محمد بن الزكي الشافعي ثم دفن في داره بالقلعة المنصورة وارتفعت الاصوات بالبكاء وعظم الضجيج حتى إن العاقل كان يتخيل أن الدنيا تضج

صوتا واحدا وتأسف الناس عليه حتى الفرنج لما كان عليه من صدق ووفائه إذا عاهد وقال ابن شداد: وجد الناس عليه شبها بما يجدونه على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وما رأيت ملكا حزن الناس لموته سواه لأنه كان محببا يحبه البر والفاجر والمسلم والكافر وشرع ابنه في بناء تربة له ومدرسة للشافعية بالقرب من مسجد القدم لوصيته بذلك قديما فلم يكمل بناؤها ولم يتم وذلك حين قدم ولده العزيز وكان محاصرا لأخيه الأفضل فاشترى له الأفضل دارا شمالي الكلاسة في وراء ما زاده القاضي الفاضل في الكلاسة فجعلها تربة وبني فيها قبة شمالي الجامع وهي التي شباكها القبلي إمام الكلاسة ونقله من القلعة إليها في يوم عاشوراء سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة وصلي عليه تحت النسر قاضي القضاة محمد بن علي القرشي بن الزكي عن إذن الأفضل له ودخل في لحده ولده الأفضل فدفنه بنفسه وهو السلطان الشام ويقال أنه دفن معه سيفه الذي كان يحضر به الجهاد وذلك عن أمر القاضي الفاضل تفاؤلا بأن يكون يوم القيامة معه يتوكأ عليه حتى يدخل الجنة لما أنعم الله عليه تعالى من كسر الأعداء ونصر الأولياء ثم عمل عزاه في الجامع الأموي ثلاثة أيام بحضرة الخاص والعام رحمه الله تعالى. قال العماد الكاتب وغيره: لم يترك رحمه الله تعالى في خزانته من الذهب سوى دينار واحد صوري وسته وثلاثين درهما قلت: وفي الروضتين في أخبار الدولتين لأبي شامة رحمه الله تعالى أن السلطان الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب رحمه الله تعالى لم يخلف في خزانته إلا سبعة وأربعين درهما ولم يترك دارا ولا عقارا ولا مزرعة ولا سقفا ولاشيئا من أنواع الأملاك هذا وله من الأولاد سبعة عشر ذكرا وابنه واحدة وتوفي له في بعض حياته غيرهم والذين تأخروا بعده ستة عشر ذكرا أكبرهم الملك الأفضل نور الدين علي ولد بمصر سنة خمس وستين ليلة عيد الفطر ثم العزيز عماد الدين أبو الفتح عثمان ولد بمصر أيضا في جمادى الأولى سنة سبع وستين ثم الظافر مظفر الدين أبو العباس الخضر ولد بمصر أيضا في نصف شعبان سنة ثمان وستين وهو شقيق الأفضل ثم الظاهر غياث الدين أبو منصور غازي ولد بمصر أيضا في نصف شهر رمضان

سنة ثمان وستين ثم العزيز فتح الدين أبو يعقوب إسحاق ولد بدمشق في شهر ربيع الأول سنة سبعين ثم المؤيد نجم الدين أبو الفتح مسعود ولد بدمشق سنة إحدى وسبعين وهو شقيق العزيز ثم الأغر شرف الدين أبو يوسف يعقوب ولد بمصر سنة اثنتين وسبعين وهو شقيق العزيز أيضا ثم الزاهر مجد الدين1 أبو سليمان داود ولد بمصر أيضا سنة ثلاث وسبعين وهو شقيق الظاهر ثم أبو الفضل قطب الدين موسى وهو شقيق الأفضل ولد بمصر أيضا سنة ثلاث وسبعين ثم نعت بالمظفر ثم الأشرف معز الدين أبو عبد الله محمد ولد بالشام سنة خمس وسبعين ثم المحسن ظهير الدين أبو العباس2 أحمد ولد بمصر أيضا سنة سبع وسبعين وهو شقيق الذي قبله ثم المعظم فخر الدين أبو منصور توران شاه ولد بمصر أيضا في شهر ربيع الأول سنة سبع وسبعين وتأخرت وفاته إلى سنة ثمان وخمسين وستمائة ثم الجواد ركن الدين أبو سعيد أيوب ولد سنة ثمان وسبعين وهو شقيق العزيز ثم الغالب نصير الدين أبو الفتح ملك شاه ولد في شهر رجب سنة ثمان وسبعين وهو شقيق المعظم ثم المنصور أبو بكر أخو المعظم لابويه ولد بحران بعد وفاة السلطان وعماد الدين شاذي لام ولد ونصرة الذين مروان لام ولد أيضا وأما البنت فهي مؤنسة خاتون تزوجها ابن عمها الملك الكامل محمد بن العادل أبي بكر بن أيوب رحمهم الله تعالى أجمعين رحمهم أموات المسلمين وترجمته طويلة مشهورة ذكرها ابن خلكان رحمه الله تعالى في أربعين ورقه كبارا وقد ذكر الشيخ أبو شامة رحمه الله تعالى في كتاب الروضتين في أخبار الدولتين وكتاب الذيل عليها طرفا صالحا من سيرته وأيامه وعدله في سره وعلانيته وأحكامه. وقال أبو المظفر بن الجوزي رحمه الله تعالى: ذكره ابن شداد وأثنى عليه وحكى عنه العجائب ولم سكت اثنت عليه الحقائب. وقال ابن كثير رحمه الله تعالى: ومدة نور الدين صلاح الدين متقاربة في السنين والأيام والعدل واجتناب الاثام وكلاهما لم يبلغ كل منها ستين سنة وكم حصلا من فضيلة وسنة حسنة رحمهما الله تعالى انتهى.

_ 1 شذرات الذهب 5: 148. 2 شذرات الذهب 5: 167.

الخانقاه النهرية

183- الخانقاه النهرية المشهورة بخانقاه عمر شاه وهي بأول شارع نهر القنوات ولي مشيختها والنظر عليها الشيخ شمس الدين أبو عبد الله محمد بن الحسيني الحنبلي الدمشقي المصري قال الأسدي رحمه الله تعالى في صفر سنة خمس وعشرين وثمانمائة: كان يقرأ المواعيد قراءة صحيحة فصيحة مليحه وولي إمامة البراقيه عند جامع دنكز وبها كان يسكن وولي مشيخة خانقاه عمر شاه والنظر عليها وعمل نقابة القاضي الباعوني شهاب الدين في سنة أربع وتسعين ثم أنه سافر بعد الفتنة فيما أظن إلى مصر وأقام بها وحصل له بها جهات تقوم به واشتهرت هناك وبلغني أنه عرض عليه قضاء الشام عدة نوب فلم يفعل وكان فاضلا في الحديث والعربية يحفظ كثيرا من السيرة النبويه والتفسير والأحاديث وقد قال شيخنا رحمه الله تعالى عند ذكر ولايته نقابة الباعوني: وهو أفضل من كثير من قضاء الشام مطلقا ومن الباقي في فهم المعاني الكتاب والسنة والعربية وغير ذلك بلغني وفاته يوم الجمعة يوم عرفه بالديار المصرية وأظنه جاوز السبعين وصلي عليه بجامع الأموي صلاة الغائب في الجمعة الاتيه انتهى. وولي مشيختها أيضا القاضي ناصر الدين محمد الحموي الدمشقي الحنفي المعروف بابن اللبودي اشتغل قليلا ودخل دمشق وجلس شاهدا بمركز باب الفرج فلما صارت الدولة للمؤيد ذهب المذكور إلى مصر وناب في الحكم بها مدة. ثم عزل بالقاضي ناصر الدين البارزي مقدم دمشق ورتب له القاضي شهاب الدين بن العز شيئا لأنه كان فقيرا واستنابة مدة عزله واستنابه القاضي شهاب الدين الصفدي مدة ثم افجع لم أرى مستخلفه لأي لتفت إليه وكان نفسه أنه قد احتيج إليه وكانت بضاعته مع العلم مزجاة ومع ذلك علق شيئا على ما نقله من الكتب من غير فهم وذكر أنه كان يقرأ ما يكتبه على مشايخه وكان له تصدير في الجامع وكان فقيرا جدا ودفن بباب الفراديس وقد جاوز السبعين أو قاربها توفي رحمه الله تعالى في يوم الخميس ثامن عشر انتهى.

الخانقاه اليونسيه

184- الخانقاه اليونسيه بأول شرف العالي الشمالي غربي الخانقاه الطواويسه أنشأها الأمير الكبير الشرفي يونس داودار الظاهر برقوق في سنة أربع وثمانين وسبعمائة كما هو مكتوب على بابها وفي شهر ربيع الأول سنة خمس وثمانين المذكورة كما هو مكتوب في الداير داخلها ولعل الأول كان ابتداء الشروع في عمارتها والثاني انتهاؤها وذلك بنظر الكافلي بيدمر الظاهري وشرط في كتاب وقفها الأصلي أن يكون الشيخ بها والصوفية حنيفة إفاقية ولم يشرط في المختصر بكونهم إفاقية وشرط فيهما أن يكون الإمام بها حنيفا وعشره من القراء ووقف عليها الدكاكين خارج باب الفرج ثم احترقت في أيام الملك المؤيد شيخ فعمرها وأدخلها في وقفه وعوض الخانقاه بحمام العلاني خارج باب الفرج والفراديس والحمام بكفر عامر والآن ال إليها من وقف ذريته قطعة الأرض بسكة الحمام والقاعة لصيق الخانقاه وولي مشيختها الشيخ شمس الدين بن عزيز الحنفي وقد مرت ترجمته في المدرسة العزيزية ثم ولي مشيخة اليونسية الشيخ شمس الدين بن عوض الحنفي إمام جامع يلبغا قال تقي الدين ابن قاضي: شهبة في شهر ربيع الأول سنة ثلاثين وثمانمائة اشتغل في الفقه على الشيخ شرف الدين بن منصور وغيره واشتغل في غير الفقه على جماعات وكان يستحضر من الحاوي الصغير ولم يكن مبرزا في شيء وأم بجامع يلبغا مدة وولي مشيخة الخانقاه اليونسية وكان له تصدير بالجامع الأموي وربما جلس للاشتغال في بعض الأحيان وحصل له في آخر عمره غفلة شديدة توفي في ليلة الاثنين رابع عشره عن نحو سبعين سنة وترك ابنين لأي صلحان لصالحه وقررا في غالب جهاته فلا حول ولا قوة إلا بالله انتهى.

خانقاه مجهولة

158- خانقاه مجهولة رأيت في كتاب العبر في سنة تسع وتسعين وستمائة وابن السفاري أمير الحاج عماد الدين يوسف ابن أبي النصر أبو الفرج الدمشقي حدث بالصحيح مرات

وروى لنا عن الناصح والإربلي وجماعة وحج مرات توفي في زمن التتار ووضع في تابوت فلما امن الناس نقل إلى النيرب ودفن بقبته التي في الخانقاه وله نحو من سبعين سنة انتهى. والله سبحانه وتعالى أعلم.

فصل الرباطات

فصل الرباطات الرباط البياني ... فصل الرباطات 186- الرباط البياني داخل باب شرقي قال ابن شداد في ذكر الربط: رباط أبي البيان بناه بحارة درب الحجر انتهى. قال الذهبي في العبر: فيمن مات سنة إحدى وخمسين وخمسمائة وأبو البيان بنا بن محمد بن محفوظ القرشي الشافعي الدمشقي الزاهد ويعرف بابن الحوراني سمع أبا الحسن علي بن الموازيني وغيره كان صالحا ملازما للعلم والمطالعة كثير المراقبة كبير الآن بعيد الصيت صاحب أحوال ومقامات ملازما الأثر له تآليف ومجاميع ورد على المتكلمين وله أذكار مسجوعة وأشعار مطبوعة وأصحاب مريدون وفقراء بهديه يقتدون كان هو والشيخ رسلان شيخي دمشق عصرهما وناهيك بهما توفي في شهر ربيع الأول وقبره يزار بباب الصغير رحمه الله تعالى انتهى. ودفن بجانب الشيخ العالم الرباني الفندلاوي رحمه الله تعالى وقال الذهبي فيها أيضا في سنة خمس وثلاثين وستمائة: ومحمد بن نصر الدين بن عبد الرحمن بن محمد بن محفوظ القرشي الدمشقي شرف الدين ابن أخي الشيخ أبي البيان أديب شاعر صالح زاهد وولي مشيخة رباط أبي البيان وروى عن ابن عساكر توفي في شهر رجب رحمه الله تعالىانتهى.

الرباط التكريتي

187- الرباط التكريتي بالقرب من الرباط الناصري بقاسيون. قال ابن كثير في سنة سبعين وستمائة: وجيه الدين محمد بن علي بن أبي طالب بن سويد التكريتي التاجر الكبير ابن سويد ذو الأموال الكثيرة وكان معظما عند الدولة ولا سيما عند الملك الظاهر كان يجله ويكرمه لأنه قد كان أسدى إليه جميلا في حال أمرته قبل أن يلي السلطنة ودفن برباطه وتربته بالقرب من الرباط الناصري بقاسيون وكانت كتب الخليفة ترد إليه كل وقت وكانت مكاتباته مقبولة عند جميع الملوك حتى ملوك الفرنج في السواحل وفي أيام التتار وهولاكو وكان كثير الصدقات والبر انتهى رحمه الله تعالى انتهى.

رباط صفية

188- رباط صفية قال البرزالي في سنة ثلاث وثلاثين وستمائة من تاريخه في ترجمة بنت قاضي القضاة عبد الله بن عطاء الحنفي: إنها كانت شيخة رباط صفية القلعية جوار بيتنا بالقرب من المدرسة الظاهرية انتهى.

رباط زهرة ورباطات أخرى

رباط زهرة ورباطات أخرى ... 189-رباط زهرة بقرب حمام جاروخ بجوار دار الأمير مسعود ابن الست عذرا صاحبة المدرسة سثم صارت هذه الدار للأمير جمال الدين موسى ابن يغمور. وقد ذكر ابن شداد بعد أن ذكر هذه الربط المتقدمة رباطات أخرى وهي: 190- رباط طمان من أمراء بني سلجوق تحت القلعة. 191- رباط جاروخ منسوب لجاروخ التركماني. 192- رباط الغرس خليل كان واليا بدمشق. 193- رباط المعراني بدرب المهراني. 194- رباط البخاري عند باب الجابية. 195- رباط السفلاطوني. 196- رباط الفلكي. 197- رباط بنت السلار داخل باب السلام.

198- رباط عذراء خاتون داخل باب النصر. 199- رباط بدر الدين عمر. 200- رباط الحبشية بمحلة قصر الثقفيين يعني بمحلة المعينية. 201- رباط أسد الدين شيركوه قبالة داره بدرب زرعة. 202- رباط القصاعين. 203- رباط بنت الدفين داخل المدرسة الفلكية. 204- رباط بنت عز الدين مسعود صاحب الموصل قلت زاد بعضهم. 205- الرباط الدواداري داخل باب الفرج ولي مشيخته نور الدين بن قوام. 206- الرباط الفقاعي بسفح قاسيون ذكره البرزالي في سنة خمس وثلاثين وستمائة. فائدة: قال الشيخ كمال الدين الدميري1 في باب الاحياء والأموات والخانكاه بالكاف وهي بالعجمية دار الصوفية ولم يتعرضوا للفرق بينها وبين الزاوية والرباط وهو المكان المسبل للأفعال الصالحة والعبادة قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ألا أدلكم على ما يمحو به الخطايا ويرفع الدرجات" قلنا: بلى يا رسول الله قال: "إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطى إلى المساجد وأنتظار الصلاة فذلكم الرباط" أو كما قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله تعالى: {وَرَابِطُوا} قيل هي انتظار الصلاة بعد الصلاة ولم يكن في زمن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غزو يرابط فيه انتهى.

_ 1 شذرات الذهب 7: 79.

فصل الزوايا

فصل الزوايا 207- الزواية الأرموية فوق الروضة بجبل قاسيون قال الذهبي في العبر في سنة إحدى وثلاثين وستمائة: والشيخ عبد الله بن يونس الأرموي الزاهد القدوة صاحب الزاوية بجبل قاسيون كان صالحا متواضعا مطرحا للتكلف يمشي وحده ويشتري الحاجة وله أحوال ومجاهدات وقدم في الفقر توفي رحمه الله تعالى في شوال وقد شاخ انتهى. وقال فيها في سنة اثنتين وثلاثين وستمائة في ترجمة الشيخ غانم بن علي المقدسي الزاهد ما عبارته: واتفق موته عند صاحبه الشيخ عبد الله الأرموي في غرة شعبان فدفن عنده انتهى. وقال فيها في سنة اثنتين وتسعين وستمائة: والأرموي الشيخ الزاهد إبراهيم ابن الشيخ القدوة عبد الله روى عن الشيخ الموفق وغيره توفي رحمه الله تعالى في المحرم وحضر جنازته ملك الأمراء والقضاة وحمل على الرؤوس وكان صالحا خيرا متقيا قانتا لله انتهى. قال السيد الحسيني في ذيل العبر في سنة خمس وخمسين وسبعمائة: بالصالحية الشيخ الصالح المعمر القدوة علاء الدين علي بن إبراهيم بن الشيخ عبد الله الأرموي حدث عن الفخر بن البخاري في شوال ودفن بزاوية جده انتهى. 208- الزاويه الروميه الشرقيه بسفح قاسيون قال الشيخ الذهبي في العبر في سنة أربع وثمانين وستمائة: الشيخ الزاهد شرف الدين محمد ابن الشيخ الكبير عثمان بن علي صاحب الزاوية التي

بسفح قاسيون كان عجيبا بالكرم والتواضع ومحبة السماع توفي رحمه الله تعالى في جمادى الأولى وقد نيف على السبعين من السنين انتهى. 209- الزاوية الحريرية ظاهر دمشق بالشرف القبلي قال الذهبي في العبر في سنة خمس وأربعين وستمائة: والشيخ علي الحريري أبو محمد ابن أبي الحسن علي بن مسعود الدمشقي الفقير ولد بقرية بسر من حوران ونشأ بدمشق وتعلم بها على الشيخ العتابي ثم تمفقر وعظم أمره وكثرت أتباعه وأقبل على المطيبة والراحة والسماعات والملاح وبالغ في ذلك فمن يحسن به الظن يقول: هو كان صحيحا في نفسة صاحب حال وتمكن وصول ومن خبر أمره ورماه بالكفر والضلال وهو أحد من لا يقطع عليه بجنة ولا نار فإنا لانعلم بما ختم له به لكنه توفي رحمه الله تعالى في يوم شريف يوم الجمعة قبيل العصر السادس والعشرين من شهر رمضان وقد نيف عن التسعين فجأه انتهى. وقال ابن كثير في سنة خمس وأربعين المذكورة: وممن توفي فيها من المشاهير الشيخ علي الحريري ابن أبي الحسن على بن منصور البسري المعروف بالحريري أصله من قريه بسر شرقي زرع وأقام بدمشق مدة يعمل صنعة الحرير ثم ترك ذلك وأقبل يعمل الفقيري على يدي الشيخ علي المغربل تلميذ الشيخ أرسلان التركماني الجعبري فاتبعه طائفة من الناس يقال لهم الحريرية وابتنى لهم زاوية على الشرف القبلي وبدت منه أفعال انكرها عليه الفقهاء كالشيخ عز الدين بن عبد السلام والشيخ تقي الدين بن الصلاح والشيخ أبي عمر وابن الحاجب شيخ المالكيه وغيرهم فلما كانت الدولة الأشرفيه سجنه بقلعة عزتا مدة سنين ثم أطلقه الصالح إسماعيل واشترط عليه أن لا يقيم بدمشق فلزم بلده قرية بسر حتى كانت وفاته في هذه السنة انتهى. قال الشيخ شهاب الدين أبو شامة في الذيل: وفي شهر رمضان توفي الشيخ علي المعروف بالحريري بقرية بسر في زاويته وكان يتردد إلى دمشق وتبعه طائفة من الفقراء وهم المعرفون بالحريرية أصحاب

الزي المنافي للشريعة وباطنهم شر من ظاهرهم إلا من رجع إلى الله تعالى منهم وكان عند هذا الحريري من الاستهزاء بأمور الشريعة والتهاون بها من إظهار شعار أهل الفسوق والعصيان شئ كثير وانفسد بسببه جماعة كثيره من أولاد كبراء الدماشقه وصاروا على زي أصحابه وتبعوه بسبب أنه كان خلع العذار يجمع مجلسه الغناء الدائم والرقص والمردان وترك الانكار على ذلك فيما يفعله وترك الصلوات وكثرة النفقات وأظل خلقا كثيرا وأفسد جمعا غفيرا ولقد أفتى في قتله مرارا جماعة من علماء الشريعة ثم أراح الله تعالى منه هذا لفض بحروفه انتهى. كلام ابن كثير. وقال الصفدي رحمه الله تعالى في المحمدين من كتابه الوافي: محمد بن علي هو ابن الشيخ علي الحريري رجل صالح دين خير ومن محاسنه أنه كان ينكر على أصحاب والده ويأمرهم باتباع الشريعة ولم مات أبوه طلبوا منه الجلوس في المشيخة فطلب منهم شروطا لم يقدر أصحابه على اشتراطها فتركهم وانعزل عنهم توفي رحمه الله تعالى بدمشق في سنة إحدى وخمسين وستمائة ودفن عند الشيخ رسلان عاش سبعا وأربعين سنة والله أعلم. 210- الزاويه الحريرية الأعقفية بالمزة قال ابن كثير في سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة: الشيخ أحمد الأعقف الحريري شهاب الدين بن حامد بن سعيد التنوخي الحريري ولد سنة أربع وأربعين وستمائة واشتغل في صباه على الشيخ تاج الدين الفزاري في التنبيه ثم صحب الحريريه وخدمهم ولزم مصاحبة الشيخ نجم الدين ابن اسرائيل1 وسمع الحديث وحج غير مرة وكان مليح الشكل كثير التودد إلى الناس حسن الأخلاق توفي يوم الأحد ثالث عشرين شهر رمضان بزاويته بالمزة ودفن رحمه الله تعالى بمقبرة المزة وكانت جنازته حافلة مشهودة انتهى.

_ 1 شذرات الذهب 5: 359.

211- الزاوية الدهستانية عند سوق الخيل بدمشق. قال ابن كثير في سنة عشرين وسبعمائة: وممن توفي فيها من الأعيان الشيخ إبراهيم الدهستاني وكان قد أسن وعمر وكان يذكر أن عمره حين أخذت التتار بغداد أربعون سنة وكان يحضر هو وأصحابة تحت قبة النسر إلى أن توفي ليلة الجمعة السابع والعشرين من شهر ربيع الآخر بزاويته التي عند سوق الخيل بدمشق ودفن بها رحمه الله تعالى وله من العمر مائة وأربع سنين كما قال هو والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب انتهى. 212- الزاوية الحصنية أنشأها الشيخ تقي الدين الحصني1 بالشاغور وقف عليها وعلى ابن أخيه شمس الدين محمد وقفا الأمير سودون بن عبد الله التنبكي الدواداري في مرض موته لما ولي أستاذه نيابة دمشق في أول سنة خمس وسبعين وكان دوادارا ثانيا فجعله دوادار كبيرا في صفر سنة سبع وتسعين وباشر بعفة وعقل وسكون فلما مات السلطان الملك الظاهر في أواخر سنة إحدى وثمانمائة وعصى أستاذه سافر إلى مصر في رسالة ورجع فأشار على أستاذه بعدم العصيان فلم يلتفت إليه وعزله من دواداريته فلما جاء السلطان وانكسر تنبك أعطي أمرة طبلخ أنه وشكره المصريون على صنيعة ثم ترك الأمرة وأقبل على الزراعة والغراس والاشتغال باستئجار الأرض وشرائها وحصل أملاكا جيدة كثيرة وكان عاقلا ساكنا متدينا توفي رحمه الله تعالى يوم الثلاثاء سادس عشر شوال سنة أربع وعشرين وثمانمائة وهو في عشر الستين ودفن بمقبرة الصوفية انتهى. 213- الزاوية الدينورية بسفح قاسيون قال الذهبي في العبر في سنة تسع وعشرين وستمائة: والشيخ

_ 1 شذرات الذهب 7: 188.

عمر بن عبد الملك الدينوري الزاهد نزيل جبل قاسيون كان صاحب أحوال ومجاهدات وأتباع وهو والد خطيب كفر بطنا جمال الدين1 انتهى. وقال الأسدي في تاريخه الأعلام في السنة المذكورة: عمر بن عبد الملك بن إبراهيم الدينوري الزاهد نزيل جبل قاسيون كان شيخا زاهدا عابدا قانتا محببا منقطعا إلى عبادة الله تعالى عز وجل صاحب أحوال ومجاهدات له زاوية وأصحاب قال الضياء: اجتمعت به بالبلاد وزرت شيخه وبدلالتي قدم الشام وسكن الجبل. قال الذهبي: وهو والد جمال الدين محمد الخطيب والإمام بقرية كفر بطنا مات رحمه الله تعالى في شعبان انتهى. وقال الذهبي في العبر في سنة خمس وثمانين وستمائة: والدينوري خطيب كفر بطنا الشيخ جمال الدين أبو البركات ابن القدوة العابد الشيخ عمر بن عبد الملك الصوفي الشافعي ولد سنة ثلاث عشرة وستمائة بالدينور وقدم مع أبيه وله عشر سنين فسكن بسفح قاسيون وسمع الكثير ونسخ الأجزاء واشتغل وحصل وحدث عن ابن الزبيدي والناصح ابن الحنبلي وظائفه توفي رحمه الله تعالى في شهر رجب وكان دينا فاضلا عالما رحمه الله تعالى وأموات المسلمين انتهى. 214- الزاوية الدينورية الشيخية قال ابن كثير في سنة إحدى وستين وستمائة: الشيخ أبو بكر الدينوري هو باني الزاوية بالصالحية وكان له فيها جماعة مريدون يذكرون الله تعالى بأصوات حسنة طيبة انتهى. 215- الزاوية السيوفية بسفح قاسيون على نهر يزيد غربي دار الحديث الناصرية والعالمة قال الذهبي رحمه الله تعالى في المختصر الذي هو أصغر من العبر: في سنة عشر وسبعمائة مات الشيخ السيوفي بزاويته التي بسفح قاسيون وهو نجم الدين عيسى بن شاه أرمن

_ 1 شذرات الذهب 5: 393.

الرومي انتهى. ولم يذكره في ذيل العبر وأوقف عليها وعلى ذرية الشيخ نجم الدين الملك الناصر قريتي عين الفيجة ودير مقرن بوادي بردى الثلث للزاوية والثلثان للذرية وبنى له ولجماعته بيوتا حولها رحمهم الله تعالى. 216- الزاوية الداودية بسفح قاسيون تحت كهف جبريل أنشأها الشيخ الصالح العالم الرباني زين الدين عبد الرحمن ابن الشيخ أبي بكر بن داود القادري الصوفي الصالحي ميلاده سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة قال بعضهم: أنشا هذه الزاوية التي لا نضير لها بدمشق وعمر خانا بقرية الحسينيه من وادي بردى على طريق بعلبك وطرابلس يأوي إليه المسافرون وسهل وعزل عقبة دمر وغيرها من الطرق وعمر مدرسة أبي عمر الصالحية لما كان ناظرا عليها وكذلك البيمارستان القيمري وكان ذا مكانة زائدة عند الحكام شاما ومصرا ذا نفع متعدد يساعد المظلوم والمظلومين عند الظلمة ويصدهم عنهم وكان يتردد إليه نائب الشام وأعيانها وكان مشاركا في علوم وله عدة مصنفات لم يأت الزمان من أبناء جنسه بمثله انتهى. توفي رحمه الله تعالى من غير علة ولا ضعف ليلة الجمعة تاسع عشرين شهر ربيع الآخر سنة ست وخمسين وثمانمائة عن نحو من ثلاث وسبعين سنة من غير ولد ذكر دفن بزاويته هذه والذي في حفظي أن الذي أنشأها أي هذه الزاوية الداودية هو الشيخ أبو بكر والده وكانت وفاته رحمه الله تعالى سنة ست وثمانمائة انتهى. 217- الزاوية السراجية بالصاغة العتيقة داخل دمشق. قال السيد الحسيني في ذيله على العبر للذهبي فيمن توفي سنة أربع وستين وسبعمائة: وشيخنا الإمام العلامة الزاهد القدوة بهاء الدين أبو الأدب هارون الشهير بعبد الوهاب بن عبد الرحمن بن عبد الولي الأخميمي المراغي المصري ثم الدمشقي الشافعي وكان عارفا

للمعقولات تخرج بالشيخ علاء الدين القونوي وروي لنا عن يونس بن إبراهيم الدبابيسي1: وألف أشياء منها "كتاب المنقذ من الزلل في القول والعمل" وكان يؤم بمسجد درب الحجر. توفي رحمه الله تعالى ودفن بزاوية ابن السراج بالصاغة العتقية داخل دمشق بالقرب من سكنه انتهى. 218- الزاوية الشريفية التغاراتية شرقي المدرسة الناصرية الجوانية أنشأها السيد محمد الحسيني التغاراتي وكان يقيم وقته فيها ليلة الأربعاء مات رحمه الله تعالى ودفن بها انتهى. 219- الزاوية الطالبية الرفاعية يقصر حجاج قال ابن كثير رحمه الله تعالى في سنة ثلاث وثمانين وستمائة: وممن توفي فيها من الأعيان الشيخ طالب الرفاعي بقصر حجاج وله زاوية مشهورة به وكان يزور بعض المريدين فمات انتهى. 220- الزاوية الوطية شمالي جامع جراح برسم المغاربة على أختلاف اجناسهم بشرط أن لا يكون النازل بها مبتدعا ولا شريرا وقفها الرئيس علاء الدين علي المشهور بابن وطية الموقت بالجامع الأموي سنة اثنتين وثمانمائة ووقف عليها حوانيت وطباقا حولها وشرط على شيخها أن لا يكون بأبواب القضاة والحكام كذا وقف على كتاب وقفها في أواخر جمادى الآخرة سنة إحدى وتسعمائة وتعرف الآن بزاوية المغاربة انتهى. 221- الزاوية الطيبية شمالي القيمرية الكبرى قال ابن كثير في سنة إحدى وثلاثين وستمائة: الشيخ

_ 1 شذرات الذهب 6: 92.

طي المصري أقام مدة في زاوية له بدمشق عند الرحبة التي يباع فيها الصناديق عند دار بني القلانسي شرقي حمام أسامة وكان ظريفا كيسا زاهدا يتردد إليه الأكابر مات رحمه الله تعالى ودفن بزاوينه المشهورة والله أعلم. 222- الزاوية العمادية المقدسية عند كهف جبريل بسفح قاسيون قال شيخنا برهان الدين بن مفلح في طبقاته أحمد بن إبراهيم بن عبد الواحد بن علي بن سرور الشيخ الإمام عماد الدين ابن الشيخ العماد المقدسي الصالحي سمع من أبي القاسم بن الحرستاني وابن ملاعب والشيخ موفق الدين ثم رحل إلى بغداد متفرجا وله حظ من صيام وصلاة وذكر سمع منه المزي والبرزالي وافام مدة بزاوية له بسفح قاسيون عند كهف جبريل وكف يصره في آخر أمره توفي رحمه الله تعالى ودفن يوم عرفة عند قبر والده بالروضة سنة ثمان وثمانين وستمائة انتهى. 223- الزاوية الغسولية بسفح قاسيون قال الذهبي في ذيل العبر في سنة سبع وثلاثين وسبعمائة: ومات بقاسيون شيخ الفقراء أبو عبد الله محمد بن أبي الزهر الغسولي عن ثلاث وثمانين سنة روى عن إبراهيم بن خليل حضورا وعن العماد ابن عبد الهادي وابن عبد الدايم وجماعة وله زاوية ومريدون رحمه الله تعالى انتهى. 224- الزاوية الفقاعية بسفح قاسيون قال الذهبي في ذيل العبر في تسع وثلاثين وسبعمائة: والصواب سنة تسع وسبعين وستمائة والشيخ يوسف الفقاعي الزاهد ابن نجاح بن موهوب توفي رحمه الله تعالى في شوال ودفن بزاويته بسفح قاسيون وقد نيف على الثمانين وكان عبدا صالحا خائفا قانتا كبير القدر له أصحاب ومريدون انتهى.

225- الزاوية الفرنثية بسفح قاسيون قال الذهبي في العبر في سنة إحدى وعشرين وستمائة: والشيخ علي الفرنثي الزاهد صاحب الزاوية والأصحاب بسفح قاسيون وكان صاحب حال وكشف وعبادة وصدق توفي رحمه الله تعالى في جمادة الآخرة انتهى. وقال الأسدي في تاريخه المعروف بالأعلام وفي السنة المذكورة: علي الفرنثي. قال الذهبي: الرجل الصالح كبير القدر صاحب كرامات ورياضيات وصيانة وله أصحاب ومريدون وله زاوية بسفح قاسيون وذكر الشيخ محمد بن أبي الفضل قال: شاهدت الشيخ الفرنثي والحجر ينزل من المقطع فيشير إليه يامبارك يمين فينزل يمينه ويقول: يامبارك شمال فينزل شمالا توفي رحمه الله تعالى في جمادى الآخرة بقاسيون وبني على قبره قبة اهـ. وقال الذهبي في المشتبه والزاهد: الشيخ الفرنثي بسفح قاسيون وأولاده. قال ابن ناصر الدين في مسودة توضحية في حرف الفاء: الكمال أبو الحسن علي بن محمد بن حسين بن علي الفونثي بفتح الفاء وسكون الواو وفتح النون وكسر المثلثة ويقال الفونفي بالفاء بدل المثلثة سمع من ابن اللتي ومن طبقته مات رحمه الله تعالى في شعبان سنة خمس وثمانين وستمائة بسفح قاسيون وكان الشيخ لزاويتهم بعد أبيه وأبيه هو خليفة الشيخ علي الفرنثي وابن زوجته وخادمه وصاحبة وقائم مقام ولده فيما ذكر العلم ابن البرزالي وأخوه موسى مات رحمه الله تعالى في شهر رمضان سنة ست وثمانين بزاويتهم بالجبل انتهى. كلام ابن ناصر الدين وقال السيد الحسيني في ذيل العبر في سنة ست وأربعين وسبعمائة: ومات الشيخ الصالح الزاهد أبو عبد الله محمد بن موسى بن محمد بن حسين الفرنثي الصوفي الصالحي أحد مشايخها الزهاد ولد سنة ست وستين وسمع الحديث عن الشيخ شمس الدين وابن البخاري وغيرهما وتوفي رحمه الله تعالى في شهر رمضان ودفن بزاوية جده بقاسيون انتهى.

226- الزاوية القوامية البالسية غربي قاسيون والزاوية السيوفية ودار الحديث الناصرية على حافة نهر يزيد قال الذهبي فيمن مات في سنة ثمان وخمسين وستمائة من تاريخه العبر وابن قوام الشيخ الزاهد الكبير أبو بكر بن قوام بن علي بن قوام البالسي جد شيخنا أبي عبد الله محمد بن عمر كان زاهدا عابدا صاحب حال وكشف وكرامات وله زاوية واتباع ولد سنة أربع وثمانين وخمسمائة وتوفي رحمه الله تعالى في سلخ شهر رجب ببلاد حلب المحروسة ثم نقل تابوته ودفن بسفح قاسيون في أوائل سنة سبعين وقبره ظاهر يزار انتهى. قال في ذيل العبر في سنة ثمان عشرة وسبعمائة: ومات في صفر بزاوية الإمام القدوة بركه الوقت الشيخ محمد بن عمر بن الشيخ الكبير أبي بكر بن قوام البالسي عن سع وستين سنة روى لنا عن أصحاب ابن طبرزد وكان محمود الطريقه متين الديانة انتهى. وقال في مختصر تاريخ الإسلام في السنة المذكورة: وفيها توفي شيخنا القدوة الشيخ محمد بن عمر بن الشيخ الكبير أبي بكر بن قوام البالسي وله ثمان وستون سنة انتهى. وقال تلميذه ابن كثير في سنة ثمان عشر وسبعمائة: وممن توفي فيها من الأعيان الشيخ العالم العامل الصالح الناسك الورع الزاهد القدوة بقيمة السلف والخلف أبو عبد الله محمد ابن الشيخ الصالح عمر ابن السيد القدوة الناسك الكبير العارف أبي بكر بن قوام بن علي بن قوام البالسي ولد سنة خمسين وستمائة ببالس وسمع من أصحاب ابن طبرزد وكان شيخا جليلا بشوش الوجه حسن السمت مقصدا لكل أحد كثير الوقار عليه سيماء الخير والعبادة إلى أن قال: توفي الشيخ محمد بن قوام ليلة الاثنين الثاني والعشرين من صفر بالزاوية المعروفة بهم غربي الصالحية والناصرية والعادلية وصلي عليه بها ودفن فيها وحضر جنازته ودفنه خلق كثير وجم غفير إلى أن قال: ولم يكن للشيخ محمد مرتب على الدولة ولا غيرهم ولا لزاويته مرتب ولا وقف وقد عرض عليه ذلك غير مرة فلم يقبل وكان يزار وله معرفة تامة وكان حسن العقيدة صحيح الطوية ومحبا للحديث واثار السلف كثير التلاوة يحب الخلوة وقد

صنف جزءا فيه أخبار جده رحمه الله تعالى انتهى. وقال الصفدي رحمه الله تعالى: وقف عليها بعض التجار بعض قرية وجمع سيرة لجده قل أن ترى العيون مثله توفي رحمه الله تعالى سنة ثماني عشرة وسبعمائة ودفن بزاويتهم بسفح قاسيون وله من العمر ثمان وستون سنة انتهى. وخلف من الأولاد: ولده الشيخ الأصيل الفقيه نور الدين أبا عبد الله محمد ميلاده في شهر رمضان سنة سبع عشرة وسبعمائة وسمع من جماعة وتفقه ودرس وحدث قال ابن كثير: كان من العلماء الفضلاء درس بالناصرية البرانية مدة سنتين بعد أبيه وبالرباط الداوداري داخل باب الفرج وكان يحب السنة وبفهمها جيدا وقال الحافظ ابن رافع: سمع وتفقه ودرس وكان حسن الخلق توفي رحمه الله تعالى في شهر ربيع الآخر سنة خمس وستين وسبعمائة ودفن بسفح قاسيون بزاويتهم انتهى. وقد مر ذكره في دار الحديث الناصرية وترجمة والده أيضا رحمهم الله تعالى انتهى. 227- الزاوية القلندرية الدركزينية قال الأسدي في ترجمة محمود بن محمد شرف الدين الطالبي الدركزيني1: أنه توفي بدركزين قال: وهي بدال مهملة مفتوحة ثم راء ساكنه ثم كاف مكسورة ثم زأي بعدها ياء تحتية ثم نون هي بلدة من همدان بينهما اثني عشر فرسخا. وهذه الزاوية بمقبرة باب الصغير شرقي محله مسجد الذبان وشرقي مئذنة البصية قال الشيخ صلاح الدين خليل بن ايبك الصفدي رحمه الله تعالى في المحدين من كتاب الوافي بالوفيات ما صورته: محمد بن يونس الشيخ جمال الدين الساوجي الزاهد شيخ الطائفة القلندرية قدم دمشق وقرأ القرآن والعلم وسكن قاسيون في زاوية الشيخ عثمان الرومي وصلى بالشيخ عثمان المذكور مدة ثم حصل له زهد وفراغ من الدنيا فترك الزاوية وأقام بمقبرة الباب الصغير بقرب

_ 1 شذرات الذهب 6: 139.

موضع القبة التي بنيت لأصحابة وبقي مدة بقبة زينب بنت زين زين العابدين رضى الله تعالى عنهم واجتمع بالجلال الدركزيني والشيخ عثمان كوهي الفارسي الذي دفن بالقنوات بمكان القلندرية ثم إن الساوجي حلق وجهه ورأسه ولاق حاله بأولئك فوافقوه وحرقو مثله ثم إن أصحاب الشيخ عثمان طلبوا الساوجي فوجدوه بالقبة فسبوه وقبحوا فعله فلم ينطق ثم أنه اشتهر وتبعه جماعة وحلقوا وذلك في حدود العشرين وستمائة ثم إنه لبس دلق شعر وسافر إلى دمياط فأنكروا حاله وزيه فزيق بينهم ساعة ثم أنه رفع رأسه فإذا هو بشيبة بيضاء كبيرة على ما قيل فاعتقدوا فيه وتوفي رحمه الله تعالى بدمياط وقبره هناك مشهور وذكر شمس الدين بن الجوزي في تاريخه: أنه رأى كراريس بخطه من تفسير له وجلس في المشيخة بعده بمقبرة باب الصغير جلال الدركزيني وبعده الشيخ محمد البلخي الذي شرع لهم الجولق الثقيل وأقام الزاوية وأنشأها وكثر أصحابه وكان للملك الظاهر فيه اعتقاد فلما تسلطن طلبه فلم يمض إليه فبنى لهم السلطان هذه القبة من مال الجامع وكان إذا قدم الشام يعطيهم ألف درهم وشقتي بسط ورتب لهم ثلاثين غرارة قمح في السنة وفي اليوم عشرة دراهم وكان السويداوي منهم يحضر سماط السلطان الملك الظاهر ويمازح السلطان ولما أنكروا في دولة الأشرف موسى على الشيخ علي الحريري أنكروا على القلندرية ونفوهم إلى قصر الجنيد وذكر نجم الدين ابن اسرائيل الشاعر: أن هذه الطائفة ظهرت بدمشق سنة ست عشرة وستمائة وكانت وفاة الساوجي المذكور في حدود الثلاثين والستمائة رحمه الله تعالى انتهى. كلامه في الجزء الثامن من العشرة وقال والد شيخنا الأسدي في آخر الجزء الثاني من تاريخه المسمى بالأعلام المنتقى من تاريخ الإسلام للذهبي وما اضيف إليه من تاريخ ابن كثير والكتبي وغيرهما ماصورته محمد الشيخ جمال الدين الساوجي الزاهد شيخ الطائفة القلندرية قدم دمشق وقرأ القرآن والعلم وسكن جبل قاسيون بزاوية الشيخ عثمان الرومي وصلى بالشيخ عثمان مدة ثم حصل له زهد وفراغ عن الدنيا وترك الزاوية وانكمش وأقام بمقبرة الباب الصغير بقرب موضع القبة التي بنيت

لأصحابه وبقي مدة مديدة بقبة زينب بنت زين العابدين رحمهم الله تعالى واجتمع فيها بجلال الدركزيني والشيخ عمان كوهي الفارسي الذي دفن بالقنوات بمكان القلندرية ثم إن الساوجي حلق رأسه ولحيته فانطلى حاله الشيطاني على جماعه فوافقوه وحلقوا ثم فتش أصحاب الشيخ عثمان على الساوجي فوجدوه بالقبه فسبوه وقبحوا فعله فلم ينطق ولا رد عليهم ثم اشتهر وتبعه خلق وحلقوا. قال الذهبي: وذلك في حدود العشرين والستمائة فيما أظن ثم لبس دلق شعر وسافر إلى دمياط فأنكروا حاله وزيه المنافي للشرع فزيق بينهم ساعة ثم رفع رأسه فإذا هو بشيبه فيما قيل كبيرة بيضاء فاعتقدوا فيه وضلوا به حتى قيل إن قاضي دمياط وأولاده وجماعه حلقوا لحاهم وصحبوه والله تعالى أعلم بصحة ذلك وتوفي بدمياط وقبره بها مشهور وله هناك اتباع. وذكر شمس الدين بن الجوزي في تاريخه: أنه رأى كراريس من تفسيرات الفران للساوجي وبخطه وجلس في المشيخة بعده بمقبرة باب الصغير الشيخ جلال الدين الدركزيني وبعده الشيخ محمد البلخي وهو أعني البلخي من مشاهير القوم وهو الذي شرع الجولق الثقيل وأقام الزاوية وأنشأها وكثر أصحابه وكان للمك الظاهر فيه اعتقاد فلما تسلطن طلبه فلم يمض إليه فبنى لهم السلطان هذه القبه من مال الجامع وكان إذا قدم يعطيهم ألف درهم وشقتين من البسط ورتب لهم ثلاثين غرارة قمح في السنة وعشرة دراهم في اليوم قال الذهبي: ولما أنكروا في دولة الأشرف موسى على الشيخ علي الحريري أنكروا على القلندرية وتفسيره بالعربية المحلقين ونفوهم إلى قصر الجنيد وذكر ابن اسرائيل الشاعر: أن هذه الطائقة ظهرت بدمشق سنة ست عشر وستمائة ثم أخذ يصف حالهم الملعون وطريقتهم الخارجة عن الدين انتهى. كلام الأسدي 228- الزاوية القلندرية الحيدرية قال ابن كثير في سنة خمس وخمسين وستمائة: وفيها دخلت الفقراء الحيدرية الشام ومن شعارهم لبس الفراجي والطراطير ويقصون لحاهم ويتركون

شواربهم وهو خلاف السنة وتركوها لمتابعة شيخهم حيدر حين أسره الملاحده فقصوا لحيته وتركوا شواربه فاقتدوا به في ذلك وهو معذور ماجور وليس لهم فيه قدوة وقد نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك وقد بنيت لهم زاوية بظاهر دمشق قريبا من العوينه انتهى. 229- الزاوية اليونسية بالشرف الشمالي بدمشق غربي الوراقة والمدرسة العزية البرانية قال الذهبي في العبر في سنة تسع عشرة وستمائة: والشيخ يونس بن يوسف بن مساعد الشيباني المخارقي القنيي والقنية قرية من نواحي ماردين وهذا شيخ الطائفة اليونسية أولى الشطح وقلة العقل أبعد الله شرهم وكان رحمه الله صاحب حال وكشف يحكى عنه كرامات وقال ابن خلكان في وفياته: الشيخ يونس بن يوسف بن جابر بن إبراهيم بن مساعد الشيباني المخارقي شيخ الفقراء اليونسية وهم منسوبون إليه ويعرفون به وكان رجلا صالحا وسألت جماعة من أصحابه عن شيخه من فقالوا: لم يكن له شيخ وإنما كان مجذوبا وهم يسمون من لا شيخ له بالمجذوب يريدون بذلك أنه جذب إلى طريق الخير والصلاح ويذكرون له كرامات كثيرة أخبرني الشيخ محمد بن أحمد بن عبيد وكان قد رآه وهو صغير وذكر أن أباه أحمد كان صاحبه قال: كنا مسافرين والشيخ يونس معنا فنزلنا في الطريق على عين بوار وهي التي يجلب منها الملح البواري وهي بين سنجار وعانة قال: وكانت الطريق مخوفة فلم يقدر أحد منا أن ينام من شدة الخوف ونام الشيخ يونس قال: فلما انتبه قلت له: كيف قدرت تنام فقال لي: والله ما نمت حتى جاء إسماعيل بن إبراهيم الخليل على نبينا وعليهما الصلاة والسلام وتدرك القفل فلما أصبحنا رحلنا سالمين ببركة الشيخ يونس قال: وعزمت مرة على دخول نصيبين وكنت عند الشيخ يونس في قريته فقال لي: إذا دخلت البلد فاشتر لام مساعد كفنا قال: وكانت في عافية وهي ام ولده فقلت: وما بها حتى نشتري لها الكفن قال: ما يضر فذكر أنه لما عاد وجدها قد ماتت وذكر له غير هذا من الأحوال والكرامات وأنشد له مواليا:

أنا حميت الحمى وأنا مكثت فيه ... وأنا رميت الخلائق في بحار التيه من كان يبغي العطا مني أنا أعطيه ... أنا فتى ما أداني من به تشبيه وذكر الشيخ محمد المذكور: أن الشيخ يونس توفي في سنة تسع عشرة وستمائة في قريته وهي القنية من أعمال دارا وهي بضم القاف وفتح النون وتشديد الياء المثناة من تحت تصغير قناة وقبره مشهور بها يزار رحمه الله تعالى وقد كان ناهز التسعين سنة من عمره انتهى. وقال الأسدي في سنة تسع عشرة وستمائة: الشيخ يونس شيخ الطائفة اليونسية يونس بن يوسف بن مساعد الشيباني المخارقي المشرقي القنيي والقنية قرية من أعمال دارا من نواحي ماردين قال الذهبي: هذا شيخ الطائفة اليونسية من أولى الدعارة والشطارة والشطح وقلة العقل أبعد الله شرها كان شيخا زاهدا كبير الآن له الأحوال والمقامات والكشف قال ابن خلكان: سألت رجلا من أصحاب الشيخ يونس فقلت له: من شيخ الشيخ؟ فقال: لم يكن له شيخ بل كان مجذوبا. قال القاضي: ويذكرون له كرامات وذكر الذهبي أنه سمع ابن تيميه ينشد للشيخ يونس بيتا ظاهره شطح والحاد قال: وفي الجملة لم يكن الشيخ يونس من أولي العلم بل من أولي الحال والكشف وكان عاريا من الفضيلة وكان ابن تيميه يتوقف في أمره أولا ثم أطلق لسانه فيه وفي غيره من الكبار والثبات في ثبوت ما ينقل عن الرجل أولي والله تعالى المطلع. وأما اليونسية فهم شر طوائف الفقراء ولهم أعمال تدل على الاستهتار والانحلال قولا وفعلا أستحي من الله تعالى ومن الناس التفوه بها قال: ولا يغتر المسلم بكشف ولا بحال فقد تواترت الكشف والبرهان عن الكهان والرهبان وذلك الهام الشيطان اما حال أولياء الله وكراماتهم فحق وأخبار ابن صياد بالمغيبات حال شيطاني دجالي وحال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وحال العلاء الحضرمي1 رضي الله عنه حال رحماني ملكي وكثير من المشايخ يتوقف

_ 1 شذرات الذهب 1: 32.

في أمرهم فلا يتبين للناس أي القسمين حالهم والله تعالى أعلم انتهى. كلام الأسدي رحمه الله تعالى وقال الشيخ شهاب الدين بن العماد في كتاب الانتقاد على طائفتي الشهود والاعتقاد. فرع: جهلنا فسق الشاهد ولكن رأيناه يظهر الكرامات والمشي على الماء والطيران في الهواء وغير ذلك لم ينعقد النكاح به لثلاثة اوجه الأول أنه يجوز اظهار الكرامة على الكافر كما ظهرت على يد السامري في رؤيته لفرس جبريل عليه السلام دون بني اسرائيل حتى أخذ من تراب موضع حافر فرسه الثاني أن الولي يجب عليه اخفاء الكرامة كما صرح به أبو محمد في أول كتاب في اللطائف والحكم الثالث لو رأيت صاحب بدعة يطير في الهواء لم أقبله حتى يتوب من بدعته ذكره أبو نعيم1 في ترجمة الإمام الشافعي رضي الله عنه انتهى. وقال الذهبي في سنة عشرين وثلاثمائة من مختصر تاريخه: وفيها مات زاهد الشام أبو عمر الدمشقي وكان يقول: فرض على الولي كتمان الكرامات لئلا يفتتن بها انتهى. وقال أبو يزيد البسطامي2 رحمه الله تعالى: لو نظرتم إلى رجل أعطي من الكرامات حتى يرتفع في الهواء فلا تغتروا به حتى كيف تجدونه عند الأمر والنهي وحفظ الحدود وآداب الشريعة انتهى. وقال ابن كثير في سنة ست وسبعمائة: الشيخ الجليل سيف الدين الرجيحي بن سابق بن هلال بن يونس شيخ اليونسية بمقامهم صلي عليه سادس شهر رجب بالجامع ثم أعيد إلى داره التي سكنها داخل باب توما وتعرف بدار أمين الدولة فدفن بها وحضر جنازته خلق كثير من الأعيان والقضاة والأمراء وكانت له حرمه كبيرة عند الدولة وعند طائفته وكان ضخم الهامة جدا محلوق الشعر وخلف أموالا وأولادا انتهى. وقال في السنة التي قبلها: وممن توفي فيها من الأعيان الشيخ عيسى بن الشيخ سيف الدين الرجيحي بن سابق ابن الشيخ يونس القنيي ودفن بزاويتهم التي بالشرف الشمالي بدمشق غربي الوراقة والعزية يوم الثلاثاء تاسع المحرم انتهى. وقال في سنة سبع وعشرين وسبعمائة: وفي ذي القعدة توفي الشيخ فضل ابن الشيخ

_ 1 شذرات الذهب 3: 245. 2 شذرات الذهب 2: 143.

الرجيحي اليونسي وأجلس أخوه يوسف مكانه بالزاوية انتهى. وولي مشيختها ونظرها صاحبنا القاضي محيي الدين عبد القادر بن محمد بن محمد بن عمر بن عيسى ابن الشيخ يوسف أي سيف الدين الرجيحي بن سابق بن هلال ابن الشيخ يونس اليونسي1 الشيباني الحنبلي ميلاده في صبيحة الجمعه ثاني عشر شهر ربيع الأول سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة عرض على شيخنا بدر الدين ابن قاضي شهبة وعلى علماء الحنابلة ثم فوض إليه ابن خاله قاضي الحنابلة العلامة برهان الدين بن مفلح ثم ولي مشيخة زاوية جده اليونسية وكان بالمزة ثم انتقل إلى الصالحية وبنى بها زاوية بحارة الجوبان ووقف عليها وقفا. فائدة: عبد الله بن أبي الحسن علي بن أبي الفرج2 الطرابلسي الشامي الفقيه الزاهد أسلم وعمره إحدى عشرة سنة وقرأ القراآت بحلقة الحنابلة بالجامع وذكر له شيخنا ترجمة في طبقاته وأنه قال: كنت أسمع كتاب "حلية الأولياء" على شيخنا أبي الفضل بن ناصر فرق قلبي وقلت في نفسي اشتهيت أن انقطع عن الخلق وأن اشتغل بالعبادة فمضيت وصليت خلف الشيخ عبد القادر الجيلي فلما صلينا جلسنا بين يديه فنظر إلي وقال: أردت الإنقطاع فلا تنقطع حتى تنفقه وتجالس الشيوخ وتتأدب بهم فحينئذ يصلح لك الإنقطاع وإلا فتمضي وتنقطع قبل أن تنفقه وأنت فريخ ما ريشت فإن إشكل عليك شيء في أمر دينك تخرج من زاويتك وتسأل عن أمر دينك ما أحسن صاحب الزواية أن يخرج من زوايته ويسأل الناس عن أمر دينه ينبغي لصاحب الزاوية أن يكون كالشمعة يستضاء بنوره سمع منه ابن القطيعي وابن خليل في معجمه توفي رحمه الله تعالى في ثالث جمادى الآخرة سنة خمس وستمائة بأصبهان والله سبحانه وتعالى أعلم. 230- الزاوية العمرية غربي محلة العقبية بالقرب من جامع التوبة قال ولد مؤلف هذا الكتاب

_ 1 شذرات الذهب 8: 46. 2 شذرات الذهب 5: 15.

سيدنا ومولانا شيخ الإسلام بقية السلف الكرام أبو زكريا محيي الدين يحيى الشهير بوالده مؤلف هذا الكتاب: أنشا هذه الزاوية رجل يقال له الشيخ عمر الاسكاف الحموي1 أتى دمشق في أواخر قانصوه الغوري2 واشتهر في أول تولية السلطان سليم3 نصره الله تعالى على هذه المملكة الشامية وبني لنفسه هذه الزاوية والدار سكنه بجانبها في سنة ثمان وعشرين وتسعمائة. وكان يدعي بأنه يربي الفقراء ويأمرهم بأن يلبسوا الفروة مقلوبة ويركبوا القصبة ويعلقوا في أرقابهم معلاق رأس الغنم ويدوروا بذلك في الشوارع دمشق لأجل كسر النفس كما يزعم لهم شيخهم المذكور وهم يقولون لا إله إلا الله بأعلا صوتهم ولم يسلموا على أحد من غير طريقتهم وصار له أتباع كثيرة من دمشق وضواحيها وغيرهم ومن غضب عليه الشيخ منهم أخرجه وطرده فيستمر يأتي ويضع وجهه على عتبة باب الزاوية ويذكر مع الفقراء من خارج باب فيما يزعم ويقرأ الآية من القرآن بلحن فاحش ويتكلم عليها برأيه وكذلك غالب أكابر أتباعه وأمر غالب من اتبعه إذا توفي أن يدفن شمالي باب الفراديس وغربيها وجعل بينهما وبين التربه جدارحائط دائرة بها لتكون خاصة برسم فقرائه ولم يدفن هو عندهم فيها بل جعل له غربي زاويته المذكورة قبة برسم دفنه تحتها وشباك حديد مطل للطريق السالك لسويقة صاروجا والصالحية وغيرها. ولما كان عشية يوم الاثنين سلخ شهر ربيع الثاني سنة إحدى وخمسين وتسعمائة حادي عشرين تموز توفي الشيخ عمر المذكور وفي بكرة يوم الثلاثاء مستهل جمادى الأولى غسل وكفن وصلي عليه ودفن تحت القبة المذكورة بزاويته المذكورة وترك ولدين رجلين محمد وعلي ثم من بعده انحلت غالب أتباعه عن طريقته وصار ولده محمد المذكور مكانة بالزاوية المذكورة يجتمع عليه بها أناس قلائل يتكلم لهم بها على طريقة والده انتهى.

_ 1 شذرات الذهب 8: 289. 2 شذرات الذهب 8: 113. 3 شذرات الذهب 8: 143.

231- الزاوية الصمادية داخل باب الصغير شمالي السور على كتف نهر قليط بالزقاق الأخذ إلى باب الجابية أنشأها الشيخ محمد ابن الشيخ خليل الصمادي1 في سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة وجعل له دار سكنه شم إليها وجعل للزاوية المذكورة بركة ماء ومرتفعات وعلى بابها سبيل يجري إلى ذلك كله الماء من نهر القنوات توفي بكرة النهار يوم الجمعة خامس عشرين جمادى الأولى سنة ثمان وأربعين وتسعمائة سابع عشر أيلول وغسل وكفن وصلي عليه بالجامع الأموي قبل صلاة العصر إماما شيخ الإسلام وقدوة سائر الأنام بقية السلف الكرام مفتي المسلمين وصدر العلماء والمدرسين سيدنا الشيخ بدر الدين محمد بن رضي الدين الغزي2 ثم صلى عليه بعد العصر ثانيا بجماعة اخرين ثم أعيد به إلى الزاوية المذكورة وصارت المشيخة بعده لولده الشيخ محمد وأما الشيخ خليل والد المتوفي تحت القبة بقرية اذرعات فمشهور هناك. وفي شهر جمادى الأولى من سنة أربع وخمسين وتسعمائة حصل بدمشق قلقلة كبيرة بين الشيخ الإمام يونس العيثاوي الشافعي إماما وخطيبا بالجامع المعروف بدمشق بالجامع الجديد وبجانباك وبين الشيخ محمد ابن الشيخ محمد ابن الشيخ خليل الصمادي3 المذكور اعلاه وبين اتباعهم بسبب ضرب طبل الباز الذي يتخذونه في حلق الذكر فأنكره عليهم الشيخ يونس العيثاوي ولم يلتفت إليه ذلك والحال أننا أدركنا مشايخنا القدماء من السادة الشافعية رحمهم الله تعالى لم ينكروه عليهم بل أقروه لهم وتبركوا بهم منهم: شيخنا شيخ مشايخ الإسلام تقي الدين أبو بكر ابن قاضي عجلون سلطان الفقهاء ومنهم شيخنا شيخ الإسلام السيد الحسيب النسيب كمال الدين محمد ابن السيد حمزة الحسيني ومنهم شيخ مشايخ الإسلام تقي الدين أبو بكر البلاطنسي4 ومنهم شيخ الإسلام علاء الدين علي بن أبي اللطيف المقدسي5

_ 1 شذرات الذهب 8: 275. 2 شذرات الذهب 8: 403. 3 شذرات الذهب 8: 435. 4 شذرات الذهب 8: 213. 5 شذرات الذهب 8: 203.

ومنهم شيخ الإسلام نجم الدين محمد بن شكم1 ومنهم شيخ مشايخ الإسلام الشيخ رضي الدين الغزي2 ومنهم الشيخ محمد الكفرسوسي ومنهم تقي الدين أبو بكر القاري وغيرهم رحمهم الله تعالى ومن السادة الحنفية شيخ الإسلام جمال الدين يوسف بن طولون وابن أخيه الشيخ شمس الدين محمد بن طولون3 والشيخ قطب الدين محمد ابن سلطان4 وغيرهم رحمهم الله تعالى ومن السادة الحنابلة قاضي القضاة نجم الدين عمر بن مفلح5 وشيخ الإسلام شهاب الدين أحمد الشويكاني وابن أخيه شيخ الإسلام زين الدين عبد الرحمن الشويكاني6 وبقية الحنابلة رحمهم الله تعالى ومن السادة المالكيه شيخ الإسلام عبد النبي المغربي7 المالكي والشيخ علاء الدين علي الخيوطي من بقية المالكية رحمهم الله تعالى ولم نسمع احدا من هؤلاء من انكر عليهم ذلك إلا إذا ضريوا الطبول في المساجد ولم يقع ذلك منهم قط. بل يضربون طبولهم في الطرقات في بعض الأوقات عند قدوم أقاربهم وملاقاتهم وفي وداعهم حين السفر ويضربونها أيضا في زواياهم وفي بعض بيوت مريديهم التي يقيمون فيها الذكر كما جرت به عوائدهم ولم ينكر عليهم في ذلك قديما ولا حديثا وثم الآن بدمشق المحروسة جماعة آخرون من السادة الشافعية ورؤسائهم ويرأسهم شيخنا شيخ الإسلام سيدي بدر الدين بن محمد بن رضي الدين الغزي وولده العلامة البحر الفهامة الشيخ العالم العامل الورع سيدي الشيخ شهاب الدين أحمد عفا الله عنه وبقية العلماء ولم ينكر عليهم في ذلك أحد غير هذا الرجل المشار إليه الشيخ يونس العيثاوي وحده فقط وله طلبة غالبهم صبيان مردان فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم انتهى. قول ولد المؤلف شيخ الإسلام أبو زكريا محيي الدين ختم الله له بخير وعفا عنه.

_ 1 شذرات الذهب 8: 93. 2 شذرات الذهب 8: 209. 3 شذرات الذهب 8: 298. 4 شذرات الذهب 8: 283. 5 شذرات الذهب 8: 92. 6 شذرات الذهب 8: 231. 7 شذرات الذهب 8: 126.

232- الزاوية السعدية خارج دمشق برأس العمائر نزل بها الشيخ المبارك حسن الجناني السعدي قال والدي المؤلف لهذا الكتاب المشار إليه تغمده الله برحمته في تاريخه: وفي يوم الخميس حادي عشر جمادى الأولى سنة أربع عشرة وتسعمائة توفي الشيخ المبارك حسن الجناني السعدي كان النساء وغالب العوام يعتقدون أنه يشفي من الجنون وأنه غريزة في أصله وفصله انتقل من بلدة بيت جن وسقف تربة النائب أي نال الجمكي كان نائب دمشق قديما.......... ...............................................ولم يتمها ولم يدفن بها حتى نزل الشيخ حسن المذكور وسقفها وهي بأواخر قبلي دمشق وسكن بها ومات وله عدة أولاد وأولاد الأولاد ودفن قبلي الحصي جوار تربة شيخنا شهاب الدين أحمد ابن قرار رحمه الله تعالى. قال ولد المؤلف لهذا الكتاب مولانا الشيخ العالم العلامة شيخ الإسلام الشيخ أبو زكريا محيي الدين النعيمي عفا الله عنه في ذيله على تاريخ والده المشار إليه: ثم ولي المشيخة مكانه بالزاوية المذكورة ولده الشيخ حسين واستمر على طريقة والده بفقراء وحلقات في غالب البلدان إلى أن توفي يوم الاثنين رابع عشر ربيع الثاني سنة ست وعشرين وتسعمائة. ودفن عند والده المذكور أعلاه وخلف أولادا كثيرة المتجه منهم للمشيخة بالزاوية المذكورة اثنان هما أحمد1 وسعد الدين لكن أحمد أكبرهم فولي المشيخة بالزاوية المذكورة بعد والده وجده واستمر على طريقة والده وجده بفقراء وحلقات في غالب البلدان وحصل سعد في إنفاذ الكلمة عند الحكام وبين الناس مع قلة ذات اليد من المال وكثرة الدين عليه لكثرة إطعامه الطعام لكل من يرد عليه دائما حتى قيل أنه وهاب نهاب توفي صبيحة يوم الأحد تاسع عشرين رجب الفرد سنة ثلاث وستين وتسعمائة سابع حزيران ودفن عند والده وجده رحمه الله تعالى وخلف بعده ولدا رجلا اسمه حسين من زوجته كانت ابنة الشهابي أحمد المحجوب التي هي

_ 1 شذرات الذهب 8: 334.

الآن زوج للشيخ بركات الهندباني الشهير الآن بالموصلي ثم تولى المشيخة بالزاوية المذكورة بعده الشيخ سعد الدين أخو المتوفى المذكور وأن الشيخ سعد الدين سقف الزاوية وعلاها وعمل قوس قنطرة من حجارة منحوتة وسقفها جديدا بالعريض وجعل لها قماري مضيئة وبيضها بالجص وذلك في أواخر سنة أربع وستين وتسعمائة وهو مستمر على طريقة والده وجده إلى يومنا هذا على ما كان عليه أخوه الشيخ أحمد انتهى. قول ولد المؤلف عفا الله عنه.

فصل الترب

فصل الترب 223- التربة الأسدية بالجبل. قال الأسدي رحمه الله تعالى في تاريخه في سنة ثمان عشرة وستمائة: علي بن عبد الوهاب بن علي بن الخضر بن عبد الله نجم الدين أبو الحسن القرشي الأسدي الزبيري الدمشقي العدل أخو كريمة ولد سنة اثنتين وخمسين وسمع من علي بن أحمد الحرستاني وعبد الرحمن بن أبي الحسن الداراني وحمزة ابن الجبولي وغيرهم وأجاز له جماعة وروى عنه ابن خليل والضياء المقدسي والشهاب القوصي توفي في صفر رحمه الله تعالى وله تربة في الجبل انتهى. 234- التربة الأفريدونية وبها دار قرآن شرقي جامع حسان خارج باب الجا بية بالشارع الأعظم غربي خندق سور المدينة قريبا منه ومن تربة الأمير سيف الدين بهادر المنصوري1 ومن تربة الأمير فرج بن منجك شماليهما. قال الحسني في ذيل العبر فيمن توفي سنة تسع وأربعين وسبعمائة: والتاجر الكبير شمس الدين أفريدون العجمي واقف المدرسة المليحة الأفريدونية خارج باب الجابية والذي يعلم من وقفها الآن المزرعة المعينية جوار العدمل بالمرج وبستان معبد بقرية زيدين وخمس قطع أراضي بقينية وحصة من بستان يعرف بدف الجوز بالجيم بأرض أرزة

_ 1 شذرات الذهب 6: 93.

ونصف قرية سكاكة بالسن من بصره وبستانان بقرية عين ترما وقطع أرض تعرف بحقول العجمي بقرية كفر بطنا والحصة من قاعة الحديثي بقصر حجاج والحصة من خان الطحين بباب الجابية ومحاكرة ابن الصلاح الغزولي جوار المدرسة البادرائية وقاعة النشا تجاه التربة من الغرب وربع القيسارية وبستان بتل كفر سوسيا وبيت بزقاق الداراني وبيت بزقاق حمام الزين وقاعة واصطبل داخل باب الفراديس بزقاق الماء وبيتان بحارة القصاصية وبيتان بقرية كفر سوسيا أيضا وشيء بتل الشعير انتهى. 235- التربة الايدمرية بالقرب من اليغمورية بحارة السكر بسفح قاسيون هي تربة الأمير عز الدين أي دمر بن عبد الله الحلبي الصالحي كان من أكابر الأمراء واحظاهم عند الملوك ثم عند الملك الظاهر كان يستنيبه إذا غاب فلما كان سنة سبع وستين وستمائة أخذه معه فكانت وفاته بقلعة دمشق ودفن بتربته بالقرب من اليغمورية وخلف أموالا جزيلة وأوصى إلى السلطان في أولاده وحضر السلطان عزاه بجامع دمشق قاله ابن كثير في السنة المذكورة وقال شيخه الذهبي في عبره في سنة سبع بمعناه في بعض نسخه رحمهم الله تعالى انتهى. 236- التربة الايدمورية عند الجسر الأبيض بالخانقاه العزية. قال الذهبي في عبره في سنة سبعمائة: أيدمر الأمير الكبير عز الدين الظاهري الذي كان نائب دمشق في دولة مخدومه حبس مدة ثم أطلق فلبس عمامة مدورة وسكن بمدرسة عند الجسر الأبيض توفي في شهر ربيع الأول ودفن بتربة وكان أبيض الرأس واللحية انتهى. وقال في مختصر تاريخ الإسلام في سنة سبعمائة المذكورة: والأمير عز الدين أيدمر الذي كان نائب دمشق في دولة الظاهر انتهى. والله أعلم

237- التربة الاكزية قبلي تربة بهادر شرقي تربة يونس الدوادار خارج باب الجابيه قال الأسدي في الذيل في محرم سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة: الأمير سيف الدين أكز الفخري أصله من مماليك الأمير أياس أحد المقدمين بالشام ونائب طرابلس وغيرها وذكر لي أن أستاذه اشتراه أيام قاضي القضاة برهان الدين ابن جماعة وعمره سبع سنين وتنقل في هذه الفتن وكان من حزب الأمير نوروز ثم صار أمير طبلخانة بالشام ثم ولي نيابة القلعة في جمادى الآخرة سنة خمس وعشرين وتمكن وأثرى وكان يكتب إلى مصر فلا ترد مكاتبته ودخل في المحكمات حتى قطع على النائب والحجاب وكان أحد السعاة في هلاك النائب تنبك البجاسي فإنه كاتب مع غيره إلى السلطان بأنه عاص ثم عزل من نيابة القلعة بعد أربع سنين وثلاثة أشهر في شعبان سنة تسع وعشرين واستمر على أمرته وعمر له عمارة حسنة شرقي تربة يونس الدوادار وكان من عقلاء الترك يعيب على القضاة وغيرهم ما يقضون فيه وفيه مروءة ومساعدة ولا يشرب الخمر ولا يفعل الفاحشة وكان قد توجه مع العسكر في السنة الماضية إلى الرها فمات له ولدان فلما رجع سلمت عليه وعزيته بولديه فرأيته راضيا محتسبا. وقال لي: أحد ما يعصى على أستاذه. توفي ليلة السبت ثاني عشرية أو الليل واشتغل الناس عن جنازته من الغد لدخول المحمل ودفن بتربة التي أنشأها بباب الجابية إلى جانب تربة بهادر وكان الفراغ منها في جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين وعمره ستون سنة تقريبا رحمه الله تعالى انتهى. 238- التربة الاستدارية جوار تربة ابن تميرك بقاسيون وقال الأسدي في تاريخه في سنة ثمان وعشرين وستمائة: شمس الدين بن استادار الأمير قال السبط: كان كيسا متواضعا حسن العشرة كريم الأخلاق مليح الصورة جوادا من بيت مشهور وكانت داره مأوى الفضلاء والعلماء والفقراء والأعيان توفي رحمه الله

تعالى ودفن بتربة بقاسيون المجاورة لتربة ابن تميرك انتهى. 239- التربة الجيبغائية شمالي تربة مختار الطواشي خارج باب الجابية يمنة الذاهب في الطريق السلطاني وهي الآن قبلي الجامع الصابوني تجاه تربة سنبل الطواشي خازندار سودون بن عبد الرحمن وقال السيد الحسيني في ذيل العبر في سنة أربع وخمسين وسبعمائة: ومات الأمير الكبير المعمر سيف الدين الجيبغ أي العادلي توفي بدمشق انتهى. ولم يزد فليحرر والله أعلم. 240- التربة البزورية بسفح قاسيون فوق سوق القطن قال الذهبي في العبر في سنة أربع وتسعين وستمائة: وابن البزوري أبو بكر محفوظ بن معتوق البغدادي التاجر روى عن ابن القبيطي ووقف كتبه على تربته بسفح قاسيون. كان نبيلا سريا جمع تاريخا وذيل به على المنتظم توفي رحمه الله تعالى في صفر عن ثلاث وستين سنة وهو أبو الواعظ نجم الدين انتهى كلامه 241- التربة البهادرآصية غربي مقبرة باب الصغير تجاه الخندق بجانب تربة اكز الفخري وشمالي المزار المعروف بأويس1 قبلي الأفريدونية وتجاه تربة الأمير فرج بن منجك قال الذهبي في ذيل عبره في سنة ثلاثين وسبعمائة: ومات بدمشق سيف الدين بهادارآص المنصوري عن نيف وسبعين سنة وكان من أمراء الألوف بدمشق وتربته خارج باب الجابية انتهى. ورأيت بخط الحافظ المؤرخ علم الدين البرزالي في تاريخه في سنة ثلاثين وسبعمائة: في ليلة الثلاثاء التاسع عشر من صفر توفي الأمير الكبير سيف الدين أبو محمد بهادر بن عبد الله المنصوري الناصري بداره بدمشق

_ 1 شذرات الذهب 1: 46.

وحمل منها إلى الجامع بكرة الثلاثاء وصلي عليه ودفن بتربته خارج باب الجابية وحضر الجنازة نائب السلطنة والأمراء والقضاة وجمع كثير وكان أكبر الأمراء بدمشق لا يتقدمه أحد وطال عمره في الأمر ة والحشمة والتقدم وكان مشهورا بالصدقة وله بر ظاهر معروف مشهور انتهى. وقال الحافظ عماد الدين بن كثير رحمه الله تعالى: الأمير الكبير رأس ميمنة الشام سيف الدين بهادرآص ابن عبد الله المنصوري الناصري أكبر أمراء دمشق وممن طال عمره في الروة والحشمة وهو من اجتمعت به الآية الكريمة وهي قوله تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ} الآية. وكان محببا إلى العامة وله بر وصدقة وإحسان توفي ليلة الثلاثاء تاسع عشر صفر بداره داخل باب توما المشهورة وحضر نائب السلطنة تنكز والأمراء جنازته ودفن بتربته خارج باب الجابية وهي مشهورة أيضا انتهى. وقال الصفدي رحمه الله تعالى في كتابه الوافي بالوفيات في حرف الباء الموحدة: بهادراص الأمير الكبير سيف الدين أكبر أمراء دمشق كان من المنصورية وكان هو القائم بأمر السلطنة أي السلطان الملك الناصر لما كان في الكرك تجئ إليه رسله في الباطن وتنزل عنده وهو الذي يفرق الكتب ويأخذ أجوبتها ويحلف الناس في الباطن إلى أن استتبت له الأمور وكان آخر من يبوس الأرض ويد السلطان بالشام وكان ذا زخرف عظيم وعدة كاملة وسلاح هائل وتوجه إلى صفد نائبا سنة إحدى عشرة وسبعمائة كما قاله الذهبي في ذيله وأقام بها مدة تقارب سنة ونصف ثم عاد إلى دمشق على حاله وجاء صفد بعده الأمير سيف الدين قطلوبغا الكبير ثم عزل بالأمير سيف الدين بلبان طرناه المتقدم ذكره ولما كان مع الأمير سيف الدين تنكز على ملطية أشار بشيء فيه خلافة فقال: بهادارص كما نحن بالصبية فحقدها وكتب عليها إلى السلطان يقبض عليه وأقام في الاعتقال مدة سنة ونصف ثم أفرج عنه وأعيد إلى مك أنه واقطاعه ولم يزل كذلك إلى أن توفي سنة ثلاثين وسبعمائة فيما أظن زدفن في تربته خارج باب الجابية وخلف خمسة أولاد ذكور: الأمير ناصر الدين محمد والأمير علاء علي والأمير تقي الدين أبا بكر فلحقه الأمير زين الدين عمر وكان أحسنهم

صورة ثم الأمير شرف الدين أحمد وهو أصغرهم وكان الأمير علي أمير عشرة انتهى. ورأيت بخط الحافظ علاء الدين البرزالي في تاريخه في سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة أنه ولد لبهادارص المذكور تقي الدين عمر وكان مسافرا مع العسكر فمرض وحمل من حلب المحروسة في محفة على بغلين ووصل دمشق قبل موته بليلة واحدة إلى داره ولم يفق على والدته واهله وأنه توفي تاسع عشر ذي الحجة منها وأنه دفن بالتربة المذكورة وأنه كان شابا مليحا قد قارب الثلاثين سنة رحمه الله تعالى والله سبحانه وتعالى أعلم انتهى. 242- التربة البلبانية جوار مئذنة فيروز قرب المدرسة المسمارية الحنبلية وهي تربة الأمير سيف الدين طرناه بلبان وكان الأمير المذكور خازندار بالديار المصرية ثم أنه جهزه السلطان الملك الناصر إلى صفد نائبا فحضر إليها ووقع بينه وبين الأمير سيف الدين تنكز نائب الشام فعزله السلطان ورسم بتوجيهه إلى دمشق يطلبه فلما وصل إليها ودخل إليه ليقبل يده ويسلم عليه قبض عليه وبقي في الاعتقال عشر سنين فما حولها ثم أنه شفع فيه فأخرج من الاعتقال وجعل أمير مائة مقدم الف ثم إنه أقبل عليه واختص به وكان يشرب معه القمر؟ ولم يزل إلى أن توفي بعد الاربع والثلاثين وسبعمائة ودفن بتربة جوار داره عند مئذنة فيروز قاله الصفدي رحمه الله تعالى وقال ابن كثير رحمه الله تعالى في سنة أربع وثلاثين وسبعمائة: الأمير سيف الدين بلبان طرناه بن عبد الله الناصري كان من المقدمين بدمشق وجرت له فصول يطول ذكرها ثم توفي بداره عند مئذنة فيروز ليلة الأربعاء حادي عشر شهر ربيع الأول من السنة ودفن بتربة اتخذها إلى جانب داره ووقف عليها مقرئين ورتب عنده مسجدا بامام ومؤذن رحمه الله تعالى انتهى. والله أعلم

243- التربة البلبانية بطريق الصالحية غربي سويقه صاروجا قال تقي الدين بن قاضي شهبة في جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين وثمانمائة: الأمير سيف الدين بلبان الحموي تنقل إلى أن استقر أتابك العسكر بدمشق لما انتزعها المؤيد من نوروز في صفر سنة تسع عشرة ثم قبض عليه في شوال منها وسجن بقلعة دمشق ثم أطلق ونفي إلى طرابلس ثم أعطي تقدمة في شهر رمضان سنة عشرين ثم انتقل إلى تقدمه أخرى خير منها وهي التي كانت أقطاع الحجوبية فالقصير منها والمعظمية أيضا وحج بالناس سنة تسع وعشرين وعمر دارا حسنة بطريق الصالحية غربي سويقه صاروجا وعمر مصنع ماء غباغب ووقف عليه نصف البلد اشتراه من السلطان ووقفه واستمر في دمشق إلى أن نقل إلى حجوبية طرابلس في المحرم من السنة الخالية فباشرها بعنف زائد وكان موصوفا بالشجاعة وعنده مروءة كثيرة ومساعدة لمن يقصده لكنه كان مضرا على أنواع من الفواحش توفي بطرابلس في هذا الشهر بعد مرض كثير وسر أهل طرابلس بموته وحمل إلى دمشق فدفن بتربة شرقي داره وكان قد جدد فيها وبيضها ودفن بها ابنه أيضا والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب انتهى. 244- التربة البلبانية شرقي مدرسة الخبيصية وقبلي حمام الجيعان وغربي الزنجبيلية ودار الأطعمة وليها ابن خطيب عذرا ثم الشمس البرماوي1 ثم البهاء حجي ثم البرهان بن المعتمد ولم أقف على ترجمة واقفها. 245- التربة البصية خارج باب الجابية جوار مسجد الذبان تجاه وجه المار في الطريق إلى القبلة

_ 1 شذرات الذهب 7: 197.

والمئذنة شرقية على جانب المقبرة وهذا المسجد شرقي التربة الركنية المنجكية الآن وعنده يصلي على الجنائز وهي تربة أمين الدين ابن البص كان رحمه الله رجلا محبا للخير قال الحافظ علم الدين قاسم بن محمد البرزالي في تاريخه في سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة ومن خطه نقلت: وأما الشيخ أمين الدين بن البص التاجر فإنه كان رجلا جيدا له مقاصد صالحة وانفق جملة من ماله في سبيل الخير بلغني أنه حسب ما أنفقه فبلغ مائتي ألف وخمسين ألفا فما عمر: خان بالمزيريب بحوران حصل النفع به للمسافرين إلى الديار المصرية وغيرها وعمر مسجد الذبان والمئذنة والتربة وغير ذلك ووقف عليها الأوقاف وقرر الوظائف وكان مجتهدا في ذلك تقبل الله منه انتهى. ورأيت بخط الحافظ شهاب الدين بن حجى أنه عمر أيضا خان اللجون براس وادي عارة قبالة مصطبة السلطان تقبل الله منه ورحمه توفي ليلة الأربعاء سابع ذي الحجة كما ذكره الحافظ علم الدين في سنة إحدى وثلاثين انتهى. ورأيت اتجاه المسجد المذكور داير الحجر المنحوت الفوقاني ثم بالعتبة تحت ذلك مكتوبا بإتقان ما صورته: بسم الله الرحمن الرحيم جدد عمارة هذا المسجد المبارك والمئذنة والتربة العبد الفقير إلى الله تعالى الحاج عثمان بن أبي بكر بن محمد التاجر السفار غفر الله له ووقف على مصالح هذا المسجد والمئذنة والتربة وعمارته وفرشه وتنويره وعلى الإمام والمؤذن والقيم به جميع المعصرة وعلوها المسجد والطبقتين غربية والطبقة من شرق المئذنة والطبقة شرق المسجد والطباق التي من شام المئذنة وشرقي الأرض التي قبلي المعصرة ودكاكين التي غربي المعصرة يصرف على ما نطق به كتاب وقف ذلك الثابت المحكوم به وكان الفراغ منه في شهور سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة فمن غير ذلك أو بدله عليه ما يستحقه انتهى. 246- التربة البدرية بميدان الحصى فوق خان النجيبي قال ابن كثير في سنة ست عشرة وسبعمائة: الأمير بدر الدين محمد بن الوزيري كان من الأمراء المقدمين ولديه فضيلة

ومعرفة وخبرة وقد ناب عن السلطان بدار العدل مرة بمصر وكان حاجب ميسرة وتكلم في الأوقاف وفيما يتعلق بالقضاة والمدرسين ثم نقل إلى دمشق فمات بها في سادس عشر شعبان ودفن بتربته بميدان الحصى فوق خان النجيبي وخلف تركة عظيمة انتهى. 247- التربة البدرية مقابل الشيخ أرسلان رحمه الله تعالى ورحمنا به في الدنيا والآخرة أمين وهي تربة الأمير بدر الدين حسن بناها سنة أربع عشرة وثمانمائة وكان أول أمره معمما ولما ولي المؤيد شيخ نيابة طرابلس في سنة عشر خدمه إلى أن صار وزيرا بمصر وعادى جميع المباشرين فحطموا عليه عند السلطان إلى أن بكت به مرة بعد أخرى ثم سعوا في أبعاده عن السلطان ثم في قتله فلما جاء السطان قبض عليه وسلمه إلى المير أرغون شاه فعاقبه بأنواع العقوبات وآخر الأمر غمره في بسط حتى مات ليلة الأحد حادى عشرين شهر رجب سنه أربع وعشرين وثمانمائة واخرج من الغد في نعش ليس عليه غطاء وليس معه أحد فذهب به إلى بيته فغسل وحمل إلى تربته مقابل الشيخ أرسلان رحمه الله تعالى ورحمنا به في الدارين فدفن هناك وكان قد بنى هذه التربة أيام مباشرته بدمشق سنة أربع عشرة وجعل فيها مسجدا ومكتبا للأيتام ومن غريب ما وقع أن الذي تولى قتله بعد أيام طلع إلى سطح فوقع فمات وقد رأى له بعض الصالحين مناما حسنا وفيه أنه قال: غفر لي بمن كنت أكفنه بمصر في الطاعون والقمصان التى كنت أرسلها إلى مكة المشرفة وبمعاقة أرغون شاه والله سبحتنه أعلم انتهى. 248- التربة البهنسية بسفح قاسيون. قال ابن كثير رحمه الله تعالى في سنة ثمان وعشرين وستمائة: المجد البهنسي وزير الملك الأشرف ثم عزله وصادره ولا توفي دفن بتربته التي أنشأها بسفح قاسيون وجعل كتبه بها وقفا وأجرى عليها أوقافا جيدة دارة والله تعالى أعلم. انتهى.

249- التربة البرسيائية الناصرية بسويقة صاروجا غربي الشامية البرانية أنشأها والجامع لصيقها الحاجب الكبير بدمشق برسب أي الناصري ووقف عليها وقفا جيدا جليلا ثم تولى نيابة مدينة طرابلس ثم حلب المحروسة ثم طلب الإقالة منها وأن يقيم بدمشق فأجيب إلى ذلك وأعفي منها ثم خرج من حلب الشباء قاصدا دمشق وهو مستضعف فتوفي بمنزلة سراقب بالقرب من حلب المحروسة فغسل وكفن وأحضر إلى دمشق في تابوت ثم وضع في نعش وصلي عليه بجامع يلبغا ودفن رحمه الله تعالى بتربته في الجامع المذكور في سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة والله أعلم. 250- التربة البهائية بالقرب من اليغمورية ودار الحديث الناصرية بينهما بصالحية دمشق قال ابن مفلح في طبقاته محمود بن سلمان1 بن فهد الحلبي ثم الدمشقي شهاب الدين أبو الثناء كاتب السر وعلامة الأدب سمع بدمشق من الرضا بن برهان وابن عبد الدايم وتعلم الخط المنسوب وتفقه على الشيخ شمس الدين ابن أبي عمر وأخذ العربية عن الشيخ جمال الدين بن مالك2 وتأدب بالمجد بن الظهير وفتح له في النظم والنثر وكان يكتب التقاليد بلا مسودة وله تصانيف في الإنشاء وغيره ويقال إنه لم يكن بعد القاضي الفاضل مثله وله خصائص ليست لغيره فإنه بقي في ديوان الإنشاء نحوا من خمسين سنة بدمشق ومصر وحدث روى عنه الذهبي في معجمه وتوفي ليلة السبت ثاني عشرين شعبان سنة خمس وعشرين وسبعمائة بداره بدمشق وهي دار القاضي الفاضل بالقرب من باب الناطفين وشيعه أعيان الدولة وحضر الصلاة عليه بسوق الخيل نائب السلطنة ودفن بتربته التي أنشأها بالقرب من اليغمورية انتهى. وهي في غابة اللطافة والحسن وقال ابن كثير في سنة خمس وعشرين وسبعمائة: الشهاب محمود هو

_ 1 شذرات الذهب 6: 69. 2 شذرات الذهب 5: 339.

الصدر الكبير الشيخ الإمام العلامة شيخ صناعة الإنشاء الذي ليس له نظير وله خصائص ليس للفاضل فهو شهاب الدين أبو الثناء محمود بن سلمان بن فهد الحلبي ثم الدمشقي ولد سنة أربع وأربعين وستمائة بحلب وسمع الحديث وقد مكث في ديوان الإنشاء نحوا من خمسين سنة ثم عمل كتابة السر بدمشق نحوا من ثماني سنين إلى أن توفي ليلة السبت ثاني عشرين شعبان في منزله قريبا من باب الناطفين وهي دار القاضي الفاضل وصلي عليه بالجامع ودفن بتربة له أنشأها بالقرب من اليغمورية انتهى. ملخصا. 251- التربة التكريتية يسوق الصالحية يسفح قاسيون قال الذهبي في العبر في سنة ثمان وتسعين وستمائة: والتقي البيع الصاحب الكبير أبو البقاء توبة بن علي بن مهاجر التكريتي توفي في جمادى الآخرة ودفن بتربته بسفح قاسيون وكان ناهضا كاتبا كاملا في فنه وافر الحشمة والغلمان عاش ثماني وسبعين سنة وكان مولده بعرفة انتهى. وقال الصفدي في كتابه الوافي بالوفيات في المحمدين: محمد ابن علي بن مهاجر الصاحب كمال الدين أبو الكرم الموصلي قدم دمشق وسكنها وسمع وروى. قال نجم الدين ابن السابق سكن في دار ابن البانياسي وشرع في الصدقات وشراء الأملاك لوقفها وكان اتفق مع والدي على عمل رصيف عقبة الكتان يدمشق وقال تجيء غدا وتأخذ دراهم تعملها فلما أصبح بعث إليه الأشراف جرزة بنفسج وقال: هذه بركة السنة فأخذها وشمها فكانت القاضية فأصبح ميتا فورثه السلطان وأعطوا من تركته ألف درهم فاشتروا له تربة في سوق الصالحية. قال الشيخ شمس الدين: فلما كان بعد ذلك بني الصاحب تقي الدين توبة بن علي بن مهاجر التكريتي في حيطان التربة خمس دكاكين وادعى أنه ابن عمه. قال أبو المظفر بن الجوزي: بلغ قيمة ما خلف الصاحب كمال الدين التكريتي ثلاثمائة ألف دينار وأراني الأشرف مسبحة فيها مائة حبة مثل بيض الحمام يعني من التركة وكانت وفاته رحمه الله تعالى في سنة أربع وثلاثين وستمائة انتهى.

252- التربة التنكزية بجانب جامع تنكز وجوار الخانقاه العصمية. قال السيد الحسيني في أول ذيل شيخه الذهبي وهي سنة إحدى وأربعين وسبعمائة: في المحرم منها أو في أواخر العام الماضي قبض على الأمير سيف الدين تنكز نائب الشام وأخذ إلى القاهرة فاعتقل بالاسكندرية أياما ثم قتل ودفن هناك ولي نيابة دمشق في سنة اثنتي عشرة وسبعمائة وسار في سنة خمس عشرة وسبعمائة فافتتح ملطية وقتل وسبا وكان رجلا عبوسا شديد الهيبة وافر الحرمة لأ يجترىء أحد من الأمراء أن يتكلم بحضرته وكان مع جبروته له من يضاحكه ومن يغنه وقد زار مرة شيخنا ابن تمام يعني السبكي وسمع من أبي بكر بن عبد الدايم وعيسى وابن الشحنة وما علمته حدث وله آثار حسنة في أماكن من البلاد الإسلامية ولي بعده نيابة دمشق الأمير علاء الدين طنبغا1 نائب حلب انتهى. ثم قال فيه: في سنة أربع وأربعين في شهر رجب جيء بتنكز مصبرا في تابوت من مدينة الاسكندرية فدفن بتربته جوار جامعة بدمشق انتهى. وقد ذكرت ترجمته مبسوطة في الكلام على دار الحديث والقرآن له فراجعها تجدها مهمة وفيها مواعظ واعتبارات انتهى. والله أعلم. 253- التربة التغربورمشية قبلي جامع يلبغا على حافة بردا أنشأها دوادار نائب الشام جقمق اسمه حسين أصله من بهنسا ما التسمه رق قط وإنما ابتداء أمره قدم القاهرة وهو غلام فخيط بالأجرة عند خياط تحت القلعة وسمي نفسه تغري ورمش ثم خدم تبعا عند قراسنقر من مماليك الظاهر برقوق مدة طويلة وتنقل بعده إلى خدمة الأمراء إلى أن خدم عند جقمق الدوادار المويدي فجعله داوداره إلى أن ولي نيابة الشام فخرج معه فلما قبض جقمق المذكور على برسب أي الدقماقي

_ 1 ابن كثير 14: 205.

الذي صار سلطانا وسجنه وأراد قتله فقام تغري ورمش المذكور في الذب عن قتله والمدافعة عنه فلما آل أمر الدقماقي إلى السلطنة عرفها له وجازاه فجعله من أمراء مصر ثم ولاه نيابة القلعة ونيابة الغيبة بالديار المصرية لما توجه السلطان إلى أمد ثم ولي أمير أخور كبير ثم نيابة حلب المحروسة فلما تسلطن الظاهر جقمق وقتل الأمير الكبير قرقماش الشعباني عصى هو وجرى له ما جرى إلى أن قتل صبرا بقلعة حلب المحروسة في ثالث عشر ذى القعدة سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة ومن وقفها قرية جزين من قرى صيدا قال الأسدي في تاريخه: وفي شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعين دخل إلى دمشق عشرة خاصكية من مصر وقد أقطعهم السلطان بعض قرية جزين وكان قد وقفها الأمير ثغري ورمش على مدرسته التي أنشأها تحت القلعة وقيا أنه فعل ذلك بمدرسة حلب المحروسة انتهى. 254- التربة التورزية والجامع بها أنشأها الأمير غرس الدين خليل التوريزي الدستاري صاحب الحجاب بدمشق. قال الأسدي في تاريخه في آخر سنة خمس وعشرين وثمانمائة: وفيها فرغ الأمير غرس الدين التوريزي من بناء تربة له عظيمة برأس الشويكة وبقي فيها حتى مات ثم بلغني أنه أشير عليه بأن يعمل جانبها مسجدا فشرع في ذلك كما سيأتي ذكره انتهى. ثم قال: في شهر رجب سنة ست وعشرين وثمانمائة: توفي التوريزي المذكور سنة ثمان عشر وثمانمائة انتهى. وفي يوم الجمعة خامس عشر أقيمت الجمعة المسجد الذي أنشأه الأمير التوريزي إلى جانب ترتبه شمالي قبر عاتكة انتهى. كلامه كذا وجدت فليحرر. ثم قال في سنة ثمان وأربعين في شهر ربيع الأول منها: وفي هذه الأيام فتح حمام الأمير غرس الدين خليل التوريزي شرقي مدرسته وهو حمام كبير حسن وأوجر في كل يوم أكثرر من أربعين درهم انتهى.

255- التربة التبكميقية لصيق تربة أبي ذي النون أصلها أنشأها أمير حاج أستاذ دار العثماني قال الأستاذ والد شيخنا الأسدي في ذيله في سنة ست وعشرين ثم قال في وفاته: تنبك ميق نائب السلطنة بعد أن ذم حاله وأنه هم بقتل قاضي القضاة نجم الدين بن حجي وأنه أخذه الله عن قريب إلى أن قال ثم مات تنبك ميق في سابع عشرين شعبان سنة ست وعشرين وثمانمائة ودفن عند بناته بتربته المغصوبة انتهى. ملخصا والله أعلم. 256- التربة الجمالية الاسنائية القوصية بقاسيون. قال الأسدي في تاريخه سنة خمس وعشرين وستمائة: عبد الرحمن بن علي بن الحسين بن شيث جمال الدين الأموي القرشي الاسنائي القوصي صاحب ديوان الإنشاء للملك المعظم ولد باسنا في سنة سبع وخمسين ونشأ بقوص وتفنن بها وبرع في الأدب وفي العلم وكان دينا ورعا حسن النثر والنظم منشئا بليغا ولي الديوان بقوص ثم بالأسكندرية ثم بالقدس الشريف ثم ولي كتابة الإنشاء للملك المعظم ويقال وزر له. قال الضياء: كان يوصف بالمروءة والكرم والاحسان إلى الناس ما قصده أحد في شفاعة فرده خائبا وكان يمشي بنفسه مع الناس في قضاء حوائجهم وكان كثير الصدقات واسع المعروف غزير الاحسان وكان القاضي الفاضل يحتاج إليه في الرسائل وكان إماما في فنون العلم توفي رحمه الله تعالى في المحرم ودفن بتربة له بقاسيون انتهى. 257- التربة الجماليه المصرية برأس درب الدريحان من ناحية الجامع الأموي وهي شرقي دار القرآن التنكزية وشرقي الصدرية الحنبلية التي تجاه القليجية الحنفية كانت هذه التربة دار قاضي القضاة العلامة المفنن جمال الدين أبي محمد وأبي الوليد وأبي الفرج

المصري1 سمع من علي بن هبة الله الكاملي وغيره وروى عنه البرزالي والشهاب القوصي وغيرهما وترسل عن العادل إلى الديوان العزيز أقامه ونوه بذكره الصاحب بن شكر وولاه تدريس مدرسة الأمينية. قال ابن كثير وتبعه الأسدي توفي في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وعشرين وستمائة ودفن في مجلسه في قاعة شرق القليجية من قبلي الخضرا ولتربته شباك شرقي المدرسة الصدرية اليوم وقد مرت ترجمته في المدرسة الأمينية مطولة وأشرنا إليها في المدرسة العادلية الكبرى انتهى. 258- التربة الجوكندارية شرقي مسجد النارج ومصلى العيدين. قال ابن كثير في سنة ثلاث وعشرين سبعمائة: الأمير صارم الدين إبراهيم بن قراسنقر الجوكندار مشد الخاص ثم ولي دمشق ولاية ثم عزل عنها قبل موته بستة أشهر توفي تاسع شهر رمضان ودفن بتربته المشرفه المبيضة شرقي مسجد النارج كان قد أعدها لنفسه. انتهى. وقال البرزالي في سنة أربع وثلاثين وسبعمائة: وفي ليلة الاثنين سابع عشر شوال توفي الأمير صلاح الدين محمد ابن الأمير صارم الدين الجوكندار المعروف أبوه بوالي الخاص وبوالي دمشق حمل من النيرب إلى مقبرة باب الصغير فدفن بتربة والده وكان أمير عشرة ومقدم خمسين من الحلقة وكان فيه من الكرم وسماحه أهـ. 259- التربة الحافظية والمسجد بها قبلي جسر كحيل وشمالي تربة القيمرية بدرب الصالحية الشبلي كانت بستانا للنجيب ياقوت خادم تاج الدين الكندي اشترته ارغوان الحافظية قال ابن كثير في سنة ثمان وأربعين وستمائة: وفيها كانت وفاة الخاتون ارغوان الحافظية سميت بالحافظية لخدمتها وتربيتها للحافظ صاحب قلعة جعير

_ 1 شذرات الذهب 5: 112.

وكانت امرأة عاقله مدبره عمرت دهرا ولها أموال جزيلة عظيمة وهي التي كانت تصلح الاطعمه للمغيث عمر ابن الصالح أيوب1 فصدرها الصالح إسماعيل وأخذ منها أربع مائة صندوق من المال وقد وقفت دارها بدمشق على خدامها واشترت بستان النجيب ياقوت الذي كان خادم الشيخ تاج الدين الكندي وجعلت فيه تربة ومسجدا ووقفت عليهما أوقافا جيده انتهى. ومنها بستان بصاروا انتهى. 260- التربة الخطابية بسفح قاسيون: قال ابن كثير في سنة خمس وعشرين وسبعمائة: خطاب باني خان خطاب الذي بين الكسوة وغياغب الأمير عز الدين خطاب بن محمود ابن مرتعش العراقي كان شيخا كبيرا له ثروة من المال كبيره وأموال وأملاك وله حمام بحكر السماق وقد عمر الخان المشهور المذكور بعد موته إلى ناحية كتف المصري ما يلي غباغب وهو بمرج الصفر وقد حصل الكثير من المسافرين به رفق توفي في تاسع عشر ربيع الآخر ودفن بتربته بسفح قاسيون رحمه الله تعالى. 261- التربة الخاتونية على نهر يزيد بصالحية دمشق قبيلى المدرسة الجهار سكية وهي تربة عصمة الدين الخاتون بنت الأمير معين الدين زوجة نور الدين ثم صلاح الدين واقفة المدرسة التي بدمشق للحنفية وقد مرت ترجمتها فيها والخانقاه التي عند جامع تنكز أنشأها سنة سبع وسبعين وخمسمائة كما هو مكتوب على الشباك المطل على الطريق وقد وسع هذه التربة وعملها جامعا ويعرف الآن بجامع الجديد وأقيمت فيه الجمعة الفقيرة إلى الله تعالى سليمان بن حسين العقيري التاجر وذلك بتولي الفقير إلى الله تعالى علي بن التدمري وذلك في شهور سنة تسع وسبعمائه

_ 1 شذرات الذهب 5: 215.

غفر له الله تعالى ولهم أمين ثم أنشأ الخواجا أبو بكر بن العيني تربة له شمالي هذه يسلك إليهما من بابين أحدهما من الجامع المذكور وتجاههما إيواناً بمحراب مضافا إلى الجامع المذكور ثم أوقف عليه ولده شيخ الإسلام زين الدين عبد الرحمن ابن العيني أوقافا ورتب في الأيوان المذكور مدرسا وعشر من الفقهاء ووقفا في كل ليلة جمعة وشرط للمدرس والفقهاء أن يكونوا حنفية وأوقف كتبه تم والله تعالى أعلم انتهى. 262- التربيه الدوباجية الجيلانية عند المكارية شرقي الجامع المظفري بسفح قاسيون. قال الذهبي في مختصر تاريخ الإسلام في سنة أربع عشر وسبعمائة: وقدم سلطان جيلان وهو شمس الدين دوباج1 للحج فمات بقباقب من نحية تدمر ونقل فدفن بقاسيون وعلمت له تربة امليحه وعاش أربعا وخمسين سنة وهو الذي رمى خطلوشاه2 بسهم فقتله وانهزم التتار انتهى. وقال ابن كثير في سنة أربع عشر وسبعمائة المذكورة: وفي خامس شوال دفن الملك شمس الدين دوباج بن ملك شاه بن رستم صاحب جيلان بتربته المشهورة بسفح قاسيون وكان قد قصد الحج في هذا العام فلما كان بقباقب أدركته منيته يوم السبت سادس عشرين شهر رمضان فحمل إلى دمشق وصلي عليه ودفن في هذه التربة اشتريت له وتممت وجاءت حسنة وهي مشهورة عند المكارية شرقي الجامع المظفري وكان له في مملكته جيلان خمس وعشرون سنة وعمر أربعا وخمسين سنة وأوصى أن يحج عنه جماعة ففعل ذلك وخرج الركب في ثالث شوال وأميره شمس الدين سنقر الإبراهيمي وقاضية محيي الدين قاضي الزبداني انتهى. وقال السيد في ذيل العبر في سنة أربع عشرة وسبعمائة: ومات صاحب جيلان الملك شمس الدين دوباج ابن فيشاة بن رستم بقرب تدمر ونقل فعمل له تربة عند تربة الرقي انتهى.

_ 1 ابن كثير 14: 73. 2 ابن كثير 14: 49.

263- التربة الرحبية بالمزة. قال ابن كثير في سنة خمس وثلاثين وسبعمائة: العدل نجم الدين التاجر عبد الرحيم بن أبي القاسم بن عبد الرحمن الرحبي باني التربة المشهورة بالمزة وقد جعل فيها مسجدا ووقف عليها أوقافا دارة وصدقات هناك وكان من خيار أبناء جنسه عدل مرضي عند جميع الحكام وترك أولادا وأموالا جمة ودارا هائلة وبساتين بالمزة وكانت وفاته يوم الأربعاء سابع عشر جمادى الآخرة ودفن بتربة المذكورة بالمزة رحمه الله. وقال البرزالي في سنة خمس المذكورة ومن خطه نقلت: وفي يوم الأربعاء السابع والعشرين من جمادى الآخرة توفي الشيخ العدل نجم الدين عبد الرحيم ابن أبي القاسم بن عبد الرحيم الرحبي بالمزة ودفن يوم الخميس بعد الظهر بتربته بها وكان رجلا أمينا يشهد على الحكام وعمر بالمزة مسجدا وتربة ورتب بها جماعة وكان من التجار المشهورين وأوصى من ثلث تركته بخمسين ألف درهم يشتري بها ولده عقارا ويوقفه صدقة وترك ثلاثة أولاد وقد جاوز الثمانين رحمه الله تعالى. 264- التربة الزويزانية بميدان الحصى عند مسجد الفلوس قال ابن كثير في سنة ثمان وعشرين وستمائة: جمال الدولة خليل بن زويزان رئيس قصر الحجاج كان كيسا ذا مروءة له صدقات كثيرة وله زيارة في مقابر الصوفية من ناحية القبلة مات ودفن بتربة عند مسجد الفلوس انتهى. وقال الأسدي في تاريخه في السنة المذكورة: خليل بن إسماعيل بن علي بن علوان بن زويزان المولى جمال الدين رئيس قصر حجاج وإليه تنسب قطاع زويزان مات في شهر ربيع الأول وخلف عقارا وعينا ما يزيد على مائتي الف دينار ودرهم وتصدق بثلث ماله ووقف ذلك على القراء والعلماء بتربته بميدان الحصى عند مسجد الفلوس انتهى. وقال الذهبي في ذيل العبر في سنة ست عشرة وسبعمائة: ومات المعمر المقرئ المسند صدر الدين أبو الفدا إسماعيل بن يوسف بن مكتوم بن أحمد القيسي

الدمشقي بدمشق في شوال عن ثلاث وتسعين سنة سمع ابن اللتي ومكرما وابن الشيرازي والسخاوي وقرأ عليه بثلاث روايات وكان فقيها في المدارس ومقرئا بالزويزانية وله أملاك وتفرد بأجزاء رحمه الله تعالى انتهى. 265- التربة الزاهرية شرقي مدرسة الشيخ أبي عمر رحمه الله تعالى على حافة نهر يزيد بقاسيون قال صلاح الدين الصفدي في أول حرف الشين المعجمة: شاذي الملك الاوحد ابن الأمير الكبير تقي الدين بن الزاهر مجير الدين داود ابن المجاهد شيركوه صاحب حمص ابن محمد بن شركوه بن شاذي الحمصي ثم الدمشقي ولد سنة ثمان وأربعين وتوفي سنة خمس وسبعمائة بالبقاع ونقل إلى دمشق ودفن بتربة أبيه بقاسيون كان أحد الأمراء الكبار حفظ القرآن وساد أهل بيته وكان ذا رأي وسؤدد وفضيله وشكل ومهابة سمع من الفقيه اليونيني1 وابن عبد الدايم وسمع ولده الملك صلاح الدين من ابن البخاري وحدث وسمع منه علم الدين البرزالي وكان قد أختص بالأفرم وولاه أمر ديوانه وتدبير أمره ولما توجه الأفرم بالعسكر إلى جبل كسروان توجه معه ومرض هناك ونقل بعد ما توفي رحمه الله تعالى انتهى. وقال ابن كثير في سنة ثمانين وستمائة: وفي يوم السبت الرابع والعشرين من ذي القعدة توفي الملك الأشرف مظفر الدين موسى ابن الملك الزاهر داود ابن الملك المجاهد أسد الدين شيركوه بن شاذي صاحب حمص ودفن بتربتهم بقاسيون انتهى. ورأيت بخط محمد بن كنان على حاشية الدارس ما صورته قتل: الآن وجد آثار العمارة وآثار مسجد عظيم بزخرفة ونقوش قريبا من النهر شرقي العمرية ولا أعلم في ذلك الخط ولعله كان سابقا سكنا فلما خربت تلك البيوت خرب في جملة ما خرب وعدم العلم به لكونه كالبيت لا يعلم داخله فيقع النسيان والغلط لتباعد المدد والدهور والفناء والنهر وهذا على الظن اذ لا مانع أن يكون بقرب

_ 1 شذرات الذهب 5: 294.

النهر مكان آخر فصار حديقة أو بستانا لكن هذا ظاهر في هذا الخط لكن جداره باقي مقلوب وباقية خراب انتهى. 166- التربة السنقرية الصلاحية قال الأسدي في تاريخه في سنة عشرين وستمائة: سنقر الحلبي الصلاحي الأمير مبارز الدين كان من كبار الدولة بحلب المحروسة ثم انتقل عنها إلى ماردين فتخيل الأشرف منه فأرسل إليه المعظم ووعده بأن يعطيه نابلس فلما قدم أعرض عنه المعظم وندم هو على قدومه وتفرقه عن أصحابه قال أبو المظفر ويقا لأنه كان مملوك شمس الدولة ابن أيوب ولم يكن في زمانه من الصلاحية وغيرهم أكرم ولا أشجع منه وكانت له المواقف المشهورة مع صلاح الدين وغيره وكانت الدنيا عنده لاتساوي قليلا ولا كثيرا وكان قد وصل معه إلى الشام ذهب وجمال وخيل وغيرها ما قيمته مائة ألف دينار ففرق الجميع ولم يخلف ذهبا وكان شبل الدولة صديقه فاشترى له تربة على رأس زقاق شبل الدولة عند المصنع وكانت وفاته في شعبان انتهى. 267- التربة السلامية قال الذهبي في ذيل العبر في سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة: ومات بدمشق ناظر الجيش الصدر قطب الدين موسى بن أحمد ابن شيخ السلامية في ذي الحجة عن اثنتين وسبعين سنة ودفن بتربة مليحة أنشأها وكان من رجال الدهر وله فضل وخبره انتهى. وقال صلاح الصفدي في حرف الباء: الشيخ براق1 ورد إلى دمشق ومعه جماعة في أيام الأفرم بعد قازان كان في الأصل مريدا لبعض الشيوخ في البلاد الرومية وخرج قطب الدين ابن شيخ السلامية إلى القابون وعرضهم واستسماهم وحلاهم وعدهم وجهز بذلك ورقة إلى باب السلطان ولما أرادوا الدخول على الأفرم إلى الميدان أرسلوا عليه نعامة كان قد

_ 1 ابن كثير 14: 43.

عظم أمرها فتفاقم شرها فلا يكاد يقاومها أحد فلما عرضوه لما قصدته فتوجه إليها وركب عليها فطارت في الميدان قدر خمسين ذراعا إلى أن قرت فلما قرت قال له الأفرم: أطير بها إلى فوق أشياء آخر فقال: لا ثم أحسن تلقية وأكرم نزله وطلب التوجه إلى القدس الشريف فاعطاه الأفرم من خزائنه ألفي درهم فاها وأخذها جماعة فزار وعاد ودخل البلاد ومات تحت السيف صحبة قطليجا1 نائب قازان فأول ما ظهر ذلك للقان قازان فاحضر وسلط عليه سبعا ضاريا فركب على ظهره ولم ينل منه شيئا فأعظم ذلك قازان ونثر عليه عشرة الآف دينار فراح ولم يتعرض لشئ منها وكان معه محتسب على جماعته يؤدب كل من ترك سنة من السنين عشرين عصا تحت رجليه ومعه طبل خاناه وكان شعاره حلق الذقن وترك الشارب فقط وحمل الجوكان على الكتف ولكل منهم قرنا لباد يشبهان قرني الجاموس وهو بقر محناة وعليهم الأجراس وكل منهم مكسور الثنية إلا أنه كان يلازم الصلاة والتعبد فقيل له في ذلك فقال: أردت بهذا الشعار أن أكون مسخرة للفقراء وعلى الجملة فكانوا أشكالا عجيبة حتى أنهم حاكوهم في الخيال ونظم فيهم الأديب السراج ثم ذكر نظمه إلى آخره. وقال في ذيل العبر في سنة ست وسبعمائة: قدم من الشرق الشيخ براق العجمي في جمع نحو المائة وفي رؤوسهم قرون من لبابيد ولحاهم دون الشوارب محلقة وعليهم أجراس ودخلوا في هيئة غريبة يجرون بشهامة فنزلوا في المنيع ثم زاروا القدس وشيخهم من أبناء الأربعين فيه إقدام وقوة نفس وكان يدق له توبة وأنفذ إليه الأكابر غنما ودراهم انتهى. 268- التربة السنبلية العثمانية شرقي تربة الجيغ أي شمالي تربة مختار أنشأها الأمير سنبل بن عبد الله الطواشي عتيق ملك الأمراء الطنبغا العثماني وباشر الزمامة لملك الأمراء سودون ابن عبد الرحمن قال الأسدي في شوال سنة سبع وعشرين ما صورته: وفي يوم

_ 1 ابن كثير 14: 49.

السبت ثاني عشر ولي نظر الجامع الأموي زمام نائب الطواشي سنبل انتهى. 269- التربة السودونية فوق المعظمية بالسفح من قاسيون أنشأها سودون النوروزي وكان اسمه بين الأمراء سودون المغربي لبخله وسوء خلقه وكان حاجب الحجاب وأمير التركمان بدمشق هو من بقية جماعة الظالم الغاشم نوروز الحافظي مات سنة ثمان وأربعين وثمانمائة ودفن بتربته هذه بالصالحية ثم استقر بعده في الحجوبية وأمرة التركمان الأمير جاني بك النصاري دوادار برسباي الحاجب الكبير الذي كان بدمشق انتهى. 270- التربة الشهيدية بباب الفراديس وجدت بخط ابن ناصر الدين: وفي يوم الجمعة خامس عشر صفر سنة خمس عشرة وثمانمائة قتل السلطان فرج بن برقوق وكان بقلعة دمشق ودفن بمقبرة باب الفراديس بتربة ابن الشهبد انتهى. وقال الأسدي في سنة سبع وعشرين في المحرم وفي ليلة الثلاثاء رابع عشرية خرج النائب تنبك البجاسي ومعه الهجن والبغال لملاقاة الحج ففعل معهم خيرا عظيما بحيث أنه كان يعين العاجز بنفسه ويركب المنقطع ويركب المنقطع ويأمر بمواراة الميته وبلغني أن الثلج وصل إلى القطيفة ووقعت صاعقة على برج قلعة عجلون فهدمته وكان في يوم الاثنين سلخة رجع ملك الأمراء من ملاقاة الحج وقد بالغ بالإحسان إليهم وكان سببا لنجاة بعضهم من الموت ودعا الناس له دعاء كثيرا ثم تبين أن السلطان برسباي الأشرف كان قد عزله وولي سودون بن عبد الرحمن قبل ذلك بخمسة أيام فوصل الخبر بالقبض عليه فبعد أيام نقب من السور عند المسجد العمري وأجرى فرسه فتقنطرت فرسه به عند مكان حجارة فنزل ودافع عن نفسه بنفسه إلى أن طعن في رأسه وخاصرته فقبض وجر في الطين إلى القلعة ثم ورد مرسوم بقتله فقطع رأسه وعلق على الطارمة ليلة الخميس مستهل شهر ربيع

الأول سنة سبع وعشرين وأخذت جثته فغلست بالذهبية وصلى عليه خلق كثير بجامع التوبة ودفن بالتربة التي أنشأها على قبر فرج بن برقوق وقال ابن حجي أبدلنا الله مكانه شهيدا فكان في ذاك ثلاث خصال مذمومة: شكله وقبح لفظه وبغضه لأهل العلم وهذا سالم منها مات في عشر الخمسين انتهى. 271- التربة الشهابية بالصالحية. قال تقي الدين ابن قاضي شهبة في شهر ربيع الآخر سنة تسع وعشرين وثمانمائة: وممن توفي فيه بدر الدين بن غانم الموقع وناظر التربة الشهابية بالصالحية توفي ليلة الأربعاء حادي عشره وكان مسرفا على نفسه ذميم السيرة توفي على نحو ستين سنة انتهى. 272- التربة الشرابيشية قبالة جامع جراح قال الحافظ علم الدين البرزالي ومن خطه نقلت: في سنة أربع وثلاثين وسبعمائة وفي يوم الخميس الرابع والعشرين من صفر توفي شهاب الدين أحمد بن نور الدولة علي بن أبي المجد بن محاسن الشرابيشي التاجر السفار ودفن يوم الجمعة بالمكان الذي وقفة والده خارج الباب الصغير قبالة جامع جراح وكان له همة ونهضة وتودد إلى الناس انتهى. ومحاسن هذا لعله واقف المدرسة المحاسنية الموقوفة على الحنابلة المعروفة بالضائية المحاسنية انتهى. 273- التربة الصصرية عند الركينة بسفح قاسيون بها الحافظ أبو المواهب وأخوه أبو الغنائم ابنا صصري رحمهما الله تعالى انتهى. 274- التربة الصوابية غربي سفح قاسيون وشمالي دار الحديث الناصرية قال الصفدي في الوافي

بالوفيات: الخادم بدر الجيش الصوابي الطواشي الأمير بدر الدين أبو المحاسن وهو منسوب إلى الطواشي صواب العادلي1 وكان موصوفا بالشجاعة والرأي في الحرب والعقل والرزانة والفضل والديانة والبر والصدقة والإحسان إلى أصحابة وغلمانه وكان أميرا مقدما أكثر من أربعين سنة وجنده مائة فارس قال شمس الدين: قرأت عليه جزءا سمعه من ابن عبد الدايم وحج بالناس غير مرة ونيف عن الثمانين ومات فجأة سنة ثمان وتسعين وستمائة بقرية خيارة ودفن بتربته التي بناها بلحف الجبل شمالي الناصرية رحمه الله تعالى وقال الذهبي في العبر في سنة ثمان وتسعين وستمائة: والصوابي الخادم الأمير الكبير بدر الجيش من المقدمين بدمشق وله مائة فارس توفي فجأة بقرية الخيارة في جمادى الأول وكان دينا معمرا موصوفا بالشجاعة والعقل والرأي روى لنا عن ابن عبد الدايم انتهى. وقال فيها في سنة أربع وثمانين وستمائة وشبل الدولة الطواشي الأمير أبو المسك كافور الصوابي الصالحي الصفوي خازندار قلعة دمشق روى عن ابن رواح وجماعة وكان محبا للحديث عاقلا دينا توفي في شهر رمضان وقد نيف عن الثمانين انتهى. وقد رأيت في ذيل العبر في سنة ست وسبعمائة ومات بالكرك الطواشي المعمر شمس الدين صواب السهلي وكان محتشما متمولا بعيد الصيت انتهى. وصواب المنسوب إليه صاحب هذه التربة هو شمس الدين العادلي الخادم مقدم الجيش للكامل وفاته في صفر سنة اثنتين وثلاثين وستمائة وله شعر وترجمة طويلة انتهى. 275- التربة الصارمية البرغشية العادلية غربي الجامع المظفري. قال ابن كثير في سنة ثمان وستمائة: صارم الدين برغش العادلي نائب القلعة بدمشق توفي في مصر ودفن بتربته غربي الجامع المظفري وهو الذي نفى الحافظ عبد الغني المقدسي إلى مصر وبين يديه كان عقد المجلس وكان من جملة من قام عليه ابن الزكي والخطيب الدولعي وقد

_ 1 شذرات الذهب 5: 149.

توفوا أربع تهم وغيرهم ممن قام عليه واجتمعوا عند ربهم الحكيم العدل سبحانه انتهى. 276- التربة الطوغانية الناصرية شمالي تربة الخواجا شمس الدين بن مزلق برأس الزقاق برأس حارة ابن مسعود شمالي مسجد الذبان والمئذنة البصية غربي مقبرة الباب الصغير قال والد شيخنا الأسدي في ذيله: في سنة سبع وأربعين وثمانمائة وفي يوم السبت تاسع عشري شهر ربيع الأول منها جيء بالأمير طوغان ميتا من صفد وكان أمير عشرة مشد العشر مدة وهو من الناصرية ثم نقل إلى صفد أميرا كبيرا فمات بها وجىء به فدفن بتربته شمالي تربة الخواجا شمس الدين بن المزلق انتهى. وهي تجاه تربة نائب السلطنة قصروه وعلى كتف نهر قليط. 277- التربة العزية والمسجد الحلبيين بسفح قاسيون قال الصفدي: وهو عبد العزيز بن منصور بن محمد ابن وداعة الصاحب عز الدين الحلبي ولي خطابة جبلة في أوائل أمره وولي للملك مشد الداواوين بدمشق وكان يعتمد عليه وكان يظهر النسك والدين ويقتصد في ملبسه وأموره فلما تسلطن الظاهر ولاه وزارة الشام ولما ولي النجيبي نيابة السلطنه حصل بينة وبين ابن وداعة وحشة لأن ابن النجيبي كان سنيا وكتب ابن وداعة إلى السلطان يطلب منه مشدا تركيا فظن أنه يكون بحكمه ويستريح من النجيبي فرتب السلطان الأمير عز الدين كستغدي القشيري فوقع بينهما وكان يهينه ثم كاتب فيه فجاء المرسوم بمصادرته فصودر وأخذ خطة بجملة كثيرة وعلقه وعصره وضربه بقاعة الشد وباع موجوده وأملاكه التي كان وقفها وحل عنها ثم طلب إلى مصر فتوجه ومرض في الطريق ودخل مثقلا فمات بالقاهرة سنة ست وستين وستمائة وله تربة ومسجد بقاسيون وله وقف وبر انتهى. والله تعالى أعلم.

278- التربة العلائية الأميرية يمقبرة الصوفية وهي تربة الأمير علي نائب الشام كان قال الأسدي في تاريخه في شهر رجب سنة أربع عشرة وثمانمائة: وهي بناها على أن يدفن بها فمات بمصر وولاها الأمير قرابغا الحاجب كان إلى أن قال: وفي كتاب الوقف أربعة مقرية يقرأون القرآن في التربة كل يوم انتهى. ورأيته في شهر ربيع الآخر سنة إحدى وثلاثين أن سيف الدين أركماس السيفي المؤيدي أحد المقدمين في دمشق دفن في الصوفيه بتربة الأمير علي المارداني فليحرر هل هي هذه أم لا انتهى. 279- التربة العزية الأيبكية الحموية بالسفح غربي زاوية ابن قوام قال ابن كثير في سنة ثلاث وسبعمائة: الأمير الكبير عز الدين أيبك الحموي ناب بدمشق ثم عزل عنها إلى صرخد ثم نقل قبل موته بشهر إلى نيابة حمص وفيها توفي يوم العشرين من شهر ربيع الآخر ونقل إلى تربته بالسفح غربي زاوية ابن قوام وإليه ينسب الحمام بمسجد القصب الذي يقال له حمام الحموي عمره في أيام نبابته انتهى رحمه الله. 280- التربة العديمية عند زاوية الحريري غربي الزيتون على الشرف القبلي قال ابن كثير في تاريخه في سنة سبع وسبعين وستمائة: قاضي القضاة مجد الدين عبد الرحمن بن جمال الدين عمر بن أحمد بن العديم الحلبي ثم الدمشقي ولي قضاء الحنفية بعد ابن عطاء الله بدمشق وكان رئيسا ابن رئيس له كرم أخلاق وقد ولي الخطابة بجامع القاهرة الكبير وهو أول حنفي وليه توفي بجوسقة بدمشق في شهر ربيع الأول من هذه السنة وتربته عند زاوية الحريري ودفن بها على الشرف القبلي غربي الزيتون انتهى رحمه الله تعالى.

281- التربة العمادية شمالي تربة جركس بقاسيون قال الصفدي في ترجمة أبي بكر بن الداية: واتفق موته وموت العمادي بدمشق فخزن عليهما نور الدين الشهيد وقال: قص جناح أي وأعطى أولاد العمادي بعلبك وكانت وفاة ابن الدايه سنة خمس وستين وخمسمائه وللعمادي المذكور بقاسيون تربه مشهوره شمالي تربة جركس وهي أول تربة بنيت بالجبل واسمه مكتوب على بابها انتهى. ملخصا وقد قال الذهبي وتبعه الأسدي في سنة خمس وستين المذكورة وقال أبو شامة في الروضتين أولاد الدايه خمسة: سابق الدين عثمان وشمس الدين على وبدر الدين حسن وبهاء الدين عمر ومجد الدين محمد وهو الأكبر وكان رضيع نور الدين الشهيد وقد تربى معه ولزمه وتبعه وقد ذكر كل واحد وما جرى له فيها والله تعالى أعلم. 282- التربه العزيه البدرانيه الحمزيه بالصالحيه عند الجامع الأفرم أنشأها حمزة بن موسى بن أحمد بن الحسين بن بدران الشيخ الإمام العلامه عز الدين أبو يعلى المعروف بابن شيخ السلاميه وسمع من الحجاز وتفقه على جماعة ودرس بالحنبليه قال ابن قاضي شهبة: ووقف درسا بتربته بالصالحيه وكتبا وعين لذلك الشيخ زين الدين بن رجب توفي ليلة الأحد حادي عشرين ذي الحجة سنة تسع وستين وسبعمائة ودفن عند والده وجده عند جامع الآف رم بتربته انتهى. 283- التربه العادليه البرانيه غربي دار الحديث الناصرية البرانيه بسفح قاسيون قال الذهبي في ذيل العبر في سنة اثنتين وسبعمائة: ومات متولي حماه الملك العادل زين الدين كتبغا المعلى المنصوري ونقل ودفن بتربته بسفح قاسيون مات يوم الجمعة يوم الأضحى وكان في آخر الكهولة أسمر قصيرا دقيق الصوت شجاعا قصير العنق

منطويا على دبن وسلامة باطن وتواضع تسلطن بمصر عامين وخلع في صفر سنة ست وتسعين فالتجأ إلى صرخد ثم أعطى حماة انتهى. وقال تلميذه ابن كثير في سنة اثنتين المذكورة: الملك العادل زين كتبغا توفي بحماة نائبا عليها بعد صرخد يوم الجمعة يوم عيد الأضحى ونقل إلى تربته بسفح قاسيون غربي الرباط الناصري يقال لها العادليه وهي تربة مليحة ذات شبابيك وبوابة ومئذنه وله عليها أوقاف دارة على وظائف من قراءة وأذان وأمامه وكان من كبار الأمراء المنصورية وقد ملك البلاد بعد مقتل الأشرف خليل بن المنصور ثم انتزع الملك منه لاجين وجلس في قلعة دمشق ثم تحول إلى صرخد فكان بها حين قتل لاجين وأخذ الملك الناصر بن قلاوون فاستنابه بحماه حتى كانت وفاته بها كما ذكرنا وكان من خيار الملوك وأعدلهم وأكثرهم براوكان من خيار الأمراء والنواب رحمه الله تعالى انتهى. ولنا كتبغا غير هذا معاصرا له. قال الذهبي في ذيل العبر سنة إحدى وعشرين وسبعمائه: ومات كبير الحجاب زين الدين كتبغا رأس النوبه بدمشق وكان فيه كرم وخير انتهى. وقال ابن كثير في سنة إحدى وعشرين المذكورة: الأمير حاجب الحجاب زين الدين كتبغا المنصوري حاجب دمشق كان من خيار الأمراء وأكثرهم برا للمساكين والفقراء يحب الختمة والمواعيد وسماع الحديث ويكرم أهله ويحسن إليهم كثيرا إلى أن توفي يوم الجمعة آخر النهار ثامن عشرين شوال ودفن من الغد بتربته قبلي القبيبات وشهده خلق كثير واثنو عليه انتهى. وقد وافق في الإسلام واللقب والنسبة. 284- التربة العادلية الجوانيه بالمدرسة العادلية الكبرى تجاة الظاهرية قال الأسدي في تاريخه في سنة خمس عشرة وستمائة: الملك العادل أبو بكر بن أيوب بن محمد بن شاذي بن مروان بن يعقوب الدويني ثم التكريتي ثم الدمشقي السلطان الملك العادل أبو بكر ابن الأمير نجم الدين أيوب ولد ببعلبك في سنة أربع وثلاثين وهو أصغر من أخيه السلطان صلاح الدين يوسف بسنتين وقيل مولده سنة ثمان وثلاثين وقيل في أول

سنة أربعين نشا في خدمة نور الدين الشهيد مع أبيه واخوته وحضر مع أخيه صلاح الدين فتوحاته وكان صلاح الدين يعول عليه كثيرا واستنابه بمصر مدة ثم أعطاه حلب المحروسة ثم أخذها منه لولده الظاهر واعطاه الكرك عوضها ثم حران. قال بعضهم: وكان أقعد الملوك بالملك وملك من بلاد الكرج إلى قرب همدان والجزيرة والشام ومصر والحجاز واليمن وحضرموت وابطل كثيرا من الظلم المكوس وقال أبو المظفر السبط: كان خليقا بالملك حسن التدبير حليما صفوحا مجاهدا عفيفا متصدقا أمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر طهر جميع ولايته من الخمور والمكوس والخواطئ والمظالم وكان الحاصل من ذلك بدمشق خصوصا مئة ألف دينار فأبطل الجميع لله تعالى. وأعانه على ذلك وإليه المعتمد1 ثم ذكر ما نقله في غلاء مصر وبالغ حتى نسبة الذهبي إلى المجازفة وقض أياه مشهورة مع الأفضل والعزيز وآخر الأمر استقل بمملكة الديار المصرية ودخل القاهرة في شهر ربيع الآخر سنة ست وتسعين وملك معها البلاد الشامية والشرقية وصفت له الدنيا ثم ملك اليمن سنة اثنتي عشرة وستمائة، ولما تمهدت البلاد قسمها بين أولاده الكامل والمعظم والأشرف وكان يتردد بينهم وينتقل من مملكة إلى أخرى وكان في الغالب يصيف بالشام ويشتي بمصر وأمر بعمارة قلعة دمشق وألزم كل واحد من ملوك أهل بيته بعمارة برج وقال الموفق عبد اللطيف في سيرة العادل: كان أصغر الاخوة واطولهم عمرا وأعفهم ذكرا وأنظرهم في العواقب وأشدهم إمساكا وأحبهم للدرهم وكان فيه حلم وأناة وصبر على الشدائد وكان سعيد الحظ مظفرا بالأعداء وكان أكولا نهما يحب الطعام ويحب اختلاف الألوان وكان أكثر أكله بالليل وبالخل وعندما ينام آخر الليل يصنع له ويأكل رطلا بالدمشقي من خبيص السكر وكان كثير الصلاة ويصوم الخميس وله صدقات في كثير من الأوقات فخاصة عندما تنزل به الآفات وكان كريما على الطعام يحب من

_ 1 ابن كثير 13: 124.

يواكله وكان قليل الأمراض وكان يكثر من اقتناء السراري وكان عفيف الفرج لا يعرف له نظر إلى غير حلاله نجب له أولاد وكان العادل قد وقع بغضه في قلوب رعاياه والمخامرة عليه في قلوب جنده وعملوا في مقتله أنواعا وأصنافا من الحيل الدقبقة مرات كثيرة وعندما يقال أن الحيلة قد تمت تنتسخ وتنكشف وتنحسم موادها ولولا أولاده يعولون بلاده لما ثبت ملكه بخلاف أخيه صلاح الدين فإنه إنما حفظ ملكه بالمحبة له وحسن الطاعة ولم يكن بالمنزلة المكروهة وإنما الناس قد ألفوا دولة السلطان صلاح الدين وأولاده فتغيرت عليهم العادة دفعة واحدة ثم إن وزيره ابن شكر بالغ في الظلم وتفنن ومن صفات العادل الجميلة أنه كان يعرف حق المحبة والصحبة ولا بتغير على أصحابة ولا يضجر منهم وهم عنده في حظوة وكان يواظب على خدمة أخيه السلطان صلاح الدين يكون أول داخل عليه وآخر خارج من عنده وكان أخوه يشاوره في الأمور لما جرب من نفوذ رأيه وحصل له في آخر عمره ضعف ورعشة توضأ مرة فقال: اللهم حاسبني حسابا يسيرا فقال له رجل: فاجر يا مولانا إن الله قد يسر حسابك قال: ويلك وكيف ذلك فقال: إذا حاسبك فقل له المال كله في قلعة جعبر لم أفرط منه في قليل ولا كثير وكانت خزانته بالكرك ثم نقلها إلى قلعة حعبر ثم نقلها إلى قلعة دمشق فحصلت في قبضة المعظم فلم ينازعه فيها إخوته توفي بعالقين بقرب دمشق في جمادى الآخرة فحمل إلى القلعة فلما صار بالقلعة أظهروا موته ودفنوه بالقلعة ثم نقل إلى تربته بمدرستة في سنة تسع عشرة وكان له من الأولاد الذكور سبعة عشر ولدا مات بعضهم في حياته وكان يعتريه مرض في أنفه في زمن الورد ويضرب له الوطاق بمرج الصفر ثم يدخل البلد بعد ذلك انتهى. وقال ابن كثير في سنة أربع عشرة وستمائة: وفيها انقضت الهدنة التي كانت بين العادل والفرنج واتفق قدوم العادل من مصر فاجتمع هو وابنه المعظم ببيسان فركبت الفرنج من عكاء وبمقدمتهم وصحبتهم ملوك السواحل كلهم وساروا كلهم قاصدين معافصة الملك العادل فلما أحس بهم فر منهم لكثرة جيوشهم وقلة من كان معه فقال له ابنه

المعظم إلى أين يا أبت؟ فشتمه أبوه بالعجمية وقال له: أقطعت الشام مماليك وتركت أبناء الناس بها خلقا فتوجه العادل إلى دمشق وكتب إلى وليها المعتمد ليحصنها من الفرنج وينقل إليها من المغلات من داريا وغيرها إلى القلعة ويرسل الماء على أراضي داريا وقصر حجاج والشاغور ففزع الناس من ذلك وابتهلوا إلى الله تعالى بالدعاء وكثر ضجيجهم بالجامع وأقبل السلطان فنزل بمرج الصفر وأرسل إلى ملوك الشرق لقتال الفرنج فكان أول من ورد صاحب حمص أسد الدين شيركوه فتلقاه الناس فدخل من باب الفرج وجاء فسلم على ست الشام بدارها عند البيمارستان ثم عاد إلى داره ولما قدم أسد الدين المذكور سري عن الناس وأمنوا ولما أصبح توجه إلى السلطان بمرج الصفر وأما الفرنج فإنهم وردوا إلى بيسان فنهبوا ما كان بها من الغلات والدواب وفتكوا وأسروا أشياء كثيرة وعاثوا في الأرض فسادا يقتلون وينهبون ويسبون ما بين بيسان إلى بانياس وخرجوا إلى أراضي الجولان إلى نوى وخسفين وغير ذلك من الأراضي وسار الملك المعظم فنزل على عقبة اللبن بين نابلس والقدس خوفا على القدس الشريف ثم حاصرت الفرنج حصن الطور حصارا هائلا ومانع فيه الذين به من الأبطال ممانعة عظيمة ثم كر الفرنج راجعين إلى عكا وجاء الملك المعظم إلى الطور فخلع على الأمراء الذين به وطيب نفوسهم وأمر بخرب حصن الطور فخرب ونقل ما فيه من آلات الحرب إلى البلدان خوفا عليها من الفرنج ثم التقى المعظم والفرنج على القيمون فكسرهم وقتل منهم خلقا كثيرا وأسر من الداورية مائه فأدخلهم القدس منكسة أعلامهم ثم قصدوا بلاد مصر من ثغر دمياط فنزلوا عليه فحاصروه مدة أربعة أشهر والكامل محمد مقابلهم يقاتلهم ويمانعهم ويصدهم عما يريدون فتملكوا على المسلمين برج السلسلة وهو كالقفل على ديار مصر وصفته في وسط جزيرة في النيل عند انتهائه إلى البحر ومن هذا البرج إلى دمياط وهو على شاطيء النيل وعلى حافته سلسلة منه إلى الجانب الآخر وعليه الجسر وسلسلة أخرى لتمنع دخول المراكب من البحر إلى النيل ولما ملكت الآف رنج هذا البرج

شق ذلك على المسلمين بديار مصر وغيرها وحين وصول الخبر إلى الملك العادل وهو بمرج الصفر تأوة لذلك شديدا ودق بيده على صدره أسفا وحزنا ومرض من ساعته مرض الموت لأمر يريده الله تعالى عز وجل فلما كان يوم الجمعة سابع جمادى الآخرة من السنة الآتية بعدها توفي رحمه الله تعالى بقرية عالقين فجاء ولده المعظم إليه مسرعا فجمع حواصله وأرسله في محفة ومعه خادم بصفة أنه مريض وكلما جاء أحد من الأمراء ليسلم عليه منعه عنه الخادم يعني لضعفه عن الرد عليهم فلما انتهى. به إلى القلعة دفن بها مدة ثم حول إلى تربته بمدرسة العادلية الكبرى وقد كان من خيارهم وأجودهم سيرة وأحسنهم سريرة دينا عاقلا صبورا وقورا أبطل المحرمات والخمور والمعازف والمكوس من ممالكه كلها وقد كانت مملكته ممتدة من أقصى بلاد مصر واليمن والجزيرة والشام إلى همدان كلها أخذها بعد أخيه السلطان صلاح الدين سوى حلب فإنه أقرها بيد ابن أخيه الظاهر غازي بن صلاح الدين لأنه كان زوج ابنته ضيفة الست خاتون وكان صفوحا صبورا على الأذى كثير الجهاد وحضر مع أخيه مواقعه كلها أو أكثرها وله في تلك الأيام اليد البيضاء والراية العلياء وكان ماسك اليد لكنه أنفق في عام الغلاء بمصر أموالا عظيمة جدا وتصدق على أهل الحاجة من أبناء الناس وغيرهم شيئا كثيرا ثم في العام بعده في الفناء كفن ثلثمائة ألف إنسان من الغرباء وكان كثير الصدقة في أيام مرضه حتى كان يخلع ما عليه جميعا ويتصدق به وبركوبه وما يحبه من أومواله وكان كثير الأكل ممتعا بصحته وعافيه مع كثير صيامه يأكل في اليوم الواحد أكلات عدة ثم بعد كل هذا ياكل وقت النوم رطلا بالدمشقي من الحلوى السكرية اليابسة وكان يعتريه مرض في أنفه في زمن الورد وكان لأي قدر على الإقامة بدمشق حتى يفرغ زمن الورد وكان لأي قدر على الإقامة بدمشق حتى يفرغ زمن الورد وكان يضرب له الوطاق بمرج الصفر ثم يدخل البلد بعد ذلك وتوفي عن خمس وسبعين سنة وكان له من الأولاد جماعة محمد الكامل صاحب مصر وعيسى المعظم صاحب دمشق وموسى الأشرف صاحب الجزيرة وخلاط وحران وغير ذلك والأوحد

أيوب ومات قبله والفائز إبراهيم1 والمظفر غازي صاحب الرها والعزيز عثمان والأمجد حسن وهما شقيق المعظم والمغيث محمود2 والحافظ أرسلان صاحب جعبر والصالح إسماعيل والقاهر إسحاق ومجير الدين يعقوب وقطب الدين أحمد وخليل وكان أصغرهم وتقي الدين عباس وكان آخرهم وفاة بقي إلى سنة ستين وستمائة وكان له بنات أشهرهن الست ضيفة خاتون زوجة الظاهر غازي صاحب حلب وأم الملك العزيز ولد الناصر يوسف الذي ملك دمشق وإليه تنسب الناصريتان بدمشق والجبل وهو الذي قتله هولاكو انتهى. كلام ابن كثير ملخصا. وقال في سنة أربع وخمسين وستمائة: مجير الدين يعقوب ابن الملك العادل أبي بكر بن أيوب توفي ودفن عند والده بتربة العادلية انتهى. وولي مشيخة الأقراء والنحو بهذه المدرسة التي فيها هذه التربة جماعة قال الذهبي في تاريخه العبر فيمن مات سنة إحدى وستين وستمائة: والعلم أبو القاسم والأصح أبو محمد القاسم بن أحمد بن موفق بن جعفر المرسي اللورقي المقرئ النحوي المتكلم شيخ القراء بالشام ولد سنة خمس وسبعين وخمسمائة وقرأ القراءات على ثلاثة من أصحاب ابن هزيل3 ثم قرأها على أبي الجود4 ثم على الكندي وسمع ببغداد من ابن الأخضر5 وكان عارفا بالكلام والأصلين والعربية اقرأ واشتغل مدة وصنف التصانيف ودرس بالعزيزية نيابة وولي مشيخة الإقراء والنحو بالعادلية توفي رحمه الله تعالى في سابع شهر رجب وقد شرح الشاطبية انتهى. وقال الصفدى في حرف الباء: أبو بكر بن يوسف بن أبي بكر بن محمود بن عثمان بن عبد الله الإمام المقرىء المدرس بقية المشايخ زين الدين المزي الدمشقي الشافعي عرف بالحريري لأن أمه تزوجت بالشمس الحريري نقيب ابن خلكان فرباه، ولد سنة ست وأربعين تقريباً، وتوفي سنة ست وعشرين وسبعمائة، تلا بالسبع على الزواوي وغيره، وسمع من الصدر

_ 1 ابن كثير 13: 99. 2 ابن كثير 13: 60. 3 شذرات الذهب 4: 213. 4 شذرات الذهب 5: 17. 5 شذرات الذهب 5: 46.

البكري وخطيب مراد وجماعة ودرس التنبيه وغيره ودرس بالقلجية الصغرى وغيرها وولي القراآت والنحو بالعادليه مدة ويسمع ابنه وابن ابنه شرف الدين وكان فيه ود وخير سمع منه قاضي القضاة عز الدين بن جماعة وابنه والطلبة انتهى. وقال الذهبي في معجمه: محمد بن أبي بكر بن عيسى بن بدران بن رحمة الشيخ العلامة قاضي القضاة علم الدين ابن القاضي شمس الدين السعدي الأخنائي المصري قاضي دمشق مولده في شهر رجب سنة أربع وستين وستمائة بالقاهرة وسمع الكثير وأخذ عن الدمياطي وغيره وولي قضاء الاسكندرية ثم الشام بعد وفاة القونوي وكان من نبلاء العلماء وقضاة السداد وقد شرع في تفسير القرآن وجملة من صحيح البخاري وكان أحد الاذكياء وكان يبالغ في الاحتجاب عن الحاجات فتعطل أمور كثيرة ودائرة علمه ضيقة لكنه وقور قليل الشر انتهى. وقال ابن كثير: كان عفيفا نزها ذكيا كثير العبادة محبا للفضائل ومعظما لأهلها كثير الأسماع للحديث بالعادلية الكبرى خيرا دينا توفي بدمشق في ذي القعدة سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة ودفن بسفح قاسيون بتربة العادل كتبغا ثم ولي هذه المشيخة شيخ القراء العلامة شمس الدين بن الجزري وقد مرت ترجمته في دار القرآن له ثم انتقلت إلى ولده فتح الدين ثم نزل عنها قبيل وفاته في صفر سنة أربع عشرة للشيخ شرف الدين صدقة الضرير ثم تلقاها عنه الشيخ فخر الدين عثمان ابن الصلف رحمهم الله انتهى. 285- التربة الغرلية بقاسيون. قال الذهبي في ذيل العبر في سنة تسع عشرة وسبعمائة: ومات بدمشق الأمير سيف الدين غرلو العادلي الذي استابه العادل كتبغا على دمشق في آخر سنة خمس وتسعين وكان أحد الشجعان العقلاء وله تربة مليحة بقاسيون انتهى.

286- التربة القراجية الصلاحية في قبة على جادة الطريق عند تربة ابن تميرك بالسفح قال ابن كثير في سنة أربع وستمائة: الأمير زين الدين قراجا الصلاحي صاحب صرخد وكانت له دار عند باب الصغير عند قناة الزلاقة وتربة بالسفح على جادة الطريق عند تربة ابن تميرك وأقر العادل ولده يعقوب على صرخد أهـ. 287-التربة القراجية بميدان الحصى. قال ابن كثير في المحرم سنة ثلاث وسبعمائة: وفي هذا الشهر توفي الأمير زين الدين قراجا أستاد دار الآف رم ودفن بتربة بميدان الحصا عند النهر انتهى. 288- التربة القيمرية قال الذهبي في العبر في سنة ثلاث وخمسين وستمائة وسيف الدين القيمري صاحب البيمارستان بالجبل وكان من جملة الأمراء وأبطالهم المذكورين توفي بنابلس ونقل ودفن بتربته التي هي تجاه البيمارستان انتهى. وقال في المختصر في السنة المذكورة: فيها توفي الأمير البطل الأوحد سيف الدين القيمري ودفن بقبته التي تجاه البيمارستان الذي عمله بسفح قاسيون انتهى. قال ابن كثير في سنة أربع وخمسين وستمائة: واقف بيمارستان الصالحية المير الكبير سيف الين أبو الحسن يوسف بن أبي الفوارس موسك القيمري الكردي أكبر أمراء القيامرة كانوا يقفون بين يديه كما تعامل الملوك ومن أكبر حسناته وقفه البيمارستان الذي بسفح قاسيون وكانت وفاته ودفنه بالسفح بالقبة التي تجاه البيمارستان المذكور وكان ذا مال كثير وثروة رحمه الله تعالى انتهى.

289- التربة القطلوبكية شمالي باب الفراديس وهي تربة الأمير سيف الدين قطلوبك الشنكير1 الرومي كان من أكابر الأمراء وولي الحجوبية في وقت وهو الذي عمر القناة بالقدس توفي يوم الاثنين سابع شهر ربيع الأول ودفن بتربة شمالي باب الفراديس وهي ممشهورة حسنة وحضر جنازته بسوق الخيل النائب والأمراء رحمه الله تعالى انتهى. 290- التربية القطينية قال الذهبي بذيل العبر في سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة: ومات كبير المتولين بدمشق شهاب الدين أحمد بن محمد بن القطينة الزرعي عن ثمانين سنة ودفن بتربة مليحة بطريق القابون بلغت زكاته في عام قازان خمسة وعشرين ألفا وفي دولة الظاهر كان رأس ماله ألف درهم انتهى. وقال ابن كثير في سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة: شهاب الدين أحمد بن محمد بن قطينة الزرعي التاجر المشهور بكثرة الأموال والبضائع والمتاجر قيل بلغت زكاة ماله في سنة قازان خمسة وعشرين ألف دينار وتوفي في شهر ربيع الأول من هذه السنة ودفن بتربته التي بباب بست أنه المسمى بالموقع عند ثوري في طريق القابون وهي تربة هائلة وكان له أملاك انتهى رحمه الله تعالى. 291- التربة القمارية بسفح قاسيون رأيت بخط الأسدي: قماري خاتون بنت حسام الدين الحسن بن ضياء الدين أبي الفوارس القيمري وقفت الخان بمسجد القصب سنة أربع وتسعين وستمائة وهي صاحبة التربة بالسفح انتهى. رحمها الله تعالى.

_ 1 ابن كثير 14: 150.

292- التربة القانبائية البهلوانية قبلي تربة يونس الدوادار لصيقها الآتية عمرها قان باي البهلوان تنقل في ولايات صفد ثم حماة إلى أن تولى نيابة حلب المحروسة عن قان باي وهو الحمزاوي في شهر ربيع الآخر سنة تسع وأربعين وثمانمائة واستقر عوضه برسب أي الناصري نائب طرابلس رحمه الله تعالى انتهى. 293- التربة الكركية الاياسية الفخرية بطريق الصالحية عند حمام الورد. قال الأسدي في تاريخه في سنة أربع وثلاثين وثمانمائة: فخر الدين أياسي الكركي الحاجب الثالث توفي في تاسع عشر شهر رمضان سنة أربع وثلاثين المذكورة انقطع يومين فقط ودفن بتربة عند حمام الورد وكان يأخذ أمور هـ كلها بالضحوكية ووطأته على الناس خفيفة ويداري العرب بطريق الحجاز ويضحك عليهم باليسير والناس معهم بسببه بخير عمل أمرة الحاج مرارا انتهى. ملخصا وكان فراغه من انشائها سنة ثمان وعشرين وثمانمائة كما هو مرسوم عقب ذكر وقفها بالواجهة الحجر فوق الشبابيك وتفتح أبوابها إلى جهة الغرب وقد أحكم بنائها فإنها قبو مكين وله فيها فستقيتان وعلى هذا البناء الروح رحمه الله تعالى انتهى. 294- التربة الكوكبائية وهي تربة الست ستيته الخوندة المعظمة المحجبة بنت الأمير سيف الدين الكبير كوكبائي المنصوري زوجة نائب الشام تنكز الملقب بسيف الدين شرقي الأكزية وغربي الطيبة وقبلي النورية الكبرى قال ابن كثير في سنة ثلاثين وسبعمائة: وصاحبة التربة بباب الخواصين توفيت بدار الذهب وصلي عليها بالجامع ودفنت بالتربة التي أمرت بإنشائها عند باب الخواصين وفيها مسجد والي جانبها الغربي رباط للنساء ومكتب للأيتام وفيها صدقات وبر وصلاة وقرأ كل ذلك أمرت به وكانت قد حجت في العام الماضي رحمها الله تعالى

انتهى. وقال البرزالي في تاريخه في سنة ثلاثين المذكورة ومن خطه نقلت: وفي ليلة الاثنين ثالث شهر رجب توفيت زوجة نائب السلطنه بالشام المحروسة الأمير سيف الدين تنكز الملكي الناصري وهي الست الكبيرة المحترمة بنت الأمير سيف الدين كوكب أي المنصوري الناصرى وصلي عليها بكرة الاثنين بجامع دمشق ودفنت بمكان اشترته لدفنها إلى جانب المدرسة الطيبة بقرب الخواصين داخل دمشق وحضرها جمع كثير القضاة والأمراء والأكابر وعامة الناس وعمل عزاها بالمدرسة القليجية جوار الدار التي توفيت فيها وشرع في عمارة المكان الذي دفنت فيه وأحضرت الآلات والصناع وحصل الأتمام بذلك وبلغني أنها أوصت أن يعمل قبة على الضريح وفي جواره مسجد ورباط للنساء رحمها الله وتقبل منها فعمل ذلك جميعه وكانت حجت بالعام الماضي وتصدقت وأثنى الناس عليها انتهى. 295- التربة الكندية بسفح قاسيون وهي تربة العلامة تاج الدين أبي اليمن الكندي الحنفي قال الصفدي في تاريخه في حرف الزاي: ودفن بتربته بالسفح وله ترجمة طويله في نحو كراسة مذكورة فيه لخصت منها شيئا في المدرسة التاجية الحنفية فراجعها انتهى. 296- التربة الكاملية الصلاحية البرانية بالجبل تحت كهف جبريل قال الحافظ علم الدين البرزالي ومن خطه نقلت في سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة وفي ليلة الأربعاء وقت السحر الثالث والعشرين من شوال توفي الشيخ الفقيه الإمام المحدث المفيد العدل شمس الدين أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن غنائم بن وافد بن المهندس الصالحي الحنفي وصلي عليه عقيب الظهر بالجامع المظفري بسفح جبل قاسيون ودفن بتربة والده بالقرب من المدرسة المعظمية ومولده في سنة خمس وستين وستمائة تقريبا وكان

اشتغل بالفقه وسمع الكثير من أصحاب ابن طبرزد وحنبل والكندي ومن بعدهم ونسخ بخطه كثيرا وحصل النسخ والأصول وتعب في ذلك وخرج لنفسه ولبعض الشيوخ ورحل إلى الديار المصرية وإلى حلب المحروسة وحج مرات وزار القدس الشريف وسمع في البلاد وحصل تحصيلا كثيرا وكان من أعيان الشهود العدول لازم الشهادة وكتابة الشروط مدة طويلة وكان رجلا جيدا فيه ديانة وخير ومحبة للعلم وأسمع جملة من مسموعاته ورافقته في الحج فرأيت فيه حرصا على العبادة والخير وكان شيخ الحديث بمشهد ابن عروة وبالتربة الكاملية الصلاحية بالصالحية وله وظائف وجهات انتهى. وقال الذهبي في ذيل العبر في سنة ثلاث وثلاثين المذكورة: ومات الإمام المحدث العدل شمس الدين محمد بن إبراهيم بن غنائم بن المهندس الصالحي الحنفي في شوال عن ثمان وستين سنة سمع ابن أبي عمر وابن شيبان ومن بعدهما وكتب الكثير ورحل وخرج وتعب ونسخ تهذيب الكمال للمزي مرتين مع الدين والتواضع ومعرفة الشروط انتهى. وقال السيد في ذيل العبر في سنة سبع وأربعين وسبعمائة: ومات شيخنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن المهندس الحنفي سمع الفخر وابن شيبان وخلقا باعتناء أخيه المحدث شمس الدين وولي مشيخة الكامليه بالجبل بعد أخيه توفي في شوال انتهى رحمه الله تعالى. 297- التربة الكاملية الجوانية شرق الخناقاه السميساطية قال عز الدين الأنصاري الحلبي: ولما ملكها يعني دمشق الملك الكامل وتوفي بها عمدت بناته الثلاث إلى أماكن في جوار باب الناطفافئيين فاشتروها وعمروها تربة مفتوحة الشبابيك إلى الجامع وبها قراء انتهى. وقال الذهبي في العبر في سنة خمس وثلاثين وستمائة: والكامل سلطان الوقت ناصر الدين أبو المعالي محمد بن العادل أبي بكر بن أيوب ولد سنة ست وسبعين وخمسمائة وتملك الديار المصرية تحت جناح ولده عشرين سنة وبعده عشرين سنة وملك دمشق قبل موته بشهرين وتملك حران وأمد وتلك الديار

وله مواقف مشهوده وكان صحيح الإسلام معظما للشريعة والسنة وأهلها محبا لمجالسة العلماء فيه عدل وكرم وحياء وله هيبة شديده مرض بقلعة دمشق بالسعال والأسهال نيفا وعشرين ليلة وكان في رجله نقرس ومات في الحادي والعشرين من شهر رجب ومن عدله المخلوط بالجبروت والظلم شنق جماعة من اجناده على امد في اكيال شعير غصبوه انتهى. وقال في مختصر تاريخ الإسلام في سنة خمس وثلاثين المذكورة: وفيها مات الأخوان الملك الأشرف مظفر الدين موسى في أول السنة وتملك البلد الملك الكامل فمات في القلعة بعد ستة أشهر وكان مولدهما بالقاهرة في عام واحد أيضا وهو سنة ست وسبعين وخمسمائة فأما الأشرف إلى أن قال: وأما الكامل فإنه تملك الديار المصرية أربعين سنة وعمر دار الحديث بها وقبة على ضريح الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه وله مواقف مشهودة في الجهاد وكان معظما للسنن محبا لمجالسة العلماء فيه عقل ودين ولما بلغه موت الأشرف أخيه سار إلى دمشق وقد تسلطن بها أخوه الصالح إسماعيل فأخذها منه واستقر بالقلعة فما بقي شهرين حتى فاجأته المنية بالسعال والاسهال وكان فيه نقرس وكان فيه أيضا جبروت وسخف انتهى. وقال ابن كثير في سنة خمس وثلاثين المذكورة: أيضا وكان الملك بعده لأخيه الصالح إسماعيل فلما توفي أخوه الأشرف المذكور ركب في أبهة الملك ومشي الناس بين يديه وركب إلى جانبه صاحب حمص أسد الدين شيركوه بن ناصر الدين محمد بن أسد الدين شيركوه1 بن شاذي وعز الدين أي بك المعظمي حامل الغاشية على رأسه وصادر جماعة من الدماشقة الذين قبل عنهم أنهم مع أخيه الكامل صاحب مصر منهم: المعلم معاسف وأولاد ابن مزهر وحبسهم ببصرى وأطلق الحريري من قلعة عزتا وشرط عليه أن لا يدخل دمشق ثم قدم أخوه الكامل من مصر وانضاف إليه الناصر داود صاحب الكرك ونابلس والقدس فحاصروا دمشق حصارا شديدا وقد حصنها الصالح إسماعيل وقطعت المياه ورد الكامل ماء بردى إلى ثورى وأحرقت العقبة وقصر حجاج وجرت

_ 1 شذرات الذهب 5: 184.

خطوب كثيرة ثم آل الحال في آخر جمادى الأولى من السنة المذكورة إلى أن سلم الصالح دمشق إلى أخيه الكامل على أن له بعلبك وبصرى وسكن الأمر وكان الصلح بينهما على يد القاضي محيي الدين يوسف ابن الشيخ أبي الفرج بن الجوزي لأنه كان بدمشق قد قدم في رسالة من جهة الخليفة إلى دمشق فجزاه الله خيرا ودخل الكامل دمشق وأطلق الفلك بن الميسري1 من سجن الحيات بالقلعة الذي أودعه فيه الأشرف ونقل الأشرف إلى تربته شمالي الكلاسة من قلعة دمشق بعد دفنه بها وأمر الكامل في يوم الاثنين سادس جمادى الآخرة أئمة الجامع الأموي أن لا يصلي أحد منهم المغرب سوى الإمام الكبير لما كان يقع من التشويش والخلاف والإختلاف بسبب اجتماعهم في وقت واحد ولنعم ما فعل رحمه الله تعالى وقد فعل هذا في زماننا في صلاة التروايح اجتمع الناس على قارئ واحد وهو الإمام الكبير في المحراب المقدم عند المنبر ولم يبق معه إمام حينئذ سوى الذي بالحلبية عند مشهد علي ولو ترك لكان حسنا ولد الكامل في سنة ست وسبعين وخمسمائة وكان أكبر أولاد الملك العادل سيف الدين أبي بكر بعد مودود وإليه أوصى الملك العادل لعلمه بثباته وكمال عقله ووفور معرفته وقد كان جيد الفهم يحب العلماء ويسألهم أسئلة مشكلة وله كلام جيد على صحيح مسلم وكان ذكيا مهيبا ذا بأس شديد عادلا منصفا له حرمة وافرة وسطوة قوية ملك مصر ثلاثين سنة كاملة وكانت الطرقات في زمانه آمنة والرعايا متناصفة لا يتجاسر أحد أن يظلم أحد شنق جماعة من الاجناد أخذوا شعيرا لبعض الفلاحين بأرض آمد واشتكى إليه بعض الركبدارية أن أستاذه استعمله سته أشهر بلا أجرة وأحضر الجندي وألبسه ثياب الركبداري والبس الركبداري ثياب الجندي وأمره أن يخدم الركبداري ستة أشهر على هذه الهيئة ويحضر الركبداري الموكب والخدمة حتى ينقضي الأجل فتأدب الناس بذلك غاية الأدب رحمه الله تعالى. وكانت له اليد البيضاء في رد ثغر دمياط إلى المسلمين بعد أن استوحذ عليه الفرنج فرابطهم أربع سنين حتى استنقذه منهم

_ 1 شذرات الذهب 5: 221.

وكان يوم أخذه له واسترجاعه إياه يوما مشهودا ثم بعد شهرين من حين تملك دمشق حدث له أمراض مختلفة من ذلك سعال وإسهال ونزلة في حلقة ونقرس في رجليه وكانت وفاته ليلة الخميس ثاني عشرين شهر رجب في البيت الصغير الذي توفي فيه جده الملك الناصر من قلعة دمشق ولم يكن عند الكامل أحد عند موته من شدة هيبته بل دخلوا عليه فوجدوه ميتا رحمه الله تعالى ودفن بالقلعة المذكورة حتى كملت تربته التي أنشأها بناته بالحائط الشمالي من الجامع ذات الشبابيك التي هناك قريبا من مقصورة ابن سنان وهي الكندية التي عند الحلبية فنقل إليها ليلة الجمعة حادي عشرين شهر رمضان منها ومن شعره يستحث أخاه الملك الأشرف من بلاد الجزيرة حين كان محاصرا بدمياط وهو قوله: يامسعفي إن كنت حقا مسعفي ... فارحل بغيري تفند وتوقف ودع المنازل والديار ولا تلج ... إلا على باب المليك الأشرف قبل يديه لاعدمت وقل له ... عني بحسن تعطف وتلطف إن مات صنوك عن قريب تلقه ... ما بين حد مهند ومثقف أو تبط عن إنجاده تلقاه في ... يوم القيامة في عراص الموقف وكان قد عهد لولده العادل وكان صغيرا بالديار المصرية وبالبلاد الشامية ولولده الصالح أيوب ببلاد الجزيره فأمضى الأمراء ذلك انتهى. ملخصا وقال الذهبي في مختصر تاريخ الإسلام: فلما مات الكامل كان بالحضرة عز الدين أيبك صاحب المدرسة العزية وسيف الدين علي بن قليج صاحب المدرسة القليجية وفخر الدين ابن الشيخ1 وأخوه وركن الدين ابن الهكاري فاشتوروا فيمن يسلطنون وكان الملك الناصر بن المعظم بدار أسامة فهموا أن يولوه وكان أضر ما عليه عماد الدين ابن الشيخ2 لأنه أهانه في بحث فأشار بالجواد فوافقه الأمراء وأرسلوا في الوقت أميرا إلى الناصر ليخرج من البلد فخرج إلى القابون

_ 1 شذرات الذهب 5: 238. 2 شذرات الذهب 5: 181.

وسلطنوا الملك الجواد مودود بن العادل فأنفق الأموال وبذر وسارع الناصر وأخذ غزة وأما مصر فسلطنوا بها الملك العادل ولد الكامل انتهى. وفي سنة إحدى وأربعين وستمائة ترددت الرسل بين الصالح نجم الدين أيوب وبين عمه الصالح إسماعيل ابن الملك العادل صاحب دمشق على أن يرد إليه ولده المغيث عمر بن الصالح نجم الدين أيوب المعتقل في قلعة دمشق وتستقر دمشق في يد الصالح إسماعيل فوقع الصلح على ذلك وخطب للصالح أيوب صاحب مصر بدمشق فخاف الوزير أمين الدولة أبو الحسين غزال المسلماني وزير الصالح إسماعيل فقال لمخدومه: لا ترد هذا الغلام لأبيه تخرج البلاد من يدك هذا خاتم سليمان في يدك فعندها أبطل ما كان وقع من الصلح ورد الغلام إلى القلعة وقطعت الخطبة للصالح أيوب فوقعت الوحشة بين الملكين وأرسل الصالح أيوب إلى الخوارزمية يستحضرهم لحصار دمشق وكانوا قد أخذوا بلاد الروم من ملكها ابن علاء الدين1 الذي مات من عضة السبع لما لعب به وكان قليل العقل يلعب بالكلاب والسباع ويسلطها على الناس فاتفق أنه عضه سبع فمات فتغلبوا حينئذ على البلاد وفي سنة اثنتين وأربعين توفي الملك المغيث عمر ابن الصالح أيوب كان الصالح إسماعيل عم أبيه قد أسره وسجنه في برج قلعة دمشق حين أخذها في غيبة الصالح أيوب أبيه فاجتهد أبوه بكل ممكن بخلاصه فلم يقدر وعارضه فيه أمين الدولة غزال المسلماني المذكور وهو واقف المدرسة الأمينية ببعلبك فلم يزل محبوسا بالقلعة من سنة ثمان وثلاثين إلى ليلة الجمعة ثاني عشر شهر ربيع الآخر من هذه السنة فأصبح ميتا في محبسه غما وحزنا ويقال أنه قتل والله سبحانه وتعالى أعلم وكان من خيار الملوك ومن أحسنهم شكلا وأكملهم عقلا ودفن عند جده الكامل في تربته شمالي الجامع فاشتد حنق أبيه الصالح أيوب سلطان مصر على الصالح صاحب دمشق وفي سنة ثلاث وأربعين وستمائة بعث الصالح أيوب الخوارزمية ومعهم ملكهم بركات خان في صحبته معين الدين ابن الشيخ فاحاطوا بدمشق يحاصرون عمه الصالح إسماعيل

_ 1 شذرات الذهب 5: 209.

أبا الجيش صاحب دمشق وأحرق قصر الحجاج وحكر السماق وجامع جراح وباب الصغير ومساجد كثيرة ونصب المنجنيق عند باب الصغير وعند باب الجابية ونصب داخل البلد أيضا منجنيقات: وترامى الفريقان وأرسل الصاحب الصالح إسماعيل إلى الأمير معين الدين ابن الشيخ بسجادة وعكازة وابريق وأرسل يقول له اشتغالك بهذا أولى من اشتغالك بمحاصرة الملوك فأرسل إليه المعين بزمر وجنك وغلالة حرير أحمر وأصفر وأرسل يقول له: أما السجادة فإنها تصلح لي وأما أنت فهذا الأولى بك ثم أصبح ابن الشيخ واشتد الحصار بدمشق وأرسل الصالح إسماعيل فأحرق جوسق والده العادل وامتد الحريق في زقاق الرمان إلى العقيبة فاحترقت بأسرها وقطعت الأنهار وغلت الأسعار وأخيفت الطرك وجرى بدمشق أمور شنيعة بشعة جدا لم يتم عليها قط وامتد الحصار شهورا من أول هذه السنة إلى جمادى الأولى فأرسل أمين الدولة يطلب من الأمير معين الدين ابن الشيخ شيئا من ملابسه فأرسل إليه بفرجية وعمامة وقميص ومنديل فلبس ذلك الأمين وخرج إلى معين الدين فاجتمع به بعد العشاء طويلا ثم عاد ثم خرج مرة أخرى فاتفق الحال على أن يخرج الصالح إسماعيل إلى بعلبك ويسلم دمشق إلى الصالح أيوب ودخل معين الدين ابن الشيخ إلى دمشق ونزل دار أسامة فولي وعزل وقطع ووصل وفوض قضاء القضاة إلى صدر الدين بن سني الدولة وعزل القاضي محيي الدين بن الزكي واستناب ابن سني الدولة التفليسي1 الذي ناب لابن الزكي والفوز السنجاري وأرسل معين الدين ابن الشيخ أمين الدوله غزال المسلماني وزير الصالح إسماعيل تحت الحوطة إلى الديار المصرية وأما الخوارزمية فإنهم لم يكونوا حاضرين وقت الصلح فلما علموا بالصلح غضبوا وساروا نحو داريا فنهبوها وساروا نحو بلاد الشرق فكاتبوا الصالح إسماعيل فحالفوه على الصالح أيوب ففرح بذلك ونقض الصلح الذي كان وقع منه وعادت الخوارزمية فحاصروا دمشق وجاء إليهم الصالح إسماعيل من بعلبك فضاق الحال على الدماشقة فعدمت الأقوات وغلت الاسعار

_ 1 شذرات الذهب 5: 337.

جدا حتى أنه بلغت الغرارة ألفا وستمائة وصار قنطار الدقيق بسبعمائه والخبز كل أوقتين إلا ربعا بدرهم ورطل اللحم بسبعة وأبيعت الأملاك بالدقيق وأكلت القطاط والكلاب والميتات والجيف وتماوت الناس في الطرقات وعجزوا عن الغسل والتكفين والأقبار فكانوا يلقون موتاهم في الآبار حتى أنتنت المدينة وضج الناس فإنا لله إنا إليه راجعون وفي هذه الأيام توفي الشيخ تقي الدين بن الصلاح شيخ دار الحديث وغيرها من المدارس فما أخرج من باب الفرج ودفن بالصوفية إلا بالجهد الجهيد وما صحبه إلى التربة إلا نحو العشرة أنفس رحمه الله تعالى. ولما بلغ الصالح أيوب أن الخوارزمية قد مالأوا عليه وصالحوا عمه الصالح إسماعيل كاتب الملك المنصور إبراهيم بن أسد الدين شيركوه1 صاحب حمص فاستماله إليه وقوى جانب نائب دمشق معين الدين ابن الشيخ ولكنه توفي في شهر رمضان منها ودفن إلى جانب أخيه عماد الدين بقاسيون ولما رجع المنصور صاحب حمص عن موالاة إسماعيل الصالح شرع في جمع الجيوش من الحلبيين والتركمان والأعراب لاستنقاذ دمشق من الخوارزمية ومن حصارهم أيها فبلغ الخوارزمية ذلك فخافوا من ذلك وعائلته وقالوا: دمشق ما تفوت والمصلحة قتاله عند بلده فساروا إليه إلى عند بحيرة حمص وأرسل الناصر داود جيشه إلى الصالح إسماعيل مع الخوارزمية فساق جيش دمشق فانضافوا إلى صاحب حمص وألقوا مع الخوارزمية عند بحيرة حمص وكان يوما مشهودا قتل فيه عامة الخورازمية وقتل ملكهم بركات خان وجيء برأسه على رمح وتفرق شملهم وتمزقوا شذر مذر وساق المنصور صاحب حمص على بعلبك فتسلمها للصالح أيوب وجاء إلى دمشق فنزل ببستان سامه خدمة للصالح أيوب ثم حدثته نفسه بأخذها فاتفق مرضه فمات في السنة الآتيه وهي سنة أربع وأربعين ونقل إلى حمص وتسلم نواب الصالح أيوب بعلبك وبصرى ولم يبق للصالح إسماعيل بلد ياوي إليه ولا أهل ولا مال بل أخذ جميع ماله

_ 1 شذرات الذهب 5: 229.

ونقلت عياله تحت الحوطة إلى الديار المصرية وسار هو فاستجار بالملك الناصر ابن العزيز ابن الظاهر غازي صاحب حلب المحروسة فأواه وأكرمه واحترمه وأما الخوارزمية فساروا إلى ناحية الكرك فأكرمهم الناصر داود صاحبها وصاهرهم وأنزلهم بالصلت فأخذوا معها نابلس فأرس الملك الصالح جيشا مع فخر الدين ابن الشيخ فكسرهم على الصلت وأجلاهم عن تلك البلاد وحاصر الناصر بالكرك وأهانه غاية الإهانة وقدم الملك الصالح نجم الدين أيوب من الديار المصرية فدخل دمشق في أبهة عظيمة وأحسن إلى أهلها وتصدق وسار إلى بعلبك وإلى بصرى وصرخد فتسلمها من صاحبها عز الدين أيبك وعوضه عنها ثم عاد إلى مصر في سنة أربع وأربعين مؤيدا منصورا مسرورا ولله الحمد وجميع هذه الفتن نشأت عن رأي الوزير السامري الذي أسلم في الظاهر وهو واقف الأمينية التي ببعلبك أمين الدوله أبو الحسن غزال وزير الصالح إسماعيل أبي الجيش الذي كان مشؤوما على نفسه وعلى سلط أنه وسبب زوال النعمة عنه وعن مخدومه وهذا هو وزير السوء وقد اتهمه السبط بأنه كان مستترا بالدين وأنه لم يكن في الحقيقة دين فأراح الله تعالى منه عامة المسلمين وكان قتله في سنة ثمان وأربعين لما عدم الصالح إسماعيل بديار مصر عمد من الأمراء إليه والى ناصر الدين بن يغمور فشنقوهما وصلبوهما على القلعة بمصر وقد وجد لأمين الدوله هذا من الأموال والتحف والجواهر والأثاث ما يساوي ثلاثة الآف ألف دينار وعشرة الآف بخط منسوب وغير ذلك من الخطوط النفيسه الفائقة وهو الذي أهلك قاضي القضاة رفيع الدين الجيلي في الدنيا والآخرة انتهى. وقال الصفدي في المحمدين من تاريخه: محمد بن عبد الملك بن إسماعيل الملك الكامل ناصر الدين ابن الملك السعيد ابن السلطان الملك الصالح ابن العادل الأيوبي سبط السلطان الملك الكامل وابن خاله صاحب الشام الناصر سيف وابن خاله صاحب حماه ولد سنة ثلاث وخمسين وحدث عن ابن عبد الدائم وكان دينا خيرا خبيرا بالأمور وفيه انبساط كثير ولطف وافر وله النوادر في التعذيب الحلو الداخل وهي مشهورة بين أهل دمشق وبسط

الصفدي نوادره إلى أن قال: وكان من أكابر أمراء دمشق أوصى عندما توفي أن يدفن عند أبيه بتربة الكامل فما أمكن ودفن بتربة جدتهم أم الصالح وله أولاد أمراء ولم يزل هو وهم في ديون ضخمة من كرمهم وتبذيرهم وكانت وفاته سنة سبع وعشرين وسبعمائة انتهى. وقال الأسدي في شهر رمضان سنة ست عشرة وثمانمائة من ذيله على تاريخ شيخه: وما وقع في هذا الشهر منازعة بين الشيخ شهاب الغزي وابن خطيب نقربين في نظر الكاملية بأن الشيخ شهاب الدين بيده تفويض من قاضي القضاة ابن الاخنائي وفتوى من شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني بأن القاضي إذا فوض النظر المشروط له نظره لم يجز عزله بعد ذلك وبيد ابن خطيبب نقربين ولايته من نوروز وجرى بينهما أمور واجتمع الغزي بنوروز واستمر في وظيفته انتهى. قال الشيخ تقي الدين ابن قاضي شهبة في ترجمة قاضي القضاة بدمشق كمال الدين الشهرزوري: ولاه نور الدين الشهيد قضاء دمشق وهو الذي أحدث الشباك الكمالي الذي يصلي فيه نواب السلطنة اليوم انتهى. ورأيت في الروضتين وإليه ينسب الشباك الكمالي بجامع دمشق الغربي وهو الذي حكمت به القضاة مدة ويصلون فيه الجمعة في زماننا انتهى. 298- التربة المختارية الطواشية وهي تربة الطواشي ظهير الدين مختار وهو البلبيسي الخازندار بالقلعة وأحد أمراء الطبلخانات بدمشق كان خيرا دينا فاضلا يحفظ القرآن ويؤديه بصوت حسن طيب ووقف مكتبا للأيتام على باب قلعة دمشق ورتب لهم الكسوة والجامكية وكان يمتحنهم بنفسه ويفرح بهم وعمل له تربة خارج باب الجابية ووقف عليها القريتين وبنى عندها مسجدا حسنا ووقفه بإمام وهي أول ما عمل من الترب بذلك الخط وهي قبلي الصابونية الآن ودفن بها في يوم الخميس عاشر شعبان وقد كان حسن الشكل والأخلاق وعليه سكينة ووقار وهيبة وله وجاهة في الدولة وولي بعده الخزانة سمية مختار وهو الملقب بظهير الدين رحمهما الله تعالى انتهى.

299- التربة المؤيدية الشيخية على الشرف الشمالي فوق المدرسة العزية ودفن بها زوجة ملك الأمراء نائب الشام اقبية وهي مستولدة السلطان الملك المؤيد شيخ أم ولده الأمير إبراهيم1 توفيت نفساء بدمشق ثالث عشر جمادى الأولى سنة عشرين وثمانمائة وحضر جنازتها القضاة والأمراء وبطل القضاة الحكم بسببها وكانت قد قدمت دمشق في العام الماضي مارة إلى حلب المحروسة لما تولاها زوجها ونزلت الميدان وراح لها فيه عمله ثم جاءت إلى دمشق لما وليها زوجها لخصت ذلك من ذيل تقي الدين ابن قاضي شهباء في سنة عشرين ثم قال في صفر سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة: وفي يوم الاثنين خامس عشره دخل سيدي إبراهيم ابن السلطان الملك المؤيد شيخ إلى دمشق إلى أن قال: وعمل ابن الملك المؤيد عند قبر أمه ختمة حضرها القراء والقضاة وقف على التربة وقفا ورتب بها مقرئة أربعة انتهى والله أعلم. 300- التربة المؤيدية الصوفية بدمشق. قال الذهبي رحمه الله تعالى في سنة تسع وأربعين وخمسمائة: ومؤيد الدولة بن الصوفي الدمشقي وزير صاحب دمشق آبق وكان ظالما غشوما فسر الناس بموته سرورا عظيما ودفن بداره بدمشق انتهى. 301- التربة المراغية داخل دمشق بزاوية الشيخ السراج وهي بالصاغة العتيقة بالقرب من سكن الميت قال الحسيني رحمه الله تعالى في آخر ذيل العبر في آخر سنة أربع وستين وسبعمائة: وشيخنا الإمام العلامة الزاهد القدوة بهاء الدين أبو الأدب هارون الشهير بعبد الوهاب بن عبد الرحمن بن عبد الوالي الأخميمي المراعي

_ 1 شذرات الذهب 7: 159.

المصري ثم الدمشقي الشافعي كان بارعا في العقولات تخرج بالشيخ علاء الدين القونوي وروى لنا عن يونس الدبابيسي وألف كتاب "المنقذ من الزلل في القول والعمل" وكان يؤم بمسجد درب الحجر ودفن بزاوية ابن السراج بالصاغة العتيقة داخل دمشق بالقرب من سكنه رحمه الله تعالى انتهى. 302- التربة المنكبائية تجاه باب المصلى قال الشيخ تقي الدين ابن قاضي شهبة في ذي القعدة سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة: وممن وصل فيه خبر وفاته الأمير الكبير حاجب الحجاب الأمير سيف الدين منكب أي الأزدمري تنقلت به الأحوال إلى أن أعطى أمرة عشرة بعد خروج ايتمش والأمراء من مصر في شهر ربيع الأول سنة اثنتين وثمانمائة: صار أمير طبلخانة وحج بالركب المصري سنة أربع وثمانمائة ثم أخرجت إمرته في آخر خمس وثمانمائة ونفي إلى القدس وقدم دمشق في سنة ثمان حاجا من دمشق فلما انكسر نوروز وهرب هرب معه فصار من حزبة وولي حجوبية الحجاب غير مرة وقبض عليه المؤيد في فتنة نوروز وسجن في المرقب ثم أطلق في سنة ثمان عشرة وولي نيابة حماة في شهر رجب سنة عشرين ثم نقل قبل سنة إلى حجوبيته بدمشق على عادته ثم قبض عليه في ذي القعدة من السنة الحالية وسجن بقلعة دمشق ثم أطلق وأرسل إلى نيابة حماة فمات بها في آخر سنة ثلاث وعشرين ونقل إلى دمشق فدفن بتربته تجاه باب المصلى وكان خيرا قوي النفس وينسب إلى شجاعة وهو حسن الشكل انتهى. 303- التربة المزلقيه بطريق مقابر باب الصغير الأخد إلى الصابونية أنشأها رأس الخواجكية تاجر الخاص الشريف شمس الدين أبو عبد الله محمد بن علي بن أبي بكر المعروف بابن المزلق ميلاده سنة أربع وخمسين وسبعمائة وكان أبوه لبانا أدركه جماعة وهو يباشر ملبنته عند جامع يلبغا فنشأ ولده هذا ودخل في

البحر وحكى عن نفسه أن أول سفرة سافرها كسب فيها مائة ألف دينار وثمانمائة ألف درهم وانفتحت الدنيا عليه وعمر أملاكا كثيرة وأنشأ على درب الشام إلى مصر خانات عظيمة بالقنيطرة وجسر يعقوب والمنية وعيون التجار وأنفق على عمارتها مايزيد على مائة ألف دينار وكل هذه الخانات فيها الماء وجاءت في غاية الحسن ولم يسبقه أحد من الملوك والخلفاء لمثل ذلك وهو صاحب المآثر الحسنة بدرب الحجاز ووقف على سكان الحرمين الشريفين الأوقاف الكثيرة الحسنة وعين للحجرة الشريفة النبوية على الحال بها أفضل الصلاة وأتم السلام الشمع والزيت في كل عام وكان رحمه الله تعالى رجلا من رجال الدهر حسن الكلام له جرأة وأقدام وجرى له أمور ومخاصمات مع جماعات من الحكم واسمه مشهور في الممالك كلها يكاتب ملوك الأطراف ويقضون حوائجه ويهاديهم وكلمته نافذة عندهم وكذلك العربان كانوا يراعونه ويحفظون متاجرة وكان مكتئبا حريصا على جمع المال وكان يحب الدنيا غارقا في بحارها لا يبالي من أي وجهة يحصل الدنيا كذا قال الأسدي. ثم قال الأسدي: وقد عمر خانات ضروريات وله في غير دمشق أوقاف وقراء وكان قد ضعف بصره قبل أن يموت بسنتين ثم تزايد ذلك إلى أن قارب العمى وهو متمتع ببقية حواسه وكان بخيلا على نفسه غير مترف توفي ليلة الأحد تاسع عشريه وصلي عليه بالجامع الأموي وحضر النائب الصلاة عليه خلق كثير ودفن بتربته المذكورة يعني في سنة ثمان وأربعين وثمانمائة في جمادى الآخرة منها وأوصى بثلث ماله في أنواع من القربة وكان قد وقف أملاكه قبل ذلك وجعل النظر في ذلك لحاجب الحجاب وخطيب الجامع الأموي والقاضي نظام الدين الحنفي واحد من أولاده أظنه قال: أرشدهم انتهى. وترك ولدين وهما الخواجا بدر الدين حسن والخواجا شهاب الدين أحمد وبنات ثم سافر ولده هذا إلى مصر لأجل تركته انتهى والله تعالى أعلم بالصواب. 304- التربة الملكية الأشرفية قال ابن شداد: ولما ملكها يعني دمشق الملك الأشرف موسى إلى أن قال:

ولما توفي عمل له تربة شمالي الكلاسة لها شبابيك إلى الطريق وإلى الكلاسة ودفن بها ورتب فيها قراء انتهى. وقال ابن كثير في سنة خمس وثلاثين وستمائة: ونقل الأشرف إلى تربة شمالي الكلاسة من قلعة دمشق بعد دفنه بها انتهى. وهو الأشرف موسى ابن الملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب ولد سنة ست وسبعين وخمسمائة ونشأ بالقدس الشريف في كفالة الأمير فخر الدين عثمان الزنجاري وكان أبوه يحبه وكذلك أخوه المعظم ثم استنابه أبوه على مدن كثيرة بالجزيرة منها الرها وحران ثم اتسعت مملكته حتى ملك خلاط وكان من أعف الناس وأحسنهم سيرة وسريرة لا يعرف غير نسائه وجواريه مع أنه كان يعاني الشراب وهذا من أعجب الأمور وحكى عنه في ذلك حكاية عجيبة لا نطيل بذكرها ولما ملك دمشق في سنة ست وعشرين وستمائة نادى مناد بها أن لا يشتغل أحد من الفقهاء بشيء من العلوم سوى الحديث والتفسير والفقه ومن اشتغل بالمنطق وعلم الأوائل نفي من البلد وبنى للشافعية دار الحديث التي كانت دار الأمير قايماز وحمامة بها المجاورة لقلعة دمشق في سنة ثلاثين وستمائة وخرب خان الأمير فخر الدين الزنجاري الذي كان بالعقيبة في سنة اثنتين وثلاثين وستمائة لما فيه من الخواطيء والمنكرات وأمر بعمارته جامعا وسمي جامع التوبة وبني مسجد القصب ومسجد دار السعادة وجامع الجراح وأوقف عليها الزعيزعية بالمرج وسبل المقبرة غربي خانقاه عمر شاه بالقنوات وبنى بالسفح لمقادسة الصالحيه دار حديث أخرى وكان له ميل إلى الحديث وأهله وجدد مسجد أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه بالقلعة وزخرفه وفيه كان أكثر جلوسه وجعل في دار الحديث الشافعية نعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التى أوصى بها نظام ابن أبي الحديد التاجر له بعد موته وكان ضنينا بها ونقل إليها أيضا كتبه النفيسة وقد استدعى من بغداد الزبيدي حتى سمع هو الناس عليه صحيح البخاري وغيره وكان له ميل إلى الحديث وأهله وكانت القلعة لا تغلق في ليالي رمضان كلها وصحون الحلاوات خارجة منها إلى الجوامع والخوانق والربط والصالحية إلى الصالحين والفقراء والرؤساء وغيرهم وكان شهما شجاعا كريما جوادا

وكانت البلدية في غاية من الأمن والعدل وله في ذلك حكاية في ولد مملوكه وابتدأ في مرض الموت في شهر رجب سنة خمس وثلاثين واختلفت عليه الأدواء حتى كان الجرائحي يخرج العظام من رأسه وهو مع ذلك يسبح الله عز وجل وتزايد به المرض آخر السنة واعتراه إسهال مفرط فخارت قوته فشرع يتهيأ للقاء الله تعالى وأعتق مائتي غلام وجارية ووقف دار فروخ شاه التي يقال لها دار السعادة وبست أنه الذي بالنيرب على ابنته وتصدق بأموال جزيله وأحضر له كفنا كان قد أعده له من ملابس الفقراء والمشايخ الذين لقيهم من الصالحين وتوفي في قلعة دمشق في يوم الخميس رابع المحرم سنة خمس وثلاثين ودفن بالقلعة المذكورة حتى نجزت تربته التي بنيت له شمالي الكلاسة ثم حول ونقل إليها رحمه الله تعالى في جمادى الأولى ورآه بعضهم في المنام وعليه ثياب خضر وهو يطير مع جماعة من الصالحين فقال له: ما هذا وقد كنت تعاني الشراب في الدنيا؟ فقال: ذلك البدن الذي كنا نفعل به ذاك عندكم في الدنيا وهذه الروح التي كنا نحب بها هؤلاء فحشرنا معهم رحمهم الله تعالى وقد صدق قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "المرء مع من أحب" وكان قد أوصى بالملك لأخيه الصالح إسماعيل وركب بعده في أبهة الملك ثم صالح بها لأخيه الملك الكامل في آخر جمادى الأولى منها. وقال الذهبي في مختصر تاريخ الإسلام في سنة اثنتين وثلاثين وستمائة: وفيها عمل جامع العقيبة بناه الملك الأشرف موسى وكان قبل ذلك خانا للفواحش والخمر ولهذا قيل له جامع التوبه انتهى. وقال فيه في سنة خمس وثلاثين وستمائة: وفيها مات الإخوان السلطان الملك الأشرف مظفر الدين موسى في أول السنه وتملك البلاد الملك الكامل فمات في القلعة بعد ستة أشهر وكان مولدهما بالقاهرة في عام واحد أيضا وهو سنة ست وسبعين وخمسمائة فأما الأشرف فأعطاه أبوه الرها وحران فأقام هناك مدة وتملك خلاط وهي قصبة أرمينه ثم تملك دمشق بعد تسع سنين فعدل وأحسن للرعية وكان على لعبه ولهوه فيه خوف من الله يعالى وكرم مفرط وتذلل للصالحين وشجاعة وشدة باس وكان مليح الشكل حلو الشمائل حضر عدة حروب ولم تهزم له راية تمرض

أشهرا ومات على توبة وخير وأما الكامل وقد مر في التربة الكاملية وقال في العبر في سنة خمس وثلاثين المذكورة: والملك الأشرف مظفر الدين أبو الفتح موسى بن العادل ولد سنة ست وسبعين بالقاهرة وروى عن ابن طبرزد وتملك حران وخلاط وتلك الديار مدة ثم ملك دمشق تسع سنين فأحسن وعدل وخفف الجوار وكان فيه دين وتواضع للصالحين وله ذنوب عسى الله تعالى أن يغفرها له وكان حلو الشمائل محببا إلى رعيته موصوفا بالشجاعة لم تكسر له راية قط توفي يوم الخميس رابع المحرم وتسلطن بعده أخوه إسماعيل انتهى. وقال فيها في سنة تسعين وستمائة والشهاب بن مزهر الشيخ أبو عبد الله محمد ابن عبد الخالق بن مزهر الأنصاري الدمشقي؛ قرأ القراآت على السخاوي وأقرأها وكان فقيها عالما أوقف كتبه بالأشرفيه توفي في شهر رجب انتهى. وقال الأسدي في تاريخه في سنة خمس وعشرين وستمائة في ترجمة نظام الدين أبي العباس أحمد بن عثمان بن أبي الحديد السلمي: مولده بدمشق في جمادى الآخرة سنة سبعين وخمسمائة وهو من بيت مشهور وروى منهم جماعة وفيهم خطباء وعلماء وحصل كتبا وجملة من الكتب النفيسة واتصل بخدمة الأشرف ابن العادل ثم قال: وكانت معه فردة نعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورثها من آبائه والأمر فيه معروف فإن ابن السمعاني ذكر أنه رأى هذا النعل لما قدم دمشق عند الشيخ عبد الرحمن بن أبي الحديد سنة ست وثلاثين وخمسمائة وكان الأشرف يقربه لأجل أن يشتريه منه ويضعه في مكان المارة حتى يزار فلم يسمح بذلك وسمح بأن يقطع له منها قطعة ففكر الأشرف أن الباب يفتح في ذلك فامتنع من ذلك ثم رتبه الملك الأشراف بمشهد الخليل المعروف بالذهبانية بين حران والرقة وقرر له معلوما فأقام هناك إلى أن توفي في شهر ربيع الأول وأوصى بالنعل للأشرف ففرح بها وأقره بدار الحديث الأشرفية قلت: ولم يزل بدار الحديث إلى الفتنة التمرلنكيه فأخذه التمرلنك وأخذ الفردة الآخرى من المدرسة الدماغية وكان العلامة بدر الدين ابن مكتوم رحمه الله تعالى يقول: وإن التي في الأشرفية اليسار وإن التي في الدماغية اليمين وكانت

الشهرة للتي في الأشرفية لشهرة مكانها وخفاء مكان الآخرى فأخذ التمرلنك الفردتين فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم أهـ. وقال الصفدي في ترجمة محمد بن رشيد السبتي: وله أبيات كثيرة كتبها على حذو نعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بدار الحديث الأشرفيه وهي قوله: هنيئا لعين رأت نعل أحمد ... فيا سعد جدي قد ظفرت بمقصدي وقبلته أشفي الغليل فزادني ... فيا عجبا زاد الظما عند موردي وكانت لذاك اليوم عيدا ومعلما ... بطلعة أرخت ساعة أسعدي عليه صلاة نشرها طيب كما ... يحب ويرضى ربنا لمحمد ولي مشيخة الأقراء بهذه التربة العلامة شهاب الدين أبو شامة وقد مرت ترجمته في دار الحديث الأشرفية الدمشقية. وقال الذهبي في ذيل عبره: ومات بدمشق شيخ القراء والنحاة والنجامين مجد الدين أبو بكر ابن محمد بن قاسم التونسي الشافعي في ذي القعدة عن اثنتين وستين سنة أخذ القراآت والنحو عن الشيخ حسن الراشدي وتصدر بتربة الأشرفية وبتربة أم الصالح وتخرج به الفضلاء وكان دينا حينا ذكيا حدثنا عن الفخر علي من سنة ثمان عشرة وسبعمائة. وقال الصفدي: الشيخ مجد الدين التونسي محمد محمد بن قاسم ذي النون مجد الدين أبو بكر المرسي ثم التونسي المقري النحوي الشافعي الأصولي نزيل دمشق ولد سنة ست وخمسين وقدم القاهرة مع أبيه فأخذ النحو والقراآت عن الشيخ حسن الراشدي وحضر حلقة الشيخ بهاء الدين ابن النحاس وسمع من الفخر علي والشهاب بن مزهر وتصدر بدمشق للقراآت وهو في غضون ذلك يتزايد في العلوم ويناظر في المحافل وكان فيه دين وسكينة ووقار وخير وولي الأقراء بتربة أم الصالح وبالتربة الأشرفية وتخرج به أئمة وتلا الشيخ شمس الدين عليه في السبع وتوفي في ذي القعدة سنة ثمان عشرة وسبعمائة وتأسف الطلبة وكان آية في أنه كما حدثني غير واحد ممن أثق به لم ير مثله وقيل أن الناس سألوا الشيخ شمس الدين الأيكي عن الشيخ كمال الدين الزملكاني وعن الشيخ صدر الدين بن الوكيل أي هما أذكى؟ فقال: ابن الزملكاني ولكن هنا

مقرئ أولى منهما يعني به الشيخ مجد الدين المذكور وكان نحوي عصره بدمشق وامتحن علي يدي الأمير سيف الدين كراي النائب بدمشق فضربه بباب القصر الأبلق بالعصي ضربا شديدا لما ألقى المصحف وسب الأمير الخطيب جلال الدين قال له الشيخ مجد الدين: اسكت وقوى نفسه فرماه وضربه وكان في وقت قدوم الشمس الباجربقي ودخل عليه أمره ثم أنه أناب وتاب وجاء إلى القاضي المالكي واعترف عنده وناب وهو الذي كشف أمره انتهى. وقد مرت ترجمته في الصالحية وهي تربة أم الصالح التي كان حقها أن توضع في هذا الفصل باختصار وقال ابن كثير في سنة ثماني عشرة وسبعمائة: في يوم الأربعاء ثاني عشرين شوال باشر بدر الدين محمد بن بضحان مشيخة الاقراء بتربة أم الصالح عوضا عن الشيخ مجد الدين التونسي توفي وحضر عنده الأعيان والفضلاء وقد حضرته يومئذ وقبل ذلك باشر مشيخة الاقراء بالأشرفية عوضا عن الشيخ محمد بن خروف الموصلي انتهى. وقال الحسيني في ذيله في سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة: ومات بدمشق مقريها العلامة شمس الدين محمد بن أحمد بن علي الرقي ثم الدمشقي الحنفي الاعرج عن أربع وسبعين سنة حدث عن الفخر وطائفة وقرأ على الفاروثي والفاضل وأقرأ بالأشرفية توفي سلخ شهر صفر ثم أقرأ بها الإمام سيف الدين الحريري وقد مرت ترجمته في دار الحديث الأشرفية الدمشقية ثم أقرأ بها المفنن شهاب الدين بن النقيب وقد مرت ترجمته في الصالحية وهي تربة أم الصالح ثم أقرأ بها الشيخ شهاب الدين ابن بلبان وقد مرت ترجمته في أم الصالح أيضا المذكورة ثم ولي هذه التربة بعده الشيخ أمين الدين عبد الوهاب بن السلار والله تعالى أعلم. 305- التربة المحمدية الأمينية العيشية الأنصارية شمالي الجامع المظفري بسفح قاسيون. قال الحافظ البرزالي في تاريخه في سنة أربع وثلاثين وسبعمائة: وفي بكرة يوم الجمعة وقت أذان الفجر الثالث المحرم توفي الشيخ الأمين الصدر أمين الدين أبو عبد الله محمد بن فخر الدين أحمد

ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن محمد بن يوسف بن أبي العيش الأنصاري الدمشقي وصلي عليه عقيب الجمعه بجامع دمشق ودفن بتربته بسفح قاسيون شمالي الجامع المظفري وسألته عن مولده فقال: كنت رضيعا سنة ثماني وخمسين وستمائة وبيني وبين تاج الدين بن الشيرازي رضاع سمع صحيح البخاري على ابن أبي اليسر والجماعة في سنة ست وستين وستمائة وحدث به قبل موته بأشهر دخل اليمن بالتجارة وكان رجلا جيدا فيه خير ودين وعمر تحت الربوة مسجدا وطهارة وانتفع الناس بذلك وتكلم في جامع النيرب وفي وقفة ووقف فيه ميعاد حديث قبل الجمعة انتهى. 306- التربة المنجكية بباب الجابية. قال الأسدي في جمادى الآخرة سنة ست وعشرين وثمانمائة: الأمير تغري بردى ابن الأمير فرج ابن ملك الأمراء سيف الديم منجك كان بيده إمرة عشرة فيما أظن وكان يعرف مسائل في العلم وفي ظنه أنه عالم وكان ذميم الشكل وله أخوه من أبيه بأشكال حسنة توفي يوم الأربعاء ثاني عشرين ودفن بتربة أبيه بباب الجابية رحمه الله تعالى انتهى. 307- التربة النجمية جوار الحسامية والشامية البرانيه فيها قبر شاهنشاه والد فروخ شاه وتقي الدين عمر والست عذراء المنسوب إليها العذراوية وهو أخو ست الشام قاله أبو شامه في كتاب الروضتين: وقال في سنة إحدى وستين وخمسمائة وفيها توفي فتح الدين ابن أسد الدين شيركوه أخو ناصر الدين وقبره بالمقبرة النجمية إلى جانب قبر عمه شاهنشاه ابن أيوب في قبة فيها أربعة قبور هما الأوسطان منها وفي هذين الأخوين ناصر الدين وفتح الدين يقول عرقلة1 حسان: لله شبلا أسد خادر ... ما فيهما جبن ولا شح ما أقبل إلا وقال الورى ... قد جاء نصر الله والفتح

_ 1 شذرات الذهب 4: 220.

انتهى. وقال في سنة خمس وسبعين وخمسمائة: وفي هذه السنة توفي الملك المنصور حسن بن السلطان صلاح الدين وقبره القبر القبلي من القبور الأربعة بالقبة التي فيها شاهنشاه ابن أيوب بالمقبرة النجمية بالعزية ظاهر دمشق انتهى. 308- التربة النشابية غربي الروضة بسفح قاسيون. قال الذهبي في العبر في سنة تسع وتسعين وستمائة: وابن النشابي الوالي عماد الدين بن حسن بن علي وكان قد أعطى أميرطبلخانه ومات بالبقاع في شوال وحمل إلى تربته بقاسيون انتهى. قال الصفدي في حرف الحاء: الحسن بن علي بن محمد الأمير عماد الدين بن النشابي والذي ولي دمشق معلم الصياغة ثم خدم جنديا وتنقلت به الأحوال وولي ولايات بالبر ثم ولي دمشق مدة ثم أعطي أمير طبلخانه وكان كافيا ناهضا له خبرة بالأمور ومعرفة سياسة البلد وكان من أبناء الخمسين توفي في البقاع سنة تسع وتسعين وستمائة وحمل إلى دمشق فدفن بقاسيون بتربته انتهى. 309- التربة اليونسية قبلي الخوخه غرب المزار المشهور بأويس القرني الخزرجي بمقابر باب الصغير أنشأها الأمير يونس خازندار ملك الأمراء سودون بن عبد الرحمن انتهى. 310- التربة اليونسية الدوادرية المعروفة الآن بتربة مقبل قبلي تربة فرج بن منجك التي غربي تربة بهادر وهي تجاهها وهذه التربة شمالي تربة قانباي البهلوان لصيقها وغربي تربة نائب القلعة اكز دفن بها جماعة منهم ما أشار إليه الأسدي في تاريخه حيث قال في سنة ست وثلاثين وثمانمائة: سيف الدين جكم المؤيدي أحد أمراء الطبلخانات توفي بحكر الفهادين ودفن بتربة الأمير مقبل الدوادار خارج باب الجابية مقابل

تربة اكز انتهى. وقال في شهر ربيع الآخر سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة: الأمير سيف الدين أبو يزيد الناصري ترقى إلى أن صار رأس نوبة نائب الشام تنبك ميق وبعد وفاة أستاذه حج وحسنت طريقته جدا وحصلت له إمرة طبلخ أنه وكان يباشر نظر الفارسية نيابة عن زوجته بنت الأمير فارس الدوادار توفي بسكنه بحكر الفهادين ليلة الجمعة رابع عشرين الشهر المذكور عن نحو ستين سنة وحضر جنازته الأمراء والحجاب وصلي عليه بجامع يلبغة ثم صلي عليه ثانية عند باب النصر وخرج النائب فصلى عليه ودفن بتربة رفيقه الأمير زين الدين مقبل الدوادار في الخشخاشة التي دفن فيها الأمير جكم المؤيدي وعجب الناس من ذلك فإن المذكور كان قد اشترى دار جكم بعد وفاته وسكن بها إلى أن توفي فدفن معه في قبره انتهى. فائدة قال ابن كثير في سنة عشر وستمائة: وتاج الأمناء أبو الفضل أحمد بن محمد الحسن بن هبة الله بن عساكر من بيت الحديث والرواية وهو أكبر من أخويه زين الأمناء والفخر عبد الرحمن سمع عميه الحافظ أبا القاسم والصائن وكان صديقا للشيخ تاج الدين الكندي وكانت وفاته يوم الأحد ثاني شهر رجب ودفن قبلي محراب مسجد القدم انتهى. وقال في سنة عشرين ستمائة في ترجمة الفخر المذكور: وأمه أسماء بنت محمد بن الحسن بن ظاهر القرشيه المعروف والدها بأبي البركات بن المرار وهو الذي جدد مسجد القدم في سنة سبع عشرة وخمسمائة وفيه قبره وقبرها. ودفن هناك طائفة كثيرة من العلماء وهي أخت آمنه والدة القاضي محي الدين بن علي ابن الزكي انتهى. ودفن أبو القاسم الحافظ الكبير صاحب تاريخ دمشق بصفة الشهداء بمقبرة باب الصغير ودفن فخر الدين عند صهره القطب النيسابوري بمقابر الصوفية ودفن بهاء الدين بن عساكر بسفح قاسيون. وإذا قد انتهى بنا الأمر إلى هنا فلنختم ذلك بخاتمه تشتمل على ذكر مساجد دمشق وضواحيها مذيلة بذيل يشتمل على ذكر جوامعها ونواحيها ليحوي هذا الكتاب ذكر كل معبد وبالله أستعين على هذا المقصد انتهى.

فصل في ذكر المساجد بدمشق داخلها

فصل في ذكر المساجد بدمشق داخلها: مسجد القسطيين 1- مسجد كبير قبلة السوق الداخل من باب الجابية معلق يعرف بسمجد القسطيين له سلم حجر وقد جعل له سلم خشب آخر من شامه له إمام ومؤذن ووقف. 2- مسجد في درب المدنيين سفل فيه شجرة زيتون له إمام ومؤذن ووقف لطيف وجراية مسجد الصهرجتي. 3- مسجد عند درب عرقل وسويقة الحجامين سفل يعرف بمسجد الصهرجتي وكان يعرف قديما بسمجد الشجرة له إمام ومؤذن وعلى بابه سقاية. مسجد ابن طغان. 4- مسجد ابن طغان بالفسقار حذاء درب القصاعين يصعد إليه بدرجة له إمام ومؤذن ووقف وعند قبلته قناة تعرف بالخياط. 5- مسجد في درب القصاعين سفل عن يسار الداخل.

مسجد العجمي 6- مسجد أبي سعيد العجمي له إمام ومؤذن وعنده قناة. مسجد الأمير حسن 7- مسجد بناه الأمير حسن ابن الأمير يوسف سفل له وقف في القصاعين أيضا. مسجد ابن البيطار 8- مسجد بناه ابن البيطار غربي طريق الشارع. 9- مسجد سفل عند دار محمد بن النقار الكاتب فيها أيضا. مسجد أيمن 10- مسجد سفل قديم عند زقاق عطاف وهومسجد أيمن بن خريم بن فاتك الأسدي الصحابي رضي الله تعالى عنه. 11- مسجد آخر سلف لطيف فيها أيضا. 12- مسجد عند دار ابن الخياط الكاتب معلق له إمام ومؤذن ووقف فيها أيضا. 13- مسجد عند دار سندقرا سفل. 14- مسجد عند الدار المذكورة معلق له إمام ومؤذن. 15- مسجد عندها أيضا معلق. مسجد ابن حميد 16- مسجد في سوق الفسقار سفل كبير يعرف بابن احميد له إمام ومؤذن. مسجد ابن هشام 17- مسجد ابن هشام في سوق الفسقار أيضا سفل كبير له إمام

ومؤذن وله منارة وعلى بابه سقاية الشيخ وقناة له. قال الأسدي رحمه الله تعالى في تاريخه في ذي الحجة سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة: وفي هذه السنة فرغ من بناء مسجد ابن هشام بالفسقار بناه القاضي بدر الدين بن مزهر من ماله وجاء في غاية الحسن وبني له مئذنه في غاية الظرف انتهى. 18- مسجد عند طاحون السجن سفل لطيف. مسجد ابن حفاظ 19- مسجد في سوق الفسقار يعرف بابن حفاظ سفل له إمام ووقف. مسجد الفرجه 20- مسجد الفرجة عند القطانين وراس القلانسيين بقرب سقاية الشيخ. مسجد الديوان 21- مسجد مقابل دار الوكالة سفل كبير يعرف بمسجد الديوان له إمام ومؤذن ووقف. قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تاريخه في سنة ست وعشرين وستمائه: محمد بن السبتي النجار كان يعده بعظهم من الأبدال قال أبو شامه: وهو الذي بنى المسجد غربي دار الوكاله عن يسار المار في الشارع من ماله ودفن بالجبل وكانت جنازته مشهوده انتهى. 22- مسجد بسوق القلانسيين معلق على باب الخواصين له إمام ووقف ومؤذن. مسجد القلنسيين 23- مسجد القلانسيين في سوق السراجين الذي جعل سوقا للبر سفل له إمام ومؤذن ووقف. مسجد الرماحين 24- مسجد الطريفيين يعرف بالرماحين في سوق السراجين سفل له

إمام. ومؤذن. 25- مسجد ملاصقه بابه إلى سوق علي. 26- مسجد كان زيادة يعلم فيها الصبيان فجعلت مسجدا. 27- مسجد في الدرب السوسي سفل له وقف وإمام. 28- مسجد في درب محرز سفل قديم لمروان بن الحكم بن أبي العاص له إمام ووقف. مسجد ابن العميد 29- مسجد يعرف بابن العميد لطيف عند قناة الزلاقة سفل له وقف وإمام. 30- مسجد عند دار ابن ريش قبلة الزلاقة سفل له إمام ووقف ويقال: أنه مسجد واثلة ابن الاسقع رضي الله تعالى عنه. مسجد الجلادين 31- مسجد الجلادين ويعرف اليوم بمسجد الرماحين كبير سفل له إمام ومؤذن ووقف قال الحافظ البرزالي في تاريخه رحمه الله تعالى في سنة ست وثلاثين وسبعمائة: ومن خطه نقلت وفي النصف من شهر رمضان أعيد مسجد الرماحين الكبير إلى الشيخ زين الدين عبد الرحمن ابن تيمية أخي الشيخ العلامة تقي الدين رحمهما الله تعالى وباشر الإمامة به في اليوم المذكور وذلك بمرسوم سلطاني وقرر له أيضا معلوم على المصالح والصدقات انتهى. مسجد الجلادين 32- مسجد الجلادين بالقلاص كان يعرف بمسجد الطرايفيين سفل له مناره محدثة وإمام ومؤذن وعنده سقاية وقناة. مسجد ابن القصيفة 33- مسجد عند مسبك الحديد يعرف بابن القصيفه ألفامي له إمام

مسجد واثلة 34- مسجد واثله رضي الله تعالى عنه على رأس درب الزلاقة يجلس عنده الجنائزين كبير له إمام ومؤذن ووقف وهو سفل وعلى بابه قناة. مسجد ابن أبي العود 35- مسجد في سويقة باب الصغير سفل لطيف يعرف بابن أبي العود له إمام ومؤذن ووقف ومنارة محدثة. 36- مسجد في درب العبسي عن يسار الخارج إلى باب الصغير سفل لطيف. مسجد القطانين 37- مسجد القطانين في طرف المقلاص خلف سوق الصوف سفل كبير له إمام ومؤذن ووقف. 38- مسجد بقرب حمام أبي نصر في الحريق سفل. مسجد المزين 39- مسجد بناه معالي المزين له وقف وإمام. 40- مسجد في درب الحبالين عند رأس درب الريحان من السوق الكبير سفل يعرف بسمجد الريحان وهو مسجد فضاله بن عبيد الأنصاري1 الصحابي قاضي دمشق رضي الله تعالى عنه عند بابه قناة. مسجد الجلادين 41- مسجد معلق يعرف بمسجد الجلادين له منارة وإمام ومؤذن ووقف. 42- مسجد لطيف سفل براس درب البزورين وسوق الاكافين له

_ 1 شذرات الذهب 1: 59.

وقف وعنده قناه. 43 مسجد في طرف درب البزوريين القبلي سفل لطيف بشباك بناه الأمير سليمان الجزري. 44- مسجد آخر بقربه سفل لطيف له إمام ووقف وهو قديم. 45- مسجد في رأس درب القرشيين الذي ينفذ إلى درب النخلة معلق بناه أبو غالب بن الكرخي البزار. 46- مسجد في السوق الكبير عند رأس درب الريحان سفل لطيف بشباك. مسجد الكف 47- مسجد في قبة اللحم يعرف بمسجد الكف سفل له بابان وإمام ووقف. 48- مسجد في درب فندق البيع سفل له إمام ووقف وعنده قناة. 49- مسجد في زقاق الشعر قبل أن تصل إلى درب الناقديين. 50- مسجد عند العمود المخلق في زقاق البزوريين سفل له إمام ووقف. 51- مسجد القرشيين. 52- مسجد في درب الناقديين له إمام وقف. 53- مسجد في درب الناقديين سفل قديم. مسجد ابن المقانعية 54- مسجد آخر في هذا الدرب عند قناة سفل يعرف بابن المفانعية. مسجد الزبيب 55- مسجد في السوق الكبير يعرف بمسجد الزبيب ويعرف قديما بمسجد ابن قاسم سفل كبير له وقف وإمام ومؤذن.

مسجد ابن العرباض 56- مسجد في رأس درب البقل يعرف بابن العرباض له وقف. مسجد ابن عنقود 57- مسجد في درب البقل يعرف بابن عنقود عنده قناة وله إمام ومؤذن ووقف. 58- مسجد لطيف بشباك مستجد عند دار ابن أبي الخوف في أول حارة الخاطب. 59- مسجد في رحبة الخاطب له منارة وفيه بئر وله إمام ومؤذن قال الأسدي في تاريخه رحمه الله تعالى في سنة سبع وأربعين وثلثمائة: محمد بن علي أبو عبد الله الهاشمي الخاطب الدمشقي كان خطيبا بدمشق في أيام الأخشيدية كان شابا حسن الوجه مليح الشكل كامل الخلق توفي في شهر ربيع الأول وحضر جنازته نائب السلطنة وخلق لا يحصون كثرة ودفن بباب الصغير أرخه ابن عساكر قال ابن كثير رحمه الله تعالى: وأظنه الذي تنسب إليه رحبة الخاطب من نواحي باب الصغير انتهى. قال الصفدي رحمه الله تعالى: أبو بكر ابن أحمد بن عمر البغدادي الزاهد إمام مسجد حارة الخاطب بدمشق كان صاحب عبادة ودين ومجاهدة سمع بمصر من محمود بن محمد الصابوني وبدمشق من إسماعيل الخيزوري والكندي1 وكان يعرف بالمراوحي. قال الشيخ شمس الدين: وروى لنا عنه بالإجازة أبو المعالي بن الباسلي. قال عمر بن الحاجب: سألت شيخا عنه فقال: بلغني أنه جاور بمكة المشرفة سنة قرأ فيها ألف ختمة رحمه الله تعالى وروى عنه أبو حامد بن الصابوني رحمهما الله تعالى وتوفي في سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة انتهى. 60- مسجد آخر في رحبة الخاطر بناه بركات الزراد سفل له منارة خشب ومؤذن وإمام.

_ 1 شذرات الذهب 6: 39.

61- مسجد آخر في رحبة الخاطب أيضا كبير له منارة وفيه بئر وله إمام ومؤذن. مسجد الطباخين 62- مسجد الطباخين عند قنظرة أم حكيم في رأس سوق العلبيين سفل له إمام ومؤذن ووقف. 63- مسجد عند رأس درب الجبن ملاصق الحمام على باب قناة سفل كبير قديم جدده الرئيس أبو الذواد مفرج بن الصوفي. 64- مسجد عند دار الشريف الجعفري ويعرف اليوم بدار خطلخ الباسلي سفل لطيف بناه اكسوك بن خطلخ الباسلي. 65- مسجد داخل درب الجبن عند درب الديلم سفل له إمام ومؤذن ووقف. مسجد الحدادين 66- مسجد الحدادين سفل له وقف وإمام ومؤذن. 67- مسجد عند رأس درب العدس بينهما الطريق سفل كبير له إمام ومؤذن. مسجد سوق اللؤلؤ 68- مسجد معلق يعرف بمسجد سوق اللؤلؤ كبير له إمام ومؤذن ووقف وعنده سقاية واحترق منذ أعوام وقد شرع في تجديده والله سبحانه وتعالى يسهل اتمامه فهو من المساجد القديمه. 69- مسجد في داخل درب العدس سفل لطيف. 70- مسجد لطيف في رأس سوق الطير سفل بشباك. مسجد سوق الطير 71- مسجد قبليه عند رأس درب الحبالين يعرف بمسجد سوق الطير

له ومؤذن ووقف. مسجد سوق الطير 72- مسجد في درب الحبالين سفل يعرف بمسجد سوق الطير أيضا له إمام ووقف. 73- مسجد داخل درب الحبالين قبلي النهر عند دار مقلد الشوى سفل لطيف. 74- مسجد في درب الفراش عند بستان القط سفل قديم جدده أبو الفهم عبد الرحمن بن أبي العجائز1. 75- مسجد عند رأس درب أبي نصر سفل لطيف بشباك. 76- مسجد معلق كبير له وقف وإمام. 77- مسجد عند رأس درب التميمي في سوق دار البطيخ لطيف بشباك له وقف. مسجد دار البطيخ 78- مسجد دار البطيخ المعلق كبير له وقف وإمام ومنارة ومؤذن وله بابان عند أحدهما قناة. مسجد الاجابة 79- مسجد يعرف بمسجد الاجابة في سوق دار البطيخ ينزل إليه بدرج قديم له إمام ومؤذن ووقف. 80- مسجد في درب الفراش مستجد بناه أبو يعلي النصراني عامل القسمة عنده قناة.

_ 1 شذرات الذهب 4: 257.

مسجد بني علان 81- مسجد داخل منه كبير سفل له منارة خشب يعرف ببني علان له إمام ووقف. مسجد الخشابين. 82- مسجد الخشابين بين فنادق الخشب بحضرة سوق البقل ومسبك الزجاج سفل كبير له إمام ومؤذن. مسجد السكاكينيين 83- مسجد في الدقاقين يعرف بمسجد السكاكينيين سفل كبير قديم له وقف وإمام ومؤذن. مسجد التاشي 84- مسجد معلق عند حمام اللؤلؤ المعروف قديما بالبريدين ويعرف بمسجد التاشي كبير له وقف وإمام ومؤذن. مسجد الكشك 85- مسجد الكشك الذي فوق الأعمدة مستجد كان دارا فبناه الملك العادل نور الدين رحمه الله تعالى مسجدا وبنى له منارة له إمام ومؤذن ووقف. 86- مسجد في درب شداد قبلة مسجد الكشك كان قديما لطيفا فزاد فيه أبو غالب بن الشيرجي ووسعه. مسجد السلالين 87- مسجد السلالين1 عند رأس درب التبان سفل قديم كبير له

_ 1 ابن كثير 14: 156.

إمام ووقف وفيه بئر. 88- مسجد في درب التبان لطيف سفل كان خرابا فجدده أبو المكارم ثم غير ربعده. مسجد دوس 89- مسجد داخل منه لطيف معلق يعرف بمسجد دوس. 90- مسجد ملاصق لكنيسة اليهود على النهر، سفل لطيف. 91- مسجد معلق فوقية فيه مغارة بناه نور الدين رحمه الله تعالى. 92- مسجد عند باب المدينة سفل بناه الشريف أبو الحسن الجعفري له وقف. مسجد صدقه 93- مسجد صدقة الملاصق لكنيسة مريم معلق له مغارة وفيه إمام ومؤذن وله وقف ويقال إن صدقة كان شوا نصرانيا فأسلم وحسن إسلامه. 94- مسجد آخر تحته معطل لا يفتح. 95- مسجد آخر في درب كنيسة مريم عند معصرة الشيرج قديم سفل له وقف وإمام. مسجد الثلاج 96- مسجد الثلاج في سوق كنيسة مريم سفل كبير له وقف وإمام ومؤذن. 97- مسجد في درب الفراتي ويعرف اليوم بدرب الشيخ سفل قديم بشباك لطيف. 98- مسجد بقربة من الجانب الشرقي سفل قديم. 99- مسجد عند دار أبي محمد القلانسي في درب سحنون أسفل له إمام ووقف.

مسجد عقيل 100- مسجد في السوق الذي بين كنيسة مريم ودرب الحجر ويعرف بمسجد عقيل سفل له وقف وإمام ومؤذن. 101- مسجد قبليه عند موقف الشيخ قديم يقال إن النذر فيه له فضيلة. 102- مسجد في درب البياعة لطيف قديم سفل جدده ابن الفسيتقه. مسجد ابن الشهرزوري 103- مسجد كبير في هذا الدرب كان قديما كنيسة لليهود ثم جعل مسجدا ويعرف بمسجد ابن الشهرزوري لأنه كان يجلس به رحمه الله تعالى للوعظ. مسجد كليلة 104- مسجد كليلة في حارة اليهود قبل درب البياعة والدرب يعرف قديما بكلية القاضي فقيل درب كليلة وقوله العامة إن الدرب ينسب إلى كليلة أي اليهودية لم يصح. مسجد درب الحجر 105- مسجد درب الحجر قديم سفل كبير له منارة ووقف ومؤذن وإمام وله بابان على أحدهما قناة وعلى الآخر سقاية. مسجد ابن الجسطار 106- مسجد العميد بن الجسطار سفل كبير له إمام ومؤذن وعلى بابه سقاية وقناة. 107- مسجد في درب كيسان المعروف اليوم بدرب الفواخير مقابل درب القرب سفل لطيف له وقف.

108- مسجد آخر قبلية له وقف. 109- مسجد آخر كبير معلق له وقف وإمام ومؤذن. 110- مسجد ملاصق لباب كيسان1 سفل له منارة وإمام ومؤذن ووقف مسجد ابن الأعمى الفاخوري. 111- مسجد يعرف بابن الاعمى الفاخوري بقرب درب نمير سفل لطيف. مسجد موسى الكردي 112- مسجد في سويقة الباب الشرقي يعرف بمسجد موسى الكردي سفل قديم جدده موسى وعنده قناة. 113- مسجد لطيف خفي في دهليز دار نمير الذي يدخل إليه من درب ربيع. 114- مسجد آخر في صدر درب نمير لطيف سفل. 115- مسجد آخر في سويقة باب شرقي قديم جدده الرئيس أبو الفوارس بن الصوفي له وقف وإمام. مسجد الوزير 116- مسجد الوزير في السويقة بقربة سقاية مجددة. 117- مسجد في أول درب الاندر سفل صغير بناه ناصر السابق. مسجد ابن باقي 118- مسجد داخل منه يعرف بابن باقي سفل لطيف له إمام ووقف ومؤذن.

_ 1 ابن كثير 14: 322.

هذه المساجد التي قبلي السوق الأوسط وإمام ساجد الناحية الشامية عن يمين الداخل من الباب الشرقي فمن ذلك: 119- مسجد في درب ابن خلال1 له إمام ووقف. مسجد الحراقلة 120- مسجد يعرف بمسجد الحراقلة بقرب الكنيسة المصلبة قديم له وقف. 121- مسجد في درب كشكشة سفل لطيف له وقف وإمام جدده أبو عبد الله محمد بن ناجية. 122- مسجد آخر فيه لطيف سفل. مسجد النيبطون 123- مسجد النيبطون سفل كبير له منارة وإمام ومؤذن ووقف على بابه سقاية وقناة وكان عنده مسجد صغير يصعد إليه بدرجة معطل. 124- مسجد في درب الداراني له وقف. 125- مسجد في درب ابن صامت خراب. 126- مسجد عند معصرة الزيت بقرب دار ابن المهتار النصراني. مسجد أبي الصرف 127- مسجد يعرف ب أبي الصرف له إمام ومؤذن ووقف. 128- مسجد في خربة البواب لطيف سفل. مسجد ابن عطاف 129- مسجد آخر فيه يعرف بابن عطاف سفل. 130- مسجد لطيف له شباك عند رأس درب الحجر. 131- مسجد في وسط درب الحجر2.

_ 1 شذرات الذهب 4: 219. 2 ابن كثير 13: 232.

132- مسجد كان فرنا فجعله أبو المواهب بن الشيرازي مسجدا له وقف وإمام ومؤذن. 133- مسجد عند رأس المربعة طرف درب الحجر له إمام ومؤذن ووقف. 134- مسجد في أول قنطرة سنان سفل كبير له إمام. 135- مسجد آخر معلق في طرف قنطرة سنان من الشرق قال الأسدي رحمه الله تعالى في تاريخه في سنة تسع وأربعين وثلاثمائة: وممن توفي فيها إبراهيم ابن محمد بن صالح بن سنان أبو إسحاق القويني المخزومي الدمشقي مولى خالد بن الوليد رضى الله عنه وإلى جده تنسب قنطرة سنان التي بباب توما سمع أبا زرعة1 الدمشقي وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة وجعفر بن محمد وهو الفريابي2 وجماعة كثيرة وروى عنه ابنه أحمد وابن منده3 وعبد الوهاب الكلابي4 وتمام الرازي5 وآخرون توفي رحمه الله تعالى في شهر ربيع الأول من السنة ووثقه الكناني6 انتهى. مسجد الظلم 136- مسجد عند رأس درب الظلم من رحبة خالد يعرف بمسجد الظلم سفل لطيف له وقف. مسجد القطيطة 137- مسجد عند قنطرة ابن مدلج يعرف بمسجد القطيطة قال البرزالي رحمه الله تعالى هو داخل باب توما له إمام ومؤذن وعلى بابه قناة تعرف بالمنحدرة

_ 1 شذرات الذهب 2: 177. 2 شذرات الذهب 2: 235. 3 شذرات الذهب 3: 147. 4 شذرات الذهب 3: 147. 5 شذرات الذهب 3: 200. 6 شذرات الذهب 3: 325.

مسجد الزينبي 138- مسجد الزينبي في سويقة باب توما له إمام ومؤذن وعند بابه قناة قديمة وسقاية مستجدة. مسجد صعلوك 139- مسجد عند باب توما يعرف بصعلوك النجار عند بابه قناة. مسجد النوري 140- مسجد معلق عن يسار الداخل من باب توما عند معصرة يعرف بالنوري ملاصق للسور معطل. 141- مسجد عند دار عضد الدولة سفل في درب حمام العلوي. 142- مسجد في مربعة القز سفل كبير بناه الشريف الزيدي له وقف وإمام. مسجد الفران 143- 144- مسجد بحذاء دار الأمير نوح التي تعرف بدار ابن عصفد النصراني كان متبنا فجعله نوح المذكور مسجدا في زقاق الجيش سفل لطيف طباقة مسجد علو لهما منارة يعرف بمسجد عبده الفران. 145- مسجد برحبة خالد سفل قديم على بابه قناة. 146- مسجد قبلة كنيسة اليعقوبيين سفل لطيف له منارة. 147- مسجد آخر شامي الكنيسة سفل كبير. مسجد ابن عمير 148- مسجد عند رأس درب طلحة من سويقة باب توما يعرف بمسجد ابن عمير سفل كبير له إمام ووقف.

مسجد ابن الفراش 149- مسجد شرقية بالسويقة سفل لطيف في سويقة ابن عمير بشباك يعرف بابن الفراش. 150- مسجد عند دار الشريف النصيبي التي تعرف اليوم بابن بوري حسان1 على بابه قناة. 151- مسجد عند الشلاحة في درب السوسي له منارة مستجدة وله إمام ووقف. مسجد ابن البياعة 152- مسجد في رأس سوق الغزل العتيق عند قناة درب الغلق يعرف بابن البياعة له إمام ووقف. 153- مسجد آخر في سوق الغزل فيه شجرة زيتون وعنده سقاية جدده نور الدين رحمه الله تعالى. مسجد الشريف خير الهاشمي 154- مسجد مربعة القطن ويعرف بمسجد الشريف خير الهاشمي المحتسب. مسجد ابن أبي الحديد 155- 156- مسجد ابن أبي الحديد المعلق فوق القناة كبير قديم له إمام وعند درجته مسجد سفل متهجد. مسجد ابن عوف 157- مسجد ابن عوف في سوق القناديل عند حمام جديد سفل لطيف له إمام ووقف.

_ 1 شذرات الذهب 4: 78.

مسجد فيروز 158و159- مسجد سفل بشباك وفوقه مسجد معلق له منارة وإمام ومؤذن يعرفان بمسجدي فيروز ومنارة فيروز. قال ابن كثير في سنة أربع وثلاثين وسبعمائة: الأمير سيف الدين بلبان طرناه بن عبد الله الناصري كان من المقدمين بدمشق وجرت له فصول يطول ذكرها ثم توفي بداره عند مئذنة فيروز ليلة الأربعاء حادي عشرين شهر ربيع الأول ودفن بتربة اتخذها إلى جانب داره ووقف عليها مقرتين ورتب عندها مسجدا بامام ومؤذن انتهى. قال البرزالي رحمه الله تعالى زيادة: فأوصى أن يعمل له تربة ويشتري ملك ويوقف عليها وعلى المرتبين بها فعمل ذلك انتهى. 160- مسجد عند قناة ابن الماشكي سفل كبير له إمام كان كنيسة للنصارى فجعلت مسجدا قال الذهبي رحمه الله تعلى في العبر في سنة أربع المذكورة: وعلي بن بلبان المحدث الرحال علاء الدين أبو القاسم المقدسي الناصري الكركي مشرف الجامع وإمام مسجد الماشكي تحت مأذنة فيروز ولد سنة اثنتي عشرة وسمع من ابن اللتي والقطيعي وخلق كثير بالشام والعراق وعني بالحديث وخرج العوالي توفي رحمه الله تعالى في أول شهر رمضان انتهى. 161- مسجد عند قناة صالح بقرب درب كرار من الفورنق معلق لطيف تحته قناة صالح. 162- 163- مسجد بدرب حميد بن درة عند الزقاقين سفل لطيف قديم له وقف وفوقه مسجد معلق بناه ابن أبي الصقيل وخرب. 164- مسجد عند رأس درب النقاشة كان كنيسة للنصارى ثم خربت فجعلت بعد ذلك مسجدا له منارة خشب وإمام ومؤذن ووقف. مسجد ابن المخشي 165- مسجد عند رأس درب كرار المعروف بابن المخشي له إمام

ووقف ثم هذا المسجد هجر مدة إلى أن أذن الله تعلى بعمارته سنة تسع وستين وتسعمائة وهم في عمارته وتبييضه وإقامة شعائره وجدد فيه إيوانا شماليا وخلوة من جهة الشرق الشيخ العلامة مقري دمشق أبو العباس شهاب الدين أحمد ابن الشيخ العلامة شهاب الدين أحمد الطيبي1 الشافعي رحمه الله تعلى ورحمنا بهما أمين. مسجد الجينيق 166- مسجد في الفورنق الذي يعرف اليوم بالجينيق سفل كبير كان كنيسة للنصارى فجعل مسجدا وجدده الخادم يوسف على يد أبي اليمن المصري متولي الشرطة فعرف به على بابه سقاية مستجدة بناها نور الدين رحمه الله تعالى. 167- مسجد داخل الجينيق بقرب الشلاجة بدرب سابور كان قديما فخرب فجدده أبو طالب بن محسن القاضي. مسجد الجينيق 168- مسجد في الجينيق أيضا يعرف بمسجد الجينيق له إمام ووقف. 169- مسجد في شامي سوق الطير بناه القاضي ابن نجاح له وقف وإمام وعنده قناة. 170- مسجد في الديماس عنده عمود مخلق لطيف سفل. 171- مسجد في زقاق صفوان سفل لطيف. 172- مسجد عند حمام أبن أبي المطير بناه أبن فيروز. مسجد الأذرعي 173- مسجد الاذرعي مقابل ابن البري2 قديم جددته ابنة الرئيس أبي الذؤاد مفرج بن الصوفي وبنت فيه منارة له إمام ووقف

_ 1 شذرات الذهب 8: 393. 2 شذرات الذهب 4: 273.

مسجد ابن خمار 174- مسجد ابن خمار في درب عجلان خلف قيسارية الفرس قديم له إمام ووقف. مسجد العباسي 175- 176- مسجد سوق الاحد يعرف بمسجد العباسي قبلة المطرزين له بابان على أحدهما سقاية وقناة وعلى الآخر قناة أخرى عندها مسجد لطيف بشباك. مسجد خواجا يعقوب 177- مسجد في الجينيق يعرف بخواجا يعقوب له وقف وإمام ومؤذن. 178- مسجد عند دار ابن الشحاذة جدده علي الشنباشي له وقف وإمام. 179- مسجد في طرف سوق اللؤلؤ في درب ابن شقوف بشباك. 180- مسجد في سوق أم حكيم سفل لطيف بشباك عنده قناة. مسجد رحبة البصل 181- مسجد رحبة البصل سفل كبير له بابان وعنده قناة وقيسارية وسقاية. 182- مسجد في دار الوزير المزدقاني1 معلق أنشأه الوزير أبو علي المزدقاني1 المذكور سابقا. 183- مسجد رأس عقبة الصوف معلق له منارة مستجدة أنشأها المزدقاني1 المذكور سابقا. 184- مسجد في عقبة الصوف في دار ابن الأعيرج سفل لطيف مستجد.

_ 1 شذرات الذهب 4: 66.

مسجد السراجين 185- مسجد السراجين معلق عند رأس الاساكفة العتيق الملاصق لحصن جيرون له إمام ومؤذن. 186- مسجد بسوق الصفارين له بابان إلى الصفارين وإلى الأساكفة وله إمام ووقف. 187- مسجد عند حمام ابن كلي سفل. 188- مسجد عند درب الماء خلف الحصن يعرف بسكنى الأشراف الجعفريين سفل مستجد. مسجد نميس 189- مسجد مقابل السلامة سفل يعرف بمسجد نميس له إمام ووقف. 190- مسجد في درب القلي سفل لطيف بشباك قديم يقا لأنه مسجد اوس بن اوس الثقفي الصحابي رضي الله تعالى عنه. 191- مسجد في جيرون بين البابين لطيف سفل بشباك يقال ذبح فيه يحيى بن زكريا على نبينا وعليهما الصلاة والسلام ويقال إن الدعاء فيه مستجاب. 192- مسجد فوقه معلق له وقف وإمام. 193- مسجد في سقيفة القطيعي داخل جيرون بشباك عنده قناة. 194- مسجد في المدرسة المعروفة بدار طرخان وهي كانت قديما للشريف أبي عبد الله محمد بن أبي الحسن فوقفها سنقر الموصلي وجعلها مدرسة لأبي حنيفة رضي الله تعالى عنه. 195- مسجد في طرف درب خفيف سفل بناه الفقيه أبو البركات في بيته. 196- مسجد آخر في درب خفيف سفل بناه أبو الفضل. 197- مسجد آخر في بستان مقابل دار أبي الفهم ابن الشيرجي.

مسجد الرأس 198- مسجد عند باب المسجد الجامع يعرف بمسجد الرأس فيه قناة يقال أن رأس الحسين رضي الله تعالى عنه وضع فيه حين أتي به إلى دمشق له إمام. مسجد عمر 199- مسجد على الدرج يعرف بمسجد عمر رضي الله تعالى عنه بناه رجل من العجم وما رتب له إمام. 200- مسجد في درب كشك عند الأطباقيين وكان الدرب يعرف قديما بقراقرون الحجري سفل صغير بشباك. 201- مسجد آخر داخل هذا الدرب كان قد تغلب عليه وجعل مسجدا متينا فرده أنر بن عبد الله التركي المعروف بمعين الدين مسجدا وهو قديم. 202- مسجد في مدرسة الحنابلة عند قناة جيرون. مسجد باب الفراديس 203- مسجد باب الفراديس داخل الباب ملاصق السور له منارة وفيه قناة. 204- مسحد في درب تليد عند سوق الكبير بناه القائد دلال سفل لطيف. مسجد ابن عبدان 205- مسجد ابن عبدان في درب الريحان لطيف سفل بشباك يقال أنه مسجد يزيد بن مبشر القرشي الصحابي رضي الله تعالى عنه. 206- مسجد آخر في درب الريحان سفل لطيف له وقف وإمام. 207- مسجد لطيف سفل بشباك عند دار ابن معرور وعند حمام سويد

208- مسجد في سوق القمح مقابل قيسارية الوزير في الكتابين سفل كبير له إمام. 209- مسجد آخر في سوق القمح عند باب الحمام الجديد النوري سفل لطيف له إمام على بابه قناة وكان فيه كاس يجري فيه الماء فعطل. 210- مسجد عند زقاق الدر في الطريق النافذ إلى قيسارية السلطان سفل. 211- مسجد بناه ابن العكبري، له إمام ومؤذن ووقف. مسجد درب العميان 212- مسجد يعرف اليوم بدرب العميان سفل. 213- مسجد في المدرسة الأمينية التي مقابل دار الخيل بناه كمشتكين ابن عبد الله الأتابكي المعروف بأمين الدولة. 214- مسجد في المدرسة النورية التي في القبانين بقرب الخواصين ورأيت في ترجمة رضي الدين أبي الفضل الحراني ثم الدمشقي الجواد المعروف بابن دبوقه أنه أضر في آخر عمره وانقطع في مسجد براس الخواصين إلى الإقراء والإمامة رحمه الله تعالى. 215- مسجد مستجد في درب معين صغير بشباك. 216- مسجد أيضا في مدرسة بزان بن يامين الكردي المعروف بمجاهد الدين التي كانت دار الشريف القاضي ابن أبي الجن. مسجد عائشة 217- مسجد في القباب عند القنطرة يعرف بمسجد عائشة سفل صغير ولم تدخل عائشة رضي الله تعالى عنها الشام قط له إمام. 218- مسجد في المدرسة الصادرية التي على باب الجامع الأموي مما يلي باب البريد بناها الأمير صادر وبناه. 219- مسجد بحضرةحمام العقيقي سفل كبير على بابه قناة وسقاية

وله إمام. 220- مسجد في درب اللبان عند كنيسة ثولين صغير سفل بشباك. مسجد ابن القاشي 221- مسجد آخر في طرف درب اللبان يعرف بابن القاشي صغير سفل. 222- مسجد في المدرسة التي وقفها الأمير اكز في محلة الكنيسة. 223- مسجد معلق قبلة هذه المدرسة أنشأه الشريف ولي الدولة أبو القاسم ابن أبي الجن. 224- مسجد صغير بشباك في رأس حارة البلاطة. 225- مسجد مستجد معلق بناه شرف العرضي في حارة البلاطة له إمام ومؤذن. مسجد حجر الذهب 226- مسجد حجر الذهب عند دار ابن يغمور على بابه قناة وله إمام وعنده شجرة توت. 227- مسجد في رأس درب الانصار على طريق باب البريد سفل لطيف عنده قناة. 228- مسجد في دار الحديث التي أنشأها نور الدين رحمه الله تعالى في محلة حجر الذهب. 229- مسجد في قصر الثقفيين عند المدرسة النورية سفل. 230- مسجد في المدرسة المعينية في قصر الثقفيين. 231- مسجد عند باب حمام القصير لطيف كان سفلا فجعل علوا علي بابه قناة وله إمام. 232 مسجد في المدرسة النورية التي داخل باب الفرج ملاصقة لزقاق العسل والسور عند حمام القصير.

233- مسجد صغير داخل باب الفرج أيضا لم يحوط عليه بحائط خرب. 234- مسجد في درب الهاشمي من حجر الذهب عند دار الأمير كجك له وقف وإمام. 235- مسجد فوق نهر التفليسي من حجر الذهب له إمام ووقف. 236- مسجد في المدرسة النورية التي وقفها على المالكية في حجر الذهب. 237- مسجد لطيف عند باب دار الشريف السيد من حجر الذهب بناه الأمير اكز. 238- مسجد شام هذه الدار سفل له إمام بناه سنقر الموصلي. 239- مسجد باب درب الشعارين لطيف سفل. مسجد عطية 240- مسجد عند باب الجابية يعرف بمسجد عطية الحائك في رأس درب الأسديين سفل كبير له منارة وإمام ووقف. قال الأسدي في تاريخه رحمه الله تعالى في سنة ثلاث وثمانين وثلثمائة: عبد الله بن عطية بن عبد الله بن حبيب أبو محمد المقري المفسر العدل الدمشقي قرا على أبي الحسن محمد بن النضر ابن الآخرم وجعفر بن أبي داود وحدث عن ابن جوصا1 وعلي بن عبد الله الحمصي وأبي علي الحظايري2 روى عنه محمد بن أبي نصر وعبد الله بن سوار العميس وأبو نصر بن الجبان3 وكان إمام مسجد باب الجابية رحمه الله تعالى ورحمهم أجمعين. وقال عبد العزيز بن الكناني: كان يحفظ فيما يقال خمسين ألف بيت شعر في محل الاستشهاد على معاني القرآن الشريف وغيره وكان ثقة حدث علي بن الحسن الربعي عنه رحمه الله تعالى توفي في شوال رحمه الله تعالى قال الكتبي رحمه الله تعالى: وإليه ينسب مسجد عطية داخل باب الجابية انتهى. قال الصفدي رحمه الله تعالى في حرف الحاء: الحسن بن حبيب بن عبد الملك الدمشقي أبو علي الشافعي الحظايري حدث بكتاب الأم للشافعي

_ 1 شذرات الذهب 2: 285. 2 شذرات الذهب 2: 346. 3 شذرات الذهب 3: 229.

رضي الله تعالى عنه وعن أصحابه رحمهم الله تعالى أجمعين وتوفي رحمه الله تعالى سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة وسمع الربيع بن سليمان المؤذن1 ومحمد بن عبد الله ابن عبد الحكم2 وأبا أمية الطرطوسي3 وقرأ على هارون بمن موسى الأخفش4 وروى عنه عبد المنعم بن غلبون5 وابن جميع وتمام الرازي وغيره. وقال عبد العزيز الكناني: هو ثقة نبيل حافظ المذهب الشافعي رحمه الله تعالى. قال ابن عساكر رحمه الله تعالى: كان إمام مسجد باب الجابية انتهى. 241- مسجد لطيف في حارة الغرباء. 242- مسجد عند اسطبل العمارة عند النهر سفل لطيف له وقف وإمام أنشأه محمد التائب. 243- مسجد عند باب الدركاه بالقلعة سفل لطيف. 244- مسجد في الدركاه أيضا سفل لطيف أنشأه نور الدين رحمه الله تعالى يقال أنه مسجد الضحاك بن قيس رضي الله تعالى عنه فيه عريش وسقاية. مسجد الضحاك بن قيس 245- مسجد آخر في قلعة فيه عريش وله إمام ويقال أنه مسجد الضحاك بن قيس. 246- مسجد داخل باب القلعة معلق فيه سقاية. قال العز بن شداد رحمه الله تعالى في كتابه الاعلاق الخطيرة: فهذه مساجد البلد المحصاة بالتعريف والعدد ومبلغها مائتان وأربعون مسجدا يعني وعلى هذا اقتصر من سبقه على تعدادها. ثم قال: ذكر ما لم يذكر في هذه الترجمة:

_ 1 شذرات الذهب 2: 159. 2 شذرات الذهب 2: 154. 3 شذرات الذهب 2: 164. 4 شذرات الذهب 2: 209. 5 شذرات الذهب 3: 131.

1- مسجد الخضر قبلي الجامع, 2- مسجد البياطرة, 3- مسجد الحافظية, 4- مسجد الأصفهاني, 5- مسجد البغدادي, 6- مسجد المرحم, 7- مسجد الصحابة رضي الله تعالى عنهم بدرب المعلي جدد في الأيام الناصرية, 8- مسجد الزنجيلي, 9- مسجد الجهيني, 10- مسجد البوق, 11- مسجد الغساني, 12- مسجد السبتي, 13- مسجد الخابية داخل باب توما, 14- مسجد الجمجمة, 15- مسجد بئر عنتر, 16- مسجد جوار دار ابن شكر, 17- مسجد أبي بكر بسوق الغنم, 18- مسجد جوار البيمارستان جدد في أيام الناصرية, 19- مسجد جوار دار العزيز, 20- مسجد جوار دار ابن التبني, 21- مسجد بكتوت الحراني, 22- مسجد بدرب القونقي, 23- مسجد قناة الزاوية بالقصاعين, 24- مسجد جوار دار القاضي محي الدين مستجد, 25- مسجد الحدادين بين السورين, 26- مسجد حبيب الكردي بحكر النعنع, 27- مسجد العجمي عند دار الجوكان, 28- مسجد جوار حمام جاروخ مستجد فهذه ثمانية وعشرين أيضا فاما ما عداها من المساجد التي في ظاهر دمشق وارباضها فالتي منها في ناحية القبلية. مسجد شجاع أو مسجد الباشورة 1- مسجد على باب الصغير ملاصق للسور كبير يعرف بمسجد شجاع له منارة خربت وله وقف وإمام ومؤذن ويعرف اليوم بمسجد الباشورة وكان به درس للفقيه في الأيام النورية والصلاحية والعادلية وفيه بئر وعلى بابه مطهرة. مسجد عبد الملك 2- مسجد يعرف بعبد الملك بالشاغور لطيف عند بابه سقاية مسجد العنابة. 3- مسجد العناية بالشاغور عند دار ابن أبي الفدا كبير له إمام ووقف.

مسجد مسعود 4- مسجد زقاق المدقف المعروف بمسعود له إمام. 5- مسجد زقاق الساقية له إمام ووقف. مسجد نصر الله 6- مسجد عند زقاق ابن باقي يعرف بنصر الله. 7- مسجد عند زقاق الجوز عند دار بنت درداس. 8- مسجد كبير معلق على المزاز1 له وقف وإمام. مسجد القبة 9- مسجد القبة مستجد عند دار عبد الرحمن بن القطبي. 10- مسجد عند باب القشر له إمام. مسجد قبيبة النور أو مسجد اللباد 11- مسجد يعرف بقبيبة النور خارج باب الشاغور قبلة القشر ويعرف الآن باللباد. 12- مسجد بين حجيرا وراوية على قبر مدرك بن زياد الذي يقال إن له صحبة ولم يذكره أهل العلم في كتبهم قلت: سوى الذهبي رحمه الله تعالى. 13- مسجد في راوية مستجد على قبر أم كلثوم رضي الله عنها وأم كلثوم هذه ليست بنت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التي كانت عند عثمان رضي الله تعالى عنهما لأن تلك ماتت في حياة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ودفنت بالمدينة المشرفة على مشرفها أفضل الصلاة وأتم السلام ولا هي أم كلثوم بنت علي من فاطمة التي تزوجها الإمام عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهم لأن تلك ماتت هي وابنها زيد بالمدينة المنورة في يوم واحد ودفنها بالبقيع رضي الله تعالى عنهما وإنما هي امرأة

_ 1 ابن كثير 14: 259.

من أهل البيت سميت بهذا الاسم ولم يحفظ نسبها ومسجدها بناه رجل قرقوبي من أهل حلب المحروسة. مسجد الجنائز 14- مسجد الجنائز بباب الصغير بسوق الغنم قديم كبير خرب فجدده جراح المنبجي رحمه الله تعالى فيه بئر. 15- مسجد خارج سوق الغنم من طرف المقبرة بناه رجل اسمه مظلوم. 16- مسجد في فندق ابن أبي طاهر بن عفيف الفارقي شآم المقبرة. مسجد سكينة 17- مسجد يعرف بسكينة في وسط المقبرة بقرب قبر سيدنا بلال رضي الله تعالى عنه. 18- مسجد في شرقي المقبرة بناه نصر الحفار. 19- مسجد في بستان ابن الشيرجي في طريق المقبرة من الغرب بناه أبو غالب بن الشيرجي. مسجد الخضر 20- مسجد يعرف بمسجد الخضر وبمسجد سكينة رضى الله تعالى عنها فيه بئر وله منارة لطيفة خرب. مسجد الصفصافية 21- مسجد الصفصافة قبلي مسجد الخضر فيه بئر. مسجد السماقة 22- مسجد السماقة شرقي الشاغور بقرب الخندق بناه رجل أعجمي وفيه بئر ويعرف الآن بمسجد سليم.

مسجد فذايا 23- مسجد فذايا، قرية كانت فخربت، قبلي مقابر اليهود. خرب ولم يبق منه غير المحراب. مسجد كنانه 24- مسجد كن أنه رحمه الله تعالى قبلي فذايا المذكورة والذي منها من ناحية الشرق. مسجد الجنائز 1-مسجد على باب الشرقي يعرف بمسجد الجنائز على بابه بئر وليس له سقف. 2- مسجد ضفة نهر المجدول مستجد. مسجد عطاء 3- مسجد عطاء الحاجب في الخامس فيه بئر وعطاء هذا هو الأمير عطاء ابن حفاظ السلمي الخادم كان شهما شجاعا وكان نور الدين رحمه الله تعالى لا يتمكن من دمشق معه قال أبو شامة رحمه الله تعالى: وعطاء هذا هو الذي ينسب إليه مسجد عطاء خارج الباب الشرقي بدمشق وجورة عطا ببيت أبيات وهي أرض فيها أخشاب كبار من الجوز ترمى لجامع دمشق وهي وقف عليه وقد مدحه عرقلة الدمشقي وغيره من الشعراء. قال ابن الأثير رحمه الله تعالى: ولما قتل قوي طمع نور الدين رحمه الله تعالى في دمشق انتهى. مسجد بلاشو الكردي 4- مسجد شرقية يعرف ببلاشو الكردي والذي ورد عن أئمة الحديث أن عيسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام ينزل هذا المسجد ينقلونه من طرق كثيرة.

5- مسجد عند المائدة الحجر في طريق الغياض بناه نور الدين الشهيد رحمه الله تعالى. مسجد أبي صالح 6- مسجد أبي صالح مسجد قديم كان يلازمه أبو بكر بن سند حمدوية الزاهد وخلفه فيه أبو صالح صاحبه فنسب إليه سكنه جماعة من الصالحين وفيه بئر وله وقف وإمام. 7- مسجد شرقية بقرب الرحى الأحد عشرية. 8- مسجد بناه أبو القاسم بن الفسيتقة. 9- مسجد قبلي الباب الشرقي بقرب الخندق مستجد فيه بئر خرب ثم جدد. 10- مسجد في مقبرة آبق المعروف بعضد الدولة. مسجد خالد بن الوليد 11- مسجد في مقبرة باب توما عند نهر المجدول بقرب الصفوانية يعرف بخالد بن الوليد رضي الله تعالى عنه لأنه صلى فيه وقت الحصار وهو أول مسجد صلى فيه بدمشق. وأما التي من ناحية الشام بشرقه: مسجد الأوزاعي: 1- فمسجد على باب توما ملاصق للسور على يمين الخارج يسمى بمسجد إمام الأوزاعي1 التابعي المدفون ببيروت رحمه الله تعالى وله منارة وإمام وعلى بابه سقاية.

_ 1 شذرات الذهب 1: 241.

مسجد الكنيسة 2- مسجد على النهر يعرف بمسجد الكنيسة كان كنيسة للنصارى فجعل مسجدا خربه السيل في سنة تسع وستين وستمائة ولم يبق منه إلا القليل. مسجد التبكير 3- مسجد في عقب الجسر عن يمين الخارج يعرف بمسجد التبكير على بابه قناة. 4- مسجد آخر عند باب الجسر عن يسار الخارج بناه رجل يعرف بالبلبل. مسجد السبعة انابيب 5- مسجد السبعة أنابيب له منارة خشب وعنده سقاية جدده الشربدار ياقوت الناصري في الأيام الناصرية. 6- مسجد في الجزيرة مقابل حمام عصفور بلا سقف. 7- مسجد على ضفة نهر داعية قبلي عين كيل. 8- مسجد بقبة في رحى الأشنان. 9- مسجد آخر شرقي رحى الأشنان. 10- مسجد آخر شرقية أيضا بنته امرأة. 11- مسجد عند جسر رحى السميرية لم يتمم. 12- مسجد غربي رحى ابن أبي الحديد بقرب دير السروري وهو ميسرة. مسجد النبي 13- مسجد يعرف بمسجد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أرض جوبر له منارة. 14- مسجد بالمصيصة قرية كانت عامرة فخربت شرقي بيت لهيا. 15- مسجد لطيف في طريق بيت لهيا عند قسطل قناة الزيني. 16- مسجد عند جسر ثورا قبل أن تصل إلى مسجد العباسي استجده

إبراهيم بن محمد السبتي. 17- مسجد العباس على طريق حرستا أيضا بناه إبراهيم المعروف ببني خرب. مسجد القاعة 18- مسجد القاعة على الجسر على طريق برزة. مسجد سطرا 19- مسجد سطرا قرية كانت عامرة فخربت بين البساتين بقرب بيت لهيا. 20- مسجد عند جسر فواز على نهر ثورا خراب السقف معطل. مسجد القصب 21- مسجد عند رأس زقاق سطرا فيه رؤوس الصحابة رضي الله تعالى عنهم يعرف بمسجد القصب قديم على بابه قناة. 22- مسجد عند حرتعله على النهر أنشأه أبو طاهر بن البيضاوي. 23- مسجد في الدباغة خارج باب توما. 24- مسجد على باب طاحونة الدباغة. 25- مسجد عند عين كمشتكين والوراقة القديمة. 26- مسجد في زقاق الرمان بقرب العقيبة له منارة. مسجد العجمي 27- مسجد العجمي بالعقيبة. مسجد النحاس: 28- مسجد النحاس خارج باب الفراديس بشجرة الزبيرية بمقبرة باب الفراديس.

مسجد التوبة ويعرف بمسجد النقاش: 29- مسجد التوبة خارج باب الفراديس مسجد كبير خارج باب الفراديس في عقب الجسر على يمين الخارج فيه بركة وسقاية وله وقف وإمام وطاقات إلى النهر أنشأه الأمير بزان بن يامين الكردي ويعرف الآن بمسجد النقاش. 30- مسجد على الجسر أيضا عن يسار الخارج لطيف وله شباك على نهر بردى ثم بني ثم خرب ثم بناه الشيخ البطايحي مريد الشيخ عبد الله اليونيني1. 31- مسجد في العقيبة عند الفرن لطيف. مسجد الجوزة: 32- مسجد الجوزة بالعقيبة فيه بركة وله إمام ووقف وعلى بابه سقاية وأم به الفقيه المحدث أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن محمد المرداوي السبتي ونسخ بخطه مائة مجلدة توفي رحمه الله سنة سبع وعشرين وثمانمائة. مسجد نصر الحلبي: 33- مسجد نصر الحلبي بسويقة الجوزة. 34- مسجد صغير على نهر جوار دف المغربل بناه رجل كلاس. مسجد الزيتونة 35- مسجد الزيتونة قديم تنسب إليه أراضي حوله. مسجد جعفر الضرير: 36- مسجد آخر بالعقيبة على طريق المقبرة يعرف بجعفر الضرير فيه بئر. 37- مسجد في رأس العقيبة عند مفرق الطرق.

_ 1 شذرات الذهب 5: 73.

مسجد فيروز 38- مسجد فيروز في المقابر قديم كان يصلى فيه على الجنائز فخرب وجددته امرأة الحاجب فيروز له بركة ومنارة وعلى بابه قناة. 39- مسجد في غربي المقبرة على النهر لطيف قد أنشأه أبو محمد ابن طاووس المقري خطيب جامع دمشق رحمه الله تعالى. 40- مسجد لطيف شرقي المقبرة عند بستان ابن صدقة. مسجد شواقة 41- مسجد عند عقب الجسر عند الرحى الزبيرية يعرف بمسجد شواقة. 42- مسجد عند قصر اللباد وهو دير مسكون. مسجد آدم 43- مسجد عند بيت أبي ات يعرف بمسجد آدم جوار البستان المعروف بالعميقة ملك بني الشيرجي فيه الاسم الأعظم والدعاء فيه مستجاب قديم جدده الحاجب عطاء. 44- مسجد الميطور له منارة بناه السلار إسماعيل بن عمر بن بختيار. 45- مسجد عند الميطور أيضا بناه أبو الفضل سبط أبي الحسن يزيد معطل. 46- مسجد غربية بناه حسن العماني القصاب. مسجد الخادم 47- مسجد في غربي العقيبة عند رحى المنشر يعرف بمسجد الخادم له على نهر بردى شبابيك. 48- مسجد عند طرف اندر بن أبي عقيل بناه أبو عامر الاجري له منارة لم يتمم.

49- مسجد في مقبرة الأمير قرواش عند رحى ابن الحكاك. مسجد الصرف 50- مسجد الصرف غربي مقبرة باب الفراديس يعرف الآن بمسجد الصفي. قال الأسدي في تاريخه رحمه الله تعالى في سنة سبع وثمانين وخمسمائة: الصفي صاحب المسجد الذي بالعقيبة هو الصفي بن نصر الله بن العارض كان قد خدم السلطان صلاح الدين لما كان في شحنكية دمشق وامده بالمال فرأى له ذلك فلما ملك استوزره ثم استنابه على دمشق حتى توفي وكان شجاعا ثقة أمينا، ديناً، ولما نزل الفرنج داريا والسلطان في الشرق جمع من أهل دمشق سواداً عظيماً وخرج إلى ظاهر البلد فرآهم الفرنج فظنوهم عسكرا فرحلوا وكان كثير المعروف وكتب أملاكه لماليكة لأنه لم يكن له ولد وبنى بالعقبية مسجدا ودفن به في شهر رجب رحمه الله تعالى انتهى. وهو على النهر وله منارة وبه بئر. مسجد أم البنين 51- مسجد مسجد عند عقب نهر يزيد عند طريق المغارة بنته أم البنين ابنة الأمير حسن خان له وقف. مسجد التمرتاشية 52- مسجد التمرتاشية بالجبل. 53- مسجد لطيف شرقي مسجد أم البنين بناه الفقيه إبراهيم بن المنجا. مسجد دير شعبان 54- مسجد دير شعبان له منارة. 55- مسجد آخر قبلية. 56- مسجد آخر شامية بنته امرأة تعرف بالحاجبية. 57- مسجد في البستان الذي بني لأجل عبد الرحمن الجلجولي الزاهد

دفن لما استشهد قتل الشيخ الفقيه الزاهد عبد الرحمن الجلجولي والشيخ العالم شيخ الإسلام حجة الدين أبو الحجاج يوسف بن درباس المغربي الفندلاوي المالكي كلاهما استشهد رحمهما الله تعالى لما هجم الفرنج على دمشق فوقف الشيخان المذكوران لقتالهم قريب الربوة عند النيرب فاستشهدا رحمهما الله تعالى في ساعة واحدة من يوم السبت سادس شهر ربيع الأول سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة وكان أمير البلد معين الدين انر. قال أبو شامة رحمه الله تعالى: فقبر الفندلاوي الآن يزار بمقابر باب الصغير من ناحية المصلى وعليه بلاطة كبيرة منقوشة وفيها شرح حاله رحمه الله تعالى وأما عبد الرحمن الجلجولي رحمه الله تعالى فقبره في بستان الشعباني من جهة شرقه وهو المسجد المحاذي لمسجد شعبان المعروف الآن بمسجد طالوت وكان مقامه في حياته في ذلك المكان انتهى. 58- مسجد آخر عند مسجد شعبان لطيف كان قديما فخرب فجدده أبو البقاء بن البيطار. 59- مسجد آخر غربي مسجد شعبان. 60- مسجد في سفح جبل قاسيون على طريق المغارة أنشأه أبو المجد المطرز. 61- مسجد آخر في طريق المغارة بنته عائشة الزاهدة رحمها الله تعالى "بعد الذي يقال له النفناتية". مسجد مغارة الدم 62- مسجد مغارة الدم. 63- مسجد آخر فوق المغارة مستجد. مسجد الدير 64- مسجد الدير الذي كان لرهبان النصارى فجعل مسجدا وخرب. 65- مسجد غربي بابه لطيف بقبة.

66- مسجد عند عقب جسر كحيل بناه عثمان الطاقاني. مسجد جناح الدولة 67- مسجد على ضفة نهر المجدول بقرب باب الفراديس يعرف بجناح الدولة حسين ثم عرف بابن البغدادي له وقف. مسجد الدهان 68- مسجد غربية يعرف بمسجد الدهان بتطرق إلى كل واحد منهما بجسر. 69- مسجد عند عقب جسر باب الحديد تحت القلعة أنشأه نور الدين رحمه الله تعالى. مسجد خاتون المعينية 70- مسجد خاتون المعينية تحت القلعة على جسر باب الحديد. 71- مسجد في عقب جسر الوزير صغير بناه رجل أعجمي قبلي الجسر. 72- مسجد آخر شمالي الجسر على نهر بردى بناه إسماعيل الحاجي له وقف. 73- مسجد لطيف عند عين القصارين قبل أن تصعد إلى عوينة الحمى له وقف. 74- مسجد عند مقبرة الأمير أنر لطيف. 75- مسجد شرقي عين القصارين قبل أن يصعد إلى عوينة الحمى. مسجدعوينة الحمى 76- مسجد عوينة الحمى كبير له منارة. 77- مسجد بجانبه من الغرب لطيف جدده الوزير.

مسجد المزدقاني 78- مسجد الوزير المزدقاني عند رأس زقاق الأرزة كبير له منارة وإمام وفيه سقاية وبركة وعلى بابه سقاية. مسجد بروس 79- مسجد بروس من غربيه لطيف. مسجد خطلخ 80- مسجد خطللخ من شماليه بينهما الطريق. 81- مسجد في وسط مقبرة الأكراد بناه رجل بغدادي اسمه علي كان حمالا ثم تزهد. 82- مسجد في طريق مقبرة الأكراد صغير بابه من البستان. مسجد ارزة 83- مسجد ارزة قرية -كانت عامرة فخربت- كبير له وقف وفيه منارة. 84- مسجد عند الجسر الأبيض على نهر ثورا من قبليه له منارة خشب. 85- مسجد من شماليه في عقب الجسر بناه زيد العاملي. 86- مسجد عند دير أبي العباس عند عقب جسر يزيد على طريق الكهف. 87- مسجد آخر بقربه من الشرق. 88- مسجد آخر بقربهما لم يسقف. مسجد الكهف 89- مسجد الكهف في الجبل بقرب مغاير شداد.

90- مسجد في دير الحوراني بقبة. 91- مسجد بناه أبو الحرم بن صعلوك العسقلاني لأحمد الجماعيلي. 92- مسجد بناه رجل أعجمي كان قد ضمن دار الوكالة. وأما المساجد التي من جهة الغرب. مسجد الشاطبي 1- مسجد في مرج باب الحديد يسمى الآن بمسجد الشاطبي المعروف بمسجد الأشعريين ويعرف بمسجد الإجابة. مسجد عزيز الدولة 2- مسجد من شامه على الطريق يعرف بعزيز الدولة له خادم. مسجد الجفاني 3- مسجد في شمالي المرجة يعرف بمسجد الجفاني. 4- مسجد كبير فيه قبر الملك دقاق المعروف بقبة الطواويس في الرباط بنته خاتون أم دقاق. 5- مسجد من غربيه ملاصق البستان بناه داود الصوفي. 6- مسجد آخر تحته يشرف على عين الديباج التي عند الميدان بناه سالم الفراش. 7- مسجد آخر عند آخر الميدان من شماليه بناه رجل جندي. 8- مسجد عند قصر الملوك بقرب السمانين بناه الحاج نصر الفراش. 9- مسجد في النيرب الأسفل بناه أبو محمد بن منصور النهراني. 10- مسجد في السهم عند بستان ابن الشحاذة مقابل جسر ثورا. مسجد النيرب 11- مسجد النيرب من مساجد القرى. 12- مسجد الربوة المباركة وسيأتي إن شاء الله تعالى.

مسجد العنابة 13- مسجد العنابة بالمزة. مسجد الخلخال 14- مسجد أمين الدولة الوزير ويعرف بالخلخال. مسجد بني عمير 15- مسجد بني عمير مستجد. مسجد بني ضبة 16- مسجد بني ضبة قديم. مسجد العامري 17- مسجد العامري جوار بستان الشيرازي رحمه الله تعالى. مسجد صفي الدين الخادم 18- مسجد صفي الدين الخادم مستجد. مسجد المرج 19- مسجد المرج جوار بستان الصاحب تاج الدين. مسجد البسطامي 20- مسجد البسطامي جوار بستان ابن سلام. مسجد حميص 21- مسجد بمغارة حمص المعروف بحميص. مسجد الريس 22- مسجد الريس على نهر ثورا.

مسجد عمري 23- مسجد عمري بكفرسوسيا. مسجد الريس 24- مسجد الريس بها. مسجد الأشراف 25- مسجد الأشراف بها. مسجد الديليمي 26- مسجد اليليمي مستجد. 27- مسجد أنشأه العلم الزاهد. مسجد باب الجنان 28- مسجد باب الجنان المسدود تحت القلعة كان قديما فتشعث فجددته امرأة الحاجب اسرائيل. 29-مسجد بقبة عند باب بستان ابن خواجامكي بقرب نهر بانياس. 30- مسجد في رباط النساء بنته خاتون1. 31- مسجد على نهر بانياس بنته امرأة من نساء الجند اسمها قرة فيه مقبرة. 32- غربية في رباط ينسب إلى ابن يزيد العجمي. 33- مسجد غربية قبلي نهر بانياس على الطريق بناه المجامري. 34- مسجد من شام النهر من قبلة الميدان صغير بناه الملك العادل رحمه الله تعالى. 35- مسجد غربية كبير بناه الأمير الاسفهلار شيركوه. 36- مسجد موضع القبة المعروفة بقبة ممدود بناه الملك العادل رحمه الله تعالى.

_ 1 ابن كثير 14: 158.

37- مسجد في علو الرحى في الرباط الذي وقفه الملك العادل رحمه الله تعالى. 38- مسجد على المنيبع كبير فيه بركة وسقاية بناه الشيخ إسماعيل الملكي العادل. مسجد الفراش 39- مسجد يشرف على نهر بانياس يعرف بمسجد الفراش بناه محمد فراش خاتون. مسجد زمرد خاتون 40- مسجد زمرد خاتون1 وهو كبير الذي بني في موضع تل الثعالب محاذي صنعاء له منارة ومؤذن ووقف فيه سقاية. 41- مسجد عند زيتون المساكين من أرض المزة على نهر القنوات. 42- مسجد بناه عمر النجار وسلامه بن صالح رحمهم الله تعالى. 43- مسجد على باب الجابية ملاصق للسور لطيف بشباك. مسجد ابن حسان 44- مسجد معلق عند الحمام والسقاية يعرف الآن بابن حسان خارج الباب المعروف بباب الجابية بناه الأمير أسد الدين شيركوه رحمه الله تعالى. 45- مسجد مشرف على نهر بانياس ورحى الشرف يجري في ماء القنوات بناه الفلك ملك لم يتمم.. مسجد معاوية 46- مسجد معاوية رضي الله تعالى عنه من أرض قينية على طريق المزه وداريا فيه بئر.

_ 1 شذرات الذهب 4: 178.

مسجد الجنودة 47- مسجد الجنودة بين باب الجنان وباب الجابية بناه برغش انكز. مسجد الكرامية 48- مسجد في طرف زقاق الحصى يعرف بمسجد الكرامية. مسجد خواجا 49- مسجد خواجا على طريق كفر سوسيا من أرض قرية الحميريين. مسجد الشليلا 50- مسجد الشليلا كبير في شمال القرية المذكورة. 51- مسجد آخر لطيف قبل أن يصل إلى النهر. 52- مسجد قرية الحميريين كبير كان يقام به الجمعة قبل أن تخرب القرية. 53- مسجد بقبة عند الديلميات بناه الأمير أبو المكارم بن هلال رحمه الله تعالى. 54- مسجد في قصر حجاج كبير على بابه قناة بناه الأمير علي كرد وجدده ابنه الأمير أبو طالب له إمام. مسجد بني ملتهم 55- مسجد بني ملتهم في حارة الفلاحين. 56- مسجد خلف السور من قصر حجاج. 57- مسجد آخر بقربه. مسجد منصور المؤذن 58- مسجد منصورالمؤذن في السوق. 59- مسجد في حارة الكوريين

60- مسجد في حارة الميدان المعروفه بالمنيه. 61- مسجد آخر فيها. 62- مسجد على الطريق العظمى. 63- إلى جانبه مسجد على النهر بقرب باب الجابية. 64- مسجد آخر على النهر يعرف بحامد. 65- مسجد بقرب اويس القرني رحمه الله تعالى وفندق ابن عباده بنته أمراه. مسجد الكشك 66- مسجد يعرف بمسجد الكشك عند جسر سوق الدواب. مسجدالجزورية 67- مسجد من شرقي الجسر يعرف بالجزورية. 68- مسجد آخر لم يتمم من القبله. مسجد الحجر 69- مسجد الحجر يعرف بمسجد النارنج قبلي المصلى من شرقيه كبير فيه بئر وسقاية وله منارة. 70- مسجد في قصر الجنيد غربي المصلى. مسجد فلوس 71- مسجد قبلي الميدان على طريق حوران يعرف بمسجد فلوس هو بناه وفيه قبره وعلى بابه بئر وأم به الحافظ زكي الدين البرزالي رحمه الله تعالى ورحمنا به. 72- مسجد على الطريق بناه الأمير اكز له منارة خشب.

مسجد الجديد 73- مسجد يعرف بالمسجد الجديد في موضع محلة الساقيين بناء الرجل قرقوبي فيه بئر وعلى بابه منارة. قال الشيخ شهاب الدين أبو شامة رحمه الله تعالى في كتابه الروضتين في أخبار الدولتين في نزول الدين الشهيد رحمه الله تعالى لحصار دمشق بما صورته: فنزل في أرض مسجد القدم وما والاه من الشرق والغرب وبلغ منتهى المخيم إلى مسجد الجديد قبلي البلد قلت هو الذي يسمى في زماننا بمقبرة المعتمد بين مسجد القدم وبين مسجد فلوس انتهى. وقال صلاح الصفدي رحمه الله تعالى في وافية في ترجمة الحافظ زكي الدين محمد بن يوسف البرزالي رحمه الله تعالى: إن مسجد فلوس بطرف ميدان الحصى ووجدت بخط الحافظ بن ناصر الدين في مسودة توضيح المشتبه قال الذهبي رحمه الله تعالى والميدان بدمشق اثنان. قلت: بل أربعة ميدان الحصى وهو قبلي دمشق وفي أوله مصلى العيدين ثم يمتد وهو محلة كبيرة عامرة الآن ولله الحمد والثاني ميدان ابن أتابك وادي المصنف عني عن هذين الاثنين والثالث ميدان القصير وكانت عليه محلة عامرة بالسكان والمساجد فخربت إلا القليل والرابع ميدان الشرف الأعلى وقد استولى عليه الخراب انتهت الزيادة. 74- مسجد في القطايع شرقي المسجد الجديد في الأندر. 75- مسجد آخر في القطايع أيضا. 76- مسجد القدم بقرب عالية وعويلة قديم جدده أبو البركات محمد بن الحسن بن طاهر القرشي المعروف بأبي البركات بن المرار جدده في سنة سبع عشرة وخمسمائة وبه قبره وقبر ابنته أسما أم الشيخ فخر الدين ابن عساكر وهي أخت آمنة والدة القاضي محي الدين محمد بن محمد الزكي ودفن هناك طائفة كثيرة من العلماء رحمهم الله تعالى قاله الحافظ ابن كثير في تاريخه رحمه الله تعالى في سنة عشرين وستمائة في ترجمة الفخر بن عساكر وقد ذكرت في آخر كتاب تبيين الأمر القديم تراجم جماعة دفنوا وبه قبر جد أبيه لأمه أبي الحسن علي بن الواعظ الزاهد رحمه الله تعالى ولهذا المسجد منارة ووقف ويقال إن قبر موسى

على نبينا وعليه أفضل الصلاة وأتم التسليم فيه وفيه بئر وعلى بابه بئر. فهذه المساجد التي في أراضي دمشق وظاهرها يعني وعلى هذا اقتصر من سبقه ثم قال: ذكر ما لم يذكر في هذه الترجمة. 1- مسجد عين الكرش. 2- مسجد العاطفية بجبل الصالحية. 3- مسجد الشيخ علي بالجبل. 4- مسجد عمر بالجبل. 5- مسجد تربة خاتون على نهر يزيد. 6- مسجد تربة ريحان بالجبل. 7- مسجد الشيخ عماد الدين النحاس رحمه الله تعالى. 8- مسجد كمال الدين بن تميم رحمه الله تعالى. 9- مسجد القاضي شمس الدين بن سني الدولة رحمه الله تعالى. 10- مسجد طالوت على نهر يزيد. 11- مسجد ابن عمير رحمه الله تعالى. 12- مسجد الحراقلة بالجبل. 13- مسجد الشيخ عبد الله الصايغ رحمه الله تعالى. 14- مسجد الشيخ علي النجار. 15- مسجد أمين الدين التفليسي رحمه الله تعالى. 16- مسجد البياضية. 17- مسجد حارة الحوارنه. 18- مسجد ابن وداعة. 19- مسجد ابن سويد. 20- مسجد الأمير جمال الدين بن يغمور. 21- مسجد المرشدية. 22- مسجد الشيخ الفرنثي.

23- مسجد الشيخ عز الدين الدينوري رحمه الله تعالى. 24- مسجد القابون. 25- مسجد خواجا إمام. 26- مسجد الشركسية. 27- مسجد بنت الحنبلي. 28- مسجد طائي وهو الاخوت العزيزي. 29- مسجد الردادين بعقبة دمر. 30- مسجد أمين الدين العجمي. 31- مسجد شبل الدولة العمادي. 32- مسجد المصلى وله وقف بديوان الصالح. 33- مسجد أمين الدين الزنجيلي. 34- المسجد العمري بالسبعة. 35- مسجد حكر ابن مالك ظاهر باب توما. 36- مسجد يعيش ويعرف بالنقاش. 37- مسجد تتش. 38- مسجد الوارقة ظاهر باب السلامة. 39- مسجد الوراقة بسوق الغنم. 40- مسجد عوينة دار البطيخ. 41- مسجد جوار الحيدرية. 42- مسجد الملك العادل رحمه الله تعالى بسوق الخيل. 43- مسجد الملك العادل رحمه الله تعالى بقرب الطواويس. 44- مسجد القاضي ابن أبي عصرون رحمه الله تعالى بطريق النيرب. 45- مسجد الشيخ محمد الساعي رحمه الله تعالى. 46- مسجد حكر الصوفية. 47- مسجد الملكه هدية خاتون رحمها الله تعالى بالحكر.

48- مسجد عبد الكريم الأبيض رحمه الله تعالى. 49- مسجد العمري بحكر السماق. 50- مسجد الشيخ قطب الدين النيسابوري رحمه الله تعالى. 51- مسجد اليمني جوار الخانقاه الحسامية1. 52- مسجد خان السبيل جوار النارنج. 53- مسجد حارة العجم. 54- مسجد البرهان الموصلي. 55- مسجد بيت رانس. 56- مسجد ببيلا. 57- مسجد الشاغوري بعقربا. 58- مسجد قصير القوافل. 59- مسجد قصير النور. 60- مسجد الغزلانية. 61- مسجد دير الحجر. 62- مسجد قرحتا. 63- مسجد الأشرفية. 64- مسجد سكا. 65- مسجد السويحة. 66- مسجد ذيرين. 67- مسجد اللقيا. 68- مسجد حران المرج. 69- مسجد العبادية. 70- مسجد الحارثية. 71- مسجد القاسمية. 72- مسجد حزرما.

_ 1 ابن كثير 14: 183.

73- مسجد الزنبقية. 74- مسجد الشماسية. 75- مسجد النشابية. 76- مسجد الفضالية. 77- مسجد الرمانية. 78- مسجد الزملكانية. 79- مسجد دير العصافير. 80- مسجد بالا. 81- مسجد حرستا القنطرة. 82- مسجد زبدين. 83- مسجد قرية البلاط. 84- مسجد دير بحدل. 85- مسجد البحدلية. 86- مسجد الخيارة. 87- مسجد بيت قوفا. 88- مسجد جرمانا. 89- مسجد تلفياثا. 90- مسجد العمري بجوبر. 91- مسجد زملكا. 92- مسجد حجيرة. 93- مسجد حمورية. 94- مسجد داعية. 95- مسجد بيت سوا. 96- مسجد كفر مديرة. 97- مسجد مسرابا. 98- مسجد دوما.

99- مسجد كفر بطنا. 100- مسجد القاعة بها. 101- مسجد المقصص بها. 102- مسجد العنابة خارج المدينة من جهة باب السلامة. 103- مسجد الوراقة. 104- مسجد الشهاب الفاضلي رحمه الله تعالى. 105- مسجد العفيف بن أبي الفوارس عامل المساجد رحمه الله تعالى. 106- مسجد أبي بكر المهتار جدد في الأيام الصالحية النجمية. 107- مسجد زاوية سوق الخيل. 108- مسجد كريم الدين الخلاطي رحمه الله تعالى. 109- مسجد الغرباء الخارج عن البلد. 110- مسجد الشيخ القرشي رحمه الله تعالى بالحارة الشهرزورية. 111- مسجد الأقطع الهندي رحمه الله تعالى. 112- مسجد سليمان الحلبي رحمه الله تعالى. 113- مسجد ابن دبوقة رحمه الله تعالى بمرج الدحداح رضي الله تعالى عنه. 114- مسجد القطب بن أسود رحمه الله. 115- مسجد الزبيرية. 116- مسجد حسون رحمه الله تعالى. 117- مسجد جوشن رضي الله تعالى عنه بميدان الحصى. 118- مسجد ساباط جراح. 119- مسجد جوار دار البطيخ. 120- مسجد شعيفات التراب رحمه الله تعالى. 121- مسجد صفوان. انتهى كلام العز بن شداد رحمه الله تعالى مع بعض زيادات وقد وقع له كلام وفي كلامه أوهام فاحشة يعتمد ما ينفرد به وغالب هذه المساجد زالت

اعيانها وتغيرت أحوالها وخططها داخل البلد وخارجها وتجددت مساجد كثيرة وخصوصا في ضواحيها وها أنا أذكر ما يحضرني الآن من مشهورها: مسجد المؤيد. قال الأسدي في ذيله في سنة عشرين وثمانمائة وفي جمادى الأولى منها فرغ من بناء هذا المسجد الذي أنشأه الملك المؤيد تحت القلعة بالمؤيدية وفي هذه السنة شرع في عمارة المدرسة المؤيدية بالقاهرة المعزية انتهى.

الذيل في ذكر الجوامع من ملحقات سيدي الوالد الماجد

الذيل في ذكر الجوامع من ملحقات سيدي الوالد الماجد جامع بني أمية 1- جامع دمشق ويقال له جامع بني أمية والجامع الأموي والجامع المعمور عن يزيد بن ميسرة قال: أربعة أجبل مقدمات بين يدي الله عز وجل طورزيتا وطور سينا وطور تينا وطور تيماء قال فطور زيتا بيت المقدس وطور سينا طور موسى عليه السلام وطور تينا مسجد دمشق وطور تيماء مكة المشرفة. وعن قتادة1 أنه قال: أقسم الله تبارك وتعالى بمساجد أربعة فقال: والتين وهو مسجد دمشق والزيتون وهو مسجد بيت المقدس وطور سنين وهو حيث كلم الله تعالى موسى عليه السلام والبلد الأمين وهو مكة المشرفة. وذكر أن جماعة أدركوا في مسجد دمشق شجرا من تين قبل أن يبنيه الوليد. وقال الحافظ شمس الدين الذهبي رحمه الله تعالى في مختصر تاريخ الإسلام خلافة الوليد بن عبد الملك كان ولي عهد أبيه فقام بالأمر بعده وكان مهيبا شجاعا ودولته عشرة أعوام بنى جامع دمشق وزخرفة وكان قبله نصفه كنيسة للنصارى ونصف الذي محراب الصحابة به للمسلمين فأرضى الوليد النصارى بعده كنائس صالحهم عليها فرضوا ثم هدمه سوى حيط أنه الأربعة

_ 1 شذرات الذهب 1: 153.

وأنشأ قبة النسر والقناطر وحلاه بالذهب والجواهر واستار الحرير وبقي العمل فيه تسع سنين حتى قيل كان يعمل فيه اثنا عشر الف مرخم وغرم عليه من الدنانير المصرية زنة مائة قنطار وأربعة وأربعين قنطارا بالدمشقي حتى صيره نزهة الدنيا وأمر نائبه على المدينة المنورة ببناء مسجد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتوسيعه وزخرفته ففعل وهو ابن عمه عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه اهـ. وقال العز بن شداد: أخبرني أحمد بن عبد الكريم المعروف بابن الخلال الحمصي أنه وقف على كتاب الف للوزير الأكرم وفيه أنه قال بحضرة أبي العلاء المعري1 إن حائط جامع دمشق الشرقي أمر الوليد أن لا يبنى إلا على جبل فحفر أسه فوجد حائط فانتهى إليه فأمر أن يحفر أمام الحائط فحفر فوجد في الحائط باب ففتح فوجد خلفه صخرة عليها كتابة فحملت إلى بين يدي الوليد فأمر بغسلها ونقل ما عليها من الكتابة فكان عليها لما كان العالم محدثا ثبت أن له محدثا أحدثه وصانعا صنعه فبنى هذا الهيكل لمضي ثلاثة الآف وسبعمائة سنة لأهل الاسطوان فإن رأى الداخل إليه أن يذكر بانيه عند بارية بخير فعل والسلام فقيل لأبي العلاء من أهل الاسطوان؟ فقال: لا اعرف وأنشد: سيسأل قوم ما الحجيج وما منى ... كما قال قوم من جديس ومن طسم ورؤي وقرئ على حجر في المئذنة الشرقية كتابة باليونانية ففسرت بالعربية فإذا عليه مكتوب: لما كان العالم محدثا والحدث داخل عليه وجب ان يكون له محدث وكانت الضرورة تعود إلى التعبد لمحدثه لا كما يقول ذو اللحيين وذو اللسنين وأشباهما فلما دعت الضرورة إلى عبادة هذا الخالق المحدث بالحقيقة تجرد لإنشاء البيت وتولى النفقة عليه محب الخير وتقربا إلى منشئ العالم ومبدئه وإيثارا لما عنده وذلك في سنة ثلثمائة وألفين لأصحاب الاسطوان فليذكر كل من دخل هذا البيت للصلاة فيه العاني به وقال ابن عساكر في تاريخه: وأخبرني

_ 1 شذرات الذهب 3: 280.

أبو التقى هشام بن عبد الملك حدثنا الوليد قال: لما أمر الوليد بن عبد الملك ببناء مسجد دمشق وجدوا في حائط المسجد القبلي لوحا من حجر فيه كتابة نقش فأتوا به الوليد فبعث إلى الروم فلم يستخرجوه فبعث إلى العبرانيين فلم يستخرجوه ثم بعث به إلى من كان بدمشق من بقية الأشبان فلم يستخرجوه فدل على وهب بن منبه1 فبعث إليه فلما قدم عليه أخبره بموضع ذلك اللوح فوجد ذلك الحائط بناه هود عليه السلام فلما نظر إليه وهب2 حرك رأسه وقرأه فإذا هو يقول فيه: بسم الله الرحمن الرحيم ابن ادم لو رأيت يسير ما بقي من أجلك لزهدت في طول أملك وإنما تلقى ندمك إذا زلت به قدمك وأسلمك أهلك وحشمك وانصرف عنك الحبيب وودعك القريب ثم صرت تدعى فلا تجيب فلا أنت إلى أهلك عائد ولا في عملك بزائد فاعمل لنفسك قبل يوم القيامة وقبل الحسرة والندامة وقبل أن يحل بك أجلك فلا ينفعك مال جمعته ولا ولد ولدته ولا أخ تركته ثم تصير إلى برزخ الثرى ومجاورة الموتى فاغتنم الحياة قبل الموت والقوة قبل الضعف والصحة قبل السقم قبل أن تؤخذ بالكظم ويحال بينك وبين العمل وكتب في زمان سليمان بن داود عليهما السلام وأنباء أبو الفضائل محمود عن زيد بن واقد3 قال: وكلني الوليد على العمال في يناء جامع دمشق فوجدنا فيه مغارة فعرفنا الوليد ذلك فلما كان الليل وافى وبين يديه الشمع فنزل فإذا هي كنيسة لطيفة ثلاثة أذرع في ثلاثة أذرع وإذا فيها صندوق ففتح الصندوق فإذا فيه سفط وفي السفط رأس يحيى ابن زكريا عليهما السلام مكتوب عليه هذا رأس يحيى بن زكريا فأمر به الوليد فرد إلى المكان وقال: اجعلوا العمود الذي فيه مغيرا بين الأعمدة فجعل عليه عمود مسفط الرأس. وروى الوليد بن مسلم حدثنا زيد بن واقد قال: ورأيت يحيى بن زكريا حين أرادوا بناء المسجد الجامع أخرج من تحت ركن من أركان القبة وكانت البشرة والشعر على رأسه لم يتغير وقيل إن رأس يحيى بن زكريا نقل من دمشق إلى بعلبك ثم نقل منها إلى حمص ثم نقل منها إلى حلب

_ 1 شذرات الذهب 1: 344. 2 شذرات الذهب 1: 150. 3 شذرات الذهب 1: 207.

المحروسة في جرن رخام فدخل في القلعة وحين استيلاء التتار المخذولين على حلب وقلعتها قنل من قلعتها إلى جامعها وانبا أبو محمد الاكفاني1 عن كعب في قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} الآية. فقال: إذا هدمت كنيسة دمشق يعني كنيسة يوحنا فبنيت مسجدا وظهر لبس القصب فحينئذ تأويل هذه الآية فهدمها الوليد. وقرأت على أبي محمد السلمي2 عن يحيى بن عمر ونحوه وأنبأ أبو الفضل القاسم السمرقندي عن يعقوب بن سفيان3 قال سألت هشام بن عمار4 عن قصة مسجد دمشق وهدم الكنيسة قال: كان الوليد قال للنصارى من أهل دمشق إنا أخذنا كنيسة توما عنوة والكنيسة الداخلة صلحا فأنا أهدم كنيسة توما قال هشام: وتلك أكبر من الداخلة قال فرفضوا أن يهدم الكنيسة الداخلة فهدمها وأدخلها في المسجد قال وكان قبلة المسجد اليوم بالمحراب الذي يصلى فيه قال وهدم الكنيسة في أول خلافة الوليد سنة ست وثمانين وكانوا في بنائه سبع سنين حتى مات الوليد ولم يتم بناؤه فأتمه سليمان من بعده. وفي كتاب البلاذري5 في البلدان: قالوا لما ولي معاوية بن أبي سفيان أراد أن يزيد كنيسة يوحنا في الجامع فأبى النصارى ذلك فأمسك ثم طلبها عبد الملك في أيامه للزيادة في المسجد وبذل لهم مالا فأبوا ثم إن الوليد بن عبد الملك ابن مروان جمعهم في أيامه وبذل لهم مالا عظيما على أن يعطوه إياها فأبوا فقال: لئن لم تفعلوا لأهدمنها فقال بعضهم: يا أمير المؤمنين إن لهذه الكنيسة شأنا إن من هذه هذه الكنيسة جن أو أصابه عاهة فاحفظه قولهم ودعى بمعول وجعل يهدم حيطانها بيده وعليه قباء خز أصفر ثم جعل الفعلة والنقاض يهدمونها وبنى الجامع فلما ولي عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه شكا النصارى إليه ما فعل الوليد بهم في كنيستهم فكتب إلى عامله يأمره برد ما زاده في الجامع

_ 1 شذرات الذهب 4: 73. 2 شذرات الذهب 4: 78. 3 شذرات الذهب 2: 171. 4 شذرات الذهب 2: 109. 5 ابن كثير 11: 69.

عليهم فكره أهل دمشق ذلك وقالوا يهدم مسجدنا بعد أن إذنا فيه وصلينا ويريد بيعه وفيهم يومئذ سليمان بن حبيب المحاربي1 قلت: وهو قاضي دمشق يومئذ وغيره من الفقهاء فأقبلوا على النصارى وسالوهم أن يعطوهم جميع كنائس الغوطة التي أخذت عنوة وصارت في أي دي المسلمين على أن يصفحوا عن كنيسة يوحنا ويمسكوا عن المطالبه لها فرضوا بذلك واعجبهم فكتب به إلى عمر بن عبد العزيز فسره وأمضاه. وقرأت على أبي محمد السلمي عن عبد العزيز بن أحمد وأنبأنا أبو محمد بن الاكفاني عن يحيى بن يحيى قال: لما هم الوليد بن عبد الملك بهدم كنيسة يوحنا ليزيدها في الجامع دخل الكنيسة ثم صعد منارة ذات الأصابع المعروفة بالساعات وفيها راهب يأوي في صومعة له فأحدره من الصومعة فأكثر الراهب كلامه فلم يزل الوليد في قفاه حتى أحدره من المنارة انتهى حديث عبد العزيز زاد ابن الأكفاني: ثم هم بهدم الكنيسة فقال له جماعة من نجاري النصارى: ما نجسر على هدمها يا أمير المؤمنين نخشى أن نجن أو يصيبنا شيء فقال الوليد: تحذرون وتخافون ياغلام هات المعول ثم أتى بسلم فنصبه على محراب المذبح وصعد فضرب بيده المذبح حتى أثر فيه أثرا كبيرا ثم صعد المسلمون فهدموها وأعطاهم الوليد مكان الكنيسة التي في المسجد الكنيسة التي تعرف بحمام القاسم بحذاء دار أم البنين في الفراديس قال يحيى بن يحيى: أنا رأيت الوليد بن عبد الملك فعل ذلك بكنيسة مسجد دمشق وقرأت على أبي محمد السلمي عن أبي محمد التميمي عن أبي إسحاق إبراهيم بن عبد الملك2 بن مروان المقري أن المغيرة مولى الوليد بن عبد الملك دخل يوما على الوليد بن عبد الملك ابن مروان فرآه مغموما فقال: يا أمير المؤمنين ماشأنك فأعرض عنه ثم أنه عاوده فقال له: يا أمير المؤمنين ما شأنك؟ فقال له: يا مغيرة إن المسلمين قد كثروا وقد ضاق بهم المسجد وقد بعثت إلى هؤلاء النصارى أصحاب هذه الكنيسة لندخلها في المسجد فأبوا علينا وقد أقطعتهم قطائع كثيرةوبذلت لهم

_ 1 شذرات الذهب 1: 171. 2 شذرات الذهب 2: 268.

أموالا فامتنعوا فقال له المغيرة: لا تغتم يا أمير المؤمنين قد دخل خالد بن الوليد من الباب الشرقي بالسيف ودخل أبو عبيدة بن الجراح من باب الجابية بالأمان فنماسحهم إلى موضع بلغ السيف فإن يكن لنا فيه حق أخذناه وان لم بكن لنا فيه حق داريناهم حتى نأخذ باقي الكنيسة فندخله في المسجد فقال له: فرجت عني فتول هذا الأمر قال فتولاه فبلغت المساحة إلى سوق الريحان حتى حاذى من القنطرة الكبيرة أربعة أذرع بالذراع الهاشمي فإذا باقي الكنيسة قد دخل في المسجد فبعث إليهم وقال: هذا حق جعله الله عز وجل لنا فقالوا: يا أمير المؤمنين قد أقطعتنا كنائس وبذلت لنا من المال كذا وكذا فإن رأيت يا أمير المؤمنين أن تتفضل به علينا فعلت فامتنع عليهم حتى سألوه وطلبوا إليه فأعطاهم كنيسة حميد بن درة وكنيسة أخرى إلى جانب سوق الجبن وكنيسة المصلبة وكنيسة مريم قال: ثم إن الوليد بعث إلى المسلمين حتي اجتمعوا لهدم الكنيسة واجتمع النصارى فقال للوليد بعض القسيسين والفاس على كتفه وعليه قباء سفرجلي وقد شد بزور قبائه يا أمير المؤمنين إني أخاف عليك من الشاهد قال: ويلك ما أضع فأسي إلا في رأس الشاهد ثم إنه صعد فأول من وضع فأسه في هدم الكنيسه الوليد وسارع الناس في الهدم وكبر الناس ثلاث تكبيرات وزادها في المسجد. ولما بلغ ملك الروم هدمها كتب إليه: إنك هدمت الكنيسة التي رأى أبوك تركها فإن كان حقا فقد خالفت أباك وإن كان باطلا فقد أخطا أبوك فلم يدر ما جوابه فكتب إلى الكوفة وإلى البصرة وسائر البللدان أن يجيبوه فلم يجبه أحد فوثب الفرزدق فقال: أصلح الله أمير المؤمنين قد رأيت ر أيا فإن كان حقا فخذه وإن كان خطأ فمني وهو قول الله عز وجل: {وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} الآية. قال: فكتب الوليد إلى ملك الروم فلم يجبه وأنشأ الفرزدق يقول: فرقت بين النصارى في كنائسهم ... والعابدين مع الأسحار والعتم

وهم معا في مصلاهم وأوجههم ... شتى إذا سجدوا لله والصنم وكيف يجتمع الناقوس يضر به ... أهل الصليب مع القراء لم تنم فهمك الله تحويلا لبيعتهم ... عن مسجد فيه يتلى طيب الكلم فهمت تحويلها عنهم كما فهما ... إذ يحكمان لهم في الحرث والغنم داود والملك المهدي إذ حكما ... أولادها واجتزاز الصوف بالجلم ما من أب حملته الأرض نعلمه ... خير بنين ولا خير من الحكم وقيل لما أراد الوليد بناء مسجد دمشق احتاج إلى صناع كثيرة فكتب إلى الطاغيه أن وجه إلي بمائتي صانع من صناع الروم فإني أريد أن أبني مسجدا لم يبن من مضى قبلي ولم يبن من بعدي مثله فإن أنت لم تفعل غزوتك بالجيوش وأخرجت الكنائس في بلدي وكنيسة بيت المقدس وكنيسة الرها وسائر آثار الروم في بلدي فأراد الطاغية أن يغضه عن بنائه وأن يضعف عزمه فكتب إليه والله لئن كان أبوك فهمها وأغفلت عنها إنها لوصمة عليك وإن فهمتها وغيبت عن أبيك إنها لوصمة عليه وأنا موجه لك ما سألت فأراد أن يجعل له جوابا فجلس له عقلاء الرجال في حظيرة المسجد يفكرون في ذلك فدخل عليهم الفرزدق فقال: ما بال الناس أراهم مجتمعين حلقا فقيل له السبب كيت وكيت فقال: أنا أجيبه من كتاب الله تعالى: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلّاً آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً} الآية. وقال: قرأت في الكتاب الذي فيه أخبار الأوائل أن هذه الدار المعروفة بالخضراء مع الدار المعروفة بالمطبق مع دار المعروفة بدار الخيل مع المسجد الجامع أقاموا وقت بنائها يأخذون لها الطالع ثماني عشرة سنة وقد اجتهدوا في ذلك وما حفروا أساس الحيطان حتى وافاهم الوقت الذي طلع فيه الكوكبان اللذان أرادوا بطلوعهما أن المسجد لا يخرب أبدا ولا يخلو من العبادة وأن هذه الدار إذا بنت لا تخلو أن تكون دار الملك والسلطنة والضرب والحبس وعذاب الناس والقتل ومأوى الجند والعساكر والبلاء والفتنة فبنى عليه هذا وكانت في ذلك الزمان كلها دارا واحدة. وقد بنى الوليد بن عبد الملك بن مروان كل ما كان داخل حيطان المسجد

وزاد في سمكها ولما بنى القبة فيه وستقلت وتمت وقعت فشق ذلك على الوليد فاتاه رجل من البنائين فقال له: أنا أتولى بنيانها على أن تعطيني عهد الله أن لا يدخل معي أحد في بنيانها ففعل ذلك فحفر موضع الأركان حتى بلغ الماء ثم بناها فلما استعلت على وجه الأرض غطاها بالحصر وهرب عن الوليد فأقام بطلبه ولم يقدر عليه فلما كان بعد سنة لم يعلم الوليد إلا وهو على بابه فقال له: ما دعاك إلى ما صنعت قال: تخرج معي حتى أريك فخرج الوليد والناس معه حتى كشف الحصر فوجد البنيان قد انحط حتى صار مع وجه الأرض فقال: من هذا ثم بناها ببنائها الذي هي عليه حتى قامت ويقال أنه حفر الأساس أي أساس مسجد دمشق حتى بلغ الحفير إلى الماء واقي فيه جراز الكرم وبنى عليه ذلك الأساس وقد روى عن بعض قومه المسجد في بنائه قال: حدث أن الوليد بن عبد الملك بعث إليه يوما عند فراغه من القبة الكبيرة ولم يبق منها إلا عقد رأسها فقال: إني عزمت أن اعقدها بالذهب فقال له: يا أمير المؤمنين هل اختلطت هذا شيء لا تقدر عليه فقال له: يا ماص هن أمه تقول لي هذا وأمر به فضرب خمسين سوطا ثم قال: اذهب فافعل ما أمرت به قال: فذكر لي أنه عمل لبنة من ذهب فأمر بحملها إليه فلما نظر إليه وعرف ما فيها وما تحتاج القبة إلى مثلها قال: هذا شيء لا يوجد في الدنيا فرضي عنه وأمر له أي للمضروب بخمسين دينارا. ثم أراد أن يبني المسجد اسطوانات إلى الكوى فدخل بعض البنائين فقال: لا ينبغي أن يبني كذا ولكن ينبغي أن يبني فيها قناطر وتعقد أركانها بعضها إلى بعض ثم تجعل أساطين ويجعل عمدا ويجعل فوق العمد قناطر تحمل السقف وتخف عن العمد البناء ويجعل بين كل عمودين ركن فبني ذلك قال ابن الرامي يرفعه عن رجل ولما قطع الوليد بن عبد الملك بن مروان بالرصاص لمسجد دمشق على أهل الكور كانت كورة الاردن أكثرهم في ذلك فطلبوا الرصاص في النواويس فانتهوا إلى قبر من حجارة في داخله قبر من رصاص فأخرجوا الميت الذي فيه فوضعوه فوق الأرض فوقع في هوة من الأرض

فانقطع عنقه فسال من فيه دم فهالهم ذلك فسألوا عنه فكان فيمن سألوا عبادة بن نسي الكندي1 فقال لهم: هذا قبر طالوت الملك كذا قراه على عبد الكريم. وأنبأنا أبو محمد بن الاكفاني قال: قرأت على أبي محمد السلمي عن بعض المشايخ قال: لما فرغ الوليد بن عبد الملك من بناء المسجد قال له بعض ولده أتعبت الناس طينته كل سنة ويخرب سريعا فأمر أن يسقف بالرصاص فطلب الرصاص من كل بلد فوصل إليه فبقي عليه موضع لم يجد له رصاصا فكتب إلى عماله يحرضهم في طلبه فكتب إليه بعض عماله: أنا وجدنا عند امرأة منه شيئا وقد أبت أن تبيعه إلا وزنا بوزن من النضار فكتب إليه أن خذه وزنا بوزن فأخذه وزنا بوزن فلما وافاها النضار قالت: هو هدية مني للمسجد فقال لها العامل: أنت أبيتي أن تبيعيني إياه إلا وزنا بوزن شحا منك فكيف تهديه إلى المسجد فقالت: إنما فعلت ذلك ظننت أن صاحبكم يظلم الناس في بنائه ويأخذ أموالهم فلما رأيت الوفاء منكم علمت أنه لم يكن يظلم فيه أحدا ويبتاع وزنا بوزن فكتب إلى الوليد بذلك فأمر أن يعمل في صفائحه لله ولم يدخله في جملة ما عمله فهو إلى اليوم مكتوب عليه لله طبع بطابع على السقف انتهى. وكان سليمان بن عبد الملك هو المقيم مع الصناع فكان يفضل عند الرجل الفلس ورأس المسمار فيجيء به فيرميه في الخزانة. أنبأنا أبو الحسن علي الخطيب يرفعه إلى أحمد بن هشام يقول: سمعت أبي يقول ما في مسجد دمشق شيء من الرخام إلا ما كان من رخامي المقام فإنه يقال أنه ما من عرش بلقيس وأما الباقي فكله مرمر. وقيل أنه اجتمع في ترخيمة اثنا عشر ألف مرخم قال بعضهم: كتب لي أبو عبد الله محمد الفراوي2 وقيل أنه ألفاه يخبرني عن أبي بكر أحمد بن الحسين الحافظ يرفعه إلى عبد الرحمن بن عبد

_ 1 شذرات الذهب 1: 155. 2 شذرات الذهب 4: 96.

الله بن عبد الحكم قال: سمعت الشافعي يقول: عجائب الدنيا خمسة أشياء أحدها منارتكم هذه يعني منارة ذي القرنين والثانية أصحاب الرقيم الذين هم بالروم اثنا عشر رجلا أو ثلاثة عشر رجلا والثالثه مرآة في بلاد الأندلس معلقة على باب المدينة أي مدينة الأندلس الكبيرة فإذا غاب الرجل من بلادهم على مسيرة مائة فرسخ في مائة فرسخ أتى بعض أهله إلى تلك المراة يقعد تحتها وينظر في المرآة يرى صاحبه من مائة فرسخ والرابعة مسجد دمشق وما يوصف به ومن الأنفاق عليه وكثرة محاسنه والخامسة الرخام والفسيفساء فإنه لا يدرى له موضع. ويقال: أن الرخام الذي فيه كله معجون والدليل على ذلك أنه لو وضع على النار لذاب وهذا من العجب العجاب وقيل لما أخذ الوليد في بناء مسجد دمشق وظهر من تزويقه وتنميقه وبنائه وعظم مؤنته ما ظهر تكلم الناس فقالوا: أنفق فيئنا وأتلف ما في بيوت أموالنا في نقش الخشب وتزويق الحيطان ثم كانا به قد حرمنا اعطاءنا واعتل علينا بذهاب المال وقلته فبلغ الوليد كلامهم والذي قالوه فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا أيها الناس قد بلغني مقالتكم وانتهى إلي ما خفتم من حبس إعطائكم ودفعكم عن حقوقكم وليس الأمر كما ظننتم أما وإني أمرت بإحصاء ما في بيوت الأموال فأصبت أعطاكم فيه ست عشر سنة مستقبلة من يومي هذا ثم نزل وقيل أنهم حسبوا ما أنفق على الكرمة التي قبل المسجد الأموي فكان سبعين ألف دينار. وقال أبو قصي: ما أنفق في عمارة مسجد دمشق أربع مائة صندوق في كل صندوق أربعة عشر ألف دينار وقيل أنه قال: رأيت كم يا أهل دمشق تفتخرون بمائكم وهوائكم وفاكهتكم وحماماتكم فأردت أن يكون مسجدكم الخامس وقيل أنه اشترى العامودين الأخضرين اللذين تحت قبة النسر من حرب بن خالد بن يزيد بن معاوية بألف وخمسمائة دينار وأخبرني أبو الفضل القاسم بن السمرقندي قال: قال أبو يوسف يعقوب بن سفيان قرأت في صفائح في قبلة مسجد الجامع بدمشق مذهبة بلازورد:

بسم الله الرحمن الرحيم {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} . إلى آخر الآية لا اله إلا الله وحده لا شريك له ولا نعبد إلا إياه ربنا الله وحده وديننا الإسلام ونبينا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر ببناء هذا المسجد وهدم الكنيسة التي كانت فيه عبد الله الوليد أمير المؤمنين في ذي القعدة من سنة ست وثمانين في ثلاث صفايح منها وفي الرابعة فاتحة الكتاب إلى آخرها ثم النازعات إلى آخرها ثم عبس إلى آخرها ثم إذا الشمس كورت إلى آخرها قال أبو يوسف: وقدمت بعد ذلك فرأيت هذا قد محي وكان هذا قبل المأمون وقال ابن الرومي: سمعت أبا مروان عبد الرحيم بن عمر المازني يقول: لما كان في أيام الوليد بن عبد الملك وبنائه المسجد الجامع احتفر فيه موضعا فوجدوا بابا من حجارة مغلقا فلم يفتحوه وأعلموا به الوليد فخرج من داره حتى وقف عليه وفتح بين يديه فإذا داخله مغارة فيها تمثال إنسان من حجارة على فرس من حجارة في يد التمثال الواحدة الدرة التي كانت في المحراب ويده الآخرى مقبوضة فأمر بها فكسرت فإذا فيها حبتان حبة قمح وحبة شعير فسأل عن ذلك فقيل لو تركت الكف لم يكسرها لم يسوس في هذا البلد قمح ولا شعير. وأنبأنا أبو محمد بن الأكفاني أخبرني أبو القاسم غنائم بن أحمد الخياط حدثني أبو أحمد الحافظ الوراق وكان قد عمر مائة سنة قال: سمعت بعض الشيوخ يقولون إنه لما دخل المسلمون دمشق وقت فتحها وجدوا على العمود الذي في المقسلاط على السفود الحديدالذي في أعلاه صنما مادا يده بكف مطبقة فكسروه فإذا فيه حبة قمح فسألوا عن ذلك فقيل لهم هذه الحبة القمح جعلها حكماء اليونان في كف هذا الصنم طلسما حتى لا يسوس القمح ولو أقام سنين كثيرة. قال ابن عساكر: قلت ورأيت أنا هذا السفود على قناطر كنيسة بالمقسلاط. وأنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم الحسني قال: سمعت جماعة من شيوخ أهل دمشق يقولون إن العمود الحجر الذي بين سوق الشعير وبين سوق أم حكيم عليه حجر مدور مثل الكرة كبير لعسر بول الدواب إذا دار الفرس أو الحمار ثلاث

مرات حول العمود انطلق البول منه عملته حكماء الروم من اليونانيين. وكان مبدأ شروع الوليد في عمارة المسجد سنة سبع وثمانين وتوفي يوم السبت منتصف جمادى الآخرة سنة ست وتسعين وكانت مدة ولايته تسع سنين وثمانية أشهر. قال الذهبي في العبر: وكان مع ظلمه كثير التلاوة للقرآن قيل أنه كان يختم في كل ثلاث ويقرأ في شهر رمضان سبع عشرة ختمة ورزق سعادة سعيدة في أيامه فافتتحت الهند في أيامه والترك والأندلس وكان كثير الصدقات جاء عنه أنه قال: لولا ما ذكر الله آل لوط في القرآن ما ظننت أن احدا يفعله وكان يكنى أبا العباس وكان ذميما سافلا يتبختر في مشيه وأدبه ناقص حتى قيل أنه قرأ في الخطبة قوله تعالى: {يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ} . بضم التاء من ليت وأنشا هذا الجامع ولم يكمله كما تقدم فأتمه أخوه سليمان. وأنبأ أبو محمد الأكفاني عن ابن مسهر1 قال: عملت المقصورة لسليمان بن عبد الملك حين استخلف. وقال الذهبي في العبر في سنة اثنتين وسبعين ومائة: وفي هذه السنة توفي أمير دمشق الفضل بن صالح بن علي العباسي2 ابن عم المنصور وهو الذي أنشا القبة الغربية التي بجامع دمشق وتعرف بقبة المال انتهى. وقال الأسدي في تاريخه في سنة اثنتين وستمائة: قال ابن كثير في شعبان منها هدمت القنطرة الرومانية التي عند الباب الشرقي ونشرت حجارتها لتبليط الجامع الأموي بسفارة الوزير صفي الدين بن شكر وزير العادل فكمل تبليطه في سنة أربع وستمائة وقال ابن كثير في سنة إحدى وتسعين وستمائة: وفي ليلة اللسبت ثالث عشر صفر جيء بهذا الجرن الأحمر الذي بباب البرادة من عكا فوضع في مكانه الآن انتهى. ورأيت بخط البرزالي في تاريخه في سنة ست وثلاثين وسبعمائة وفي جمادى الأولى أخربت مساطب سوق النحاسين بدمشق فوجدوا حائط دار الخطابة متعتقا فأخرب ووجد فيه حجارة كبار وظهر باب كبير مليح له اسكفة

_ 1 شذرات الذهب 2: 44. 2 شذرات الذهب 1: 281.

وجوانب والجميع مخرب خلف مخراب المقصورة ونقلت الحجارة الكبار إلى باب الفرج فاستعين بها في البناء ذكره وذكر ذلك كله شمس الدين سبط ابن الجوزي انتهى. وباب الجامع القبلي الغربي يعرف بباب الزيادة بباب الساعات وتعرف تلك الحارة بحارة القباب وهناك دار مسلمة بن عبد الملك قال ابن كثير في سنة إحدى وثلاثين وستمائة: وفيها كملت عمارة القاسارية التي هي قبلي النحاسين وحول إليها سوق الصاغة وشغر سوق اللؤلؤة الذي كان فيه الصاغة العتيقه عند الحدادين وفيها جددت الدكاكين التي بباب الزيادة. قلت: وقد جددت شرقي ههذه الصاغة الجديدة قاساريتان في زماننا وسكن بهما الصواغ وتجار الذهب والجوهر وهما حسنتان والجميع وقف الجامع المعمور انتهى. وقال ابن عساكر رحمه الله تعالى: وأخبرني أبو محمد الاكفاني عن أبي عبد الله محمد بن أحمد بن زيد القاضي قال: إنما سمي باب الساعات لأنه كان عمل عناك منكاب الساعات يعلم بها كل ساعة تمضي من النهار عليها عصافير من نحاس وحية من نحاس وغراب فإذا تمت الساعة خرجت فصفرت العصافير وصاح الغراب وسقطت حصاة. وقال الصفدي في تاريخه في المحمدين: محمد بن عبد الكريم مؤيد الدين أبو الفضل الحارثي الدمشقي المهندس كان ذكيا أستاذا في نجارة الدف ثم برع في علم اقليدس ثم ترك نقش الرخام وضرب الخيط وأقبل على الاشتغال وبرع في الطب والعلم الرياضي وهو الذي صنع الساعات على باب الجامع وسمع من السفلي وضع كتبا مليحة واختصر الأغاني وهو بخطه في مشهد عروة وكتاب "الحروب والسياسات" و "الأدوية المفردة" و "مقالة في رؤية الهلال" توفي في سنة تسع وتسعين وخمسمائة وأورد له ابن أبي اصيبعه في تارخ الأطباء ونقلته من خطه من رسالة في رؤية الهلال الفها القاضي محي الدين بن الزكي ويقول فيها يمدحه: خصصت بالأب لما أن رأيتهم ... دعوا بنعتك أشخاصا من البشر ضد النعوت تراهم إن بلوتهم ... وقد يسمى بصيرا غير ذي بصر

والنعت ما لم تك الأفعال تعضده ... اسم على صورة خطت من الصور وما الحقيق به لفظ ييطابقه الـ ... معنى كنجل القضاة الصيد من مضر فالدين والملك والاسلام قاطبة ... برأيه في أمان من يد الغير كم سن سنة خير في ولايته ... وقام لله فيها غير معتذر قلت: هو شعر مقبول غير مردود ومات رحمه الله تعالى بداء الإسهال بدمشق وله سبعون سنة انتهى. وقال الصفدي في حرف الراء رضوان بن محمد ابن علي بن رستم الخراساني فخر الدين بن الساعاتي مولده ومنشؤه بدمشق وكان أبوه من خراسان وانتقل إلى الشام وأقام بدمشق إلى أن توفي وهو الذي عمل الساعات بباب الجامع الأموي ووضعها أيام الملك العادل نور الدين محمود وكان له منه الانعام الكثير ولما توفي خلف ولدين أحدهما بهاء الدين أبو الحسن علي بن الساعاتي والآخر فخر الدين رضوان المذكور انتهى. وقال الصفدي في المحمدين: محمد بن نصر الدين بن صغير بن خالد هو أبو عبد الله مهذب الدين أو عدة الدين الشاعر المشهور صاحب الديوان المعرف باب القيسراني حامل لواء الشعر في زمانه ولد بعكا سنة ثمان وسبعين وأربع مائة ونشأ بقيسارية الساحل فنسب إليها وسكن دمشق وتولى إدارة الساعات التي على باب الجامع وسكن فيها في دولة تاج الملوك وبعده سكن حلب المحروسة مدة وولي بها خزانة الكتب وتردد إلى دمشق وبها مات سنة ثمان وأربعين وخمسمائة وقرأ الأدب على توفيق بن محمد وأتقن الهندسة والحساب والنجوم وأطال الكلام على ماله من نظم ونثر فراجعه. وقال فيه: علي بن إبراهيم بن محمد بن الهمام أبي محمد إبراهيم بن حسان بن عبد الرحمن بن ثابت الأنصاري الأوسي هو الإمام فريد الزمان المحق المتقن البارع الرضي أعجوبة الدهر الشيخ علاء الدين أبو الحسن علي المعروف بابن الشاطر رئيس المؤذنين بالجامع الأموي بدمشق قرأ على علي بن إبراهيم بن يوسف وكان يعرف بابن الشاطر فسمي هو بذلك سألته عن مولده فقال في خامس عشر شعبان سنة خمس وسبعمائة بدمشق رأيته غير مرة ودخلت إلى منزله في

شهر رمضان سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة لرؤية الاسطرلاب الذي أبدع وضعه فوجدته قد وضعه في قائم حائط في منزله داخل باب الفراديس في درب الطيار ورأيت هذا الاسطرلاب فأنشأ لي طربا ووجد لي في المعارف أربا وقلت: إن من تقدمه من الأفاضل عند جبل علمه الراسخ هباء ولو رآه إقليدس لما كان عنده إلا نقطة من خطه أو ارشميدس لرأى شكله قطاعا في تحرير وضبطه فسبحان من يفيض على بعض النفوس ما يشاء من المواهب ويجدد في كل عصر من يحييي رسوم الفضل الذي عدم في الليالي الذواهب وصورة الاسطرلاب المذكور قنطرة مقدار نصف أو ثلث ذراع تقريبا يدور أبدا على الدوام في اليوم والليلة من غير رحى ولا ماء على حركات الفلك لكنه قد رتبها على أوضاع مخصوصة تعلم منه الساعات المستوية والساعات الزمانية انتهى. وإليه ينسب عمل المنحرفتين في قبلة مأذنة العروس بالجامع الأموي المذكور انتهى. وحدث أبو الفضل يحيى بن علي1 القاضي أن أدرك في الجامع الأموي قبل حريقه طلسمات لسائر الحشرات معلقة في السقف فوق البطائن مما يلي السبع وأنه لم يوجد في الجامع الأموي شيء من الحشرات قبل الحريق فلما احترقت الطلسمات وجدت انتهى. وكان حريق الجامع الأموي ليلة النصف من شعبان بعد العصر سنة إحدى وستين وأربع مائة قال الذهبي في كتاب العبر: في سنة إحدى وستين هذه في نصف شعبان احترق جامع دمشق الأموي كله من حرب وقع في الدولة فضربوا بالنار دارا مجاورة لللجامع الأموي فقضي الأمر واشتد الخطب وأتى الحريق على سائره ودثرت محاسنه وانقضت ملاحته انتهى. ووجد في كتاب لبعض أهل دمشق اقيمت فية بيت الرخام التي فيها فوارة الماء في سنة ست وتسعين وثلاثمائة وقال جعفر بن دواس الكناني المعروف بقمر الدولة يصف هذه الفوارة شعر:

_ 1 شذرات الذهب 4: 105.

رأيت بالجامع المعمور معجزة ... في جلق إحدى "كذا" من بها سمعا فوارة كلما فارت فرت كبدي ... وماؤها فاض بالأنفاس فاندفعا كانها الكعبة العظمى فكل فتى ... من حيث قابل أنبوبا لها ركعا وقرأت بخط إبراهيم بن محمد الحناء قال: أنشئت الفوارة المنحدرة وسط جيرون سنة ست عشرة وأربعمائة وجرت ليلة الجمعة لسبع ليال خلون من شهر ربيع الأول سنة سبع عشرة وأربعمائة وأمر بجر القصعة من ظاهر قصر حجاج إلى جيرون وأجرى ماءها الشريف القاضي فخر الدولة أبو يعلى حمزة بن الحسين بن العباس الحسيني جزاه الله خيرا ونحته بخطه محمد بن أبي نصير الحميدي1 انتهى. وسقطت هذه الفوارة في صفر سنة سبع وخمسين وأربعمائة من جمال تحاكت فيها فأنشئت كرة أخرى ثم سقطت وعمرت وما عليها في حريق اللبادين ورواق دار الحجارة ودار خديجة في سنة اثنتين وستين وخمسمائة وقال الذهبي في مختصر تاريخ الإسلام: في سنة اثنتين هذه وفيها احترقت اللبادين وباب الساعات بدمشق حريقا عظيما وأذهب أموال الناس طلعت النارمن دكان هراس انتهى. وقال الأسدي في تاريخه في شهر ربيع الآخر سنة خمس وعشرين وثمانمائة: وفيها جدد قاضي القضاة جمال الدين بن حجي الشافعي بالمقصورة من الجامع الأموي ربعة قرآن تفرق على الناس وقت صلاة الجمعة وجعل عليها قبة صغيرة غربي المنبر نظير القبة التي شرقية انتهى. وقال الذهبي في المختصر من تاريخ الإسلام: في سنة إحدى وثمانين وستمائة وفي شهر رمضان احترقت اللبادين والكتبيين والزجاجين المرجانيين والخواتميين وجميع ما فوق ذلك وما تحته وكان منظرا مهولا ذهب فيه من الأموال ما لا يحصى وسلم الله تعالى الجامع الأموي ثم عمر ذلك كله مع الملازمة في سنين انتهى. وقال الأسدي رحمه الله تعالى في ذيله في سنة سبع وعشرين وثمانمائة في شهر: ربيع الآخر منها وفي يوم الأربعاء سادسه جاءالنائب هو الجديد سودون بن عبد الحمن إلى الجامع الأموي وجلس بحراب الحنفية ومعه الشيخ المالكي والشيخ الحنبلي

_ 1 شذرات الذهب 3: 293.

وجماعة من الفقهاء بسبب اعتبار أمر الجامع الأموي: فلم يكن للنائب من البصر والبصيرة ما يهديه إلى شيء فقام في الحال وقال: تفعل القضاة المصلحة فلم يحصل بالاجتماع المذكور فائدة وفوض النظر إلى إمامه وهو شخص مصري حنفي يقال له تقي الدين العمادي وكان يباشر القضاء بمصر بمصر بمركز السويس ورسم الناظر المذكور أن لا يمشي الناس في صحن الجامع إلا حفاة فشق ذلك على الناس وعمل على الأبواب درا بزينات انتهى. ثم قال: في شوال من السنة وفي يوم السبت ثاني عشره ولي نظر الجامع زمام النائب الطواشي سنبل عوضا عن تقي الدين العمادي وكان قد ألزم الناس في مشارفته بالمشي في الجامع حفاة وشق على الناس ذلك وبطل في هذا اليوم انتهى. ثم قال: في سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائه في شهر ربيع الآخر منها وفي أوائله وقف النائب وهو سودون ابن عبد الرحمن مصحفا كبيرا بخط الشرف موسى الججيني ووضع بمقصورة الجامع الأموي على كراسي مقابل باب المقصورة الشمالي وذكر النائب أنه يجعل وقفا على مقري وخادم وهذا المصحف هو غير المصحف الذي وقفه المؤيد شيخ مقابل باب المقصورة المذكور ورتب له معلوما في وقفه الذي على الذرية. وقال ابن كثير في سنة سبع وستمائة قال أبو شامة: وفي ثاني شوال من هذه السنة جددت أبواب الجامع الأموي من ناحية باب البريد بالنحاس الأصفر وركبت في أماكنها وفي شوال أيضا شرع في إصلاح الفوارة والشاذروان والبركة وعمل عندها مسجد وجعل له إمام راتب وأول من تولاه رجل يقال له النفيس المصري وكان له بوق الجامع لطيب صوته إذا قرأ على الشيخ أبي منصور الضرير المصدر فيجتمع عليه الناس الكثير انتهى. ثم قال في سنة عشر وستمائة: وفيها أمر العادل أيام الجمع بوضع سلاسل على أبواب الطريق إلى الأموي لئلا تصل الخيول إلى قريب الجامع الأموي صيانة للمسلمين عن التأذي بها والتضيق انتهى. زاد الأسدي ثم ترك وعاد الأمر ما كان عليه وتمثل في ذلك ابن عنبن فقال من أبيات: إن ذا عام جديد ... إن ذا يوم سعيد والمدينة هربت ... قيودها بالحديد

في جمعة يسحبوها ... لكنهم ما يعرفوها والنبي لو طلقوها ... ما ترح إلى البريد ثم قال في سنة إحدى عشرة وستمائة: قال أبو شامة: وفيها شرع في تبليط داخل الجامع الأموي وبدأوا بناحية السبع الكبير وكانت أرض الجامع قبل ذلك حفرا وجورا فاستراح الناس بتبليطه. ثم قال في سنة ثلاث عشرة وستمائة: قال أبو شامة وفيها أحضرت الأوتاد الخشب الأربعة لأجل قبة نسر الجامع طول كل واحد اثنان وثلاثون ذراعا بالنجاري انتهى. ثم قال في سنة أربع عشرة وستمائة: وفي ثالث المحرم كمل تبليط داخل الجامع الأموي وجاء المعتمد مبارز الدين إبراهيم1 المتولي بدمشق فوضع آخر بلاطة منه بيده وكانت عند باب الزيادة فرحا بذلك انتهى. ثم قال في سنة سبع عشرة وستمائة: وفي هذه السنة نصب محراب الحنابلة بالرواق الثالث الغربي من جامع دمشق بعد ممانعة من بعض الناس لهم ولكن ساعدهم بعض الأمراء في نصبه وهو الأمير ركن الدين المعظمي وصلى فيه الشيخ موفق الدين بن قدامة ثم رفع في حدود سنة ثلاثين وسبعمائة وعوضوا عنه بالمحراب الغربي عند باب الزيادة كما عوضوا الحنفية عن محرابهم الذي كان في الجانب الغربي من الجامع بالمحراب المجدد لهم في باب الزيادة حين جدد الحائط الذي هو فيه في الأيام التنكرية على يدي ناظر الجامع ابن مراجل أثابه الله تعالى كما سيأتي بيانه في موضعه إن شاء الله تعالى. ثم قال في سنة أربع وتسعين وستمائة في شهر رمضان رسم للحنابله أن يصلوا قبل الإمام الكبير وذلك أنهم كانوا يصلون بعده فلما أحدث لمحراب الصحابة إمام كانو يصلون جميعا في وقت واحد فكان يحصل تشويش بسبب ذلك فاستقرت القاعدة على أن يصلوا قبل الإمام الكبير في وقت صلاة مشهد علي بالصحن عند محرابهم في الرواق الثالث الغربي. قلت: وقد تغيرت هذه القاعدة بعد العشرين وسبعمائة كما سيأتي بيانه انتهى. ثم قال في سنة سبع وعشرين وسبعمائة: وفي العشر الأول من ذي الحجة كمل ترخيم الجامع الأموي: أعني

_ 1 ابن كثير 13: 124.

حائطه الشمالي وجاء تنكر حتى نظر إليه فأعجبه وشكر ناظره تقي الدين بن مراجل انتهى. ثم قال في سنة ثمان وعشرين وسبعمائة: وفي شهر ربيع الآخر نقض الترخيم الذي بحائط جامع دمشق القبلي من جهة الغرب مما يلي باب الزيادة. فوجدوا الحائط متجافيا فخفيف من أمره وحضر النائب تنكر ومعه القضاه وأرباب الخبرة فاتفق رأيهم على نقضه وإصلاحه وذلك يوم الجمعة سابع عشرين شهر ربيع الآخر فكتب نائب السلطنة إلى السلطان يعلمه بذلك ويستأذنه في ذلك فجاء المرسوم بالإذن في عمارته فشرع في نقضه يوم الجمعة خامس عشر جمادى الأول وشرعوا في عمارتة يوم الأحد تاسع عشر جمادى الآخرة وعمل محراب فيما بين باب الزيادة ومقصورة الخطابة يضاهي محراب الصحابة ثم جدوا ولازموا في عمارته وتبرع كثير من الناس بالعمل فيه من سائر الناس فكان يعمل فيه كل يوم أزيد من مائة رجل حتى كملت عمارة الجدار وأعيدت طاقاته وسقوفه في العشرين من شهر رجب وذلك كله بهمة تقي الدين ابن مراجل وهذا من العجب فإنه نقض الجدار وما سامته من السقف وأعيد في مدة لا يتخيل أحد أن عمله يفرغ في هذه المدة قطعا وجزما وساعدهم على سرعة الاعادة حجارة وجدوها في أساس الصومعة الغربية التي عند الغزالية وقد كان في كل زاوية من هذا المعبد صومعة كما في الغربية والشرقية القبلتين منه فأبيدت الشماليتان قديما ولم يبق منها من مدة ألوف من السنين سوس أس هذه المئذنة الغربية الشمالية فكانت من أكبر المعونة على إعادة هذا الجدار سريعا. ومن العجب أن ناظر الجامع ابن مراجل لم ينقض أحدا من أرباب المرتبات على الجامع شيئا مع هذه العمارة انتهى. ثم قال ابن كثير في سنة ثمان وعشرين وسبعمائة: وفي يوم الثلاثاء ثالث عشرين شهر رجب رسم للائمة الثلاثة الحنفي والمالكي والحنبلي بالصلاة في الحائط القبلي من الجامع الأموي فعين المحراب الجديد الذي بين باب الزيادة والمقصورة للإمام الحنفي وعين محراب الصحابة للمالكي وعين محراب مقصورة الخضر الذي كان يصلي فيه المالكي للإمام الحنبلي وعوض إمام محراب الصحابة بالكلاسة.

وقد كان قبل ذلك في حال العمارة قد بلغ محراب الحنفية من المقصورة المعروفة بهم ومحراب الحنابلة من خلفهم في الرواق الثالث الغربي وكانا بين الأعمدة فقلعت تلك المحاريب وعوضوا بالمحاريب المستقرة في الحائط القبلي واستقر الأمر على ذلك انتهى. ثم قال في سنة تسع وعشرين وسبعمائة: وفي الحادي والعشرين من صفر كمل ترخيم الحائط القبلي من جامع دمشق وبسط الجامع جميعه وصلي به الجمعة من الغد وفتح باب الزيادة وكان له أيام امغلقا وذلك في أيام مباشرة تقي الدين بن مراجل المذكور انتهى. ثم قال في سنة ثلاثين وسبعمائة: وفي شهر ربيع الآخر شرع في ترخيم الجانب الشرقي من الجامع الأموي ليشبه الجانب الغربي وشاور تقي الدين بن مراجل النائب والقاضي على جمع الفصوص من سائر الجامع الأموي في الحائط القبلي فرسما له بذلك انتهى. ورأيت بخط البرزالي في يوم السبت مستهل شهر ربيع الأول من السنة المتقدمة حضر نائب السلطنة وقاضي القضاة علم الدين الاخنائي الشافعي إلى جامع دمشق فشاورهما ناظر الجامع المعمور في جمع الفصوص المفرقة في حيطان الجامع وأن تجعل في الحائط القبلي فحصل الاتفاق على ذلك وشرع فيه في خامس الشهر المذكور فنقض الترخيم من الجانب الشرقي وجدد وذهب وعمل نسبة للجانب الغربي الذي تقدم عمله وكمل ذلك في آخر هذه السنة واخر أمر الفصوص انتهى. وقال في سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة وفي الثالث والعشرين من جمادى الأولى كمل بسط الجامع فاتسع على الناس ولكن حصل حرج بحمل الأمتعة يعني المداسات على خلاف العادة فإن الناس كانوا يمرون وسط الرواقات ويخرجون من باب البرادة ومن شاء استمر يمشي إلى الباب الآخر بنعليه ولم يكن ممنوعا سوى المقصورة لا يمكن لأحد الخول إليها بالمداسات بخلاف باقي الرواقات فأمر نائب السلطنة بتكميل بسطه انتهى. وقال الذهبي في عبره في سنة ثمان وسبعين وخمسمائة: أبو محمد الشيرازي هبة الله محمد ابن هبة الله ابن ميميل البغدادي المعدل الصوفي الواعظ سمع أبا علي بن نبهان1

_ 1 شذرات الذهب 4: 31.

وغيره وروى عنه ابن ابنه أبو المعالي أحمد بن محمد1 وأبو المواهب ابن صصري2 وآخرون ولد ببغداد سنة خمسمائة وكان دينا عاقلا حسن الطريقة فاضلا وقدم دمشق سنة ثلاثين وخمسمائة وهو شاب فسكنها وأم بمشهد علي يعني مشهد النائب بالجامع الأموي وفوض إليه عقد الانكحة توفي في شهر ربيع الأول وهو في عشر الثمانين وأم بعده بالمشهد ابنه القاضي شمس الدين أبو نصر محمد3 وأبو الفضل وفا بن أسعد التركي الخباز4 روى عن أبي القاسم بن بيان وجماعة توفي في شهر ربيع الآخر وكان شيخا صالحا انتهى. وقال الأسدي في سنة ثلاث وعشرين وستمائة: خزعل بن عساكر بن خليل العلامة تقي الدين أبو الحسن الثنائي المصري المقري النحوي اللغوي نزيل دمشق ولد بالاسكندرية سنة سبع وأربعين ظنا وذكر أنه سمع من السلفي وأنه دخل بغداد وقرأ على الكمال عبد الرحمن الأنباري أكثر مصنفاته وعند عوده أخذ في الطريق وراحت كتبه. أقرأ القرآن بالقدس الشريف مدة ثم سكن دمشق وصار إمام مسجد زين العابدين علي وكان يعقد الأنكحة ويشتغل في العربية قال أبو شامة: قرأت عليه عروض الناصح بن الدهان5 أخبرني به عن مصنفه وكان يحثني على حفظ الحديث والتفقه خصوصا حديث مسلم ويقول أنه أسهل من حفظ الكتب الفقهية وأنفع ويحث على مسح جميع الرأس احتياطا وكان لا يرد سائلا أصلا وربما جاءه فيقول له: اقعد فما جاء فهو لك وكان عقد الطلاق لا يأخذ شيئا عليه وكان ذا مروءة تامة وكان ابن الحاجب اقعد في آخر عمره وتمرض فازدحمت عليه الطلبه وكان أعلم الناس بكلام العرب انتهى. وقال ابن كثير في سنة إحدى وعشرين وسبعمائة: الشيخ الإمام العالم علاء الدين على بن سعيد بن سالم الأنصاري إمام مشهد علي من جامع دمشق كان بشوش الوجه متواضعا حسن الصوت بالقراءة ملازما

_ 1 شذرات الذهب 5: 213. 2 شذرات الذهب 4: 285. 3 شذرات الذهب 5: 174. 4 شذرات الذهب 4: 263. 5 شذرات الذهب 5: 233.

لإقراء القرآن العزيز بالجامع الأموي وكان يؤم نائب السلطنة ولده العلامة بهاء الدين محمد1 وهو مدرس الأمينية ومحتسب دمشق توفي يوم الاثنين رابع شهر رمضان ودفن من الغد بسفح قاسيون انتهى. وقال الحافظ شمس الدين الحسيني في ذيله على العبر في سنة تسع وخمسين وسببعمائة: ومات الإمام شمس الدين أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن داود الكردي الشافعي إمام مشهد علي حدث عن التقي بن الواسطي وغيره وتوفي في تاسع ذي القعدة ومنها انتهى. وقال البدر الأسدي في كتابه "الكواكب الدرية في السيرة النورية" في سنة خمس وخمسين وخمسمائة: وفيها استعفى القاضي زكي الدين أبو الحسن علي بن محمد بن يحيى القرشي من القضاء بدمشق فأعفاه نور الدين وولي مكانه القاضي كمال الدين الشهرزوري وكان من خيار القضاة وإليه ينسب الشباك الكمالي الذي يجلس فيه الحكام وخصوصا النائب بالجامع الأموي بعد صلاة الجمعة من المشهد الغربي بالجامع الأموي انتهى. ورأيت بخط البرزالي في سنة أربع وثلاثين وسبعمائة: وفي سحر يوم السبت سادس عشر شهر رمضان توفي الشيخ علي بن محمد يوسف الموصلي المعروف بالبالي وصلي عليه ظهر السبت بجامع دمشق ودفن بمقبرة باب الفراديس وكان رجلا مباركا ينوب في الأمانة بمشهد عثمان يعني مشهد المؤذنين بجامع دمشق ثم أنه استقل فيها وسمع من ابن البخاري مشيخة وكتب في الإجازات وحفظ التنبيه واشتغل على الشيخ تاج الدين الفزاري انتهى. وقال ابن كثير في سنة ثمان وتسعين وستمائة: وفي يوم السبت حادي عشر شوال فتح مشهد عثمان الذي جدده ناصر الدين بن عبد السلام ناظر الجامع وأضاف إليه مقصورة الخدام من شمالية وجعل له إماما راتبا وحاكى به مشهد علي بن زين العابدين انتهى. وقال في سنة ثمان وعشرين وستمائة ورتب فيها إمام بمشهد أبي بكر "يعني مشهد الجبرت" من جامع دمشق وصليت فيه الصلوات الخمس انتهى. وقال في سنة خمس وعشرين وسبعمائة الشيخ الصالح العابد الزاهد الناسك عبد الله بن موسى بن أحمد الجزري كان مقيما

_ 1 شذرات الذهب 6: 172.

بمشهد أبي بكر من جامع دمشق كان من الصالحين الكبار مباركا توفي في صفر منها ودفن بباب الصغير انتهى. ملخصا وقال الذهبي في العبر في سنة ست وتسعين وخمسمائة: وفيها توفي الشيخ شرف الدين عبد الله بن محمد الدمشقي وكان رجلا فاضلا عين لإمامه مشهد عروة يعني مشهد شيخ الإسلام بالجامع الأموي ولم يباشره لأنه كان إلى الآن لم يكمل فتحه انتهى. وقال ابن كثير في سنة تسع وتسعين وستمائة: ومما كان من الحوادث في هذه السنة أنه جدد إمام راتب عند قبر رأس يحيى بن زكريا وهو الفقيه شرف الدين أبو بكر الحموي وحضر عنده ظهر يوم عشوراء القاضي إمام الدين الشافعي1 وحسام الدين2 الحنفي وجماعة ولم تطل مدته إلا شهورا ثم عاد الحموي إلى بلده وبطلب هذه الوظيفة إلى الآن انتهى. ورأيت في مختصر تاريخ الإسلام للذهبي في سنة سبع وخمسمائة: وكان بطبرية مصحف عثمان فنقله طغتكن إلى جامع دمشق فهو الذي بمقصورة الخطابة انتهى. وقال الذهبي في مختصر تاريخ الإسلام في سنة أربعين وسبعمائة: وفيها كان الحريق الكبير في دمشق بالدهشة ثم بقاسارية القيسي وذهب لأهلها أموال واحترقت المأذنة الشرقية وذلك من فعل النصارى وأقرت به طائفة فصلت بسبب ذلك أحد عشر نفرا بعد أن أخذ منهم ما يقرب من ألف ألف درهم وأسلم ناس كثير انتهى. وقال في ذيل العبر في السنة المذكورة: وفي ليلة السادس والعشرين من شوال وقع بدمشق حريق كبير شمل اللبادين والقبلية وما تحتها وما فوقها إلى حد سوق الوراقين وسوق الدهشة وحاصل الجامع وما حوله والمأذنة الشرقية وعدم للناس فيه من الأموال والمتاع ما لا يحصى كثرة ونسب فعل ذلك إلى النصارى فأمسك كبارهم وسمروا حتى ماتوا انتهى. وقال ابن قاضي شهبة في تاريخه وفي شهر ربيع الأول سنة أربع عشرة وثمانمائة: وفي هذا الشهر سكن سوق الذهبيين شمالي الجامع الأموي وكان قد بنى أيام الأمير نوروز وانتقل إليه تجار دهشة النساء ثم رجعوا بعد ذلك الى

_ 1 شذرات الذهب 5: 451. 2 شذرات الذهب 5: 446.

موضعهم بباب البريد وبقي هذا المكان متعطلا مع أنه في غاية الحسن فسكن تجار آخر وامتد السوق الذي بباب الساعات إليه انتهى. وقال في جمادى الأولى من هذه السنة: وفي يوم الاثنين سادس عشره أغلق التجاردكاكينهم بباب البريد وتضجروا منها وزعموا أنها ضيقة عليهم وسألوا النقلة إلى النحاسين يعني سوق الذراع وكانوا قد سمعوا في ذلك غير مرة فلم يجابوا فلما كان في هذا الوقت أجيبوا إلى ذلك وانتقل التجار من باب البريد ومن الزابوق الذي عند باب البيمارستان الصغير من باب النحاسين إلى باب تحت الساعات ضمن السوق جمع ثلاثة أنفس وانتقل النحاسون إلى باب البريد وكذلك العنبرانيون والوراقون واستقر الأخفافيون بالزابوق وانتقل الفرايون إلى قاسارية يلبغا التي عمرت في هذه السنة وقف جامع يلبغا انتهى. وقال في شهر رمضان منها وفي يوم الجمعة ثانيه رأيت المؤذنين يسلمون ويؤذنون بالمنارة الغربية وأظنه أول يوم إذن فيها بعد عمارتها من فتنة تمرلنك وفي هذا اليوم نقل بيع الكتب من باب البريد إلى الجامع إلى باب مأذنة العروس ثم انكر هذا بعد جمع وأعيد إلى مك أنه آخر الشهر انتهى. وقال فيه: في شعبان سنة خمس عشرة وثمانمائة وفي هذه الأيام انتقل الإمام الأول إلى مشهد النائب فإنه لا يصلى في صحن الجامع عند باب الذي مقابل المحراب ويصلي بعد الثاني هناك فلما جاء المطر انتقل الأول إلى مشهد النائب والثاني إلى الجهة الشرقية عند مشهد عروة انتهى. وقال في شهر رمضان منها: وفي هذا الشهر فرغ من تبيض شاذروان الفوارة وجرى فيه الماء وذلك بأمر وزير مصر انتهى. وقال في تاسع شوال منها: ثم جرى من الغد يوم الأربعاء عاشره قضية منكرة أيضا وذلك أن السلطان ركب من دار السعادة في عصر اليوم المذكور ومعه جماعة يسيرة فنزل إلى الجامع الأموي فوجد الإمام الأول يصلي فجاء إلى المقصورة وأمر بإقامة الصلاة فأقيمت وصلى مع الأول ثم خرج ورسم بترخيم الحائط الشرقي والغربي داخل الجامع ولم يكن مرخما سوى القبلي والباقي مبيض وقيل أنه رسم بعمارة المأذنة الغربية أيضا ووصوا على المتصدرين لا غير مع أخذ مالهم في المدارس من الجوامك والشعير من الضياع ثم ما أخذ من الأوقاف ثم جباية المسقف خمسة

أشهر فحصل للناس مشقة بذلك لا سيما من هو منقطع إلى الاشتغال بالعلم وقد كان في العشر الأخير من شهر رمضان ووصوا على الجهات من عند الناظر أي ناظر الجيش فاجتمع الجماعة به فقال: كيف يجوز الأخذ من الجامع مع خرابه فقيل له: فرع المتصدرين ليس هو موقوف على عمارة الجامع. وقال: أنتم ما حضرتم في شعبان وشهر رمضان فقيل له نحن في بيوتنا فنشغل الناس ونفتي فقال: الإفتاء للعوام هذا ما يكفي وقال لبعض الجماعة: أنت شيخ على حافة قبرك أريد أن تنقل الذي في صدرك إلى صدر هذا وأشار إلى شخص طالب علم ثم اتفق الحال على أن أخذ له من المتصدرين من كل واحد نحو ثلثي شهر وأعطى ذلك فسكت وبطلت قضية العمارة ولم يرخم سوى يسير من حائط المشهد المعروف بمشهد عروة بالقرب من بابه انتهى. وقال رحمه الله تعالى في ذي القعدة منها وفي هذا الشهر عمل الدرابزين لمأذنة العروس انتهى. وقال: في صفر سنة ست عشرة وثمانمائة فرغ من بناء المأذنة الغربية وقد كان احترق رأسها في الفتنة واستمرت إلى أن كان الفراغ منها في هذا الوقت وقال في شعبان منها: وفي أخر هذا الشهر سكنت الصاغة التى عمرت في أوائل هذه السنة وفرغ منها في هذا الوقت وجاءت في غاية الحسن وسكن في بعضها تجار ثم سكن في الباقي العنبرانيون انتهى. وقال في شوال منها: وفي هذا الشهر انتقل الأول فصلى في مشهد عروة وكان يصلي خارجه فأنفق الناس قدمه وصلوا داخل الجامع ولكن من في غربي الجامع ربما لم يبلغه التكبير انتهى. وقال في شعبان سنة ثمان عشرة وثمانمائة: وفي هذه الأيام انتقل الإمام الأول من مشهد عروة إلى محراب الحنابلة وكان قبل الفتنة يصلي الإمام الأول في المشهد المسمى بالسجن داخل مشهد علي وأما الإمام الثاني وهو الإمام في مشهد علي لا تتركوا لهم شيئا وطلبهم فلم يوجدوا فبيت على مشايخ بالأسواق وعرفائهم ووقع شخص من السكان في الحال فضرب نحو مائتي عصا فلما كان من الغد اجتمع قاضي القضاة بملك الأمراء بعد الصلاة وقال: المصلحة العفو عن هؤلاء ولا سمع الناس إلا حلمك لا سيما في أول ولايتك إلى أن سكن غضبه وجاء القاضي وناظر الجامع

إلى مشهد عروة ورسما بأن ينادي في بالأسواق بالأمان لهم وفتح الدكاكين والبيع والشراء واتفق الحال على أخذ شهر دون شهر ومشى الحال انتهى. وقال في شعبان سنة تسع عشر وثمانمائة وفي يوم الأربعاء ثامنه انتقل الإمام الأول من محراب الحنابله إلى محراب المالكية وفي يوم الجمعة عاشره مشى الناس في صحن الجامع بالامتعة بمرسوم قاضي القضاة يعني ابن زيد وكان الناس يمشون به حفاة من سابع عشر ربيع الأول من هذه السنة. وقال في شوال منها: وفي يوم الاثنين ثالث عشرية انتقل الإمام الأول من محراب المالكية إلى محراب الحنفية واتسع الناس وسهل عليهم متابعة الإمام لقربه اهـ. وقال في محرم سنة عشرين وثمانمائة: وفي يوم الخميس آخر السنة الماضية هدمت الدكاكين بباب الجامع الشرقي لأجل فتح البابين الصغيرين وكانا قد سدا في الفتنه وعملا تبييضا في الجامع فلما كان في الوقت سعى الشيخ محمد بن قديدار1 في فتحهما فهدم الصف الذي في حائط الجامع حتى أزيد ما يقابل البابين ثم أعيدت بقية الدكاكين مع أن البناء في هذا المكان من أصله لا يجوز لأن هذا الموضع رحبة الجامع انتهى. وقال في صفر منها: وفي هذا الشهر ركب باب الجامع الصغير الشرقي في جهة الشمال ثم ركب الباب الآخر بعد ذلك وأما البابان الصغيران الغربيان فركبا في العام الماضي انتهى. وقال في ربيع الآخر سنة إحدى وعشرين وثمانمائة: وفي يوم الخميس ثاني عشره يعني تنبك ميق والقضاة بدار السعادة في أمر الجامع بسبب العطل الذي حصل في هذه السنة وهو أكثر من أربعين ألفا ولم يمكن أن يعمل إلى أن ينقص على الناس شهرين حتى على الناظر والقضاة والخطيب وأما على المؤذنين فشهر واحد كل ذلك عن قبض عام أول وقد كان قبض المتصدرون في سنة تسع عشره الدرهم نصفا ثم في سنة عشرين ردوا إلى الثلث ثم في هذه السنة بسط الثلث على السنة وقطع منه شهر انتهى. وقال في رمضان سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة: وفي يوم الأربعاء رابع عشريه حضر ملك الأمراء يعني جمقمق والقضاة وجماعة من الفقهاء إلى الجامع فجلسوا عند محراب الحنفية وقد بيت على

_ 1 شذرات الذهب 7: 218.

المتصدرين والمؤذنين ليحضروا والمقصود اختبار من يصلح من غيره فأول ما قريء قلم المباشرين فقطع منهم جماعة ومن جملة ذلك معلوم الناظر قطع منه ستمائة في الشهر فجاء جملة ماقطع من هذا القلم خمسة وثلاثين ألفا فقال النائب هذا المبلغ يكفي العمارة كل سنة. ولا يجتمع بعد ذلك على المتصدرين والمؤذنين ثم قريء قلم المباشرين العمارة وهو عشرة الآف فرسم بقطعة جميعه. وقال للناظر والمباشرين: باشروا ذلك بأنفسكم وإن احتجتم إلى أمين على الآت العمارة هاتوا مغربيا كل يوم بدرهمين فإذا أفرغت حاجتكم منه يروح ثم قريء عليه قلم المتصدرين فقطع منهم من لا يصلح والمبلغ المتوفر من ذلك ليس بكثير. ثم قريء قلم المؤذنين فقطع منهم أربعة عشر نفسا من ليس بصيت أولا يباشر ثم قطع من القراء ستة الآف وكانوا يقبضون ثمانية عشر ألفا وآخر قلم قراء الحديث لينظر فيه قاضي القضاة ونقص من المشارفين ستة وكانوا ثمانية وقطع من الفراشين والذي يبسط السجادة ووعد المؤذنين والمتصدرين بأن يكمل لهم ما نقص في هذه السنة من معالميهم وهو الربع وافترقوا على ذلك ثم لم يفوا بذلك بل استخرج معلوم من قطع وصرف في العمارة وعرف الذي أرصده في أول سنة العمارة فلا حول ولا قوة إلا بالله واتفق في هذا المجلس قضية حسنه سر بها جميع المسلمين وذلك أنه لما قرىء قلم الائمة جاء إمام الكلاسة والنائب في نفسه من عمارة الكلاسة فإنه فتح لها شبابيك من تربته إليها وكان قد رسم على تقي الدين صهر الغزي وشمس الدين صهر الشاذلي عامل الكلاسة على إقامة الحساب وعمارة المكان وألزم صهر الغزي بالقيام بما قبضه الغزي من معلوم التدريس وهو خمسة الآف وكسر وبقيا في الترميم نحو شهر وخرجا على ان يعمرا فلما قرأ إمام الكلاسة قال النائب: من هو إمام الكلاسة؟ فقيل له المجادلي فقال: كم قبض؟ فذكر له. فقال: هاتوه في الحال فرسم عليه وذكر له النائب أن بها صدقة خبز وزبيب وما تعطي أحد شيئا وقال النائب: والله ما هو مسلم ووافقه أهل المجلس بأسرهم ثم إنه سلمه لتغري ورمش مشد العمارة فضربه ضربا عنيفا قيل أنه ثلاثمائة عصا وكان في نفسه منه بسبب أنه سمعه

يقول للنائب خذ من مال الغزي أي شئ أردت فإنه رافضي نصراني فغضب هذا الرجل لكلامه في عالم من العلماء المسلمين فأخذه الله بكلامه فيه عاجلا ثم إنه استلخص منه بعض ما قبضه وحبس في القلعة على الباقي ثم أطلق بعده سفر النائب بعد أن التزم بعمارة جانب من الكلاسة وضمن عليه وسر الناس أجمعون بما وقع فيه ولم يرحمه أحد فإنه لارحم ضعيفا إذا استطال عليه ومن لا يرحم لايرحم وأما كذبه وفجوره وترافعه للخلق أجمعين فإنه شاع وذاع وضرب به الأمثال وعلمه القاصي والداني فنسأل الله القادر أن يريح البلاد والعباد منه إنه على كل شئ قدير انتهى. وقال في رجب سنة عشرين وثمانمائة: وفي يوم الأربعاء حادي عشرية دخل النائب إلى الجامع واجتمع القاضي والفقهاء وقرىء عليه أسماء المتصدرين فقطع منهم طائفة ممن لا استحقاق له ورسم لمن بقي أن يترتبوا على الأوقاف ورتب لهم كاتب غيبة وظهر من النائب في هذا المجلس معرفة وذكاء وحسن مقصد انتهى. وقال في جمادى الأولى سنة تسع وعشرين وثمانمائة: وفي هذا الشهر أسكن سوق اشبك الساقي الذي هو بسوق النائب القريب من البزوريين أسكن جماعة مفرقين بأجرة يسيره وقد كان عزمهم أن ينقلوا سوق التجار الذي بالنحاسين إلى سوق النائب فلم يتفق ذلك وجاء مرسوم السلطان بأن يرد سوق التجار إلى الرماحين على عادة ما كان قبل الفتنه فإنه كان التجار في القماشين في هذا السوق مع أن أكثرهم كان في البهنسة وقف الجامع فأخذ العرب المملوك الذي معه الكتاب وذهب الكتاب واستمر التجار في أماكنهم ولو أنه اتفق نقلهم لنقص وقف الجامع نقصا فاحشا هذا مع أنه نقص في هذه السنة عن العام الماضي أكثر من ستين ألفا واستمرت هذه الدكاكين عطلا إلى أن انسكنت في هذا الشهر انتهى. وقال في شعبان ثلاثين وثمانمائة: وفي هذا الشهر كشفوا على رأس الجسور بالجامع الأموي فوجدوا بضعة عشرة جسرا قد تآكلت فشرعوا في عملها طول الشهر وجاء رمضان والأمر على حاله وكان يعزل أيام الجمع للصلاة وبقية الأيام يصلي في المشهد والرواقات انتهى. وفي هذه السنة أخذ النائب سودون بن عبد الرحمن

سوق الحجاج من باب البريد ونقله إلى عمارته واستطوى على أوقاف الجامع انتهى. وقال في جمادى الآخرة سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة: وفي يوم الجمعة رابع عشرة صلى الإمام الأول بمشهد السجن داخل مشهده والثاني بمشهد علي وكان الإمام الأول يصلي بمحراب الحنفية من سنين وحصل ذلك رفق واتسع الموضع بالمصلين وكان الثاني يصلي عند قبر رأس يحيى بن زكريا فلما كان في هذه الأيام رسم السلطان للجامع الأموي بألف دينار من مال السكر فأخذت وصرفت في ترميم الجامع الأموي بحيث لم يظهر لما صرف المال في كبير أمر وكان في المشهدين الشرقين بعض عمارة فلما فرغ من عمارتها أمر بالصلاة فيها ليظهر للناس أن ذلك عمر من مال السلطان وكان المشهدان المذكوران معطلين من الفتنه إلى الآن انتهى. وقال في الأعلاق الخطيرة: ولما ملك دمشق الملك الصالح إسماعيل ابن الملك العادل عمل وزيره أمين الدوله عبد السلام1 السامري بالجامع الأموي طلسما للحمام فلا تدخله وصح في الأيام الصالحية النجمية احترقت المأذنه الشرقية بجامع دمشق عند أول قدومه إليها في سنة خمس وأربعين وستمائة وأقامت خرابا ثمانية أشهر وثلاثة عشر يوما فأمر السلطان في أوائل سنة سبع وأربعين وستمائة وقيل في سنة ثلاثة وأربعين وستمائة بعمارتها وتولى عمارتها الشهاب الرشيد الصالحي نائب المملكه وكان بباب البريد في وسطه بين الأساطين حوانيت يباع فيها أنواع الفواكه وغيرها من الأطعمة وكان ازجه لاطيا فأخر بها وعلى أزجه وكلسه ومنع من كان يجلس فيه للمعاش. وفي الأيام الناصرية الصالحية ابن الملك العزيز فرض من ماء القنوات زيادة على ماء باناس للجامع الأموي المعمور عند انقطاع ماء باناس مقدار سبع عشرة اصبعا من أصابع الماء للكلاسة وللبركة المجدده بباب البريد القسطل المساق للبيمارستان الدقاقي ولمشهد عروة بتولي عز الدين بن عبد العزيز بن محمد بن وداعة الجيلي. وفي الأيام الركنية الظاهرية أخرجت بأمره الصناديق والخزائن وفكت

_ 1 ابن كثير 13: 192.

المقاصير وكانت قريبا من ثلاثمائة خزانة ومقصورة وجددو فيها قوارير البول والعرس والسجاجيد الكثيرة ومنع أن يبيت أحد من المجاورين بجامع دمشق وأشليت الدربزينات فاستراح الناس والجامع من ذلك واتسع على المصلين وذلك في سنة ثمان وستين وستمائة بولاية افتخار الدين أيار الحراني وكانت قد رفعت من الجامع جميع الخزائن والصناديق في سنة خمس وتسعين وخمسمائة ثم أعيد ت وصلى خلد الله ملكه فيه في هذه السنة بعض الجمع وطاف فرأى الحائط القبلي قد اتسخ رخامه وتشعثت الفسيفساء فأمر بإصلاحها وغسل الأساطين وتذهيب رؤوسها وتغير ما يجب تغيره من الرخام وذهب تازيره والكرمة وهي التي تدور به ولما طاف بالحائط وبقية الحيطان فرآها غير مرخمة أمر بترخيمها على مثال ترخيم الحائط القبلي فجلب إليها الرخام من كل جهة فجاءت أحسن ما عملت قديما وأصرف فيها ما ينوف على عشرين ألف دينار وبنى مشهد السيد زين العابدين وكان قد استولى عليه الخراب ودخل إليه ليلا مستخفيا فرأى فيه قوما نياما وآخرين قياما فأمر للقيام بصدقة سنية وأمر أن لا يسكن به أحد فأخرج من كان مقيما له سنين ولم يبق فيه سوى رجل واحد رآه كثير العبادة مثابرا على ما هو بصدده وكان لكل من كان به مقيما موضع قد أفرده واقتطعه وعمل فيه صندوقا وأحاطه بمقصورة حتى صار بها كأنه خان وأمر بتجديد باب البريد وفرشه بالبلاط ونقل سوق الشماعين إلى الحوانيت التي في حائطه وكان بها قبل سوق الأكفان ولما دخل دمشق المولى الصاحب بهاء الدين علي بن محمد1 مع مولانا السلطان خلد الله ملكه في سنة تسع وتسعين وستمائة نظر في وقوفه وما يصرف منها لأرباب الرواتب ممن كان منهم مستغنيا وليس به انتفاع في علم أبطله ومن كان منهم ذا حاجة ولم يكن لديه علم رتب له على بيت المال ما يقوم به وصرف ما كان مقررا لم أبطله في مصالح الجامع وفيمن للمسلمين الانتفاع بعلمه ورتب فيه مصحفا يقرأ فيه بعد صلاة الصبح تحت قبة النسر وأجرى على القاريء فيه كل شهر شيئا معلوما.

_ 1 شذرات الذهب 5: 258.

وكان بصحن الجامع الأموي حواصل للمنجنيقات وحواصل للأمراء وغيرها من خيم وغيرها فأمر بإزالتها فاتسع الجامع وزاد رونقه وتطلب كتب وقفه وكانت قد أهمل النظر فيها وأجرى الوقوف على شروطها من واقفيها وإنما كان المتولي للنظر فيها يعمل بمقتضى ر أيه في منعه واعطائه فحملت إليه بعد ما شق على الباحث عنها وجودها فوجدها قد تمزق القديم منها وما كان وقفه الملك العادل نور الدين محمود ومن بعده من الملوك قد كادت كتبها أن تتلف فأمر بإحياء خطوطها وإثباتها عند سائر القضاة واجتهد فيها حسب ما اقتضته اراؤه السعيدة وأفعاله الرشيده وكذلك فعل في وقف البيمارستان الكبيرة وليس ذلك بمستنكر من خلائفه في إقامة منار الإسلام ورفع من خفضه البخوت على التخوت من العلماء الأعلام وكانت سائر الوقوف المرصدة على ما وقفت عليه مضافة إلى وقف الجامع الأموي وكانت لاتصرف في أربابها وإنما تصرف في مرتب الجامع فأفردها عنه وولاها من يصرفها على شروط من وقفها وأثبت كتبها كما فعل فيما عدها من الأوقاف الجامعية والبيمارستانية. ويشتمل هذا الجامع في الوقت الذي وضعنا فيه هذا الكتاب على تسعة أئمة يصلون فيه الصلوات الخمس منهم: الخطيب وإمام في مقصورة الحنفية. وإمام في مقصورة الحنابلة. وإمام في الكلاسة. وإمام في مشهد زين العابدين علي. وإمام في مشهد أبي بكر. وإمام في مقصورة الكندي. وفيه لاقراء القرآن في هذا الوقت ثلاثة وسبعون متصدرا يعسر تعدادهم. وفيه من الأسباع المجرى عليها الأوقاف: السبع الكبير وعدة من فيه على ما استقر عليه الحال الآن ثلاثمائة وأربعة

وخمسون نفرا. وسبع الأمير مجاهد الدين إبراهيم. وسبع مجاهد الدين بزان. وسبع الساوجي. وسبع ابن السابق. وسبع التاج الكندي بمقصورة الخضر عليه السلام. وسبع بن عبد. وسبع فخر الدين المالكي. وسبع المجلى بن الخليلي. وسبع الفاضل. وسبع ابن المنجنيقي. وسبع ابن حبش. وسبع ابن كلاب. وسبع ابن نجشان. وسبع ابن بشر. وسبع الحلوانية. وسبع ابن صاحب حمص. وسبع ابن مصعب. وسبع القاضي شرف الدين عبد الوهاب الحراني. وسبع جهته قبر يحيى بن زكريا عليه السلام. وسبع المالكية. وسبع الحنابلة. وسبع الكورية بعد صلاة العصر تجاه مقصورة الخطابة فيه أربعمائة وعشرون نفرا. وسبع المتلقنين من الصغار وهم ثلاثمائة وثمانية وسبعون نفرا.

وفيه من الخلق للاشتغال بالعلم الشريف المصروف عليها من مال الصالح: حلقة تاج الدين عبد الرحمن بن إبراهيم بن سباع1 الشافعي. وحلقة الشيخ رشيد الدين الفارقي2. وحلقة الشيخ شرف الدين أحمد بن المقدسي3. وحلقة الشيخ برهان الدين بن المراغي4. وحلقة القاضي زين الدين بن المرحل5. وحلقة زين الدين بن المنجا الحنبلي. وحلقة الشيخ نجم الدين بن الشماع الحنفي. وحلقة الشيخ تاج الدين عبد الرحمن الزواوي المالكي. وحلقة القاضي شمس الدين أبي عبد الله محمد الشافعي. وحلقة الشيخ يحيى الزواوي المالكي. وحلقة الشيخ مجد الدين المارداني. وفيه من حلق الحديث الشريف: ميعاد المجد تجاه قبر رأس يحيى بن زكريا عليه السلام. وميعاد للأمير سيف الدين بن الغرس. وميعاد بالكلاسة للقاضي الفاضل. وفيه من المدارس: الغزالية وتعرف بالشيخ نصر المقدسي. والأسدية للملك المظفر أسد الدين شيركوه وهي شافعية. والمنجائية لابن منجا حنبلية. والقوصية حنفية. والسفينية حنفية. المقصورة الكبيرة حنفية

_ 1 شذرات الذهب 5: 413. 2 شذرات الذهب 5: 409. 3 شذرات الذهب 5: 424. 4 شذرات الذهب 5: 374. 5 شذرات الذهب 6: 118.

والزاوية المالكية. والشيخية لابن شيخ الإسلام. ما قيل هذا الجامع ما روي عن القاسم قال: أوحى الله إلى جبل قاسيون أن هب ظلك وبركتك لجبل بيت المقدس قال: ففعل فأوحى الله تعالى إليه أما إذ فعلت فسأبني لك في حضنك بيتا أي في وسطك أعبد فيه بعد خراب الأرض أربعين عاما ولا تذهب الأيام والليالي حتى أرد ظلك عليك وبركتك فهو عند الله تعالى بمنزلة المؤمن الضعيف المتضرع وقد رأيت في بعض التواريخ أن هذا الجامع لم يزل معبدا لسائر الملل منذ خلقت الدنيا إلى أن كانت ملة الإسلام فاتخذ جامعا. وقال الحسن بن يحيى الحسيني: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة أسري به صلى بالمسجد الجامع بدمشق. وما قيل في وصفه نثرا. قال الصاحب صفي الدين من رسالة وصف بها دمشق وهو: مضيت إلى مسجدها الجامع وشنفت بإدراك البصر منه إدراك المسامع فلما وصلت إليه وحللت لديه رأيت من أوصافه ما أصغر الرواية وحصل من الحسن على النهاية ونوره يجلو الابصار وجمعا على الجموع الامصار وعبادة موصولة على الاستمرار وقرآنا يتلى آناء الليل وأطراف النهار ومنقطعين إليه قد اتفقوا في الاعتكاف نفائس الأعمار والبركات تحف بجوانية والعلوم تنشر في زواياه ومحارية والأحاديث عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تسند وتروى والمصاحف بين أيدي التالين تنشر فلا تطوى وأعلام البر فيه ظاهرة فلا تخفى ولا تزوى والخلق منقسمون فيه إلى حلق قد نبذ أهلها القلق والإسلام فيها فاش والجهل بلا متلاش وهو مما بناه الأولون لعبادتهم وجعلوه ذخرا لآخرتهم وما برح معبدا لكل ملة اتخذه المجوس والنصارى واليهود قبل الإسلام هيكلا وقبلة وهو بيت المتقين وسوق المتصدقين ليلة للمتهجدين ونهاره للعلماء المجتهدين. وذكر إبراهيم بن الليث الكاتب في رسالة: وقد أفضيت إلى جامعها فشاهدت ما ليس في استطاعة الواصف أن يصفه ولا الرائي أن يعرفه وجملة ذلك أنه بكر

الدهر ووحيد العصر ونادرة الاوان واعجوبة الزمان وغريبة الأوقاف وعجيبة الساعات ولقد أبقت أمية ذكرا ما يدرس وخلفت أثرا لا يخفى ولا يدرس انتهى. وما قيل في وصفه نظما فمن أبيات لبعضهم: دمشق قد شاع حسن جامعها ... وما حوته ربى مرابعها بديعة المدن في الكمال لما ... يدركه الطرف من بدائعها طيبة أرضها مباركة ... باليمن والسعد أخذ طالعها جامعها جامع المحاسن قد ... فاقت به المدن في جوامعها بنية بالاتقان قد وضعت ... لا ضيع الله سعي واضعها تذكر في فضلة ورفعته ... أخبار صدق راقت لسامعها قد كان قبل الحريق مدهشة ... فغيرته نار في بلاقعها فاذهبت بالحريق بهجته ... فليس يرجى إياب راجعها إذا تفكرت بالفصوص وما ... فيها تيقنت حدق صانعها أشجارها ما تزال مثمرة ... في أرض تبر يغشى بقائعها فيها ثمار تخالها ينعت ... وليس يخشى فساد يانعها تقطف باللحاظ لا بجارحه ... الأيدي ولا تجتنى لبائعها وتحتها من زخامة قطع ... لا قطع الله كف قاطعها أحكم ترخيمها المرخم قد ... بان عليها أحكام صانعها وان تفكرت في قناطره ... وسقفه بأن حذق رافعها وإن تبينت حسن قبته ... تحير اللب في أضالعها تخترق الريح في مخارمها ... عصفا فتقوى على زعازعها وأرضه بالرخام قد فرشت ... بنفسج الطرق في مواضعها مجالس العلم فيه مونقة ... ينشرح الصدر في مجامعها وكل باب عليه مطهرة ... قد أمن الناس دفع مانعها يرتفق الخلق في مرافقها ... ولا يصدرون عن منافعها

ولا تزال المياه جارية ... فيها الماء شق من مشارعها كذا وسوقها لا تزال آهلة ... يزدحم الناس في شوارعها لما يشاؤون من فواكهها ... وما يريدون من بضائعها كأنها جنة معجلة ... في الأرض لولا سرى فجائعها دامت برغم العدا مسلمة ... وحاطها الله من قوارعها وقال أبو بكر الصنبوري من أبيات يذكر فيها دمشق المحروسة ويذكر محاسن جامعها الأموي: نعمنا في دمشق نعمة ليست بمغموطة فيا بهجتها إذ هي في البهجة مغطوطة ويا غبطتها إذ هي بالجامع مغبوطة تأمله ترى فيه شروط الحسن مشروطه ترى أفراط بان يأمن الراءون تفريطه دع الحائط دعه وإن استغربت تحويطه وصف تقديره إن كنت ذا وصف وتقسيطه صف المحراب صف تصنيف بانيه وتفريطه أما يخشى إمام قام في المحراب تغليطه ووسط طرفة القبة إن حاولت توسيطه ترى سلطان حسن لا يمل الطرف تسليطه انح ترخيمه فكرك إن شئت وتبليطه إذا المنقوش من جوهرة ضاحكة مخروطه ومن مقدورة من قضب العقيان مقطوعه حقا في أسطر مكتوبة بالتبر منقوطه رأيت الناضر العجلان لايسأم تثبيطه هو الجنة في الأرض أو في الجنة اغطوطه قصور بينها الاشجار با لأنهار مغطوطه فمن قصر حكى تقبيله الحسن وتسفيطه

وقال علي بن منصور السروجي من أبيات يصف فيها دمشق: في كل قصر بها للعلم مدرسة ... وجامع جامع للدين معمور كأن حيطانه زهر الربيع فما ... يمله الطرف فهو الدهر منظور يتلى القرآن به في كل ناحية ... والعلم يذكر فيه والتفاسير جامع الكريمي 2- بالقبيبات. قال الحافظ ابن كثير في تاريخه في سنة ثمان عشرة وسبعمائة: وفي بكرة يوم الاثنين التاسع من صفر قدم القاضي كريم الدين عبد الكريم بن المعلم هبة الله1 وكيل الخاص السلطاني بالبلاد جميعها قدم دمشق فنزل في دار السعادة فأقام بها أربعة أيام وأمر ببناء جامع القبيبات الذي يقال له جامع كريم الدين وذهب إلى زيارة بيت المقدس وتصدق بصدقات كثيرة وافرة وشرع في بناء الجامع بعد سفره انتهى. وقال فيها أيضا وفي سادس عشر شعبان خطب بجامع القبيبات الذي أنشأه كريم الدين وكيل السلطان وحضر فيه القضاة والأعيان وخطب فيه الشيخ شمس الدين محمد بن عبد الواحد بن يوسف بن الوزير الحراني الآمدي الحنبلي وهو من الصالحين الكبار ذوي الزهادة والعبادة والنسك والتوحيد وطيب الصوت وحسن السمت انتهى. وقال في سنة عشرين وسبعمائة: وفي العشر الأول من شوال جرى الماء بالنهر الكريمي الذي اشتراه كريم الدين وكيل الخاص بخمسة وأربعين ألفا اجراه في جدول إلى جامعة بالقبيبات فعاش به الناس وحصل به الأنس لأهل تلك الناحية ونصبت عليه الأشجار والبساتين وعمل حوض كبير اتجاه الجامع من المغرب يشرب منه الناس والدواب وهو حوض كبير وعمل مطهرة وحصل بذلك نفع كبير ورفق زائد أثابه الله تعالى انتهى. وقال في سنة أربع وعشرين وسبعمائة في شوال وفي الثالث والعشرين منه وجد كريم الدين الكبير وكيل الخاص السلطاني قد شنق

_ 1 شذرات الذهب 6: 63.

نفسه داخل خزانة له قد أغلقها عليه من داخل وربط حلقه بحبل وكان تحت رجليه قفص ودفع القفص برجليه فمات في مدينة أسوان وستأتي ترجمته انتهى. وقال في الموضع المذكور: كريم الدين الذي كان وكيل السلطان عبد الكريم بن المعلم هبة الله بن السديد المسلماني حصل له من الأموال والتقدم والمكانة والحظوة عند السلطان ما لم يحصل لغيره في دولة الأتراك وقد وقف الجامعين بدمشق أحدهما بالقبيبات والحوض الكبير الذي اتجاه باب الجامع واشترى له نهر ماء بخمسين ألفا فانتفع الناس به انتفاعا كثيرا ووجدوا رفقا. والثاني الجامع الذي بالقابون وله صدقات كثيره وافرة. تقبل الله تعالى منه وعفى عنا وعنه وقد مسك في آخر أمره وصودر ثم نفي إلى الشوبك ثم إلى القدس ثم إلى الصعيد فخنق نفسه كما قيل في عمامته بمدينة أسوان وذلك في الثالث والعشرين من شوال وقد كان حسن الشكل تام القامة ووجد له بعد موته دخائر كثيرة سامحه الله تعالى انتهى. وقال في سنة سبع وثلاثين وسبعمائة: وفي منتصف شهر ربيع الآخر أمر الأمير صارم الدين إبراهيم الحاجب الساكن تجاه جامع كريم الدين طبلخ أنه وهو من كبار أصحاب الشيخ تقي الدين بن تيميه رحمه الله وله مقاصد حسنة صالحة وهو في نفسه رجل جيد انتهى. وقال الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى في مختصر تاريخ الإسلام في سنة ثمان عشرة وسبعمائة: وفيها أنشئ الجامع الكريمي بالقبيبات عمله الصاحب كريم الدين المصري انتهى. وقال في ذيل العبر في سنة أربع وعشرين وسبعمائة: ومات مخنوقا الصاحب الكبير كريم الدين عبد الكريم بن هبة الله القبطي المسلماني باسوان وكان نفي إلى الشوبك ثم إلى القدس ثم إلى أسوان ثم شنق نفسه سرا وكان هو الكل وإليه العقد والحل وبلغ من الرتبة ما مزيد عليه وجمع أموالا عظيمة عاد أكثرها إلى السلطان وكان عاقلا ذا هيبة حسنة سمحا وقورا مرض نوبة فزينت مصر بعافيته وكان يعظم الدينين وله بر وإيثار قارب سبعين سنة انتهى. وقال السيد الحسيني رحمه الله تعالى في ذيل العبر في سنة ثلاثة وأربعين وسبعمائة ومات الخطيب البليغ شمس الدين محمد بن عبد الواحد بن الوزير الحنبلي خطيب الجامع

الكريمي انتهى. وقال الأسدي في ذيله في سنة خمس وثمانمائة: وفي يوم الجمعة عاشره بعد العصر احترق سوق جامع كريم الدين والناس في الصلاة انتهى. وقال البرزالي في سنة ثمان وعشرين وسبعمائة: الشمس محمد بن عيسى التكريدي كان فيه مهابة وصرامة توفي في صفر ودفن عند الجامع الكريمي بالقبيبات انتهى. جامع المصلي: 3- قبلي البلد من خارج محلة ميدان الحصى. قال ابن شداد: أنشأه الملك العادل سيف الدين أبو بكر بن أيوب بتولي الصاحب صفي الدين بن شكر في شهور سنة ست وستمائة ولم يتهيا له وقف انتهى. وقال الحافظ ابن كثير في تاريخه في سنة سبع وستمائة: قال أبو شامة: في سابع شوال شرع في عمارة المصلى وبنى له أربعة جذر مشرفة وجعل له ابواب صونا لمكانه من الميتات ونزل القوافل وجعل في قبلته محراب من حجارة ومنبر من حجارة وعقدت فوق ذلك قبة ثم في سنة ثلاثة عشرة وستمائة وعمل في قبلته رواقان وعمل له منبر من خشب ورتب له خطيب راتب وإمام راتب ومات العادل المذكور ولم يتم الرواق الثاني منه وذلك على يد الوزير صفي الدين بن شكر انتهى. وقال في سنة ثلاث عشرة وستمائة: وفيها فرغ من بناء المصلى ظاهر دمشق ورتب له خطيب مستقل وأول من باشرها الصدر معيد الفلكية ثم خطب بعده بهاء الدين بن أبي اليسر ثم بنو حسان وإلى الآن انتهى. وتبعه الأسدي إلا أنه قال: واستمرت الخطابة في بني حسان إلى زماننا الآن فانقرضوا وقال الكتبي في سبع وستمائة: وفي سابع شوال منها شرعوا في عمارة المصلى ظاهر دمشق المجاور لمسجد النارنج برسم صلاة العدين وفتحت له الأبواب من كل جانب وبني له منبر كبير عال بجانب المحراب انتهى. جامع جراح: 4- خارج الباب الصغير بمحلة سوق الغنم وكان هذا الجامع كما تقدم في المساجد مسجدا للجنائز كبيرا وفيه بئر خرب فجدده جراح المضحي ثم

أنشأه جامعا الملك الأشرف موسى ابن الملك العادل في سنة إحدى وثلاثين وستمائة كما قال ابن كثير والصلاح الكتبي. قال ابن شداد: وجدد معه أيضا مسجدا بدار السعادة داخل باب النصر ووقف على الجامع والمسجد قرية من أعمال مرج دمشق وتعرف بالزعيزعية وشرط فيها للخطيب بالجامع في كل شهر عشرين درهما وللإمام بالمسجد في كل شهر خمسين درهما والمؤذن والقيم ثلاثين درهما ولعشرة قراء في الشهر لكل منهم عشرة دراهم ثم أحرق في أيام الملك الصالح عماد الدين إسماعيل في أواخر سنة اثنتين وأربعين وستمائة لما نازل دمشق معين الدين بن الشيخ ثم جدد بناوه الأمير مجاهد الدين محمد ابن الأمير غرس الدين قيلج النوري في سنة اثنتين وخمسين وستمائة انتهى. جامع الملاح: 5- خارج باب شرقي أنشأه الصاحب شمس الدين غبريال ناظر الدواوين بدمشق المتشرف بالاسلام في سنة إحدى وسبعمائة كما قاله البرزالي في سنة أربع وثلاثين وسبعمائة. قال ابن كثير في سنة ثمان عشرة وسبعمائة: وفي يوم الجمعة السابع عشر ذو الحجة أقيمت الجمعة بالجامع الذي أنشأه الصاحب شمس الدين غبريال إلى جانب ضرار بن الأزور رضى الله تعالى عنه بالقرب من محلة الملاح أي القعاطلة وخطب به الشيخ شمس الدين محمد بن التدمري المعروف بابن النيرباني وهو من كبار الصالحين ذوي العبادة والزهادة وهو من أصحاب شيخ الإسلام ابن تيميه وحضره الصاحب المذكور وجماعة من القضاة والأعيان انتهى. جامع الخليخاني: 6- خارج باب كيسان. قال ابن كثير في سنة ست وثلاثين وسبعمائة: وفي سلخ شهر رجب أقيمت الجمعة بالجامع الذي أنشأه نجم الدين بن خليخان تجاه باب كيسان من القبلة وخطب به الشيخ الإمام العلامة شمس الدين بن قيم الجوزية انتهى. ورأيت بخط البرزالي في السنة المذكورة نحو ذلك وزاد وكان قد

نودي في البلد لذلك فحضر خلق كثير من الأعيان وغيرهم انتهى. جامع المزاز 7- بالشاغور قال الأسدي في ذيله في صفر سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة السيد تقي الدين أبو بكر بن أحمد بن جعفر الزيني الجوخي باني جامع المزاز بالشاغور بعد ان كان مسجدا وكان رجلا حسنا منجمعا عن الناس مولده سنة تسع وأربعين وسبعمائة وتوفي يوم الأحد ثامن عشرية ودفن بباب الصغير وهو أخو الشيد شمس الدين محمد الزيني وهو أسن من أخيه رحمهما الله تعالى انتهى. جامع الطواشي: 8- خارج باب النصر المعروف بباب السعادة. قال الحافظ شهاب الدين ابن حجي في سنة ثلاث عشرة وثمانمائة: وفي الرابع عشري المحرم منها فرغ من عمارة المسجد المعروف بالعمري خارج باب النصر برأس حكر السماق وكان مسجدا قديما بوسط الطريق فحول إلى غرب الطريق توسعه للطريق على المارة ثم أحدث فيه خطبة في أيامنا ثم خرب في أيام الفتنة فجدده الطواشي مرجان خازندار الأمير شيخ وعمل فيه خطبة ووسعه ووقف عليه وقفا ورتب له إماما وخطيبا وجعل فيه محدثا يقرأ الحديث وقاريء حديث وجعل الشيخ جمال الدين ابن الشرايحي مصدرا لاقراء الحديث انتهى. وقال التقي ابن قاضي شهبة في العشر الأخير من صفر سنة ثلاث عشرة وثمانمائة وفي هذه الجمعة فرشت الحصر بالجامع الجديد خارج باب النصر بناه مرجان طواشي النائب يعني شيخ الخاصكي وجعل في جوانبه حوانيت ووقفها عليه وجاء في غاية الحسن ولم يفرغ إلى الآن منبره ولادهانه وهم في همة تكميل ذلك وجلست فيه للاشتغال بالعلم في كل أسبوع ثلاثة أيام وفي جامع تنكز يومين اخرين انتهى. وقال في ربيع الأول منها: وفي يوم الجمعة مستهلة خطب بالجامع الجديد خارج باب النصر وحضر بانيه مرجان خاندار النائب وجماعة مع أنه لم يعمل المنبر بعد وإنما هم في همته انتهى.

جامع يلبغا 9- على شط نهر بردى تحت قلعة دمشق قال الحافظ شمس الدين ابن ناصر الدين في توضيح المشتبه في كلامه على القري: وجدت بخط الشيخ القدوة أبي سعيد مساعد بن ساري1 رحمه الله تعالى سمعت الشيخ محمد بن القرمي2 بالقدس يقول: كان موضع جامع يلبغا تلا يشنق عليه حتى شنق عليه فقير مجذوب شطح فقتل عليه مشنوقا ولم يقتل عليه أحد بعده وكان يرون أن ذلك بسببه انتهت الزيادة. وقال الذهبي في مختصر تاريخ الإسلام في سنة سبع وأربعين: وفي هذا العام أنشأ الجامع السيفي يلبغا بدمشق. وقال في سنة ثمان وأربعين وسبعمائة: وفي جمادى الأولى جاء الخبر إلى دمشق بمسك جماعة من كبراء أمراء مصر منهم آق سنقر والحجازي وبيدمر البدري وغيرهم تتمه سنة فجمع نائب الشام الأمير سيف الدين يلبغا الأمراء بعد الموكب واستشارهم فيما يصنع فاختلفوا عليه فكاتب إلى النواب بالبلاد الشامية فأجابه بالطاعة نائب حلب المحروسة ارغون شاه3 فتحول نائب دمشق بأهله وخزائنه إلى القصر الظاهري فأقام به أياما فقدم عليه أمر السلطان يعلمه أنه قد كتب تقليد ارغون شاه نائب حلب المحروسة نيابة دمشق ويأمره بالشخوص إلى القاهرة فانتهر الرسول ورده بغير جواب فلما كان من الغد وهو يوم الخميس منتصف الشهر خرج بجميع أهله وغلمانه ودوايه وحواصله إلى خارج البلد عند قبته المعروفة به اليوم وخرج معه أبوه وإخوته وجماعة من الأمراء منهم قلاون وسبعة ممن أطاعوه فباتوا ليلتين بأرض القبيبات فلما كان من الغد يوم الجمعة نودي في البلد من تأخر من الأمراء والجند شنق على باب داره فتأهب الناس للخروج وطلع الأمراء فاجتمعوا إلى السنجق السلطاني تحت القلعة فلما تكاملوا ساروا نحوه بعد صلاة الجمعة ليمسكوه فجهز ثقله وزاده وما خف عليه من أمواله ثم ركب بمن أطاعه ووافاه الجيش عند ركوبه وهابوا أن يبتدوه بالشر فتقدمهم وساروا وراءه وأما أهل القبيبات وعوام الناس والأجناد الباطله فنهبوا خيامه

_ 1 شذرات الذهب 7: 143. 2 شذرات الذهب 6: 303. 3 شذرات الذهب 6: 166.

وكان قيمة ذلك ما يزيد على مائة ألف درهم فقطعوها ونهبوا مطبخه وما قدروا عليه من الشعير والجمال والمتاع وأما العسكر فساقوا خلفه وتتابعت عليه الجيوش وأحاطت به العرب من كل جانب فألجؤوه إلى واد بين حماة وحمص فدخل إلى نائب حماة بعد أن قاسى من الشدائد ما قاسى فاستجار به فأجاره وأنزله وأكرمه وكتب إلى السلطان الملك المظفر يعلمه بذلك فجاءه الجواب بمسكه فقبض عليه نائب حماه وقيده وأرسل به متحفظا عليه فلما وصل إلى قاقون جاءه أمر الله تعالى فخنق هناك واجتزوا رأسه ومضوا به إلى القاهرة ثم قدم إلى دمشق شيخنا الأمير نجم الدين الزيبق صحبة الصاحب علاء الدين الحراني للحوطة على أموال يلبغا ومن معه من الأمراء انتهى. ثم قال: في ثامن جمادى الآخرة قدم الأمير سيف الدين ارغون شاه من حلب المحروسة على نيابة دمشق انتهى. وقال ابن حبيب1 في هذا الجامع شعرا. يمم دمشق ومل إلى غربيها ... والمح معاني حسن جامع يلبغا من قال من حسد رأيت نظيره ... بين الجوامع في البلاد فقد لغا قال الأسدي في ذيله في سنة تسع وثلاثين وثمانمائة: في المحرم وفي يوم السبت الرابع والعشرين منه رأيت القبة التي كانت مشهورة بقبة جامع يلبغا قد أزيلت وبني موضعها سقف على المسجد فعل ذلك الأمير محمد بن منجك وكان بسبب ذلك أن الناس كانوا يظنونها قبة يلبغا وأن الزاوية له وإنما ذلك للأمير الأمجد محمد بن منجك رحمه الله تعالى وقبة يلبغا فإنها غربيها انتهى. ولعل صوابه شرقيها والله تعالى أعلم. جامع تنكز: 10- قال ابن كثير في تاريخه في سنة سبع عشرة وسبعمائة وفي صفر منها شرع في عمارة الجامع الذي أنشأه أمير الأمراء تنكز نائب الشام ظاهر باب النصر تجاه حكر السماق على نهر بانياس بدمشق وتردد القضاة والعلماء في تحرير قبلته

_ 1 شذرات الذهب 6: 262.

فاستقر الحال في أمرها على ما قال الشيخ تقي الدين بن تيمية في يوم الأحد الخامس والعشرين منه وشرعوا في بنائه بأمر السلطان ومساعدته لنائبه في ذلك انتهى. وقال فيها أيضا: وفي شعبان تكامل بناء الجامع الذي عمره الأمير تنكز ظاهر باب النصر وأقيمت الجمعة فيه يوم عاشر شعبان وخطب فيه الشيخ نجم الدين علي بن وداود بن يحيى الحنفي المعروف بالقحفازي1 من مشاهير الفضلاء بدمشق وذوي الفنون المتعددة بها وحضر نائب السلطان والقضاة والأعيان والقراء والمشدون وكان يوما مشهودا انتهى. وقد تقدمت ترجمة منشئه تنكز ملخصة في دار القرآن والحديث له انتهى. والله أعلم. جامع السلطان 11- خلف مسجد المؤيد. قال الأسدي في ذيله: في جمادى الأولى سنة ثمان عشرة وثمانمائة وفي يوم الثلاثاء تاسعه هموا في عمارة الجامع الذي رسم ببنائه السلطان تحت القلعة مقابل برج باب الحديد وكان له مدة قد بطلوا العمل فيه ولكن نقلوا إليه في هذه المدة حجارة كثيرة كبارا من السور الذي عند باب جيرون انتهى. جامع التوبة 12- بالعقيبة: قال ابن شداد أنشأه الملك الأشرف أبو الفتح موسى ابن الملك العادل سيف الديين أبي بكر بن أيوب في سنة اثنتين وثلاثين وستمائة وكان يعرف قديما بخان الزنجاري وكان به كل مكروه من القيان وغيره وولي خطابته الركن الطوسي ولم يزل بها إلى أن توفي ووليها بعده العماد المعروف بالواسطي واسمه أحمد ولم يزل بها إلى أن أخرج عن دمشق لأمور أنكرت عليه وقد نظم في ذلك أبياتا شرف الدين بن عنين فقال: يا مليكا ملأ الرحـ ... ـمن بالعدل زمانه جامع التوبة قد ... حملني منه أمانة

_ 1 شذرات الذهب 6: 143.

قال قل للملك الأشـ ... ـرف أعلا الله شانه لي إمام واسطي ... يعشق الخمر ديانه والذي قد كان من ... قبل يغني بالجفانه فكما كنت وما زلـ ... ـت ولا أبرح حانه فأعدني النمط الأو ... ل واستبق ضمانه انتهى. وأخبر المولى البهاء محمد بن النحاس1 أن الصدر المرحوم جمال الدين ابن زوتينية أنشده هذه الأبيات لنفسه والبيت الأول: يا مليكا قد أقام ... العدل فينا وأبانه وبعده: قال قل للملك الاشـ ... ـرف أعلا الله شانه كم إلى كم أنا في ... ذل وبؤس وإهانة والذي قد كان من ... قبل يغني بجفانه فكما نحن وما زلـ ... ـنا وما نبرح حانه ثم قال ابن شداد: ثم ولي خطابته ونظره الشيخ بدر الدين يحيى ابن الشيخ الإمام عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام وجدد قبلته ومحرابه وذهبه وبيض أساطينه البرانية وأروقته الشمالية وصانه أتم صيانة وجدد له ربعا ووقفه عليه وفوض إليه ذلك الإمام فخر الدين بن حمويه في الأيام الصالحية النجمية وتولاه بعده اخوته وهو بأيديهم إلى الآن انتهى. جامع العقبية: 13- قال الأسدي في ذيله في سنة سبع عشرة وثمانمائة: وفي هذا الشهر جدد جامع بالعقبية الكبرى بالساحة وجعل فيه خطبة وكان مسجدا فوسع وجعل جامعا وبنى له مأذنة فعل ذلك شخص تاجر انتهى.

_ 1 شذرات الذهب 5: 442.

جامع الجوزة: 14- غربي عمارة السلطان القايتبائية. قال الأسدي في ذيله في شهر ربيع الأول سنة ثلاثين وثمانمائة: وفي هذا الشهر بلغني أن القاضي بدر الدين ناظر الجيش وسع في مسجد الجوزة من شمالية وجعله جامعا وحصل الرفق لأهل تلك الناحية بذلك انتهى. وقال في شهر رمضان سنة اثنتين وثلاثين: وممن توفي فيه زوجة القاضي بدر الدين حسن يعني ابن نجم الدين المتشرف بالاسلام ناظر الجيش وكان لها بنت من غيره وهي زوجة الأمير أزبك الدوادار وكانت غالبة على أمر زوجها ولما مات أقران البيت الذي عمره لصيق المدرسة الحنبلية ملكها فوقفته على نفسها ثم على أولادها ثم على الحرمين الشريفين واستولت على تركته وصالحت أرباب الديون والسلطان وشفع أزبك فيها حتى خفف ما كان يطلب منها وتزوجت بقاضي القضاة شهاب الدين ابن العز فلم يمض إلا مدة يسيرة وماتت في اليوم الأخير من شهر رمضان وصلي عليها بالجامع الأموي بعد صلاة العيد وأخرجت يوم العيد من باب شرقي عندما فتح الباب وبلغ ذلك الحاجب والقضاة عندما خرجوا من المصلى جاؤا إلى جنازتها فوجدوا الباب الشرقي لم يفتح بعد فانتظروه حتى فتح وصلوا عليها ودفنت عند زوجها بتربة مقابر أبي وكانت تنسب إلى خير ووقف أوقافا في مرضها على جهات بر فأبطلت بعد موتها وإليها تنسب التوسعة في جام الجوزة سامحها الله وأما زوجها فإنه توفي في جمادى الآخرة من السنة الماضية وهو ناظر الجيش وكاتب السر بدمشق وكان ساكنا في لس أنه لثغة ظاهرة وعمر دارا هائلة متصلة بالمدرسة الناصرية والباذرائية وأخذ أملاك الناس وأدخلها فيها وكان حنيفا جدا أصغر أمر يخرجه عن الاعتدال اتفق أنه تكلم على دار الضرب فأرسل إلى مصر فضة كثيره من مال السلطان فسبك بعضها فوجد في الألف ستين درهما نحاسا فأنكر السلطان عليه وأرسل مرسوما بإنكار كثير على فاعل ذلك وأنه يؤخذ منه تفاوت ذلك ستة الآف دينار ومن المصاريف والمباشرين تتمة عشرة الآف دينار وإن يعطي المستفسر بذلك ألف دينار وقريء ذلك بحضرة القضاة

فعظم ذلك عليه لكونه صار زغليا عند السلطان فحمل على قلبه وكان قبل ذلك متضعفا فانقطع أياما ومات ودفن عند والده خارج الباب الشرقي بمقصورة أبي وهو في عشر الستين انتهى. ملخصا والله سبحانه وتعالى أعلم انتهى. جامع مسجد الاقصاب 15- قال الحافظ شهاب الدين بن حجي في سنة إحدى عشرة: وفيها وقع بين القاضي المالكي وابن الحسباني1 المباشر لقضاء الشافعية بسبب أن مسجد القصب قصد توسعته من جهة القبلة من أرض خان فارس وأن المالكي يحكم بأخذ الأرض بقيمتها قهرا ومانعه الشافعي فجرت بينهما أمور ثم وقع استفتاء فكتب على الفتوى بعد مراجعة كتب المالكية واستقر الجواب فيها على المنع عند المالكية على ما بينه في الفتوى انتهى. وقال الشيخ تقي الدين بن قاضي شهبة عقيبة وقد اخرب الأمير ناصرر الدين بن منجك المسجد المذكور وبناه جامعا كبيرا ولكن أخذت أرضه على غير طريق مرضي وحكى الشيخ زين الدين عبد الرحمن ابن الشيخ المولى خليل القابوني: أنه صلى يوما بمسجد القصب هو والشيخ أحمد الأقباعي فقال الشيخ أحمد لو حصل لهذا من يوسعه لكان جيدا فقال له الشيخ: صار هذا فاتفق أنه عمر بعد وفاة الشيخ انتهى. وقال ابن كثير في سنة إحدى وعشرين وسبعمائة2: وفي الثالث عشر من جمادى الآخرة اقيمت الجمعة بمسجد القصب وخطب به الشيخ علي المناخلي انتهى. وقال الأسدي في ذيله في شعبان سنة اثنتين وثلاثين وثمانمائة وفي يوم الأربعاء ثامن عشرة حضر القاضي محيي الدين المصري بمسجد القصب لأجل تصدير رتبه له الواقف الأمير ناصر الدين محمد بن منجك وحضر عنده قاضي القضاه الشافعي هو ابن الحمرة وحضر جماعة من الأعيان انتهى. وزوج بنت القاضي الشافعي المذكور لابن أخي الشيخ محيي الدين المصري2 المذكور وهو رجل من أهل العلم قيل لي عنه أنه يحفظ مختصر ابن الحاجب في الفروع واسمه تقي الدين القباني واستنابه

_ 1 شذرات الذهب 7: 108. 2 شذرات الذهب 7: 232.

المالكي بدمشق في ثالث شهر رجب منها ثم رجع إلى بلده في ذي القعدة منها انتهى. جامع السقيفة 16- خارج باب توما قال الشيخ تقي الدين بن قاضي شهبة في صفر سنة أربع عشرة وثمانمائة: وفي هذا الشهر فرغ من الجامع الذي جدد بالسبعة وجعل له شبابيك على النهر وارتفق به أهل تلك المحلة بناه شخص يقال له خليل الطوغاني رأس نوبة في دار السعادة وفي السنة الخالية جددت خطبة بالمدرسة الحلبية فبقي في هذا الخط ثلاث جمع تقام انتهى. يعنى هاتين الاثنتين وخطبة المدرسة الزنجية ثم قال في جمادى الآخرة سنة خمس عشرة وثمانائة غرس الدين خليل الطوغاني نقيب النقباء بدار السعادة أنشأها جامعا عند باب توما على النهر وجاء حسنا ورتب فيه خطيبا ومؤذنين وقارئا للحديث وخرج إلى القسم فمات هناك وحمل إلى دمشق ودفن بها وكان شيخا أن لم يكن من الظلمة فهو من أعوانهم سامحه الله تعالى وخلف ولدين فباشرا عنه وظيفته انتهى كلامه. جامع القابون 17- قال ابن كثير في سنة إحدى وعشرين وسبعمائة: وفي منتصف شهر رمضان منها أقيمت الجمعة بالجامع الكريمي بالقابون ويومئذ شهدها القضاة والصاحب وجماعة من الأعيان انتهى. وقد مرت ترجمة الكريمي هذا في جامعه بالقبيبات انتهى. جامع داريا الكبرى 18- قال شيخنا بدرالدين الأسدي في كتابه الكواكب الدرية في السيرة النورية في سنة خمس وستين وخمسمائة: وفيها أمر نور الدين بعمارة جامع داريا القائم الآن وكان قديما عند أبي سليمان الداراني فأحرقه الفرنج لما تولوا على

داريا أيام مجير الدين آبق فعمره نور الدين في هذه السنة وجعله وسط البلد وعمر بها أي بداريا أيضا مشهد أبي سليمان الداراني انتهى. جامع المزة 19- عمره الوزير صفي الدين بن شكر. قال الأسدي في تاريخه في سنة اثنتين وعشرين وستمائة: عبد الله بن علي بن الحسين بن عبد الخالق بن الحسن ابن منصور الصاحب الوزير الكبير صفي الدين أبي محمد المصري الدميري المالكي المعروف بابن شكر ولد بالدميرة بين الاسكندرية ومصر سنة ثمان وأربعين وقال ابن كثير سنة أربعين وخمسمائة وتفقه على الفقيه أبي بكر عتيق اليحيائي1 وبه تخرج ورحل إلى الاسكندريه وتفقه بها على شمس الإسلام أبي القاسم مخلوف2 وسمع منه ومن أبي طاهر بن عوف3 وسمع من السلفي4 انشادا وأجاز له أبو محمد بن مربي5 وأبو الحسين بن الموازيني6 وجماعة وحدث بدمشق ومصر وروى عنه الذكي المنذري7 والشهاب القوصي8 وأثنيا عليه ووزر للعادل وتمكن منه ثم غضب عليه وعزله في سنة تسع وستمائة ونفاه إلى الشرق انتهى. وقال الذهبي في مختصر تاريخ الإسلام في سنة خمس عشرة وستمائة: وفيها مات السلطان الملك العادل أبو السلاطين الكامل والمعظم والأشرف والصالح والاوحد وغيرهم سيف الدين أبو بكر محمد بن أيوب في جمادى الآخرة بعالقين وحمل في المحفة إلى دمشق وعاش تسعا وسبعين سنة وكان مولده ببعلبك وأبوه والى عملها للاتابك زنكي بن اق سنقر فدفن بقلعة دمشق أربع سنين ثم نقل إلى تربته وكان أصغر من أخيه صلاح الدين بنحو ثلاث سنين انتهى. ثم قال الأسدي في سنة خمس عشرة وستمائة: قال ابن كثير وفيها كان عود الوزير صفي الدين بن شكر من بلاد الشرق من آمد إلى دمشق

_ 1 شذرات الذهب 4: 158. 2 شذرات الذهب 4: 276. 3 شذرات الذهب 4: 268. 4 شذرات الذهب 4: 255. 5 شذرات الذهب 4: 273. 6 شذرات الذهب 4: 283. 7 شذرات الذهب 5: 277. 8 شذرات الذهب 5: 260.

بعد موت الملك العادل فعمل فيه الشيخ علم الدين السخاوي1 مقامة يمدحه فيها ويبالغ في شكره وقد ذكر أنه متواضعا يحب الفقهاء ويسلم على الناس إذا اجتاز بهم وهو راكب في أبهة وزارته ثم أنه انكب في هذه السنة وذلك أن الملك الكامل وهو الذي كان سبب طرده وإبعاده كتب إلى أخيه الملك المعظم فيه فاحتاط على أمواله وحواصله وعزل ابنه عن نظر الدواوين وكان ينوب عن أبيه في مدة غيبته. قال ابن كثير وعمل أشياء في أيام وزارته للملك العادل منها: تبليط جامع دمشق واحاطة سور المصلى وعمل الفوارة ومسجدها وعمر جامع المزة انتهى. قال المنذري: وكان مؤثرا للعلماء والصالحين كثير البر بهم والتفقد لهم لا يشغله ما هو فيه من كثرة الاشغال عن مجالستهم ومباحثتهم وأنشأ مدرسة قبالة داره بالقاهرة. وقال أبو شامة: وكان خليقا بالوزارة لم يتولها مثله وصنف كتابا سماه البصائر نور فيه على الأوائل والأواخر وفي آخر أمره فوض إليه الملك الكامل الأمور على عادته في أيام وزارته فتوفي على حرمته كذا ذكره الذهبي. وقال ابن كثير: وبقي معزولا من سنة خمس عشرة إلى أن توفي في نصف شعبان منها ودفن بتربته عند مدرسته بمصر ومنهم من يقول: كان مشكور السيرة ومنهم من يقول: كان ظالما وذكره الموفق عبد اللطيف وبالغ في ثلبه انتهى ملخصا. ثم قال الأسدي فيه في سنة ثلاث عشرة وستمائة: عبد الوهاب بن عبد الله بن علي الوزير جمال الدين أبو محمد ابن الصاحب الوزير صفي الدين بن شكر سمع من حنبل وابن طبرزد وجماعة ووزر للملك المعظم عيسى وكان كثير الصدقات توفي في ربيع الآخر شابا انتهى. قال كاتبه خويدم الطلبة والفقراء أبو زكريا يحيى بن النعيمي مؤلف هذا الكتاب تغمده الله برحمته: قد خرب هذا الجامع الصفي وبطلت الصلوات فيه من مدة سنين إلى أن أمر مولانا السلطان سليمان بن عثمان بعمارة جامعه والتكية مكان قصر الملك الظاهر أخذت الآت جامع الصفي إلى ذلك وكذلك الآت

_ 1 شذرات الذهب 5: 222.

جامع النيرب وحصل للسيد تاج الدين عبد الوهابب الصلتي بمقتضى ذلك هم وغم كثير وكان ذلك في سنة خمس وستين وتسعمائة: ولم يبق بالمزة جامع غير جامع المررجاني فقط وكنت قديما في سنة خمس عشرة صليت الجمعة الصفي المذكور خلف أفضل الدين محمد بن عمر الرجيحي الحنبلي تمت الزيادة بحروفها من خط المؤلف رحمه الله تعالى. جامع الأفرم 20- غربي الصالحية. قال ابن كثير في سنة ست وسبعمائة: وفي مستهل ذي القعدة كمل بناء الجامع الذي أنشأه وبناه الأمير جمال الدين نائب السلطنة الأفرم ورتب فيه خطيبا يخطب يوم الجمعة وهو القاضي شمس الدين محمد بن أبي العز الحنفي انتهى. جامع الجبل 21- المشهور بجامع الحنابلة وبالمظفري بسفح قاسيون. قال ابن كثير في تاريخه وتبعه الأسدي في سنة ثماني وتسعين وخمسمائة: وفيه شرع الشيخ أبو عمر محمد بن أحمد بن قدامة المقدسي1 في بناء المسجد الجامع الجبل فأنفق عليه رجل يقال له الشيخ أبو داود محاسن الفامي حتى بلغ البناء مقدار قامة فنفد ما كان معه فأرسل الملك المظفر كوكبوري بن زين الدين علي كجك صاحب إربل مالا جزيلا لتتميمه فكمل وأرسل ألف دينار ليساق بها إليه الماء من قرية برزه فلم يمكنه من ذلك الملك المعظم صاحب دمشق واعتذر بأن هذا فرش قبور كثيرة للمسلمين وصنع له بئر وبغل يدور ووقف عليه وقفا لذلك انتهى. وقال الأسدي في تاريخ في سنة ثلاث وستمائة: في ترجمة كوك بوري المذكور هو بضم الكافين بينهما واو ساكنه ثم باء موحدة مضمومة ثم واو ساكنة بعدها راء وهو اسم تركي ومعناه بالعربي دب ازرق هو ابن علي بن بكتكين

_ 1 شذرات الذهب

ابن كجك التركماني وبكتكين بفتح الموحدة وسكون الكاف وكسر التاء المثناة من فوق الكاف وسكون مثناة من تحت وبعدها نون وهو اسم تركي وكجك لفظ عجمي ومعناه بالعربي صغير أي صغير لقد انتهى. ملخصا وقال ابن شداد: أول من خط الحاج علي الفامي من محلة مسجد القصب خارج باب السلامة ثم بلغ مظفر الدين كوكنبوري صاحب إربل أن الحنابلة بدمشق شرعوا في عمل جامع بسفح قاسيون وأنهم عاجزون عن العمل فيسير مع حاجب من حجابه يسمى شجاع الدين الإربلي ثلاثة الآف دينار أتابكية للتتميم العمارة ومهما فضل من ذلك يشتري له وقف ويوقف عليه وأول من ولي خطابته الشيخ أبو عمر المقدسي انتهى. وقال ابن كثير في تاريخه في سنة سبع وستمائة في ترجمة الشيخ أبي عمر باني المدرسة وولي خطابة الجامع المظفري وهو أول من خطب به وكان يخطب وعليه لباسه الضعيف وعليه أنوار الخشية والتقوى وإنما كان للمنبر الذي فيه ثلاث مراقي وأربعة للجلوس كما كان المنبر النبوي قد حكى أبو مظفر أنه حضر عنده الجمعة وكان شيخ عبد الله اليونيني هناك حاضره فلما انتهى. الشيخ أبو عمر إلى الدعاء إلى السلطان قال: اللهم أصلح عبدك الملك العادل سيف الدين أبا بكر بن أيوب فنهض الشيخ أبو عبد الله وترك الجمعة قال: فلما فرغنا ذهبت إليه فقلت: لماذا قمت؟ فقال: يقول لهذا الظالم العادل؟ وبينما نحن في الحديث إذ أقبل الشبيخ أبو عمر ومعه رغيف وخيارتان فكسر ذلك وقال: الصلاة ثم قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بعثت في زمن الملك العادل كسرى" فتبسم الشيخ أبو عبد الله ومد يده فأكل فلما قام الشيخ أبو عمر قال: لي يا سيدنا ما هذا إلا رجل صالح قال الشيخ شهاب الدين أبو شامه: كان الشيخ أبو عبد الله من الصالحين الكبار وقد رأيته وكانت وفاته بعد أبي عمر بعشرة سنين ولم يسامح الشيخ أبي عمر في تساهله مع ورعه ولعه كان مسافرا لا جمعة عليه وعذر الشيخ أبي عمر أن هذا قد جرى مجرى الأعلام العادل الكامل الأشرف كما يقال سالم وغانم ومسعود ومحمود وقد يكون ذلك على الضد من تلك الأسماء وكذلك إطلاق العادل ونحوه أنه قد أدخل إطلاقه على المشترك

فهذا أولى قلت هذا الحديث الذي احتج به الشيخ أبو عمر لا أصل له وليس هو في بشئ من الكتب المشهورة وعجبا له ولأبي المظفر ثم لأبي شامه في قبول مثل هذا وأخذه منه مسلما والله أعلم انتهى. كلام ابن كثير ورأيت في كتاب التذكرة في الأحاديث المشتهرة حديث "ولدت في زمن الملك العادل" كذب باطل انتهى. وتبع الشيخ جلال الدين السيوطي1 في كتابة "الدرر المنتثرة" في الأحاديث المشتهرة بلفظ "ولدت" وقد قال الله تعالى: {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} وقال البغوي2: أي يشتركون وأصله من مساواة الشيء بالشىء ومنه العدل أي يعدلون بالله غير الله يقال عدلت هذا بهذا إذا ساويته به وقال النضر بن شميل: الباء بمعنى عن أي عن ربهم يعدلون أي يمليون وينحرفون عن المعدول قال الله تعالى: {عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} أي منها قيل تحت قوله: {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} معنى لطيف ومثل قوله القائل: أنعمت عليهم بكذا وتفضلت بكذا ثم تكفررون بنعمتي انتهى. وقال غيره: يعدلون يجعلون له عدلا وأتى الحجاج بامرأة من الخوارج فقال لها: ما تقولين في فقالت: أنت قاسط عادل فقال لمن حضر ما تقولون في كلامها فقالوا: ما نرى به بأسا فقال إنها تقول إني جائر كافر وتلا قوله تعالى: {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} الآية وقوله تعالى: {وأما الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً} والله أعلم انتهى. قال ابن شداد: ثم ولي خطابته بعد الشيخ أبي عمر تقي الدين ابن الحافظ الحنبلي ثم من بعده شمس الدين عبد الرحمن وهو في يومه إلى يومنا هذا في شهور سنة ست وتسعين وخمسمائة وتجددت له من بعد ذلك فتوحات وأوقاف وهي بأيديهم انتهى. جامع حرستا 22- أنشأه الوزير صفي الدين بن شكر قاله الأسدي في تاريخه وقد تقدمت ترجمة الوزير هذا في جامع المزة انتهى.

_ 1 شذرات الذهب 8: 51. 2 شذرات الذهب 4: 84.

جامع النيرب 23- بالقرب من الربوة قال الحافظ ابن ناصر الدين في مسودة توضيحه: النيرب من قرى الغوطة وهي قرية حسناء من محاسن قرى دمشق من إقليم بيت لهيا كثيرة المياه والبساتين وبها جامع حسن تقام فيه الجمعة ويقال في شرقيه قبر حنة أم مريم عليهما السلام. وقال ابن شداد: وليست مريم بنت عمران "ولها حكاية" في تاريخ دمشق لابن عساكر أن الخضر عليه السلام ينتاب هذا المسجد ويصلي فيه ويروي أن عيسى عليه السلام كان فيه انتهى. وقال ابن كثير في سنة أربع وثلاثين وسبعمائة: الصدر أمين الدين محمد بن فخر الدين بن أحمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن محمد بن يوسف ابن أبي العيش الأنصاري الدمشقي باني المسجد المشهور به بالربوة على حافة بردى والطهارة الحجارة إلى جانبه والسوق الذي هناك وله بجامع النيرب ميعاد ولد سنة ثمان وخمسين وستمائة وسمع البخاري وحدث به وكان من أكابر التجار ذوي اليسار توفي بكرة يوم الجمعة وقت أذان الفجر سادس المحرم ودفن بتربته بقاسيون وقال البزالي وفي بكرة يوم الجمعة وقت أذان الفجر سادس المحرم من سنة الآخرة المذكورة توفي الشيخ الصدر أمين الدين أبو عبد الله محمد ابن فخر الدين أحمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن محمد بن يوسف بن أبي العيش الأنصاري الدمشقي وصلى عليه عقيب الجمعة بجامع دمشق ودفن بتربته بسفح قاسيون شمالي الجامع المظفري وسألته عن مولده فقال: كنت رضيعا سنة ثمان وخمسين وستمائة وبيني وبيت تاج الدين بن الشيرازي رضاع سمع صحيح البخاري على ابن أبي اليسر والجماعة في سنة ست وستين وستمائة وحدث به قبل موته بأشهر ودخل اليمن في التجارة وكان رجلا جيدا فيه خير ودين وعمر تحت الربوة مسجدا وطهارة وانتفع الناس بذلك وتكلم في جامع النيرب وفي وقفه ووقف فيه ميعاد حديث قبل الجمعة انتهى. وقد خرب هذا الجامع الذي بالنيرب وبطلت الصلوات فيه من مدة سنين

وأخذت الآته إلى عمارة الجامع والتكية التي أمر بإنشائها مولانا السلطان سليمان بن عثمان نصره الله تعالى مكان قصر الملك الظاهر وكان أخذ هذه الآلات لذلك في سنة خمس وستين وتسعمائة وحصل بين السيد تاج الدين عبد الوهاب الصلتي وبين الكمال محمد بن الحمراوي شر كثير بمقتضى ذلك انتهى. جامع الربوة 24- قال الذهب في ذيله على العبر: في سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة وفي شهر ربيع الأول ولي قاضي القضاة جمال الدين بن جملة1 وجددت بالربوة خطبة وأمسك حاجب السلطان المتكلم عليها الأمير سيف الدين الماس وكان ظلوما انتهى. جامع ابن العنبري 25- بدرب الصالحية الأخذ إلى الجسر الأبيض قال الأسدي في سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة وفي شهر ربيع الأول منها توفي علاء الدين علي المعروف بابن العنبري الطرابلسي وكان له دنيا وقدم الشام وأقام بها وكان خصيصا بشاهين دوادار نائب الشام الأمير شيخ وكان له مساعده في بناء جامع التوبة ووقف أوقافا على جهات بر فلما افتقر نقضها وبنى مسجدا غربي سويقه ساروجا على يمين المتوجه إلى الصالحية ثم جعله جامعا وجعل فيه خطبة ثم بطلت الخطبة لما عمر الحاجب برسب أي جامعة بالقرب منه ودارت عليه الدوائر وركبه الدين وأقام بطرابلس وتخمل جدا ثم جاء بعد موت صهره كريم الدين بردك بن منجك إلى دمشق فأقام بها إلى أن توفي ليلة السبت مستهل الشهر المذكور ودفن بالتربة التي مقابل مسجده وكان يتمعقل ويصحب الترك وقارب سنه السبعين ظنا انتهى. جامع الحاجب 26- الدمشقي بسويقه ساروجا قال الأسدي في سنة ثلاثين وثمانمائة وفي

_ 1 شذرات الذهب 6: 119.

أواخر شهر رمضان منها صلى بجامع الحاجب بسويقه ساروجا وخطب به يوم الجمعة رابع عشرة ويقال سلخ الشهر المذكور برهان الدين ابن قاضي عجلون وهو الذي كان نائب القاضي في الخطابة بالجامع الأموي انتهى. ثم قال في شوال منها: وفي يوم الجمعة رابع عشر من الشهر المذكور صلى النائب والأمراء بجامع الحاجب الجديد وخطب به قاضي القضاة خطبة بليغة وذكر الأحاديث الوارده في فضل بناء المساجد واختلاف ألفاظها ومن خرجها وهي آخر خطبة خطبها انتهى ملخصا. جامع النحاس 27- شرقي الركنية بالصالحية. قال ابن كثير في سنة أربعة وخمسين وستمائة: الشيخ عماد الدين عبد الله بن الحسين بن النحاس ترك الخدم وأقبل على الزهادة والتلاوة والعبادة والصيام المتتابع والانقطاع إلى مسجده الجامع بسفح قاسيون نحوا من ثلاثين سنة وكان من خيار الناس ولما توفي دفن عند مسجده الجامع بسفح قاسيون بتربة مشهورة به وحمام ينسب إليه في مشاريق الصالحية وقد أثنى عليه السبط وأرخ وفاته كهلا وقد توفي السبط في أواخر هذه السنة انتهى. ووجدت بخط الحافظ ابن ناصر الدين في مسودة توضيح المشتبه منهم المجد أبو الحسن علي ابن الحسن ابن علي ابن النحاس الأنصاري الدمشقي وإليه ينسب حمام النحاس الذي بطريق الصالحية العتيق بدمشق سمع ابن النحاس هذا من أبي طاهر السلفي وأبي القاسم بن عساكر وتفقه على ابن أبي عصرون وتوفي في جمادى الآخرة سنة إحدى وستمائة. وقال الأسدي وسمع أبا المظفر الفلكي1 وروى عنه الشهاب القوصي وغيره وإليه ينسب الحمام شرقي الصالحية وقد خرب في زماننا في الفتنة انتهى. جامع المرجاني 28- بضواحي المزة. قال الشريف الحسيني في كتاب ذيل العبر في سنة تسع

_ 1 شذرات الذهب 4: 188.

وستين وستمائة: وفيها أكمل جامع المزة وأقيمت فيه الجمعة في الثاني والعشرين من شهر ربيع الآخر انتهى. وقال في سنة تسع وخمسين وسبعمائة ومات في سادس عشري ذي القعدة شيخنا الزاهد بهاء الدين محمد بن أحمد بن المرجاني صاحب جامع المزة وغيره من الماثر الحسنة حدث عن ابن مزير وغيره انتهى. وقال ابن كثير في سنة عشرين وسبعمائة: وفيها عمر ابن المرجاني شهاب الدين مسجد الخيف وأنفق عليه نحوا من عشرين ألفا انتهى. جامع قلعة دمشق 29- قال العز ابن شداد: وفي القلعة المحروسة المسجد الكبير الجامع الذي أنشأه نور الدين الشهيد رحمه الله تعالى فيه منارة وبركة وعلى بابه سقاية وله إمام ومؤذن ووقف انتهى. قال ابن كثير في تاريخه في سنة خمس وثلاثين وسبعمائة: وفي المحرم منها وفي أمر السلطان الملك الناصر بن قلاوون بعمارة جامع القلعة وعمارة جامع مصر العتيقة انتهى. وقال الأسدي في تاريخه في سنة أربع وعشرين وثمانمائة: في جمادى الآخرة منها وفي هذا الشهر فربت المئذنة بجامع القلعة وكان قد الزم بها القاضي شمس الدين الأذرعي1 بسبب أنه مدرس القلعة فذكر أن هذه المئذنة محدثة أحدثها الأمير زبالة يعني زين الدين الفارقاني نائب القلعة في أيام الملك المنصور ابن الملك المحفوظ في سنة اثنتين وستين وسبعمائة فلم يسمع منه وأوذي وأهين فلما كان في هذا الوقت كان قد بقي في رأسها شيء يسير وبياضها فطلبه نائب القلعة واهانه ولربما قيل أنه ضربه فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم انتهى. جامع الثابتية 30- قال الأسدي في سنة خمس عشرة وثمانمائة: وفي شهر رمضان منها توفي شمس الدين محمد بن عياش الجوخي قال شهاب الدين ابن حجي: كان ذا ثروة وأموال كثيرة ولم يكن بالجواد على إنفاقها وقد سمع من ابن الخباز

_ 1 شذرات الذهب 7: 204.

وحدث في هذا العام توفي في تاسع عشرة بمنزله بالقرب من حمام يلبغا وصلي عليه بجامع الثابتية ودفن بتربة ابن التدمري بالجامع المذكور وقد جاوز السبعين وهو أسن من أخيه المقري الخير شهاب الدين أحمد1 الذي هو الآن ببلاد اليمن وكان يدور البلاد ويقري القرآن انتهى. جامع ابن منجك 31- عند جسر الفجل وآخر ميدان الحصى أنشأ الأمير العوني الغيائي الهمامي الصارمي إبراهيم ابن الأمير سيف الدين منجك اليوسفي الناصري قتل رحمه الله بوقعة الأمير نعير ولم يعرف جسده من المقتولين وأما والده فقد مرت ترجمته في المدرسة المنجكية الحنفية ملخصة وهي طويلة ومنها ما بلغني عن بعض المشايخ أن الأمير منجك مر على طبقة فسمع صوت أمراه فسأله دواداره عنها فقيل له إن لها أياما في الطلق وتعسر عليها خروج الولد فمضى إلى منزله ثم أرسل إليها سرواله وأن تضعه على ظهرها ففعلت فنزل الولد في الحال فقيل له بم نلت ذلك؟ فقال: لأني ما كشفت ذيلي على معصية أبدا وقيل إن رجل تراهن هو وجماعة على مبلغ خمسمائة درهم إن ركب خلف منجك على فرسه وهو راكب ثم جاء الأمير وهو راكب فركب خلفه فقال له الأمير منجك. وقد غلبت اذهب فخذ الخمسمائة درهم كأنه كاشفه وقيل إن رجلا قدم له قميص مناشف منسوجا لن يضع فيه إبره فلما رآه الأمير منجك قال له من أستاذك في هذا الصناعة قال الرجل: إنما اصطنعت ذلك من نفسي فلما سمع الأمير ذلك طرحه له ولم يلتفت إليه لكونه استقل بذلك من غير أستاذ وفيه يقول بعض الأدباء حين أمر بحمل الحجارة على العجل لأجل العمارة من أرض العمارة المذكورة: لنا مليك على البنيان مقتدر ... قلوب صم الحصى من ذكره وجله ذو همة لو نأى في أمره جبل ... أتى به مسرعا في الحال بالعجلة

_ 1 شذرات الذهب 7: 154.

وله ثلاثة أولاد ذكور: أحدهم هذا الأمير فرج وقد مر أنه دفن بتربته بظاهر باب الجابية قبلي تربة افريدون العجمي وغربي تربة الأمير بها درآص والثالث الأمير ركن الدين عمر ودفن بالمكان الذي كان معصره وقفها الحاج عثمان بن البص التاجر بمحلة مسجد الذبان فأخذها بعده أيضا الحاجب فأسسها ليدفن بها فلم يقدر له ذلك فأخذها ركن الدين هذا ودفن بها قبل فتنة تيمور بسنتين ثم احترقت في الفتنة ثم جددها الناصر محمد ابن ابن أخيه إبراهيم وجعل بها خمسة مجاورين وشيخا لهم يقرئهم القرآن الكريم. انتهى ملخصا والله سبحانه وتعالى أعلم انتهى الكتاب. انتهى الكتاب

§1/1