الحيوان

الجاحظ

الجزء الأول

الجزء الأول بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ مقدمة الحمد لله وحده لا شريك له، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم، وبعد؛ فكتاب الحيوان لأبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ هو من الكتب التي كتب لها البقاء والذيوع والانتشار قديما وحديثا. وقد طبع الكتاب غير ما مرة، وتولى خدمته غير واحد من أهل العلم، بيد أنه- على تعدد طبعاته، وجلالة بعض من خدمه- يحتاج إلى طبعة علمية محققة، ففيه ما فيه من نقصان وتحريف ليس منه. وقد أفدت من جهود من تقدمني في خدمة هذا الكتاب، وحرصت على تخريج ما فيه من آيات وأحاديث وأخبار وأشعار وأمثال، وعلى ربطه بكتب الجاحظ الأخرى: البيان والتبيين؛ والبخلاء؛ والرسائل؛ والبرصان والعرجان. وقدمت للكتاب بمقدمة عرفت فيها بالجاحظ وكتابه، اقتضبتها لأن ناشري كتبه قد كتبوا لها مقدمات وافية ضافية. وبعد أرجو أن يكون التوفيق قد حالفني في إخراج الكتاب على نحو يرضاه العلماء، والله أسأل أن يهدينا للحق وإلى ما فيه مرضاته. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. دمشق 19/4/1998 م. محمد باسل عيون السود

حياته:

حياته: من المتفق عليه أن ولادته كانت سنة (148 هـ) وأقتطف سيرة حياته الموجزة من شذرات الذهب 2/121- 122 [سنة خمسين ومائتين. وفيها [توفي] عمرو بن بحر الجاحظ أبو عثمان البصري المعتزلي، وإليه تنسب الفرقة الجاحظية من المعتزلة، صنف الكثير في الفنون. كان بحرا من بحور العلم؛ رأسا في الكلام والاعتزال، وعاش تسعين سنة؛ وقيل بقي إلى سنة خمس وخمسين. أخذ عن القاضي أبي يوسف وثمامة بن أشرس وأبي إسحاق النظام. قال في المغني: عمرو بن بحر الجاحظ المتكلم صاحب الكتب. قال ثعلب: ليس بثقة ولا مأمون؛ انتهى. وقال غيره: أحسن تآليفه وأوسعها فائدة كتاب الحيوان وكتاب البيان والتبيين، وكان مشوّه الخلق، استدعاه المتوكل لتأديب ولده؛ فلما رآه رده وأجازه؛ وفلج في آخر عمره، فكان يطلي نصفه بالصندل والكافور لفرط الحرارة ونصفه الآخر لو قرض بالمقاريض ما أحس به لفرط البرودة، وسمي جاحظا لجحوظ عينيه؛ أي لنتوئهما. وكان موته بسقوط مجلدات العلم عليه] . مضمون الكتاب وقيمته: يوهم العنوان الذي وسم به الكتاب أنه مقصور على الحيوان، إلا أن الكتاب يتضمن علوما ومعارف أكبر من العنوان، فقد أطنب المؤلف في ذكر آي القرآن الكريم، وحديث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وفيه صورة للعصر العباسي وما انطوى عليه من ثقافة متشعبة الأطراف، وعادات كانت سائدة حينذاك، كما تحدث فيه عن الأمراض التي تعترض الإنسان والحيوان؛ وطرق علاجها، وتطرق إلى المسائل الكلامية التي عرف بها المعتزلة، وتحدث عن خصائص كثيرة من البلدان، وعرض لبعض قضايا التاريخ. كل هذه الأنواع من العلوم كانت تتخللها الفكاهة التي بثها الجاحظ بين الفينة والأخرى، مما جعل كتابه بغية كل قارئ، فإن أراد الشعر وجده من أغنى الكتب الحافلة بالشعر، وإن أراد معرفة معلومات دقيقة عن البشر أو أحد الحيوانات وجد ضالته في تضاعيف هذا الكتاب.

عملي في الكتاب:

وإن أراد الاطلاع على ما قالته العرب من أمثال وجد الكمّ الوافر منها، وإن حثته نفسه على مطالعة فكاهة وجدها مبثوثة في صفحات متعددة من هذا الكتاب الضخم، وهذا ما يجعل كتاب الحيوان مجموعة كتب ضمها كتاب واحد. عملي في الكتاب: قسم الجاحظ كتابه إلى عدة أبواب، وهي أبواب طويلة، يكاد يصل عدد صفحات بعضها إلى حوالي مئتي صفحة، ولما رأيت الأمر كذلك رأيت أن أحافظ على تقسيمه، وإشفاع هذا التقسيم بعناوين فرعية تعطي فكرة عن مضمون الفقرة، واقتبست العناوين من مضمون كلام الجاحظ؛ وجعلتها بين قوسين معكوفتين، كما جعلت لها رقما متسلسلا؛ كنت أحيل إليه إذا تكرر شيء من هذه الفقرة في موضع آخر من الكتاب، وتركت العناوين التي وضعها الجاحظ بدون أقواس أو أرقام، وجعلتها في منتصف الصفحة، لأميزها عن العناوين التي استحدثتها. وقد تبين لي أن الكتاب بكافة طبعاته يعتريه السقط والخلل، فأضفت إليه ما وجدته ساقطا؛ وسددت الثلم الذي اكتنف المتن، وكان من أهم المصادر التي أعانتي في استدراك السقط كتاب «ثمار القلوب» للثعالبي، وحصرت ما أضفته بين قوسين. وخرجت الآيات والأحاديث والأقوال والآثار، وقدمت تخريجا وافيا للأشعار والأمثال والأخبار، فلم أدع قولا أو أثرا أو مثلا أو بيتا من الشعر إلا نقبت عنه في المظان المتوفرة، وهو جهد جشمني الكثير من العناء الذي رافقه الصبر والروية للتحقق مما أكتب. ويتضح حجم الجهد الذي بذلته في سبيل إخراج هذا الكتاب من خلال الحواشي التي ذيلت بها متن الكتاب، ومن خلال المصادر التي أشفعتها بنهاية الكتاب. وبعد.. فأرجو أن أكون قد أصبت المراد من عملي هذا. محمد باسل عيون السود

1 -[مؤلفات الجاحظ والرد على من عابها]

(بسم الله الرّحمن الرّحيم) وبه ثقتي 1-[مؤلفات الجاحظ والرد على من عابها] جنّبك الله الشّبهة، وعصمك من الحيرة، وجعل بينك وبين المعرفة نسبا، وبين الصدق سببا، وحبّب إليك التثبّت، وزيّن في عينك الإنصاف، وأذاقك حلاوة التقوى، وأشعر قلبك عزّ الحقّ، وأودع صدرك برد اليقين وطرد عنك ذلّ اليأس، وعرّفك ما في الباطل من الذلّة، وما في الجهل من القلّة. ولعمري لقد كان غير هذا الدعاء أصوب في أمرك، وأدلّ على مقدار وزنك، وعلى الحال التي وضعت نفسك فيها، ووسمت عرضك بها، ورضيتها لدينك حظّا، ولمروءتك شكلا، فقد انتهى إليّ ميلك على أبي إسحاق، وحملك عليه، وطعنك على معبد، وتنقّصك له في الذي كان جرى بينهما في مساوي الديك ومحاسنه، وفي ذكر منافع الكلب ومضارّه، والذي خرجا إليه من استقصاء ذلك وجمعه، ومن تتبّعه ونظمه، ومن الموازنة بينهما، والحكم فيهما. ثم عبتني بكتاب حيل اللصوص «1» ، وكتاب غشّ الصناعات، وعبتني بكتاب الملح والطّرف «2» ، وما حرّ من النوادر وبرد، وما عاد بارده حارّا لفرط برده حتى أمتع بأكثر من إمتاع الحارّ، وعبتني بكتاب احتجاجات البخلاء، ومناقضتهم للسّمحاء، والقول في الفرق بين الصدق إذا كان ضارّا في العاجل، والكذب إذا كان نافعا في الآجل، ولم جعل الصدق أبدا محمودا، والكذب أبدا مذموما، والفرق بين الغيرة وإضاعة الحرمة، وبين الإفراط في الحميّة والأنفة، وبين التقصير في حفظ حقّ الحرمة، وقلّة الاكتراث لسوء القالة، وهل الغيرة اكتساب وعادة، أم بعض ما يعرض من جهة الديانة، ولبعض التزيّد فيه

والتحسن به، أو يكون ذلك في طباع الحريّة، وحقيقة الجوهريّة، ما كانت العقول سليمة، والآفات منفيّة والأخلاط معتدلة. وعبتني بكتاب الصّرحاء والهجناء «1» ، ومفاخرة السّودان والحمران «2» ، وموازنة ما بين حقّ الخؤولة والعمومة «3» ، وعبتني بكتاب الزرع والنخل والزيتون والأعناب «4» ، وأقسام فضول الصناعات، ومراتب التجارات «5» ؛ وبكتاب فضل ما بين الرجال والنساء «6» ، وفرق ما بين الذكور والإناث، وفي أيّ موضع يغلبن ويفضلن، وفي أي موضع يكنّ المغلوبات والمفضولات، ونصيب أيّهما في الولد أوفر، وفي أيّ موضع يكون حقّهنّ أوجب، وأيّ عمل هو بهنّ أليق، وأيّ صناعة هنّ فيها أبلغ. وعبتني بكتاب القحطانيّة وكتاب العدنانيّة في الردّ على القحطانية «7» ، وزعمت أنّي تجاوزت الحميّة إلى حدّ العصبيّة، وأنّي لم أصل إلى تفضيل العدنانيّة إلا بتنقّص القحطانيّة، وعبتني بكتاب العرب والموالي «8» ، وزعمت أنّي بخست الموالي حقوقهم، كما أنّي أعطيت العرب ما ليس لهم. وعبتني بكتاب العرب والعجم، وزعمت أنّ القول في فرق ما بين العرب والعجم «9» ، هو القول في فرق ما بين الموالي والعرب، ونسبتني إلى التكرار والترداد، وإلى التكثير، والجهل بما في المعاد من الخطل، وحمل الناس المؤن. وعبتني بكتاب الأصنام «10» ، وبذكر اعتلالات الهند لها، وسبب عبادة العرب إيّاها، وكيف اختلفا في جهة العلّة مع اتّفاقهما على جملة الديانة، وكيف صار عبّاد البددة «11» والمتمسكون بعبادة الأوثان المنحوتة، والأصنام المنجورة، أشدّ الديّانين

إلفا لما دانوا به، وشغفا بما تعبّدوا له، وأظهرهم جدّا، وأشدّهم على من خالفهم ضغنا، وبما دانو ضنّا، وما الفرق بين البدّ والوثن، وما الفرق بين الوثن والصنم، وما الفرق بين الدّمية والجثّة، ولم صوّروا في محاريبهم وبيوت عباداتهم، صور عظمائهم ورجال دعوتهم، ولم تأنّقوا في التصوير، وتجوّدوا «1» في إقامة التركيب، وبالغوا في التحسين والتفخيم، وكيف كانت أوّليّة تلك العبادات، وكيف اقترفت تلك النّحل، ومن أيّ شكل كانت خدع تلك السدنة «2» ، وكيف لم يزالوا أكثر الأصناف عددا، وكيف شمل ذلك المذهب الأجناس المختلفة. وعبتني بكتاب المعادن «3» ، والقول في جواهر الأرض، وفي اختلاف أجناس الفلزّ والإخبار عن ذائبها وجامدها، ومخلوقها ومصنوعها، وكيف يسرع الانقلاب إلى بعضها، ويبطئ عن بعضها، وكيف صار بعض الألوان يصبغ ولا ينصبغ، وبعضها ينصبغ ولا يصبغ، وبعضها يصبغ وينصبغ، وما القول في الإكسير والتلطيف. وعبتني بكتاب فرق ما بين هاشم وعبد شمس «4» ، وكتاب فرق ما بين الجنّ والإنس «5» ، وفرق ما بين الملائكة والجنّ «6» ، وكيف القول في معرفة الهدهد واستطاعة العفريت «7» ، وفي الذي كان عنده علم من الكتاب «8» ، وما ذلك العلم، وما تأويل قولهم: كان عنده اسم الله الأعظم «9» . وعبتني بكتاب الأوفاق والرياضات «10» ، وما القول في الأرزاق والإنفاقات

وكيف أسباب التثمير والترقيح، وكيف يجتلب التجار الحرفاء، وكيف الاحتيال للودائع، وكيف التسبّب إلى الوصايا، وما الذي يوجب لهم حسن التعديل، ويصرف إليهم باب حسن الظن، وكيف ذكرنا غشّ الصناعات والتجارات «1» ، وكيف التسبّب إلى تعرف ما قد ستروا وكشف ما موّهوا؛ وكيف الاحتراس منه والسلامة من أهله. وعبتني برسائلي «2» ، وبكلّ ما كتبت به إلى إخواني وخلطائي، من مزح وجدّ، ومن إفصاح وتعريض، ومن تغافل وتوقيف، ومن هجاء لا يزال ميسمه باقيا، ومديح لا يزال أثره ناميا ومن ملح تضحك، ومواعظ تبكي. وعبتني برسائلي الهاشميّات «3» ، واحتجاجي فيها، واستقصائي معانيها، وتصويري لها في أحسن صورة، وإظهاري لها في أتمّ حلية، وزعمت أنّي قد خرجت بذلك من حدّ المعتزلة إلى حد الزيديّة، ومن حدّ الاعتدال في التشيّع والاقتصاد فيه، إلى حدّ السرف والإفراط فيه. وزعمت أنّ مقالة الزيدية خطبة مقالة الرافضة، وأنّ مقالة الرافضة خطبة مقالة الغالية «4» . وزعمت أنّ في أصل القضيّة والذي جرت عليه العادة. أن كلّ كبير فأوّله صغير، وأنّ كلّ كثير فإنما هو قليل جمع من قليل، وأنشدت قول الراجز: [من الرجز] قد يلحق الصغير بالجليل ... وإنّما القرم من الأفيل وسحق النخل من الفسيل «5» وأنشدت قول الشاعر: [من الرجز] ربّ كبير هاجه صغير ... وفي البحور تغرق البحور «6» وقلت: وقال يزيد بن الحكم: [من م. الكامل] فاعلم بنيّ فإنّه ... بالعلم ينتفع العليم «7»

إنّ الأمور دقيقها ... مما يهيج له العظيم وقلت: وقال الآخر: [من المديد] صار جدّا ما مزحت به ... ربّ جدّ ساقه اللعب «1» وأنشدت قول الآخر: [من الكامل] ما تنظرون بحقّ وردة فيكم ... تقضى الأمور ورهط وردة غيّب «2» قد يبعث الأمر الكبير صغيرة ... حتّى تظلّ له الدماء تصبّب وقالت كبشة بنت معد يكرب: [من الطويل] جدعتم بعبد الله آنف قومه ... بني مازن أن سبّ راعي المحزّم «3» وقال الآخر: [من السريع] أيّة نار قدح القادح ... وأيّ جدّ بلغ المازح «4» وتقول العرب: «العصا من العصيّة، ولا تلد الحيّة إلا حيّة» «5» . وعبت كتابي في خلق القرآن «6» ، كما عبت كتابي في الردّ على المشبّهة «7» ؛ وعبت كتابي في القول في أصول الفتيا والأحكام «8» ، كما عبت كتابي في الاحتجاج لنظم القرآن وغريب تأليفه وبديع تركيبه «9» . وعبت معارضتي للزيديّة وتفضيلي الاعتزال على كلّ نحلة «10» ، كما عبت كتابي في الوعد والوعيد «11» ، وكتابي على

النصارى واليهود «1» ثمّ عبت جملة كتبي في المعرفة والتمست تهجينها بكلّ حيلة، وصغّرت من شأنها، وحططت من قدرها، واعترضت على ناسخيها والمنتفعين بها، فعبت كتاب الجوابات «2» ، وكتاب المسائل «3» ، وكتاب أصحاب الإلهام «4» ، وكتاب الحجّة في تثبيت النبوّة «5» ، وكتاب الأخبار، ثمّ عبت إنكاري بصيرة غنام المرتدّ «6» ، وبصيرة كلّ جاحد وملحد، وتفريقي بين اعتراض الغمر «7» ، وبين استبصار المحقّ، وعبت كتاب الردّ على الجهميّة في الإدراك «8» . وفي قولهم في الجهالات. وكتاب الفرق ما بين النبيّ والمتنبي «9» . والفرق ما بين الحيل والمخاريق «10» . وبين الحقائق الظاهرة والأعلام الباهرة. ثمّ قصدت إلى كتابي هذا بالتصغير لقدره والتهجين لنظمه، والاعتراض على لفظه، والتحقير لمعانيه، فزريت على نحته وسبكه، كما زريت على معناه ولفظه، ثمّ طعنت في الغرض الذي إليه نزعنا، والغاية التي إليها قصدنا. على أنّه كتاب معناه أنبه من اسمه، وحقيقته آنق من لفظه، وهو كتاب يحتاج إليه المتوسط العامي، أما الرّيض فللتعلّم والدربة، وللترتيب والرياضة، وللتمرين وتمكين العادة، إذ كان جليله يتقدم دقيقه، وإذا كانت مقدّماته مرتبة وطبقات معانيه منزّلة. وأما الحاذق فلكفاية المؤنة، لأن كلّ من التقط كتابا جامعا، وبابا من أمّهات العلم مجموعا، كان له غنمه، وعلى مؤلّفه غرمه، وكان له نفعه، وعلى صاحبه كدّه، مع تعرّضه لمطاعن البغاة، ولاعتراض المنافسين، ومع عرضه عقله المكدود على العقول الفارغة، ومعانيه على الجهابذة، وتحكيمه فيه المتأوّلين والحسدة. ومتى ظفر بمثله صاحب علم، أو هجم عليه طالب فقه، وهو وادع رافه، ونشيط جامّ، ومؤلّفه متعب مكدود، فقد كفي مؤونة جمعه وخزنه، وطلبه وتتبّعه، وأغناه

ذلك عن طول التفكير، واستفاد العمر وفلّ الحدّ، وأدرك أقصى حاجته وهو مجتمع القوّة. وعلى أنّ له عند ذلك أن يجعل هجومه عليه من التوفيق، وظفره به بابا من التسديد. وهذا كتاب تستوي فيه رغبة الأمم، وتتشابه فيه العرب والعجم، لأنه وإن كان عربيّا أعرابيا، وإسلاميّا جماعيّا، فقد أخذ من طرف الفلسفة، وجمع بين معرفة السماع وعلم التجربة، وأشرك بين علم الكتاب والسنة، وبين وجدان الحاسّة، وإحساس الغريزة. ويشتهيه الفتيان كما تشتهيه الشيوخ، ويشتهيه الفاتك كما يشتهيه الناسك، ويشتهيه اللاعب ذو اللهو كما يشتهيه المجدّ ذو الحزم، ويشتهيه الغفل كما يشتهيه الأريب، ويشتهيه الغبيّ كما يشتهيه الفطن. وعبتني بحكاية قول العثمانيّة والضّرارية «1» ، وأنت تسمعني أقول في أوّل كتابي: وقالت العثمانية والضراريّة، كما سمعتني أقول: قالت الرافضة والزيدية «2» ، فحكمت عليّ بالنصب لحكايتي قول العثمانية، فهلّا حكمت عليّ بالتشيّع لحكايتي قول الرافضة!! وهلا كنت عندك من الغالية لحكايتي حجج الغالية، كما كنت عندك من الناصبة لحكايتي قول الناصبة!! وقد حكينا في كتابنا قول الإباضيّة والصّفرية، كما حكينا قول الأزارقة والزيدية. وعلى هذه الأركان الأربعة بنيت الخارجية، وكلّ اسم سواها فإنما هو فرع ونتيجة، واشتقاق منها، ومحمول عليها. وإلّا كنّا عندك من الخارجية، كما صرنا عندك من الضّراريّة والناصبة. فكيف رضيت بأن تكون أسرع من الشيعة، أسرع إلى إعراض الناس من الخارجية، اللهم إلّا أن تكون وجدت حكايتي عن العثمانيّة والضّراريّة أشبع وأجمع، وأتمّ وأحكم، وأجود صنعة، وأبعد غاية. ورأيتني قد وهّنت حقّ أوليائك، بقدر ما قوّيت باطل أعدائك! ولو كان ذلك كذلك، لكان شاهدك من الكتاب حاضرا، وبرهانك على ما ادعيت واضحا. وعبتني بكتاب العباسية «3» ، فهلّا عبتني بحكاية مقالة من أبى وجوب الإمامة، ومن يرى الامتناع من طاعة الأئمة الذين زعموا أنّ ترك النّاس سدى بلا قيّم أردّ عليهم، وهملا بلا راع أربح لهم، وأجدر أن يجمع لهم ذلك بين سلامة العاجل، وغنيمة الآجل، وأنّ تركهم نشرا لا نظام لهم، أبعد من المفاسد، وأجمع لهم على المراشد!! بل ليس ذلك بك، ولكنّه بهرك ما سمعت، وملأ صدرك الذي قرأت، وأبعلك

وأبطرك، فلم تتّجه للحجّة وهي لك معرضة، ولم تعرف المقاتل وهي لك بادية، ولم تعرف باب المخرج إذ جهلت باب المدخل، ولم تعرف المصادر إذ جهلت الموارد. رأيت أنّ سبّ الأولياء أشفى لدائك، وأبلغ في شفاء سقمك، ورأيت أن إرسال اللسان أحضر لذّة، وأبعد من النّصب، ومن إطالة الفكرة ومن الاختلاف إلى أرباب هذه الصناعة. ولو كنت فطنت لعجزك، ووصلت نقصك بتمام غيرك، واستكفيت من هو موقوف على كفاية مثلك، وحبيس على تقويم أشباهك كان ذلك أزين في العاجل. وأحقّ بالمثوبة في الآجل، وكنت إن أخطأتك الغنيمة لم تخطك السلامة، وقد سلم عليك المخالف بقدر ما ابتلي به منك الموافق. وعلى أنّه لم يبتل منك إلا بقدر ما ألزمته من مؤنة تثقيفك، والتشاغل بتقويمك. وهل كنت في ذلك إلّا كما قال العربي: «هل يضرّ السّحاب نباح الكلاب» «1» ، وإلّا كما قال الشاعر: [من الرمل] هل يضرّ البحر أمسى زاخرا ... أن رمى فيه غلام بحجر «2» وهل حالنا في ذلك إلّا كما قال الشاعر: [من الكامل] ما ضرّ تغلب وائل أهجوتها ... أم بلت حيث تناطح البحران «3» وكما قال حسّان بن ثابت: [من الخفيف] ما أبالي أنبّ بالحزن تيس ... أم لحاني بظهر غيب لئيم «4» وما أشكّ أنّك قد جعلت طول إعراضنا عنك مطيّة لك، ووجّهت حلمنا عنك إلى الخوف منك، وقد قال زفر بن الحارث لبعض من لم ير حقّ الصفح، فجعل العفو سببا إلى سوء القول: [من الطويل] فإن عدت والله الذي فوق عرشه ... منحتك مسنون الغرارين أزرقا «5» فإنّ دواء الجهل أن تضرب الطّلى ... وأن يغمس العرّيض حتى يغرّقا

وقال الأوّل: [من الكامل] وضغائن داويتها بضغائن ... حتّى شفيت وبالحقود حقودا وقال الآخر: [من البسيط] وما نفى عنك قوما أنت خائفهم ... كمثل وقمك جهّالا بجهّال «1» فاقعس إذا حدبوا واحدب إذا قعسوا ... ووازن الشّرّ مثقالا بمثقال فإنّا وإن لم يكن عندنا سنان زفر بن الحارث، ولا معارضة هؤلاء الشرّ بالشرّ، والجهل بالجهل، والحقد بالحقد، فإن عندي ما قال المسعوديّ: [من الطويل] فمسّا تراب الأرض منه خلقتما ... وفيه المعاد والمصير إلى الحشر «2» ولا تأنفا أن ترجعا فتسلّما ... فما كسى الأفواه شرّا من الكبر فلو شئت أدلى فيكما غير واحد ... علانية أو قال عندي في السّرّ فإن أنا لم آمر ولم أنه عنكما ... ضحكت له كيما يلجّ ويستشري وقال النّمر بن تولب: [من الطويل] جزى الله عنّي جمرة ابنة نوفل ... جزاء مغلّ بالأمانة كاذب «3» بما خبّرت عنّي الوشاة ليكذبوا ... عليّ وقد أوليتها في النوائب يقول: أخرجت خبرها، فخرج إلى من أحبّ أن يعاب عندها. ولو شئت أن نعارضك لعارضناك في القول بما هو أقبح أثرا وأبقى وسما، وأصدق قيلا، وأعدل شاهدا. وليس كلّ من ترك المعارضة فقد صفح، كما أنّه ليس من عارض فقد انتصر، وقد قال الشاعر قولا، إن فهمته فقد كفيتنا مؤونة المعارضة، وكفيت نفسك لزوم العار، وهو قوله: [من السريع] إن كنت لا ترهب ذمّي لما ... تعرف من صفحي عن الجاهل «4»

2 -[لا تزر وازرة وزر أخرى]

فاخش سكوتي إذ أنا منصت ... فيك لمسموع خنا القائل فالسامع الذمّ شريك له ... ومطعم المأكول كالآكل مقالة السّوء إلى أهلها ... أسرع من منحدر سائل ومن دعا الناس إلى ذمّه ... ذمّوه بالحقّ وبالباطل فلا تهج إن كنت ذا إربة ... حرب أخي التجربة العاقل فإنّ ذا العقل إذا هجته ... هجت به ذا خيل خابل تبصر في عاجل شدّاته ... عليك غبّ الضرر الآجل وقد يقال: إنّ العفو يفسد من اللئيم بقدر إصلاحه من الكريم، وقد قال الشاعر: [من البسيط] والعفو عند لبيب القوم موعظة ... وبعضه لسفيه القوم تدريب 2-[لا تزر وازرة وزر أخرى] فإن كنّا أسأنا في هذا التقريع والتوقيف، فالذي لم يأخذ فينا بحكم القرآن ولا بأدب الرسول عليه الصلاة والسلام، ولم يفزع إلى ما في الفطن الصحيحة، وإلى ما توجبه المقاييس المطّردة، والأمثال المضروبة، والأشعار السائرة، أولى بالإساءة وأحقّ باللائمة، قال الله عزّ وجل: وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى «1» . وقد قال النبيّ عليه الصلاة والسلام: «لا يجن يمينك على شمالك» . وهذا حكم الله تعالى وآداب رسوله والذي أنزل به الكتاب ودلّ عليه من حجج العقول. 3-[المفقأ والمعمى] فأمّا ما قالوا في المثل المضروب «رمتني بدائها وانسلّت» «2» ، وأمّا قول الشعراء، وذمّ الخطباء لمن أخذ إنسانا بذنب غيره، وما ضربوا في ذلك من الأمثال،

4 -[ذبح العتيرة]

كقول النابغة حيث يقول في شعره: [من الطويل] وكلّفتني ذنب امرئ وتركته ... كذي العرّ يكوى غيره وهو راتع «1» وكانوا إذا أصاب إبلهم العرّ «2» كووا السليم ليدفعه عن السقيم، فأسقموا الصحيح من غير أن يبرئوا السقيم. وكانوا إذا كثرت إبل أحدهم فبلغت الألف، فقؤوا عين الفحل، فإن زادت الإبل على الألف فقؤوا العين الأخرى، وذلك المفقّأ والمعمّى اللذان سمعت في أشعارهم «3» . قال الفرزدق: [من الوافر] غلبتك بالمفقئ والمعنّى ... وبيت المحتبي والخافقات «4» وكانوا يزعمون أن المفقأ يطرد عنها العين والسواف «5» والغارة، فقال الأوّل: [من الطويل] فقأت لها عين الفحيل عيافة ... وفيهنّ رعلاء المسامع والحامي «6» الرعلاء: التي تشقّ أذنها وتترك مدلّاة، لكرمها. 4-[ذبح العتيرة] وكانوا يقولون في موضع الكفّارة والأمنيّة، كقول الرجل: إذا بلغت إبلي كذا وكذا وكذلك غنمي، ذبحت عند الأوثان كذا وكذا عتيرة «7» . والعتيرة من نسك الرّجبيّة والجمع عتائر- والعتائر من الظباء- فإذا بلغت إبل أحدهم أو غنمه ذلك

5 -[إمساك البقر عن شرب الماء]

العدد، استعمل التأويل وقال: إنّما قلت إنّي أذبح كذا وكذا شاة، والظباء شاء كما أنّ الغنم شاء، فيجعل ذلك القربان شاء كلّه ممّا يصيد من الظباء، فلذلك يقول الحارث ابن حلّزة اليشكريّ: [من الخفيف] عنتا باطلا وظلما كما تع ... تر عن حجرة الرّبيض الظّباء «1» بعد أن قال: أم علينا جناح كندة أن يغ ... نم غازيهم ومنّا الجزاء 5-[إمساك البقر عن شرب الماء] وكانوا إذا أوردوا البقر فلم تشرب، إمّا لكدر الماء، أو لقلّة العطش، ضربوا الثور ليقتحم الماء، لأنّ البقر تتبعه كما تتبع الشّول الفحل، وكما تتبع أتن الوحش الحمار. فقال في ذلك عوف بن الخرع: [من الوافر] تمنّت طيّئ جهلا وجبنا ... وقد خاليتهم فأبوا خلائي «2» هجوني أن هجوت جبال سلمى ... كضرب الثّور للبقر الظّماء وقال في ذلك أنس بن مدركة في قتله سليك بن السّلكة: [من البسيط] إنّي وقتلي سليكا ثمّ أعقله ... كالثّور يضرب لمّا عافت البقر «3» أنفت للمرء إذ نيكت حليلته ... وأن يشدّ على وجعائها الثّفر وقال الهيّبان الفهميّ: [من الطويل] كما ضرب اليعسوب أن عاف باقر ... وما ذنبه أن عافت الماء باقر ولمّا كان الثور أمير البقر، وهي تطيعه كطاعة إناث النحل لليعسوب، سمّاه باسم أمير النحل.

6 -[ذنب العطرق]

وكانوا يزعمون أنّ الجنّ هي التي تصدّ الثّيران عن الماء حتى تمسك البقر عن الشرب حتى تهلك، وقال في ذلك الأعشى: [من الطويل] فإنّي وما كلّفتموني- وربّكم- ... لأعلم من أمسى أعقّ وأحربا «1» لكالثّور والجنّيّ يضرب ظهره ... وما ذنبه أن عافت الماء مشربا وما ذنبه أن عافت الماء باقر ... وما إن تعاف الماء إلّا ليضربا كأنّه قال: إذا كان يضرب أبدا لأنها عافت الماء، فكأنّها إنما عافت الماء ليضرب. وقال يحيى بن منصور الذّهليّ في ذلك: [من الطويل] لكالثّور والجنيّ يضرب وجهه ... وما ذنبه إن كانت الجنّ ظالمه وقال نهشل بن حرّيّ: [من الوافر] أتترك عارض وبنو عديّ ... وتغرم دارم وهم براء «2» كدأب الثّور يضرب بالهراوى ... إذا ما عافت البقر الظّماء وكيف تكلّف الشّعرى سهيلا ... وبينهما الكواكب والسّماء 6-[ذنب العطرق] وقال أبو نويرة بن الحصين، حين أخذه الحكم بن أيّوب بذنب العطرّق: [من الطويل] أبا يوسف لو كنت تعلم طاعتي ... ونصحي إذن ما بعتني بالمحلّق «3» ولا ساق سرّاق العرافة صالح ... بنيّ ولا كلّفت ذنب العطرق وقال خداش بن زهير حين أخذ بدماء بني محارب: [من الطويل] أكلّف قتلى معشر لست منهم ... ولا دارهم داري ولا نصرهم نصري

7 -[جناية اليهودي]

أكلّف قتلى العيص عيص شواحط ... وذلك أمر لم تثفّ له قدري «1» وقال الآخر: [من الطويل] إذا عركت عجل بنا ذنب طيّء ... عركنا بتيم اللات ذنب بني عجل 7-[جناية اليهودي] ولما وجد اليهوديّ أخا حنبض الضبابيّ في منزله فخصاه فمات، وأخذ حنبض بني عبس بجناية اليهوديّ، قال قيس بن زهير: أتأخذنا بذنب غيرنا، وتسألنا العقل والقاتل يهوديّ من أهل تيماء؟ فقال: والله أن لو قتلته الريح، لوديتموه! فقال قيس لبني عبس: الموت في بني ذبيان خير من الحياة في بني عامر! ثم أنشأ يقول: [من الطويل] أكلّف ذا الخصيين إن كان ظالما ... وإن كنت مظلوما وإن كنت شاطنا «2» خصاه امرؤ من آل تيماء طائر ... ولا يعدم الإنسيّ والجنّ كائنا فهلّا بني ذبيان- أمّك هابل- ... رهنت بفيف الرّيح إن كنت راهنا «3» إذا قلت قد أفلت من شرّ حنبض ... أتاني بأخرى شرّه متباطنا فقد جعلت أكبادنا تجتويكم ... كما تجتوي سوق العضاه الكرازن «4» 8-[قتل لقمان بن عاد لنسائه وابنته] ولما قتل لقمان بن عاد ابنته- وهي صحر أخت لقيم- قال حين قتلها «5» : ألست امرأة! وذلك أنّه قد كان تزوج عدّة نساء، كلّهنّ خنّه في أنفسهنّ، فلمّا قتل أخراهنّ ونزل من الجبل، كان أوّل من تلقّاه صحر ابنته، فوثب عليها فقتلها وقال:

وأنت أيضا امرأة! وكان قد ابتلي بأنّ أخته كانت محمقة وكذلك كان زوجها، فقالت لإحدى نساء لقمان: هذه ليلة طهري وهي ليلتك، فدعيني أنام في مضجعك، فإنّ لقمان رجل منجب، فعسى أن يقع عليّ فأنجب. فوقع على أخته فحملت بلقيم. فهو قول النّمر بن تولب: [من المتقارب] لقيم بن لقمان من أخته ... فكان ابن أخت له وابنما «1» ليالي حمّق فاستحصنت ... عليه فغرّ بها مظلما فأحبلها رجل محكم ... فجاءت به رجلا محكما فضربت العرب في ذلك المثل بقتل لقمان ابنته صحرا، فقال خفاف بن ندبة في ذلك: [من الوافر] وعبّاس يدبّ لي المنايا ... وما أذنبت إلّا ذنب صحر» وقال في ذلك ابن أذينة: [من الطويل] أتجمع تهياما بليلى إذا نأت ... وهجرانها ظلما كما ظلمت صحر «3» وقال الحارث بن عباد: [من الخفيف] قرّبا مربط النعامة منّي ... لقحت حرب وائل عن حيال «4» لم أكن من جناتها علم اللّ ... هـ وإنّي بحرّها اليوم صالي وقال الشاعر، وأظنّه ابن المقفّع: [من المتقارب] فلا تلم المرء في شأنه ... فربّ ملوم ولم يذنب «5» وقال آخر: [من الطويل] لعلّ له عذرا وأنت تلوم ... وكم لائم قد لام وهو مليم

9 -[جزاء سنمار]

9-[جزاء سنمّار] وقال بعض العرب، في قتل بعض الملوك «1» لسنمّار الرومي؛ فإنه لما علا الخورنق ورأى بنيانا لم ير مثله، ورأى في ذلك المستشرف، وخاف إن هو استبقاه أن يموت فيبني مثل ذلك البنيان لرجل آخر من الملوك، رمى به من فوق القصر، فقال في ذلك الكلبيّ في شيء كان بينه وبين بعض الملوك: [من الطويل] جزاني جزاه الله شرّ جزائه ... جزاء سنمّار وما كان ذا ذنب «2» سوى رصّه البنيان سبعين حجّة ... يعلّى عليه بالقراميد والسّكب فلما رأى البنيان تمّ سحوقه ... وآض كمثل الطّود ذي الباذخ الصّعب وظنّ سنمّار به كلّ حبوة ... وفاز لديه بالمودّة والقرب فقال اقذفوا بالعلج من رأس شاهق ... فذاك لعمر الله من أعظم الخطب وجاء المسلمون، يروي خلف عن سلف، وتابع عن سابق، وآخر عن أوّل، أنّهم لم يختلفوا في عيب قول زياد: «لآخذنّ الوليّ بالوليّ، والسّمي بالسّميّ، والجار بالجار» ، ولم يختلفوا في لعن شاعرهم حيث يقول: [من الوافر] إذا أخذ البريء بغير ذنب ... تجنّب ما يحاذره السقيم قال: وقيل لعمرو بن عبيد: إنّ فلانا لما قدّم رجلا ليضرب عنقه، فقيل له: إنّه مجنون! فقال: لولا أنّ المجنون يلد عاقلا لخلّيت سبيله. قال: فقال عمرو: ما خلق الله النّار إلّا بالحق! ولمّا قالت التغلبيّة للجحّاف، في وقعة البشر «3» : فضّ الله فاك وأعماك، وأطال

10 -[اهتمام العلماء بالملح والفكاهات]

سهادك، وأقلّ رقادك، فو الله إن قتلت إلّا نساء أعاليهنّ ثديّ، وأسافلهنّ دمى!! فقال لمن حوله: لولا أن تلد هذه مثلها لخلّيت سبيلها! فبلغ ذلك الحسن فقال: أمّا الجحّاف فجذوة من نار جهنّم. قال: وذمّ رجل عند الأحنف بن قيس الكمأة بالسّمن، فقال عند ذلك الأحنف: «ربّ ملوم لا ذنب له» «1» . فبهذه السيرة سرت فينا. وما أحسن ما قال سعيد بن عبد الرحمن: [من الطويل] وإنّ امرأ أمسى وأصبح سالما ... من النّاس إلّا ما جنى لسعيد «2» 10-[اهتمام العلماء بالملح والفكاهات] وقلت: وما بال أهل العلم والنظر، وأصحاب الفكر والعبر، وأرباب النّحل، والعلماء وأهل البصر بمخارج الملل، وورثة الأنبياء، وأعوان الخلفاء، يكتبون كتب الظّرفاء والملحاء، وكتب الفرّاغ والخلعاء، وكتب الملاهي والفكاهات، وكتب أصحاب الخصومات، وكتب أصحاب المراء، وكتب أصحاب العصبيّة وحميّة الجاهليّة!! ألأنّهم لا يحاسبون أنفسهم، ولا يوازنون بين ما عليهم ولهم، ولا يخافون تصفّح العلماء، ولا لائمة الأرباء، وشنف الأكفاء، ومشنأة «3» الجلساء!؟ فهلا أمسكت- يرحمك الله- عن عيبها والطّعن عليها، وعن المشورة والموعظة، وعن تخويف ما في سوء العاقبة، إلى أن تبلغ حال العلماء، ومراتب الأكفاء؟! فأمّا كتابنا هذا، فسنذكر جملة المذاهب فيه، وسنأتي بعد ذلك على التفسير، ولعلّ رأيك عند ذلك أن يتحوّل، وقولك أن يتبدل، فتثبت أو تكون قد أخذت من التوقّف بنصيب، إن شاء الله.

11 -[أقسام الكائنات]

11-[أقسام الكائنات] وأقول «1» : إنّ العالم بما فيه من الأجسام على ثلاثة أنحاء: متّفق، ومختلف، ومتضادّ؛ وكلّها في جملة القول جماد ونام. وكان حقيقة القول في الأجسام من هذه القسمة، أن يقال: نام وغير نام. ولو أنّ الحكماء وضعوا لكلّ ما ليس بنام اسما، كما وضعوا للنامي اسما، لاتبّعنا أثرهم؛ وإنما ننتهي إلى حيث انتهوا. وما أكثر ما تكون دلالة قولهم جماد، كدلالة قولهم موات. وقد يفترقان في مواضع بعض الافتراق. وإذا أخرجت من العالم الأفلاك والبروج والنجوم والشمس والقمر، وجدتها غير نامية، ولم تجدهم يسمّون شيئا منها بجماد ولا موات، وليس لأنّها تتحرّك من تلقاء أنفسها لم تسمّ مواتا ولا جمادا. وناس يجعلونها مدبّرة غير مدبّرة، ويجعلونها مسخّرة غير مسخّرّة، ويجعلونها أحيا من الحيوان؛ إذ كان الحيوان إنّما يحيا بإحيائها له، وبما تعطيه وتعيره. وإنما هذا منهم رأي، والأمم في هذا كلّه على خلافهم، ونحن في هذا الموضع إنّما نعبّر عن لغتنا، وليس في لغتنا إلّا ما ذكرنا. والناس يسمّون الأرض جمادا، وربّما يجعلونها مواتا إذا كانت لم تنبت قديما، وهي موات الأرض، وذلك كقولهم: «من أحيا أرضا مواتا فهي له» «2» . وهم لا يجعلون الماء والنار والهواء، جمادا ولا مواتا، ولا يسمّونها حيوانا ما دامت كذلك، وإن كانت لا تضاف إلى النّماء والحسّ. والأرض هي أحد الأركان الأربعة، التي هي الماء والأرض والهواء والنار، والاسمان لا يتعاوران عندهم إلّا الأرض. 12-[تقسيم النامي] ثمّ النامي على قسمين: حيوان ونبات، والحيوان على أربعة أقسام: شيء يمشي، وشيء يطير، وشيء يسبح، وشيء ينساح «3» . إلّا أنّ كلّ طائر يمشي، وليس الذي يمشي ولا يطير يسمى طائرا. والنوع الذي يمشي على أربعة أقسام: ناس، وبهائم، وسباع، وحشرات. على أنّ الحشرات راجعة في المعنى إلى مشاكلة طباع

13 -[تقسيم الطير]

البهائم والسباع. إلّا أنّنا في هذا كلّه نتبع الأسماء القائمة المعروفة، البائنات بأنفسها، المتميّزات عند سامعيها، من أهل هذه اللغة وأصحاب هذا اللسان، وإنّما نفرد ما أفردوا، ونجمع ما جمعوا. 13-[تقسيم الطير] والطير كلّ سبع وبهيمة وهمج. والسباع من الطير على ضربين: فمنها العتاق والأحرار والجوارح، ومنها البغات وهو كلّ ما عظم من الطير: سبعا كان أو بهيمة، إذا لم يكن من ذوات السلاح والمخالب المعقّفة، كالنّسور والرّخم والغربان، وما أشبهها من لئام السباع. ثم الخشاش، وهو ما لطف جرمه وصغر شخصه، وكان عديم السلاح ولا يكون كالزّرّق «1» واليؤيؤ «2» والباذنجان «3» . فأما الهمج فليس من الطير، ولكنّه ممّا يطير. والهمج فيما يطير، كالحشرات فيما يمشي. والحيّات من الحشرات، وأيّ سبع أدخل في معنى السّبعيّة من الأفاعي والثعابين؟ ولكن ليس ذلك من أسمائها، وإن كانت من ذوات الأنياب وأكّالة اللّحوم وأعداء الإنس وجميع البهائم، ولذلك تأكلها الأوعال والخنازير والقنافذ والعقبان والشاهمرك «4» والسنانير، وغير ذلك من البهائم، والسباع. فمن جعل الحيّات سباعا، وسمّاها بذلك عند بعض القول والسبب فقد أصاب، ومن جعل ذلك لها كالاسم الذي هو العلامة كالكلب والذئب والأسد فقد أخطأ. ومن سباع الطير شكل يكون سلاحه المخالب كالعقاب وما أشبهها، وشيء يكون سلاحه المناقير كالنّسور والرّخم والغربان، وإنّما جعلناها سباعا لأنّها أكّالة لحوم. ومن بهائم الطير ما يكون سلاحه المناقير كالكراكيّ وما أشبهها، ومنه ما

يكون سلاحه الأسنان كالبوم والوطواط وما أشبهها، ومنه ما يكون سلاحه الصياصي كالدّيكة، ومنه ما يكون سلاحه السّلح «1» كالحبارى «2» والثعلب أيضا كذلك. والسّبع من الطير: ما أكل اللحم خالصا، والبهيمة: ما أكلت الحبّ خالصا. وفي الفنّ الذي يجمعها من الخلق المركّب والطبع المشترك، كلام سنأتي عليه في موضعه إن شاء الله تعالى. والمشترك عندهم كالعصفور؛ فإنّه ليس بذي مخلب معقّف ولا منسر «3» وهو يلقط الحبّ، وهو مع هذا يصيد النّمل إذا طار، ويصيد الجراد، ويأكل اللحم، ولا يزقّ فراخه كما تزقّ الحمام، بل يلقمها كما تلقم السباع من الطير فراخها. وأشباه العصافير من المشترك كثير، وسنذكر ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى. وليس كلّ ما طار بجناحين فهو من الطير؛ قد يطير الجعلان «4» والجحل «5» واليعاسيب والذّباب والزّنابير والجراد والنمل والفراش والبعوض والأرضة والنحل وغير ذلك، ولا يسمّى بالطير. وقد يقال ذلك لها عند بعض الذكر والسبب. وقد يسمّون الدجاج طيرا ولا يسمّون بذلك الجراد، والجراد أطير، والمثل المضروب به أشهر «6» ، والملائكة تطير، ولها أجنحة وليست من الطير. وجعفر بن أبي طالب ذو جناحين يطير بهما في الجنّة حيث شاء، وليس جعفر من الطير. واسم طائر يقع على ثلاثة أشياء: صورة، وطبيعة، وجناح. وليس بالريش والقوادم والأباهر والخوافي «7» ، يسمّى طائرا، ولا بعدمه يسقط ذلك عنه. ألا ترى أنّ

14 -[تقسيم الحيوان]

الخفّاش والوطواط من الطير، وإن كانا أمرطين ليس لهما ريش ولا زغب ولا شكير ولا قصب «1» وهما مشهوران بالحمل والولادة، وبالرّضاع، وبظهور حجم الآذان، وبكثرة الأسنان. والنعامة ذات ريش ومنقار وبيض وجناحين، وليست من الطير. وليس أيضا كلّ عائم سمكة، وإن كان مناسبا للسمك في كثير من معانيه. ألا ترى أنّ في الماء كلب الماء، وعنز الماء، وخنزير الماء؛ وفيه الرّقّ «2» والسّلحفاة، وفيه الضّفدع وفيه السرطان، والبينيب «3» ، والتّمساح والدّخس «4» والدّلفين واللّخم «5» والبنبك «6» ، وغير ذلك من الأصناف. والكوسج والد اللّخم، وليس للكوسج أب يعرف. وعامّة ذا يعيش في الماء، ويبيت خارجا من الماء، ويبيض في الشطّ ويبيض بيضا له صفرة، وقيض وغرقئ، وهو مع ذلك ممّا يكون في الماء مع السمك. 14-[تقسيم الحيوان] ثمّ لا يخرج الحيوان بعد ذلك في لغة العرب من فصيح وأعجم، كذلك يقال في الجملة، كما يقال الصامت لما لا يصنع صمتا قطّ ولا يجوز عليه خلافه، والناطق لما لم يتكلّم قطّ، فيحملون ما يرغو، ويثغو، وينهق، ويصهل، ويشحج، ويخور، ويبغم، ويعوي، وينبح، ويزقو، ويضغو، ويهدر، ويصفر، ويصوصي، ويقوقي، وينعب، ويزأر، وينزب، ويكشّ، ويعجّ «7» ، على نطق الإنسان إذا جمع بعضه على بعض. ولذلك أشباه، كالذكور والإناث إذا اجتمعا، وكالعير التي تسمّى لطيمة، وكالظّعن؛ فإنّ هذه الأشياء إذا وجد بعضها إلى بعض، أو أخذ بعضها من بعض،

سمّيت بأنبه النوعين ذكرا، وبأقواهما. والفصيح هو الإنسان، والأعجم كلّ ذي صوت لايفهم إرادته إلّا ما كان من جنسه. ولعمري إنا نفهم عن الفرس والحمار والكلب والسّنّور والبعير، كثيرا من إرادته وحوائجه وقصوره، كما نفهم إرادة الصبيّ في مهده ونعلم- وهو من جليل العلم- أنّ بكاءه يدلّ على خلاف ما يدلّ عليه ضحكه. وحمحمة الفرس عند رؤية المخلاة، على خلاف ما يدلّ عليه حمحمته عند رؤية الحجر، ودعاء الهرّة الهرّ خلاف دعائها لولدها، وهذا كثير. والإنسان فصيح، وإن عبّر عن نفسه بالفارسيّة أو بالهنديّة أو بالروميّة، وليس العربيّ أسوأ فهما لطمطمة «1» الروميّ من الرومي لبيان لسان العربيّ. فكلّ إنسان من هذا الوجه يقال له فصيح، فإذا قالوا: فصيح وأعجم، فهذا هو التأويل في قولهم أعجم، وإذا قالوا العرب والعجم ولم يلفظوا بفصيح وأعجم، فليس هذا المعنى يريدون، إنّما يعنون أنّه لا يتكلّم بالعربيّة، وأنّ العرب لا تفهم عنه. وقال كثيّر: [من الطويل] فبورك ما أعطى ابن ليلى بنيّة ... وصامت ما أعطى ابن ليلى وناطقه ويقال «جاء بما صأى وصمت» «2» . فالصامت مثل الذهب والفضّة، وقوله صأى يعني الحيوان كلّه، ومعناه نطق وسكت؛ فالصامت في كلّ شيء سوى الحيوان. ووجدنا كون العالم بما فيه حكمة، ووجدنا الحكمة على ضربين: شيء جعل حكمة وهو لا يعقل الحكمة ولا عاقبة الحكمة، وشيء جعل حكمة وهو يعقل الحكمة وعاقبة الحكمة. فاستوى بذاك الشيء العاقل وغير العاقل في جهة الدّلالة على أنّه حكمة؛ واختلفا من جهة أنّ أحدهما دليل لا يستدلّ، والآخر دليل يستدل، فكلّ مستدلّ دليل وليس كلّ دليل مستدلا، فشارك كل حيوان سوى الإنسان، جميع الجماد في الدّلالة، وفي عدم الاستدلال، واجتمع للإنسان أن كان دليلا مستدلّا. ثمّ جعل للمستدلّ سبب يدلّ به على وجوه استدلاله، ووجوه ما نتج له الاستدلال، وسمّوا ذلك بيانا.

15 -[أقسام البيان ووسائله]

15-[أقسام البيان ووسائله] وجعل البيان على أربعة أقسام: لفظ، وخطّ، وعقد «1» ، وإشارة، وجعل بيان الدليل الذي لا يستدلّ تمكينه المستدلّ من نفسه، واقتياده كلّ من فكّر فيه إلى معرفة ما استخزن من البرهان، وحشي من الدّلالة، وأودع من عجيب الحكمة. فالأجسام الخرس الصامتة، ناطقة من جهة الدّلالة، ومعربة من جهة صحّة الشهادة، على أنّ الذي فيها من التدبير والحكمة، مخبر لمن استخبره، وناطق لمن استنطقه، كما خبّر الهزال وكسوف اللون، عن سوء الحال، وكما ينطق السّمن وحسن النّضرة، عن حسن الحال. وقد قال الشاعر وهو نصيب: [من الطويل] فعاجوا فأثنوا بالذي أنت أهله ... ولو سكتوا أثنت عليك الحقائب «2» وقال آخر: [من الوافر] متى تك في عدوّ أو صديق ... تخبّرك العيون عن القلوب وقد قال العكليّ في صدق شمّ الذّئب وفي شدّة حسّه واسترواحه: [من الرجز] يستخبر الريح إذا لم يسمع ... بمثل مقراع الصّفا الموقّع «3» وقال عنترة، هو يصف نعيب غراب: [من الكامل] حرق الجناح كأنّ لحيي رأسه ... جلمان بالأخبار هشّ مولع «4» وقال الفضل بن عيسى بن أبان في قصصه: سل الأرض، فقل: من شقّ أنهارك، وغرس أشجارك، وجنى ثمارك؛ فإن لم تجبك حوارا، أجابتك اعتبارا. فموضوع الجسم ونصبته، دليل على ما فيه وداعية إليه، ومنبهة عليه. فالجماد الأبكم الأخرس من هذا الوجه، قد شارك في البيان الإنسان الحيّ الناطق. فمن جعل أقسام البيان خمسة، فقد ذهب أيضا مذهبا له جواز في اللّغة، وشاهد في العقل. فهذا أحد قسمي الحكمة، وأحد معنيي ما استخزنها الله تعالى من الوديعة.

16 -[مقارنة بين الإنسان والحيوان]

16-[مقارنة بين الإنسان والحيوان] والقسمة الأخرى ما أودع صدور صنوف سائر الحيوان، من ضروب المعارف، وفطرها عليه من غريب الهدايات، وسخّر حناجرها له من ضروب النّغم الموزونة، والأصوات الملحنة، والمخارج الشجيّة، والأغاني المطربة؛ فقد يقال إنّ جميع أصواتها معدّلة، وموزونة موقّعة، ثمّ الذي سهّل لها من الرفق العجيب في الصنعة، مما ذلّله الله تعالى لمناقيرها وأكفّها، وكيف فتح لها من باب المعرفة على قدر ما هيّأ لها من الآلة، وكيف أعطى كثيرا منها من الحسّ اللطيف، والصنعة البديعة، من غير تأديب وتثقيف، ومن غير تقويم وتلقين، ومن غير تدريج وتمرين، فبلغت بعفوها وبمقدار قوى فطرتها، من البديهة والارتجال، ومن الابتداء والاقتضاب، ما لا يقدر عليه حذّاق رجال الرأي، وفلاسفة علماء البشر، بيد ولا آلة. بل لا يبلغ ذلك من الناس أكملهم خصالا وأتمّهم خلالا، لا من جهة الاقتضاب والارتجال ولا من جهة التعسّف والاقتدار، ولا من جهة التقدّم فيه، والتأنّي فيه، والتأتّي له. والترتيب لمقدّماته، وتمكين الأسباب المعينة عليه. فصار جهد الإنسان الثاقب الحسّ، الجامع القوى، المتصرّف في الوجوه، المقدّم في الأمور، يعجز عن عفو كثير منها. وهو ينظر إلى ضروب ما يجيء منها، كما أعطيت العنكبوت، وكما أعطيت السّرفة «1» ، وكما علّم النحل، بل وعرّف التّنوّط من بديع المعرفة، ومن غريب الصنعة، في غير ذلك من أصناف الخلق. ثم لم يوجب لهم العجز في أنفسهم في أكثر ذلك، إلّا بما قوي عليه الهمج والخشاش وصغار الحشرات، ثم جعل الإنسان ذا العقل والتمكين، والاستطاعة والتصريف، وذا التكلّف والتجربة، وذا التأنّي والمنافسة، وصاحب الفهم والمسابقة، والمتبصّر شأن العاقبة، متى أحسن شيئا كان كلّ شيء دونه في الغموض عليه أسهل، وجعل سائر الحيوان، وإن كان يحسن أحدها ما لا يحسن أحذق الناس متى أحسن شيئا عجيبا، لم يمكنه أن يحسن ما هو أقرب منه في الظنّ، وأسهل منه في الرأي، بل لا يحسن ما هو أقرب منه في الحقيقة. فلا الإنسان جعل نفسه كذلك، ولا شيء من الحيوان اختار ذلك، فأحسنت هذه الأجناس بلا تعلّم، ما يمتنع على الإنسان وإن تعلّم، فصار لا يحاوله؛ إذ كان لا يطمع فيه، ولا يحسدها؛ إذا لا يؤمّل اللّحاق بها. ثمّ جعل تعالى وعزّ، هاتين الحكمتين بإزاء عيون الناظرين، وتجاه أسماع المعتبرين، ثمّ حثّ على التفكير

17 -[مزج الهزل بالجد في الكتاب]

والاعتبار، وعلى الاتّعاظ والازدجار، وعلى التعرّف والتبيّن، وعلى التوقّف والتذكّر، فجعلها مذكّرة منبّهة، وجعل الفطر تنشئ الخواطر، وتجول بأهلها في المذاهب. ذلك الله ربّ العالمين، فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ «1» . 17-[مزج الهزل بالجدّ في الكتاب] وهذا كتاب موعظة وتعريف وتفقّه وتنبيه. وأراك قد عبته قبل أن تقف على حدوده، وتتفكّر في فصوله، وتعتبر آخره بأوله، ومصادره بموارده، وقد غلّطك فيه بعض ما رأيت في أثنائه من مزح لا تعرف معناه، ومن بطالة لم تطّلع على غورها؛ ولم تدر لم اجتلبت، ولا لأيّ علّة تكلّفت، وأيّ شيء أريغ بها، ولأيّ جدّ احتمل ذلك الهزل، ولأيّ رياضة تجشّمت تلك البطالة؛ ولم تدر أنّ المزاح جدّ إذا اجتلب ليكون علّة للجدّ، وأنّ البطالة وقار ورزانة، إذا تكلّفت لتلك العافية. ولمّا قال الخليل بن أحمد: لا يصل أحد من علم النحو إلى ما يحتاج إليه. حتّى يتعلّم ما لا يحتاج إليه، قال أبو شمر: إذا كان لا يتوصّل إلى ما يحتاج إليه إلّا بما لا يحتاج إليه، فقد صار ما لا يحتاج إليه يحتاج إليه «2» . وذلك مثل كتابنا هذا؛ لأنّه إن حملنا جميع من يتكلّف قراءة هذا الكتاب على مرّ الحق، وصعوبة الجدّ، وثقل المؤونة، وحلية الوقار، لم يصبر عليه مع طوله إلّا من تجرّد للعلم، وفهم معناه، وذاق من ثمرته، واستشعر قلبه من عزّه، ونال سروره على حسب ما يورث الطول من الكدّ، والكثرة من السآمة. وما أكثر من يقاد إلى حظّه بالسواجير «3» ، وبالسوق العنيف، وبالإخافة الشديدة. 18-[وصف الكتاب] ثم لم أرك رضيت بالطعن على كلّ كتاب لي بعينه، حتّى تجاوزت ذلك إلى أن عبت وضع الكتب كيفما دارت بها الحال، وكيف تصرفت بها الوجوه. وقد كنت أعجب من عيبك البعض بلا علم، حتّى عبت الكلّ بلا علم، ثم تجاوزت ذلك إلى التشنيع، ثم تجاوزت ذلك إلى نصب الحرب فعبت الكتاب؛ ونعم الذخر والعقدة «4» هو، ونعم الجليس والعدّة، ونعم النشرة والنزهة، ونعم المشتغل والحرفة، ونعم

الأنيس لساعة الوحدة، ونعم المعرفة ببلاد الغربة ونعم القرين والدخيل، ونعم الوزير والنزيل. والكتاب وعاء ملئ علما، وظرف حشي ظرفا، وإناء شحن مزاحا وجدّا؛ إن شئت كان أبين من سحبان وائل، وإن شئت كان أعيا من باقل، وإن شئت ضحكت من نوادره، وإن شئت عجبت من غرائب فرائده، وإن شئت ألهتك طرائفه، وإن شئت أشجتك مواعظه. ومن لك بواعظ مله، وبزاجر مغر، وبناسك فاتك، وبناطق أخرس، وببارد حارّ. وفي البارد الحارّ يقول الحسن بن هانئ: [من المنسرح] قل لزهير إذا انتحى وشدا ... أقلل أو أكثر فأنت مهذار «1» سخنت من شدّة البرودة ح ... تّى صرت عندي كأنّك النار لا يعجب السامعون من صفتي ... كذلك الثلج بارد حار ومن لك بطبيب أعرابيّ، ومن لك بروميّ هنديّ، وبفارسي يونانيّ، وبقديم مولّد، وبميّت ممتّع، ومن لك بشيء يجمع لك الأوّل والآخر، والناقص والوافر، والخفيّ والظاهر، والشاهد والغائب، والرفيع والوضيع، والغثّ والسمين، والشّكل وخلافه، والجنس وضدّه. وبعد: فمتى رأيت بستانا يحمل في ردن «2» ، وروضة تقلّ في حجر، وناطقا ينطق عن الموتى، ويترجم عن الأحياء!! ومن لك بمؤنس لا ينام إلّا بنومك، ولا ينطق إلّا بما تهوى؛ آمن من الأرض، وأكتم للسرّ من صاحب السرّ، وأحفظ للوديعة من أرباب الوديعة، وأحفظ لما استحفظ من الآدميّين، ومن الأعراب المعربين، بل من الصّبيان قبل اعتراض الاشتغال، ومن العميان قبل التمتّع بتمييز الأشخاص، حين العناية تامّة لم تنقص، والأذهان فارغة لم تنقسم، والإرادة وافرة لم تتشعّب، والطّينة ليّنة، فهي أقبل ما تكون للطبائع، والقضيب رطب، فهو أقرب ما يكون من العلوق، حين هذه الخصال لم يخلق جديدها، ولم يوهن غربها، ولم تتفرّق قواها، وكانت كما قال الشاعر: [من الطويل] أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى ... فصادف قلبا خاليا فتمكّنا «3»

وقال عبدة بن الطّيب: [من الكامل] لا تأمنوا قوما يشبّ صبيّهم ... بين القوابل بالعداوة ينشع «1» ومن كلامهم: التعلّم في الصّغر كالنقش في الحجر. وقد قال جران العود: [من الوافر] تركن برجلة الروحاء حتّى ... تنكّرت الديار على البصير كوحي في الحجارة أو وشوم ... بأيدي الرّوم باقية النّؤور وقال آخر، وهو صالح بن عبد القدّوس: [من السريع] وإنّ من أدّبته في الصّبى ... كالعود يسقى الماء في غرسه حتّى تراه مورقا ناضرا ... بعد الذي قد كان في يبسه وقال آخر: [من الطويل] يقوّم من ميل الغلام المؤدّب ... ولا ينفع التأديب والرأس أشيب وقال آخر: [من الكامل] وتلوم عرسك بعد ما هرمت ... ومن العناء رياضة الهرم «2» وقد قال ذو الرّمّة لعيسى بن عمر: اكتب شعري؛ فالكتاب أحبّ إليّ من الحفظ. لأنّ الأعرابيّ ينسى الكلمة وقد سهر في طلبها ليلته، فيضع في موضعها كلمة في وزنها، ثم ينشدها الناس، والكتاب لا ينسى ولا يبدّل كلاما بكلام. وعبت الكتاب، ولا أعلم جارا أبرّ، ولا خليطا أنصف، ولا رفيقا أطوع، ولا معلّما أخضع، ولا صاحبا أظهر كفاية، ولا أقلّ جناية، ولا أقلّ إملالا وإبراما، ولا أحفل أخلاقا، ولا أقلّ خلافا وإجراما، ولا أقلّ غيبة، ولا أبعد من عضيهة «3» ، ولا أكثر أعجوبة وتصرّفا، ولا أقلّ تصلّفا وتكلّفا، ولا أبعد من مراء، ولا أترك لشغب، ولا أزهد في جدال، ولا أكفّ عن قتال، من كتاب. ولا أعلم قرينا أحسن موافاة، ولا أعجل مكافأة، ولا أحضر معونة، ولا أخفّ مؤونة، ولا شجرة أطول عمرا، ولا أجمع

19 -[حاجة بعض الناس إلى بعض]

أمرا، ولا أطيب ثمرة، ولا أقرب مجتنى، ولا أسرع إدراكا، ولا أوجد في كلّ إبّان، من كتاب. ولا أعلم نتاجا في حداثة سنّه وقرب ميلاده، ورخص ثمنه، وإمكان وجوده، يجمع من التدابير العجبية والعلوم الغريبة، ومن آثار العقول الصحيحة، ومحمود الأذهان اللطيفة، ومن الحكم الرفيعة، والمذاهب القويمة، والتجارب الحكيمة، ومن الإخبار عن القرون الماضية، والبلاد المتنازحة، والأمثال السائرة، والأمم البائدة، ما يجمع لك الكتاب. قال الله عزّ وجلّ لنبيّه عليه الصلاة والسلام اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ. الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ «1» فوصف نفسه، تبارك وتعالى، بأن علّم بالقلم، كما وصف نفسه بالكرم، واعتدّ بذلك في نعمه العظام، وفي أياديه الجسام. وقد قالوا: «القلم أحد اللسانين» ، وقالوا: «كلّ من عرف النّعمة في بيان اللسان، كان بفضل النّعمة في بيان القلم أعرف» . ثمّ جعل هذا الأمر قرآنا، ثمّ جعله في أوّل التنزيل ومستفتح الكتاب. 19-[حاجة بعض الناس إلى بعض] ثمّ اعلم، رحمك الله تعالى، أنّ حاجة بعض الناس إلى بعض، صفة لازمة في طبائعهم، وخلقة قائمة في جواهرهم، وثابتة لا تزايلهم، ومحيطة بجماعتهم، ومشتملة على أدناهم وأقصاهم، وحاجتهم إلى ما غاب عنهم- ممّا يعيشهم ويحييهم، ويمسك بأرماقهم، ويصلح بالهم، ويجمع شملهم، وإلى التعاون في درك ذلك، والتوازر عليه- كحاجتهم إلى التعاون على معرفة ما يضرّهم، والتوازر على ما يحتاجون من الارتفاق بأمورهم التي لم تغب عنهم، فحاجة الغائب موصولة بحاجة الشاهد، لاحتياج الأدنى إلى معرفة الأقصى، واحتياج الأقصى إلى معرفة الأدنى، معان متضمّنة، وأسباب متّصلة، وحبال منعقدة. وجعل حاجتنا إلى معرفة أخبار من كان قبلنا، كحاجة من كان قبلنا إلى أخبار من كان قبلهم، وحاجة من يكون بعدنا إلى أخبارنا؛ ولذلك تقدّمت في كتب الله البشارات بالرّسل، ولم يسخّر لهم جميع خلقه، إلّا وهم يحتاجون إلى الارتفاق بجميع خلقه. وجعل الحاجة حاجتين: إحداهما قوام وقوت، والأخرى لذّة وإمتاع وازدياد في الآلة، وفي كلّ ما أجذل النفوس، وجمع لهم العتاد. وذلك المقدار من جميع الصّنفين وفق لكثرة حاجاتهم وشهواتهم، وعلى قدر اتّساع معرفتهم وبعد غورهم، وعلى قدر احتمال طبع البشريّة وفطرة الإنسانيّة. ثم لم يقطع الزيادة إلا لعجز خلقهم عن احتمالها، ولم يجز أن يفرق

20 -[آلة البيان]

بينهم وبين العجز، إلّا بعدم الأعيان، إذ كان العجز صفة من صفات الخلق، ونعتا من نعوت العبيد. لم يخلق الله تعالى أحدا يستطيع بلوغ حاجته بنفسه دون الاستعانة ببعض من سخّر له، فأدناهم مسخّر لأقصاهم، وأجلّهم ميسّر لأدقّهم. وعلى ذلك أحوج الملوك إلى السّوقة في باب، وأحوج السّوقة إلى الملوك في باب، وكذلك الغنيّ والفقير، والعبد وسيّده. ثمّ جعل الله تعالى كلّ شيء للإنسان خولا، وفي يده مذلّلا ميسّرا إمّا بالاحتيال له والتلطّف في إراغته واستمالته، وإمّا بالصّولة عليه، والفتك به، وإمّا أن يأتيه سهوا ورهوا. على أنّ الإنسان لولا حاجته إليها، لما احتال لها، ولا صال عليها. إلّا أنّ الحاجة تفترق في الجنس والجهة والجبلّة، وفي الحظّ والتقدير. ثمّ تعبّد الإنسان بالتفكّر فيها، والنظر في أمورها، والاعتبار بما يرى، ووصل بين عقولهم وبين معرفة تلك الحكم الشريفة، وتلك الحاجات اللازمة، بالنظر والتفكير، وبالتنقيب والتنقير، والتثبت والتوقّف؛ ووصل معارفهم بمواقع حاجاتهم إليها، وتشاعرهم بمواضع الحكم فيها بالبيان عنها. 20-[آلة البيان] وهو البيان الذي جعله الله تعالى سببا فيما بينهم، ومعبّرا عن حقائق حاجاتهم، ومعرّفا لمواضع سدّ الخلّة ورفع الشبهة، ومداواة الحيرة، ولأنّ أكثر الناس عن الناس أفهم منهم عن الأشباح الماثلة، والأجسام الجامدة، والأجرام الساكنة، التي لا يتعرّف ما فيها من دقائق الحكمة وكنوز الآداب، وينابيع العلم، إلّا بالعقل الثاقب اللطيف، وبالنظر التامّ النافذ، وبالأداة الكاملة، وبالأسباب الوافرة، والصبر على مكروه الفكر، والاحتراس من وجوه الخدع. والتحفّظ من دواعي الهوى؛ ولأنّ الشّكل أفهم عن شكله، وأسكن إليه وأصبّ به. وذلك موجود في أجناس البهائم، وضروب السباع. والصبيّ عن الصبيّ أفهم له، وله آلف وإليه أنزع، وكذلك العالم والعالم، والجاهل والجاهل، وقال الله عزّ وجلّ لنبيّه عليه الصلاة والسلام: وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلًا «1» لأنّ الإنسان عن الإنسان أفهم، وطباعه بطباعه آنس؛ وعلى قدر ذلك يكون موقع ما يسمع منه. ثمّ لم يرض لهم من البنيان بصنف واحد، بل جمع ذلك ولم يفرّق، وكثّر ولم

21 -[خطوط الهند]

يقلّل، وأظهر ولم يخف، وجعل آلة البيان التي بها يتعارفون معانيهم، والتّرجمان الذي إليه يرجعون عند اختلافهم؛ في أربعة أشياء؛ وفي خصلة خامسة؛ وإن نقصت عن بلوغ هذه الأربعة في جهاتها، فقد تبدّل بجنسها الذي وضعت له وصرفت إليه، وهذه الخصال هي: اللفظ، والخطّ، والإشارة، والعقد؛ والخصلة الخامسة ما أوجد من صحّة الدّلالة، وصدق الشهادة ووضوح البرهان، في الأجرام الجامدة والصامتة، والساكنة التي لا تتبيّن ولا تحسّ، ولا تفهم ولا تتحرّك إلّا بداخل يدخل عليها، أو عند ممسك خلّي عنها، بعد أن كان تقييده لها. ثمّ قسّم الأقسام ورتّب المحسوسات، وحصّل الموجودات، فجعل اللفظ للسامع، وجعل الإشارة للناظر، وأشرك الناظر واللامس في معرفة العقد، إلّا بما فضّل الله به نصيب الناظر في ذلك على قدر نصيب اللامس. وجعل الخطّ دليلا على ما غاب من حوائجه عنه، وسببا موصولا بينه وبين أعوانه؛ وجعله خازنا لما لا يأمن نسيانه، ممّا قد أحصاه وحفظه، وأتقنه وجمعه، وتكلف الإحاطة به؛ ولم يجعل للشامّ والذائق نصيبا. 21-[خطوط الهند] ولولا خطوط الهند لضاع من الحساب الكثير والبسيط، ولبطلت معرفة التضاعيف، ولعدموا الإحاطة بالباورات وباورات الباورات، ولو أدركوا ذلك لما أدركوه إلّا بعد أن تغلظ المؤونة، وتنتقض المنّة، ولصاروا في حال معجزة وحسور، وإلى حال مضيعة وكلال حدّ، مع التشاغل بأمور لولا فقد هذه الدّلالة لكان أربح لهم، وأردّ عليهم، أن يصرف ذلك الشغل في أبواب منافع الدين والدنيا. 22-[نفع الحساب] ونفع الحساب معلوم، والخلّة في موضع فقده معروفة. قال الله تعالى: الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسانَ عَلَّمَهُ الْبَيانَ «1» . ثم قال: الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ «2» . وبالبيان عرف الناس القرآن. وقال الله تبارك وتعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً، وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ، لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ «3»

23 -[فضل الكتابة]

فأجرى الحساب مجرى البيان بالقرآن. وبحسبان منازل القمر، عرفنا حالات المدّ والجزر، وكيف تكون الزيادة في الأهلّة وأنصاف الشهور، وكيف يكون النقصان في خلال ذلك، وكيف تلك المراتب وتلك الأقدار. 23-[فضل الكتابة] ولولا الكتب المدوّنة والأخبار المخلّدة، والحكم المخطوطة التي تحصّن الحساب وغير الحساب، لبطل أكثر العلم، ولغلب سلطان النّسيان سلطان الذكر، ولما كان للناس مفزع إلى موضع استذكار. ولو تمّ ذلك لحرمنا أكثر النفع؛ إذ كنّا قد علمنا أنّ مقدار حفظ الناس لعواجل حاجاتهم وأوائلها، لا يبلغ من ذلك مبلغا مذكورا ولا يغني فيه غناء محمودا. ولو كلّف عامّة من يطلب العلم ويصطنع الكتب، ألّا يزال حافظا لفهرست كتبه لأعجزه ذلك، ولكلّف شططا، ولشغله ذلك عن كثير ممّا هو أولى به. وفهمك لمعاني كلام الناس، ينقطع قبل انقطاع فهم عين الصوت مجرّدا، وأبعد فهمك لصوت صاحبك ومعاملك والمعاون لك، ما كان صياحا صرفا، وصوتا مصمتا ونداء خالصا، ولا يكون ذلك إلّا وهو بعيد من المفاهمة، وعطل من الدّلالة. فجعل اللفظ لأقرب الحاجات، والصوت لأنفس من ذلك قليلا، والكتاب للنازح من الحاجات. فأمّا الإشارة فأقرب المفهوم منها: رفع الحواجب، وكسر الأجفان، وليّ الشّفاه وتحريك الأعناق، وقبض جلدة الوجه؛ وأبعدها أن تلوى بثوب على مقطع جبل، تجاه عين الناظر، ثمّ ينقطع عملها ويدرس أثرها، ويموت ذكرها، ويصير بعد كلّ شيء فضل عن انتهاء مدى الصوت ومنتهى الطرف، إلى الحاجة وإلى التفاهم بالخطوط والكتب. فأيّ نفع أعظم، وأيّ مرفق أعون من الخطّ، والحال فيه كما ذكرنا!! وليس للعقد حظّ الإشارة في بعد الغاية. 24-[فضل القلم واللسان] فلذلك وضع الله عزّ وجلّ القلم في المكان الرفيع، ونوّه بذكره في المنصب الشريف حين قال ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ «1» فأقسم بالقلم كما أقسم بما يخطّ بالقلم؛ إذ كان اللسان لا يتعاطى شأوه، ولا يشقّ غباره ولا يجري في حلبته، ولا يتكلف بعد غايته. لكن لما أن كانت حاجات الناس بالحضرة «2» أكثر من حاجاتهم

25 -[فضل اليد]

في سائر الأماكن، وكانت الحاجة إلى بيان اللسان حاجة دائمة واكدة، وراهنة ثابتة، وكانت الحاجة إلى بيان القلم أمرا يكون في الغيبة وعند النائبة، إلّا ما خصّت به الدواوين؛ فإنّ لسان القلم هناك أبسط، وأثره أعمّ، فلذلك قدّموا اللسان على القلم. 25-[فضل اليد] فاللسان الآن إنّما هو في منافع اليد والمرافق التي فيها، والحاجات التي تبلغها. فمن ذلك حظّها وقسطها من منافع الإشارة، ثم نصيبها في تقويم القلم، ثم حظّها في التصوير، ثم حظّها في الصناعات، ثم حظّها في العقد، ثم حظّها في الدّفع عن النفس، ثمّ حظّها في إيصال الطعام والشراب إلى الفم، ثم التوضّؤ والامتساح، ثم انتقاد الدنانير والدراهم ولبس الثّياب، وفي الدفع عن النفس، وأصناف الرّمي، وأصناف الضرب، وأصناف الطعن، ثم النّقر بالعود وتحريك الوتر؛ ولولا ذلك لبطل الضرب كلّه أو عامّته. وكيف لا يكون ذلك كذلك ولها ضرب الطبل والدّفّ، وتحريك الصفّاقتين «1» ، وتحريك مخارق خروق المزامير، وما في ذلك من الإطلاق والحبس. ولو لم يكن في اليد إلّا إمساك العنان والزّمام والخطام، لكان من أعظم الحظوظ. وقد اضطربوا في الحكم بين العقد والإشارة، ولولا أنّ مغزانا في هذا الكتاب سوى هذا الباب، لقد كان هذا ممّا أحبّ أن يعرفه إخواننا وخلطاؤنا. فلا ينبغي لنا أيضا أن نأخذ في هذا الباب من الكلام، إلّا بعد الفراغ ممّا هو أولى بنا منه، إذ كنت لم تنازعني، ولم تعب كتبي، من طريق فضل ما بين العقد والإشارة، ولا في تمييز ما بين اللفظ وبينهما، وإنّما قصدنا بكلامنا إلى الإخبار عن فضيلة الكتاب. 26-[فضل الكتاب] والكتاب هو الذي يؤدّي إلى الناس كتب الدين، وحساب الدواوين مع خفّة نقله، وصغر حجمه؛ صامت ما أسكتّه، وبليغ ما استنطقته. ومن لك بمسامر لا يبتديك في حال شغلك، ويدعوك في أوقات نشاطك، ولا يحوجك إلى التجمّل له والتذمّم منه. ومن لك بزائر إن شئت جعل زيارته غبّا، ووروده خمسا، وإن شئت لزمك لزوم ظلّك، وكان منك مكان بعضك.

والقلم مكتف بنفسه، لا يحتاج إلى ما عند غيره؛ ولا بدّ لبيان اللسان من أمور: منها إشارة اليد، ولولا الإشارة لما فهموا عنك خاصّ الخاصّ إذا كان أخصّ الخاصّ قد يدخل في باب العامّ، إلّا أنّه أدنى طبقاته؛ وليس يكتفي خاصّ الخاصّ باللفظ عمّا أدّاه، كما اكتفى عامّ العامّ والطبقات التي بينه وبين أخصّ الخاصّ. والكتاب هو الجليس الذي لا يطريك، والصديق الذي لا يغريك، والرفيق الذي لا يملّك، والمستميح الذي لا يستريثك «1» ، والجار الذي لا يستبطيك، والصاحب الذي لا يريد استخراج ما عندك بالملق، ولا يعاملك بالمكر، ولا يخدعك بالنّفاق، ولا يحتال لك بالكذب. والكتاب هو الذي إن نظرت فيه أطال إمتاعك، وشحذ طباعك، وبسط لسانك، وجوّد بنانك، وفخّم ألفاظك، وبجّح «2» نفسك، وعمّر صدرك، ومنحك تعظيم العوامّ وصداقة الملوك، وعرفت به في شهر، ما لا تعرفه من أفواه الرجال في دهر، مع السلامة من الغرم، ومن كدّ الطلب، ومن الوقوف بباب المكتسب بالتعليم، ومن الجلوس بين يدي من أنت أفضل منه خلقا، وأكرم منه عرقا، ومع السلامة من مجالسة البغضاء ومقارنة الأغبياء. والكتاب هو الذي يطيعك بالليل كطاعته بالنهار، ويطيعك في السفر كطاعته في الحضر، ولا يعتلّ بنوم، ولا يعتريه كلال السهر. وهو المعلّم الذي إن افتقرت إليه لم يخفرك «3» ، وإن قطعت عنه المادّة لم يقطع عنك الفائدة، وإن عزلت لم يدع طاعتك، وإن هبّت ريح أعاديك لم ينقلب عليك، ومتى كنت منه متعلّقا بسبب أو معتصما بأدنى حبل، كان لك فيه غنى من غيره، ولم تضطرّك معه وحشة الوحدة إلى جليس السوء. ولو لم يكن من فضله عليك، وإحسانه إليك، إلّا منعه لك من الجلوس على بابك، والنظر إلى المارّة بك، مع ما في ذلك من التعرّض للحقوق التي تلزم، ومن فضول النظر، ومن عادة الخوض فيما لا يعنيك، ومن ملابسة صغار الناس، وحضور ألفاظهم الساقطة، ومعانيهم الفاسدة، وأخلاقهم الرديّة، وجهالاتهم المذمومة، لكان في ذلك السلامة، ثم الغنيمة، وإحراز الأصل، مع استفادة الفرع. ولو لم يكن في ذلك إلّا أنّه يشغلك عن سخف المنى وعن اعتياد الراحة، وعن اللعب، وكلّ ما أشبه اللعب، لقد كان على صاحبه أسبغ النعمة وأعظم المنّة.

27 -[أقوال لبعض العلماء في فضل الكتاب]

وقد علمنا أنّ أفضل ما يقطع به الفرّاغ نهارهم، وأصحاب الفكاهات ساعات ليلهم، الكتاب. وهو الشيء الذي لا يرى لهم فيه مع النيل أثر في ازدياد تجربة ولا عقل ولا مروءة، ولا في صون عرض، ولا في إصلاح دين، ولا في تثمير مال، ولا في ربّ صنيعة «1» ولا في ابتداء إنعام. 27-[أقوال لبعض العلماء في فضل الكتاب] وقال أبو عبيدة، قال المهلّب لبنيه في وصيّته: يا بنيّ لا تقوموا في الأسواق إلّا على زرّاد أو ورّاق «2» . وحدّثني صديق لي قال: قرأت على شيخ شاميّ كتابا فيه من مآثر غطفان فقال: «ذهبت المكارم إلّا من الكتب» «3» . وسمعت الحسن اللؤلؤي يقول: غبرت «4» أربعين عاما ما قلت «5» ولا بتّ ولا اتكأت إلّا والكتاب موضوع على صدري. وقال ابن الجهم: إذا غشيني النعاس في غير وقت نوم- وبئس الشيء النوم الفاضل عن الحاجة- قال: فإذا اعتراني ذلك تناولت كتابا من كتب الحكم، فأجد اهتزازي للفوائد، والأريحيّة التي تعتريني عند الظفر ببعض الحاجة، والذي يغشى قلبي من سرور الاستبانة وعزّ التبيين أشدّ إيقاظا من نهيق الحمير وهدّة الهدم. وقال ابن الجهم: إذا استحسنت الكتاب واستجدته، ورجوت منه الفائدة ورأيت ذلك فيه- فلو تراني وأنا ساعة بعد ساعة أنظر كم بقي من ورقه مخافة استنفاده، وانقطاع المادّة من قلبه، وإن كان المصحف عظيم الحجم كثير الورق، كثير العدد- فقد تمّ عيشي وكمل سروري. وذكر العتبي كتابا لبعض القدماء فقال: لولا طوله وكثرة ورقه لنسخته. فقال

28 -[الإنفاق على الكتب]

ابن الجهم: لكنّي ما رغّبني فيه إلّا الذي زهّدك فيه؛ وما قرأت قطّ كتابا كبيرا فأخلاني من فائدة، وما أحصي كم قرأت من صغار الكتب فخرجت منها كما دخلت. وقال العتبي ذات يوم لابن الجهم: ألا تتعجّب من فلان!! نظر في كتاب الإقليدس مع جارية سلمويه في يوم واحد، وساعة واحدة، فقد فرغت الجارية من الكتاب وهو بعد لم يحكم مقالة واحدة، على أنّه حرّ مخيّر، وتلك أمة مقصورة، وهو أحرص على قراءة الكتاب من سلمويه على تعليم جارية. قال ابن الجهم: قد كنت أظنّ أنّه لم يفهم منه شكلا واحدا، وأراك تزعم أنّه قد فرغ من مقالة!! قال العتبي: وكيف ظننت به هذا الظنّ، وهو رجل ذو لسان وأدب؟ قال: لأنّي سمعته يقول لابنه: كم أنفقت على كتاب كذا؟ قال: أنفقت عليه كذا، قال: إنّما رغّبني في العلم أنّي ظننت أنّي أنفق عليه قليلا وأكتسب كثيرا، فأمّا إذا صرت أنفق الكثير، وليس في يدي إلّا المواعيد، فإنّي لا أريد العلم بشيء!! 28-[الإنفاق على الكتب] فالإنسان لا يعلم حتى يكثر سماعه، ولا بدّ من أن تكون كتبه أكثر من سماعه؛ ولا يعلم، ولا يجمع العلم، ولا يختلف إليه، حتى يكون الإنفاق عليه من ماله، ألذّ عنده من الإنفاق من مال عدوّه. ومن لم تكن نفقته التي تخرج في الكتب، ألذّ عنده من إنفاق عشّاق القيان، والمستهترين بالبنيان، لم يبلغ في العلم مبلغا رضيّا. وليس ينتفع بإنفاقه، حتّى يؤثر اتّخاذ الكتب إيثار الأعرابي فرسه باللبن على عياله، وحتّى يؤمّل في العلم ما يؤمّل الأعرابي في فرسه. 29-[مغالاة الزنادقة بتحسين كتبهم] وقال إبراهيم بن السّنديّ مرة: وددت أنّ الزنادقة لم يكونوا حرصاء على المغالاة بالورق النقيّ الأبيض، وعلى تخيّر الحبر الأسود المشرق البرّاق، وعلى استجادة الخطّ والإرغاب لمن يخطّ، فإنّي لم أر كورق كتبهم ورقا، ولا كالخطوط التي فيها خطّا. وإذا غرمت مالا عظيما- مع حتّي للمال وبغض الغرم- كان سخاء النفس بالإنفاق على الكتب، دليلا على تعظيم العلم، وتعظيم العلم دليل على شرف النفس، وعلى السلامة من سكر الآفات. قلت لإبراهيم: إنّ إنفاق الزنادقة على تحصيل الكتب، كإنفاق النصارى على البيع، ولو كانت كتب الزنادقة كتب حكم وكتب

30 -[مسجد دمشق]

فلسفة، وكتب مقاييس وسنن وتبيّن وتبيين، أو لو كانت كتبهم كتبا تعرّف الناس أبواب الصّناعات، أو سبل التكسّب والتجارات، أو كتب ارتفاقات ورياضات، أو بعض ما يتعاطاه الناس من الفطن والآداب- وإن كان ذلك لا يقرّب من غنى ولا يبعد من مأثم- لكانوا ممّن قد يجوز أن يظنّ بهم تعظيم البيان، والرغبة في التبيّن، ولكنّهم ذهبوا فيها مذهب الدّيانة، وعلى طريق تعظيم الملّة، فإنّما إنفاقهم في ذلك، كإنفاق المجوس على بيت النار، وكإنفاق النصارى على صلبان الذهب، أو كإنفاق الهند على سدنة البددة «1» . ولو كانوا أرادوا العلم لكان العلم لهم معرضا، وكتب الحكمة لهم مبذولة، والطرق إليها سهلة معروفة. فما بالهم لا يصنعون ذلك إلّا بكتب دياناتهم، كما يزخرف النصارى بيوت عباداتهم! ولو كان هذا المعنى مستحسنا عند المسلمين، أو كانوا يرون أنّ ذلك داعية إلى العبادة، وباعثة على الخشوع، لبلغوا في ذلك بعفوهم، ما لا تبلغه النصارى بغاية الجهد. 30-[مسجد دمشق] وقد رأيت مسجد دمشق، حين استجاز هذا السبيل ملك من ملوكها، ومن رآه فقد علم أنّ أحدا لا يرومه، وأنّ الروم لا تسخوا أنفسهم به، فلمّا قام عمر بن عبد العزيز، جلّله بالجلال، وغطّاه بالكرابيس «2» ، وطبخ سلاسل القناديل حتّى ذهب عنها ذلك التلألؤ والبريق؛ وذهب إلى أنّ ذلك الصنيع مجانب لسنّة الإسلام، وأنّ ذلك الحسن الرائع والمحاسن الدّقاق، مذهلة للقلوب، ومشغلة دون الخشوع، وأنّ البال لا يكون مجتمعا وهناك شيء يفرّقه ويعترض عليه. 31-[مضمون كتب الزنادقة] والذي يدلّ على ما قلنا، أنّه ليس في كتبهم مثل سائر، ولا خبر طريف، ولا صنعة أدب، ولا حكمة غريبة، ولا فلسفة، ولا مسألة كلاميّة، ولا تعريف صناعة، ولا استخراج آلة، ولا تعليم فلاحة، ولا تدبير حرب، ولا مقارعة عن دين، ولا مناضلة عن نحلة، وجلّ ما فيها ذكر النور والظلمة، وتناكح الشياطين، وتسافد العفاريت، وذكر الصنديد، والتهويل بعمود السنخ، والإخبار عن شقلون، وعن الهامة والهمامة. وكلّه هذر وعيّ وخرافة، وسخرية وتكذّب، لا ترى فيه موعظة حسنة، ولا حديثا مونقا،

32 -[فضل التعلم]

ولا تدبير معاش، ولا سياسة عامة، ولا ترتيب خاصّة. فأيّ كتاب أجهل، وأيّ تدبير أفسد من كتاب يوجب على الناس الإطاعة، والبخوع «1» بالديانة، لا على جهة الاستبصار والمحبّة، وليس فيه صلاح معاش ولا تصحيح دين!؟ والناس لا يحبّون إلا دينا أو دنيا: فأمّا الدّنيا فإقامة سوقها وإحضار نفعها. وأما الدّين فأقلّ ما يطمع في استجابة العامة، واستمالة الخاصّة، أن يصوّر في صورة مغلّطة، ويموّه تمويه الدّينار البهرج، والدرهم الزائف الذي لا يغلط فيه الكثير، ويعرف حقيقته القليل. فليس إنفاقهم عليها من حيث ظننت. وكلّ دين يكون أظهر اختلافا وأكثر فسادا، يحتاج من الترقيع والتمويه، ومن الاحتشاد له والتغليظ فيه إلى أكثر. وقد علمنا أنّ النصرانيّة أشدّ انتشارا من اليهوديّة تعبدا، فعلى حسب ذلك يكون تزيّدهم في توكيده، واحتفالهم في إظهار تعليمه. 32-[فضل التعلم] وقال بعضهم: كنت عند بعض العلماء، فكنت أكتب عنه بعضا وأدع بعضا، فقال لي: اكتب كلّ ما تسمع، فإن أخسّ ما تسمع خير من مكانه أبيض. وقال الخليل بن أحمد: تكثّر من العلم لتعرف، وتقلّل منه لتحفظ. وقال أبو إسحاق: القليل والكثير للكتب، والقليل وحده للصدر. وأنشد قول ابن يسير «2» : [من المتقارب] أما لو أعي كلّ ما أسمع ... وأحفظ من ذاك ما أجمع ولم أستفد غير ما قد جمع ... ت لقيل هو العالم المصقع ولكنّ نفسي إلى كلّ نو ... ع من العلم تسمعه تنزع فلا أنا أحفظ ما قد جمع ... ت ولا أنا من جمعه أشبع وأحصر بالعيّ في مجلسي ... وعلمي في الكتب مستودع فمن يك في علمه هكذا ... يكن دهره القهقرى يرجع إذا لم تكن حافظا واعيا ... فجمعك للكتب لا ينفع 33-[التخصص بضروب من العلم] وقال أبو إسحاق: كلّف ابن يسير الكتب ما ليس عليها. إن الكتب لا تحيي

34 -[جمع الكتب وفضلها]

الموتى، ولا نحوّل الأحمق عاقلا، ولا البليد ذكيّا، ولكنّ الطبيعة إذا كان فيها أدنى قبول، فالكتب تشحذ وتفتق، وترهف وتشفي. ومن أراد أن يعلم كلّ شيء، فينبغي لأهله أن يداووه! فإنّ ذلك إنما تصوّر له بشيء اعتراه!! فمن كان دكيّا حافظا فليقصد إلى شيئين، وإلى ثلاثة أشياء، ولا ينزع عن الدرس والمطارحة، ولا يدع أن يمرّ على سمعه وعلى بصره وعلى ذهنه، ما قدر عليه من سائر الأصناف، فيكون عالما بخواصّ. ويكون غير غفل من سائر ما يجري فيه الناس ويخوضون فيه. ومن كان مع الدرس لا يحفظ شيئا، إلّا نسي ما هو أكثر منه، فهو من الحفظ من أفواه الرجال أبعد. 34-[جمع الكتب وفضلها] وحدّثني موسى بن يحيى قال: ما كان في خزانة كتب يحيى، وفي بيت مدارسه كتاب إلّا وله ثلاث نسخ. وقال أبو عمرو بن العلاء: ما دخلت على رجل قطّ ولا مررت ببابه، فرأيته ينظر في دفتر وجليسه فارغ اليد، إلّا اعتقدت أنّه أفضل منه وأعقل. وقال أبو عمرو بن العلاء: قيل لنا يوما: إنّ في دار فلان ناسا قد اجتمعوا على سوءة، وهم جلوس على خميرة لهم، وعندهم طنبور. فتسوّرنا عليهم في جماعة من رجال الحيّ، فإذا فتى جالس في وسط الدار، وأصحابه حوله، وإذا هم بيض اللّحى، وإذا هو يقرأ عليهم دفترا فيه شعر. فقال الذي سعى بهم: السّوءة في ذلك البيت، وإن دخلتموه عثرتم عليها! فقلت: والله لا أكشف فتى أصحابه شيوخ، وفي يده دفتر علم، ولو كان في ثوبه دم يحيى بن زكريّاء!! وأنشد رجل يونس النحويّ: [من البسيط] استودع العلم قرطاسا فضيّعه ... فبئس مستودع العلم القراطيس «1» قال، فقال يونس: قاتله الله، ما أشدّ ضنانته بالعلم، وأحسن صيانته له، إنّ علمك من روحك، ومالك من بدنك، فضعه منك بمكان الرّوح، وضع مالك بمكان البدن!! وقيل لابن داحة- وأخرج كتاب أبي الشمقمق، وإذا هو في جلود كوفيّة،

35 -[ضروب من الخطوط ومنفعتها]

ودفّتين طائفيّتين، بخطّ عجيب- فقيل له: لقد أضيع من تجوّد بشعر أبي الشمقمق! فقال: لا جرم والله!! إنّ العلم ليعطيكم على حساب ما تعطونه، ولو استطعت أن أودعه سويداء قلبي، أو أجعله محفوظا على ناظري، لفعلت. ولقد دخلت على إسحاق بن سليمان في إمرته، فرأيت السّماطين والرجال مثولا كأنّ على رؤوسهم الطير، ورأيت فرشته وبزّته؛ ثم دخلت عليه وهو معزول، وإذا هو في بيت كتبه، وحواليه الأسفاط والرّقوق، والقماطر والدفاتر والمساطر والمحابر، فما رأيته قطّ أفخم ولا أنبل، ولا أهيب ولا أجزل منه في ذلك اليوم؛ لأنّه جمع مع المهابة المحبّة، ومع الفخامة الحلاوة، ومع السّؤدد الحكمة. وقال ابن داحة: كان عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الله بن عمر بن الخطّاب، لا يجالس الناس، وينزل مقبرة من المقابر، وكان لا يكاد يرى إلّا وفي يده كتاب يقرؤه. فسئل عن ذلك، وعن نزوله المقبرة فقال: لم أر أوعظ من قبر، ولا أمنع من كتاب، ولا أسلم من الوحدة، فقيل له: قد جاء في الوحدة ما جاء! فقال: ما أفسدها للجاهل وأصلحها للعاقل!. 35-[ضروب من الخطوط ومنفعتها] وضروب من الخطوط بعد ذلك، تدلّ على قدر منفعة الخطّ. قال الله تبارك وتعالى كِراماً كاتِبِينَ. يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ «1» وقال الله عزّ وجلّ فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ. مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ. بِأَيْدِي سَفَرَةٍ «2» وقال فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ «3» وقال وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ «4» وقال اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً «5» . ولو لم تكتب أعمالهم لكانت محفوظة لا يدخل ذلك الحفظ نسيان، ولكنّه تعالى وعزّ، علم أنّ كتاب المحفوظ ونسخه، أوكد وأبلغ في الإنذار والتحذير، وأهيب في الصدور.

وخط آخر، وهو خطّ الحازي والعرّاف «1» والزّاجر. وكان فيهم حليس الخطّاط الأسديّ، ولذلك قال شاعرهم في هجائهم: [من الطويل] فأنتم عضاريط الخميس إذا غزوا ... غناؤكم تلك الأخاطيط في التّرب «2» وخطوط أخر، تكون مستراحا للأسير والمهموم والمفكّر، كما يعتري المفكر من قرع السنّ، والغضبان من تصفيق اليد وتجحيظ العين. وقال تأبّط شرّا: [من البسيط] لتقرعنّ عليّ السنّ من ندم ... إذا تذكّرت يوما بعض أخلاقي «3» وفي خطّ الحزين في الأرض يقول ذو الرّمّة: [من الطويل] عشيّة مالى حيلة غير أنّني ... بلقط الحصى والخطّ في الدار مولع «4» أخطّ وأمحو الخطّ ثم أعيده ... بكفّي والغربان في الدار وقّع وذكر النابغة صنيع النساء، وفزعهنّ إلى ذلك، إذا سبين واغتربن وفكّرن، فقال: [من الطويل] ويخططن بالعيدان في كلّ منزل ... ويخبأن رمّان الثّديّ النواهد «5» وقد يفزع إلى ذلك الخجل والمتعلّل، كما يفزع إليه المهموم وهو قول القاسم ابن أمية بن أبي الصّلت: [من الكامل] لا ينقرون الأرض عند سؤالهم ... لتلمّس العلّات بالعيدان «6» بل يبسطون وجوههم فترى لها ... عند اللقاء كأحسن الألوان وقال الحارث بن الكنديّ، وذكر رجلا سأله حاجة فاعتراه العبث بأسنانه، فقال: [من الوافر] وآض بكفّه يحتكّ ضرسا ... يرينا أنّه وجع بضرس

36 -[أقوال الشعراء في الخط]

وربما اعترى هؤلاء عدّ الحصى، إذا كانوا في موضع حصى، ولم يكونوا في موضع تراب، وهو قول امرئ القيس: [من الطويل] ظللت ردائي فوق رأسي قاعدا ... أعدّ الحصى ما تنقضي حسراتي «1» وقال أميّة بن أبي الصّلت: [من الخفيف] نهرا جاريا وبيتا عليّا ... يعتري المعتفين فضل نداكا «2» في تراخ من المكارم جزل ... لم تعلّلهم بلقط حصاكا وقال الآخر، وهو يصف امرأة قتل زوجها، فهي محزونة تلقط الحصى: [من الطويل] وبيضاء مكسال كأنّ وشاحها ... على أمّ أحوى المقلتين خذول عقلت لها من زوجها عدد الحصى ... مع الصّبح، أو في جنح كلّ أصيل يقول: لم أعطها عقلا عن زوجها، ولم أورثها إلّا الهمّ الذي دعاها إلى لقط الحصى. يخبر أنّه لمنعته، لا يوصل منه إلى عقل ولا قود. 36-[أقوال الشعراء في الخط] وممّا قالوا في الخطّ، ما أنشدنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي قال: قال المقنّع الكنديّ «3» في قصيدة له مدح فيها الوليد بن يزيد: [من الكامل] كالخطّ في كتب الغلام أجاده ... بمداده، وأسدّ من أقلامه قلم كخرطوم الحمامة مائل ... مستحفظ للعلم من علّامه يسم الحروف إذا يشاء بناءها ... لبيانها بالنّقط من أرسامه من صوفة نفث المداد سخامه ... حتى تغيّر لونها بسخامه يحفى فيقصم من شعيرة أنفه ... كقلامة الأظفور من قلّامه وبأنفه شقّ تلاءم فاستوى ... سقي المداد، فزاد في تلآمه مستعجم وهو الفصيح بكلّ ما ... نطق اللسان به على استعجامه

وله تراجمة بألسنة لهم ... تبيان ما يتلون من ترجامه ما خطّ من شيء به كتّابه ... ما إن يبوح به على استكتامه وهجاؤه قاف ولام بعدها ... ميم معلّقة بأسفل لامه ثم قال: قالت لجارتها الغزيّل إذ رأت ... وجه المقنّع من وراء لثامه قد كان أبيض فاعتراه أدمة ... فالعين تنكره من ادهيمامه كم من بويزل عامها مهرّية ... سرح اليدين ومن بويزل عامه وهب الوليد برحلها وزمامها ... وكذاك ذاك برحله، وزمامه وقويرح عتد أعدّ لنيّه ... لبن اللّقوح فعاد ملء حزامه وهب الوليد بسرجها ولجامها ... وكذاك ذاك بسرجه، ولجامه أهدى المقنّع للوليد قصيدة ... كالسيف أرهف حدّه بحسامه وله المآثر في قريش كلّها ... وله الخلافة بعد موت هشامه وقال الحسن بن جماعة الجذاميّ في الخطّ: [من الطويل] إليك بسرّي بات يرقل عالم ... أصمّ الصدى محرورف السّنّ طائع «1» بصير بما يوحى إليه وما له ... لسان ولا أذن بها هو سامع كأنّ ضمير القلب باح بسرّه ... لديه، إذا ما حثحثته الأصابع له ريقة من غير فرث تمدّه ... ولا من ضلوع صفّقتها الأضالع وقال الطائيّ، يمدح محمّد بن عبد الملك الزّيات: [من الطويل] وما برحت صورا إليك نوازعا ... أعنّتها مذ راسلتك الرسائل لك القلم الأعلى الذي بشباته ... يصاب من الأمر الكلى والمفاصل لك الخلوات اللاء لولا نجيّها ... لما احتفلت للملك تلك المحافل لعاب الأفاعي القاتلات لعابه ... وأري الجنى اشتارته أيد عواسل له ريقة طلّ ولكنّ وقعها ... بآثارها في الشرق والغرب وابل فصيح إذا استنطقته وهو راكب ... وأعجم إن خاطبته وهو راجل إذا ما امتطى الخمس اللّطاف وأفرغت ... عليه شعاب الفكر وهي حوافل أطاعته أطراف القنا وتقوّضت ... لنجواه تقويض الخيام الجحافل

37 -[تدوين الكتابات القديمة]

إذا استغزر الذهن الجليّ وأقبلت ... أعاليه في القرطاس وهي أسافل وقد رفدته الخنصران وسدّدت ... ثلاث نواحيه الثلاث الأنامل رأيت جليلا شأنه وهو مرهف ... ضنى وسمينا خطبه وهو ناحل أرى ابن أبي مروان أمّا لقاؤه ... فدان وأمّا الحكم فيه فعادل وقد ذكر البحتريّ في كلمة له، بعض كهول العسكر، ومن أنبل أبناء كتّابهم الجلّة فقال: [من الكامل] وإذا دجت أقلامه ثم انتحت ... برقت مصابيح الدّجى في كتبه 37-[تدوين الكتابات القديمة] وكانوا يجعلون الكتاب حفرا في الصخور، ونقشا في الحجارة، وخلقة مركّبة في البنيان، فربّما كان الكتاب هو الناتئ، وربّما كان الكتاب هو الحفر، إذا كان تاريخا لأمر جسيم، أو عهدا لأمر عظيم، أو موعظة يرتجى نفعها، أو إحياء شرف يريدون تخليد ذكره، أو تطويل مدته، كما كتبوا على قبّة غمدان «1» ، وعلى باب القيروان، وعلى باب سمرقند «2» ، وعلى عمود مأرب، وعلى ركن المشقّر «3» ، وعلى الأبلق الفرد «4» ، وعلى باب الرّها «5» ، يعمدون إلى الأماكن المشهورة، والمواضع المذكورة، فيضعون الخطّ في أبعد المواضع من الدّثور، وأمنعها من الدروس، وأجدر أن يراها من مرّبها، ولا تنسى على وجه الدهر. 38-[فضل الخطوط] وأقول: لولا الخطوط لبطلت العهود والشروط والسّجلّات والصّكاك، وكلّ

39 -[الرقوم والخطوط]

إقطاع، وكلّ إنفاق، وكلّ أمان، وكلّ عهد وعقد، وكلّ جوار وحلف. ولتعظيم ذلك، والثقة به والاستناد إليه، كانوا يدعون في الجاهليّة من يكتب لهم ذكر الحلف والهدنة، تعظيما للأمر، وتبعيدا من النسيان، ولذلك قال الحارث بن حلّزة، في شأن بكر وتغلب: [من الخفيف] واذكروا حلف ذي المجاز وما ق ... دّم فيه العهود والكفلاء «1» حذر الجور والتّعدّي، وهل ين ... قض ما في المهارق الأهواء! والمهارق، ليس يراد بها الصّحف والكتب، ولا يقال للكتب مهارق حتّى تكون كتب دين، أو كتب عهود، وميثاق، وأمان. 39-[الرقوم والخطوط] وليس بين الرّقوم والخطوط فرق، ولولا الرقوم لهلك أصحاب البزّ والغزول، وأصحاب الساج وعامّة المتاجر، وليس بين الوسوم التي تكون على الحافر كلّه والخفّ كلّه والظّلف كلّه، وبين الرقوم فرق، ولا بين العقود والرقوم فرق، ولا بين الخطوط والرقوم كلّها فرق، وكلّها خطوط، وكلها كتاب، أو في معنى الخطّ والكتاب، ولا بين الحروف المجموعة والمصورّة من الصوت المقطّع في الهواء، ومن الحروف المجموعة المصوّرة من السواد في القرطاس فرق. 40-[اللسان والقلم] واللسان: يصنع في جوبة الفم وهوائه الذي في جوف الفم وفي خارجه، وفي لهاته، وباطن أسنانه، مثل ما يصنع القلم في المداد واللّيقة والهواء والقرطاس، وكلّها صور وعلامات وخلق مواثل، ودلالات، فيعرف منها ما كان في تلك الصّور لكثرة تردادها على الأسماع، ويعرف منها ما كان مصوّرا من تلك الألوان لطول تكرارها على الأبصار، كما استدلّوا بالضّحك على السرور، وبالبكاء على الألم. وعلى مثل ذلك عرفوا معاني الصوت، وضروب صور الإشارات، وصور جميع الهيئات، وكما عرف المجنون لقبه، والكلب اسمه. وعلى مثل ذلك فهم الصبيّ الزجر والإغراء، ووعى المجنون الوعيد والتهدّد، وبمثل ذلك اشتدّ حضر الدابّة مع رفع الصوت، حتّى

41 -[تخليد العرب والعجم لمآثرها]

إذا رأى سائسه حمحم. وإذا رأى الحمام القيّم عليه انحطّ للقط الحبّ، قبل أن يلقي له ما يلقطه. ولولا الوسوم ونقوش الخواتم، لدخل على الأموال الخلل الكثير، وعلى خزائن الناس الضرر الشديد. 41-[تخليد العرب والعجم لمآثرها] وليس في الأرض أمّة بها طرق «1» أو لها مسكة، ولا جيل لهم قبض وبسط، إلّا ولهم خطّ. فأمّا أصحاب الملك والمملكة، والسلطان والجباية، والدّيانة والعبادة، فهناك الكتاب المتقن، والحساب المحكم، ولا يخرج الخطّ من الجزم والمسند المنمنم والسمون كيف كان، قال ذلك الهيثم بن عدي، وابن الكلبي. قال: فكلّ أمّة تعتمد في استبقاء مآثرها، وتحصين مناقبها، على ضرب من الضروب، وشكل من الأشكال. وكانت العرب في جاهليّتها تحتال في تخليدها، بأن تعتمد في ذلك على الشعر الموزون، والكلام المقفّى، وكان ذلك هو ديوانها. وعلى أنّ الشعر يفيد فضيلة البيان، على الشاعر الراغب، والمادح، وفضيلة المأثرة، على السيّد المرغوب إليه، والممدوح به. وذهبت العجم على أن تقيّد مآثرها بالبنيان، فبنوا مثل كرد بيداد، وبنى أردشير بيضاء إصطخر «2» . وبيضاء المدائن، والحضر، والمدن والحصون، والقناطر والجسور، والنواويس «3» ، قال: ثمّ إنّ العرب أحبّت أن تشارك العجم في البناء، وتنفرد بالشعر، فبنوا غمدان، وكعبة نجران «4» ، وقصر مارد، وقصر مأرب، وقصر شعوب «5» والأبلق الفرد، وفيه وفي مارد، قالوا «تمرّد مارد وعزّ الأبلق» «6» وغير ذلك من البنيان، قال: ولذلك لم تكن الفرس تبيح شريف البنيان، كما لا تبيح شريف الأسماء، إلّا لأهل البيوتات، كصنيعهم في النواويس والحمّامات

42 -[طمس آثار الأمم السالفة]

والقباب الخضر، والشّرف على حيطان الدار، وكالعقد على الدّهليز وما أشبه ذلك، فقال بعض من حضر: «كتب الحكماء وما دوّنت العلماء من صنوف البلاغات والصّناعات، والآداب والإرفاق «1» ، من القرون السابقة والأمم الخالية، ومن له بقيّة ومن لا بقيّة له، أبقى ذكرا وأرفع قدرا وأكثر ردّا، لأنّ الحكمة أنفع لمن ورثها، من جهة الانتفاع بها، وأحسن في الأحدوثة، لمن أحبّ الذكر الجميل» . 42-[طمس آثار الأمم السالفة] والكتب بذلك أولى من بنيان الحجارة وحيطان المدر؛ لأنّ من شأن الملوك أن يطمسوا على آثار من قبلهم، وأن يميتوا ذكر أعدائهم، فقد هدموا بذلك السبب أكثر المدن وأكثر الحصون، كذلك كانوا أيّام العجم وأيّام الجاهليّة. وعلى ذلك هم في أيّام الإسلام، كما هدم عثمان صومعة غمدان، وكما هدم الآطام «2» التي كانت بالمدينة، وكما هدم زياد كلّ قصر ومصنع كان لابن عامر، وكما هدم أصحابنا بناء مدن الشامات «3» لبني مروان. 43-[تاريخ الشعر العربي] وأما الشعر فحديث الميلاد، صغير السنّ، أوّل من نهج سبيله، وسهّل الطريق إليه: امرؤ القيس بن حجر، ومهلهل بن ربيعة. وكتب أرسطاطاليس، ومعلّمه أفلاطون، ثم بطليموس، وديمقراطس، وفلان وفلان، قبل بدء الشعر بالدهور قبل الدهور، والأحقاب قبل الأحقاب. ويدلّ على حداثة الشعر، قول امرئ القيس بن حجر: [من المنسرح] إنّ بني عوف ابتنوا حسنا ... ضيّعه الدّخللون إذ غدروا «4» أدّوا إلى جارهم خفارته ... ولم يضع بالمغيب من نصروا «5»

44 -[صعوبة ترجمة الشعر]

لا حميريّ وفى ولا عدس ... ولا است عير يحكها الثّفر لكن عوير وفى بذمّته ... لا قصر عابه ولا عور فانظر، كم كان عمر زرارة! وكم كان بين موت زرارة ومولد النبي عليه الصلاة والسلام؟! فإذا استظهرنا الشعر، وجدنا له- إلى أن جاء الله بالإسلام- خمسين ومائة عام، وإذا استظهرنا بغاية الاستظهار فمائتي عام. قال: وفضيلة الشعر مقصورة على العرب، وعلى من تكلّم بلسان العرب. 44-[صعوبة ترجمة الشعر] والشعر لا يستطاع أن يترجم، ولا يجوز عليه النقل، ومتى حوّل تقطّع نظمه وبطل وزنه، وذهب حسنه وسقط موضع التعجب، لا كالكلام المنثور. والكلام المنثور المبتدأ على ذلك أحسن وأوقع من المنثور الذي تحوّل من موزون الشعر. قال: وجميع الأمم يحتاجون إلى الحكم في الدين، والحكم في الصناعات، وإلى كلّ ما أقام لهم المعاش وبوّب لهم أبواب الفطن، وعرّفهم وجوه المرافق؛ حديثهم كقديمهم، وأسودهم كأحمرهم، وبعيدهم كقريبهم؛ والحاجة إلى ذلك شاملة لهم. وقد نقلت كتب الهند، وترجمت حكم اليونانيّة، وحوّلت آداب الفرس، فبعضها ازداد حسنا، وبعضها ما انتقص شيئا، ولو حوّلت حكمة العرب، لبطل ذلك المعجز الذي هو الوزن، مع أنّهم لو حوّلوها لم يجدوا في معانيها شيئا لم تذكره العجم في كتبهم، التي وضعت لمعاشهم وفطنهم وحكمهم، وقد نقلت هذه الكتب من أمّة إلى أمّة، ومن قرن إلى قرن، ومن لسان إلى لسان، حتى انتهت إلينا، وكنّا آخر من ورثها ونظر فيها. فقد صحّ أنّ الكتب أبلغ في تقييد المآثر، من البنيان والشعر. ثم قال بعض من ينصر الشعر ويحوطه ويحتجّ له: إنّ التّرجمان لا يؤدّي أبدا ما قال الحكيم، على خصائص معانيه، وحقائق مذاهبه ودقائق اختصاراته، وخفيّات حدوده، ولا يقدر أن يوفيها حقوقها، ويؤدّي الأمانة فيها، ويقوم بما يلزم الوكيل ويجب على الجريّ، وكيف يقدر على أدائها وتسليم معانيها، والإخبار عنها على حقّها وصدقها، إلّا أن يكون في العلم بمعانيها، واستعمال تصاريف ألفاظها، وتأويلات مخارجها، ومثل مؤلّف الكتاب وواضعه، فمتى كان رحمه الله تعالى ابن

45 -[شرائط الترجمان]

البطريق، وابن ناعمة، وابن قرّة، وابن فهريز، وثيفيل، وابن وهيلي، وابن المقفّع، مثل أرسطاطاليس؟! ومتى كان خالد مثل أفلاطون؟! 45-[شرائط الترجمان] ولا بدّ للتّرجمان من أن يكون بيانه في نفس الترجمة، في وزن علمه في نفس المعرفة، وينبغي أن يكون أعلم الناس باللغة المنقولة والمنقول إليها، حتّى يكون فيهما سواء وغاية. ومتى وجدناه أيضا قد تكلّم بلسانين، علمنا أنّه قد أدخل الضيم عليهما، لأنّ كل واحدة من اللغتين تجذب الأخرى وتأخذ منها، وتعترض عليها. وكيف يكون تمكّن اللسان منهما مجتمعين فيه، كتمكّنه إذا انفرد بالواحدة، وإنّما له قوّة واحدة، فإن تكلّم بلغة واحدة استفرغت تلك القوّة عليهما، وكذلك إن تكلّم بأكثر من لغتين، وعلى حساب ذلك تكون الترجمة لجميع اللغات. وكلّما كان الباب من العلم أعسر وأضيق، والعلماء به أقلّ، كان أشدّ على المترجم، وأجدر أن يخطئ فيه. ولن تجد البتّة مترجما يفي بواحد من هؤلاء العلماء. هذا قولنا في كتب الهندسة. والتنجيم، والحساب، واللحون، فكيف لو كانت هذه الكتب كتب دين وإخبار عن الله- عزّ وجلّ- بما يجوز عليه ممّا لا يجوز عليه، حتّى يريد أن يتكلّم على تصحيح المعاني في الطبائع، ويكون ذلك معقودا بالتوحيد، ويتكلّم في وجوه الإخبار واحتمالاته للوجوه، ويكون ذلك متضمّنا بما يجوز على الله تعالى، ممّا لا يجوز، وبما يجوز على الناس مما لا يجوز، وحتّى يعلم مستقرّ العامّ والخاصّ، والمقابلات التي تلقى الأخبار العامّية المخرج فيجعلها خاصيّة. وحتى يعرف من الخبر ما يخصّه الخبر الذي هو أثر، ممّا يخصّه الخبر الذي هو قرآن، وما يخصّه العقل مما تخصّه العادة أو الحال الرادّة له عن العموم، وحتّى يعرف ما يكون من الخبر صدقا أو كذبا، وما لا يجوز أن يسمّى بصدق ولا كذب؛ وحتّى يعرف اسم الصدق والكذب، وعلى كم معنى يشتمل ويجتمع، وعند فقد أيّ معنى ينقلب ذلك الاسم، وكذلك معرفة المحال من الصحيح، وأيّ شيء تأويل المحال؛ وهل يسمّى المحال كذبا أم لا يجوز ذلك، وأيّ القولين أفحش: المحال أم الكذب، وفي أيّ موضع يكون المحال أفظع، والكذب أشنع؛ وحتّى يعرف المثل والبديع، والوحي والكناية، وفصل ما بين الخطل والهذر، والمقصور والمبسوط والاختصار، وحتّى يعرف أبنية الكلام، وعادات القوم، وأسباب تفاهمهم، والذي

46 -[تحريف الكتب]

ذكرنا قليل من كثير. ومتى لم يعرف ذلك المترجم أخطأ في تأويل كلام الدين. والخطأ في الدين أضرّ من الخطأ في الرياضة والصناعة، والفلسفة والكيمياء، وفي بعض المعيشة التي يعيش بها بنو آدم. وإذا كان المترجم الذي قد ترجم لا يكمل لذلك، أخطأ على قدر نقصانه من الكمال. وما علم المترجم بالدليل عن شبه الدليل؟ وما علمه بالأخبار النجوميّة؟ وما علمه بالحدود الخفيّة؟ وما علمه بإصلاح سقطات الكلام، وأسقاط الناسخين للكتب؟ وما علمه ببعض الخطرفة لبعض المقدّمات؟ وقد علمنا أنّ المقدّمات لا بدّ أن تكون اضطراريّة، ولا بدّ أن تكون مرتّبة، وكالخيط الممدود. وابن البطريق وابن قرّة لا يفهمان هذا موصوفا منزّلا، ومرتّبا مفصّلا، من معلّم رفيق، ومن حاذق طبّ فكيف بكتاب قد تداولته اللغات واختلاف الأقلام، وأجناس خطوط الملل والأمم؟! ولو كان الحاذق بلسان اليونانيّين يرمي إلى الحاذق بلسان العربيّة، ثم كان العربيّ مقصّرا عن مقدار بلاغة اليونانيّ، لم يجد المعنى والناقل التقصير، ولم يجد اليونانيّ الذي لم يرض بمقدار بلاغته في لسان العربيّة بدّا من الاغتفار والتجاوز، ثمّ يصير إلى ما يعرض من الآفات لأصناف الناسخين، وذلك أن نسخته لا يعدمها الخطأ، ثمّ ينسخ له من تلك النسخة من يزيده من الخطأ الذي يجده في النسخة. ثمّ لا ينقص منه؛ ثم يعارض بذلك من يترك ذلك المقدار من الخطأ على حاله، إذا كان ليس من طاقته إصلاح السّقط الذي لا يجده في نسخته. 46-[تحريف الكتب] ولربّما أراد مؤلّف الكتاب أن يصلح تصحيفا، أو كلمة ساقطة، فيكون إنشاء عشر ورقات من حرّ اللفظ وشريف المعاني، أيسر عليه من إتمام ذلك النقص، حتى يردّه إلى موضعه من اتّصال الكلام، فكيف يطيق ذلك المعرض المستأجر. والحكيم نفسه قد أعجزه هذا الباب! وأعجب من ذلك أنّه يأخذ بأمرين: قد أصلح الفاسد وزاد الصالح صلاحا. ثم يصير هذا الكتاب بعد ذلك نسخة لإنسان آخر، فيسير فيه الورّاق الثاني سيرة الورّاق الأوّل؛ ولا يزال الكتاب تتداوله الأيدي الجانية، والأعراض المفسدة، حتّى يصير غلطا صرفا، وكذبا مصمتا، فما ظنّكم بكتاب تتعاقبه المترجمون بالإفساد، وتتعاوره الخطّاط بشرّ من ذلك أو بمثله، كتاب متقادم الميلاد، دهريّ الصنعة! «1» .

47 -[بين أنصار الكتب وأنصار الشعر]

47-[بين أنصار الكتب وأنصار الشعر] قالوا: فكيف تكون هذه الكتب أنفع لأهلها من الشعر المقفّى؟ قال الآخر: إذا كان الأمر على ما قلتم، والشأن على ما نزّلتم، أليس معلوما أنّ شيئا هذه بقيّته وفضلته وسؤره وصبابته، وهذا مظهر حاله على شدّة الضيم، وثبات قوته على ذلك الفساد وتداول النقص، حريّ بالتعظيم، وحقيق بالتفضيل على البنيان، والتقديم على شعر إن هو حوّل تهافت، ونفعه مقصور على أهله، وهو يعدّ من الأدب المقصور، وليس بالمبسوط، ومن المنافع الاصطلاحيّة وليست بحقيقة بيّنة، وكلّ شيء في العالم من الصناعات والأرفاق والآلات، فهي موجودات في هذه الكتب دون الأشعار، وها هنا كتب هي بيننا وبينكم، مثل كتاب أقليدس، ومثل كتاب جالينوس، ومثل المجسطي، ممّا تولّاه الحجّاج، وكتب كثيرة لا تحصى فيها بلاغ للناس، وإن كانت مختلفة ومنقوصة مظلومة ومغيّرة، فالباقي كاف شاف، والغائب منها كان تكميلا لتسلّط الطبائع الكاملة. فأما فضيلة الشعر فعلى ما حكينا، ومنتهى نفعه إلى حيث انتهى بنا القول. وحسبك ما في أيدي الناس من كتب الحساب، والطبّ، والمنطق، والهندسة، ومعرفة اللّحون، والفلاحة، والتّجارة، وأبواب الأصباغ، والعطر، والأطعمة، والآلات. وهم أتوكم بالحكمة، وبالمنفعة التي في الحمّامات وفي الأصطرلابات «1» والقرسطونات «2» وآلات معرفة الساعات، وصنعة الزجاج والفسيفساء، والأسرنج «3» والزنجفور «4» واللازورد «5» والأشربة، والأنبجات «6» ، والأيارجات «7» ولكم المينا،

48 -[فضل الحجاج فيما ابتدعه]

والنشادر والشّبه «1» وتعليق الحيطان والأساطين، وردّ ما مال منها إلى التقويم. ولهم صبّ الزردج «2» ، واستخراج النّشاستج «3» ، وتعليق الخيش، واتّخاذ الجمّازات، وعمل الحرّاقات «4» ، واستخراج شراب الداذيّ «5» وعمل الدّبابات «6» . 48-[فضل الحجاج فيما ابتدعه] وكان الحجّاج أوّل من أجرى في البحر السفن المقيّرة المسمّرة غير المخرّزة، والمدهونة والمسطّحة، وغير ذوات الجؤجؤ، وكان أوّل من عمل المحامل «7» ، ولذا قال بعض رجّاز الأكرياء: [من الرجز] أوّل خلق عمل المحاملا ... أخزاه ربّي عاجلا وآجلا «8» وقال آخر: [من الرجز] شيّب أصداغي فهنّ بيّض ... محامل لقدّها نقيض «9» وقال آخر: [من الرجز] شيّب أصداغي فهنّ بيض ... محامل فيها رجال قبّض لو يتكون سنة لم يغرضوا «10»

49 -[الجمازات]

وقال القوم: لولا ما عرّفوكم من أبواب الحملانات «1» لم تعرفوا صنعة الشبه، ولولا غضار الصين على وجه الأرض لم تعرفوا الغضار، على أنّ الذي عملتم ظاهر فيه التوليد، منقوص المنفعة عن تمام الصّينيّ. وعلى أن الشّبه لم تستخرجوه، وإنّما ذلك من الأمور التي وقعت اتّفاقا، لسقوط الناطف «2» من يد الأجير في الصّفر الذائب، فخفتم إفساده، فلمّا رأيتم ما أعطاه من اللون عملتم في الزيادة والنقصان، وكذلك جميع ما تهيّأ لكم، ولستم تخرجون في ذلك من أحد أمرين: إمّا أن تكونوا استعملتم الاشتقاق من علم ما أورثوكم، وإمّا أن يكون ذلك تهيّأ لكم من طريق الاتّفاق!! 49-[الجمازات] وقد علمتم أنّ أوّل شأن الجمّازات، أنّ أمّ جعفر أمرت الرحّالين أن يزيدوا في سير النجيبة التي كانت عليها، وخافت فوت الرشيد، فلما حرّكت مشت ضروبا من المشي، وصنوفا من السير، فجمزت في خلال ذلك، ووافقت امرأة تحسن الاختيار، وتفهم الأمور، فوجدت لذلك الجمز راحة، ومع الراحة لذّة، فأمرتهم أن يسيروا بها في تلك السّيرة، فما زالوا يقرّبون ويبعّدون، ويخطئون ويصيبون، وهي في كلّ ذلك تصوّبهم وتخطئهم على قدر ما عرفت، حتى شدوا من معرفة ذلك ما شدوا، ثمّ إنّها فرّغتهم لإتمام ذلك حتى تمّ واستوى. وكذلك لا يخلو جميع أمركم، من أن يكون اتّفاقا، أو اتّباع أثر. 50-[الترغيب في اصطناع الكتاب] ثم رجع بنا القول إلى الترغيب في اصطناع الكتاب، والاحتجاج على من زرى على واضع الكتب، فأقول «3» : إنّ من شكر النعمة في معرفة مغاوي الناس ومراشدهم، ومضارّهم ومنافعهم، أن يحتمل ثقل مؤونتهم في تقويمهم، وأن يتوخّى إرشادهم وإن جهلوا فضل ما يسدى إليهم، فلن يصان العلم بمثل بذله، ولن تستبقى النعمة فيه بمثل نشره، على أنّ قراءة الكتب أبلغ في إرشادهم من تلاقيهم؛ إذ كان مع التّلاقي يشتدّ التصنّع، ويكثر التظالم، وتفرط العصبيّة، وتقوى الحميّة، وعند المواجهة والمقابلة، يشتدّ حبّ الغلبة، وشهوة المباهاة والرياسة، مع الاستحياء من

51 -[الكتاب قد يفضل الكاتب]

الرجوع، والأنفة من الخضوع؛ وعن جميع ذلك تحدث الضغائن، ويظهر التباين. وإذا كانت القلوب على هذه الصّفة وعلى هذه الهيئة، امتنعت من التعرّف، وعميت عن مواضع الدلالة، وليست في الكتب علّة تمنع من درك البغية، وإصابة الحجّة، لأنّ المتوحّد بدرسها، والمنفرد بفهم معانيها، لا يباهي نفسه ولا يغالب عقله، وقد عدم من له يباهي ومن أجله يغالب «1» . 51-[الكتاب قد يفضل الكاتب] «2» والكتاب قد يفضل صاحبه، ويتقدّم مؤلّفه، ويرجّح قلمه على لسانه بأمور: منها أنّ الكتاب يقرأ بكلّ مكان، ويظهر ما فيه على كلّ لسان، ويوجد مع كلّ زمان، على تفاوت ما بين الأعصار، وتباعد ما بين الأمصار، وذلك أمر يستحيل في واضع الكتاب، والمنازع في المسألة والجواب. ومناقلة اللسان وهدايته لا تجوزان مجلس صاحبه، ومبلغ صوته. وقد يذهب الحكيم وتبقى كتبه، ويذهب العقل ويبقى أثره. ولولا ما أودعت لنا الأوائل في كتبها، وخلّدت من عجيب حكمتها، ودوّنت من أنواع سيرها، حتّى شاهدنا بها ما غاب عنّا، وفتحنا بها كلّ مستغلق كان علينا، فجمعنا إلى قليلنا كثيرهم، وأدركنا ما لم نكن ندركه إلّا بهم، لما حسن حظّنا من الحكمة، ولضعف سببنا إلى المعرفة. ولو لجأنا إلى قدر قوّتنا، ومبلغ خواطرنا، ومنتهى تجاربنا لما تدركه حواسّنا، وتشاهده نفوسنا، لقلّت المعرفة، وسقطت الهمّة، وارتفعت العزيمة، وعاد الرأي عقيما، والخاطر فاسدا، ولكلّ الحدّ وتبلّد العقل. 52-[أشرف الكتب] وأكثر من كتبهم نفعا، وأشرف منها خطرا، وأحسن موقعا، كتب الله تعالى، فيها الهدى والرحمة، والإخبار عن كلّ حكمة، وتعريف كلّ سيّئة وحسنة. وما زالت كتب الله تعالى في الألواح والصّحف، والمهارق «3» والمصاحف. وقال الله عزّ وجلّ الم ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ «4» . وقال ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ » . ويقال لأهل التّوراة والإنجيل: أهل الكتاب.

53 -[مواصلة خدمة العلم]

53-[مواصلة خدمة العلم] وينبغي أن يكون سبيلنا لمن بعدنا، كسبيل من كان قبلنا فينا. على أنّا وقد وجدنا من العبرة أكثر ممّا وجدوا، كما أنّ من بعدنا يجد من العبرة أكثر ممّا وجدنا. فما ينتظر العالم بإظهار ما عنده، وما يمنع الناصر للحقّ من القيام بما يلزمه، وقد أمكن القول وصلح الدهر وخوى نجم التّقيّة «1» ، وهبّت ريح العلماء، وكسد العيّ والجهل، وقامت سوق البيان والعلم؟! وليس يجد الإنسان في كل حين إنسانا يدرّبه، ومقوّما يثقّفه. والصبر على إفهام الريّض شديد، وصرف النفس عن مغالبة العالم أشدّ منه، والمتعلّم يجد في كلّ مكان الكتاب عتيدا، وبما يحتاج إليه قائما وما أكثر من فرّط في التعليم أيّام خمول ذكره، وأيّام حداثة سنّه!! ولولا جياد الكتب وحسنها، ومبيّنها ومختصرها، لما تحرّكت همم هؤلاء لطلب العلم، ونزعت إلى حبّ الأدب، وأنفت من حال الجهل، وأن تكون في غمار الحشو، ولدخل على هؤلاء من الخلل والمضرّة، ومن الجهل وسوء الحال، وما عسى ألا يمكن الإخبار عن مقداره، إلّا بالكلام الكثير، ولذلك قال عمر رضي الله تعالى عنه: «تفقّهوا قبل أن تسودوا» «2» . 54-[فائدة كتب أبي حنيفة] وقد تجد الرجل يطلب الآثار وتأويل القرآن، ويجالس الفقهاء خمسين عاما، وهو لا يعدّ فقيها، ولا يجعل قاضيا، فما هو إلّا أن ينظر في كتب أبي حنيفة، وأشباه أبي حنيفة، ويحفظ كتب الشروط في مقدار سنة أو سنتين، حتى تمرّ ببابه فتظن أنه من باب بعض العمّال، وبالحرا «3» ألّا يمرّ عليه من الأيّام إلّا اليسير، حتّى يصير حاكما على مصر من الأمصار، أو بلد من البلدان. 55-[ضرورة تنقيح المؤلفات] وينبغي لمن كتب كتابا ألا يكتبه إلّا على أنّ النّاس كلّهم له أعداء، وكلّهم عالم بالأمور، وكلّهم متفرّغ له، ثم لا يرضى بذلك حتى يدع كتابه غفلا، ولا يرضى بالرأي الفطير، فإنّ لابتداء الكتاب فتنة وعجبا، فإذا سكنت الطبيعة وهدأت الحركة،

56 -[الاستطراد في التأليف]

وتراجعت الأخلاط، وعادت النفس وافرة، أعاد النّظر فيه، فيتوقّف عند فصوله توقّف من يكون وزن طمعه في السلامة أنقص من وزن خوفه من العيب، ويتفهّم معنى قول الشاعر: [من البسيط] إنّ الحديث تغرّ القوم خلوته ... حتّى يلجّ بهم عيّ وإكثار «1» ويقف عند قولهم في المثل: «كلّ مجر في الخلاء يسرّ» «2» فيخاف أن يعتريه ما اعترى من أحرى فرسه وحده، أو خلا بعلمه عند فقد خصومه، وأهل المنزلة من أهل صناعته. 56-[الاستطراد في التأليف] وليعلم أنّ صاحب القلم يعتريه ما يعتري المؤدّب عند ضربه وعقابه، فما أكثر من يعزم على خمسة أسواط فيضرب مائة؟! لأنّه ابتدأ الضرب وهو ساكن الطباع، فأراه السكون أنّ الصواب في الإقلال، فلما ضرب تحرّك دمه، فأشاع فيه الحرارة فزاد في غضبه، فأراه الغضب أنّ الرأي في الإكثار، وكذلك صاحب القلم؛ فما أكثر من يبتدئ الكتاب وهو يريد مقدار سطرين، فيكتب عشرة! والحفظ مع الإقلال أمكن، وهو مع الإكثار أبعد. 57-[مفاضلة بين الولد والكتاب] واعلم أنّ العاقل إن لم يكن بالمتتبّع، فكثيرا ما يعتريه من ولده، أن يحسن في عينه منه المقبّح في عين غيره، فليعلم أنّ لفظه أقرب نسبا منه من ابنه، وحركته أمسّ به رحما من ولده، لأنّ حركته شيء أحدثه من نفسه وبذاته، ومن عين جوهره فصلت، ومن نفسه كانت؛ وإنّما الوالد كالمخطة يتمخّطها، والنّخامة يقذفها، ولا سواء إخراجك من جزئك شيئا لم يكن منك، وإظهارك حركة لم تكن حتّى كانت منك. ولذلك تجد فتنة الرجل بشعره، وفتنته بكلامه وكتبه، فوق فتنته بجميع نعمته. 58-[لغة الكتب] وليس الكتاب إلى شيء أحوج منه إلى إفهام معانيه، حتّى لا يحتاج السامع لما

59 -[قول صحار العبدي في الإيجاز]

فيه من الرويّة، ويحتاج من اللفظ إلى مقدار يرتفع به عن ألفاظ السّفلة والحشو، ويحطّه من غريب الأعراب ووحشيّ الكلام، وليس له أن يهذّبه جدّا، وينقّحه ويصفّيه ويروّقه، حتى لا ينطق إلّا بلبّ اللّبّ، وباللفظ الذي قد حذف فضوله، وأسقط زوائده، حتّى عاد خالصا لا شوب فيه؛ فإنّه إن فعل ذلك، لم يفهم عنه إلا بأن يجدّد لهم إفهاما مرارا وتكرارا، لأنّ النّاس كلّهم قد تعوّدوا المبسوط من الكلام، وصارت أفهامهم لا تزيد على عاداتهم إلا بأن يعكس عليها ويؤخذ بها. ألا ترى أنّ كتاب المنطق الذي قد وسم بهذا الاسم، لو قرأته على جميع خطباء الأمصار وبلغاء الأعراب، لما فهموا أكثره، وفي كتاب إقليدس كلام يدور، وهو عربيّ وقد صفّي، ولو سمعه بعض الخطباء لما فهمه، ولا يمكن أن يفهّمه من يريد تعليمه، لأنّه يحتاج إلى أن يكون قد عرف جهة الأمر، وتعوّد اللفظ المنطقيّ الذي استخرج من جميع الكلام. 59-[قول صحار العبدي في الإيجاز] قال معاوية بن أبي سفيان، رضي الله عنهما، لصحار العبدي: ما الإيجاز؟ قال: أن تجيب فلا تبطئ، وتقول فلا تخطئ. قال معاوية: أو كذلك تقول!! قال صحار: أقلني يا أمير المؤمنين! لا تخطئ ولا تبطئ «1» . فلو أنّ سائلا سألك عن الإيجاز، فقلت: لا تخطئ ولا تبطئ، وبحضرتك خالد بن صفوان، لما عرف بالبديهة وعند أوّل وهلة، أنّ قولك «لا تخطئ» متضمّن بالقول، وقولك «لا تبطئ» متضمّن بالجواب. وهذا حديث كما ترى آثروه ورضوه، ولو أن قائلا قال لبعضنا: ما الإيجاز؟ لظننت أنّه يقول: الاختصار. والإيجاز ليس يعنى به قلّة عدد الحروف واللفظ، وقد يكون الباب من الكلام من أتى عليه فيما يسع بطن طومار فقد أوجز، وكذلك الإطالة، وإنّما ينبغي له أن يحذف بقدر ما لا يكون سببا لإغلاقه، ولا يردّد وهو يكتفي في الإفهام بشطره، فما فضل عن المقدار فهو الخطل. 60-[صعوبة كتب الأخفش] وقلت لأبي الحسن الأخفش: أنت أعلم الناس بالنّحو، فلم لا تجعل كتبك

61 -[مواضع الاستطراد]

مفهومة كلّها، وما بالنا نفهم بعضها ولا نفهم أكثرها، وما بالك تقدّم بعض العويص وتؤخّر بعض المفهوم؟! قال: أنا رجل لم أضع كتبي هذه لله، وليست هي من كتب الدين، ولو وضعتها هذا الوضع الذي تدعوني إليه، قلّت حاجاتهم إليّ فيها، وإنّما كانت غايتي المنالة، فأنا أضع بعضها هذا الوضع المفهوم، لتدعوهم حلاوة ما فهموا إلى التماس فهم ما لم يفهموا، وإنّما قد كسبت في هذا التدبير، إذ كنت إلى التكسّب ذهبت، ولكن ما بال إبراهيم النظّام، وفلان وفلان، يكتبون الكتب لله بزعمهم، ثم يأخذها مثلي في مواقفته «1» ، وحسن نظره، وشدّة عنايته، ولا يفهم أكثرها؟! وأقول: لو أنّ يوسف السّمتيّ، كتب هذه الشروط، أيّام جلس سلمان بن ربيعة شهرين للقضاء، فلم يتقدّم إليه رجلان، والقلوب سليمة والحقوق على أهلها موفّرة، لكان ذلك خطلا ولغوا؛ ولو كتب في دهره شروط سلمان، لكان ذلك غرارة ونقصا، وجهلا بالسياسة، وبما يصلح في كلّ دهر. 61-[مواضع الاستطراد] ووجدنا الناس إذا خطبوا في صلح بين العشائر أطالوا، وإذا أنشدوا الشعر بين السّماطين في مديح الملوك أطالوا. وللإطالة موضع وليس ذلك بخطل، وللإقلال موضع وليس ذلك من عجز. ولولا أنّي أتّكل على أنّك لا تملّ باب القول في البعير حتّى تخرج إلى الفيل، وفي الذّرّة حتّى تخرج إلى البعوضة، وفي العقرب حتّى تخرج إلى الحيّة، وفي الرجل حتّى تخرج إلى المرأة، وفي الذّبان والنحل حتى تخرج إلى الغربان والعقبان، وفي الكلب حتّى تخرج إلى الديك، وفي الذئب حتّى تخرج إلى السبع، وفي الظّلف حتّى تخرج إلى الحافر، وفي الحافر حتّى تخرج إلى الخفّ، وفي الخفّ حتّى تخرج إلى البرثن، وفي البرثن حتّى تخرج إلى المخلب، وكذلك القول في الطير وعامّة الأصناف، لرأيت أنّ جملة الكتاب، وإن كثر عدد ورقه، أنّ ذلك ليس مما يملّ، ويعتدّ عليّ فيه بالإطالة، لأنّه وإن كان كتابا واحدا فإنّه كتب كثيرة، وكلّ مصحف منها فهو أمّ على حدة، فإن أراد قراءة الجميع لم يطل عليه الباب الأوّل حتّى يهجم على الثاني، ولا الثاني حتّى يهجم على الثالث، فهو أبدا مستفيد ومستطرف، وبعضه

62 -[مخاطبة القرآن للعرب وبني إسرائيل]

يكون جماما لبعض، ولا يزال نشاطه زائدا. ومتى خرج من آي القرآن صار إلى الأثر، ومتى خرج من أثر صار إلى خبر، ثم يخرج من الخبر إلى شعر، ومن الشعر إلى نوادر، ومن النوادر إلى حكم عقليّة، ومقاييس سداد، ثم لا يترك هذا الباب؛ ولعلّه أن يكون أثقل، والملال إليه أسرع، حتّى يفضي به إلى مزح وفكاهة، وإلى سخف وخرافة، ولست أراه سخفا، إذ كنت إنما استعملت سيرة الحكماء، وآداب العلماء. 62-[مخاطبة القرآن للعرب وبني إسرائيل] ورأينا الله تبارك وتعالى، إذا خاطب العرب والأعراب، أخرج الكلام مخرج الإشارة والوحي والحذف، وإذا خاطب بني إسرائيل أو حكى عنهم، جعله مبسوطا، وزاد في الكلام. فأصوب العمل اتّباع آثار العلماء، والاحتذاء على مثال القدماء، والأخذ بما عليه الجماعة. 63-[شعر في صفة الكتب] قال ابن يسير في صفة الكتب، في كلمة له «1» : [من البسيط] 1- أقبلت أهرب لا آلو مباعدة ... في الأرض منهم فلم يحصنّي الهرب 2- بقصر أوس فما والت خنادقه ... ولا النواويس فالماخور فالخرب 3- فأيّما موئل منها اعتصمت به ... فمن ورائي حثيثا منهم الطلب 4- لمّا رأيت بأني لست معجزهم ... فوتا ولا هربا، قرّبت أحتجب 5- فصرت في البيت مسرورا بهم جذلا ... جار البراءة لا شكوى ولا شغب 6- فردا يحدّثني الموتى وتنطق لي ... عن علم ما غاب عنّي منهم الكتب 7- هم مؤنسون وألّاف غنيت بهم ... فليس لي في أنيس غيرهم أرب 8- لله من جلساء لا جليسهم ... ولا عشيرهم للسّوء مرتقب 9- لا بادرات الأذى يخشى رفيقهم ... ولا يلاقيه منهم منطق ذرب 10- أبقوا لنا حكما تبقى منافعها ... أخرى الليالي على الأيّام وانشعبوا 11- فأيّما آدب منهم مددت يدي ... إليه فهو قريب من يدي كثب

64 -[فضل الكتاب في نشر الأخبار]

12- إن شئت من محكم الآثار يرفعها ... إلى النبيّ ثقات خيرة نجب 13- أو شئت من عرب علما بأوّلهم ... في الجاهليّة أنبتني به العرب 14- أو شئت من سير الأملاك من عجم ... تنبي وتخبر كيف الرأي والأدب 15- حتّى كأنّي قد شاهدت عصرهم ... وقد مضت دونهم من دهرهم حقب 16- يا قائلا قصرت في العلم نهيته ... أمسى إلى الجهل فيما قال ينتسب 17- إنّ الأوائل قد بانوا بعلمهم ... خلاف قولك قد بانوا وقد ذهبوا 18- ما مات منا امرؤ أبقى لنا أدبا ... نكون منه إذا ما مات نكتسب وقال أبو وجزة وهو يصف صحيفة كتب له فيها بستّين وسقا: [من البسيط] راحت بستّين وسقا في حقيبتها ... ما حمّلت حملها الأدنى ولا السّددا «1» ما إن رأيت قلوصا قبلها حملت ... ستّين وسقا وما جابت به بلدا وقال الراجز: [من الرجز] تعلّمن أنّ الدواة والقلم ... تبقى ويفني حادث الدّهر الغنم «2» يقول: كتابك الذي تكتبه عليّ يبقى فتأخذني به، وتذهب غنمي فيما يذهب. 64-[فضل الكتاب في نشر الأخبار] وممّا يدلّ على نفع الكتاب، أنّه لولا الكتاب لم يجز أن يعلم أهل الرّقّة والموصل وبغداد وواسط، ما كان بالبصرة، وما يحدث بالكوفة في بياض يوم، حتّى تكون الحادثة بالكوفة غدوة، فتعلم بها أهل البصرة قبل المساء. وذلك مشهور في الحمام الهدّى، إذا جعلت بردا، قال الله جلّ وعزّ- وذكر سليمان وملكه الذي لم يؤت أحدا مثله- فقال وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ «3» إلى قوله: أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ «4» فلم يلبث أن قال الهدهد جِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ. إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ، وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَلَها عَرْشٌ عَظِيمٌ «5» قال سليمان اذْهَبْ بِكِتابِي هذا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ «6» وقد

65 -[تسخير الكتابة الأمور الدين والدنيا]

كان عنده من يبلّغ الرسالة على تمامها، من عفريت، ومن بعض من عنده علم من الكتاب، فرأى أنّ الكتاب أبهى وأنبل، وأكرم وأفخم من الرسالة عن ظهر لسان، وإن أحاط بجميع ما في الكتاب. وقالت ملكة سبأ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ «1» . فهذا مما يدل على قدر اختيار الكتب. 65-[تسخير الكتابة الأمور الدين والدنيا] وقد يريد بعض الجلّة الكبار، وبعض الأدباء والحكماء، أن يدعو بعض من يجري مجراه في سلطان أو أدب، إلى مأدبة أو ندام «2» ، أو خروج إلى متنزّه، أو بعض ما يشبه ذلك، فلو شاء أن يبلّغه الرسول إرادته ومعناه، لأصاب من يحسن الأداء، ويصدق في الإبلاغ، فيرى أنّ الكتاب في ذلك أسرى وأنبه وأبلغ. ولو شاء النبيّ صلى الله عليه وسلم، ألّا يكتب «3» الكتب إلى كسرى، وقيصر، والنّجاشيّ، والمقوقس، وإلى ابني الجلندى، وإلى العباهلة من حمير، وإلى هوذة بن علي، وإلى الملوك والعظماء، والسادة النجباء، لفعل، ولوجد المبلّغ المعصوم من الخطأ والتبديل، ولكنّه عليه الصلاة والسلام، علم أنّ الكتاب أشبه بتلك الحال، وأليق بتلك المراتب، وأبلغ في تعظيم ما حواه الكتاب. ولو شاء الله أن يجعل البشارات على الألسنة بالمرسلين، ولم يودعها الكتب لفعل، ولكنه تعالى وعزّ، علم أن ذلك أتمّ وأكمل، وأجمع وأنبل. وقد يكتب بعض من له مرتبة في سلطان أو ديانة، إلى بعض من يشاكله، أو يجري مجراه، فلا يرضى بالكتاب حتّى يخزمه ويختمه، وربّما لم يرض بذلك حتى يعنونه ويعظمه، قال الله جلّ وعز: أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِما فِي صُحُفِ مُوسى وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى «4» فذكر صحف موسى الموجودة، وصحف إبراهيم البائدة المعدومة. ليعرف الناس مقدار النفع، والمصلحة في الكتب. 66-[نظام التوريث عند فلاسفة اليونانية] قالوا: وكانت فلاسفة اليونانية، تورث البنات العين، وتورث البنين الدين:

67 -[وراثة الكتب]

وكانت تصل العجز بالكفاية، والمؤونة بالكلفة. وكانت تقول: لا تورثوا الابن من المال، إلّا ما يكون عونا له على طلب المال، واغذوه بحلاوة العلم، واطبعوه على تعظيم الحكمة، ليصير جمع العلم أغلب عليه من جمع المال، وليرى أنّه العدّة والعتاد، وأنّه أكرم مستفاد. وكانوا يقولون: لا تورّثوا الابن من المال إلّا ما يسد الخلة، ويكون له عونا على درك الفضول، إن كان لا بدّ من الفضول؛ فإنّه إن كان فاسدا زادت تلك الفضول في فساده، وإن كان صالحا كان فيما أورثتموه من العلم وبقّيتم له من الكفاية، ما يكسبه الحال، فإن الحال أفضل من المال، ولأنّ المال لم يزل تابعا للحال. وقد لا يتبع الحال المال. وصاحب الفضول بعرض فساد، وعلى شفا إضاعة، مع تمام الحنكة، واجتماع القوّة، فما ظنّكم بها مع غرارة الحداثة، وسوء الاعتبار، وقلة التجربة. وكانوا يقولون: خير ميراث ما أكسبك الأركان الأربعة، وأحاط بأصول المنفعة، وعجّل لك حلاوة المحبة، وبقّى لك الأحدوثة الحسنة، وأعطاك عاجل الخير وآجله، وظاهره وباطنه. وليس يجمع ذلك إلّا كرام الكتب النفيسة، المشتملة على ينابيع العلم، والجامعة لكنوز الأدب، ومعرفة الصناعات، وفوائد الأرفاق، وحجج الدين الذي بصحته، وعند وضوح برهانه، تسكن النفوس، وتثلج الصدور. ويعود القلب معمورا، والعزّ راسخا، والأصل فسيحا. وهذه الكتب هي التي تزيد في العقل وتشحذه، وتداويه وتصلحه، وتهذبه. وتنفي الخبث عنه. وتفيدك العلم. وتصادق بينك وبين الحجّة، وتعوّدك الأخذ بالثقة. وتجلب الحال. وتكسب المال. 67-[وراثة الكتب] ووراثة الكتب الشريفة، والأبواب الرفيعة، منبهة للمورّث، وكنز عند الوارث، إلا أنه كنز لا تجب فيه الزكاة، ولا حقّ السلطان. وإذا كانت الكنوز جامدة، ينقصها ما أخذ منها، كان ذلك الكنز مائعا يزيده ما أخذ منه، ولا يزال بها المورّث مذكورا في الحكماء ومنوّها باسمه في الأسماء، وإماما متبوعا وعلما منصوبا، فلا يزال الوارث محفوظا، ومن أجله محبوبا ممنوعا، ولا تزال تلك المحبّة نامية، ما كانت تلك

68 -[أوجه تأليف كتب العلم]

الفوائد قائمة، ولن تزال فوائدها موجودة ما كانت الدار دار حاجة، ولن يزال من تعظيمها في القلوب أثر، ما كان من فوائدها على الناس أثر. وقالوا: من ورّثته كتابا، وأودعته علما، فقد ورثته ما يغل ولا يستغلّ، وقد ورثته الضيعة التي لا تحتاج إلى إثارة، ولا إلى سقي، ولا إلى إسجال بإيغار «1» ، ولا إلى شرط، ولا تحتاج إلى أكّار «2» ، ولا إلى أن تثار، وليس عليها عشر، ولا للسلطان عليها خرج. وسواء أفدته علما أو ورثته آلة علم، وسواء دفعك إليه الكفاية، أو ما يجلب الكفاية. وإنما تجري الأمور وتتصرف الأفعال على قدر الإمكان، فمن لم يقدر إلّا على دفع السبب، ولم يجب عليه إحضار المسبّب، فكتب الآباء، تحبيب للأحياء، ومحي لذكر الموتى. وقالوا: ومتى كان الأديب جامعا بارعا. وكانت مواريثه كتبا بارعة، وآدابا جامعة، كان الولد أجدر أن يرى التعلّم حظا، وأجدر أن يسرع التعليم إليه، ويرى تركه خطأ. وأجدر أن يجري من الأدب على طريق قد أنهج له، ومنهاج قد وطئ له. وأجدر أن يسري إليه عرق من نجله، وسقي من غرسه، وأجدر أن يجعل بدل الطلب للكسب، النظر في الكتب، فلا يأتي عليه من الأيّام مقدار الشغل بجمع الكتب، والاختلاف في سماع العلم، إلا وقد بلغ بالكفاية وغاية الحاجة. وإنّما تفسد الكفاية من له تمت آلاته. وتوافت إليه أسبابه، فأما الحدث الغرير، والمنقوص الفقير، فخير مواريثه الكفاية إلى أن يبلغ التمام، ويكمل للطلب. فخير ميراث ورّث كتب وعلم، وخير المورّثين من أورث ما يجمع ولا يفرّق،. ويبصّر ولا يعمي. ويعطي ولا يأخذ. ويجود بالكلّ دون البعض. ويدع لك الكنز الذي ليس للسلطان فيه حقّ. والرّكاز «3» الذي ليس للفقراء فيه نصيب، والنّعمة التي ليس للحاسد فيها حيلة. ولا للّصوص فيها رغبة، وليس للخصم عليك فيه حجّة، ولا على الجار فيه مؤونة. 68-[أوجه تأليف كتب العلم] وأما ديمقراط فإنه قال: ينبغي أن يعرف أنه لا بدّ من أن يكون لكلّ كتاب علم وضعه أحد من الحكماء، ثمانية أوجه: منها الهمّة، والمنفعة، والنسبة، والصحّة، والصّنف، والتأليف، والإسناد، والتدبير، فأوّلها أن تكون لصاحبه همّة، وأن

69 -[تشبيه الكلب بالخلق المركب]

يكون فيما وضع منفعة، وأن يكون له نسبة ينسب إليها، وأن يكون صحيحا، وأن يكون على صنف من أصناف الكتب معروفا به، وأن يكون مؤتلفا من أجزاء خمسة، وأن يكون مسندا إلى وجه من وجوه الحكمة، وأن يكون له تدبير موصوف. فذكر أن أبقراط قد جمع هذه الثمانية الأوجه في هذا الكتاب، وهو كتابه الذي يسمى (أفوريسموا) ، تفسيره كتاب الفصول. 69-[تشبيه الكلب بالخلق المركب] وقولك: وما بلغ من قدر الكلب مع لؤم أصله، وخبث طبعه، وسقوط قدره، ومهانة نفسه، ومع قلّة خيره وكثرة شره، واجتماع الأمم كلّها على استسقاطه، واستسفاله، ومع ضربهم المثل في ذلك كلّه به، ومع حاله التي يعرف بها، ومن العجز عن صولة السّباع واقتدارها، وعن تمنّعها وتشرّفها، وتوحّشها وقلة إسماحها، وعن مسالمة البهائم وموادعتها، والتمكين من إقامة مصلحتها والانتفاع بها، إذ لم يكن في طبعها دفع السباع عن أنفسها، ولا الاحتيال لمعاشها، ولا المعرفة بالمواضع الحريزة من المواضع المخوفة، ولأنّ الكلب ليس بسبع تام، ولا بهيمة تامة، حتى كأنه من الخلق المركّب والطبائع الملفّقة، والأخلاط المجتلبة، كالبغل المتلوّن في أخلاقه، الكثير العيوب المتولّدة عن مزاجه. 70-[الطبائع الملفقة] «1» وشرّ الطبائع ما تجاذبته الأعراق المتضادّة. والأخلاق المتفاوتة، والعناصر المتباعدة، كالراعبيّ من الحمام، الذي ذهبت عنه هداية الحمام «2» ، وشكل هديره وسرعة طيرانه، وبطل عنه عمر الورشان، وقوّة جناحه وشدة عصبه، وحسن صوته، وشحو «3» حلقه، وشكل لحونه، وشدّة إطرابه، واحتماله لوقع البنادق وجرح المخالب، وفي الراعبي أنّه مسرول مثقل، وحدث له عظم بدن، وثقل وزن لم يكن لأبيه ولا لأمّه. وكذلك البغل، خرج من بين حيوانين يلدان حيوانا مثلهما، ويعيش نتاجهما ويبقى بقاءهما، وهو لا يعيش له ولد وليس بعقيم، ولا يبقى للبغلة ولد وليست

بعاقر، فلو كان البغل عقيما، والبغلة عاقرا، لكان ذلك أزيد في قوتهما، وأتمّ لشدتهما، فمع البغل من الشّبق والنّعظ ما ليس مع أبيه، ومع البغلة من السّوس «1» ، وطلب السفاد، ما ليس مع أمّها. وذلك كلّه قدح في القوّة، ونقص في البنية. وخرج غرموله أعظم من غراميل أعمامه وأخواله، فترك شبههما، ونزع إلى شيء ليس له في الأرض أصل، وخرج أطول عمرا من أبويه، وأصبر على الأثقال من أبويه. أو كابن المذكّرة من النساء، والمؤنث من الرجال، فإنه يكون أخبث نتاجا من البغل، وأفسد أعراقا من السّمع، وأكثر عيوبا من العسبار «2» ، ومن كلّ خلق خلق إذا تركب من ضدّ، ومن كل شجرة مطعّمة بخلاف «3» . وليس يعتري مثل ذلك الخلاسيّ من الدجاج، ولا الورداني «4» من الحمام. وكلّ ضعف دخل على الخلقة، وكل رقّة عرضت للحيوان، فعلى قدر جنسه. وعلى وزن مقداره وتمكنه، يظهر العجز والعيب. وزعم الأصمعيّ، أنّه لم يسبق الحلبة فرس أهضم قط. وقال محمد بن سلام: لم يسبق الحلبة أبلق قط ولا بلقاء. والهداية في الحمام، والقوّة على بعد الغاية «5» . إنما هي للمصمتة «6» من الخضر. وزعموا أنّ الشّيات كلّها ضعف ونقص- والشّية: كلّ لون دخل على لون- وقال الله جلّ وعزّ: إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها «7» . وزعم عثمان بن الحكم أنّ ابن المذكرة من المؤنث، يأخذ أسوأ خصال أبيه، وأردأ خصال أمه، فتجتمع فيه عظام الدواهي، وأعيان المساوي «8» ، وأنّه إذا خرج

كذلك، لم ينجع فيه أدب، ولا يطمع في علاجه طبيب، وأنّه رأى في دور ثقيف، فتى اجتمعت فيه هذه الخصال، فما كان في الأرض يوم، إلّا وهم يتحدثون عنه بشيء، يصغر في جنبه أكبر ذنب كان ينسب إليه! وزعمت أنّ الكلب في ذلك كالخنثى، والذي هو لا ذكر ولا أنثى، أو كالخصي الذي لمّا قطع منه ما صار به الذّكر فحلا، خرج من حدّ كمال الذكر بفقدان الذكر، ولم يكمل لأن يصير أنثى، للغريزة الأصلية، وبقيّة الجوهريّة. وزعمت أنّه يصير كالنبيذ الذي يفسده إفراط الحرّ، فيخرجه من حدّ الخل، ولا يدخله في حدّ النبيذ. وقال مرداس بن خذام: [من الطويل] سقينا عقالا بالثّويّة شربة ... فمالت بلبّ الكاهليّ عقال «1» فقلت اصطبحها يا عقال فإنّما ... هي الخمر خيّلنا لها بخيال رميت بأمّ الخلّ حبّة قلبه ... فلم ينتعش منها ثلاث ليال فجعل الخمر أمّ الخلّ قد يتولد عنها. وقد يتولّد عن الخل- إذ كان خمرا مرة- الخمر. وقال سعيد بن وهب: [من الكامل] هلّا وأنت بماء وجهك تشتهى ... رود الشّباب قليل شعر العارض! فالآن حين بدت بخدّك لحية ... ذهبت بملحك مثل كفّ القابض مثل السلافة عاد خمر عصيرها ... بعد اللّذاذة خلّ خمر حامض ويصير أيضا كالشعر الوسط، والغناء الوسط، والنادرة الفاترة، التي لم تخرج من الحرّ إلى البرد فتضحك السّن، ولم تخرج من البرد إلى الحر فتضحك السّن.

باب ذكر ما يعتري الإنسان بعد الخصاء وكيف ما كان قبل الخصاء

باب ذكر ما يعتري الإنسان بعد الخصاء وكيف ما كان قبل الخصاء قالوا: كلّ ذي ريح منتنة، وكلّ ذي دفر وصنان كريه المشمّة، كالنّسر وما أشبهه، فإنّه متى خصي نقص نتنه وذهب صنانه، غير الإنسان، فإنّ الخصيّ يكون أنتن، وصنانه أحدّ، ويعمّ أيضا خبث العرق سائر جسده، حتى لتوجد لأجسادهم رائحة لا تكون لغيرهم. فهذا هذا. وكلّ شيء من الحيوان يخصى فإنّ عظمه يدقّ، فإذا دقّ عظمه استرخى لحمه، وتبرّأ من عظمه، وعاد رخصا رطبا، بعد أن كان عضلا صلبا، والإنسان إذا خصي طال عظمه وعرض، فخالف أيضا جميع الحيوان من هذا الوجه. وتعرض للخصيان أيضا طول أقدام، واعوجاج في أصابع اليد، والتواء في أصابع الرّجل، وذلك من أوّل طعنهم في السنّ. وتعرض لهم سرعة التغيّر والتبدّل، وانقلاب من حدّ الرطوبة والبضاضة وملاسة الجلد، وصفاء اللون ورقّته، وكثرة الماء وبريقه، إلى التكرّش والكمود، وإلى التقبّض والتخدّد، وإلى الهزال، وسوء الحال. فهذا الباب يعرض للخصيان، ويعرض أيضا لمعالجي النبات من الأكرة من أهل الزرع والنخل، لأنّك ترى الخصيّ وكأنّ السيوف تلمع في لونه، وكأنّه مرآة صينيّة، وكأنه وذيلة مجلوّة، وكأنه جمّارة رطبة، وكأنه قضيب فضّة قد مسّه ذهب، وكأن في وجناته الورد، ثم لا يلبث كذلك إلا نسيئات «1» يسيرة، حتى يذهب ذلك ذهابا لا يعود، وإن كان ذا خصب، وفي عيش رغد، وفي فراغ بال، وقلّة نصب. 71-[طرائف عبد الأعلى القاصّ] وكان من طرائف ما يأتي به عبد الأعلى القاصّ، قوله في الخصي، وكان لغلبة

72 -[طلب النسل]

السلامة عليه يتوهّم عليه الغفلة، وهو الذي ذكر الفقير مرة في قصصه فقال «1» : الفقير مرقته سلقة، ورداؤه علقة، وجردقته فلقة، وسمكته شلقة، وإزاره خرقة «2» . قالوا: ثمّ ذكر الخصيّ فقال: إذا قطعت خصيته، قويت شهوته وسخنت معدته، ولانت جلدته، وانجردت شعرته، واتّسعت فقحته، وكثرت دمعته!! وقالوا: الخصيّ لا يصلع كما لا تصلع المرأة، وإذا قطع العضو الذي كان به فحلا تامّا، أخرجه ذلك من أكثر معاني الفحول وصفاتهم، وإذا أخرجه من ذلك الكمال، صيّره كالبغل الذي ليس هو حمارا ولا فرسا، وتصير طباعه مقسومة على طباع الذكر والأنثى، وربما لم يخلص له الخلق ولم يصف، حتّى يصير كالخلق من أخلاق الرجال، أو يلحق بمثله من أخلاق النساء، ولكنّه يقع ممزوجا مركبا، فيخرج إلى أن يكون مذبذبا، لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء. وربما خرجت النتيجة وما يولّده التركيب، عن مقدار معاني الأبوين، كما يجوز عمر البغل عمر أبويه، وكذلك ما عددنا في صدر هذا الكلام. 72-[طلب النسل] وقالوا: وللإنسان قوى معروفة المقدار، وشهوات مصروفة في وجوه حاجات النفوس، مقسومة عليها. لا يجوز تعطيلها وترك استعمالها ما كانت النفوس قائمة بطبائعها ومزاجاتها وحاجاتها. وباب المنكح من أكبرها، وأقواها، وأعمّها. ويدخل في باب المنكح ما في طبائعهم من طلب الولد، وهو باب من أبوابهم عظيم؛ فمنهم من يطلبه للكثرة والنّصرة، وللحاجة إلى العدد والقوّة، ولذلك استلاطت العرب الرجال، وأغضت «3» على نسب المولود على فراش أبيه، وقد أحاط علمه بأنّه من الزوج الأوّل. قال الأشهب بن رميلة: [من البسيط] قال الأقارب لا تغررك كثرتنا ... وأغن نفسك عنّا أيها الرجل «4»

علّ بنيّ يشدّ الله كثرتهم ... والنّبع ينبت قضبانا فيكتهل وقال الآخر: [من الرجز] إنّ بنيّ صبية صيفيّون ... أفلح من كان له ربعيّون «1» يشكو كما ترى صغر البنين، وضعف الأسر. وما أكثر ما يطلب الرجل الولد نفاسة بماله على بني عمّه، ولإشفاقه من أن تليه القضاة وترتع فيه الأمناء، فيصير ملكا للأولياء، ويقضي به القاضي الذّمام ويصطنع به الرجال. وربما همّ الرجل بطلب الولد لبقاء الذكر، وللرغبة في العقب، أو على جهة طلب الثواب في مباهاة المشركين، والزيادة في عدد المسلمين، أو للكسب والكفاية، وللمدافعة والنّصرة، وللامتناع، وبقاء نوع الإنسان، ولما طبع الله تعالى تعالى بني آدم عليه، من حبّ الذّرّيّة وكثرة النسل، كما طبع الله تعالى الحمام والسنانير على ذلك، وإن كان إذا جاءه الولد زاد في همّه ونصبه، وفي جبنه وبخله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الولد مجبنة مبخلة مجهلة» «2» فيحتمل في الولد المؤن المعروفة، والهموم الموجودة لغير شيء قصد له، وليس في ذلك أكثر من طلب الطباع، ونزوع النفس إلى ذلك. وذكر أبو الأخزر الحمّاني عير العانة بخلاف ما عليه أصحاب الزّواج من الحيوان، فقال عند ذكر سفاده: [من الرجز] لا مبتغي الذرء ولا بالعازل لأنّ الإنسان من بين الحيوان المزاوج، إذا كره الولد عزل، والمزاوج من أصناف الحيوانات إنّما غايتها طلب الذرء والولد. لذلك سخّرت، وله هيّئت، لما أراد الله تعالى من إتمام حوائج الإنسان. والحمار لا يطلب الولد، فيكون إفراغه في الأتان لذلك، ولا إذا كان لا يريد الولد عزل كما يعزل الإنسان، غير أنّ غايته قضاء الشهوة فقط، ليس يخطر على باله أنّ ذلك الماء يخلق منه شيء. وروى ابن عون عن محمد بن سيرين عن عبيدة قال: «ليس في البهائم شيء يعمل عمل قوم لوط إلا الحمار» .

73 -[سبب شره الخصي]

وعامّة اكتساب الرجال وإنفاقهم، وهمّهم وتصنّعهم، وتحسينهم لما يملكون، إنّما هو مصروف إلى النساء والأسباب المتعلقة بالنساء، ولو لم يكن إلّا التنمّص والتطيّب والتطوّس والتّعرّس «1» والتخضّب، والذي يعدّ لها من الطيب والصّبغ، والحلي، والكساء، والفرش، والآنية، لكان في ذلك ما كفى. ولو لم يكن له إلّا الاهتمام بحفظها وحراستها، وخوف العار من جنايتها والجناية عليها، لكان في ذلك المؤنة العظيمة، والمشقة الشديدة. 73-[سبب شره الخصي] فإذا بطل العضو الذي من أجله يكون اشتغال النفس بالأصناف الكثيرة، من اللذّة والألم، فباضطرار أن تعلم أنّ تلك القوى لم تبطل من التركيب، ولم تعدمها الخلقة، وإنّما سدّ دونها بسدّ، وأدخل عليها حجاب، فلا بدّ لها إذا كانت موجودة من عمل، لأنّ عمل كلّ جوهر لا يعدم إلّا بعدم ذاته، فإذا صرفت من وجه فاضت من وجه. ولا سيما إذا جمّت ونازعت، ولا بدّ إذا زخرت وغزرت، وطغت وطمت، من أن تفيض أو تفتح لنفسها بابا، وليس بعد المنكح باب له موقع كموقع المطعم، فاجتمعت تلك القوى التي كانت للمنكح وما يشتمل عليه باب المنكح، إلى القوّة التي عنده للمطعم، فإذا اجتمعت القوّتان في باب واحد كان أبلغ في حكمه، وأبعد غاية في سبيله، ولذلك صار الخصيّ آكل من أخيه لأمّه وأبيه، وعلى قدر الاستمراء يكون هضمه، وعلى قدر حاجة طبعه وحركة نفسه والحرارة المتولّدة عن الحركة يكون الاستمراء، لأن الشهوة من أمتن أبواب الاستمراء، والحركة من أعظم أبواب الحرارة. 74-[شدة نهم الإناث] ودوام الأكل في الإناث أعمّ منه في الذكور، وكذلك الحجر دون الفرس، وكذلك الرّمكة دون البرذون، وكذلك النعجة دون الكبش، وكذلك النساء في البيوت دون الرجال. وما أشكّ أنّ الرجل يأكل في المجلس الواحد ما لا تأكل المرأة، ولكنّها تستوفي ذلك المقدار وتربي عليه مقطّعا غير منظوم، وهي بدوام ذلك منها، يكون حاصل طعامها أكثر. وهنّ يناسبن الصبيان في هذا الوجه، لأنّ طبع الصبيّ سريع الهضم، سريع الكلب، قصير مدّة الأكل، قليل مقدار الطّعم، فللمرأة كثرة معاودتها، ثمّ تبين بكثرة مقدار المأكول. فيصير للخصيّ نصيبان: نصيبه من شبه

75 -[صوت الخصي]

النساء، ثم اجتماع قوى شهوتيه في باب واحد، أعني شهوة المنكح التي تحولت، وشهوة المطعم. قال، وقيل لبعض الأعراب: أيّ شيء آكل؟ قال: برذونة رغوث «1» . ولشدّة نهم الإناث، صارت اللبؤة أشدّ عراما وأنزق، إذا طلبت الإنسان لتأكله، وكذلك صارت إناث الأجناس الصائدة أصيد، كالإناث من الكلاب والبزاة وما أشبه ذلك، وأحرص ما تكون عند ارتضاع جرائها من أطبائها، حتّى صار ذلك منها سببا للحرص والنّهم في ذلك. 75-[صوت الخصي] ويعرض له عند قطع ذلك العضو تغيّر الصوت، حتى لا يخفى على من سمعه من غير أن يرى صاحبه أنّه خصيّ، وإن كان الذي يخاطبه ويناقله الكلام أخاه أو ابن عمّه، أو بعض أترابه من فحولة جنسه، وهذا المعنى يعرض لخصيان الصقالبة أكثر ممّا يعرض للخراسانية، وللسودان من السّند والحبشان. وما أقلّ من تجده ناقصا عن هذا المقدار، إلّا وله بيضة أو عرق، فليس يحتاج في صحّة تمييز ذلك، ولا في دقة الحسّ فيه، إلى حذق بقيافة، بل تجد ذلك شائعا في طباع السّفلة والغثراء «2» ، وفي أجناس الصّبيان والنساء. 76-[شعر الخصي] ومتى خصي قبل الإنبات لم ينبت، وإذا خصي بعد استحكام نبات الشعر في مواضعه، تساقط كله إلّا شعر العانة، فإنه وإن نقص من غلظه ومقدار عدده فإنّ الباقي كثير. ولا يعرض ذلك لشعر الرأس، فإنّ شعر الرأس والحاجبين وأشفار العينين يكون مع الولادة، وإنما يعرض لما يتولد من فضول البدن. وقد زعم ناس أنّ حكم شعر الرأس خلاف حكم أشفار العينين، وقد ذكرنا ذلك في موضعه من باب القول في الشعر، وهذه الخصال من أماكن شعر النساء، والخصيان والفحولة فيه سواء، وإنما يعرض لسوى ذلك من الشعر الحادث الأصول، الزائد في النبات. ألا ترى أن المرأة لا تصلع، فناسبها الخصيّ من هذا الوجه، فإن

77 -[ذوات اللحى والشوارب]

عرض له عارض فإنما هو من القرع، لا من جهة النّزع والجلح، والجله والصّلع «1» وكذلك النساء في جميع ذلك. والمرأة ربّما كان في قصاص مقاديم شعر رأسها ارتفاع، وليس ذلك بنزع ولا جلح، إذا لم يكن ذلك حادثا يحدثه الطعن في السنّ. وتكون مقاطع شعر رأسه ومنتهى حدود قصاصه، كمقاطع شعر المرأة ومنتهى قصاصها، وليس شعرها كلما دنا من موضع الملاسة والانجراد يكون أرقّ حتى يقلّ ويضمحلّ، ولكنه ينبت في مقدار ذلك الجلد على نبات واحد، ثم ينقطع عند منتهاه انقطاعا واحدا. والمرأة ربّما كانت سبلاء، وتكون لها شعرات رقيقة زغبيّة كالعذار موصولا بأصداغها، ولا يعرض ذلك للخصي إلا من علة في الخصاء، ولا يرى أبدا بعد مقطع من صدغيه شيء من الشّعر، لا من رقيقه ولا من كثيفه. 77-[ذوات اللحى والشوارب] وقد توجد المرأة ذات لحية. وقد رأيت ذلك، وأكثر ما رأيته في عجائز الدّهاقين، وكذلك الغبب «2» والشارب، وقد رأيت ذلك أيضا. وهي ليست في رأي العين بخنثى، بل نجدها أنثى تامّة. إلا أن تكون لم تضرب في ذلك بالسبب الذي يقوى، حتى يظهر في غير ذلك المكان. ولا تعرض اللحى للنساء، إلا عند ارتفاع الحيض، وليس يعرض ذلك للخصي. وقد ذكر أهل بغداد، أنّه كان لابنة من بنات محمّد بن راشد الخنّاق، لحية وافرة، وأنّها دخلت مع نساء متنقّبات إلى بعض الأعراس لترى العرس وجلوة العروس، ففطنت لها امرأة فصاحت: رجل والله! وأحال الخدم والنساء عليها بالضرب، فلم تكن لها حيلة إلا الكشف عن فرجها. فنزعن عنها وقد كادت تموت. ويفضل أيضا الخصيّ المرأة في الانجراد والزّعر، بأن تجد المرأة زبّاء «3» الذراعين والساقين، وتجد ركب «4» المرأة في الشعر كأنّه عانة الرجل، ويعرض لها الشعر في إبطيها وغير ذلك.

78 -[مشي الخصي]

ولا يعرض للخصيّ ما يعرض للديك إذا خصي: أن يذبل غضروف عرفه ولحيته. والخصاء ينقص من شدّة الأسر، وينقض مبرم القوى، ويرخي معاقد العصب، ويقرّب من الهرم والبلى. 78-[مشي الخصي] ويعرض للخصيّ أن يشتدّ وقع رجله على أرض السّطح، حتى لو تفقّدت وقع قدمه وقدم أخيه الفحل الذي هو أعبل «1» منه لوجدت لوقعه ووطئه شيئا لا تجده لصاحبه. وكأنّ العضو الذي كان يشدّ توتير النّسا، ومعاقد الوركين ومعاليق العصب، لمّا بطل وذهب الذي كان يمسكه ويرفعه، فيخفّ لذلك وقع رجله، صار كالذي لا يتماسك ولا يحمل بعضه بعضا. 79-[أثر الخصاء في الذكاء] ويعرض له أنّ أخوين صقلبيّين من أمّ وأب، لو كان أحدهما توءم أخيه، أنّه متى خصي أحدهما خرج الخصيّ منهما أجود خدمة، وأفطن لأبواب المعاطاة والمناولة، وهو لها أتقن وبها أليق، وتجده أيضا أذكى عقلا عند المخاطبة، فيخصّ بذلك كلّه، ويبقى أخوه على غثارة «2» فطرته، وعلى غباوة غريزته، وعلى بلاهة الصّقلبيّة، وعلى سوء فهم العجميّة. ويد الإنسان لا تكون أبدا إلا خرقاء، ولا تصير صناعا ما لم تكن المعرفة ثقافا لها. واللسان لا يكون أبرأ، ذاهبا في طريق البيان، متصرفا في الألفاظ، إلّا بعد أن تكون المعرفة متخلّلة به، منقّلة له، واضعة له في مواضع حقوقه، وعلى أماكن حظوظه، وهو علّة له في الأماكن العميقة، ومصرّفة له في المواضع المختلفة. فأوّل ما صنع الخصاء بالصّقلبيّ تزكية عقله، وإرهاف حدّه، وشحذ طبعه، وتحريك نفسه. فلما عرف كانت حركته تابعة لمعرفته، وقوّته على قدر ما هيّجه. فأمّا نساء الصقالبة وصبيانهم، فليس إلى تحويل طبائعهم، ونقل خلقهم إلى الفطنة الثاقبة، وإلى الحركة الموزونة، وإلى الخدمة الثابتة الواقعة بالموافقة، سبيل.

80 -[خصيان السند]

وعلى حسب الجهل يكون الخرق، وعلى حسب المعرفة يكون الحذق. وهذا جملة القول في نسائهم، وعلى أنّهنّ لا حظوظ لهنّ عند الخلوة، ولا نفاذ لهنّ في صناعة؛ إذ كنّ قد منعن فهم المعاطاة ومعرفة المناولة. والخصيان مع جودة آلاتهم ووفارة طبائعهم في معرفة أبواب الخدمة. وفي استواء حالهم في باب المعاطاة، لم تر أحدا منهم قطّ نفذ في صناعة تنسب إلى بعض المشقّة، وتضاف إلى شيء من الحكمة، ممّا يعرف ببعد الرّويّة، والغوص بإدامة الفكرة، إلا ما ذكروا من نفاذ ثقف في التحريك للأوتار، فإنّه كان في ذلك مقدّما، وبه مذكورا. إلّا أنّ الخصيّ من صباه، يحسن صنعة الدّابوق «1» . ويجيد دعاء الحمام الطوّريّ «2» . وما شئت من صغار الصناعات. وقد زعم البصريّون أن حديجا الخصيّ، خادم المثنّى بن زهير، كان يجاري المثنّى في البصر بالحمام. وفي صحّة الفراسة، وإتقان المعرفة، وجودة الرياضة. وسنذكر حاله في باب القول في الحمام إن شاء الله تعالى. هذا قولهم فيمن خصي من الصقالبة. وملوكنا لعقول خصيان خراسان أحمد، وهم قليل، ولذلك لم نأت من أمرهم بشيء مشهور، وأمر مذكور. 80-[خصيان السند] وأما السّند، فلم يكن فيهم أيضا من الخصيان إلّا النّفر الذين كان خصاهم موسى بن كعب، وقد رأيت أنا بعضهم، وزعم لي أنّه خصى أربعة هو أحدهم، ورأيت الخصاء، قد جذبه إلى حبّ الحمام، وعمل التكك «3» ، والهراش بالديوك، وهذا شيء لم يجر منه على عرق، وإنما قاده إليه قطع ذلك العضو. 81-[خصيان الحبشة والنوبة والسودان] فأمّا الخصيان من الحبشان والنّوبة وأصناف السودان، فإنّ الخصاء يأخذ منهم ولا يعطيهم، وينقصهم ولا يزيدهم، ويحطّهم عن مقادير إخوانهم، كما يزيد الصقالبة عن مقادير إخوتهم، لأن الحبشيّ متى خصي سقطت نفسه، وثقلت حركته، وذهب نشاطه، ولا بدّ أن يعرض له فساد، لأنه متى استقصي جبابه لم

82 -[علقمة الفحل وعلقمة الخصي]

يتماسك بوله، وسلس مخرجه، واسترخى الممسك له، فإن هم لم يستقصوا جبابه، فإنما يدخل الرجل منزله من له نصف ذلك العضو. وعلى أنك لا تجد منهم خصيا أبدا، إلّا وبسرّته بجرة «1» ، ونفخة شنيعة، وذلك عيب شديد، وهو ضرب من الفتق، مع قبحه في العين، وشنعته في الذّكر. وكلّ ما قبح في العين فهو مؤلم، وكل ما شنع في النفس فهو مؤذ. وما أكثر ما تجد فيهم الألطع «2» ، وذلك فاش في باطن شفاههم. ومتى كانت الشفاه هدلا، وكانت المشافر منقلبة، كانت أظهر للّطع، وهو ضرب من البرص. والبياض الذي يعرض لغراميل الخيل وخصاها، ضرب أيضا من البرص، وربما عرض مثل ذلك لحشفة قضيب المختون، إمّا لطبع الحديد «3» ، وإمّا لقرب عهده بالإحداد وسقي الماء، إلّا أنّ ذلك لا يعدو مكانه. وكلما عظمت الحشفة انبسط ذلك البياض على قدر الزيادة فيها، وإنّما ذلك كالبياض الذي يعرض من حرق النار وتشييطها، وكالذي يعرض للصقالبة من التّعالج بالكيّ «4» . وربّما اشتدّ بياضه حتى يفحش ويرديه، إلا أنّه لا يفشو ولا ينتشر، إلّا بقدر ما ينبسط مكانه، ويتحوّل صاحبه رجلا، بعد أن كان صبيّا. وليس كالذي يعرض من البلغم ومن المرّة. وبعض البرص يذهب حتى كأنه لم يكن، وبعضه لا يذهب ولا يقف، بل لا يزال يتفشّى ويتّسع حتى ربّما سلخه، ولا يذهب إلّا بأن يذهب به نبي، فيكون ذلك علامة له. ومن البهق الأبيض ما يكاد يلحق بالبرص، ولكن الذي هوّن أمره الذي ترون من كثرة برء الناس منه. ثمّ الخصاء يكون على ضروب، ويكون في ضروب، فمن ذلك ما يعرض بعد الكبر للأحرار، كما يعرض للعبيد، وللعرب كما يعرض للعجم، كما خصى بعض عباهلة اليمن علقمة بن سهل الخصيّ. 82-[علقمة الفحل وعلقمة الخصي] وإنما قيل لعلقمة بن عبدة الفحل، حين وقع على هذا اسم الخصي. وكان عبدا صالحا، وهو كان جنب الجديل وداعرا «5» ، الفحلين الكريمين، إلى عمان،

83 -[أثر تحريف كتاب هشام بن عبد الملك]

وكان من نازليها. وهو كان أحد الشهود على قدامة بن مظعون في شرب الخمر، وهو الذي قال لعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: أتقبل شهادة الخصيّ؟ قال: «أما شهادتك فأقبل» . وهو علقمة بن سهل بن عمارة، فلمّا سمّوه الخصيّ، قالوا لعلقمة ابن عبدة: الفحل. وعلقمة الخصيّ، الذي يقول: [من الطويل] فلن يعدم الباقون قبرا لجثّتي ... ولن يعدم الميراث منّي المواليا «1» حراص على ما كنت أجمع قبلهم ... هنيئا لهم جمعي وما كنت واليا ودلّيت في زوراء ثمّت أعنقوا ... لشأنهم قد أفردوني وشانيا فأصبح مالي من طريف وتالد ... لغيري، وكان المال بالأمس ماليا وكما عرض للدّلال ونومة الضّحى، من خصاء عثمان بن حيّان المرّيّ والي المدينة لهما. بكتاب هشام بن عبد الملك «2» . 83-[أثر تحريف كتاب هشام بن عبد الملك] فمن بني مروان من يدّعي أنّ عامل المدينة صحّف، لأنه رأى في الكتاب: «أحص من قبلك من المخنّثين» فقرأها: «اخص من قبلك من المخنّثين» . وذكر الهيثم عن الكاتب الذي تولّى قراءة ذلك الكتاب، أنّه قال: وكيف يقولون ذلك ولقد كانت الخاء معجمة بنقطة، كأنها سهيل أو تمرة صيحانية «3» ؟! فقال اليقطري: ما وجه كتاب هشام في إحصاء عدد المخنّثين؟ وهذا لا معنى له، وما كان الكتاب إلّا بالخاء المعجمة دون الحاء المهملة. وذكر عن مشايخ من أهل المدينة أنهم حكوا عنهما أنهما قالا: الآن صرنا نساء بالحقّ!! كأنّ الأمر لو كان إليهما لاختارا أن يكونا امرأتين! قال: وذكر أنهما

84 -[أبو همام السنوط]

خرجا بالخصلتين من الخصاء والتخنيث، من فتور الكلام ولين المفاصل والعظام، ومن التفكّك والتثنّي، إلى مقدار لم يروا أحدا بلغه، لا من مخنّثات النساء، ولا من مؤنّثي الرجال. 84-[أبو همام السنوط] وكما عرض لأبي همام السّنوط من امتلاخ اللّخم «1» مذاكيره وخصييه، أصابه ذلك في البحر في بعض المغازي، فسقطت لحيته، ولقّب بالسّنوط، وخرج لذلك نهما وشرها. وقال ذات يوم: لو كان النخل بعضه لا يحمل إلّا الرّطب، وبعضه لا يحمل إلّا التمر، وبعضه لا يحمل إلّا المجزّع، وبعضه لا يحمل إلّا البسر، وبعضه لا يحمل إلا الخلال، وكنّا متى تناولنا من الشّمراخ بسرة، خلق الله مكانها بسرتين، لما كان بذلك بأس! ثم قال: أستغفر الله! لو كنت تمنيّت أن يكون بدل نواة التمر زبدة كان أصوب!! ومنه ما يعرض من جهة الأوجاع التي تعرض للمذاكير والخصيتين، حتى ربما امتلخهما طبيب، وربّما قطع إحداهما، وربما سقطتا جميعا من تلقاء أنفسهما. 85-[نسل منزوع البيضة اليسرى] والعوامّ يزعمون أنّ الولد إنّما يكون من البيضة اليسرى «2» . وقد زعم ناس من أهل سليمان بن عليّ ومواليهم، أنّ ولد داود بن جعفر الخطيب المعتزليّ، إنّما ولد له بعد أن نزعت بيضته اليسرى، لأمر كان عرض له. والخصيّ الطيّان. الذي كان في مسجد ابن رغبان، ولد له غلام، وكان ليس له إلّا البيضة اليمنى، فجاء أشبه به من الذّباب بالذّباب والغراب بالغراب، ولو أبصره أجهل خلق الله تعالى بفراسة، وأبعدهم من قيافة، ومن مخالطة النخّاسين، أو من مجالسة الأعراب، لعلم أنّه سلالته وخلاصته، لا يحتاج فيه إلى مجزّز المدلجيّ، ولا إلى ابن كريز الخزاعي.

86 -[خصاء الروم]

86-[خصاء الروم] ومن أهل الملل من يخصي ابنه ويقفه على بيت العبادة، ويجعله سادنا، كصنيع الرّوم، إلا أنهم لا يحدثون في القضيب حدثا، ولا يتعرضون إلا للأنثيين، كأنهم إنما كرهوا لأولادهم إحبال نسائهم ورواهبهم فقط!! فأما قضاء الوطر وبلوغ اللذة، فقد زعموا أنهم يبلغون من ذلك مبلغا لا يبلغه الفحل، كأنهم يزعمون أنه يستقصي جميع ما عندها ويستجلبه، لفرط قوّته على المطاولة. وكلّ خصاء في الدنيا فإنما أصله من قبل الروم، ومن العجب أنهم نصارى، وهم يدّعون من الرأفة والرحمة، ورقّة القلب والكبد، ما لا يدّعيه أحد من جميع الأصناف، وحسبك بالخصاء مثلة! وحسبك بصنيع الخاصي قسوة! ولا جرم أنهم بعثوا على أنفسهم من الخصيان، من طلب الطوائل وتذكّر الأحقاد، ما لم يظنّوه عندهم، ولا خافوه من قبلهم، فلا هم ينزعون، ولا الخصيان ينكلون، لأنّ الرّماية فيهم فاشية، وإن كان الخصيّ أسوارا» بلغ منهم، وإن كان جمع مع الرماية الثّروة، واتخذ بطرسوس، وأذنة الضّياع واصطنع الرجال، واتخذ العقد «2» المغلّة فمضرّة كلّ واحد منهم عليهم، تفي بمضرّة قائد ضخم. ولم تر عداوة قطّ تجوز مقدار عداوتهم لهم، وهذا يدلّ على مقدار فرط الرّغبة في النساء، وعلى شهوة شديدة للمباضعة، وعلى أنهم قد عرفوا مقدار ما فقدوا، وهذه خصلة كريمة مع طلب المثوبة، وحسن الأحدوثة. 87-[خصاء الصابئة] فأما الصابئون، فإنّ العابد منهم ربّما خصى نفسه. فهو في هذا الموضع قد تقدم الروميّ، فيما أظهر من حسن النيّة، وانتحل من الديانة والعبادة، بخصاء الولد التامّ، وبإدخاله النقص على النّسل، كما فعل ذلك أبو المبارك الصابي. وما زال خلفاؤنا وملوكنا يبعثون إليه، ويسمعون منه، ويسمر عندهم، للّذي يجدونه عنده من الفهم والإفهام، وطرف الأخبار، ونوادر الكتب، وكان قد أربى على المائة، ولم أسمع قطّ بأغزل منه، وإن كان يصدق عن نفسه فما في الأرض أزنى منه.

88 -[حديث أبي المبارك الصابي]

88-[حديث أبي المبارك الصابي] حدّثني محمد بن عباد قال: سمعته يقول- وجرى ذكر النساء ومحلّهن من قلوب الرجال، حتّى زعموا أنّ الرجل كلما كان عليهن أحرص كان ذلك أدلّ على تمام الفحولة فيه، وكان أذهب له في الناحية التي هي في خلقته ومعناه وطبعه، إذ كان قد جعل رجلا ولم يجعل امرأة- قال ابن عبّاد، فقال لنا: ألستم تعلمون أنّي قد أربيت على المائة، فينبغي لمن كان كذلك أن يكون وهن الكبر، ونفاذ الذّكر، وموت الشهوة، وانقطاع ينبوع النطفة، قد أمات حنينه إلى النساء وتفكيره في الغزل؟! قال: قلنا: صدقت. قال: وينبغي أن يكون من عوّد نفسه تركهنّ مددا، وتخلى عنهن سنين ودهرا، أن تكون العادة وتمرين الطبيعة، وتوطين النفس، قد حطّ من ثقل منازعة الشهوة، ودواعي الباءة، وقد علمتم أنّ العادة التي هي الطبيعة الثانية، قد تستحكم ببعض عمد هجر لملامسة النساء. قال: قلنا: صدقت. قال: وينبغي أن يكون من لم يذق طعم الخلوة بهنّ ولم يجالسهنّ متبذلات، ولم يسمع حديثهنّ وخلابتهنّ للقلوب، واستمالتهن للأهواء، ولم يرهنّ منكشفات عاريات، إذا تقدم له ذلك مع طول التّرك، ألا يكون بقي معه من دواعيهن شيء؟! قال: قلنا: صدقت. قال: وينبغي أن يكون لمن قد علم أنه محبوب. وأنّ سببه إلى خلاطهنّ محسوم، أن يكون اليأس من أمتن أسبابه إلى الزهد والسلوة. وإلى موت الخواطر. قال: قلنا: صدقت. قال: وينبغي أن يكون من دعاه الزّهد في الدنيا، وفيما يحتويه النساء مع جمالهنّ وفتنة النّسّاك بهنّ، واتخاذ الأنبياء لهنّ، إلى أن خصى نفسه. ولم يكرهه عليه أب ولا عدوّ، ولا سباه ساب، أن يكون مقدار ذلك الزهد هو المقدار الذي يميت الذّكر لهنّ، ويسرّي عنه ألم فقد وجودهنّ، وينبغي لمن كان في إمكانه أن ينشئ العزم ويختار الإرادة التي يصير بها إلى قطع ذلك العضو الجامع لكبار اللذّات، وإلى ما فيه من الألم، ومع ما فيه من الخطر، وإلى ما فيه من المثلة والنّقص الداخل على الخلقة، أن تكون الوساوس في هذا الباب لا تعروه، والدواعي لا تقروه. قال: قلنا: صدقت. قال: وينبغي لمن سخت نفسه عن السّكن وعن الولد، وعن أن يكون مذكورا بالعقب الصالح، أن يكون قد نسي هذا الباب، إن كان قد مرّ منه على ذكر. هذا وأنتم تعلمون أنّي سملت عيني يوم خصيت نفسي، فقد نسيت كيفية الصّور وكيف تروع، وجهلت المراد منها، وكيف تراد، أفما كان من كان كذلك حريّا أن تكون نفسه ساهية لاهية مشغولة بالباب الذي أحتمل له هذه المكاره؟! قال: قلنا: صدقت. قال: أو لو لم أكن هرما، ولم يكن ها هنا طول اجتناب.

89 -[استئذان عثمان بن مظعون في الخصاء]

وكانت الآلة قائمة أليس في أنّي لم أذق حيوانا منذ ثمانين سنة ولم تمتل عروقي من الشراب مخافة الزيادة في الشهوة. والنقصان من العزم- أليس في ذلك ما يقطع الدواعي، ويسكن الحركة إن هاجت؟! قال: قلنا: صدقت. قال: فإنّي بعد جميع ما وصفت لكم، لأسمع نغمة المرأة فأظنّ مرّة أنّ كبدي قد ذابت، وأظنّ مرّة أنها قد انصدعت، وأظنّ مرّة أنّ عقلي قد اختلس، وربّما اضطرب فؤادي عند ضحك إحداهنّ، حتّى أظنّ أنّه قد خرج من فمي، فكيف ألوم عليهنّ غيري؟! فإن كان- حفظك الله تعالى- قد صدق على نفسه في تلك الحال، بعد أن اجتمعت فيه هذه الخصال، فما ظنّك بهذا قبل هذا الوقت بنحو ستّين سنة أو سبعين سنة؟! وما ظنّك به قبل الخصاء بساعة؟! وليس في الاستطاعة ولا في صفة الإمكان، أن يحتجز عن إرادة النساء، ومعه من الحاجة إليهنّ والشهوة لهنّ هذا المقدار! الله تعالى أرحم بخلقه، وأعدل على عباده، من أن يكلّفهم هجران شيء، قد وصله بقلوبهم هذا الوصل، وأكّده هذا التأكيد. وقد خصى نفسه من الصابئين رجال، قد عرفناهم بأسمائهم وأنسابهم، وصفاتهم وأحاديثهم. وفي الذي ذكرنا كفاية إن شاء الله تعالى. 89-[استئذان عثمان بن مظعون في الخصاء] وقد ذكر أنّ عثمان بن مظعون، استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في السياحة فقال: «سياحة أمّتي الجماعة» «1» . واستأذنه في الخصاء فقال: «خصاء أمّتي الصوم، والصوم وجاء» «2» . فهذا خصاء الديانة. 90-[خصاء الجلب] فأمّا من خصى الجلب «3» على جهة التجارة، فإنه يجبّ القضيب، ويمتلخ الأنثيين، إلا أن تقلّصت إحداهما من فرط الفزع، فتصير إلى موضع لا يمكن ردّها إلا بعلاج طويل، فللخاصي عند ذلك ظلم لا يفي به ظلم، وظلم يربي على كلّ ظلم، لأنّه عند ذلك لا يحفل بفوت المتقلّص، ويقطع ما ظهر له، فإن برئ مجبوب القضيب أو ذا بيضة واحدة، فقد تركه لا امرأة ولا رجلا ولا خصيّا، وهو حينئذ ممّن تخرج لحيته، وممّن لا يدعه الناس في دورهم ومواضع الخصوص من بيوتهم، فلا

91 -[أنواع خصاء البهائم]

يكون مع الخصيان مقرّبا ومكرّما، وخصيب العيش منعّما، ولا هو إذا رمي به في الفحول، كان له ما للفحول من لذّة غشيان النساء، ومن لذّة النسل والتمتّع بشم الأولاد؛ فلم يزل عند الفحول مستضعفا محتقرا، وعند الخصيان مجرّحا مطرحا، فهو أسوأ حالا من السّدم المعنّى «1» فلا أعلم قتله- إذا كان القتل قتلة صريحة مريحة- إلا أصغر عند الله تعالى، وأسهل على هذا المظلوم من طول التعذيب. والله تعالى بالمرصاد. 91-[أنواع خصاء البهائم] وأمّا خصاء البهائم، فمنه الوجاء، وهو أن يشدّ عصب مجامع الخصية من أصل القضيب، حتّى إذا ندرت البيضة، وجحظت الخصية، وجأها حتى يرضّها، فهي عند ذلك تذبل وتنخسف، وتذوي وتستدقّ، حتى تذهب قواها، وتنسدّ المجاري إليها، ويسري ذلك الفساد إلى موضع تربية النّطفة، فيمنعها من أن تكثر أو تعذب أو تخثر. ومنها ما يكون بالشدّ والعصب، وشدّة التحزيق، والعقد بالخيط الشديد الوتير الشديد الفتل، فإذا تركه على ذلك عمل فيه وحزّ، أو أكلّ ومنعه من أن يجزي إليه الغذاء، فلا يلبث أن ينقطع ويسقط. ومنه الامتلاخ، وهو امتلاخ البيضتين. 92-[خصاء الناس] فأمّا خصاء الناس، فإنّ للخاصي حديدة مرهفة محماة، وهي الحاسمة، وهي القاطعة. قال أبو زيد: يقال خصيت الدابة أخصيها خصاء، ووجأتها أجؤها وجاء. ويقال: برئت إليك من الخصاء أو الوجاء، ولا يقال ذلك إلّا لما كان قريب العهد لم يبرأ منه، فإذا برئ لم يقل له. وأما الخصاء فهو أن يسلّ الخصيتين، والوجاء أن توجأ العرق والخصيتان على حالهما. والمعصوب من التيوس الذي تعصب خصيتاه حتى تسقطا. والواحد من الخصيان خصيّ ومخصيّ. ويقال ملست الخصيتين أملسهما ملسا، ومتنتهما أمتنهما متنا، وذلك أن تشقّ عنهما الصّفن فتسلّهما بعروقهما. والصّفن: جلدة الخصيتين.

93 -[خصاء البهائم]

93-[خصاء البهائم] والخصاء في أحداث البهائم، وفي الغنم خاصة، يدع اللّحم رخصا ونديّا عذبا، فإن خصاه بعد الكبر، لم يقو خصاؤه- بعد استحكام القوّة- على قلب طباعه. وأجود الخصاء ما كان في الصّغر، وهو يسمّى بالفارسية ثربخت يعنى بذلك أنّه خصي رطبا. والخصيّ من فحولها أحمل للشحم، لعدم الهيج والنّعظ، وخروج قواه مع ماء الفحلة. وكثرة السّفاد تورث الضّعف والهزال في جميع الحيوان. وقد ذكر لمعاوية كثرة الجماع فقال: ما استهتر به أحد إلّا رأيت ذلك في منّته «1» . والديك يخصى ليرطب لحمه ويطيب ويحمل الشحم. 94-[خصاء العرب لفحولة الإبل] وكانت العرب تخصي فحولة الإبل لئلّا يأكل بعضها بعضا، وتستبقي ما كان أجود ضرابا، وأكثر نسلا، وكلّ ما كان مئناثا وكان شابّا ولم يكن مذكارا، وهم يسمّون الإذكار المحق الخفيّ. وما كان منها عياياء طباقاء، فمنها ما يجعل السّدم المعنّى. وإذا كان الفحل لا يتّخذ للضّراب، شدّوا ثيله شدّا شديدا، وتركوه يهدر ويقبقب في الهجمة. ولا يصل إليهنّ وإن أردنه، فإذا طلبن الفحل جيء لهنّ بفحل قعسريّ «2» ويقولون: «لقوة لاقت قبيسا!» «3» . والقبيس من الجمال: السريع الإلقاح، واللّقوة: السريعة القبول لماء الفحل. وشكت امرأة زوجها. وأخبرت عن جهله بإتيان النساء. وعيّه وعجزه. وأنّه إذا سقط عليها أطبق صدره- والنساء يكرهن وقوع صدور الرجال على صدورهنّ- فقالت: زوجي عياياء طباقاء، وكلّ داء له داء «4» !! وقال الشاعر: [من الطويل] طباقاء لم يشهد خصوما ولم يقد ... ركابا إلى أكوارها حين تعكف «5»

95 -[خصاء العرب للخيل]

95-[خصاء العرب للخيل] وكانوا يخصون الخيل لشبيه بذلك، ولعلّة صهيلها ليلة البيات، وإذا أكمنوا الكمناء أو كانو هرّابا. 96-[الخنذيذ] ويزعم من لا علم له، أنّ الخنذيذ في الخيل هو الخصيّ «1» . وكيف يكون ذلك كما قال، مع قول خفاف بن ندبة: [من الخفيف] وخناذيذ خصية وفحولا «2» وقال بشر بن أبي خازم: [من الوافر] وخنذيذ ترى الغرمول منه ... كطيّ البرد يطويه التّجار «3» وليس هذا أراد بشر، وإنّما أراد زمان الغزو، والحال التي يعتري الخيل فيها هذا المعنى، كما قال جد الأحيمر: [من مجزوء الكامل] لا لا أعقّ ولا أحو ... ب ولا أغير على مضر «4» لكنّما غزوي إذا ... ضجّ المطيّ من الدّبر وإنّما فخر بالغزو في ذلك الزمان. وأما الخنذيذ فهو الكريم التامّ، وربّما وصفوا به الرجل. وقال كثير: [من الطويل] على كل خنذيذ الضّحى متمطّر ... وخيفانة قد هذّب الجري آلها «5» وقال القطامي: [من الطويل] على كلّ خنذيذ السّراة مقلّص ... تخنّث منه لحمه المتكاوس «6»

97 -[عبد الله بن الحارث وعبد الملك بن مروان]

ومن الدليل على أنّهم ربما جعلوا الرجل إذا ما مدحوه خنذيذا، قول بعض القيسيين، من قيس بن ثعلبة: [من الطويل] دعوت بني سعد إليّ فشمّرت ... خناذيذ من سعد طوال السواعد «1» 97-[عبد الله بن الحارث وعبد الملك بن مروان] وقال عبد الله بن الحارث، وكتب بها إلى عبد الملك بن مروان حين فارق مصعبا: [من الطويل] بأيّ بلاء أم بأيّة علّة ... يقدّم قبلي مسلم والمهلّب «2» ويدعى ابن منجوف أمامي كأنّه ... خصيّ دنا للماء من غير مشرب فقلت ليونس: أقوى! فقال: الإقواء أحسن من هذا! قال: فلمّا أخذته قيس نصبوه، فجعلوا يرمونه بالنبل ويقولون: أذات مغازل ترى؟! يريدون بيت ابن الحرّ: [من الطويل] ألم ترقيسا- قيس عيلان- برقعت ... لحاها وباعت نبلها بالمغازل «3» فلما أتي مصعب برأسه، قال لسويد: يا أبا المنهال! كيف ترى؟ قال: أيّها الأمير! هو والله الذي أتى الماء من غير مشرب. وقال أعشى همدان: [من الكامل] وأبو بريذعة الذي حدّثته ... فينا أذلّ من الخصيّ الدّيزج «4» وتعرض للخصيّ سرعة الدّمعة، وذلك من عادة طبائع الصبيان ثم النّساء، فإنّه ليس بعد الصبيان أغزر دمعة من النساء، وكفاك بالشيوخ الهرمين. 98-[أخلاق الخصي] ويعرض للخصيّ العبث واللّعب بالطير، وما أشبه ذلك من أخلاق النساء، وهو من أخلاق الصبيان أيضا.

ويعرض له الشّره عند الطعام، والبخل عليه، والشحّ العامّ في كلّ شيء، وذلك من أخلاق الصّبيان ثم النّساء. وقال الشاعر: [من الطويل] كأنّ أبا رومان قيسا إذا غدا ... خصيّ براذين يقاد رهيص له معدة لا يشتكي الدهر ضعفها ... وحنجرة بالدورقين قموص ويعرض للخصيّ سرعة الغضب، والرضا، وذلك من أخلاق الصّبيان والنّساء. ويعرض له حبّ النميمة، وضيق الصدر بما أودع من السرّ، وذلك من أخلاق الصبيان والنساء، ويعرض له دون أخيه لأمّه وأبيه، ودون ابن عمّه وجميع رهطه، البصر بالرّفع والوضع، والكنس والرشّ، والطّرح والبسط، والصبر على الخدمة، وذلك يعرض للنساء، ويعرض له الصبر على الرّكوب، والقوّة على كثرة الركض حتّى يجاوز في ذلك رجال الأتراك وفرسان الخوارج. ومتى دفع إليه مولاه دابّته ودخل إلى الصلاة، أو ليغتسل في الحمام، أو ليعود مريضا، لم يترك أن يجري تلك الدابّة ذاهبا وجائيا، إلى رجوع مولاه إليه. ويعرض له حبّ الرمي بالنّشّاب، للّذي يدور في نفسه من حبّ غزو الرّوم. ويعرض له حبّ أن تملكه الملوك، على ألّا تقيم له إلّا القوت، ويكون ذلك أحبّ إليه من أن تملكه السّوقة، وإن ألحقته بعيش الملوك!!. ومن العجب أنّهم مع خروجهم من شطر طبائع الرجال، إلى طبائع النساء، لا يعرض لهم التخنيث. وقد رأيت غير واحد من الأعراب مخنّثا متفكّكا، ومؤنثا يسيل سيلا، ورأيت عدّة مجانين مخنّثين، ورأيت ذلك في الزّنج الأقحاح. وقد خبّرني من رأى كرديّا مخنثا، ولم أر خصيّا قط مخنّثا، ولا سمعت به؛ ولا أدري كيف ذلك ولا أعرف المانع منه. ولو كان الأمر في ذلك إلى ظاهر الرأي، لقد كان ينبغي لهم أن يكون ذلك فيهم عامّا! ومما يزيدني في التعجّب من هذا الباب، كثرة ما يعرض لهم من الحلاق «1» ، مع قلّة ما يعرض لهم من التخنيث، مع مفارقتهم لشطر معاني الرجال إلى شبه النساء. ويزعم كثير من الشيوخ المعمّرين؛ وأهل التجربة المميّزين، أنّهم اختبروا

99 -[النتاج المركب]

أعمار ضروب الناس، فوجدوا طول «1» الأعمار في الخصيان أعمار في الخصيان أعمّ منه في مثل أعدادهم من جميع أجناس الرجال، وأنّهم تفقدوا أعمارهم وأعمار إخوتهم وبني أعمامهم الذين لم يخصوا، فوجدوا طول العمر في الخصيان أعمّ، ولم يجدوا في عموم طوال العمر فيهم واحدا نادرا، كفلان وفلان من الفحول. وزعموا أنّهم لم يجدوا لطول أعمارهم علّة إلّا عدم النّكاح، وقلّة استفراغ النّطف لقوى أصلابهم. قالوا: وكذلك لم نجد فيما يعايش الناس في دورهم، من الخيل والإبل، والحمير، والبقر، والغنم، والكلاب، والدّجاج، والحمام، والدّيكة، والعصافير، أطول أعمارا من البغال. وكذلك قالوا: وجدنا أقلّها أعمارا العصافير. وليس ذلك إلّا لكثرة سفاد العصافير وقلّة سفاد البغال. وجعل هؤلاء القوم زيادة عمر البغل على عمر أبويه دليلا على أنّ قول الناس: لا يعيش أحد فوق عمر أبويه خطأ. وأولئك إنما عنوا الناس دون جميع الحيوان «2» . 99-[النتاج المركب] «3» وقالوا: قد وجدنا غرمول البغل أطول من غرمول الحمار والفرس والبرذون، وهؤلاء أعمامه وأخواله، فقد وجدنا بعض النّتاج المركّب، وبعض الفروع المستخرجة، أعظم من الأصل؛ ووجدنا الحمام الرّاعبي أعظم من الورشان الذي هو أبوه، ومن الحمامة التي هي أمّه، ولم نجده أخذ من عمر الورشان شيئا، وخرج صوته من تقدير أصواتهما، كما خرج شحيح البغل من نهيق الحمار وصهيل الفرس. وخرج الرّاعبي مسرولا، ولم يكن ذلك في أبويه؛ وخرج مثقلا سيّء الهداية. وللورشان هداية، وإن كان دون الحمام؛ وجاء أعظم جثّة من أبويه، ومقدار النّفس من ابتداء هديله إلى منقطعه، أضعاف مقدار هديل أبويه. وفوالج البخت إذا ضربت في إناث البخت، ولم يخرج الحوار إلّا أدنّ «4» قصير العنق، لا ينال كلأ ولا ماء إلّا بأن يرفعا إليه، فيصير- لمكان نقصان خلقه- جزور لحم،

100 -[أطول الحمير أعمارا]

ولا يكون من اليعملات ولا من السابقة، ولو عالوه وكفوه مؤنة تكلف المأكول والمشروب، ثم بلغ إلى أن يصير جملا يمكنه الضّراب. وكذلك الأنثى التي هي الحائل إلى أن تصير ناقة؛ فلو ألقحها الفحل لجاء ولدها أقصر عنقا من الفيل، الذي لو لم يجعل الله تعالى له خرطوما يتناول به طعامه وشرابه، لمات جوعا وهزالا؛ وليس كذلك العراب. وإذا ضربت الفوالج في العراب جاءت هذه الجوامز والبخت الكريمة التي تجمع عامّة خصال العراب وخصال البخت، فيكون ما يخرج التركيب من هذين الجنسين أكرم وأفخم وأنفس وأثمن. ومتى ضربت فحول العراب في إناث البخت جاءت هذه الإبل البهونيّة «1» والصّرصرانية «2» فتخرج أقبح منظرا من أبويها، وأشدّ أسرا من أبويها. وقال الراجز: [من الرجز] ولا بهونيّ من الأباعر وبعد؛ فإنّ هذه الشّهريّة الخراسانية، يخرج لها أبدان فوق أبدان أمّهاتها وآبائها من الخيل والبراذين، وتأخذ من عتق الخيل، ومن وثاجة «3» البراذين، وليس نتاجها كنتاج البرذون خالصا والفرس خالصا. وما أشبه قرابة الحمار بالرّمكة والحجر، من قرابة الجمل الفالج البختيّ بقرابة القلوص الأعرابيّة. 100-[أطول الحمير أعمارا] ويقال إن الحمر الوحشيّة، وبخاصّة الأخدريّة، أطول الحمير أعمارا وإنما هي من نتاج الأخدر، فرس كان لأردشير بن بابك صار وحشيّا فحمى عدّة عانات فضرب فيها، فجاء أولاده منها أعظم من سائر الحمر وأحسن. وخرجت أعمارها عن أعمار الخيل وسائر الحمر- أعني حمر الوحش- فإنّ أعمارها تزيد على الأهليّة مرارا عدّة. 101-[عير أبي سيارة] ولا يعرفون حمارا وحشيّا عاش أكثر وعمّر أطول من عير أبي سيّارة عميلة بن أعزل؛ فإنهم لا يشكّون أنّه دفع عليه بأهل الموسم أربعين عاما «4» !!

102 -[لهج ملوك فارس بالصيد]

قال الأصمعيّ: لم يكن عيرا وإنما كان أتانا. 102-[لهج ملوك فارس بالصيد] وزعموا- وكذلك هو في كتبهم- أنّ ملوك فارس، كانت لهجة بالصيد؛ إلا أنّ بهرام جور هو المشهور بذلك في العوامّ. وهم يزعمون أنّ فيروز بن قباذ الملك الفارسيّ، ألحّ في طلب حمار أخدري «1» ؛ وقد ذكر له ووصف؛ فطاوله عند طلبه والتماسه، وجدّ في ذلك فلجّ به عند طلبه الاغترام، وأخرجته الحفيظة إلى أن آلى ألّا يأخذه إلا أسرا، ولا يطارده إلا فردا، فحمل فرسه عليه، فحطّه في خبار «2» فجمع جراميزه «3» وهو على فرسه ووثب؛ فإذا هو على ظهره؛ فقمص به، فضم فخذيه فحطّم بعض أضلاعه، ثم أقبل به إلى معظم الناس، وهم وقوف ينظرون إليه وهو راكبه. قالوا: وكان الملك منهم إذا أخذ عيرا أخدريّا وغير ذلك؛ فإذا وجده فتيا وسمه باسمه وأرّخ في وسمه يوم صيده وخلّى سبيله، وكان كثيرا إذا ما صاده الملك الذي يقوم به بعده. سار فيه مثله تلك السّيرة وخلّى سبيله، فعرف آخرهم صنيع أوّلهم؛ وعرفوا مقدار مقادير أعمارها. 103-[الحكمة في تخالف الميول] ولولا أنّ ناسا من كلّ جيل، وخصائص من كلّ أمّة، يلهجون ويكلفون بتعرّف معاني آخرين لدرست. ولعلّ كثيرا من هؤلاء يزري على أولئك، ويعجّب الناس من تفرّغهم لما لا يجدي، وتركهم التشاغل بما يجدي، فالذي حبّب لهذا أن يرصد عمر حمار أو ورشان أو حيّة أو ضبّ، هو الذي حبّب إلى الآخر أن يكون صيّادا للأفاعي والحيّات، يتتبّعها ويطلبها في كلّ واد وموضع وجبل للترياقات. وسخّر هذا ليكون سائس الأسد والفهود والنّمور والببور «4» ، وترك من تلقاء نفسه أن يكون راعي غنم!!

104 -[خضوع النتاج المركب للطبيعة]

والذي فرّق هذه الأقسام، وسخّر هذه النفوس، وصرف هذه العقول لاستخراج هذه العلوم من مدافنها، وهذه المعاني من مخابيها، هو الذي سخّر بطليموس مع ملكه، وفلانا وفلانا للتفرّغ للأمور السماويّة، ولرعاية النجوم واختلاف مسير الكواكب. وكلّ ميسّر لما خلق له، لتتمّ النعمة ولتكمل المعرفة، وإنما تأبّى التيسير للمعاصي. فأمّا الصناعات فقد تقصر الأسباب بعض الناس على أن يصير حائكا، وتقصر بعضهم على أن يكون صيرفيّا، فهي وإن قصرته على الحياكة، فلم تقصره على خلف المواعيد وعلى إبدال الغزول، وعلى تشقيق العمل دون الإحكام والصدق وأداء الأمانة، ولم تقصر الصيرفيّ على التطفيف في الوزن والتغليط في الحساب، وعلى دسّ المموّه؛ تعالى الله عزّ وجلّ عن ذلك علوا كبيرا. 104-[خضوع النتاج المركب للطبيعة] ولو كان أمر النّتاج وما يحدث بالتراكيب ويخرج من التزاويج، إلى تقدير الرأي وما هو أقرب إلى الظنّ، لكانت الأظلاف تجري مجرى الحوافر والأخفاف. ألا ترى أنّ قرابة الضأن من الماعز، كقرابة البخت من العراب، والخيل من الحمير!! وسبيل نتائج الظّلف على خلاف ذلك؛ لأنّ التيس- على شدّة غلمته- لا يعرض للنعجة إلّا بالقليل الذي لا يذكر. وكذلك ما يحدث بينهما من الولد كذلك: إمّا ألّا يتمّ خلقه، وإما ألّا يعيش؛ وكذلك الكبش والعنز فضلا عن أن يكون بينهما نتاج؛ لأنه قد يضرب الجنس في الجنس الذي لا يلقحه، ولا يكون اللّقاح إلا بعد ضراب. وطلب التيس للنعجة قليل وأقلّ من القليل، وكذلك الكبش للعنز، وأقلّ من ذلك أن تتلاقح ولا يبقى ذلك الولد البتة. وقد تجاسر ناس على توليد أبواب من هذا الشكل، فادّعوا أمورا، ولم يحفلوا بالتقريع والتكذيب عند مسألة البرهان!! 105-[الزرافة خلق مركّب] «1» زعموا أنّ الزرافة خلق مركب من بين الناقة الوحشية وبين البقرة الوحشية، وبين الذّيخ وهو ذكر الضباع؛ وذلك أنّهم لّما رأوا أنّ اسمها بالفارسية (أشتر كاو

106 -[النتاج المركب في الطيور]

بلنك) ؛ وتأويل «أشتر» بعير، وتأويل «كاو» بقرة، وتأويل «بلنك» الضبع؛ لأن الضباع عرج؛ كذلك الذكر والأنثى يكون بهما خماع «1» ؛ كما عرض للذئب القزل «2» - وكلّ ذئب أقزل- وكما أنّ كلّ غراب يحجل كما يحجل المقيّد من الناس؛ وكما أنّ العصفور لا يمشي؛ ومشيه أن يجمع رجليه أبدا معا في كلّ حركة وسكون. وقولهم للزرافة أشتر كاو بلنك اسم فارسيّ، والفرس تسمّي الأشياء بالاشتقاقات؛ كما تقول للنعامة: اشتر مرغ، وكأنّهم في التقدير قالوا: هو طائر وجمل؛ فلم نجد هذا الاسم أوجب أن تكون النعامة نتاج ما بين الإبل والطير، ولكن القوم لما شبهوها بشيئين متقاربين؛ سمّوها بذينك الشيئين. وهم يسمون الشيء المرّ الحلو «ترش شيرين» وهو في التفسير حلو حامض. فجسر القوم فوضعوا لتفسير اسم الزرافة حديثا؛ وجعلوا الخلقة ضربا من التراكيب؛ فقالوا: قد يعرض الذيخ في تلك البلاد للناقة الوحشية فيسفدها، فتلقح بولد يجيء خلقه ما بين خلق الناقة والضبع؛ فإن كان أنثى فقد يعرض لها الثور الوحشي فيضربها؛ فيصير الولد زرافة، وإن كان ولد الناقة ذكرا عرض للمهاة فألقحها فتلد زرافة. فمنهم من حجر البتّة أن تكون الزرافة الأنثى تلقح من الزرافة الذكر، وزعموا أنّ كلّ زرافة في الأرض، فإنّما هي من النّتاج الذي ركّبوا؛ وزعموا أنّ ذلك مشهور في بلاد الحبشة، وأقاصي اليمن. وقال آخرون: ليس كلّ خلق مركّب لا ينسل ولا يبقى نجله ولا يتلاقح نسله، على ما حكينا من شأن الورشان والرّاعبي «3» . وهؤلاء وما أشبههم يفسدون العلم، ويتّهمون الكتب، وتغرّهم كثرة أتباعهم ممن تجده مستهترا بسماع الغريب، ومغرما بالطرائف والبدائع. ولو أعطوا مع هذا الاستهتار نصيبا من التثبّت، وحظّا من التوقي، لسلمت الكتب من كثير من الفساد. 106-[النتاج المركب في الطيور] وأنا رأيت طائرا له صوت غير حسن، فقال لي صاحب الطيور: إنّه من نتاج ما بين القمريّ «4» والفاختة «5» .

107 -[زعم بعض الأعراب في الحرباء]

وقنّاص الطير، ومن يأتي كلّ أوقة «1» وغيضة في التماس الصيد، يزعمون أنّ أجناسا من الطير الأوابد والقواطع، تلتقي على المياه فتتسافد؛ وأنّهم لا يزالون يرون أشكالا لم يروها قطّ، فيقدّرون أنّها من تلاقح تلك المختلفة. 107-[زعم بعض الأعراب في الحرباء] وقال أبو زيد النحويّ، وذكر عمّن لقي من الأعراب أنّهم زعموا أنّ ذكر أمّ حبين هو الحرباء. قال: وسمعت أعرابيّا من قيس يقول لأمّ حبين حبينة، والحبينة هو اسمها. قال: وقيس تسمّي ذكر العظاءة العضرفوط. وقال يحيى الأغرّ: سمعت أعرابيا يقول: لا خير في العظاءة، وإن كان ضبّا مكونا. قال: فإذا سامّ أبرص، والورل، والوحر، والضّبّ والحلكاء. كلّها عنده عظاءة. 108-[تسافد الثعلب والهرّة الوحشية] وزعم يحيى بن نجيم أنّ الثعلب يسفد الهرة الوحشية، فيخرج بينهما ولد. وأنشد قول حسان بن ثابت رضي الله تعالى عنه: [من المتقارب] أبوك أبوك وأنت ابنه ... فبئس البنيّ وبئس الأب «2» وأمّك سوداء نوبيّة ... كأنّ أناملها العنظب «3» يبيت أبوك بها معرسا ... كما ساور الهرّة الثعلب وأنشد أبو عبيدة قول عبد الرحمن بن الحكم: [من الوافر] ألا أبلغ معاوية بن حرب ... مغلغلة عن الرجل اليماني «4» أتغضب أن يقال أبوك عفّ ... وترضى أن يقال أبوك زاني

109 -[زعم بعضهم في حيوان سفينة نوح]

فأشهد أنّ رحمك من قريش ... كرحم الفيل من ولد الأتان قال كيسان: ولأي شي قال: كرحم الفيل من ولد الأتان إنما كان ينبغي أن يقول: كرحم الفيل من الخنزير. قال أبو عبيدة: أرادها هو التبعيد بعينه؛ وأنت تريد ما هو أقرب. 109-[زعم بعضهم في حيوان سفينة نوح] وزعم بعض المفسّرين وأصحاب الأخبار «1» : أنّ أهل سفينة نوح كانوا تأذّوا بالفأر، فعطس الأسد عطسة فرمى من منخريه بزوج سنانير، فلذلك السّنّور أشبه شيء بالأسد. وسلح الفيل زوج خنازير؛ فلذلك الخنزير أشبه شيء بالفيل. قال كيسان: فينبغي أن يكون ذلك السّنّور آدم السنانير، وتلك السّنّورة حوّاءها. قال أبو عبيدة لكيسان: أولم تعلم أنت أنّ لكل جنس من الحيوان آدم وحواء؟! وضحك فضحك القوم. 110-[نهم سعد القرقرة] ولمّا رأى أبو قردودة سعد القرقرة، أكل عند النّعمان مسلوخا بعظامه قال: [من البسيط] بين النعام وبين الكلب منبته ... وفي الذئاب له ظئر وأخوال يقول: إنّ سعدا ضرب في أعراقه نجر النعام الذي يلتهم الجمر، ويلتقم الحجارة، فيطفئ الجمر ويميع الصخر، وضرب في أعراقه نجر الكلب الذي يرضّ كلّ عظم. ولا يقبض عليه بكفّه إلّا هو واثق بفتّه، ولا يسيغه إلّا وهو على ثقة من استمرائه. فأمّا الذئب فإنّه لا يروم بفكّيه شيئا إلّا ابتلعه بغير معاناة، عظما كان أو غيره، مصمتا كان أو أجوف. ولذلك قال الراجز: [من الرجز] أطلس يخفي شخصه غباره ... في فمه شفرته وناره «2»

111 -[زواج الأجناس المتباينة من الناس]

فأبو قردودة لم يرد أنّ الذئب والكلب خالاه، وأنّ النعام نجله، وإنما قال ذلك على المثل والتشبيه، ولم يرد أنّ له ظئرا من الكلاب، وخالا من الذئاب. وشبيه ذلك قول أمير المؤمنين المأمون لبعض الناس: يا نطف الخمّارين، ونزائع الظّؤورة، وأشباه الخؤولة. وعلى شبيه بذلك قال سلم بن قتيبة لبعض من ذكره، وهو عند سليمان بن عليّ: أيّها الأمير، إنّ آل فلان أعلاج خلق الله وأوباشه، لئام غدر، شرّابون بأنقع «1» ، ثمّ هذا بعد في نفسه، نطفة خمّار في رحم صنّاجة «2» . 111-[زواج الأجناس المتباينة من الناس] وقال لي أبو إسحاق: قال لي أبو العباس- وأبو العباس هذا كان ختن إبراهيم على أخته، وكان رجلا يدين بالنجوم، ولا يقرّ بشيء من الحوادث إلّا بما يجري على الطباع. قال أبو إسحاق: وقال أبو إسحاق: وقال لي مرّة: أتعرف موضع الحظوة من خلوة النساء؟. قلت: لا والله لا أعرفه. قال: بل اعلم أن لا يكون الحظّ إلّا في نتاج شكلين متباينين، فالتقاؤهما هو الأكسير المؤدّي إلى الخلاص: وهو أن تزاوج بين هنديّة وخراسانيّ، فإنها لا تلد إلّا الذهب الإبريز. ولكن احرس ولدها، إن كان الولد أنثى فاحذر عليها من شدّة لواط رجال خراسان وزناء نساء الهند، واعلم أن شهوتها للرجال على قدر حظوتها عندهم، واعلم أنّها ستساحق النساء على أعراق الخراسانيّة، وتزني بالرجال على أعراق الهند، واعلم أنّه ممّا يزيد في زناها ومساحقتها معرفتها بالحظوة عند الزّناة، وبالحظّ عند السحاقات. 112-[زعمهم في الخلق المركب] وقالوا في الخلق المركّب ضروبا من الحقّ والباطل، ومن الصدق والكذب. فمن الباطل زعمهم أنّ الشّبّوط ولد الزّجر «3» من البنّيّ، وأنّ الشّبّوط لا يخلق من الشّبّوط، وأنّه كالبغل في تركيبه وإنساله. ورووا ذلك عن أبي واثلة إياس بن معاوية بن قرّة.

113 -[مطر الضفادع والشبابيط]

وزعموا أنّ أمّ جعفر بنت جعفر بن المنصور، حصرت في حوض لها ضخم أو بركة كبيرة عددا كثيرا من الزجر والبنّيّ، وأنّها لم تخلط بهما غيرهما، فمات أكثره وبقيت بقية كانت الصميم في القوّة، وفي احتمال تغيّر المكان فلم تحمل البيض حينا، ثمّ إنّها حملت بالشبابيط. 113-[مطر الضفادع والشبابيط] وزعم حريث أنّه كان بإيذج «1» ، فإذا سحابة دهماء طخياء تكاد تمسّ الأرض، وتكاد تمسّ قمم رؤوسهم، وأنّهم سمعوا فيها كأصوات المجانيق، وكهدير الفحول في الأشوال، ثم إنّها دفعت بأشدّ مطر رئي أو سمع به، حتى استسلموا للغرق، ثمّ اندفعت بالضفادع العظام «2» ، ثم اندفعت بالشبابيط السّمان الخدال «3» فطبخوا واشتووا، وملّحوا وادّخروا «4» . 114-[غرور أبي واثلة والخليل بن أحمد] ورووا عن أبي واثلة أنّه زعم أنّ من الدليل على أنّ الشّبّوط كالبغل، أنّ الناس لم يجدوا في طول ما أكلوا الشبابيط في جوفها بيضا قطّ. فإن كان هذا الخبر عن هذا الرجل المذكور بشدّة العقل، المنعوت بثقوب الفراسة ودقّة الفطنة صحيحا، فما أعظم المصيبة علينا فيه، وما أخلق الخبر أن يكون صحيحا، وذلك أنّي سمعت له كلاما كثيرا من تصنيف الحيوان وأقسام الأجناس، يدلّ على أنّ الرجل حين أحسن في أشياء وهّمه العجب بنفسه أنّه لا يروم شيئا فيمتنع عليه. وغرّه من نفسه الذي غرّ الخليل بن أحمد، حين أحسن في النحو والعروض، فظنّ أنّه يحسن الكلام وتأليف اللّحون، فكتب فيهما كتابين لا يشير بهما ولا يدلّ عليهما إلّا المرّة المحترقة، ولا يؤدّي إلى مثل ذلك إلّا خذلان من الله تعالى، فإنّ الله عزّ وجلّ لا يعجزه شيء. 115-[بيض الشبوط وتناسله] والشّبّوط- حفظك الله تعالى- جنس كثير الذكور قليل الإناث، فلا يكون إناثه

116 -[مواطن الشبوط]

أيضا يجمعن البيض، وإذا جمعن فلو جمعت بيض عشر منهنّ لما كان كشطر بيض بنّيّة واحدة. وقد رأيت بيض الشّبّوط وذقته للتعرّف فوجدته غير طائل، ولا معجب. وكلّ صيّاد تسأله فهو ينبيك أنّ له بيضا، ولكنّه إذا كان يكون ضئيلا قليلا، لأنّ الشبابيط في أصل العدد من أقلّ السمك. وكذلك الجنس منه إذا كانت الأنثى منه مذكارا. 116-[مواطن الشبوط] على أنّه ربّ نهر يكون أكثر سمكه الشّبّوط، وذلك قليل، كنهر رامهرمز. والشّبّوط لا يتربّى في البحار، ولا يسكن إلّا في الأودية والأنهار، ويكره الماء الملح ويطلب الأعذب فالأعذب، ويكون في الماء الجاري، ولا يكون في الساكن. وسنذكر شأنه في موضعه من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى. 117-[رد على ما زعموا في الزرافة] ولم يصب أبو واثلة، وكذبوا على أمّ جعفر «1» . فإذا قالوا في الزّرافة ما قالوا «2» فلا تأمنهم على ما هو دونه. وإن كان من كذب على الموتى واستشهد الغيّب أحذق، فصاحب الزرافة قد استعمل بعض هذه الحيلة، وصاحب الشّبّوط يكذب على الأحياء، ويستشهد الحضور. وإن كان الذي دعا إلى القول في الزرافة أنهم جعلوا تركيب اسمه دليلا على تركيب الخلق. فالجاموس بالفارسية كاوماش. وتأويله ضأنيّ بقريّ، لأنهم وجدوا فيه مشابهة الكبش وكثيرا من مشابهة الثور، وليس أنّ الكباش ضربت في البقر فجاءت بالجواميس. 118-[زعم الفرس في تقسيم الحيوان] وزعم الفرس أنّ الحيوان كلّه الذي يلد حيوانا مثله ممّا يمشي على أربع قوائم، لا تخلو أجناسها من المعز والضأن. والجواميس عندهم ضأن البقر، والبخت عندهم ضأن الإبل، والبراذين عندهم ضأن الخيل. 119-[زعم في الإبل] والناس يقولون في الإبل أقاويل عجيبة: فمنهم من يزعم أن فيها عرقا من سفاد

120 -[القول في الشيطان]

الجنّ، وذهبوا إلى الحديث: أنهم إنما كرهوا الصلاة في أعطان الإبل لأنها خلقت من أعناق الشياطين «1» فجعلوا المثل والمجاز على غير جهته. وقال ابن ميّادة: [من الطويل] فلما أتاني ما تقول محارب ... تغنّت شياطين وجنّ جنونها «2» قال الأصمعي المأثور من السيوف الذي يقال: إنّ الجنّ عملته «3» . 120-[القول في الشيطان] وهم يسمّون الكبر والخنزوانة والنّعرة التي تضاف إلى أنف المتكبّر شيطانا، قال عمر: حتّى أنزع شيطانه، كما قال: «حتى أنزع النّعرة التي في أنفه» «4» . ويسمّون الحيّة إذا كانت داهية منها شيطانا، وهو قولهم: شيطان الحماطة «5» . قال الشاعر: [من الطويل] تعالج مثنى حضرميّ كأنه ... تعمّج شيطان بذي خروع قفر «6» شبّه الزّمام بالحيّة. وعلى مثل ذلك قال الشاعر: [من الطويل] شناحية فيها شناح كأنها ... حباب بكف الشأو من أسطع حشر «7» والحباب: الحية الذكر، وكذلك الأيم «8» . وقد نهي عن الصلاة عند غيبوبة الشمس، وعند طلوع القرص إلى أن يتتامّ ذلك. وفي الحديث: «إنّها تطلع بين قرني شيطان» «9» .

121 -[ضرورة حذق اللغة]

121-[ضرورة حذق اللغة] فللعرب أمثال واشتقاقات وأبنية، وموضع كلام يدلّ عندهم على معانيهم وإرادتهم، ولتلك الألفاظ مواضع أخر، ولها حينئذ دلالات أخر، فمن لم يعرفها جهل تأويل الكتاب والسّنّة، والشاهد والمثل، فإذا نظر في الكلام وفي ضروب من العلم، وليس هو من أهل هذا الشأن، هلك وأهلك. 122-[الإبل الوحشية] وزعم ناس أنّ من الإبل وحشيّا وكذلك الخيل، وقاسوا ذلك على الحمير والسّنانير والحمام وغير ذلك، فزعموا أنّ تلك الإبل تسكن أرض وبار، لأنّها غير مسكونة، ولأنّ الحيوان كلّما اشتدّت وحشيّته كان للخلاء أطلب. قالوا: وربّما خرج الجمل منها لبعض ما يعرض، فيضرب في أدنى هجمة من الإبل الأهلية. قالوا: فالمهريّة من ذلك النّتاج. وقال آخرون: هذه الإبل الوحشيّة هي الحوش، وهي التي من بقايا إبل وبار، فلمّا أهلكهم الله تعالى كما أهلك الأمم مثل عاد وثمود والعمالقة وطسم وجديس وجاسم، بقيت إبلهم في أماكنهم التي لا يطورها إنسيّ فإن سقط إلى تلك الجيزة بعض الخلعاء، أو بعض من أضلّ الطريق حثت الجنّ في وجهه، فإن ألحّ خبلته، فضربت هذه الحوش في العمانيّة، فجاءت هذه المهريّة، وهذه العسجديّة التي تسمى الذهبيّة. وأنشدني سعدان المكفوف عن أبي العميثل قول الراجز: [من الرجز] ما ذمّ إبلي عجم ولا عرب ... جلودها مثل طواويس الذّهب وقال الآخر: [من الوافر] إذا اصطكّت بضيق حجرتاها ... تلاقى العسجديّة واللّطيم «1» والعسجد من أسماء الذهب.

123 -[رد على ما زعموا من مطر الضفادع والشبابيط]

قالوا: وإنّما سمّيت صاحبة يزيد بن الطّثريّة حوشيّة على هذا المعنى «1» . وقال رؤبة: [من الرجز] جرت رحانا من بلاد الحوش «2» 123-[رد على ما زعموا من مطر الضفادع والشبابيط] وأما الذي زعم أنّهم مطروا الشّبوط «3» ، فإنه لما ظنّ أنّ الضفادع التي تصاب بعقب المطر «4» ، بحيث لا ماء ولا وحل ولا عين ولا شريعة- فإنهم ربّما رأوها وسط الدّوّ والدّهناء والصّمّان «5» - ولم يشكّ أنّها كانت في السحاب وعلم أنّها تكون في الأنهار ومنابع المياه، وليس ذلك من الذكر والأنثى، قاس على ذلك الظنّ السمك، ثم جسر فجعل السمك شبّوطا. وتلك الضفادع إنما هي شيء يخلق تلك الساعة، من طباع الماء والهواء والزمان وتلك التّربة، على مقادير ومقابلات، وعلى ما أجرى الله تعالى عليه نشأة الخلق. 124-[امتناع التلاقح بين بعض الأجناس المتقاربة] وقد تعرف القرابة التي تكون في رأي العين بين الشكلين من الحيوان فلا يكون بينهما تسافد ولا تلاقح، كالضأن والمعز، وكالفأر والجرذان، فليس بالعجب في البقر والجواميس أن تكون كذلك. وقد رأينا الخلاسيّ «6» من الدجاج والدّيكة، وهو الذي تخلّق من بين المولّدات والهنديّات، وهي تحمل اللحم والشحم. وزعم لي مسعود بن عثمان، أنه أهدى إلى عمرو بن مسعدة، دجاجة ووزن فيها سبعة عشر رطلا بعد طرح الأسقاط وإخراج الحشوة.

125 -[أثر زواج الأجناس المتباينة من الناس]

125-[أثر زواج الأجناس المتباينة من الناس] «1» ورأينا الخلاسيّ من الناس، وهو الذي يتخلّق بين الحبشيّ والبيضاء، والعادة من هذا التركيب أنه يخرج أعظم من أبويه وأقوى من أصليه ومثمريه. ورأينا البيسريّ «2» من الناس، وهو الذي يخلق من بين البيض والهند، لا يخرج ذلك النّتاج على مقدار ضخم الأبوين وقوّتهما، ولكنه يجيء أحسن وأملح. وهم يسمّون الماء إذا خالطته الملوحة بيسرا قياسا على هذا التركيب الذي حكينا عن البيض والهنديات، ورأينا الخلاسيّ من الكلاب، وهو الذي يخلق بين السّلوقيّ وكلب الراعي، ولا يكون ذلك من الزّئني والقلطي «3» ، ومن كلاب الدّور والحرّاس. وسنقول في السّمع والعسبار، وفي غيرهما من الخلق المركّب إن شاء الله تعالى. 126-[أطول الناس أعمارا] وذكروا أنّهم وجدوا أطول أعمار الناس في ثلاثة مواضع: أوّلها سروحمير، ثم فرغانة، ثم اليمامة، وإنّ في الأعراب لأعمارا أطول، على أنّ لهم في ذلك كذبا كثيرا، والهند تربي عليهم في هذا المعنى. هكذا يقول علماء العرب. 127-[أثر النبيذ في عمر الإنسان] وكان عثمان ماش ويزال وجذعان، يذكرون أنّهم عدّوا أربعين فتى من فتيان قريش وثقيف أعذار عام واحد فأحصوا عشرين من قريش، وعشرين من ثقيف، وتوخّوا المتجاورين في المحلّة والمتقاربين في الدّور من الموفّرين على النبيذ، والمقصورين على التنادم، وأنّهم أحصوا مثل ذلك العدد وأشباه أولئك في السّن ممّن لا يذوق النبيذ ولا يعرف شرابا إلا الماء، فذكروا أنّهم وجدوا بعد مرور دهر عامّة من كاب يشرب النبيذ حيّا، ومن لا يشربه قد مات عامّتهم، وكانوا قد بلغوا في السنّ. أما عثمان ويزال فكانا من المعمّرين، وقد رأيتهما جميعا ولم أسمع هذا منهما، وسنأتي على هذا الباب في موضعه من ذكر المعمّرين، ونميّز الصدق فيه من الكذب، وما يجوز وما لا يجوز إن شاء الله تعالى.

128 -[ما يعرض للخصيان]

128-[ما يعرض للخصيان] وما أكثر ما يعرض للخصيان البول في الفراش وغير ذلك، ولا سيّما إذا بات أحدهم ممتلئا من النبيذ. ويعرض لهم أيضا حبّ الشراب والإفراط في شهوته وشدّة النّهم. ويعرض لهم أيضا إيثار المخفس «1» وحبّ الصّرف، وذلك أيضا ممّا يعرض للنساء، والإفراط في شهوتهنّ وشدّة الهمّة لهنّ والغيرة عليهنّ. ويحتلمون، ويجنبون ويغتسلون، ويرون الماء غير الرائق ولا الغليظ، الذي له ريح طلع الفحّال. ويعرض للخصيّ شدّة الاستخفاف بمن لم يكن ذا سلطان عظيم أو مال كثير أو جاه عريض، حتّى ربّما كان عند مولاه بعض من عسى أن يتقدّم هؤلاء المذكورين الذين يكون الخصيّ كلفا بهم وبتعظيمهم، ومغرما بخدمتهم، في الأدب والحسب، وفي بعد الهمّة وكرم الشّيمة، فيعمد عند دخول ذلك الرجل الذي له السلطان والجاه والمال إلى متّكأ هذا الأديب الكريم، والحسيب الشريف، فينزعه من تحت مرفقه، غير محتفل بذلك ولا مكترث لما فيه، ويضعه له من غير أن يكون موضع المرافق بعيدا، أو كان ذلك ممّا يفوت بعض الفوت، ويفعل ذلك وإن كان يعاشر هذا الأديب الكريم مولاه وهو على يقين أنه لا يرى ذلك الموسر وصاحب الجاه أبدا. 129-[أقوال في خصاء الخيل] وقد حرّم بعضهم خصاء الخيل خاصّة، وبعضهم زاد على ذلك حتّى حرّم خصاء البهائم. وقال بعضهم: إذا كان الخصاء إنّما اجتلبه فاعله أو تكلّفه صاحبه على جهة التماس المنفعة، أو على طريق التجارة، فذلك جائز، وسبيله سبيل الميسم، فإنّ الميسم نار، وألمه يجوز كلّ ألم وقد رأينا إبل الصدقة موسومة، ووسمت العرب الخيل وجميع أصناف النّعم في الإسلام، على مثل صنيعها في الجاهليّة. وقد كانت القصواء ناقة النبي صلى الله عليه وسلم موسومة، وكذلك العضباء «2» .

130 -[وسم الحيوان]

130-[وسم الحيوان] وقال آخرون: الخصاء غير شبيه بالميسم «1» ، لأنّ في الخصاء من شدّة الألم، ومن المثلة «2» ، ومن قطع النّسل، ومن إدخال النقص على الأعضاء، والنقص لموادّ القوى، ما ليس في الميسم وغيره، وهو بقطع الألية أشبه، والسّمة إنّما هي لذعة، والخصاء مجاوز لكلّ شديدة. قال القوم: ولا بأس بقطع الألية إذا منعت بثقلها أو عظمها الشاة من اللّحاق بالقطيع وخيف عليها من الذئب. وقطع الألية في جواز العقول أشبه من الميسم، لأنّ الميسم ليس للبعير فيه حظّ، وإنّما الحظّ فيه لربّ المال، وقطع الألية من شكل الختان، ومن شكل البطّ «3» والفصد «4» ، ومن جنس الوجور والبيطرة، ومن جنس اللّدود «5» والحجامة، ومن جنس الكيّ عند الحاجة، وقطع الجارحة إذا خيف عليها الأكلة. 131-[وسم الإبل] قال الأوّلون: بل لعمري إنّ للإبل في السّمات لأعظم المنافع، لأنّها قد تشرب بسماتها ولا تذاد عن الحوض إكراما لأربابها، وقد تضلّ فتؤوى، وتصاب في الهواشات «6» فتردّ. قالوا: فإنا لا نسألكم إلّا عن سمات الخيل والبغال والحمير والغنم. وبعد فكيف نستجيز أن نعمّها بالإحراق بالنار، لأمر عسى ألّا يحتاج إليه من ألف بعير واحد، ثم عسى ألّا يحتاج من جميع ذلك في جميع عمره إلّا إلى شربة واحدة. وقال القوم: إنّما المياسم في النّعم السائمة كالرّقوم في ثياب البزّاز، ومتى ارتفعت الرقوم ومنعت المياسم، اختلطت الأموال، وإذا اختلطت أمكن فيها الظلم، والمظلوم باذل نفسه دون المعيشة والهضيمة.

132 -[القول في نقص بعض أجزاء الحيوان أو نقضها أو إيلامها]

وقالوا: ليس قطع الألية كالمجثّمة وكالشيء المصبور، وقد نهينا عن إحراق الهوامّ، وقيل لنا: لا تعذّبوا بعذاب الله تعالى، والميسم نار، وقطع الألية من شكل قطع العروق، وصاحب المجثّمة يقدر أن يرمي- إن كان به تعلّم الرماية- شيئا لا يألم ولم ينه عن تعذيبه، فما يردّ الشيء المصبور من العذاب مردّا بوجه من الوجوه. 132-[القول في نقص بعض أجزاء الحيوان أو نقضها أو إيلامها] وقال آخرون: ليس لك أن تحدث في جميع الحيوان حدثا من نقض أو نقص أو إيلام، لأنك لا تملك النشأة، ولا يمكنك التعويض له، فإذا أذن لك مالك العين، بل مخترعه ومنشئ ذاته والقادر على تعويضه، وهو الله عزّ وجلّ، حلّ لك من ذلك ما كان لا يحلّ. وليس لك في حجّة العقل أن تصنع بها إلّا ما كان به مصلحة، كعلاج الدّبر وكالبيطرة. وقال آخرون: لنا أن نصنع كلّ ما كان يصنع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعده، ممّا لم يكن مدفوعا عند بعضهم، إلّا أن يكون نهي ذلك البعض من جماعتهم، في طريق الخلاف والردّ والمفارقة ولا يكون عندهم قولا من الأقاويل، فإنّ ذلك في سبيل العلاج بعد أن كان المتكلّف يعرف وجه الملام. والمذهب في ذلك معروف وإن كان خارجا من ذلك الحدّ، فقد علمنا أنّه أبيح من طريق التعبّد والمحنة، كما جعل الله تعالى لنا ما أحلّ ذبحه من البهائم، وكما جعل لنا أن نقتل القمل والبراغيث والبعوض، وإن لم يكن منها إلّا مقدار الأذى فقط. والقتل لا يكون قصاصا من الأذى، ولكن لمّا أباح لنا خالق الشيء والقادر على تعويضه قتله، كان قتله أسوغ في العقل مع الأذى، من ذبح البهيمة مع السلامة من الأذى. قال: وليس كل مؤذ ولا كل ذي أذى حكم الله تعالى فيه بإباحة القتل، والله عزّ وجلّ، بمقادير الأمور وبحكم المختلف والمتّفق، والقليل من ذلك والكثير، أحكم وأعلم. وقد أمر الله تعالى إبراهيم عليه الصلاة والسلام، بذبح إسحاق أو إسماعيل عليهما الصلاة والسلام، فأطاع الوالد وطاوع الولد «1» .

133 -[خصاء الإنسان]

والجواب الماضي إنما هو قول من قال بالتعويض، وهو قول النظّام. وأكثر المتكلّمين يعترضون عليه فيه. 133-[خصاء الإنسان] ولا يزال- يرحمك الله تعالى- بعض الملحدين من المعاندين، أو بعض الموحّدين من الأغبياء المنقوصين، قد طعن في ملك الخصيّ وبيعه وابتياعه، ويذكرون الخصيّ الذي كان المقوقس عظيم القبط أهداه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله. مع مارية القبطيّة أمّ إبراهيم عليه السلام. قالوا: فقد ملك عليه الصلاة والسلام خصيّا بعد أن عرفه وأحاط علمه بأنّه خصيّ، وأنتم تزعمون أنّ الخصاء حرام، وأنّ من اشترى من الخاصي خصيّا ثم زاد على قيمته وهو فحل، فقد أعان على الخصاء وحثّ عليه، ورغّب فيه، وأنّه من أفحش الظلم وأشدّ القسوة، وزعمتم أنّ من فعل ذلك فهو شريك الخاصي في الإثم، وأنّ حاله كحال المعروفين بالابتياع من اللصوص. وقلتم: وكذلك من شهد القمار وهراش الكلاب، ونطاح الكباش وقتال الديوك، وأصحاب المجارحات وحرب الفئتين الضالّتين. وقلتم: لأنّ هذه المواضع لو لم تحضرها النّظّارة لما عملوا تلك الأعمال، ولو فعلوها ما بلغوا مقدار الشّطر، لغلبة الرياء والسّمعة على قلوب الناس، فكذلك الخاصي، والمشتري، والمبتاع من المشتري، شركاء متعاونون، وخلطاء مترادفون. وإذا كان المبتاع يزيد في السّلعة لهذه العلّة، والبائع يزيد في السّوم لهذا السبب، وقد أقررتم بأنّ النبي صلى الله عليه وسلم قد قبل له من المقوقس، كما قبل مارية، واستخدمه، وجرى عليه ملكه وأمره، فافهم- فهّمك الله تعالى- ما أنا مجيب به في هذه المسألة. والله الموفّق، وعلى الله قصد السبيل. أقول: قبل كلّ شيء لا يخلو هذا الحديث الذي رويتموه من أن يكون مرضيّ الإسناد. صحيح المخرج، أو يكون مسخوط الإسناد، فاسد المخرج. فإن كان مسخوطا. فقد بطلت المسألة، وإن كان مرضيّا، فقد علمنا أنّه ليس في الحديث أنّه قبله منه بعد أن علم أنّه خصيّ، وعلى أنّ قبول الهديّة خلاف الابتياع، لأنّ بائع الخصيّ إنّما يحرم عليه التماس الزيادة، وكذلك المبتاع إنّما يحرم عليه دفع الزيادة إذا كان لو سلم إليه بذلك الثمن فحلا أجمل منه وأشبّ وأخدم منه لم يزده، والبائع أيضا لا يستام بالفحل سومه بالخصي. وقبول الهديّة، وقبول الهبة، وسبيل البيع والابتياع لا بأس به إذا كان على ما وصفنا، وإنّما هديّة الخصيّ كهديّة الثوب والعطر، والدابّة والفاكهة. ولأنّ الخصيّ لا يحرم ملكه ولا استخدامه، بل لا يحلّ طرده ونفيه،

وعتقه جائز، وجواز العتق يوجب الملك. ولو باعه المالك على غير طلب الزيادة، أو لو تاب من الخصاء أو استحلّة مما أتى إليه، لما حرم على الخاصي نفسه استخدامه، والخصيّ مال وملك، واستخدامه حسن جميل، ولأنّ خصاءه إيّاه لا يعتقه عليه، ولا يزيل عن ملكه إلا بمثل ما وجب به ملكه. وأخرى: أنّ في قبول هديّة ذلك الملك، وتلّقي كرامته بالإكرام تدبيرا وحكمة. فقد بطلت المسألة، والحمد لله كما هو أهله. وقد رووا مع ذلك أيضا: أنّ زنباعا الجذّاميّ، خصى عبدا له «1» ، وأنّ النبي صلى الله عليه وسلم أعتقه عليه فيما بلغنا. والله أعلم. وربّما سألوا عن الشيء وليس القول فيه يقع في نسق القول في الخصيّ، وفي الخلق المركّب، ولكن إذ قد أجبنا في مسألة كلاميّة من مسائل الطعن في النبوّة، فلا بأس أن نضيف إليها أخرى، ولا سيّما إذا لم تطل فتزيد في طول الكتاب. وقد لا يزال الطاعن يقول: قد علمنا أنّ العرب لم يسموا حروب أيّام الفجار بالفجور وقريش خاصّة، إلّا أنّ القتال في البلد الحرام، في الشهر الحرام كان عندهم فجورا، وتلك حروب قد شهدها النبيّ صلى الله عليه وسلم وعلى آله، وهو ابن أربع عشر سنة، وابن أربع عشرة سنة يكون بالغا «2» ، وقال: «شهدت الفجار فكنت أنبل على عمومتي» «3» . وجوابنا في ذلك: أنّ بني عامر بن صعصعة، طالبوا أهل الحرم من قريش وكنانة، بجريرة البرّاض بن قيس، في قتله عروة الرحّال، وقد علموا أنّهم يطالبون من لم يجن ومن لم يعاون، وأنّ البرّاض بن قيس كان قبل ذلك خليعا مطرودا، فأتوهم إلى حرمهم يلزمونهم ذنب غيرهم، فدافعوا عن أنفسهم، وعن أموالهم، وعن ذراريهم، والفاجر لا يكون المسعيّ عليه، ولذلك أشهد الله تبارك وتعالى نبيّه عليه الصلاة والسلام ذلك الموقف، وبه نصروا كما نصرت العرب على فارس يوم ذي قار، به عليه الصلاة والسلام وبمخرجه. وهذان جوابان واضحان قريبان، والله الموفّق للصواب، وإليه المرجع والمآب.

134 -[ذكر محاسن الخصي ومساويه]

134-[ذكر محاسن الخصي ومساويه] ثم رجع بنا القول إلى ذكر محاسن الخصيّ ومساويه. الخصيّ ينكح ويتّخذ الجواري ويشتدّ شغفه بالنساء، وشغفهنّ به، وهو وإن كان مجبوب العضو فإنّه قد بقي له ما عسى أن يكون فيه من ذلك ما هو أعجب إليهنّ. وقد يحتلم ويخرج منه عند الوطء ماء، ولكنّه قليل متغيّر الريح، رقيق ضعيف. وهو يباشر بمشقّة، ثم لا يمنعه من المعاودة الماء الذي يخرج منه إذ كان قليل المقدار لا يخرجه من القوّة إلى الضعف، مثل الذي يعتري من يخرج منه شيء يكون من إنسان، وهو أخثر، وأكثر، وأحدّ ريحا، وأصحّ جوهرا. والخصيّ يجتمع فيه أمنيّة المرأة، وذلك أنّها تبغض كلّ سريع الإراقة، بطيء الإفاقة، كما تكره كلّ ثقيل الصدر «1» ، وخفيف العجز، والخصيّ هو السريع الإفاقة، البطيء الإراقة، المأمون الإلقاح، فتقيم المرأة معه، وهي آمنة العار الأكبر، فهذا أشدّ لتوفير لذّتها وشهوتها، وإذا ابتذلن الخيصان، وحقرن العبيد، وذهبت الهيبة من قلوبهنّ، وتعظيم البعول، والتصنّع لذوي الأقدار باجتلاب الحياء وتكلّف الخجل، ظهر كلّ شيء في قوى طبائعهنّ وشهواتهنّ، فأمكنها النّخير والصياح، وأن تكون مرّة من فوق، ومرّة من أسفل، وسمحت النفس بمكنونها، وأظهرت أقصى ما عندها. وقد تجد في النساء من تؤثر النساء، وتجد فيهنّ من تؤثر الرجال، وتجد فيهنّ من تؤثر الخصيان، وتجد فيهنّ من تجمع ولا تفرّق، وتعمّ ولا تخصّ، وكذلك شأن الرجال في الرجال، وفي النساء والخصيان فالمرأة تنازع إلى الخصيّ لأنّ أمره أستر وعاقبته أسلم، وتحرص عليه لأنّه ممنوع منها، ولأنّ ذلك حرام عليها، فلها جاذبان: جاذب حرص كما يحرص على الممنوع، وجاذب أمن كما يرغب في السلامة. وقال الأصمعيّ: قال يونس بن عبيد: لو أخذنا بالجزع لصبرنا «2» . قال الشاعر: [من البسيط] وزادها كلفا بالحبّ أن منعت ... وحبّ شيء إلى الإنسان ما منعا «3» والحرص على الممنوع باب لا يقدر على الاحتجاز منه، والاحتراس من خدعه،

135 -[ما يدعو إلى الفساد]

إلّا كلّ مبرّز في الفطنة ومتمهّل في العزيمة، طويل التجارب، فاضل العقل على قوى الشهوات. وبئس الشيء القرين السوء. وقالوا: صاحب السّوء قطعة من النار. وباب من هذا الشكل، فبكم أعظم حاجة إلى أن تعرفوه وتقفوا عنده، وهو ما يصنع الخبر السابق إلى السمع، ولا سيّما إذا صادف من السامع قلّة تجربة، فإن قرن بين قلّة التجربة وقلّة التحفّظ، دخل ذلك الخبر السابق إلى مستقرّه دخولا سهلا، وصادف موضعا وطيئا، وطبيعة قابلة، ونفسا ساكنة؛ ومتى صادف القلب كذلك، رسخ رسوخا لا حيلة في إزالته. ومتى ألقي إلى الفتيان شيء من أمور الفتيات، في وقت الغرارة، وعند غلبة الطبيعة، وشباب الشهوة، وقلّة التشاغل؛ وكذلك متى ألقي إلى الفتيان شيء من أمورهن وأمور الغلمان، وهناك سكر الشباب، فكذلك تكون حالهم. وإنّ الشّطّار ليخلو أحدهم بالغلام الغرير فيقول له: لا يكون الغلام فتى أبدا حتّى يصادق فتى وإلّا فهو تكش، والتكش عندهم الذي لم يؤدّبه فتى ولم يخرّجه، فما الماء العذب البارد، بأسرع في طباع العطشان، من كلمته، إذا كان للغلام أدنى هوى في الفتوّة، وأدنى داعية إلى المنالة. وكذلك إذا خلت العجوز المدربة بالجارية الحدثة كيف تخلبها. وأنشدنا: [من الخفيف] فأتتها طبّة عالمة ... تخلط الجدّ بأصناف اللعب ترفع الصوت إذا لانت لها ... وتناهى عند سورات الغضب وقال الشاعر فيما يشبه وقوع الخبر السابق إلى القلب: [من الكامل] نقّل فؤادك حيث شئت من الهوى ... ما الحبّ إلّا للحبيب الأوّل «1» كم منزل في الأرض يألفه الفتى ... وحنينه أبدا لأوّل منزل وقال مجنون بني عامر: [من الطويل] أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى ... فصادف قلبا خاليا فتمكّنا «2» 135-[ما يدعو إلى الفساد] وباب آخر ممّا يدعو إلى الفساد، وهو طول وقوع البصر على الإنسان الذي في طبعه أدنى قابل، وأدنى حركة عند مثله. وطول التداني، وكثرة الرؤية هما أصل

136 -[زهد الناس فيما يملكونه ورغبتهم فيما ليس يملكونه]

البلاء، كما قيل لابنة الخسّ: لم زنيت بعبدك ولم تزني بحرّ، وما أغراك به؟ قالت: طول السّواد، وقرب الوساد «1» . ولو أنّ أقبح الناس وجها، وأنتنهم ريحا، وأظهرهم فقرا، وأسقطهم نفسا، وأوضعهم حسبا، قال لأمرأة قد تمكّن من كلامها، ومكّنته من سمعها: والله يا مولاتي وسيّدتي، لقد أسهرت ليلى، وأرّقت عيني، وشغلتني عن مهمّ أمري، فما أعقل أهلا، ولا مالا، ولا ولدا؛ لنقض طباعها، ولفسخ عقدها، ولو كانت أبرع الخلق جمالا، وأكملهم كمالا، وأملحهم ملحا. فإن تهيّأ مع ذلك من هذا المتعشّق، أن تدمع عينه، احتاجت هذه المرأة أن يكون معها ورع أمّ الدرداء، ومعاذة العدويّة، ورابعة القيسيّة، والشجّاء الخارجيّة. 136-[زهد الناس فيما يملكونه ورغبتهم فيما ليس يملكونه] وإنّما قال عمر بن الخطّاب رضي الله تعالى عنه: «اضربوهنّ بالعري» «2» لأنّ الثياب هي المدعاة إلى الخروج في الأعراس، والقيام في المناحات، والظهور في الأعياد، ومتى كثر خروجها لم يعدمها أن ترى من هو من شكل طبعها. ولو كان بعلها أتمّ حسنا، والذي رأت أنقص حسنا، لكان ما لا تملكه، أطرف ممّا تملكه، ولكان ما لم تنله، ولم تستكثر منه، أشدّ لها اشتغالا وأشد لها اجتذابا. ولذلك قال الشاعر: [من الطويل] وللعين ملهى بالتّلاد ولم يقد ... هوى النفس شيء كاقتياد الطرائف وقال سعيد بن مسلم: لأن يرى حرمتي ألف رجل على حال تكشف منها وهي لا تراهم، أحبّ إليّ من أن ترى حرمتي رجلا واحدا غير منكشف. وقال الأوّل: لا يضرّك حسن من لم تعرف؛ لأنّك إذا أتبعتها بصرك، وقد نقضت طبعك، فعلمت أنّك لا تصل إليها بنفسك ولا بكتابك ولا برسولك، كان الذي رأيت منها كالحلم، وكما يتصور للمتمنّي، فإذا انقضى ما هو فيه من المنى، ورجعت نفسه إلى مكانها الأوّل، لم يكن عليه من فقدها إلّا مثل فقد ما رآه في النوم، أو مثّلته له الأمانيّ.

137 -[عقيل بن علفة وبناته]

137-[عقيل بن علفة وبناته] وقيل لعقيل بن علّفة: لو زوّجت بناتك! فإنّ النساء لحم على وضم إذا لم يكنّ غانيات!! قال: كلا، إنّي أجيعهنّ فلا يأشرن، وأعريهنّ فلا يظهرن «1» !! فوافقت إحدى كلمتيه قول النبي صلى الله عليه وسلم ووافقت الأخرى قول عمر بن الخطاب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الصّوم وجاء» «2» . وقال عمر: استعينوا عليهنّ بالعري. وقد جاء في الحديث: «وفروا أشعارهن فإن ترك الشعر مجفرة» «3» . وقد أتينا على هذا الباب في الموضع الذي ذكرنا فيه شأن الغيرة، وأوّل الفساد، وكيف ينبت، وكيف يحصد. 138-[ميول الخصيان] وقد رأيت غير خصيّ يتلوّط، ويطلب الغلمان في المواضع، ويخلو بهم ويأخذهم على جهة الصداقة، ويحمل في ذلك الحديد، ويقاتل دون السخول، ويتمشى مع الشطّار. وقد كان في قطيعة الربيع خصيّ أثير عند مولاه، عظيم المنزلة عنده؛ وكان يثق به في ملك يمينه، وفي حرمه من بنت وزوجة وأخت، لا يخصّ شيئا دون شيء، فأشرف ذات يوم على مربد له، وفي المربد غنم صفايا، وقد شدّ يدي شاة وركبها من مؤخّرها يكومها، فلمّا أبصره برق وبعل «4» وسقط في يديه، وهجم عليه أمر لو يكون رآه من خصيّ لعدوّ له لما فارق ذلك الهول أبدا قلبه، فكيف وإنّما عاين الذي عاين فيمن كان يخلفه في نسائه من حرمه وملك يمينه. فبينما الرجل وهو واجم حزين، وهو ينظر إليه وقد تحرّق عليه غيظا إذ رفع الخصيّ رأسه، فلمّا أثبت مولاه مرّ مسرعا نحو باب الدار ليركب رأسه، وكان المولى أقرب إلى الباب منه، فسبقه إليه، وكان الموضع الذي رآه منه موضعا لا يصعد إليه، فحدث لشقائه أمر لم يجد مولاه معه بدّا من صعوده، فلبث الخصيّ ساعة ينتفض من حمّى ركبته ثم فاظ، ولم يمس إلّا وهو في القبر. ولفرط إرادتهم النساء، وبالحسرة التي نالتهم، وبالأسف الذي دخلهم، أبغضوا

139 -[نسك طوائف من الناس]

الفحول بأشدّ من تباغض الأعداء فيما بينهم، حتّى ليس بين الحاسد الباغي وبين أصحاب النّعم المتظاهرة، ولا بين الماشي المعنّى وبين راكب الهملاج الفاره «1» ، ولا بين ملوك صاروا سوقة، صاروا ملوكا، ولا بين بني الأعمام مع وقوع التنافس، أو وقوع الحرب، ولا بين الجيران والمتشاكلين في الصناعات، من الشنف والبغضاء، بقدر ما يلتحف عليه الخصيان للفحول. وبغض الخصيّ للفحل من شكل بغض الحاسد لذي النعمة، وليس من شكل ما يولّده التنافس وتلحقه الجنايات. 139-[نسك طوائف من الناس] «2» ولرجال كلّ فنّ وضرب من الناس، ضرب من النسك، إذ لا بدّ لأحدهم من النزوع، ومن ترك طريقته الأولى: فنسك الخصيّ غزو الروم، لما أن كانوا هم الذين خصوهم، ولزوم أذنة والرّباط بطرسوس وأشباهها. فظنّ عند ذلك أهل الفراسة أنّ سبب ذلك إنّما كان لأنّ الرّوم لما كانوا هم الذين خصوهم، كانوا مغتاظين عليهم، وكانت متطلّبة إلى التشفّي منهم، فأخرج لهم حبّ التشفّي شدّة الاعتزام على قتلهم، وعلى الإنفاق في كلّ شيء يبلغ منهم. ونسك الخراسانيّ أن يحجّ: ونسك البنوي «3» أن يدع الديوان. ونسك المغنّي: أن يكثر التسبيح وهو يشرب النبيذ، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والصلاة في جماعة. ونسك الرافضيّ: إظهار ترك النبيذ. ونسك السّواديّ ترك شرب المطبوخ فقط. ونسك اليهوديّ: إقامة السبت. ونسك المتكلّم: التسرّع إلى إكفار أهل المعاصي، وأن يرمى الناس بالجبر، أو بالتعطيل، أو بالزندقة، يريد أن يوهم أمورا: منها أنّ ذلك ليس إلّا من تعظيمه للدّين، والإغراق فيه، ومنها أن يقال: لو كان نطفا، أو مرتابا، أو مجتنحا على بليّة، لما رمى الناس، ولرضي منهم بالسلامة، وما كان ليرميهم إلّا للعزّ الذي في قلبه، ولو كان هناك من ذلّ الرّيبة شيء لقطعه ذلك عن التعرّض لهم، أو التنبيه على ما عسى إن حرّكهم له أن يتحرّكوا. ولم نجد في المتكلّمين أنطف ولا أكثر عيوبا، ممّن يرمي خصومه بالكفر.

140 -[الجماز وجارية آل جعفر]

140-[الجماز وجارية آل جعفر] وكان أبو عبد الله الجمّاز، وهو محمد بن عمرو، يتعشّق جارية لآل جعفر يقال لها طغيان، وكان لهم خصيّ يحفظها إذا أرادت بيوت المغنّين، وكان الخصيّ أشدّ عشقا لها من الجمّاز، وكان قد حال بينه وبين كلامها، والدنوّ منها، فقال الجماز وكان اسم الخادم سنانا: [من المجتث] ما للمقيت سنان ... وللظّباء الملاح لبئس زان خصيّ ... غاز بغير سلاح وقال أيضا فيه وفيها: [من المجتث] نفسي الفداء لظبي ... يحبّني وأحبّه من أجل ذاك سنان ... إذا رآني يسبّه هبه أجاب سنانا ... ينيكه أين زبّه وقال أيضا فيهما: [من المجتث] ظبي سنان شريكي ... فيه فبئس الشريك فلا ينيك سنان ... ولا يدعنا ننيك 141-[شعر في الخصاء] وقال الباخرزيّ يذكر محاسن خصال الخصيان: [من الخفيف] ونساء لمطمئنّ مقيم ... ورجال إن كانت الأسفار وقال حميد بن ثور يهجو امرأته: [من الطويل] جلبّانة ورهاء تخصي حمارها ... بفي من بغى خيرا إليها الجلامد «1» وقال مزرّد بن ضرار: [من الطويل] فجاءت كخاصي العير لم تحل عاجة ... ولا جاجة منها تلوح على وشم «2»

وقال عمرو الخاركي: [من الهزج] إذا لام على المرد ... نصيح زادني حرصا «1» ولا والله ما أق ... لع ما عمّرت أو أخصى وقال آخر: [من الوافر] رماك الله من أير بأفعى ... ولا عافاك من جهد البلاء جزاك الله شرّا من رفيق ... إذا بلغت بي ركب النساء أجبنا في الكريهة حين نلقى ... وما تنفكّ تنعظ في الخلاء فلا والله ما أمسى رفيقي ... ولولا البول عوجل بالخصاء وقال بعض عبد القيس: [من الكامل] ما كان قحذم ابن واهصة الخصى ... يرجو المناكح في بني الجارود ومن انتكاس الدهر أن زوّجتها ... ولكلّ دهر عثرة بجدود لو كان منذر إذ خطبت إليهم ... حيّا لكان خصاك بالمغمود وقال أبو عبيدة: حدّثني أبو الخطاب قال «2» : كان عندنا رجل أحدب فسقط في بئر فذهبت حدبته وصار آدر فقيل له: كيف تجدك؟ فقال: الذي جاء شرّ من الّذي ذهب! وأبو الحسن عن بعض رجاله قال: خرج معاوية ذات يوم يمشي ومعه خصيّ له، إذ دخل على ميسون ابنة بحدل وهي أمّ يزيد، فاستترت منه فقال: أتستترين منه، وإنّما هو مثل المرأة؟ قالت: أترى أنّ المثلة به تحلّ ما حرّم الله تعالى؟!

ذكر ما جاء في خصاء الدواب

ذكر ما جاء في خصاء الدوابّ 142-[خصاء الدواب] ذكر آدم بن سليمان عن الشعبيّ قال: قرأت كتاب عمر رضي الله تعالى عنه إلى سعد، ينهى عن حذف أذناب الخيل وأعرافها، وعن خصائها، ويأمره أن يجري من رأس المائتين. وهو أربعة فراسخ. وسفيان الثّوري عن عاصم بن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنه كان ينهى عن خصاء البهائم ويقول: هل الإنماء إلّا في الذكور. وشريك بن عبد الله، قال: أخبرني إبراهيم بن المهاجر، عن إبراهيم النّخعي أنّ عمر رضي الله تعالى عنه نهى عن خصاء الخيل. وسفيان الثوري عن إبراهيم بن المهاجر قال: كتب عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه لبعض عماله: لا تجرينّ فرسا إلّا من المائتين، ولا تخصينّ فرسا. وقال: وسمعت نافعا يقول: كان عبد الله بن عمر يكره خصاء الذكور من الإبل، والبقر، والغنم. وعبيد الله بن عمر عن نافع: أنّ ابن عمر رضي الله تعالى عنهما كان يكره الخصاء ويقول: لا تقطعوا نامية خلق الله تعالى. وعبد الله وأبو بكر ابنا نافع عن نافع قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أن تخصى ذكور الخيل، والإبل، والبقر، والغنم، يقول: فيها نشأة الخلق، ولا تصلح الإناث إلّا بالذكور. ومحمد بن أبي ذئب قال: سألت الزّهريّ: هل بخصاء البهائم بأس؟ قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله الطاهرين، نهى عن صبر الروح. قال الزّهريّ: والخصاء صبر شديد. وأبو جعفر الرّازيّ قال: حدّثنا الرّبيع بن أنس، عن أنس بن مالك في قوله تعالى: وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ «1» قال: هو الخصاء. وأبو جرير عن قتادة عن عكرمة عن ابن عبّاس نحوه.

أبوبكر الهذليّ قال: سألت الحسن عن خصاء الدواب فقال: تسألني عن هذا؟ لعن الله من خصى الرجال. أبو بكر الهذليّ عن عكرمة في قوله تعالى: وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ قال: خصاء الدواب. قال: وقال سعيد بن جبير: أخطأ عكرمة، هو دين الله. نصر بن طريف قال: حدّثنا قتادة عن عكرمة في قوله تعالى: فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ قال: خصاء البهائم. فبلغ مجاهدا فقال: كذب هو دين الله. فمن العجب أن الذي قال عكرمة هو الصواب، ولو كان هو الخطأ لما جاز لأحد أن يقول له: كذبت. والناس لا يضعون هذه الكلمة في موضع خطأ الرأي ممّن يظنّ به الاجتهاد، وكان ممّن له أن يقول. ولو أنّ إنسانا سمع قول الله تبارك وتعالى: فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ قال: إنّما يعني الخصاء، لم يقبل ذلك منه؛ لأنّ اللفظ ليست فيه دلالة على شيء دون شيء، وإذا كان اللفظ عامّا لم يكن لأحد أن يقصد به إلى شيء بعينه إلّا أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك مع تلاوة الآية، أو يكون جبريل عليه السلام قال ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنّ الله تبارك وتعالى لا يضمر ولا ينوي، ولا يخصّ ولا يعمّ بالقصد؛ وإنّما الدلالة في بنية الكلام نفسه، فصورة الكلام هو الإرادة وهو القصد، وليس بينه وبين الله تعالى عمل آخر كالذي يكون من الناس، تعالى الله عن قول المشبّهة علوّا كبيرا. أبو جرير عن عمار بن أبي عمار أنّ ابن عباس قال في قوله تعالى: وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ قال: هو الخصاء. وأبو جرير عن قتادة عن عكرمة عن ابن عبّاس مثله. أبو داود النّخعيّ، عن محمّد بن سعيد عن عبادة بن نسيّ، عن إبراهيم بن محيريز قال: كان أحبّ الخيل إلى سلف المسلمين، في عهد عمر، وعثمان، ومعاوية، رضي الله تعالى عنهم، الخصيان؛ فإنّها أخفى للكمين والطلائع، وأبقى على الجهد. أبو جرير قال: أخبرني ابن جريج عن عطاء أنّه لم ير بأسا بخصاء الدواب. وأبو جرير عن أيّوب عن ابن سيرين، أنّه لم يكن يرى بأسا بالخصاء، ويقول: لو تركت الفحولة لأكل بعضها بعضا. وعمر ويونس عن الحسن: أنّه لم يكن يرى بأسا بخصاء الدواب. سفيان بن عيينة عن ابن طاوس عن أبيه: أنّه خصى بعيرا.

143 -[أقوال في النتاج المركب]

وسفيان بن عيينة عن مالك بن مغول عن عطاء، أنه سئل عن خصاء البغل فقال: إذا خفت عضاضه. 143-[أقوال في النتاج المركب] ولنصل هذا الكلام بالكلام الذي قبل هذا في الخلق المركب وفي تلاقح الأجناس المختلفة. زعموا أن العسبار ولد الضبع من الذئب، وجمعه عسابر. وقال الكميت: [من مجزوء الكامل] وتجمّع المتفرّقو ... ن من الفراعل العسابر «1» يرميهم بأنّهم أخلاط ومعلهجون. وزعموا أنّ السّمع ولد الذئب من الضبع، ويزعمون أنّ السّمع كالحيّة لا تعرف العلل، ولا تموت حتف أنفها، ولا تموت إلّا بعرض يعرض لها. ويزعمون أنّه لا يعدو شيء كعدو السّمع، وأنّه أسرع من الريح والطّير. وقال سهم بن حنظلة يصف فرسه: [من البسيط] فاعص العواذل وارم اللّيل في عرض ... بذي شبيب يقاسي ليله خببا «2» كالسّمع لم ينقب البيطار سرّته ... ولم يدجه ولم يغمز له عصبا وقال ابن كناسة يصف فرسا: [من الخفيف] كالعقاب الطلوب يضربها الطّ ... لّ وقد صوّبت على عسبار وقال سؤر الذئب: [من الخفيف] هو سمع إذا تمطّر شيئا ... وعقاب يحثّها عسبار يقول: إذا اشتدّ هرب المطلوب الهارب من الطالب الجادّ، فهو أحث للطالب، وإذا صار كذلك صار المطلوب حينئذ في معنى من يحثّ الطلب، إذ صار إفراط سرعته سببا لإفراط طلب العقاب. وقال تأبط شرّا، أو أبو محرز خلف بن حيّان الأحمر: [من المديد] مسبل بالحيّ أحوى رفلّ ... وإذا يعدو فسمع أزلّ «3»

144 -[زعم لأرسطو في النتاج المركب]

وإنّما قال أزلّ وجعله عاديا ووصفه بذلك، لأنّه ابن الذئب. وقال الأصمعي: [من الرجز] يدير عيني لمظة عسباره وقال في موضع آخر: [من الرجز] كأن منها طرفه استعاره وقال آخر: [من الرجز] تلقى بها السّمع الأزلّ الأطلسا وزعموا أنّ ولد الذئب من الكلبة الدّيسم، ورووا لبشّار بن برد في ديسم العنزيّ أنّه قال: [من الطويل] أديسم يا ابن الذئب من نسل زارع ... أتروي هجائي سادرا غير مقصر وزارع: اسم الكلب، يقال للكلاب أولاد زارع. 144-[زعم لأرسطو في النتاج المركب] وزعم صاحب المنطق أنّ أصنافا أخر من السباع المتزاوجات المتلاقحات مع اختلاف الجنس والصورة، معروفة النتاج مثل الذئاب التي تسفد الكلاب في أرض روميّة: قال: وتتولّد أيضا كلاب سلوقية من ثعالب وكلاب. قال: وبين الحيوان الذي يسمّى باليونانيّة طاغريس «1» وبين الكلب، تحدث هذه الكلاب الهندية. قال: وليس يكون ذلك من الولادة الأولى. قال أبو عثمان: عن بعض البصريين عن أصحابه قال: وزعموا أنّ نتاج الأولى يخرج صعبا وحشيّا لا يلقّن ولا يؤلّف. 145-[تلاقح السبع والكلبة] وزعم لي بعضهم عن رجل من أهل الكوفة من بني تميم أنّ الكلبة تعرض لهذا السبع حتّى تلقح، ثم تعرض لمثله مرارا حتى يكون جرو البطن الثالث قليل الصعوبة يقبل التلقين، وأنّهم يأخذون إناث الكلاب، ويربطونها في تلك البراريّ، فتجيء هذه السباع وتسفدها، وليس في الأرض أنثى يجتمع على حبّ سفادها، ولا ذكر يجتمع له من النزوع إلى سفاد الأجناس المختلفة، أكثر في ذلك من الكلب والكلبة.

146 -[أولاد السعلاة]

قال: وإذا ربطوا هذه الكلاب الإناث في تلك البراري، فإن كانت هذه السباع هائجة سفدتها، وإن لم يكن السبع هائجا فالكلبة مأكولة. وقال أبو عدنان «1» : [من الطويل] أيا باكي الأطلال في رسم دمنة ... ترود بها عين المها والجآذر وعانات جوّال وهيق سفنّج ... وسنداوة فضفاضة وحضاجر «2» وسمع خفيّ الرّزّ ثلب ودوبل ... وثرملة تعتادها وعسابر «3» وقد سمعنا ما قال صاحب المنطق من قبل، وما نظنّ بمثله أن يخلّد على نفسه في الكتب شهادات لا يحقّقها الامتحان، ولا يعرف صدقها أشباهه من العلماء، وما عندنا في معرفة ما ادّعى إلّا هذا القول. وأمّا الذين ذكروا في أشعارهم السّمع والعسبار، فليس في ظاهر كلامهم دليل على ما ادّعى عليهم النّاس من هذا التركيب المختلف، فأدّينا الذي قالوا وأمسكنا عن الشهادة، إذ لم نجد عليها برهانا. 146-[أولاد السعلاة] وللنّاس في هذا الضّرب ضروب من الدعوى، وعلماء السوء يظهرون تجويزها وتحقيقها، كالذي يدّعون من أولاد السّعالي من الناس، كما ذكروا عن عمرو بن يربوع «4» ، وكما يروي أبو زيد النحويّ عن السّعلاة التي أقامت في بني تميم حتى ولدت فيهم، فلمّا رأت برقا يلمع من شقّ بلاد السّعالي، حنّت وطارت إليهم، فقال شاعرهم: [من الوافر] رأى برقا فأوضع فوق بكر ... فلا بك ما أسال وما أغاما «5»

147 -[ما زعموا في جرهم]

وأنشدني أن الجنّ طرقوا بعضهم فقال: [من الوافر] أتوا ناري فقلت منون أنتم ... فقالوا الجنّ قلت عموا ظلاما «1» فقلت إلى الطّعام فقال منهم ... زعيم نحسد الإنس الطّعاما ولم أعب الرواية، وإنّما عبت الإيمان بها، والتوكيد لمعانيها. فما أكثر من يروي هذا الضرب على التعجّب منه، وعلى أن يجعل الرواية له سببا لتعريف النّاس حقّ ذلك من باطله، وأبو زيد وأشباهه مأمونون على النّاس؛ إلّا أنّ كلّ من لم يكن متكلّما حاذقا، وكان عند العلماء قدوة وإماما، فما أقرب إفساده لهم من إفساد المتعمّد لإفسادهم! وأنشدوا في تثبيت أولاد السعلاة: [من الرجز] تقول جمع من بوان ووتد ... وحسن أن كلّفتني ما أجد ولم تقل جيء بأبان أو أحد ... أو ولد السّعلاة أو جرو الأسد أو ملك الأعجام مأسورا بقدّ وقال آخر: [من الرجز] يا قاتل الله بني السّعلاة ... عمرا وقابوسا شرار النات «2» 147-[ما زعموا في جرهم] وذكروا أنّ جرهما كان من نتاج ما بين الملائكة وبنات آدم، وكان الملك من الملائكة إذا عصى ربّه في السماء أهبطه إلى الأرض في صورة رجل، وفي طبيعته، كما صنع بهاروت وماروت حين كان من شأنهما وشأن الزّهرة «3» ، وهي أناهيد «4» ما

148 -[ما زعموا في بلقيس وذي القرنين]

كان، فلّما عصى الله تعالى بعض الملائكة وأهبطه إلى الأرض في صورة رجل، تزوّج أمّ جرهم فولدت له جرهما، ولذلك قال شاعرهم: [من الرجز] لا همّ إنّ جرهما عبادكا ... الناس طرف وهم تلادكا «1» 148-[ما زعموا في بلقيس وذي القرنين] ومن هذا النسل ومن هذا التركيب والنجل كانت بلقيس ملكة سبأ «2» ، وكذلك كان ذو القرنين كانت أمّه فيرى آدميّة وأبوه عبرى من الملائكة. ولذلك لما سمع عمر بن الخطّاب رضي الله تعالى عنه رجلا ينادي: يا ذا القرنين، فقال: أفرغتم من أسماء الأنبياء فارتفعتم إلى أسماء الملائكة؟. وروى المختار بن أبي عبيد أنّ عليّا كان إذا ذكر ذا القرنين قال: ذلك الملك الأمرط. 149-[زواج الإنس بالجن] وزعموا أنّ التناكح والتلاقح قد يقع بين الجنّ والإنس «3» ، لقوله تعالى: وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ «4» . وذلك أن الجنّيّات إنّما تعرض لصرع رجال الإنس على جهة التعشّق وطلب السّفاد، وكذلك رجال الجنّ لنساء بني آدم، ولولا ذلك لعرض الرّجال للرّجال، والنّساء للنساء، ونساؤهم للرجال والنساء. ومن زعم أن الصّرع من المرّة، ردّ قوله تعالى: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِ «5» وقال تعالى: لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ* «6» . فلو كان الجانّ لا يفتضّ الآدميّات، ولم يكن ذلك قطّ، وليس ذلك في تركيبه، لما قال الله تعالى هذا القول. 150-[تركيب النسناس] وزعموا أنّ النّسناس تركيب ما بين الشقّ والإنسان. ويزعمون أنّ خلقا من وراء

151 -[زعم المجوس في بدء الخلق]

السدّ تركيب من النّسناس، والناس، والشقّ، ويأجوج ومأجوج. وذكروا عن الواق واق والدوال باي «1» أنهم نتاج ما بين بعض النّبات والحيوان. وذكروا أنّ أمّة كانت في الأرض، فأمر الله تعالى الملائكة فأجلوهم؛ وإيّاهم عنوا بقولهم: أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ «2» . ولذلك قال الله عزّ وجلّ لآدم وحواء: وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ* «3» . فهذا يدلّ على أن ظالما وظلما قد كان في الأرض. قال الأصمعيّ- أو خلف- في أرجوزة مشهورة، ذكر فيها طول عمر الحيّة: [من الرجز] أرقش إن أسبط أو تثنّى ... حسبت ورسا خالط اليرنّا «4» خالطه من هاهنا وهنّا ... إذا تراءاه الحواة استنّا «5» قال: وكان يقال لتلك الأمّة مهنا. 151-[زعم المجوس في بدء الخلق] وزعم المجوس أنّ الناس من ولد مهنة ومهنينة، وأنّهما تولدا فيما بين أرحام الأرضين، ونطفتين ابتدرتا من عيني ابن هرمز حين قتله هرمز. وحماقات أصحاب الاثنين كثيرة في هذا الباب. ولولا أنّي أحببت أن تسمع نوعا من الكلام، ومبلغ الرأي، لتحدث لله تعالى شكرا على السلامة، لما ذكرت كثيرا من هذا الجنس. 152-[صديق إبليس وختنه] وزعم ابن هيثم أنّه رأى بالكوفة فتى من ولد عبد الله بن هلال الحميري، صديق إبليس وختنه، وأنّهم كانوا لا يشكّون أنّ إبليس جدّه من قبل أمّهاته. وسنقول في ذلك بالذي يجب إن شاء الله تعالى. وصلة هذا الكلام تجيء بعد هذا إن شاء الله تعالى.

153 -[حوار في الكلب]

153-[حوار في الكلب] وقلت: ولو تمّ للكلب معنى السبع وطباعه، لما ألف الإنسان، واستوحش من السبع، وكره الغياض، وألف الدّور، واستوحش من البراري وجانب القفار، وألف المجالس والدّيار. ولو تمّ له معنى البهيمة في الطبع والخلق والغذاء، لما أكل الحيوان، وكلب على النّاس. نعم حتّى ربّما كلب ووثب على صاحبه وكلب على أهله. وقد ذكر ذلك طرفة فقال: [من المنسرح] كنت لنا والدّهور آونة ... تقتل حال النّعيم بالبؤس «1» ككلب طسم وقد تربّبه ... يعلّه بالحليب في الغلس ظلّ عليه يوما يفرفره ... إلّا يلغ في الدماء ينتهس وقال حاجب بن دينار المازنيّ في مثل ذلك: [من الطويل] وكم من عدوّ قد أعنتم عليكم ... بمال وسلطان إذا سلم الحبل «2» كذي الكلب لمّا أسمن الكلب رابه ... بإحدى الدّواهي حين فارقه الجهل وقال عوف بن الأحوص: [من الطويل] فإنّي وقيسا كالمسمّن كلبه ... تخدّشه أنيابه وأظافره وأنشد ابن الأعرابي لبعضهم: [من الطويل] وهم سمّنوا كلبا ليأكل بعضهم ... ولو ظفروا بالحزم ما سمّن الكلب «3» وفي المثل: «سمّن كلبك يأكلك» «4» . وكان رجل من أهل الشام مع الحجّاج بن يوسف، وكان يحضر طعامه، فكتب إلى أهله يخبرهم بما هو فيه من الخصب، وأنه قد سمن فكتبت إليه امرأته: [من الطويل] أتهدي لي القرطاس والخبز حاجتي ... وأنت على باب الأمير بطين «5»

إذا غبت لم تذكر صديقا وإن تقم ... فأنت على ما في يديك ضنين فأنت ككلب السّوء في جوع أهله ... فيهزل أهل الكلب وهو سمين وفي المثل: «سمن كلب في جوع أهله» ، وذلك أنه عند السّواف «1» يصيب المال، والإخداج «2» يعرض للنّوق، يأكل الجيف فيسمن. وعلى أنه حارس محترس منه، ومؤنس شديد الإيحاش من نفسه، وأليف كثير الخيانة على إلفه. وإنما اقتنوه على أن ينذرهم بموضع السارق، وتركوا طرده لينبههم على مكان المبيّت. وهو أسرق من كل سارق، وأدوم جناية من ذلك المبيّت. ويدلّ على أنّه سروق عندهم، قول الشاعر: [من الطويل] أفي أن سرى كلب فبيّت جلّة ... وجبجبة للوطب ليلى تطلق «3» فهو سرّاق، وصاحب بيات، وهو نبّاش، وآكل لحوم النّاس. ألا إنّه يجمع سرقة الليل مع سرقة النّهار، ثم لا تجده أبدا يمشي في خزانة، أو مطبخ، أو عرصة دار، أو في طريق، أو في براريّ، أو في ظهر جبل، أو في بطن واد، إلّا وخطمه في الأرض يتشمّم ويستروح، وإن كانت الأرض بيضاء حصّاء ودوّيّة ملساء، أو صخرة خلقاء؛ حرصا وجشعا، وشرها وطمعا «4» . نعم حتّى لا تجده أيضا يرى كلبا إلّا اشتمّ استه، ولا يتشمّم غيرها منه، ولا تراه يرمى بحجر أيضا أبدا إلّا رجع إليه فعضّ عليه؛ لأنّه لمّا كان لا يكاد يأكل إلّا شيئا رموا به إليه صار ينسى لفرط شرهه وغلبة الجشع على طبعه، أنّ الرامي إنّما أراد عقره أو قتله، فيظنّ لذلك أنّه إنّما أراد إطعامه والإحسان إليه. كذلك يخيّل إليه فرط النّهم وتوهمه غلبة الشّره، ولكنّه رمى بنفسه على الناس عجزا ولؤما، وفسولة ونقصا «5» ، وخاف السباع واستوحش من الصّحارى. ولمّا سمعوا بعض المفسّرين يقول في قوله تعالى: وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌ

154 -[حوار في الديك]

مَعْلُومٌ. لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ «1» إنّ المحروم هو الكلب «2» ؛ وسمعوا في المثل: «اصنعوا المعروف ولو إلى الكلب» «3» عطفوا عليه واتّخذوه في الدّور. وعلى أنّ ذلك لا يكون إلّا من سفلتهم وأغبيائهم، ومن قلّ تقزّزه وكثر جهله، وردّ الآثار إمّا جهلا وإمّا معاندة. 154-[حوار في الديك] وأما الديك فمن بهائم الطير وبغاثها، ومن كلولها والعيال على أربابها، وليس من أحرارها ولا من عتاقها وجوارحها، ولا ممّا يطرب بصوته ويشجي بلحنه، كالقماريّ والدّباسيّ «4» والشّفانين «5» والوراشين والبلابل والفواخت، ولا ممّا يونق بمنظره ويمتع الأبصار حسنه، كالطواويس والتّدارج «6» ، ولا مما يعجب بهدايته ويعقد الذمام بإلفه ونزاعه، وشدة أنسه وحنينه، وتريده بإرادته لك، وتعطف عليه لحبّه إياك، كالحمام، ولا هو أيضا من ذوات الطيران منها، فهو طائر لا يطير، وبهيمة لا يصيد، ولا هو أيضا مما يكون صيدا فيمتع من هذه الجهة ويراد لهذه اللّذة. والخفّاش أمرط، وهو جيّد الطيران، والدّيك كاس وهو لا يطير. وأيّ شيء أعجب من ذي ريش أرضيّ، ومن ذي جلدة هوائيّ. وأجمع الخلق لخصال الخير الإنسان، وليس الزّواج إلّا في الإنسان وفي الطير، فلو كان الديك من غير الطير ثمّ كان ممن لا يزاوج، لقد كان قد منع هذه الفضيلة وعدم هذه المشاكلة الغريبة، وحرم هذا السّبب الكريم والشّبه المحمود. فكيف وهو لا يزاوج، وهو من الطير الذي ليس الزواج والإلف وثبات العهد، وطلب الذرء وحبّ النّسل، والرجوع إلى السكن والحنين إلى الوطن- إلّا له وللإنسان. وكلّ شيء لا يزاوج فإنّما دخله النقص وخسر هذه الفضيلة من جهة واحدة، وقد دخل الديك النقص من جهتين. ووصف أبو الأخزر الحمّانيّ الحمار وعير العانة خاصّة، فإنّه أمثل في باب المعرفة من الأهليّ، فذكر كيف يضرب في الأتن، ووصف استبهامه عن طلب

الولد، وجهله بموضع الذّرء، وأنّ الولد لم يجئ منه عن طلب له، ولكن النّطفة البريئة من الأسقام، إذا لاقت الأرحام البريئة من الأسقام حدث النّتاج على الخلقة، وعلى ما سوّيت عليه البنية. وذكر أنّ نزوه على الأتان، من شكل نزوه على العير، وإنّما ذلك على قدر ما يحضره من الشّبق، ثمّ لا يلتفت إلى دبر من قبل، وإلى ما يلقح من مثله ممّا لا يلقح فقال: [من الرجز] لا مبتغي الضّنء ولا بالعازل يقول: هو لا يريد الولد ولا يعزل. والأشياء التي تألف الناس ولا تريد سواهم، ولا تحنّ إلى غيرهم، كالعصفور والخطّاف والكلب والسّنّور. والدّيك لا يألف منزله ولا ربعه ولا ينازع إلى دجاجته ولا طروقته، ولا يحنّ إلى ولده، بل لم يدر قطّ أنّ له ولدا؛ ولو درى لكان على درايته دليل، فإذ قد وجدناه لبيضه وفراريجه الكائنة منه، كما نجده لما لم يلده ولما ليس من شكله ولا يرجع إلى نسبه، فكيف تعرف الأمور إلّا بهذا وشبهه. وهو مع ذلك أبله لا يعرف أهل داره، ومبهوت لا يثبت وجه صاحبه، وهو لم يخلق إلّا عنده وفي ظلّه، وفي طعامه وشرابه، وتحت جناحه. والكلب على ما فيه يعرف صاحبه، وهو والسّنّور يعرفان أسماءهما، ويألفان موضعهما، وإن طردا رجعا، وإن أجيعا صبرا، وإن أهينا احتملا. والديك يكون في الدار من لدن كان فرّوجا صغيرا إلى أن صار ديكا كبيرا، وهو إن خرج من باب الدار، أو سقط على حائط من حيطان الجيران. أو على موضع من المواضع، لم يعرف كيف الرّجوع، وإن كان يرى منزله قريبا، وسهل المطلب يسيرا، ولا يذكر ولا يتذكّر، ولا يهتدي ولا يتصوّر له كيف يكون الاهتداء، ولو حنّ لطلب، ولو احتاج لالتمس. ولو كان هذا الخبر في طباعه لظهر، ولكنّها طبيعة بلهاء مستبهمة، طامحة وذاهلة، ثمّ يسفد الدّجاجة ولا يعرفها، هذا مع شدّة حاجته إليهنّ وحرصه على السّفاد، والحاجة تفتق الحيلة، وتدلّ على المعرفة، إلّا ما عليه الديك؛ فإنّه مع حرصه على السّفاد، لا يعرف التي يسفد، ولا يقصد إلى ولد، ولا يحضن بيضا ولا يعطفه رحم، فهو من ها هنا أحمق من الحبارى «1» وأعقّ من الضبّ «2» . وقال عثمان بن عفّان رضي الله تعالى عنه: «كلّ شيء يحبّ ولده حتى

155 -[أكل الهرة أولادها]

الحبارى» «1» . فضرب بها المثل كما ترى في الموق والغفلة، وفي الجهل والبله. وتقول العرب: «أعقّ من الضّبّ» ؛ لأنّه يأكل حسوله. 155-[أكل الهرة أولادها] وكرم عند العرب حظّ الهرّة، لقولهم: أبرّ من هرّة «2» ، وأعقّ من ضبّ. فوجّهوا أكل الهرّة أولادها على شدّة الحبّ لها، ووجّهوا أكل الضبّ لها على شدّة البغض لها، وليس ينجو منه شيء منها إلّا بشغله بأكل إخوته عنه، وليس يحرسها ممّا يأكلها إلّا ليأكلها. ولذلك قال العملّس بن عقيل، لأبيه عقيل بن علّفة: [من الوافر] أكلت بنيك أكل الضّبّ حتّى ... وجدت مرارة الكلأ الوبيل «3» فلو أنّ الألى كانوا شهودا ... منعت فناء بيتك من بجيل وقال أيضا: [من الوافر] أكلت بنيك أكل الضّبّ حتّى ... تركت بنيك ليس لهم عديد «4» وشبّه السّيّد بن محمّد الحميريّ، عائشة رضي الله تعالى عنها في نصبها الحرب يوم الجمل لقتال بنيها، بالهرّة حين تأكل أولادها، فقال: [من السريع] جاءت مع الأشقين في هودج ... تزجي إلى البصرة أجنادها «5» كأنّها في فعلها هرّة ... تريد أن تأكل أولادها 156-[رعاية الذئبة لولد الضبع] وتقول العرب أيضا: «أحمق من جهيزة» «6» ، وهي عرس الذئب؛ لأنّها تدع ولدها وترضع ولد الضبع.

157 -[رعاية الذئب لولد الضبع]

قال: وهذا معنى قول ابن جذل الطّعان. [من الطويل] كمرضعة أولاد أخرى وضّيّعت ... بنيها فلم ترقع بذلك مرقعا «1» 157-[رعاية الذئب لولد الضبع] ويقولون: إنّ الضبع إذا صيدت أو قتلت، فإنّ الذئب يأتي أولادها باللحم. وأنشد الكميت: [من الطويل] كما خامرت في حضنها أمّ عامر ... لذي الحبل حتى عال أوس عيالها «2» وأوس هو الذئب. وقال في ذلك: [من مجزوء الكامل] في كلّ يوم من ذؤاله ... ضغث يزيد على إباله «3» فلأحشأنّك مشقصا ... أوسا أويس من الهباله الأوس: الإعطاء، وأويس هو الذئب. وقال في ذلك الهذليّ: [من الرجز] يا ليت شعري عنك والأمر أمم ... ما فعل اليوم أويس في الغنم» وقال أميّة بن أبي الصّلت: [من الكامل] وأبو اليتامى كان يحسن أوسهم ... ويحوطهم في كلّ عام جامد «5» 158-[حمق بعض الطيور] ويقولون: «أحمق من نعامة» «6» كما يقولون: «أشرد من نعامة» «7» قالوا ذلك

159 -[الفرخ والفروج]

لأنّها تدع الحضن على بيضها ساعة الحاجة إلى الطّعم، فإن هي في خروجها ذلك رأت بيض أخرى قد خرجت للطّعم، حضنت بيضها ونسيت بيض نفسها، ولعلّ تلك أن تصاد فلا ترجع إلى بيضها بالعراء حتّى تهلك. قالوا: ولذلك قال ابن هرمة: [من المتقارب] فإنّي وتركي ندى الأكرمين ... وقدحي بكفّي زندا شحاحا «1» كتاركة بيضها بالعراء ... وملبسة بيض أخرى جناحا وقد تحضن الحمام على بيض الدّجاج، وتحضن الدّجاجة بيض الطاوس، فأمّا أن يدع بيضه ويحضن بيض الدّجاجة، أو تدع الدجاجة بيضها وتحضن بيض الطاوس فلا. فأمّا فرّوج الدّجاجة إذا خرج من تحت الحمامة؛ فإنّه يكون أكيس «2» . وأمّا الطاوس الذي يخرج من تحت الدّجاجة فيكون أقلّ حسنا وأبغض صوتا. 159-[الفرخ والفروج] وكلّ بيضة في الأرض فإنّ اسم الذي فيها والذي يخرج منها فرخ، إلّا بيض الدّجاج فإنّه يسمى فرّوجا. ولا يسمّى فرخا، إلّا أن الشعراء يجعلون الفرّوج فرخا على التوسّع في الكلام. ويجوّزون في الشعر أشياء لا يجوّزونها في غير الشعر، قال الشاعر: [من الطويل] لعمري لأصوات المكاكيّ بالضّحى ... وسود تداعى بالعشيّ نواعبه «3» أحبّ إلينا من فراخ دجاجة ... ومن ديك أنباط تنوس غباغبه وقال الشمّاخ بن ضرار: [من الوافر] ألا من مبلغ خاقان عنّي ... تأمّل حين يضربك الشّتاء «4» فتجعل في جنابك من صغير ... ومن شيخ أضرّ به الفناء فراخ دجاجة يتبعن ديكا ... يلذن به إذا حمس الوغاء

160 -[حوار في الكلب والديك]

160-[حوار في الكلب والديك] فإن قلت: وأيّ شيء بلغ من قدر الكلب وفضيلة الديك، حتّى يتفرّغ لذكر محاسنهما ومساويهما، والموازنة بينهما والتنوية بذكرهما، شيخان من علية المتكلّمين، ومن الجلة المتقدّمين. وعلى أنّهما متى أبرما هذا الحكم وأفصحا بهذه القضيّة، صار بهذا التدبير بهما حظّ وحكمة وفضيلة وديانة، وقلدهما كلّ من هو دونهما، وسيعود ذلك عذرا لهما إذا رأيتهما يوازيان بين الذّبّان وبنات وردان، وبين الخنافس والجعلان، وبين جميع أجناس الهمج وأصناف الحشرات، والخشاش، حتّى البعوض والفراش والديدان والقردان «1» فإن جاز هذا في الرأي وتمّ عليه العمل، صار هذا الضّرب من النظر عوضا من النّظر في التوحيد، وصار هذا الشكل من التمييز خلفا من التعديل والتجوير، وسقط القول في الوعد والوعيد، ونسي القياس والحكم في الاسم، وبطل الردّ على أهل الملل، والموازنة بين جميع النّحل، والنظر في مراشد الناس ومصالحهم، وفي منافعهم ومرافقهم؛ لأنّ قلوبهم لا تتّسع للجميع، وألسنتهم لا تنطلق بالكلّ. وإنّما الرأي أن تبدأ من الفتق بالأعظم، والأخوف فالأخوف. وقلت: وهذا باب من أبواب الفراغ وشكل من أشكال التطرّف وطريق من طرق المزاح، وسبيل من سبل المضاحك. ورجال الجدّ غير رجال الهزل، وقد يحسن بالشّباب ويقبح مثله من الشيوخ، ولولا التحصيل والموازنة، والإبقاء على الأدب، والدّيانة بشدّة المحاسبة، لما قالوا: لكلّ مقام مقال «2» ، ولكلّ زمان رجال «3» ، ولكلّ ساقطة لاقطة «4» ، ولكلّ طعام أكلة «5» . 161-[تنوع الملكات وقوتها وضرورة ظهورها] قد زعم أناس أنّ كلّ إنسان فيه آلة لمرفق من المرافق، وأداة لمنفعة من المنافع، ولا بدّ لتلك الطبيعة من حركة وإن أبطأت، ولا بدّ لذلك الكامن من ظهور، فإن أمكنه ذلك بعثه، وإلّا سرى إليه كما يسري السمّ في البدن، ونمى كما ينمي العرق، كما أنّ البزور البرّيّة، والحبّة الوحشيّة الكامنة في أرحام الأرضين، لا بدّ لها من حركة

162 -[من سار على غير طبعه]

عند زمان الحركة، ومن التفتّق والانتشار في إبّان الانتشار. وإذا صارت الأمطار لتلك الأرحام كالنّطفة، وكان بعض الأرض كالأم الغاذية فلا بدّ لكلّ ثدي قويّ أن يظهر قوّته، كما قال الأوّل: [من الطويل] ولا بدّ للمصدور يوما من النّفث «1» وقال: [من الطويل] ولا بدّ من شكوى إذا لم يكن صبر «2» ولذلك صار طلب الحساب أخفّ على بعضهم، وطلب الطّبّ أحبّ إلى بعضهم. وكذلك النّزاع إلى الهندسة، وشغف أهل النّجوم بالنّجوم. وكذلك أيضا ربّما تحرّك له بعد الكبرة، وصرف رغبته إليه بعد الكهولة، على قدر قوّة العرق في بدنه، وعلى قدر الشّواغل له وما يعترض عليه، فتجد واحدا يلهج بطلب الغناء واللحون، وآخر يلهج بشهوة القتال، حتى يكتتب مع الجند، وآخر يختار أن يكون ورّاقا، وآخر يختار طلب الملك، وتجد حرصهم على قدر العلل الباطنة المحرّكة لهم، ثمّ لا تدري كيف عرض لهذا هذا السّبب دون الآخر إلّا بجملة من القول، ولا تجد المختار لبعض هذه الصناعات على بعض يعلم لم اختار ذلك في جملة ولا تفسير، إذ كان لم يجر منه على عرق، ولا اختاره على إرث. 162-[من سار على غير طبعه] وليس العجب من رجل في طباعه سبب يصل بينه وبين بعض الأمور ويحرّكه في بعض الجهات، ولكنّ العجب ممّن يموت مغنّيا وهو لا طبع له في معرفة الوزن، وليس له جرم حسن «3» ، فيكون إن فاته أن يكون معلّما ومغنّي خاصّة أن يكون مطربا ومغنّي عامّة، وآخر قد مات أن يذكر بالجود، وأن يسخّى على الطعام، وهو أبخل الخلق طبعا. فتراه كلفا باتّخاذ الطيّبات ومستهترا بالتكثير منها. ثمّ هو أبدا مفتضح وأبدا منتقض الطباع، ظاهر الخطأ، سيّئ الجزع عند مؤاكلة من كان هو الداعي له، والمرسل إليه، والعارف مقدار لقمه ونهاية أكله. فإن زعمتم أنّ كلّ واحد من هؤلاء إنّما هو رهن بأسبابه. وأسير في أيدي علله،

163 -[امتزاج الخير بالشر من مصلحة الكون]

عذرتم جميع اللئام وجميع المقصّرين، وجميع الفاسقين والضالّين. وإن كان الأمر إلى التمكين دون التسخير. أفليس من أعجب العجب ومن أسوأ التقدير التمثيل بين الدّيكة والكلاب. قد عرفنا قولك، وفهمنا مذهبك. فأما قولك: «وما بلغ من خطر الديك وقدر الكلب» فإنّ هذا ونحوه كلام عبد لم يفهم عن ربّه، ولم يعقل عن سيّده، إلّا بقدر فهم العامّة أو الطبقة التي تلي العامّة. كأنّك، فهّمك الله تعالى، تظن أنّ خلق الحيّة والعقرب، والتدبير في خلق الفراش والذباب، والحكمة في خلق الذئاب والأسد وكلّ مبغّض إليك أو محقّر عندك، أو مسخّر لك أو واثب عليك، أنّ التدبير فيه مختلف أو ناقص، وأنّ الحكمة فيه صغيرة أو ممزوجة. 163-[امتزاج الخير بالشر من مصلحة الكون] اعلم أنّ المصلحة في أمر ابتداء الدنيا إلى انقضاء مدّتها امتزاج الخير بالشرّ، والضارّ بالنافع، والمكروه بالسارّ، والضّعة بالرّفعة، والكثرة بالقلّة. ولو كان الشرّ صرفا هلك الخلق، أو كان الخير محضا سقطت المحنة وتقطّعت أسباب الفكرة، ومع عدم الفكرة يكون عدم الحكمة، ومتى ذهب التخيير ذهب التمييز، ولم يكن للعالم تثبّت وتوقّف وتعلّم، ولم يكن علم، ولا يعرف باب التبيّن، ولا دفع مضرة، ولا اجتلاب منفعة، ولا صبر على مكروه ولا شكر على محبوب، ولا تفاضل في بيان، ولا تنافس في درجة، وبطلت فرحة الظّفر وعزّ الغلبة، ولم يكن على ظهرها محقّ يجد عزّ الحق، ومبطل يجد ذلّة الباطل، وموقن يجد برد اليقين، وشاكّ يجد نقص الحيرة وكرب الوجوم؛ ولم تكن للنفوس آمال ولم تتشعّبها الأطماع. ومن لم يعرف كيف الطّمع لم يعرف اليأس، ومن جهل اليأس جهل الأمن، وعادت الحال من الملائكة الذين هم صفوة الخلق، ومن الإنس الذين فيهم الأنبياء والأولياء، إلى حال السبع والبهيمة، وإلى حال الغباوة والبلادة، وإلى حال النجوم في السّخرة؛ فإنها أنقص من حال البهائم في الرّتعة. ومن هذا الذي يسرّه أن يكون الشمس والقمر والنّار والثلج، أو برجا من البروج أو قطعة من الغيم؛ أو يكون المجرّة بأسرها، أو مكيالا من الماء أو مقدارا من الهواء؟! وكلّ شيء في العالم فإنما هو للإنسان ولكلّ مختبر ومختار، ولأهل العقول والاستطاعة، ولأهل التبيّن والرويّة.

وأين تقع لذّة البهيمة بالعلوفة، ولذّة السبع بلطع الدّم وأكل اللحم- من سرور الظّفر بالأعداء؛ ومن انفتاح باب العلم بعد إدمان القرع؟ وأين ذلك من سرور السّودد ومن عزّ الرياسة؟ وأين ذلك من حال النّبوّة والخلافة، ومن عزّهما وساطع نورهما. وأين تقع لذّة درك الحواسّ الذي هو ملاقاة المطعم والمشرب، وملاقاة الصوت المطرب واللّون المونق، والملمسة الليّنة- من السرور بنفاذ الأمر والنّهي، وبجواز التوقيع، وبما يوجب الخاتم من الطاعة ويلزم من الحجّة؟!. ولو استوت الأمور بطل التمييز، وإذا لم تكن كلفة لم تكن مثوبة، ولو كان ذلك لبطلت ثمرة التوكّل على الله تعالى، واليقين بأنّه الوزر والحافظ، والكالئ والدافع، وأنّ الذي يحاسبك أجود الأجودين، وأرحم الراحمين، وأنه الذي يقبل اليسير ويهب الكثير، ولا يهلك عليه إلّا هالك. ولو كان الأمر على ما يشتهيه الغرير والجاهل بعواقب الأمور، لبطل النّظر وما يشحذ عليه «1» ، وما يدعو إليه، ولتعطّلت الأرواح من معانيها، والعقول من ثمارها، ولعدمت الأشياء حظوظها وحقوقها. فسبحان من جعل منافعها نعمة، ومضارّها ترجع إلى أعظم المنافع، وقسّمها بين ملذّ ومؤلم، وبين مؤنس وموحش، وبين صغير حقير وجليل كبير، وبين عدوّ يرصدك وبين عقيل يحرسك، وبين مسالم يمنعك، وبين معين يعضدك، وجعل في الجميع تمام المصلحة، وباجتماعها تتمّ النعمة، وفي بطلان واحد منها بطلان الجميع، قياسا قائما وبرهانا واضحا. فإنّ الجميع إنّما هو واحد ضمّ إلى واحد وواحد ضمّ إليهما، ولأن الكلّ أبعاض، ولأنّ كلّ جثّة فمن أجزاء، فإذا جوّزت رفع واحد والآخر مثله في الوزن وله مثل علّته وحظّه ونصيبه، فقد جوّزت رفع الجميع؛ لأنّه ليس الأول بأحقّ من الثاني في الوقت الذي رجوت فيه إبطال الأوّل، والثاني كذلك والثالث والرابع، حتّى تأتي على الكلّ وتستفرغ الجميع. كذلك الأمور المضمّنة والأسباب المقيّدة؛ ألا ترى أنّ الجبل ليس بأدلّ على الله تعالى من الحصاة، وليس الطاوس المستحسن بأدلّ على الله تعالى من الخنزير المستقبح. والنار والثلج وإن اختلفا في جهة البرودة والسّخونة، فإنّهما لم يختلفا في جهة البرهان والدّلالة. وأظنّك ممّن يرى أنّ الطاوس أكرم على الله تعالى من الغراب، وأن التّدرج «2»

164 -[الحكم الظاهر والحكم الباطن]

أعزّ على الله تعالى من الحدأة، وأنّ الغزال أحبّ إلى الله تعالى من الذئب. فإنّما هذه أمور فرّقها الله تعالى في عيون الناس، وميّزها في طبائع العباد، فجعل بعضها بهم أقرب شبها، وجعل بعضها إنسيّا، وجعل بعضها وحشيّا، وبعضها غاذيا، وبعضها قاتلا. وكذلك الدّرّة والخرزة والتمرة والجمرة. فلا تذهب إلى ما تريك العين واذهب إلى ما يريك العقل. 164-[الحكم الظاهر والحكم الباطن] وللأمور حكمان: حكم ظاهر للحواس، وحكم باطن للعقول. والعقل هو الحجّة. وقد علمنا أنّ خزنة النار من الملائكة، ليسوا بدون خزنة الجنّة؛ وأنّ ملك الموت ليس بدون ملك السّحاب، وإن أتانا بالغيث وجلب الحياء «1» ؛ وجبريل الذي ينزل بالعذاب، ليس بدون ميكائيل الذي ينزل بالرحمة؛ وإنّما الاختلاف في المطيع والعاصي، وفي طبقات ذلك ومواضعه. والاختلاف بين أصحابنا أنّهم إذا استووا في المعاصي استووا في العقاب، وإذا استووا في الطاعة استووا في الثواب، وإذا استووا في عدم الطاعة والمعصية استووا في التفضل. هذا هو أصل المقالة، والقطب الذي تدور عليه الرحى. 165-[التين والزيتون] وقد قال الله عزّ وجلّ: وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ «2» فزعم زيد بن أسلم أنّ التّين دمشق، والزيتون فلسطين «3» . وللغالية في هذا تأويل أرغب بالعترة عنه وذكره. وقد أخرج الله تبارك وتعالى الكلام مخرج القسم. وما تعرف دمشق إلّا بدمشق، ولا فلسطين إلّا بفلسطين. فإن كنت إنّما تقف من ذكر التين على مقدار طعم يابسه ورطبه، وعلى الاكتنان بورقه وأغصانه، والوقود بعيدانه، وأنّه نافع لصاحب السّلّ، وهو غذاء قويّ ويصلح في مواضع من الدواء، وفي الأضمدة، وأنّه ليس شيء حلو إلّا وهو ضارّ بالأسنان غيره، وأنّه عند أهل الكتاب الشّجرة التي أكل منها آدم عليه السلام، وبورقها ستر السّوءة عند نزول العقوبة، وأنّ صاحب البواسير يأكله ليزلق عنه الثفل، ويسهل عليه مخرج الزّبل؛ وتقف من الزيتون على زيته والاصطباح به، وعلى

166 -[التأمل في جناح البعوضة]

التأدّم بهما والوقود بشجرهما، وما أشبه ذلك من أمرهما- فقد أسأت ظنّا بالقرآن، وجهلت فضل التأويل. وليس لهذا المقدار عظّمهما الله عزّ وجلّ، وأقسم بهما ونوّه بذكرهما. 166-[التأمل في جناح البعوضة] ولو وقفت على جناح بعوضة وقوف معتبر، وتأمّلته تأمّل متفكّر بعد أن تكون ثاقب النّظر سليم الآلة، غوّاصا على المعاني، لا يعتريك من الخواطر إلّا على حسب صحّة عقلك، ولا من الشواغل إلّا ما زاد في نشاطك، لملأت ممّا توجدك العبرة من غرائب الطوامير الطّوال، والجلود الواسعة الكبار، ولرأيت أنّ له من كثرة التصرّف في الأعاجيب، ومن تقلّبه في طبقات الحكمة، ولرأيت له من الغزر والرّيع، ومن الحلب والدّرّ ولتبجّس عليك من كوامن المعاني ودفائنها، ومن خفيّات الحكم وينابيع العلم، ما لا يشتدّ معه تعجّبك ممّن وقف على ما في الدّيك من الخصال العجيبة، وفي الكلب من الأمور الغريبة، ومن أصناف المنافع، وفنون المرافق؛ وما فيهما من المحن الشّداد، ومع ما أودعا من المعرفة، التي متى تجلّت لك تصاغر عندك كبير ما تستعظم، وقلّ في عينك كثير ما تستكثر. كأنّك تظنّ أنّ شيئا وإن حسن عندك في ثمنه ومنظره، أنّ الحكمة التي هي في خلقه إنّما هي على مقدار ثمنه ومنظره. 167-[كلمات الله] وقد قال الله تعالى: وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ «1» والكلمات في هذا الموضع، ليس يريد بها القول والكلام المؤلّف من الحروف، وإنّما يريد النّعم والأعاجيب، والصفات وما أشبه ذلك، فإنّ كلّا من هذه الفنون لو وقف عليه رجل رقيق اللسان صافي الذهن، صحيح الفكر تامّ الأداة، لما برح أن تحسره المعاني وتغمره الحكم. 168-[الموازنة والمقابلة بين نوعين] وقد قال المتكلمون والرؤساء والجلّة العظماء في التمثيل بين الملائكة والمؤمنين، وفي فرق ما بين الجنّ والإنس. وطباع الجنّ أبعد من طباع الإنس، ومن طباع الديك، ومن طباع الكلب. وإنّما ذهبوا إلى الطاعة والمعصية. ويخيّل إليّ أنك لو كنت سمعتهما يمثّلان ما بين التّدرج والطاوس، لما اشتدّ تعجّبك. ونحن نرى أنّ

169 -[تشبيه الإنسان بالقمر والشمس ونحوهما]

تمثيل ما بين خصال الدّرّة والحمامة، والفيل والبعير، والثّعلب والذيب أعجب، ولسنا نعني أنّ للدّرّة ما للطاوس من حسن ذلك الريش وتلاوينه وتعاريجه، ولا أنّ لها غناء الفرس في الحرب والدّفع عن الحريم؛ لكنّا إذا أردنا مواضع التدبير العجيب من الخلق الخسيس، والحسّ اللطيف من الشيء السخيف، والنّظر في العواقب من الخلق الخارج من حدود الإنس والجنّ والملائكة، لم نذهب إلى ضخم البدن وعظم الحجم، ولا إلى المنظر الحسن ولا إلى كثرة الثمن. وفي القرد أعاجيب وفي الدّبّ أعاجيب، وليس فيهما كبير مرفق إلّا بقدر ما تتكسّب به أصحاب القردة، وإنما قصدنا إلى شيئين يشيع القول فيهما، ويكثر الاعتبار ممّا يستخرج العلماء من خفيّ أمرهما. ولو جمعنا بين الدّيك وبين بعض ما ذكرت، وبين الكلب وبين بعض ما وصفت، لانقطع القول قبل أن يبلغ حدّ الموازنة والمقابلة. وقد ذكرت أنّ بعض ما دعاك إلى الإنكار عليهما والتعجّب من أمرهما، سقوط قدر الكلب ونذالته، وبله الدّيك وغباوته، وأنّ الكلب لا بهيمة تامّة ولا سبع تامّ، وما كان ليخرجه من شيء من حدود الكلاب إلى حدود الناس، مقدار ما هو عليه من الأنس بهم، فقد يكون في الشيء بعض الشبه من شيء ولا يكون ذلك مخرجا لهما من أحكامهما وحدودهما. 169-[تشبيه الإنسان بالقمر والشمس ونحوهما] وقد يشبّه الشعراء والعلماء والبلغاء الإنسان بالقمر والشمس، والغيث والبحر، وبالأسد والسيف، وبالحيّة وبالنّجم، ولا يخرجونه بهذه المعاني إلى حدّ الإنسان. وإذا ذمّوا قالوا: هو الكلب والخنزير، وهو القرد والحمار، وهو الثور، وهو التّيس، وهو الذيب، وهو العقرب، وهو الجعل، وهو القرنبى؛ ثم لا يدخلون هذه الأشياء في حدود الناس ولا أسمائهم، ولا يخرجون بذلك الإنسان إلى هذه الحدود وهذه الأسماء. وسمّوا الجارية غزالا، وسمّوها أيضا خشفا، ومهرة، وفاختة، وحمامة، وزهرة، وقضيبا، وخيزرانا، على ذلك المعنى. وصنعوا مثل ذلك بالبروج والكواكب، فذكروا الأسد والثور، والحمل والجدي، والعقرب والحوت، وسمّوها بالقوس والسّنبلة والميزان، وغيرها. وقال في ذلك ابن عسلة الشيبانيّ: [من الكامل] فصحوت والنّمريّ يحسبها ... عمّ السّماك وخالة النّجم ويروى عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «نعمت العمة لكم النّخلة خلقت من فضلة

170 -[تسمية الإنسان بالعالم الأصغر]

طينة آدم» «1» وهذا الكلام صحيح المعنى، لا يعيبه إلّا من لا يعرف مجاز الكلام. وليس هذا ممّا يطّرد لنا أن نقيسه، وإنّما نقدم على ما أقدموا، ونحجم عمّا أحجموا، وننتهي إلى حيث انتهوا. ونراهم يسمّون الرجل جملا ولا يسمّونه بعيرا، ولا يسمّون المرأة ناقة؛ ويسمّون الرجل ثورا ولا يسمّون المرأة بقرة، ويسمّون الرجل حمارا ولا يسمون المرأة أتانا؛ ويسمّون المرأة نعجة ولا يسمّونها شاة. وهم لا يضعون نعجة اسما مقطوعا، ولا يجعلون ذلك علامة مثل زيد وعمرو، ويسمّون المرأة عنزا. 170-[تسمية الإنسان بالعالم الأصغر] أو ما علمت أنّ الإنسان الذي خلقت السموات والأرض وما بينهما من أجله كما قال عزّ وجلّ: سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ «2» إنّما سمّوه العالم الصغير سليل العالم الكبير، لما وجدوا فيه من جمع أشكال ما في العالم الكبير، ووجدنا له الحواسّ الخمس ووجدوا فيه المحسوسات الخمس، ووجدوه يأكل اللّحم والحبّ، ويجمع بين ما تقتاته البهيمة والسبع، ووجدوا فيه صولة الجمل ووثوب الأسد، وغدر الذئب، وروغان الثعلب، وجبن الصّفرد «3» ، وجمع الذّرّة، وصنعة السّرفة «4» وجود الدّيك، وإلف الكلب، واهتداء الحمام. وربّما وجدوا فيه ممّا في البهائم والسباع خلقين أو ثلاثة، ولا يبلغ أن يكون جملا بأن يكون فيه اهتداؤه وغيرته، وصولته وحقده، وصبره على حمل الثّقل، ولا يلزم شبه الذئب بقدر ما يتهيّأ فيه من مثل غدره ومكره، واسترواحه وتوحّشه، وشدّة نكره. كما أن الرجل يصيب الرأي الغامض المرّة والمرّتين والثّلاث، ولا يبلغ ذلك المقدار أن يقال له داهية وذو نكراء أو صاحب بزلاء، وكما يخطئ الرجل فيفحش خطاؤه في المرّة والمرّتين والثلاث، فلا يبلغ الأمر به أن يقال له غبيّ وأبله ومنقوص. وسمّوه العالم الصغير لأنّهم وجدوه يصوّر كلّ شيء بيده، ويحكي كلّ صوت بفمه «5» . وقالوا: ولأنّ أعضاءه مقسومة على البروج الاثني عشر والنجوم السبعة، وفيه

171 -[عود إلى الحوار في شأن الكلب والديك]

الصفراء وهي من نتاج النار، وفيه السوداء وهي من نتاج الأرض، وفيه الدّم وهو من نتاج الهواء، وفيه البلغم وهو من نتاج الماء. وعلى طبائعه الأربع وضعت الأوتاد الأربعة. فجعلوه العالم الصغير، إذ كان فيه جميع أجزائه وأخلاطه وطبائعه. ألا ترى أنّ فيه طبائع الغضب والرضا، وآلة اليقين والشكّ، والاعتقاد والوقف وفيه طبائع الفطنة والغباوة، والسلامة والمكر، والنصيحة والغشّ، والوفاء والغدر، والرياء والإخلاص، والحبّ والبغض، والجدّ والهزل، والبخل والجود، والاقتصاد والسّرف، والتواضع والكبر، والأنس والوحشة، والفكرة والإمهال، والتمييز والخبط، والجبن والشجاعة، والحزم والإضاعة، والتبذير والتقتير، والتبذل والتعزز، والادّخار والتوكّل، والقناعة والحرص، والرغبة والزّهد، والسّخط والرّضا، والصبر والجزع، والذّكر والنسيان، والخوف والرجاء، والطّمع واليأس، والتنزّه والطبع، والشكّ واليقين، والحياء والقحة، والكتمان والإشاعة، والإقرار والإنكار، والعلم والجهل، والظلم والإنصاف، والطلب والهرب، والحقد وسرعة الرضا، والحدّة وبعد الغضب، والسّرور والهمّ، واللّذّة والألم، والتأميل والتمنّي، والإصرار والنّدم، والجماح والبدوات، والعيّ والبلاغة، والنّطق والخرس، والتصميم والتوقف، والتغافل والتفاطن، والعفو والمكافأة، والاستطاعة والطبيعة، وما لا يحصى عدده، ولا يعرف حدّه. فالكلب سبع وإن كان بالناس أنيسا، ولا تخرجه الخصلة والخصلتان ممّا قارب بعض طبائع الناس، إلى أن يخرجه من الكلبيّة. قال: وكذلك الجميع. وقد عرفت شبه باطن الكلب بباطن الإنسان، وشبه ظاهر القرد بظاهر الإنسان: ترى ذلك في طرفه وتغميض عينه، وفي ضحكه وفي حكايته، وفي كفّه وأصابعه، وفي رفعها ووضعها، وكيف يتناول بها، وكيف يجهز اللّقمة إلى فيه وكيف يكسر الجوز ويستخرج لبّه وكيف يلقن كل ما أخذ به وأعيد عليه، وأنّه من بين جميع الحيوان إذا سقط في الماء غرق مثل الإنسان، ومع اجتماع أسباب المعرفة فيه يغرق، إلّا أن يكتسب معرفة السباحة، وإن كان طبعه أوفى وأكمل فهو من هاهنا أنقص وأكلّ. وكلّ شيء فهو يسبح من جميع الحيوانات، ممّا يوصف بالمعرفة والفطنة، وممّا يوصف بالغباوة والبلادة؛ وليس يصير القرد بذلك المقدار من المقاربة إلى أن يخرج من بعض حدود القرود إلى حدود الإنسان. 171-[عود إلى الحوار في شأن الكلب والديك] وزعمت أنّ ممّا يمنع من التمثيل بين الديك والكلب أنّه حارس محترس منه. وكلّ حارس من الناس فهو حارس غير مأمون تبدّله.

ولقد سأل زياد ليلة من الليالي: من على شرطتكم؟ قالوا: بلج بن نشبة الجشميّ. فقال: [من الطويل] وساع مع السلطان يسعى عليهم ... ومحترس من مثله وهو حارس ويقال: إن الشاعر قال هذا الشعر في الفلافس النّهشليّ، حين ولي شرطة الحارث بن عبد الله فقال: [من الطويل] أقلّي عليّ اللوم يا ابنة مالك ... وذمّي زمانا ساد فيه الفلافس «1» وساع مع السلطان يسعى عليهم ... ومحترس من مثله وهو حارس وليس يحكم لصغار المضارّ على كبارها بل الحكم للغامر على المغمور والقاهر على المقهور. ولو قد حكينا ما ذكر هذا الشّيخ من خصال الكلب وذكر صاحبه من خصال الديك، أيقنت أنّ العجلة من عمل الشيطان، وأنّ العجب بئس الصاحب. وقلت: وما يبلغ من قدر الكلب ومن مقدار الديك، أن يتفرّغ لهما شيخان من جلّة المعتزلة، وهم أشراف أهل الحكمة؛ فأيّ شيء بلغ، غفر الله تعالى لك، من قدر جزء لا يتجزّأ من رمل عالج، والجزء الأقلّ من أوّل قطع الذّرّة للمكان السحيق، والصحيفة التي لا عمق لها، ولأيّ شيء يعنون بذلك، وما يبلغ من ثمنه وقدر حجمه، حتّى يتفرّغ للجدال فيه الشّيوخ الجلّة، والكهول العلية، وحتّى يختاروا النّظر فيه على التسبيح والتهليل، وقراءة القرآن وطول الانتصاب في الصلاة؛ وحتّى يزعم أهله أنّه فوق الحجّ والجهاد، وفوق كل برّ واجتهاد. فإن زعمت أنّ ذلك كلّه سواء، طالت الخصومة معك، وشغلتنا بهما عمّا هو أولى بنا فيك. على أنّك إذا عممت ذلك كلّه بالذمّ، وجلّلته بالعيب، صارت المصيبة فيك أجلّ، والعزاء عنها أعسر. وإن زعمت أنّ ذلك إنّما جاز لأنّهم لم يذهبوا إلى أثمان الأعيان في الأسواق، وإلى عظم الحجم، وإلى ما يروق العين ويلائم النفس، وأنّهم إنّما ذهبوا إلى عاقبة الأمر فيه، وإلى نتيجته، وما يتولّد عنه من علم النّهايات، ومن باب الكلّ والبعض، وكان ويكون، ومن باب ما يحيط به العلم أو ما يفضل عنه، ومن فرق ما بين مذاهب الدّهريّة ومذاهب الموحّدين. فإن كان هذا العذر مقبولا، وهذا الحكم صحيحا، فكذلك نقول في الكلب، لأنّ الكلب ليس له خطر ثمين ولا قدر في الصدر جليل؛ لأنّه إن

172 -[دفاع عن المتكلمين]

كان كلب صيد فديته أربعون درهما، وإن كان كلب ضرع فديته شاة، وإن كان كلب دار فديته زنبيل من تراب، حقّ على القاتل أن يؤدّيه، وحقّ على صاحب الدار أن يقبله، فهذا مقدار ظاهر حاله ومفتّشه، وكوامن خصاله، ودفائن الحكمة فيه. والبرهانات على عجيب تدبير الربّ تعالى ذكره فيه، على خلاف ذلك؛ فلذلك استجازوا النّظر في شأنه، والتمثيل بينه وبين نظيره. وتعلم أيضا مع ذلك أن الكلب إذا كان فيه، مع خموله وسقوطه، من عجيب التدبير والنعمة السابغة والحكمة البالغة، مثل هذا الإنسان الذي له خلق الله السموات والأرض وما بينهما، أحق بأن يفكر فيه، ويحمد الله تعالى على ما أودعه من الحكمة العجيبة، والنّعمة السابغة. وقلت: ولو كان بدل النظر فيهما النظر في التوحيد، وفي نفي التشبيه، وفي الوعد والوعيد، وفي التعديل والتجوير، وفي تصحيح الأخبار، والتفضيل بين علم الطبائع والاختيار، لكان أصوب. 172-[دفاع عن المتكلمين] والعجب أنّك عمدت إلى رجال لا صناعة لهم ولا تجارة إلّا الدعاء إلى ما ذكرت، والاحتجاج لما وصفت، وإلّا وضع الكتب فيه والولاية والعداوة فيه، ولا لهم لذة ولا همّ ولا مذهب ولا مجاز إلا عليه وإليه؛ فحين أرادوا أن يقسّطوا بين الجميع بالحصص، ويعدلوا بين الكلّ بإعطاء كلّ شيء نصيبه، حتّى يقع التعديل شاملا، والتقسيط جامعا، ويظهر بذلك الخفيّ من الحكم، والمستور من التدبير، اعترضت بالتعنّت والتعجّب، وسطّرت الكلام، وأطلت الخطب، من غير أن يكون صوّب رأيك أديب، وشايعك حكيم. 173-[نسك طوائف من الناس] وسأضرب لك مثلا قد استوجبت أغلظ منه، وتعرّضت لأشدّ منه ولكنّا نستأني بك وننتظر أوبتك. وجدنا لجميع أهل النّقص، ولأهل كلّ صنف منهم نسكا يعتمدون عليه في الجمال، ويحتسبون به في الطاعة وطلب المثوبة، ويفزعون إليه، على قدر فساد الطّباع، وضعف الأصل، واضطراب الفرع، مع خبث المنشأ، وقلّة التثبّت والتوقّف، ومع كثرة التقلّب والإقدام مع أوّل خاطر «1» : فنسك المريب

المرتاب من المتكلّمين أن يتحلّى برمي الناس بالرّيبة، ويتزيّن بإضافة ما يجد في نفسه إلى خصمه، خوفا من أن يكون قد فطن له، فهو يستر ذلك الداء برمي الناس به. ونسك الخارجيّ الذي يتحلّى به ويتزيّا بجماله، إظهار استعظام المعاصي، ثم لا يلتفت إلى مجاوزة المقدار وإلى ظلم العباد، ولا يقف على أنّ الله تعالى لا يحبّ أن يظلم أظلم الظّالمين، وأنّ في الحقّ ما وسع الجميع. ونسك الخراسانيّ أن يحجّ وينام على قفاه، ويعقد الرّياسة، ويتهيّأ للشّهادة، ويبسط لسانه بالحسبة. وقد قالوا: إذا نسك الشّريف تواضع، وإذا نسك الوضيع تكبّر. وتفسيره قريب واضح. ونسك البنوي والجنديّ طرح الديوان، والزّراية على السّلطان. ونسك دهاقين السّواد ترك شرب المطبوخ. ونسك الخصيّ لزوم طرسوس وإظهار مجاهدة الروم. ونسك الرافضيّ ترك النبيذ. ونسك البستانيّ ترك سرقة الثّمر. ونسك المغنّي الصّلاة في الجماعة وكثرة التسبيح، والصلاة على النبيّ صلى الله عليه وسلم. ونسك اليهوديّ التشدّد في السّبت وإقامته. والصوفيّ المظهر النّسك من المسلمين، إذا كان فسلا يبغض العمل تطرف وأظهر تحريم المكاسب، وعاد سائلا، وجعل مسألته وسيلة إلى تعظيم الناس له. وإذا كان النّصرانيّ فسلا نذلا مبغضا للعمل، وترهّب ولبس الصّوف؛ لأنّه واثق أنّه متى لبس وتزيّا بذلك الزّيّ وتحلّى بذلك اللّباس، وأظهر تلك السّيما، أنّه قد وجب على أهل اليسر والثّروة منهم أن يعولوه ويكفوه، ثمّ لا يرضى بأن ربح الكفاية باطلا حتى استطال بالمرتبة. فإذا رمى المتكلّم المريب أهل البراءة، ظنّ أنّه قد حوّل ريبته إلى خصمه، وحوّل براءة خصمه إليه. وإذا صار كلّ واحد من هذه الأصناف إلى ما ذكرنا، فقد بلغ الأمنيّة، ووقف على النّهاية. فاحذر أن تكون منهم واعلم أنّك قد أشبهتهم في هذا الوجه، وضارعتهم في هذا المذهب.

باب مما قدمنا ذكره، وبينه وبين ما ذكرنا بعض الفرق

باب مما قدّمنا ذكره، وبينه وبين ما ذكرنا بعض الفرق 174-[طائفة من الأمثال] يقال: أجرأ من الليث «1» ، وأجبن من الصّفرد «2» ، وأسخى من لافظة «3» . وأصبر على الهون من كلب، وأحذر من عقعق» ، وأزهى من غراب «5» ، وأصنع من سرفة «6» وأظلم من حيّة «7» ، وأغدر من الذئب «8» ، وأخبث من ذئب الحمز «9» وأشدّ عداوة من عقرب «10» ، وأروغ من ثعلب «11» ، وأحمق من حبارى «12» ، وأهدى من قطاة «13» ، وأكذب من فاختة «14» ، وألأم من كلب على جيفة «15» ، وأجمع من ذرّة «16» ، وأضلّ

من حمار أهلي، وأعقّ من ضبّ «1» ، وأبرّ من هرّة «2» ، وأنفر من الظليم «3» ، وأضلّ من ورل «4» وأضلّ من ضبّ «5» ، وأظلم من الحيّة «6» . فيعبّرون عن هذه الأشياء بعبارة كالعبارة عن الناس، في مواضع الإحسان والإساءة، حتّى كأنّهم من الملومين والمشكورين، ثم يعبّرون في هذا الباب الآخر بدون هذا التعبير، ويجعلون خبرهم مقصورا على ما في الخلقة من الغريزة والقوى فيقولون: أبصر من عقاب «7» ، وأسمع من فرس «8» ، وأطول ذماء من ضبّ «9» ، وأصحّ من الظليم «10» . والثاني يشبه العبارة عن الحمد والذمّ، والأوّل يشبه العبارة عن اللائمة والشكر. وإنّما قلنا ذلك، لأنّ كلّ مشكور محمود، وليس كلّ محمود مشكورا؛ وكلّ ملوم مذموم وليس كلّ مذموم ملوما. وقد يحمدون البلدة ويذمّون الأخرى، وكذلك الطعام والشراب، وليس ذلك على جهة اللّوم ولا على جهة الشكر؛ لأنّ الأجر لا يقع إلّا على جهة التخيّر والتكلّف، وإلّا على ما لا ينال إلّا بالاستطاعة والأوّل إنّما ينال بالخلقة وبمقدار من المعرفة، ولا يبلغ أن يسمّى عقلا، كما أنّه ليس كلّ قوّة تسمّى استطاعة. والله سبحانه وتعالى أعلم.

باب ما ذكر صاحب الديك من ذم الكلاب

باب ما ذكر صاحب الديك من ذمّ الكلاب وتعداد أصناف معايبها ومثالبها، من لؤمها وجبنها وضعفها وشرهها، وغدرها وبذائها، وجهلها وتسرّعها، ونتنها وقذرها، وما جاء في الآثار من النّهي عن اتخاذها وإمساكها، ومن الأمر بقتلها وطردها، ومن كثرة جناياتها وقلّة ردّها ومن ضرب المثل بلؤمها ونذالتها، وقبحها وقبح معاظلتها ومن سماجة نباحها وكثرة أذاها، وتقذّر المسلمين من دنوّها، وأنّها تأكل لحوم الناس، وأنّها كالخلق المركّب والحيوان الملفّق: كالبغل في الدوابّ وكالراعبيّ في الحمام، وأنّها لا سبع ولا بهيمة، ولا إنسيّة ولا جنّيّة، وأنّها من الحنّ دون الجنّ، وأنّها مطايا الجنّ ونوع من المسخ، وأنّها تنبش القبور وتأكل الموتى، وأنّها يعتريها الكلب من أكل لحوم الناس. فإذا حكينا ذلك حكينا قول من عدّد محاسنها، وصنّف مناقبها، وأخذنا من ذكر أسمائها وأنسابها وأعراقها، وتفدية الرجال إيّاها واستهتارهم بها، وذكر كسبها وحراستها، ووفائها وإلفها وجميع منافعها، والمرافق التي فيها، وما أودعت من المعرفة الصحيحة والفطن العجيبة والحسّ اللطيف والأدب المحمود. وذلك سوى صدق الاسترواح وجودة الشمّ، وذكر حفظها ونفاذها واهتدائها، وإثباتها لصور أربابها وجيرانها، وصبرها، ومعرفتها بحقوق الكرام، وإهانتها اللئام، وذكر صبرها على الجفا، واحتمالها للجوع، وذكر ذمامها وشدّة منعها معاقد الذّمار «1» منها، وذكر يقظتها وقلّة غفلتها وبعد أصواتها، وكثرة نسلها وسرعة قبولها وإلقاحها وتصرّف أرحامها في ذلك، مع اختلاف طبائع ذكورها والذكور من غير جنسها، وكثرة أعمامها وأخوالها، وتردّدها في أصناف السّباع، وسلامتها من أعراق البهائم، وذكر لقنها وحكايتها، وجودة ثقافتها ومهنها وخدمتها، وجدّها ولعبها وجميع أمورها؛ بالأشعار المشهورة والأحاديث المأثورة، وبالكتب المنزّلة والأمثال السائرة، وعن تجربة النّاس لها وفراستهم فيها، وما عاينوا منها؛ وكيف قال أصحاب الفأل فيها، وبإخبار المتطيّرين

175 -[أكل الكلاب للحوم الناس]

عنها، وعن أسنانها ومنتهى أعمارها وعدد جرائها، ومدّة حملها، وعن أسمائها وألقابها، وسماتها وشياتها، وعن دوائها وأدوائها وسياستها، وعن اللاتي لا تلقن منها وعن أعراقها والخارجيّ منها وعن أصول مواليدها ومخارج بلدانها. 175-[أكل الكلاب للحوم الناس] وذكر صاحب الديك ما يحفظ من أكل الكلاب للحوم النّاس فقال: قال الجارود بن أبي سبرة في ذلك: [من الطويل] ألم تر أنّ الله ربّي بحوله ... وقوّته أخزى ابن عمرة مالكا فمن كان عنه بالمغيّب سائلا ... فقد صار في أرض الرّصافة هالكا تظلّ الكلاب العاديات ينشنه ... إذا اجتبن مسودّا من الليل حالكا وقال نفيع بن صفّار المحاربي من ولد محارب بن خصفة في حرب قيس وتغلب: [من الكامل] أفنت بني جشم بن بكر حربنا ... حتى تعادل ميل تغلب فاستوى أكل الكلاب أنوفهم وخصاهم ... فلتبك تغلب للأنوف وللخصى وقال أبو يعقوب الخريمي، وهو إسحاق بن حسّان بن قوهي في قتلى حرب ببغداد: [من المنسرح] وهل رأيت الفتيان في باحة المع ... رك معفورة مناخرها «1» كلّ فتى مانع حقيقته ... يشقى به في الوغى مساعرها باتت عليه الكلاب تنهشه ... مخضوبة من دم أظافرها وقال أبو الشمقمق (وهو مروان بن محمد، مولى مروان بن محمّد، ويكنى أبا محمّد) : [من مجزوء الرمل] يوسف الشاعر فرخ ... وجدوه بالأبلّه «2» حلقيّ قد تلقّي ... كامنا في جوف جلّه خيّطوها خشية الكل ... ب عليه بمسلّة وذكر لي عن أبي بكر الهذليّ، قال: كنّا عند الحسن إذ أقبل وكيع بن أبي سود

176 -[ما أضيف من الحيوان إلى خبث الرائحة]

فجلس، فقال يا أبا سعيد: ما تقول في دم البراغيث يصيب الثوب: أيصلّى فيه؟ فقال: يا عجبا ممّن يلغ في دماء المسلمين كأنّه كلب، ثم يسأل عن دم البراغيث!! فقام وكيع يتخلّج في مشيته كتخلّج المجنون، فقال الحسن: إنّ لله في كلّ عضو منه نعمة فيستعين بها على المعصية، اللهمّ لا تجعلنا ممّن يتقوّى بنعمتك على معصيتك!! 176-[ما أضيف من الحيوان إلى خبث الرائحة] وقال صاحب الديك: أشياء من الحيوان تضاف إلى نتن الجلود وخبث الرائحة، كريح أبدان الحيّات، وكنتن التّيوس وصنان عرقها، وكنتن جلد الكلاب إذا أصابه مطر. وضروب من النّتن في سوى ذلك، نحن ذاكروها إن شاء الله تعالى. وقال روح بن زنباع الجذاميّ في امرأته، وضرب بالكلب المثل: [من البسيط] ريح الكرائم معروف له أرج ... وريحها ريح كلب مسّه مطر قال: وكانت امرأة روح بن زنباع أمّ جعفر بنت النّعمان بن بشير، وكان عبد الملك زوّجه إيّاها، وقال: إنّها جارية حسناء، فاصبر على بذاء لسانها. وقال الآخر: [من الرجز] وريح مجروب وريح جلّه ... وريح كلب في غداة طلّه وأنشد أبو زيد في ذلك: [من البسيط] كأنّ ريحهم من خبث طعمتهم ... ريح الكلاب إذا ما بلّها المطر «1» . ومما ذكر به الكلب في أكله العذرة، قول الراجز: [من الرجز] أحرص من كلب على عقي صبي «2» وقال مثل ذلك حنظلة بن عرادة في ذكره لابنه السّرندى: [من البسيط] ما للسّرندى أطال الله أيمته ... خلّى أباه بقفر البيد وادّلجا «3» مجع خبيث يعاطي الكلب طعمته ... وإن رأى غفلة من جاره ولجا «4»

177 -[مأكل السبع]

ربّيته وهو مثل الفرخ أصربه ... والكلب يلحس من تحت استه الرّدجا «1» يقال للذي يخرج من بطن الصبيّ حين يخرج من بطن أمه عقي بكسر العين، ويقال عقى الصبي يعقي عقيا، فإذا شدّ بطنه للسّمن قيل قد صرب ليسمن. والعقي وهو العقية الغيبة، وإيّاه عنى ابن عمر حين قيل له: هلّا بايعت أخاك ابن الزّبير؟ فقال: إنّ أخي وضع يده في عقية ودعا إلى البيعة. إنّي لا أنزع يدي من جماعة وأضعها في فرقة. وفي الحديث المرفوع: «الراجع في هبته كالرّاجع في قيئه» «2» . وهذا المثل في الكلب. ويقال: «أبخل من كلب على جيفة» » . وقال بعضهم في الكلب: الجيفة أحبّ إليه من اللّحم الغريض، ويأكل العذرة ويرجع في قيئه، ويشغر ببوله فيصير في جوف فيه وأنفه، ويحذفه تلقاء خيشومه. وقال صاحب الكلب: إن كنتم إنّما تستسقطون الكلب وتستسفلونه بهذا وأشباهه، فالجيفة أنتن من العذرة، والعذرة شر من القيء، والجيفة أحبّ إلى أشراف السباع ورؤسائها من اللحم العبيط الغريض الغضّ. 177-[مأكل السبع] والأسد سيّد السباع، وهو يأكل الجيفة، ولا يعرض لشرائع الوحش وافتراس البهائم، ولا للسابلة من الناس، ما وجد في فريسته فضلة. ويبدأ بعد شرب الدّم فيبقر بطنه ويأكل ما فيه من الغثيثة والثفل والحشوة والزّبل، وهو يرجع في قيئه، وعنه ورث السّنّور ذلك.

178 -[ما قيل في السبع من الأمثال]

178-[ما قيل في السبع من الأمثال] وهو المضروب به المثل في النّجدة والبسالة، وفي شدّة الإقدام والصّولة، فيقال: «ما هو إلّا الأسد على براثنه» «1» و «هو أشدّ من الأسد» «2» و «هو أجرا من الليث العادي» «3» و «فلان أسد البلاد» «4» و «هو الأسد الأسود» «5» . وقيل لحمزة بن عبد المطّلب أسد الله. فكفاك من نبل الأسد أنّه اشتقّ لحمزة بن عبد المطّلب من اسمه. ويقال للملك أصيد إذا أرادوا أن يصفوه بالكبر وبقلّة الالتفات «6» ، وبأنّ أنفه فيه أسلوب «7» ولأنّ الأسد يلتفت معا لأنّ عنقه من عظم واحد. وقال حاتم: [من البسيط] هلّا إذا مطر السماء عليكم ... ورفعت رأسك مثل رأس الأصيد «8» وقال الآخر: [من الطويل] يذودون كلبا بالرّماح وطيّئا ... وتغلب والصّيد النواظر من بكر وقال الآخر: [من المتقارب] وكم لي بها من أب أصيد ... نماه أب ما جد أصيد وبعد فإنّ الذي يأكل الجيفة لم يبعد من طبع كثير من الناس؛ لأنّ من الناس من يشتهي اللحم الغابّ، ومنهم من يشتهي النّمكسود. وليس بين النّمكسود وبين المصلوب اليابس كبير فرق، وإنّما يذبحون الدّيكة والبطّ والدّجاج والدّرّاج من أوّل الليل، ليسترخي لحمها، وذلك أول التّجييف. فالأسد أجمع لهذه الخصال من الكلب، فهلّا ذكرتم بذلك الأسد وهو أنبه ذكرا وأبعد صيتا.

179 -[عيوب التيس والعنز]

179-[عيوب التيس والعنز] وأمّا ما ذكرتم من نتن الجلد ومن استنشاق البول، فإنّ للتيس في ذلك ما ليس للكلب، وقد شاركه في الحذف ببوله تلقاء أنفه، وباينه بشدّة الصّنان؛ فإنّ الأمثال له أكثر ذكرا. وفي العنز أيضا عيوب. وفي توجيه التيس ببوله إلى حاقّ خيشومه قال الشاعر لبعض من يهجوه: [من الطويل] دعيت يزيد كي تزيد فلم تزد ... فعاد لك المسمي فأسماك بالقحر وما القحر إلّا التيس يعتك بوله ... عليه فيمذي في لبان وفي نحر وقال آخر في مثل ذلك: [من الوافر] أعثمان بن حيّان بن لؤم ... عتود في مفارقه يبول ولو أنّي أشافهه لشالت ... نعامته ويفهم ما يقول وبعد: فما يعلم من صنيع العنز في لبنها وفي الارتضاع من خلفها إلّا أقبح. وقال ابن أحمر الباهليّ في ذلك: [من البسيط] إنّا وجدنا بني سهم وجاملهم ... كالعنز تعطف روقيها وترتضع «1» وقلتم: هجا ابن غادية السلمي بعض الكرام، حين عزل عن ينبع، فقال لمن ظنّ أنّه إنّما عزل لمكانه: [من الكامل] ركبوك مرتحلا فظهرك منهم ... دبر الحراقف والفقار موقع كالكلب يتبع خانقيه وينتحي ... نحو الذين بهم يعزّ ويمنع وقال ابن هرمة الفهريّ: [من الوافر] فما عادت لذي يمن رؤوسا ... ولا ضرّت بفرقتها نزارا «2» كعنز السّوء تنطح من خلاها ... وترأم من يحدّ لها الشّفارا وما نعلم الرّجوع في الجرّة، وإعادة الفرث إلى الفم ليستقصى مضغه إلّا أسمج وأقذر من الرّجوع في القيء. وقد اختار الله عزّ وجلّ تلك الطبيعة للأنعام، وجعل

180 -[عود إلى القول في الديك والكلاب]

الناس ليسوا لشيء من اللّحمان أشدّ أكلا ولا أشدّ عجبا به منكم، ولا أصلح لأبدانهم ولا أغذى لهم من لحوم هذه الأنعام أفتائها ومسانّها. 180-[عود إلى القول في الديك والكلاب] وقال صاحب الديك: ما يشبه عود الماشية في الجرّة، ورجوعها في الفرث تطحنه وتسيغه، الرجوع في القيء. وقد زعمتم أنّ جرّة البعير أنتن من قيء الكلاب لطول غبوبها في الجوف، وانقلابها إلى طباع الزّبل، وأنّها أنتن من الثلط. وإنّما مثل الجرّة مثل الرّيق الذي ذكره ابن أحمر فقال: [من البسيط] هذا الثناء وأجدر أن أصاحبه ... وقد يدوّم ريق الطّامع الأمل «1» فإنّما مثل القيء مثل العذرة؛ لأنّ الرّيق الذي زعمتم، ما دام في فم صاحبه، ألذّ من السلوى، وأمتع من النسيم، وأحسن موقعا من الماء البارد من العطاش المسهوم. والريق كذلك ما لم يزايل موضعه، ومتى زايل فم صاحبه إلى بعض جلده اشتدّ نتنه وعاد في سبيل القيء. فالرّيق والجرّة في سبيل واحد، كما أنّ القيء والعذرة في سبيل واحد. ولو أن الكلب قلس حتّى يمتلئ منه فمه، ثم رجع فيه من غير مباينة له، لكان في ذلك أحقّ بالنظافة من الأنعام في جرّتها، وحشيّها وأهليّها، وإنّ الأرانب لتحيض حيضا نتنا، فما عاف لحمها أصحاب التّقذّر لمشاركتها الأنعام في الجرّة. فقال صاحب الكلب: أمّا ما عبتموه من أكل العذرة، فإنّ ذلك عامّ في الماشية المتخيّر لحمها على اللّحمان، لأنّ الإبل والشياه كلّها جلّالة وهنّ على يابس ما يخرج من الناس أحرص؛ وعلى أنها إذا تعوّدت أكل ما قد جفّ ظاهره وداخله رطب، رجع أمرها إلى ما عليه الكلب. ثم الدّجاج لا ترضى بالعذرة، وبما يبقى من الحبوب التي لم يأت عليها الاستمراء والهضم، حتّى تلتمس الديدان التي فيها، فتجمع نوعين من العذرة لأنها إذا أكلت ديدان العذرة فقد أتت على النّوعين جميعا. ولذلك قال عبد الرحمن بن الحكم في هجائه الأنصار بخبيث الطعام، فضرب المثل بالدّجاج من بين جميع الحيوان، وترك ذكر الكلاب وهي له معرضة فقال: [من الوافر] وللأنصار آكل في قراها ... لخبث الأطعمات من الدّجاج

181 -[رغبة الملوك والأشراف في الدجاج]

ولو قال: [من الوافر] وللأنصار آكل في قراها ... لخبث الأطعمات من الكلاب لكان الشّعر صحيحا مرضيا. وعلى أنّ الكلاب متى شبعت، لم تعرض للعذرة. والأنعام الجلّالة وكذلك الحافر، قد جعلت ذلك كالحمض إذا كانت لها خلّة؛ فهي مرّة تتغذّى به ومرة تتحمّض. وقد جاء في لحوم الجلّالة ما جاء. 181-[رغبة الملوك والأشراف في الدجاج] وملوكنا وأهل العيش منّا، لا يرغبون في شيء من اللّحمان رغبتهم في الدّجاج، وهم يقدّمونها على البطّ والنواهض، والقبج والدّرّاج. نعم وعلى الجداء والأعنق الحمر من بنات الصّفايا. وهم يعرفون طبعها وسوء قوتها، وهم مع ذلك يأكلون الرّواعي كما يأكلون المسمّنات. 182-[الشبوط أجود السمك] وأطيب ما في الأنهار من السمك، وأحسنها قدودا وخرطا، وأسبطها سبوطا، وأرفعها ثمنا وأكثرها تصرّفا في المالح والطريّ، وفي القريس «1» والنّشوط «2» الشّبّوط، وليس في الماء سمكة رفيعة الذكر ولا ذات خمول، إلّا وهي أحرص على أكل العذرة منها، وإنّها في ذلك لأشدّ طلبا لها من الخنزير في البرّ، والجرّيّ في البحر. 183-[لحم الخنزير] وقد علم الناس كيف استطابة أكل لحوم الخنازير، وأكل الخنازير لها، وكيف كانت الأكاسرة والقياصرة يقدّمونها ويفضّلونها. ولولا التعبّد لجرى عندنا مجراه عند غيرنا. وقد علم النّاس كيف استطابة أكل الجرّيّ لأذنابها. 184-[فائدة الجري] وفي الجرّيّ قال أبو كلدة: هو أدم العميان، وجيّد في الكوشان «3» ودواء

185 -[الأنوق وما سمي بهذا الاسم]

للكليتين، وصالح لوجع الظهر وعجب الذّنب، وخلاف على اليهود، وغيظ على الروافض؛ وفي أكله إحياء لبعض السّنن، وإماتة بعض البدع، ولم يفلج عليه مكثر منه قطّ، وهو محنة بين المبتدع والسّنّي، هلك فيه فئتان مذ كانت الدنيا: محلّل ومحرّم. وقال أبو إسحاق: هو قبيح المنظر، عاري الجلد، ناقص الدّماغ، يلتهم العذرة ويأكل الجرذان صحاحا والفأر، وزهم لا يستطاع أكله إلّا محسيّا ولا يتصرّف تصرّف السمك، وقد وقع عليه اسم المسخ، لا يطيب مملوحا ولا ممقورا، ولا يؤكل كبابا، ولا يختار مطبوخا، ويرمى كلّه إلّا ذنبه. والأصناف التي تعرض للعذرة كثيرة، وقد ذكرنا الجلّالات من الأنعام والجرّيّ والشّبّوط من السمك. ويعرض لها من الطير الدّجاج والرّخم والهداهد. 185-[الأنوق وما سمي بهذا الاسم] وقد بلغ من شهوة الرّخمة لذلك، أن سمّوها الأنوق، حتى سمّوا كلّ شيء من الحيوان يعرض للعذرة بأنوق، وهو قول الشاعر: [من الرجز] حتّى إذا أضحى تدرّى واكتحل ... لجارتيه ثم ولّى فنثل رزق الأنوقين القرنبى والجعل 186-[ما قيل من الشعر في الجعل] ولشدّة طلب الجعل لذلك قال الشاعر: [من البسيط] يبيت في مجلس الأقوام يربؤهم ... كأنّه شرطيّ بات في حرس وكذلك قال الآخر: [من الرجز] إذا أتوه بطعام وأكل ... بات يعشّي وحده ألفي جعل هذا البيت يدلّ على عظم مقدار النّجو، فهجاه بذلك، وعلى أنّ الجعل يقتات البراز. وفي مثل ذلك يقول ابن عبدل- إن كان قاله- وإنما قلت هذا لأنّ الشعر يرتفع عنه. والشعر قوله: [من الخفيف] نعم جار الخنزيرة المرضع الغر ... ثى إذا ما غدا أبو كلثوم «1»

187 -[القرنبى]

ثاويا قد أصاب عند صديق ... من ثريد ملبّق مأدوم ثم أنحى بجعره حاجب الشم ... س فألقى كالمعلف المهدوم «1» بضريط ترى الخنازير منه ... عامدات لتلّه المركوم وقال الراجز في مثل ذلك: [من الرجز] قد دقّه ثارده وصومعا «2» ... ثمّت ألبان البخاتي جعجعا جعجعة العود ابتغى أن ينجعا ... ثمّت خوّى باركا واسترجعا عن جاثم يحسب كلبا أبقعا وفي طلب الجعل للزّبل قال الراجز (وهو أبو الغصن الأسدي) : [من الرجز] ماذا تلاقي طلحات الحرجه ... من كل ذات بخنق غملّجه ظلّ لها بين الحلال أرجه ... من الضّراط والفساء السمجه فجئتها قاعدة منشجه ... تعطيه عنها جعلا مدحرجه وقال يحيى الأغرّ: تقول العرب «سدك به جعله» «3» . وقال الشاعر: [من البسيط] إذا أتيت سليمى شبّ لي جعل ... إنّ الشقيّ الذي يغرى به الجعل «4» يضرب هذا المثل للرّجل إذا لصق به من يكره، وإذا كان لا يزال يراه وهو يهرب منه. قال يحيى: وكان أصله ملازمة الجعل لمن بات في الصحراء، فكلّما قام لحاجة تبعه؛ لأنّه عنده أنّه يريد الغائط. 187-[القرنبى] وفي القرنبى يقول ابن مقبل: [من الطويل] ولا أطرق الجارات باللّيل قابعا ... قبوع القرنبى أخلفته مجاعره «5»

188 -[خبث ريح الهدهد]

والقبوع: الاجتماع والتقبض. والقرنبى: دويبّة فوق الخنفساء ودون الجعل، وهو والجعل يتبعان الرّجل إلى الغائط. 188-[خبث ريح الهدهد] ومن الطّير الذي يضارع الرّخمة في ذلك الهدهد، منتن البدن وإن لم تجده ملطخا بشيء من العذرة؛ لأنّه يبني بيته ويصنع أفحوصه من الزّبل، وليس اقتياته منه إلّا على قدر رغبته وحاجته في ألّا يتّخذ بيتا ولا أفحوصا إلّا منه، فخامره ذلك النّتن فعلق ببدنه وجرى في أعراق أبويه؛ إذ كان هذا الصنيع عامّا في جنسه. وتعتري هذه الشّهوة الذّبان، حتّى إنّها لو رأت عسلا وقذرا، لكانت إلى القذر أسرع. وقال الشاعر: [من الطويل] قفا خلف وجه قد أطيل كأنّه ... قفا مالك يقصي الهموم على بثق «1» وأعظم زهوا من ذباب على خرا ... وأبخل من كلب عقور على عرق «2» ويزعمون أنّ الزّنبور لهج بصيد الذّبان، ولا يكاد يصيده إلّا وهو ساقط على عذرة لفرط شهوته لها ولاستفراغها، فيعرف الزّنبور ذلك، فيجعل غفلته فرصة ونهزة. قالوا: وإنّما قلنا ذلك لأنّا لم نجده يروم صيده وهو ساقط على ثمرة، فما دونها في الحلاوة. 189-[شعر في الهجاء] وقال أبو الشّمقمق في ذلك: [من الخفيف] الطّريق الطّريق جاءكم الأح ... مق رأس الأنتان والقذره «3» وابن عمّ الحمار في صورة الفي ... ل وخال الجاموس والبقرة يمشي رويدا يريد حلقتكم ... كمشي خنزيرة إلى عذره وقال حمّاد عجرد في بشّار بن برد العقيليّ: [من السريع] ما صوّر الله شبها له ... من كلّ من من خلقه صوّرا «4»

أشبه بالخنزير وجها ولا ... بالكلب أعراقا ولا مكسرا «1» ولا رأينا أحدا مثله ... أنجس أو أطفس أو أقذرا «2» لو طليت جلدته عنبرا ... لنتّنت جلدته العنبرا أو طليت مسكا ذكيّا إذن ... تحوّل المسك عليه خرا وقال أبو نواس في هجاء جعفر بن يحيى بن خالد البرمكيّ: [من المتقارب] إذا ما مدحت فتى من خرا ... أليس جزائي أن اعطى الخرا وقال أعرابيّ يهجو رجلا يقال له جلمود بن أوس، كان منتن العرق: [من الرجز] إنّي إذا ما عارضي تألّقا ... ورعدت حافته وبرقا أهلكت جلمود بن أوس غرقا ... كان لحمقاء فصار أحمقا أخبث شيء عرقا وخرقا وقال حمّاد عجرد في بشّار: [من الخفيف] يا ابن برد اخسأ إليك فمثل ال ... كلب في الخلق أنت لا الإنسان «3» بل لعمري لأنت شرّ من الكل ... ب وأولى منه بكلّ هوان ولريح الخنزير أطيب من ري ... حك يا ابن الطّيان ذي التّبّان وقال بعض الشعراء في عبد الله بن عمير: [من الطويل] غزا ابن عمير غزوة تركت له ... ثناء كريح الجورب المتخرق «4» وقال حمّاد عجرد في بشّار: [من السريع] قل لشقيّ الجدّ في رمسه ... ومن يفرّ الناس من رجسه «5» للقرد بشّار بن برد ولا ... تحفل برغم القرد أو تعسه للقرد باللّيث اغترار به ... فما الّذي أدناك من مسّه يا ابن استها فاصبر على ضغمة ... بنابه يا قرد أو ضرسه

نهاره أخبث من ليله ... ويومه أخبث من أمسه وليس بالمقلع عن غيّه ... حتى يدلّى القرد في رمسه ما خلق الله شبيها له ... من جنّه طرّا ومن إنسه والله ما الخنزير في نتنه ... من ربعه بالعشر أو خمسه بل ريحه أطيب من ريحه ... ومسّه ألين من مسّه ووجهه أحسن من وجهه ... ونفسه أنبل من نفسه وعوده أكرم من عوده ... وجنسه أكرم من جنسه وأنا حفظك الله تعالى أستظرف وضعه الخنزير بهذا المكان وفي هذا الموضع، حين يقول: وعوده أكرم من عوده. وأيّ عود للخنزير؟! قبحه الله تعالى، وقبح من يشتهي أكله. وقال حمّاد عجرد في بشّار بن برد: [من البسيط] إنّ ابن برد رأى رؤيا فأوّلها ... بلا مشورة إنسان ولا أثر رأى العمى نعمة لله سابغة ... عليه، إذ كان مكفوفا عن النّظر وقال: لو لم أكن أعمى لكنت كما ... قد كان برد أبي في الضّيق والعسر أكدّ نفسي بالتطيين مجتهدا ... إمّا أجيرا وإمّا غير مؤتجر أو كنت إن أنا لم أقنع بفعل أبي ... قصّاب شاء شقيّ الجدّ أو بقر كإخوتي دائبا أشقى شقاءهم ... في الحرّ والبرد والإدلاج والبكر فقد كفاني العمى من كلّ مكسبة ... والرّزق يأتي بأسباب من القدر فصرت ذا نشب من غير ما طلب ... إلّا بمسألتي إذ كنت في صغري أضمّ شيئا إلى شيء فأذخره ... ممّا أجمع من تمر ومن كسر من كان يعرفني لو لم أكن زمنا ... أو كان يبذل لي شيئا سوى الحجر؟! فقل له لا هداه الله من رجل ... فإنّها عرّة تربي على العرر لقد فطنت إلى شيء تعيش به ... يا ابن الخبيثة قد أدققت في النظر يا ابن التي نشزت عن شيخ صبيتها ... لأير ثوبان ذي الهامات والعجر أما يكفّك عن شتمي ومنقصتي ... ما في حرامّك من نتن ومن دفر نفتك عنها عقيل وهي صادقة ... فسل أسيدا وسل عنها أبا زفر يا عبد أمّ الظباء المستطبّ بها ... من اللّوى، لست مولى الغرّ من مضر

190 -[نتن إبط الإنسان]

بل أنت كالكلب ذلّا أو أذلّ وفي ... نذالة النفس كالخنزير واليعر «1» وأنت كالقرد في تشويه منظره ... بل صورة القرد أبهى منك في الصّور ووصف ابن أبي كريمة حشّا له، كان هو وأصحابه يتأذّون بريحه فقال: [من البسيط] ولي كنيف بحمد الله يطرقني ... أرواح وادي خبال غير فتّار له بدائع نتن ليس يعرفها ... من البريّة إلّا خازن النّار إذا أتانى دخيل زادني بدعا ... كأنّه لهج عمدا بإضراري قد اجتواني له الخلّان كلّهم ... وباع مسكنه من قربه جاري فمن أراد من البرسام أقتله ... أو الصّداع فمره يدخلن داري استكثف النّتن في أنفي لكثرته ... فليس يوجدنيه غير إضماري «2» وقيل للمحلول: ويلك، ما حفظت بيت شعر قط؟ فقال: بيتا واحدا اشتهيته فحفظته. فقيل له: فهاته. قال: أما إنّي لا أحفظ إلّا بيتا واحدا. قيل: فكيف رزق منك هذا البيت؟ فأنشده، فأنشدهم: [من السريع] كأنّما نكهتها مدّة ... تسيل من مخطة مجذوم 190-[نتن إبط الإنسان] وزعم أصحابنا أنّ رجلا من بني سعد- وكان أنتن الناس إبطا- بلغه أن ناسا من عبد القيس يتحدّونه برجل منهم، فمضى إليهم شدّا، فوافاهم وقد أزبد إبطاه، وهو يقول: [من الرجز] أقلت من جلهة ناعتينا ... بذي حطاط يعطس المخنونا «3» يزوي له من نتنه الجبينا ... حتّى ترى لوجهه غضونا نبّئت عبد القيس يأبطونا قال: ومتح أعرابيّ على بئر وهو يقول: [من الرجز] يا ريّها إذا بدا صناني ... كأنّني جاني عبيثران «4»

191 -[فوائد العذرة]

وقال آخر: [من الرجز] كأنّ إبطيّ وقد طال المدى ... نفحة خرء من كواميخ القرى «1» ويقال إنّه ليس في الأرض رائحة أنتن، ولا أشدّ على النفس، من بخر فم أو نتن حر، ولا في الأرض رائحة أعصم لروح من رائحة التفاح. 191-[فوائد العذرة] وقال صاحب الكلب: فما نرى النّاس يعافون تسميد بقولهم قبل نجومها وتفتّق بزورها ولا بعد انتشار ورقها وظهور موضع اللّبّ منها حتّى ربّما ذرّوا عليها السّماد ذرّا، ثمّ يرسل عليها الماء حتى يشرب اللّبّ قوى العذرة، بل من لهم بالعذرة؟! وعلى أنّهم ما يصيبونها إلّا مغشوشة مفسدة. وكذلك صنيعهم في الريحان. فأمّا النّخل فلو استطاعوا أن يطلوا بها الأجذاع طليا لفعلوا. وإنّهم ليوقدون بها الحمّامات وأتاتين الملال «2» ، وتنانير الخبز. ومن أكرم سمادهم الأبعار كلّها والأخثاء «3» إذا جفّت. وما بين الثّلط «4» جافا والخثاء يابسا، وبين العذرة جافّة ويابسة فرق. وعلى أنّهم يعالجون بالعذرة وبخرء الكلب، من الذّبحة والخانوق «5» في أقصى مواضع التقزّز وهو أقصى الحلق، ومواضع اللهاة، ويضعونها على مواضع الشّوكة، ويعالجون بها عيون الدّوابّ. 192-[أقوال لمسبّح الكناس] وقال مسبّح الكناس: إنّما اشتقّ الخير من الخرء. والخرء في النوم خير. وسلحة مدركة ألذّ من كوم العروس ليلة العرس. ولقد دخلت على بعض الملوك لبعض الأسباب، وإذا به قعاص «6» وزكام وثقل رأس، وإذا ذلك قد طاوله، وقد كان بلغني أنّه كان هجر الجلوس على المقعدة وإتيان الخلاء، فأمرته بالعود إلى عادته، فما مرّت به أيام حتى ذهب ذلك عنه. وزعم أنّ الدنيا منتنة الحيطان والتّربة، والأنهار والأودية، إلّا أنّ النّاس قد

193 -[أنتن الجيف]

غمرهم ذلك النتن المحيط بهم، وقد محق حسّهم له طول مكثه في خياشيمهم. قال: فمن ارتاب بخبري، فليقف في الرّدّ إلى أن يمتحن ذلك في أوّل ما يخرج إلى الدنيا، عن بيت مطيّب؛ وليتشمّم تشمّم المتشبّث. على أنّ البقاع تتفاوت في النتن. فهذا قول مسبّح الكنّاس. 193-[أنتن الجيف] وزعم لي سلمويه وابن ماسويه متطبّبا الخلفاء، أنّه ليس على الأرض جيفة أنتن نتنا ولا أثقب ثقوبا من جيفة بعير، فظننت أنّ الذي وهّمهما ذلك عصبيّتهما عليه، وبغضهما لأربابه، ولأنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم وعلى آله، هو المذكور في الكتب براكب البعير. ويقال إن الحجّاج قال لهم: أيّ الجيف أنتن؟ فقيل: جيف الكلاب. فامتحنت فقيل له: أنتن منها جيف السنانير، وأنتن جيفها الذكور منها. فصلب ابن الزّبير بين جيفتي سنّورين ذكرين «1» . 194-[أطيب الأشياء رائحة وأنتنها] وأنا أقول في النتن والطّيب شيئا، لعلّك إن تفقّدته أن توافقني عليه وترضى قولي. أمّا النتن فإنّي لم أشمّ شيئا أنتن من ريح حشّ مقيّر، يبول فيه الخصيان ولا يصبّ عليه الماء؛ فإنّ لأبوالهم المترادفة المتراكبة ولريح القار وريح هواء الحشّ وما ينفصل إليه من ريح البالوعة- جهة من النّتن ومذهبا في المكروه، ليس بينه وبين الأبدان عمل، وإنّما يقصد إلى عين الرّوح وصميم القلب، ولا سيّما إذا كان الخلاء غير مكشوف، وكان مغموما غير مفتوح. فأمّا الطّيب فإني لم أشمم رائحة قطّ أحيا للنفس ولا أعصم للرّوح، ولا أفتق ولا أغنج، ولا أطيب خمرة من ريح عروس، إذا أحكمت تلك الأخلاط، وكان عرف بدنها ورأسها وشعرها سليما. وإن كانت بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنّك ستجد ريحا تعلم أنّه ليس فوقها إلّا ريح الجنة. 195-[ما قيل في الظربان] ومما قالوا في النّتن، وفي ريح جحر الظّربان خاصّة، قول الحكم بن عبدل: [من الكامل] ألقيت نفسك في عروض مشقّة ... ولحصد أنفك بالمناجل أهون «2»

أنت امرؤ في أرض أمّك فلفل ... جمّ وفلفلنا هناك الدّندن «1» فبحقّ أمّك وهي منك حقيقة ... بالبرّ واللّطف الذي لا يخزن لا تدن فاك من الأمير ونحّه ... حتّى يداوي ما بأنفك أهرن إن كان للظّربان جحر منتن ... فلجحر أنفك يا محمّد أنتن وقال الربيع بن أبي الحقيق- وذكر الظّربان- حين رمى قوما بأنّهم يفسون في مجالسهم، لأنّ الظّربان أنتن خلق الله تعالى فسوة «2» . وقد عرف الظّربان ذلك فجعله من أشدّ سلاحه، كما عرفت الحبارى ما في سلاحها من الآلة، إذا قرب الصقر منها «3» . والظّربان يدخل على الضبّ جحره وفيه حسوله أو بيضه، فيأتي أضيق موضع في الجحر فيسدّه بيديه، ويحوّل استه فلا يفسو ثلاث فسوات حتى يدار بالضبّ فيخرّ سكران مغشيّا عليه، فيأكله، ثم يقيم في جحره حتّى يأتي على آخر حسوله. وتقول العرب: إنّه ربّما دخل في خلال الهجمة فيفسو، فلا تتمّ له ثلاث فسوات حتى تتفرّق الإبل عن المبرك، تتركه وفيه قردان فلا يردّها الراعي، إلّا بالجهد الشديد «4» . فقال الربيع، وهجاهم أيضا بريح التّيوس: [من المتقارب] قليل غناؤهم في الهياج ... إذا ما تنادوا لأمر شديد «5» وأنتم كلاب لدى دوركم ... تهرّ هرير العقور الرّصود وأنتم ظرابيّ إذ تجلسون ... وما إن لنا فيكم من نديد وأنتم تيوس وقد تعرفون ... بريح التّيوس وقبح الخدود قال: ويقال: «أفسى من الظّربان» ويسمّى مفرّق النّعم، يريدون من نتن ريح فسائه. ويقال في المثل- إذا وقع بين الرجلين شرّ فتباينا وتقاطعا-: «فسا بينهما

ظربان» . ويقال: «أنتن من ظربان» «1» لأنّ الضبّ إنّما يخدع في جحره ويوغل في سربه لشدّة طلب الظّربان له. وقال الفرزدق في ذلك: [من الطويل] ولو كنت في نار الجحيم لأصبحت ... ظرابيّ من حمّان عنّي تثيرها «2» وكان أبو عبيدة يسمّي الحمّانيّ صاحب الأصمّ: الظّربان، يريد هذا المعنى، كما يسمى كل حمّانيّ ظربانا. وقال ابن عبدل: [من الكامل] لا تدن فاك من الأمير ونحّه ... حتّى يداوي ما بأنفك أهرن «3» إن كان للظّربان جحر منتن ... فلجحر أنفك يا محمد أنتن في شعره الذي يقول: ليت الأمير أطاعني فشفيته ... من كلّ من يكفي القصيد ويلحن متكوّر يحثو الكلام كأنّما ... باتت مناخره بدهن تعرن وبنى لهم سجنا فكنت أميرهم ... زمنا فأضرب من أشاء وأسجن قل لابن آكلة العفاص محمّد ... إن كنت من حبّ التقرّب تجبن ألقيت نفسك في عروض مشقّة ... ولحصد أنفك بالمناجل أهون أنت امرؤ في أرض أمّك فلفل ... جمّ وفلفلنا هناك الدّندن فبحقّ أمّك وهي منك حقيقة ... بالبرّ واللّطف الذي لا يخزن لا تدن فاك من الأمير ونحّه ... حتّى يداوي ما بأنفك أهرن إن كان للظّربان جحر منتن ... فلجحر أنفك يا محمّد أنتن فسل الأمير غير موفّق ... وبنو أبيه للفصاحة معدن وسل ابن ذكوان تجده عالما ... بسليقة العرب التي لا تحزن إذ أنت تجعل كلّ يوم عفصة ... فتجيد ما عملت يداك وتحسن أشبهت أمّك غير باب واحد ... أن قد ختنت وأنّها لا تختن

فلئن أصبت دراهما فدفنتها ... وفتنت فيها، وابن آدم يفتن فبما أراك وأنت غير مدرهم ... إذ ذاك تقصف في القيان وتزفن إذ رأس مالك لعبة بصريّة ... بيضاء مغربة عليها السّوسن وقال ابن عبدل أيضا: [من الوافر] نجوت محمدا ودخان فيه ... كريح الجعر فوق عطين جلد «1» ركبت إليه في رجل أتاني ... كريم يطلب المعروف عندي فقلت له ولم أعجل عليه، ... وذلك بعد تقريظي وحمدي فأعرض مكمحا عنّي كأنّي ... أكلّم صخرة في رأس صمد «2» أقرّب كل آصرة ليدنو ... فما يزداد منّي غير بعد فأقسم غير مستثن يمينا ... أبا بخر لتتّخمنّ ردّي فلو كنت المهذّب من تميم ... لخفت ملامتي ورجوت حمدي نجوت محمدا فوجدت ريحا ... كريح الكلب مات قريب عهد وقد ألذعتني ثعبان نتن ... سيبلغ إن سلمنا أهل نجد وأدنى خطمه فوددت أنّي ... قرنت دونوّه مني ببعد كما افتدت المعاذة من جواه ... بخلعتها ولم ترجع بزند وفارقها جواه فاستراحت ... وكانت عنده كأسير قدّ وقد أدنيت فاه إليّ حتّى ... قتلت بذاك نفسي غير عمد وما يدنو إلى فيه ذباب ... ولو طليت مشافره بقند «3» يذقن حلاوة ويخفن موتا ... زعافا إن هممن له بورد «4» فلما فاح فوه عليّ فوحا ... بمثل غثيثة الدّبر المغدّ «5» فقلت له: تنحّ بفيك عنّي ... فما هذا بريح قتار رند «6» وما هذا بريح طلا ولكن ... يفوح خراك منه غير سرد «7»

فحدّثني فإنّ الصّدق أدنى ... لباب الحقّ من كذب وجحد أبات يجول في عفج طحور ... فأعلم أم أتاك به مغدّي «1» نكهت عليّ نكهة أخدريّ ... شتيم أعصل الأنياب ورد فإن أهديت لي من فيك حتفي ... فإنّي كالذي أهديت أهدي لكم شردا يسرن مغنّيات ... تكون فنونها من كل فند «2» أما تخزى خزيت لها إذا ما ... رواها النّاس من شيب ومرد لأرجو إن نجوت ولم يصبني ... جوى إنّي إذن لسعيد جدّ وقلت له: متى استطرفت هذا ... فقال أصابني من جوف مهدي فقلت له: أما داويت هذا ... فتعذر فيه آمالا بجهد فقال: أما علمت له رقاء ... فتسديه لنا فيما ستسدي فقلت له: ولا آلوه عيا ... له فيما أسرّ له وأبدي عليك بقيئة وبجعر كلب ... ومثلي ذاك من نون كنعد وحلتيت وكرّاث وثوم ... وعودي حرمل ودماغ فهد «3» وحنجرة ابن آوى وابن عرس ... ووزن شعيرة من بزر فقد «4» وكفّ ذرحرح ولسان صقر ... ومثقالين من صوّان رقد «5» يدقّ ويعجن المنخول منه ... ببول آجن وبجعر قرد وتدفنه زمانا في شعير ... وترقبه فلا يبدو لبرد فدخّن فاك ما عتّقت منه ... ولا يعجن بأظفار وندّ «6» فإن حضر الشتاء وأنت حيّ، ... أراك الله غيّك أمر رشد فدحرجها بنادق وازدردها ... متى رمت التكلّم أيّ زرد فتقذف بالمصلّ على مصلّ ... ببلعوم وشدق مسمعدّ «7» وويلك ما لبطنك مذ قعدنا ... كأنّ دويّه إرزام رعد

196 -[أشعار العرب في هجاء الكلب]

فإنّ لحكّة الناسور عندي ... دواء إن صبرت له سيجدي يميت الدّود عنك وتشتهيه ... إن انت سننته سنّ المقدّي «1» به، وطليته بأصول دفلى ... وشيء من جنى لصف ورند «2» أظنّي ميّتا من نتن فيه ... أهان الله من ناجاه بعدي 196-[أشعار العرب في هجاء الكلب] وقال صاحب الديك: سنذكر أشعار العرب في هجاء الكلب مجرّدا على وجهه، ثمّ نذكر ما ذمّوا من خلاله وأصناف أعماله، وأمورا من صفاته، ونبدأ بذكر هجائه في الجملة. قال بشّار بن برد: [من الطويل] عددت سويدا إذ فخرت وتولبا ... وللكلب خير من سويد وتولب «3» وقال بشّار أو غيره: [من الطويل] أتذكر إذ ترعى على الحيّ شاءهم ... وأنت شريك الكلب في كلّ مطعم وتلحس ما في القعب من فضل سؤره ... وقد عاث فيه باليدين وبالفم وقال ابن الذئبة: [من الرجز] من يجمع المال ولا يتب به ... ويترك المال لعام جدبه «4» يهن على النّاس هوان كلبه وقال آخر: [من الطويل] إنّ شريبي لا يغبّ بوجهه ... كلومي كأن كلبا يهارش أكلبا ولا أقسم الأعطان بيني وبينه ... ولا أتوقّاه وإن كان مجربا وهجا الأحوص ابنا له فشبّهه بجرو كلب فقال: [من الرجز] أقبح به من ولد وأشقح ... مثل جريّ الكلب لم يفقّح «5»

إن ير سوءا ما يقم فينبح ... بالباب عند حاجة المستفتح وقال أبو حزابة: [من السريع] يا ابن عليّ برح الخفاء ... أنت لغير طلحة الفداء «1» قد علم الأشراف والأكفاء ... أنّك أنت النّاقص اللّفاء «2» حبلّق جدّعه الرّعاء ... يغمّه المئزر والرّداء «3» بنو عليّ كلّهم سواء ... كأنّهم زينيّة جراء «4» وقال عبد بني الحسحاس، وذكر قبح وجهه فقال: [من الطويل] أتيت نساء الحارثيّين غدوة ... بوجه براه الله غير جميل «5» فشبّهنني كلبا ولست بفوقه ... ولا دونه إن كان غير قليل وقال أبو ذباب السّعديّ في هوان الكلب: [من الوافر] لكسرى كان أعقل من تميم ... ليالي فرّ من أرض الضّباب «6» وأسكن أهله ببلاد ريف ... وأشجار وأنهار عذّاب فصار بنو بنيه لها ملوكا ... وصرنا نحن أمثال الكلاب فلا رحم الإله صدى تميم ... فقد أزرى بنا في كلّ باب وأراد اللّعين هجاء جرير- وجرير من بني كليب- فاشتقّ هجاءه من نسبه فقال: [من الوافر] سأقضي بين كلب بني كليب ... وبين القين قين بني عقال «7» فإنّ الكلب مطعمه خبيث ... وإنّ القين يعمل في سفال كلا العبدين- قد علمت معدّ ... لئيم الأصل من عمّ وخال

197 -[الفلحس والأرشم]

فما بقيا عليّ تركتماني ... ولكن خفتما صرد النبال وقال رجل من همدان، يقال له الضّحّاك بن سعد، يهجو مروان بن محمد بن مروان بن الحكم، واشتقّ له اسما من الكلب فجعله كلبا فقال: [من البسيط] لجّ الفرار بمروان فقلت له ... عاد الظلوم ظليما همّه الهرب «1» أين الفرار وترك الملك إن قبلت ... منك الهوينى فلا دين ولا أدب فراشة الحلم فرعون العذاب، وإن ... يطلب نداه فكلب دونه كلب وقال آخر وجعل الكلب مثلا في اللّؤم: [من الطويل] سرت ما سرت من ليلها ثمّ عرّست ... على رجل بالعرج ألأم من كلب «2» وكذلك قول الأسود بن المنذر، فإنّه قال: [من المتقارب] فإنّ امرأ أنتم حوله ... تحفّون قبّته بالقباب «3» يهين سراتكم جاهدا ... ويقتلكم مثل قتل الكلاب وقال سحيمة بن نعيم: [من الطويل] ألست كليبيّا لكلب وكلبة ... لها عند أطناب البيوت هرير وقال النّجرانيّ في ذلك: [من الرجز] من منزلي قد أخرجتني زوجتي ... تهّرّ في وجهي هرير الكلبة زوّجتها فقيرة من حرفتي ... قلت لها لمّا أراقت جرتي أمّ هلال أبشري بالحسرة ... وأبشري منك بقرب الضّرّة 197-[الفلحس والأرشم] ويقال للكلب «فلحس» وهو من صفات الحرص والإلحاح. ويقال: «فلان أسأل من فلحس» «4» . وفلحس: رجل من بني شيبان كان حريصا رغيبا، وملحفا ملحّا. وكلّ طفيليّ فهو عندهم فلحس.

198 -[بين جرير والراعي]

والأرشم «1» : الكلب والذئب، وقد اشتقّ منه للإنسان إذا كان يتشمّم الطعام ويتبع مواضعه. قال جرير في بعضهم: [من الطويل] لقّى حملته أمّه وهي ضيفة ... فجاءت بيتن للضّيافة أرشما «2» وقال جرير في استرواح الطعام: [من الكامل] وبنو الهجيم سخيفة أحلامهم ... ثطّ اللّحى متشابهو الألوان «3» لو يسمعون بأكلة أو شربة ... بعمان أضحى جمعهم بعمان متأبّطين بنيهم وبناتهم ... صعر الخدود لريح كلّ دخان وقال سهم بن حنظلة الغنويّ في ذلك: [من المتقارب] وأمّا كلاب فمثل الكلا ... ب لا يحسن الكلب إلّا هريرا «4» وأمّا نمير فمثل البغا ... ل أشبهن آباءهنّ الحميرا وأمّا هلال فعطّارة ... تبيع كباء وعطرا كثيرا 198-[بين جرير والراعي] ومرّ جرير يوما بالمربد، فوقف عليه الراعي وابنه جندل، فقال له ابنه جندل: إنّه قد طال وقوفك على هذا الكلب الكليبيّ، فإلى متى؟! وضرب بغلته، فمضى الراعي وابنه جندل، فقال جرير: والله لأثقلنّ رواحلك! فلما أمسى أخذ في هجائه، فلم يأته ما يريد، فلما كان مع الصبح انفتح له القول فقال: [من الوافر] فغضّ الطّرف إنّك من نمير ... فلا كعبا بلغت ولا كلابا «5» ولو جعلت فقاح بني نمير ... على خبث الحديد إذا لذابا

199 -[أمثال في الكلاب]

ثم وقف في موقفه، فلمّا مرّ به جندل قبض على عنان فرسه، فأنشده قوله، حتى إذا بلغ إلى هذا البيت: أجندل ما تقول بنو نمير ... إذا ما الأير في است أبيك غابا قال: فأدبر وهو يقول: يقولون والله شرّا. وقال الشاعر- وضرب بالكلب المثل في قبح الوجه-: [من الكامل] سفرت فقلت لها هج فتبرقعت ... فذكرت حين تبرقعت ضبّارا «1» وضبّار: اسم كلب له. 199-[أمثال في الكلاب] وقال كعب الأحبار لرجل وأراد سفرا: إنّ لكلّ رفقة كلبا، فلا تكن كلب أصحابك «2» . وتقول العرب: «أحبّ أهلي إليّ كلبهم الظاعن» «3» . ومن الأمثال «وقع الكلب على الذّئب ليأخذ منه مثل ما أخذ» «4» . ومن أمثالهم: «الكلاب على البقر» «5» . ومن أمثالهم في الشؤم قولهم: «على أهلها دلّت براقش» «6» . وبراقش: كلبة قوم نبحت على جيش مرّوا ليلا وهم لا يشعرون بالحيّ، فاستباحوهم واستدلّوا على مواضعهم بنباحها. قال الشاعر: [من الوافر] ألم تر أنّ سيّد آل ثور ... نباتة عضّه كلب فماتا 200-[قتيل الكبش وقتيل العنز] وقال صاحب الكلب: قد يموت الناس بكلّ شيء، وقد قال عبد الملك بن

201 -[شعر في الهجاء]

مروان: ألا تتعجبون من الضحّاك بن قيس يطلب الخلافة ونطح أباه كبش فوجد ليس به حبض ولا نبض «1» . وقال عرفجة بن شريك يهجو أسلم بن زرعة- ووطئت أباه عنز بالمربد فمات- فقال: [من الطويل] ولم أستطع إذ بان منّي معشري ... مكان قتيل العنز أن أتكلّما فيما ابن قتيل العنز هل أنت ثائر ... بزرعة تيسا في الزّريبة أزنما 201-[شعر في الهجاء] وقال أبو الهول يهجو جعفر بن يحيى: [من السريع] أصبحت محتاجا إلى الضّرب ... في طلب العرف إلى الكلب «2» قد وقّح السّبّ له وجهه ... فصار لا ينحاش للسّبّ إذا شكا صبّ إليه الهوى ... قال له مالي وللصبّ أعني فتى يطعن في دينه ... يشب معه خشب الصّلب قال: وقلت لأبي عبيدة: أليس بقع الكلاب أمثلها؟ قال: لا. قلت: ولم قال: [من الوافر] وخفت هجاءهم لما تواصوا ... كخوف الذّئب من بقع الكلاب؟ قال: ليس هكذا قال، إنما قال: كخوف الذّئب من سود الكلاب ألا ترى أنّه حين أراد الهجاء قال: [من الوافر] كأنّك بالمبارك بعد شهر ... تخوض غموره بقع الكلاب «3» ويدل على ذلك قول الجدليّ: [من الطويل] لعمري لجوّ من جواء سويقة ... أسافله ميث وأعلاه أجرع «4»

أحبّ إلينا أن نجاور أهله ... ويصبح منّا وهو مرأى ومسمع من الجوسق الملعون بالرّيّ لا يني ... على رأسه داعي المنيّة يلمع يقولون لي صبرا فقلت: لطالما ... صبرت ولكن لا أرى الصّبر ينفع فليت عطائي كان قسّم بينهم ... وكان لي الصّمّان والحزن أجمع وكان لهم أجري هنيئا وأصبحت ... بي البازل الكوماء بالرمل تضبع أأجعل نفسي عدل علج كأنّما ... يموت به كلب إذا مات أبقع قال: فقد بيّن كما ترى أنّ الأبقع شرّها. قال: وقلت: فلم قال الشاعر: [من البسيط] أرسلت أسدا على بقع الكلاب فقد ... أمسى شريدهم في الأرض فلّالا «1» قال: فكيف يقول ذلك وهو يمدحهم؟ وإذا صغّر شأن من هزموا فقد صغّر شأن الممدوح. بل إنّما قال: «أرسلت أسدا على سود الكلاب» . قال: وإنّما جاء الحديث في قتل سود الكلاب، لأنّ عقرها أكثر ما تكون سودا، وذلك من غلبة أنفسها. وليس في الأرض حيوان من بقرة وثور وحمار وفرس وكلب وإنسان، إلّا والسّود أشدّها أسرا وعصبا، وأظهرها قوّة وصبرا. وقال أبو سعد المخزومي في هجائه دعبلا: [من الكامل] يا ثابت بن أبي سعيد إنّها ... دول وأحر بها بأن تتنقّلا «2» هلّا جعلت لها كحرمة دعبل ... في است أمّ كلب لا يساوي دعبلا وقال ابن نوفل: [من الطويل] وجئت على قصواء تنقل سوءة ... إلينا وكم من سوءة لا تهابها «3» وتزعم أن لم تخز سلم بن جندل ... وقد خزيت بعد الرّجال كلابها وقال الحسن بن هانئ يهجو جعفر بن يحيى: [من الطويل] قفا خلف وجه قد أطيل كأنّه ... قفا مالك يقضي الهموم على بثق «4»

وأعظم زهوا من ذباب على خرا ... وأبخل من كلب عقور على عرق وقال أبو الشّمقمق: [من الخفيف] أهل جود ونائل وفعال ... غلبوا الناس بالنّدى والعطيّة «1» جئته زائرا فأدنى مكاني ... وتلقّى بمرحب وتحيّه لا كمثل الأصمّ حارثة اللؤ ... م شبيه الكليبة القلطيّه جئته زائرا فأعرض عنّي ... مثل إعراض قحبة سوسيّه وتولّى كأنّه أير بغل ... غاب في دبر بغلة مصريّه وقال أيضا: [من الوافر] ألا قولا لسرّان المخازي ... ووجه الكلب والتّيس الضروط «2» له بطن يضلّ الفيل فيه ... ودبر مثل راقود النّشوط «3» وأير عارم لا خير فيه ... كدور سفينة في بثق روط «4» ولحية حائك من باب قلب ... موصّلة الجوانب بالخيوط له وجه عليه الفقر باد ... مرقّعة جوانبه بقوط إذا نهض الكرام إلى المعالي ... ترى سرّان يسفل في هبوط وقال أيضا في ذلك: [من البسيط] يا رازق الكلب والخنزير في سعة ... والطير والوحش في يهماء دوّيّه «5» لو شئت صيّرته في حال فاقته ... حتى تقرّ بتلك الحال عينيّه وقال جرير بن عطية، يهجو الصّلتان العبديّ: [من الطويل] أقول لها والدّمع يغسل كحلها ... متى كان حكم الله في كرب النخل «6»

فأجابه الصّلتان فقال: [من الطويل] تعيّرنا أن كانت النّخل مالنا ... وودّ أبوك الكلب لو كان ذا نخل يعيّره جرير بأنّه كان هو وأبوه من أصحاب النّخل. وقال وضّاح اليمن: [من البسيط] وأكتم السّرّ غضبانا وفي سكري ... حتى يكون له وجه ومستمع «1» وأترك القول عن علم ومقدرة ... حتى يكون لذاك النّجد مطّلع لا قوّتي قوّة الراعي ركائبه ... يبيت يأوي إليه الكلب والرّبع ولا العسيف الذي تشتدّ عقبته ... حتّى يثوب وباقي نعله قطع وقال محمّد بن عبّاد الكاتب مولى بجيلة، وأبوه من سبي دابق وكاتب زهير، وصديق ثمامة، يهجو أبا سعد دعيّ بني مخزوم، وبعد أن لقى منه ما لقى: [من مجزوء الكامل] فعلت نزار بك الذي اس ... تأهلته نفيا وضربا «2» فهجوت قحطانا لأه ... جوهم مكايدة وإربا وأردت كيما تشتفي ... بهجائهم منهم فتربا ووثقت أنّك ما سبب ... ت، حماك لؤمك أن تسبّا كالكلب إن ينبح فلي ... س جوابه إلّا اخس كلبا خفّض عليك وقر مكا ... نك لا تطف شرقا وغربا واكشف قناع أبيك فال ... آباء ليس تنال غصبا وقال آخر يصف كلبا: [من الطويل] ولذّ كطعم الصّرخديّ تركته ... بأرض العدا من خشية الحدثان «3» ومبد لي الشّحناء بيني وبينه ... دعوت وقد طال السّرى فدعاني

فوصفه كما ترى أنّه يبدي له البغضاء. وقال آخر: [من الطويل] سرت ما سرت من ليلها ثم عرّست ... على رجل بالعرج ألأم من كلب «1» وقال راشد بن شهاب اليشكريّ: [من الطويل] فلست إذا هبّت شمال عريّة ... بكلب على لحم الجزور ولا برم وقال كثيّر بن عبد الرحمن، وهو يصف نعلا من نعال الكرام: [من الطويل] إذا طرحت لم يطّب الكلب ريحها ... وإن وضعت في مجلس القوم شمّت «2» وقال اللّعين في بعض أضيافه، يخبر أنّه قراه لحم كلب. وقد قال ابن الأعرابي: إنّما وصف تيسا: [من الطويل] فقلت لعبديّ اقتلا داء بطنه ... وأعفاجه اللائي لهنّ زوائد «3» فجاءا بخرشاوي شعير عليهما ... كراديس من أوصال أعقد سافد وقال خليد عينين وهو يهجو جرير بن عطية ويردّ عليه: [من الطويل] وعيّرتنا بالنخل أن كان مالنا ... وودّ أبوك الكلب لو كان ذا نخل وقال دعبل بن عليّ: [من المتقارب] ولو يرزق الناس عن حيلة ... لما نال كفّا من التّربه ولو يشرب الماء أهل العفا ... ف لما نال من مائهم شربه ولكنّه رزق من رزقه ... يعمّ به الكلب والكلبه

باب ذكر من هجي بأكل لحوم الكلاب ولحوم الناس

باب ذكر من هجي بأكل لحوم الكلاب ولحوم الناس 202-[شعر في أكل لحوم الكلاب] قال سالم بن دارة الغطفانيّ: [من الرجز] يا فقعسيّ لم أكلته لمه ... لو خافك الله عليه حرّمه «1» فما أكلت لحمه ولا دمه وقال الفرزدق في ذلك: [من الطويل] إذا أسدي جاع يوما ببلدة ... وكان سمينا كلبه فهو آكله «2» وقال مساور بن هند: [من المتقارب] إذا أسديّة ولدت غلاما ... فبشرها بلؤم في الغلام «3» يخرّسها نساء بني دبير ... بأخبث ما يجدن من الطّعام ترى أضفار أعقد ملقيات ... براثنها على وضم الثّمام فهذا الشعر وما أشبهه يدلّ على أن اللعين إنّما قراهم كلبا ولم يقرهم تيسا، وأنّ الصواب خلاف ما قال ابن الأعرابيّ. وقال مساور بن هند أيضا: [من الطويل] بني أسد أن تمحل العام فقعس ... فهذا إذن دهر الكلاب وعامها «4»

203 -[شعر في أكل لحوم الناس]

وقال شريح بن أوس يهجو أبا المهوّش الأسدي: [من الطويل] وعيّرتنا تمر العراق وبرّه ... وزادك أير الكلب شيّطه الجمر «1» 203-[شعر في أكل لحوم الناس] وقال معروف الدّبيريّ في أكلهم لحوم الناس: [من الوافر] إذا ما ضفت يوما فقعسيّا ... فلا تطعم له أبدا طعاما «2» فإنّ اللحم إنسان فدعه ... وخير الزّاد ما منع الحراما وقد هجيت هذيل وأسد وبلعنبر وباهلة بأكل لحوم الناس، قال حسّان بن ثابت يذكر هذيلا: [من البسيط] إن سرّك الغدر صرفا لا مزاج له ... فأت الرجيع وسل عن دار لحيان «3» قوم تواصوا بأكل الجار بينهم ... فالكلب والشّاة والإنسان سيّان وقال الشاعر في مثل ذلك في هذيل: [من الطويل] وأنتم أكلتم شحمة بن مخدّم ... زباب فلا يأمنكم أحد بعد «4» تداعوا له من بين خمس وأربع ... وقد نصل الأظفار وانسبأ الجلد ورفّعتم جردانه لرئيسكم ... معاوية الفلحاء يا لك ما شكد وقال الشاعر في ذلك في باهلة: [من الرجز] إنّ غفاقا أكلته باهله ... تمشّشوا عظامه وكاهله «5» وأصبحت أم غفاق ثاكله وهجا شاعر آخر بلعنبر، وهو يريد ثوب بن شحمة، وكان شريفا وكان يقال له مجير الطير. فأمّا مجير الجراد فهو مدلج بن سويد بن مرشد بن خيبري فعيّر الشاعر ثوب بن شحمة بأكل الرجل العنبريّ لحم المرأة إلى أن أتى ثوب من الجبل فقال: [من الرجز] عجلتم ما صادكم علاج ... من العنوق ومن النّعاج «6» حتى أكلتم طفلة كالعاج

204 -[قتيل الكلاب]

فلما عيّره قال ثوب: [من البسيط] يا بنت عمّي ما أدراك ما حسبي ... إذ لا تجنّ خبيث الزاد أضلاعي «1» إنّي لذو مرّة تخشى بوادره ... عند الصّياح بنصل السّيف قرّاع ومن ظريف الشعر قول أبي عدنان: [من الطويل] فما كلبة سوداء تفري بنابها ... عراقا من الموتى مرارا وتكدم أتيح لها كلب فضنّت بعرقها ... فهارشها وهي على العرق تعذم فقف على هذا الشعر فإنّه من أعاجيب الدنيا. وقال سنيح بن رباح شار الزّنجي: [من الكامل] ما بال كلب بني كليب سبّنا ... أن لم يوازن حاجبا وعقالا «2» 204-[قتيل الكلاب] وتنازع مالك بن مسمع وشقيق بن ثور، فقال له مالك: إنّما رفعك قبر بتستر فقال شقيق: حين وضعك قبر بالمشقّر، يا ابن قتيل النساء وقتيل الكلاب!!. قال «3» : وكان يقال لمسمع بن شيبان قتيل الكلاب، وذلك أنّه لجأ في الردة إلى قوم من عبد القيس، فكان كلبهم ينبح عليه فخاف أن يدلّ على مكانه فقتله فقتل به. 205-[أمثال أخرى في الكلب] قال: والعرب تقول: «أسرع من لحسة كلب أنفه» «4» . ويقال: «أحرص من لعوة» «5» وهي الكلبة، وجمعها لعاء. وفي المثل: «ألأم من كلب على عرق» «6» ، و «نعم كلب في بؤس أهله» «7» . وفي المثل: «اصنع المعروف ولو مع الكلب» «8» .

206 -[تأويل رؤيا الكلب]

206-[تأويل رؤيا الكلب] وقال ابن سيرين: الكلب في النوم رجل فاحش، فإن كان أسود فهو عربيّ، وإن كان أبقع فهو عجميّ «1» . وقال الأصمعيّ عن حمّاد بن سلمة عن ابن أخت أبي بلال مرداس بن أديّة قال: رأيت أبا بلال في النوم كلبا تذرف عيناه، وقال: إنّا حوّلنا بعدكم كلابا من كلاب النار. قال «2» : ولمّا خرج شمر بن ذي الجوشن الضّبابي لقتال الحسين بن علي رضي الله تعالى عنهما، فرأى الحسين فيما يرى النائم أنّ كلبا أبقع يلغ في دمائهم، فأوّل ذلك أن يقتلهم شمر بن ذي الجوشن. وكان منسلخا برصا. قال: والمسلمون كلّهم يسمّون الخوارج: كلاب النار. 207-[شعر في تشبيه الفرس بضروب من الحيوان ليس بينها الكلب] وقال صاحب الديك: صاحب الكلب يصفه بالسّرعة في الحضر، وبالصّبر على طول العدو، وبسعة الإهاب، وأنّه إذا عدا ضبع وبسط يديه ورجليه حتى يمسّ قصصه الأرض، وحتى يشرط أذنيه بشبا «3» أظفاره، وأنّه لا يحتشي ريحا مع ما يصيب الكلاب من اللهث. فإن كان كما تقولون فلم وصفت الشعراء الفرس وشبّهته بضروب من الخلق، وكذلك الأعضاء وغير ذلك من أمره، وتركوا الكلب في المنسأ لا يلتفت أحد لفته؟! وقال أبو دؤاد الإياديّ في ذلك: [من الخفيف] عن لسان كجثّة الورل الأح ... مرمجّ النّدى عليه العرار «4» ولم يذكره في شيء. وقال خالد بن عجرة الكلابي: [من الوافر] كأن لسانه ورل عليه ... بدار مضية مج العرار «5»

وقال امرؤ القيس: [من الطويل] وخدّ أسيل كالمسنّ وبركة ... كجؤجؤ هيق دفّه قد تموّرا ولم يذكره في شيء. وقال عقبة بن سابق: [من الهزج] عريض الخدّ والجب ... هة والصّهوة والجنب «1» ولم يذكره في شيء. وقال امرؤ القيس: [من الطويل] وسامعتان تعرف العتق فيهما ... كسامعتي مذعورة وسط ربرب ولم يذكره في شيء من ذلك. وقال عقبة بن سابق: [من الخفيف] ولها بركة كجؤجؤ هيق ... ولبان مضرّج بالخضاب ولم يذكره في شيء. وقال خفاف بن ندبة: [من السريع] عبل الذّراعين سليم الشّظا ... كالسّيد يوم القرّة الصارد «2» ولم يذكره في شيء من ذلك. وقال امرؤ القيس: [من الطويل] سليم الشّظا عبل الشّوى شنج النّسا ... أقبّ كتيس الحلّب الغذوان «3» ولم يذكره في شيء من ذلك. وقال عقبة بن سابق: [من الهزج] وأرساغ كأعناق ... ظباء أربع غلب «4» ولم يذكره في شيء من ذلك. وقال الجعديّ: [من المتقارب] كأن تماثيل أرساغه ... رقاب وعول لدى مشرب «5» ولم يذكره في شيء من ذلك. وقال امرؤ القيس: [من المتقارب] لها متنتان خظاتا كما ... أكبّ على ساعديه النّمر «6»

ولم يذكره في شيء من ذلك. وقال أبو دؤاد: [من مجزوء الكامل] يمشي كمشي نعامتين ... تتابعان أشقّ شاخص «1» ولم يذكره في شيء من ذلك. وقال ابن الصّعق: [من مجزوء الكامل] بمحنّب مثل العقا ... ب تخاله للضّمر قدحا «2» ولم يذكره في شيء من ذلك. وقال ربيعة بن جشم النمري، ويروى لامرئ القيس: [من المتقارب] وساقان كعباهما أصمعا ... ن لحم حماتيهما منبتر «3» ولم يذكره في شيء من ذلك. وقال عبد الرحمن بن حسّان بن ثابت الأنصاري: [من المتقارب] كأنّ حماتيهما أرنبان ... تقبّضتا خيفة الأجدل «4» ولم يذكره في شيء من ذلك. وقال خالد بن عبد الرحمن في مثل ذلك: [من الوافر] كأنّ حماتها كردوس فحل ... مقلّصة على ساقي ظليم «5» ولم يذكره في شيء من ذلك. وقال الأعشى: [من الكامل] أمّا إذا استقبلته فكأنّه ... جذع سما فوق النّخيل مشذّب «6» وإذا تصفّحه الفوارس معرضا ... فتقول سرحان الغضا المتصوّب أما إذا استدبرته فتسوقه ... ساق يقمّصها وظيف أحدب منه وجاعرة كأنّ حماتها ... لما كشفت الجلّ عنه أرنب ولم يذكره في شيء من ذلك. وقال الأسعر الجعفي: [من الكامل] أما إذا استقبلته فكأنّه ... باز يكفكف أن يطير وقد رأى «7»

208 -[قول أبي عبيدة في تشبيه الفرس بضروب من الحيوان]

أما إذا استعرضته متمطّرا ... فتقول هذا مثل سرحان الغضا أمّا إذا استدبرته فتسوقه ... ساق قموص الوقع عارية النّسا ولم يذكره في شيء. وقال أبو داؤد: [من الكامل] كالسّيد ما استقبلته وإذا ... ولّى تقول ململم ضرب «1» لأم إذا استعرضته ومشى ... متتابعا ما خانه عقب يمشي كمشي نعامة تبعت ... أخرى إذا هي راعها خطب ولم يذكره في شيء من ذلك. وقال امرؤ القيس: [من الطويل] له أيطلا ظبي وساقا نعامة ... وإرخاء سرحان وتقريب تتفل «2» ولم يذكره في شيء من ذلك. وقال ابن سنان العبديّ: [من الكامل] أما إذا ما أقبلت فمطارة ... كالجذع شذّبه نفيّ المنجل أما إذا ما أعرضت فنبيلة ... ضخم مكان حزامها والمركل أما إذا تشتدّ فهي نعامة ... تنفي سنابكها صلاب الجندل 208-[قول أبي عبيدة في تشبيه الفرس بضروب من الحيوان] قال أبو عبيدة: ومما يشبه خلقه من خلق النعامة طول وظيفها وقصر ساقيها وعري نسييها. وممّا يشبه من خلقه خلق الأرنب صغر كعبيها. وممّا يشبه من خلقه خلق الحمار الوحشيّ غلظ لحمه، وظمأ فصوصه وسراته، وتمحص عصبه، وتمكّن أرساغه، وعرض صهوته. قال صاحب الكلب: قد قال أبو عبيدة: إنّ مما يشبه من خلقه خلق الكلب هرت شدقه، وطول لسانه، وكثرة ريقه، وانحدار قصّه «3» ، وسبوغ ضلوعه، وطول ذراعيه، ورحب جلده، ولحوق بطنه. وقال طفيل الغنويّ، يصف الخيل: [من الطويل] تباري مراخيها الزّجاج كأنّها ... ضراء أحسّت نبأة من مكلّب «4»

209 -[شعر في وصف الناقة]

وقال طفيل أيضا: [من الطويل] كأنّ على أعطافه ثوب مائح ... وإن يلق كلب بين لحييه يذهب «1» وقال صاحب الديك: وأين يقع البيت والبيتان والثلاثة، من جميع أشعار العرب؟! وقال صاحب الكلب: لعلّنا إن تتبّعنا ذلك وجدناه كثيرا، ولكنك تقدّمت في أمر ولم تشعر بالذي تعني، فنلتقط من الجميع أكثر مما التقطت. والإنسان شريف الأعضاء وقد تشبه مواضع منه مواضع من الفرس العتيق. وما حضرنا من الأشعار إلّا قوله: [من مجزوء الكامل] وترى الكميت أمامه ... وكأنّه رجل مغاضب وقال الشاعر في ذلك: [من الكامل] خوص تراح إلى الصراخ إذا غدت ... فعل الضّراء تراح للكلّاب «2» وقد شبهوا بالكلب كلّ شيء وكان اسم فرس عامر بن الطفيل، الكلب، والمزنوق، والورد. 209-[شعر في وصف الناقة] قال صاحب الديك: قد قال أوس بن حجر، ووصف الناقة ونشاطها والذي يهيجها فقال: [من البسيط] كأنّ هرّا جنيبا عند مغرضها ... والتفّ ديك برجليها وخنزير «3» فهلّا قال: والتف كلب كما قال: والتفّ ديك!! وقال أبو حيّة «4» : [من الكامل] وتزاورت عنه كأن بدفّها ... هرّا ينشّب ضبعها بالأظفر وقال الأعشى: [من الكامل] بجلالة سرح كأنّ بدفّها ... هرّا إذا انتعل المطيّ ظلالها «5»

وقال عنترة بن شدّاد العبسي: [من الكامل] وكأنّما ينأى بجانب دفّها ال ... وحشيّ من هزج العشيّ مؤوّم «1» هرّ جنيب كلّما عطفت له ... غضبى اتقاها باليدين وبالفم وقال المثقّب العبديّ: [من الوافر] فسلّ الهمّ عنك بذات لوث ... عذافرة كمطرقة القيون «2» بصادقة الوجيف كأنّ هرّا ... يباريها ويأخذ بالوضين قال صاحب الكلب: إنما يذكرون في هذا الباب السّباع المنعوتة بالمخالب وطول الأظفار، كما ذكر الهرّ وابن آوى. والكلب ليس يوصف بالمخالب، وليس أنّ الهر أقوى منه. ألا ترى أوس بن حجر قال في ذلك: [من البسيط] كأنّ هرّا جنيبا عند مغرضها «3» فذكر الموضع الذي يوصف بالخلب والخدش والخمش والتظفير، فلما أراد أن يفزّعها ويثوّرها حتى تذهب جافلة في وجهها، أو نادّة، أو كأنّها مجنونة من حاق المرح والنشاط قال: [من البسيط] والتفّ ديك برجليها وخنزير «4» وقال أبو النجم: [من الرجز] لو جرّ شنّ وسطها لم تحفل ... من شهوة الماء ورزّ معضل «5» ولو قال أوس: والتفّ شنّ برجليها وخنزير لكان جائزا، لولا يبس الشنّ وقحوله، وأنّه ليس مما يلتوي على رجليها. وقال آخر: [من الطويل] كأنّ ابن آوى موثق تحت غرزها ... إذا هو لم يكلم بنابيه ظفّرا

210 -[الرجوع في الهبة]

210-[الرجوع في الهبة] وقال صاحب الديك: حديث عمرو بن شعيب عن عبد الله بن عمر وعبد الله ابن عباس، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحلّ لرجل أن يعطي عطيّة ويرجع فيها، إلّا الوالد فيما يعطي ولده. ومثل الذي يعطي العطيّة ثم يرجع فيها كمثل الكلب يأكل، حتى إذا شبع قاء ثم عاد في قيئه» «1» . وعن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يرجع في هبته إلّا الوالد من ولده. والعائد في هبته كالعائد في قيئه» . وعن جعفر بن محمد عن أبيه عن عبد الله بن جعفر، أنّ أبا بكر أمر بقتل الكلب. قال عبد الله بن جعفر: وكانت أمّي تحت أبي بكر، وكان جرو لي تحت سريره فقلت له: يا أبت، وكلبي أيضا؟ فقال: لا تقتلوا كلب ابني، ثمّ أشار بإصبعه إلى الكلب- أي خذوه من تحت السرير- وأنا لا أدري، فقتل. وإسماعيل بن أميّة قال: أمّتان من الجنّ مسختا، وهما الكلاب والحيّات. ابن المبارك قال: إذا عرف الرجل قدر نفسه صار عند نفسه أذلّ من الكلب. 211-[لؤم الكلب] قال صاحب الديك- وذكر الكلب فقال-: من لؤمه أنّه إذا أسمنته أكلك «2» ، وإن أجعته أنكرك. ومن لؤمه اتّباعه لمن أهانه، وإلفه لمن أجاعه؛ لأنه أجهل من أن يأنس بما يؤنس به وأشره وأنهم وأحرص وألجّ من أن يذهب بمطمعته ما يذهب بمطامع السباع. ومن جهله أيضا أنّا لم نجده يحرس المحسنين إليه بنباحه، وأربابه الذين ربّوه وتبنّوه إلا كحراسته لمن عرفه ساعة واحدة، بل لمن أذلّه وأجاعه وأعطشه. بل ليس ذلك منه حراسة، وإنّما هو فيه من فضل البذاء أو الفحش، وشدّة التحرّش والتسرّع. وقد قال الشاعر في ذلك: [من الرجز] إذا تخازرت وما بي من خزر ... ثم كسرت العين من غير عور «3»

212 -[جبن الكلب]

أبذى إذا بوذيت من كلب ذكر ... أسود قزّاح يعوّي في السّحر وإنّما ذلك شكل من شكل الجبن، وكالذي يعتري نساء السّفلة من الصخب. 212-[جبن الكلب] والكلب جبان وفيه جرأة ولؤم. ولو كان شجاعا وفيه بعض التهيّب كان أمثل. ومن فرط الجبن أنّه يفزع من كلّ شيء وينبحه. والبرذون ربّما رمح البرذون مبتدئا، وقلق وصهل صهيلا في اختلاط، وليس ذلك من فضل قوّة يجدها في نفسه على المرموح، ولكنّه يكون جبانا، فإذا رأى البرذون الذي يظنّ أنّه يعجز عنه أراه الجبن أنّه واقع به، فعندها يقلق وإذا قلق رمح. وهذه العلّة تعرض للمجنون؛ فإنّ المجنون الذي تستولي عليه السّوداء، ربما وثب على من لا يعرفه. وليس ذلك إلّا لأنّ المرّة أو همته أنّه يريده بسوء، وأنّ الرأي أن يبدأه بالضرب. وعلى مثل ذلك يرمي بنفسه في الماء والنار. 213-[نفي اللحن عن النظام] فأمّا الذي شهدت أنا من أبي إسحاق بن سيّار النظّام، فإنّا خرجنا ليلة في بعض طرقات الأبلّة، وتقدّمته شيئا، وألح عليه كلب من شكل كلاب الرّعاء، وكره أن يعدو فيغريه ويضرّيه «1» ، وأنف أيضا من ذلك- وكان أنفا شديد الشّكيمة أبّاء للهضيمة- وكره أن يجلس مخافة أن يشغر عليه أو لعلّه أن يعضّه فيهرت ثوبه، وألحّ عليه فلم ينله بسوء. فلمّا جزنا حدّه وتخلّصنا منه، قال إبراهيم في كلام له كثير، يعدّد خصاله المذمومة، فكان آخر كلامه أن قال: إن كنت سبع فاذهب مع السّباع، وعليك بالبراري والغياض، وإن كنت بهيمة فاسكت عنّا سكوت البهائم! ولا تنكر قولي وحياتي عنه بقول ملحون. من قولي: «إن كنت سبع» ولم أقل «إن كنت سبعا» ! 214-[الإعراب واللحن] وأنا أقول: إنّ الإعراب يفسد نوادر المولّدين، كما أنّ اللحن يفسد كلام الأعراب «2» ؛ لأنّ سامع ذلك الكلام إنّما أعجبته تلك الصورة وذلك المخرج، وتلك

214 -[عود إلى الحديث عن الكلب]

اللغة وتلك العادة؛ فإذا دخلت على هذا الأمر- الذي إنما أضحك بسخفه وبعض كلام العجميّة التي فيه- حروف الإعراب والتحقيق والتثقيل وحوّلته إلى صورة ألفاظ الأعراب الفصحاء، وأهل المروءة والنجابة انقلب المعنى مع انقلاب نظمه، وتبدّلت صورته. 214-[عود إلى الحديث عن الكلب] ثم قال أبو إسحاق: إن أطعمه اللصّ بالنهار كسرة خبز خلّاه، ودار حوله ليلا. فهو في هذا الوجه مرتش وآكل سحت «1» ؛ وهو مع ذلك أسمج الخلق صوتا، وأحمق الخلق يقظة ونوما، وينام النّهار كله على نفس الجادّة، وعلى مدقّ الحوافر، وفي كل سوق وملتقى طريق، وعلى سبيل الحمولة وقد سهر الليل كله بالصياح والصّخب، والنّصب والتّعب، والغيظ والغضب، وبالمجيء والذّهاب، فيركبه من حبّ النوم على حسب حاجته إليه، فإن وطئته دابّة فأسوأ الخلق جزعا وألأمه لؤما، وأكثره نباحا وعواء، فإن سلم ولم تطأه دابّة ولا وطئه إنسان، فليست تتمّ له السلامة؛ لأنّه في حال متوقّع للبليّة. ومتوقّع البليّة في بليّة. فإن لم يسلم فليس على ظهرها مبتلى أسوأ حالا منه؛ لأنّه أسوؤهم جزعا، وأقلّهم صبرا، ولأنّه الجاني ذلك على نفسه، وقد كانت الطّرق الخالية له معرضة، وأصول الحيطان مباحة. وبعد فإنّ كلّ خلق فارق أخلاق النّاس فإنّه مذموم. والناس ينامون بالليل الذي جعله الله تعالى سكنا، وينتشرون بالنّهار الذي جعله الله تعالى لحاجات الناس مسرحا. قال صاحب الكلب: لو شئنا أن نقول: إنّ سهره بالليل ونومه بالنهار خصلة ملوكيّة لقلنا، ولو كان خلاف ذلك ألذّ لكانت الملوك بذلك أولى. وأمّا الذي أشرتم به من النوم في الطرق الخالية، وعبتموه به من نومه على شارعات الطّرق والسّكك العامرة وفي الأسواق الجامعة، فكلّ امرئ أعلم بشأنه. ولولا أنّ الكلب يعلم ما يلقى من الأحداث والسّفهاء وصبيان الكتّاب، من رضّ عظامه بألواحهم إذا وجدوه نائما في طريق خال ليس بحضرته رجال يهابون، ومشيخة يرحمون ويزجرون السفهاء، وأنّ ذلك لا يعتريه في مجامع الأسواق- لقلّ خلافه عليك، ولما رقد في الأسواق. وعلى أنّ هذا الخلق إنّما يعتري كلاب الحرّاس، وهي التي في الأسواق مأواها ومنازلها.

215 -[سبب اختيار الليل للنوم]

وبعد فمن أخطأ وأظلم ممّن يكلّف السباع أخلاق الناس وعادات البهائم!! وقد علمنا أنّ سباع الأرض عن آخرها إنّما تهيج وتسرح وتلتمس المعيشة وتتلاقى على السفاد والعظال ليلا؛ لأنها تبصر بالليل. 215-[سبب اختيار الليل للنوم] وإنما نام الناس بالليل عن حوائجهم، لأنّ التمييز والتفصيل والتبيّن لا يمكنهم إلّا نهارا، وليس للمتعب المتحرّك بدّ من سكون يكون جماما له. ولولا صرفهم التماس الجمام إلى الوقت الذي لو لم يناموا فيه والوقت مانع من التمييز والتبيّن، لكانت الطبائع تنتقض. فجعلوا النّوم بالليل لضربين: أحدهما لأنّ الليل إذ كان من طبعه البرد والرّكود والخثورة، كان ذلك أنزع إلى النوم وما دعا إليه، لأنّه من شكله. وأمّا الوجه الآخر فلأنّ الليل موحش مخوف الجوانب من الهوامّ والسباع، ولأنّ الأشياء المبتاعة والحاجات إلى تمييز الدنانير، والدراهم، والحبوب، والبزور، والجواهر، وأخلاط العطر، والبربهار «1» وما لا يحصى عدده، فقادتهم طبائعهم وساقتهم غرائزهم إلى وضع النوم في موضعه، والانتشار والتصرف في موضعه على ما قدّر الله تعالى من ذلك وأحبّه. وأمّا السباع فإنها تتصرّف وتبصر بالليل، ولها أيضا علل أخرى يطول ذكرها. 216-[نوم الملوك] وأمّا ما ذكرتموه من نوم الملوك بالنّهار وسهرهم بالليل، فإنّ الملوك لم تجهل فضل النوم بالليل والحركة بالنهار، ولكنّ الملوك لكثرة أشغالها فضلت حوائجها عن مقدار النهار ولم يتّسع لها، فلما استعانت بالليل ولم يكن لها بدّ من الخلوة بالتدبير المكتوم والسرّ المخزون، وجمعت المقدار الفاضل عن اتّساع النهار إلى المقدار الذي لا بدّ للخلوة بالأسرار منه؛ أخذت من الليل صدرا صالحا. فلمّا طال ذلك عليها أعانها المران، وخفّ ذلك عليها بالدّربة. وناس منهم ذهبوا إلى التناول من الشراب وإلى أن سماع الصوت الحسن مما يزيد في المنّة «2» ، ويكون مادّة للقوة. وعلموا أنّ العوامّ إذا كانت لا تتناول الشّراب

217 -[تلهي المحزون بالسماع]

ولا تتكلّف السماع على هذا المعنى، أن ظنّها سيسوء، وقولها سيكثر؛ فرأوا أنّ الليل أستر وأجدر أن يتمّ به التدبير، وقال الراجز: [من الرجز] اللّيل أخفى والنّهار أفضح «1» وقالوا في المثل: «اللّيل أخفى للويل» «2» . 217-[تلهي المحزون بالسماع] وما زالت ملوك العجم تلهّي المحزون بالسماع، وتعلّل المريض، وتشغله عن التفكير، حتّى أخذت ذلك ملوك العرب عن ملوك العجم. ولذلك قال ابن عسلة الشيباني: [من الكامل] وسماع مدجنة تعلّلنا ... حتّى ننام تنام تناوم العجم «3» فصحوت والنّمريّ يحسبها ... عمّ السّماك وخالة النّجم النجم: واحد وجمع، وإنّما يعني في البيت الثريّا. ومدجنة: يعني سحابة دائمة. 218-[قول أم تأبط شرا في ولدها] وفيما يحكى عن امرأة من عقلاء نساء العرب- وإذا كان نساء العرب في الجملة أعقل من رجال العجم، فما ظنّك بالمرأة منهم إذا كانت مقدّمة فيهم- فرووا جميعا أنّ أمّ تأبّط شرّا قالت: «والله ما ولدته يتنا، ولا سقيته غيلا ولا أبتّه على مأقة» «4» . فأمّا اليتن فخروج رجل المولود قبل رأسه، وذلك علامة سوء، ودليل على الفساد. وأما سقي الغيل، فارتضاع لبن الحبلى، وذلك فساد شديد.

219 -[ما ينبغي للأم في سياسة رضيعها حين بكائه]

219-[ما ينبغي للأم في سياسة رضيعها حين بكائه] وأما قولها في المأقة، فإنّ الصبيّ يبكي بكاء شديدا متعبا موجعا، فإذا كانت الأمّ جاهلة حرّكته في المهد حركة تورثه الدّوار، أو نوّمته بأن تضرب يدها على جنبه. ومتى نام الصبيّ وتلك الفزعة أو اللّوعة أو المكروه قائم في جوفه، ولم يعلّل ببعض ما يلهيه ويضحكه ويسرّه، حتى يكون نومه على سرور، فيسري فيه ويعمل في طباعه، ولا يكون نومه على فزع أو غيظ أو غمّ؛ فإنّ ذلك ممّا يعمل في الفساد. والأمّ الجاهلة والمرقّصة الخرقاء، إذا لم تعرف فرق ما بين هاتين الحالتين، كثر منها ذلك الفساد، وترادف، وأعان الثاني الأوّل والثالث الثاني حتّى يخرج الصبيّ مائقا. وفي المثل: «صاحبي مئق وأنا تئق» «1» ، يضرب هذا المثل للمسافر الأحمق الرّفيق والزّميل، وقد استفرغه الضّجر لطول السفر فقلبه ملآن، فأوّل شيء يكون في ذلك المئق من المكروه لم يحتمله بل يفيض ضجره عليه، لامتلائه من طول ما قاسى من مكروه السفر. 220-[القول في الصوت] فاحتاج حذّاق الملوك وأصحاب العنايات التامّة، أن يداووا أنفسهم بالسماع الحسن، ويشدّوا من متنهم بالشراب، الذي إذا وقع في الجوف حرّك الدّم، وإذا حرك الدّم حرّك طباع السرور، ثمّ لا يزال زائدا في مكيال الدم، زائدا في الحركة المولّدة للسرور. هذه صفة الملوك. وعليه بنوا أمرهم، جهل ذلك من جهله، وعلمه من علمه. وقال صاحب الكلب: أمّا تركه الاعتراض على اللّصّ الذي أطعمه أيّاما وأحسن إليه مرارا، فإنّما وجب عليه حفظ أهله لإحسانهم إليه، وتعاهدهم له. فإذا كان عهده ببرّ اللص أحدث من عهده ببرّ أهله، لم يكلّف الكلب النظر في العواقب، وموازنة الأمور. والذي أضمر اللصّ من البيات غيب قد ستر عنه؛ وهو لا يدري أجاء ليأخذ أم جاء ليعطي، أو هم أمروه أو هو المتكلّف لذلك؛ ولعلّ أهله أيضا أن يكونوا قد استحقّوا ذلك منه بالضّرب والإجاعة، وبالسبّ والإهانة. وأمّا سماجة الصّوت فالبغل أسمج صوتا منه، كذلك الطاووس على أنّهم يتشاءمون به. وليس الصّوت الحسن إلّا لأصناف الحمام من القماريّ والدّباسيّ،

221 -[نوادر ديسيموس اليوناني]

وأصناف الشّفانين والوراشين. فأمّا الأسد والذئب؛ وابن آوى والخنزير، وجميع الطير والسباع والبهائم فكذلك. وإنّما لك أن تذمّ الكلب في الشيء الذي لا يعمّ. والناس يقولون: ليس في الناس شيء أقلّ من ثلاثة أصناف: البيان الحسن، والصوت الحسن، والصورة الحسنة؛ ثمّ النّاس بعد مختلطون ممتزجون. وربّما كان من الناس بل كثيرا ما تجده وصوته أقبح من صوت الكلب، فلم تخصّون الكلب بشيء عامّة الخلق فيه أسوأ حالا من الكلب؟! وأما عواؤه من وطء الدّابّة وسوء جزعه من ضرب الصّبيان، فجزع الفرس من وقع عذبة السّوط، أسوأ من جزعه من وقع حافر برذون. وهو في هذا الموضع للفرس أشدّ مناسبة منه للحمار. على أنّ الدّيك لا يذكر بصبر ولا جزع. 221-[نوادر ديسيموس اليوناني] قال صاحب الديك: حدّثني العتبي قال: كان في اليونانيّين ممرور له نوادر عجيبة، وكان يسمّى ديسيموس «1» ، قال: والحكماء يروون له أكثر من ثمانين نادرة ما منها إلّا وهي غرّة؛ وعين من عيون النوادر: فمنها أنّه كان كلّما خرج من بيته مع الفجر إلى شاطئ الفرات للغائط والطهور، ألقى في أصل باب داره وفي دوّارته حجرا، كي لا ينصفق الباب، فيحتاج إلى معالجة فتحه، وإلى دفعه كلّما رجع من حاجته، فكان كلّما رجع لم يجد الحجر في موضعه، ووجد الباب منصفقا. فكمن له في بعض الأيّام ليرى هذا الذي يصنع ما يصنع. فبينا هو في انتظاره إذ أقبل رجل حتّى تناول الحجر، فلمّا نحّاه عن مكانه انصفق الباب، فقال له: ما لك ولهذا الحجر؟ وما لك تأخذه؟ فقال لم أعلم أنّه لك. قال: فقد علمت أنّه ليس لك! قال: وقال بعضهم: ما بال ديسيموس يعلّم الناس الشّعر ولا يقول الشعر؟ قال: ديسيموس كالمسنّ الذي يشحذ ولا يقطع. ورآه رجل يأكل في السّوق فقال: أتأكل في السوق؟ فقال: إذا جاع ديسيموس في السّوق أكل من السوق. قال: وأسمعه رجل كلاما غليظا وسطا عليه، وفحش في القول، وتحلّم عنه فلم يجبه، فقيل له: ما منعك من مكافأته وهو لك معرض؟ قال: أرأيت لو رمحك حمار

222 -[أمثال أخرى في الكلب]

أكنت ترمحه؟ قال: لا. قال: فإن ينبح عليك كلب تنبح عليه؟ قال: لا، قال: فإنّ السفيه إمّا أن يكون حمارا، وإما أن يكون كلبا؛ لأنّه لا يخلو من شرارة تكون فيه أو جهل، وما أكثر ما يجتمعان فيه. 222-[أمثال أخرى في الكلب] وقال صاحب الديك: يقال للسفيه إنّما هو كلب، وإنّما أنت كلب نبّاح، وما زال ينبح علينا منذ اليوم، وكلب من هذا؟ ويا كلب ابن الكلب، وأخسأ كلبا. وقالوا في المثل: «احتاج إلى الصّوف من جزّ كلبه» «1» ، و «أجع كلبك يتبعك» «2» ، و «أحبّ شيء إلى الكلب خانقه» «3» ، و «سمّن كلبك يأكلك» «4» ، و «أجوع من كلبة حومل» «5» ، و «كالكلب يربض في الآريّ فلا هو يأكل ولا يدع الدابّة تعتلف» . 223-[براقش] وفي أمثالهم في الشؤم: «على أهلها دلّت براقش» «6» . وبراقش: كلبة نبحت على جيش مرّوا في جوف الليل وهم لا يشعرون بموضع الحيّ، فاستدلّوا عليهم بنباح الكلبة فاستباحوهم. 224-[الجنّ والحنّ] وقال صاحب الدّيك: روى إسماعيل المكي عن أبي عطاء العطاردي قال: سمعت ابن عبّاس يقول: السّود من الكلاب الجنّ، والبقع منها الحنّ. ويقال إنّ الحنّ ضعفة الجنّ، كما أنّ الجنيّ إذا كفر وظلم وتعدّى وأفسد، قيل شيطان؛ وإن قوي على البنيان والحمل الثقيل، وعلى استراق السمع قيل مارد، فإن زاد فهو عفريت، فإن زاد فهو عبقريّ. كما أنّ الرجل إذا قاتل في الحرب وأقدم ولم يحجم فهو الشجاع،

225 -[ما ورد من الحديث والخبر في الكلاب]

فإن زاد فهو البطل، فإن زاد قالوا: بهمة، فإن زاد قالوا: أليس. فهذا قول أبي عبيدة. وبعض النّاس يزعم أنّ الحنّ والجنّ صنفان مختلفان، وذهبوا إلى قول الأعرابي حين أتى بعض الملوك ليكتتب في الزّمنى، فقال في ذلك: [من الرجز] إن تكتبوا الزّمنى فإنّي لزمن ... من ظاهر الدّاء وداء مستكنّ «1» أبيت أهوي في شياطين ترنّ ... مختلف نجارهم حنّ وجنّ 225-[ما ورد من الحديث والخبر في الكلاب] [1- قتل الكلاب] وعن أبي عنبسة عن أبي الزبير عن جابر: قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب، حتى أن المرأة لتقدم بكلبها من البادية فنقتله، ثم نهانا عن قتلها وقال: «عليكم بالأسود البهيم ذي النكتتين على عينيه؛ فإنه شيطان» . وعن أبي الزبير عن جابر قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب، فكنا نقتلها كلها حتى قال: «إنها أمة من الأمم؛ فاقتلوا البهيم الأسود ذا النكتتين على عينيه؛ فإنه شيطان» . وعبد الله وأبو بكر ابنا نافع عن ابن عمر، ونافع عن أبي رافع قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقتل الكلاب، فكنّا نقتلها؛ فانتهيت إلى ظاهر بني عامر، وإذا عجوز مسكينة معها كلب وليس قربها إنسان فقالت: ارجع إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فأخبره أنّ هذا الكلب يؤنسني، وليس قربي أحد. فرجع إليه فأخبره، فأمر أن يقتل كلبها فقتله. وقال في حديث آخر: إنّه لمّا فرغ من قتل كلاب المدينة وقتل كلب المرأة قال: الآن استرحت. قالوا: فقد صحّ الخبر عن قتل جميع الكلاب، ثمّ صحّ الخبر بنسخ بعضه وقتل الأسود البهيم منها، مع الخبر بأنّها من الجنّ والحنّ، وأنّ أمّتين مسختا، وهما الحيّات والكلاب. ثم روى الأشعث عن الحسن قال: ما خطب عثمان خطبة إلّا أمر بقتل الكلاب وذبح الحمام. وعن الحسن قال: سمعت عثمان بن عفّان يقول: اقتلوا الكلاب واذبحوا الحمام. قال: وقال عطاء: في قتل كلب الصيد إذا كان صائدا أربعون درهما، وفي كلب الزرع شاة.

[2 - دية الكلب]

[2- دية الكلب] والحسن بن عمارة عن يعلى بن عطاء عن إسماعيل بن حسان عن عبد الله بن عمر قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في كلب الصّيد بأربعين درهما، وفي كلب الغنم بشاة، وفي كلب الزرع بفرق من طعام، وفي كلب الدار بفرق من تراب، حقّ على القاتل أن يؤدّيه، وحقّ على صاحب الدار أن يقبضه. قالوا: والتراب لا يكون عقلا إذا كان في مقدار الفرق. وفي قوله: وحقّ على صاحب الدار أن يقبضه، دليل على أنّه عقوبة على اتخاذه وأن ذلك على التصغير لأمر الكلب وتحقيره، وعلى وجه الإرغام لمالكه. ولو كان عوضا أو ثوابا، أو كان في طريق الأموال المحروص عليها، لما أكره على قبضه أحد، ولكان العفو أفضل. [3- شأن الكلاب] قال: وسئل عن الكلب يكون في الدار وفي الدار من هو له كاره. ابن أبي عروبة عن قتادة عن أبي الحكم: أنّ ابن عمر سئل عن ذلك فقال: لمأثم على ربّ الدّار الذي يملكها. وعن ابن عمر قال: من اتّخذ كلبا ليس بكلب زرع ولا ضرع ولا صيد نقص من أجره كلّ يوم قيراط. فقال رجل: فإن اتخذه رجل وهو كاره؟ قال: إنّما إثمه على صاحب الدار. وصدقة بن طيسلة المازنيّ قال: سألت الحسن قلت: إنّ دورنا في الجبّان وهي معورة وليس عليها أبواب، أفترى أن نتّخذ فيها كلابا؟ قال: لا لا. وعن ابن أبي أنيسة عن سالم عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من اقتنى كلبا إلّا كلب صيد أو كلب ماشية، نقص من أجره كلّ يوم قيراطان» . وعن أبي هريرة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: «من اقتنى كلبا فإنّه ينقص من عمله كلّ يوم قيراط» . ويونس عن أبيه عن إسحاق قال: حدثنا هنيدة بن خالد الخزاعي قال: انطلقت مع نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، نعود رجلا من الأنصار، فلمّا انتهوا إلى باب الدار ثارت أكلب في وجوه القوم، فقال بعضهم لبعض: ما يبقي هؤلاء من عمل فلان شيئا، كلّ كلب منها ينقص قيراطا في كلّ يوم.

هشام بن حسان عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من اتخذ كلبا ليس بكلب صيد ولا زرع ولا ضرع، فإنه ينقص من أجره كلّ يوم قيراط، والقيراط مثل جبل أحد» . يونس عن أبي إسحاق عن مجاهد قال: أقبل عبد الله بن عمرو بن العاص حتّى نزل ناحية مكّة، وكانت امرأة عمّ له تهاديه، فلما كانت ذات يوم قالت له: لو أرسلت إليّ الغنم فاستأنست برعائها وكلابها فقد نزلت قاصية! فقال: لولا كلابها لفعلت؛ إنّ الملائكة لا تدخل دارا فيها كلب. الثوريّ عن سماك بن حرب، أنّ ابن عباس قال على منبر البصرة: إنّ الكلاب من الحنّ وإنّ الحنّ من ضعفة الجن، فإذا غشيكم منها شيء فألقوا إليها شيئا أو اطردوه، فإنّ لها أنفس سوء. وهشيم عن المغيرة عن إبراهيم قالوا: لم يكونوا ينهوننا عن شيء من اللعب ونحن غلمان إلّا الكلاب. قال صاحب الديك: روى إبراهيم بن أبي يحيى الأسلميّ، عن محمّد بن المنكدر، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن قال: تقامر رجلان على عهد عمر بديكين، فأمر عمر بالديكة أن تقتل فأتاه رجل من الأنصار فقال: أمرت بقتل أمّة من الأمم تسبّح الله تعالى؟! فأمر بتركها. وعن قتادة أنّ أبا موسى قال: لا تتّخذوا الدّجاج في الدّور فتكونوا أهل قرية، وقد سمعتم ما قال الله تعالى في أهل القرى: أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً وَهُمْ نائِمُونَ «1» . وهذا عندي من أبي موسى ليس على ما يظنّه الناس، لأنّ تأويله هذا ليس على وجه، ولكنّه كره للفرسان ورجال الحرب اتخاذ ما يتّخذه الفلّاح وأصحاب التعيّش، مع حاجته يومئذ إلى تفرّغهم لحروب العجم، وأخذهم في تأهّب الفرسان وفي دربة رجال الحرب. فإن كان ذهب إلى الذي يظهر في اللفظ فهذا تأويل مرغوب عنه. وقال صاحب الكلب لصاحب الديك: فقد أمر عمر بقتل الدّيكة ولم يستثن منها شيئا دون شيء، ونهى أبو موسى عن اتخاذ الدجاج ولم يستثن منها شيئا دون شيء، والدّيكة تدخل في هذا الاسم، واسم الدّجاج يجمعها جميعا. ورويتم في قتل الحمام مثل روايتكم في قتل الكلاب، ولم أركم رويتم أنّ الحمام مسخ، ولا أنّ بعضه من الجن وبعضه من الحن، ولا أنّ أمتين مسختا وكان أحدهما الحمام.

226 -[المسخ من الحيوان]

وزعمتم أنّ عمر إنّما أمر بقتل الدّيكة حين كره الهراش بها والقمار بها. فلعلّ كلاب المدينة في تلك الأيّام كثر فيها العقور وأكثر أهلها من الهراش بها والقمار فيها. وقد علمتم أنّ ولاة المدينة ربّما دمروا على صاحب الحمام إذا خيف قبله القمار وظنّوا أنه الشّرف «1» . وذكروا عنه الرّمي بالبندق وخديعة أولادهم بالفراخ. فما بالكم لم تخرّجوا للكلاب من التأويل والعذر، مثل الذي خرّجتم للحمام والديكة. 226-[المسخ من الحيوان] ورويتم في الجرّيّ «2» والضّباب أنهما كانتا أمّتين مسختا. وروى بعضهم في الإربيانة أنّها كانت خيّاطة تسرق السّلوك، وأنّها مسخت وترك عليها بعض خيوطها لتكون علامة لها ودليلا على جنس سرقتها. ورويتم في الفأرة أنّها كانت طحّانة «3» ، وفي سهيل أنّه كان عشّارا باليمن «4» وفي الحيّة أنّها كانت في صورة جمل، وأنّ الله تعالى عاقبها حتى لاطها بالأرض، وقسم عقابها على عشرة أقسام، حين احتملت دخول إبليس في جوفها حتّى وسوس إلى آدم من فيها. وقلتم في الوزغة وفي الحكأة «5» ما قلتم. وزعمتم أنّ الإبل خلقت من أعنان الشياطين «6» ، وتأوّلتم في ذلك أقبح التأويل. وزعمتم أنّ الكلاب أمّة من الجنّ مسخت. والذئب أحقّ بأن يكون شيطانا من الكلب، لأنّه وحشيّ وصاحب قفار، وبه يضرب المثل في التعدّي، والكلب ألوف وصاحب ديار، وبه يضرب المثل. والذئب ختور غدّار، والكلب وفيّ مناصح. وقد أقام الناس في الدّيار الكلاب مقام السّنانير للفأر. والذئب مضرّة كلّه، والكلب منافعه فاضلة على مضارّه، بل هي غالبة عليها وغامرة لها، وهذه صفة جميع هذه الأشياء النافعة. والناس لم يطبقوا على اتّخاذها عبثا ولا جهلا، والقضاة والفقهاء والعبّاد والولاة والنّسّاك، الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، والمحتسبة وأصحاب التكلّف والتسليم جميعا، لم يطبقوا على ترك النّكير على ما يشاهدونه منها في دور من لا يعصيهم ولا يمتنع عليهم إلّا وقد علموا أنّه قد كان لقتل الكلاب بأعيانها في

227 -[أمور حدثت في دهر الأنبياء]

ذلك الدّهر، معنى. وإلّا فالنّاس في جميع أقطار الأرض لا يجمعون على مسالمة أصحاب المعاصي، الذين قد خلعوا عذرهم وأبرزوا صفحتهم. بل ما ترى خصما يطعن على شاهد عند قاض بأنّ في داره كلبا، ولا ترى حكما يردّ بذلك شهادة. بل لو كان اتّخاذ الكلاب مأمورا به، لما كان إلّا كذلك. ولو أنّكم حملتم حكم جميع الهداهد على حكم هدهد سليمان «1» ، وجميع الغربان على حكم غراب نوح «2» ، وجميع الحمام على حكم حمامة السفينة «3» ، وجميع الذئاب على حكم ذئب أهبان بن أوس، وجميع الحمير على حكم حمار عزير «4» - لكان ذلك حكما مردودا. 227-[أمور حدثت في دهر الأنبياء] وقد نعرض لخصائص الأمور أسباب في دهر الأنبياء ونزول الوحي، لا يعرض مثلها في غير زمانهم «5» : قد كان جبريل عليه السلام يمشي في الأرض على صورة دحية الكلبيّ، وكان إبليس يتراءى في السّكك في صورة سراقة المدلجي، وظهر في صورة الشيخ النّجدي. ومثل هذا كثير. 228-[ما يسمى شيطانا وليس به] فإن زعمتم أنّ النبي صلى الله عليه وسلم نظر إلى رجل يتبع حماما طيّارا فقال: «شيطان يتبع شيطانا» ، فخبّرونا عمن يتخذ الحمام من بين جميع سكان الآفاق ونازلة البلدان من الحرميّين والبصريّين ومن بني هاشم إلى من دونهم، أتزعمون أنّهم شياطين على الحقيقة، وأنّهم من نجل الشياطين؛ أو تزعمون أنّهم كانوا إنسا فمسخوا بعد جنّا؛ أم يكون قوله لذلك الرجل شيطان، على مثل قوله شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِ وعلى قول عمر: لأنزعنّ شيطانه من نعرته «6» ، وعلى قول منظور بن رواحة: [من الطويل] فلما أتاني ما تقول ترقّصت ... شياطين رأسي وانتشين من الخمر «7»

وقد قال مرّة أبو الوجيه العكلي: «وكان ذلك حين ركبني شيطاني» «1» قيل له: وأيّ الشياطين تعني؟ قال: الغضب. والعرب تسمّي كلّ حيّة شيطانا. وأنشد الأصمعي: [من الطويل] تلاعب مثنى حضرميّ كأنّه ... تعمّج شيطان بذي خروع قفر «2» وقالت العرب: ما هو إلّا شيطان الحماطة «4» . ويقولون: «ما هو إلّا شيطان» «3» يريدون القبح؛ و «ما هو إلّا شيطان» ، يريدون الفطنة وشدّة العارضة. وروي عن بعض الأعراب في وقعة كانت: والله ما قتلنا إلّا شيطان برصا، لأنّ الرجل الذي قاتلهم كان اسمه شيطان، وكان به برص. وفي بني سعد بنو شيطان. قال طفيل الغنوي: [من الطويل] وشيطان إذ يدعوهم ويثوّب «5» وقال ابن ميّادة: [من الطويل] فلما أتاني ما تقول محارب ... تغنّت شياطيني وجنّ جنونها «6» وقال الراجز: [من الرجز] إنّي وإن كنت حديث السّنّ ... وكان في العين نبوّ عنّي «7» فإنّ شيطاني كبير الجنّ وقال أبو النّجم: [من الرجز] إنّي وكلّ شاعر من البشر ... شيطانه أنثى وشيطاني ذكر «8»

229 -[خرافات عن الجن]

وهذا كلّه منهم على وجه المثل، وعلى قول منظور بن رواحة: [من الطويل] أتاني وأهلي بالدّماخ فغمرة ... مسبّ عويف اللؤم حيّ بني بدر «1» فلما أتاني ما يقول ترقّصت ... شياطين رأسي وانتشين من الخمر 229-[خرافات عن الجن] [1] وقد رويتم عن عبد الله بن فايد بإسناد له يرفعه قال: خرافة رجل من بني عذرة استهوته الشياطين، فتحدّث رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما بحديث فقالت امرأة من نسائه: هذا من حديث خرافة قال: «لا وخرافة حقّ» «2» . [2] ورويتم أنّ شريك بن خباسة دخل الجنّة وخرج منها ومعه ورقة من ورقها «3» ، وأنّ عمر سأل الرجل المفقود الذي استهوته الجنّ فقال: ما كان طعامهم؟ قال: الفول والرّمّة. وسأل عن شرابهم فقال: الجدف «4» . وقال الأعشى: [من الطويل] وإني وما كلّفتموني وربّكم ... لأعلم من أمسى أعقّ وأحوبا «5» لكالثّور والجنيّ يضرب ظهره ... وما ذنبه أن عافت الماء مشربا [3] وزعمتم أنّ الجنّ خنقت حرب بن أمية، وخنقت مرداس بن أبي عامر، وخنقت الغريض المغنّي، وأنّها قتلت سعد بن عبادة، واستهوت عمرو بن عدي واستهوت عمارة بن الوليد، فأنتم أملياء بالخرافات «6» أقوياء على ردّ الصحيح وتصحيح السقيم، وردّ تأويل الحديث المشهور إلى أهوائكم. وقد عارضناكم وقابلناكم وقارضناكم. 230-[فضل الكلاب] وقالوا: في الحديث أنّ «من اقتنى كلبا ليس بكلب زرع ولا ضرع ولا قنص

فقد أثم» . فهاتوا شيئا من جميع الحيوان يصلح للزرع والضّرع والقنص. وبعد فهل اتخذوا كلب الضّرع إلّا ليحرس الماشية وأولادها من السباع؟ وهل عند الكلب عند طروق الأسد والنمر والذئاب وجميع ما يقتات اللّحمان من رؤساء السباع، إلّا صياحه ونباحه وإنذاره ودلالته، وأن يشغلها بعض الشّغل، ويهجهج بها بعض الهجهجة، إلى أن يلحق بها من يحميها، ويتوافى إليها من يذود عنها، إذ ليس في هذا القياس أنّا متى وجدنا دهرا تكثر فيه اللصوص ويفشو فيه السّرّاق، وتظهر فيه النّقوب، ويشيع فيه التسلّق، ممّن إذا أفضى إلى منزل القوم لم يرض إلا بالحريبة «1» ليس دونها شيء، أو يأتي على الأنفس، وهو لا يصل إلى ما يريد حتى يمرّ على النساء مكشّفات، ومن عسى إذا أخذ المرأة أخذ يد ألّا يرضى أن يتوعّد بذبح الأولاد وأن يتّقى بالمال، حتّى يذبح، ومن عسى إن تمكّن شيئا أو أمن قليلا، أن يركب الحرم بالسّوءة العظمى وبالتي لا شوى لها. فهذا الحال أحقّ بالحراسة من تلك الأحوال. وبعد فلم صار نساء الحرمين يتزاورن ليلا، ونساء المصرين يتزاورن نهارا، ونساء الحرمين لا يرين نهارا، ونساء المصرين لا يرين ليلا؛ إلّا للمكابرات ولمكان كثرة من يستقفي ويتحوّب للنقب والتسلّق. وإذا كان الأمر كذلك فأيّ الأمور أحقّ بالتحصين والحياطة، وأيّهما أشبه بالتغرير والإضاعة: اتخاذ الكلاب التي لا تنام عند نوم من قد دأب نهاره، أو ترك اتخاذها؟ ويقظة السّرّاق على قدر المسروقين. وعلى أنّا لو حلنا بين حرس الأسواق وما تشتمل عليه من حرائب الناس، وبين اتّخاذ الكلاب، لامتنعوا من ضمان الحراسة، ولامتنع كلّ محروس من إعطائهم تلك الأجرة، ولوجد اللصوص ذلك من أعظم الغنم وأجود الفرص. أو ما تعلمون أنّ هذا الحريم، وهذه الحرمات وهذه العقائل من الأموال، أحقّ بالمنع والحراسة والدّفع عنها بكلّ حيلة، من حفظ الغنم وحريم الراعي وحرمة الأجير؟! وبعد فإنّ الذئاب لا تجتمع على قطيع واحد، والذي يخاف من الذئب السّلّة والخطفة، والاستلاب والاختلاس. والأموال التي في حوانيت التجار وفي منازل أهل اليسار يأتيها من العدد والعدّة، ومن نجب أصحاب النجدة، من يحتملها بحذافيرها، مع ثقل وزنها وعظم حجمها، ثمّ يجالدون دون ذلك بسيوف الهند وبالأذرع الطوال. وهم من بين جميع الخليقة لولا أنّهم قد أحسّوا من أنفسهم الجراءة وثبات العزيمة، بما ليس من غيرهم، لكانوا كغيرهم، ولولا أنّ قلوبهم أشدّ من قلوب الأسد لما

231 -[قتل العامة للوزغ]

خرجوا، على أنّ جميع الخلق يطالبونهم، وعلى أنّ السلطان لم يولّ إلّا لمكانهم. والكلاب لم تتّخذ إلا للإنذار بهم، وعلى أنّهم إذا أخذوا ماتوا كراما. ولعلّ المدينة قد كانت في ذلك الدهر مأمونا عليها من أهل الفساد وكان أكثر كلابها عقورا، وأكثر فتيانها من بين مهارش أو مقامر. والكلب العقور والكلب الكلب أشدّ مضرّة من الذئب المأمور بقتله. وقد يعرض للكلاب الكلب والجنون لأمور: منها أن تأكل لحوم الناس، ومنها كالجنون الذي يعرض لسائر الحيوان. 231-[قتل العامة للوزغ] وجهّال النّاس اليوم يقتلون الوزغ، على أنّ آباءها وأمهاتها كانت تنفخ على نار إبراهيم، وتنقل إليها الحطب. فأحسب أنّ آباءها وأمّهاتها قد كنّ يعرفن فصل ما بين النّبيّ والمتنبّي، وأنّهن اعتقدن عداوة إبراهيم، على تقصير في أصل النظر، أو عن معاندة بعد الاستبانة حتّى فعلن ذلك- كيف جاز لنا أن تزر وازرة وزر أخرى؟! إلّا أن تدّعوا أنّ هذه التي نقتلها هي تلك الجاحدة للنبوّة، والكافرة بالربوبيّة، وأنّها لا تتناكح ولا تتوالد. وقد يستقيم في بعض الأمر أن تقتل أكثر هذه الأجناس، إمّا من طريق المحنة والتعبّد وإمّا إذ كان الله عزّ وجلّ قد قضى على جماعتها الموت، أن يجري ذلك المجرى على أيدي الناس، كما أجرى موت جميع الناس على يد ملك واحد، وهو ملك الموت. وبعد فلعلّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال هذا القول إن كان قاله، على الحكاية لأقاويل قوم. ولعلّ ذلك كان على معنى كان يومئذ معلوما فترك النّاس العلّة ورووا الخبر سالما من العلل، مجرّدا غير مضمّن. ولعلّ من سمع هذا الحديث شهد آخر الكلام ولم يشهد أوّله، ولعلّه عليه الصلاة والسلام قصد بهذا الكلام إلى ناس من أصحابه قد كان دار بينهم وبينه فيه شيء. وكلّ ذلك ممكن سائغ غير مستنكر ولا مدفوع. 232-[قتل الفواسق] وقد رويتم في الفواسق ما قد رويتم في الحيّة والحدأة والعقرب والفأرة

والغراب، ورويتم في الكلب العقور، وكيف يقتلن في الحل والحرم. فإن كنتم فقهاء فقد علمتم أنّ تسمية الغراب بالفسق، والفأرة بالفويسقة؛ أنّ ذلك ليس من شكل تسمية الفاسق، ولا من شكل تسمية إبليس. وقد قالوا: ما فجرها إلّا فاجر، ولم يجعلوا الفاجر اسما له لا يفارقه. وقد يقال للفاسق من الرجال: خبيث. وقد قال صلى الله عليه وسلم: «من أكل من هذه الشّجرة الخبيثة فلا يقربنّ مصلّانا» وهو على غير قوله عزّ وجلّ الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ «1» . وقد قال بعض الرّجّاز وذكر ذئبا: [من الرجز] أما أتاك عنّي الحديث ... إذ أنا بالغائط أستغيث والذئب وسط غنمي يعيث ... وصحت بالغائط يا خبيث وهذا الباب كثير، وليس هذا موضعه، وقد ذكرناه في كتاب الاسم والحكم. وقد يشبه الاسم الاسم في صورة تقطيع الصوت، وفي الخطّ في القرطاس، وإن اختلفت أماكنه ودلائله. فإذا كان كذلك فإنّما يعرف فضله بالمتكلّمين به، وبالحالات والمقالات، وبالذين عنوا بالكلام. وهذه جملة، وتفسيرها يطول. وقالوا: قد أمرنا بقتل الحيّة والعقرب، والذئب والأسد، على معنى ينتظم معنيين: أحدهما الامتحان والتعبّد بفكر القلب وعمل الجارحة، لا على وجه الانتقام والعقوبة. وأمرنا بضرب الباغي بالسيف إذا كانت العصى لا تغني فيه على جهة الدّفع وعلى جهة العقاب، ولم نؤمر بالقصد إلى قتله، وإنّما الغاية في دفع بأسه عنا، فإن أتى إلى ذلك المقدار عليه، كان كسارق مات من قطع يده، وقاذف مات عن جلد ظهره. وقد أمرنا بالقصد إلى قتل الحيّات والعقارب وإن لم تعرض لنا في ذلك الوقت؛ لأنّ جنسها الجنس المتلف متى همّ بذلك. وليس لنا أن نضرب الباغي بالسّيف إلّا وهو مقبل غير مدبر، ولنا أن نقتل الحيّة مقبلة ومدبرة، كما يقتل الكافر مقبلا ومدبرا؛ إلّا أنّ قتل الكافر يجمع الامتحان والعقوبة، وليس في قتل الحية إلّا الامتحان. وقد كان يجوز أن تمتحن بحبسها والاحتيال لمنعها، دون قتلها. وإذا ولّى الباغي من غير أن يكون يريد الرجوع إلى فئة، فحكمه الأسر والحبس أبدا إلى أن يؤنس منه النّزوع. وسبيل الأحناش والسّباع وذوات السموم من الهمج والحشرات، القتل مقبلة ومدبرة. وقد أبيح لنا قتل ضروب من الحيوان عند ما يبلغ من جناياتها علينا الخدش، فضلا من الجرح والقتل، كالبعوض والنمل، والبراغيث والقمل.

233 -[طائفة من المسائل]

والبعير قتله فساد، فإن صال على الناس كان قتله صلاحا. والإنسان قتله حرام، فإن خيف منه كان قتله حلالا. 233-[طائفة من المسائل] والحديث عن مسخ الضّبّ والجرّيّ، وعن مسخ الكلاب والحكأة وأنّ الحمام شيطان، من جنس المزاح الذي كنّا كتبنا به إلى بعض إخواننا ممّن يدّعي علم كلّ شيء، فجعلنا هذه الخرافات وهذه الفطن الصغار، من باب المسائل. فقلنا له: ما الشّنقناق والشّيصبان وتنكوير ودر كاذاب ومن قاتل امرأة ابن مقبل؟ ومن خانق الغريض؟ ومن هاتف سعد؟ وخبّرنا عن بني أقيش وعن بني لبنى، ومن زوجها؟ وعن بني غزوان ومن امرأته؟ وعن سملقة وزوبعة، والميدعان، وعن النقار ذي الرقبة وعن آصف، ومن منهم أشار بأصفر سليم «1» ، وعن أطيقس اسم كلب أصحاب الكهف «2» ، وكيف صارت الكلاب لا تنبح من سمّاه؟ وأين بلغ كتاب شرطهم؟ وكيف حدّثوا عن ابن عباس في الفأر والقرد والخنزير والفيل والأرنب والعنكبوت والجرّيّ، أنّهنّ كلّهنّ مسخ؛ وكيف خصّت هذه بالمسخ؟ وهل يحلّ لنا أن نصدّق بهذا الحديث عن ابن عبّاس؟ وكيف صارت الظباء ماشية الجنّ؟ وكيف صارت الغيلان تغيّر كلّ شيء إلّا حوافرها؟ ولم ماتت من ضربة وعاشت من ضربتين «3» ؟ ولم صارت الأرانب والكلاب والنّعام مراكب الغيلان؟ ولم صارت الرواقيد مطايا السّواحر؟ وبأي شيء زوّج أهل السّعلاة ابن يربوع «4» ؟ وما فرق ما بينه وبين عبد الله بن هلال؟ وما فعلت الفتاة التي كانت سميت بصبر على يد حرمي وأبي منصور؟ ولم غضب من ذلك المذهب؟ ولم مضى على وجهه شفشف؟ وما الفرق بين الغيلان والسّعالي، وبين شيطان الخضراء وشيطان الحماطة؟ ولم علق السمك المالح بأذنابه والطريّ بآذانه، وما بال الفراخ تحمل بأجنحتها والفراريج

234 -[كثرة أصناف الكلاب]

بأرجلها؟ وما بال كلّ شيء أصل لسانه ممّا يلي الحلق وطرفه ممّا يلي الهواء، إلّا لسان الفيل؟ ولم قالت الهند: لولا أنّ لسانه مقلوب لتكلّم «1» ؟ ولم صار كلّ ماضغ وآكل يحرّك فكّه الأسفل، إلا التمساح فإنه يحرّك فكّه الأعلى «2» ؟ ولم صار لأجفان الإنسان الأشفار، وليس ذلك للدواب إلّا في الأجفان العالية؟ وما بال عين الجرادة وعين الأفعى لا تدوران؟ وما بيضة العقر «3» وما بيضة الديك «4» ؟ ولم امتنع بيض الأنوق؟ وهل يكون الأبلق العقوق؟ وما بال لسان سمك البحر عديما؟ وما بال الغريق من الرّجال يطفو على قفاه، ومن النساء على وجهه؟ ولم صار القتيل إذا قتل يسقط على وجهه ثم يقلبه ذكره؛ وأين تذهب شقشقة البعير وغرمول الحمار والبغل وكبد الكوسج بالنهار، ودم الميت؟ ولم انتصب خلق الإنسان من بين سائر الحيوان؟ وخبّرني عن الضفادع، لم صارت تنقّ بالليل وإذا أوقدت النار أمسكت؟. وقالوا: قد عارضناكم بما يجري مجرى الفساد والخرافة. لنردّكم إلى الاحتجاج بالخبر الصحيح المخرج للظاهر. فإن أعجبتك هذه المسائل، واستطرفت هذا المذهب، فاقرأ رسالتي إلى أحمد ابن عبد الوهاب الكاتب، فهي مجموعة هناك. 234-[كثرة أصناف الكلاب] والكلاب أصناف لا يحيط بها إلّا من أطال الكلام. وجملة ذلك أنّ ما كان منها للصيد فهي الضّراء، وواحدها ضروة، وهي الجوارح والكواسب، ونحن لا نعرفها إلّا السّلوقيّة؛ وهي من أحرار الكلاب وعتاقها، والخلاسية هجنها ومقاريفها. وكلاب الرعاء من زينيّها وكرديها فهي كرادتها.

235 -[ما اشتق من اسم الكلب]

وقد تصيد الكلاب غير السّلوقيّة، ولكنّها تقصّر عن السّلوقيّة بعيدا. وسلوق من أرض اليمن كان لها حديد جيّد الطبع، كريم العنصر حرّ الجوهر. وقد قال النابغة: [من الطويل] تقدّ السّلوقيّ المضاعف نسجه ... وتوقد بالصّفّاح نار الحباحب «1» وقال الأصمعيّ: سمعت بعض الملوك وهو يركض خلف كلب وقد دنا خطمه من عجب ذنب الظبي وهو يقول: إيه فدتك نفسي!! وأنشد لبعض الرجاز: [من الرجز] مفدّيات وملعّنات قال صاحب الديك: فلمّا صار الكلب عندهم يجمع خصال اللؤم والنّذالة، والحرص والشّره، والبذاء والتسرّع وأشباه ذلك، صاروا يشتقّون من اسمه لمن هجوه بهذه الخصال. وقال بشّار: [من الكامل] واستغن بالوجبات عن ذهب ... لم يبق قبلك لامرئ ذهبه «2» يرد الحريص على متالفه ... والليث يبعث حينه كلبه 235-[ما اشتق من اسم الكلب] قال صاحب الكلب: لما اشتقّوا من اسمه للأشياء المحمودة أكثر؛ قال عامر بن الطفيل: [من الكامل] ومدجّج يسعى بشكّته ... محمرّة عيناه كالكلب «3» ومن ولد ربيعة بن نزار كلب بن ربيعة، وكلاب بن ربيعة، ومكالب بن ربيعة، ومكلبة بنو ربيعة بن نزار. وفيهم من السباع أسد، وضبيعة، وذئب، وذؤيب، وهم خمسة عشر رجلا؛ ثمانية من جميع السباع، ومن الثمانية أربعة مشتقّة من اسم

الكلب. ومن هذا الباب كليب بن يربوع، وكلاب بن ربيعة، وكلب بن وبرة. ومنه بنو الكلبة، قال الشاعر: [من الطويل] سيكفيك من ابني نزار لراغب ... بنو الكلبة الشمّ الطوال الأشاجع «1» والكلبة لقب ميّة بنت علاج بن شحمة العنبريّ. وبنوها بنو الكلبة الذين سمعت بهم- تزوّجها خزيمة بن النعمان من بني ضبيعة بن ربيعة بن نزار، فهي أمّهم. وفيها يقول شبيل بن عزرة الضّبعي صاحب الغريب- وكان شيعيّا من الغالية، فصار خارجيّا من الصّفرية-: [من الطويل] بنو كلبة هرّارة وأبوهم ... خزيمة عبد خامل الأصل أوكس «2» وفي ميّة الكلبة يقول أبوها، وهو علاج بن شحمة: [من الطويل] إن تك قد بانت بميّة غربة ... فقد كان ممّا لا يملّ مزارها دعتها رجال من ضبيعة كلبة ... وما كان يشكى في المحول جوارها ومما اشتقّ له من اسم الكلب من القرى والبلدان والناس وغير ذلك، قولهم في الوقعة التي كانت بإرم الكلبة «3» . ومن ذلك قولهم: حين نزلنا من السّراة صرنا إلى نجد الكلبة. وكان سبب خروج مالك بن فهم بن غنم بن دوس إلى أزد شنوءة من السراة أنّ بني أخته قتلوا كلبة لجاره، وكانوا أعدّ منه فغضب ومضى. فسمّي ذلك النجد الذي هبط منه نجد الكلبة. وبطسّوج بادوريا نهر يقال له: نهر الكلبة. ويقولون: كان ذلك عند طلوع كوكب الكلب. ومن ذلك قولهم: عبّاد بن أنف الكلب. ومن ذلك أبو عمر الكلب الجرميّ النحوي، وكان رجلا من العلية عالما، عروضيّا نحويّا فرضيّا. وعلّويه كلب المطبخ، وكان أشرب الناس للنبيذ، وقد راهنوا بينه وبين محمّد بن عليّ.

والكلب: كلب الماء، وكلب الرحى والضبة التي يقال لها الكلب. وكذلك الكلبة والكلبتان، والكلّاب والكلّوب. وقال راشد بن شهاب في ذلك المعنى: [من الطويل] أمكّن كلّاب القنا من ثغورها ... وأخضب ما يبدو من استاهها بدمّ «1» وقال: فسوف يرى الأقوام ديني ودينكم ... إذا كلبتا قين ومقراضه أزم وقال الراجز: [من الرجز] ما زال مذ كان غلاما يستتر ... له على العير إكاف وثفر والكلبتان والعلاة والوتر وقال أشهب بن رميلة، وكان أوّل من رمى بني مجاشع بأنّهم قيون: [من الرجز] يا عجبا هل يركب القين الفرس ... وعرق القين على الخيل نجس «2» وإنّما أداته إذا جلس ... الكلبتان والعلاة والقبس وكان اسم المزنوق فرس عامر بن الطفيل: الكلب. وقد زعمت العلماء أنّ حرب أيّام هراميت «3» إنّما كان سببه كلب «4» . قال صاحب الديك: قد قيل للخوارج: كلاب النار، وللنوائح: كلاب النار. وقد قال جندل بن الراعي لأبيه في وقوفه على جرير: ما لك تطيل الوقوف على كلب بني كليب «5» ؟! وقال زفر بن الحارث: [من الكامل] يا كلب قد كلب الزّمان عليكم ... وأصابكم منّا عذاب مرسل «6»

إنّ السّماوة لا سماوة فالحقي ... بمنابت الزّيتون وابني بحدل وبأرض عكّ في السواحل إنّها ... أرض تذوب بها اللّقاح وتهزل وقال حصين بن القعقاع يرثي عتيبة بن الحارث: [من الكامل] بكر النّعيّ بخير خندف كلّها ... بعتيبة بن الحارث بن شهاب «1» قتلوا ذؤابا بعد مقتل سبعة ... فشفى الغليل وريبة المرتاب يوم الحليس بذي الفقار كأنّه ... كلب بضرب جماجم ورقاب وقال آخر: [من البسيط] لله درّ بني الحدّاء من نفر ... وكلّ جار على جيرانه كلب «2» إذا غدوا وعصيّ الطّلح أرجلهم ... كما تنصّب وسط البيعة الصّلب وإذا كان العود سريع العلوق في كلّ زمان أو كلّ أرض، أو في عامّة ذلك قالوا: ما هو إلّا كلب. وقالوا: قال النبي صلى الله عليه وسلم في وزر بن جابر حين خرج من عنده واستأذنه إلى أهله: «نعم إن لم تدركه أمّ كلبة» يعني الحمّى. وممّا ذكروا به العضو من أعضاء الكلب والكلبة والخلق منهما أو الصفة الواحدة من صفاتهما، أو الفعل الواحد من أفعالهما، قال رؤبة: [من الرجز] لاقيت مطلا كنعاس الكلب «3» يقول: مطلا مقرمطا دائما. وقال الشاعر في ذلك: [من الوافر] يكون بها دليل القوم نجم ... كعين الكلب في هبّى قباع قال: هذه أرض ذات غبرة من الجدب لا يبصر القوم فيها النجم الذي يهتدى به إلّا وهو كأنّه عين الكلب، لأنّ الكلب أبدا مغمض غير مطبق الجفون ولا مفتوحها. والهبّى: الظلمة واحدها هاب، والجمع هبّى مثل غاز وغزّى. والقباع: التي قبعت في

236 -[شعر له سبب بالكلب]

القتام، واحدها قابع، كما يقبع القنفذ وما أشبهه في جحره. وأنشد لابن مقبل: [من الطويل] ولا أطرق الجارات باللّيل قابعا ... قبوع القرنبى أخلفته مجاعره «1» والقبوع: الاجتماع والتقبّض. والقرنبى: دويبّة أعظم من الخنفساء. 236-[شعر له سبب بالكلب] وقال الآخر في صفة بعض ما يعرض له من العيوب: [من الكامل] ما ضرّ تغلب وائل أهجوتها ... أم بلت حيث تناطح البحران «2» إنّ الأراقم لا ينال قديمها ... كلب عوى متهتّم الأسنان وقال الشاعر في منظور بن زبّان: [من البسيط] لبئس ما خلّف الآباء بعدهم ... في الأمّهات عجان الكلب منظور ومن هذا الضرب قول الأعرابيّ: [من الطويل] لقد شان صغري والياها وزيّنا ... لصغري فتى من أهلها لا يزينها كلاب لعاب الكلب إن ساق هجمة ... يعذّب فيها نفسه ويهينها وقال عمرو بن معد يكرب: [من الطويل] لحا الله جرما كلّما ذرّ شارق ... وجوه كلاب هارشت فازبأرّت «3» وقال أبو سفيان بن حرب: [من الطويل] ولو شئت نجّتني كميت طمرّة ... ولم أجعل النّعماء لابن شعوب وما زال مهري مزجر الكلب منهم ... لدن غدوة حتّى دنت لغروب «4» وقال عبد الرحمن بن زياد: [من الطويل] دعته بمسروق الحديث وظالع ... من الطرف حتى خاف بصبصة الكلب

وقال شريح بن أوس: [من الطويل] وعيّرتنا تمر العراق ونخله ... وزادك أير الكلب شيّطه الجمر «1» وقال آخر وهو يهجو قوما: [من الطويل] فجاءا بخرشاوي شعير عليهما ... كراديس من أوصال أعقد سافد «2» وقال الحارث بن الوليد: [من الكامل] ذهب الذين إذا رأوني مقبلا ... هشّوا وقالوا: مرحبا بالمقبل وبقيت في خلف كأنّ حديثهم ... ولغ الكلاب تهارشت في منهل وقال سبرة بن عمرو الفقعسيّ، حين ارتشى ضمرة النهشلي، ونفر عليه عباد بن أنف الكلب الصيداويّ فقال سبرة: [من الكامل] يا ضمر كيف حكمت أمّك هابل ... والحكم مسؤول به المتعمّد «3» أحفظت عهدا أم رعيت أمانة ... أم هل سمعت بمثلها لا ينشد شنعاء فاقرة تجلّل نهشلا ... تغور به الرفاق وتنجد إنّ الرّفاق أمال حكمك حبّها ... فلك اللقاء وراكب متجرّد فضح العشيرة واستمرّ كأنّه ... كلب يبصبص للعظال ويطرد لا شيء يعدلها ولكن دونها ... خرط القتاد تهاب شوكتها اليد جوعان يلحس أسكتا زيفيّة ... غلم يثور على البراثن أعقد وقال مزرّد بن ضرار: [من الطويل] وإنّ كناز اللّحم من بكراتكم ... تهرّ عليها أمّكم وتكالب «4» وليت الذي ألقى فناؤك رحله ... لتقريه بالت عليه الثّعالب وهذان البيتان من باب الاشتقاق لا من باب الصفات وذكر الأعضاء. وقال: [من الرجز] يا سبر يا عبد بني كلاب ... يا أير كلب موثق بباب أكان هذا أوّل الثّواب ... يا ورلا رقرق في سراب لا يعلقنكم ظفري ونابي

237 -[ما قيل من الشعر في كليب]

وقال الآخر: [من الوافر] كأنّ بني طهيّة رهط سلمى ... حجارة خارئ يرمي الكلابا «1» وقال صاحب الكلب: ومما اشتقّ من اسم الكلب في موضع النباهة، كليب بن ربيعة، هو كليب وائل. ويقال إنّه قيل في رجلين من بني ربيعة ما لم يقل في أحد من العرب، حتّى ضرب بهما المثل، وهو قولهم: «أعزّ من كليب وائل» «2» ، والآخر: «لا حرّ بوادي عوف» «3» . قالوا: وكانت ربيعة إذا انتجعت معه لم توقد نارا ولم تحوّض حوضا، وكان يحمي الكلأ ولا يتكلّم عنده إلّا خفضا، ويجير الصيد ويقول: صيد أرض كذا وكذا في جواري لا يباح. وكان له جرو كلب قد كتعه «4» فربما قذف به في الروضة تعجبه، فيحميها إلى منتهى عوائه، ويلقيه بحريم الحوض فلا يرده بعير حتّى تصدر إبله «5» . 237-[ما قيل من الشعر في كليب] وفي ذلك يقول معبد بن شعبة التميمي: [من الطويل] أظنّ ضرار أنّني سأطيعه ... وأنّي سأعطيه الذي كنت أمنع إذ اغرورقت عيناه واحمرّ وجهه ... وقد كاد غيظا وجهه يتبضّع تقدّم في الظلم المبيّن عامدا ... ذراعا إذا ما قدّمت لك إصبع كفعل كليب كنت أنبئت أنّه ... يخلط أكلاء المياه ويمنع يجير على أفناء بكر بن وائل ... أرانب ضاح والظباء فترتع وقال دريد بن الصمة: [من الوافر] لعمرك ما كليب حين دلّى ... بحبل كلبه فيمن يميح «6»

بأعظم من بني سفيان بغيا ... وكلّ عدوّهم منهم مريح وقال العبّاس بن مرداس: [من الطويل] كما كان يبغيها كليب بظلمه ... من العزّ حتى طاح وهو قتيلها «1» على وائل إذ ينزل الكلب مائحا ... وإذ يمنع الأكلاء منها حلولها وقال عباس أيضا لكليب بن عهمة الظفريّ: [من الكامل] أكليب إنّك كلّ يوم ظالم ... والظلم أنكد وجهه ملعون «2» تبغي بقومك ما أراد بوائل ... يوم الغدير سميّك المطعون وإخال أنّك سوف تلقى مثلها ... في صفحتيك سنانه المسنون وقال النابغة الجعدي: [من الطويل] كليب لعمري كان أكثر ناصرا ... وأيسر ذنبا منك ضرّج بالدّم «3» رمى ضرع ناب فاستمر بطعنة ... كحاشية البرد اليماني المسهّم وقال قطران العبشميّ، ويقال العبشي: [من الطويل] ألم تر جسّاس بن مرّة لم يرد ... حمى وائل حتّى احتداه جهولها أجرّ كليبا إذ رمى الناب طعنة ... جدت وائلا حتّى استخفّت عقولها بأهون مما قلت إذ أنت سادر ... وللدّهر والأيّام وال يديلها وقال رجل من بني هلال بن عامر بن صعصعة: [من الطويل] نحن أبسنا تغلب ابنة وائل ... بقتل كليب إذ طغى وتخيّلا «4» أبأناه بالنّاب التي شقّ ضرعها ... فأصبح موطوء الحمى متذلّلا «5» وقال رجل من بني سدوس: [من الطويل] وأنت كليبيّ لكليب وكلبة ... لها حول أطناب البيوت هرير

238 -[أهون من تبالة على الحجاج]

وقال ابن مقبل العجلاني: [من الطويل] بكت أمّ بكر إذ تبدّد رهطها ... وأن أصبحوا منهم شريد وهالك «1» وإنّ كلا حيّيك فيهم بقية ... لو أنّ المنايا حالها متماسك كلاب وكعب لا يبيت أخوهم ... ذليلا ولا تعيي عليه المسالك «2» وقال رجل من بني كلاب من الخوارج، لمعاوية بن أبي سفيان: [من البسيط] قد سرت سير كليب في عشيرته ... لو كان فيهم غلام مثل جسّاس «3» الطاعن الطعنة النجلاء عاندها ... كطرّة البرد، أعيا فتقها الآسي «4» 238-[أهون من تبالة على الحجاج] وقال أبو اليقظان في مثل هذا الاشتقاق: كان أوّل عمل وليه الحجّاج بن يوسف تبالة «5» ، فلما سار إليها وقرب منها قال للدليل: أين هي، وعلى أيّ سمت هي؟ قال: تسترك عنها هذه الأكمة. قال: لا أراني أميرا إلّا على موضع تسترني منه أكمة، أهون بها عليّ؟! وكرّ راجعا، فقيل في المثل: «أهون من تبالة على الحجاج» «6» . والعامة تقول: لهو أهون عليّ من الاعراب على عركوك. 239-[احتضار الحجاج وقول المنجّم] قال «7» : ولمّا حضرت الحجاج الوفاة وقد ولي قبل ذلك ما ولي، وافتتح ما افتتح، وقتل من قتل، قال للمنجّم: هل ترى ملكا يموت؟ قال: نعم ولست به، أرى ملكا يموت اسمه كليب، وأنت اسمك الحجّاج قال: فأنا والله كليب، أمّي سمّتني به وأنا صبيّ. فمات، وكان استخلف على الخراج يزيد بن أبي مسلم، وعلى الحرب يزيد بن أبي كبشة.

240 -[مذاهب العرب في تسمية أولادهم]

240-[مذاهب العرب في تسمية أولادهم] قال «1» : والعرب إنّما كانت تسمّي بكلب، وحمار، وحجر، وجعل، وحنظلة، وقرد، على التفاؤل بذلك. وكان الرجل إذا ولد له ذكر خرج يتعرّض لزجر الطير والفأل، فإن سمع إنسانا يقول حجرا، أو رأى حجرا سمّى ابنه به وتفاءل فيه الشدّة والصلابة، والبقاء والصبر، وأنّه يحطم ما لقى. وكذلك إن سمع إنسانا يقول ذئبا أو رأى ذئبا، تأوّل فيه الفطنة والخبّ والمكر والكسب. وإن كان حمارا تأوّل فيه طول العمر والوقاحة والقوّة والجلد. وإن كان كلبا تأوّل فيه الحراسة واليقظة وبعد الصوت، والكسب وغير ذلك. ولذلك صوّر عبيد الله بن زياد في دهليزه كلبا وأسدا، وقال: كلب نابح، وكبش ناطح، وأسد كالح. فتطيّر إلى ذلك فطارت عليه. وقال آخر: لو كان الرجل منهم إنّما كان يسمّي ابنه بحجر وجبل، وكلب، وحمار، وثور، وخنزير، وجعل، على هذا المعنى فهلّا سمّى ببرذون، وبغل، وعقاب، وأشباه ذلك؛ وهذه الأسماء من لغتهم. قال الأوّل: إنّما لم يكن ذلك، لأنّه لا يكاد يرى بغلا وبرذونا، ولعلّه لا يكون رآهما قط، وإن كانت الأسماء عندهم عتيدة لأمور لعلّهم يحتاجون إليها يوما ما. قالوا: فقد كان يسمع بفرس وبعير، كما كان يسمع بحمار وثور، وقد كان يستقيم أن يشتقّ منهما اشتقاقات محمودة. بل كيف صار ذلك كذلك ونحن نجده يسمّي بنجم ولا يسمّي بكوكب! إلّا أنّ بعضهم قد سمّى بذلك عبدا له، وفيه يقول: [من مخلع البسيط] كوكب إن متّ فهي ميتتي ... لا متّ إلّا هرما يا كوكب ووجدناهم يسمون بجبل وسند، وطود، ولا يسمّون بأحد ولا بثبير وأجأ وسلمى ورضوى، وصندد وحميم، وهو تلقاء عيونهم متى أطلعوا رؤوسهم من خيامهم. ويمسون ببرج ولا يسمون بفلك، ويسمون بقمر وشمس على جهة اللقب أو على جهة المديح، ولم يسمّوا بأرض وسماء، وهواء وماء، إلّا على ما وصفنا. وهذه الأصول في الزجر أبلغ، كما أنّ جبلا أبلغ من حجر، وطودا أجمع من صخر. وتركوا أسماء جبالهم المعروفة.

241 -[الألفاظ الجاهلية المهجورة]

وقد سمّوا بأسد وليث وأسامة وضرغامة. وتركوا أن يسمّوا بسبع وسبعة. وسبع هو الاسم الجامع لكلّ ذي ناب ومخلب. قال الأوّل: قد تسمّوا أيضا بأسماء الجبال، فتسمّوا بأبان وسلمى. قال آخرون: إنّما هذه أسماء ناس سمّوا بها هذه الجبال، وقد كانت لها أسماء تركت لثقلها، أو لعلّة من العلل؛ وإلّا فكيف سمّوا بسلمى وتركوا أجأ ورضوى. وقال بعضهم: قد كانوا ربّما فعلوا ذلك على أن يتّفق لواحد ولود ولمعظّم جليل، أن يسمع أو يرى حمارا، فيسمّي ابنه بذلك؛ وكذلك الكلب والذئب، ولن يتفق في ذلك الوقت أن يسمع بذكر فرس ولا حجر أو هواء أو ماء؛ فإذا صار حمار، أو ثور، أو كلب اسم رجل معظّم، تتابعت عليه العرب تطير إليه، ثم يكثر ذلك في ولده خاصّة بعده. وعلى ذلك سمّت الرعية بنيها وبناتها بأسماء رجال الملوك ونسائهم، وعلى ذلك صار كلّ عليّ يكنى بأبي الحسن، وكل عمر يكنى بأبي حفص، وأشباه ذلك. فالأسماء ضروب، منها شيء أصليّ كالسّماء والأرض والهواء والماء والنار، وأسماء أخر مشتقّات منها على جهة الفأل، وعلى شكل اسم الأب، كالرجل يكون اسمه عمر فيسمى ابنه عميرا، ويسمّي عمير ابنه عمران، ويسمّي عمران ابنه معمرا. وربّما كانت الأسماء بأسماء الله عزّ وجلّ مثل ما سمى الله عز وجلّ أبا إبراهيم آزر، وسمّى إبليس بفاسق، وربّما كانت الأسماء مأخوذة من أمور تحدث في الأسماء؛ مثل يوم العروبة سمّيت في الإسلام يوم الجمعة «1» ، واشتقّ له ذلك من صلاة يوم الجمعة. 241-[الألفاظ الجاهلية المهجورة] وسنقول في المتروك من هذا الجنس ومن غيره، ثم نعود إلى موضعنا الأوّل إن شاء الله تعالى. ترك النّاس مما كان مستعملا في الجاهلية أمورا كثيرة، فمن ذلك تسميتهم للخراج إتاوة، وكقولهم للرشوة ولما يأخذه السّلطان: الحملان والمكس. وقال جابر ابن حنيّ: [من الطويل] أفي كلّ أسواق العراق إتاوة ... وفي كلّ ما باع امرؤ مكس درهم «2»

وكما قال العبديّ في الجارود: [من الطويل] أيا ابن المعلّى خلتنا أم حسبتنا ... صراريّ نعطي الماكسين مكوسا «1» وكما تركوا انعم صباحا، وانعم ظلاما، وصاروا يقولون: كيف أصبحتم؟ وكيف أمسيتم؟ وقال قيس بن زهير بن جذيمة، ليزيد بن سنان بن أبي حارثة: انعم ظلاما أبا ضمرة! قال: نعمت أنت؟ قال: قيس بن زهير. وعلى ذلك قال امرؤ القيس: [من الطويل] ألا عم صباحا أيّها الطّلل البالي ... وهل يعمن من كان في العصر الخالي «2» وعلى ذلك قال الأوّل: [من الوافر] أتوا ناري فقلت منون قالوا ... سراة الجنّ قلت عموا ظلاما «3» وكما تركوا أن يقولون للملك أو السّيّد المطاع: أبيت اللعن، كما قيل: [من الرجز] مهلا أبيت اللّعن لا تأكل معه «4» وقد زعموا أن حذيفة بن بدر كان يحيّا بتحيّة الملوك ويقال له: أبيت اللّعن. وتركوا ذلك في الإسلام من غير أن يكون كفرا. وقد ترك العبد أن يقول لسيده ربّي، كما يقال ربّ الدار، وربّ البيت.

وكذلك حاشية السيّد والملك تركوا أن يقولوا ربّنا. كما قال الحارث بن حلّزة: [من الخفيف] ربّنا وابننا وأفضل من يم ... شي ومن دون ما لديه الثّناء «1» وكما قال لبيد حين ذكر حذيفة بن بدر: [من الطويل] وأهلكن يوما ربّ كندة وابنه ... وربّ معدّ بين خبت وعرعر «2» وكما عيّر زيد الخيل حاتما الطائيّ في خروجه من طيّء ومن حرب الفساد «3» ، إلى بني بدر، حيث يقول: [من الطويل] وفرّ من الحرب العوان ولم يكن ... بها حاتم طبّا ولا متطبّبا «4» وريب حصنا بعد أن كان آبيا ... أبوّة حصن فاستقال وأعتبا أقم في بني بدر ولا ما يهمنا ... إذا ما تقضّت حربنا أن تطربا وقال عوف بن محلّم، حين رأى الملك: إنّه ربي وربّ الكعبة. وزوجه أمّ أناس بنت عوف. وكما تركوا أن يقولوا لقوّام الملوك السّدنة وقالوا الحجبة. وقال أبو عبيدة معمر بن المثنّى عن أبي عبد الرحمن يونس بن حبيب النحوي حين أنشده شعر الأسديّ: [من الوافر] ومركضة صريحي أبوها ... تهان لها الغلامة والغلام «5» قال: فقلت له: فتقول: للجارية غلامة؟ قال: لا، هذا من الكلام المتروك وأسماؤه زالت مع زوال معانيها، كالمرباع والنّشيطة وبقي الصّفايا؛ فالمرباع: ربع جميع الغنيمة الذي كان خالصا للرئيس، وصار في الإسلام الخمس، على ما سنّه الله

242 -[الألفاظ الإسلامية المشتقة]

تعالى. وأما النّشيطة فإنّه كان للرئيس أن ينشط عند قسمة المتاع العلق النفيس يراه إذا استحلاه. وبقي الصفيّ وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم من كل مغنم، وهو كالسيف اللهذم والفرس العتيق، والدرع الحصينة، والشيء النادر. وقال ابن عنمة الضبّي حليف بني شيبان، في مرثيته بسطام بن قيس: [من الوافر] لك المرباع منها والصّفايا ... وحكمك والنّشيطة والفضول «1» والفضول: فضول المقاسم، كالشيء إذا قسم وفضلت فضلة استهلكت، كاللؤلؤة، والسيف، والدّرع، والبيضة، والجارية، وغير ذلك. 242-[الألفاظ الإسلامية المشتقة] وأسماء حدثت ولم تكن، وإنّما اشتقّت لهم من أسماء متقدّمة، على التشبيه، مثل قولهم لمن أدرك الجاهليّة والإسلام مخضرم كأبي رجاء العطارديّ، بن سالمة، وشقيق بن سالمة؛ ومن الشعراء النابغة الجعديّ وابن مقبل، وأشباههم من الفقهاء والشعراء. ويدلّ على أنّ هذا الاسم أحدث في الإسلام، أنّهم في الجاهليّة لم يكونوا يعلمون أنّ ناسا يسلمون وقد أدركوا الجاهليّة، ولا كانوا يعلمون أنّ الإسلام يكون. ويقال إنّ أوّل من سمّى الأرض التي لم تحفر قطّ ولم تحرث إذا فعل بها ذلك مظلومة، النابغة حيث يقول: [من البسيط] إلّا الأوراريّ لأيا ما أبيّنها ... والنؤي كالحوض بالمظلومة الجلد «2» ومنه قيل سقاء مظلوم إذا أعجل عليه قبل إدراكه. وقال الحادرة: [من الكامل] ظلم البطاح له انهلال حريصة ... فصفا النّطاف له بعيد المقلع «3»

وقال آخر: [من الرجز] قالت له ميّ بأعلى ذي سلم ... لو ما تزورنا إذا الشعب ألمّ ألا بلى يا ميّ واليوم ظلم «1» يقول ظلم حين وضع الشيء في غير موضعه. وقال الآخر: [من الرجز] أنا أبو زينب واليوم ظلم وقال ابن مقبل: [من البسيط] عاد الأذلّة في دار وكان بها ... هرت الشّقاشق ظلّامون للجزر «2» وقال آخر: [من الطويل] وصاحب صدق لم تنلني أذاته ... ظلمت وفي ظلمي له عامدا أجر «3» وقال آخر: [من البسيط] لا يظلمون إذا ضيفوا وطابهم ... وهم لجودهم في جزرهم ظلم وظلم الجزور: أن يعرقبوها، وكان في الحقّ أن تنحر نحرا. وظلمهم الجزر أيضا أن ينحروها صحاحا سمانا لا علّة بها. قال: ومن ذلك قولهم: «الحرب غشوم» «4» ؛ وإنّما سمّيت بهذا لأنّها تنال غير الجاني. قال: ومن ذلك قولهم: «من أشبه أباه فما ظلم» «5» ، يقول: قد وضع الشبه في موضعه. ومن المحدث المشتقّ، اسم منافق لمن راءى بالإسلام واستسرّ بالكفر أخذ

ذلك من النافقاء والقاصعاء والدامّاء «1» ، ومثل المشرك والكافر، ومثل التيمّم. قال الله تعالى: فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً* «2» أي تحرّوا ذلك وتوخّوه. وقال: فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ «3» فكثر هذا في الكلام حتّى صار التيمّم هو المسح نفسه «4» . وكذلك عادتهم وصنيعهم في الشيء إذا طالت صحبتهم وملابستهم له. وكما سمّوا رجيع الإنسان الغائط، وإنّما الغيطان البطون التي كانوا ينحدرون فيها إذا أرادوا قضاء الحاجة للستر «5» . ومنه العذرة، وإنّما العذرة الفناء، والأفنية هي العذرات، ولكن لما طال إلقاؤهم النّجو والزّبل في أفنيتهم، سمّيت تلك الأشياء التي رموا بها، باسم المكان الذي رميت به «6» . وفي الحديث: «أنقوا عذراتكم» «7» . وقال ابن الرقيّات: [من الخفيف] رحم الله أعظما دفنوها ... بسجستان طلحة الطّلحات «8» كان لا يحجب الصديق ولا يع ... تلّ بالبخل طيّب العذرات ولكنّهم لكثرة ما كانوا يلقون نجوهم في أفنيتهم سموها باسمها. ومنه النّجو: وذلك أنّ الرجل كان إذا أراد قضاء الحاجة تستّر بنجوة «9» . والنّجو: الارتفاع من الأرض، قالوا من ذلك: ذهب ينجو، كما قالوا ذهب يتغوّط إذا ذهب إلى الغائط لذلك الأمر، ثمّ اشتقوا منه فقالوا إذا غسل موضع النجو قد استنجى.

وقالوا: ذهب إلى المخرج، وإلى المتوضّأ، وإلى المذهب، وإلى الخلاء، وإلى الحشّ، وإنّما الحشّ القطعة من النّخل وهي الحشّان «1» . وكانوا بالمدينة إذا أرادوا قضاء الحاجة دخلوا النخل؛ لأنّ ذلك أستر، فسموا المتوضأ الحشّ، وإن كان بعيدا من النخل؛ كلّ ذلك هربا من أن يقولوا ذهب لخرء، لأنّ الاسم الخرء، وكل شيء سواه من [نجو] ورجيع وبراز وزبل وغائط فكله كناية. ومن هذا الباب الملّة، والملّة موضع الخبزة، فسموا الخبزة باسم موضعها. وهذا عند الأصمعيّ خطأ. ومن هذا الشكل الراوية، والراوية هو الجمل نفسه، وهو حامل المزادة فسمّيت المزادة باسم حامل المزادة «2» . ولهذا المعنى سمّوا حامل الشعر والحديث راوية. ومنه قولهم: ساق إلى المرأة صداقها. قالوا: وإنّما كان يقال ذلك حين كانوا يدفعون في الصّداق إبلا، وتلك الإبل يقال لها النافجة. وقال شاعرهم: [من الطويل] وليس تلادي من وراثة والدي ... ولا شاد مالي مستفاد النوافج «3» وكانوا يقولون: تهنيك النافجة. قال: فإذا كانوا يدفعون الصّداق عينا وورقا فلا يقال ساق إليها الصّداق. ومن ذلك أنّهم كانوا يضربون على العروس البناء، كالقبّة والخيمة والخيام، على قدر الإمكان، فيقال بنى عليها، اشتقاقا من البناء، ولا يقال ذلك اليوم. والعروس إمّا أن تكون مقيمة في مكانها أو تتحوّل إلى مكان أقدم من بنائها. قال «4» : ومن ذلك قولهم في البغيّ المكتسبة بالفجور: قحبة، وإنّما القحاب السعال. وكانوا إذا أرادوا الكناية عن من زنت وتكسّبت بالزنى، قالوا قحبت أي سعلت، كناية. وقال الشاعر: [من مجزوء الكامل] إنّ السّعال هو القحاب وقال: [من الرمل] وإذا ما قحبت واحدة ... جاوب المبعد منها فخضف «5»

243 -[كلمات للنبي صلى الله عليه وسلم، لم يتقدمه فيهن أحد]

وكذلك كان كنايتهم في انكشاف عورة الرجل، يقال «1» : كشف علينا متاعه وعورته وشواره. والشّوار: المتاع. وكذلك الفرج وإنّما يعنون الأير والحر والاست. 243-[كلمات للنبي صلى الله عليه وسلم، لم يتقدمه فيهن أحد] وكلمات النبيّ صلى الله عليه وسلم، لم يتقدّمه فيهنّ أحد «2» : من ذلك قوله: «إذا لا ينتطح فيها عنزان» «3» . ومن ذلك قوله: «مات حتف أنفه» «4» . ومن ذلك قوله: «يا خيل الله اركبي» «5» ومن ذلك قوله: «كلّ الصّيد في جوف الفرا» «6» ، وقوله: «لا يلسع المؤمن من جحر مرتين» «7» . 244-[شنشنة أعرفها من أخزم] وقال عمر رضي الله تعالى عنه: «شنشنة أعرفها من أخزم» «8» ، يعني شبه ابن العبّاس بالعبّاس. وأخزم: فحل معروف بالكرم. 245-[ما يكره من الكلام] وأما الكلام الذي جاءت به كراهية من طريق الروايات، فروي عن رسول الله

246 -[تصغير الكلام]

صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «لا يقولنّ أحدكم خبثت نفسي ولكن ليقل لقست نفسي» «1» ، كأنه كره صلى الله عليه وسلم أن يضيف المؤمن الطاهر إلى نفسه الخبث والفساد بوجه من الوجوه. وجاء عن عمر ومجاهد وغيرهما النهي عن قول القائل: استأثر الله بفلان، بل يقال مات فلان. ويقال استأثر الله بعلم الغيب واستأثر الله بكذا وكذا. قال النّخعيّ: كانوا يكرهون أن يقال: قراءة عبد الله، وقراءة سالم، وقراءة أبيّ، وقراءة زيد. وكانوا يكرهون أن يقولوا سنّة أبي بكر وعمر، بل يقال سنّة الله وسنّة رسوله، ويقال فلان يقرأ بوجه كذا، وفلان يقرأ بوجه كذا. وكره مجاهد أن يقولوا مسيجد ومصيحف، للمسجد القليل الذّرع، والمصحف القليل الورق. ويقول: هم وإن لم يريدوا التصغير فإنّه بذلك شبيه. 246-[تصغير الكلام] وربّما صغّروا الشيء من طريق الشّفقة والرّقّة «2» ، كقول عمر: أخاف على هذا العريب. وليس التصغير بهم يريد. وقد يقول الرجل: إنّما فلان أخيّي وصديّقي؛ وليس التصغير له يريد. وذكر عمر ابن مسعود فقال: «كنيف ملئ علما» «3» . وقال الحباب بن المنذر يوم السّقيفة: «أنا جذيلها المحكك، وعذيقها المرجّب» «4» . وهذا كقول النبيّ صلى الله عليه وسلم لعائشة: «الحميراء» «5» ، وكقولهم لأبي قابوس الملك: أبو قبيس. وكقولهم: دبّت إليه دويهية الدهر، وذلك حين أرادوا لطافة المدخل ودقّة المسلك. ويقال إنّ كلّ فعيل في أسماء العرب فإنّما هو على هذا المعنى، كقولهم

المعيديّ، وكنحو: سليم، وضمير، وكليب، وعقير، وجعيل، وحميد، وسعيد، وجبير؛ وكنحو عبيد، وعبيد الله، وعبيد الرماح. وطريق التحقير والتصغير إنّما هو كقولهم: نجيل ونذيل. قالوا: وربّ اسم إذا صغّرته كان أملأ للصّدر، مثل قولك أبو عبيد الله، هو أكبر في السماع من أبي عبد الله، وكعب بن جعيل، هو أفخم من كعب بن جعل. وربّما كان التصغير خلقة وبنية، لا يتغيّر، كنحو الحميّا والسّكيت، وجنيدة، والقطيعا، والمريطاء، والسّميراء، والمليساء- وليس هو كقولهم القصيرى، وفي كبيدات السماء والثّريا. وقال عليّ بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: دققت الباب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: من هذا؟ فقلت: أنا. فقال: أنا! كأنّه كره قولي أنا «1» . وحدّثني أبو عليّ الأنصاري، وعبد الكريم الغفاريّ قالا: حدّثنا عيسى بن حاضر قال: كان عمرو بن عبيد يجلس في داره، وكان لا يدع بابه مفتوحا، فإذا قرعه إنسان قام بنفسه حتّى يفتحه له. فأتيت الباب يوما فقرعته فقال: من هذا؟ فقلت: أنا. فقال: ما أعرف أحدا يسمّى أنا. فلم أقل شيئا وقمت خلف الباب، إذ جاء رجل من أهل خراسان فقرع الباب، فقال عمرو: من هذا؟ فقال: رجل غريب قدم عليك، يلتمس العلم. فقام له ففتح له الباب، فلمّا وجدت فرجة أردت أن ألج الباب، فدفع الباب في وجهي بعنف، فأقمت عنده أيّاما ثم قلت في نفسي: والله إنّي يوم أتغضّب على عمرو بن عبيد، لغير رشيد الرأي. فأتيت الباب فقرعته عليه فقال: من هذا؟ فقلت: عيسى بن حاضر. فقام ففتح لي الباب. وقال رجل عند الشّعبيّ: أليس الله قال كذا وكذا! قال: وما علّمك؟ وقال الربيع بن خثيم: اتّقوا تكذيب الله، ليتّق أحدكم أن يقول قال الله في كتابه كذا وكذا، فيقول الله كذبت لم أقله. وقال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: لا يقل أحدكم أهريق الماء ولكن يقول أبول. وسأل عمر رجلا عن شيء، فقال: الله أعلم. فقال عمر: قد خزينا إن كنّا لا نعلم أنّ الله أعلم؛ إذا سئل أحدكم عن شيء فإن كان يعلمه قاله، وإن كان لا يعلمه قال: لا علم لي بذلك.

وسمع عمر رجلا يدعو ويقول؛ اللهمّ اجعلني من الأقلّين! قال: ما هذا الدعاء؟ قال: إنّي سمعت الله عزّ وجلّ يقول: وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ «1» وقال: وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ «2» . قال عمر: عليك من الدعاء بما يعرف. وكره عمر بن عبد العزيز قول الرجل لصاحبه: ضعه تحت إبطك، وقال: هلّا قلت تحت يدك وتحت منكبك! وقال مرّة- وراث فرس بحضرة سليمان- فقال: ارفعوا ذلك النّثيل «3» . ولم يقل ذلك الرّوث. وقال الحجّاج لأمّ عبد الرحمن بن الأشعث: عمدت إلى مال الله فوضعته تحت. كأنّه كره أن يقول على عادة الناس: تحت استك، فتلجلج خوفا من أن يقول قذعا أو رفثا، ثمّ قال: تحت ذيلك. وقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «لا يقولنّ أحدكم لمملوكه عبدي وأمتي، ولكن يقول: فتاي وفتاتي، ولا يقول المملوك ربّي وربّتي، ولكن يقول سيّدي وسيّدتي» «4» . وكره مطرّف بن عبد الله، قول القائل للكلب: اللهمّ أخزه. وكره عمران بن الحصين، أن يقول الرّجل لصاحبه: «أنعم الله بك عينا» ؛ و «لا أنعم الله بك عينا» . وقد كرهوا أشياء ممّا جاءت في الروايات لا تعرف وجوهها، فرأي أصحابنا: لا يكرهونها. ولا نستطيع الردّ عليهم، ولم نسمع لهم في ذلك أكثر من الكراهة. ولو كانوا يروون الأمور مع عللها وبرهاناتها خفّت المؤنة، ولكنّ أكثر الروايات مجرّدة، وقد اقتصروا على ظاهر اللفظ دون حكاية العلة، ودون الإخبار عن البرهان. وإن كانوا قد شاهدوا النوعين مشاهدة واحدة. قال ابن مسعود وأبو هريرة «5» : «لا تسمّوا العنب الكرم؛ فإنّ الكرم هو الرجل المسلم «6» .

وقد رفعوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وأمّا قوله: «لا تسبّوا الدّهر فإنّ الدهر هو الله» «1» فما أحسن ما فسّر ذلك عبد الرحمن بن مهديّ قال: وجه هذا عندنا، أنّ القوم قالوا: وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ «2» فلما قال القوم ذلك، قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «ذلك الله» . يعني أنّ الذي أهلك القرون هو الله عزّ وجلّ، فتوهم منه المتوهّم أنّه إنّما أوقع الكلام على الدهر. وقال يونس: وكما غلطوا في قول النبي صلى الله عليه وسلم لحسّان: «قل ومعك روح القدس» «3» فقالوا: قال النبي صلى الله عليه وسلم لحسّان: قل ومعك جبريل «4» ؛ لأنّ روح القدس أيضا من أسماء جبريل. ألا ترى أنّ موسى قال: «ليت أنّ روح الله مع كلّ أحد» ، وهو يريد العصمة والتوفيق. والنصارى تقول للمتنبّي: معه روح دكالا، ومعه روح سيفرت. وتقول اليهود: معه روح بعلزبول، يريدون شيطانا. فإذا كان نبيا قالوا: روحه روح القدس، وروحه روح الله، وقال الله عزّ وجلّ: وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا «5» ، يعني القرآن. وسمع الحسن رجلا يقول: طلع سهيل وبرد الليل. فكره ذلك وقال: إنّ سهيلا لم يأت بحرّ ولا ببرد قطّ. ولهذا الكلام مجاز ومذهب، وقد كره الحسن كما ترى. وكره مالك بن أنس أن يقول الرجل للغيم والسحابة: ما أخلقها للمطر! وهذا كلام مجازه قائم، وقد كرهه ابن أنس. كأنّهم من خوفهم عليهم العود في شيء من أمر الجاهليّة، احتاطوا في أمورهم، فمنعوهم من الكلام الذي فيه أدنى متعلّق. ورووا أنّ ابن عبّاس قال: لا تقولوا والذي خاتمه على فمي، فإنّما يختم الله عزّ وجلّ على فم الكافر. وكره قولهم: قوس قزح. وقال: قزح شيطان «6» ، وإنّما ذهبوا إلى

التعريج والتلوين، كأنّه كره ما كانوا عليه من عادات الجاهلية. وكان أحبّ أن يقال قوس الله، فيرفع من قدره، كما يقال بيت الله، وزوّار الله، وأرض الله، وسماء الله، وأسد الله «1» . وقالت عائشة رضي الله عنها: «قولوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، ولا تقولوا: لا نبيّ بعده» فإلّا تكن ذهبت إلى نزول المسيح فما أعرف له وجها إلّا أن تكون قالت لا تغيّروا ما سمعتم، وقولوا كما قيل لكم، والفظوا بمثله سواء. وكره ابن عمر رضي الله عنهما قول القائل: أسلمت في كذا وكذا، وقال: ليس الإسلام إلّا لله عزّ وجلّ. وهذا الكلام مجازه عند الناس سهل، وقد كرهه ابن عمر، وهو أعلم بذلك. وكره ابن عبّاس رضي الله عنهما قول القائل: أنا كسلان. وقال عمر: لا تسمّوا الطريق السّكّة. وكره أبو العالية قول القائل: كنت في جنازة، وقال: قل تبعت جنازة. كأنّه ذهب إلى أنّه عنى أنّه كان في جوفها، وقال قل تبعت جنازة. والناس لا يريدون هذا، ومجاز هذا الكلام قائم، وقد كرهه أبو العالية، وهي عندي شبيه بقول من كره أن يقول: أعطاني فلان نصف درهم. وقال: إذا قلت: كيف تكيل الدقيق؟ فليس جوابه أن تقول: القفيز بدنينير، ولكن يتناول القفيز ثم يكيل به الدقيق، ويقول: هكذا الكيلة وهذا من القول مسخوط! وكره ابن عبّاس قول القائل: الناس قد انصرفوا، يريد من الصلاة، قال بل قولوا: قد قضوا الصلاة، وقد فرغوا من الصلاة، وقد صلّوا؛ لقوله: ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ «2» ، قال: وكلام الناس: كان ذلك حين انصرفنا من الجنازة، وقد انصرفوا من السّوق، وانصرف الخليفة، وصرف الخليفة الناس من الدار اليوم بخير، وكنت في أوّل المنصرفين. وقد كرهه ابن عبّاس. ولو أخبرونا بعلّته انتفعنا بذلك. وكره حبيب بن أبي ثابت، أن يقال للحائض طامث، وكره مجاهد قول القائل: دخل رمضان، وذهب رمضان، وقال: قولوا شهر رمضان، فلعلّ رمضان اسم من أسماء الله تعالى.

247 -[رأي النظام في بعض المفسرين]

قال أبو إسحاق: إنما أتى من قبل قوله تعالى: شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ «1» فقد قال الناس يوم التّروية، ويوم عرفة ولم يقولوا عرفة. 247-[رأي النظّام في بعض المفسرين] كان أبو إسحاق يقول: لا تسترسلوا إلى كثير من المفسّرين، وإن نصبوا أنفسهم للعامّة، وأجابوا في كلّ مسألة؛ فإن كثيرا منهم يقول بغير رواية على غير أساس، وكلّما كان المفسّر أغرب عندهم كان أحبّ إليهم، وليكن عندكم عكرمة، والكلبيّ، والسّدّي، والضّحاك، ومقاتل بن سليمان، وأبو بكر الأصمّ، في سبيل واحدة. فكيف أثق بتفسيرهم وأسكن إلى صوابهم، وقد قالوا في قوله عزّ وجلّ: وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ «2» : إنّ الله عزّ وجلّ لم يعن بهذا الكلام مساجدنا التي نصلّي فيها، بل إنّما عنى الجباه وكل ما سجد الناس عليه: من يد ورجل، وجبهة وأنف وثفنة. وقالوا في قوله تعالى: أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ «3» : إنّه ليس يعني الجمال والنّوق، وإنّما يعني السحاب «4» . وإذا سئلوا عن قوله: وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ «5» قالوا: الطلح هو الموز. وجعلوا الدليل على أنّ شهر رمضان قد كان فرضا على جميع الأمم وأنّ الناس غيّروه، قوله تعالى كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ «6» . وقالوا في قوله تعالى: رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً «7» قالوا: يعني أنّه حشره بلا حجّة. وقالوا في قوله تعالى: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ «8» : الويل واد في جهنم. ثم قعدوا

يصفون ذلك الوادي. ومعنى الويل في كلام العرب معروف، وكيف كان في الجاهليّة قبل الإسلام، وهو من أشهر كلامهم! وسئلوا عن قوله تعالى: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ «1» قالوا: الفلق: واد في جهنم، ثمّ قعدوا يصفونه. وقال آخرون: الفلق: المقطرة بلغة اليمن. وقال آخرون في قوله تعالى: عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا «2» قالوا: أخطأ من وصل بعض هذه الكلمة ببعض. قالوا: وإنّما هي: سل سبيلا إليها يا محمد. فإن كان كما قالوا فأين معنى تسمّى، وعلى أيّ شيء وقع قوله تسمّى فتسمّى ماذا، وما ذلك الشيء؟ وقالوا في قوله تعالى: وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا «3» قالوا الجلود كناية عن الفروج. كأنه كان لا يرى أنّ كلام الجلد من أعجب العجب! وقالوا في قوله تعالى: كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ «4» : إنّ هذا إنّما كان كناية عن الغائط. كأنه لا يرى أنّ في الجوع وما ينال أهله من الذّلّة والعجز والفاقة، وأنّه ليس في الحاجة إلى الغذاء- ما يكتفى به في الدّلالة على أنّهما مخلوقان، حتّى يدّعي على الكلام ويدّعي له شيئا قد أغناه الله تعالى عنه. وقالوا في قوله تعالى: وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ «5» : إنّه إنما عنى قلبه. ومن أعجب التأويل قول اللّحياني: (الجبّار) من الرجال يكون على وجوه: يكون جبّارا في الضّخم والقوّة، فتأوّل قوله تعالى: إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ «6» قال: ويكون جبّارا على معنى قتّالا، وتأوّل في ذلك: وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ «7» ، وقوله لموسى صلى الله عليه وسلم: إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ «8» أي قتّالا بغير حقّ. والجبار: المتكبّر عن عبادة الله تعالى، وتأوّل قوله عزّ وجلّ:

248 -[تكلف بعض القضاة في أحكامهم]

وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا «1» ، وتأوّل في ذلك قول عيسى: وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا «2» أي لم يجعلني متكبّرا عن عبادته، قال: الجبّار: المسلّط القاهر، وقال: وهو قوله: وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ «3» أي مسلّط فتقهرهم على الإسلام. والجبّار: الله. وتأوّل أيضا (الخوف) على وجوه، ولو وجده في ألف مكان لقال: والخوف على ألف وجه، وكذلك الجبّار. وهذا كلّه يرجع إلى معنى واحد؛ إلّا أنّه لا يجوز أن يوصف به إلّا الله عزّ وجلّ. 248-[تكلف بعض القضاة في أحكامهم] وقال رجل لعبيد الله بن الحسن القاضي: إنّ أبي أوصى بثلث ماله في الحصون. قال: اذهب فاشتر به خيلا، فقال الرجل: إنّه إنّما ذكر الحصون! قال: أما سمعت قول الأسعر الجعفيّ: [من الكامل] ولقد علمت على تجنّبي الرّدى ... أنّ الحصون الخيل لا مدر القرى «4» فينبغي في مثل هذا القياس على هذا التأويل، أنّه ما قيل للمدن والحصون حصون إلّا على التشبيه بالخيل. وخبّرني النّوشروانيّ قال: قلت للحسن القاضي: أوصى جدّي بثلث ماله لأولاده، وأنا من أولاده. قال: ليس لك شيء. قلت: ولم؟ قال: أو ما سمعت قول الشاعر: [من الطويل] بنونا بنو أبنائنا وبناتنا ... بنوهنّ أبناء الرّجال الأباعد «5» قال: فشكوت ذلك إلى فلان فزادني شرّا. وقالوا في قوله «6» : ما ساءك وناءك: ناءك، أبعدك. قالوا: وساءك أبرصك. قال: لقوله تعالى: تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ* «7» . وبئس التكلّف.

249 -[رأي في فقه أبي حنيفة]

وقال ابن قميئة: [من الطويل] وحمّال أثقال إذا هي أعرضت ... على الأصل لا يسطيعها المتكلّف «1» وقال الله وهو يخبر عن نبيّه صلى الله عليه وسلم: وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ «2» . وليس يؤتى القوم إلّا من الطمع، ومن شدّة إعجابهم بالغريب من التأويل. 249-[رأي في فقه أبي حنيفة] وسئل حفص بن غياث، عن فقه أبي حنيفة، فقال: أعلم الناس بما لم يكن، وأجهل الناس بما كان «3» ! وقالوا في قوله تعالى: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ «4» قالوا: النعيم: الماء الحارّ في الشتاء، والبارد في الصيف. 250-[الصّرورة] ومن الأسماء المحدثة التي قامت مقام الأسماء الجاهليّة، قولهم في الإسلام لمن لم يحجّ: صرورة. وأنت إذا قرأت أشعار الجاهليّة وجدتهم قد وضعوا هذا الاسم على خلاف هذا الموضع. قال ابن مقروم الضّبّيّ: [من الكامل] لو أنّها عرضت لأشمط راهب ... عبد الإله صرورة متبتّل «5» لدنا لبهجتها وحسن حديثها ... ولهمّ من تاموره بتنزّل والصرورة عندهم إذا كان أرفع الناس في مراتب العبادة، وهو اليوم اسم للذي لم يحجّ إمّا لعجز، وإمّا لتضييع، وإمّا لإنكار. فهما مختلفان كما ترى. 251-[ألفاظ القرآن الكريم] فإذا كانت العرب يشتقّون كلاما من كلامهم وأسماء من أسمائهم، واللغة

252 -[ما اشتق من نباح الكلاب]

عاريّة في أيديهم ممّن خلقهم ومكّنهم وألهمهم وعلّمهم، وكان ذلك منهم صوابا عند جميع الناس؛ فالذي أعارهم هذه النّعمة أحقّ بالاشتقاق وأوجب طاعة. وكما أنّ له أن يبتدئ الأسماء؛ فكذلك له أن يبتدئها ممّا أحبّ.. قد سمّى كتابه المنزل قرآنا، وهذا الاسم لم يكن حتى كان، وجعل السجود للشمس كفرا، فلا يجوز أن يكون السجود لها كفرا إلّا وترك ذلك السجود بعينه يكون إيمانا، والترك للشيء لا يكون إلّا بالجارحة التي كان بها الشيء، وفي مقداره من الزمان، وتكون بدلا منه وعقبا. فواحدة أن يسمّى السجود كفرا، وإذا كان كفرا كان جحودا وإذا كان جحودا كان شركا، والسجود ليس بجحد، والجحد ليس بإشراك إلّا أن تصرفه إلى الوجه الذي يصير به إشراكا. 252-[ما اشتق من نباح الكلاب] وقال طفيل الغنويّ: [من الطويل] عوازب لم تسمع نبوح مقامة ... ولم تر نارا تمّ حول مجرّم «1» وإنّما أخذ ذلك للجميع من نباح الكلاب. وذكروا أن الظّبي إذا أسنّ ونبتت لقرونه شعب نبح، وهو قول أبي دؤاد: [من الهزج] وقصرى شنج الأنسا ... ء نبّاح من الشعب «2» يعني من جهة الشعب؛ وأنشد بعضهم: [من الطويل] وينبح بين الشعب نبحا كأنّه ... نباح سلوق أبصرت ما يريبها «3» وبيّضها الهزل المسوّد غيرها ... كما ابيضّ عن حمض المراحم نيبها لأن الظّبي إذا هزل ابيضّ، والبعير يشيب وجهه من أكل الحمض. وكذلك قال ابن لجأ: [من الرجز] شابت ولمّا تدن من ذكائها «4»

كما قال الآخر: [من الرجز] أكلن حمضا فالوجوه شيب ... شربن حتى نزح القليب «1» وقد تصير النّاقة الحمراء إذا أتمّت حبشيّة. ولذلك قال الشاعر: [من الكامل] حمراء لا حبشيّة الإتمام وما أشبه ذلك بقول العبديّ: [من الطويل] وداويتها حتّى شتت حبشيّة ... كأنّ عليها سندسا وسدوسا «2» والدّواء: اللبن، فلذلك تصير الفرس إذا ألقت شعرها وطرّت، تستديل هذا اللون. وقال خالد بن الصقعب النّهديّ: [من الوافر] هبطنا بعد عهدك بطن خبت ... تظلّ حمامه مثل الخصوم «3» كأنّ عرين أيكته تلاقى ... به جمعان من نبط وروم نباح الهدهد الحوليّ فيه ... كنبح الكلب في الأنس المقيم ويقال إنّ الهدهد ينبح. وربّما جعلوا الهدهد، الذي ينبح، الحمام الذكر. قال الشاعر- وهو يصف الحمام الذّكر كيف يصنع فيها: [من الكامل] وإذا استترن أرنّ فيها هدهد ... مثل المداك خضبته بجساد «4» وقال طفيل في النّبوح مدفّع ... عن الزّاد ممّا جلّف الدهر محثل «5»

وقال الجعديّ: [من المتقارب] فلما دنونا لصوت النّباح ... ولا نبصر الحيّ إلّا التماسا «1» وقال ابن عبدل: [من الكامل] آليت إذ آليت مجتهدا ... ورفعت صوتا ما به بحح لا يدرك الشعراء منزلتي ... في الشعر إن سكتوا وإن نبحوا وقال عمرو بن كلثوم: [من الوافر] وقد هرّت كلاب الحيّ منّا ... وشدّ بنا قتادة من يلينا «2» وقال بعض العلماء: كلاب الحيّ شعراؤهم، وهم الذين ينبحون دونهم، ويحمون أعراضهم. وقال آخرون: إن كلاب الحيّ كلّ عقور، وكلّ ذي عيون أربع. وأما قوله: [من الوافر] لعمرك ما خشيت على أبيّ ... رماح بني مقيّدة الحمار «3» ولكنّي خشيت على أبيّ ... رماح الجنّ أو إيّاك حار فالطّواعين هي عند العرب رماح الجن. وفي الحديث: «إنّ الطاعون وخز من الشيطان» «4» . وقال أبو سلمى: [من الرجز] لا بدّ للسّودد من أرماح ... ومن سفيه دائم النّباح ومن عديد يتّقى بالرّاح «5» وقال الأعشى: [من الرمل] مثل أيّام لنا نعرفها ... هرّ كلب النّاس فيها ونبح «6»

253 -[هجاء ضروب من الحيوان]

رزن الأحلام في مجلسهم ... كلّما كلب من الناس نبح وقال: [من الطويل] سينبح كلبي جاهدا من ورائكم ... وأغنى غنائي عنكم أن أؤنّبا «1» وقال أبو ذؤيب: [من الطويل] ولا هرّها كلبي ليبعد تعرها ... ولو نبحتني بالشّكاة كلابها «2» كلابها: شعراؤها، وهو قول بشر بن أبي خازم: [من الوافر] وإنّي والشّكاة لآل لأم ... كذات الضّغن تمشي في الرّفاق «3» وقال أبو زبيد: [من الطويل] ألم ترني سكّنت لأيا كلابهم ... وكفكفت عنكم أكلبي وهي عقّر «4» 253-[هجاء ضروب من الحيوان] قال صاحب الكلب: قد علمنا أنّكم تتبّعتم على الكلب كلّ شيء هجي به، وجعلتم ذلك دليلا على سقوط قدره وعلى لؤم طبعه؛ وقد رأينا الشعراء قد هجوا الأصناف كلّها، فلم يفلت منهم إنسان ولا سبع، ولا بهيمة ولا طائر ولا همج ولا حشرة، ولا رفيع من الناس ولا وضيع، إلّا أن يسلم بعض ذلك عليهم بالخمول، فكفاك بالخمول دقّة ولؤما وقلّة ونذالة. وقال أميّة بن أبي عائذ لإياس بن سهم: [من الطويل] فأبلغ إياسا أنّ عرض ابن أختكم ... رداؤك فاصطن حسنه أو تبذّل «5» فإن تك ذا طول فإني ابن أختكم ... وكلّ ابن أخت من ندى الخال مغتلي فكن أسدا أو ثعلبا أو شبيهه ... فمهما تكن أنسب إليك وأشكل

فما ثعلب إلّا ابن أخت ثعالة ... وإنّ ابن أخت اللّيث ريبال أشبل ولن تجد الآساد أخوال ثعلب ... إذا كانت الهيجا تلوذ بمدخل فهذا من الثعلب. وقال مزرّد بن ضرار: [من الطويل] وإنّ كناز اللّحم من بكراتكم ... تهرّ عليها أمّكم وتكالب «1» وليت الذي ألقى فناؤك رحله ... لتقريه بالت عليه الثعالب فقد وضع الثعلب كما ترى بهذا الموضع الذي كفاك به نذالة. قال ابن هرمة: [من الوافر] فما عادت بذي يمن رؤوسا ... ولا ضرّت لفرقتها نزارا «2» كعنز السّوء تنطح من خلاها ... وترأم من يحدّ لها الشّفارا وهذا قول الشاعر في العنز. وقال ابن أحمر: [من البسيط] إنا وجدنا بني سهم وجاملهم ... كالعنز تعطف روقيها فترتضع «3» وقال الفرزدق: [من الطويل] على حين لم أترك على الأرض حيّة ... ولا نابحا إلا استقرّ عقورها وكان نفيع إذ هجاني لأهله ... كباحثة عن مدية تستثيرها «4» فهذا قولهم في العنز. ولا نعلم في الأرض أقلّ شرّا ولا أكثر خيرا من شاة. وقال الخريميّ: [من البسيط] يا للرجال لقوم قد مللتهم ... أرى جوارهم إحدى البليّات «5» ذئب رضيع وخنزير تعارضها ... عقارب وجنت وجنا بحيّات ما ظنّكم بأناس خير كسبهم ... مصرّح السّحت سمّوه الأمانات

فهذا قولهم في العقارب والحيّات والضّباع والخنازير. وقال حماد عجرد في بشّار: [من الكامل] قد كان في حبّي غزالة شاغل ... للقرد عن شتمي وفي ثوبان أو في سميعة أختها وشرادها ... لمجونها مع سفلة المجّان أو بيت ضيق عرسه وركوبها ... شرّ البغاء بأوكس الأثمان هذا قول حماد في القرد. وقال حمّاد في بشّار بن برد أيضا: [من الطويل] ولكن معاذ الله لست بقاذف ... بريئا لسوّاق لقوم نوائح وما قلت في الأعمى لجهل وأمّه ... ولكن بأمر بيّن لي واضح سأعرض صحفا عن حصين لأمّه ... ولست عن القرد ابن برد بصافح وقال الآخر: [من الطويل] لما أتيت ابني يزيد بن خثعم ... أرى القرد والخنزير محتبيان أمام بيوت القوم من آل خثعم ... وراء قبيحات الوجوه بطان وقال العتّابي: [من الرجز] اسجد لقرد السّوء في زمانه ... وإن تلقّاك بخنزوانه لا سيّما ما دام في سلطانه «1» وقال أبو الشمقمق: [من الرجز] إن رياح اللّؤم من شحّه ... لا يطمع الخنزير في سلحه «2» كفّاه قفل ضلّ مفتاحه ... قد يئس الحدّاد من فتحه وقال خلف بن خليفة: [من المتقارب] فسبحان من رزقه واسع ... يعمّ به القرد والقرده وهذا كثير. ولعمري لو جمع كلّه لكان مثل هجاء الناس للكلب، وكذلك لو جمع جميع ما مدح به الأسد فما دونه، والأمثال السائرة التي وقعت في حمد هذه الأشياء، لما كانت كلّها في مقدار مديح الكلب. فهذه حجّتنا في مرتبة الكلب على جميع السباع والبهائم.

254 -[الشرف والخمول في القبائل]

ولما قال معبد في قتل الكلب، وتلا قول الله عزّ وجلّ: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ. وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ «1» ، قال أبو إسحاق: وإن كنت إنّما جعلت الكلب شرّ الخلق بهذه العلّة، فقد قال على نسق هذا الكلام: وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُ «2» ، فالذي قال في الإبل والبقر والغنم أعظم، فأسقط من أقدارها بقدر معنى الكلام. وأدنى ذلك أن تشرك بين الجميع في الذمّ فإنّك متى أنصفت في هذا الوجه، دعاك ذلك إلى أن تنصفها في تتبّع ما لها من الأشعار والأمثال والأخبار والآيات، كما تتبّعت ما عليها. 254-[الشرف والخمول في القبائل] وقال صاحب الكلب: سنضرب مثلا بيننا يكون عدلا: إذا استوى القبيلان في تقادم الميلاد ثم كان أحد الأبوين كثير الذرء «3» والفرسان والحكماء والأجواد والشعراء، وكثير السادات في العشائر، وكثير الرؤساء في الأرحاء «4» وكان الآخر قليل الذّرء والعدد، ولم يكن فيهم خير كثير ولا شر كثير، خملوا أو دخلوا في غمار العرب، وغرقوا في معظم الناس، وكانوا من المغمورين ومن المغمورين ومن المنسيّين، فسلموا من ضروب الهجاء ومن أكثر ذلك، وسلموا من أن يضرب بهم المثل في قلّة ونذالة إذا لم يكن شرّ، وكان محلّهم من القلوب محلّ من لا يغبط الشعراء، ولا يحسدهم الأكفاء؛ وكانوا كما قال حميد بن ثور: [من الطويل] وقولا إذا جاوزتما أرض عامر ... وجاوزتما الحيّين نهدا وخثعما «5» نزيعان من جرم بن ربّان إنّهم ... أبوا أن يريقوا في الهزاهز محجما وإذا تقادم الميلاد ولم يكن الذّرء وكان فيهم خير كثير وشرّ كثير، ومثالب

255 -[بكل واد بنو سعد]

ومناقب، ولم يسلّموا من أن يهجوا ويضرب بهم المثل، ولعلّ أيضا أن تتفق لهم أشعار تتصل بمحبة الرواة، وأمثال تسير على ألسنة العلماء، فيصير حينئذ من لا خير فيه ولا شرّ، أمثل حالا في العامّة، ممّن فيه الفضل الكثير وبعض النقص، ولا سيّما إذا جاوروا من يأكلهم وحالفوا من لا ينصفهم، كما لقيت غنيّ أو باهلة. ولو أنّ عبسا أقامت في بني عامر ضعف ما أقامت؛ لذهب شطر شرفها؛ ولكنّ قيس بن زهير لمّا رأى دلائل الشرّ قال لأصحابه: الذلّ في بني غطفان خير من العزّ في بني عامر! وقد يكون القوم حلولا مع بني أعمامهم، فإذا رأوا فضلهم عليهم حسدوهم وإن تركوا شيئا من إنصافهم اشتدّ ذلك عليهم وتعاظمهم، بأكثر من قدره، فدعاهم ذلك إلى الخروج منهم إلى أعدائهم. فإذا صاروا إلى آخرين نهكوهم وحملوا عليهم، فوق الذي كانوا فيه من بني أعمامهم، حتى يدعوهم ذلك إلى النّدم على مفارقتهم، فلا يستطيعون الرّجوع، حمية واتقاء، ومخافة أن يعودوا لهم إلى شيء مما كانوا عليه، وإلى المقام في حلفائهم الذين يرون من احتقارهم، ومن شدّة الصّولة عليهم. 255-[بكل واد بنو سعد] وقد خرج الأضبط بن قريع السّعديّ من بني سعد، فجاوز ناسا، فلما رأى مذهبهم وظلمهم ونهكهم، قال: «بكلّ واد بنو سعد!» » ، فأرسلها مثلا. وقد كان عبّاس بن ريطة الرّعلي سيّد بني سليم، وقد ناله ضيم في بعض الأمر، فأبى الضّيم، فلما حاول مفارقتهم إلى بني غنم عزّ عليه فقال في كلمة له: [من الطويل] وأمّكم تزجي التؤام لبعلها ... وأمّ أخيكم كزّة الرّحم عاقر وزعموا أنّ أبا عمرو أنشد هذا الشعر، وخبّر عن هذه القصّة في يوم من أيامه، فدمعت عينه، فحلف شبيل بن عزرة بالطلاق: إنّه لعربيّ في الحقيقة لغيّة أو لرشدة! 256-[قبائل في شطرها خير كثير وفي الشطر الآخر شرف وضعة] فمن القبائل المتقادمة الميلاد التي في شطرها خير كثير، وفي الشطر الآخر شرف وضعة، مثل قبائل غطفان وقيس عيلان، ومثل فزارة ومرّة وثعلبة. ومثل عبس

وعبد الله بن غطفان، ثم غنيّ وباهلة، واليعسوب والطفاوة فالشرف والخطر في عبس وذبيان، والمبتلى والملقّى والمحروم والمظلوم، مثل باهلة وغنيّ، ممّا لقيت من صوائب سهام الشعراء، وحتّى كأنّهم آلة لمدارج الأقدام، ينكب فيها كلّ ساع، ويعثر بها كلّ ماش. وربّما ذكروا اليعسوب والطفاوة، وهاربة البقعاء «1» وأشجع الخنثى ببعض الذّكر. وذلك مشهور في خصائص العلماء ولا يجوز ذلك صدورهم. وجلّ معظم البلاء لم يقع إلّا بغنيّ وباهلة، وهم أرفع من هؤلاء وأكثر فضولا ومناقب، حتى صار من لا خير فيه ولا شرّ عنده أحسن حالا ممّن فيه الخير الكثير وبعض الشرّ، وصار مثلهم كما قال الشاعر: [من البسيط] اضرب ندى طلحة الطّلحات مبتدئا ... ببخل أشعث واستثبت وكن حكما «2» تخرج خزاعة من لؤم ومن كرم ... ولا تعدّ لها لؤما ولا كرما وقد ظرف في شعره فظلم خزاعة ظلما عبقريّا. وقال في مثل ذلك الأشعر الرّقبان الأسديّ: [من المتقارب] بحسبك في القوم أن يعلموا ... بأنّك فيهم غنيّ مضرّ «3» وأنت مليخ كلحم الحوار ... فلا أنت حلو ولا أنت مرّ وكما قال الشاعر في علباء بن حبيب حيث يقول: [من الهزج] أرى العلباء كالعلباء ... لا حلو ولا مرّ شييخ من بني الجارو ... دلا خير ولا شرّ «4» فهذا ونحوه من أشدّ الهجاء.

257 -[الحلف عند العرب]

والخمول اسم لجميع أصناف النّقص كلّها أو عامّتها، ولكنّه كالسّرو عند العلماء. وليس ينفعك العامّة إذا ضرّتك الخاصّة. ومن هذا الضرب تميم بن مرّ، وثور وعكل، وتيم ومزينة. ففي عكل وتيم ومزينة من الشرف والفضل، ما ليس في ثور، وقد سلم ثور إلّا من الشيء اليسير، مما لا يرويه إلّا العلماء، ثم حلّت البليّة وركد الشرّ، والتحف الهجاء على عكل وتيم، وقد شعّثوا بين مزينة شيئاً، ولكنّهم حبّبهم إلى المسلمين قاطبة ما تهيأ لهم من الإسلام، حين قلّ حظّ تيم فيه. وقد نالوا من ضبّة، مع ما في ضبّة من الخصال الشريفة؛ لأنّ الأب متى نقص ولده في العدد عن ولد أخيه فقد ركبهم الآخرون بكلّ عظيمة، حتى يروا تسليم المرباع إليهم حظّا، والسير تحت اللواء، والحمل على أموالهم في النوائب؛ حتّى ربّما كانوا كالعضاريط والعسفاء؛ والأتباع، وفي الأتباع والدخلاء، ثم لا يجدون من ذلك بدّاً؛ كأنهم متى امتنعوا خذلوهم، فاستباحوهم، فرأوا أن النّعمة أربح لهم. وقد أعان غيلان على الأحنف بكلمة، فقال الأحنف: عبيد في الجاهليّة، أتباع في الإسلام. فإن هربوا تفرّقوا فصاروا أشلاء في البلاد، فصار حكمهم حكم من درج، وحكم أبيهم كحكم من لم يعقب. وإذا هم حالفوا القرباء فذلك حيث لا يرفعون رؤوسهم من الذلّ والغرم. 257-[الحلف عند العرب] والحلف ضربان: فأحدهما كانضمام عبس وضبّة، وأسد وغطفان فإنّ هؤلاء أقوياء لم ينهكوا كما نهكت باهلة وغنيّ، لحاجة القوم إليهم، ولخشونة مسّهم إن تذكّروا على حال؛ فقد لقيت ضبّة من سعد، وعبس من عامر، وأسد من عيينة بن حصن ما لقوا. وقد رأيت مشقّة ذلك على النابغة، وكيف كره خروج أسد من بني ذبيان. وعيينة بن حصن وإن كان أسود من النابغة وأشرف، فإنّ النابغة كان أحزم وأعقل. وقد سلمت ثور وابتليت عكل وتيم، ولولا الربيع بن خثيم وسفيان الثوري، لما علمت العامّة أنّ في العرب قبيلة يقال لها ثور. ولشريف واحد ممّن قبلت تيم أكثر من ثور وما ولد.

258 -[أثر الشعر في نباهة القبيلة]

وكذلك بلعنبر، قد ابتليت وظلمت وبخست، مع ما فيها من الفرسان والشّعراء، ومن الزّهاد، ومن الفقهاء، ومن القضاة والولاة، ومن نوادر الرّجال إسلاميّين وجاهليّين. وقد سلمت كعب بن عمرو؛ فإنه لم ينلها من الهجاء إلّا الخمش والنّتف. وربّ قوم قد رضوا بخمولهم مع السلامة على العامّة، فلا يشعرون حتّى يصبّ الله تعالى على قمم رؤوسهم حجارة القذف، بأبيات يسيّرها شاعر، وسوط عذاب يسير به الراكب والمثل، كما قال الشاعر: [من الرجز] إن منافا فقحة لدارم ... كما الظليم فقحة البراجم «1» وقال الشاعر: [من الوافر] وجدنا الحمر من شرّ المطايا ... كما الحبطات شرّ بني تميم «2» فما الميسم في جلد البعير، بأعلق من بعض الشعر. 258-[أثر الشعر في نباهة القبيلة] وإذا كان بيت واحد يربطه الشاعر في قوم لهم النباهة والعدد والفعال، مثل نمير، يصير أهله إلى ما صارت إليه نمير وغير نمير، فما ظنّك بالظّليم وبمناف وبالحبطات، وقد بلغ مضرّة جرير عليهم حيث قال: [من الوافر] فغضّ الطّرف إنّك من نمير ... فلا كعبا بلغت ولا كلابا «3» إلى أن قال شاعر آخر وهو يهجو قوما آخرين: [من الوافر] وسوف يزيدكم ضعة هجائي ... كما وضع الهجاء بني نمير «4» وحتّى قال أبو الرّدينيّ: [من الوافر] أتوعدني لتقتلني نمير ... متى قتلت نمير من هجاها «5»

259 -[بكاء العرب من الهجاء]

259-[بكاء العرب من الهجاء] ولأمر ما بكت العرب بالدموع الغزار من وقع الهجاء، وهذا من أوّل كرمها، كما بكى مخارق بن شهاب، وكما بكى علقمة بن علاثة، وكما بكى عبد الله بن جدعان من بيت لخداش «1» بن زهير. وما زال يهجوه من غير أن يكون رآه، ولو كان رآه ورأى جماله وبهاءه ونبله والذي يقع في النفوس من تفضيله ومحبته ومن إجلاله والرقة عليه أمسك. ألا ترى أن النّبيت وغسّان بن مالك بن عمرو بن تميم «2» ، ليس يعرفهم بالعجز والقلّة إلّا دغفل بن حنظلة، وإلّا النخّار العذريّ وإلا ابن الكيّس النمريّ، وإلّا صحار العبدي، وإلّا ابن شريّة وأبو السّطّاح وأشباههم ومن شابه طريقهم والاقتباس من مواريثهم، وقد سلموا على العامة وحصلوا نسب العرب فالرجل منهم عربي تميمي، فهو يعطي حقّ القوم في الجملة ولا يقتضي ما عليه وعلى رهطه في الخاصّة. والحرمان أسوأ حالا في العامة من هذه القبائل الخاملة وهم أعدّ وأجلد. 260-[سبب خمول القبائل] وبليّة أخرى: أن يكون القبيل متقادم الميلاد، قليل الذلة قليل السيادة، وتهيّأ أن يصير في ولد إخوتهم الشرف الكامل والعدد التامّ، فيستبين لمكانهم منهم من قلتهم وضعفهم لكلّ من رآهم أو سمع بهم، أضعاف الذي هم عليه لو لم يكونوا ابتلوا بشرف إخوتهم. ومن شؤم الإخوة أنّ شرفهم ضعة إخوتهم، ومن يمن الأولاد أنّ شرفهم شرف من قبلهم من آبائهم ومن بعدهم من أولادهم: كعبد الله بن دارم وجرير بن دارم. فلو أنّ الفقيم لم يناسب عبد الله بن دارم وكان جاراً، كان خيراً له. ولقد ضعضعت قريش- لما جاءت به من الخصال الشريفة التامّة؛ من أركان كنانة- سنام الأرض وجبلها وعينها التي تبصربها، وأنفها التي بها تعطس، فما ظنّك بمن أبصر بني زيد بن عبد الله بن دارم، وبني نهشل بن دارم، وبني مجاشع بن دارم، ثمّ رأى بني فقيم بن جرير بن دارم؟! وكذلك كلّ أخوين إذا برع أحدهما وسبق وعلا الرّجال؛ في الجود والإفضال،

261 -[شعر في النباح والاستنباح]

أو في الفروسة أو في البيان، فإن كان الآخر وسطا من الرجال، قصدوا بحسن مآثره في الطبقة السفلى لتبين البراعة في أخيه، فصارت قرابته التي كانت مفخرة هي التي بلغت به أسفل السافلين. وكذلك عنزة بن أسد في ربيعة. ولو كان سودد ربيعة مرّة في عنزة ومرّة في ضبيعة أضجم، لكان خيراً لهم اليوم، ولودّ كثير من هؤلاء القبائل التي سلمت على الشعراء أو على العوامّ أن يكون فيهم شطر ما للعنزيّين من الشرف، ولو أنّ الناس وازنوا بين خصال هذه القبائل خيرها وشرّها لكانوا سواء. وقال صاحب الكلب: ذكرت عيوب الكلب فقلت: الكلب إذا كان في الدار محق أجور أهل الدّار حتى يأتي على أقصاها، لأنّ الأجور إذ أخذ منها كلّ يوم وزن قيراط، والقيراط مثل أحد، لم يلبث على ذلك أن يأتي على آخرها. وقلت: في الكلب أشدّ الأذى على الجار والضيف والدخيل، يمنعه النّوم ليلا والقائلة نهاراً، وأن يسمع الحديث. ثمّ الذي على سامع النّباح من المؤنة من الصوت الشديد. ولو لم يكن في الكلب ما يؤذي بشدّة صوته إلّا بإدامة مجاوبة الكلاب لكان في ذلك ممّا ينغّص العيش، ويمنع من الكلام والحديث. 261-[شعر في النباح والاستنباح] وقال أرطأة بن سهيّة في بعض افتخاره: [من الطويل] وإنّي لقوّام إلى الضّيف موهنا ... إذا أغدف السّتر البخيل المواكل «1» دعا فأجابته كلاب كثيرة ... على ثقة منّي بما أنا فاعل وما دون ضيفي، من تلاد تحوزه ... يد الضيف، إلّا أن تصان الحلائل وقال ابن هرمة: [من الطويل] ومستنبح نبّهت كلبي لصوته ... وقلت له قم في اليفاع فجاوب «2» فجاء خفيّ الصوت قد مسّه الضّوى ... بضربة مسنون الغرارين قاضب فرحّبت واستبشرت حتّى بسطته ... وتلك التي ألقى بها كلّ آئب وقال آخر: [من الطويل] هجمنا عليه وهو يكعم كلبه ... دع الكلب ينبح إنّما الكلب نابح «3»

وقال مزرّد بن ضرار: [من الطويل] نشأت غلاما أتّقي الذمّ بالقرى ... إذا ضاف ضيف من فزارة راغب فإن آب سار أسمع الكلب صوته ... أتى دون نبح الكلب، والكلب دائب وقال بشّار بن برد: [من الوافر] سقى الله القباب بتلّ عبدي ... وبالشرقين أيّام القباب «1» وأياما لنا قصرت وطالت ... على فرعان نائمة الكلاب وقال رجل من بني عبد الله بن غطفان: [من الطويل] إذا أنت لم تستبق ودّ صحابة ... على دخن أكثرت بثّ المعاتب «2» وإنّي لأستبقي امرأ السّوء عدّة ... لعدوة عرّيض من الناس جانب «3» أخاف كلاب الأبعدين ونبحها ... إذا لم تجاوبها كلاب الأقارب وقال أحيحة بن الجلاح: [من المنسرح] ما أحسن الجيد من مليكة والل ... بّات إذ زانها ترائبها «4» يا ليتني ليلة إذا هجع ال ... نّاس ونام الكلاب صاحبها وقلت: وفي الكلب قذارة في نفسه، وإقذاره أهله لكثرة سلاحه وبوله، على أنّه لا يرضى بالسّلاح على السطوح، حتّى يحفر ببراثنه وينقب بأظافره، وفي ذلك التخريب. ولو لم يكن إلّا أنّه يكون سبب الوكف، وفي الوكف من منع النّوم ومن إفساد حرّ المتاع، ما لا يخفى مكانه، مع ما فيه من عضّ الصبيان وتفزيع الولدان، وشقّ الثياب، والتعرّض للزوّار؛ ومع ما في خلقه أيضا من الطبع المستدعي للصبيان إلى ضربه ورجمه وتهييجه بالعبث، ويكون سببا لعقرهم والوثوب عليهم. وقلت: وبئس الشيء هو في الدار، وفيها الحرم والأزواج، والسّراريّ والحظيّات المعشوقات؛ وذلك أن ذكره أيرّ ظاهر الحجم، وهو إما مقبع وإمّا قائم، وليس معه ما

262 -[وفد قرحان]

يواريه، وربما أشظّ وأنعظ بحضرتهنّ، ولعلّهنّ يكنّ مغيبات أو محتاجات إلى ما يحتاج إليه النساء عند غيبة فحلهنّ، وإذا عجز عن أن يعمّهن. 262-[وفد قرحان] وقد رمى ضابئ بن الحارث البرجميّ أمّ أناس من العرب، أنّ الكلب الذي كان يسمّى قرحان «1» ، كان يأتي أمّهم، حتّى استعدوا عليه، وحبسه في ذلك عثمان بن عفّان رضي الله تعالى عنه. ولولا أنّ المعنى الذي رماهم به كان مما يكون ويجوز ويخاف مثله، لما بلغ منه عثمان ما بلغ، حتّى مات في حبسه. وفي ذلك يقول ضابئ ابن الحارث: [من الطويل] تجشّم نحوي وفد قرحان شقّة ... تظلّ بها الوجناء وهي حسير «2» فزوّدتهم كلبا فراحوا كأنما ... حباهم بتاج الهرمزان أمير فأمّكم لا تتركوها وكلبكم ... فإنّ عقوق الوالدات كبير إذا عثّنت من آخر الليل دخنة ... يبيت له فوق السرير هرير «3» 263-[قصص تتعلق بالكلاب] وزعم اليقطريّ أنّه أبصر رجلا يكوم كلبة من كلاب الرعاء، ومرّ بذلك الزّبّ العظيم في ثفرها- والثّفر منها ومن السبع، كالحر من المرأة والظّبية من الأتان والحجر، والحياء من الناقة والشاة- فزعم أنّها لم تعقد عليه، ولا ندري أمكّنته أم اغتصبها نفسها. وأمّا النّاس ففي ملح أحاديثهم: أنّ رجلا أشرف على رجل وقد ناك كلبة فعقدت عليه، فبقي أسيرا مستخزيا يدور معها حيث دارت. قال: فصاح به الرجل: اضرب جنبيها. فأطلقته، فرفع رأسه إليه، فقال: أخزاه الله أيّ نيّاك كلبات هو! وخبّرني من لا أردّ خبره، أنّه أشرف من سطح له قصير الحائط، فإذا هو بسواد في ظلّ القمر في أصل حائط، وإذا أنين كلبة، فرأى رأس إنسان يدخل في القمر، ثم يرجع إلى موضعه من ظلّ القمر، فتأملّ في ذلك فإذا هو بحارس ينيك كلبة. قال:

فرجمته وأعلمته أنّي قد رأيته، فصبّحني من الغد يقرع الباب عليّ، فقلت له: ما حاجتك؟ وما جاء بك؟ فلقد ظننت أنّك ستركب البحر أو تمضي على وجهك إلى البراري. قال: جعلت فداك، أسألك أن تستر عليّ، ستر الله عليك، وأنا أتوب على يديك! قال: قلت ويلك، فما اشتهيت من كلبة؟! قال: جعلت فداك، كلّ رجل حارس ليس له زوجة ولا نجل، فهو ينيك إناث الكلاب إذ كنّ عظام الأجسام. قال: فقلت: فما يخاف أن تعضّه؟ قال: لو رام ذلك منها غير الحارس التي هي له وقد باتت معه فأدخلها في كسائه في ليالي البرد والمطر، لما تركته. وعلى أنّه إن أراد أن يوعبه كلّه لم تستقرّ له. قال: ونسيت أن أسأله: فهل تعقد على أيور النّاس كما تعقد على أيور الكلاب؟ فلقيته بعد ثلاثين سنة، فقال: لا أدري لعلّها لا تعقد عليه، لأنّه لا يدخله فيها إلى أصله، لعلّ ذلك أيضا إنّما هو شيء يحدث بين الكلب والكلبة، فإذا اختلفا لم يقع الالتحام. قال: فقلت: فطيّب هو؟ قال: قد نكت عامّة إناث الحيوانات فوجدتهنّ كلّهنّ أطيب من النساء. قلت: وكيف ذلك؟ قال: ما ذاك إلّا لشدّة الحرارة. قال: فطال الحديث حتى أنس فقلت له: فإذا دار الماء في صلبك وقرب الفراغ؟ قال: فربّما التزمت الكلبة وأهويت إلى تقبيلها. ثم قال: أما إنّ الكلاب أطيب شيء أفواها، وأعذب شيء ريقا؛ ولكن لا يمكن أن أنيكها من قدّام، ولو ذهبت أن أنيكها من خلف وثنيت رأسها إلى أن أقبّلها، لم آمن أن تظنّ بي أني أريد غير ذلك فتكدّم فمي ووجهي. قال فقلت: فإنّي أسألك بالذي يستر عليك، هل نزعت عن هذا العمل منذ أعطيتني صفقة يدك بالتّوبة؟ قال: ربّما حننت إلى ذلك فأحتبس بعهدك. قال: وقلت: وإنّك لتحنّ إليها؟ قال: والله إني لأحنّ إليها، ولقد تزوّجت بعدك امرأتين، ولي منهما رجال ونساء، ومن تعوّد شيئا لم يكد يصبر عنه! قال: فقلت له: هل تعرف اليوم في الحرّاس من ينيك الكلبات؟ قال: نعم، خذ محمويه الأحمر، وخذ يشجب الحارس، وخذ قفا الشاة، وخذ فارسا الحمّاميّ فإنّ فارسا كان حارسا وكان قيّم حمّام، وكان حلقيّا، فزعم أنّه ناك الكلاب خمسين سنة، وشاخ وهزل وقبح وتشنّج، حتّى كان لا ينيكه أحد. قال: فلم يزل يحتال لكلب عنده حتى ناكه. قال: وكان معه بخير حتّى قتله اللصوص، ثمّ أشرف على فارس، هذا المحتسب الأحدب، وهو ينيك كلبة فرماه بحجر فدمغه «1» .

قال: فالكلاب كما ترى تتّهم بالنساء، وينيكها الرجال، وتنيك الرجال، وليس شيء أحقّ بالنفي والإغراب والإطراد وبالقتل منها. ونحن من السباع العادية الوحشيّة في راحة، إلّا في الفرط «1» فإنّ لها عراما على بعض الماشية، وجناية على شرار العامّة وكذلك البهائم. وما عسى أن يبلغ من وطء بعير ونطح كبش، أو خمش سنّور أو رمح حمار، ولعلّ ذلك يكون في الدهر المرّة والمرّتين، ولعلّ ذلك أيضا لا ينال إلّا عبداً أو خادما أو سائسا، وذلك محتمل. فالكلاب مع هذه الآفات شركاء الناس في دورهم وأهاليهم!! قال صاحب الكلب: إن كنتم إلى الأذى بالسّلاح تذهبون، وإلى قشر طين السطوح بالبراثن تميلون، وإلى نتن السّلاح وقذر المأكول والمشروب تقصدون، فالسّنّور أكثر في ذلك. وقد رويتم عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك أنّه قال: «هنّ من الطّوّافات عليكم» «2» . فإذا كان ذلك في السنانير مغتفرا، لانتفاعهم بها في أكل الفأر، فمنافع الكلاب أكثر، وهي بالاعتقاد أحقّ. وفي إطلاق ذلك في السنّور دليل على أنّه في الكلاب أجوز. وأمّا ما ذكرتم من إنعاظه، فلعمري إنّه ما ينبغي للغيور أن يقيم الفرس ولا البرذون والبغل والحمار والتّيس في المواضع التي تراها النساء. والكلب في ذلك أحسن حالا. وقد كره ناس إدخال منازلهم الحمام والدّيكة والدجاج والبطّ خاصة؛ لأنّ له عند السفاد قضيبا يظهر، وكذلك التيس من الظباء، فضلا عن تيوس الصفايا. فهذا المعنى الذي ذكرتم يجري في وجوه كثيرة وعلى أنّ للحمام خاصّة من الاستشارة «3» ، والكسم بالذئب، والتقبيل الذي ليس للناس مثله، ثمّ التقبيل والتغزّل والتّنفّش، والابتهاج بما يكون منه بعد الفراغ، وركوب الأنثى للذكر وعدم إمكانها لغير ذكرها، ما يكون أهيج للنساء ممّا ذكرتم. فلم أفردتم الكلب بالذّكر دون هذه الأمور، التي إذا عاينت المرأة غرمول واحد منها، حقرت بعلها أو سيّدها، ولم يزل ظلّ ذلك الغرمول يعارضها في النوم، وينبّهها ساعة الغفلة، ويحدث لها التمنّي لما لا تقدر عليه، والاحتقار لما تقدر عليه، وتركتم ذكر ما هو أجلّ وأعظم إلى ما هو أخسّ وأصغر؟! فإن كنتم تذهبون في التشنيع عليه إلى ما يعقر من الصبيان عند العبث

264 -[جنايات الديك]

والتعرّض، والتّحكك والتهييج والتحريش، فلو أنّ الذي يأتي صبيانكم إلى الكلب، من الإلحاح بأصناف العبث- والصّبيان أقسى الخلق وأقلّهم رحمة- أنزلوه بالأحنف ابن قيس، وقيس بن عاصم، بل بحاجب بن زرارة وحصن بن حذيفة، لخرجوا إلى أقبح ممّا يخرج إليه الكلب. ومن ترك منهم الأخذ فوق يد ابنه، فهو أحقّ باللائمة. وبعد فما وجدنا كلبا وثب على صبيّ فعقره من تلقاء نفسه، وإنّه ليتردّد عليه وهو في المهد، وهو لحم على وضم، فلا يشمّه ولا يدنو منه. وهو أكثر خلق الله تعالى تشمّما واسترواحا؛ وما في الأرض كلب يلقى كلبا غريبا إلّا شمّ كلّ واحد منهما است صاحبه، ولا في الأرض مجوسيّ يموت فيحزن على موته ويحمل إلى الناووس إلّا بعد أن يدنى منه كلب يشمّه، فإنّه لا يخفى عليه في شمّه عندهم، أحي هو أم ميّت؛ للطافة حسّه، وأنّه لا يأكل الأحياء. فأمّا اليهود فإنّهم يتعرّفون ذلك من الميّت، بأن يدهنوا استه. ولذلك قال الشاعر وهو يرمي ناسا بدين اليهودية: [من الطويل] إذا مات منهم ميّت مسحوا استه ... بدهن وحفّوا حوله بقرام «1» 264-[جنايات الديك] وقالوا: فإذا ذكرتم جنايات الكلاب، فواحد من جنايات الدّيكة أعظم من جنايات الكلاب؛ لأنّ عبد الله بن عثمان بن عفّان، ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنّما مات من نقر ديك في دار عثمان، نقر عينه فكان سبب موته «2» . فقتل الديك لعترة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أعظم من كثير ممّا تستعظمونه من جنايات الكلاب. وقد نقر ديك عين ابن حسكة بن عتّاب، أو عين ابن أخته. وقد نقر ديك عين ابن الريان بن أبي المسيح وهو في المهد فاعورّ، ثمّ ضربته الحمرة فمات. ووثب ديك فطعن بصيصته عين بنت لثمامة بن أشرس، قال ثمامة: فأتاني الصّريخ، فو الله ما وصلت إليها حتى كمد وجهها كلّه واسودّ الأنف والوجنتان وغارت العينان. وكان شأن هذا الديك- فيما زعم ثمامة- عجبا من العجب: ذكر أنّ رجلا ذكر أنّ ديكا عند بقّال لهم، يقاتل به الكلاب، قال: فأتيت البقّال الذي

265 -[نفع الكلب]

عنده فسألته عن الديك، فزعم أنّه قد وجّه به إلى قتال الكلاب، وقد تراهنوا في ذلك. فلم أبرح حتّى اشتريته؛ وكنت أصونه وجعلته في مكنّة، فخرجت يوما لبعض مصلحة وأقبلت بنتي هذه لتنظر إليه، فكان هذا جزائي منه! قال: وديك آخر أقبل إلى رأس زيد بن علي، حتّى وطئ في ذؤابته ثمّ أقبل ينقر دماغه وعينيه. فقال رجل من قريش، لمن حضر ذلك من الخدم: [من الخفيف] اطردوا الديك عن ذؤابة زيد ... طالما كان لا تطاه الدّجاج «1» 265-[نفع الكلب] والكلب إن كان كما يقول، فإنّ له يدا تشجّ وأخرى تأسو، بل ما يدفع الله بحراسته ويجلب من المنافع بصيده أكثر وأغمر، وهو الغامر لا المغمور، والفاضل لا المفضول. والديك يفقأ العيون وينقر الأدمغة ويقتل الأنفس، ويشجّ ولا يأسو؛ فشرّه صرف وخيره ممزوج. إلّا أن يزعموا أنّه يحرس من الشيطان، فيكون هذا من القول الذي يحتاج إلى البرهان. ومن عارض منافع الكلاب وحراستها أموال الناس من اللصوص، ومنع السّباع من الماشية، وموضع نفع الكلب في المزارع- وذلك عيان ونفعه عامّ وخطبه عظيم- بما يدّعى من حراسة الدّيكة للشيطان، لم يكايل ولم يوازن ولم يعرف المقايسة، ولا وقف قطّ على معنى المقابلة ودلّ بذلك على أنّ مبلغ رأيه لا يجوز رأي النساء. 266-[العواء وما قيل من الشعر فيه] ويكون العواء للكلب والذئب والفصيل. وقال النابغة: [من الوافر] ألم أك جاركم فتركتموني ... لكلبي في دياركم عواء «2» وقال الشاعر: [من الطويل] وإنّي امرؤ لا تقشعرّ ذؤابتي ... من الذئب يعوي والغراب المحجّل «3» وقال الشاعر: [من الطويل] ومستنبح تستكشط الرّيح ثوبه ... ليسقط عنه وهو بالثّوب معصم «4»

عوى في سواد الليل بعد اعتسافه ... لينبح كلب أو ليفزع نوّم فجاوبه مستسمع الصوت للقرى ... له مع إتيان المهبّين مطعم يكاد إذا ما أبصر الضيف مقبلا ... يكلّمه من حبّه وهو أعجم وقال ذو الرّمّة: [من الطويل] به الذئب محزونا كأنّ عواءه ... عواء فصيل آخر الليل محثل» وقال آخر: [من الرجز] ومنهل طامسة أعلامه ... يعوي به الذئب وتزقو هامه وقال عقيل بن علّفة يهجو زبّان بن منظور: [من البسيط] لا بارك الله في قوم يسودهم ... ذئب عوى وهو مشدود على كور «3» لم يبق من مازن إلّا شرارهم ... فوق الحصى حول زبّان بن منظور وقال غيلان بن سلمة: [من الكامل] ومعرّس حين العشاء به ... الحبس فالأنواء فالعقل قد بثّه وهنا وأرّقني ... ذئب الفلاة كأنّه جذل فتركته يعوي بقفرته ... ولكلّ صاحب قفرة شكل بتنوفة جرداء يجزعها ... لحب يلوح كأنّه سحل «4» وقال مغلّس بن لقيط: [من الطويل] عوى منهم ذئب فطرّب عاديا ... على فعليات مستثار سخيمها «5» إذا هنّ لم يلحسن من ذي قرابة ... دما هلست أجسادها ولحومها وقال الأحيمر السعديّ: [من الطويل] عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى ... وصوّت إنسان فكدت أطير «6»

267 -[ما قالوا في أنس الكلب وإلفه]

وقال آخر: [من الطويل] وعاو عوى واللّيل مستحلس الندى ... وقد زحفت للغور تالية النّجم «1» وذلك أنّ الرجل إذا كان باغيا أو زائرا، أو ممّن يلتمس القرى، ولم ير بالليل نارا، عوى ونبح، لتجيبه الكلاب، فيهتدي بذلك إلى موضع الناس. وقال الشاعر: [من الطويل] ومستنبح أهل الثّرى يلمس القرى ... إلينا وممساه من الأرض نازح «2» وقال عمرو بن الأهتم: [من الطويل] ومستنبح بعد الهدوّ دعوته ... وقد حان من ساري الشّتاء طروق «3» فهذا من عواء الفصيل والذئب والكلب. 267-[ما قالوا في أنس الكلب وإلفه] وقال صاحب الكلب: وممّا قالوا في أنس الكلب وإلفه، وحبّه لأهله ولمن أحسن إليه قول ابن الطّثريّة: [من الكامل] يا أمّ عمرو أنجزي الموعودا ... وارعي بذاك أمانة وعهودا «4» ولقد طرقت كلاب أهلك بالضّحى ... حتّى تركت عقورهنّ رقودا يضربن بالأذناب من فرح بنا ... متوسّدات أذرعا وخدودا وقال الآخر: [من البسيط] لو كنت أحمل خمرا يوم زرتكم ... لم ينكر الكلب أنّي صاحب الدّار «5» لكن أتيت وريح المسك يفعمني ... والعنبر الورد أذكيه على النار

فأنكر الكلب ريحي حين أبصرني ... وكان يعرف ريح الزّقّ والقار وقال أبو الطّمحان القينيّ في الإلف، وهو يمدح مالك بن حمار الشمخي: [من الوافر] سأمدح مالكا في كلّ ركب ... لقيتهم وأترك كلّ رذل «1» فما أنا والبكارة من مخاض ... عظام جلّة سدس وبزل وقد عرفت كلابهم ثيابي ... كأنّي منهم ونسيت أهلي نمت بك من بني شمخ زناد ... لها ما شئت من فرع وأصل وقال الشاعر في أنس الكلاب وإلفها، يذكر رجلا: [من الطويل] عنيف بتسواق العشار ورعيها ... ولكن بتلقام الثّريد رفيق سنيد يظلّ الكلب يمضغ ثوبه ... له في ديار الغانيات طريق وقال الآخر: [من الكامل] بات الحويرث والكلاب تشمّه ... وسرت بأبيض كالهلال على الطّوى «2» وقال ذو الرمة: [من الطويل] رأتني كلاب الحي حتّى ألفنني ... ومدّت نسوج العنكبوت على رحلي «3» وقال حسّان بن ثابت: [من الكامل] أولاد جفنة حول قبر أبيهم ... قبر ابن مارية الكريم المفضل «4» بيض الوجوه نقيّة حجزاتهم ... شمّ الأنوف من الطّراز الأوّل يغشون حتّى ما تهرّ كلابهم ... لا يسألون عن السّواد المقبل وفي هذا المعنى قال الشاعر: [من المتقارب] وبوّأت بيتك في معلم ... رحيب المباءة والمسرح «5»

كفيت العفاة طلاب القرى ... ونبح الكلاب لمستنبح ترى دعس آثار تلك المطيّ ... أخاديد كاللّقم الأفيح ولو كنت في نفق زائغ ... لكنت على الشرك الأوضح وفي مثل ذلك، وليس في ذكر إلف الكلاب، ولكنّه مما ينبغي أن يكون مجموعا إلى هذه الأشعار، وبك إلى ذلك حاجة شديدة، قال أميّة بن أبي الصّلت: [من الخفيف] لا الغيابات منتواك ولكن ... في ذرى مشرف القصور ذراكا «2» وقال البزّار الحلّيّ، في المعنى الأول: [من الرمل] ألف الناس فما ينبحهم ... من أسيف يبتغي الخير وحرّ «3» وقال عمران بن عصام: [من المتقارب] لعبد العزيز على قومه ... وغيرهم منن غامره «4» فبابك ألين أبوابهم ... ودارك آهلة عامره وكلبك آنس بالمعتفين ... من الأمّ بابنتها الزّائره وكفّك حين ترى السائلي ... ن أندى من اللّيلة الماطره فمنك العطاء ومنّا الثّناء ... بكلّ محبّرة سائره وقال هلال بن خثعم: [من الطويل] إنّي لعفّ عن زيارة جارتي ... وإنّي لمشنوء إليّ اغتيابها «5» إذا غاب عنها بعلها لم أكن لها ... زؤورا ولم تأنس إليّ كلابها

268 -[هجو الناس بهجو كلابهم]

وما أنا بالدّاري أحاديث سرّها ... ولا عالم من أيّ حوك ثيابها وإنّ قراب البطن يكفيك ملؤه ... ويكفيك سوءات الأمور اجتنابها وقال حاتم الطائي، وهو حاتم بن عبد الله، ويكنى أبا سفّانة، وكان أسره ثوب ابن شحمة العنبريّ مجير الطير: [من الطويل] إذا ما بخيل النّاس هرّت كلابه ... وشقّ على الضّيف الغريب عقورها «1» فإنّي جبان الكلب بيتي موطّأ ... جواد إذا ما النّفس شحّ ضميرها ولكن كلابي قد أقرّت وعوّدت ... قليل على من يعتريها هريرها 268-[هجو الناس بهجو كلابهم] وقال صاحب الكلب: إنّ كثيرا من هجاء الكلب، ليس يراد به الكلب، وإنّما يراد به هجاء رجل، فيجعل الكلب وصلة في الكلام ليبلغ ما يريد من شتمه. وهذا أيضا مما يرتفق الناس به من أسباب الكلاب. ولذلك قال الشاعر: [من الكامل] من دون سيبك لون ليل مظلم ... وحفيف نافجة وكلب موسد «2» وأخوك محتمل عليك ضغينة ... ومسيف قومك لائم لا يحمد والضّيف عندك مثل أسود سالخ ... لا بل أحبّهما إليك الأسود فهذا قول الشاعر. وقال الآخر: [من الوافر] وما يك فيّ من عيب فإنّي ... جبان الكلب مهزول الفصيل فهو لم يرد مدح الكلب بالجبن، وإنّما أراد نفسه حين قال: [من الكامل] وحفيف نافجة وكلب موسد فإن كان الكلب إنما أسره أهله، فإنّما اللوم على من أسره. وإنما هذا الضّرب كقوله: [من البسيط] قوم إذا استنبح الأضياف كلبهم ... قالوا لأمّهم بولي على النّار «3»

ومعلوم أنّ هذا لا يكون، ولكن حقّر أمرهم وصغّرهم. وقال ابن هرمة: [من الكامل] وإذا تنوّر طارق مستنبح ... نبحت فدلّته عليّ كلابي «1» وقال ابن مهية: [من الوافر] جلبنا الخيل من شعبى تشكّى ... حوافرها الدوابر والنّسورا «2» فلما أن طلعن بعين جعدي ... وأهل الجوف أن قتلوا غرورا ولم يك كلبهم ليفيق حتّى ... يهارش كلبهم كلبا عقورا ومعلوم أنّ هذا لا يكون، إنما هو مثل. وقال أعرابيّ: [من الطويل] أخو ثقة قد يحسب المجد فرصة ... إلى أهله أو ذمّة لا تخفّر حبيب إلى كلب الكريم نباحه ... كريه إلى الكوماء والكلب أبصر وقال ابن هرمة: [من البسيط] وفرحة من كلاب الحيّ يتبعها ... شحم يزفّ به الداعي وترعيب فهذا قول هؤلاء. وقال الآخر: [من الطويل] هجمنا عليه وهو يكعم كلبه ... دع الكلب ينبح إنّما الكلب نابح «3» وقال الآخر: [من الطويل] وتكعم كلب الحيّ من خشية القرى ... ونارك كالعذراء من دونها ستر «4» وقال أعشى بني تغلب: [من الوافر] إذا احتلّت معاوية بن عمرو ... على الأطواء خنّقت الكلابا «5» فالكلب مرّة مكعوم، ومرّة مخنوق، ومرّة موسد ومحرّش، ومرة يجعله جبانا،

ومرّة وثّابا، كما قال الراعي في الحطيئة: [من الطويل] ألا قبّح الله الحطيئة إنّه ... على كلّ ضيف ضافه فهو سالح «1» وقعنا إليه وهو يخنق كلبه ... دع الكلب ينبح إنّما الكلب نابح وقال أعشى بني تغلب: [من الطويل] بكيت على زاد خبيث قريته ... ألا كلّ عبسيّ على الزاد نابح وقال الفرزدق: [من الطويل] ولا تنزع الأضياف إلّا إلى فتى ... إذا ما أبى أن ينبح الكلب أوقدا (وقال الآخر: دع الكلب ينبح إنّما الكلب نابح وقال الآخر: ألا كلّ كلب لا أبا لك نابح وقال الفرزدق: إذا ما أبى أن ينبح الكلب أوقدا) «2» ومتى صار الكلب يأبى النباح؟! فهذا على أنّهم يتشفّون بذكر الكلب، ويرتفقون به، لا على أنّ هذا الأمر الذي ذكروه قد كان على الحقيقة. وقال الآخر، وهو جرير: [من الطويل] ولو كنت في نجران أو بعماية ... إذن لأتاني من ربيعة راكب «3» يثير الكلاب آخر اللّيل وطؤه ... كضبّ العراد خطوه متقارب «4» فبات يمنّينا الربيع وصوبه ... وينظر من لقّاعة وهو كاذب «5» فذكر تقارب خطوه، وإخفاء حركته، وأنّه مع ذلك قد أثار الكلاب من آخر الليل، وذلك وقت نومها وراحتها، وهذا يدلّ على تيقّظها ودقّة حسّها.

269 -[حالة الكلب لسبب القرى من البرد]

269-[حالة الكلب لسبب القرى من البرد] وفيما ذكروا من حالة الكلب لسبب القرى من البرد، والذي يلقى، وكيف الشأن في ذلك، قال أعشى باهلة: [من البسيط] وأجحر الكلب مبيضّ الصّقيع به ... وألجأ الحيّ من تنفاحه الحجر «1» وقال الحطيئة: [من الطويل] إذا أجحر الكلب الصّقيع اتّقينه ... بأثباج لا خور ولا قفرات «2» وقال ابن هرمة: [من الخفيف] وسل الجار والمعصّب والأض ... ياف وهنا إذا تحبوا لديّا «3» كيف يلقونني إذا نبح الكل ... ب وراء الكسور نبحا خفيّا ومشى الحالب المبسّ إلى النّا ... ب فلم يقر أصفر الحيّ ريّا «4» لم تكن خارجيّة من تراث ... حادث، بل ورثت ذاك عليّا «5» وقال الأعشى: [من المتقارب] وتبرد برد رداء العرو ... س في الصّيف رقرقت فيه العبيرا «6» وتسخن ليلة لا يستطي ... ع نباحا بها الكلب إلا هريرا وقال الهذلي: [من الطويل] وليلة يصطلي بالفرث جازرها ... يختصّ بالنّقرى المثرين داعيها «7»

لا ينبح الكلب فيها غير واحدة ... من الشّتاء ولا تسري أفاعيها وقال الفرزدق: [من الطويل] إذا احمرّ آفاق السّماء وهتّكت ... كسور بيوت الحيّ نكباء حرجف «1» وجاء قريع الشّول قبل إفالها ... يزفّ وجاءت خلفه وهي زحّف «2» وهتّكت الأطناب كلّ ذفرّة ... لها تامك من عاتق النّيّ أعرف «3» وباشر راعيها الصّلى بلبانه ... وكفّ لحرّ النار ما يتحرّف وقاتل كلب الحيّ عن نار أهله ... ليربض فيها، والصّلا متكنّف وأصبح مبيضّ الصّقيع كأنّه ... على سروات النّيب قطن مندّف تم المصحف الأول ويتلوه المصحف الثاني من كتاب الحيوان وأوله باب احتجاج صاحب الكلب بالأشعار المعروفة

الجزء الثاني

الجزء الثاني (بسم الله الرّحمن الرحيم) باب احتجاج صاحب الكلب بالأشعار المعروفة والأمثال السّائرة، والأخبار الصحيحة والأحاديث المأثورة، وما أوجد العيان فيها، وما استخرجت التجارب منها من أصناف المنافع والمرافق، وعن مواضع أخلاقها المحمودة وأفعالها المرادة. ونبدأ بقول العرب: «إنّ دماء الملوك شفاء من داء الكلب» «1» ، ثمّ نذكر الأبواب لما قدّمنا في صدر كلامنا هذا. قال بعض المرّيين: [من الوافر] أرى الخلّان بعد أبي عمير ... بحجر في لقائهم جفاء «2» من البيض الوجوه بني سنان ... لو أنّك تستضيء بهم أضاؤوا لهم شمس النهار إذا استقلّت ... ونور ما يغيبه العماء «3» بناة مكارم وأساة كلم ... دماؤهم من الكلب الشفاء «4» وقال الفرزدق: [من الطويل] من الدارميّين الذين دماؤهم ... شفاء من الدّاء المجنّة والخبل «5» وقال عبد الله بن قيس الرّقيّات: [من المنسرح] عاودني النّكس فاشتفيت كما ... تشفي دماء الملوك من كلب «6»

وقال ابن عيّاش الكنديّ لبني أسد في قتلهم حجر بن عمرو: [من الطويل] عبيد العصا جئتم بقتل رئيسكم ... تريقون تامورا شفاء من الكلب «1» وقال الفرزدق: [من الطويل] ولو تشرب الكلبى المراض دماءنا ... شفتها وذو الخبل الذي هو أدنف «2» وذاك أنّهم يزعمون أنّ دماء الأشراف والملوك تشفي من عضّة الكلب الكلب، وتشفي من الجنون أيضا، كما قال الفرزدق: ولو تشرب الكلبى المراض دماءنا ... شفتها............... ......... ثم قال: «وذو الخبل الذى هو أدنف» وقد قال ذلك عاصم بن القرّيّة، وهو جاهليّ: [من الطويل] وداويته مما به من مجنة ... دم ابن كهال والنّطاسيّ واقف «3» وقلّدته دهرا تميمة جدّه ... وليس لشيء كاده الله صارف «4» وكان أصحابنا يزعمون أنّ قولهم: «دماء الملوك شفاء من الكلب» ، على معنى أنّ الدّم الكريم هو الثأر المنيم، وأنّ داء الكلب على معنى قول الشاعر: [من الرمل] كلب من حسّ ما قد مسّه ... وأفانين فؤاد مختبل «5» وعلى معنى قوله: [من الكامل] كلب بضرب جماجم ورقاب «6»

271 -[طباع الكلب العجيبة]

فإذا كلب من الغيظ والغضب فأدرك ثأره فذلك هو الشفاء من الكلب، وليس أنّ هناك دما في الحقيقة يشرب ولولا قول عاصم بن القرّيّة: «والنّطاسيّ واقف» . لكان ذلك التأويل جائزا. وقول عوف بن الأحوص: [من الوافر] ولا العنقاء ثعلبة بن عمرو ... دماء القوم للكلبى شفاء «1» وفي الكلب يقول الأعشى: [من الطويل] أراني وعمرا بيننا دقّ منشم ... فلم يبق إلّا أن يجنّ وأكلبا «2» ألا ترى أنّه فرّق بينهما، ولو كان كما قال لبيد بن ربيعة: [من البسيط] يسعى خزيمة في قوم ليهلكهم ... على الحمالة هل بالمرء من كلب «3» لكان ذلك على تأويل ما ذهبوا إليه جائزا، وقال الآخر: [من الطويل] وأمر أميري قد أطعتم فإنّما ... كواه بنار بين عينيه مكلب «4» وهذا عندي لا يدخل في الباب الأوّل، وقد جعلوه منه. 271-[طباع الكلب العجيبة] قال صاحب الكلب: وزعمتم أنّه يبلغ من فضل قوّة طباع الدّيك في الإلقاح، أنّه متى سفد دجاجة وقد احتشت بيضا صغارا من نتاج الرّيح والتراب، قلبها كلّها حيوانا ولو لم يكن سفدها إلّا مرّة واحدة، وجعلتموه في ذلك بغاية الفحلة، فطباع الكلب أعجب إلقاحا وأثقب، وأقوى وأبعد، لأنّ الكلب إذا عضّ إنسانا، فأوّل ذلك أن يحيله نبّاحا مثله، وينقله إلى طباعه، فصار ينبح، ثم يحبله ويلقحه بأجراء صغار يبولها علقا في صور الكلاب، على بعد ما بين العنصرين والطّبعين والجنسين، والذى يتولّد في أرحام الدجاج، أقرب مشاكلة إلى طباع الديك، فالكلب هو العجب العجيب، لأنّه أحبل ذكرا من خلاف جنسه، ولأنّه مع الإحبال والإلقاح، أحاله نبّاحا

272 -[دواء الكلب]

مثله. فتلك الأدراص «1» وتلك الكلاب الصغار، أولاد ونتاج، وإن كان لا يبقى. وقد تعلمون أنّ أولاد البغلات من البغال لا تبقى، وأن اللّقاح قد يقع، وإنما منع البغل من البغلة بهذه العلّة. 272-[دواء الكلب] قال أبو اليقظان وغيره: كان الأسود بن أوس بن الحمّرة، أتى النّجاشيّ ومعه امرأته، وهي بنت الحارث أحد بني عاصم بن عبيد بن ثعلبة، فقال النجاشيّ: لأعطينّك شيئا يشفي من داء الكلب. فأقبل حتّى إذا كان ببعض الطريق أتاه الموت، فأوصى امرأته أن تتزوّج ابنه قدامة بن الأسود، وأن تعلّمه دواء الكلب، ولا يخرج ذلك منهم إلى أحد، فتزوجته نكاح مقت «2» ، وعلّمته دواء الكلب، فهو إلى اليوم فيهم «3» . فولد الأسود قدامة وولد قدامة المحلّ- وأمّه بنت الحارث- فكان المحلّ يداوي من الكلب. فولد المحلّ عقبة وعمرا، فداوى ابن المحل عتيبة بن مرداس، وهو ابن فسوة الشاعر، فبال مثل أجراء الكلب علقا، ومثل صور النّمل والأدراص فقال ابن فسوة حين برئ: [من الطويل] ولولا دواء ابن المحلّ وعلمه ... هررت إذا ما النّاس هرّ كلابها «4» وأخرج عبد الله أولاد زارع ... مولّعة «5» أكتافها وجنوبها وأولاد زارع: الكلاب. وأمّا قوله: ولولا دواء ابن المحلّ وعلمه ... هررت............... ......... فإنّما ذهب إلى أنّ الذي يعضّه الكلب الكلب، ينبح نباح الكلاب ويهرّ هريرها.

273 -[أعراض الكلب]

273-[أعراض الكلب] وقال محمّد بن حفص، وهو أبو عبيد الله بن محمد، ابن عائشة: عضّ رجلا من بني العنبر كلب كلب فأصابه داء الكلب، فبال علقا في صورة الكلاب، فقالت بنت المستنثر «1» : [من الطويل] أبا لك أدراصا وأولاد زارع ... وتلك لعمري نهية المتعجّب «2» وحدّثني أبو الصّهباء عن رجال من بني سعد، منهم عبد الرحمن بن شبيب، قالوا: عضّ سنجير الكلب الكلب، فكان يعطش ويطلب الماء بأشدّ الطلب، فإذا أتوه به صاح عند معاينته: لا، لا أريد! وهكذا يصيب صاحب تلك العضّة. وذلك أنّه يعطش عنها أشدّ العطش ويطلب الماء أشدّ الطلب، فإذا أتوه به هرب منه أشدّ الهرب، فقال دلم وهو عبد لبني سعد: [من الطويل] لقد جئت يا سنجير أجلو ملقة ... إباؤك للشيء الذي أنت طالب وهي أبيات لم أحفظ منها إلّا هذا البيت. وذكر مسلمة بن محارب، وعليّ بن محمّد عن رجاله، أنّ زيادا كتب دواء الكلب، وعلّقه على باب المسجد الأعظم «3» ، ليعرفه جميع الناس. وأنا، حفظك الله تعالى، رأيت كلبا مرّة في الحيّ ونحن في الكتّاب، فعرض له صبيّ يسمّى مهديّا من أولاد القصّابين. وهو قائم يمحو لوحه فعضّ وجهه فنقع ثنيّته دون موضع الجفن من عينه اليسرى، فخرق اللحم الذي دون العظم إلى شطر خدّه، فرمى به ملقيّا على وجهه وجانب شدقه؟ وترك مقلته صحيحة، وخرج منه من الدّم ما ظننت أنّه لا يعيش معه، وبقي الغلام مبهوتا قائما لا ينبس، وأسكته الفزع وبقي طائر القلب، ثمّ خيط ذلك الموضع، ورأيته بعد ذلك بشهر وقد عاد إلى الكتّاب، وليس في وجهه من الشّتر «4» إلا موضع الخيط الذى خيط، فلم ينبح إلى أن برئ، ولا

274 -[مما قيل في الكلب الكلب]

هرّ، ولا دعا بماء، حتّى إذا رآه صاح: ردّوه! ولا بال جروا ولا علقا، ولا أصابه ممّا يقولون قليل ولا كثير. ولم أجد أحدا من تلك المشايخ، يشكّ أنّهم لم يروا كلبا قطّ أكلب ولا أفسد طبعا منه. فهذا الذي عاينت. وأما الذي بلغني عن هؤلاء الثقات فهو الذي قد كتبته لك. 274-[مما قيل في الكلب الكلب] وفي الكلب الكلب أنشد الأعرابي: [من الرجز] حيّاكم الله فإنّي منقلب ... وإنّما الشاعر مجنون كلب أكثر ما يأتي على فيه الكذب إما أن يكون الشعر لهميان وإما أن يكون للزّفيان. وأنشدني: [من الطويل] فإن كنتم كلبى فعندي شفاؤكم ... وفي الجنّ إن كان اعتراك جنون «1» وأنشدني: [من الوافر] وما أدري إذا لاقيت عمرا ... أكلبى آل عمرو أم صحاح قال: فأما المكلب الذي يصيب كلابه داء في رؤوسها يسمّى الجحام «2» فتكوى بين أعينها. 275-[مسألة كلامية] وسنذكر مسألة كلاميّة، وإنّما نذكرها لكثرة من يعترض في هذا ممّن ليس له علم بالكلام. ولو كان أعلم الناس باللغة، لم ينفعك في باب الدين حتّى يكون عالما بالكلام. وقد اعترض معترضون في قوله عزّ وجل: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ. وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى

276 -[كرم الكلاب]

الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا «1» فزعموا أنّ هذا المثل لا يجوز أن يضرب لهذا المذكور في صدر هذا الكلام، لأنه قال: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها «2» . فما يشبّه حال من أعطي شيئا فلم يقبله- ولم يذكر غير ذلك- بالكلب الذي إن حملت عليه نبح وولى ذاهبا، وإن تركته شدّ عليك ونبح، مع أنّ قوله: يلهث، لم يقع في موضعه، وإنما يلهث الكلب من عطش شديد وحرّ شديد، ومن تعب، وأما النّباح والصّياح فمن شيء آخر. قلنا له: إن قال ذلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا «3» ، فقد يستقيم أن يكون الرادّ لا يسمّى مكذبا، ولا يقال لهم كذّبوا إلا وقد كان ذلك منهم مرارا، فإن لم يكن ذلك فليس ببعيد أن يشبّه الذي أوتي الآيات والأعاجيب والبرهانات والكرامات، في بدء حرصه عليها وطلبه لها، بالكلب في حرصه وطلبه، فإنّ الكلب يعطي الجدّ والجهد من نفسه في كلّ حالة من الحالات، وشبّه رفضه وقذفه لها من يديه، وردّه لها بعد الحرص عليها وفرط الرغبة فيها، بالكلب إذا رجع ينبح بعد إطرادك له. وواجب أن يكون رفض قبول الأشياء الخطيرة النفيسة في وزن طلبهم والحرص عليها. والكلب إذا أتعب نفسه في شدّة النّباح مقبلا إليك ومدبرا عنك، لهث واعتراه ما يعتريه عند التّعب والعطش. وعلى أنّنا ما نرمي بأبصارنا إلى كلابنا وهي رابضة وادعة، إلا وهي تلهث، من غير أن تكون هناك إلا حرارة أجوافها، والذي طبعت عليه من شأنها، إلا أنّ لهث الكلب يختلف بالشدّة واللّين! 276-[كرم الكلاب] وقال صاحب الكلب: ليس الدّيك من الكلب في شيء، فمن الكلاب ذوات الأسماء المعروفة والألقاب المشهورة. ولكرامها وجوارحها وكواسبها، وأحرارها وعتاقها، أنساب قائمة ودواوين مخلّدة، وأعراق محفوظة، ومواليد محصاة، مثل كلب جذعان، وهو السّلهب بن البراق بن يحيى بن وثّاب بن مظفّر بن محارش.

277 -[شعر فيه أسماء الكلاب]

277-[شعر فيه أسماء الكلاب] وقد ذكر العرب أسماءها وأنسابها. قال مزرّد بن ضرار: [من الطويل] فعدّ قريض الشّعر إن كنت مغزرا ... فإن غزير الشعر ما شاء قائل «1» لنعت صباحيّ طويل شقاؤه ... له رقميّات وصفراء ذابل «2» بقين له مما يبرّي وأكلب ... تقلقل في أعناقهنّ السّلاسل «3» سخام، ومقلاء القنيص، وسلهب ... وجدلاء، والسّرحان، والمتناول «4» بنات سلوقيّين كانا حياته ... فماتا فأودى شخصه فهو خامل «5» وأيقن إذ ماتا بجوع وخلّة ... وقال له الشّيطان: إنّك عائل «6» فطوّف في أصحابه يستثيبهم ... فآب وقد أكدت عليه المسائل «7» إلى صبية مثل المغالي وخرمل ... رواد، ومن شرّ النساء الخرامل «8» فقال لها: هل من طعام فإنّني ... أذمّ إليك الناس، أمّك هابل «9» فقالت: نعم، هذا الطّويّ وماؤه ... ومحترق من حائل الجلد قاحل «10» فلما تناهت نفسه من طعامه ... وأمسى طليحا ما يعانيه باطل «11» تغشّى، يريد النّوم، فضل ردائه ... فأعيا على العين الرّقاد البلابل «12» ففكّر في هذا الشعر وقف على فصوله، حتى تعرف غناء الكلاب عندهم، وكسبها عليهم، وموقعها منهم.

وقال لبيد في ذكرها وذكر أسماءها: [من الكامل] لتذودهنّ وأيقنت إن لم تذد ... أن قد أحمّ من الحتوف حمامها «1» فتقصّدت منها كساب وضرّجت ... بدم وغودر في المكرّ سخامها «2» ومن عادة الشعراء إذا كان الشعر مرثية أو موعظة، أن تكون الكلاب التي تقتل بقر الوحش، وإذا كان الشعر مديحا، وقال كأنّ ناقتي بقرة من صفتها كذا، أن تكون الكلاب هي المقتولة، ليس على أنّ ذلك حكاية عن قصّة بعينها، ولكنّ الثّيران ربّما جرحت الكلاب وربّما قتلتها، وأما في أكثر ذلك فإنّها تكون هي المصابة، والكلاب هي السالمة والظافرة، وصاحبها الغانم. وقال لبيد في هذا القول الثاني غير القول الأول، وذلك على معنى ما فسّرت لك، فقال في ذلك وذكر أسماءها: [من الطويل] فأصبح وانشقّ الضّباب وهاجه ... أخو قفرة يشلى ركاحا وسائلا «3» عوابس كالنّشّاب تدمى نحورها ... يرين دماء الهاديات نوافلا «4» ومن أسمائها قولهم: «على أهلها جنت براقش» «5» . ومن أسمائها قول الآخر: ضبّار: [من الكامل] سفرت فقلت لها هج فتبرقعت ... فذكرت حين تبرقعت ضبّارا «6» وقال الكميت الأسديّ: [من المتقارب] فبات وباتت عليه السّما ... ء من كلّ حابية تهطل «7»

278 -[أحرص الكلاب]

مكبّا كما اجتنح الهالكيّ ... على النّصل إذ طبع المنصل «1» ثم ذكر أسماء الكلاب فقال: [من المتقارب] وفي ضبن حقف يرى حقفه ... خطاف وسرحة والأحدل «2» وأربعة كقداح السّرا ... ء لا عانيات ولا عبّل وقال الآخر: [من البسيط] بتنا وبات جليد اللّيل يضربنا ... بين البيوت قرانا نبح درواس «3» إذا ملا بطنه ألبانها حلبا ... باتت تغنّيه وضرى ذات إجراس ودرواس: اسم كلب، والوضرى: استه، وغناؤها: الضّراط. وقال ضابئ بن الحارث في ذلك: [من الكامل] فترمّلت بدم قدام وقد ... أوفى اللّحاق وحان مصرعه «4» وقال الآخر: [من مجزوء الوافر] ولو هيّا له الله ... من التوفيق أسبابا «5» لسمّى نفسه عمرا ... وسمّى الكلب وثّابا ومثل هذا كثير. 278-[أحرص الكلاب] والكلب أشدّ ما يكون حرصا إذا كان خطمه يمسّ عجب ذنب الظّبي والأرنب والثّور وغير ذلك، مما هو من صيده، ولذلك قال الشاعر «6» : [من المديد] ربّما أغدو معي كلبي ... طالبا للصيّد في صحبي

279 -[الإهلال والاستهلال]

فسمونا للقنيص معا ... فدفعناه إلى أظب «1» فاستدرّته فدرّ لها ... يلطم الرّفغين بالتّرب «2» فادّراها وهي لاهية ... في جميم الحاج والغرب «3» ففرى جمّاعهنّ كما ... قدّ مخلولان من عصب «4» ثم قال: غير يعفور أهلّ به ... جاف دفّيه عن القلب «5» ضمّ لحييه بمخطمه ... ضمّك الكسرين بالشعب وانتحى للباقيات كما ... كسرت شغواء من لهب «6» فتعايا التّيس حين كبا ... ودنا فوه من العجب «7» ظلّ بالوعساء ينفضه ... آرما منه على الصّلب «8» تلك لذّاتي وكنت فتى ... لم أقل من لذّة حسبي 279-[الإهلال والاستهلال] وأما قوله «9» : «غير يعفور أهلّ به» ، فالإهلال الذي ذكر هو شيء يعتريه في ذلك الوقت، يخرج من جوفه صوت شبيه بالعواء الخفيف، وهو ما بين العواء والأنين، وذلك من حاق الحرص، وشدّة الطلب، وخوف الفوات. ويقال: أهلّت السماء، إذا صبّت، واستهلت: إذا ارتفع صوت وقعها، ومنه الإهلال بالحج. وقال ابن أحمر: [من السريع] يهلّ بالفرقد ركبانها ... كما يهلّ الراكب المعتمر «10»

280 -[معرفة أبي نواس بالكلاب]

ومنه استهلال الصبي، ولذلك قال الأعرابيّ: أرأيت من لا شرب ولا أكل ولا صاح واستهل، أليس ذلك يطلّ «1» ؟! 280-[معرفة أبي نواس بالكلاب] وإذا ضبع الكلب، وهو أن يمدّ ضبعه كلّه، ولا يكون كالحمار الضيّق الإبطين- والكلب في افتراش ذراعيه وبسط رجليه حتّى يصيب قصّه الأرض، أكثر من الفرس- وعند ذلك ما ينشط أذنيه حتّى يدميهما ولذلك قال الحسن بن هانئ، وقد طال ما نعت بهما: [من الرّجز] فانصاع كالكوكب في انحداره ... لفت المشير موهنا بناره «2» شدّا إذا أحصف في إحضاره ... خرّق أذنيه شبا أظفاره «3» وأوّل هذه الأرجوزة: لما غدا الثّعلب من وجاره ... يلتمس الكسب على صغاره وأنا كتبت لك رجزه في هذا الباب، لأنّه كان عالما راوية، وكان قد لعب بالكلاب زمانا، وعرف منها ما لا تعرفه الأعراب، وذلك موجود في شعره، وصفات الكلاب مستقصاة في أراجيزه، هذا مع جودة الطبع وجودة السبك، والحذق بالصنعة، وإن تأمّلت شعره فضّلته، إلّا أن تعترض عليك فيه العصبيّة، أو ترى أنّ أهل البدو أبدا أشعر، وأنّ المولّدين لا يقاربونهم في شيء. فإن اعترض هذا الباب عليك فإنك لا تبصر الحقّ من الباطل، مادمت مغلوبا. 281-[طرديات أبي نواس] [1] قال الحسن بن هانئ: [من الرجز] لما غدا الثعلب من وجاره ... يلتمس الكسب على صغاره «4» عارضه في سنن امتياره ... مضمّر يموج في صداره «5»

في حلق الصّفر وفي أسياره ... منضمّة قصراه من إضماره «1» قد نحت التسهيم من أقطاره ... من بعد ما كان إلى أصباره «2» غضّا غذته الجور من عشاره ... أيّام لا يحجب عن أظآره «3» وهو طلا لم يدن من إشغاره ... في منزل يحجب عن زوّاره يساس فيه طرفي نهاره ... حتّى إذا أحمد في اختباره وآض مثل القلب من نضاره ... كأنّ خلف ملتقى أشفاره «4» جمر غضى يدمن في استعاره ... كأنّ لحييه لدى افتراره شك مسامير على طواره ... يضمّ قطريه من اضطباره «5» وإن تمطّى تمّ في أشباره ... عشر إذا قدّر في اقتداره سمع إذا استروح لم تماره ... إلا بأن يطلق من عذاره «6» فانصاع كالكوكب في انحداره ... لفت المشير موهنا بناره شدّا إذا أحصف في إحضاره ... خرّق أذنيه شبا أظفاره حتى إذا ما انساب في غباره ... عافره أخرق في عفاره «7» فتلتل المفصل من فقاره ... وشقّ عنه جانبي صداره ما خير للثّعلب في ابتكاره [2] وقال في كلب سليمان بن داود الهاشميّ- وكان الكلب يسمى زنبورا: [من الرجز] إذا الشياطين رأت زنبورا ... قد قلّد الحلقة والسّيورا «8» دعت لخزّان الفلا ثبورا ... أدفى ترى في شدقه تأخيرا «9» ترى إذا عارضته مفرورا ... خناجرا قد نبتت سطورا «10»

مشتبكات تنظم السّحورا ... أحسن في تأديبه صغيرا «1» حتّى توفّى السّبعة الشهورا ... من سنّه وبلغ الشّغورا وعرف الإيحاء والصّفيرا ... والكفّ أن تومئ أو تشيرا يعطيك أقصى حضره المذخورا ... شدّا ترى من همزه الأظفورا «2» منتشطا من أذنه سيورا ... فما يزال والغا تامورا «3» من ثعلب غادره مجزورا ... أو أرنب كوّرها تكويرا أو ظبية تقرو رشا غريرا ... غادرها دون الطّلا عقيرا «4» فأمتع الله به الأميرا ... ربّي، ولا زاله مسرورا وقد قال كما ترى: شدّا ترى من همزه الأظفورا ... منتشطا من أذنه سيورا بإثر قوله: حتّى توفّى السبعة الشهورا ... من سنّه وبلغ الشغورا فإنّ الكلب إذا شغر برجله وبال، فذلك دليل على تمام بلوغه للإلقاح، وهو من الحيوان الذي يحتلم «5» . وأما احتلام الغلام فيعرف بأمور: منها انفراق طرف الأرنبة، ومنها تغيّر ريح إبطيه، ومنها الأنياب، ومنها غلظ الصوت. ومن الغلمان من لا يحتلم. وفي الجواري جوار لا يحضن، وذلك في النساء عيب، وليس مثله من الرجال عيبا، وقد رأيت رجالا يوصفون بالقوة على النساء، وبعضهم لم يحتلم إلا مرة أو مرتين، وبعضهم لم يحتلم البتة. [3] وقد قال الحسن بن هانئ مثل ذلك، في أرجوزة أخرى: [من الرجز] يمري إذا كان الجراء عبطا ... براثنا سحم الأثافي ملطا ينشط أذنيه بهنّ نشطا

وهذه الأجوزة أوّلها «1» : عدّدت كلبا للطّراد سلطا ... مقلّدا قلائدا ومقطا «2» فهو الجميل والحسيب رهطا ... ترى له شدقين خطّا خطّا يمري إذا كان الجراء عبطا ... براثنا سحم الأثافي ملطا ينشط أذنيه بهنّ نشطا ... تخال ما دمين منها شرطا ما إن يقعن الأرض إلا فرطا ... كأنما يعجلن شيئا لقطا أعجل من قول قطاة قطّا ... فاجتاح خزّان الصحارى الرّقطا «3» يلقين منه حكما مشتطا ... للعظم حطما والأديم عطّا والشعراء إذا أرادوا سرعة القوائم قالوا كما قال: [من البسيط] يخفي التّراب بأظلاف ثمانية ... ومسّهن إذا أقبلن تحليل «4» وقال الآخر: [من الكامل] وكأنّما جهدت أليّته ... أن لا تمسّ الأرض أربعه «5» فأفرط المولّدون فى صفة السرعة- وليس ذلك بأجود- فقال شاعر منهم يصف كلبة بسرعة العدو: [من الرجز] كأنّما ترفع ما لم يوضع «6» وقال الحسن بن هانئ: [من الرجز] ما إن يقعن الأرض إلا فرطا [4] وقال الحسن بن هانئ في نعت كلب: [من الرجز] أنعت كلبا أهله في كدّه ... قد سعدت جدودهم بجدّه «7»

فكلّ خير عندهم من عنده ... يظلّ مولاه له كعبده يبيت أدنى صاحب من مهده ... وإن عري جلّله ببرده ذو غرّة محجل بزنده ... تلذّ منه العين حسن قدّه يا حسن شدقيه وطول خدّه ... تلقى الظّباء عنتا من طرده يشرب كأسا شدّها في شدّه ... يا لك من كلب نسيح وحده «1» [5] وقال في صفاتها، وأسمائها وسماتها، وأنسابها، وألقابها، وتفدية أربابها لها كما ذكرنا قبل ذلك- «2» : [من الرجز] قد أغتدي والطّير في مثواتها ... لم تعرب الأفواه عن لغاتها بأكلب تمرح في قدّاتها ... تعدّ عين الوحش من أقواتها «3» قد نحت التقريح وارياتها ... من شدّة التسهيم واقتياتها «4» وأشفق القانص من حفاتها ... وقلت قد أحكمتها فهاتها وأدن للصّيد معلّماتها ... وارفع لنا نسبة أمّهاتها فجاء يزجيها على شياتها ... شمّ العراقيب مؤنّفاتها «5» غرّ الوجوه ومحجّلاتها ... مشرفة الأكناف موفياتها «6» قود الخراطيم مخرطماتها ... سودا وصفرا وخلنجيّاتها «7» مسميّات وملقّباتها ... حمرا وبيضا ومطوّقاتها مختبرات من سلوقيّاتها ... كأنّ أقمارا على لبّاتها ترى على أفخاذها سماتها ... مفدّيات ومحمّياتها مفروشة الأيدي شرنبثاتها ... شمّ العراقيب مؤلفاتها «8»

حيد الأظافير مكعبراتها ... زلّ المآخير عملّساتها «1» تسمع في الآثار من وحاتها «2» ... من نهم الحرص ومن خواتها لتفثأ الأرنب عن حياتها «3» ... إنّ حياة الكلب في وفاتها حتّى ترى القدر على مثفاتها «4» ... كثيرة الضّيفان من عفاتها تقذف جالاها بجوزي شاتها «5» فقد قال كما ترى: تسمع في الآثار من وحاتها ... من نهم الحرص ومن خواتها وهذا هو معناها الأول، وأما قوله «6» : تعدّ عين الوحش من أقواتها فعلى قول أبي النّجم: [من الرجز] تعدّ عانات اللّوى من مالها وزعموا أنّ قوله: [من الرجز] كطلعة الأشمط من جلبابه هو قول الأول: [من الرجز] كطلعة الأشمط من كسائه وهو كما قال الآخر: [من الرجز] كطلعة الأشمط من برد سمل [6] وقال الحسن بن هانئ: [من الرجز] لمّا تبدّى الصّبح من حجابه ... كطلعة الأشمط من جلبابه «7» وانعدل اللّيل إلى مآبه ... هجنا بكلب طالما هجنا به

خزّطه القانص واغتدى به ... يعزّه طورا على استصعابه وتارة ينصبّ لانصبابه ... فانصاع للصّوت الذي يعنى به كلمعان البرق من سحابه ... كأنّ عينيه لدى ارتيابه فصّا عقيق قد تقابلا به ... حتّى إذا عفّره هاها به بابا به يا بعد ما بابا به ... ينتسف المقود من جذابه من مرح يغلو إذا اغلولى به «1» ... وميعة تعرف من شبابه كأنّ متنيه لدى انسلابه «2» ... متنا شجاع لجّ في انسيابه كأنّما الأظفور في قنابه «3» ... موسى صناع ردّ في نصابه يثرد وجه الأرض في ذهابه «4» ... كأنّ نسرا ما توكّلنا به يعفو على ما جرّ من ثيابه ... إلّا الذي أثّر من هدّابه ترى سوام الوحش يحتوى به ... يرحن أسرى ظفره ونابه «5» [7] وقال في ثعلب كان قد أفلت منه مرارا: [من الرجز] قد طالما أفلتّ يا ثعالا ... وطالما وطالما وطالا «6» جلت بكلبي يومك الأجوالا ... ماطلت من لا يسأم المطالا «7» حتّى إذا اليوم حدا الآصالا ... أتاك حين يقدم الآجالا «8» [8] وقال أبو نواس أيضا: [من الرجز] يا ربّ بيت بفضاء سبسب ... بعيد بين السّمك والمطنّب «9» لفتية قد بكّروا بأكلب ... قد أدّبوها أحسن التأدب

282 -[ما يستدل به على فراهية الكلاب وشياتها وسياستها]

من كل أدفى ميسان المنكب ... يشبّ في القود شباب المقرب «1» ينشط أذنيه بجدّ المخلب ... فما تني وشيقة من أرنب «2» وجلدة مسلوبة من ثعلب ... مقلوبة الفروة أو لم تقلب وعير عانات وأمّ التّولب ... ومرجل يهدر هدر المصعب «3» يقذف جالاه بجوز القرهب «4» 282-[ما يستدلّ به على فراهية الكلاب وشياتها وسياستها] قال بعض من خبر ذلك «5» : إنّ طول ما بين يدي الكلب ورجليه- بعد أن يكون قصير الظهر- من علامة السّرعة. قال «6» : ويصفونه بأن يكون صغير الرأس، طويل العنق غليظها، وأن يشبه بعض خلقه بعضا، وأن يكون أغضف الأذنين مفرط الغضب، ويكون بعيد ما بينهما، ويكون أزرق العينين، طويل المقلتين، ناتئ الحدقة، طويل الخطم، واسع الشّدقين، ناتئ الجبهة عريضها، وأن يكون الشّعر الذي تحت حنكه كأنّه طاقة ويكون غليظا، وكذلك شعر خدّيه، ويكون قصير اليدين، طويل الرجلين، لأنه إذا كان كذلك كان أسرع في الصعود بمنزلة الأرنب. قالوا: ولا يكاد يلحق الأرنب في الصّعود، إلّا كلّ كلب قصير اليدين، طويل الرّجلين. وينبغي أن يكون طويل الصدر غليظا، ويكون ما يلي الأرض من صدره عريضا، وأن يكون غليظ العضدين، مستقيم اليدين، مضموم الأصابع بعضها إلى بعض، إذا مشى أو عدا، وهو أجدر الّا يصير بينها من الطّين وغير ذلك ما يفسدها، ويكون ذكيّ الفؤاد نشيطا، ويكون عريض الظّهر، عريض ما بين مفاصل عظامه، عريض ما بين عظمي أصل الفخذين اللذين يصيبان أصل الذنب، وطويل الفخذين

283 -[خير طعام للكلب]

غليظهما شديد لحمهما، ويكون رزين المحزم «1» ، رقيق الوسط طويل الجلدة التي بين أصل الفخذين والصدر، ومستقيم الرجلين، ويكون في ركبته انحناء ويصير قصير الساقين دقيقهما، كأنّهما خشبة من صلابتهما. وليس يكره أن تكون الإناث طوال الأذناب، ويكره ذلك للذكور. ولين شعرهما يدلّ على القوة. وقد يرغب ذلك في جميع الجوارح من الطير وذوات الأربع، من لين الرّيش لذوات الريش. ولين الشّعر لذوات الشعر من عتاق الخيل علامة صالحة. قال: وينبغي أن يكون الكلب شديد المنازعة للمقود والسّلسلة، وأن يكون العظم الذي يلي الجنبين من عظام الجنبين صغيرا في قدر ثلاث أصابع. وزعم أنّهم يقولون: إنّ السّود منها أقلّها صبرا على البرد والحر، وإنّ البيض أفره إذا كنّ سود العيون. قال «2» : ومن علامة الفره التي ليس بعدها شيء، أن يكون على ساقيه أو على إحداهما أو على رأس الذنب مخلب، وينبغي أن يقطع من السّاقين، لئلا يمنعه من العدو. 283-[خير طعام للكلب] وذكر أنّ خير الأشياء التي تطعمها للكلب الخبز الذي قد يبس، ويكون الماء الذي يسقاه يصبّ عليه شيء من زيت، فإنّ ذلك كالقتّ «3» المحضّ للخيل، ويشتدّ عليه عدوه. وقال: خير الطعام في إسمان الكلاب رأس مطبوخ، وأكارع بشعرها، من غير أن تطعم من عظامها شيئا، والسّمن إذا طعم منه قدر ثلاث سكرّجات «4» مرّتين أو ثلاث مرات فإنّ ذلك مما يسمّنه، ويقال إنّه يعيد الهرم شابّا «5» ، حتّى يكون ذلك في الصّيد وفي المنظر، والعظم والثّريد من أردأ ما تأكله للعدو.

284 -[من علاج الكلب]

284-[من علاج الكلب] وممّا يكون غذاء ومن خير شيء يداوى به الكلب من وجع البطن والديدان، أن يطعم قطعة ألية وصوف شاة معجونا بسمن البقر، فإنّه يلقي كلّ دود وقذر في بطنه. وخير ما يعالج به الحفا «1» أن يدهن استه ثلاثة أيام. ويجمّ فيها ولا يستعمل، أو يمسح على يديه ورجليه القطران. وذكر عن خزيمة بن طرخان الأسديّ، من أهل همذان، أنّه قال: ليس من علاج الكلب خير من أن يحقن. وقال: يقال كدي الجرو يكدى كدى وهو داء يأخذ الجراء خاصّة، يصيبها منه قيء وسعال، حتّى تكوى بين عينيها، ويقال أكدى الرجل إكداء: إذا لم يظفر بحاجته. والكدية من الأرض: ارتفاع في صلابة. ويقال في الماء: حفر فأكدى. وزعم صاحب المنطق أنّ الكلاب إذا كان في أجوافها دود، أكلت سنبل القمح فتبرأ. وزعم أنّ الكلاب تمرض فتأتي حشيشة تعرفها بعينها، فتأكل منها فتبرأ. 285-[عداوة بعض الحيوان لبعض] وزعم صاحب المنطق أنّ العقاب تأكل الحيّات، وأنّ بينهما عداوة؛ لأنّ الحيّة أيضا تطلب بيضها وفراخها. قال: والغداف يقاتل البومة، لأنّ الغداف يخطف بيض البومة نهارا. وتشدّ البومة على بيض الغداف ليلا فتأكله؛ لأنّ البومة ذليلة بالنهار رديّة النظر، وإذا كان اللّيل لم يقو عليها شيء من الطير. والطير كلّها تعرف البومة بذلك وصنيعها بالليل، فهي تطير حول البومة وتضربها وتنتف ريشها. ومن أجل ذلك صار الصيّادون ينصبونها للطير. والغداف يقاتل ابن عرس؛ لأنه يأكل بيضه وفراخه. قال: وبين الحدأة والغداف قتال؛ لأنّ الحدأة تخطف بيض الغداف؛ لأنّها أشدّ مخالب وأسرع طيرانا.

وبين الأطرغلّة «1» والشّقراق «2» قتال؛ لأنّه يقتل الأطرغلّة ويطالبها. وبين العنكبوت والعظاية «3» عداوة، والعظاية تأكل العنكبوت. وعصفور الشّوك يعبث بالحمار، وعبثه ذلك قتّال له؛ لان الحمار إذا مرّ بالشوك وكانت به دبرة «4» أو جرب تحكّك به، ولذلك متى نهق الحمار سقط بيض عصفور الشوك، وجعلت فراخه تخرج من عشّها. ولهذه العلّة يطير العصفور وراء الحمار وينقر رأسه. والذئب مخالف للثّور والحمار والثعلب جميعا، لأنّه يأكل اللحم النّيء ولذلك يقع على البقر والحمير والثعالب. وبين الثعالب والزّرّق «5» خلاف لهذه العلّة؛ لأنّهما جميعا يأكلان اللحم. والغراب يخالف الثّور؛ ويخالف الحمار جميعا، ويطير حولهما، وربّما نقر عيونهما. وقال الشاعر: [من الرجز] عاديتنا لازلت في تباب ... عداوة الحمار للغراب ولا أعرف هذا من قول صاحب المنطق؛ لأنّ الثعلب لا يجوز أن يعادي من بين أحرار الطّير وجوارحها الزّرّق وحده، وغير الزّرّق آكل اللّحم. وإن كان سبب عداوته له اجتماعهما على أكل اللّحم، فليبغض العقاب من الطير، والذئب من ذوات الأربع؛ فإنّها آكل للّحم. والثّعلب إلى أن يحسد ما هو كذلك أقرب، وأولى فى القياس، فلو زعم أنّه يعمّ أكلة اللّحم بالعداوة، حتّى يعطى الزّرّق من ذلك نصيبه، كان ذلك أجوز. ولعلّ المترجم قد أساء في الإخبار عنه. قال: والحيّة تقاتل الخنزير، وتقاتل ابن عرس، وإنّما تقاتل ابن عرس إذ كان مأواهما في بيت واحد، وتقاتل الخنزير لأنّ الخنزير يأكل الحيّات. ويزعمون أنّ الذي يأكل الحيّات القنافذ، والأوعال، والخنازير، والعقبان.

286 -[ما يأباه بعض الحيوان من الطعام]

قال: فالحيّة تعرف هذا من الخنزير، فهي تطالبه. قال: والغراب مصادق للثّعلب، والثعلب مصادق للحيّة، والأسد والنمر مختلفان. قال: وبين الفيلة اختلاف شديد، وكذلك ذكورها وإناثها، وهي تستعمل الأنياب إذا قاتل بعضها بعضا، وتعتمد بها على الحيطان فتهدمها، وتزحم النّخلة بجنبها فتصرعها. وإذا صعب من ذكورتها شيء احتالوا له حتّى يكومه «1» ذكر آخر، فإذا كامه خضع أبدا. وإذا اشتدّ خلقه وصعب عصبوا رجليه فسكن. ويقال إنّ البعير إذا صعب وخافه القوم، استعانوا عليه فأبر كوه وعقلوه حتّى يكومه فحل آخر، فإذا فعل ذلك به ذلّ! وأمّا أصحابنا فحكوا وجوه العداوة الّتي بين الفيل والسّنّور- وهذا أعجب- وذهبوا إلى فزع الفيل من السّنّور، ولم يروه يفزع ممّا هو أشدّ وأضخم. وهذا الباب على خلاف الأوّل، كأنّ أكثر ذلك الباب بني على عداوة الأكفاء. والشاة من الذئب أشدّ فرقا منها من الأسد، وإن كانت تعلم أنّ الأسد يأكلها. وكذلك الحمام يعتريه من الشّاهين ما لا يعتريه من العقاب والبازي والصقر. وكذلك الفأرة من السّنّور «2» ، وقد يأكلها ابن عرس. وأكثر ذلك أن يقتلها ولا يأكلها. وهي من السّنّور أشدّ فرقا. والدّجاجة تأكلها أصناف من السباع، والثعلب يطالبها مطالبة شديدة، ولو أنّ دجاجا على رفّ مرتفع، أو كنّ على أغصان شجرة شاهقة، ثمّ مرّ تحتها كلّ صنف ممّا يأكلها، فإنّها تكون مستمسكة بها معتصمة بالأغصان التي هي عليها. فإذا مرّ تحتها ابن آوى وهنّ ألف، لم تبق واحدة منهنّ إلّا رمت بنفسها إليه. 286-[ما يأباه بعض الحيوان من الطعام] والسبع لا يأكل الحارّ، والسّنّور لا يذوق الحموضة، ويجزع من الطّعام الحارّ. والله تعالى أعلم.

287 -[رجع القول إلى مفاخر الكلب]

287-[رجع القول إلى مفاخر الكلب] ثمّ رجع بنا القول إلى مفاخر الكلب، ونبدأ بكلّ ما أشبه فيه الكلب الأسود والإنسان؛ وبشيء من صفات العظال. قال صاحب المنطق (في كتابه الذي يقال له الحيوان، في موضع ذكر فيه الأسد) قال: إذا ضرب الأسد بمخالبه، رأيت موضع آثار مخالبه في أقدار شرط الحجّام أو أزيد قليلا، إلّا أنّه من داخل أوسع خرزا، كأنّ الجلد ينضمّ على سم مخالبه، فيأكل ما هنالك. فأمّا عضّته فإنّ دواءها دواء عضّة الكلب. قال: وممّا أشبه فيه الكلب الأسد انطباق أسنانه. وممّا أشبه فيه الكلب الأسد النّهم، فإنّ الأسد يأكل أكلا شديدا، ويمضغ مضغا متداركا، ويبتلع البضع «1» الكبار، من حاقّ الرغبة «2» ومن الحرص، وكالذي يخاف الفوت. ولما نازع السّنّور من شبهه صار إذا ألقيت له قطعة لحم فإمّا أن يحملها أو يأكلها حيث لا تراه؛ وإمّا أن يأكلها وهو يكثر التلفّت، وإن لم يكن بحضرته سنّور ينازعه، والكلب يعضّ على العظم ليرضّه، فإن مانعه شيء وكان مما يسيغه، ابتلعه وهو واثق بأنّه يستمريه ويسيغه. والنّهم يعرض للحيّات، والحيّة لا تمضغ، وإنما تبتلع ذوات الرّاسات «3» ، وهي غير ذوات الأنياب، فإنّها تمضغ المضغة والمضغتين وإن ابتلعت شيئا فيه عظم أتت عودا شاخصا فالتوت عليه، فحطمت العظم، والحيّة قويّة جدا. قال: والأسد وإن كان ممّا لا يفارق الغياض ولا يفارق الماء فإنّه قليل الشرب للماء، وليس يلقى رجعه إلّا مرة في اليوم، وربّما كان في اليومين والثلاثة. ورجعه يابس شديد اليبس متعلّق، شبيه برجيع الكلب. ويشبهه أيضا من جهة أخرى وذلك أنّهما جميعا إذا بالا شغرا «4» . والكلب من أسماء الأسد، لقرابة ما بينه وبين الكلب. والكلب يشبه الخنزير، فإنّ الخنزير يسمن في أسبوع، وإن جاع أيّاما ثم شبع شبعة تبيّن ذلك تبيّنا ظاهرا. ألا تراه ينزع إلى محاسن الحيوان، ويشبه أشراف السباع وكرائم البهائم؟!

288 -[عظال الكلاب]

288-[عظال الكلاب] ويقال: ليس في الأرض فحل من جميع أجناس الحيوان لذكره حجم ظاهر إلّا الإنسان والكلب. وليس في الأرض شيئان يتشابكان من فرط إرادة كلّ واحد منهما لطباع صاحبه، حتى يلتحم عضو الذكر بعضو الأنثى حتّى يصير التحامهما التحام الخلقة والبنية، لا كالتحام الملامسة والملازمة، إلّا كما يوجد من التحام قضيب الكلب بثفر الكلبة وقد يلزق القراد، ويغمس العلس «1» مقاديمه في جوف اللحم، حتّى يرى صاحب القراد كأنّه صاحب ثؤلول «2» . وما القراد المضروب به المثل في الالتحام إلّا دون التحام الكلبين. ولذلك إذا ضربوا المثل للمتباضعين بالسّيوف، والملتقيين للصّراع، فالتفّ بعضهم ببعض، قالوا: «كأنهم الكلاب المتعاظلة» «3» . وليس هذا النّوع من السّفاد إلّا للكلاب وزعم صاحب المنطق وغيره، أنّ الذّباب في ذلك كالكلب. 289-[إسماعيل بن غزوان وجارية مويس بن عمران] وكان إسماعيل بن غزوان قد تعشّق جارية كانت لمويس بن عمران، وكانت إذا وقعت وقعة إليه لم تمكث عنده إلّا بقدر ما يقع عليها، فإذا فرغ لبست خفّها وطارت، وكان إسماعيل يشتهي المعاودة وأن يطيل الحديث، ويريد القرص والشمّ والتقبيل والتجريد، ويعلم أنّه في الكوم الثاني والثالث أجدر أن ينظر، وأجدر أن يشتفي فكان ربّما ضجر ويذكرها بقلبه وهو في المجلس، فيقول: يا ربّ امسخني وإيّاها كلبين ساعة من الليل أو النّهار، حتّى يشغلها الالتحام عن التفكير في غضب مولاتها إن احتبست!! 290-[أعجوبة في الكلبة] وفي الكلبة أعجوبة أخرى «4» : وذلك أنّه يسفدها كلب أبقع وكلب أسود وكلب أبيض وكلب أصفر، فتؤدّي إلى كلّ سافد شكله وشبهه، في أكثر ما يكون ذلك.

291 -[تأويل الظالع في شعر الحطيئة]

291-[تأويل الظالع في شعر الحطيئة] وأما تأويل الظالع في قول الحطيئة: [من الطويل] تسدّيتها من بعد ما نام ظالع ال ... كلاب وأخبى ناره كلّ موقد «1» قال الأصمعيّ: يظلع الكلب لبعض ما يعرض للكلاب، فلا يمنعه ذلك من أن يهيج في زمن هيج الكلاب، فإذا رأى الكلبة المستحرمة لم يطمع في معاظلتها والكلاب منتبهة تنبح، فلا يزال ينتظر وقت فترة الكلاب ونومها، وذلك من آخر الليل. وقال أحيحة بن الجلاح: [من المنسرح] يا ليتني ليلة إذا هجع ال ... نّاس ونام الكلاب صاحبها «2» 292-[طرديات أخرى لأبي نواس] [1] وممّا قيل في الكلاب: [من الرّجز] «3» : وفتية من آل ذهل في الذرى ... من الرقاشيّين في أعلى العلا «4» بيض بهاليل كرام المنتمى ... باتوا يسيرون إلى صوح اللوى «5» ينفون عن أعينهم طيب الكرى ... إلّا غشاشا بعد ما طال السّرى «6» يعدين إبلاء الفتى على الفتى ... حتى إذا ما كوكب الصّبح بدا ماجوا بغضف كاليعاسيب خسا ... ثلاثة يقطعن حزّان الصّوى «7»

رحيبة الأشداق غضف في دفا ... تلوي بأذناب قليلات اللّحا «1» سمعمعات الضّمر من طول الطّوى ... من كلّ مضبور القرا عاري النّسا «2» محملج المتنين منحوض الشّوى ... شرنبث البرثن خفّاق الحشا «3» تخال منه القصّ من غير جنا ... مسنّتا صفواء في حيدي صفا «4» يلتهب الغائط منه إن عدا ... يقادح المرو وشذّان الحصا «5» حتّى إذا استسحر في رأد الضّحى ... بمربإ أوفى به على الرّبا «6» أرانبا من دونها سربا ظبا ... نواشزا من أنس إلى خلا «7» فوضى يدعثرن أفاحيص القطا ... لعلعن واستلهثن من غير ظما «8» مبالغات في نهيم وصأى ... كأنّما أعينها جمر الغضى «9» ثمّ تطلّعن معا كالبرق لا ... في الأرض يهوين ولا لوح الهوا «10» كأنّها في شرطها لما انبرى ... كواكب يرمى الشّياطين بها يذمرن بالإيساد ذمرا وأيا ... حتى إذا ما كنّ منهنّ كها «11» دارت عليهنّ من الموت رحى ... تجذبهنّ بحديدات الشّبا «12» شوامذ يلعطن معبوط الدّما ... بين خليع الزّور مرضوض الصّلا «13»

وبين مفريّ النّياط قد شصا ... كأنّه مبتهل إذا دعا «1» ومائل الفودين مجلوز القفا ... يقفين بالأكباد منها والكلى «2» وبالقلوب وكراديس الطّلى «3» [2] وقال أيضا «4» : [من الرجز] لمّا تبدّى الصّبح من حجابه ... وانعدل الليل إلى مآبه خرّطه القانص واغتدى به ... في مقود يردع من جذابه «5» يعزّه طورا على استصعابه ... وتارة ينصبّ لانصبابه كأنّما يفترّ من أنيابه ... عن مرهفات السّنّ من حرابه «6» يرثم أنف الأرض في ذهابه ... حتّى إذا أشرف من حدابه «7» بعد انحدار الطّرف وانقلابه ... بروضة القاع إلى أعجابه «8» أرسله كالسّهم إذ غالى به ... يكاد أن ينسلّ من إهابه «9» كلمعان البرق في سحابه ... حتّى إذا ما كاد أو حدا به وانصات للصّوت الذي يدعى به ... كأنّما أدمج في خضابه «10» ما بين لحييه إلى أقرابه ... مشهّر الغدوّ في إيابه «11» [3] وقال أيضا «12» : [من الرجز] ما البرق في ذي عارض لمّاح ... ولا انقضاض الكوكب المنصاح «13»

ولا انبتات الدّلو بالمتّاح ... ولا انسياب الحوت بالمنداح «1» حين دنا من راحة السّبّاح ... أجدّ في السّرعة من سرياح «2» يكاد عند ثمل المراح ... إذا سما الخاتل للأشباح «3» يطير في الجوّ بلا جناح ... يفترّ عن مثل شبا الرّماح «4» فكم وكم ذي جدّة لياح ... ونازب أعفر ذي طماح «5» غادره مضرّج الصّفاح

باب آخر في الكلب وشأنه

باب آخر في الكلب وشأنه 293-[تفسير شعر قيل في الكلاب] قال طفيل الغنويّ: [من الطويل] أناس إذا ما أنكر الكلب أهله ... حموا جارهم من كلّ شنعاء مظلع «1» يقول: إذا تكفّروا في السّلاح لم تعرفهم كلابهم. ولم يدّع جميع أصحاب المعارف إلّا أنّ الكلب أشدّ ثباتا، وأصدق حسّا. وفي ذلك يقول الآخر: [من الطويل] فلا ترفعي صوتا وكوني قصيّة ... إذا ثوّب الدّاعي وأنكرني كلبي «2» يقول: إيّاك والصّراخ إذا عاينت الجيش. وقوله: «أنكرني كلبي» ، يخبر أنّ سلاحه تامّ من الدّرع والمغفر والبيضة «3» . فإذا تكفّر «4» بسلاحه أنكره كلبه فنبحه. وأما قوله: [من المتقارب] إذا خرس الفحل وسط الحجور ... وصاح الكلاب وعقّ الولد «5» فأمّا قوله: إذا خرس الفحل، فإنّ الفحل [الحصان] «6» إذا عاين الجيش وبوارق السيوف، لم يلتفت لفت الحجور. وأمّا قوله «7» : وصاح الكلاب. فإنّ الكلاب في تلك الحالة تنبح أربابها كما تنبح سرعان الخيل إليهم؛ لأنّها لا تعرفهم من عدوّهم.

وأما قوله: وعقّ الولد، فإنّ المرأة إذا صبّحتهم الخيل، ونادى الرجال يا صباحاه! ذهلت عن ولدها، وشغلها الرّعب عن كلّ شيء «1» . فجعل تركها احتمال ولدها والعطف عليه في تلك الحالة، عقوقا منها، وهو قولهم: نزلت بهم أمور لا ينادى وليدها «2» ، وإنّما استعاروا هذه الكلمة فصيّروها في هذا الموضع من هذا المكان. وقد ذكر ذلك مزرّد بن ضرار وغيره، فقال: [من الطويل] تبرّأت من شتم الرجال بتوبة ... إلى الله مني لا ينادى وليدها «3» وقال الآخر: [من الطويل] ظهرتم على الأحرار من بعد ذلّة ... وشقوة عيش لا ينادى وليدها والذي يخرسه إفراط البرد، وإلحاح المطر، كما قال الهذليّ: [من البسيط] وليلة يصطلي بالفرث جازرها ... يختص بالنّقرى المثرين داعيها «4» لا ينبح الكلب فيها غير واحدة ... من الصّقيع، ولا تسري أفاعيها وقال ابن هرمة: [من الخفيف] واسأل الجار والمعصّب والأضيا ... ف وهنا إذا تحيّوا لديّا «5» كيف يلقونني إذا نبح الكل ... ب وراء الكسور نبحا خفيّا وقال آخر: [من المتقارب] إذا عمي الكلب في ديمة ... وأخرسه الله من غير صرّ «6»

294 -[سبب نبح الكلاب السحاب]

يقول: الكلب وإن أخرسه البرد الذى يكون مع المطر والرّيح التي تمرّ بالصّحارى المطيرة فتبرد، فإنّ الكلب وإن ناله ذلك فإنّ ذلك من خصب، وليس ذلك من صرّ. 294-[سبب نبح الكلاب السحاب] والكلب إذا ألحّت عليه السحائب بالأمطار في أيام الشتاء لقي جنّة فمتى أبصر غيما نبحه «1» ، لأنّه قد عرف ما يلقّى من مثله، وفي المثل: «لا يضرّ السّحاب نباح الكلاب» «2» فقال الشاعر: [من الطويل] وما لي لا أغزو وللدّهر كرّة ... وقد نبحت نحو السماء كلابها يقول: قد كنت أدع الغزو مخافة العطش على الخيل والأنفس، فما عذري اليوم والغدران كثيرة، ومناقع المياه موفورة. والكلاب لا تنبح السحاب إلّا من إلحاح المطر وترادفه «3» . وقال الأفوه الأوديّ، في نبح الكلاب السحاب، وذلك من وصف الغيم: [من الطويل] له هيدب دان ورعد ولجّة ... وبرق تراه ساطعا يتبلّج «4» فباتت كلاب الحيّ ينبحن مزنه ... وأضحت بنات الماء فيها تعمّج «5» 295-[قول أبي حيّة النميري في الكلب] وقال أبو خالد النميريّ: وذكروا فرعون ذا الأوتاد عند أبي حيّة النميريّ، فقال أبو حيّة: الكلب خير منه وأحزم! قال: فقيل له كيف خصصت الكلب بذلك؟ قال: لأنّ الشاعر يقول: [من الطويل] وما لي لا أغزو وللدّهر كرّة ... وقد نبحت نحو السماء كلابها وقال الفرزدق: [من الطويل] فإنّك إن تهجو حنيفة سادرا ... وقبلك قد فاتوا يد المتناول «6»

296 -[تعصب فهد الأحزم للكلب]

كفرعون إذ يرمي السّماء بسهمه ... فردّ عليه السهم أفوق ناصلي «1» فهذا يرمي السماء بجهله، وهذا ينبح السحاب من جودة فطنته. 296-[تعصّب فهد الأحزم للكلب] وزعم فهد الأحزم أنّ الكلب إنّما عرف مخرج ذلك الشيء المؤذي له حتّى نبحه بالقياس، لأنّه إنما نبحه بعد أن توالى عليه الأذى من تلك الجهة. وكان فهد يتعصّب للكلب. فقلت له: وكذلك الحمار إذا رفعت عليه السّوط مرّ من تحتك مرّا حثيثا، فالقياس علّمه أنّ السّوط متى رفع حطّ، ومتى حطّ أصابه، ومتى أصابه ألم. فما فضل الكلب في هذا الموضع على الحمار، والحمار هو الموصوف بالجهل؟! 297-[مما قيل في نباح الكلاب] قال الفرزدق: [من الطويل] وقد نبح الكلب السحاب ودونها ... مهامه تعشي نظرة المتأمّل «2» وقال الآخر: [من الرجز] ما لك لا تنبح يا كلب الدّوم ... قد كنت نبّاحا فما بال اليوم «3» قال: كان هذا رجل ينتظر عيرا له تقدم، فكان إذا جاءت العير نبح، فاحتبست عليه العير، فقال كالمتمنّي وكالمنتظر المستبطئ: ما لك لا تنبح؟ أي ما للعير لا تأتي. 298-[فراسة إياس بن معاوية] وقال «4» : خرج إياس بن معاوية، فسمع نباح كلب فقال: هذا كلب مشدود. ثم سمع نباحه فقال: قد أرسل. فانتهوا إلى الماء فسألوهم فكان كما قال. فقال له غيلان أبو مروان: كيف علمت أنّه موثق وأنّه أطلق؟ قال: كان نباحه وهو موثق يسمع من مكان واحد، فلما أطلق سمعته يقرب مرّة ويبعد مرة، ويتصرّف في ذلك. وقالوا «5» : مرّ إياس بن معاوية ذات ليلة بماء، فقال: أسمع صوت كلب غريب.

299 -[استطراد لغوي]

قيل له: كيف عرفت ذلك؟ قال: بخضوع صوته وشدّة نباح الآخر. فسألوا فإذا هو غريب مربوط والكلاب تنبحه. 299-[استطراد لغويّ] وقال بعض العلماء: كلب أبقع، وفرس أبلق، وكبش أملح «1» ، وتيس أبرق، وثور أشيه «2» . ويقال كلب وكلاب وكليب، ومعز وماعز ومعيز. وقال لبيد: [من الوافر] فبتنا حيث أمسينا قريبا ... على جسداء تنبحنا الكليب «3» وقال علقمة بن عبدة: [من الطويل] وتصبح عن غبّ السّرى وكأنّها ... مولّعة تخشى القنيص شبوب «4» تعفّق بالأرطى لها وأرادها ... رجال فبذّت نبلهم وكليب وقال عبادة بن محبّر السعدي: [من الوافر] فمن للخيل بعد أبي سراج ... إذا ما أشنج الصّرّ الكليبا «5» وهؤلاء كلهم جاهليّون. وقال حمّويه الخريبي «6» وأنشدوه: [من الوافر] كأنّك بالمبارك بعد حين ... تخوض غماره بقع الكلاب «7» وأنشدوه: [من البسيط] أرسلت أسدا على سود الكلاب فقد ... أمسى شريدهم في الأرض فلّالا

300 -[خير الكلاب والسنانير]

فقال: لا خير في بقع الكلاب البتة، وسود الكلاب أكثرها عقورا. 300-[خير الكلاب والسنانير] وخير الكلاب ما كان لونه يذهب إلى ألوان الأسد من الصّفرة والحمرة. والتبقيع هجنة. وخير السنانير الخلنجيّة، وخير كلاب الصّيد البيض. قالوا: إنّ الأسدّ للهراش الحمر والصّفر، والسّود للذّئاب، وهي شرّها، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لولا أنّ الكلاب أمّة من الأمم لأمرت بقتلها. ولكن اقتلوا منها كلّ أسود بهيم» . وكلّ شيء من الحيوان إذا اسودّ شعره أو جلده، أو صوفه، كان أقوى لبدنه ولم تكن معرفته بالمحمودة. 301-[خير الحمام] وزعم أنّ الحمام الهدّاء «1» إنما هو في الخضر والنمر «2» ، فإذا اسودّ الحمام حتّى يدخل في الاحتراق صار مثل الزّنجيّ الشديد البطش. القليل المعرفة. والأسود لا يجيء من البعد، لسود هدايته. والأبيض وما ضرب فيه البياض لا يجيء من الغاية، لضعف قواه. وعلى قدر ما يعتريه من البياض يعتريه من الضّعف. فالكلب هو الأصفر والأحمر، والحمام هو الأخضر والأنمر، والسّنّور هو الخلنجيّ العسّال، وسائر الألوان عيب. وقد يكون فيها ومنها الخارجيّ «3» كما يكون من الخيل، ولكنّه لا يكاد ينجب، ولا تعدو الأمور المحمودة منه رأسه، وقد يكون ربّما أشبه وقرب من النّجابة، فإذا كان كذلك كان كهذه الأمهات والآباء المنجبة، إلّا أنّ ذلك لا يتمّ منها إلا بعد بطون عدّة. 302-[استطراد لغوي] وقال أبو زيد: قال ردّاد: أقول للرجل الّذي إذا ركب الإبل فعقر ظهورها من

إتعابه. هذا رجل معقر، وكذلك السّرج والقتب، ولا يقال للكلب إلّا عقور. ويقال هو ضرو للكلب الضاري على الصيد، وضروة للكلبة، وهذا ضراء كثيرة، وكلب ضار، وكلاب ضوار. وقد ضريت أشدّ الضراوة. وقال ذو الرّمّة: [من البسيط] مقزّع أطلس الأطمار ليس له ... إلّا الضّراء وإلا صيدها نشب «1» وقال طفيل الغنوي: [من الطويل] تباري مراخيها الزّجاج كأنّها ... ضراء أحسّت نبأة من مكلّب «2» ومنه قيل: إناء ضار «3» وقد قال عمر رضي الله تعالى عنه: «إيّاكم وهذه المجازر فإنّ لها ضراوة كضراوة الخمر» «4» . وقال الأصمعيّ: كلب أبقع وكلبة بقعاء، وفرس أبلق وفرس بلقاء، وتيس أبرق وعنز برقاء، وكذلك جبل أبرق وكساء أبرق وكلب أبرق. وقال ابن داحة: نزل عندنا أعرابيّ ومعه ابنان له صغيران، وكان أحدهما مستهترا «5» باللّعب بالكلاب، وكان الآخر مستهترا بالحملان، فقال الأعرابيّ لصاحب الكلب: [من الكامل] ما لي أراك مع الكلاب جنيبة ... وأرى أخاك جنيبة الحملان «6» قال: فردّ عليه الغلام: [من الكامل] لولا الكلاب وهرشها من دونها ... كان الوقير فريسة الذّؤبان «7»

303 -[عفة عمر بن أبي ربيعة وابن أبي عتيق]

والوقير: اسم للغنم الكثيرة السائمة مع ما فيها من الحمير وغير ذلك. وقال الشماخ بن ضرار: [من الوافر] فأوردهنّ تقريبا وشدّا ... شرائع لم يكدّرها الوقير «1» وقال الشاعر في تثبيت ما قال الغلام: [من البسيط] تعدو الذّئاب على من لا كلاب له ... وتتّقي صولة المستأسد الضاري وقال الآخر: [من البسيط] إنّ الذئاب ترى من لا كلاب له ... وتتّقي حوزة المستثفر الحامي «2» 303-[عفّة عمر بن أبي ربيعة وابن أبي عتيق] وقال محمّد بن إبراهيم: قدمت امرأة إلى مكّة، وكانت ذات جمال وعفاف وبراعة وشارة، فأعجبت ابن أبي ربيعة، فأرسل إليها فخافت شعره، فلما أرادت الطّواف قالت لأخيها: اخرج معي. فخرج معها، وعرض لها عمر فلمّا رأى أخاها أعرض عنها، فأنشدت قول جرير «3» : [من البسيط] تعدو الذّئاب على من لا كلاب له ... وتتّقي حوزة المستأسد الحامي هذا حديث أبي الحسن، وأمّا بنو مخزوم فيزعمون أنّ ابن أبي ربيعة لم يحلّ إزاره على حرام قطّ، وإنما كان يذهب في نسيبه إلى أخلاق ابن أبي عتيق، فإنّ ابن أبي عتيق كان من أهل الطّهارة والعفاف، وكان من سمع كلامه توهّم أنّه من أجرأ الناس على فاحشة. وما يشبه الذي يقول بنو مخزوم ما ذكروا عن قريش والمهاجرين؛ فإنّهم يقولون: إنّ عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة إنّما سمّي بعمر بن الخطاب وإنّه ولد ليلة مات عمر. فلما كان بعد ذلك ذكروا فساد هذا وصلاح ذلك فقالوا: أيّ باطل وضع، وأيّ حقّ رفع!!

304 -[وصية شريح لمعلم ولده]

ومثل هذا الكلام لا يقال لمن يوصف بالعفّة الثابتة. 304-[وصية شريح لمعلم ولده] ولبغض المزاح في لعب الصبيان بالكلاب واستهتارهم بها. كتب شريح إلى معلّم ولد له كان يدع الكتّاب ويلعب بالكلاب: [من الكامل] ترك الصّلاة لأكلب يلهو بها ... طلب الهراش مع الغواة الرّجّس «1» وليأتينّك غاديا بصحيفة ... يغدو بها كصحيفة المتلمّس «2» فإذا خلوت فعضّه بملامة ... أو عظه موعظة الأديب الأكيس وإذا هممت بضربه فبدرّة ... وإذا ضربت بها ثلاثا فاحبس واعلم بأنّك ما فعلت فإنّه ... مع ما يجرّعني أعز الأنفس وهذا الشعر عندنا لأعشى بني سليم في ابن له. وقد رأيت ابنه هذا شيخا كبيرا. وهو يقول الشعر؛ وله أحاديث كثيرة ظريفة. 305-[مما يدل على قدر الكلب] وقال صاحب الكلب: ومما يدلّ على قدر الكلب كثرة ما يجري على ألسنة النّاس من مدحه بالخير والشرّ، وبالحمد وبالذمّ، حتّى ذكر في القرآن مرّة بالحمد ومرّة بالذّم. وبمثل ذلك ذكر في الحديث، وكذلك في الأشعار والأمثال، حتى استعمل في الاشتقاقات، وجرى في طريق الفأل والطّيرة، وفي ذكر الرؤيا والأحلام، ومع الجن والحنّ والسّباع والبهائم. فإن كنتم قضيتم عليه بالشر وبالنقص، وباللؤم وبالسقوط لأنّ ذلك كلّه قد قيل فيه، فالذي قيل فيه من الخير أكثر، ومن الخصال المحمودة أشهر. وليس شيء أجمع لخصال النقص من الخمول، لأنّ تلك الخصال المخالفة لذلك، تعطي من النّباهة وتقيم من الذكر على قدر المذكور من ذلك. وكما لا تكون الخصال التي تورث الخمول مورثة للنباهة، فكذلك خصال النّباهة في مجانبة الخمول، لأنّ الملوم أفضل من الخامل.

306 -[الترجمان بن هريم والحارث بن شريح]

306-[الترجمان بن هريم والحارث بن شريح] وسمع الترجمان بن هريم عند يزيد بن عمر بن هبيرة، رجلا يقول: ما جاء الحارث ابن شريح بيوم خير قطّ. قال التّرجمان: إلا يكن جاء بيوم خير فقد جاء بيوم شرّ «1» . 307-[سياسة الشّدّة واللّين] وبعد فأيّ رئيس كان خيره محضا عدم الهيبة. ومن لم يعمل بإقامة جزاء السيئة والحسنة، وقتل في موضع القتل، وأحيا في موضع الإحياء. وعفا في موضع العفو، وعاقب في موضع العقوبة، ومنع ساعة المنع، وأعطى ساعة الإعطاء، خالف الرّبّ في تدبيره، وظنّ أن رحمته فوق رحمة ربه. وقد قالوا: بعض القتل إحياء للجميع. وبعض العفو إغراء، كما أنّ بعض المنع إعطاء، ولا خير فيمن كان خيره محضا، وشرّ منه من كان شرّه صرفا، ولكن اخلط الوعد بالوعيد، والبشر بالعبوس، والإعطاء بالمنع، والحلم بالإيقاع، فإنّ الناس لا يهابون ولا يصلحون إلّا على الثّواب والعقاب، والإطماع والإخافة. ومن أخاف ولم يوقع وعرف بذلك، كان كمن أطمع ولم ينجز وعرف بذلك، ومن عرف بذلك دخل عليه بحسب ما عرف منه. فخير الخير ما كان ممزوجا، وشرّ الشرّ ما كان صرفا، ولو كان النّاس يصلحون على الخير وحده لكان الله عزّ وجلّ أولى بذلك الحكم. وفي إطباق جميع الملوك وجميع الأئمة في جميع الأقطار وفي جميع الأعصار على استعمال المكروه والمحبوب، دليل على أنّ الصواب فيه دون غيره. وإذا كان الناس إنما يصلحون على الشّدّة واللين، وعلى العفو والانتقام وعلى البذل والمنع، وعلى الخير والشرّ، عاد بذلك الشرّ خيرا وذلك المنع إعطاء وذلك المكروه محبوبا. وإنّما الشأن في العواقب، وفيما يدوم ولا ينقطع وفيما هو أدوم، ومن الأنقطاع أبعد. وقال الشاعر، وهو يمدح قوما: [من البسيط] إن يسألوا الخير يعطوه وإن جهدوا ... فالجهد يخرج منهم طيب أخبار «2»

308 -[الاستدلال على النباهة]

وإن تودّدتهم لانوا وإن شهموا ... كشفت أذمار حرب غير أغمار «1» وقال العتبي: [من الطويل] ولكن بنو خير وشر كليهما ... جميعا ومعروف ألمّ ومنكر «2» وقال بعض من ارتجز يوم جبلة «3» : [من الرجز] أنا الغلام الأعسر ... الخير فيّ والشرّ والشرّ فيّ أكثر «4» وقال عبد الملك بن مروان لزفر بن الحارث؛ وقد دخل عليه في رجالات قيس: ألست امرأ من كندة؟ قال: وما خير من لا يتّقى حسدا، ويدعى رغبة. وقال ثمامة: الشّهرة بالشرّ خير من أن لا أعرف بخير ولا شرّ. 308-[الاستدلال على النباهة] وكان يقال: يستدل على نباهة الرّجل من الماضين بتباين الناس فيه. وقال: ألا ترى أن عليّا- رضي الله تعالى عنه- قال: يهلك فيّ فئتان: محبّ مفرط، ومبغض مفرط. وهذه صفة أنبه الناس، وأبعدهم غاية في مراتب الدّين وشرف الدنيا. ألا ترى أن الشاعر يقول: [من الهزج] أرى العلباء كالعلبا ... ء لا حلو ولا مرّ شييخ من بني الجارو ... د لا خير ولا شرّ وقال الآخر: [من الرجز] عيّرتني يا ثكلتني أمّي ... أسود مثل الجعل الأحمّ «5» ينطح عرض الجبل الأصمّ ... ليس بذي القرن ولا الأجمّ

309 -[هجاء السفهاء للأشراف]

وإذا كان الرجل أبرع الناس براعة، وأظهرهم فضلا، وأجمعهم لخصال الشرف، ثمّ كانت كلّ خصلة مساوية لأختها في التّمام، ولم تغلب عليه خصلة واحدة، فإنّ هذا الرّجل لا يكاد يوصف إلّا بالسيادة والرياسة خاصّة إذا لم يكن له مسند عما يكون هو الغالب عليه. وقالوا فيما يشبه ما ذكرنا، وإن لم يكن هو بعينه، قال الشاعر: [من البسيط] هينون لينون أيسار ذوو يسر ... سوّاس مكرمة أبناء أيسار «1» من تلق منهم تقل لاقيت سيّدهم ... مثل النّجوم التي يسري بها الساري وقد قال مثل الذي وصفنا جعفر الضبّيّ في الفضل بن سهل: أيّها الأمير أسكتني عن وصفك تساوي أفعالك في السّؤدد، وحيّرني فيها كثرة عددها، فليس إلى ذكر جميعها سبيل، وإن أردت وصف واحدة اعترضت أختها، إذ لم تكن الأولى أحقّ بالذكر. ولست أصفها إلّا بإظهار العجز عن وصفها. ولذلك قالوا: «أحلم من الأحنف» «2» ، و «ما هو إلّا في حلم معاوية» و «أحلم من قيس بن عاصم» «3» ، ولم يقولوا: أحلم من عبد المطّلب، ولا هو أحلم من هاشم، لأنّ الحلم خصلة من خصاله كتمام حلمه، فلمّا كانت خصاله متساوية، وخلاله مشرفة متوازية، وكلّها كان غالبا ظاهرا، وقاهرا غامرا، سمّي بأجمع الأشياء ولم يسمّ بالخصلة الواحدة، فيستدلّ بذلك على أنّها كانت أغلب خصال الخير عليه. 309-[هجاء السفهاء للأشراف] وإذا بلغ السّيد في السّؤدد الكمال، حسده من الأشراف من يظنّ أنّه الأحقّ به، وفخرت به عشيرته، فلا يزال سفيه من شعراء تلك القبائل قد غاظه ارتفاعه على مرتبة سيّد عشيرته فهجاه. ومن طلب عيبا وجده. فإن لم يجد عيبا وجد بعض ما إذا ذكره، وجد من يغلط فيه ويحمله عنه. ولذلك هجي حصن بن حذيفة، وهجي زرارة ابن عدس، وهجي عبد الله بن جدعان، وهجي حاجب بن زرارة.

310 -[صعوبة سياسة العوام]

وإنّما ذكرت لك هؤلاء لأنهم من سؤددهم وطاعة القبيلة لهم، لم يذهبوا فيمن تحت أيديهم من قومهم، ومن حلفائهم وجيرانهم، مذهب كليب بن ربيعة، ولا مذهب حذيفة بن بدر، ولا مذهب عيينة بن حصن، ولا مذهب لقيط بن زرارة، ولأنّ لقيطا لم يأمر بسحب ضمرة بن ضمرة إلّا وهو لو بقي لجاوز ظلم كليب وتهكم عيينة، فإنّ هؤلاء وإن كانوا سادة فقد كانوا يظلمون، وكانوا بين أن يظلموا وبين أن يحتملوا ظلما ممن ظلمهم. ولا بدّ من الاحتمال كما لا بدّ من الانتصار. وقد قال عزّ وجلّ: وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ «1» . وإلى هذا المعنى رجع قول الحكيم الأوّل: «بعض القتل إحياء للجميع» «2» . وعامّة هولاء السّادة لم يكن شأنهم أن يردّوا الناس إلى أهوائهم، وإلى الانسياق لهم بعنف السّوق، وبالحرب في القود، بل كانوا لا يؤثرون التّرهيب على الترغيب. والخشونة على التليين. وهم مع ذلك قد هجوا بأقبح الهجاء. ومتى أحبّ السّيّد الجامع، والرئيس الكامل قومه أشدّ الحبّ وحاطهم على حسب حبه لهم، كان بغض أعدائهم له على حسب حبّ قومه له. هذا إذا لم يتوثّب إليه ولم يعترض عليه من بني عمّه وإخوته من قد أطمعته الحال باللّحاق به. وحسد الأقارب أشدّ، وعداوتهم على حسب حسدهم. وقد قال الأوّلون: رضا الناس شيء لا ينال. وقد قيل لبعض العرب: من السّيّد فيكم؟ قال الذي إذا أقبل هبناه، وإذا أدبر اغتبناه! وقد قال الأوّل: بغضاء السّوق «3» موصولة بالملوك والسادة، وتجري في الحاشية مجرى الملوك. 310-[صعوبة سياسة العوام] وليس في الأرض عمل أكدّ لأهله من سياسة العوامّ. وقد قال الهذليّ يصف صعوبة السياسة: [من الوافر] وإن سياسة الأقوام فاعلم ... لها صعداء مطلبها طويل «4»

311 -[أسباب السعادة]

وقال آخر في شبيه بهذا المعنى: [من الطويل] ودون النّدى في كلّ قلب ثنيّة ... لها مصعد حزن ومنحدر سهل «1» وودّ الفتى في كلّ نيل ينيله ... إذا ما انقضى، لو أنّ نائله جزل وقال عامر بن الطّفيل: [من الطويل] وإنّي وإن كنت ابن سيّد عامر ... وفارسها المشهور في كلّ موكب «2» فما سوّدتني عامر من وراثة ... أبى الله أن أسمو بأمّ ولا أب ولكنّني أحمي حماها وأتّقي ... أذاها وأرمي من رماها بمنكب وقال زياد بن ظبيان لابنه عبيد الله بن زياد وزياد يغرغر بنفسه «3» : ألا أوصي بك الأمير؟ قال: لا. قال: ولم؟ قال: إذا لم يكن للحي إلّا وصيّة الميّت، فالحيّ هو الميّت» . وقال آخر في هذا المعنى: [من الكامل] والعزّ لا يأتي بغير تطلّب وقال بشامة بن الغدير في خلاف ذلك، وأن يثبت أن يكون منه كان: [من الطويل] وجدت أبي فيهم وجدّي كليهما ... يطاع ويؤتى أمره وهو محتبي «5» فلم أتعمّل للسّيادة فيهم ... ولكن أتتني طائعا غير متعب 311-[أسباب السعادة] ومن الناس من يقول: إن العيش كلّه في كثرة المال، وصحة البدن، وخمول الذكر. وقال من يخالفه: لا يخلو صاحب البدن الصّحيح والمال الكثير، من أن يكون بالأمور عالما، أو يكون بها جاهلا. فإن كان بها عالما فعلمه بها لا يتركه حتّى يكون له من القول والعمل على حسب علمه، لأنّ المعرفة لا تكون كعدمها، لأنّها لو كانت

موجودة غير عاملة لكانت المعرفة كعدمها، وفي القول والعمل ما أوجب النّباهة، وأدنى حالاته أن تخرجه من حدّ الخمول، ومتى أخرجته من حدّ الخمول فقد صار معرّضا لمن يقدر على سلبه. وكما أنّ المعرفة لا بدّ لها من عمل، ولا بدّ للعمل من أن يكون قولا أو فعلا، والقول لا يكون قولا إلّا وهناك مقول له، والفعل لا يكون فعلا إلّا وهناك مفعول له، وفي ذلك ما أخرج من الخمول وعرف به الفاعل. وإذا كانت المعرفة هذا عملها في التنبيه على نفسها، فالمال الكثير أحقّ بأنّ عمله الدّلالة على مكانه، والسّعاية على أهله. والمال أحقّ بالنميمة، وأولى بالشكر، وأخدع لصاحبه، بل يكون له أشدّ قهرا، ولحيّه أشدّ فسادا. وإن كانت معرفته ناقصة فبقدر نقصانها يجهل مواضع اللذة. وإن كانت تامّة فبقدر تمامها ينفى الخمول ويجلب الذّكر. وبعد فليس يفهم فضيلة السلامة. وحقائق رشد العافية، الذين ليس لهم من المعرفة إلّا الشّدو «1» ، وإلّا خلاق «2» أوساط الناس. ومتى كان ذلك كذلك، لم يعرف المدخل الذي من أجله يكره ذو المال الشّهرة. ومن عرف ذلك على حقّه وصدقه، لم يدعه فهمه لذلك حتّى يدلّ على فهمه. وعلى أنّه لا يفهم هذا الموضع حتّى يفهم كلّ ما كان في طبقته من العلم. وفي أقلّ من ذلك ما يبين به حاله من حال الخامل. وشروط الأمانيّ غير شروط جواز الأفعال وإمكان الأمور. وليس شيء ألذّ ولا أسرّ من عزّ الأمر والنهي، ومن الظّفر بالأعداء، ومن عقد المنن في أعناق الرجال، والسّرور بالرّياسة وبثمرة السيادة، لأنّ هذه الأمور هي نصيب الرّوح، وحظّ الذهن، وقسم النّفس «3» . فأمّا المطعم والمشرب والمنكح والمشمّة، وكلّ ما كان من نصيب الحواسّ، فقد علمنا أن كلّ ما كان أشدّ نهما وأرغب، كان أتمّ لوجدانه الطعم. وذلك قياس على مواقع الطّعم من الجائع، والشراب من العطشان. ولكنّا إذا ميّلنا بين الفضيلة التي مع السّرور، وبين لذّة الطعام، وما يحدث الشّره له من ألم السهر والالتهاب والقلق وشدّة الكلب، رأينا أنّ صاحبه مفضول غير فاضل. هذا مع ما يسبّ به، ومع حمله له على القبيح، وعلى أنّ نعمته متى زالت لم

312 -[طبقات الخمول]

يكن أحد أشقى منه. هذا مع سرور العالم بما وهب الله له من السلامة من آفة الشّره، ومن فساد الأخلاط. وبعد فلا يخلو صاحب الثّروة والصامت الكثير «1» ، الخامل الذكر من أن يكون ممّن يرغب في المركب الفاره، والثوب اللين، والجارية الحسنة، والدار الجيّدة، والمطعم الطيّب، أو يكون ممن لا يرغب في شيء من ذلك. فإن كان لا يرغب في هذا النوع كلّه، ولا يعمل في ماله للدّار الآخرة. ولا يعجب بالأحدوثة الحسنة، ويكون ممن لا تعدو لذّته أن يكون كثير الصامت، فإنّ هذا حمار أو أفسد طبعا من الحمار، وأجهل من الحمار، وقد رضي أن يكون في ماله أسوأ حالا من الوكيل. وبعد فلا بدّ للمال الكثير من الحراسة الشّديدة، ومن الخوف عليه، فإن أعمل الحراسة له، وتعب في حفظه وحسب الخوف، خرج عليه فضل. فإن هو لم يخف عليه- ولا يكون ذلك في سبيل التوكّل- فهو في طباع الحمار وفي جهله. والذي أوجب له الخمول ليؤدّيه إلى سلامة المال له، قد أعطاه من الجهل ما لا يكون معه إلّا مثل مقدار لذة البهيمة في أكل الخبط «2» . وإن هو ابتاع فرّه الدواب، وفرّه الخدم والجواري، واتخذ الدار الجيّدة، والطعام الطيّب والثّوب الليّن وأشباه ذلك، فقد دلّ على ماله. ومن كان كذلك ثمّ ظهرت له ضيعة فاشية، أو تجارة مربحة، يحتمل مثل ذلك الذي يظهر من نفقته. وإلا فإنّه سيوجد في اللّصوص عند أوّل من يقطع عليه، أو مكابرة تكون، أو تعب يؤخذ لأهله المال العظيم. ولو عنى بقوله الخمول وصحة البدن والمال، فذهب إلى مقدار من المال مقبولا ولكن ما لمن كان ماله لا يجاوز هذا المقدار يتهيّأ الخمول. 312-[طبقات الخمول] ولعمري إنّ الخمول ليكون في طبقات كثيرة، قال أبو نخيلة: [من الطويل] شكرتك إنّ الشّكر حبل من التّقى ... وما كلّ من أقرضته نعمة يقضي «3» فأحييت من ذكري وما كان خاملا ... ولكنّ بعض الذكر أنبه من بعض

313 -[ملحة من الملح]

قالوا: ولسقوط الخامل من عيون الناس، قالت الأعرابيّة لابنها: إذا جلست مع الناس فإن أحسنت أن تقول كما يقولون فقل، وإلّا فخالف تذكر! وأمّا الأصمعيّ فزعم أنّها قالت: فخالف ولو بأن تعلّق في عنقك أير حمار. وليس يقول هذا القول إلّا من ليس يعرف شكر الغنى، وتقلّب الأموال إلى ما خلقت له، وقطعها عقلها، وخلعها عذرها، وتيه أصحابها، وكثرة خطاهم في حفظها وسترها، وعجزهم عن إماتة حركتها ومنعها من جميع ما تنازع إليه وتحمل عليه. 313-[ملحة من الملح] وقد روينا في الملح أنّ رجلا قال لصاحب له: أبوك الذي جهل قدره، وتعدّى طوره، فشقّ العصا، وفارق الجماعة، لا جرم لقد هزم ثم أسر ثمّ قتل ثمّ صلب! قال له صاحبه: دعني من ذكر هزيمة أبي، ومن أسره وقتله وصلبه. أبوك هل حدّث نفسه بشيء من هذا قطّ؟! 314-[حكم الأسباب في همم الناس] وليس إلى النّاس بعد الهمم وقصرها، وإنما تجري الهمم بأهلها إلى الغايات، على قدر ما يعرض لهم من الأسباب. ألا ترى أنّ أبعد النّاس همّة في نفسه، وأشدّهم تلفتا إلى المراتب، لا تنازعه نفسه إلى طلب الخلافة، لأن ذلك يحتاج إلى نسب، أو إلى أمر قد وطّئ له بسبب، كسبب طلب أوائل الخوارج الخلافة بالدّين وحده دون النّسب. فإن صار من الخوارج فقد حدث له سبب إمكان الطّلب، أكدى أم نجح. وقد زعم ناس من العلماء أنّ رجالا خطبت للسّيادة والنّباهة والطّاعة في العشيرة. 315-[سلطان الحظ] وكذلك القبيلة ربّما سعدت بالحظّ، وربّما حظيت بالجدّ، وإنّما ذلك على قدر الاتفاق، وإنما هو كالمعافى والمبتلى، وإنما ذلك كما قال زهير: [من الطويل] وجدت المنايا خبط عشواء من تصب ... تمته ومن تخطئ يعمّر فيهرم «1» وكما تحظى بعض الأشعار وبعض الأمثال، وبعض الألفاظ دون غيرها، ودون ما يجري مجراها أو يكون أرفع منها. قالوا: وذلك موجود في المرزوق والمحروم، وفي المحارف «2» والذي تجوز

316 -[تشابه طبائع العامة في كل دهر]

عليه الصّدقة. وكم من حاذق بصناعته، وكثير الجولان في تجارته، وقد بلغ فرغانة «1» مرّة، والأندلس مرة، ونقّب في البلاد، وربع في الآفاق «2» ، ومن حاذق يشاور ولا يستعمل، ثمّ لا تجدهما يستبينان، من سوء الحال وكثرة الدّين. ومن صاحب حرب منكوب، وهو اللّيث على براثنه، مع تمام العزيمة وشدّة الشّكيمة، ونفاذ البصيرة، ومع المعرفة بالمكيدة والصّبر الدّائم على الشدّة. وبعد؛ فكم من بيت شعر قد سار، وأجود منه مقيم في بطون الدّفاتر، لا تزيده الأيّام إلّا خمولا، كما لا تزيد الذي دونه إلّا شهرة ورفعة. وكم من مثل قد طار به الحظّ حتّى عرفته الإماء، ورواه الصّبيان والنّساء. وكذلك حظوظ الفرسان. وقد عرفت شهرة عنترة في العامّة. ونباهة عمرو بن معد يكرب، وضرب الناس المثل بعبيد الله بن الحرّ، وهم لا يعرفون، بل لم يسمعوا قطّ بعتيبة بن الحارث بن شهاب، ولا ببسطام بن قيس، وكان عامر بن الطفيل أذكر منهما نسبا. ويذكرون عبيد الله بن الحرّ، ولا يعرفون شعبة بن ظهير ولا زهير بن ذؤيب، ولا عبّاد بن الحصين. ويذكرون اللسن والبيان والخطيب ابن القرّيّة ولا يعرفون سحبان وائل. والعامّة لم يصل ذكر هؤلاء إليهم إلّا من قبل الخاصّة، والخاصّة لم تذكر هؤلاء دون أولئك، فتركت تحصيل الأمور والموازنة بين الرجال وحكمت بالسّابق إلى القلب، على قدر طباع القلب وهيئته، ثمّ استوت علل العامّة في ذلك وتشابهت. والعامّة والباعة والأغنياء والسّفلة كأنّهم أعذار عام واحد. وهم في باطنهم أشدّ تشابها من التوأمين في ظاهرهما، وكذلك هم في مقادير العقول وفي الاعتراض والتسرّع، وإن اختلفت الصّور والنّغم «3» ، والأسنان والبلدان. 316-[تشابه طبائع العامّة في كلّ دهر] وذكر الله عزّ وجلّ ردّ قريش ومشركي العرب على النبيّ صلى الله عليه وسلم قوله، فذكر ألفاظهم، وجهد معانيهم، ومقادير هممهم التي كانت في وزن ما يكون من جميع

317 -[إعجاب المرء بنفسه]

الأمم إلى أنبيائهم، فقال: تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ «1» وقال: أَتَواصَوْا بِهِ «2» ثم قال: وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا «3» . ومثل هذا كثير، ألا ترى أنّك لا تجد بدّا في كلّ بلدة وفي كلّ عصر للحاكة من أن يكونوا على مقدار واحد وجهة واحدة، من السّخط والحمق، والغباوة والظلم، وكذلك النخّاسون «4» على طبقاتهم. من أصناف ما يبيعون. وكذلك السماكون والقلّاسون «5» وكذلك أصحاب الخلقان «6» كلّهم، في كلّ دهر وفي كلّ بلد، على مثال واحد، وعلى جهة واحدة. وكلّ حجّام في الأرض فهو شديد الاستهتار بالنبيذ، وإن اختلفوا في البلدان والأجناس والأسنان. ولا ترى مسجونا ولا مضروبا عند السّلطان إلّا وهو يقول: إنّي مظلوم، ولذلك قال الشاعر: [من البسيط] لم يخلق الله مسجونا تسائله ... ما بال سجنك إلّا قال مظلوم «7» وليس في الأرض خصمان يتنازعان إلى حاكم، إلّا كلّ واحد منهما يدّعي عدم الإنصاف والظّلم على صاحبه. 317-[إعجاب المرء بنفسه] وليس في الأرض إنسان إلّا وهو يطرب من صوت نفسه، ويعتريه الغلط في شعره وفي ولده. إلّا أنّ الناس في ذلك على طبقات من الغلط: فمنهم الغرق «8» المغمور، ومنهم من قد نال من الصواب ونال من الخطأ، ومنهم من يكون خطؤه مستورا لكثرة صوابه، فما أحسن حاله ما لم يمتحن بالكشف. ولذلك احتاج العاقل في العجب بولده، وفي استحسان كتبه وشعره، من التحفظ والتوقّي، ومن إعادة النظر والتّهمة إلى أضعاف ما يحتاج إليه في سائر ذلك.

318 -[كرم حاتم وكعب بن مامة]

318-[كرم حاتم وكعب بن مامة] والعامّة تحكم أنّ حاتما أجود العرب «1» ، ولو قدّمته على هرم الجواد لما اعترضته عليهم «2» . ولكنّ الذي يحدّث به عن حاتم، لا يبلغ مقدار ما رووه عن كعب بن مامة، لأنّ كعبا بذل نفسه في أعطية الكرم وبذل المجهود فساوى حاتما من هذه الوجه «3» ، وباينه ببذل المهجة. ونحن نقول: إنّ الأشعار الصحيحة بها المقدار الذي يوجب اليقين بأنّ كعبا كان كما وصفوا. فلو لم يكن الأمر في هذا إلى الجدود والحظوظ والاتفاقات، وإلى علل باطنة تجري الأمور عليها، وفي الغوص عليها وفي معرفتها بأعيانها عسر، لما جرت الأمور على هذه المجاري، ولو كان الأمر فيها مفوّضا إلى تقدير الرأي، لكان ينبغي لغالب بن صعصعة أن يكون من المشهورين بالجود، دون هرم وحاتم. 219-[كلف العامة بمآثر الجاهلية] فإن زعمت أنّ غالبا كان إسلاميّا وكان حاتم في الجاهلية. والناس بمآثر العرب في الجاهليّة أشدّ كلفا، فقد صدقت. وهذا أيضا ينبئك أنّ الأمور في هذا على خلاف تقدير الرأي، وإنّما تجري في الباطن على نسق قائم، وعلى نظر صحيح، وعلى تقدير محكم، فقد تقدّم في تعبيتهما «4» وتسويتهما من لا تخفى عليه خافية، ولا يفوته شيء ولا يعجزه، وإلّا فما بال أيّام الإسلام ورجالها. لم تكن أكبر في النفوس، وأحلّ في الصدور من رجال الجاهليّة، مع قرب العهد وعظم خطر ما ملكوا، وكثرة ما جادت به أنفسهم، ومع الإسلام الذي شملهم، وجعله الله تعالى أولى بهم من أرحامهم. ولو أنّ جميع مآثر الجاهليّة وزنت به، وبما كان في الجماعات اليسيرة من رجالات قريش في الإسلام لأربت هذه عليها، أو لكانت مثلها.

320 -[دلالة الخلق على الخالق]

320-[دلالة الخلق على الخالق] فليس لقدر الكلب والدّيك في أنفسهما وأثمانهما ومناظرهما ومحلّهما من صدور العامّة أسلفنا هذا الكلام، وابتدأنا بهذا القول. ولسنا نقف على أثمانهما من الفضّة والذّهب، ولا إلى أقدارهما عند الناس. وإنما نتنظّر «1» فيما وضع الله عزّ وجلّ فيهما من الدّلالة عليه، وعلى إتقان صنعه، وعلى عجيب تدبيره، وعلى لطيف حكمته، وفيما استخزنهما «2» من عجائب المعارف، وأودعهما من غوامض الأحساس «3» ، وسخّر لهما من عظام المنافع والمرافق، ودلّ بهما على أنّ الذي ألبسهما ذلك التّدبير، وأودعهما تلك الحكم، يجبّ أن يفكّر فيهما؛ ويعتبر بهما، ويسبّح الله عزّ وجلّ عندهما. فغشّى ظاهرهما بالبرهان، وعمّ باطنهما بالحكم، وهيّج على النظر فيهما والاعتبار بهما؛ ليعلم كلّ ذي عقل أنّه لم يخلق الخلق سدى؛ ولم يترك الصّور هملا؛ وليعلموا أنّ الله عزّ وجلّ لم يدع شيئا غفلا «4» غير موسوم، ونثرا غير منظوم، وسدى غير محفوظ؛ وأنّه لا يخطئه من عجيب تقديره، ولا يعطله من حلي تدبيره، ولا من زينة الحكم وجلال قدرة البرهان. ثمّ عمّ ذلك بين الصّؤابة «5» والفراشة، إلى الأفلاك السبعة وما دونها من الأقاليم السبعة. 321-[تأويل قوله تعالى: ويخلق ما لا تعلمون] وقد قال تعالى: وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ «6» . وقد يتّجه هذا الكلام في وجوه: أحدها أن تكون ها هنا ضروب من الخلق لا يعلم بمكانهم كثير من الناس، ولا بدّ أن يعرف ذلك الخلق معنى نفسه، أو يعلمه صفوة جنود الله وملائكته، أو تعرفه الأنبياء، أو يعرفه بعض الناس، لا يجوز إلّا ذلك. أو يكون الله عزّ وجلّ إنما عنى أنّه خلق أسبابا، ووهب عللا، وجعل ذلك رفدا لما يظهر لنا ونظاما. وكان بعض المفسّرين يقول: من أراد أن يعرف معنى قوله: وَيَخْلُقُ ما لا

322 -[ديدان الخل والملح]

تَعْلَمُونَ فليوقد نارا في وسط غيضه، أو في صحراء بريّة ثمّ ينظر إلى ما يغشى النار من أصناف الخلق من الحشرات والهمج فإنّه سيرى صورا، ويتعرّف خلقا لم يكن يظنّ أنّ الله تعالى خلق شيئا من ذلك العالم. وعلى أنّ الخلق الذي يغشى ناره يختلف على قدر اختلاف مواضع الغياض والبحار والجبال. ويعلم أنّ ما لم يبلغه أكثر وأعجب. وما أردّ هذا التأويل، وإنّه ليدخل عندي في جملة ما تدلّ عليه الآية. ومن لم يقل ذلك لم يفهم عن ربّه ولم يفقه في دينه. 322-[ديدان الخل والملح] «1» كأنّك لا ترى أنّ في ديدان الخلّ والملح، والدّيدان التي تتولد في السّموم إذا عتقت وعرض لها العفن- وهي بعد قواتل- عبرة وأعجوبة، وأنّ التفكّر فيها مشحذة للأذهان، ومنبهة لذوي الغفلة، وتحليل لعقدة البلدة» ، وسبب لاعتياد الرويّة وانفساح الصدور، وعزّ في النفوس، وحلاوة تقتاتها الرّوح، وثمرة تغذّي العقل، وترقّ في الغايات الشريفة، وتشرّف إلى معرفة الغايات البعيدة. 323-[فأرة البيش والسمندل] وكأنّك لا ترى أنّ في فأرة البيش «3» وفي السمندل «4» آية غربية، وصفة عجيبة، وداعية إلى التفكّر، وسببا إلى التعجّب والتّعجيب. 324-[الجعل والورد] وكأنّك لا ترى أنّ في الجعل «5» ، الذي متى دفنته في الورد سكنت حركته وبطلت في رأي العين روحه، ومتى أعدته إلى الرّوث انحلّت عقدته، وعادت حركته، ورجع حسه- أعجب العجب، وأحكم الحكم!. 325-[حصول الخلد على رزقه] وأيّ شيء أعجب من الخلد «6» ! وكيف يأتيه رزقه، وكيف يهيّئ الله له ما

326 -[الطائران العجيبان]

يقوته وهو أعمى لا يبصر، وأصمّ لا يسمع، وبليد لا يتصرّف، وأبله لا يعرف!. ومع ذلك أنّه لا يجوز باب جحره، ولا يتكلّف سوى ما يجلب إليه رازقه ورازق غيره. وأيّ شيء أعجب من طائر ليس له رزق إلّا أن يخلّل أسنان التّمساح، ويكون ذلك له. 326-[الطائران العجيبان] وأيّ شيء أعجب من طائرين، يراهما الناس من أدنى جدود البحر «1» من شقّ البصرة، إلى غاية البحر من شقّ السّند، أحدهما كبير الجثّة يرتفع في الهواء صعدا، والآخر صغير الجثّة يتقلّب عليه ويعبث به، فلا يزال مرّة يرفرف حوله ويرتقي على رأسه، ومرّة يطير عند ذناباه، ويدخل تحت جناحه ويخرج من بين رجليه، فلا يزال يغمّه ويكربه حتّى يتّقيه بذرقه، فإذا ذرق شحا له فاه فلا يخطئ أقصى حلقه حتّى كأنّه دحا به في بئر، وحتّى كأنّ ذرقه مدحاة بيد أسوار «2» ، فلا الطائر الصغير يخطئ في التلقّي، وفي معرفته أنّه لا رزق له إلّا الذي في ذلك المكان؛ ولا الكبير يخطئ التّسديد «3» ، ويعلم أنّه لا ينجيه منه إلا أن يتّقيه بذرقه، فإذا أوعى ذلك الذّرق «4» ، واستوفى ذلك الرّزق، رجع شبعان ريّان بقوت يومه، ومضى الطائر الكبير لطيّته. وأمرهما مشهور وشأنهما ظاهر، لا يمكن دفعه ولا تهمة المخبرين عنه. 327-[اختلاف طباع الحيوان] فجعل تعالى وعزّ بعض الوحوش كسوبا محتالا، وبعض الوحوش متوكّلا غير محتال، وبعض الحشرات يدّخر لنفسه رزق سنته؛ وبعضا يتّكل على الثّقة بأنّ له كلّ يوم قدر كفايته، رزقا معدّا وأمرا مقطوعا. وجعل بعض الهمج يدّخر، وبعضه يتكسّب، وبعض الذكورة يعول ولده، وبعض الذكورة لا يعرف ولده، وبعض الإناث تخرّج «5» ولدها، وبعض الإناث تضيّع ولدها وتكفل ولد غيرها، وبعض الأجناس معطوفة على كل ولد من جنسها، وبعض الإناث لا تعرف ولدها بعد استغنائه عنها،

328 -[افتراق المعاني واختلاف العلل]

وبعض الإناث لا تزال تعرفه وتعطف عليه، وبعض الإناث تأكل ولدها، وكذلك بعض الذكورة. وبعض الأجناس يعادي كلّ ما يكسر بيضها أو يأكل أولادها. وجعل يتم بعض الحيوان من قبل أمّهاتها، وجعل يتم بعضها من قبل آبائها، وجعل بعضها لا يلتمس الولد وإن أتاه الولد، وجعل بعضها مستفرغ الهمّ في حبّ الذّرء «1» والتماس الولد؛ وجعل بعضها يزاوج وبعضها لا يزاوج ليكون للمتوكل من الناس جهة في توكّله، وللمتكسّب جهة في تكسّبه وليحضر على بالهم أسباب البرّ والعقوق، وأسباب الحظر والتربية، وأسباب الوحشة من الأرحام الماسّة. 328-[افتراق المعاني واختلاف العلل] ولمكان افتراق المعاني واختلاف العلل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبعضهم: «اعقلها وتوكّل» «2» . وقال لبلال «أنفق بلال، ولا تخش من ذي العرش إقلالا» . فافهموا هذا التدبير، وتعلّموا هذه الحكم، واعرفوا مداخلها ومخارجها ومفرّقها ومجموعها؛ فإنّ الله عزّ وجلّ لم يردّد في كتابه ذكر الاعتبار، والحثّ على التفكير، والترغيب في النظر وفي التثبّت والتعرّف والتوقّف، إلّا وهو يريد أن تكونوا علماء من تلك الجهة، حكماء من هذه التعبئة «3» . 329-[المعرفة والاستدلال والتمييز] ولولا استعمال المعرفة لما كان للمعرفة معنى، كما أنّه لولا الاستدلال بالأدلة لما كان لوضع الدلالة معنى. لولا تمييز المضارّ من المنافع، والرديّ من الجيّد بالعيون المجعولة لذلك، لما جعل الله عزّ وجلّ العيون المدركة. والإنسان الحسّاس إذا كانت الأمور المميّزة عنده، أخذ ما يحتاج إليه وترك ما يستغني عنه وما يضرّ أخذه، فيأخذ ما يحبّ ويدع ما يكره، ويشكر على المحبوب ويصبر على المكروه، حتى يذكر بالمكروه كيفيّة العقاب ويذكر بالمحبوب كيفيّة الثواب، ويعرف بذلك كيفيّة التضاعيف، ويكون ما يغمّه رادعا له، وممتحنا بالصّبر عليه، وما يسرّه باسطا له وممتحنا بالشكر عليه. وللعقل في خلال ذلك مجال، وللرأي تقلب، وتنشقّ

330 -[ما يحسن الكلب مما لا يحسنه الإنسان]

للخواطر أسباب، ويتهيأ لصواب الرأي أبواب. ولتكون المعارف الحسّية والوجدانات الغريزيّة، وتمييز الأمور بها، إلى ما يتميز عند العقول وتحصره المقاييس. وليكون عمل الدّنيا سلّما إلى عمل الآخرة، وليترقّى من معرفة الحواس إلى معرفة العقول، ومن معرفة الرويّة من غاية إلى غاية؛ حتّى لا يرضى من العلم والعمل إلّا بما أدّاه إلى الثّواب الدائم، ونجّاه من العقاب الأليم. 330-[ما يحسن الكلب مما لا يحسنه الإنسان] سنذكر طرفا ممّا أودع الله- عزّ وجلّ- الكلب ممّا لا تحسنه أنت أيّها الإنسان، مع احتقارك له وظلمك إيّاه. وكيف لا تكون تلك الحكم لطيفة، وتلك المعاني غريبة، وتلك الأحساس «1» دقيقة، ونحن نعلم أنّ أدقّ الناس حسّا وأرقّهم ذهنا وأحضرهم فهما، وأصحّهم خاطرا وأكملهم تجربة وعلما، لو رام الشيء الذي يحسنه الكلب في كثير من حالات الكلب لظهر له من عجزه وخرقه، وكلال حدّه وفساد حسّه، ما لا يعرف بدونه إنّ الأمور لم تقسم على مقدار رأيه، ولا على مبلغ عقله وتقديره، ولا على محبّته وشهوته؛ وأنّ الذي قسم ذلك لا يحتاج إلى المشاورة والمعاونة، وإلى مكانفة ومرافدة، ولا إلى تجربة ورويّة. ونحن ذاكرون من ذلك جملا إن شاء الله تعالى. 331-[خبرة الكلب في الصيد] اعلم أنّ الكلب إذا عاين الظّباء، قريبة كانت أو بعيدة، عرف المعتلّ وغير المعتل وعرف العنز من التّيس. وهو إذا أبصر القطيع لم يقصد إلّا قصد التّيس- وإن علم أنّه أشدّ حضرا، وأطول وثبة، وأبعد شوطا- ويدع العنز وهو يرى ما فيها من نقصان حضرها وقصر قاب خطوها، ولكنّه يعلم أنّ التّيس إذا عدا شوطا أو شوطين حقب ببوله «2» !!. 332-[ما يعرض للحيوان عند الفزع] وكلّ حيوان إذا اشتدّ فزعه، فإنّه يعرض له إمّا سلس البول والتقطير، وإمّا الأسر «3» والحقب. وكذلك المضروب بالسياط على الأكتاف، وبالعصيّ على الأستاه. وما أكثر ما يعتريهم البول والغائط.

333 -[مهارة الكلب في الاحتيال للصيد]

وكذلك صار بعض الفرسان الأبطال إذا عاين العدوّ قطّر إلى أن يذهب عنه، لهول الجنان. وإذا حقب «1» التّيس لم يستطع البول مع شدّة الحضر، ومع النّفز والزّمع «2» ، ووضع القوائم معا ورفعها معا، في أسرع من الطّرف فيثقل عدوه، ويقصر مدى خطاه، ويعتريه البهر حتّى يلحقه الكلب فيأخذه. والعنز من الظّباء إذا اعتراها البول من شدّه الفزع لم تجمعه، وحذفت به كإيزاغ المخاض الضّوارب «3» ، لسعة السّبيل وسهولة المخرج، فتصير لذلك أدوم شدّا، وأصبر على المطاولة. فهذا شيء في طبع الكلب معرفته، دون سائر الحيوان. والكلب المجرّب لا يحتاج في ذلك إلى معاناة، ولا إلى تعلّم، ولا إلى رويّة ولا إلى تكلف، قد كفاه ذلك الذي خلق العقل والعاقل والمعقول، والداء والدواء والمداواة والمداوي، وقسم الأمور على الحكمة، وعلى تمام مصلحة الخليقة. 333-[مهارة الكلب في الاحتيال للصيد] ومن معرفة الكلب، أنّ المكلّب يخرجه إلى الصيد في يوم، الأرض فيه ملبسة من الجليد، ومغشّاة بالثّلج، قد تراكم عليها طبقا على طبق، حتّى طبّقها واستفاض فيها، حتّى ربّما ضربته الريح ببردها، فيعود كلّ طبق منها وكأنّه صفاة ملساء، أو صخرة خلقاء «4» ، حتى لا يثبت عليها قدم ولا خفّ، ولا حافر ولا ظلف، إلّا بالتثبيت الشديد، أو بالجهد والتّفريق- فيمضي الكلّاب بالكلب، وهو إنسان عاقل، وصيّاد مجرّب، وهو مع ذلك لا يدري أين جحر الأرنب من جميع بسائط الأرض، ولا موضع كناس ظبي، ولا مكو ثعلب «5» ، ولا غير ذلك من موالج «6» وحوش الأرض؛

334 -[الانتباه الغريزي في الكلب]

فيتخّرق «1» الكلب بين يديه وخلفه، وعن يمينه وشماله ويتشمّم ويتبصّر، فلا يزال كذلك حتّى يقف على أفواه تلك الجحرة، وحتى يثير الذي فيها بتنفيس الذي فيها، وذلك أن أنفاسها وبخار أجوافها وأبدانها، وما يخرج من الحرارة المستكنّة في عمق الأرض- ممّا يذيب ما لاقاها من فم الجحر، من الثّلج الجامد، حتى يرقّ ويكاد أن يثقبه وذلك خفيّ غامض، لا يقع عليه قانص «2» ولا راع، ولا قائف «3» ولا فلّاح، وليس يقع عليه إلّا الكلب الصائد الماهر. وعلى أنّ للكلب في تتبّع الدّرّاج «4» والإصعاد خلف الأرانب في الجبل الشاهق، من الرّفق وحسن الاهتداء والتأتّي ما يخفى مكانه على البيازرة «5» والكلّابين. 334-[الانتباه الغريزي في الكلب] وقد خبّرني صديق لي أنّه حبس كلبا له في بيت وأغلق دونه الباب في الوقت الذي كان طبّاخه يرجع فيه من السوق ومعه اللحم، ثمّ أحدّ سكّينا بسكين، فنبح الكلب وقلق، ورام فتح الباب؛ لتوهمّه أنّ الطّبّاخ قد رجع من السوق بالوظيفة «6» ، وهو يحد السّكّين ليقطع اللّحم!!. قال: فلما كان العشيّ صنعنا به مثل ذلك، لنتعرّف حاله في معرفة الوقت، فلم يتحرّك!!. قال: وصنعت ذلك بكلب لي آخر فلم يقلق إلّا قلقا يسيرا، فلم يلبث أن رجع الطّباخ فصنع بالسّكّين مثل صنيعي، فقلق حتّى رام فتح الباب!!. قال فقلت: والله لئن كان عرف الوقت بالرّصد «7» فتحرّك له، فلما لم يشمّ ريح اللحم عرف أنّه ليس بشيء، ثمّ لما سمع صوت السّكّين والوقت بعد لم يذهب، وقد جيء باللحم فشمّ ريح اللّحم من المطبخ وهو في البيت، أو عرف فصل ما بين إحدادي السّكّين وإحداد الطباخ، إنّ هذا أيضا لعجب.

335 -[قصة في وفاء الكلب]

وإنّ اللحم ليكون بيني وبينه الذراعان والثلاث الأذرع، فما أجد ريحه إلّا بعد أن أدنيه من أنفي. وكلّ ذلك عجب. ولم أجد أهل سكّة أصطفانوس «1» ، ودار جارية، وباعة مربّعة بني منقر «2» يشكّون أنّ كلبا كان يكون في أعلى السكة، وكان لا يجوز محرس الحارس أيام الأسبوع كلّه، حتّى إذا كان يوم الجمعة أقبل قبل صلاة الغداة، من موضعه ذلك إلى باب جارية، فلا يزال هناك مادام على معلاق الجزّار شيء من لحم. وباب جارية تنحر عنده الجزر في جميع أيّام الجمع خاصّة، فكان ذلك لهذا الكلب عادة، ولم يره أحد منهم في ذلك الموضع في سائر الأيّام، حتّى إذا كان غداة الجمعة أقبل! فليس يكون مثل هذا إلّا عن مقداريّة بمقدار ما بين الوقتين. ولعلّ كثيرا من الناس ينتابون بعض هذه المواضع في يوم الجمعة، إمّا لصلاة، وإمّا لغير ذلك، فلا يعدمهم «3» النّسيان من أنفسهم، والاستذكار بغيرهم. وهذا الكلب لم ينس من نفسه، ولا يستذكر بغيره. وزعم هؤلاء بأجمعهم أنّهم تفقّدوا شأن هذا الكلب منذ انتبهوا لصنيعه هذا، فلم يجدوه غادر ذلك يوما واحدا. فهذا هذا. 335-[قصّة في وفاء الكلب] وأنشد أبو الحسن بن خالويه عن أبي عبيدة لبعض الشعراء: [من الطويل] يعرّد عنه جاره وشقيقه ... وينبش عنه كلبه وهو ضاربه قال أبو عبيدة: قيل ذلك لأنّ رجلا خرج إلى الجبّان ينتظر ركابه فأتبعه كلب كان له، فضرب الكلب وطرده، وكره أن يتبعه، ورماه بحجر، فأبى الكلب إلّا أن يذهب معه، فلما صار إلى الموضع الذي يريد فيه الانتظار، ربض الكلب قريبا منه، فبينا هو كذلك إذ أتاه أعداء له يطلبونه بطائلة لهم عنده، وكان معه جار له وأخوه دنيا، فأسلماه وهربا عنه، فجرح جراحات ورمي به في بئر غير بعيدة القعر، ثم حثوا عليه من التراب حتّى غطّى رأسه ثم كمّم فوق رأسه منه، والكلب في ذلك

336 -[أسدي يأكل جرو كلب]

يزجم «1» ويهرّ، فلمّا انصرفوا أتى رأس البئر؛ فما زال يعوي وينبث عنه ويحثو التّراب بيده ويكشف عن رأسه حتى أظهر رأسه، فتنفّس وردّت إليه الرّوح؛ وقد كاد يموت ولم يبق منه إلّا حشاشة، فبينا هو كذلك إذ مرّ ناس فأنكروا مكان الكلب ورأوه كأنّه يحفر عن قبر، فنظروا فإذا هم بالرّجل في تلك الحال، فاستشالوه «2» فأخرجوه حيّا، وحملوه حتّى أدّوه إلى أهله، فزعم أنّ ذلك الموضع يدعى ببئر الكلب. وهو متيامن عن النّجف. وهذا العمل يدل على وفاء طبيعي وإلف غريزي ومحاماة شديدة، وعلى معرفة وصبر، وعلى كرم وشكر، وعلى غناء عجيب ومنفعة تفوق المنافع، لأنّ ذلك كلّه كان من غير تكلف ولا تصنّع. 336-[أسدي يأكل جرو كلب] وقال مؤمّل بن خاقان، لأعرابيّ من بني أسد، وقد أكل جرو كلب: أتاكل لحم الكلب وقد قال الشاعر: [من الطويل] إذا أسديّ جاع يوما ببلدة ... وكان سمينا كلبه فهو آكله «3» أكلّ هذا قرما إلى اللحم؟ قال: فأنشأ الأسديّ يقول: [من الطويل] وصبّا بحظّ اللّيث طعما وشهوة ... فسائل أخا الحلفاء إن كنت لا تدري «4» 337-[حب الأسد للحم الكلب] قال: وذلك لأنّ الأسد لا يحرص على شيء من اللّحمان حرصه على لحم الكلب. وأمّا العامّة فتزعم أنّ لحوم الشاء أحبّ اللّحمان إليه، قالوا: ولذلك يطيف الأسد بجنبات القرى، طلبا لاغترار الكلب؛ لأنّ وثبة الأسد تعجل الكلب عن القيام وهو رابض، حتّى ربّما دعاهم ذلك إلى إخراج الكلب من قراهم؛ إلّا أن يكون بقرب ضياعهم خنازير، فليس حينئذ شيء أحبّ إليهم من أن تكثر الأسد عندهم. وإنّما

338 -[سبب طلب الأسد للكلب]

يخرجون عنهم في تلك الحالات الكلاب، لأنّهم يخافونها على ما هو عندهم أنفس من الكلب، وهذه مصلحة في الكلب، ولا يكون ذلك إلّا في القرى التي بقرب الغيضة أو المأسدة «1» . 338-[سبب طلب الأسد للكلب] فزعم لي بعض الدّهاقين قولا لا أدري كيف هو، ذكر أنّهم لا يشكّون أنّه إنّما يطلب الكلب لحنقه عليه. لا من طريق أنّ لحمه أحبّ اللّحمان إليه. وإنّ الأسد ليأتي مناقع المياه. وشطوط الأنهار، فيأكل السّراطين والضفادع، والرّق «2» والسلاحف، وإنّه أشره من أن يختار لحما على لحم. قال: وإنّما يكون ذلك منه إذا أراد المتطرّف من حمير القرية وشائها وسائر دوابّها. فإذا لجّ الكلب في النّباح انتبهوا ونذروا «3» بالأسد. فكانوا بين أن يحصّنوا أموالهم وبين أن يهجهجوا «4» به. فيرجع خائبا. فإذا أراد ذلك بدأ بالكلب؛ لأن يأمن بذلك الإنذار، ثمّ يستولي على القرية بما فيها. فإنّما يطالب الأسد الكلاب لهذه العلّة. 339-[حيل الأسد في الصيد] وسمعت حديثا من شيوخ ملّاحي الموصل- وأنا هائب له- ورأيت الحديث يدور بينهم، ويتقبّله جميعهم. وزعموا أنّ الأسد ربّما جاء إلى قلس السفينة «5» ، فيتشبّث به ليلا، والملّاحون يمدّون السفينة فلا يشكّون أنّ القلس قد التفّ على صخرة، أو تعلّق بجذم شجرة «6» . ومن عاداتهم أن يبعثوا الأوّل من المدّادين ليحلّه. فإذا رجع إليه الملّاح ليمدّه تمدّد الأسد بالأرض، ولزق بها وغمّض عينيه كي لا يبصر وبيصهما بالليل، فإذا قرب منه وثب عليه فخطفه، فلا يكون للملّاحين هم إلّا إلقاء أنفسهم في الماء وعبورهم إليه. وربما أكله إلّا ما بقي منه، وربما جرّ فريسته إلى عرّيسه «7» وعرينه، وإلى أجرائه وأشباله، وإن كان ذلك على أميال.

340 -[سلاح الكلب وسلاح الديك]

340-[سلاح الكلب وسلاح الدّيك] قالوا: فليس الدّيك من بابة الكلب؛ لأنّه إن ساوره قهره قهرا ذريعا. وسلاح الكلب الذي هو في فيه، أقوى من صيصة «1» الديك التي في رجله، وصوته أندى وأبعد مدى وعينه أيقظ. 341-[دفاع عن الكلب] والكلب يكفي نفسه ويحمي غيره، ويعول أهله، فيكون لصاحبه غنمه وليس عليه غرمه. ولما يرمح «2» الدوابّ من الناس، ولما يحرن ويجمع، وتنطح وتقتل أهلها في يوم واحد، أكثر ممّا يكون من جميع الكلاب في عام. والكبش ينطح فيعقر ويقتل، من غير أن يهاج ويعبث به. والبرذون يعضّ ويرمح من غير أن يهاج به ويعبث. وأنت لا تكاد ترى كلبا يعضّ أحدا إلّا من تهييج شديد، وأكثر ذلك أيضا إنّما هو النّباح والوعيد. 342-[معرفة الكلب صاحبه وفرحه به] والكلب يعرف وجه ربّه من وجه عبده وأمته، ووجه الزائر. حتّى ربّما غاب صاحب الدار حولا مجرّما، فإذا أبصره قادما اعتراه من الفرح والبصبصة «3» ، والعواء الذي يدلّ على السرور، وعلى شدّة الحنين ما لا يكون فيه شيء فوقه. 343-[قصّة أخرى في وفاء كلب] وخبّرني صديق لي قال: كان عندنا جرو كلب، وكان لي خادم لهج بتقريبه، مولع بالإحسان إليه، كثير المعاينة له، فغاب عن البصرة أشهرا، فقلت لبعض من عندي: أتظنون أنّ فلانا (يعني الكلب) يثبت اليوم صورة فلان (يعني خادمه الغائب) وقد فارقه وهو جرو، وقد صار كلبا يشغر ببوله؟ قالوا: ما نشك أنّه قد نسي صورته وجميع برّه كان به. قال: فبينا أنا جالس في الدار إذ سمعت من قبل باب الدار نباحه، فلم أر شكل نباحه من التأنّب والتعثيث «4» والتوعّد، ورأيت فيه بصبصة

344 -[أدب الكلب]

السّرور، وحنين الإلف. ثمّ لم ألبث أن رأيت الخادم طالعا علينا، وإنّ الكلب ليلتفّ على ساقيه، ويرتفع إلى فخذيه، وينظر في وجهه، ويصيح صياحا يستبين فيه الفرح. ولقد بلغ من إفراط سروره أنّي ظننت أنّه عرض «1» . ثمّ كان بعد ذلك يغيب الشّهرين والثلاثة، أو يمضي إلى بغداد ثم يرجع إلى العسكر بعد أيّام، فأعرف بذلك الضّرب من البصبصة «2» ، وبذلك النوع من النّباح، أنّ الخادم قدم. حتّى قلت لبعض من عندي: ينبغي أن يكون فلان قد قدم، وهو داخل عليكم مع الكلب. وزعم لي أنّه ربّما ألقي لهذا الجرو إلى أن صار كلبا تامّا، بعض الطعام فيأكل منه ما أكل، ثم يمضي بالباقي فيخبؤه. وربّما ألقي إليه الشيء وهو شبعان فيحتمله، حتّى يأتي به بعض المخابئ فيضعه هناك، حتّى إذا جاع رجع إليه فأكله «3» . 344-[أدب الكلب] وزعم لي غلماني وغيرهم من أهل الدّرب، أنّه كان ينبح على كلّ راكب يدخل الدرب إلى عراقيب برذونه، سائسا كان أو صاحب دابّة إلّا أنّه كان إذا رأى محمد بن عبد الملك داخلا إلى باب الدرب أو خارجا منه، لم ينبح البتّة، لا عليه ولا على دابّته، بل كان لا يقف له على الباب ولا على الطريق، ولكنّه يدخل الدّهليز سريعا، فسألت عن ذلك فبلغني أنه كان إذا أقبل صاح به الخادم، وأهوى له بالضّرب، فيدخل الدّهليز، وأنه ما فعل ذلك به إلّا ثلاث مرار، حتّى صار إذا رأى محمّد بن عبد الملك، دخل الدّهليز من تلقاء نفسه، فإذا جاوز وثب على عراقيب دوابّ الشاكريّة «4» . ورأيت هذا الخبر عندهم مشهورا. قال: وكنّا إذا تغدّينا دنا من الخوان فزجرناه مرّة أو مرّتين، فكان لا يقربنا، لمكان الزّجر، ولا يبعد عن الخوان لعلّة الطمع، فإن ألقينا إليه شيئا أكله ثمّ، ودنا من أجل ذلك بعض الدّنوّ. فكنّا نستظهر عليه، فنرمي باللّقمة فوق مربضه بأذرع. فإذا أكلها ازداد في الطّمع، فقرّبه ذلك من الخوان، ثمّ يجوز موضعه الذي كان فيه. ولولا ما كنا نقصد إليه من امتحان ما عنده، ليصير ما يظهر لنا حديثا، لكان إطعام الكلب والسّنّور من الخوان خطأ من وجوه: أوّلها أن يكون يصير له به دربة، حتّى إنّ منها ما يمدّ يده إلى ما على المائدة حتّى ربما تناول بفيه ما عليها، وربّما قاء الذي يأكل

345 -[الأكل بين أيدي السباع]

وهم يرونه، وربّما لم يرض بذلك حتّى يعود في قيئه. وهذا كله مما لا ينبغي أن يحضره الرئيس، ويشهده ربّ الدار. وهو على الحاشية أجوز. 345-[الأكل بين أيدي السباع] فأمّا علماء الفرس والهند، وأطبّاء اليونانيّين ودهاة العرب، وأهل التّجربة من نازلة الأمصار وحذّاق المتكلّمين، فإنهم يكرهون الأكل بين أيدي السّباع، يخافون نفوسها وأعينها، للّذي فيها من الشّره والحرص، والطّلب والكلب، ولما يتحلّل عند ذلك من أجوافها من البخار الرديء، وينفصل من عيونها من الأمور المفسدة، التي إذا خالطت طباع الإنسان نقضته. وقد روي مثل ذلك عن الثّوري عن سماك بن حرب عن ابن عبّاس أنّه قال على منبر البصرة: إنّ الكلاب من الحنّ، وإنّ الحنّ من ضعفة الجنّ، فإذا غشيكم منها شيء فألقوا إليه شيئا واطردوها، فإنّ لها أنفس سوء «1» . ولذلك كانوا يكرهون قيام الخدم بالمذابّ والأشربة على رؤوسهم وهم يأكلون؛ مخافة النفس والعين. وكانوا يأمرون بإشباعهم قبل أن يأكلوا، وكانوا يقولون في السّنّور والكلب: إمّا أن تطرده قبل أن تأكل وإمّا أن تشغله بشيء يأكله، ولو بعظم. ورأيت بعض الحكماء وقد سقطت من يده لقمة فرفع رأسه، فإذا عين غلام له تحدّق نحو لقمته، وإذا الغلام يزدرد ريقه لتحلّب فمه من الشّهوة. وكان ذلك الحكيم جيّد اللّقم، طيّب الطعام، ويضيّق على غلمانه. فيزعمون أنّ نفوس السّباع وأعينها في هذا الباب أردأ وأخبث. 346-[إصابة العين] وبين هذا المعنى وبين قولهم في إصابة العين الشيء العجيب المستحسن شركة وقرابة؛ وذلك أنّهم قالوا: قد رأينا رجالا ينسب ذلك إليهم، ورأيناهم، وفيهم من إصابة العين مقدار من العدد، لا نستطيع أن نجعل ذلك النّسق من باب الاتّفاق. وليس إلى ردّ الخبر سبيل؛ لتواتره وترادفه، ولأنّ العيان قد حقّقه، والتجربة قد ضمّت إليه. وفي الحديث المأثور في العين التي أصابت سهل بن حنيف فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك بالذي أمر، وذلك مشهور «2» .

347 -[العين والحسد]

347-[العين والحسد] قالوا: ولولا فاصل ينفصل من عين المستحسن إلى بدن المستحسن، حتّى يكون ذلك الداخل عليه هو الناقض لقواه لما جاز أن يلقى مكروها البتّة. وكيف يلقى المكروه من انساق في حيزه وموضعه، والذي أصابته العين في حيّزه «1» أيضا وموضعه، من غير تماسّ ولا تصادم، ولا فاصل ولا عامل لاقى معمولا فيه. ولا يجوز أن يكون المعتل بعد صحّته يعتلّ من غير معنى بدنه. ولا تنتقض الأخلاط ولا تتزايل إلّا لأمر يعرض، لأنه حينئذ يكون ليس بأولى بالانتقاض من جسم آخر. وإن جاز للصحيح أن يعتلّ من غير حادث، جاز للمعتلّ أن يبرأ من غير حادث. وكذلك القول في الحركة والسكون. وإذا جاز ذلك كان الغائب قياسا على الحاضر الذي لم يدخل عليه شيء من مستحسن له. فإذا كان لا بدّ من معنى قد عمل فيه، فليس لذلك المعنى وجه إلّا أن يكون انفصل إليه شيء عمل فيه. وإلّا فكيف يجوز أن يعتلّ من ذات نفسه، وهو على سلامته وتمام قوّته، ولم يتغيّر ولم يحدث عليه ما يغيّره. فهو وجسم غائب في السّلامة من الأعراض سواء. وهذا جواب المتكلّمين الذين يصدّقون بالعين، ويثبتون الرّؤيا. 348-[صفة المتكلمين] وليس يكون المتكلم جامعا لأقطار الكلام متمكّنا في الصناعة، يصلح للرئاسة، حتّى يكون الذي يحسن من كلام الدّين في وزن الذي يحسن من كلام الفلسفة. والعالم عندنا هو الذي يجمعهما، والصيب هو الذي يجمع بين تحقيق التوحيد وإعطاء الطبائع حقائقها من الأعمال. ومن زعم أنّ التوحيد لا يصلح إلا بإبطال حقائق الطبائع، فقد حمل عجزه على الكلام في التوحيد. وكذلك إذا زعم أنّ الطبائع لا تصحّ إذا قرنتها بالتوحيد. ومن قال فقد حمل عجزه على الكلام في الطبائع. وإنّما ييأس منك الملحد إذا لم يدعك التوفّر على التوحيد إلى بخس حقوق الطبائع؛ لأنّ في رفع أعمالها رفع أعيانها. وإذا كانت الأعيان هي الدالّة على الله فرفعت الدّليل، فقد أبطلت المدلول عليه، ولعمري إنّ في الجمع بينهما لبعض الشّدّة.

349 -[القول في إصابة العين]

وأنا أعوذ بالله تعالى أن أكون كلّما غمز قناتي باب من الكلام صعب المدخل، نقضت ركنا من أركان مقالتي! ومن كان كذلك لم ينتفع به. 349-[القول في إصابة العين] فإن قال قائل: وما بلغ من أمر هذا الفاصل الذي لا يشعر به القوم الحضور ولا الذي انفصل منه، ولا المارّ بينهما، ولا المتلقّي له ببدنه وليس دونه شيء، وكيف لم يعمل في الأقرب دون الأبعد، والأقرب إنسان مثله، ولعلّه أن يكون طبعه أشدّ اجتذابا للآفات!. وبعد، فكيف يكون شيء يصرع الصحيح ويضجع القائم، وينقض القوى، ويمرض الأصحّاء، ويصدع الصّخر ويهشم العظم، ويقتل الثّور، ويهدّ الحمار، ويجري في الجماد مجراه في النبات، ويجري في النّبات مجراه في الحيوان، ويجري في الصّلابة والملاسة جريه في الأشياء السخيفة الرّخوة؛ وهو ممّا ليس له صدم كصدم الحجر، أو غرب كغرب السّيف، أو حدّ كحدّ السّنان؛ وليس من جنس السمّ، فيحمل على نفوذ السّمّ؛ وليس من جنس الغذاء فيحمل على نفوذ الغذاء، وليس من جنس السّحر فيقال إنّ العمّار «1» عملوا ذلك من طريق طاعتهم للعزائم. فلعلّ ذلك إنّما كان شيئا وافق شيئا. قيل لهم: قد تعلمون كيف مقدار سمّ الجرّارة «2» أو سمّ الأفعى، وكيف لو وزنتم الجرّارة «3» قبل لسعها وبعده لوجدتموها على حال واحدة. وأنت ترى كيف تفسخ عقد بدن الفيل، وكيف تنقض قوى البعير، من غير صدم كصدم الحجر، وغرب كغرب السّيف، وحدّ كحدّ السنان. فإن قلت: فهل ناب الأفعى وإبرة العقرب إلّا في سبيل حدّ السنان؟ قلنا: إنّ البعير لو كان إنما يتفسّخ لطعن العقرب بإبرتها لما كان ذلك يبلغ منها مقدار النّخس فقط، ولكنّه لا بدّ أن يكون ذلك لأحد أمرين: إمّا أن تكون العقرب تمجّ فيه شيئا من إبرتها، فيكون طبع ذلك وإن قلّ يفسخ الفيل والزّندبيل «4» ، وإمّا أن يكون طبع ذلك الدّم إذا لاقاه طبع ذلك الناب وتلك الإبرة أن يجمد فيقتل بالإجماد، أو يذيب فيقتل بالإذابة. فأيّهما كان فإنّ الأمر فيه على خلاف ما صدّرتم به المسألة.

ولا تنازع بين الأعراب- والأعراب ناس إنّما وضعوا بيوتهم وأبنيتهم وسط السّباع والأحناش والهمج، فهم ليس يعبرون إلّا بها، وليس يعرفون سواها- وقد أجمعوا على أنّ الأفعى إذا هرمت فلم تطعم- ولم يبق في فمها دم أنّها تنكز «1» بأنفها، وتطعن به، ولا تعضّ بفيها، فيبلغ النّكز لها ما كان يبلغ لها قبل ذلك اللّدغ. وهل عندنا في ذلك إلا تكذيبهم أو الرجوع إلى الفاصل الذي أنكرتموه، لأنّ أحدا لا يموت من تلك النّخسة، إن كان ليس هناك أكثر من تلك الغمزة. وقال العجّاج، أو ابنه رؤبة: [من الرجز] كنتم كمن أدخل في جحر يدا ... فأخطأ الأفعى ولاقى الأسودا «2» ثم قال: بالشمّ لا بالسّمّ منه أقصدا وقال الآخر: [من البسيط] أصمّ ما شمّ من خضراء أيبسها ... أو مسّ من حجر أوهاه فانصدعا «3» وقد حدّثني الأصمعيّ بفرق ما بين النّكز «4» وغيره عند الأعراب «5» . وههنا أمثال نضربها، وأمور قد عاينتموها، يذلّل بها هذا المعنى عندكم ويسهل بها المدخل. قولوا لنا: ما بال العجين يكون في أقصى الدار ويفلق إنسان بطّيخة في أدنى الدار، فلا يفلح ذلك العجين أبدا ولا يختمر؟ فما ذلك الفاصل؟ وكيف تقولون بصدم كان ذلك كصدم الحجر، أو بغرب كغرب السيف!! وكيف لم يعرض ذلك الفساد في كلّ معجون هو أقرب إليه من ذلك العجين. وعلى أنّ نكز الحيّة التي يصفه الشّعراء بأنّ المنكوز ميّت لا محالة، في سبيل ما حدّثني به حاذق من حذّاق الأطباء، أنّ رجلا يضرب الحيّة من دواهي الحيّات بعصاه فيموت الضّارب، لأنهم يرون أنّ شيئا فصل من الحيّة فجرى فيها حتّى داخل الضارب فقتله، والأطباء أيضا والنّصارى أجرا على دفع الرّؤيا والعين. وهذه الغرائب التي تحكى عن الحيّات وصرع الشيطان الإنسان، من غيرهم.

فأمّا الدّهريّة فمنكرة للشياطين والجنّ والملائكة والرّؤيا والرّقى، وهم يرون أنّ أمرهم لا يتمّ لهم إلّا بمشاركة أصحاب الجهالات. وقد نجد الرجل ينقف شحم الحنظل «1» ، وبينه وبين صاحبه مسافة صالحة، فيجد في حلقه مرارة الحنظل، وكذلك السّوس إذا عولج به وبينه وبين الإنسان مسافة متوسّطة البعد، يجد في حلقه حلاوة السوس. وناقف الحنظل لا تزال عينه تهمل ما دام ينقفه، ولذلك قال ابن حذام، قال أبو عبيدة: وهو الذي يقول: [من الطويل] كأنّي غداة البين يوم تحمّلوا ... لدى سمرات الحيّ ناقف حنظل «2» يخبر عن بكائه، ويصف درور دمعته في إثر الحمول، فشبّه نفسه بناقف الحنظل، وقد ذكره امرؤ القيس في قوله: [من الكامل] عوجا على الطّلل القديم لعلّنا ... نبكي الدّيار كما بكى ابن خذام «3» ويزعمون أنّه أوّل من بكى في الدّيار. وقد نجد الرّجل يقطع البصل، أو يوخف الخردل «4» فتدمع عيناه. وينظر الإنسان فيديم النّظر في العين المحمرة فتعتري عينه حمرة. والعرب تقول: «لهو أعدى من الثّؤباء!» «5» ، كما تقول: «لهو أعدى من الجرب!» «6» ، وذلك أنّ من تثاءب مرارا، وهو تجاه عين إنسان، اعترى ذلك الإنسان التثاؤب. ورأيت ناسا من الأطباء وهم فلاسفة المتكلّمين، منهم معمر، ومحمد بن الجهم، وإبراهيم بن السّنديّ، يكرهون دنوّ الطامث «7» من إناء اللبن لتسوطه «8» أو تعالج منه شيئا، فكأنّهم يرون أنّ لبدنها ما دام ذلك العرض يعرض لها، رائحة لها حدّة وبخار غليظ، يكون لذلك المسوط مفسدا.

350 -[أثر العين الحاسدة]

350-[أثر العين الحاسدة] ولا تبعدنّ هذا من قلبك تباعدا يدعوك إلى إنكاره، وإلى تكذيب أهله. فإن أبيت إلّا إنكار ذلك، فما تقول في فرس تحصّن «1» تحت صاحبه، وهو في وسط موكبه، وغبار الموكب قد حال بين استبانة بعضهم لبعض، وليس في الموكب حجر ولا رمكة «2» ، فيلتفت صاحب الحصان فيرى حجرا أو رمكة، على قاب غرض أو غرضين «3» ، أو غلوة أو غلوتين «4» . حدّثني، كيف شمّ هذا الفرس ريح تلك الفرس الأنثى، وما باله يدخل دارا من الدّور، وفي الدّار الأخرى حجر، فيتحصّن «5» مع دخوله من غير معاينة وسماع صهيل!! وهذا الباب سيقع في موضعه إن شاء الله تعالى. وقال أبو سعيد عبد الملك بن قريب: كان عندنا رجلان يعينان الناس، فمرّ أحدهما بحوض من حجارة، فقال: تالله ما رأيت كاليوم قطّ! فتطاير الحوض فلقين، فأخذه أهله فضبّبوه «6» بالحديد، فمرّ عليه ثانية فقال: وأبيك لقلّما أضررت أهلك فيك! فتطاير أربع فلق. قال: وأمّا الآخر، فإنّه سمع صوت بول من وراء حائط فقال: إنّك لشرّ الشّخب «7» ! فقالوا له: إنه فلان ابنك، قال: وا انقطاع ظهراه! قالوا: إنه لا بأس عليه. قال: لا يبول والله بعدها أبدا! قال: فما بال حتّى مات. قال الأصمعيّ: ورأيت أنا رجلا عيونا فدعي عليه فعور. قال: إذا رأيت الشيء يعجبني، وجدت حرارة تخرج من عيني. قال: وسمع رجل بقرة تحلب فأعجبه صوت شخبها «8» ، فقال: أيتّهن هذه، فخافوا عينه فقالوا: الفلانيّة- لأخرى ورّوا بها عنها- فهلكتا جميعا: المورّى بها والمورّى عنها.

351 -[دفاع عن الكلب]

وقد حمل النّاس كما ترى على العين ما لا يجوز، وما لا يسوغ في شيء من المجازات. وقول الذي اعورّ: إذا رأيت الشيء يعجبني وجدت حرارة تخرج من عيني، من أعظم الحجج في الفاصل من صاحب العين إلى المعين. قال: ويقال إنّ فلانا لعيون: إذا كان يتشوّف للناس ليصيبهم بعين. ويقال عنت فلانا أعينه عينا: إذا أصبته بعين، ورجل معين ومعيون: إذا أصيب بالعين. وقال عبّاس بن مرداس: [من الكامل] قد كان قومك يحسبونك سيّدا ... وإخال أنك سيّد معيون «1» ويقال للعيون: إنّه لنفوس، وما أنفسه، أي ما أشدّ عينه، وقد أصابته نفس أو عين. 351-[دفاع عن الكلب] وأمّا قول القائل: إنّ من لؤم الكلب وغدره أنّ اللصّ إذا أراد دار أهله أطعم الكلب الذي يحرسهم قبل ذلك مرارا ليلا ونهارا، ودنا منه ومسح ظهره، حتى يثبت صورته، فإذا أتاه ليلا أسلم إليه الدار بما فيها- فإن هذا التأويل لا يكون إلّا من نتيجة سوء الرأي، فإنّ سوء الرأي يصوّر لأهله الباطل في صورة الحقّ. وفيه بعض الظّلم للكلب وبعض المعاندة للمحتجّ عن الكلب، وقد ثبت للكلب استحقاق المدح من حيث أراد أن يهجوه منه، فإن كان الكلب بفرط إلفه وشكره كفّ عن اللصّ عند ذكر إحسانه، وإثبات صورته، فما أكثر من يفرط عليه الحياء حتّى ينسب إلى الضّعف والكرم وحتّى ينسب إلى الغفلة، وربّما شاب الرّجل بعض الفطنة ببعض التّغافل، ليكون أتمّ لكرمه، فإنّ الفطنة إذا تمّت منعت من أمور كثيرة، ما لم يكن الخيم «2» كريما والعرق سليما. وإنك أيّها المتأوّل، حين تكلّف الكلب- مع ما قد عجّل إليه اللصّ من اللّطف والإحسان- أن يتذكّر نعمة سالفة، وأن يحترس من خديعة المحسن إليه، مخافة أن يكون يريغ «3» بإكرامه سوءا- لحسن الرأي فيه، بعيد الغاية في تفضيله.

352 -[الموازنة بين الأشياء لدى العاقلين]

ولو كان للكلب آلة يعرف بها عواقب الأمور وحوادث الدهور، وكان يوازن بين عواجلها وأواجلها، وكان يعرف مصادرها ومواردها، ويختار أنقص الشرّين وأتمّ الخيرين، ويتثبّت في الأمور، ويخاف العيب ويأخذ بحجّة ويعطي بحجّة، ويعرف الحجّة من الشّبهة، والثّقة من الرّيبة، ويتثّبت في العلّة، ويخاف زيغ «1» الهوى وسرف الطبيعة، لكان من كبار المكلّفين ومن رؤوس الممتحنين. 352-[الموازنة بين الأشياء لدى العاقلين] والعادة القائمة، والنّسق الذي لا يتخطّى ولا يغادر، والنظام الذي لا ينقطع ولا يختلط، في ذوي التمكين والاستطاعة، وفي ذوي العقول والمعرفة، أنّ أبدانهم متّى أحسّت بأصناف المكروه والمحبوب، وازنوا وقابلوا، وعايروا وميّزوا بين أتمّ الخيرين وأنقص الشرّين، ووصلوا كلّ مضرة ومنفعة في العاجل بكلّ مضرّة ومنفعة في الآجل وتتبعوا مواقعها، وتدبّروا مساقطها، كما يتعرّفون مقاديرها وأوزانها، واختاروا بعد ذلك أتمّ الخيرين وأنقص الشّرين. فأما الشر صرفا والخير محضا فإنّهم لا يتوقّفون عندهما، ولا يتكلّفون الموازنة بينهما، وإنّما ينظرون في الممزوج وفي بعض ما يخشى في معارضته، ولا يوثق بمعرّاه ومكشّفه، فيحملونه على خلاص الذّهن، كما يحمل الذّهب على الكير «2» . وأمّا ذوات الطّبائع المسخّرة والغريزة المحبولة فإنما تعمل من جهة التسخير والتنبيه، كالسمّ الذي يقتل بالكمّيّة ولا يغذو، وكالغذاء الذي يغذو ويقتل بالمجاوزة لمقدار الاحتمال. وإن هيّأ الله عزّ وجلّ أصناف الحيوان المسخّرة لدرك ما لا تبلغه العقول اللطيفة، بلغته بغير معاناة ولا رويّة ولا توقّف، ولا خوف من عاقبة. ومتى تقدّمت إلى الأمور التي يعالجها أهل العقول المبسوطة، المتمكّنة بطبائعها، المقصورة غير المبسوطة، لم يمكنها أن تعرف من تلك الطبيعة ما كان موازيا لتلك الأمور ببديهة ولا فكرة. وإذا كانت كذلك فليس بواجب أن تكون كلّما أحسنت أمرا أمكنها أن تحسن ما كان في وزنه في الغموض والإلطاف، وفي الصّنعة التي لا تمكن، إلّا بحسن التأتّي وببعد الرويّة، وبمقابلة الأمور بعضها ببعض. وهذا الفنّ لا يصاب إلّا عند من جهته العقل، ويمكنه الاستدلال، والكفّ عنه والقطع له

353 -[الإلهام في الحيوان]

إذا شاء، وإتمامه إذا شاء، وبلوغ غايته، والانصراف عنه إلى عقيبه من الأفعال، ومن جهته تعرّف العلل، ويمكنه إكراه نفسه على المقاييس والتكلّف والتأتّي. ومتى كانت الآلة موجودة فإنّها تنبيك على مكانها، وإلّا كان وجودها كعدمها. وبالحسّ الغريزيّ تشعر صاحبها بمكانها، لا يحتاج في ذلك إلى تلقين وإشارة، وإلى تعليم وتأديب، وإن كان صاحب الآلة أحمق من الحبارى «1» ، وأجهل من العقرب «2» ، والعاقل الممكّن لا يفضل في هذا المكان على الأشياء المسخّرة، ولا ينفصل منها في هذا الباب. 353-[الإلهام في الحيوان] وليس عند البهائم والسباع إلّا ما صنعت له، ونصبت عليه، وألهمت معرفته وكيفيّة تكلّف أسبابها والتعلّم لها من تلقاء أنفسها. فإذا أحسن العنكبوت نسج ثويّه «3» وهو من أعجب العجب، لم يحسن عمل بيت الزنبور. وإذا صنع النّحل خلاياه مع عجيب القسمة التي فيها، لم يحسن أن يعمل مثل بيت العنكبوت. والسّرفة- التي يقال: «أصنع من سرفة» «4» لا تحسن أن تبني مثل بيت الأرضة، على جفاء هذا العمل وغلظه، ودقّة ذلك العمل ولطافته. وليس كذلك العاقل وصاحب التمييز، ومن ملك التصرّف، وخوّل «5» الاستطاعة، لأنّه يكون ليس بنجّار فيتعلّم النّجارة، ثمّ يبدو له بعد الحذق الانتقال إلى الفلاحة. ثمّ ربّما ملها بعد أن حذقها، وصار إلى التجارة. 354-[أسمح من لافظة] وقال صاحب الكلب: وزعمت أنّ قولهم «أسمح من لافظة» «6» أن اللافظة الدّيك، لأنّه يعضّ على الحبّة بطرفي منقاره. ثمّ يحذف بها قدّام الدّجاجة. وما رأينا

أحدا من العلماء ومن الذين رووا هذا المثل يقول ذلك. والناس في هذا المثل رجلان: زعم أحدهما أنّ اللافظة العنز؛ لأن العنز ترعى في روضة وتأكل من معلفها وهي جائعة. فيدعوها الراعي وصاحبها باسمها إلى الحلب، فتترك ما هي فيه حتى تنهك حلبا، وقال الآخر: اللافظة الرّحى، لأنّها لا تمسك في جوفها شيئا مما صار في بطنها. وكيف تكون اللافظة الديك! وليس لنا أن نلحق في هذه الكلمة تاء التأنيث في الأسماء المذكّرة. واللافظة مع هاء التأنيث أشبه بالعنز والرّحى، وإنّما سمّينا الجمل راوية، وحامل العلم راوية، وعلّامة، حين احتجّ أهل اللغة على ذلك ولم يختلفوا فيه، وكيف ولا اختلاف بينهم أنّ الديك خارج من هذا التأويل، وإنّ اختلافهم بين العنز والرّحى. وبعد فقد زعم ثمامة بن أشرس رحمه الله تعالى: أنّ ديكة مرو تطرد الدّجاج عن الحبّ، وتنزع الحبّ من أفواه الدّجاج «1» . وقال صاحب الديك: قولهم: «أسمح من لافظة» لا يليق بالرّحى، لأنّ الرّحى صخرة صمّاء، والذي يخرج ما في بطنها المدير لها، والعرب إنّما تمدح بهذه الأسماء الإنسان وما جرى مجراه في الوجوه الكثيرة، ليكون ذلك مشحذة للأذهان، وداعية إلى السّباق وبلوغ الغايات وأمّا ترك الشّاة للعلف فليس بلفظ للعلف، إلّا أن يحملوا ذلك على المجازات البعيدة، وقد يكون ذلك عند بعض الضّرورة. والشّاة ترضع من خلفها حتّى تأتي على أقصى لبن في ضرعها، وتنثر العلف، وتقلب المحلب «2» ، وتنطح من قام عليها وأتاها بغذائها. وهي من أموق «3» البهائم، وزوجها شتيم «4» المحيّا، منتن الريح، يبول في جوف فيه وفي حاق «5» خياشيمه. وتقول العرب: «ما هو إلّا تيس في سفينة» «6» ، إذا أرادوا به الغباوة و «ما هو إلّا تيس» ، إذا أرادوا به نتن الريح.

355 -[دفاع عن الكلب]

والعنز خرقاء، وأبوها وهو التّيس أخرق منها. وأمر الدّيك وشأنه، وكيف يلفظ ما قد صار في منقاره، وكيف يؤثر به طروقته من ذات نفسه- شيء يراه الناس، ويراه جميع العباد. وهذه المكرمة، وهذا الغزل، وهذا الإيثار «1» ، شيء يراه الناس لم يكن في ذكر قطّ ممّن يزاوج إلّا الديك، والدّيك أحقّ بهذا المثل. فإن كنتم قد صدقتم على العرب في تأويل هذا المثل فهذا غلط من العرب وعصبيّة للّبن، وعشق للدّقيق. والمثل إنّما يلفظ به رجل من الأعراب، وليس الأعرابيّ بقدوة إلّا في الجر والنصب والرفع وفي الأسماء، وأمّا غير ذلك فقد يخطئ فيه ويصيب فالدّيك أحقّ بهذا المثل الذي ذكرنا، وسائر خصاله الشريفة. والذي يدلّ على أنّ هذا الفعل في الدّيك، إنّما هو من جهة الغزل لا غير، أنه لا يفعل ذلك إذا هرم وعجز عن السّفاد، وانصرفت رغبته عنهنّ وهو في أيّام شبابه أنهم وأحرص على المأكول، وأضنّ على الحبّ، فما له لم يؤثرهنّ به عند زهده، ويؤثرهنّ عند رغبته؟! وما باله لم يفعل ذلك وهو فرّوج صغير، وصنع ذلك حين أطاق السفاد؟! فتركه لذلك في العجز عنهنّ، وبذله في أوقات القوة عليهنّ دليل على الذي قلنا، وهذا بيّن لا يردّه إلّا جاهل أو معاند. 355-[دفاع عن الكلب] وقال صاحب الكلب: لسنا ننكر خصال الدّيك ومناقبه من الأخبار المحمودة، ولولا ذلك ما ميّلنا «2» بينه وبين الكلب. ومن يميّل بين العسل والخلّ في وجه الحلاوة والحموضة؟! وكيف يفضل شيء على شيء وليس في المفضول شيء من الفضل؟! والذي قلتم من قذقه الحبّ قدّام الدّجاج صحيح. وليس هذا الذي أنكرنا، وإنّما أنكرنا موضع المثل الذي صرفتموه إلى حجّتكم، وتركتم الذين ما زال الناس يقلّدونهم في الشاهد والمثل. وإن جاز لكم أن تردّوا عليهم هذا المثل جاز لكلّ من كره مثلا أو شاهدا أن يردّ عليهم كما رددتم، وفي ذلك إفساد أمر العرب كله. فإن زعمت أنّ الديك، كان أحقّ به، فخصومك كثير ولسنا نحيط بأوائل

كلامهم، على أيّ مقادير كانوا يضعونها، ومن أيّ شيء اشتقّوها، وكيف كان السبب. وربّ شيء أنكرناه فإذا عرفنا سببه أقررنا به. وقال أبو الحسن: مر إياس بن معاوية بديك ينقر حبّا ولا يفرقه، فقال: ينبغي أن يكون هذا هرما، فإنّ الهرم إذا ألقي له الحبّ لم يفرقه ليجتمع الدجاج حوله. والهرم قد فنيت رغبته فيهنّ، فليس همّه إلّا نفسه. ورووا عنه أنّه قال: اللافظة الديك الشابّ، وإنّه يأخذ الحبّة يؤثر بها الدّجاج، والهرم لا يفعل ذلك، وإنّما هو لافظة مادام شابّا. وقال صاحب الكلب: وذكر ابن سيرين عن أبي هريرة: «أن كلبا مرّ بامرأة وهو يلهث عند بئر، فنزعت خفّها فسقته، فغفر الله تعالى لها» «1» . وعنه قال: «غفر الله لبغيّ أو لمؤمنة مرّ بها كلب فنزعت خفّها فسقته» «2» . وقال صاحب الكلب: وقال ابن داحة: ضرب ناس من السّلطاء جارا لهم، ولبّبوه وسحبوه وجرّوه، وله كلب قد ربّاه، فلم يزل ينبح عليهم ويشقّق ثيابهم، ولولا أنّ المضروب المسحوب كان يكفّه ويزجره، لقد كان عقر بعضهم أو منعه منهم. قال إبراهيم النّظّام: قدّمتم السّنّور على الكلب، ورويتم أن النبيّ صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الكلاب واستحياء السنانير وتقريبها وتربيتها، كقوله عند مسألته عنها: «إنّهنّ من الطّوّافات عليكم» «3» . وكلّ منفعة عند السّنّور إنّما هي أكل الفأر فقط، وعلى أنّكم قلّما تجدون سنّورا يطلب الفأر، فإن كان مما يطلب ويأكل الفأر، لم يعدمكم أن يأكل حمامكم وفراخكم والعصافير التي يتلهّى بها أولادكم، والطائر يتّخذ لحسنه وحسن صوته. والذي لابدّ منه الوثوب على صغار الفراريج. فإن هو عفّ عن أموالكم

356 -[أطيب البهائم أفواها]

لم يعفّ عن أموال جيرانكم، ومنافع الكلب لا يحصيها الطّوامير «1» . والسّنّور مع ذلك يأكل الأوزاغ والعقارب، والخنافيس، وبنات وردان «2» ، والحيّات، ودخّالات الآذان «3» والفأر والجرذان، وكلّ خبيثة وكلّ ذات سمّ، وكلّ شيء تعافه النفس. ثمّ قلتم في سؤر السّنّور وسؤر الكلب ما قلتم. ثمّ لم ترضوا به حتّى أضفتموه إلى نبيّكم صلى الله عليه وسلم!! 356-[أطيب البهائم أفواها] ولا يشكّ الناس أن ليس في السباع أطيب أفواها من الكلاب «4» ، وكذلك كلّ إنسان سائل الريق سائل اللعاب. والخلوف «5» لا يعرض للمجانين الذين تسيل أفواههم. ومن كان لا يعتريه الخلوف فهو من البخر أبعد. وكما أنّ طول انطباق الفم يورث الخلوف. فكثرة تحلّب الأفواه بالريق تنفي الخلوف. وحتّى إنّ من سال فوه من اللعاب فإنّما قضوا له بالسلامة من فيه، وإن استنكهوه مع أشباهه وجدوه طيّبا، وإن كان لا يقرب سواكا على الريق. وكذلك يقال، إن أطيب النّاس أفواها الزّنج، وإن كانت لا تعرف سنونا «6» ولا سواكا. على أنّ الكلب سبع، وسباع الطير وذوات الأربع موصوفة بالبخر، والذي يضرب به في ذلك المثل الأسد، وقد ذكره الحكم بن عبدل في هجائه محمّد بن حسّان فقال: [من الوافر] فنكهته كنكهة أخدريّ ... شتيم شابك الأنياب ورد «7» وقال بشّار: [من الطويل] وأفسى من الظّربان في ليلة الكرى ... وأخلف من صقر وإن كان قد طعم «8» يهجو بها حماد عجرد.

357 -[رضيع ملهم]

ويقال: ليس في البهائم أطيب أفواها من الظباء. 357-[رضيع ملهم] وزعم علماء البصريّين، وذكر أبو عبيدة النحويّ، وأبو اليقظان سحيم بن حفص، وأبو الحسن المدائني، وذكر ذلك عن محمّد بن حفص عن مسلمة بن محارب، وهو حديث مشهور في مشيخة أصحابنا من البصريّين، أنّ طاعونا جارفا جاء على أهل دار، فلم يشكّ أهل تلك المحلّة أنّه لم يبق فيها صغير ولا كبير، وقد كان فيها صبيّ يرتضع، ويحبو ولا يقوم على رجليه، فعمد من بقي من المطعونين من أهل تلك المحلّة إلى باب تلك الدار فسدّه، فلمّا كان بعد ذلك بأشهر تحوّل فيها بعض ورثة القوم، ففتح الباب، فلمّا أفضى إلى عرصة الدّار إذا هو بصبيّ يلعب مع أجراء كلبة، وقد كانت لأهل الدار، فراعه ذلك، فلم يلبث أن أقبلت كلبة كانت لأهل الدار، فلمّا رآها الصبيّ حبا إليها، فأمكنته من أطبائها فمصّها، فظنّوا أنّ الصّبيّ لما بقي في الدار وصار منسيّا واشتدّ جوعه، ورأى أجراءها تستقي من أطبائها، حبا إليها فعطفت عليه، فلمّا سقته مرّة أدامت ذلك له، وأدام هو الطلب. والذي ألهم هذا المولود مصّ إبهامه ساعة يولد من بطن أمّه، ولم يعرف كيفيّة الارتضاع، هو الذي هداه إلى الارتضاع من أطباء الكلبة. ولو لم تكن الهداية شيئا مجعولا في طبيعته، لما مصّ الإبهام وحلمة الثّدي، فلمّا أفرط عليه الجوع واشتدّت حاله، وطلبت نفسه وتلك الطبيعة فيه، دعته تلك الطبيعة وتلك المعرفة إلى الطلب والدنوّ، فسبحان من دبّر هذا وألهمه وسوّاه ودلّ عليه!! 358-[إلهام الحمام] ومثل هذا الحديث ما خبّر به عن بابويه صاحب الحمام. ولو سمعت قصصه في كتاب اللّصوص، علمت أنّه بعيد من الكذب والتزيد. وقد رأيته وجالسته ولم أسمع هذا الحديث منه، ولكن حدّثني به شيخ من مشايخ البصرة، ومن النّزول بحضرة مسجد محمد بن رغبان. وقال بابويه: كان عندي زوج حمام مقصوص، وزوج حمام طيّار، وفرخان من فراخ الزّوج الطيار. قال: وكان في الغرفة ثقب في أعلاها وقد كنت جعلت قدّام الكوّة «1» رفّا ليكون مسقطا لما يدخل ويخرج من الحمام، فتقدّمت في ذلك مخافة أن يعرض لي عارض فلا يكون للطّيار منفذ للتكسّب ولورود الماء. فبينا أنا كذلك إذ جاءني رسول السلطان، فوضعني في

359 -[من عجائب الحمام]

الحبس، فنسيت قدر الزّوج الطيّار والفرخين. وما لهما من الثمن، وما فيهما من الكرم، ومتّ من رحمة الزّوج المقصوص، وشغلني الاهتمام بهما عن كثير مما أنا فيه، فقلت: أمّا الزّوج الطيّار فإنّهما يخرجان ويرجعان ويزقّان، ولعلّهما أن يسلما ولعلّهما أن يذهبا- وقد كنت ربّيتهما حتى تحصّنا وورّدا «1» - فإذا شبّ الفرخان ونهضا مع أبويهما، وسقطا على المعلاة، فإمّا أن يثبتا وإمّا أن يذهبا، ولكن كيف يكون حال المقصوصين، ومن أسوأ حالا منهما؟! فخلّي سبيلي بعد شهر، فلم يكن لي همّ إلّا النّظر إلى ما خلّفت خلفي من الحمام، وإذا الفرخان قد ثبتا وإذا الزّوجان قد ثبتا، وإذا الزّوجان الطيّاران ثبتا على حالهما، إلّا أنّي رأيتهما زاقّين، إذ علامة ذلك في موضع الغبب، وفي القرطمتين «2» ، وفي أصول المناقير، وفي عيونهما، فقلت: فكيف يكونان زاقّين مع استغناء فرخيهما عنهما؟! ولا أشكّ في موت المقصوصين. ثمّ دخلت الغرفة فإذا هما على أفضل حال، فاشتدّ تعجّبي من ذلك، فلم ألبث أن دنوا إلى أفواه الزّوج الكبار يصنعان كما يصنع الفرخ في طلب الزّقّ، ورأيتهما حين زقّاهما، فإذا هما لما اشتدّ جوعهما، وكانا يريانهما يزقّان الفرخين ويريان الفرخين كيف يستطعمان ويستزقّان، حملهما الجوع وحبّ العيش، وتلهّب العطش، وما في طبعهما من الهداية، على أن طلبا ما يطلب الفرخ، فزقّاهما ثم صار الزّقّ عادة في الطيّار، والاستطعام عادة في المقصوص. 359-[من عجائب الحمام] ومن الحمام حمام يزقّ فراخه ولا يزقّ شيئا من فراخ غيره، وإن دنا منه مع فراخه فرخ من فراخ غيره، وشاكل فرخيه في السّنّ واللّون طردهما ولم يزقّهما، ومن الحمام ما يزّقّ كلّ فرخ دنا منه، كما أنّ من الحمام حماما لا يزقّ فراخه البتّة حتّى يموت. وإنّما تعظم البليّة على الفرخ إذا كان الأب هو الذي لا يزقّ، لأنّ الولادة وعامّة الحضن والكفل على الأمّ، فإذا ظهر الولد فعامّة الزّقّ على الأب. كأنه صاحب العيال والكاسب عليهم، وكالأمّ التي تلد وترضع. 360-[كاسر العظام] وأعجب من هذا، الطائر الذي يقال له كاسر العظام «3» ، فإنّه يبلغ من برّ الفراخ

361 -[دفاع أسدي عن أكل قومه لحوم الكلاب]

كلّها بعد القيام بشأن فراخ نفسه، أنّه يتعاهد فرخ العقاب الثالث، الذي تخرجه من عشّها، لأنّها أشره وأرغب بطنا، وأقسى قلبا وأسوأ خلقا من أن تحتمل إطعام ثلاثة. وهي مع ذلك سريعة الجزع، فتخرج ما فضل عن فرخين. فإذا أخرجته قبله كاسر العظام وأطعمه، لأن العقاب من اللائي تبيض ثلاث بيضات في أكثر حالاتها. 361-[دفاع أسدي عن أكل قومه لحوم الكلاب] قال: وعيّر رجل من بني أسد بأكل لحوم الكلاب، وذهب إلى قوله: [من الرجز] يا فقعسيّ لم أكلته لمه ... لو خافك الله عليه حرّمه «1» فما أكلت لحمه ولا دمه قال: فقال الأعرابي: أما علمت أن الشّدّة والشجاعة، والبأس والقوة من الحيوان، في ثلاثة أصناف: العقاب في الهواء، والتمساح في ساكن الماء، والأسد في ساكن الغياض. وليس في الأرض لحم أشهى إلى التمساح ولا إلى الأسد من لحم الكلب. فإن شئتم فعدّوه عدوّا لهما، فإنّهما يأكلانه من طريق الغيظ وطلب الثأر، وإن شئتم فقولوا غير ذلك. 362-[بنو أسد أشبه بالأسد] وبنو أسد أسد الغياض «2» ، وأشبه شيء بالأسد، فلذلك تشتهي من اللّحمان أشهاها إلى الأسد. والدّليل على أنّهم أسد، وفي طباع الأسد، أنّك لو أحصيت جميع القتلى من سادات العرب ومن فرسانهم، لوجدت شطرها أو قريبا من شطرها لبني أسد. 363-[أنفة الكلب] قالوا: ثمّ بعد ذلك كلّه أنّ الكلب لا يرضى بالنوم والرّبوض على بياض الطريق، وعلى عفر التراب، وهو يرى ظهر البساط، ولا يرضى بالبساط وهو يجد الوسادة، ولا يرضى بالمطارح دون مرافق المطارح «3» فمن نبله في نفسه أن يتخيّر أبدا أنبل موضع

364 -[رأي في الكلب]

في المجلس، وحيث يدعه ربّ المجلس صيانة له وإبقاء عليه- إلّا أن يتصدّر فيه من لايجوز إلّا أن يكون صدرا، فلا يقصّر الكلب دون أن يرقى عليه. وقد كان في حجج معاوية في اتخاذ المقصورة بعد ضرب البرك إيّاه بالسيف، أنّه أبصر كلبا على منبره. هذا على ما طبع عليه من إكرام الرّجل الجميل اللباس، حتّى لا ينبح عليه إن دنا من باب أهله، مع الوثوب على كل أسود، وعلى كلّ رثّ الهيئة، وعلى كلّ سفيه تشبه حاله حال أهل الرّيبة. ومن كبره وشدّة تجبّره، وفرط حميّته «1» وأنفته واحتقاره. أنه متى نبح على رجل في الليل، ولم يمنعه حارس ولم يمكنه الفوت، فدواؤه عند الرجل أنه لا ينجيه منه إلّا أن يقعد بين يديه مستخزيا مستسلما، وأنّه إذا رآه في تلك الحال دنا منه فشغر «2» عليه؛ ولم يهجه، كأنّه حين ظفر به، ورآه تحت قدرته، رأى أن يسمه بميسم ذلّ، كما كانت العرب تجزّ نواصي الأسرى من الفرسان، إذا رامت أن تخلّي سبيلها وتمنّ عليها، ولو كفّ العربيّ عن جزّ ناصيته، لوسمه الأسير من الشّعر والقوافي الخالدات البواقي، التي هي أبقى من الميسم، بما هو أضرّ عليه من جزّ ناصيته، ولعلّه لا يبلغ أهله حتّى تستوي مع سائر شعر رأسه، ولكنّ ذلّ الجزّ لا يزال يلوح في وجهه، ولا يزال له أثر في قلبه. 364-[رأي في الكلب] وذكر أنّ مطرّف بن عبد الله كان يكره أن يقال للكلب اخسأ، وما أشبه ذلك، وفي دعائه على أصحاب الكلب الذي كان أربابه لا يمنعونه من دخول مصلّاه، قال: اللهمّ امنعهم بركة صيده!! دليل على حسن رأيه فيه. قالوا: ومرّ المسيح بن مريم في الحواريّين بجيفة كلب، فقال بعضهم: ما أشدّ نتن ريحه! قال: فهلّا قلت: ما أشدّ بياض أسنانه!! قالوا: وقال رجل لكلب: اخسأ، ويلك! فقال همّام بن الحارث: الويل لأهل النّار. 365-[هراش الحيوان] والهراش الذي يجري بينها وهو شرّ، يكون بين جميع الأجناس المتّفقة،

366 -[الكلاب السلوقية أجود شما]

كالبرذون والبرذون، والبعير والبعير، والحمار والحمار، وكذلك جميع الأجناس، فأمّا الذي يفرط ويتمّ ذلك فيه، ويتمنّع ناس من النّاس، ويقع فيه القمار، ويتّخذ لذلك، وينفق عليه، ويغالى به، فالكلب والكلب، والكبش والكبش، والدّيك والدّيك، والسّمانى والسّمانى «1» . فأمّا الجرذ فإنّه لا يقاتل الجرذ حتّى يشدّ رجل أحدهما في طرف خيط، ويشدّ الجرذ الآخر بالطرف الآخر، ويكون بينهما من السماواة والالتقاء، والعضّ والخمش، وإراقة الدّم وفري الجلود، ما لا يكون بين شيئين من الأنواع التي يهارش بها. والذي يحدث للجرذان طبيعة القتال، الرّباط نفسه، فإن انقطع الخيط وانحلّ العقد، أخذ هذا شرقا وهذا غربا، ولم يلتقيا أبدا. وإذا تقابلت جحرة «2» الفأر، وخلالها الموضع، فبينها شرّ طويل، ولكنه لا يعدو الوعيد والصخب، ولا يلتقي منهما اثنان أبدا ... وحدّثني ثمامة بن أشرس قال: كان بقي في الحبس جحر فأر، وتلقاءه جحر آخر، فيرى لكلّ واحد منهما وعيدا وصياحا ووثوبا، حتّى يظنّ أنّهما سيلتقيان ثم لا يحتجزان حتّى يقتل كلّ واحد منهما صاحبه. فبينا كلّ واحد منهما في غاية الوعيد. إذ مرّ هاربا حتّى دخل جحره، فما زالا كذلك، حتّى أتى الله تعالى بالفرج وخلّي سبيلي. 366-[الكلاب السلوقية أجود شمّا] وزعم أنّ السّلوقيّة الطويلة المناخر أجود شمّا، والشمّ العجيب والحسّ اللطيف من ذلك، إلّا أنّ ذلك في طلب الذكور للإناث والإناث للذّكور خاصة. وأمّا شمّ المأكول، واسترواح الطّعم، فللسّباع في ذلك ما ليس لغيرها. وإنّ الفأر ليشمّ، وإنّ الذّر والنمل ليشمّ، وإنّ السنانير لتشمّ، وكذلك الكلب، وله في ذلك فضيلة، ولا يبلغ ما يبلغ الذئب وقال أعرابيّ: [من الرجز] كان أبو الصّحيم من أربابها ... صبّ عليه الله من ذئابها أطلس لا ينحاش من كلابها ... يلتهم الطائر في ذهابها في الجرية الأولى فلا مشى بها ألا تراه يجتهد في الدّعاء عليها بذئب لا ينحاش من الكلاب.

باب ما يشبه بالكلب وليس هو منه

باب ما يشبّه بالكلب وليس هو منه 367-[تشبيه قوائم الفرس بقوائم الكلب] وإذا جرى الفرس المحجّل شبّهوا قوائمه بقوائم الكلب إذا ارتفعت في بطنه، فيصير تحجيلها كأنّه أكلب صغار تعدو، كما قال العمانيّ: [من الرجز] كأن تحت البطن منه أكلبا ... بيضا صغارا ينتهشن المنقبا «1» وقال البدريّ: [من الرجز] كأنّ أجراء كلاب بيض ... دون صفاقيه إلى التّغريض «2» وقال الآخر: [من الرجز] كأنّ قطّا أو كلابا أربعا ... دون صفاقيه إذا ما ضبعا «3» ويصفون الطّلع أوّل ما يبدو صغارا بآذان الكلاب البيض. وقال في ذلك الرّاجز: [من الرجز] أنعت جمّارا على سحيض ... يخرج بعد النّجم والتبعيض طلعا كآذان الكلاب البيض ويوصف صوت الشّخب «4» في الإناء بهرير هراش الكلاب. وقال أعرابيّ: [من الرجز] كأنّ خلفيها إذا ما هرّا ... جروا كلاب هورشا فهرا «5»

368 -[ابن وو وو]

وقال الآخر: [من الرجز] كأنّ صوت شخبها المسحنفر ... بين الأباهيم وبين الخنصر «1» هراش أجراء ولما تثغر «2» وقال أبو دؤاد: [من الهزج] طويل طامح الطّرف ... إلى وهوهة الكلب «3» 368-[ابن وو وو] وزعم الهيثم بن عدي قال: كان رجل يسمّى كلبا، وكان له بنيّ يلعب في الطريق، فقال له رجل: ابن من؟ فقال: ابن وو وو وو «4» ! 369-[ما يستحبّ في ذنب كلب الصيد] ويحبّون أن يكون ذنب الكلب الصّائد يابسا، ليس له من اللحم قليل ولا كثير، ولذلك قال: [من الرجز] تلوي بأذناب قليلات اللّحا «5» وقال الشاعر: [من البسيط] إنّي وطلب ابن غلّاق ليقريني ... كالغابط الكلب يبغي الطّرق في الذّنب «6» الطّرق: الشحم اليسير، يقال: ليس به طرق.

370 -[طيب لحم أجراء الكلاب]

370-[طيب لحم أجراء الكلاب] ويقال: ليس في الأرض فرخ ولا جرو ولا شيء من الحيوان أسمن ولا أرطب ولا أطيب من أجراء الكلب. وهي أشبه شيء بالحمام، فإنّ فراخ الحمام أسمن شيء ما دامت صغارا من غير أن تسمّن، فإذا بلغت لم تقبل الشحم، وكذلك أولاد الكلاب. وقال الآخر: [من البسيط] وأغضف الأذن طاوي البطن مضطمر ... لوهوه رذم الخيشوم هرّار «1» الأصمعيّ قال: قال أعرابيّ: أصابتنا سنة شديدة، ثم أعقبتها سنة تتابع فيها الأمطار فسمنت الماشية، وكثرت الألبان والأسمان، فسمن ولدان الحيّ، حتّى كأنّ است أحدهم جرو يتمطّى! 371-[تدرّج أبي دلامة في طلبه] أبو الحسن قال «2» : قال أبو العبّاس أمير المؤمنين لأبي دلامة: سل! قال: كلبا. قال: ويلك! ما تصنع بالكلب؟! قال: قلت أصيد به. قال: فلك كلب. قال: ودابّة. قال: ودابّة. قال: وغلاما يركب الدابة ويصيد. قال: وغلاما. قال: وجارية. قال: وجارية. قال: يا أمير المؤمنين! كلب وغلام وجارية ودابّة، هؤلاء عيال، ولا بدّ من دار. قال: ودار. قال: ولا بدّ لهؤلاء من غلّة ضيعة. قال: أقطعناك مائة جريب عامرة ومائة جريب غامرة. قال: وأيّ شيء الغامرة؟ قال: ليس فيها نبات. قال: أنا أقطعك خمسمائة جريب من فيافي بني أسد غامرة. قال: قد جعلنا لك المائتين عامرتين كلّها، ثمّ قال: أبقي لك شيء؟ قال: نعم، أقبّل يدك. قال: أمّا هذه فدعها. قال: ما منعت عيالي شيئا أهون عليهم فقدا منه؟! «3» .

372 -[اتق شر من أحسنت إليه]

372-[اتّق شر من أحسنت إليه] أبو الحسن عن أبي مريم قال: كان عندنا بالمدينة رجل قد كثر عليه الدّين حتّى توارى من غرمائه، ولزم منزله. فأتاه غريم له عليه شيء يسير، فتلطّف حتّى وصل إليه، فقال له: ما تجعل لي إن أنا دللتك على حيلة تصير بها إلى الظهور والسّلامة من غرمائك؟ قال: أقضيك حقّك، وأزيدك ممّا عندي ممّا تقرّ به عينك. فتوثّق منه بالأيمان، فقال له: إذا كان غدا قبل الصّلاة مر خادمك يكنس بابك وفناءك ويرشّ، ويبسط على دكّانك حصرا، ويضع لك متّكأ، ثمّ أمهل حتى تصبح ويمرّ الناس، ثمّ تجلس، وكلّ من يمرّ عليك ويسلّم انبح له في وجهه، ولا تزيدنّ على النّباح أحدا كائنا من كان، ومن كلّمك من أهلك أو خدمك أو من غيرهم، أو غريم أو غيره، حتّى تصير إلى الوالي فإذا كلّمك فانبح له، وإيّاك أن تزيده أو غيره على النّباح؛ فإنّ الوالي إذا أيقن أنّ ذلك منك جدّ لم يشكّ أنّه قد عرض لك عارض من مسّ فيخلّي عنك، ولا يغري عليك. قال: ففعل، فمرّ به بعض جيرانه فسلّم عليه، فنبح في وجهه، ثم مرّ آخر ففعل مثل ذلك، حتّى تسامع غرماؤه فأتاه بعضهم فسلّم عليه فلم يزده على النّباح، ثمّ آخر، فتعلّقوا به فرفعوه إلى الوالي، فسأله الوالي فلم يزده على النّباح، فرفعه معهم إلى القاضي، فلم يزده على ذلك، فأمر بحبسه أيّاما وجعل عليه العيون، وملك نفسه وجعل لا ينطق بحرف سوى النّباح، فلمّا رأى القاضي ذلك أمر بإخراجه ووضع عليه العيون في منزله، وجعل لا ينطق بحرف إلّا النباح، فلما تقرّر ذلك عند القاضي أمر غرماءه بالكفّ عنه، وقال: هذا رجل به لمم «1» . فمكث ما شاء الله تعالى. ثمّ إنّ غريمه الذي كان علّمه الحيلة، أتاه متقاضيا لعدته فلمّا كلمه جعل لا يزيده على النّباح، فقال له ويلك يا فلان!! وعليّ أيضا، وأنا علّمتك هذه الحيلة؟! فجعل لا يزيده على النّباح، فلمّا يئس منه انصرف يائسا مما يطالبه به. 373-[اتحاد المتعاديين في وجه عدوّهما المشترك] قال أبو الحسن عن سلمة بن خطّاب الأزديّ، قال: لمّا تشاغل عبد الملك بن مروان بمحاربة مصعب بن الزّبير، اجتمع وجوه الرّوم إلى ملكهم فقالوا له: قد أمكنتك الفرصة من العرب، بتشاغل بعضهم مع بعض، لوقوع بأسهم بينهم، فالرأي لك أن تغزوهم إلى بلادهم، فإنّك إن فعلت ذلك بهم نلت حاجتك، فلا تدعهم حتّى

374 -[كرم الكلاب]

تنقضي الحرب التي بينهم فيجتمعوا عليك! فنهاهم عن ذلك وخطّأ رأيهم، فأبوا عليه إلّا أن يغزوا العرب في بلادهم. فلمّا رأى ذلك منهم أمر بكلبين فحرّش بينهما، فاقتتلا قتالا شديدا، ثمّ دعا بثعلب فخلّاه، فلما رأى الكلبان الثعلب، تركا ماكانا فيه، وأقبلا عليه حتّى قتلاه، فقال ملك الروم: كيف ترون!؟ هكذا العرب، تقتتل بينها، فإذا رأونا تركوا ذلك واجتمعوا علينا فعرفوا صدقه، ورجعوا عن رأيهم. 374-[كرم الكلاب] قال: وقال المغيرة لرجل خاصم إليه صديقا له، وكان الصديق توعّده بصداقة المغيرة، فأعلمه الرجل ذلك، وقال: إنّ هذا يتوعّدني بمعرفتك إيّاه، وزعم أنّها تنفعه عندك. قال «1» : أجل! إنّها والله لتنفع، وإنّها لتنفع عند الكلب العقور «2» !. فإذا كان الكلب العقور كذلك، فما ظنّك بغيره؟ وأنت لا تصيب من الناس من تنفع عنده المعرفة من ألف واحدا. وهذا الكرم في الكلاب عامّ. والكلب يحرس ربّه، ويحمي حريمه شاهدا وغائبا، وذاكرا وغافلا، ونائما ويقظان، ولا يقصّر عن ذلك وإن جفوه، ولا يخذلهم وإن خذلوه. 375-[نعاس الكلب] «3» والكلب أيقظ الحيوان عينا في وقت حاجتهم إلى النوم، وإنّما نومه نهارا، عند استغنائهم عن حراسة، ثمّ لا ينام إلّا غرارا وإلّا غشاشا «4» . وأغلب ما يكوم النّوم عليه وأشدّ ما يكون إسكارا له أن يكون كما قال رؤبة: [من الرجز] لاقيت مطلا كنعاس الكلب «5» يعني بذلك القرمطة في المواعيد. وكذلك فإنّه أنوم ما يكون أن يفتح عينه بقدر ما يكفيه للحراسة، وذلك ساعة،

376 -[قول رجل من العرب في الجمال]

وهو في هذا كلّه [أيقظ من ذئب، و] «1» أسمع من فرس «2» . وأحذر من عقعق «3» ، مع بعد صوته. 376-[قول رجل من العرب في الجمال] وقيل لرجل من العرب: ما الجمال؟ فقال: غؤور العينين، وإشراف الحاجبين، ورحب الأشداق، وبعد الصوت. 377-[علاج الكلب لنفسه] هذا مع قلة السآمة، والصّبر على الجفوة، واحتمال الجراحات الشّداد، وجوائف «4» الطعان ونوافذ السهام. وإذا ناله ذلك لم يزل ينظّفه بريقه؛ لمعرفته بأنّ ذلك هو دواؤه حتّى يبرأ، لا يحتاج إلى طبيب، ولا إلى مرهم ولا إلى علاج. 378-[طول ذماء الضب والكلب والأفعى] وتقول العرب: «الضبّ أطول شيء ذماء» «5» ، والكلب أعجب في ذلك منه. وإنّما عجبوا من الضّبّ، لأنّه يغبر «6» ليلته مذبوحا مفريّ الأوداج، ساكن الحركة، حتّى إذا قرّب من النار تحرّك. كأنّهم يظنّون أنّه قد كان حيا، وإن كان في العين ميّتا. والأفعى تبقى أيّاما تتحرّك. 379-[ما يعتريه الاختلاج بعد الموت] فأمّا الذي يعتريه الاختلاج بعد جموده ليلة، فلحم البقر والجزر «7» ، تختلج وهي على المعاليق اختلاجا شديدا.

380 -[حياة الكلب مع الجراح]

والحيّة يقطع ثلثها الأسفل، فتعيش وينبت ذلك المقطوع. 380-[حياة الكلب مع الجراح] قال: والكلب أشدّ الأشياء التي تعيش على الجراح، التي لا يعيش عليها شيء إلا الكلب، والخنزير، والخنفساء. 381-[قوة فكّ الكلب] والكلب أشدّ الأشياء فكّا، وأرهفها نابا، وأطيبها فما، وأكثرها ريقا، يرمى بالعظم المدمج «1» ، فيعلم بالغريزة أنّه إن عضّه رضّه، وإن بلعه استمرأه. 382-[إلف بعض الحيوانات للإنسان] وهو ألوف للناس، مشارك من هذا الموضع العصافير والخطاطيف والحمام والسنانير، بل يزيد على ذلك في باب الخاصّ وفي باب العامّ. فأمّا باب الخاصّ، فإن من الحمام ما هو طورانيّ «2» وحشيّ، ومنه ما هو آلف أهلي. والخطّاف من القواطع غير الأوابد، إذا قطع إلى الإنس لم يبن بيته إلّا في أبعد المواضع، من حيث لا تناله أيديهم. فهو مقسوم على بلاده وبلاد من اضطرّته إليه الحاجة. والعصافير تكون في القرب حيث تمتنع منهم في أنفسها. والكلاب مخالطة لها ملابسة، ليس منها وحشيّ، وكلّها أهلي. وليس من القواطع ولا من الأوابد ما يكون آنس بالناس- من كثير ممّا يوصف بالأنس والإلف- من الكلاب دون سواها. وفي السّنانير الوحشيّة والأهلية. وعلى أنّ إلف الكلب فوق إلف الإنسان الألوف، وهو في الكلب أغرب منه في الحمام والعصفور؛ لأنّه سبع، والحمام بهيمة والسبع بالسباع أشبه، فتركها ولم يناسبها، ورغب عنها. وكيف، وهو يصيد الوحوش ويمنع جميع السّباع من الإفساد؟! فذلك أحمد له وأوجب لشكره. ثمّ يصير في كثير من حالاته، آنس بالنّاس منه بالكلاب دنيّة وقصرة «3» ، ولا تراه يلاعب كلبا مادام إنسان يلاعبه. ثمّ لم

383 -[الحاجة إلى الكلاب]

يرض بهذه القرابة وهذه المشاكلة، وبمقدار ما عليه من طباع الخطّاف والحمام والعصفور، وبمقدار ما فضّلها الله تعالى به من الأنس، حتّى صار إلى غاية المنافع سلّما، وإلى أكثر المرافق. 383-[الحاجة إلى الكلاب] وليس لحارس الناس ولحارس أموالهم بدّ من كلب، وكلّما كان أكبر كان أحبّ إليه. ولا بدّ لأقاطيع المواشي من الكلاب، وإلّا فإنّها نهب للذئاب ولغير الذئاب ثمّ كلاب الصّيد، حتّى كان أكثر أهل البيت عيالا على كلّ كلب. 384-[قبول الكلب للتلقين] وقد صار اليوم عند الكلب من الحكايات وقبول التلقين، وحسن التصريف في أصناف اللّعب، وفي فطن الحكايات ما ليس في الجوارح المذلّلة لذاك، المصرّفة فيه، وما ليس عند الدبّ والقرد والفيل، والغنم المكّيّة، والببغاء. والكلب الزّينيّ الصّينيّ «1» يسرج على رأسه ساعات كثيرة من اللّيل فلا يتحرّك. وقد كان في بني ضبّة كلب زينيّ صينيّ، يسرج على رأسه، فلا ينبض فيه نابض، ويدعونه باسمه ويرمى إليه ببضعة لحم والمسرجة على رأسه، فلا يميل ولا يتحرّك، حتّى يكون القوم هم الذين يأخذون المصباح من رأسه، فإذا زايل رأسه وثب على اللحم فأكله!. درّب فدرب وثقّف فثقف، وأدّب فقبل. وتعلّق في رقبته الزنبلة «2» والدّوخلّة «3» وتوضع فيها رقعة، ثم يمضي إلى البقّال ويجيء بالحوائج. 385-[تعليم الكلب والقرد] ثمّ صار القرّاد وصاحب الرّبّاح «4» من ثمّ يستخرج فيما بين الكلب والقرد ضروبا من العمل، وأشكالا من الفطن، حتّى صاروا يطحنون عليه، فإذا فرغ من طحنه مضوا به إلى المتمعّك «5» ، فيمعّك كما يمعّك حمار المكاري وبغل الطحّان.

386 -[الكلب أسبح أنواع الحيوان]

وقرابة أخرى بينه وبين الإنسان: أنّه ليس شيء من الحيوان لذكره حجم باد إلا الكلب والإنسان. 386-[الكلب أسبح أنواع الحيوان] والكلب بعد هذا أسبح من حيّة، ولا يتعلّق به في ذلك الثّور، وذلك فضيلة له على القرد، مع كثرة فطن القرد وتشبّهه بالإنسان؛ لأنّ كلّ حيوان في الأرض فإنّه إذا ألقي في الماء الغمر سبح، إلّا القرد والفرس الأعسر. والكلب أسبحها كلّها، حتّى إنّه ليقدّم في ذلك على البقرة والحيّة. 387-[أعجوبة في الكلبة] وفي طباع أرحام الكلاب أعجوبة؛ لأنّها تلقح من أجناس غير الكلاب، ويلقحها كما يلقح منها، وتلقح من كلاب مختلفة الألوان، فتؤدّي شبه كلّ كلب «1» ، وتمتلئ أرحامها أجراء من سفاد كلب، ومن مرة واحدة، كما تمتلئ من عدّة كلاب ومن كلب واحد. وليست هذه الفضيلة إلّا لأرحام الكلاب. 388-[فخر قبيلتين زنجيتين] قالوا: والزّنج صنفان، قبيلة زنجيّة فوق قبيلة، وهما صنفان: النمل والكلاب، فقبيلة هم الكلاب، وقبيلة هم النمل، فخر هؤلاء بالكثرة، وفخر هؤلاء بالشدّة. وهذان الاسمان هما ما اختاراهما لأنفسهما ولم يكرها عليهما. 389-[كلب الله] «2» قال: ويقال إنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لعتبة بن أبي لهب: «أكلك كلب الله» فأكله الأسد. [ففى هذا الخبر فائدتان] «3» . فواحدة: قد ثبت بذلك أنّ الأسد كلب الله. والثانية: أنّ الله تبارك وتعالى لا يضاف إليه إلّا العظيم، من جميع [الأشياء من] » الخير والشرّ. فأما الخير فقولك: بيت الله، وأهل الله، وزوّار الله، وكتاب الله، وسماء الله، وأرض الله، وخليل الله، وكليم الله، وروح الله، وما أشبه ذلك. وأما الشرّ

390 -[تسمية أنواع من الحيوانات بالكلاب]

فكقولهم: دعه في لعنة الله وسخط الله، [وأليم عذابه] «1» ، ودعه في نار الله وسعيره «2» ، وما أشبه ذلك. وقد يسمّي المسلمون والنّاس كلبا. 390-[تسمية أنواع من الحيوانات بالكلاب] وقد زعم آخرون: أنّ بنات آوى، والثعالب والضّباع، والكلاب كلّها كلاب، ولذلك تسافد وتلاقح. وقال آخرون: لعمري إنّها الكلاب إذا أردتم أن تشبّهوها، فأمّا أن تكون كلابا لعلّة أو علّتين- والوجوه التي تخالف فيها الكلاب أكثر فإنّ هذا ممّا لا يجوز. وقول من زعم أنّ الجواميس بقر وأنّ الخيل حمر، أقرب إلى الحقّ من قولكم، وقول من زعم أنّ الجواميس ضأن البقر. والبقر ضأن أيضا، ولذلك سمّوا بقر الوحش نعاجا، كأنهم إنما ابتغوا اتّفاق الأسماء. وما بال من زعم أنّ الأسد والذئب والضبع والثعلب وابن آوى كلاب أحقّ بالصواب ممّن زعم أنّ الجواميس ضأن والبقر ضأن والماعز كلها شيء واحد. وهذا أقرب إلى الإمكان؛ لتشابهها في الظّلف والقرون والكروش وأنّها تجترّ. والسّنّور والفهد والنمر والببر «3» والأسد والذئب والضبع والثّعلب إلى أن تكون شيئا واحدا أقرب. وعلى أنّنا لم نتبين إلى الساعة أنّ الضّباع والكلاب وبنات آوى والذئاب تتلاقح؛ وما رأينا على هذا قط سمعا «4» ولا عسبارا «5» ، ولا كلّ ما يعدّون. وما ذكرهم لذلك إلّا من طريق الإخبار عن السّرعة، أو عن بعض ما يشبه ذلك. فأمّا التلاقح والتركيب العجيب الغريب، فالأعراب أفطن- والكلام عندهم أرخص- من أن يكونوا وصفوا كلّ شيء يكون في الوحش، وكلّ شيء يكون في السّهل والجبل، مما إذا جمع جميع أعاجيبه لم يكن أظرف ولا أكثر ممّا يدّعون من هذا التّسافد والتّلاقح والتراكيب في الامتزاجات. فكيف يدعون ما هو أظرف، والذي هو أعجب وأرغب، إلى ما يستوي في معرفته جميع الناس؟!.

391 -[تتمة القول في حديث: «أكلك كلب الله» ]

391-[تتمّة القول في حديث: «أكلك كلب الله» ] وقال آخرون: ليس الكلب من أسماء الأسد، كما أن ليس الأسد من أسماء الكلب، إلّا على أن تمدحوا كلبكم فيقول قائلكم: ما هو إلّا الأسد؛ وكذلك القول في الأسد إذا سمّيتموه كلبا، وذلك عند إرادة التصغير والتحقير، والتأنيب والتقريع؛ كما يقال ذلك للإنسان على جهة التشبيه. فإن كان النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك فإنّ ذلك على بعض ما وصفنا لك. ويقول أهل حمص: إنهم لا يغلبون؛ لأن فيها نور الله في الأرض. وما كلب الله إلا كنور الله. والله، تبارك وتعالى علوّا كبيرا، لا تضاف إليه الكلاب والسنانير والضّباع والثعالب. والنبي صلى الله عليه وسلم لم يقل هذا قطّ. وإن كان قاله فعلى صلة كلام أو على حكاية كلام. وقال صاحب الكلب: قد وضح الأمر، وتلقّاه الناس بالقبول، في أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أكلك كلب الله» وهو يعني الأسد. ومن دفع هذا الحديث فقد أنكر علامات الرسول صلى الله عليه وسلم. 392-[التسمية بمشتقات الكلب] والنّاس قد سمّوا الناس بكلب وكليب وكلاب وأكلب ومكاليب ومكالبة بنو ربيعة، وكليب بن ربيعة بن عامر. وفي العرب من القبائل كلب، وبنو الكلبة، وبنو كلاب، وأكلب بن ربيعة بن نزار عمارة ضخمة «1» . وكلب بن وبرة جذم «2» من الأجذام وهم نفر جمجمة، وكلّ سادات فهو يكنى أبا كليب، ومن ذلك عمرو ذو الكلب وأبو عمرو الكلب الجرمي وأبو عامر الكلب النحوي. وكيف لا يجوز مع ذلك أن يسمّى الأسد بالكلب، وكلّ هؤلاء أرفع من الأسد؟! وقد قالوا: كلب الماء، وكلب الرحى. والضّبّة «3» التي في الرحل يقال لها الكلب، والكلب: الخشبة التي تمنع الحائط من السّقوط، وتشخص في القناطر والمسنّيات «4» .

393 -[بين أبي علقمة المزني وسوار بن عبد الله]

والكلب الذي في السماء ذو الصّور. ويقال: داء الكلب، وقد اعتراه في الطعام كلب، وقد كلب عليهم في الحرب، و «دماء القوم للكلبى شفاء» «1» . ومنه الكلبة والكلبتان «2» والكلّاب «3» والكلّوب «4» ثمّ المكلّب والمكلب «5» وهذا مختلف مشتق من ذلك الأصل. ومنه علّويه كلب المطبخ، وحمويه كلب الجنّ. 393-[بين أبي علقمة المزني وسوار بن عبد الله] ولما شهد أبو علقمة المزنيّ عند سوّار بن عبد الله أو غيره من القضاة وتوقّف في قبول شهادته، قال له أبو علقمة: لم توقّفت في إجازة شهادتي؟ قال: بلغني أنّك تلعب بالكلاب والصّقور. قال: من خبّرك أنّي ألعب فقد أبطل، وإذا بلغك أنّي أصطاد بها فقد صدقك من أبلغك، وإنّي أخبرك أنّي جادّ في الاصطياد بها غير لاعب ولا هازئ، فقد وقف المبلّغ على فرق ما بين الجدّ واللّعب. قال: ما وقف ولا وقّفته عليه. فأجاز شهادته. 394-[قوله تعالى: يسألونك ماذا أحلّ لهم] وقد قال الله تعالى: يَسْئَلُونَكَ ماذا أُحِلَّ لَهُمْ «6» فقال لنبيّه: قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ «7» . فاشتقّ لكلّ صائد وجارح كاسب من باز، وصقر، وعقاب، وفهد، وشاهين، وزرّق «8» ، ويؤيؤ «9» ، وباشق، وعناق الأرض «10» ، من اسم الكلب. وهذا يدلّ على أنّه أعمّها نفعا، وأبعدها صيتا،

395 -[تأويل آية أصحاب الكهف]

وأنبهها ذكرا. ثمّ قال: تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ «1» فذكر تعليمهم لها إذ أضاف ذلك إلى نفسه، ثمّ أخبر عن أدبها وأنّها تمسك على أربابها لا على أنفسها. وزعم أصحاب الصّيد أن ليس في الجوارح شيء أجدر أن يمسك على صاحبه ولا يمسك على نفسه من الكلب. 395-[تأويل آية أصحاب الكهف] قال الله تعالى لنبيّه صلى الله عليه وسلم: أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً. إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقالُوا: رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً «2» . فخبّر كما ترى عن دعائهم وإخلاصهم، ثمّ قال جلّ وعزّ: فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً «3» ، ثمّ قال عزّ وجلّ: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً. وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ إِذْ قامُوا فَقالُوا: رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً «4» ثم قال: فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً. وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَتَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ «5» ثمّ قال بعد هذه الصّفة لحالهم، والتمكين لهم من قلوب السّامعين، والأعجوبة التي أتاهم بها: وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ «6» ثمّ قال: لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً «7» فخبّر أنّهم لم يستصحبوا من جميع من يألف النّاس ويرتفقون به، ويسكنون إليه، شيئا غير الكلب، فإنّ ممّا يألف النّاس ويرتفقون به، ويسكنون إليه، شيئا غير الكلب، فإنّ ممّا يألف النّاس ويرتفقون به، ويسكنون إليه: الفرس والبعير والحمار والبغل، والثّور والشاة، والحمام والدّيكة، كلّ ذلك مما يرتفق به ويستصحب في الأسفار، وينقل من بلد إلى بلد. والناس يصطادون بغير الكلب، ويستمتعون بأمور كثيرة، فخبّر عنهم بعد أن جعلهم خيارا أبرارا، أنّهم لم يختاروا استصحاب شيء سوى الكلب، وليس يكون ذلك من الموفّقين المعصومين المؤيّدين، إلّا بخاصّة في الكلب لا تكون في غيره.

396 -[الاستطاعة قبل الفعل]

ثمّ أعاد ذكر الكلب، ونبّأ عن حاله، بأن قال عزّ وجلّ: إِذْ يَتَنازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْياناً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً. سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ما يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ. فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلَّا مِراءً ظاهِراً وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً «1» وفي قولهم في الآية ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ «2» دليل على أنّ الكلب رفيع الحال، نبيه الذكر، إذ جعل رابعهم، وعطف ذكره على ذكرهم، واشتقّ ذكره من أصل ذكرهم، حتّى كأنّه واحد منهم، ومن أكفائهم أو أشباههم أو ممّا يقاربهم. ولولا ذلك لقال: سيقولون ثلاثة معهم كلب لهم. وبين قول القائل معهم كلب لهم، وبين قوله رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ «3» - فرق بيّن وطريق واضح. فإن قلتم: هذا كلام لم يحكه الله تعالى عن نفسه، وإنّما حكاه عن غيره، وحيث يقول: ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ «4» وقد صدقتم، والصّفة على ما ذكرتم؛ لأنّ الكلام لو كان منكرا لأنكره الله تعالى، ولو كان معيبا لعابه الله، فإذ حكاه ولم يعبه، وجعله قرآنا وعظّمه بذلك المعنى، ممّا لا ينكر في العقل ولا في اللغة، كان الكلام إذا كان على هذه الصفة مثله؛ إذ كان الله عزّ وجلّ المنزل له. 396-[الاستطاعة قبل الفعل] ومثل ذلك مثّل بعض المخالفين في القدر، فإنّه سأل بعض أصحابنا فقال: هل تعرف في كتاب الله تعالى أنّه يخبر عن الاستطاعة، أنّها قبل الفعل؟ قال: نعم، أتى كثير، من ذلك قوله تعالى قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ «5» . قال المخالف: سألتك أن تخبرني عن الله، فأخبرتني عن عفريت لو كان بين يديّ لبزقت في وجهه! قال صاحبنا: أمّا سليمان النبيّ، صلى الله عليه وسلم، فقد ترك النّكير عليه، ولو كان مثل هذا القول كفرا وافتراء على الله، ومغالبة وتفويضا للمشيئة إلى النفس، لكان سليمان ومن حضره من المسلمين من الجنّ والإنس أحقّ بالإنكار، بل لم يكن العفريت في هذا الموضع هو الذي يسرع فيه

397 -[دفاع عن الكلب]

ويذكر الطاعة، ولا يتقرّب فيه بذكر سرعة النفوذ، ويبشر فيه بأنّ معه من القوّة المجعولة ما يتهيأ لمثله قضاء حاجته، فيكذب ثمّ لا يرضى بالكذب حتّى يقول قولا مستنكرا، ويدّعي قوّة لا تجعل له، ثمّ يستقبل بالافتراء على الله تعالى والاستبداد عليه، والاستغناء عنه- نبيّا قد ملك الجنّ والإنس والرّياح والطير، وتسيير الجبال، ونطق كلّ شيء، ثمّ لا يزجره فضلا عن أن يضربه، ويسجنه فضلا عن أن يقتله. وبعد، فإن الله تبارك وتعالى لم يجعل ذلك القول قرآنا، ويترك التنبيه على ما فيه من العيب، إلا والقول كان صدقا مقبولا. وبعد، فإن هذا القول قد سمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتلاه على الناس، وما زالوا يتلونه في مجالسهم ومحاريبهم، أفما كان في جميع هؤلاء واحد يعرف معرفتك، أو يغضب لله تعالى غضبك؟!. 397-[دفاع عن الكلب] قال صاحب الكلب: لو اعترضت جميع أهل البدو في جميع الآفاق من الأرض، أن تصيب أهل خيمة واحدة، ليس عندهم كلب واحد فما فوق الواحد لما وجدته. وكذلك كانوا في الجاهليّة، وعلى ذلك هم في الإسلام. فمن رجع بالتخطئة على جميع طوائف الأمم، والتأنيب والاعتراض على جميع اختيارات الناس، فليتّهم رأيه؛ فإنّ رأي الفرد ولا سيّما الحسود، لا يفي برأي واحد، ولا يرى الاستشارة حظا وكيف بأن يفي بجميع أهل البدو من العرب والعجم. والدليل على أنّ البدو قد يكون في اللّغة لهما جميعا قول الله عزّ وجلّ: وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي » ولو ابتلي صاحب هذا القول بأن ينزل البادية، لتحوّل رأيه، واستبدل به رأي من قد جرّب تقريب الكلب وإبعاده. وقد قال أبو عبّاد النميري: لا يكون البنيان قرية حتى ينبح فيه كلب، ويزقو فيه ديك. ولمّا قال أحمد بن الخاركي: لا تصير القرية قرية حتّى يصير فيها حائك ومعلّم، قال أبو عبّاد: يا مجنون إذا صارت إلى هذا فقد صارت مدينة. وللكلب إثباته وجه صاحبه، ونظره في عينيه وفي وجهه، وحبّه له، ودنوّه منه، حتّى ربّما لاعبه ولاعب صبيانه بالعضّ الذي لا يؤثّر ولا يوجع، وهي الأضراس التي لو نشّبها في الصخر لنشبت، والأنياب التي لو أنحى بها على الحصى لرضّها.

398 -[أطباء الكلبة والخنزيرة والفهدة]

وقد تراه وما يصنع بالعظم المدمج، وبالفقرة من الصّلب القاسي الذي ليس بالنّخر البالي، ولا بالحديث العهد بالودك الذي يلين معه بالمضغ ويطيب، فتراه كيف يرضّه ويفتّته، ثمّ إن مانعه بعض الممانعة، ووافق منه بعض الجوع، كيف يبتلعه وهو واثق باستمرائه وهضمه، أو بإذابته وحلّه. وله ضروب من النّغم، وأشكال من الأصوات، وله نوح وتطريب، ودعاء وخوار، وهرير وعواء، وبصبصة، وشيء يصنعه عند الفرح، وله صوت شبيه بالأنين إذا كان يغشى الصيد، وله إذا لاعب أشكاله في غدوات الصّيف شيء بين العواء والأنين. وله وطء للحصى مثله بأن لو وطئ الحصى على أرض السطوح لا يكون مثله وطء الكلب يربى على وزنه مرارا «1» . وإذا مرّ على واد جامد ظاهر الماء، تنكّب مواضع الخرير في أسفله. قال الشاعر- ورأى رجلا اسمه وثّاب واسم كلبه عمرو- فقال: [من مجزوء الوافر] ولو هيّا له الله ... من التّوفيق أسبابا «2» لسمّى نفسه عمرا ... وسمّى الكلب وثّابا 398-[أطباء الكلبة والخنزيرة والفهدة] قال: والكلبة كثيرة الأطباء، وكذلك الخنزيرة. وللفهدة أربعة أطباء من لدن صدرها وقرب إبطيها إلى رفغيها «3» ، وللفيل حلمتان تصغران عن جثّته. وهما مما يلي الصّدر مثل الإنسان، والذّكر في ذلك يشبّه بالرجل؛ لأن للرجل ثديين صغيرين عن جثته. 399-[واقية الكلاب] ويقال: إنّ على الكلاب واقية من عبث السّفهاء والصّبيان بها. قال دريد بن الصّمّة، حين ضرب امرأته بالسيف ولم يقتلها: [من الوافر] أقرّ العين أن عصبت يداها ... وما إن يعصبان على خضاب «4»

400 -[استطراد لغوي]

فأبقاهنّ أنّ لهنّ جدّا ... وواقية كواقية الكلاب «1» وقال الآخر: [من المتقارب] إن يقنا الله من شرّها ... فإنّ الكلاب لها واقيه ويروى: سينجيه من شرّها شرّه وقال غيره: [من الكامل] ولقد قتلتك بالهجاء فلم تمت ... إن الكلاب طويلة الأعمار «2» وقال بشر بن المعتمر: [من السريع] الناس دأبا في طلاب الثّرا ... فكلّهم من شأنه الختر «3» كأذؤب تنهشها أذؤب ... لها عواء ولها زفر 400-[استطراد لغوي] قال: ويقال قزح الكلب ببوله يقزح قزحا، إذا بال. قال: وقال أبو الصّقر: يقزح ببوله حين يبول، وشغر الكلب يشغر إذا رفع رجله، بال أو لم يبل. ويقال شغرت بالمرأة أشغرها شغرا إذا رفعت رجلها للنّكاح، قال: ويقال عاظل الكلب معاظلة، يعني السّفاد، قال أبو الزحف: [من الرجز] كمشية الكلب مشى للكلبة ... يبغي العظال مصحرا بالسّوءة «4» قال: ويقال كلب عاظل وكلاب عظّل وعظالى. وقال حسان بن ثابت الأنصاري: [من الطويل] ولست بخير من يزيد وخالد ... ولست بخير من معاظلة الكلب «5» قال مالك بن عبد الله الجعديّ، يوم فيف الرّيح «6» : حدّثني أبي، لقد نظرت

401 -[تعفير البهائم والسباع أولادها]

يومئذ إلى بني عبد الحارث بن نمير، فما شبّهتهم إلّا بالكلاب المتعاظلة حول اللواء. وقال أبو براء عامر بن مالك ملاعب الأسنّة- لاعبه الحارث واليوم قال فقال «1» منذ يومئذ. قال: والسّلوقيّة منسوبة إلى سلوق من بلاد اليمن، لها سلاح جيّد وكلاب فرّه. وقال القطاميّ: [من الكامل] معه ضوار من سلوق له ... طورا تعانده وتنفعه «2» 401-[تعفير البهائم والسباع أولادها] قالوا: وليس في الأرض بهيمة ولا سبع أنثى تريد فطام ولدها وإخراجه من اللّبن إلى اللحم، أو من اللبن إلى العشب، إن كانت بهيمة إلّا وهي تعفر ولدها. والتعفير: أن ترضعه وتمنعه حتى يجوع ويطلب اللحم إن كان سبعا، والعشب إن كان بهيمة. فلا تزال تنوّله وتماطله وكلما مرّت عليه الأيّام كان وقت منعها له أطول، حتّى إذا قوي على أكل اللّحم أو العشب فطمته. قال لبيد في مثل ذلك «3» : [من الكامل] أفتلك أم وحشيّة مسبوعة ... خذلت وهادية الصّوار قوامها «4» خنساء ضيّعت الفرير فلم يرم ... عرض الشّقائق طوفها وبغامها «5» لمعفّر قهد تنازع شلوه ... غبس كواسب لا يمنّ طعامها «6» صادفن منها غرّة فأصبنها ... إنّ المنايا لا تطيش سهامها لأنّ البقرة إذا كانت بحضرة ولدها لم تضيّعه ومنعت السّباع منه، وقاتلت دونه بقرونها أشدّ القتال، حتّى تنجيه أو تعطب.

402 -[بعض من كني بالكلاب]

402-[بعض من كني بالكلاب] قال: وكان ابن لسان الحمّرة «1» يكنى أبا كلاب. وكان زوج حبّى المدنيّة يقال له ابن أمّ كلاب، وقال الشّاعر يذكرها: [من الطويل] وما وجدت وجدي به أمّ واحد ... ولا وجد حبّى بابن أمّ كلاب «2» رأته طويل السّاعدين شمردلا ... كما انبعثت من قوّة وشباب 403-[صفة عيون الكلاب] وقال آخر يصف عيون الكلاب إذا أبصرت الصّيد: [من الطويل] مجزّعة غضف كأنّ عيونها ... إذا آذن القنّاص بالصّيد عضرس «3» مجزّعة: في أعناقها جزع، وهو الودع يجعل في القلائد. يقول: تبيضّ عيونها حين تختل الصّيد. والعضرس هاهنا: البرد. وقال الآخر: [من الكامل] خوص تراح إلى الصّراخ إذا غدت ... فعل الضّراء تراح للكلّاب «4» وقال آخر وذكر الضّراء، وهو يصف الشّيخ وضعفه: [من الوافر] ومنها أن يقاد به بعير ... ذلول حين تهترش الكلاب قال: وهم عند الحاجة يعدّون الكلب والمطيّة، وأنشد: [من الطويل] فأعقب خيرا كلّ أهوج مهرج ... وكلّ مفدّاة العلالة صلدم «5»

404 -[تعرض الذئب للغنم مع الصبح]

وقال الآخر: [من الرجز] مفدّيات وملقّبات وأنشد قول أبي ذؤيب في شبيه بالمعنى الأوّل: [من الكامل] شغف الكلاب الضّاريات به ... فإذا يرى الصّبح المصدّق يفزع «1» يقول: هذه الثّيران لما قد لقّين مع الصبح والإشراق من الكلاب، صار أحدها حين يرى ساطع الصبح يفزع، وذلك أنّها تمطر ليلتها فتشرّق في الشمس، فعندها ترسل عليها الكلاب. 404-[تعرض الذئب للغنم مع الصبح] ويقال إنّ أكثر ما يعرض الذّئب للغنم مع الصّبح، وإنّما رقب فترة الكلب وكلاله، لأنه بات ليلته دائبا يحرس. وقال أعرابيّ وكسر ذئب شاة له مع الصّبح، فقال: [من البسيط] أودى بوردة أمّ الورد ذو عسل ... من الذّئاب إذا ما راح أو بكرا «2» لولا ابنها وسليلات لها غرر ... ما انفكّت العين تذري دمعها دررا كأنّما الذّئب إذ يعدو على غنمي ... في الصّبح طالب وتر كان فاتّأرا «3» اعتامها اعتامه شثن براثنه ... من الضّواري اللّواتي تقصم القصرا «4» 405-[سبب نزول آية في صيد الكلاب] ولما قال النبيّ عليه الصلاة والسلام لزيد الخيل من الخير ما قال. وسمّاه زيد الخير، ما سأله زيد شيئا، ولا ذكر له حاجة، إلّا أنّه قال: يا رسول الله، فينا رجلان يقال لأحدهما ذريح، والآخر يكنى أبا دجانة، ولهما أكلب خمسة تصيد الظباء، فما

406 -[العلاج برجيع الكلاب]

ترى في صيدهم؟ فأنزل الله عزّ وجلّ: يَسْئَلُونَكَ ماذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ «1» . فأوّل شيء يعظّم في عينك شأن الكلب، أنّ هذا الوافد الكريم الذي قيل له ما قيل، وسمّي بما لم يسمّ به أحد- لم يسأل إلّا عن شأن الكلب. وثانية وهي أعظمها: أنّ الله تعالى أنزل فيه عند ذلك آيا محكما فقال: أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ فسمّى صيدها طيّبا، ثم قال: وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ مخبرا عن قبولها للتعليم والتأديب. ثم قال: مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ ولولا أنّ ذلك الباب من التعليم والعلم مرضيّ عند الله عزّ وجلّ، لما أضافه إلى نفسه. ثم قال: فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ فأوّل شيء يعظم به في عينك إمساكه عليك. وهكذا يقول أصحاب الصيد، إن كل صائد فإنّما يمسك على نفسه إلّا الكلب فإنّه يمسك على صاحبه. ولو كان الجواب لزيد الخيل سنّة من سنن النبي صلى الله عليه وسلم لكان في ذلك الرّفعة، فكيف والكتاب فوق السّنّة. وقد روى هشام أنّ ابن عبّاس سمّى كلاب ذريح هذه وكلاب أبي دجانة فقال: المختلس، وغلّاب، والقنيص، وسلهب، وسرحان، والمتعاطس «2» . 406-[العلاج برجيع الكلاب] وزعم الأطبّاء أنّ من أجود أدوية الذّبحة والخانوق أن ينفح في حلق من كان ذلك به، ما جفّ من رجيع الكلاب. وأجود ذلك أن يكون يتغرغر به وربّما طلوه على جلد المحموم الحديد الحمّى. وأجود رجيع الكلاب أن يشتدّ بياضه. وليس يعتريه البياض إلّا عن أكل الطعام، وذلك رديء للقانص منها. والجعور قد تبيضّ إذا كان قوت صاحبها اللبن، ولذلك قال أبو كلاب- وهو ابن لسان الحمّرة- ومرّ به رجل من بني أسد فقال: قد علمت العرب يا معشر بني أسد أنّكم أشدّها بياض جعور، فعكف عليه فضربه بالسيف حتى برد.

407 -[دفاع عن الكلب]

وذلك أنّه عيّره بأنّهم لا يعرفون البقل، ولا يعرفون إلّا اللبن. وقال الشاعر يهجو ناسا منهم: [من الطويل] عراجلة بيض الجعور كأنّهم ... بمنعرج الغيطان شهب العناكب «1» والعرب تقول: اللّحم أقلّ الطّعام بخرا. 407-[دفاع عن الكلب] وقال صاحب الكلب: وما للدّيك وللكلاب، والكلاب ينزّل فيها القرآن ويحدث فيها السنن، ويشتقّ من أسمائها للنّاس وللأسد، ولها أسماء معروفة وأعراق منسوبة، وبلدان مشهورة، وألقاب وسمات، ومناقب ومقامات!! وما للدّيك إلّا ما تقول العوام: إنّه إذا كان في الدار ديك أبيض أفرق «2» لم يدخله شيطان. وليس يقوم خير ذلك، ولو كان ذلك حقّا، بشؤمه؛ لأنّ العوامّ تقضي على من كان في داره ديك أبيض أفرق بالزندقة. والذين يقولون إنّ الدار إذا كان فيها ديك أفرق لم يدخلها شيطان، هم الذين يقولون من أكل لحم سنّور أسود لم يضره سحر «3» ، وإذا دخّنت الدار بالدّخنة «4» التي سمّوها بدخنة مريم، أو باللّبان، لم يكن عليها لعمّار الدّار سبيل، فإن مرّت ساحرة تطير سقطت. وهم الذين لا يشكّون أنّ من نام بين البابين تخبّطه العمّار وخبلته الجنّ. 408-[ما يقال له: جرو] قال: ويقال لولد الكلب والذّئب والسّنّور أشباه ذلك: جرو. ويقال للصغير من الحنظل على مثل ذلك: جرو. وقال النّمر بن تولب: [من الطويل] بجرو يلقّى في سقاء كأنّه ... من الحنظل العاميّ جرو مفلّق «5» 409-[كلاب الحوءب] وممّا زاد في ذكر الكلب قول السّيّد بن محمد في شأن عائشة في الحديث

410 -[قولهم: لا أفعل حتى ينام ظالع الكلاب]

الذي رووه «1» - وكان السّيّد رافضيّا غاليا، وليس في ذكره شرف، ولكنّه أجمع للفنّ-: [من الكامل] تهوي من البلد الحرام فنبّهت ... بعد الهدوّ كلاب أهل الحوءب «2» قال: ويقال صرفت الكلبة صرافا وصروفا، وظلعت تظلع ظلوعا 410-[قولهم: لا أفعل حتى ينام ظالع الكلاب] قال: ومن الأمثال في ذلك: «لا أفعل حتّى ينام ظالع الكلاب» «3» . قال الأصمعيّ: هذا باطل، إنّما ذلك إذا أصاب الكلب ما يظلع منه لم يطق سفاد الكلبة حتّى تهدأ الرّجل، وحتّى تملّ الكلاب النّباح وتفترق، وتحتاج إلى النّوم لطول التعب، وإذا كان في ذلك الوقت يلتمس الظالع ورام سفاد الكلبة، لم يعرف ظلعه إلّا الكلبة. وأنشد فقال «4» : [من الطويل] تسدّيتها من بعد ما نام ظالع ال ... كلاب وأخبى ناره كلّ موقد وأنشد غيره لجران العود: [من الطويل] وكان فؤادي قد صحا ثمّ هاجه ... حمائم ورق بالمدائن هتّف «5» كأنّ الهديل الظّالع الرّجل وسطها ... من البغي شرّيب يغرّد مترف 411-[شعر في إشلاء الكلب على الضيوف] وقالوا أبياتا في غير هذا الباب، قال الأعرابيّ: [من الطويل] نزلنا بعبّاد فأشلى كلابه ... علينا فكدنا بين بابيه نؤكل «6» فقلت لأصحابي أسرّ إليهم ... أذا اليوم أو يوم القيامة أطول

412 -[استطراد لغوي]

وقال آخر: [من الكامل] أعددت للضّيفان كلبا ضاريا ... عندي وفضل هراوة من أرزن «1» وقال في خلاف ذلك مالك بن حريم الهمدانيّ: [من الطويل] وواحدة إلّا أبيت بغرّة ... إذا ما سوام الحيّ بات مصرّعا «2» وثانية ألّا تفزّع جارتي ... إذا كان جار القوم فيهم مفزّعا وثالثة ألّا أصمّت كلبنا ... إذا نزل الأضياف حرصا لتوزعا 412-[استطراد لغوي] قال: ويقال لحز الكلب الإناء، فهو يلحزه لحزا، ولحسه فهو يلحسه لحسا. قال أبو يزيد: وذلك إذا لحس الإناء من باطنه. والقرو: ميلغة الكلب، فإذا كان للكلب فإنّما هو من أسفل كوز أو ما أشبه ذلك، وإلّا فالقرو أسفل نخلة ينجر ويقوّب وينتبذ فيه. وقال الأعشى: [من السريع] أرمي بها البيد إذا أعرضت ... وأنت بين القرو والعاصر «3» في مجدل شيّد بنيانه ... يزلّ عنه ظفر الطّائر «4» 413-[أحجيّة في الكلب] وممّا يحاجي به النّاس بعضهم بعضا أن يقولوا: أتعرفون شيئا إذا قام كان أقصر منه إذا قعد؟ يريدون الكلب، لأنّ الكلب قعوده إقعاؤه، وهو إذا أقعى كان أرفع لسمكه، وأرفع في الهواء طولا منه إذا قام. وقال عمر بن لجأ: [من الرجز] عليه حنوا قتب مستقدم ... مقع كإقعاء الكليب المعصم «5»

414 -[معرفة فتاء الكلب وهرمه]

ويقال أقعى الكلب إقعاء، ولا يقال قعد ولا جلس، وفي الحديث: «أنّه نهى أن يقعي أحدهم في الصلاة إقعاء الكلب» «1» . 414-[معرفة فتاء الكلب وهرمه] قال صاحب الكلب: يعرف فتاء الكلب وهرمه بالأسنان، فإذا كانت سوداء كانت دليلا على كبره، وإذا كانت بيضا حادّة دلّت على الفتاء والحداثة. وقال: أسنان الذّكر أكثر. 415-[أصناف الحيوان الموصوفة بشدة المماضيغ] وأصناف الحيوان المشقوقة الأفواه كالكلب والأسد والفهد موصوفات بشدّة المماضيغ والفكّ والخراطيم. كالكلب والخنزير والذئب، فأشبه الكلب الأسد في شحو الفم واتّساعه، وعلى أنّ شحو فمه على مقدار جسمه، وأشبه الذّئب والخنزير في طول الخطم وامتداد الخرطوم، ولذلك كان شديد القلب، جيّد الاسترواح. فجمع الكلب دون هذه الأصناف ما يصلح للرضّ والحطم، كما جمع ما يصلح للابتلاع والالتهام والحطم والاستمراء. 416-[بعض ما قيل في الأسد] والأسد حريص واسع الشّحو، فهو يبتلع البضعة التي لو رآها الإنسان لم يظنّ أنّ حلقه يتّسع لمرور ذلك. ويقال إنّ عنقه عظم واحد واللّقم لا تجول فيه، وهو في ذلك قليل الرّيق، فلا يسلس في حلقه ما يمرّ فيه، بل يبتلع لفرط نهمه وشحو لحييه ضعفي ذلك المقدار. وقد زعم ناس أنّ الذي يدلّ على أنّ عنق السبع عظم واحد، ضعفه عن تصريفه عنقه، فلا يلتفت إلّا معا، فيسمّى الأصيد. 417-[أسنان الذئب والأفاعي] وقال جران العود في الذئب: [من البسيط] شدّ المماضغ منه كلّ ملتفت ... وفي الذّراعين والخرطوم تسهيل «2»

418 -[مما أشبه فيه الكلب الإنسان والأسد]

وقالوا في أسنان الذئب وفي أسنان بعض الحيّات بأنّها ممطولة «1» في الفكّين، يذهب إلى أنّه عظم مخلوق في الفك، وأنّه لا يثغر. وأنشدوا: [من السريع] مطلن في اللّحيين مطلأ إلى ... رأس وأشداق رحيبات والحيّات توصف بسعة الأشداق، والأفاعي خاصّة هي المنعوتة بذلك. وقال الشاعر- وهو جاهلي-: [من الكامل] خلقت لهازمه عزين ورأسه ... كالقرص فلطح من طحين شعير «2» ويدير عينا للوقاع كأنها ... سمراء طاحت من نفيض برير «3» وكأنّ شدقيه إذا استعرضته ... شدقا عجوز مضمضت لطهور 418-[مما أشبه فيه الكلب الإنسان والأسد] وممّا أشبه فيه الكلب الإنسان والأسد، أنّ كلّ واحد من هذه الأجناس إنّما له بطن واحد، وبعد البطن المعى، إلا أنّ بعض بطنها أعظم من بعض، ويناسبها في الذي ذكرنا الذئب والدّبّ، فما أكثر ما يناسبان الكلب، فلذلك صارا يتناكحان ويتلاقحان. وهذا قول صاحب المنطق. قال: وأمعاء الكلب أشبه شيء بأمعاء الحيّة، وهذا أيضا مما يزيد في قدره، لأنّه إمّا أن يشبه الإنسان، وإمّا أن يشبه رؤساء السباع ودواهي الحشرات، وكلّما كانت هذه المعاني فيه أكثر كان قدره أكبر. 419-[احتلام الحيوان] قال: والكلب يحلم ويحتلم، وكذلك الفرس والحمار، والصبيّ يحلم ولا يحتلم، والثّور في هذا كله كالصبيّ. ويعرف ذلك في الكلب إذا تفزّع وأنعظ. وزعم أنّ الاحتلام قد عوين من الفرس والبرذون والحمار. 420-[الحيوان الذي يطاول عند السفاد] قالوا: وليس العظال والتحام الفرجين إلّا في الكلب والذئاب، ومن أراد أن يفرّق بين الكلاب إذا تعاظلت وتسافدت رام أمرا عسيرا.

421 -[تلاحم الذئب والذئبة عند السفاد]

قالوا: والحيوان الذي يطاول عند السّفاد معروف، مثل الكلب والذئب والعنكبوت والجمل، وإن لم يكن هناك التحام. وإذا أراد العنكبوت السفاد جلبت الأنثى بعض خيوط نسجها من الوسط، فإذا فعلت ذلك فعل الذكر مثل ذلك، فلا يزالان يتدانيان حتى يتشابكا فيصير بطن الذّكر قبالة بطن الأنثى. وذلك شبيه بعادات الضفادع. 421-[تلاحم الذئب والذئبة عند السفاد] وقال أبو الحسن عن بعض الأعراب، قال «1» : إذا هجم الرّجل على الذّئب والذّئبة وهما يتسافدان، وقد التحم الفرجان، قتلهما ذلك الهاجم عليهما كيف شاء، لأنّهما قليلا ما يوجدان كذلك، لأنّ الذئب وحشيّ جدّا وشهيّ «2» جدّا، صاحب قفرة «3» وخلوة، وانفراد وتباعد، وإذا أراد الذّئبة توخّى موضعا من القفار لا يطؤه الأنيس، خوفا على نفسه، وضنّا بالذي يجد في المطاولة من اللّذة. وحدّثني أحمد بن المثنّى قال: خرجت إلى صحراء خوخ لجناية جنيتها وخفت الطّلب، وأنا شابّ، إذ عرض لي ذئب فكنت كلّما درت من شقّ استدار بي، فإذا درت له دار من خلفي، وأنا وسط برّيّة لا أجد معينا إلّا بشيء أسند إليه ظهري، وأصابني الدّوار، وأيقنت بالهلكة. فبينا أنا كذلك وقد أصابني ما أصابني- وذلك هو الذي أراده الذّئب وقدّره- إذا ذئبة قد عرضت، وكان من الصّنع وتأخير الأجل أنّ ذلك كان في زمن اهتياجها وتسافدها، فلما عاينها تركني وقصد نحوها، فما تلعثم «4» أن ركبها. وقد كنت قرأت في بعض الكتب أنّها تلتحم، ففوّقت سهمي وهما ينظران إليّ، فلمّا لم أر عندهما نكيرا حقّق ذلك عندي ما كان في الكتاب من تلاحمهما، فمشيت إليهما بسيفي حتّى قتلتهما. 422-[زمان تلاقح الكلاب والخنازير] قال: ومما يعدّ للكلاب أنّها كثيرا ما تلقح وتلقح لحال الدّفء أو الخصب، والكلب والخنزير في ذلك سواء، ولا يكاد غيرهما من الأصناف يتلاقح في ذلك الزمان. فالكلب كما ترى ينازع أيضا مواضع الإساءة والمحاسن في جميع الحيوان.

423 -[أسوأ ما يكون الحيوان خلقا]

423-[أسوأ ما يكون الحيوان خلقا] قال: وإناث الكلاب تصعب أخلاقها إذا كان لها جراء. وكلّ شيء له بيض أو جراء أو فراخ فأسوأ ما يكون خلقا وأنزق وأكثر ما يكون أذى وأعرم- إذا كان كذلك، إلّا إناث البقر. والكلب كلما كان أسنّ كان صوته أجهر وأغلظ. 424-[سن تزاوج الكلاب] قال: والكلب ينزو إذا تمّت له ستّة أشهر، وربّما كان ذلك منه وهو ابن ثمانية أشهر. والكلبة الأنثى تحمل واحدا وستين يوما، أطول ما يكون، ولا تضع قبل أن يتمّ لحملها ستّون يوما، ولا يبقى الجرو ولا يثربّى إذا قصّر عن ذلك، والأنثى تصلح أن ينزى عليها بعد ستّة أشهر 425-[ولد البكر أصغر جثة] والكلبة والحجر «1» والمرأة وغير ذلك، يكون أوّل نتاجها أصغر جثّة، وكذلك البيض إذا كان بكرا، وكذلك ما يخرج منه من فرّوج أو فرخ. 426-[سفاد الكلاب] وذكور الكلاب تهيج قبل الإناث في السّنّ، والإناث تهيج قبلها في وقت حركتها، وكلما تأخّر وقت الحدث إلى تمام الشّباب كان أقوى لولده. والكلاب لا تريد السّفاد عمرها كله، بل إلى وقت معلوم. وهي تلقح إلى أن تبلغ ثماني عشرة سنة، وربما انتدرت الكلبة فبلغت العشرين. والكلاب أجناس كثيرة: الكلب السلوقيّ يسفد إذا كان ابن ثمانية أشهر، والأنثى تطلب ذلك قبل الثمانية، وذلك عند شغور الذكر ببوله. والكلبة تحمل من نزو واحد. وقد عرف ذلك الذين عرفوا الكلاب وحضروا ليعرفوا ذلك. قال: والكلبة السّلوقيّة تحمل سدس السنة ستّين يوما، وربّما زادت على ذلك يوما أو يومين. والجرو إذا وضع يكون أعمى اثني عشر يوما ثمّ يبصر، والكلبة تسفد بعد وضعها في الشهر الثاني، ولا تسفد قبل ذلك.

427 -[أعمار الكلاب]

ومن إناث الكلاب ما تحمل خمس السنة، يعني اثنين وسبعين يوما، وإذا وضعت الجراء تكون عمياء اثنين وعشرين يوما. ومن أصناف الكلاب ما يحمل ربع السنة، أعني ثلاثة أشهر، وتضع جراء وتبقى كذلك سبعة عشر يوما، ثمّ ترضع جراءها على عدد أيّامها التي لا تبصر فيها. وزعم أنّ إناث الكلاب تحيض في كلّ سبعة أيام «1» ، وعلامة ذلك ورم أثفارها، ولا تقبل السفاد في ذلك الوقت، بل في السبعة التي بعدها ليكون ذلك تمام أربعة عشر يوما أكثر ما يكون، وربما كان كذلك لتمام ستّة عشر يوما. قالوا: وإناث الكلاب تلقي بعد وضع الجراء رطوبة غليظة بلغميّة، وإذا وضعتها بعد الجراء اعتراها هزال، وكذلك عامّة الإناث. ولبنها يظهر في أطبائها قبل أن تضع بخمسة أيام أكثر ذلك. وربما كثر اللبن في أطبائها قبل ذلك بسبعة أيام، وربّما كان ذلك في مقدار أربعة أيام. ولبنها يظهر ويجود إذا وضعت من ساعتها. قال: فأمّا السلوقيّة فيظهر لبنها بعد حملها بثلاثين يوما، ويكون لبنها أوّل ما تضع غليظا، فإذا أزمن رقّ ودقّ. ولبن الكلاب يخالف لبن سائر الحيوان بالغلظ، بعد لبن الخنازير والأرانب. وقد تكون علامة مبلغ سفادها مثل ما يعرض للنّساء من ارتفاع الثّديين. ومعرفة ذلك عسيرة، وهذه علامات تظهر لأناث الكلاب. وذكورة الكلاب ترفع أرجلها وتبول لتمام ستّة أشهر، ومنها ما لا يفعل ذلك إلى أن يبلغ ثمانية أشهر، ومنها ما يعجّل قبل ذلك. قال: ونقول بقول عامّ إنّ الذكور تفعل ذلك إذا قويت، فأمّا الإناث فهي تبول مقعية، ومنها ما تشغر. وأكثر ما تضع الكلبة اثنا عشر جروا، وذلك في الفرط، وأكثر ذلك الخمسة والسّتة، وربّما وضعت واحدا «2» . فأمّا إناث السلوقّية فهي تضع ثمانية أجراء، وإناثها وذكورها تسفد ما بقيت، ويعرض للكلاب السلوقيّة عرض خاصّ: وهي أنّها كلّما بقيت كانت أقوى على السّفاد. 427-[أعمار الكلاب] وذكورة السلوقيّة تعيش عشر سنين، والإناث تعيش اثنتي عشرة سنة، وأكثر أجناس الكلاب تعيش أربع عشرة سنة. وبعض الأجناس تبقى عشرين سنة «3» .

428 -[أمراض الكلاب]

قال: وإناث الكلاب أطول أعمارا من الذكور، وكذلك هي في الجملة، وليس يلقي الكلب من أسنانه سنّا ما خلا النّابين، وإنّما يلقيهما إذا كان ابن أربعة أشهر. قال: ومن أجل أنّ الكلاب لا تلقي غير هذين النّابين يشكّ بعض الناس أنها لا تلقى سنّا البتّة. 428-[أمراض الكلاب] قال «1» : وللكلاب ثلاثة أصناف من المرض، وأسماؤها: الكلب بفتح اللام، والذبحة، والنقرس. والكلب جنون، فإن عرض لشيء من الحيوان كلب أيضا أماته، ما خلا الإنسان. وهو داء يقتل الكلاب، وتقتل به الكلاب كلّ شيء عضّته، إلّا الإنسان فإنّه يعالج فيسلم. قال: وداء الكلب يعرض للحمار، فأمّا الجنون وذهاب العقل فإنّه يصيب كلّ شيء، فمن ذلك ما يصيب الدوابّ، فإنّ منها ما يصرع كما يصرع المجنون. والسائس من الدواب: الذاهب العقل. 429-[صرع أعين الطبيب] وقد كان شأن أعين الطبيب عجبا، وذلك أنّه كان يصرع، واتّفق أنّه كان له بغل يصرع، فكان ربّما اتّفق أن يصرعا جميعا «2» ! وقد رأى ذلك كثير من أصحابنا البصريّين. 430-[الصّرع عند الحيوان] والصّرع عامّ في الحيوان، ليس يسلم منه صنف منها حتّى لا يعرض له منه شىء. والإنسان فوق جميع الحيوان تعذيبا، وكذلك هو في العقل والمعرفة والاحتيال له، مع دفع المضرّة واجتلاب المنفعة، وما أكثر ما يعتريهم ذلك. ومن ذلك ما يذهب، ومن ذلك ما لا يذهب. 431-[صرع الفضلاء] وقد كان بختيشوع المتطبّب عرض له ذلك، وقد كان عرض لعبد الملك بن قريب فذهب عنه. وربّما عرض للرّجل الذي لا يظنّ به ذلك في بيان ولا تبيين، ولا

432 -[الموتة]

في أدب، ولا في اعتدال من الأخلاط، والصحّة من المزاج، ثمّ لا يعرض من ذلك إلّا ما لا حيلة له فيه، كما كان يعرض لبشر بن أبي عمرو بن العلاء النحويّ المازنيّ وكما عرض لعبد الرحمن ومنصور الأسدّيين، فما زالا كذلك حتّى ماتا، ولم يبلغنا أنهما صرعا. 432-[الموتة] والموتة «1» جنس من الصّرع، إلّا أنّ صاحبه إذا أفاق عاد إلى كمال عقله كالنائم والسكران والمغشيّ عليه، وإن عاش صاحب الموتة في ذلك مائة عام. وليس يلقى شيء من الحيوان في هذا الباب كما يلقى الورشان. 433-[تباين درجات السّكر لدى الحيوان] وأمّا السّكر فليس شيء من الحيوان إلّا وهو يسكر، واختلاف سكره كاختلاف سكر الإنسان، فإنّ من الناس من تراه يتحدّث وهو يشرب فلا تنكر منه شيئا، حتّى يغلب عليه نوم السّكر ضربة واحدة، ومنهم من تراه والنبيذ يأخذ منه الأوّل فالأوّل، وتراه كيف تثقل حركته، ويغلظ حسّه ويتمحّق، حتى يطيش عليه السّكر بالعبث، ويطبق عليه النوم. ومنهم من يأخذه بالعبث لا يعدوه. ومنهم من لا يرضى بدون السّيف، وإلا بأن يضرب أمّه ويطلّق امرأته. ومنهم من يعتريه البكاء، ومنهم من يعتريه الضّحك، ومنهم من يعتريه الملق والتّفدية، والتّسليم على المجالس، والتّقبيل لرؤوس الناس، ومنهم من يرقص ويثب، ويكون ذلك على ضربين: أحدهما من العرض «2» وفضل الأشر «3» ، والآخر تحريك المرارة، وهي علّة الفساد وهيجان الآفة. وكلّ هذه الحالات والصّور، والعنوت، والأجناس، والتوليد، الذي يختلف في طبائع الناس، وطبائع الأشربة؛ وطبائع البلدان والأزمان والأسنان، وعلى قدر الأعراق والأخلاق، وعلى قدر القلّة والكثرة، وعلى قدر التصريف والتوفيق، قد وجدوه في جميع أصناف الناس والحيوان، إلّا أنّ في الناس واحدة لم توجد في سائر الحيوان قط، فإنّ في الناس من لا يسكر البتّة، كان [منهم] محمد بن الجهم وأبو عبد الله العمّيّ.

434 -[سكر العمي]

وكان بين عقل زبيد بن حميد إذا شرب عشرة أرطال، وبين عقله إذا ابتدأ الشرب، مقدار صالح. 434-[سكر العمّي] وإمّا العمّيّ فإنّ بني عبد الملك الزياديّين دعوني مرّة ليعجّبوني منه، ولم ينبّهوني على هذه الخاصّة التي فيه، لأكون أنا الذي أنتبه عليه، فدخلت على رجل ضخم فدم «1» غليظ اللسان، غليظ المعاني، عليه من الكلام أشل المؤنة، وفي معانيه اختلاف، ليس منها شيء يواتي صاحبه ولا يعاونه ولا يشاركه ولا يناسبه، وحتّى ترى أنّ أذنه في شقّ ولسانه في شقّ، وحتّى تظنّ أنّ كلامه كلام محموم أو مجنون، وأنّ كلّ واحد منهما يقطع نظام المعاني، ويخلط بين الأسافل والأعالي. فشرب القوم شرب الهيم «2» ، وكانت لهم أجساد مدبرة، وأجواف منكرة، وكنت كأنّي رجل من النّظّارة. فما زال العمّيّ يشرب رطلا، ويرقّ لسانه، وينحلّ عقده «3» ، ويصفو ذهنه، ويذهب كدره. ولو قلت إنّي لم أر مثله حسن نفس كنت صادقا. فالتفت إليّ القوم أجمعهم فقالوا: لولا هذا العجب ما عجّبناك اليوم مع حداثة عهدنا بك. وزعم العمّيّ وكان كثير المنازعة عند القضاة، أنّه كان إذا قارب العشرة الأرطال ثمّ نازع الخصوم، كان ذلك اليوم الذي يفوت فيه ذرع الخصوم «4» للحن بحجّته «5» ، ويستميل فيه رأي القاضي المنعقد في مجلسه الطويل، القطوب في وجه من نازع إليه. وقال الشاعر: [من الطويل] وجدت أقلّ النّاس عقلا إذا انتشى ... أقلّهم عقلا إذا كان صاحيا «6» تزيد حسى الكاس السّفيه سفاهة ... وتترك أخلاق الرّجال كما هيا «7» قال: وهذا شعر بعض المولّدين، والأعاريب لا تخطئ هذا الخطأ؛ قد رأينا أسفه الناس صاحيا أحلم الناس سكران؛ وهو مرداس صاحب زهير، ورأينا أحسن

435 -[سبب ما له عرف المعتزلة سكر البهائم]

النّاس خلقا وأوزنهم حلما، حتّى إذا صار في رأسه رطل كان أخفّ من فراشة «1» ، وأكثر نزوا من جرادة رمضة «2» ، فإنّ المثل بها يضرب. 435-[سبب ما له عرف المعتزلة سكر البهائم] وكان سبب ما له عرف أصحابنا سكر البهائم. أنّ محمّد بن عليّ بن سليمان الهاشميّ لمّا شرب على علّويه كلب المطبخ، وعلى الدّهمان، وعلى شرّاب البصريّين، وعلى كلّ من نزع إليه من الأقطار، وتحدّاه من الشرّاب الجوادّ من الشّرّاب، أحبّ أن يشرب على الإبل من البخاتيّ والعراب، ثمّ على الظّلف من الجواميس والبقر، ثم على الخيل العتاق والبراذين، فلمّا فرغ من كلّ عظيم الجثة واسع الجفرة «3» . صار إلى الشاء والظّباء، ثمّ صار إلى النّسور والكلب وإلى ابن عرس، وحتّى أتاهم حاو فأرغبوه، فكان يحتال لأفواه الحيّات حتّى يصبّ في حاقّ «4» أجوافها بالأقماع المدنيّة، وبالمساعط، ويتّخذ لكلّ شيء شكله، وكان ملكا تواتيه الأمور، وتطيعه الرجال، فأبصروا تلك الاختلافات في هذه الأجناس المختلفة. 436-[نعت النّظام] فخبّرني أبو إسحاق إبراهيم النّظام، وقد كان جالسه حينا- وكان إبراهيم مأمون اللّسان، قليل الزّلل والزّيغ في باب الصدق والكذب. ولم أزعم أنّه قليل الزّيغ والزّلل على أنّ ذلك قد كان يكون منه وإن كان قليلا، بل إنّما قلت على مثل قولك: فلان قليل الحياء، وأنت لست تريد هناك حياء البتة، وذلك أنّهم ربّما وضعوا القليل في موضع ليس. وإنما كان عيبه الذي لا يفارقه سوء ظنّه، وجودة قياسه على العارض والخاطر والسابق الذي لا يوثق بمثله. فلو كان بدل تصحيحه القياس التمس تصحيح الأصل الذي كان قاس عليه أمره على الخلاص، ولكنّه كان يظنّ ثمّ يقيس عليه وينسى أنّ بدء أمره كان ظنّا فإذا أتقن ذلك وأيقن، جزم عليه، وحكاه عن صاحبه حكاية المستبصر في صحّة معناه. ولكنّه كان لا يقول سمعت، ولا رأيت. وكان كلامه إذا خرج مخرج الشّهادة القاطعة لم يشكّ السامع أنّه إنّما حكى ذلك عن سماع قد امتحنه، أو عن معاينة قد بهرته.

437 -[الظبي أملح الحيوان سكرا]

437-[الظبي أملح الحيوان سكرا] فحدّثني إبراهيم قال: شهدت أكثر هذه التّجرية التي كانت منهم في إسكار البهائم وأصناف السباع، ولقد احتال لأسد مقلّم الأظفار ينادى عليه: العجب العجب!! حتى سقاه وعرف مقداره في الاحتمال، فزعم، أنّه لم يجد في جميع الحيوان أملح سكرا من الظّبي. ولولا أنّه من الترفّه لكنت لا يزال عندي الظّبي حتّى أسكره وأرى طرائف ما يكون منه. 438-[التعلم والجرأة عند بعض الحيوان] قال: وإناث الكلاب السّلوقيّة أسرع تعلّما من الذّكورة. قال: وجميع أصناف السباع ذكورتها أجرأ وأمضى وأقوى، إلّا الفهدة والذّيبة. والعامّة تزعم أنّ اللّبؤة أجرأ من الأسد، وليس ذلك بشيء، وهو أنزق وأحدّ، وأفرق من الهجهجة «1» ، وأبعد من التصميم وشدّة الصّولة. 439-[بين عروة بن مرثد وكلب حسبه لصّا] قال بشر بن سعيد «2» : كان بالبصرة شيخ من بني نهشل يقال له عروة بن مرثد، نزل ببني أخت له في سكّة بني مازن، وبنو أخته من قريش، فخرج رجالهم إلى ضياعهم وذلك في شهر رمضان، وبقيت النّساء يصلّين في مسجدهم، فلم يبق في الدار إلّا كلب يعسّ، فرأى بيتا فدخل وانصفق الباب، فسمع الحركة بعض الإماء فظّنوا أنّ لصّا دخل الدار فذهبت إحداهنّ إلى أبي الأعزّ، وليس في الحيّ رجل غيره، فأخبرته فقال أبو الأعزّ: ما يبتغي اللصّ منّا؟! ثمّ أخذ عصاه وجاء حتّى وقف على باب البيت فقال: إيه يا ملأمان «3» ! أما والله إنّك بي لعارف، وإنّي بك أيضا لعارف، فهل أنت إلا من لصوص بني مازن، شربت حامضا خبيثا، حتّى إذا دارت الأقداح في رأسك منّتك نفسك الأماني، وقلت دور بني عمرو، والرّجال خلوف، والنّساء يصلّين في مسجدهنّ، فأسرقهنّ! سوءة والله، ما يفعل هذا الأحرار! لبئس والله ما منّتك نفسك! فاخرج وإلّا دخلت عليك فصرمتك منّي العقوبة! لايم الله لتخرجنّ أو لأهتفنّ هتفة مشؤومة عليك، يلتقي فيها الحيّان: عمرو وحنظلة، ويصير أمرك إلى

440 -[خصال الديك]

تباب، ويجيء سعد بعدد الحصى، ويسيل عليك الرّجال من هاهنا وهاهنا!! ولئن فعلت لتكوننّ أشأم مولود في بني تميم!! فلما رأى أنّه لا يجيبه أخذه باللّين وقال: اخرج يا بنيّ وأنت مستور، إنّي والله ما أراك تعرفني، ولو عرفتني لقد قنعت بقولي واطمأننت إليّ، أنا عروة بن مرثد أبو الأعزّ المرثديّ، وأنا خال القوم وجلدة ما بين أعينهم لا يعصونني في أمر، وأنا لك بالذّمة كفيل خفير، أصيّرك بين شحمة أذني وعاتقي لا تضارّ، فاخرج فأنت في ذمّتي، وإلا فإنّ عندي قوصرّتين «1» إحداهما إلى ابن أختي البارّ الوصول. فخذ إحداهما فانتبذها حلالا من الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم. وكان الكلب إذا سمع الكلام أطرق، وإذا سكت وثب يريغ المخرج، فتهافت الأعرابيّ، أي تساقط «2» ، ثمّ قال: يا ألأم الناس وأوضعهم، ألا يأني لك أنّا منذ الليلة في واد وأنت في آخر، إذا قلت لك السّوداء والبيضاء تسكت وتطرق، فإذا سكتّ عنك تريغ المخرج؟! والله لتخرجنّ بالعفو عنك أو لألجنّ عليك البيت بالعقوبة! فلما طال وقوفه جاءت جارية من إماء الحيّ فقالت: أعرابيّ مجنون!! والله ما أرى في البيت شيئا!! ودفعت الباب فخرج الكلب شدّا، وحاد عنه أبو الأعزّ مستلقيا، وقال: الحمد لله الذي مسخك كلبا، وكفاني منك حربا!! ثم قال: تالله ما رأيت كاللّيلة، ما أراه إلّا كلبا!! أما والله لو علمت بحاله لو لجت عليه. 440-[خصال الديك] قال صاحب الديك: في الدّيك الشّجاعة، وفي الديك الصّبر عند اللّقاء، وهم لا يجدون الصّبر تحت السّياط والعصا، إلّا أن يكون ذلك موصولا بالصّبر في الحرب على وقع السّلاح. وفي الدّيك الجولان، وهو ضرب من الرّوغان، وجنس من تدبير الحرب، وفيه الثّقافة والتسديد «3» ؛ وذلك أنّه يقدّر إيقاع صيصيته «4» بعين الديك الآخر ويتقرّب إلى المذبح فلا يخطئ. وهم يتعجّبون من الجزّار، ويضربون به المثل إذ كان لا يخطئ اللّبّة، ومن اللحّام إذا كان لا يخطئ المفصل، ولذلك قالوا في المثل: «يطبّق المحزّ ولا يخطئ

441 -[استطراد لغوي]

المفصل!» «1» . وهذا القول يذمّون به ويمدحون. والديك في ذلك أعجب، وله مع الطّعنة سرعة الوثبة، والارتفاع في الهواء. وسلاحه طرير «2» ، وفي موضع عجيب، وليس ذلك إلّا له، وبه سمّى قرن الثور صيصية، ثم سمّوا الآطام «3» التي كانت بالمدينة للامتناع بها من الأعداء صياصي، قال الله عزّ وجلّ: وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ «4» . والعرب تسمّي الدّارع وذا الجنّة «5» صاحب سلاح، فلما كان اسم سلاح الديك وما يمتنع به صيصية، سمّوا قرن الثور الذي يجرح صيصية. وعلى أنّه يشبّه في صورته بصيصية الديك وإن كان أعظم. ثمّ لمّا وجدوا تلك الآطام معاقلهم وحصونهم وجنّتهم، وكانت في مجرى التّرس والدرع والبيضة، أجروها مجرى السلاح، ثم سمّوها صياصي. ثمّ أسموا شوكة الحائك التي بها تهيّأ السّداة واللّحمة صيصية إذ كانت مشبّهة بها في الصورة، وإن كانت أطول شيئا؛ ولأنّها مانعة من فساد الحوك والغزل؛ ولأنّها في يده كالسلاح، متى شاء أن يجأ بها إنسانا وجأه به «6» . وقال دريد بن الصّمّة: [من الطويل] نظرت إليه والرّماح تنوشه ... كوقع الصّياصي في النّسيج الممدّد «7» 441-[استطراد لغوي] وقد تسمّي العرب إبرة العقرب شوكة، كما تسمّي صيصية الديك شوكة، وهي من هذا الوجه شبيهة بشوك النّخل. ويقال لمن ضربته الحمرة. قد ضربته الشّوكة؛ لأنّ الشّوكة إذا ضربت إنسانا، فما أكثر ما تعتريه من ذلك الحمرة.

وقد قال القطاميّ في تسمية إبرة العقرب شوكة: [من الطويل] سرى في جليد الأرض حتّى كأنّما ... تخزم بالأطراف شوك العقارب «1» وتوصف الحجر «2» وتشبّه بالشّوكة؛ لأنّ الشّوكة غليظة المآخر، لطيفة المقادم. والشّوك والسّلّاء سواء. وقال في ذلك علقمة بن عبدة يصف الحجر: [من البسيط] سلّاءة كعصا النّهديّ غلّ لها ... ذو فيئة من نوى قرّان معجوم «3» ومن سمّى إبرة العقرب حمة فقد أخطأ. وإنّما الحمة سموم ذوات الشعر كالدّبر «4» والزّنابير، وذوات الأنياب والأسنان كالأفاعي وسائر الحيات، وسموم ذوات الإبر من العقارب. فأمّا البيش «5» وما أشبهه من السّموم، فليس يقال له حمة. وها هنا أمور لها سموم في خراطيمها، كالذّبّان والبعوض وأشياء من الحشرات تعضّ وربّما قتلت، كالشّبث «6» وسامّ أبرص. والطّبّوع «7» شديد الأذى، والرّتيلاء «8» ربما قتلت، والضّمج» دون ذلك، وعقارب طيّارة: ولم نرهم يسمّون جميع السّموم بالحمة، فقلنا مثل ما قالوا، وانتهينا إلى حيث انتهوا. وقد يعرف بعض النّاس بأنّه متى عضّ قتل، كان منهم صفوان أبو جشم الثّقفيّ، وداود القرّاد. وسيقع هذا الباب في موضعه على ما يمكننا إن شاء الله تعالى. والناس يسمّون الرّجل إذا بلغ من حرصه ألّا يدع ذكرا، غلاما كان أو رجلا،

442 -[مزايا الديك]

وخصيّا كان أو فحلا، إلّا نكحه من فرط غلمته، ومن قوّة فحلته: صيصية. ويقولون: ما فلان إلا صيصية، وهو عندهم اسم لمن اشتدّ لواطه؛ تشبيها منهم بصيصية الديك في الحدّة والصّلابة. 442-[مزايا الديك] وللديك انتصابه إذا قام، ومباينته صورة في العين لصورة الدجاجة، وليس هذا الفرق الواضح من جميع الإناث والذكور موجودا إلّا فيه، وليس ذلك للحمام والحمامة، ولا للحمار والحمارة، ولا للبرذون والرّمكة «1» ولا للفرس والحجر «2» ، ولا للجمل والنّاقة؛ وليس ذلك إلّا لهذه الفحولة لأنّها كالرّجل والمرأة، والتّيس والظبية، والدّيك والدّجاجة وكالفحّال والنخلة المطعمة. ألا ترى أنّك لو رأيت ناقة مقبلة لم تدر أناقة هي أم جمل، حتى تنظر إلى موضع الثّيل والضّرع، وإلى موضع الحيا. وكذلك العنز، وكذلك جميع ما وصفت، إلّا أن يدّعوا أن للعامة أو لبعض الخاصة في ذلك خصوصيّة. ولذلك ضربوا المثل بالتّيس والنخلة والفحّال، فاشتقوا من هذا الفحل. وهذا أيضا من خصال الدّيك. ثمّ للديك لحية ظاهرة، وليست تكون اللّحى إلّا للجمل فإنّه يوصف بالعثنون، وإلّا للتّيس وإلّا للرّجل. وقال الرّاجز في الجمل: [من الرجز] مختلط العثنون كالتّيس الأحمّ ... سام كأنّ رأسه فيه وذم إذ ضمّ من قطريه هياج قطم ثمّ الديك بعد صاحب اللّحية والفرق «3» . وقالت امرأة في ولدها وزوجها: [من الرجز] أشهب ذي رأس كرأس الديك «4» أمّا قولها أشهب، فإنّها تريد أنّ شعر جسده قد ابيضّ من الكبر، وإنّما جعلت شعر رأسه كرأس الديك لأنّه كان مخضوب الرأس واللّحية بالحمرة، ثمّ لم ترض له بشبه الرجال من هذا الوجه حتّى جعلت رأسه أفرق، وذلك شيء من الجمال والوقار والفضل، لايتهيّأ للناس مع كمالهم وتمامهم إلّا بالتكلف والاحتيال فيه.

ثمّ يبلغ من شدّة تعجله ومن قوّته على السّفاد، وعلى الباب الذي يفخر به الإنسان إذا كان ذا حظّ منه وهو ممّا يذكي النّفس- كنحو ما ذكر عن التّيس المراطيّ، وكنحو ما تراهم يبركون للبختيّ الفالج عدّة قلاص «1» ، فإذا ضرب الأولى فخافوا عليها أن يحطمها وهو في ذلك قد رمى بمائه مرارا أفلته الرّجال على التي تليه في القرب، حتى يأتي على الثّلاث والأربع على ذلك المثال. وما دعاهم إلى تحويله عن الثالثة إلى الرابعة إلّا تخوفهم من العجز منه. وزعم أبو عبد الله الأبرص العمّيّ، وكان من المعتزلين، أنّ التّيس المراطي قرع في أول يوم من أوّل هيجة نيّفا وثمانين قرعة. والنّاس يحكون ما يكون من العصفور في الساعة الواحدة من العدد الكثير. والنّاس يدخلون هذا الشكل في باب الفضل، وفي باب شدّة العجلة وتظاهر القوّة. والديك يكون له وحده الدّجاج الكثير، فيوسعها قمطا وسفادا. وقد قلنا في حالة البيض الكثير التّرابي وقلبه إيّاه بسفاد إلى الحيوانيّة. وعلى أنّ الذي يخصيه إنّما يخرج له من بين الزّمكّي «2» وموضع القطاة «3» بيضتين عظيمتين معروفتين. وأنا رأيت ديكا هنديّا تسنّم دجاجة هنديّة فلم يتمكّن منها، فرأيت نطفته حين مجّها- وقد زلق عن ظهرها- على مدرة «4» ، وكانت الدار مثارة «5» لتجعل بستانا، فإذا تلك المجّة كالبزقة البيضاء، فأخذها بعض من كان معنا فشمّها حين رأى بياضها وخثورتها وكدرتها، ليعلم هل تناسب ريحها ريح نطفة الإنسان، وريح طلع الفحّال، فلم يجد ذلك. ثمّ معرفة الدّيك باللّيل وساعاته، وارتفاق بني آدم بمعرفته وصوته: يعرف آناء الليل وعدد الليل وعدد السّاعات، ومقادير الأوقات، ثمّ يقسّط أصواته على ذلك تقسيطا موزونا لا يغادر منه شيئا. ثمّ قد علمنا أنّ اللّيل إذا كان خمس عشرة ساعة

443 -[تفضيل الديك على الطاوس]

أنّه يقسّط أصواته المعروفة بالعدد عليها، كما يقسطها والليل تسع ساعات، ثمّ يصنع فيما بين ذلك من القسمة وإعطاء الحصص على حساب ذلك. فليعلم الحكماء أنّه فوق الأسطرلاب، وفوق مقدار الجزر والمدّ على منازل القمر، وحتّى كأنّ طبعه فلك على حدة. فجمع المعرفة العجيبة والرّعاية العجيبة. وربّ معرفة تكون نبيلة وأخرى لا تكون في طريق النّبالة. وإن كانت المعارف كلّها مفصّلة مقدّرة، إلّا أنّها في منازل ومراتب. وليس في الأرض معرفة بدقيق ولا جليل وهي في نفسها شريفة كريمة. والمعرفة كلّها بصر، والجهل كله عمى، والعمى كلّه شين ونقص، والاستبانة كلّها خير وفصل. ثمّ له بعد ذلك ارتفاق الناس بهذا المعنى منه. ومن ذلك بعد صوته، وأنّه يدلّ على أنّ موضعه مأهول مأنوس، ولذلك قالوا: لا يكون البنيان قرية حتّى يصقع فيها ديك. وليس في الأرض طائر أملح ملحا من فرّوج، وليس ذلك الاسم إلّا لولد الديك، وإلّا فكلّ شيء يخرج من البيض فإنّما هو فرخ والفرّوج حين تنصدع عنه البيضة، يخرج كاسبا عارفا بموضع لقط الحب وسدّ الخلّة، وهو أصيد للذّباب من السّودانيّ «1» ، ويدرج مع الولادة بلا فصل. وهذا مع ما أعطى من محبّة النساء، ورحمة الرجال، وحسن الرّأي من جميع الدار، ثم اتّباعه لمن دعاه، وإلفه لمن قرّبه. ثمّ ملاحة صوته وحسن قدّه، ثمّ الذي فيه ممّا يصحّ له الفروج ويتفرّج فيه. 443-[تفضيل الديك على الطاوس] وكان جعفر بن سعيد، يزعم أنّ الدّيك أحمد من الطاوس، وأنّه مع جماله وانتصابه واعتداله وتقلّعه إذا مشى، سليم من مقابح الطاوس ومن موقه وقبح صورته، ومن تشاؤم أهل الدار به ومن قبح رجليه، ونذالة مرآته. وزعم أنّه لو ملك طاوسا لألبس رجليه خفّا. وكان يقول: وإنّما يفخر له بالتّلاوين، وبتلك التعاريج التي لألوان ريشه. وربّما

رأيت الدّيك النّبطيّ وفيه شبيه بذلك. إلّا إنّ الدّيك أجمل من التّدرج «1» ؛ لمكان الاعتدال والانتصاب والإشراف، وأسلم من العيوب من الطاوس. وكان يقول: ولو كان الطاوس أحسن من الدّيك النّبطي في تلاوين ريشه فقط لكان فضل الديك عليه بفضل القدّ والخرط، وبفضل حسن الانتصاب وجودة الإشراف أكثر من مقدار فضل حسن ألوانه على ألوان الديك، ولكان السليم من العيوب في العين أجمل لاعتراض تلك الخصال القبيحة على حسن الطاوس في عين الناظر إليه. وأوّل منازل الحمد السلامة من الذّمّ. وكان يزعم أنّ قول الناس فلان أحسن من الطاوس، وما فلان إلّا طاوس، وأنّ قول الشاعر: [من الرجز] جلودها مثل طواويس الذّهب «2» وأنّهم لمّا سمّوا جيش ابن الأشعث الطواويس لكثرة من كان يجتمع فيه من الفتيان المنعوتين بالجمال، إنما قالوا ذلك لأن العامّة لا تبصر الجمال. ولفرس رائع كريم أحسن من كلّ طاوس في الأرض، وكذلك الرّجل والمرأة. وإنّما ذهبوا من حسنه إلى حسن ريشه فقط، ولم يذهبوا إلى حسن تركيبه وتنصّبه، كحسن البازي وانتصابه، ولم يذهبوا إلى الأعضاء والجوارح وإلى الشّيات والهيئة، والرأس والوجه الذي فيه. وكان جعفر يقول: لمّا لم يكن في الطاوس إلّا حسنه في ألوانه، ولم يكن فيه من المحاسن ما يزاحم ذلك ويجاذبه وينازعه ويشغل عنه، ذكر وتبيّن وظهر. وخصال الديك كثيرة، وهي متكافئة في الجمال. ونقول: لم يكن لعبد المطّلب في قريش نظير، وكما أنّه ليس للعرب في النّاس نظير؛ وذلك حين لم تكن فيه خصلة أغلب من أختها، وتكاملت فيه وتساوت، وتوافت إليه فكان الطّبع في وزن المعرفة، فقالوا عند ذلك: سيّد الأبطح وسيّد الوادي وسيّد قريش. وإذا قالوا سيّد قريش فقد قالوا سيّد العرب، وإذا قالوا سيّد العرب فقد قالوا سيّد الناس. ولو كان مثل الأحنف الذي برع في حلمه وبرع في سائر خصاله لذكروه بالحلم؛ ولذلك ذكر قيس بن زهير في الدّهاء، والحارث بن ظالم في الوفاء، وعتيبة ابن الحارث في النّجدة والثّقافة.

ولو أنّ الأحنف بن قيس رأى حاجب بن زرارة، أو زرارة بن عدس، أو حصن بن حذيفة، لقدّمهم على نفسه. وهؤلاء عيون أهل الوبر لا يذكرون بشيء دون شيء لاستواء خصال الخير فيهم. وفي منحول شعر النابغة: [من الوافر] فألفيت الأمانة لم تخنها ... كذلك كان نوح لا يخون «1» وليس لهذا الكلام وجه، وإنّما ذلك كقولهم كان داود لا يخون، وكذلك كان موسى لا يخون عليهما السلام. وهم وإن لم يكونوا في حال من الحالات أصحاب خيانة ولا تجوز عليهم، فإنّ النّاس إنّما يضربون المثل بالشيء النادر من فعل الرجال ومن سائر أمورهم، كما قالوا: عيسى ابن مريم روح الله، وموسى كليم الله، وإبراهيم خليل الرحمن، صلى الله عليهم وسلم. ولو ذكر ذاكر الصبر على البلاء فقال: كذلك كان أيّوب لا يجزع كان قولا صحيحا. ولو قال: كان كذلك نوح عليه السلام لا يجزع لم تكن الكلمة أعطيت حقّها. ولو ذكر الاحتمال وتجرّع الغيظ فقال: وكذلك كان معاوية لا يسفه، وكان حاتم لا يفحش، لكان كلاما مصروفا عن جهته ولو قال: كذلك كان حاتم لا يبخل لكان ذلك كلاما معروفا ولكان القول قد وقع موقعه، وإن كان حاتم لا يعرف بقلّة الاحتمال وبالتّسرّع إلى المكافأة. ولو قال: سألتك فمنعتني وقد كان الشّعبيّ لا يمنع، وكان النّخعيّ لا يقول «لا» ، لكان غير محمود في جهة البيان، وإن كان ممّن يعطي ويختار «نعم» على «لا» . ولكن لمّا لم يكن ذلك هو المشهور من أمرهما لم تصرف الأمثال إليهما، ولم تضرب بهما. قال جعفر: وكذلك القول في الديك وجماله؛ لكثرة خصاله، وتوازن خلاله، ولأنّ جمال الديك لا يلهج بذكره إلّا البصراء بمقادير الجمال والتوسّط في ذلك، والاختلاط والقصد، وما يكون ممزوجا وما يكون خالصا. وحسن الطاوس حسن لا تعرف العوامّ غيره، فلذلك لهجت بذكره.

444 -[مزايا لحم الدجاج]

ومن الدّجاج الخلاسيّ «1» والهنديّ، ومن الدّجاج الزّنجي ومنها الكسكريّ «2» ، ومن الدّيكة ما يخصى فلا يبلغه في الطّيب والسّمن شيء وإن اشتدّ لحمه. وإن كان غير خصيّ فقد يمدح ذلك من وجه هو أردّ عليه في باب الفخر، من رخاوة اللّحم واستطابة الأكل. وعلى أنّه لو كان أدناه من بعض سباع الطّير، أو عدا خلفه إنسان، فكان يريد أخذه حتّى إذا فسخه البهر ارتدّ في موضعه لا يبرحه، ثم ذبحه على المكان، لجمع به الخصال كلّها. ولو علّق في عنقه حجر ليلته بعد أن ذبحه، أو أولج بطنه شيئا من حلتيت «3» لجمع به الخصال؛ فإنّه أعمل فيه من البورق وقشور البطّيخ في اللحم المفصّل. وهو بعد غيور يحمي دجاجه. وقال الرّاجز: [من الرجز] يغار والغيرة خلق في الذّكر وقال الآخر: [من الكامل] الفحل يحمي شوله معقولا «4» 444-[مزايا لحم الدجاج] ولحم الدّجاج فوق جميع اللّحمان في الطّيب والبياض، وفي الحسن. والملوك تقدّمه على جميع الفراخ والنواهض «5» ، والبطّ، والدّرّاج، وهم للدّرّاج آكل منهم للجداء الرّضّع، وللعنق الحمر «6» من أولاد الصّفايا. والدّجاج أكثر اللّحوم تصرّفا، لأنّها تطيب شواء، ثم حارّا وباردا، ثمّ تطيب في البزماورد «7» ، ثم تطيب في الهرائس «8» ، ويحدث لها به نفحة لا تصاب مع غيرها،

445 -[لفظ: الدجاج]

وتطيب طبيخا، وتطيب فصوصها، وإن قطّعتها مع اللحم دسم ذلك اللحم. وتصلح للحشاوى، وللملاقسطي، وتصلح في الاسفرجات وسمينها يقدّم في السّكباجة «1» على البطّ، إلّا أنها تطعم المفصود وليس ذلك للبطّ. 445-[لفظ: الدجاج] قال: والدّيكة دجاج إذا ذكرت في جملة الجنس، وهذا الباب مما تغلّب فيه الإناث على الذّكورة. وقال آخرون: لا، ولكنّ الدّيك نفسه دجاجة، إلّا أنّهم أرادوا إبانته بأنّه ذكر فقالوا: ديك، كما يسمّون الذّكر والأنثى فرسا بلا هاء، فإذا أرادوا أن يثبتوا إناثها قالوا حجر، وإن كانت حجرا فهي فرس. وقال الأخطل: [من البسيط] نازعته في الدّجى الرّاح الشّمول وقد ... صاح الدّجاج وحانت وقفة السّاري «2» وقد بيّن ذلك القرشيّ حيث يقول: [من الخفيف] اطردوا الدّيك عن ذؤابة زيد ... كان ما كان لا تطاه الدّجاج «3» وذلك أنّه كان رأى رأس زيد بن علي في دار يوسف بن عمر، فجاء ديك فوطئ شعره ونقره في لحمه ليأكله. 446-[القول في تجاوب الديكة] قالوا: قد أخطأ من زعم أنّ الدّيكة إنّما تتجاوب، بل إنّما ذلك منها شيء يتوافق في وقت، وليس ذلك بتجاوب كنباح الكلاب؛ لأنّ الكلب لا وقت له، وإنّما هو صامت ساكت ما لم يحسّ بشيء يفزع منه، فإذا أحسّ به نبح، وإذا سمع نباح كلب آخر أجاب ثم أجاب ذلك آخر، ثمّ أجابهما الكلب الأوّل، وتبيّن أنّه المجاوب جميع الكلاب. والدّيك ليس إذا من أجل أنّه أنكر شيئا استجاب، أو سمع صوتا صقع «4» ، وإنّما يصقع لشيء في طبعه، إذا قابل ذلك الوقت من اللّيل هيّجه. فعدد أصواته في الوقت الذي يظنّ أنّه تتجاوب فيه الدّيكة، كعدد أصواته في القرية وليس

في القرية ديك غيره، وذلك هو في المواقيت. والعلّة التي لها يصقع في وقت بعينه شائعة فيها في ذلك الوقت. وليس كذلك الكلاب! قد تنبح الكلاب في الخريبة «1» وكلاب في بني سعد غير نابحة، وليس يجوز أن تكون ديكة المهالبة تصقع، وديكة المسامعة «2» ساكتة. فإن أراد مريد بقوله إنّ الدّيكة تتجاوب، وعلى مثل قول العرب: هذه الجبال تتناظر، إذا كان بعضها قبالة بعض، وإذا كان الجبل من صاحبه بالمكان الذي لو كان إنسان رآه- جاز ذلك. وعلى هذا المثال قال النبيّ صلى الله عليه وسلم في نار المشركين ما قال، حيث قال: «لا تتراءى ناراهما» «3» ، ومع قول الشاعر: لا تتراءى قبورهما وقال ابن مقبل العجلانيّ: [من الطويل] سل الدّار من جنبي حبّر فواهب ... وحيث يرى هضب القليب المضيّح «4» وتقول العرب: إذا كانت بمكان كذا وكذا، حيث ينظر إليك الجبل فخذ عن يسارك أو عن يمينك. وقال الرّاجز: [من الكامل] وكما يرى شيخ الجبال ثبيرا

447 -[تفضيل الحمار على الديك]

وشيخ الجبال عنده أبو قبيس. وقال النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله الأخيار: «أنا بريء من كلّ مسلم مع كلّ مشرك» . قيل: ولم يا رسول الله؟ قال: «لا تتراءى ناراهما» «1» . وقال الكسائيّ: تقول العرب: داري تنظر إلى دار فلان، ودورنا تتناظر. وقال الله تبارك وتعالى: وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ «2» . وإنّما قال القوم في تجاوب الدّيكة ببيت شعر سمعوه للطّرمّاح، جهلوا معناه، وهو: [من الطويل] فيا صبح كمّش غبّر اللّيل مصعدا ... ببمّ ونبّه ذا العفاء الموشّح «3» إذا صاح لم يخذل وجاوب صوته ... حماش الشّوى يصدحن من كلّ مصدح «4» وكذلك غلطوا في قول عبدة بن الطبيب: [من البسيط] إذ صفّق الدّيك يدعو بعض أسرته ... إلى الصّباح وهم قوم معازيل «5» وإنّما أراد توافي ذلك منها معا؛ فجعلها دعاء وتجاوبا على ما فسرناه. 447-[تفضيل الحمار على الديك] قال صاحب الكلب: لولا أنّا وجدنا الحمار المضروب به المثل في الجهل «6» ، يقوم في الصّباح وفي ساعات اللّيل مقام الدّيكة، لقد كان ذلك قولا ومذهبا غير مردود. ولو أنّ متفقّدا يتفقّد ذلك من الحمار لوجده منظوما يتبع بعضه بعضا على عدد معلوم؛ ولوجد ذلك مقسوما على ساعات الليل، ولكان لقائل أن يقول في نهيق الحمار في ذلك الوقت: ليس على تجاوب، إنّما ذلك شيء يتوافى معا، لا ستواء

العلة، ولم تكن للدّيك الموصوف بأنّه فوق الأسطرلاب فضيلة ليست للحمار. وعلى أنّ الحمار أبعد صوتا، وقد بلغ من شدّة صوته ما إن حلف أحمد بن عبد العزيز: إنّ الحمار ما ينام! قيل له: وما ذاك؟ قال: لأنّي أجد صياحه ليس بصياح شيء انتبه تلك الساعة، ولا هو صياح من يريد أن ينام بعد انقضاء صياحه!. هذا والحمار هو الذي ضرب به القرآن المثل في بعد الصوت، وضرب به المثل في الجهل، فقال: كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً «1» . فلو كان شيء من الحيوان أجهل بما في بطون الأسفار من الحمار، لضرب الله المثل به دونه. وعلى أنّ فيه من الخصال ما ليس في الديك، وذلك أنّ العرب وضعته من الأمثال التي هي له في عشرة أماكن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلّ الصّيد في جوف الفرا» «2» وكفاك به مثلا إذا كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم في تفضيل هداية أبي سفيان. وقال العرب: «أنكح من الفرأ» «3» . والفرأ مهموز مفتوحة الفاء مجموعه فراء، قال الشاعر: [من الطويل] بضرب كآذان الفراء فضوله ... وطعن كإيزاغ المخاض تبورها «4» وتقول العرب: «العير أوقى لدمه» «5» . وقولهم: «من ينك العير ينك نيّاكا» «6» . وقالوا: «الجحش إذا فاتتك الأعيار» «7» وقالوا: «أصبر من عير أبي

448 -[أحاديث في الديك]

سيّارة» «1» ؛ لأنّه كان دفع بأهل الموسم على ذلك الحمار أربعين عاما. وقالوا: «إن ذهب عير فعير في الرّباط» «2» . وقالوا في المديح لصاحب الرأي: «جحيش وحده» «3» ، و «عيير وحده» «4» ، و «العير يضرط والمكواة في النّار» «5» ؛ وقالوا: «حمار يحمل أسفارا» «6» ، و «أضلّ من حمار أهله» «7» ، و «أخزى الله الحمار مالا لا يزكّى ولا يذكّى» «8» ، و «قد حيل بين العير والنّزوان» «9» . فالذي مدح به أكثر؛ فقد وجدنا الحمار أبعد صوتا، ووجدناه يعرف من أوقات الليل ويميّز عددا معلوما إلى الصبح، إلّا أنّ له في الأسحار فضيلة. والحمار أجهل الخلق، فليس ينبغي للدّيك أن يقضى له بالمعرفة والحمار قد ساواه في يسير علمه، ثم باينه أنّ الحمار أحسن هداية. والدّيك إن سقط على حائط جاره لم يحسن أن يهتدي إلى داره، وإن خرج من باب الدار ضلّ، وضلاله من أسفل كضلاله من فوق. 448-[أحاديث في الديك] قال صاحب الديك: حدّثونا عن صالح بن كيسان، عن عبيد الله بن عبد الله

449 -[ذبح الديك الأفرق]

ابن عتبة، قال: «صرخ ديك عند النبي صلى الله عليه وسلم فسبّه بعض أصحابه، فقال: لا تسبّه فإنّه يدعو إلى الصلاة» . وعن ابن الماجشون، عن صالح بن كيسان، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ابن مسعود، عن يزيد بن خالد الجهني: «أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن سبّ الديك وقال: إنّه يؤذّن للصّلاة» . الحسن بن عمارة، عن عمرو بن مرّة، وعن سالم بن أبي الجعد، يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنّ مما خلق الله تعالى لديكا عرفه تحت العرش وبراثنه في الأرض السّفلى، وجناحاه في الهواء، فإذا ذهب ثلثا الليل وبقي ثلثه ضرب بجناحه ثم قال: سبّحوا الملك القدّوس، سبّوح قدّوس- أي أنّه لا شريك له- فعند ذلك تضرب الطّير بأجنحتها وتصيح الدّيكة» . وأبو العلاء عن كعب: «إنّ لله تعالى ديكا عنقه تحت العرش، وبراثنه في أسفل الأرضين، فإذا صاحت الديكة يقول: سبحان الملك القدّوس الملك الرّحمن، لا إله غيره» . قال: والدّيكة أكيس شيء. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنّ الدّيك الأبيض صديقي، وعدوّ عدوّ الله، يحرس دار صاحبه وسبع دور» . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبيّته معه في البيت. وروي أنّ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يسافرون بالدّيكة. 449-[ذبح الديك الأفرق] وزعم أصحاب التّجربة أنّه كثيرا ما يرون الرّجل إذا ذبح الدّيك الأبيض الأفرق «1» ، أنّه لا يزال ينكب في أهله وماله «2» . 450-[كيف تعرف الديك من الدجاجة إذا كان صغيرا] وممّا في المحاجاة أن يقال: كيف تعرف الدّيك من الدجاجة إذا كان صغيرا حين يخرج من البيضة؟ فقالوا: يعلّق بمنقاره، فإن تحرّك فهو ديك وإن لم يتحرّك فهو دجاجة.

451 -[شعر في حسن الدجاجة ونبل الديك]

451-[شعر في حسن الدجاجة ونبل الديك] قال الشاعر في حسن الدّجاجة ونبل الديك «1» : [من الوافر] غدوت بشربة من ذات عرق ... أبا الدّهناء من حلب العصير «2» وأخرى بالعقنقل ثم رحنا ... نرى العصفور أعظم من بعير كأنّ الدّيك ديك بني نمير ... أمير المؤمنين على السّرير كأنّ دجاجهم في الدّار رقطا ... بنات الرّوم في قمص الحرير «3» فبتّ أرى الكواكب دانيات ... ينلن أنامل الرّجل القصير أدافعهنّ بالكفّين عنّي ... وأمسح جانب القمر المنير 452-[طعن صاحب الكلب في الديك] وقال صاحب الكلب: الأشياء التي تألف الناس لا تريد سواهم كالعصفور والخطّاف والكلب والسّنور. والدّيك ممّا يتّخذه الناس، وليس ممّا يحنّ إليهم فيقطع البلاد نزاعا، فيكون كالقواطع من الطير التي تريدهم كالخطّاف، ولا هو من الأوابد كالعصفور الذي حيثما دار رجع إليهم، ولا هو كالكلب الذي لا يعرف سواهم، ولا هو كالأهليّ من السنانير التي متى ألفتهم لم تفارقهم، وتعسّ باللّيل، وتطوف في القبائل من دار إلى دار ثمّ لا يكون مرجعها إلّا إليهم. والدّيك في خلاف ذلك كلّه، ثمّ لا يألف منزله ولا يعرف ربعه، ثم لا يحنّ إلى دجاجه، ثمّ لا تتوق نفسه إلى طروقته، ولا يشتاق إلى ولده، ولا يعرف الذين غذوه وربّوه، بل لم يدر قطّ أنّ له ولدا، ولو كان درى لكان على درايته دليل، فإذ قد وجدناه لفراريجه وبيضه المخلوقة منه ومن نجله، كما نجده لما لم يلد ولما ليس من شكله أيضا ولا يرجع إلى نسبه، فكيف لا نقضي عليه بالنّقص، إذ كانت الأمور لا تعرف إلّا بهذا وشبهه!!. وهو لا يعرف أهل داره، ولا يثبت وجه صاحبه الذي لم يخلق إلّا عنده، وفي ظلّه وتحت جناحه، ولم يزل في رزقه وعياله. والحمام ترجع إليه من مائتي فرسخ،

ويصطاد فيتحوّل عن وطنه عشر حجج، ثمّ هو على ثبات عهده وقوّة عقده، وعلى حفاظه وإلفه، والنّزاع إلى وطنه. فإن وجد فرجة ووافق جناحه وافيا وافاه وصار إليه، وإن كان جناحه مقصوصا جدف «1» إلى أهله، وتكلّف المضيّ إلى سكنه، فإمّا بلغ وإمّا أعذر. والخطّاف يقطع إليهم من حيث لا يبلغه خبر، ولا يطؤه صاحب سفر؛ على أنّا لا نراه يتّخذ وكره إذا صار إليهم إلّا في أحصن موضع، ولا يحمله الأنس بهم على ترك التّحرّز منهم، والحزم في ملابستهم، ولا يحمله الخوف منهم على منع نفسه لذّة السّكون إليهم، ولا يبخس الارتفاق بهم حظّه. والعصافير لا تقيم في دار إلّا وهي مسكونة، فإن هجرها الناس لم تقم فيها العصافير. والسّنّور يعرف ربّة المنزل، ويألف فرخ الحمام، ويعابث فراريج الدار. إن سرق وربط شهرا عاد عند انفلاته، وانحلال رباطه. والهرّة تعرف ولدها وإن صار مثلها، وإن أطعمت شيئا حملته إليه وآثرته به. وربّما ألقي إليها الشيء فتدنو لتأكله، ويقبل ولدها فتمسك عنه، وترضّه له. وربّما طرح لها الشيء وولدها غائب عنها- ولها ضروب من النّغم، وأشكال من الصّياح- فتصيح ضربا من الصّياح يعرف أهل الدّار أنّه صياح الدّعاء لا غير ذلك. ويقال: «أبرّ من هرّة» «2» . ومتى أرادت ما يريد صاحب الغائط، أتت مواضع تراب في زاوية من زوايا الدّار فتبحثه، حتّى إذا جعلت له مكانا كهيئة الحفرة جعلته فيها ثمّ غطّته من ذلك التّراب، ثمّ تشمّمت أعلى ذلك التراب وما ظهر منه، فإن وجدت شيئا من الرائحة زادت عليها ترابا، فلا تزال كذلك حتّى تعلم أنّها قد أخفت المرئيّ والمشموم جميعا «3» . فإن هي لم تجد ترابا خمشت وجه الأرض، أو ظهر السّطح، حتّى تبلغ في الحفر المبلغ، ومن ستر ذلك المجهود. وزعم ناس من الأطبّاء أن السّنّور يعرف وحده ريح رجعه، فإنما يستره لمكان شمّ الفأر له، فإنها تفرّ من تلك الرائحة. أو يغطّيه لما يكون فيه من خلق من أخلاق

453 -[سلاح الديك]

الأسد. وما يشاكل فيه الأسد في الخلق، على قدر ما يشاكله في الخلق. وتعداد ذلك كثير. 453-[سلاح الديك] والدّيك لا تراه إلّا سالحا، ثمّ لا يتوقّى ثوب ربّ الدار ولا فراشه ولا بساطه. هذا، وحياته التّراب، ولذا يدفن نفسه فيه، ويدخله في أصول ريشه. ثمّ لا ترى سلاحا أنتن من سلاحه، ولا يشبه ذرق الحمام، وصوم النّعام، وجعر الكلب. ثم مع ذلك لا تراه إلّا سائلا رقيقا. ولو كان مدحرجا كأبعار الشاء والإبل والظباء، أو متعلقا يابسا كجعر الكلب والأسد، ثمّ لو كان على مقدار نتنه لكان أهون في الجملة. وقال أبو نواس في ديك بعض أصحابه: [من الرجز] آذيتنا بديكك السّلّاح ... فنجّنا من منتن الأرواح «1» 454-[استخدام الخناقين للكلب] وقال صاحب الكلب: ومن مرافق الكلب أنّ الخنّاقين «2» يظاهر بعضهم بعضا، فلا يكونون في البلاد إلّا معا، ولا يسافرون إلّا معا؛ فربّما استولوا على درب بأسره، أو على طريق بأسره. ولا ينزلون إلّا في طريق نافذ، ويكون خلف دورهم: إمّا صحارى وإمّا بساتين، وإما مزابل وأشباه ذلك. وفي كلّ دار كلاب مربوطة، ودفوف وطبول. ولا يزالون يجعلون على أبوابهم معلّم كتّاب منهم، فإذا خنق أهل دار منهم إنسانا ضرب النّساء بالدّفوف، وضرب بعضهم الكلاب فسمع المعلّم فصاح بالصّبيان: انبحوا! وأجابهم أهل كلّ دار بالدفوف والصّنوج، كما يفعل نساء أهل القرى، وهيّجوا الكلاب. فلو كان المخنوق حمارا لما شعر بمكانه أحد، كما كان ذلك بالرّقّة. وانظر كيف أخذوا أهل درب بأسره!! وذلك أنّ بعضهم رغب في ثويب كان على حمّال، وفيه دريهمات معه، فألقى الوهق «3» في عنقه فغشي عليه ولم يمت،

وتحرّك بطنه فأتى المتوضّأ وتحرّك الحمّال والسّاجور «1» في عنقه، فرجعت نفس الحمال، فلمّا لم يحسّ بأحد عنده، قصد نحو باب الدار، وخرح وزياره «2» في عنقه، وتلقّته جماعته فأخبرهم الخبر، وتصايح النّاس فأخذوا عن آخرهم. وقد كان بالكوفة شبيه بذلك، وفي غيرها من البلدان. فقال حماد الرّاوية، وذكر المرميّين بالخنق من القبائل وأصحاب القبائل والنّحل، وكيف يصنع الخنّاق، وسمّى بعضهم فقال «3» : [من الطويل] إذا سرت في عجل فسر في صحابة ... وكندة فاحذرها حذارك للخسف وفي شيعة الأعمى زيار وغيلة ... وقشب وإعمال لجندلة القذف «4» وكلّهم شرّ على أنّ رأسهم ... حميدة والميلاء حاضنة الكسف متى كنت في حيّي بجيلة فاستمع ... فإنّ لهم قصفا يدلّ على حتف إذا اعتزموا يوما على خنق زائر ... تداعوا عليه بالنّباح وبالعزف وأمّا ذكره لبني عجل فلمكان ذي الضفرتين وغيره من بني عجل. وأمّا ذكره كندة، فقد أنشدنا سفيان بن عيينة، وأبو عبيدة النحويّ: [من الهزج] إذا ما سرّك العيش ... فلا تأخذ على كنده «5» ومن كندة أبو قصبة أخذ بالكوفة وقتل وصلب. وكان بالكوفة ممّن يأكل لحوم النّاس عديّة المدنية الصّفراء. وكان بالبصرة رادويه صاحب قصاب رادويه. وأمّا الأعمى في بني ضبّة الذي ذكره فهو المغيرة بن سعيد صاحب المغيريّة، وهم صنف ممّن يعمل في الخنق بطريق المنصوريّة. والمغيرة هذا من موالي بجيلة، وهو الخارج على خالد بن عبد الله القسريّ، وعند ذلك قال خالد وهو على المنبر: أطعموني ماء!

وفي ذلك يقول يحيى بن نوفل: [من الوافر] وقلت لما أصابك أطعموني ... شرابا ثمّ بلت على السّرير «1» لأعلاج ثمانية وشيخ ... كبير السّنّ ذي بصر ضرير وأما حميدة فقد كانت لها رياسة في الغالية، وهي ممّن استجاب لليلى السبائية الناعظية، والميلاء حاضنة أبي منصور صاحب المنصوريّة، وهو الكسف. قالت الغالية: إيّاه عنى الله تبارك وتعالى وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ «2» . وقد ذكره أبو السريّ معدان الأعمى الشّميطي في قصيدته التي صنّف فيها الرّافضة ثم الغالية، وقدّم الشّميطيّة على جميع أصناف الشيعة، فقال «3» : [من الخفيف] إنّ ذا الكسف صدّ آل كميل ... وكميل رذل من الأرذال «4» تركا بالعراق داء دويّا ... ضلّ فيه تلطّف المحتال منهم جاعل العسيب إماما ... وفريق يرض زند الشّمال وفريق يقول إنّا براء ... من عليّ وجندب وبلال وبراء من الذي سلّم الأم ... ر على قدرة بغير قتال وفريق يدين بالنصّ حتما ... وفريق يدين بالإهمال لأنّ الكميليّة لا تجيز الوكالة في الإمامة، وتقول لا بدّ من إمام صامت أو ناطق، ولابدّ من علم يمدّ الناس إليه أعناقهم. وأبو منصور يقول بخلاف ذلك. وأمّا قوله «5» : [من الطويل] وفي شيعة الأعمى زيار وغيلة ... وقشب وإعمال لجندلة القذف فقد قال معدان: [من الخفيف] حبشيّ وكافر سبيانى ... حربيّ وناسخ قتّال تلك تيميّة وهاتيك صمت ... ثمّ دين المغيرة المغتال

455 -[شعر أعشى همدان في السبئية]

خنق مرّة وشمّ بخار ... ثمّ رضخ بالجندل المتوالي لأنّ من الخنّاقين من يكون جامعا، وبذلك يسمّونه إذا جمع الخنق والتشميم، وحمل معه في سفره حجرين مستديرين مدملكين وململمين فإذا خلا برجل من أهل الرّفقة استدبره فرمى بأحدهما قمحدوته «1» ، وكذلك إن كان ساجدا. فإن دمغه الأول سلبه، وإن هو رفع رأسه طبّق بالآخر وجهه. وكذلك إن ألفاه نائما أو غافلا. ولقد صحب منهم ناس رجلا خرج من الرّيّ، وفي حقوه هميان «2» ، فكان لا يفارق معظم النّاس، فلمّا رأوه قد قرب من مفرق الطّريقين ورأوا احتراسه، وهم نزول إمّا في صحراء وإمّا في بعض سطوح الخانات، والنّاس متشاغلون بأمورهم، فلم يشعر صاحب الهميان نهارا والنّاس حوله إلا والوهق «3» في عنقه، وطرحه الآخر حين ألقاه في عنقه، ووثب إليه وجلس على صدره، ومدّ الآخر برجليه وألقى عليه ثوبا وأذّن في أذنه فقام إليهم بعض أهل الرّفقة كالمعين والمتفجّع، فقالوا له: مكانك؛ فإنّه إن رآك خجل واستحى. فأمسك القوم عنهم، وارتحل القوم، وأعجلوا بصاحبهم، فلمّا خلوا به أخذوا ما أحبّوا، وتركوا ما أحبّوا، ثمّ حملوه على أيديهم، حتى إذا برزوا رموه في بعض الأودية. 455-[شعر أعشى همدان في السبئية] وقد ذكر أعشى همدان السّبئيّة وشأنهم في كرسيّ المختار: [من الطويل] شهدت عليكم أنّكم سبئيّة ... وإنّي بكم يا شرطة الكفر عارف «4» وأقسم ما كرسيّكم بسكينة ... وإن كان قد لفّت عليه اللفائف وأن لبّس التّابوت فتنا وإن سمت ... حمام حواليه وفيكم زخارف وإنّي امرؤ أحببت آل محمّد ... وآثرت وحيا ضمّنته المصاحف وإن شاكرا طافت به وتمسّحت ... بأعواد ذاو دبرت لا تساعف ودانت به لابن الزّبير رقابنا ... ولا غبن فيها أو تحزّ السّوالف وأحسب عقباها لآل محمّد ... فينصر مظلوم ويأمن خائف ويجمع ربى أمّة قد تشتّتت ... وهاجت حروب بينهم وحسائف

456 -[من قتل نفسه بيده]

أبو عبيدة: الحسيفة الضغينة، وجمعها حسائف 456-[من قتل نفسه بيده] وما أكثر من قتل نفسه بيده، إمّا لخوف المثلة، وإمّا لخوف التعذيب والهوان وطول الأسر. وقد كان الحكم بن الطّفيل، أخو عامر بن الطفيل، وأصحابه خنقوا أنفسهم في بعض الأيام «1» ، فعيّروا بذلك تعييرا شديدا، فقال خراشة بن عامر بن الطفيل: [من الطويل] وقدتهم للموت ثمّ خذلتهم ... فلا وألت نفس عليك تحاذر فهل تبلغنّي عامرا إن لقيته ... أسلّيت عن سلمان أم أنت ذاكر فإنّ وراء الحيّ غزلان أيكة ... مضمّخة آذانها والغدائر وإنّكم إذ تخنقون نفوسكم ... لكم تحت أظلال العضاه جرائر وقال عروة بن الورد في يوم ساحوق، ويذكر خنق الحكم بن الطّفيل وأصحابه أنفسهم، فقال «2» : [من الطويل] ونحن صبحنا عامرا في ديارها ... علالة أرماح وعضبا مذكّرا «3» بكلّ رقيق الشّفرتين مهنّد ... ولدن من الخطّيّ قد طرّ أسمرا «4» عجبت لهم إذ يخنقون نفوسهم ... ومقتلهم عند الوغى كان أعذرا يشدّ الحليم منهم عقد حبله ... ألا إنّما يأتي الذي كان حذّرا 457-[رثاء أبي زبيد الطائي كلبا له] وقال أبو زبيد في كلب له، كان يساور الأسد ويمنعه من الفساد، حين حطمه الأسد، وكان اسمه أكدر، فقال «5» : [من البسيط] أخال أكدر مختالا كعادته ... حتى إذا كان بين الحوض والعطن «6»

458 -[رثاء أعرابي شاة له أكلها ذئب]

لاقى لدى ثلل الأطواء داهية ... أسرت وأكدر تحت الليل في قرن «1» حطّت به سنّة ورهاء تطرده ... حتّى تناهى إلى الأهوال في سنن «2» إلى مقارب خطو الساعدين له ... فوق السّراة كذفرى القارح الغضن «3» ريبال ظلماء لا قحم ولا ضرع ... كالبغل خطّ به العجلان في سكن «4» فأسريا وهما سنّا همومهما ... إلى عرين كعشّ الأرمل اليفن «5» هذا بما علقت أظفاره بهم ... وظنّ أكدر غير الأفن والحتن «6» حتّى إذا ورد العرزال وانتبهت ... لحسّه أمّ أجر ستة شزن «7» باد جناجنها حصّاء قد أفلت ... لهن يبهرن تعبيرا على سدن «8» وظنّ أكدر أن تموا ثمانية ... أن قد تجلّل أهل البيت باليمن فخاف عزّتهم لما دنا لهم ... فحاص أكدر مشفيّا من الوسن «9» بأربع كلّها في الخلق داهية ... عضف عليهنّ ضافي اللحم واللبن «10» ألفاه متّخذ الأنياب جنّته ... وكان باللّيل ولأجا إلى الجنن «11» 458-[رثاء أعرابي شاة له أكلها ذئب] وقال صاحب الكلب: قال أعرابيّ وأكل ذيب شاة له تسمّى وردة، وكنيتها أم الورد «12» : [من البسيط] أودى بوردة أمّ الورد ذو عسل ... من الذئاب إذا ما راح أو بكرا

459 -[إجازة الشعراء الدجاج]

لولا ابنها وسليلات لها غرر ... ما انفكّت العين تذري دمعها دررا كأنّما الذّئب إذ يعدو على غنمي ... في الصّبح طالب وتر كان فاتّأرا اعتامها اعتامه شثن براثنه ... من الضّواري اللّواتي تقصم القصرا قال: في هذا الشعر دليل أنّ الذّئب إنّما يعدو عليها مع الصبح، عند فتور الكلب عن النّباح؛ لأنّه بات ليلته كلّها دائبا يقظان يحرس، فلمّا جاء الصّبح جاء وقت نوم الكلاب، وما يعتريها من النّعاس. ثم لم يدع الله على الذّئب بأن يأكله الأسد حتّى يختاره ويعتامه، إلّا والأسد يأكل الذئاب، ويختار ذلك. وإنما استطاب لحم الذّئب بفضل شهوته للحم الكلب. 459-[إجازة الشعراء الدجاج] وقال صاحب الدّيك: لم نر شريفا قطّ أجاز شاعرا بكلب، ولا حبا به زائرا، وقد رأيتهم يجيزون الشّعراء بالدّجاج «1» . وأعظم من ذلك أن لقيم الدّجاج، لما قال في افتتاح خيبر، وهو يعني النبي صلى الله عليه وسلم: [من الكامل] رميت نطاة من النبيّ بفيلق ... شهباء ذات مناكب وفقار «2» وهب له دجاج خيبر عن آخرها. رواه أبو عمرو، والمدائني عن صالح بن كيسان، ولتلك الدّجاج قيل: لقيم الدّجاج. 460-[زكن إياس] «3» وقال صاحب الكلب: قال أبو الحسن: كان إياس بن معاوية وهو صغير، ضعيفا دقيقا دميما، وكان له أخ أشدّ حركة منه وأقوى، فكان معاوية أبوه يقدّمه على إياس، فقال له إياس يوما يا أبت! إنّك تقدّم أخي عليّ، وسأضرب لك مثلي ومثله: هو مثل الفرّوج حين تنفلق عنه البيضة، يخرج كاسيا كافيا نفسه، يلتقط، ويستخفّه الناس، وكلّما كبر انتقص، حتى إذا تمّ فصار دجاجة، لم يصلح إلّا للذبح. وأنا مثل فرخ الحمام حين تنفلق عنه البيضة عن ساقط لا يقدر على حركة، فأبواه يغذوانه حتّى يقوى ويثبت ريشه، ثمّ يحسن بعد ذلك ويطير، فيجد به الناس «4» ويكرمونه،

ويرسل من المواضع البعيدة فيجيء، فيصان لذلك ويكرم، ويشترى بالأثمان الغالية «1» . فقال أبوه: لقد أحسنت المثل!! فقدّمه على أخيه، فوجد عنده أكثر مما كان يظنّ فيه، [وخرج إياس باقعة منقطع النظير] «2» . قال صاحب الكلب: وقد أغفل إياس في هذا القول بعض مصالح الدّجاج، وذلك أنّ الدّجاج من لدن يخرج من حدّ الصّغر والكيس إلى أن يدخل في حدّ الكبر واحتمال اللّحم والشّحم، يكون أخبث حالا لأنّه لا يصلح فيه للذّبح، وقد خرج من حدّ الكيس والاستملاح. وإياس هو الذي يقول «3» : لست بخبّ «4» والخبّ لا يخدعني، و [قال: الخب] «5» لا يخدع ابن سيرين؛ وهو يخدع أبي ويخدع الحسن.

باب ما يحتاج إلى معرفته

باب ما يحتاج إلى معرفته 461-[أسماء الفرج] «1» يقال فرج المرأة والجمع فروج، وهو القبل، والفرج كناية، والاسم الحر، وجمعه أحراح. وقال الفرزدق: [من الرجز] إنّي أقود جملا ممراحا ... في قبّة موقرة أحراحا «2» قالوا: وإنّما جمعوه على أحراح، لأنّ الواحد حرح. هكذا كان أصله. وقد يستعار ذلك وهو قليل، قال الشاعر «3» : [من الوافر] تراها الضّبع أعظمهنّ رأسا ... جراهمة لها حرة وثيل «4» فلم يرض الاستعارة حتّى ألحق فيها الهاء. وهو الكعثب، وقال الفرزدق: [من الطويل] إذ بطحت فوقث الأثافي رفعنها ... بثديين مع نحر كريم وكعثب «5» وقال الأغلب: [من الرجز] حيّاكة عن كعثب لم يمصح «6»

وهو الأجم، وقال الرّاجز: [من الرجز] جارية أعظمها أجمّها ... قد سمّنتها بالسّويق أمّها بائنة الرّجل فما تضمّها «1» وقال: وقد يسمّى الشّكر، بفتح الشّين وإسكان الكاف، وأنشدوا «2» : [من الوافر] وكنت كليلة الشّيباء هبّت ... بمنع الشّكر أتأمها القبيل «3» أتأمها: أفضاها. وأمّا قوله «4» : [من الرجز] قد أقبلت عمرة من عراقها ... ملصقة السّرج بخاق باقها قال: وهو إن أراد الحر فليس ذلك من أسمائه، ولكنه سمّاه بذلك على المزاح. قالوا «5» : والظّبية اسم الفرج من الحافر، والجمع الظّبيات، وقد استعاره أبو الأخزر فجعله للخفّ فقال: [من الرجز] ساورها عند القروء الوحم ... في الأرض ذات الظّبيات الجحم وقد قال الأوّل: [من الطويل] فجاء بغرمول وفلك مدملك ... فخرّق ظبييها الحصان المشبّق وهو من الظّلف والخفّ الحيا. والجمع أحيية. وهو من السبع ثفر، وقد استعاره الأخطل للظّلف فقال «6» : [من الطويل] جزى الله عنّا الأعورين ملامة ... وعبلة ثفر الثّورة المتضاجم «7»

فلم يرض أن استعاره من السّبع للبقرة حتّى جعل البقرة ثورة. وقد استعاره النّابعة الجعديّ للحافر، كما استعاره الأخطل للظّلف، فقال «1» : [من الطويل] بريذنة بلّ البراذين ثفرها ... وقد شربت من آخر الليل أيّلا «2» وقد قالوا برذونة، وقال الرّاجز «3» : [من الرجز] تزحزحي إليك يا برذونه ... إنّ البراذين إذا جرينه مع الجياد ساعة أعيينه وقد استعاره آخر فجعله للنعجة فقال «4» : [من الطويل] وما عمرو إلّا نعجة ساجسيّة ... تحرّك تحت الكبش والثّفر وارم والسّاجسيّة: ضأن في تغلب. وقد استعاره آخر فجعله للمرأة فقال «5» : [من الرجز] نحن بنو عمرة في انتساب ... بنت سويد أكرم الضّباب جلدتنا من ثفرها المنجاب ويقال لجردان الحمار غرمول، وقد يقال ذلك للإنسان وقضيب البعير، وهو لكلّ شيء، ومقلم الجمل فقط. ومن السباع العقدة، وأصله للكلب والذّئب. وقال جرير: [من البسيط] إذا روين على الخنزير من سكر ... نادين يا أعظم القسّين جردانا «6» ويقال: صرفت الكلبة صرافا وصروفا، وظلعت تظلع ظلوعا. وقالوا في الأمثال: «لا أفعل حتّى ينام ظالع الكلاب» «7» أي الصارف.

462 -[المذكر والمؤنث من الحيوان]

ولم يعرف الأصمعيّ ظلعت الكلبة بمعنى صرفت. واستحرمت، وأجعلت واستجعلت، واستطارت. والذئبة في ذلك كالكلبة. قال: ويقال في السّباع: قد وضعت، وولدت، ورمصت مثل ما يقال للنّاس والغنم. 462-[المذكر والمؤنث من الحيوان] قال: ويقال كلبة وكلب، وذئبة وذئب وبرذون وبرذونة. وأنشد «1» : [من الطويل] أريت إذا ما جالت الخيل جولة ... وأنت على برذونة غير طائل ويقال رجل ورجال، وامرأة ونساء، وليس لها جمع من واحدها. ويقال بعير وناقة وجمل، ولا يقال جملة ولا بعيرة، وقد قالوا رجل ورجلة وشيخ وشيخة. ويقال كبش ونعجة، ولا يقال كبشة «2» ، كما لا يقال أسدة «3» ، ويقال أسد ولبوة ولبوات، ويقال ذئبة وذئب، وقال الشاعر: [من الطويل] كأنّهما ضبعانة في مفازة ... وذئبة محل أمّ جروين تعسل «4» ويقال إنسان وإنسانة، وسبع وسبعة، وحمام وحمامة، وحمار وحمارة، وسرحان وسرحانة، وسيد وسيدة، وهقل وهقلة، وإلق وإلقة «5» ، وقال رؤبة: [من الرجز] جدّ وجدّت إلقة من الإلق «6» وزعم أنّه يقال ضبع وضبعة، وثعلب وثعلبة. وأصحابنا لا يقولون هذا ويضحكون ممن يقولون ضبعة عرجاء. ويقال ثرملة «7» .

ويقال من الفراخ فرخ وفرخة، ومن النمور نمر ونمرة. قال: ويقال ذيخ وذيخة «1» ، وضبعان وضبعانة، وجيأل وجيألة «2» . ويقال عقرب وعقربة. والعقربان الذّكر وحده. وقال الشاعر «3» : [من السريع] كأنّ مرعى أمّكم إذ غدت ... عقربة يكومها عقربان «4» ومن الضفادع ضفدع وضفدعة، ومن القنافذ قنفذ وقنفذة، وشيهم وشيهمة «5» ، ومن القرود قرد وقردة. ويقال إلقة وقشّة «6» ، ولا يقال إلق وقشّ، ويقال لولد القرد ربّاح والأنثى إلقة. وقال الشّاعر «7» : [من السريع] وإلقة ترغث ربّاحها ... والسّهل والنّوفل والنّضر «8» ومن النعام هقل وهقلة. وهيق وهيقة، وصعل وصعلة، وسفنّج وسفنّجة، ونعام ونعامة، والواحد من فراخها الرأل والجمع رئال ورئلان وأرآل وأرؤل، والأنثى رألة، وحفّانة والجمع حفّان، وقد يكون الحفّان أيضا للواحد. ويقال لها قلاص والواحدة قلوص ولا يقال قلوصة، ويقال ظليم ولا يقال ظليمة، ويقال نقنق ولا يقال نقنقة. ويقال من الأرانب أرنب ولا يقال أرنبة، والذكر خزز. ويقال للأنثى عكرشة ولولدها خرنق. ويقال هذه أرنب وهذه عقاب، ولا يقال هذا الأرنب ولا هذا العقاب. وقال الشّمّاخ: [من الوافر] فما تنفكّ بين عويرضات ... تجرّ برأس عكرشة زموع «9»

463 -[بدء الإبصار عند الجرو]

قال ويقال لولد الكلب جرو والأنثى جروة، وهو درص والجمع أدراص، ويقال لمن عضّه الكلب الكلب: بال كأدراص الكلاب. 463-[بدء الإبصار عند الجرو] وجرو الكلب يكون أعمى عشرة أيّام وأكثر، وقد يعرض شبيه بذلك لكثير من السّباع. 464-[استطراد لغوي] ويقال بصبص الجرو وفقّح وجصّص، إذا فتح عينيه شيئا، وصأصأ إذا لم يفتح عينيه. ولذلك قال عبيد الله بن جحش، والسّكران بن عمرو، للمسلمين ببلاد الحبشة: «إنّا فقّحنا وصأصأتم» «1» . قال بعض الرّجاز في بعض الصّبيان «2» : [من الرجز] أقبح به من ولد وأشقح ... مثل جريّ الكلب لم يفقّح إن يسر سار لم يقم فينبح ... بالباب عند حاجة المستفتح ويقال لولد الأسد جرو وأجراء وجراء، وهي لجميع السباع، ويقال له خاصّة: شبل. والجمع أشبال وشبول. وقال زهير: [من الكامل] ولأنت أشجع حين تتّجه ال ... أبطال من ليث أبي أجر «3» 465-[من حيل الثعلب والكلب] وحدّثني صديق لي قال: تعجّب أخ لنا من خبث الثّعلب. وكان صاحب قنص، وقال لي ما أعجب أمر الثعلب! يفصل بين الكلب والكلّاب، فيحتال للكلّاب بما يعلم أنّه يجوز عليه، ولا يحتال مثل تلك الحيلة للكلب، لأنّ الكلب لا يخفى عليه الميّت من المغشيّ عليه. ولا ينفع عنده التّماوت. ولذلك لا يحمل من مات من المجوس إلى النّار حتى يدنى منه كلب، لأنّه لا يخفى عليه مغمور الحسّ أحيّ هو أو ميت. وللكلب عند ذلك عمل يستدلّ به المجوس. قال: وذلك أنّي هجمت على ثعلب في مضيق، ومعي بنيّ لي، فإذا هو ميّت

466 -[مفاضلة بين الثعلب والكلب]

منتفخ، فصددت عنه، فلم ألبث أن لحقتني الكلاب. فلمّا أحسّ بها وثب كالبرق، بعد أن تحايد عن السّنن، فسألت عن ذلك فإذا ذلك من فعله معروف، وهو أن يستلقي وينفخ خواصره ويرفع قوائمه، فلا يشكّ من رآه من الناس أنّه ميّت منذ دهر، وقد تزكّر «1» بالانتفاخ بدنه، فكنت أتعجّب من ذلك، إذ مررت في الزّقاق الذي في أصل دار العبّاسيّة ومنفذه إلى مازن، فإذا جرو كلب مهزول سيّئ الغذاء، قد ضربه الصّبيان وعقروه ففرّ منهم ودخل الزّقاق، فرمى بنفسه في أصل أسطوانة وتبعوه حتّى هجموا عليه، فإذا هو قد تماوت فضربوه بأرجلهم فلم يتحرّك فانصرفوا عنه. فلمّا جاوزوا تأمّلت عينه فإذا هو يفتحها ويغمضها، فلمّا بعدوا عنه وأمنهم عدا، وأخذ في غير طريقهم فأذهب الذي كان في نفسي للثّعلب، إذا كان الثّعلب ليس فيه إلّا الرّوغان والمكر، وقد ساواه الكلب في أجود حيله. 466-[مفاضلة بين الثعلب والكلب] ومع الكلب بعد ما ليس معه، إلّا أن يفخر بفروته «2» في موضع انتفاع النّاس به، فجعر الكلب للذّبحة أنفع منه، إذ كان في الذّبحة الموت وليس يقوم مقامه شيء. وجلد الثّعلب منه عوض «3» . 467-[قول صاحب الديك في الكلاب] قال صاحب الديك: شرار عباد الله من قتل أولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولم نجد شعراء النّاس شبّهوا أولئك القاتلين بشيء سوى الكلاب. قال أبو نضلة الأبّار، في قتل سلم بن أحوز المازنيّ، صاحب شرطة نصر بن سيّار اللّيثي، يحيى بن زيد وأصحابه، فقال: [من الطويل] ألم تر ليثا ما الذي ختمت به ... لها الويل في سلطانها المتخاذل كلاب تعاوت لا هدى الله سبلها ... فجاءت بصيد لا يحلّ لآكل بنفسي وأهلي فاطميّ تقنّصوا ... زمان عمى من أمّة وتخاذل لقد كشفت للنّاس ليث عن استها ... وغاب قبيل الحقّ دون القبائل قال صاحب الديك: وروى هشيم عن المغيرة عن إبراهيم قال: لم يكونوا ينهوننا عن شيء من اللعب ونحن غلمان إلّا الكلاب.

468 -[التقامر بالبيض]

468-[التقامر بالبيض] وذكر محمّد بن عجلان المدينيّ عن زيد بن أسلم، أنّه كان لا يرى بأسا بالبيض الذي يتقامر به الفتيان، أن يهدى إليه منه شيء أو يشتريه فيأكله. وهشام بن حسّان قال: سئل الحسن عن البيض يلعب به الصّبيان يشتريه الرجل فيأكله، فلم ير به بأسا وإن أطعموه أن يأكل منه. والجوز الذي يلعب به الصّبيان. وحاتم بن إسماعيل الكوفيّ قال: حدّثنا عبد الرحمن بن حرملة، عن سعيد بن المسيّب، أنّه لم يكن يرى بأسا بالبيض الذي يلعب به الصّبيان. 469-[قتل أنواع من الحيات والكلاب] قال: وحدّثني ابن جريج قال، وأخبرني عبد الله بن عبيد بن عمير قال: أخبرني أبو الطفيل أنّه سمع عليّ بن أبي طالب يقول: اقتلوا من الحيّات ذا الطّفيتين «1» ، والكلب الأسود البهيم ذا الغرّتين «2» . قال: والغرّة: حوّة تكون بعينيه. 470-[قول صاحب الكلب في صقاع الديك] قال صاحب الكلب: قد أخبرني أبو حرب عن منصور القصّاب، قال: سألت الحسن عن البيض الذي يتقامرون به، فكرهه. وما رأينا قطّ أحدا يريد الادّلاج ينتظر صقاع الدّيك «3» . وإنّما يوالي الدّيك بين صياحه قبيل الفجر ثمّ مع الفجر إلى أن ينبسط النهار، وفيما بين الفجر وامتداد النهار لا يحتاج النّاس إلى الاستدلال بأن يصوّت الديك. ولها في الأسحار أيضا بالليل الصّيحة والصّيحتان، وكذلك الحمار. على أنّ الحمار أبعد صوتا، وأجدر أن ينبّه كلّ نائم لحاجة إن كانت له. وما رأينا صاحب سحور يستعمله، وكذلك صاحب الأذان، وما رأيناه يتّكل في وقت أذانه على صياح الدّيك، لأنّ صورة صوته ومقدار مخرجه في السّحر الأكبر كصياحه قبل الفجر. وصياحه قبل الفجر؛ كصياحه وقد نوّر الفجر وقد أضاء النهار. ولو كان بين الصيحتين فرق وعلامة كان لعمري ذلك دليلا. ولكنّه من سمع هتافه وصقاعه فإنّما يفزع إلى مواضع الكواكب، وإلى مطلع الفجر الكاذب والصادق.

471 -[طرائق معرفة الأوقات]

والديك له عدّة أصوات بالنّهار لا يغادر منها شيئا، ولتلك أوقات لا يحتاج فيها النّاس إليه. 471-[طرائق معرفة الأوقات] وملوكنا وعلماؤنا يستعملون بالنّهار الأسطرلابات، وبالليل البنكامات، ولهم بالنّهار سوى الأسطرلابات خطوط وظل يعرفون به ما مضى من النهار وما بقي. ورأيناهم يتفقّدون المطالع والمجاري. ورأينا أصحاب البساتين وكلّ من كان بقرب الرّياض، يعرفون ذلك بريح الأزهار. ورأينا الرّوم ونصارى القرى يعرفون ذلك بحركات الخنازير وببكورها وغدوّها وأصواتها، ولذلك قالوا في وصف الرجل: له وثبة الأسد، وروغان الثعلب، وانسلاب الذّئب «1» وجمع الذرّة وبكور الخنزير. والرّاعي يعرف ذلك في بكور الإبل وفي حنينها وغير ذلك من أمرها. 472-[هديل الحمام] وللحمام أوقات صياح ودعاء مع الصّبح وقبيل ذلك على نسق واحد، ولكنّ النّاس إنّما ذكروا ذلك في الدّيك والحمار، لامتداد أصواتهما. وهديل الحمام ودعاؤه لا يجوز بعيدا، إلّا ما كان من الوراشين «2» والفواخت في رؤوس النّخل وأعالي الأشجار، فلعمري إنّ ذلك لما يسمع من موضع صالح البعد. 473-[ما يصيح من الطير مع السّحر والصبح] وللعصافير والخطاطيف وعامّة الطّير، ممّا يصير أو يصرصر «3» ، ومما يهدل مع الفجر إلى بعيد ذلك- صياح كثير. ثمّ الذي لا يدع الصّياح في الأسحار مع الصبح أبدا الضّوع «4» ، والصّدى «5» ، والهامة، والبومة وهذا الشّكل من الطّير. وقد كتبنا في غير هذا الموضع الأشعار في ذلك «6» .

474 -[صوت الديك وما قيل فيه شعرا]

قال: وقد يصيح مع الصّبح البوم، والصدى والهام، والضّوع والخطاطيف، والعصافير، والحمّر «1» في ذلك الوقت أكثر من الدّيكة. قال الوليد بن يزيد في ذلك: [من الهزج] سليمى تيك في العير ... قفي إن شئت أو سيري «2» فلما أن دنا الصّبح ... بأصوات العصافير وقال كلثوم بن عمرو العتّابيّ: [من البسيط] يا ليلة لي بحوّارين ساهرة ... حتّى تكلم في الصّبح العصافير «3» فالعصافير والخطاطيف والحمّر «4» والحمام والضّوعان «5» وأصناف البوم كلّها تقوم مقام الديك. وقال ثعلبة بن صعير المازنيّ: [من الكامل] أعمير ما يدريك أن رب فتية ... بيض الوجوه ذوي ندى ومآثر «6» حسني الفكاهة لا تذمّ لحامهم ... سبطي الأكفّ لدى الحروب مساعر «7» باكرتهم بسباء جون مترع ... قبل الصّباح وقبل لغو الطائر «8» 474-[صوت الديك وما قيل فيه شعرا] قال: ويقال لصوت الدّيكة الدّعاء. والزقاء، والهتاف، والصّراخ، والصّقاع. وهو يهتف ويصقع ويزقو ويصرخ. وقال جران العود: [من الطويل] تميل بك الدنيا ويغلبك الهوى ... كما مال خوّار النّقا المتقصف «9» ونلغى كأنّا مغنم قد حويته ... وترغب عن جزل العطاء وتصدف فموعدك الشّطّ الذي بين أهلنا ... وأهلك حتّى تسمع الديك يهتف

475 -[طيور الليل]

وقال الممزّق العبديّ: [من الطويل] وقد تخذت رجلاي في جنب غرزها ... نسيفا كأفحوص القطاة المطرّق «1» أنيخت بجوّ يصرخ الديك عندها ... وباتت بقاع كادئ النبت سملق «2» وقال لبيد: [من الطويل] لدن أن دعا ديك الصّباح بسحرة ... إلى قدر ورد الخامس المتأوّب «3» 475-[طيور الليل] ويقال للطائر الذي يخرج من وكره باللّيل البومة والصّدى والهامة والضّوع والوطواط والخفّاش، وغراب اللّيل، ويصيد بعضها الفأر وسامّ أبرص والقطا وصغار الحشرات، وبعضها يصيد البعوض والفراش وما أشبه ذلك. والبوم يدخل بالليل على كل طائر في بيته، ويخرجه منه ويأكل فراخه وبيضه. وهذه الأسماء مشتركة. وقال خزيمة بن أسلم: [من الطويل] فلا تزقون لي هامة فوق مرقب ... فإنّ زقاء الهام أخبث خابث وقال عبد الله بن خازم أو غيره: [من الوافر] فإن تك هامة بهراة تزقو ... فقد أزقيت بالمروين هاما «4» وقال توبة بن الحميّر: [من الطويل] ولو أنّ ليلى الأخيليّة سلّمت ... عليّ ودوني جندل وصفائح «5»

476 -[شعر في الدجاج]

لسلّمت تسليم البشاشة أو زقا ... إليها صدى من جانب القبر صائح وقال الرّاجز: [من الرجز] ومنهل طامسة أعلامه ... يعوي به الذئب ويزقو هامه وأنشدني في الصّدى: [من الطويل] تجشمّت من جرّاك والبوم والصّدى ... له صائح أن كنت أسريت من أجلي وقال سويد بن أبي كاهل في الضّوع: [من الرمل] لن يضرني غير أن يحسدني ... فهو يزقو مثل ما يزقو الضّوع «1» قال: في قراءة ابن مسعود: إِنْ كانَتْ إِلَّا زقية واحِدَةً «2» ، وَنُفِخَ فِي «3» الزّقية يريد الصّور. وصوت الدجاجة القوقأة، تقول هي تقوقئ. 476-[شعر في الدجاج] وقال أعرابيّ: [من الطويل] أليس يرى عيني جبيرة زوجها ... ومحجرها، قامت عليه النّوائح تنجّبها لا أكثر الله خيره ... رميصاء قد شابت عليها المسائح «4» لها أنف خنزير وساقا دجاجة ... ورؤيتها ترح من العيش تارح وقال العجير السّلولي: [من البسيط] لا نوم إلّا غرار العين ساهرة ... حتّى أصيب بغيظ آل مطلوب «5» إن تهجروني فقد بدّلت أيكتكم ... ذرق الدجاج بحفّاز اليعاقيب «6»

477 -[هجاء الدجاج وهجاء من اتخذها]

وقال أبو الأسود الدّؤليّ: [من الطويل] ألم تعلما يا ابني دجاجة أنّني ... أغشّ إذا ما النّصح لم يتقبّل «1» 477-[هجاء الدجاج وهجاء من اتخذها] وقال صاحب الكلب: وسنروي في الدّجاج ونذكر كلّ من هجاها وهجا من اتخذها وأشبهها في وجه من الوجوه، قال الراجز «2» : [من الرجز] أقبلن من نير ومن سواج «3» ... بالحيّ قد ملّ من الإدلاج فهم رجاج وعلى رجاج «4» ... يمشون أفواجا إلى أفواج مشي الفراريج إلى الدّجاج وقال عبد الله بن الحجّاج: [من الوافر] فإن يعرض أبو العبّاس عنّي ... ويركب بي عروضا عن عروض «5» ويجعل ودّه يوما لغيري ... ويبغضني فإنّي من بغيض فنصر الله يأسو كلّ جرح ... ويجبر كسر ذي العظم المهيض فدى لك من إذا ما جئت يوما ... تلقاني بجامعة ربوض «6» لدى جنب الخوان وذاك فحش ... وبئست خبزة الشّيخ المريض كأنّي إذ فزعت إلى أحيح ... فزعت إلى مقوقية بيوض «7» إوزّة غيضة لقحت كشافا ... لفقحتها إذا بركت نقيض «8»

وقالت امرأة في زوجها وهي ترقّص ابنا لها منه «1» : [من الرجز] وهبته من سلفع أفوك ... ومن هبلّ قد عسا حنيك «2» أشهب ذي رأس كرأس الدّيك تريد بقولها «أشهب» أنه شيخ وشعر جسده أبيض وأنّ لحيته حمراء. وقد قال الشاعر، وهو الأعشى: [من الخفيف] وبني المنذر الأشاهب بالحي ... ره يمشون غدوة كالسّيوف «3» وإنما أراد الأعشى أن يعظّم ويفخّم أمرهم وشأنهم، بأن يجعلهم شيوخا. وأمّا قولها: «ذي رأس كرأس الدّيك» فإنّما تعني أنّه مخضوب الرّأس واللّحية. وقال الآخر: «4» [من البسيط] حلّت خويلة في حيّ مجاورة ... أهل المدائن فيها الدّيك والفيل يقارعون رؤوس العجم ضاحية ... منهم فوارس لا عزل ولا ميل «5» قال ابن أحمر: [من البسيط] في رأس خلقاء من عنقاء مشرفة ... لا يبتغى دونها سهل ولا جبل «6» إلّا كمثلك فينا غير أنّ لنا ... شوقا وذلك ممّا كلّفت جلل هيهات حيّ غدوا من ثجر منزلهم ... حيّ بنجران صاح الدّيك فاحتملوا «7» وقال «8» : [من الطويل] أبعد حلول بالرّكاء وجامل ... غدا سارحا من حولنا وتنشّرا «9»

تبدّلت إصطبلا وتلّا وجرّة ... وديكا إذا ما آنس الفجر فرفرا «1» وبستان ذي ثورين لا لين عنده ... إذا ما طغى ناطوره وتغشمرا «2» وقال أوس بن حجر: [من البسيط] كأنّ هرّا جنيبا عند مغرضها ... والتفّ ديك برجليها وخنزير «3» وقال الحكم بن عبدل: [من الطويل] مررت على بغل تزفّك تسعة ... كأنّك ديك مائل الرّأس أعور «4» تخيرّت أثوابا لزينة منظر ... وأنت إلى وجه يزينك أفقر وقال النّمر بن تولب: [من الوافر] أعذني رب من حصر وعيّ ... ومن نفس أعالجها علاجا «5» ومن حاجات نفسي فاعصمنّي ... فإنّ لمضمرات النّفس حاجا وأنت وليّها وبرئت منها ... إليك وما قضيت فلا خلاجا وأنت وهبتها كوما جلادا ... أرجّي النّسل منها والنّتاجا «6» وتأمرني ربيعة كلّ يوم ... لأشريها وأقتني الدّجاجا وما تغني الدّجاج الضيّف عني ... وليس بنافعي إلا نضاجا أأهلكها وقد لاقيت فيها ... مرار الطّعن والضّرب الشّجاجا وتذهب باطلا غدوات صهبى ... على الأعداء تختلج اختلاجا جموم الشدّ شائلة الذّنابى ... تخال بياض غرّتها سراجا وشدّي في الكريهة كلّ يوم ... إذا الأصوات خالطت العجاجا وقال عبد الرحمن بن الحكم: [من الوافر] وللأنصار آكل في قراها ... لخبث الأطعمات من الدّجاج

478 -[كلب الرفقة]

وقال الآخر لصاحبه: [من الرجز] آذيتنا بديكك السّلّاح ... فنجّنا من منتن الأرواح «1» وقالوا: «هو أسلح من حبارى» ساعة الخوف، ومن «دجاجة» ، ساعة الأمن. وقال عقيل بن علّفة: [من الطويل] وهل أشهدن خيلا كأنّ غبارها ... بأسفل علكد دواخن تنضب «2» تبيت على رمض كأنّ عيونهم ... فقاح الدّجاج في الوديّ المعصب «3» 478-[كلب الرفقة] وقال صاحب الديك: حدّث الأصمعيّ قال: أخبرني العلاء بن أسلم قال: أردت الخروج إلى مكّة المعظّمة، شرّفها الله تعالى، فجاءني هشام بن عقبة- وهو أخو ذي الرّمة- فقال لي: يا ابن أخي، إنّك تريد سفرا يحضر الشّيطان فيه حضورا لا يحضره في غيره، فاتّق الله وصلّ الصّلوات لوقتها فإنّك مصلّيها لا محالة، فصلّها وهي تنفعك، وأعلم أنّ لكلّ رفقة كلبا ينبح عليهم، فإن كان نهب شركوه فيه، وإن كان عار تقلّده دونهم فلا تكن كلب الرّفقة «4» !! وقد رووا شبيها بذلك عن تبيع بن كعب. 479-[أم كلبة] وقال زيد الخيل: [من الكامل] يا نصر نصر بني قعين إنّما ... أنتم إماء يتّبعن الأشترا «5» يتبعن فضلة أير كلب منغظ ... عضّ الكلاب بعجبه فاستثفرا «6» قال «7» : فلمّا قدم زيد من عند النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أبرح فتى إن لم تدركه أمّ كلبة» ، يعني الحمّى.

480 -[الكلب بين الهجاء والفخر]

480-[الكلب بين الهجاء والفخر] وقال جرير في البعيث: [من الطويل] إذا أنت لاقيت البعيث وجدته ... أشحّ على الزّاد الخبيث من الكلب وقال صاحب الكلب: وقد قال عمرو بن معد يكرب: [من الهزج] وقد كنت إذا ما الحيّ ... يوما كرهوا صلحي «1» ألفّ الخيل بالخيل ... وأكفي النّبح بالنّبح 481-[استعارات من اسم الكلب] قال ومن الاستعارات من اسم الكلب قول الرّجل منهم، إن أوطن نفسه على شيء: قد ضربت جروتي، وضربت عليه «2» . وقال أبو النّجم: [من الرجز] حتّى إذا ما ابيضّ جرو التّتفل ... وبدّلت والدّهر ذو تبدّل «3» وقال: [من الطويل] من الحنظل العاميّ جرو مفلّق «4» وقال عتبة الأعور: [من مجزوء الكامل] ذهب الذين أحبّهم ... وبقيت فيمن لا أحبه إذ لا يزال كريم قو ... مي فيهم كلب يسبّه 482-[احتقار العرب للصيد] قال صاحب الديك: فخرتم علينا بصيد الكلب، وهجوتم الديك إذ كان مما لا يصيد ولا يصاد به، وقد وجدنا العرب يستذلّون الصّيد ويحقرون الصّيّاد، فمن ذلك قول عمرو بن معد يكرب: [من الكامل] ابني زياد أنتم في قومكم ... ذنب ونحن فروع أصل طيّب «5»

483 -[الاشتفاء بدماء الملوك]

نصل الخميس إلى الخميس وأنتم ... بالقهر بين مربّق ومكلّب «1» لا يحسبنّ بنو طليحة حربنا ... سوق الحمير بجأبة فالكوكب «2» حيد عن المعروف سعي أبيهم ... طلب الوعول بوفضة وبأكلب «3» حتّى يكهّن بعد شيب شامل ... ترحا له من كاهن متكذّب 483-[الاشتفاء بدماء الملوك] وأما قول زهير: [من الطويل] وإن يقتلوا فيشتفى بدمائهم ... وكانوا قديما من مناياهم القتل «4» فهذا البيت نفسه ليس يدلّ على قولهم أنّ كلّ من كان به جنون أو كلب ثمّ حسا من دم ملك أو سيّد كريم أفاق وبرئ. 484-[شدة فرار الكلب من الماء] وقد ضربوا لصاحب الكلب أمثالا في شدّة طلبه الماء، وفي شدّة فراره منه إذا عاينه. وقالوا وقلتم: فالماء المطلوب إذا عاينه من غير أن يمسّه، وهو الطالب له ولم يحرص عليه إلّا من حاجة إليه. فكيف صار إذا رآه صاح؟! قالوا: وقد يعتري النّاظر إلى الماء، والذي يديم التّحديق إليه وهو يمشي على قنطرة أو جرف أو جسر الدّوار، فإنّه ربما رمى بنفسه من تلقاء نفسه إلى الماء، وإن كان لا يحسن السباحة، وذلك إنما يكون على قدر ما يصادف ذلك من المرار. ومن الطّباع. فممّن فعل ذلك بنفسه أبو الجهجهاه محمد بن مسعود، فكاد يموت حتى استخرج. ومنهم منصور بن إسماعيل التّمّار، وجماعة قد عرفت حالهم.

485 -[ما يعتري المختنق والممرور]

485-[ما يعتري المختنق والممرور] وهذا كما يعتري الذي يصيبه الأسن «1» من البخار المختنق في البئر إذا صار فيها، فإنّه ربّما استقى واستخرج وقد تغيّر عقله. وأصحاب الرّكايا «2» يرون أنّ دواءه أن يلقوا عليه دثارا ثقيلا، وأن يزمّل تزميلا وإن كان في تموز وآب، ثم يحرس وإن كان قريبا من رأس البئر، فإنّه إن لم يحل بينه وبينها طرح نفسه في تلك البئر، أتاها سعيا في أوّل ما يفتح عينه ويرجع إليه اليسير من عقله، حتى يكفي نفسه فيها من ذات نفسه، في الموضع الذي قد لقي منه ما لقي، وقد كان عنده معلوما أنّ القوم لو تركوه طرفة عين لهلك. هكذا كان عنده أيّام صحّة عقله، فلمّا فسد أراه الفساد أنّ الرّأي في العود إلى ذلك الموضع. وكما يعتري الممرور «3» حتّى يرجم النّاس، فإنّ المرّة تصوّر له أن الذي رجمه قد كان يريد رجمه، فيرى أنّ الصّواب أن يبدأه بالرّجم وعلى مثل ذلك تريه المرّة أنّ طرحه نفسه في النّار أجود وأحزم. وليس في الأرض إنسان يذبح نفسه أو يختنق أو يتردّى في بئر، أو يرمي نفسه من حالق، إلّا من خوف المثلة أو التعذيب أو التعيير وتقريع الشامتين، أو لأنّ به وجعا شديدا فيحرّك عليه المرّة فيحمى لذلك بدنه ويسخن جوفه، فيطير من ذلك شيء إلى دماغه أو قلبه، فيوهمه ذلك أنّ الصّواب في قتل نفسه، وأنّ ذلك هو الرّاحة. وأنّ الحزم مع الرّاحة. ولا يختار الخنق الوادع الرابح الرافه، السليم العقل والطّباع. وللغيظ ربّما رمى بنفسه في هذه المهالك، وقذف بها في هذه المهاوي. وقد يعتري الذي يصعد على مثل سنسيرة أو عقرقوف «4» أو خضراء زوج، فإنّه يعتريه أن يرمي بنفسه من تلقاء نفسه، فيرون عند ذلك أن يصعد إليه بعض المعاودين المجرّبين، ولا يصنع شيئا حتّى يشدّ عينيه، ويحتال لإنزاله، فهذا المعنى عامّ فيمن كانت طبيعته تثور عند مثل هذه العلّة، وما أكثر من لا يعتريه ذلك. وقد قال النّاس في عذر هؤلاء ولأنّ فيهم ضروبا من الأقاويل.

486 -[ضعة الغراب وضعفه]

وإنّما تكلمنا على المغلوب. فأمّا من كانت هذه العوارض لا تفسد عقله، ولا تنقض استطاعته، فليس بيننا اختلاف في أنّه ملوم. على أنّ إلزامه اللائمة لا يكون إلّا من بعد خصومة طويلة، لا يصلح ذكرها في هذا الباب. 486-[ضعة الغراب وضعفه] وقال صاحب الكلب «1» : الغراب من لئام الطير وليس من كرامها، ومن بغاثها وليس من أحرارها، ومن ذوات البراثن الضعيفة والأظفار الكليلة، وليس من ذوات المخالب المعقّفة والأظفار الجارحة. ومن ذوات المناقير وليس من ذوات المناسر. وهو مع أنّه قويّ النّظر. لا يتعاطى الصّيد. وربّما راوغ العصفور، ولا يصيد الجرادة إلّا أن يلقاها في سدّ «2» من الجراد. وهو فسل إن أصاب جيفة نال منها وإلّا مات هزالا، ويتقمّم كما يتقمم بهائم الطير وضعافها، وليس ببهيمة لمكان أكله الجيف، وليس بسبع لعجزه عن الصّيد. 487-[ألوان الغربان] وهو مع ذلك يكون حالك السّواد شديد الاحتراق، ويكون مثله من الناس الزّنج فإنّهم شرار الناس، وأردأ الخلق تركيبا ومزاجا، كمن بردت بلاده فلم تطبخه الأرحام، أو سخنت فأحرقته الأرحام. وإنما صارت عقول أهل بابل وإقليمها فوق العقول، وجمالهم فوق الجمال لعلّة الاعتدال. والغراب إمّا أن يكون شديد الاحتراق فلا يكون له معرفة ولا جمال، وإمّا أن يكون أبقع فيكون اختلاف تركيبه وتضادّ أعضائه دليلا على فساد أمره. والبقع ألأم من السّود وأضعف. 488-[أنواع الغربان] ومن الغربان غراب الليل، وهو الذي ترك أخلاق الغربان وتشبّه بأخلاق البوم» . ومنها غراب البين. وغراب البين «4» نوعان: أحدهما غربان صغار معروفة

489 -[التشاؤم بالغراب]

بالضّعف واللّؤم والآخر: [كلّ غراب يتشاءم به. و] «1» إنّما لزمه هذا الاسم لأن الغراب إذا بان أهل الدّار للنّجعة، وقع في مرابض بيوتهم يلتمس ويتقمّم، فيتشاءمون به ويتطيّرون منه، إذ كان لا يعتري منازلهم إلّا إذا بانوا، فسمّوه غراب البين. ثمّ كرهوا إطلاق ذلك الاسم له مخافة الزّجر والطّيرة، وعلموا أنّه نافذ البصر صافي العين- حتى قالوا: «أصفى من عين الغراب» «2» . كما قالوا: «أصفى من عين الدّيك» «3» - فسمّوه الأعور كناية، كما كنوا طيرة عن الأعمى فكنوه أبا بصير. وبها اكتنى الأعشى بعد أن عمي. ولذلك سمّوا الملدوغ والمنهوش سليما، وقالوا للمهالك من الفيافي: المفاوز. وهذا كثير. والغدقان «4» جنس من الغربان، وهي لئام جدّا. 489-[التشاؤم بالغراب] ومن أجل تشاؤمهم بالغراب اشتقّوا من اسمه الغربة، والاغتراب، والغريب. وليس في الأرض بارح ولا نطيح «5» ، ولا قعيد، ولا أعضب «6» ولا شيء مما يتشاءمون به إلّا والغراب عندهم أنكد منه، يرون أنه صياحه أكثر أخبارا، وأنّ الزّجر فيه أعمّ. وقال عنترة: [من الكامل] حرق الجناح كأنّ لحيى رأسه ... جلمان، بالأخبار هشّ مولع «7» 490-[التعاير بأكل لحم الغراب] وهو عندهم عار، وهم يتعايرون بأكل لحمه. ولو كان ذلك منهم لأنّه يأكل

491 -[فسق الغراب وتأويل رؤياه]

اللحوم، ولأنّه سبع، لكانت الضّواري والجوارح أحقّ بذلك عندهم. وقد قال وعلة الجرمي: [من الوافر] فما بالعار ما عيّرتمونا ... شواء الناهضات مع الخبيص «1» فما لحم الغراب لنا بزاد ... ولا سرطان أنهار البريص «2» 491-[فسق الغراب وتأويل رؤياه] قال: والغربان جنس من الأجناس التي أمر بقتلها في الحلّ والحرم «3» ، وسميت بالفسق وهي فواسق، اشتقّ لها من اسم إبليس. وقالوا: رأى فلان فيما يرى النّائم أنه يسقط أعظم صومعة بالمدينة غراب. فقال سعيد بن المسيّب: يتزوج أفسق الفاسقين امرأة من أهل المدينة. فلم يلبثوا إلا أيّاما حتى كان ذلك. 492-[غراب نوح] وقالوا في المثل «4» : «لا يرجع فلان حتّى يرجع غراب نوح» «5» ، وأهل البصرة يقولون: «حتّى يرجع نشيط من مرو» «6» ، وأهل الكوفة يقولون: «حتى يرجع مصقلة من سجستان» «7» . [وكما تقول العرب: حتى يؤوب القارظ العنزي] «8» فهو مثل في كل موضع من المكروه.

493 -[نتن فرخ الغراب والهدهد]

493-[نتن فرخ الغراب والهدهد] وزعم الأصمعيّ عن خلف الأحمر، أنّه قال: رأيت فرخ غراب فلم أر صورة أقبح ولا أسمج ولا أبغض ولا أقذر ولا أنتن منه. وزعم أنّ فراخ الغربان أنتن من الهدهد- على أنّ الهدهد مثل في النّتن- فذكر عظم رأس وصغر بدن، وطول منقار وقصر جناح، وأنّه أمرط أسود، وساقط النّفس، ومنتن الرّيح. وصاحب المنطق يزعم أنّ رؤية فرخ العقاب أمر صعب، وشيء عسى. ولست أحسن أن أقضى بينهما. والغربان عندنا بالبصرة أوابد غير قواطع، وهي تفرخ عندنا في رؤوس النّخل الشّامخة، والأشجار العالية. 494-[خداع الغراب للديك] فالغراب عند العرب مع هذا كلّه، قد خدع الدّيك وتلعّب به «1» ، ورهنه عند الخمّار، وتخلّص من الغرم، وأغلقه عند الخمّار، فصار له الغنم وعلى الدّيك الغرم، ثم تركه تركا ضرب به المثل. فإن كان معنى الخبر على ظاهر لفظه. فالدّيك هو المغبون والمخدوع والمسخور به، ثمّ كان المتلعّب به أنذل الطير وألأمه. وإن كان هذا القول مهم يجري مجرى الأمثال المضروبة، فلولا أنّ عليا الدّيك في قلوبهم دون محلّ الغراب- على لؤم الغراب ونذالته وموقه وقلّة معرفته- لما وضعوه في هذا الموضع. 495-[دهاء أمية بن أبي الصّلت] فإن أردتم معرفة ذلك فانظروا في أشعارهم المعروفة، وأخباره الصحيحة ثمّ ابدؤوا بقول أميّة بن أبي الصّلت، فقد كان داهية من دواهي ثقيف، وثقيف من دهاة العرب، وقد بلغ من اقتداره في نفسه أنّه قد كان همّ بادّعاء النّبوة، وهو يعلم كيف الخصال التي يكون الرجل بها نبيّا أو متنبّيا إذا اجتمعت له، نعم وحتّى ترشّح «2» لذلك بطلب الرّوايات، ودرس الكتب، وقد بان عند العرب علّامة، ومعروفا بالجولان في البلاد، راوية.

496 -[خداع الغراب للديك]

496-[خداع الغراب للديك] وفي كثير من الروايات من أحاديث العرب، أنّ الدّيك كان نديما للغراب، وأنّهما شربا الخمر عند خمّار ولم يعطياه شيئا، وذهب الغراب ليأتيه بالثّمن حين شرب، ورهن الدّيك، فخاس به، فبقي محبوسا. 497-[الغراب والحمامة في سفينة نوح] وأنّ نوحا صلّى الله عليه وسلم حين بقي في اللّجّة أيّاما بعث الغراب، فوقع على جيفة ولم يرجع، ثمّ بعث الحمامة لتنظر هل ترى في الأرض موضعا يكون للسفينة مرفأ، واستجعلت «1» على نوح الطّوق الذي في عنقها، فرشاها بذلك- أي فجعل ذلك جعلا لها. وفي جميع ذلك يقول أميّة بن أبي الصّلت: [من الوافر] بآية قام ينطق كلّ شيء ... وخان أمانة الدّيك الغراب «2» يقول: حين تركه في أيديهم وذهب وتركه. والعامّة تضرب به المثل وتقول: «ما هو إلّا غراب نوح» «3» . ثم قال: [من الوافر] وأرسلت الحمامة بعد سبع ... تدلّ على المهالك لا تهاب تلمّس هل ترى في الأرض عينا ... وغايتها من الماء العباب «4» فجاءت بعد ما ركضت بقطف ... عليه الثّأط والطين الكباب «5» فلما فرّسوا الآيات صاغوا ... لها طوقا كما عقد السّخاب «6» إذا ماتت تورّثه بنيها ... وإن تقتل فليس لها استلاب «7»

498 -[شعر أمية في الديك والغراب والحمامة]

كذي الأفعى تربّبها لديه ... وذي الجنّيّ أرسله تساب «1» فلا ربّ المنية يأمننها ... ولا الجنّيّ أصبح يستتاب الجنّيّ: إبليس؛ لذنوبه. والأفعى هي الحيّة التي كلم إبليس آدم من جوفها. ومن لا علم عنده يروي أيضا أنّ إبليس قد دخل جوف الحمار مرّة، وذلك أنّ نوحا لمّا دخل السفينة تمنّع الحمار بعسره ونكده، وكان إبليس قد أخذ بذنبه. وقال آخرون: بل كان في جوفه فلمّا قال نوح للحمار: ادخل يا ملعون! ودخل الحمار، دخل إبليس معه، إذ كان في جوفه. قال: فلمّا رآه نوح في السفينة قال: يا ملعون من أدخلك السّفينة؟ قال: أنت أمرتني. قال: ومتى أمرتك؟ قال: حين قلت، ادخل يا ملعون، ولم يكن ثمّ ملعون غيري. 498-[شعر أمية في الديك والغراب والحمامة] قال أميّة بن أبي الصّلت: [من الخفيف] هو أبدى من كلّ ما يأثر النّا ... س أماثيل باقيات سفورا «2» خلق النّخل مصعدات تراها ... تقصف اليابسات والخضّورا «3» والتّماسيح والثّياتل والإ ... يّل شتّى والرّيم واليعفورا «4» وصوارا من النّواشط عينا ... ونعاما خواضبا وحميرا «5» وأسودا عواديا وفيولا ... وذيابا والوحش والخنزيرا وديوكا تدعو الغراب لصلح ... وإوزّين أخرجت وصقورا» قال: ثم ذكر الحمامة فقال «7» : [من الخفيف] سمع الله لابن آدم نوح ... ربّنا ذو الجلال والإفضال

حين أوفى بذي الحمامة والنّا ... س جميعا في فلكه كالعيال فأتته بالصّدق لمّا رشاها ... وبقطف لما غدا عثكال «1» ووصف في هذه القصيدة أمر الحمامة والغراب صفة ثانية، وغير ذلك، وبدأ بذكر السفينة فقال «2» : [من الطويل] ترفّع في جري كأنّ أطيطه ... صريف محال تستعيد الدّواليا «3» على ظهر جون لم يعدّ لراكب ... سراه وغيم ألبس الماء داجيا «4» فصارت بها أيّامها ثمّ سبعة ... وستّ ليال ذائبات غواطيا «5» تشق بهم تهوي بأحسن إمرة ... كأنّ عليها هاديا ونواتيا «6» وكان لها الجوديّ نهيا وغاية ... وأصبح عنه موجه متراخيا «7» [ثم قال] : وما كان أصحاب الحمامة خيفة ... غداة غدت منهم تضمّ الخوافيا رسولا لهم والله يحكم أمره ... يبين لهم هل يؤنس التّرب باديا فجاءت بقطف آية مستبينة ... فأصبح منها موضع الطّين جاديا «8» على خطمها واستوهبت ثمّ طوقها ... وقالت ألا لا تجعل الطّوق حاليا «9» ولا ذهبا، إنّي أخاف نبالهم ... يخالونه مالي وليس بماليا وزدني على طوقي من الحلي زينة ... تصيب إذا أتبعت طوقي خضابيا وزدني لطرف العين منك بنعمة ... وأرّث إذا ما متّ طوقي حماميا يكون لأولادي جمالا وزينة ... ويهوين زيني زينة أن يرانيا «10»

499 -[ما يلقم فراخه وما يزقها]

ثم عاد أيضا في ذكر الدّيك فقال: ولا غرو إلّا الدّيك مدمن خمرة ... نديم غراب لا يملّ الحوانيا «1» ومرهنه عن الغراب حبيبه ... فأوفيت مرهونا وخلفا مسابيا «2» أدلّ عليه الدّيك: إنّي كما ترى ... فأقبل على شأني وهاك ردائيا أمنتك لا تلبث من الدّهر ساعة ... ولا نصفها حتّى تؤوب مآبيا ولا تدركنك الشّمس عند طلوعها ... فأعلق فيهم أو يطول ثوائيا فردّ الغراب والرداء يحوزه ... إلى الدّيك وعدا كاذبا وأمانيا بأيّة ذنب أو بأيّة حجّة ... أدعك فلا تدعو عليّ ولا ليا فإنّي نذرت حجّة لن أعوقها ... فلا تدعونّي مرّة من ورائيا تطيّرت منها والدّعاء يعوقني ... وأزمعت حجّا أن أطير أماميا فلا تيأسن إنّي مع الصّبح باكر ... أوافي غدا نحو الحجيج الغواديا لحبّ امرئ فاكهته قبل حجّتي ... وآثرت عمدا شأنه قبل شانيا «3» هنالك ظنّ الدّيك إذ زال زوله ... وطال عليه اللّيل ألّا مفاديا «4» فلما أضاء الصّبح طرّب صرخة ... ألا يا غراب هل سمعت ندائيا على ودّه لو كان ثمّ مجيبه ... وكان له ندمان صدق مواتيا وأمسى الغراب يضرب الأرض كلّها ... عتيقا وأضحى الدّيك في القدّ عانيا «5» فذلك ممّا أسهب الخمر لبّه ... ونادم ندمانا من الطّير عاديا «6» 499-[ما يلقم فراخه وما يزقها] قال: ومن الطّير ما يلقم فراخه مثل العصفور، لأن العصفور لا يزقّ. وكذلك أشباه العصفور. ومن الطير ما يزقّ فراخه، مثل الحمام وما أشبه ذلك كبهائم الطير الخالصة. لأنّ الدّجاجة تأكل اللّحم، وتلغ في الدم، وولدها حين يخرج من البيض يخرج كاسبا

500 -[طبائع مشتركة في الطير]

مليحا، كيسا بصيرا بما يعيشه ويقوته، ولا يحتاج إلى تلقيم سباع الطير والعصافير لأولادها، لأنّ أولادها إذ لم ترضع ولم تلقط الحبّ كالفراريج أوّل ما تخرج من البيض ولم تزقّها الآباء ولا الأمهات كأجناس الحمام- فلا بدّ لها من تلقيم. 500-[طبائع مشتركة في الطير] والفرّوج مشترك الطبيعة. قد أخذ من طبائع الجوارح نصيبا، وهو أكله للحم، وحسوه للدّم، وأكله للديدان وما هو أقذر من الذّباب، والعصفور أيضا مشارك الطّباع، لأنّه يجمع بين أكل الحبوب واللّحمان، وبين لقط الحبوب وصيد أجناس كثيرة من الحيوان، كالنمل إذا طار. وكالجراد، وغير ذلك. وليس في الأرض رأس أشبه برأس الحيّة من العصفور «1» . 501-[هداية العصفور] والعصفور يتعالى ويطير، ويهتدي ويستجيب. ولقد بلغني أنّه قد رجع من قريب من فرسخ. وهي تكون عندنا بالبصرة في الدّور، فإذا أمكنت الثمار «2» لم تجد منها إلّا اليسير، فتصير من القواطع إلى قاصي النّخل، وذلك أنّها إذا مرّت بعصافير القرى وقد سبقت إلى ما هو إليها أقرب، جاوزتها إلى ما هو أبعد، ثمّ تقرب الأيّام الكثيرة إلى ما هو أبعد، ثمّ تقرب الأيّام الكثيرة المقدار، في المسافة إلى أكثر مما ذكرت من الفرسخ أضعافا. 502-[أشد تعطفا من عصفور] والعصافير لا تقيم في دور الأمصار إذا شخص أهلها عنها، إلّا ما كان منها مقيما على بيض أو فراخ، فإنّه ليس في الأرض طائر أحنى على ولده ولا أشدّ تعطفا من عصفور. والذي يدلّ على أنّ في طبعها من ذلك ما ليس في طبع سواها من الطّير الذي تجد من إسعاد بعضهنّ لبعض، إذا دخلت الحيّة إلى جحر بعضهن لتأكل فرخا، أو تبتلع بيضا، فإنّ لأبوي الفرخ عند ذلك صياحا وقلقا وطيرانا، وتدفيفا وترنيقا «3» فوق الجحر ودونه وحواليه، فلا يبقى عصفور من حيث يسمع صياحهما أو يسمع أصواتهما إلّا جئن أرسالا مسعدات، يصنعن معهما كما يصنعان.

503 -[شدة حذر العصفور]

503-[شدة حذر العصفور] وليس في الأرض أصدق حذرا منه، ويقال إنّه في ذلك لأكثر من العقعق «1» والغراب. وخبّرني من يصيد العصافير قال: ربما كان العصفور ساقطا على حائط سطح بحذائي، فيغمّني صياحه وحدّة صوته، فأصبح وأومئ إليه بيدي، وأشير كأنّي أرميه، فما يطير. حتّى ربّما أهويت إلى الأرض كأني أتناول شيئا، كلّ ذلك لا يتحرّك له. فإن مسّت يدي أديي حصاة أو نواة وأنا أريد رميها، طار قبل أن تستمكن منها يدي «2» . 504-[سفاد العصفور] «3» وليس في الطّير أكثر عدد سفاد من العصافير «4» ، ولذلك يقال إنّها أقصر الطّير أعمارا. ويقال إنّه ليس شيء ممّا يألف النّاس ويعايشهم في دورهم أقصر عمرا منها، يعنون: من الخيل والبغال والحمير، والبقر والغنم، والكلاب والسّنانير، والخطاطيف والزرازير، والحمام والدّجاج. 505-[نقزان العصفور] ولا يقدر العصفور على المشي، وليس عنده إلا النّقزان «5» ، ولذلك يسمّى النّقّاز، وإنّما يجمع رجليه ثمّ يثب، وذلك في جميع حركاته، وفي جميع ذهابه ومجيئه. فهي الصّعو، والعصافير، والنقاقيز. وإن هو مشى هذه المشية- التي هي نقزان- على سطح وإن ارتفع سمكه، فكأنّك تسمع لوطئه وقع حجر، لشدّة وطئه، ولصلابة مشيه، وهو ضدّ الفيل؛ لأنّ إنسانا لو كان جالسا ومن خلف ظهره فيل لما شعر به، لخفّة وقع قوائمه، مع سرعة مشي وتمكين في الخطا. 506-[سبعية الرّخم والنسر] والرّخم والنّسر سباع، وإنّما قصّر بها عدم السلاح. فأمّا البدن والقوّة ففوق جميع الجوارح. ولكنّها في معنى الدّجاج، لمكان البراثن ولعدم المخالب.

507 -[حب العصفور لفرخه]

507-[حب العصفور لفرخه] ولقد رأيت سنّورا وثب على فرخ عصفور فأخطأه فتناول الفرخ بعض الغلمان فوضعه في البيت، فكان أبوه يجىء حتى يطعمه، فلمّا قوي وكاد يطير جعله في قفص، فرأيت أباه يجيء يتخرّق السّنانير وهي تهمّ به، حتّى يدخل إليه من أعلى فتح الباب، وهي تهمّ بالوثوب والاختطاف له، حتّى يسقط على القفص فينازعه ساعة، فإذا لم يجد إلى الوصول سبيلا طار فسقط خارجا من البيت، ثمّ لا يصبر حتّى يعود. فكان ذلك دأبه. فلمّا قوي فرخه أرسلوه معه فطارا جميعا. وعرفنا أنّه الأب دون الأمّ لسواد اللّحية. 508-[قبح صوت الديك] قال: والدليل على أنّ صوت الدّيك كريه في السّماع، غير مطرب، قول الشاعر «1» : [من الكامل] ذكر الصّبوح بسحرة فارتاحا ... وأملّه ديك الصّباح صياحا أوفى على شعف الجدار بسدفة ... غردا يصفّق بالجناح جناحا «2» 509-[صغر قدر الدجاج] قال: ويدلّ على صغر قدر الدّجاج عندهم قول بشّار بن برد الأعمى «3» : [من الوافر] بجدّك يا ابن أقرع نلت مالا ... ألا إنّ اللّئام لهم جدود فمن نذر الزّيادة في الهدايا ... أقمت دجاجة فيمن يزيد 510-[إذا كثر الدجاج قلّ عدد البيض] «4» قال: وإذا كثر الدّجاج في دار أو إصطبل أو قرية، لم يكن عدد بيضها وفراريجها على حسب ما كان يبيض القليل منهنّ ويفرخه. يعرف ذلك تجّار الدّجاج ومن اتخذها للغلّة. وهي بمصر ترعى كما يرعى الغنم، ولها راع وقيّم.

511 -[فراخ الدجاج وفراخ الحمام]

511-[فراخ الدجاج وفراخ الحمام] والموت إلى الدّجاج سريع جدّا، العادة في صغار فراريجها خلاف ما عليها نتوّ فراخ الحمام، لأنّ الفرّوج تتصدّع عنه البيضة فهو كيّس ظريف، مليح مقبول، محبّ، غنيّ بنفسه، مكتف بمعرفته، بصير بموضع معيشته من لقط الحب، ومن صيد الذّباب وصغار الطير من الهوامّ. ويخرج كاسيا حتى كأنّه من أولاد ذوات الأربع. ويخرج سريع الحركة شديد الصوت حديده، يدعى بالنّقر فيجيب، ولا يقال له: قر، قر، ثلاث مرّات- حتى يلقنه. فإن استدبره مستدبر ودعاه عطف عليه، وتتّبع الذي يطعمه ويلاعبه، وإن تباعد من مكانه الأوّل. فهو آلف شيء. ثمّ كلما مرّت عليه الأيام ماق وحمق، ونقص كيسه، وأقبل قبحه وأدبر ملحه. فلا يزال كذلك حتى ينسلخ من جميع ما كان يحبّ له إلى ضدّ ذلك، ويصير من حالة إلى حال لم يبلغ الانتفاع بذبحه وبيضه وفراريجه. وذهب عنهم الاستمتاع بكيسه. ولا يكاد يقبل الشّحم. حتى يلحق بأبيه، وكذلك إن كانت أنثى، لا تقبل السّمن، ولا تحمل اللّحم حتّى تكاد تلحق بأمّها في الجثّة. والفرخ يخرج حارضا «1» ساقطا، أنقص من أن يقال له مائق، وأقبح شيء، وهو في ذلك عاري الجلد مختلف الأوصال متفاوت الأعضاء، ضعيف الحوصلة، عظيم المنقار، فكلمّا مرّت به الأيّام زادت في لحمه وشحمه، وفي معرفته وبصره، حتى إذا بلغ خرج منه من الأمور المحمودة ما عسى لو أنّ واصفا تتبّع ذلك لملأ منه الأجلاد الكثيرة. ثم إذا جاز حدّ الفراخ إلى حدّ النواهض «2» ، إلى حدّ العتّق والمخالب «3» ، قلّ لحمه وذهب شحمه على حساب ذلك ينقص. فإذا تمّ وانتهى لم تكن في الأرض دابّة ولا طائر أقلّ شحما ولا أخبث لحما منه، ولا أجدر ألّا يقبل شيئا من السّمن ولو تخيّروا له فؤارة «4» المسمنات وما يسمّن به- ما سمن. 512-[علة قلة البيض إذا كثر الدجاج] وسألت عن السّبب الذي صار له الدّجاج إذا كثرن قلّ بيضهنّ وفراخهنّ، فزعموا أنّها في طباع النّخل، فإن النّخلة إذا زحمت أختها، بل إذا مسّ طرف سعفها

513 -[فخر صاحب الديك بكثرة ما اشتق من البيض]

طرف سعف الأخرى وجاورتها، وضيّقت عليها في الهواء، وكذلك أطراف العروق في الأرض- كان ذلك كربا عليها وغمّا. قالوا: فتدانيها وتضاغطها، وأنفاسها وأنفاس أبدانها، يحدث لها فسادا. قال: وكما أنّ الحمام إذا كثرت في الكنّة «1» والشريحة احتاجت إلى شمس وإلى ماء تغتسل فيه في بعض الأحايين، وإلى أن تكون بيوتها مكنوسة في بعض الأوقات ومرشوشة، وإلّا لم يكن لها كبير بيض. على أنّه إذا كان لها في الصميمين الدّفء في الشتاء والكنّ في الصيف، لم تغادر الدّهر كلّه أن تبيض. 513-[فخر صاحب الديك بكثرة ما اشتق من البيض] قال صاحب الدّيك: فخرتم للكلب بكثرة ما اشتقّ للأشياء من اسم الكلب، وقد اشتقّ لأكثر من ذلك العدد من البيض، فقالوا لقلانس الحديد: بيض، وقالوا: فلان يدفع عن بيضة الإسلام، وقالوا «2» : قال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه: أنا بيضة البلد. وفي موضع الذمّ من قولهم «3» : [من البسيط] تأبى قضاعة أن تدري لكم نسبا ... وابنا نزار وأنتم بيضة البلد ويسمّى رأس الصّومعة والقبّة بيضة. ويقال للمجلس إذا كان معمورا غير مطوّل بيض جاثمة، ويقال للوعاء الذي يكون فيه الحبن والخراج- وهو الذي يجتمع فيه القيح- بيضة. وقال الأشتر بن عبادة: [من الوافر] يكفّ غروبها ويغضّ منها ... وراء القوم خشية أن يلاموا مظاهر بيضتين على دلاص ... به من وقعة أخرى كلام وقال النابغة: [من الوافر] فصبّحهم ململمة رداحا ... كأن رؤوسهم بيض النعام «4» وقال العجير السّلولي: [من الطويل] إذا البيضة الصّمّاء عضّت صفيحة ... بحربائها صاحت صياحا وصلّت

514 -[شرط أبي عباد النمري في الخمر]

514-[شرط أبي عباد النمري في الخمر] ولما أنشدوا أبا عبّاد النّمريّ قول ابن ميّادة، وهو الرّمّاح «1» : [من الكامل] ولقد غدوت على الفتى في رحله ... قبل الصّباح بمترع نشّاج «2» جاد القلال له بدرّ صبابة ... حمراء مثل سخينة الأوداج «3» حبست ثلاثة أحرس في دارة ... قوراء بين جوازل ودجاج «4» تدع الغويّ كأنّه في نفسه ... ملك يعصّب رأسه بالتّاج ويظلّ يحسب كلّ شيء حوله ... نجب العراق نزلن بالأحداج «5» فحين سمعه أبو عبّاد يقول: حبست ثلاثة أحرس في دارة ... قوراء بين جوازل ودجاج قال: لو وجدت خمرا زيتيّة ذهبية، أصفى من عين الديك، وعين الغراب، ولعاب الجندب وماء المفاصل، وأحسن حمرة من النّار، ومن نجيع «6» غزال، ومن فوّة الصّباغ- لما شربتها حتّى أعلم أنّها من عصير الأرجل، وأنّها من نبات القرى، وما لم تكدر في الزّقاق، وأنّ العنكبوت قد نسجت عليها، وأنّها لم تصر كذلك إلّا وسط دسكرة، وفي قرية سواديّة وحولها دجاج وفراريج. وإن لم تكن رقطاء أو فيها رقط فإنّها لم تتمّ كما أريد. وأعجب من هذا أنّي لا أنتفع بشربها حتّى يكون بائعها على غير الإسلام. ويكون شيخا لا يفصح بالعربيّة، ويكون قميصه متقطّعا بالقار. وأعجب من هذا أنّ الذي لا بدّ منه أن يكون اسمه وإن كان مجوسيّا شهريار، ومازيار، وما أشبه ذلك، مثل أدير، واردان، ويازان. فإن كان يهوديا فاسمه مانشا، وأشلوما، وأشباه ذلك، وإن كان نصرانيّا فاسمه يوشع وشمعون وأشباه ذلك. 515-[استطراد لغوي] ويقال حمس الشرّ وأحمس إذا اشتدّ. ويقال قد احتمس الدّيكان احتماسا، إذا

516 -[لؤم الفروج]

اقتتلا اقتتالا شديدا، ويقال وقع الطائر يقع وقوعا. وكلّ واقع فمصدره الوقوع، ومكانه موقعة، والجمع مواقع. وقال الرّاجز «1» : [من الرجز] كأنّ متنيه من النفيّ ... مواقع الطير على الصّفيّ «2» يقال صفا وصفيّ. والنّفيّ: ما نفى الرّشاء من الماء، وما تنفيه مشافر الإبل من من الماء المدير «3» . فشبّه مكانه على ظهر الساقي والمستقي بذرق الطّير على الصّفا. ويقال: وقع الشيء من يدي وقوعا، وسقط من يدي سقوطا. ويقال وقع الربيع بالأرض، ويقال سقط. وقال الرّاعي: [من الكامل] وقع الربيع وقد تقارب خطوه ... ورأى بعقوته أزلّ نسولا «4» 516-[لؤم الفروج] قال: وكان عندنا فرّوج، وفي الدار سنانير تعابث الحمام وفراخه، وكان الفرّوج يهرب منها إلى الحمام، فجاؤونا بدرّاج، فترك الحمام وصار مع الدّرّاج، ثمّ اشترينا فروجا كسكريّا للذّبح فجعلناه في قفص، فترك الدّرّاج ولزم قرب القفص، فجئنا بدجاجة فترك الدّيك وصار مع الدّجاجة، فذكرت قول الفزر عبد بني فزارة- وكانت بأذنه خربة «5» -: إنّ الوئام يتنزّع في جميع الطّمش «6» ، لا يقرب العنز الضّأن ما وجدت المعز، وتنفر [الشاء] «7» من المخلب ولا تتأنّس بالخفّ. فجعلها كما ترى تنفر ولا تأنس منزله وكذلك حدّثنا الأصمعيّ قال: قلت للمنتجع بن نبهان- وكانت بأذنه خربة «8» - أكان تميم مسلما؟ قال: إن كان هو الذي سمّى ابنه زيد مناة فما كان

517 -[لولا الوئام لهلك الأنام]

مسلما، وإلّا يكن هو الذي سمّاه فلا أدري. ولم يقل: وإلّا يكن هو سمّاه فقد كان مسلما. 517-[لولا الوئام لهلك الأنام] والوئام: المشاكلة. وقالوا: تقول العرب: «لولا الوئام لهلك الأنام» «1» . وقال بعضهم: تأويل ذلك: لولا أنّ بعض الناس إذا رأى صاحبه قد صنع خيرا فتشبّه به لهلك الناس، وقال الآخرون: إنما ذهب إلى أنس بعض الناس ببعض، كأنّه قال: إنّما يتعايشون على مقادير الأنس الذي بينهم، ولو عمّتهم الوحشة عمّتهم الهلكة، وقال قوم بن مالك، في الوئام: [من الوافر] علام أوائم البخلاء فيها ... فأقعد لا أزور ولا أزار «2» وقال الأخطل «3» : [من البسيط] نازعته في الدجى الرّاح الشّمول وقد ... صاح الدّجاج وحانت وقفة السّاري وقال جرير «4» : [من البسيط] لمّا مررت على الدّيرين أرّقني ... صوت الدّجاج وقرع بالنواقيس «5» 518-[شعر في الديكة والدجاج] قالوا: وقد وجدنا الدّيكة والدّجاج وأفعالها، مذكورات في مواضع كثيرة، قال ذو الرّمة «6» : [من البسيط] كأنّ أصوات من إيغالهنّ بنا ... أواخر الميس أصوات الفراريج «7»

519 -[بيضة الديك وبيضة العقر]

وقال الهذلي «1» : [من المتقارب] ومن أينها بعد إبدانها ... ومن شحم أثباجها الهابط «2» تصيح جنادبه ركّدا ... صياح المسامير في الواسط فهو على كلّ مستوفز ... سقوط الدّجاج على الحائط وقال مروان بن محمد: [من السريع] ضيّع ما ورّثه راشد ... من كيلة الأكداس في صفّه فربّ كدس قد علا رمسه ... كالدّيك إذ يعلو على رفّه 519-[بيضة الديك وبيضة العقر] ويقال في المثل للذي يعطي عطيّة لا يعود في مثلها: «كانت بيضة الدّيك» «3» . فإن كان معروف له قيل: «بيضة العقر» «4» . 520-[استطراد لغوي] ويقال دجاجة بيوض في دجاج بيض وبيض، بإسكان موضع العين من الفعل من لغة سفلى مضر، وضمّ موضع العين من نظيره من الفعل مع الفاء من لغة أهل الحجاز. ويقال عمد الجرح يعمد عمدا، إذا عصر قبل أن ينضج فورم ولم يخرج بيضته وذلك الوعاء والغلاف الذى يجمع المدّة يسمّى بيضة، وإذا خرج ذلك بالعصر من موضع العين فقد أفاق صاحبه. ويقال حضن الطائر فهو يحضن حضانا. 521-[تقسيم الجماع] ويقال «5» : هو التّسافد من الطير، والتعاظل من السّباع. ويقال قمط الحمام الحمامة وسفدها، ويقال قعا الفحل يقعو قعوا، وهو إرساله بنفسه عليها في ضرابه،

522 -[حضن الدجاج بيض الطاوس]

والفحل من الخفّ يضرب، وهو القعو والضّراب. ومن الظّلف والحافر ينزو نزوا، وكذلك السنانير، والظليم يقعو، وكلّ الطير يقعو قعوا، وأما الخفّ والظّلف فإنّه يقعو بعد التسنم. وهو ضراب كلّه ما خلا التسنّم. وأما الظّلف خاصّة فهو قافط، يقال قفط يقفط قفطا. أو القفط نزوة واحدة. وليس في الحافر إلّا النّزو. 522-[حضن الدجاج بيض الطاوس] قال «1» : ويوضع بيض الطاوس تحت الدّجاجة، وأكثر ذلك لأنّ الذّكر يعبث بالأنثى إذا حضنت، قال: ولهذه العلّة كثير من إناث طير الوحش يهرّبن بيضهنّ من ذكورتها، ثمّ لا تضعه بحيث يشعر به ذكورتهنّ. قال: ويوضع تحت الدجاجة بيضتان من بيض الطاوس، لا تقوى على تسخين أكثر من ذلك. على أنهم يتعهّدون الدّجاجة بجميع حوائجها خوفا من أن تقوم عنه فيفسده الهواء. 523-[حجم خصى ذكور الطير] قال: وخصى ذكور أجناس الطّير تكون في أوان أوّل السفاد أعظم. وكلّما كان الطير أعظم سفادا. كانت خصيته أعظم، مثل الدّيك، والقبج، والحجل. وخصية العصفور أعظم من خصية ما يساويه في الجثّة مرّتين. 524-[بيض الدجاج] قال: وكلّ ما كان من الدّجاج أصغر جثّة يكون أكبر لبيضه. وبعض الدّجاج يكون يبيض بيضا كثيرا، وربما باض بيضتين في يوم واحد؛ وإذا عرض له ذلك كان من أسباب موته «2» . 525-[شعر في صفة الديك] وقال آخر «3» في صفة الديك: [من البسيط] ماذا يؤرّقني والنوم يعجبني ... من صوت ذي رعثات ساكن الدّار

526 -[حضن الحمام بيض الدجاج]

كأنّ حمّاضة في رأسه نبتت ... من آخر الليل قد همّت بإثمار «1» وقال الطرمّاح «2» : [من الطويل] فيا صبح كمّش غبّر اللّيل مصعدا ... ببمّ ونبّه ذا العفاء الموشّح إذا صاح لم يخذل وجاوب صوته ... حماش الشّوى يصدحن من كلّ مصدح 526-[حضن الحمام بيض الدجاج] قال «3» : والفرّوج إذا خرج من بيضه عن حضن الحمام، كان أكيس له. 527-[بيض الطاوس] وبيض الطّاوس إذا لم تحضنه الأنثى التي باضته خرج الفرخ أقمأ وأصغر. 528-[بيض الدجاج] قال: وإذا أهرمت الدجاجة فليس لأواخر ما تبيض صفرة. وقد عاينوا للبيضة الواحدة محّتين، خبّرني بذلك جماعة ممّن يتعرّف الأمور. وإذا لم يكن للبيضة محّ لم يخلق من البيضة فرّوج ولا فرخ، لأنّه ليس له طعام يغذوه ويربيه. والبيض إذا كان فيه مّحتان وكان البياض وافرا- ولا يكون ذلك للمسنّات- فإذا كان ذلك خلق الله تعالى من البياض فروجين، وتربّى الفرّوجان، وتمّ الخلق، لأنّ الفرخ إنّما يخلق من البياض، والصفرة غذاء الفروج. 529-[استطراد لغوي] قال: ويقال قفط الطائر يقفط قفطا، وسفد يسفد سفادا، وهما واحد. ويكون السّفاد للكلب والشاة، ويقال قمط الحمام يقمط قمطا. ويقال ذرق الطائر يذرق ذرقا، وخزق يخزق خزقا، يقال ذلك للإنسان، فإذا

530 -[القول في عين الديك]

اشتقّ له من الحذقة نفسه ومن اسمه الذي هو اسمه قيل خرئ، وهو الخرء والخراء. ويقال للحافر راث يروث، وللمعز والشاء: بعر يبعر، ويقال للنّعام: صام يصوم، وللطير: نجا ينجو واسم نجو النّعام الصّوم، واسم نجو الطير العرّة. وقال الطّرمّاح: [من المديد] في شناظي أقن بينها ... عرّة الطّير كصوم النّعام «1» ويقال للصبي عقى، مأخوذ من العقي. ويقال لحمت الطير، ويقال ألحم طائرك إلحاما، أي أطعمه لحما واتخّذ له. ويقال هي لحمة النّسب، ويقال ألحمت الثوب إلحاما، وألحمت الطائر إلحاما، وهي لحمة الثّوب، ولحمة، بالفتح والضمّ. 530-[القول في عين الديك] ومن خصال الدّيك المحمودة قولهم في الشراب: «أصفى من عين الدّيك» وإذا وصفوا عين الحمام الفقيع بالحمرة، أو عين الجراد قالوا: كأنّها عين الدّيك. وإذا قالوا: «أصفى من عين الغراب» فإنّما يريدون حدّته ونفاذ البصر. وفي عين الديك يقول الأعشى: [من الطويل] وكأس كعين الدّيك باكرت حدّها ... بغرّتها إذ غاب عنها بغاتها «2» وقال آخر: [من الطويل] وكأس كعين الديك باكرت حدها ... بفتيان صدق والنّواقيس تضرب «3» وقال آخر «4» : [من الخفيف] قدّمته على عقار كعين الدّي ... ك صفّى زلالها الرّاووق

531 -[وصف الماء الصافي]

وقال الآخر «1» : [من الطويل] ثلاثة أحوال وشهرا مجرّما ... تضيء كعين العترفان المحارب والعترفان من أسماء الديك، وسماه بالمحارب كما سماه بالعترفان. 531-[وصف الماء الصافي] وإذا وصفوا الماء والشّراب بالصّافي قالوا، كأنّه الدّمع، وكأنّه ماء قطر، وكأنّه ماء مفصل، وكأنّه لعاب الجندب، إلّا أنّ هذا الشاعر قال: [من الطويل] مطبقة ملآنة بابليّة ... كأنّ حميّاها عيون الجنادب وقال آخر «2» : [من الطويل] وما قرقف من أذرعات كأنّها ... إذا سكبت من دنّها ماء مفصل 532-[المفاصل وماء المفاصل] والمفاصل: ماء بين السّهل والجبل، وقال أبو ذؤيب «3» : [من الطويل] مطافيل أبكار حديث نتاجها ... تشاب بماء مثل ماء المفاصل وقال ابن نجيم: إنما عنوا مفاصل فقار الجمل، لأنّ لكلّ مفصل حقا، فيستنقع فيه ماء أبدا أصفى ولا أحسن منه وإن رقّ. 533-[حدة بصر الكلب] وقال مرّة قطرب، وهو محمد بن المستنير النحويّ: «والله لفلان أبصر من كلب، وأسمع من كلب، وأشمّ من كلب» !. فقيل له: أنشدنا في ذلك ما يشبه قولك. فأنشد قوله «4» : [من البسيط] يا ربّة البيت قومي غير صاغرة ... حطّي إليك رحال القوم فالقربا «5»

534 -[خصال القائد التركي]

في ليلة من جمادى ذات أندية ... لا يبصر الكلب من ظلمائها الطّنبا «1» لا ينبح الكلب فيها غير واحدة ... حتّى يجرّ على خيشومه الذّنبا وأنشد هذا البيت في ثقوب بصره، والشّعر لمرّة بن محكان السعديّ. ثم أنشد في ثقوب السّمع: [من الطويل] خفيّ السّرى لا يسمع الكلب وطأه ... أتى دون نبح الكلب والكلب دابب 534-[خصال القائد التركي] قال أبو الحسن: قال نصر بن سيّار اللّيثي: كان عظماء التّرك يقولون للقائد العظيم القيادة: لا بدّ أن تكون فيه عشر خصال من أخلاق الحيوان: سخاء الديك، وتحنّن الدجاجة، وقلب الأسد، وحملة الخنزير، وروغان الثعلب، وختل الذئب، وصبر الكلب على لجراحة، وحذر الغراب، وحراسة الكركيّ، وهداية الحمام «2» . وقد كتبنا هذا في باب ما للدّجاج والدّيك، لأنّ صاحب هذا الكلام قسّم هذه الخصال، فأعطى كلّ جنس منها خصلة واحدة وأعطى جنس الدجاج خصلتين. 535-[ما ورد من الحديث والخبر في الديك] وعبّاد بن إبراهيم عن عبد الرحمن بن زيد قال: كان مكحول يسافر بالدّيك، وعنه في هذا الإسناد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدّيك صديقي، وصديق صديقي، وعدوّ عدوّ الله، يحفظ داره وأربع دور من حواليه» «3» . والمسيب بن شريك عن الأعمش نحسبه عن إبراهيم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تذبحوا الدّيك، فإنّ الشّيطان يفرح به» «4» . والقربا» ، ما الفائدة في هذا؟ فقال: كان الضيف إذا نزل بالعرب في الجاهلية ضموا إليه رحله، وبقي سلاحه معه لا يؤخذ خوفا من البيان والإغارة» ، فقال مرة بن محكان يخاطب امرأته: ضمي إليك رحال هؤلاء الضيفان وسلاحهم، فإنهم عندي في عز وأمن من الغارات والبيات، فليسوا ممن يحتاج أن يبيت لابسا سلاحه) .

536 -[وصف جناح الطائر]

536-[وصف جناح الطائر] قال «1» : وليس جناح إلّا وفيه عشرون ريشة: فأربع قوادم. وأربع مناكب، وأربع أباهر، وأربع كلى، وأربع خواف، ويقال: سبع قوادم، وسبع خواف، وسائره لقب. 537-[الرّكبة والكف لدى الإنسان وذوات الأربع] قال: وكلّ شيء من ذوات الأربع فركبتاه في يديه، وركبتا الإنسان في رجليه، قال: والإنسان كفّه في يده، والطائر كفه في رجله. 538-[أسنان الإنسان] قال «2» : وفي الفم ثنيّتان ورباعيتان ونابان وضاحكان وأربعة أرحاء سوى ضرس الحكم. والنّواجذ والعوارض سواء. ومثلها أسفل. 539-[التفاؤل بالدجاجة] قال صاحب الدّيك: والدّجاجة يتفاءل بذكرها، ولذلك لمّا ولد لسعيد بن العاص عنبسة بن سعيد، قال لابنه يحيى: أىّ شيء تنحلة؟ قال: دجاجة بفراريجها! يريد احتقاره بذلك، إذ كان ابن أمة ولم يكن ابن حرّة. فقال سعيد- أو قيل له-: إن صدق الطّير ليكوننّ أكثرهم ولدا! فهم اليوم أكثرهم ولدا «3» ، وهم بالكوفة والمدينة. 540-[شعر في حسن الدجاجة ونبل الديك] وقال الشاعر «4» : [من الوافر] غدوت بشربة من ذات عرق ... إبا الدّهناء من حلب العصير وأخرى بالعقنقل ثمّ سرنا ... نرى العصفور أعظم من بعير كأنّ الدّيك ديك بني نمير ... أمير المؤمنين على السّرير كأنّ دجاجهم في الدّار رقطا ... بنات الرّوم في قمص الحرير

541 -[وصف الدجاج بالدعاء والمنطق]

فبتّ أرى الكواكب دانيات ... ينلن أنامل الرّجل القصير أدافعهنّ بالكفين عنيّ ... وأمسح جانب القمر المنير 541-[وصف الدجاج بالدعاء والمنطق] قال: ويوصف بالدّعاء وبالمنطق، قال لبيد بن ربيعة: [من السريع] وصدّهم منطق الدّجاج عن القص ... د وضرب النّاقوس فاجتنبا «1» وقال: [من الطويل] لدن أن دعا ديك الصباح بسحرة ... إلى قدر ورد الخامس المتأوّب «2» 542-[دعابة أعرابي، وقسمته للدجاج] قال أبو الحسن: حدّثني أعرابيّ كان ينزل بالبصرة قال «3» : قدم أعرابيّ من البادية فأنزلته، وكان عندي دجاج كثير، ولي امرأة وابنان وابنتان منها، فقلب لامرأتي: بادري واشوي لنا دجاجة وقدّميها إلينا نتغدّاها فلمّا حضر الغداء جلسنا جميعا أنا وامراتي وابناي وابنتاي والأعرابيّ. قال: فدفعنا إليه الدّجاجة فقلنا له: اقسمها بيننا- نريد بذلك أنّ نضحك منه- فقال: لا أحسن القسمة، فإن رضيتم بقسمتي قسمتها بينكم، قلنا: فإنّا نرضى. فأخذ رأس الدّجاجة فقطعه فناولنيه وقال: الرّأس للرّأس، وقطع الجناحين وقال: الجناحان للابنين. ثمّ قطع السّاقين فقال: السّاقان للابنتين. ثمّ قطع الزمكّي وقال: العجز للعجز. [ثم قطع الزور] «4» وقال: الّزور للزائر: قال فأخذ الدّجاجة بأسرها وسخر بنا. قال: فلما كان من الغد قلت لامرأتي: اشوي لنا خمس دجاجات. فلما حضر الغداء. قلت: اقسم بيننا. قال: إنّي أظنّ أنّكم وجدتم في أنفسكم! قلنا: لا! لم نجد في أنفسنا فأقسم. قال: أقسم شفعا أو وترا، قلنا: اقسم وترا قال: أنت وامرأتك ودجاجة ثلاثة. ثمّ رمى إلينا بدجاجة. ثمّ قال: وابناك ودجاجة ثلاثة. ثمّ رمى إليهما بدجاجة. ثمّ قال: وابنتاك ودجاجة ثلاثة. ثمّ رمى إليهما بدجاجة. ثمّ قال: أنا ودجاجاتان ثلاثة. وأخذ دجاجتين وسخر بنا. قال: فرآنا ونحن ننظر إلى دجاجتيه فقال: ما تنظرون! لعلّكم

543 -[صاحب الكلب على صاحب الديك]

كرهتم قسمتي الوتر لا يجيء إلّا هكذا، فهل لكم في قسمة الشّفع؟ قلنا: نعم. فضمّهنّ إليه، ثم قال: أنت وابناك ودجاجة أربعة. ورمى إلينا بدجاجة، ثمّ قال: والعجوز وابنتاها ودجاجة أربعة، ورمى إليهنّ بدجاجة، ثمّ قال: أنا وثلاث دجاجات أربعة، وضمّ إليه الثّلاث، ورفع يديه إلى السماء وقال: اللهم الحمد، أنت فهّمتنيها! 543-[صاحب الكلب على صاحب الديك] قال صاحب الكلب: [أمّا قولهم] «1» : من أعظم مفاخر الدّيك والدّجاج على سائر الحيوان، إنّ الفرّوج يخرج من البيضة كاسيا يكفي نفسه، ثمّ يجمع كيس الخلقة وكيس المعرفة، وذلك كلّه مع خروجه من البيضة- فقد زعم صاحب المنطق أنّ ولد العنكبوت يأخذ في النّسج ساعة يولد. وعمل العنكبوت عمل شاق ولطيف دقيق، لا يبلغه الفرّوج ولا أبو الفرّوج!! على أنّ ما مدحوا الفرّوج به من خروجه من البيضة كاسيا، قد شركه في حاله غير جنسه. وكذلك ذوات الأربع كلها تلد كواسي كواسب، كولد الشاء. وفراخ القبج والدّرّاج، وفراخ البطّ الصّينيّ في ذلك كلّه لا حقة بالفراريج، وتزيد على ذلك أنّها تزداد حسنا كلّما كبرت. فقد سقط هذا الفخر. 544-[شعر هزليّ للشمقمق في الديك] ومن الشّعر الذي قيل في الدّيك، ممّا يكتب للهزل وليس للجدّ والفائدة، قول أبي الشّمقمق: [من مجزوء الرمل] هتفت أمّ حصين ... ثمّ قالت: من ينيك فتحت فرجا رحيبا ... مثل صحراء العتيك فيه وزّ فيه بطّ ... فيه درّاج وديك 545-[حديث صاحب الأهواز عن العرب] قال: وممّا فيه ذكر الدجاج وليس من شكل ما بنينا كلامنا عليه. ولكنّه يكتب لما فيه من العجب. قال: قال الهامرز. قال «2» صاحب الأهواز: ما رأينا قوما أعجب من العرب! أتيت الأحنف بن قيس فكلّمته في حاجة لي إلى ابن زياد، وكنت قد ظلمت في الخراج، فكلّمه فأحسن إليّ وحطّ عنّي، فأهديت إليه هدايا كثيرة فغضب وقال: إنّا لا نأخذ على معونتنا أجرا! فلمّا كنت في بعض الطريق سقطت من ردائي

546 -[جرو البطحاء]

دجاجة فلحقني رجل منهم فقال: هذه سقطت من ردائك. فأمرت له بدرهم، ثمّ لحقني بالأبلّة فقال: أنا صاحب الدّجاجة! فأمرت له بدراهم؛ ثمّ لحقني بالأهواز فقال: أنا صاحب الدّجاجة! فقلت له: إن رأيت زادي بعد هذا كلّه قد سقط فلا تعلمني، وهو لك!! 546-[جرو البطحاء] قال صاحب الكلب: كان يقال لأبي العاصي بن الربيع بن عبد العزّى بن عبد شمس، وهو زوج زينب بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم ولأخيه كنانة بن الرّبيع: جرو البطحاء. 547-[أسطورة البازي والديك] قال صاحب الديك لصاحب الكلب: وسنضرب لك المثل الذي ضربه الموريانيّ للدّيك والبازي: وذلك أنّ خلّاد بن يزيد الأرقط قال: بينما أبو أيّوب الموريانيّ جالس في أمره ونهيه، إذ أتاه رسول أبي جعفر فانتقع لونه، وطارت عصافير رأسه «1» ، وأذن بيوم بأسه، وذعر ذعرا نقض حبوته «2» ، واستطار فؤاده، ثمّ عاد طلق الوجه، فتعجّبنا من حاليه وقلنا له: إنّك لطيف الخاصّة قريب المنزلة. فلم ذهب بك الذّعر واستفرغك الوجل؟ فقال: سأضرب لكم مثلا من أمثال الناس. زعموا أنّ البازي قال للديك: ما في الأرض شيء أقلّ وفاء منك! قال: وكيف؟ قال: أخذك أهلك بيضة فحضنوك، ثمّ خرجت على أيديهم فأطعموك على أكفّهم، ونشأت بينهم، حتّى إذا كبرت صرت لا يدنو منك أحد إلّا طرت هاهنا وهاهنا وضججت وصحت. وأخذت أنا من الجبال مسنّا فعلّموني وألّفوني، ثمّ يخلّى عنّي فآخذ صيدي في الهواء فأجيء به إلى صاحبي. فقال له الدّيك: إنّك لو رأيت من البزاة في سفافيدهم مثل ما رأيت من الدّيوك لكنت أنفر منّي! ولكنّكم أنتم لو علمتم ما أعلم، لم تتعجّبوا من خوفي، مع ما ترون من تمكّن حالي. 548-[أجود الخيل] قال صاحب الكلب: ذكر محمّد بن سلّام عن سعيد بن صخر قال: أرسل مسلم بن عمرو، ابن عمّ له إلى الشّام ومصر يشتري له خيلا، فقال له: لا علم لي

549 -[حاجة الديك إلى الدجاجة]

بالخيل- وكان صاحب قنص- قال: ألست صاحب كلاب؟ قال: بلى. قال فانظر كلّ شيء تستحسنه في الكلب فاستعمله في الفرس. فقدم بخيل لم يكن في العرب مثلها. 549-[حاجة الديك إلى الدجاجة] قال محمّد بن سلّام: استأذن رجل على امرأة فقالت له: ماله من حاجة. قالت الجارية: يريد أن يذكر حاجة. قالت: لعلها حاجة الدّيك إلى الدّجاجة! «1» . 550-[هرب الكميت من السجن متنكرا بثياب زوجه] محمّد بن سلّام عن سلّام أبي المنذر قال «2» : حبس خالد بن عبد الله الكميت ابن زيد، وكانت امرأته تختلف إليه في ثياب وهيئة حتّى عرفها البوّابون، فلبس يوما ثيابها وخرج عليهم. فسمّى في شعره «3» البوّابين النّوابح، وسمّى خالدا المشلي: [من الطويل] خرجت خروج القدح قدح ابن مقبل ... على الرّغم من تلك النّوابح والمشلي «4» عليّ ثياب الغانيات وتحتها ... صريمة عزم أشبهت سلّة النّصل 551-[فتيا الحسن في استبدال البيض] قال: وأخبرنا خشرم قال: سمعت فلانا البقّال يسأل الحسن قال: إنّ الصبيان يأتونني ببيضتين مكسورتين، يأخذون منّي صحيحة واحدة. قال: ليس به بأس. 552-[أعجوبة في الكلبة] محمّد بن سلّام عن بعض أشياخه قال: قال مصعب بن الزّبير على منبر مسجد البصرة، لبعض بني أبي بكره: إنما كانت أمّكم مثل الكلبة، ينزو عليها الأعفر والأسود والأبقع، فتؤدي إلى كلّ كلب شبهه «5» . هذا في هذا الموضع هجاء، وأصحاب الكلاب يرون هذا من باب النّجابة، وأنّ ذلك من صحّة طباع الأرحام، حين لا تختلط النّطف فتجيء جوارح الأولاد مختلفة مختلطة.

553 -[وصية عثمان الخياط للشطار]

553-[وصية عثمان الخياط للشطار] وقال صاحب الكلب: في وصيّة عثمان الخيّاط للشّطّار اللّصوص: إيّاكم إيّاكم وحبّ النّساء وسماع ضرب العود، وشرب الزّبيب المطبوخ، وعليكم باتّخاذ الغلمان؛ فإنّ غلامك هذا أنفع لك من أخيك، وأعون لك من ابن عمّك، وعليكم بنبيذ التّمر، وضرب الطّنبور، وما كان عليه السلف واجعلوا النّقل باقلّاء، وإن قدتم على الفستق، والرّيحان شاهسفرم «1» ، وإن قدرتم على الياسمين. ودعوا لبس العمائم وعليكم بالقناع. والقلنسوة كفر، والخف شرك، واجعل لهوك الحمام، وهارش الكلاب وإيّاك والكباش واللّعب بالصّقورة والشّواهين، وإيّاكم والفهود. فلما انتهى إلى الديك قال: والدّيك فإنّ له صبرا ونجدة، وروغانا وتدبيرا، وإعمالا للسّلاح، وهو يبهر بهر الشّجاع. ثم قال: وعليكم بالنّرد ودعوا الشّطرنج لأهلها، ولا تلعبوا في النّرد إلا بالطويلتين. والودغ «2» رأس مال كبير، وأوّل منافعه الحذق باللّقف «3» . ثمّ حدّثهم بحديث يزيد بن مسعود القيسيّ. 554-[كراهية ما يصيده الكلب الأسود البهيم] وقال صاحب الديك: ذكر محمّد بن سلّام عن يحيى بن النضر، عن أبي أميّة عبد الكريم المعلّم قال: كان الحسن بن إبراهيم يكره صيد الكلب الأسود البهيم. 555-[قصيدة ابن أبي كريمة في صفة صيد الكلب] وأنشد صاحب الكلب قول أحمد بن زياد بن أبي كريمة في صفة صيد الكلب، قصيدة طويلة أوّلها «4» : [من الطويل] وغبّ غمام مزّقت عن سمائه ... شاميّة حصّاء جون السّحائب «5» مواجه طلق لم يردّد جهامه ... تذاؤب أرواح الصّبا والجنائب

بعثت وأثواب الدّجى قد تقطّصت ... لغرّة مشهور من الصبّح ثاقب «1» وقد لاح ناعي الليل حتّى كأنّه ... لساري الدّجى في الفجر قنديل راهب بهاليل لا يثنيهم عن عزيمة ... وإن كان جمّ الرشد، لوم القرائب «2» بتجنيب غضف كالقداح لطيفة ... مشرّطة آذانها بالمخالب «3» تخال سياطا في صلاها منوطة ... طوال الهوادي كالقداح الشوازب «4» إذا افترشت خبتا أثارت بمتنه ... عجاجا وبالكذّان نار الحباحب «5» يفوت خطاها الطّرف سبقا كأنّها ... سهام مغال أو رجوم الكواكب طراد الهوادي لاحها كلّ شتوة ... بطامسة الأرجاء مرت المسارب «6» تكاد من الأحراج تنسلّ كلّما ... رأت شبحا لولا اعتراض المناكب «7» تسوف وتوفى كلّ نشز وفدفد ... مرابض أبناء النّفاق الأرانب «8» كأنّ بها ذعرا، يطير قلوبها ... أنين المكاكي أو صرير الجنادب «9» تدير عيونا ركّبت في براطل ... كجمر الغضى خزرا ذراب الأنائب «10» إذا ما استحثّت لم يجنّ طريدها ... لهنّ ضراء أو مجاري المذانب «11» وإن باصها صلتا مدى الطّرف أمسكت ... عليه بدون الجهد سبل المذاهب «12»

تكاد تفرّى الأهب عنها إذا انتحت ... لنبّأة شخت الجرم عاري الرّواجب «1» كأنّ غصون الخيزران متونها ... إذا هي جالت في طراد الثّعالب «2» كواشر عن أنيابهنّ كوالح ... مذلّقة الآذان شوس الحواجب «3» كأنّ بنات القفر حين تفرّقت ... غدون عليها بالمنايا الشّواعب «4» ثم وصف الفهود: بذلك أبغي الصّيد طورا وتارة ... بمخطفة الأكفال رحب التّرائب «5» مرقّقة الأذناب نمر ظهورها ... مخطّطة الآماق غلب الغوارب «6» مدنّرة ورق كأنّ عيونها ... حواجل تستذمى متون الرّواكب «7» إذا قلّبتها في الفجاج حسبتها ... سنا ضرم في ظلمة اللّيل ثاقب «8» مولّعة فطح الجباه عوابس ... تخال على أشداقها خطّ كاتب «9» نواصب آذان لطاف كأنّها ... مداهن، للإجراس من كلّ جانب 1» ذوات أشاف ركّبت في أكفّها ... نوافذ في صمّ الصّخور نواشب «11» ذراب بلا ترهيف قين كأنّها ... تعقرب أصداغ الملاح الكواعب «12» فوارس مالم تلق حربا، ورجلة ... إذا آنست بالبيد شهب الكتائب «13»

556 -[سهل بن هارون وديكه]

تروّ وتسكين يكون دريئة ... لهنّ بذي الأسراب في كلّ لاحب «1» تضاءل حتّى لا تكاد تبينها ... عيون لدى الصرّات غير كواذب حراص يفوت البرق أمكث جريها ... ضراء مبلّات بطول التّجارب «2» توسّد أجياد الفرائس أذرعا ... مرمّلة تحكى عناق الحبائب «3» 556-[سهل بن هارون وديكه] قال دعبل الشاعر «4» : أقمنا عند سهل بن هارون فلم نبرح، حتّى كدنا نموت من الجوع، فلما اضطررناه قال: يا غلام، ويلك غدّنا! قال: فأتينا بقصعة فيها مرق فيه لحم [ديك عاس] «5» هرم ليس قبلها ولا بعدها غيرها لا تحزّ فيه السكين، ولا تؤثّر فيه الأضراس. فاطّلع في القصعة وقلّب بصره فيها، ثمّ أخذ قطعة خبز يابس فقلّب جميع ما في القصعة حتّى فقد الرأس من الدّيك وحده، [فبقي مطرقا ساعة] «6» ثمّ رفع رأسه إلى الغلام فقال: أين الرّأس؟ فقال: رميت به. قال: ولم رميت به؟ قال: لم أظنّك تأكله! قال: ولأيّ شيء ظننت أنّي لا آكله؟ فو الله إنّي لأمقت من يرمي برجليه [فكيف من يرمي برأسه] «7» ؟! ثم قال له: لو لم أكره ما صنعت إلّا للطّيرة والفأل، لكرهته! الرأس رئيس وفيه الحواسّ، ومنه يصدح الديك، ولولا صوته ما أريد؛ وفيه فرقه الذي يتبرّك به، وعينه التي يضرب بها المثل، يقال: «شراب كعين الديك» «8» ، ودماغه عجيب لوجع الكلية، ولم أر عظما قطّ أهشّ تحت الأسنان من عظم رأسه، فهلّا إذ ظننت أنّي لا آكله، ظننت أنّ العيال يأكلونه؟! وإن كان بلغ من نبلك أنّك لا تأكله، فإنّ عندنا من يأكله. أو ما علمت أنّه خير من طرف الجناح، ومن السّاق والعنق! انظر أين هو؟ قال: والله ما أدري أين رميت به! قال: لكنّي أدري أنّك رميت به في بطنك، والله حسيبك! كمل المصحف الثاني من كتاب الحيوان بحمد الله تعالى وحسن عونه ويتلوه في الثالث إن شاء الله ذكر الحمام

فهرس الجزءين الأول والثاني من كتاب الحيوان

[فهرس الجزءين الأول والثاني من كتاب الحيوان] فهرس أبواب المصحف الأول مقدمة الكتاب 7 باب ذكر ما يعتري الإنسان بعد الخصاء 72 باب ذكر ما جاء في خصاء الدواب 117 باب مما قدمنا ذكره 144 باب ما ذكر صاحب الديك 146 باب ذكر من هجي بأكل لحوم الكلاب ولحوم الناس 176 [فهرس] أبواب المصحف الثاني باب احتجاج صاحب الكلب بالأشعار المعروفة 260 باب آخر في الكلب وشأنه 289 باب ما يشبه من الكلب وليس هو منه 339 باب ما يحتاج إلى معرفته 398

الجزء الثالث

الجزء الثالث بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* باب ذكر الحمام وما أودعها الله عزّ وجلّ من ضروب المعرفة، ومن الخصال المحمودة، لتعرف بذلك حكمة الصّانع، وإتقان صنع المدبّر. 557 [استنشاط القارئ ببعض الهزل] وإن كنّا قد أمللناك بالجدّ وبالاحتجاجات الصحيحة والمروّجة؛ لتكثّر الخواطر، وتشحذ العقول- فإنّا سننشّطك ببعض البطالات، وبذكر العلل الظّريفة، والاحتجاجات الغريبة؛ فربّ شعر يبلغ بفرط غباوة صاحبه من السرور والضحك والاستطراف، ما لا يبلغه حشد أحرّ النوادر، وأجمع المعاني. وأنا أستظرف أمرين استظرافا شديدا: أحدهما استماع حديث الأعراب. والأمر الآخر احتجاج متنازعين في الكلام، وهما لا يحسنان منه شيئا؛ فإنّهما يثيران من غريب الطّيب ما يضحك كلّ ثكلان وإن تشدّد، وكلّ غضبان وإن أحرقه لهيب الغضب. ولو أنّ ذلك لا يحلّ لكان في باب اللهو والضّحك والسّرور والبطالة والتشاغل، ما يجوز في كلّ فنّ. وسنذكر من هذا الشكل عللا، ونورد عليك من احتجاجات الأغبياء حججا. فإن كنت ممّن يستعمل الملالة، وتعجل إليه السآمة، كان هذا الباب تنشيطا لقلبك، وجماما لقوّتك. ولنبتدئ النّظر في باب الحمام وقد ذهب عنك الكلال وحدث النشاط. وإن كنت صاحب علم وجدّ، وكنت ممرّنا موقّحا، وكنت إلف تفكير وتنقير، ودراسة كتب، وحلف تبيّن، وكان ذلك عادة لك لم يضرك مكانه من الكتاب، وتخطّيه إلى ما هو أولى بك. 558-[ضرورة التنويع في التأليف] وعلى أنّي قد عزمت- والله الموفّق- أنّي أوشّح هذا الكتاب وأفصّل أبوابه،

559 -[طائفة من النوادر]

بنوادر من ضروب الشّعر، وضروب الأحاديث، ليخرج قارئ هذا الكتاب من باب إلى باب، ومن شكل إلى شكل؛ فإنّي رأيت الأسماع تملّ الأصوات المطربة والأغانيّ الحسنة والأوتار الفصيحة، إذا طال ذلك عليها. وما ذلك إلّا في طريق الراحة، التي إذا طالت أورثت الغفلة. وإذا كانت الأوائل قد سارت في صغار الكتب هذه السّيرة، كان هذا التّدبير لما طال وكثر أصلح، وما غايتنا من ذلك كلّه إلّا أن تستفيدوا خيرا. وقال أبو الدّرداء: إنّي لأجمّ نفسي ببعض الباطل، كراهة أن أحمل عليها من الحق ما يملّها [1] ! 559-[طائفة من النوادر] 1-[ادّعاء الكرخيّ الفقه] فمن الاحتجاجات الطيّبة، ومن العلل الملهية، ما حدّثني به ابن المديني قال [2] : تحوّل أبو عبد الله الكرخيّ اللّحيانيّ إلى الحربيّة [3] فادّعى أنّه فقيه، وظنّ أنّ ذلك يجوز له؛ لمكان لحيته وسمته. قال: فألقى على باب داره البواريّ، وجلس وجلس إليه بعض الجيران، فأتاه رجل فقال: يا أبا عبد الله! رجل أدخل إصبعه في أنفه فخرج عليها دم، أيّ شيء يصنع؟! قال: يحتجم. قال: قعدت طبيبا أو قعدت فقيها؟ 2-[جواب المروزيّ] وحدّثني شمعون الطبيب قال [4] : كنت يوما عند ذي اليمينين طاهر بن الحسين فدخل عليه أبو عبد الله المروزيّ فقال طاهر: يا أبا عبد الله مذكم دخلت العراق؟ قال: منذ عشرين سنة، وأنا صائم منذ ثلاثين سنة. قال: يا أبا عبد الله، سألناك عن مسألة فأجبتنا عن مسألتين!

_ [1] ورد هذا الخبر في البخلاء 187، ورسائل الجاحظ 2/91، ونثر الدرر 2/170، وانظر مثل هذا الخبر في أخبار الظراف 26. [2] ورد هذا الخبر في البيان والتبيين 2/321. 322، وعيون الأخبار 2/54. [3] الحربية: محلة كبيرة مشهورة ببغداد، تنسب إلى حرب بن عبد الله البلخي أحد قواد المنصور. (معجم البلدان 2/237) . [4] ورد هذا الخبر في البيان والتبيين 2/319، والبخلاء 22، وربيع الأبرار 2/100.

3 -[جواب شيخ كندي]

3-[جواب شيخ كندي] وحدّثني أبو الجهجاه قال: ادّعى شيخ عندنا أنّه من كندة، قبل أن ينظر في شيء من نسب كندة، فقلت له يوما وهو عندي: ممن أنت يا أبا فلان؟ قال: من كندة. قلت: من أيّهم أنت؟ قال: ليس هذا موضع هذا الكلام، عافاك الله! 4-[جواب ختن أبي بكر بن بريرة] ودخلت على ختن أبي بكر بن بريرة، وكان شيخا ينتحل قول الإباضيّة، فسمعته يقول: العجب ممن يأخذه النّوم وهو لا يزعم أنّ الاستطاعة مع الفعل [1] ! قلت: ما الدليل على ذلك؟ قال: الأشعار الصحيحة. قلت: مثل ماذا؟ قال: مثل قوله [2] : [من الرجز] ما إن يقعن الأرض إلّا وفقا ومثل قوله: [من الرجز] يهوين شتّى ويقعن وفقا [3] ومثل قولهم في المثل: «وقعا كعكمي عير» [4] . وكقوله أيضا: [من الطويل] مكرّ مفرّ مقبل مدبر معا ... كجلمود صخر حطّه السّيل من عل [5] وكقوله [6] : [من الطويل] أكفّ يدي عن أن تمسّ أكفهم ... إذا نحن أهوينا وحاجتنا معا ثم أقبل عليّ فقال: أما في هذا مقنع؟ قلت: بلى، وفي دون هذا!

_ [1] ورد الخبر في عيون الأخبار 2/56. [2] الرجز لرؤبة في عيون الأخبار 2/56. [3] الرجز لرؤبة في ديوانه 180، واللسان والتاج (عنف) ، والتهذيب 3/4، وبلا نسبة في اللسان والتاج وأساس البلاغة (وفق) ، والتهذيب 9/342، والعين 5/226. [4] العكم: العدل، والمثل في مجمع الأمثال 2/364، وفصل المقال 198، وجمهرة الأمثال 2/336، ويضرب المثل للمتساويين. [5] البيت لامرئ القيس من معلقته في ديوانه 19، واللسان (علا) ، والجمهرة 126، والتاج (فرر، علا) ، والعين 7/174، وإصلاح المنطق 25، والخزانة 2/397، 3/242، وبلا نسبة في اللسان والتاج (حطط) . [6] البيت لحاتم الطائي في ديوانه 174، وأمالي القالي 2/318 وشرح شواهد المغني 2/744.

5 -[جواب هشام بن الحكم]

5-[جواب هشام بن الحكم] وذكر محمّد بن سلّام عن أبان بن عثمان قال: قال رجل من أهل الكوفة لهشام ابن الحكم: أترى الله عزّ وجلّ في عدله وفضله كلّفنا ما لا نطيق ثمّ يعذّبنا؟! قال: قد والله فعل، وكنّا لا نستطيع أن نتكلّم به! 6-[مسائل بين ممرور وأبي يوسف] وحدّثني محمّد بن الصباح قال: بينا أبو يوسف القاضي يسير بظهر الكوفة- وذلك بعد أن كتب كتاب الحيل- إذ عرض له ممرور عندنا أطيب الخلق، فقال له: يا أبا يوسف، قد أحسنت في كتاب الحيل، وقد بقيت عليك مسائل في الفطن، فإن أذنت لي سألتك عنها. قال: قد أذنت لك فسل. قال: أخبرني عن الحر كافر هو أو مؤمن؟ فقال أبو يوسف: دين الحر دين المرأة ودين صاحبة الحر: إن كانت كافرة فهو كافر، وإن كانت مؤمنة فهو مؤمن. قال: ما صنعت شيئا. قال: فقل أنت إذن؛ إذ لم ترض بقولي. فقال: الحر كافر. قال: وكيف علمت ذلك؟ قال لأنّ المرأة إذا ركعت أو سجدت استدبر الحر القبلة واستقبلت هي القبلة، ولو كان دينه دين المرأة لصنع كما تصنع. هذه واحدة يا أبا يوسف. قال: صدقت. قال: فتأذن لي في أخرى؟ قال: نعم. قال: أخبرني عنك إذا أتيت صحراء فهجمت على بول وخراء كيف تعرف أبول امرأة هو أم بول رجل؟ قال: والله ما أدري! قال أجل والله ما تدري! قال: أفتعرف أنت ذاك؟ قال: نعم، إذا رأيت البول قد سال على الخراء وبين يديه فهو بول امرأة، وخراء امرأة، وإذا رأيت البول بعيدا من الخراء فهو بول رجل وخراء رجل. قال: صدقت! قال: وحكى لي جواب مسائل فنسيت منها مسألة، فعاودته فإذا هو لا يحفظها. 7-[التفاف شعر الاست] وحدّثني أيّوب الأعور، قال قائل للحجاج العبسي: ما بال شعر الاست إذا نبت أسرع والتفّ؟ قال: لقربه من السّماد والماء هطل عليه!! 8-[جواب نوفل عريف الكناسين] وحدّثني محمّد بن حسّان قال: وقفت على نوفل عريف الكنّاسين، وإذا موسوس قد وقف عليه، وعنده كلّ كنّاس بالكرخ، فقال له الموسوس: ما بال بنت

9 -[علة الحجاج بن يوسف]

وردان [1] تدع قعر البئر وفيه كرّ [2] خراء وهو لها مسلم وعليها موفر، وتجيء تطلب اللّطاخة التي في است أحدنا وهو قاعد على المقعدة، فتلزم نفسها الكلفة الغليظة، وتتعرّض للقتل، وإنّما هذا الذي في أستاهنا قيراط من ذلك الدرهم، وقد دفعنا إليها الدّرهم وافيا وافرا. قال: فضحك القوم، فحرّك نوفل رأسه ثم قال: أتضحكون؟! قد والله سأل الرجل فأجيبوا! وأمّا أنا فقد- والله- فكّرت فيها منذ ستّين سنة، ولكنّكم لا تنظرون في شيء من أمر صناعتكم. لا جرم أنّكم لا ترتفعون أبدا! قال له الموسوس: قل- يرحمك الله- فأنت زعيم القوم، فقال نوفل: قد علمنا أنّ الرّطب أطيب من التّمر، والحديث أطرف من العتيق، والشيء من معدنه أطيب، والفاكهة من أشجارها أطرف. قال: فغضب شريكه مسبّح الكنّاس ثم قال: والله لقد وبّختنا، وهوّلت علينا، حتى ظننّا أنّك ستجيب بجواب لا يحسنه أحد، ما الأمر عندنا وعند أصحابنا هكذا. قال: فقال لنا الموسوس: ما الجواب عافاكم الله، فإنّي ما نمت البارحة من الفكرة في هذه المسألة؟ قال مسبّح: لو أنّ لرجل ألف جارية حسناء ثم عتقن عنده لبردت شهوته عنهنّ وفترت، ثمّ إن رأى واحدة دون أخسّهن في الحسن صبا إليها ومات من شهوتها. فبنت وردان تستظرف تلك اللطاخة وقد ملّت الأولى؛ وبعض الناس الفطير أحبّ إليهم من الخمير. وأيضا إنّ الكثير يمنع الشّهوة، ويورث الصّدود. قال: فقال الموسوس- واستحسن جواب مسبّح، بعد أن كان لا يرى جوابا إلّا جواب نوفل-: لا تعرف مقدار العالم حتّى تجلس إلى غيره! أنتم أعلم أهل هذه المدرة، ولقد سألت علماءها عنه منذ عشرين سنة فما تخلّص أحد منهم إلى مثل ما تخلّصهم إليه. وقد والله- أنمتم عيني، وطاب بكم عيشي! وقد علمنا أنّ كلّ شيء يستلب استلابا أنّه ألذ وأطيب. ولذلك صار الدّبيب إلى الغلمان ونيكهم على جهة القهر ألذ وأطيب، وكلّ شيء يصيبه الرّجل فهو أعزّ عليه من المال الذي يرثه أو يوهب له. 9-[علة الحجاج بن يوسف] قال: وحدّثني أبان بن عثمان قال: قال الحجّاج بن يوسف: والله لطاعتي أوجب من طاعة الله؛ لأنّ الله تعالى يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [3] فجعل فيها

_ [1] بنات وردان: تسمى فالية الأفاعي؛ وهي دويبة تتولد في الأماكن الندية، وأكثر ما تكون في الحمامات. حياة الحيوان 2/429. [2] الكر: مكيال للعراق، وستة أوقار حمار «الوقر: الحمل الثقيل» ، أو هو ستون قفيزا، أو أربعون إردبّا. «القاموس: كرّ» . [3] 16/التغابن: 64.

10 -[المدني والكوفي]

مثنويّة [1] ؛ وقال: وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا [2] ولم يجعل فيها مثنويّة ولو قلت لرجل: ادخل من هذا الباب، فلم يدخل، لحلّ لي دمه! 10-[المدني والكوفي] قال: وأخبرني محمّد بن سليمان بن عبد الله النوفليّ قال: قال رجل من أهل الكوفة لرجل من أهل المدينة: نحن أشدّ حبّا لرسول الله- صلى الله عليه وسلم وعلى آله- منكم يا أهل المدينة! فقال المدنيّ: فما بلغ من حبّك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله؟ قال: وددت أنّي وقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم- وأنّه لم يكن وصل إليه يوم أحد، ولا في غيره من الأيّام شيء من المكروه يكرهه إلا كان بي دونه! فقال المدنيّ: أفعندك غير هذا؟ قال: وما يكون غير هذا؟ قال: وددت أنّ أبا طالب كان آمن فسرّ به النبيّ صلى الله عليه وسلم وأنّي كافر! 11-[جواب رجل من وجوه أهل الشام] وحدّثني أبان بن عثمان قال: قال ابن أبي ليلى: إنّي لأساير رجلا من وجوه أهل الشّام، إذ مرّ بحمّال معه رمّان، فتناول منه رمّانة فجعلها في كمّه. فعجبت من ذلك، ثمّ رجعت إلى نفسي وكذّبت بصرى، حتّى مرّ بسائل فقير، فأخرجها فناوله إيّاها. قال: فعلمت أنّي رأيتها فقلت له: رأيتك قد فعلت عجبا. قال: وما هو؟ قلت: رأيتك أخذت رمّانة من حمّال وأعطيتها سائلا؟ قال: وإنّك ممّن يقول هذا القول؟ أما علمت أنّي أخذتها وكانت سيّئة وأعطيتها فكانت عشر حسنات؟ قال: فقال ابن أبي ليلى: أما علمت أنك أخذتها فكانت سيّئة وأعطيتها فلم تقبل منك؟! 12-[جهل الأعراب بالنحو] وقال الربيع: قلت لأعرابيّ: أتهمز إسرائيل؟ قال: إنّي إذا لرجل سوء؟ قلت: أتجرّ فلسطين؟ قال: إنّي إذا لقويّ [3] . 13-[احتجاج رجل من أهل الجاهلية] قال: وحدّثنا حمّاد بن سلمة قال: كان رجل في الجاهليّة معه محجة يتناول به متاع الحاجّ سرقة، فإذا قيل له: سرقت! قال: لم أسرق، إنّما سرق محجني! قال: فقال حماد: لو كان هذا اليوم حيّا لكان من أصحاب أبي حنيفة!

_ [1] مثنوية: استثناء، أي قوله تعالى: مَا اسْتَطَعْتُمْ. [2] 16/التغابن: 64. [3] الخبر في عيون الأخبار 2/157، والبيان والتبيين 2/220.

14 -[الأعمش وجليسه]

14-[الأعمش وجليسه] قال [1] : وحدّثني محمّد بن القاسم قال: قال الأعمش لجليس له: أما تشتهي بنانيّ [2] زرق العيون نقيّة البطون، سود الظّهور، وأرغفة حارّة ليّنة، وخلّا حاذقا؟ قال: بلى! قال: فانهض بنا. قال الرّجل: فنهضت معه ودخل منزله. قل: فأومأ إليّ: أن خذ تلك السّلّة. قال: فكشفها فإذا برغيفين يابسين وسكرّجة [3] كامخ شبث [4] . قال: فجعل يأكل. قال: فقال لي تعال كل. فقلت: وأين السمك؟ قال: ما عندي، سمك، إنما قلت لك: تشتهي! 15-[رأي في فقه أبي حنيفة] قال: وسئل حفص بن غياث عن فقه أبي حنيفة، قال: كان أجهل النّاس بما يكون، وأعرفهم بما لا يكون [5] . 16-[علة خشنام بن هند] وأما علة خشنام بن هند، فإنّ خشنام بن هند كان شيخا من الغالية، وكان ممّن إذا أراد أن يسمّي أبا بكر وعمر قال: الجبت والطّاغوت، ومنكر ونكير، وأفّ وتفّ، وكسير وعوير. وكان لا يزال يدخل داره حمار كسّاح ويضربه مائة عصا على أنّ أبا بكر وعمر في جوفه. ولم أرقطّ أشدّ احترافا منه. وكان مع ذلك نبيذيّا وصاحب حمام. ويشبه في القدّ والخرط شيوخ الحربيّة [6] . وكان من بني غبر من صميمهم. وكان له بنيّ يتبعه، فكان يزنّي [7] أمّه عند كلّ حقّ وباطل، وعند كلّ جدّ وهزل. قلت له يوما- ونحن عند بني ربعيّ: ويحك، بأيّ شيء تستحلّ أن تقذف أمّه

_ [1] الخبر في ديوان المعاني 1/292. [2] البناني: السمك، انظر نهاية هذه الفقرة. [3] سكرجة: إناء صغير يوضع فيه الشيء القليل من الأدم وكل ما يوضع من الكوامخ ونحوها على المائدة حول الأطعمة للتشهي والهضم. الوصلة إلى الحبيب 824. الكامخ: نوع من اللبن الحليب واللبن الخاثر، انظر السامي 200، وفي الوصلة إلى الحبيب 868 «الكامخ: إدام يؤتدم به، وخصه بعضهم بالمخللات التي تستعمل لتشهي الطعام» . [4] الشبث: بقلة معروفة. «القاموس: شبث» وفي اللسان (الشبث: نبات. قال أبو منصور: وأما البقلة التي يقال لها الشبث فهي معربة؛ وأصلها بالفارسية شوذ) . [5] الخبر في البيان والتبيين 2/253، والبرهان 3- 4. [6] الحربية: محلة كبيرة ببغداد، تنسب إلى حرب بن عبد الله البلخي أحد قواد المنصور. معجم البلدان 2/237. [7] يزنّي: يقذفها بالزنى.

17 -[حجة الشيخ الإباضي في كراهية الشيعة]

بالزّنا؟ فقال: لو كان عليّ في ذلك حرج لما قذفتها: فلم تزوّجت امرأة ليس في قذفها حرج؟ قال: إنّي قد احتلت حيلة حتّى حلّ لي من أجلها ما كان يحرم. قلت: وما تلك الحيلة؟ قال: أنا رجل حديد، وهذا غلام عارم، وقد كنت طلّقت أمّه فكنت إذا افتريت عليها أثمت، فقلت في نفسي إن أرغتها [1] وخدعتها حتّى أنيكها مرّة واحدة حلّ لي بعد ذلك افترائي عليها، بل لا يكون قولي حينئذ فرية، وعلمت أنّ زنية واحدة لا تعدل عشرة آلاف فرية. فأنا اليوم أصدق ولست أكذب. والصّادق مأجور. إني والله ما أشكّ أنّ الله إذا علم أنّي لم أزن بها تلك المرّة إلّا من خوف الإثم إذا قذفتها- أنّه سيجعل تلك الزّنية له طاعة فقلت: أنت الآن على يقين أنّ زناك طاعة لله تعالى؟ قال: نعم. 17-[حجة الشيخ الإباضي في كراهية الشيعة] [2] قال الشّيخ الإباضي وقد ذهب عني اسمه وكنيته وهو ختن أبي بكر بن بريرة- وجرى يوما شيء من ذكر التشيّع والشّيعة، فأنكر ذلك واشتدّ غضبه عليهم، فتوهّمت أنّ ذلك إنّما اعتراه للإباضيّة التي فيه، وقلت: وما عليّ إن سألته؟ فإنّه يقال: إنّ السائل لا يعدمه أن يسمع في الجواب حجّة أو حيلة أو ملحة- فقلت: وما أنكرت من التشيّع ومن ذكر الشّيعة؟ قال: أنكرت منه مكان الشّين التي في أوّل الكلمة؛ لأني لم أجد الشّين في أوّل كلمة قطّ إلّا وهي مسخوطة مثل: شؤم، وشرّ، وشيطان، وشغب، وشحّ، وشمال، وشجن، وشيب، وشين، وشراسة، وشنج [3] ، وشكّ، وشوكة، وشبث [4] ، وشرك، وشارب، وشطير، وشطور، وشعرة، وشاني [5] ، وشتم، وشتيم [6] ، وشيطرج [7] ، وشنعة، وشناعة، وشأمة، وشوصة [8] ، وشتر [9]

_ [1] أراغ: أراد وطلب. «القاموس: راغ» . [2] ورد الخبر في عيون الأخبار 2/56. [3] الشنج: تقبض الجلد. «القاموس: شنج» . [4] الشّبث: دويبة كثيرة الأرجل. «القاموس: شبث» . [5] الشاني: المبغض. «القاموس: شنأ» . [6] الشتيم: الكريه الوجه. «القاموس: شتم» . [7] الشيطرج: دواء معروف نافع لوجع المفاصل والبرص والبهق. «القاموس: شيطرج» . [8] الشوصة: وجع في البطن، أو ريح تعتقب في الأضلاع، أو ورم في حجابها من داخل. «القاموس: شوص» . [9] الشتر: الانقطاع وانقلاب الجفن من أعلى وأسفل، وانشقاقه أو استرخاء أسفله. «القاموس: شتر» .

18 -[حيلة أبي كعب القاص]

وشجوب [1] وشجّة، وشطون، وشاطن [2] ، وشنّ [3] ، وشلل، وشيص [4] ، وشاطر [5] ، وشاطرة، وشاحب. قلت له: ما سمعت متكلّما قطّ يقول هذا ولا يبلغه، ولا يقوم لهؤلاء القوم قائمة بعد هذا! 18-[حيلة أبي كعب القاص] قال: وتعشّى أبو كعب القاصّ بطفشيل [6] كثير اللّوبيا، وأكثر منه، وشرب نبيذ تمر، وغلّس إلى بعض المساجد ليقصّ على أهله، إذ انفتل الإمام من الصلاة فصادف زحاما كثيرا، ومسجدا مستورا بالبواريّ [7] من البرد والرّيح والمطر، وإذا محراب غائر في الحائط، وإذا الإمام شيخ ضعيف؛ فلمّا صلّى استدبر المحراب وجلس في زاوية منه يسبّح، وقام أبو كعب فجعل ظهره إلى وجه الإمام ووجهه إلى وجوه القوم، وطبّق وجه المحراب بجسمه وفروته وعمامته وكسائه، ولم يكن بين فقحته وبين أنف الإمام كبير شيء، وقصّ وتحرّك بطنه، فأراد أن يتفرّج بفسوة وخاف أن تصير ضراطا، فقال في قصصه: قولوا جميعا: لا إله إلا الله! وارفعوا بها أصواتكم. وفسا فسوة في المحراب فدارت فيه وجثمت على أنف الشيخ واحتملها، ثمّ كدّه بطنه فاحتاج إلى أخرى فقال: قولوا: لا إله إلا الله! وارفعوا بها أصواتكم. فأرسل فسوة أخرى فلم تخطئ أنف الشيخ، واختنقت في المحراب. فخمّر الشّيخ أنفه، فصار لا يدري ما يصنع. إن هو تنفّس قتلته الرائحة، وإن هو لم يتنفّس مات كربا. فما زال يداري ذلك، وأبو كعب يقصّ، فلم يلبث أبو كعب أن احتاج إلى أخرى. وكلما طال لبثه تولّد في بطنه من النّفخ على حسب ذلك. فقال: قولوا جميعا: لا إله إلا الله! وارفعوا بها أصواتكم. فقال الشيخ من المحراب- وأطلع رأسه وقال-: لا تقولوا! لا تقولوا قد قتلني! إنّما يريد أن يفسو! ثم جذب إليه ثوب أبي كعب وقال:

_ [1] شجوب: هموم. «القاموس: شجب» . [2] الشطون: البعيدة. الشاطن: الخبيث والشيطان، وكل عات متمرد من إنس أو جن أو دابة. «القاموس: شطن» . [3] الشن: القربة الخلق الصغيرة. «القاموس: شن» . [4] الشيص: أردأ التمر، ووجع الضرس أو البطن. «القاموس: شيص» . [5] شاطر: الذي أعيا أهله ومؤدبه خبثا، وقد يراد بها اللص. «القاموس: شطر» . [6] في القاموس «الطّفيشل: كسميدع، نوع من المرق. وفي معجم استينجاس 313 (الطفشيل: ضرب من اللحم يعالج بالبيض والجزر والعسل) . [7] البوري: الحصير المنسوج. «القاموس: بور» .

19 -[جواب أبي كعب القاص]

جئت إلى ها هنا لتفسو أو تقصّ؟ فقال: جئنا لنقص، فإذا نزلت بليّة فلا بدّ لنا ولكم من الصّبر! فضحك الناس، واختلط المجلس. 19-[جواب أبي كعب القاصّ] وأبو كعب هذا هو الذي كان يقصّ في مسجد عتّاب كلّ أربعا فاحتبس عليهم في بعض الأيام وطال انتظارهم له. فبينما هم كذلك إذ جاء رسوله فقال: يقول لكم أبو كعب: انصرفوا؛ فإنّي قد أصبحت اليوم مخمورا! 20-[علة عبد العزيز] وأمّا علة عبد العزيز بشكست فإنّ عبد العزيز كان له مال، وكان إذا جاء وقت الزّكاة وجاء القوّاد بغلام مؤاجر [1] ، قال: يا غلام ألك أمّ؟ ألك خالات؟ فيقول الغلام: نعم. فيقول: خذ هذه العشرة الدارهم- أو خذ هذه الدّنانير- من زكاة مالي، فادفعها إليهنّ، وإن شئت أن تبركني بعد ذلك على جهة المكارمة، فافعل، وإن شئت أن تنصرف فانصرف. فيقول ذلك وهو واثق أنّ الغلام لا يمنعه بعد أخذ الدراهم، وهو يعلم أنه لن يبلغ من صلاح طباع المؤاجرين أن يؤدّوا الأمانات. فغبر بذلك ثلاثين سنة وليس له زكاة إلّا عند أمّهات المؤاجرين وأخواتهم وخالاتهم. 21-[احتجاج كوفي للتسمية بمحمد] وحدثني محمّد بن عبّاد بن كاسب قال: قال لي الفضل بن مروان شيخ من طياب الكوفيّين وأغبيائهم: إن ولد لك مائة ذكر فسمهم كلّهم محمدا، وكنّهم بمحمد؛ فإنّك سترى فيهم البركة. أو تدري لأيّ شيء كثر مالي؟ قلت: لا والله ما أدري. قال: إنّما كثر مالي لأنّي سمّيت نفسي فيما بيني وبين الله محمدا! وإذا كان اسمي عند الله محمدا فما أبالي ما قال الناس! 22-[جواب الجوهري] وشبه هذا الحديث قول المروزي: قلت: لأحمد بن رياح الجوهري اشتريت كساء أبيض طبريّا بأربعمائة درهم، وهو عند الناس- فيما ترى عيونهم قومسيّ [2] يساوي مائة درهم! قال: علم الله أنّه طبريّ فما عليّ ممّا قال الناس؟!

_ [1] آجرت المرأة: أباحت نفسها بأجر. «القاموس: أجر» . [2] قومسي: نسبة إلى قومس، وهي كورة كبيرة واسعة في ذيل جبال طبرستان. «معجم البلدان 4/414» .

23 -[جواب أبي خزيمة الحارس]

23-[جواب أبي خزيمة الحارس] [1] وكان عندنا حارس يكنى أبا خزيمة، فقلت يوما- وقد خطر على بالي-: كيف اكتنى هذا العلج الألكن بأبي خزيمة؟ ثمّ رأيته فقلت له: خبّرني عنك، أكان أبوك يسمّى خزيمة؟ قال: لا. قلت: فجدّك أو عمك أو خالك؟ قال: لا. قلت: فلك ابن يسمّى خزيمة؟ قال: لا. قلت: فكان لك مولّى يسمى خزيمة؟ قال: لا. قلت: فكان في قريتك رجل صالح أو فقيه يسمى خزيمة؟ قال: لا. قلت: فلم اكتنيت بأبي خزيمة، وأنت علج ألكن، وأنت فقير، وأنت حارس؟ قال: هكذا اشتهيت. قلت: فلأي شيء اشتهيت هذه الكنية من بين جميع الكنى؟ قال: ما يدريني. قلت: فتبيعها السّاعة بدينار، وتسكتني بأيّ كنية شئت؟ قال: لا والله، ولا بالدّنيا وما فيها! 24-[جواب الزيادي لمسعدة بن طارق] وحدثني مسعدة بن طارق، قلت للزياديّ- ومررت به وهو جالس في يوم غمق [2] حارّ ومد [3] ، على باب داره في شروع نهر الجوبار [4] بأردية، وإذا ذلك البحر يبخر في أنفه- قال فقلت له بعت دارك وحظّك من دار جدّك زياد بن أبي سفيان، وتركت مجلسك في ساباط غيث [5] ، وإشرافك على رحبة بني هاشم، ومجلسك في الأبواب التي تلي رحبة بني سليم، وجلست على هذا النّهر في مثل هذا اليوم، ورضيت به جارا؟ قال. نلت أطول آمالي في قرب هولاء البزّازين [6] . قلت له لو كنت بقرب المقابر فقلت نزلت هذا الموضع للاتّعاظ به والاعتبار كان ذلك وجها. ولو كنت بقرب الحدّادين فقلت لأتذكّر بهذه النّيران والكيران [7] نار جهنّم، كان ذلك قولا. ولو كنت اشتريت دارا بقرب العطّارين فاعتللت بطلب رائحة الطّيب كان ذلك وجها فأمّا قرب البزّازين فقط فهذا ما لا أعرفه. أفلك فيهم دار غلّة، أو هل لك عليهم ديون حالّة، أو هل لك فيهم أو عندهم غلمان يؤدّون الضّريبة، أو هل لك معهم شركة مضاربة؟ قال: لا. قلت: فما ترجو إذا من قربهم فلم يكن عنده إلّا: نلت آمالي بقرب البزّازين.

_ [1] ورد الخبر في البيان والتبيين 4/24- 25. [2] يوم غمق: ذو ندى وثقل. «القاموس: غمق» . [3] الومد: ندى يجيء في صميم الحر من قبل البحر. «القاموس: ومد» . [4] الجوبار: محلة بأصبهان، وقرية من قرى هراة، وموضع بجرجان. معجم البدان 2/175- 176. [5] الساباط عند العرب: سقيفة بين دارين من تحتها طريق نافذ. معجم البلدان 3/166. [6] البزاز: بائع الثياب. «القاموس: بز» . [7] الكيران: جمع كير، وهو الزق ينفخ فيه الحداد. «القاموس: كير» .

25 -[حكاية عن ممرور]

25-[حكاية عن ممرور] وحدثني ثمامة بن أشرس قال: كان رجل ممرور يقوم كلّ يوم فيأتي دالية لقوم، ولا يزال يمشي مع رجال الدالية على ذلك الجذع ذاهبا وجائيا، في شدّة الحرّ والبرد. حتّى إذا أمسى نزل إليهم وتوضّأ وصلّى، وقال: اللهمّ اجعل لنا من هذا فرجا ومخرجا! ثمّ انصرف إلى بيته. فكان كذلك حتّى مات. 26-[بين أعمى وقائده] وحدّثني المكّي قال [1] : كان رجل يقود أعمى بكراء، وكان الأعمى ربّما عثر العثرة ونكب النّكبة، فيقول: اللهمّ أبدل لي به قائدا خيرا منه! قال: فقال القائد: اللهمّ أبدل لي به أعمى خيرا لي منه. 27-[حماقة ممرور] وحدثني يزيد مولى إسحاق بن عيسى قال كنّا في منزل صاحب لنا، إذ خرج واحد من جماعتنا ليقيل [2] في البيت الآخر، فلم يلبث إلّا ساعة حتى سمعناه يصيح: أوه أوه! قال: فنهضنا بأجمعنا إليه فزعين، فقلنا له: ما لك؟ وإذا هو نائم على شقّه الأيسر، وهو قابض على خصيته بيده فقلت له: لم صحت؟ قال: إذا غمزت خصيتي اشتكيتها، وإذا اشتكيتها صحت. قال: فقلنا له: لا تغمزها بعد حتى لا تشتكي! قال: نعم إن شاء الله تعالى. 28-[حماقة مولاة عيسى بن علي] قال يزيد: وكانت لعيسى بن عليّ مولاة عجوز خراسانية تصرخ بالليل من ضربان ضرس لها، فكانت قد أرّقت الأمير إسحاق، فقلت له: إنّها مع ذلك لا تدع أكل التمر! قال: فبعث إليها بالغداة فقال لها: أتأكلين التّمر بالنّهار وتصيحين باللّيل؟ فقالت: إذا اشتهيت أكلت وإذا أوجعني صحت! 29-[حكاية عن ممرور] وحدثني ثمامة قال [3] : مررت في غبّ مطر والأرض نديّة، والسّماء متغيّمة، والرّيح شمال، وإذا شيخ أصفر كأنّه جرادة، قد جلس على قارعة الطّريق، وحجّام

_ [1] الخبر في عيون الأخبار 2/48. [2] قال يقيل: نام في نصف النهار. «القاموس: قيل» . [3] عيون الأخبار 2/52.

30 -[صنيع ممرور]

زنجيّ يحجمه، وقد وضع على كاهله وأخدعيه محاجم، كل محجمة كأنّها قعب، وقد مصّ دمه حتّى كاد أن يستفرغه. قال: فوقفت عليه فقلت: يا شيخ لم تحتجم في هذا البرد؟ قال لمكان هذا الصّفار [1] الذي بي. 30-[صنيع ممرور] وحدثني ثمامة قال [2] : حدّثني سعيد بن مسلم قال: كنا بخراسان في منزل بعض الدّهاقين ونحن شباب، وفينا شيخ. قال: فأتانا ربّ المنزل بدهن طيب فدهن بعضنا رأسه، وبعضنا لحيته، وبعضنا مسح شاربه، وبعضنا مسح يديه وأمرّهما على وجهه، وبعضنا أخذ بطرف إصبعه فأدخل في أنفه ومسح به شاربه. فعمد الشيخ إلى بقيّة الدّهن فصبّها في أذنه، فقلنا له: ويحك، خالفت أصحابك كلّهم! هل رأيت أحدا إذا أتوه بدهن طيب صبّه في أذنه؟ قال: فإنّه مع هذا يضرّني؟ 31-[أمر عيص، سيّد بني تميم] وحدّثني مسعدة بن طارق الذّرّاع قال [3] : والله إنّا لوقوف على حدود دار فلان للقسمة، ونحن في خصومة، إذ أقبل عيص سيّد بني تميم وموسرهم والذي يصلّي على جنائزهم. فلمّا رأيناه مقبلا إلينا أمسكنا عن الكلام، فأقبل علينا فقال: حدّثوني عن هذه الدّار، هل ضمّ منها بعضها إلى بعض أحد؟! قال مسعدة: فأنا منذ ستين سنة أفكّر في كلامه ما أدري ما عنى به. قال: وقال لي مرّة: ما من شر من ذين! قلت: ولم ذاك؟ قال: من جرا يتعلقون. وحدّثني الخليل بن يحيى السّلوليّ قال [4] : نازع التميميّ بعض بني عمّه في حائط، فبعث إلينا لنشهد على شهادته، فأتاه جماعة منهم الحميريّ والزهريّ، والزّياديّ، والبكراوي. فلمّا صرنا إليه وقف بنا على الحائط وقال: أشهدكم جميعا أنّ نصف هذا الحائط لي! 32-[جواب ممرور] قال: وقدم ابن عمّ له إلى عمر بن حبيب، وادّعى عليه ألف درهم فقال ابن

_ [1] الصفار: الماء الأصفر يجتمع في البطن، أو دود فيها. «القاموس: صفر» . [2] عيون الأخبار 2/55- 56. [3] عيون الأخبار 2/54- 55. [4] عيون الأخبار 2/54، وفيه «نازع التيمي ... »

33 -[أمنية الجرار والغزال]

عمّه: ما أعرف ممّا قال قليلا ولا كثيرا، ولا له عليّ شيء! قال: أصلحك الله تعالى! فاكتب بإنكاره. قال: فقال عمر: الإنكار لا يفوتك، متى أردته فهو بين يديك! 33-[أمنية الجرّار والغزّال] قال [1] : وقلت لأبي عتّاب الجرّار: ألا ترى عبد العزيز الغزّال وما يتكلم به في قصصه؟ قال: وأيّ شيء قاله؟ قلت: قال: ليت الله تعالى لم يكن خلقني وأنا السّاعة أعور! قال أبو عتّاب: وقد قصّر في القول، وأساء في التمني. ولكنّي أقول: ليت الله تعالى لم يكن خلقني وأنا الساعة أعمى مقطوع اليدين والرجلين! 34-[تعزية طريفة لأبي عتّاب الجرار] [2] ودخل أبو عتّاب على عمرو بن هدّاب وقد كفّ بصره، والناس يعزّونه، فمثل بين يديه، وكان كالجمل المحجوم [3] ، وله صوت جهير، فقال: يا أبا أسيد، لا يسوءنّك ذهابهما، فلو رأيت ثوابهما في ميزانك تمنّيت أنّ الله تعالى قد قطع يديك ورجليك، ودقّ ظهرك، وأدمى ضلعك!. 35-[داود بن المعتمر وبعض النساء] وبينما داود بن المعتمر الصبّيريّ جالس معي، إذ مرت به امرأة جميلة لها قوام وحسن، وعينان عجيبتان، وعليها ثياب بيض، فنهض داود فلم أشكّ أنّه قام ليتبعها، فبعثت غلامي ليعرف ذلك، فلمّا رجع قلت له: قد علمت أنّك إنما قمت لتكلّمها؛ فليس ينفعك إلا الصّدق، ولا ينجيك منّي الجحود، وإنما غايتي أن أعرف كيف ابتدأت القول، وأي شيء قلت لها- وعلمت أنّه سيأتي بآبدة. وكان مليّا بالأوابد- قال: ابتدأت القول بأن قلت لها [4] : لولا ما رأيت عليك من سيماء الخير لم أتبعك. قال: فضحكت حتى استندت إلى الحائط، ثمّ قالت: إنما يمنع مثلك من اتّباع مثلي والطّمع فيها، ما يرى من سيماء الخير فأمّا إذ قد صار سيماء الخير هو الدي يطمع في النساء فإنا لله وإنا إليه راجعون! وتبع داود بن المعتمر امرأة، فلم يزل يطريها حتى أجابت، ودلّها على المنزل

_ [1] البيان والتبيين 2/317- 318. [2] البرصان 34، وعيون الأخبار 2/48، والعقد الفريد 3/309. [3] الحجام: شيء يجعل في فم البعير أو خطمه لئلا يعض. «القاموس: حجم» . [4] عيون الأخبار 2/51.

36 -[قول الممرور في الجزء الذي لا يتجزأ]

الذي يمكنها فيه ما يريد، فتقدمت الفاجرة وعرض له رجل فشغله، وجاء إلى المنزل وقد قضى القوم حوائجهم وأخذت حاجتها، فلم تنتظره. فلما أتاهم ولم يرها قال: أين هي؟ قالوا: والله قد فرغنا وذهبت! قال فأيّ طريق أخذت؟ قالوا: لا والله ما ندري؟ قال فإن عدوت في إثرها حتّى أقوم على مجامع الطرق أتروني ألحقها؟ قالوا: لا والله ما تلحقها! قال: فقد فاتت الآن؟ قالوا: نعم. قال: فعسى أن يكون خيرا! فلم أسمع قطّ بإنسان يشكّ أنّ السّلامة من الذنوب خير غيره. 36-[قول الممرور في الجزء الذي لا يتجزّأ] وسأل بعض أصحابنا أبا لقمان الممرور عن الجزء الذي لا يتجزّأ: ما هو؟ قال: الجزء الذي لا يتجزأ هو عليّ بن أبي طالب عليه السلام. فقال له أبو العيناء محمد: أفليس في الأرض جزء لا يتجزأ غيره؟ قال: بلى حمزة جزء لا يتجزأ، وجعفر جزء لا يتجزأ! قال فما تقول في العباس؟ قال: جزء لا يتجزأ. قال: فما تقول في أبي بكر وعمر؟ قال: أبو بكر يتجزأ، وعمر يتجزأ. قال: فما تقول في عثمان؟ قال: يتجزّأ مرّتين، والزّبير يتجزّأ مرّتين. قال: فأيّ شيء تقول في معاوية؟ قال: لا يتجزأ ولا لا يتجزأ. فقد فكرنا في تأويل أبي لقمان حين جعل الإمام جزءا لا يتجزأ إلى أيّ شيء ذهب، فلم نقع عليه إلّا أن يكون كان أبو لقمان إذا سمع المتكلّمين يذكرون الجزء الذي لا يتجزّأ، هاله ذلك وكبر في صدره، وتوهّم أنّه الباب الأكبر من علم الفلسفة، وأن الشيء إذا عظم خطره سموه بالجزء الذي لا يتجزأ. وقد تسخّفنا في هذه الأحاديث، واستجزنا ذلك بما تقدّم من العذر، وسنذكر قبل ذكرنا القول في الحمام جملا من غرر ونوادر وأشعار ونتف وفقر من قصائد قصار وشوارد وأبيات، لنعطي قارئ الكتاب من كلّ نوع تذهب إليه النّفوس نصيبا إن شاء الله. 560-[تناسب الألفاظ مع الأغراض] ولكلّ ضرب من الحديث ضرب من اللفظ، ولكلّ نوع من المعاني نوع من الأسماء: فالسّخيف للسخيف، والخفيف للخفيف، والجزل للجزل، والإفصاح في موضع الإفصاح، والكناية في موضع الكناية، والاسترسال في موضع الاسترسال. وإذا كان موضع الحديث على أنّه مضحك ومله، وداخل في باب المزاح والطّيب، فاستعملت فيه الإعراب، انقلب عن جهته. وإن كان في لفظه سخف وأبدلت

561 -[الورع الزائف]

السّخافة بالجزالة، صار الحديث الذي وضع على أن يسرّ النّفوس يكر بها، ويأخذ بأكظامها [1] . 561-[الورع الزائف] [2] وبعض الناس إذا انتهى إلى ذكر الحر والأير والنيك ارتدع وأظهر التقزّز، واستعمل باب التّورّع. وأكثر من تجده كذلك فإنّما هو رجل ليس معه من العفاف والكرم [3] ، والنّبل والوقار، إلّا بقدر هذا الشّكل من التّصنع. ولم يكشف قطّ صاحب رياء ونفاق، إلّا عن لؤم مستعمل، ونذالة متمكّنة. 562-[تسمّح بعض الأئمة في ذكر ألفاظ] وقد كان لهم في عبد الله بن عباس مقنع، حين سمعه بعض الناس [4] ينشد في المسجد الحرام: [من الرجز] وهنّ يمشين بنا هميسا ... إن تصدق الطّير ننك لميسا [5] فقيل له في ذلك، فقال: إنّما الرّفت ما كان عند النساء. وقال الضّحّاك: لو كان ذلك القول رفثا لكان قطع لسانه أحبّ إليه من أن يقول هجرا. قال شبيب بن يزيد الشيباني، ليلة بيّت عتّاب بن ورقاء: [من الرجز] من ينك العير ينك نيّاكا [6] وقال عليّ بن أبي طالب- رضي الله عنه- حين دخل على بعض الأمراء فقال له [7] : من في هذه البيوت؟ فلما قيل له: عقائل من عقائل العرب، قال عليّ: «من يطل أير أبيه ينتطق به» [8] .

_ [1] الأكظام: جمع كظم، وهي الحلق؛ أو الفم؛ أو مخرج النفس. «القاموس: كظم» . [2] رسائل الجاحظ 2/92، «مفاخرة الجواري والغلمان» . [3] في رسائل الجاحظ «من المعرفة والكرم» . [4] هو أبو العالية كما في المستدرك للحاكم 2/476، وعيون الأخبار 1/321. [5] الرجز لابن عباس في رسائل الجاحظ 2/92، وعيون الأخبار 1/321، والجمهرة 422، واللسان والتاج (رفث، همس) ، والتهذيب 6/143، 15/78، وعمدة الحفاظ (رفث) ، وبلا نسبة في العين 4/10، والتاج (لمس) والجمهرة 863. [6] الرجز بلا نسبة في اللسان والتاج (نوك) ، وهو من الأمثال في مجمع الأمثال 2/305، والمستقصى 2/364، يضرب مثلا لمن يغالب الغلاب، وتقدم في الفقرة (447) . [7] رسائل الجاحظ 2/92. [8] مجمع الأمثال 2/300، والمستقصى 2/364، وأمثال ابن سلام 198، وجمهرة الأمثال 2/253، «يريد: من كثر إخوته اشتد ظهره وعزه بهم» .

563 -[لكل مقام مقال]

فعلى عليّ رضي الله تعالى عنه- يعوّل في تنزيه اللفظ وتشريف المعاني. وقال أبو بكر- رضي الله عنه- حين قال بديل بن ورقاء للنبيّ صلى الله عليه وسلم: جئتنا بعجرائك وسودانك، ولو قد مسّ هؤلاء وخز السّلاح لقد أسلموك! فقال أبو بكر- رضي الله عنه-: عضضت ببظر اللّات [1] ! وقد رووا مرفوعا قوله: «من يعذرني من ابن أمّ سباع مقطّعة البظور؟» [2] . 563-[لكلّ مقام مقال] ولو كان ذلك الموضع موضع كناية هي المستعملة. وبعد فلو لم يكن لهذه الألفاظ مواضع استعملها أهل هذه اللّغة وكان الرأي ألّا يلفظ بها، لم يكن لأوّل. كونها معنى إلّا على وجه الخطإ، ولكان في الحزم والصّون لهذه اللّغة أن ترفع هذه الأسماء منها. وقد أصاب كلّ الصّواب الذي قال: «لكلّ مقام مقال» [3] . 564-[الورع الذي يبغضه الله تعالى] ولقد دخل علينا فتى حدث كان قد وقع إلى أصحاب عبد الواحد بن زيد ونحن عند موسى بن عمران، فدار الحديث إلى أن قال الفتى: أفطرت البارحة على رغيف وزيتونة ونصف، أو زيتونة وثلث، أو زيتونة وثلثي زيتونة، أو ما أشبه ذلك. بل أقول: أكلت زيتونة، وما علم الله من أخرى، فقال موسى: إنّ من الورع ما يبغصه الله، علم الله؛ وأظنّ ورعك هذا من ذلك الورع. وكان العتبي ربّما قال: فقال لي المأمون كذا وكذا، حين صار التّجم على قمّة الرأس، أو حين جازني شيئا، أو قبل أن يوازي هامتي. هكذا هو عندي، وفي أغلب ظنّي، وأكره أن أجزم على شيء وهو كما قلت إن شاء الله تعالى، وقريبا ممّا نقلت. فيتوقف في الوقت الذي ليس من الحديث في شيء. وذلك الحديث إن كان مع طلوع الشمس لم يزده ذلك خيرا، وإن كان مع غروبها لم ينقصه ذلك شيئا. هذا ولعلّ الحديث في نفسه لم يكن قطّ ولم يصل هو في تلك الليلة البتّة. وهو مع ذلك زعم أنّه دخل على أصحاب الكهف فعرف عددهم، وكانت عليهم ثياب سبنيّة

_ [1] رسائل الجاحظ 2/93، والنهاية 1/138. [2] يروى هذا القول لحمزة بن عبد المطلب في رسائل الجاحظ 2/93، والمعارف 317. [3] رسائل الجاحظ 2/93، ومجمع الأمثال 2/198، والمستقصى 2/293، والفاخر 314.

565 -[جملة من نوادر الشعر]

وكلبهم ممعّط الجلد. وقد قال الله عزّ وجلّ لنبيّه صلى الله عليه وسلم: لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً [1] . 565-[جملة من نوادر الشعر] وسنذكر من نوادر الشّعر جملة، فإن نشطت لحفظها فاحفظها؛ فإنّها من أشعار المذاكرة. قال الثّقفي [2] : [من البسيط] من كان ذا عضد يدرك ظلامته ... إن الذّليل الّذي ليست له عضد تنبو يداه إذا ما قلّ ناصره ... ويأنف الضّيم إن أثرى له عدد وقال أبو قيس بن الأسلت [3] : [من السريع] بزّ امرئ مستبسل حاذر ... للدّهر، جلد غير مجزاع الكيس والقوّة خير من ال ... إشفاق والفهة والهاع وقال عبده بن الطّبيب [4] : [من البسيط] ربّ حبانا بأموال مخوّلة ... وكلّ شيء حباه الله تخويل والمرء ساع لأمر ليس يدركه ... والعيش شحّ وإشفاق وتأميل وكان عمر بن الخطّاب- رضي الله تعالى عنه- يردّد هذا النصف الآخر، ويعجب من جودة ما قسم [5] . وقال المتلمّس [6] : [من الوافر] وأعلم علم حقّ غير ظنّ ... وتقوى الله من خير العتاد لحفظ المال أيسر من بغاه ... وضرب في البلاد بغير زاد

_ [1] 18/الكهف: 18. [2] البيتان للأجرد الثقفي في الشعر والشعراء 460، وللثقفي في البيان والتبيين 1/67، 3/325، وعيون الأخبار 3/2، والأول للأجرد في التاج (عضد) ، وبلا نسبة في الجمهزة 658. [3] ديوان أبي قيس بن الأسلت 79، والمفضليات 285، وشرح اختيارات المفضل 1238، والأول في اللسان والتاج (هيع، فكك) ، والجمهرة 158، 161، 970، والتهذيب 3/23، 9/460، والبيان والتبيين 1/204، وبلا نسبة في العين 2/170، والتاج (دهن) ، والمخصص 2/122، 3/52، 65، 14/65، وأمالي القالي 2/215. [4] ديوان عبدة بن الطبيب 75، والمفضليات 142، وشرح اختيارات المفضل 674. [5] انظر البيان والتبيين 1/241. [6] الأبيات في الحماسة البصرية 2/68، ونهاية الأرب 3/64، والشعر والشعراء 88.

وإصلاح القليل يزيد فيه ... ولا يبقى الكثير مع الفساد وقال آخر [1] : [من الطويل] وحفظك مالا قد عنيت بجمعه ... أشدّ من الجمع الذي أنت طالبه وقال حميد بن ثور الهلاليّ [2] : [من الطويل] أتشغل عنّا يابن عمّ فلن ترى أخا ... البخل إلّا [3] سوف يعتلّ بالشغل وقال ابن أحمر [4] : [من البسيط] هذا الثناء وأجدر أن أصاحبه ... وقد يدوّم ريق الطامع الأمل وقال ابن مقبل [5] : [من الطويل] هل الدّهر إلّا تارتان، فمنهما ... أموت وأخرى أبتغي العيش أكدح وكلتاهما قد خطّ لي في صحيفة ... فلا الموت أهوى لي ولا العيش أروح وقال عمرو بن هند [6] : [من الطويل] وإن الذي ينهاكم عن طلابها ... يناغي نساء الحيّ في طرّة البرد يعلّل والأيّام تنقص عمره ... كما تنقص النّيران من طرف الزّند وقال أميّة- إن كان قالها [7]-: [من الخفيف] ربّما تجزع النّفوس من الأم ... ر له فرجة كحلّ العقال

_ [1] البيت بلا نسبة في البخلاء 170، ومحاضرات الأدباء 1/237. [2] ديوان حميد بن ثور 127. [3] في ديوانه (لاء) ، وعلق محقق الديوان: ( «لاء» مهموزة هي «لا» النافية؛ وإنما زيد عليها الهمزة لأنه قصد اسميتها) . [4] ديوان ابن أحمر 136، والبيان والتبيين 1/181، والبرصان 195، والسمط 127، والمعاني الكبير 1258، واللسان والتاج (دوم) ، والتهذيب 14/212، وبلا نسبة في المقاييس 2/316، والمجمل 2/302. [5] ديوان ابن مقبل 38- 39، وحماسة البحتري 123، والخزانة 5/55. [6] البيتان لعمرو بن هند في البيان والتبيين 3/34، ولعبد هند بن زيد التغلبي في الوحشيات 19. [7] البيت لأمية بن أبي الصلت في ديوانه 444، وحماسة البحتري 223، والخزانة 6/108، 113، 10/9، واللسان والتاج (فرج) ، والكتاب 2/109، والدرر 1/77، وله أو لحنيف بن عمير أو لنهار ابن أخت مسيلمة الكذاب في شرح شواهد المغني 2/707، 708، والمقاصد النحوية 1/484، وله أو لأبي قيس صرمة بن أبي أنيس أو لحنيف في الخزانة 6/115، ولعبيد بن الأبرص في ديوانه 128، وبلا نسبة في أساس البلاغة (فرج) ، وأمالي المرتضى 1/486، والبيان والتبيين 3/260، والمقاييس 4/223، والجمهرة 463، وشرح المفصل 4/352، 8/30، ومغني اللبيب 2/297.

566 -[شعر في الغزل]

566-[شعر في الغزل] وقال آخر [1] : [من الطويل] رمتني وستر الله بيني وبينها ... عشيّة آرام الكناس رميم ألا ربّ يوم لو رمتني رميتها ... ولكنّ عهدي بالنّضال قديم رميم الّتي قالت لجارات بيتها ... ضمنت لكم أن لا يزال يهيم وقال آخر [2] : [من البسيط] لم أعطها بيدي إذ بتّ أرشفها ... إلّا تطاول غصن الجيد للجيد كما تطاعم في خضراء ناعمة ... مطوّقان أصاخا بعد تغريد فإن سمعت بهلك للبخيل فقل ... بعدا وسحقا له من هالك مودي 567-[شعر في الحكم والزهد] وقال أبو الأسود الدؤلي [3] : [من الكامل] المرء يسعى ثمّ يدرك مجده ... حتّى يزيّن بالّذي لم يفعل وترى الشقيّ إذا تكامل غيّه ... يرمى ويقذف بالّذي لم يعمل وقال دريد [4] : [من الطويل] رئيس حروب لا يزال ربيئة ... مشيح على محقوقف الصّلب ملبد [5] صبور على رزء المصائب حافظ ... من اليوم أعقاب الأحاديث في غد وهوّن وجدي أنني لم أقل له ... كذبت ولم أبخل بما ملكت يدي وقال سعيد بن عبد الرحمن [6] : [من الطويل] وإنّ امرأ يمسي ويصبح سالما ... من النّاس إلّا ما جنى لسعيد

_ [1] الأبيات لنصيب في ديوانه 125، وأمالي المرتضى 1/447، ولأبي حية النميري في ديوانه 172، والبيان والتبيين 3/324، والسمط 924، وبلا نسبة في البيان 1/68، والأمالي 2/280. [2] البيت الأول والثاني بلا نسبة في اللسان والتاج (طعم) ، والثاني في أساس البلاغة (طعم) ، والتهذيب 2/192، والثالث في الجمهرة 1258، والبخلاء 155. [3] ديوان أبي الأسود الدؤلي 238. [4] ديوان دريد بن الصمة 50- 51، وترتيب الأبيات فيه (38، 31، 43) ، والأصمعيات 108. [5] الربيئة: الطليعة؛ وهو الذي ينظر للقوم لئلا يدهمهم عدو. مشيح: جاد. المحقوقف: المعوج. ملبد: الفرس: شدّ عليه لبد السرج. [6] البيت لسعيد بن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت في البيان والتبيين 1/364، ولحسان بن ثابت في ديوانه 198، وعيون الأخبار 2/12.

568 -[شعر في التشبيه]

وقال أكثم بن صيفيّ: [من المتقارب] نربّى ويهلك آباؤنا ... وبينا نربّي بنينا فنينا وقال بعض المحدثين: [من المنسرح] فالآن أسمحت للخطوب فلا ... يلفى فؤادي من حادث يجب قلّبني الدّهر في قوالبه ... وكلّ شيء ليومه سبب وقال آخر [1] : [من الوافر] لدوا للموت وابنوا للخراب ... فكلّكم يصير إلى ذهاب ألا يا موت لم أر منك بدّا ... أبيت فما تحيف ولا تحابي كأنّك قد هجمت على مشيبي ... كما هجم المشيب على شبابي وقال آخر: [من البسيط] يا نفس خوضي بحار العلم أو غوصي ... فالنّاس من بين معموم ومخصوص لا شيء في هذه الدنيا يحاط به ... إلّا إحاطة منقوص بمنقوص 568-[شعر في التشبيه] وأنشدنا للأحيمر [2] : [من الكامل] بأقبّ منطلق اللّبان كأنّه ... سيد تنصّل من حجور سعالي [3] وقال الآخر [4] : [من الطويل] أراقب لمحا من سهيل كأنّه ... إذا ما بدا من دجية اللّيل يطرف وقالوا [5] : قال خلف الأحمر: لم أر أجمع من بيت لامرئ القيس، وهو قوله: [من المتقارب] أفاد وجاد وساد وزاد ... وقاد وذاد وعاد وأفضل

_ [1] الأبيات لأبي العتاهية في ديوانه 33، وهي لأبي نواس في ديوانه 99 (طبعة المكتبة التجارية الكبرى، 1937) . [2] البيت في البيان والتبيين 4/53. [3] الأقب: الضامر البطن. «القاموس: قب» . اللبان: الصدر. «القاموس: لبن» . السيد: الذئب «القاموس: سيد» . [4] البيت لجران العود في ديوانه 53، والبيان والتبيين 4/40، وأساس البلاغة (لوح) ، والمجمل 4/256، وبلا نسبة في المقاييس 5/209، 220. [5] ورد الخبر مع البيت في البيان والتبيين 4/53، والوساطة 337- 338، والعمدة 2/31 «باب التقسيم» .

569 -[قطعة من أشعار النساء] :

ولا أجمع من قوله [1] : [من الطويل] له أيطلا ظبي وساقا نعامة ... وإرخاء سرحان وتقريب تتفل وقالوا: ولم نر في التشبيه كقوله، حين شبّه شيئين بشيئين في حالتين مختلفين في بيت واحد، وهو قوله [2] : [من الطويل] كأن قلوب الطّير رطبا ويابسا ... لدى وكرها العنّاب والحشف البالي 569-[قطعة من أشعار النساء] : وسنذكر قطعة من أشعار النساء. قالت أعرابيّة [3] : [من الطويل] رأت نضو أسفار أميمة شاحبا ... على نضو أسفار فجنّ جنونها فقالت: من أيّ الناس أنت، ومن تكن ... فإنّك مولى فرقة لا تزينها وقالت امرأة من خثعم: [من الطويل] فإن تسألوني من أحبّ فإنّني ... أحبّ، وبيت الله، كعب بن طارق أحبّ الفتى الجعد السّلوليّ ناضلا ... على النّاس معتادا لضرب المفارق وقالت أخرى: [من الطويل] وما أحسن الدّنيا وفي الدّار خالد ... وأقبحها لمّا تجهز غاديا وقالت أمّ فروة الغطفانيّة [4] : [من الطويل] فما ماء مزن أيّ ماء تقوله ... تحدّر من غرّ طوال الذّوائب بمنعرج أو بطن واد تحدّرت ... عليه رياح الصّيف من كلّ جانب نفى نسم الرّيح القذا عن متونه ... فما إن به عيب يكون لعائب

_ [1] ديوان امرئ القيس 21، والعمدة 2/24، واللسان (غور، تفل، رخا) ، والتاج (أطل، تفل) ، والتهذيب 8/181، 14/285، والمقاييس 1/112، وبلا نسبة في اللسان (سرح، أطل) ، والتهذيب 4/301، 7/542، وشرح المفصل 6/112. [2] ديوان امرئ القيس 38، وعيار الشعر 25- 26، والمقاصد النحوية 3/216، واللسان (أدب) ، والتاج (بال) ، وشرح شواهد المغني 1/342، 2/595، 819، والصاحبي في فقه اللغة 244، والمنصف 2/117. [3] البيتان في اللسان (جنن، ضحا) ، وأمالي المرتضى 1/508، وحماسة الخالديين 1/217، وإنباه الرواة 3/133، ونقد الشعر 193، وحماسة القرشي 120. [4] الأبيات لزينب بنت فروة المرية في أمالي القالي 2/87، ولامرأة من طيئ في الوحشيات 202، ولعاتكة المرية في زهر الآداب 1/167، ومعجم الأبيات الشواعر 312، وشاعرات العرب 201.

570 -[شعر مختار]

بأطيب ممّن يقصر الطّرف دونه ... تقى الله واستحياء بعض العواقب وقال بعض العشاق [1] : [من الطويل] وأنت الّتي كلّفتني دلج السّرى ... وجون القطا بالجلهتين جثوم وأنت الّتي أورثت قلبي حرارة ... وقرّحت قرح القلب وهو كليم وأنت التي أسخطت قومي فكلّهم ... بعيد الرّضا داني الصّدود كظيم فقالت المعشوقة [2] : [من الطويل] وأنت الّذي أخلفتني ما وعدتني ... وأشمتّ بي من كان فيك يلوم وأبرزتني للنّاس حتّى تركتني ... لهم غرضا أرمى وأنت سليم فلو أنّ قولا يكلم الجسم قد بدا ... بجلدي من قول الوشاة كلوم وقال آخر [3] : [من الطويل] شهدت وبيت الله أنّك غادة ... رداح وأنّ الوجه منك عتيق [4] وأنّك لا تجزينني بمودّة ... ولا أنا للهجران منك مطيق فأجابته [5] : [من الطويل] شهدت وبيت الله أنّك بارد ال ... ثّنايا وأنّ الخصر منك رقيق وأنّك مشبوح الذّراعين خلجم ... وأنّك إذ تخلو بهنّ رفيق [6] 570-[شعر مختار] وقال آخر [7] : [من الكامل] الله يعلم يا مغيرة أنني ... قد دستها دوس الحصان الهيكل

_ [1] الأبيات لابن الدمينة في ديوانه 36- 37، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1379، والأغاني 17/101، ومعاهد التنصيص 1/162، ومعجم الأدبيات الشواعر 97- 98. [2] الأبيات لأمامة (أو أميمة) معشوقة ابن الدمينة في تزيين الأسواق 307، وديوان ابن الدمينة 42، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1381، والأغاني 2/59، 17/100، والبيان 3/370، ومعجم الأبيات 98، ومعاهد التنصيص 1/162. [3] البيتان لقيس بن الذريح في ديوانه 130، وتزيين الأسواق 190، والأغاني 9/204. [4] رداح: الثقيلة الأوراك. «القاموس: ردح» العتيق: الجميل الرائع. «القاموس: عتق» . [5] البيتان لأعرابية في بلاغات النساء 153، ومعجم الأدبيات 93، وشاعرات العرب 206، وبلا نسبة في البيان 2/351، ورواية عجز البيت الأول: (وإن الخصر منك لطيف) ، ورواية عجز البيت الثاني: (وأنك إذ تخلو بهن عنيف) . [6] مشبوح الذراعين: عريضهما. «القاموس: شبح» . خلجم: الجسيم العظيم. «القاموس: خلجم» . [7] البيتان للعجاج في ديوانه 2/312، وبلا نسبة في البيان والتبيين 2/351، والثاني في اللسان والتاج (فتخ) .

571 -[قطع من البديع]

فأخذتها أخذ المقصّب شاته ... عجلان يشويها لقوم نزّل وقال كعب بن سعد الغنويّ [1] : [من الطويل] وحدّثتماني أنّما الموت بالقرى ... فكيف وهاتا هضبة وقليب وماء سماء كان غير مجمّة ... ببرّيّة تجري عليه جنوب [2] ومنزلة في دار صدق وغبطة ... وما أقتال في حكم عليّ طبيب وقال دريد بن الصّمّة [3] : [من الطويل] رئيس حروب لا يزال ربيئة ... مشيح على محقوقف الصّلب ملبد صبور على رزء المصائب حافظ ... من اليوم أعقاب الأحاديث في غد وهوّن وجدي أنني لم أقل له ... كذبت ولم أبخل بما ملكت يدي 571-[قطع من البديع] وقطعة من البديع قوله: [من الرجز] إذا حداها صاحبي ورجّعا ... وصاح في آثارها فأسمعا يتبعن منهن جلالا أتلعا ... أدمك في ماء المهاوي منقعا وقال الراجز في البديع المحمود [4] : [من الرجز] قد كنت إذ حبل صباك مدمش ... وإذ أهاضيب الشباب تبغش [5] ومن هذا البديع المستحسن منه، قول حجر بن خالد بن مرثد [6] : [من الطويل] سمعت بفعل الفاعلين فلم أجد ... كفعل أبي قابوس حزما ونائلا يساق الغمام الغرّ من كلّ بلدة ... إليك فأضحى حول بيتك نازلا فأصبح منه كلّ واد حللته ... وإن كان قد خوّى المرابيع سائلا [6] فإن أنت تهلك يهلك الباع والنّدا ... وتضحي قلوص الحمد جرباء حائلا [7] فلا ملك ما يبلغنّك سعيه ... ولا سوقة ما يمدحنّك باطلا

_ [1] الأبيات في الأصمعيات 97، والحماسة البصرية 1/233، والأمالي 2/148، والسمط 774. [2] المجمة: مكان وجوم الماء، أي كثير. «القاموس: جمّ» . [3] ديوان دريد بن الصمة 50- 51، والأصمعيات 108. [4] الرجز بلا نسبة في البيان والتبيين 3/334، والبيت الأول برواية: (إذ ذاك إذ حبل الوصال مدمش) وهو في اللسان (دمج) ، وشرح الأشموني 3/878، وسر صناعة الإعراب 1/205، والممتع في التصريف 1/412. [5] قوله «مدمش» أراد به «مدمج» ، فأبدل الشين مكان الجيم. [6] الأبيات في شرح ديوان الحماسة للتبريزي 2/294. [7] المرابيع: الأمطار أول الربيع. «القاموس: ربع» . [8] القلوس: الناقة الفتية. «القاموس: قلص» . الحائل: الناقة التي حمل عليها فلم تلقح. «القاموس: حول» .

باب في صدق الظن وجودة الفراسة

باب في صدق الظّنّ وجودة الفراسة 572-[شعر في الظن والفراسة] قال أوس بن حجر [1] : [من المنسرح] الألمعيّ الذي يظنّ بك الظ ... نّ كأن قد رأى وقد سمعا وقال عمر بن الخطّاب [2] : «إنك لا تنتفع بعقل الرّجل حتّى تعرف صدق فطنته» . وقال أوس بن حجر [3] : [من المتقارب] مليح نجيح أخو مأزق ... نقاب يحدّث بالغائب وقال أبو الفضّة، قاتل أحمر بن شميط: [من الوافر] فإلّا يأتكم خبر يقين ... فإنّ الظّنّ ينقص أو يزيد وقيل لأبي الهذيل: إنّك إذا راوغت واعتللت- وأنت تكلّم النظام وقمت- فأحسن حالاتك أن يشكّ النّاس فيك وفيه! قال: خمسون شكّا خير من يقين واحد!! وقال كثيّر في عبد الملك: [من الوافر] رأيت أبا الوليد غداة جمع ... به شيب وما فقد الشّبابا [4]

_ [1] ديوان أوس بن حجر 53، وذيل الأمالي 34، واللسان (حظرب، لمع) ، والتهذيب 2/424، وديوان الأدب 1/273، وكتاب الجيم 3/214، ومعاهد التنصيص 1/128، والبيان والتبيين 4/68، وعيون الأخبار 1/34، ورسائل الجاحظ 1/302. [2] ورد قول عمر بن الخطاب في رسائل الجاحظ 1/302. [3] ديوان أوس بن حجر 12، ورسائل الجاحظ 1/302، واللسان والتاج (نقب، نجح، أقط) ، والمقاييس 5/466، والتهذيب 4/159، 9/199، والتنبيه والإيضاح 1/142، وفصل المقال 142، ومجمع الأمثال 1/18، وزهر الأكم 1/125، وكتاب الأمثال لمجهول 36، والمستقصى 1/423، وبلا نسبة في ديوان الأدب 1/455، والجمهرة 375. [4] ديوان كثير عزة 268، والبيان والتبيين 4/67، ونسب الأول والثالث إلى الأقيشر الأسدي في التاج (مرض) ، وهما بلا نسبة في رسائل الجاحظ 1/302، واللسان وأساس البلاغة (مرض) ، وتهذيب اللغة 12/35، والثالث بلا نسبة في المقاييس 5/312، والمجمل 4/320، والعين 7/40.

573 -[شعر مختار]

فقلت له، ولا أعيا جوابا: ... إذا شابت لدات المرء شابا ولكن تحت ذاك الشيب حزم ... إذا ما قال أمرض أو أصابا وليس في جودة الظّنّ بيت شعرا أحسن من بيت بلعاء بن قيس: [من الطويل] وأبغي صواب الظّنّ، أعلم أنّه ... إذا طاش ظنّ المرء طاشت مقادره [1] وقال الله عزّ وجلّ: وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ [2] . وقال ابن أبي ربيعة في الظّنّ [3] : [من الخفيف] ودعاني إلى الرّشاد فؤاد ... كان للغيّ مرّة قد دعاني ذاك دهر لو كنت فيه قريني ... غير شكّ عرفت لي عصياني وتقلّبت في الفراش ولا تع ... لم إلّا الظّنون أين مكاني 573-[شعر مختار] وقال ابن أبي ربيعة في غير هذا الباب [4] : [من الوافر] وخلّ كنت عين النّصح منه ... إذا نظرت ومستمعا مطيعا أطاف بغيّة فنهيت عنها ... وقلت له أرى أمرا شنيعا أردت رشاده جهدي، فلما ... أبى وعصى أتيناها جميعا وقال معقّر بن حمار البارقي [5] : [من البسيط] الشّعر لبّ المرء يعرضه ... والقول مثل مواقع النّبل منها المقصّر عن رميّته ... ونوافذ يذهبن بالخصل 574-[أبيات للمحدثين حسان] وأبيات للمحدثين حسان، قال العتّابيّ [6] : [من الطويل] وكم نعمة آتاكها الله جزلة ... مبرّأة من كلّ خلق يذيمها

_ [1] البيت لبلعاء بن قيس في البرصان 5، 33، وفصل المقال 128، ومجموعة المعاني 210، والمؤتلف 106، وبهجة المجالس 1/419، ونسب إلى عفرس بن جبهة الكلابي في حماسة البحتري 403، وبلا نسبة في عيون الأخبار 1/35. [2] 20/سبأ: 34. [3] ديوان عمر بن أبي ربيعة 289- 290. [4] ديوان عمر بن أبي ربيعة 495- 496. [5] البيتان لمعقر بن حمار في ربيع الأبرار 5/263. [6] البيتان الأخيران في البيان والتبيين 1/120، ونسبا إلى عمرو بن كلثوم في محاضرات الأدباء 1/133.

فسلطت أخلاقا عليها ذميمة ... تعاورنها حتّى تفرّى أديمها ولوعا وإشفاقا ونطقا من الخنا ... بعوراء يجري في الرّجال نميمها وكنت امرأ لو شئت أن تبلغ المدى ... بلغت بأدنى نعمة تستديمها ولكن فطام النّفس أعسر محملا ... من الصّخرة الصّمّاء حين ترومها وقال أيضا: [من الطويل] وكنت امرأ هيّابة تستفزّني ... رضاعي بأدنى ضجعة أستلينها أوافي أمير المؤمنين بهمّة ... توقّل في نيل المعالي فنونها رعى أمّة الإسلام فهو إمامها ... وأدّى إليها الحقّ فهو أمينها ويستنتج العقماء حتّى كأنما ... تغلغل في حيث استقرّ جنينها وما كل موصوف له يهتدي ... ولا كل من أمّ الصّوى يستبينها مقيم بمستنّ العلا، حيث تلتقي ... طوارف أبكار الخطوب وعونها وقال الحسن بن هانئ [1] : [من السريع] قولا لهارون إمام الهدى ... عند احتفال المجلس الحاشد نصيحة الفضل وإشفاقه ... أخلى له وجهك من حاسد [2] بصادق الطاعة ديّانها ... وواحد الغائب والشاهد أنت على ما بك من قدرة ... ما أنت مثل الفضل بالواجد أوحده الله فما مثله ... لطالب ذاك ولا ناشد وليس على الله بمستنكر ... أن يجمع العالم في واحد وقال عديّ بن الرّقاع العاملي [3] : [من الكامل] وقصيدة قد بتّ أجمع بينها ... حتّى أقوّم ميلها وسنادها نظر المثقّف في كعوب قناته ... حتّى يقيم ثقافه منآدها وعلمت حتّى لست أسأل عالما ... عن حرف واحدة لكي أزدادها صلّى الإله على امرئ ودّعته ... وأتمّ نعمته عليه وزادها

_ [1] ديوان أبي نواس 454. [2] الفضل هو ابن يحيى البرمكي. [3] ديوان عدي بن الرقاع 38. 39، والطرائف الأدبية 89، والأغاني 9/316- 317، ومعجم الشعراء 87، والبيان والتبيين 3/244، ومعجم البدان (الأحص، خناصرة) ، وعيون الأخبار 2/128.

575 -[من قال شعرا وهو صغير]

575-[من قال شعرا وهو صغير] قال [1] : واجتمع ناس من الشّعراء بباب عديّ بن الرقاع يريدون مما تنته ومساجلته، فخرجت إليهم بنت له صغيرة، فقالت [1] : [من الطويل] تجمّعتم من كلّ أوب ومنزل ... على واحد لا زلتم قرن واحد وقال عبد الرحمن بن حسّان الأنصاري، وهو صغير [2] : [من البسيط] الله يعلم أنّي كنت مشتغلا ... في دار حسّان أصطاد اليعاسيبا وقال لأبيه وهو صبيّ- ورجع إليه وهو يبكي ويقول: لسعني طائر! قال: فصفه لي يا بنيّ! قال كأنّه ثوب حبرة! قال حسّان: قال ابني الشّعر وربّ الكعبة! وكان الذي لسعه زنبورا. وقال سهل بن هارون، وهو يختلف إلى الكتّاب لجار لهم [3] : [من البسيط] نبّيت بغلك مبطونا فقلت له ... فهل تماثل أو نأتيه عوّادا وقال طرفة وهو صبيّ صغير [4] : [من الرجز] يا لك من قبّرة بمعمر ... خلالك الجوّ فبيضي واصفري وقال بعض الشعراء [5] : [من الوافر] إذا ما مات ميت من تميم ... فسرّك أن يعيش فجئ بزاد

_ [1] الخبر مع البيت في ذيل الأمالي 70، والأغاني 9/310، والكامل 343، والشعر والشعراء 622 (شاكر) ، والبيت بلا نسبة في المعاني الكبير 845، والجمهرة 1029. [2] البيت مع الخبر في الكامل 343 (طبعة الوالي) ، 154 (طبعة المعارف) . [3] البيت في رسائل الجاحظ 2/304، ورواية الخبر في الرسائل: «قال سهل بن هارون: بعثت وأنا صبي إلى جار لنا أستعير منه بغلا، فزعم أنه مبطون، فغبرت أياما، ثم كتبت له: نبّيت بغلك ... » [4] الرجز لطرفة في ديوانه 46، والشعر والشعراء 90، واللسان (عمر، قبر، نقر، جوا) ، والجمهرة 795، والتاج (عمر، نقر، جوا، الياء) ، والتهذيب 2/384، 11/228، ولكليب بن ربيعة في اللسان (يا) ، والتنبيه والإيضاح 2/184، وبلا نسبة في الخصائص 3/230، والمخصص 12/39، والجمهرة 772، والمنصف 1/138، 3/21، والعقد الفريد 3/127، ورسائل الجاحظ 1/343. [5] الأبيات ليزيد بن الصعق في أشعار العامريين 58، والحماسة البصرية 2/259، ومعجم الشعراء 480، والاقتضاب 288، وله أو لأبي المهوش (أو المهوس) في اللسان (لفف، لقم) ، والتاج (لفف) ، ولأبي مهوش الفقعسي أو أبي الهوس الأسدي في الكامل 1/100 (طبعة المعارف) ، وبلا نسبة في البيان والتبيين 1/190، ومجمع الأمثال 2/395، وعيون الأخبار 2/203، وأدب الكاتب 13، والمعاني الكبير 580، والبيت الثالث لأبي المهوش في رسائل الجاحظ 2/283، وبلا نسبة في البيان 3/321، وثمار القلوب 257 (493) . والأول بلا نسبة في السان (عفر) .

576 -[أشعار تجوز في المذاكرة]

بخبز أو بلحم أو بسمن ... أو الشّيء الملفّف في البجاد [1] تراه يطوف بالآفاق حرصا ... ليأكل رأس لقمان بن عاد وقال الأصمعي: الشيء الملفّف في البجاد: الوطب. وقال أعرابيّ: [من الطويل] ألا بكرت تلحى قتيلة بعد ما ... بدا في سواد الرّأس أبيض واضح لتدرك بالإمساك والمنع ثروة ... من المال أفنتها السّنون الجوائح فقلت لها: لا تعذليني فإنما ... بذكر النّدى تبكي عليّ النوائح 576-[أشعار تجوز في المذاكرة] وقال بشّار أبياتا تجوز في المذاكرة، في باب المنى، وفي باب الحزم، وفي باب المشورة، وناس يجعلونها للجعجاع الأزدي، وناس يجعلونها لغيره، وهي قوله [2] : [من الطويل] إذا بلغ الرّأي المشورة فاستعن ... برأي نصيح أو نصيحة حازم ولا تحسب الشّورى عليك غضاضة ... مكان الخوافي رافد للقوادم وأدن من القربى المقرّب نفسه ... ولا تشهد الشّورى امرأ غير كاتم وما خير كفّ أمسك الغلّ أختها ... وما خير نصل لم يؤيّد بقائم فإنّك لا تستطرد الهمّ بالمنى ... ولا تبلغ العليا بغير المكارم وقال بعض الأنصار [3] : [من الوافر] وبعض خلائق الأقوام داء ... كداء الشيخ ليس له شفاء

_ [1] البجاد: الكساء «القاموس: بجد» . [2] الأبيات لبشار بن برد في ديوان المعاني 1/137، والبيان والتبيين 4/49، والمختار من شعر بشار 201، ونهاية الأرب 6/71، ومحاضرات الراغب 1/14، ونكت الهميان 130، والأغاني 3/157، 214، والحماسة البصرية 2/58، وبلا نسبة في عيون الأخبار 1/32. [3] البيتان لقيس بن الخطيم في ديوانه 151، 154، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1187، وله أو لربيع بن أبي الحقيق في شرح ديوان الحماسة للتبريزي 3/104، ولربيع بن أبي الحقيق في البيان والتبيين 3/186، والأشباه والنظائر للخالديين 1/72، والبيت الأول للحطيئة في ديوانه 319، وأساس البلاغة (عنج) ، ولابن الإطنابة في التاج (أتو) ، وأساس البلاغة (أتى) ، وبلا نسبة في اللسان (عنج، أتى) ، والمقاييس 1/52، 4/151، 152، والعين 8/146، والتهذيب 1/370، والتاج (عنج) .

وبعض القول ليس له عناج ... كمخض الماء ليس له إتاء وقال تأبّط شرّا- إن كان قالها-[1] : [من المديد] شامس في القرّ حتّى إذا ما ... ذكت الشّعرى فبرد وظلّ [2] وله طعمان: أري وشريّ ... وكلا الطّعمين قد ذاق كلّ [3] مسبل في الحيّ أحوى رفلّ ... وإذا يغدو فسمع أزلّ [4] ووراء الثأر منه ابن أخت ... مصع عقدته ما تحلّ مطرق يرشح سمّا، كما ... أطرق أفعى ينفث السمّ صلّ خبر ما نابنا مصمئلّ ... جلّ حتّى دقّ فيه الأجلّ [5] كلّ ماض قد تردّى بماض ... كسنا البرق إذا ما يسلّ [6] فاسقنيها يا سواد بن عمرو ... إنّ جسمي بعد خالي لخلّ وقال سلامة بن جندل [7] : [من الطويل] سأجزيك بالودّ الذي كان بيننا ... أصعصع إنّي سوف أجزيك صعصعا سأهدي وإن كنا بتثليث مدحة ... إليك وإن حلّت بيوتك لعلعا فإن يك محمودا أبوك فإنّنا ... وجدناك محمود الخلائق أروعا فإن شئت أهدينا ثناء ومدحة ... وإن شئت أهدينا لكم مائة معا فقال صعصعة بن محمود بن بشر بن عمرو بن مرثد: الثّناء والمدحة أحبّ إلينا. وكان أحمر بن جندل أسيرا في يده، فخلّى سبيله من غير فداء.

_ [1] الأبيات من قصيدة تنسب إلى تأبط شرّا، أو الشنفرى، أو خلف الأحمر، أو ابن أخت تأبط شرا في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي 832، وشرح ديوان الحماسة للتبريزي 2/162، والخزانة 3/332 (بولاق) ، وانظر ديوان الشنفرى في الطرائف الأدبية 39، الفقرة (حى) . [2] الشعرى: كوكب نيّر يطلع بعد الجوزاء، وطلوعه في شدة الحر. «اللسان: شعر» . [3] الأري: العسل. «القاموس: أري» . الشري: الحنظل أو شجره. «القاموس: شري» . [4] الرفل: الكثير اللحم. «القاموس: رفل» . السمع: ولد الذئب من الضبع. «القاموس: سمع» . الأزل: القليل لحم الفخذين. «القاموس: أزل» . [5] المصمئل؛ في القاموس: اصمأل: اشتد، والمصمئلة: الداهية. «القاموس: صمأل» . [6] أراد بالماضي الأول: الرجل الشديد، وبالماضي الثاني: السيف القاطع. [7] الأبيات في البيان والتبيين 3/318- 319.

577 -[أبيات تضاف إلى الإيجاز]

وقال أوس بن حجر، في هذا الشّكل من الشّعر- وهو يقع في باب الشّكر والحمد-[1] : [من الطويل] لعمرك ما ملّت ثواء ثويّها ... حليمة إذ ألقى مراسي مقعد [2] ولكن تلقت باليدين ضمانتي ... وحلّ بفلج فالقنافذ عوّدي [3] وقد غبرت شهري ربيع كليهما ... بحمل البلايا والخباء الممدّد ولم تلهها تلك التّكاليف؛ إنّها ... كما شئت من أكرومة وتخرّد [4] سأجزيك أو يجزيك عني مثوّب ... وحسبك أن يثنى عليك وتحمدي وقال أبو يعقوب الأعور [5] : [من الطويل] فلم أجزه إلّا المودّة جاهدا ... وحسبك منّي أن أودّ وأجهدا 577-[أبيات تضاف إلى الإيجاز] وأبيات تضاف إلى الإيجاز وحذف الفضول. قال بعضهم ووصف كلابا في حال شدّها وعدوها، وفي سرعة رفع قوائمها ووضعها- فقال [6] : [من الرجز] كأنّما ترفع ما لم يوضع ووصف آخر ناقة بالنشاط والقوّة فقال [7] : [من الرجز] خرقاء إلّا أنها صناع وقال الآخر [8] : [من الرجز] الليل أخفى والنهار أفضح

_ [1] ديوان أوس بن حجر 26، والبيان والتبيين 3/319 والأغاني 11/73، ومعاهد التنصيص 1/134، وشرح الأبيات التالية من ديوانه. [2] الثوي: الضيف. الثواء: الإقامة. ألقى مراسيه: استقر. [3] الضمانة: العاهة والداء. فلج والقنافذ: موضعان. العود: جمع عائد، وهو الذي يزور المريض. [4] التخرد: مصرد تخرّد؛ والخريدة من النساء: البكر التي لم تمس قط، وقيل: هي الحيية الطويلة السكوت؛ الخافضة الصوت؛ الخفرة المستترة: الأكرومة من «كرم» كالأعجوبة من «عجب» . [5] البيت للخريمي أبي يعقوب في ديوانه 22، والبيان والتبيين 3/320، ورسائل الجاحظ 1/305. [6] الرجز في محاضرات الأدباء 2/285، والصناعتين 79. [7] الرجز في الرسالة الموضحة 28، والبيان والتبيين 1/150، 3/72، والصناعتين 314، 419. [8] الرجز من الأمثال في مجمع الأمثال 1/255، وجمهرة الأمثال 2/72، والمستقصى 1/343، والدرة الفاخرة 1/172، 2/454، وهو في البيان والتبيين 1/151 وقبله: «إنك يا ابن جعفر لا تفلح» .

ووصف الآخر قوسا فقال [1] : [من الرجز] في كفّه معطية منوع وقال الآخر [2] : [من الرجز] ومهمه فيه السّراب يسبح ... كأنّما دليله مطوّح يدأب فيه القوم حتّى يطلحوا ... كأنّما باتوا بحيث أصبحوا ومثل هذا البيت الأخير قوله [3] : [من الكامل] وكأنّما بدر وصيل كتيفة ... وكأنّما من عاقل أرمام [4] ومثله [5] : [من المتقارب] تجاوزت حمران في ليلة ... وقلت قساس من الحرمل [6] ومن الباب الأوّل قوله [7] : [من المجتث] عادني الهمّ فاعتلج ... كلّ همّ إلى فرج وهذا الشّعر لجعيفران الموسوس. وقال الآخر [8] : [من الرجز] لم أقض من صحبة زيد أربي ... فتى إذا نبّهته لم يغضب أبيض بسّام وإن لم يعجب ... ولا يضن بالمتاع المحقب موكّل النّفس بحفظ الغيّب ... أقصى رفيقيه له كالأقرب

_ [1] الرجز للعكلي في البيان والتبيين 1/150، وديوان المعاني 2/59، وبلا نسبة في اللسان (ذوق) ، والتهذيب 9/263. [2] البيتان لمسعود أخي ذي الرمة في ديوان المعاني 2/128. [3] البيت لامرئ القيس في ديوانه 116. [4] في ديوانه: (كتيفة من بلاد باهلة. وعاقل: جبل قريب منها. أرمام: متباعد عنها. يقول: كأن هذه المواضع متصلة على تباعد ما بينها لسرعة سير ناقته) . [5] البيت لأوفى بن مطر الخزاعي في ذيل الأمالي 91، وبلا نسبة في التاج (حرمل) . [6] حمران: اسم موضع، وفي التاج «جمران» ، وفي ذيل الأمالي «ماوان» وهما موضعان، وكذلك قساس. [7] البيت في الأغاني 20/191، ورواية صدره: (لجّ ذا الهم واعتلج) . [8] الرجز لجرير في أمالي المرتضى 4/202، والأبيات (2، 3، 5، 6) بلا نسبة في عيون الأخبار 3/23.

578 -[شعر في الاتعاظ]

وقال دكين [1] : [من الرجز] وقد تعلّلت ذميل العنس ... بالسّوط في ديمومة كالتّرس إذ عرّج اللّيل بروج الشّمس وقال دكين أيضا [2] : [من الرجز] بموطن ينبط فيه المحتسي ... بالمشرفيّات نطاف الأنفس وقال الراجز [3] : [من الرجز] طال عليهنّ تكاليف السّرى ... والنّصّ في حين الهجير والضّحى حتّى عجاهنّ فما تحت العجى ... رواعف يخضبن مبيضّ الحصى [4] في هذه الأرجوزة يقول: وضحك المزن بها ثمّ بكى ومن الإيجاز المحذوف قول الراجز، ووصف سهمه حين رمى عيرا كيف نفذ سهمه، وكيف صرعه، وهو قوله [5] : [من الرجز] حتّى نجا من جوفه وما نجا 578-[شعر في الاتّعاظ] ومما يجوز في باب الاتّعاظ قول المرأة وهي تطوف بالبيت [6] : [من الرجز] أنت وهبت الفتية السّلاهب ... وهجمة يحار فيها الطّالب وغنما مثل الجراد السّارب ... متاع أيّام وكلّ ذاهب ومثله قول المسعوديّ: [من الكامل] أخلف وأنطف، كلّ شي ... ء زعزعته الريح ذاهب [7]

_ [1] الرجز لمنظور بن مرثد في المقاييس 4/13، ولمنظور بن حبة الأسدي في المؤتلف 104، وبلا نسبة في البيان والتبيين 3/334، واللسان والتاج (علل) ، وديوان الأدب 3/190، وزهر الآداب 458 (طبعة زكي مبارك) . [2] الرجز بلا نسبة في اللسان (رعس) . [3] الرجز بلا نسبة في البيان والتبيين 3/335. [4] العجى: جمع عجاية؛ وهي عصب مركب فيه فصوص من عظام تكون عند رسغ الدابة. «القاموس: عجي» . [5] الرجز في الرسالة الموضحة 29، والبيان والتبيين 1/150، 3/72، والصناعتين 406، 474. [6] الرجز بلا نسبة في البخلاء 165، والبيان والتبيين 3/194، 252، 4/69. [7] ورد البيت مع بيت آخر في البيان والتبيين 3/194، 252، 4/69، ورواية صدر البيت في المواضع الثلاثة (أخلف وأتلف كل شيء) .

579 -[شعر في الغزو]

وقال القدار وكان سيّد عنزة في الجاهلية: [من الكامل] أهلكت مهري في الرّهان لجاجة ... ومن اللّجاجة ما يضرّ وينفع قال: وسمعت عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر ينشد- وكان فصيحا: [من الطويل] إذا أنت لم تنفع فضرّ فإنّما ... يرجّى الفتى كيما يضرّ وينفعا [1] وقال الأخطل: [من البسيط] شمس العداوة حتّى يستفاد لهم ... وأعظم النّاس أحلاما إذا قدروا [2] وقال حارثة بن بدر: [من الطويل] طربت بفاثور وما كدت أطرب ... سفاها وقد جرّبت فيمن يجرّب [3] وجرّبت ماذا العيش إلّا تعلّة ... وما الدّهر إلّا منجنون يقلّب وما اليوم إلّا مثل أمس الذي مضى ... ومثل غد الجائي وكلّ سيذهب وقال حارثة بن بدر الغداني أيضا [4] : [من الطويل] إذا الهمّ أمسى وهو داء فألقه ... ولست بممضيه وأنت تعادله فلا تنزلن أمر الشديدة بامرئ ... إذا رام أمرا عوّقته عواذله وقل للفؤاد إن نزا بك نزوة ... من الرّوع أفرخ أكثر الرّوع باطله 579-[شعر في الغزو] وقال الحارث بن يزيد وهو جدّ الأحيمر السّعديّ وهو يقع في باب الغزو وتمدّحهم ببعد المغزى [5] : [من مجزوء الكامل] لا لا أعقّ ولا أحو ... ب ولا أغير على مضر

_ [1] البيت للنابغة الجعدي في ملحق ديوانه 246، وله أو للنابغة الذبياني في شرح شواهد المغني 1/507، ولهما أو لقيس بن الخطيم في الخزانة 8/498، والمقاصد النحوية 4/245، ولقيس ابن الخطيم في ملحق ديوانه 235، وللنابغة الذبياني في المقاصد النحوية 4/379، وشرح التصريح 2/3، وبلا نسبة في الخزانة 7/105، وشرح الأشموني 2/283 ومغني اللبيب 1/182. [2] ديوان الأخطل 201، واللسان (جشر، شمس) ، وبلا نسبة في أساس البلاغة (شمس) . [3] الفاثور: اسم موضع أو واد بنجد، معجم البلدان 4/224. [4] الأبيات في ديوان حارثة بن بدر الغداني 362، والبيان والتبيين 3/218، وأمالي المرتضى 1/381، وحماسة البحتري 11، وحماسة القرشي 130، والبيت الأول بلا نسبة في اللسان والتاج وأساس البلاغة (عدل) ، ومجمل اللغة 3/453، والتهذيب 2/213، والثالث له في البيان والتبيين 2/187، وبلا نسبة في اللسان والتاج وأساس البلاغة (فرخ) . [5] البيتان في البيان والتبيين 3/200، وأشعار اللصوص 1/92.

لكنّما غزوي إذا ... ضجّ المطيّ من الدّبر وقال ابن محفّض المازنيّ [1] : [من الطويل] إن تك درعي يوم صحراء كلية ... أصيبت فما ذاكم عليّ بعار [2] ألم تك من أسلابكم قبل ذاكم ... على وقبى يوما ويوم سفار [3] [فتلك سرابيل ابن داود بيننا ... عواريّ والأيام غير قصار] [4] ونحن طردنا الحيّ بكر بن وائل ... إلى سنة مثل الشّهاب ونار [5] وموم وطاعون وحمّى وحصبة ... وذي لبد يغشى المهجهج ضاري [6] وحكم عدوّ لا هوادة عنده ... ومنزل ذلّ في الحياة وعار وقال آخر [7] : [من الطويل] خذوا العقل إن أعطاكم القوم عقلكم ... وكونوا كمن سيم الهوان فأرتعا ولا تكثروا فيها الضّجاج فإنّه ... محا السّيف ما قال ابن دارة أجمعا وقال أبو ليلى [8] : [من الوافر] كأن قطاتها كردوس فحل ... مقلّصة على ساقي ظليم

_ [1] الأبيات لحريث بن سلمة بن مرارة بن محفّص في ذيل الأمالي 81، والأبيات (1- 2- 3) له في معجم البلدان 4/478 (كلية) . [2] في ذيل الأمالي: «يوم صحراء كلية: موضع وقعة كانت بينهم وبين بني بكر بن وائل» ، وفي معجم البلدان «كلية: هي من أودية العلاة باليمامة لبني تميم» . [3] في ذيل الأمالي: «الوقبى وكذلك سفار: ماء لبني مازن» . وفي معجم البدان 5/381، «الوقبى: ماء لبني مالك بن مازن لهم به حصن وكانت لهم به وقائع مشهورة، وهي على طريق المدينة من البصرة» . وفي معجم البلدان 3/223 «سفار- بوزن قطام- منهل قبل ذي قار بين البصرة والمدينة؛ وهو لبني مازن بن مالك بن عمرو وكان فيه يوم مشهور من أيام العرب بين بكر بن وائل وبني تميم» . [4] استدركت هذا البيت من ذيل الأمالي ومعجم البلدان. وفي ذيل الأمالي «السرابيل: الدروع لداود؛ فجعلها لسليمان» . وانظر ثمار القلوب (122) . [5] في ذيل الأمالي «قال أبو علي: سنة: أراد أسكناهم السواد؛ وهو بلد وباء» . [6] موم: الجدري الكثير. المهجهج: الذي يزجر السبع صائحا: هج هج. [7] البيتان للكميت بن معروف في ديوانه 195 (شعراء مقلون) ، والبيان والتبيين 1/389، والوحشيات 116، وحماسة البحتري 116، وله أو للكميت بن ثعلبة في اللسان (دور، قزع) ، والتاج (قزع) ، وللكميت في المستقصى 2/342، ومجمع الأمثال 2/279، وبلا نسبة في الحماسة البصرية 1/73- 75، وفصل المقال 26. [8] البيت لخالد بن الصقعب النهدي في كتاب الجيم 3/170.

580 -[شعر في السيادة]

580-[شعر في السيادة] وقال أبو سلمى [1] : [من الرجز] لابدّ للسّودد من أرماح ... ومن سفيه دائم النّباح ومن عديد يتّقى بالرّاح وقال الهذلي [2] : [من الوافر] وإنّ سيادة الأقوام فاعلم ... لها صعداء مطلبها طويل وقال حارثة بن بدر، وأنشده سفيان بن عيينة: [من الكامل] خلت الدّيار فسدت غير مسوّد ... ومن الشّقاء تفرّدي بالسّودد [3] 581-[شعر في هجاء السادة] وقال أبو نخيلة: [من الطويل] وإنّ بقوم سوّدوك لفاقة ... إلى سيّد، لو يظفرون بسيّد [4] وقال إياس بن قتادة، في الأحنف بن قيس: [من الطويل] وإنّ من السّادات من لو أطعته ... دعاك إلى نار يفور سعيرها [5] وقال حميضة بن حذيفة: [من الطويل] أيظلمهم قسرا فتبّا لسعيه ... وكل مطاع لا أبالك يظلم وقال آخر: [من الطويل] فأصبحت بعد الحلم في الحيّ ظالما ... تخمّط فيهم والمسوّد يظلم [6]

_ [1] الرجز بلا نسبة في البيان والتبيين 3/335، وأساس البلاغة (هرر) . [2] البيت للأعلم الهذلي في شرح أشعار الهذليين 323، وللهذلي في البيان والتبيين 1/275، 2/352، 3/218، وعيون الأخبار 1/226، وتهذيب اللغة 2/11، وأساس البلاغة (صعد) ، وبلا نسبة في اللسان والتاج (صعد) ، والجمهرة 654. [3] البيت في الأغاني 8/408، والبيان والتبيين 3/219، وربيع الأبرار 4/142، وأمالي المرتضى 2/53، لعمرو بن النعمان البياض في معجم البلدان 1/473 (بقيع الغرقد) ، ولرجل من خثعم في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1/333، وبلا نسبة في البيان والتبيين 3/336. [4] البيت لأبي نخيلة في البيان والتبيين 3/336، وبلا نسبة في البيان والتبيين 3/219. [5] البيت لإياس بن قتادة في البيان والتبيين 3/218، وبلا نسبة في البيان والتبيين 3/336. [6] البيت بلا نسبة في البيان والتبيين 3/336.

وكان أنس بن مدركة الخثعمي يقول: [من الوافر] عزمت على إقامة ذي صباح ... لأمر ما يسوّد من يسود [1] وقال الآخر: [من الوافر] كما قال الحمار لسهم رام ... لقد جمّعت من شيء لأمر وقال أبو حيّة: [من الطويل] إذا قلن كلّا قال والنّقع ساطع ... بلى، وهو واه بالجراء أباجله [2] وقال آخر: [من البسيط] إني رأيت أبا العوراء مرتفقا ... بشطّ دجلة يشري التمر والسمكا كشدّة الخيل تبقى عند مذودها ... والموت أعلم إذ قفّى بمن تركا هذه مساعيك في آثار سادتنا ... ومن تكن أنت ساعيه فقد هلكا وقال شتيم بن خويلد، أحد بني غراب بن فزارة [3] : [من المتقارب] وقلت لسيّدنا يا حليم ... إنّك لم تأس أسوا رفيقا [4] أعنت عديّا على شأوها ... تعادي فريقا وتبقي فريقا زحرت بها ليلة كلّها ... فجئت بها مؤيدا خنفقيقا [5] وقال ابن ميادة [6] : [من الطويل] أتيت ابن قشراء العجان فلم أجد ... لدى بابه إذنا يسيرا ولا نزلا

_ [1] البيت لأنس بن مدركة في الخزانة 3/87، 189، والدرر 1/312، 3/85، وشرح المفصل 3/12، ولأنس بن نهيك في اللسان (صبح) ، ولرجل من خثعم في شرح أبيات سيبويه 1/388، وبلا نسبة في الخزانة 6/119، والخصائص 3/32، والكتاب 1/227، والمقتضب 4/345، وهمع الهوامع 1/197، والبيان والتبيين 2/352، 3/218. [2] ديوان أبي حية النميري 71. [3] الأبيات في البيان والتبيين 1/181، ومعجم الشعراء 311، واللسان (خفق) ، والبرصان 351، والثالث في التاج (خفق) ، وهو بلا نسبة في اللسان (خنفق، ودن) ، والتاج (ودن) ، والإنصاف 453، والخزانة 5/170، وجمهرة اللغة 2/304، 3/401، والتهذيب 7/122، 633، وتذكرة النحاة 641. [4] قوله «يا حليم» هو من استعمال المدح مكان الذم، كقوله تعالى: ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ الدخان: 49، وهذا القول هزء منه، أي تزعم أنك حكيم وتخطئ هذا الخطأ. [5] في البيان «مؤيد: داهية. خنفقيق: داهية أيضا» . [6] ديوان ابن ميادة 197.

582 -[شعر في السيادة]

وإنّ الّذي ولّاك أمر جماعة ... لأنقص من يمشي على قدم عقلا 582-[شعر في السيادة] وقال آخر [1] : [من الوافر] ورثنا المجد عن آباء صدق ... أسأنا في ديارهم الصّنيعا إذا المجد الرّفيع تعاورته ... بناة السّوء أوشك أن يضيعا وقال الآخر [2] : [من الطويل] إذا المرء أثرى ثمّ قال لقومه ... أنا السّيّد المفضى إليه المعمّم ولم يعطهم خيرا أبوا أن يسودهم ... وهان عليهم رغمه وهو أظلم وقال الآخر [3] : [من الطويل] تركت لبحر درهميه ولم يكن ... ليدفع عنّي خلّتي درهما بحر فقلت لبحر خذهما واصطرفهما ... وأنفقهما في غير حمد ولا أجر أتمنع سؤال العشيرة بعد ما ... تسمّيت بحرا وأكنيت أبا الغمر وقال الهذليّ [4] : [من الطويل] وكنت إذا ما الدّهر أحدث نكبة ... أقول شوى، ما لم يصبن صميمي وقال آخر [5] في غير هذا الباب: [من الطويل] سقى الله أرضا يعلم الضّبّ أنّها ... بعيد من الأدواء طيّبة البقل بنى بيته في رأس نشز وكدية ... وكلّ امرئ في حرفة العيش ذو عقل 583-[أبو الحارث والبرذون] وحدّثني المكيّ قال: نظر أبو الحارث جمّين إلى برذون يستقى عليه ماء، فقال: [من الطويل] [وما] [6] المرء حيث يضع نفسه

_ [1] البيتان لمعن بن أوس في الأغاني 12/59، وبلا نسبة في عيون الأخبار 4/113. [2] البيتان للمغيرة بن حبناء في أمالي الزجاجي 18، وبلا نسبة في عيون الأخبار 1/248. [3] الأبيات بلا نسبة في عيون الأخبار 3/143، ومحاضرات الراغب 2/152، والعقد الفريد 2/275، وربيع الأبرار 3/9. [4] البيت للبريق الهذلي في شرح أشعار الهذليين 744، واللسان (شوا) ، والجمهرة 883، وبلا نسبة في المخصص 15/166، وأساس البلاغة (شوي) ، والأضداد 229. [5] البيتان لأعرابي في ربيع الأبرار 5/469. [6] الزيادة من البيان والتبيين 2/103، 3/228.

584 -[بين العقل والحظ]

هذا لو قد هملج لم يبتل يما ترى [1] ! 584-[بين العقل والحظ] وقال عبد العزيز بن زرارة الكلابي: [من الوافر] وما لبّ اللّبيب بغير حظّ ... بأغنى في المعيشة من فتيل رأيت الحظّ يستر كلّ عيب ... وهيهات الحظوظ من العقول 585-[هجو الخلف] وقال الآخر [2] : [من الكامل] ذهب الّذين أحبّهم سلفا ... وبقيت كالمقهور في خلف من كلّ مطويّ على حنق ... متضجّع يكفى ولا يكفي 586-[عبد العين] وقال آخر [3] : [من الطويل] ومولى كعبد العين أمّا لقاؤه ... فيرضى وأمّا غيبه فظنون ويقال للمرائي، ولمن إذا رأى صاحبه تحرّك له وأراه الخدمة والسرعة في طاعته فإذا غاب عنه وعن عينه خالف ذلك: «إنّما هو عبد عين» [4] . وقال الله عزّ وجلّ: وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ، وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً [5] . 587-[من إيجاز القرآن] وقد ذكرنا أبياتا تضاف إلى الإيجاز وقلّة الفضول، ولي كتاب جمعت فيه آيا من القرآن؛ لتعرف بها فصل ما بين الإيجاز والحذف، وبين الزّوائد والفضول

_ [1] في البيان والتبيين «لو هملج هذا البرذون لم يجعل للراوية» . [2] البيتان في البيان والتبيين، وهما للأحوص في 2/184، وبلا نسبة في 3/336. [3] البيت لجميل في ديوانه 208، وديوان المعاني 1/159، وبلا نسبة في البيان والتبيين 3/204، واللسان والتاج وأساس البلاغة (عين) ، وثمار القلوب 263 (502) . [4] مجمع الأمثال 2/397. [5] 75/آل عمران: 3.

588 -[رأي أعرابي في تثمير المال]

والاستعارات، فإذا قرأتها رأيت فضلها في الإيجاز والجمع للمعاني الكثيرة بالألفاظ القليلة على الّذي كتبته لك في باب الإيجاز وترك الفضول. فمنها قوله حين وصف خمر أهل الجنّة: لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ [1] وهاتان الكلمتان قد جمعتا جميع عيوب خمر أهل الدّنيا. وقوله عزّ وجل حين ذكر فاكهة أهل الجنّة فقال: لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ [2] جمع بهاتين الكلمتين جميع تلك المعاني. وهذا كثير قد دللتك عليه، فإن أردته فموضعه مشهور. 588-[رأي أعرابي في تثمير المال] وقال أعرابي من بني أسد: [من الطويل] يقولون ثمّر ما استطعت، وإنما ... لوارثه ما ثمّر المال كاسبه فكله وأطعمه وخالسه وارثا ... شحيحا ودهرا تعتريك نوائبه 589-[شعر في الهجاء] وقال رجل من بني عبس [3] : [من البسيط] أبلغ قرادا لقد حكّمتم رجلا ... لا يعرف النّصف بل قد جاوز النّصفا كان امرأ ثائرا والحقّ يغلبه ... فجانب السّهل سهل الحقّ واعتسفا وذاكم أنّ ذلّ الجار حالفكم ... وأنّ أنفكم لا يعرف الأنفا إنّ المحكّم ما لم يرتقب حسبا ... أو يرهب السّيف أو حدّ القنا جنفا [4] من لاذ بالسّيف لاقى قرضه عجبا ... موتا على عجل أو عاش منتصفا بيعوا الحياة بها إذ سام طالبها ... إمّا رواحا وإما متة أنفا ليس امرؤ خالدا والموت يطلبه ... هاتيك أجساد عاد أصبحت جيفا أبلغ لديك أبا كعب مغلغلة ... أنّ الذي بيننا قد مات أو دنفا

_ [1] 19/الواقعة: 56. [2] 33/الواقعة: 56. [3] البيتان الرابع والخامس في البيان والتبيين 1/311. [4] الجنف: الميل والجور. «القاموس: جنف» .

590 -[شعر في الحكم]

كانت أمور فجابت عن حلومكم ... ثوب العزيمة حتّى انجاب وانكشفا إنّي لأعلم ظهر الضّغن أعدله ... عنّي، وأعلم أنّي آكل الكتفا 590-[شعر في الحكم] وقال أسقف نجران [1] : [من الكامل] منع البقاء تصرّف الشمس ... وطلوعها من حيث لا تمسي وطلوعها بيضاء صافية ... وغروبها صفراء كالورس اليوم أعلم ما يجيء به ... ومضى بفصل قضائه أمس وقال عبيد بن الأبرص [2] : [من مخلع البسيط] وكلّ ذي غيبة يؤوب ... وغائب الموت لا يؤوب من يسأل النّاس يحرموه ... وسائل الله لا يخيب وعاقر مثل ذات رحم ... وغانم مثل من يخيب أفلح بما شئت فقد يبلغ بالضّ ... عف وقد يخدع الأريب المرء ما عاش في تكذيب ... طول الحياة له تعذيب وقال آخر [3] : [من الرجز] إذا الرّجال ولدت أولادها ... واضطربت من كبر أعضادها وجعلت أوصابها تعتادها ... فهي زروع قد دنا حصادها

_ [1] الأبيات لأسقف نجران في البيان والتبيين 3/342- 343، ومعاهد التنصيص 2/121، وثمار القلوب (374) ، والسمط 486، واللسان (أمس) ، والمقاصد النحوية 4/373، وله أو للقمقام ابن العباهل في معجم الشعراء 223، ولتبع بن الأقرن أو لراهب من نجران في الحماسة البصرية 2/406- 407، والمعارف 630، ولعابد من نجران في العقد الفريد 2/122 (مطبعة الاستقامة) ، ولبعض ملوك اليمن في الصناعتين 201، ولذي القرنين في التيجان 101، وأنشدها روح بن زنباع في ذيل الأمالي 31، وبلا نسبة في شرح قطر الندى 15، وشرح شذور الذهب 126- 127، وهمع الهوامع 1/209. [2] ديوان عبيد بن الأبرص 13- 15. [3] الرجز لعبدة بن الطبيب في الوحشيات 156، ولزر بن حبيش في أدب الدنيا والدين للماوردي 108 (1925 م) ، ولضرار بن عمرو الضبي في أمثال الضبي 166، وبلا نسبة في جمهرة الأمثال 2/246.

591 -[مرثية في محمد المخلوع]

591-[مرثية في محمد المخلوع] وقال بنت عيسى بن جعفر وكان مملكة لمحمد المخلوع حين قتل: [من المنسرح] أبكيك لا للنّعيم والأنس ... بل للمعالي والرّمح والفرس [1] أبكي على فارس فجعت به ... أرملني قبل ليلة العرس 592-[من نعت النساء] وقال سلم الخاسر: [من الطويل] تبدّت فقلت الشّمس عند طلوعها ... بجيد نقيّ الّلون من أثر الورس [2] فلما كررت الطّرف قلت لصاحبي ... على مرية: ما هاهنا مطلع الشمس! 593-[شعر رثاء] وقال الآخر [3] : [من الوافر] كفى حزنا بدفنك ثمّ أنّي ... نفضت تراب قبرك عن يديّا وكانت في حياتك لي عظات ... وأنت اليوم أوعظ منك حيّا

_ [1] البيتان لزوجة الخليفة الأمين لبابة بنت علي في مروج الذهب 4/297، ونزهة الجلساء 67، وللبانة بنت ريطة في العقد الفريد 3/204 (2/178) ، وشاعرات العرب 239، ومعجم الأديبات 414، ولامرأة بعض الملوك في البيان والتبيين 3/202. [2] البيتان في ديوانه 90، والحماسة البصرية 2/161، ونهاية الأرب 2/37. [3] البيتان لأبي العتاهية في ديوانه 679، والوحشيات 132، والبيان والتبيين 1/408، 3/258، ومجالس ثعلب 59، ومعاهد التنصيص 4/188، الأغاني 4/44، ومحاضرات الراغب 2/217.

باب من المديح بالجمال وغيره

باب من المديح بالجمال وغيره 594-[شعر في المديح] قال مزاحم العقيليّ: [من الطويل] يزين سنا الماويّ كلّ عشيّة ... على غفلات الزّين والمتجمّل [1] وجوه لو انّ المدلجين اعتشوا بها ... صدعن الدّجى حتّى ترى اللّيل ينجلي وقال الشّمردل: [من البسيط] إذا جرى المسك يندى في مفارقهم ... راحوا كأنهم مرضى من الكرم [2] يشبّهون ملوكا من تجلّتهم ... وطول أنضية الأعناق والأمم النضيّ: السّهم الذي لم يرش، يعني أن أعناقهم ملس مستوية، والأمم: القامات. وقال القتّال الكلابيّ [3] : [من البسيط] يا ليتني، والمنى ليست بنافعة ... لمالك أو لحصن أو لسيّار طوال أنضية الأعناق لم يجدوا ... ريح الإماء إذا راحت بأزفار

_ [1] ديوان مزاحم العقيلي 6، ومجالس ثعلب 229- 230، والبيان والتبيين 3/252، 4/69، واللسان (عشا، موا) ، وبلا نسبة في التاج واللسان (موه) ، والبيت الثاني في الوساطة 355. [2] البيتان للشمردل بن شريك في الشعر والشعراء 443 (ليدن) ، 708 (طبعة شاكر) ، وله أو لليلى الأخيلية في اللسان (أمم، نضا) ، ولليلى الأخيلية في ديوانها 118، واللسان (جلل، نصا) ، والتاج (نصا) ، وبلا نسبة في أمالي القالي 1/238، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1611، والتاج (نصا) ، والمقاييس 5/433، والمجمل 4/409. [3] ديوان القتال الكلابي 60، وأمالي القالي 2/223، والمعاني الكبير 520، والكامل 1/34 (طبعة المعارف) ، ونسب البيت الأول والثالث إلى رافع بن هريم في نوادر أبي زيد 22.

لم يرضعوا الدّهر إلا ثدي واضحة ... لواضح الوجه يحمي باحة الدّار وقال آخر: [من الطويل] إذا كان عقل قلتم إنّ عقلنا ... إلى الشّاء لم تحلل علينا الأباعر وإنّ امرأ بعدي يبادل ودّكم ... بودّ بني ذبيان مولى لخاسر أولئك قوم لا يهان هديّهم ... إذا صرّحت كحل وهبّت أعاصر [1] مذاليق بالخيل العتاق إذا عدوا ... بأيديهم خطّيّة وبواتر [2] وقال أبو الطّمحان القينيّ في المعنى الذي ذكرنا [3] : [من الطويل] كم فيهم من سيّد وابن سيّد ... وفيّ بعقد الجار، حين يفارقه يكاد الغمام الغرّ يرعد أن رأى ... وجوه بني لأم وينهلّ بارقه وقال لقيط بن زرارة [4] : [من الطويل] وإنّي من القوم الذين عرفتم ... إذا مات منهم سيّد قام صاحبه نجوم سماء كلما غار كوكب ... بدا كوكب تأوي إليه كواكبه أضاءت لهم أحسابهم ووجوههم ... دجى اللّيل حتّى نظّم الجزع ثاقبه [5] وقال بعض التميميّين، يمدح عوف بن القعقاع بن معبد بن زرارة: [من الطويل] بحقّ امرئ سرو عتيبة خاله ... وأنت لقعقاع وعمّك حاجب

_ [1] الهدي: الأسير، وقيل: الرجل ذو الحرمة، يأتي القوم يستجير بهم؛ أو يأخذ منهم عهدا، فهو ما لم يجر، أو يأخذ العهد هدي، فإذا أخذ العهد منهم فهو حينئذ جار لهم (اللسان 15/358- 359: هدي) . الكحل: السنة الشديدة «القاموس: كحل» . [2] مذاليق: جمع مذلاق؛ وهو السريع الجري «القاموس: ذلق» . [3] البيتان في البيان والتبيين 3/337، والثاني في عيون الأخبار 4/25، والشعر والشعراء 230 (ليدن) . [4] الأبيات للقيط بن زرارة في الشعر والشعراء 447 (ليدن) ، والبيت الثالث في عيون الأخبار 4/24، وتنسب الأبيات إلى أبي الطمحان القيني في الحماسة البصرية 1/161، والحماسة المغربية 609، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1598، والأغاني 13/9، وأمالي المرتضى 1/257، والكامل 1/31 (طبعة المعارف) ، والخزانة 8/95- 96، وديوان المعاني 1/22، والصناعتين 360، والمقاصد النحوية 1/567، واللسان (خضض) ، وأخبار أبي تمام 135، والسمط 236، وفي الشعر والشعراء 447 «وبعض الرواة ينحل هذا الشعر أبا الطمحان القيني، وليس كذلك؛ إنما هو للقيط» . [5] الجزع: ضرب من الخرز فيه سواد وبياض. «القاموس: جزع» .

595 -[شعر في الفخر]

دراري نجوم كلما انقضّ كوكب ... بدا كوكب ترفضّ عنه الكواكب وقال طفيل الغنويّ [1] : [من الطويل] وكان هريم من سنان خليفة ... وعمرو ومن أسماء لّما تغيّبوا نجوم ظلام كلما غاب كوكب ... بدا ساطعا في حندس اللّيل كوكب وقال الخريمي [2] ، يمدح بني خريم من آل سنان بن أبي حارثة: [من الطويل] بقيّة أقمار من الغرّ لو خبت ... لظلّت معدّ في الدّجى تتكسّع إذا قمر منهم تغوّر أو خبا ... بدا قمر في جانب الليل يلمع وقال بعض غنيّ [3] وهو يمدح جماعة إخوة، أنشدنيها أبو قطن الذي يقال له شهيد الكرم: [من البسيط] حبّر ثناء بني عمرو فإنّهم ... أولو فضول وأنفال وأخطار إن يسألوا الخير يعطوه، وإن جهدوا ... فالجهد يخرج منهم طيب أخبار وإن تودّدتهم لانوا، وإن شهموا ... كشفت أذمار حرب غير أغمار من تلق منهم تقل لاقيت سيّدهم ... مثل النّجوم التي يسري بها السّاري 595-[شعر في الفخر] وقال رجل من بني نهشل [4] : [من البسيط] إنّي لمن معشر أفنى أوائلهم ... قيل الكماة ألا أين المحامونا

_ [1] ديوان طفيل 38، 39، والبيان والتبيين 3/337، والثاني في أخبار أبي تمام 136، وأمالي المرتضى 1/186. [2] ديوان الخريمي 43، وبهجة المجالس 1/503، والأشباه والنظائر للخالديين 1/158، والبيت الثاني في ديوان المعاني 2/175، وأمالي المرتضى 1/258، وأخبار أبي تمام 126، 134، والموشح 323، وهو لأعرابي في ذيل الأمالي 121. [3] الأبيات للعرندس الكلابي في معجم الشعراء 173، وأمالي القالي 1/239، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1593، والحماسة المغربية 299، ولعبيد بن العرندس الكلابي في التنبيه للبكري 72، والسمط 546، والكامل 1/47 (طبعة المعارف) ، وبلا نسبة في ديوان المعاني 1/23، 41، والحماسة الشجرية 1/359، وانظر حاشية الحماسة المغربية 299. [4] الأبيات لنهشل بن حري في ديوانه 127 (شعراء مقلون) ، وعيار الشعر 104- 105، والشعر والشعراء 405 (ليدن) ، وزهر الآداب 1159، والأبيات لبشامة في عيون الأخبار 1/190، وله أو لبعض بني قيس بن ثعلبة في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي 100، ولأبي مخزوم النهشلي في الحماسة المغربية 727- 728، ولرجل من بني نهشل في البيان والتبيين 3/337.

596 -[شعر في المديح]

لو كان في الألف منّا واحد فدعوا ... من فارس خالهم إيّاه يعنونا وليس يذهب منّا سيّد أبدا ... إلّا افتلينا غلاما سيّدا فينا 596-[شعر في المديح] وفي المعنى الأوّل يقول النّابغة الذّبيانيّ [1] : [من الطويل] وذاك لأنّ الله أعطاك سورة ... ترى كلّ ملك دونها يتذبذب بأنّك شمس والملوك كواكب ... إذا طلعت لم يبد منهنّ كوكب وفي غير ذلك من المديح يقول الشاعر [2] : [من الكامل] وأتيت حيّا في الحروب محلّهم ... والجيش باسم أبيهم يستهزم وفي ذلك يقول الفرزدق [3] : [من الطويل] لتبك وكيعا خيل ليل مغيرة ... تساقى السّمام بالرّدينيّة السّمر لقوا مثلهم فاستهزموهم بدعوة ... دعوها وكيعا والرّماح بهم تجري وأما قول الشاعر: [من الرجز] تخامل المحتد أو هزام فإنّما ذهب إلى أنّ الدّعوة إذا قام بها خامل الذّكر والنسب فلا يحسده من أكفائه أحد وأما إذا قام بها مذكور بيمن النّقيبة، وبالظّفر المتتابع، فذلك أجود ما يكون، وأقرب إلى تمام الأمر. وقال الفرزدق [4] : [من الطويل] تصرّم منّي ودّ بكر بن وائل ... وما كان ودّي عنهم يتصرّم قوارص تأتيني ويحتقرونها ... وقد يملأ القطر الأناء فيفعم

_ [1] ديوان النابغة الذبياني 73، وديوان المعاني 1/15- 16، وعيار الشعر 34، والأول في اللسان والتاج (سور) ، والجمهرة 174، 723، والتهذيب 13/49. [2] البيت لخزر بن لوذان في الوساطة 364، وبلا نسبة في ديوان المعاني 1/145 وفيه «أنشدناه أبو أحمد عن العبشمي عن المبرد» . [3] ديوان الفرزدق 246، ورسائل الجاحظ 2/286، وديوان المعاني 1/145. والثاني في الوساطة 364. [4] البيتان في عيون الأخبار 2/16.

597 -[خير القصائد]

وقال الفرزدق [1] : [من الطويل] وقالت أراه واحدا لا أخا له ... يؤمّله في الوارثين الأباعد لعلّك يوما أن تريني كأنّما ... بنيّ حواليّ الأسود الحوارد [2] فإنّ تميما قبل أن يلد الحصى ... أقام زمانا وهو في الناس واحد وقال الفرزدق أيضا [3] : [من الطويل] فإن كان سيف خان أو قدر أتى ... لميقات يوم حتفه غير شاهد فسيف بني عبس وقد ضربوا به ... نبا بيدي ورقاء عن رأس خالد كذاك سيوف الهند تنبو ظباتها ... ويقطعن أحيانا مناط القلائد [4] 597-[خير القصائد] وإن أحببت أن تروي من قصار القصائد شعرا لم يسمع بمثله، فالتمس ذلك في قصار قصائد الفرزدق؛ فإنك لم تر شاعرا قطّ يجمع التّجويد في القصار والطّوال غيره. وقد قيل للكميت: إن النّاس يزعمون أنّك لا تقدر على القصار! قال [5] : من قال الطّوال فهو على القصار أقدر. هذا الكلام يخرج في ظاهر الرّأي والظّن، ولم نجد ذلك عند التّحصيل على ما قال. وقيل لعقيل بن علّفة: لم لا تطيل الهجاء؟ قال [6] : «يكفيك من القلادة ما أحاط بالعنق» .

_ [1] الأبيات للفرزدق في ديوانه 172، 1/146 (طبعة دار صادر) ، وعيون الأخبار 4/123، ولابن عنقاء الفزاري في معجم الشعراء 199، ومعاهد التنصيص 1/304، والثاني في أساس البلاغة (حرر) ، والمجمل 2/56، وبلا نسبة في المقاييس 2/52، والجمهرة 501. [2] الحوارد: جمع حارد، وهو الرجل المتنحي المعتزل والغضبان: «اللسان حرد» ، ورواية البيت في الديوان: (فإني عسى أن تبصريني كأنما ... بنيّ حوالي الأسود اللوابد) . [3] الأبيات في الأغاني 15/343- 344، والنقائض 384، والعمدة 1/189- 190 «باب في البديهة والارتجال» . والوساطة 437. [4] الظّبة: حد السيف. «القاموس: ظبو» . [5] في البيان والتبيين 1/207، والعمدة 1/188 «باب في القطع والطوال» : (ولاموا الكميت بن زيد على الإطالة، فقال: أنا على القصار أقدر) . [6] البيان والتبيين 1/207، 2/68، 3/165، والأغاني 21/358، والعمدة 1/187، ونهاية

598 -[شعر مختار]

وقيل لجرير: إلى كم تهجو النّاس؟ قال [1] «إنّي لا أبتدي، ولكنّي أعتدي» . وقيل له: لم لا تقصّر؟ قال: «إن الجماح يمنع الأذى» . 598-[شعر مختار] قال عبيد بن الأبرص [2] : [من الكامل] نبّئت أنّ بني جديلة أوعبوا ... نفراء من سلمى لنا وتكتبوا [3] ولقد جرى لهم فلم يتعيّفوا ... تيس قعيد كالهراوة أعضب [4] وأبو الفراخ على خشاش هشيمة ... متنكّب إبط الشّمائل ينعب [5] فتجاوزوا ذاكم إلينا كلّه ... عدوا وقرطبة فلما قرّبوا [6] طعنوا بمرّان الوشيج فما ترى ... خلف الأسنة غير عرق يشخب [7] وتبدّلوا اليعبوب بعد إلههم ... صنما ففرّوا يا جديل وأعذبوا [8] وقال آخر: [من الطويل] ألم تر حسّان بن ميسرة الذي ... بجوخى إلى جيرانه كيف يصنع متاريب ما تنفكّ منهم عصابة ... إليه سراعا يحصدون ويزرع [9] -

_ الأرب 3/27، وزهر الآداب 694 (طبعة مبارك) ، وهو من الأمثال في المستقصى 2/62، ومجمع الأمثال 1/196، والأمثال لمجهول 57. [1] البيان والتبيين 3/165. [2] ديوان عبيد بن الأبرص 2- 3 وشرح الأبيات التالية في ديوانه. [3] أوعبوا: نفروا جميعا ولم يتخلف منهم أحد. تكتبوا: صاروا كتائب. بنو جديلة: حي من طيء. سلمي: أحد جبلي طيء. [4] تعيفوا من العيافة، وهي هنا التشاؤم. التيس: الذكر من الظباء. القعيد: الذي يأتي من الخلف، وهو يتشاء به. الأعضب: المكسور أحد القرنين. [5] أبو الفراخ: الغراب. الخشاش: كل ما لا عظم له من الدواب. الهشيمة: الشجرة اليابسة. متنكب: مجتنب. [6] ذاكم: عنى به التعيف والزجر. القرطبة: العدو الشديد. [7] المران: الرماح الصلبة اللدنة، جمع مرانة. الوشيج: شجر الرماح. يشخب: يسيل دمه. [8] اليعبوب: صنم لجديلة. وفي الديوان (فقرّوا) مكان (ففروا) . [9] متاريب: جمع مترب، وهي كلمة من الأضداد تعني الذي قلّ ماله والذي كثر ماله. انظر القاموس «ترب» ، والأضداد 380.

599 -[شعر في معنى قوله: يريد أن يعربه فيعجمه]

599-[شعر في معنى قوله: يريد أن يعربه فيعجمه] وباب آخر مثل قوله [1] : [من الرجز] يريد أن يعربه فيعجمه وقال آخر: [من الرجز] كأنّ من يحفظها يضيعها وقال آخر: [من الرجز] أهوج لا ينفعه التثّقيف وقال بعض المحدثين [2] في هذا المعنى: [من الطويل] إذا حاولوا أن يشعبوها رأيتها ... مع الشّعب لا تزداد إلا تداعيا وقال صالح بن عبد القدّوس [3] : [من السريع] والشيخ لا يترك أخلاقه ... حتّى يوارى في ثرى رمسه إذا ارعوى عاد إلى جهله ... كذي الضّنا عاد إلى نكسه ومثل هذا قوله [4] : [من الكامل] وتروض عرسك بعد ما هرمت ... ومن العناء رياضة الهرم وقال حسيل بن عرفطة [5] : [من الطويل] ليهنيك بغض في الصّديق وظنة ... وتحديثك الشّيء الذي أنت كاذبه وأنك مشنوء إلى كلّ صاحب ... قلاك ومثل الشّرّ يكره جانبه

_ [1] الرجز للحطيئة في ديوانه 291، والأغاني 2/196، ولرؤية في ملحق ديوانه 186، واللسان (عجم) ، ولهما في التاج (عجم) . [2] البيت لمحمد بن يسير الرياشي في ديوانه 128. وعيون الأخبار 3/266، وبلا نسبة في البخلاء 222. [3] البيتان لصالح بن عبد القدوس في طبقات ابن المعتز 89، والحماسة البصرية 2/40، وأمالي المرتضى 1/101، والأول في الأغاني 14/177، ضمن أخبار علي بن الخليل، والثاني بلا نسبة في اللسان (ضنى) ، والعين 2/240، 7/60. [4] البيت لمالك بن دينار في أمالي القالي 2/51، والأمثال في مجمع الأمثال 2/301، وجمهرة الأمثال 2/279، والمستقصى 2/249، وفصل المقال 182، والأمثال لابن سلام 121. [5] الأبيات في البيان والتبيين 3/249، وبلا نسبة في رسائل الجاحظ 2/339.

600 -[كلمة للزبرقان]

وأنّك مهداء الخنا نطف النثا ... شديد السّباب رافع الصوت غالبه [1] فلم أر مثل الجهل يدعو إلى الرّدى ... ولا مثل بغض النّاس غمّض صاحبه 600-[كلمة للزّبرقان] وقال الأصمعي: قال الزّبرقان بن بدر: خصلتان كبيرتان في امرئ السّوء: شدّة السّباب، وكثرة اللّطام. 601-[تمجيد الأقارب] وقال خالد بن نضلة [2] : [من الطويل] لعمري لرهط المرء خير بقية ... عليه ولو عالوا به كلّ مركب من الجانب الأقصى وإن كان ذا ندى ... كثير ولا ينبيك مثل المجرّب إذا كنت في قوم عدا لست منهم ... فكل ما علفت من خبيث وطيّب فإن تلتبس بي خيل دودان لا أرم ... وإن كنت ذا ذنب وإن غير مذنب 602-[بكل واد بنو سعد] قال: ولمّا تأذّى الأضبط بن قريع في بني سعد تحوّل عنهم إلى آخرين فآذوه فقال: بكلّ واد بنو سعد [3] ! 603-[مقطّعات شتّى] وقال سحيم بن وثيل [4] : [من الطويل] ألا ليس زين الرّحل قطع ونمرق ... ولكنّ زين الرّحل يا ميّ راكبه [5]

_ [1] النطف: المتهم المريب «القاموس: نطف» . النثا: ما أخبرت به عن الرجل من حسن أو سيء «القاموس: نثا» . [2] الأبيات لخالد بن نضلة الحجواني؛ أو لزرافة بن سبيع الأسدي، انظر الحماسة البصرية 2/56، وحاشية المحقق فيها، والبيت الثالث للحماسي في أساس البلاغة (علف) ، وبلا نسبة في المجمل 3/457، واللسان والتاج (عدا) ، والتهذيب 3/110، والمخصص 12/52، 15/82. وانظر الأبيات في الفقرة (902) . [3] البيان والتبيين 3/294، والبخلاء 189، ومجمع الأمثال 1/105، وجمهرة الأمثال 1/61. [4] البيت لسحيم بن وثيل في عيون الأخبار 1/297، ولمضرس بن ربعي في معجم الشعراء 307. [5] القطع: البساط «القاموس: قطع» . نمرق: الوسادة الصغيرة «القاموس: نمرق» .

وقال أعرابيّ [1] : [من الطويل] فما وجد ملواح من الهيم خلّئت ... عن الماء حتّى جوفها يتصلصل [2] تحوم وتغشاها العصيّ وحولها ... أقاطيع أنعام تعلّ وتنهل بأكثر منّي غلّة وتعطّفا ... إلى الورد، إلّا أنّني أتجمّل وقال خالد بن علقمة ابن الطّيفان، في عيب أخذ العقل والرّضا بشيء دون الدّم، فقال [3] : [من الطويل] وإنّ الّذي أصبحتم تحلبونه ... دم غير أنّ اللّون ليس بأحمرا فلا توعدوا أولاد حيّان بعدما ... رضيتم وزوّجتم سيالة مسهرا [4] وأعجب قرد يقصم القمل حالقا ... إذا عبّ في البقية بربرا إذا سكبوا في القعب من ذي إنائهم ... رأوا لونه في القعب وردا وأشقرا

_ [1] الأبيات بلا نسبة في البيان والتبيين 3/55. [2] الهيم: الإبل العطاش «القاموس: هيم» . حلئت: منعت من الماء «القاموس: حلأ» . [3] الأبيات في الوحشيات 81، والأول بلا نسبة في السمط 673. [4] في الوحشيات (رضيتم وزوجتم سبالا مشعّرا) .

باب آخر في ذكر الغضب، والجنون، في المواضع التي يكون فيها محمودا

باب آخر في ذكر الغضب، والجنون، في المواضع التي يكون فيها محمودا 604-[شعر في الجنون] قال الأشهب بن رميلة [1] : [من الطويل] هرّ المقادة من لا يستقيد لها ... واعصوصب السّير وارتدّ المساكين [2] من كلّ أشعث قد مالت عمامته ... كأنّه من ضرار الضّيم مجنون وقال في شبيه ذلك أبو الغول الطّهويّ [3] : [من الوافر] فدت نفسي وما ملكت يميني ... معاشر صدّقت فيهم ظنوني معاشر لا يملّون المنايا ... إذا دارت رحى الحرب الطّحون ولا يجزون من خير بشر ... ولا يجزون من غلظ بلين ولا تبلى بسالتهم وإن هم ... صلوا بالحرب حينا بعد حين هم أحموا حمى الوقبى بضرب ... يؤلّف بين أشتات المنون [4] فنكّب عنهم درء الأعادي ... وداووا بالجنون من الجنون وقال ابن الطّثريّة [5] : [من البسيط] لو أنّني لم أنل منكم معاقبة ... إلا السّنان لذاق الموت مظعون أو لا ختطبت فإني قد هممت به ... بالسّيف إن خطيب السّيف مجنون

_ [1] البيتان في ديوانه 244. [2] هرّ: كره «القاموس: هرّ» . المقادة: القود، وهو نقيض السوق «القاموس: قود» . [3] الأبيات لأبي الغول الطهوي في الأمالي 1/260، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 39- 40، والسمط 580، والخزانة 6، 433، 8/314، والأبيات (1، 2، 5) في معجم البلدان 5/380 (الوقبى) ، و (1، 2) في شرح المفصل 5/55، و (3، 5، 6) في الشعر والشعراء 256- 257 (طبعة ليدن) ، والثالث في اللسان (سوا) ، والرابع في اللسان (صلا) ، و (1، 2) بلا نسبة في الخصائص 2/121. [4] الوقبى: ماء لبني مالك بن مازن بن مالك، وكانت لهم به وقائع مشهورة، وهو على طريق المدينة من البصرة. معجم البلدان 5/380 (الوقبى) . [5] ديوان ابن الطثرية 107.

وقال آخر [1] : [من الكامل] حمراء تامكة السّنام كأنّها ... جمل بهودج أهله مظعون [2] جادت بها يوم الوداع يمينه ... كلتا يدي عمرو الغداة يمين ما إن يجود بمثلها في مثله ... إلّا كريم الخيم أو مجنون [3] وفي هذا المعنى يقول حسّان، أو ابنه عبد الرحمن بن حسّان [4] : [من الخفيف] إنّ شرخ الشّباب والشّعر الأس ... ود ما لم يعاص كان جنونا إن يكن غثّ من رقاش حديث ... فبما نأكل الحديث سمينا وفي شبيه بذلك قول الشّنفرى [5] : [من الطويل] فدقّت وجلّت واسبكرّت وأكملت ... فول جنّ إنسان من الحسن جنّت وقال القطاميّ [6]- حين وصف إفراط ناقته في المرح والنّشاط: [من البسيط] يتبعن سامية العينين تحسبها ... مجنونة أو ترى ما لا ترى الإبل وقال ابن أحمر [7] ، في معنى التشبيه والاشتقاق: [من الوافر] بهجل من قسا ذفر الخزامى ... تداعى الجربياء به الحنينا [8]

_ [1] الأبيات لجميل في ديوانه 198، والبرصان 349، ولابن الطثرية في ديوانه 106، ولعبيد بن أيوب في أشعار اللصوص 1/232، 233، والبيت الثالث لعبيد بن أيوب في الرسالة الموضحة 38، وأخبار أبي تمام 33، والأبيات بلا نسبة في الوحشيات 268. [2] التامكة: الناقة العظيمة السنام «القاموس: تمك» . [3] الخيم: السجية «القاموس: خيم» . [4] البيتان لحسان بن ثابت في ديوانه 473، والأول في اللسان والتاج (شرخ) ، والجمهرة 92، 585، والتهذيب 7/81، وديوان الأدب 1/101، وبلا نسبة في المقاييس 3/269، والمخصص 1/38، والثاني في اللسان والتاج (ما) ، والتهذيب 15/628. [5] البيت للشنفرى في المفضليات 109، وشرح اختيارات المفضل 519، ورسائل الجاحظ 2/98، والبيان والتبيين 3/224، واللسان (جنن) ، والأغاني 21/187. [6] ديوان القطامي 27. [7] ديوان ابن أحمر 159، والبيان والتبيين 3/223، ومعجم البلدان (قسا) ، والجمهرة 289، والأول في اللسان (قسأ، فقأ، جرب، ذفر، قسا، هجل) ، والجمهرة 266، والتاج (فقأ، قسأ، جرب، ذفر، هجل، جنن) ، وبلا نسبة في المخصص 11/207، 15/201، والثاني في السان (فقأ، خوز، قلع، جنن) ، والتاج (فقأ، قسأ، جرب، خوز، قلع، جنن) ، والخزانة 6/442، وإصلاح المنطق 44. [8] الهجل: المطمئن من الأرض «القاموس: هجل» . الجربياء: الريح الشمالية الباردة «القاموس جرب» . الحنين: صوت الريح «القاموس: حنّ» .

605 -[إبراهيم بن هانئ والشعر]

تفقّأ فوقه القلع السّواري ... وجنّ الخازباز به جنونا [1] وفي مثل ذلك يقول الأعشى [2] : [من الخفيف] وإذا الغيث صوبه وضع القد ... ح وجنّ التّلاع والآفاق لم يزدهم سفاهة نشوة الخم ... ر ولا اللهو فيهم والسّباق وقال آخر في باب المزاح والبطالة، مما أنشدنيه أبو الأصبغ بن ربعيّ: [من الطويل] أتوني بمجنون يسيل لعابه ... وما صاحبي إلّا الصّحيح المسلّم 605-[إبراهيم بن هانئ والشعر] وأنشدني إبراهيم بن هانئ، وعبد الرحمن بن منصور: [من الطويل] جنونك مجنون ولست بواجد ... طبيبا يداوي من جنون جنون وكان إبراهيم بن هانئ لا يقيم شعرا ولا أدري كيف أقام هذا البيت! وكان يدّعى بحضرة أبي إسحاق علم الحساب، والكلام، والهندسة، واللحون، وأنه يقول الشعر؛ فقال أبو إسحاق: نحن لم نمتحنك في هذه الأمور، فلك أن تدّعيها عندنا. كيف صرت تدّعي قول الشعر، وأنت إذا رويته لغيرك كسرته؟! قال: فإنّي هكذا طبعت، أن أقيمه إذا قلت، وأكسره إذا أنشدت! قال أبو إسحاق: ما بعد هذا الكلام كلام! 606-[جواب أعرابي في شدة الغلمة] وقلت لأعرابيّ، أيّما أشدّ غلمة: المرأة أو الرجل؟ فأنشد [3] : [من الطويل] فو الله ما أدري وإنّي لسائل ... ألأير أدنى للفجور أو الحر وقد جاء هذا مرخيا من عنانه ... وأقبل هذا فاتحا فاه يهدر 607-[مقطعات شتى] وأنشد بعضهم [4] : [من الخفيف] أصبح الشّيب في المفارق شاعا ... واكتسى الرأس من بياض قناعا

_ [1] القلع: قطع من السحاب «القاموس: قلع» . [2] ديوان الأعشى 265. [3] البيتان في محاضرات الأدباء 2/118 (3/261) وفيه (قيل لقطرب: أيهما أسرع على المباضعة؛ الأير أم الحر؟ فقال ... ) . [4] البيتان بلا نسبة في البيان والتبيين 2/334.

ثم ولّى الشّباب إلّا قليلا ... ثم يأبى القليل إلّا نزاعا وأنشد محمد بن يسير [1] : [من المنسرح] قامت تخاصرني لقبّتها ... خود تأطّر ناعم بكر [2] كلّ يرى أنّ الشّباب له ... في كل مبلغ لذّة عذر وقال الآخر في خلاف ذلك، أنشدنيه محمد بن هشام السّدري: [من الطويل] فلا تعذراني في الإساءة إنّه ... أشرّ الرّجال من يسيء فيعذر [3] وقال ابن فسوة [4] : [من الطويل] فليت قلوصي عرّيت أو رحلتها ... إلى حسن في داره وابن جعفر إلى معشر لا يخصفون نعالهم ... ولا يلبسون السّبت ما لم يحضّر [5] وقال الطّرمّاح بن حكيم، وهو أبو نفر [6] : [من الطويل] لقد زادني حبّا لنفسي أنّني ... بغيض إلى كلّ امرئ غير طائل إذا ما رآني قطّع الطّرف بينه ... وبيني فعل العارف المتجاهل ملأت عليه الأرض حتّى كأنّها ... من الضّيق في عينيه كفّة حابل وقال آخر: [من الوافر] إذا أبصرتني أعرضت عنّي ... كأنّ الشّمس من قبلي تدور وقال الخريمي [7] وذكر عماه: [من المنسرح] أصغي إلى قائدي ليخبرني ... إذا النقينا عمّن يحيّيني

_ [1] البيتان لمحمد بن يسير الرياشي في ديوانه 139، والبيان والتبيين 1/198 وفيه «وأنشدني محمد ابن يسير للأحوص بن محمد» ، وبلا نسبة في البيان والتبيين 3/341، وهما لمحمد بن بشير في المحب والمحبوب 4/380، وانظر ديوان الأحوص 113، المقطوعة رقم 42. [2] في البيان والتبيين 1/198 «تخاصرني: آخذ بيدها وتأخذ بيدي. والقنة: الموضع الغليظ من الأرض في صلابة. والخود: الحسنة الخلق. تأطر: تتثنى. والغادة: الناعمة اللينة» . [3] البيت في أدب الدنيا والدين للماوردي 31، وروضة المحبين 57. [4] البيتان لعتيبة بن مرداس المعروف بابن فسوة في الأغاني 22/230، والبيان والتبيين 3/109، والأول في الشعر والشعراء 218. [5] السّبت: جلود البقر: وكل جلد مدبوغ «القاموس: سبت» ، وأراد الشاعر هنا النعال. [6] ديوان الطرماح 346- 347، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 227- 228. [7] ديوان الخريمي 61، ونكت الهميان 71، وربيع الأبرار 5/116- 117، وعيون الأخبار 4/57، ومعاهد التنصيص 1/253، والشعر والشعراء 543.

608 -[شعر لأعرابي في الخصب والجدب]

أريد أن أعدل السّلام وأن ... أفصل بين الشّريف والدّون اسمع ما لا أرى فأكره أن ... أخطئ، والسّمع غير مأمون لله عيني التي فجعت بها ... لو أنّ دهرا بها يواتيني لو كنت خيّرت ما أخذت بها ... تعمير نوح في ملك قارون وقال بعض القدماء [1] : [من الوافر] ألم تر حوشبا أضحى يبنّي ... قصورا نفعها لبني بقيله يؤمّل أن يعمّر عمر نوح ... وأمر الله يحدث كلّ ليله وقال ابن عبّاس بعد ما ذهب بصره [2] : [من البسيط] إن يأخذ الله من عينيّ نورهما ... ففي لساني وقلبي منهما نور قلبي ذكيّ وعقلي غير ذي دخل ... وفي فمي صارم كالسّيف مأثور وقال حسّان يذكر بيان ابن عبّاس [3] : [من الطويل] إذا قال لم يترك مقالا ولم يقف ... لعيّ ولم يثن اللّسان على هجر يصرّف بالقول اللسان إذا انتحى ... وينظر في أعطافه نظر الصّقر 608-[شعر لأعرابي في الخصب والجدب] وقال بعض الأعراب [4] يذكر الخصب والجدب: [من الطويل] مطرنا فلمّا أن روينا تهادرت ... شقاشق فيها رائب وحليب ورامت رجالا من رجال ظلامة ... وعدّت ذحول بينهم وذنوب

_ [1] البيتان أنشدهما أبو العباس متمثلا؛ وهما في معجم البلدان 3/46 (رصافة أبي العباس) ، وعيون الأخبار 1/211، 314، والوحشيات 174، والأغاني 21/120، والأنوار ومحاسن الأشعار 2/96، وأساس البلاغة (بنى) . [2] البيتان لابن عباس في نكت الهميان 71 نقلا عن الجاحظ، وعيون الأخبار 4/56، ومعاهد التنصيص 1/87، وربيع الأبرار 5/116، والشعر والشعراء 543، وهما لحسان بن ثابت في ديوانه 221، وذيل الأمالي 15، وهما لأبي العيناء في معجم الأدباء 18/203. [3] لم يرد البيتان في ديوان حسان بن ثابت، وهما في معجم الأدباء 6/189. [4] الأبيات لأعرابي في ديوان المعاني 2/45، والإمتاع والمؤانسة 1/196، وانظر المخصص 10/180.

609 -[شعر لأنس بن أبي إياس]

ونصّت ركاب للصّبا فتروّحت ... لهنّ بما هاج الحبيب خبيب [1] وطنّ فناء الحيّ حتّى كأنّه ... رحى منهل من كرّهنّ نحيب بني عمّنا لا تعجلوا، ينضب الثّرى ... قليلا ويشفى المترفين طبيب فلو قد تولّى النّبت وامتيرت القرى ... وحنّت ركاب الحيّ حين تثوب وصار غبوق الخود وهي كريمة ... على أهلها، ذو جدّتين مشوب [3] وصار الّذي في أنفه خنزوانة ... ينادى إلى هادي الرّحى فيجيب [3] أولئك أيّام تبيّن ما الفتى ... أكاب سكيت أم أشمّ نجيب 609-[شعر لأنس بن أبي إياس] وقال: ولما ولي حارثة بن بدر سرّق، كتب إليه أنس بن أبي إياس الدّؤلي [4] : [من الطويل] أحار بن بدر قد وليت ولاية ... فكن جرذا فيها تخون وتسرق وباه تميما بالغنى إنّ للغنى ... لسانا به المرء الهيوبة ينطق ولا تحقرن يا حار شيئا ملكته ... فحظّك من ملك العراقين سرّق فإنّ جميع النّاس إمّا مكذّب ... يقول بما يهوى، وإمّا مصدّق يقولون أقوالا ولا يعرفونها ... ولو قيل هاتوا حقّقوا لم يحقّقوا وقال بعض الأعراب: [من الطويل] فلمّا رأينا القوم ثاروا بجمعهم ... رعينا الحديث وهو فيهم مضيّع وأدركنا من عزّ قيس حفيظة ... ولا خير فيمن لا يضرّ وينفع 610-[أقوال مأثورة] ويقال إنّ رجلا قال لبعض السّلاطين: الدّنيا بما فيها حديث، فإن استطعت أن تكون من أحسنها حديثا فافعل!

_ [1] خبيب: سرعة الجري «القاموس: خبّ» . [2] الغبوق: ما يشرب بالعشي «القاموس: غبق» الخود: الشابة الحسنة الخلق «القاموس: خود» . [3] الخنزوانة: الكبر. هادي الرحى: مقبضها. [4] الأبيات لأنس الدؤلي في عيون الأخبار 1/58، وأمالي المرتضى 2/49- 51، ومعجم البلدان (سرق) ، ومحاضرات الراغب 1/83، وزهر الآداب 986 (طبعة زكي مبارك) .

611 -[السواد والبياض في البادية]

وقال حذيفة بن بدر لصاحبه يوم جفر الهباءة [1] ، حين أعطاهم بلسانه ما أعطى: إيّاك والكلام المأثور [2] . وأنشد الأصمعي: [من الخفيف] كلّ يوم كأنّه يوم أضحى ... عند عبد العزيز أو يوم فطر وقال: وذكر لي بعض البغداديّين أنّه سمع مدنيّا مرّ بباب الفضل بن يحيى- وعلى بابه جماعة من الشعراء- فقال [3] : [من الخفيف] ما لقينا من جود فضل بن يحيى ... ترك النّاس كلّهم شعراء وقال الأصمعي: قال لي خلف الأحمر: الفارسيّ إذا تظرّف تساكت، والنّبطيّ إذا تظرّف أكثر الكلام. وقال الأصمعيّ: قال رجل لأعرابيّ: كيف فلان فيكم؟ قال: مرزوق أحمق! قال: هذا الرّجل الكامل. قال: وقال أعرابيّ لرجل: كيف فلان فيكم؟ قال: غنيّ حظيّ، قال: هذا من أهل الجنّة! 611-[السواد والبياض في البادية] الأصمعيّ قال: أخبرني جوسق قال: كان يقال بالبدو: «إذا ظهر البياض قلّ السّواد، وإذا ظهر السّواد قلّ البياض» . قال الأصمعيّ: يعني بالسّواد التّمر، وبالبياض اللّبن والأقط [4] ، يقول: إذا كانت السّنة مجدبة كثر التّمر وقلّ اللّبن والأقط. وقال: إذا كان العام خصيبا ظهر في صدقة الفطر البياض يعني الإقط وإذا كان جدبيا ظهر السّواد، يعني التّمر. وتقول الفرس: إذا زخرت الأودية بالماء كثر التّمر، وإذا اشتدّت الرّياح كثر الحبّ.

_ [1] يوم الهباءة: هو يوم الجفر؛ لعبس على ذبيان، وفيه قتل حذيفة بن بدر وأخوه حمل سيدا بني فزارة. العمدة 2/202- 203. [2] ورد القول في البيان والتبيين 2/105. [3] البيت لنصيب الأصغر أبي الحجناء في الأغاني 23/20. [4] الأقط: شيء يتخذ من اللبن المخيض؛ يطبخ ثم يترك حتى يمصل «اللسان: أقط» .

612 -[أثر الريح في المطر]

612-[أثر الريح في المطر] وحدّثني محمّد بن سلام، عن شعيب بن حجر قال: جاء رجل على فرس فوقف بماء من مياه العرب فقال: أعندكم الرّيح الّتي تكبّ [1] البعير؟ قالوا: لا. قال: فتذري [2] الفارس؟ قالوا: لا. قال: فكما تكون يكون مطركم. وحدّثني العتبيّ قال: هجمت على بطن بين جبلين، فلم أر واديا أخصب منه، وإذا رجال يتركّلون على مساحيهم [3] ، وإذا وجوه مهجّنة، وألوان فاسدة فقلت: واديكم أخصب واد، وأنتم لا تشبهون المخاصيب قال: فقال شيخ منهم: ليس لنا ريح. 613-[شعر في الخصب] وقال النّمر بن تولب [4] : [من البسيط] كأنّ جمرة، أو عزّت لها شبها ... في العين يوما تلاقينا بأرمام [5] ميثاء جاد عليها وابل هطل ... فأمرعت لاحتيال فرط أعوام إذا يجفّ ثراها بلّها ديم ... من كوكب بزل بالماء سجام لم يرعها أحد واربتها زمنا ... فأو من الأرض محفوف بأعلام [6] تسمع للطّير في حافاتها زجلا ... كأنّ أصواتها أصوات جرّام [7] كأنّ ريح خزاماها وحنوتها ... باللّيل ريح يلنجوج وأهضام [8] قال: فلم يدع معنى من أجله يخصب الوادي ويعتمّ نبته إلّا ذكره وصدق النمر!

_ [1] تكب البعير: تقلبه «القاموس: كبّ» . [2] ذرت الريح الشيء: أطارته وأذهبته «القاموس: ذرو» . [3] المسحاة: المجرفة من الحديد «اللسان: سحا» . [4] ديوان النمر بن تولب 386- 387، وديوان المعاني 2/13، والبرصان 187، وشرح الأبيات التالية في ديوانه. [5] أرمام: جبل في ديار باهلة بن أعصر، وقيل: أرمام: واد. [3] الفأو: قطعة من الأرض تطيف بها الجبال. [4] الجرام: الذين يصرمون التمر، أي يقطعونه. [5] الحنوة: نبات سهلي طيب الرائحة. اليلنجوج: عود طيب الريح، وقيل: هو الذي يتبخر به. الأهضام: كل شيء يتبخر به.

وقال الأسديّ في ذكر الخصب ورطوبة الأشجار ولدونة الأغصان وكثرة الماء [1] : [من الكامل] وكأنّ أرحلنا بجوّ محصّب ... بلوى عنيزة من مقيل التّرمس [2] في حيث خالطت الخزامى عرفجا ... يأتيك قابس أهله لم يقبس ذهب إلى أنّه قد بلغ من الرّطوبة في أغصانه وعيدانه، أنّها إذا حكّ بعضها ببعض لم يقدح. وفي شبيه بذلك يقول الآخر، وذهب إلى كثرة الألوان والأزهار والأنوار [3] : [من الرجز] كانت لنا من غطفان جاره ... كأنها من دبل وشاره والحلي حلي التّبر والحجاره ... مدفع ميثاء إلى قراره ثم قال [4] : [من الرجز] إيّاك أعني واسمعي يا جاره وقال بشّار [5] : [من الخفيف] وحديث كأنّه قطع الرّو ... ض وفيه الحمراء والصّفراء

_ [1] البيتان للأسدي في البيان والتبيين 3/34، والمخصص 10/133، 176، 11/32، وهما من قصيدة للمرار بن منقذ، ورد منها ثلاثة أبيات في معجم الشعراء 338. وهما للمرار بن سعيد في أشعار اللصوص 2/363. وانظر الحيوان 4/488، الفقرة (1245) . [2] الترمس: ماء لبني أسد، وموضع قرب القنان من أرض نجد. معجم البلدان 2/27 (ترمس) . [3] الرجز بلا نسبة في اللسان والتاج (نوق، حلا) ، والثالث في المخصص 4/40. [4] الرجز من الأمثال في مجمع الأمثال 1/49، والفاخر 158، وجمهرة الأمثال 1/8، 29، والمستقصى 1/450، وفصل المقال 76- 77، وأمثال ابن سلام 65، ونسب مع أبيات أخرى إلى سهل بن مالك الفزاري، وبلا نسبة في اللسان والتاج (نوق، حلا) . [5] ديوان بشار 1/119، والبرصان 188، والعقد الفريد 5/417.

باب من الفطن وفهم الرطانات والكنايات والفهم والإفهام

باب من الفطن وفهم الرّطانات والكنايات والفهم والإفهام 614-[حديث المرأة التي طرقها اللصوص] الأصمعي قال: كانت امرأة تنزل متنحّية من الحيّ، وتحبّ العزلة وكان لها غنم، فطرقها اللّصوص فقالت لأمتها: اخرجي! من هاهنا؟ قالت: هاهنا حيّان، والحمارس، وعامر والحارث، ورأس عنز وشادن. وراعيا بهمنا: فنحن ما أولئك. أي: فنحن أولئك. فلما سمعوا ذلك ظنّوا أنّ عندها بنيها. وقال الأصمعيّ مرّة: فلما سمعت حسّهم قالت لأمتها: أخرجي سلح بنيّ من هاهنا. قال: وسلح جمع سلاح [1] . وحيّان والحمارس: أسماء تيوس لها. 615-[قصة الممهورة الشياه والخمر] قال الأصمعيّ [2] : تزوّج رجل [3] امرأة فساق إليها مهرها ثلاثين شاة، وبعث بها رسولا، وبعث بزقّ خمر. فعمد الرّسول فذبح شاة في الطريق فأكلها، وشرب بعض الزّقّ. فلما أتى المرأة نظرت إلى تسع وعشرين ورأت الزّقّ ناقصا، فعلمت أنّ الرجل لا يبعث إلّا بثلاثين وزقّ مملوء فقالت للرسول: قل لصاحبك: إن سحيما قد رثم [4] ، وإن رسولك جاءنا في المحاق! فلما أتاه الرّسول بالرّسالة: قال يا عدوّ الله، أكلت من الثّلاثين شاة شاة، وشربت من رأس الزّق! فاعترف بذلك. 616-[قصة العنبريّ الأسير] الأصمعيّ قال [5] : أخبرني شيخ من بني العنبر قال: أسر بنو شيبان رجلا من

_ [1] السّلاح: النجو «القاموس: سلح» . [2] الخبر باختصار في البيان والتبيين 3/211، والكنايات 63، ومحاضرات الأدباء 1/143 (1/67) . [3] في البيان والتبيين «قسامة بن زهير العنبري» ، وفي محاضرات الأدباء «امرؤ القيس» . [4] رثم أنفه أو فاه: كسره حتى تقطر منه الدم، وكل ما لطخ بدم وكسر فهو رثيم «القاموس: رثم» . [5] الخبر في محاضرات الأدباء 1/143 (1/67) ، والكنايات 64، وأمالي المرتضى 1/12، وأخبار الظراف 64، والمعاني للأشنانداني 57، وطراز المجالس 254.

617 -[قصة العطاردي]

بني العنبر، قال: دعوني حتى أرسل إلى أهلي ليفدوني. قالوا: على ألّا تكلّم الرّسول إلّا بين أيدينا. قال: نعم. قال: فقال للرسول. ائت أهلي فقل: إنّ الشّجر قد أورق. وقل: إنّ النّساء قد اشتكت وخرزت القرب. ثمّ قال له: أتعقل؟ قال: نعم. قال: إن كنت تعقل فما هذا؟ قال: الليل. قال: أراك تعقل انطلق إلى أهلي فقل لهم: عرّوا جملي الأصهب، واركبوا ناقتي الحمراء، وسلوا حارثا عن أمري- وكان حارث صديقا له- فذهب الرّسول فأخبرهم. فدعوا حارثا فقصّ عليه الرّسول القصة، فقال أمّا قوله: «إنّ الشّجر قد أورق» فقد تسلّح القوم. وأمّا قوله: «إن النساء قد اشتكت وخرزت القرب» فيقول: قد اتخذت الشّكا [1] وخرزت القرب للغزو. وأما قوله: «هذا الليل» فإنّه يقول: أتاكم جيش مثل الليل. وأمّا قوله: «عرّوا جملي الأصهب» فيقول: ارتحلوا عن الصّمّان. وأما قوله: «اركبوا ناقتي الحمراء» فيقول انزلوا الدّهناء وكان القوم قد تهيّؤوا لغزوهم، فخافوا أن ينذرهم، فأنذرهم وهم لا يشعرون فجاء القوم يطلبونهم فلم يجدوهم. 617-[قصة العطاردي] وكذلك صنع العطاردي في شأن شعب جبلة [2] ، وهو كرب بن صفوان؛ وذلك أنه حين لم يرجع لهم قولا حين سألوه أن يقول، ورمى بصرّتين في إحداهما شوك، والأخرى تراب، فقال قيس بن زهير: هذا رجل مأخوذ عليه ألا يتكلّم، وهو ينذركم عددا وشوكة [3] . قال الله عزّ وجلّ: وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ [4] . 618-[شعر في صفة الخيل والجيش] قال أبو نخيلة [5] : [من الرجز] لما رأيت الدّين دينا يؤفك ... وأمست القبة لا تستمسك

_ [1] الشكا: جمع شكوة: وهي وعاء من أدم «القاموس: شكو» . [2] شعب جبلة: من أيام العرب، وكان لبني عامر وعبس على أسد وذبيان. العمدة 2/203، والأغاني 11/131، ومعجم البلدان 2/104 (جبلة) . [3] ورد الخبر في الأغاني 11/139، ومحاضرات الأدباء 1/143 (1/67) . [4] 7/الأنفال: 8. [5] الرجز في طبقات ابن المعتز 64، وديوان المعاني 2/116، وبلا نسبة في المخصص 7/55، والجمهرة 798.

يفتق من أعراضها ويهتك ... سرت من الباب فطار الدّكدك منها الدّجوجيّ ومنها الأرمك ... كالّليل إلّا أنّها تحرّك وقال منصور النّمري [1] : [من البسيط] ليل من النّقع لا شمس ولا قمر ... إلّا جبينك والمذروبة الشّرع [2] وقال آخر: [من السريع] كأنّهم ليل إذا استنفروا ... أو لجّة ليس لها ساحل وقال العجاج [3] : [من الرجز] كأنّما زهاؤه إذا جهر ... ليل ورزّ وغره إذا وغر سار سرى من قبل العين فجر وفي هذا الباب وليس منه يقول بشّار [4] : [من الطويل] كأنّ مثار النّقع فوق رؤوسهم ... وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه وقال كلثوم بن عمرو [5] : [من البسيط] تبني سنابكهم من فوق أرؤسهم ... سقفا كواكبه البيض المباتير وهذا المعنى قد غلب عليه بشّار، كما غلب عنترة على قوله [6] : [من الكامل] فترى الذّباب بها يغنّي وحده ... هزجا كفعل الشّارب المترنّم غردا يحكّ ذراعه بذراعه ... فعل المكبّ على الزّناد الأجذم فلو أنّ امرأ القيس عرض في هذا المعنى لعنترة لافتضح.

_ [1] ديوان منصور النمري 101، وديوان المعاني 2/67، والأغاني 13/196، وأخبار أبي تمام 18، ومعاهد التنصيص 1/143. [2] المذروبة: المحددة «القاموس: ذرب» الشرع: المشروعة، والمراد بها السيوف. [3] ديوان العجاج 1/26- 27 (السطلي) ، 75 (عزة حسن) ، وديوان المعاني 2/71، والبيتان (1- 2) في اللسان (زها، لها) ، والتاج (لها) ، والجمهرة 468، والمجمل 1/465، والتهذيب 6/49، 374، والعين 3/389، وبلا نسبة في اللسان والتاج (جهر، وغر) ، والمقاييس 1/487، والمخصص 6/202، والبيت الثالث في المخصص 16/185، وأساس البلاغة (عيط) . [4] ديوان بشار 1/318، والأغاني 3/196، وديوان المعاني 2/67، والحماسة البصرية 1/8، وطبقات ابن المعتز 26، وأخبار أبي تمام 18، والوساطة 313، وعيون الأخبار 2/190. [5] البيت في أخبار أبي تمام 19، والمختار من شعر بشار 1، والصناعتين 190. [6] البيتان من معلقة عنترة في ديوانه 19، والبيان والتبيين 3/326، والأول في أساس البلاغة (هزج) ، والثاني في اللسان والتاج (قدح) ، والتهذيب 4/33، 8/70.

619 -[مقطعات شتى]

619-[مقطعات شتى] وقال بعضهم في غير هذا المعنى: [من الخفيف] وفلاة كأنّما اشتمل الّلي ... ل على ركبها بأبناء حام خضت فيها إلى الخليفة بالرّ ... قّة بحري ظهيرة وظلام وقال العرجيّ [1] : [من البسيط] سمّيتني خلقا بخلّة قدمت ... ولا جديد إذا لم يلبس الخلق يا أيها المتحلّي غير شيمته ... ومن خلائقه الإقصاد والملق ارجع إلى خيمك المعروف ديدنه ... إن التّخلق يأتي دونه الخلق وقال آخر [2] : [من الكامل] أودى الخيار من المعاشر كلهم ... واستبّ بعدك يا كليب المجلس وتنازعوا في كلّ أمر عظيمة ... لو قد تكون شهدتهم لم ينبسوا وأبيات أبي نواس على أنه مولّد شاطر، أشعر من شعر مهلهل في إطراق النّاس في مجلس كليب، وهو قوله [3] : [من الطويل] على خبز إسماعيل واقية البخل ... وقد حلّ في دار الأمان من الأكل وما خبزه إلّا كآوى يرى ابنها ... ولم ترآوى في الحزون ولا السّهل وما خبزه إلّا كعنقاء مغرب ... تصوّر في بسط الملوك وفي المثل يحدث عنها النّاس من غير رؤية ... سوى صورة ما أن تمرّ ولا تحلي وما خبزه إلّا كليب بن وائل ... ليالي يحمي عزّه منبت البقل

_ [1] الأبيات للعرجي في ديوانه 33، والشعر والشعراء 365- 366 (ليدن) ، والعقد الفريد 33، وزهر الآداب 124- 125 (طبعة مبارك) ، والأبيات لسالم بن وابصة في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي 710، والبيان 1/233، ونوادر أبي زيد 181، والكامل 1/11 (طبعة المعارف) ، والثاني له في اللسان والتاج (خلق) ، والأبيات بلا نسبة في مجالس ثعلب 248، والثالث بلا نسبة في عيون الأخبار 2/6. [2] البيتان لمهلهل بن ربيعة في أمالي القالي 1/95، والسمط 298- 299، وثمار القلوب (191) ، وديوان المعاني 2/176، والحماسة البصرية 1/234، ومجالس ثعلب 38، 584- 585، ومجمع الأمثال 2/42، والمستقصى 1/247، وشرح ديوان الحماسة للتبريزي 1/385. [3] ديوان أبي نواس 515، وثمار القلوب 77 (192) ، وديوان المعاني 1/203- 204، والقصيدة في هجاء إسماعيل النيبختي، انظر البخلاء 72.

620 -[الأعراب أشعر من أهل الأمصار]

وإذ هو لا يستبّ خصمان عنده ... ولا القول مرفوع بجد ولا هزل فإن خبز إسماعيل حلّ به الذي ... أصاب كليبا لم يكن ذاك عن بذل ولكن قضاء ليس يسطاع دفعه ... بحيلة ذي دهي ولا فكر ذي عقل 620-[الأعراب أشعر من أهل الأمصار] والقضية التي لا أحتشم منها، ولا أهاب الخصومة فيها: أنّ عامّة العرب والأعراب والبدو والحضر من سائر العرب، أشعر من عامّة شعراء الأمصار والقرى، من المولدة والنابتة. وليس ذلك بواجب لهم في كلّ ما قالوه. وقد رأيت ناسا منه يبهرجون أشعار المولّدين، ويستسقطون من رواها ولم أر ذلك قطّ إلّا في رواية للشعر غير بصير بجوهر ما يروى. ولو كان له بصر لعرف موضع الجيّد ممّن كان، وفي أيّ زمان كان. وأنا رأيت أبا عمرو الشيبانيّ وقد بلغ من استجادته لهذين البيتين، ونحن في المسجد يوم الجمعة، أن كلّف رجلا حتى أحضره دواة وقرطاسا حتّى كتبهما له. وأنا أزعم أنّ صاحب هذين البيتين لا يقول شعرا أبدا. ولولا أن أدخل في الحكم بعض الفتك؛ لزعمت أنّ ابنه لا يقول شعرا أبدا، وهما قوله [1] : [من السريع] لا تحسبنّ الموت موت البلى ... فإنّما الموت سؤال الرّجال كلاهما موت ولكنّ ذا ... أفظع من ذاك لذلّ السّؤال 621-[القول في المعنى واللفظ] وذهب الشّيخ إلى استحسان المعنى، والمعاني مطروحة في الطريق يعرفها العجميّ والعربيّ، والبدويّ والقروي، والمدنيّ. وإنّما الشأن في إقامة الوزن، وتخيّر اللفظ، وسهولة المخرج، وكثرة الماء، وفي صحّة الطبع وجودة السّبك، فإنما الشعر صناعة، وضرب من النّسج، وجنس من التّصوير. وقد قيل للخليل بن أحمد: ما لك لا تقول الشّعر؟ قال: «الذي يجيئني لا أرضاه، والذي أرضاه لا يجيئني» [2] .

_ [1] البيان بلا نسبة في البيان والتبيين 2/171. [2] نسب هذا القول إلى ابن المقفع في البيان والتبيين 1/208.

622 -[شعر ابن المقفع]

فأنا أستحسن هذا الكلام، كما أستحسن جواب الأعرابيّ حين قيل له: كيف تجدك؟ قال: أجدني أجد ما لا أشتهي، وأشتهي ما لا أجد [1] ! 622-[شعر ابن المقفع] وقيل لابن المقفّع: ما لك لا تجوز البيت والبيتين والثلاثة! قال: إن جزتها عرفوا صاحبها. فقال له السائل: وما عليك أن تعرف بالطّول الجياد؟! فعلم أنّه لم يفهم عنه. 623-[الفرق بين المولد والأعرابي] ونقول: إن الفرق بين المولّد والأعرابي: أنّ المولّد يقول بنشاطه وجمع باله الأبيات اللاحقة بأشعار أهل البدو، فإذا أمعن انحلّت قوّته، واضطرب كلامه. 624-[شعر في تعظيم السادة] وفي شبيه بمعنى مهلهل وأبي نواس، في التّعظيم والإطراق عند السّادة، يقول الشاعر في بعض بني مروان [2] : [من البسيط] في كفّه خيزران ريحه عبق ... في كفّ أروع في عرنينه شمم يغضي حياء ويغضى من مهابته ... فما يكلّم إلّا حين يبتسم إن قال قال بما يهوى جميعهم ... وإن تكلّم يوما ساخت الكلم كم هاتف بك من داع وهاتفة ... يدعوك يا قثم الخيرات يا قثم وقال أبو نواس في مثل ذلك [3] : [من المديد] فترى السادات ماثلة ... لسليل الشّمس من قمره فهم شتّى ظنونهم ... حذر المطويّ من خبره

_ [1] نسب هذا القول إلى أبي الدقيش في عيون الأخبار 3/49. وبلا نسبة في البيان والتبيين 1/210. [2] الأبيات للفرزدق في ديوانه 2/179- 180، وأمالي المرتضى 1/68، وله أو لكثير بن كثير السهمي في المؤتلف والمختلف 89، وللفرزدق أو لداود بن سلم أو للحزين الكناني في زهر الآداب 103- 105 (طبعة مبارك) ، والأغاني 15/337، ولهم جميعا أو للعين المنقري في العمدة 2/138، وللحزين في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1622، وبلا نسبة في البيان والتبيين 1/370، 3/41- 42، وعيون الأخبار 1/294، 2/196. [2] ديوان أبي نواس 431.

625 -[شعر في الحلف]

وقال إبراهيم بن هرمة في مديح المنصور، وهو شبيه بهذا وليس منه [1] : [من الطويل] له لحظات عن حفافي سريره ... إذا كرّها فيها عقاب ونائل فأمّ الذي أمّنت آمنة الرّدى ... وأمّ الذي أو عدت بالثّكل ثاكل 625-[شعر في الحلف] وقال مهلهل، وهو يقع في باب الحلف وكّد بعقد [2] : [من المنسرح] ملنا على وائل وأفلتنا ... يوما عديّ جريعة الذّقن [3] دفعت عنه الرّماح مجتهدا ... حفظا لحلفي وحلف ذي يمن أذكر من عهدنا وعهدهم ... عهدا وثيقا بمنحر البدن ما بلّ بحر كفا بصوفتها [4] ... وما أناف الهضاب من حضن [5] يزيده اللّيل والنّهار معا ... شدّا، خراط الجموح في الشّطن [6] 626-[شعر في مصرع عمرو بن هند] وقال جابر بن حنيّ التغلبيّ [7] : [من الطويل] ولسنا كأقوام قريب محلهم ... ولسنا كمن يرضيكم بالتملق فسائل شرحبيلا بنا ومحلّما ... غداة نكرّ الخيل في كلّ خندق لعمرك ما عمرو بن هند وقد دعا ... لتخدم ليلى أمّه بموفّق

_ [1] ديوان ابن هرمة 168، والحماسة البصرية 1/146، وعيون الأخبار 1/294، وذيل الأمالي 41، والأغاني 6/109، 111. [2] البيت الأول في ثمار القلوب 511، والمستقصى 1/274، واللسان (جرع) ، والتاج (فلت) . [3] من الأمثال قولهم «أفلت فلان بجريعة الذقن» ، وهو مثل للمفلت من الهلاك بعد قربه منه. ثمار القلوب 511، ومجمع الأمثال 2/69، والمستقصى 1/274، وجمهرة الأمثال 1/115. [4] من الأمثال في المستقصى 2/246 «ما بل بحر صوفة» ، وفي مجمع الأمثال 2/230 «لا أفعل كذا ما بل بحر صوفة» . وصوف البحر: شيء على شكل هذا الصوف الحيواني؛ واحده صوفه. اللسان (صوف) . [5] حضن: جبل بأعلى نجد، وهو أول حدود نجد، وأشهر جبالها، معجم البلدان 2/271 (حضن) . [6] الخراط: الجماح «القاموس: خرط» . الشطن: الحبل «القاموس: شطن» . [7] الأبيات (3- 4- 5) لأفنون التغلبي في الأغاني 11/55، والبيتان (1- 2) في النقائص 886- 887، والأول في الشعر والشعراء 119، 249.

627 -[شعر في الأقارب]

فقام ابن كلثوم إلى السّيف مغضبا ... فأمسك من ندمانه بالمخنّق وعممه عمدا على الرّأس ضربة ... بذي شطب صافي الحديدة مخفق 627-[شعر في الأقارب] وقال المتلمّس [1] : [من الطويل] على كلّهم آسى وللأصل زلفة ... فزحزح عن الأدنين أن يتصدّعوا وقد كان إخواني كريما جوارهم ... ولكنّ أصل العود من حيث ينزع وقال المتلمس [2] : [من الطويل] ولو غير أخوالي أرادوا نقيضتي ... جعلت لهم فوق العرانين ميسما وما كنت إلّا مثل قاطع كفّه ... بكفّ له أخرى فأصبح أجذما يداه أصابت هذه حتف هذه ... فلم تجد الأخرى عليها مقدّما فأطرق إطراق الشجاع ولو يرى ... مساغا لنابيه الشجاع لصمّما أحارث إنا لو تساط دماؤنا ... تزايلن حتّى لا يمسّ دم دما 628-[تفسير كلمة لعمر بن الخطاب] قال: وسألت عن قول عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه لأبي مريم الحنفي: والله لأنا أشدّ بغضا لك من الأرض للدّم [3] ! قال: لأنّ الدّم الجاري من كلّ شيء بيّن، لا يغيض في الأرض؛ ومتى جفّ وتجلّب ففرقته رأيت مكانه أبيض [4] . إلّا إنّ صاحب المنطق قال في كتابه في الحيوان: كذلك الدّماء، إلّا دم البعير. 629-[أشعار شتى] وقال النّمر بن تولب [5] : [من الطويل] إذا كنت في سعد، وأمّك منهم ... غريبا فلا تغررك أمّك من سعد

_ [1] ديوان المتلمس 155، 160. [2] ديوان المتلمس 29- 34، والأصمعيات 245- 246، والخزانة 10/59. [3] في البيان والتبيين 2/89 «والله لا أحبك حتى تحب الأرض الدم المسفوح. قال: فتمنعني لذلك حقا؟ قال: لا. قال: فلا ضير، إنما يأسف على الحب النساء» . وانظر الخبر في روايات مختلفة في البيان والتبيين 1/376، وعيون الأخبار 3/13 والكامل 1/355 «طبعة المعارف» . [4] في البيان 1/376 «والأرض لا تنشف الدم المسفوح ولا تمصه، فمتى جف الدم وتجلّب لم تره أخذ من الأرض شيئا» . [5] البيت للنمر بن نولب في ملحق ديوانه 397، والحماسة البصرية 2/287، وعيون الأخبار 3/89، والكامل 1/346 (المعارف) ، والمستقصى 1/260 لغسان بن وعلة في اللسان

وقال [1] : [من الطويل] وإنّ ابن أخت القوم مصغى إناؤه ... إذا لم يزاحم خاله بأب جلد وقال آخر [2] : [من الطويل] تخيّره الله الغداة لدينه ... على علمه والله بالعلم أفرس وقال آخر [3] : [من الطويل] وما ترك الهاجون لي في أديمكم ... مصحّا ولكنّي أرى مترقّعا وقال العجليّ، أو العكليّ، لنوح بن جرير: [من الكامل] أتسبّني فأراك مثلي سبّة ... وأسبّ جدّكم بسبّ أبينا ولقد أرى والمقتضى متجوّز ... يا نوح أنّ أباك لا يوفينا وقال عمرو بن معد يكرب [4] : [من الوافر] إذا لم تستطع شيئا فدعه ... وجاوزه إلى ما تستطيع وصله بالزّماع فكلّ أمر ... سما لك أو سموت له ولوع وقال المقنّع الكنديّ [5] : [من البسيط] وصاحب السّوء كالدّاء العياء إذا ... ما ارفضّ في الجوف يجري هاهنا وهنا ينبي ويخبر عن عورات صاحبه ... وما رأى عنده من صالح دفنا كمهر سوء إذا رفّعت سيرته ... رام الجماع وإن خفّضته حرنا إن يحي ذاك فكن منه بمعزلة ... أو مات ذاك فلا تعرف له جننا -

_ التاج (شطر) ، وشرح ديوان الحماسة 1/172، ومحاضرات الراغب 1/177، وللنمر أو لضمرة ابن ضمرة في اللسان والتاج (كيس) ، ولدريد بن الصمة في نظام الغريب 38. [1] البيت في المصادر السابقة، وبلا نسبة في المخصص 13/161، وأساس البلاغة (صفا) ، والتهذيب 8/159. [2] البيت للبعيث في أساس البلاغة (فرس) . [3] البيت للبعيث في التاج (رقع) ، وبلا نسبة في اللسان (رقع) ، والمقاييس 2/429، وأساس البلاغة (رقع) . [4] ديوان عمرو بن معدي كرب 145، والأصمعيات 175، والتاج (زمع، طوع، ودع) ، والأغاني 15/207، 225، 236، والحماسة البصرية 1/33. [5] ديوان المقنع الكندي 215، وهي لرافع بن هريم في أمالي القالي 2/182، وللمثقب العبدي في بهجة المجالس 1/722.

باب ذكر خصال الحرم

باب ذكر خصال الحرم [1] 630-[خصال الحرم] فمن خصاله: أنّ الذّئب يصيد الظّبي ويريغه ويعارضه، فإذا دخل الحرم كفّ عنه [2] . ومن خصاله: أنّه لا يسقط على الكعبة حمام إلّا وهو عليل. يعرف ذلك متى امتحن وتعرّفت حاله [3] . ولا يسقط عليها ما دام صحيحا. ومن خصاله: أنّه إذا حاذى أعلى الكعبة عرقة من الطّير كاليمام وغيره، انفرقت فرقتين ولم يعلها طائر منها [4] . ومن خصاله [5] : أنّه إذا أصاب المطر الباب الذي من شقّ العراق، كان الخصب والمطر في تلك السّنة في شقّ العراق، وإذا أصاب الذي من شقّ الشّام كان الخصب والمطر في تلك السّنة في شقّ الشام. وإذا عمّ جوانب البيت كان المطر والخصب عامّا في سائر البلدان. ومن خصال الحرم [6] : أنّ حصى الجمار يرمى بها في ذلك المرمى، مذ يوم حجّ النّاس البيت على طوال الدّهر، ثمّ كأنّه على مقدار واحد. ولولا موضع الآية والعلامة والأعجوبة التي فيها، لقد كان ذلك كالجبال. هذا من غير أن تكسحه السّيول، ويأخذ منه النّاس.

_ [1] ربيع الأبرار 1/300- 301. [2] ثمار القلوب 13 (67) ، ومحاضرات الأدباء 2/263. [3] في ثمار القلوب «يعرف ذلك من امتحن وتعرف حاله» . [4] ثمار القلوب 13 (67) . [5] ثمار القلوب 13 (67) ، وعيون الأخبار 1/222. [6] انظر الحاشية السابقة.

ومن سنّتهم [1] : أنّ كلّ من علا الكعبة من العبيد فهو حرّ، لا يرون الملك على من علاها، ولا يجمعون بين عزّ علوّها وذلة الملك. وبمكة رجال من الصّلحاء لم يدخلوا الكعبة قطّ. وكانوا في الجاهليّة لا يبنون بيتا مربّعا؛ تعظيما للكعبة [2] . والعرب تسمّي كلّ بيت مربّع كعبة، ومنه: كعبة نجران [3] . وكان أوّل من بنى بيتا مربّعا حميد بن زهير، أحد بني أسد بن عبد العزّى. ثمّ البركة والشفاء الذي يجده من شرب من ماء زمزم على وجه الدهر وكثرة من يقيم عليه يجد فيه الشفاء، بعد أن لم يدع في الأرض حمّة إلّا أتاها، وأقام عندها، وشرب منها، واستنقع فيها [4] . هذا مع شأن الفيل، والطّير الأبابيل، والحجارة السّجّيل، وأنّها لم تزل أمنا ولقاحا [5] ، لا تؤدّي إتاوة، ولا تدين للملوك، ولذلك سمّي البيت العتيق؛ لأنّه لم يزل حرّا لم يملكه أحد. وقال حرب بن أميّة في ذلك [6] : [من الوافر] أبا مطر هلمّ إلى صلاح ... فتكفيك النّدامى من قريش فتأمن وسطهم وتعيش فيهم ... أبا مطر هديت لخير عيش وتنزل بلدة عزّت قديما ... وتأمن أن يزروك ربّ جيش وقال الله عزّ وجلّ: وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى [7] وقال عزّ وجلّ، حكاية عن إبراهيم: رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ [8] .

_ [1] انظر الحاشية السابقة. [2] ثمار القلوب (66) . [3] نجران: أقدم بلاد اليمن، وكانت لها كعبة تحجّ فخرّبت وبطلت. وضرب بها المثل في الخراب وزوال الدولة. انظر ثمار القلوب (751) ، ومعجم البلدان 5/268. [4] انظر ثمار القلوب (804- 805) . [5] اللقاح: الذي ليس في سلطان ملك. الكامل 2/306 (طبعة المعارف) . [6] الأبيات في معجم البلدان 3/419 (صلاح) ، والكامل 2/306، واللسان والتاج وأساس البلاغة وعمدة الحفاظ (صلح) ، وما بنته العرب على فعال 18، والأول في التنبيه والإيضاح 1/253، وهو بلا نسبة في المخصص 13/181، والجمهرة 543. [7] 125/البقرة: 2. [8] 37/إبراهيم: 14.

631 -[خصال المدينة]

631-[خصال المدينة] [1] والمدينة هي طيبة، ولطيبها قيل تلفط خبثها وينصع طيبها. وفي ريح ترابها وبنّة تربتها، وعرف ترابها ونسيم هوائها، والنعمة التي توجد في سككها وفي حيطانها- دليل على أنّها جعلت آية حين جعلت حرما. وكلّ من خرج من منزل مطيّب إلى استنشاق ريح الهواء والتّربة في كل بلدة فإنّه لابدّ عند الاستنشاق والتثبّت من أن يجدها منتنة. فذلك على طبقات من شأن البلدان، إلّا ما كان في مدينة الرّسول، رسول الله صلى الله عليه وسلم، فللصّيّاح [2] والعطر والبخور والنضوح، من الرائحة الطيبة- إذا كان فيها- أضعاف ما يوجد له في غيرها من البلدان، وإن كان الصّيّاح أجود، والعطر أفخر، والبخور أثمن. 632-[بعض البلدان الرديئة] وربّت بلدة يستحيل فيها العطر وتذهب رائحته، كقصبة الأهواز. وقد كان الرشيد همّ بالإقامة بأنطاكية [3] ، وكره أهلها ذلك، فقال شيخ منهم، وصدقه: يا أمير المؤمنين، ليست من بلادك، ولا بلاد مثلك، لأنّ الطّيب الفاخر يتغيّر فيها حتّى لا ينتفع منه بكثير شيء، والسّلاح يصدأ فيها ولو كان من قلعة الهند [4] ، ومن طبع اليمن، ومطرها ربّما أقام شهرين، ليس فيه سكون. فلم يقم بها. ثمّ ذكر المدينة فقال [5] : وإنّ الجويرية السّوداء، لتجعل في رأسها شيئا من بلح، وشيئا من نصوح، مما لا قيمة له؛ لهوانه على أهله، فتجد لذلك خمرة طيّبة وطيب رائحة لا يعدلها بيت عروس من ذوي الأقدار. حتّى إنّ النّوى المنقع، الذي يكون عند أهل العراق في غاية النّتن، إذا طال إنقاعه، يكون عندهم في غاية الطّيب. والله سبحانه وتعالى أعلم.

_ [1] ثمار القلوب (790- 791) ، ورسائل الجاحظ 4/130، ولطائف المعارف 155. [2] الصياح: العطر «القاموس: صيح» . [3] ورد الخبر في معجم البلدان 1/268 (أنطاكية) . [4] قلعة الهند: قلعة عظيمة ببلدة «كله» وهي أول بلاد الهند من جهة الصين، فيها الرصاص القلعي لا يكون إلا في قلعتها، وفي هذه القلعة تضرب السيوف القلعية؛ وهي الهندية العتيقة. معجم البلدان 4/389 (الصين) ، وانظر أيضا 3/445 «الصين» حيث ذكر الخبر نفسه. [5] ثمار القلوب 436 (790) .

باب ذكر الحمام

باب ذكر الحمام 633-[أجناس الحمام] قال صاحب الحمام: الحمام وحشيّ، وأهليّ، وبيوتيّ، وطوراني [1] . وكلّ طائر يعرف بالزّواج، وبحسن الصّوت، والهديل، والدّعاء، والترجيع فهو حمام، وإن خالف بعضه بعضا في بعض الصّوت واللّون، وفي بعض القدّ. ولحن الهديل. وكذلك تختلف أجناس الدّجاج على مثل ذلك ولا يخرجها ذلك من أن تكون دجاجا: كالدّيك الهندي والخلاسيّ [2] والنّبطيّ، وكالدّجاج السّنديّ والزنجيّ وغير ذلك. وكذلك الإبل: كالعراب والبخت، والفوالج، والبهونيّات [3] والصّرصرانيّات [4] ، والحوش، والنّجب، وغير ذلك من فحول الإبل؛ ولا يخرجها ذلك من أن تكون إبلا. وما ذاك إلّا مخالفة الجرذان والفأر، والنّمل والذّر، وكاختلاف الضّأن والمعز، وأجناس البقر الأهليّة والبقر الوحشيّة، وكقرابة ما بينهما وبين الجواميس. وقد تختلف الحيّات والعقارب بضروب الاختلاف، ولا يخرجها ذلك من أن تكون عقارب وحيّات، وكذلك الكلاب، والغربان. وحسبك بتفاوت ما بين النّاس: كالزّنج والصقالبة، في الشّعور والألوان، وكيأجوج ومأجوج، وعاد وثمود، ومثل الكنعانيّين والعمالقة. فقد تخالف الماعزة الضائنة حتىّ لا يقع بينهما تسافد ولا تلاقح. وهي في ذلك غنم وشاء. قال: والقمريّ حمام، والفاختة حمام، والورشان حمام. والشّفنين حمام، وكذلك

_ [1] الطوراني: نسبة إلى جبل طور «القاموس: طور» ، وفي معجم البلدان 4/24 «طرآن» : (وطرآن جبل فيه حمام كثير؛ إليه ينسب الحمام الطرآني، والعامة تقول طوراني وهو خطأ) . [2] الخلاسي: الديك بين دجاجتين هندية وفارسية «القاموس: خلس» . [3] البهونية من الإبل: ما بين الكرمانية والعربية «القاموس: بهن» . [4] الصرصرانيات من الإبل: ما بين البخاتي «الخراسانية» والعراب «القاموس: صرّ» .

634 -[مناقب الحمام]

اليمام واليعقوب. وضروب أخرى كلها حمام. ومفاخرها التي فيها ترجع إلى الحمام التي لا تعرف إلّا بهذا الاسم. قال [1] : وقد زعم أفليمون (صاحب الفراسة) أنّ الحمام يتّخذ لضروب: منها ما يتخذ للأنس والنساء والبيوت، ومنا ما يتخد للزّجال والسباق. والزّجال: إرسال الحمام الهوادي 634-[مناقب الحمام] ومن مناقب الحمام حبّه للناس، وأنس الناس به، وأنّك لم تر حيوانا قطّ أعدل موضعا، ولا أقصد مرتبة من الحمام. وأسفل النّاس لا يكون دون أن يتّخذها، وأرفع الناس لا يكون فوق أن يتّخذها. وهي شيء يتّخذه ما بين الحجّام إلى الملك الهمام. والحمام مع عموم شهوة النّاس له، ليس شيء مما يتّخذونه هم أشدّ شغفا به ولا أشدّ صبابة منهم بالحمام، ثمّ تجد ذلك في الخصيان كما تجده في الفحول، وتجده في الصّبيان كما تجده في الرّجال، وتجده في الفتيان كما تجده في الشيوخ، وتجده في النساء كما تجده في الرّجال. والحمام من الطّير الميامين، وليس من الحيوان الذي تظهر له عورة وحجم قضيب كالكلب والحمار وأشباه ذلك، فيكون ذلك مما يكون يجب على الرّجال ألّا يدخلوه دورهم. 635-[الحمام ملقّى] قال مثنّى بن زهير: ومن العجب أنّ الحمام ملقّى، والسّكران موقّى، فأنشده ابن يسير بيت الخريميّ [2] : [من الطويل] وأعددته ذخرا لكلّ ملمّة ... وسهم المنايا بالذّخائر مولع 636-[شرب الحمام] ومتى رأى إنسان عطشان الدّيك والدّجاجة يشربان الماء، ورأى ذئبا وكلبا يلطعان الماء لطعا، ذهب عطشه من قبح حسو الديك نغبة نغبة ومن لطع الكلب.

_ [1] نهاية الأرب 10/257. [2] ديوان الخريمي 43، والبيان والتبيين 1/406، ونهاية الأرب 3/87، والكامل 2/303 (طبعة المعارف) .

637 -[صدق رغبة الحمام في النسل]

وإنّه ليرى الحمام وهو يشرب الماء! وهو ريّان فيشتهي أن يكرع في ذلك الماء معه. 637-[صدق رغبة الحمام في النّسل] [1] والدّيك والكلب في طلب السّفاد وفي طلب الذّرء كما قال أبو الأخزر الحمّانيّ: [من السريع] لا مبتغي الضّنء ولا بالعازل والحمام أكثر معانيه الذّرء وطلب الولد. فإذا علم الذّكر أنّه قد أودع رحم الأنثى ما يكون منه الولد تقدّما في إعداد العشّ، ونقل القصب وشقق الخوص، وأشباه ذلك من العيدان الخوّارة الدّقاق حتى يعملا أفحوصة وينسجاها نسجا مداخلا، وفي الموضع الذي قد رضياه اتخذاه واصطنعاه، بقدر جثمان الحمامة، ثمّ أشخصا لتلك الأفحوصة حروفا غير مرتفعة؛ لتحفط البيض وتمنعه من التّدحرج، ولتلزم كنفي الجؤجؤ ولتكون رفدا لصاحب الحضن، وسدا للبيض، ثمّ يتعاوران ذلك المكان ويتعاقبان ذلك القرموص وتلك الأفحوصة، يسخّنانها ويدفّيانها ويطيّبانها، وينفيان عنها طباعها الأوّل، ويحدثان لها طبيعة أخرى مشتقّة من طبائعهما، ومستخرجة من رائحة أبدانهما وقواهما الفاصلة منهما؛ لكي تقع البيضة إذا وقعت، في موضع أشبه المواضع طباعا بأرحام الحمام، مع الحضانة والوثارة؛ لكي لا تنكسر البيضة بيبس الموضع، ولئلا ينكر طباعها طباع المكان، وليكون على مقدار من البرد والسّخانة والرّخاوة والصّلابة. ثمّ إن ضربها المخاض وطرّقت [2] ببيضتها، بدرت إلى الموضع الذي قد أعدّته، وتحاملت إلى المكان الذي اتّخذته وصنعته، إلّا أن يقرّعها رعد قاصف، أو ريح عاصف فإنّها ربّما رمت بها دون كنّها وظل عشها، وبغير موضعها الذي اختارته. والرّعد ربما مرق [3] عنده البيض وفسد، كالمرأة التي تسقط من الفزع، ويموت جنينها من الرّوع. 638-[عناية الحمام بالبيض] وإذا وضعت البيض في ذلك المكان فلا يزالان يتعاقبان الحضن ويتعاورانه، حتّى إذا بلغ ذلك البيض مداه وانتهت أيّامه، وتمّ ميقاته الذي وظّفه خالقه، ودبّره

_ [1] نهاية الأرب 10/271. [2] طرّقت: حان خروج بيضها «القاموس: طرق» . [3] مرقت البيضة: فسدت فصارت ماء «القاموس: مرق» .

639 -[عناية الحمام بالفراخ]

صاحبه، انصدع البيض عن الفرخ، فخرج عاري الجلد، صغير الجناح، قليل الحيلة، منسدّ الحلقوم. فيعينانه على خلاصه من قيضه [1] وترويحه من ضيق هوّته [2] . 639-[عناية الحمام بالفراخ] وهما يعلمان أن الفرخين لا تتّسع حلوقهما وحواصلهما للغذاء، فلا يكون لهما عند ذلك همّ إلّا أن ينفخا في حلوقهما الريح، لتتسع الحوصلة بعد التحامها، وتنفتق بعد ارتتاقها، ثم يعلمان أنّ الفرخ وإن اتّسعت حوصلته شيئا، أنّه لا يحتمل في أول اغتذائه أن يزقّ بالطّعم، فيزقّ عند ذلك باللّعاب المختلط بقواهما وقوى الطعم- وهم يسمّون ذلك اللّعاب اللّباء- ثم يعلمان أنّ طبع حوصلته يرق عن استمراء الغذاء وهضم الطّعم، وأنّ الحوصلة تحتاج إلى دبغ وتقوية، وتحتاج إلى أن يكون لها بعض المتانة والصلابة، فيأكلن من شورج أصول الحيطان، وهو شيء بين الملح الخالص وبين التّراب الملح، فيزقّان الفرخ حتّى إذا علما أنّه قد اندبغ واشتدّ زقّاه بالحبّ الذي قد غبّ في حواصلهما ثم زقّاه بعد ذلك بالحبّ الذي هو أقوى وأطرى [3] . فلا يزلان يزقّانه بالحبّ والماء على مقدار قوّته ومبلغ طاقته، وهو يطلب ذلك منهما، ويبضّ [4] نحوهما؛ حتى إذا علما أنّه قد أطاق اللقط منعاه بعض المنع، ليحتاج إلى اللقط فيتعوّده، حتى إذا علما أن أداته قد تمّت، وأن أسبابه قد اجتمعت وأنّهما إن فطماه فطما مقطوعا مجذوذا قوي على اللّقط، وبلغ لنفسه منتهى حاجته- ضرباه إذا سألهما الكفاية، ونفياه متى رجع إليهما ثمّ تنزع عنهما تلك الرحمة العجيبة منهما له، وينسيان ذلك العطف المتمكّن عليه، ويذهلان عن تلك الأثرة له، والكدّ المضني من الغدوّ عليه، والرّواح إليه، ثم يبتديان العمل ابتداء ثانيا، على ذلك النظام وعلى تلك المقدّمات. فسبحان من عرّفهما وألهمهما، وهداهما، وجعلهما دلالة لمن استدلّ، ومخبرا صادقا لمن استخبر، ذلكم الله رب العالمين. 640-[حالات الطّعم الذي يصير في أجواف الحيوان] وما أعجب حالات الطّعم الذي يصير في أجواف الحيوان، وكيف تتصرّف به

_ [1] القيض: القشرة العليا اليابسة على البيضة «القاموس: قيض» . [2] الهوّة: الكوة، وهي الخرق في الحائط، والثقب في البيت «القاموس: الهوة، الكوة» . [3] عيون الأخبار 2/91. [4] البضّ: أن يسأل عن الحاجة فيتمطق بشفتيه «القاموس: بض» .

641 -[زق الحمام]

الحالات، وتختلف في أجناسه الوجوه: فمنها ما يكون مثل زق الحمام لفرخه، والزقّ في معنى القيء أو في معنى التقيؤ وليس بهما؛ وجرّة البعير والشاة والبقرة في معنى ذلك، وليس به. والبعير يريد أن يعود في خضمه [1] الأوّل واستقصاء طعمه. وربّما كانت الجرّة رجيعا. والرّجيع: أن يعود على ما قد أعاد عليه مرّة حتّى ينزعه من جوفه، ويقلبه عن جهته. 641-[زقّ الحمام] والحمام يخرجه من حوصلته ومن مستكنّه وقراره، وموضع حاجته واستمرائه، بالأثرة والبرّ، إلى حوصلة ولده. قد ملك ذلك وطابت به نفسه ولم تغنث عليه نفسه ولم يتقذّر من صنيعه، ولم تخبث نفسه، ولم تتغيّر شهوته. ولعلّ لذّته في إخراجه أن تكون كلذّته في إدخاله، وإنما اللذة في مثل هذا بالمجاري، كنحو ما يعتري مجرى النّطفة من استلذاذ مرور النّطفة، فهذا شأن قلب الحمام ما في جوفه، وإخراجه بعد إدخاله. والتمساح يخرجه على أنّه رجعه ونجوه الذي لا مخرج له ولا فرج له في سواه. 642-[طبيعة الإنسان والحيوان في الطعام] وقد يعتري ذلك الإنسان لما يعرض من الدّاء، فلا يعرف إلّا الأكل والقيء، ولا يعرف النّجو إلّا في الحين على بعض الشّدّة. وليس ما عرض بسبب آفة كالذي يخرج على أصل تركيب الطبيعة. والسّنّور والكلب على خلاف ذلك كلّه، لأنهما يخرجانه بعارض يعرض لهما من خبث النّفس، ومن الفساد، ومن التّثوير والانقباض ثمّ يعودان بعد ذلك فيه من ساعتهما، مشتهيين له، حريصين عليه. والإنسان إذا ذرعه ذلك لم يكن شيء أبغض إليه منه، وربّما استقاء وتكلّف ذلك لبعض الأمر. وليس التكلف في هذا الباب إلّا له. وذوات الكروش كلها تقعص بجرّتها، فإذا أجادت مضغه أعادته، والجرّة هي الفرث، وأشدّ من ذلك أن تكون رجيعا، فهي تجيد مضغها وإعادتها إلى مكانها، إلّا أنّ ذلك ممّا لا يجوز أفواهها. وليس عند الحافر من ذلك قليل ولا كثير، بوجه من الوجوه.

_ [1] الخضم: الأكل بأقصى الأضراس «القاموس: خضم» .

643 -[القوة التناسلية لدى الحمام]

وقد يعتري سباع الطير شبيه بالقيء، وهو الذي يسمّونه «الزّمّج» [1] . وبعض السّمك يقيء قيئا ذريعا، كالبال [2] ، فإنّه ربّما دسع الدّسعة، فتلقى بعض المراكب، فيلقون من ذلك شدّة. والناقة الضجور ربّما دسعت بجرّتها في وجه الذي يرحلها أو يعالجها، فيلقى من ذلك أشدّ الأذى. ومعلوم أنّها تفعل ذلك على عمد. فلذوات الأقدام في ذلك مذهب، ولذوات الكروش من الظّلف والخفّ في ذلك مذهب، ولذوات الأنياب في ذلك مذهب، وللسّمك والتمساح الذي يشبه السّمك في ذلك مذهب. ويزعمون أن جوف التمساح إن هو إلّا معاليق فيه، وأنه في صورة الجراب، مفتوح الفم، مسدود الدّبر، ولم أحقّ ذلك، وما أكثر من لا يعرف الحال فيه. 643-[القوة التناسلية لدى الحمام] ثم رجع بنا القول في الحمام بعد أن استغنى ولده عنه، وبعد أن نزعت الرحمة منه، وذلك أنّه يبتدئ الذّكر الدّعاء والطرد، وتبتدئ الأنثى بالتأتّي والاستدعاء، ثمّ تزيف وتتشكّل، ثمّ تمكّن وتمنع، وتجيب وتصدف بوجهها، ثم يتعاشقان ويتطاوعان، ويحدث لهما من التغزّل والتفتّل ومن السّوف والقبل، ومن المصّ والرّشف، ومن التنفّخ والتنفّج، ومن الخيلاء والكبرياء، ومن إعطاء التقبيل حقه، ومن إدخال الفم في الفم، وذلك من التطاعم، وهي المطاعمة. وقال الشاعر [3] : [من البسيط] لم أعطها بيدي إذ بتّ أرشفها ... إلّا تطاول غصن الجيد بالجيد كما تطاعم في خضراء ناعمة ... مطوّقان أصاخا بعد تغريد هذا مع إرسالها جناحيها وكفّيها على الأرض، ومع تدرعها وتبعّلها ومع تصاوله وتطاوله، ومع تنفّجه وتنفّخه، مع ما يعتريه مع الحكة والتفلّي والتنفّش حتّى تراه وقد رمى فيه بمثله. ثمّ الذي ترى من كسحه بذنبه، وارتفاعه بصدره، ومن ضربه بجناحه، ومن

_ [1] الزمج: طائر دون العقاب حمرته غالبة، يصيد به الملوك الطير. حياة الحيوان 1/538. [2] البال: حوت عظيم، جناحه كالشراع الظيم. وأهل المراكب يخافون منها أعظم خوف. حياة الحيوان 1/159. [3] البيتان بلا نسبة في اللسان والتاج (طعم) ، والثاني في أساس البلاغة (طعم) ، والتهذيب 2/192، وتقدم البيتان في الفقرة (566) ، مع بيت ثالث.

644 -[الشبق المفرط في البغال]

فرحه ومرحه بعد قمطه والفراغ من شهوته، ثمّ يعتريه ذلك في الوقت الذي يفتر فيه أنكح النّاس. وتلك الخصلة يفوق بها جميع الحيوان، لأنّ الإنسان الذي هو أكثر الخلق في قوّة الشهوة، وفي دوامها في جميع السّنة، وأرغب الحيوان في التصنّع والتغزل، والتشكّل [1] والتفتّل أفتر ما يكون إذا فرغ، وعندها يركبه الفتور، ويحبّ فراق الزّوج، إلى أن يعود إلى نشاطه، وترجع إليه قوّته. والحمام أنشط ما يكون وأفرح، وأقوى ما يكون وأمرح، مع الزّهو والشكل، واللهو والجذل، أبرد ما يكون الإنسان وأفتره، وأقطع ما يكون وأقصره. هذا، وفي الإنسان ضروب من القوى: أحدها فضل الشّهوة، والأخرى دوام الشهوة في جميع الدّهر، والأخرى قوة التصنّع والتكلف، وأنت إذا جمعت خصاله كلها كانت دون قوّة الحمام عند فراغه من حاجته وهذه فضيلة لا ينكرها أحد، ومزيّة لا يجحدها أحد!! 644-[الشبق المفرط في البغال] ويقال: إنّ النّاس لم يجدوا مثل نشاط الحمام في وقت فترة الإنسان إلّا ما وجدوه في البغال؛ فإنّ البغال تحمل أثقالا عشيّة، فتسير بقيّة يومها وسواد ليلتها، وصدر نهار غدها، حتّى إذا حطّوا عن جميع ما كان محمّلا من أصناف الدواب أحمالها، لم يكن لشيء منها همّة، ولا لمن ركبها من النّاس إلّا المراغة [2] والماء والعلف، وللإنسان الاستلقاء ورفع الرّجلين والغمز والتأوّه، إلّا البغال فإنها في وقت إعياء جميع الدواب وشدّة كلالها، وشغلها بأنفسها ممّا مرّ عليها، ليس عليها عمل إلّا أن تدلي أيورها وتشظّ [3] وتضرب بها بطونها؛ وتحطها وترفعها. وفي ذلك الوقت لو رأى المكاري امرأة حسناء لما انتشر لها ولا همّ بها. ولو كان منعظا ثم اعتراه بعض ذلك الإعياء لنسي الإنعاظ [4] . وهذه خصلة تخالف فيها البغال جميع الحيوان، وتزعم العملة [5] أنّها تلتمس

_ [1] الشكل: الغنج والدلاب «القاموس: شكل» . [2] تمرغ في التراب: تقلّب فيه، والاسم منه المراغة «القاموس: مرغ» . [3] تشظ: تنعظ «القاموس: شظ» . [4] انظر مثل هذا الخبر في رسائل الجاحظ 2/324. [5] العملة: العمال.

645 -[نشاط الأتراك]

بذلك الرّاحة وتتداوى به. فليس العجب- إن كان ذلك حقّا- إلّا في إمكان ذلك لها في ذلك الوقت، وذلك لا يكون إلّا عن شهوة وشبق مفرط. 645-[نشاط الأتراك] وشبه آخر وشكل من ذلك، كالذي يوجد عند الأتراك عند بلوغ المنزل بعد مسير اللّيل كلّه وبعض النّهار، فإن النّاس في ذلك الوقت ليس لهم إلّا أن يتمددوا ويقيّدوا دوابّهم. والتركي في ذلك الوقت إذا عاين ظبيا أو بعض الصّيد، ابتدأ الرّكض بمثل نشاطه قبل أن يسير ذلك السير، وذلك وقت يهمّ فيه الخارجيّ والخصيّ أنفسهما؛ فإنّهما المذكوران بالصّبر على ظهر الدّابّة. 646-[فطام البهائم أولادها] وليس في الأرض بهيمة تفطم ولدها عن اللّبن دفعة واحدة، بل تجد الظّبية أو البقرة أو الأتان أو الناقة، إذا ظنت أنّ ولدها قد أطاق الأكل منعته بعض المنع، ثمّ لا تزل تنزّل ذلك المنع وترتبه وتدرّجه، حتّى إذا علمت أنّ به غنّى عنها إن هي فطمته فطاما لا رجعة فيه، منعته كلّ المنع. والعرب تسمّي هذا التّدبير من البهائم التّعفير، ولذلك قال لبيد [1] : [من الكامل] لمعفّر قهد تنازع شلوه ... غبس كواسب ما يمنّ طعامها وعلى مثل هذه السّيرة والعادة يكون عمل الحمام في فراخه. 647-[من عجيب أمر الحمام] ومن عجيب أمر الحمام أنّه يقلب بيضه، حتى يصير الذي كان منه يلي الأرض يلي بدن الحمام من بطنه وباطن جناحه، حتّى يعطي جميع البيضة نصيبها من الحضن، ومن مسّ الأرض، لعلمها أن خلاف ذلك العمل يفسده. وخصلة أخرى محمودة في الحمام، وذلك أنّ البغل المتولّد بين الحمار والرّمكة لا يبقى له نسل، والرّاعبي المتولّد فيما بين الحمام والورشان، يكثر نسله ويطول عمر ولده. والبخت والفوالج، إن ضرب بعضها بعضا خرج الولد منقوص

_ [1] ديوان لبيد 308، واللسان والتاج (قهد، عفر، منن) ، والتهذيب 6/57، 13/348، والمقاييس 4/67، والمجمل 3/384، وديوان الأدب 1/104، 3/135، وكتاب الجيم 3/116.

648 -[مما أشبه فيه الحمام الناس]

الخلق لا خير فيه. والحمام كيفما أدرته، وكيفما زاوجت بين متّفقها ومختلفها، يكون الولد تامّ الخلق، مأمول الخير. فمن نتاج الحمام إذا كان مركبا مشتركا ما هو كالرّاعبي والورداني. وعلى أنّ للورداني غرابة لون وظرافة قدّ، للرّاعبيّ فضيلة في عظم البدن والفراخ، وله من الهديل والقرقرة ما ليس لأبويه، حتىّ صار ذلك سببا للزّيادة في ثمنه، وعلّة للحرص على اتّخاذه. والغنم على قسمين: ضأن ومعز، والبقر على قسمين: أحدهما الجواميس إلا ما كان من بقر الوحش. والظّلف إذا اختلفا لم يكن بينهما تسافد ولا تلاقح، فهذه فضيلة للحمام في جهة الإنسال والإلقاح، واتّساع الأرحام لأصناف القبول. وعلى أنّ بين سائر أجناس الحمام من الوراشين، والقماريّ، والفواخت، تسافدا وتلاقحا. 648-[مما أشبه فيه الحمام الناس] وممّا أشبّه فيه الحمام النّاس، أنّ ساعات الحضن أكثرها على الأنثى، وإنّما يحضن الذّكر في صدر النهار حضنا يسيرا، والأنثى كالمرأة التي تكفل الصبيّ فتفطمه وتمرّضه، وتتعهده بالتمهيد والتّحريك. حتّى إذا ذهب الحضن وانصرم وقته، وصار البيض فراخا كالعيال في البيت، يحتاجون إلى الطّعام والشّراب، صار أكثر ساعات الزّقّ على الذّكر كما كان أكثر ساعات الحضن على الأنثى. وممّا أشبه فيه الحمام النّاس ما قال مثنّى بن زهير وهو إمام النّاس في البصرة بالحمام وكان جيّد الفراسة، حاذقا بالعلاج، عارفا بتدبير الخارجيّ إذا ظهرت فيه مخيلة الخير- واسم الخارجيّ عندهم: المجهول- وعالما بتدبير العريق المنسوب إذا ظهرت فيه علامات الفسولة وسوء الهداية. وقد يمكن أن يخلف ابن قرشيّين ويندب ابن خوزيّ [1] من نبطيّة. وإنما فضّلنا نتاج العلية على نتاج السّفلة لأنّ نتاج النّجابة فيهم أكثر، والسّقوط في أولاد السفلة أعمّ، فليس بواجب أن يكون السفلة لا تلد إلّا السفلة والعلية لا تلد إلّا العلية، وقد يلد المجنون العاقل والسخيّ البخيل، والجميل القبيح. وقد زعم الأصمعي أنّ رجلا من العرب قال لصاحب له: إذا تزوّجت امرأة من العرب فانظر إلى أخوالها، وأعمامها، وإخوتها، فإنها لا تخطئ الشبّه بواحد منهم! وإن كان هذا الموصي والحكيم، جعل ذلك حكما عامّا فقد أسرف في القول، وإن كان ذهب إلى التّخويف والزّجر والترهيب كي يختار لنفسه، ولأنّ المتخيّر أكثر نجابة فقد أحسن.

_ [1] الخوزي: نسبة إلى خوزستان.

وقال مثنّى بن زهير [1] : لم أر قطّ في رجل وامرأة إلّا وقد رأيت مثله في الذّكر والأنثى من الحمام: رأيت حمامة لا تريد إلّا ذكرها، كالمرأة لا تريد إلّا زوجها وسيّدها، ورأيت حمامة لا تمنع شيئا من الذّكورة، ورأيت امرأة لا تمنع يد لامس، ورأيت الحمامة لا تزيف إلا بعد طرد شديد وشدة طلب، ورأيتها تزيف لأوّل ذكر يريدها ساعة يقصد إليها، ورأيت من النساء كذلك، ورأيت حمامة لها زوج وهي تمكن ذكرا آخر لا تعدوه، ورأيت مثل ذلك من النساء، ورأيتها تزيف لغير ذكرها وذكرها يراها، ورأيتها لا تفعل ذلك إلّا وذكرها يطير أو يحضن، ورأيت الحمامة تقمط الحمام الذكور، ورأيت الحمامة تقمط الحمامة، ورأيت أنثى كانت لي لا تقمط إلا الإناث، ورأيت أخرى تقمط الإناث فقط، ولا تدع أنثى تقمطها. قال: ورأيت ذكرا يقمط الذّكورة وتقمطه؛ ورأيت ذكرا يقمطها ولا يدعها تقمطه، ورأيت أنثى تزيف للذّكورة ولا تدع شيئا منها يقمطها. قال: ورأيت هذه الأصناف كلّها في السّحّاقات من المذكّرات والمؤنثات، وفي الرّجال الحلقيّين [2] واللّوطيّين. وفي الرجال من لا يريد النساء، وفي النساء من لا يريد الرجال. قال: وامتنعت عليّ خصلة، فو الله لقد رأيت من النساء من تزني أبدا وتساحق أبدا ولا تتزوج أبدا، ومن الرجال من يلوط أبدا، ويزني أبدا ولا يتزوّج، ورأيت حماما ذكرا يقمط ما لقي ولا يزاوج. ورأيت حمامة تمكّن كلّ حمام أرادها من ذكر وأنثى، وتقمط الذكورة والإناث، ولا تزاوج. ورأيتها تزاوج ولا تبيض، وتبيض فيفسد بيضها؛ كالمرأة تتزوّج وهي عاقر، وكالمرأة تلد وتكون خرقاء ورهاء. ويعرض لها الغلظة والعقوق للأولاد، كما يعتري ذلك العقاب. وأمّا أنا فقد رأيت الجفاء للأولاد شائعا في اللّواتي حملن من الحرام ولرّبما ولدت من زوجها، فيكون عطفها وتحنّنها كتحنن العفيفات السّتيرات، فما هو إلّا أن تزني أو تقحب فكأنّ الله لم يضرب بينها وبين ذلك الولد بشبكة رحم، وكأنّها لم تلده. قال مثنّى بن زهير: ورأيت ذكرا له أنثيان وقد باضتا منه، وهو يحضن مع هذه

_ [1] انظر الخبر في عيون الأخبار 2/91، والعقد الفريد 6/240، ومحاضرات الأدباء 4/660. [2] الحلقي: من ألفاظ المولدين، وتعني: الذي فسد عضوه فانعكس ميل شهوته. انظر شفاء الغليل 70.

649 -[معرفة مثنى بن زهير بالحمام]

ومع تلك، ويزقّ مع هذه ومع تلك، ورأيت أنثى تبيض بيضة، ورأيت أنثى تبيض في أكثر حالاتها ثلاث بيضات. وزعم أنّه إنّما جزم بذلك فيها ولم يظنه بالذّكر، لأنّها قد كانت قبل ذلك عند ذكر آخر، وكانت تبيض كذلك. ورأيت أنا حمامة في المنزل لم يعرض لها ذكر إلّا اشتدّت نحوه بحدّة ونزق وتسرّع، حتى تنقر أين صادفت منه، حتى يصدّ عنها كالهارب منها، وكان زوجها جميلا في العين رائعا، وكان لها في المنزل بنون وبنو بنين وبنات وبنات بنات، وكان في العين كأنّه أشبّ من جميعهنّ. وقد بلغ من حظوته أني قلّما رأيته أراد واحدة من عرض تلك الإناث فامتنعت عليه، وقد كن يمتنعن من غيره، فبينا أنا ذات يوم جالس بحيث أراهنّ إذ رأيت تلك الأنثى قد زافت لبعض بنيها! فقلت لخادمي: ما الذي غيّرها عن ذلك الخلق الكريم؟ فقال: إني رحّلت زوجها من القاطول [1] فذهب، ولهذا شهر. فقلت: هذا عذر! قال مثنّى بن زهير: وقد رأيت الحمامة تزاوج هذا الحمام، ثم تتحول منه إلى آخر، ورأيت ذكرا فعل مثل ذلك في الإناث، ورأيت الذّكر كثير النّسل قويا على القمط، ثمّ يصفي كما يصفي الرّجل إذا أكثر من النّسل والجماع. ثمّ عدّد مثنّى أبوابا غير ما حفظت ممّا يصاب مثله في الناس. 649-[معرفة مثنّى بن زهير بالحمام] وزعموا أنّ مثنّى كان ينظر إلى العاتق [2] والمخلف، فيظن أنّه يجيء من الغاية فلا يكاد ظنه يخطئ. وكان إذا أظهر ابتياع حمام أغلوه عليه، وقالوا: لم يطلبه إلّا وقد رأى فيه علامة المجيء من الغاية، وكان يدسّ في ذلك ففطنوا له وتحفظوا منه، فربّما اشترى نصفه وثلثه، فلا يقصّر عند الزّجال من الغاية. وكان له خصيّ يقال له خديج، يجري مجراه، فكانا إذا تناظرا في شأن طائر لم تخلف فراستهما.

_ [1] القاطول: اسم نهر كأنه مقطوع من دجلة؛ وهو نهر كان في موضع سامرا قبل أن تعمّر. معجم البلدان 4/299. [2] العاتق: فرخ الطائر إذا طار واستقل «القاموس: عتق» .

650 -[المدة التي يبيض فيها الحمام والدجاج]

650-[المدة التي يبيض فيها الحمام والدجاج] قال: والحمام تبيض عشرة أشهر من السّنة، فإذا صانوه وحفظوه، وأقاموا له الكفاية وأحسنوا تعهّده، باض في جميع السّنة. قالوا: والدّجاجة تبيض في كلّ السّنة خلا شهرين. 651-[ضروب من الدجاج] ومن الدّجاج ما هو عظيم الجثّة، يبيض بيضا كبيرا، وما أقل ما يحضن، ومن الدجاج ما يبيض ستّين بيضة، وأكثر الدجاج العظيم الجثّة يبيض أكثر من الصغير الجثّة. قال: أما الدّجاج التي نسبت إلى أبي ريانوس الملك، فهو طويل البدن ويبيض في كلّ يوم، وهي صعبة الخلق وتقتل فراريجها. ومن الدّجاج الذي يربّى في المنازل ما يبيض مرّتين في اليوم، ومن الدجاج ما إذا باض كثيرا مات سريعا، لذلك العرض. 652-[عدد مرات البيض عند الطيور] قال: والخطّاف تبيض مرّتين في السّنة، وتبني بيتها في أوثق مكان وأعلاه. فأمّا الحمام والفواخت، والأطرغلّات والحمام البريّ، فإنّها تبيض مرّتين في السنة، والحمام الأهليّ يبيض عشر مرات. وأما القبج والدّرّاج فهما يبيضان بين العشب، ولا سيما فيما طال شيّا والتوى. 653-[خروج البيضة] وإذا باض الطّير بيضا لم تخرج البيضة من حدّ التحديد والتّلطيف، بل يكون الذي يبدأ بالخروج الجانب الأعظم، وكان الظنّ يسرع إلى أنّ الرأس المحدّد هو الذي يخرج أوّلا. قال: وما كان من البيض مستطيلا محدّد الأطراف فهو للإناث، وما كان مستديرا عريض الأطراف فهو للذّكور. قال: والبيضة عند خروجها ليّنة القشر. غير جاسية [1] ولا يابسة ولا جامدة. 654-[بيض الريح والتراب] قال [2] : والبيض الذي يتولد من الريح والتّراب أصغر وألطف، وهو في الطّيب

_ [1] جاسية: صلبة «القاموس: جسي» . [2] عيون الأخبار 2/92.

655 -[أثر حضن الطائر]

دون الآخر. ويكون بيض الرّيح من الدجاج والقبج، والحمام، والطاوس، والإوزّ. 655-[أثر حضن الطائر] قال: وحضن الطائر وجثومه على البيض صلاح لبدن الطائر، كما يكون صلاحا لبدن البيض. ولا كذلك الحضن على الفراخ والفراريج فربما هلك الطائر عن ذلك السبب. 656-[تكوّن بيض الريح] وزعم ناس أن بيض الرّيح [1] إنما تكوّن من سفاد متقدّم. وذلك خطأ من وجهين: أمّا أحدهما فأن ذلك قد عرف من فراريج لم يرين ديكا قط. والوجه الآخر: أن بيض الريح لم يكن منه فرّوج قطّ إلّا أن يسفد الدجاجة ديك، بعد أن يمضي أيضا خلق البيض. 657-[معارف شتى في البيض] قال: وبيض الصّيف المحضون أسرع خروجا منه في الشتاء ولذلك تحضن الدجاجة البيضة في الصّيف خمس عشرة ليلة. قال: وربّما عرض غيم في الهواء أو رعد، في وقت حضن الطائر، فيفسد البيض. وعلى كل حال ففساده في الصيف أكثر، والموت فيها في ذلك الزمان أعمّ. وأكثر ما يكون فساد البيض في الجنائب [2] ، ولذلك كان ابن الجهم لا يطلب من نسائه الولد إلّا والرّيح شمال. وهذا عندي تعرّض للبلاء، وتحّكك بالشرّ، واستدعاء للعقوبة. وقال: وبعضهم يسمّي بيض الرّيح: البيض الجنوبيّ، لأنّ أصناف الطّير تقبل الرّيح في أجوافها. وربّما أفرخ بيض الرّيح بسفاد كان، ولكنّ لونه يكون متغيّرا وإن سفد الأنثى طائر من غير جنسها، غيّر خلق ذلك المخلوق الذي كان من الذّكر المتقدّم. وهو في الديكة أعمّ. ويقولون [3] : إنّ البيض يكون من أربعة أشياء: فمنه ما يكون من التّراب، ومنه

_ [1] انظر عيون الأخبار 2/92. [2] الجنائب: جمع جنوب، وهي الريح الجنوبية. [3] عيون الأخبار 2/92.

658 -[هديل الحمام]

ما يكون من السفاد، ومنه ما يكون من النّسيم إذا وصل إلى أرحامهن وفي بعض الزّمان، ومنه شيء يعتري الحجل وما شاكله في الطّبيعة، فإنّ الأنثى ربّما كانت على سفالة الريح التي تهبّ من شقّ الذكر في بعض الزمان فتحتشي من ذلك بيضا. ولم أرهم يشكون أن النّخلة المطلعة تكون بقرب الفحّال وتحت ريحه، فتلقح بتلك الريح وتكتفي بذلك. قال: وبيض أبكار الطّير أصغر، وكذلك أولاد النساء. إلى أن تتسع الأرحام وتنتفخ الجنوب. 658-[هديل الحمام] ويكون هديل الحمام الفتيّ ضئيلا فإذا زقّ مرارا فتح الزّقّ جلدة غببه وحوصلته، فخرج الصّوت أغلظ وأجهر. 659-[حياة البكر] وهم لا يثقون بحياة البكر من النّاس كما يثقون بحياة الثاني، ويرون أنّ طبيعة الشباب والابتداء لا يعطيانه شيئا إلّا أخذه تضايق مكانه من الرّحم، ويحبّون أن تبكّر بجارية! وأظنّ أن ذلك إنما هو لشدّة خوفهم على الذكر. وفي الجملة لا يتيمّنون بالبكر الذكر. فإن كان البكر ابن بكر تشاءموا به، فإن كان البكر ابن بكرين فهو في الشؤم مثل قيس بن زهير، والبسوس، فإن قيسا كان أزرق وبكرا ابن بكرين. ولا أحفظ شأن البسوس حفظا أجزم عليه. 660-[ما يعتري الحمام والإوز بعد السفاد] قال: وأمّا الحمام فإنّه إذا قمط تنفّش وتكبّر ونفض ذنبه وضرب بجناحه، وأمّا الإوزّ فإنّه إذا سفد أكثر من السباحة، اعتراه في الماء من المرح مثل ما يعتري الحمام في الهواء. 661-[مدة تخلق البيض] قال: وبيض الدجاج يتمّ خلقه في عشرة أيام وأكثر شيئا، وأمّا بيض الحمام ففي أقلّ من ذلك. 662-[سبب احتباس بيض الحمامة] والحمامة ربّما احتبس البيض في جوفها بعد الوقت لأمور تعرض لها: إمّا لأمر عرض لعشّها وأفحوصها. وإمّا لنتف ريشها، وإمّا لعلّة وجع من أوجاعها وإمّا لصوت

663 -[تقبيل الحمام]

رعد؛ فإنّ الرّعد إذا اشتدّ لم يبق طائر على الأرض واقع إلّا عدا فزعا، وإن كان يطير رمى بنفسه إلى الأرض. قال علقمة بن عبدة [1] : [من الطويل] رغا فوقهم سقب السّماء فداحض ... بشكته لم يستلب وسليب كأنّهم صابت عليهم سحابة ... صواعقها لطيرهنّ دبيب 663-[تقبيل الحمام] قال: وليس التّقبيل إلّا للحمام والإنسان، ولا يدع ذلك ذكر الحمام إلّا بعد الهرم. وكان في أكثر الظّنّ أنّه أحوج ما يكون إلى ذلك التّهييج به عند الكبر والضّعف. وتزعم العوامّ أنّ تسافد الغربان هو تطاعمها بالمناقير، وأنّ إلقاحها إنّما يكون من ذلك الوجه. ولم أر العلماء يعرفون هذا. قال: وإناث الحمام إذا تسافدت أيضا قبّل بعضهنّ بعضا، ويقال إنّها تبيض عن ذلك، ولكن لا يكون عن ذلك البيض فراخ، وإنّه في سبيل بيض الريح. 664-[تكوّن الفرخ في البيضة] قال: ويستبين خلق الفراخ إذا مضت لها ثلاثة أيّام بليالها وذلك في شباب الدّجاج، وأمّا في المسانّ منها فهو أكثر، وفي ذلك الوقت توجد الصّفرة من النّاحية العليا من البيضة، عند الطرف المحدّد وحيث يكون أوّل نقرها، فثمّ يستبين في بياض البيضة مثل نقطة من دم، وهي تختلج وتتحرّك. والفرخ إنّما يخلق من البياض، ويغتذي الصّفرة، ويتمّ خلقه لعشرة أيّام. والرّأس وحده يكون أكبر من سائر البدن. 665-[البيض ذو الصفرتين] قال: ومن الدّجاج ما يبيض بيضا له صفرتان في بعض الأحايين، خبّرني بذلك كم شئت [2] من ثقات أصحابنا. وقال صاحب المنطق: وقد باضت فيما مضى دجاجة ثماني عشرة بيضة، لكلّ بيضة محّتان، ثمّ سخّنت وحضنت، فخرج من كلّ بيضة فرّوجان، ما خلا البيض

_ [1] ديوان علقمة 46، والمفضليات 395، والأول في اللسان والتاج (دحص) ، والتهذيب 4/230، والمقاييس 2/332، والمجمل 2/319، وبلا نسبة في الجمهرة 503، والثاني بلا نسبة في اللسان (صوب) ، والتهذيب 12/252. [2] هذه العبارة يستخدمها الجاحظ كثيرا، انظر رسائله 2/264.

666 -[معارف في البيض]

الذي كان فاسدا في الأصل. وقد يخرج من البيضة فرّوجان، ويكون أحدهما أعظم جثّة، وكذلك الحمام. وما أقلّ ما يغادر الحمام أن يكون أحد الفرخين ذكرا والآخر أنثى. 666-[معارف في البيض] قال: وربّما باضت الحمامة وأشباهها من الفواخت ثلاث بيضات، فأمّا الأطر غلّات والفواخت فإنها تبيض بيضتين، وربّما باضت ثلاث بيضات ولكن لا يخرج منها أكثر من فرخين، وربّما كان واحدا فقط. قال: وبعض الطير لا يبيض إلّا بعد مرور الحول عليه كاملا، والحمامة في أكثر أمرها يكون أحد فرخيها ذكرا والآخر أنثى، وهي تبيض أوّلا البيضة التي فيها الذّكر، ثمّ تقيم يوما وليلة. ثمّ تبيض الأخرى، وتحضن ما بين السّبعة عشر يوما إلى العشرين، على قدر اختلاف طباع الزّمان، والذي يعرض لها من العلل. والحمامة أبرّ بالبيض، والحمام أبرّ بالفراخ. قال: وأمّا جميع أجناس الطير ممّا يأكل اللّحم، فلم يظهر لنا أنّه يبيض ويفرخ أكثر من مرّة واحدة، ما خلا الخطّاف فإنّه يبيض مرّتين. 667-[حضانة الطيور فراخها] والعقاب تبيض ثلاث بيضات، فيخرج لها فرخان. واختلفوا فقال بعضهم: لأنها لا تحضن إلّا بيضتين، وقال آخرون: قد تحضن ويخرج لها ثلاثة أفراخ، ولكنّها ترمي بواحد استثقالا للتكسّب على ثلاثة. وقال آخرون: ليس ذلك إلّا بما يعتريها من الضعف عن الصّيد، كما يعتري النّفساء من الوهن والضّعف. وقال آخرون: العقاب طائر سيّء الخلق، رديء التّربية، وليس يستعان على تربية الأولاد إلّا بالصّبر. وقال آخرون: لا، ولكنّها شديدة النّهم والشّره، وإذا لم تكن أمّ الفراخ ذات أثرة لها، ضاعت. وكذلك قالوا في العقعق [1] ، عند إضاعتها لفراخها، حتى قالوا: «أحمق من عقعق» [2] ، كما قالوا: «أحذر من عقعق» [3] .

_ [1] العقعق: طائر على قدر الحمامة وعلى شكل الغراب، وهو ذو لونين أبيض وأسود. حياة الحيوان 2/67. [2] المستقصى 1/83، وأمثال ابن سلام 365، ومجمع الأمثال 1/226، وجمهرة الأمثال 1/395، والدرة الفاخرة 1/155. [3] المستقصى 1/62، وجمهرة الأمثال 1/343، 396، والدرة الفاخرة 1/133، 2/441.

668 -[أجناس العقبان]

وقالوا: وأمّا الفرخ الذي يخرجه العقاب، فإنّ المكلّفة، وهي طائر يقال لها كاسر العظام، تقبله وتربّيه. والعقاب تحضن ثلاثين يوما، وكذلك كلّ طائر عظيم الجثّة، مثل الإوزّ وأشباه ذلك، فأمّا الوسط فهو يحضن عشرين يوما. مثل الحدأ ومثل أصناف البزاة كالبواشق واليآيئ. والحدأة تبيض بيضتين. وربّما باضت ثلاث بيضات وخرج منهمن ثلاثة فراخ. قالوا: وأما العقبان السّود الألوان، فإنّها تربّي وتحضن. وجميع الطير المعقّف المخالب تطرد فراخها من أعشاشها عند قوّتها على الطّيران. وكذلك سائر الأصناف من الطير، فإنّها تطرد الفراخ ثمّ لا تعرفها، ما عدا الغداف، فإنها لا تزال لولدها قابلة، ولحاله متفقّدة. 668-[أجناس العقبان] وقال قوم: إن العقبان والبزاة التّامّة، والجهاررانك، والسّمنان. والزّمامج والزّرارقة إنها كلّها عقبان. وأمّا الشّواهين والصّقورة واليوايئ، فإنها أجناس أخر. 669-[حضن الطير] قال: وقالوا: فراخ البزاة سمينة طيّبة جدّا. وأما الإوزة فإنها التي تحضن دون الذكر، وأمّا الغربان فعلى الإناث الحضن، والذكورة تأتي الإناث بالطّعمة. وأمّا الحجل فإنّ الزّوج منها يهيّئان للبيض عشّين وثيقين مقسومين عليهما، فيحضن أحدهما الذّكر، والآخر الأنثى، وكذلك هما في التّربية. وكلّ واحد منهما يعيش خمسا وعشرين سنة، ولا تلقح الأنثى بالبيض ولا يلقح الذكر إلّا بعد ثلاث سنين. 670-[الطاوس] قال: وأمّا الطّاوس فأوّل ما تبيض ثماني بيضات. وتبيض أيضا بيض الريح. والطاوس يلقي ريشه في زمن الخريف إذا بدا أوّل ورق الشّجر يسقط. وإذا بدأ الشّجر يكتسي ورقا. بدأ الطاوس فاكتسى ريشا. 671-[ما ليس له عشّ من الطير] قال: وما كان من الطّير الثّقيل الجثّة فليس يهيئ لبيضه عشّا؛ من أجل أنّه لا

672 -[القبجة]

يجيد الطّيران، ويثقل عليه النهوض ولا يتحلّق، مثل الدّرّاج والقبج، وإنما يبيض على التّراب. وفراخ هذه الأجناس كفراريج الدّجاج، وكذلك فراريج البطّ الصّيني، فإنّ هذه كلّها تخرج من البيض كاسية كاسبة تلقط من ساعتها، وتكفي نفسها. 672-[القبجة] قال: وإذا دنا الصّيّاد من عشّ القبجة ولها فراخ، مرّت بين يديه مرّا غير مفيت، وأطمعته في نفسها ليتبعها، فتمرّ الفراخ في رجوعها إلى موضع عشّها. والفراخ ليس معها من الهداية ما مع أمّها. وعلى أنّ القبجة سيّئة الدّلالة والهداية، وكذلك كلّ طائر يعجّل له الكيس والكسوة، ويعجّل له الكسب في صغره. وهذا إنّما اعتراها لقرابة ما بينها وبين الدّيك. قال: فإذا أمعن الصّائد خلفها وقد خرجت الفراخ من موضعها، طارت وقد نحّته إلى حيث لا يهتدي الرّجوع منه إلى موضع عشّها، فإذا سقطت قريبا دعتها بأصوات لها، حتّى يجتمعن إليها. قال: وإناث القبج تبيض خمس عشرة بيضة إلى ستّ عشرة بيضة. قال: والقبج طير منكر وهي تفرّ ببيضها من الذّكر؛ لأنّ الأنثى تشتغل بالحضن عن طاعة الذّكر في طلب السّفاد. والقبج الذّكر يوصف بالقوّة على السّفاد، كما يوصف الدّيك والحجل والعصفور. قال: فإذا شغلت عنه بالحضن، ظلب مواضع بيضها حتى يفسده فلذلك ترتاد الأنثى عشّها في مخابئ إذا أحسّت بوقت البيض. 673-[وثوب الذكورة على الذكورة] وإذا قاتل بعض ذكورة القبج بعضا فالمغلوب منها مسفود والغالب سافد. وهذا العرض يعرض للدّيكة ولذكور الدّراريج، فإذا دخل بين الدّيكة ديك غريب، فما أكثر ما تجتمع عليه حتّى تسفده!. وسفاد ذكورة هذه الأجناس إنما يعرض لها لهذه الأسباب، فأمّا ذكورة الحمير والخنازير والحمام، فإنّ ذكورها تثب على بعض من جهة الشّهوة. وكان عند يعقوب بن صباح الأشعثيّ، هرّان ضخمان، أحدهما يكوم الآخر متى أراده، من غير إكراه، ومن غير أن يكون المسفود يريد من السّافد مثل ما يريد

674 -[صيد البزاة للحمام]

منه السّافد. وهذا الباب شائع في كثير من الأجناس، إلّا أنّه في هذه الأجناس أوجد. 674-[صيد البزاة للحمام] ثمّ رجع بنا القول إلى ذكر الحمام، من غير أن يشاب بذكر غيره. زعم صاحب المنطق أنّ البزاة عشرة أجناس، فمنها ما يضرب الحمامة والحمامة جاثمة، ومنها ما لا يضرب الحمام إلّا وهو يطير، ومنها ما لا يضرب الحمام في حال طيرانه ولا في حال جثومه، ولا يعرض له إلّا أن يجده في بعض الأغصان، أو على بعض الأنشاز والأشجار. فعدّد أجناس صيدها، ثمّ ذكر أنّ الحمام لا يخفى عليه في أوّل ما يرى البازي في الهواء أيّ البزاة هو، وأيّ نوع صيده، فيخالف ذلك. ولمعرفة الحمام بذلك من البازي أشكال: أوّل ذلك أنّ الحمام في أوّل نهوضه يفصل بين النّسر والعقاب، وبين الرّخمة والبازي، وبين الغراب والصّقر؛ فهو يرى الكركيّ والطّبرزين [1] ولا يستوحش منهما! ويرى الزّرّق فيتضاءل. فإن رأى الشّاهين فقد رأى السّمّ الذعاف الناقع. 675-[إحساس الحيوان بعدوّه] والنّعجة ترى الفيل والزّندبيل [2] والجاموس والبعير، فلا يهزّها ذلك، وترى السّبع وهي لم تره قبل ذلك، وعضو من أعضاء تلك البهائم أعظم وهي أهول في العين وأشنع، ثمّ ترى الأسد فتخافه. وكذلك الببر [3] والنمر. فإن رأت الذئب وحده اعتراها منه وحده مثل ما اعتراها من تلك الأجناس لو كانت مجموعة في مكان واحد. وليس ذلك عن تجربة، ولا لأنّ منظره أشنع وأعظم، وليس في ذلك علّة إلّا ما طبعت عليه من تمييز الحيوان عندها. فليس بمستنكر أن تفصل الحمامة بين البازي والبازي، كما فصلت بين البازي والكركيّ. فإن زعمت أنّها تعرف بالمخالب فمنقار الكركيّ أشنع وأعظم وأفظع، وأطول وأعرض. فأمّا طرف منقار الأبغث فما كان كلّ سنان وإن كان مذرّبا [4] ليبلغه.

_ [1] الطبرزين: الفأس التي يعلقها الفارس في سرج جواده. انظر المعرب للجواليقي 194. [2] الزندبيل: الفيل الكبير. حياة الحيوان 1/540. [3] الببر: ضرب من السباع، يسابق الأسد، يقال إنه متولد من الزبرقان واللبوة. حياة الحيوان 1/159. [4] المذرب: المحدد «القاموس: ذرب» .

676 -[بلاهة الحمام]

676-[بلاهة الحمام] قال صاحب الدّيك: وكيف يكون للحمام من المعرفة والفطنة ما تذكرون، وقد جاء في الأثر [1] : «كونوا بلها كالحمام» ! وقال صاحب الدّيك: تقول العرب: «أخرق من حمامة» [2] ، وممّا يدل على ذلك قول عبيد بن الأبرص [3] : [من مجزوء الكامل] عيّوا بأمرهم كما ... عيّت ببيضتها الحمامه جعلت لها عودين من ... نشم وآخر من ثمامه فإن كان عبيد إنما عنى حمامة من حمامكم هذا الذي أنتم به تفخرون، فقد أكثرتم في ذكر تدبيرها لمواضع بيضها، وإحكامها لصنعة عشاشها وأفاحيصها. وإن قلتم: إنّه إنما عنى بعض أجناس الحمام الوحشي والبرّيّ، فقد أخرجتم بعض الحمام من حسن التّدبير. وعبيد لم يخصّ حماما دون حمام. 677-[رغبة عثمان في ذبح الحمام] وحدّث أسامة بن زيد قال: سمعت بعض أشياخنا منذ زمان، يحدّث أنّ عثمان ابن عفّان- رضي الله تعالى عنه- أراد أن يذبح الحمام ثمّ قال: «لولا أنّها أمّة من الأمم لأمرت بذبحهن، ولكن قصّوهنّ» . فدلّ بقوله: قصّوهنّ على أنّها إنما تذبح لرغبة من يتّخذهنّ، ويلعب بهنّ من الفتيان والأحداث والشّطّار، وأصحاب المراهنة والقمار، والذين يتشرّفون على حرم الناس والجيران، ويختدعون بفراخ الحمام أولاد النّاس، ويرمون بالجلاهق [4] وما أكثر من قد فقأ عينا وهشم أنفا، وهتم فما، وهو لا يدري ما يصنع، ولا يقف على مقدار ما ركب به القوم. ثم تذهب جنايته هدرا؛ ويعود ذلك الدّم مطلولا بلا عقل ولا قود ولا قصاص ولا أرش؛ إذ كان صاحبه مجهولا.

_ [1] ورد الأثر في البيان والتبيين 2/242. وعيون الأخبار 2/72، ومحاضرات الراغب 2/300. [2] مجمع الأمثال 1/255، وجمهرة الأمثال 1/431، والمستقصى 1/99، وأمثال ابن سلام 366، وثمار القلوب (682) . [3] ديوان عبيد ابن الأبرص 126، وعيون الأخبار 2/72، وهما لسلامة بن جندل في ديوانه 248، والنظام الغريب 208. [4] الجلاهق كلمة فارسية تعنى الطين المدور الذي يرمى به عن القوس، انظر المعرب للجواليقي 42.

678 -[أمن حمام مكة وغزلانها]

وعلى شبيه بذلك كان عمر- رضي الله عنه- أمر بذبح الدّيكة وأمر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بقتل الكلاب [1] . قالوا: ففيما ذكرنا دليل على أنّ أكل لحوم الكلاب لم يكن من دينهم ولا أخلاقهم، ولا من دواعي شهواتهم. ولولا ذلك لما جاء الأثر عن النبيّ- صلّى الله عليه وسلم- وعمر وعثمان- رضي الله تعالى عنهما بذبح الدّيكة والحمام، وقتل الكلاب. ولولا أنّ الأمر على ما قلنا، لقالوا: اقتلوا الدّيوك والحمام كما قال: اقتلوا الكلاب. وفي تفريقهم بينها دليل على افتراق الحالات عندهم. قال: حدّثني أسامة بن زيد، وإبراهيم بن أبي يحيى، أنّ عثمان شكوا إليه الحمام، وأنّه قال: «من أخذ منهنّ شيئا فهو له» . وقد علمنا أنّ اللفظ وإن كان قد وقع على شكاية الحمام، فإن المعنى إنّما هو على شكاية أصحاب الحمام؛ لأنّه ليس في الحمام معنى يدعو إلى شكاية. قال: وحدّثنا عثمان قال: سئل الحسن عن الحمام الذي يصطاده النّاس، قال: لا تأكله، فإنّه من أموال الناس! فجعله مالا، ونهى عن أكله بغير إذن أهله. وكلّ ما كان مالا فيبيعه حسن وابتياعه حسن. فكيف يجوز لشيء هذه صفته أن يذبح، إلّا أن يكون ذلك على طريق العقاب والزّجر لمن اتّخذه لما لا يحلّ!!. قال: ورووا عن الزّهري عن سعيد بن المسيّب قال: نهى عثمان عن اللعب بالحمام، وعن رمي الجلاهق. فهذا يدلّ على ما قلنا. 678-[أمن حمام مكة وغزلانها] والناس يقولون: «آمن من حمام مكّة، ومن غزلان مكة» [2] . وهذا شائع على جميع الألسنة، لا يردّ أحد ممن يعرف الأمثال والشّواهد. قال عقيبة الأسديّ لابن الزّبير: [من الكامل] مازلت مذ حجج بمكة محرما ... في حيث يأمن طائر وحمام فلتنهضنّ العيس تنفخ في البرا ... يجتبن عرض مخارم الأعلام [3] أبنو المغيرة مثل آل خويلد؟! ... يا للرّجال لخفّة الأحلام!

_ [1] انظر ما تقدم في الفقرة (225) . [2] المستقصى 1/9، ومجمع الأمثال 1/87، والدرة الفاخرة 1/69. [3] البرا: جمع برة، وهي الحلقة في أنف البعير «القاموس: برّ» .

وقال النابغة في الغزلان وأمنها، كقول جميع الشّعراء في الحمام: [من البسيط] والمؤمن العائذات الطير تمسحها ... ركبان مكّة بين الغيل والسّعد [1] ولو أنّ الظّباء ابتليت ممّن يتّخذها بمثل الذي ابتليت به الحمام ثمّ ركبوا المسلمين في الغزلان بمثل ما ركبوهم به في الحمام، لساروا في ذبح الغزلان كسيرتهم في ذبح الحمام. وقالوا [2] : إنّه ليبلغ من تعظيم الحمام لحرمة البيت الحرام، أنّ أهل مكة يشهدون عن آخرهم أنّهم لم يروا حماما قطّ سقط على ظهر الكعبة، إلّا من علة عرضت له. فإن كانت هذه المعرفة اكتسابا من الحمام فالحمام فوق جميع الطير وكلّ ذي أربع. وإن كان هذا إنّما كان من طريق الإلهام، فليس ما يلهم كما لا يلهم. وقال الشّاعر في أمن الحمام: [من الوافر] لقد علم القبائل أنّ بيتي ... تفرّع في الذّوائب والسّنام [3] وأنّا نحن أول من تبنّى ... بمكّتها البيوت مع الحمام وقال كثيّر- أو غيره من بني سهم [4]- في أمن الحمام: [من الخفيف] لعن الله من يسبّ عليّا ... وحسينا من سوقة وإمام أيسبّ المطيّبون جدودا ... والكرام الأخوال والأعمام يأمن الظبي والحمام ولا يأ ... من آل الرّسول عند المقام!! رحمة الله والسّلام عليهم ... كلما قام قائم بسلام وذكر شأن ابن الزبير وشأن ابن الحنفيّة، فقال [5] : [من الطويل] ومن ير هذا الشّيخ بالخيف من منى ... من النّاس يعلم أنّه غير ظالم

_ [1] ديوان النابغة الذبياني 25، والمقاييس 1/135، وفي ديوانه: (قوله «والمؤمن العائذات» يعني الله تعالى أمّنها أن تهاج أو تصاد في الحرم، والعائذات: التي عاذت بالحرم. والغيل: الشجر الملتف، وكذلك السعد) . [2] ثمار القلوب 13 (67) . [3] البيتان للزبير بن عبد المطلب في المؤتلف والمختلف 130- 131. [4] الأبيات لكثير بن كثير بن المطلب السهمي في معجم الشعراء 240، ونسب قريش 60، ولكثير عزة في ديوانه 537، وثمار القلوب (678- 679) ، ولعبد الله بن كثير السهمي في البيان والتبيين 3/360، وبلا نسبة في الرسالة البغدادية 54. [5] الأبيات لمحمد بن كثير في معجم البلدان 4/66 (عارم) ، ولكثير عزة في ديوانه 224- 225، واللسان والتاج (لزم) ، والكامل 1124، 1193 (الدالي) ، والعقد الفريد 4/413.

679 -[حمامة نوح وطوقها]

سميّ النبيّ المصطفى وابن عمّه ... وفكّاك أغلال ونفّاع غارم أبى فهو لا يشري هدى بضلالة ... ولا يتّقي في الله لومة لائم ونحن بحمد الله نتلو كتابه ... حلولا بهذا الخيف خيف المحارم بحيث الحمام آمنات سواكن ... وتلقى العدوّ كالوليّ المسالم 679-[حمامة نوح وطوقها] قال صاحب الحمام [1] : أمّا العرب والأعراب والشّعراء، فقد أطبقوا على أنّ الحمامة هي التي كانت دليل نوح ورائده، وهي التي استجعلت [2] عليه الطّوق الذي في عنقها، وعند ذلك أعطاها الله تعالى تلك الحلية؛ ومنحها تلك الزّينة، بدعاء نوح عليه السلام، حين رجعت إليه ومعها من الكرم ما معها، وفي رجليها من الطّين والحمأة ما برجليها، فعوّضت من ذلك الطّين خضاب الرّجلين، ومن حسن الدّلالة والطّاعة طوق العنق. 680-[شعر في طوق الحمامة] وفي طوقها يقول الفرزدق [3] : [من الوافر] فمن يك خائفا لأذاة شعري ... فقد أمن الهجاء بنو حرام هم قادوا سفيههم وخافوا ... قلائد مثل أطواق الحمام وقال في ذلك بكر بن النّطّاح [4] : [من الطويل] إذا شئت غنّتني ببغداد قينة ... وإن شئت غنّاني الحمام المطوّق لباسي الحسام أو إزار معصفر ... ودرع حديد أو قميص مخلّق فذكر الطّوق، ووصفها بالغناء والإطراب. وكذلك قال حميد بن ثور [5] : [من الطويل] رقود الضّحى لا تعرف الجيرة القصا ... ولا الجيرة الأدنين إلّا تجشّما

_ [1] ثمار القلوب (679) . [2] استجعلت: طلبت الجعالة، وهي الرشوة. [3] البيتان للفرزدق في طبقات ابن سلام 325، وثمار القلوب 368 (681) والتشبيهات 229، والعمدة 1/66، والأول في اللسان والتاج (حرم) ، ولم يرد البيتان في ديوانه. [4] ديوان بكر بن النطاح 255، والعمدة 2/17. [5] ديوان حميد بن ثور 17- 27، وهي الأبيات (48، 50، 78، 89، 92، 93، 94) ، والوحشيات 193، والكامل 2/98، والبيتان التاليان في عيون الأخبار 4/145، والأول بلا نسبة في اللسان والتاج (قصر) ، والمقاييس 1/458، والمخصص 4/3.

وليست من اللائي يكون حديثها ... أمام بيوت الحيّ إنّ وإنّما ثمّ قال: وما هاج هذا الشّوق إلّا حمامة ... دعت ساق حرّ ترحة وترنّما [1] مطوّقة خطباء تصدح كلما ... دنا الصّيف وانجاب الربيع فأنجما [2] ثمّ قال بعد ذكر الطوق [3] : إذا شئت غنّتني بأجزاع بيشة ... أو النّخل من تثليث أو بيلملما عجبت لها، أنّى يكون غناؤها ... فصيحا ولم تفغر بمنطقها فما ولم أر محزونا له مثل صوتها ... ولا عربيّا شاقه صوت أعجما وقال في ذكر الطّوق- وأنّ الحمامة نوّاحة- عبد الله بن أبي بكر وهو شهيد يوم الطائف، وهو صاحب ابن صاحب [4] : [من الطويل] فلم أر مثلي طلّق اليوم مثلها ... ولا مثلها في غير جرم تطلّق أعاتك لا أنساك ما هبّت الصّبا ... وما ناح قمريّ الحمام المطوّق وقال جهم بن خلف، وذكرها بالنّوح، والغناء، والطّوق، ودعوة نوح؛ وهو قوله [5] : [من المتقارب] وقد شاقني نوح قمرية ... طروب العشيّ هتوف الضّحى من الورق نوّاحة باكرت ... عسيب أشاء بذات الغضا

_ [1] البيت له في معجم البلدان 5/428 (يبمبم) ، والحماسة البصرية 2/150، واللسان (حرر، سوق، حمم) ، والتاج (حرر، علط، سوق، وحى) ، والمقاييس 2/6، والمجمل 2/8، وبلا نسبة في العين 3/24. [2] اللسان (صدح، جول) ، والتاج (جول) . [3] الأبيات الثلاثة التالية في معجم البلدان 5/428 (يبمبم) . وهي عدا الأخير في ديوان المعاني 1/326، والأول منها في اللسان والتاج (فغر، غنا) ، وأساس البلاغة (فغر) ، وبلا نسبة في الخزانة 1/37، والثاني في اللسان (ببم) ، والتاج (ببم، يبمبم) ، والتهذيب 15/591. والأغاني 14/355. [4] الأبيات في الأغاني 18/59، وتزيين الأسواق 245، وذم الهوى 647، وربيع الأبرار 5/297، ونوادر المخطوطات 1/61، وأخبار النساء 214، وحياة الحيوان 2/222، والظرف والظرفاء 173- 174، وروضة المحبين 281- 282. [5] ورد البيت الأول والرابع منسوبا إلى جهم بن خلف في ثمار القلوب (681) ، والقصيدة منسوبة إلى أبي صفوان الأسدي في الأمالي 2/238، وسرور النفس 107.

681 -[نزاع صاحب الديك في الفخر بالطوق]

تغنّت عليه بلحن لها ... يهيّج للصّبّ ما قد مضى مطوّقة كسبت زينة ... بدعوة نوح لها إذ دعا فلم أر باكية مثلها ... تبكّي ودمعتها لا ترى أضلّت فريخا فطافت له ... وقد علقته حبال الرّدى فلما بدا اليأس منه بكت ... عليه، وماذا يردّ البكا وقد صاده ضرم ملحم ... خفوق الجناح حثيث النّجا [1] حديد المخالب عاري الوظي ... ف ضار من الورق فيه قنا ترى الطّير والوحش من خوفه ... جوامز منه إذا ما اغتدى 681-[نزاع صاحب الدّيك في الفخر بالطوق] قال صاحب الديك: وأمّا قوله: [من الوافر] مطوّقة كساها الله طوقا ... ولم يخصص به طيرا سواها كيف لم يخصص بالأطواق غير الحمام، والتّدارج أحقّ بالأطواق وأحسن أطواقا منها، وهي في ذكورتها أعمّ؟! وعلى أنّه لم يصف بالطّوق الحمامة التي فاخرتم بها الدّيك؛ لأنّ الحمامة ليست بمطوّقة، وإنما الأطواق لذكورة الوارشين وأشباه الوارشين، من نوائح الطّير وهواتفها ومغنّياتها. ولذلك قال شاعركم، حيث يقول [2] : [من الطويل] أعاتك لا أنساك ما هبّت الصّبا ... وما ناح قمريّ الحمام المطوّق وقال الآخر [3] : [من المتقارب] وقد شاقني نوح قمرية ... طروب العشيّ هتوف الضّحى ووصفها فقال: [من المتقارب] مطوّقة كسيت زينة ... بدعوة نوح لها إذ دعا فإن زعمتم أنّ الحمام والقمريّ واليمام والفواخت والدّباسيّ [4] والشّفانين

_ [1] الضرم: الشديد الجوع «القاموس: ضرم» . الملحم: الذي يطعم اللحم «القاموس: لحم» . حثيث النجا: السريع الطيران. [2] البيت لعبد الله بن أبي بكر؛ كما تقدم في الصفحة السابقة. [3] البيت لجهم بن خلف أو لأبي صفوان الأسدي؛ كما تقدم في الصفحة السابقة. [4] الدباسي: جمع دبسي، طائر صغير منسوب إلى دبس الرطب، وهو من الحمام البري. حياة الحيوان 1/466.

والوارشين حمام كلّه، قلنا: إنّا نزعم أنّ ذكورة التّدارج وذكورة القبج، وذكورة الحجل ديوك كلها. فإن كان ذلك كذلك، فالفخر بالطّوق نحن أولى به. قال صاحب الحمام [1] : العرب تسمّي هذه الأجناس كلها حماما، فجمعوها بالاسم العامّ، وفرّقوها بالاسم الخاص، ورأينا صورها متشابهة، وإن كان في الأجسام بعض الاختلاف، وفي الجثث بعض الائتلاف وكذلك المناقير. ووجدناها تتشابه من طريق الزّواج، ومن طريق الدّعاء والغناء والنّوح، وكذلك هي في القدود وصور الأعناق، وقصب الريش، وصيغة الرّؤوس والأرجل والسّوق والبراثن. والأجناس التي عددتم ليس يجمعها اسم ولا بلدة، ولا صورة ولا زواج. وليس بين الدّيكة وبين تلك الذّكورة نسب إلّا أنّها من الطّير الموصوفة بكثرة السّفاد، وأنّ فراخها وفراريجها تخرج من بيضها كاسية كاسبه. والبطّ طائر مثقل، وقد ينبغي أن تجعلوا فرخ البطّة فرّوجا، والأنثى دجاجة والذّكر ديكا، ونحن نجد الحمام، ونجد الوراشين، تتسافد وتتلاقح، ويجيء منها الراعبيّ والوردانيّ؛ ونجد الفواخت والقماريّ تتسافد وتتلاقح، مع ما ذكرنا من التشابه في تلك الوجوه. وهذا كلّه يدلّ على أنّ بعضها مع بعض كالبخت والعراب ونتائج ما بينهما، وكالبراذين والعتاق، وكلها خيل، وتلك كلها إبل. وليس بين التّدارج والقبج والحجل والدّجاج هذه الأمور التي ذكرنا. وعلى أنّا قد وجدنا الأطواق عامّة في ذوات الأوضاح من الحمام، لأنّ فيها من الألوان، ولها من الشّيات وأشكال وألوان الريش ما ليس لغيرها من الطّير. ولو احتججنا بالتّسافد دون التّلاقح، لكان لقائل مقال، ولكنّا وجدناها تجمع الخصلتين، لأنّا قد نجد سفهاء النّاس، ومن لا يتقّذر من الناس والأحداث ومن تشتدّ غلمته عند احتلامه، ويقلّ طروقه، وتطول عزبته؛ كالمعزب من الرّعاء فإنّ هذه الطّبقة من النّاس، لم يدعوا ناقة، ولا بقرة، ولا شاة، ولا أتانا، ولا رمكة، ولا حجرا، ولا كلبة، إلّا وقد وقعوا عليها. ولولا أنّ في نفوس النّاس وشهواتهم ما يدعو إلى هذه القاذورة، لما وجدت هذا العمل شائعا في أهل هذه الصفة، ولو جمعتهم لجمعت أكثر من أهل بغداد والبصرة. ثم لم يلقح واحد منهم شيئا من هذه الأجناس على أنّ بعض هذه الأجناس يتلقى ذلك بالشّهوة المفرطة.

_ [1] ثمار القلوب (681) .

682 -[ما وصف به الحمام من الإسعاد وحسن الغناء]

ولقد خبّرني من إخواني من لا أتّهم خبره أنّ مملوكا كان لبعض أهل القطيعة- أعني قطيعة الربيع- وكان ذلك المملوك يكوم بغلة وأنّها كانت تودق [1] وتتلمّظ وأنّها في بعض تلك الوقعات تأخّرت وهو موعب فيها ذكره تطلب الزيادة، فلم يزل المملوك يتأخّر وتتأخّر البغلة حتّى أسندته إلى زاوية من زوايا الإصطبل، فاضّغطته حتّى برد [2] ، فدخل بعض من دخل فرآه على تلك الحال فصاح بها فتنحّت وخرّ الغلام ميّتا [3] . وأخبرني صديق لي قال: بلغني عن برذون لزرقان المتكلّم، أنّه كان يدربخ [4] للبغال والحمير والبراذين حتى تكومه، قال: فأقبلت يوما في ذلك الإصطبل، فتناولت المجرفة [5] ، فوضعت رأس عود المجرفة [5] على مراثه وإنّه لأكثر من ذراع ونصف، وإنه لخشن غليظ غير محكوك الرأس ولا مملّسه، فدفعته حتى بلغ أقصى العود، وامتنع من الدّخول ببدن المجرفة. فحلف أنّه ما رآه تأطّر ولا انثنى. قال صاحب الحمام: فهذا فرق ما بيننا وبينكم. 682-[ما وصف به الحمام من الإسعاد وحسن الغناء] ونذكر ما وصف به الحمام من الإسعاد، ومن حسن الغناء والإطراب والنّوح والشّجا. قال الحسن بن هانئ [6] : [من المنسرح] إذا ثنته الغصون جلّلني ... فينان ما في أديمه جوب تبيت في مأتم حمائمه ... كما ترنّ الفواقد السّلب يهبّ شوقي وشوقهنّ معا ... كأنّما يستخفّنا طرب وقال آخر [7] : [من الطويل] لقد هتفت في جنح ليل حمامة ... على فنن وهنا وإنّي لنائم

_ [1] ودقت: أرادت الفحل «القاموس: ودق» . [2] برد: مات. [3] ورد هذا الخبر في رسائل الجاحظ 2/262. [4] دربخت الحمامة لذكرها: طاوعته للسفاد «القاموس: دربخ» . [5] المجرفة: المكنسة «القاموس: جرف» . [6] ديوان أبي نواس 4. [7] الأبيات لنصيب في ديوانه 124، وشرح ديوان الحماسة للتبريزي 3/250، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1289، وهي لمجنون ليلى في ديوانه 238، والظرف والظرفاء 140، وللمجنون أو لنصيب في الحماسة البصرية 2/152، ولقيس بن الذريح في الحماسة المغربية 929.

فقلت اعتذارا عند ذاك وإنّني ... لنفسي مما قد سمعت للائم كذبت وبيت الله لو كنت عاشقا ... لما سبقتني بالبكاء الحمائم وقال نصيب [1] : [من الطويل] ولو قبل مبكاها بكيت صبابة ... بسعدي شفيت النّفس قبل التندّم ولكن بكت قبلي فهيّج لي البكا ... بكاها فقلت الفضل للمتقدّم وقال أعرابي: [من الطويل] عليك سلام الله قاطعة القوى ... على أنّ قلبي للفراق كليم قريح بتغريد الحمام إذا بكت ... وإن هبّ يوما للجنوب نسيم وقال المجنون [2] ، أو غيره: [من الطويل] ولو لم يهجني الرائحون لها جني ... حمائم ورق في الدّيار وقوع تجاوبن فاستبكين من كان ذا هوى ... نوائح لا تجري لهنّ دموع وقال الآخر [3] : [من الطويل] ألا يا سيالات الدّحائل باللّوى ... عليكنّ من بين السّيال سلام أرى الوحش آجالا إليكنّ بالضحى ... لهنّ إلى أفيائكنّ بغام [4] وإنّي لمجلوب لي الشّوق كلما ... ترنّم في أفنانكنّ حمام وقال عمرو بن الوليد [5] : [من الخفيف] حال من دون أن أحلّ به النّأ ... ي وصرف النّوى وحرب عقام فتبدّلت من مساكن قومي ... والقصور التي بها الآطام [6] كلّ قصر مشيّد ذي أواس ... تتغنّى على ذراه الحمام [7]

_ [1] البيتان لنصيب في ديوانه 130، وله أو لعدي بن الرقاع في الحماسة البصرية 2/142، ولعدي بن الرقاع في شرح الحماسة للمرزوقي 1290، والكامل 2/99 (طبعة المعارف) ، وبلا نسبة في شرح ديوان الحماسة للتبريزي 3/251، والثاني بلا نسبة في الرسالة الموضحة 130. [2] البيتان للمجنون في ديوانه 191، والحماسة البصرية 2/198، ولقيس بن الذريح في ديوانه 114، ولهما في أمالي القالي 1/136. [3] الأبيات بلا نسبة في ربيع الأبرار 3/144، ومعجم البلدان 2/444 (دحائل) . [4] آجال: جمع إجل، وهو القطيع من بقر الوحش «القاموس: أجل» . [5] الأبيات لأبي قطيفة، عمرو بن الوليد في الأغاني 1/28، وحماسة القرشي 438. [6] في الأغاني «الآطام: الدور المسطحة السقوف» . [7] في الأغاني «أواس: واحدها آسي، والآسي والأساس واحد» .

683 -[أنساب الحمام]

وقال آخر [1] : [من الطويل] ألا يا صبا نجد متى هجت من نجد ... فقد هاج لي مسراك وجدا على وجد أأن هتفت ورقاء في رونق الضّحى ... على غصن غضّ النّبات من الرّند بكيت كما يبكي الوليد ولم تكن ... جليدا وأبديت الذي لم تكن تبدي وقد زعموا أنّ المحبّ إذا دنا ... يملّ، وأنّ النّأي يشفي من الوجد بكلّ تداوينا فلم يشف ما بنا ... على أنّ قرب الدّار خير من البعد 683-[أنساب الحمام] وقال صاحب الحمام: للحمام مجاهيل، ومعروفات، وخارجيّات، ومنسوبات. والذي يشتمل عليه دواوين أصحب الحمام أكثر من كتب النّسب التي تضاف إلى ابن الكلبيّ، والشّرقيّ بن القطاميّ، وأبي اليقظان، وأبي عبيدة النحويّ، بل إلى دغفل ابن حنظلة، وابن لسان الحمّرة، بل إلى صحار العبديّ. وإلى أبي السّطّاح اللّخميّ، بل إلى النّخّار العذريّ، وصبح الطائيّ، بل إلى مثجور بن غيلان الضّبيّ، وإلى سطيح الذئبيّ، بل ابن شريّة الجرهميّ، وإلى زيد بن الكيّس النّمريّ؛ وإلى كلّ نسّابة راوية، وكلّ متفنن علّامة. ووصف الهذيل المازنيّ، مثنّى بن زهير وحفظه لأنساب الحمام. فقال: والله لهو أنسب من سعيد بن المسيّب، وقتادة بن دعامة للنّاس، بل هو أنسب من أبي بكر الصّدّيق رضي الله عنه! لقد دخلت على رجل أعرف بالأمّهات المنجبات من سحيم ابن حفص، وأعرف بما دخلها من الهجنة والإقراف، من يونس بن حبيب. 684-[مما أشبه فيه الحمام الناس] قال: وممّا أشبه فيه الحمام النّاس في الصّور والشّمائل ورقّة الطباع، وسرعة القبول والانقلاب، أنّك إذا كنت صاحب فراسة، فمرّ بك رجال بعضهم كوفيّ، وبعضهم بصريّ، وبعضهم شاميّ وبعضهم يمانيّ، لم يخف عليك أمورهم في الصّور والشمائل والقدود والنّغم أيّهم بصريّ، وأيّهم كوفيّ، وأيّهم يمانيّ، وأيهم مدنيّ وكذلك الحمام؛ لا ترى صاحب حمام تخفى عليه نسب الحمام وجنسها وبلادها إذا رآها.

_ [1] الأبيات لابن الدمينة في ديوانه 85، ولابن الطثرية في ديوانه 68- 69، ولمجنون ليلى في ديوانه 112- 113.

685 -[ثمن الحمام وغيره]

685-[ثمن الحمام وغيره] [1] وللحمام من الفضيلة والفخر، أن الحمام الواحد يباع بخسمائة دينار، ولا يبلغ ذلك باز ولا شاهين، ولا صقر ولا عقاب، ولا طاوس، ولا تدرج ولا ديك، ولا بعير ولا حمار، ولا بغل. ولو أردنا أن نحقّق الخبر بأنّ برذونا أو فرسا بيع بخمسمائة دينار، لما قدرنا عليه إلّا في حديث السّمر. وأنت إذا أردت أن تتعرّف مبلغ ثمن الحمام الذي جاء من الغاية، ثمّ دخلت بغداد والبصرة وجدت ذلك بلا معاناة. وفيه أنّ الحمام إذا جاء من الغاية بيع الفرخ الذّكر من فراخ بعشرين دينارا أو أكثر، وبيعت الأنثى بعشرة دنانير أو أكثر، وبيعت البيضة بخمسة دنانير، فيقوم الزّوج منها في الغلّة مقام ضيعة، وحتى ينهض بمؤنة العيال، ويقضي الدّين، وتبنى من غلّاته وأثمان رقابه الدّور الجياد، وتبتاع الحوانيت المغلّة. هذا؛ وهي في ذلك الوقت ملهى عجيب، ومنظر أنيق، ومعتبر لمن فكّر، ودليل لمن نظر. 686-[عناية الناس بالحمام] ومن دخل الحجر ورأى قصورها المبنيّة لها بالشّامات وكيف اختزان تلك الغلّات، وحفظ تلك المؤونات؛ ومن شهد أرباب الحمام. وأصحاب الهدّى وما يحتملون فيها من الكلف الغلاظ أيّام الزّجل، في حملانها على ظهور الرّجال، وقبل ذلك في بطون السفن، وكيف تفرد في البيوت، وتجمع إذا كان الجمع أمثل، وتفرّق إذا كانت التّفرقة أمثل وكيف تنقل الإناث عن ذكورتها، وكيف تنقل الذّكورة عن إناثها إلى غيرها، وكيف يخاف عليها الضّوى [2] إذا تقاربت أنسابها، وكيف يخاف على أعراقها من دخول الخارجيّات فيها، وكيف يحتاط في صحّة طرقها ونجلها؛ لأنّه لا يؤمن أن يقمط الأنثى ذكر من عرض الحمام، فيضرب في النّجل بنصيب، فتعتريه الهجنة- والبيضة عند ذلك تنسب إلى طرقها. وهم لا يحوطون أرحام نسائهم كما يحوطون أرحام المنجبات من إناث الحمام. ومن شهد أصحاب الحمام عند زجلها من الغاية، والذين يعلّمون الحمام كيف يختارون لصاحب العلامات، وكيف يتخيّرون الثّقة وموضع الصّدق والأمانة، والبعد من الكذب والرّشوة، وكيف يتوخّون

_ [1] ربيع الأبرار 5/447. [2] الضوى: الهزال والضعف «القاموس: ضوى» .

687 -[خصائص الحمام]

ذا التّجربة والمعرفة اللّطيفة، وكيف تسخو أنفسهم بالجعالة الرّفيعة، وكيف يختارون لحملها من رجال الأمانة والجلد والشّفقة والبصر وحسن المعرفة- لعلم عند ذلك صاحب الدّيك والكلب أنّهما لا يجريان في هذه الحلبة، ولا يتعاطيان هذه الفضيلة. 687-[خصائص الحمام] قال: وللحمام من حسن الاهتداء، وجودة الاستدلال، وثبات الحفظ والذّكر، وقوّة النّزاع إلى أربابه، والإلف لوطنه، ما ليس لشيء. وكفاك اهتداء ونزاعا أن يكون طائر من بهائم الطير، يجيء من برغمة، لا بل من العليق، أو من خرشنة [1] أو من الصفصاف [2] ، لا بل من البغراس [3] ، ومن لؤلؤة [4] . ثمّ الدّليل على أنّه يستدلّ بالعقل والمعرفة، والفكرة والعناية أنّه إنما يجيء من الغاية على تدريج وتدريب وتنزيل. والدليل على علم أربابه بأنّ تلك المقدّمات قد نجعن فيه، وعملن في طباعه، أنّه إذا بلغ الرّقّة غمّروا به بكرّة إلى الدّرب وما فوق الدّرب من بلاد الرّوم، بل لا يجعلون ذلك تغميرا؛ لمكان المقدمات والترتيبات التي قد عملت فيه وحذّقته ومرّنته. ولو كان الحمام ممّا يرسل باللّيل، لكان ممّا يستدلّ بالنّجوم؛ لأنّا رأيناه يلزم بطن الفرات، أو بطن دجلة، أو بطون الأودية التي قد مرّ بها، وهو يرى ويبصر ويفهم انحدار الماء. ويعلم بعد طول الجولان وبعد الزّجال، إذا هو أشرف على الفرات أو دجلة، أنّ طريقه وطريق الماء واحد، وأنه ينبغي أن ينحدر معه. وما أكثر ما يستدلّ بالجوادّ من الطّرق إذا أعيته بطون الأودية. فإذا لم يدر أمصعد أم منحدر، تعرّف ذلك بالرّيح، ومواضع قرص الشمس في السماء. وإنّما يحتاج إلى ذلك كلّه إذا لم يكن وقع بعد على رسم يعمل عليه فربّما كرّ حين يزجل به يمينا وشمالا، وجنوبا وشمالا، وصبا ودبورا- الفراسخ الكثيرة وفوق الكثيرة.

_ [1] خرشنة: بلد قرب ملطية من بلاد الروم. معجم البلدان 2/359. [2] الصفصاف: كورة من ثغر المصيصة، والمصيصة: مدينة على شاطئ جيحان من ثغور الشام بين أنطاكية وبلاد الروم، تقارب مدينة طرسوس معجم البلدان 3/413، 5/145. [3] بغراس: مدينة في لحف جبل اللكام، بينها وبين أنطاكية أربعة فراسخ، على يمين القاصد إلى أنطاكية من حلب. معجم البلدان 1/467. [4] لؤلؤة: قلعة قرب طرسوس. معجم البلدان 5/26.

688 -[الغمر والمجرب من الحمام]

688-[الغمر والمجرّب من الحمام] وفي الحمام الغمر والمجرّب، وهم لا يخاطرون بالأغمار لوجهين: أحدهما أن يكون الغمر عريفا فصاحبه يضنّ به، فهو يريد أن يدرّبه ويمرّنه ثمّ يكلفه بعد الشيء الذي اتّخذه له، وبسببه اصطنعه واتخذه. وإمّا أن يكون الغمر مجهولا، فهو لا يتعنّى ويشقي نفسه، ويتوقّع الهداية من الأغمار المجاهيل. وخصلة أخرى: أنّ المجهول إذا رجع مع الهدّى المعروفات، فحمله معها إلى الغاية فجاء سابقا، لم يكن له كبير ثمن حتّى تتلاحق به الأولاد. فإن أنجب فيهنّ صار أبا مذكورا وصار نسبا يرجع إليه، وزاد ذلك في ثمنه. فأمّا المجرّب غير الغمر، فهو الذي قد عرّفوه الورود [1] والتحصّب؛ لأنّه متى لم يقدر على أن ينقضّ حتّى يشرب الماء من بطون الأودية والأنهار والغدران، ومناقع المياه، ولم يتحصّب بطلب بزور البراريّ، وجاع وعطش- التمس مواضع الناس. وإذا مرّ بالقرى والعمران سقط، وإذا سقط أخذ بالبايكير [2] وبالقفّاعة [3] ، وبالملقف [4] وبالتّدبيق [5] وبالدّشاخ [6] ؛ ورمى أيضا بالجلاهق [7] وبغير ذلك من أسباب الصّيد. والحمام طائر ملقّى غير موقّى [8] ، وأعداؤه كثير، وسباع الطّير تطلبه أشدّ الطلب. وقد يترفّع مع الشّاهين، وهو للشاهين أخوف. فالحمام أطير منه ومن جميع سباع الطير، ولكنّه يذعر فيجهل باب المخلص ويعتريه ما يعتري الحمار من الأسد إذا رآه، والشاة إذا رأت الذّئب والفارة إذا رأت السّنّور. 689-[سرعة طيران الحمام] والحمام أشدّ طيرانا من جميع سباع الطير، إلّا في انقضاض وانحدار؛ فإنّ تلك

_ [1] الورود: ورود الماء «القاموس: ورد» . [2] البايكير: ما يصاد به الطير. [3] القفاعة: شيء يتخد من جريد النخل لصيد الطائر «القاموس: قفع» . [4] تلقف الشيء: تناوله «القاموس: لقف» . [5] الدبق: غراء يصاد به الطير «القاموس: دبق» . [6] آلة من آلات الصيد. [7] الجلاهق: كلمة فارسية تعني الطين المدور الذي يرمى به عن القوس. انظر المعرب للجواليقي 42. [8] انظر الفقرة (635) .

690 -[غايات الحمام]

تنحطّ انحطاط الصخور ومتى التقت أمّة من سباع الطّير أو جفالة [1] من بهائم الطير، أو طرن على عرقة [2] وخيط ممدود، فكلّها يعتريها عند ذلك التّقصير عما ما كانت عليه، إذا طارت في غير جماعة. ولن ترى جماعة طير أكثر طيرانا إذا كثرن من الحمام؛ فإنّهنّ كلما التففن وضاق موضعهنّ كان أشدّ لطيرانهنّ، وقد ذكر ذلك النّابغة الذّبيانيّ في قوله [3] : [من البسيط] واحكم كحكم فتاة الحيّ إذ نظرت ... إلى حمام شراع وارد الثّمد [4] يحفّه جانبا نيق ويتبعه ... مثل الزّجاجة لم تكحل من الرّمد [5] قال: ألا ليتما هذا الحمام لنا ... إلى حمامتا ونصفه فقد [6] فحسبوه فألفوه كما حسبت ... تسعا وتسعين لم تنقص ولم تزد فكمّلت مائة فيها حمامتها ... وأسرعت حسبة في ذلك العدد قال الأصمعيّ: لما أراد مديح الحاسب وسرعة إصابته، شدّد الأمر وضيّقه عليه؛ ليكون أحمد له إذا أصاب؛ فجعله حزر طيرا، والطّير أخفّ من غيره، ثمّ جعله حماما والحمام أسرع الطّير، وأكثرها اجتهادا في السرعة إذا كثر عددهنّ؛ وذلك أنّه يشتدّ طيرانه عند المسابقة والمنافسة. وقال: يحفّه جانبا نيق ويتبعه، فأراد أنّ الحمام إذا كان في مضيق من الهواء كان أسرع منه إذا اتّسع عليه الفضاء. 690-[غايات الحمام] وصاحب الحمام قد كان يدرّب ويمرّن وينزل في الزّجال، والغاية يومئذ واسط [7] . فكيف يصنع اليوم بتعريفه الطّريق وتعريفه الورود والتحصّب [8] ، مع بعد الغاية؟!

_ [1] الجفالة: الجماعة من كل شيء «القاموس: جفل» . [2] العرقة: السطر من الطير وكل مصطفّ «القاموس: عرق» . [3] ديوان النابغة الذبياني 23- 25، ومنه استقيت شرح الأبيات التالية. [4] احكم: كن حكيما في أمرك، مصيبا في الرأي، ولم يرد الحكم في القضاء. فتاة الحي: زرقاء اليمامة. الشراع: القاصدة إلى الماء. الثمد: الماء القليل. [5] النيق: الجبل. وقوله «وتتبعه مثل الزجاجة» ، أي عينها صافية كصفاء الزجاجة. وقوله «لم تكحل من الرمد» ، أي لم يصبها رمد فتكحل. [6] فقد: أي حسبي. [7] واسط: اسم لعدة مواضع، أعظمها وأشهرها واسط الحجاج، سميت بذلك لأنها متوسطة بين البصرة والكوفة. معجم البلدان 5/347. [8] تحصّب الحمام: خرج إلى الصحراء لطلب الحب «القاموس: حصب» .

691 -[ما يختار للزجل من الحمام]

691-[ما يختار للزّجل من الحمام] والبغداديون يختارون للزّجال من الغاية الإناث، والبصريّون يختارون الذّكور فحجّة البغداديّين أن الذّكر إذا سافر وبعد عهده بقمط الإناث، وتاقت نفسه إلى السّفاد، ورأى أنثاه في طريقه، ترك الطّلب إن كان بعد في الجولان؛ أو ترك السّير إن كان وقع على القصد، ومال إلى الأنثى وفي ذلك الفساد كلّه. وقال البصريّ: الذّكر أحنّ إلى بيته لمكان أنثاه، وهو أشدّ متنا وأقوى بدنا، وهو أحسن اهتداء. فنحن لا ندع تقديم الشيء القائم إلى معنى قد يعرض وقد لا يعرض. 692-[نصيحة شدفويه في تربية الحمام] وسمعت شدفويه السلائحي من نحو خمسين سنة، وهو يقول لعبد السلام بن أبي عمار: اجعل كعبة حمامك في صحن دارك، فإنّ الحمام إذا كان متى خرج من بيته إلى المعلاة لم يصل إلى معلاته إلّا بجمع النّفس والجناحين، وبالنهوض ومكابدة الصعود- اشتدّ متنه، وقوي جناحه ولحمه. ومتى أراد بيته فاحتاج إلى أن ينتكس ويجيء منقضّا كان أقوى على الارتفاع في الهواء بعد أن يروى. وقد تعلمون أنّ الباطنيّين أشدّ متنا من الظاهريّين، وأنّ النّقرس لا يصيب الباطنيّ في رجله ليس ذلك إلّا لأنّه يصعد إلى العلالي فوق الكناديج [1] درجة بعد درجة، وكذلك نزوله، فلو درّبتم الحمام على هذا التّرتيب كان أصوب. ولا يعجبني تدريب العاتق وما فوق العاتق [2] إلّا من الأماكن القريبة؛ لأن العاتق كالفتاة العاتق، وكالصبّي الغرير، فهو لا يعدمه ضعف البدن، وقلّة المعرفة، وسوء الإلف. ولا يعجبني أن تتركوا الحمام حتّى إذا صار في عدد المسانّ واكتهل، وولد البطون بعد البطون، وأخذ ذلك من قوّة شبابه، حملتموه على الزّجل، وعلى التّمرين، ثمّ رميتم به أقصى غاية لا، ولكنّ التّدريب مع الشباب، وانتهاء الحدّة، وكمال القوّة، من قبل أن تأخذ القوّة في النّقصان. فهو يلقّن بقربه من الحداثة، ويعرّف بخروجه من حدّ الحداثة. فابتدئوا به التّعليم والتمرين في هذه المنزلة الوسطى.

_ [1] في القاموس: (الكندوج: شبه المخزن؛ معرب كندو، وكندجة الباني في الجدران والطيقان، مولّدة) . «القاموس: كندج» . [2] العاتق من الحمام: فرخه ما لم يستحكم، أو فرخ الطائر إذا طار واستقل «القاموس: عتق» .

693 -[الوقت المناسب لتمرين فراخ الحمام]

693-[الوقت المناسب لتمرين فراخ الحمام] وهم إذا أرادوا أن يمرّنوا الفراخ أخرجوها وهي جائعة، حتى إذا ألقوا إليها الحبّ أسرعت النزول. ولا تخرج والرّيح عاصف، فتخرج قبل المغرب وانتصاف النهار، وحذّاقهم لا يخرجونها مع ذكورة الحمام؛ فإنّ الذّكورة يعتريها النّشاط والطّيران والتّباعد ومجاوزة القبيلة. فإن طارت الفراخ معها سقطت على دور الناس. فرياضتها شديدة، وتحتاج إلى معرفة وعناية، وإلى صبر ومطاولة؛ لأنّ الذي يراد منها إذا احتيج إليه بعد هذه المقدّمات كان أيضا من العجب العجيب. 694-[اختيار الحمام] وحدّثني بعض من أثق به أنّ يعقوب بن داود، قال لبعض من دخل عليه- وقد ذهب عنّي اسمه ونسيته، بعد أن كنت عرفته-: أما ترى كي أخلف ظنّنا وأخطأ رأينا، حتّى عمّ ذلك ولم يخصّ؟! أما كان في جميع من اصطنعناه واخترناه، وتفرّسنا فيه الخير وأردناه به- واحد تكفينا معرفته مؤنة الاحتجاج عنه، حتّى صرت لا أقرّع إلّا بهم، ولا أعاب إلّا باختيارهم!! قال: فقال له رجل إنّ الحمام يختار من جهة النّسب، ومن جهة الخلقة. ثم لا يرضى له أربابه بذلك حتى ترتّبه وتنزّله وتدرّجه، ثم تحمل الجماعة منه بعد ذلك التّرتيب والتّدريب إلى الغاية، فيذهب الشّطر ويرجع الشطر، أو شبيه بذلك أو قريب من ذلك. وأنت عمدت إلى حمام لم تنظر في أنسابها ولم تتأمّل مخيلة الخير في خلقها ثمّ لم ترض حتى ضربت بها بكرّة واحدة إلى الغاية، فليس بعجب ولا منكر ألّا يرجع إليك واحد منها، وإنما كان العجب في الرّجوع. فأمّا في الضّلال فليس في ذلك عجب. وعلى أنّه لو رجع منها واحد أو أكثر من الواحد لكان خطؤك موفّرا عليك، ولم ينتقصه خطأ من أخطأ؛ لأنّه ليس من الصواب أن يجيء طائرا من الغاية على غير عرق وعلى غير تدريب.

باب ومن كرم الحمام الإلف والأنس والنزاع والشوق

باب ومن كرم الحمام الإلف والأنس والنّزاع والشّوق 695-[صدق خلق الحمام] وذلك يدلّ على ثبات العهد، وحفظ ما ينبغي أن يحفظ، وصون ما ينبغي أن يصان وإنه لخلق صدق في بني آدم فكيف إذا كان ذلك الخلق في بعض الطير. وقد قالوا [1] : عمّر الله البلدان بحبّ الأوطان. قال ابن الزّبير [2] : ليس النّاس بشيء من أقسامهم أقنع منهم بأوطانهم! وأخبر الله عزّ وجلّ عن طبائع النّاس في حبّ الأوطان، فقال: قالُوا وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَأَبْنائِنا [3] وقال: وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ [4] . وقال الشاعر [5] : [من البسيط] وكنت فيهم كممطور ببلدته ... فسرّ أن جمع الأوطان والمطرا فتجده يرسل من موضع فيجيء، ثمّ يخرج من بيته إلى أضيق موضع وإلى رخام ونقان [6] فيرسل من أبعد من ذلك فيجيء. ثم يصنع به مثل ذلك المرار الكثيرة، ويزاد في الفراسخ، ثم يكون جزاؤه أن يغمّر به من الرّقّة إلى لؤلؤة [7] فيجيء ويسترق

_ [1] هذا القول لعمر بن الخطاب في رسائل الجاحظ 2/389، وللعبدي في 1/64، وبلا نسبة في 4/110. [2] رسائل الجاحظ 4/110، 1/64. [3] 246/البقرة: 2. [4] 66/النساء: 4. [5] البيت بلا نسبة في رسائل الجاحظ 2/406، وديوان المعاني 2/190. [6] نقان: بضم أوله ويكسر، اسم جبل في بلاد أرمينية معجم البلدان 5/297. [7] لؤلؤة: قلعة قرب طرسوس. معجم البلدان 5/26.

696 -[قص جناح الحمام]

من منزل صاحبه فيقصّ، ويغبر هناك حولا وأكثر من الحول، فحين ينبت جناحه يحنّ إلى إلفه وينزع إلى وطنه، وإن كان الموضع الثّاني أنفع له، وأنعم لباله. فيهب فضل ما بينهما لموضع تربيته وسكنه، كالإنسان الذي لو أصاب في غير بلاده الرّيف لم يقع ذلك في قلبه، وهو يعالجهم على أن يعطى عشر ما هو فيه في وطنه. ثمّ ربّما باعه صاحبه، فإذا وجد مخلصا رجع إليه، حتّى ربما فعل ذلك مرارا. وربّما طار دهره وجال في البلاد، وألف الطّيران والتقلّب في الهواء، والنّظر إلى الدنيا، فيبدو لصاحبه فيقصّ جناحه ويلقيه في ديماس [1] ، فينبت جناحه، فلا يذهب عنه ولا يتغيّر له. نعم، حتّى ربّما جدف [2] وهو مقصوص، فإمّا صار إليه، وإمّا بلغ عذرا. 696-[قص جناح الحمام] ومتى قصّ أحد جناحيه كان أعجز له عن الطّيران، ومتى قصّهما جميعا كان أقوى له عليه، ولكنه لا يبعد، لأنّه إذا كان مقصوصا من شقّ واحد اختلف خلقه، ولم يعتدل وزنه، وصار أحدهما هوائيا والآخر أرضيا فإذا قصّ الجناحان جميعا طار، وإن كان مقصوصا فقد بلغ بذلك التعديل من جناحيه أكثر مما كان يبلغ بهما إذا كان أحدهما وافيا والآخر مبتورا. فالكلب الذي تدّعون له الإلف وثبات العهد، لا يبلغ هذا، وصاحب الدّيك الذي لا يفخر للدّيك بشيء من الوفاء والحفاظ والإلف، أحقّ بألّا يعرض في هذا الباب. قال: وقد يكون الإنسان شديد الحضر. فإذا قطعت إحدى يديه فأراد العدو كان خطوه أقصر، وكان عن ذلك القصد والسّنن أذهب، وكانت غاية مجهوده أقرب. 697-[حديث نباتة الأقطع] وخبّرني كم شئت [3] ، أنّ نباتة الأقطع وكان من أشدّاء الفتيان وكانت يده قطعت من دوين المنكب، وكان ذلك في شقّه الأيسر؛ فكان إذا صار إلى القتال وضرب بسيفه، فإن أصاب الضّريبة ثبت، وإن أخطأ سقط لوجهه؛ إذ لم يكن جناحه الأيسر يمسكه ويثقّله حتى يعتدل بدنه.

_ [1] الديماس: الكنّ «القاموس: دمس» . [2] جدف الطائر وهو مقصوص، كأنه يرد جناحيه إلى خلفه «القاموس: جدف» . [3] هذه العبارة يستخدمها الجاحظ كثيرا، انظر رسائله 2/264.

698 -[أجنحة الملائكة]

698-[أجنحة الملائكة] وقد طعن قوم في أجنحة الملائكة. وقد قال الله تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ [1] وزعموا أنّ الجناحين كاليدين، وإذا كان الجناح اثنين أو أربعة كانت معتدلة، وإذا كانت ثلاثة كان صاحب الثّلاثة كالجادف من الطّير [2] ، الذي أحد جناحيه مقصوص، فلا يستطيع الطّيران لعدم التعديل. وإذا كان أحد جناحيه وافيا والآخر مقصوصا، اختلف خلقه وصار بعضه يذهب إلى أسفل والآخر إلى فوق. وقالوا: إنّما الجناح مثل اليد، ووجدنا الأيدي والأرجل في جميع الحيوان لا تكون إلّا أزواجا. فلو جعلتم لكلّ واحد منهم مائة جناح لم ننكر ذلك. وإن جعلتموها أنقص بواحد أو أكثر بواحد لم نجوّزه. قيل لهم: قد رأينا من ذوات الأربع ما ليس له قرن، ورأينا ما له قرنان أملسان، ورأينا ما له قرنان لهما شعب في مقاديم القرون، ورأينا بعضها جمّا ولأخواتها قرون، ورأينا منها ما لا يقال لها جمّ لأنّها ليست لها شكل ذوات القرون، ورأينا لبعض الشاء عدّة قرون نابتة في عظم الرّأس أزواجا وأفرادا، ورأينا قرونا جوفا فيها قرون، ورأينا قرونا لا قرون فيها، ورأيناها مصمتة، ورأينا بعضها يتصل قرنه في كلّ سنة، كما تسلخ الحيّة جلدها، وتنفض الأشجار ورقها، وهي قرون الأيائل، وقد زعموا أنّ للحمار الهنديّ [3] قرنا واحدا. 699-[ضروب من الطير] وقد رأينا طائرا شديد الطيران بلا ريش كالخفاش، ورأينا طائرا لا يطير وهو وافي الجناح، ورأينا طائرا لا يمشي وهو الزّرزور. ونحن نؤمن بأنّ جعفرا الطّيار ابن أبي طالب، له جناحان يطير بهما في الجنان، جعلا له عوضا من يديه اللتين قطعتا على لواء المسلمين في يوم مؤتة [4] . وغير ذلك من أعاجيب أصناف الخلق.

_ [1] 1/فاطر: 35. [2] الجادف: الطائر الذي يطير وهو مقصوص «القاموس: جدف» . [3] الحمار الهندي: هو الكركدن، وهو عدو الفيل، يقال إنه متولد من بين الفرس والفيل. حياة الحيوان 3/243. [4] مؤتة: قرية من قرى البلقاء في حدود الشام، وبها كان يوم مؤتة في السنة الثامنة للهجرة بين المسلمين والروم. انظر أيام العرب في الإسلام 88- 91، ومعجم البلدان 5/219 (مؤتة) .

700 -[الطير الدائم الطيران]

فقد يستقيم- وهو سهل جائز شائع مفهوم، ومعقول قريب غير بعيد أن يكون إذا وضع طباع الطائر على هذا الوضع الذي تراه ألّا يطير إلّا بالأزواج. فإذا وضع على غير هذا الوضع، وركّب غير هذا التّركيب صارت ثلاثة أجنحة وفوق تلك الطبيعة. ولو كان الوطواط في وضع أخلاطه وأعضائه وامتزاجاته كسائر الطير، لما طار بلا ريش. 700-[الطير الدائم الطيران] وقد زعم البحريّون أنّهم يعرفون طائرا لم يسقط قطّ، وإنما يكون سقوطه من لدن خروجه من بيضه إلى أن يتمّ قصب ريشه [1] ، ثمّ يطير فليس له رزق إلّا من بعوض الهواء وأشباه البعوض؛ إلّا أنّه قصير العمر سريع الانحطام. 701-[بقية الحديث في أجنحة الملائكة] وليس بمستنكر أن يمزج الطائر ويعجن غير عجنه الأوّل فيعيش ضعف ذلك العمر. وقد يجوز أيضا أن يكون موضع الجناح الثالث بين الجناحين، فيكون الثالث للثاني كالثاني للأوّل، وتكون كلّ واحدة من ريشة عاملة في التي تليها من ذلك الجسم فتستوي في القوى وفي الحصص. ولعلّ الجناح الذي أنكره الملحد الضّيّق العطن أن يكون مركز قوادمه في حاقّ [2] الصّلب. ولعلّ ذلك الجناح أن تكون الريشة الأولى منه معينة للجناح الأيمن والثانية معينة للجناح الأيسر، وهذا مما لا يضيق عنه الوهم، ولا يعجز عنه الجواز. فإذا كان ذلك ممكنّا في معرفة العبد بما أعاره الربّ جلّ وعزّ، كان ذلك في قدرة الله أجوز. وما أكثر من يضيق صدره لقلّة علمه! 702-[أعضاء المشي لدى الحيوان والإنسان] وقد علموا أنّ كلّ ذي أربع فإنّه إذا مشى قدّم إحدى يديه، ولا يجوز أن يستعمل اليد الأخرى ويقدّمها بعد الأولى حتّى يستعمل الرّجل المخالفة لتلك اليد: إن كانت اليد المتقدّمة اليمنى حرّك الرّجل اليسرى، وإذا حرّك الرجل اليسرى لم

_ [1] ربيع الأبرار 5/456. [2] حاق الصلب: وسطه.

703 -[غرائب تصرفات بعض الناس]

يحرّك الرّجل اليمنى- وهو أقرب إليها وأشبه بها- حتّى يحرّك اليد اليسرى. وهذا كثير. وفي طريق أخرى فقد يقال: إنّ كلّ إنسان فإنما ركبته في رجله، وجميع ذوات الأربع فإنّما ركبها في أيديها. وكلّ شيء ذي كفّ وبنان كالإنسان، والقرد، والأسد، والضّبّ، والدّب، فكفّه في يده. والطّائر كفّه في رجله. 703-[غرائب تصرفات بعض الناس] 1-[استعمال الإنسان رجليه ما كان يعمله بيديه] وما رأيت أحدا ليس له يد إلّا وهو يعمل برجليه ما كان يعمل بيديه، وما أقف على شيء من عمل الأيدي إلّا وأنا قد رأيت قوما يتكلّفونه بأرجلهم. ولقد رأيت واحدا منهم راهن على أن يفرغ برجليه ما في دستيجة [1] نبيذ في قنانيّ رطليّات وفقّاعيّات فراهنوه، وأزعجني أمر فتركته عند ثقات لا أشك في خبرهم، فزعموا أنّه وفى وزاد. قلت: قد عرفت قولكم «وفى» فما معنى قولكم «زاد» قالوا: هو أنّه لو صبّ من رأس الدّستيجة حوالي أفواه القنانيّ كما يعجز عن ضبطه جميع أصحاب الكمال في الجوارح، لما أنكرنا ذلك. ولقد فرّغ ما فيها في جميع القناني فما ضيّع أوقيّة واحدة. 2-[قيام بعض الناس بعمل دقيق في الظلام] وخبّرني الحزاميّ عن خليل أخيه، أنّه متى شاء أن يدخل في بيت ليلا بلا مصباح، ويفرغ قربة في قنانيّ فلا يصبّ إستارا [2] واحدا فعله. ولو حكى لي الحزاميّ هذا الصّنيع عن رجل ولد أعمى أو عمي في صباه، كان يعجبني منه أقلّ. فأمّا من تعوّد أن يفعل مثل ذلك وهو يبصر فما أشدّ عليه أن يفعله وهو مغمض العينين. فإن كان أخوه قد كان يقدر على ذلك إذا غمّض عينيه فهو عندي عجب، وإن كان يبصر في الظلمة فهو قد أشبه في هذا الوجه السّنّور والفأر، فإنّ هذا عندي عجب آخر وغرائب الدّنيا كثيرة عند كلّ من كان كلفا بتعرافها، وكان له في العلم أصل، وكان بينه وبين التبيّن نسب.

_ [1] الدستيج: آنية تحول باليد، معرب دستي. «القاموس: دستج» . [2] الإستار: من الأوزان يساوي أربعة مثاقيل ونصف «القاموس: ستر» .

3 -[إنكار الناس للغرائب]

3-[إنكار الناس للغرائب] وأكثر الناس لا تجدهم إلّا في حالتين: إمّا في حال إعراض عن التبيّن وإهمال للنّفس، وإمّا في حال تكذيب وإنكار وتسرّع إلى أصحاب الاعتبار وتتبّع الغرائب، والرغبة في الفوائد. ثمّ يرى بعضهم أنّ له بذلك التكذيب فضيلة، وأنّ ذلك باب من التوقّي، وجنس من استعظام الكذب، وأنّه لم يكن كذلك إلّا من حاقّ الرّغبة في الصّدق. وبئس الشيء عادة الإقرار والقبول. والحقّ الذي أمر الله تعالى به ورغب فيه، وحثّ عليه أن ننكر من الخبر ضربين: أحدهما ما تناقض واستحال، والآخر ما امتنع في الطبيعة، وخرج من طاقة الخلقة. فإذا خرج الخبر من هذين البابين، وجرى عليه حكم الجواز، فالتدبير في ذلك التثبت وأن يكون الحقّ في ذلك هو ضالّتك، والصّدق هو بغيتك، كائنا ما كان، وقع منك بالموافقة أم وقع منك بالمكروه. ومتى لم تعلم أنّ ثواب الحقّ وثمرة الصّدق أجدى عليك من تلك الموافقة لم تقع على أن تعطي التثبت حقّه. 704-[تشبيه رماد الأثافي بالحمام] قال: وهم يصفون الرّماد الذي بين الأثافيّ بالحمامة، ويجعلون الأثافيّ أظآرا لها، للانحناء الذي في أعالي تلك الأحجار، ولأنّها كانت معطّفات عليها وحانيات على أولادها. قال ذو الرّمّة [1] : [من الطويل] كأنّ الحمام الورق في الدّار جثّمت ... على خرق بين الأثافي جوازله شبّه الرّماد بالفراخ قبل أن تنهض والجثوم في الطير مثل الرّبوض في الغنم. وقال الشماخ [2] : [من الطويل] وإرث رماد كالحمامة ماثل ... ونؤيين في مظلومتين كداهما وقال أبو حيّة [3] : [من الوافر] من العرصات غير مخدّ نؤي ... كباقي الوحي خطّ على إمام [4]

_ [1] ديوان ذي الرمة 1244، وفيه: (شبّه الأثافي بحمام ورق تضرب إلى السواد. وقوله «جثمت على خرق» يريد به الرماد. فشبه الأثافي على الرماد بحمام على الفراخ. والجوزل: الفرخ) . [2] ديوان الشماخ 309. [3] ديوان أبي حية النميري 91. [4] في ديوانه: (المخد: موضع الخد وهو الشق. الوحي: الكتابة. الإمام: الكتاب) .

705 -[ما قيل من الشعر في نوح الحمام وفي ارتفاع بيوتها]

وغير خوالد لوّحن حتى ... بهنّ علامة من غير شام [1] كأنّ بها حمامات ثلاثا ... مثلن ولم يطرن مع الحمام وقال العرجي [2] : [من الطويل] ومربط أفراس وخيم مصرّع ... وهاب كجثمان الحمامة هامد [3] وقال البعيث: [من الطويل] ويسفع ثوين العام والعام قبله ... وسحق رماد كالنّصيف من العصب [4] 705-[ما قيل من الشعر في نوح الحمام وفي ارتفاع بيوتها] وقالوا في نوح الحمام، قال جران العود [5] : [من البسيط] واستقبلوا واديا نوح الحمام به ... كأنّه صوت أنباط مثاكيل وقالوا في ارتفاع مواضع بيوتها وأعشاشها. وقال الأعشى [6] : [من الطويل] ألم تر أن العرض أصبح بطنه ... خيلا وزرعا نابتا وفصافصا [7] وذا شرفات يقصر الطّرف دونه ... ترى للحمام الورق فيه قرامصا وقال عمرو بن الوليد [8] : [من الخفيف] فتبدّلت من مساكن قومي ... والقصور التي بها الآطام كلّ قصر مشيّد ذي أواس ... تتغنّى على ذراه الحمام والحمام أيضا ربما سكن أجواف الرّكايا، ولا يكون ذلك إلّا للوحشيّ منها، وفي البير التي لا تورد. قال الشاعر: [من الوافر] بدلو غير مكربة أصابت ... حماما في مساكنه فطارا

_ [1] (لوحن: غيرتهن النار. الخوالد: الأثافي) . [2] ديوان العرجي 117. [3] خيم: جمع خيمة «القاموس: خيم» . الهابي: الرقيق الدقيق المرتفع «القاموس: هبي» . [4] العصب: ضرب من البرود اليمنية «القاموس: عصب» . [5] ديوان جران العود 36. [6] ديوان الأعشى 201، والأول في اللسان والتاج (فصص، عرض) ، والمقاييس 4/280، والمخصص 14/41، والثاني في اللسان والتاج (قرمص) ، والعين 5/247. [7] العرض: موضع باليمامة. فصافص: جمع فصصة، بكسر الفاء؛ وهو نبات تعلفه الدواب. [8] البيتان في الأغاني 1/28، وحماسة القرشي 438.

706 -[استطراد لغوي]

يقول: استقى بسفرته من هذه البئر، ولم يستق بدلو. وهذه بئر قد سكنها الحمام لأنّها لا تورد. وقال جهم بن خلف [1] : [من الطويل] وقد هاج شوقي أن تغنّت حمامة ... مطوّقة ورقاء تصدح في الفجر هتوف تبكّي ساق حرّ ولن ترى ... لها دمعة يوما على خدّها تجري تغنّت بلحن فاستجابت لصوتها ... نوائح بالأصياف في فنن السّدر [2] إذا فترت كرّت بلحن شج لها ... يهيّج للصّبّ الحزين جوى الصّدر دعتهنّ مطراب العشيّات والضّحى ... بصوت يهيج المستهام على الذّكر فلم أر ذا وجد يزيد صبابة ... عليها، ولا ثكلى تبكّي على بكر فأسعدنها بالنّوح حتّى كأنّما ... شربن سلافا من معتّقة الخمر تجاوبن لحنا في الغصون كأنّها ... نوائح ميت يلتدمن لدى قبر [3] بسرّة واد من تبالة مونق ... كسا جانبيه الطّلح واعتمّ بالزّهر [4] 706-[استطراد لغوي] ويقال: هدر الحمام يهدر. قال: ويقال في الحمام الوحشي من القماريّ والفواخت والدّباسي وما أشبه ذلك: قد هدل يهدل هديلا. فإذا طرّب قيل غرّد يغرد تغريدا. والتغريد يكون للحمام والإنسان، وأصله من الطير. وأمّا أصحابنا فيقولون: إنّ الجمل يهدر، ولا يكون باللام، والحمام يهدل وربّما كان بالراء. وبعضهم يزعم أنّ الهديل من أسماء الحمام الذّكر. قال الرّاعي واسمه عبيد بن الحصين [5] : [من الكامل] كهداهد كسر الرّماة جناحه ... يدعو بقارعة الطّريق هديلا

_ [1] الأبيات في ربيع الأبرار 5/447، عدا البيت قبل الأخير. [2] السدر: شجر النبق. «القاموس: سدر» . [3] يلتدمن: يضربن صدورهن في النياحة «القاموس: لدم» . [4] تبالة: موضع ببلاد اليمن. معجم البلدان 2/9. الطلح قيل: الموز، وقيل: شجر عظيم بالبادية كالسّمر، أو شجر حسن اللون لخضرته، له رفيف ونور طيب. عمدة الحفاظ (طلع) ، وانظر كتب التفسير في قوله تعالى: وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ [29/الواقعة: 56] . [5] ديوان الراعي 238، واللسان والتاج (هدد، هدل) ، والجمهرة 194، 1211، والتهذيب 5/353، 354، والعين 3/347، والمجمل 4/447، والمخصص 8/134.

707 -[ساق حر]

707-[ساق حرّ] وزعم الأصمعيّ أنّ قوله [1] : «هتوف تبكّي ساق حرّ» إنّما هو حكاية صوت وحشيّ الطير من هذه النّوّاحات. وبعضهم يزعم أنّ «ساق حرّ» هو الذكر، وذهب إلى قول الطّرمّاح في تشبيه الرّماد بالحمام، فقال [2] : [من المديد] بين أظآر بمظلومة ... كسراة السّاق ساق الحمام 708-[صفة فرس] وقال آخر [3] يصف فرسا: [من الراجز] ينجيه من مثل حمام الأغلال ... رفع يد عجلى ورجل شملال تظمأ من تحت وتروي من عال الأغلال: جمع غلل، وهو الماء الذي يجري بين ظهري الشّجر قال: والمعنى أنّ الحمام إذا كان يريد الماء فهو أسرع لها. وقوله: شملال أي خفيفة.

_ [1] يقصد قصيدة جهم بن خلف التي تقدمت. [2] ديوان الطرماح 391، والبرصان 179. [3] الرجز لدكين بن رجاء في اللسان (غلل، ظما، علا) ، والتاج (غلل) . وبلا نسبة في اللسان (ظمأ) ، والتاج (ظمأ، علا) ، والمخصص 13/144، والتهذيب 3/185، 14/402، والمقاييس 4/117.

باب ليس في الأرض جنس يعتريه الأوضاح والشيات

باب ليس في الأرض جنس يعتريه الأوضاح والشّيات 709-[شيات الحمام] ويكون فيها المصمت والبهيم أكثر ألوانا، ومن أصناف التّحاسين ما يكون في الحمام، فمنها ما يكون أخضر مصمّتا، وأحمر مصمتا وأسود مصمتا، وأبيض مصمتا، وضروبا من ذلك، كلها مصمتة [1] . إلّا أنّ الهداية للخضر النّمر. فإذا ابيضّ الحمام كالفقيع فمثله من النّاس الصّقلابيّ، فإن الصّقلابيّ فطير [2] خام لم تنضجه الأرحام؛ إذ كانت الأرحام في البلاد التي شمسها ضعيفة. وإن اسودّ الحمام فإنما ذلك احتراق، ومجاوزة لحدّ النّضج. ومثل سود الحمام من الناس الزّنج؛ فإن أرحامهم جاوزت حدّ الإنضاح إلى الإحراق، وشيّطت [4] الشّمس شعورهم فتقبّضت. والشّعر إذا أدنيته من النّار تجعّد، فإن زدته تفلفل [5] ، فإن زدته احترق. وكما أنّ عقول سودان النّاس وحمرانهم دون عقول السّمر، كذلك بيض الحمام وسودها دون الخضر في المعرفة والهداية. 710-[استطراد لغوي] وأصل الخضرة إنّما هو لون الرّيحان والبقول، ثم جعلوا بعد الحديد أخضر، والسماء خضراء، حتّى سمّوا بذلك الكحل واللّيل. قال الشّمّاخ بن ضرار [5] : [من الطويل] ورحن رواحا من زرود فنازعت ... زبالة جلبابا من الليل أخضرا

_ [1] المقصود بالمصمت: الخالص. [2] فطير: لم ينضج «القاموس: فطر» . [3] شيطت: أحرقت «القاموس: شيط» . [4] شعر مفلفل: شديد الجعودة «القاموس: فلّ» . [5] ديوان الشماخ 139، وأساس البلاغة (نزع) ، والجمهرة 684، وبلا نسبة في الجمهرة 586.

وقال الرّاجز [1] : [من الرجز] حتّى انتضاه الصّبح من ليل خضر ... مثل انتضاء البطل السّيف الذّكر نضو هوى بال على نضو سفر وقال الله عزّ وجلّ: وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ مُدْهامَّتانِ [2] قال: خضراوان من الرّي سوداوان. ويقال: إن العراق إنّما سمّي سوادا بلون السّعف الذي في النّخل، ومائه. والأسودان: الماء والتمر. والأبيضان: الماء واللبن. والماء أسود إذا كان مع التّمر، وأبيض إذا كان مع اللّبن. ويقولون: سود البطون وحمر الكلى، ويقولون: سود الأكباد يريدون العداوة، وأن الأحقاد قد أحرقت أكبادهم، ويقال للحافر أسود البطن؛ لأن الحافر لا يكون في بطونها شحم. ويقولون: نحن بخير ما رأينا سواد فلان بين أظهرنا، يريدون شخصه. وقالوا: بل يريدون ظلّه. فأمّا خضر محارب، فإنما يريدون السّود وكذلك: خضر غسّان ولذلك قال الشاعر [3] : [من البسيط] إنّ الخضارمة الخضر الذين غدوا ... أهل البريص ثمان منهم الحكم [4] ومن هذا المعنى قول القرشي في مديح نفسه [5] : [من الرمل] وأنا الأخضر من يعرفني ... أخضر الجلدة في بيت العرب وإذا قالوا: فلان أخضر القفا، فإنما يعنون به أنّه قد ولدته سوداء. وإذا قالوا:

_ [1] الرجز بلا نسبة في رسائل الجاحظ 1/208. [2] 64- 65/الرحمن: 55. [3] البيت للغساني في رسائل الجاحظ 1/209. [4] البريص: اسم نهر دمشق، أو الغوطة بأجمعها. معجم البلدان 1/407. [5] البيت للفضل بن العباس في السمط 701، والفاخر 53، والمؤتلف 35، ومعجم الشعراء 178، والأغاني 16/172، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 224، والمعارف 126، والأضداد 382. والتنبيه والإيضاح 2/117، والتهذيب 7/106، والجمهرة 587، 685، وأساس البلاغة والتاج (خضر) ، والحماسة المغربية 649، ونسب قريش 90، ورغبة الآمل 2/237، 8/183، وله أو لعمر بن أبي ربيعة في رسائل الجاحظ 1/208، ولعتبة بن أبي لهب في اللسان (خضر) ، وبلا نسبة في المقاييس 2/195، والمجمل 2/198، والتهذيب 7/103.

711 -[الألفاظ المثناة]

فلان أخضر البطن، فإنما يريدون أنّه حائك، لأنّ الحائك بطنه لطول التزاقه بالخشبة التي يطوى عليها الثّوب يسودّ. وكان سبب عداوة العروضي لإبراهيم النّظام، أنّه كان يسمّيه الأخضر البطن، والأسود البطن؛ فكان يكشف بطنه للناس- يريد بذلك تكذيب أبي إسحاق- حتى قال له إسماعيل بن غزوان: إنّما يريد أنّك من أبناء الحاكة! فعاداه لذلك. فإذا قيل أخضر النّواجذ، فإنما يريدون أنّه من أهل القرى، ممّن يأكل الكرّاث والبصل. وإذا قيل للثّور: خاضب؛ فإنما يريدون أنّ البقل قد خضب أظلافه بالخضرة. وإذا قيل للظليم: خاضب، فإنما يريدون حمرة وظيفيه [1] فإنهما يحمرّان في القيظ، وإذا قيل للرّجل خاضب، فإنّما يريدون الحنّاء فإذا كان خضابه بغير الحنّاء قالوا: صبغ ولا يقال خضب. 711-[الألفاظ المثناة] ويقولون في شبيه بالباب الأوّل: الأحمران: الذهب والزعفران، والأبيضان: الماء واللّبن، والأسودان: الماء والتمر. ويقولون: أهلك النّساء الأحمران: الذّهب والزّعفران، وأهلك النّاس الأحامر: الذهب، والزعفران، واللّحم، والخمر. والجديدان: اللّيل والنهار، وهما الملوان. والعصر: الدّهر، والعصران: صلاة الفجر وصلاة العشي، والعصران: الغداة والعشيّ، قال الشاعر [2] : [من الطويل] وأمطله العصرين حتّى يملّني ... ويرضى بنصف الدّين والأنف راغم ويقال: «البائعان بالخيار» [3] وإنّما هو البائع والمشتري [4] ، فدخل المبتاع في البائع.

_ [1] الوظيف: مستدق الذراع والساق «القاموس: وظف» . [2] البيت بلا نسبة في اللسان والتاج (عصر) ، والمقاييس 3/380، والتهذيب 2/13، والمجمل 3/297، والأضداد 202، وصدر البيت لعبيد بن الأبرص في ديوانه 119 ورواية عجزه: (ويرضى ببعض الدين في غير نائل) . [3] أخرج البخاري في كتاب البيوع برقم 1973، 1976، 2002، 2004، 2008 (البيعان بالخيار ما لم يتفرقا ... ) ، وأخرجه مسلم في البيوع برقم 1532. [4] أي أن «باع» هي كلمة من الأضداد، انظر الأضداد 73- 75، 199.

712 -[جواب أعرابي]

وقال الله عزّ وجلّ: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ [1] ، دخلت الأمّ في اسم الأبوّة، كأنهم يجمعون على أنبه الاسمين وكقولهم: ثبيرين [2] ، والبصرتين [3] . وليس ذلك بالواجب؛ وقد قالوا: سيرة العمرين، وأبو بكر فوق عمر، قال الفرزدق [4] : [من الطويل] أخذنا بآفاق السّماء عليكم ... لنا قمراها والنّجوم الطّوالع وأمّا قول ذي الرّمّة [5] : [من الطويل] وليل كجلباب العروس ادّرعته ... بأربعة والشخص في العين واحد فإنه ليس يريد لون الجلباب، ولكنّه يريد سبوغه. 712-[جواب أعرابيّ] قال [6] : وكذلك قول الأعرابيّ حين قيل له: بأيّ شيء تعرف حمل شاتك؟ قال: «إذا استفاضت خاصرتها، ودجت شعرتها» . فالدّاجي هاهنا اللابس. قال الأصمعي ومسعود بن فيد الفزاري: ألا ترونه يقول: «كان ذلك وثوب الإسلام داج» . وأما لفظ الأصمعيّ فإنّه قال: كان ذلك منذ دجا الإسلام [7] . يعني أنّه ألبس كلّ شيء. 713-[شيات الحمام] ثمّ رجع بنا القول إلى ذكر شيات الحمام. وزعموا أنّ الأوضاح كلّها ضعف، قليلها وكثيرها، إلّا أنّ ذلك بالحصص على

_ [1] 11/النساء: 4. [2] الثبيران: جبلان مفترقان يصب بينهما أفاعية، وهو واد يصب من منى، يقال لأحدهما ثبير غينى، وللآخر ثبير الأعرج. معجم البلدان 2/73 (ثبير) . [3] البصرتان: البصرة والكوفة. معجم البلدان 1/430 (البصرة) . [4] ديوان الفرزدق 1/419، والخزانة 4/391، 9/128، وشرح شواهد المغني 1/13، 2/964، واللسان (عوي) ، وبلا نسبة في اللسان (شرق، قبل) ، والمقتضب 4/326. [5] ديوان ذي الرمة 1108، واللسان والتاج وأساس البلاغة (روز) . ورواية صدر البيت في المصادر (وليل كأثناء الرويزي جبته) . والبيت كرواية الجاحظ في ديوان المعاني 1/342، وأخبار أبي تمام 83. [6] عيون الأخبار 2/75. [7] النهاية 2/102 وفيه «دجا الإسلام: شاع وكثر» .

714 -[سوابق الخيل]

قدر الكثرة والقلّة، كذلك هي في جميع الحيوان سواء مستقبلها ومستدبرها. وذلك ليس بالواجب حتى لا يغادر شيئا البتة؛ لأنّ الكلبة السّلوقيّة البيضاء أكرم وأصيد، وأصبر من السّوداء. والبياض في النّاس على ضروب: فالمعيب منه بياض المغرب والأشقر والأحمر أقلّ في الضّعف والفساد، إذا كان مشتقّا من بياض البهق والبرص والبرش والشيب والمغرب عند العرب لا خير فيه البتة. والفقيع لا ينجب، وليس عنده إلّا حسن بياضه، عند من اشتهى ذلك. 714-[سوابق الخيل] وزعم ابن سلّام الجمحيّ أنّه لم يرقطّ بلقاء ولا أبلق جاء سابقا. وقال الأصمعيّ: لم يسبق الحلبة أهضم قطّ؛ لأنهم يمدحون المجفر [1] من الخيل، كما قال [2] : [من المنسرح] خيط على زفرة فتمّ ولم ... يرجع إلى دقّة ولا هضم ويقولون: إنّ الفرس بعنقه وبطنه. وخبّرني بعض أصحابنا، أنّه رأى فرسا للمأمون بلقاء سبقت الحلبة. وهذه نادرة غريبة. 715-[نظافة الحمام ونفع ذرقه] والحمام طائر ألوف مألوف ومحبّب، موصوف بالنّظافة، حتى إنّ ذرقه لا يعاف ولا نتن له، كسلاح [3] الدّجاج والدّيكة. وقد يعالج بذرقه صاحب الحصاة. والفلّاحون يجدون فيه أكثر المنافع. والخبّاز يلقي الشيء منه في الخمير لينتفخ العجين ويعظم الرغيف، ثمّ لا يستبين ذلك فيه. ولذرقه غلّات، يعرف ذلك أصحاب الحجر. وهو يصلح في بعض وجوه الدّبغ.

_ [1] المجفر: الواسع العظيم «القاموس: جفر» . [2] البيت للنابغة الجعدي في ديوانه 156، واللسان (زفر، هضم) ، وأساس البلاغة (زفر) ، والتاج (هضم) ، والمعاني الكبير 139، وبلا نسبة في الجمهرة 706، والمخصص 14/146. [3] السّلاح: النجو «القاموس: سلح» .

باب الحمام طائر لئيم

[باب الحمام طائر لئيم] (باب) 716-[لؤم الحمام] وقال صاحب الدّيك: الحمام طائر لئيم قاسي القلب، وإن برّ بزعمكم ولد غيره، وصنع به كما يصنع بفرخه؛ وذلك أنهما يحضنان كلّ بيض، ويزقّان كلّ فرخ، وما ذاك منهما إلّا في الفرط. فأمّا لؤمه فمن طريق الغيرة، فإنّه يرى بعينه الذّكر الذي هو أضعف منه، وهو يطرد أنثاه ويكسح بذنبه حولها، ويتطوّس [1] لها ويستميلها، وهو يرى ذلك بعينه- ثمّ لم نرقط ذكرا واثب ذكرا عند مثل ذلك. فإذا قلت: إنّه يشتدّ عليه ويمنعه إذا جثمت له وأراد أن يعلوها؛ فكلّ ذكر وأنثى هنالك يفعل ذلك، وليس ذلك من الذكر الغريب من طريق الغيرة، ولكنّه ضرب من البخل ومن النّفاسة. وإذا لم يكن من ذكرها إلّا مثل ما يكون من جميع الحمام علم أنّ ذلك منه ليس من طريق الغيرة. وأنا رأيت النواهض تفعل ذلك، وتقطع على الذّكر بعد أن يعلو على الأنثى. قال: وأمّا ما ذكرتم من أن الحمام معطوف على فراخه ما دامت محتاجة إلى الزّقّ، فإذا استغنت نزعت منها الرحمة، فليس ذلك كما قلتم. الحمام طائر ليس له عهد؛ وذلك أنّ الذّكر ربما كانت معه الأنثى السّنين، ثمّ تنقل عنه وتوارى عنه شهرا واحدا، ثم تظهر له مع زوج أضعف منه، فيراها طول دهره وهي إلى جنب بيته وتماريده [2] فكأنه لا يعرفها بعد معرفتها الدّهر الطويل، وإنما غابت عنه الأيّام اليسيرة. فليس يوجّه ذلك الجهل الذي يعامل به فراخه بعد أن كبرت، إلّا على الغباوة وسوء الذّكر، وأنّ الفرخ حين استوى ريشه وأشبه غيره من الحمام جهل الفصل الذي بينهما. فإن كان يعرف أنثاه وهو يجدها مع ذكر ضعيف وهو مسلّم لذلك وقانع به، وقليل الاكتراث به، فهو من لؤم في أصل الطبيعة.

_ [1] تطوّس: أبدى محاسنه وجماله. انظر القاموس «طوس» . [2] التّمراد: بيت صغير في بيت الحمام لمبيضه.

717 -[قسوة الحمام]

717-[قسوة الحمام] قال: وباب آخر من لؤمه: القسوة، وهي ألأم اللّؤم؛ وذلك أن الذّكر ربّما كان في البيت طائر ذكر قد اشتدّ ضعفه، فينقر رأسه والآخر مستخذ له، قد أمكنه من رأسه خاضعا له، شديد الاستسلام لأمره، فلا هو يرحمه لضعفه وعجزه عنه، ولا هو يرحمه لخضوعه، ولا هو يملّ وليس له عنده وتر. ثمّ ينقر يافوخه حتى ينقب عنه، ثمّ لا يزال ينقر ذلك المكان بعد النّقب حتى يخرج دماغه فيموت بين يديه. فلو كان ممّا يأكل اللّحم واشتهى الدماغ كان ذلك له عذرا؛ إذ لم يعد ما طبع الله عليه سباع الطير. فإذا رأينا من بعض بهائم الطير من القسوة ما لا نرى من سباع الطير لم يكن لنا إلّا أن نقضي عليه من اللؤم على حسب مباينته لشكل البهيمة، ويزيد في ذلك على ما في جوارح الطير من السّبعية. 718-[أقوال لصاحب الديك في الحمام] وقال صاحب الديك: زعم أبو الأصبغ بن ربعيّ قال: كان روح أبو همام صاحب المعمّى، عند مثنّى ابن زهير، فبينما هو يوما وهو معه في السطح إذ جاء جماعة فصعدوا. فلم يلبث أن جاء آخرون، ثمّ لم يلبث أن جاء مثلهم، فأقبل عليهم فقال: أيّ شيء جاء بكم؟ وما الذي جمعكم اليوم؟ قالوا: هذا اليوم الذي يرجع فيه مزاجيل الحمام من الغاية. قال: ثمّ ماذا؟ قالوا: ثمّ نتمتّع بالنّظر إليها إذا أقبلت. قال: لكنّني أتمتّع بتغميض العين إذا أقبلت، وترك النّظر إليها!! ثمّ نزل وجلس وحده. 719-[التلهّي بالحمام] وقال مثنّى بن زهير ذات يوم: ما تلهّى النّاس بشيء مثل الحمام، ولا وجدنا شيئا مما يتخذه النّاس ويلعب به ويلهى به، يخرج من أبواب الهزل إلى أبواب الجدّ- كالحمام- وأبو إسحاق حاضر- فغاظه ذلك، وكظم على غيظه. فلمّا رأى مثنّى سكوته عن الردّ عليه طمع فيه فقال: يبلغ والله من كرم الحمام ووفائه، وثبات عهده، وحنينه إلى أهله، أنّي ربّما قصصت الطّائر وبعد أن طار عندي دهرا، فمتى نبت جناحه كنباته الأوّل، لم يدعه سوء صنعي إليه إلى الذّهاب عنّي. ولربّما بعته

720 -[هداية الرخم]

فيقصّه المبتاع حينا، فما هو إلّا أن يجد في جناحه قوّة على النّهوض حتّى أراه أتاني جادفا أو غير جادف [1] . وربّما فعلت ذلك به مرارا كثيرة، كلّ ذلك لا يزداد إلّا وفاء. قال أبو إسحاق: أمّا أنت فأراك دائبا تحمده وتذمّ نفسك. ولئن كان رجوعه إليك من الكرم إنّ إخراجك له من اللّؤم! وما يعجبني من الرّجال من يقطع نفسه لصلة طائر، وينسى ما عليه في جنب ما للبهيمة. ثم قال: خبّرني عنك حين تقول: رجع إليّ مرّة بعد مرّة، وكلما زهدت فيه كان فيّ أرغب، وكلّما باعدته كان لي أطلب؛ إليك جاء، وإليك حنّ أم إلى عشّه الذي درج منه، وإلى وكره الذي ربّي فيه؟! أرأيت أن لو رجع إلى وكره وبيته ثمّ لم يجدك، وألفاك غائبا أو ميّتا، أكان يرجع إلى موضعه الذي خلّفه؟! وعلى أنّك تتعجّب من هدايته، وما لك فيه مقال غيره. فأمّا شكرك على إرادته لك، فقد تبيّن خطاؤك فيه، وإنما بقي الآن حسن الاهتداء، والحنين إلى الوطن. 720-[هداية الرخم] وقد أجمعوا على أنّ الرّخم من لئام الطير وبغاثها، وليست من عتاقها وأحرارها، وهي من قواطع الطّير، ومن موضع مقطعها إلينا ثمّ مرجعها إليه من عندنا، أكثر وأطول من مقدار أبعد غايات حمامكم. فإن كانت وقت خروجها من أوطانها إلينا خرجت تقطع الصّحارى والبراريّ والجزائر والغياض والبحار والجبال، حتّى تصير إلينا في كلّ عام- فإن قلت إنّها ليست تخرج إلينا على سمت ولا على هداية ولا دلالة، ولا على أمارة وعلامة، وإنما هربت من الثّلوج والبرد الشّديد، وعلمت أنّها تحتاج إلى الطّعم، وأنّ الثّلج قد ألبس ذلك العالم، فخرجت هاربة فلا تزال في هربها إلى أن تصادف أرضا خصبا دفئا، فتقيم عند أدنى ما تجد- فما تقول فيها عند رجوعها ومعرفتها بانحسار الثلوج عن بلادها؟! أليست قد اهتدت طريق الرّجوع!؟ ومعلوم عند أهل تلك الأطراف، وعند أصحاب التّجارب وعند القانص، أنّ طير كلّ جهة إذا قطعت رجعت إلى بلادها وجبالها وأوكارها، وإلى غياضها وأعشّتها. فتجد هذه الصّفة في جميع القواطع من الطّير، كرامها كلئامها، وبهائمها كسباعها. ثمّ لا يكون اهتداؤها على تمرين وتوطين، ولا عن تدريب وتجريب، ولم تلقّن بالتّعليم، ولم تثبّت بالتّدبير والتقويم. فالقواطع لأنفسها تصير إلينا، ولأنفسها تعود إلى أوكارها.

_ [1] جدف الطائر: طار وهو مقصوص «القاموس: جدف» .

721 -[قواطع السمك]

وكذلك الأوابد من الحمام، لأنفسها ترجع. وإلفها للوطن إلف مشترك مقسوم على جميع الطّير. فقد بطل جميع ما ذكرت. 721-[قواطع السمك] ثمّ قال: وأعجب من جميع قواطع الطّير قواطع السّمك، كالأسبور والجواف والبرستوج، فإنّ هذه الأنواع تأتي دجلة البصرة من أقصى البحار، تستعذب الماء في ذلك الإبّان، كأنها تتحمّض بحلاوة الماء وعذوبته، بعد ملوحة البحر؛ كما تتحمّض الإبل فتتطلب الحمض- وهو ملح- بعد الخلّة- وهو ما حلا وعذب. 722-[طلب الأسد للملح] والأسد إذا أكثرت من حسو الدّماء- والدّماء حلوة- وأكل اللّحم واللّحم حلو- طلبت الملح لتتملّح به، وتجعله كالحمض بعد الخلّة. ولولا حسن موقع الملح لم يدخله النّاس في أكثر طعامهم. والأسد يخرج للتملّح فلا يزال يسير حتّى يجد ملّاحة. وربّما اعتاد الأسد مكانا فيجده ممنوعا، فلا يزال يقطع الفراسخ الكثيرة بعد ذلك فإذا تملّح رجع إلى موضعه وغيضته وعرينه، وغابه وعرّيسته، وإن كان الذي قطع خمسين فرسخا. 723-[قواطع السمك] ونحن بالبصرة نعرف الأشهر التي يقبل إلينا فيها هذه الأصناف وهي تقبل مرّتين في كلّ سنة، ثمّ نجدها في إحداهما أسمن الجنس، فيقيم كلّ جنس منها عندنا شهرين إلى ثلاثة أشهر، فإذا مضى ذلك الأجل، وانقضت عدّة ذلك الجنس، أقبل الجنس الآخر. فهم في جميع أقسام شهور السّنة من الشتاء والربيع، والصّيف والخريف، في نوع من السّمك غير النّوع الآخر. إلّا أن البرستوج يقبل إلينا قاطعا من بلاد الزّنج، يستعذب الماء من دجلة البصرة، يعرف ذلك جميع الزّنج والبحريّين. 724-[بعد بلاد الزّنج والصّين عن البصرة] وهم يزعمون أنّ الذي بين البصرة والزّنج، أبعد مما بين الصّين وبينها. وإنما غلط ناس فزعموا أنّ الصّين أبعد، لأن بحر الزّنج حفرة واحدة عميقة واسعة، وأمواجها عظام، ولذلك البحر ريح تهبّ من عمان إلى جهة الزّنج شهرين، وريح تهبّ من بلاد الزّنج تريد جهة عمان شهرين، على مقدار واحد فيما بين الشّدّة

725 -[سمك البرستوج]

واللّين، إلّا أنّها إلى الشدّة أقرب، فلما كان البحر عميقا والرّيح قويّة، والأمواج عظيمة، وكان الشّراع لا يحطّ، وكان سيرهم مع الوتر ولم يكن مع القوس، ولا يعرفون الخبّ والمكلأّ [1] ، صارت الأيّام التي تسير فيها السّفن إلى الزّنج أقل. 725-[سمك البرستوج] قال: والبرستوج سمك يقطع أمواج الماء، ويسيح إلى البصرة من الزنج، ثم يعود ما فضل عن صيد الناس إلى بلاده وبحره. وذلك أبعد ممّا بين البصرة إلى العليق المرار الكثيرة. وهم لا يصيدون من البحر فيما بين البصرة إلى الزنج من البرستوج شيئا إلّا في إبان مجيئها إلينا ورجوعها عنّا، وإلّا فالبحر منها فارغ خال. فعامة الطير أعجب من حمامكم، وعامّة السّمك أعجب من الطّير. 726-[هداية الطير والسمك] والطّير ذو جناحين، يحلّق في الهواء، فله سرعة الدّرك وبلوغ الغاية بالطيران، وله إدراك العالم بما فيه بعلامات وأمارات إذا هو حلّق في الهواء، وعلا فوق كل شيء. والسّمكة تسبّح في غمر البحر والماء، ولا تسبّح في أعلاه. ونسيم الهواء الذي يعيش به الطير لو دام على السمك ساعة من نهار لقتله وقال أبو العنبر: قال أبو نخيلة الراجز [2] وذكر السمك: [من الرجز] تغمّه النشرة والنسيم ... فلا يزال مغرقا يعوم في البحر والبحر له تخميم ... وأمّة الوالدة الرؤوم تلهمه جهلا وما يريم يقول: النشرة والنسيم الذي يحيي جميع الحيوانات، إذا طال عليه الخموم واللّخن والعفن، والرّطوبات الغليظة، فذلك يغمّ السّمك ويكربه، وأمّه التي ولدته تأكله؛ لأنّ السّمك يأكل بعضه بعضا، وهو في ذلك لا يريم هذا الموضع. وقال رؤبة [3] : [من الرجز] والحوت لا يكفيه شيء يلهمه ... يصبح عطشان وفي الماء فمه

_ [1] الخب: اضطراب أمواج البحر «القاموس: خبّ» المكلأ: المرفأ «القاموس: كلأ» . [2] الرجز في اللسان (نشر) ، وحياة الحيوان 1/567. [3] الرجز لرؤبة في ديوانه 159، والخزانة 4/451، 454، 460، والدرر 1/114، وشرح شواهد المغني 1/467، والمقاصد النحوية 1/139، وبلا نسبة في المخصص 1/136، وهمع الهوامع 1/40.

727 -[شعر في الهجاء]

يصف طباعه واتّصاله بالماء، وأنّه شديد الحاجة إليه، وإن كان غرقا فيه أبدا. 727-[شعر في الهجاء] وأنشدني محمّد بن يسير لبعض المدنيّين، يهجو رجلا، وهو قوله [1] : [من مجزوء الرمل] لو رأى في السّقف فرجا ... لنزا حتّى يموتا أو رآه وسط بحر ... صار فيه الدّهر حوتا قال: يقول في الغوص في البحر، وفي طول اللبث فيه. 728-[حالة من امتلأ فمه ماء] وقال الذّكواني [2] ، وهو يصف الضّفدع: [من الرجز] يدخل في الأشداق ماء ينصفه ... كيما ينقّ والنّقيق يتلفه قال: يقول: الضّفدع لا يصوّت، ولا يتهيّأ له ذلك حتّى يكون في فيه ماء، وإذا أراد ذلك أدخل فكه الأسفل في الماء، وترك الأعلى حتى يبلغ الماء نصفه. والمثل الذي يتمثّل به النّاس: «فلان لا يستطيع أن يجيب خصومه لأنّ فاه ملآن ماء» [3] . وقال شاعرهم [4] : [من البسيط] وما نسيت مكان الآمريك بذا ... يا من هويت ولكن في فمي ماء وإنّما جعلوا ذلك مثلا، حين وجدوا الإنسان إذا كان في فمه ماء على الحقيقة لم يستطع الكلام. فهو تأويل قول الذّكوانيّ: [من الرجز] يدخل في الأشداق ماء ينصفه بفتح الياء وضمّ الصّاد، فإنّه ذهب إلى قول الشاعر [5] : [من الطويل] وكنت إذا جاري دعا لمضوفة ... أشمّر حتّى ينصف السّاق مئزري المضوفة: الأمر الذي يشفق منه.

_ [1] البيتان لأبي نواس في الكنايات للجرجاني 37، ومعاهد التنصيص 1/68. [2] الرجز بلا نسبة في عيون الأخبار 2/97، وحياة الحيوان 1/646. [3] في مجمع الأمثال 2/90 (في فمي ماء وهل ينطق من في فيه ماء) . [4] البيت لأبي نواس في ديوانه 709. [5] البيت لأبي جندب الهذلي في شرح أشعار الهذليين 358، واللسان (جور، ضيف، نصف، كون) ، والتاج (حير، ضوف، ضيف) ، وأساس البلاغة (ضيف) ، والمعاني الكبير 700، 1119، وبلا نسبة في شرح المفصل 10/81، والممتع في التصريف 2/470، والمنصف 1/301.

729 -[معرفة العرب والأعراب بالحيوان]

وكقول الآخر [1] : [من الوافر] فإنّ الظّنّ ينصف أو يزيد وهذا ليس من الإنصاف الذي هو العدل، وإنّما هو من بلوغ نصف الساق. وأمّا قوله: [من الرجز] كيما ينقّ والنّقيق يتلفه فإنه ذهب إلى قول الشاعر [2] : [من الطويل] ضفادع في ظلماء ليل تجاوبت ... فدلّ عليها صوتها حيّة البحر 729-[معرفة العرب والأعراب بالحيوان] وقلّ معنى سمعناه في باب معرفة الحيوان من الفلاسفة، وقرأناه في كتب الأطبّاء والمتكلمين- إلّا ونحن قد وجدناه أو قريبا منه في أشعار العرب والأعراب، وفي معرفة أهل لغتنا وملّتنا. ولولا أن يطول الكتاب لذكرت ذلك أجمع. وعلى أنّي قد تركت تفسير أشعار كثيرة، وشواهد عديدة مما لا يعرفه إلّا الرّواية النّحرير؛ من خوف التطويل. 730-[حمام النساء وحمام الفراخ] وقال أفليمون صاحب الفراسة: اجعل حمام النساء المسرولات العظام الحسان، ذوات الاختيال والتّبختر والهدير؛ واجعل حمام الفراخ ذوات الأنساب الشريفة والأعراق الكريمة، فإنّ الفراخ إنّما تكثر عن حسن التعهّد، ونظافة القراميص [3] والبروج. واتّخذ لهنّ بيتا محفورا على خلقة الصّومعة، محفوفا من أسفله إلى مقدار ثلثي حيطانه بالتماريد [4] ، ولتكن واسعة وليكن بينها حجاز. وأجود ذلك أن تكون تماريدها محفورة في الحائط على ذلك المثال، وتعهّد البرج

_ [1] صدر البيت (فإلّا يأتكم خبر يقين) ، وهو لأبي الفضة قاتل أحمر بن شميط، وقد تقدم في مطلع باب «في صدق الظن وجودة الفراسة» ، ص 27. [2] البيت للأخطل في ديوانه 181، والبيان 1/270، والكنايات 72، وبلا نسبة في عيون الأخبار 2/97. [3] القراميص: جمع قرموص؛ وهو العش يبيض فيه الحمام «القاموس: قرمص» . [4] التماريد: جمع تمراد، وهو بيت صغير في بيت الحمام لمبيضه «القاموس مرد» .

731 -[جماع الفراسة أربعة]

بالكنس والرّشّ في زمان الرش، وليكن مخرجهنّ من كوّ [1] في أعلى الصّومعة، وليكن مقتصدا في السّعة والضّيق، بقدر ما يدخل منه ويخرج منه الواحد بعد الواحد. وإن استطعت أن يكون البيت بقرب مزرعة فافعل. فإن أعجزك المنسوب منها فالتمس ذلك بالفراسة التي لا تخطئ وقلّما يخطئ. المتفرّس. قال: وليس كلّ الهدّى تقوى على الرّجعة من حيث أرسلت؛ لأنّ منها ما تفضل قوّته على هدايته، ومنها البطيء وإن كان قويّا، ومنها السّريع وإن كان ضعيفا، على قدر الحنين والاغترام. ولا بدّ لجميعها من الصّرامة، ومن التّعليم أوّلا والتّوطين آخرا. 731-[جماع الفراسة أربعة] وقال [2] : جماع الفراسة لا يخرج من أربعة أوجه: أوّلها التقطيع، الثاني المجسّة، والثالث الشمائل، والرابع الحركة. فالتقطيع: انتصاب العنق والخلقة، واستدارة الرأس من غير عظم ولا صغر، مع عظم القرطمتين [3] ، واتّساع المنخرين، وانهرات الشدقين وهذان من أعلام الكرم في الخيل؛ للاسترواح وغير ذلك. ثمّ حسن خلقة العينين، وقصر المنقار في غير دقّة ثمّ اتّساع الصّدر وامتلاء الجؤجؤ، وطول العنق، وإشراف المنكبين، وطول القوادم في غير إفراط، ولحوق بعض الخوافي ببعض، وصلابة العصب في غير انتفاخ ولا يبس واجتماع الخلق في غير الجعودة والكزازة، وعظم الفخذين، وقصر الساقين والوظيفين، وافتراق الأصابع، وقصر الذّنب وخفّته، من غير تفنين وتفرّق. ثم توقّد الحدقتين، وصفاء اللّون. فهذه أعلام الفراسة في التقطيع. وأمّا أعلام المجسة، فوثاقة الخلق، وشدّة اللّحم، ومتانة العصب، وصلابة القصب، ولين الرّيش في غير رقّة وصلابة المنقار في غير دقة. وأمّا أعلام الشمائل، فقلّة الاختيال، وصفاء البصر وثبات النّظر وشدّة الحذر، وحسن التّلفت، وقلّة الرعدة عند الفزع، وخفّة النّهوض إذا طار، وترك المبادرة إذا لقط.

_ [1] الكوّ: الخرق في الحائط «القاموس: كوة» . [2] انظر المخصص 8/170، ونهاية الأرب 10/270. [3] القرطمتان: نقطتان على أصل منقار الحمام «القاموس: قرطم» .

732 -[أدواء الحمام وعلاجها]

وأمّا أعلام الحركة، فالطيران في علوّ، ومدّ العنق في سموّ، وقلة الاضطراب في جوّ السماء، وضمّ الجناحين في الهواء، وتدافع الركض في غير اختلاط، وحسن القصد في غير دوران، وشدّة المدّ في الطيران. فإذا أصبته جامعا لهذه الخصال فهو الطائر الكامل. وإلا فبقدر ما فيه من المحاسن تكون هدايته وفراهته. 732-[أدواء الحمام وعلاجها] قال [1] : فاعلموا أنّ الحمام من الطير الرقيق، الذي تسرع إليه الآفة، وتعروه الأدواء، وطبيعته الحرارة واليبس. وأكثر أدوائه الخنان [2] والكباد [3] ، والعطاش، والسل، والقمّل. فهو يحتاج إلى المكان البارد والنّظيف، وإلى الحبوب الباردة كالعدس والماش والشّعير المنخول. والقرطم له بمنزلة اللّحم للإنسان؛ لما فيه من قوّة الدّسم. فممّا يعالج به الكباد [4] : الزّعفران والسكر الطبرزد، وماء الهندباء يجعل في سكرّجة، ثمّ يوجر ذلك أو يمجّ في حلقه مجّا وهو على الرّيق. وممّا يعالج به الخنان [4] : أن يليّن لسانه يوما أو يومين بدهن البنفسج، ثمّ بالرّماد والملح، يدلك بها حتّى تنسلخ الجلدة العليا التي غشيت لسانه. ثمّ يطلى بعسل ودهن ورد، حتّى يبرأ. وممّا يعالج به السّلّ [4] : أن يطعم الماش [5] المقشور، ويمجّ في حلقه من اللّبن الحليب، ويقطع من وظيفيه عرقان ظاهران في أسفل ذلك، مما يلي المفصل من باطن. وممّا يعالج به القمّل: أن يطلى أصول ريشه بالزّيبق المحلّل بدهن البنفسج، يفعل به ذلك مرّات حتى يسقط قمله؛ ويكنس مكانه الذي يكون فيه كنسا نظيفا. 733-[تعليم الحمام] وقال: اعلم أنّ الحمام والطير كلّها لا يصلح التّغمير به من البعد. وهدايته على

_ [1] عيون الأخبار 2/90. [2] الخنان: داء يأخذ الطير في حلوقها «القاموس: خن» . [3] الكباد: وجع الكبد. [4] عيون الأخبار 2/91، وفيه سرد لعلاج أمراض الحمام. [5] الماش: حب مدور أصغر من الحمص؛ أسمر اللون، يميل إلى الخضرة، يؤكل مطبوخا.

734 -[حوار مع نجار يفهم صناعته]

قدّر التعليم، وعلى قدر التوطين. فأوّل ذلك أن يخرج إلى ظهر سطح يعلو عليه، وينصب عليه علم يعرفه، ويكون طيرانه لا يجاوز محلّته، وأن يكون علفه بالغداة والعشيّ، يلقى له فوق ذلك السّطح، قريبا من علمه المنصوب له، حتّى يألف المكان ويتعّود الرّجوع إليه. ولكن لينظر من أيّ شيء يتّخذ العلم؟ فإنّه لا ينبغي أن يكون أسود، ولا يكون شيئا تراه من البعد أسود. وكلما كان أعظم كان أدلّ. ولا ينبغي أن يطيّره وزوجته معا، ولكن ينتف أحدهما ويطيّر الآخر، ويخرجان إلى السّطح جميعا، ثمّ يطيّر الوافي الجناح؛ فإنّه ينازع إلى زوجته. وإذا عرف المكان، ودار ورجع، وألف ذلك الموضع، ونبت ريش الآخر، صنع به كذلك. وأجود من ذلك أن يخرجا إلى السّطح وهما مقصوصان، حتّى يألفا ذلك الموضع، ثمّ يطيّر أحدهما قبل صاحبه، ويصنع بالثّاني كما صنع بالأوّل. وما أشبه قوله هذا بقول ماسرجويه؛ فإنه وصف في كتابه، طباع جميع الألبان، وشربها للدّواء، فلمّا فرغ من الصّفة قال: وقد وصفت لك حال الألبان في أنفسها، ولكن انظر إلى من يسقيك اللّبن؛ فإنّك بدءا تحتاج إلى تنظيف جوفك، وتحتاج إلى من يعرف مقدار علّتك من قدر اللّبن، وجنس علّتك من جنس اللّبن. 734-[حوار مع نجار يفهم صناعته] ومثل ذلك قول نجّار كان عندي، دعوته لتعليق [1] باب ثمين كريم فقلت له: إنّ إحكام تعليق الباب شديد ولا يحسنه من مائة نجّار نجار واحد. وقد يذكر بالحذق في نجارة السقوف والقباب، وهو لا يكمل لتعليق باب على تمام الاحكام فيه. والسقوف، والقباب عند العامّة أصعب. ولهذا أمثال: فمن ذلك أنّ الغلام والجارية يشويان الجدي والحمل ويحكمان الشيّ، وهما لا يحكمان شيّ جنب. ومن لا علم له يظنّ أنّ شيّ البعض أهون من شيّ الجميع!. فقال لي: قد أحسنت حين أعلمتني أنّك تبصر العمل، فإنّ معرفتي بمعرفتك تمنعني من التشفيق [2] . فعلّقه فأحكم تعليقه؛ ثمّ لم يكن عندي حلقة لوجه الباب إذا أردت إصفاقه، فقلت له: أكره أن أحبسك إلى أن يذهب الغلام إلى السوق

_ [1] تعليق الباب: تركيبه «القاموس: علق» . [2] الشفق: الرديء من الأشياء «القاموس: شفق» .

735 -[قص الحمام ونتفه]

ويرجع. ولكن اثقب لي موضعها. فلما ثقبه وأخذ وحقّه ولّاني ظهره للانصراف، والتفت إليّ فقال: قد جوّدت الثّقب، ولكن انظر أيّ نجار يدقّ فيه الزّرّة؛ فإنه إن أخطأ بضربة واحدة شقّ الباب- والشق عيب- فعلمت أنّه يفهم صناعته فهما تامّا. 735-[قص الحمام ونتفه] وبعض الناس إذا أراد أن يعلّم زوجا قصّهما ولم ينتفهما. وبين النّتف والقصّ بون بعيد. والقصّ كثير القصّ لا يوجع ولا يقرّح مغارز قصب الرّيش، والنّتف يوهن المنكبين. فإذا نتف الطائر مرارا لم يقو على الغاية، ولم يزل واهن المنكبين. ومتى أبطأ عليه فنتفه وقد جفّت أصوله وقربت من الطّرح كان أهون عليه، وكلما كان النبات أطرأ كان أضرّ عليه. وإنه ليبلغ من مضرّته، وأنّ الذّكر لا يجيد الإلقاح، والأنثى لا تجيد القبول. وربّما نتفت الأنثى وقد احتشت بيضا، وقد قاربت أن تبيض، فتبطئ بعد وقتها الأيّام؛ وربما أضرّ ذلك بالبيض. 736-[زجل الحمام] قال: وإذا بلغ الثّاني مبلغ الأوّل في استواء الرّيش، والاهتداء إلى العلم، طيّرا جميعا، ومنعا من الاستقرار؛ إلّا أن يظن بهما الإعياء والكلال. ثم يوطّن لهما المراجل برّا وبحرا، من حيث يبصران إذا هما ارتفعا في الهواء السّمت ونفس العلم، وأقاصي ما كانا يريانه منها عند التّباعد في الدّوران والجولان. فإذا رجعا من ذلك المكان مرّات زجلا من أبعد منه- وقد كانوا مرّة يعجبهم أن يزجلوا من جميع التوطينات، ما لم تبعد، مرّتين مرّتين- فلا يزالان كذلك حتّى يبلغا الغاية، ويكون أحدهما محتبسا إذا أرسل صاحبه؛ ليتذكّره فيرجع إليه. فإن خيف عليه أن يكون قد ملّ زوجته، عرضت عليه زوجة أخرى قبل الزّجل؛ فإذا تسنّمها مرّة حيل بينه وبينها يومه ذلك، ثمّ عرضوها عليه قبل أن يحمل، فإذا أطاف بها نحّيت عنه، ثمّ حمل إلى الزّاجل؛ فإنّ ذلك أسرع له. وقال: اعلموا أنّ أشدّ المزاجل ما قلّت أعلامه، كالصّحارى والبحار. 737-[اختلاف طباع الطير] قال: والطير تختلف في الطّباع اختلافا شديدا: فمنها القويّ، ومنها الضعيف، ومنها البطيء، ومنها السّريع، ومنها الذّهول، ومنها الذّكور، ومنها القليل الصّبر على العطش، ومنها الصّبور. وذلك لا يخفى فيهنّ عند التّعليم والتّوطين، في سرعة

738 -[تعليم الحمام ورود الماء]

الإجابة والإبطاء. فلا تبعدنّ غاية الضّعيف والذّهول والقليل الصّبر على العطش، ولا تزجلنّ ما كان منشؤه في بلا الحرّ في بلاد البرد، ولا ما كان منشؤه في بلاد البرد في بلاد الحرّ؛ إلّا ما كان بعد الاعتياد. ولا يصبر على طول الطيران في غير هوائه وأجوائه طائر إلا بطول الإقامة في ذلك المكان، ولا تستوي حاله وحال من لا يعدو هواءه والهواء الذي يقرب من طباع هوائه. 738-[تعليم الحمام ورود الماء] قال: ولا بدّ أن يعلّم الورود، فإذا أردت به ذلك فأورده العيون والغدران والأنهار، ثمّ حل بينه وبين النّظر إلى الماء، حتى تكفّ بصره بأصابعك عن جهة الماء واتّساع المورد، إلّا بقدر ما كان يشرب فيه من المساقي، ثمّ أوسع له إذا عبّ قليلا بقدر ما لا يروعه ذلك المنظر وليكن معطّشا؛ فإنّه أجدر أن يشرب. تفعل به ذلك مرارا، ثمّ تفسح له المنظر أوّلا أوّلا، حتى لا ينكر ما هو فيه. فلا تزال به حتّى يعتاد الشّرب بغير سترة. 739-[استئناس الحمام واستيحاشه] قال: واعلم أنّ الحمام الأهليّ الذي عايش النّاس، وشرب من المساقي ولقط في البيوت يختلّ بالوحدة، ويستوحش بالغربة. قال: واعلم أنّ الوحشيّ يستأنس، والأهلي يستوحش. قال: واعلم أنّه ينسى التّأديب إذا أهمل، كما يتأدّب بعد الإهمال. 740-[ترتيب الزجل] وإذا زجلت فلا تخطرف به من نصف الغاية إلى الغاية، ولكن رتّب ذلك؛ فإنّه ربّما اعتاد المجيء من ذلك البعد، فمتى أرسلته من أقرب منه تحيّر، وأراد أن يبتدئ أمره ابتداء. وهم اليوم لا يفعلون ذلك؛ لأنّه إذا بلغ الرّقّة أو فوق ذلك شيئا فقد صار عقدة، وصار له ثمن وغلّة. فهو لا يرى أن يخاطر بشيء له قدر. ولكنّه إن جاء من هيت [1] أدرب [2] به؛ لأنّه إن ذهب لم يذهب شيء له ثمن، ولا طائر له رياسة؛ وليس له اسم ولا ذكر؛ وإن جاء جاء شيء كبير وخطير، وإن جاء من الغاية فقد حوى به ملكا. على هذا هم اليوم.

_ [1] هيت: بلدة على الفرات من نواحي بغداد فوق الأنبار معجم البلدان 5/421. [2] الدرب: كل مدخل إلى الروم أو النافذ منه، ودرّب: عوّد المشي في الدروب «القاموس: درب» .

741 -[علاج الحمام الفزع]

وقال: لا ترسل الزّاقّ [1] حتى تستأنف به الرّياضة ولا تدع ما تعدّه للزّجال أن يحصن بيضا، ولا يجثم عليه، فإنّ ذلك ممّا ينقضه [2] ويفتّحه [3] ، ويعظم له رأسه، لأنّه عند ذلك يسمن وتكثر رطوبته فتقذف الحرارة تلك الرّطوبة الحادّة العارضة إلى رأسه، فإن ثقب البيض وزقّ وحضن، احتجت إلى تضميره واستئناف سياسته. ولكن إن بدا لك أن تستفرخه فانقل بيضه إلى غيره، بعد أن تعلمه بعلامة تعرفه بها إذا انصدع. 741-[علاج الحمام الفزع] وإن أصاب الحمام أيضا فزع وذعر؛ عن طلب شيء من الجوارح له، فإيّاك أن تعيده إلى الزّجل حتّى ترضمه [4] وتستفرخه؛ فإن ذلك الذّعر لا يفارقه ولا يسكن حتى تستأنف به التّوطين. 742-[طريقة استكثار الفراخ] وإن أردت أن تستكثر من الفراخ فاعزل الذّكورة عن الإناث شهرا أو نحوه، حتى يصول بعضها على بعض، ثم اجمع بينها؛ فإنّ بيضها سيكثر ويقلّ سقطه ومروقه. وكذلك كلّ أرض أثيرت، وكذلك الحيال لما كان من الحيوان حائلا [5] . قال الأعشى [6] : [من الخفيف] من سراة الهجان صلّبها الع ... ضّ ورعي الحمى وطول الحيال وقال الحارث بن عباد [7] وجعل ذلك مثلا: [من الخفيف] قرّبا مربط النّعامة منّي ... لقحت حرب وائل عن حيال

_ [1] زقّ الطائر فراخه: أطعمها بمنقاره. [2] ينقضه: يضعف قوته. [3] تفتحه: تسمنه، وفي القاموس «ناقة مفاتيح، وأينق مفاتيحات: سمان» «القاموس: فتح» . [4] رضمت الطير: ثبتت «القاموس: رضم» . [5] صارت إبله حائلا: أي لم تحمل «القاموس: حول» . [6] ديوان الأعشى 55، واللسان والتاج (صلب، عضض) ، والجمهرة 146، والمقاييس 4/50، والعين 1/72، والتنبيه والإيضاح 1/103، وبلا نسبة في اللسان (حيل، هجن، حما، سرا) ، والتاج (حمي) . [7] البيت للحارث بن عباد في الأصمعيات 71، والحماسة البصرية 1/16، وذيل الأمالي 27، والخزانة 1/472، 473، والسمط 757، والأغاني 5/47، 4/59، وديوان المعاني 2/63، واللسان (قلص، نعم، عنن) ، والتاج (نعم، عنن) ، وأساس البلاغة (حول، لقح) ، والصاحبي في فقه اللغة 208، وانظر حاشية الحماسة البصرية.

743 -[حديث أفليمون عن نفع الحمام]

743-[حديث أفليمون عن نفع الحمام] وقال أفليمون صاحب الفراسة، لصاحبه: وأنا محدّثك عن نفع الحمام بحديث يزيدك رغبة فيها: وذلك أنّ ملكين طلب أحدهما ملك صاحبه، وكان المطلوب أكثر مالا وأقلّ رجالا، وأخصب بلادا، وكانت بينهما مسافة من الأرض بعيدة، فلما بلغه ذلك دعا خاصّته فشاورهم في أمره وشكا إليهم خوفه على ملكه، فقال له بعضهم: دامت لك أيّها الملك السلامة، ووقيت المكروه! إنّ الذي تاقت له نفسك قد يحتال له باليسير من الطمع، وليس من شأن العاقل التّغرير، وليس بعد المناجزة بقيّة، والمناجز لا يدري لمن تكون الغلبة، والتمسّك بالثقة خير من الإقدام على الغرر. وقال بعضهم: دام لك العزّ، ومدّ لك في البقاء! ليس في الذّلّ درك ولا في الرّضا بالضيم بقيّة، فالرّأي اتخاذ الحصون وإذكاء العيون، والاستعداد للقتال؛ فإنّ الموت في عزّ خير من الحياة في ذلّ! وقال بعضهم: وقيت وكفيت، وأعطيت فضل المزيد! الرّأي طلب المصاهرة له والخطبة إليه؛ فإنّ الصهر سبب ألفة تقع به الحرمة، وتثبت به المودّة، ويحلّ به صاحبه المحلّ الأدنى. ومن حلّ من صاحبه هذا المحلّ لم يخلّه مما عراه، ولم يمتنع من مناوأة من ناواه. فالتمس خلطته؛ فإنّه ليس بعد الخلطة عداوة، ولا مع الشّركة مباينة! فقال لهم الملك: كلّ قد أشار برأي، ولكلّ مدّة، وأنا ناظر في قولكم، وبالله العصمة، وبشكره تتمّ النعمة. وأظهر الخطبة إلى الملك الذي فوقه، وأرسل رسلا، وأهدى هدايا، وأمرهم بمصانعة جميع من يصل إليه، ودسّ رجالا من ثقاته، وأمرهم باتّخاذ الحمام في بلاده وتوطينهنّ، واتخذ أيضا عند نفسه مثلهنّ، فرفّعهن من غاية إلى غاية. فجعل هؤلاء يرسلون من بلاد صاحبهم، وجعل من عند الملك يرسلون من بلاد الملك، وأمرهم بمكاتبته بخبر كلّ يوم، وتعليق الكتب في أصول أجنحة الحمام. فصار لا يخفى عليه شيء من أمره. وأطمعه الملك في التزويج واستفرده [1] وطاوله، وتابع بين الهدايا، ودسّ لحرسه رجالا يلاطفونهم حتى صاروا يبيتون بأبوابه معهم. فلمّا كتب أصحابه إليه بغرّتهم وصل الخبر إليه من يومه، فسار إليه في جند

_ [1] أفرده: عزله، وإليه رسولا: جهزه «القاموس: فرد» .

744 -[حديث آخر في نفع الحمام]

قد انتخبهم، حتى إذا كان على ليلة أو بعض ليلة، أخذ بمجامع الطّرق، ثم بيّتهم [1] ووثب أصحابه من داخل المدينة وهو وجنده من خارج، ففتحوا الأعراب وقتلوا الملك. وأصبح قد غلب على تلك المدينة، وعلى تلك المملكة، فعظم شأنه، وأعظمته الملوك، وذكر فيهم بالحزم والكيد. وإنما كان سبب ذلك كلّه الحمام!. 744-[حديث آخر في نفع الحمام] قال: وأحدّثك عن الحمام أيضا بحديث آخر في أمر النساء والرّجال وما يصاب من اللّذّة فيهنّ، والصّواب في معاملتهنّ. قال: وذلك أنّ رجلا أتاني مرّة فشكا إليّ حاله في فتاة علّقها فتزوّجها، وكات جارية غرّا حسناء، وكانت بكرا ذات عقل وحياء، وكانت غريرة فيما يحسن النّساء من استمالة أهواء الرّجال، ومن أخذها بنصيبها من لذّة النساء فلما دخل بها امتنعت عليه، ودافعته عن نفسها، فزاولها بكلّ ضرب كان يحسنه من لطف، وأدخل عليها من نسائه ونسائها من ظنّ أنّها تقبل منهنّ، فأعيتهن، حتى همّ برفضها مع شدّة وجده بها، فأتاني فشكا ذلك إليّ مرة، فأمرته أن يفردها ويخلّيها من الناس، فلا يصل إليها أحد، وأن يضعف لها الكرامة في اللّطف والإقامة لما يصلحها من مطعم ومشرب وملبس وطيب وغير ذلك، مما تلهو به امرأة وتعجب به، وأن يجعل خادمها أعجميّة لا تفهم عنها، وهي في ذلك عاقلة، ولا تفهمها إلّا بالإيماء؛ حتى تستوحش إليها وإلى كل من يصل إليها من النّساء وحتى تشتهي أن تجد من يراجعها الكلام وتشكو إليه وحشة الوحدة، وأن يدخل عليها أزواجا من الحمام، ذوات صورة حسنة، وتخيّل وهدير فيصيّرهنّ في بيت نظيف، ويجعل لهنّ في البيت تماريد [2] وبين يدي البيت حجرة نظيفة، ويفتح لها من بيتها بابا فيصرن نصب عينها فتلهو بهن وتنظر إليهنّ، ويجعل دخوله عليها في اليوم دفعة إلى تلك الحمام. والتسلّي بهنّ، والاستدعاء لهنّ إلى الهدير ساعة، ثم يخرج، فإنّها لا تلبث أن تتفكّر في صنيعهنّ إذا رأت حالهن؛ فإنّ الطّبيعة لا تلبث حتى تحرّكها، ويكون أوفق المقاعد لها الدنّو منهن، وأغلب الملاهي عليها النّظر إليهن؛ لأنّ الحواس لا تؤدي إلى النّفس شيئا من قبل السمع، والبصر، والذوق، والشم والمجسّة إلّا تحرّك من العقل في قبول ذلك أو ردّه، والاحتيال في إصابته أو دفعه،

_ [1] بيتهم: أوقع بهم ليلا «القاموس: بيت» . [2] التماريد: جمع تمراد، وهو بيت صغير في بيت الحمام لمبيضه. «القاموس: مرد» .

745 -[الخوف على النساء من الحمام]

والكراهية له أو السّرور به بقدر ما حرّك النّفس منه. فإذا رأيت الغالب عليها الدنوّ منهنّ، والتأمّل لهن، فأدخل عليها امرأة مجرّبة غزلة تأنس بها، وتفطنها لصنيعهنّ، وتعجّبها منهنّ، وتستميل فكرتها إليهنّ، وتصف لها موقع اللّذّة على قدر ما ترى من تحريك الشّهوة. ثمّ أخرج المرأة عنها، وحاول الدّنو منها، فإن رأيت كراهية أمسكت وأعدت المرأة إليها، فإنها لا تلبث أن تمكنك. فإن فعلت ما تحبّ وأمكنتك بعض الإمكان، ولم تبلغ ما تريد فأخبرني بذلك. قال: وقلت له: مر المرأة فلتسألها عن حالها في نفسها، وحالك عندها، فلعلّ فيها طبيعة من الحياء تمنعها من الانبساط، ولعلّها غرّ لا يلتمس ما قبلها من الخرق [1] . ففعل، وأمر المرأة أن تكشفها عن ذات نفسها، فشكت إليها الخرق [1] ، فأشارت عليها بالمتابعة، وقالت: اعتبري بما ترين من هذا الحمام؛ فقد ترين الزّوجين كيف يصنعان! قالت: قد تأمّلت ذلك فعجبت منه، ولست أحسنه! فقالت لها: لا تمنعي يده ولا تحملي على نفسك الهيبة، وإن وجدت من نفسك شيئا تدعوك إليه لذّة فاصنعيه؛ فإنّ ذلك يأخذ بقلبه، ويزيد في محبّتك، ويحرّك ذلك منه أكثر مما أعطاك. فلم يلبث أن نال حاجته وذهبت الحشمة، وسقطت المداراة فكان سبب الصّنع لهما، والخروج من الوحشة إلى الأنس، ومن الحال الدّاعية إلى مفارقتها إلى الحال الدّاعية إلى ملازمتها، والضّنّ بها- الحمام. 745-[الخوف على النساء من الحمام] وما أكثر من الرّجال، من ليس يمنعه من إدخال الحمام إلى نسائه الّا هذا الشيء الذي حثّ عليه صاحب الفراسة؛ وذلك أنّ تلك الرّؤية قد تذكّر وتشهّي وتمحن [2] . وأكثر النّساء بين ثلاثة أحوال: إمّا امرأة قد مات زوجها، فتحريك طباعها خطار بأمانتها وعفافها. والمغيبة [3] في مثل هذا المعنى. والثّالثة: امرأة قد طال لبثها مع زوجها؛ فقد ذهب الاستطراف، وماتت الشهوة. وإذا رأت ذلك تحرّك منها كلّ ساكن وذكرت ما كانت عنه بمندوحة. والمرأة سليمة الدين والعرض والقلب، ما لم تهجس في صدرها الخواطر، ولم تتوهّم حالات اللّذّة وتحرّك الشهوة. فأمّا إذا وقع ذلك فعزمها أضعف العزم، وعزمها على ركوب الهوى أقوى العزم.

_ [1] الخرق: الدّهش من خوف أو حياء «القاموس: خرق» . [2] تمحن: تصيب بالمحن والبلية. [3] امرأة مغيّبة: غاب عنها زوجها «القاموس: غيب» .

746 -[نادرة لعجوز أعجمية]

فأمّا الأبكار الغريرات فهنّ إلى أن يؤخذن بالقراءة في المصحف، ويحتال لهن حتى يصرن إلى حال التشييخ والجبن والكزازة [1] وحتّى لا يسمعن من أحاديث الباه والغزل قليلا ولا كثيرا- أحوج. 746-[نادرة لعجوز أعجمية] [2] ولقد ركبت عجوز سندية ظهر بعير، فلما أقبل بها هذا البعير وأدبر وطمر، فمخضها مرّة مخض السقاء، وجعلها مرّة كأنّها ترهز [3] فقالت بلسانها- وهي سنديّة أعجميّة- أخزى الله هذا الذّمل؛ فإنه يذكّر بالسّرّ [4] ! تريد: أخزى الله هذا الجمل، فإنه يذكّر بالشر. حدثنا بهذه النادرة محمّد بن عبّاد بن كاسب. 747-[نادرة لعجوز أعرابية] وحدّثنا ربعيّ الأنصاريّ: أنّ عجوزا من الأعراب جلست في طريق مكة إلى فتيان يشربون نبيذا لهم، فسقوها قدحا فطابت نفسها، وتبسمت؛ ثمّ سقوها قدحا آخر فاحمرّ وجهها وضحكت، فسقوها قدحا ثالثا فقالت: خبّروي عن نسائكم بالعراق، أيشربن من هذا الشراب؟ فقالوا: نعم. فقالت: زنين وربّ الكعبة! 748-[عقاب خصيّ بسبب الحمام] وزعم إبراهيم الأنصاريّ المعتزليّ أنّ عباس بن يزيد بن جرير دخل مقصورة لبعض حواريه، فأبصر حماما قد قمط حمامة، ثمّ كسح بذنبه ونفش ريشه، فقال: لمن هذا الحمام؟ فقالوا: لفلان خادمك- يعنون خصيّا له- فقدّمه فضرب عنقه. 749-[داعية الزنا] [5] وقد قال الحطيئة لفتيان من بني قريع- وقد كانوا ربّما جلسوا بقرب خيمته، فتغنّى بعضهم غناء الرّكبان- فقال: يا بني قريع! إيّاي والغناء؛ فإنّه داعية الزّنا [6] !.

_ [1] الكزازة: البخل «القاموس: كزز» . [2] الخبر في البيان والتبيين 1/74. [3] الرهز: حركة الرجل والمرأة عند الجماع «اللسان: رهز» . [4] السرّ: النكاح «القاموس: سرر» ، ولم ترد العجوز ذلك، بل أرادت «الشر» كما ذكر الجاحظ. [5] الخبر في الأغاني 2/179، وثمار القلوب (955) ، والشعر والشعراء 1/327، وانظر مثل هذا الخبر في الأغاني 4/273، والتوفيق للتلفيق 198. [6] في مجمع الأمثال 2/67 (الغناء رقية الزنا) ، وهذا المثل ينسب إلى أكثم بن صيفي وإلى بزر جمهر في العقد الفريد 3/77، وإحكام صنعة الكلام 38.

750 -[حمام واسط]

750-[حمام واسط] وأما أبو أحمد التمار المتكلم، فإنّه شاهد صاحب حمام في يوم مجيء حمامه من واسط، وكانت واسط يومئذ الغاية، فرآه كلما أقبل طائر من حمامه نعر [1] ورقص، فقال له: والله إني لأرى منك عجبا؛ أراك تفرح بأن جاءك حمام من واسط، وهو ذلك الذي كان، وهو الذي جاء. وهو الذي اهتدى؛ وأنت لم تجئ ولم تهتد؛ وحين جاء من واسط، لم يجئ معه بشيء من خبر أبي حمزة، ولا بشيء من مقاريض [2] واسط، وبزيون [3] واسط، ولا جاء معه أيضا بشيء من خطميّ [4] ، ولا بشيء من جوز ولا بشيء من زبيب. وقد مرّ بكسكر [5] فأين كان عن جداء كسكر، ودجاج كسكر، وسمك كسكر، وصحناة [6] كسكر، وربيثاء كسكر وشعير كسكر؟! وذهب صحيحا نشيطا، ورجع مريضا كسلان، وقد غرمت ما غرمت!! فقل لي: ما وجه فرحك؟ فقال: فرحي أنّي أرجو أن أبيعه بخمسين دينارا. قال: ومن يشتريه منك بخمسين دينارا؟ قال: فلان، وفلان. فقام ومضى إلى فلان فقال: زعم فلان أنّك تشتري منه حماما جاء من واسط بخمسين دينارا؟ قال: صدق. قال: فقل لي لم تشتريه بخمسين دينارا؟ قال: لأنّه جاء من واسط. قال: فإذا جاء من واسط فلم تشتريه بخمسين دينارا؟ قال: لأنّي أبيع الفرخ منه بثلاثة دنانير، والبيضة بدينارين. قال: ومن يشتري منك؟ قال: مثل فلان وفلان. فأخذ نعله ومضى إلى فلان، فقال: زعم فلان أنّك تشتري منه فرخا من طائر جاء من واسط بثلاثة دنانير، والبيضة بدينارين. قال: صدق، قال: فقل لي: لم تشتري فرخة بثلاثة دنانير؟ قال: لأنّ أباه جاء من واسط. قال: ولم تشتريه بثلاثة دنانير إذا جاء أبوه من واسط؟ قال: لأني أرجو أن يجيء من واسط. قال: وإذا جاء من واسط فأيّ شيء يكون؟ قال: يكون أن أبيعه بخمسين دينارا. قال: ومن يشتريه منك بخمسين دينارا؟ قال: فلان. فتركه ومضى إلى فلان، فقال: زعم فلان أنّ فرخا من فراخه إذا جاء أبوه من واسط اشتريته أنت منه

_ [1] نعر: صاح «القاموس: نعر» . [2] في القاموس «قرض» : (المقارض: أوعية الخمر، والجرار الكبار) . [3] البزيون: السندس، وهو رقيق الديباج «القاموس: بزيون، سندس» . [4] الخطمي: نبات محلّل منضّج مليّن، نافع لعسر البول والحصا والنسا وقرحة الأمعاء والارتعاش وتسكين الوجع «القاموس: خطم» . [5] كسكر: كورة بين الكوفة والبصرة. معجم البلدان 4/461. [6] الصحناة: إدام يتخذ من السمك الصغار والملح «القاموس: صحن» .

751 -[نوادر لأبي أحمد التمار]

بخمسين دينارا. قال: صدق. قال: ولم تشتريه بخمسين دينارا قال: لأنّه جاء من واسط. قال: وإذا جاء من واسط لم تشتريه بخمسين دينارا؟ قال: فأعاد عليه مثل قول الأوّل. فقل: لا رزق الله من يشتري حماما جاء من واسط بخمسين دينارا، ولا رزق الله إلّا من لا يشتريه بقليل ولا بكثير. 751-[نوادر لأبي أحمد التمار] وأبو أحمد هذا هو الذي قال- وهو يعظ بعض المسرفين- لو أنّ رجلا كانت عنده ألف ألف دينار ثم أنفقها كلّها لذهبت كلها. وإنما سمع قول القائل: لو أنّ رجلا عنده ألف ألف دينار فأخذ منها ولم يضع عليها لكان خليقا أن يأتي عليها. وهو القائل في قصصه: ولقد عظّم رسول الله صلى الله عليه وسلّم حقّ الجار، وقال فيه قولا أستحيي والله من ذكره! وهو الذي قال لبعضهم: بلغني أنّ في بستانك أشياء تهمّني، فأحبّ أن تهب لي منه أمرا من أمر الله عظيم. وكان زجّالا قبل أن يكون تمارا. وزعم سليمان الزجّال وأخوه ثابت، أنّه قبل أن يكون تمارا قال يوما- وذكر الحمام، حين زهد في بيع الحمام؛ وذكر بعض الملوك- فقال: أمّا فلان فإنّه لما بلغني أنه يلعب بالحمام سقط من عيني! والله سبحانه وتعالى أعلم. تمّ القول في الحمام، والحمد لله وحده.

باب القول في أجناس الذبان

باب القول في أجناس الذّبّان بسم الله، وبالله والحمد لله ولا حول ولا قوّة إلا بالله. وصلّى الله على سيّدنا محمّد النبيّ الأميّ وعلى آله وصحبه وسلّم، وعلى أبرار عترته الطيّبين الأخيار. أوصيك أيّها القارئ المتفهّم، وأيها المستمع المنصت المصيخ، ألّا تحقر شيئا أبدا لصغر جثّته، ولا تستصغر قدره لقلّة ثمن. 752-[دلالة الدقيق من الخلق على الله] ثمّ اعلم أنّ الجبل ليس بأدلّ على الله من الحصاة، ولا الفلك المشتمل على عالمنا هذا بأدلّ على الله من بدن الإنسان. وأنّ صغير ذلك ودقيقه كعظيمه وجليله. ولم تفترق الأمور في حقائقها، وإنما افترق المفكّرون فيها، ومن أهمل النّظر، وأغفل مواضع الفرق، وفصول الحدود. فمن قبل ترك النّظر، ومن قبل قطع النّظر، ومن قبل النظر من غير وجه النّظر، ومن قبل الإخلال ببعض المقدّمات، ومن قبل ابتداء النّظر من جهة النّظر، واستتمام النظر مع انتظام المقدّمات- اختلفوا. فهذه الخصال هي جمّاع هذا الباب، إلّا ما لم نذكره من باب العجز والنقص، فإن الذي امتنع من المعرفة من قبل النّقصان الذي في الخلقة باب على حدة. وإنما ذكرنا باب الخطأ والصّواب، والتّقصير والتكميل. فإياك أن تسيء الظّنّ بشيء من الحيوان لاضطراب الخلق، ولتفاوت التركيب، ولأنّه مشنوء في العين، أو لأنّه قليل النّفع والرّدّ؛ فإنّ الذي تظّنّ أنّه أقلّها نفعا لعله أن يكون أكثرها ردّا، فإلّا يكن ذلك من جهة عاجل أمر الدنيا، كان ذلك في آجل أمر الدين. وثواب الدين وعقابه باقيان، ومنافع الدنيا فانية زائلة؛ فلذلك قدّمت الآخرة على الأولى. فإذا رأيت شيئا من الحيوان بعيدا من المعاونة، وجاهلا بسبب المكانفة [1] ، أو

_ [1] المكانفة: المعاونة «القاموس: كنف» .

كان مما يشتدّ ضرره، وتشتدّ الحراسة منه، كذوات الأنياب من الحيّات والذئاب وذوات المخالب من الأسد والنّمور، وذوات الإبر والشعر من العقارب والدّبر، فاعلم أنّ مواقع منافعها من جهة الامتحان، والبلوى. ومن جهة ما أعد الله عزّ وجلّ للصابرين، ولمن فهم عنه، ولمن علم أنّ الاختيار والاختبار لا يكونان والدنيا كلّها شرّ صرف أو خير محض؛ فإنّ ذلك لا يكون إلّا بالمزواجة بين المكروه والمحبوب، والمؤلم والملذّ، والمحقّر والمعظّم، والمأمون والمخوف. فإذا كان الحظّ الأوفر في الاختبار والاختيار. وبهما يتوسل إلى ولاية الله عزّ وجلّ، وآبد [1] كرامته، وكان ذلك إنما يكون في الدار الممزوجة من الخير والشرّ، والمشتركة والمركّبة بالنّفع والضر، المشوبة باليسر والعسر- فليعلم موضع النّفع في خلق العقرب، ومكان الصّنع في خلق الحيّة، فلا يحقرنّ الجرجس [2] والفراش والذرّ والذّبان ولتقف حتّى تتفكّر في الباب الذي رميت إليك بجملته، فإنّك ستكثر حمد الله عزّ وجلّ على خلق الهمج والحشرات وذوات السّموم والأنياب، كما تحمده على خلق الأغذية من الماء والنّسيم. فإن أردت الزّراية والتّحقير، والعداوة والتّصغير، فاصرف ذلك كلّه إلى الجنّ والإنس، واحقر منهم كلّ من عمل عملا من جهة الاختيار يستوجب به الاحتقار، ويستحقّ به غاية المقت من وجه، والتصغير من وجه. فإن أنت أبغضت من جهة الطبيعة، واستثقلت من جهة الفطرة ضربين من الحيوان: ضربا يقتلك بسمه، وضربا يقتلك بشدة أسره [3] لم تلم. إلّا أنّ عليك أن تعلم أنّ خالقهما لم يخلقهما لأذاك، وإنما خلقهما لتصبر على أذاهما، ولأن تنال بالصّبر الدرجة التي يستحيل أن تنالها إلّا بالصّبر. والصبر لا يكون إلّا على حالّ مكروه. فسواء عليك أكان المكروه سبعا وثّابا، أو كان مرضا قاتلا، وعلى أنّك لا تدري لعلّ النزع [4] ، والعلز [5] والحشرجة، أن يكون أشدّ من لدغ حيّة، وضغمة [6]

_ [1] آبد: دائم «القاموس: أبد» . [2] الجرجس: البعوض الصغار «القاموس: جرجس» . [3] الأسر: الشد والعصب وشدة الخلق والخلق «القاموس: أسر» . [4] يقال: هو في النزع: أي قلع الحياة «القاموس: نزع» . [5] العلز: هلع يصيب المحتضر «القاموس: علز» . [6] الضغمة: العضّة «القاموس: ضغم» .

سبع. فإلّا تكن له حرقة كحرق النار وألم كألم الدّهق [1] ، فلعلّ هناك من الكرب ما يكون موقعه من النّفس فوق ذلك. وقد عمنا أنّ النّاس يسمّون الانتظار لوقع السيف على صليف [2] العنق جهد البلاء؛ وليس ذلك الجهد من شكل لذع النار، ولا من شكل ألم الضرب بالعصا. فافهم فهمك الله مواقع النفع كما يعرفها أهل الحكمة وأصحاب الأحساس الصحيحة. ولا تذهب في الأمور مذهب العامّة، وقد جعلك الله تعالى من الخاصة، فإنك مسؤول عن هذه الفضيلة، لأنّها لم تجعل لعبا، ولم تترك هملا. واصرف بغضك إلى مريد ظلمك، لا يراقب فيك إلّا ولا ذمّة، ولا مودة، ولا كتابا ولا سنّة. وكلما زادك الله عزّ وجلّ نعمة ازداد عليك حنقا، ولك بغضا. وفرّ كلّ الفرار واهرب كلّ الهرب، واحترس كلّ الاحتراس، ممن لا يراقب الله عزّ وجلّ؛ فإنه لا يخلو من أحد أمرين، إمّا أن يكون لا يعرف ربّه مع ظهور آياته ودلالاته، وسبوغ آلائه، وتتابع نعمائه، ومع برهانات رسله، وبيان كتبه؛ وإمّا أن يكون به عارفا وبدينه موقنا، وعليه مجترئا، وبحرماته مستخفّا. فإن كان بحقّه جاهلا فهو بحقّك أجهل، وله أنكر. وإن كان به عارفا وعليه مجترئا فهو عليك أجرأ، ولحقوقك أضيع ولأياديك أكفر. فأمّا خلق البعوضة والنّملة والفراشة والذّرّة والذّبّان والجعلان، واليعاسيب والجراد- فإياك أن تتهاون بشأن هذا الجند، وتستخف بالآلة التي في هذا الذّرء [3] ؛ فربّت أمة أجلاها عن بلادها النمل، ونقلها عن مساقط رؤوسها الذّرّ، وأهلكت بالفأر، وجردت بالجراد، وعذّبت بالبعوض، وأفسد عيشها الذّبّان، فهي جند إن أراد الله عزّ وجلّ أن يهلك بها قوما بعد طغيانهم وتجبّرهم وعتوّهم؛ ليعرفوا أو ليعرف بهم أنّ كثير أمرهم، لا يقوم بالقليل من أمر الله عزّ وجلّ. وفيها بعد معتبر لمن اعتبر، وموعظة لمن فكّر، وصلاج لمن استبصر، وبلوى ومحنة، وعذاب ونقمة، وحجّة صادقة، وآية واضحة، وسبب إلى الصّبر والفكرة. وهما جماع الخير في باب المعرفة والاستبانة، وفي باب الأجر وعظم المثوبة.

_ [1] الدهق: خشبتان يغمز بهما الساق «القاموس: دهق» . [2] صليف العنق: عرضه «القاموس: صلف» . [3] الذرء: النسل والخلق «القاموس: ذرأ» .

753 -[أمثال في الفراش والذباب]

وسنذكر جملة من حال الذّبّان، ثم نقول في جملة ما يحضرنا من شأن الغربان والجعلان. 753-[أمثال في الفراش والذباب] ويقال في موضع الذمّ والهجاء: «ما هم إلّا فراش نار وذبّان طمع» [1] . ويقال: «أطيش من فراشة» [2] ، «وأزهى من ذبّان» [3] . وقال الشاعر [4] : [من الوافر] كأنّ بني ذويبة رهط سلمى ... فراش حول نار يصطلينا يطفن بحرّها ويقعن فيها ... ولا يدرين ماذا يتّقينا والعرب تجعل الفراش والنّحل والزّنابير والدّبر كلّها من الذّبان. وأما قولهم: «أزهى من ذباب» فلأن الذّباب يسقط على أنف الملك الجبّار، وعلى موق عينيه ليأكله، ثم يطرده فلا ينطرد. 754-[أمثال في الأنف] والأنف هو النّخوة وموضع التّجبّر. وكان من شأن البطارقة [5] وقوّاد الملوك إذا أنفوا من شيء أن ينخروا كما ينخر الثّور عند الذّبح، والبرذون عند النّشاط. والأنف هو موضع الخنزوانة [6] والنّعرة. وإذا تكبّرت النّاقة بعد أن تلقح فإنّها تزمّ بأنفها. والأصيد: الملك الذي تراه أبدا من كبره مائل الوجه. وشبّه بالأسد فقيل أصيد؛ لأنّ عنق الأسد من عظم واحد، فهو لا يلتفت إلّا بكلّه، فلذلك يقال للمتكبّر: «إنّما أنفه في أسلوب» [7] ، ويقال: أرغم الله أنفه وأذلّ معطسه! ويقال:

_ [1] ثمار القلوب (730) . [2] مجمع الأمثال 1/438، والمستقصى 1/230، وجمهرة الأمثال 2/32، وأمثال ابن سلام 374. [3] المستقصى 1/151، والدرة الفاخرة 1/213، ومجمع الأمثال 1/327. [4] البيتان بلا نسبة في ثمار القلوب (730) . [5] البطريق؛ ككبريت؛ القائد من قواد الروم تحت يده عشرة آلاف رجل «القاموس: بطرق» . [6] الخنزوانة: الكبر «القاموس: خنز» . وكذلك النعرة. [7] جمهرة الأمثال 2/99.

755 -[احتيال الجمالين على السلطان]

ستفعل ذلك وأنفك راغم! والرّغام: التّراب. ولولا كذا وكذا لهشّمت أنفك. فإنما يخصّون بذلك الأنف؛ لأنّ الكبر إليه يضاف قال الشاعر [1] : [من السريع] يا ربّ من يبغض أذوادنا ... رحن على بغضائه واغتدين [2] لو نبت البقل على أنفه ... لرحن منه أصلا قد أبين ويقال «بعير مذبوب» إذا عرض له ما يدعو الذّبّان إلى السّقوط عليه. وهم يعرفون الغدّة [3] إذا فشت أو أصابت بعيرا بسقوط الذّبّان عليه. 755-[احتيال الجمالين على السلطان] وبسقوط الذّبّان على البعير يحتال الجمّال للسّلطان، إذا كان قد تسخّر إبله وهو لذلك كاره، وإذا كان في جماله الجمل النفيس أو الناقة الكريمة؛ فإنه يعمد إلى الخضخاض [4] فيصبّ فيه شيئا من دبس ثم يطلى به ذلك البعير، فإذا وجد الذّبّان ريح الدّبس تساقطن عليه. فيدّعي عند ذلك أنّ به غدّة ويجعل الشاهد له عند السّلطان ما يوجد عليه من الذّبان! فما أكثر ما يتخلصون بكرائم أموالهم بالحيل من أيدي السلطان ولا يظنّ ذلك السّلطان إلّا أنه متى شاء أن يبيع مائة أعرابي بدرهم فعل. والغدّة [3] عندهم تعدي، وطباع الإبل أقبل شيء للأدواء التي تعدي، فيقول الجمّال عند ذلك للسّلطان: لو لم أخف على الإبل إلّا بعيري هذا المغدّ أن يعدي لم أبال، ولكنّي أخاف إعداء الغدّة ومضرّتها في سائر مالي! فلا يزال يستعطفه بذلك، ويحتال له به حتّى يخلّي سبيله. 756-[نفور الذّبّان من الكمأة] ويقال إنّ الذّبّان لا يقرب قدرا فيه كمأة. كما لا يدخل سامّ أبرص بيتا فيه زعفران.

_ [1] البيتان لعمرو بن لأي بن موءلة في معجم الشعراء 24- 25، والوحشيات 9، والأول لعمرو بن قميئة في ديوانه 82، والكتاب 2/108، والأزهية 101، وبلا نسبة في شرح المفصل 4/11، ومحاضرات الأدباء 2/63، والمقتضب 1/41. [2] الأذواد: جمع ذود، وهو القطيع من الإبل «القاموس: ذود» . [3] الغدة: طاعون الإبل «القاموس: غدد» . [4] الخضخاض: نقط أسود رقيق تهنأ به الإبل الجربى «القاموس: خضض» .

757 -[الخوف على المكلوب من الذبان]

757-[الخوف على المكلوب من الذّبّان] ومن أصابه عض الكلب حموا وجهه من سقوط الذّبان عليه. قالوا: وهو أشدّ عليه من دبيب النّبر على البعير. 758-[النّبر] والنّبر دويبّة إذا دبّت على البعير، تورّم، وربّما كان ذلك سبب هلاكه. قال الشاعر [1] وهو يصف سمن إبله، وعظم أبدانها: [من الكامل] حمر تحقّنت النّجيل كأنّما ... بجلودهنّ مدارج الأنبار [2] 759-[مميزات خلقيّة لبعض الحيوان] [3] وليس في الأرض ذباب إلّا وهو أقرح [4] ، ولا في الأرض بعير إلّا وهو أعلم [5] ، كما أنّه ليس في الأرض ثور إلّا وهو أفطس [6] . وفي أنّ كلّ بعير أعلم يقول عنترة [7] : [من الكامل] وحليل غانية تركت مجدّلا ... تمكو فريصته كشدق الأعلم [8] كأنّه قال: كشدق البعير؛ إذ كان كله بعير أعلم. والشعراء يشبّهون الضربة بشدق البعير، ولذلك قال الشاعر [9] : [من البسيط] كم ضربة لك تحكي فا قراسية ... من المصاعب في أشداقه شنع [10]

_ [1] البيت بلا نسبة في اللسان والتاج (حقن) ، والتهذيب 4/65. [2] تحقنت: امتلأت. النجيل: خير الحمض كله وألينه على السائمة. المدارج: مواضع الدروج؛ وهو المشي. [3] انظر عيون الأخبار 2/75. [4] الأقرح: الذي بوجهه قرحة كالغرة «القاموس: قرح» . [5] الأعلم: المشقوق المشفر الأعلى «القاموس: علم» . [6] الأفطس: الذي تطامنت قصبة أنفه وانتشرت، أو انشرم أنفه في وجهه «القاموس: فطس» . [7] البيت من معلقته في ديوانه 24، واللسان والتاج (حلل، مكا) ، وأساس البلاغة (مكو) ، والتهذيب 10/411، والمجمل 4/342، والمقاييس 5/344، والعين 2/152. [8] حليل: زوج. تمكو: تصفر. الفريصة: لحمة في وسط الجنب عند منبض القلب. [9] البيت للنمر بن تولب في البيان 1/55، ولم يرد في ديوانه. [10] القراسية: الضخم الشديد من الإبل «القاموس: قرس» . المصاعب: جمع مصعب؛ وهو الفحل «القاموس: صعب» . الشنع: القبح «القاموس: شنع» .

760 -[إغارة الشعراء على المعاني]

وقال الكميت [1] : [من المتقارب] مشافر قرحى أكلن البريرا [2] وإذا قيل الأعلم، علم أنّه البعير، كما أنّه إذا قيل الأقرح علم أنّه الذّبّان، قال الشاعر [3] : [من الكامل] ولأنت أطيش، حين تغدو سادرا ... حذر الطعان، من القدوح الأقرح [4] يعني الذبّان لأنه أقرح، ولأنّه أبدا يحكّ بإحدى ذراعيه على الأخرى كأنّه يقدح بعودي مرخ وعفار، أو عرجون، أو غير ذلك مما يقدح به. 760-[إغارة الشعراء على المعاني] ولا يعلم في الأرض شاعر تقدّم في تشبيه مصيب تامّ، وفي معنى غريب عجيب، أو في معنى شريف كريم، أو في بديع مخترع، إلّا وكلّ من جاء من الشعراء من بعده أو معه، إن هو لم يعد على لفظه فيسرق بعضه أو يدعيه بأسره، فإنّه لا يدع أن يستعين بالمعنى، ويجعل نفسه شريكا فيه؛ كالمعنى الذي تتنازعه الشعراء فتختلف ألفاظهم، وأعاريض أشعارهم، ولا يكون أحد منهم أحقّ بذلك المعنى من صاحبه. أو لعلّه أن يجحد أنّه سمع بذلك المعنى قطّ، وقال إنّه خطر على بالي من غير سماع، كما خطر على بال الأوّل. هذا إذا قرّعوه به. إلّا ما كان من عنترة في صفة الذباب؛ فإنه وصفه فأجاد صفته فتحامى معناه جميع الشعراء فلم يعرض له أحد منهم. ولقد عرض له بعض المحدثين ممن كان يحسّن القول، فبلغ من استكراهه لذلك المعنى، ومن اضطرابه فيه، أنّه صار دليلا على سوء طبعه في الشعر. قال عنترة [5] : [من الكامل] جادت عليها كلّ عين ثرّة ... فتركن كلّ حديقة كالدّرهم

_ [1] صدر البيت (تشبّه في الهام آثارها) ، وهو في ديوان الكميت 1/191، والبيان والتبيين 1/55، واللسان والتاج (قرح) ، والتهذيب 4/38. [2] البرير: الأول من ثمر الأراك «القاموس: برر» . [3] البيت بلا نسبة في مجمع الأمثال 1/438، وجمهرة الأمثال 2/23، والمستقصى 1/230، والدرة الفاخرة 1/289، والأمثال للسدوسي 63، وثمار القلوب (724) ، وأساس البلاغة (قدح) . [4] السادر: الراكب رأسه «القاموس: سدر» ، القدوح: الذي يحك ذراعا بذراع «القاموس: قدح» . [5] الأبيات من معلقته في ديوانه 18- 19.

761 -[قول في حديث]

فترى الذّباب بها يغنّي وحده ... هزجا كفعل الشّارب المترنّم غردا يحكّ ذراعه بذراعه ... فعل المكبّ على الزّناد الأجذم قال: يريد فعل الأقطع المكبّ على الزّناد. والأجذم: المقطوع اليدين. فوصف الذّباب إذا كان واقعا ثمّ حكّ إحدى يديه بالأخرى، فشبّهه عند ذلك برجل مقطوع اليدين، يقدح بعودين. ومتى سقط الذّباب فهو يفعل ذلك. ولم أسمع في هذا المعنى بشعر أرضاه غير شعر عنترة. 761-[قول في حديث] وقد كان عندنا في بني العدوية شيخ منهم منكر، شديد العارضة فيه توضيع، فسمعني أقول: قد جاء في الحديث: «إنّ تحت جناح الذّباب اليمين شفاء وتحت جناحه الأيسر سمّا. فإذا سقط في إناء أو في شراب أو في مرق فاغمسوه فيه؛ فإنه يرفع عند ذلك الجناح الذي تحته الشفاء، ويحطّ الجناح الذي تحته السمّ» [1] . فقال: بأبي أنت وأمي هذا يجمع العداوة والمكيدة! 762-[قصّة لتميمي مع أناس من الأزد] وقد كان عندنا أناس من الأزد، ومعهم ابن حزن، وابن حزن هذا عدويّ من آل عموج، وكان يتعصّب لأصحابه من بني تميم وكانوا على نبيذ، فسقط ذباب في قدح بعضهم، فقال له الآخر: غطّ التميمي، ثمّ سقط آخر في قدح بعضهم، فقال الباقون: غطّ التميميّ! فلمّا كان في الثالثة قال ابن حزن: غطّه فإن كان تميميّا رسب، وإن كان أزديّا طفا. فقال صاحب المنزل: ما يسرّني أنّه كان نقصكم حرفا. وإنما عنى أنّ أزد عمان ملّاحون. 763-[ضروب الذّبّان] والذّبّان ضروب سوى ما ذكرناه من الفراش والنّحل والزّنابير. فمنها الشّعراء، وقال الراجز [2] : [من الرجز] ذبّان شعراء وبيت ماذل

_ [1] أخرجه البخاري في بدء الخلق، باب 17، حديث 3142، وأعاده برقم 5445. [2] الرجز بلا نسبة في نهاية الأرب 10/299.

764 -[ما قيل في طنين الذباب]

وللكلاب ذباب على حدة يتخلّق منها ولا يريد سواها. ومنها ذبّان الكلأ والرياض. وكلّ نوع منها يألف ما خلق منه. قال أبو النّجم [1] : [من الرجز] مستأسد ذبّانه في غيطل ... يقلن للرّائد أعشبت انزل [2] 764-[ما قيل في طنين الذّباب] والعرب تسمّي طنين الذّبّان والبعوض غناء. وقال الأخطل [3] في صفة الثّور: [من البسيط] فردا تغنّيه ذبّان الرّياض كما ... غنّى الغواة بصنج عند أسوار [4] وقال حضرميّ بن عامر [5] في طنين الذباب: [من الكامل] ما زال إهداء القصائد بيننا ... شتم الصّديق وكثرة الألقاب حتّى تركت كأنّ أمرك بينهم ... في كلّ مجمعة طنين ذباب ويقال: «ما قولي هذا عندك إلّا طنين ذباب» . 765-[سفاد الذباب وأعمارها] وللذّباب وقت تهيج فيه للسّفاد مع قصر أعمارها. وفي الحديث: «أنّ عمر الذباب أربعون يوما» ولها أيضا وقت هيج في أكل النّاس وعضّهم، وشرب دمائهم. وإنما يعرض هذا الذّبّان في البيوت عند قرب أيّامها؛ فإنّ هلاكها يكون بعد ذلك وشيكا. والذّبّان في وقت من الأوقات من حتوف الإبل والدوابّ. 766-[ذوات الخراطيم] والذّباب والبعوض من ذوات الخراطيم، ولذلك اشتدّ عضّها وقويت على خرق الجلود الغلاظ. وقال الراجز [6] في وصف البعوضة: [من الرجز] مثل السّفاة دائم طنينها ... ركّب في خرطومها سكّينها [7]

_ [1] ديوان أبي النجم العجلي 178- 179، والطرائف الأدبية 58، واللسان (عشب، أسد) ، والتاج (عشب، أسد، مرع) ، وأساس البلاغة (عشب، أسد) ، والعين 1/262، 7/286، والمقاييس 4/323، ومجالس ثعلب 191. [2] الغيطل: الشجر الكثير الملتف «القاموس: غطل» . [3] ديوان الأخطل 167. [4] الأسوار: قائد الفرس «ديوان الأخطل» . [5] البيتان له في ثمار القلوب 397 (727) . [6] الرجز بلا نسبة في الأمالي 3/129، وحياة الحيوان 1/180 مادة (البعوض) . [7] السفاة: جمع السفا، وهو شوك البهمى والسنبل، أو كل شوك «القاموس: سفى» .

768 -[أمثال من الشعر في الذباب]

وقالوا: ذوات الخراطيم من كلّ شيء أقوى عضّا ونابا وفكّا؛ كالذيب والخنزير، والكلب. وأمّا الفيل فإنّ خرطومه هو أنفه، كما أنّ لكلّ شيء من الحيوان أنفا، وهو يده، ومنه يغنّي وفيه يجري الصّوت، كما يجري الزّامر الصّوت في القصبة بالنّفخ. ومتى تضاغط الهواء صوّت على قدر الضّغط، أو على قدر الثّقب. 768-[أمثال من الشعر في الذباب] والذباب: اسم الواحد، والذّبّان: اسم الجماعة. وإذا أرادوا التّصغير والتقليل ضربوا بالذبّان المثل. قال الشاعر [1] : [من الوافر] رأيت الخبز عزّ لديك حتّى ... حسبت الخبز في جوّ السّحاب وما روّحتنا لتذبّ عنا ... ولكن خفت مرزية الذّباب وقال آخر [2] : [من الكامل] لما رأيت القصر أغلق بابه ... وتعلّقت همدان بالأسباب أيقنت أنّ إمارة ابن مضارب ... لم يبق منها قيس أير ذباب قال بعضهم: لم يذهب إلى مقدار أيره وإنما ذهب إلى مثل قول ابن أحمر [3] : [من السريع] ما كنت عن قومي بمهتضم ... لو أنّ معصيّا له أمر كلفّتني مخّ البعوض فقد ... أقصرت لا نجح ولا عذر [4] 769-[ما يلغ من الحيوان وما لا يلغ] قال: وليس شي مما يطير يلغ في الدّم، وإنما يلغ في الدماء من السّباع ذوات الأربع. وأمّا الطّير فإنّها تشرب حسوا، أو عبّة بعد عبّة. ونغبة بعد نغبة. وسباع الطّير

_ [1] البيتان لأبي الشمقمق في البخلاء 73، وعيون الأخبار 2/36، 3/247، وبلا نسبة في البخلاء 126، والثاني بلا نسبة في ديوان المعاني 1/187، والعقد الفريد 6/191. [2] البيتان لعبد الله بن همام السلولي في ديوانه 37- 38، وبلا نسبة في ثمار القلوب 398 (728) . [3] ديوان ابن أحمر 94- 95، والمقاييس 1/270، والثاني في ثمار القلوب 399 (729) ، والمعاني الكبير 608، والمستقصى 2/223. [4] قوله «كلفتني مخ البعوض» من الأمثال في مجمع الأمثال 2/147، والمستقصى 2/223.

770 -[خصلتان محمودتان في الذباب]

قليلة الشّرب للماء. والأسد كذلك. قال أبو زبيد الطائي [1] : [من المنسرح] تذبّ عنه كفّ بها رمق ... طيرا عكوفا كزوّر العرس إذا ونى ونية دلفن له ... فهنّ من والغ ومنتهس [2] قال: والطّير لا تلغ، وإنما يلغ الذباب. وجعله من الطّير، وهو وإن كان يطير فليس ذلك من أسمائه. فإذ قد جاز أن يستعير له اسم الطائر، جاز أن يستعير للطير ولغ السّباع فيجعل حسوها ولغا، وقال الشاعر: [من الطويل] سراع إلى ولغ الدماء رماحهم ... وفي الحرب والهيجاء أسد ضراغم 770-[خصلتان محمودتان في الذباب] قال وفي الذباب خصلتان من الخصال المحمودة: أمّا إحداهما: فقرب الحيلة لصرف أذاها ودفع مكروهها؛ فمن أراد إخراجها من البيت فليس بينه وبين أن يكون البيت على المقدار الأوّل من الضّياء والكنّ بعد إخراجها مع السّلامة من التأذي بالذبان- إلّا أن يغلق الباب، فإنّهنّ يتبادرن إلى الخروج، ويتسابقن في طلب الضوء والهرب من الظلمة، فإذا أرخي السّتر وفتح الباب عاد الضّوء وسلم أهله من مكروه الذباب، فإن كان في الباب شقّ، وإلّا جافى المغلق أحد البابين عن صاحبه ولم يطبقه عليه إطباقا. وربّما خرجن من الفتح الذي يكون بين أسفل الباب والعتبة. والحيلة في إخراجها والسّلامة من أذاها يسيرة، وليس كذلك البعوض؛ لأنّ البعوض إنما يشتدّ أذاه، ويقوى سلطانه، ويشتدّ كلبه في الظلمة، كما يقوى سلطان الذبان في الضياء، وليس يمكن النّاس أن يدخلوا منازلهم من الضّياء ما يمنع عمل البعوض؛ لأنّ ذلك لا يكون إلّا بإدخال الشّمس، والبعوض لا يكون إلّا في الصيّف، وشمس الصيّف لا صبر عليها. وليس في الأرض ضياء انفصل من الشمس إلّا ومعه نصيبه من الحرّ، وقد يفارق الحرّ الضياء في بعض المواضع، والضّياء لا يفارق الحرّ في مكان من الأماكن. فإمكان الحيلة في الذباب يسير، وفي البعوض عسير! والفضيلة الأخرى: أنه لولا أن الذّبابة تأكل البعوضة وتطلبها وتلتمسها على وجوه حيطان البيوت، وفي الزوايا، لما كان لأهلها فيها قرار!

_ [1] ديوان أبي زبيد 640، وطبقات ابن سلام 516، والحماسة الشجرية 273، والأول بلا نسبة في اللسان والتاج (عكف) . [2] في ديوانه (ولغ السبع والكلب: شرب بطرف لسانه، ونهس اللحم: قبض عليه بمنسره) .

776 -[طب القوابل والعجائز]

وذكر محمد بن الجهم- فيما خبّرني عنه بعض الثقات- أنه قال لهم ذات يوم: هل تعرفون الحكمة التي استفدناها في الذّباب؟ قالوا: لا. قال: بلى، إنّها تأكل البعوض وتصيده وتلقطه وتفنيه: وذلك أنّي كنت أريد القائلة [1] ، فأمرت بإخراج الذّباب وطرح السّتر وإغلاق الباب قبل ذلك بساعة. فإذا خرجن حصل في البيت البعوض، في سلطان البعوض وموضع قوّته. فكنت أدخل إلى القائلة [1] فيأكلني البعوص أكلا شديدا. فأتيت ذات يوم المنزل في وقت القائلة [1] ، فإذا ذلك البيت مفتوح، والسّتر مرفوع، وقد كان الغلمان أغفلوا ذلك في يومهم، فلما اضطجعت للقائلة لم أجد من البعوض شيئا وقد كان غضبي اشتدّ على الغلمان، فنمت في عافية. فما كان من الغد عادوا إلى إغلاق الباب وإخراج الذّباب، فدخلت ألتمس القائلة [1] ، فإذا البعوض كثير. ثم أغفلوا إغلاق الباب يوما آخر، فلما رأيته مفتوحا شتمتهم فلمّا صرت إلى القائلة [1] لم أجد بعوضة واحدة، فقلت في نفسي عند ذلك: أراني قد نمت في يومي الإغفال والتّضييع وامتنع منّي النّوم في أيّام التحفّظ والاحتراس. فلم لا أجرّب ترك إغلاق الباب في يومي هذا. فإن نمت ثلاثة أيام لا ألقى من البعوض أذى مع فتح الباب، علمت أنّ الصّواب في الجمع بين الذّبان وبين البعوض؛ فإنّ الذّبّان هي التي تفنيه، وأنّ صلاح أمرنا في تقريب ما كنّا نباعد. ففعلت ذلك، فإذا الأمر قد تمّ. فصرنا إذا أردنا إخراج الذّبّان أخرجناها بأيسر حيلة، وإذا أردنا إفناء البعوض أفنيناها على أيدي الذّبّان بأيسر حيلة. فهاتان خصلتان من مناقب الذّبّان. 776-[طبّ القوابل والعجائز] وكان محمد بن الجهم يقول [2] : لا تتهاونوا بكثير ممّا ترون من علاج القوابل والعجائز، فإنّ كثيرا من ذلك إنما وقع إليهنّ من قدماء الأطباء؛ كالذّبان يلقى في الإثمد ويسحق معه، فيزيد ذلك في نور البصر، ونفاذ النظر، وفي تشديد مراكز شعر الأشفار [3] في حافات الجفون.

_ [1] القائلة: النوم في نصف النهار «القاموس: قيل» . [2] ورد الخبر في عيون الأخبار 2/104، والعقد الفريد 6/245. [3] الأشفار: جمع شفر، وهو أصل منبت الشعر في الجفن «القاموس: شفر» .

777 -[فائدة دوام النظر إلى الخضرة]

777-[فائدة دوام النظر إلى الخضرة] وقلت له مرّة [1] : قيل لما سرجويه: ما بال الأكرة [2] وسكّان البساتين، مع أكلهم الكرّاث والتمر، وشروبهم ماء السّواقي على المالح [3] أقلّ النّاس خفشانا وعميانا وعمشانا وعورا؟ قال: إني فكّرت في ذلك فلم أجد له علّة إلّا طول وقوع أبصارهم على الخضرة. 778-[من لا يتقزّز من الذّبّان والزنابير والدّود] قال ابن الجهم: ومن أهل السّفالة ناس يأكلون الذّبّان، وهم لا يرمدون. وليس لذلك أكلوه وإنما هم كأهل خراسان الذي يأكلون فراخ الزّنابير، والزّنابير ذبان، وأصحاب الجبن الرّطب يأخذون الجبنة التي قد نغلت دودا، فينكتها أحدهم حتّى يخرج ما فيها من الدّود في راحته، ثم يقمحها [4] كما يقمح السّويق. وكان الفرزدق يقول: ليت أنّهم دفعوا إليّ نصيبي من الذبان ضربة واحدة، بشرط أن آكله لراحة الأبد منها. وكان كما زعموا شديد التقذّر لها والتقزّز منها. 779-[دعاء أحد القصاص] وقال ثمامة [5] : تساقط الذبّان في مرق بعض القصّاص وعلى وجهه فقال: كثرّ الله بكنّ القبور! وحكى ثمامة [6] عن هذا القاصّ أنه سمعه بعبّادان يقول في قصصه: اللهمّ منّ علينا بالشهادة، وعلى جميع المسلمين. 780-[قصّة في عمر الذّباب] وقال لي المكّيّ مرّة: إنما عمر الذبّان أربعون يوما، قلت: هكذا جاء في الأثر. وكنّا يومئذ بواسط في أيّام العسكر وليس بعد أرض الهند أكثر ذبابا من واسط، ولربّما رأيت الحائط وكأنّ عليه مسحا [7] شديد السّواد من كثرة ما عليه من الذبّان.

_ [1] ورد الخبر في عيون الأخبار 2/108. [2] الأكرة: جمع أكار، وهو الحراث لحفرة الأرض «القاموس: أكر» . [3] في عيون الأخبار «وشربهم الماء الحار على السمك المالح» . [4] قمح: استفّ «القاموس: قمح» . [5] ورد الخبر في البيان 2/317، والعقد الفريد 4/200. [6] ورد الخبر في البيان 2/317. [7] المسح: كساء من شعر «القاموس: مسح» .

781 -[نوادر للمكي]

فقلت للمكّيّ: أحسب الذبّان يموت في كل أربعين يوما، وإن شئت ففي أكثر، وإن شئت ففي أقلّ. ونحن كما ترى ندوسها بأرجلنا، ونحن هاهنا مقيمون من أكثر من أربعين يوما، بل منذ أشهر وأشهر، وما رأينا ذبابا واحدا ميّتا. فلو كان الأمر على ذلك لرأينا الموتى كما رأينا الأحياء. قال: إنّ الذّبابة إذا أرادت أن تموت ذهبت إلى بعض الخربات، قلت: فإنّا قد دخلنا كلّ خربة في الدّنيا، ما رأينا فيها قط ذبابا ميّتا. 781-[نوادر للمكي] وكان المكّيّ طيّبا طيّب الحجج، ظريف الحيل، عجيب العلل وكان يدّعي كلّ شيء على غاية الإحكام، ولم يحكم شيئا قطّ، لا من الجليل ولا من الدّقيق. وإذ قد جرى ذكره فسأحدّثك ببعض أحاديثه، وأخبرك عن بعض علله، لتلهّى بها ساعة، ثم نعود إلى بقية ذكر الذّبّان. ادّعى هذا المكّيّ البصر بالبراذين، ونظر إلى برذون واقف، قد ألقى صاحبه في فيه اللّجام، فرأى فأس اللّجام وأين بلغ منه، فقال لي: العجب! كيف لا يذرعه القيء، وأنا لو أدخلت إصبعي الصغرى في حلقي لما بقي في جوفي شيء إلّا خرج؟!! قلت: الآن علمت أنّك تبصر! ثمّ مكث البرذون ساعة يلوك لجامه، فأقبل عليّ فقال لي: كيف لا يبرد أسنانه؟! قلت: إنما يكون علم هذا عند البصراء مثلك! ثمّ رأى البرذون كلّما لاك اللّجام والحديدة سال لعابه على الأرض فأقبل عليّ وقال: لولا أنّ البرذون أفسد الخلق عقلا لكان ذهنه قد صفا! قلت له: قد كنت أشك في بصرك بالدّوابّ، فأمّا بعد هذا فلست أشكّ فيه! وقلت له مرّة ونحن في طريق بغداد: ما بال الفرسخ في هذه الطريق يكون فرسخين، والفرسخ يكون أقلّ من مقدار نصف فرسخ؟! ففكّر طويلا ثمّ قال: كان كسرى يقطع للنّاس الفراسخ، فإذا صانع صاحب القطيعة زادوه، وإذا لم يصانع نقصوه! وقلت له مرّة: علمت أنّ الشاري حدّثني أنّ المخلوع بعث إلى المأمون بجراب فيه سمسم؛ كأنّه يخبر أنّ عندّه من الجند بعدد ذلك الحبّ وأنّ المأمون بعث إليه بديك أعور، يريد أنّ طاهر بن الحسين يقتل هؤلاء كلّهم، كما يلقط الدّيك الحبّ! قال: فإنّ هذا الحديث أنا ولّدته. ولكن انظر كيف سار في الآفق؟! وأحاديثه وأعاجيبه كثيرة.

782 -[معارف في الذباب]

782-[معارف في الذّباب] ثمّ رجع بنا القول إلى صلة كلامنا في الإخبار عن الذّبّان. فأمّا سكّان بلاد الهند فإنّهم لا يطبخون قدرا، ولا يعملون حلوى ولا يكادون يأكلون إلّا ليلا؛ لما يتهافت من الذّبّان في طعامهم. وهذا يدل على عفن التّربة ولخن الهواء. وللذّبّان يعاسيب وجحلان [1] ، ولكن ليس لها قائد ولا أمير. ولو كانت هذه الأصناف التي يحرس بعضها بعضا. وتتّخذ رئيسا يدبّرها ويحوطها، إنما أخرج ذلك منها العقل دون الطّبع، وكالشيء يخصّ به البعض دون الكلّ لكان الذرّ والنّمل أحقّ بذلك من الكراكيّ [2] والغرانيق [2] والثّيران، ولكان الفيل أحقّ به من البعير؛ لأنه ليس للذّرّ قائد ولا حارس، ولا يعسوب يجمعها ويحميها بعض المواضع، ويوردها بعضا. وكلّ قائد فهو يعسوب ذلك الجنس المقود. وهذا الاسم مستعار من فحل النّحل وأمير العسّالات. وقال الشاعر وهو يعني الثّور: [من الطويل] كما ضرب اليعسوب إذ عاف باقر ... وما ذنبه إذ عافت الماء باقر [3] وكما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه، في صلاح الزّمان وفساده: «فإذا كان ذلك ضرب يعسوب الدّين بذنبه» [4] . وعلى ذلك المعنى قال حين مرّ بعبد الرحمن بن عتاب بن أسيد قتيلا يوم الجمل: «لهفي عليك يعسوب قريش! جدعت أنفي وشفيت نفسي!» [5] . قالوا: وعلى هذا المعنى قيل: «يعسوب الطّفاوة» . 783-[أقذر الحيوان] وزعم بعض الحكماء أنّه لا ينبغي أن يكون في الأرض شيء من الأشياء أنتن

_ [1] في القاموس: (الجحل: اليعسوب العظيم والجعل. جمع جحول وجحلان) . [2] الكراكي: جمع الكركي، وهو طائر كبير، ذهب بعض الناس إلى أنه الغرنوق، وهو أغبر؛ طويل الساقين. حياة الحيوان 2/244. [3] تقدم البيت في مقدمة لمؤلف في الجزء الأول، ونسبه إلى الهيبان الفهمي ص 18. [4] الحديث في النهاية 3/234، وأساس البلاغة (عسب) . [5] الحديث في النهاية 3/235، وأساس البلاغة (عسب) ، ومجالس ثعلب 129.

من العذرة، فكذلك لا شيء أقذر من الذّبان والقمل. وأمّا العذرة فلولا أنّها كذلك لكان الإنسان مع طول رؤيته لها، وكثرة شمّه لها من نفسه في كلّ يوم صباحا ومساء، لقد كان ينبغي أن يكون قد ذهب تقذّره له على الأيّام، أو تمحّق، أو دخله النّقص. فثباتها ستين عاما وأكثر وأقلّ على مقدار واحد من النتن في أنف الرّجل ومنهم من وجدناه بعد مائة عام كذلك، وقد رأينا المران والعادات وصنيعها في الطّبائع. وكيف تهوّن الشديد، وتقلّل الكثير. فلولا أنّا فوق كلّ شيء من النّتن، لما ثبتت هذا الثّبات، ولعرض لها ما يعرض لسائر النّتن، وبعد فلو كان إنّما يشمّ شيئا خرج من جوف غيره ولم يخرج من جوف نفسه، لكان ذلك أشبه. فإذ قد ثبت في أنفه على هذا المقدار. وهو منه دون غيره، وحتّى صار يجده أنتن من رجيع جميع الأجناس- فليس ذلك إلّا لما قد خصّ به من المكروه. وكذلك القول في القمل الذي إنّما يخلق من عرق الإنسان، ومن رائحته ووسخ جلده. وبخار بدنه. وكذلك الذّبّان المخالطة لهم في جميع الحالات، والملابسة لهم دون جميع الهوامّ والهمج والطّير والبهائم والسّباع حتّى تكون ألزم من كلّ ملازم، وأقرب من كلّ قريب؛ حتى ما يمتنع عليه شيء من بدن الإنسان، ولا من ثوبه، ولا من طعامه، ولا من شرابه، حتّى لزمه لزوما لم يلزمه شيء قطّ كلزومه، حتى إنّه يسافر السّفر البعيد من مواضع الخصب، فيقطع البراريّ والقفار التي ليس فيها ولا بقربها نبات ولا ماء ولا حيوان، ثم مع ذلك يتوخّى عند الحاجة إلى الغائط في تلك البرّية أن يفارق أصحابه، فيتباعد في الأرض، وفي صحراء خلقاء [1] ، فإذا تبرّز فمتى وقع بصره على برازه رأى الذّبّان ساقطا عليه. فقبل ذلك ما كان يراه. فإن كان الذّباب شيئا يتخلّق له في تلك الساعة فهذه أعجب مما رآه ومما أردنا وأكثر ممّا قلنا. وإن كان قد كان ساقطا على الصّخور الملس، والبقاع الجرد، في اليوم القائظ، وفي الهاجرة التي تشوي كلّ شيء، وينتظر مجيئه- فهذا أعجب ممّا قلنا. وإن كانت قد تبعته من الأمصار، إمّا طائرة معه، وإمّا ساقطة عليه، فلما تبرّز انتقلت عنه إلى برازه، فهذا تحقيق لقولنا إنّه لا يلزم الإنسان شيء لزوم الذباب؛ لأنّ العصافير، والخطاطيف، والزّرازير، والسّنانير، والكلاب وكلّ شيء يألف النّاس، فهو يقيم مع النّاس. فإذا مضى الإنسان في سفره، فصار كالمستوحش، وكالنّازل بالقفار، فكلّ شيء أهليّ يألف النّاس فإنّما هو مقيم على مثل ما كان من إلفه لهم، لا يتبعهم من دور النّاس إلى منازل الوحش؛ إلّا الذّبّان.

_ [1] خلقاء: لا نبات فيها «القاموس: خلق» .

784 -[لجاج الذباب]

قال: فإذا كان الإنسان يستقذر الذّبّان في مرقه وفي طعامه هذا الاستقذار، ويستقذر القمل مع محلّه من القرابة والنّسبة هذا الاستقذار فمعلوم أنّ ذلك لم يكن إلّا لما خص به من القذر. وإلّا فبدون هذه القرابة وهذه الملابسة، تطيب الأنفس عن كثير من المحبوب. 784-[لجاج الذّباب] قال: وفي الذّبّان خبر آخر: وذلك أنّهنّ ربّما تعوّدن المبيت على خوص فسيلة وأقلابها [1] من فسائل الدّور، أو شجرة، أو كلّة [2] ، أو باب، أو سقف بيت، فيطردن إذا اجتمعن لوقتهنّ عند المساء ليلتين أو ثلاث ليال، فيتفرقن أو يهجرن ذلك المكان في المستقبل، وإن كان ذلك المكان قريبا، وهو لهنّ معرّض، ثمّ لا يدعن أن يلتمسن مبيتا غيره. ولا يعرض لهنّ من اللّجاج في مثل ذلك، مثل الذي يعرض لهنّ من كثرة الرّجوع إلى العينين والأنف بعد الذّبّ والطّرد، وبعد الاجتهاد في ذلك. 785-[أذى الذباب ونحوها] وقال محمّد بن حرب: ينبغي أن يكون الذّبّان سمّا ناقعا؛ لأنّ كلّ شيء يشتدّ أذاه باللّمس من غيره، فهو بالمداخلة والملابسة أجدر أن يؤذي. وهذه الأفاعي والثعابين والجرّارات [3] قد تمسّ جلودها ناس فلا تضرّهم إلّا بأن تلابس إبرة العقرب وناب الأفعى الدّم ونحن قد نجد الرّجل يدخل في خرق أنفه ذباب، فيجول في أوله من غير أن يجاوز ما حاذى روثة أنفه وأرنبته [4] فيخرجه الإنسان من جوف أنفه بالنّفخ وشدة النّفس ولم يكن له هنالك لبث، ولا كان منه عضّ، وليس إلا ما مسّ بقوائمه وأطراف جناحيه، فيقع في ذلك المكان من أنفه، من الدّغدغة والأكال والحكّة، ما لا يصنع الخردل [5] وبصل النّرجس، ولبن التّين. فليس يكون ذلك منه إلّا وفي طبعه من مضادّة طباع الإنسان ما لا يبلغه مضادّة شيء وإن أفرط. قال: وليس الشّأن في أنّه لم ينخس، ولم يجرح، ولم يخز ولم يعضّ، ولم

_ [1] الأقلاب: جمع قلب؛ وهو شحمة النخلة «القاموس: قلب» . [2] الكلّة: ستر رقيق يتوقى به من البعوض «القاموس: كلل» . [3] الجرارة- كجبّانة: عقيرب تجر ذنبها «القاموس: جرر» . [4] روثة الأثف: طرف الأرنبة «القاموس: روث» ، أرنبة الأنف: طرفه «القاموس: رنب» . [5] الخردل: حب شجر معروف، قالع للبلغم مليّن هاضم، نافع طلاؤه للنقرس والنسا والبرص «القاموس: خردل» .

786 -[الأصوات المكروهة]

يغمز، ولم يخدش. وإنّما هو على قدر منافرة الطّباع للطباع، وعلى قدر القرابة والمشاكلة. 786-[الأصوات المكروهة] وقد نجد الإنسان يغتمّ بتنقّض [1] الفتيلة وصوتها عند قرب انطفاء النار، أو لبعض البلل يكون قد خالط الفتيلة، ولا يكون الصّوت بالشّديد، ولكنّ الاغتمام به، والتكرّه له ويكون في مقدار ما يعتريه من أشدّ الأصوات. ومن ذلك المكروه الذي يدخل على الإنسان من غطيط النّائم، وليست تلك الكراهة لعلّة الشّدّة والصّلابة، ولكن من قبل الصّورة والمقدار، وإن لم يكن من قبل الجنس. وكذلك صوت احتكاك الآجرّ الجديد بعضه ببعض. وكذلك شجر الآجام [2] على الأجراف [3] ؛ فإنّ النّفس تكرهه كما تكره صوت الصّاعقة. ولو كان على ثقة من السّلامة من الاحتراق، لما احتفل بالصّاعقة ذلك الاحتفال. ولعلّ ذلك الصّوت وحده ألّا يقتله. فأمّا الذي نشاهد اليوم الأمر عليه، فإنّه متى قرب منه قتله. ولعلّ ذلك إنّما هو لأنّ الشّي إذا اشتدّ صدمه فسخ القوّة أو لعلّ الهواء الذي فيه الإنسان والمحيط به أن يحمى ويستحيل نارا للذي قد شارك ذلك الصّوت من النّار. وهم لم يجدوا الصّوت شديدا جدّا إلّا ما خالط منه النّار. 787-[ما يقتات بالذّباب] وقال ابن حرب: الذّبّان قوت خلق كثير من خلق الله عزّ وجلّ، وهو قوت الفراريج، والخفافيش، والعنكبوت، والخلد، وضروب كثيرة من الهمج، همج الطير، وحشرات السّباع. فأمّا الطّير والسّودانيّات، والحصانيّات [4] ، والشاهمركات [5] ، وغير ذلك من أصناف الطّير؛ وأمّا الضّباع- فإنّها تأكل الجيف، وتدع في أفواهها فضولا، وتفتح أفواهها للذّبّان، فإذا احتشت ضمّت عليها. فهذه إنّما تصيد الذّبّان بنوع واحد، وهو الاختطاف والاختلاس، وإعجالها عن الوثوب إذا تلقّطته بأطراف المناقير، أو كبعض ما ذكرنا من إطباق الفم عليها.

_ [1] تنقضت الفتيلة: صوتت. انظر القاموس «نقض» . [2] الآجام: الشجر الكثير الملتف «القاموس: أجم» . [3] الجرف: المكان الذي لا يأخذه السيل «القاموس: جرف» . [4] الحصانيات: طير «القاموس: حصن» . [5] الشاه مرك: يعني ملك الطير؛ وهو الفتي من الدجاج حياة الحيوان 1/594.

788 -[تقليد الحيوان للحيوان]

فأمّا الصّيد الذي ليس للكلب، ولا لعناق الأرض [1] ، ولا للفهد، ولا لشيء من ذوات الأربع مثله في الحذق والختل والمداراة، وفي صواب الوثبة، وفي التسدّد وسرعة الخطف، فليس مثل الذي يقال له الليث، وهو الصّنف المعروف من العناكب بصيد الذّبّان؛ فإنّك تجده إذا عاين الذّبّان ساقطا، كيف يلطأ [2] بالأرض، وكيف يسكّن جميع جوارحه للوثبة، وكيف يؤخّر ذلك إلى وقت الغرّة، وكيف يريها أنّه عنها لاه؛ فإنّك ترى من ذلك شيئا لم تر مثله من فهد قطّ، وإن كان الفهد موصوفا منعوتا. واعلم أنّه قد ينبغي ألّا يكون في الأرض شيء أصيد منه؛ لأنّه لا يطير، ولا يصيد إلّا ما يطير! ويصيد طائرا شديد الحذر، ثمّ يصيد صيّادا! لأن الذّباب يصيد البعوض. وخديعتك للخدّاع أعجب، ومكرك بالماكر أغرب! فكذلك يكون صيد هذا الفن من العنكبوت. وزعم الجرداني أنّ الوزغ تختل الذّبان، وتصيدها صيدا حسنا شبيها بصيد اللّيث. قال: والزّنبور حريص على صيد الذّبّان، ولكنه لا يطمع فيها إلّا أن تكون ساقطة على خرء، دون كلّ تمر وعسل؛ لشدّة عجبها بالخرء، وتشاغلها به! فعند ذلك يطمع فيه الزنبور ويصيده. وزعم الجرداني وتابعه كيسان: أنّ الفهد إنما أخذ ذلك عن اللّيث. ومتى رآه الفهد يصيد الذّبّان حتى تعلّم منه؟! فظننت أنّهما قلّدا في ذلك بعض من إذا مدح شيئا أسرف فيه. 788-[تقليد الحيوان للحيوان] ويزعمون أنّ السّبع الصّيود إذا كان مع سبع هو أصيد منه، تعلّم منه وأخذ عنه. وهذا لم أحقّه. فأمّا الذي لا أشكّ فيه فأنّ الطائر الحسن الصّوت الملحّن، إذا كان مع نوائح الطّير ومغنّياتها، فكان بقرب الطّائر من شكله، وهو أحذق منه وأكرز وأمهر، جاوبه وحكاه، وتعلّم منه، أو صنع شيئا يقوم مقام التعلّم.

_ [1] عناق الأرض: دويبة أصغر من الفهد، يصيد كل شيء، حتى الطير، حياة الحيوان 2/79. [2] لطأ: لصق «القاموس: لطأ» .

789 -[تعليم البراذين والطير]

789-[تعليم البراذين والطير] والبرذون يراض فيعرف ما يراد منه، فيعين على نفسه. وربّما استأجروا للطّير رجلا يعلّمها. فأمّا الذي رأيته أنا في البلابل، فقد رأيت رجلا يدعى لها فيطارحها من شكل أصواتها. 790-[اختراع الطير للأصوات واللحون] وفي الطّير ما يخترع الأصوات واللّحون التي لم يسمع بمثلها قطّ من المؤلّف للحون من النّاس؛ فإنّه ربّما أنشأ لحنا لم يمرّ على أسماع المغنّين قطّ. وأكثر ما يجدون ذلك من الطّير في القماريّ، وفي السّودانيات، ثمّ في الكرارزة [1] . وهي تأكل الذّبّان أكلا ذريعا. 791-[اللّجوج من الحيوان] ويقال إن اللّجاح في ثلاثة أجناس من بين جميع الحيوان: الخنفساء، والذّباب، والدّودة الحمراء؛ فإنّها في إبّان ذلك تروم الصّعود إلى السّقف، وتمرّ على الحائط الأملس شيئا قليلا فتسقط وتعود، ثمّ لا تزال تزداد شيئا ثمّ تسقط، إلى أن تمضي إلى باطن السّقف، فربما سقطت ولم يبق عليها إلّا مقدار إصبع، ثمّ تعود. والخنفساء تقبل قبل الإنسان فيدفعها، فتبعد بقدر تلك الطّردة والدّفعة ثمّ تعود أيضا، فيصنع بها أشدّ من تلك ثمّ تعود، حتّى ربما كان ذلك سببا لغضبه، ويكون غضبه سببا لقتلها. 792-[اعتقاد المفاليس في الخنافيس] وما زالوا كذلك، وما زالت كذلك، حتّى سقط إلى المفاليس أنّ الخنافس تجلب الرّزق. وأنّ دنوّها دليل على رزق حاضر: من صلة، أو جائزة، أو ربح، أو هديّة، أو حظّ. فصارت الخنافس إن دخلت في قمصهم ثمّ نفذت إلى سراويلاتهم لم يقولوا لها قليلا ولا كثيرا. وأكثر ما عندهم اليوم الدّفع لها ببعض الرّفق. ويظنّ بعضهم أنّه إذا دافعها فعادت، ثمّ دافعها، فعادت، ثمّ دافعها فعادت- أنّ ذلك كلما كان أكثر، كان حظّه من المال الذي يؤمّله عند مجيئها أجزل.

_ [1] الكرارزة: جمع كرّزي، هو الصقر والبازي «القاموس: كرز» .

793 -[اعتقاد العامة في أمير الذبان]

فانظر، أيّة واقية وأيّة حافظة، وأيّ حارس، وأيّ حصن أنشأه لها هذا القول! وأيّ حظّ كان لها حين صدّقوا بهذا الخبر هذا التصديق! والطّمع هو الذي أثار هذا الأمر من مدافنه، والفقر هو الذي اجتذب هذا الطّمع واجتلبه. ولكن الويل لها إن ألّحت على غنيّ عالم، وخاصّة إن كان مع جدته وعلمه حديدا عجولا. 793-[اعتقاد العامة في أمير الذّبّان] وقد كانوا يقتلون الذباب الكبير الشديد الطنين الملحّ في ذلك، الجهير الصوت، الذي تسميه العوامّ: «أمير الذّبّان» ، فكانوا يحتالون في صرفه وطرده وقتله، إذا أكربهم بكثرة طنينه وزجله وهماهمه فإنّه لا يفتر. فلمّا سقط إليهم أنّه مبشّر بقدوم غائب وبرء سقيم، صاروا إذا دخل المنزل وأوسعهم شرّا، لم يهجه أحد منهم. وإذا أراد الله عزّ وجلّ أن ينسئ في أجل شيء من الحيوان هيّأ لذلك سببا، كما أنّه إذا أراد أن يقصر عمره ويحين يومه هيّأ لذلك سببا. فتعالى الله علوّا كبيرا! ثمّ رجع بنا القول إلى إلحاح الذّبّان. 794-[إلحاح الذّباب] كان لنا بالبصرة قاض يقال له عبد الله بن سوّار، لم ير النّاس حاكما قطّ ولا زمّيتا ولا ركينا، ولا وقورا حليما، ضبط من نفسه وملك من حركته مثل الذي ضبط وملك. كان يصلّي الغداة في منزله، وهو قريب الدّار من مسجده، فيأتي مجلسه فيحتبي ولا يتّكئ، فلا يزال منتصبا ولا يتحرّك له عضو، ولا يلتفت، ولا يحلّ حبوته [2] ولا يحوّل رجلا عن رجل، ولا يعتمد على أحد شقّيه، حتّى كأنّه بناء مبنيّ، أو صخرة منصوبة. فلا يزال كذلك، حتّى يقوم إلى صلاة الظهر ثمّ يعود إلى مجلسه فلا يزال كذلك حتى يقوم إلى العصر، ثمّ يرجع لمجلسه، فلا يزال كذلك حتى يقوم لصلاة المغرب، ثمّ ربما عاد إلى محلّه، بل كثيرا ما كان يكون ذلك إذا بقي عليه من قراءة العهود والشّروط والوثائق، ثمّ يصلّي العشاء الأخيرة وينصرف. فالحق يقال: لم يقم في طول تلك المدّة والولاية مرّة واحدة إلى الوضوء، ولا احتاج إليه، ولا شرب ماء ولا غيره من الشّراب. كذلك كان شأنه في طوال الأيام وفي

_ [1] وردت القصة في ثمار القلوب 396 (725) ، وأمالي المرتضى 2/105 (4/22) . [2] الاحتباء: أن يضم الرجل رجليه إلى بطنه بثوب يجمعهما به مع ظهره، ويشده عليها، وهو منهي عنه كما في الحديث الوارد في النهاية 1/335، واللسان (حبا) .

795 -[قصة في إلحاح الذباب]

قصارها، وفي صيفها وفي شتائها. وكان مع ذلك لا يحرّك يده، ولا يشير برأسه. وليس إلّا أن يتكلم ثمّ يوجز، ويبلغ بالكلام اليسير المعاني الكثيرة. فبينا هو كذلك ذات يوم وأصحابه حواليه، وفي السّماطين بين يديه، إذ سقط على أنفه ذباب فأطال المكث، ثمّ تحوّل إلى مؤق عينه، فرام الصّبر في سقوطه على المؤق، وعلى عضّه ونفاذ خرطومه كما رام من الصبر على سقوطه على أنفه من غير أن يحرّك أرنبته، أو يغضّن وجهه، أو يذبّ بإصبعه. فلمّا طال ذلك عليه من الذباب وشغله وأوجعه وأحرقه، وقصد إلى مكان لا يحتمل التّغافل، أطبق جفنه الأعلى على جفنه الأسفل فلم ينهض، فدعاه ذلك إلى أن والى بين الإطباق والفتح، فتنحّى ريثما سكن جفنه، ثمّ عاد إلى مؤقه بأشدّ من مرّته الأولى فغمس خرطومه في مكان كان قد أوهاه قبل ذلك، فكان احتماله له أضعف، وعجزه عن الصّبر في الثانية أقوى، فحرّك أجفانه وزاد في شدّة الحركة وفي فتح العين، وفي تتابع الفتح والإطباق، فتنحّى عنه بقدر ما سكنت حركته ثمّ عاد إلى موضعه، فما زال يلحّ عليه حتى استفرغ صبره وبلغ مجهوده. فلم يجد بدّا من أن يذبّ عن عينيه بيده، ففعل، وعيون القوم إليه ترمقه، وكأنّهم لا يرونه، فتنحّى عنه بقدر ما ردّ يده وسكنت حركته ثمّ عاد إلى موضعه، ثمّ ألجأه إلى أن ذبّ عن وجهه بطرف كمه، ثم ألجأه إلى أن تابع بين ذلك، وعلم أنّ فعله كلّه بعين من حضره من أمنائه وجلسائه. فلمّا نظروا إليه قال: أشهد أنّ الذّباب ألحّ من الخنفساء، وأزهى من الغراب! وأستغفر الله! فما أكثر من أعجبته نفسه فأراد الله عزّ وجلّ أن يعرّفه من ضعفه ما كان عنه مستورا! وقد علمت أني عند الناس من أزمت الناس، فقد غلبني وفضحني أضعف خلقه! ثمّ تلا قوله تعالى: وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ [1] . وكان بيّن اللّسان، قليل فضول الكلام، وكان مهيبا في أصحابه، وكان أحد من لم يطعن عليه في نفسه، ولا في تعريض أصحابه للمنالة. 795-[قصّة في إلحاح الذباب] فأمّا الذي أصابني أنا من الذّبّان، فإنّي خرجت أمشي في المبارك [2] أريد دير الربيع، ولم أقدر على دابّة، فمررت في عشب أشب [3] ونبات ملتفّ كثير الذّبّان،

_ [1] 73/الحج: 22. [2] المبارك: اسم نهر بالبصرة؛ احتفره خالد القسري، والمبارك: نهر وقرية فوق واسط. معجم البلدان 5/50. [3] عشب أشب: ملتف «القاموس: أشب» .

796 -[ذبان العساكر]

فسقط ذباب من تلك الذّبّان على أنفي، فطردته، فتحولّ إلى عيني فطردته، فعاد إلى موق عيني، فزدت في تحريك يديّ فتنحّى عني بقدر شدّة حركتي وذبّي عن عيني- ولذبّان الكلإ والغياض والرّياض وقع ليس لغيرها- ثمّ عاد إليّ فعدت عليه ثمّ عاد إليّ فعدت بأشدّ من ذلك، فلما عاد استعملت كمّي فذببت به عن وجهي، ثمّ عاد، وأنا في ذلك أحثّ السّير، أؤمّل بسرعتي انقطاعه عنّي فلما عاد نزعت طيلساني [1] من عنقي فذببت به عنّي بدل كمّي؛ فلما عاود ولم أجد له حيلة استعملت العدو، فعدوت منه شوطا تامّا لم أتكلف مثله مذ كنت صبيّا، فتلقّاني الأندلسيّ فقال لي: ما لك يا أبا عثمان! هل من حادثة؟ قلت: نعم أكبر الحوادث، أريد أن أخرج من موضع للذّبّان عليّ فيه سلطان! فضحك حتى جلس. وانقطع عني، وما صدّقت بانقطاعه عنّي حتّى تباعد جدّا. 796-[ذبّان العساكر] والعساكر أبدا كثيرة الذّبّان. فإذا ارتحلوا لم ير المقيم بعد الظّاعن منها إلا اليسير. وزعم بعض النّاس أنّهنّ يتبعن العساكر، ويسقطن على المتاع، وعلى جلال الدّواب، وأعجاز البراذين التي عليها أسبابها حتى تؤدّي إلى المنزل الآخر. وقال المكّيّ: يتبعوننا ليؤذونا، ثمّ لا يركبون إلّا أعناقنا ودوابّنا! 797-[تخلّق الذّباب] ويقول بعضهم: بل إنما يتخلّق من تلك العفونات والأبخرة والأنفاس، فإذا ذهبت فنيت مع ذهابها، ويزعمون أنّهم يعرفون ذلك بكثرتها في الجنائب، وبقلّتها في الشمائل. قالوا: وربّما سددنا فم الآنية التي فيها الشّراب بالصّمامة، فإذا نزعناها وجدنا هناك ذبابا صغارا. وقال ذو الرّمّة [3] : [من الطويل] وأيقنّ أنّ القنع صارت نطافه ... فراشا وأنّ البقل ذاو ويابس

_ [1] الطيلسان: ضرب من الأكسية، أصله فارسي «اللسان: طلس» . [2] انظر الفقرة (803) . [3] ديوان ذي الرمة 1121، واللسان (فرش، قنع، ذوي) ، والتاج (فرش، قنع) ، والعين 1/171، والتهذيب 1/258، 11/346، 15/438، وديوان الأدب 1/188.

798 -[حياة الذباب والجعلان بعد موته]

القنع: الموضع الذي يجتمع فيه نقران الماء. والفراش: الماء الرقيق الذي يبقى في أسفل الحياض. وأخبرني رجل من ثقيف، من أصحاب النّبيذ أنّهم ربّما فلقوا السّفرجلة أيام السّفرجل للنّقل والأكل، وليس هناك من صغار الذّبّان شيء البتّة ولا يعدمهم أن يروا على مقاطع السّفرجل ذبابا صغارا. وربّما رصدوها وتأمّلوها، فيجدونها تعظم حتّى تلحق بالكبار في السّاعة الواحدة. 798-[حياة الذّباب والجعلان بعد موته] قال: وفي الذّبان طبع كطبع الجعلان، فهو طبع غريب عجيب. ولولا أنّ العيان قهر أهله لكانوا خلقاء أن يدفعوا الخبر عنه؛ فإنّ الجعل إذا دفن في الورد مات في العين، وفنيت حركاته كلّها، وعاد جامدا تارزا [1] ولم يفصل الناظر إليه بينه وبين الجعل الميّت، ما أقام على تأمله. فإذا أعيد إلى الروث عادت إليه حركة الحياة من ساعته. وجرّبت أنا مثل ذلك في الخنفساء، فوجدت الأمر فيها قريبا من صفة الجعل، ولم يبلغ كلّ ذلك إلّا لقرابة ما بين الخنفساء والجعل. ودخلت يوما على ابن أبي كريمة، وإذا هو قد أخرج إجّانة [2] كان فيها ماء من غسالة أوساخ الثياب، وإذا ذبّان كثيرة قد تساقطن فيه من اللّيل فموّتن. هكذا كنّ في رأي العين. فغبرن كذلك عشيّتهنّ وليلتهنّ، والغد إلى انتصاف النهار، حتّى انتفخن وعفنّ واسترخين؛ وإذا ابن أبي كريمة قد أعدّ آجرّة جديدة، وفتات آجرّ جديد، وإذا هو يأخذ الخمس منهنّ والستّ، ثمّ يضعهنّ على ظهر الآجرّة الجديدة، ويذرّ عليهنّ من دقاق ذلك الآجرّ الجديد المدقوق بقدر ما يغمرها فلا تلبث أن يراها قد تحرّكت، ثمّ مشت، ثمّ طارت؛ إلّا أنّه طيران ضعيف. 799-[غلام ابن أبي كريمة] وكان ابن أبي كريمة يقول: لا والله، لا دفنت ميّتا أبدا حتّى ينتن! قلت: وكيف ذاك؟ قال: إنّ غلامي هذا نصيرا مات، فأخّرت دفنه لبعض الأمر، فقدم أخوه تلك اللّيلة فقال: ما أظنّ أخي مات! ثمّ أخذ فتيلتين ضخمتين، فروّاهما دهنا ثمّ

_ [1] التارز: اليابس لا روح فيه؛ والميت «القاموس: ترز» . [2] الإجانة: الوعاء يغسل فيه الثياب «القاموس: أجن» .

800 -[النعر]

أشعل فيها النّار، ثمّ أطفأهما وقرّبهما إلى منخريه، فلم يلبث أن تحرّك. وها هو ذا قد تراه! قلت له: إن أصحاب الحروب والذين يغسلون الموتى، والأطباء، عندهم في هذا دلالات وعلامات فلا تحمل على نفسك في واحد من أولئك ألّا تستره بالدفن حتى يجيف. والمجوس يقرّبون الميّت من أنف الكلب، ويستدلون بذلك على أمره فعلمت أنّ الذي عاينّاه من الذّبّان قد زاد في عزمه. 800-[النّعر] والنّعر: ضرب من الذّبان، والواحدة نعرة. وربما دخلت في أنف البعير أو السّبع، فيزمّ بأنفه؛ للذي يلقى من المكروه بسببه. فالعرب تشبّه ذا الكبر من الرجال إذا صعّر خده، وزمّ أنفه- بذلك البعير في تلك الحال. فيقال عند ذلك: «فلان في أنفه نعرة» [1] ، و «في أنفه خنزوانة» [2] . وقال عمر: «والله لا أقلع عنه أو أطيّر نعرته» [3] . ومنها القمع، وهو ضرب من ذبّان الكلأ. وقال أوس [4] : [من الطويل] ألم تر أن الله أنزل مزنه ... وعفر الظّباء في الكناس تقمّع وذلك مما يكون في الصيف وفي الحرّ. 801-[أذى الذّبّان للدوابّ] والذّبان جند من جند الله شديد الأذى. وربّما كان أضرّ من الدّبر [5] في بعض الزمان، وربما أتت على القافلة بما فيها؛ وذلك أنّها تغشى الدوابّ حتّى تضرب بأنفسها الأرض- وهي في المفاوز- وتسقط، فيهلك أهل القافلة؛ لأنهم لا يخرجون من تلك المفاوز على دوابهم- وكذلك تضرب الرّعاء بإبلهم، والجمالون بجمالهم عن تلك الناحية، ولا يسلكها صاحب دابّة، ويقول بعضهم لبعض: بادروا قبل حركة الذّبان، وقبل أن تتحرك ذّبان الرّياض والكلأ!

_ [1] في الأمثال (في رأسه نعرة) ، والمثل في مجمع الأمثال 2/69، والمستقصى 2/83، وجمهرة الأمثال 2/99. [2] جمهرة الأمثال 2/99. [3] النهاية 5/80. أي حتى أخرج جهله من رأسه. [4] ديوان أوس بن حجر 57، واللسان والتاج (قمع، حزن) ، والمقاييس 8/28، والمخصص 8/183، والمجمل 4/124، والتهذيب 1/291، وبلا نسبة في الجمهرة 941. [5] الدبر: جماعة النحل والزنابير «القاموس: دبر» .

802 -[ونيم الذباب]

والزّنابير لا تكاد تدمي إذا لسعت بأذنابها. والذّبّان تغمس خراطيمها في جوف لحوم الدوابّ، وتخرق الجلود الغلاظ حتى تنزف الدّم نزفا. ولها مع شدّة الوقع سموم. وكذلك البعوضة ذات سمّ، ولو زيد في بدن البعوضة وزيد في حرقة لسعها إلى أن يصير بدنها كبدن الجرّارة [1]- فإنها أصغر العقارب- لما قام له شيء، ولكان أعظم بليّة من الجرّارة النصيبية [2] أضعافا كثيرة. وربّما رأيت الحمار وكأنّه ممغّر أو معصفر. وإنّهم مع ذلك ليجلّلون حمرهم ويبرقعونها، وما يدعون موضعا إلّا ستروه بجهدهم، فربّما رأيت الحمير وعليها الرّجال فيما بين عبدسي [3] والمذار [4] بأيديهم المناخس والمذابّ، وقد ضربت بأنفسها الأرض واستسلمت للموت. وربّما رأيت صاحب الحمير إذا كان أجيرا يضربها بالعصا بكلّ جهده، فلا تنبعث. وليس لجلد البقرة والحمار والبعير عنده خطر. ولقد رأيت ذبابا سقط على سالفة [5] حمار كان تحتي، فضرب بأذنيه، وحرّك رأسه بكلّ جهده، وأنا أتأمّله وما يقلع عنه، فعمدت بالسّوط لأنحّيه به فنزا عنه، ورأيت مع نزوه عنه الدّم وقد انفجر؛ كأنّه كان يشرب الدّم وقد سدّ المخرج بفيه، فلمّا نحّاه طلع. 802-[ونيم الذّباب] وتزعم العامّة أنّ الذّبّان يخرأ على ما شاء قالوا: لأنّا نراه يخرأ على الشيء الأسود أبيض، وعلى الأبيض أسود.

_ [1] الجرارة، كجبانة: عقيرب تجر ذنبها «القاموس: جرر» . [2] الجرارة النصيبية: نسبة إلى نصيبين، وهي مدينة عامرة من بلاد الجزيرة على جادة القوافل من الموصل إلى الشام وسبب كثرة عقاربها أن أنو شروان الملك حاصرها وما قدر أن يفتحها، فأمر أن تجمع إليه العقارب. فحملوا العقارب من قرية تعرف بطيرانشاه من عمل شهرزور، فرماهم بها في العرادات والقوارير. وكان يملأ القارورة من العقارب ويضعها في العرادة؛ وهي على هيئة المنجنيق، فتقع القارورة وتنكسر وتخرج تلك العقارب، حتى ضجّ أهلها وفتحوا له البلد، وأخذها عنوة، وذلك أصل عقارب نصيبين. معجم البلدان 5/288. [3] عبدسي: اسم مصنعة كانت برستاق كسكر، خربها العرب، وبقي اسمها على ما كان حولها من العمارة. معجم البلدان 4/77. [4] المذار: مدينة بين واسط والبصرة، فتحها عتبة بن غزوان أيام عمر بن الخطاب. معجم البلدان 4/88. [5] السالفة: ما تقدم من العنق «القاموس: سلف» .

803 -[تخلق الذباب]

ويقال قد ونم الذّباب- في معنى خرئ الإنسان- وعرّ الطائر. وصام النّعام، وذرق الحمام. قال الشاعر [1] : [من الوافر] وقد ونم الذّباب عليه حتّى ... كأنّ ونيمه نقط المداد وليس طول كوم البعير إذا ركب النّاقة، والخنزير إذا ركب الخنزيرة، بأطول ساعة من لبث ذكورة الذّبان على ظهور الإناث عند السّفاد. 803-[تخلق الذّباب] [2] والذّباب من الخلق الذي يكون مرّة من السّفاد والولاد، ومرّة من تعفّن الأجسام والفساد الحادث في الأجرام. والباقلاء إذا عتق شيئا في الأنبار [3] استحال كلّه ذبابا، فربّما أغفلوه في تلك الأنبار فيعودون إلى الأنبار [3] وقد تطاير من الكوى والخروق فلا يجدون في الأنبار إلّا القشور. والذّباب الذي يخلق من الباقلاء يكون دودا، ثمّ يعود ذبابا. وما أكثر ما ترى الباقلاء مثقّبا في داخله شيء كأنّه مسحوق، إذا كان الله قد خلق منه الذّبّان وصيّره. وما أكثر ما تجده فيه تامّ الخلق. ولو تمّ جناحاه لقد كان طار. 804-[حديث شيخ عن تخلق الذّباب] وحدّثني بعض أصحابنا عن شيخ من أهل الخريبة قال: كنت أحبّ الباقلاء، وأردت، إمّا البصرة وإما بغداد- ذهب عنّي حفظه- فصرت في سفينة حملها باقلاء، فقلت في نفسي: هذا والله من الحظّ وسعادة الجدّ، ومن التّوفيق والتسديد، ولقد أربع من وقع له مثل هذا الذي قد وقع لي: أجلس في هذه السفينة على هذا الباقلاء، فآكل منه نيّا ومطبوخا ومقلوّا، وأرضّ [4] بعضه وأطحنه، وأجعله مرقا وإداما، وهو يغذو غذاء صالحا، ويسمن، ويزيد في الباه. فابتدأت فيما أمّلته، ودفعنا السّفينة،

_ [1] البيت للفرزدق في ديوانه 215 (طبعة الصاوي) ، واللسان والتاج (ونم) ، والمجمل 4/556، والجمهرة 992، وبلا نسبة في ديوان الأدب 3/255، والمخصص 8/186، والتهذيب 15/535، 16/209. [2] انظر الفقرة (797) . [3] الأنبار: جمع نبر، وهو بيت التاجر ينضّد فيه المتاع، والأنبار أيضا: أكداس الطعام «القاموس: نبر» . [4] أرضّ: أدق «القاموس: رضض» .

805 -[من كره الباقلاء]

فأنكرت كثرة الذّبّان. فلما كان الغد جاء منه ما لم أقدر معه على الأكل والشرب. وذهبت القائلة وذهب الحديث، وشغلت بالذّبّ. على أنهنّ لم يكنّ يبرحن بالذّبّ، وكنّ أكثر من أن أكون أقوى عليهنّ؛ لأنّي كنت لا أطرد مائة حتى يخلفها مائة مكانها. وهنّ في أول ما يخرجن من الباقلاء كأنّ بهنّ زمانة [1] فلما كان طيرانهنّ أسوأ كان أسوأ لحالي، فقلت للملاح: ويلك! أيّ شيء معك حتى صار الذبان يتبعك! قد والله أكلت وشربت! قال: أو ليس تعرف القصّة؟ قلت: لا والله! قال: هي والله من هذه الباقلاء، ولولا هذه البليّة لجاءنا من الرّكاب كما يجيئون إلى جميع أصحاب الحمولات. وما ظننته إلّا ممن قد اغتفر هذا للين الكراء، وحبّ التفرّد بالسفينة. فسألته أن يقربني إلى بعض الفرض [2] ، حتى أكتري من هناك إلى حيث أريد، فقال لي: أتحبّ أن أزوّدك منه؟ قلت: ما أحبّ أن ألتقي أنا والباقلاء في طريق أبدا!. 805-[من كره الباقلاء] ولذلك كان أبو شمر لا يأكل الباقلاء، وكان أخذ ذلك عن معلّمه معمّر أبي الأشعث. وكذلك كان عبد الله بن مسلمة بن محارب والوكيعيّ ومعمّر، وأبو الحسن المدائني، برهة من دهرهم. وكان يقول: لولا أنّ الباقلاء عفن فاسد الطّبع، رديء يخثّر الدّم ويغلّظه ويورث السّوداء وكلّ بلاء- لما ولّد الذّبان. والذّبان أقذر ما طار ومشى! وكان يقول: كلّ شيء ينبت منكوسا فهو رديء للذّهن، كالباقلاء والباذنجان. وكان يزعم أنّ رجلا هرب من غرمائه فدخل في غابة باقلاء، فتستّر عنهم بها، فأراد بعضهم إخراجه والدخول فيها لطلبه، فقال: أحكمهم وأعلمهم كفاكم له بموضعه شرّا! وكان يقول: سمعت ناسا من أهل التجربة يحلفون بالله: إنّه ما أقام أحد أربعين يوما في منبت باقلاء وخرج منه إلّا وقد أسقمه سقما لا يزايل جسمه. وزعم أنّ الذي منع أصحاب الأدهان والتربية بالسمسم من أن يربّوا السّماسم [3]

_ [1] الزمانة: العاهة «القاموس: زمن» . [2] الفرض: جمع فرضة، وهي محطّ السفن من البحر «القاموس: فرض» .. [3] السّماسم: طائر «القاموس: سمم» . وفي حياة الحيوان 1/566: (السّمائم: جمع سمامة، وهو ضرب من الطير كالخطاف، وقيل هو السنونو، وهو الطير الأبابيل الذي أرسله الله تعالى على أصحاب الفيل) .

806 -[حديث أبي سيف حول حلاوة الخرء]

بنور الباقلاء، الذي يعرفون من فساد طبعه، وأنّه غير مأمون على الدّماغ وعلى الخيشوم والصّماخ [1] ، ويزعمون أنّ عمله الذي عمله هو القصد إلى الأذهان بالفساد. وكان يزعم أنّ كلّ شيء يكون رديئا للعصب فإنّه يكون رديئا للذّهن، وأن البصل إنما كان يفسد الذهن؛ إذ كان رديّا للعصب، وأن البلاذر [2] إنما صار يصلح العقل ويورث الحفظ؛ لأنّه صالح للعصب. وكان يقول: سواء عليّ أكلت الذّبان أو أكلت شيئا لا يولّد إلّا الذّبان، وهو لا يولّده إلّا هو. والشيء لا يلد الشيء إلّا وهو أولى الأشياء به، وأقربها إلى طبعه، وكذلك جميع الأرحام، وفيما ينتج أرحام الأرض وأرحام الحيوان، وأرحام الأشجار، وأرحام الثّمار، فيما يتولّد منها وفيها. 806-[حديث أبي سيف حول حلاوة الخرء] وبينما أنا جالس يوما في المسجد مع فتيان من المسجديّين مما يلي أبواب بني سليم، وأنا يومئذ حدث السّنّ إذ أقبل أبو سيف الممرور- وكان لا يؤذي أحدا، وكان كثير الظّرف من قوم سراة- حتى وقف علينا، ونحن نرى في وجهه أثر الجدّ، ثمّ قال مجتهدا: والله الذي لا إله إلّا هو إن الخرء لحلو. ثمّ والله الذي لا إله إلّا هو إنّ الخرء لحلو. ثم والله الذي لا إله إلّا هو إن الخرء لحلو، يمينا باتّة يسألني الله عنها يوم القيامة! فقلت له: أشهد أنّك لا تأكله ولا تذوقه، فمن أين علمت ذلك؟ فإن كنت علمت أمرا فعلّمنا مما علمك الله. قال: رأيت الذّبّان يسقط على النّبيذ الحلو، ولا يسقط على الحازر [3] ، ويقع على العسل ولا يقع على الخلّ، وأراه على الخرء أكثر منه على التّمر. أفتريدون حجّة أبين من هذه؟ فقلت: يا أبا سيف بهذا وشبهه يعرف فضل الشّيخ على الشابّ. 807-[تخلق بعض الحيوان من غير ذكر وأنثى] [4] ثمّ رجع بنا القول إلى ذكر خلق الذّبان من الباقلاء. وقد أنكر ناس من العوامّ

_ [1] الصماخ: خرق الأذن، والأذن نفسها «القاموس: صمخ» . [2] البلاذر: يسمى باليونانية أنقرديا Anacardier ومعناها: الشبيه بالقلب؛ إلماعا إلى شكل الثمر، وهو نبات طبي من فصيلة البطميات، تؤكل ثماره؛ وتسمى تفاح الأكاجو، وتفاح البلاذر، انظر معجم الألفاظ الزراعية للشهابي 36. [3] الحازر: الحامض من اللبن والنبيذ «القاموس: حزر» . [4] انظر الفقرة (812) .

808 -[استطراد لغوي بشواهد من الشعر]

وأشباه العوامّ أن يكون شيء من الخلق كان من غير ذكر وأنثى. وهذا جهل بشأن العالم، وبأقسام الحيوان. وهم يظنّون أنّ على الدّين من الإقرار بهذا القول مضرّة. وليس الأمر كما قالوا. وكلّ قول يكذّبه العيان فهو أفحش خطأ، وأسخف مذهبا، وأدلّ على معاندة شديدة أو غفلة مفرطة. وإن ذهب الذّاهب إلى أن يقيس ذلك على مجاز ظاهر الرّأي، دون القطع على غيب حقائق العلل، فأجراه في كلّ شيء- قال قولا يدفعه العيان أيضا، مع إنكار الدّين له. وقد علمنا أنّ الإنسان يأكل الطّعام ويشرب الشّراب، وليس فيهما حيّة ولا دودة، فيخلق منها في جوفه ألوان من الحيّات، وأشكال من الدّيدان من غير ذكر ولا أنثى. ولكن لابدّ لذلك الولاد واللّقاح من أن يكون عن تناكح طباع، وملاقاة أشياء تشبه بطباعها الأرحام وأشياء تشبه في طبائعها ملقّحات الأرحام. 808-[استطراد لغوي بشواهد من الشعر] وقد قال الشاعر: [من الكامل] فاستنكح اللّيل البهيم فألقحت ... عن هيجه واستنتجت أحلاما وقال الآخر: [من مجزوء الكامل] وإذا الأمور تناكحت ... فالجود أكرمها نتاجا وقال ذو الرّمّة: [من الطويل] وإنّي لمدلاج إذا ما تناكحت ... مع اللّيل أحلام الهدان المثقّل [1] وقال عليّ بن معاذ: [من السريع] للبدر طفل في حضان الهوا ... مستزلق من رحم الشّمس [2] وقال دكين الرّاجز [3] ، أو أبو محمد الفقعسيّ: [من الرجز] وقد تعللت ذميل العنس ... بالسّوط في ديمومة كالتّرس إذا عرّج اللّيل بروج الشّمس

_ [1] الهدان: الأحمق الثقيل «القاموس: هدن» . [2] أزلقت الفرس: ألقت ولدها تاما «القاموس: زلق» . [3] تقدم الرجز في الفقرة (577) صفحة 37.

809 -[ما تستنكره العامة من القول]

وقال أمية بن أبي الصّلت [1] : [من الكامل] والأرض نوّخها الإله طروقة ... للماء حتّى كلّ زند مسفد [2] والأرض معقلنا وكانت أمّنا ... فيها مقابرنا وفيها نولد وذكر أميّة الأرض فقال [3] : [من البسيط] والطّوط نزرعه فيها فنلبسه ... والصّوف نجتزّه ما أردف الوبر [4] هي القرار فما نبغي بها بدلا ... ما أرحم الأرض إلّا أنّنا كفر وطعنة الله في الأعداء نافذة ... تعيي الأطبّاء لا تثوى لها السّبر [5] ثمّ رجع إليها فقال: منها خلقنا وكانت أمّنا خلقت ... ونحن أبناؤها لو أنّنا شكر [6] 809-[ما تستنكره العامة من القول] وتقول العرب: الشمس أرحم بنا! فإذا سمع السامع منهم أنّ جالينوس قال: عليكم بالبقلة الرحيمة- السّلق- استشنعه السامع، وإذا سمع قول العرب: الشمس أرحم بنا، وقول أميّة [7] : [من البسيط] ما أرحم الأرض إلا أنّنا كفر لم يستشنعه، وهما سواء. فإذا سمع أهل الكتاب يقولون: إنّ عيسى ابن مريم أخذ في يده اليمنى غرفة، وفي اليسرى كسرة خبز، ثم قال: هذا أبي، للماء، وهذه أمّي، لكسرة الخبز. استشنعه، فإذا سمع قول أميّة [8] : [من الكامل] والأرض نوّخها الإله طروقة ... للماء حتّى كل زند مسفد لم يستشنعه.

_ [1] ديوان أمية بن أبي الصلت 356، والأول في اللسان والتاج (سفد) ، والثاني في المخصص 13/180، وبلا نسبة في المذكر والمؤنث للأنباري 187. [2] في ديوانه: (نوّخها: أبركها. والطروقة: أنثى الفحل، شبه الماء والأرض بالأنثى والفحل) . [3] ديوان أمية بن أبي الصلت 385. [4] في ديوانه (الطوط: القطن، وقيل: قطن البردي خاصة، أردف: توالى وتتابع) . [5] في ديوانه (السبر: جمع سبار، وهو فتيلة تجعل في الجرح. وثوى في المكان: أطال الإقامة به) . [6] في ديوانه (شكر: جمع شاكر، وهو خلاف الجاحد) . [7] تقدم البيت في نهاية الفقرة السابقة. [8] تقدم البيت في الفقرة السابقة.

810 -[حظوة بعض الألفاظ لدى بعض الناس]

والأصل في ذلك أنّ الزّنادقة أصحاب ألفاظ في كتبهم، وأصحاب تهويل؛ لأنّهم حين عدموا المعاني ولم يكن عندهم فيها طائل، مالوا إلى تكلّف ما هو أخضر وأيسر وأوجز كثيرا. 810-[حظوة بعض الألفاظ لدى بعض النّاس] ولكلّ قوم ألفاظ حظيت عندهم. وكذلك كلّ بليغ في الأرض وصاحب كلام منثور، وكلّ شاعر في الأرض وصاحب كلام موزون؛ فلا بد من أن يكون قد قد لهج وألف ألفاظا بأعيانها؛ ليديرها في كلامه، وإن كان واسع العلم غزير المعاني، كثير اللّفظ. فصار حظّ الزّنادقة من الألفاظ التي سبقت إلى قلوبهم، واتّصلت بطبائعهم، وجرت على ألسنتهم التناكح، والنتائج، والمزاج والنّور والظلمة، والدفّاع والمنّاع، والساتر والغامر، والمنحلّ، والبطلان، والوجدان، والأثير والصّدّيق وعمود السبح، وأشكالا من هذا الكلام. فصار وإن كان غريبا مرفوضا مهجورا عند أهل ملّتنا ودعوتنا، وكذلك هو عند عوامّنا وجمهورنا، ولا يستعمله إلّا الخواصّ وإلّا المتكلّمون. 811-[لكل مقام مقال ولكل صناعة شكل] وأنا أقول في هذا قولا، وأرجو أن يكون مرضيا. ولم أقل «أرجو» لأني أعلم فيه خللا، ولكنّي أخذت بآداب وجوه أهل دعوتي وملّتي، ولغتي، وجزيرتي، وجيرتي؛ وهم العرب. وذلك أنّه قيل لصحار العبديّ: الرجل يقول لصاحبه، عند تذكيره أياديه وإحسانه: أما نحن فإنّا نرجو أن نكون قد بلغنا من أداء ما يجب علينا مبلغا مرضيا. وهو يعلم أنّه قد وفّاه حقّه الواجب، وتفضّل عليه بما لا يجب. قال صحار: كانوا يستحبّون أن يدعوا للقول متنفّسا، وأن يتركوا فيه فضلا، وأن يتجافوا عن حقّ إن أرادوه لم يمنعوا منه. فلذلك قلت «أرجو» . فافهم فهّمك الله تعالى. فإنّ رأيي في هذا الضّرب من هذا اللفظ، أن أكون ما دمت في المعاني التي هي عبارتها، والعادة فيها، أن ألفظ بالشّيء العتيد [1] الموجود، وأدع التكلّف لما عسى ألّا يسلس ولا يسهل إلّا بعد الرّياضة الطويلة.

_ [1] العتيد: الحاضر المهيأ «القاموس: عتد» .

812 -[خلق بعض الحيوان من غير ذكر وأنثى]

وأرى أن ألفظ بألفاظ المتكلمين ما دمت خائضا في صناعة الكلام مع خواصّ أهل الكلام؛ فإن ذلك أفهم لهم عني، وأخفّ لمؤنتهم عليّ. ولكل صناعة ألفاط قد حصلت لأهلها بعد امتحان سواها، فلم تلزق بصناعتهم إلّا بعد أن كانت مشاكلا بينها وبين تلك الصناعة. وقبيح بالمتكلم أن يفتقر إلى ألفاظ المتكلّمين في خطبة، أو رسالة، أو في مخاطبة العوام والتجار، أو في مخاطبة أهله وعبده وأمته، أو في حديثه إذا تحدث، أو خبره إذا أخبر. وكذلك فإنّه من الخطأ أن يجلب ألفاظ الأعراب، وألفاظ العوامّ وهو في صناعة الكلام داخل. ولكلّ مقام مقال، ولكلّ صناعة شكل. 812-[خلق بعض الحيوان من غير ذكر وأنثى] ثم رجع بنا القول إلى ما يحدث الله عزّ وجلّ من خلقه من غير ذكر ولا أنثى. فقلنا [1] : إنّه لابدّ في ذلك من تلاقي أمرين يقومان مقام الذّكر والأنثى، ومقام الأرض والمطر. وقد تقرب الطّبائع، وإن لم تتحوّل في جميع معانيها، كالنطفة والدّم، وكاللّبن والدّم. وقد قال صاحب المنطق: أقول بقول عامّ: لابدّ لجميع الحيوان من دم، أو من شيء يشاكل الدّم. ونحن قد نجد الجيف يخلق منها الدّيدان، وكذلك العذرة. ولذلك المجوسيّ كلما تبرّز ذرّ على برازه شيئا من التراب؛ لئلا يخلق منها ديدان. والمجوسيّ لا يتغوّط في الآبار والبلاليع لأنّه بزعمه يكرم بطن الأرض عن ذلك، ويزعم أنّ الأرض أحد الأركان التي بنيت العوالم الخمسة عليها بزعمهم: أبرسارس وأبرمارس وأبردس وكارس وحريرة أمنة. وبعضهم يجعل العوالم ستة ويزيد أسرس، ولذلك لا يدفنون موتاهم ولا يحفرون لهم القبور، ويضعونهم في النّواويس وضعا. قالوا: ولو استطعنا أن نخرج تلك الجيف من ظهور الأرضين وأجواف الأحراز [2] ، كما أخرجناها من بطون الأرضين لفعلنا. وهم يسمّون يوم القيامة روز رستهار، كأنّه يوم تقوم الجيف. فمن بغضهم لأبدان الموتى سمّوها بأسمج أسمائهم.

_ [1] انظر الفقرة (807) . [2] الأحراز: جمع حرز، وهو المكان الحصين «القاموس: حرز» .

قالوا: وعلى هذا المثال أعظمنا النّار والماء، وليسا بأحقّ بالتعظيم من الأرض. وبعد فنحن ننزع الصّمامة من رؤوس الآنية التي يكون فيها بعض الشراب، فنجد هنالك من الفراش ما لم يكن عن ذكر ولا أنثى، وإنما ذلك لاستحالة بعض أجزاء الهواء وذلك الشراب إذا انضمّ عليه ذلك الوعاء. وهذا قول ذي الرمّة وتأويل شعره، حيث يقول [1] : [من الطويل] وأبصرن أن القنع صارت نطافه ... فراشا وأنّ البقل ذاو ويابس وكذلك كلّ ما تخلق من جمّار النّخلة وفيها، من ضروب الخلق والطّير، وأشباه الطير، وأشباه بنات وردان [2] ، والذي يسمّى بالفارسية فاذو، وكالسّوس، والقوادح [3] ، والأرضة، وبنات وردان اللاتي يخلقن من الأجذاع والخشب والحشوش. وقد نجد الأزج [4] الذي يكبس فيه اليخّ [5] بخراسان، كيف يستحيل كله ضفادع. وما الضّفدع بأدلّ على الله من الفراش. وإنما يستحيل ذلك الثّلج إذا انفتح فيه كقدر منخر الثّور، حتّى تدخله الرّيح التي هي اللاقحة، كما قال الله عزّ وجلّ: وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ [6] ، فجعلها لاقحة ولم يجعلها ملقحة. ونجد وسط الدّهناء [7]- وهي أوسع من الدوّ [8] ومن الصّمّان [9]- وعلى ظهر مسجد الجامع في غبّ المطر من الضّفادع ما لا يحصى عدده. وليس أنّ ذلك كان عن ذكر وأنثى، ولكنّ الله خلقها تلك الساعة من طباع تلك التّربة وذلك المطر

_ [1] ديوان ذي الرمة 1121، واللسان (فرش، قنع، ذوي) ، والتاج (فرش، قنع) ، والعين 1/171، وديوان الأدب 1/188، والتهذيب 1/258، 11/346، 15/438. [2] بنات وردان: دويبة تتولد في الأماكن الندية، وأكثر ما تكون في الحمامات والسقايات، وهي تألف الحشوش، أي قطع النخل. حياة الحيوان 2/429. [3] القوادح: جمع قادحة، وهي الدودة «القاموس: قدح» . وحياة الحيوان: 2/194. [4] الأزج: ضرب من الأبنية «القاموس: أزج» . [5] اليخ: كلمة فارسية تعني الثلج. انظر السامي في الأسامي 343، وقد وردت هذه الفقرة في ربيع الأبرار 5/440. [6] 22/الحجر: 15. [7] الدهناء: واد ببادية البصرة في أرض بني سعد معجم البلدان 2/493. [8] الدّوّ: أرض ملساء بين مكة والبصرة على الجادة، ليس فيها جبل ولا رمل. معجم البلدان 2/490. [9] الصمّان: أرض فيها غلظ وارتفاع، وفيها قيعان واسعة، وهي متاخمة للدهناء، وقيل: الصمان جبل في أرض تميم أحمر ليس له ارتفاع، انظر معجم البلدان 3/423.

813 -[ضعف اطراد القياس والرأي في الأمور الطبيعية]

وذلك الهواء المحيط بهما، وتلك الرّيح المتحرّكة. وإن زعموا أن تلك الضّفادع كانت في السّحاب، فالذي أقرّوا به أعجب من الذي أنكروه. وإنما تقيم الضّفادع وتتربّى وتتوالد في مناقع المياه، في أرض تلاقي ماء. والسّحاب لا يوصف بهذه الصفة. قد نجد الماء يزيد في دجلة والفرات فتنزّ البطون والحفائر التي تليها من الأرض، فيخلق من ذلك الماء السّمك الكثير، ولم يكن في تلك الحفائر الحدث [1] ، ولا في بحر تلك الأرضين شيء من بيض السّمك. ولم نجد أهل القاطول [2] يشكّون في أنّ الفأر تخلّق من أرضهم، وأنّهم ربّما أبصروا الفأرة من قبل أن يتم خلقها. فنسبوا بأجمعهم خلق الفأر إلى الذكر والأنثى، وإلى بعض المياه والتّرب والأجواء والزمان، كما قالوا في السمك، والضّفادع، والعقارب. 813-[ضعف اطراد القياس والرأي في الأمور الطبيعية] فإن قاس ذلك قائس فقال: ليس بين الذّبّان وبنات وردان وبين الزّنابير فرق، ولا بين الزّنابير والدّبر والخنافس فرق، ولا بين الزّرازير والخفافيش ولا بين العصافير والزّرازير فرق فإذا فرغوا من خشاش الأرض صاروا إلى بغاثها ثم إلى أحرارها، ثم إلى الطواويس والتدّارج [3] والزمامج [4] حتى يصعدوا إلى الناس. قيل لهم: ليس ذلك كذلك، وينبغي لكم بديّا أن تعرفوا الطّبيعة والعادة، والطبيعة الغريبة من الطبيعة العامّية، والممكن من الممتنع، وأنّ الممكن على ضربين: فمنه الذي لا يزال يكون، ومنه الذي لا يكاد يكون، وما علة الكثرة والقلة، وتعرفوا أنّ الممتنع أيضا على ضربين: فمنه ما يكون لعلة موضوعة يجوز دفعها، وما كان منه لعلة لا يجوز دفعها، وفصل ما بين العلة التي لا يجوز دفعها وهي على كل حال علة، وبين الامتناع الذي لا علة له إلّا عين الشيء وجنسه. وينبغي أن تعرفوا فرق ما بين المحال والممتنع، وما يستحيل كونه من الله عزّ وجلّ؛ وما يستحيل كونه من الخلق.

_ [1] الأحداث: أمطار أول السنة. «القاموس: حدث» . [2] القاطول: اسم نهر كأنه مقطوع من دجلة، وهو نهر كان في موضع سامرّا قبل أن تعمر، وكان الرشيد أول من حفره. معجم البلدان 4/297. [3] التدرج: طائر يغرد في البساتين بأصوات طيبة حياة الحيوان. 1/230. [4] الزمج: طائر من الجوارح يصيد به الملوك الطير، وهو دون العقاب، تسميه العجم «دو برادران» . حياة الحيوان 1/538.

وإذا عرفتم الجواهر وحظوظها من القوى، فعند ذلك فتعاطوا الإنكار والإقرار، وإلّا فكونوا في سبيل المتعلم، أو في سبيل من آثر الرّاحة ساعة على ما يورث كدّ التعلّم من راحة الأبد. قد يكون أن يجيء على جهة التوليد شيء يبعد في الوهم مجيئه، ويمتنع شيء هو أقرب في الوهم من غيره؛ لأنّ حقائق الأمور ومغيّبات الأشياء، لا تردّ إلى ظاهر الرّأي، وإنما يردّ إلى الرّأي ما دخل في باب الحزم والإضاعة وما هو أصوب وأقرب إلى نيل الحاجة. وليس عند الرّأي علم بالنّجح والإكداء؛ كنحو مجيء الزّجاج من الرّمل، وامتناع الشّبه [1] والزئبق من أن يتحوّل في طبع الذّهب والفضّة. والزئبق أشبه بالفضّة المايعة من الرّمل بالزجاج الفرعونيّ. والشّبه الدمشقي بالذهب الإبريز أشبه من الرّمل بفلق [2] الزجاج النقيّ الخالص الصافي. ومن العجب أنّ الزّجاج- وهو مولّد- قد يجري مع الذهب في كثير مفاخر الذّهب؛ إذ كان لا يغيّر طبعه ماء ولا أرض؛ والفضّة التي ليست بمولدة إذا دفنت زمانا غير طويل استحالت أرضا. فأمّا الحديد فإنّه في ذلك سريع غير بطيء. وقد زعم ناس أنّ الفرق الذي بينهما إنما هو أنّ كلّ شيء له في العالم أصل وخميرة، لم يكن كالشيء الذي يكتسب ويجتلب ويلفّق ويلزّق، وأن الذّهب لا يخلو من أن يكون ركنا من الأركان قائما منذ كان الهواء والماء والنار والأرض. فإن كان كذلك فهو أبعد شيء من أن يولّد النّاس مثله. وإن كان الذّهب إنما حدث في عمق الأرض، بأن يصادف من الأرض جوهرا. ومن الهواء الذي في خلالها جوهرا، ومن الماء الملابس لها جوهرا، ومن النار المحصورة فيها جوهرا، مع مقدار من طول مرور الزمان، ومقدار من مقابلات البروج. فإن كان الذّهب إنما هو نتيجة هذه الجواهر على هذه الأسباب، فواجب ألّا يكون الذهب أبدا إلّا كذلك. فيقال لهؤلاء: أرأيتم الفأرة التي خلقت من صلب جرذ ورحم فأرة، وزعمتم أنّها فأرة على مقابلة من الأمور السّماويّة والهوائيّة والأرضية وكانت نتيجة هذه الخصال، مع استيفاء هذه الصّفات؟ ألسنا قد وجدنا فأرة أخرى تهيّأ لها من أرحام الأرضين، ومن حضانة الهواء، ومن تلقيح الماء، ومن مقابلات السماويّات والهوائيّات. فالزّمان أصار جميع ذلك سببا لفأرة أخرى مثلها. وكذلك كلّ ما عددناه فمن أين يستحيل أن يخلط الإنسان بين مائيّة طبيعية ومائيّة جوهر؟ إمّا من طريق

_ [1] الشّبه: النحاس الأصفر. «القاموس: شبه» . [2] فلق: جمع فلقة، وهي القطعة. «القاموس: فلق» .

التبعيد والتقريب، ومن طريق الظّنون والتجريب، أو من طريق أن يقع ذلك اتفاقا، كما صنع النّاطف [1] الساقط من يد الأجير في مذاب الصّفر [2] حتى أعطاه ذلك اللّون، وجلب ذلك النّفع، ثم إنّ الرّجال دبرته وزادت ونقصت، حتى صار شبها ذهبيّا. هذا مع النّوشاذر المولّد من الحجارة السّود. فلو قلتم: إنّ ذلك قائم الجواز في العقل مطّرد في الرّأي، غير مستحيل في النّظر. ولكنّا وجدنا العالم بما فيه من النّاس منذ كانا فإنّ النّاس يلتمسون هذا وينتصبون له، ويكلفون به. فلو كان هذا الأمر يجيء من وجه الجمع والتوليد والتركيب والتجريب، أو من وجه الاتفاق، لقد كان ينبغي أن يكون ذلك قد ظهر من ألوف سنين وألوف؛ إذ كان هذا المقدار أقلّ ما تؤرّخ به الأمم، ولكان هذا مقبولا غير مردود. وعلى أنّه لم يتبيّن لنا منه أنّه يستحيل أن يكون الذّهب إلّا من حيث وجد. وليس قرب كون الشيء في الوهم بموجب لكونه، ولا بعده في الوهم بموجب لامتناعه. ولو أنّ قائلا قال: إنّ هذا الأمر إذ قد يحتاج إلى أن تتهيّأ له طباع الأرض، وطباع الماء، وطباع الهواء، وطباع النار، ومقادير حركات الفلك، ومقدار من طول الزمان. فمتى لم تجتمع هذه الخصال وتكمل هذه الأمور لم يتمّ خلق الذّهب. وكذلك قد يستقيم أن يكون قد تهيأ لواحد أن يجمع بين مائتي شكل من الجواهر، فمزجها على مقادير، وطبخها على مقادير، وأغبّها مقدارا من الزمان، وقابلت مقدارا من حركات الأجرام السماويّة، وصادفت العالم بما فيه على هيئة، وكان بعض ما جرى على يده اتفاقا وبعضه قصدا، فلما اجتمعت جاء منها ذهب فوقع ذلك في خمسة آلاف سنة مرّة، ثمّ أراد صاحبه المعاودة فلم يقدر على أمثال مقادير طبائع تلك الجواهر، ولم يضبط مقادير ما كان قصد إليه في تلك المرّة، وأخطأ ما كان وقع له اتّفاقا، ولم يقابل من الفلك مثل تلك الحركات، ولا من العالم مثل تلك الهيئة، فلم يعد له ذلك. فإن قال لنا هذا القول قائل وقال: بيّنوا لي موضع إحالته، ولا تحتجّوا بتباعد اجتماع الأمور به، فإنّا نقر لكم بتباعدها. هل كان عندنا في ذلك قول مقنع، والدّليل الذي تثلج به الصّدور؟! وهل عندنا في استطاعة النّاس أن يولّدوا مثل ذلك، إلّا بأن

_ [1] الناطف: ضرب من الحلوى، ويسمى القبّيط، لأنه يتنطّف قبل استضرابه، أي يقطر قبل خثورته. «اللسان: نطف» . [2] الصفر: النحاس أو الذهب. «القاموس: صفر» .

814 -[ضروب التخبيل]

يعرض هذا القول على العقول السليمة، والأفهام التّامّة وتردّه إلى الرسل والكتب؟! فإذا وجدنا هذه الأمور كلها نافية له، كان ذلك عندنا هو المقنع. وليس الشأن فيما يظهر اللّسان من الشكّ فيه والتّجويز له، ولكن ليردّه إلى العقل؛ فإنّه سيجده منكرا ونافيا له، إذا كان العقل سليما من آفة المرض. ومن آفة التخبيل. 814-[ضروب التخبيل] والتخبيل ضروب: تخبيل من المرار، وتخبيل من الشّيطان، وتخبيل آخر كالرجل يعمد إلى قلب رطب لم يتوقّح [1] ، وذهن لم يستمرّ [2] ، فيحمله على الدقيق وهو بعد لا يفي بالجليل، ويتخطّى المقدّمات متسكعا [3] بلا أمارة، فرجع حسيرا [4] بلا يقين، وغبر زمانا لا يعرف إلّا الشكوك والخواطر الفاسدة، التي متى لاقت القلب على هذه الهيئة، كانت ثمرتها الحيرة، والقلب الذي يفسد في يوم لا يداوى في سنة، والبناء الذي ينقض في ساعة لا يبنى مثله في شهر. 815-[قولهم: هذا نبيذ يمنع جانبه] ثم رجع بنا القول إلى ذكر الذّبّان قيل لعلّويه كلب المطبخ: أيّ شيء معنى قولهم: «هذا نبيذ يمنع جانبه» ؟ قال: يريدون أن الذّبّان لا يدنو منه. وكان الرّقاشي حاضرا فأنشد قول ابن عبدل: [من الخفيف] عشّش العنكبوت في قعر دنّي ... إنّ ذا من رزيّتي لعظيم ليتني قد غمرت دني حتّى ... أبصر العنكبوت فيه يعوم غرقا لا يغيثه الدّهر إلّا ... زبد فوق رأسه مركوم [5] مخرجا كفّه ينادي ذبابا ... أن أغثني فإنّني مغموم قال: دعني فلن أطيق دنوّا ... من شراب يشمّه المزكوم قال: والذّبّان يضرب به المثل في القذر وفي استطابة النّتن، فإذا عجز الذّباب عن شمّ شيء فهو الذي لا يكون أنتن منه.

_ [1] وقح وقاحة: صلب. «القاموس: وقح» . [2] يستمر: يقوى، ومنه يوم نحس مستمر: أي قوي. «القاموس: مرر» . [3] تسكع: تحير. «القاموس: سكع» . [4] حسر: كفرح وضرب: أعيا، فاستحسر فهو حسير. «القاموس: حسر» . [5] الركم: جمع شيء فوق آخر حتى يصير ركاما مركوما. «القاموس: ركم» .

816 -[أبو ذبان]

ولذلك حين رمى ابن عبدل محمّد بن حسّان بن سعد بالبخر، قال [1] : [من الوافر] وما يدنو إلى فيه ذباب ... ولو طليت مشافره بقند [2] يرين حلاوة ويخفن موتا ... وشيكا إن هممن له بورد 816-[أبو ذبّان] ويقال لكلّ أبخر: أبو ذبّان، وكانت فيما زعموا كنية عبد الملك بن مروان [3] وأنشدوا قول أبي حزابة: [من الرجز] أمسى أبو ذبّان مخلوع الرّسن ... خلع عنان قارح من الحصن [4] وقد صفت بيعتنا لابن حسن 817-[شعر فيه هجاء بالذباب] قال رجل يهجو هلال بن عبد الملك الهنائيّ: [من الوافر] ألا من يشتري منّي هلالا ... مودّته وخلّته بفلس وأبرأ للذي يبتاع منّي ... هلالا من خصال فيه خمس فمنهنّ النغانغ والمكاوي ... وآثار الجروح وأكل ضرس [5] ومن أخذ الذباب بإصبعيه ... وإن كان الذّباب برأس جعس [6] 818-[التسوية بين الذبان والناس في العجز] قالوا: وضرب الله عزّ وجلّ لضعف النّاس وعجزهم مثلا، فقال: يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ [7] فقال

_ [1] الأغاني 2/413، وفيه البيت الأول مع أبيات أخرى. [2] القند: كلمة معرّبة تعني عسل قصب السكر إذا جمّد. «القاموس: قند» . [3] ثمار القلوب 197 (393) ، وعيون الأخبار 4/61، والمرصع 177، ولطائف المعارف 26، وقيل إن الذباب كان يسقط إذا قارب فاه من شدة رائحته. [4] القارح: الذي وقعت سنه الرّباعية. «القاموس: قرح» . الحصن: جمع حصان. [5] النغانغ: جمع نغنغ؛ كبرقع؛ وهو لحمة في الحلق «القاموس: نغنغ» . [6] الجعس: الرجيع. «القاموس: جعس» . [7] 73/الحج: 22.

819 -[قول في شعر]

بعض النّاس: قد سوّى بين الذّبّان والنّاس في العجز: وقالوا: فقد يولّد النّاس من التّعفين الفراش وغير الفراش وهذا خلق، على قوله: وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ [1] وعلى قوله: أَحْسَنُ الْخالِقِينَ* [2] وعلى قول الشاعر [3] : [من الكامل] وأراك تفري ما خلقت وبع ... ض القوم يخلق ثمّ لا يفري قيل لهم: إنما أراد الاختراع، ولم يرد التّقدير. 819-[قول في شعر] وأمّا قول ابن ميّادة [4] : [من الطويل] ألا لا نبالي أن تخندف خندف ... ولسنا نبالي أن يطنّ ذبابها [5] فإنّما جعل الذّباب هاهنا مثلا، وقد وضعه في غير موضع تحقير له وموضع تصغير. وهو مثل قوله [6] : [من الطويل] بني أسد كونوا لمن قد علمتم ... موالي ذلّت للهوان رقابها فلو حاربتنا الجنّ لم نرفع العصا ... عن الجنّ حتّى لا تهرّ كلابها وليس يريد تحقير الكلاب. ويقال: هو ذباب العين، وذباب السّيف، ويقال تلك أرض مذبّة أي كثيرة الذّباب. وقال أبو الشّمقمق في هجائه لبعض من ابتلي به [7] : [من الرمل] أسمج النّاس جميعا كلّهم ... كذباب ساقط في مرقه ويقال إن اللبن إذا ضرب بالكندس [8] ونضح به بيت لم يدخله ذبّان.

_ [1] 110/المائدة: 5. [2] 14/المؤمنون: 23. [3] ديوان زهير 82، واللسان (خلق، فرا) ، وعمدة الحفاظ (خلق) ، والمقاييس 2/214، 4/497، وديوان الأدب 2/123، وكتاب الجيم 3/49، والمخصص 4/111، والتهذيب 7/26، 15/242، وبلا نسبة في الجمهرة 619، والتاج (فرا) . [4] ديوان ابن ميادة 78، وحماسة القرشي 143، والأغاني 2/333، والمختار من شعر بشار 3/579. [5] في ديوانه «تخندف: تهرول، خندف: امرأة إلياس بن مضر واسمها ليلى. الطنين: صوت الذباب» . [6] أي ابن ميادة، انظر المصادر في الحاشية قبل السابقة. [7] ديوان أبي الشمقمق 157. [8] الكندس: عروق نبات داخله أصفر وخارجه أسود، مقيء مسله جلاء للبهق. «القاموس: كدس» .

820 -[أبو حكيم وثمامة بن أشرس]

820-[أبو حكيم وثمامة بن أشرس] وسمعت أبا حكيم الكيمائي وهو يقول لثمامة بن أشرس: قلنا لكم إنّنا ندلكم على الإكسير، فاستثقلتم الغرم، وأردتم الغنم بلا غرم. وقلنا لكم: دعونا نصنع هذه الجسور صنعة لا تنتقض أبدا، فأبيتم. وقلنا لكم: ما ترجون من هذه المسنّيات [1] التي تهدمها المدود [2] ، وتخرّبها المراديّ [3] ؟! نحن نعمل لكم مسنّيات [1] بنصف هذه المؤونة، فتبقى لكم أبدا. ثم قولوا للمدود أن تجتهد جهدها، وللمراديّ أن تبلغ غايتها فأبيتم. وقولوا لي: الذّباب ما ترجون منها؟! وما تشتهون من البعوض؟ وما رغبتكم في الجرجس [4] ؟ لم لا تدعوني أخرجها من بيوتكم بالمؤونة اليسيرة؟ وهو يقول هذا القول وأصحابنا يضحكون، وابن سافري جالس يسمع. فلما نزلنا أخذ بيده ومضى به إلى منزله، فغدّاه وكساه وسقاه، ثمّ قال له: أحببت أن تخرج البعوض من داري. فأمّا الذّباب فإني أحتمله. قال: ولم تحتمل الأذى وقد أتاك الله بالفرج؟ قال: فافعل. قال: لابدّ لي من أن أخلط أدوية وأشتري أدوية قال: فكم تريد؟ قال: أريد شيئا يسيرا. قال: وكم ذاك؟ قال: خمسون دينارا. قال: ويحك! خمسون يقال لها يسير؟! قال: أنت ليس تشتهي الرّاحة من قذر الذّبّان ولسع البعوض! ثمّ لبس نعليه وقام على رجليه. فقال له: اقعد. قال: إن قعدت قبل أن آخذها ثمّ اشتريت دواء بمائة دينار لم تنتفع به؛ فإنّي لست أدخّن هذه الدّخنة، إلّا للذين إذا أمرتهم بإخراجهنّ أخرجوهن. ولا أكتمك ما أريد؛ إنّي لست أقصد إلّا إلى العمّار [5] . فما هو إلّا أن سمع بذكر العمّار حتى ذهب عقله، ودعا له بالكيس وذهب ليزن الدنّانير، فقال له: لا تشقّ على نفسك! هاتها بلا وزن عددا، وإنّما خاف أن تحدث حادثة، أو يقع شغل، فتفوت. فعدّها وهو زمع [6] فغلط بعشرة دنانير، فلما انصرف وزنها وعدّها فوجد دنانيره تنقص، فبكر عليه يقتضيه الفضل، فضحك أبو حكيم حتّى كاد يموت، ثمّ قال: تسألني عن الفرع وقد استهلك الأصل؟! ولم يزل يختلف إليه ويدافعه حتّى قال له ثمامة: ويلك أمجنون أنت؟! قد ذهب المال

_ [1] المسنيات: جمع سانية وهي العرم، والعرم هي الأحباس تبنى في الأودية. «القاموس: سني، عرم» . [2] المدود: السّيول. [3] المرادي: جمع مردي كشرطي، وهو خشبة تدفع بها السفينة «القاموس: مرد» . [4] الجرجس: لغة في القرمص؛ وهو البعوض الصغار حياة الحيوان 1/273. [5] عمّار البيوت: سكانها من الجن. (اللسان: عمر 4/607) . [6] الزمع: الدهش والخوف. «القاموس: زمع» .

821 -[شعر في أصوات الذباب وغنائها]

والسّخرية مستورة. فإن نافرته فضحت نفسك، وربحت عداوة شيطان هو والله أضرّ عليك من عمّار بيتك، الذي ليس يخرجون عنك الذباب والبعوض بلا كلفة، مع حقّ الجوار. قال: هم سكّاني وجيراني. قالوا: لو كان سمع منك أبو حكيم هذه الكلمة لكانت الخمسون دينارا مائة دينار!!. 821-[شعر في أصوات الذّباب وغنائها] ومما قيل في أصوات الذباب وغنائها، قال المثقّب العبديّ [1] : [من الوافر] وتسمع للذّباب إذا تغنّى ... كتغريد الحمام على الغصون وقال آخر: [من مجزوء الكامل] حوّ مساربه تغ ... نّى في غياطله ذبابه [2] وقال أبو النجم [3] : [من الرجز] أنف ترى ذبابها تعلّله ... من زهر الرّوض الذي يكلّله [4] وقال أيضا [5] : [من الرجز] والشيخ تهديه إلى طحمائه ... فالرّوض قد نوّر في عزّائه [6] مختلف الألوان في أسمائه ... نورا تخال الشّمس في حمرائه [7] مكلّلا بالورد من صفرائه ... يجاوب المكّاء من مكّائه [8] صوت ذباب العشب في درمائه ... يدعو كأنّ العقب من دعائه [9] صوت مغنّ مدّ في غنائه

_ [1] ديوان المثقب العبدي 182، واللسان والتاج (ذبب) ، والمفضليات 291، وبلا نسبة في المجمل 2/335، والمقاييس 2/349، والجمهرة 222، والتاج واللسان (وكك) . [2] الحوة: سواد إلى الخضرة، أو حمرة إلى السواد، والأحوى: الأسود والنبات الضارب إلى السواد لشدة خضرته. «القاموس: حوو» ، المسارب: جمع مسربة، وهي المرعى. «القاموس: سرب» . الغيطلة: الشجر الكثيف الملتف «القاموس: غطل» . [3] ديوان أبي النجم 157، والأول في اللسان والتاج (أنف) . [4] الأنف: روضة لم يرعها أحد «القاموس: أنف» . [5] ديوان أبي النجم 62- 64. [6] في ديوانه «قال أبو زيد: الشيخ شجرة وثمرتها جرو كجرو الخرّيع، وهي شجرة العصفر، والطحماء: ضرب من النبات. تهديه: تهاديه» وفيه «العزاء: الأرض التي بلّها المطر فتماسكت» . [7] في ديوانه «أراد أرضا جاءت بعشب وزهر مختلف الألوان» . [8] في ديوانه «المكّاء: نوع من القنابر حسن الصوت» . [9] في ديوانه «الدرماء: نبت لا يطول، بل يتجمع في نموه يشبه الكبد، يريد أن المكاء يجاوب ذباب الدرماء حين يصوّت مغنيا» .

822 -[المغنيات من الحيوان]

وقال الشمّاخ [1] : [من الطويل] يكلفها ألّا تخفّض صوتها ... أهازيج ذبّان على عود عوسج بعيد مدى التطريب أوّل صوته ... سحيل وأعلاه نشيج المحشرج [2] 822-[المغنّيات من الحيوان] والأجناس التي توصف بالغناء أجناس الحمام والبعوض، وأصنف الذّبّان من الدّبر، والنّحل، والشّعراء، والقمع والنّعر، وليس لذبّان الكلب غناء، ولا لما يخرج من الباقلاء. قال الشاعر [3] : [من الرجز] تذبّ عنها بأثيث ذائل ... ذبّان شعراء وصيف ماذل [4] 823-[ألوان الذّبّان] وذبّان الشّعراء حمر. قال: والذّبّان التي تهلك الإبل زرق. قال الشاعر: [من الرجز] تربّعت والدّهر ذو تصفّق ... حالية بذي سبيب مونق [5] إلّا من أصوات الذّباب الأزرق ... أو من نقانق الفلا المنقنق والذّبّان الذي يسقط على الدواب صفر. وقال أرطأة بن سهيّة [6] ، لزميل بن أمّ دينار: [من الكامل] أزميل إنّي إن أكن لك جازيا ... أعكر عليك وإن ترح لا تسبق إنّي امرو تجد الرّجال عداوتي ... وجد الرّكاب من الذّباب الأزرق وإذا مرّ بك الشّعر الذي يصلح للمثل وللحفظ، فلا تنس حظّك من حفظه.

_ [1] ديوان الشماخ 97. [2] السحيل: أشد نهاق الحمار. «القاموس: سحل» . [3] الرجز بلا نسبة في نهاية الأرب 10/299. [4] الأثيث: الكثير الملتف. «القاموس: أثث» . ذائل: طويل «القاموس: ذيل» . الماذل: الذي تطيب نفسه عن الشيء يتركه ويسترجي غيره. «اللسان: مذل» . [5] التصفق: التقلب والتحول «القاموس: صفق» حالية: مزينة. السبيب: العضاه أو ذوائب الأشجار. «القاموس: سبب» . المونق: المعجب. «القاموس: ونق» . [6] البيتان لأرطأة بن سهية في الأغاني 13/38، ولسالم بن دارة في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي 385، وشرح ديوان الحماسة للتبريزي 1/203، والأول بلا نسبة في المقاييس 4/106.

824 -[ما يسمى بالذبان]

وقال المتلمس [1] : [من الطويل] فهذا أوان العرض جنّ ذبابه ... زنابيره والأزرق المتلمّس [2] وبه سمّي المتلمّس. وقال ابن ميّادة: [3] [من البسيط] بعنتريس كأنّ الدّبر يلسعها ... إذا تغرّد حاد خلفها طرب [4] 824-[ما يسمّى بالذّبان] والدّليل على أنّ أجناس النّحل والدّبر كلّها ذبّان، ما حدث به عبّاد بن صهيب، وإسماعيل المكّي عن الأعمش، عن عطيّة بن سعيد العوفي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلّ ذباب في النار إلّا النّحلة» [5] . وقال سليمان: سمعت مجاهدا يكره قتل النّحل وإحراق العظام. يعني في الغزو. وحدثنا عنبسة قال: حدّثنا حنظلة السّدوسيّ قال: أنبأنا أنس بن مالك، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «عمر الذّباب أربعون يوما. والذّباب في النار» . 825-[بحث كلاميّ في عذاب الحيوان والأطفال] وقد اختلف النّاس في تأويل قوله: «والذباب في النار» وقال قوم: الذّباب خلق خلق للنّار. كما خلق الله تعالى ناسا كثيرا للنّار، وخلق أطفالا للنّار. فهؤلاء قوم خلعوا عذرهم فصار أحدهم إذا قال: ذلك عدل من الله عزّ وجلّ؛ فقد بلغ أقصى العذر، ورأى أنّه إذا أضاف إليه عذاب الأطفا فقد مجّده. ولو وجد سبيلا إلى أن يقول إنّ ذلك ظلم لقاله ولو وجد سبيلا إلى أن يزعم أن الله تعالى يخبر عن شيء أنّه

_ [1] ديوان المتلمس 123، والاشتقاق 317، وشرح ديوان الحماسة للتبريزي 662، والجمهرة 747، واللسان والتاج (لمس، عرض) ، والخزانة 4/185، والبيان 1/375، وبلا نسبة في الخصائص 2/377، والمخصص 14/96. [2] في اللسان «الأزرق: الذباب. وقيل: كل واد عرض ... وكل واد فيه شجر فهو عرض» . اللسان «عرض» . [3] ديوان ابن ميادة 59. [4] العنتريس: الناقة الصلبة القوية. «ديوانه» . [5] الحديث في ثمار القلوب 839.

يكون وهو لا يكون، ثم يقول إلّا أنّ ذلك صدق لقاله. إلّا أنّه يخاف السّيف عند هذه، ولا يخاف السّيف عند تلك. وإن كانت تلك أعظم في الفرية من هذه. وبعض يزعم أنّ الله عزّ وجلّ إنّما عذّب أطفال المشركين ليغمّ بهم آباءهم. ثمّ قال المتعاقلون منهم: بل عذّبهم لأنّه هكذا شاء، ولأنّ هذا له. فليت شعري أيحتسب بهذا القول في باب التمجيد لله تعالى؛ لأنّ كل من فعل ما يقدر عليه فهو محمود، وكل من لم يخف سوط أمير فأتى قبيحا فالذي يحسن ذلك القبيح أنّ صاحبه كان في موضع أمن، أو لأنّه آمن يمتنع من مطالبة السلطان. فكيف وكون الكذب والظّلم والعبث واللهو والبخل كلّه محال ممّن لا يحتاج إليه، ولا تدعوه إليه الدواعي. وزعم أبو إسحاق أنّ الطّاعات إذا استوت استوى أهلها في الثّواب، وأنّ المعاصي إذا استوت استوى أهلها في العقاب. وإذا لم يكن منهم طاعة ولا معصية استووا في التفضّل. وزعم أنّ أجناس الحيوان وكلّ شيء يحسّ ويألم، في التفضّل سواء وزعم أنّ أطفال المشركين والمسلمين كلّهم في الجنّة. وزعم أنّه ليس بين الأطفال ولا بين البهائم والمجانين فرق، ولا بين السّباع في ذلك وبين البهائم فرق. وكان يقول: إنّ هذه الأبدان السبعيّة والبهيمية لا تدخل الجنّة، ولكنّ الله عزّ وجلّ ينقل تلك الأرواح خالصة من تلك الآفات؛ فيركّبها في أيّ الصّور أحبّ. وكان أبو كلدة، ومعمر، وأبو الهذيل وصحصح، يكرهون هذا الجواب. ويقولون: سواء عند خواصّنا وعوامّنا، أقلنا: إنّ أرواح كلابنا تصير إلى الجنّة، أم قلنا: إن كلابنا تدخل الجنّة ومتى ما اتّصل كلامنا بذكر الكلب على أيّ وجه كان؛ فكأنّا عندهم قد زعمنا أنّ الجنّة فيها كلاب. ولكنّا نزعم [1] أنّ جميع ما خلق الله تعالى من السّباع والبهائم والحشرات والهمج فهو قبيح المنظرة مؤلم، أو حسن المنظرة ملذّ؛ فما كان كالخيل والظباء، والطواويس، والتّدارج فإنّ تلك في الجنّة، ويلذّ أولياء الله عزّ وجلّ بمناظرها. وما كان منها قبيحا في الدّنيا مؤلم النظر جعله الله عذابا إلى عذاب أعدائه في النّار فإذا جاء في الأثر: أنّ الذّباب في النّار، وغير ذلك من الخلق، فإنّما يراد به هذا المعنى. وذهب بعضهم إلى أنها تكون في النّار، وتلذّ ذلك، كما أن خزنة جهنّم والذين يتولّون من الملائكة التّعذيب، يلذّون موضعهم من النار.

_ [1] هذا القول نقله الثعالبي في ثمار القلوب (839) .

826 -[الذبان أجهل الخلق]

وذهب بعضهم إلى أنّ الله تعالى يطبعهم على استلذاذ النّار والعيش فيها، كما طبع ديدان الثلج والخلّ على العيش في أماكنها [1] . وذهب آخرون إلى أنّ الله عزّ وجلّ يحدث لأبدانهما علّة لا تصل النّار إليها، وتنعم قلوبهما وأبدانهما من وجه آخر كيف شاء. وقالوا: وقد وجدنا النّاس يحتالون لأنفسهم في الدّنيا حيلا، حتى يدخل أحدهم بعض الأتاتين [2] بذلك الطلاء، ولا تضرّه النار، وهو في معظمها، وموضع الجاحم [3] منها. ففضل ما بين قدرة الله وقدرة عباده أكثر من فضل ما بين حرّ نار الدّنيا والآخرة. وذهب بعضهم إلى أنّ سبيلها فيها كسبيل نار إبراهيم؛ فإنّه لما قذف فيها بعث الله عزّ وجلّ ملكا يقال له ملك الظلّ، فكان يحدّثه ويؤنسه؛ فلم تصل النار إلى أذاه، مع قربه من طباع ذلك الملك. وكيفما دار الأمر في هذه الجوابات؛ فإن أخسّها وأشنعها أحسن من قول من زعم أنّ الله تعالى يعذّب بنار جهنّم من لم يسخطه ولا يعقل كيف يكون السخط. ومن العجب أنّ بعضهم يزعم أن الله تعالى إنما عذّبه ليغمّ أباه. وإنما يفعل ذلك من لا يقدر على أن يوصل إليهم ضعف الاغتمام، وضعف الألم الذي ينالهم بسبب أبنائهم. فأمّا من يقدر على إيصال ذلك المقدار إلى من يستحقه، فكيف يوصله ويصرفه إلى من لا يستحقّه؟ وكيف يصرفه عمّن أسخطه إلى من لم يسخطه؟ هذا وقد سمعوا قول الله عزّ وجلّ: يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ. وَصاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ. وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ. وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ. كَلَّا إِنَّها لَظى. نَزَّاعَةً لِلشَّوى [4] وكيف يقول هذا القول من يتلو القرآن؟! ثمّ رجع بنا القول إلى الذبّان وأصناف الذّبّان. 826-[الذبان أجهل الخلق] والذّبّان أجهل الخلق؛ لأنّها تغشى النّار من ذات أنفسها حتى تحترق. وقال الشاعر: [من المتقارب] ختمت الفؤاد على حبّها ... كذاك الصّحيفة بالخاتم

_ [1] انتهى ما نقله الثعالبي في ثمار القلوب (839) . [2] الأتاتين: جمع أتّون، وهو الموقد. «اللسان: أتن» . [3] الجاحم: المكان الشديد الحر. «القاموس: جحم» . [4] 11- 16/المعارج 70. [5] البيتان بلا نسبة في ثمار القلوب 399 (730) ، والأوائل للعسكري 1/144.

827 -[كراع الأرنب]

هوت بي إلى حبها نظرة ... هويّ الفراشة للجاحم وقال آخر [1] : [من الوافر] كأنّ مشافر النّجدات منها ... إذا ما مسّها قمع الذّباب بأيدي مأتم متساعدات ... نعال السّبت أو عذب الثّياب 827-[كراع الأرنب] وقال بعض الشعراء [2] ، يهجو حارثة بن بدر الغدانيّ: [من الكامل] زعمت غدانة أنّ فيها سيّدا ... ضخما يواريه جناح الجندب وزعم ناس أنّه قال: [من الكامل] يرويه ما يروي الذّباب فينتشي ... سكرا، وتشبعه كراع الأرنب [3] قالوا: لا يجوز أن يقول: «يرويه ما يروي الذباب» و «يواريه جناح الجندب» ثم يقول: «ويشبعه كراع الأرنب» . وإنما [4] ذكر كراع الأرنب؛ لأنّ يد الأرنب قصيرة، ولذلك تسرع في الصّعود، ولا يلحقها من الكلاب إلّا كلّ قصير اليد. وذلك محمود من الكلب. والفرس توصف بقصر الذّراع. 828-[قصة في الهرب من الذّباب] وحدّثني الحسن بن إبراهيم العلويّ قال: مررت بخالي، وإذا هو وحده يضحك، فأنكرت ضحكه؛ لأنّي رأيته وحده، وأنكرته، لأنّه كان رجلا زمّيتا ركينا [5] ، قليل الضحك. فسألته عن ذلك فقال: أتاني فلان يعني شيخا مدينيا- وهو مذعور فقلت له: ما وراءك؟ فقال: أنا والله هارب من بيتي! قلت ولم؟ قال: في بيتي ذباب أزرق، كلما دخلت ثار في وجهي، وطار حولي وطنّ عند أذني، فإذا وجد

_ [1] البيتان بلا نسبة في أساس البلاغة (قمع) . [2] البيتان للأبيرد بن المعذر الرياحي في ديوانه 273، والأغاني 13/127، والوافي 6/193، ولزياد الأعجم في المنتخب 129، وبلا نسبة في ثمار القلوب 325 (603) ، والأول بلا نسبة في المقاييس 3/10. [3] الكراع: قائمة الدابة. [4] ثمار القلوب 325 (604) . [5] الزمّيت: الوقور «القاموس: زمت» . الركين: الرزين. «القاموس: ركن» .

829 -[قصة في سفاد الذباب]

مني غفلة لم يخطئ موق عيني. هذا والله دأبه ودأبي دهرا معه. قلت له: إنّ شبه الذباب بالذباب كشبه الغراب بالغراب؛ فلعلّ الذي آذاك اليوم أن يكون غير الذي آذاك أمس، ولعلّ الذي آذاك آمس غير الذي آذاك أوّل من أمس، فقال: أعتق ما أملك إن لم أكن أعرفه بعينه منذ خمس عشرة سنة. فهذا هو الذي أضحكني. 829-[قصة في سفاد الذباب] وقال الخليل بن يحيى: قد رأيت الخنزير يركب الخنزيرة عامّة نهاره، ورأيت الجمل يركب الناقة ساعة من نهاره. وكنت قبل ذلك أغبط العصفور والعصم- فإنّ الذّكر وإن كان سريع النّزول عن ظهر الأنثى فإنّه لسرعة العودة، ولكثرة العدد، كأنّه في معنى الخنزير والجمل وحتّى رأيت الذّباب وفطنت له، فإذا هو يركب الذّبابة عامّة نهاره. فقال له محمد بن عمر البكراوي: ليس ذلك هو السّفاد. قال: أمّا الذي رأت العينان فهذا حكمه. فإن كنت تريد أن تطيب نفسك بإنكار ما تعرف ممّا قسم الله عزّ وجلّ بين خلقه، من فضول اللّذّة، فدونك. ويزعمون أنّ للورل [1] في ذلك ما ليس عند غيره. 830-[قصّة آكل الذّبّان] وأنشد ابن داحة في مجلس أبي عبيدة، قول السّيّد الحميريّ [2] : [من الكامل] أترى ضهاكا وابنها وابن ابنها ... وأبا قحافة آكل الذّبان كانوا يرون، وفي الأمور عجائب ... يأتي بهنّ تصرّف الأزمان أنّ الخلافة في ذؤابة هاشم ... فيهم تصير وهيبة السّلطان وكان ابن داحة رافضيّا، وكان أبو عبيدة خارجيّا صفريا، فقال له: ما معناه في قوله: «آكل الذّبّان» ؟ فقال: لأنّه كان يذبّ عن عطر ابن جدعان. قال: ومتى احتاج العطّارون إلى المذابّ؟! قال: غلطت إنّما كان يذب عن حيسة ابن جدعان. قال: فابن جدعان وهشام بن المغيرة، كان يحاس لأحدهما الحيسة [3] على عدّة أنطاع [4] ،

_ [1] الورل: دابة على خلقة الضب، إلا أنه أعظم منه، وليس في الحيوان أكثر سفادا منه. حياة الحيوان 2/417- 418. [2] ديوان السيد الحميري 449. [3] الحيس: تمر يخلط بسمن وأقط فيعجن شديدا ثم يندر منه نواه. «القاموس: حيس» . [4] الأنطاع: جمع نطع، وهو بساط من الأديم. «القاموس: نطع» .

831 -[تحقير شأن الذبابة]

فكان يأكل منها الراكب والقائم والقاعد فأين كانت تقع مذبّة أبي قحافة من هذا الجبل؟! قال: كان يذبّ عنها ويدور حواليها. فضحكوا منه، فهجر مجلسهم سنة. 831-[تحقير شأن الذّبابة] قال: وفي باب تحقير شأن الذبابة وتصغير قدرها، يقول الرسول: «لو كانت الدّنيا تساوي عند الله تعالى جناح ذبابة ما أعطى الكافر منها شيئا» [1] . 832-[أعجوبة في ذبان البصرة] وعندنا بالبصرة في الذبّان أعجوبة، لو كانت بالشّامات أو بمصر لأدخلوها في باب الطّلّسم؛ وذلك أنّ التّمر يكون مصبوبا في بيادر التمر في شقّ البساتين، فلا ترى على شيء منها ذبابة لا في اللّيل، ولا في النّهار، ولا في البردين [2] ولا في أنصاف النهار، نعم وتكون هناك المعاصر، ولأصحاب المعاصر ظلال، ومن شأن الذّباب الفرار من الشّمس إلى الظّلّ. وإنّما تلك المعاصر بين تمرة ورطبة، ودبس وثجير [3] ، ثمّ لا تكاد ترى في تلك الظّلال والمعاصر، في انتصاف النهار، ولا في وقت طلب الذّبّان الكنّ، إلّا دون ما تراه في المنزل الموصوف بقلّة الذّبّان. وهذا شيء يكون موجودا في جميع الشّقّ الذي فيه البساتين. فإن تحوّل شيء من تمر تلك الناحية إلى جميع ما يقابلها في نواحي البصرة، غشيه من الذّبان ما عسى إلّا يكون بأرض الهند أكثر منه وليس بين جزيرة نهر دبيس [4] ، وبين موضع الذّبان إلّا فيض البصرة، ولا بين ما يكون من ذلك بنهر أذرب وبين موضع الذبّان ممّا يقابله، إلّا سيحان [5] ، وهو ذلك التمر وتلك المعصرة، ولا تكون تلك المسافة إلّا مائة ذراع أو أزيد شيئا أو أنقص شيئا. 833-[نوم عجيب لضروب من الحيوان] وأعجوبة أخرى، وهي عندي أعجب من كلّ شيء صدّرنا به جملة القول في

_ [1] أخرجه الترمذي من حديث سهل بن سعد الساعدي برقم 2321، والسيوطي في الجامع الصغير برقم 7480، وانظر جامع الأصول 4/510. [2] البردان: الغداة والعشي، أو الظل والفيء. «القاموس: برد» . [3] الثجير: ما عصر من العنب فجرت سلافته وبقيت عصارته، وثفل البسر يخلط بالتمر. «اللسان: ثجر» . [4] نهر دبيس: نهر بالبصرة؛ سمي باسم رجل قصّار كان يقصر عليه الثياب. معجم البلدان 5/320. [5] سيحان: نهر بالبصرة كان للبرامكة. معجم البلدان 3/293.

834 -[سلطان النوم]

الذباب. فمن العجب أن يكون بعض الحيوان لا ينام كالصافر والتنوّط؛ فإنّهما إذا كان اللّيل فإن أحدهما يتدلّى من غصن الشّجرة، ويضمّ عليه رجليه، وينكّس رأسه، ثمّ لا يزال يصيح حتّى يبرق النور. والآخر لا يزال يتنقّل في زوايا بيته، ولا يأخذه القرار، خوفا على نفسه، فلا يزال كذلك، وقد نتف قبل ذلك ممّا على ظهور الأشجار مما يشبه الليف فنفشه، ثمّ فتل منه حبلا، ثمّ عمل منه كهيئة القفّة، ثمّ جعله مدلّى بذلك الحبل، وعقده بطرف غصن من تلك الأغصان؛ إلّا أنّ ذلك بترصيع ونسج، ومداخلة عجيبة؛ ثمّ يتّخذ عشّه فيه، ويأوي إليه مخافة على نفسه. والأعراب يزعمون أنّ الذّئب شديد الاحتراس، وأنّه يرواح بين عينيه، فتكون واحدة مطبقة نائمة وتكون الأخرى مفتوحة حارسة ولا يشكّون أنّ الأرنب تنام مفتوحة العينين. وأمّا الدّجاج والكلاب فإنما تعزب [1] عقولهما في النّوم، ثمّ ترجع إليهما بمقدار رجوع الأنفاس. فأمّا الدّجاج فإنها تفعل ذلك من الجبن وأمّا الكلب فإنّه يفعل ذلك من شدّة الاحتراس. وجاؤوا كلهم يخبرون أن الغرانيق والكراكيّ لا تنام أبدا إلّا في أبعد المواضع من النّاس، وأحرزها من صغار سباع الأرض، كالثعلب وابن آوى. وأنها لا تنام حتى تقلّد أمرها رئيسا وقائدا، وحافظا وحارسا، وأن الرئيس إذا أعيا رفع إحدى رجليه، ليكون أيقظ له. 834-[سلطان النوم] وسلطان النّوم معروف. وإن الرّجل ممن يغزو في البحر، ليعتصم بالشّراع وبالعود وبغير ذلك، وهو يعلم أن النّوم متى خالط عينيه استرخت يده، ومتى استرخت يده باينه الشيء الذي كان يركبه ويستعصم به، وأنه متى باينه [2] لم يقدر عليه، ومتى عجز عن اللّحاق به فقد عطب. ثمّ هو في ذلك لا يخلو، إذا سهر ليلة أو ليلتين، من أن يغلبه النّوم ويقهره، وإمّا أن يحتاج إليه الحاجة التي يريه الرأي الخوّان، وفساد العقل المغمور بالعلّة الحادثة، أنّه قد يمكن أن يغفي وينتبه في أسرع الأوقات، وقبل أن تسترخي يده كلّ الاسترخاء، وقبل أن تباينه الخشبة إن كانت خشبة.

_ [1] عزب: بعد وغاب. «القاموس: عزب» . [2] باين: فارق. «القاموس: بين» .

835 -[أعجب من نوم الذبان]

835-[أعجب من نوم الذبان] وليس في جميع ما رأينا وروينا، في ضروب نوم الحيوان، أعجب من نوم الذّبّان، وذلك أنّها ربما جعلت مأواها بالليل دروند الباب [1] وقد غشّوه ببطانة ساج [2] أملس كأنّه صفاة، فإذا كان اللّيل لزقت به، وجعلت قوائمها مما يليه، وعلّقت أبدانها إلى الهواء. فإن كانت لا تنام البتّة ولا يخالطها عزوب [3] المعرفة فهذا أعجب: أن تكون أمّة من أمم الحيوان لا تعرف النّوم، ولا تحتاج إليه. وإن كانت تنام ويعزب عنها ما يعزب [3] عن جميع الحيوان سوى ما ذكرنا، فما تخلو من أن تكون قابضة على مواضع قوائمها، ممسكة بها، أو تكون مرسلة لها مخلّية عنها. فإن كانت مرسلة لها فكيف لم تسقط وهي أثقل من الهواء؟! وإن كانت ممسكة لها فكيف يجامع التشدّد والتثبيت النّوم؟!. 836-[بعض ما يعتري النائم] ونحن نرى كلّ من كان في يده كيس أو درهمأو حبل، أو عصا فإنّه متى خالط عينيه النّوم استرخت يده وانفتحت أصابعه. ولذلك يتثاءب المحتال للعبد الذي في يده عنان دابّة مولاه، ويتناوم له وهو جالس؛ لأنّ من عادة الإنسان إذا لم يكن بحضرته من يشغله، ورأى إنسانا قبالته ينود [4] أو ينعس، أن يتثاءب وينعس مثله. فمتى استرخت يده أو قبضته عن طرف العنان، وقد خامره سكر النّوم، ومتى صار إلى هذه الحال- ركب المحتال الدّابّة ومرّ بها.

_ [1] في اللسان «نجف» : (النجاف هو أسكفّة الباب، قال الأزهري: هو درونده أي أعلاه) . [2] الساج: الطيلسان الأخضر أو الأسود «القاموس: ساج» . [3] عزب: بعد وغاب «القاموس: عزب» . [4] ينود: يتمايل من النعاس. «القاموس: نود» .

باب القول في الغربان

باب القول في الغربان اللهم جنبنا التكلّف، وأعذنا من الخطأ، واحمنا العجب بما يكون منه، والثّقة بما عندنا، واجعلنا من المحسنين. نذكر على اسم الله جمل القول في الغربان، والإخبار عنها، وعن غريب ما أودعت من الدّلالة، واستخزنت من عجيب الهداية. وقد كنّا قدّمنا ما تقول العرب في شأن منادمة الغراب والدّيك وصداقته له، وكيف رهنه عند الخمّار، وكيف خاس به وسخر منه وخدعه وكيف خرج سالما غير غارم، وغانما غير خائب، وكيف ضربت به العرب الأمثال، وقالت فيه الأشعار، وأدخلته في الاشتقاق لزجرها عند عيافتها وقيافتها، وكيف كان السبب في ذلك. 837-[ذكر الغراب في القرآن] فهذا إلى ما حكى الله عزّ وجلّ من خبر ابني آدم، حين قرّبا قربانا فحسد الذي لم يتقبّل منه المتقبل منه، فقال عندما همّ به من قتله، وعند إمساكه عنه، والتّخلية بينه وبين ما اختار لنفسه: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ [1] . ثم قال: فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ فَبَعَثَ اللَّهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ [2] حتّى قال القائل، وهو أحد ابني آدم ما قال: فلولا أنّ للغراب فضيلة وأمورا محمودة، وآلة وسببا ليس لغيره من جميع الطّير لما وضعه الله تعالى في موضع تأديب الناس، ولما جعله الواعظ والمذكّر بذلك. وقد قال الله عزّ وجلّ:

_ [1] 29/المائدة: 5. [2] 30- 31/المائدة: 5.

فَبَعَثَ اللَّهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ [1] ، فأخبر أنّه مبعوث، وأنه هو اختاره لذلك من بين جميع الطّير. قال صاحب الدّيك: جعلت الدّليل على سوء حاله وسقوطه الدّليل على حسن حاله وارتفاع مكانه. وكلما كان ذلك المقرّع به أسفل كانت الموعظة في ذلك أبلغ. ألا تراه يقول: يا وَيْلَتى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ فَأُوارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ [1] . ولو كان في موضع الغراب رجل صالح، أو إنسان عاقل، لما حسن به أن يقول: يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا العاقل الفاضل الكريم الشّريف. وإذا كان دونا وحقيرا فقال: أعجزت وأنا إنسان أن أحسن ما يحسنه هذا الطائر، ثمّ طائر من شرار الطير. وإذا أراه ذلك في طائر أسود محترق، قبيح الشّمائل، رديء المشية، ليس من بهائم الطير المحمودة، ولا من سباعها الشريفة، وهو بعد طائر يتنكّد به ويتطيّر منه، آكل جيف، رديء الصيّد. وكلما كان أجهل وأنذل كان أبلغ في التّوبيخ والتّقريع. وأمّا قوله: فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ [1] فلم يكن به على جهة الإخبار أنّه كان قتله ليلا، وإنما هو كقوله: وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ [2] . ولو كان المعنى وقع على ظاهر اللّفظ دون المستعمل في الكلام من عادات الناس، كان من فرّ من الزّحف ليلا لم يلزمه وعيد. وإنما وقع الكلام على ما عليه الأغلب من ساعات أعمال الناس، وذلك هو النّهار دون اللّيل. وعلى ذلك المعنى قال صالح بن عبد الرحمن، حين دفعوا إليه جوّابا الخارجيّ ليقتله، وقالوا: إن قتله برئت الخوارج منه، وإن ترك قتله فقد أبدى لنا صفحته. فتأوّل صالح عند ذلك تأويلا مستنكرا: وذلك أنّه قال: قد نجد التّقيّة تسيغ الكفر، والكفر باللسان أعظم من القتل والقذف بالجارحة. فإذا جازت التقيّة في الأعظم كانت في الأصغر أجوز. فلما رأى هذا التأويل يطّرد له، ووجد على حال بصيرته ناقصة، وأحسّ بأنّه إنما التمس عذرا ولزّق الحجّة تلزيقا فلمّا عزم على قتل جوّاب، وهو عنده واحد الصّفرية في النّسك والفضل قال: إني يوم أقتل جوّابا على هذا الضّرب من التأويل

_ [1] 31/المائدة: 5. [2] 16/الأنفال: 8.

838 -[الاستثناء في القسم]

لحريص على الحياة! ولو كان حين قال إني يوم أقتل جوّابا إنما عنى النهار دون اللّيل، كان عند نفسه إذا قتله تلك القتلة ليلا لم يأثم به. وهذا أيضا كقوله تعالى: وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ [1] . ولو كان هذا المعنى إنما يقع على ظاهر اللفظ دون المستعمل بين الناس، لكان إذا قال من أوّل الليل: إني فاعل ذلك غدا في السّحر، أو مع الفجر أو قال الغداة: إني فاعل يومي كلّه، وليلتي كلها، لم يكن عليه حنث، ولم يكن مخالفا إذا لم يستثن، وكان إذن لا يكون مخالفا إلّا فيما وقع عليه اسم غد. فأمّا كلّ ما خالف ذلك في اللّفظ فلا. وليس التّأويل كذلك لأنّه جلّ وعلا إنما ألزم عبده أن يقول: إن شاء الله، ليتّقى عادة التألّي [2] ولئلا يكون كلامه ولفظه يشبه لفظ المستبدّ والمستغني، وعلى أن يكون عند ذلك ذاكر الله، لأنه عبد مدبّر، ومقلّب ميّسر، ومصرّف مسخّر. وإذا كان المعنى فيه، والغاية التي جرى إليها اللفظ، إنما هو على ما وصفنا، فليس بين أن يقول أفعل ذلك بعد طرفة، وبين أن يقول أفعل ذلك بعد سنة فرق. وأمّا قوله: فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ فليس أنّه كان هنالك ناس قتلوا إخوتهم وندموا فصار هذا القاتل واحدا منهم؛ وإنما ذلك على قوله لآدم وحوّاء عليهما السلام: وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ* [3] ، على معنى أن كلّ من صنع صنيعكما فهو ظالم. 838-[الاستثناء في القسم] وعجبت من ناس ينكرون قولنا في الأستثناء، وقد سمعوا الله عزّ وجلّ يقول: إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ. وَلا يَسْتَثْنُونَ. فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نائِمُونَ. فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ [4] ، مع قوله عزّ وجلّ: وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ [5] . 839-[تسمية الغراب ابن دأية] والعرب تسمّي الغراب ابن دأية، لأنّه إذا وجد دبرة [6] في ظهر البعير، أو في عنقه

_ [1] 23/الكهف: 18. [2] الإلّ: الحلف «القاموس: ألل» . [3] 35/البقرة: 2. [4] 17- 20/القلم: 68. [5] 23/الكهف: 18. [6] الدبرة: القرحة. «القاموس: دبر» .

840 -[علة غرز الريش والخرق في ظهر البعير]

قرحة سقط عليها، ونقره وأكله، حتّى يبلغ الدّايات. قال الشاعر [1] : [من الطويل] نجيبة قرم شادها القتّ والنّوى ... بيثرب حتى نيّها متظاهر [2] فقلت لها سيري فما بك علّة ... سنامك ملموم ونابك فاطر [3] فمثلك أو خيرا تركت رذيّة ... تقلّب عينيها إذا مرّ طائر [4] ومثله قول الرّاعي: [من الطويل] فلو كنت معذورا بنصرك طيّرت ... صقوري غربان البعير المقيد هذا البيت لعنترة، في قصيدة له. ضرب ذلك مثلا للبعير المقيّد ذي الدّبر، إذا وقعت عليه الغربان. 840-[علّة غرز الريش والخرق في ظهر البعير] وإذا كان بظهر البعير دبرة غرزوا في سنامه إمّا قوادم ريش أسود وإمّا خرقا سودا، لتفزع الغربان منه، ولا تسقط عليه. قال الشاعر، وهو ذو الخرق الطّهوي [5] : [من البسيط] لما رأت إبلي حطت حمولتها ... هزلى عجافا عليها الرّيش والخرق [6] قالت ألا تبتغي عيشا نعيش به ... عمّا نلاقي، فشرّ العيشة الرّنق الرّنق، بالرّاء المهملة، وبالنون، هو الكدر غير الصافي. وقال آخر: [من البسيط] كأنّها ريشة في غارب جرز ... في حيثما صرفته الرّيح ينصرف

_ [1] الأبيات للجون المحرزي أو لأبي الربيس التغلبي في الخزانة 6/85، ولأبي الربيس التغلبي في شرح أبيات سيبويه 1/572، وبلا نسبة في البيان والتبيين 3/306- 307، والأول بلا نسبة في اللسان والتاج (ضزز) ، والثالث في اللسان والتاج (رهب) . [2] القرم: الفحل الكريم. «القاموس: قرم» . القت: العلف. نيها: شحمها. [3] ناب فاطر: مشقوق وظاهر. «القاموس: فطر» . [4] الرذية: الناقة المهزولة من السير. «القاموس: رذي» . [5] البيتان في الأصمعيات 124- 125، والتاج (خرق) ، والأول في اللسان (خرق) ، والمقاييس 2/173، والجمهرة 591، والمجمل 2/178. [6] العجف: ذهاب السّمن؛ وهو أعجف؛ وهي عجفاء. والجمع عجاف. «القاموس: عجف» .

841 -[غربان الإبل]

جرز: عظيم. قال رؤبة [1] : [من الرجز] عن جرز منه وجوز عار وقد توضع الرّيش في أسنمتها وتغرز فيها لغير ذلك [2] ، وذلك أنّ الملوك كانت تجعل الرّيش علامة لحباء الملك، تحميها بذلك وتشرّف صاحبها. قال الشاعر [3] : [من الكامل] يهب الهجان بريشها ورعائها ... كاللّيل قبل صباحه المتبلج [4] ولذلك قالوا في الحديث: فرجع النّابغة من عند النّعمان وقد وهب له مائة من عصافيره بريشها [5] . وللرّيش مكان آخر: وهو أنّ الملوك إذا جاءتها الخرائط بالظّفر غرزت فيها قوادم ريش سود. 841-[غربان الإبل] وقال الشاعر [6] : [من الطويل] سأرفع قولا للحصين ومالك ... تطير به الغربان شطر المواسم وتروى به الهيم الظماء، ويطّبي ... بأمثاله الغازين سجع الحمائم يعني غربان الليل. وأمّا قوله: «وتروى به الهيم الظّماء» فمثل قول الماتح [7] : [من الرجز] علقت يا حارث عند الورد ... بجاذل لا رفل التّردّي [8] ولا عييّ بابتناء المجد

_ [1] الرجز ليس لرؤبة؛ بل للعجاج في ديوانه 1/117، واللسان والتاج (جزر، همم، وري) ، والجمهرة 170، وبلا نسبة في ديوان الأدب 3/183، والتهذيب 5/382، 10/608، والمخصص 4/136، والعين 3/358. [2] البيان 3/96، ومجالس ثعلب 35. [3] البيت بلا نسبة في البيان 3/96. [4] الهجان: الإبل البيض. «القاموس: هجن» . [5] الأغاني 11/28، 39، والشعر والشعراء 71، 75، وأساس البلاغة (عصفر) . [6] البيت الأول بلا نسبة في اللسان والتاج (غرب) ، والتهذيب 8/120. [7] الرجز في البيان 1/4. الماتح: المستقي من أعلى البئر، والمائح: الذي يملأ الدلو من أسفل البئر «اللسان: متح» . [8] جذل الشيء يجذل جذولا: انتصب وثبت لا يبرح. «اللسان: جذل» . الرفل: الذي يجر ثوبه متبخترا. «اللسان: رفل» . التردي: ارتداء اللباس.

842 -[أمثال في الغراب]

وقالوا في البعير إذا كان عليه حمل من تمر أو حبّ، فتقدّم الإبل بفضل قوّته ونشاطه، فعرض ما عليه للغربان. قال الرّاجز [1] : [من الرجز] قد قلت قولا للغراب إذ حجل ... عليك بالقود المسانيف الأول [2] تغدّ ما شئت على غير عجل ومثله [3] : [من الرجز] يقدمها كلّ علاة مذعان ... حمراء من معرّضات الغربان [4] 842-[أمثال في الغراب] ويقال: «أصحّ بدنا من غراب» ، و «أبصر من غراب» [5] ، و «أصفى عينا من غراب» [6] . وقال ابن ميّادة [7] : [من الطويل] ألا طرقتنا أمّ أوس ودونها ... حراج من الظلّماء يعشى غرابها فبتنا كأنّا بيننا لطميّة ... من المسك، أو داريّة وعيابها [8]

_ [1] الرجز بلا نسبة في المخصص 10/167، والتنبيه للبكري 48، ومجالس ثعلب 112، واللسان والتاج (سنف) . [2] المسانيف: المتقدمة «اللسان: سنف» . [3] الرجز للشماخ في ديوانه 416- 417، وله أو للأجلح بن قاسط في اللسان والتاج (عرض) ، وللأجلح بن قاسط في اللسان (علا) ، ولرجل من غطفان في التنبيه للبكري 47. وبلا نسبة في التهذيب 1/461، والمقاييس 4/118، 279، والمجمل 3/471، والمخصص 4/17، 7/137، وأساس البلاغة (عرض) ، والجمهرة 355، 748، 1320، وأمالي القالي 1/119، والمعاني الكبير 1/259. [4] في التنبيه للبكري: (العلاة: الشديدة الصلبة، مشبهة بالعلاة، وهو السندان) ، وفيه: (الحمر أجلد الإبل، والمعرضات التي تقدم الإبل فتقع الغربان على حملها إن كان تمرا أو غيره فتأكله) . [5] مجمع الأمثال 1/115، والدرة الفاخرة 1/78، وجمهرة الأمثال 1/240، والمستقصى 1/21، وفصل المقال 491، وأمثال ابن سلام 360. [6] المثل برواية (أصفى من عين الغراب) في مجمع الأمثال 1/417، والدرة الفاخرة 1/250، 263، وجمهرة الأمثال 1/567، والمستقصى 1/210. [7] ديوان ابن ميادة 77، والمستقصى 1/21، والأول في اللسان والتاج وأساس البلاغة (حرج) ، والتهذيب 4/140، وثمار القلوب 461 (673) ، والمعاني الكبير 1/258. [8] في ديوانه: (اللطمية: من معانيها: الجمال التي تحمل العطر، وهي عند ابن الأعرابي سوق الإبل، والمقصود بها هنا الوعاء الذي يوضع فيه المسك. دارية: المسك المنسوب إلى دارين، وهو مرفأ في البحرين كانت ترفأ إليه السفن التي فيها المسك. العياب: الوعاء الذي يوضع فيه المسك) .

843 -[استطراد لغوي]

يقول [1] : إذا كان الغراب لا يبصر في حراج الظلماء. وواحد الحراج حرجة، وهي هاهنا مثل، حيث جعل كلّ شيء التفّ وكثف من الظلام حراجا، وإنّما الحراج من السّدر وأشباه السّدر. يقول: فإذا لم يبصر فيها الغراب مع حدّة بصره، وصفاء مقلته فما ظنّك بغيره؟! وقال أبو الطمحان القينيّ [2] : [من الطويل] إذا شاء راعيها استقى من وقيعة ... كعين الغراب صفوها لم يكدّر والوقيعة: المكان الصلب الذي يمسك الماء، والجمع الوقائع. 843-[استطراد لغوي] قال: وأنشدنا أبو عمرو بن العلاء، في الوقائع: [من الطويل] إذا ما استبالوا الخيل كانت أكفهم ... وقائع للأبوال والماء أبرد [3] يقول: كانوا في فلاة فاستبالوا الخيل في أكفهم، فشربوا أبوالها من العطش. ويقال شهد الوقيقة والوقعة بمعنى واحد. قال الشاعر [4] : [من الطويل] لعمري لقد أبقت وقيعة راهط ... على زفر داء من الشّرّ باقيا وقال زفر بن الحارث [5] : [من الطويل] لعمري لقد أبقت وقيعة راهط ... لمروان صدعا بيننا متنائيا وقال الأخطل [6] : [من الطويل] لقد أوقع الجحّاف بالبشر وقعة ... إلى الله منها المشتكى والمعوّل

_ [1] ثمار القلوب 461 (673) . [2] البيت لأبي الطمحان في الأغاني 13/14، وقصائد جاهلية نادرة 220، وأشعار اللصوص 1/78، والمعاني الكبير 259، وثمار القلوب (673) ، وبلا نسبة في المخصص 10/162، والجمهرة 944. [3] البيت لمالك بن نويرة في ديوانه 64، والأصمعيات 195، والسمط 347، واللسان (بول) ، وبلا نسبة في اللسان (وقع) ، والجمهرة 944، والاشتقاق 291. [4] البيت لجواس بن القعطل الكلبي في المؤتلف والمختلف 74. [5] ديوان زفر بن الحارث الكلابي 171، والحماسة البصرية 1/26، والأغاني 19/196، والتاج (رهط) ، ومعجم البلدان 3/21 (راهط) ، وحماسة القرشى 136، والوحشيات 50، وهو بلا نسبة في اللسان (شأي) ؛ وقافيته فيه (متشائيا) مكان (متنائيا) . [6] ديوان الأخطل 32، ومعجم البلدان 1/427 (بشر) ، والتاج (بشر) ، والجمهرة 310، وبلا نسبة في اللسان (عول) .

844 -[أمثال من الشعر والنثر في الغراب]

844-[أمثال من الشعر والنثر في الغراب] وفي صحّة بدن الغراب يقول الآخر [1] : [من المنسرح] إنّ معاذ بن مسلم رجل ... قد ضجّ من طول عمره الأبد قد شاب رأس الزّمان واكتهل الدّه ... ر وأثواب عمره جدد يا نسر لقمان كم تعيش وكم ... تسحب ذيل الحياة يا لبد قد أصبحت دار آدم خربت ... وأنت فيها كأنّك الوتد تسأل غربانها إذا حجلت ... كيف يكون الصّداع والرّمد ويقال: «أرض لا يطير غرابها» [2] . قال النّابغة [3] : [من الكامل] ولرهط حرّاب وقد سورة ... في المجد ليس غرابها بمطار [4] جعله مثلا. يعني أنّ هذه الأرض تبلغ من خصبها أنّه إذا دخلها الغراب لم يخرج منها، لأنّ كلّ شيء يريده فيها. وفي زهو الغراب يقول حسّان، في بعض قريش [5] : [من الكامل] إنّ الفرافصة بن الاحوص عنده ... شجن لأمّك من بنات عقاب أجمعت أنّك أنت ألأم من مشى ... في فحش مومسة وزهو غراب ويقال: «وجد فلان تمرة الغراب» [6] ، كأنّه يتّبع عندهم أطيب التمر. ويقال: «إنّه لأحذر من غراب» [7] و: «أشد سوادا من غراب» [8] .

_ [1] الأبيات للخزرجي في مروج الذهب 2/322، ووفيات الأعيان 5/218، وثمار القلوب (695) ، ولمحمد بن مناذر في العقد الفريد 3/55، وبغية الوعاة 393، ولابن عبدل في الدرة الفاخرة 316، وبلا نسبة في أمالي الزجاجي 17، والمعاني الكبير 58، وعيون الأخبار 4/59، وإنباه الرواة 3/290، والبيت الثاني في مجالس ثعلب 163. [2] المثل في كتاب الأمثال لأبي عكرمة الضبي 73. [3] ديوان النابغة الذبياني 55، واللسان والتاج (قدد، سور، طير) ، وأساس البلاغة (غرب) . [4] في ديوانه: حراب وقد: رجلان من بني أسد. والسورة: المنزلة الرفيعة. وقوله: «ليس غرابها بمطار» أي شرفهم ثابت باق وليس بزائل. [5] ديوان حسان 116، والثاني في ثمار (491) ، واللسان (زنك) ، والتاج (زوك) ، وبلا نسبة في اللسان (زوك) ، والمخصص 3/103، والمجمل 3/33، والمقاييس 3/37. [6] مجمع الأمثال 2/362، وجمهرة الأمثال 2/333، والمستقصى 2/373، والأمثال لمجهول 116. [7] مجمع الأمثال 1/226، وجمهرة الأمثال 1/396، والمستقصى 1/62، والأمثال لمجهول 7، والدرة الفاخرة 1/133، 156، 196. [8] المثل في المستقصى 1/192 برواية «أشد سوادا من حنك الغراب» .

845 -[شعر في مديح السواد]

وقد مدحوا بسواد الغراب. قال عنترة [1] : [من الكامل] فيها اثنتان وأربعون حلوبة ... سودا كخافية الغراب الأسحم وقال أبو دؤاد [2] : [من البسيط] تنفي الحصى صعدا شرقيّ منسمها ... نفي الغراب بأعلى أنفه الغردا [3] والمغاريد: كمء. صغار. وأنشد [4] : [من البسيط] يحجّ مأمومة في قعرها لجف ... فاست الطبيب قذاها كالمغاريد [5] وقد ذكرنا شدّة منقاره، وحدّة بصره في غير هذا المكان. 845-[شعر في مديح السواد] وقالوا في مديح السواد، قال امرؤ القيس [6] : [من البسيط] العين قادحة واليدّ سابحة ... والأذن مصغية واللّون غربيب وفي السّواد يقول ربيّعة أبو ذؤاب الأسدي [7] ، قاتل عتيبة بن الحارث بن شهاب: [من الكامل] إن المودة والهوادة بيننا ... خلق كسحق اليمنة المنجاب [8] إلّا بجيش لا يكتّ عديده ... سود الجلود من الحديد غضاب [9]

_ [1] البيت من معلقته في ديوانه 17، والخزانة 7/390، والمقاصد النحوية 4/487، وبلا نسبة في شرح المفصل 3/55، 6/24. [2] ديوان أبي دؤاد 308. [3] منسم الناقة: خفها «اللسان: نسم» . [4] البيت لعذار بن درة الطائي في اللسان والتاج (حجج، لفف) ، والمجمل 2/32، 4/266، والتنبيه والإيضاح 1/197، وبلا نسبة في اللسان والتاج (غرد) ، والمقاييس 1/23، 2/30، 5/235، والجمهرة 86، 633، 1234، والمخصص 13/182، 16/62، والتهذيب 3/390، والكامل 1/65 (طبعة المعارف) . [5] في الكامل قوله «في قعرها لجف» أي تقلع، ويقال تلجفت البئر إذا انقلع طيّها من أسفلها. [6] البيت لامرئ القيس في ديوانه 226، والجمهرة 516، ولعمران بن إبراهيم الأنصاري في شرح شواهد الإيضاح 497، ولإبراهيم بن عمران في اللسان (قصب) ، وبلا نسبة في الجمهرة 278، واللسان (لحب، قبب) ، والتاج (قبب) ، والتهذيب 8/299، وأساس البلاغة (قدح) . [7] البيتان في أمالي القالي 1/72، والأول في اللسان والتاج (يمن) ، والثاني في الجمهرة 79، وبلا نسبة في اللسان والتاج (كتت) . [8] اليمنة: ضرب من برود اليمن. «اللسان: يمن» . [9] كتّ القوم يكتّهم: عدّهم وأحصاهم، وأكثر ما يستعملونه في النفي. «اللسان: كتت» .

846 -[شعر ومثل في شيب الغراب]

846-[شعر ومثل في شيب الغراب] وفي المثل: «لا يكون ذلك حتّى يشيب الغراب» [1] . وقال العرجيّ [2] : [من الخفيف] لا يحول الفؤاد عنه بودّ ... أبدا أو يحول لون الغراب وقال ساعدة بن جؤيّة [3] : [من الكامل] شاب الغراب ولا فؤادك تارك ... عهد الغضوب ولا عتابك يعتب 847-[نقر الغراب للدماغ والعيون] ومما يذكر للغراب ما حدّث به أبو الحسن، عن أبي سليم، أنّ معاوية قال لأبي هوذة بن شمّاس الباهليّ: لقد هممت أن أحمل جمعا من باهلة في سفينة ثم أغرقهم! فقال أبو هوذة: إذن لا ترضى باهلة بعدّتهم من بني أمية! قال: اسكت أيّها الغراب الأبقع! وكان به برص، فقال أبو هوذة: إنّ الغراب الأبقع ربّما درج إلى الرّخمة حتى ينقر دماغها، ويقلع عينيها! فقال يزيد بن معاوية: ألا تقتله يا أمير المؤمنين؟ فقال: مه! ونهض معاوية. ثمّ وجهه بعد في سريّة فقتل. فقال معاوية ليزيد: هذا أخفى وأصوب [4] ! وقال آخر [5] في نقر الغراب العيون: [من الوافر] أتوعد أسرتي وتركت حجرا ... يريغ سواد عينيه الغراب ولو لاقيت علباء بن جحش ... رضيت من الغنيمة بالإياب وقال أبو حيّة- في أنّ الغراب يسمّونه الأعور تطيّرا منه [6]-: [من الكامل] وإذا تحلّ قتودها بتنوفة ... مرّت تليح من الغراب الأعور [7] لأنها تخاف من الغربان، لما تعلم من وقوعها على الدّبر.

_ [1] المستقصى 2/59، وفصل المقال 474، 482، وجمهرة الأمثال 1/363. [2] ديوان العرجي 116، ورواية صدره: (لم أحل عنك ما حييت بودي) . [3] البيت لساعدة بن جؤية في شرح أشعار الهذليين 1098، واللسان والتاج (شيب، عتب، غضب) ، والعين 4/413. [4] انظر الخبر في البرصان 69- 70. [5] البيتان لعبيد بن الأبرص، والأول في ديوانه 1، والتهذيب 8/187، وبلا نسبة في اللسان (روغ) ، والثاني في ديوانه 24، والعمدة 1/103. [6] ديوان أبي حية النميري 59، والمعاني الكبير 260، ورواية البيت في ديوانه: (آلت إذا ما حلّ عنها رحلها ... جعلت تضيف من الغراب الأعور) . [7] تليح: تحذر وتشفق.

848 -[مدح لون الغراب]

848-[مدح لون الغراب] ومما يمدح به الشّعراء بلون الغراب قال أبو حيّة [1] : [من الوافر] غراب كان أسود حالكيّا ... ألا سقيا لذلك من غراب وقال أبو حيّة [2] : [من المتقارب] زمان عليّ غراب غداف ... فطيّره الدّهر عني فطارا فلا يبعد الله ذاك الغداف ... وإن كان لا هو إلّا ادّكارا فأصبح موضعه بائضا ... محيطا خطاما محيطا عذارا [3] وقال أبو حيّة في غير ذلك، وهو مما يعدّ للغراب [4] : [من الطويل] كأنّ عصيم الورس منهنّ جاسد ... بما سال من غربانهنّ من الخطر [5] 849-[استطراد لغوي] والغراب ضروب، ويقع هذا الاسم في أماكن، فالغراب حدّ السكين والفأس، يقال فأس حديدة الغراب. وقال الشّماخ [6] : [من الطويل] فأنحى عليها ذات حدّ غرابها ... عدوّ لأوساط العضاه مشارز [7] المشارزة: المعاداة والمخاشنة. والغراب: حدّ الورك ورأسه الذي يلي الظهر، ويبدأ من مؤخّر الرّدف. والجمع غربان. قال ذو الرّمّة [8] : [من الطويل] وقرّبن بالزّرق الحمائل بعد ما ... تقوّب من غربان أوراكها الخطر [9]

_ [1] ديوان أبي حية 121. [2] ديوان أبي حية 43، وحماسة القرشي 281- 282، وطبقات ابن المعتز 145، وأمالي المرتضى 1/445، ونسب البيت خطأ إلى الكميت في اللسان (غرب) . [3] في ديوانه: (بائض: من باض النبت إذا صوّح، وبائض: أي مبيض. خطام: أي ما خطم به من الشعر. [4] ديوان أبي حية 52. [5] في ديوانه: (العصيم: الدرن والوسخ والبول إذا يبس على فخذ الناقة) . [6] ديوان الشماخ 185، واللسان والتاج (غرب، شرز) ، والجمهرة 321، والعين 4/413، وديوان الأدب 1/439. [7] في ديوانه: (أنحى عليها: عرض عليها: أي أقبل يقطعها. ذات حد: فأس ذات حد. غرابها: حدها. العضاه: شجر عظيم له شوك. الشرز: القطع) . [8] ديوان ذي الرمة 566، والجمهرة 234، 703، 1097، واللسان (غرب، خطر، زرق، جمل) . [9] في ديوانه: (الزرق: أكثبة الدهناء) . ويقال: «جمائل وجمال» .

850 -[غراب البين]

تقوّب: تقشر ما على أوراكها من سلحها وبولها، من ضربها بأذنابها. 850-[غراب البين] وكلّ غراب فقد يقال له غراب البين إذا أرادوا به الشؤم، أمّا غراب البين نفسه، فإنّه غراب صغير. وإنّما قيل لكلّ غراب غراب البين، لسقوطها في مواضع منازلهم إذا بانوا عنها. قال أبو خولة الرّياحيّ [1] : [من الطويل] فليس بيربوع إلى العقل فاقة ... ولا دنس يسودّ منه ثيابها فكيف بنوكي مالك إن كفرتم ... لهم هذه، أم كيف بعد خطابها مشائم ليسوا مصلحين عشيرة ... ولا ناعب إلّا ببين غرابها 851-[الوليد بن عقبة وعبد الله بن الزبير] ومن الدّليل على أنّ الغراب من شرار الطّير، ما رواه أبو الحسن قال: كان ابن الزبير يقعد مع معاوية على سريره، فلا يقدر معاوية أن يمتنع منه، فقال ذات يوم: أما أحد يكفيني ابن الزبير؟ فقال الوليد بن عقبة: أنا أكفيكه يا أمير المؤمنين. فسبق فقعد في مقعده على السرير، وجاء ابن الزبير فقعد دون السرير، ثمّ أنشد ابن الزبير: [من الطويل] تسمّى أبانا بعد ما كان نافعا ... وقد كان ذكوان تكنّى أبا عمرو فانحدر الوليد حتى صار معه، ثم قال: [من الوافر] ولولا حرّة مهدت عليكم ... صفيّة ما عددتم في النّفير ولا عرف الزبير ولا أبوه ... ولا جلس الزبير على السرير وددنا أنّ أمّكم غراب ... فكنتم شرّ طير في الطيور 852-[القواطع والرواجع والأوابد] قال أبو زيد [2] : إذا كان الشتاء قطعت إلينا الغربان، أي جاءت بلادنا، فهي

_ [1] الأبيات لأبي الأحوص الرياحي في البيان 2/260- 261، والبيت الثالث للأخوص الرياحي في الإنصاف 193، والخزانة 4/158، 160، 164، وشرح شواهد المغني 871، وشرح المفصل 2/52، والكتاب 1/165، 306، وشرح أبيات سيبويه 1/74، 2/105، واللسان (شأم) ، والمؤتلف 49، وهو للفرزدق في الكتاب 3/29، وديوانه 23، وبلا نسبة في الخزانة 8/295، 554، والخصائص 2/354، وشرح المفصل 5/68، 7/57، ومغني اللبيب 478. [2] ورد الخبر في ثمار القلوب (655- 656) .

853 -[صوت الغراب]

قواطع إلينا، فإذا كان الصيف فهي رواجع. والطير التي تقيم بأرض شتاءها وصيفها أبدا فهي الأوابد. والأوابد أيضا هي الدواهي، يقال جاءنا بآبدة. ومنها أوابد الوحش. ومنها أوابد الأشعار. والأوابد أيضا: الإبل إذا توحّش منها شيء فلم يقدر عليه إلا بعقر. وأنشد أبو زيد في الأوابد [1] : [من الرجز] ومنهل وردته التقاطا ... طام فلم ألق به فرّاطا [2] إلّا القطا أوابدا غطاطا [3] 853-[صوت الغراب] ويقال نغق الغراب ينغق نغيقا، بغين معجمة، ونعت ينعب نعيبا بعين غير معجمة. فإذا مرّت عليه السّنون الكثيرة وغلظ صوته قيل شحج يشحج شحيجا. وقال ذو الرّمّة [4] : [من الطويل] ومستشحجات بالفراق كأنّها ... مثاكيل من صيّابة النّوب نوّح [5] والنّوبة توصف بالجزع. 854-[أثر البادية في رجال الروم والسند] وأصحاب الإبل يرغبون في اتخاذ النوبة والبربر والرّوم للإبل، يرون أنهم يصلحون على معايشها، وتصلح على قيامهم عليها. ومن العجب أنّ رجال الرّوم تصلح في البدو مع الإبل، ودخول الإبل بلاد الروم هو هلاكها.

_ [1] الرجز لنقادة الأسدي في اللسان (فرط، لقط) ، والتاج (فرط، لغط، لقط) ، وبلا نسبة في اللسان (لغط، رجم) ، والكتاب 1/371، والتهذيب 8/58، 16/252، والعين 5/101، والمقاييس 5/23، والمجمل 4/287، والمخصص 14/226، والتاج (ترجم) ، وديوان الأدب 2/308، وإصلاح المنطق 68، 96. [2] الفراط: المتقدمات إلى الماء «اللسان: فرط» . [3] الغطاط: ضرب من القطا، الطوال الأرجل، البيض البطون، الغبر الظهور، الواسعة العيون. «اللسان: غطط» . [4] ديوان ذي الرمة 1207، واللسان (صيب، شحج، ثكل) ، والتاج (صيب، شحج) ، وأساس البلاغة (ثكل، صيب) ، والعين 7/167، والمخصص 3/153، 4/30، 8/134، والتهذيب 4/117، وبلا نسبة في ديوان الأدب 3/460، والجمهرة 1024. [5] الصيابة: الخالص والصميم والخيار من الشيء والسيد. «القاموس: صيب» .

855 -[تفوق أهل السند]

فأمّا السند؛ فإنّ السّنديّ صاحب الخربة [1] إذا صار إلى البدو، وهو طفل، خرج أفصح من أبي مهديّة، ومن أبي مطرف الغنويّ. ولهم طبيعة في الصّرف، لا ترى بالبصرة صيرفيّا إلا وصاحب كيسه سنديّ. 855-[تفوق أهل السند] واشترى محمّد بن السّكن، أبا روح فرجا السّندي، فكسب له المال العظيم. فقلّ صيدلانيّ عندنا إلّا وله غلام سنديّ. فبلغوا أيضا في البربهار والمعرفة بالعقاقير، وفي صحّة المعاملة، واجتلاب الحرفاء مبلغا حسنا. وللسّند في الطبخ طبيعة، ما أكثر ما ينجبون فيه. وقد كان يحيى بن خالد أراد أن يحوّل إجراء الخيل عن صبيان الحبشان والنّوبة، إلى صبيان السند، فلم يفلحوا فيه، وأراد تحويل رجال السّند إلى موضع الفرّاشين من الرّوم، فلم يفلحوا فيه. وفي السّند حلوق [2] جياد، وكذلك بنات السّند. 856-[استطراد لغوي] والغراب يسمّى أيضا حاتما. وقال عوف بن الخرع [3] : [من الطويل] ولكنّما أهجو صفيّ بن ثابت ... مثبّجة لاقت من الطّير حاتما [4] وقال المرقّش، من بني سدوس [5] : [من مجزوء الكامل] ولقد غدوت وكنت لا ... أغدو على واق وحاتم

_ [1] الخربة: سعة خرق الأذن، وكل ثقب مستدير. «القاموس: خرب» . [2] حلوق: جمع حلق، أراد أن أصواتهم جيدة. [3] البيت في الأصمعيات 169. [4] المثبجة: البوم. «القاموس: ثبج» . [5] الأبيات للمرقش في اللسان والتاج (وقي) ، والمعاني الكبير 262، والأزمنة والأمكنة 2/352، 1187، والتهذيب 4/450، 9/375، وله أو لخزز بن لوذان في اللسان والتاج (حتم، يمن) ، والمؤتلف 143، ولرجل من بني سدوس في الاختيارين 171، وللمرقم في عيون الأخبار 1/145 (ورد الاسم في الحاشية، وأثبت المحقق في المتن «المرقش» مدعيا أنه الصواب) ، وحماسة البحتري 255، وبلا نسبة في الوحشيات 166، وذيل الأمالي 106- 107، وزهر الآداب 524، والعمدة 2/262، والأغاني 11/9.

857 -[أصل التطير في اللغة]

فإذا الأشائم كالأيا ... من والأيامن كالأشائم وكذاك لا خير ولا ... شرّ على أحد بدائم وأنشد لخثيم بن عديّ [1] : [من الطويل] وليس بهيّاب إذا شدّ رحله ... يقول عداني اليوم واق وحاتم ولكنّه يمضي على ذاك مقدما ... إذا صدّ عن تلك الهنات الخثارم والخثارم: هو المتطيّر من الرّجال. وأما قوله: «واق وحاتم» فحاتم هو الغراب، والواقي هو الصّرد، كأنّه يرى أنّ الزّجر بالغراب إذا اشتقّ من اسمه الغربة، والاغتراب، والغريب، فإنّ ذلك حتم. ويشتق من الصّرد التصريد، والصّرد وهو البرد. ويدلك على ذلك قوله [2] : [من الطويل] دعا صرد يوما على غصن شوحط ... وصاح بذات البين منها غرابها [3] فقلت: أتصريد وشحط وغربة ... فهذا لعمري نأيها واغترابها فاشتقّ التّصريد من الصّرد، والغربة من الغراب، والشّحط من الشّوحط. ويقال أغرب الرّجل: إذا اشتدّ مرضه، فهو مغرب. قال: والعنقاء المغرب، العقاب، لأنها تجيء من مكان بعيد. 857-[أصل التطير في اللغة] قال: وأصل التطيّر إنما كان من الطّير ومن جهة الطير، إذا مرّ بارحا [4] أو سانحا [5] ، أو رآه يتفلى وينتتف، حتى صاروا إذا عاينوا الأعور من النّاس أو البهائم، أو الأعضب أو الأبتر، زجروا عند ذلك وتطيّروا عندها، كما تطيّروا من الطير إذا رأوها على تلك الحال. فكان زجر الطّير هو الأصل، ومنه اشتقوا التطيّر، ثمّ استعملوا ذلك في كلّ شيء.

_ [1] البيتان للرقاص الكلبي أو لخثيم بن عدي في اللسان والتاج (حتم، خثرم، وقي) ، ولخثيم بن عدي في التهذيب 7/690، وبلا نسبة في المخصص 8/152، 13/25، والعين 5/239. [2] البيتان بلا نسبة في زهر الآداب 524. [3] الشوحط: شجر تتخذ منه القسي. «القاموس: شحط» . [4] البارح: من الصيد؛ ما مرّ من ميامنك إلى مياسرك. «القاموس: برح» . [5] السانح: ضد البارح، ومنه «من لي بالسانح بعد البارح» أي بالمبارك بعد الشؤم. «القاموس: سنح» .

858 -[أسماء الغراب]

858-[أسماء الغراب] والغراب لسواده إن كان أسود، ولاختلاف لونه إن كان أبقع، ولأنّه غريب يقطع إليهم، ولأنّه لا يوجد في موضع خيامهم يتقمّم، إلّا عند مباينتهم لمساكنهم، ومزايلتهم لدورهم، ولأنّه ليس شيء من الطير أشدّ على ذوات الدّبر من إبلهم من الغربان، ولأنه حديد البصر فقالوا عند خوفهم من عينه «الأعور» . كما قالوا: «غراب» لاغترابه وغربته «وغراب البين» ، لأنّه عند بينونتهم يوجد في دورهم. ويسمّونه «ابن داية» ، لأنّه ينقب عن الدّبر حتّى يبلغ إلى دايات العنق وما اتصل بها من خرزات الصّلب، وفقار الظهر. 859-[مراعاة التفاؤل في التسمية] وللطّيرة سمّت العرب المنهوش بالسّليم، والبرّيّة بالمفازة، وكنوا الأعمى أبا بصير، والأسود أبا البيضاء، وسمّوا الغراب بحاتم، إذ كان يحتم الزّجر به على الأمور. فصار تطيّرهم من القعيد والنّطيح [1] ومن جرد الجراد، ومن أن الجرادة ذات ألوان، وجميع ذلك- دون التّطيّر بالغراب. 860-[ضروب من الطّيرة] ولإيمان العرب بباب الطّيرة والفأل عقدوا الرّتائم [2] ، وعشّروا إذا دخلوا القرى تعشير الحمار [3] ، واستعملوا في القداح الآمر، والناهي، والمتربّص. وهنّ غير قداح الأيسار. 861-[اشتقاق أسماء في الطيرة] ويدلّ على أنهم يشتقون من اسم الشيء الذي يعاينون ويسمعون، قول سوّار ابن المضرّب [4] : [من الوافر] تغنّى الطائران ببين ليلى ... على غصنين من غرب وبان

_ [1] القعيد: ما جاء من ورائك من ظبي أو طائر. «القاموس: قعد» . والنطيح: ما جاء من أمامك من الطير والوحش. «القاموس: نطح» . [2] كان من أراد سفرا يعمد إلى شجرة؛ فيعقد غصنين منها، فإن رجع وكانا على حالهما قال: إن أهله لم تخنه، وإلا فقد خانته، وذلك الرتم والرتيمة. «القاموس: رتم» . [3] كانوا يزعمون أن الرجل إذا ورد أرض وباء وضع يده خلف أذنه فنهق عشر نهقات نهيق الحمار ثم دخلها أمن من الوباء، وعشّر الحمار: تابع النهيق عشر نهقات. «اللسان: عشر» . [4] البيتان لسوار بن المضرب في الأصمعيات 243، ولجحدر العكلي في الحماسة البصرية 2/98، وأشعار اللصوص 1/195، وأمالي القالي 1/282، والكامل 1/85، وللمعلوط في عيون الأخبار 1/149، وبلا نسبة في الوحشيات 183.

فكان البان أن بانت سليمى ... وفي الغرب اغتراب غير دان فاشتقّ كما ترى الاغتراب من الغرب، والبينونة من البان. وقال جران العود [1] : [من الطويل] جرى يوم رحنا بالجمال نزفّها ... عقاب وشحّاج من البين يبرح فأمّا العقاب فهي منها عقوبة ... وأمّا الغراب فالغريب المطوّح فلم يجد في العقاب إلّا العقوبة. وجعل الشّحاج هو الغراب البارح وصاحب البين، واشتقّ منه الغريب المطوّح. ورأى السّمهريّ غرابا على بانة ينتف ريشه، فلم يجد في البان إلّا البينونة، ووجد في الغراب جميع معاني المكروه، فقال [2] : [من الطويل] رأيت غرابا واقعا فوق بانة ... ينتّف أعلى ريشه ويطايره فقلت، ولو أني أشاء زجرته ... بنفسي، للنهديّ: هل أنت زاجره فقال: غراب باغتراب من النّوى ... وبالبان بين من حبيب تعاشره فذكر الغراب بأكثر ممّا ذكر به غيره، ثمّ ذكر بعد شأن الريش وتطايره. وقال الأعشى [3] : [من الرمل] ما تعيف اليوم في الطير الرّوح ... من غراب البين أو تيس برح فجعل التّيس من الطّير، إذ تقدم ذكر الطير، وجعله من الطير في معنى التطيّر. وقال النّابغة [4] : [من الكامل] زعم البوارح أنّ رحلتنا غدا ... وبذاك خبّرنا الغراب الأسود

_ [1] ديوان جران العود 3، والشعر والشعراء 451. [2] الأبيات للسمهري في الأغاني 21/239، وشرح ديوان الحماسة للتبريزي 1/211، وأشعار اللصوص 1/39، ولكثير في عيون الأخبار 1/148، وزهر الآداب 525، والبيت الأول بلا نسبة في اللسان والتاج (نشش) ، والمخصص 8/131. [3] ديوان الأعشى 287، واللسان والتاج (روح، عيف) ، وأساس البلاغة (عيف) ، والعين 3/292، والجمهرة 939، 1080، والمقاييس 2/455، 4/197، والمجمل 2/432، والمخصص 9/57، والتهذيب 3/231، 5/222، والتنبيه والإيضاح 2/243. [4] ديوان النابغة الذبياني 89، والخصائص 1/240، والأغاني 11/8، وبلا نسبة في اللسان (وجه) .

862 -[التشاؤم بالغراب]

وقال عنترة [1] : [من الكامل] ظعن الذين فراقهم أتوقّع ... وجرى ببينهم الغراب الأبقع حرق الجناح كأنّ لحيي رأسه ... جلمان بالأخبار هشّ مولع فزجرته ألّا يفرّخ بيضه ... أبدا ويصبح خائفا يتفجّع إنّ الذين نعبت لي بفراقهم ... هم أسهروا ليلى التّمام فأوجعوا فقال: «وجرى ببينهم الغراب» لأنّه غريب، ولأنه غراب البين، ولأنّه أبقع. ثم قال: «حرق الجناح» تطيرا أيضا من ذلك. ثمّ جعل لحيي رأسه جلمين، والجلم يقطع. وجعله بالأخبار هشّا مولعا، وجعل نعيبه وشحيجه كالخبر المفهوم. 862-[التشاؤم بالغراب] قال: فالغراب أكثر من جميع ما يتطيّر به في باب الشؤم. ألا تراهم كلما ذكروا ممّا يتطيرون منه شيئا ذكروا الغراب معه! وقد يذكرون الغراب ولا يذكرون غيره، ثم إذا ذكروا كلّ واحد من هذا الباب لا يمكنهم أن يتطيروا منه إلّا من وجه واحد، والغراب كثير المعاني في هذا الباب، فهو المقدّم في الشؤم. 863-[دفاع صاحب الغراب] قال صاحب الغراب: الغراب وغير الغراب في ذلك سواء. والأعرابيّ إن شاء اشتقّ من الكلمة، وتوهّم فيها الخير، وإن شاء اشتقّ منها الشرّ. وكلّ كلمة تحتمل وجوها. ولذلك قال الشاعر: [من الطويل] نظرت وأصحابي ببطن طويلع ... ضحيّا وقد أفضى إلى اللّبب الحبل [2] إلى ظبية تعطو سيالا تصوره ... يجاذبها الأفنان ذو جدد طفل [3]

_ [1] ديوان عنترة 48، والأول والثاني في اللسان والتاج (بين) ، والثاني في اللسان (حرق) ، وهو بلا نسبة في أساس البلاغة (حرق) ، والمخصص 1/73، والجمهرة 519. [2] طويلع: هضبة بمكة، وواد في طريق البصرة إلى اليمامة، وموضع بنجد. (معجم البلدان 4/51) . الحبل: الرمل المستطيل. «القاموس: حبل» . اللبب: ما استرق من الرمل. «القاموس: لبب» . [3] السيال: نبات له شوك أبيض طويل. «القاموس: سيل» . الجدد: الخطوط. «القاموس: جدد» .

فقلت وعفت: الحبل حبل وصالها ... تجذّذ من سلماك وانصرم الحبل [1] وقلت: سيال! قد تسلّت مودّتي ... تصور غصونا! صار جثمانها يعلو [2] وعفت الغرير الطّفل طفلا أتت به ... فقلت لأصحابي: مضيّكم جهل رجوعي حزم وامترائي ضلّة ... كذلك كان الزّجر يصدقني قبل وقال ابن قيس الرّقيّات [3] : [من الخفيف] بشّر الظّبي والغراب بسعدى ... مرحبا بالذي يقول الغراب وقال آخر [4] : [من الطويل] بدا إذ قصدنا عامدين لأرضنا ... سنيح فقال القوم: مرّ سنيح وهاب رجال أن يقولوا وجمجموا ... فقلت لهم: جار إليّ ربيح عقاب بإعقاب من الدار بعد ما ... مضت نيّة لا تستطاع طروح وقالوا: دم! دامت مودّة بيننا ... وعاد لنا غض الشباب صريح وقال صحابي: هدهد فوق بأنة! ... هدى وبيان في الطريق يلوح وقالوا: حمامات! فحمّ لقاؤها ... وطلح! فنيلت والمطيّ طليح قالوا: فهو إذا شاء جعل الحمام من الحمام والحميم والحمى. وإن شاء قال: «وقالوا حمامات فحمّ لقاؤها» وإذا شاء اشتق البين من البان. وإذا شاء اشتقّ منه البيان. وقال آخر [5] : [من الطويل] وقالوا: عقاب! قلت عقبى من الهوى ... دنت بعد هجر منهم، ونزوح وقالوا: حمامات! فحمّ لقاؤها ... وعاد لنا حلو الشّباب ربيح وقالوا: تغنّى هدهد فوق بانة! ... فقلت: هدى نغدو به ونروح ولو شاء الأعرابيّ أن يقول إذا رأى سواد الغراب: سواد سودد، وسواد الإنسان:

_ [1] عفت: من العيافة والزجر. تجذد: تقطع. «القاموس: جذذ» . سلماك: أي حبيبته سلمى. [2] تصور: تقطع. «القاموس: صور» . [3] ديوان ابن قيس الرقيات 84. [4] الأبيات لأبي حية النميري 129- 130، والحماسة البصرية 2/188- 189، والأمالي 1/24، وزهر الآداب 523. [5] الأبيات لأبي حية النميري. انظر مصادرها في الحاشية السابقة.

864 -[تطير النابغة]

شخصه، وسواد العراق: سعف نخله، والأسودان: الماء والتمر، وأشباه ذلك- لقاله. قال: وهؤلاء بأعيانهم الذين يصرّفون الزّجر كيف شاؤوا، وإذا لم يجدوا من وقوع شيء بعد الزّجر بدّا- هم الذين إذا بدا لهم في ذلك بداء أنكروا الطّيرة والزّجر البتّة. 864-[تطير النابغة] وقد زعم الأصمعي أنّ النّابغة خرج مع زبّان بن سيّار يريدان الغزو، فبينما هما يريدان الرحلة إذ نظر النّابغة وإذا على ثوبه جرادة تجرد ذات ألوان، فتطيّر وقال: غيري الذي خرج في هذا الوجه! فلما رجع زبّان من تلك الغزوة سالما غانما، قال [1] : [من الوافر] تخبّر طيره فيها زياد ... لتخبره وما فيها خبير أقام كأنّ لقمان بن عاد ... أشار له بحكمته مشير تعلّم أنّه لا طير إلّا ... على متطير وهو الثّبور بلى شيء يوافق بعض شيء ... أحايينا وباطله كثير فزعم كما ترى زبّان- وهو من دهاة العرب وساداتهم- أنّ الذي يجدونه إنّما هو شيء من طريق الاتفاق، وقال: [من الوافر] تعلّم أنّه لا طير إلا ... على متطيّر وهو الثّبور وهذا لا ينقض الأول من قوله: أمّا واحدة فإنه إن جعل ذلك من طريق العقاب للمتطير لم ينقض قوله في الاتفاق. وإن ذهب إلى أنّ مثل ذلك قد يكون ولا يشعر به اللّاهي عن ذلك والذي لا يؤمن بالطيرة، فإنّ المتوقّع فهو في بلاء مادام متوقعا. وإن وافق بعض المكروه جعله من ذلك. 865-[تطير ابن الزبير] ويقال إنّ ابن الزبير لما خرج مع أهله من المدينة إلى مكّة، سمع بعض إخوته ينشد: [من الطويل] وكلّ بني أمّ سيمسون ليلة ... ولم يبق من أعيانهم غير واحد

_ [1] الأبيات لزبان بن سيّار في البيان 3/304- 305، والبيتان الثالث والرابع له في العمدة 2/262، وهما بلا نسبة في عيون الأخبار 1/146، واللسان والتاج (طير) ، والثالث بلا نسبة في اللسان والتاج وأساس البلاغة (علم) ، والمخصص 3/29.

866 -[بعض من أنكر الطيرة]

فقال لأخيه: ما دعاك إلى هذا؟ قال: أما إني ما أردته! قال: ذلك أشدّ له. وهذا منه إيمان شديد بالطيرة كما ترى. 866-[بعض من أنكر الطيرة] وممن كان لا يرى الطيرة شيئا المرقش. من بني سدوس، حيث قال [1] : [من مجزوء الكامل] إني غدوت وكنت لا ... أغدو على واق وحاتم فإذا الأشائم كالأيا ... من والأيامن كالأشائم فكذاك لا خير ولا ... شرّ على أحد بدائم قال سلامة بن جندل [2] : [من البسيط] ومن تعرّض للغربان يزجرها ... على سلامته لا بدّ مشؤوم وممن كان ينكر الطيرة ويوصي بذلك، الحارث بن حلزة، وهو قوله- قال أبو عبيدة: أنشدنيها أبو عمرو، وليست إلا هذه الأبيات، وسائر القصيدة مصنوع مولد- وهو قوله [3] : [من السريع] يا أيها المزمع ثم انثنى ... لا يثنك الحازي ولا الشاحج ولا قعيد أغضب قرنه ... هاج له من مربع هائج بينا الفتى يسعى ويسعى له ... تاح له من أمره خالج يترك ما رقّح من عيشه ... يعيث فيه همج هامج لا تكسع الشّول بأغبارها ... إنك لا تدري من الناتج وقال الأصمعي: قال سلم بن قتيبة: أضللت ناقة لي عشراء، وأنا بالبدو، فخرجت في طلبها، فتلقاني رجل بوجهه شين من حرق النار، ثم تلقّاني رجل آخذ بخطام بعيره، وإذا هو ينشد [4] : [من مجزوء الكامل] فلئن بغيت لها البغا ... ة فما البغاة بواجدينا

_ [1] تقدمت الأبيات مع تخريجها في الفقرة (856) ص 207- 208. [2] ديوان سلامة بن جندل 252، والبيت لعلقمة في ديوانه 67، والمفضليات 401، وأمالي المرتضى 1/578، والحماسة البصرية 2/385. [3] الأبيات في المفضليات 430، والبيان والتبيين 3/303- 304، والبخلاء 164. [4] البيت للبيد في ديوانه 323، وعيون الأخبار 1/145.

867 -[عدم إيمان النظام بالطيرة]

ثم من بعد هذا كلّه، سألت عنها بعض من لقيته. فقال لي: التمسها عند تلك النار. فأتيتهم فإذا همّ قد نتجوها حوارا [1] ، وقد أوقدوا لها نارا فأخذت بخطامها وانصرفت. 867-[عدم إيمان النّظّام بالطيرة] وأخبرني أبو إسحاق إبراهيم بن سيّار النّظّام قال: جعت حتّى أكلت الطين، وما صرت إلى ذلك حتّى قلبت قلبي أتذّكر: هل بها رجل أصيب عنده غداء أو عشاء، قما قدرت عليه، وكان علي جبّة وقميصان، فنزعت القميص الأسفل فبعته بدريهمات، وقصدت إلى فرضة الأهواز، أريد قصبة الأهواز، وما أعرف بها أحدا. وما كان ذلك إلّا شيئا أخرجه الضّجر وبعض التعرّض. فوافيت الفرضة فلم أصب فيها سفينة، فتطيّرت من ذلك. ثم إني رأيت سفينة في صدرها خرق وهشم فتطيرت من ذلك أيضا، وإذا فيها حمولة، فقلت للملاح: تحملني؟ قال: نعم. قلت: ما اسمك؟ قال: «داوداذ» وهو بالفارسية الشّيطان، فتطيرت من ذلك. ثم ركبت معه، تصكّ الشمال وجهي، وتثير بالليل الصّقيع على رأسي. فلما قربنا من الفرصة صحت: يا حمّال! معي لحاف لي سمل، ومضربة خلق، وبعض ما لا بدّ لمثلي منه، فكان أول حمّال أجابني أعور فقلت لبقّار كان واقفا: بكم تكري ثورك هذا إلى الخان؟ فلما أدناه من متاعي إذا الثّور أعضب القرن، فازددت طيرة إلى طيرة، فقلت في نفسي: الرّجوع أسلم لي. ثم ذكرت حاجتي إلى أكل الطين فقلت: ومن لي بالموت؟! فلما صرت في الخان وأنا جالس فيه، ومتاعي بين يديّ وأنا أقول: إن أنا خلفته في الخان وليس عنده من يحفظه فشّ الباب وسرق، وإن جلست أحفظه لم يكن لمجيئي إلى الأهواز وجه. فبينا أنا جالس إذ سمعت قرع الباب، قلت: من هذا عافاك الله تعالى؟ قال: رجل يريدك، قلت: ومن أنا؟ قال: أنت إبراهيم. فقلت: ومن إبراهيم؟ قال: إبراهيم النّظّام. قلت: هذا خنّاق، أو عدوّ، أو رسول سلطان! ثم إني تحاملت وفتحت الباب، فقال: أرسلني إليك إبراهيم بن عبد العزيز ويقول: نحن وإن كنّا اختلفنا في بعض المقالة، فإنّا قد نرجع بعد ذلك إلى حقوق الإخلاق والحرّيّة. وقد رأيتك حين مررت بي على حال كرهتها منك، وما عرفتك حتى خبّرني عنك بعض من كان معي وقال: ينبغي أن يكون قد نزعت بك حاجة.

_ [1] الحوار: ولد الناقة. «القاموس: حور» .

868 -[ضروب من العجب في غربان البصرة]

فإن شئت فأقم بمكانك شهرا أو شهرين، فعسى أن نبعث إليك ببعض ما يكفيك زمنا من دهرك. وإن اشتهيت الرّجوع فهذه ثلاثون مثقالا، فخذها وانصرف، وأنت أحقّ من عذر. قال: فهجم والله عليّ أمر كاد ينقضني. أما واحدة: فأنّي لم أكن ملكت قبل ذلك ثلاثين دينارا في جميع دهري. والثّانية: أنّه لم يطلع مقامي وغيبتي عن وطني، وعن أصحابي الذين هم على حال أشكل بي وأفهم عنّي. والثّالثة: ما بيّن لي من أنّ الطيرة باطل؛ وذلك أنّه قد تتابع عليّ منها ضروب، والواحدة منها كانت عندهم معطبة. قال: وعلى مثل ذلك الاشتقاق يعمل الذين يعبّرون الرّؤيا. 868-[ضروب من العجب في غربان البصرة] وبالبصرة من شأن الغربان ضروب من العجب، لو كان ذلك بمصر أو ببعض الشامات [1] : لكان عندهم من أجود الطّلّسم. وذلك أنّ الغربان تقطع إلينا في الخريف، فترى النّخل وبعضها مصرومة [2] ، وعلى كلّ نخلة عدد كثير من الغربان، وليس منها شيء يقرب نخلة واحدة من النّخل الذي لم يصرم، ولو لم يبق عليها إلا عذق واحد. وإنّما أو كار جميع الطير المصوّت في أقلاب تلك النّخل، والغراب أطير وأقوى منها ثم لا يجترئ أن يسقط على نخلة منها، بعد أن يكون قد بقي عليها عذق واحد. 869-[منقار الغراب] ومنقار الغراب معول، وهو شديد النّقر. وإنّه ليصل إلى الكمأة المندفنة في الأرض بنقرة واحدة حتى يشخصها. ولهو أبصر بمواضع الكمأة من أعرابيّ يطلبها في منبت الإجردّ [3] والقصيص [4] ، في يوم له شمس حارّة. وإن الأعرابيّ ليحتاج إلى أن

_ [1] الشامات: بلاد الشام. [2] صرم: قطع «القاموس: صرم» . [3] الإجرد: نبت يدل على الكمأة، واحدته إجردّة، وقال النضر: الإجرد: بقل، يقال: له حب كأنه الفلفل. «اللسان: جرد» . [4] القصيص: جمع قصيصة، وهي شجرة تنبت في أصلها الكمأة، وقد يجعل غسلا للرأس. «اللسان: قصص» .

870 -[حوار في نفور الغربان من النخل]

يرى ما فوقها من الأرض فيه بعض الانتفاخ والانصداع، وما يحتاج الغراب إلى دليل. وقال أبو دؤاد الإياديّ [1] : [من البسيط] تنفي الحصى صعدا شرقي منسمها ... نفي الغراب بأعلى أنفه الغردا ولو أنّ الله عزّ وجلّ أذن للغراب أن يسقط على النخلة وعليها الثّمرة لذهبت، وفي ذلك الوقت لو أنّ إنسانا نقر العذق نقرة واحدة لا نتثر عامّة ما فيه، ولهلكت غلّات الناس. ولكنّك ترى منها على كلّ نخلة مصرومة الغربان الكثيرة، ولا ترى على التي تليها غرابا واحدا، حتى إذا صرموا ما عليها تسابقن إلى ما سقط من التمر في جوف الليف وأصول الكرب [2] لتستخرجه كما يستخرج المنتاخ [3] الشّوك. 870-[حوار في نفور الغربان من النخل] فإن قال قائل: إنما أشباح تلك الأعذاق المدلّاة كالخرق السّود التي تفزع الطير أن يقع على البزور، وكالقودام السّود تغرز في أسنمة ذوات الدبر من الإبل، لكيلا تسقط عليها الغربان. فكأنها إذا رأت سواد الأعذاق فزعت كما يفزع الطير من الخرق السّود. قال الآخر: قد نجد جميع الطير الذمي يفزع بالخرق السّود فلا يسقط على البزور، يقع كله على النخل وعليه الحمل، وهل لعامّة الطيّر وكور إلا في أقلاب النّخل ذوات الحمل. قال الآخر: يشبه أن تكون الغربان قطعت إلينا من مواضع ليس فيها نخل ولا أعذاق، وهذا الطير الذي يفزع بالخرق السّود إنّما خلقت ونشأت في المواضع التي لم تزل ترى فيها النّخيل والأعذاق. ولا نعرف لذلك علة سوى هذا. قال الآخر: وكيف يكون الشأن كذلك ومن الغربان غربان أوابد بالعراق فلا تبرح تعشّش في رؤوس النّخل، وتبيض وتفرخ، إلّا أنّها لا تقرب النّخلة التي يكون عليها الحمل.

_ [1] ديوان أبي دؤاد 308. [2] الكرب: أصول السعف الغلاظ العراض التي تيبس فتصير مثل الكتف؛ واحدتها كربة. «اللسان: كرب» . [3] المنتاخ: المنقاش، والنتخ: إخراج الشوك بالمنتاخ. «اللسان: نتخ» .

871 -[التطير والتفاؤل من الطير والنبات]

والدّليل على أنها تعشش في نخل البصرة، وفي رؤوس أشجار البادية قول الأصمعيّ: [من المتقارب] ومن زردك مثل مكن الضّباب ... يناوح عيدانه السيمكان [1] ومن شكر فيه عشّ الغراب ... ومن جيسران وبنداذجان [2] وقال أبو محمد الفقعسيّ [3] ، وهو يصف فحل هجمة [4] : [من الرجز] يتبعها عدبّس جرائض ... أكلف مربدّ هصور هائض [5] بحيث يعتش الغراب البائض 871-[التطير والتفاؤل من الطير والنبات] والعامّة تتطيّر من الغراب إذا صاح صيحة واحدة، فإذا ثنّى تفاءلت به. والبوم عند أهل الرّيّ وأهل مرو يتفاءل به، وأهل البصرة يتطيرون منه. والعربيّ يتطير من الخلاف، والفارسي يتفاءل إليه، لأنّ اسمه بالفارسية «باذامك» أي يبقى، وبالعربية خلاف، والخلاف غير الوفاق. والريحان يتفاءل به، لأنه مشتقّ من الرّوح، ويتطيرّ منه لأن طعمه مرّ، وإن كان في العين والأنف مقبولا. وقال شاعر من المحدثين [6] : [من الكامل] أهدى له أحبابه أترجّة ... فبكى وأشفق من عيافة زاجر

_ [1] الزردك: الجزر، وهي كلمة فارسية. الضباب: جمع ضب. المكن: البيض. [2] شكر النخل: كثرت فراخه، وشكير النخيل: هو الخوص الذي حول السعف، «اللسان: شكر» . الجيسران: جنس من أفخر النخل؛ معرب «عيون الأخبار 3/297» . [3] الرجز لأبي محمد الفقعسي في اللسان (بيض، جرض) ، والتاج (عشش، جرض) ، وكتاب الجيم 1/239، وبلا نسبة في اللسان (عشش) ، والتاج (بيض) ، والعين 1/69، والمقاييس 4/46، والمخصص 8/125، 16/127. [4] الهجمة: من الإبل أولها أربعون إلى ما زادت، أو ما بين السبعين إلى المائة؛ أو إلى دوينها «القاموس: هجم» . [5] جمل عدبس: شديد؛ وثيق الخلق؛ عظيم. «اللسان: عدبس» . الجرائض: الجمل الذي يحطم كل شيء بأنيابه. «اللسان: جرض» . المربد: الذي لونه بين السواد والغبرة. «اللسان: ربد» . الهصور: الذي يأخذ طرف العود ويثنيه؛ وقيل للأسد هصور، لأنه يكسر ويميل. «اللسان: هصر» . هاض: كسر «اللسان: هيض» . [6] البيتان للعباس بن الأحنف في زهر الآداب 1017، ونهاية الأرب 11/83.

872 -[عداوة الحمار للغراب]

متطيّرا ممّا أتاه، فطعمه ... لونان باطنه خلاف الظّاهر والفرس تحبّ الآس [1] وتكره الورد، لأن الورد لا يدوم، والآس دائم. قال: وإذا صاح الغراب مرتين فهو شرّ، وإذا صاح ثلاث مرّات فهو خير، على قدر عدد الحروف. 872-[عداوة الحمار للغراب] ويقال: إنّ بين الغراب والحمار عداوة. كذا قال صاحب المنطق. وأنشدني بعض النحويّين [2] : [من الرجز] عاديتنا لا زلت في تباب ... عداوة الحمار للغراب 873-[أمثال في الغراب] ويقال: «أصحّ من غراب» . وأنشد ابن أبي كريمة لبعضهم، وهو يهجو صريع الغواني مسلم بن الوليد: [من الوافر] فما ريح السّذاب أشدّ بغضا ... إلى الحيّات منك إلى الغواني [3] وأنشد: [من الوافر] وأصلب هامة من ذي حيود ... ودون صداعه حمّى الغراب [4] وزعم لي داهية من دهاة العرب الحوّائين، أنّ الأفاعي وأجناس الأحناش، تأتي أصول الشّيح والحرمل، تستظل به، وتستريح إليه. ويقال: «أغرب من غراب» . وأنشد قول مضرّس بن لقيط: [من الطويل] كأني وأصحابي وكرّي عليهم ... على كلّ حال من نشاط ومن سأم غراب من الغربان أيّام قرّة ... رأين لحاما بالعراص على وضم [5] 874-[حديث الطيرة] وقد اعترض قوم علينا في الحديث الذي جاء في تفرقة ما بين الطيرة والفأل،

_ [1] الآس: ضرب من الرياحين، وهو شجرة ورقها عطر «اللسان: أوس» . [2] تقدم البيت في الفقرة (285) ، ص 281. [3] البيت بلا نسبة في ربيع الأبرار 1/277. [4] الحيود: ما شخص من نواحي الرأس. «القاموس: حيد» . [5] الوضم: ما وقيت به اللحم عن الأرض من خشب أو حصير، والجمع: أوضام. «القاموس: وضم» .

875 -[تطير بعض البصريين]

وزعموا أنّه ليس لقوله: «كان يعجبه الفأل الحسن ويكره الطيرة» [1] معنى. وقالوا: إن كان ليس لقول القائل: يا هالك، وأنت باغ، وجه ولا تحقيق، فكذلك إذا قال: يا واجد، ليس له تحقيق، وليس قوله يا مضلّ ويا مهلك، أحقّ بأن يكون لا يوجب ضلالا ولا هلاكا من قوله يا واجد، ويا ظافر، من ألّا يكون يوجب ظفرا ولا وجودا. فإمّا أنّ يكونا جميعا يوجبان، وإما أن يكونا جميعا لا يوجبان. قيل لهم: ليس التأويل ما إليه ذهبتم. لو أن النّاس أمّلوا فائدة الله عزّ وجلّ ورجوا عائدته، عند كلّ سبب ضعيف وقويّ، لكانوا على خير. ولو غلطوا في جهة الرّجاء لكان لهم بنفس ذلك الرّجاء خير. ولو أنهم بدل ذلك قطعوا أملهم ورجاءهم من الله تعالى، لكان ذلك من الشرّ والفأل، أن يسمع كلمة في نفسها مستحسنة. ثمّ إن أحبّ بعد ذلك أو عند ذلك أنّ يحدث طمعا فيما عند الله تعالى، كان نفس الطمع خلاف اليأس. وإنما خبّر أنّه كان يعجبه. وهذا إخبار عن الفطرة كيف هي، وعن الطبيعة إلى أيّ شيء تتقلب. وقد قيل لبعض الفقهاء [2] : ما الفأل؟ قال: أن تسمع وأنت مضلّ: يا واجد، وأنت خائف: يا سالم. ولم يقل إنّ الفأل يوجب لنفسه السلامة. ولكنّهم يحبّون له إخراج اليأس وسوء الظن وتوقّع البلاء من قلبه على كل حال- وحال الطيرة حال من تلك الحالات- ويحبون أن يكون لله راجيا، وأن يكون حسن الظن. فإن ظنّ أن ذلك المرجوّ يوافق بتلك الكلمة ففرح بذلك فلا بأس. 875-[تطير بعض البصريين] وقال الأصمعيّ [3] : هرب بعض البصريين من بعض الطّواعين، فركب ومضى بأهله نحو سفوان، فسمع غلاما له أسود يحدو خلفه، وهو يقول: [من الرجز] لن يسبق الله على حمار ... ولا على ذي ميعة مطّار [4] أو يأتي الحين على مقدار ... قد يصبح الله أمام السّاري فلما سمع ذلك رجع بهم.

_ [1] في النهاية 3/405 (أنه كان يتفاءل ولا يتطير) . [2] هو ابن عون، كما في عيون الأخبار 1/146. [3] الخبر مع الشعر في زهر الآداب 1066، والبيان 3/278، وعيون الأخبار 1/144، ومحاضرات الأدباء 2/225. وأمالي المرتضى 4/112. [4] المطار: السريع الجري.

876 -[معرفة في الغربان]

876-[معرفة في الغربان] قال: والغربان تسقط في الصحارى تلتمس الطّعم، ولا تزال كذلك، فإذا وجبت [1] الشمس نهضت إلى أو كارها معا. وما أقلّ ما تختلط البقع بالسّود المصمتة. 877-[الأنواع الغريبة من الغربان] قال: ومنها أجناس كثيرة عظام كأمثال الحداء السّود، ومنها صغار. وفي مناقيرها اختلاف في الألوان والصور. ومنها غربان تحكي كلّ شيء سمعته، حتى إنها في ذلك أعجب من الببغاء. وما أكثر ما يتخلّف منها عندنا بالبصرة في الصيف، فإذا جاء القيظ قلّت. وأكثر المتخلّفات منها البقع. فإذا جاء الخريف رجعت إلى البساتين، لتنال مما يسقط من التمر في كرب النّخل وفي الأرض، ولا تقرب النّخلة إذا كان عليها عذق واحد، وأكثر هذه الغربان سود، ولا تكاد ترى فيهنّ أبقع. 878-[قبح فرخ الغراب] وقال الأصمعيّ: قال خلف: لم أر قطّ أقبح من فرخ الغراب! رأيته مرّة فإذا هو صغير الجسم، عظيم الرأس، عظيم المنقار، أجرد أسود الجلد، ساقط النفس، متفاوت الأعضاء. 879-[غربان البصرة] قال: وبعضها يقيم عندنا في القيظ. فأمّا في الصّيف فكثير. وأمّا في الخريف فالدّهم. وأكثر ما تراه في أعالي سطوحنا في القيظ والصيف البقع. وأكثر ما تراه في الخريف في النخل وفي الشتاء في البيوت السّود. وفي جبل تكريت [2] في تلك الأيّام، غربان سود كأمثال الحداء السّود عظما. 880-[تسافد الغربان] وناس يزعمون أنّ تسافدها على غير تسافد الطير، وأنّها تزاقّ بالمناقير، وتلقح من هناك.

_ [1] وجبت الشمس: سقطت للمغيب. «اللسان: وجب» . [2] تكريت: بلدة مشهورة بين بغداد والموصل. معجم البلدان 2/38.

881 -[نوادر وأشعار]

881-[نوادر وأشعار] نذكر شيئا من نوادر وأشعار وشيئا من أحاديث، من حارّها وباردها. قال ابن نجيم: كان ابن ميّادة يستحسن هذا البيت لأرطأة بن سهيّة [1] : [من الطويل] فقلت لها يا أمّ بيضاء إنّه ... هريق شبابي واستشنّ أديمي صار شنّا. وكان الأصمعي يستحسن قول الطرمّاح بن حكيم، في صفة الظّليم [2] : [من الكامل] مجتاب شملة برجد لسراته ... قدرا وأسلم ما سواه البرجد [3] ويستحسن قوله في صفة الثّور [4] : [من الكامل] يبدو وتضمره البلاد كأنّه ... سيف على شرف يسلّ ويغمد وكان أبو نواس يستحسن قول الطّرماح [5] : [من الطويل] إذا قبضت نفس الطّرماح أخلقت ... عرى المجد واسترخى عنان القصائد وقال كثير [6] : [من الطويل] إذا المال يوجب عليك عطاؤه ... صنيعة برّ أو خليل توامقه منعت وبعض المنع حزم وقوّة ... فلم يفتلتك المال إلّا حقائقه وقال سهل بن هارون؛ يمدح يحيى بن خالد [7] : [من الطويل] عدوّ تلاد المال فيما ينوبه ... منوع إذا ما منعه كان أحزما

_ [1] البيت لأرطأة بن سهية في العمدة 1/274، ولأبي حية النميري في ديوانه 194، واللسان والتاج (شنن) ، وللطرماح في ديوانه 319. [2] ديوان الطرماح 144 (114) ، والمعاني الكبير 328، وربيع الأبرار 5/453. [3] في ديوانه: (مجتاب: لابس. البرجد: كساء ضخم مخطط فيه سواد وبياض، شبّه ريش الظليم به) . [4] ديوان الطرماح 146 (117) ، وأساس البلاغة (ضمر) ، وديوان المعاني 2/131، والأغاني 6/95، والعمدة 1/260. [5] ذيل ديوان الطرماح 311، والبيان 1/46. [6] ديوان كثير 309، واللسان والتاج (فلذ) ، وأمالي المرتضى 2/261، وبلا نسبة في أساس البلاغة (فلذ) ، وديوان الأدب 2/400. [7] البيت له في البيان 3/352، والبخلاء 14، وزهر الآداب 616، ولكثير في العقد الفريد 6/192.

قال: وكان ربعيّ بن الجارود يستحسن قوله: [من الوافر] فخير منك من لا خير فيه ... وخير من زيارتك القعود وقال الأعشى [1] : [من البسيط] قد نطعن العير في مكنون فائله ... وقد يشيط على أرماحنا البطل لا تنتهون ولن ينهى ذوي شطط ... كالطّعن يذهب فيه الزّيت والفتل وقال العلاء بن الجارود [2] : [من مجزوء الرمل] أظهروا للنّاس نسكا ... وعلى المنقوش داروا وله صاموا وصلّوا ... وله حجّوا وزاروا وله قاموا وقالوا ... وله حلّوا وساروا لو غدا فوق الثريّا ... ولهم ريش لطاروا وقال الآخر في مثل ذلك [3] : [من الكامل] شمر ثيابك واستعدّ لقابل ... واحكك جبينك للقضاء بثوم وامش الدّبيب إذا مشيت لحاجة ... حتى تصيب وديعة ليتيم وقال أبو الحسن: كان يقال: «من رقّ وجهه رقّ علمه» . وقال عمر: «تفقّهوا قبل أن تسودوا» [4] . وقال الأصمعي: «وصلت بالعلم، وكسبت بالملح» [5] . ومن الأشعار الطيبة قول الشاعر في السمك والخادم [6] : [من الخفيف] مقبل مدبر خفيف ذفيف ... دسم الثّوب قد شوى سمكات

_ [1] ديوان الأعشى 113، والأول في اللسان والتاج (شيط، فيل) ، وأساس البلاغة (شيط) ، وشرح المفصل 5/64، والثاني في اللسان (دنا) ، والخزانة 9/453، 10/170، والمقاصد النحوية 3/291، وعمدة الحفاظ وأساس البلاغة (فتل) ، وبلا نسبة في الخصائص 2/386، والمقتضب 4/141. [2] الأبيات لمحمود الوراق في العقد الفريد 2/141، 4/337. [3] البيتان لمساور الوراق في الأغاني 18/150، والبيان 3/105، والعقد 3/216، 6/366. [4] ورد قول عمر بن الخطاب في النهاية 2/418. [5] ورد قول الأصمعي في البيان 1/199، 243. [6] البيتان بلا نسبة في اللسان والتاج (شبط) .

882 -[أحاديث مستحسنة]

من شبابيط لجة ذات غمر ... حدب من شحومها زهمات [1] ففكّر فيهما فإنّهما سيمتعانك ساعة. وقال الشاعر [2] : [من الكامل] إن أجز علقمة بن سيف سعيه ... لا أجزه ببلاء يوم واحد لأحبّني حبّ الصبيّ ورمّني ... رمّ الهديّ إلى الغنيّ الواجد ولقد شفيت غليلتي ونقعتها ... من آل مسعود بماء بارد وقال رجل من جرم [3] : [من الطويل] نبئت أخوالي أرادوا عمومتي ... بشنعاء فيها ثامل السّمّ منقعا سأركبها فيكم وأدعى مفرّقا ... وإن شئتم من بعد كنت مجمّعا 882-[أحاديث مستحسنة] وقال يونس بن حبيب: ما أكلت في شتاء شيئا قطّ إلّا وقد برد، ولا أكلت في صيف شيئا إلّا وقد سخن. وقال أبو عمرو المدينيّ: لو كانت البلايا بالحصص، ما نالني كما نالني: اختلفت الجارية بالشاة إلى التّيّاس اختلافا كثيرا، فرجعت الجارية حاملا والشاة حائلا. وقال جعفر بن سعيد [4] : الخلاف موكّل بكلّ شيء يكون، حتى القذاة في الماء في رأس الكوز، فإن أردت أن تشرب الماء جاءت إلى فيك، وإن أردت أن تصبّ من رأس الكوز لتخرج رجعت. 883-[حديث أبي عمران وإسماعيل بن غزوان] وقال إسماعيل بن غزوان: بكرت اليوم إلى أبي عمران، فلزمت الجادّة،

_ [1] زهمات: سمينات «اللسان: زهم» . [2] الأبيات للمرناق الطائي في معجم الشعراء 446، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1590، وبلا نسبة في البيان 3/233، والبيت الثاني لفدكي بن أعبد في اللسان والتاج (لمم) . [3] البيتان لقيس بن رفاعة في الوحشيات 60، ومعجم الشعراء 197، والأشباه والنظائر للخالديين 1/123. [4] الخبر في ثمار القلوب 494 (880) ، وربيع الأبرار 1/230.

884 -[نوادر من الكلام البليغ]

فاستقبلني واحد فلزم الجادّة التي أنا عليها، فلما غشيني انحرفت عنه يمنة فانحرف معي، فعدت إلى سمتي فعاد، فعدت فعاد ثمّ عدت فعاد. فلولا أنّ صاحب برذون فرّق بيننا لكان إلى الساعة يكدّني. فدخلت على أبي عمران فدعا بغدائه، فأهويت بلقمتي إلى الصّباغ فأهوى إليه بعضهم، فنحّيت يدي فنحّى يده، ثمّ عدت فعاد، ثمّ نحيت فنحّى، فقلت لأبي عمران: ألا ترى ما نحن فيه؟ قال سأحدّثك بأعجب من هذا، أنا منذ أكثر من سنة أشفق أن يراني ابن أبي عون الخياط، فلم يتّفق لي أن يراني مرّة واحدة، فلما أن كان أمس ذكرت لأبي الحارث الصّنع في السلامة من رؤيته، فاستقبلني أمس أربع مرّات! 884-[نوادر من الكلام البليغ] وذكر محمّد بن سلام، عن محمّد بن القاسم قال: قال جرير: أنّا لا أبتدي ولكنّي أعتدي [1] . وقال أبو عبيدة: قال الحجّاج: أنا حديد حقود حسود! [2] قال: وقال قديد بن منيع، لجديع بن عليّ: لك حكم الصبيّ على أهله! [3] وقال أبو إسحاق- وذكر إنسانا [4]-: هو والله أترف من ربيب ملك [5] ، وأخرق من امرأة [6] ، وأظلم من صبي [7] . وقال لي أبو عبيدة: ما ينبغي أن يكون كان في الدنيا مثل هذا النّظام. قلت: وكيف؟ قال: مرّ بي يوما فقلت: والله لأمتحننّه، ولأسمعنّ كلامه؛ فقلت له: ما عيب الزّجاج- قال: يسرع إليه الكسر، ولا يقبل الجبر- من غير أن يكون فكّر أو ارتدع!

_ [1] البيان 3/165. [2] البيان 3/255. [3] ثمار القلوب 538 (949) . [4] انظر البيان 1/247، ورسائل الجاحظ 1/196. [5] الدرة الفاخرة 2/445، والمثل برواية: (أترف من ربيب نعمة) في مجمع الأمثال 1/150، والدرة الفاخرة 1/97، والمستقصى 1/34، وجمهرة الأمثال 1/286. [6] المثل برواية (أخرق من أمة) ، وبرواية (أخرق من صبي) في المستقصى 1/99، وجمهرة الأمثال 1/431. [7] مجمع الأمثال 1/446، والمستقصى 1/234، وجمهرة الأمثال 2/27، والدرة الفاخرة 1/293.

885 -[شعر في الزهد والحكمة]

قال: وقال جبّار بن سلمى بن مالك- وذكر عامر بن الطفيل فقال [1] : كان لا يضل حتّى يضلّ النّجم، ولا يعطش حتّى يعطش البعير ولا يهاب حتّى يهاب السيل، كان والله خير ما يكون حين لا تظنّ نفس بنفس خيرا. وقال ابن الأعرابيّ: قال أعرابي [2] : اللهمّ لا تنزلني ماء سوء فأكون امرأ سوء! يقول: يدعوني قلّته إلى منعه. وقال محمّد بن سلام، عن حماد بن سلمة، عن الأزرق بن قيس: إنّ الأحنف كان يكره الصّلاة في المقصورة، فقال له بعض القوم: يا أبا بحر، لم لا تصلي في المقصورة؟ قال: وأنت لم لا تصلّي فيها؟ قال: لا أترك. وهذا الكلام يدل على ضروب من الخير كثيرة. ودخل عبد الله بن الحسن على هشام في ثياب سفره، فقال: اذكر حوائجك. فقال عبد الله: ركابي مناخة، وعليّ ثياب سفري! فقال: إنّك لا تجدني خيرا منّي لك الساعة. قال أبو عبيدة [3] : بلغ عمر بن عبد العزيز قدوم عبد الله بن الحسن، فأرسل إليه: إني أخاف عليك طواعين الشام، وإنّك لا تغنم أهلك خيرا لهم منك فالحق بهم، فإنّ حوائجهم ستسبقك. وكان ظاهر ما يكلّمونه به ويرونه إيّاه جميلا مذكورا، وكان معناهم الكراهة لمقامه بالشام، وكانوا يرون جماله، ويعرفون بيانه وكماله فكان ذلك العمل من أجود التدبير فيه عند نفسه. 885-[شعر في الزهد والحكمة] وأنشد: [من الطويل] تليح من الموت الذي هو واقع ... وللموت باب أنت لا بدّ داخله [4] وقال آخر: [من الوافر] أكلكم أقام على عجوز ... عشنزرة مقلّدة سخابا [5]

_ [1] البيان 1/54، والأغاني 17/61. [2] البيان 1/405، 2/283، 3/269. [3] ثمار القلوب 435 (789) . [4] تليح: تخاف «القاموس: ليح» . وانظر مجالس ثعلب 349. [5] العشنزرة: الشديدة الخلق العظيمة من كل شيء. «القاموس: عشنزر» . السّخاب: القلادة من سكّ وقرنفل ومحلب بلا جوهر. «القاموس: سخب» .

وقال آخر [1] : [من البسيط] الموت باب وكل الناس داخله ... فليت شعري بعد الباب ما الدّار لو كنت أعلم من يدري فيخبرني ... أجنّة الخلد مأوانا أم النّار وقال آخر [2] : [من الكامل] اصبر لكلّ مصيبة وتجلّد ... واعلم بأنّ المرء غير مخلّد فإذا ذكرت مصيبة تشجى بها ... فاذكر مصابك بالنبيّ محمد وقال آخر: [من مجزوء الكامل] والشمس تنعى ساكن ال ... دّنيا ويسعدها القمر أين الذين عليهم ... ركم الجنادل والمدر أفناهم غلس العشا ... ء يهزّ أجنحة السّحر ما للقلوب رقيقة ... وكأنّ قلبك من حجر ولقلّما تبقى وعو ... دك كلّ يوم يهتصر وقال زهير [3] : [من الطويل] ومن يوف لا يذمم ومن يفض قلبه ... إلى مطمئن البرّ لا يتجمجم ومن يغترب يحسب عدوّا صديقه ... ومن لا يكرّم نفسه لا يكرّم ومهما تكن عند امرئ من خليقة ... وإن خالها تخفى على النّاس تعلم ومن لا يزل يسترحل النّاس نفسه ... ولا يعفها يوما من الذّمّ يندم وقال زهير أيضا [4] : [من البسيط] يطعنهم ما ارتموا حتى إذا طعنوا ... ضارب حتّى إذا ما ضاربوا اعتنقا

_ [1] البيتان لأبي العتاهية في ديوانه 141، والبيت الأول في الأغاني 21/305 تمثل به الحسن البصري. [2] البيتان لأبي العتاهية في ديوانه 110- 111. [3] الأبيات من معلقته في ديوانه 36- 37، والأول في اللسان (جمم، فضا) ، والتاج (كشح، كنن) ، والثاني في اللمع 215، وعجزه لأبي المثلم الهذلي في اللسان (كرم) ، والثالث في الدرر 4/184، 5/82، وشرح شواهد المغني 386، 738، 743، وبلا نسبة في الهمع 2/35، 58، ومغني اللبيب 330، والرابع في اللسان والتاج (رحل) ، والتهذيب 5/8. [4] ديوان زهير 51، وعيون الأخبار 1/190، واللسان (وصل) ، والتهذيب 1/253، والعين 5/168، والمقاييس 4/160، وبلا نسبة في اللسان (عنق) .

وقال [1] : [من الوافر] وجار البيت والرّجل المنادي ... أمام الحيّ عقدهما سواء [2] جوار شاهد عدل عليكم ... وسيّان الكفالة والتّلاء [3] فإن الحقّ مقطعه ثلاث: ... يمين، أو نفار، أو جلاء فتفهّم هذه الأقسام الثلاثة، كيف فصّلها هذا الأعرابيّ! وقال أيضا [4] : [من الطويل] فلو كان حمد يخلد النّاس لم تمت ... ولكنّ حمد المرء ليس بمخلد ولكنّ منه باقيات وراثة ... فأورث بنيك بعضها وتزوّد تزوّد إلى يوم الممات فإنّه ... وإن كرهته النّفس آخر معهد وقال الأسديّ [5] : [من الطويل] فإني أحبّ الخلد لو أستطيعه ... وكالخلد عندي أن أموت ولم ألم وقال الحادرة [6] : [من الطويل] فأثنوا علينا لا أبا لأبيكم ... بإحساننا إنّ الثّناء هو الخلد وقال الغنوي [7] : [من الكامل] فإذا بلغتم أهلكم فتحدّثوا ... ومن الحديث مهالك وخلود

_ [1] الأبيات من القصيدة الثالثة في ديوانه، وترتيب الأبيات فيه (56، 45، 42) وهي في الصفحات 70، 67، 66، والبيت الثاني في اللسان والتاج (تلا) ، وأساس البلاغة (تلو) ، والتهذيب 14/318، وبلا نسبة في المخصص 6/84، والثالث في اللسان والتاج (نفر، قطع، جلا) ، والتهذيب 1/194، 11/185، والمخصص 12/200، 16/29، والعين 1/138، 8/268، وعيون الأخبار 1/67. [2] في ديوانه: (المنادي: المجالس، من النادي والندي) . [3] في ديوانه: (التلاء: الحوالة، قال أبو عبيدة: التلاء: أن يكتب على سهم أو قدح فلان جار فلان، يقال أتله سهما. وقد أتليته ذمة أي: أعطيته ذمة. [4] البيتان (1- 2) في ديوانه 170، والثالث فيه 164، والأول في شرح شواهد المغني 2/642، والدرر 5/101، وبلا نسبة في الهمع 2/66، ومغني اللبيب 1/256، والثالث في اللسان (بضع) ، والتاج (غفر، بضع) ، وأساس البلاغة (غفر) . [5] البيت في البيان 3/320، ورسائل الجاحظ 1/304. [6] ديوان الحادرة 73، والبيان 1/320، والوساطة 340، وبلا نسبة في رسائل الجاحظ 1/304، وعيون الأخبار 1/161. [7] البيت للغنوي في رسائل الجاحظ 1/304، وعيون الأخبار 1/161، ولأبي بن هريم في ديوان الحادرة 73.

وقال آخر [1] : [من الطويل] فقتلا بتقتيل وعقرا بعقركم ... جزاء العطاس لا يموت من اتّأر وقال زهير [2] : [من المنسرح] والإثم من شرّ ما تصول به ... والبرّ كالغيث نبته أمر [3] أي كثير. ولو شاء أن يقول: والبرّ كالماء نبته أمر استقام الشعر، ولكن كان لا يكون له معنى، وإنّما أراد أن النبات يكون على الغيث أجود. ثمّ قال [4] : [من المنسرح] قد أشهد الشّارب المعذّل لا ... معروفه منكر ولا حصر [5] في فتية ليّني المآزر لا ... ينسون أحلامهم إذا سكروا [6] يشوون للضّيف والعفاة ويو ... فون قضاء إذا هم نذروا [7] يمدح كما ترى أهل الجاهليّة بالوفاء بالنّذور أنشدني حبّان بن عتبان، عن أبي عبيدة، من الشّوارد التي لا أرباب لها، قوله [8] : [من مجزوء الكامل] إن يغدروا أو يفجروا ... أو يبخلوا لم يحفلوا يغدوا عليك مرجّلي ... ن كأنّهم لم يفعلوا كأبي براقش كلّ يو ... م لونه يتخيّل

_ [1] البيت للمهلهل في البيان 3/320، والتهذيب 11/145، وبلا نسبة في المقاييس 4/79، ورسائل الجاحظ 1/304. [2] ديوان زهير 230، وأمالي القالي 1/103. [3] في ديوانه: (أمر: كثير يزداد) . [4] انظر الحاشية قبل السابقة. [5] في ديوانه: (المعذل: الملوّم. حصر: ضيّق) . [6] في ديوانه: (ليّني: أي أنهم ملوك، ليست ثيابهم بغلاظ جافية، لا ينسون أحلامهم: أراد أنهم حلماء لا يجهلون ولا يسفهون) . [7] في ديوانه: (العفاة: الذين يأتونه ويطلبون ما عنده) . [8] الأبيات لبعض بني أسد في الخزانة 9/91، والكتاب 3/87، وشرح المفصل 1/36، واللسان والتاج (برقش) ، وبلا نسبة في رسائل الجاحظ 2/338، والبيان 3/333، وعيون الأخبار 2/29، وديوان المعاني 1/182، وذيل الأمالي 83، وثمار القلوب (394) ، وشرح أبيات سيبويه 2/206، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 515، والثالث في أساس البلاغة (برقش، خيل) ، والتنبيه والإيضاح 2/312.

وقال الصّلتان السعديّ، وهو غير الصّلتان العبديّ [1] : [من المتقارب] أشاب الصغير وأفنى الكبي ... ر كرّ الغداة ومرّ العشي إذا ليلة هرّمت يومها ... أتى بعد ذلك يوم فتي نروح ونغدو لحاجاتنا ... وحاجة من عاش لا تنقضي تموت مع المرء حاجاته ... وتبقى له حاجة ما بقي إذا قلت يوما لدى معشر ... أروني السّريّ أروك الغني ألم تر لقمان أوصى بني ... هـ وأوصيت عمرا فنعم الوصي وسرّك ما كان عند امرئ ... وسرّ الثّلاثة غير الخفي أنشدني محمّد بن زياد الأعرابيّ: [من الطويل] ولا تلبث الأطماع من ليس عنده ... من الدّين شيء أن تميل به النّفس ولا يلبث الدّحس الإهاب تحوزه ... بجمعك أن ينهاه عن غيرك الترس [2] وأنشدني أبو زيد النحويّ لبعض القدماء [3] : [من الطويل] ومهما يكن ريب المنون فإنّني ... أرى قمر اللّيل المعذّر كالفتى يعود ضئيلا ثم يرجع دائبا ... ويعظم حتّى قيل قد ثاب واستوى كذلك زيد المرء ثمّ انتقاصه ... وتكراره في إثره بعد ما مضى وقال أبو النّجم [4] : [من الرجز] ميّز عنه قنزعا من قنزع ... مرّ اللّيالي أبطئي وأسرعي أفناه قيل الله للشّمس اطلعي ... ثمّ إذا واراك أفق فارجعي وقال عمرو بن هند [5] : [من الطويل] وإن الذي ينهاكم عن طلابها ... يناغي نساء الحيّ في طرّة البرد

_ [1] الأبيات للصلتان العبدي وليست للسعدي كما صرح الجاحظ وهي في معجم الشعراء 49، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1210، وعيون الأخبار 3/132، والشعر والشعراء 316، والعقد الفريد 2/123، ومعاهد التنصيص 1/74، والسمط 532، 766. [2] الدحس: الفساد. «القاموس: دحس» . [3] الأبيات لحسان السعدي في نوادر أبي زيد 111- 112، ولحنظلة بن أبي عفراء الطائي في معجم البلدان 2/506 (دير حنظلة) ، ولبعض شعراء طيء في أمالي المرتضى 2/76. [4] ديوان أبي النجم 133، واللسان (قرن، قنزع) ، وبلا نسبة في التهذيب 9/94، والمخصص 1/71، والجمهرة 815، 1154، وخلق الإنسان 75. [5] البيتان لعمرو بن عبد هند في البيان 3/34، ولعبد هند بن زيد التغلبي في الوحشيات 19.

يعلّل والأيّام تنقص عمره ... كما تنقص النّيران من طرف الزّند وقال ابن ميّادة [1] : [من البسيط] هل ينطق الرّبع بالعلياء غيّره ... سافي الرّياح ومستنّ له طنب [2] وقال أبو العتاهية [3] : [من الرجز] أسرع في نقص امرئ تمامه وقال [4] : [من الخفيف] ولمرّ الفناء في كلّ شيء ... حركات كأنّهنّ سكون وقال ابن ميّادة [5] : [من الطويل] أشاقك بالقنع الغداة رسوم ... دوارس أدنى عهدهنّ قديم يلحن وقد جرّمن عشرين حجّة ... كما لاح في ظهر البنان وشوم وقال آخر [6] : [من البسيط] في مرفقيها إذا ما عونقت جمم ... على الضّجيع وفي أنيابها شنب [7] وقال ابن ميّادة في جعفر ومحمد ابني سليمان، وهو يعني أمير المؤمنين المنصور [8] : [من الطويل] وفى لكما يا ابني سليمان قاسم ... بجدّ النّهى إذ يقسم الخير قاسمه فبيتكما بيت رفيع بناؤه ... متى يلق شيئا محدثا فهو هادمه لكم كبش صدق شذّب الشّول عنكم ... وكسّر قرني كلّ كبش يصادمه [9]

_ [1] ديوان ابن ميادة 57، والأغاني 2/304. [2] في ديوانه: (استن المطر: أي انصب. الطنب: هو في الأصل حبل الخباء والسرادق، وهو هنا كناية عن غزارة المطر) . [3] ديوان أبي العتاهية 636، وعيون الأخبار 2/322، والسمط 104، والرسالة الموضحة 109، والبيان 1/154، والأشباه والنظائر للخالديين 1/39، والعقد الفريد 3/58. [4] ديوان أبي العتاهية 374. [5] البيت لابن ميادة أو لمزاحم العقيلي في ديوان ابن ميادة 251، ولمزاحم في ديوانه 20، ومعجم البلدان 4/407 (قنع) ، والتاج (قنع) . [6] البيت لابن ميادة في ديوانه 58، والأغاني 2/304. [7] في ديوانه: (الجمم: كثرة اللحم. الشنب: رقة وعذوبة في الأسنان) . [8] ديوان ابن ميادة 224- 225. [9] في ديوانه: (شذب: طرد. الشول من الإبل: التي نقصت ألبانها) .

باب في من يهجى ويذكر بالشؤم

باب في من يهجى ويذكر بالشؤم قال دعبل بن عليّ، في صالح الأفقم- وكان لا يصحب رجلا إلّا مات أو قتل، أو سقطت منزلته [1]-: [من الكامل] قل للأمين أمين آل محمّد ... قول امرئ شفق عليه محام إيّاك أن تغترّ عنك صنيعة ... في صالح بن عطيّة الحجّام ليس الصّنائع عنده بصنائع ... لكنهنّ طوائل الإسلام اضرب به نحر العدوّ فإنّه ... جيش من الطاعون والبرسام وقال محمد بن عبد الله في محمد بن عائشة: [من مجزوء الرمل] للهلاليّ قتيل ... أبدا في كلّ عام قتل الفضل بن سهل ... وعليّ بن هشام وعجيفا آخر القو ... م بأكناف الشآم وغدا يطلب من يق ... تل بالسّيف الحسام فأعاذ الله منه ... أحمدا خير الأنام يعني أحمد بن أبي دؤاد. وقال عيسى بن زينب في الصخري، وكان مشؤوما: [من السريع] يا قوم من كان له والد ... يأكل ما جمّع من وفر فإنّ عندي لابنه حيلة ... يموت إن أصحبه الصخري كأنما في كفّه مبرد ... يبرد ما طال من العمر 887-[شعر في مديح وهجاء] وقال الأعشى [2] : [من المتقارب] فما إن على قلبه غمرة ... وما إن بعظم له من وهن

_ [1] الأبيات في الأغاني 20/157، والأبيات قالها في صالح بن عطية الأضجم الذي كان من أقبح الناس وجها. [2] ديوان الأعشى 69، وبلا نسبة في اللسان والتاج (وهن) ، والعين 4/92، والتهذيب 6/444.

وقال الكميت [1] : [من المنسرح] ولم يقل عند زلّة لهم ... كرّوا المعاذير إنّما حسبوا وقال آخر [2] : [من الطويل] فلا تعذراني في الإساءة إنّه ... شرار الرّجال من يسيء فيعذر وقال العتّابي [3] : [من الكامل] رحل الرّجاء إليك مغتربا ... حشدت عليه نوائب الدّهر ردّت عليك ندامتي أملي ... وثنى إليك عنانه شكري وجعلت عتبك عتب موعظة ... ورجاء عفوك منتهى عذري وقال أعشى بكر [4] : [من المنسرح] قلّدتك الشّعر يا سلامة ذا ... الإفضال والشّيء حيث ما جعلا والشّعر يستنزل الكريم كما اس ... تنزل رعد السّحابة السّبلا لو كنت ماء عدّا جممت إذا ... ما ورد القوم لم تكن وشلا [5] أنجب آباؤه الكرام به ... إذ نجلاه فنعم ما نجلا استأثر الله بالبقاء وبالحم ... د وولّى الملامة الرّجلا وقال الكذّاب الحرمازيّ لقومه، أو لغيرهم [6] : [من الرجز] لو كنتم شاء لكنتم نقدا ... أو كنتم ماء لكنتم ثمدا [7] أو كنتم قولا لكنتم فندا [8]

_ [1] البيت في شرح القصائد الهاشميات 57 (ضمن كتاب الروضة المختارة) ، والبيان 1/198. [2] البيت في أدب الدنيا والدين للماوردي 31، وتقدم في الفقرة 607. [3] ديوان العتابي 72، وعيون الأخبار 1/100، وطبقات ابن المعتز 263. [4] ديوان الأعشى 285. [5] الوشل: القليل. «القاموس: وشل» . [6] الرجز للّعين المنقري في الأزمنة والأمكنة 2/277، وبلا نسبة في التاج (غرد، قرد) ، والأضداد 405، والأشباه والنظائر للخالديين 2/164، ومجمع الأمثال 1/284، والمستقصى 1/131، والفاخر 30، والدرة الفاخرة 205، وجمهرة الأمثال 1/469، وثمار القلوب (568) . [7] النقد: جنس من الغنم قبيح الشكل. «القاموس: نقد» . ثمد: ماء قليل. «القاموس: ثمد» . [8] الفند: الكذب. «القاموس: فند» .

وقال الأعشى في الثياب [1] : [من الخفيف] فعلى مثلها أزور بني قي ... س إذا شطّ بالحبيب الفراق المهينين ما لهم في زمان السّ ... وء حتّى إذا أفاق أفاقوا وإذا ذو الفضول ضنّ على المو ... لى وصارت لخيمها الأخلاق [2] ومشى القوم بالعماد إلى الرّز ... حى وأعيا المسيم أين المساق [3] أخذوا فضلهم هناك وقد تج ... ري على عرقها الكرام العتاق وإذا الغيث صوبه وضع القد ... ح وجنّ التّلاع والآفاق لم يزدهم سفاهة شرب الخم ... ر ولا اللهو فيهم والسّباق واضعا في سراة نجران رحلي ... ناعما غير أنني مشتاق في مطايا أربابهنّ عجال ... عن ثواء وهمّهنّ العراق درمك غدوة لنا ونشيل ... وصبوح مباكر واغتباق [4] وندامى بيض الوجوة كأنّ الشّ ... رب منهم مصاعب أفناق [5] فيهم الخصب والسّماحة والنج ... دة جمعا والخاطب المسلاق [6] وأبيّون لا يسامون ضيما ... ومكيثون والحلوم وثاق [7] وترى مجلسا يغصّ به المح ... راب بالقوم والثّياب رقاق وقال أيضا [8] في الثّياب: [من المتقارب] أزور يزيد وعبد المسيح ... وقيسا هم خير أربابها وكعبة نجران حتم علي ... ك حتّى تناخي بأبوابها إذا الحبرات تلوّت بهم ... وجرّوا أسافل هدّابها

_ [1] ديوان الأعشى 263- 265. [2] الخيم: السجية «القاموس: خيم» . [3] العماد: الأخبية. الرزحى: النوق الهزال. المسيم: راعي الإبل. [4] الدرمك: الذي يدرمك حتى يكون دقاقا من كل شيء الدقيق والكحل وغيرهما. «اللسان: درمك» . النشيل: ما نشل من لحم القدر بمائه. «اللسان: نشل» . [5] الأفناق: جمع فنيق، وهو الفحل من الإبل. «اللسان: فنق» . [6] الخطيب المسلاق: البليغ. «القاموس: سلق» . [7] المكيث: الرزين. «القاموس: مكث» . الحلوم: العقول. [8] ديوان الأعشى 223، والأول والثاني في التاج (نجر) .

وفي الثّياب يقول الآخر [1] : [من الطويل] أسيلم ذاكم لا خفا بمكانه ... لعين ترجّي أو لأذن تسمّع من النّفر البيض الذين إذا انتموا ... وهاب الرّجال حلقة الباب قعقعوا جلا الأذفر الأحوى من المسك فرقه ... وطيب الدّهان رأسه فهو أنزع إذا النّفر السّود اليمانون حاولوا ... له حوك برديه أجادوا وأوسعوا وقال كثيّر [2] : [من الطويل] يجرّر سربالا عليه كأنّه ... سبيّ هلال لم تفتق شرانقه وقال الجعدي [3] : [من الوافر] أتاني نصرهم وهم بعيد ... بلادهم بأرض الخيزران يريد أرض الخصب والأغصان اللّيّنة. وقال الشاعر [4] : [من البسيط] في كفّه خيزران ريحها عبق ... بكفّ أروع في عرنينه شمم لأن الملك لا يختصر إلّا بعود لدن ناعم. وقال آخر [5] : [من الطويل] تجاوبها أخرى على خيزرانة ... يكاد يدنيها من الأرض لينها وقال آخر [6] : [من الطويل] نبتّم نبات الخيزرانيّ في الثرى ... حديثا، متى ما يأتك الخير ينفع وقال المسيّب بن علس: [من الوافر] قصار الهمّ إلّا في صديق ... كأنّ وطابهم موشى الضّباب [7]

_ [1] الأبيات لأبي الربيس في الخزانة 6/78- 80، 83- 89، وبلا نسبة في البيان 1/396، 3/305، ورسائل الجاحظ 1/221، والبرصان 324، والبخلاء 232، والعقد الفريد 5/343، والكامل 1/105 (طبعة المعارف) ، الخزانة 6/156. [2] البيت لكثير في ديوانه 308، واللسان وأساس البلاغة (سبي) ، والمعاني الكبير 673، والتاج (هلل) ، وللراعي النميري في ملحق ديوانه 308، والتاج (سبي) . [3] ديوان النابغة الجعدي 165، واللسان والتاج (خزر) . [4] تقدم البيت وتخريجه في الفقرة 624. [5] البيت بلا نسبة في البيان 3/62. [6] البيت للنجاشي الحارثي في ديوانه 110، والخزانة 11/387، 395، 397، والمقاصد النحوية 4/344، وبلا نسبة في الكتاب 3/515، والهمع 2/78. [7] الوطاب: سقاء اللبن. «القاموس: وطب» . وشى الشيء: استخرجه برفق «القاموس: وشي» . الضباب: جمع ضب.

888 -[عين الرضا وعين السخط]

888-[عين الرضا وعين السخط] وقال المسيب بن علس [1] : [من الكامل] تامت فؤادك إذ عرضت لها ... حسن برأي العين ما تمق [2] وقال ابن أبي ربيعة [3] : [من الرمل] حسن في كلّ عين من تود وقال عبد الله بن معاوية [4] : [من الطويل] وعين الرّضا عن كلّ عيب كليلة ... ولكنّ عين السّخط تبدي المساويا وقال روح أبو همّام [5] : [من الطويل] وعين السّخط تبصر كلّ عيب ... وعين أخي الرّضا عن ذاك تعمى 889-[شعر وخبر] وقال الفرزدق [6] : [من الطويل] ألا خبّروني أيّها النّاس إنّما ... سألت ومن يسأل عن العلم يعلم سؤال امرئ لم يغفل العلم صدره ... وما السائل الواعي الأحاديث كالعمي وقيل لدغفل: أنّى لك هذا العلم؟ قال: لسان سؤول، وقلب عقول [7] وقال النابغة [8] : [من الطويل] فآب مضلوه بعين جليّة ... وغودر بالجولان حزم ونائل [9]

_ [1] البيت في الشعر والشعراء 84. [2] تامت فؤادك: استعبدته. «القاموس: تيم» . تمق: تحب. «القاموس: ومق» . [3] صدر البيت (فتضاحكن وقد قلن لها) ، وهو في ديوانه 321. [4] ديوان عبد الله بن معاوية 90، وعيون الأخبار 3/11، 76، والحماسة البصرية 2/55، والحماسة المغربية 1241، والأغاني 12/214، 233، وثمار القلوب 327 (499) . [5] البيت في تزيين الأسواق 30. [6] ديوان الفرزدق 759. [7] القول لدغفل في عيون الأخبار 2/118، وله أو لعبد الله بن عباس في البيان 1/84- 85. [8] ديوان النابغة الذبياني 121، واللسان والتاج (ضلل، جلا) ، والتهذيب 11/187، 465، والجمهرة 1044، وبلا نسبة في الجمهرة 1077، والمقاييس 1/496، 3/356، والمجمل 3/277. [9] في ديوانه: (بعين جلية: أي بخبر صادق أنه قد مات. وغودر بالجولان: أي دفن وترك. والجولان: موضع بالشام. وقوله: «حزم ونائل» أي رجل ذو حزم. والنائل: العطاء) .

900 -[من هام على وجهه فلم يوجد]

مضلوه: دافنوه، على حدّ قوله تعالى: أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ [1] . وقال المخبّل [2] : [من الطويل] أضلّت بنو قيس بن سعد عميدها ... وفارسها في الدّهر قيس بن عاصم قوال زهير- أو غيره- في سنان بن أبي حارثة [3] : [من الكامل] إن الرّزيّة لا رزيّة مثلها ... ما تبتغي غطفان يوم أضلّت ولذلك زعم بعض النّاس أنّ سنان بن أبي حارثة خرف فذهب على وجهه، فلم يوجد [4] . 900-[من هام على وجهه فلم يوجد] ويزعمون أنّ ثلاثة نفر هاموا على وجوههم فلم يوجدوا: طالب بن أبي طالب، وسنان بن أبي حارثة، ومرداس بن أبي عامر. وقال جرير [5] : [من الطويل] وإني لأستحيي أخي أن أرى له ... عليّ من الفضل الذي لا يرى ليا وقال امرؤ القيس [6] : [من الطويل] وهل يعمن إلّا خليّ منعّم ... قليل الهموم ما يبيت بأوجال [7] وقال الأصمعي: هو كقولهم: «استراح من لا عقل له!» وقال ابن أبي ربيعة [8] : [من الطويل] وأعجبها من عيشها ظلّ غرفة ... وريّان ملتفّ الحدائق أخضر ووال كفاها كلّ شيء يهمّها ... فليست لشيء آخر اللّيل تسهر

_ [1] 10/السجدة: 32. [2] ديوان المخبل السعدي 318، واللسان والتاج وأساس البلاغة (ضلل) . [3] ديوان زهير 248، والأغاني 10/299، وصدر البيت تناوله أكثر من شاعر منهم لبيد في ديوانه 155، وعجزه: (فقدان كل أخ كضوء الكوكب) ، ومنهم الفرزدق في ديوانه 1/161؛ وعجزة: (فقدان مثل محمد ومحمد) ، وهو بلا نسبة في الأزهية 286؛ وعجزة: (أخواي إذ قتلا بيوم واحد) . [4] الأغاني 10/299، وفيه عدة روايات، وانظر رسائل الجاحظ 2/375. [5] البيت لجرير في عيون الأخبار 3/18، وبهجة المجالس 709، والسمط 289، والموشح 308، ولسيار ابن هبيرة في ذيل الأمالي 74، ولعبد الله بن معاوية في ديوانه 87، وبلا نسبة في اللسان (حيا) . [6] ديوان امرئ القيس 27، ورواية صدره: (وهل يعمن إلا سعيد ومخلّد) . [7] في ديوانه: (الأوجال: جمع وجل؛ وهو الفزع) . [8] ديوان عمر 95، والبيان 3/318.

باب في مديح الصالحين والفقهاء

باب في مديح الصّالحين والفقهاء 901-[شعر في مديح العلماء ورثائهم] قال ابن الخيّاط [1] ، يمدح مالك بن أنس: [من الكامل] يأبى الجواب فما يراجع هيبة ... والسائلون نواكس الأذقان هدي التقيّ وعز سلطان التّقى ... فهو المطاع وليس ذا سلطان وقال ابن الخياط في بعضهم: [من الطويل] فتى لم يجالس مالكا منذ أن نشا ... ولم يقتبس من علمه فهو جاهل وقال آخر [2] : [من البسيط] فأنت باللّيل ذئب لا حريم له ... وبالنّهار على سمت ابن سيرين وقال الخليل بن أحمد وذكروا عنده الحظّ والجدّ، فقال: أمّا الجدّ فلا أقول فيه شيئا، وأمّا الحظّ فأخزى الله الحظّ، فإنه يبلّد الطالب إذا اتّكل عليه ويبعد المطلوب إليه من مذمّة الطّالب. وقال ابن شبرمة: [من البسيط] لو شئت كنت ككرز في تعبّده ... أو كابن طارق حول البيت والحرم قد حال دون لذيذ العيش خوفهما ... وسارعا في طلاب العزّ والكرم وقال آخر [3] يرثي الأصمعيّ: [من البسيط] لا درّ درّ خطوب الدهر إذ فجعت ... بالأصمعيّ لقد أبقت لنا أسفا

_ [1] البيتان لابن الخياط في الكامل 1/408، وله أو لعبد الله بن المبارك في زهر الآداب 115، ولعبد الله بن المبارك في العقد الفريد 1/268، وبلا نسبة في عيون الأخبار 1/294. [2] البيت بلا نسبة في البيان 3/173، وثمار القلوب 70 (177) . [3] الأبيات لأبي العالية الشامي في تاريخ بغداد 10/419- 420، ضمن أخبار الأصمعي.

عش ما بدا لك في الدّنيا فلست ترى ... في الدّهر منه ولا من علمه خلفا وقال الحسن بن هانئ [1] ، في مرثية خلف الأحمر: [من الرجز] لو كان حيّ وائلا من التّلف ... لوألت شغواء في أعلى الشّعف [2] أمّ فريخ أحرزته في لجف ... مزغّب الألغاد لم يأكل بكف [3] هاتيك أم عصماء في أعلى الشّرف ... تظلّ في الطّبّاق والنّزع الألف [4] أودى جماع العلم مذ أودى خلف ... قليذم من العيالم الخسف [5] وقال يرثيه في كلمة له [6] : [من المنسرح] بتّ أعزّي الفؤاد عن خلف ... وبات دمعي إلّا يفض يكف [7] أنسى الرّزايا ميت فجعت به ... أضحى رهينا للتّرب في جدف [8] كان يسنّى برفقه غلق ال ... أفهام في لا خرق ولا عنف يجوب عنك التي عشيت لها ... حيران، حتّى يشفيك في لطف لا يهم الحاء في القراءة بالخا ... ء ولا لامها مع الألف ولا مضلّا سبل الكلام ولا ... يكون إسناده عن الصّحف وكان ممن مضى لنا خلفا ... فليس إذ مات عنه من خلف وقال آخر [9] في ابن شبرمة: [من الرجز] إذا سألت الناس أين المكرمه ... والعزّ والجرثومة المقدّمه وأين فاروق الأمور المحكمه ... تتابع النّاس على ابن شبرمه

_ [1] ديوان أبي نواس 577. [2] في ديوانه: (وائلا: ناجيا. وألت: نجت. الشغواء: العقاب. الشعف: رأس الجبل) . [3] في ديوانه: (اللجف: محبس السيل، أو كل ما أشرف على الغار من صخرة ونحوها. المزغب: ذو الزغب؛ وهو الريش الدقيق. الألغاد: جمع لغد؛ وهو لحم الحلق) . [4] العصماء: من الظباء والوعول ما كان في ذراعيها أو أحدهما بياض؛ وسائرهما متخلف. الشرف: المكان المرتفع. [5] القليذم: البئر الغزيرة. العيالم: جمع عيلم؛ وهو البحر أو البئر الكثيرة الماء. الخسف: جمع خسيفة؛ وهي البئر حفرت في حجارة فنبعت بماء كثير لا ينقطع) . [6] ديوان أبي نواس 575- 576. [7] في ديوانه: (يكف: يسيل) . [8] (الجدف: القبر) . [9] الرجز ليحيى بن نوفل في البيان 1/337، ولرؤبة في أمالي الزجاجي 100، وليس في ديوانه.

902 -[شعر مختار]

902-[شعر مختار] وقال ابن عرفطة [1] : [من الطويل] ليهنيك بغض للصّديق وظنّة ... وتحديثك الشّيء الذي أنت كاذبه وأنّك مشنوء إلى كلّ صاحب ... بلاك، ومثل الشر يكره جانبه وإنّك مهداء الخنا نطف النّثا ... شديد السّباب رافع الصّوت غالبه وقال النّابغة الجعدي [2] : [من المتقارب] أبى لي البلاء وأنّي امرؤ ... إذا ما تبيّنت لم أرتب وليس يريد أنّه في حال تبيّنه غير مرتاب، وإنّما يعني أنّ بصيرته لا تتغيّر وقال ابن الجهم، ذات يوم: أنا لا أشكّ! قال له المكيّ: وأنا لا أكاد أوقن! وقال طرفة [3] : [من الطويل] وكرّي إذا نادى المضاف محنّبا ... كسيد الغضى في الطّخية المتورّد [4] وتقصير يوم الدّجن والدّجن معجب ... ببهكنة تحت الخباء الممدّد [5] أرى قبر نحّام بخيل بماله ... كقبر غويّ في البطالة مفسد [6] لعمرك إنّ الموت ما أخطأ الفتى ... لكالطّول المرخى وثنياه باليد [7] أرى الموت أعداد النّفوس ولا أرى ... بعيدا غدا، ما أقرب اليوم من غد [8] وظلم ذوي القربى أشد مضاضة ... على المرء من وقع الحسام المهنّد وفي كثرة الأيدي عن الظلم زاجر ... إذا خطرت أيدي الرّجال بمشهد

_ [1] تقدم تخريج الشعر في نهاية الفقرة (599) . [2] ديوان النابغة الجعدي 27، والبيان 1/100، والمقاييس 1/294. [3] الأبيات من معلقته في ديوانه، البيت الأول ص 32، والثاني والثالث ص 33، والرابع ص 34، والسادس ص 36، والخامس في ديوانه 44 (طبعة سلغسون) . [4] في ديوانه: (الكر: العطف. المضائق: الخائف والمذعور. المحنب: الذي في يده انحناء. السيد: الذئب) ، والبيت في اللسان (حنب، ورد، ضيف) ، والتاج (ورد، ضيف) ، والتهذيب 14/166. [5] في ديوانه: (الدجن: الغيم. البهكنة: المرأة الحسنة الخلق السمينة الناعمة) ، والبيت في اللسان (خدر) ، والجمهرة 754، والمخصص 13/200. [6] في ديوانه: (النحّام: الحريص على الجمع والمنع. الغوي: الغاوي الضال) . والبيت في اللسان والتاج (نحم) ، والتهذيب 4/381، وبلا نسبة في العين 3/252. [7] في ديوانه: (الطّول: الحبل الذي يطول للدابة فترعى فيه. الإرخاء: الإرسال. الثني: الطرف) ، والبيت في اللسان (طول، ثنى، مها) ، والتاج (طول، ثنى) ، والمقاييس 3/434، والجمهرة 926، وأساس البلاغة وعمدة الحفاظ (طول) ، والعين 7/451. [8] البيت في اللسان (عدد) ، والتهذيب 1/92، 8/170.

باب القول في الجعلان والخنافس

باب القول في الجعلان والخنافس 903-[صداقة الحيوانات لبعضها] وسنقول في هذه المحقرات من حشرات الأرض، وفي المذكور من بغاث الطّير وخشاشه، ممّا يقتات العذرة ويوصف باللؤم، ويتقزّز من لمسه وأكل لحمه، كالخنفساء والجعل، والهداهد والرّخم، فإنّ هذه الأجناس أطلب للعذرة من الخنازير. فأوّل ما نذكر من أعاجيبها صداقة ما بين الخنافس والعقارب، وصداقة ما بين الحيّات والوزغ. وتزعم الأعراب أنّ بين ذكورة الخنافس وإناث الجعلان تسافدا وأنهما ينتجان خلقا ينزع إليهما جميعا. وأنشد خشنام الأعور النحويّ عن سيبويه النّحويّ، عن بعض الأعراب في هجائه عدوّا له كان شديد السّواد: [من الرجز] عاديتنا يا خنفسا كام جعل ... عداوة الأوعال حيّات الجبل [1] من كلّ عود مرهف النّاب عتل ... يخرق إن مسّ وإن شمّ قتل [2] ويثبت أكل الأوعال للحيّات الشّعر المشهور، الذي في أيدي أصحابنا، وهو: [من الرمل] علّ زيدا أن يلاقي مرّة ... في التماس بعض حيّات الجبل غاير العينين مفطوح القفا ... ليس من حيّات حجر والقلل [3]

_ [1] كام: سفد. «القاموس: كوم» . [2] العتل: الشديد. «القاموس: عتل» . [3] مفطوح: عريض. «القاموس: فطح» .

904 -[استطراد لغوي]

يتوارى في صدوع مرّة ... ربذى الخطفة كالقدح المؤل [1] وترى السمّ على أشداقه ... كشعاع الشّمس لاحت في طفل [2] طرد الأروى فما تقربه ... ونفى الحيّات عن بيض الحجل وإنما ذكر الأورى من بين جميع ما يسكن الجبال من أصناف الوحش، لأنّ الأروى من بينها تأكل الحيّات، للعداوة التي بينها وبين الحيّات. 904-[استطراد لغوي] والأروى: إناث الأوعال، واحدتها أرويّة. والناس يسمّون بناتهم باسم الجماعة، ولا يسمّون البنت الواحدة باسم الواحدة منها: لا يسمّون بأرويّة، ويسمّون بأروى. وقال شماخ بن ضرار [3] : [من الوافر] فما أروى وإن كرمت علينا ... بأدنى من موقّفة حرون [4] وأنشد أبو زيد في جماعة الأوريّة [5] : [من الطويل] فما لك من أروى، تعاديت بالعمى ... ولاقيت كلابا مطلّا وراميا [6] يقال: تعادى القوم وتفاقدوا: إذا مات بعضهم على إثر بعض. وقالت في ذلك ضباعة بنت قرط، في مرثية زوجها هشام بن المغيرة [7] : [من السريع] إنّ أبا عثمان لم أنسه ... وإنّ صمتا عن بكاه لحوب

_ [1] الربذ: السريع «القاموس: ربذ» . المؤل. المحدد. «القاموس: ألل» . [2] الطّفل: الغروب. «القاموس: طفل» . [3] ديوان الشماخ 319، والسمط 663، وأمالي القالي 2/29، واللسان والتاج (وقف، حرن) ، والمقاييس 2/47، والمخصص 8/30، 15/210. [4] في ديوانه: (الموقفة: من التوقيف؛ وهو البياض مع السواد، والمراد هنا: الأروية التي في قوائمها خطوط تخالف لونها، والحرون من الدواب: التي إذا استدر جريها وقفت فلم تبرح. والمعنى: إن هذه المرأة ليست بأقرب منالا من الأروية التي تعتصم بأعلى الجبل فتمتنع على الصياد) . [5] البيت لعمرو بن أحمر في ديوانه 173، واللسان (أبي) ، والتاج (عدو، أبي) ، والتهذيب 3/116، 15/104، وبلا نسبة في اللسان (عدا) ، والجمهرة 236، 1091، والمجمل 3/456، والمخصص 5/72، 6/125، 13/155. [6] في ديوانه: (تعاديت بالعمى: يدعون عليها بالهلاك. الكلاب: الصائد. المطل: المشرف المترصد) . [7] البيتان في العمدة 1/278، وانظر أعلام النساء 2/355.

905 -[طلب الحيات البيض]

تفاقدوا من معشر ما لهم ... أيّ ذنوب صوّبوا في القليب [1] 905-[طلب الحيّات البيض] وأما قوله: [من الرمل] ونفى الحيّات عن بيض الحجل فإنّ الحيّات تطلب بيض كلّ طائر وفراخه. وبيض كلّ طائر مما يبيض على الأرض أحبّ إليها. فما أعرف لذلك علّة إلا سهولة المطلب. والأيائل تأكل الحيّات، والخنازير تأكل الحيّات وتعاديها. 906-[عداوة الحمار للغراب] وزعم صاحب المنطق أن بين الحمار والغراب عداوة. وأنشدني بعض النحويّين [2] : [من الرجز] عاديتنا لا زلت في تباب ... عداوة الحمار للغراب وأنشد ابن أبي كريمة لبعض الشّعراء في صريع الغواني [3] : [من الوافر] فما ريح السّذاب أشدّ بغضا ... إلى الحيّات منك إلى الغواني 907-[أمثال في الخنفساء] ويقال: «ألجّ من الخنفساء» [4] ، و «أفحش من فاسية» وهي الخنفساء و «أفحش من فالية الأفاعي» [5] . والفساء يوصف بن ضربان من الخلق: الخنفساء، والظّربان وفي لجاج الخنفساء يقول خلف الأحمر [6] : [من المتقارب] لنا صاحب مولع بالخلاف ... كثير الخطاء قليل الصّواب ألجّ لجاجا من الخنفساء ... وأزهى إذا ما مشى من غراب

_ [1] الذّنوب: الدلو العظيمة «القاموس: ذنب» . القليب: البئر. «القاموس: قلب» . [2] تقدم الرجز في الفقرة (872) . [3] تقدم البيت في الفقرة (873) . [4] المستقصى 1/308، ومجمع الأمثال 2/250، وأمثال ابن سلام 374، والدرة الفاخرة 2/369. [5] المستقصى 1/267، ومجمع الأمثال 2/85، والدرة الفاخرة 1/331، وجمهرة الأمثال 2/89، 106. [6] البيتان في حياة الحيوان 1/437، ومعجم الأدباء 16/161.

908 -[طول ذماء الخنفساء]

908-[طول ذماء الخنفساء] وقال الرقاشي: ذكرت صبر الخنزير على نفوذ السهام في جنبه، فقال لي أعرابيّ: الخنفساء أصبر منه، ولقد رأيت صبيّا من صبيانكم البارحة وأخذ شوكة وجعل في رأسها فتيلة، ثمّ أوقد نهارا، ثمّ غرزها في ظهر الخنفساء، حتّى أنفذ الشّوكة. فغبرنا ليلتنا وإنّها لتجول في الدّار وتصبح لنا. والله إنّي لأظنها كانت مقربا [1] ، لانتفاخ بطنها. قال: وقال القنانيّ: العواساء: الحامل من الخنافس، وأنشد [2] : [من الرجز] بكرا عواساء تفاسا مقربا 909-[أعاجيب الجعل] قال: ومن أعاجيب الجعل أنّه يموت من ريح الورد، ويعيش إذا أعيد إلى الرّوث. ويضرب بشدّة سواد لونه المثل. قال الرّاجز وهو يصف أسود سالخا [3] : [من الرجز] مهرّت الأشداق عود قد كمل ... كأنّما قمّص من ليط جعل [4] والجعل يظلّ دهرا لا جناح له، ثم ينبت له جناحان، كالنمل الذي يغبر دهرا لا جناح له، ثم ينبت له جناحان، وذلك عند هلكته. 910-[تطور الدعاميص] والدّعاميص [5] قد تغبر حينا بلا أجنحة، ثم تصير فراشا وبعوضا. وليس كذلك الجراد والذّبّان، لأنّ أجنحتها تنبت على مقدار من العمر ومرور من الأيام. وزعم ثمامة، عن يحيى بن خالد: أنّ البرغوث قد يستحيل بعوضة.

_ [1] مقرب: قرب ولادها. «القاموس: قرب» . [2] الرجز بلا نسبة في اللسان (قنب، عوس، فسا) ، والتاج (فسا) ، والمقاييس 4/187، والمخصص 2/18، وديوان الأدب 4/136، والتهذيب 3/88، 9/195، 13/95. [3] الرجز بلا نسبة في البيان 3/225. [4] الهرت: الواسع. «القاموس: هرت» . العود: المسن من الإبل. «القاموس: عود» . قمّص: ألبس قميصا. الليط: قشر القصب. «القاموس: لوط» . [5] الدعموص: دويبة أو دودة سوداء تكون في الغدران إذا نشّت. «القاموس: دعمص» ، وانظر حياة الحيوان 1/479.

911 -[عادة الجعل]

911-[عادة الجعل] والجعل يحرس النّيام، فكلما قام منهم قائم فمضى لحاجته تبعه، طمعا في أنّه إنّما يريد الغائط. وأنشد بعضهم قول الشاعر [1] : [من البسيط] يبيت في مجلس الأقوام يربؤهم ... كأنّه شرطيّ بات في حرس وأنشد بعضهم لبعض الأعراب في هجائه رجلا بالفسولة، وبكثرة الأكل، وبعظم حجم النّجو [2] : [من الرجز] حتّى إذا أضحى تدرّى واكتحل ... لجارتيه ثمّ ولّى فنثل رزق الأنوقين القرنبى والجعل سمى القرنبي والجعل- إذ كانا يقتاتان الزّبل- أنوقين. والأنوق: الرّخمة، وهي أحد ما يقتات العذرة. وقال الأعشى [3] : [من الرجز] يا رخما، قاظ على ينخوب ... يعجل كفّ الخارئ المطيب [4] المطيب: الذي يستطيب بالحجارة، أي يتمسّح بها. وهم يسمّون بالأنوق كلّ شيء يقتات النّجو والزّبل، إلّا أنّ ذلك على التشبيه لها بالرّخم في هذا المعنى وحده. وقال آخر [5] : [من الرجز] يا أيهذا النّابحي نبح القبل ... يدعو عليّ كلما قام يصل [6] رافع كفّيه كما يفري الجعل ... وقد ملأت بطنه حتى أتل غيظا فأمسى ضغنه قد اعتدل والقبل: ما أقبل عليك من الجبل. وقوله أتل، أي امتلأ عليك غيظا فقصّر في مشيته. وقال الجعديّ [7] : [من الرمل] منع الغدر فلم أهمم به ... وأخو الغدر إذا همّ فعل

_ [1] البيت بلا نسبة في البرصان 157، وتقدم في الفقرة (185) . [2] تقدم الرجز في الفقرة (184) . [3] ديوان الأعشى 315، واللسان (خرأ، طلب، طيب، قيظ، رخم) ، والتاج (سلب، قلب، رخم) والتنبيه والإيضاح 1/14، والتهذيب 14/40، وبلا نسبة في اللسان (سلب) ، والتهذيب 12/435، والجمهرة 340، 1194. [4] ينخوب: موضع؛ لم يحدده ياقوت، معجم البلدان 5/450؛ وفيه استشهد برجز الأعشى. [5] الرجز بلا نسبة في نوادر أبي زيد 49، والأول والثاني في اللسان (قبل) ، والرابع والخامس في اللسان والتاج (أتل) ، والمقاييس 1/47. [6] القبل: الجبل. «اللسان: قبل» . [7] ديوان النابغة الجعدي 96، والبخلاء 243، واللسان والتاج (قبل) ، والتهذيب 9/165، وبلا نسبة في الجمهرة 372.

912 -[معرفة في الجعل]

خشية الله وأنّي رجل ... إنما ذكري كنار بقبل وقال الرّاجز- وهو يهجو بعضهم بالفسولة، وبكثرة الأكل، وعظم حجم النّجو [1]-: بات يعشّي وحده ألفي جعل وقال عنترة [2] : [من الوافر] إذا لاقيت جمع بني أبان ... فإني لائم للجعد لاحي كسوت الجعد جعد بني أبان ... ردائي بعد عري وافتضاح ثم شبّهه بالجعل فقال: كأنّ مؤشر العضدين جحلا ... هدوجا بين أقلبة ملاح [3] تضمن نعمتي فغدا عليها ... بكورا أو تهجّر في الرّواح وقال الشمّاخ [4] : [من الطويل] وإن يلقيا شأوا بأرض هوى له ... مفرّض أطراف الذّراعين أفلج والشأو هاهنا: الرّوث، كأنه كثره حتّى ألحقه بالشأو الذي يخرج من البئر، كما يقول أحدهم إذا أراد أن ينقي البئر: أخرج من تلك البئر شأوا أو شأوين، يعني من التراب الذي قد سقط فيها، وهو شيء كهيئة الزّبيل الصّغير. والشاو: الطّلق. والشأو: الفوت. والمفرّض الأفلج الذي عنى، هو الجعل، لأنّ الجعل في قوائمه تحزيز، وفيها تفريج. 912-[معرفة في الجعل] وللجعل جناحان لا يكادان يريان إلّا عند الطّيران، لشّدة سوادهما، وشبههما بجلده، ولشدّة تمكنهما في ظهره.

_ [1] تقدم الرجز في الفقرة (186) . [2] ديوان عنترة 115. [3] مؤشر: مرقق. الجحل: العظيم من الجعلان. «اللسان: جحل» . الهدوج: الذي يمشي رويدا «اللسان: هدج» . أقلبة: جمع قليب، وهو البئر. «اللسان: قلب» . والبيت في اللسان (قلب، ملح، أشر، حجل) (والتاج، قلب، ملح، أشر) والمخصص 17/35. [4] ديوان الشماخ 93، واللسان (فرض، قرض، شأي) ، والتاج (فرض، شأي) ، والتهذيب 11/447، والعين 6/297، وبلا نسبة في التهذيب 8/343.

913 -[أبو الخنافس وأبو العقارب]

قال الشاعر، حيث عدّد الخونة، وحثّ الأمير على محاسبتهم: [من البسيط] واشدد يديك بزيد إن ظفرت به ... واشف الأرامل من دحروجة الجعل والجعل لا يدحرج إلّا جعرا يابسا، أو بعرة. وقال سعد بن طريف، يهجو بلال بن رباح مولى أبي بكر [1] : [من البسيط] وذاك أسود نوبيّ له ذفر ... كأنّه جعل يمشي بقرواح [2] وسنذكر شأنه وشأن بلال في موضعه من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى. 913-[أبو الخنافس وأبو العقارب] وكان بالكوفة رجل من ولد عبد الجبّار بن وائل بن حجر الحضرميّ يكنى أبا الخنافس راضيا بذلك، ولم تكن الكنية لقبا ولا نبزا، وكان من الفقهاء، وله هيئة ورواء. وسألته: هل كان في آبائه من يكنى أبا الخنافس؟ فإن أبا العقارب في آل سلم مولى بني العباس كثير على اتّباع أثر. وكان أبو الخنافس هذا اكتنى به ابتداء. 914-[طول ذماء الخنفساء] وقال لي أبو الفضل العنبريّ: يقولون: الضّبّ أطول شيء ذماء، والخنفساء أطول منه ذماء، وذلك أنه يغرز في ظهرها شوكة ثاقبة، وفيها ذبالة تستوقد وتصبح لأهل الدّار، وهي تدبّ بها وتجول! وربما كانت في تضاعيف حبل قتّ، أو في بعض الحشيش والعشب والخلا، فتصير في فم الجمل فيبتلعها من غير أن يضغم الخنفساء، فإذا وصلت إلى جوفه وهي حيّة جالت فيه، فلا تموت حتى تقتله. فأصحاب الإبل يتعاورون تلك الأواريّ والعلوفات، خوفا من الخنافس. 915-[هجاء جواس لحسّان بن بحدل] وقال جوّاس بن القعطل في حسّان بن بحدل: [من الكامل] هل يهلكنّي لا أبالكم ... دنس الثياب كطابخ القدر جعل تمطّى في عمايته ... زمر المروءة ناقص الشّبر [3]

_ [1] البيت في البرصان 156. [2] القرواح: البارز الذي لا يستره من السماء شيء، وهو الفضاء. «القاموس: قرح» . [3] الزمر: القليل. «القاموس: زمر» . الشبر: العطاء. «القاموس: شبر» .

لزبابة سوداء حنظلة ... والعاجز التّدبير كالوبر [1] فأمّا الهجاء والمدح، ومفاخرة السّودان والحمران، فإنّ ذلك كلّه مجموع في كتاب «الهجناء والصّرحاء» وقد قدّمنا في صدر هذا الكتاب جملة في القول في الجعلان وغير ذلك من الأجناس اللئيمة والمستقذرة، في باب النّتن والطّيب، فكرهنا إعادته في هذا الموضع.

_ [1] الزبابة: فأر عظيم أصم؛ أو أحمر الشعر؛ أو بلا شعر. «القاموس: زبب» .

باب القول في الهدهد

باب القول في الهدهد وأما القول في الهدهد، فإنّ العرب والأعراب كانوا يزعمون أنّ القنزعة التي على رأسه ثواب من الله تعالى على ما كان من برّه لأمّه! لأنّ أمّه لما ماتت جعل قبرها على رأسه، فهذه القنزعة عوض عن تلك الوهدة. والهدهد طائر منتن الريح والبدن، من جوهره وذاته، فربّ شيء يكون منتنا من نفسه، من غير عرض يعرض له، كالتيوس والحيّات وغير ذلك من أجناس الحيوان فأمّا الأعراب فيجعلون ذلك النّتن شيئا خامره بسبب تلك الجيفة التي كانت مدفونة في رأسه. وقد قال في ذلك أميّة أو غيره من شعرائهم. فأمّا أميّة فهو الذي يقول [1] : [من الكامل] اعلم بأنّ الله ليس كصنعه ... صنيع ولا يخفى على الله ملحد وبكلّ منكرة له معروفة ... أخرى على عين بما يتعمّد جدد وتوشيم ورسم علامة ... وخزائن مفتوحة لا تنفد عمن أراد بها وجاب عنانها ... لا يستقيم لخالق يتزيّد غيم وظلماء وغيث سحابة ... أزمان كفّن واستراد الهدهد [2] يبغي القرار لأمّه ليجنّها ... فبنى عليها في قفاه يمهد [3] مهدا وطيئا فاستقلّ بحمله ... في الطّير يحملها ولا يتأوّد [4] من أمّه فجزي بصالح حملها ... ولدا، وكلف ظهره ما تفقد فتراه يدلح ما مشى بجنازة ... فيها وما اختلف الجديد المسند [5]

_ [1] ديوان أمية 353- 356. [2] في ديوانه: (استراد: خرج يبحث عن الكلأ، وأراد خروج الهدهد باحثا عن مكان صالح لدفن أمه) . [3] في ديوانه (يجنها: يدفنها بالجنن؛ وهو القبر) . [4] في ديوانه (تأود: تعوّج وتثنى) . [5] في ديوانه (دلح الرجل بحمله: مر متثاقلا غير منبسط الخطو. المسند: الدهر) .

916 -[معرفة الهدهد بمواضع المياه]

916-[معرفة الهدهد بمواضع المياه] [1] ويزعمون أنّ الهدهد هو الذي كان يدلّ سليمان عليه السلام على مواضع المياه في قعور الأرضين إذا أراد استنباط شيء منها. 917-[سؤال في الهدهد] [2] ويروون أنّ نجدة الحروريّ أو نافع بن الأزرق قال لابن عباس: إنّك تقول إنّ الهدهد إذا نقر الأرض عرف مسافة ما بينه وبين الماء، والهدهد لا يبصر الفخّ دوين التراب، حتى إذا نقر التّمرة انضمّ عليه الفخّ! فقال ابن عبّاس: «إذا جاء القدر عمي البصر» [3] . ومن أمثالهم: «إذا جاء الحين غطّى العين» [4] . وابن عباس إن كان قال ذلك فإنّما عنى هدهد سليمان عليه السلام بعينه؛ فإنّ القول فيه خلاف القول في سائر الهداهد. وسنأتي على ذكر هذا الباب من شأنه في موضعه إن شاء الله تعالى. وقد قال الناس في هدهد سليمان، وغراب نوح، وحمار عزير، وذئب أهبان بن أوس، وغير ذلك من هذا الفنّ، أقاويل، وسنقول في ذلك بجملة من القول في موضعه إن شاء الله. 918-[اتخاذ الهدهد عشه من الزبل] وقد قال صاحب المنطق وزعم في كتاب الحيوان، أنّ لكلّ طائر يعشّش شكلا يتخذ عشّه منه، فيختلف ذلك على قدر اختلاف المواضع وعلى قدر اختلاف صور تلك القراميص والأفاحيص. وزعم أنّ الهدهد من بينها يطلب الزّبل، حتّى إذا وجده نقل منه، كما تنقل الأرضة من التّراب، ويبني منه بيتا، كما تبني الأرضة، ويضع جزءا على جزء، فإذا طال مكثه في ذلك البيت، وفيه أيضا ولد، أو في مثله، وتربّى ريشه وبدنه بتلك الرائحة، فأخلق به أيضا أن يورث ابنه النّتن الذي علقه، كما أورث جدّه أباه، وكما أورثه أبوه. قال: ولذلك يكون منتنا.

_ [1] ثمار القلوب 384 (706) . [2] المصدر السابق، والكامل 3/225- 226 (أبو الفضل إبراهيم) . [3] ورد قول ابن عباس في مجمع الأمثال 1/123، وأمثال ابن سلام 326، وجمهرة الأمثال 1/118، والأمثال لمجهول 32. [4] المستقصى 1/123، وأمثال ابن سلام 326، وهو برواية (إذا جاء الحين حارت العين) في مجمع الأمثال 1/20، وجمهرة الأمثال 1/10، 118- 119، والأمثال لمجهول 32.

919 -[طائر الاغتيولس]

وهذا وجه أن كان معلوما أنّه لا يتّخذ عشّه إلّا من الزّبل. فأمّا ناس كثير، فيزعمون أن ربّ بدن يكون طيب الرّائحة، كفأرة المسك التي ربما كانت في البيوت. ومن ذلك ما يكون منتن البدن، كالذي يحكى عن الحيّات والأفاعي والثّعابين، ويوجد عليه التّيوس. 919-[طائر الاغتيولس] وذكر صاحب المنطق أنّ الطير الكبير، الذي يسمى باليونانية اغتيولس، يحكم عشّه ويتقنه، ويجعله مستديرا مداخلا كأنّه كرة معمولة. وروى أنّهم يزعمون أنّ هذا الطائر يجلب الدّارصينيّ من موضعه، فيفرش به عشّه، ولا يعشّش إلّا في أعالي الشّجر المرتفعة المواضع. قال: وربّما عمد الناس إلى سهام يشدّون عليها رصاصا، ثمّ يرمون بها أعشتها، فيسقط عليهم الدّارصينيّ، فيلتقطونه ويأخذونه. 920-[زعم البحريين في الطير] ويزعم البحريّون أنّ طائرين يكونان ببلاد السّفالة [1] ، أحدهما يظهر قبل قدوم السفن إليهم، وقبل أن يمكن البحر من نفسه، لخروجهم في متاجرهم فيقول الطائر: قرب آمد، فيعلمون بذلك أنّ الوقت قد دنا، وأن الإمكان قد قرب. قالوا: ويجيء به طائر آخر، وشكل آخر، فيقول: سمارو. وذلك في وقت رجوع من قد غاب منهم، فيسمّون هذين الجنسين من الطير: قرب، وسمارو، كأنّهم سمّوهما بقولهما، وتقطيع أصواتهما، كما سمّت العرب ضربا من الطّير القطا، لأن القطا كذلك تصيح، وتقطيع أصواتها قطا، وكما سمّوا الببغاء بتقطيع الصّوت الذي ظهر منه. فيزعم أهل البحر أنّ ذينك الطائرين لا يطير أحدهما أبدا إلّا في إناث، وأنّ الآخر لا يطير أبدا إلّا في ذكورة. 921-[وفاء الشفنين] وزعم لي بعض الأطباء ممن أصدّق خبره، أنّ الشّفنين [2] إذا هلكت أنثاه لم يتزوّج وإن طال عليه التعزّب. وإن هاج سفد ولم يطلب الزواج.

_ [1] السفالة: آخر مدينة تعرف بأرض الزنج، معجم البلدان 3/224. [2] الشفنين: هو اليمام، ومن طبعه إيثار العزلة. حياة الحيوان 1/601.

922 -[من عجائب الطير]

922-[من عجائب الطير] وحكوا أنّ عندهم طائرين، أحدهما وافي الجناحين وهو لم يطر قطّ، والآخر وافي الجناحين، ولكنه من لدن ينهض للطّيران فلا يزال يطير ويقتات من الفراش وأشباه الفراش، وأنّه لا يسقط إلّا ميّتا. إلّا أنهم ذكروا أنه قصير العمر. 923-[كلام في قول أرسطو] ولست أدفع خبر صاحب المنطق عن صاحب الدارصيني، وإن كنت لا أعرف الوجه في أنّ طائرا ينهض من وكره في الجبال، أو بفارس أو باليمن، فيؤمّ ويعمد نحو بلاد الدارصيني، وهو لم يجاوز موضعه ولا قرب منه. وليس يخلو هذا الطائر من أن يكون من الأوابد أو من القواطع. وإن كان من القواطع فكيف يقطع الصّحصحان [1] الأملس وبطون الأودية، وأهضام الجبال [2] بالتّدويم في الأجواء، وبالمضيّ على السّمت، لطلب ما لم يره ولم يشمّه ولم يذقه. وأخرى فإنّه لا يجلب منه بمنقاره ورجليه، ما يصير فراشا له ومهادا، إلا بالاختلاف الطويل. وبعد فإنّه ليس بالوطيء الوثير، ولا هو له بطعام. فأنا وإن كنت لا أعرف العلّة بعينها فلست أنكر الأمور من هذه الجهة. فاذكر هذا. 924-[قول أبي الشيص في الهدهد] وقال أبو الشّيص في الهدهد [3] : [من البسيط] لا تأمننّ على سرّي وسرّكم ... غيري وغيرك أو طيّ القراطيس أو طائر سأحلّيه وأنعته ... ما زال صاحب تنقير وتدسيس سود براثنه، ميل ذوائبه ... صفر حمالقه، في الحسن مغموس قد كان همّ سليمان ليذبحه ... لولا سعايته في ملك بلقيس وقد قدّمنا في هذا الكتاب في تضاعيفه، عدّة مقطّعات في أخبار الهدهد.

_ [1] الصحصحان: ما استوى من الأرض. «القاموس: صحح» . [2] الأهضام: جمع هضم؛ مسقط الجبل، وهو ما دنا من السهل من أصله. «اللسان: هضم» . [3] الأبيات في الحماسة البصرية 2/341، وعيون الأخبار 1/41، والمختار من شعر بشار، ونهاية الأرب 10/248، وحياة الحيوان 2/394.

باب القول في الرخم

باب القول في الرخم وقال: إنّ لئام الطير ثلاثة: الغربان، والبوم، والرّخم 925-[أسطورة الرخم] ويقال: إنّه قيل للرّخمة: ما أحمقك! قالت: وما حمقي، وأنا أقطع في أوّل القواطع، وأرجع في أوّل الرّواجع، ولا أطير في التّحسير [1] . ولا أغتر بالشّكير [2] ، ولا أسقط على الجفير [3] . وقد ذكرنا تفسير هذا. وقال الكميت [4] : [من مجزوء الكامل] إذ قيل يا رخم انطقي ... في الطّير، إنّك شرّ طائر 926-[شر الطير] وقال أبو الحسن المدائني: أمر بعض ملوك العجم الجلندي بن عبد العزيز الأزديّ، وكان يقال له في الجاهلية عرجدة، فقال له: صد لي شرّ الطير، واشوه بشرّ الحطب، وأطعمه شرّ الناس. فصاد رخمة وشواها ببعر، وقرّبها إلى خوزيّ [5] . فقال له الخوزيّ: أخطأت في كلّ شيء أمرك به الملك: ليس الرّخمة شرّ الطير، وليس البعرة شرّ الحطب، وليس الخوزيّ شرّ الناس. ولكن اذهب فصد بومة، واشوها بدفلى، وأطعمها نبطيّا ولد زنى. ففعل، وأتى الملك فأخبره، فقال: ليس يحتاج إلى ولد زنى! يكفيه أن يكون نبطيّا.

_ [1] التحسير: سقوط ريش الطائر. «القاموس: حسر» . [2] الشكير: الريش الصغير. «القاموس: شكر» . [3] الجفير: جعبة السهام «القاموس: جفر» . [4] ديوان الكميت 1/227، والسمط 300، والمستقصى 1/81، والمعاني الكبير 292. [5] نسبة إلى خوزستان.

927 -[الغراب والرخمة]

927-[الغراب والرخمة] والغراب يقوى على الرّخمة، والرخمة أعظم من الغراب وأشدّ. والرّخمة تلتمس لبيضها المواضع البعيدة، والأماكن الوحشيّة، والجبال الشامخة، وصدوع الصّخر. فلذلك يقال في بيض الأنوق ما يقال [1] . 928-[ما قيل في بيض الأنوق] وقال عتبة بن شمّاس [2] : [من الخفيف] إنّ أولى بالحقّ في كلّ حقّ ... ثمّ أولى أن يكون حقيقا من أبوه عبد العزيز بن مروا ... ن ومن كان جدّه الفاروقا ردّ أموالنا علينا وكانت ... في ذرى شاهق تفوت الأنوقا وطلب رجل من أهل الشام الفريضة من معاوية فجاد له بها، فسأل لولده، فأبى، فسأله لعشيرته، فقال معاوية [3] : [من الخفيف] طلب الأبلق العقوق، فلمّا ... لم يجده أراد بيض الأنوق وليس يكون العقوق إلّا من الإناث، فإذا كانت من البلق كانت بلقاء. وإنما هذا كقولهم: «زلّ في سلى جمل» [4] ، والجمل لا يكون له سلى [5] . وقد يرون بيض الأنوق، ولكنّ ذلك قليلا ما يكون، وأقلّ من القليل، لأنّ بيضها في المواضع الممتنعة، وليست فيها منافع فيتعرض في طلبها للمكروة.

_ [1] ثمار القلوب (717) . [2] الأبيات لعتبة بن شماس في الكامل 1/400 (طبعة المعارف) ، 2/271 (أبو الفضل إبراهيم) ، والعقد الفريد 3/393، والأول والثاني في اللسان والتاج (فرق) ، والأبيات لبعض ولد عيينة بن حصن في ثمار القلوب (718) ، والبيت الثاني مع جملة أبيات لرجل من الأنصار في رسائل الجاحظ 2/286، والثالث لعقبة بن أسماء في المستقصى 1/25. [3] الخبر مع البيت في ثمار القلوب (718) ، والكامل 1/401 (طبعة المعارف) ، 2/271 (أبو الفضل إبراهيم) ، والنهاية 1/77، والدرة الفاخرة 299، وجمهرة الأمثال 2/64، وربيع الأبرار 3/316، واللسان (عقق) ، والبيت في الفاضل 46، والمصون 30، ونظام الغريب 207، والإصابة (1098) 8/206، واللسان والتاج (أنق) ، والتهذيب 1/62، 9/324، والجمهرة 371، والمقاييس 1/149. [4] المثل برواية: (وقع القوم في سلى جمل) ، وهو في مجمع الأمثال 2/360، والدرة الفاخرة 1/299، وجمهرة الأمثال 2/366، والمستقصى 2/377، وأمثال ابن سلام 343. [5] ثمار القلوب (529) .

929 -[ما يسمى بالهدهد]

وأنا أظنّ أن معاوية لم يقل كما قالوا: ولكنّه قدم في اللّفظ بيض الأنوق، فقال: «طلب بيض الأنوق، فلما لم يجده طلب الأبلق العقوق» . 929-[ما يسمّى بالهدهد] وأمّا قول ابن أحمر [1] : [من الكامل] يمشي بأوظفة شديد أسرها ... شمّ السنابك لا تقي بالجدجد [2] إذ صبّحته طاويا ذا شرّة ... وفؤاده زجل كعزف الهدهد فقد يكون ألّا يكون عنى بهذا الهدهد، لأنّ ذكورة الحمام وكلّ شيء غنّى من الطير وهدر ودعا، فهو هدهد. ومن روى «كعزف الهدهد» [3] فليس من هذا في شيء. وقد قال الشاعر في صفة الحمام: [من الكامل] وإذا استشرن أرنّ فيها هدهد ... مثل المداك خضبته بجساد [4] 930-[ميل بعض النساء إلى المال] وخطب رجل جميل امرأة، وخطبها معه رجل دميم فتزوجت الدّميم لماله، وتركته، فقال [5] : [من الطويل] ألا يا عباد الله ما تأمرونني ... بأحسن من صلّى وأقبحهم بعلا يدبّ على أحشائها كلّ ليلة ... دبيب القرنبى بات يقرو نقا سهلا [6]

_ [1] البيت الأول في ديوان ابن أحمر 56، واللسان والتاج (جدد، وقي) ، والتنبيه والإيضاح 2/13، والتهذيب 9/375، وبلا نسبة في الجمهرة 182، والثاني في ديوانه 59، واللسان والتاج (هدد) . [2] الأوظفة: جمع وظيف، وهو مستدق الذراع والساق من الخيل والإبل وغيرها. «القاموس: وظف» . السنبك: طرف الحاف. ر «القاموس: سنبك» . لا تقي: لا تتوقاه. الجدجد: الأرض الصلبة المستوية «القاموس: جدد» . [3] في اللسان «هدد» : (الهدهد: أصوات الجن؛ ولا واحد له) . [4] استشارت: سمنت وحسنت «القاموس: شار» . المداك: حجر يدق به الطيب. الجساد: الزعفران «القاموس: جسد» . [5] البيتان للأخطل في حياة الحيوان 2/209 (القرنبى) ، وليسا في ديوانه، وبلا نسبة في الكامل 1/282 (طبعة المعارف) ، 595 (الدالي) ، والأول في قطر الندى 202، والهمع 2/70، والدرر 5/115، والثاني في اللسان والتاج (قرنب) . [6] في الكامل: (القرنبى: دويبة على هيئة الخنفس منقطة الظهر، وفي قوائمها طول على الخنفس؛ وهي ضعيفة المشي) .

931 -[الأجناس التي تطلب العذرة]

931-[الأجناس التي تطلب العذرة] والأجناس التي تريد العذرة وتطلبها كثيرة، كالخنازير، والدّجاج، والكلاب، والجراد، وغير ذلك. ولكنها لا تبلغ مبلغ الجعل والرّخمة. 932-[أكل الأعراب لبعض الحيوان] وقال ابن أبي كريمة: كنت عند أبي مالك عمرو بن كركرة، وعنده أعرابيّ، فجرى ذكر القرنبى. قال: فقلت له: أتعرف القرنبى؟ قال: وما لي لا أعرف القرنبى؟! فو الله لربّما لم يكن غدائي إلّا القرنبى يحسحس [1] لي. قال: فقلت له: إنها دويبّة تأكل العذرة. قال: ودجاجكم تأكل العذرة! وقال [2] : قال بعض المدنيّين لبعض الأعراب: أتأكلون الحيّات والعقارب والجعلان والخنافس؟ فقال: نأكل كلّ شيء إلّا أمّ حبين [3] . قال: فقال المدنيّ: «لتهن أمّ الحبين العافية» . قال: وحدثنا ابن جريج، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال [4] : «من الدوابّ أربع لا يقتلن: النملة، والنّحلة، والصّرد، والهدهد» . [باب في الخفاش] 933-[القول في الخفاش] فأوّل ذلك أنّ الخفّاش طائر، وهو مع أنّه طائر من عرض الطير فإنّه شديد الطّيران، كثير التكفّي في الهواء، سريع التقلّب فيه، ولا يجوز أن يكون طعمه إلا من البعوض، وقوته إلا من الفراش وأشباه الفراش، ثمّ لا يصيده إلّا في وقت طيرانه في الهواء، وفي وقت سلطانه، لأنّ البعوض إنّما يتسلط بالليل. ولا يجوز أن يبلغ ذلك إلّا بسرعة اختطاف واختلاس، وشدّة طيران، ولين أعطاف وشدّة متن، وحسن تأتّ، ورفق في الصّيد. وهو مع ذلك كلّه ليس بذي ريش، وإنما هو لحم وجلد. فطيرانه بلا ريش عجب، وكلما كان أشدّ كان أعجب.

_ [1] حسحس اللحم: جعله على الجمر. «القاموس: حسس» . [2] الخبر في عيون الأخبار 3/209، وثمار القلوب (410) ، والمرصع 140، والدرة الفاخرة 479، وأدب الكاتب 216. [3] أم حبين: دويبة على قدر الكف. ثمار القلوب (410) . [4] عيون الأخبار 2/89.

934 -[من أعاجيب الخفاش]

934-[من أعاجيب الخفاش] ومن أعاجيبه أنّه لا يطير في ضوء ولا في ظلمة. وهو طائر ضعيف قوى البصر، قليل شعاع العين الفاصل من النّاظر. ولذلك لا يظهر في الظّلمة، لأنّها تكون غامرة لضياء بصره، غالبة لمقدار قوى شعاع ناظره. ولا يظهر نهارا، لأنّ بصره لضعف ناظره يلتمع في شدة بياض النهار. ولأنّ الشيء المتلألئ ضارّ لعيون الموصوفين بحدّة البصر، ولأن شعاع الشمس بمخالفة مخرج أصوله وذهابه، يكون رادعا لشعاع ناظره، ومفرّقا له. فهو لا يبصر ليلا ولا نهارا. فلما علم ذلك واحتاج إلى الكسب والطّعم، التمس الوقت الذي لا يكون فيه من الظلام ما يكون غامرا قاهرا، وعاليا غالبا. ولا من الضّياء ما يكون معشيا رادعا، ومفرّقا قامعا. فالتمس ذلك في وقت غروب القرص، وبقيّة الشّفق، لأنّه وقت هيج البعوض وأشباه البعوض، وارتفاعها في الهواء، ووقت انتشارها في طلب أرزاقها. فالبعوض يخرج للطعم، وطعمه دماء الحيوان، وتخرج الخفافيش لطلب الطعم، فيقع طالب رزق على طالب رزق، فيصير ذلك هو رزقه. وهذا أيضا مما جعل الله في الخفافيش من الأعاجيب. 935-[البائضة والوالدة] [1] ويزعمون أن السّك [2] الآذان والممسوحة، من جميع الحيوان، أنها تبيض بيضا، وأنّ كلّ أشرف [3] الآذان فهو يلد ولا يبيض. ولا ندري لم كان الحيوان إذا كان أشرف الآذان ولد، وإذا كان ممسوحا باض. ولآذان الخفافيش حجم ظاهر، وشخوص بيّن. وهي وإن كانت من الطير فإنّ هذا لها، وهي تحبل وتلد، وتحيض، وترضع. 936-[ما يحيض من الحيوان] والناس يتقزّزون من الأرانب والضّباع، لمكان الحيض. وقد زعم صاحب المنطق أنّ ذوات الأربع كلّها تحيض، على اختلاف في القلّة والكثرة. والزّمان، والحمرة والصفرة، والرقّة والغلظ. قال: ويبلغ من ضنّ أنثى

_ [1] عيون الأخبار 2/88، ومحاضرات الأدباء 4/676. [2] السّكك: صغر الأذن ولزوقها بالرأس وقلة إشرافها «القاموس: سكك» . [3] أذن شرفاء: طويلة. «القاموس: شرف» .

937 -[معارف في الخفاش]

الخفافيش بولدها ومن خوفها عليه، أنها تحمله تحت جناحها، وربّما قبضت عليه بفيها، وربّما أرضعته وهي تطير، وتقوى من ذلك، ويقوى ولدها على ما لا يقوى عليه الحمام والشّاهمرك، وسباع الطير. 937-[معارف في الخفاش] وقال معمر أبو الأشعث: ربّما أتأمت الخفافيش فتحمل معها الولدين جميعا، فإن عظما عاقبت بينهما. والخفّاش من الطير، وليس له منقار مخروط، وله فم فيما بين مناسر السّباع وأفواه البوم. وفيه أسنان حداد صلاب مرصوفة من أطراف الحنك، إلى أصول الفك، إلّا ما كان في نفس الخطم. وإذا قبضت على الفرخ وعضت عليه لتطير به، عرفت ذرب أسنانها [1] ، فعرفت أي نوع ينبغي أن يكون ذلك العض، فتجعله أزما ولا تجعله عضّا ولا تنييبا ولا ضغما، كما تفعل الهرّة بولدها، فإنّها مع ذرب أنيابها، وحدّة أظفارها ودقّتها، لا تخدش لها جلدا، إلا أنها تمسكها ضربا من الإمساك، وتأزم عليها ضربا من الأزم قد عرفته. ولكل شيء حدّ به يصلح، وبمجاوزته والتقصير دونه يفسد. وقد نرى الطّائر يغوص في الماء نهاره، ثم يخرج منه كالشّعرة سللها من العيجن، غير مبتلّ الرّيش، ولا لثق الجناحين. ولو أنّ أرفق الناس رفقا، راهن على أن يغمس طائرا منها في الماء غمسة واحدة ثمّ خلّى سربه ليكون هو الخارج منه، لخرج وهو متعجّن الريش، مفسد النظم، منقوض التأليف. ولكان أجود ما يكون طيرانا أن يكون كالجادف. فهذا أيضا من أعاجيب الخفاش. 938-[من أعاجيب الخفافيش] ومن أعاجيبها تركها ذرى الجبال وبسيط الفيافي، وأقلاب النخل، وأعالي الأغصان، ودغل الغياض والرياض، وصدوع الصّخر، وجزائر البحر، ومجيئها تطلب مساكن الناس وقربهم، ثم إذا صارت إلى بيوتهم وقربهم، قصدت إلى أرفع مكان وأحصنه، وإلى أبعد المواضع من مواضع الاجتياز، وأعرض الحوائج.

_ [1] ذرب أسنانها: حدتها «القاموس: ذرب» .

939 -[طول عمر الخفاش]

939-[طول عمر الخفاش] ثمّ الخفّاش بعد ذلك من الحيوان الموصوف بطول العمر، حتى يجوز في ذلك العقاب والورشان إلى النسر، ويجوز حد الفيلة والأسد وحمير الوحش، إلى أعمار الحيّات. ومن أعاجيب الخفافيش أنّ أبصارها تصلح على طول العمر، ولها صبر على طول فقد الطّعم. فيقال إنّ اللواتي يظهرن في القمر من الخفافيش المسنّات المعمّرات، وإنّ أولادهن إذا بلغن لم تقو أبصارهنّ على ضياء القمر. ومن أعاجيبها أنها تضخم وتجسم وتقبل الشّحم على الكبر وعلى السنّ. 940-[القدرة التناسلية] وقد زعم صاحب المنطق أنّ الكلاب السلوقيّة كلما دخلت في السنّ كان أقوى لها على المعاظلة. وهذا غريب جدا، وقد علمنا أنّ الغلام أحدّ ما يكون وأشبق وأنكح وأحرص، عند أوّل بلوغه. ثم لا يزال كذلك حتى يقطعه الكبر أو إصفاء أو تعرض له آفة. ولا تزال الجارية من لدن إدراكها وبلوغها وحركة شهوتها على شبيه بمقدار واحد من ضعف الإرادة. وكذلك عامّتهنّ. فإذا اكتهلن وبلغت المرأة حدّ النّصف فعند ذلك يقوى عليها سلطان الشّهوة والحرص على الباه، فإنما تهيج الكهلة عند سكون هيج الكهل وعند إدبار شهوته، وكلال حدّه. 941-[قول النساء في الخفافيش] وأما قول النساء وأشباه النساء في الخفافيش، فإنهم يزعمون أن الخفاش إذا عضّ الصبي لم ينزع سنه من لحمه حتى يسمع نهيق حمار وحشيّ. فما أنسى فزعي من سنّ الخفاش، ووحشتي من قربه! إيمانا بذلك القول، إلى أن بلغت. وللنساء وأشباه النساء في هذا وشبهه خرافات، عسى أن نذكر منها شيئا إذا بلغنا إلى موضعه إن شاء الله. 942-[ضعف البصر لدى بعض الحيوان] ومن الطير وذوات الأربع ما يكون فاقد البصر بالليل، ومنها ما يكون سيّء البصر. فأمّا قولهم: إنّه الفأرة والسنّور وأشياء أخر أبصر باللّيل، فهذا باطل.

والإنسان رديء البصر باللّيل، والذي لا يبصر منهم باللّيل تسمّيه الفرس شبكور وتأويله أنّه أعمى ليل [1] ، وليس له في لغة العرب اسم أكثر من أنّه يقال لمن لا يبصر باللّيل بعينه: هدبد. ما سمعت إلّا بهذا، فأمّا الأغطش فإنّه السيّء البصر بالليل والنهار جميعا. وإذا كانت المرأة مغربة العين فكانت رديّة البصر، قيل لها: جهراء. وأنشد الأصمعيّ في الشاء [2] : [من الكامل] جهراء لا تألو إذا هي أظهرت ... بصرا ولا من عيلة تغنيني وذكروا أنّ الأجهر الذي لا يبصر في الشمس. وقوله «لا تألو» أي لا تستطيع. وقوله: «أظهرت» صارت في الظهيرة. «والعيلة» : الفقر. قال: يعني به شاة. وقال يحيى بن منصور، في هجاء بعض آل الصّعق: [من البسيط] يا ليتني، والمنى ليست بمغنية، ... كيف اقتصاصك من ثأر الأحابيش أتنكحون مواليهم كما فعلوا ... أم تغمضون كإغماض الخفافيش وقال أبو الشمقمق، وهو مروان بن محمد [3] : [من مجزوء الرمل] أنا بالأهواز محزو ... ن وبالبصرة داري في بني سعد وسعد ... حيث أهلي وقراري صرت كالخفاش لا أب ... صر في ضوء النهار وقال الأخطل التغلبيّ [4] : [من الطويل] وقد غبر العجلان حينا إذا بكى ... على الزّاد ألقته الوليدة في الكسر فيصبح كالخفاش يدلك عينه ... فقبّح من وجه لئيم ومن حجر [5] وقالوا: السحاة مقصورة: اسم الخفاش، والجمع سحا كما ترى.

_ [1] نقل الزمخشري هذا القول في أساس البلاغة (هدب) . [2] البيت لأبي العيال الهذلي في شرح أشعار الهذليين 415، واللسان والتاج (جهر، ألا) ، والمخصص 6/164، وديوان الأدب 2/261، وللهذلي في التهذيب 6/49، 15/432، والمقاييس 1/129. [3] ديوان أبي الشمقمق 136. [4] ديوان الأخطل 183، والأول في العين 5/307، والثاني في اللسان والتاج (حجر) . [5] حجر: أراد محجر العين. ديوانه 183.

943 -[لغز في الخفاش]

943-[لغز في الخفاش] وقالوا في اللّغز، وهم يعنون الخفّاش [1] : [من الطويل] أبى شعراء النّاس لا يخبرونني ... وقد ذهبوا في الشّعر في كلّ مذهب بجلدة إنسان وصورة طائر ... وأظفار يربوع وأنياب ثعلب 944-[النهي عن قتل الضفادع والخفافيش] هشام الدّستوائي قال: حدّثنا قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن عبد الله بن عمر أنّه قال: «لا تقتلوا الضّفادع فإنّ نقيقهنّ تسبيح. ولا تقتلوا الخفّاش فإنّه إذا خرب بيت المقدس قال: يا ربّ سلّطني على البحر حتّى أغرقهم» . حماد بن سلمة قال: حدّثنا قتادة، عن زرارة بن أوفى، قال: قال عبد الله بن عمر: «لا تقتلوا الخفّاش، فإنّه استأذن في البحر: أن يأخذ من مائه فيطفئ نار بيت المقدس حيث حرق. ولا تقتلوا الضّفادع فإنّ نقيقها تسبيح» . قال: وحدثنا عثمان بن سعيد القرشي قال: سمعت الحسن يقول: «نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن قتل الوطواط، وأمر بقتل الأوزاغ» . قال: والخفاش يأتي الرّمانة وهي على شجرتها، فينقب عنها، فيأكل كلّ شيء فيها حتى لا يدع إلّا القشر وحده. وهم يحفظون الرّمّان من الخفافيش بكلّ حيلة. قال: ولحوم الخفافيش موافقة للشواهين والصّقورة والبوازي، ولكثير من جوارح الطير، وهي تسمن عنها، وتصحّ أبدانها عليها. ولها في ذلك عمل محمود نافع عظيم النّفع، بيّن الأثر. والله سبحانه وتعالى أعلم. تمّ المصحف الثالث من كتاب الحيوان ويليه المصحف الرابع وأوله في الذّرّ

_ [1] نهاية الأرب 10/284.

الجزء الرابع

الجزء الرابع (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم) نبدأ في هذا الجزء، بعون الله وتأييده، بالقول في جملة الذّرّة والنملة، كما شرطنا به آخر المصحف الثّالث. ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم. [باب في الذّرّة والنملة] 945-[خصائص النملة] قد علمنا أنّ ليس عند الذّرّة غناء الفرس في الحرب، والدّفع عن الحريم. ولكنّا إذا أردنا موضع العجب والتّعجيب، والتّنبيه على التدبير، ذكرنا الخسيس القليل، والسّخيف المهين، فأريناك ما عنده من الحسّ اللطيف، والتّقدير الغريب، ومن النظر في العواقب، ومشاكلة الإنسان ومزاحمته. والإنسان هو الذي سخّر له هذا الفلك بما يشتمل عليه. وقد [1] علمنا أنّ الذّرّة تدّخر للشتاء في الصّيف، وتتقدّم في حال المهلة، ولا تضيع أوقات إمكان الحزم. ثم يبلغ من تفقّدها وحسن خبرها [2] ، والنظر في عواقب أمرها، أنّها تخاف على الحبوب التي ادّخرتها للشّتاء في الصيف، أن تعفن وتسوّس، [فتنقلها من] [3] بطن الأرض، فتخرجها إلى ظهرها، لتيبّسها وتعيد إليها جفوفها، وليضربها النّسيم، وينفى عنها اللّخن والفساد. ثمّ ربّما كان- بل يكون أكثر- مكانها نديّا [4] . وخافت أن تنبت نقرت موضع القطمير من وسط الحبّة، وتعلم أنّها من ذلك الموضع تبتدئ وتنبت وتنقلب [5] ، فهي تفلق الحبّ كلّه أنصافا. فأمّا إذا كان الحب من حبّ الكزبرة، فلقته أرباعا، لأنّ

_ [1] الخبر في ثمار القلوب (643) . [2] في ثمار القلوب: «ثم تبلغ من نقدها؛ وصحة تمييزها» . [3] في الأصل: «ويقبلها» ؛ والتصحيح من ثمار القلوب. [4] في الثمار: «ثم ربما- بل في أكثر الأوقات- اختارت ذلك ليلا، لأنه أخفى، وفي القمر لأنها فيه أبصر، فإن كان مكانها نديّا» . [5] في الثمار: «تنبت وتصلب» .

946 -[كلام النمل]

أنصاف حبّ الكزبرة ينبت من بين جميع الحبوب. فهي على هذا الوجه مجاوزة لفطنة جميع الحيوان، حتّى ربّما كانت في ذلك أحزم من كثير من الناس. ولها، مع لطافة شخصها وخفّة وزنها، وفي الشمّ والاستراوح ما ليس لشيء. وربّما أكل الإنسان الجراد أو بعض ما يشبه الجراد، فتسقط من يده الواحدة أو صدر الواحدة، وليس يرى بقربه ذرّة ولا له بالذّرّ عهد في ذلك المنزل، فلا يلبث أن تقبل ذرّة قاصدة إلى تلك الجرادة، فترومها وتحاول قلبها ونقلها، وسحبها وجرّها، فإذا أعجزتها بعد أن بلغت عذرا، مضت إلى جحرها راجعة، فلا يلبث ذلك الإنسان أن يراها قد أقبلت، وخلفها صويحباتها كالخيط الأسود الممدود، حتى يتعاونّ عليها فيحملنها. فأوّل ذلك صدق الشّمّ لما لا يشمّه الإنسان الجائع. ثمّ بعد الهمّة، والجراءة على محاولة نقل شيء في وزن جسمها مائة مرّة، وأكثر من مائة مرّة. وليس شيء من الحيوان يقوى على حمل ما يكون ضعف وزنه مرارا غيرها. وعلى أنها لا ترضى بأضعاف الأضعاف، إلّا بعد انقطاع الأنفاس. 946-[كلام النمل] فإن قلت: وما علّم الرّجل أنّ الّتي حاولت نقل الجرادة فعجزت، هي التي أخبرت صويحباتها من الذّرّ، وأنها كانت على مقدّمتهن؟ قلنا: لطول التّجربة، ولأنّا لم نر ذرّة قط حاولت نقل جرادة فعجزت عنها، ثمّ رأيناها راجعة، إلّا رأينا معها مثل ذلك، وإن كنّا لا نفصل في العين بينها وبين أخواتها، فإنّه ليس يقع في القلب غير الذي قلنا. وعلى أنّنا لم نر ذرّة قطّ حملت شيئا أو مضت إلى جحرها فارغة، فتلقاها ذرّة، إلّا واقفتها ساعة وخبّرتها بشيء. فدلّ ذلك على أنّها في رجوعها عن الجرادة، إنّما كانت لأشباهها كالرّائد لا يكذب أهله [1] . ومن العجب أنّك تنكر أنّها توحي إلى أختها بشيء، والقرآن قد نطق بما هو أكثر من ذلك أضعافا. وقال رؤبة بن العجّاج [2] : [من الرجز] لو كنت علّمت كلام الحكل ... علم سليمان كلام النّمل [3]

_ [1] في مجمع الأمثال 2/233، وجمهرة الأمثال 1/474: «الرائد لا يكذب أهله» . [2] ديوان رؤبة 131، واللسان والتاج (حكل، فطحل) ، والجمهرة 562، والتهذيب 4/101، والمجمل 2/94، وبلا نسبة في المخصص 2/122، والمقاييس 2/91، وديوان الأدب 1/158. [3] الحكل: ما لا يسمع له صوت كالذر والنمل. «اللسان: حكل» .

947 -[شعر فيه ذكر النمل]

وقال الله عز وجلّ: حَتَّى إِذا أَتَوْا عَلى وادِ النَّمْلِ قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ. فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها وَقالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَ [1] فقد أخبر القرآن أنها قد عرفت سليمان وأثبتت عينه، وأنّ علم منطقها عنده، وأنها أمرت صويحباتها بما هو أحزم وأسلم. ثمّ أخبر أنها تعرف الجنود من غير الجنود، وقد قالت: وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ . ونخالك أيها المنكر تبسّمه بحالهنّ، أنّك لم تعرف قبل ذلك الوقت وبعده، شيئا من هذا الشكل من الكلام، ولا تدبيرا في هذا المقدار. وأمّا ما فوق ذلك فليس لك أن تدّعيه. ولكن، ما تنكر من أمثاله وأشباهه وما دون ذلك، والقرآن يدلّ على أنّ لها بيانا، وقولا، ومنطقا يفصل بين المعاني التي هي بسبيلها؟! فلعلها مكلّفة، ومأمورة منهيّة، ومطيعة عاصية. فأوّل ذلك أن المسألة من مسائل الجهالات. وإنّ من دخلت عليه الشّبهة من هذا المكان لناقص الرّويّة رديّ الفكرة. وقد علمنا، وهم ناس ولهم بذلك فضيلة في الغريزة وفي الجنس والطّبيعة. وهم ناس إلى أن ينتهوا إلى وقت البلوغ ونزول الفرض حتى لو وردت ذرّة لشربت من أعلاه. 947-[شعر فيه ذكر النمل] وقال أبو دهبل [2] : [من المديد] آب هذا اللّيل فاكتنعا ... وأمرّ النّوم فامتنعا [3] في قباب وسط دسكرة ... حولها الزّيتون قد ينعا [4] ولها بالماطرون إذا ... أكل النمل الذي جمعا [5] خرفة، حتى إذا ارتبعت ... سكنت من جلّق بيعا [6]

_ [1] 18- 19/النمل: 27. [2] الأبيات لأبي دهبل الجمحي في ديوانه 85، والمستقصى 1/51، وليزيد بن معاوية في ديوانه 22، والمقاصد النحوية 1/48، ومعجم البلدان 5/42 (الماطرون) ، وللأحوص الأنصاري في ديوانه 221، وليزيد أو للأحوص في الخزانة 7/309، والكامل 1/226- 227 (طبعة المعارف) ، والثاني للأخطل في اللسان والتاج (دسكر) ، والثالث له في اللسان (مطرن) . [3] اكتنع الليل: حضر ودنا. «اللسان: كنع» . أمرّ: صار مرّا. [4] الدسكرة: بناء كالقصر حوله بيوت للأعاجم؛ يكون فيها الشراب والملاهي. «اللسان: دسكر» . [5] الماطرون: موضع بالشام قرب دمشق. معجم البلدان 5/42.

948 -[استطراد لغوي]

عند غيري فالتمس رجلا ... يأكل التّنّوم والسّلعا [1] ذاك شيء لست آكله ... وأراه مأكلا فظعا وقال أبو النّجم في مثل ذلك [2] : [من الرجز] 1- وكان نشّاب الرّياح سنبله ... واخضرّ نبتا سدره وحرمله [3] 3- وابيضّ إلّا قاعه وجدوله ... وأصبح الرّوض لويّا حوصله [4] 5- واصفرّ من تلع فليج بقله ... وانحتّ من حرشاء فلج خردله [5] 7- وانشقّ عن فصح سواء عنصله ... وانتفض البروق سودا فلفله [6] 9- واختلف النّمل قطارا ينقله ... طار عن المهر نسيل ينسله [7] 948-[استطراد لغوي] قال أبو زيد: الحمكة القملة، وجمعه حمك. وقد ينقاس ذلك في الذّرّة. قال أبو عبيدة: قرية النمل من التّراب [8] ، وهي أيضا جرثومة النمل. وقال غيره: قرية النمل ذلك التراب والجحر بما فيه من الذرّ والحبّ والمازن. والمازن هو البيض، وبه سمّوا مازن.

_ [1] التنّوم: شجر له حمل صغار كمثل حب الخروع، ويتفلق عن حب يأكله أهل البادية. «اللسان: تنم» . [2] ديوان أبي النجم 157- 159، والرابع في اللسان (حصل) ، والتهذيب 4/241، والسادس والتاسع في اللسان والتاج (قطر، حرش) ، وبلا نسبة في الجمهرة 218، 513، والسادس في المقاييس 2/39، و (6، 8، 9) بلا نسبة في الاشتقاق 298، و (7، 8) في التاج (نفض) ، والجمهرة 218، و (8) في اللسان والتاج (فلل) ، و (8، 9) في أساس البلاغة (فلل) ، و (10) في اللسان والتاج (عتل) . [3] في ديوانه: (السدر: شجر النبق. الحرمل: نبت له ورق كورق الصفصاف) . [4] في ديوانه: (حوصله: مجتمع الماء فيه) . [5] في ديوانه: (التلع: السيل؛ أو مجرى الماء من مكان عال. الفليج: المتسع ذو الأفلاج، والأفلاج: الأودية الصغيرة. انحتّ: سقط وطاح. الحرشاء: اسم لخردل البر) . [6] في ديوانه: (انشق: انفتح وكبّ ثمرته بعد أن أتم النضج. العنصل: بصل البر. البروق: شجر هش ضعيف له ثمر حبه أسود صغير كالفلفل) . [7] في ديوانه: (القطار أصلا أن تتلو الإبل بعضها مقطورة، وكذا جاء النمل يجمع الحب بجد ونشاط. النسيل: الساقط من الريش والصوف والشعر) . [8] في المخصص 8/120: (قرية النمل وجرثومته: ما يجمع من التراب) .

949 -[شعر في التعذيب بالنمل]

قال أبو عمرو: الزّبال ما حملت النملة بفيها، وهو قول ابن مقبل [1] : [من المتقارب] كريم النّجار حمى ظهره ... فلم يرتزأ بركوب زبالا [2] 949-[شعر في التعذيب بالنمل] وأنشد ابن نجيم: [من الخفيف] هلكوا بالرّعاف والنمل طورا ... ثمّ بالنّحس والضّباب الذّكور وقال الأصمعيّ في تسليط الله الذّرّ على بعض الأمم [3] : [من الخفيف] لحقوا بالزّهويين فأمسوا ... لا ترى عقر دارهم بالمبين سلّط الله فازرا وعقيفا ... ن فجازاهم بدار شطون يتبع القارّ والمسافر منهم ... تحت ظلّ الهدى بذات الغصون فازر، وعقيفان: صنفان من الذّرّ. وكذلك ذكروه عن دغفل بن حنظلة الناسب [4] . ويقال: إنّ أهل تهامة هلكوا بالرّعاف مرتين. قال: وكان آخر من مات بالرّعاف من سادة قريش، هشام بن المغيرة. قال أميّة بن أبي الصّلت في ذلك [5] : [من الخفيف] نزع الذّكر في الحياة وغنا ... وأراه العذاب والتّدميرا [6] أرسل الذّرّ والجراد عليهم ... وسنينا فأهلكتهم ومورا [7]

_ [1] ديوان ابن مقبل 237 (176) ، واللسان والتاج (رزأ، زبل) ، والجمهرة 334، والتهذيب 13/216، وديوان الأدب 1/466، وهو لابن أحمر في أساس البلاغة (زبل) ، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في المخصص 8/120. [2] في ديوانه: (النجار: الأصل. الزبال: ما تحمل النملة بفيها، والمعنى أنه فحل لم يركب وأودع للفحلة) . [3] البيت الثاني بلا نسبة في اللسان والتاج (عقف) ، والتهذيب 1/266، وروايته: (سلّط الذرّ فازر أو عقيفا ... ن فأجلاهم لدار شطون) . [4] في اللسان: (قال دغفل النسابة: ينسب النمل إلى عقفان والفازر. فعقفان جدّ السود، والفازر: جد الشقر) . [5] ديوان أمية 402، 404، 405. [6] رواية صدره في ديوانه: (سلب الذكر في الحياة جزاء) . [7] في ديوانه: (عليهم: الضمير لآل فرعون، لأن الله أهلكهم بالطوفان والجراد. والمور: التراب تثيره الرياح) .

950 -[النبي سليمان والنملة]

ذكر الذّرّ إنّه يفعل الشر ... رّ وإن الجراد كان ثبورا [1] 950-[النبي سليمان والنملة] وقرأ أبو إسحاق قوله عز وجلّ: وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ. حَتَّى إِذا أَتَوْا عَلى وادِ النَّمْلِ [2] ، فقال [3] : كان ذلك الوادي معروفا بوادي النمل، فكأنّه كان حمى. وكيف ننكر أن يكون حمى؟! والنّمل ربّما أجلت أمّة من الأمم عن بلادهم. ولقد سألت أهل كسكر فقلت: شعيركم عجب، وأرزكم عجب، وسمككم عجب، وجداؤكم عجب، وبطّكم عجب، ودجاجكم عجب، فلو كانت لكم أعناب! فقالوا: كلّ أرض كثيرة النّمل لا تصلح فيها الأعناب. ثمّ قرأ: قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ [4] فجعل تلك الجحرة مساكن. والعرب تسميها كذلك ثمّ قال: لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ [4] فجمعت من اسمه وعينه، وعرفت الجند من قائد الجند، ثم قالت: وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ فكانوا معذورين، وكنتم ملومين، وكان أشدّ عليكم. فلذلك قال: فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها [5] لما رأى من بعد غورها وتسديدها، ومعرفتها. فعند ذلك قال: رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ [5] 951-[أمثال في النمل] قال: ويقال: «ألطف من ذرّة» و: «أضبط من نملة» [6] . قال: والنملة أيضا: قرحة تعرض للسّاق، وهي معروفة في جزيرة العرب. قال: ويقال: «أنسب من ذرّة» .

_ [1] في ديوانه: (الثبور: الهلاك، وصفه بالمصدر، يريد أنه مهلك) . [2] 17- 18/النمل: 27. [3] ثمار القلوب 345 (639) . [4] 18/النمل: 27. [5] 19/النمل: 27. [6] المستقصى 1/214، ومجمع الأمثال 1/427، وجمهرة الأمثال 2/12، والدرة الفاخرة 1/282.

952 -[تفسير بيت من الشعر]

952-[تفسير بيت من الشعر] فأمّا قوله [1] : [من الخفيف] لو يدبّ الحوليّ من ولد الذّ ... رّ عليها لأندبتها الكلوم فإنّ الحوليّ منها لا يعرف من مسانّها، وإنما هو كما قال الشاعر: [من الطويل] تلقّط حوليّ الحصى: في منازل ... من الحيّ أمست بالحبيبين بلقعا قال: وحوليّ الحصى: صغارها. فشبّهه بالحوليّ من ذوات الأربع. 953-[أحاديث في النمل] ابن جريج، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس، أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «من الدّوابّ أربع لا يقتلن: النّملة، والنّحلة، والصّرد، والهدهد» . وحدّثنا عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي، قال: حدّثنا الحسن بن سعد، مولى علي بن عبد الرحمن بن عبد الله قال: «نزل رسول الله صلّى الله عليه وسلم منزلا فانطلق لحاجته، فجاء وقد أوقد رجل على قرية نمل، إمّا في شجرة وإمّا في أرض، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من فعل هذا؟! أطفئها أطفئها!» . ويحيى بن أيوب، عن أبي زرعة بن جرير، قال أنبأنا أبو زرعة عن أبي هريرة قال: «نزل نبيّ من الأنبياء تحت شجرة، فعضّته نملة، فقام إلى نمل كثير تحت شجرة فقتلهنّ، فقيل له: أفلا نملة واحدة؟!» [2] . وعبد الله بن زياد المدنيّ، قال: أخبرني ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة قال: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: نزل نبيّ من الأنبياء تحت شجرة، فقرصته نملة، فأمر بجهازه فأخرج من تحتها، ثمّ أمر بقرية النّمل فأحرقت، فأوحى الله إليه: أفي أن قرصتك نملة أهلكت أمّة من الأمم يسبّحون الله تعالى؟! فهلّا نملة واحدة!» [3] . يحيى بن كثير، قال: حدّثنا عمر بن المغيرة بن الحارث الزّمّاني، عن هشام

_ [1] ديوان حسان 433، والتاج (ندب) . [2] أخرجه البخاري في بدء الخلق برقم 3141، ومسلم في السلام برقم 2241. [3] أخرجه البخاري في الجهاد برقم 2856.

954 -[تأويل آية]

الدّستوائي قال: إنّ النّمل والذّرّ إذا كانا في الصّيف كلّه ينقلن الحبّ، فإذا كان الشتاء وخفن أن ينبت فلقنه. هشام بن حسّان، أنّ أهل الأحنف بن قيس لقوا من النّمل أذى، فأمر الأحنف بكرسيّ فوضع عند جحرهنّ، فجلس عليه ثمّ تشهّد فقال: لتنتهنّ أو لنحرّقنّ عليكنّ، أو لنفعلنّ أو لنفعلنّ! قال: فذهبن. وعوف بن أبي جميلة عن قسامة بن زهير قال: قال أبو موسى الأشعريّ: إنّ لكلّ شيء سادة، حتّى إنّ للنمل سادة. عبد الله بن زياد المدنيّ، قال: أنبأنا ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة قال: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: خرج نبيّ من الأنبياء بالناس يستسقون، فإذا هم بنملة رافعة رأسها إلى السماء، فقال ذلك النبيّ: ارجعوا فقد استجيب لكم من أجل هذا النّمل!» . مسعر بن كدام، قال حدّثنا زيد القمّيّ، عن أبي الصّدّيق النّاجي قال: «خرج سليمان بن داود- عليهما الصلاة والسلام- يستسقي فرأى نملة مستلقية على ظهرها، رافعة قوائمها إلى السماء وهي تقول: اللهمّ إنّا خلق من خلقك، ليس بنا غنى عن سقيك، فإمّا أن تسقينا وترزقنا، وإمّا أن تميتنا وتهلكنا! فقال: ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم!» [1] . 954-[تأويل آية] وحدثني أبو الجهجاه قال: سأل أبو عمرو المكفوف عن قوله تعالى: حَتَّى إِذا أَتَوْا عَلى وادِ النَّمْلِ قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ. فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها [2] فقلت له: إن نذيرا يعجب منه نبيّ من الأنبياء ثمّ يعظم خطره حتى يضحكه لعجيب! قال: فقال: ليس التأويل ما ذهبت إليه. قال: فإنّه قد يضحك النبيّ، عليه السلام، من الأنبياء من كلام الصبيّ، ومن نادرة غريبة. وكلّ شيء يظهر من غير معدنه، كالنّادرة تسمع من المجنون، فهو يضحك، فتبسّم سليمان عندي على أنّه استظرف ذلك المقدار من النّملة. فهذا هو التأويل.

_ [1] تفسير ابن كثير 3/372. [2] 18- 19/النمل: 27.

955 -[سادة النمل]

955-[سادة النمل] وقال أبو الجهجاه: سألته عن قول أبي موسى: إنّ لكلّ شيء سادة حتى الذّرّ. قال: يقولون: إنّ سادتها اللّواتي يخرجن من الجحر، يرتدن بجماعتها، ويستبقن إلى شمّ الذي هو من طعامهنّ. وقال زهير [1] : [من الطويل] وقال سأقضي حاجتي ثمّ أتّقي ... عدوّي بألف من ورائي ملجّم فشدّ ولم تفزع بيوت كثيرة ... لدى حيث ألقت رحلها أمّ قشعم [2] قال بعض العلماء: قرية النمل. 956-[استطراد لغوي] قال: ويقال في لسانه حبسة: إذا كان في لسانه ثقل يمنعه من البيان. فإذا كان الثّقل الذي في لسانه من قبل العجمة قيل: في لسانه حكلة. والحكل من الحيوان كلّه ما لم يكن له صوت يستبان باختلاف مخارجه، عند حرجه وضجره، وطلبه ما يغذوه، أو عند هياجه إذا أراد السّفاد، أو عند وعيد لقتال، وغير ذلك من أمره. 957-[سبب اختلاف كلام الناس في رأي الهند] وتزعم الهند أنّ سبب ما له كثر كلام الناس واختلفت صور ألفاظهم، ومخارج كلامهم، ومقادير أصواتهم في اللّين والشّدّة، وفي المدّ والقطع- كثرة حاجاتهم. ولكثرة حاجاتهم كثرت خواطرهم وتصاريف ألفاظهم، واتّسعت على قدر اتّساع معرفتهم. قالوا: فحوائج السّنانير لا تعدو خمسة أوجه: منها صياحها إذا ضربت، ولذلك صورة. وصياحها إذا دعت أخواتها وآلافها، ولذلك صورة. وصياحها إذا دعت أولادها للطّعم، ولذلك صورة. وصياحها إذا جاعت، ولذلك صورة. فلما قلّت وجوه المعرفة ووجوه الحاجات، قلّت وجوه مخارج الأصوات. وأصواتها تلك فيما بينها هو كلامها. وقالوا: ثمّ من الأشياء ما يكون صوتها خفيّا فلا يفهمه عنها إلا ما كان من

_ [1] البيتان من معلقته في ديوانه 29. [2] في ديوانه: (أم قشعم: الحرب؛ أو المنية) .

958 -[تفسير معنى الحكل]

شكلها. ومنها ما يفهم صاحبه بضروب الحركات والإشارات والشمائل. وحاجاتها ظاهرة جليّة، وقليلة العدد يسيرة. ومعها من المعرفة ما لا يقصّر عن ذلك المقدار، ولا يجوزه. وراضة الإبل، والرّعاء، وروّاض الدّوابّ في المروج، والسّوّاس، وأصحاب القنص بالكلاب والفهود، يعرفون باختلاف الأصوات والهيئات والتشوّف، واستحالة البصر، والاضطراب، ضروبا من هذه الأصناف، ما لا يعرف مثله من هو أعقل منهم، إذا لم يكن له من معاينة أصناف الحيوان ما لهم. فالحكل من الحيوان من هذا الشكل. وقد ذكرناه مرّة قال رؤبة [1] : [من الرجز] لو أنّني عمّرت عمر الحسل ... أو أنّني أوتيت علم الحكل علم سليمان كلام النّمل 958-[تفسير معنى الحكل] وقال أبو العباس محمّد بن ذؤيب الفقيميّ، وهو الذي يقال له العمانيّ في بعض قصائده في عبد الملك بن صالح. والعمانيّ ممن يعدّ ممن جمع الرّجز والقصيد، كعمر بن لجإ، وجرير بن الخطفي، وأبي النّجم وغيرهم. قال العمانيّ [2] : [من الطويل] ويعلم قول الحكل لو أنّ ذرّة ... تساود أخرى لم يفته سوادها يقول: الذّرّ الذي لا يسمع لمناجاته صوت، لو كان بينها سواد لفهمه. والسّواد هو السّرار. قال النبيّ صلى الله عليه وسلم لابن مسعود: «أذنك حتى أساودك» أي تسمع سوادي. وقالت ابنة الخسّ: قرب الوساد وطول السّواد [3] . قال أبو كبير الهذليّ [4] : [من الكامل] ساودت عنها الطّالبين فلم أنم ... حتى نظرت إلى السّماك الأعزل [5]

_ [1] ديوان رؤبة 131، واللسان والتاج (حكل) والبيان 1/40. [2] البيت في المعاني الكبير 636، والبيان 1/40، 325، وبهجة المجالس 1/423، وأساس البلاغة (حكل) ، وبلا نسبة في اللسان (حكل) ، والمختار من شعر بشار 8. [3] ورد قولها في البيان 1/324، ومجالس ثعلب 304، وربيع الأبرار 3/158، وهو من الأمثال في المستقصى 1/195، ومجمع الأمثال 2/93، وجمهرة الأمثال 2/114، 126. [4] شرح أشعار الهذليين 1079، واللسان (سهر) . [5] السماك الأعزل: نجم وقّاد؛ شبهوه بالأعزل من الرجال، وهو الذي لا سلاح معه، وهو منزل القمر. العمدة 2/254.

959 -[بين الأصمعي والمفضل]

وقال النمر بن تولب [1] : [من الكامل] ولقد شهدت إذا القداح توحّدت ... وشهدت عند اللّيل موقد نارها عن ذات أولية أساود ربّها ... وكأنّ لون الملح تحت شفارها وقد فسّرنا شأن الحكل. وقال التيميّ الشاعر المتكلم- وأنشد لنفسه وهو يهجو ناسا من بني تغلب معروفين-[2] : [من الكامل] عجم وحكل لا تبين، ودينها ... عبادة أعلاج عليها البرانس [3] ففصل بين الحكل والعجم مثل ذوات الحافر والظّلف والخفّ، وجعل الحكل كالذّرّ والنّمل والخنافس، والأشكال التي ليست تصيح من أفواهها. فقال لي يومئذ حفص الفرد: أشهد أنّ الذي يقال فيه حقّ، كان والله نصرانيّا، ثمّ صار يخبر عن النصارى كما يخبر عن الأعراب! 959-[بين الأصمعي والمفضّل] وقال الأصمعيّ للمفضّل، لما أنشد المفضّل جعفر بن سليمان قول أوس بن حجر [4] : [من المنسرح] وذات هدم عار نواشرها ... تصمت بالماء تولبا جدعا [5] فجعل الذّال معجمة، وفتحها، وصحّف، وذهب إلى الأجذاع. قال الأصمعيّ:

_ [1] ديوان النمر بن تولب 351، وأدب الكاتب 514، والسمط 783، والمخصص 14/67، والأول في اللسان والتاج (ولي) والتهذيب 15/453، والبيتان بلا نسبة في رصف المباني 369. [2] البيت في البيان 1/40، ورواية صدره: (ولكن حكلا لا تبين وديتها) . [3] العلج: الرجل من كفار العجم، والرجل القوي الضخم من الكفار. «اللسان: علج» . البرانس: جمع برنس: وهو كل ثوب رأسه منه ملتزق به، أو هو قلنسوة طويلة كان النساك يلبسونها في صدر الإسلام. «اللسان: برنس» . [4] البيت لأوس بن حجر في ديوانه 55، والخصائص 3/306، واللسان (تلب، جدع، هدم) ، والتاج (تلب، هدم) ، والتهذيب 1/346، والمخصص 14/64، والمزهر 2/378، ولبشر بن أبي خازم في ديوانه 127 (150) ، ولبشر أو لأوس في التاج (جدع) ، وبلا نسبة في الجمهرة 1313، والمقاييس 1/432، وديوان الأدب 2/35، والعقد الفريد 2/483. [5] في ديوان بشر: (الهدم: الثوب الخلق الرث، وذات هدم: يعني امرأة ضعيفة. النواشر: عروق السواعد. تولب: أراد به طفلها؛ وهو في الأصل ولد الحمار. الجدع: السيئ الغذاء) .

960 -[تحريم الكلام لدى اليهود والنصارى]

إنما هي: «تولبا جدعا» الدّال مكسورة. وفي الجدع يقول أبو زبيد [1] : [من البسيط] ثمّ استقاها فلم يقطع نظائمها ... عن التضبّب لا عبل ولا جدع وإنما ذلك كقول ابن حبناء الأشجعي: [من الوافر] وأرسل مهملا جدعا وخفّا ... ولا جدع النّبات ولا جديب فنفخ المفضّل، ورفع بها صوته، وتكلّم وهو يصيح. فقال الأصمعي: لو نفخت بالشّبّور لم ينفعك! تكلّم بكلام النّمل وأصب! والشّبّور: شيء مثل البوق، والكلمة بالفارسية. وهو شيء يكون لليهود، إذا أراد رأس الجالوت أن يحرّم كلام رجل منهم نفخوا عليه بالشّبّور. 960-[تحريم الكلام لدى اليهود والنصارى] وليس تحريم الكلام من الحدود القائمة في كتبهم، ولكنّ الجاثليق ورأس الجالوت، لا يمكنهما في دار الإسلام حبس ولا ضرب، فليس عندهما إلّا أن يغرّما المال، ويحرّما الكلام. على أنّ الجاثليق كثيرا ما يتغافل عن الرّجل العظيم القدر، الذي له من السّلطان ناحية. وكان طيمانو رئيس الجاثليق، قد همّ بتحريم كلام عون العباديّ، عندما بلغه من اتخاذ السّراري، فتوعّده وحلف: لئن فعل ليسلمنّ! وكما ترك الأشقيل وميخاييل وتوفيل، سمل عين منويل- وفي حكمهم أنّ من أعان المسلمين على الرّوم يقتل؛ وإن كان ذا رأي سملوا عينيه ولم يقتلوه- فتركوا سنّتهم فيه. وقد ذكرنا شأنهم في غير ذلك، في كتابنا على النّصارى فإن أردته فاطلبه هنالك. 961-[معنى بيت لابن أبي ربيعة] وقال عمر بن أبي ربيعة [2] : [من الكامل] لو دبّ ذرّ فوق ضاحي جلدها ... لأبان من آثارهنّ حدور والحدر: الورم والأثر يكون عن الضّرب.

_ [1] ديوان أبي زبيد 645، والطرائف الأدبية 100، وأساس البلاغة (جدع) . [2] ديوان عمر بن أبي ربيعة 125، واللسان والتاج وأساس البلاغة (حدر) ، وبلا نسبة في اللسان (بين) ، والمخصص 2/80، والتهذيب 4/408، والعين 3/179.

962 -[التكني بالنمل]

962-[التكنّي بالنمل] وقد يسمّى بنملة ونميلة، ويكتنون بها. وتسمّوا بذرّ، واكتنوا بأبي ذرّ. ويقال: سيف في متنه ذرّ، وهو ذرّيّ السّيف. 963-[أشعار تصف السيف] وقال ابن ضبّة [1] : [من الهزج] وقد أغدو مع الفتيا ... ن بالمنجرد التّرّ [2] وذى البركة كالتّابو ... ت والمحزم كالقرّ [3] معي قاضبة كالمل ... ح في متنيه كالذّرّ وقد أعتسر الضّرب ... ة تثني شثن الشّتر وقال الآخر: [من الوافر] تكاد الرّيح ترميها صرارا ... وترجف إن يلثّمها خمار وتحسب كلّ شيء قيل حقّا ... ويرعب قلبها الذّرّ الصّغار وقال أوس بن حجر، في صفة السّيف [4] : [من الطويل] كأن مدبّ النّمل يتّبع الرّبا ... ومدرج ذرّ خاف بردا فأسهلا [5] على صفحتيه بعد حين جلائه ... كفى بالّذي أبلى وأنعت منصلا [6] قال [7] : وخطب إلى عقيل بن علّفة بعض بناته رجل من الحرقة من جهينة، فأخذه فشدّه قماطا، ودهن استه بربّ وقمطه وقرّبه من قرية النّمل، فأكل النمل حشوة بطنه.

_ [1] الأبيات في الوحشيات 74، واللسان والتاج (ترر) ، والتهذيب 14/249، والجمهرة 325، 355، وأساس البلاغة (ثرر) . [2] المنجرد: الفرس السبّاق القصير الشعر. (القاموس: جرد) . التر: السريع الركض والمعتدل الأعضاء من الخيل. (القاموس: ترر) . [3] البركة: الصدر. (القاموس: برك) . القر: الهودج. (القاموس: قرر) . [4] ديوان أوس بن حجر 85، والشعر والشعراء 100، والأول في عيون الأخبار 2/187، ومعاهد التنصيص 1/135. [5] في ديوانه: (يقول: اشتد على النمل البرد في أعلى الوادي فأسهل، أي أتى السهل فاستبان أثره) . [6] في ديوانه: (الجلاء: الصقل. أبلي: أشفيك من نعته وأحدثك عنه. النصل: السيف) . [7] الخبر في الأغاني 12/255 برواية مختلفة.

964 -[ذكر النمل في الشعر]

964-[ذكر النمل في الشعر] وقال ذو الرّمّة [1] : [من الطويل] وقرية لا جنّ ولا أنسيّة ... مداخلة أبوابها بنيت شزرا [2] نزلنا بها ما نبتغي عندها القرى ... ولكنّها كانت لمنزلنا قدرا وقال أبو العتاهية [3] : [من الكامل] أخبث بدار همّها أشب ... جثل الفروع كثيرة شعبه إنّ استهانتها بمن صرعت ... لبقدر ما تعلو به رتبه وإذا استوت للنّمل أجنحة ... حتى يطير فقد دنا عطبه وقال البعيث: [من الطويل] ومولى كبيت النمل لا خير عنده ... لمولاه إلّا سعيه بنميم 965-[أقوال في النمل] قال: وقد سمعت بعض الأعراب يقول: إنّه لنمام نمليّ. على قولهم: «كذب عليّ نمل» إذا أرادوا أن يخبروا أنه نمام. وقال حميد بن ثور، في تهوين قوّة الذّرّ [4] : [من الطويل] منعّمة، لو يصبح الذّرّ ساريا ... على جلدها بضّت مدارجه دما وقال الله عز وجل: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ. وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ [5] . قال: وقيل لعائشة- رضي الله تعالى عنها، وقد تصدّقت بحبّة عنب-: أتصدّقين بحبّة عنب؟! قالت: «إن فيها لمثاقيل ذرّ» [6] .

_ [1] ديوان ذي الرمة 1432، والمعاني الكبير 636، وشروح سقط الزند 1556. [2] في ديوانه: (يريد قرية النمل. «مداخلة» : بعضها في بعض، وقوله: «بنيت شزرا» ، أي: ليست بمستقيمة، هي معوجّة) . [3] ديوان أبي العتاهية 49، وثمار القلوب 346 (641) . [4] ديوان حميد بن ثور 17، وعيون الأخبار 4/144، والأغاني 4/354. [5] 7- 8/الزلزلة: 99. [6] ورد قول عائشة رضي الله عنها في تفسير الآية التي تقدمت، انظر تفسير ابن كثير 4/577.

966 -[لغز في النمل]

966-[لغز في النّمل] وممّا قيل في الشّعر من اللّغز [1] : [من المتقارب] فما ذو جناح له حافر ... وليس يضرّ ولا ينفع يعني النّمل. فزعم أنّ للنّمل حافرا، وإنّما يحفر جحره، وليس يحفره بفمه. 967-[التعذيب بالنمل] وعذّب عمر بن هبيرة سعيد بن عمرو الحرشيّ بأنواع العذاب فقيل له: إن أردت ألّا يفلح أبدا فمرهم أن ينفخوا في دبره النّمل. ففعلوا فلم يفلح بعدها. 968-[ما يّدخر قوته من الحيوان] قالوا: وأجناس من الحيوان تدّخر، وتشبّه في ذلك بالإنسان ذي العقل والرّويّة، وصاحب النّظر في العواقب، والتفكير في الأمور: مثل الذّرّ، والنّمل، والفأر، والجرذان، والعنكبوت، والنّحل. إلّا أنّ النحل لا يدّخر من الطعام إلّا جنسا واحدا، وهو العسل. 969-[أكل الذّرّ والضباع للنمل] وزعم اليقطريّ أنّك لو أدخلت نملة في جحر ذرّ لأكلتها، حتى تأتي على عامّتها. وذكر أنّه قد جرّب ذلك. وقال صاحب المنطق: إنّ الضّباع تأكل النمل أكلا ذريعا، وذلك أن الضّباع تأتي قرية النّمل في وقت اجتماع النّمل، فتلحس ذلك النّمل بلسانها، بشهوة شديدة، وإرادة قويّة. 970-[أكل النمل للأرضة] قالوا: وربّما أفسدت الأرضة على أهل القرى منازلهم، وأكلت كلّ شيء لهم. ولا تزال كذلك حتى ينشو في تلك القرى النّمل، فيسلّط الله ذلك النّمل على تلك الأرضة، حتى تأتي على آخرها. وعلى أنّ النّمل بعد ذلك سيكون له أذى، إلّا أنّه دون الأرضة تعدّيا. وما أكثر ما يذهب النّمل أيضا من تلك القرى، حتى تتمّ لأهلها السّلامة من النّوعين جميعا.

_ [1] البيت في محاضرات الأدباء 2/305.

971 -[مثل في النمل]

وزعم بعضهم أنّ تلك الأرضة بأعيانها تستحيل نملا، وليس فناؤها لأكل النّمل لها، ولكنّ الأرضة نفسها تستحيل نملا. فعلى قدر ما يستحيل منها يرى النقص [1] في عددها. ومضرّتها على الأيام. 971-[مثل في النمل] قال: وبالنّمل يضرب المثل؛ يقال: «جاؤوا مثل النّمل» [1] . والزّنج نوعان [2] : أحدهما يفخر بالعدد، وهم يسمّون النّمل، والآخر يفخر بالصّبر وعظم الأبدان، وهم يسمّون الكلاب. وأحدهما يكبو والآخر ينبو. فالكلاب تكبو، والنّمل تنبو [2] . 972-[أجنحة النّمل سبب هلاكها] قال: ومن أسباب هلاك النّمل نبات الأجنحة له. وقد قال الشاعر [3] : [من الكامل] وإذا استوت للنّمل أجنحة ... حتى يطير فقد دنا عطبه وإذا صار النّمل كذلك أخصبت العصافير؛ لأنها تصطادها في حال طيرانها. 973-[وسيلة لقتل النمل] قالوا [4] : وتقتل بأن يصبّ في أفواه بيوتها القطران والكبريت الأصفر، ويدسّ في أفواهها الشّعر. وقد جرّبنا ذلك فوجدناه باطلا. انتهى.

_ [1] في المستقصى 2/48: «جاءت مثل النمل» . [2] البيان 3/51، ورسائل الجاحظ 1/211 «رسالة فخر السودان» . [3] البيت لأبي العتاهية في ديوانه 49، وثمار القلوب 346 (641) . [4] ربيع الأبرار 5/482.

باب جملة القول في القرد والخنزير

باب جملة القول في القرد والخنزير وفي تأويل المسخ، وكيف كان، وكيف يمسخ الناس على خلقتهما دون كلّ شيء، وما فيهما من العبرة والمحنة؛ وفي خصالهما المذمومة، وما فيهما من الأمور المحمودة؛ وما الفصل الذي بينهما في النّقص، وفي الفضل، وفي الذمّ وفي الحمد. 974-[ذكر الحيوان في القرآن] وقد ذكر الله عزّ وجلّ في القرآن العنكبوت، والذّرّ والنّمل، والكلب، والحمار، والنّحل، والهدهد، والغراب، والذئب، والفيل والخيل، والبغال، والحمير، والبقر، والبعوض، والمعز، والضأن، والبقرة، والنعجة، والحوت، والنّون. فذكر منها أجناسا، فجعلها مثلا في الذّلّة والضّعف، وفي الوهن، وفي البذاء، والجهل. وقال الله عزّ وجلّ: إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها [1] فقلّلها كما ترى وحقّرها، وضرب بها المثل. وهو مع ذلك جلّ وعلا، لم يمسخ أحدا من حشو أعدائه وعظمائهم بعوضة. وقال تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ [2] . إنّما قرّع الطالب في هذا الموضع [3] بإنكاره وضعفه، إذ عجز ضعفه عن ضعف مطلوب لا شيء أضعف منه، وهو الذباب. ثمّ مع ذلك لم نجده جلّ وعلا، ذكر أنّه مسخ أحدا ذبابا. وقال: وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ [3] فدلّ بوهن بيته على وهن خلقه، فكان هذا القول دليلا على التّصغير والتّقليل. وإنما لم يقل: إنّي مسخت أحدا من أعدائي عنكبوتا.

_ [1] 26/البقرة: 2. [2] 73/الحج: 22. [3] 41/العنكبوت: 29، وانظر ثمار القلوب (635) ففيه التعليق نفسه الذي أورده الجاحظ.

وقال تعالى: فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ [1] فكان في ذلك دليل على ذمّ طباعه، والإخبار عن تسرّعه وبذائه. وعن جهله في تدبيره، وتركه وأخذه. ولم يقل إني مسخت أحدا من أعدائي كلبا. وذكر الذّرّة فقال: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ. وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ [2] فكان ذلك دليلا على أنّه من الغايات في الصّغر والقلّة، وفي خفّة الوزن وقلة الرجحان. ولم يذكر أنّه مسخ أحدا من أعدائه ذرّة. وذكر الحمار فقال: كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً [3] فجعله مثلا في الجهل والغفلة، وفي قلّة المعرفة وغلظ الطّبيعة. ولم يقل إنّي مسخت أحدا من أعدائي حمارا. وكذلك جميع ما خلق وذكر من أصناف الحيوان بالذّمّ والحمد. فأمّا غير ذلك ممّا ذكر من أصناف الحيوان، فإنّه لم يذكره بذمّ ولا نقص، بل قد ذكر أكثرهنّ بالأمور المحمودة، حتّى صار إلى ذكر القرد فقال: وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ [4] فلم يكن لهما في قلوب النّاس حال. ولو لم يكن جعل لهما في صدور العامّة والخاصّة من القبح والتّشويه، ونذالة النّفس، ما لم يجعله لشيء غيرهما من الحيوان، لما خصّهما الله تعالى بذلك. وقد علمنا أنّ العقرب أشدّ عداوة وأذى، وأفسد، وأنّ الأفعى والثّعبان وعامّة الأحناش، أبغض إليهم وأقتل لهم، وأنّ الأسد أشدّ صولة، وأنّهم عن دفعهم له أعجز، وبغضهم له على حسب قوّته عليهم، وعجزهم عنه، وعلى حسب سوء أثره فيهم. ولم نره تعالى مسخ أحدا من أعدائه على صورة شيء من هذه الأصناف. ولو كان الاستنذال والاستثقال والاستسقاط أراد، لكان المسخ على صورة بنات وردان أولى وأحقّ. ولو كان التّحقير والتّصغير أراد، لكانت الصّؤابة والجرجسة أولى بذلك. ولو كان إلى الاستصغار ذهب لكان الذّرّ والقمل والذّباب أولى بذلك. والدّليل على قولنا قوله تبارك وتعالى: إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ. طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ [5] وليس أن النّاس رأوا شيطانا قطّ على صورة، ولكن

_ [1] 176/الأعراف: 7. [2] 7- 8/الزلزلة: 99، وانظر التعليق نفسه في ثمار القلوب (645) . [3] 5/الجمعة: 62. [4] 60/المائدة: 5. [5] 64- 65/الصافات: 37، وانظر التعليق نفسه في ثمار القلوب (157) .

975 -[مساوئ الخنزير]

لما كان الله تعالى قد جعل في طباع جميع الأمم استقباح جميع صور الشّياطين، واستسماجه وكراهته، وأجرى على ألسنة جميعهم ضرب المثل في ذلك- رجع بالإيحاش والتّنفير، وبالإخافة والتقريع، إلى ما قد جعله الله في طباع الأوّلين والآخرين وعند جميع الأمم على خلاف طبائع جميع الأمم. وهذا التأويل أشبه من قول من زعم من المفسّرين، أنّ رؤوس الشّياطين نبات نبت باليمن. [وقول بعضهم: إن الشياطين ها هنا: الحيّات] [1] . وقال الله عزّ وجلّ لنبيّه: قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ، أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ، فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [2] فذكر أنه رجس، وذكر الخنزير، وهو أحد المسوخ، ولم يذكر في هذه الآية التي أحصى فيها أصناف الحرام، وأباح ما وراء ذلك- القرد. وصار بعضهم إلى تحريمه من جهة الحديث. وهو عند كثير منهم يحتمل المعارضة. 975-[مساوئ الخنزير] فلولا أنّ في الخنزير معنى متقدّما سوى المسخ، وسوى ما فيه من قبح المنظر وسماجة التمثيل، وقبح الصوت، وأكل العذرة، مع الخلاف الشديد واللّواط المفرط والأخلاق السمجة، ما ليس في القرد الذي هو شريكه في المسخ- لما ذكره دونه. 976-[تحريم الخنزير في القرآن، دون القرد] وقد زعم ناس أنّ العرب لم تكن تأكل القرود. وكان من تنصّر من كبار القبائل وملوكها يأكل الخنزير، فأظهر لذلك تحريمه؛ إذ كان هناك عالم من الناس، وكثير من الأشراف والوضعاء، والملوك والسّوقة، يأكلونه أشدّ الأكل، ويرغبون في لحمه أشدّ الرغبة. قالوا: ولأنّ لحم القرد ينهى عن نفسه. ويكفي الطبائع في الزّجر عنه غنثه. ولحم الخنزير ممّا يستطاب ويتواصف، وسبيل لحم القرد كسبيل لحم الكلب، بل هو شرّ

_ [1] الزيادة من ثمار القلوب (157) . [2] 145/الأنعام: 6.

977 -[أكل لحوم بعض الحيوانات]

منه وأخبث. وقد قال الشاعر للأسديّ الذي ليم بأكل لحم الكلب [1] : [من الرجز] يا فقعسيّ لم أكلته لمه ... لو خافك الله عليه حرّمه فما أكلت لحمه ولا دمه وليس يريد بقوله: «لو خافك الله عليه» أنّ الله يخافه على شيء أو يخافه من شيء. ولكنّه لمّا كان الكلب عنده مما لا يأكله أحد ولا يخاف على أكله إلّا المضطرّ، جعل بدل قوله: أمن الكلب على أكل لحمه، أنّ الله هو الذي لم يخف ذلك فيحرّمه. وهذا ممّا لا تقف الأعراب عليه، ولا تتّبع الوهم مواضعه؛ لأنّ هذا باب يدخل في باب الدّين، فيما يعرف بالنّظر. 977-[أكل لحوم بعض الحيوانات] وقد يأكل أجراء الكلاب ناس، ويستطيبونها فيما يزعمون. ويقولون: إنّ جرو الكلب أسمن شيء صغيرا، فإذا شبّ استحال لحمه، كأنّه يشبّه بفرخ الحمام مادام فرخا وناهضا، إلى أن يستحكم ويشتدّ. وما أكثر من يأكل السّنانير. والذين يأكلونها صنفان من الناس: أحدهما الفتى المغرور، الذي يقال له أنت مسحور، ويقال له: من أكل سنّورا أسود بهيما لم يعمل فيه السحر، فيأكله لذلك. فإذا أكله لهذه العلّة، وقد غسل ذلك وعصره، أذهب الماء زهومته، ولم يكن ذلك المخدوع بمستقذر ما استطابه. ولعلّه أيضا أن يكون عليه ضرب من الطّعام فوق الذي هو فيه، فإذا أكله على هذا الشّرط، ودبّر هذا التدبير، ولم ينكره، عاوده. فإذا عاوده صار ذلك ضراوة له. والصّنف الآخر أصحاب الحمام؛ فما أكثر ما ينصبون المصائد للسّنانير، التي يلقّون منها في حمامهم. وربّما صادف غيظ أحدهم وحنقه وغضبه عليه، أن يكون السّنّور مفرط السّمن، فيدع قتله ويذبحه. فإذا فعل ذلك مرّة أو مرتين، صار ضراوة عليها. وقد يتقزّز الرّجل من أكل الضّبّ والورل والأرنب، فما هو إلّا أن يأكله مرّة لبعض التّجربة، أو لبعض الحاجة، حتى صار ذلك سببا إلى أكلها، حتى يصير بهم الحال إلى أن يصيروا أرغب فيها من أهلها. وها هنا قوم لا يأكلون الجراد الأعرابيّ السمين، ونحن لا نعرف طعاما أطيب منه. والأعراب إنّما يأكلون الحيّات على شبيه بهذا الترتيب ولهذه العوارض.

_ [1] الرجز في اللسان (روح، لوم) ، والبخلاء 234، والمخصص 3/4، والمقاصد النحوية 4/555.

وزعم بعض الأطبّاء والفلاسفة، أنّ الحيّات والأفاعي تؤكل نيئة ومطبوخة، ومشويّة، وأنّها تغذو غذاء حسنا. وزعم أبو زيد، أنّه دخل على رؤبة، وعنده جرذان قد شواهنّ، فإذا هو يأكلهنّ، فأنكر ذلك عليه، فقال رؤبة: هنّ خير من اليرابيع والضّباب وأطيب؛ لأنها عندكم تأكل الخبز والتمر وأشباه ذلك. وكفاك بأكل الجرذان [1] ! ولولا هول الحيّات في الصّدور من جهة السّمرم، لكانت جهة التقذّر أسهل أمرا من الجرذان. وناس من السّفالة يأكلون الذّبّان. وأهل خراسان يعجبون باتخاذ البزماورد من فراخ الزّنابير، ويعافون أذناب الجراد الأعرابيّ السمين. وليس بين ريح الجراد إذا كانت مشويّة وبين ريح العقارب مشويّة فرق. والطّعم تبع للرائحة: خبيثها لخبيثها، وطيّبها لطيّبها. وقد زعم ناس، ممن يأكلون العقارب مشويّة ونيئة، أنها كالجراد السّمان. وكان الفضل بن يحيى يوجّه خدمه في طلب فراخ الزّنابير ليأكلها. وفراخها ضرب من الذّبان. فأمّا لحوم البراذين فقد كثر علينا وفينا، حتى أنسنا به. وزعم بعضهم أنّه لم يأكل أطيب من رأس برذون وسرّته. فأمّا السّرّة والمعرف [2] فإنهم يزاحمون بها الجداء والدّجاج. ويقدّمون الأسرام المحشوّة. ومن أصحابنا من يأكل السراطين أكلا ذريعا. فأما الرق [3] والكوسج [4] فهو من أعجب طعام البحريّين. وأهل البحر يأكلون البلبل فهو اللّحم الذي في جوف الأصداف. والأعرابيّ إذا وجد أسود سالخا، رأى فيه ما لا يرى صاحب الكسمير في كسميره.

_ [1] ورد الخبر في الأغاني 20/350، وفيه أنه يأكل الفئران. [2] المعرفة: موضع العرف من الفرس. [3] الرق: ضرب من دواب الماء يشبه التمساح، والرق أيضا: العظيم من السلاحف. حياة الحيوان 1/527. [4] الكوسج: نوع من السمك تنفر منه الحيوانات البحرية، وهي القرش. حياة الحيوان 2/299.

978 -[آيات في تعذيب الناس بالحيوان]

وخبّرني كم شئت من الناس، أنّه رأى أصحاب الجبن الرّطب بالأهواز وقراها، يأخذون القطعة الضّخمة من الجبن الرّطب، وفيها ككواء الزنابير، وقد تولّد فيها الدّيدان، فينفضها وسط راحته، ثمّ يقمحها في فيه، كما يقمح السّويق والسّكّر، أو ما هو أطيب منه. 978-[آيات في تعذيب الناس بالحيوان] وقد خبّر الله تعالى عن أصحاب النّقم، وما أنزل الله من العذاب، وما أخذ من الشكل والمقابلات، فقال: فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا [1] ، وقال: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ. أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ. وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ. تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ [2] . وليس من هذه الأصناف شيء أبلغ في المثلة والشّنعة، ممّن جعل منهم القردة والخنازير. 979-[الأهلي والوحشي من الحيوان] فالخنزير يكون أهليا ووحشيا، كالحمير والسّنانير، مما يعايش النّاس. وكلها لا تقبل الآداب. وإنّ الفهود وهي وحشيّة تقبل كلها، كما تقبل البوازي، والشّواهين، والصقورة، والزّرّق، واليؤيؤ، والعقاب، وعناق الأرض، وجميع الجوارح الوحشيّات. ثمّ يفضلها الفهد بخصلة غريبة وذلك أنّ كبارها ومسانّها أقبل للآداب، وإن تقادمت في الوحش، من أولادها الصغار، وإن كانت تقبل الآداب؛ لأنّ الصغير إذا أدّب فبلغ، خرج جبينا مواكلا، والمسنّ الوحشيّ يخلص لك كله، حتى يصير أصيد وأنفع. وصغار سباع الطّير وكبارها على خلاف ذلك، وإن كان الجميع يقبل الأدب. والخنزير وإن كان أهليّا فإنه لا يقبل الأدب على حال، حتى كأنّه- وإن كان بهيمة- في طباع ذئب. وذلك أن أعرابيّا أخذ جرو ذئب وكان التقطه التقاطا، فقال: أخذته وهو لا يعرف أبويه ولا عملهما، وهو غرّ لم يصد شيئا، فهو إذا ربّيناه وألّفناه، أنفع لنا من

_ [1] 40/العنكبوت: 29. [2] /الفيل: 105.

980 -[ضرر الخنزير]

الكلب. فلمّا شبّ عدا على شاة له فقتلها وأكل لحمها، فقال الأعرابيّ [1] : [من الوافر] أكلت شويهتي وربيت فينا ... فمن أدراك أنّ أباك ذيب فالذئب وجرو الذئب إذا كانا سبعين وحشيّين كانا ثمّ من أشدّ الوحش توحّشا وألزمها للقفار، وأبعدها من العمران. والذّئب أغدر من الخنزير والخنّوص [2] وهما بهيمتان. 980-[ضرر الخنزير] وأمّا ضرره وإفساده، فما ظنّك بشيء يتمنّى له الأسد؟! وذلك أن الخنازير إذا كانت بقرب ضياع قوم، هلكت تلك الضّياع، وفسدت تلك الغلّات. وربّما طلب الخنزير بعض العروق المدفونة في الأرض فيخرّب مائة جريب، ونابه ليس يغلبه معول. فإذا اشتدّ عليهم البلاء تمنّوا أن يصير في جنبتهم أسد. ولربّما صار في ضياعهم الأسد فلا يهيجونه، ولا يؤذونه، ولو ذهب إنسان ليحفر له زبية منعوه أشدّ المنع؛ إذ كان ربّما حمى جانبهم من الخنازير فقط. فما ظنّك بإفسادها، وما ظنّك ببهيمة يتمنّى أن يكون بدلها أسد؟! ثمّ مع ذلك إذا اجتمعوا للخنازير بالسّلاح، وبالآلات والأدوات التي تقتل بها، فربّما قتل الرّجل منهم، أو عقره العقر الذي لا يندمل؛ لأنّه لا يضرب بنابه شيئا إلّا قطعه، كائنا ما كان. فلو قتلوا في كلّ يوم منها مائة وقتلت في كلّ يوم إنسانا واحدا، لما كان في ذلك عوض. والخنازير تطلب العذرة، وليست كالجلّالة [3] ؛ لأنها تطلب أحرّها وأرطبها وأنتنها، وأقربها عهدا بالخروج. فهي في القرى تعرف أوقات الصّبح والفجر، وقبل ذلك وبعده؛ لبروز النّاس للغائط. فيعرف من كان في بيته نائما في الأسحار ومع الصّبح، أنّه قد أسحر وأصبح، بأصواتها ومرورها، ووقع أرجلها في تلك الغيطان، وتلك المتبرّزات. وبذلك ضربوا المثل ببكور الخنزير، كما ضربوا المثل بحذر الغراب وروغان الثّعلب.

_ [1] الخبر والبيت في عيون الأخبار 2/5، وثمار القلوب (581) ، ومجمع الأمثال 1/446، والمستقصى 1/233، وجمهرة الأمثال 2/30، والدرة الفاخرة 294، والتذكرة الحمدونية 2/248، ومحاضرات الأدباء 1/122 (1/249) . [2] الخنوص: ولد الخنزير. (القاموس: خنص) . [3] الجلّالة: البقرة تتبع النجاسات، والجلة: البعرة. (القاموس: جلل) .

981 -[بعض أسباب مسخ الإنسان]

على أنّ الثّعلب ليس بأروغ من الخنزير، ولا أكدّ للفارس، ولا أشدّ إتعابا لصاحبه. 981-[بعض أسباب مسخ الإنسان] [1] فأمّا قبح وجهه فلو أنّ القبح [2] والإفلاس، والغدر والكذب، تجسّدت ثمّ تصوّرت لما زادت على قبح الخنزير. وكلّ ذلك بعض الأسباب التي مسخ لها الإنسان خنزيرا. وإنّ القرد لسمج الوجه، قبيح [في] [3] كلّ شيء. وكفاك به أنّه للمثل المضروب- ولكنّه في وجه آخر مليح. فملحه يعترض على قبحه فيمازجه ويصلح منه. والخنزير أقبح منه لأنّه ضرب مصمت بهيم. فصار أسمج ببعيد. 982-[نزو الذكر على الذكر] وحدّثني بعض أهل العلم، ممّن طال ثواؤه في أرض الجزيرة، وكان صاحب أخبار وتجربة، وكان كلفا يحبّ التبيّن، معترضا للأمور، يحبّ أن يفضي إلى حقائقها، وتثبيت أعيانها بعللها، وتمييز أجناسها، وتعرّف مقادير قواها وتصرّف أعمالها، وتنقّل حالاتها؛ وكان يعرف للعلم قدره، وللبيان فضله. قال: ربّما رأيت الخنزير الذّكر وقد ألجأه أكثر من عشرين خنزيرا إلى مضيق، وإلى زاوية، فينزون عليه واحدا واحدا، حتى يبلغ آخرهم. وخبّرني هذا الرّجل وغيره من أهل النظر وأصحاب الفكر، أنّهم رأوا مثل ذلك من الحمير. وذكروا أنّ ذلك إما تأنيت في طبعه، وإمّا أن يكون له في أعينها من الاستحسان شبيه بالذي يعتري عيون بعض الرجال في الغلمان، والأحداث الشّباب. وقد يكون هذا بين الغزانق والكراكيّ. والتّسافد بين الذّكر والأنثى. والسافد والمسفود إذا كانا من جميع الذكورة، كثير في جميع أصناف الحيوان، إلّا أنّه في جميع الخنازير والحمير أفشى. وأمّا تسافد الحمام الذّكر والأنثى للذّكر، فأكثر من أن يكون فيه تنازع.

_ [1] وردت هذه الفقرة في ثمار القلوب 321 (598) . [2] في ثمار القلوب (الكفر) . [3] إضافة من ثمار القلوب.

983 -[معارف في الخنزير]

983-[معارف في الخنزير] وباب آخر ممّا ذكر صاحب المنطق، فزعم أنّ من الخنازير ما له ظلف واحد، وليس لشيء من ذوات الأنياب في نابه من القوّة والذّرب ما للخنزير الذكر، وللجمل، والفهد، والكلب. قال: والإنسان يلقي أسنانه، وكذلك الحافر والخفّ. قال: والخنزير لا يلقي أسنانه البتّة. ويقال: إنّ عبد الصّمد بن عليّ لم يثغر قط، وأنّه دخل قبره بأسنان الصّبا. 984-[أسنان الذئب والحية] وزعم بعضهم أنّ أسنان الذّئب مخلوقة في الفكّ، ممطولة في نفس العظم. وذلك ممّا توصف به أسنان الحيّة. قال الشّاعر: [من السريع] مطلن في اللّحيين مطلا إلى ... الرّأس وأشداق رحيبات والشّاعر يمدح الشيء فيشدّد أمره، ويقوّي شأنه، وربّما زاد فيه، ولعلّ الذي قال في الذّئب ما قال، هذا أراد. ولا يشكّون أنّ الضّبع كذلك. 985-[مرق لحم الحيوان] قال وليس يجمد مرق لحم الحيوان السّمين، مثل الخنزير والفرس، وأمّا ما كان كثير الثرب فمرقته تجمد، مثل مرق لحم المعزى. 986-[طباع بعض الحيوان عند الهيج] قال: والخنزير الذّكر يقاتل في زمن الهيج، فلا يدع خنزيرا إلّا قتله، ويدنو من الشّجرة ويدلك جلده، ثمّ يذهب إلى الطين والحمأة فيتلطخ به، فإذا تساقط عاد فيه. قال: وذكورة الخنازير تطرد الذّكورة عن الإناث، وربّما قتل أحدهما صاحبه وربّما هلكا جميعا، وكذلك الثّيران والكباش والتّيوس في أقاطيعها، وهي قبل ذلك الزّمان متسالمة. والجمل في تلك الحالة لا يدع جملا ولا إنسانا يدنو من هجمته [1] . والجمل خاصّة يكره قرب الفرس، ويقاتله أبدا.

_ [1] الهجمة من الإبل: أولها أربعون، أو ما بين السبعين إلى المائة. (القاموس: هجم) .

987 -[مدد الحمل للحيوان]

ومثل هذا يعرض للذّئبة والذّئب. والأسد ليس ذلك من صفاتها؛ لأنّ بعضها لا يأوي إلى بعض، بل ينفرد كلّ واحد بلبؤته. وإذا كان للذّئبة الأنثى جراء ساءت أخلاقها وصعبت، وكذلك إناث الخيل والفيل: يسوء خلقها في ذلك الزّمان. والفيّالون يحمونها النّزو؛ لأنها إذا نزت جهلت جهلا شديدا، واعتراها هيج لا يقام له. وإذا كان ذلك الزّمان أجادوا عقله، وأرسلوه في الفيلة الوحشيّة. فأمّا الخنزير والكلب فإنهما لا يجهلان على النّاس؛ لمكان الألفة. قال: وزعم بعض النّاس أنّ إناث الخيل تمتلئ ريحا في زمان هيجها، فلا يباعدون الذّكورة عنها. وإذا اعتراها ذلك ركضت ركضا شديدا، ثمّ لا تأخذ غربا ولا شرقا، بل تأخذ في الشّمال والجنوب. ويعرض مثل هذا العرض لإناث الخنازير. فإذا كان زمن هياج الخنازير، تطأطئ رؤوسها، وتحرّك أذنابها تحريكا متتابعا، وتتغيّر أصواتها إذا طلبت السّفاد. وإذا طلبت الخنزيرة السّفاد بالت بولا متتابعا. 987-[مدد الحمل للحيوان] قال: وإناث الخنازير تحمل أربعة أشهر. وأكثر ما تحمل عشرون خنّوصا [2] . وإذا وضعت أجراء كثيرة لم تقو على رضاعها وتربيتها. قال: وإناث الخنازير تحمل من نزوة واحدة، وربّما كان من أكثر. وإذا طلبت الذّكر لم تنزع حتى تطاوع وتسامح، وترخي أذنابها. فإذا فعلت ذلك تكتفي بنزوة واحدة. ويعلف الذّكر الشّعير في أوان النّزو، ويصلح للأنثى. والخنزيرة تضع في أربعة أشهر، والشّاة في خمسة، والمرأة والبقرة في تسعة أشهر، والحافر كله في سنة. 988-[خصائص الخنزير] قال: ومتى قلعت العين الواحدة من الخنزير هلك. وكثير من الخنازير تبقى خمسة عشر عاما. والخنزير ينزو إذا تمّ له ثمانية أشهر، والأنثى تريد الذّكر إذا تمّت لها ستّة أشهر. وفي بعض البلدان ينزو إذا تمّ له أربعة أشهر، والخنزيرة إذا تمّت لها ستّة أشهر، ولكنّ أولادهما لا تجيء كما يريدون. وأجود النّزو أن يكون ذلك منه

989 -[الحلال والحرام من الطيبات في القرآن]

وهو ابن عشرة أشهر إلى ثلاث سنين. وإذا كانت الخنزيرة بكرا ولدت جراء ضعافا وكذلك البكر من كل شيء. 989-[الحلال والحرام من الطيبات في القرآن] وقال الله تبارك وتعالى: كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [1] ثمّ ذكر غير الطيّبات فقال: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ، وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ، ذلِكُمْ فِسْقٌ [2] ثمّ قال: هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ [3] وقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [4] . وقوله تعالى: طَيِّباتِ تحتمل وجوها كثيرة، يقولون: هذا ماء طيّب، يريدون العذوبة. وإذا قالوا للبرّ والشّعير والأرز طيّب، فإنما يريدون أنّه وسط، وأنّه فوق الدّون. ويقولون: فم طيّب الرّيح، وكذلك البرّ، يريدون أنّه سليم من النّتن، ليس أنّ هناك ريحا طيبة ولا ريحا منتنة. ويقولون: حلال طيّب، وهذا لا يحل لك، ولا يطيب لك، وقد طاب لك أي حل لك، كقول: فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ [5] . 990-[استطراد لغوي] قال طويس المغنّي لبعض ولد عثمان بن عفّان [6] : لقد شهدت زفاف أمّك المباركة إلى أبيك الطيّب. يريد الطّهارة. ولو قال: شهدت زفاف أمّك الطيّبة إلى أبيك المبارك، لم يحسن ذلك؛ لأنّ قولك طيّب إنّما يدلّ على قدر ما اتّصل به من الكلام.

_ [1] 172/البقرة: 2. [2] 3/المائدة: 5. [3] 160/المائدة: 5. [4] 87/المائدة: 5. [5] 3/النساء: 4. [6] الخبر في البيان 1/263، ورواية الخبر فيه: (قال سعيد بن عثمان بن عفان لطويس المغني: أيّنا أسف أنا أم أنت يا طاوس؟ قال: بأبي أنت وأمي؛ لقد شهدت زفاف أمك المباركة إلى أبيك الطيب) .

وقد قال الشّاعر [1] : [من الكامل] والطيّبون معاقد الأزر وقد يخلو الرّجل بالمرأة فيقول: وجدتها طيّبة. يريد طيّبة الكوم [2] ، لذيذة نفس الوطء. وإذا قالوا: فلان طيّب الخلق، فإنما يريدون الظّرف والملح. وقال الله عزّ وجلّ: حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ [3] يريد ريحا ليست بالضعيفة ولا القويّة. ويقال: لا يحلّ مال امرئ مسلم إلّا عن طيب نفس منه. وقال الله عزّ وجلّ: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً [4] وقال: لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ [5] وذلك إذ كانت طيّبة الهواء والفواكه، خصيبة. وقال: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ [6] ثم قال: الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ [7] . وفي هذا دليل على أنّ التأويل في امرأة نوح وامرأة لوط، عليهما السلام، على غير ما ذهب إليه كثير من أصحاب التّفسير: وذلك أنهم حين سمعوا قوله عزّ وجلّ: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما [8] فدلّ ذلك على أنّه لم يعن الخيانة في الفرج.

_ [1] صدر البيت: (النازلين بكل معترك) ؛ وهو للخرنق بنت بدر بن هفان في حماسة القرشي 367، وأشعار النساء 163، والحماسة البصرية 1/227، والأمالي 2/158، وأمالي المرتضى 1/206، والسمط 548، والخزانة 5/41، 42، 44، واللسان (نضر) ، وأساس البلاغة (أزر) ، والمقاصد النحوية 3/602، 4/72، والكتاب 1/202، 2/57، 58، 64، وشرح أبيات سيبويه 2/16. [2] كام المرأة: نكحها. (القاموس: كوم) . [3] 22/يونس: 10. [4] 4/النساء: 4. [5] 15/سبأ: 34. [6] 23/النور: 24. [7] 26/النور: 24. [8] 10/التحريم: 66.

وقد يقع اسم الخيانة على ضروب: أوّلها المال، ثمّ يشتقّ من الخيانة في المال الغشّ في النصيحة والمشاورة. وليس لأحد أن يوجّه الخبر إذا نزل في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وحرم الرّسل، على أسمج الوجوه، إذا كان للخبر مذهب في السّلامة، أو في القصور على أدنى العيوب. وقد علمنا أنّ الخيانة لا تتخطّى إلى الفرج حتّى تبتدئ بالمال. وقد يستقيم أن يكونا من المنافقين فيكون ذلك منهما خيانة عظيمة. ولا تكون نساؤهم زواني، فيلزمهم أسماء قبيحة. وقال الله عزّ وجلّ: فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً [1] وقال: فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالًا طَيِّباً [2] وقال: مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً [3] وقال تعالى: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ [4] وقال: وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ [5] و: مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ [6] وقال: وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ [7] فقوله: طيّب، يقع في مواضع كثيرة، وقد فصّلنا بعض ذلك في هذا الباب.

_ [1] 61/النور: 24. [2] 114/النحل: 16. [3] 97/النحل: 16. [4] 32/الأعراف: 7. [5] 26/إبراهيم: 14. [6] 24/إبراهيم: 14. [7] 57/البقرة: 2.

ثم رجع بنا القول إلى موضعنا من ذكر الخنزير

ثم رجع بنا القول إلى موضعنا من ذكر الخنزير ثمّ قال: قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [1] ألا تراه قد ذكر أصناف ما حرّم ولم يذكرها بأكثر من التّحريم، فلمّا ذكر الخنزير قال: فَإِنَّهُ رِجْسٌ ؟! فجعل الخنزير وإن كان غير ميتة أو ذكر الذّابح عليه اسم الله، أنّه رجس. ولا نعلم لهذا الوجه إلّا الذي خصّه الله به من ذكر المسخ، فأراد تعظيم شأن العقاب ونزول الغضب، وكان ذلك القول ليس ممّا يضرّ الخنزير، وفيه الزّجر عن محارمه، والتّخويف من مواضع عذابه. وإن قيل: ينبغي أن يكون مسخ صورة القرد، فهلّا ذكره في التحريم مع أصناف ما حرّم، ثمّ خصّه أيضا أنّه من بينها رجس، وهو يريد مذهبه وصفته؟ قلنا. إنّ العرب لم تكن تأكل القرود، ولا تلتمس صيدها للأكل. وكلّ من تنصّر من ملوك الرّوم والحبشة والصّين، وكلّ من تمجّس من ملك أو سوقة، فإنّهم كانوا يرون للحم الخنزير فضيلة، وأنّ لحومها ممّا تقوم إليه النفوس، وتنازع إليه الشّهوات. وكان في طباع الناس من التكرّه للحوم القردة، والتقذّر منها ما يغني عن ذكرها. فذكر الخنزير إذ كان بينهما هذا الفرق، ولو ذكر ذلك وألحق القرد بالخنزير لموضع التحريم، لكان ذلك إنما كان على وجه التوكيد لما جعله الله تعالى في طبائعهم من التكرّه والتقذّر، ولا غير ذلك. وقال الله عزّ وجلّ: وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصادِقُونَ [2] . 991-[بعض وجوه التحريم] وقد أنبأك كما ترى عن التّحريم أنّه يكون من وجوه: فمنها ما يكون كالكذب والظلم والغشم والغدر؛ وهذه أمور لا تحلّ على وجه من الوجوه. ومنها ما يحرم في العقل من ذبح الإنسان الطّفل. وجعل في العقول التبيّن بأنّ خالق الحيوان أو المالك له، والقادر على تعويضه، يقبح ذلك في السماع على ألسنة رسله.

_ [1] 45/الأنعام: 6. [2] 146/الأنعام: 6.

992 -[شعر في الخنزير]

وهذا ممّا يحرم بعينه لا أنه حرّم لعلة قد يجوز دفعها. والظلم نفسه هو الحرام، ولم يحرّم لعلة غير نفسه. وباب آخر، وهو ما جاء من طريق التعبّد، وما يعرف بالجملة، ويعرف بالتفسير. ومنه ما يكون عقابا، ويكون مع أنه عقاب امتحانا واختبارا، كنحو ما ذكر من قوله: ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ [1] وكنحو أصحاب البقرة الذين قيل لهم: اذبحوا بقرة فإنّي أريد أن أضرب بها القتيل ثم أحييهما جميعا. ولو اعترضوا من جميع البقر بقرة فذبحوها، كانوا غير مخالفين. فلمّا ذهبوا مذهب التشكك والتعلّل، ثم التعرّض، والتعنّت في طريق التعنّت، صار ذلك سبب تغليظ الفرض [2] . وقد قال الله عزّ وجلّ: مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً [3] وقال الله تعالى: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ [4] ومثله: رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا [5] يجوز أن يكون إنّما يريدون صرف العذاب، ويجوز أن يكون إنما يريدون تخفيف الفرائض. وقد يجوز أن يكون على قول من قال: لا أستطيع النظر إلى فلان، على معنى الاستقبال. وباب آخر من التّحريم، وهو قوله: كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ [6] . 992-[شعر في الخنزير] وقال مروان بن محمد [7] : [من المنسرح] يمشي رويدا يريد ختلكم ... كمشي خنزيرة إلى عذره

_ [1] 146/الأنعام: 6. [2] ثمار القلوب (560) . [3] 32/المائدة: 5. [4] 157/الأعراف: 7. [5] 86/البقرة: 2. [6] 93/آل عمران: 3. [7] ديوان أبي الشمقمق 138.

993 -[جرير والحضرمي]

وقال آخر [1] : [من الخفيف] نعم جار الخنزيرة المرضع الغر ... ثى إذا ما غدا، أبو كلثوم طاويا قد أصاب عند صديق ... من ثريد ملبّد مأدوم ثمّ أنحى بجعره حاجب الشّم ... س فألقى كالمعلف المهدوم 993-[جرير والحضرمي] وقال أبو الحسن: وفد جرير على هشام، فقال الحضرمي: أيّكم يشتمه؟ فقالوا: ما أحد يقدم عليه! قال: فأنا أشتمه ويرضى ويضحك! قال: فقام إليه فقال: أنت جرير؟ قال: نعم. قال: فلا قرّب الله دارك ولا حيّا مزارك! يا كلب! فجعل جرير ينتفخ، ثمّ قال له: رضيت في شرفك وفضلك وعفافك أن تهاجي القرد العاجز؟! يعني الفرزدق. فضحك. فحدّث صديق لي أبا الصّلع السّنديّ بهذا الحديث، قال: فشعري أعجب من هذا لأني شتمت البخلاء، فشتمت نفسي بأشدّ ممّا شتمتهم. فقال: وما هو؟ قال قولي: [من مجزوء الرمل] لا ترى بيت هجاء ... أبدا يسمع منّي الهجا أرفع ممّن ... قدره يصغر عنّي 994-[احتيال بعض الناس] قال أبو الحسن: كان واحد يسخر بالنّاس، ويدّعي أنّه يرقي من الضّرس إذا ضرب على صاحبه. فكان إذا أتاه من يشتكي ضرسه قال له إذا رقاه: إيّاك أن تذكر إذا صرت إلى فراشك القرد؛ فإنّك إن ذكرته بطلت الرّقية! فكان- إذا آوى إلى فراشه- أوّل شيء يخطر على باله ذكر القرد، ويبيت على حاله من ذلك الوجع، فيغدو إلى الذي رقاه فيقول له: كيف كنت البارحة؟ فيقول: بتّ وجعا! فيقول: لعلّك ذكرت القرد! فيقول: نعم! فيقول: من ثمّ لم تنتفع بالرّقية! 995-[شعر لبعض ظرفاء الكوفيين] وقال بعض ظرفاء الكوفيّين [1] : [من الوافر] فإن يشرب أبو فرّوخ أشرب ... وإن كانت معتّقة عقارا

_ [1] الأبيات في البيان 3/311. [2] البيتان لبعض الكوفيين في عيون الأخبار 3/16، واللسان والتاج (فرخ) .

996 -[قرد يزيد بن معاوية]

وإن يأكل أبو فرّوخ آكل ... وإن كانت خنانيصا صغارا [1] 996-[قرد يزيد بن معاوية] وقال يزيد بن معاوية [2] : [من الطويل] فمن مبلغ القرد الذي سبقت به ... جياد أمير المؤمنين أتان تعلّق أبا قيس بها إن أطعتني ... فليس عليها إن هلكت ضمان 997-[شعر في الهجاء] وزعم الجرداني، أنّ بشّارا الأعمى، لم يجزع من هجاء قطّ كجزعه من بيت حمّاد عجرد، حيث يقول [3] : [من الهزج] ويا أقبح من قرد ... إذا ما عمي القرد وقال بشير بن أبي جذيمة العبسيّ [4] : [من الطويل] أتخطر للأشراف حذيم كبرة ... وهل يستعدّ القرد للخطران أبى قصر الأذناب أن يخطروا بها ... ولؤم قرود وسط كلّ مكان لقد سمنت قردانكم آل حذيم ... وأحسابكم في الحيّ غير سمان الأصمعيّ عن أبي الأشهب عن أبي السليل قال: ما أبالي أخنزيرا رأيت يجرّ برجله، أو مثل عبيد ينادي: يال فلان! 998-[استطراد لغوي] الأصمعيّ عن أبي ظبيان قال [5] : الخوز هم البناة الذين بنوا الصّرح واسمهم مشتقّ من الخنزير. ذهب إلى اسمه بالفارسية خوك، فجعلت العرب خوك خوزا. إلى هذا ذهب.

_ [1] الخنانيص: جمع خنوص، وهو ولد الخنزير. (القاموس: خنص) . [2] البيتان في مروج الذهب 3/266، ونهاية الأرب 9/337، والمخصص 13/177، وحياة الحيوان 2/201 (قرد) . [3] البيت في البيان 1/30، والأغاني 14/329، 333، وطبقات ابن المعتز 25، 67، والمؤتلف 235، وثمار القلوب (147) . [4] الأبيات في شرح ديوان الحماسة للتبريزي 4/9. [5] معجم البلدان 2/404 (خوز) .

999 -[القول في المسخ]

999-[القول في المسخ] وقد قال النّاس في المسخ بأقاويل مختلفة: فمنهم من زعم أنّ المسخ لا يتناسل ولا يبقى إلّا بقدر ما يكون موعظة وعبرة، فقطعوا على ذلك الشهادة. ومنهم من زعم أنّه يبقى ويتناسل، حتى جعل الضّبّ والجرّيّ، والأرانب، والكلاب وغير ذلك، من أولاد تلك الأمم التي مسخت في هذه الصّور. وكذلك قولهم في الحيّات. وقالوا في الوزغ: إن أباها، لمّا صنع في نار إبراهيم وبيت المقدس ما صنع، أصمّه الله وأبرصه، فقيل: «سامّ أبرص» . فهذا الذي نرى هو من ولده؛ حتّى صار في قتله الأجر العظيم، ليس على أنّ الذي يقتله كالذي يقتل الأسد والذّئاب، إذا خافها على المسلمين. وقالوا في سهيل، وفي الزّهرة، وفي هاروت وماروت، وفي قيرى وعيرى أبوي ذي القرنين، وجرهم، ما قالوا. فأمّا القول في نفس المسخ فإنّ النّاس اختلفوا في ذلك: فأمّا الدّهريّة فهم في ذلك صنفان: فمنهم من جحد المسخ وأقرّ بالخسف والرّيح والطّوفان، وجعل الخسف كالزّلازل، وزعم أنّه يقرّ من القذف بما كان من البرد الكبار؛ فأمّا الحجارة فإنّها لا تجيء من جهة السّماء. وقال: لست أجوّز إلّا ما اجتمعت عليه الأمّة أنّه قد يحدث في العالم. فأنكر المسخ البتّة. 1000-[أثر البيئة] وقال الصّنف الآخر: لا ننكر أن يفسد الهواء في ناحية من النواحي فيفسد ماؤهم وتفسد تربتهم، فيعمل ذلك في طباعهم على الأيّام، كما عمل ذلك في طباع الزّنج، وطباع الصّقالبة، وطباع بلاد يأجوج ومأجوج. وقد رأينا العرب وكانوا أعرابا حين نزلوا خراسان، كيف انسلخوا من جميع تلك المعاني، وترى طباع بلاد الترك كيف تطبع الإبل والدّوابّ وجميع ماشيتهم: من سبع وبهيمة، على طبائعهم. وترى جراد البقول والرّياحين وديدانها خضراء، وتراها في غير الخضرة على غير ذلك [1] . وترى القملة في رأس الشابّ الأسود الشّعر سوداء، وتراها في رأس الشّيخ الأبيض الشّعر بيضاء، وتراها في رأس الأشمط شمطاء، وفي

_ [1] رسائل الجاحظ 1/220.

لون الجمل الأورق. فإذا كانت في رأس الخضيب بالحمرة تراها حمراء. فإن نصل خضابه صار فيها شكلة، من بين بيض وحمر. وقد نرى حرّة بني سليم، وما اشتملت عليه من إنسان، وسبع، وبهيمة، وطائر، وحشرة فتراها كلّها سوداء [1] . وقد خبّرنا من لا يحصى من النّاس أنّهم قد أدركوا رجالا من نبط بيسان [2] ، ولهم أذناب إلّا تكن أذناب التماسيح والأسد والبقر والخيل؛ وإلّا كأذناب السّلاحف والجرذان، فقد كان لهم عجوب [3] طوال كالأذناب. وربّما رأينا الملّاح النّبطيّ في بعض الجعفريّات على وجهه شبه القرد. وربّما رأينا الرّجل من المغرب فلا نجد بينه وبين المسخ، إلّا القليل. وقد يجوز أن يصادف ذلك الهواء الفاسد، والماء الخبيث، والتربة الرديّة، ناسا في صفة هؤلاء المغربيّين والأنباط، ويكونون جهّالا، فلا يرتحلون؛ ضنانة بمساكنهم وأوطانهم، ولا ينتقلون. فإذا طال ذلك عليهم زاد في تلك الشعور، وفي تلك الأذناب، وفي تلك الألوان الشّقر، وفي تلك الصّور المناسبة للقرود. قالوا: ولم نعرف، ولم يثبت عندنا بالخبر الذي لا يعارض، أنّ الموضع الذي قلب صور قوم إلى صور الخنازير، هو الموضع الذي نقل صور قوم إلى صور القرود. وقد يجوز أن تكون هذه الصّور انقلبت في مهبّ الريح الشمالي، والأخرى في مهبّ الجنوب. ويجوز أن يكون ذلك كان في دهر واحد؛ ويجوز أن يكون بينهما دهر ودهور. قالوا: فلسنا ننكر المسخ إن كان على هذا الترتيب؛ لأنّه إن كان على مجرى الطّبائع، وما تدور به الأدوار، فليس ذلك بناقض لقولنا، ولا مثبت لقولكم. قال أبو إسحاق: الذي قلتم ليس بمحال، ولا ينكر أن يحدث في العالم برهانات، وذلك المسخ كان على مجرى ما أعطوا من سائر الأعاجيب، والدّلائل والآيات. ونحن إنّما عرفنا ذلك من قبلهم. ولولا ذلك لكان الذي قلتم غير ممتنع. ولو كان ذلك المسخ في هذا الموضع على ما ذكرتم، ثمّ خبر بذلك نبيّ، أو دعا به نبيّ، لكان ذلك أعظم الحجّة.

_ [1] رسائل الجاحظ 2/313، وانظر الرسائل 1/219- 220. وربيع الأبرار 5/481. [2] بيسان: مدينة بالأردن بالغور الشامي، وهي بين حوران وفلسطين. معجم البلدان 1/527. [3] العجوب: جمع عجب، وهو أصل الذنب. (القاموس: عجب) .

1001 -[القول في تحريم الخنزير]

فأما أبو بكر الأصمّ، وهشام بن الحكم، فإنّهما كانا يقولان بالقلب، ويقولان: إنّه إذا جاز أن يقلب الله خردلة من غير أن يزيد فيها جسما وطولا أو عرضا جاز أن يقلب ابن آدم قردا من غير أن ينقص من جسمه طولا أو عرضا. وأمّا أبو إسحاق فقد كان- لولا ما صحّ عنده من قول الأنبياء وإجماع المسلمين على أنّه قد كان، وأنّه قد كان حجّة وبرهانا في وقته- لكان لا ينكر مذهبهم في هذا الموضع. وقوله هذا قول جميع من قال بالطّبائع، ولم يذهب مذهب جهم، وحفص الفرد. وقال ابن العنسيّ يذكر القرد: [من الطويل] فهلّا غداة الرّمل يا قرد حذيم ... تؤامرها في نفسها تستشيرها 1001-[القول في تحريم الخنزير] قال: وسأل سائلون في تحريم الخنزير عن مسألة؛ فمنهم من أراد الطّعن، ومنهم من أراد الاستفهام، ومنهم من أحبّ أن يعرف ذلك من جهة الفتيا؛ إذ كان قوله خلاف قولنا. قالوا: إنّما قال الله: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ [1] ، فذكر اللّحم دون الشّحم، ودون الرّأس، ودون المخّ، ودون العصب، ودون سائر أجزائه؛ ولم يذكره كما ذكر الميتة بأسرها، وكذلك الدّم؛ لأنّ القول وقع على جملتهما، فاشتمل على جميع خصالهما بلفظ واحد، وهو العموم. وليس ذلك في الخنزير؛ لأنّه ذكر اللّحم من بين جميع أجزائه وليس بين ذكر اللّحم والعظم فرق، ولا بين اللّحم والشّحم فرق. وقد كان ينبغي في قياسكم هذا لو قال: حرّمت عليكم الميتة والدّم وشحم الخنزير، أن تحرّموا الشحم، وإنّما ذكر اللّحم، فلم حرّمتم الشحم؛ وما بالكم؛ تحرّمون الشّحم عند ذكر غير الشّحم! فهلّا حرّمتم اللّحم بالكتاب، وحرّمتم ما سواه بالخبر الذي لا يدفع!؟ فإن بقيت خصلة أو خصلتان ممّا لم تصيبوا ذكره في كتاب منزّل، وفي أثر لا يدفع، رددتموه إلى جهة العقل. قلنا: إنّ النّاس عادات، وكلاما يعرّف كل شيء بموضعه، وإنما ذلك على قدر استعمالهم له، وانتفاعهم به. وقد يقول الرجل لوكيله: اشتر لي بهذا الدّينار لحما، أو بهذه الدراهم، فيأتيه باللّحم فيه الشّحم والعظم، والعرق والعصب والغضروف. والفؤاد والطّحال، والرّئة،

_ [1] 3/المائدة: 5.

وببعض أسقاط الشاة وحشو البطن. والرأس لحم، والسّمك أيضا لحم. وقال الله تعالى: هُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها [1] . فإن كان الرّسول ذهب إلى المستعمل من ذلك، وترك بعض ما يقع عليه اسم لحم، فقد أخذ بما عليه صاحبه. فإذا قال حرّمت عليكم لحما، فكأنّه قال: لحم الشّاة والبقرة والجزور. ولو أنّ رجلا قال: أكلت لحما- وإنما أكل رأسا أو كبدا أو سمكا- لم يكن كاذبا. وللنّاس أن يضعوا كلامهم حيث أحبّوا، إذا كان لهم مجاز؛ إلّا في المعاملات. فإن قلت: فما تقول في الجلد؟ فليس للخنزير جلد، كما أنّه ليس للإنسان جلد إلّا بقطع ما ظهر لك منه بما تحته، وإنّما الجلد ما يسلخ ويدحس [2] فيتبرأ ممّا كان به ملتزقا ولم يكن ملتحما، كفرق ما بين جلد الحوصلة والعرقين. فإن سألت عن الشّعر، وعن جلد المنخنقة والموقوذة والمتردّية والنّطيحة وما أكل السّبع، فإنّي أزعم أنّ جلده لا يدبغ ولا ينتفع به إلّا الأساكفة، والقول في ذلك أنّ كلّه محرّم. وإنما ذلك كقوله تعالى: وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ [3] وكقوله عزّ وجلّ: وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ [4] . والعرب تقول للرّجل الصانع نجّارا، إن كان لا يعمل بالمثقب والمنشار ونحوه ولا يضرب بالمضلع ونحو ذلك، وتسميّه خبّازا إذا كان يطبخ ويعجن. وتسمّي العير لطيمة، وإن لم يكن فيها ما يحمل العطر إلّا واحد. وتقول: هذه ظعن فلان؛ للهوادج إذا كانت فيها امرأة واحدة. ويقال: هولاء بنو فلان؛ وإن كانت نساؤهم أكثر من الرجال. فلما كان اللحم هو العمود الذي إليه يقصد، وصار في أعظم الأجزاء قدرا، دخل سائر تلك الأجزاء في اسمه. ولو كان الشّحم معتزلا من اللّحم ومفردا في جميع الشّحام، كشحوم الكلى والثّروب، لم يجز ذلك. وإذا تكلمت على المفردات لم يكن المخّ لحما، لا الدّماغ، ولا العظم، ولا الشّحم، ولا الغضروف، ولا الكروش، ولا ما أشبه ذلك. فلما قال: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ [5] وكانت

_ [1] 14/النحل: 16. [2] دحس الرجل الشاة: أدخل يده بين جلدها وصفاقها للسلخ. [3] 16/الأنفال: 8. [4] 23/الكهف: 18. [5] 3/المائدة: 5.

1002 -[مسألة الهدهد]

هذه الأشياء المشبّهة باللّحم تدخل في باب العموم في اسم اللحم، كان القول واقعا على الجميع. وقال الشاعر: [من الكامل] من يأتنا صبحا يريد غداءنا ... فالهام منضجة لدى الشّحّام لحم نضيج لا يعنّي طابخا ... يؤتى به من قبل كلّ طعام 1002-[مسألة الهدهد] وإذ قد ذكرنا بعض الكلام، والمسائل في بعض الكلام، فسنذكر شأن الهدهد والمسألة في ذلك. قال الله عزّ وجلّ: وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ. لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ [1] ثم قال: فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ [2] يعني الهدهد. فقال لسليمان المتوعد له بالذّبح عقوبة له- والعقوبة لا تكون إلا على المعصية لبشريّ آدميّ لم تكن عقوبته الذّبح، فدلّ ذلك على أنّ المعصية إنما كانت له، ولا تكون المعصية لله إلّا ممّن يعرف الله، أو ممّن كان يمكنه أن يعرف الله تعالى فترك ما يجب عليه من المعرفة- وفي قوله لسليمان: أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ. إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَها عَرْشٌ عَظِيمٌ [3] . ثمّ قال بعد أن عرف فصل ما بين الملوك والسّوقة، وما بين النّساء والرجال، وعرف عظم عرشها، وكثرة ما أوتيت في ملكها، قال: وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ [4] فعرف السّجود للشمس وأنكر المعاصي. ثمّ قال: أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ ما تُخْفُونَ وَما تُعْلِنُونَ [5] ويتعجّب من سجودهم لغير الله. ثمّ علم أنّ الله يعلم غيب السّموات والأرض، ويعلم السّرّ والعلانية. ثمّ قال: اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ [6] وهذا يدلّ على أنّه أعلم من ناس كثير من المميّزين المستدلّين الناظرين.

_ [1] 21/النمل: 27. [2] 22/النمل: 27. [3] 22/النمل: 27. [4] 24/النمل: 27. [5] 25/النمل: 27. [6] 26/النمل: 27.

قال سليمان: سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ [1] ثمّ قال: اذْهَبْ بِكِتابِي هذا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ ماذا يَرْجِعُونَ. قالَتْ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ. إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ [2] فَلَمَّا جاءَ سُلَيْمانَ قالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمالٍ فَما آتانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ [3] وذلك أنّها قالت: إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ [4] ثمّ قال سليمان للهدهد: ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها أَذِلَّةً وَهُمْ صاغِرُونَ [5] وقال: يا أَيُّهَا الْمَلَؤُا أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ. قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ. قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ [6] فطعن في جميع ذلك طاعنون، فقال بعضهم: قد ثبت أنّ الهدهد يحتمل العقاب والعتاب، والتّكليف والثّواب، والولاية، ودخول الجنّة بالطّاعة، ودخول النّار بالمعصية؛ لأنّ المعرفة توجب الأمر والنهي، والأمر والنهي يوجبان الطاعة والمعصية، والطاعة والمعصية يوجبان الولاية والعداوة، فينبغي للهداهد أن يكون فيها العدوّ والوليّ، والكافر والمسلم، والزّنديق والدّهريّ. وإذا كان حكم الجنس حكما واحدا لزم الجميع ذلك. وإن كان الهدهد لا يبلغ عند جميع الناس في المعرفة مبلغ الذرّة، والنملة، والقملة، والفيل، والقرد، والخنزير، والحمام- وجميع هذه الأمم، تقدّمها عليه في المعرفة- فينبغي أن تكون هذه الأصناف المتقدّمة عليه، في عقول هذه الأمّة والأنبياء. وقد رأينا العلماء يتعجّبون من خرافات العرب والأعراب في الجاهليّة ومن قولهم في الدّيك والغراب، ويتعجّبون من الرّواية في طوق الحمام فإنّ الحمام كان رائد نوح على نبينا وعليه السلام.

_ [1] 27/النمل: 27. [2] 28- 31 النمل: 27. [3] 36/النمل: 27. [4] 34/النمل: 27. [5] 37/النمل: 27. [6] 38- 40/النمل: 27.

وهذا القول الذي تؤمنون به في الهدهد، من هذا النوع. قلنا: إنّ الله تعالى لم يقل: وتفقّد الطّير فقال ما لي لا أرى هدهدا من عرض الهداهد، فلم يوقع قوله على الهداهد جملة، ولا على واحد منها غير مقصود إليه، ولم يذهب إلى الجنس عامّة، ولكنّه قال: وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ [1] فأدخل في الاسم الألف واللام، فجعله معرفة فدلّ بذلك القصد على أنّه ذلك الهدهد بعينه. وكذلك غراب نوح، وكذلك حمار عزير، وكذلك ذئب أهبان ابن أوس؛ فقد كان لله فيه وفيها تدبير، وليجعل ذلك آية لأنبيائه، وبرهانا لرسله. ولا يستطيع أعقل الناس أن يعمل عمل أجرإ النّاس، كما لا يستطيع أجرأ النّاس أن يعمل أعمال أعقل الناس. فبأعمال المجانين والعقلاء عرفنا مقدارهما من صحّة أذهانهما وفسادها، وباختلاف أعمال الأطفال والكهول عرفنا مقدارهما في الضعف والقوّة، وفي الجهل والمعرفة. وبمثل ذلك فصلنا بين الجماد والحيوان، والعالم وأعلم منه، والجاهل وأجهل منه. ولو كان عند السّباع والبهائم ما عند الحكماء والأدباء، والوزراء والخلفاء والأمم والأنبياء، لأثمرت تلك العقول، باضطرار، إثمار تلك العقول. وهذا باب لا يخطئ فيه إلّا المانيّة [2] وأصحاب الجهالات فقط. فأمّا عوامّ الأمم، فضلا عن خواصهم، فهم يعلمون من ذلك مثل ما نعلم. وإنما يتفاضل بالبيان والحفظ، وبنسق المحفوظ. فأمّا المعرفة فنحن فيها سواء. ولم نعرف العقل وعدمه ونقصانه، وإفادته، وأقدار معارف الحيوان إلّا بما يظهر منها. وبتلك الأدلّة عرفنا فرق ما بين الحيّ والميت، وبين الجماد والحيوان. فإن قال الخصم: ما نعرف كلام الذّئب، ولا معرفة الغراب، ولا علم الهدهد. قلنا: نحن ناس نؤمن بأنّ عيسى عليه السلام خلق من غير ذكر وإنّما خلق من أنثى؛ وأنّ آدم وحوّاء خلقا من غير ذكر وأنثى، وأنّ عيسى تكلّم في المهد، وأنّ يحيى بن زكريّا نطق بالحكمة في الصّبا، وأنّ عقيما ألقح، وأنّ عاقرا ولدت [3] ؛ وبأشياء كثيرة

_ [1] 20/النمل: 27. [2] المانية: ويقال: المنانية؛ والمنائية؛ والمانوية، هم الزنادقة أصحاب ماني بن فاتك الذي كان يقول: إن مبدأ العالم من كونين أحدهما نور والآخر ظلمة، وأنهما في صراع مستمر لا ينتهي إلا بانتهاء الدنيا. انظر فهرست ابن النديم 456 وما يليها، ومروج الذهب 7/629. [3] إشارة إلى قوله تعالى: قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عاقِرٌ [آل عمران: 40] ، وقوله تعالى: قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً [مريم: 8] ، وقوله تعالى: قالَتْ يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً [هود: 72] .

خرجت خارجية من نسق العادة. فالسّبب الذي به عرفنا أنّه قد كان لذلك الهدهد مقدار من المعرفة، دون ما توهّمتم وفوق ما مع الهدهد. ومتى سألتمونا عن الحجّة فالسبيل واحدة. ونحن نقرّ بأنّ من دخل الجنة من المجانين والأطفال يدخلون عقلاء كاملين، من غير تجارب وتمرين وترتيب. فمسألتكم عما ألهم الهدهد، هي المسألة عمّا ألهم الطفل في الجنة. فإن قال قائل: فإنّ ذلك القول كلّه، الذي كان من الهدهد، إنما كان على الإلهام والتّسخير، ولم يكن ذلك عن معرفة منه، فلم قال: لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ [1] ؟ قلنا: فإنّه قد يتوعّد الرّجل ابنه- وهو بعد لم يجر عليه الأحكام- بالضّرب الوجيع، إن هو لم يأت السّوق، أو يحفظ سورة كذا وكذا؛ فلا يعنّفه أحد على ذلك الوعيد. ويكذب فيضربه على الكذب، ويضرب صبيا فيضربه لأنه ضربه. وهو في ذلك قد حسن خطّه، وجاد حسابه، وشدا من النّحو والعروض والفرائض شدوا حسنا، ونفع أهله، وتعلم أعمالا، وتكلّم بكلام، وأجاب في الفتيا بكلام فوق معاني الهدهد في اللّطافة والغموض. وهو في ذلك لم يكمل لاحتمال الفرض والولاية والعداوة. فإن قال: فهل يجوز لأحد أن يقول لابنه: إن أنت لم تأت السّوق ذبحتك؛ وهو جادّ؟ قلنا: لا يجوز ذلك. وإنّما جاز ذلك في الهدهد لأنّ سليمان- ومن هو دون سليمان من جميع العالم- له أن يذبح الهدهد والحمام والدّيك، والعناق والجدي. والذّبح سبيل من سبل مناياهم. فلو ذبحه سليمان لم يكن في ذلك إلّا بقدر التّقديم والتأخير، وإلّا بقدر صرف ما بين أن يموت حتف أنفه، أو يموت بالذّبح. ولعلّ صرف ما بينهما لا يكون إلّا بمقدار ألم عشرين درّة [2] . ولعلّ نتف جناحه يفي بذلك الضرب. وإذا قلنا ذلك فقد أعطينا ذلك الهدهد بعينه حقّ ما دلّت عليه الآية، ولم نجز ذلك في جميع الهداهد، ولم نكن كمن ينكر قدرة الله على أن يركّب عصفورا من العصافير ضربا من التراكيب يكون أدهى من قيس بن زهير. ولو كان الله تعالى قد فعل ذلك بالعصافير لظهرت كذلك دلائل. على أنّا لو تأوّلنا الذّبح على مثال تأويل قولنا في ذبح إبراهيم إسماعيل عليهما السلام- وإنما كان ذلك ذبحا في المعنى لغيره- أو على معنى قول القائل: أمّا أنا

_ [1] 21/النمل: 27. [2] الدّرّة: درة السلطان التي يضرب بها. (اللسان: درر) .

1003 -[طعن الدهرية في ملك سليمان]

فقد ذبحته وضربت عنقه، ولكن السيف خانني. أو على قولهم: المسك الذّبيح، أو على قولهم: فجئت وقد ذبحني العطش- لكان ذلك مجازا. ولو أنّ صبيّا من صبياننا سئل، قبل أن يبلغ فرض البلوغ بساعة، وكان رأى ملكة سبإ في جميع حالاتها، لما كان بعيدا ولا ممتنعا أن يقول: رأيت امرأة ملكة، ورأيتها تسجد للشّمس من دون الله، ورأيتها تطيع الشّيطان وتعصي الرّحمن، ولا سيما إن كان من صبيان الخلفاء والوزراء، أو من صبيان الأعراب. والدّليل على أنّ ذلك الهدهد كان مسخّرا وميسّرا، مضيّه إلى اليمن، ورجوعه من ساعته. ولم يكن من الطّير القواطع فرجع إلى وكره. والدّليل على ذلك أنّ سليمان عليه السلام لم يقل: نعم قد رأيت كلّ ما ذكرت، وأنت لم تعلم حين مضيت بطّالا هاربا من العمل، أتكدي أم تنجح، أو ترى أعجوبة أو لا تراها. ولكنّه توعّده على ظاهر الرّأي، ونافره القول؛ ليظهر الآية والأعجوبة. 1003-[طعن الدهرية في ملك سليمان] ثمّ طعن في ملك سليمان وملكة سبإ، ناس من الدّهريّة، وقالوا: زعمتم أنّ سليمان سأل ربّه فقال: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي [1] وأنّ الله تعالى أعطاه ذلك، فملّكه على الجنّ فضلا عن الإنس، وعلّمه منطق الطّير، وسخّر له الرّيح، فكانت الجنّ له خولا، والرّياح له مسخرة ثمّ زعمتم- وهو إمّا بالشّام وإمّا بسواد العراق- أنّه لا يعرف باليمن ملكة هذه صفتها. وملوكنا اليوم دون سليمان في القدرة، لا يخفى عليهم صاحب الخزر، ولا صاحب الروم، ولا صاحب الترك، ولا صاحب النّوبة، وكيف يجهل سليمان موضع هذه الملكة، مع قرب دارها واتّصال بلادها! وليس دونها بحار ولا أوعار؛ والطريق نهج للخفّ والحافر والقدم. فكيف والجنّ والإنس طوع يمينه. ولو كان، حين خبّره الهدهد بمكانها، أضرب عنها صفحا، لكان لقائل أن يقول: ما أتاه الهدهد إلّا بأمر يعرفه. فهذا وما أشبهه دليل على فساد أخباركم. قلنا: إنّ الدّنيا إذا خلّاها الله وتدبير أهلها، ومجاري أمورها وعاداتها كان لعمري كما تقولون. ونحن نزعم أنّ يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم كان أنبه أهل

_ [1] 35/ص: 38.

1004 -[القول في موسى بن عمران]

زمانه؛ لأنّه نبيّ ابن نبيّ، وكان يوسف وزير ملك مصر من النّباهة بالموضع الذي لا يدفع، وله البرد، وإليه يرجع جواب الأخبار، ثمّ لم يعرف يعقوب مكان يوسف، ولا يوسف مكان يعقوب عليهما السلام- دهرا من الدّهور، مع النّباهة، والقدرة، واتّصال الدار. 1004-[القول في موسى بن عمران] وكذلك القول في موسى بن عمران ومن كان معه في التّيه، فقد كانوا أمّة من الأمم يتكسّعون أربعين عاما، في مقدار فراسخ يسيرة ولا يهتدون إلى المخرج. وما كانت بلاد التّيه إلّا من ملاعبهم ومنتزهاتهم. ولا يعدم مثل ذلك العسكر الأدلّاء والجمّالين، والمكارين [1] ، والفيوج [2] ، والرّسل، والتّجار. ولكنّ الله صرف أوهامهم، ورفع ذلك الفصل [3] من صدورهم. 1005-[القول في الشياطين] وكذلك القول في الشّياطين الذين يسترقون السّمع في كلّ ليلة، فنقول: إنّهم لو كان كلما أراد مريد منهم أن يصعد ذكر أنّه قد رجم صاحبه، وأنّه كذلك منذ كان لم يصل معه أحد إلى استراق السّمع، كان محالا أن يروم ذلك أحد منهم مع الذّكر والعيان. ومثل ذلك أنّا قد علمنا أنّ إبليس لا يزال عاصيا إلى يوم البعث. ولو كان إبليس في حال المعصية ذاكرا لإخبار الله تعالى أنّه لا يزال عاصيا وهو يعلم أنّ خبره صدق، كان محالا أن تدعوه نفسه إلى الإيمان، ويطمع في ذلك، مع تصديقه بأنّه لا يختار الإيمان أبدا. ومن المحال أن يجمع بين وجود الاستطاعة وعدم الدّواعي وجواز الفعل. ولو أنّ رجلا علم يقينا أنّه لا يخرج من بيته يومه ذلك، كان محالا أن تدعوه نفسه إلى الخروج، مع علمه بأنّه لا يفعل. ولكنّ إبليس لما كان مصروف القلب عن ذكر ذلك الخبر، دخل في حدّ المستطيعين.

_ [1] المكارين: جمع مكار، وهو الذي يؤجر دابته للناس. انظر اللسان (كرى) . [2] الفيوج: جمع فيج: رسول السلطان الذي يسعى بالكتب. (اللسان: فيج) . [3] الفصل: التمييز. (اللسان: فصل) .

ومثل ذلك أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لمّا بشره الله بالظّفر وتمام الأمر [1] بشرّ أصحابه بالنّصر، ونزول الملائكة. ولو كانوا لذلك ذاكرين في كلّ حال، لم يكن عليهم من المحاربة مؤونة. وإذا لم يتكلفوا المؤونة لم يؤجروا. ولكنّ الله تعالى بنظره إليهم رفع ذلك في كثير من الحالات عن أوهامهم؛ ليحتملوا مشقّة القتال، وهم لا يعلمون: أيغلبون أم يغلبون؛ أو يقتلون أم يقتلون. ومثل ذلك ما رفع من أوهام العرب، وصرف نفوسهم عن المعارضة للقرآن، بعد أن تحدّاهم الرّسول بنظمه. ولذلك لم نجد أحدا طمع فيه. ولو طمع فيه لتكلفه، ولو تكلف بعضهم ذلك فجاء بأمر فيه أدنى شبهة لعظمت القصّة على الأعراب وأشباه الأعراب، والنّساء وأشباه النساء، ولألقى ذلك للمسلمين عملا، ولطلبوا المحاكمة والتراضي ببعض العرب، ولكثر القيل والقال. فقد رأيت أصحاب مسيلمة، وأصحاب ابن النواحة إنما تعلّقوا بما ألّف لهم مسيلمة من ذلك الكلام، الذي يعلم كلّ من سمعه أنّه إنّما عدا على القرآن فسلبه، وأخذ بعضه، وتعاطى أن يقارنه. فكان لله ذلك التّدبير، الذي لا يبلغه العباد ولو اجتمعوا له. فإن كان الدّهريّ يريد من أصحاب العبادات والرّسل، ما يريد من الدّهريّ الصّرف، الذي لا يقرّ إلا بما أوجده العيان، وما يجري مجرى العيان- فقد ظلم. وقد علم الدّهريّ أنّنا نعتقد أنّ لنا ربّا يخترع الأجسام اختراعا وأنّه حيّ لا بحياة، وعالم لا بعلم، وأنّه شيء لا ينقسم، وليس بذي طول ولا عرض ولا عمق، وأنّ الأنبياء تحيي الموتى. وهذا كلّه عند الدهريّ مستنكر، وإنما كان يكون له علينا سبيل لو لم يكن الذي ذكرنا جائزا في القياس، واحتجنا إلى تثبيت الرّبوبيّة وتصديق الرّسالة، فإذا كان ذلك جائزا، وكان كونه غير مستنكر، ولا محال، ولا ظلم، ولا عيب، فلم يبق له إلّا أن يسألنا عن الأصل الذي دعا إلى التّوحيد، وإلى تثبيت الرسل. وفي كتابنا المنزّل الذي يدلّنا على أنّه صدق، نظمه البديع الذي لا يقدر على مثله العباد، مع ما سوى ذلك من الدّلائل التي جاء بها من جاء به. وفيه مسطور أنّ سليمان بن داود غبر حينا- وهو ميّت- معتمدا على عصاه، في الموضع الذي لا يحجب عنه إنسيّ ولا جنّيّ، والشّياطين مهم المكدود بالعمل الشديد، ومنهم المحبوس والمستعبد، وكانوا كما قال الله تعالى:

_ [1] إشارة إلى وقعة أحد، وهي التي ورد ذكرها في سورة آل عمران؛ الآيات 122- 126.

يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ [1] وقال: وَالشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ. وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ [2] ، وأنّه غبر كذلك حينا وهو تجاه أعينهم، فلا هم عرفوا سجيّة وجوه الموتى، ولا هو إذ كان ميّتا سقط سقوط الموتى. وثبت قائما معتمدا على عصاه، وعصاه ثابتة قائمة في يده، وهو قابض عليها. وليست هذه الصّفة صفة موتانا. وقال: فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ [3] ونحن دون الشّياطين والجنّ في صدق الحسّ، ونفوذ البصر. ولو كنّا من بعض الموتى بهذا المكان، لما خفي علينا أمره وكان أدنى ذلك أن نظنّ ونرتاب. ومتى ارتاب قوم وظنّوا وماجوا وتكلموا وشاوروا، لقنوا وثبّتوا. ولا سيّما إذا كانوا في العذاب ورأوا تباشير الفرج. ولولا الصّرفة. التي يلقيها الله تعالى على قلب من أحبّ، ولولا أنّ الله يقدر على أن يشغل الأوهام كيف شاء، ويذكّر بما يشاء، وينسّي ما يشاء، لما اجتمع أهل داره وقصره، وسوره وربضه، وخاصّته، ومن يخدمه من الجنّ والإنس والشّياطين، على الإطباق بأنّه حيّ. كذلك كان عندهم. فحدث ما حدث من موته، فلمّا لم يشعروا به كانوا على ما لم يزالوا عليه. فعلمنا أنّ الجنّ والشّياطين كانت توهم الأغبياء والعوامّ والحشوة والسّفلة، أنّ عندهما شيئا من علم الغيب- والشياطين لا تعلم ذلك- فأراد الله أن يكشف من أمرهم للجهّال ما كان كشفه للعلماء. فبهذا وأشباهه من الأمور نحن إلى الإقرار به مضطرون بالحجج الاضطراريّة فليس لخصومنا حيلة إلّا أن يواقفونا، وينظروا في العلّة التي اضطرتنا إلى هذا القول؛ فإن كانت صحيحة فالصّحيح لا يوجب إلا الصحيح. وإن كانت سقيمة علمنا أنّما أتينا من تأويلنا. وأما قوله: لَأُعَذِّبَنَّهُ [4] فإنّ التعذيب يكون بالحبس، كما قال الله عزّ وجلّ: لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ [5] . وإنّما كانوا مخيّسين [6] .

_ [1] 13/سبأ: 34. [2] 38/ص: 38. [3] 14/سبأ: 34. [4] 21/النمل: 27. [5] 14/سبأ: 34. [6] المخيس، هو من قولهم: إبل مخيسة؛ أي لا تسرح.

1006 -[القول في الخنزير]

وقد يقول العاشق لمعشوقته: يا معذّبتي! وقد عذّبتني! ومن العذاب ما يكون طويلا، ومنه ما يكون قصير الوقت. ولو خسف الله تعالى بقوم في أقلّ من عشر ساعة لجاز لقائل أن يقول: كان ذلك يوم أحلّ الله عذابه ونقمته ببلاد كذا وكذا. 1006-[القول في الخنزير] وقال أبو ناصرة: الخنزير ربّما قتل الأسد، وما أكثر ما يلحق بصاحب السّيف والرّمح، فيضربه بنابه، فيقطع كلّ ما لقيه من جسده: من عظم وعصب، حتى يقتله. وربّما احتال أن ينبطح على وجهه على الأرض، فلا يغني ذلك عنه شيئا. وليس لشيء من الحيوان كاحتمال بدنه لوقع السهام، ونفوذها فيه. وهو مع ذلك أروغ من ثعلب، إذا أراده الفارس. وإذا عدا أطمع في نفسه كلّ شيء، وإذا طولب أعيا الخيل العتاق. والخنزير مع ذلك أنسل الخلق؛ لأنّ الخنزيرة تضع عشرين خنّوصا، وهو مع كثرة إنساله- من أقوى الفحول على السّفاد، ومع القوّة على السّفاد هو أطولها مكثا في سفاده، فهو بذلك أجمع للفحولة. وإذا كان الكلب والذّئب موصوفين بشدّة القلب؛ لطول الخطم، فالخنزير أولى بذلك. وللفيل ناب عجيب، ولكنّه لقصر عنقه لا يبلغ النّاب مبلغا، وإنّما يستعين بخرطومه، وخرطومه هو أنفه، والخطم غير الخرطوم. قال أبو ناصرة: وله طيب، وهو طيب لحمه ولحم أولاده. وإذا أرادوا وصف اختلاط ودك الكركيّ [1] في مرق طبيخ، قالوا كأنّ إهالته إهالة [2] خنزير؛ لأنّه لا يسرع إليها الجمود. وسرعة جمود إهالة الماعز في الشّتاء عيب. وللضّأن في ذلك بعض الفضيلة على الماعز؛ ولا يلحق بالخنزير. وإذا نقص من الإنسان عظم واحتيج إلى صلته في بعض الأمراض لم يلتحم به إلّا عظم الخنزير. وإذا ضرب فصاح لم يكن السّامع يفصل بين صوته وبين صوت صبيّ مضروب.

_ [1] الودك: الدسم (القاموس: ودك) . الكركي: طائر كبير، أغبر؛ طويل الساقين. (حياة الحيوان 2/244) . [2] الإهالة: الشحم. (القاموس: هال) .

1007 -[زعم المجوس في المنخنقة والموقوذة والمتردية]

وفي إطباق جميع الأمم على شهوة أكله واستطابة لحمه، دليل على أنّ له في ذلك ما ليس لغيره. 1007-[زعم المجوس في المنخنقة والموقوذة والمتردية] والمجوس تزعم أنّ المنخنقة والموقوذة والمتردّية، وكلّ ما اعتبط [1] ولم يمت حتف أنفه، فهو أطيب لحما وأحلى؛ لأنّ دمه فيه، والدم حلو دسم. وإنما عافه من عافه من طريق العادة والدّيانة، لا من طريق الاستقذار والزّهد الذي يكون في أصل الطبيعة. 1008-[اختلاف ميل الناس إلى الطعام] وقد عاف قوم الجرّيّ والضّباب [2] على مثل ذلك، وشغف به آخرون. وقد كانت العرب في الجاهليّة تأكل دم الفصد، وتفضّل طعمه، وتخبر عمّا يورث من القوّة. قال: وأيّ شيء أحسن من الدّم، وهل اللّحم إلا دم استحال كما يستحيل اللّحم شحما؟ ولكنّ الناس إذا ذكروا معناه، ومن أين يخرج وكيف يخرج، كان ذلك كاسرا لهم، ومانعا من شهوته. 1009-[ما يغير نظر الإنسان إلى الأشياء] وكيف حال النّار في حسنها، فإنّه ليس في الأرض جسم لم يصبغ أحسن منه. ولولا معرفتهم بقتلها وإحراقها وإتلافها، والألم والحرقة المولدين عنها، لتضاعف ذلك الحسن عندهم. وإنّهم ليرونها في الشّتاء بغير العيون التي يرونها بها في الصّيف. ليس ذلك إلّا بقدر ما حدث من الاستغناء عنها. وكذلك جلاء السّيف؛ فإنّ الإنسان يستحسن قدّ السّيف وخرطه، وطبعه وبريقه. وإذا ذكر صنيعه والذي هيئ له، بدا له في أكثر ذلك، وتبدّل في عينه، وشغله ذلك عن تأمّل محاسنه. ولولا علم النّاس بعداوة الحيّات لهم، وأنهها وحشيّة لا تأنس ولا تقبل أدبا، ولا

_ [1] اعتبط: مات من غير علة. (القاموس: عبط) . [2] الجرّي: ضرب من السمك. الضباب: جمع ضب.

1010 -[رد على من طعن في تحريم الخنزير]

ترعى حقّ تربية، ثمّ رأوا شيئا من هذه الحيّات، البيض، المنقّشة الظّهور- لما بيّتوها ونوّموها إلّا في المهد، مع صبيانهم. 1010-[ردّ على من طعن في تحريم الخنزير] فيقال لصاحب هذه المقالة: تحريم الأغذية إنّما يكون من طريق العبادة والمحنة، وليس أنه جوهر شيء من المأكول يوجب ذلك. وإنّما قلنا: إنّا وجدنا الله تعالى قد مسخ عبادا من عباده في صور الخنزير دون بقيّة الأجناس، فعلمنا أنّه لم يفعل ذلك إلّا لأمور اجتمعت في الخنزير. فكان المسخ على صورته أبلغ من التّنكيل. لم نقل إلّا هذا. 1011-[القول في القرد] والقرد يضحك ويطرب، ويقعي ويحكي، ويتناول الطّعام بيديه ويضعه في فيه، وله أصابع وأظفار، وينقي الجوز، ويأنس الأنس الشّديد، ويلقن بالتّلقين الكثير، وإذا سقط في الماء غرق ولم يسبح؛ كالإنسان قبل أن يتعلّم السّباحة. فلم تجد النّاس للذي اعترى القرد من ذلك- دون جميع الحيوان علّة- إلّا هذه المعاني التي ذكرتها، من مناسبة الإنسان من قبلها. ويحكى عنه من شدّة الزّواج، والغيرة على الأزواج، ما لا يحكى مثله إلّا عن الإنسان؛ لأنّ الخنزير يغار، وكذلك الجمل والفرس، إلّا أنها لا تزاوج. والحمار يغار ويحمي عانته الدّهر كلّه، ويضرب فيها كضربه لو أصاب أتانا من غيرها. وأجناس الحمام تزاوج ولا تغار. واجتمع في القرد الزّواج والغيرة، وهما خصلتان كريمتان، واجتماعهما من مفاخر الإنسان على سائر الحيوان. ونحن لم نر وجه شيء غير الإنسان أشبه صورة وشبها، على ما فيه من الاختلاف، ولا أشبه فما ووجها بالإنسان من القرد. وربّما رأينا وجه بعض الحمر إذا كان ذا خطم، فلا نجد بينه وبين القرد إلّا اليسير. وتقول الناس: «أكيس من قشّة» [1] و «أملح من ربّاح» [2] ولم يقل أحد: أكيس من خنزير، وأملح من خنّوص. وهو قول العامّة: «القرد قبيح ولكنّه مليح» .

_ [1] المثل في مجمع الأمثال 2/169، والفاخر 81، وجمهرة الأمثال 2/175، والمستقصى 1/297، وأمثال ابن سلام 370، والدرة الفاخرة 2/366. [2] الرباح: ذكر القرد. (القاموس: ربح) .

1012 -[علة تحريم لحم الخنزير]

وقال النّاس في الضبّ: إنه مسخ. وقالوا: انظر إلى كفّه وأصابعه. فكفّ القرد وأصابعه أشبه وأصنع. فقدّمت القرد على الخنزير من هذا الوجه. 1012-[علة تحريم لحم الخنزير] وأمّا القول في لحمه، فإنّا لم نزعم أنّ الخنزير هو ذلك الإنسان الذي مسخ، ولا هو من نسله، ولم ندع لحمه من جهة الاستقذار لشهوته في العذرة، ونحن نجد الشّبّوط والجرّيّ، والدّجاج، والجراد، يشاركنه في ذلك ولكن للخصال التي عدّدنا من أسباب العبادات. وكيف صار أحقّ بأن تمسخ الأعداء على صورته في خلقته. 1013-[حديث عبيد الكلابي] قال: وقلت مرّة لعبيد الكلابيّ- وأظهر من حبّ الإبل والشّغف بها ما دعاني إلى أن قلت له-: أبينها وبينكم قرابة؟ قال: نعم، لها فينا خؤولة. إنّي والله ما أعني البخاتيّ، ولكني أعني العراب، التي هي أعرب! قلت له: مسخك الله تعالى بعيرا! قال: الله لا يمسخ الإنسان على صورة كريم، وإنما يمسخه على صورة لئيم، مثل الخنزير ثم القرد. فهذا قول أعرابيّ جلف تكلم على فطرته. 1014-[تأويل آية] وقد تكلم المخالفون في قوله تعالى: وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ [1] . وقد طعن ناس في تأويل هذه الآية، بغير علم ولا بيان، فقالوا: وكيف يكون ذلك وليس بين أن تجيء في كلّ هلال فرق، ولا بينها إذا جاءت في رأس الهلال فرق، ولا بينها إذا جاءت في رأس السّنة فرق. 1015-[هجرة السمك] وهذا بحر البصرة والأبلّة، يأتيهم ثلاثة أشهر معلومة معروفة من السنة السّمك الأسبور، فيعرفون وقت مجيئه وينتظرونه، ويعرفون وقت انقطاعه ومجيء غيره، فلا يمكث بهم الحال إلّا قليلا حتّى يقبل السّمك من ذلك البحر، في ذلك الأوان، فلا

_ [1] 163/الأعراف: 7.

1016 -[رد على المعترض]

يزالون في صيد ثلاثة أشهر معلومة من السّنة، وذلك في كلّ سنة مرّتين لكل جنس. ومعلوم عندهم أنه يكون في أحد الزمانين أسمن، وهو الجواف، ثمّ يأتيهم الأسبور، على حساب مجيء الأسبور والجواف. فأمّا الأسبور فهو يقطع إليهم من بلاد الزّنج. وذلك معروف عند البحريّين. وأنّ الأسبور في الوقت الذي يقطع إلى دجلة البصرة لا يوجد في الزّنج، وفي الوقت الذي يوجد في الزنج لا يوجد في دجلة. وربّما اصطادوا منها شيئا في الطريق في وقت قطعها المعروف، وفي وقت رجوعها. ومع ذلك أصناف من السمك كالإربيان، والرّقّ، والكوسج، والبرد، والبرستوج. وكلّ ذلك معروف الزّمان، متوقع المخرج. وفي السّمك أوابد وقواطع، وفيها سيّارة لا تقيم. وذلك الشبه يصاب. ولذلك صاروا يتكلمون بخمسة السنة، يهذّونها [1] ، سوى ما تعلّقوا به من غيرها. ثمّ القواطع من الطير قد تأتينا إلى العراق منهم في ذلك الإبّان جماعات كثيرة، تقطع إلينا ثمّ تعود في وقتها. 1016-[رد على المعترض] قلنا لهؤلاء القوم: لقد أصبتم في بعض ما وصفتم، وأخطأتم في بعض. قال الله تعالى: إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ [2] ويوم السبت يدور مع الأسابيع، والأسابيع تدور مع شهور القمر. وهذا لا يكون مع استواء من الزمان. وقد يكون السبت في الشتاء والصّيف والخريف، وفيما بين ذلك. وليس هذا من باب أزمان قواطع السّمك وهيج الحيوان وطلب السّفاد، وأزمان الفلاحة، وأوقات الجزر والمدّ؛ وفي سبيل الأنواء، والشجر كيف ينفض الورق والثمار؛ والحيّات كيف تسلخ، والأيائل كيف تلقي قرونها، والطير كيف تنطق ومتى تسكت. ولو قال لنا قائل: إني نبيّ وقلنا له: وما آيتك؟ وعلامتك؟ فقال: إذا كان في آخر تشرين الآخر أقبل إليكم الأسبور من جهة البحر، ضحكوا منه وسخروا به. ولو قال: إذا كان يوم الجمعة أو يوم الأحد أقبل إليكم الأسبور، حتّى لا يزال يصنع ذلك في كلّ جمعة- علمنا اضطرارا إذا عاينّا الذي ذكر على نسقه أنّه صادق، وأنّه لم يعلم ذلك إلّا من قبل خالق ذلك. تعالى الله عن ذلك.

_ [1] الهذّ: سرعة القراءة. «القاموس: هذذ» . [2] 163/الأعراف: 7.

1017 -[شنعة المسخ على صورة الخنزير والقرد]

وقد أقررنا بعجيب ما نرى من مطالع النّجوم، ومن تناهي المدّ والجزر على قدر امتلاء القمر، ونقصانه وزيادته، ومحاقه [1] واستراره [2] . وكلّ شيء يأتي على هذا النّسق من المجاري، فإنّما الآية فيه لله وحده على وحدانيّته. فإذا قال قائل لأهل شريعة [3] ولأهل مرسى، من أصحاب بحر أو نهر أو واد، أو عين، أو جدول: تأتيكم الحيتان في كلّ سبت، أو قال: في كلّ رمضان. ورمضان متحوّل الأزمان في الشّتاء والصيف والرّبيع والخريف. والسّبت يتحوّل في جميع الأزمان. فإذا كان ذلك كانت تلك الأعجوبة فيه دالة على توحيد الله تعالى، وعلى صدق صاحب الخبر، وأنّه رسول ذلك المسخّر لذلك الصّنف. وكان ذلك المجيء خارجا من النّسق القائم، والعادة المعروفة. وهذا الفرق بذلك بيّن. والحمد لله. 1017-[شنعة المسخ على صورة الخنزير والقرد] قال الله تعالى: فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ [4] وفي الموضع الذي ذكر أنّه مسخ ناسا خنازير قد ذكر القرود. ولم يذكر أنّه مسخ قوما خنازير، ولم يمسخ منهم قرودا. وإذا كان الأمر كذلك فالمسخ على صورة القردة أشنع؛ إذ كان المسخ على صورتها أعظم، وكان العقاب به أكبر. وإنّ الوقت الذي قد ذكر أنّه قد مسخ ناسا قرودا فقد كان مسخ ناسا خنازير. فلم يدع ذكر الخنازير وذكر القرود؛ إلّا والقرود في هذا الباب أوجع وأشنع وأعظم في العقوبة، وأدلّ على شدّة السّخطة. هذا قول بعضهم. 1018-[استطراد لغوي] قال: ويقال لموضع الأنف من السّباع الخطم، والخرطوم- وقد يقال ذلك للخنزير- والفنطيسة [5] ، والجمع الفناطيس. وقال الأعرابيّ: كأنّ فناطيسها كراكر [6] الإبل.

_ [1] المحاق: آخر الشهر، أو ثلاث ليال من آخره، أو أن يستسر القمر فلا يرى غدوة ولا عشية. (القاموس: محق) . [2] استرار القمر: اختفاؤه. (اللسان: ستر) . [3] الشريعة: مورد الماء. (اللسان: شرع) . [4] 166/الأعراف: 7. [5] فنطيسة الخنزير: خطمه. (اللسان: فنطس) . [6] الكراكر: جمع كركر، وهو وعاء قضيب البعير والتيس. (اللسان: كركر) .

1019 -[خصائص حيوانات بعض البلدان]

1019-[خصائص حيوانات بعض البلدان] وقال صاحب المنطق: لا يكون خنزير ولا أيّل بحريّا. وذكر أنّ خنازير بعض البلدان يكون لها ظلف واحد، ولا يكون بأرض نهاوند حمار؛ لشدّة برد الموضع، ولأنّ الحمار صرد. وقال: في أرض كذا وكذا لا يكون بها شيء من الخلد، وإن نقله إنسان إليها لم يحفر، ولم يتّخذ بها بيتا. وفي الجزيرة التي تسمّى صقلّية لا يكون بها صنف من النمل، الذي يسمّى أقرشان. 1020-[قول أهل الكتابين في المسخ] وأهل الكتابين [1] ينكرون أن يكون الله تعالى مسخ النّاس قرودا وخنازير، وإنما مسخ امرأة لوط حجرا. كذلك يقولون. [باب في الحيات] (القول في الحيات) اللهمّ جنّبنا التكلف، وأعذنا من الخطل، واحمنا من العجب بما يكون منّا، والثّقة بما عندنا، واجعلنا من المحسنين. حدثنا أبو جعفر المكفوف النحويّ العنبريّ، وأخوه روح الكاتب ورجال من بني العنبر، أن عندهم في رمال بلعنبر حيّة تصيد العصافير وصغار الطير بأعجب صيد. زعموا أنها إذا انتصف النهار واشتدّ الحرّ في رمال بلعنبر، وامتنعت الأرض على الحافي والمنتعل، ورمض [2] الجندب، غمست هذه الحيّة ذنبها في الرّمل، ثم انتصبت كأنها رمح مركوز، أو عود ثابت، فيجيء الطائر الصغير أو الجرادة، فإذا رأى عودا قائما وكره الوقوع على الرّمل لشدّة حرّه، وقع على رأس الحيّة، على أنّها عود. فإذا وقع على رأسها قبضت عليه. فإن كان جرادة أو جعلا أو بعض ما لا يشبعها مثله، ابتلعته وبقيت على انتصابها. وإن كان الواقع على رأسها طائرا يشبعها مثله أكلته وانصرفت. وأنّ ذلك دأبها ما منع الرّمل جانبه في الصّيف والقيظ، في انتصاف النهار والهاجرة. وذلك أنّ الطائر لا يشكّ أنّ الحيّة عود، وأنه سيقوم له مقام الجذل [3] للحرباء، إلى أن يسكن الحرّ ووهج الرّمل.

_ [1] أهل الكتابين: اليهود والنصارى. [2] الرمض: شدة الحر. (اللسان: رمض) . [3] الجذل: أصل الشجرة وغيرها، أو ما عظم من أصول الشجر. (القاموس: جذل) .

وفي هذا الحديث من العجب أن تكون هذه الحيّة تهتدي لمثل هذه الحيلة. وفيه جهل الطائر بفرق ما بين الحيوان والعود. وفيه قلة اكتراث الحيّة بالرّمل الذي عاد كالجمر، وصلح أن يكون ملّة [1] وموضعا للخبزة، ثمّ أن يشتمل ذلك الرّمل على ثلث الحيّة ساعات من النّهار، والرمل على هذه الصفة. فهذه أعجوبة من أعاجيب ما في الحيّات. وزعم لي [2] رجال من الصّقالبة، خصيان وفحول، أنّ الحيّة في بلادهم تأتي البقرة المحفّلة [3] فتنطوي على فخذيها وركبتيها إلى عراقيبها، ثمّ تشخص صدرها نحو أخلاف ضرعها، حتى تلتقم الخلف؛ فلا تستطيع البقرة مع قوّتها أن تترمرم [4] . فلا تزال تمصّ اللبن، وكلما مصّت استرخت. فإذا كادت تتلف أرسلتها. وزعموا أن تلك البقرة إمّا أن تموت، إمّا أن يصيبها في ضرعها فساد شديد تعسر مداواته. والحيّة تعجب باللبن. وإذا وجدت الأفاعي الإناء غير مخمّر كرعت فيه، وربّما مجّت فيه ما صار في جوفها، فيصيب شارب ذلك اللبن أذى ومكروه كثير. ويقال إنّ اللبن محتضر [5] . وقد ذهب ناس إلى العمّار، على قولهم إنّ الثوب المعصفر محتضر [5] . فظنّ كثير من العلماء أنّ المعنى في اللبن إنما رجع إلى الحيّات. والحيّة تعجب باللّفّاح [6] والبطّيخ، وبالحرف [7] ، والخردل المرخوف [8] ؛ وتكره ريح السذاب [9] والشّيح، كما تكره الوزغ ريح الزّعفران.

_ [1] الملّة: الرماد الحار والجمر. (القاموس: ملل) . [2] نهاية الأرب 9/139. [3] المحفلة: الناقة أو البقرة أو الشاة لا يحلبها صاحبها أياما حتى يجتمع لبنها في ضرعها، فإذا احتلبها المشتري وجدها غزيرة فزاد في ثمنها، فإذا حلبها بعد ذلك، وجدها ناقصة اللبن عما حلبه أيام تحفيلها. (اللسان: حفل) . [4] تترمرم: تتحرك. (اللسان: رمم) . [5] محتضر: تحضره الجن. (اللسان: حضر) . [6] اللفاح: نبات يقطيني أصفر شبيه بالباذنجان طيب الرائحة. (اللسان: لفح) . [7] الحرف: حب الرشاد. (القاموس: حرف) . [8] المرخوف: المسترخي. (القاموس: رخف) . [9] السذاب: ضرب من البقول. (القاموس: سذب) .

1021 -[خصائص الأفعى]

وليس في الأرض شيء جسمه مثل جسم الحيّة، إلا والحيّة أقوى بدنا منه أضعافا. ومن قوّتها أنها إذا أدخلت رأسها في جحرها، أو في صدع إلى صدرها، لم يستطع أقوى النّاس وهو قابض على ذنبها بكلتا يديه أن يخرجها؛ لشدّة اعتمادها، وتعاون أجزائها. وليست بذات قوائم لها أظفار أو مخالب أو أظلاف، تنشبها في الأرض، وتتشبث بها، وتعتمد عليها. وربما انقطعت في يدي الجاذب لها، مع أنها لدنة ملساء علكة فيحتاج الرفيق في أمرها عند ذلك، أن يرسلها من يديه بعض الإرسال، ثمّ ينشطها كالمختطف والمختلس، وربما انقطع ذنبها في يد الجاذب لها. فأمّا أذناب الأفاعي فإنها تنبت. ومن عجيب ما فيها من هذا الباب، أنّ نابها يقطع بالكاز [1] ، فينبت حتى يتمّ نباته في أقلّ من ثلاث ليال. والخطّاف في هذا الباب خلاف الخنزير؛ لأنّ الخطاف إذا قلمت إحدى عينيه رجعت. وعين البرذون يركبها البياض، فيذهب في أيّام يسيرة. وناب الأفعى يحتال له بأن يدخل في فيها حمّاض أترجّ [2] ، ويطبق لحيها الأعلى على الأسفل، فلا تقتل بعضّتها أياما صالحة. والمغناطيس الجاذب للحديد، إذا حكّ عليه الثّوم، لم يجذب الحديد. 1021-[خصائص الأفعى] والأفعى لا تدور عينها في رأسها، وهي تلد وتبيض، وذلك أنها إذا طرّقت [3] ببيضها تحطّم في جوفها، فترمي بفراخها أولادا، حتى كأنها من الحيوان الذي يلد حيوانا مثله. وفي الأفاعي من العجب أنها تذبح حتى يفرى منها كلّ ودج، فتبقى كذلك

_ [1] الكاز: المقطع. «السامي في الأسامي 147» . [2] في القاموس «ترج» : (الأترجّ، والأترجّة والتّرنجة والتّرنج: نبات معروف، حامضه مسكّن غلمة النساء؛ ويجلو اللون والكلف، وقشره في الثياب يمنع السوس) . وفي معجم الألفاظ الزراعية 163- 164. (جنس الليمون فيه أنواع البرتقال والأترج والنارنج والليمون الحلو والحامض، وهي تسمى الموالح في مصر؛ والحوامض في الشام، وما في جوف ثماره يسمى الحمّاض. جنس شجر مثمر من الفصيلة البرتقالية) . [3] طرّقت ببيضها: حان لها أن يخرج بيضها. (القاموس: طرق) .

1022 -[قوة بدن الممسوح]

أيّاما لا تموت. وأمرت الحاوي فقبض على خرزة [1] عنقها، فقلت له: اقبضها من الخرزة [1] التي تليها قبضا رفيقا. فما فتح بينها بقدر سمّ الإبرة حتّى بردت ميّتة. وزعم أنّه قد ذبح غيرها من الحيّات فعاشت على شبيه بذلك، ثمّ إنه فصل تلك الخرزة [1] على مثال ما صنع بالأفعى، فماتت بأسرع من الطّرف. 1022-[قوة بدن الممسوح] وكلّ شيء ممسوح البدن، ليس بذي أيد ولا أرجل، فإنّه يكون شديد البدن، كالسّمكة والحيّة. 1023-[سم الأفعى] وزعم أحمد بن غالب قال: باعني حوّاء ثلاثين أفعى بدينارين، وأهدي إليّ خمسا اصطادها من قبالة القلب، في تلك الصحارى على شاطئ دجلة. قال: وأردتها للتّرياق. قال: فقال لي حين جاءني بها: قل لي: من يعالجها؟ قال: فقلت له: فلان الصيدلانيّ. فقال: ليس عن هذا سألتك، قل لي: من يذبحها ويسلخها؟ قال: قلت: هذا الصيدلانيّ بعينه. قال: أخاف أن يكون مغرورا من نفسه. إنّه والله إن أخطأ موضع المفصل من قفاه، وحركته أسرع من البرق، فإن كان لا يحسن ولا يدري كيف يتغفله، فينقره نقرة، لم يفلح بعدها أبدا. ولكني سأتطوّع لك بأن أعمل ذلك بين يديه. قال: فبعثت إليه. وكان رأسه إلى الجونة [2] ، فيغفل الواحدة فيقبض على قفاها بأسرع من الطّرف، ثمّ يذبحها. فإذا ذبحها سال من أفواهها لعاب أبيض، فيقول: هذا هو السم الذي يقتل! قال: فجالت يده جولة، وقطرت من ذلك اللّعاب قطرة على طرف قميص الصيدلانيّ. قال: فتفشّى ذلك القاطر حتّى صار في قدر الدّرهم العظيم. ثم إنّ الحوّاء امتحن ذلك الموضع فتهافت في يده، وبقيت الأفاعي مذبّحة تجول في الطست ويكدم بعضها بعضا، حتى أمسينا. قال: وبكرت على أبي رجاء إلى باب الجسر، أحدّثه بالحديث، فقال لي وددت أنّي رأيت موضع القطرة من قميص الصّيدلاني! قال: فو الله مارمت حتّى مرّ معي إلى الصّيدلانيّ، فأريته موضعه. وأصحابنا يزعمون أنّ لعاب الأفاعي لا يعمل في الدّم. إلّا أنّ أحمد بن المثنّى

_ [1] الخرزة: فقرة من فقرات العنق. (القاموس: خرز) . [2] الجونة: سلة صغيرة مستديرة مغشاة أدما تكون مع العطارين. اللسان (جون) .

1024 -[ما تضيء عينه من الحيوان]

زعم أنّ من الأفاعي جنسا لا يضرّ الفراريج من بين الأشياء، ولا أدري أيّ الخبرين أبعد: أخبر ابن غالب في تفسيخ الثّوب، أو خبر ابن المثنى في سلامة الفرّوج على الأفعى؟ 1024-[ما تضيء عينه من الحيوان] وزعم محمد بن الجهم أنّ العيون التي تضيء بالليل كأنها مصابيح، عيون الأسد والنمور، والسّنانير والأفاعي. فبينا نحن عنده إذ دخل عليه بعض من يجلب الأفاعي من سجستان، ويعمل التّرياقات، ويبيعها أحياء ومعمولة [1] ، فقال له: حدّثهم بالذي حدّثتني به من عين الأفعى. قال: نعم، كنت في منزلي نائما في ظلمة، وقد كنت جمعت رؤوس أفاع كنّ عندي، لأرمي بها، وأغفلت تحت السّرير رأسا واحدا، ففتحت عيني تجاه السّرير في الظلمة، فرأيت ضياء إلّا أنّه ضئيل ضعيف رقيق، فقلت: عين غول أو بعض أولاء السّعالى، وذهبت نفسي في ألوان من المعاني، فقمت فقدحت نارا، وأخذت المصباح معي، ومضيت نحو السرير فلم أجد تحته إلّا رأس أفعى، فأطفأت السّراج ونمت وفتحت عيني، فإذا ذلك الضوء على حاله، فنهضت فصنعت كصنيعي الأوّل، حتى فعلت ذلك مرارا. قال: فقلت آخر مرّة: ما أرى شيئا إلّا رأس أفعى، فلو نحّيته! فنحّيته وأطفأت السّراج، ثمّ رجعت إلى منامي، ففتحت عيني فلم أر الضّوء، فعلمت أنّه من عين الأفعى، ثمّ سألت عن ذلك، فإذا الأمر حقّ، وإذا هو مشهور في أهل هذه الصّناعة. 1025-[علة قوة بدن الحية] قال: وربّما قبض الرّجل الشديد الأسر والقوّة القبضة على قفا الحيّة فتلتفّ عليه فتصرعه. وفي صعودها وفي سعيها خلف الرّجل الشديد الحضر، أو عند هربها حتّى تفوت وتسبق، وليست بذات قوائم، وإنما تنساب على بطنها، وفي تدافع أجزائها وتعاونها، وفي حركة الكلّ من ذات نفسها، دليل على إفراط قوّة بدنها. ومن ذلك أنها لا تمضغ، وإنما تبتلع، فربّما كان في البضعة أو في الشيء الذي ابتلعته عظم، فتأتي جذم شجرة، أو حجرا شاخصا [2] فتنطوي عليه انطواء شديدا فيتحطّم ذلك العظم حتّى يصير رفاتا.

_ [1] في حياة الحيوان 1/401 «الحية» : (يحرم أكل الترياق المعمول من لحومها) . [2] شخص: ارتفع. (القاموس: شخص) .

1026 -[موت الحية]

ثمّ يقطع ذنبها فينبت. ثمّ تعيش في الماء، إن صارت في الماء، بعد أن كانت برّيّة، وتعيش في البرّ بعد أن طال مكثها في الماء وصارت مائية. قال: وإنّما أتتها هذه القوّة، واشتدّت فقر ظهرها هذه الشّدّة؛ لكثرة أضلاعها، وذلك أنّ لها من الأضلاع عدد أيّام الشّهر. وهي مع ذلك أطول الحيوان عمرا. 1026-[موت الحية] ويزعمون أنّ الحيّة لا تموت حتف أنفها، وإنّما تموت بعرض يعرض لها. ومع ذلك فإنه ليس في الحيوان شيء هو أصبر على جوع من حيّة؛ لأنّها إن كانت شابّة فدخلت في حائط صخر، فتتبّعوا موضع مدخلها بوتد أو بحجر، ثمّ هدموا هذا الحائط، وجدوها هناك منطوية وهي حيّة. فالشّابة تذكر بالصّبر عند هذه العلّة. فإن هرمت صغرت في بدنها، وأقنعها النّسيم، ولم تشته الطعم. وقد قال الشاعر:- وهو جاهليّ [1]-: [من الرجز] فابعث له من بعض أعراض اللّمم ... لميمة من حنش أعمى أصم قد عاش حتى هو لا يمشي بدم ... فكلّما أقصد منه الجوع شم وهذا القول لهذا المعنى. وفي هذا الوجه يقول الشاعر [2] : [من الرجز] داهية قد صغرت من الكبر ... صلّ صفا ما ينطوي من القصر طويلة الإطاق من غير خفر ... كمطرق قد ذهبت به الفكر [3] جاء بها الطوفان أيّام زخر 1027-[صبر الحية على فقد الطّعم] ومن أعاجيبها أنها وإن كانت موصوفة بالشّره والنّهم، وسرعة الابتلاع، فلها في الصّبر في أيّام الشّتاء ما ليس للزّهيد. ثمّ هي بعد ممّا يصير بها الحال إلى أن تستغني عن الطّعم.

_ [1] الرجز بلا نسبة في البرصان 233، والسمط 490، واللسان (حنش) ، والتهذيب 4/186. [2] الرجز للنابغة في ديوان المعاني 2/145، والحماسة الشجرية 273- 274، وبلا نسبة في الخزانة 2/457، والمخصص 8/109، 16، 106، 185، والمنصف 3/16، وأساس البلاغة (حرو) ، وربيع الأبرار 5/475. [3] الإطراق: إرخاء العينين. (القاموس: طرق) .

1028 -[النمس والثعابين]

1028-[النمس والثعابين] ثمّ قد يزعمون أنّ بمصر دويبّة يقال لها النمس يتّخذها الناطور إذا اشتدّ خوفه من الثّعابين؛ لأنّ هذه الدّابة تنقبض وتنضمّ، تتضاءل وتستدقّ، حتّى كأنها قديدة [1] أو قطعة حبل، فإذا عضّها الثّعبان وانطوى عليها زفرت، وأخذت بنفسها وزخرت جوفها فانتفخ. فتفعل ذلك وقد انطوى عليها، فتقطعه قطعا من شدّة الزّخرة. وهذا من أعجب الأحاديث. 1029-[القواتل من الحيات] والثّعابين إحدى القواتل. ويزعمون أنها ثلاثة أجناس لا ينجع فيها رقية ولا حيلة، كالثعبان، والأفعى، والهنديّة. ويقال: إنّ ما سواها فإنما يقتل مع ما يمدّها من الفزع؛ فقد يفعل الفزع وحده؛ فكيف إذا قارن سمّها؟! وسمّها إن لم يقتل أمرض. 1030-[ما يفعل الفزع في المسموم] ويزعمون أنّ رجلا قال [2] تحت شجرة، فتدلّت عليه حيّة منها فعضّت رأسه، فانتبه محمرّ الوجه، فحكّ رأسه، وتلفّت، فلم ير شيئا، فوضع رأسه ينام، وأقام مدّة طويلة لا يرى بأسا، فقال له بعض من كان رأى تدلّيها عليه ثمّ تقلّصها عنه وهروبها منه: هل علمت من أيّ شيء كان انتباهك تحت الشّجرة؟ قال: لا والله، ما علمت. قال: بلى، فإنّ الحيّة الفلانيّة نزلت عليك حتّى عضّت رأسك، فلما جلست فزعا تقلّصت عنك وتراجعت. ففزع فزعة وصرخ صرخة كانت فيها نفسه. وكأنهم توّهموا أنّه لما فزع واضطراب، وقد كان ذلك السمّ مغمورا ممنوعا فزال مانعه، وأوغله ذلك الفزع، حين تفتّحت منافسه، إلى موضع الصّميم والدّماغ وعمق البدن، فانحلّ موضع العقد الذي انعقدت عليه أجزاؤه وأخلاطه. وأنشد الأصمعيّ: [من الرجز] نكيثة تنهشه بمنبذ

_ [1] قديدة: تصغير القدة، وهي جمع القد. والقد: سيور تقد من جلد فطير غير مدبوغ، فتشد بها الأقتاب والمحامل. (اللسان: قدد) . [2] قال يقيل قيلولة: نام في نصف النهار.

1031 -[الترياق وانقلاب الأفعى]

وأنشد لأبي دؤاد الإياديّ [1] : [من الخفيف] فأتاني تقحيم كعب لي المن ... طق إن النّكيثة الإقحام [2] قال: فالفزع إمّا أن يكون يوصل السمّ إلى المقاتل، وإمّا أن يكون معينا له، كتعاون الرّجلين على نزع وتد. فهم لا يجزمون على أنّ الحيّة من القواتل البتّة، إلّا أن تقتل إذا عضّت النائم والمغشيّ عليه، والطفل الغرير، والمجنون الذي لا يعقل، وحتّى تجرّب عليه الأدوية. 1031-[الترياق وانقلاب الأفعى] وكنت يوما عند أبي عبد الله أحمد بن أبي دؤاد، وكان عنده سلمويه وابن ماسويه، وبختيشوع بن جبريل، فقال: هل ينفع التّرياق من نهشة أفعى؟ فقال بعضهم: إذا عضّت الأفعى فأدركت قبل أن تنقلب نفع الترياق، وإن لم تدرك لم ينفع؛ لأنهم إن قلّلوا من التّرياق قتله السّمّ، وإن كثّروا منه قتله الفاضل عن مقدار الحاجة. قلت: فإنّ ابن أبي العجوز خبّرني بأنها ليست تنقلب لمجّ السمّ وإفراغه، ولكنّ الأفعى في نابها عصل [3] ، وإذا عضّت استفرغت إدخال النّاب كلّه، وهو أحجن أعصل، فيه مشابه من الشّصّ، فإذا انقلبت كان أسهل لنزعه وسلّه. فأمّا لصبّ السّمّ وإفراغه فلا. قال: والله لعلّه ما قلت! قلت: ما أسرع ما شككت!!. ثمّ قلت له: فكأنما وضعوا الترياق واجتلبوا الأفاعي وضنّوا وعزموا على أنه لا ينفع إلّا بدرك الأفعى قبل أن تنقلب! وكيف صار التّرياق بعد الانقلاب لا يكون إلّا في إحدى منزلتين: إمّا أن يقتل بكثرته، وإمّا ألّا ينفع بقلّته! فكأنّ الترياق ليس نفعه إلّا في المنزلة الوسطى التي لا تكون فاضلة ولا ناقصة! ولكني أقول لك: كيف يكون نفعه إذا كان الترياق جيّدا قويّا، وعوجل فسقي المقدار الأوسط، قبل أن يبلغ الصّميم، ويغوص في العمق. وعلى هذا وضع، وهم كانوا أحزم وأحذق من أن يتكلّفوا شيئا، ومقداره من النّفع لا يوصل إلى معرفته.

_ [1] ديوان أبي دؤاد 338، والأصمعيات 186. [2] في ديوانه: (تقحيمه: توركه قولا نابيا، وهو إدخال الكلام بعضه في إثر بعض. كعب: قيل إنه ابن مامة بلغه عنه أمر يكرهه. النكيثة: الخطة الصعبة) . [3] العصل: الاعوجاج. (القاموس: عصل) .

1032 -[سموم الحيات والعقارب]

ويقول بعض الحذّاق: إنّ سقي التّرياق بعد النهش بساعة أو ساعتين موت المنهوش. ثم قلت له: وما علّمك؟ وبأيّ سبب أيقنت أنها تمجّ من جوف نابها شيئا؟! ولعله ليس هنالك إلّا مخالطة جوهر ذلك النّاب لدم الإنسان! أولسنا قد نجد من الإنسان من يعضّ صاحبه فيقتله، ويكون معروفا بذلك؟! وقد تقرّون أنّ الهنديّة والثّعبان يقتلان، إمّا بمخالطة الرّيق الدم، وإمّا بمخالطة السّنّ الدّم، من غير أن تدّعوا أنّ أسنانهما مجوّفة. وقد أجمع جميع أصحاب التجارب أنّ الحيّة تضرب بقصبة فتكون أشدّ عليها من العصا. وقد يضرب الرجل على جسده بقضبان اللّوز وقضبان الرّمان، وقضبان اللّوز أعلك [1] وألدن، ولكنّها أسلم، وقضبان الرّمّان أخفّ وأسخف ولكنها أعطب. وقد يطأ الإنسان على عظم حيّة أو إبرة عقرب، وهما ميتتان، فيلقى الجهد. وقد يخرج السّكّين من الكير وهو محمى، فيغمس في اللبن فمتى خالط الدّم قام مقام السمّ، من غير أن يكون مجّ في الدّم رطوبة غليظة أو رقيقة. وبعض الحجارة يكوى بها- وهو رخو- الأورام حتى يفرقها ويحمصها [2] من غير أن يكون نفذ إليها شيء منه، وليس إلّا الملاقاة. قلت: ولعلّ قوى قد انفصلت من أنياب الأفاعي إلى دماء النّاس. وقد رووا أنّه قيل لجالينوس: إنّ ها هنا رجلا يرقي العقارب فتموت، أو تنحلّ فلا تعمل، فرآه يرقيها ويتفل عليها، فدعا به بحضرة جماعة وهو على الرّيق، ودعا بغدائه فتغدّى معه، ثمّ دعي له بالعقارب فتفل عليها، فلم يجد لعابه يصنع شيئا إلّا أن يكون ريقا. وهو حديث يدور بين أهل الطبّ، وأنت طبيب. فلم أره في يومه ذلك قال شيئا إلّا من طريق الحزر والحدس، والبلاغات. 1032-[سموم الحيات والعقارب] وسموم الحيّات ذوات الأنياب، والعقارب ذوات الإبر، إنما تعمل في الدّم بالإجماد والإذابة. وكذا سموم ذوات الشعر والقرون والجمّ، إنما تعمل في العصب، ومنها ما يعمل في الدم.

_ [1] أعلك: أشد وأمتن، وطعام عالك: متين الممضغة. (القاموس: علك) . [2] انحمص: انقبض وتضاءل. (القاموس: حمص) .

1033 -[شرب المسموم للبن]

1033-[شرب المسموم للّبن] وحدّثني بعض أصحابنا قال: كنت إمّا برماي وإما بباري وهما بلاد حيّات وأفاع، ونحن في عرس، إذ أدخلوا الخدر العروس فأبطؤوا عليه شيئا، فأغفى وتلوّت على ذراعه أفعى، فذهب ينفضها وحجمت على ذراعه- وقد يقال ذلك إذا كانت العضّة في صورة شرط الحجّام- فصرخ وجاؤوا يتعادون [1] فوجدوها فقتلوها، وسقوه في تلك اللّيلة لبن أربعين عنزا، كلّما استقرّ في جوفه قعب من ذلك اللّبن قاء فيخرج منه كأمثال طلع الفحّال [2] الأبيض، فيه طرائق من دسم تعلوه خضرة، حتى استوفى ذلك اللّبن كله. قال: فعندها قال شيخ من أهل القرية: إن كنتم أخرجتم ذلك السّمّ فقد أخرجتم نفسه معه! قال: فغبر أيّاما بأسوإ حال ثمّ مات. قال: وكنت أعجب من سرعة استحالة اللّبن وجموده. 1034-[اكتفاء الحيات والضباب بالنسيم] قلت: والحيّات البرّيّة إذا هرمت تنسّمت النّسيم فاكتفت بذلك، وكذلك الضّباب إذا هرمت. قال: ولا يكون ذلك للمائيّة من حيّات الغياض وشطوط الأنهار، ومناقع المياه. 1035-[الحيات المائية] قال: والحيّات المائيّة، إمّا أن تكون برّيّة أو جبليّة، فاكتسحتها السّيول واحتملتها في كثير من أصناف الحشرات والدّوابّ والسّباع، فتوالدت تلك الحيّات وتلاقحت هناك. وإمّا أن تكون كانت أمهاتها وآباؤها في حيّات الماء. وكيف دارت الأمور فإنّ الحيّات في أصل الطّبع مائيّة. وهي تعيش في النّدى، وفي الماء، وفي البرّ وفي البحر، وفي الصّخر والرّمل. ومن طباعها أن ترقّ وتلطف على شكلين: أحدهما لطول العمر، والآخر للبعد من الرّيف. وعلى حسب ذلك تعظم في المياه والغياض. قال: وكلّ شيء في الماء ممّا يعايش السمك، مما أشبه الحيّات كالمارماهي والأنكليس فإنها كلها على ضربين: فأحدهما من أولاد الحيات انقلبت بما عرض لها من طباع البلد والماء. والآخر من نسل سمك وحيات تلاقحت؛ إذ كان طباع السمك قريبا من طباع تلك الحيّات. والحيّات في الأصل مائيّة، وكلّها كانت حيّات.

_ [1] يتعادون: يتبارون في العدو. (القاموس: عدو) . [2] الطلع: نور النخل. (القاموس: طلع) . الفحال: ذكر النخل. (القاموس: فحل) .

1036 -[قرابة بعض النبات لبعض]

1036-[قرابة بعض النبات لبعض] وقد زعم أهل البصرة أنّ مشان [1] الكوفة قريب من برنيّ [2] البصرة، قلبته البلدة. ويزعم أهل الحجاز أنّ نخل النارجيل [3] هو نخل المقل [4] ، ولكنّه انقلب لطباع البلدة. وأشباه ذلك كثير. ويزعمون أنّ الفيلة مائية الطّباع بالجاموسيّة والخنزيريّة التي فيها. 1037-[الذئب والنسيم] قال: والذّئب أيضا، وإن كان عندهم ممّا لا يجتزي بالنّسيم، فإنّه من الحيوان الذي يفتح فاه للنّسيم؛ ليبرد جوفه من اللهيب الذي يعتري السّباع؛ ولأنّ ذلك يمدّ قوّته، ويقطع عنه ببرودته ولطافته الرّيق. فإن كان ذا سعر إذا عدا احتشى ريحا. 1038-[صبر الذئب والأسد على الطعام] وربّما جاع الأسد ففعل فعل الذّئب، فالأسد والذّئب يختلفان في الجوع والصبر؛ لأنّ الأسد شديد النّهم، رغيب حريص شره؛ وهو مع ذلك يحتمل أن يبقى أيّاما لا يأكل شيئا. والذّئب وإن كان أقفر منزلا، وأقلّ خصبا، وأكثر كدّا وإخفاقا، فلا بدّ له من شيء يلقيه في جوفه، فإذا لم يجد شيئا استعار النسيم، [وربما استفّ التراب] [5] . 1039-[حيلة بعض الجائعين] والنّاس إذا جاعوا واشتدّ جوعهم شدّوا على بطونهم العمائم. فإن استقلوا، وإلّا شدّوا الحجر. 1040-[شعر في الذئب] وأنشد: [من الطويل] كسيد الغضا العادي أضلّ جراءه ... على شرف مستقبل الرّيح يلحب [6]

_ [1] المشان: نوع من الرطب إلى السواد دقيق، هو أعجمي. (اللسان: مشن) . [2] البرني: ضرب من التمر أصفر مدور. (اللسان: برن) . [3] النارجيل: جوز الهند. (اللسان: نرجل) . [4] المقل: حمل الدوم، واحدته مقلة، والدوم: شجرة تشبه النخلة في حالاتها. (اللسان: مقل) . [5] الزيادة من ثمار القلوب 310 (578) ، حيث وردت الفقرة كلها. [6] السيد: الذئب. (القاموس: سيد) . الجراء: جمع جرو. الشرف: ما علا من الأرض. (القاموس: شرف) . يلحب: يسرع. (القاموس: لحب) .

1041 -[شم الظليم]

كأنّه يجمع استدخال الرّيح والنّسيم، فلعلّه أن يجد ريح جرائه. وقال الرّاجز [1] : [من الرجز] يستخبر الرّيح إذا لم يسمع ... بمثل مقراع الصّفا الموقّع [2] 1041-[شمّ الظليم] والظّليم يكون على بيضه فيشمّ ريح القانص من أكثر من غلوة، ويبعد عن رئاله فيشمّ ريحها من مكان بعيد. وأنشدني يحيى بن نجيم بن زمعة قال [3] : [من الرجز] أشمّ من هيق وأهدى من جمل [4] وأنشدني عمرو بن كركرة: [من الرجز] ما زال يشتمّ اشتمام الهيق قال: وإنّما جعله ذئب غضا لأنهم يقولون: ذئب الخمر أخبث. ويقولون: شيطان الحماطة: يريدون الحيّة [5] . 1042-[الحيّات الخفيفة والثقيلة] وكلّ حيّة خفيفة الجسم فهي شيطان. والثّقال لا تنشط من أرض إلى أرض، وتثقل عمّا تبلغه المستطيلات الخفاف. وقال طرفة [6] : [من الطويل] تلاعب مثنى حضرميّ كأنّه ... تعمّج شيطان بذي خروع قفر

_ [1] الرجز لأبي الرديني العكلي في البيان 1/82، والخزانة 3/105 (بولاق) ، وبلا نسبة في البرصان 198، واللسان والتاج (مخر، قرع) ، وديوان الأدب 1/311. [2] في البرصان: (وصف الراجز استرواح الذئب وحرصه على استنشاق الريح) . المقراع: الفأس. (اللسان: قرع) . [3] الرجز بلا نسبة في البرصان 303، وثمار القلوب (652) ، واللسان (نعم) ، والتهذيب 3/14. [4] الهيق: ذكر النعام. (اللسان: هيق) . [5] ثمار القلوب (623) . [6] لم يرد البيت في ديوان طرفة، وهو بلا نسبة في اللسان (حبب، عمج، خرع، شطن، ثنى) ، والتاج (حبب، خرع، ثنى) ، والمقاييس 2/28، 3/148، 4/137، والمجمل 2/30، والمخصص 7/110، 8/109، وديوان الأدب 2/60، 440.

1043 -[المضاف إلى النبات من الحيوان]

الكرماني عن أنس- ولا أدري من أنس هذا- في صفة ناقة: [من الطويل] شناحية فيها شناح كأنّها ... حباب بكفّ الشّأو من أسطع حشر [1] والحباب: الحيّة الذّكر. 1043-[المضاف إلى النبات من الحيوان] وكما يقولون [2] : ذئب الخمر، يقولون: أرنب الخلّة [3] ، وتيس الرّبل، وضبّ السّحا [3] . والسّحا بقلة تحسن حاله من أكلها. وكذلك يقولون: «ما هو إلّا قنفذ برقة» [4] لأنه يكون أخبث له. 1044-[خصائص البلدان] وذلك كلّه على قدر طبائع البلدان والأغذية العاملة في طبائع الحيوان. ألا ترى أنّهم يزعمون أنّ من دخل أرض تبّت [5] لم يزل ضاحكا مسرورا، من غير عجب حتّى يخرج منها. ومن أقام بالموصل حولا ثم تفقّد قوّته وجد فيها فضلا. ومن أقام بالأهواز حولا فتفقّد عقله ذو فراسة وجد النّقصان فيه بيّنا. كما يقال في حمّى خيبر، وطحال البحرين، ودماميل الجزيرة، وجرب الزّنج. وقال الشمّاخ [6] : [من الوافر] كأنّ نطاة خيبر زوّدته ... بكور الورد ريّثة القلوع [7] وقال أوس بن حجر [8] : [من الطويل] كأنّ به إذ جئته خيبريّة ... يعود عليه وردها وقلالها [9]

_ [1] الشناحية: الناقة الطويلة الجسم. (القاموس: شنح) . الشأو: الزمام. (القاموس: شأو) . الأسطع: العنيق الطويل. (القاموس: سطع) . [2] ثمار القلوب 330 (577، 614) . [3] الخلة والسحا: شجرة شاكة. (القاموس: خلل، سحى) . [4] برقة: الأرض ذات الحجارة المختلفة الألوان. وللعرب مئة برقة، من بينها (برقة أنقد) وهو القنفذ. انظر معجم البلدان 1/390 وما بعد. [5] تبت: بلد بأرض الترك، أو هي مملكة متاخمة للصين والهند. معجم البلدان 2/10، وانظر الفقرة في ثمار القلوب 310 (577، 794) ، وعيون الأخبار 1/219. [6] ديوان الشماخ 223، واللسان (صلل، نطا) ، والتاج (نطا) ، وبلا نسبة في اللسان والتاج (قلع) ، والتهذيب 1/25، 14/31، ومعجم البلدان 5/291 (نطاة) . [7] في ديوانه: (نطاة خيبر: قيل: هي خيبر نفسها علم لها، وقيل واد بخيبر، وقيل: حصن بها. زودته: أعطته زادا. بكور الورد: يعني حمى تباكر بوردها جسمه. ريثة القلوع: بطيئة الذهاب والانكشاف) . [8] ديوان أوس 100، وثمار القلوب 436 (791) ، والسمط 918. [9] في ديوانه: (الورد: ورود الحمى) .

1045 -[قدوم عبد الله بن الحسن على عمر بن عبد العزيز وهشام]

وقال آخر [1] : [من الرجز] كأنّ حمّى خيبر تملّه وكذلك القول في وادي جحفة، وفي مهيعة، وفي أصول النخل حيث كان. وقال عبد الله بن همام السّلوليّ في دماميل الجزيرة [2] : [من الطويل] أتيح له من شرطة الحيّ جانب ... غليظ القصيرى لحمه متكاوس تراه إذا يمضي يحكّ كأنّما ... به من دماميل الجزيرة ناخس فحدّثني أبو زفر الضّراري قال [3] : مات ضرار بن عمرو وهو ابن تسعين سنة بالدّماميل. قلت: والله إنّ هذا لعجب! قال: كلّا، إنّما احتملها من الجزيرة. وكذلك القول في طواعين الشّام. قال أحد بني المغيرة، فيمن مات منهم بطواعين الشام، ومن مات منهم بطعن الرّماح أيّام تلك المغازي [4] : [من السريع] من ينزل الشّام ويعرس به ... فالشّام إن لم يفنه كاذب أفنى بني ريطة فرسانهم ... عشرين لم يقصص لهم شارب ومن بني أعمامهم مثلهم ... لمثل هذا عجب العاجب طعن وطاعون مناياهم ... ذلك ما خطّ لنا الكاتب 1045-[قدوم عبد الله بن الحسن على عمر بن عبد العزيز وهشام] قال [5] ولمّا قدم عبد الله بن الحسن بن الحسن رضي الله عنهم، على عمر بن عبد العزيز- رضي الله عنه- في حوائج له، فلمّا رأى مكانه بالشام، وعرف سنّه وسمته وعقله، ولسانه، وصلاته وصيامه، فلم يكن شيء أحبّ إليه من ألّا يراه أحد من أهل الشام، فقال له: إنّي أخاف عليك طواعين الشّام؛ فإنّك لن تغنم أهلك أكثر

_ [1] الرجز لليلى الأخيلية في ديوانها 99، ولعمرة بنت الحمارس في أشعار النساء 155، وبلا نسبة في ثمار القلوب (791) . [2] البيتان في البرصان 147، ومعجم البلدان 2/134 (جزيزة أقور) . والثاني بلا نسبة في الجمهرة 565، 1051. [3] ثمار القلوب (794) . [4] الأبيات للمهاجر بن خالد بن الوليد في الإصابة 6/160 رقم 8329، وتاريخ الطبري 4/65، ولبعض بني المغيرة في ثمار القلوب 435 (789) ، والتعازي للمبرد 215. [5] ثمار القلوب 435 (789) .

1046 -[طحال البحرين]

منك، فالحق بهم؛ فإنّ حوائجك ستسبقك إليهم. ثمّ قدم على هشام، فكره عبد الله أن يدخل منزل له حتّى يأتيه في ثياب سفره؛ مخافة سوء ظنّه. فلما أعلمه الحاجب مكانه، ودخل عليه وعاينه، كره أن يقيم بها طرفة عين. قال: اذكر حوائجك. قال: أحطّ رحلي وأضع ثياب سفري، وأتذكّر حوائجي. قال: إنّك لن تجدني في حال خيرا لك منّي الساعة! يريد أنّ القلوب أرقّ ما تكون إذا تلاقت العيون عن بعد عهد. وليس ذلك أراد. 1046-[طحال البحرين] والعامّة تنشد [1] : [من الطويل] من يسكن البحرين يعظم طحاله ... ويغبط بما في بطنه وهو جائع ونظر دكين الرّاجز، إلى أبي العباس محمّد بن ذويب الفقيميّ الرّاجز، وهو غليّم مصفرّ مطحول، وهو يمتح على بكرة ويرتجز. فقال: من هذا العمانيّ؟ فلزمته هذه النّسبة [2] . 1047-[جرب الزنج] وحدّثني يوسف الزّنجي أنّه لا بدّ لكلّ من قدم من شقّ العراق إلى بلاد الزّنج ألّا يزال جربا، ما أقام بها. وإن أكثر من شرب نبيذها، أو شراب النّارجيل، طمس الخمار على عقله، حتّى لا يكون بينه وبين المعتوه إلّا الشّيء اليسير [3] . 1048-[طبيعة المصيصة] وخبّرني كم شئت من الغزاة، أن من أطال الصّوم بالمصيصة في أيّام الصّيف، هاج به المرار. وأنّ كثيرا منهم قد جنّوا عن ذلك الاحتراق [4] . 1049-[حمى الأهواز] فأمّا قصبة الأهواز، فإنّها قلبت كلّ من نزلها من بني هاشم إلى كثير من

_ [1] البيت بلا نسبة في اللسان والتاج (بطن) ، والمستقصى 1/319، وزهر الأكم 3/7، ومجمع الأمثال 1/278، وفصل المقال 435، ورسائل الجاحظ 1/341، ونوادر المخطوطات 1/261، والشعر والشعراء 475 (ليدن) ، 2/755 (شاكر) ، وثمار القلوب (794) . [2] الخبر في الشعر والشعراء 475 (ليدن) ، 2/755 (شاكر) . [3] الخبر في ثمار القلوب (795) . [4] الخبر في عيون الأخبار 1/219، وثمار القلوب (795) ، ولطائف المعارف 230.

طباعهم وشمائلهم، ولا بدّ للهاشميّ، قبيح الوجه كان أو حسنا، أو دميما كان أو بارعا رائعا، من أن يكون لوجهه وشمائله طبائع يبين بها من جميع قريش وجميع العرب. فلقد كادت البلدة أن تنقل ذلك فتبدّله، ولقد تخيّفته وأدخلت الضّيم عليه، وبيّنت أثرها فيه فما ظنّك بصنيعها في سائر الأجناس [1] ؟! ولفساد عقولهم، ولؤم طبع بلادهم، لا تراهم مع تلك الأموال الكثيرة، والضّياع الفاشية، يحبّون من البنين والبنات ما يحبّه أوساط أهل الأمصار على الثّروة واليسار، وإن طال ذلك. والمال منبهة كما تعلمون. وقد يكتسب الرّجل، من غيرهم، المويل [2] اليسير، فلا يرضى لولده حتّى يفرض له المؤدّبين، ولا يرضى لنسائه مثل الذي كان يرضاه قبل ذلك. وليس في الأرض صناعة مذكورة، ولا أدب شريف؛ ولا مذهب محمود، لهم في شيء منه نصيب وإن خسّ [3] . ولم أر بها وجنة حمراء لصبيّ ولا صبيّة، ولا دما ظاهرا ولا قريبا من ذلك. وهي قتّالة للغرباء. وعلى أنّ حمّاها خاصّة ليست للغريب بأسرع منها إلى القريب. ووباؤها وحمّاها، في وقت انكشاف الوباء ونزوع الحمّى عن جميع البلدان. وكلّ محموم في الأرض فإنّ حمّاه لا تنزع عنه، ولا تفارقه وفي بدنه منها بقيّة، فإذا نزعت عنه فقد أخذ منها عند نفسه البراءة، إلى أن يعود إلى الخلط، وأن يجمع في جوفه الفساد [4] . وليست كذلك الأهواز لأنها تعاود من نزعت عنه من غير حدث، كما تعاود أصحاب الحدث؛ لأنّهم ليسوا يؤتون من قبل النّهم [5] ، ومن قبل الخلط والإكثار، وإنّما يؤتون من عين البلدة. وكذلك جمعت سوق الأهواز الأفاعي في جبلها الطّاعن في منازلها، المطلّ عليها؛ والجرّارات [6] في بيوتها ومقابرها ومنابرها. ولو كان في العالم شيء هو شرّ من

_ [1] الخبر في عيون الأخبار 1/219- 220، وثمار القلوب (792) ، ولطائف المعارف 175. [2] المويل: تصغير المال. [3] بعدها في معجم البلدان 1/286: الأهواز: «أو دقّ أو جلّ» . [4] في معجم البلدان: «فإذا نزعت فقد وجد في نفسه منها البراءة، إلا أن تعود لما يجتمع في بطنه من الأخلاط الرديئة» . [5] في معجم البلدان: «من قبل التّخم والإكثار من الأكل وإنما يؤتون من عين البلدة» . [6] الجرارات: العقارب.

1050 -[عيون فراخ الحيات والخطاطيف]

الأفعى والجرّارة، لما قصّرت قصبة الأهواز عن توليده وتلقيحه. وبليتها أنّها من ورائها سباخ [1] ومناقع مياه غليظة وفيها أنهار تشقها تسايل كنفهم، ومياه أمطارهم ومتوضّآتهم. فإذا طلعت الشّمس فطال مقامها، وطالت مقابلتها لذلك الجبل، قبل بالصّخرية التي فيه تلك الجرّارات. فإذا امتلأت يبسا وحرارة، وعادت جمرة واحدة، قذفت ما قبلت من ذلك عليهم. وقد تحدث تلك السّباخ وتلك الأنهار بخارا فاسدا، فإذا التقى عليهم ما تحدث السّباخ وما قذفه ذلك الجبل، فسد الهواء. وبفساد الهواء يفسد كلّ شيء يشتمل عليه ذلك الهواء. وحدّثني إبراهيم بن عباس بن محمد بن منصور، عن مشيخة من أهل الأهواز، عن القوابل، أنهنّ ربّما قبلن [2] الطّفل المولود، فيجدنه في تلك السّاعة محموما. يعرفن ذلك ويتحدّثن به. 1050-[عيون فراخ الحيات والخطاطيف] قال: ويعرض لفراخ الحيّات مثل الذي يعرض لفراخ الخطاطيف؛ فإنّ نازعا لو نزع عيون فراخ الخطاطيف، وفراخ الحيّات، لعادت بصيرة. 1051-[مفارقة السلحفاة والرق والضفدع للماء] وزعم أنّ السّلحفاة والرّقّ، والضّفدع، ممّا لا بدّ له من التنفّس، ولا بدّ لها من مفارقة الماء، وأنّها تبيض وتكتسب الطعم وهي خارجة من الماء، وذلك للنّسب الذي بينها وبين الضّب، وإن كان هذا برّيّا وهذا بحريّا. 1052-[شبه بعض الحيوان البري بنظيره من البحري] ويزعمون أنّ ما كان في البرّ من الضبّ والورل والحرباء، والحلكاء، وشحمة الأرض، والوزغ والعظاء [3] مثل الذي في البحر من السّلحفاة والرّقّ، والتّمساح،

_ [1] سباخ: جمع سبخة، وهي الأرض تعلوها ملوحة. (القاموس: سبخ) . [2] قبلت القابلة الولد: تلقته عند خروجه. (القاموس: قبل) . [3] الورل والضب والحرباء وشحمة الأرض والوزغ، كلها متناسبة في الخلق. حياة الحيوان 2/418 (الورل) .

1053 -[صبر بعض الحيوان عن الطعم]

والضّفدع، وأنّ تلك الأجناس البرّية وإن اختلفت في أمورها، فإنّها قد تتشابه في أمور، وأنّ هذه الأجناس البحرية من تلك، ككلب الماء من كلب الأرض. 1053-[صبر بعض الحيوان عن الطعم] وقد زعم صاحب المنطق أنّ الحيّة وسامّ أبرص من العظاء، والتّمساح، تسكن في أعشّتها الأربعة أشهر الشديدة البرد، لا تطعم شيئا، وأنّ سائر الحيّات تسكن بطن الأرض. فأمّا الأفاعي فإنّها تسكن في صدوع الصّخر. وليس لشيء من الحيوان من الصّبر عن الطّعم ما لهذه الأجناس. وإنّ الفيل ليناسبها من وجهين: أحدهما من طول العمر، فإنّ منها ما قد عاش أربعمائة سنة. والوجه الآخر أنّ الفيلة مائيّة وهذه الأجناس مائيّة وإن كان بعضها لا يسكن الماء. 1054-[داهية الغبر] قال: وسمعت يونس بن حبيب يقول [1] : «داهية الغبر» قال [2] : وقيل ذلك لأنها ربّما سكنت بقرب ماء، إمّا غدير وإما عين، فتحمي ذلك الموضع. وربما غبر ذلك الماء في المنقع حينا وقد حمته. وقال الكذّاب الحرمازيّ [3] : [من الرجز] يا ابن المعلّى نزلت إحدى الكبر ... داهية الدّهر وصمّاء الغبر قال: وسأل الحكم بن مروان بن زنباع، عن بني عبد الله بن غطفان، قال: أفعى إن أيقظتها لسعتك، وإن تركتها لم تضرك. 1055-[نادرة تتعلق بالحيات] وذكر عن سعيد بن صخر قال: نهش رجل من أهل البادية كثير المال، فأشفى على الموت، فأتاهم رجل فقال: أنا أرقيه، فما تعطوني؟ فشارطوه على ثلاثين درهما، فرقاه وسقاه أشياء ببعض الأخلاط، فلمّا أفاق قال الرّاقي والمداوي: حقي! قال الملدوغ: وما حقه، قالوا: ثلاثون درهما. قال أعطيه من مالي ثلاثين درهما في نفثات نفثها، وحمض سقاه! لا تعطوه شيئا!

_ [1] من الأمثال قولهم «إنه لداهية الغبر» وهو في مجمع الأمثال 1/44، وجمهرة الأمثال 1/450، والمستقصى 1/421، وفصل المقال 141، وأمثال ابن سلام 99، والغبر: عين ماء بعينه تألفه الحيات. [2] ورد القول في أساس البلاغة «غبر» . [3] الرجز في مصادر المثل السابق، واللسان والتاج وأساس البلاغة (غبر) .

1056 -[حديث سكر الشطرنجي]

1056-[حديث سكر الشطرنجي] وحدّثني بعض أصحابنا عن سكّر الشّطرنجيّ، وكان أحمق القاصّين، وأحذقهم بلعب الشّطرنج، وسألته عن خرق كان في خرمة [1] أنفه فقلت له: ما كان هذا الخرق؟ فذكر أنّه خرج إلى جبّل [2] يتكسّب بالشّطرنج، فقدم البلدة وليس معه إلّا درهم واحد، وليس يدري أينجح أم يخفق، ويجد صاحبه الذي اعتمده أم لا يجده؟ فورد على حوّاء [3] وبين يديه جون [4] عظام فيها حيات جليلة. والحيّة إذا عضّت لم تكن غايتها النّهش أو العضّ، وأن ترضى بالنّهش، ولكنّها لا تعضّ إلّا للأكل والابتلاع. وربّما كانت الحيّات عظاما جدّا ولا سموم لها، ولا تعقر بالعضّ، كحيات الجولان. وفي البادية حيّة يقال لها الحفّاث، والحفّاث من الحيّات تأكل الفأر وأشباه الفأر، ولها وعيد منكر، ونفخ وإظهار للصّولة، وليس وراء ذلك شيء. والجاهل ربّما مات من الفزع منها. وربّما جمعت الحيّة السّمّ وشدّة الجرح، والعضّ والابتلاع، وحطم العظم. فوقف سكّر على الحوّاء وقد أخرج من جونته أعظم حيّات في الأرض، وادّعى نفوذ الرّقية وجودة التّرياق، فقال له سكّر: خذ منّي هذا الدّرهم، وارقني رقية لا تضرّني معها حيّة أبدا! قال: فإنّي أفعل. قال: فأرسل قبل ذلك حيّة، حتّى ترقيني بعد أن تعضّني، فإن أفقت علمت أنّ رقيتك صحيحة. قال: فإنّي أفعل، فاختر أيّتهنّ شئت. فأشار إلى واحدة ممّا تعضّ للأكل دون السّمّ، فقال: دع هذه، فإنّ هذه إن قبضت على لحمك لم تفارقك حتى تقطعك! قال: فإنّي لا أريد غيرها. وظنّ أنّه إنّما زواها عنه لفضيلة فيها. قال: أمّا إذ أبيت إلّا هذه فاختر موضعا من جسدك حتّى أرسلها عليه. فاختار أنفه، فناشده وخوّفه، فأبى إلّا ذلك أو يردّ عليه درهمه. فأخذها الحّواء وطواها على يده، كي لا يدعها تنكز [5] فتقطع أنفه من أصله. ثمّ أرسلها عليه. فلما أنشبت أحد نابيها في شقّ أنفه صرخ عليه صرخة جمعت عليه أهل تلك

_ [1] الخرمة: موضع الخرم من الأنف. (القاموس: خرم) . [2] جبّل: بلدة بين النعمانية وواسط في الجانب الشرقي. معجم البلدان 2/103. [3] رجل حوّاء وحاو: يجمع الحيات. (اللسان: حوا) . [4] جون: جمع جونة، وهي سليلة «تصغير سلة» مغشاة أدما تكون مع العطارين. (القاموس: جون) . [5] نكزت الحية: لسعت بأنفها. (القاموس: نكز) .

1057 -[أظلم من حية]

البلدة، ثمّ غشي عليه، فأخذ الحوّاء فوضع في السّجن، وقتلوا تلك الحيّات، وتركوه حتّى أفاق كانّه أجنّ الخلق، فتطوّعوا بحمله فحملوه مع المكاري [1] ، وردّوه إلى البصرة، وبقي أثر نابها في أنفه إلى أن مات. 1057-[أظلم من حية] قال: وأشياء من الحشرات لا تتخذ لنفسها ولا لبيضها ولا أولادها بيوتا، بل تظلم كلّ ذي جحر جحره، فتخرجه منه، أو تأكله إنّ ثبت لها. والعرب تقول للمسيء: «أظلم من حيّة» لأنّ، الحيّة لا تتّخذ لنفسها بيتا. وكلّ بيت قصدت نحوه هرب أهله منه. وأخلوه لها. 1058-[الورل والحية] والورل يقوى على الحيّات ويأكلها أكلا ذريعا. وكلّ شدّة يلقاها ذو جحر منها فهي تلقى مثل ذلك من الورل. والورل ألطف جرما من الضّبّ. وزعم أنّهم يقولون: «أظلم من ورل» [2] كما يقولون: «أظلم من حيّة» [3] ، وكما يقولون: «أظلم من ذئب» [4] ويقولون: «من استرعى الذّئب ظلم» [5] . 1059-[الورل والضبّ] وبراثن الورل أقوى من براثن الضّبّ. والضّباب تحفر جحرتها في الكدى [6] . والورل لا يحفر لنفسه بل يخرج الضّبّ من بيته. فتزعم الأعراب أنّه إنما صار لا يحفر لنفسه إبقاء على براثنه. ويمنع الحيّة أن تحفر بيتها أنّ أسنانها أكلّ من أسنان الفأر ومن التي تحفر بالأفواه والأيدي، كالنمل والذّرّ وما أشبه ذلك. والحيّة لا ترى أن تعاني ذلك، وحفر غيرها ومعاناته يكفيها.

_ [1] المكاري: من يكري الناس دابته، أي يؤجرها. (انظر القاموس: كرى) . [2] مجمع الأمثال 1/445، وجمهرة الأمثال 2/30، والمستقصى 1/234. [3] مجمع الأمثال 1/445، وجمهرة الأمثال 2/29، والمستقصى 1/232 وفصل المقال 492. [4] مجمع الأمثال 1/446، وجمهرة الأمثال 2/30، والمستقصى 1/234. [5] مجمع الأمثال 2/302، وجمهرة الأمثال 2/265، والمستقصى 2/352، وأمثال ابن سلام 294، والفاخر 265، والدرة الفاخرة 1/294. [6] الكدى: جمع كدية، وهي الأرض الصلبة. (القاموس: كدي) .

1060 -[شعر في ظلم الحية]

1060-[شعر في ظلم الحية] وفي ضرب المثل بظلم الحيّة، يقول مضرّس بن لقيط [1] : [من الطويل] لعمرك إنّي لو أخاصم حيّة ... إلى فقعس ما أنصفتني فقعس إذا قلت مات الدّاء بيني وبينهم ... سعى حاطب منهم لآخر يقبس فما لكم طلسا إليّ كأنّكم ... ذئاب الغضا والذّئب بالليل أطلس [2] وجعله أطلس؛ لأنّه حين تشتدّ ظلمة اللّيل فهو أخفى له، ويكون حينئذ أخبث له وأضرى. وقال حريز بن نشبة العدويّ، لبني جعفر بن كلاب، وضرب جور الحيّة والذّئب في الحكم مثلا، فقال [3] : [من البسيط] كأنّني حين أحبو جعفرا مدحي ... أسقيهم طرق ماء غير مشروب [4] ولو أخاصم أفعى نابها لثق ... أو الأساود من صمّ الأهاضيب [5] لكنتم معها إلبا، وكان لها ... ناب بأسفل ساق أو بعرقوب [6] ولو أخاصم ذئبا في أكيلته ... لجاءني جمعكم يسعى مع الذّيب [7] 1061-[فم الأفعى] قال: والحيّة واسعة الشّحو والفم، لها خطم، ولذلك ينفذ نابها. وكذلك كلّ ذي فم واسع الشّحو، كفم الأسد. فإذا اجتمع له سعة الشّحو وطول اللّحيين، وكان ذا خطم وخرطوم فهو أشدّ له؛ كالخنزير، والذّئب والكلب. ولو كان لرأس الحيّة عظم كان أشدّ لعضّتها، ولكنّه جلد قد أطبق على عظمين رقيقين مستطيلين بفكّها الأعلى والأسفل. ولذلك إذا أهوى الرّجل بحجر أو عصى، رأيتها تلوّي رأسها وتحتال

_ [1] الأبيات للأسدي في البيان 2/160، ولعامر بن لقيط الأسدي في حماسة البحتري 380، ومحاضرات الراغب 1/174. [2] الأطلس: وهو الذي في لونه غبرة إلى سواد. (القاموس: طلس) . [3] ورد البيتان الثاني والرابع في البيان 2/160 مع نسبتهما إلى الفزاري. [4] ماء طرق: بالت فيه الإبل وبعرت. (القاموس: طرق) . [5] لثق: مبتل. (القاموس: لثق) . [6] ألب القوم إليه: أتوه من كل جانب، وانضم بعضهم إلى بعض. (القاموس: ألب) . [7] الأكيلة: شاة تنصب ليصاد بها الذئب ونحوه؛ وهي قبيحة. (القاموس: أكل) .

1062 -[شراهة الحية والأسد]

في ذلك، وتمنعه بكلّ حيلة، لأنّها تعلم وتحسّ بضعف ذلك الموضع منها، وهو مقتل. وما أكثر ما يكون في أعناقها تخصير [1] ، ولتندورها أغباب [2] ، وذلك في الأفاعي أعمّ. وذلك الموضع المستدقّ [1] إنّما هو شيء كهيئة الخريطة، وكهيئة فم الجراب، منضمّ الأثناء، مثنّى الغضون. فإذا شئت أن تفتح انفتح لك فم واسع. ولذلك قال إبراهيم بن هانئ: كان فتح فم الجراب يحتاج إلى ثلاثة أيد، ولولا أنّ الحمالين قد جعلوا أفواههم بدل اليد الثّالثة لقد كان ذلك ممتنعا حتّى يستعينوا بيد إنسان. وهذا ممّا يعدّ في مجون ابن هانئ. وكذلك حلوق الحيّات وأعناقها وصدورها، قد تراها فتراها في العين دقيقة، ولا سيّما إذا أفرطت في الطّول. 1062-[شراهة الحية والأسد] وهي تبتلع فراخ الحمام. والحية أنهم وأشره من الأسد. والأسد يبلع البضعة العظيمة من غير مضع، وذلك لما فيه من فضل الشره. وكذلك الحيّة. وهما واثقان بسهولة وسعة المخرج. 1063-[تنّين أنطاكية] وممّا عظّمها وزاد في فزع النّاس منها، الذي يرويه أهل الشام، وأهل البحرين، وأهل أنطاكية، وذلك أنّي رأيت الثلث الأعلى من منارة مسجد أنطاكية أظهر جدّة من الثلثين الأسفلين، فقلت لهم: ما بال هذا الثلث الأعلى أجدّ وأطرى؟ قالوا: لأنّ تنّينا [3] ترفّع من بحرنا هذا، فكان لا يمرّ بشيء إلّا أهلكه، فمرّ على المدينة في الهواء، محاذيا لرأس هذه المنارة، وكان أعلى ممّا هي عليه، فضربه بذنبه ضربة، حذفت من الجميع أكثر من هذا المقدار، فأعادوه بعد ذلك، ولذلك اختلف في المنظر. ولم يزل أهل البقاع يتدافعون أمر التّنّين. ومن العجب أنّك تكون في مجلس

_ [1] تخصير: دقّة. [2] أغباب: جمع غبب، وهو اللحم المتدلي تحت الحنك. (القاموس: غبب) . [3] التنين: ضرب من الحيات كأكبر ما يكون منها، وطوله نحو فرسخين. حياة الحيوان 1/233.

1064 -[الحية الأصلة]

وفيه عشرون رجلا، فيجري ذكر التّنّين فينكره بعضهم. وأصحاب التثبت يدّعون العيان. والموضع قريب، ومن يعاينه كثير. وهذا اختلاف شديد. 1064-[الحية الأصلة] والأعراب تقول في الأصلة قولا عجيبا: تزعم أنّ الحيّة التي يقال لها الأصلة لا تمرّ بشيء إلّا احترق. مع تهاويل كثيرة، وأحاديث شنيعة. 1065-[الأجدهاني] وتزعم الفرس أنّ الأجدهاني أعظم من البعير، وأنّ لها سبعة رؤوس، وربّما لقيت ناسا فتبتلع من كلّ جهة فم ورأس إنسانا. وهو من أحاديث الباعة والعجائز. 1066-[الحية ذات الرأسين] وقد زعم صاحب المنطق أنّه قد ظهرت حيّة لها رأسان. فسألت أعرابيّا عن ذلك فزعم أنّ ذلك حقّ. فقلت له: فمن أي جهة الرّأسين تسعى؟ ومن أيّهما تأكل وتعضّ؟ فقال: فأمّا السّعي فلا تسعى، ولكنّها تسعى إلى حاجتها بالتقلب، كما يتقلّب الصّبيان على الرّمل. وأمّا الأكل فإنها تتعشى بفم وتتغدّى بفم. وأمّا العضّ فإنها تعضّ برأسيها معا!! فإذا به أكذب البريّة. وهذه الأحاديث كلها، ممّا يزيد في الرعب منها، والاستهالة لمنظرها. 1067-[فرانق الأسد] ومثل شأن التّنّين مثل أمر فرانق [1] الأسد، فإنّ ذكره يجري في المجلس، فيقول بعضهم: أنا رأيته وسمعته! 1068-[فزع الناس من الحية] وربما زاد في الرعب منها والاستهالة لمنظرها قول جميع المحدّثين: إنّ من أعظم ما خلق الله الحية والسّرطان والسّمك! 1069-[طول عمر الحية] وتقول الأعراب: إنّ الحية أطول عمرا من النّسر، وإن الناس لم يجدوا حية قطّ ماتت حتف أنفها، وإنما تموت بالأمر يعرض لها. وذلك لأمور؛ منها قولهم: إنّ فيها شياطين، وإنّ فيها من مسخ، وإنّ إبليس إنما وسوس إلى آدم وإلى حوّاء من جوفها.

_ [1] الفرانق: معرب بروانك. (القاموس: فرنق) .

1070 -[تخلق القشور للحيات]

وزعم لي الفضل بن إسحاق، أنه كان لأبيه نخّان [1] ، وأنّ طول كلّ نخّ تسعة عشر ذراعا. 1070-[تخلّق القشور للحيات] ومن الحيّات الجرد والزعر، وذلك فيها من [الغالب] [2] . ومنها ذوات شعر، ومنها ذوات قرون. وإنّما يتخلق لها في كلّ عام قشر وغلاف [فهي تسلخ القشور الناعمة والغلف، التي على مقادير أجسادها، وإنما يستدل بالقشور، فأما الجلود فإن أبدانها لا تفارقها إلا بسلخ السكين] [3] . 1071-[تقشر جلد الإنسان] وأمّا الجلود فإنّ الأرمينيّ زعم أنه كان عندهم رجل ينقشر من جلده وينسلخ في كلّ شهر مرّة. قال فجمع ذلك فوجد فيه ملء جراب أو قال: أكثر. 1072-[علة الفزع من الحية] وأمّا الذي لا أشك في أنه قد زاد في أقدارها في النفوس، وعظّم من أخطارها، وهوّل من أمرها، ونبّه على ما فيها من الآية العجيبة والبرهان النيّر، والحجّة الظاهرة، فما في قلب العصا حيّة، وفي ابتلاعها ما هوّل به القوم وسحروا من أعين النّاس، وجاؤوا به من الإفك. قال الله عزّ وجلّ: وَقالَ مُوسى يا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ قالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِها إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ. فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ [4] ، إلى قوله: فَأَلْقَوْا حِبالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ [5] . فإن قلت: إنه إنما حوّل العصا ثعبانا لأنهم جاؤوا بحبال وعصيّ؛ فحوّلوها في أعين الناس كلها حيّات، فلذلك قلب الله العصا حية على هذه المعارضة. ولو كانوا

_ [1] النّخّ: بساط طويل. (القاموس: نخخ) . [2] الإضافة من حياة الحيوان 392/1، وفيه: (ومن أنواعها: الأزعر وهو غالب فيها، ومنها ما هو أزبّ ذو شعر، ومنها ذوات القرون وأرسطو ينكر ذلك) . [3] ما بين القوسين زيادة من ثمار القلوب (630) ، وقد نقله الثعالبي عن الجاحظ، وفي الأصل «فأما مقادير أجسامها فقط» ، وهي كلمات لا تفيد معنى. [4] الأعراف: 104- 107. [5] الشعراء: 44.

حين سحروا أعين الناس جعلوا حبالهم وعصيّهم ذئابا في أعين الناس ونمورا، لجعل الله عصا موسى ذئبا أو نمرا، فلم يكن ذلك لخاصّة في بدن الحية. قلنا: الدّليل على باطل ما قلتم، قول الله تعالى: وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى. قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى قالَ أَلْقِها يا مُوسى فَأَلْقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى [1] وقال الله عزّ وجلّ: إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ ناراً [2] إلى قوله: وَأَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يا مُوسى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ [3] فقلبت العصا جانّا، وليس هناك حبال ولا عصيّ. وقال الله: قالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ قالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ [4] فقلب العصا حيّة كان في حالات شتّى. فكان هذا ممّا زاد في قدر الحية. وقد ورد أنه صلى الله عليه وسلم قال في دعائه أن لا يميته الله لديغا [5] . وتأويل ذلك: أنّه صلى الله عليه وسلم ما استعاذ بالله من أن يموت لديغا، وأن تكون ميتته بأكل هذا العدوّ، إلا وهو من أعداء الله، بل من أشدّهم عداوة. وقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «أشدّ النّاس عذابا بوم القيامة من قتل نبيّا أو قتله نبيّ» كأنّه كان في المعلوم أنّ النبيّ لا يقتل أحدا، ولا يتفّق ذلك إلّا في أشرار الخلق. ويدلّ على ذلك، الذي اتفّق من قتل أبيّ بن خلف بيده، والنّضر بن الحارث، وعقبة بن أبي معيط، ومعاوية بن المغيرة بن أبي العاصي- صبرا [6] . وحدّثت عن عبد الله بن أبي هند، قال: حدّثني صيفي بن أبي أيّوب، أنه سمع أبا بشير الأنصاريّ يقول: «كان رسول صلى الله عليه وسلم يتعوّذ من هؤلاء السّبع: كان يقول: اللهمّ إني أعوذ بك من الهدم [7] وأعوذ بك من التردّي، وأعوذ بك من الغمّ

_ [1] طه: 18. [2] النمل: 7. [3] النمل: 10. [4] الشعراء: 29- 32. [5] في النهاية 4/245 (أعوذ بك أن أموت لديغا) . [6] قتله صبرا: حبسه ورماه حتى مات (القاموس: صبر) . [7] في النهاية 5/252 «أنه كان يتعوذ من الأهدمين» هو أن ينهار عليه بناء، أو يقع في بئر أو أهوية.

1073 -[استطراد لغوي]

والغرق [1] ، وأعوذ بك من الحرق والهرم، وأعوذ بك أن يتخبّطني الشّيطان عند الموت وأعوذ بك من أن أموت في سبيلك مدبرا، وأعوذ بك من أن أموت لديغا» [2] . وطلحة بن عمرو قال: حدثني عطاء أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: «اللهمّ إني أعوذ بك من الأسد والأسود، وأعوذ بك من الهدم» [3] . 1073-[استطراد لغوي] قال: ويقال للحيّة: صفرت تصفر صفيرا، والرجل يصفر بالطير للتنفير، وبالدوابّ وببعض الطير للتعليم. وتتخذ الصّفّارة يصفر بها للحمام وللطير في المزارع. قال أعشى همدان يهجو رجلا: [من الكامل] وإذا جثا للزّرع يوم حصاده ... قطع النّهار تأوّها وصفيرا 1074-[لسان الحية] والحيّة مشقوقة اللسان سوداؤه. وزعم بعضهم أن لبعض الحيّات لسانين. وهذا عندي غلط، وأظنّ أنّه لما رأى افتراق طرف اللسان قضى بأنّ له لسانين. 1075-[عجيبة للضب] ويقال: إن للضّبّ أيرين، ويسمّى أير الضّبّ نزكا. قال الشاعر [4] : [من الطويل] كضبّ له نزكان كانا فضيلة ... على كلّ حاف في الأنام وناعل [5] قال أبو خلف النمريّ: سئل أبو حيّة النميري عن أير الضّبّ، فزعم أنّ أير الضّب كلسان الحيّة: الأصل واحد، الفرع اثنان.

_ [1] رواه السيوطي في الجامع الصغير 1541 رواية عن النسائي والحاكم. [2] النهاية 4/245. [3] في حياة الحيوان 1/38 «الأسود السالخ» : (روى أبو داود والنسائي والحاكم وصححه عن عبد الله بن عمر قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر فأقبل الليل قال: يا أرض، ربي وربك الله، أعوذ بالله من شرك، وشر ما فيك، وشر ما خلق فيك، وشر ما يدب عليك، أعوذ بالله من أسد وأسود، ومن الحية والعقرب..» . والأسود نوع من الأفعوان شديد السواد، سمي بذلك لأنه يسلخ جلده كل عام. [4] البيت لحمران ذي الغصة في اللسان والتاج (نزك) ، والتهذيب 10/101، 15/109، وبلا نسبة في الجمهرة 825، واللسان والتاج (سبحل) ، والمقاييس 5/416، وأساس البلاغة (نزك) ، وعيون الأخبار 2/98، والمخصص 8/97، ومحاضرات الأدباء 2/303، وربيع الأبرار 5/469. [5] الناعل: من لبس نعلا.

1076 -[عقاب الحية في زعم المفسرين]

1076-[عقاب الحية في زعم المفسرين] وبعض أصحاب التفسير يزعم أنّ الله عاقب الحيّة حين أدخلت إبليس في جوفها، حتى كلّم آدم وحوّاء وخدعهما على لسانها، ببشر خصال: منها شقّ اللسان. قالوا: فلذلك ترى الحيّة إذا ضربت للقتل كيف تخرج لسانها لتري الضّارب عقوبة الله، كأنها تسترحم. وصاحب هذا التفسير لم يقل ذلك إلّا لحيّة كانت عنده تتكلم، ولولا ذلك لأنكر آدم كلامها، وإن كان إبليس لا يحتال إلّا من جهة الحيّة، ولا يحتال بشيء غير مموّه ولا مشبّه. 1077-[استطراد لغوي] قال: ويقال: أرض محواة ومحياة من الحيّات، كما يقال أرض مضبّة وضببة من الضّباب، وفائرة من الفأر. 1078-[هذا أجل من الحرش] وقال الأصمعيّ في تفسير قولهم في المثل: «هذا أجلّ من الحرش» [1] : إنّ الضّبّ قال لابنه: إذا سمعت صوت الحرش فلا تخرجنّ! قال: وذلك أنّهم يزعمون أن الحرش تحريك اليد عند جحر الضّبّ، ليخرج إذا ظنّ أنه حية- قال: وسمع ابنه صوت الحفر فقال: يا أبه هذا الحرش؟ قال: يا بنيّ، هذا أجلّ من الحرش! فأرسلها مثلا. 1079-[الحيوانات التي تأكل الحيات] بين الحيات وبين الخنازير عداوة، والخنازير تأكلها أكلا ذريعا. وسموم ذوات الأنياب من الحيّات، وذوات الإبر، سريعة في الخنازير، وهي تهلك عند ذلك هلاكا وشيكا، فلذلك لا ترضى بقتلها حتى تأكلها. وتأكل الحيّات العقبان، والأيائل، والأراويّ، والأوعال، والسّنانير والشّاهمرك [2] ، والقنفذ. إلّا أن القنفذ أكثر ما يقصد إلى الأفاعي، وإنما يظهر بالليل. قال الرّاجز: [من الرجز] قنفذ ليل دائم التّجآب وهذا الراجز هو أبو محمد الفقعسيّ.

_ [1] المثل في مجمع الأمثال 1/186، وجمهرة الأمثال 1/298، 332، والمستقصى 1/50، 384، والفاخر 242، 289، وفصل المقال 471، وأمثال ابن سلام 342، والدرة الفاخرة 1/118. [2] الشاهمرك: الفتي من الدجاج، وهو معرب «الشاه مرغ» . ومعناه ملك الدجاج. حياة الحيوان 1/594.

1080 -[القول في القنفذ]

1080-[القول في القنفذ] وكذلك يشبه النّمّام، والمداخل، والدّسيس، بالقنفذ، لخروجه بالليل دون النهار، ولاحتياله للأفاعي. قال عبدة بن الطبيب [1] : [من الكامل] اعصوا الذي يلقي القنافذ بينكم ... متنصّحا وهو السّمام الأنقع يزجي عقاربه ليبعث بينكم ... حربا كما بعث العروق الأخدع [2] حرّان لا يشفي غليل فؤاده ... عسل بماء في الإناء مشعشع [3] لا تأمنوا قوما يشب صبيهم ... بين القوابل بالعداوة ينشع [4] وهذا البيت الآخر يضم إلى قول مجنون بني عامر [5] : [من الطويل] أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى ... فصادف قلبا خاليا فتمكنا ويضم إليه قول ابن أود: «الطينة تقبل الطبائع ما كانت ليّنة» . ثم قال عبدة بن الطّبيب [6] ، في صلة الأبيات التي ذكر فيها القنفذ والنّميمة: [من الكامل] إنّ الذين ترونهم خلّانكم ... يشفي صداع رؤوسهم أن تصرعوا قوم إذا دمس الظّلام عليهم ... جذعوا قنافذ بالنميمة تمزع وهذا الشعر من غرر الأشعار. وهو ممّا يحفظ. وقال الأوديّ [7] : [من البسيط] كقنفذ القنّ لا تخفى مدارجه ... خبّ إذا نام عنه الناس لم ينم [8]

_ [1] ديوان عبدة بن الطبيب 47، وشرح اختيارات المفضل 693؛ وحماسة البحتري 240. [2] في ديوانه: يزجي: يسوق ويدفع، والأخدعان: عرقا الرقبة. [3] في ديوانه: شعشع العسل بالماء: خلطه. [4] القوابل: جمع قابلة، وهي التي تتلقى الولد وقت الولادة. ينشع بالعداوة: أي توضع في فمه ليشربها. [5] البيت لمجنون ليلى في ديوانه 282، والبيان 2/42، وليزيد بن الطثرية في ديوانه 109، والحماسة الشجرية، ولعمر بن أبي ربيعة في عيون الأخبار 3/9. [6] البيتان في المفضليات 147، وحماسة البحتري 155. [7] ديوان الأفوه الأودي 24، وهو لأيمن بن خريم في ديوان المعاني 2/144. [8] القن، بالكسر، قرية في ديار فزارة، وبالضم، جبل من جبال أجإ عند ذي الجليل واد. (معجم البلدان 4/408) . الخب: الخداع.

1081 -[أمثال في الحية والورل والضب]

وفي عهد آل سجستان على العرب حين افتتحوها [1] : لا تقتلوا قنفذا ولا ورلا ولا تصيدوا، لأنها بلاد أفاع. وأكثر ما يجتلب أصحاب صنعة الترياق والحواؤون الأفاعي من سجستان. وذلك كسب لهم وحرفة ومتجر. ولولا كثرة قنافذها لما كان لهم بها قرار. والقنفذ لا يبالي أيّ موضع قبض من الأفعى. وذلك أنه إن قبض على رأسها أو على قفاها فهي مأكولة على أسهل الوجوه، وإن قبض على وسطها أو على ذنبها، جذب ما قبض عليه، فاستدار وتجمّع، ومنحه سائر بدنه، فمتى فتحت فاها لتقبض على شيء منه، لم تصل إلى جلده مع شوكه النّابت فيه. والأفعى تهرب منه، وطلبه لها وجراءته عليها، على حسب هربها منه وضعفها عنه. 1081-[أمثال في الحية والورل والضّبّ] وأمّا قولهم: «أضل من حيّة» ؛ و «أضلّ من ورل» ؛ [2] و «أضلّ من ضبّ» [2] . فأمّا الحيّة فإنّها لا تتّخذ لنفسها بيتا، والذّكر لا يقيم في الموضع، وإنما يقيم على بيضها بقدر ما تخرج فراخها وتقوى على الكسب والتماس الطعم، ثمّ تصير الأنثى سيّارة، فمتى وجدت جحرا دخلت واثقة بأنّ السّاكن فيه بين أمرين: إمّا أقام فصار طعما لها، وإمّا هرب فصار البيت لها ما أقامت فيه ساعة، كان ذلك من ليل أو نهار. 1082-[بيض الحيات وجسمها] وقد رأيت بيض الحيّات وكسرتها لأتعرّف ما فيها. فإذا هو بيض مستطيل أكدر اللون أخضر، وفي بعضه نمش [3] ولمع [4] . فأمّا داخله فلم أرقيحا قطّ، ولا صديدا خرج من جرح فاسد، إلّا والّذي في بيضها أسمج منه وأقذر. ويزعمون أنها كثيرة البيض جدّا، وأنّ السلامة في بيضها على دون ذلك، وأنّ بيضها يكون منضّدا في جوفها طولا على غرار واحد، وعلى خيط واحد. وهي طويلة البطن والأرحام. وعدد أضلاعها عدد أيام الشهر. وكان ذلك بعض ما زاد في شدّة بدنها.

_ [1] مروج الذهب 1/235، وعيون الأخبار 1/220، وثمار القلوب (626) ، وكان ذلك سنة 81 هـ. [2] مجمع الأمثال 1/426، والمستقصى 1/218، وفصل المقال 163، وجمهرة الأمثال 2/11، والدرة الفاخرة 1/288. [3] النمش: نقط بيض وسود، أو بقع تقع في الجلد تخالف لونه. (القاموس: نمش) . [4] اللمع: كل لون خالف لونا. (القاموس: لمع) .

1083 -[أكثر الحيوان نسلا]

1083-[أكثر الحيوان نسلا] والخلق الكثير الذّرء [1] الدّجاج. والضّبّ أكثر بيضا من الدّجاجة. والخنزيرة تضع عشرين خنّوصا. ويخرج من أجواف العقارب عقارب صغار، كثيرة العدد جدّا. وعامّة العقارب إذا حبلت كان حتفها في ولادها، لأنّ أولادها إذا استوى خلقها أكلت بطون الأمّهات حتّى تثقبها. وتكون الولادة من ذلك الثّقب، فتخرج ولأمهات ميّتة. وأكثر من ذلك كله ذرء السّمك، لأنّ الإنسان لو زعم أنّ بيضة واحدة من بعض الأسبور عشرة آلاف بيضة، لكان ذلك لعظم ما تحمل، ولدقّة حبّه وصغره. ولكن يعتريها أمران: أحدهما الفساد، والآخر أنّ الذكورة في أوان ولادة الإناث تتبع أذنابها، فكلّما زحرت بشيء التقمته والتهمته. ثمّ السّمك بعد ذلك في الجملة إنما طبعها أن يأكل بعضها بعضا. 1084-[علة كثرة الأولاد] ويزعمون أن الكثرة في الأولاد إنّما تكون من العفن واللّخن [2] ، وعلى قدر كثرة المائيّة وقلّتها. فذهبوا إلى أنّ أرحام الرّوميّات والنّصرانيّات أكثر لخنا ورطوبة، لأنّ غسل الفروج بالماء البارد مرارا في اليوم، ممّا يطيّب الأرحام، وينفي اللّخن [2] والعفن، ويزعمون أنّ المرأة إذا كان فرجها نظيفا، وكانت معطّرة قويّة المنّة [3] قلّ حملها، فإن أفرطت في السّمن عادت عاقرا. وسمان الرّجال لا يكاد يعتريهم ذلك. وكذلك العاقر من إناث الإبل والبقر والغنم والنّخل. إذا قويت النّخلة وكانت شابّة، وسمن جمّارها، صارت عاقرا لا تحمل، فيحتالون عند ذلك بإدخال الوهن عليها. 1085-[طعن في التعليل السابق] وقد طعن في ذلك ناس فقالوا: إنّ في الضّبّ على خلاف ما ذكرتم. قد تبيض الأنثى سبعين بيضة فيها سبعون حسلا [4] . ولولا أنّ الضّبّ يأكل ولده لانتفشت

_ [1] الذرء: النسل. (القاموس: ذرأ) . [2] اللخن: قبح ريح الفرج، ولخن: أنتن. (القاموس: لخن) . [3] لعله الصواب: سريّة البنّة، أي طيبة الرائحة. [4] الحسل: ولد الضب، وهو واضح من المعنى.

1086 -[سفاد الحيات]

الصحارى ضبابا. والضب لا يحفر إلّا في كدية [1] وفي بلاد العراد [2] . وإذا هرمت تبلّغت بالنّسيم. وهذا كله ممّا يستدلّ به على بعد طبعها من اللّخن والعفن. وقيل لهم: قد يمكن أن يكون ذلك كذلك في جميع صفاتها إلّا في أرحامها فقط. 1086-[سفاد الحيات] وليس للحيّات سفاد معروف ينتهي إليه علم، ويقف عليه عيان. وليس عند الناس في ذلك إلّا الذي يرون من ملاقاة الحيّة للحيّة، والتواء كلّ منهما على صاحبه، حتى كأنهما زوج خيزران مفتول، أو خلخال مفتول. فأمّا أن يقفوا على عضو يدخل أو فرج يدخل فيه فلا. 1087-[شعر في الأيم والجرادة الذكر] والعرب تذكر الحيّات بأسمائها وأجناسها. فإذا قالوا: أيم، فإنما يريدون الذّكر دون الأنثى. ويذكرونه عند جودة الانسياب، وخفّة البدن، كما تذكر الشّعراء في صفة الخيل الجرادة الذّكر، دون الأنثى. فهم وإن ألحقوا لها فإنما يريدون الذّكر. قال بشر بن أبي خازم [3] : [من الوافر] جرادة هبوة فيها اصفرار لأنّ الأنثى لا تكون صفراء، وإنما الموصوف بالصّفرة الذّكر، لأن الأنثى تكون بين حالتين: إمّا أنّ تكون حبلى ببيضها فهي مثقلة، وإمّا أن تكون قد سرأت [4] وقذفت بيضها، فهي أضعف ما تكون. قال الشاعر [5] : [من الطويل] أتذهب سلمى في اللّمام ولا ترى ... وفي اللّيل أيم حيث شاء يسيب [6]

_ [1] الكدية: الأرض الصلبة الغليظة. (القاموس: كدي) . [2] العراد: حشيش طيب الرائحة. (اللسان: عرد) . [3] صدر البيت: (مهارشة العنان كأن فيها) وهو في ديوان بشر بن أبي خازم 74، واللسان (عرر) ، والتهذيب 1/102، 6/79، وبلا نسبة في المخصص 16/115، واللسان وأساس البلاغة (هرش) ، والتاج (عرر، هرش) . [4] سرأت: باضت. (القاموس: سرأ) . [5] البيت بلا نسبة في اللسان والتاج (سيب) . [6] اللمام: اللقاء اليسير. سابت الحية تسيب: مضت مسرعة.

1088 -[آثار الحيات والعظاء في الكثبان]

1088-[آثار الحيات والعظاء في الكثبان] وإذا انسابت في الكثبان والرّمل، يبين مواضع مزاحفها، وعرفت آثارها. وقال آخر [1] : [من الوافر] كأنّ مزاحف الحيّات فيها ... قبيل الصّبح آثار السّياط وكذلك يعرفون آثار العظاء. وأنشد ابن الأعرابيّ: [من الطويل] بها ضرب أذناب العظاء كأنها ... ملاعب ولدان تخطّ وتمصع [2] وقال الآخر، وهو يصف حيّات [3] : [من المتقارب] كأنّ مزاحفها أنسع ... جررن فرادى ومثناتها وقال ثمامة الكلبيّ [4] : [من الوافر] كأنّ مزاحف الهزلى صباحا ... خدود رصائع جدلت تؤاما والهزلى من الحيّات. قال جرير أو غيره [5] : [من الطويل] ومن ذات أصفاء سهوب كأنها ... مزاحف هزلى بينها متباعد [6] وقال بعض المحدثين، وذكر حال البرامكة كيف كانت، وإلى أيّ شيء صارت: [من الكامل] وإذا نظرت إلى التّرى بعراصهم ... قلت: الشجاع ثوى بها والأرقم وقال البعيث [7] : [من الطويل] لقى حملته أمّة وهي ضيفة ... فجاءت بيتن للضيافة أرشما [8]

_ [1] البيت للمتنخل الهذلي في شرح أشعار الهذليين 1273، والشعر والشعراء 2/664، وجمهرة اللغة 527، واللسان (زحف) ، وبلا نسبة في أساس البلاغة (زحف) ، والمخصص 16/101. [2] تمصع: تسرع. (القاموس: مصع) . [3] نهاية الأرب 10/146، والأنسع جمع نسع، بالكسر، وهو سير يصفر ويجعل زماما للبعير. [4] البيت في أساس البلاغة (هزل) . [5] البيت للّعين المنقري في الوحشيات 267، وبلا نسبة في اللسان (صوى) . [6] الأصفاء: جمع صفا، والصفا جمع صفاة، وهي الصخرة الملساء. [7] البيت الأول للبعيث في التاج (رشم، يتن) ، واللسان (ضيف، رشم، يتن) ، ولجرير في ذيل ديوانه 1041، واللسان (نزر، لقا) ، والتاج (نزر) ، والعين 6/262، وبلا نسبة في المقاييس 2/396، 3/382، والمجمل 2/380، 3/298، والمخصص 3/66، 17/30، وديوان الأدب 2/268، 3/209، واللسان والتاج (نزل) ، والبيت الثاني للبعيث في اللسان والتاج (سمسم) . [8] اللقى: الذي لا يدري ابن من هو، ضيفة: أي أن أمه دعيت إلى ضيافة، فحملت به، وهذه كناية الزنى. اليتن: من يخرج رجلاه عند الولادة قبل رأسه. الأرشم: من يتشمم الطعام.

1089 -[أعجوبة جلد الحية]

مدامن جوعات كأنّ عروقه ... مسارب حيّات تسرّبن سمسما [1] 1089-[أعجوبة جلد الحية] [وليس في الأرض قشر ولا ورقة] [2] ، ولا ثوب، ولا جناح، ولا ستر عنكبوت، إلا وقشر الحيّة أحسن منه وأرقّ، وأخفّ وأنعم، وأعجب صنعة وتركيبا. ولذلك وصف كثيّر قميص ملك، فشبّهه بسلخ الحيّة، حيث يقول [3] : [من الطويل] إذا ما أفاد المال أودى بفضله ... حقوق، فكره العاذلات يوافقه يجرّر سربالا عليه كأنّه ... سبيء لهزلى لم تقطّع شرانقه [4] والسّبيء: السّلخ والجلد. قال الشاعر [5] : [من الطويل] وقد نصل الأظفار وانسبأ الجلد 1090-[صمم النعام والأفعى] وترعم العرب أنّ النّعام والأفعى صمّ لا تسمع، وكذلك هما من بين جميع الخلق. وسنذكر من ذلك في هذا الموضع طرفا، ونؤخر الباقي إلى الموضع الذي نذكر فيه جملة القول في النّعام. وقد ابتلينا بضربين من الناس، ودعواهما كبيرة، أحدهما يبلغ من حبه للغرائب أن يجعل سمعه هدفا لتوليد الكذابين، وقلبه قرارا لغرائب الزّور. ولكلفه بالغريب، وشغفه بالطّرف، لا يقف على التّصحيح والتمييز، فهو يدخل الغثّ في السمين، والممكن في الممتنع، ويتعلّق بأدنى سبب ثمّ يدفع عنه كلّ الدّفع. والصّنف الآخر، وهو أنّ بعضهم يرى أنّ ذلك لا يكون منه عند من يسمعه يتكلم إلا من خاف التقزّز من الكذب. فزعم ناس أنّ الدّليل على أنّ الأفاعي صمّ، قول الشاعر: [من الرجز] أنعت نضناضا من الحيّات ... أصمّ لا يسمع للرّقاة [6]

_ [1] مدامن جوعات: مدمن جوع. [2] الزيادة من ثمار القلوب (630) 340. [3] البيتان لكثير عزة في ديوانه 308، والمعاني الكبير 673، وللراعي النميري في ديوانه 308. [4] الهزلى: الحيات. (القاموس: هزل) . [5] الشطر بلا نسبة في اللسان والتاج (سبأ) . [6] النضناض: حية لا تستقر في مكان، أو إذا نهشت قتلت من ساعتها، أو التي أخرجت لسانها تحركه. (القاموس: نضض) . الرقاة: جمع راق.

قد ذكروا بالصّمم أجناسا من خبيثات الحيّات، وذهبوا إلى امتناعها من الخروج عند رقية الرّاقي عند رأس الجحر، فقال بعضهم: [من الرجز] وذات قرنين من الأفاعي ... صمّاء لا تسمع صوت الدّاعي ويزعمون أنّ كلّ نضناض أفعى. وقال آخر [1] : [من المتقارب] ومن حنش لا يجيب الرّقا ... ة أرقش ذي حمة كالرّشا [2] أصمّ سميع طويل السّبا ... ت منهرت الشدق عاري النسا [3] فزعم أنّه أصمّ سميع، فجاز له أن يجعله أصمّ بقوله: «ومن حنش لا يجيب الرّقاة» وقال الآخر [4] : [من السريع] أصمّ أعمى لا يجيب الرّقى ... يفترّ عن عصل حديدات [5] والأفعى ليس بأعمى، وعينه لا تنطبق، وإن قلعت عينه عادت. وهو قائم العين كعين الجرادة، كأنها مسمار مضروب. ولها بالليل شعاع خفيّ. قال الرّاعي يصف الأفعى: [من الطويل] ويدني ذراعيه إذا ما تبادرا ... إلى رأس صلّ قائم العين أسفع وهذه صفة سليم الأفعى، فيجوز أن يكون الشاعر وصفها بالتمنع من الخروج بالصّمم، كما وصفها بالعمى، لمكان السّبات وطول الإطراق. قال الشاعر [6] : [من المتقارب] أصمّ سميع طويل السّبات ... منهرت الشّدق عاري القرا وقال آخر: [من السريع] منهرت الشّدق رقود الضّحى ... سار طمور بالدّجنّات [7]

_ [1] البيتان لأبي صفوان الأسدي في الحماسة البصرية 2/344، وأمالي القالي 2/238، وحماسة الخالديين 359. [2] في الأمالي: (الحمة: سمه وضره، والرشاء: الحبل) . [3] في الأمالي: (المنهرت: واسع مشق الشدق) . [4] البيت بلا نسبة في اللسان والتاج (سبت) والتهذيب 12/388. [5] الأعصل: الأعوج. [6] تقدم شرح البيت في الحاشية قبل السابقة. [7] الطمور: الوثوب. (القاموس: طمر) .

1091 -[شعر في صفة الحية]

وتارة تحسبه ميّتا ... من طول إطراق وإخبات [1] يسبته الصّبح وطورا له ... نفخ ونفث في المغارات ويعلم أنّه وصف أفعى بقوله: [من السريع] أصمّ أعمى لا يجيب الرّقى ... يفترّ عن عصل حديدات منهرت الشّدق رقود الضّحى «الخ» ثم ذكر أنيابه، فقال: قدّمن عن ضرسيه واستأخرا ... إلى صماخين ولهوات فجعله أعصل الأنياب، منهرت الأشداق، ثمّ وصفها بالسّبات وطول الإطراق، وبسرعة النّشطة [2] ، وخفّة الحركة، إذا هّمت بذلك وكانت تعظم. 1091-[شعر في صفة الحية] وقد وصفتها امرأة جاهليّة بجميع هذه الصّفة، إلّا أنها زادت شيئا. والشّعر صحيح. وليس في أيدي أصحابنا من صفة الأفاعي مثلها. وقد رأيت عند داود بن محمّد الهاشميّ كتابا في الحيّات، أكثر من عشرة أجلاد، ما يصحّ منها مقدار جلد ونصف. ولقد ولّدوا على لسان خلف الأحمر، والأصمعيّ، أرجازا كثيرة. فما ظنّك بتوليدهم على ألسنة القدماء! ولقد ولّدوا على لسان جحشويه في الحلاق أشعارا ما قالها جحشويه قط. فلو تقذّروا من شيء تقذّروا من هذا الباب. والشّعر الذي في الأفعى [3] : [من الكامل] قد كاد يقتلني أصمّ مرقّش ... من حبّكم، والخطب غير كبير خلقت لهازمه عزين ورأسه ... كالقرص فلطح من دقيق شعير ويدير عينا للوقاع كأنّها ... سمراء طاحت من نفيض برير

_ [1] الإخبات: الإطراق والسكون. (القاموس: طرق) . [2] نشطت الحية: عضت بنابها. (القاموس: نشط) . [3] انظر الأبيات مع تخريجها في الأصمعيات رقم 35.

1092 -[الثقة بالعلماء]

وكأنّ ملقاه بكلّ تنوفة ... ملقاك كفّة منخل مأطور [1] وكأنّ شدقيه إذا استعرضته ... شدقا عجوز مضمضت لطهور فقد زعمت [2] كما ترى أنها تدير عينا، وزعم الأوّل أنها قائمة العين [3] . إلّا أن تزعم أنها لم ترد بالإدارة أن مقلتها تزول عن موضعها، ولكنّها أرادت أنّها جوّالة في إدراك الأشخاص، البعيدة والقريبة، والمتيامنة والمتياسرة وقد يجوز أن يكون إنّما جعلها سميعة لدقّة الحسّ، وكثرة الاكتراث وجودة الشمّ، لا جودة السّمع؛ فإنّ الذين زعموا أنّ النّعامة صمّاء زعموا أنّها تدرك من جهة الشمّ والعين، جميع الأمور التي كانت تعرفها من قبل السّمع لو كانت سميعة. وقد قال الشاعر في صفة الحيّة [4] : [من البسيط] تهوي إلى الصّوت والظلماء عاكفة ... تعرّد السّيل لاقى الحيد فاطّلعا [5] هذا بعد أن قال: إني وما تبتغي منّي كملتمس ... صيدا وما نال منه الرّيّ والشّبعا أهوى إلى باب جحر في مقدّمه ... مثل العسيب ترى في رأسه نزعا اللّون أربد والأنياب شابكة ... عصل ترى السمّ يجري بينها قطعا [6] أصم ما شمّ من خضراء أيبسها ... أو شمّ من حجر أوهاه فانصدعا فقد جعل لها أنيابا عصلا، ووصفها بغاية الخبث، وزعم أنها تسمع. فهؤلاء ثلاثة شعراء. 1092-[الثقة بالعلماء] فإن قلت: إنّ المولّد لا يؤمن عليه الخطأ، إذ كان دخيلا في ذلك الأمر، وليس كالأعرابيّ الذي إنما يحكي الموجود الظاهر له، الذي عليه نشأ، وبمعرفته غذي.

_ [1] التنوفة: الأرض المتباعدة الأطراف. (القاموس: تنف) . كفة النخل: إطاره. (القاموس: كفف) . [2] يقصد الشاعرة قائلة الأبيات. [3] أي الراعي النميري في البيت الذي تقدم قبل قليل. [4] الأبيات للزماني في يحيى بن أبي حفصة وهي في الوحشيات 86، وسيذكرها الجاحظ مرة أخرى. انظر الفقرة (1150) . ص: 398. [5] عرد فلان: ترك الطريق. (القاموس: عرد) . الحيد: ما شخص من الجبل. (القاموس: حيد) . [6] عصل: جمع أعصل، وهو الأعوج. (القاموس: عصل) .

1093 -[ضروب من الرقية]

فالعلماء الذين اتّسعوا في علم العرب، حتى صاروا إذا أخبروا عنهم بخبر كانوا الثّقات فيما بيننا وبينهم، هم الذين نقلوا إلينا. وسواء علينا جعلوه كلاما وحديثا منثورا، أو جعلوه رجزا وقصيدا موزونا. ومتى أخبرني بعض هؤلاء بخبر لم أستظهر عليه بمسألة الأعراب. ولكنه إن تكلم وتحدّث، فأنكرت في كلامه بعض الإعراب، لم أجعل ذلك قدوة حتى أوقفه عليه، لأنّه ممّن لا يؤمن عليه اللّحن الخفيّ قبل التفكر. فهذا وما أشبهه حكمه خلاف الأوّل. 1093-[ضروب من الرّقية] والرّقية تكون على ضروب: فمنها الذي يدّعيه الحوّاء والرّقّاء؛ وذلك يشبه بالذي يدّعي ناس من العزائم على الشياطين والجن، وذلك أنهم يزعمون أن في تلك الرّقية عزيمة لا يمتنع منها الشيطان، فكيف العامر [1] ؟! وأن العامر إذا سئل بها أجاب، فيكون هو الذي يتولى إخراج الحيات من الصّخر. فإن كان الأمر على ما قالوا فما ينبغي أن يكون بين خروج الأفاعي الصمّ وغيرها فرق، إذا كانت العزائم والرّقى والنّفث ليس شيئا يعمل في نفس الحيّة، وإنّما هو شيء يعمل في الذي يخرج الحيّة. وإذا كان ذلك كذلك فالسّميع والأصمّ فيه سواء. وكذلك يقولون في التّحبيب والتّبغيض، وفي النّشرة وحلّ العقدة، وفي التّعقيد والتحليل. ويزعمون أنّ الجن لا تجيب صاحب العزيمة حتى يتوحّش ويأتي الخرابات والبراريّ، ولا يأنس بالناس، ويتشبّه بالجنّ، ويغسل بالماء القراح [2] ، ويتبخّر باللّبان الذّكر، ويراعي المشتري فإذا دقّ ولطف، وتوحّش وعزم، أجابته الجنّ، وذلك بعد أن يكون بدنه يصلح هيكلا لها، وحتّى يلذّ دخوله وادي منازلها، وألّا يكره ملابسته والكون فيه. فإن هو ألحّ عليها بالعزائم، ولم يأخذ لذلك أهبته خبلته، وربّما قتلته، لأنها تظنّ أنّه متى توحّش لها، واحتمى، وتنظف فقد فرغ. وهي لا تجيب بذلك فقط، حتى يكون المعزّم مشاكلا لها في الطّباع. فيزعمون أنّ الحيّات إنما تخرج إخراجا، وأنّ الذي يخرجها هو الذي يخرج سمومها من أجساد النّاس، إذا عزم عليها.

_ [1] يزعمون أن العامر هم من الجن الذين يسكنون بيوت الناس. [2] القراح: الخالص. (القاموس: قرح) .

1094 -[قول الشعراء والمتكلمين في رقى الحيات]

والرّقية الأخرى بما يعرف من التعويذ. قال أبو عبيدة: سمعت أعرابيّا يقول: قد جاءكم أحدكم يسترقيكم فارقوه. قال: فعوّذوه ببعض العوائذ. والوجه الآخر مشتقّ من هذا ومحمول عليه، كالرّجل يقول: ما زال فلان يرقي فلانا حتّى لان وأجاب. 1094-[قول الشعراء والمتكلمين في رقى الحيات] وقد قالت الشعراء في الجاهليّة والإسلام في رقى الحيات، وكانوا يؤمنون بذلك ويصدقون به، وسنخبر بأقاويل المتكلمين في ذلك، وبالله التوفيق. ومنهم من زعم أنّ إخراج الحيّة من جحرها إلى الرّاقي، إنما كان للعزيمة والإقسام عليها، ولأنّها إذا فهمت ذلك أجابت ولم تمتنع. وكان أميّة بن أبي الصّلت، لا يعرف قولهم في أنّ العمّار هم الذين يجيبون العزائم بإخراج الحيّات من بيوتها، وفي ذلك يقول [1] : [من البسيط] والحيّة الذّكر الرّقشاء أخرجها ... من جحرها أمنات الله والقسم إذا دعا باسمها الإنسان أو سمعت ... ذات الإله بدا في مشيها رزم [2] من خلفها حمّة لولا الذي سمعت ... قد كان ثبتها في جحرها الحمم [3] ناب حديد وكفّ غير وادعة ... والخلق مختلف في القول والشّيم [4] إذا دعين بأسماء أجبن لها ... لنافث يعتديه الله والكلم [5] لولا مخافة ربّ كان عذّبها ... عرجاء تظلع، في أنيابها عسم [6] وقد بلته فذاقت بعض مصدقه ... فليس في سمعها، من رهبة صمم [7] فكيف يأمنها أم كيف تألفه ... وليس بينهما قربى، ولا رحم!

_ [1] ديوان أمية 461- 462. [2] في ديوانه: (الرزم: عدم القدرة على النهوض هزالا أو إعياء، وهذا إشارة إلى زحف الحية في سيرها) . [3] في ديوانه: (الحمة، بكسر الحاء: الموت. والجمع: حمم) . [4] في ديوانه: (الحديد: القاطع. كف: أراد كف الحية على التشبيه، وأراد به ما لديها من استعداد للشر دائم) . [5] في ديوانه: (النافث: أراد به الحاوي) . [6] في ديوانه: (تظلع: تعرج، أي تزحف وتتلوى، العشم: اليبس) . [7] في ديوانه: (بلاه: اختبره. المصدق: الجدّ والصلابة) .

يقول: لو أنّها أخرجت حين استحلفت بالله لما خرجت، إذ ليس بينهما قربى ولا رحم. ثمّ ذكر الحمّة والنّاب. وقال آخرون: إنما الحيّة مثل الضبّ والضّبع، إذا سمع بالله والهدم والصّوت خرج ينظر. والحوّاء [1] إذا دنا من الجحر رفع صوته وصفّق بيديه، وأكثر من ذلك، حتى يخرج الحيّة، كما يخرج الضب والضّبع. وقال كثيّر [2] : [من الطويل] وسوداء مطراق إليّ من الصّفا ... أنيّ إذا الحاوي دنا فصدا لها [3] والتّصدية. التّصفيق، قال الله تعالى: وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً [4] الآية. فالمكاء: صوت بين النّفخ والصّفير، والتّصدية: تصفيق اليد باليد. فكان الحوّاء يحتال بذلك للحيّة، ويوهم من حضر أنّه بالرّقية أخرجها، وهو في ذلك يتكلم ويعرّض، إلّا أنّ ذلك صوت رفيع. وهو لو رفع صوته ببيت شعر أو بخرافة، لكان ذلك والذي يظهر من العزيمة عند الحيّة سواء. وإنّما ينكر الصّوت، كما ينكره الضّبّ وغير ذلك من الوحش. ثم قال [5] : [من الطويل] كففت يدا عنها وأرضيت سمعها ... من القول حتّى صدّقت ما وعى لها وأشعرتها نفثا بليغا، فلو ترى ... وقد جعلت أن ترعني النّفث بالها تسلّلتها من حيث أدركها الرّقى ... إلى الكفّ لما سالمت، وانسلالها فقال كما ترى: كففت يدا عنها وأرضيت سمعها (البيت) ثم قال: وأشعرتها نفثا بليغا فلو ترى

_ [1] الحواء: الذي يجمع الأفاعي. (القاموس: حوي) . [2] ديوان كثير 85، والمعاني الكبير 670. [3] الصفا: جمع صفاة، وهي الصخرة الملساء. [4] 35/الأنفال: 8. [5] ديوان كثير 86.

1095 -[من حيل الحواء والراقي]

وقال الأعشى [1] : [من الطويل] أبا مسمع إني امرؤ من قبيلة ... بنى لي عزّا موتها وحياتها فلا تلمس الأفعى يديك تريدها ... إذا ما سعت يوما إليها سفاتها وقال آخر: [من الرجز] يدعو به الحيّة في أقطاره ... فإن أبى شمّ سفا وجاره والسّفا: التراب اليابس بين التربين. يقال سفا وسفاة. 1095-[من حيل الحواء والراقي] والحوّاء والرّاقي يري النّاس أنّه إذا رأى جحرا لم يخف عليه: أجحر حيّة هو أم جحر شيء غيره، فإن كان جحر حيّة لم يخف عليه أهي فيه أم لا، ثمّ إذا رقى وعزّم فامتنعت من الخروج، وخاف أن تكون أفعى صمّاء لا تسمع، وإذا أراغها [2] ليأخذها فأخطأ، لم يأمن من أن تنقره نقرة؛ لا يفلح بعدها أبدا، فهو عند ذلك يستبري بأن يشمّ من تراب الجحر، فلا يخفى عليه: أهي أفعى أم حيّة من سائر الحيات. فلذلك قال: يدعو به الحية في أقطاره (البيت) والوجار: الجحر. 1096-[ريح الأفعى] وزعم لي بعض الحوّائين أنّ للحيّات نتنا وسهكا [3] ، وأن ريح الأفعى معروفة. وليس شيء أغلق، ولا أعنق [4] ، ولا أسرع أخذا لرائحة من طين أو تراب، وأنّه إذا شمّ من طينة الجحر لم يخف عليه. وقال: اعتبر ذلك بهذا الطين السداني والرّاهطي إذا ألقي في الزّعفران والكافور، أو غيره ذلك من الطّيب، فإنّه متى وضع إلى جنب روثة أو عذرة، قبل ذلك الجسم.

_ [1] البيتان للأعشى في ديوانه 135، ولخالد بن زهير الهذلي في شرح أشعار الهذليين 221، ومعجم الشعراء 276، ولأبي ذؤيب الهذلي في المخصص 15/125، وبلا نسبة في اللسان (سفا) ، والجمهرة 850، 1073، والاشتقاق 73، والمخصص 10/63، والتهذيب 13/94. [2] أراغ: طلب. (القاموس: طلب) . [3] السّهك: ريح كريهة ممن عرق. (القاموس: سهك) . [4] أعنق: أي أسرع.

1097 -[تأثير الأصوات في المخلوقات]

والرّقاء يوهم النّاس إذا دخل دورهم لاستخراج الحيّات أنّه يعرف أماكنها برائحتها، فلذلك يأخذ قصبة ويشعب رأسها، ثم يطعن بها في سقف البيت والزّوايا، ثمّ يشمها ويقول مرة: فيها حيّات؛ ويقول مرّة: بلى فيها حيّات، على قدر الطمع في القوم، وفي عقولهم. 1097-[تأثير الأصوات في المخلوقات] وأمر الصّوت عجيب، وتصرّفه في الوجوه عجب. فمن ذلك أنّ منه ما يقتل، كصوت الصاعقة. ومنها ما يسرّ النفوس حتى يفرط عليها السّرور؛ فتقلق حتى ترقص، وحتّى ربما رمى الرّجل بنفسه من حالق [1] . وذلك مثل هذه الأغاني المطربة. ومن ذلك ما يكمد. ومن ذلك ما يزيل العقل حتى يغشى على صاحبه، كنحو هذه الأصوات الشجية، والقراءات الملحّنة. وليس يعتريهم ذلك من قبل المعاني؛ لأنهم في كثير من ذلك لا يفهمون معاني كلامهم. وقد بكى ماسرجويه من قراءة أبي الخوخ، فقيل له: كيف بكيت من كتاب الله ولا تصدّق به؟ قال: إنما أبكاني الشجا! وبالأصوات ينوّمون الصّبيان والأطفال. والدّوابّ تصرّ [2] آذانها إذا غنّى المكاري. والإبل تصرّ آذانها إذا حدا في آثارها الحادي، وتزداد نشاطا، وتزيد في مشيها. ويجمع بها الصّيّادون السّمك في حظائرهم التي يتّخذونها له. وذلك أنّهم يضربون بعصيّ معهم، ويعطعطون [3] ، فتقبل أجناس السّمك شاخصة الأبصار مصغية إلى تلك الأصوات، حتّى تدخل في الحظيرة ويضرب بالطّساس للطّير، وتصاد بها. ويضرب بالطّساس للأسد وقد أقبلت، فتروعها تلك الأصوات. وقال صاحب المنطق: الأيائل تصاد بالصّفير والغناء. وهي لا تنام مادامت تسمع ذلك من حاذق الصوت. فيشغلونها بذلك ويأتون من خلفها فإن رأوها مسترخية الآذان وثبوا عليها، وإن كانت قائمة الأذنين فليس إليها سبيل. والصّفير تسقى به الدوابّ الماء، وتنفّر به الطير عن البذور.

_ [1] الحالق: الجبل المرتفع. (القاموس: حلق) . [2] صرت الدابة أذنها: نصبتها للاستماع. (القاموس: صرر) . [3] العطعطة: تتابع الأصوات واختلاطها في الحرب وغيرها، وحكاية صوت المجان (القاموس: عطط) .

1098 -[شعر في الروح وهيكلها]

وزعم صاحب المنطق أنّ الرّعد الشّديد إذا وافق سباحة السّمك في أعلى الماء رمت ببيضها قبل انتهاء الأجل. وربّما تمّ الأجل فتسمع الرّعد الشّديد، فيتعطّل عليها أيّاما بعد الوقت. وقال أبو الوجيه العكليّ: أحبّ السّحابة الخرساء ولا أحبها! فقيل له: وكيف ذلك؟ قال: لأنها لا تخرس حتى تمتلئ ماء وتصبّ صبّا كثيرا، ويكون غيثا طبقا [1] . وفي ذلك الحيا [2] . إلّا أنّ الكماة لا تكون على قدر الغيث. ذهب إلى أنّ للرّعد في الكمأة عملا. وقال جعفر بن سعيد: سأل كسرى عن الكمأة فقيل له: لا تكون بالمطر دون الرّعد، ولا بالرّعد دون المطر. قال: فقال كسرى: رشّوا بالماء واضربوا بالطبول! وكان من جعفر على التمليح. وقد علم جعفر أنّ كسرى لا يجهل هذا المقدار. فالحيّة واحدة من جميع أجناس الحيوان الذي للصّوت في طبعه عمل. فإذا دنا الحوّاء وصفق بيديه، وتكلم رافعا صوته حتى يزيّد، خرج إليه كلّ شيء كان في الجحر، فلا يشكّ من لا علم له أنّ من لا علم له أنّ لحيّة خرجت من جهة الطاعة وخوف المعصية، وأنّ العامر [3] أخرجها تعظيما للعزيمة، ولأنّ المعتزم مطاع في العمّار. والعامّة أسرع شيء إلى التّصديق. 1098-[شعر في الروح وهيكلها] وفي الرّوح، وفي أنّ البدن هيكل لها، يقول سليمان الأعمى؛ وكان أخا مسلم ابن الوليد الأنصاريّ. وكانوا لا يشكون بأنّ سليمان هذا الأعمى، كان من مستجيبي بشار الأعمى، وأنّه كان يختلف إليه وهو غلام فقبل عنه ذلك الدّين. وهو الذي يقول [4] : [من المديد] إنّ في ذا الجسم معتبرا ... لطلوب العلم مقتبسه هيكل للرّوح ينطقه ... عرقه والصّوت من نفسه

_ [1] الطبق: المطر العامّ. (القاموس: طبق) . [2] الحيا: الخصب. (القاموس: حيي) . [3] العامر: زعموا أنه من الجن الذين يسكنون بيوت الناس. (القاموس: عمر) . [4] الأبيات في نكت الهميان 160، والبيتان الأخيران في البيان 3/202، وعيون الأخبار 3/61، والكامل 2/370 (طبعة المعارف) .

1099 -[قول في شعر لأمية بن أبي الصلت]

لا تعظ إلّا اللّبيب فما ... يعدل الضّلع على قوسه ربّ مغروس يعاش به ... فقدته كفّ مغترسه وكذاك الدّهر مأتمه ... أقرب الأشياء من عرسه 1099-[قول في شعر لأمية بن أبي الصلت] وكانت العرب تقول: كان ذلك إذ كان كلّ شيء ينطق، وكان ذلك والحجارة رطبة. قال أميّة [1] : [من الوافر] وإذ هم لا لبوس لهم تقيهم ... وإذ صمّ السّلام لهم رطاب [2] بآية قام ينطق كلّ شيء ... وخان أمانة الدّيك الغراب وأرسلت الحمامة بعد سبع ... تدلّ على المهالك لا تهاب تلمّس هل ترى في الأرض عينا ... وعاينة بها الماء العباب فجاءت بعد ما ركضت بقطف ... عليها التّأط والطّين الكباب [3] فلما فرّسوا الآيات صاغوا ... لها طوقا كما عقد السّخاب [4] إذا ماتت تورّثه بنيها ... وإن تقتل فليس له انسلاب ضفذكر رطوبة الحجارة، وأنّ كلّ شيء قد كان ينطق. ثمّ خبّر عن منادمة الدّيك الغراب، واشتراط الحمامة على نوح، وغير ذلك ممّا يدلّ على ما قلنا. ثم ذكر الحيّة، وشأن إبليس وشأنها، فقال: [من الوافر] كذي الأفعى تربّبها لديه ... وذي الجنّيّ أرسلها تساب [5] فلا ربّ البريّة يأمننها ... ولا الجنيّ أصبح يستتاب

_ [1] ديوان أمية 337- 340. وشرح الأبيات التالية من ديوانه. [2] «اللبوس: الثياب. السلام: الحجارة، الواحدة سلمة، وكانت العرب تزعم أن الحجارة كانت رطبة لينة في قديم الزمان» . [3] «القطف: ما قطف من ثمار وسواها. والثأط: الطين الأسود المنتن. الكباب: الطين اللازب. الكثاب: المجتمع» . [4] «فرسوا الآيات: تثبتوا منها، والآيات مفردها آية، وهي العلامة، السخاب: القلادة، وأراد به ما يرى في عنق الحمامة شبه الطوق» . [5] «ذو الأفعى: لعله يريد به آدم عليه السلام. ترببها: رباها، ذو الجني: إبليس. سابت الحية وانسابت: جرت» .

1100 -[آدم عليه السلام والحية]

فإن قلت: إنّ أميّة كان أعرابيّا، وكان بدويّا، وهذا من خرافات أعراب الجاهليّة، وزعمت أنّ أميّة لم يأخذ ذلك عن أهل الكتاب فإني سأنشدك لعديّ بن زيد، وكان نصرانيّا ديانا، وترجمانا، وصاحب كتب، وكان من دهاة أهل ذلك الدّهر. 1100-[آدم عليه السلام والحية] قال عديّ بن زيد، يذكر شأن آدم ومعصيته، وكيف أغواه، وكيف دخل في الحية، وأنّ الحية كانت في صورة جمل فمسخها الله عقوبة لها، حين طاوعت عدوّه على وليّه. فقال [1] : [من البسيط] قضى لستّة أيّام خليقته ... وكان آخرها أن صوّر الرّجلا دعاه آدم صوتا فاستجاب له ... بنفخة الروح في الجسم الذي جبلا ثمّت أورثه الفردوس يعمرها ... وزوجه صنعة من ضلعه جعلا لم ينهه ربّه عن غير واحدة ... من شجر طيّب: أن شمّ أو أكلا فكانت الحيّة الرّقشاء إذ خلقت ... كما ترى ناقة في الخلق أو جملا فعمدا للتي عن أكلها نهيا ... بأمر حوّاء لم تأخذ له الدّغلا كلاهما خاط إذ بزّا لبوسهما ... من ورق التّين ثوبا لم يكن غزلا فلاطها الله إذ أغوت خليفته ... طول اللّيالي ولم يجعل لها أجلا [2] تمشي على بطنها في الدّهر ما عمرت ... والتّرب تأكله حزنا وإن سهلا فأتعبا أبوانا في حياتهما ... وأوجدا الجوع والأوصاب والعللا وأوتيا الملك والإنجيل نقرؤه ... نشفي بحكمته أحلامنا عللا من غير ما حاجة إلّا ليجعلنا ... فوق البريّة أربابا كما فعلا 1101-[عقاب حواء وآدم والحية] فرووا أنّ كعب الأحبار قال: مكتوب في التوارة أنّ حوّاء عند ذلك عوقبت بعشر خصال، وأنّ آدم لمّا أطاع حوّاء وعصى ربّه عوقب بعشر خصال، وأنّ الحيّة التي دخل فيها إبليس عوقبت أيضا بعشر خصال.

_ [1] ديوان عدي بن زيد 159- 160. [2] ينسب هذا البيت أيضا لأمية بن أبي الصلت في ديوانه 460، واللسان (ليط) . وفي ديوانه: «لاطها: لعنها، أو ألصقها بالتراب. لم يجعل لها أجلا: أراد أنها لا تموت بأجلها حتى تقتل قتلا» .

1102 -[عقاب الأرض]

وأوّل خصال حوّاء التي عوقبت بها وجع الافتضاض، ثم الطلق، ثمّ النّزع، ثمّ بقناع الرّأس، وما يصيب الوحمى والنفساء من المكروه، والقصر في البيوت، والحيض، وأنّ الرّجال هم القوّامون عليهنّ، أن تكون عند الجماع هي الأسفل. وأمّا خصال آدم صلى الله عليه وسلم: فالذي انتقص من طوله، وبما جعله الله يخاف من الهوامّ والسّباع، ونكد العيش، وبتوقع الموت، وبسكنى الأرض، وبالعري من ثياب الجنّة، وبأوجاع أهل الدنيا، وبمقاساة التحفظ من إبليس، وبالمحاسبة بالطّرف، وبما شاع عليه من اسم العصاة. وأمّا الحيّة فإنها عوقبت بنقص جناحها، وقطع أرجلها، والمشي على بطنها، وبإعراء جلدها- حتى يقال: «أعرى من حيّة» وبشقّ لسانها- لذلك كلما خافت من القتل أخرجت لسانها لتريهم العقوبة- وبما ألقي عليها من عداوة النّاس، وبمخافة الناس، وبجعله لها أوّل ملعون من اللّحم والدّم، وبالذي ينسب إليها من الكذب والظلم [1] . فأمّا الظلم فقولهم: «أظلم من حيّة» [2] وأما الكذب فإنها تنطوي في الرّمل على الطّريق وتدخل بعض جسدها في الرّمل، فتظهر كأنها طبق خيزران. ومنها حيّات بيض قصار تجمع بين أطرافها على طرق الناس، وتستدير كأنها طوق أو خلخال، أو سوار ذهب أو فضة- ولما تلقي على نفسها من السّبات، ولما تظهر من الهرب من الناس. وكلّ ذلك إنما تغرّهم وتصطادهم بتلك الحيلة، فذلك هو كذبها. 1102-[عقاب الأرض] قال: وعوقبت الأرض حين شربت دم ابن آدم بعشر خصال: أنبت فيها الشّوك، وصيّر فيها الفيافي، وخرق فيها البحار، وملّح أكثر مائها، وخلق فيها الهوامّ والسّباع، وجعلها قرارا لإبليس والعاصين، وجعل جهنّم فيها، وجعلها لا تربي ثمرتها. إلّا في الحرّ، وهي تعذّب بهم إلى يوم القيامة، وجعلها توطأ بالأخفاف، والحوافر، والأظلاف، والأقدام، وجعلها مالحة الطّعم. ثم لم تشرب بعد دم ابن آدم دم أحد من ولده، ولا من غير ولده. قال: ولذلك

_ [1] انظر الفقرة 1076. [2] مجمع الأمثال 1/445، وجمهرة الأمثال 2/29، والمستقصى 1/232، والدرة الفاخرة 1/293، وفصل المقال 492.

1103 -[اختبار العسل]

قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه لأبي مريم الحنفيّ: «لأنا أشدّ لك بغضا من الأرض للدم» [1] . وزعم صاحب المنطق أنّ الأرض لا تشرب الدّم، إلّا يسيرا من دماء الإبل خاصّة. 1103-[اختبار العسل] وإذا أرادوا أن يمتحنوا جودة العسل من رداءته، قطروا على الأرض منه قطرة. فإذا استدارت كأنها قطعة زئبق، ولم تأخذ من الأرض ولم تعطها فهو الماذيّ الخالص الذّهبيّ. فإن كان فيه غشوشة نفشت القطرة على قدر ما فيها، وأخذت من الأرض وأعطتها. وإن لم يقدروا على اللّحم الغريض دفنوه وغرّقوه في العسل، فإنهم متى رجعوا فغسلوه عنه وجدوه غضّا طريّا، لأنّه ذهبيّ الطّباع، ليس بينه وبين سائر الأجرام شيء. فهو لا يعطيه شيئا ولا يأخذ منه. وكذلك الذّهب إذا كان مدفونا. 1104-[زمن الفطحل] وهذه الأحاديث، وهذه الأشعار، تدلّ على أنّهم قد كانوا يقولون: إنّ الصخور كانت رطبة ليّنة، وإنّ كلّ شيء قد كان يعرف وينطق وإنّ الأشجار والنّخل لم يكن عليها شوك. وقد قال العجّاج، أو رؤبة [2] : [من الرجز] أو عمر نوح زمن الفطحل ... والصّخر مبتلّ كطين الوحل 1105-[مرويات كعب الأحبار] وأنا أظنّ أنّ كثيرا ممّا يحكى عن كعب أنّه قال: «مكتوب في التوراة» أنّه إنّما قال: «نجد في الكتب» ، وهو إنّما يعني كتب الأنبياء، والذي يتوارثونه من كتب سليمان؛ وما في كتبهم من مثل كتب إشعياء وغيره. والذين يروون عنه في صفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأشباه ذلك، فإن كانوا صدقوا عليه وكان الشيخ لا يضع الأخبار فما كان وجه كلامه عندنا إلّا على ما قلت لك.

_ [1] انظر عيون الأخبار 3/13، والكامل 1/355، (طبعة المعارف) ، والبيان 1/376، 2/89، 3/60. [2] الرجز لرؤبة في ديوانه 128.

1106 -[نطق الحية]

1106-[نطق الحية] وفي أنّ الحيّة قد كانت تسمع وتنطق، يقول النّابغة في المثل الذي ضربه، وهو قوله [1] : [من الطويل] أليس لنا مولى يحبّ سراحنا ... فيعذرنا من مرّة المتناصره ليهنكم أن قد نفيتم بيوتنا ... محلّ عبيدان المحلّئ باقره [2] وإني للاق من ذوي الضّغن نكبة ... بلا عثرة والنفس لا بدّ عاثره كما لقيت ذات الصّفا من حليفها ... وما انفكّت الأمثال في الناس سائره فقالت له: أدعوك للعقل وافرا ... ولا تغشينّي منك للظّلم بادره [3] فواثقها بالله حتّى تراضيا ... فكانت تديه الجزع خفيا وظاهره فما توفّى العقل إلّا أقلّه ... وجارت به نفس عن الخير جائره تفكّر أنّى يجمع الله شمله ... فيصبح ذا مال ويقتل واتره فظلّ على فأس يحدّ غرابها ... ليقتلها، والنّفس للقتل حاذره [4] فلما وقاها الله ضربة فأسه ... ولله عين لا تغمّض ساهره فقال: تعالي نجعل الله بيننا ... على العقل حتّى تنجزي لي آخره فقالت: يمين الله، أفعل؛ إنّني ... رأيتك ختّارا يمينك فاجره أبى لك قبر لا يزال مواجها ... وضربة فأس فوق رأسي فاقره [5] فذهب النّابغة في الحيّات مذهب أميّة بن أبي الصّلت، وعديّ بن زيد، وغيرهما من الشعراء. 1107-[حال الصخور والأشجار في ماضي الزمان] وأنشدني عبد الرحمن بن كيسان: [من الطويل] فكان رطيبا يوم ذلك صخرها ... وكان خضيدا طلحها وسيالها [6]

_ [1] ديوان النابغة الذبياني 202- 203. وشرح الأبيات التالية منه. [2] في ديوانه «المحلئ: الذي يمنع الإبل أن ترد الماء، والباقر: جماعة البقر» . [3] «العقل: عزم الدية» . [4] «يحد غرابها: يعني طرفها وحدّها» . [5] «فاقرة: مؤثرة» . [6] خضد الشوك: قطعه. (القاموس: خضد) .

1108 -[فضل المتكلمين والمعتزلة]

فزعم كما ترى أنّ الصّخور كانت ليّنة، وأنّ الأشجار: الطلح والسّيال كانت خضيدا لا شوك عليها. وزعم بعض المفسّرين وأصحاب الأخبار، أنّ الشّوك إنما اعتراها في صبيحة اليوم الذي زعمت النّصارى فيه أنّ المسيح ابن الله. وكان مقاتل يقول- حدّثنا بذلك عنه أبو عقيل السّواق، وكما أحد رواته والحاملين عنه- إنّ الصّخور كانت ليّنة، وإنّ قدم إبراهيم عليه السلام أثرت في تلك الصخرة، كتأثير أقدام الناس في ذلك الزّمان. إلّا أنّ الله تعالى توفّى تلك الآثار، وعفّى عليها، ومسحها ومحاها، وترك أثر مقام إبراهيم صلى الله عليه وسلم. والحجّة إنما هي في إفراده بذلك ومحو ما سواه من آثار أقدام الناس. ليس أنّ إبراهيم صلى الله عليه وسلم كان وطئ على صخرة خلقاء يابسة فأثّر فيها. 1108-[فضل المتكلمين والمعتزلة] وأنا أقول على تثبيت ذلك بالحجة. ونعوذ بالله من الهذر والتكلف وانتحال ما لا أقوم به. أقول: إنّه لولا مكان المتكلمين لهلكت العوامّ من جميع الأمم، ولولا مكان المعتزلة لهلكت العوامّ من جميع النّحل. فإن لم أقل، ولولا أصحاب إبراهيم وإبراهيم لهلكت العوامّ من المعتزلة، فإني أقول: إنه قد أنهج لهم سبلا، وفتق لهم أمورا، واختصر لهم أبوابا ظهرت فيها المنفعة، وشملتهم بها النعمة. 1109-[ما يحتاج إليه الناس] وأنا أزعم أن الناس يحتاجون بديّا إلى طبيعة ثم إلى معرفة، ثم إلى إنصاف. وأوّل ما ينبغي أن يبتدئ به صاحب الإنصاف أمره ألّا يعطى نفسه فوق حقها، وألّا يضعها دون مكانها، وأن يتحفظ من شيئين؛ فإن نجاته لا تتمّ إلّا بالتحفظ منهما: أحدهما تهمة الإلف، والآخر تهمة السّابق إلى القلب- والله الموفق. 1110-[معاناة الجاحظ في تأليف هذا الكتاب] وما أكثر ما يعرض في وقت إكبابي على هذا الكتاب، وإطالتي الكلام، وإطنابي في القول، بيت ابن هرمة، حيث يقول [1] : [من البسيط] إنّ الحديث تغر القوم خلوته ... حتى يلجّ بهم عيّ وإكثار

_ [1] ديوان ابن هرمة 124.

1111 -[الحكمة في الأشياء الصغيرة]

وقولهم في المثل: «كل مجر في الخلاء يسرّ» [1] . وأنا أعوذ بالله أن أغرّ من نفسي، عند غيبة خصمي، وتصفح العلماء لكلامي، فإني أعلم أن فتنة اللسان والقلم، أشدّ من فتنة النساء، والحرص على المال. وقد صادف هذا الكتاب مني حالات تمنع من بلوغ الإرادة فيه، أوّل ذلك العلة الشديدة، والثانية قلة الأعوان، والثالثة طول الكتاب، والرابعة أني لو تكلفت كتابا في طوله، وعدد ألفاظه ومعانيه، ثمّ كان من كتب العرض والجوهر، والطّفرة، والتولد، والمداخلة، والغرائز، والتماس- لكان أسهل وأقصر أياما، وأسرع فراغا؛ لأني كنت لا أفزع فيه إلى تلقّط الأشعار، وتتبّع الأمثال، واستخراج الآي من القرآن، والحجج من الرّواية، مع تفرّق هذه الأمور في الكتب، وتباعد ما بين الأشكال. فإن وجدت فيه خللا من اضطراب لفظ، ومن سوء تأليف، أو من تقطيع نظام، ومن وقوع الشيء في غير موضعه- فلا تنكر، بعد أن صوّرت عندك حالي التي ابتدأت عليها كتابي. ولولا ما أرجو من عون الله على إتمامه؛ إذ كنت لم ألتمس به إلّا إفهامك مواقع الحجج لله، وتصاريف تدبيره، والذي أودع أصناف خلقه من أصناف حكمته- لما تعرّضت لهذا المكروه. فإن نظرت في هذا الكتاب فانظر فيه نظر من يلتمس لصاحبه المخارج، ولا يذهب مذهب التعنّت، ومذهب من إذا رأى خيرا كتمه، وإذا رأى شرّا أذاعه. وليعلم من فعل ذلك أنّه قد تعرّض لباب إن أخذ بمثله، وتعرّض له في قوله وكتبه، أن ليس ذلك إلّا من سبيل العقوبة، والأخذ منه بالظلامة. فلينظر فيه على مثال ما أدّب الله به، وعرّف كيف يكون النظر والتفكير والاعتبار والتعليم؛ فإنّ الله عزّ وجلّ يقول: وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ [2] . 1111-[الحكمة في الأشياء الصغيرة] فينبغي أن تكون إذا مررت بذكر الآية والأعجوبة، في الفراشة والجرجسة، ألّا تحقر تلك الآية، وتصغّر تلك الأعجوبة؛ لصغر قدرهما عندك، ولقلّة معرفتهما عند

_ [1] مجمع الأمثال 2/135، 145، وفصل المقال 203، وأمثال ابن سلام 136، والمستقصى 2/229. [2] 63، 93/البقرة: 2.

1112 -[حث على التنبه عند النظر]

معرفتك، لصغر أجسامهما عند جسمك. ولكن كن عند الذي يظهر لك من تلك الحكم، ومن ذلك التّدبير، كما قال الله عزّ وجلّ: وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ [1] ثم قال: فَخُذْها بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها [1] ثمّ قال الله تعالى: وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ [2] . وقد قال عامر بن عبد قيس: «الكلمة إذا خرجت من القلب وقعت في القلب، وإذا خرجت من اللسان لم تجاوز الآذان» [3] . 1112-[حث على التنبّه عند النظر] وأنا أعيذ نفسي بالله أن أقول إلّا له، وأعيذك بالله أن تسمع إلّا له. وقد قال الله عزّ وجلّ: وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَسْمَعُوا وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ [4] فاحذر من أن تكون منهم، وممّن ينظر إلى حكمة الله وهو لا يبصرها، وممّن يبصرها بفتح العين واستماع الآذان؛ ولكن بالتوقف من القلب، والتثبت من العقل، وبتحفيظه وتمكينه من اليقين، والحجّة الظاهرة. ولا يراها من يعرض عنها. وقد قال الله عزّ وجلّ: وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ [5] وقال: إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ [6] ولو كانوا صمّا بكما وكانوا هم لا يعقلون، لما عيّرهم بذلك، كما لم يعيّر من خلقه معتوها كيف لم يعقل، ومن خلقه أعمى كيف لم يبصر، وكما لم يلم الدوابّ، ولم يعاقب السّباع. ولكنّه سمّى البصير المتعامي أعمى، والسميع المتصامم أصمّ، والعاقل المتجاهل جاهلا. وقد قال الله عزّ وجلّ: فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [7] فانظر كما أمرك الله، وانظر من الجهة التي دلّك منها، وخذ ذلك بقوة. قال تعالى: خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ* [8] .

_ [1] 145/الأعراف: 7. [2] 171/الأعراف: 7. [3] البيان 1/83- 84. [4] 57/الكهف: 18. [5] 21/الأنفال: 8. [6] 22/الأنفال: 8. [7] 50/الروم: 30. [8] 163/البقرة: 2، 171/الأعراف: 7.

1113 -[عود إلى القول في الحيات]

1113-[عود إلى القول في الحيات] ثمّ رجع بنا القول إلى ما في الحيّات من العلم والعبرة، والفائدة والحكمة؛ ولذلك قال أبو ذرّ الغفاريّ: «لقد تركنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وما يمرّ بنا طائر إلا وعندنا من شأنه علم» . وهذا القول صحيح عن أبي ذر، ولم يخصّ أبو ذرّ خشاش الطّير من بغاثها وأحرارها، ولا ما يدخل في بابة الهمج. وقد أريناك من تحقيق قوله طرفا. ولعلك إن جمعت نظرك إلى نظرنا، أن تستتمّ هذا الباب، فقد قال الشاعر [1] : [من الطويل] خليليّ ليس الرأي في رأي واحد ... أشيرا عليّ اليوم ما تريان وقال الأحنف: «ما من الناس أحد إلّا وقد تعلّمت منه شيئا، حتّى من الأمة الورهاء والعبد الأوره» . والحيّات مختلفات الجهات جدّا، وهي من الأمم التي يكثر اختلاف أجناسها في الضّرر والسمّ، وفي الصّغر والعظم، وفي التعرّض للنّاس، وفي الهرب منهم. فمنها ما لا يؤذي إلّا أن يكون الناس قد آذوها مرّة. وأمّا الأسود فإنّه يحقد ويطالب، ويكمن في المتاع حتى يدرك بطائلته. وله زمان يقتل فيه كلّ شيء نهشه. وأمّا الأفعى فليس ذلك عندها، ولكنها تظهر في الصّيف مع أوّل الليل، إذا سكن وهج الرّمل وظاهر الأرض؛ فتأتي قارعة الطّريق حتى تستدير وتطحن كأنّها رحى، ثمّ تلصق بدنها بالأرض وتشخص رأسها؛ لئلّا يدركها السّبات، معترضة؛ لئلّا يطأها إنسان أو دابّة فتنهشه. كأنّها تريد ألّا تنهش إلّا بأن يتعرّض لها، وهي قد تعرّضت لنهشه باعتراضها في الطّريق وتناومها عليه! وهي من الحيّات التي ترصد وتوصف بذلك. قال معقل بن خويلد [2] : [من الطويل] أبا معقل لا توطئنكم بغاضتي ... رؤوس الأفاعي في مراصدها العرم يريد: الأفاعي في مراصدها. وكلّ منقّطة فهي عرماء، من شاة أو غير ذلك. وقال آخر: [من الرجز] وكم طوت من حنش وراصد ... للسّفر في أعلى البيات قاصد

_ [1] البيت لعطارد بن قران الحنظلي في الحماسة البصرية 1/107، ولطهمان بن عمرو الدارمي في معجم البلدان 2/463 (دمخ) ، وبلا نسبة في محاضرات الراغب 1/12 (1/29) . [2] البيت لمعقل الهذلي في شرح أشعار الهذليين 383، واللسان (رصد، بغض، عرم) ، والتاج (بغض، عرم) ، وبلا نسبة في التهذيب 2/391، والمقاييس 4/293، والمخصص 7/194، 8/111.

1114 -[مسالمة الأفعى للقانص والراعي]

والأفعى تقتل في كلّ حال وفي كلّ زمان. والشّجاع يواثب ويقوم على ذنبه، وربّما بلغ رأسه رأس الفارس. وليس يقتلها- إذا تطوّقت على الطّريق وفي المناهج، أو اعترضتها لتقطعها عابرة إلى الجانب الآخر- شيء كأقاطيع الشّياه إذا مرّت بها، وكذلك الإبل الكثيرة إذا مرّت، فإنّ الحيّة إذا وقعت بين أرجلها كان همتها نفسها، ولم يكن لها همة إلّا التّخلص بنفسها؛ لئلّا تعجلها بالوطء. فإن نجت من وطء أيديها، لم تنج من وطء أرجلها. وإن سلمت من واحدة لم تسلم من التي تليها، إلى آخرها. وقال عمر بن لجأ، وهو يصف إبله [1] : [من الرجز] تعرّض الحيّات في غشاشها وقال ذو الأهدام: [من الرجز] تعجلها عن نهشها والنّكز ومن ذلك أنّ العقرب تقع في يد السّنّور، فيلعب بها ساعة من اللّيل وهي في ذلك مسترخية مستخذية لا تضربه. والسّنانير من الخلق الذي لا تسرع السّموم فيه. 1114-[مسالمة الأفعى للقانص والراعي] وربّما باتت الأفعى عند رأس الرّجل وعلى فراشه فلا تنهشه. وأكثر ما يوجد ذلك من القانص والرّاعي. قال الشاعر [2] : [من الوافر] تبيت الحيّة النّضناض منه ... مكان الحبّ مستمع السّرار قال: الحبّ: الحبيب. والنضناض من الحيّات: الذي يحرّك لسانه. وعن عيسى بن عمر قال: قلت لذي الرّمّة: ما النضناض؟ فأخرج لسانه يحرّكه. وإنما يصف القانص وأنّه يبيت بالقفر. ومثله قول أبي النجم [3] : [من الرجز] تحكي لنا القرناء في عرزالها ... جري الرّحى تجري على ثفالها

_ [1] ديوان عمر بن لجأ 151، والأغاني 8/70 وحلقات الشعراء 1/224، واللسان (عفر) . [2] صواب الرواية «يستمع السرارا» والبيت للراعي النميري في ديوانه 149، وأمالي القالي 2/23، واللسان والتاج (حبب، نضض) والتنبيه والإيضاح 1/56، والتهذيب 11/470، والجمهرة 64، وكتاب الجيم 1/162، وبلا نسبة في المخصص 4/43، 8/110، وأساس البلاغة (نضض) ، والمجمل 2/30. [3] الرجز لأبي النجم في ديوانه 161، وللأعشى في اللسان والتاج (عرزل، قرن) ، وبلا نسبة في الجمهرة 794، 1150.

1115 -[مسالمة الأفعى]

العرزال: المكان وفي ذلك يقول أبو وجزة [1] : [من البسيط] تبيت جارته الأفعى وسامره ... ربد به عاذر منهنّ كالجرب وقوله: ربد، يريد البعوض. وعاذر: أثر. 1115-[مسالمة الأفعى] قال: وبات يحيى بن منقاش مع دارم الدارميّ، فلما أصبح يحيى رأى بينهما أفعى مستوية، فوثب يحيى ليقتلها، فقال له دارم. قد أعتقتها وحرّرتها! ولم تقتلها وهي ضجيعتي من أوّل الليل؟ فقال يحيى: [من الطويل] أعوذ بربّي أن ترى لي صحبتي ... يطيف بنا ليلا محرّر دارم من الخرس لا ينجو صحيحا سليمها ... وإن كان معقودا بحلي التمائم 1116-[القول في العقرب] والعقارب في ذلك دون الحيّات، إلّا الجرّارات، فإنها ربّما باتت في لحاف الرّجل اللّيلة بأسرها، وتكون في قميصه عامّة يومها، فلا تلسعه. فهي بالأفعى أشبه. فأمّا سائر العقارب فإنها تقصد إلى الصّوت، فإذا ضربت إنسانا فرّت كما يصنع المسيء الخائف للعقاب. والعقرب لا تضرب الميت ولا المغشيّ عليه، ولا النائم إلّا أن يحرك شيئا من جسده، فإنها عند ذلك تضربه. ويقال إنها تأوي مع الخنافس وتسالمها، ولا تصادق من الحيّات إلا كلّ أسود سالخ. وحدّث أبو إسحاق المكي قال: كان في دار نصر بن الحجاج السّلمي عقارب إذا لسعت قتلت، فدبّ ضيف لهم على بعض أهل الدّار فضربته عقرب على مذاكيره، فقال نصر يعرّض به [2] : [من المتقارب] وداري إذا نام سكّانها ... أقام الحدود بها العقرب

_ [1] البيت لأبي وجزة في اللسان والتاج وأساس البلاغة (رمد) ، والمقاييس 2/438، والمجمل 2/420، والتهذيب 14، 121. [2] البيتان في حياة الحيوان 2/52 (العقرب) .

إذا غفل الناس عن دينهم ... فإن عقاربها تضرب قال: فأدخل النّاس بها حوّاء، وحكوا له شأن تلك العقارب، فقال: إن هذه العقارب تستقي من أسود سالخ. ونظر إلى موضع في الدار فقال: احفروا هاهنا. فحفروا عن أسودين: ذكر وأنثى، وللذّكر خصيتان ورأوا حول الذّكر عقارب كثيرة فقتلوها. قال: وقال الفضل بن عبّاس حين راهنه عقرب بالشّعر، وقيل لكلّ واحد منهما: لست في شيء حتّى تغلب صاحبك، فقال الفضل [1] : [من السريع] قد تجر العقرب في سوقنا ... لا مرحبا بالعقرب التّاجره كل عدوّ يتّقى مقبلا ... وعقرب تخشى من الدّابره كلّ عدوّ كيده في استه ... فغير ذي أيد ولا ضائره قد ضاقت العقرب واستيقنت ... بأنّ لا دنيا ولا آخره إن عادت العقرب عدنا لها ... وكانت النّعل لها حاضره واسم أم حارثة بن بدر، عقرب. وآل أبي موسى يكتنون بأبي العقارب. ومن هؤلاء الذين يكتنون بالعقرب: ابن أبي العقرب الليثيّ الخطيب الفصيح، الراوية. ورووا أنّ عقربا لسعت النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: «لعنها الله، فإنّها لا تبالي من ضربت!» وقال الضّبيّ: أنا عقرب، أضرّ ولا أنفع [2] . وكان الرّجل تلسعه الجرّارة بعسكر مكرم، أو بجند يسابور، فتقتله؛ وربّما تناثر لحمه، وربّما تعفّن وأنتن، حتى لا يدنو منه أحد إلّا وهو مخمّر أنفه، مخافة إعدائه، ولا سيما إن كان قد نال من اللحم وهو لا يعلم أنّ الوخزة التي وخزها كانت من جرّارة. وكانوا إذا شعروا بها دعوا حجاما، يحجم ذلك الموضع ويمصّه، قبل أن يتفشى فيه السمّ ويدخل تلك المداخل. فكان الحجّام لا يجيئهم حتى يقبض دنانير كثيرة. وإنما كانوا يجودون له بذلك؛ لما كان لصاحبهم في ذلك من الفرج، وما على الحجام في ذلك من ضرر. وذلك أن وجهه ربّما اسمارّ واربدّ، وربّما عطّلت مقاديم

_ [1] الأبيات في عيون الأخبار 1/256، وحياة الحيوان 2/61 (العقرب) . [2] ورد الخبر في عيون الأخبار 2/103، وربيع الأبرار 5/476.

أسنانه وتوجّعت عليه، فيلقى من ذلك الجهد، وذلك لما كان يتّصل إلى فيه من بخار الدّم، ومن ذلك السمّ المخالط لذلك الدّم. ثمّ إنّهم بعد ذلك حشوا أذناب المحاجم بالقطن، فصار القطن لا يمنع قوّة المصّ والجذب، ولم يدعه يصل إلى فم الحجام. ثمّ إنّهم بعد مدّة سنيّات [1] أصابوا نبتة في بعض الشّعب [2] ، فإذا عالجوا الملسوع بها حسنت حاله. والجرّارات تألف الأخواء [3] التي تكون بحضرة الأتاتين [4] ، وتألف الحشوش [5] والمواضع الناريّة. وسمّها نار. وقيل لماسرجويه: قد نجد العقرب تلسع رجلين فتقتل أحدهما ويقتلها الآخر، وربّما نجت ولم تمت، كما أنّه ربّما عقرت ولم تفت، ونجدها تضرب رجلين في ساعة واحدة، فيختلفان في سوء الحال. ونجدها تختلف مواضع ضررها على قدر الأغذية، وعلى قدر الأزمان، وعلى قدر مواضع الجسد. ونجد واحدا يتعالج بالمسوس [6] فيحمده، ونجد آخر يدخل يده في مدخل حارّ من غير أن يكون فيه ماء فيحمده، ونجد آخر يعالجه بالنّخالة الحارّة فيحمدها، ونجد آخر يحجم ذلك الموضع فيحمده، ونجد كلّ واحد من هؤلاء يشكو خلاف ما يوافقه، ثم إنّا نجده يعاود ذلك العلاج عند لسعة أخرى فلا يحمده! قال ماسرجويه: لما اختلفت السّموم في أنفسها بالجنس والقدر، وفي الزّمان، باختلاف ما لاقاه اختلف الذي وافقه على حسب اختلافه. وكان يقول: إنّ قول القائل في العقرب: شرّ ما تكون حين تخرج من جحرها، ليس يعنون من ليلتها- إذ كان لا بدّ من أن يكون لها نصيب من الشدّة- ولكنّهم إنما يعنون: في أوّل ما تخرج من جحرها عند استقبال الصّيف، بعد طول مكثها في غير عالمنا وغذائنا وأنفاسنا ومعايشنا.

_ [1] سنيات: جمع سنية، تصغير سنة. [2] الشعب: جمع شعبة، وهي المسيل في الرمل، أو التلعة الصغيرة. (القاموس: شعب) . [3] الأخواء: جمع خوى، وهو اللين من الأرض. (القاموس: خوى) . [4] الأتاتين: جمع أتون، وهو موقد النار. (القاموس: أتن) . [5] الحشوش: جمع حش، وهو المخرج لأنهم كانوا يقضون حوائجهم في البساتين. (القاموس: حشش) . [6] المسوس: كل ما شفى الغليل. (القاموس: مسس) . وهو دواء يعالج به الملسوع والملدوغ.

1117 -[الحية الدساس]

والعامّة تزعم أنها شرّ ما تكون إذا ضربت الإنسان وقد خرج من الحمام؛ لتفتح المسامّ، وسعة المجاري، وسخونة البدن. ولذلك صار سمها في الصيف أشدّ. هذا قول أبي إسحاق. كأنّه كان يرى أنّ الهواء كلما كان أحرّ، وكان البدن أسخن كان شرّا. ونحن نجدهم يصرخون من لسعتها اللّيل كلّه، وإذا طلعت الشمس سكن ما بهم. فإذا بقيت فضلة من تلك الجارحة في الشمس فما أكثر ما يسكن. وسمومها باللّيل أشدّ، إلّا أن يزعم أنّ أجواف الناس في برد الليل أسخن وفي حرّ النهار أفتر. 1117-[الحية الدّساس] وزعم لي بعض العلماء ممّن قد روى الكتب، وهو في إرث منها، أنّ الحية التي يقال لها: الدسّاس، تلد ولا تبيض؛ وأنّ أنثى النمور لم تضع نمرا قط إلّا ومعه أفعى. 1118-[استحالة الكمأة إلى أفاع] والأعراب تزعم أنّ الكمأة تبقى في الأرض فتمطر مطرة صيفيّة، فيستحيل بعضها أفاعي. فسمع هذا الحديث منّي بعض الرّؤساء الطّائيّين، فزعم لي أنّه عاين كمأة ضخمة فتأمّلها، فإذا هي تتحرّك، فنهض إليها فقلعها، فإذا هي أفعى. هذا ما حدّثته عن الأعراب، حتّى برئت إلى الله من عيب الحديث. 1119-[زعم صاحب المنطق في الحيات] وزعم صاحب المنطق أنّ الوزغة والحيّات تأكل اللّحم والعشب. وزعم أنّ الحيّات أظهر كلبا من جميع الحيوان، مع قلّة شرب الماء. وأنّ الأسد مع نهمه قليل شرب الماء. قال: ولا تضبط الحيّات أنفسها إذا شمّت ريح السّذاب، وربّما اصطيدت به وإذا أصابوها كذلك وجدوها وقد سكرت. قال: والحيات تبتلع البيض، والفراخ، والعشب. 1120-[سلخ الحيوان] وزعم أنّ الحيات تسلخ جلودها في أوّل الرّبيع، عند خروجها من أعشّتها وفي أوّل الخريف. وزعم أن السّلخ يبتدئ من ناحية عيونها أوّلا. قال: ولذلك يظنّ بعض من يعانيها أنها عمياء.

وهي تسلخ من جلودها في يوم وليلة من الرّأس إلى الذّنب، ويصير داخل الجلد هو الخارج، كما يسلخ الجنين من المشيمة، وكذلك جميع الحيوان المحزّز الجسد، وكلّ طائر لجناحه غلاف مثل الجعل والدّبر وكذلك السّرطان، يسلخ أيضا، فيضعف عند ذلك من المشي. وتسلخ جلودها مرارا. والسّلخ يصيب عامّة الحيوان [1] : أمّا الطير فسلخها تحسيرها [2] ، وأمّا ذوات الحوافر فسلخها عقائقها [3] ، وسلخ الإبل طرح أوبارها، وسلخ الجراد انسلاخ جلودها، وسلخ الأيائل إلقاء [4] قرونها، وسلخ الأشجار إسقاط ورقها. [5] والأسروع: دويبّة تنسلخ فتصير فراشة. وقال الطّرمّاح شعرا [6] : [من الكامل] وتجرّد الأسروع واطّرد السّفا ... وجرت بجاليها الحداب القردد [7] وانساب حيّات الكثيب وأقبلت ... ورق الفراش لما يشبّ الموقد [8] يصف الزّمان. والدّعموص ينسلخ، فيصير إمّا بعوضة وإما فراشة. وزعم ثمامة عن يحيى بن برمك أنّ البرغوث ينسلخ فيصير بعوضة، وأنّه البعوضة التي من سلخ دعموص ربّما انسلخت برغوثا. والنمل تحدث لها أجنحة ويتغيّر خلقها، وذلك هو سلخها. وهلكها يحين عند طيرانها. والجراد ينسلخ على غير هذا النوع. قال الرّاجز [9] : [من الرجز] ملعونة تسلخ لونا لونين

_ [1] ثمار القلوب (631) . [2] التحسير: سقوط ريش الطائر. (القاموس: حسر) . [3] العقائق: جمع عقيقة، وهي شعر المولود. (القاموس: عقق) . [4] في ثمار القلوب (نصول قرونها) . [5] بعده في ثمار القلوب «والسراطين تسلخ فتضعف عند ذلك» . [6] ديوان الطرماح 134، (111) ومنه شرح المفردات. [7] «السفا: التراب الذي تسفيه الرياح، ويكون ذلك في الصيف حين تجف الأرض. واطراده: حمل الريح السفا دفعة بعد دفعة. والجائل: ما سفرته الريح من حطام النبت وسواقط ورق الشجر فجالت به. الحداب: جمع حدب، وهو ما أشرف من الأرض وغلظ. والقردد: الأرض المرتفعة إلى جانب وهدة، والبيت كناية عن إقبال الصيف» . [8] «ورق الفراش: جمع أورق، أي الذي لونه لون الرماد» . [9] الرجز لعوف بن ذروة في نوادر أبي زيد 48، وقبله (من كل سفعاء القفا والخدين) .

1121 -[اختلاف ضرر الأفاعي ونحوها باختلاف البلدان]

1121-[اختلاف ضرر الأفاعي ونحوها باختلاف البلدان] قال: وعضّ السّباع ذوات الأربع، ولدغ الهوامّ، يختلف بقدر اختلاف البلدان؛ كالذي يبلغنا عن أفاعي الرّمل، وعن جرّارات قرى الأهواز، وعقارب نصيبين [1] ، وثعابين مصر، وهنديّات [2] الخرابات. وفي الشّبثان [3] ، والزّنابير، والرّتيلات [4] ما يقتل. فأمّا الطّبّوع [5] فإنّه شديد الأذى. وللضّمج [6] أذى لا يبلغ ذلك. 1122-[أقوال لصاحب المنطق] وقال صاحب المنطق: ويكون بالبلدة التي تسمّى باليونانية: «طبقون» حيّة صغيرة شديدة اللّدغ، إلا أن تعالج بحجر، يخرج من بعض قبور قدماء الملوك. ولم أفهم هذا، ولم كان ذلك. وإذا أكل بعض ذوات السموم من جسد بعضها، كانت أردأ ما تكون سما، مثل العقارب والأفاعي. قال: والأيّل إذا ألقى قرونه علم أنّه قد ألقى سلاحه فهو لا يظهر. وكذلك إن سمن علم أنّه يطلب، فلا يظهر. وكذلك أوّل ما ينبت قرنه يعرّضه للشمس؛ ليصلب ويجفّ. وإن لدغت الأيّل حيّة أكل السّراطين؛ فلذلك نظنّ أنّ السّراطين صالحة للّديغ من الناس. قال: وإذا وضعت أنثى الأيّل ولدا أكلت مشيمتها. فيظنّ أنّ المشيمة شيء يتداوى به من علّة النفاس. قال: والدّبّة إذا هربت دفعت جراءها بين يديها، وإن خافت على أولادها غيّبتها، وإذا لحقت صعدت في الشجر وحملت معها جراءها. قال: والفهد إذا عراه الدّاء الذي يقال له: «خانق الفهود» أكل العذرة فبرئ منه.

_ [1] انظر القول في عقارب نصيبين في معجم البلدان 5/288 (نصيبين) . [2] الهنديات: ضرب من الأفاعي. [3] الشبثان: دويبة تكون في الرمل، سميت بذلك لتشبثها بما دبت عليه. حياة الحيوان 1/595. [4] الرتيلى: جنس من العناكب، وتسمى عقرب الحيات، لأنها تقتل الحيات. حياة الحيوان 1/523. [5] الطبوع: دويبة ذات سم، أو من جنس القردان؛ لعضته ألم شديد. (القاموس: طبع) . [6] الضمج: دويبة منتنة تلسع. (القاموس: ضمج) .

1123 -[القول في العيون]

قال: والسّباع تشتهي رائحة الفهود، والفهد يتغيّب عنها، وربّما فرّ بعضها منه فيطمع في نفسه، فإذا أراده السّبع وثب عليه الفهد فأكله. قال: والتمساح يفتح فاه إذا غمّه ما قد تعلق بأسنانه، حتى يأتي طائر فيأكل ذلك، فيكون طعاما له وراحة للتّمساح. قال: وأمّا السّلحفاة فإنّها إذا أكلت الأفعى أكلت صعترا جبليّا، وقد فعلت ذلك مرارا، فربما عادت فأكلت منها ثمّ أكلت من الصّعتر مرارا كثيرة، فإذا أكثرت من ذلك هلكت. قال: وأمّا ابن عرس، فإنّه إذا قاتل الحيّة بدأ بأكل السّذاب، لأنّ رائحة السّذاب مخالفة للحيّة، كما أن سامّ أبرص لا يدخل بيتا فيه زعفران. قال: والكلاب إذا كان في أجوافها دود أكلت سنبل القمح. قال: ونظنّ أنّ ابن عرس يحتال للطير بحيلة الذئب للغنم؛ فإنه يذبحها كما يفعل الذئب بالشاة. قال: وتتقاتل الحيّات المشتركة في الطّعم. وزعم أنّ القنافذ لا يخفى عليها شيء من جهة الرّيح وتحوّلها وهبوبها، وأنّه كان بقسطنطينيّة رجل يقدّم ويعظّم؛ لأنه كان يعرف هبوب الرّيح ويخبرهم بذلك وإنما كان يعرف الحال فيها بما يرى من هيئة القنافذ. 1123-[القول في العيون] والعيون الحمر للعرض المفارق، كعين الغضبان، وعين السّكران، وعين الكلب، وعين الرّمد. والعيون الذهبيّة، عيون أصناف البزاة من بين العقاب إلى الزّرّق. والعيون التي تسرج بالليل، عيون الأسد، وعيون النمور، وعيون السّنانير، وعيون الأفاعي. قال أبو حيّة [1] : [من الطويل] غضاب يثيرون الذّحول، عيونهم ... كجمر الغضا ذكّيته فتوقّدا

_ [1] ديوان أبي حية 136 «الذحول: جمع ذحل، وهو الثأر» .

وقال آخر [1] : [من الكامل] ومدجّج يسعى بشكّته ... محمرّة عيناه كالكلب رجع بالكلب إلى صفة المدجّج. وقال معاوية لصحار العبديّ: يا أحمر! قال: والذهب أحمر! قال يا أزرق! قال: والبازي أرزق! وأنشدوا [2] : [من الطويل] ولا عيب فيها غير شكلة عينها ... كذاك عتاق الطير شكل عيونها وقال آخر: [من الطويل] وشكلة عين لو حبيت ببعضها ... لكنت مكان العين مرأى ومسمعا ومن العيون المغرب [3] ، والأزرق، والأشكل، والأسجر [4] ، والأشهل [5] ، والأخيف [6] . وذلك إذا اختلفا. وعين الفأرة كحلاء، وهي أبصر بالليل من الفرس والعقاب. وفي حمرة العينين وضيائهما يقول محمّد بن ذؤيب العمانيّ، في صفة الأسد: [من الرجز] أجرأ من ذي لبدة همّاس ... غضنفر مضبّر رهّاس [7] منّاع أخياس إلى أخياس ... كأنّما عيناه في مراس [8] شعاع مقباس إلى مقباس وقال المرّار: [من المنسرح] كأنّما وقد عينيه النّمر

_ [1] البيت للحارث بن الطفيل في الأغاني 13/224، وبلا نسبة في اللسان والتاج (دجج) ، والمقاييس 2/265، والمجمل 2/258، والعين 6/11، والمخصص 8/95، والتهذيب 10/467، والكامل 1211 (طبعة الدالي) . [2] البيت بلا نسبة في اللسان (غير، شكل، شهل) ، والتاج (شكل) . [3] المغرب: الأبيض. (اللسان: غرب) . [4] الشكلة في العين: حمرة في بياض العين، ومثلها الأسجر. [5] الأشهل: حمرة في سواد العين. (القاموس: شهل) . [6] الأخيف: زرقة إحدى العينين، وسواد الأخرى. (القاموس: خيف) . [7] الهماس: الشديد الغمز بضرسه. (القاموس: همس) . الرهاس: الذي يطأ الأرض بشدة. (القاموس: رهس) . [8] الأخياس: جمع خيس، وهو الأجمة يكون فيها الأسد. (القاموس: خيس) .

أصوات خشاش الأرض

أصوات خشاش الأرض نحو الضبّ، والورل، والحيّة، والقنفذ، وما أشبه ذلك. يقال للضبّ والحيّة والورل: فحّ يفحّ فحيحا. وقال رؤبة [1] : [من الرجز] فحّي فلا أفرق أن تفحّي ... وأن ترحّي كرحى المرحّي [2] أصبح من نحنحة وأحّ ... يحكي سعال النّشر الأبحّ [3] قال: الفحيح: صوت الحيّة من فيها. والكشيش والنشيش: صوت جلدها إذا حكّت بعضه ببعض. قال الرّاجز في صفة الشّخب والحب [4] : [من الرجز] حلبت للأبرش وهو مغض ... حمراء منها شخبة بالمخض ليست بذات وبر مبيضّ ... كأنّ صوت شخبها المرفضّ كشيش أفعى أجمعت لعصّ ويقال للضّبّ والورل: كش يكش كشيشا. وأنشد أبو الجرّاح [5] : [من الطويل] ترى الضّبّ إن لم يرهب الضبّ غيره ... يكشّ له مستنكرا ويطاوله [6]

_ [1] ديوان رؤبة 36- 37. [2] الفرق: الخوف. (القاموس: فرق) . [3] أن ترحي: أن تستديري. (القاموس: رحى) . [4] الرجز لمعتمر بن قطبة في التاج (كشش) ، وبلا نسبة في اللسان وأساس البلاغة (كشش) والمخصص 8/115، والتهذيب 9/424، والخزانة 4/571 (بولاق) . [5] البيت لابن ميادة في ديوانه 193، والمعاني الكبير 649. [6] يطاوله: يبارزه ويغالبه.

باب من ضرب المثل للرجل الداهية وللحي الممتنع بالحية

باب من ضرب المثل للرّجل الداهية وللحيّ الممتنع بالحيّة قال ذو الإصبع العدوانيّ [1] : [من الهزج] عذير الحيّ من عدوا ... ن كانوا حيّة الأرض بغى بعضهم ظلما ... فلم يرع على بعض وفيهم كانت السّادا ... ت والموفون بالقرض 1124-[أمثال أشعار في الحية] يقال: «فلان حيّة الوادي» [2] ، و: «ما هو إلّا صلّ أصلال» [3] . والصّلّ: الداهية والحيّة. قال النّابغة [4] : [من البسيط] ماذا رزئنا به من حيّة ذكر ... نضناضة بالرّزايا، صلّ أصلال وقال آخر: [من المنسرح] صلّ صفا تنطف أنيابه ... سمام ذيفان مجيرات وقال آخر [5] : [من المديد] مطرق يرشح سمّا، كما ... أطرق أفعى ينفث السمّ صلّ ومن أمثالهم: «صمّي صمام» [6] ، و: «صمّي ابنة الجبل» ، [6] وهي الحيّة.

_ [1] ديوان ذي الإصبع العدواني 46، والأصمعيات 72، والحماسة البصرية 1/269، والمعمرون والوصايا 58، والخزانة 5/286. [2] في جمهرة الأمثال 2/27، والدرة الفاخرة 1/293 (أظلم من حية الوادي) . [3] جمهرة الأمثال 2/357، والمستقصى 1/422، وفصل المقال 140، وأمثال ابن سلام 99. [4] ديوان النابغة الذبياني 165، واللسان والتاج (صلل) ، والمستقصى 1/422، وبلا نسبة في ثمار القلوب (624) ، وأساس البلاغة (صلل) . [5] البيت من قصيدة تنسب للشنفرى، ولخلف الأحمر، ولتأبط شرا، انظر شرح ديوان الحماسة للمرزوقي 833، والتبريزي 2/162. [6] مجمع الأمثال 1/320، وجمهرة الأمثال 1/578، والدرة الفاخرة 2/499، والمستقصى 2/143، وفصل المقال 189، 474، 478، وأمثال ابن سلام 348.

1125 -[حية الماء]

قال الكميت [1] : [من الوافر] إذا لقي السّفير لها ونادى ... بها: صمّي ابنة الجبل، السّفير ومن أمثالهم: «جاء بأمّ الرّبيق على أريق» [2] ، أمّ الرّبيق: إحدى الحيات. وأريق: أمّ الطّبق. ضربوا به مثلا في الدواهي. وأصلها من الحيّات قال [3] : [من البسيط] إذا وجدت بواد حيّة ذكرا ... فاذهب ودعني أمارس حية الوادي وفي المثل: «أدرك القويّمة لا تأكلها الهويّمة» [4] يعني الصبي الذي يدرج ويتناول كلّ شيء سنح له، ويهوي به إلى فيه. كأنه قال لأمّه: أدركيه لا تأكله الهامّة! وهي الحيّة. وهو قوله في التعويذ: «ومن كلّ شيطان وهامّة، ونفس وعين لامّة» . وقال الأخطل، في جعلهم الرّجل الشّجاع وذا الرّأي الدّاهية حية- وكذلك يجعلون إذا أرادوا تعظيم شأنها. وإذا أرادوا ذلك فما أكثر ما يجعلون الحيّة ذكرا. قال الأخطل [5] : [من الطويل] أنبئت كلبا تمنّى أن يسافهنا ... وطالما سافهونا ثمّ ما ظفروا كلفتمونا رجالا قاطعي قرن ... مستلحقين كما يستلحق اليسر [6] ليست عليهم إذا عدّت خصالهم ... خصل وليس لهم إيجاب ما قمروا قد أنذروا حيّة في رأس هضبته ... وقد أتتهم به الأنباء والنذر باتوا رقودا على الأمهاد ليلهم ... وليلهم ساهر فيها، وما شعروا ثمّت قالوا أمات الماء حيّته ... وما يكاد ينام الحية الذّكر 1125-[حيّة الماء] وما أكثر ما يذكرون حيّة الماء؛ لأنّ حيّات الماء فيها تفاوت. إمّا أن تكون لا تضرّ كبير ضرر، وإمّا أن تكون أقتل من الحيّات والأفاعي.

_ [1] ديوان الكميت 1/167، واللسان (صمم) . [2] مجمع الأمثال 1/169، وجمهرة الأمثال 1/47، والمستقصى 2/41، وأمثال ابن سلام 348، وفصل المقال 477. [3] البيت لعبيد بن الأبرص في ديوانه 48، وله أو للحارث بن بدر في شرح شواهد الإيضاح 428، وبلا نسبة في ثمار القلوب 335 (623) ، والمخصص 16/101، والجمهرة 576. [4] المستقصى 1/116، ومجمع الأمثال 1/264. [5] ديوان الأخطل 515- 516؛ وشرح المفردات التالية منه. [6] اليسر: صاحب القداح في القوم.

1126 -[سبب وجود الحيات في بعض البيوت]

1126-[سبب وجود الحيات في بعض البيوت] ويقال إنّ الهنديّات إنّما تصير في البيوت والدّور، والإصطبلات، والخرابات؛ لأنّها تحمل في القضب وفي أشباه ذلك. والحيّات تأكل الجراد أكلا شديدا، فربّما فتح رأس كرزه وجرابه وجوالقه، الذي يأتي الجراد، وقد ضربه برد السّحر، وقد تراكم بعضه على بعض؛ لأنّها موصوفة بالصّرد. والحيّات توصف بالصّرد، كذلك الحمير، والماعز من الغنم. ولذلك قال الشاعر [1] : [من الطويل] بليت كما يبلى الوكاء ولا أرى ... جنابا ولا أكناف ذروة تخلق [2] ألوّي حيازيمي بهنّ صبابة ... كما تتلوّى الحيّة المتشرّق وإنما تشرّق إذا أدركها برد السّحر ولم تصر بعد إلى صلاحها، وإذا خرجت بالليل تكتسب الطعم كما يفعل ذلك سائر السّباع. فربما اجترف صاحب الكرز الجراد، فأدخله كرزه، وفيه الأفعى وأسود سالخ، حتى ينقل ذلك إلى الدّور، فرّبما لقى النّاس منها جهدا. وقال بشر بن المعتمر، في شعره المزاوج [3] : [من الرجز] يا عجبا والدّهر ذو عجائب ... من شاهد وقلبه كالغائب وحاطب يحطب في بجاده ... في ظلمة الليل وفي سواده [4] يحطب في بجاده الأيم الذكر ... والأسود السّالخ مكروه النّظر 1127-[شعر في حية الماء] فممن ذكر حيّة الماء، عبد الله بن همّام السلوليّ فقال: [من البسيط] كحيّة الماء لا تنحاش من أحد ... صلب المراس إذا ما حلّت النّطق

_ [1] البيتان لصخر بن الجعدي الخضري في الأغاني 22/35، والبيت الأول في معجم البلدان 3/5 (ذروة) ، والثاني في العمدة 2/58. [2] الوكاء: السقاء، ورباط القربة وغيرها. (القاموس: وكي) . الجناب: موضع بالقرب من خيبر والمدينة. معجم البلدان. [3] الرجز في ثمار القلوب (910) . [4] البجاد: الكساء. (القاموس: بجد) .

1128 -[ما يشبه بالأيم]

وقال الشّمّاخ بن ضرار [1] : [من البسيط] خوص العيون تبارى في أزمّتها ... إذا تفصّدن من حرّ الصّياخيد [2] وكلّهن تباري ثني مطّرد ... كحية الماء ولّى غير مطرود [3] وقال الأخطل [4] : [من الطويل] ضفادع في ظلماء ليل تجاوبت ... فدل عليها صوتها حيّة البحر وقال أيضا [5] : [من الطويل] هلمّ ابن صفّار فإنّ قتالنا ... جهارا وما منّا ملاوذة العذر فإنّك في قيس لتال مذبذب ... وغيرك منهم ذو الثّناء وذو الفخر ونحن منعنا ماء دجلة منكم ... ونمنع ما بين العراق إلى البشر ألا يا ابن صفّار فلا ترم العلى ... ولا تذكرن حيّات قومك في الشّعر فما تركت حيّاتنا لك حيّة ... تحرّك في أرض براح ولا بحر وقال نفيع يعيّره بالكحيل [6] : [من الطويل] فإن تك قتلاكم بدجلة غرّقت ... فما أشبهت قتلى حنين ولا بدر ثووا إذ لقونا بالكحيل كما ثوى ... شمام إلى يوم القيامة والحشر [7] بدجلة حالت حربنا دون قومنا ... وأوطاننا ما بين دجلة فالحضر ولو كنتم حيّات بحر لكنتم ... غداة الكحيل إذ تقومون في الغمر 1128-[ما يشبّه بالأيم] فالأيم الحيّة الذكر يشبهون به الزّمام، وربّما شبّهوا الجارية المجدولة الخميصة

_ [1] ديوان الشماخ 114، والأول في أساس البلاغة (صخد) ، والثاني في المعاني الكبير 668. [2] في ديوانه: «أخذت هذه الإبل الغائرات العيون تتسابق سائلة العرق من حر الهواجر» . [3] في ديوانه: «يباري: يعارض. ثني مطرد: يعني زماما طويلا، وشبهه بحية الطود، وهو الجبل، لأنه في خشونة، فهو يتلوى إذا مشى، وجعله غير مطرود، لأنه أراد أنه لم يطرد فيستعجل، ويمر مرا مستقيما» . [4] ديوان الأخطل 181، وبلا نسبة في عيون الأخبار 2/97، والبيان 1/270. وتقدم في 3/130. [5] ديوان الأخطل 188. [6] المؤتلف والمختلف 195. [7] الكحيل: موضع بالجزيرة، كان فيه يوم للعرب. (معجم البلدان 4/439) ، شمام: اسم جبل لباهلة. (معجم البلدان 3/361) .

1129 -[شعر في حمرة العين]

الخواصر، في مشيها، بالأيم؛ لأنّ الحيّة الذّكر ليس له غبب، وموضع بطنه مجدول غير متراخ. وقال ابن ميّادة [1] : [من الطويل] قعدت على السّعلاة تنفض مسحها ... وتجذب مثل الأيم في بلد قفر [2] تيمّم خير النّاس من آل حاضر ... وتحمل حاجات تضمّنها صدري [3] 1129-[شعر في حمرة العين] وقال الآخر في حمرة عين الأفعى [4] : [من البسيط] لولا الهراوة والكفّات أوردني ... حوض المنيّة قتّال لمن علقا [5] أصمّ منهرت الشّدقين ملتبد ... لم يغذ إلّا المنايا من لدن خلقا [6] كأنّ عينيه مسماران من ذهب ... جلاهما مدوس التّألاق فائتلقا [7] وقال في حمرة عيون النّاس في الحرب وفي الغضب، ابن ميّادة [8] : [من الطويل] وعند الفزاري العراقي عارض ... كأنّ عيون القوم في نبضة الجمر وفي حمرة العين من جهة الخلقة، يقول أبو قردودة، في ابن عمار حين قتله النّعمان [9] : [من البسيط] إنّي نهيت ابن عمّار وقلت له: ... لا تأمنن أحمر العينين والشعره إنّ الملوك متى تنزل بساحتهم ... تطر بنارك من نيرانهم شرره يا جفنة كإزاء الحوض قد هدمت ... ومنطقا مثل وشي اليمنة الحبره

_ [1] ديوان ابن ميادة 152، ومنه شرح المفردات التالية. [2] «السعلاة: اسم ناقة لابن ميادة. المسح: الكساء من الشعر. الأيم: الحية» . [3] «الحاضر: الحي العظيم أو القوم» . [4] الأبيات بلا نسبة في البيان 3/60. [5] الكفات: جمع كفة، وهي إحدى آلات الصيد. [6] منهرت: واسع. (القاموس: هرت) . [7] المدوس: خشبة يشد عليها مسن، يدوس بها الصيقل السيف حتى يجلوه. (اللسان: دوس) . [8] ديوان ابن ميادة 154. [9] الأبيات في معجم الشعراء 59، ونوادر المخطوطات 2/222، والوحشيات 146، وقصائد جاهلية نادرة 167، والبيان 1/223، 349.

1130 -[أسماء الحية]

1130-[أسماء الحية] وأكثر ما يذكرون من الحيات بأسمائها دون صفاتها: الأفعى، والأسود، والشجاع، والأرقم. قال عمر بن لجأ [1] : [من الرجز] يلزق بالصّخر لزوق الأرقم وقال آخر [2] : [من الطويل] ورفّع أولى القوم وقع خرادل ... ووقع نبال مثل وقع الأساود 1131-[أولاد الأفاعي] وفي بعض كتب الأنبياء، أنّ الله تبارك وتعالى قال لبني إسرائيل: «يا أولاد الأفاعي» . 1132-[مثل وشعر في الحية] ويقال: «رماه الله بأفعى حارية» [3] وهي التي تحري، وكلما كبرت في السن صغرت في الجسم. وأنشد الأصمعيّ في شدّة اسوداد أسود سالخ: [من الرجز] مهرّت الأشداق عود قد كمل ... كأنما قيّظ من ليط جعل وقال جرير في صفة عروق بطن الشّبعان [4] : [من الطويل] وأعور من نبهان أمّا نهاره ... فأعمى، وأمّا ليله فبصير رفعت له مشبوبة يلتوي بها ... يكاد سناها في السماء يطير فلما استوى جنباه لاعب ظلّه ... عريض أفاعي الحالبين ضرير قال: ويقال: «أبصر من حيّة» [5] ، كما يقال: «أسمع من فرس» [6] ، و «أسمع من عقاب» [7] . وقال الراجز: [من الرجز] أسمع من فرخ العقاب الأشجع

_ [1] ديوان عمر بن لجأ 162. [2] البيت لعروة بن مرة الهذلي في شرح أشعار الهذليين 663، واللسان والتاج (وكع) . [3] مجمع الأمثال 1/390. [4] ديوان جرير 877، والأول في معجم الشعراء 88، والثالث في أساس البلاغة (فعي) . [5] المستقصى 2/20. [6] الدرة الفاخرة 1/218، ومجمع الأمثال 2/349، وأمثال ابن سلام 360، وبرواية (أسمع من فرس بيهماء في غلس) في فصل المقال 492، والمستقصى 1/173، ومجمع الأمثال 1/349. [7] المستقصى 1/173، وهو برواية (أسمع من فرخ العقاب) في مجمع الأمثال 1/355.

1133 -[ما يشبه بالأسود]

وقال آخر [1] : [من الطويل] أسود شرى لاقت أسود خفيّة ... تساقوا على حرد دماء الأساود [2] ضرب المثل بجنسين من الأسود، إذ كانا عنده الغاية في الشدّة والهول، فلم يقنع بذلك حتى ردّ ذلك كلّه إلى سموم الحيّات. 1133-[ما يشبّه بالأسود] وفي هول منظر الأسود يقول الشاعر [3] : [من الكامل] من دون سيبك لون ليل مظلم ... وحفيف نافجة وكلب موسد والضّيف عندك مثل أسود سالخ ... لا بل أحبّهما إليك الأسود ويصفون ذوائب الناس، فإذا بلغوا الغاية شبهوها بالأساود. قال جران العود [4] : [من الطويل] ألا لا تغرّنّ امرأ نوفليّة ... على الرّأس منها، والترائب وضّح [5] ولا فاحم يسقى الدّهان كأنّه ... أساود يزهاها لعينك أبطح [6] قال: والخرشاء: القشرة الغليظة بعد أن تنقب فيخرج ما فيها، وجماعه الخراشيّ، غير مهموز. قال: وخرشاء الحيّة: سلخها حين تسلخ. وقال: هذا أسود سالخ، وهذان أسودان سالخان، وأساود سالخة. وقال مرقّش [7] : [من السريع] إن يغضبوا يغضب لذاكم كما ... ينسلّ عن خرشائه الأرقم

_ [1] البيت للأشهب بن رميلة في ديوانه 232، والبيان 4/55، والحماسة البصرية 1/269، وأمالي القالي 1/8، والسمط 35، والخزانة 6/27، وشرح شواهد المغني 2/517، واللسان (حرد، خفا) ، ومعجم ما استعجم 2/506، والمقاصد النحوية 1/483، والمنصف 1/67، والأضداد 229، وصدر البيت في معجم البلدان 3/330 (شرى) . [2] شرى: جبل بنجد أو تهامة موصوف بكثرة السباع. (معجم البلدان 3/30) . خفية: أجمة في سواد الكوفة، ينسب إليها الأسود. (معجم البلدان 2/380) . [3] تقدم البيتان في الفقرة 268. [4] ديوان جران العود 37، واللسان والتاج (نفل) ، والتهذيب 15/358، والخزانة 10/19، والخصائص 2/414. [5] النوفلية: شيء يتخذه نساء الأعراب من صوف يكون في غلظ أقل من الساعد، ثم يحشى ويعطف، فتضعه المرأة على رأسها. انظر التهذيب 15/358. [6] الأبطح: بطن واد فيه رمل وحجارة. [7] المفضليات 240.

1134 -[علة تعليق الحلي والخلاخيل على السليم]

1134-[علة تعليق الحلي والخلاخيل على السليم] وكانوا يرون أنّ تعليق الحلي، وخشخشة الخلاخيل على السّليم، ممّا لا يفيق ولا يبرأ إلّا به. وقال زيد الخيل [1] : [من الطويل] أيم يكون النعل منه ضجيعة ... كما علّقت فوق السليم الخلاخل وخبّرني خالد بن عقبة، من بني سلمة بن الأكوع، وهو من بني المسبع، أنّ رجلا من حزن، من بني عذرة، يسمّى أسباط، قال في تعليقهم الحلي على السّليم [2] : [من الطويل] أرقت فلم تطعم لي العين مهجعا ... وبتّ كما بات السليم مقرّعا كأني سليم ناله كلم حيّة ... ترى حوله حلي النّساء مرصّعا وقال الذّبيانيّ [3] : [من الطويل] فبتّ كأنّي ساورتني ضئيلة ... من الرّقش في أنيابها السّمّ ناقع [4] يسهّد من ليل التّمام سليمها ... لحلي النّساء في يديه قعاقع [5] 1135-[استطراد فيه لغة وشعر] قال: ويقال لسان طلق ذلق [6] . يقال للسليم إذا لدغ: قد طلّق، وذلك حين ترجع إليه نفسه. وهو قول النابغة [7] : [من الطويل] تناذرها الرّاقون من سوء سمّها ... تطلّقه طورا وطورا تراجع

_ [1] ديوان زيد الخيل 191، وأمالي الزجاجي 107. [2] البيت الثاني في عيار الشعر 53. [3] ديوان النابغة الذبياني 33، والخزانة 2/457، والسمط 489، وشرح شواهد المغني 2/902، والمقاصد النحوية 4/73، واللسان والتاج (طور، نذر، نقع) . والثاني في اللسان والتاج (سهد، قعع) ، والعين 1/64، والتهذيب 6/115، وبلا نسبة في المخصص 2/41. [4] في ديوانه «ساورتني: واثبتني. ضئيلة: حية دقيقة قد أتت عليها سنون كثيرة، فقلّ لحمها؛ واشتدّ سمّها. الرقش: التي فيها نقط؛ سواد وبياض. ناقع: ثابت» . [5] في ديوانه «ليل التمام: أطول ليالي الشتاء، والسليم: الملدوغ» . [6] في الإتباع والمزاوجة 109 «طلق ذلق: من ذلقت الشيء: حددته» والطلق: الفصيح. [7] ديوان النابغة 34، والخزانة 2/459، 4/46، 48، وشرح شواهد الإيضاح 126، 152، والمعاني الكبير 663، واللسان (عدد، طور، نذر، طلق، حين) ، والتاج (عدد، طور، نذر) ، والجمهرة 922، وأساس البلاغة (نذر، طلق) ، والتهذيب 1/89، 2/16، 5/255، 9/293، 14/421، 16/261، وبلا نسبة في المخصص 8/113، 9/65، والمقاييس 3/421.

1136 -[الحمل المصلي]

وقال العبدي [1]- إن كان قاله-: [من الطويل] تبيت الهموم الطّارقات يعدنني ... كما تعتري الأهوال رأس المطلّق وأنشد [2] : [من الوافر] تلاقي من تذكّر آل ليلى ... كما يلقى السّليم من العداد والعداد: الوقت. يقال: إنّ تلك اللّسعة لتعادّه: إذا عاده الوجع في الوقت الذي لسع فيه. 1136-[الحمل المصليّ] وذكر النبيّ صلى الله عليه وسلم السّمّ الذي كان في الحمل المصليّ، الذي كانت اليهوديّة قدّمته إليه فنال منه، فقال: «إنّ تلك الأكلة لتعادّني» [3] . 1137-[نفع الحية] وفي الحيّة قشرها، وهو أحسن من كلّ ورقة وثوب، وجناح، وطائر؛ وأعجب من ستر العنكبوت، وغرقئ البيض. ويقال في مثل، إذا مدحوا الخفّ اللّطيف، والقدم اللّطيفة قالوا: كأنّه لسان حيّة. وبالحيّة يتداوى من سمّ الحيّة. وللدغ الأفاعي يؤخذ التّرياق الذي لا يوجد إلّا بمتون الأفاعي. قال كثيّر [4] : [من الوافر] وما زالت رقاك تسلّ ضغني ... وتخرج من مكامنها ضبابي وترقيني لك الحاوون حتّى ... أجابك حيّة تحت الحجاب

_ [1] البيت للممزق العبدي في الأصمعيات 164، وبلا نسبة في اللسان (طلق) ، والتهذيب 16/261، وديوان الأدب 2/369، والجمهرة 922، والمقاييس 3/421. [2] البيت بلا نسبة في اللسان (عدد) ، والتاج (عدد، أول) ، والعين 1/80، والجمهرة 332، والمخصص 5/88، والتهذيب 1/89. [3] انظر السيرة 2/337- 338، والتنبيه والإشراف 257، وأسماء المغتالين في نوادر المخطوطات 2/147، وتاريخ الطبري 3/15، وثمار القلوب (874) ، والنهاية 3/189، والبخاري في المغازي، ومسند أحمد 6/18. [4] ديوان كثير 280، والأغاني 21/383، والسمط 62، والأول في أساس البلاغة (رقي) ، والجمهرة 72، والمعاني الكبير 644، وبلا نسبة في اللسان والتاج (ضبب) .

1138 -[قصة امرأة لدغتها حية]

1138-[قصة امرأة لدغتها حية] جويبر بن إسماعيل، عن عمّه، قال: حججت فإنّا لفي وقعة مع قوم نزلوا منزلنا، ومعنا امرأة، فنامت فانتبهت وحيّة منطوية عليها، قد جمعت رأسها مع ذنبها بين ثدييها، فهالها ذلك وأزعجنا، فلم تزل منطوية عليها لا تضرّها بشيء، حتّى دخلنا أنصاب الحرم [1] ، فانسابت فدخلت مكّة، فقضينا نسكنا وانصرفنا، حتّى إذ كنّا بالمكان الذي انطوت عليها فيه الحيّة، وهو المنزل الذي نزلناه، نزلت فنامت واستيقظت، فإذا الحيّة منطوية عليها، ثمّ صفرت الحيّة فإذا الوادي يسيل حيّات عليها، فنهشتها حتّى نقت عظامها، فقلت لجارية كانت لها: ويحك: أخبرينا عن هذه المرأة. قالت: بغت ثلاث مرّات، كلّ مرّة تأتي بولد، فإذا وضعته سجرت التّنّور، ثمّ ألقته فيه. 1139-[قول امرأة في عليّ والزّبير وطلحة] قال ونظرت امرأة إلى عليّ، والزّبير، وطلحة، رضي الله تعالى عنهم، وقد اختلفت أعناق دوابّهم حين التقوا، فقالت: من هذا الذي كأنه أرقم يتلمّظ؟ قيل لها: الزّبير. قالت: فمن هذا الذي كأنّه كسر ثمّ جبر؟ قيل لها: عليّ. قالت: فمن هذا الذي كأنّ وجهه دينار هرقليّ؟ قيل لها: طلحة. 1140-[استطراد لغوي] وقال أبو زيد: نهشت أنهش نهشا. والنّهش: هو تناولك الشّيء بفيك، فتمضغه فتؤثّر فيه ولا تجرحه. وكذلك نهش الحيّة. وأمّا نهش السّبع فتناوله من الدّابّة بفيه، ثمّ يقطع ما أخذ منه فوه. ويقال نهشت اللحم أنهشه نهشا، وهو انتزاع اللّحم بالثّنايا؛ للأكل. ويقال نشطت العقد نشطا: إذا عقدته بأنشوطة. ونشطت الإبل تنشط نشطا: إذا ذهبت على هدى أو غير هدى، نزعا أو غير نزع. ونشطته الحيّة فهي تنشطه نشطا، وهو أن تعضّه عضّا. ونكزته الحيّة تنكزه نكزا، وهو طعنها الإنسان بأنفها. فالنّكز من كلّ دابّة سوى الحيّة العضّ. ويقال: نشطته شعوب نشطا وهي المنيّة. قال: وتقول العرب. نشطته الشّعوب، فتدخل عليها التعريف.

_ [1] أنصاب الحرم: حدوده. (القاموس: نصب) .

ويسمون النهيش سليما على الطيرة. قال ابن ميّادة: [1] [من الطويل] كأنّي بها لما عرفت رسومها ... قتيل لدى أيدي الرّقاة سليم وممّا يضربون به المثل بالحيّات في دواهي الأمر، كقول الأقيبل القينيّ [2] : [من البسيط] لقد علمت وخير القول أنفعه ... أنّ انطلاقي إلى الحجّاج تغرير لئن ذهبت إلى الحجّاج يقتلني ... إنّي لأحمق من تحدى به العير مستحقبا صحفا تدمى طوابعها ... وفي الصّحائف حيّات مناكير وقال الأصمعيّ: يقال للحيّة الذّكر أيّم وأيم، مثقّل ومخفف، نحو ليّن ولين، وهيّن وهين. قال الشاعر [3] : [من البسيط] هينون لينون أيسار ذوو يسر ... سوّاس مكرمة أبناء أيسار وأنشد في تخفيف الأيم وتشديده [4] : [من الكامل] ولقد وردت الماء لم تشرب به ... زمن الرّبيع إلى شهور الصّيّف إلّا عواسر كالمراط معيدة ... باللّيل مورد أيّم متغضّف الصّيّف، يعني مطر الصّيف. والعواسر: يعني ذئابا رافعة أذنابها. والمراط: السهام التي قد تمرّط ريشها. ومعيدة: يعني معاودة للورد. يقول هو مكان لخلائه يكون فيه الحيّات، وترده الذّئاب. ومتغضّف يريد بعضه على بعض، يريد تثني الحيّة. وأنشد لابن هند: [من البسيط] أودى بأمّ سليمى لاطئ لبد ... كحيّة منطو من بين أحجار

_ [1] ديوان ابن ميادة 251. [2] المؤتلف والمختلف 24، والبيت الثالث في اللسان والتاج (نكر) ، والتهذيب 10/192، وبلا نسبة في العين 5/355. [3] تقدم تخريج البيت في (ج 2 ص 300) . [4] البيتان لأبي كبير الهذلي في شرح أشعار الهذليين 1085، واللسان (عود، عبس، مرط، صيف، غضف، أيم) ، والتاج (عبس، عود، مرط، غضف، أمل، عسل) ، والتهذيب 2/82، 3/130، 8/16، 15/551، وللهذلي في الجمهرة 248، وبلا نسبة في اللسان والتاج (عسر) ، والمقاييس 1/166.

1141 -[شرع الحية في اللبن]

وقال محمد بن سعيد: [من البسيط] قريحة لم تدنّيها السّياط ولم ... تورد عراكا ولم تعصر على كدر كمنطوى الحيّة النّضناض مكمنها ... في الصّدر ما لم يهيّجها على زور الليث للّيث منسوب أظافره ... والحيّة الصّلّ نجل الحيّة الذّكر وقال ذو الرّمّة [1] : [من الطويل] وأحوى كأيم الضّال أطرق بعدما ... حبا تحت فينان من الظّلّ وارف قال: ويقال انبسّت الحيّات: إذا تفرّقت وكثرت. وذلك عند إقبال الصّيف. قال أبو النّجم [2] : [من الرجز] وانبس حيّات الكثيب الأهيل وقال الطّرمّاح [3] : [من الكامل] وتجرّد الأسروع واطّرد السّفا ... وجرت بجاليها الحداب القردد وانساب حيّات الكثيب وأقبلت ... ورق الفراش لما يشبّ الموقد قال: ويقال جبأ عليه الأسود من حجره: إذا فاجأه. وهو يجبأ جبأ وجبوا. وقال رجل من بني شيبان [4] : [من الطويل] وما أنا من ريب المنون بجبّإ ... وما أنا من سيب الإله بيائس [5] 1141-[شرع الحيّة في اللبن] قال: ويقال: اللّبن محتضر فغطّ إناءك. كأنّهم يرون أنّ الجنّ تشرع فيه، على

_ [1] ديوان ذي الرمة 1636، والمخصص 10/195، وبلا نسبة في اللسان (ورف، فين، حبا) ، والتاج (ورف) ، والتهذيب 15/239. [2] ديوان أبي النجم 188، والطرائف الأدبية 62، والجمهرة 69، والمقاييس 1/181، والمجمل 1/229، واللسان (عدل) ، والتاج (عدل، هيل) ، وبلا نسبة في المخصص 7/7، واللسان (بسس) ، والتهذيب 12/316. [3] ديوان الطرماح 134 (111) . [4] البيت لمفروق بن عمرو الشيباني في اللسان والتاج (جبأ) ، وكتاب الجيم 1/117، والتنبيه والإيضاح 1/8، وبلا نسبة في العين 6/191، والمخصص 3/26، 15/148، والمقاييس 1/504، والمجمل 1/481، وديوان الأدب 4/174، واللسان والتاج (سيب) ، والتهذيب 11/215، 216، 13/99. [5] الجبأ: الهيوب الجبان.

1142 -[حديث في المعصفر]

تصديق الحديث في قول المفقود لعمر، حين سأله وقد استهوته الجانّ: ما كان طعامهم؟ قال الرّمّة. يريد العظم البالي. قال: فما شرابهم؟ قال: الجدف. قال: وهو كلّ شراب لا يخمّر. وتقول الأعراب: ليس ذلك إلّا في اللّبن. وأمّا النّاس فيذهبون إلى أنّ الحيّات تشرع في اللّبن، وكذلك سامّ أبرص، كذلك الحيّات تشرع في كثير من المرق. 1142-[حديث في المعصفر] وجاء في الحديث: «لا تبيتوا في المعصفر؛ فإنها محتضرة» أي يحضرها الجنّ والعمّار. 1143-[شعر فيه مجون] وقال الشاعر فيما يمجنون به، من ذكر الأفعى [1] : [من الوافر] رماك الله من أير بأفعى ... ولا عافاك من جهد البلاء أجبنا في الكريهة حين تلقى ... ونعظا ما تفتّر في الخلاء!! فلولا الله ما أمسى رفيقي ... ولولا البول عوجل بالخصاء وقال أبو النّجم [2] : [من الكامل] نظرت فأعجبها الذي في درعها ... من حسنها ونظرت في سرباليا فرأت لها كفلا ينوء بخصرها ... وعثا روادفه وأخثم ناتيا [3] ورأيت منتشر العجان مقبّضا ... رخوا حمائله وجلدا باليا أدني له الرّكب الحليق كأنّما ... أدني إليه عقاربا وأفاعيا [4] وقال آخر [5] : [من الطويل] مريضة أثناء التّهادي كأنّما ... تخاف على أحشائها أن تقطّعا تسيب انسياب الأيم أخصره النّدى ... يرفّع من أطرافه ما ترفّعا

_ [1] الأبيات في المحاسن والمساوئ 75. [2] ديوان أبي النجم 235- 236، والأغاني 10/158، وطبقات الشعراء 747. [3] الوعث: المكان السهل الدهس؛ تغيب فيه الأقدام. الأخثم: المرتفع الغليظ. ناتيا: ناتئا، بارزا. [4] الركب: الفرج. [5] البيتان لمسلم بن الوليد «صريع الغواني» في الحماسة البصرية 2/220- 221، وفيه المزيد من المصادر، ولم يرد البيتان في ديوانه.

1144 -[شعر في العقربان]

1144-[شعر في العقربان] وقال إياس بن الأرتّ [1] : [من السريع] كأنّ مرعى أمّكم سوءة ... عقربة يكومها عقربان إكليلها زول وفي شولها ... وخز حديد مثل وخز السنان كلّ امرئ قد يتّقى مقبلا ... وأمّكم قد تتّقى بالعجان وقال آخر [2] لمضيفه: [من الوافر] تبيت تدهده القذّان حولي ... كأنّك عند رأسي عقربان [3] فلو أطعمتني حملا سمينا ... شكرتك؛ والطّعام له مكان 1145-[شعر في الأفاعي] وقال النّابغة [4] : [من المتقارب] فلو يستطيعون دبّت لنا ... مذاكي الأفاعي وأطفالها [5] وقال رجل من قريش: [من البسيط] ما زال أمر ولاة السّوء منتشرا ... حتّى أظلّ عليهم حيّة ذكر ذو مرّة تفرق الحيّات صولته ... عفّ الشّمائل قد شدّت له المرر لم يأتهم خبر عنه يلين له ... حتّى أتاهم به عن نفسه الخبر وقال بشار [6] : [من الطويل] تزلّ القوافي عن لساني كأنّها ... حمات الأفاعي ريقهنّ قضاء وقال: [من الطويل] فكم من أخ قد كان يأمل نفعكم ... شجاع له ناب حديد ومخلب أخ لو شكرتم فعله لو عضضتم ... رؤوس الأفاعي عضّ لا يتهيّب

_ [1] تقدمت الأبيات في الفقرة [462] . [2] البيتان لهيزدان بن اللعين المنقري في ذيل الأمالي 17، والأول له في معجم الشعراء 469 مع بيت آخر، وهما بلا نسبة في عيون الأخبار 3/230. [3] تدهده: تدحرج. القذان: جمع قذة، وهي البراغيث. [4] لم يرد البيت في ديوان النابغة الذبياني. [5] المذاكي: جمع المذكّي، وهو المسن من كل شيء. [6] ديوان بشار بن برد 1/129، والمختار من شعر بشار 90.

وقال الحارث دعيّ الوليد، في ذكر الأسود بالسمّ من بين الحيّات: [من الطويل] فإن أنت أقررت الغداة بنسبتي ... عرفت وإلّا كنت فقعا بقردد [1] ويشمت أعداء ويجذل كاشح ... عمرت لهم سمّا على رأس أسود وقال آخر: [من البسيط] ومعشر منقع لي في صدورهم ... سمّ الأساود يغلي في المواعيد وسمتهم بالقوافي فوق أعينهم ... وسم المعيديّ أعناق المقاحيد [2] وقال أبو الأسود [3] : [من المنسرح] ليتك آذنتني بواحدة ... جعلتها منك آخر الأبد تحلف ألّا تبرّني أبدا ... فإنّ فيها بردا على كبدي إن كان رزقي إليك فارم به ... في ناظري حيّة على رصد وقال أبو السّفّاح يرثي أخاه يحيى بن عميرة ويسمّيه بالشجاع: [من السريع] يعدو فلا تكذب شدّاته ... كما عدا اللّيث بوادي السّباع [4] يجمع عزما وأناة معا ... ثمّت ينباع انبياع الشجاع [5] وقال المتلمّس [6] : [من الطويل] فأطرق إطراق الشجاع، ولو يرى ... مساغا لنابيه الشّجاع لصمّما وقال معمر بن لقيط أو ابن ذي القروح: [من الطويل] شموس يظلّ القوم معتصما به ... وإن كان ذا حزم من القوم عاديا

_ [1] الفقع: كمأة رخوة، ويقال في الأمثال «أذل من فقع بقرقرة» ويضرب المثل للذليل، وذاك أن الفقع يوطأ بالأرجل، ولا يمتنع على من جناه، والمثل في مجمع الأمثال 1/284، والدرة الفاخرة 1/304، وجمهرة الأمثال 1/469، والمستقصى 1/134. وأمثال ابن سلام 367. [2] المقاحيد: جمع مقحاد، وهو ما عظم سنامه من الإبل. (القاموس: قحد) . [3] الأبيات لأبي الأسود الدؤلي في ديوانه 239، وعيون الأخبار 3/189، والأبيات لأبي زبيد في ديوانه 605، والعقد الفريد 5/298. [4] البيتان للسفاح بن بكير اليربوعي في شرح اختيارات المفضل 1363، والثاني في التاج (بوع) ، وهو بلا نسبة في اللسان (بوع، نبع، ثمم) ، والتهذيب 15/71، والمقاييس 1/319. [5] ينباع: يثب ويسطو. [6] ديوان المتلمس 34، والأصمعيات 246، والخزانة 7/487، والمؤتلف والمختلف 71، وبلا نسبة في الجمهرة 757، وشرح المفصل 3/128.

1146 -[ضرب المثل بسم الأساود]

أبيت كما بات الشجاع إلى الذّرى ... وأغدو على همّي وإن بتّ طاويا وإنّي أهضّ الضّيم منّي بصارم ... رهيف وشيخ ماجد قد بنى ليا وهكذا صفة الأفعى؛ لأنها أبدا نابتة مستوية، فإن أنكرت شيئا فنشطتها كالبرق الخاطف. ووصف آخر أفعى، فقال [1] : [من الرجز] وقد أراني بطويّ الحسّ ... وذات قرنين طحون الضّرس نضناضة مثل انثناء المرس ... تدير عينا كشهاب القبس لمّا التقينا بمضيق شكس ... حتى قنصت قرنها بخمس [2] وهم يتهاجون بأكل الأفاعي والحيّات. قال الشاعر: [من الطويل] فإياكم والرّيف لا تقربنّه ... فإن لديه الموت والحتم قاضيا هم طردوكم عن بلاد أبيكم ... وأنتم حلول تشتوون الأفاعيا وقال عمر بن أبي ربيعة [3] : [من الطويل] ولمّا فقدت الصّوت منهم وأطفئت ... مصابيح شبّت بالعشاء وأنؤر وغاب قمير كنت أرجو مغيبه ... وروّح رعيان وهوّم سمّر ونفّضت عنّي اللّيل أقبلت مشية ال ... حباب، وركني خيفة القوم أزور 1146-[ضرب المثل بسمّ الأساود] وضرب كلثوم بن عمرو، المثل بسمّ الأساود، فقال [4] : [من الطويل] تلوم على ترك الغنى باهليّة ... طوى الدّهر عنها كلّ طرف وتالد رأت حولها النّسوان يرفلن في الكسا ... مقلّدة أجيادها بالقلائد [5] يسرّك أنّي نلت ما نال جعفر ... من الملك، أو ما نال يحيى بن خالد

_ [1] ورد البيت الثاني مع بيتين آخرين في اللسان والتاج (نهس) . [2] الشكس: الضيق. (اللسان: شكس) . [3] ديوان عمر بن أبي ربيعة 96، والخزانة 5/318، وشرح المفصل 10/11، وشرح شواهد الإيضاح 512. [4] ديوان كلثوم بن عمرو العتابي 65، والبيان 3/353، وعيون الأخبار 1/231، ومحاضرات الراغب 1/92، والحماسة الشجرية 140، ونهاية الأرب 6/151، وغرر الخصائص 408. [5] يرفلن: يتبخترن. الكسا: جمع كسوة.

1147 -[القول في الحيات]

وأنّ أمير المؤمنين أعضّني ... معضّهما بالمرهفات البوارد! [1] ذريني تجئني ميتتي مطمئنّة ... ولم أتقحّم هول تلك الموارد فإن كريمات المعالي مشوبة ... بمستودعات في بطون الأساود 1147-[القول في الحيّات] وفي التشنيع لحيّات الجبل، يقول اللّعين المنقريّ [2] ، لرؤبة بن العجّاج: [من البسيط] إني أنا ابن جلا إن كنت تعرفني ... يا رؤب، والحيّة الصّماء في الجبل أبا الأراجيز يا ابن اللؤم توعدني ... وفي الأراجيز جلب اللؤم والكسل الأصمعيّ، قال: حدّثني ابن أبي طرفة. قال [3] مرّ قوم حجّاج من أهل اليمن مع المساء، برجل من هذيل، يقال له أبو خراش، فسألوه القرى، فقال لهم: هذه قدر، وهذه مسقاة، وبذلك الشّعب ماء! فقالوا: ما وفّيتنا حقّ قرانا! فأخذ القربة فتقلّدها يسقيهم، فنهشته حيّة. قال أبو إسحاق: بلغني وأنا حدث، أن النبي صلى الله عليه وسلم «نهى عن اختناث فم القربة، والشرب منه» [4] . قال: فكنت أقول إنّ لهذا الحديث لشأنا، وما في الشرب من فم قربة حتّى يجيء فيها هذا النهي؟! حتّى قيل: إنّ رجلا شرب من فم قربة، فوكعته حيّة فمات، وإنّ الحيّات تدخل في أفواه القرب، فعلمت أنّ كلّ شيء لا أعرف تأويله من الحديث، أنّ له مذهبا وإن جهلته. وقال الشاعر في سلخ الحيّة: [من الرجز] حتّى إذا تابع بين سلخين ... وعاد كالميسم أحماه القين [5] أقبل وهو واثق بثنتين: ... بسمّه الرّأس ونهش الرّجلين قال: كأنه ذهب إلى أنّ سمّه لا يكون قاتلا مجهزا حتّى تأتي عليه سنتان.

_ [1] المرهفات: السيوف المرققات. البوارد: التي تثبت في الضريبة ولا تنثني. [2] البيتان للّعين المنقري في الوحشيات 63، والتاج (رجز) ، وللمكعبر الضبي في حماسة البحتري 13. [3] الخبر في الأغاني 21/227، والإصابة 2341. [4] مسند أحمد 3/6، وسنن أبي داود في الأشربة 3/330، ومسلم صفحة 1600، والنهاية 2/82. [5] الميسم: أداة الوسم. (القاموس: وسم) . القين: الحداد. (القاموس: قين) .

وزعم بعضهم أنّ السّلخ للحيّة مثل البزول والقروح للخف والحافر. قال: وليس ينسلخ إلّا بعد سنين كثيرة، ولم يقفوا من السّنين على حدّ. وزعم بعضهم أنّ الحيّة تسلخ في كلّ عام مرّتين، والسلخ في الحيات كالتّحسير من الطير، وأنّ الطير لا تجتمع قويّة إلّا بعد التحسير وتمام نبات الرّيش. وكذلك الحيّة، تضعف في أيام السّلخ ثمّ تشتدّ بعد. قال الأصمعيّ: أخبرني أبو رفاعة، شيخ من أهل البادية، قال: رأيت في المنام كأني أتخطّى حيّات. فمطرت السماء، فجعلت أتخطى سيولا. وحكى الأصمعيّ أنّ رجلا رأى في المنام في بيوته حيّات، فسأل عن ذلك ابن سيرين أو غيره، فقال: هذا رجل يدخل منزله أعداء المسلمين. وكانت الخوارج تجتمع في بيته. قال العرجيّ [1] ، في دبيب السمّ في المنهوش: [من الطويل] وأشرب جلدي حبّها ومشى به ... كمشي حميّا الكأس في جلد شارب يدبّ هواها في عظامي وحبها، ... كما دبّ في الملسوع سمّ العقارب وقال العرجيّ في العرماء من الأفاعي، وكونها في صدوع الصّخر، فقال [2] : [من الطويل] تأتي بليل ذو سعاة فسلّها ... بها حافظ هاد ولم أرق سلما كمثل شهاب النّار في كفّ قابس ... إذا الرّيح هبت من مكان تضرّما أبرّ على الحوّاء حتى تناذروا ... حماه محاماة من الناس، فاحتمى يظلّ مشيحا سامعا، ثمّ إنها ... إذا بعثت لم تأل إلّا تقدّما قال: ويقال: تطوّت الحيّة. وأنشد العرجيّ [3] : [من الخفيف] ذكرتني إذ حيّة قد تطوّت ... فرقا عند عرسه في الثياب [4]

_ [1] ديوان العرجي 146، والبصائر والذخائر 2/447، وهما للعرجي أو عامر بن مالك الفزاري في الحماسة البصرية 2/229، وبلا نسبة في حماسة القرشي 260. [2] ديوان العرجي 37. [3] ديوان العرجي 115، ورواية صدره فيه: (وركوب إذا الجبان تطوّى) . [4] تطوت: انقبضت والتفت، فرقا: خوفا.

1148 -[ما ينبح من الحيوان]

وقال الشّماخ، أو البعيث [1] : [من الطويل] وأطرق إطراق الشجاع وقد جرى ... على حدّ نابيه الذّعاف المسمّم 1148-[ما ينبح من الحيوان] والأجناس التي تذكر بالنّباح: الكلب، والحيّة [2] ، والظّبي إذا أسنّ، والهدهد. وقد كتبنا ذلك مرة ثمّ. قال أبو النّجم [3] : [من الرجز] والأسد قد تسمع من زئيرها ... وباتت الأفعى على محفورها تأسيرها يحتكّ في تأسيرها ... مرّ الرّحى تجري على شعيرها [4] كرعدة الجراء أو هديرها ... تضرّم القصباء في تنّورها توقّر النّفس على توقيرها ... تعلّم الأشياء في تنقيرها في عاجل النفس وفي تأخيرها 1149-[أقسام الحيوان من حيث تحركه] وسنذكر مسألة وجوابها. وذلك أنّ ناسا زعموا أنّ جميع الحيوان على أربعة أقسام. شيء يطير، وشيء يمشي، وشيء يعوم، وشيء ينساح. وقد قال الله عزّ وجلّ: وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ، يَخْلُقُ اللَّهُ ما يَشاءُ [5] . وقد وضع الكلام على قسمة أجناس الحيوان، وعلى تصنيف ضروب الخلق، ثمّ قصّر عن الشيء الذي وضع عليه كلامه، فلم يذكر ما يطير وما يعوم، ثمّ جعل ما ينساح، مثل الحيّات والدّيدان، ممّا يمشي؛ والمشي لا يكون إلّا برجل، كما أنّ العضّ لا يكون إلا بفم، والرّمح لا يكون إلّا بحافر؛ وذكر ما يمشي على أربع، وهاهنا

_ [1] ملحق ديوان الشماخ 461. [2] في المخصص 8/115 (الأفاعي تكش خلا الأسود، فإنه يصفر وينبح ويضبح) . [3] ديوان أبي النجم 113- 114. [4] التأسير: السير يؤسر به السرج، وجعله هنا لجلد الحية. [5] 45/النور: 24.

دوابّ كثيرة تمشي على ثمان قوائم، وعلى ستّ، وعلى أكثر من ثمان. ومن تفقّد قوائم السّرطان وبنات وردان، وأصناف العناكب- عرف ذلك. قلنا: قد أخطأتم في جميع هذا التّأويل وحدّه. فما الدّليل على أنّه وضع كلامه في استقصاء أصناف القوائم؟ وبأيّ حجة جزمتم على ذلك؟ وقد قال الله عزّ وجلّ: وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ* [1] وترك ذكر الشّياطين والنّار لهم آكل، وعذابهم بها أشدّ. فترك ذكرهم من غير نسيان، وعلى أنّ ذلك معلوم عند المخاطب. وقد قال الله عزّ وجلّ: خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْواجاً [2] أخرج من هذا العموم عيسى ابن مريم، وقد قصد في مخرج هذا الكلام إلى جميع ولد آدم. وقال: هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً [3] أدخل فيها آدم وحوّاء. ثمّ قال على صلة الكلام: إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ [4] أخرج منها آدم وحوّاء وعيسى ابن مريم. وحسن ذلك إذ كان الكلام لم يوضع على جميع ما تعرفه النّفوس من جهة استقصاء اللّفظ. فقوله: فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ [5] كان على هذا المثال الذي ذكرنا. وعلى أنّ كلّ شيء يمشي على أربع فهو مما يمشي على رجلين، والذي يمشي على ثمان هو مما يمشي على أربع، وعلى رجلين وإذا قلت: لي على فلان عشرة آلاف درهم، فقد خبّرت أنّ لك عليه ما بين درهم إلى عشرة آلاف. وأمّا قولكم: إنّ المشي لا يكون إلّا بالأرجل، فينبغي أيضا أن تقولوا فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى [6] : إنّ ذلك خطأ؛ لأنّ السّعي لا يكون إلّا بالأرجل. وفي هذا الذي جهلتموه ضروب من الجواب: - أمّا وجه منه: فهو قول القائل وقول الشّاعر: «ما هو إلّا كأنه حيّة» و: «كأنّ مشيته مشية حيّة» يصفون ذلك، ويذكرون عنده مشية الأيم والحباب، وذكور

_ [1] 24/البقرة: 2. [2] 11/فاطر: 35. [3] 1/الإنسان: 76. [4] 2/الإنسان: 76. [5] 45/النور: 24. [6] 20/طه: 20.

الحيّات. ومن جعل للحيّات مشيا من الشعراء، أكثر من أن نقف عليهم. ولو كانوا لا يسمّون انسيابها وانسياحها مشيا وسعيا، لكان ذلك مما يجوز على التشبيه والبدل، وأن قام الشيء مقام الشيء أو مقام صاحبه؛ فمن عادة العرب أن تشبّه به في حالات كثيرة. وقال الله تعالى: هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ [1] والعذاب لا يكون نزلا، ولكنّه أجراه مجرى كلامهم، كقول حاتم حين أمروه بفصد بعير، وطعنه في سنامه، وقال: «هذا فصده!» [2] . وقال الآخر [3] : [من الرجز] فقلت يا عمرو اطعمنّي تمرا ... فكان تمري كهرة وزبرا [4] وذمّ بعضهم الفأر، وذكر سوء أثرها في بيته، فقال [5] : [من الرجز] يا عجّل الرّحمن بالعقاب ... لعامرات البيت بالخراب يقول: هذا هو عمارتها. كما يقول الرّجل، «ما نرى من خيرك ورفدك إلّا ما يبلغنا من حطبك علينا، وفتّك في أعضادنا!» [6] . وقال النّابغة في شبيه بهذا، وليس به [7] : [من الطويل] ولا عيب فيهم غير أنّ سيوفهم ... بهنّ فلول من قراع الكتائب - ووجه آخر: أنّ الأعراب تزعم- وكذلك قال ناس من الحوّائين والرّقائين- إنّ للحيّة حزوزا في بطنه، فإذا مشى قامت حزوزه، وإذا ترك المشي تراجعت إلى مكانها، وعادت تلك المواضع ملسا. ولم توجد بعين ولا لمس، ولا يبلغها إلّا كلّ حوّاء دقيق الحسّ. وليس ذلك بأعجب من شقشقة الجمل العربيّ؛ فإنّه يظهرها كالدّلو، فإذا هو أعادها إلى لهاته تراجع ذلك الجلد إلى موضعه، فلا يقدر أحد عليه بلمس ولا عين.

_ [1] 56/الواقعة: 56. [2] في مجمع الأمثال 2/394 (هكذا فصدي) والفصد: شق العرق لاستخراج دمه. [3] الرجز بلا نسبة في المخصص 2/134، والبيان 1/153، والأضداد 178. [4] الكهرة: الانتهار. الزبر: الزجر. [5] الرجز بلا نسبة في ديوان المعاني 2/151، والبيان 1/152، وربيع الأبرار 5/470. [6] البيان 1/152- 153. [7] ديوان النابغة الذبياني 44، والخزانة 3/327، 331، 334، وشرح شواهد المغني 349، ومعاهد التنصيص 3/107، واللسان (قرع، فلل) .

وكذلك عروق الكلى إلى المثانة التي يجري فيها الحصى المتولّد في الكلية إذا قذفته تلك العروق إلى المثانة، فإذا بال الإنسان انضمّت العروق واتّصلت بأماكنها، والتحمت حتى كان موضعها كسائر ما جاوز تلك الأماكن. - ووجه آخر: وهو أنّ هذا الكلام عربيّ فصيح؛ إذ كان الذي جاء به عربيّا فصيحا، ولو لم يكن قرآنا من عند الله تبارك وتعالى، ثمّ كان كلام الذي جاء به، وكان ممّن يجهل اللّحن ولا يعرف مواضع الأسماء في لغته، لكان هذا- خاصّة- ممّا لا يجهله. فلو أنّنا لم نجعل لمحمّد صلى الله عليه وسلم، فضيلة في نبوّة، ولا مزيّة في البيان والفصاحة، لكنّا لا نجد بدّا من أن نعلم أنّه كواحد من الفصحاء. فهل يجوز عندكم أن يخطئ أحد منهم في مثل هذا في حديث، أو وصف أو خطبة، أو رسالة، فيزعم أن كذا وكذا يمشي أو يسعى أو يطير، وذلك الذي قال ليس من لغته ولا من لغة أهله؟! فمعلوم عند هذا الجواب، وعند ما قبله، أنّ تأويلكم هذا خطأ. وقال الله عزّ وجلّ: إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ [1] وأصحاب الجنّة لا يوصفون بالشّغل، وإنما ذلك جواب لقول القائل: خبّرني عن أهل الجنّة، بأيّ شيء يتشاغلون؟ أم لهم فراغ أبدا؟ فيقول المجيب: لا، ما شغلهم إلّا في افتضاض الأبكار، وأكل فواكه الجنّة، وزيارة الإخوان على نجائب الياقوت! وهذا على مثال جواب عامر بن عبد قيس، حين قيل له وقد أقبل من جهة الحلبة، وهو بالشام: من سبق؟ قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم! قيل: فمن صلّى؟ قال: أبو بكر! قال: إنّما أسألك عن الخيل! قال: وأنا أجيبك عن الخير! [2] وهو كقول المفسّر حين سئل عن قوله: لَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا [3] فقال: ليس فيها بكرة وعشيّ. وقد صدق القرآن، وصدق المفسّر، ولم يتناكرا، ولم يتنافيا؛ لأنّ القرآن ذهب إلى المقادير، والمفسّر ذهب إلى الموجود، من دوران ذلك مع غروب الشّمس وطلوعها.

_ [1] 55/يس: 36. [2] البيان 2/282. [3] 62/مريم: 19.

وعلى ذلك المعنى روي عن عمر أنّه قال: «متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنا أنهى عنهما وأضرب عليهما» [1] . قد كان المسلمون يتكلمون في الصّلاة ويطبّقون [2] إذا ركعوا، فنهى عن ذلك إمام من الأئمّة، وضرب عليه، بعد أن أظهر النّسخ، وعرّفهم أن ذلك من المنسوخ، فكأنّ قائلا قال: أتنهانا عن شيء، وقد كان على عهد النبيّ صلى الله عليه وسلم؟ فيقول: نعم. وقد قدّم الاحتجاج في النّاسخ والمنسوخ. ومن العجب أنّ ناسا جعلوا هذا القول على المنبر من عيوبه. فإن لم يكن المعنى فيه على ما وصفنا، فما في الأرض أجهل من عمر حين يظهر الكفر في الإسلام على منبر الجماعة، وهو إنّما علاه بالإسلام. ثمّ في شيء ليس له حجّة فيه ولا علة. وأعجب منه تلك الأمّة، وتلك الجماعة التي لم تنكر تلك الكلمة في حياته، ولا بعد موته؛ ثمّ ترك ذلك جميع التّابعين وأتباع التّابعين، حتّى أفضى الأمر إلى أهل دهرنا هذا. وتلك الجماعة هم الذين قتلوا عثمان على أن سيّر رجلا، وهذا لا يقوله إلّا جاهل أو معاند. وعلى تأويل قوله: هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ [3] قال: جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمِهادُ [4] وقال تعالى: حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا، قالُوا بَلى وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ [5] فجعل للنّار خزائن، وجعل لها خزنة، كما جعل في الجنّة خزائن وجعل لها خزنة.

_ [1] البيان 2/282، المتعتان هما متعة النساء ومتعة الحج، والأول يسمى نكاح المتعة، وقد نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، أما متعة الحج: فهي محرمة على مكان مكة في الحديث «ليس لأهل مكة تمتع ولا قران» ، وانظر القول في هاتين المتعتين في النهاية 4/292، وهاتان المتعتان حرمتا من قبل النبي صلى الله عليه وسلم، ومعنى قول عمر بن الخطاب: «أنا أنهي عنهما كما نهى عنهما الرسول» وليس المراد أن الرسول أحلهما، وعمر حرمهما. [2] في النهاية 3/114، «كان يطبق في صلاته: هو أن يجمع بين أصابع يديه ويجعلهما بين ركبتيه في الركوع والتشهد» وانظر البيان 2/282. [3] 20/طه: 20. [4] 56/ص: 38. [5] 71/الزمر: 39.

1150 -[شعر في الحيات]

ولو أنّ جهنّم فتحت أبوابها، ونحّي عنها الخزنة، ثمّ قيل لكلّ لصّ في الأرض، ولكلّ خائن في الأرض: دونك؛ فقد أبيحت لك! لما دنا منها، وقد جعل لها خزائن وخزنة. وإنّما هذا على مثال ما ذكرنا. وهذا كثير في كلام العرب. والآي التي ذكرنا في صدق هذا الجواب، كلها حجج على الخوارج في إنكارهم المنزلة بين المنزلتين. 1150-[شعر في الحيات] وقال خلف الأحمر في ذكر الحيّات: [من الوافر] يرون الموت دوني إن رأوني ... وصلّ صفا لنابيه ذباب [1] من المتحرّمات بكهف طود ... حرام ما يرام له جناب [2] أبى الحاوون أن يطؤوا حماه ... ولا تسري بعقوته الذّئاب [3] كأنّ دما أمير على قراه ... وقطرانا أمير به كباب [4] إذا ما استجرس الأصوات أبدى ... لسانا دونه الموت الضباب إذا ما الليل ألبسه دحاه ... سرى أصمى تصيح له الشّعاب [5] فقلت لحيّان بن عتبي: لم قال موسى بن جابر الحنفيّ: [من الرمل] طرد الأروى فما تقربه ... ونفى الحيّات عن بيض الحجله قال: لأنّ الذّئاب تأكل الحيّات. قلت: فلم قال خلف الأحمر: ولا تسري بعقوته الذئاب؟ قال: لأنّ الذّئاب تأكل الحيّات. فظننت أنّه حدس ولم يقل بعلم. وقال الزّياديّ في يحيى بن أبي حفصة [6] : [من البسيط] إني ويحيى وما يبغي كملتمس ... صيدا وما نال منه الرّيّ والشّبعا

_ [1] ذباب الناب: طرفه الحاد. (القاموس: ذبب) . [2] طود حرام: جبل لا يستطاع القرب منه. [3] العقوة: الساحة. (القاموس: عقو) . [4] أمار الدم: أساله. (القاموس: أمر) . القرا: الظهر. (القاموس: قرا) . الكباب: التراب. (القاموس: كبب) . [5] الأصمى: الشديد الوثاب. [6] تقدمت الأبيات في الفقرة (1091) .

أهوى إلى باب جحر في مقدّمه ... مثل العسيب ترى في رأسه قزعا اللّون أربد والأنياب شابكة ... عصل ترى السّمّ يجري بينها قطعا يهوي إلى الصّوت والظلماء عاكفة ... تعرد السّيل لاقى الحيد فاطّلعا لو نال كفّك آبت منه مخضبة ... بيضاء قد جللت أنيابها قزعا بيعت بوكس قليل فاستقلّ بها ... من الهزال أبوها بعد ما ركعا فردّ عليه يحيى فقال [1] : [من البسيط] كم حيّة ترهب الحيّات صولته ... يحمى لريديه قد غادرته قطعا [2] يلقين حيّة قفّ ذا مساورة ... يسقى به القرن من كأس الرّدى جرعا [3] تكاد تسقط منهنّ الجلود؛ لما ... يعلمن منه إذا عاينّه، قزعا [4] أصمّ ما شمّ من خضراء أيبسها ... أو مسّ من حجر أوهاه فانصدعا [5] وقال آخر: [من السريع] وكم طوت من حنش راصد ... للسّفر في أعلى الثّنيّات أصمّ أعمى لا يجيب الرّقى ... يفترّ عن عصل حديدات [6] منهرت الشدق رقود الضحى ... سار طمور في الدّجنّات [7] ذي هامة رقطاء مفطوحة ... من الدّواهي الجبليّات صلّ صفا، تنطف أنيابه ... سمام ذيفان مجيرات [8] مطلن في اللّحيين مطلا إلى ... رأس وأشداق رحيبات قدّمن عن ضرسين واستأخرا ... إلى سماخين ولهوات [9] يسبته الصّبح وطورا له ... نفخ ونفث في المغارات [10]

_ [1] الوحشيات 86- 87. [2] الرّيد: الحرف الناتئ من الجبل. (القاموس: ريد) . [3] القف: مرتفع حجري. (القاموس: قفف) . [4] القزع: القطع من السحاب، ويعني هنا القطع المتفرقة. (القاموس: قزع) . [5] تقدم هذا البيت مع أبيات الزماني «الزيادي» في الفقرة (1091) . [6] عصل، جمع أعصل، وهو الملتوي والمعوج. (القاموس: عصل) . [7] منهرت: واسع. (القاموس: هرت) . الطمور: الوثاب. (القاموس: طمر) . [8] تنطف: تقطر. (القاموس: نطف) . الذيفان: السم القاتل. (القاموس: ذيف) . [9] لهوات: جمع لهاة، وهي اللحمة المشرفة على الحلق. [10] سبته: أنامه. (القاموس: سبت) .

وتارة تحسبه ميّتا ... من طول إطراق وإخبات [1] وقال آخر، وهو جاهليّ [2] : [من الرجز] لا همّ إن كان أبو عمرو ظلم ... وخانني في علمه وقد علم فابعث له في بعض أعراض اللّمم ... لميمة من حنش أعمى أصم أسمر زحّافا من الرّقط العرم ... قد عاش حتى هو لا يمشي بدم [3] فكلّما أقصد منه الجوع شم ... حتى إذا أمسى أبو عمرو ولم يمسّ منه مضض ولا سقم ... قام وودّ بعدها أن لم يقم ولم يقم لإبل ولا غنم ... ولا لخوف راعه ولا لهم حتّى دنا من رأس نضناض أصم ... فخاضه بين الشّراك والقدم [4] بمذرب أخرجه من جوف كم ... كأنّ وخز نابه إذا انتظم [5] وخزة إشفى في عطوف من أدم [6] ومخالب الأسد وأشباه الأسد من السّباع، تكون في غلف، إذا وطئت على بطون أكفها ترفّعت المخالب ودخلت في أكمام لها، وهو قول أبي زبيد [7] : [من الوافر] بحجن كالمحاجن في فتوخ ... يقيها فضّة الأرض الدّخيس [8] وكذلك أنياب الأفاعي، هي ما لم تعضّ فمصونة في أكمام، ألا تراه يقول [9] : [من الرجز] فخاضه بين الشّراك والقدم ... بمذرب أخرجه من جوف كم

_ [1] الإطراق: النظر إلى الأرض والسكوت. (القاموس: طرق) . الإخبات: الخشوع. (القاموس: خبت) . [2] الرجز لخلف الأحمر في مجمع الذاكرة 1/162، وبلا نسبة في البرصان 233- 234، وسمط اللآلي 490. [3] العرم: جمع أعرم، وهو المنقط بسواد وبياض. (القاموس: عرم) . [4] نضنض الشيء: حركه. (القاموس: نضض) . [5] المذرب: عنى به ناب الحية. [6] الإشفى: المخرز. الأدم: الجلد المدبوغ. (القاموس: أدم) . [7] ديوان أبي زبيد الطائي 632. والبرصان 233، والمعاني الكبير 1036. [8] الحجن: المخالب، والمحجن: العصا المعوجة، والفتوخ: الاسترخاء واللين، القضة: الحصى الصغار، الدخيس: لحم الكفين. [9] تقدم الرجز قبل ستة أسطر.

1151 -[أحاديث في الوزغ]

وقال آخر [1] : [من الرجز] أنعت نضناضا كثير الصّقر ... مولده كمولد ابن الدّهر [2] كانا جميعا ولدا في شهر ... يظلّ في مرأى بعيد القعر بين حوافي سدر وصخر [3] وقال: [من الطويل] وكيف وقد أسهرت عينك تبتغي ... عنادا لنابي حيّة قد تربّدا [4] من الصّمّ يكفي مرّة من لعابه ... وما عاد إلّا كان في العود أحمدا [5] وقال خلف الأحمر- وهي مخلوطة فيها شيء، وله شيء، من الغبرة وما علمت أنّ وصف عين الأفعى على معرفة واختبار غيره- وهو قوله [6] : [من الرجز] 1- أفعى رخوف العين مطراق البكر ... داهية قد صغرت من الكبر [7] 3- صلّ صفا ما ينطوي من القصر ... طويلة الإطراق من غير حسر [8] 5- كأنّما قد ذهبت به الفكر ... شقّت له العينان طولا في شتر 7- مهروتة الشدقين حولاء النظر ... جاء بها الطّوفان أيام زخر 9- كأنّ صوت جلدها إذا استدرّ ... نشيش جمر عند طاه مقتدر 1151-[أحاديث في الوزغ] هشام بن عروة قال: أخبرني أبي أنّ عائشة أمّ المؤمنين رضي الله عنها كانت تقتل الأوزاغ.

_ [1] الرجز بلا نسبة في المخصص 13/208. [2] الصقر: أراد به لعابه وسمه. [3] السدر: البحر. [4] تربد: صار أربد، والربدة؛ بالضم؛ لون إلى الغبرة. (القاموس: ربد) . [5] من الأمثال قولهم: (العود أحمد) ، والمثل في مجمع الأمثال 2/34، 233، والمستقصى 335، وجمهرة الأمثال 2/41، وفصل المقال 252، وأمثال ابن سلام 169. [6] الأبيات (3، 4، 7، 2) للنابغة في ديوان المعاني، وربيع الأبرار 5/475، وحماسة ابن الشجري 273- 274، ولخلف الأحمر في مجمع الذاكرة 1/143- 144. [7] رخوف: مسترخية. [8] الصل: من أخبث الحيات، الإطراق: النظر إلى الأرض مع السكون. (القاموس: طرق) .

1152 -[تأول آيات من الكتاب]

يحيى بن أبي أنيسة، عن الزّهري، عن عروة، عن عائشة قالت [1] : «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول للوزغ: فويسق» . قالت [1] : «ولم أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتله» . قال: قالت عائشة رضي الله عنها [1] : «سمعت سعدا يقول: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله» . عبد الرحمن بن زياد قال: أخبرني هشام عن عروة عن عائشة «أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للوزغ: الفويسق» . أبو بكر الهذليّ، عن معاذ عن عائشة قالت: «دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم عليّ وفي يدي عكّاز فيه زجّ، فقال: يا عائشة ما تصنعين بهذا؟ قلت: أقتل به الوزغ في بيتي. قال: إن تفعلي فإنّ الدّوابّ كلها، حين ألقي إبراهيم صلى الله عليه وسلم في النّار، كانت تطفئ عنه، وإنّ هذا كان ينفخ عليه، فصمّ وبرص» [2] . وهذه الأحاديث كلها يحتجّ بها أصحاب الجهالات، ومن زعم أنّ الأشياء كلها كانت ناطقة، وأنها أمم مجراها مجرى الناس. 1152-[تأوّل آيات من الكتاب] وتأوّلوا قوله تعالى: وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ [3] ، وقالوا: قال الله عزّ وجلّ: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا [4] وقال تعالى: يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ [5] وقال: وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ [6] .

_ [1] أخرج البخاري في بدء الخلق برقم 3130 «عن ابن شهاب، عن عروة: يحدث عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للوزغ: فويسق. ولم أسمعه أمر بقتله، وزعم سعد بن أبي وقاص أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتله» . وأخرجه مسلم في باب استحباب قتل الوزغ برقم 2239. [2] في النهاية 5/181 «ومنه حديث عائشة: لما أحرق بيت المقدس كانت الأوزاغ تنفخه» ، وانظر أحاديث قتل الوزغ في جامع الأصول 10/236- 237. [3] 38/الأنعام: 6. [4] 72/الأحزاب: 33. [5] 10/سبأ: 34. [6] 74/البقرة: 2.

1153 -[أحاديث في الوزغ]

فذهبت الجهمية ومن أنكر إيجاد الطّبائع مذهبا، وذهب ابن حائط ومن لفّ لفّه من أصحاب الجهالات مذهبا، وذهب ناس من غير المتكلمين، واتّبعوا ظاهر الحديث وظاهر الأشعار، وزعموا أنّ الحجارة كانت تعقل وتنطق، وإنما سلبت المنطق فقط. فأمّا الطير والسّباع فعلى ما كانت عليه. قالوا: والوطواط، والصّرد، والضفدع، مطيعات ومثابات والعقرب، والحيّة والحدأة، والغراب، والوزغ، والكلب، وأشباه ذلك، عاصيات معاقبات. ولم أقف على واحد منهم فأقول له: إنّ الوزغة التي تقتلها على أنّها كانت تضرم النّار على إبراهيم أهي هذه أم هي من أولادها فمأخوذة هي بذنب غيرها؟ أم تزعم أنّه في المعلوم أن تكون تلك الوزغ لا تلد ولا تبيض ولا تفرخ إلّا من يدين بدينها، ويذهب مذهبها؟! وليس هؤلاء ممّن يفهم تأويل الأحاديث، وأيّ ضرب منها، يكون مردودا، وأيّ ضرب منها يكون متأوّلا، وأيّ ضرب منها يقال إنّ ذلك إنّما هو حكاية عن بعض القبائل. ولذلك أقول: لولا مكان المتكلمين لهلكت العوامّ، واختطفت واسترقت، ولولا المعتزلة لهلك المتكلمون. 1153-[أحاديث في الوزغ] شريك عن التّخميّ، عن ليث، عن نافع، أنّ ابن عمر كان يقتل الوزغ في بيته ويقول هو شيطان! هشام بن حسّان، عن خالد الرّبعيّ، قال: لم يكن شيء من خشاش الأرض إلّا كان يطفئ النّار عن إبراهيم، إلّا الوزغ، فإنّه كان ينفخ عليه. حنظلة بن أبي سفيان، قال: سمعت القاسم بن محمّد يقول إنّ الأوازغ كانت يوم حرق بيت المقدس تنفخه والوطاوط بأجنحتها. شريك عن النّخعيّ، عن جابر، عن ابن عباس، قال: الوزغ شريك الشيطان. أبو داود الواسطيّ قال: أخبرنا أبو هاشم، قال [1] : من قتل وزغة حطّ الله عنه سبعين خطيئة، ومن قتل سبعا كان كعتق رقبة.

_ [1] الجامع الصغير للسيوطي رقم 8915. وانظر جامع الأصول 10/236- 237.

1154 -[صنع السم من الأوزاغ]

هشام بن حسّان، عن واصل مولى أبي عيينة، عن عقيل، عن يحيى بن يعمر، قال: لأن أقتل مائة من الوزغ أحبّ إليّ من أن أعتق مائة رقبة. وهذا الحديث ليس من شكل الأوّل، لأنّ يحيى بن يعمر لم يزعم أنّه يقتله لكفره أو لكفر أبيه، ولكنها دابّة تطاعم الحيّات وتزاقّها وتقاربها، وربّما قتلت بعضّتها، وتكرع في المرق واللّبن ثمّ تمجّه في الأناء فينال النّاس بذلك مكروه كبير، من حيث لا يعلمون. وقتله في سبيل قتل الحيّات والعقارب. 1154-[صنع السم من الأوزاغ] وأهل السّجن يعملون منها سموما أنفذ من سم البيش [1] ، ومن ريق الأفاعي، وذلك أنّهم يدخلون الوزغ قارورة، ثمّ يصبّون فيها من الزّيت ما يغمرها، ويضعونها في الشّمس أربعين يوما، حتّى تختلط بالزّيت وتصير شيئا واحدا، فإن مسح السّجين منه على رغيف مسحة يسيرة فأكل منه عشرة أنفس ماتوا. ولا أدري لم توخّوا من مواضع الدّفن عتب الأبواب. 1155-[أوامر النبي صلى الله عليه وسلم ونواهيه] يحيى بن أبي أنيسة، عن أبي الزّبير، عن جابر بن عبد الله، قال: «أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع ونهانا عن أربع، أمرنا أن نجيف أبوابنا، وأن نخمّر آنيتنا، وأن نوكي أسقيتنا، وأن نطفئ سرجنا. فإنّ الشّيطان إذا وجد بابا مجافا لم يفتحه، وإناء مخمّرا لم يكشفه، وسقاء موكى لم يحلّه. وإنّ الفويسقة تأتي المصباح فتضرمه على أهل البيت [2] . ونهانا عن أربع: نهانا عن اشتمال الصّمّاء، وأن يمشي أحدنا في النّعل الواحدة أو الخفّ الواحد، وأن يحتبي الرّجل منّا في الثّوب الواحد ليس عليه غيره، وأن يستلقي أحدنا على ظهره ويرفع إحدى رجليه على الأخرى» [3] . وهذا الحديث ليس هذا موضعه، وهو يقع في باب جملة القول في النّار، وهو يقع بعد هذا الذي يلي القول في النعام.

_ [1] البيش: نبت ببلاد الهند، وهو سم. (اللسان: بيش) . [2] أخرج البخاري في بدء الخلق برقم 3138 (عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما رفعه قال: «خمروا الآنية، وأوكوا الأسقية، وأجيفوا الأبواب، واكفتوا صبيانكم عند العشاء، فإن للجن انتشارا وخطفة، وأطفئوا المصابيح عند الرقاد، فإن الفويسقة ربما اجترت الفتيلة فأحرقت أهل البيت» وانظر الحديث رقم 3106، والحديث الذي أخرجه مسلم في الأشربة برقم 2012. [3] أخرج البخاري في الصلاة برقم 360 (عن أبي سعيد الخدري أنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اشتمال الصماء، وأن يحتبي الرجل في ثوب واحد، ليس على فرجه منه شيء) ، وانظر أيضا الأحاديث التي أرقامها 1890، 2037، 2040، 5482، 5484، 5927.

1156 -[أحاديث في قتل الحيات]

1156-[أحاديث في قتل الحيات] شعبة أبو بسطام، قال أخبرني أبو قيس، قال: جلست إلى علقمة بن قيس، وربيع بن خثيم فقال ربيع: قولوا وافعلوا خيرا تجزوا خيرا، وقال علقمة: من استطاع منكم ألّا يرى الحيّة، إلّا قتلها إلّا التي مثل الميل؛ فإنّها جانّ. وإنّه لا يضرّه قتل حيّة أو كافر. إسماعيل المكي، عن أبي إسحاق، عن علقمة قال: قال عبد الله بن مسعود: من قتل حيّة فقتل كافرا. ثم سمعت عبد الرحمن بن زيد يقول: من قتل حيّة أو عقربا قتل كافرا. وهذا ممّا يتعلق به أصحاب ابن حائط، وتأويله في الحديث الآخر. عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي قال: سمعت القاسم بن عبد الرحمن، يقول: قال عبد الله: من قتل حيّة أو عقربا فكأنّما قتل كافرا. فعلى هذا المعنى يكون تأليف الحديث. سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما سالمناهنّ مذ حاربناهنّ» . سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، قالت عائشة: «من ترك قتل حيّة مخافة أثآرها فعليه لعنة الله والملائكة» . الرّبيع بن صبيح عن عطاء الخراسانيّ قال: كان فيما أخذ على الحيّات ألّا يظهرن. فمن ظهر منهنّ حلّ قتله. وقتالهنّ كقتال الكفّار، ولا يترك قتلهنّ إلا شاكّ. وهذا ممّا يتعلّق به أصحاب ابن حائط. محمد بن عجلان قال: سمعت أبي يحدّث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «ما سالمناهنّ مذ حاربناهنّ» . ابن جريج قال: أخبرني عبد الله بن عبيد بن عمير قال: أخبرني أبو الطفيل أنّه سمع علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: «اقتلوا من الحيّات ذا الطفيتين، والكلب الأسود البهيم ذا الغرّتين» [1] . قال: والغرّة: حوّة تكون بعينيه.

_ [1] النهاية 3/130، 354، وأخرج البخاري في بدء الخلق برقم 3123 (عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر يقول: «اقتلوا الحيات، واقتلوا ذا الطفيتين والأبتر، فإنهما يطمسان البصر، ويستسقطان الحبل) ، وأخرجه مسلم في السلام، باب قتل الحيات، رقم 2233.

1157 -[قول صاحب المنطق في طعام الحيوان ومسكنه]

1157-[قول صاحب المنطق في طعام الحيوان ومسكنه] قال صاحب المنطق: الطير على ضربين: أوابد وقواطع، ومنه ما يأكل اللحم لا يأكل غيره وإن لم يكن ذا سلاح. فأمّا ذو السّلاح فواجب أن يكون طعامه اللّحم. ومن الطّير ما يأكل الحبوب لا يعدوها، ومنه المشترك الطّباع، كالعصفور والدّجاج والغراب. فإنها تأكل النوعين جميعا، وكطير الماء، يأكل السّمك ويلقط الحبّ. ومنه ما يأكل شيئا خاصّا، مثل جنس النّحل المعسّل الذي غذاؤه شيء واحد، وجنس العنكبوت، فإن طعم النحل المعسّل العسل، والعنكبوت يعيش من صيد الذباب. ومن الحيوان ما له مسكن ومأوى، كالخلد، والفأر، والنّمل، والنّحل، والضّبّ. ومنه ما لا يتّخذ شيئا يرجع إليه كالحيّات لأنّ ذكورة الحيّات سيّارة، وإناثها إنّما تقيم في المكان إلى تمام خروج الفراخ من البيض، واستغناء الفراخ بأنفسها. ومنها ما يكون يأوي إلى شقوق الصّخور والحيطان، والمداخل الضّيّقة، مثل سامّ أبرص. قال: والحيّات تألفها كما تألف العقارب الخنافس. والعظايا تألف المزابل والخرابات. والوزغ قريبة من النّاس. 1158-[زعم زرادشت في العظايا وسوامّ أبرص] وزعم زرادشت أنّ العظايا ليست من ذوات السّموم، وأنّ سامّ أبرص من ذوات السّموم، وأنّ أهرمن [1] لما قعد ليقسم السّموم. كان الحظ الأوفر لكلّ شيء سبق إلى طلبه، كالأفاعي، والثّعابين والجرّارات، وأنّ نصيب الوزغ نصيب وسط قصد، لا يكمل أن يقتل، ولكنّه يزاقّ [2] الحيّة، فتميره [3] ممّا عندها. ومتى دبر [4] الوزغ جاء منه السمّ القاتل، أسرع من سمّ البيش، ومن لعاب الأفاعي، فأمّا العظاية فإنّها احتبست عن الطّلب حتى نفذ السمّ، وأخذ كلّ شيء قسطه، على قدر السّبق والبكور، فلما جاءت العظاية وقد فني السمّ، دخلها من الحسرة، وممّا علاها من الكرب، حتى جعلت وجهها إلى الخرابات والمزابل، فإذا رأيت العظاية تمشي مشيا

_ [1] يرى زرادشت أن «أهرمن» هو رمز لقوة الشر، وأن «أرموزد» رمز لقوة الخير، وأنهما يظلان في نزاع إلى أن تتغلب قوة الخير على قوة الشر. [2] زق الطائر فرخه: أطعمه. (القاموس: زقق) . [3] الميرة: الطعام. (القاموس: مير) . [4] دبر: أدركه الهرم. (القاموس: دبر) .

1159 -[الرد على ما زعم زرادشت]

سريعا ثمّ تقف، فإنّ تلك الوقفة إنّما هي لما يعرض لها من التذكّر والحسرة على ما فاتها من نصيبها من السمّ. 1159-[الرد على ما زعم زرادشت] ولا أعلم العظاية في هذا القياس إلّا أكثر شرورا من الوزغ؛ لأنها لولا إفراط طباعها في الشّرارة، لم يدخلها من قوّة الهمّ مثل الذي دخلها ولم يستبن للنّاس من اغتباط الوزغ بنصيبه من السمّ، بقدر ما استبان من ثكل العظاية، وتسلّلها وإحضارها وبكائها وحزنها، وأسفها على ما فاتها من السّمّ. 1160-[زعم زرادشت في خلق الفأرة والسّنّور] ويزعم زرادشت، وهو مذهب المجوس، أنّ الفأرة من خلق الله، وأنّ السّنّور من خلق الشّيطان، وهو إبليس، وهو أهرمن [1] . فإذا قيل له: كيف تقول ذلك والفأرة مفسدة، تجذب فتيلة المصباح فتحرق بذلك البيت والقبائل الكثيرة، والمدن العظام، والأرباض الواسعة، بما فيها من النّاس والحيوان والأموال، وتقرض دفاتر العلم، وكتب الله، ودقائق الحساب، والصّكاك [2] ، والشّروط؛ وتقرض الثّياب، وربّما طلبت القطن لتأكل بزره فتدع اللّحاف غربالا، وتقرض الجرب، وأوكية الأسقية والأزقاق والقرب فتخرج جميع ما فيها؛ وتقع في الآنية وفي البئر، فتموت فيه وتحوج النّاس إلى مؤن عظام؛ وربّما عضّت رجل النّائم، وربّما قتلت الإنسان بعضّتها. والفأر بخراسان ربّما قطعت أذن الرّجل. وجرذان أنطاكية تعجز عنها السّنانير، وقد جلا عنها قوم وكرهها آخرون لمكان جرذانها، وهي التي فجرت المسنّاة [3] ، حتى كان ذلك سبب الحسر [4] بأرض سبأ؛ وهي المضروب بها المثل، وسيل العرم ممّا تؤرخ بزمانه العرب. والعرم: المسنّاة. وإنما كان جرذا. وتقتل النّخل والفسيل، وتخرّب الضّيعة، وتأتي على أزمّة الركاب والخطم، وغير ذلك من الأموال.

_ [1] أهرمن: رمز لقوة الشر، وانظر الفقرة (1158) . [2] الصكاك: جمع صك، وهو الكتاب. (القاموس: صكك) . [3] المسناة: السد الذي يعترض به الوادي. [4] حسر الماء عن الأرض: نضب.

1161 -[تأثير أكل سام أبرص والسمانى]

والنّاس ربما اجتلبوا السّنانير ليدفعوا بها بوائق الفأر- فكيف صار خلق الضّارّ المفسد من الله، وخلق النّافع من الضّرر من خلق الشيطان؟! والسّنّور يعدى به على كلّ شيء خلقه الشّيطان من الحيّات، والعقارب، والجعلان، وبنات وردان، والفأرة لا نفع لها، ومؤنها عظيمة. قال: لأنّ السّنّور لو بال في البحر لقتل عشرة آلاف سمكة! فهل سمعت بحجّة قطّ، أو بحيلة، أو بأضحوكة، أو بكلام ظهر على تلقيح هرة، يبلغ مؤن هذا الاعتلال؟! فالحمد لله الذي كان هذا مقدار عقولهم واختيارهم. وأنشد أبو زيد [1] : [من الرجز] والله لو كنت لهذا خالصا ... لكنت عبدا آكل الأبارصا يعني جماع سامّ أبرص: أبارص. 1161-[تأثير أكل سامّ أبرص والسمانى] وسامّ أبرص ربّما قتل أكله، وليس يؤكل إلّا من الجوع الشّديد. وربما قتل السّنانير وبنات عرس، والشّاهمرك [2] ، وجميع اللّقاطات. وقال آخر [3] : [من الوافر] كأنّ القوم عشّوا لحم ضأن ... فهم نعجون قد مالت طلاهم وهو شيء يعرض عن أكل دسم الضّأن، وهو أيضا يلقى على دسمه النّعاس. وقد يفعل ذلك الحيق. والخشخاش. والخشخاش يسمّى بالفارسيّة «أناركبو» وتأويله رمّان الخسّ. وإنما اشتقّ له ذلك إذ كان يورث النّعاس، كما يورثه الخس. وأكل الطّعام الذي فيه سمان يورث الدّوار. وزعموا أنّ صبيّا من الأعراب فيما

_ [1] لم يرد الرجز في نوادر أبي زيد، وهو بلا نسبة في اللسان والتاج وأساس البلاغة (برص) ، وشرح المفصل 9/23، 36، والمخصص 8/101، والمقاييس 1/219، ورصف المباني 195، والمنصف 2/232، والجمهرة 312، والبرصان 92. [2] الشاهمرك: الفتي من الدجاج. حياة الحيوان «شامرك» . [3] ديوان ذي الرمة 1097، واللسان والتاج (نعج) ، والمعاني الكبير 694، والجمهرة 486، والتنبيه والإيضاح 1/220، وخلق الإنسان 275، وبلا نسبة في المخصص 5/80، وديوان الأدب 2/228، والمقاييس 5/448، والتهذيب 1/381.

1162 -[أكل الحيات]

مضى من الدّهر، صاد هامة على قبر، فظنها سمان، فأكلها فغثت نفسه، فقال [1] : [من الرجز] نفسي تمقّس من سمانى الأقبر ويقال: غثت نفسه غثيانا وغثيا، ولقست تلقس لقسا، وتمقّست تتمقّس تمقسا: إذا غثيت. 1162-[أكل الحيات] وأخبرني صباح بن خاقان، قال: كنت بالبادية، فرأيت ناسا حول نار فسألت عنهم، فقالوا: قد صادوا حيات فهم يشوونها ويأكلونها؛ إذ نظرت إلى رجل منهم ينهش حية قد أخرجها من الجمر، فرأيته إذا امتنعت عليه يمدّها كما يمدّ عصب لم ينضج. فما صرفت بصري عنه حتّى لبط به [2] ، فما لبث أن مات، فسألت عن شأنه، فقيل لي: عجّل عليها قبل أن تنضج وتعمل النّار في متنها. وقد كان قد بغداد وفي البصرة جماعة من الحوّائين، يأكل أحدهم أيّ حيّة أشرت إليها في جونته، غير مشويّة. وربّما أخذ المرارة وسط راحته، فلطعها بلسانه، ويأكل عشرين عقربانة نيّة بدرهم. وأما المشويّ فإنّ ذلك عنده عرس. 1163-[شعر في الحيات] وقال كثيّر [3] : [من الوافر] وما زالت رقاك تسلّ ضغني ... فتخرج من مكامنها ضبابي وترقيني لك الحاوون حتّى ... أجابت حيّة خلف الحجاب وقال أبو عدنان، وذكر ابن ثروان الخارجيّ، حين كان صار إلى ظهر البصرة، وخرج إليه من خرج من بني نمير: [من الطويل] حسبت نميرا يا ابن ثروان كالألى ... لقيتهم بالأمس: ذهلا ويشكرا كما ظنّ صيّاد العصافير أنّ في ... جميع الكوى، جهلا، فراخا وأطيرا

_ [1] الرجز بلا نسبة في اللسان (مقس، سمن) ، والجمهرة 429، 852، والمقاييس 5/432، والتهذيب 8/425، والمجمل 4/341. [2] لبط به: صرع. [3] ديوان كثير 280، وتقدم البيتان في الفقرة (1137) .

فأدخل يوما كفّه جحر أسود ... فشرشره بالنّهش حتى تشرشرا [1] أراد قول رؤبة [2] : [من الرجز] كنتم كمن أدخل في حجر يدا ... فأخطأ افعى ولاقى الأسودا لو مسّ حرفي حجر تقصّدا ... بالشّمّ لا بالسمّ منه قصدا [3] فقدّم الأسود على الأفعى، وهذا لا يقوله من يعرف مقدار سمّ الحيات، وقال عنترة [4] : [من الطويل] حلفنا لهم والخيل تردي بنا معا ... نزايلكم حتّى تهرّوا العواليا عوالي سمر من رماح ردينة ... هرير الكلاب يتّقين الأفاعيا وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اتقوا ذا الطّفيتين والأبتر» [5] . شبّه الخيطين على ظهره بخوص المقل. وأنشدت لأبي ذؤيب [6] : [من الطويل] عفت غير نؤي الدّار لأيا أبينه ... وأقطاع طفي قد عفت في المعاقل [7] والطّفي: خوص المقل. وهم يصفون بطن المرأة الهيفاء الخميصة البطن، ببطن الحيّة. وهي الأيم. وقال العجّاج [8] : [من الرجز] وبطن أيم وقواما عسلجا [9]

_ [1] شرشره: قطعه. [2] ديوان رؤبة 173، والوساطة 13. [3] تقصد: تكسر. [4] ديوان عنترة 80- 81 (دار صادر) ، والأول في اللسان والتاج (هرر) ، والجمهرة 127، وديوان الأدب 3/140، والتنبيه والإيضاح 2/227، وهما بلا نسبة في أساس البلاغة (هرر) . [5] أخرجه البخاري في بدء الخلق برقم 3123، ومسلم في السلام برقم 2233. [6] شرح أشعار الهذليين 140، واللسان والتاج (قطع، طفا) ، والتهذيب 14/32، وللهذلي في المقاييس 3/414. [7] النؤي: الحفير حول الخباء أو الخيمة يمنع السيل. المعاقل: جمع معقل، وهو المكان تعقل فيه الإبل. [8] ديوان العجاج 2/36، واللسان والتاج (عسلج، أيم) ، والتهذيب 3/312، 15/551، والجمهرة 722، والمخصص 10/214، والعين 2/315، ونسب إلى رؤبة في المقاييس 1/166، وليس في ديوانه. [9] قوام عسلج: ناعم ينثني ويميل.

وقال أدهم بن أبي الزّعراء، وشبّه نفسه بحيّة: [من الطويل] وما أسود بالبأس ترتاح نفسه ... إذا حلبة جاءت ويطرق للحسّ به نقط حمر وسود كأنما ... تنضّح نضحا بالكحيل وبالورس [1] أصمّ قطاريّ يكون خروجه ... قبيل غروب الشّمس مختلط الدّمس [2] له منزل، أنف ابن قترة يغتذي ... به السمّ، لم يظهر نهارا إلى الشّمس [3] يقيل إذا ما قال بين شواهق ... تزلّ العقاب عن نفانفها الملس [4] بأجرأ منّي يا ابنة القوم مقدما ... إذا الحرب دبّت أو لبست لها لبسي [5] فأجابه عنترة الطائي، فقال [6] : [من الطويل] عساك تمنى من أراقم أرضنا ... بأرقم يسقى السمّ من كلّ منطف [7] وقال عنترة [8] : [من الطويل] أترجو حياة يا ابن بشر بن مسهر ... وقد علقت رجلاك في ناب أسودا أصمّ جباليّ إذا عضّ عضّة ... تزايل عنه جلده فتبدّدا بسلع صفا لم يبد للشّمس قبلها ... إذا ما رآه صاحب اليمّ أرعدا [9] له ربقة في عنقه من قميصه ... وسائره عن متنه قد تقدّدا [10] رقود ضحيّات، كأن لسانه ... إذا سمع الأجراس مكحال أرمدا [11] يفيت النّفوس قبل أن يقع الرّقى ... وإن أبرق الحاوي عليه وأرعدا [12]

_ [1] الكحيل: قطران أسواد اللون يطلى به الإبل، والورس: نبت يصبغ به. [2] القطاري: الضخم. [3] ابن قترة: حية خبيثة، تنطوي ثم تنقز ذراعا أو نحوها. [4] النفانف: جمع نفنف، وهو صقع الجبل الذي كأنه جدار مبني مستو. [5] لبسي: أي لباس الحرب. [6] البيت في شرح ديوان الحماسة للتبريزي 1/118، ومحاضرات الراغب 2/305. [7] المنطف: الموضع ينطف منه السم، أي يقطر. [8] الأبيات بلا نسبة في لسان العرب، الأول والثاني في (قطر) ، والثالث في (سلع) ، والخامس في (ضحا) . [9] السلع: الشق. اليم: الحية. أرعد: أصابته رعدة. [10] الربقة: الحبل. قميصه: جلده المنسلخ. [11] المكحال الأرمد: ما يكتحل به، وهو أشد سوادا من غيره. [12] يفيت النفوس: يميتها.

جملة القول في الظليم

وقال آخر [1] : [من البسيط] لا ينبت العشب في واد تكون به ... ولا يجاورها وحش ولا شجر ربداء شابكة الأنياب ذابلة ... ينبو، من اليبس، عن يافوخها الحجر لو سرّحت بالنّدى ما مسّها بلل ... ولو تكنّفها الحاوون ما قدروا [2] قد حاوروها فما قام الرّقاة لها ... وخاتلوها فما نالوا ولا ظفروا تقصر الورل العادي بضربتها ... نكزا، ويهرب عنها الحيّة الذّكر [3] جملة القول في الظليم 1164-[أعاجيب في الظليم] فممّا فيه من الأعاجيب أنّه يغتذي الصّخر، ويبتلع الحجارة، ويعمد إلى المرو، والمرو من الحجارة التي توصف بالملاسة، ويبتلع الحصى، والحصى أصلب من الصّخر، ثمّ يميعه ويذيبه في قانصته، حتّى يجعله كالماء الجاري، ويقصد إليه وهو واثق باستمرائه وهضمه، وأنّه له غذاء وقوام. وفي ذلك أعجوبتان: إحداهما التّغذّي بما لا يتغذّي به. والأخرى استمراؤه وهضمه للشيء الذي لو ألقي في شيء ثم طبخ أبدا ما انحلّ ولا لان، والحجارة هو المثل المضروب في الشدّة. قال الشاعر: [من البسيط] حتى يلين لضرس الماضغ الحجر وقال آخر [4] : [من البسيط] ما أطيب العيش لو أنّ الفتى حجر ... تنبو الحوادث عنه وهو ملموم [5] ووصف الله قلوب قوم بالشدّة والقسوة، فقال: فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً [6] ، وقال في التشديد: ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ [7] . لأنه حين حذر

_ [1] الأبيات لعمرو بن شأس في ديوانه 80، والحماسة البصرية 2/343. [2] في ديوانه «أي ينزلق عنها الندى لملاستها» . [3] في ديوانه «النكز: طعن الحية الحيوان بأنفها» . [4] البيت لابن مقبل في ديوانه 273 (198) ، وشرح شواهد المغني 2/661، وبلا نسبة في اللسان (أمت، نعم) ، والتاج (نعم) والخزانة 11/304، والخصائص 1/318 وشرح الأشموني 3/602، وشرح المفصل 1/87، ومغني اللبيب 1/270. [5] في ديوانه «الحجر الملموم: المجموع بعضه إلى بعض، وهو الصلب المستدير» . [6] 74/البقرة: 2. [7] 6/التحريم: 66.

1165 -[أكل النعام الحصى والحجارة]

النّاس أعلمهم أنّه يلقي العصاة في نار تأكل الحجارة. ومن الحجارة ما يتّخذه الصفّارون [1] علاة [2] دون الحديد؛ لأنّه أصبر على دقّ عظام المطارق والفطّيسات [3] . فجوف النعامة يذيب هذا الجوهر الذي هذه صفته. 1165-[أكل النعام الحصى والحجارة] وقال ذو الرّمّة [4] : [من البسيط] أذاك أم خاضب بالسّيّ مرتعه ... أبو ثلاثين أمسى وهو منقلب [5] شخت الجزارة مثل البيت سائره ... من المسوح خدبّ شوقب خشب [6] كأنّ رجليه مسماكان من عشر ... صقبان لم يتقشّر عنهما النّجب [7] الهاه آء وتنّوم، وعقبته ... من لائح المرو، والمرعى له عقب [8] وقال أبو النّجم [9] : [من الرجز] والمرو يلقيه إلى أمعائه ... في سرطم ماد على التوائه [10] يمور في الحلق على علبائه ... تمعّج الحيّة في غشائه [11] هاد ولو حار بحوصلائه [12] ومن زعم أنّ جوف الظّليم إنما يذيب الحجارة بقيظ الحرارة فقد أخطأ. ولكن

_ [1] الصفارون: جمع صفّار، وهو الذي يعمل الصفر أي النحاس الأصفر. [2] العلاة: السندان، وهو ما يطرق عليه الحديد. [3] الفطيسات: جمع فطيس، وهي المطرقة العظيمة. [4] ديوان ذي الرمة 114- 117، ومنه شرح المفردات. [5] في ديوانه «يريد: أذاك الثور شبه ناقتي في سرعتها أم ظليم، والخاضب: الظليم الذي أكل الربيع فاحمرت ساقاه. وأبو ثلاثين: الظليم، لأنه أبو ثلاثين فرخا. والسي: ما استوى من الأرض» . [6] «شخت الجزارة: دقيق القوائم والرأس. المسوح: الشعر. خدب: ضخم. شوقب: طويل. خشب: غليظ جاف» . [7] «المسماكان: عودان يسمك بهما البيت، العشر: شجر. صقبان: طويلان. النجب: لحاء الشجر. [8] «آء: نبت، وكذلك التنوم، لاح من المرو: ظهر من الحجارة البيض» . [9] ديوان أبي النجم 55- 56، وعيون الأخبار 2/86. [10] المرو: الحجارة البيض، السرطم: البلعوم. ماد: مال واضطرب. [11] ماريمور: اضطرب وتردد، العلباء: عصب العنق. التمعج: التلوي. [12] هاد: مهتد.

1166 -[القول في الخاصيات والمقابلات والغرائز]

لابدّ من مقدار للحرارة ونحو غرائز أخر، وخاصّيّات أخر، ألا ترى أنّ القدور التي يوقد تحتها الأيّام واللّيالي، لا تذوب. 1166-[القول في الخاصّيّات والمقابلات والغرائز] وسأدلك على أنّ القول في الخاصّيّات والمقابلات والغرائز حقّ. ألا ترى أنّ جوف الكلب والذّيب يذيبان العظام ولا يذيبان نوى التمر، ونوى التمر أرخى وألين وأضعف من العظام المصمتة. وما أكثر ما يهضم العظم. وقد يهضم العظم جوف الأسد وجوف الحيّة. إذا ازدردت بضع اللحم بالشّره والنّهم، وفيها بعض العظام. والبراذين التي يحيل أجوافها القتّ والتّبن روثا، لا تستمري الشعير. والإبل تقبض بأسنانها على أغصان أمّ غيلان، وله شوك كصياصي [1] البقر، والقضبان علكة [2] يابسة جرد، وصلاب متينة، فتستمرئها وتجعلها ثلطا [3] ، ولا تقوى على هضم الشّعير المنقع، وليس ذلك إلّا بالخصائص والمقابلات. وقد قدّر كلّ شيء لشيء. ولولا ذلك لما نفذ خرطوم البعوضة والجرجسة في جلد الفيل والجاموس، ولما رأيت الجاموس يهرب إلى الانغماس في الماء مرّة، ومرّة يتلطّخ بالطّين، ومرّة يجعله أهله على ربيث الدكان. ولو دفعوا إليك مسلّة شديدة المتن، لما أدخلتها في جلد الجاموس إلّا بعد التكلّف، وإلّا ببعض الاعتماد. والذي سخّر جلد الجاموس حتّى انفرى وانصدع لطعنة البعوضة، وسخّر جلد الحمار لطعنة الذّباب، وسخّر الحجارة لجوف الظليم، والعظم لجوف الكلب- هو الذي سخّر الصّخر الصّلب لأذناب الجراد، إذا أرادت أن تلقي بيضها؛ فإنّها في تلك الحال متى عقدت ذنبها في ضاحي صخرة انصدعت لها. ولو كان انصداعها من جهة الأسر [4] ، ومن قوّة الآلة، ومن الصّدم وقوّة الغمز، لا نصدعت لما هو في الحسّ أشدّ وأقوى، ولكنّه على جهة التّسخير، والمقابلات، والخصائص. وكذلك عود الحلفاء، مع دقّته ورخاوته ولين انعطافه، إذا نبت في عمق الأرض، وتلقّاه الآجرّ والخزف الغليظ، ثقب ذلك، عند نباته وشبابه، وهو في ذلك عبقر نضير. وزعم لي ناس من أهل الأردنّ، أنّهم وجدوا الحلفاء قد خرق جوف القار [5] .

_ [1] صياصي البقر: قرونها. [2] علكة: شديدة. [3] الثلط: الروث. [4] من جهة الأسر: من جهة القوة. [5] القار: الزفت.

وزعم لي أبو عتّاب الجرّار، أنّه سمع الأكرة يخبرون أنّهم وجدوه قد خرق فلسا بصريّا [1] . وليس ذلك لشدّة الغمز وحدّة الرأس، ولكنه يكون على قدر ملاقاة الطباع. ويزعمون أنّ الصّاعقة تسقط في حانوت الصّيقل [2] فتذيب السّيوف بطبعها، وتدع الأغماد على شبيه بحالها، وتسقط على الرّجل ومعه الدراهم فتسبك الدّراهم، ولا يصيب الرجل أكثر من الموت. والبحريّون عندنا بالبصرة والأبلّة التي تكون فيها الصّواعق. لا يدعون في صحون دورهم وأعالي سطوحهم، شيئا من الصّفر إلّا رفعوه؛ لأنّها عندهم تنقضّ من أصل مخارجها، على مقدار من محاذاة الأرض، ومقابلة المكان. فإذا كان الصّفر لها ضاحيا، عدلت إليه عن سننها [3] . وما أنكر ما قالوا. وقد رأيتهم يستعملون ذلك. وقد يسقط النّوى في تراب المتوضّإ، فإذا صهرج [4] نبت، فإذا انتهى إلى الصّاروج أمسك. وإن كان الصّاروج رقيقا فإن قيّر، وجعل غلظه بقدر طول الإبهام، نبت ذلك النّوى حتّى يخرق ذلك القار. ولو رام رجل خرقه بمسمار أو سكّة، لما بلغ إرادته حتى يشقّ على نفسه. والذي سخّر هذه الأمور القويّة في مذهب الرّأي وإحساس النّاس، هو الذي سخّر القمقم، والطّيجن [5] ، والمرجل، والطّست [6] ، لإبرة العقرب. فما أحصي عدد من أخبرني من الحوّائين، من أهل التّجارب، أنّها ربّما خرجت من جحرها في اللّيل لطلب الطّعم. ولها نشاط وعرام، فتضرب كلّ ما لقيت ولقيها: من حيوان، أو نبات، أو جماد. وزعم لي خاقان بن صبيح- واستشهد المثنّى بن بشر، وما كان يحتاج خبره إلى شاهد؛ لصدقه- أنّه سمع في داره نقرة وقعت على قمقم- وقد كان سمع بهذا

_ [1] الفلس: من أجزاء الدرهم. [2] الصيقل: من يصقل السيوف، أي يشحذها ويجلوها. [3] السنن: الطريق. [4] صهرج المتوضأ: عمل بالصاروج، وهو النورة أو أخلاطها. [5] الطيجن: المقلى الذي يقلى فيه. [6] الطست: الطشت.

1167 -[علة قتل السم]

الحديث- فنهض نحو الصّوت، فإذا هو بعقرب فتعاورها هو والمثني بنعالهما حتى قتلاها، ثمّ دعوا بماء فصبّاه في القمقم في عشيّتهما، وهو صحيح لا يسيل منه شيء. فمن تعجّب من ذلك فليصرف بديّا تعجّبه إلى الشيء الذي تقذفه بذنبها العقرب في بدن الإنسان والحمير والبغال، فليفكّر في مقدار ذلك من القلة والكثرة. فقد زعم لي ناس من أهل العسكر أنّهم وزنوا جرّارة [1] بعد أن ألسعوها فوجدوا وزنها على تحقيق الوزن على مقدار واحد، فإن كان الشيء المقذوف من شكل الشيء الحارّ، فلم قصّرت النّار عن مبلغ عمله؟! وإن كان من شكل الشيء البارد فلم قصّر الثلج عن مبلغ عمله؟! فقد وجب الآن أنّ السمّ ليس يقتل بالحرارة، ولا بالبرودة إذا كان باردا. ولو وجدنا فيما أردنا شيئا بلغ مبلغ الثّلج والنار لذكرناه. فقد دلّ ما ذكرنا على أنّ جوف النّعامة ليس يذيب الصّخر الأملس بالحرارة، ولكنّه لا بدّ على كلّ حال من مقدار من الحرارة، مع خاصيّات أخر، ليست بذات أسماء، ولا تعرف إلّا بالوهم في الجملة. 1167-[علة قتل السم] والسمّ يقتل بالكمّ والكيف والجنس، والكمّ المقدار، والكيف: الحدّ. والجنس: عين الجوهر وذاته. وتزعم الهند أنّ السمّ إنما يقتل بالغرابة، وأنّ كلّ شيء غريب خالط جوف حيوان قتله. وقد أبى ذلك ناس فقالوا: وما باله يكون غريبا إذا لاقى العصب واللّحم، وربّما كان عاملا فيهما جميعا. بل ليس يقتل إلّا بالجنس، وليس تحسّ النّفس إلّا بالجنس، ولو كان الذي يميت حسّهما إنّما يميته لأنّه غريب. جاز أيضا أن يكون الحسّاس إنما حسّ لأنه غريب، ولو كان هذا جائزا لقيل في كلّ شيء. وقال ابن الجهم: لولا أنّ الذهب المائع، والفضّة المائعة، يجمدان إذا صارا في جوف الإنسان. وإذا جمدا لم يجاوزا مكانهما- لكانا من القواتل بالغرابة. وهذا القول دعوى في النّفس، والنّفس تضيق جدّا. وما قرأت للقدماء في النفس الأجلاد الكثيرة. وإنما يستدلّ ببقاء تلك الكتب على وجه الدّهر إلى يومنا هذا، ونسخ الرّجال لها أمّة بعد أمّة، وعمرا بعد عمر، على جهل أكثر النّاس بالكلام. والمتكلمون يريدون أن يعلموا كلّ شيء، ويأبى الله ذلك. فهذا باب من أعاجيب الظليم.

_ [1] الجرارة: العقارب صغيرة تجر أذنابها.

باب آخر وهو عندي أعجب من الأول

باب آخر وهو عندي أعجب من الأول وهو ابتلاعه الجمر حتى ينفذ إلى جوفه، فيكون جوفه هو العامل في إطفائه، ولا يكون الجمر هو العامل في إحراقه. وأخبرني إبو إسحاق إبراهيم بن سيّار النّظّام- وكنّا لا نرتاب بحديثه إذا حكى عن سماع أو عيان- أنّه شهد محمد بن عبد الله- يلقي الحجر في النّار، فإذا عاد كالجمر قذف به قدّامه، فإذا هو يبتلعه كما يبتلع الجمر. كنت قلت له: إنّ الجمر سخيف سريع الانطفاء إذا لقي الرّطوبات، ومتى أطبق عيه شيء يحول بينه وبين النّسيم خمد، والحجر أشدّ إمساكا لما يتداخله من الحرارة، وأثقل ثقلا، وألزق لزوقا وأبطأ انطفاء، فلو أحميت الحجارة! فأحماها ثم قذف بها إليه، فابتلع الأولى فارتبت به، فلما ثنى وثلّث اشتدّ تعجبي له، فقلت له: لو أحميت أواقيّ الحديد، ما كان منها ربع رطل ونصف رطل! ففعل، فابتلعه، فقلت: هذا أعجب من الأوّل والثّاني، وقد بقيت علينا واحدة، وهو أن ننظر: أيستمري الحديد كما يستمري الحجارة؟ ولم يتركنا بعض السفهاء وأصحاب الخرق [1] أن نتعرّف ذلك على الأيّام. وكنت عزمت على ذبحه وتفتيش جوفه وقانصته، فلعلّ الحديد يكون قد بقي هناك لا ذائبا ولا خارجا فعمد بعض ندمائه إلى سكّين فأحمي، ثم ألقاه إليه فابتلعه، فلم يجاوز أعلى حلقه حتى طلع طرف السّكين من موضع مذبحه، ثمّ خرّ ميّتا. فمنعنا بخرقه من استقصاء ما أردنا. 1168-[شبه النعامة بالبعير وبالطائر] وفي النّعامة أنّها لا طائر ولا بعير، وفيها من جهة المنسم والوظيف [2] والخرمة [3] ، والشقّ الذي في أنفه، ما للبعير. وفيها من الرّيش والجناحين والذّنب والمنقار، ما للطائر. وما كان فيها من شكل الطّائر أخرجها ونقلها إلى البيض، وما كان فيها من شكل البعير لم يخرجها ولم ينقلها إلى الولد. وسماها أهل

_ [1] الخرق: العمق. [2] الوظيف: مستدق الذراع والرجل من الإبل. [3] الخرمة: موضع الخرم من الأنف.

1169 -[قصة أذني النعامة]

فارس: «أشتر مرغ» ، كأنّهم قالوا: هو طائر وبعير. وقال يحيى بن نوفل [1] : [من الوافر] فأنت كساقط بين الحشايا ... تصير إلى الخبيث من المصير ومثل نعامة تدعى بعيرا ... تعاظمها إذا ما قيل طيري فإن قيل احملي قالت فإنّي ... من الطّير المربّة بالوكور [2] ثمّ هجا خالدا فقال: وكنت لدى المغيرة عير سوء ... تصول، من المخافة، للزّئير لأعلاج ثمانية وعلج ... كبير السّنّ ذي بصر ضرير هتفت بكلّ صوتك: أطعموني ... شرابا، ثمّ بلت على السّرير وإنما قيل ذلك في النّعامة؛ لأنّ النّاس يضربون بها المثل للرّجل إذا كان ممّن يعتلّ في كلّ شيء يكلفونه بعلة، وإن اختلف ذلك التكليف، وهو قولهم: «إنما أنت نعامة، إذا قيل لها احملي قالت: أنا طائر، وإذا قيل لها طيري قالت: أنا بعير» ، 1169-[قصة أذني النعامة] وتزعم الأعراب أنّ النّعامة ذهبت تطلب قرنين، فرجعت مقطوعة الأذنين؛ فلذلك يسمّونه الظليم، ويصفونه بذلك [3] . وقد ذكر أبو العيال الهذليّ ذلك، فقال [4] : [من الكامل] وإخال أنّ أخاكم وعتابه ... إذ جاءكم بتعطّف وسكون يمسي إذا يمسي ببطن جائع ... صفر ووجه ساهم مدهون [5] فغدا يمثّ ولا يرى في بطنه ... مثقال حبّة خردل موزون [6]

_ [1] الأبيات ليحيى بن نوفل في البيان 2/266- 267، ومحاضرات الراغب 2/298، وعيون الأخبار 2/86، وبلا نسبة في اللسان والتاج (نعم) ، والتهذيب 3/15. [2] أربّ الطائر بوكره: لزمه. [3] في فصل المقال 361، ومجمع الأمثال 1/406، 2/139 «ذهبت النعامة تطلب قرنين، فرجعت مصلمة الأذنين» . وانظر الفقرة (1206) . [4] شرح أشعار الهذليين 422. [5] الصفر: الخالي. الساهم: الضامر. [6] يمث: يرى على جلده مثل الدهن.

1170 -[تقليد الغراب للعصفور]

أو كالنّعامة إذ غدت من بيتها ... ليصاغ قرناها بغير أذين فاجتثّت الأذنان منها فانثنت ... صلماء ليست من ذوات قرون [1] 1170-[تقليد الغراب للعصفور] ويقولون: ذهب الغراب يتعلم مشية العصفور، فلم يتعلّمها، ونسي مشيته، فلذلك صار يحجل ولا يقفز قفزان العصفور. 1171-[مشي طوائف من الحيوان] والبرغوث والجرادة ذات قفز، ولا تمشي مشية لدّيك والصّقر والبازي، ولكن تمشي مشية المقيّد أو المحجّل خلقه. قال أبو عمران الأعمى، في تحوّل قضاعة إلى قحطان عن نزار [2] : [من الطويل] كما استوحش الحيّ المقيم ففارقوا ال ... خليط فلا عزّ الّذين تحمّلوا كتارك يوما مشية من سجيّة ... لأخرى ففاتته فأصبح يحجل 1172-[عظام النعامة] ومن أعاجيبها أنّها مع عظم عظامها، وشدّة عدوها، لا مخّ فيها. وفي ذلك يقول الأعلم الهذلي [3] : [من الوافر] على حتّ البراية زمخريّ الس ... واعد ظلّ في شري طوال يعني ظليما شبّه به عدو فرسه. والحتّ: السريع. والشّري: الحنظل. وبرايته: قوّته على ما يبريه من السّير. والسّواعد: مجاري مخّه في العظم وكذلك مجاري عروق الضّرع، يقال لها السّواعد. قال: ونظنّ إنّما قيل لها ذلك لأنّ بعضها يسعد بعضا، كأنّه من التّعاون أو من المواساة.

_ [1] الصلماء: المقطوعة الأذنين. [2] البيتان لأبي عمران الأعجم في البرصان 140. [3] البيت للأعلم الهذلي في شرح أشعار الهذليين 320، واللسان (حتت، سعد، زمخر) والتاج (سعد، زمخر، بري، شرا) ، والتنبيه والإيضاح 1/161، والمقاييس 1/233، 2/28، وللهذلي في جمهرة اللغة 1145، 2109، وبلا نسبة في الجمهرة 77، والتهذيب 2/73، 7/38، 669.

1173 -[بيض النعام]

قال: والزّمخريّ: الأجوف. ويقال: إنّ قصب عظم الظّليم لا مخّ له. وقال أبو النّجم [1] : [من الرجز] هاو يظلّ المخّ في هوائه وواحد السّواعد: ساعد. وقال صاحب المنطق: ليس المخّ إلّا في المجوّفة، مثل عظم الأسد. وفي بعض عظامه مخّ يسير. وكذلك المخّ قليل في عظام الخنازير، وليس في بعضها منه شيء البتّة. 1173-[بيض النعام] ومن أعاجيبها [2] أنّها مع عظم بيضها تكثّر عدد البيض، ثمّ تضع بيضها طولا، حتى لو مددت عليها خيطا لما وجدت لها منه خروجا عن الأخرى، تعطي كلّ بيضة من ذلك قسطه، ثمّ هي مع ذلك ربّما تركت بيضها وذهبت تلتمس الطّعام، فتجد بيض أخرى فتحضنه، وربّما حضنت هذه بيض تلك، وربّما ضاع البيض بينهما. وأمّا عدد بيضها ورئالها فقد قال ذو الرّمّة [3] : [من البسيط] أذاك أم خاضب بالسّيّ مرتعه ... أبو ثلاثين أمسى وهو منقلب وفي وضعها له طولا وعرضا على خطّ وسطر، يقول [4] : [من الوافر] وما بيضات ذي لبد هجفّ ... سقين بزاجل حتّى روينا [5] وضعن فكلّهنّ على غرار ... هجان اللّون لم تقرع جنينا يبيت يحفهنّ بمرفقيه ... ويلحفهنّ هفهافا ثخينا [6]

_ [1] ديوان أبي النجم 57. [2] ربيع الأبرار 5/451. [3] ديوان ذي الرمة 114، وتقدم البيت في الفقرة (1165) . [4] الأبيات لعمرو بن أحمر في ديوانه 158، والأول في اللسان والتاج (هجف، زجل) ، والجمهرة 122، وديوان الأدب 1/359، 3/52، وبلا نسبة في الجمهرة 471، والثاني في اللسان والتاج (قفف، هفف) . [5] هجف: طويل ضخم، الزاجل: ما يسيل من مؤخر الظليم على البيض حين يحضنه. [6] لحفه: غطاه باللحاف. الهفهاف: أراد به جناحه.

1174 -[تشبيه القدر الضخمة بالنعامة]

وقال الآخر [1] : [من البسيط] تهوي بها مكربات في مرافقها ... فتل صلاب مياسير معاجيل [2] يدا مهاة، ورجلا خاضب سنق ... كأنّه من جناه الشّري مخلول [3] هيق هجفّ وزفّانيّة مرطى ... زعراء، ريش جناحيها هراميل [4] كأنما منثنى أقماع ما هصرت ... من العفاء بليتيها ثآليل [5] تروّحا من سنام العرق فالتبطا ... إلى القنان التي فيها المداحيل [6] إذا استهلّا بشؤبوب فقد فعلت ... بما أصابا من الأرض الأفاعيل [7] فصادفا البيض قد أبدت مناكبها ... منها الرّئال، لها منها سرابيل [8] فنكّبا ينقفان البيض عن بشر ... كأنها ورق البسباس مغسول [9] 1174-[تشبيه القدر الضخمة بالنعامة] والشّعراء يشبّهون القدر الضّخمة التي تكون بمنزل العظيم وأشباهه من

_ [1] الأبيات للشماخ في ديوانه 277- 280 ومنه شرح المفردات. [2] «تهوي: تسرع. مكربات: مشدودات. يعني أن أذرعها مشدودة في مرافقها شدا محكما. فتل: جمع أفتل، أي مندمجة شديدة. صياب: لا تحيد عن القصد، مياسير: خفاف تلاين في مشيها. معاجيل: تعجل بالسير. [3] المهاة: بقر الوحش. الخاضب: الظليم. السنق: الشبعان كالمتخم. من جناه الشري: من تناوله الحنظل. مخلول: في فمه خلال، وأصله أن يلهج الفصيل الذي برضاع أمه، فيجعل عود في لسانه لئلا يرضع. [4] «الهيق: الطويل. الهجف: الظليم المسن، أو هو الجافي الثقيل الضخم. الزفانية: الخفيف السريع. مرطى: سريعة. زعراء: قليلة الريش. هراميل: جمع هرمول، وهي قطعة من الشعر تبقى في نواحي الرأس؛ وكذلك من الريش والوبر» . [5] الاهتصار والانهصار: سقوط الغصن على الأرض؛ وأصله في الشجر. أقماع: جمع قمع، وأصله الذي على رأس الثمرة، شبّه آثار ما سقط من ريشها بأقماع الثمرة. العفاء: الريش الذي يكون على الزف الصغار، بليتيها: بصفحتي عنقها. الثآليل: البثرات تكون في الجسد. [6] تروحا: سارا في الرواح. سنام العرق: أعلاه. والعرق: موضع على فراسخ من هيت، وجبل بين البصرة واليمامة. التبطا: من اللبط، وهو عدو مع وثب. مداحيل: مداخل تحت الجرف» . [7] «استهلا بشؤبوب: اشتد عدوهما. والمراد هنا: الدفعة من العدو» . [8] «المعنى أنهما وجدا البيض قد انفلق عن أعلى الرئال، وبقي أسفلها فيه فكان لها كالسرابيل» . [9] «نكبا: مالا. ينقفان: ينقبان ويقشران. البشر: جمع بشرة. البسباس: نبت طيب الرائحة» .

1175 -[لعب الذئب بالنعام]

الأجواد، بالنّعامة. قال الرّمّاح، ابن ميّادة [1] : [من الطويل] وقلت لها لا تعجلي.... ... كذلك تقري الشوك ما لم تردد إلى جامع مثل النّعامة يلتقي ... عوازبه فوق............. جامع: يعني القدر. وجعلها مثل النّعامة. وقال ابن ميادة [2] يمدح الوليد بن يزيد: [من الطويل] نتاج العشار المنقيات إذا شتت ... روابدها مثل النّعام العواطف [3] وقال الفرزدق [4] : [من الطويل] وقدر كحيزوم النّعامة أحمشت ... بأجذال خشب زال عنها هشيمها [5] 1175-[لعب الذئب بالنعام] وضحك أبو كلدة حين أنشد شعر ابن النّطّاح، وهو قوله [6] : [من الكامل] والذّئب يلعب بالنّعام الشّارد قال: وكيف يلعب بالنّعام، والذّئب لا يعرض لبيض النّعام وفراخه حين لا يكونان حاضرين، أو يكون أحدهما، لأنّهما متى ناهضاه ركضه الذّكر فرماه إلى الأنثى، وأعجلته الأنثى فركضته ركضة تلقيه إلى الذّكر فلا يزالان كذلك حتى يقتلاه أو يعجزهما هربا، وإذا حاول ذلك منه أحدهما لم يقو عليه. قال: فكيف يقول: [من الكامل] والذّئب يلعب بالنّعام الشّارد وهذه حاله مع النّعام؟!

_ [1] البيتان فيهما نقص وتحريف، وهما في ديوانه 120 نقلا عن الحيوان. [2] ديوان ابن ميادة 172. [3] في ديوانه «العشار: جمع، والعشراء من الإبل: الناقة التي مضى لحملها عشرة أشهر، والعرب يسمونها عشارا بعدما تضع ما في بطونها، وقيل: العشراء من الإبل كالنفساء من النساء» المنقيات: جمع منقية؛ وهي السمينة. الروابد: عنى بها القدور المقيمة على النار. والعواطف: الحانيات على أولادها. [4] البيت للفرزدق في البخلاء 225، وأساس البلاغة (حمش) ، وأمالي المرتضى 4/29، وليس في ديوانه. [5] الحيزوم: الصدر، أو ما استدار بالظهر والبطن. أحمشت: أشبع وقودها. [6] ديوان بكر بن النطاح 241، نقلا عن الحيوان.

1176 -[جبن الظليم]

وزعم أنّ نعامتين اعتورتا ذئبا فهزمتاه، وصعد شجرة، فجالدهما، فنقره أحدهما، فتناول الذّئب رأسه فقطعه، ثمّ نزل إلى الآخر فساوره فهزمه. 1176-[جبن الظليم] والظّليم يوصف بالجبن، ويوصف بالنّفار والتّوحّش وقال سهم بن حنظلة [1] ، في هجائه بني عامر: [من المتقارب] إذا ما رأيت بني عامر ... رأيت جفاء ونوكا كثيرا نعام تجرّ بأعناقها ... ويمنعها نوكها أن تطيرا 1177-[شدة ضرر النعامة] والنّعامة تتخذها النّاس في الدّور، وضررها شديد، لأنّها ربّما رأت في أذن الجارية أو الصبيّة قرطا فيه حجر، أو حبّة لؤلؤ، فتخطفه لتأكله. فكم أذن قد خرقتها! وربّما رأت ذلك في لبّة [2] الصبيّ أو الصبيّة، فتضربه بمنقارها، فربّما خرقت ذلك المكان. 1178-[تشبيه الفرس بالظليم] وممّا يشبّه به الفرس ممّا في الظليم، قول امرئ القيس بن حجر [3] : [من الطويل] وخدّ أسيل كالمسنّ وبركة ... كجؤجؤ هيق دفّه قد تموّرا [4] وقال عقبة بن سابق: [من الخفيف] وله بركة كجؤجؤ هيق ... ولبان مضرّج بالخضاب [5] وقال أبو داؤد الإيادي [6] : [من مجزوء الكامل] يمشي كمشي نعامت ... ين يتابعان أشقّ شاخص [7]

_ [1] البيتان في عيون الأخبار 2/87، والحماسة البصرية 2/287. [2] اللّبة: موضع القلادة من الصدر. [3] ديوان امرئ القيس 267. [4] البركة والجؤجؤ: الصدر. الهيق: ذكر النعام. الدف: صفحة الجنب. تمور: سقط منه النسيل؛ وهو الريش. [5] البركة والجؤجؤ: الصدر. الهيق: ذكر النعام. اللبان: وسط الصدر. مضرج بالخضاب: ملطخ بالدم. [6] ديوان أبي دؤاد 322، واللسان والتاج (مصص) ، والمعاني الكبير 3، 40، والجمهرة 1331. [7] في ديوانه: «إذا مشى اضطرب فارتفعت عجزه مرة؛ وعنقه مرة أخرى، وكذلك مشي النعامتين إذا تتابعتا تقاصر واحدة وتطاول واحدة، فإذا مشت المتقدمة ارتفع الصدر، وإذا مشت المتأخرة ارتفع العجز. الأشق: الطويل.

القول فيما اشتق له من البيض اسم

وقال آخر: [من الوافر] كأنّ حماته كردوس فحل ... مقلّصة على ساقي ظليم [1] وقال أبو داؤد الإياديّ [2] : [من الكامل] كالسّيد ما استقبلته وإذا ... ولّى تقول ململم ضرب [3] لأم إذا استقبلته ومشى ... متتابعا ما خانه عقب [4] يمشي كمشي نعامة تبعت ... أخرى إذا ما راعها خطب القول فيما اشتقّ له من البيض اسم قال العدبّس الكنانيّ: باضت البهمى [5] : أي سقطت نصالها [6] وباض الصّيف، وباض القيظ: اشتدّ الحرّ وخرج كلّ ما فيه- من ذلك. وقال الأسديّ: [من الطويل] فجئنا وقد باض الكرى في عيوننا ... فتى من عيوب المقرفين مسلّما [7] وقال أميّة بن أبي الصّلت [8] : [من الخفيف] ركبت بيضة البيات عليهم ... لم يحسّوا منها سواها نذيرا [9] وقال الرّاعي [10] ، يهجو ابن الرّقاع: [من البسيط] لو كنت من أحد يهجى هجوتكم ... يا ابن الرّقاع، ولكن لست من أحد تأبى قضاعة لم تقبل لكم نسبا ... وابنا نزار فأنتم بيضة البلد

_ [1] الحماة: عضلة الساق. الكردوس: واحد الكراديس؛ وتعني رؤوس العظام. [2] ديوان أبي دؤاد 284؛ ومنه شرح المفردات التالية. [3] في ديوانه «ململم: مجتمع الخلق. ضرب: خفيف اللحم» . [4] «اللأم: الشديد من الخيل وغيرها. عقب: جري بعد جري» . [5] البهمى: نبت تجد به الغنم وجدا شديدا ما دام أخضر، فإذا يبس هرّ شوكه وامتنع، والبهمى: ترتفع نحو الشبر ونباتها ألطف من نبات البر. انظر اللسان (بهم) . [6] النصال: سنابل البهمى. [7] المقرف: الهجين الذي أمه عربية وأبوه غير عربي. [8] ديوان أمية بن أبي الصلت 404. [9] في ديوانه «البيضة، هنا: الشدة. والبيات الاسم من قولهم: بيّت القوم، إذا أوقع بهم ليلا وأخذهم بغتة» . [10] ديوان الراعي 203، وثمار القلوب 392 (720) ، واللسان والتاج (بيض) ، والعمدة 2/189، والأول في اللسان والتاج (رقع) ، والثاني في التهذيب 3/124، 12/85، واللسان والتاج (بلد) ، وبلا نسبة في اللسان والتاج (دعا) .

1179 -[شعر في التشبيه بالبيض]

وفي المديح قول عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه: «أنا بيضة البلد» ، [1] ومنه «بيضة الإسلام» [2] . وبيضة القبّة: أعلاها، وكذلك الصّومعة، والبيض: قلانس الحديد. وقال أبو حيّة النّميريّ [3] : [من الوافر] وصدّ الغانيات البيض عنّي ... وما إن كان ذلك عن تقالي [4] رأين الشّيب باض على لداتي ... وأفسد ما عليّ من الجمال [5] وبيض الجرح والخراج والحبن [6] : الوعاء الذي يجمع فيه الصّديد، إذا خرج برئ وصلح. وقد يسمّون ما في بطون إناث السّمك بيضا، وما في بطون الجراد بيضا، وإن كانوا لا يرون قشرا يشتمل عليه، ولا قيضا [7] يكون لما فيه حضنا. والخرشاء: قشرة البيض إذا خرج ما فيه. وسلخ الحيّة يقال له الخرشاء. 1179-[شعر في التشبيه بالبيض] وقال الأعشى [8] في تشبيه اللّفاء الحسناء [9] بالبيضة: [من السريع] أو بيضة في الدّعص مكنونة ... أو درّة سيقت إلى تاجر [10] وقال في بيض الحديد [11] : [من الطويل] كأنّ نعام الدّوّ باض عليهم ... إذا شام يوما للصّريخ المندّد [12]

_ [1] ثمار القلوب 392 (720) ، والعمدة 2/189، وهو من الأمثال في مجمع الأمثال 1/97، وجمهرة الأمثال 1/231، وفصل المقال 417، 438، 487. [2] في ثمار القلوب (722) : بيضة الإسلام: هي مجتمعه وحوزته. [3] ديوان أبي حية النميري 168. [4] التقالي: المباغضة. [5] لداتي: جمع لدة، وهو من يولد معك. [6] الحبن. الدمل. [7] القيض: القشرة العليا اليابسة على البيضة. [8] ديوان الأعشى 189، وبلا نسبة في اللسان والتاج (حرب) ، والتهذيب 5/23، والجمهرة 1256. [9] اللفاء: الضخمة الفخذين في اكتناز. [10] مكنونة: مخبأة. الدعص: الرمل المستدير. [11] ديوان الأعشى 289. [12] الدو: الفلاة: شام: نظر، أو: سلّ سيفه. الصريخ: المستغيث.

وقال الأعشى [1] : [من الطويل] أتتنا من البطحاء يبرق بيضها ... وقد رفعت نيرانها فاستقلّت وقال زيد الخيل [2] : [من الطويل] كأنّ نعام الدّوّباض عليهم ... فأحداقهم تحت الحديد خوازر [3] قال: ويقال تقيّضت البيضة، والإناء، والقارورة، تقيّضا: إذا انكسرت فلقا. فإذا هي لم تتفلّق فلقا وهي متلازقة، فهي منقاضة انقياضا. وقيض البيضة: قشرتها اليابسة. وغرقئها: القشرة الرّقيقة التي بين اللّحم وبين الصّميم. قال: والصّميم: الجلدة. قال: ويقال غرقأت البيضة: إذا خرجت وليس لها قشر ظاهر غير الغرقئة. قال الرّدّاد: غرقأت الدّجاجة بيضها، فالبيضة مغرقأة. والخرشاء: القشرة الغليظة من البيضة، بعد أن تثقب فيخرج ما فيها من البلل؛ وجماعها الخراشيّ، غير مهموز. قال: وقال ردّاد: خرشاء الحيّة: سلخها حين تنسلخ. قال: وتغدّى أعرابيّ عند بعض الملوك، فدبّت على حلقه قملة، فتناولها فقصعها بإبهامه وسبّابته، ثمّ قتلها، فقالوا له: ويلك! ما صنعت؟! فقال: بأبي أنتم وأمي، ما بقي إلا خرشاؤها! وقال المرقّش [4] : [من السريع] إن تغضبوا نغضب لذاكم كما ... ينسلّ من خرشائه الأرقم [5] وقال دريد بن الصّمّة في بيض الحديد [6] : قال: ويقال في الحافر نزا ينزو. وأمّا الظّليم فيقال: قعا يقعو، مثل البعير.

_ [1] ديوان الأعشى 309، وأمالي ابن الشجري 2/165، وحماسة ابن الشجري 41. [2] البيت لزيد الخيل في ديوانه 211، ولمعقر بن أوس بن حمار في الأغاني 11/161، ولمعقر بن حمار في قصائد جاهلية نادرة 111، وصدر البيت بلا نسبة في المقاييس 3/112. [3] الخازر: من ينظر بلحاظ عينيه. [4] المفضليات 240. [5] الأرقم من الحيات: الذي فيه سواد وبياض. [6] سقط البيت من الأصل، ولم يرد في ديوان دريد بن الصمة شعر قاله في بيضة الحديد.

يقال: قاع يقوع قوعا وقياعا، وقعا يقعو قعوا. فهذا ما يسوّون فيه بينه وبين البعير. ويقال: خفّ البعير، والجمع أخفاف. ومنسم البعير، والجمع مناسم؛ وكذلك يقال للنّعامة. وقال الرّاعي [1] : [من الطويل] ورجل كرجل الأخدريّ يشيلها ... وظيف على خفّ النّعامة أروح [2] وقال جران العود [3] : [من الطويل] لها مثل أظفار العقاب ومنسم ... أزجّ كظنبوب النّعامة أروح [4] قال: والزّاجل: ماء الظّليم؛ وهو كالكراض من ماء الفحل. وأنشد لابن أحمر [5] : [من الوافر] وما بيضات ذي لبد هجفّ ... سقين بزاجل حتّى روينا وقال الطّرمّاح [6] : [من الخفيف] سوف تدنيك من لميس سبندا ... ة أمارت بالبول ماء الكراض [7] وربّما استعاروا المناسم. قال الشاعر: [من الرجز] توعدني بالسّجن والآدات ... إذا عدت تأظبت أدات تربط بالحبل أكيرعات قال: ويقال لولد النّعام: الرّأل، والجمع رئال ورئلان؛ وحفّان. وحفّانة

_ [1] ديوان الراعي 44. [2] الأخدري: الحمار الوحشي. يشيل: يرفع. [3] ديوان جران العود 6. [4] في ديوانه «يقول: أظفارها كمخالب العقاب. والمنسم طرف خف النعامة. والأزج: المقوس. الظنبوب: أنف عظم السوق» . [5] ديوان عمرو بن أحمر 158، وتقدم في الفقرة (1173) . [6] ديوان الطرماح 266 (172) ، واللسان (نضج، مور، يعر، كرض) ، والتاج (مور، يعر، كرض) ، والتهذيب 3/182، 10/36، 557، 15/298، والجمهرة 751، والعين 5/301، والمقاييس 5/170، وبلا نسبة في المجمل 4/222، 564. [7] في ديوانه «سبنداة: الناقة الجريئة. أمارت: أسالت وأجالت. والكراض: ماء الفحل. وأمارته: أي أسالته مع البول، فلم تعقد عليه، ولم تحمل فتضعف، وعدم الحمل أقوى للناقة» .

للواحدة، والجمع حفّان؛ وحسكل. ويقال: هذا خيط نعام وخيطان. وقال الأسود بن يعفر: [من الكامل] وكأنّ مرجعهم مناقف حنظل ... لعب الرّئال بها وخيط نعام ويقال: قطيع من نعام، ورعلة من نعام. وقال الأصمعيّ: الرّعلة: القطعة من النّعام. والسّرب من الظّباء والقطا. والإجل من الظّلف. وقال طفيل الغنويّ [1] في بيضة الحيّ وما أشبه ذلك: [من الطويل] ضوابع تنوي بيضة الحيّ بعدما ... أذاعت بريعان السّوام المعزّب [2] قال: ويقال: للظليم إذا رعى في هذا النّبات ساعة وفي هذا ساعة قد عقّب يعقّب تعقيبا. وأنشدني لذي الرّمّة [3] : [من البسيط] ألهاه آء وتنّوم وعقبته ... من لائح المرو والمرعى له عقب قال: ويقال للرجل، إذا كان صغير الأذنين لاصقتين بالرّأس: أصمع؛ وامرأة صمعاء. ويقال: خرج السهم متصمّعا: إذا ابتلّت قذذه من الدّم وانضمّت. وقال أبو ذؤيب [4] : [من الكامل] سهما فخرّ وريشه متصمّع ويقال: أتانا بثريدة مصمّعة: إذا دقّقها وحدّد رأسها. وصومعة الرّاهب منه؛ لأنها دقيقة الرأس. وفلان أصمع القلب: إذا كان ذكيا حديدا ماضيا. وقال طرفة [5] : [من الطويل] لعمري لقد مرّت عواطس جمّة ... ومرّ قبيل الصّبح ظبي مصمّع [6]

_ [1] ديوان طفيل الغنوي 29، والعين 2/25. [2] في ديوانه «الضبع: أن تهوي بأيديها إلى أعضادها، بيضة الحي: معظمهم. أذاعت: فرّقت. ريعان كل شيء: أوله. السوام: ما يسرح من إبل أو بقر أو غنم. المعزب: الذي بعد عن أهله لا يروح عليهم» . [3] ديوان ذي الرمة 114. [4] صدر البيت (فرمى فأنفذ من نحوص عائط) ، وهو لأبي ذؤيب الهذلي في شرح أشعار الهذليين 22، واللسان والتاج (نجد، صمع) ، والعين 1/317، والمجمل 3/242، والتهذيب 2/60، 10/665، وللهذلي في الجمهرة 887، وبلا نسبة في المقاييس 3/311، والمخصص 6/94. [5] البيت في ملحق ديوان طرفة 156 «طبعة مكس سلغسون» ، واللسان والتاج (عطس، سمع) والتهذيب 2/65، وبلا نسبة في المخصص 8/26. [6] العواطس: جمع عاطس، وهو ما استقبلك من الظباء.

أراد: ماضيا. وقال الشاعر في بيضة البلد: [من البسيط] أقبلت توضع بكرا لا خطام لها ... حسبت رهطك عندي بيضة البلد ويشبّه عظام جماجم الرؤوس ببيض النّعام. وقال الأعرج القينيّ: [من الوافر] بكينا بالرّماح غداة طرق ... على قتلى بناصفة كرام [1] جماجم غودرت بحمام عرق ... كأنّ فراشها بيض النّعام [2] وقال مقاتل بن طلبة [3] : [من الطويل] رأيت سحيما فاقد الله بينها ... تنيك بأيديها وتأبى أيورها وقال السّحيمي يردّ عليه: [من الطويل] مقاتل، بشّرها ببيض نعامة ... وإن لم تبشّرها فأنت أميرها وقال أبو الشّيص الخزاعي في بيضة الخدر: [من البسيط] وأبرز الخدر من ثنييه بيضته ... وأعجل الرّوع نصل السّيف يخترط [4] فثمّ تفديك منّا كلّ غانية ... والشّيخ يفديك والولدان والشّمط [5] وقال جحش بن نصيب: [من الطويل] كأنّ فلاق الهام تحت سيوفنا ... خذاريف بيض عجّل النّقف طائره [6] وقال مهلهل [7] في بيضة الخدر: [من الكامل] وتجول بيضات الخدور حواسرا ... يمسحن فضل ذوائب الأيتام [8]

_ [1] ناصفة: موضع في العقيق بالمدينة، ويوم ناصفة من أيام العرب. معجم البلدان 5/252. [2] الفراش: كل عظم رقيق. [3] البيت في عيون الأخبار 4/96. [4] الثنيان: مثنى ثني، والجمع أثناء، وهي المحاني، والمعاطف. يخترط: يستل من غمده. [5] الشمط: جمع أشمط، وشمطاء، وهو الذي اختلط بياض رأسه بسواده. [6] الفلاق: جمع فلاقة، وهي القطعة، والخذاريف: جمع خذروف: وهي كل شيء مبعثر من شيء. نقف الطائر البيضة: ثقبها. [7] البيت في الأصمعيات 156. [8] حواسر: كاشفات رؤوسهن.

وهو وما قبله يدلان على أنهم لا يشبّهون ببيض النّعام إلّا الأبكار. قال الشاعر [1] : [ممن الطويل] وبيض أفقنا بالضّحى من متونها ... سماوة بيض كالخباء المقوّض [2] هجوم عليها نفسه، غير أنّه ... متى يرم في عينيه بالشّخص ينهض [3] يعني بالبيض بيض النّعام. وسماوة الشيء: شخصه. لأنّ الظّليم لما رآهم فزع ونهض. وهذا البيت أيضا يدلّ على أنّه فروقة [4] . وقال ذو الرّمّة [5] في بيض النّعام: [من الطويل] تراه إذا هبّ الصّبا درجت به ... غرابيب من بيض هجائن دردق [6] قال: والصّبا والجنوب تهبّان في أيام يبس البقل، وهو الوقت الذي يثقب النّعام فيه البيض. يقول: درجت به رئلان سود غرابيب، وهي من بيض هجائن: أي بيض. والدّردق: الصّغار، وهو من صغر الرّئلان. قال طفيل بن عوف الغنويّ [7] ، وذكر كيف يأخذون بيض النّعام: [من الطويل] عوازب لم تسمع نبوح مقامة ... ولم تر نارا تمّ حول مجرّم [8]

_ [1] ديوان ذي الرمة 1831- 1832، والخزانة 8/157، والثاني بلا نسبة في اللسان والتاج (هجم) ، والكتاب 1/110. [2] في ديوانه «سماوة جون» ، وفيه: «السماوة: شخصه، أي: فزعناه فقام عن بيضه. والخباء: البيت. المقوض: الذي هلك وقلعت أوتاده» . [3] في ديوانه: «بالشبح ينهض» ، وفيه: «هجوم عليها: يعني الظليم، يرمي نفسه على بيضه، الشبح: الشخص، ينهض: إذا رأى شخصا فرّ وهرب» . [4] فروقة: كثير الفزع. [5] ديوان ذي الرمة 480، والمعاني الكبير 354، والأزمنة والأمكنة 2/81. [6] في ديوانه «إنما اختار الصبا لأنها تهب في الشتاء، والنعام لا يبيض إلا في الشتاء. فلذلك درجت في هذا الوقت. غرابيب: سود، الواحد: غربيب، يعني الفراخ. من بيض: يقول: هذه الفراخ خرجت من بيض بيض. والهجائن: البيض. دردق: صغار، لا واحد لها» . [7] ديوان طفيل الغنوي 77- 78، وأمالي القالي 2/83، والأول في أساس البلاغة (تمم، نبح) ، وهما لابن مقبل في ديوانه 276. [8] في ديوانه «عوازب: لا تروح إلى أهلها بالقفر. النبوح: أصوات كلاب المقيمين. تم حول: يقال: مضى له حول مجرم، إذا كان تماما» .

1180 -[نار الصيد]

سوى نار بيض أو غزال معفّر ... أغنّ من الخنس المناخر توءم [1] هذه إبل راع معزب صاحب بواد وبدوة لا يأتي المحاضر والمياه حيث تكون النّيران. وهو صاحب لبن وليس صاحب بقل، فإبله لا ترى نارا سوى نار بيض أو غزال. 1180-[نار الصّيد] وهذه النّار هي النّار التي يصطاد بها الظّباء والرّئلان وبيض النّعام [2] لأنّ هذه كلّها تعشى إذا رأت نارا، ويحدث لها فكرة فيها ونظر. والصبيّ الصغير كذلك. وأوّل ما يعابث الرّضيع، أوّل ما يناغي، المصباح. وقد يعتري مثل ذلك الأسد، ويعتري الضّفدع؛ لأنّ الضّفدع ينقّ، فإذا رأى نارا سكت. وهذه الأجناس قد تغترّ بالنّار، ويحتال لها بها. 1181-[تشبيه الغيوم بالنّعام] وتوصف الغيوم المتراكمة بأنّ عليها نعاما. قال الشّاعر [3] : [من المتقارب] كأنّ الرّباب دوين السّحا ... ب نعام تعلّق بالأرجل [4] وقال آخر [5] : [من الطويل] خليليّ لا تستسلما وادعوا الّذي ... له كلّ أمر أن يصوب ربيع حيا لبلاد أبعد المحل أهلها ... وفي العظم شيء في شظاه صدوع [6] بمستنضد غرّ النّشاص كأنها ... جبال عليهنّ النّسور وقوع [7] 1182-[استطراد لغوي] وقال آخر [8] : [من الكامل] وضع النّعامات الرّجال بريدها ... من بين مخفوض وبين مظلّل [9]

_ [1] في ديوانه «يقول: سوى نار بيض نعام أو غزال يصيدونه. والأخنس: القصير الأنف. توءم: اثنان في بطن. [2] في ثمار القلوب 462 (830) : نار الصيد ... ويطلب بها أيضا بيض النعام في أفاحيصها ومكامنها. [3] البيت لعبد الرحمن بن حسان أو لعروة بن جلهمة المازني في اللسان والتاج (ربب) ، والتنبيه والإيضاح 1/80، ولحسان بن ثابت في زهر الآداب 240. [4] الرباب: السحاب المتعلق. [5] الأبيات بلا نسبة في ربيع الأبرار 1/139. [6] الحيا: الخصب. المحل: الجدب. الشظي: عظيم لاصق بالركبة. [7] المستنضد: السحاب المتراكم، والنشاص: السحاب المرتفع بعضه فوق بعض. [8] البيت لأبي كبير الهذلي في ديوان الهذليين 2/97، وبلا نسبة في المخصص 5/135. [9] الرّيد: حرف الجبل الناتئ.

1183 -[مسكن الأروى والنعام]

والنعائم في السماء [1] ، والنعائم والنّعامتان من آلات البئر. والنعامة: بيت الصائد. وقال في مثل ذلك عروة بن مرّة الهذليّ [2] : [من الطويل] وذات ريد كزنق الفأس مشرفة ... طريقها سرب بالنّاس مجبوب [3] لم يبق من عرشها إلّا نعامتها ... حالان منهزم منها ومنصوب [4] 1183-[مسكن الأروى والنعام] وفي المثل: «ما يجمع بين الأروى والنّعام» [5] لأنّ الأروى تسكن الجبال ولا تسهل [6] ، والنّعام تسكن السهل ولا ترقى في الجبال. ولذلك قال الشاعر [7] : [من المتقارب] وخيل تكردس بالدّارعين ... كمشي الوعول على الظّاهره [8] وقال كثيّر [9] : [من الكامل] يهدي مطايا كالحنيّ ضوامرا ... بنياط أغبر شاخص الأميال [10]

_ [1] هي منزلة من منازل القمر بها ثمانية كواكب نيّرة، أربعة منها في المجرة تسمى الواردة وأربعة خارجة منها تسمى الصادرة، وشبهت بالخشبات التي تكون على البئر يعلق بها البكرة والدلاء. انظر العمدة 2/55، وصبح الأعشى 2/179. [2] البيتان لأبي خراش الهذلي في ديوان الهذليين 2/159- 160، والبيت الأول في اللسان (سرب) ، والتاج (دعب، سرب) . [3] في ديوان الهذليين: «الريد: حرف ناتئ من الجبل. كذلق الفأس: كحدّ الفأس، طريقها سرب: شائع» . [4] في ديوان الهذليين «قوله: من عرشها: هو أن يوضع فوق هذه الدعامة ثمام أو شيء يستظل تحته، فيقول: لم يبق من عرش هذه إلا جذلان: عودان، واحد قائم، والآخر ساقط» . [5] مجمع الأمثال 2/271، والمستقصى 2/335، وأمثال ابن سلام 279، وجمهرة الأمثال 2/169. [6] تسهل: تنزل في السهل من الأرض. [7] البيت للمهلهل في التهذيب 6/250، 10/46، واللسان والتاج (ظهر) ، وله أو لعبيد في اللسان والتاج (كدس) ، وبلا نسبة في المقاييس 5/165، والمخصص 10/69، والبرصان 143. [8] الدارع: لابس الدرع الحديدي. الظاهر: أعلى الجبل. [9] ديوان كثير 287. [10] الحنيّ: جمع حنية، وهي القوس، الأغبر: الطريق ذو الغبرة. شاخص: قائم.

1184 -[تشبيه النعام بالسحاب]

فكأنّه إذ يغتدي متسنّما ... وهدا فوهدا ناعق برئال [1] 1184-[تشبيه النعام بالسحاب] وقال الأعشى [2] ، في تشبيه النّعام بما يتدلّى من السّحاب من قطع الرّباب: [من مجزوء الكامل] يا هل ترى برقا على ال ... جبلين يعجبني انجيابه [3] من ساقط الأكناف ذي ... زجل أربّ به سحابه [4] مثل النّعام معلّقا ... لمّا زقا ودنا ربابه [5] وقال وشبّه ناقته بالظّليم [6] : [من الكامل] وإذا أطاف لبابه بسديسه ... ومسافرا ولجا به وتزيّدا شبّهته هقلا يباري هقلة ... ربداء في خيط نقانق أربدا [7] وذكر زهير [8] الظّليم وأولاده، حتّى شبّه ناقته بالظّليم: [من الطويل] كأنّي وردفي والقراب ونمرقي ... على خاضب السّاقين أزعر نقنق [9] تراخى به حبّ الضّحاء وقد رأى ... سماوة قشراء الوظيفين عوهق [10] تحنّ إلى ميل الحبابير جثّم ... لدى سكن من بيضها المتفلّق [11] تحطّم عنها عن خراطم أسيح ... وعن حدق كالسّبج لم يتفلّق

_ [1] الوهد: الأرض المنخفضة. ناعق: من نعق الراعي بالغنم: دعاها وصاح بها. [2] ديوان الأعشى 339. [3] انجيابه: انكشافه. [4] الزجل: الصوت. أرب به: أقام. [5] زقا: صاح. [6] ديوان الأعشى 279. [7] الهقل: الفتي من النعام. الصعل: الطويل من النعام. الربداء، الرمادية اللون. الخيط: جماعة النعام. النقانق: الخفيف من النعام. [8] ديوان زهير 177- 178، والشرح التالي منه. [9] «ردفه: عيبه أو حقيبة، النمرق: الوسادة. خاضب: قد خضب البقل ساقيه. أزعر: قليل الريش. نقنق: ينقنق في صوته، ويقال هو اسم الظليم» . [10] تراخى: تطاول. تباعد به حبّه لأن يتضحّى، والضحاء للإبل: مثل الغداء للناس. وسماوة الشيء: أعلى شخصه. وقشراء: نعامة متقشرة الساق لا ريش عليها. والوظيف: عظم الساق. وعوهق: طويلة العنق. [11] «تحن هذه النعامة. الحبابير: فراخها. ويقال: هي جمع حبارى. جثم: جاثمة أقامت في موضعها. سكن: حيث تسكن إليه، وهو الموضع الذي باضت فيه» .

1185 -[النعامة فرس خالد بن نضلة]

السّبج: الخرز 1185-[النعامة فرس خالد بن نضلة] وكان اسم فرس خالد بن نضلة: «النّعامة» . قال: [من الطويل] تدارك إرخاء النّعامة حنثرا ... ودودان أدّته إليّ مكبّلا 1186-[تشبيه مشي الشيخ بهدجان الرئال] وقال عروة بن الورد [1] : [من الطويل] أليس ورائي أن أدبّ على العصا ... فيأمن أعدائي ويسأمني أهلي رهينة قعر البيت كلّ عشيّة ... يطيف بي الولدان أهدج كالرّأل شبّه هدجان الشّيخ الضّعيف في مشيته بهدجان الرّأل. وقال أبو الزّحف [2] : [من الرجز] أشكو إليك وجعا بركبتي ... وهدجانا لم يكن في مشيتي كهدجان الرّأل حول الهيقت [3] وقال آخر، ولست أدري أيّهما حمل على صاحبه: [من الرجز] أشكو إليك وجعا بمرفقي ... وهدجانا لم يكن في خلقي كهدجان الرّأل حول النّقنق ولم يفضحه إلّا قوله: أشكو إليك وجعا بمرفقي لأنّ الأوّل حكى أنّ وجعه في المكان الذي يصيب الشّيوخ، ووجع المرفق مثل وجع الأذن، وضربان الضّرس ليس من أوجاع الكبر في شيء.

_ [1] ديوان عروة بن الورد 54. [2] الرجز لأبي الزحف في الشعر والشعراء 433 (ليدن) ، ولأبي علقمة التيمي في نوادر أبي زيد 255، وبلا نسبة في اللسان وأساس البلاغة والتاج (هدج) ، والجمهرة 227، 452، وأمالي القالي 1/189. [3] الهيقة: النعامة الطويلة.

1187 -[شعر فيه ذكر النعامة]

1187-[شعر فيه ذكر النعامة] وقال ابن ميّادة [1] ، وذكر بني نعامة من بني أسد- وقد كان قطريّ بن الفجاءة يكنى أبا نعامة-: [من الطويل] فهل يمنعنّي أن أسير ببلدة ... نعامة، مفتاح المخازي وبابها 1188-[جعل البيضة الفاسدة مثلا] وهجا دريد بن الصّمّة رجلا فجعل البيضة الفاسدة مثلا له، ثمّ ألحق النّسر بأحرار الطّير وكرامها- وما رأيتهم يعرفون ذلك لنسر- فقال [2] : [من الطويل] فإنّي على رغم العذول لنازل ... بحيث التقى عيط وبيض بني بدر أيا حكم السّوءات لا تهج واضطجع ... فهل أنت إن هاجيت إلّا من الخضر وهل أنت إلّا بيضة مات فرخها ... ثوت في سلوخ الطير في بلد قفر حواها بغاث: شرّ طير علمتها ... وسلّاء ليست من عقاب ولا نسر 1189-[استطراد لغوي] ويقال للأنثى من ولد النّعامة: قلوص؛ على التشبيه بالنّعام من الإبل. وهذا الجمع إلى ما جعلوه له من اسم البعير، وإلى ما جعلوا له من الخفّ والمنسم، والخرمة، وغير ذلك. قال عنترة [3] : [من الكامل] تأوي له قلص النّعام كما أوت ... حزق يمانية لأعجم طمطم [4]

_ [1] ديوان ابن ميادة 79. [2] الأبيات لدريد بن الصمة في ديوانه 71، ولابن ميادة في ديوانه 281، ورأى محقق ديوان ابن ميادة أن الأبيات لابن ميادة وليست لدريد بن الصمة وعلل ذلك اعتمادا على ما جاء في البيت الثاني حيث ورد اسم «الحكم الخضري» الذي كان معاصرا لابن ميادة وكانت بينهما علاقة عدائية مشهورة. [3] البيت لعنترة من معلقته في ديوانه 20، واللسان والتاج (قلص، حزق، طمم) ، والتهذيب 13/207، والمجمل 2/57، والجمهرة 213، 894، والمقاييس 2/53، وبلا نسبة في المخصص 2/120، 122، وشرح المفصل 8/153. [4] في ديوانه «الحزق: الجماعات. الطمطم: الذي لا يفصح» .

1190 -[وصف الرئال]

وقال شماخ بن ضرار [1] : [من الطويل] قلوص نعام زفّها قد تموّرا [2] 1190-[وصف الرئال] ووصف لبيد الرّئال فقال [3] : [من الوافر] فأضحت قد خلت إلّا عرارا ... وعزفا، بعد أحياء حلال [4] وخيطا من خواضب مزلفات ... كأنّ رئالها ورق الإفال [5] وقال حسان بن ثابت، رضي الله عنه [6] : [من الوافر] لعمرك إنّ إلّك في قريش ... كإلّ السّقب من رأل النّعام [7] وقد عاب عليه هذا البيت ناس، وظنّوا أنّه أراد التبعيد، فذكر شيئين قد يتشابهان من وجوه. وحسان لم يرد هذا، وإنما أراد ضعف نسبه في قريش، وأنّه حين وجد أدنى نسب انتحل ذلك النّسب. 1191-[النعامة، فرس الحارث بن عباد] وقال الفرزدق- وذكر الفرس الذي يقال له: «النّعامة» وهو فرس الحارث بن

_ [1] صدر البيت: (وقد أنعلتها الشمس نعلا كأنه) ، وهو في ديوان الشماخ 138، واللسان والتاج (قلص) ، والمخصص 8/56، 158، وبلا نسبة في الجمهرة 894. [2] في ديوانه: «القلوص: الأنثى الشابة من الرئال، الزف: صغير الريش. تمور: سقط» . [3] ديوان لبيد 72- 73، والأول في اللسان والتاج (خيط) ، والتهذيب 7/503، والعين 4/239، والثاني في اللسان والتاج (عرر) ، والعين 1/86، وبلا نسبة في المقاييس 4/35، والمخصص 17/124. [4] العرار: صوت الظليم. والعزف: صوت الرياح أو الجن. أحياء حلال: أقوام مقيمون. [5] الخيط: جماعة النعام. الخواضب: الظلمان المحمرة سوقها. رئال: فراخ. إفال: جمع أفيل، وهو الفصيل من الإبل. [6] ديوان حسان 465، واللسان والتاج (ألل) ، وديوان الأدب 4/155، وكتاب الجيم 3/226، وبلا نسبة في المقاييس 1/21، والعين 8/361، والمخصص 3/151. والبيت قاله حسان لأبي سفيان بن الحارث. [7] في ديوانه: «الآل: الرحم. السقب: ولد الناقة ساعة يولد. الرأل: ولد النعام. يقول: إن قرابتك من قريش كقرابة ولد الناقة لرأل النعام، أي لست منهم في نسب» .

1192 -[ابن النعامة، فرس خزز بن لوذان]

عباد، التي يقول فيها [1] : [من الخفيف] قرّبا مربط النّعامة منّي ... لقحت حرب وائل عن حيال وقول الفرزدق [2] : [من الطويل] ترييك نجوم اللّيل والشّمس حيّة ... كرام بنات الحارث بن عباد نساء أبوهنّ الأغرّ، ولم تكن ... من الحتّ في أجبالها وهداد [3] أبوها الذي آوى النّعامة بعدما ... أبت وائل في الحرب غير تماد وقد مدحوا بنات الحارث بن عباد هذا، فمن ذلك قوله [4] : [من الكامل] جاؤوا بحارشة الضّباب كأنّهم ... جاؤوا ببنت الحارث بن عباد [5] ويلحق هذا البيت بموضعه، من قولهم. باض الصّيف، وباض القيظ. وقال مضرّس [6] : [من الطويل] بلمّاعة قد باكر الصّيف ماءها ... وباضت عليها شمسه وحرائره 1192-[ابن النعامة، فرس خزز بن لوذان] وابن النّعامة: فرس خزز بن لوذان. وهو الذي يقول لامرأته حين أنكرت عليه إيثاره فرسه باللبن [7] : [من الكامل] كذب العتيق وماء شنّ بارد ... إن كنت سائلتي غبوقا فاذهبي [8]

_ [1] البيت للحارث بن عباد في الأصمعيات 71، والحماسة البصرية 1/16، والسمط 757، والخزانة 1/472، 473، واللسان (قلص، نعم، عنن) ، والتاج (نعم، عنن) ، وأساس البلاغة (حول، لقح) ، والأغاني 5/47، وديوان المعاني 2/63، وذيل الأمالي 27، والأزهية 280، وتقدم البيت الأول في الفقرة (8) 1/21. [2] ديوان الفرزدق 159 (طبعة الصاوي) ، والأغاني 21/289- 290. [3] في الأغاني: «من الأزد في جاراتها وهداد» . الحت وهداد: قبيلتان من الأزد. [4] البيت لامرأة من بني مرة بن عباد في ثمار القلوب 240 (465) . [5] في ثمار القلوب: «بنت الحارث بن عباد: ممن يتمثّل بها من النساء في الشرف والجمال» . [6] البيت في اللسان والتاج (حرر) . [7] الأبيات لخزز بن لوذان في البرصان 175، والبيان 3/317، وله أو لعنترة في اللسان (نعم) ، والخزانة 6/183، والأغاني 10/180، ولعنترة في ديوانه 33، وانظر الحماسة البصرية 1/16، وأمالي الشجري 1/260، وحماسة الشجري 8. [8] في ديوان عنترة «كذب، هنا: بمعنى وجب. العتيق: التمر. الشن: القربة البالية» .

1193 -[شعر في النعامة]

إنّي لأخشى أن تقول خليلتي ... هذا غبار ساطع فتلبّب [1] إنّ العدوّ لهم إليك وسيلة ... إن يأخذوك تكحّلي وتخضبي ويكون مركبك القعود وحدجه ... وابن النّعامة يوم ذلك مركبي [2] 1193-[شعر في النعامة] وقال أبو بكر الهذليّ [3] : [من الكامل] وضع النّعامات الرّجال بريدها ... يرفعن بين مشعشع [4] ومهلّل وقال ذو الإصبع العدوانيّ [5] : [من البسيط] ولي ابن عمّ على ما كان من خلق ... مخالف لي أقليه ويقليني [6] أزرى بنا أنّنا شالت نعامتنا ... فخالني دونه بل خلته دوني [7] وقال أبو داؤد الإياديّ في ذكر الصّيد، وذكر فرسه [8] : [من الخفيف] وأخذنا به الصّرار وقلنا ... لحقير بنانه أضمار [9] وأتى يبتغي تفرّس أمّ البي ... ض شدّا وقد تعالى النهار غير جعف أوابد ونعام ... ونعام خلالها أثوار في حوال العقارب العمر فيها ... حين ينهضن بالصّباح عذار ثم قال: يتكشّفن عن صرائع ستّ ... قسّمت بينهنّ كأس عقار بين ربداء كالمظلّة أفق ... وظليم مع الظّليم حمار

_ [1] تلبب: تشمر للحرب. [2] في ديوان عنترة «القعود: ما اتخذه الراعي من الإبل للركوب، ابن النعامة: صدر القدم» . [3] ديوان الهذليين 2/97، والمخصص 5/135. [4] الريد: الحرف الناتئ في عرض الجبل. [5] ديوان ذي الإصبع 89، والمفضليات 160، واللسان (نعم) . [6] أقليه ويقليني: أبغضه ويبغضني. [7] شالت نعامتهم: تفرقت كلمتهم وذهب عزهم. [8] ديوان أبي دؤاد 319- 320، والشرح التالي من الديوان. [9] «الصرار: الأماكن المرتفعة، أي انحاز بحصانه إليها. لحقير: أي للخادم الذي يخدمه أو للصائد. بنانه أضمار: لعلها: ثيابه أطمار» .

ومهاتين حرس ورئال ... وشبوب كأنّه أوثار [1] ووصف علقمة بن عبدة [2] ناقته، وشبّهها بأشياء منها، ثمّ أطنب في تشبيهه إيّاها بالظّليم: [من البسيط] تلاحظ السّوط شزرا وهي ضامزة ... كما توجسّ طاوي الكشح موشوم [3] كأنّها خاضب زعر قوائمه ... أجني له باللّوى شري وتنّوم [4] يظلّ في الحنظل الخطبان ينقفه ... وما استطفّ من التّنّوم مخذوم [5] فوه كشقّ العصا لأيا تبيّنه ... أسكّ ما يسمع الأصوات مصلوم [6] يكاد منسمه يختلّ مقلته ... كأنّه حاذر للنّخس مشهوم [7] حتى تذكّر بيضات وهيّجه ... يوم رذاذ، عليه الرّيح مغيوم فلا تزيّده في مشيه نفق ... ولا الزّفيف دوين الشّدّ مسؤوم [8] يأوي إلى حسكل زعر حواصلها ... كأنّهنّ إذا برّكن جرثوم [9] وضّاعة كعصيّ الشّرع جؤجؤه ... كأنّه بتناهي الرّوض علجوم [10]

_ [1] «الأوثار: الثوب الأبيض المحشو، وقيل البرذعة، وذلك أنه سمين، أما حرس ورئال فلم أهتد للصواب فيهما» . [2] ديوان علقمة 57- 62، والمفضليات 399- 400، والشرح التالي من ديوانه. [3] الشزر: النظر بمؤخر العين. ضامزة: ضامّة لحييها لا تجتر، وذلك أسرع لها. توجس: تسمع حسّا. الطاوي: الضامر الكشح، الموشوم: المنقط القوائم بسواد. [4] الخاضب: الظليم الذي أكل الربيع. الزعر: القليلة الريش. اللوى: ما التوى من الرمل، وهو هاهنا موضع بعينه. الشري: شجر الحنظل. التنوم: نبت. [5] الخطبان من الحنظل: الذي صارت فيه خطوط صفر وحمر. ينقفه: يكسره، ويستخرج حبه، ويأكله. والمخذوم: المقطوع. استطف: ارتفع، أي: يقطع ما ارتفع من أغصانه ويرعاه. [6] فوه كشق العصا: أي ما تكاد تستبين ما بين منقاريه لشدة التصاقهما. وقوله «أسك ما يسمع» ، أراد: أسكّ الشيء الذي يسمع الأصوات، والسكك: صغر الأذن وضيقها والمصلوم: المقطوع الأذن من الأصل. [7] «يكاد منسمه» يريد: ظفره. وقوله «يختل مقلته» يريد: أنه يزج برجليه زجّا شديدا ويخفض عنقه، ويمدها في عدوه، فيكاد ظفره يصيب مقلته فيشقها، والمشهوم: الفزع، والشهم: الذكي القلب. [8] «التزيد» فوق المشي. و «النفق» الذاهب المنقطع، و «الزفيف» دون العدو و «الشد» العدو الشديد. و «المسؤوم» المملول. يقول: لشدة عدو هذا الظليم وحرصه على إدراك البيض أو الأفراخ لا يسأم الزفاف. [9] يأوي هذا الظليم إلى فراخ، «زعر» أي أن ريش القوادم لم ينبت بعد لصغرها و «الجرثومة» أصل الشجرة. [10] الوضع: ضرب من العدو، «كعصي الشرع» شبه عنق الظليم بالبربط، وهو العود، و «الشرع» أوتاره. و «الجؤجؤ» الصدر، و «تناهي الروض» حيث ينتهي السيل ويستقر. و «العلجوم» الليل، شبه الظليم به لسواده، و «العلجوم» أيضا، الجمل الضخم، ويحتمل أن يشبه الظليم به في عظم خلقه.

1194 -[النعامة التي تطحن]

حتى تلافى وقرن الشّمس مرتفع ... أدحيّ عرسين فيه البيض مركوم [1] يوحى إليها بإنقاض ونقنقة ... كما تراطن في أفدانها الرّوم [2] صعل، كأنّ جناحيه وجؤجؤه ... بيت أطافت به خرقاء مهجوم [3] تحفّه هقلة سطعاء خاضبة ... تجيبه بزمار فيه ترنيم [4] 1194-[النعامة التي تطحن] الأصمعيّ قال: أخبرني رجل من أهل البصرة قال: أرسل شيخ من ثقيف ابنه فلانا- ولم يحفظ اسمه- إلى ابن سيرين، فكلمه بكلام، وأمّ ابنه هذا قاعدة، ولا يظنّ أنّها تفطن، فقال له: يا بنيّ اذهب إلى ابن سيرين، فقل له: رجل رأى أنّ له نعامة تطحن. قال: فقلت له؛ فقال: هذا رجل اشترى جارية فخبّأها في بني حنيفة. قال: فجئت أبي فأخبرته، فنافرته أمّي، وما زالت به حتى اعترف أنّ له جارية في بني حنيفة. وما أعرف هذا التأويل. ولولا أنّه من حديث الأصمعي مشهور ما ذكرته في كتابي. 1195-[مسيلمة الكذاب] وأمّا قول الشاعر الهذليّ في مسيلمة الكذاب، في احتياله وتمويهه وتشبيه ما يحتال به من أعلام الأنبياء، بقوله [من الطويل] ببيضة قارور وراية شادن ... وتوصيل مقصوص من الطير جادف

_ [1] «تلافى» تدارك، و «الأدحي» مبيض النعام، لأنها تدحوه بأرجلها، أي تبسطه وتسهله، وأراد «بالعرسين» الظليم والنعامة، لأن كل واحد منهما عرس لصاحبه، و «المركوم» الذي ركب بعضه بعضا لكثرته. [2] «الإنقاض والنقنقة» صوته، و «تراطن الروم» ما لا يفهم من كلامهم، وإنما أراد أن الظليم يكلم النعامة بما لا يفهمه غيرهما، كما تتكلم العجم بما لا تفهم عنها العرب. و «الأفدان» جمع فدن، وهو القصر. وإنما ذكر الأفدان لأن الروم أهل أبنية وقصور. [3] «الصّعل» الرقيق العنق، الصغير الرأس من الظّلمان، وقوله «بيت» يعني: بيتا من شعر أو وبر، «الخرقاء» المرأة التي لا تحسن عملا، «المهجوم» الساقط المهدوم. [4] «الهقلة: النعامة. و «السطعاء» : الطويلة العنق، و «الخاضعة» التي أمالت رأسها ووضعته للرعي. و «الزمار» صوت النعامة، والعرار: صوت الظليم. [5] الخبر مع البيت التالي في ربيع الأبرار 4/343/345.

قال: هذا شعر أنشدناه أبو الزّرقاء سهم الخثعمي، هذا منذ أكثر من أربعين سنة. والبيت من قصيدة قد كان أنشدنيها فلم أحفظ منها إلّا هذا البيت. فذكر أنّ مسيلمة طاف قبل التنبّي، في الأسواق التي كانت بين دور العجم والعرب، يلتقون فيها للتسوّق والبياعات، كنحو سوق الأبلّة، وسوق لقه، وسوق الأنبار، وسوق الحيرة. قال: وكان يلتمس تعلّم الحيل والنّيرجات [1] ، واختيارات النّجوم والمتنبئين. وقد كان أحكم حيل السّدنة [2] والحوّاء [3] وأصحاب الزّجر [4] والخطّ [5] ومذهب الكاهن والعيّاف والسّاحر، وصاحب الجنّ الذي يزعم أنّ معه تابعه. قال: فخرج وقد أحكم من ذلك أمورا. فمن ذلك أنّه صبّ على بيضة من خلّ قاطع- والبيض إذا أطيل إنقاعه في الخلّ لان قشره الأعلى، حتّى إذا مددته استطال واستدقّ وامتدّ كما يمتدّ العلك، أو على قريب من ذلك- قال: فلمّا تمّ له فيها ما طاول وأمّل، طوّلها ثمّ أدخلها قارورة ضيّقة الرّأس، وتركها حتّى جفّت ويبست. فلمّا جفّت انضمّت، وكلما انضمّت استدارت، حتى عادت كهيئتها الأولى. فأخرجها إلى مجّاعة، وأهل بيته، وهم أعراب، وادّعى بها أعجوبة، وأنّها جعلت له آية. فآمن به في ذلك المجلس مجّاعة. وكان قد حمل معه ريشا في لون ريش أزواج حمام، وقد كان يراهنّ في منزل مجّاعة مقاصيص. فالتفت، بعد أن أراهم الآية في البيض، إلى الحمام فقال لمجّاعة: إلى كم تعذّب خلق الله بالقصّ؟! ولو أراد الله للطّير خلاف الطّيران لما خلق لها أجنحة، وقد حرّمت عليكم قصّ أجنحة الحمام! فقال له مجّاعة كالمتعنت: فسل الذي أعطاك في البيض هذه الآية أن ينبت لك جناح هذا الطائر الذّكر السّاعة! فقلت لسهم: أما كان أجود من هذا وأشبه أن يقول: فسل الذي أدخل لك هذه البيضة فم هذه القارورة أن يخرجها كما أدخلها. قال. فقال: كأنّ القوم كانوا

_ [1] النيرنجات: علم الحيل، وهو فرع من فروع علم السحر، وهو علم يعرف به طريق الاحتيال في جلب المنافع. انظر: كشف الظنون 1/694، وانظر اللسان والتاج (نرج) . [2] السدنة: جمع سادن، وهو خادم بيت الصنم، وخادم الكعبة. [3] الحواء: جمع حاو، وهو الذي يجمع الحيات. [4] الزجر: العيافة، وهو ضرب من التكهن. [5] الخط: خط الزاجر، وهو أن يخط بإصبعه في الرمل ويزجر.

أعرابا، ومثل هذا الامتحان من مجّاعة كثير، ولعمري إنّ المتنبئ ليخدع ألفا مثل قيس ابن زهير، قبل أن يخدع واحدا من آخر المتكلمين، وإن كان ذلك المتكلم لا يشقّ غبار قيس فيما قيس بسبيله. قال مسيلمة: فإن أنا سألت الله ذلك، فانتبه له حتى يطير وأنتم ترونه، أتعلمون أني رسول الله إليكم؟ قالوا: نعم. قال: فإني أريد أن أناجي ربّي، وللمناجاة خلوة، فانهضوا عنّي، وإن شئتم فادخلوه هذا البيت وأدخلوني معه، حتى أخرجه إليكم السّاعة في الجناحين يطير، وأنتم ترونه. ولم يكن القوم سمعوا بتغريز الحمام، ولا كان عندهم باب الاحتياط في أمر المحتالين. وذلك أن عبيدا الكيّس، فإنّه المقدّم في هذه الصناعة، لو منعوه السّتر والاختفاء، لما وصل إلى شيء من عمله جلّ ولا دقّ؛ ولكان واحدا من النّاس. فلما خلا بالطائر أخرج الريش الذي قد هيّأه، فأدخل طرف كلّ ريشة ممّا كان معه، في جوف ريش الحمام المقصوص، من عند المقطع والقصّ. وقصب الرّيش أجوف، وأكثر الأصول حداد وصلاب. فلما وفّى الطّائر ريشه صار في العين كأنّه برذون موصول الذّنب، لا يعرف ذلك إلّا من ارتاب به. والحمام بنفسه قد كان له أصول ريش، فلما غرّزت تمت فلما أرسله من يده طار. وينبغي ألّا يكون فعل ذلك بطائر قد كانوا قطوه بعد أن ثبت عندهم. فلما فعل ذلك ازداد من كان آمن به بصيرة، وآمن به آخرون لم يكونوا آمنوا به، ونزع منهم في أمره كلّ من كان مستبصرا في تكذيبه. قال: ثمّ إنّه قال لهم- وذلك في مثل ليلة منكرة الرّياح مظلمة، في بعض زمان البوارح [1]- إنّ الملك على أن ينزل إليّ، والملائكة تطير، وهي ذوات أجنحة، ولمجيء الملك زجل وخشخشة وقعقعة، فمن كان منكم ظاهرا فليدخل منزله؛ فإنّ من تأمّل اختطف بصره! ثمّ صنع راية من رايات الصّبيان التي تعمل من الورق الصّينيّ، ومن الكاغد [2] ، وتجعل لها الأذناب والأجنحة، وتعلّق في صدورها الجلاجل [3] ، وترسل يوم الرّيح بالخيوط الطّوال الصّلاب.

_ [1] البوارح: جمع بارحة، وهي الريح الشديدة التي تحمل التراب. [2] الكاغد: القرطاس الذي يكتب فيه. [3] الجلاجل: الأجراس الصغيرة.

قال: فبات القوم يتوقّعون نزول الملك، ويلاحظون السّماء، وأبطأ عنهم حتّى قام جلّ أهل اليمامة؛ وأطنبت الرّيح [1] وقويت، فأرسلها، وهم لا يرون الخيوط، واللّيل لا يبين عن صورة الرّقّ، وعن دقّة الكاغد. وقد توهّموا قبل ذلك الملائكة. فلمّا سمعوا ذلك ورأوه تصارخوا وصاح: من صرف بصره ودخل بيته فهو آمن! فأصبح القوم وقد أطبقوا على نصرته والدّفع عنه. فهو قوله [2] : [من الطويل] ببيضة قارور وراية شادن ... وتوصيل مقصوص من الطير جادف فقلت لسهم: يكون مثل هذا الأمر العجيب، فلا يقول فيه شاعر، ولا يشيع به خبر؟! قال: أو كلما كان في الأرض عجب، أو شيء غريب، فقد وجب أن يشيع ذكره، ويقال فيه الشّعر، ويجعل زمانه تاريخا! ألسنا معشر العرب نزعم أنّ كسرى أبرويز، وهو من أحرار فارس، من الملوك الأعاظم، وسليل ملوك، وأبو ملوك، مع حزمه ورأيه وكماله، خطب إلى النّعمان بن المنذر، وإلى رجل يرضى أن تكون امرأته ظئرا لبعض ولد كسرى، وهو عامله، ويسمّيه كسرى عبدا، وهو مع ذلك أحيمر أقيشر، إمّا من أشلاء قصيّ بن معد، وإما من عرض لخم. وهو الذي قالوا: تزوّج مومسة- وهي الفاجرة؛ ولا يقال لها مومسة إلّا وهي بذلك مشهورة- وعرفها بذلك، وأقام عليها، وهجي بها ولم يحفل بهجائهم. وممّا زاد في شهرتها قصّة المرقش. وناكها قرّة بن هبيرة حين سباها. فعلم بذلك وأقام عليها، ثمّ لم يرض حتّى قال لها: هل مسّك؟ قالت: وأنت والله لو قدر عليك لمسّك! فلم يرض بها حتى قال لها: صفيه لي. فوصفته حتّى قالت: كأنّ شعر خدّيه حلق الدّرع! وبال على رأسه خلف ابن نوالة الكناني عام حجّ، ونصّره عديّ بن زيد بأحمق سبب [3] . وخطب أخوه المنذر إلى عبيدة بن همام، فردّه أقبح الرّدّ، وقال [4] : [من المتقارب]

_ [1] أطنبت الريح: اشتدت. [2] تقدم البيت في بداية هذه الفقرة. [3] نصّره: أدخله في النصرانية، وكان سبب تنصّر النعمان- وكان يعبد الأوثان قبل ذلك- أنه مر على المقابر ومعه عدي بن زيد الذي قال له إن هذه المقابر تقول: كنا كما كنتم فغيّرنا دهر ... فسوق كما صرنا تصيرونا فدخلته رقة، وخرجا مرة أخرى، ومرّا على المقابر فأنشده عدي أبياتا أخرى فرجع النعمان وتنصر، انظر تفصيل الخبر في الأغاني 2/134- 135. [4] البيتان للأسود بن يعفر في ديوانه 67، واللسان والتاج (نكر) ، والأول في التنبيه والإيضاح 2/218، والبيتان بلا نسبة في الكامل 920، 1077 (الدالي) ، والأول في المخصص 17/12، وديوان الأدب 1/261، 3/435، والعين 8/137.

أتوني ولم أرض ما بيّتوا ... وقد طرقوني بأمر نكر لأنكح أيّمهم منذرا ... وهل ينكح العبد حرّ لحر ثمّ مع ذلك خطب إليه كسرى بعض بناته فرغب بها عنه، حتّى كان ذلك سبب هربه وعلّة لقتله- فهل رأيت شاعرا في ذلك الزّمان مع كثرة الشعراء فيه، ومع افتخارهم بالذي كان منهم في يوم جلولى [1] ويوم ذي قار، وفي وقائع المثنّى بن حارثة وسعد بن أبي وقّاص- فهل سمعت في ذلك بشعر صحيح طريف المخرج، كما سمعته في جميع مفاخرهم ممّا لا يداني هذا المفخر؟! ولقد خطب بعض إخوته إلى رجال من نزار، من غير أهل البيوتات، فرغبوا عنهم. وأمّ النعمان سلمى بنت الصّائغ [2] : يهوديّ من أنباط الشام، ثمّ كان نجله لفعل غير محمود. وقد قال جبلة بن الأيهم، لحسّان بن ثابت: قد دخلت عليّ ورأيتني، فأين أنا من النّعمان؟ قال: والله [3] ....... فالنّعمان مع هذه المثالب كلّها قد رغب بنفسه عن مصاهرة كسرى، وهو من أنبه الأكاسرة. وكما كان أبرويز أعظم خطرا، كانت أنفته أفخر للعرب، وأدلّ على ما يدّعون من العلوّ في النسب وكان الأمر مشهودا ظاهرا، ومردّدا على الأسماع مستفيضا. فإذ قد تهيّأ أن يكون مثل هذا الأمر الجليل، والمفخر العظيم، والعرب أفخر الأمم، ومع ذلك قد أغفلوه- فشأن مسيلمة أحقّ بأن يجوز ذلك عليه.

_ [1] جلولاء: طسوج من طساسيج السواد في طريق خراسان، بينها وبين خانقين سبعة فراسخ، وبها كانت الوقعة المشهورة على الفرس للمسلمين سنة 16. «معجم البلدان 2/156» . وانظر أيام العرب 290- 291. [2] في البيان 3/246: «سلمى بنت عقاب» ، وفي الأغاني 11/13: «سلمى بنت عطية» . [3] ثمة نقص يمكن استدراكه من الأغاني 15/161 «لقفاك خير من وجهه، ولشمالك خير من يمينه، ولأخمصك خير من رأسه، ولخطؤك خير من صوابه، ولصمتك خير من كلامه، ولأمك خير من أبيه، ولخدمك خير من قومه» ، وفي الأغاني ورد أن صاحب الحديث هو عمرو بن الحارث الأعرج، وليس جبلة، وأن القول الذي استدركته ينسب إلى حسان وإلى النابغة.

1196 -[هجاء عبد القيس للنعمان]

وأنشدني يوسف لبعض شعراء بني حنيفة، وكان يسمّى مسيلمة ويكنى أبا ثمامة [1] : [من مجزوء الكامل] لهفي عليك أبا ثمامه ... لهفي على ركني شمامه كم آية لأبيهم ... كالشّمس تطلع من غمامه وقد كتبنا قصّته وقصّة ابن النّوّاحة (في كتابنا الذي ذكرنا فيه فصل ما بين النبيّ والمتنبي) وذكرنا جميع المتنبئين، وشأن كلّ واحد منهم على حدته، وبأيّ ضرب كان يحتال، وذكرنا جملة احتيالاتهم، والأبواب التي تدور عليها مخاريقهم. فإن أردت أن تعرف هذا الباب فاطلب هذا الكتاب؛ فإنّه موجود. 1196-[هجاء عبد القيس للنعمان] وقد هجا عبد القيس بن خفاف البرجميّ، النّعمان بن المنذر، في الجاهليّة، وذكر ولادة الصّائغ له فقال [2] : [من الخفيف] لعن الله ثمّ ثنّى بلعن ... ابن ذا الصّائغ، الظلوم الجهولا يجمع الجيش ذا الألوف ويغزو ... ثمّ لا يرزأ العدوّ فتيلا [3] 1197-[سهم الحنفي] وكان سهم الحنفيّ يلي طبرستان، لمعن بن زائدة، مع حداثة سنه يومئذ، وكان له مروءة وقدر في نفسه. 1198-[حظ القبائل من الشعر] وبنو حنيفة مع كثرة عددهم، وشدّة بأسهم، وكثرة وقائعهم، وحسد العرب لهم على دارهم وتخومهم وسط أعدائهم، حتى كأنهم وحدهم يعدلون بكرا كلها- ومع ذلك لم نر قبيلة قطّ أقلّ شعرا منهم. وفي إخوتهم عجل قصيد ورجز، وشعراء ورجّازون. وليس ذلك لمكان الخصب وأنّهم أهل مدر، وأكّالو تمر؛ لأنّ الأوس والخزرج كذلك، وهم في الشعر كما قد علمت. وكذلك عبد

_ [1] البيتان في المعارف 405. [2] البيتان لعبد القيس بن خفاف في الأغاني 11/13، وللنابغة الذبياني في ديوانه 170، والشعر والشعراء 76 (ليدن) ، 71 (شاكر) ، والأول في اللسان (ربذ) ، والثاني بلا نسبة في المقاييس 4/472، والمخصص 13/254. [3] الفتيل: الهنة التي في شق النواة.

1199 -[الصم من الحيوان]

القيس النّازلة قرى البحرين، فقد تعرف أنّ طعامهم أطيب من طعام أهل اليمامة. وثقيف أهل دار ناهيك بها خصبا وطيبا، وهم وإن كان شعرهم أقلّ، فإنّ ذلك القليل يدلّ على طبع في الشعر عجيب. وليس ذلك من قبل رداءة الغذاء، ولا من قلّة الخصب الشّاغل والغنى عن النّاس؛ وإنّما ذلك عن قدر ما قسم الله لهم من الحظوظ والغرائز، والبلاد والأعراق مكانها. وبنو الحارث بن كعب قبيل شريف، يجزون مجاري ملوك اليمن، ومجاري سادات أعراب أهل نجد ولم يكن لهم في الجاهليّة كبير حظّ في الشعر. ولهم في الإسلام شعراء مفلقون. وبنو بدر كانوا مفحمين، وكان ما أطلق الله به ألسنة العرب خيرا لهم من تصيير الشعر في أنفسهم. وقد يحظى بالشعر ناس ويخرج آخرون، وإن كانوا مثلهم أو فوقهم. ولم تمدح قبيلة في الجاهليّة، من قريش، كما مدحت مخزوم. ولم يتهيّأ من الشّاهد والمثل لمادح في أحد من العرب، ما تهيّأ لبني بدر. وقد كان في ولد زرارة لصلبه، شعر كثير، كشعر لقيط وحاجب وغيرهما من ولده. ولم يكن لحذيفة ولا حصن، ولا عيينة بن حصن، ولا لحمل بن بدر. شعر مذكور. وقد كان عبد العزيز بن مروان أحظى في الشعر من كثير من خلفائهم. ولم يكن أحد من أصحابنا، من خلفائنا وأئمتنا، أحظى في الشعر من الرّشيد. وقد كان يزيد ابن مزيد وعمّه، ممّن أحظاه الشّعر. وما أعلم في الأرض نعمة بعد ولاية الله، أعظم من أن يكون الرّجل ممدوحا. 1199-[الصّمّ من الحيوان] تقول العرب: ضربان من الحيوان لا يسمعان الأصوات. وذلك عامّ في الأفاعي والنّعام. واعتدّ من ادّعى للنّعام الصّمم بقول علقمة [1] : [من البسيط] فوه كشقّ العصا لأيا تبيّنه ... أسكّ ما يسمع الأصوات مصلوم

_ [1] تقديم تخريج البيت والأبيات التالية في الفقرة (1193) .

قال: ولا يصلح أن تكون «ما» في الموضع الذي ذكر؛ لأنّ ذلك يصير كقول القائل: التمر حلو، والثّلج بارد، والنّار حارّة. ولا يحتاج إلى أن يخبر أنّ الذي يسمع هذا الصّوت؛ لأنه لا مسموع إلّا الصّوت. قال خصمه: فقد قال علقمة بن عبدة: [من البسيط] حتّى تلافى وقرن الشّمس مرتفع ... أدحيّ عرسين فيه البيض مركوم يوحي إليها بإنقاض ونقنقة ... كما تراطن في أفدانها الرّوم ثم قال: تحفّه هقلة سفعاء خاذلة ... تجيبه بزمار فيه ترنيم واحتجّ من زعم أنها تسمع، بقوله [1] : [من الطويل] وصحم صيام بين صمد ورجلة ... وبيض تؤام بين ميث ومذنب [2] متى ما تشأ تسمع عرارا بقفرة ... يجيب زمارا كاليراع المثقب [3] وقال الطّرمّاح [4] : [من الكامل] يدعو العرار بها الزّمار كأنّه ... ألم تجاوبه النّساء العوّد [5] قال: وصوت النعامة الذّكر: العرار. وصوت الأنثى: الزّمار. وأنشد الذي زعم أنّها لا تسمع، قول أسامة بن الحارث الهذليّ [6] : [من الطويل] تذكّرت إخواني فبتّ مسهّدا ... كما ذكرت بوّا من اللّيل فاقد [7]

_ [1] البيتان للبيد، والأول في ديوانه 12، وصدره في اللسان (صحم) ، وهو بلا نسبة في التهذيب 4/273، والثاني في ديوانه 18. [2] في ديوانه «الصحم: الحمير، وأصحم: أسود اللون من كل لون. صيام: قيام. الصمد: الغلظ. والرجلة: رجلة الوادي، مسيله وجمعه رجل. وبيض: يريد بيض النعام. تؤام: اثنان اثنان. الميث: الأرض السهلة. المذنب: مجرى الماء» . [3] في ديوانه «العرار: صوت النعام الذكر، والزمار صوت الأنثى. واليراع: القصب يتخذ منها زمارات» . [4] ديوان الطرماح 143 (115) ، والجمهرة 123، والمعاني الكبير 343. [5] في ديوانه «يدعو: بمعنى يجيب هاهنا. والعوّد: اللواتي يعدن المريض الألم، أي يزرنه» . [6] ديوان الهذليين 2/201- 202، وشرح أشعار الهذليين 1296. [7] في ديوان الهذليين «البوّ: جلد يحشى للفاقد ولدها، يذبح أو يموت فترأمه وتدرّ عليه، فإذا ذكرته حنّت» .

لعمري لقد أمهلت في نهي خالد ... عن الشّام إمّا يعصينّك خالد [1] وأمهلت في إخوانه فكأنّما ... تسمّع بالنّهي النّعام المشرّد وقال الذي زعم أنّها تسمع: فقد قال الله عزّ وجلّ: أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ [2] ولو عنى أنّ عماهم كعمى العميان، وصممهم كصمم الصّمّان، لما قال: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها [3] وإنّما ذلك كقوله: إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ* [4] وكيف تسمع المدبر عنك! ولذلك يقال: «إنّ الحبّ يعمي ويصمّ» [5] . وقد قال الهذليّ: [من الطويل] تسمّع بالنّهي النّعام المشرّد والشارد النافر عنك لا يوصف بالفهم. ولو قال: تسمع بالنّهي، وسكت- كان أبلغ فيما يريد. وهو كما قال الله تعالى: وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ* [4] . قال الرّاجز [6] : [من الرجز] ردي ردي ورد قطاة صمّا ... كدريّة أعجبها برد الما [7] أي لأنها لا تسمع صوتا يثنيها ويردّها. وأنشد قول الشاعر [8] : [من الطويل] دعوت خليدا دعوة فكأنما ... دعوت به ابن الطّود أو هو أسرع والطّود: الجبل. وابنه: الحجر الذي يتدهده [9] منه، كقوله [10] : [من الطويل] كجلمود صخر حطّه السّيل من عل

_ [1] في ديوان الهذليين «أمهلت: أي نهيته في مهلة قبل أن يأزف أمره، أي جعلت له مهلة ولم أجد بنفسه، وكان نهاه أن يهاجر، وقوله: إما يعصينك خالد، أي: عصاك خالد» . [2] 23/محمد: 47. [3] 24/محمد: 47. [4] 80/النمل: 27. [5] هذا القول من الأمثال في مجمع الأمثال 1/78، 196، وجمهرة الأمثال 1/356 والمستقصى 2/56، وفصل المقال 320، وأمثال ابن سلام 224، والأمثال لمجهول 57. [6] الرجز بلا نسبة في اللسان والتاج (صمم) ، والوساطة 402. [7] الكدرية: ضرب من القطا قصار الأذناب، والقطا: ثلاثة أضرب، كدري وجوني وغطاط. انظر اللسان (كدر) . [8] البيت بلا نسبة في اللسان والتاج (طود) ، وأساس البلاغة (بني، طود) والتهذيب 14/4، والمخصص 13/202. [9] يتدهده: يتدحرج. [10] صدر البيت (مكرّ مفرّ مقبل مدبر معا) وهو لامرئ القيس من معلقته في ديوانه 19، واللسان

وقال الرّاجز [1] : [من الرجز] ومنهل أعور إحدى العينين ... بصير أخرى وأصمّ الأذنين كأنّه كان في ذلك المنهل بيران، والآبار أعين، فغوّرت إحدى البيرين وتركت الأخرى وقوله: «أصمّ الأذنين» لما أن كان عنده في الأرض فضاء وخلاء، حيث لا يسمع فيه صوت. جعله أن كان لا يسمع صوتا أصمّ؛ وإن كان ذلك لفقد الأصوات. قال: وقد قال الحارث بن حلّزة قولا يدلّ على أنّها تسمع، حيث قال [2] : [من الخفيف] ولقد أستعين يوما على اله ... مّ إذا خفّ بالثّويّ الثّواء بزفوف كأنها هقلة أ ... مّ رئال دوّيّة سفعاء [3] ثم قال: آنست نبأة وأفزعها القن ... اص عصرا وقد دنا الإمساء فترى خلفهنّ من سرعة المش ... ي منينا كأنّه أهباء [4] ولو قال: «أفزعها القنّاص» ولم يقل: «آنست نبأة» - والنّبأة الصّوت- لكان لكم في ذلك مقال. وقال امرؤ القيس [5] : [من الطويل] وصمّ صلاب ما يقين من الوجى ... كأنّ مكان الرّدف منه على رال [6] وإنما يعني أنها مصمتة غير جوفاء. وقال الآخر [7] : [من البسيط] قل ما بدا لك من زور ومن كذب ... حلمي أصمّ وأذني غير صمّاء (علا) ، والتاج (فرر) ، والجمهرة 126، والعين 7/174، والخزانة 2/397، 3/242، 243، والمقاصد النحوية 3/449، وبلا نسبة في اللسان والتاج (حطط) .

_ [1] الرجز بلا نسبة في اللسان (عور، صمم) . [2] الأبيات من معلقته في شرح القصائد السبع 440، وشرح القصائد العشر 373. [3] الزفوف: الناقة السريعة. الهقلة: النعامة. الرئال: فراخ النعامة. السفعاء: السوداء. [4] المنين: الغبار الدقيق. الإهباء: إثارة التراب، والأهباء: الغبار المرتفع في الجو. [5] ديوان امرئ القيس 36، واللسان والتاج (رأل، قطا، وقي) ، وبلا نسبة في المخصص 8/56. [6] في ديوانه «أراد بالصم: حوافره. وقوله: «ما يقين من الوجّى» ، أي لا يهبن المشي من حفا، لصلابتهن. والرأل: فرخ النعامة، وهو مشرف المؤخر، فشبّه قطاة الفرس لإشرافها بمؤخر الرأل» . [7] البيت لبشار بن برد في ديوانه 1/125، وجمهرة الأمثال 1/140، وبلا نسبة في اللسان والتاج (صمم) .

1200 -[ذكر الصم في القرآن الكريم]

يريد أنّ حلمه ليس بسخيف متخلخل، وليس بخفيف سار، ولكنّه مصمت. قال الشاعر [1] : [من الطويل] وأسأل من صمّاء ذات صليل وإنّما يريد أرضا يابسة، ورملة نشّافة، تسأل الماء: أي تريده وتبتلعه؛ وهي في ذلك صمّاء. 1200-[ذكر الصّمّ في القرآن الكريم] وقد قال الله لناس يسمعون: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ [2] ذلك على المثل. وقال: وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَنِداءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ [3] . وذلك كلّه على ما فسّرنا. وقال: وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً [4] وقال أيضا: إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ إِذا ما يُنْذَرُونَ [5] . 1201-[شعر في الصمم] وقال عنترة [6] : [من الطويل] ظللنا نكرّ المشرفيّة فيهم ... وخرصان صمّ السّمهريّ المثقف [7] وقال العجير السّلوليّ [8] : [من الطويل] وقد جذب القوم العصائب مؤخرا ... ففيهنّ عن صلع الرّجال حسور فظلّ رداء العصب ملقى كأنّه ... سلى فرس تحت الرّجال عقور [9]

_ [1] صدر البيت (أجل، لا، ولكن أنت أشأم من مشى) ، والبيت بلا نسبة في اللسان والتاج (صمم) ، ورصف المباني 59، والجنى الداني 360. [2] 18/البقرة: 2. [3] 171/البقرة: 2. [4] 73/الفرقان: 25. [5] 45/الأنبياء: 21. [6] ديوان عنترة 52. [7] في ديوانه «المشرفية: سيوف منسوبة إلى مشارف الشام. الخرصان: الرماح، الواحد خرص. لدن: لينة» . [8] الأبيات في البيان 1/123، ومجالس ثعلب 523، والأغاني 13/68- 69. [9] العصب: ضرب من البرود. السلى: الجلدة التي يكون فيها الولد.

1202 -[مثل وحديث في الصمم]

لو ان الصّخور الصّمّ يسمعن صلقنا ... لرحن وفي أعراضهنّ فطور [1] وقال زهير [2] : [من المديد] ليتني خلقت للأبد ... صخرة صمّاء في كبد لا تشكّي شرّ جارتها ... خلقت غليظة الكبد وقالت جمل بنت جعفر: [من الطويل] بني جعفر لا سلم حتّى نزوركم ... بكلّ ردينيّ وأبيض ذي أثر [3] وحتّى تروا وسط البيوت مغيرة ... تصمّكم بالضّرب حاشية الذّعر [4] تبين لذي الشّكّ الذي لم يكن درى ... ويبصرها الأعمى ويسمع ذو الوقر [5] وقال دريد [6] : [من الوافر] متى كان الملوك قطينا ... عليّ ولاية صمّاء منّي 1202-[مثل وحديث في الصمم] ومن الأمثال قولهم: «صمّت حصاة بدم» [7] قال: فأصله أن يكثر القتل وسفك الدّماء، حتّى لو وقعت حصاة على الأرض لم يسمع لها صوت؛ لأنّها لا تلقى صلابة الأرض. وقد جاء في بعض الحديث: «إذا كانت تلك الملاحم بلغت الدّماء الثّنن» [8] يعني ثنن الخيل، وهو الشّعر الذي خلف الحافر.

_ [1] الصلق: الصياح والولولة والصوت الشديد. الأعراض: الجوانب والنواحي. فطور: تشقق. [2] لم يرد البيتان في ديوان زهير. [3] الرديني: رمح ينسب إلى امرأة تسمى ردينة. الأبيض: السيف. الأثر: فرند السيف. [4] مغيرة: عنى بها خيلا مغيرة. [5] الوقر: ذهاب السمع، أو ثقل في الأذن. [6] ديوان دريد بن الصمة 113، ونقله محقق الديوان عن كتاب الحيوان، وذكر في الحاشية أن رواية عجز البيت في المستقصى 1/143: (عليّ ولاية صمّي صمام) ، و «صمي صمام» من الأمثال في جمهرة الأمثال 1/578، ومجمع الأمثال 1/320، والدرة الفاخرة 2/499، وأمثال ابن سلام 348، وفصل المقال 189، 474، 478. [7] مجمع الأمثال 1/393، والمستقصى 2/143، وفصل المقال 474، وجمهرة الأمثال 1/578، وأمثال ابن سلام 346. [8] الحديث في النهاية 1/224، وهو من حديث فتح نهاوند، وانظر المثل «بلغت الدماء الثنن» في مجمع الأمثال 1/93، وأمثال ابن سلام 346، والمستقصى 2/13.

1203 -[شعر في الصمم]

وقال الزّبير بن عبد المطّلب [1] : [من الوافر] وينبي نخوة المختال عنّي ... جراز الحدّ ضربته صموت [2] لأنّ السّيف إذا مرّ في العظم مرّا سريعا فلم يكن له صوت- كان في معنى الصامت. 1203-[شعر في الصمم] وقال ابن ميّادة [3] : [من الطويل] متى أدع في قيس بن عيلان خائفا ... إلى فزع تركب إليّ خيولها بملمومة كالطّود شهباء فيلق ... رداح يصمّ السّامعين صليلها [4] لأنّ الصّوت إذا اشتدّ جدّا لم يفهم معناه، إن كان صاحبه أراد أن يخبر عن شيء. ومتى كثرت الأصوات صارت وغى [5] ، ومنع بعضها بعضا من الفهم. فإذا لم يفهمها صار في معنى الأصمّ، فجاز أن يسمّى باسم الأصمّ. وعلى ذلك قال الأضبط بن قريع، حين آذوه بنو سعد فتحوّل من جوارهم في آخرين فآذوه، فقال: «بكلّ واد بنو سعد» [6] . وقال جران العود [7] : [من الطويل] وقالت لنا والعيس صعر من البرى ... وأخفافها بالجندل الصّمّ تقذف [8]

_ [1] البيت في اللسان والتاج (صمت) ، وحماسة القرشي 92. [2] ينبي: يبعد. سيف جراز: ماض نافذ. [3] ديوان ابن ميادة 196- 197. [4] في ديوانه «ملمومة: أي كتيبة عظيمة مجتمعة. الطود: الجبل العظيم. الشهباء: البيضاء، لما فيها من بياض السلاح. الفيلق: الكثيرة السلاح. الرداح: الكثيرة الفرسان، الثقيلة السير لكثرتها» . [5] الوغى: الأصوات في الحرب، وغمغمة الأبطال في حومة الحرب. [6] مجمع الأمثال 1/105، وجمهرة الأمثال 1/61. [7] ديوان جران العود 16. [8] العيس: الإبل الخالصة البياض. البرى: جمع برة، وهي الحلقة التي توضع في أنف البعير. صعر من البرى: موائل من جذبها. الجندل: الحجارة.

1204 -[قول منكر صمم النعام]

1204-[قول منكر صمم النعام] وقال الذي ينكر صمم شيء من الخلق: اعتللتم في صمم النّعام بقول زهير: [من الوافر] [أصكّ مصلّم الأذنين أجنى ... له بالسّيّ تنّوم وآء] [1] وبقول أوس بن حجر [2] : [من الطويل] وينهى ذوي الأحلام عنّي حلومهم ... وأرفع صوتي للنّعام المخزّم يريد خرق أنفه، وهو في موضع الخرمة من البعير. وأمّا قوله: «وأرفع صوتي للنّعام» فإنما خصّ بذلك النّعام لأنّها تجمع الشّرود والنّفار، إلى الموق وسوء الفهم. ولو قال: «وأرفع صوتي للحمير والدّوابّ» لكان كذلك. والمصلّمة: السّكّ التي ليس لآذانها حجم. 1205-[رد على منكر الصمم] قال: قول الذي زعم أنها ليست بصماء لا يجوز؛ لأنّ الدواب تسمع وتفهم الزّجر، وتجيب الدّعاء. بل لو قال: وأرفع صوتي للصخور والحجارة، كان صوابا، وكان لرفع صوته معنى؛ إذ كان الرّفع والوضع عند الصّخور سواء. وليس كذلك الدوابّ. ولو كان إنما جعله مصلّما، وجعل آذان النّعام مصلومة، لأنه ليس لآذانها حجم فالطير كله كذلك إلّا الخفّاش. وكلّ شيء يبيض من الحيوان فليس لها حجم آذان. ففي قصدهم بهذه الكلمة إلى النّعام، بين جميع ما ليس لأذنيه حجم، دليل على أنّ تأويلكم خطأ. قال علقمة بن عبدة [3] : [من البسيط] فوه كشقّ العصا لأيا تبيّنه ... أسكّ ما يسمع الأصوات مصلوم

_ [1] لم يرد البيت في الأصل، ورأيت أن أثبته اعتمادا على ما سيأتي في نهاية الفقرة التالية، والبيت في ديوان زهير 58. [2] ديوان أوس بن حجر 122، وفيه «المصلم» ، مكان «المخزم» ، والمعاني الكبير 340، وديوان الأدب 1/193، وبلا نسبة في اللسان والتاج وأساس البلاغة (خزم) ، والتهذيب 7/219، والمجمل 2/183، والجمهرة 595، والمقاييس 2/178، والمعاني الكبير 344. [3] تقدم تخريج البيت وشرحه في الفقرة (1193) .

وقالت كبشة بنت معد يكرب [1] : [من الطويل] وأرسل عبد الله إذ حان يومه ... إلى قومه ألّا تغلّوا لهم دمي [2] ولا تأخذوا منهم إفالا وأبكرا ... وأترك في بيت بصعدة مظلم [3] جدعتم بعبد الله آنف قومكم ... بني مازن أن سبّ راعي المخزّم فإن أنتم لم تثأروا لأخيكم ... فمشّوا بآذان النّعام المصلّم فلو كانت إنّما تريد أنّه ليس لمسامعها حجم، كانت الدّنيا لها معرضة. وقال عنترة [4] : [من الكامل] وكأنّما أقص إلإكام عشيّة ... بقريب بين المنسمين مصلّم [5] تأوي له حزق النّعام كما أوت ... حزق يمانية لأعجم طمطم [6] ولو كان عنترة إنّما أراد عدم الحجم، لقد كانت الدّنيا له معرضة. وقال زهير [7] : [من الوافر] بآرزة الفقارة لم يخنها ... قطاف في الرّكاب ولا خلاء [8]

_ [1] الأبيات لكبشة بنت معدي كرب في الحماسة البصرية 1/73- 74، والأغاني 15/230، والأمالي 2/226، وذيل الأمالي 190، ومعجم البلدان 3/406 (صعدة) ، والخزانة 3/77 (بولاق) ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 217، والتبريزي 1/117، ومعجم الأديبات الشواعر 412، وحماسة البحتري 30. [2] تغلوا: تخونوا. [3] الإفال: جمع أفيل، زنة أمير، وهو من أولاد الإبل ما أتى عليها سبعة أشهر أو ثمانية. والأبكر: جمع بكر، وهو ولد الناقة. صعدة: مخلاف من مخاليف اليمن. وفي قولها: «بيت بصعدة مظلم» إشارة إلى زعم العرب من أن القتيل إذا ثأروا به أضاء قبره، أما إذا قبلت ديته أو هدر دمه فإن قبره يبقى مظلما. [4] ديوان عنترة 20. [5] أقص: أكسر. الإكام: جمع أكمة، وهي الرابية. المنسمان: الظفران المقدمان في الخف. [6] تقدم شرح البيت مع تخريج واف له في الفقرة (1189) . [7] ديوان زهير 57- 58، والبيت الأول في اللسان والتاج (خلأ، أرز، قطف) ، والمقاييس 1/79، والعين 7/383، والجمهرة 1056، والتهذيب 7/577، 13/249، والمجمل 1/179، وبلا نسبة في الجمهرة 64، 1069، والمخصص 7/162، والبيت الثاني في اللسان والتاج (أوأ، هوى) ، والمقاييس 6/15، والمخصص 3/64، 15/120، والمجمل 4/455، والبيت الثالث في اللسان (أوأ، جنأ، سكك، صلم، خنا، سيا) والتاج (أوأ، سكك، تنم، صلم) وكتاب الجيم 1/279، والتهذيب 9/340، 11/197، 14/307، والتنبيه والإيضاح 1/5، وبلا نسبة في المقاييس 1/33، والجمهرة 250، والمجمل 1/155. [8] في ديوانه: «الآرزة: الدانية بعضها إلى بعض. الفقارة: فقر الظهر. القطاف: مقاربة الخطو وضيق الشحوة وألا يكون وساعا. الركاب: الإبل. الخلاء: أن تبرك فلا تبرح.

1206 -[رد منكر صمم النعام]

كأنّ الرحل منها فوق صعل ... من الظلمان جؤجؤه هواء [1] أصكّ مصلّم الأذنين، أجنى ... له بالسّيّ تنّوم وآء [2] 1206-[رد منكر صمم النعام] قال القوم: فإنّا لا نقول ذلك، ولكنّ العرب في أمثالها تقول: إنّ النّعامة ذهبت تطلب قرنين فقطعوا أذنيها [3] . ليجعلوها مثلا في الموق وسوء التدبير. فإذا ذكر الشّاعر الظّليم، وذكر أنّه مصلّم الأذنين، فإنما يريد هذا المعنى. فكثر ذلك حتى صار قولهم: مصلم الأذنين، مثل قولهم صكّاء. وسواء قال صكّاء، أو قال نعامة، كما أنّه سواء قال خنساء أو قال مهاة ونعجة وبقرة وظبية؛ لأنّ الظّباء والبقر كلها فطس خنس وإذا سمّوا امرأة خنساء فليس الخنس والفطس يريدون، بل كأنهم قالوا: مهاة وظبية. ولذلك قال المسيّب بن علس [4] ، في صفة النّاقة: [من الكامل] صكّاء ذعلبة إذا استقبلتها ... حرج إذا استدبرتها هلواع [5] فتفهّم هذا البيت، فإنه قد أحسن فيه جدّا. والصّكك في الناس، والاصطكاك في رجلي الناقة عيب. فهو لم يكن ليصفها بما فيه عيب، ولكنّه لا يفرق بين قوله صكّاء، وبين قوله نعامة، وكذلك لا يفرّقون بين قولهم أعلم، وبين قولهم: بعير. قال الراجز: [من الرجز] إني لمن أنكر أو توسّما ... أخو خناثير يقود الأعلما [6]

_ [1] في ديوانه «الصعل: الظليم الدقيق العنق، الصغير الرأس. جؤجؤه: صدره. هواء: لا مخّ فيه. وقال الأصمعي: جؤجؤه هواء: أراد لا عقل له» . [2] في ديوانه «الصكك: اصطكاك العرقوبين، ويقال: إنما يكون ذلك إذا مشى. مصلم الأذنين: لا أذني له. أجنى: أي أدرك أن يجنى. السي: أرض. تنوم: الواحدة تنومة، شجيرة غبراء تنبت حبا دسما. آء: الواحدة: آءة، وهي ثمر السّرح» . [3] انظر الفقرة (1169) . [4] ديوان المسيب بن علس 616، وذيل الأمالي 132، والمفضليات 61، واللسان والتاج (هلع) ، والتهذيب 1/144. [5] ذعلبة: سريعة، جسيمة طويلة على وجه الأرض. هلواع: مستخفة كأنها تفزع من النشاط، والهلع: الخفة. [6] الخناثير: الدواهي.

1207 -[رد مدعي الصمم]

كأنه يقول: يقود بعيرا. وهو كقول عنترة [1] : [من الكامل] وحليل غانية تركت مجدّلا ... تمكو فريصته كشدق الأعلم 1207-[ردّ مدّعي الصّمم] فقال من ادّعى للنّعام الصّمم: أمّا قولكم: من الدّليل على أن النّعامة تسمع قول الشاعر [2] : [من الكامل] تدعو النّعام به العرار وقوله [3] : [من الطويل] متى ما تشأ تسمع عرارا بقفرة ... يجيب زمارا كاليراع المثقّب وقوله [4] : [من الخفيف] آنست نبأة وأفزعها القنّاص عصرا وقد دنا الإمساء فليس ذلك أراد. وقد يراك الأخرس من النّاس- والأخرس أصمّ- فيعرف ما تقول، بما يرى من صورة حركتك، كما يعرف معانيك من إشارتك، ويدعوك ويطلب إليك بصوت؛ وهو لم يسمع صوتك قط فيقصد إليه، ولكنه يريد تلك الحركة، وتلك الحركة تولد الصّوت، أراده هو أو لم يرده. ويضرب فيصيح، وهو لم يقصد إلى الصّياح، ولكنّه متى أدار لسانه في جوبة الفم بالهواء الذي فيه، والنّفس الذي يحضره جمّاع [5] الفم، حدث الصّوت. وهذا إنما غايته الحركة فيعرف صورة تلك الحركة. والأخرس يرى النّاس يصفّقون بأيديهم، عند دعاء إنسان، أو عند الغضب والحدّ، فيعرف صورة تلك الحركة؛ لطول تردادها على عينيه، كما يعرف سائر الإشارات. وإذا تعجّب ضرب بيديه كما يضربون. فالنّعامة تعرف صورة إشارة الرّئلان وإرادتها، فتعقل ذلك، وتجاوبها بما تعقل عنها من الإشارة والحركة، وغدت لحركتها أصوات. ولو كانا يسمعان لم تزد حالهما في التّفاهم على ذلك.

_ [1] ديوان عنترة 24، وتقدم البيت في 3/148. [2] البيت للطرماح في ديوانه 143 (115) . [3] البيت للبيد في ديوانه 18. [4] البيت للحارث بن حلزة من معلقته، وقد تقدم في ص 448. [5] الجمّاع: مجتمع الأصل.

1208 -[الشم عند الحيوان]

1208-[الشّمّ عند الحيوان] والعرب تقول: «أشمّ من نعامة» [1] و: «أشمّ من ذرّة» [1] . قال الرّاجز [2] : [من الرجز] أشمّ من هيق وأهدى من جمل وقال الحرمازيّ، في أرجوزته [2] : [من الرجز] وهو يشتمّ اشتمام الهيق قال: وأخبرنا ابن الأعرابيّ أنّ أعرابيّا كلم صاحبه، فرآه لا يفهم عنه ولا يسمع فقال: «أصلخ كصلخ النّعامة!» [3] . وقد يكون الفرس في الموكب وخلفه، على قاب غلوتين، حجر أو رمكة [4] ، فيتحصّن [5] تحت راكبه، من غير أن تكون صهلت. والذّئب يشتمّ ويستروح من ميل، والذّرّة تشتمّ ما ليس له ريح، ممّا لو وضعته على أنفك ما وجدت له رائحة وإن أجدت التشمّم، كرجل الجرادة تنبذها من يدك في موضع لم تر فيه ذرّة قطّ، فلا تلبث أن ترى الذّرّ إليها كالخيط الأسود الممدود. وقال الشّاعر [6] ، وهو يصف استرواح الناس: [من الطويل] وجاء كمثل الرّأل يتبع أنفه ... لعقبيه من وقع الصّخور قعاقع [7] فإنّ الرّأل يشتم رائحة أبيه وأمّه والسّبع والإنسان من مكان بعيد. وشبّه به رجلا جاء يتّبع الرّيح فيشتمّ.

_ [1] المثل في الدرة الفاخرة 1/253، وجمهرة الأمثال 1/538، 560، ومجمع الأمثال 1/385، 391، والمستقصى 1/197. [2] تقدم الرجز في 324. [3] في مجمع الأمثال 1/406 «صلخا كصلخ النعامة» . [4] الحجر: أنثى الخيل. والرمكة: البرذونة. [5] يتحصن: تبدو منه أمارات الذكورة. [6] البيت بلا نسبة في البرصان 304، وأساس البلاغة (أنف) . [7] الرأل: فرخ النعام.

1209 -[استطراد لغوي]

1209-[استطراد لغوي] وقال الآخر [1] : [من الكامل] والمرء لم يغضب لمطلب أنفه ... أو عرسه لكريهة لم يغضب ومطلب أنفه: فرج أمّه؛ لأنّ الولد إذا تمّت أيّامه في الرّحم، قلا [2] مكانه وكرهه، وضاق به موضعه، فطلب بأنفه موضع المخرج ممّا هو فيه من الكرب، حتّى يصير أنفه ورأسه على فم الرّحم، تلقاء فم المخرج. فالأناء [3] والمكان يرفعانه في تلك الجهة، والولد يلتمس تلك الجهة بأنفه، ولولا أنّه يطلب الهواء من ذاته، ويكره مكانه من ذاته، ثمّ خرج إلى عالم آخر خلاف عالمه الذي ربّي فيه، لمات؛ كما يموت السّمك إذا فارقه الماء. ولكنّ الماء لمّا كان قابلا لطباع السمك غاذيا لها، والسّمك مريدا له، كان في مفارقته له عطبه. وكان في مفارقة الولد لجوف البطن واغتذائه فضلات الدّم، ما لا ينقص شيئا من طباعه وطباع المكان الذي كان له مرّة مسكنا. فلذلك قال الشّاعر الجاهلي [4] : [من الكامل] والمرء لم يغضب لمطلب أنفه ... أو عرسه لكريهة لم يغضب يقول: متى لم يحم فرج أمّه وامرأته، فليس ممّن يغضب من شيء يؤول إليه. 1210-[قول المتكلّمين في صمم الأخرس] وزعم المتكلّمون أنّ الأخرس أصمّ، وأنّه لم يوت من العجز عن المنطق لشيء في لسانه، ولكنّه إنّما أتي في ذلك؛ لأنّه حين لم يسمع صوتا قطّ، مؤلّفا أو غير مؤلّف، لم يعرف كيفيّته فيقصد إليه. وأنّ جميع الصّمّ ليس فيهم مصمت [5] ، وإنما يتفاوتون في الشّدّة واللّين؛ فبعضهم يسمع الهدّة والصّاعقة، ونهيق الحمار إذا كان قريبا منه، والرّعد الشّديد، لا يسمع غير ذلك. ومنهم من يسمع السّرار، وإذا رفعت له الصّوت لم يسمع. ومتى كلّمته وقرّت الشّكاية في أذنه، فهم عنك كلّ الفهم. وإن

_ [1] البيت بلا نسبة في اللسان والتاج (أنف) ، والتهذيب 1/68. [2] قلا: كره وأبغض. [3] الأناء: آن الشيء: حان. [4] تقدم البيت في بداية هذه الفقرة. [5] مصمت: تام الصمم.

تكلّمت على ذلك المقدار في الهواء، ولم يكن ينفذ في قناة تحصره وتجمعه، حتّى تؤدّيه إلى دماغه- لم يفهمه. فالأصمّ في الحقيقة إنّما هو الأخرس، والأخرس إنّما سمّي بذلك على التشبيه والقرابة. ومتى ضرب الأصمّ من النّاس إنسانا أو شيئا غيره، ظنّ أنّه لم يبالغ، حتّى يسمع صوت الضربة. قال الشّاعر [1] : [من الطويل] أشار بهم لمع الأصمّ فأقبلوا ... عرانين، لا يأتيه للنّصر محلب [2] وقال الأسديّ [3] : [من المتقارب] وأوصيكم بطعان الكماة ... فقد تعلمون بأن لا خلودا وضرب الجماجم ضرب الأصمّ ... حنظل شابة يجنى الهبيدا [4] وقال الهذلي [5] : [من البسيط] فالطعن شغشغة والضّرب معمعة ... ضرب المعوّل تحت الدّيمة العضدا [6] وإنما جعله تحت الدّيمة؛ لأنّ الأغصان والأشجار تصير ألدن وأعلك، فيحتاج

_ [1] البيت لبشر بن أبي خازم في ديوانه 10 (61) ، واللسان والتاج (حلب، صمم) ، وأساس البلاغة (صمم) ، والتهذيب 5/85، 12/127، والتنبيه والإيضاح 1/68، وبلا نسبة في المجمل 2/99، والمقاييس 2/96. [2] في ديوانه «لمع الرجل بيده: أشار بها، ولمع الأصم: أي كما تشير للأصم بإصبعك. والضمير يعود على مقدم الجيش. والعرانين: الرؤساء. والمحلب: المعين من غير قومه، يقول: أشار إليهم فأقبلوا مسرعين. ولا يأتيه سوى قومه وبني عمه يكفونه» . [3] البيتان بلا نسبة في اللسان (صمم) ، والتهذيب 12/127، والثاني في اللسان والتاج (شوب) ، والتهذيب 6/219. [4] الأصم: عنى به الظليم من النعام. شابة: موضع بنجد. الهبيد: حب الحنظل. [5] البيت لعبد مناف بن ربع الهذلي في شرح أشعار الهذليين 674، واللسان والتاج (عضد، هقع، شغغ، عول) ، والتنبيه والإيضاح 2/39، والجمهرة 945، 1172، والمجمل 3/147، وديوان الأدب 3/434، وكتاب الجيم 2/272، وللهذلي في التهذيب 1/127، 3/198، 16/32، وبلا نسبة في الجمهرة 206، والمقاييس 3/169، 4/350، والمخصص 5/135، 6/90. [6] في ديوان الهذليين 2/40 «شغشغة: حكاية لصوت الطعن حين يدخل. هيقعة: حكاية لصوت الضرب والوقع. وقوله: ضرب المعول، المعوّل: الذي يبني عالة، والعالة: شجر يقطعه الراعي فيستظل به من المطر يكون الرجل يحتاج إلى الكن فيقطع شجرة فيضعها على شجرتين فيستظل تحتها. والعضد: ما قطع من الشجر، وجعل تحت الديمة لأنه أسمع لصوته إذا ابتلّ» .

1211 -[تفسير بيت من الشعر]

الذي يضرب تلك الأصول قبل المطر، إلى عشر ضربات حتّى يقطع ذلك المضروب؛ فإذا أصابه المطر احتاج إلى أكثر من ذلك. 1211-[تفسير بيت من الشعر] وأنشدني يحيى الأغر: [من المتقارب] كضرب القيون سبيك الحديد يوم الجنائب ضربا وكيدا [1] فلم أعرفه؛ فسألت بعض الصّياقلة فقال: نعم، هذا بيّن معروف. إذا أخرجنا الحديدة من الكير في يوم شمال [2] ، واحتاجت في القطع إلى مائة ضربة، احتاجت في قطعها يوم الجنوب إلى أكثر من ذلك، وإلى أشدّ من ذلك الضّرب؛ لأنّ الشمال ييبّس ويقصف، والجنوب يرطّب ويلدّن. 1212-[الأخرس] والإنسان أبدا أخرس، إذا كان لا يسمع ولا يتبيّن الأصوات التي تخرج من فيه، على معناه [3] . ويقال في غير الإنسان، على غير ذلك. قال كثيّر [4] : [من الطويل] ألم تسألي يا أمّ عمرو فتخبري ... سلمت وأسقاك السّحاب البوارق بكيا لصوت الرّعد خرس روائح ... ونعق ولم يسمع لهن صواعق 1213-[السحابة الخرساء] وتقول العرب: «مازلت تحت عين خرساء» . والعين: السحابة تبقى أيّاما تمطر. وإذا كثر ماؤها وكثف، ولم يكن فيها مخارق تمدح ببرق [5] .

_ [1] القيون: جمع قين، وهو الحداد. الجنائب: جمع جنوب، وهي الريح. الوكيد: الشديد. [2] أي في يوم رياحه شمالية. [3] معناه: أي المعنى الحقيقي للخرس. [4] ديوان كثير 417. [5] «قال أبو حنيفة: عين خرساء وسحابة خرساء: لا رعد فيها ولا برق، ولا يسمع لها صوت رعد. قال وأكثر ما يكون ذلك في الشتاء، لأن شدة البرد تخرس البرد، وتطفئ البرق» . (اللسان: خرس) .

1214 -[الصخرة الصماء]

ومتى رأيت البرق سمعت الرّعد بعد. والرّعد يكون في الأصل قبله، ولكنّ الصّوت لا يصل إليك في سرعة البرق؛ لأنّ البارق والبصر أشدّ تقاربا من الصّوت والسّمع. وقد ترى الإنسان، وبينك وبينه رحله فيضرب بعصا إمّا حجرا، وإمّا دابّة، وإمّا ثوبا، فترى الضّرب، ثمّ تمكث وقتا إلى أن يأتيك الصّوت. فإذا لم تصوّت السّحابة لم تبشّر بشيء، وإذا لم يكن لها رزّ [1] سمّيت خرساء. 1214-[الصخرة الصماء] وإذا كانت الصّخرة في هذه الصّفة سمّيت صماء. قال الأعشى [2] : [من الكامل] وإذا تجيء كتيبة ملمومة ... مكروهة يخشى الكماة نزالها وعلى غير هذا المعنى قال كثيّر [3] : [من الطويل] كأني أنادي صخرة، حين أعرضت ... من الصّمّ لو تمشي بها العصم زلّت ومن هذا الشّكل قول زهير [4] : [من الكامل] وتنوفة عمياء لا يجتازها ... إلا المشيّع ذو الفؤاد الهادي [5] قفر هجعت بها، ولست بنائم، ... وذراع يلقية الجران وسادي [6]

_ [1] الرز: الصوت. [2] ديوان الأعشى 83، واللسان والتاج (حصف) ، والتهذيب 4/252، والمقاييس 2/67، والمجمل 2/71، والعين 3/121. [3] ديوان كثير 97، والموشح 252، والمقاصد النحوية 2/408- 409. [4] ديوان زهير 244، والبيت الثاني في اللسان والتاج (هجع) ، وبلا نسبة في المخصص 5/104، والبيت الثالث في أساس البلاغة (لحظ) ، والإنصاف 778. [5] في ديوانه: «التنوفة: القفر. يجتازها: يجاوزها. عمياء: لا طريق بها. المشيع: الجريء الشجاع الذي كأنّ معه من يشيّعه، أي لجرأته» . [6] في ديوانه: «هجعت: نمت. ولست بنائم: أي لم أنم على تحقيق نوم. كقولك نمت ولم أنم. والجران: باطن الحلق ما أصاب الأرض، وإنما تضعه من الإعياء. يقول: توسدت ذراع هذه الناقة من الكلال والتعب. توسّد ذراع ناقته، حين نزل، وقد ألقت جرانها بالأرض، وهو باطن الحلقوم، من التعب والكلال» .

1215 -[الحيوان الأعمى]

ووقعت بين قتود عنس ضامر ... لحّاظة طفل العشيّ سناد [1] فجعل التّنوفة عمياء، حين لم تكن بها أمارات. 1215-[الحيوان الأعمى] ودابّة يقال لها الزّبابة، عمياء صمّاء، تشبه الفأرة؛ وليست بالخلد؛ لأنّ الخلد أعمى وليس بأصمّ. والزباب يكون في الرّمل. وقال الشاعر [2] : [من مجزوء الكامل] وهم زباب حائر ... لا تسمع الآذان رعدا وكلّ مولود في الأرض يولد أعمى، إن كان تأويل العمى أنّه لا يبصر إلّا بعد أيام. فمنه ما يفتح عينيه بعد أيّام كالجرو؛ إلّا أولاد الدّجاج؛ فإنّ فراريجها تخرج كاسية كاسبة. 1216-[شعر فيه مجون] وقال أبو الشمقمق- وجعل الأير أعمى أصمّ على التشبيه- فقال [3] : [من الطويل] فسلّم عليه فاتر الطرف ضاحكا ... وصوّت له بالحارث بن عباد بأصلع مثل الجرو جهم غضنفر ... معاود طعن جائف وسناد أصمّ وأعمى ينغض الدّهر رأسه ... يسير على ميل بغير قياد [4] 1217-[قول لمن زعم أن النعامة تسمع] وقال من زعم أنّ النّعامة تسمع: يدلّ على ذلك قول طرفة [5] : [من المنسرح] هل بالدّيار الغداة من خرس ... أم هل بربع الجميع من أنس

_ [1] في ديوانه: «القتود: أحناء الرحل، عيدان الرحل. الواحد قتد. عنس: ناقة. لحّاظة: تنظر وتتلفّت حين اصفرّت الشمس للمغيب في الوقت الذي تكلّ فيه الإبل. لحاظة: تلحظ يمينا وشمالا. طفل العشي: قبيل العشي. سناد، مشرفة» . [2] البيت للحارث بن حلزة في عيون الأخبار 2/96، والمعاني الكبير 656، وأدب الكاتب 196، والسمط 504، والخزانة 5/113، وشعراء النصرانية 417، واللسان والتاج (زبب) ، والتهذيب 13/171، والجمهرة 1000، 1120، ومعجم البلدان 3/129 (الزباء) . [3] ديوان أبي الشمقمق 133. [4] أنغض رأسه: حركه إلى أسفل وأعلى. [5] ديوان طرفة 155 (طبعة مكس سلغسون) .

1218 -[فكاهة]

سوى مهاة تقرو أسرّته ... وجؤذر يرتعي على كنس [1] أو خضاب يرتعي بهقلته ... متى ترعه الأصوات يهتجس [2] فقد قال طرفة كما ترى: متى ترعه الأصوات يهتجس وقال الآخر: جوابنا في هذا هو جوابنا فيما قبله. 1218-[فكاهة] وروى الهيثم بن عديّ، وسمعه بعض أصحابنا من أبي عبيدة، قال: تضارط أعرابيّان عند خالد بن عبد الله، أحدهما تميميّ والآخر أزديّ فضرط الأزديّ ضرطة ضئيلة، فقال التميميّ: [من الطويل] حبقت عجيفا محثلا ولو انّني ... حبقت لأسمعت النّعام المشرّدا [3] فمرّ كمّر المنجنيق وصوته ... يبذّ هزيم الرّعد، بدءا عمرّدا [4] 1219-[سبب إطلاق لقب نعامة على بعض الناس] وزعم أبو عمرو الشّيبانيّ عن بعض العرب، أنّ كلّ عربيّ وأعرابيّ كان يلقّب نعامة، فإنما يلقّب بذلك لشدّة صممه. وأنّه سأله عن الظليم: هل يسمع؟ فقال: يعرف بأنفه وعينه، ولا يحتاج معهما إلى سمع. وأنشدني: [من الطويل] فجئتك مثل الهقل يشتمّ رأله ... ولا عرف إلّا سوفها وشميمها [5] وزعم أنّ لقب بيهس نعامة، وأنه لقّب بذلك لأنّه كان في خلق نعامة، وكان

_ [1] المهاة: البقرة الوحشية. تقرو: تقصد. الأسرة: جمع سر. وهو أفضل موضع في الوادي. الجؤذر: ولد البقرة الوحشية. الكنس: جمع كناس، وهو بيت الوحش. [2] الخاضب: الظليم. الهقلة: النعامة. يهتجس: هجسه: رده عن الأمر فانهجس. [3] العجيف: المهزول. المحثل: الهزيل. [4] المنجنيق: آلة ترمى بها الحجارة، فارسيتها: من چهـ نيك، أي: أنا ما أجودني. يبذ: يغلب. الهزيم: صوت الرعد. البدء: السيد والشاب العاقل. العمرّد: الطويل. [5] الهقل: ذكر النعام. الرأل: فرخ النعام. العرف: الريح طيبة أو غير طيبة. السوف: الشم.

1220 -[شعر في التشبيه بالنعام]

شديد الصّمم مائقا. فأنشد لعديّ بن زيد [1] : [من الطويل] ومن حذر الأيّام ما حزّ أنفه ... قصير وخاض الموت بالسّيف بيهس [2] نعامة لمّا صرّع القوم رهطه ... تبيّن في أثوابه كيف يلبس وقال المتنخّل الهذليّ [3] وذكر سيفا: [من السريع] منتخب اللّبّ له ضربة ... خدباء كالعطّ من الخذعل [4] يقول: هذا السّيف أهوج لا عقل له. والخدب في هذا الموضوع: الهوج. وتهاوي الشيء لا يتمالك. ويقال للسّيف لا يبالي ما لقي. 1220-[شعر في التشبيه بالنعام] وقال الأعشى [5] في غير هذا الباب: [من المتقارب] كحوصلة الرّال في جريها ... إذا جليت بعد إقعادها [6] «كحوصلة الرّأل» يصف الخمر بالحمرة. جليت: أخرجت؛ وهو مأخوذ من جلوة العروس القاعدة، إذا قعدت عن الطّلب. ومثله في غير الخمر قول علقمة [7] : [من البسيط] تأوي إلى حسكل حمر حواصله ... كأنّهنّ إذا برّكن جرثوم

_ [1] البيتان في ملحق ديوان عدي بن زيد 200، وللمتلمس في ديوانه 113، 116، والخزانة 7/290، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 659، وحماسة البحتري 20، والفاخر 64، وبلا نسبة في البيان 4/17. [2] قصير: هو قصير بن سعد اللخمي، وقصته مشهورة مع الزباء ملكة تدمر، وبه ضرب المثل «لأمر ما جدع قصير أنفه» ، وهذا المثل في المستقصى 2/383، ومجمع الأمثال 1/290، والأمثال لمجهول 116. [3] شرح أشعار الهذليين 1260، واللسان (خذعل) ، وديوان الهذليين 2/12. [4] في ديوان الهذليين: «منتخب، أي منخوب اللب. يقول: ذهب عقله. يقول: كأنه ليس له عقل من مرّه لا يتماسك. والخدب: الاسترخاء، وركوب من الرجل لرأسه، وهو مثل الهوج. والعط: الشّقّ. والخذعل: المرأة الحمقاء. ويقال: هذه الحمقاء لا تداوي الشق، تدعه كما هو» . [5] ديوان الأعشى 121. [6] في جريها: أي عند سيلانها وتدفقها من فم الدن. الرأل: فرخ النعام، وحوصلته حمراء لتجردها من الريش. [7] تقدم تخريج البيت وشرحه في الفقرة 1193، ص 438.

1221 -[زعم في استقبال الظليم للريح]

وقال الأخنس بن شهاب [1] : [من الطويل] تظلّ بها ربد النّعام كأنّها ... إماء تزجّي بالمساء حواطب [2] تزجّي: تدفع؛ وذلك أنّه يثقل حملها فتمشي مشية النّعامة. وقال الرّاجز [3] : [من الكامل] وإذا الرّياح تروّحت بعشيّة ... رتك النّعام إلى كثيف العرفج [4] والرّتك: مشي سريع. يقول تبادر إلى الكثيف تستتر به من البرد. وقال [5] : [من الكامل] رتك النّعامة في طريق حام [6] 1221-[زعم في استقبال الظليم للريح] وليس لقول من زعم أنّ الظليم إذا عدا استقبل الرّيح [7] ، وإنّما ذلك مخافة أن تكون الرّيح من خلفه فتكبته- معنى؛ لأنّا نجدهم يصفون جميع ما يستدعونه باستقبال الرّيح. قال عبدة بن الطّبيب [8] ، يصف الثّور: [من البسيط] مستقبل الرّيح يهفو وهو مبترك ... لسانه عن شمال الشّدق معدول [9]

_ [1] البيت في المفضليات 204، والموشح 44، والشعر والشعراء 79 (ليدن) ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 724. [2] في المفضليات: «الربد: جمع أربد وربداء، والربدة سواد في بياض. الحواطب: اللاتي يحملن الحطب. وإنما خصّ العشيّ لأن الإماء المحتطبات يرجعن فيه إلى أهاليهن» . [3] كذا، والصواب «الشاعر» . وهو للحارث بن حلزة في شرح اختيارات المفضل 1142، والمفضليات 256، والتاج (رتك) . [4] الكثيف: الملتف. العرفج: شجر سريع الالتهاب. [5] صدر البيت: (ومجدّة نسّأتها فتكمّشت) ، وهو لامرئ القيس في ديوانه 115، وأساس البلاغة (كمش) . [6] في ديوانه: (قوله: «ومجدة» ، أي ربّ ناقة لها جدّ في السير وسرعة. ومعنى «تكمشت» ، أسرعت وجدّت لا تفتر. وشبّه سرعة سيرها برتك النعامة، وهو تقارب خطوها في سرعة. والحامي: الحار المتوهّج. وصف أنه صار في الهاجرة) . [7] ربيع الأبرار 5/452. [8] ديوان عبدة بن الطبيب 61، والمفضليات 140. [9] في المفضليات: «مستقبل الريح: يستروح بها من حرارة التعب وجهد العدو. المبترك: المعتمد في سيره لا يترك جهدا، معدول: ممال. يريد أنه قد دلع لسانه يلهث من الإعياء» .

1222 -[استطراد]

ووصف الذّيب طفيل الغنويّ، فقال [1] : [من الطويل] كسيد الغضا العادي أضلّ جراءه ... على شرف مستقبل الرّيح يلحب 1222-[استطراد] ويلحق بموضع ذكر الضّرب الشديد، قولهم في المثل: «ضربناهم ضرب غرائب الإبل» [2] . قال أبو حيّة [3] : [من الطويل] جديرون يوم الرّوع أن يخضبوا القنا ... وأن يتركوا الكبش المدجّج ثاويا [4] ضربناهم ضرب الجنابى على جبى ... غرائب تغشاه حرارا ضواريا [5] وإذا جاءت عطاشا قد بلغ منها العطش واليبس، قيل: جاءت تصلّ أجوافها صليلا. قال الرّاعي [6] : [من الكامل] فسقوا صوادي يسمعون عشيّة ... للماء في أجوافهنّ صليلا قال: وأنشدنا أبو مهديّة، لمزاحم العقيليّ [7] : [من الطويل] غدت من عليه بعد ما تمّ ظمؤها ... تصلّ، وعن قيض بزيزاء مجهل [8]

_ [1] ديوان طفيل الغنوي 45، والمعاني الكبير 1/162، 319، وتقدم البيت في الصفحة 323. [2] المثل برواية «ضربه ضرب غرائب الإبل» ، ويروى «اضربه ضرب غريبة الإبل» ، والمثل في مجمع الأمثال 1/419، وجمهرة الأمثال 2/8، والمستقصى 1/215، وأمثال ابن سلام 270، ومثله حديث الحجاج في النهاية 3/349 «لأضربنّكم ضرب غريبة الإبل» ، وذلك أن الإبل إذا وردت الماء فدخل فيها غريبة من غيرها ضربت وطردت، حتى تخرج منها. [3] ديوان أبي حية النميري 104- 105. [4] القنا: الرماح. الكبش: القائد. المدجج: ذو السلاح. ثاويا: مقتولا. [5] رواية البيت في الأصل: (ضربناهم ضرب الحساما غرائب ... وإذا جاءك عطاشا لعسا حرارا ضواريا) [6] ديوان الراعي النميري 223، واللسان والتاج (صلل) ، والجمهرة 143، 1321، وراجع المزيد من مصادر البيت في ديوانه 223- 224. [7] ديوان مزاحم العقيلي 11، والخزانة 10/147، 150، ونوادر أبي زيد 163، واللسان والتاج (صلل، علا) ، وشرح شواهد المغني 1/425، وشرح المفصل 8/38، وشرح شواهد الإيضاح 230، والأزهية 194، والدرر 4/187، وبلا نسبة في مغني اللبيب 1/146، 2/532، والخزانة 6/535، ومجالس ثعلب 304، وأوضح المسالك 3/58، وأسرار العربية 103، وهمع الهوامع 2/36. والمخصص 14/57، والكتاب 4/231. [8] في الكتاب «يصف قطاة غدت عن فرخها طالبة للورد بعد تمام الخمس، وهو أن ترد الماء يوما

1223 -[اختبار لأحد الحواء]

قال الزّيزاء: المكان الغليظ. وقال آخر [1] : [من الطويل] ألم تعلمي يا أمّ حسّان أنّني ... إذا عبرة نهنهتها فتجلّت [2] رجعت إلى صدر كجرّة حنتم ... إذا قرعت صفرا من الماء صلّت [3] 1223-[اختبار لأحد الحوّاء] وزعم ابن أبي العجوز الحوّاء، أنّ الأفاعي صمّ، فلذلك لا تجيب الرّقى، ثمّ زعم لي في ذلك المجلس أنّ أمير المؤمنين المنصور، أراد امتحان رقى حيّة وأن يتعرّف صحّتها من سقمها، وأنّه أمر فصاغوا له أفعى من رصاص، فجاءت ولا يشكّ النّاظر فيها؛ وأنّه أمر بإلزاقها في موضع من السّقف؛ وأنّه أحضره وقال له: إنّ هذه الأفعى قد صارت في هذه الدّار، وقد كرهتها لمكانها؛ فإن احتلت لي برقية، أو بما أحببت أحسنت إليك. قال: إن أردت أن آخذها هربت، ولكن أرقيها حتى تنزل! فرقاها فلما رآها لا تتحرّك زاد في رفع صوته وألقى قناعه، فلما رآها لا تتحرّك نزع عمامته وزاد في رفع صوته. فلما رآها لا تتحرّك نزع قلنسوته وزاد في رفع صوته. فلما رآها لا تتحرّك نزع ثيابه، وزاد في رفع صوته، حتّى أزبد، وتمرّغ في الأرض، فلما فعل ذلك سال ذلك الرّصاص وذاب، حتى صار بين أيديهم، فأقرّ عند ذلك المنصور بجودة رقيته. فقلت له: ويلك! زعمت قبيل أنّ الأفاعي لا تجيب الرّقى؛ لأنها لا تسمع، وهي حيوان، ثمّ زعمت أنّها أجابت، وهي جماد!! 1224-[نفار النعامة وغيرها] وقال الشّاعر: [من الطويل]

_ ثم تتركه ثلاثا وتعود إليه في الخامس. والظمء: ما بين الوردين، والقيض: قشور البيض. يريد أنها أفرخت بيضها لتوّها، فهي تسرع في طيرانها في ذهابها وإيابها إشفاقا وحرصا. المجهل: الذي لا يهتدى فيه» . [1] البيتان لعمرو بن شأس في ديوانه 79، والأغاني 11/199، والبيت الثاني في اللسان (حنتم) وكتاب الجيم 1/205، والمذكر والمؤنث للأنباري 317، وبلا نسبة في الجمهرة 143، والمخصص 17/16، والتهذيب 12/112، والتاج (حنتم) . [2] في ديوانه «أم حسان: زوجة الشاعر، واسمها: حية بنت الحارث بن سعد. نهنهتها: كففتها» . [3] في ديوانه «الحنتم: جرار خضر تضرب إلى الحمرة. صلت: صوتت» . صفرا: خالية.

وربداء يكفيها الشّميم وما لها ... سوى الرّبد من أنس بتلك المجاهل يخبر أنّ النّعامة لا تستأنس بشيء من الوحش، وأنّ الشّمّ يغنيها في فهم ما تحتاج إليه. وهي مع ذلك إذا صارت إلى دور النّاس، فليس معها من الوحشة منهم، على قدر ما يذكرون. وفي الوحش ما يأنس، وفيها ما لا يأنس. وقال كثيّر [1] : [من الطويل] فأقسمت لا أنساك ما عشت ليلة ... وإن شحطت دار وشطّ مزارها وما استنّ رقراق السّراب وما جرت ... ببيض الرّبا أنسيّها ونوارها [2] ووصف بلادا قفارا غير مأنوسة فقال [3] : [من الخفيف] ما ترى العين حولها من أنيس ... قربها غير رابدات الرّئال [4] خصّها بالذّكر؛ لأنها أنفر وأشرد، وأقلّ أنسا من جميع الوحش. وقال الأحيمر [5] : كنت آتي الظّبي حتى آخذ بذارعيه؛ وما كان شيء من بهائم الوحش ينكرني إلّا النّعام. وأنشد قول ذي الرّمّة [6] : [من الطويل] وكلّ أحمّ المقلتين كأنّه ... أخو الإنس من طول الخلاء المغفّل [7]

_ [1] ديوان كثير 430- 431. [2] استن: اضطرب. النور: النافر الذي لا يستأنس من الحيوان. [3] ديوان كثير 398. [4] رابدات: مقيمات. الرئال: فراخ النعام. [5] هو الأحيمر السعدي، وتمام الخبر في عيون الأخبار 2/88: «كنت حين خلعني قومي وأطلّ السلطان دمي، وهربت وترددت في البوادي، ظننت أني قد جزت نخل وبار أو قريب منها، وذلك أني كنت أرى النوى في رجع الذئاب، وكنت أغشى الظباء وغيرها من بهائم الوحش، فلا تنفر مني، لأنها لم تر أحدا قبلي، وكنت أمشي إلى الظبي السمين فآخذه، وعلى ذلك رأيت جميع تلك الوحوش إلا النعام، فإنه لم أره إلا نافرا فزعا» . [6] ديوان ذي الرمة 1462، وعيون الأخبار 2/88، والمعاني الكبير 754، وجمهرة الأمثال 2/317، وشرح ديوان الحماسة للتبريزي 1/343. [7] في ديوانه «يريد: وكل ثور أسود العينين كأنه أخو الإنس لا ينحاش من الناس، لا يفزع منهم لأنه لا يعرفهم» والمغفل: الذي لا علامة فيه ولا أثر.

1225 -[إقبال الظباء على الناس]

يدلّ على ذلك في قدر ما شاهدنا أنّهم يخرجون إلى الصّحارى الأغفال، التي لم يذعر صيدها، ولا يطؤها النّاس، فيأتون الوحش فوضى هملا، ومعهم كلابهم وفهودهم تتلوى بأيديهم، فيتقدّمون إلى المواضع التي لو كانوا ابتدؤوا الصّيد من جهتها لأخذوا ما أخذوا فإذا نفرت وحوش هذه الأرض، ومرّت بالأرض المجاورة لها، نفرت سكّان تلك الأرض مع هذه النّوافر، ولا تعود تلك الصحارى إلى مثل ما كانت عليه، من كثرة الوحش حينا. ومتى لم تنفّرها الأعراب بالكلاب والقسيّ، ونصب الحبائل، رتعت بقربهم، ثمّ دنت منهم أوّلا فأوّلا، حتى تطأ أكناف بيوتهم. وهي اليوم في حير [1] المعتصم بالله والواثق بالله على هذه الصّفة. 1225-[إقبال الظّباء على الناس] وخبّرني إبراهيم بن السّنديّ قال خبرني عبد الملك بن صالح، وإسحاق بن عيسى، وصالح صاحب الموصل، أنّ خالد بن برمك، بينا هو على سطح من سطوح القرى مع قحطبة، وهم يتغدّون، وذلك في بعض منازلهم، حين فصلوا من خراسان إلى الجبل. قال: وبين قحطبة وبين الأعداء مسيرة أيّام وليال. قال: فبينا خالد يتغدّى معه وذلك حين نزلوا وبهم كلال السّير، وحين علّقوا [2] على دوابّهم، ونصبوا قدورهم، وقرّبوا سفرهم [3] . قال فنظر خالد إلى الصّحراء، فرأى أقاطيع الظّباء قد أقبلت من جهة الصّحارى، حتى كادت تخالط العسكر، فقال لقحطبة: أيّها الأمير! ناد في النّاس: «يا خيل الله اركبي» [4] ؛ فإنّ العدوّ قد حثّ إليك السّير، وغاية أصحابك أن يسرجوا ويلجموا قبل أن يروا سرعان الخيل [5] . فقام قحطبة مذعورا، فلما لم ير شيئا يروعه، ولم ير غبارا قال لخالد: ما هذا الرّأي! قال: أيّها الأمير! لا تتشاغل بي وبكلامي، وناد في النّاس. أما ترى أقاطيع الوحش قد أقبلت، فارقت مواضعها حتّى خالطت الناس؟! إنّ وراءها

_ [1] الحير: البستان. [2] في اللسان «العليق: القضيم يعلق على الدابة» والقضيم: الشعير. [3] السّفر: جمع سفرة، وهي طعام المسافر. [4] الحديث أورده الجاحظ في البيان 2/15، وتقدم في الفقرة (243) ، 1/222. [5] سرعان الخيل: أوائلها.

1226 -[قصة في قوة الشم]

جمعا عظيما!. قال: فو الله ما ألجموا وأسرجوا حتى رأوا ساطع الغبار، ولا تلبّسوا [1] وتسلّحوا حتّى رأوا الطليعة [2] . فما التأموا حتى استوى أصحاب قحطبة على ظهور خيولهم. ولولا نظرة خالد بن برمك وفراسته، لقد كان ذلك الجيش اصطلم [3] . 1226-[قصة في قوة الشمّ] وكان إبراهيم بن السّنديّ يحدّثنا من صدق حسّ أبيه في الشّمّ، بشيء ما يحكى مثله إلّا عن السّباع والذّرّ والنّعام. وزعم أنّ أباه قال ذات يوم: أجد ريح بول فأرة! ثمّ تشمّم وأجال أنفه في المجلس، فقال: هو في تلك الزّاوية! فنظروا فإذا على طرف البساط من البلل بقدر الدّرهم، أو أوسع شيئا، فقضوا أنّه بول فأرة. قال: وشهدته مرّة وأشراطه [4] قيام على رأسه في السّماطين [5] ، فقال: أجد ريح جورب عفن منتن! فتشمّمنا بأجمعنا، فلم نجد شيئا، ثمّ تشمّم وقال: انزعوا خفّ ذاك. فنزعوا خفّه، فكلّما مدّ النازع له شيئا بدا من لفافته. فما زال النّتن يكثف ويزداد، حتى خلع خفّه ونزعه من رجله، فظهر من نتن لفافته ما عرف به صدق حسّه. ثمّ قال: انزعوا الآن أخفافكم بأجمعكم، فلا بدّ من ألّا يكون في جميع اللّفائف منتن غير لفافته، أو تكون لفافته أنتنها؛ فنزعوا، فلم يجدوا في جميعها لفافة منتنة غيرها. وأنشدوا [6] : [من الطويل] غزا ابن عمير غزوة تركت لنا ... ثناء كنتن الجورب المتخرّق 1227-[أقوى درجات التشمم] وليس الذي يحكى من صدق الحسّ في الشّم- عن بعض النّاس، وعن النّعام والسّباع، والفأر والذّرّ، وضروب من الحشرات- من شكل ما نطق به القرآن العظيم،

_ [1] تلبسوا: لبسوا ثياب الحرب. [2] طليعة الجيش: أولهم. [3] اصطلم الجيش: استؤصل وأبيد. [4] الأشراط: الحرس. [5] السماطين: مثنى سماط، وهو الصف من الناس. [6] البيت بلا نسبة في ثمار القلوب 486 (867) ، والمستقصى 1/382، والوساطة 400، وتقدم في 1/157.

1228 -[بعض المجاعات]

من شأن يعقوب ويوسف عليهما الصلاة والسّلام حين يقول تعالى: قالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ، قالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ [1] . وكان هذا من يعقوب بعد أن قال يوسف اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ [2] . ولذلك قال: وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ [1] ثمّ قال: فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً [3] . وإنّما هذا علامة ظهرت له خاصة؛ إذ كان النّاس لا يشتمّون أرواح [4] أولادهم إذا تباعدوا عن أنوفهم، وما في طاقة الحصان الذي يجد ريح الحجر [5] ممّا يجوز الغلوتين والثّلاث [6] . فكيف يجد الإنسان وهو بالشّام ريح ابنه في قميصه، ساعة فصل من أرض مصر؟! ولذلك قال: أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ [7] . 1228-[بعض المجاعات] وقد غبر [8] موسى وهو يسير أربعين عاما، لا يذوق ذواقا [9] . وجاع أهل المدينة في تلك الحطمة [10] ، حتى كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يشدّون الحجر على بطونهم، من الجوع والجهد [11] . وكان النبيّ صلى الله عليه وسلم، وعلى آله الطّيبين الطاهرين

_ [1] 94/يوسف: 12. [2] 93/يوسف: 12. [3] 96/يوسف: 12. [4] الأرواح: جمع ريح: وهي الرائحة. [5] الحجر: أنثى الخيل. [6] الغلوة: قدر رمية بسهم، وانظر الفقرة (1208) ، ص 455. [7] 96/يوسف: 12. [8] غبر: مكث. [9] الذواق: المأكول والمشروب، فعال بمعنى مفعول، وفي الحديث «لم يكن يذم ذواقا» انظر النهاية 2/172. [10] الحطمة: هي السنة الشديدة الجدب، ومنه حديث جعفر «كنا نخرج سنة الحطمة» . [11] كان النبي صلى الله عليه وسلم قد دعا على مضر بقوله: «اللهم اشدد وطأتك على مضر، وابعث عليهم سنين كسني يوسف» فكان القحط سبع سنين متتالية، حتى أكلوا القد والعظام. فنال ذلك الجدب النبي وأصحابه. حتى شد المسلمون على بطونهم الحجارة من الجوع. انظر صحيح البخاري، كتاب الاستسقاء، حديث 961، وكتاب صفة الصلاة، حديث 771، ومسلم في المساجد ومواضع الصلاة، حديث 675، ومسند أحمد 2/239، 255، وثمار القلوب 37 (113) .

1229 -[جدال في ذبح الحيوان وقتله]

يقول: «إنّي لست كأحدكم، إنّي أبيت عند ربّي، يطعمني ويسقيني» [1] . 1229-[جدال في ذبح الحيوان وقتله] ورجال ممّن ينتحل الإسلام، يظهرون التقذّر من الصّيد، ويرون أنّ ذلك من القسوة، وأنّ أصحاب الصّيد لتؤدّيهم الضّراوة التي اعترتهم من طروق الطّير في الأوكار، ونصب الحبائل للظّباء، التي تنقطع عن الخشفان [2] حتى تموت هزلا وجوعا، وإشلاء السّباع على بهائم الوحش وستسلم أهلها إلى القسوة، وإلى التهاون بدماء النّاس. والرّحمة شكل واحد. ومن لم يرحم الكلب لم يرحم الظّبي، ومن لم يرحم الظّبي لم يرحم الجدي، ومن لم يرحم العصفور لم يرحم الصّبيّ. وصغار الأمور تؤدّي إلى كبارها. وليس ينبغي لأحد أن يتهاون بشيء ممّا يؤدي إلى القسوة يوما ما. وأكثر ما سمعت هذا الباب، من ناس من الصّوفيّة، ومن النّصارى؛ لمضاهاة النّصارى سبيل الزّنادقة، في رفض الذبائح، والبغض لإراقة الدّماء، والزّهد في أكل اللّحمان. وقد- كان يرحمك الله- على الزّنديق ألّا يأتي ذلك في سباع الطّير، وذوات الأربع من السّباع. فأما قتل الحيّة والعقرب، فما كان ينبغي لهم البتّة أن يقفوا في قتلهما طرفة عين؛ لأنّ هذه الأمور لا تخلو من أن تكون شرّا صرفا، أو يكون ما فيها من الخير مغمورا بما فيها من الشرّ. والشّرّ شيطان، والظّلمة عدوّ النّور. فاستحياء الظلمة وأنت قادر على إماتتها، لا يكون من عمل النّور. بل قد ينبغي أن تكون رحمة النّور لجميع الخلائق والنّاس، إلى استنقاذهما من شرور الظّلمة. وكما ينبغي أن يكون حسنا في العقل استحياء النّور والعمل في تخليصه والدّفع عنه- فكذلك ينبغي أن يكون قتل الظّلمة وإماتتها، والعون على إهلاكها، وتوهين أمرها- حسنا.

_ [1] أخرج البخاري في الصوم برقم 1860، ومسلم في الصيام برقم 1104 (عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تواصلوا. قالوا: إنك تواصل، قال: لست كأحد منكم، إني أطعم وأسقى، أو: إني أبيت أطعم وأسقى) وأعاده البخاري في التمني برقم 6814. [2] الخشفان: جمع خشف، وهو ولد الظبية عندما يتحرك للمشي.

والبهيمة التي يرون أن يدفعوا عنها أيضا ممزوجة [1] ، إلّا أنّ شرّها أقلّ. فهم إذا استبقوها فقد استبقوا الشّرور المخالطة لها. فإن زعموا أنّ ذلك إنّما جاز لهم؛ لأنّ الأغلب على طباعها النّور فليغتفروا في هذا الموضع إدخال الأذى على قليل ما فيها من أجزاء الشّرّ كما اغتفروا ما في إدخال الروح والسّرور على ما في البهيمة من أجزاء الظّلمة لدفعهم عن البهيمة؛ إذ كان أكثر أجزائها من النّور. وإنّما ذكرت ما ذكرت؛ لأنّهم قالوا: الدّليل على أنّ الذي أنتم فيه، من أكل الحيوان كلّ يوم من الذبائح، مكروه عند الله، أنّكم لم تروا قطّ ذبّاحي الحيوان ولا قتّالي الإنسان، ولا الذين لا يقتاتون إلّا اللّحمان يفلحون أبدا. ويستغنون؛ كنحو صيّادي السّمك وصيّادي الوحش وأصناف الجزّارين والقصّابين، والشّوّائين والطهّائين والفهّادين والبيازرة [2] والصّقّارين والكلابين؛ لا ترى أحدا منهم صار إلى غنى ويسر، ولا تراه أبدا إلا فقيرا محارفا [3] ، وعلى حال مشبهة بحاله الأولى. وكذلك الجلادون، ومن يضرب الأعناق بين يدي الملوك. وكذلك أصحاب الاستخراج والعذاب، وإن أصابوا الإصابات، وجميع أهل هذه الأصناف. نعم؛ وحتّى ترى بعضهم وإن خرج نادرا خارجيّا، ونال منهم ثروة وجاها وسلطانا، فإمّا أن يقتل، وإمّا يغتصب نفسه بميتة عاجلة، عند سروره بالثّروة، أو يبعث الله عليه المحق [4] فلا ينمو له شيء، وإما ألّا يجعل من نسلهم عقبا مذكورا، ولا ذكرا نبيها وذرّيّة طيبة، مثل الحجّاج بن يوسف، وأبي مسلم، ويزيد بن أبي مسلم ومثل أبي الوعد، ومثل رجال ذكروهم لا نحبّ أن نسميهم. قال: فإنّ هؤلاء، مع كثرة الطّروقة [5] وظهور القدرة، ومع كثرة الإنسال، قد قبح الله أمرهم، وأخمل أولادهم. فهم بين من لم يعقب، أو بين من هو في معنى من لم يعقب.

_ [1] ممزوجة: أي ممزوج فيها الخير بالشر. [2] البيازرة: جمع بيزار، وهو القائم بأمر البازي. [3] المحارف: المحروم. [4] المحق: النقصان. [5] الطروقة: الزوجة، والمرأة.

فقلت للنّصارى بديّا: كيف كان النّاس أيّام الحكم بما في التّوراة أيّام موسى وداود، وهما صاحبا حروب وقتل، وسباء وذبائح؟! نعم حتى كان القربان كله أو عامّته حيوانا مذبوحا، لذلك سمّيتم بيت المذبح. ولسنا نسألكم عن سيرة النّصارى اليوم، ولكنّا نسألكم عن دين موسى وحكم التّوراة، وحكم صاحب الزّبور. وما زالوا عندكم إلى أن أنكروا ربوبيّة المسيح، على أكثر من حالنا اليوم في الذبائح. وأنتم في كثير من حالاتكم تغلون علينا السّمك، حتى نتوخّى أيّاما بأعيانها، فلا نشتري السّمك إلا فيها؛ طلبا للإمكان والاسترخاص، وهي يوم الخميس، ويوم السّبت، ويوم الثّلاثاء؛ لأنّ شراءكم في ذلك اليوم يقلّ. على أنّكم تكثرون من الذّبائح في أيّام الفصح، وهل تدعون أكل الحيوان إلّا أيّاما معدودة، وساعات معلومة؟!. فإذا كانت الحرفة والمحن إنّما لزما القصّابين والجزّارين والشّوّائين، وأصناف الصّيّادين، من جهة العقوبة- فأنتم شركاء صيّادي السّمك خاصّة؛ لأنّكم آكل الخلق له، وأنتم أيضا شركاء القصّابين في عامّة الدّهر. فلا أنتم تدينون للإسلام فتعرفوا ما عليكم ولكم، وفصل ما بين الرّحمة والقسوة، وما الرّحمة، وفي أيّ موضع يكون ذلك القتل رحمة؟ فقد أجمعوا على أنّ قتل البعض إحياء للجميع، وأنّ إصلاح النّاس. في إقامة جزاء الحسنة والسيئة. وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ [1] . والقود حياة. وهذا شيء تعمل به الأمم كلها، غير الزّنادقة. والزّنادقة لم تكن قطّ أمّة، ولا كان لها ملك ومملكة، ولم تزل بين مقتول وهارب ومنافق. فلا أنتم زنادقة. ولا ينكر لمن كان ذلك مذهبه أن يقول هذا القول. فأنتم لا دهريّة، ولا زنادقة، ولا مسلمون؛ ولا أنتم راضون بحكم الله أيّام التّوراة. فإن كان هذا الحكم قد أمر الله به- وهو عدل- فليس بين الزّمانين فرق. وبعد فإنّا نجدكم تأكلون السّمك أكلا ذريعا، وتتقذرون من اللّحمان! أفلأنّ السّمك لا يألم القتل، أم لأنّ السّمك لمّا قتلتموه بلاسكّين لم يحسّ قتله؟! فالجميع حيوان، وكلّ مقتول يألم، وكلّ يحسّ. فكيف صار أكل اللّحم قسوة، وأكل السّمك ليس بقسوة؟!. وكيف صار ذبح البهائم قسوة ولا تكون تفرقة ما بين

_ [1] 179/البقرة: 2

السّمك والماء حتّى تموت قسوة! وكيف صار ذبح الشّاة قسوة وصيد السمك بالسّنانير المذرّبة المعقّفة [1] ليس لها شعائر تخالف العقاف المنصوص في جهاتها. وكيف وهي وإن لم تنشب في أجوافها، وتقبض على مجامع أرواحها، لم تقدر على أخذها؟!. وكيف صار وجء اللّبّة [2] من الجزور أقسى من ضرب النبائل؟! أم كيف صار طعن العير بالرّمح، ونصب الحبائل للظّباء، وإرسال الكلاب عليها أشدّ من وقع النّبائل في ظهر السّمك؟! ولأنّكم تكثرون قولكم: لا نأكل شيئا فيه دم أيّام صومنا، فللسّمك دم، ولا بدّ لجميع الحيوان من دم أو شيء يشاكل الدّم، فما وجه اعتلالكم بالدّم؟! ألأنّ كلّ شيء فيه دم فهو أشدّ ألما؟ فكيف نعلم ذلك؟ وما الدّليل عليه؟ فإن زعمتم أنّ ذلك داخل في باب التعبّد والمصلحة، لا في باب القياس والرّحمة والقسوة، فهذا باب آخر. إلّا أن تدّعوا أنّ ذوات الدّماء أقوى للأبدان، وآشر [3] للنّفوس، فأردتم بذلك قلّة الأشر وضعف البدن. فإن كان ذلك كذلك فقد ينبغي أن يكون هذا المعنى مستبينا في آكلي السّمك من البحريين. وأمّا ما ذكرتم من ملازمة الحرفة لهؤلاء الأصناف، فإنّ كلّ من نزلت صناعته، ودقّ خطر تجارته، كذلك سبيله. وأحلّ الكسب كلّه وأطيبه عند جميع النّاس سقي الماء، إمّا على الظّهر، وإمّا على دابّة. ولم أر سقّاء قطّ بلغ حال اليسار والثّروة وكذلك ضرّاب اللّبن، والطّيّان، والحرّاث. وكذلك ما صغر من التّجارات والصّناعات. ألا ترون أنّ الأموال كثيرا ما تكون عند الكتّاب، وعند أصحاب الجوهر، وعند أصحاب الوشي والأنماط [4] ، وعند الصّيارفة والحنّاطين [5] ، وعند البحريّين

_ [1] المذربة: المحددة: المعقفة: الملوية. [2] الوجء: الطعن. اللبة: موضع النحر. [3] الأشر: المرح والنشاط. [4] الأنماط: ضرب من البسط. [5] الحناطين: بائعو الحنطة، أي البر.

1230 -[شعر في فقر القانص]

والبصريين. والجلّاب [1] أبدا، والبيازرة [2] أيسر ممّن يبتاع منهم. وجمل الأموال حقّ بأن تربح الجمل من تفاريق الأموال. وكذلك سبيل القصّاب والجزّار، والشّوّاء، والبازيار [2] ، والفهّاد. وأمّا ما ذكرتم من انقطاع نسل القساة، وخمول أولادهم، كانقطاع نسل فرعون، وهامان، ونمرود، وبخت نصّر، وأشباههم، فإنّ الله يقول: وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى * [3] . وإن شئتم أن تعدّوا من المذكورين بالصّلاح أكثر من هؤلاء ممّن كان عقيما أو كان ميناثا [4] ، أو يكون ممّن نبت لهم أولاد سوء عقّوهم في حياتهم، وعرّضوهم للسّبّ بعد موتهم- لوجدتموهم. وعلى أني لم أنصب نفسي حربا للحجّاج بن يوسف، ويزيد بن أبي مسلم، أتحرى بهما، وهما عندي من أهل النّار. ولكنّي عرفت مغزاكم. وعلى أنّكم ليس القصّابين أردتم، ولكنّكم أردتم دين المسلمين. وقد خرج الحجّاج من الدّنيا سليما في بدنه، وظاهر نعمته، وعليّ مرتبته من الملك، ومكانه من جواز الأمر والنّهي. فإن كان الله عندكم سلّمه وعاقب أولاده، وكان ذلك دينكم فإنّ هذا قول إن خاطبتم به الجبريّة [5] فعسى أن تتعلّقوا منهم بسبب فأمّا من صحّح القول بالعدل فإنّ هذا القول عنده من الخطإ الفاحش الذي لا شبهة فيه. 1230-[شعر في فقر القانص] وكان ممّا أنشدوا من الدّليل على أنّ القانص لا يزال فقيرا- قول ذي الرّمة [6] : [من البسيط]

_ [1] الجلّاب: الذين يجلبون العبيد للتجارة. [2] البيازرة: جمع بيزار، وهو القائم بأمر البازي، وبيزار: معرب بازيار. [3] 164/الأنعام: 6، 15/الإسراء: 17، 18/فاطر: 35، 7/الزمر: 39. [4] المئناث: الذي لا يولد له إلا الإناث. [5] الجبرية: فرقة يقوم مذهبها على نفي الفعل حقيقة عن العبد، وإسناده إلى الله تعالى. [6] ديوان ذي الرمة 95- 101. وشرح المفردات التالية منه.

حتّى إذا ما لها في الجدر واتّخذت ... شمس النّهار شعاعا بينها طبب [1] ولاح أزهر مشهور بنقبته ... كأنّه حين يعلو عاقرا لهب [2] هاجت به جوّع طلس مخصّرة ... شوازب لاحها التّغريث والجنب [3] جرد مهرّتة الأشداق ضارية ... مثل السّراحين في أعناقها العذب [4] ومطعم الصّيد هبّال لبغيته ... ألفى أباه بذاك الكسب يكتسب [5] مقزّع أطلس الأطمار ليس له ... إلّا الضّراء وإلّا صيدها نشب [6] فانصاع جانبه الوحشيّ وانكدرت ... يلحبن لا يأتلي المطلوب والطّلب [7] قال: فجعله كما ترى مقزّعا أطلس الأطمار، وخبّر أنّ كلابه نشبه، وأنّه ألفى أباه كذلك.

_ [1] «حتى إذا ما لها» الثور: من اللهو. «في الجدر» : وهو نبت، أي: يلهو في هذا النبت ويرعى فيه، وقوله: «واتخذت شمس النهار شعاعا» ، أي: حين طلعت. «بينه طبب» ، يريد بين الشعاع، «طبب» أي طرائق الشمس. [2] «لاح» : ظهر. «أزهر» ، يعني الثور في بياضه. «نقبته» يعني لونه. «لهب» شعلة نار. وشبهه بالنار في بياضه وإضاءته حين يعلو عاقرا. و «العاقر» من الرمل: المشرف الذي لا ينبت أعلاه. و «لاح أزهر مشهورا» يعني: الفجر. [3] «شوازب» : يبّس. «لاحها» : أضمرها الجوع. و «الجنب» : يقاد للصيد، و «الجنب» : الذي لصقت رئته بجنبه. و «الغرثان» : الجائع. [4] جرد: جمع أجرد، وهو القليل الشعر، ورواية ديوانه «غضف» ، وتعني الكلاب التي تنقلب آذانها على مؤخرها. و «مهرتة الأشداق» ، يريد: واسعة الأشداق. وأصل «الهرت» : الشق. و «ضارية» : قد ضريت. يريد: الكلاب. «مثل السراحين» ، يريد: مثل الذئاب. «العذب، يريد: القلائد التي في أعناقها من السيور» . [5] «ومطعم الصيد» . يريد: الصائد، يرزق الصيد. و «هبّال» : محتال. «لبغيته» لطلبه. [6] «مقزع» ، يريد: الصائد، مخفّف الشعر، في رأسه بقايا شعر، و «أطلس الأطمار» «أطماره» : أخلاقه، و «أطلس» ، يقول: أطماره فيها غبسة، أي: هي وسخة ليست بواضحة تضرب إلى السواد. وقوله: «ليس له نشب» ، أي: متاع. «إلا الضراء» ، يريد: الكلاب وصيدها. وواحد الضراء: ضرو، وضروة. [7] «فانصاع» الثور: مضى على أحد شقّيه. و «جانبه الوحشي» . جانبه الأيمن. و «انكدرت الكلاب» : انتقضت «يلحبن» : يمررن مستقيمات. وقوله: «لا يأتلي المطلوب والطلب» ، أي: لا يألو «المطلوب» : وهو الثور. و «الطلب» : وهو الكلاب، الوحد: طالب.

وأنشدوا في ذلك قول الآخر: [من الطويل] وأعصم أنسته المنيّة نفسه ... رعى النبع والظّيّان في شاهق وعر [1] موارده قلت تصفّقه الصّبا ... بنيق مزلّ، غير كدر ولا نزر [2] قرته السّحاب ماءها، وتهدّلت ... عليه غصون دانيات من السّمر [3] أتيح له طلح إزاه بكفّه: ... هتوف وأشباه تخيّرن من حجر [4] أبو صبية لا يستدرّ إذا شتا ... لقوحا، ولا عنزا، وليس بذي وفر [5] له زوجة شمطاء يدرج حولها ... فطيم تناجيه، وآخر في الحجر [6] مشوّهة لم تعب طيبا ولم تبت ... تقتّر هنديّا بليل على جمر [7] محدّدة العرقوب ثلّم نابها ... تعرّقها الأوذار من فقر الحمر [8] مسفّعة الخدّين، سوّد درعها ... تقدّرها باللّيل، والأخذ بالقدر [9] كغول الفلاة لم تخضّب بنانها ... ولم تدر ما زيّ الخرائد بالمصر [10] فأرسل سهما أرهف القين حدّه ... فأنفذ حضنيه فخرّ على النّحر [11]

_ [1] الأعصم: الوعل بإحدى يديه بياض. النبع والظيان: من شجر الجبال. [2] قلت: النقرة في الجبل، يستنقع فيها الماء إذا انصب السيل. تصفقه: تضربه. الصبا: الريح الشرقية. النيق: أعلى موضع في الجبل. مزل: تزلق عليه الأقدام ولا تثبت. الكدر: نقيض الصّفو. نزر: قليل. [3] تهدلت: تدلت. السمر: بضم الميم «وسكّنت للشعر» : جمع سمرة، وهي شجر الطلح، والسمر أيضا: ضرب من العضاه. [4] الطّلح: المتعب والمعيى. إزاه: هي بكسر الهمزة والمد: أي سبب عيشه. الهتوف: القوس المصوتة. أشباه: يريد أنها سهام متشابهة. حجر: موضع باليمامة تنسب إليه السهام والنصال. [5] اللقوح: الناقة الحلوب. الوفر: الغنى. [6] الشمطاء: التي شعرها أسود يخالطه بياض، وهو يصور في هذا البيت كثرة عياله. [7] عبّأ الطيب: صنعه وخلطه. التقتير: تهييج القتار، وهو ريح البخور. الهندي: أراد: العود الهندي الذي يتبخر به. [8] العرقوب: عصب غليظ فوق عقب الرّجل. ثلّم نابها: كسر حرفه. التعرق: أكل العظم الذي على اللحم. الأوذار: قطع لحم صغيرة. الفقر: جمع فقرة، وهي الواحدة من عظام الصلب. الحمر: أراد بها ما يصطاده من حمر الوحش. [9] مسفعة: مسودة. الدرع: القميص. [10] الخرائد: جمع خريدة، وهي البكر لم تمسس، أو الخفرة الطويلة السكوت، الخافضة الصوت، المتسترة. [11] القين: الحداد. أرهف السهم: رقّقه. أنفذ حصنيه: خرق جنبيه. النحر: أعلى الصدر، أو موضع القلادة.

1231 -[مساءلة أبي إسحاق للمنانية]

1231-[مساءلة أبي إسحاق للمنانية] كان أبو إسحاق يسأل المنانيّة [1] ، عن مسألة قريبة المأخذ قاطعة، وكان يزعم أنّها ليست له. وذلك أنّ المنانيّة تزعم أنّ العالم بما فيه، من عشرة أجناس: خمسة منها خير ونور، وخمسة منها شرّ وظلمة. وكلّها حاسّة وحارّة. وأنّ الإنسان مركّب من جميعها على قدر ما يكون في كلّ إنسان من رجحان أجناس الخير على أجناس الشّرّ، ورجحان أجناس الشّرّ على أجناس الخير. وأنّ الإنسان وإن كان ذا حواسّ خمسة، فإنّ في كلّ حاسّة متونا من ضدّه من الأجناس الخمسة. فمتى نظر الإنسان نظرة رحمة فتلك النّظرة من النّور، ومن الخير. ومتى نظر نظرة وعيد، فتلك النّظرة من الظلمة. وكذلك جميع الحواسّ. وأنّ حاسّة السّمع جنس على حدة، وأنّ الذي في حاسّة البصر من الخير والنّور، لا يعين الذي في حاسّة السّمع من الخير ولكنه لا يضادّه، ولا يفاسده، ولا يمنعه. فهو لا يعينه لمكان الخلاف والجنس، ولا يعين عليه؛ لأنّه ليس ضدّا. وأنّ أجناس الشّرّ خلاف لأجناس الشّرّ، ضدّ لأجناس الخير. وأجناس الخير يخالف بعضها بعضا ولا يضادّ. وأنّ التّعاون والتآدي [2] لا يقع بين مختلفها، ولا بين متضادّها، وإنما يقع بين متفقها. قال: فيقال للمنانيّ: ما تقول في رجل قال لرجل: يا فلان، هل رأيت فلانا؟ فقال المسؤول: نعم قد رأيته. أليس السّامع قد أدّى إلى النّاظر، والنّاظر قد أدّى إلى الذّائق؟! وإلّا فلم قال اللّسان: نعم! إلّا وقد سمع الصّوت صاحب اللّسان؟! وهذه المسألة قصيرة كما ترى، ولا حيلة له بأن يدفع قوله. 1232-[مساءلة المأمون لزنديق] ومسألة أخرى، سأل عنها أمير المؤمنين الزّنديق الذي كان يكنى بأبي عليّ،

_ [1] المنانية: أتباع ماني. انظر الفهرست 456- 472. [2] التآدي: التعاون.

1233 -[شعر في هجو الزنادقة]

وذلك عند ما رأى من تطويل محمّد بن الجهم وعجز العتبي وسوء فهم القاسم بن سيّار، فقال له المأمون: أسألك عن حرفين فقط. خبّرني: هل ندم مسيء قطّ على إساءته، أو نكون نحن لم نندم على شيء كان منّا قط؟! قال: بل ندم كثير من المسيئين على إساءتهم. قال: فخبّرني عن النّدم على الإساءة، إساءة أو إحسان؟ قال: إحسان. قال: فالذي ندم هو الذي أساء أو غيره؟ قال: الذي ندم هو الذي أساء. قال: فأري صاحب الخير هو صاحب الشّرّ، وقد بطل قولكم: إنّ الذي ينظر نظر الوعيد غير الذي ينظر نظر الرحمة. قال: فإني أزعم أنّ الذي أساء غير الذي ندم. قال: فندم على شيء كان منه أو على شيء كان من غيره؟ فقطعه بمسألته [1] ، ولم يتب ولم يرجع، حتى مات، وأصلاه الله نار جهنّم. 1233-[شعر في هجو الزنادقة] وقد ذكر حمّاد عجرد ناسا في هجائه لبشار [2] ، فقال: [من الكامل] لو كنت زنديقا، عمار، حبوتني ... أو كنت أعبد غير ربّ محمّد أو كنت عندك أو تراك عرفتني ... كالنّضر أو ألفيت كابن المقعد أو كابن حمّاد ربيئة دينكم ... جبل وما جبل الغويّ بمرشد [3] لكنّني وحّدت ربّي مخلصا ... فجفوتني بغضا لكلّ موحّد وحبوت من زعم السّماء تكوّنت، ... والأرض خالقها لها لم يمهد والنّسم مثل الزّرع آن حصاده ... منه الحصيد ومنه ما لم يحصد [4] وحمّاد هذا أشهر بالزّندقة من عمارة بن حربية، الذي هجاه بهذه الأبيات. وأمّا قوله: وحبوت من زعم السّماء تكوّنت فليس يقول أحد: إنّ الفلك بما فيه من التّدبير، تكوّن بنفسه ومن نفسه!

_ [1] قطعه بمسألته: غلبه بالحجة. [2] كذا؟ ونص الشعر يوضح أن المهجو اسمه عمارة، وليس بشارا. [3] الربيئة: الطليعة وعين القوم. [4] النّسم: جمع نسمة، وتعني الإنسان. وقد سكنت السين للضرورة.

فجهل حمّاد بهذا المقدار من مقالة القوم، كأنّه عندي ممّا يعرفه من براءته الساحة. فإن كان قد أجابهم فإنما هو من مقلّديهم. وهجا حمّاد بن الزّبرقان، حمادا الراوية فقال [1] : [من الكامل] نعم الفتى لو كان يعرف ربّه ... ويقيم وقت صلاته حمّاد هدلت مشافره الدّنان فأنفه ... مثل القدوم يسنّها الحدّاد [2] وابيضّ من شرب المدامة وجهه ... فبياضه يوم الحساب سواد فقد كان كما ترى: هدلت مشافره الدنان فأنفه ... مثل القدوم..... (البيت) فقد رأيت جماعة ممّن يعاقرون الشّراب، قد عظمت آنفهم. وصارت لهم خراطيم، منهم روح الصّائغ، وعبد الواحد صاحب اللؤلويّ وجماعة من ندمان [3] حمّاد بن الصّباح، وعبد الله أخو نهر ابن عسكر وناس كثير. ويدلّ على ذلك من المنافرة قول جرير [4] للأخطل: [من الكامل] وشربت بعد أبي ظهير وابنه ... سكر الدّنان كأنّ أنفك دمّل وكان منهم يونس بن فروة. وفي يونس يقول حمّاد عجرد [5] : [من الكامل] أما ابن فروة يونس فكأنّه ... من كبره أير الحمار القائم ما النّاس عندك غير نفسك وحدها ... والخلق عندك ما خلاك بهائم إنّ الذي أصبحت مفتونا به ... سيزول عنك وأنف جارك راغم فتعضّ من ندم يديك على الذى ... فرّطت فيه، كما يعض النّادم فلقد رضيت بعصبة آخيتهم ... وإخاهم لك بالمعرّة لازم فعلمت حين جعلتهم لك دخلة ... أني لعرضك في إخائك ظالم [6]

_ [1] الأبيات في البرصان 300، والأغاني 6/86، وطبقات ابن المعتز 69، وبهجة المجالس 1/526، والعقد الفريد 4/321، والشعر والشعراء 181، وديوان المعاني 1/314، والمخصص 17/6، وأمالي المرتضى 1/91، والخزانة 4/132 (بولاق) . [2] الدنان: جمع دنّ، وهو من الأوعية التي يحفظ فيها الخمر. القدوم، قدوم النّجّار. [3] ندمان: النديم على الشراب، وتستخدم «ندمان» في الإفراد والجمع. [4] ديوان جرير 477، والبرصان 301. [5] الأبيات في جمع الجواهر 209، والبيتان الأول والثاني في العمدة 2/239، وهما بلا نسبة في عيون الأخبار 1/272. [6] دخلة الرجل: بطانته.

1234 -[ذكر بعض الزنادقة]

1234-[ذكر بعض الزنادقة] [1] وكان حمّاد عجرد، وحمّاد الرّاوية، وحمّاد بن الزّبرقان، ويونس بن هارون، وعلي بن الخليل، ويزيد بن الفيض، وعبادة وجميل بن محفوظ، وقاسم، ومطيع، ووالبة بن الحباب، وأبان بن عبد الحميد، وعمارة بن حربية، يتواصلون، وكأنهم نفس واحدة وكان بشّار ينكر عليهم. ويونس الذي زعم حماد عجرد أنّه قد غرّ نفسه بهؤلاء، كان أشهر بهذا الرّأي منهم، وقد كان كتب كتابا لملك الرّوم في مثالب العرب، وعيوب الإسلام، بزعمه. 1235-[هجاء أبي نواس لأبان اللاحقي والزنادقة] وذكر أبو نواس أبان بن عبد الحميد اللّاحقي، وبعض هؤلاء، ذكر إنسان يرى لهم قدرا وخطرا، في هجائيّة لأبان، وهو قوله [3] : [من المجتث] جالست يوما أبانا ... لا درّ درّ أبان ونحن حضر رواق ال ... أمير بالنهروان حتّى إذا ما صلاة الأ ... أولى أتت لأذان فقام ثمّ بها ذو ... فصاحة وبيان فكلّ ما قال قلنا ... إلى انقضاء الأذان فقال: كيف شهدتم ... بذا، بغير عيان؟! لا أشهد الدّهر حتّى ... تعاين العينان! فقلت: سبحان ربّي! ... فقال: سبحان ماني [3] ! فقلت: عيسى رسول ... فقال: من شيطان! فقلت: موسى كليم ال ... مهيمن المنّان فقال: ربّك ذو مق ... لة إذا ولسان!

_ [1] هذه الفقرة بتمامها نقلها الصولي في أخبار الشعراء المحدثين، ص 10، ولم يصرح بالنقل، وهي أيضا في الأغاني 18/101. [2] الأبيات لأبي نواس في ديوانه 543، والأغاني 23/156، وأخبار الشعراء المحدثين 11. [3] ماني: رجل فارسي له مذهب يقول بالنور والظلمة، وهما العنصران المسيطران على الوجود. والنور مبعث الخير، كما أن الظلمة مبعث الشر.

فنفسه خلقته ... أم من؟! فقمت مكاني عن كافر يتمرّى ... بالكفر بالرّحمن [1] يريد أن يتسوّى ... بالعصبة المجّان بعجرد وعباد ... والوالبيّ الهجان وقاسم ومطيع ... ريحانة النّدمان وتعجّبي من أبي نواس، وقد كان جالس المتكلمين أشدّ من تعجّبي من حمّاد، حين يحكي عن قوم من هؤلاء قولا لا يقوله أحد. وهذه قرّة عين المهجوّ. والذي يقول: سبحان ماني يعظم أمر عيسى تعظيما شديدا فكيف يقول: إنّه من قبل شيطان؟! وأما قوله: «فنفسه خلقته أم من» فإنّ هذه مسألة نجدها ظاهرة على ألسن العوامّ. والمتكلمون لا يحكون هذا عن أحد. وفي قوله: «والوالبيّ الهجان» دليل على أنّه من شكلهم. والعجب أنّه [2] يقول في أبان: إنّه ممّن يتشبه بعجرد ومطيع، ووالبة بن الحباب، وعليّ بن الخليل [3] ، وأصبغ [4]- وأبان فوق ملء الأرض من هؤلاء، ولقد كان أبان، وهو سكران، أصحّ عقلا من هؤلاء وهم صحاة. فأمّا اعتقاده فلا أدري ما أقول لك فيه: لأنّ النّاس لم يؤتوا في اعتقادهم الخطأ المكشوف، من جهة النظر. ولكن للنّاس تأسّ وعادات، وتقليد للآباء والكبراء، ويعملون على الهوى، وعلى ما يسبق إلى القلوب، ويستثقلون التّحصيل، ويهملون النّظر، حتى يصيروا في حال متى عاودوه وأرادوه، نظروا بأبصار كليلة، وأذهان مدخولة، ومع سوء عادة. والنّفس لا تجيب وهي مستكرهة. وكان يقال: «العقل إذا أكره عمي» . ومتى عمي الطّباع وجسا وغلط وأهمل، حتّى يألف الجهل، لم يكد يفهم ما عليه وله. فلهذا وأشباهه قاموا على الإلف، والسّابق إلى القلب.

_ [1] يتمرى: يتزين. [2] أي أبا نواس، وهذا التعليق نقله الصولي في أخبار الشعراء المحدثين 12. [3] لم يرد اسمه في الأبيات التي رواها الجاحظ، وفي ديوان أبي نواس: «وابن الخليع عليّ ... ريحانة الندمان» . [4] لم يرد اسمه في سائر أبيات القصيدة.

1236 -[شعر لحماد عجرد]

1236-[شعر لحماد عجرد] وقال حمّاد عجرد: [من مجزوء الرمل] اعلموا أنّ لودّي ... ثمنا عندي ثمينا ليت شعري أيّ حكم ... قد أراكم تحكمونا أن تكونوا غير معطي ... ن وأنتم تأخذونا ابن لقمان بن عاد ... في است هذا الدّين دينا [1] وما رأيت أحدا وضع لقمان بن عاد في هذا الموضع، غيره! وقال حمّاد عجرد في بشار: [من مجزوء الكامل] يا ابن الخبيثة إنّ أمّ ... ك لم تكن ذات اكتتام وتبدّلت ثوبان ذا الأ ... ير المضبّر والعرام [2] ثوبان دقّاق الأزز ... بأرواث حسام عرد كقائمة السّر ... ير يبيلها عند الرّطام [4] وأتت سميعة بعدها ... بالمصملّات العظام [4] أخت لهم كانت تكابر ... أن تسافح من قيام وقال حمّاد يذكر بشارا: [من السريع] غزالة الرجسة أو بنتها ... سميعة الناعية الفهرا وقال وذكر أمّه: [من الكامل] أبني غزالة يا بني جشم استها ... ليحقكم أن تفرحوا لا تجزعوا [5]

_ [1] ابن: فعل أمر من بنى يبني. ولقمان: منادى، حذفت أداة ندبه. [2] المضبّر: المكتنز لحما والشديد. عرام الجيش: حدتهم وشدتهم وكثرتهم. والشاعر استعار هذه الصفة. [3] العرد: الصلب الشديد. يبليها: يجعلها تبول. الرطام: أن يخالطها مستوعبا. [4] المصمئلات: الدواهي. [5] الجشم: الجوف.

1237 -[شعر في هجو بعض الزنادقة]

وما كان ينبغي لبشّار أن يناظر حمادا من جهة الشعر وما يتعلّق بالشّعر، لأنّ حمّادا في الحضيض، وبشّارا مع العيّوق. وليس في الأرض مولّد قرويّ يعدّ شعره في المحدث إلّا وبشّار أشعر منه. 1237-[شعر في هجو بعض الزنادقة] وقال أبو الشمقمق [1] في جميل بن محفوظ: [من المتقارب] وهذا جميل على بغله ... وقد كان يعدو على رجله يروح ويغدو كأير الحمار ... ويرجع صفرا إلى أهله [2] وقد زعموا أنّه كافر ... وأنّ التّزندق من شكله كأني به قد دعاه الإمام ... وآذن ربّك في قتله 1238-[عيوب المعنى في شعر أبي نواس] وأمّا أبو نواس فقد كان يتعرّض للقتل بجهده. وقد كانوا يعجبون من قوله [3] : [من المديد] كيف لا يدنيك من أمل ... من رسول الله من نفره فلما قال [4] : [من المنسرح] فاحبب قريشا لحبّ أحمدها ... واشكر لها الجزل من مواهبها جاء بشيء غطّى على الأوّل. وأنكروا عليه قوله: [من الرجز] لو أكثر التّسبيح ما نجّاه

_ [1] ديوان أبي الشمقمق 148. [2] صفرا: خالي اليدين. [3] ديوان أبي نواس 430، والكامل للمبرد 1/243 (المعارف) ، والموشح 279، وعلق المبرد على البيت بقوله: «وهو لعمري كلام مستهجن موضوع في غير موضعه، لأن حق رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضاف إليه ولا يضاف إلى غيره ... » . [4] ديوان أبي نواس 508.

فلما قال [1] : [من البسيط] يا أحمد المرتجى في كلّ نائبة ... قم سيّدي نعص جبّار السّموات [2] غطّى هذا على الأوّل. وهذا البيت مع كفره مقيت جدا. وكان يكثر في هذا الباب. وأما سوى هذا الفنّ فلم يعرفوا له من الخطإ إلا قولّه [3] : [من السريع] أمستخبر الدّار هل تنطق ... أنا مكان الدار لا أنطق كأنها إذ خرست جارم ... بين ذوي تفنيده مطرق [4] فعابوه بذلك، وقالوا: لا يقول أحد: لقد سكت هذا الحجر، كأنّه إنسان ساكت، وإنما يوصف خرس الإنسان بخرس الدّار، ويشبّه صممه بصمم الصّخر. وعابوه بقوله، حين وصف عين الأسد بالجحوظ، فقال [5] : [من السريع] كأنّ عينه إذا التهبت ... بارزة الجفن عين مخنوق وهم يصفون عين الأسد بالغؤور. قال الرّاجز [6] : [من الرجز] كأنما ينظر من جوف حجر وقال أبو زبيد [7] : [من البسيط] كأنّ عينيه في وقبين من حجر ... قيضا اقتياضا بأطراف المناقير [8] ومع هذا فإنّا لا نعرف بعد بشّار أشعر منه.

_ [1] ديوان أبي نواس 174. [2] أحمد: هو أحمد بن أبي صالح، وقد كان أبو نواس يتعشقه. [3] لم يرد البيتان في ديوان أبي نواس، وورد البيت الثاني في الصناعتين 86. [4] الجارم: الجاني. التفنيد: التكذيب، والمراد هنا: اللوم والعذل. [5] ديوان أبي نواس 452، والصناعتين 134. [6] الرجز لحميد الأرقط في أراجيز العرب 22، وبلا نسبة في الصناعتين 134. [7] ديوان أبي زبيد 623، والصناعتين 134. [8] الوقب في الحجر: نقرة يجتمع فيها الماء. قيضا: حفرا. اقتياضا: استئصالا. المناقير: جمع منقار، وهو حديدة كالفأس ينقر بها.

1239 -[قصة راهبين من الزنادقة]

وقال أبو زبيد [1] : [من الطويل] وعينان كالوقبين في ملء صخرة ... ترى فيهما كالجمرتين تسعّر 1239-[قصة راهبين من الزّنادقة] وحدّثني أبو شعيب القلّال، وهو صفريّ [2] ، قال: رهبان الزّنادقة سيّاحون؛ كأنهم جعلوا السّياحة بدل تعلق النّسطوري [3] في المطامير [4] . ومقام الملكانيّ [5] في الصّوامع، ومقام النّسطوريّ في المطامير [4] . قال: ولا يسيحون إلا أزواجا. ومتى رأيت منهم واحدا فالتفتّ رأيت صاحبه، والسّياحة عندهم ألّا يبيت أحدهم في منزل ليلتين. قال: ويسيحون على أربع خصال: على القدس، والطّهر، والصّدق، والمسكنة. فأمّا المسكنة، فأن يأكل من المسألة، وممّا طابت به أنفس النّاس له حتّى لا يأكل إلّا من كسب غيره الذي عليه غرمه ومأثمه، وأمّا الطهر فترك الجماع، وأمّا الصّدق فعلى ألّا يكذب. وأما القدس فعلى أن يكتم ذنبه، وإن سئل عنه. قال: فدخل الأهواز منهم رجلان، فمضى أحدهما نحو المقابر للغائط، وجلس الآخر بقرب حانوت صائغ، وخرجت امرأة من بعض تلك القصور ومعها حقّ [6] فيه أحجار نفيسة، فلما صعدت من الطّريق إلى دكان الصّائغ زلقت فسقط الحقّ من يدها، وظليم لبعض أهل تلك الدّور يتردّد فلما سقط الحقّ وباينه الطّبق [7] ، تبدّد ما

_ [1] ديوان أبي زبيد 608، والصناعتين 134. [2] جاء في اللسان «صفر» : «الصفرية: جنس من الخوارج، وقيل قوم من الحرورية سموا صفرية لأنهم نسبوا إلى صفرة ألوانهم، وقيل: إلى عبد الله بن صفّار؛ فهو على هذا القول الأخير من النسب النادر، وفي الصحاح: صنف من الخوارج نسبوا إلى زياد بن الأصفر رئيسهم، وزعم قوم أن الذي نسبوا إليه هو عبد الله بن الصفار ... ) . [3] في اللسان «نسطر» : (النسطورية: أمة من النصارى يخالفون بقيتهم) . [4] المطامير: حفر تحفر في الأرض توسّع أسافلها تخبأ فيها الحبوب. [5] الملكاني، ويقال: الملكائي: واحد جماعة الملكانية أو الملكائية، وهم منسوبون إلى «ملكا» ويعني بالسريانية «الملك» ، والمقصود بهم: أتباع مذهب فياصرة الروم. انظر مفاتيح العلوم 23، والملل والنحل 2/62. [6] الحقّ: وعاء من خشب أو العاج. [7] الطبق: غطاء كل شيء.

فيه من الأحجار، فالتقم ذلك الظّليم أعظم حجر فيه وأنفسه، وذلك بعين السّائح؛ ووثب الصّائغ وغلمانه فجمعوا تلك الأحجار، ونحّوا النّاس وصاحوا بهم فلم يدن منهم أحد، وفقدوا ذلك الحجر، فصرخت المرأة، فكشف القوم وتناحوا [1] ، فلم يصيبوا الحجر، فقال بعضهم: والله ما كان بقربنا إلّا هذا الرّاهب الجالس، وما ينبغي أن يكون إلّا معه! فسألوه عن الحجر؛ فكره أن يخبرهم أنه في جوف الظليم فيذبح الظليم، فيكون قد شارك في دم بعض الحيوان، فقال ما أخذت شيئا! وبحثوه وفتّشوا كلّ شيء معه وألحّوا عليه بالضّرب، وأقبل صاحبه وقال: اتّقوا الله! فأخذوه وقالوا: دفعته إلى هذا حتّى غيّبه! فقال: ما دفعت إليه شيئا! فضربوهما ليموتا. فبينما هما كذلك إذ مرّ رجل يعقل، ففهم عنهم القصّة، ورأى ظليما يتردّد فقال لهم: أكان هذا الظليم يتردّد في الطريق حين سقط الحجر؟ قالوا: نعم. قال: فهو صاحبكم. فعوّضوا أصحاب الظليم، وذبحوه وشقّوا عن قانصته، فوجدوا الحجر وقد نقص في ذلك المقدار من الزّمان شبيها بشطره، إلّا أنها أعطته لونا صار الذي استفادوه من جهة اللّون أربح لهم من وزن ذلك الشّطر أن لو كان لم يذهب. ونار القانصة غير نار الحجر.

_ [1] تناحوا: تباعدوا.

باب في النيران وأقسامها

[باب في النّيران وأقسامها] (القول في النّيران وأقسامها) [1] ونحن ذاكرون جملا من القول في النّيران وأجناسها، ومواضعها، وأيّ شيء منها يضاف إلى العجم، وأيّ شيء منها يضاف إلى العرب، ونخبر عن نيران الدّيانات، وغير الدّيانات، وعمّن عظّمها وعمّن استهان بها، وعمّن أفرط في تعظيمها حتّى عبدها. ونخبر عن المواضع التي عظّم فيها من شأن النّار. 1240-[نار القربان] [2] فمن مواضعها التي عظّمت بها أنّ الله عزّ وجلّ جعلها لبني إسرائيل في موضع امتحان إخلاصهم، وتعرّف صدق نياتهم، فكانوا يتقرّبون بالقربان. فمن كان منهم مخلصا نزلت نار من قبل السّماء حتّى تحيط به فتأكله، فإذا فعلت ذلك كان صاحب القربان مخلصا في تقرّبه. ومتى لم يروها وبقي القربان على حاله، قضوا بأنّه كان مدخول القلب فاسد النّية. ولذلك قال الله تعالى في كتابه: الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ [3] . والدّليل على أنّ ذلك قد كان معلوما، قول الله عزّ وجلّ: قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ ثمّ إنّ الله ستر على عباده، وجعل بيان ذلك في الآخرة. وكان ذلك التّدبير مصلحة ذلك الزّمان [4] ، ووفق طبائهم وعللهم، وقد كان القوم من المعاندة والغباوة على مقدار لم يكن لينجع فيهم ويكمل لمصلحتهم إلا ما كان في هذا الوزن، فهذا باب من عظم شأن النّار في صدور النّاس.

_ [1] انظر ثمار القلوب (819- 841) ، الباب التاسع والأربعين، في النيران. [2] ثمار القلوب 455، (821) . [3] 183/آل عمران: 3. [4] في ثمار القلوب: «وكان ذلك التدبير مصلحة في ذلك الأمر» .

1241 -[نار موسى]

1241-[نار موسى] [1] وممّا زاد في تعظيم شأن النّار في صدور النّاس قول الله عزّ وجلّ: وَهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى. إِذْ رَأى ناراً فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً. فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ يا مُوسى، إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً [2] ، وقال عزّ وجلّ: إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ ناراً سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ. فَلَمَّا جاءَها نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَها وَسُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ [3] . وكان ذلك مما زاد في قدر النّار في صدور النّاس. 1242-[نار إبراهيم] [4] ومن ذلك نار إبراهيم صلى الله عليه وسلم، وقال الله عزّ وجلّ: قالُوا سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ. قالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ [5] ثم قال: قالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ [6] فلما قال الله عزّ وجلّ: قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ [7] كان ذلك ممّا زاد في نباهة النّار وقدرها في صدور النّاس.

_ [1] نار موسى: تضرب مثلا للشيء الهين اليسير يطلب فيتوصل بسببه إلى الشيء الخطير، والغنيمة الباردة. انظر ثمار القلوب (116- 820) ، حيث نقل الثعالبي عن الجاحظ. [2] 9- 12/طه: 20. [3] 7- 8/النمل: 27. [4] نار إبراهيم: يضرب بها المثل في البرد والسلامة. انظر ثمار القلوب (103، 820) ، حيث نقل الثعالبي عن الجاحظ. [5] 60- 61/الأنبياء: 21. [6] 68/الأنبياء: 21. [7] 69/الأنبياء: 21.

باب آخر

باب آخر 1243-[نار الشجر] [1] وهو قوله عزّ وجلّ: الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ [2] . والنّار من أكبر الماعون، وأعظم [المنافع] [3] المرافق [في هذه الدنيا على عباده] [3] . ولو لم يكن فيها إلّا أنّ الله عزّ وجلّ قد جعلها الزاجرة عن المعاصي، لكان ذلك ممّا يزيد في قدرها، وفي نباهة ذكرها. وقال تعالى: أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ [4] ، ثم قال: نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ [5] . فقف عند قوله [6] : نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً وَمَتاعاً فإن كنت بهذا القول مؤمنا فتذكّر ما فيها من النعمة أولا ثم آخرا، ثم توهّم مقادير النعم وتصاريفها [7] . 1244-[نار الله] [8] وقد علمنا أنّ الله عذّب الأمم بالغرق، والرّياح، وبالحاصب، والرّجم، وبالصّواعق، وبالخسف، والمسخ، وبالجوع، وبالنقص من الثمرات، ولم يبعث عليهم نارا، كما بعث عليهم ماء وريحا وحجارة. [وإنما] [9] جعلها من عقاب الآخرة [وعذاب العقبى] [9] ، ونهى أن يحرق بها شيء من الهوامّ [10] ، وقال [رسول الله صلى الله عليه وسلم] [9] : «لا تعذّبوا بعذاب الله» [11] . فقد عظّمها كما ترى.

_ [1] ثمار القلوب 823. [2] 80/يس: 36. [3] الزيادة من ثمار القلوب. [4] 71- 72/الواقعة: 56. [5] 73/الواقعة: 56. [6] في ثمار القلوب: «فكم تحت قوله» . [7] في ثمار القلوب: «من تبصرة، بما فيها من مقادير النعم وتصاريف النقم» . [8] ثمار القلوب (80- 819) ، وقد نقل الثعالبي هذه الفقرة عن الجاحظ. [9] الزيادة من ثمار القلوب. [10] في ثمار القلوب «من الحيوان» . [11] أخرجه البخاري في الجهاد برقم 2854 (حدثنا سفيان، عن أيوب، عن عكرمة: أن عليّا رضي الله عنه حرّق قوما، فبلغ ابن عباس فقال: لو كنت أنا لم أحرّقهم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تعذبوا بعذاب الله» . ولقتلتهم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من بدّل دينه فاقتلوه» ، وأعاده البخاري في كتاب استتابة المرتدين والمعاندين برقم 6524، وانظر جامع الأصول 3/481، والجامع الصغير 9830، وفيه: رواه أبو داود والترمذي والحاكم في المستدرك.

1245 -[نار الشجر]

فتفهّم- رحمك الله- فقد أراد الله إفهامك. وقال الله تعالى للثّقلين: يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ [1] ، فجعل الشّواظ والنّحاس، وهما النّار والدّخان، من الآية. ولذلك قال على نسق الكلام: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ [1] ولم يعن أن التّعذيب بالنّار نعمة يوم القيامة، ولكنه أراد التّحذير بالخوف والوعيد بها، غير إدخال النّاس فيها، وإحراقهم بها. 1245-[نار الشجر] وقال المرّار بن منقذ [2] : [من الكامل] وكأنّ أرحلنا بجوّ محصب ... بلوى عنيزة من مقيل التّرمس في حيث خالطت الخزامى عرفجا ... يأتيك قابس أهلها لم يقبس أراد خصب الوادي ورطوبته. وإذا كان كذلك لم تقدح عيدانه، فإن دخلها مستقبس لم يور نارا. وقال كثيّر [3] : [من الطويل] له حسب في الحيّ، وار زناده ... عفار ومرخ حثّه الوري عاجل [4] والعفار والمرخ، من بين جميع العيدان التي تقدح، أكثرها في ذلك وأسرعها. قال: ومن أمثالهم: «في كلّ الشّجر نار، واستمجد المرخ والعفار» [5] . 1246-[نار الاستمطار] [6] ونار أخرى، وهي النّار التي كانوا يستمطرون بها في الجاهليّة الأولى؛ فإنهم

_ [1] 35/الرحمن: 55. [2] البيتان للمرار بن سعيد في ديوانه 461، وأشعار اللصوص 363، وللأسدي في البيان 3/34، والبيت الثاني للأسدي في المخصص 10/176، 11/32، وتقدم البيتان في 3/62، فقرة (613) مع نسبتهما للأسدي. [3] ديوان كثير 277، والمخصص 11/27. [4] وار: متقد. [5] المستقصى 2/183، وفصل المقال 202، وجمهرة الأمثال 1/173، 2/92، ومجمع الأمثال 2/74، وثمار القلوب (823) ، وقيل إن معناه: أنهما أخذا الفضل وذهبا بالمجد. [6] ثمار القلوب (829) ، وانظر الخزانة 7/147، والأوائل 35، ونهاية الأرب 3/120، ومحاضرات الراغب 1/152.

كانوا إذا تتابعت عليهم الأزمات وركد عليهم البلاء، واشتدّ الجدب، واحتاجوا إلى الاستمطار، استجمعوا وجمعوا ما قدروا عليه من البقر، ثمّ عقدوا في أذنابها وبين عراقيبها، السّلع والعشر [1] ، ثمّ صعدوا بها في جبل وعر، وأشعلوا فيها النّيران، وضجّوا بالدّعاء والتضرّع. فكانوا يرون أنّ ذلك من أسباب الشّقيا. ولذلك قال أميّة [2] : [من الخفيف] سنة أزمة تخيّل بالنّا ... س ترى للعضاه فيها صريرا [3] إذ يسفّون بالدّقيق وكانوا ... قبل لا يأكلون شيئا فطيرا [4] ويسوقون باقرا يطرد السّه ... ل مهازيل خشية أن يبورا [5] عاقدين النّيران في شكر الأذ ... ناب عمدا كيما تهيج البحورا [6] فاشتوت كلها فهاج عليهم ... ثمّ هاجت إلى صبير صبيرا [7] فرآها الإله ترشم بالقط ... ر وأمسى جنابهم ممطورا [8] فسقاها نشاصه واكف الغى ... ث منهّ إذ رادعوه الكبيرا [9] سلع ما ومثله عشر ما ... عائل ما وعالت البنقورا [10]

_ [1] السلع والعشر: ضربان من الشجر. [2] ديوان أمية بن أبي الصلت 396- 399، وعيار الشعر 60، 2/395، والحماسة البصرية 2/395. [3] في ديوانه: «سنة جدبة: شديدة القحط، وهي من الأزم، وهو العض بالفم أو بالأنياب. تخيل بالناس: تشتبه عليهم فيتوهمون الخير ولا خير فيها. العضاه: كل شجر له شوك» . [4] في ديوانه: «سففت الدقيق: أخذته غير معجون. الفطير: العجين الذي لم يختمر. [5] في ديوانه: «الباقر: جماعة البقر. يبور: يهلك» . [6] في ديوانه: «الشكر: مفردها شكير، وهو من الشعر» . والريش والنبت ما نبت صغاره بين كباره. تهيج البحور: أراد تبعث المطر الغزير الذي يشبه البحور بغزارته» . [7] في ديوانه: «وهاجت السماء: غيمت وكثرت ريحها، وهاجت الإبل: عطشت. والصبير: السحاب يثبت يوما وليلة لا يبرح، كأنه يصبر، أي يحبس» . [8] في ديوانه: «الرشم: الأثر والعلامة» . [9] في ديوانه: «النشاص: السحاب المرتفع. والواكف: الهاطل. منهّ: فاعل من نهّى الشيء وانتهى وتناهى، إذا بلغ نهايته. وردعه عن الأمر: كفّه، ورادعوه: للمشاركة؛ فهم كفّوا عما بهم من إثم، وهو كفّ عن الانحباس والتشديد عليهم. والكبيرا صفة قامت مقام الموصوف بعد حذفه، والتقدير: رادعوه الشر الكبيرا. منهّ: حال «نشاصه» ، أي سقاها نشاصه بالغا نهايته، وكان حقها أن تكون «منهّيا» ولكنه حذف الياء ضرورة كحذفها في الرفع والجر. [10] في ديوانه: «السلع والعشر: ضربان من الشجر. وعال الشيء فلانا: ثقل عليه، يريد أن السنة أثقلت البقر بما حملتها من السلع والعشر» .

1247 -[نار الحلف]

هكذا كان الأصمعيّ ينشد هذه الكلمة، فقال له علماء بغداد: صحفت، إنما هي البيقور، مأخوذة من البقر. وأنشد القحذمي للورل الطائيّ [1] : [من البسيط] لا درّ درّ رجال خاب سعيهم ... يستمطرون لدى الأزمات بالعشر أجاعل أنت بيقورا مسلّعة ... ذريعة لك بين الله والمطر [2] قال: ويقال بقر، وبقير، وبيقور، وباقر. ويقال للجماعة منها قطيع، وإجل، وكور، وأنشد [3] : [من الطويل] فسكّنتهم بالقول حتى كأنّهم ... بواقر جلح أسكنتها المراتع [4] وأنشد [5] : [من البسيط] ولا شبوب من الثيران أفرده ... عن كوره كثرة الإغراء والطّرد [6] 1247-[نار الحلف] [7] ونار أخرى، هي التي توقد عند التّحالف؛ فلا يعقدون حلفهم إلّا عندها. فيذكرون عند ذلك منافعها، ويدعون إلى الله عزّ وجلّ، بالحرمان والمنع من منافعها، على الذي ينقض عهد الحلف، ويخيس بالعهد.

_ [1] البيتان للورل الطائي في الحماسة البصرية 2/396، واللسان والتاج (بقر، سلع) ، ورسالة النيروز لابن فارس 2/19 (ضمن نوادر المخطوطات) ، وهما للودك الطائي في ثمار القلوب 580 (830) ، وللوديك الطائي في نهاية الأرب 1/110، والبيت الثاني في التنبيه والإيضاح 2/87، وبلا نسبة في التهذيب 2/99، والمجمل 1/282، وديوان الأدب 2/61. [2] في الحماسة البصرية 2/395- 396: (تزعم العرب أنه إذا أمسكت السماء قطرها وأرادوا أن يستمطروا، عمدوا إلى شجرتين يقال لهما: السلع والعثير «العشر» ، فعقدوهما في أذناب البقر، وأضرموا فيها النار وأصعدوهما في جبل وعر، واتبعوا آثارهما؛ يدعون الله تعالى ويستسقون، ويفعلون ذلك تفاؤلا للبرق) . [3] البيت لقيس بن عيزارة في شرح أشعار الهذليين 950، وديوان الهذليين 3/76، واللسان والتاج (جلح) ، وبلا نسبة في اللسان والتاج (بقر) . [4] في ديوان الهذليين: «جلح: بقر لا قرون لها. والمراتع: مواضع ترتع» . [5] البيت لأبي ذؤيب الهذلي في شرح أشعار الهذليين 60، وديوان الهذليين 1/126، واللسان والتاج (كور) ، والتنبيه والإيضاح 2/201، وبلا نسبة في المخصص 8/33، 42. [6] في ديوان الهذليين: «يقال للمسنّ من الثيران: شبوب ومشبّ وشبب. والكور: القطيع» . [7] ثمار القلوب (826) .

ويقولون في الحلف: الدّم الدّم، والهدم الهدم [1] ، يحرّكون الدّال في هذا الموضع؛ لا يزيده طلوع الشمس إلا شدّا، وطول اللّيالي إلّا مدّا، ما بلّ البحر صوفة [2] ، وما أقام رضوى في مكانه، (إن كان جبلهم رضوى [3] ) . وكلّ قوم يذكرون جبلهم، والمشهور من جبالهم. وربّما دنوا منها حتى تكاد تحرقهم. ويهوّلون على من يخاف عليه الغدر، بحقوقها ومنافعها، والتّخويف من حرمان منفعتها. وقال الكميت [4] : [من المتقارب] كهولة ما أوقد المحلفو ... ن للحالفين وما هوّلوا وأصل الحلف والتّحالف، إنما هو من الحلف والأيمان. ولقد تحالفت قبائل من قبائل مرّة بن عوف، فتحالفوا عند نار فدنوا منها، وعشوا [5] بها، حتّى محشتهم. فسمّوا: المحاش [6] . وكان سيدهم والمطاع فيهم، أبو ضمرة يزيد بن سنان بن أبي حارثة. ولذلك يقول النّابغة [7] : [من الكامل] جمّع محاشك يا يزيد فإنّني ... جمّعت يربوعا لكم وتميما [8]

_ [1] مجمع الأمثال 1/265، وهو من حديث بيعة العقبة في النهاية 5/251 وفيه: «الهدم؛ بالتحريك: القبر. يعنى إني أقبر حيث تقبرون. وقيل: هو المنزل، أي منزلكم منزلي. والهدم بالسكون وبالفتح أيضا: هو إهدار دم القتيل: يقال: دماؤهم بينهم هدم: أي مهدرة. والمعنى: إن طلب دمكم فقد طلب دمي، وإن أهدر دمكم فقد أهدر دمي؛ لاستحكام الألفة بيننا» . [2] مجمع الأمثال 2/230، والمستقصى 2/246، الصوفة: واحدة الصوف، وصوف البحر: شيء على شكل هذا الصوف الحيواني. [3] رضوى: جبل بالمدينة. [4] ديوان الكميت 2/14، واللسان والتاج وأساس البلاغة (هول) ، والتهذيب 6/415، والبيان 3/8، والخزانة 3/14 (بولاق) . [5] عشي بالنار، كرضي ودعا، ساء بصره. [6] محشته النار: أحرقته. وانظر الحاشية بعد التالية. [7] ديوان النابغة الذبياني 102، والرواية فيه «أعددت يربوعا» ، والبيت الأول في اللسان والتاج (حوش، محش، حشا) ، والتهذيب 4/196، 5/141، والعين 3/261، والمقاييس 2/65، 5/299، والمجمل 2/68، 4/311، وبلا نسبة في الجمهرة 539. [8] في ديوانه: «كان يزيد بن سنان بن أبي حارثة يمحش المحاش، وهم بنو خصيلة بن مرة، وبنو نشبة بن غيظ بن مرة على بني يربوع بن غيظ بن مرة رهط النابغة، فتحالفوا على بني يربوع على النار، فسموا المحاش، لتحالفهم على النار. قال الأصمعي: المحاش أربعة أحياء من فزارة

1248 -[التحالف والتعاقد على الملح]

ولحقت بالنّسب الذي عيّرتني ... وتركت أصلا يا يزيد ذميما [1] وقوله: «تميم» يريد: تميمة [2] . فحذف الهاء. 1248-[التحالف والتعاقد على الملح] وربّما تحالفوا وتعاقدوا على الملح. والملح شيئان: أحدهما المرقة، والأخرى اللّبن. وأنشدوا لشتيم بن خويلد الفزاري [3] : [من المتقارب] لا يبعد الله ربّ العباد ... والملح ما ولدت خالده وأنشدوا فيه قول أبي الطّمحان [4] : [من الطويل] وإني لأرجو ملحها في بطونكم ... وما بسطت من جلد أشعث أغبرا وذلك أنّه كان جاورهم، فكان يسقيهم اللّبن؛ فقال: أرجو أن تشكروا لي ردّ إبلي، على ما شربتم من ألبانها، وما بسطت من جلد أشعث أغبر. كأنّه يقول: كنتم مهازيل- والمهزول يتقشّف جلده وينقبض- فبسط ذلك من جلودكم. 1249-[نار المسافر] [5] ونار أخرى، وهي النّار التي كانوا ربّما أوقدوها خلف المسافر، وخلف الزّائر

_ ومرة، وقال ابن الأعرابي: المحاش: الذين لا خير فيهم ولا غناء عندهم، يقال: محشته النار، إذا أحرقته وأفسدته. وقوله: «أعددت يربوعا» يريد: يربوع بن غيظ بن مرة، و «تميما» أراد: تميم بن ضبة من عذرة بن سعد بن ذبيان» . [1] في ديوانه: «وقوله: ولحقت بالنسب الذي عيرتني، يريد النسب الذي نفاه إليه، وعيّره به، وذلك أن ابنة النابغة كانت تحت يزيد فطلقها، فقيل له: لم طلقتها؟ فقال: لأنه رجل من عذرة، فنفى النابغة انتسابه إليهم، وزعم أنه نسب يزيد، إلا أنه تركه، وانتفى منه، وهو معنى قوله: وتركت أصلك يا يزيد ذميما» ، أي «مذموما» . [2] أي حذف الهاء للترخيم في غير موضع النداء، وأراد: تميمة بن ضبة، وانظر الحاشية قبل السابقة. [3] البيت لشتيم بن خويلد الفزاري في اللسان (لوم) ، وأساس البلاغة (ملح) ، ولعبد الله بن الزبعري في ديوانه 35، ولنهيكة بن الحارث المازني في الخزانة 4/164 (بولاق) ، وبلا نسبة في الكامل 1/295 (المعارف) ، والفاخر 9، واللسان (ملح) والمخصص 1/26، والتهذيب 5/100، 102. [4] البيت في الشعر والشعراء 229 (ليدن) ، والكامل 1/295، (المعارف) ، والاشتقاق 451، واللسان والتاج، وأساس البلاغة وعمدة الحفاظ (ملح) ، وبلا نسبة في الجمهرة 569، والمخصص 1/26. [5] ثمار القلوب 459 (826) ، وسماها في الأوائل 37 «نار الطرد» . وانظر المعاني الكبير 433، والخزانة 7/148، ومحاضرات الراغب 1/154.

1250 -[نار الإنذار]

الذي لا يحبّون رجوعه. وكانوا يقولون في الدّعاء: أبعده الله وأسحقه، وأوقد نارا خلفه، وفي إثره! وهو معنى قول بشار [1]- وضربه مثلا: [من المتقارب] صحوت وأوقدت للجهل نارا ... وردّ عليك الصّبا ما استعارا وأنشدوا [2] : [من الطويل] وجمّة أقوام حملت ولم تكن ... لتوقد نارا إثرهم للتندّم والجمّة: الجماعة يمشون في الصلح. وقال الراجز [3] في إبله: [من الرجز] تقسم في الحقّ وتعطى في الجمم يقول: لا تندم على ما أعطيت في الحمالة، عند كلام الجماعة فتوقد خلفهم نارا كي لا يعودوا. 1250-[نار الإنذار] [4] ونار أخرى وهي النّار التي كانوا إذا أرادوا حربا، وتوقّعوا جيشا عظيما، وأرادوا الاجتماع أوقدوا ليلا على جبلهم نارا؛ ليبلغ الخبر أصحابهم. وقد قال عمرو بن كلثوم [5] : [من الوافر] ونحن غداة أوقد في خزاز ... رفدنا فوق رفد الرّافدينا وإذا جدّوا في جمع عشائرهم إليهم أوقدوا نارين. وهو قول الفرزدق [6] : [من الكامل] لولا فوارس تغلب ابنة وائل ... سدّ العدوّ عليك كلّ مكان

_ [1] البيت لبشار بن برد في ديوانه 4/65، والمختار من شعر بشار 340، وثمار القلوب (827) وبلا نسبة في اللسان والتاج (وقد) ، والتهذيب 9/250. [2] البيت بلا نسبة في اللسان (نور) ، والتهذيب 15/232، وعيار الشعر 54، والمعاني الكبير 1/433، وثمار القلوب (827) . [3] الرجز بلا نسبة في جمهرة اللغة 496، وروايته: (أضرب في النقع وأعطي في الجمم) . [4] ثمار القلوب 461 (829) ، وسماها في الأوائل 37 «نار الأهبة» ، وانظر الخزانة 7/152، ومطلع الفوائد 42. [5] البيت برقم 68 من معلقته في شرح القصائد السبع 409، وشرح القصائد العشر 352، واللسان والتاج (خزر، خزز) ، والبيان 3/22، والمعاني الكبير 434، ومعجم البلدان 2/419 (خزاز) ، ومعجم ما استعجم 2/496. [6] ديوان الفرزدق 2/345 (صادر) ، 882- 883 (الصاوي) ، والبيت الأول في اللسان (مضح) ، وبلا نسبة في المقتضب 3/360.

1251 -[نار الحرتين]

ضربوا الصّنائع والملوك وأوقدوا ... نارين أشرفتا على النّيران 1251-[نار الحرّتين] [1] ونار أخرى، وهي «نار الحرّتين» ، وهي نار خالد بن سنان، أحد بني مخزوم، من بني قطيعة بن عبس. ولم يكن في بني إسماعيل نبيّ قبله. وهو الذي أطفأ الله به نار الحرّتين. وكانت ببلاد بني عبس، فإذا كان اللّيل فهي نار تسطع في السّماء، وكانت طيّئ تنفش [2] بها إبلها من مسيرة ثلاث، وربّما ندرت منها العنق [3] فتأتي على كلّ شيء فتحرقه. وإذا كان النهار فإنما هي دخان يفور. فبعث الله خالد بن سنان فاحتفر لها بئرا، ثمّ أدخلها فيها، والنّاس ينظرون؛ ثمّ اقتحم فيها حتى غيّبها. وسمع بعض القوم وهو يقول: [هلك الرّجل! فقال خالد بن سنان] [4] : كذب ابن راعية المعز، لأخرجنّ منها وجبيني يندى! فلمّا حضرته الوفاة، قال لقومه: إذا أنا متّ ثمّ دفنتموني، فاحضروني بعد ثلاث؛ فإنّكم ترون عيرا أبتر يطوف بقبري، فإذا رأيتم ذلك فانبشوني؛ فإني أخبركم بما هو كائن إلى يوم القيامة. فاجتمعوا لذلك في اليوم الثالث، فلما رأوا العير [5] وذهبوا ينبشونه، اختلفوا، فصاروا فرقتين، وابنه عبد الله في الفرقة التي أبت أن تنبشه، وهو يقول: لا أفعل! إني إذا أدعى ابن المنبوش! فتركوه. وقد قدمت ابنته على النبيّ صلى الله عليه وسلم، فبسط لها رداءه وقال: هذه ابنة نبيّ ضيّعه قومه. قال: وسمعت سورة: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فقالت: قد كان أبي يتلو هذه السورة. والمتكلّمون لا يؤمنون بهذا، ويزعمون أنّ خالدا هذا كان أعرابيّا وبريّا، من أهل شرج وناظرة [6] ، ولم يبعث الله نبيّا قطّ من الأعراب ولا من الفدّادين [7] أهل

_ [1] ثمار القلوب 456 (821) ، وانظر الإصابة 2351. [2] تنفش: ترعى. [3] ندرت: ظهرت وبدت. العنق: القطعة أو الطائفة. [4] ما بين المعكوفتين مستدرك من الإصابة 2351، وهو ضروري لإتمام المعنى، ولم يرد في ثمار القلوب. [5] العير: الحمار الوحشي. [6] شرج وناظرة: ماءان لعبس. معجم البلدان (ناظرة) . [7] الفدادون: أهل البادية الذين يعيشون في بيوت من وبر الإبل.

1252 -[تعظيم النار وعبادتها]

الوبر، وإنما بعثهم من أهل القرى، وسكّان المدن [1] . وقال خليد عينين [2] : [من الطويل] وأي نبيّ كان في غير قومه ... وهل كان حكم الله إلّا مع النّخل وأنشدوا [3] : [من الوافر] كنار الحرّتين لها زفير ... يصمّ مسامع الرّجل السّميع 1252-[تعظيم النار وعبادتها] وما زال النّاس كافّة، والأمم قاطبة- حتى جاء الله بالحقّ- مولعين بتعظيم النّار؛ حتى ضلّ كثير من النّاس لإفراطهم فيها، أنهم يعبدونها [4] . فأما النار العلويّة، كالشمس والكواكب، فقد عبدت البتّة. قال الله تعالى: وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ [5] . وقد يجيء في الأثر وفي سنّة بعض الأنبياء، تعظيمها على جهة التعبّد والمحنة، وعلى إيجاب الشكر على النّعمة بها وفيها. فيغلط لذلك كثير من النّاس، فيجوزون الحدّ، ويزعم أهل الكتاب أنّ الله تعالى أوصاهم بها، وقال: «لا تطفئوا النّيران من بيوتي» . فلذلك لا تجد الكنائس والبيع [6] ، وبيوت العبادات، إلّا وهي لا تخلو من نار أبدا، ليلا ولا نهارا؛ حتّى اتّخذت للنّيران البيوت والسّدنة. ووقفوا عليها الغلّات الكثيرة. 1253-[نار المجوس] أبو الحسن عن مسلمة وقحدم، أنّ زيادا بعث عبد الله بن أبي بكرة، وأمره أن

_ [1] بعد ذلك في ثمار القلوب: «والله أعلم حيث يجعل رسالاته» . [2] تقدم البيت في 1/266. [3] البيت لخليد عنين في الأوائل 39، وشرح شواهد المغني 1/310، وبلا نسبة في ثمار القلوب (821) . [4] في ثمار القلوب: «حتى ظنّ كثير من الناس لإفراطهم أنهم يعبدونها» . [5] 24/النمل: 27. [6] البيع: جمع بيعة، وهي كنيسة اليهود أو النصارى.

1254 -[نار السعالي والجن والغيلان]

يطفئ النيران، فأراد عبد الله أن يبدأ بنار جور فيطفئها [1] ، فقيل له: ليست للمجوس نار أعظم من نار الكاريان [2] من دار الحارث. فإن أطفأتها لم يمتنع عليك أحد، وإن أطفأت سافلتها استعدّوا للحرب وامتنعوا. فابدأ بها. فخرج إلى الكاريان فتحصّن أهلها في القلعة. وكان رجل من الفرس من أهل تلك البلاد معروف بالشدّة. لا يقدر عليه أحد، وكان يمرّ كلّ عشيّة بباب منزله استخفافا وإذلالا بنفسه، فغمّ ذلك عبد الله، فقال: أما لهذا أحد؟! وكان مع عبد الله بن أبي بكرة رجل من عبد القيس، من أشدّ النّاس بطشا، وكان جبانا، فقالوا له: هذا العبدي، هو شديد جبان. وإن أمرته به خاف القتال فلم يعرض له. فاحتل له حيلة. فقال: نعم. قال: فبينا هو في مجلسه إذ مرّ الفارسيّ، فقال عبد الله: ما رأيت مثل خلق هذا، وما في الأرض- كما زعموا- أشدّ منه بطشا! ما يقوى عليه أحد! فقال العبدي: ما تجعلون لي إن احتملته حتّى أدخله الدّار وأكتفه؟ فقال له عبد الله: لك أربعة آلاف درهم. فقال: تفون لي بألف؟ قال: نعم! فلمّا كان الغد مرّ الفارسيّ، فقام إليه العبديّ فاحتمله فيما امتنع ولا قدر أن يتحرّك، حتّى أدخله الدّار وضرب به الأرض ووثب عليه النّاس فقتلوه، وغشي على العبدي حين قتلوه. فلما قتل أعطى أهل القلعة بأيديهم [3] . فقتل ابن أبي بكرة الهرابذة، وأطفأ النّار، ومضى يطفئ النّيران حتّى بلغ سجستان. والمجوس تقدّم النّار في التّعظيم على الماء، وتقدّم الماء في التّعظيم على الأرض. ولا تكاد تذكر الهواء. 1254-[نار السعالي والجن والغيلان] ونار أخرى، التي يحكونها من نيران السّعالي [4] والجنّ وهي غير نار الغيلان. وأنشد أبو زيد لسهم بن الحارث [5] : [من الطويل]

_ [1] ورد مثل هذا الكلام في معجم البلدان (جور) . [2] الكاريان: مدينة بفارس صغيرة، ورستاقها عامر، وبها بيت نار معظم عند المجوس. معجم البلدان (الكاريان) . [3] أعطوا بأيديهم: استسلموا. [4] السعالي: جمع سعلاة، وهي أخبث الغيلان، ويزعمون أنها أنثى الجن. حياة الحيوان 1/555. [5] الأبيات لشمر بن الحارث الضبي في الحماسة البصرية 2/246، ولشمير بن الحارث في نوادر أبي زيد 123، ولتأبط شرا في ديوانه 255- 257.

1255 -[نار الاحتيال]

ونار قد حضأت بعيد هدء ... بدار لا أريد بها مقاما [1] سوى تحليل راحلة وعين ... أكالئها مخافة أن تناما أتوا ناري، فقلت منون أنتم ... فقالوا: الجنّ! قلت: عموا ظلاما [2] فقلت: إلى الطّعام، فقال منهم ... زعيم: نحسد الإنس الطعاما وهذا غلط وليس من هذا الباب، وسنضعه في موضعه إن شاء الله تعالى. بل الذي يقع ههنا قول أبي المطراب عبيد بن أيّوب [3] : [من الطويل] فلله درّ الغول أيّ رفيقة ... لصاحب قفر خائف متقفّر [4] أرنّت بلحن بعد لحن وأوقدت ... حواليّ نيرانا تبوخ وتزهر [5] 1255-[نار الاحتيال] [6] وما زالت السّدنة تحتال للنّاس جهة النّيران بأنواع الحيل، كاحتيال رهبان كنيسة القمامة ببيت المقدس بمصابيحها، وأنّ زيت قناديلها يستوقد لهم من غير نار، في بعض ليالي أعيادهم قال [7] : وبمثل احتيال السّادن لخالد بن الوليد، حين رماه بالشّرر؛ ليوهمه أنّ ذلك من الأوثان، أو عقوبة على ترك عبادتها وإنكارها، والتعرّض لها؛ حتى قال [8] : [من الرجز] يا عزّ كفرانك لا سبحانك ... إنّي وجدت الله قد أهانك حتى كشف الله ذلك الغطاء، من رسول الله صلى الله عليه وسلم. 1256-[نار الصيد] [9] ونار أخرى، وهي النّار التي توقد للظباء وصيدها، لتعشى إذا أدامت النّظر،

_ [1] حضأت: أشعلت. [2] منون أنتم: أي من أنتم. [3] البيتان في أشعار اللصوص 218. [4] المتقفر: الذي يتبع آثار الصيد، وفي أشعار اللصوص «يتستر» مكان «المتقفر» . [5] تبوخ: تسكن وتفتر. تزهر: تضيء. [6] ثمار القلوب (74) ، حيث نقل عن الجاحظ. [7] ربيع الأبرار 1/181. [8] الرجز بلا نسبة في ثمار القلوب (75) . [9] ثمار القلوب (830) .

1257 -[نار التهويل]

وتختل من ورائها، ويطلب بها بيض النعام في أفاحيصها ومكناتها. ولذلك قال طفيل الغنوي [1] : [من الطويل] عوازب لم تسمع نبوح مقامة ... ولم تر نارا تمّ حول مجرّم سوى نار بيض أو غزال بقفرة ... أغنّ من الخنس المناخر توءم 1257-[نار التهويل] [2] وقد يوقدون النّيران يهوّلون بها على الأسد إذا خافوها، والأسد إذا عاين النّار حدق إليها وتأمّلها، فما أكثر ما تشغله عن السابلة، ومرّ أبو ثعلب الأعرج. على وادي السّباع، فعرض له سبع، فقال له المكاري: لو أمرت غلمانك فأوقدوا نارا، وضربوا على الطّساس [الذي معهم] [3] ففعلوا فأحجم عنها [4] ، فأنشدني له ابن أبي كريمة، في حبّه بعد ذلك للنّار، ومدحه لها وللصوت الشّديد، بعد بغضه لهما وهو قوله [5] : [من الطويل] فأحببتها حبّا هويت خلاطها ... ولو في صميم النّار نار جهنّم وصرت ألذّ الصّوت لو كان صاعقا ... وأطرب من صوت الحمار المرقّم [6] 1258-[نار الاصطلاء] [7] وروي أنّ أعرابيّا اشتدّ عليه البرد، فأصاب نارا، فدنا منها ليصطلي بها، وهو يقول: اللهم لا تحرمنيها في الدّنيا ولا في الآخرة!. 1259-[سكوت الضفدع عند رؤية النار] وممّا إذا أبصر النّار اعترته الحيرة، الضّفدع؛ فإنّه لا يزال ينقّ فإذا أبصر النّار سكت.

_ [1] البيتان في ديوان طفيل الغنوي 77، وثمار القلوب (75) ، وتقدم البيتان مع شرحهما في الفقرة 1179. [2] ثمار القلوب 461 (828) . [3] الزيادة من ثمار القلوب (829) . [4] في ثمار القلوب: «فأحجم عنهم الأسد» . [5] البيتان بلا نسبة في ثمار القلوب (829) . [6] الحمار المرقم: المخطط القوائم. [7] ثمار القلوب 828.

1260 -[نار الحباحب]

1260-[نار الحباحب] [1] ومن النّيران «نار الحباحب» وهي أيضا «نار أبي الحباحب» . وقال أبو حيّة [2] : [من الطويل] يعشّر في تقريبه فإذا انحنى ... عليهنّ في قفّ أرنّت جنادله [3] وأوقدن نيران الحباحب والتقى ... غضا تتراقى بينهنّ ولاوله [4] وقال القطاميّ [5] في نار أبي الحباحب: [من الطويل] تخوّد تخويد النّعامة بعدما ... تصوّبت الجوزاء قصد المغارب [6] ألا إنما نيران قيس إذا اشتوت ... لطارق ليل مثل نار الحباحب ويصفون نارا أخرى، وهي قريبة من نار أبي الحباحب، وكلّ نار تراها العين ولا حقيقة لها عند التماسها [7] ، فهي نار أبي الحباحب. ولم أسمع في أبي حباحب نفسه شيئا. 1261-[نار البرق] وقال الأعرابيّ، وذكر البرق [8] : [من الطويل] نار تعود به للعود جدّته ... والنّار تشعل نيرانا فتحترق يقول: كلّ نار في الدّنيا فهي تحرق العيدان وتبطلها وتهلكها، إلّا «نار البرق» ،

_ [1] ثمار القلوب (832) ، والخزانة 7/150، والأوائل 42، ومجمع الأمثال 2/149، وشروح سقط الزند 2/506- 507. [2] ديوان أبي حية النميري 70- 71. [3] في ديوانه: «القف: الأرض ذات حجارة عظام. أرنّت: صوتت. الجنادل: الحجارة الكبيرة. أي تصوت الحجارة لضرب بعضها بعضا» . [4] في ديوانه «الولاول: الأصوات، جمع ولولة» . [5] ديوان القطامي 50، والبيت الثاني له في ثمار القلوب (833) ، وهو للنابغة الذبياني في ملحق ديوانه 228، واللسان والتاج (حبحب) ، وبلا نسبة في المخصص 11/26. [6] خوّد البعير والظليم: أسرع واهتز في مشيه. تصوبت: انحدرت. الجوزاء: نجم. [7] نقل الثعالبي هذا القول عن الجاحظ، وبعده: «كقدح الخيل من حوافرها النار إذا وطئت المرو والصفا والجلاميد الكبار» . ثمار القلوب (832) . [8] البيت لابن ميادة في ديوانه 276، والسمط 1/445، والحماسة البصرية 2/349، ولعدي بن الرقاع في الوحشيات 279، والحماسة الشجرية 2/783، ومحاضرات الراغب 2/327، وبلا نسبة في المخصص 9/102، والأمالي 1/180، وزهر الآداب 1/178، ونهاية الأرب 1/114.

1262 -[نار اليراعة]

فإنّها تجيء بالغيث. وإذا غيثت الأرض ومطرت أحدث الله للعيدان جدّة. وللأشجار أغصانا لم تكن. 1262-[نار اليراعة] ونار أخرى، وهي شبيهة بنار البرق، ونار أبي حباحب، وهي «نار اليراعة» ، واليراعة: طائر صغير، إن طار بالنّهار كان كبعض الطّير، وإن طار باللّيل كان كأنّه شهاب قذف أو مصباح يطير. 1263-[الدفء برؤية النار] وفي الأحاديث السّائرة المذكورة في الكتب، أنّ رجلا ألقي في ماء راكد في شتاء بارد، في ليلة من الحنادس [1] ، لا قمر ولا ساهور [2]- وإنما ذكر ذلك، لأنّ ليلة العشر والبدر والطّوق الذي يستدير حول القمر، يكون كاسرا [3] من برد تلك الليلة- قالوا: فما زال الرجل حيّا وهو في ذلك تارز [4] جامد، ما دام ينظر إلى نار، كانت تجاه وجهه في القرية، أو مصباح، فلما طفئت انتفض. 1264-[نار الخلعاء والهرّاب] وقال الشّاعر [5] : [من الطويل] ونار قبيل الصّبح بادرت قدحها ... حيا النّار قد أوقدتها للمسافر [6] يقول: بادرت اللّيل، لأنّ النّار لا ترى بالنهار، كأنه كان خليعا أو مطلوبا. وقال آخر: [من الطويل] ودوّيّة لا يثقب النّار سفرها ... وتضحي بها الوجناء وهي لهيد [7]

_ [1] الحنادس: ثلاث ليال من الشهر مظلمات. [2] الساهور: التسع البواقي من الشهر. [3] كاسرا: مخففا. [4] التارز: الصلب الشديد. [5] البيت لكعب بن زهير في ديوانه 185، وأساس البلاغة (قهر) ، وبلا نسبة في اللسان (حيا) . [6] حيا النار: أراد: حياة النار فحذف الهاء. «اللسان: حيا» . [7] يثقب النار: يشعلها. السفر: المسافرون. الوجناء: الناقة الشديدة. اللهيد: المجهدة المتعبة.

1265 -[نار الوشم]

كأنّهم كانوا هرّابا، فمن حثهم السّير لا يوقدون لبرمة ولا ملّة؛ لأنّ ذلك لا يكون إلّا بالنزول والتمكث، وإنما يجتازون بالبسيسة [1] ، أو بأدنى علقة. وقال بعض اللّصوص [2] : [من الرجز] ملسا بذود الحدسيّ ملسا ... نبّهت عنهن غلاما غسّا [3] لمّا تغشّى فروة وحلسا ... من غدوة حتّى كأنّ الشّمسا [4] بالأفق الغربيّ تكسى ورسا ... لا تخبزا خبزا وبسّا بسّا [5] ولا تطيلا بمناخ حبسا ... وجنّباها أسدا وعبسا قال: والبسيسة: أن يبلّ الدّقيق بشيء حتى يجتمع ويؤكل. 1265-[نار الوشم] ونار أخرى، وهي «نار الوشم والميسم» يقال للرجل: ما نار إبلك؟ فيقول: علاط [6] ، أو خباط [7] ، أو حلقة [8] أو كذا وكذا. 1266-[رجز لبعض اللصوص] وقرّب بعض اللّصوص إبلا من الهواشة [9] ، وقد أغار عليها من كلّ جانب،

_ [1] البسيسة: سيفسرها الجاحظ بعد روايته الأبيات. [2] الرجز للهفوان العقيلي، أحد بني المنتفق؛ في معجم الشعراء 475- 476، وأشعار اللصوص 631، ونوادر أبي زيد 12، 70، وبلا نسبة في المخصص 104، 127، والأبيات (1، 6، 7) بلا نسبة في اللسان والتاج (خبز، بسس، حدس، ملس) ، والتهذيب 7/215، 216، 12/316، 458، وديوان الأدب 2/160، والجمهرة 69، والمقاييس 1/181، 2/240، والمجمل 1/228. [3] ملس الإبل: ساقها في خفية. الذود من الإبل: ما بين الثنتين إلى التسع، وقيل: ما بين الثلاث إلى العشر. الحدسي: منسوب إلى بني حدس بن أراش اللخمي، وهو الذي سرقوا إبله. الغسّ: الضعيف اللئيم. [4] الحلس: الكساء الذي على ظهر البعير تحت القتب. [5] الورس: نبت له نور يشبه الزعفران. البس: الحلب. [6] العلاط: سمة في عرض عنق البعير والناقة، والعلاط: يكون في العنق عرضا. [7] الخباط: سمة تكون في الفخذ؛ طويلة عرضا، وهي لبني سعد، وقيل هي التي تكون على الوجه، أو هي فوق الخد. [8] الحلقة: سمة على شكل الحلقة، في الفخذ أو أصل الأذن، وانظر المخصص 7/154- 156 حيث أفرد بابا في سمات الإبل. [9] هاشت الإبل: نفرت في الغارة فتبددت وتفرقت.

وجمعها من قبائل شتى، فقرّبها إلى بعض الأسواق، فقال له بعض التّجار: ما نارك؟ وإنما يسأله عن ذلك؛ لأنهم يعرفون بميسم كلّ قوم كرم إبلهم من لؤمها. فقال [1] : [من الرجز] تسألني الباعة ما نجارها ... إذ زعزعوها فسمت أبصارها [2] فكلّ دار لأناس دارها ... وكلّ نار العالمين نارها وقال الكردوس المرادي [3] : [من الطويل] تسائلني عن نارها ونتاجها ... وذلك علم لا يحيط به الطّمش والطّمش: الخلق. والورى: النّاس خاصّة تمّ المصحف الرابع من كتاب الحيوان، ويليه إن شاء الله تعالى المصحف الخامس. وأوله: نبدأ في هذا الجزء بتمام القول في نيران العجم والعرب، ونيران الدّيانة، ومبلغ أقدارها.

_ [1] الرجز بلا نسبة في اللسان (نجر، نور) ، والتهذيب 11/41، 15/231، والتاج (نجر، نور، بيع) ، والخزانة 3/213 (بولاق) ، ومحاضرات الراغب 2/290، وحلية المحاضرة 2/137، وأشعار اللصوص 648. [2] زعزعوها: ساقوها سوقا شديدا. [3] البيت للكردوس المرادي في حلية المحاضرة 2/137، وأشعار اللصوص 649.

فهرس الجزءين الثالث والرابع من كتاب الحيوان

فهرس الجزءين الثالث والرابع من كتاب الحيوان

فهرس أبواب المصحف الثالث

فهرس أبواب المصحف الثالث باب ذكر الحمام 3 باب في صدق الظن وجودة الفراسة 27 باب من المديح بالجمال وغيره 5 باب آخر في مثل ذلك من الغضب وفي ذكر الجنون في المواضع التي يكون ذكره فيها محمودا 54 باب من الفطن وفهم الرّطانات والكنايات والفهم والإفهام 63 باب ذكر خصال الحرم 72 باب ذكر الحمام 75 باب ومن كرم الحمام 110 باب ليس في الأرض جنس يعتريه الأوضاح 119 باب الحمام طائر لئيم 124 باب القول في أجناس الذّبّان 143 باب رجع القول إلى ذكر الذّبّان 180 باب القول في الغربان 194 باب فيمن يهجى ويذكر بالشّؤم 232 باب في مديح الصّالحين والفقهاء 238 باب القول في الجعلان والخنافس 241 باب القول في الهدهد 249 باب القول في الرّخم 253 باب القول في الخفاش 256

فهرس أبواب المصحف الرابع

فهرس أبواب المصحف الرابع القول في الذّرّة والنمّل 262 باب جملة القول في القرد والخنزير 278 رجع القول إلى ذكر الخنزير 291 القول في الحيّات 313 ومن أعاجيب الحيّات 373 أصوات خشاش الأرض 373 باب من ضرب المثل للرجل الداهية وللحيّ الممتنع بالحية 374 جملة القول في الظّليم 411 باب آخر وهو أعجب من الأول 416 القول فيما اشتقّ له من البيض اسم 423 القول في النيران 488 باب آخر 490

الجزء الخامس

الجزء الخامس (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) * [تتمة القول في النيران وأقسامها] [القول في نيران العرب والعجم] (أول المصحف الخامس من كتاب الحيوان في الكتاب على بقية النبران) نبدأ في هذا الجزء بتمام القول في نيران العرب والعجم، ونيران الدّيانة ومبلغ أقدارها عند أهل كلّ ملّة وما يكون منها مفخرا، وما يكون منها مذموما، وما يكون صاحبها بذلك مهجورا. ونبدأ بالإخبار عنها وبدئها، وعن نفس جوهرها، وكيف القول في كمونها وظهورها، إن كانت النار قد كانت موجودة العين قبل ظهورها، وعن كونها، على المجاورة كان ذلك أم على المداخلة، وفي حدوث عينها إن كانت غير كامنة، وفي إحالة الهواء لها والعود جمرا، إن كانت الاستحالة جائزة، وكانت الحجّة في تثبيت الأعراض صحيحة. وكيف القول في الضّرام الذي يظهر من الشجر، وفي الشّرر الذي يظهر من الحجر. وما القول في لون النار في حقيقتها. وهل يختلف الشّرار في طبائعها، أم لا اختلاف بين جميع جواهرها، أم يكون اختلافها على قدر اختلاف مخارجها ومداخلها، وعلى قدر اختلاف ما لاقاها وهيّجها؟ 1267-[قول أبي إسحاق النظام في النار] ونبدأ، باسم الله وتأييده، بقول أبي إسحاق. قال أبو إسحاق: الناس اسم للحرّ والضّياء. فإذا قالوا: أحرقت أو سخّنت، فإنما الإحراق والتسخين لأحد هذين الجنسين المتداخلين، وهو الحرّ دون الضياء. وزعم أن الحرّ جوهر صعّاد. وإنما اختلفا، ولم يكن اتّفاقهما على الصعود موافقا بين جواهرهما؛ لأنهما متى صارا من العالم العلويّ إلى مكان صار أحدهما فوق صاحبه. وكان يجزم القول ويبرم الحكم بأنّ الضياء هو الذي يعلو إذا انفرد، ولا يعلى.

قال: ونحن إنما صرنا إذا أطفأنا نار الأتّون [1] وجدنا أرضه وهواه وحيطانه حارّة، ولم نجدها مضيئة، لأن في الأرض، وفي الماء الذي قد لابس الأرض، حرّا كثيرا، وتداخلا متشابكا؛ وليس فيهما ضياء. وقد كان حرّ النار هيّج تلك الحرارة فأظهرها، ولم يكن هناك ضياء من ملابس فهيّجه الضياء وأظهره، كما اتصل الحرّ بالحرّ فأزاله من موضعه، وأبرزه من مكانه. فلذلك وجدنا أرض الأتّون [1] ، وحيطانها، وهواها حارّة، ولم نجدها مضيئة. وزعم أبو إسحاق أنّ الدليل على أن في الحجر والعود نارا مع اختلاف الجهات، أنه يلزم من أنكر ذلك أن يزعم أن ليس في السّمسم دهن ولا في الزّيتون زيت. ومن قال ذلك لزمه أن يقول: أن ليس في الإنسان دم، وأنّ الدّم إنّما تخلّق عند البطّ [2] ، وكان ليس بين من أنكر أن يكون الصّبر [3] مرّ الجوهر، والعسل حلو الجوهر قبل ألّا يذاقا، وبين السمسم والزيتون قبل أن يعصرا- فرق. وإن زعم الزاعم أنّ الحلاوة والمرارة عرضان، والزيت والخلّ جوهر، وإذا لزم من قال ذلك في حلاوة العسل، وحموضة الخلّ، وهما طعمان- لزمه مثل ذلك في ألوانهما، فيزعم أنّ سواد السّبج [4] ، وبياض الثلج، وحمرة العصفر، وصفرة الذهب، وخضرة البقل، إنما تحدث عند رؤية الإنسان، وإن كانت المعاينة والمقابلة غير عاملتين في تلك الجواهر. قال: فإذا قاس ذلك المتكلّم في لون الجسم بعد طعمه، وفي طوله وعرضه وصورته بعد رائحته، وفي خفته وثقل وزنه، كما قاس في رخاوته وصلابته- فقد دخل في باب الجهالات، ولحق بالذين زعموا أن القربة ليس فيها ماء، وإن وجدوها باللمس ثقيلة مزكورة [5] وإنما تخلّق عند حلّ رباطها. وكذلك فليقولوا في الشمس والقمر، والكواكب، والجبال، إذا غابت عن أبصارهم. قال: فمن هرب عن الانقطاع إلى الجهالات، كان الذي هرب إليه أشدّ عليه.

_ [1] الاتّون: الموقد. [2] بطّ الجرح: شقه، والمبطة: المبضع. [3] الصّبر: عصارة شجر مر. [4] السبج: الخرز الأسود. [5] مزكورة: مملوءة.

1268 -[رد النظام على ضرار في إنكار الكمون]

وكان يضرب لهما مثلا ذكرته لظرافته: حكى عن رجل أحدب سقط في بئر، فاستوت حدبته وحدثت له أدرة [1] في خصيته، فهنّاه رجل عن ذهاب حدبته، فقال: الذي جاء شرّ من الذي ذهب! 1268-[رد النظام على ضرار في إنكار الكمون] وكان أبو إسحاق يزعم أن ضرار بن عمرو قد جمع في إنكاره القول بالكمون الكفر والمعاندة؛ لأنه كان يزعم أن التوحيد لا يصحّ إلا مع إنكار الكمون، وأن القول بالكمون لا يصحّ إلا بأن يكون في الإنسان دم. وإنما هو شيء تخلّق عند الرّؤية. قال: وهو قد كان يعلم يقينا أنّ جوف الإنسان لا يخلو من دم. قال: ومن زعم أن شيئا من الحيوان يعيش بغير الدم، أو شيء يشبه الدم، فواجب عليه أن يقول بإنكار الطبائع؛ ويدفع الحقائق بقول جهم في تسخين النار وتبريد الثلج، وفي الإدراك والحسّ، والغذاء والسّمّ. وذلك باب آخر في الجهالات. ومن زعم أن التوحيد لا يصلح إلا بألّا يكون في الإنسان دم، وإلا بأن تكون النار لا توجب الإحراق، والبصر الصحيح لا يوجب الإدراك- فقد دلّ على أنه في غاية النقص والغباوة، أو في غاية التكذيب والمعاندة. وقال أبو إسحاق: وجدنا الحطب عند انحلال أجزائه، وتفرّق أركانه التي بني عليها، ومجموعاته التي ركّب منها وهي أربع: نار، ودخان، وماء، ورماد، ووجدنا للنار حرّا وضياء، ووجدنا للماء صوتا، ووجدنا للدّخان طعما ولونا ورائحة، ووجدنا للرّماد طعما ولونا ويبسا، ووجدنا للماء السائل من كل واحد من أصحابه. ثمّ وجدناه ذا أجناس ركّبت من المفردات. ووجدنا الحطب ركّب على ما وصفنا، فزعمنا أنه ركّب من المزدوجات، ولم يركّب من المفردات. قال أبو إسحاق: فإذا كان المتكلم لا يعرف القياس ويعطيه حقه فرأى أنّ العود حين احتكّ بالعود أحدث النار فإنه يلزمه في الدخان مثل ذلك، ويلزمه في الماء السائل مثل ذلك. وإن قاس قال في الرّماد مثل قوله في الدخان والماء. وإلا فهو إما جاهل، وإمّا متحكم.

_ [1] الأدرة: انتفاخ في الخصية.

وإن زعم أنه إنما أنكر أن تكون النار كانت في العود، لأنه وجد النار أعظم من العود، ولا يجوز أن يكون الكبير في الصغير، وكذلك الدخان- فليزعم أن الدخان لم يكن في الحطب، وفي الزّيت وفي الزّيت وفي النّفط. فإن زعم أنهما سواء، وأنه إنما قال بذلك لأن بدن ذلك الحطب لم يكن يسع الذي عاين من بدن النار والدخان، فليس ينبغي لمن أنكر كمونها من هذه الجهة أن يزعم أنّ شرر القدّاحة والحجر لم يكونا كامنين في الحجر والقدّاحة. وليس ينبغي أن ينكر كمون الدم في الإنسان، وكمون الدّهن في السمسم، وكمون الزيت في الزيتون. ولا ينبغي أن ينكر من ذلك إلا ما لا يكون الجسم يسعه في العين. فكيف وهم قد أجروا هذا الإنكار في كلّ ما غاب عن حواسّهم من الأجسام المستترة بالأجسام حتى يعود بذلك إلى إبطال الأعراض؟! كنحو حموضة الخلّ، وحلاوة العسل، وعذوبة الماء، ومرارة الصبر. قال: فإن قاسوا قولهم وزعموا أن الرماد حادث، كما قالوا في النار والدّخان، فقد وجب عليهم أن يقولوا في جميع الأجسام مثل ذلك كالدقيق المخالف للبرّ في لونه، وفي صلابته، وفي مساحته، وفي أمور غير ذلك منه. فقد ينبغي أن يزعم أن الدقيق حادث، وأن البرّ قد بطل. وإذا زعم ذلك زعم أنّ الزّبد الحادث بعد المخض لم يكن في اللبن، وأنّ جبن اللبن حادث، وقاس ماء الجبن على الجبن. وليس اللبن إلا الجبن والماء. وإذا زعم أنهما حادثان، وأن اللبن قد بطل، لزمه أن يكون كذلك الفخّار، الذي لم نجده حتى عجنّا التراب اليابس المتهافت على حدته، بالماء الرّطب السيّال على حدته، ثم شويناه بالنار الحارّة الصّعّادة على حدتها. ووجدنا الفخار في العين واللمس والذّوق والشّمّ، وعند النّقر والصّكّ- على خلاف ما وجدنا عليه النار وحدها، والماء وحده، والتّراب وحده؛ فإنّ ذلك الفخار هو تلك الأشياء. والحطب هو تلك الأشياء، إلا أن أحدها من تركيب العباد، والآخر من تركيب الله. والعبد لا يقلب المركّبات عن جواهرها بتركيبه ما ركب منها. والحجر متى صكّ بيضة كسرها، وكيف دار الأمر، سواء كانت الرّيح تقلبه أو إنسان.

1269 -[رد النظام على أصحاب الأعراض]

فإن زعموا أن الفخار ليس ذلك التّراب، وذلك الماء، وتلك النار، وقالوا مثل ذلك في جميع الأخبصة [1] والأنبذة، كان آخر قياسهم أن يجيبوا بجواب أبي الجهجاه؛ فإنه زعم أن القائم غير القاعد، والعجين غير الدقيق. وزعم- ولو أنه لم يقل ذلك- أن الحبّة متى فلقت فقد بطل الصحيح، وحدث جسمان في هيئة نصفي الحبّة. وكذلك إذا فلقت بأربع فلق، إلى أن تصير سويقا، ثم تصير دقيقا، ثم تصير عجينا، ثم تصير خبزا، ثم تعود رجيعا وزبلا، ثم تعود ريحانا وبقلا، ثم يعود الرجيع أيضا لبنا وزبدا؛ لأن الجلّالة [2] من البهائم تأكله، فيعود لحما ودما. وقال: فليس القول إلا ما قال أصحاب الكمون، أو قول هذا. 1269-[ردّ النظام على أصحاب الأعراض] قال أبو إسحاق: فإن اعترض علينا معترض من أصحاب الأعراض فزعم أن النار لم تكن كامنة، وكيف تكمن فيه وهي أعظم منه؟ ولكنّ العود إذا احتكّ بالعود حمي العودان، وحمي من الهواء المحيط بهما الجزء الذي بينهما، ثم الذي يلي ذلك منهما، فإذا احتدم رقّ، ثم جفّ والتهب. فإنما النار هواء استحال. والهواء في أصل جوهره حارّ رقيق، وهو جسم رقيق، وهو جسم خوّار، جيّد القبول، سريع الانقلاب. والنار التي تراها أكثر من الحطب، إنما هي ذلك الهواء المستحيل، وانطفاؤها بطلان تلك الأعراض الحادثة من النارية فيه. فالهواء سريع الاستحالة إلى النار، سريع الرجوع إلى طبعه الأول. وليس أنها إذا عدمت فقد انقطعت إلى شكل لها علويّ واتصلت، وصارت إلى تلادها [3] ، ولا أنّ أجزاءها أيضا تفرقت في الهواء، ولا أنها كانت كامنة في الحطب، متداخلة منقبضة فيه، فلما ظهرت انبسطت وانتشرت. وإنما اللهب هواء استحال نارا؛ لأن الهواء قريب القرابة من النار، والماء هو حجاز بينهما، لأنّ النار يابسة حارة، والماء رطب بارد، والهواء حارّ رطب، فهو يشبه الماء من جهة الرطوبة والصفاء، ويشبه النار بالحرارة والخفة فهو يخالفهما ويوافقهما؛ فلذلك جاز أن ينقلب إليهما انقلابا سريعا، كما ينعصر الهواء إذا استحال رطبا

_ [1] الأخبصة: حلوى تصنع من التمر والسمن. [2] الجلّالة: البقرة تتبّع النجاسات، والجلّة: البعر. [3] أصل التلاد: المال القديم الأصلي، وهو يريد القول: رجعت إلى معدنها وأصلها الأول.

1270 -[رد على منكري كمون النار في الحطب]

وحدث له كثافة، إلى أن تعود أجزاؤه مطرا. فالماء ضدّ النار، والهواء خلاف لهما، وليس بضدّ. ولا يجوز أن ينقلب الجوهر إلى ضده حتى ينقلب بديّا إلى خلافه. فقد يستقيم أن ينقلب الماء هواء، ثم ينقلب الهواء نارا، وينقلب الهواء ماء، ثم ينقلب الماء أرضا. فلا بدّ في الانقلاب من الترتيب والتدريج. وكلّ جوهر فله مقدمات؛ لأن الماء قد يحيل الطين صخرا، وكذلك في العكس، فلا يستحيل الصخر هواء، والهواء صخرا، إلا على هذا التنزيل والترتيب. وقال أبو إسحاق لمن قال بذلك من حذّاق أصحاب الأعراض: قد زعمتم أن النار التي عاينّاها لم تخرج من الحطب، ولكنّ الهواء المحيط بهما احتدم واستحال نارا. فلعلّ الحطب الذي يسيل منه الماء الكثير، أن يكون ذلك الماء لم يكن في الحطب، ولكنّ ذلك المكان من الهواء استحال ماء. وليس ذلك المكان من الهواء أحقّ بأن يستحيل ماء من أن يكون سبيل الدخان في الاستحالة سبيل النار والماء. فإن قاس القوم ذلك، فزعموا أن النار التي عاينّاها، وذلك الماء والدخان في كثافة الدخان وسواده، والذي يتراكم منه في أسافل القدور وسقف المطابخ إنما ذلك هواء استحال، فلعلّ الرماد أيضا، هواء استحال رمادا. فإن قلتم: الدّخان في أول ثقله المتراكم على أسافل القدور، وفي بطون سقف مواقد الحمامات، الذي إذا دبّر ببعض التدبير جاء منه الأنقاس [1] العجيبة أحق بأن استحال أرضيّا. فإن قاس صاحب العرض، وزعم أن الحطب انحلّ بأسره، فاستحال بعضه رمادا كما قد كان بعضه رمادا مرة، واستحال بعضه ماء كما كان بعضه ماء مرة، وبعضه استحال أرضا، كما كان بعضه أرضا مرة، ولم يقل إن الهواء المحيط به استحال رمادا، ولكنّ بعض أخلاط الحطب استحال رمادا ودخانا، وبعض الهواء المتصل به استحال ماء وبعضه استحال نارا، على قدر العوامل، وعلى المقابلات له. وإذا قال صاحب العرض ذلك كان قد أجاب في هذه الساعة على حدّ ما نزّلته لك. وهذا باب من القول في النار. وعلينا أن نستقصي للفريقين والله المعين. 1270-[ردّ على منكري كمون النار في الحطب] وباب آخر، وهو أن بعض من ينكر كمون النار في الحطب قالوا: إن هذا الحرّ

_ [1] الأنقاس: جمع نقس، وهو المداد.

الذي رأيناه قد ظهر من الحطب، لو كان في الحطب لكان واجبا أن يجده من مسّه كالجمر المتوقد، إذا لم يكن دونه مانع منه. ولو كان هناك مانع لم يكن ذلك المانع إلا البرد؛ لأن اللون والطعم والرائحة لا يفاسد الحرّ، ولا يمانعه إلا الذي يضادّه، دون الذي يخالفه ولا يضاده. فإن زعم زاعم أنه قد كان هناك من أجزاء البرد ما يعادل ذلك الحرّ ويطاوله، ويكافيه ويوازيه؛ فلذلك صرنا إذا مسسنا الحطب لم نجده مؤذيا، وإنما يظهر الحرق ويحرق لزوال البرد، إذا قام في مكانه وظهر الحرّ وحده فظهر عمله. ولو كان البرد المعادل لذلك الحرّ مقيما في العود على أصل كمونه فيه. لكان ينبغي لمن مسّ الرّماد بيده أن يجده أبرد من الثلج. فإذا كان مسه كمسّ غيره، فقد علمنا أنه ليس هناك من البرد ما يعادل هذا الحرّ الذي يحرق كلّ شيء لقيه. فإن زعم أنهما خرجا جميعا من العود، فلا يخلو البرد أن يكون أخذ في جهته، فلم وجدنا الحرّ وحده وليس هو بأحق أن نجده من ضدّه. وإن كان البرد أخذ شمالا، وأخذ الحرّ جنوبا، فقد كان ينبغي أن يجمد ويهلك ما لاقاه، كما أهلك الحر وأحرق وأذاب كلّ ما لاقاه. قالوا: فلما وجدنا جميع أقسام هذا الباب، علمنا أن النار لم تكن كامنة في الحطب. قال أبو إسحاق: والجواب عن ذلك أنا نزعم أن الغالب على العالم السفليّ الماء والأرض، وهما جميعا باردان، وفي أعماقهما وأضعافهما من الحر ما يكون مغمورا ولا يكون غامرا، ويكون مقموعا ولا يكون قامعا؛ لأنه هناك قليل، والقليل ذليل، والذليل غريب، والغريب محقور. فلما كان العالم السفلي كذلك، اجتذب ما فيه من قوة البرد وذلك البرد الذي كان في العود عند زوال مانعه؛ لأن العود مقيم في هذا العالم. ثم لم ينقطع ذلك البرد إلى برد الأرض، الذي هو كالقرص له، إلا بالطّفرة [1] والتخليف [2] ، لا بالمرور على الأماكن والمحاذاة لها وقام برد الماء منه مقام قرص الشمس من الضياء الذي يدخل البيت للخرق الذي يكون فيه، فإذا سدّ فمع السّدّ ينقطع إلى قرصه، وأصل جوهره.

_ [1] الطفرة: الوثبة. [2] التخليف: التّرك.

1271 -[قول النظام في الكمون]

فإذا أجاب بذلك أبو إسحاق لم يجد خصمه بدّا من أن يبتدئ مسألة في إفساد القول بالطفرة والتخليف. ولولا ما اعترض به أبو إسحاق من الجواب بالطفرة في هذا الموضع، لكان هذا مما يقع في باب الاستدلال على حدوث العالم. 1271-[قول النظام في الكمون] وكان أبو إسحاق يزعم أن احتراق الثوب والحطب والقطن، إنما هو خروج نيرانه منه، وهذا هو تأويل الاحتراق، وليس أن نارا جاءت من مكان فعملت في الحطب، ولكن النار الكامنة في الحطب لم تكن تقوى على نفي ضدّها عنها، فلما اتصلت بنار أخرى، واستمدّت منها، قويتا جميعا على نفي ذلك المانع، فلما زال المانع ظهرت. فعند ظهورها تجزّأ الحطب وتجفف وتهافت؛ لمكان عملها فيه. فإحراقك للشيء إنما هو إخراجك نيرانه منه. وكان يزعم أن حرارة الشمس، إنما تحرق في هذا العالم بإخراج نيرانها منه. وهي لا تحرق ما عقد العرض وكثّف تلك النداوة؛ لأن التي عقدت تلك الأجزاء من الحر أجناس لا تحترق، كاللون والطعم والرائحة، والصوت. والاحتراق إنما هو ظهور النار عند زوال مانعها فقط. وكان يزعم أن سمّ الأفعى مقيما في بدن الأفعى، ليس يقتل، وأنه متى مازج بدنا لا سمّ فيه لم يقتل ولم يتلف، وإنما يتلف الأبدان التي فيها سموم ممنوعة مما يضادّها. فإذا دخل عليها سم الأفعى، عاون السم الكامن ذلك السمّ الممنوع على مانعه. فإذا زال المانع تلف البدن. فكان المنهوش عند أبي إسحاق، إنما كان أكثر ما أتلفه السمّ الذي معه. وكذلك كان يقول في حرّ الحمّام، والحر الكامن في الإنسان: أنّ الغشي الذي يعتريه في الحمام ليس من الحر القريب، ولكن من الحر الغريب، حرّك الحرّ الكامن في الإنسان، وأمدّه ببعض أجزائه، فلما قوي عند ذلك على مانعه فأزاله، صار ذلك العمل الذي كان يوقعه بالمانع واقعا به. وإنما ذلك كماء حار يحرق اليد، صبّ عليه ماء بارد، فلما دخل عليه الماء البارد صار شغله بالداخل، وصار من وضع يده فيه ووضع يده في شيء قد شغل فيه بغيره. فلما دفع الله، عزّ وجلّ، عنه ذلك الجسم

باب في المجاز والتشبيه بالأكل

الذي هو مشغول به، صار ذلك الشّغل مصروفا إلى من وضع يده فيه؛ إذ كان لا ينفكّ من عمله. وكان مع ذلك يزعم أنك لو أطفأت نار الأتّون [1] لم تجد شيئا من الضوء، ووجدت الكثير من الحر؛ لأن الضياء لما لم يكن له في الأرض أصل ينسب إليه، وكان له في العلوّ أصل، كان أولى به. وفي الحقيقة أنهما جميعا قد اتصلا بجوهرهما من العالم العلويّ. وهذا الحر الذي تجده في الأرض، إنما هو الحرّ الكامن الذي زال مانعه. هكذا كان ينبغي أن يقول. وهو قياسه. وكان يزعم أنك إن أبصرت مصباحا قائما إلى الصّبح أن الذي رأيته في أول وهلة قد بطل من هذا العالم، وظفر من الدهن بشيء من وزنه وقدره بلا فضل [2] ، ثم كذلك الثالث والرابع والتاسع. فأنت إن ظننت أن هذا المصباح ذلك، فليس به، ولكن ذلك المكان لما كان لا يخلو من أقسام متقاربة متشابهة، ولم يكن في الأول شية [3] ولا علامة، وقع عندك أن المصباح الذي رأيته مع طلوع الفجر، هو الذي رأيته مع غروب الشّفق. وكان يزعم أن نار المصباح لم تأكل شيئا من الدّهن ولم تشربه، وأن النار لا تأكل ولا تشرب، ولكن الدهن ينقص على قدر ما يخرج منه من الدخان والنار الكامنين، اللذين كانا فيه. وإذا خرج كلّ شيء فهو بطلانه. [باب في المجاز والتشبيه بالأكل] 1272-[المجاز والتشبيه الأكل] وقد يقولون ذلك أيضا على المثل، وعلى الاشتقاق، وعلى التشبيه. فإن قلتم: فقد قال الله عزّ وجلّ في الكتاب: الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ [4] علمنا أن الله، عزّ وجلّ، إنما كلمهم بلغتهم.

_ [1] الأتّون: الموقد. [2] الفضل: الزيادة. [3] الشية: اللون يخالف معظم اللون. [4] 183/آل عمران: 3.

باب آخر مما يسمونه أكلا

وقد قال أوس بن حجر [1] : [من الطويل] فأشرط فيها نفسه وهو معصم ... وألقى بأسباب له وتوكّلا [2] وقد أكلت أظفاره الصّخر كلما ... تعايا عليه طول مرقى توصّلا فجعل النحت والتّنقّص أكلا. وقال خفاف بن ندبة [3] : [من البسيط] أبا خراشة أمّا كنت ذا نفر ... فإنّ قومي لم تأكلهم الضبع والضّبع: السّنة. فجعل تنقّص الجدب، والأزمة، أكلا. باب آخر مما يسمونه أكلا وقال مرداس بن أديّة [4] : [من البسيط] وأدّت الأرض منّي مثل ما أكلت ... وقرّبوا لحساب القسط أعمالي وأكل الأرض لما صار في بطنها: إحالتها له إلى جوهرها. [باب آخر في المجاز والتشبيه بالأكل] (باب آخر) 1273-[في المجاز والتشبيه بالأكل] وهو قول الله عزّ وجلّ: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً [5] وقوله

_ [1] ديوان أوس بن حجر 87، والسمط 492، والأول في اللسان والتاج (شرط، عصم) ، وأساس البلاغة (شرط) ، والعين 6/236، والجمهرة 726، والسمط 492، والفاخر 123، والثاني في أساس البلاغة (أكل) . [2] في ديوانه: «قال ابن السكيت: أشرط نفسه: جعلها علما للموت، ومنه أشراط الساعة. ويقال: أشرط نفسه في ذلك الأمر؛ أي خاطر بها. والمعصم: المتعلق بالحبل. والسبب: الحبل» . [3] البيت لخفاف بن ندبة في ديوانه 533، وللعباس بن مرداس في ديوانه 106، والاشتقاق 313، والخزانة 4/13، 14، 17، 200، 5/445، 6/532، 11/62، وشرح شذور الذهب 242، وشرح شواهد المغني 1/116، 179، وشرح قطر الندى 140، وشرح المفصل 2/99، 8/132، والكتاب 1/293، والمقاصد النحوية 2/55، واللسان (خرش، ضبع) ، وبلا نسبة في الأزهية 147، والإنصاف 71، ومغني اللبيب 1/35، واللسان والتاج (ما) ، وأوضح المسالك 1/265، والجنى الداني 528. [4] البيت في شعر الخوارج 50. [5] 10/النساء: 4.

تعالى، عزّ اسمه: أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ [1] . وقد يقال لهم ذلك وإن شربوا بتلك الأموال الأنبذة، ولبسوا الحلل، وركبوا الدوابّ، ولم ينفقوا منها درهما واحدا في سبيل الأكل. وقد قال الله عزّ وجلّ: إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً [2] . وهذا مجاز آخر. وقال الشاعر في أخذ السّنين من أجزاء الخمر [3] : [من الخفيف] أكل الدّهر ما تجسّم منها ... وتبقّى مصاصها المكنونا [4] وقال الشاعر: [من السريع] مرّت بنا تختال في أربع ... يأكل منها بعضها بعضا [5] وهل قوله [6] : «وقد أكلت أظفاره الصّخر» ، إلا كقوله [7] : [من الطويل] كضبّ الكدى أفنى براثنه الحفر [8] وإذا قالوا: أكله الأسد، فإنما يذهبون إلى الأكل المعروف. وإذا قالوا: أكله الأسود [9] ، فإنما يعنون النّهش واللّدغ والعضّ فقط. وقد قال الله عزّ وجلّ: أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً [10] . ويقال: هم لحوم الناس.

_ [1] 42/المائدة: 5 [2] 10/النساء: 4. [3] البيت لأبي نواس في ديوانه 30. [4] المصاص: خالص كل شيء، ورواية الديوان «وتبقى لبابها» ، المكنون: المستور. [5] أربع: أراد: صواحبها، وأراد أنها في تثنّيها وتعطّفها كأنما يأكل بعضها بعضا. [6] جزء من بيت لأوس بن حجر، ورد في الصفحة السابقة. [7] صدر البيت: (ترى الشّرّ قد أفنى دوائر وجهه) ، وهو لخالد بن علقمة في ديوان علقمة الفحل 110، ولابن الطيفان خالد بن علقمة بن مرثد في المؤتلف والمختلف 221، وللزبرقان بن بدر في المقاصد النحوية 4/171، وللحصين بن القعقاع في ثمار القلوب (613) . [8] في ديوان علقمة: «قد أفنى دوائر وجهه، أي: قد ملأ الشر وجهه أجمع؛ فأنت تستبين أثر الشر وتغييره في وجهه. وقوله: كضب الكدى: الضب لا يحتفر أبدا إلا في مكان صلب كيلا يهدم عليه جحره، واستعار للضب أنامل مكان البراثن لما أخبر عنه بمثل ما يخبر به عن الآدميين من الحفر» . [9] الأسود: ضرب خبيث من الأفاعي. [10] 12/الحجرات: 49.

باب آخر في مجاز الذوق

وقال قائل لإسماعيل بن حماد: أيّ اللّحمان أطيب؟ قال: لحوم الناس، هي والله أطيب من الدجاج، ومن الفراخ، والعنوز الحمر [1] . ويقولون في باب آخر: فلان يأكل الناس. وإن لم يأكل من طعامهم شيئا. وأما قول أوس بن حجر [2] : [من الطويل] وذو شطبات قدّه ابن مجدّع ... له رونق ذرّيّه يتأكّل [3] فهذا على خلاف الأول. وكذلك قول دهمان النهري [4] : [من الرمل] سألتني عن أناس أكلوا ... شرب الدّهر عليهم وأكل فهذا كله مختلف، وهو كله مجاز. [باب آخر في مجاز الذوق] (باب آخر) 1274-[في مجاز الذوق] وهو قول الرّجل إذا بالغ في عقوبة عبده: ذق! و: كيف ذقته؟! و: كيف وجدت طعمه! وقال عزّ وجلّ: ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ [5] . وأما قولهم: «ما ذقت اليوم ذواقا» [6] ، فإنه يعني: ما أكلت اليوم طعاما، ولا شربت شرابا، وإنما أراد القليل والكثير، وأنه لم يذقه، فضلا عن غير ذلك.

_ [1] العنوز: جمع عنز، وهي الأنثى من المعز. [2] ديوان أوس بن حجر 95، وديوان المعاني 2/57. [3] في ديوانه: «الشطبات: جمع شطبة، وهي الطريقة من طرائق السيف. قده: قطعه وصنعه. وابن مجدع: قين مشهور بصنع السيوف. الرونق: ماء السيف وصفاؤه وحسنه. الذري: التلألؤ واللمعان. يتأكل: يبرق ويلمع بشدة» . [4] لم يرد البيت منسوبا إلى دهمان النهري في المصادر المتاحة، وهو للنابغة الجعدي في ديوانه 92، 98، والأزهية 285، واللسان والتاج (طرب، أكل) ، وأساس البلاغة (شرب) ، والمعاني الكبير 1208، وأمالي المرتضى 1/66، وبلا نسبة في مجمع الأمثال 1/42، وانظر المستقصى 2/283. [5] 49/الدخان: 44. [6] المثل في مجمع الأمثال 2/281، والمستقصى 2/321، وأمثال ابن سلام 390.

وقال بعض طبقات الفقهاء، ممن يشتهي أن يكون عند الناس متكلما: ما ذقت اليوم ذواقا على وجه من الوجوه، ولا على معنى من المعاني، ولا على سبب من الأسباب، ولا على جهة من الجهات، ولا على لون من الألوان. وهذا من عجيب الكلام! قال: ويقول الرجل لوكيله: ايت فلانا فذق ما عنده وقال شمّاخ بن ضرار [1] : [من الطويل] فذاق فأعطته من اللّين جانبا ... كفى، ولها أن يغرق السهم حاجز وقال ابن مقبل [2] : [من البسيط] أو كاهتزاز ردينيّ تذاوقه ... أيدي التّجار فزادوا متنه لينا [3] وقال نهشل بن حرّيّ [4] : [من الوافر] وعهد الغانيات كعهد قين ... ونت عنه الجعائل مستذاق [5] الجعائل: من الجعل. وتجاوزوا ذلك إلى أن قال يزيد بن الصّعق، لبني سليم حين صنعوا بسيّدهم العباس ما صنعوا. وقد كانوا توّجوه وملّكوه، فلما خالفهم في بعض الأمر وثبوا عليه، وكان سبب ذلك قلة رهطه. وقال يزيد بن الصّعق [6] : [من الوافر] وإن الله ذاق حلوم قيس ... فلما ذاق خفّتها قلاها

_ [1] ديوان الشماخ 190، وجمهرة أشعار العرب 832، والتهذيب 9/263، واللسان والتاج وأساس البلاغة (ذوق) ، وبلا نسبة في المقاييس 2/365، والمخصص 6/47. [2] ديوان ابن مقبل 328 (232) ، والحماسة البصرية 2/91، والأمالي 1/229، والموشح 15، واللسان والأساس (ذوق) . [3] في ديوانه: «الرديني: الرمح، منسوب إلى ردينة، وهي امرأة كانت تتقن هي وزوجها سمهر صنع الرماح بخط هجر. والتجار: جمع تاجر، وهو الذي يتجر في الشيء، أو الحاذق في الأمر. شبّه تثني النساء في مشيهن باهتزاز الرمح اللدن» . [4] ديوان نهشل بن حري 117، واللسان والتاج (ذوق، لمق) ، وجمهرة الأمثال 1/23، ومجمع الأمثال 1/41، والمستقصى 1/125، ونسب خطأ إلى جرير في أساس البلاغة (ذوق) ، وهو بلا نسبة في التهذيب 9/263. [5] القين: الحداد أو العامل. ونت: أبطأت. الجعائل: جمع جعالة، وهو ما يجعل للعامل على عمله. مستذاق: مختبر. [6] البيتان في أشعار العامريين الجاهليين 63.

رآها لا تطيع لها أميرا ... فخلّاها تردّد في خلاها [1] فزعم أن الله، عزّ وجلّ، يذوق. وعند ذلك قال عباس الرّعلي يخبر عن قلّته وكثرتهم، فقال [2] : [من الطويل] وأمّكم تزجي التّؤام لبعلها ... وأمّ أخيكم كزّة الرّحم عاقر [3] وزعم يونس أنّ أسلم بن زرعة لما أنشد هذا البيت اغرورقت عيناه. وجعل عباس أمّه عاقرا إذ كانت نزورا. وقد قال الغنويّ [4] : [من الكامل] وتحدثوا ملأ لتصبح أمّنا ... عذراء لا كهل ولا مولود جعلها إذ قلّ ولدها كالعذراء التي لم تلد قطّ. لما كانت كالعذراء جعلها عذراء. وللعرب إقدام على الكلام، ثقة بفهم أصحابهم عنهم. وهذه أيضا فضيلة أخرى. وكما جوّزوا لقولهم أكل وإنما عضّ، وأكل وإنما أفنى، وأكل وإنما أحاله، وأكل وإنما أبطل عينه- جوّزوا أيضا أن يقولوا: ذقت ما ليس بطعم، ثم قالوا: طعمت، لغير الطعام. وقال العرجيّ [5] : [من الطويل] وإن شئت حرّمت النساء سواكم ... وإن شئت لم أطعم نقاخا ولا بردا [6] وقال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي [7] ، يريد: لم يذق طعمه.

_ [1] خلّاها: تركها. الخلى: جمع خلاة، وهو الرطب من النبات. [2] تقدم البيت في الفقرة (255) 1/239. [3] تزجي: تسوق. التؤام: جمع توءم، وهو المولود مع غيره في بطن. كزة: قليلة الخير. [4] البيت لأبيّ بن هرثم الغنوي في تهذيب إصلاح المنطق 368، وبلا نسبة في إصلاح المنطق 150، واللسان والتاج (ملأ) ، والتهذيب 15/405. [5] البيت للعرجي في ديوانه 109، واللسان والتاج (نقخ، برد) ، والتنبيه والإيضاح 1/292، 2/10، ولعمر بن أبي ربيعة في ديوانه 315، وللحارث بن خالد المخزومي في ديوانه 117، وبلا نسبة في المقاييس 1/243، والتهذيب 14/105، وديوان الأدب 1/102. [6] النقاخ: الماء البارد العذب الصافي. البرد: الريق. [7] 249/البقرة: 2.

وقال علقمة بن عبدة [1] : [من البسيط] وقد أصاحب فتيانا طعامهم ... حمر المزاد ولحم فيه تنشيم [2] يقول: هذا طعامهم في الغزو والسفر البعيد الغاية، وفي الصيف الذي يغيّر الطعام والشراب. والغزو على هذه الصفة من المفاخر؛ ولذلك قال الأول [3] : [من مجزوء الكامل] لا لا أعقّ ولا أحو ... ب ولا أغير على مضر لكنّما غزوي إذا ... ضجّ المطيّ من الدّبر وعلى المعنى الأول قول الشاعر [4] : [من الرجز] قالت ألا فاطعم عميرا تمرا ... وكان تمري كهرة وزبرا وعلى المعنى الأول قال حاتم: «هذا فصدي أنه!» [5] ولذلك قال الرّاجز [6] : [من الرجز] لعامرات البيت بالخراب يقول: هذا هو عمارتها.

_ [1] ديوان علقمة 77، وأساس البلاغة (نشم) ، والمفضليات 403، وبلا نسبة في اللسان والتاج (نشم) ، والتهذيب 11/382. [2] في ديوانه: «قوله: طعامهم خضر المزاد، فيه قولان: أحدهما أن يكون ماؤهم في مزادة، قد طحلبت لطول الغزو أو السفر وتغيرت؛ والآخر: أن يريد أن الماء نفد عندهم لطول السفر، فكانوا إذا جهدهم العطش افتظّوا الكروش فشربوا ما فيها من الماء؛ وذلك الماء أخضر لما في الكروش من بقية العلف. و «التنشيم» التغيير. ووصف في البيت جلادته، وبعد همته» . [3] البيتان للحارث بن يزيد جد الأحيمر السعدي، وهما في البيان 3/200، وتقدما في 1/88. [4] تقدم البيتان في 4/394. [5] ورد هذا القول في عمدة الحفاظ 1/134، 3/106، وهو من الأمثال في مجمع الأمثال 2/394، وانظر الأغاني 17/391، وديوان حاتم الطائي 275، البيت رقم 104 وتعليق المحقق عليه، والفصد: كانوا يفصدون النوق في الجدب، ويستقبلون موضع الفصد برأس معى، فإذا امتلأ شدوا رأسه وشووه وأكلوه ضرورة. وانظر ما تقدم في 4/394، س 6. [6] الرجز بلا نسبة في البيان 1/152، وديوان المعاني 2/151، وربيع الأبرار 5/470، وتقدم في 4/394، وسيعيده الجاحظ في الصفحة 141.

1275 -[تأويل النظام لقولهم: النار يابسة]

1275-[تأويل النظام لقولهم: النار يابسة] وكان أبو إسحاق يتعجب من قولهم: النار يابسة. قال: أما قولهم: الماء رطب، فيصح؛ لأنا نراه سيّالا. وإذا قال الأرض يابسة، فإنما يريد التراب المتهافت فقط. فإن لم يرد إلا بدن الأرض الملازم بعضه لبعض؛ لما فيها من اللّدونة فقط، فقد أخطأ، لأن أجزاء الأرض مخالطة لأجزاء الماء، فامتنعت من التهافت على أقدار ذلك. ومتى حفرنا ودخلنا في عمق الأرض، وجدنا الأرض طينا؛ بل لا تزال تجد الطين أرطب حتى تصير إلى الماء. والأرض اليوم كلها أرض وماء، والماء ماء وأرض، وإنما يلزمها من الاسم على قدر الكثرة والقلة. فأما النار فليست بيابسة البدن. ولو كانت يابسة البدن لتهافتت تهافت التراب، ولتبرّأ بعضها من بعض. كما أن الماء لما كان رطبا كان سيّالا. ولكن القوم لما وجدوا النار تستخرج كل شيء في العود من النار فظهرت الرطوبات لذلك السبب، ووجدوا العود تتميز أخلاطه عند خروج نيرانه التي كانت إحدى مراتعها من التمييز فوجدوا العود قد صار رمادا يابسا متهافتا- ظنوا أن يبسه إنما هو مما أعطته النار وولّدت فيه. والنار لم تعطه شيئا، ولكن نار العود لما فارقت رطوبات العود، ظهرت تلك الرطوبات الكامنة والمانعة، فبقي من العود الجزء الذي هو الرماد، وهو جزء الأرض وجوهرها؛ لأن العود فيه جزء أرضيّ، وجزء مائيّ، وجزء ناريّ، وجزء هوائيّ، فلما خرجت النار واعتزلت الرطوبة بقي الجزء الأرضيّ. فقولهم: النار يابسة، غلط، وإنما ذهبوا إلى ما تراه العيون، ولم يغوصوا على مغيّبات العلل. وكان يقول: ليس القوم في طريق خلّص المتكلمين، ولا في طريق الجهابذة المتقدّمين. 1276-[علاقة الذكاء بالجنس] وكان يقول: إنّ الأمّة التي لم تنضجها الأرحام [1] ، ويخالفون في ألوان أبدانهم،

_ [1] أراد بذلك سكان الإقليم السادس والسابع في التقسيم البلداني القديم، وهم من الجنس الأبيض.-

1277 -[تخطئة من زعم أن الحرارة تورث اليبس]

وأحداق عيونهم، وألوان شعورهم، سبيل الاعتدال- لا تكون عقولهم وقرائحهم إلا على حسب ذلك. وعلى حسب ذلك تكون أخلاقهم وآدابهم، وشمائلهم، وتصرّف هممهم في لؤمهم وكرمهم، لاختلاف السّبك وطبقات الطبخ. وتفاوت ما بين الفطير والخمير [1] ، والمقصّر والمجاوز- وموضع العقل عضو من الأعضاء، وجزء من تلك الأجزاء- كالتفاوت الذي بين الصّقالبة والزّنج [2] . وكذلك القول في الصور ومواضع الأعضاء. ألا ترى أن أهل الصين والتّبّت، حذّاق الصناعات، لها فيها الرّفق والحذق، ولطف المداخل، والاتساع في ذلك، والغوص على غامضه وبعيده. وليس عندهم إلا ذلك؛ فقد يفتح لقوم في باب الصناعات ولا يفتح لهم في سوى ذلك. 1277-[تخطئة من زعم أن الحرارة تورث اليبس] قال: وكان يخطّئهم في قولهم: إن الحرارة تورث اليبس، لأن الحرارة إنما ينبغي أن تورث السخونة، وتولّد ما يشاكلها. ولا تولد ضربا آخر مما ليس منها في شيء. ولو جاز أن تولّد من الأجناس التي تخالفها شكلا واحدا لم يكن ذلك الخلاف بأحقّ من خلاف آخر. إلا أن يذهبوا إلى سبيل المجاز: فقد يقول الرجل: إنما رأيتك لأني التفتّ. وهو إنما رآه لطبع في البصر الدرّاك [3] ، عند ذلك الالتفات. وكذلك يقول: قد نجد النار تداخل ماء القمقم [4] بالإيقاد من تحته، فإذا صارت النار في الماء لابسته، واتصلت بما فيه من الحرارات، والنار صعّادة- فيحدث عند ذلك للماء غليان؛ لحركة النار التي قد صارت في أضعافه. وحركتها تصعّد. فإذا ترفّعت أجزاء النار رفعت معها لطائف من تلك الرّطوبات التي قد لابستها؛ فإذا دام ذلك الإيقاد من النار الداخلة على الماء، صعدت أجزاء الرطوبات

_ - وأما من أنضجتهم الأرحام فهم سكان الأقاليم الثالث والرابع والخامس، وأما من جاوزت أرحامهم حد الإنضاج فهم سكان الإقليمين الأول والثاني، وهم الزنوج، انظر ما تقدم 3/119، ومقدمة ابن خلدون 73. [1] الفطير: ما يختبز من ساعته قبل أن يختمر، والخمير: ما ترك حتى اختمر. [2] جعل الصقالبة والزنج متضادات، أي أن الصقالبة لم تنضجهم الأرحام، أما الزنج فقد زادت الأرحام في إنضاجهم. [3] الدرّاك: المدرك. [4] القمقم: ضرب من الأواني، وهو من نحاس وغيره، يسخن فيه الماء؛ ويكون ضيق الرأس.

الملابسة لأجزاء النار. ولقوة حركة النار وطلبها التّلاد [1] العلويّ، كان ذلك. فمتى وجد من لا علم له في أسفل القمقم كالجبس [2] ، أو وجد الباقي من الماء مالحا عند تصعّد لطائفه، على مثال ما يعتري ماء البحر- ظنّ أن النار التي أعطته اليبس. وإن زعموا أن النار هي الميبّسة- على معنى ما قد فسرنا- فقد أصابوا. فإن ذهبوا إلى غير المجاز أخطؤوا. وكذلك الحرارة، إذا مكنت في الأجساد بعثت الرطوبات ولابستها، فمتى قويت على الخروج أخرجتها منه، فعند خروج الرطوبات توجد الأبدان يابسة، ليس أن الحرّ يجوز أن يكون له عمل إلا التسخين والصعود؛ والتقلب إلى الصعود من الصعود، كما أن الاعتزال من شكل الزوال [3] . وكذلك الماء الذي يفيض إلى البحر من جميع ظهور الأرضين وبطونها، إذا صار إلى تلك الحفرة العظيمة. فالماء غسّال مصّاص، والأرض تقذف إليه ما فيها من الملوحة. وحرارة الشمس والذي يخرج إليه [4] من الأرض، من أجزاء النيران المخالطة يرفعان لطائف الماء بارتفاعهما، وتبخيرهما. فإذا رفعا اللطائف، فصار منهما مطر وما يشبه المطر، وكان ذلك دأبهما، عاد ذلك الماء ملحا لأن الأرض إذا كانت تعطيه الملوحة، والنيران تخرج منه العذوبة واللطافة- كان واجبا أن يعود إلى الملوحة. ولذلك يكون ماء البحر أبدا على كيل واحد، ووزن واحد؛ لأن الحرارت تطلب القرار وتجري في أعماق الأرض، وترفع اللطائف [5] ؛ فيصير مطرا، وبردا، وثلجا، وطلّا [6] . ثم تعود تلك الأمواه سيولا تطلب الحدور [7] ، وتطلب القرار، وتجري في أعماق الأرض، حتى تصير إلى ذلك الهواء. فليس يضيع من ذلك الماء شيء، ولا يبطل منه شيء. والأعيان قائمة. فكأنه منجنون [8] غرف من بحر، وصبّ في جدول يفيض إلى ذلك النهر.

_ [1] التّلاد: أراد: الموطن الأول، وانظر الفقرة (1269) ، ص 7، س 19. [2] الجبس: الذي يبنى به. [3] إيضاحا لهذه العبارة؛ انظر ص 18. [4] أي إلى البحر. [5] اللطائف: أراد بها: الأبخرة الدقيقة. [6] البرد: حب الغمام. الطل: المطر الضعيف. [7] الحدور: مكان الانحدار. [8] المنجنون: دولاب يستقى عليه. وهو على شكل الناعورة.

1278 -[قول الدهرية في أركان العالم]

فهو عمل الحرارات [1] إذا كانت في أجواف الحطب، أو في أجواف الأرضين، أو في أجواف الحيوان. والحر إذا صار في البدن، فإنما هو شيء مكره، والمكره لا يألو يتخلص وهو لا يتخلص إلا وقد حمل معه كلّ ما قوي عليه، مما لم يشتد، فمتى خرج خرج معه ذلك الشيء. قال: فمن ههنا غلط القوم. 1278-[قول الدّهرية في أركان العالم] قال أبو إسحاق: قالت الدهرية في عالمنا هذا بأقاويل: فمنهم من زعم أن عالمنا هذا من أربعة أركان: حرّ، وبرد، ويبس، وبلّة [2] . وسائر الأشياء نتائج، وتركيب، وتوليد. وجعلوا هذه الأربعة أجساما. ومنهم من زعم أن هذا العالم من أربعة أركان: من أرض، وهواء، وماء، ونار. وجعلوا الحر، والبرد، واليبس، والبلّة أعراضا في هذه الجواهر. ثم قالوا في سائر الأراييح، والألوان، والأصوات: ثمار هذه الأربعة [3] ، على قدر الأخلاط، في القلة والكثرة، والرقة والكثافة. فقدّموا ذكر نصيب حاسّة اللمس فقط، وأضربوا عن أنصباء الحواسّ الأربع. قالوا: ونحن نجد الطّعوم غاذية وقاتلة، وكذلك الأراييح [4] . ونجد الأصوات ملذة ومؤلمة، وهي مع ذلك قاتلة وناقصة للقوى متلفة. ونجد للألوان في المضار والمنافع، واللّذاذة والألم، المواقع التي لا تجهل، كما وجدنا مثل ذلك في الحر والبر، واليبس والبلّة، ونحن لم نجد الأرض باردة يابسة، غير أنا نجدها مالحة، أي ذات مذاقة ولون كما وجدناها ذات رائحة، وذات صوت متى قرع بعضها بعضا. فبرد هذه الأجرام وحرها، ويبسها ورطوبتها، لم تكن فيها لعلة كون الطّعوم والأراييح والألوان فيها. وكذلك طعومها، وأراييحها وألوانها، لم تكن فيها لمكان كمون البرد، واليبس، والحر، والبلّة فيها.

_ [1] الحرارت: جمع حرارة. [2] البلّة: البلل. [3] أي: الحر والبر؛ واليبس والبلة. [4] الأراييح: جمع للريح، وهو الرائحة.

ووجدنا كلّ ذلك إما ضارّا وإما نافعا، وإما غاذيا وإما قاتلا، وإما مؤلما وإما ملذّا. وليس يكون كون الأرض مالحة أو عذبة، ومنتنة أو طيبة أحقّ بأن يكون علة لكون اليبس والبرد، والحر والرطوبة، من أن يكون كون الرطوبة واليبس، والحر والبرد- علّة لكون اللون والطعم والرائحة. وقد هجم الناس على هذه الأعراض الملازمة، والأجسام المشاركة هجوما واحدا، على هذه الحلية والصورة ألفاها الأول والآخر. قال: فكيف وقع القول منهم على نصيب هذه الحاسّة [1] ، وحدها ونحن لم نر من البلّة، أو من اليبس نفعا ولا ضرّا، تنفرد به دون هذه الأمور؟!. قال: والهواء يختلف على قدر العوامل فيه من تحت ومن فوق، ومن الأجرام المشتملة عليه والمخالطة له. وهو جسم رقيق، وهو في ذلك محصور، وهو خوّار سريع القبول. وهو مع رقّته يقبل ذلك الحصر؛ مثل عمل الريح والزّقّ [2] ، فإنها تدفعه من جوانبه، وذلك لعلة الحصر ولقطعه عن شكله. والهواء ليس بالجسم الصعاد، والجسم النّزّال، ولكنه جسم به تعرف المنازل والمصاعد. والأمور ثلاثة: شيء يصعد في الهواء، وشيء ينزل في الهواء، وشيء مع الهواء. فكما أن الصاعد فيه، والمنحدر- لا يكونان إلا مخالفين، فالواقع معه لا يكون إلا موافقا. ولو أنّ إنسانا أرسل من يده- وهو في قعر الماء- زقّا [2] منفوخا، فارتفع الزّقّ لدفع الريح التي فيه، لم يكن لقائل أن يقول: ذلك الهواء شأنه الصعود بل إنما ينبغي أن يقول: ذلك الهواء من شأنه أن يصير إلى جوهره، ولا يقيم في غير جوهره؛ إلا أن يقول: من شأنه أن يصعد في الماء، كما أن من شأن الماء أن ينزل في الهواء، وكما أن الماء يطلب تلاد الماء، والهواء يطلب تلاد الهواء. قالوا: والنار أجناس كثيرة مختلفة. وكذلك الصاعد. ولا بدّ إذا كانت مختلفة

_ [1] أي حاسة اللمس. [2] المزق: أي الهواء المحصور في الزق، والزق: السقاء والقربة.

أن يكون بعضها أسرع من بعض، أو يكون بعضها إذا خرج من عالم الهواء، وصار إلى نهاية، إلى حيث لا منفذ- ألّا يزال فوق الآخر الذي صعد معه، وإن وجد مذهبا لم يقم عليه. ويدلّ على ذلك أنا نجد الضياء صعّادا، والصوت صعّادا، ونجد الظلام رابدا [1] ، وكذلك البرد والرّطوبة. فإذا صح أن هذه الأجناس مختلفة، فإذا أخذت في جهة، علمنا أن الجهة لا تخالف بين الأجناس ولا توافق، وأن الذي يوافق بينهما ويخالف اختلاف الأعمال. ولا يكون القطعان متفقين، إلا بأن يكون سرورهما سواء. وإذا صارا إلى الغاية، صار اتصال كل واحد منهما بصاحبه، كاتصال بعضه ببعض. ثم لا يوجد أبدا، إلا إمّا أعلى، وإما أسفل. قال أبو إسحاق: فيستدل على أن الضياء أخفّ من الحر بزواله. وقد يذهب ضوء الأتّون، وتبقى سخونته. قال أبو إسحاق: لأمر ما حصر الهواء في جوف هذا الفلك. ولا بد لكل محصور من أن يكون تقلبه وضغطه على قدر شدة الحصار. وكذلك الماء إذا اختنق. قال: والريح هواء نزل لا غير. فلم قضوا على طبع الهواء في جوهريته باللدونة، والهواء الذي يكون بقرب الشمس، والهواء الذي بينهما على خلاف ذلك؟ ولولا أن قوى البرد غريزية فيه، لما كان مروّحا عن النفوس، ومنفّسا عن جميع الحيوان إذا اختنق في أجوافها البخار والوهج المؤذي، حتى فزعت إليه واستغاثت به، وصارت تجتلب من روحه وبرد نسيمه، في وزن ما خرج من البخار الغليظ، والحرارة المستكنّة. قال: وقد علموا ما في اليبس من الخصومة والاختلاف. وقد زعم قوم أن اليبس إنما هو عدم البلّة. قالوا: وعلى قدر البلة قد تتحول عليه الأسماء. حتى قال خصومهم: فقولوا أيضا إنما نجد الجسم باردا على قدر قلة الحرّ فيه. وكذلك قالوا في الكلام: إن الهواء إنما يقع عندنا أنه مظلم لفقدان الضياء،

_ [1] الرابد: المقيم.

1279 -[رد النظام على الديصانية]

ولأن الضياء قرص قائم، وشعاع ساطع فاصل، وليس للظلام قرص. ولو كان في هذا العالم شيء يقال له ظلام، لما قام إلا في قرص، فكيف تكون الأرض قرصة، والأرض غبراء، ولا ينبغي أن يكون شعاع الشيء أسبغ منه [1] . قال: والأول لا يشبه القول في اليبس والبلة، والقول في الحر والبرد، والقول في اليبس والرطوبة. والقول في الخشونة واللين، لأن التراب لو كان كله يابسا، وكان اليبس في جميع أجزائه شائعا، لم يكن بعضه أحق بالتقطيع والتبرد والتهافت، من الجزء الذي نجده متمسكا [2] . قال خصمه: ولو كان أيضا التهافت الذي نجده فيه إنما هو لعدم البلة، وكله قد عدم البلّة، لكان ينبغي للكل أن يكون متهافتا، ولا نجد منه جزأين متلازقين. فإن زعمتم أنه إنما اختلف في التهافت على قدر اختلاف اليبس، فينبغي لكم أن تجعلوا اليبس طبقات، كما يجعل ذلك للخضرة والصّفرة. وقال إبراهيم: أرأيت لو اشتمل اليبس الذي هو غاية التّراب كله كما عرض لنصفه، أما كان واجبا أن يكون الافتراق داخلا على الجميع؟ وفي ذلك القول بالجزء الذي لا يتجزأ. وأبو إسحاق، وإن كان اعترض على هؤلاء في باب القول في اليبس، فإنّ المسألة عليه في ذلك أشد. وكان أبو إسحاق يقول: من الدليل على أن الضياء أخفّ من الحرّ أنّ النار تكون منها على قاب غلوة [3] فيأتيك ضوؤها ولا يأتيك حرها. ولو أن شمعة في بيت غير ذي سقف، لارتفع الضوء في الهواء حتى لا تجد منه على الأرض إلا الشيء الضعيف، وكان الحرّ على شبيه بحاله الأول. 1279-[رد النظام على الديصانية] وقال أبو إسحاق: زعمت الديصانية [4] أن أصل العالم إنما هو من ضياء وظلام،

_ [1] أسبغ منه: أكبر منه. [2] متمسكا: عنى به: الحجر ونحوه. [3] الغلوة: مقدار رمية السهم. [4] الديصانية: فرقة من المجوس، وهم أصحاب ديصان، الذي كان قبل ماني. والمذهبان متقاربان، ويختلفان في اختلاط النور والظلمة. انظر فهرست ابن النديم 474، والملل والنحل 2/88.

1280 -[نقد النظام لبعض مذاهب الفلاسفة]

وأن الحرّ والبرد، واللون والطعم والصوت والرائحة، إنما هي نتائج على قدر امتزاجهما [1] . فقيل لهم: وجدنا الحبر إذا اختلط باللبن صار جسما أغبر، وإذا خلطت الصّبر [2] بالعسل صار جسما مرّ الطعم على حساب ما زدنا. وكذلك نجد جميع المركبات. فما لنا إذا مزجنا بين شيئين من ذوات المناظر، خرجنا إلى ذوات الملامس، وإلى ذوات المذاقة والمشّمة؟! وهذا نفسه داخل على من زعم أن الأشياء كلها تولدت من تلك الأشياء الأربعة [3] ، التي هي نصيب حاسة واحدة [4] . 1280-[نقد النظام لبعض مذاهب الفلاسفة] وقال أبو إسحاق: إن زعم قوم أن ههنا جنسا هو روح، وهو ركن خامس- لم نخالفهم. وإن زعموا أن الأشياء يحدث لها جنس إذا امتزجت بضرب من المزاج، فكيف صار المزاج يحدث لها جنسا وكلّ واحد منه إذا انفرد لم يكن ذا جنس، وكان مفسدا للجسم، وإن فصل عنها أفسد جنسها؟! وهل حكم قليل ذلك إلا كحكم كثيره؟ ولم لا يجوز أن يجمع بين ضياء وضياء فيحدث لهما منع الإدراك؟!. فإن اعتلّ القوم بالزاج [5] والعفص [6] والماء، وقالوا: قد نجد كلّ واحد من هذه الثلاثة ليس بأسود، وإذا اختلطت صارت جسما واحدا أشدّ سوادا من الليل، ومن السّبج [7] ، ومن الغراب- قال أبو إسحاق: بيني وبينكم في ذلك فرق. أنا أزعم أن السواد قد يكون كامنا ويكون ممنوع المنظرة، فإذا زال مانعه ظهر، كما أقول في

_ [1] أي الضياء والظلام. [2] الصّبر: عصارة شجر مر، ونبات الصّبر كنبات السوسن الأخضر، غير أن ورق الصبر أطول وأعرض وأثخن كثيرا، وهو كثير الماء جدا. [3] المراد بالأشياء الأربعة: الأرض والهواء، والماء، والنار، أو: الحر والبرد؛ واليبس والبلة، انظر الفقرة (1278) ، ص 21. [4] هي حاسة اللمس، انظر الفقرة (1278) السطر السادس فيها. [5] الزاج: يقال له: الشب اليماني، وهو من الأدوية، وهو من أخلاط الحبر، فارسي معرب. [6] العفص: شجر وثمر معروف بهذا الاسم، يتخذ منه الحبر. [7] السبح: الخرز الأسود.

النار والحجر [1] وغير ذلك من الأمور الكامنة. فإن قلتم بذلك فقد تركتم قولكم. وإن أبيتم فلا بدّ من القول. قال أبو إسحاق: وقد خلط أيضا كثير منهم فزعموا أن طباع الشيخ البلغم. ولو كان طباعه البلغم، والبلغم ليّن رطب أبيض، لما ازداد عظمه نحولا، ولونه سوادا، وجلده تقبّضا. وقال النّمر بن تولب [2] : [من الطويل] كأنّ محطّا في يدي حارثيّة ... صناع علت منّي به الجلد من عل [3] وقال الراجز [4] : [من الرجز] وكثرت فواضل الإهاب [5] قال: ولكنهم لما رأوا بدنه يتغضّن، ويظهر من ذلك التغضّن رطوبات بدنية كالبلغم من الفم، والمخاط السائل من الأنف، والرّمص [6] والدمع من العين، ظنوا أن ذلك لكثرة ما فيه من أجزاء الرطوبات. وأرادوا أن يقسّموا الصّبا والشباب، والكهولة والشيوخة على أربعة أقسام كما تهيأ لهم ذلك في غير باب. وإذا ظهرت تلك الرطوبات، فإنما هي لنفي اليبس لها، ولعصره قوى البدن. ولو كان الذي ذكروا لكان دمع الصّبا أكثر ومخاطه أغزر، ورطوباته أظهر. وفي البقول والرياحين والأغصان والأشجار ذلك؛ إذ كانت في الحداثة أرطب، وعلى مرور السنين والأيام أيبس. قال الرّاجز [7] : [من الرجز]

_ [1] يقصد كمون النار واختفاءها في الحجر الذي تقتدح منه النار. [2] ديوان النمر بن تولب 367، واللسان والتاج (حطط) ، والجمهرة 99، والبرصان 189، وبلا نسبة في ديوان الأدب 3/53. [3] في ديوانه: «المحط: حديدة أو خشبة يصقل بها الجلد حتى يلين ويبرق، وأراد بالحارثية: النسبة إلى الحارث بن كعب لأنهم أهل أدم. شبّه برقان بدنه لماء الشباب بالأديم المصقول» . [4] الرجز بلا نسبة في البرصان 189. [5] الإهاب: الجلد ما لم يدبغ. [6] الرمص: هو البياض الذي تقطعه العين ويجتمع في زوايا الأجفان. [7] الرجز في البيان 1/399- 440، 2/69، وعيون الأخبار 2/321، والفاضل للمبرد 70، والعقد 2/52، واللسان والتاج (عكر) ، والتهذيب 1/305.

اسمع أنبّئك بآيات الكبر ... نوم العشيّ وسعال بالسّحر [1] وسرعة الطّرف وضعف في النظر ... وتركي الحسناء في قبل الطّهر [2] وحذر أزداده إلى حذر ... والناس يبلون كما يبلى الشجر [3] وكان يتعجّب من القول بالهيولى. وكان يقول: قد عرفنا مقدار رزانة [4] البلّة. وسنعطيكم أن للبرد وزنا. أليس الذي لا تشكّون فيه أن الحر خفيف ولا وزن له، وأنه إذا دخل في جرم له وزن صار أخفّ. وإنكم لا تستطيعون أن تثبتوا لليبس من الوزن مثل ما تثبتون للبلّة. وعلى أنّ كثيرا منكم يزعم أن البرد المجمد للماء هو أيبس. وزعم بعضهم أن البرد كثيرا ما يصاحب اليبس، وأن اليبس وحده لو حلّ بالماء لم يجمد، وأن البرد وحده لو حلّ بالماء لم يجمد، وأن الماء أيضا يجمد لاجتماعهما عليه. وفي هذا القول أن شيئين مجتمعين قد اجتمعا على الإجماد، فما تنكرون أن يجتمع شيئان على الإذابة؟!. وإن جاز لليبس أن يجمد جاز للبلّة أن تذيب. قال أبو إسحاق: فإن كان بعض هذه الجواهر صعّادا وبعضها نزّالا، ونحن نجد الذهب أثقل من مثله من هذه الأشياء النزّالة، فكيف يكون أثقل منها وفيه أشياء صعّادة؟!. فإن زعموا أن الخفة إنما تكون من التّخلخل والسّخف [5] ، وكثرة أجزاء الهواء في الجرم. فقد ينبغي أن يكون الهواء أخفّ من النار، وأن النار في الحجر، كما أن فيه هواء. والنار أقوى رفع الحجر من الهواء الذي فيه.

_ [1] بعده في البيان، والفاضل؛ وعيون الأخبار: (وقلة النوم إذا الليل اعتكر ... وقلة الطعم إذا الزاد حضر) [2] بعده في الفاضل: (وكثرة النسيان فيما يدّكر) . [3] بعده في الفاضل: (فهذه أعلام آيات الكبر) . [4] الرزانة: النقل. [5] التخلخل: أن يكون الجسم غير متضام الأجزاء، والسخف: الخفة والرقة.

1281 -[استخراج الأشياء الكامنة]

وكان يقول: من الدليل على أن النار كامنة في الحطب، أن الحطب يحرق بمقدار من الإحراق، ويمنع الحطب أن يخرج جميع ما فيه من النيران، فيجعل فحما، فمتى أحببت أن تستخرج الباقي من النار استخرجته، فترى النار عند ذلك يكون لها لهب دون الضرام. فمتى أخرجت تلك النار الباقية، ثم أوقدت عليها ألف عام لم تستوقد. وتأويل: «لم تستوقد» إنما هو ظهور النار التي كانت فيه. فإذا لم يكن فيه شيء فكيف يستوقد؟. وكان يكثر التعجّب من ناس كانوا ينافسون في الرّآسة، إذا رآهم يجهلون جهل صغار العلماء، وقد ارتفعوا في أنفسهم إلى مرتبة كبار العلماء. وذلك أن بعضهم كان يأخذ العود فينقيه [1] فيقول: أين تلك النار الكامنة؟! ما لي لا أراها، وقد ميّزت العود قشرا بعد قشر؟!. 1281-[استخراج الأشياء الكامنة] فكان يقول في الأشياء الكامنة: إن لكل نوع منها نوعا من الاستخراج، وضربا من العلاج. فالعيدان تخرج نيرانها بالاحتكاك، واللبن يخرج زبده بالمخض، وجبنه يجمع بإنفحّة [2] ، وبضروب من علاجه. ولو أن إنسانا أراد أن يخرج القطران من الصّنوبر، والزّفت من الأرز [3] ؛ لم يكن يخرج له بأن يقطع العود ويدقّه ويقشره، بل يوقد له نارا بقربه، فإذا أصابه الحرّ عرق وسال، في ضروب من العلاج. ولو أن إنسانا مزج بين الفضة والذهب، وسبكهما سبيكة واحدة، ثم أراد أن يعزل أحدهما من صاحبه لم يمكنه ذلك بالفرض [4] والدّق. وسبيل التفريق بينهما قريبة سهلة عند الصّاغة، وأرباب الحملانات [5] . 1282-[رد النظام على أرسطاطاليس] وزعم أبو إسحاق أن أرسطاطاليس كان يزعم أن الماء الممازج للأرض لم

_ [1] ينقيه: يستخرج نقيّه، وأصل النقي: مخ العظام. [2] الإنفحة: شيء يستخرج من بطن الجدي الرضيع، أصفر، يعصر في صوفة مبتلة في اللبن فيغلظ. [3] الزفت: ما يسيل من شجر الصنوبر، والأرز: شجر الصنوبر. [4] الفرض: القطع والحز. [5] ورد في القاموس المحيط: «وفي اصطلاح الصاغة ما يحمل على الدراهم من الغش» .

ينقلب أرضا، وأن النار الممازجة للماء لم تنقلب ماء. وكذلك ما كان من الماء في الحجر، ومن النار في الأرض والهواء. وأن الأجرام إنما يخفّ وزنها وتسخف [1] ، على قدر ما فيها من التخلخل [2] ومن أجزاء الهواء. وأنها ترزن [3] وتصلب وتمتن على قدر قلّة ذلك فيها. ومن قال هذا القول في الأرض والماء والنار والهواء، وفيما تركّب منها من الأشجار وغير ذلك- لم يصل إلى أن يزعم أن في الأرض عرضا يحدث، وبالحرا [4] أن يعجز عن تثبيت كون الماء والأرض والنار عرضا. وإذا قال في تلك الأشجار بتلك القالة [5] ، قال في الطول والعرض، والعمق، وفي التربيع والتثليث والتدوير، بجواب أصحاب الأجسام. وكما يلزم أصحاب الأعراض [6] أصحاب الأجسام [7] بقولهم في تثبيت السكون والحركة أن القول في حراك الحجر كالقول في سكونه- كذلك أصحاب الأجسام يلزمون كلّ من زعم أن شيئا من الأعراض لا ينقض أنّ الجسم يتغير في المذاقة والملمسة والمنظرة والمشمّة من غير لون الماء. وفي برودة نفس الأرض وتثبيتها كذلك. ومتى وجدنا طينة مربّعة صارت مدوّرة، فليس ذلك بحدوث تدوير لم يكن. فكان عنده تغيّره في العين أولى من تغيّر الطينة في العين من البياض إلى السواد. وسبيل الصلابة والرّخاوة؛ والثقل والخفّة، سبيل الحلاوة والملوحة، والحرارة والبرودة.

_ [1] السخف: الخفة والرقة. [2] التخلخل: أن يكون الجسم غير متضام الأجزاء. [3] ترزن: تثقل. [4] الحرا: الجدير والخليف، وبالحرا: بالأجدر. [5] القالة: القول. [6] أصحاب الأعراض: يزعمون أن الإنسان أعراض مجتمعة؛ وكذلك الجسم أعراض مجتمعة من لون وطعم ورائحة وحرارة وبرودة وغير ذلك، وهو مذهب أصحاب ضرار بن عمرو، ويعرفون بالضرارية. انظر مروج الذهب 7/436، مقالات الأشعري 281، 305، 317. [7] أصحاب الأجسام: يزعمون أن ليس في العالم إلا جسم، وأن الألوان والحركات ما هي إلا أجسام، وهو مذهب أصحاب هشام بن الحكم، ويعرفون بالهشامية. انظر الفصل 5/66، وما سيأتي في الفقرة (1285) ص 32.

1283 -[أصحاب القول بالاستحالة]

1283-[أصحاب القول بالاستحالة] وليس يقيس القول في الأعراض إلا من قال بالاستحالة. وليس في الاستحالة شيء أقبح من قولهم في استحالة الجبل الصّخير [1] إلى مقدار خردلة، من غير أن يدخل أجزاءه شيء على حال. فهو على قول من زعم أنّ الخردلة تتنصّف أبدا أحسن. فأما إذا قال بالجزء الذي لا يتجزأ، وزعم أن أقل الأجسام، الذي تركيبه من ثمانية أجزاء لا تتجزأ، أو ستة أجزاء لا تتجزأ، يستحيل جسما على قدر طول العالم وعرضه وعمقه- فإنّا لو وجدناه كذلك لن نجد بدّا من أن نقول: إنا لو رفعنا من أوهامنا من ذلك شبرا من الجميع، فإن كان مقدار ذلك الشبر جزءا واحدا فقد وجدناه جسما أقلّ من ثمانية أجزاء ومن ستة أجزاء. وهذا نقض الأصل. مع أنّ الشبر الذي رفعناه من أوهامنا، فلا بدّ إن كان جسما أن يكون من ستة أجزاء أو من ثمانية أجزاء. وهذا كله فاسد. 1284-[الأضواء والألوان] والنار حرّ وضياء، ولكلّ ضياء بياض ونور، وليس لكلّ بياض نور وضياء. وقد غلط في هذا المقام عالم من المتكلمين. والضياء ليس بلون، لأن الألوان تتفاسد، وذلك شائع في كلها، وعامّ في جميعها؛ فاللبن والحبر يتفاسدان، ويتمازج التراب اليابس والماء السائل، كما يتمازج الحارّ والبارد، والحلو والحامض. فصنيع البياض في السواد، كصنيع السواد في البياض. والتفاسد الذي يقع بين الخضرة والحمرة، فبذلك الوزن يقع بين البياض وجميع الألوان. وقد رأينا أن البياض ميّاع [2] مفسد لسائر الألوان. فأنت قد ترى الضياء على خلاف ذلك؛ لأنه إذا سقط على الألوان المختلفة كان عمله فيها عملا واحدا، وهو التفصيل بين أجناسها، وتمييز بعضها من بعض، فيبين عن جميعها إبانة واحدة، ولا تراه يخصّ البياض إلا بما يخص بمثله السواد، ولا يعمل في الخضرة إلا مثل عمله في الحمرة، فدلّ ذلك على أن جنسه خلاف أجناس الألوان، وجوهره خلاف جواهرها، وإنما يدل على اختلاف الجواهر اختلاف الأعمال؛ فباختلاف الأعمال واتفاقها تعرف اختلاف الأجسام واتفاقها.

_ [1] الصخير: الكثير الصخر. [2] مياع: سيّال.

جملة القول في الضد والخلاف والوفاق

جملة القول في الضد والخلاف والوفاق قالوا: الألوان كلها متضادّة، وكذلك الطعوم، وكذلك الأراييح، وكذلك الأصوات، وكذلك الملامس: من الحرارة والبرودة، واليبس والرطوبة، والرخاوة والصلابة، [والملاسة] [1] والخشونة. وهذه جميع الملامس. وزعموا أن التضادد إنما يقع بين نصيب الحاسّة الواحدة فقط. فإذا اختلفت الحواس صار نصيب هذه الحاسة الواحدة من المحسوسات، خلاف نصيب تلك الحاسة، ولم يضادّها بالضّدّ كاللّون واللون؛ لمكان التفاسد، والطعم والرائحة؛ لمكان التفاسد. ولا يكون الطعم ضدّ اللون، ولا اللون ضدّ الطعم، بل يكون خلافا. ولا يكون ضدّا ولا وفاقا، لأنه من غير جنسه، ولا يكون ضدّا، لأنه [لا] [1] يفاسده. وزعم من لا علم له من أصحاب الأعراض [2] ، أن السواد إنما ضادّ البياض، لأنهما لا يتعاقبان، ولا يتناوبان، ولأنهما يتنافيان. قال القوم: لو كان ذلك من العلة، كان ينبغي لذهاب الجسم قدما أن يكون بعضه يضاد بعضا، لأن كونه في المكان الثاني لا يوجد مع كونه في المكان الثالث. وكذلك التربيع: كطينة لو ربّعت بعد تثليثها، ثم ربّعت بعد ذلك. ففي قياسهم أن هذين التربيعين ينبغي لهما أن يكونا متضادّين، إذ كانا متنافيين، لأن الجسم لا يحتمل في وقت واحد طولين، وأن الضدّ يكون على ضدين: يكون أحدهما أن يخالف الشيء الشيء من وجوه عدة، والآخر [أن] [3] يخالفه من وجهين [أو وجه] [3] فقط. قالوا: والبياض يخالف الحمرة ويضادّها، لأنه يفاسدها ولا يفاسد الطعم؛ وكذلك البياض للصفرة والحوّة [4] والخضرة. فأما السواد خاصة فإن البياض يضاده بالتفاسد، وكذلك التفاسد، وكذلك السواد. وبقي لهما خاصة من الفصول في أبواب المضادة: أن البياض ينصبغ ولا يصبغ، والسواد يصبغ ولا ينصبغ، وليس كذلك سائر الألوان لأنها كلها تصبغ وتنصبغ.

_ [1] زيادة يقتضيها المعنى. [2] انظر الحاشية السادسة، ص 29. [3] زيادة يقتضيها المعنى. [4] الحوة: سواد إلى خضرة، أو حمرة إلى سواد.

باب آخر

قالوا: فهذا باب يساق. باب آخر إن الصفرة متى اشتدت صارت حمرة، ومتى اشتدت الحمرة صارت سوادا، وكذلك الخضرة متى اشتدت صارت سوادا. والسواد يضاد البياض مضادة تامة، وصارت الألوان الأخر فيما بينها تتضاد عادة، وصارت الطّعوم والأراييح والملامس تخالفها ولا تضادها. 1285-[أصل الألوان] وقد جعل بعض من يقول بالأجسام [1] هذا المذهب دليلا على أن الألوان كلّها إنما هي من السواد والبياض، وإنما تختلفان على قدر المزاج. وزعموا أن اللون في الحقيقة إنما هو البياض والسواد، وحكموا في المقالة الأولى بالقوة للسواد على البياض؛ إذ كانت الألوان كلها كلما اشتدت قربت من السواد، وبعدت من البياض، فلا تزال كذلك إلى أن تصير سوادا. وقد ذكرنا قبل هذا قول من جعل الضياء والبياض جنسين مختلفين، وزعم أن كلّ ضياء بياض وليس كلّ بياض ضياء. 1286-[عظم شأن المتكلمين] وما كان أحوجنا وأحوج جميع المرضى أن يكون جميع الأطباء متكلمين، وإلى أن يكون المتكلمون علماء؛ فإن الطبّ لو كان من نتائج حذاق المتكلمين ومن تلقيحهم له، لم نجد في الأصول التي يبنون عليها من الخلل ما نجد. 1287-[ألوان النّيران والأضواء] وزعموا أن النار حمراء، وذهبوا إلى ما ترى العين، والنار في الحقيقة بيضاء. ثم قاسوا على خلاف الحقيقة المرّة الحمراء [2] ، وشبّهوها بالنار. ثم زعموا أن المرة الحمراء مرّة. وأخلق بالدخان أن يكون مرّا. وليس الدخان من النار في شيء.

_ [1] انظر الحاشية 6 ص 29. [2] المرة: مزاج من أمزجة البدن الأربعة. وهي البلغم والدم والصفراء والسوداء، والمرة هي المرة الصفراء. قال داود في التذكرة: «والطبيعي منها أحمر عند المفارقة، أصفر بعدها» .

وكل نور وضياء هو أبيض، وإنما يحمرّ في العين بالعرض الذي يعرض للعين. فإذا سلمت من ذلك، وأفضت إليه العين رأته أبيض، وكذلك نار العود تنفصل من العود، وكذلك انفصال النار من الدّهن ومعها الدخان ملابسا لأجزائها. فإذا وقعت الحاسة على سواد أو بياض في مكان واحد، كان نتاجهما [1] في العين منظرة [2] الحمرة. ولو أنّ دخانا عرض بينك وبينه قرص الشمس أو القمر لرأيته أحمر. وكذلك قرص الشمس في المشرق أحمر وأصفر، للبخار والغبار المعترض بينك وبينه. والبخار والدخان أخوان. ومتى تحلّق القرص في كبد السماء، فصار على قمة رأسك؛ ولم يكن بين عينيك وبينه إلا بقدر ما تمكن البخار من الارتفاع في الهواء صعدا- وذلك يسير قليل- فلا تراه حينئذ إلا في غاية البياض. وإذا انحطّ شرقا أو غربا صار كلّ شيء بين عينيك وبين قرصها من الهواء، ملابسا للغبار والدخان والبخار، وضروب [3] الضّباب والأنداء [4] فتراها إما صفراء، وإما حمراء. ومن زعم أن النار حمراء فلم يكذب إن ذهب إلى ما ترى العين، ومن ذهب إلى الحقيقة والمعلوم في الجوهرية، فزعم أنها حمراء، ثم قاس على ذلك جهل وأخطأ. وقد نجد النار تختلف على قدر اختلاف النّفط الأزرق، والأسود، والأبيض. وذلك كله يدور في العين مع كثرة الدخان وقلته. ونجد النار تتغير في ألوانها في العين، على قدر جفوف الحطب ورطوبته، وعلى قدر أجناس العيدان والأدهان، فنجدها شقراء، ونجدها خضراء إذا كان حطبها مثل الكبريت الأصفر.

_ [1] نتاجهما: أي نتاج السواد والبياض. [2] المنظرة: المنظر. [3] الضروب: الأنواع. [4] الأنداء: جمع ندى.

1288 -[سبب تلون السحاب]

1288-[سبب تلون السحاب] ونجد لون السحاب مختلفا في الحمرة والبياض، على قدر المقابلات والأعراض، ونجد السحابة بيضاء، فإذا قابلت الشمس بعض المقابلة، فإن كانت السحابة غربية أفقيه والشمس منحطّة، رأيتها صفراء، ثم سوداء، تعرض للعين لبعض ما يدخل عليها. 1289-[شعر في ألوان النار] وقال الصّلتان الفهميّ في النار: [من الطويل] وتوقدها شقراء في رأس هضبة ... ليعشو إليها كلّ باغ وجازع [1] وقال مزرّد بن ضرار [2] : [من الطويل] فأبصر ناري وهي شقراء أوقدت ... بعلياء نشز، للعيون النواظر [3] وقال آخر [4] : [من الطويل] ونار كسحر العود يرفع ضوءها ... مع الليل هبّات الرياح الصّوارد [5] والغبار يناسب بعض الدخان. ولذلك قال طفيل الغنويّ [6] : [من الطويل] إذا هبطت سهلا كأنّ غباره ... بجانبها الأقصى دواخن تنضب [7] لأن دخانه يكون أبيض يشبه الغبار، وناره شقراء. والعرب تجمع الدخان دواخن. وقال الأزرق الهمدانيّ: [من الطويل] ونوقدها شقراء من فرع تنضب ... وللكمت أروى للنّزال وأشبع

_ [1] يعشو إلى النار: يقصد إليها. الباغي: الطالب. الجازع: الذي يقطع الوادي أو الأرض. [2] البيت لمزرد بن ضرار في البخلاء 243، ويروى عجز البيت: (بليل فلاحت للعيون النواظر) ونسب إلى جبيهاء الأسدي في اللسان والتاج (حفر) ، وإلى جبيهاء الأشجعي في حماسة ابن الشجري 258. [3] في البخلاء: «جعلها شقراء ليكون أضوأ لها، وكذلك النار إذا كان حطبها يابسا كان أشد لحمرة ناره، وإذا كثر دخانه قلّ ضوءه» . النشر: المكان المرتفع. [4] البيت بلا نسبة في البخلاء 243، وشرح ديوان الحماسة 2/136، والزهرة 321. [5] السّحر: الرئة وما يتعلق بالحلقوم. العود: الجمل المسن. الصوارد: جمع صرد، وهو البرد. [6] ديوان طفيل الغنوي 25، والمعاني الكبير 1/58. [7] تنضب: شجر ضخام وورقه متقبض، وعيدانه بيض، له شوك قصار، ينبت بالحجاز.

1290 -[اختلاف ألوان النار]

وذلك أن النار إذا ألقي عليها اللحم فصار لها دخان، اصهابّت [1] بدخان ماء اللحم وسواد القتار [2] . وهذا يدل أيضا على ما قلنا. وفي ذلك يقول الهيّبان الفهميّ: [من الوافر] له فوق النّجاد جفان شيزى ... ونار لا تضرّم للصّلاء [3] ولكن للطّبيخ، وقد عراها ... طليح الهمّ مستلب الفراء [4] وما غذيت بغير لظى، فناري ... كمرتكم الغمامة ذي العفاء [5] وقال سحر العود: [من الوافر] له نار تشبّ على يفاع ... لكلّ مرعبل الأهدام بالي [6] ونار فوقها بجر رحاب ... مبجّلة تقاذف بالمحال [7] 1290-[اختلاف ألوان النار] ويدلّ أيضا على ما قلنا: أن النار يختلف لونها على قدر اختلاف جنس الدّهن والحطب والدخان، وعلى قدر كثرة ذلك وقلّته، وعلى قدر يبسه ورطوبته- قول الراعي حين أراد أن يصف لون ذئب فقال [8] : [من الكامل] وقع الربيع وقد تقارب خطوه ... ورأى بعقوته أزلّ نسولا [9]

_ [1] اصهابت، صارت صهباء، وهي الحمرة يعلوها سواد. [2] القتار: ما يتصاعد من الشواء. [3] النجاد: جمع نجد، وهو ما غلظ من الأرض وارتفع. الشيزى: شجر تعمل منه القصاع والجفان. الصلاء: مقاساة حر النار، أو التمتع بها في الشتاء. [4] عراها: غشيها وقصدها. الطليح: المتعب المعيى. [5] المرتكم: المتراكم، أي المجتمع. عفاء السحاب: كالخمل في وجهه لا يكاد يخلف. [6] اليفاع: التل. المرعبل: الممزق. الأهدام: جمع هدم، وهو الثوب الخلق البالي. [7] البجر: جمع بجراء، وهي العظيمة البطن، وأراد بها هنا القدور. الرحاب: الواسعات. المبجلة المعظمة. المحال: جمع محالة، وهي الفقرة من فقار البعير. [8] ديوان الراعي 239- 240، والأول في اللسان (نهش) ، والتاج (نسل) ، وبلا نسبة في الازمنة والأمكنة 2/113، والبيت الثاني في اللسان (نهش) ، والتاج (نهش، شكل) ، والتهذيب 5/158، 6/83، 85، والتنبيه والإيضاح 11/327، وبلا نسبة في اللسان والتاج (وضح، شهل) ، والثالث في الجمهرة 464 والتهذيب 11/33، واللسان والتاج (تلع، رجل) ، وبلا نسبة في الجمهرة 1300، والمجمل 2/468 وتقدم البيت في 2/431. [9] وقع الربيع: أي مثل شدة ضرب المطر للأرض. العقوة: الساحة، وما حول الدار، الأزلّ: السريع وعنى به الذئب. النسول: مشية الذئب إذا أسرع.

1291 -[تعظيم زرادشت لشأن النار]

متوضّح الأقراب فيه شهبة ... هشّ اليدين تخاله مشكولا [1] كدخان مرتجل بأعلى تلعة ... غرثان ضرّم عرفجا مبلولا [2] المرتجل: الذي أصاب رجلا من جراد، فهو يشويه. وجعله غرثان لكون الغرث لا يختار الحطب اليابس على رطبه، فهو يشويه بما حضره. وأدار هذا الكلام، ليكون لون الدخان بلون الذئب الأطحل [3] متفقين. 1291-[تعظيم زرادشت لشأن النار] وزرادشت هو الذي عظم النار وأمر بإحيائها، ونهى عن إطفائها، ونهى الحيّض عن مسها والدنوّ منها. وزعم أن العقاب في الآخرة إنما هو بالبرد والزمهرير والدّمق [4] . 1292-[سبب تخويف زرادشت أصحابه بالبرد والثلج] وزعم أصحاب الكلام أن زرادشت- وهو صاحب المجوس- جاء من بلخ، وادعى أن الوحي نزل عليه على جبال سيلان، وأنه حين دعا سكان تلك الناحية الباردة، الذين لا يعرفون إلا الأذى بالبرد، ولا يضربون المثل إلا به؛ حتى يقول الرجل لعبده: لئن عدت إلى هذا لأنزعنّ ثيابك، ولأقيمنّك في الريح، ولأوقفنّك في الثلج! فلما رأى موقع البرد منهم هذا الموقع، جعل الوعيد بتضاعفه، وظنّ أنّ ذلك أزجر لهم عما يكره. وزرادشت في توعده تلك الأمة بالثلج دون النار، مقرّ بأنه لم يبعث إلا إلى أهل تلك الجبال. وكأنه إذا قيل له: أنت رسول إلى من؟ قال لأهل البلاد الباردة، الذين لابدّ لهم من وعيد، ولا وعيد لهم إلا بالثلج. وهذا جهل منه، ومن استجاب له أجهل منه. 1293-[ردّ على زرادشت في التخويف بالثلج] والثلج لا يكمل لمضادّة النار، فكيف يبلغ مبلغها؟ والثلج يؤكل ويشرب،

_ [1] المتوضح: الأبيض. الأقراب: جمع قرب وهي الخاصرة. الشهية: لون بياض يصدعه سواد في خلاله. الهش: الخفيف. المشكول: المشدود بالشكال، وهو عقال الدابة. [2] التلعة: ما ارتفع من الأرض. الغرثان: الجوعان. العرفج: نبت سريع الالتهاب. [3] الذئب الأطحل: الذي لونه كلون الرماد. [4] الدمق: الثلج مع الريح يغشى الإنسان من كل أوب، حتى يكاد يقتل من يصيبه.

1294 - (معارضة بعض المجوس في عذاب النار)

ويقضم قضما، ويمزج بالأشربة، ويدفن فيه الماء وكثير من الفواكه. وربما أخذ بعض المترفين القطعة منه كهامة [1] الثور، فيضعها على رأسه ساعة من نهار، ويتبرّد بذلك. ولو أقام إنسان على قطعة من الثلج مقدار صخرة في حمدان ريح [2] ساعة من نهار، لما خيف عليه المرض قطّ. فلو كان المبالغة في التنفير والزجر أراد، وإليه قصد؛ لذكر ما هو في الحقيقة عند الأمم أشدّ. والوعيد بما هو أشد، وبما يعم بالخوف سكان البلاد الباردة والحارة أشبه، إذا كان المبالغة يريد. والثلج قد يداوى به بعض المرضى، ويتولد فيه الدود، وتخوضه الحوافر، والأظلاف، والأخفاف، والأقدام، بالليل والنهار، في الأسفار. وفي أيام الصيد يهون على من شرب خمسة أرطال نبيذ أن يعدو عليه خمسة أشواط. 1294- (معارضة بعض المجوس في عذاب النار) وقد عارضني بعض المجوس وقال: فلعلّ أيضا صاحبكم إنما توعّد أصحابه بالنار، لأن بلادهم ليست ببلاد ثلج ولا دمق [3] ، وإنما هي ناحية الحرور والوهج والسّموم [4] ، لأن ذلك المكروه أزجر لهم. فرأي هذا المجوسي أنه قد عارضني! فقلت له: إن أكثر بلاد العرب موصوفة بشدة الحر في الصيف. وشدة البرد في الشتاء؛ لأنها بلاد صخور وجبال، والصخر يقبل الحر والبرد ولذلك سمت الفرس بالفارسية، العرب والأعراب: «كهيان» ، والكه بالفارسية هو الجبل. فمتى أحببت أن تعرف مقدار برد بلادهم في الشتاء وحرّها في الصيف، فانظر في أشعارهم، وكيف قسّموا ذلك، وكيف وضعوه لتعرف أن الحالتين سواء عندهم في الشدة. 1295-[القول في البرودة والثلج] والبلاد ليس يشتد بردها على كثرة الثلج، فقد تكون بلدة أبرد وثلجها أقل،

_ [1] الهامة: الرأس. [2] حمدان الريح: لعله من قولهم: يوم محتمد: أي شديد الحر. [3] الدمق: الثلج مع الريح يغشى الإنسان من كل أوب حتى يكاد يقتل من يصيبه. [4] السموم: الريح الحارة.

1296 -[رد آخر على المجوس]

والماء ليس يجمد للبرد فقط، فيكون متى رأينا بلدة ثلجها أكثر، حكمنا أن نصيبها من البرد أوفر. وقد تكون الليلة باردة جدا، وتكون صنّبرة [1] فلا يجمد الماء، ويجمد فيما هو أقلّ منها بردا. وقد يختلف جمود الماء في الليلة ذات الريح، على خلاف ما يقدّرون ويظنون. وقد خبرني من لا أرتاب بخبره، أنهم كانوا في موضع من الجبل، يستغشون [2] به بلبس المبطّنات [3] ، ومتى صبوا ماء في إناء زجاج، ووضعوه تحت السماء، جمد من ساعته. فليس جمود الماء بالبرد فقط، ولا بد من شروط ومقادير، واختلاف جواهر، ومقابلات أحوال، كسرعة البرد في بعض الأدهان، وإبطائه عن بعض وكاختلاف عمله في الماء المغلى، وفي الماء المتروك على حاله وكاختلاف عمله في الماء والنبيذ، وكما يعتري البول من الخثورة والجمود، على قدر طبائع الطعام والقلة. والزّيت خاصة يصيبه المقدار القليل من النار، فيستحيل من الحرارة إلى مقدار لا يستحيل إليه ما هو أحرّ. 1296-[ردّ آخر على المجوس] وحجة أخرى على المجوس. وذلك أن محمدا صلّى الله عليه وسلّم، لو كان قال: لم أبعث إلا إلى أهل مكة- لكان له متعلق من جهة هذه المعارضة. فأما وأصل نبوّته، والذي عليه مخرج أمره وابتداء مبعثه إلى ساعة وفاته، أنه المبعوث إلى الأحمر والأسود، وإلى الناس كافة [4] ، وقد قال الله تعالى:

_ [1] الصنبرة: الشديدة البرد. [2] يستغشون: يتغطون. [3] المبطنات: ثياب مبطنة بالفراء. [4] انظر مسند أحمد 1/250، 301، 403. وصحيح البخاري في كتاب التيمم، الحديث 328، وكتاب المساجد، الحديث 427، ومسلم في المساجد ومواضع الصلاة، الحديث 531، والدارمي في «السير» ، والنسائي في «الطهارة» . وفي النهاية 1/437 «بعثت إلى الأحمر والأسود، أي العرب والعجم؛ لأن الغالب على ألوان العجم الحمرة والبياض، وعلى ألوان العرب الأدمة والسمرة. وقيل: أراد الجن والإنس. وقيل: أراد بالأحمر: الأبيض مطلقا.

1297 -[ما قيل من الشعر في البرد]

قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً [1] وقد قال تعالى: نَذِيراً لِلْبَشَرِ [2]- فلم يبق أن يكون مع ذلك قولهم معارضة، وأن يعدّ في باب الموازنة. 1297-[ما قيل من الشعر في البرد] ومما قالوا في البرد قول الكميت [3] : [من المتقارب] إذا التفّ دون الفتاة الضّجيع ... ووحوح ذو الفروة المرمل [4] وراح الفنيق مع الرائحات ... كإحدى أوائلها المرسل [5] وقال الكميت أيضا في مثل ذلك [6] : [من البسيط] وجاءت الريح من تلقاء مغربها ... وضنّ من قدره ذو القدر بالعقب [7] وكهكه المدلج المقرور في يده ... واستدفأ الكلب في المأسور ذي الذّئب [8] وقال في مثله جران العود [9] : [من الوافر] ومشبوح الأشاجع أريحيّ ... بعيد السّمع، كالقمر المنير [10] رفيع الناظرين إلى المعالي ... على العلّات في الخلق اليسير [11] يكاد المجد ينضح من يديه ... إذا دفع اليتيم عن الجزور [12]

_ [1] 158/الأعراف: 7. [2] 36/المدثر: 74. [3] ديوان الكميت 2/14، والبيت الأول في اللسان والتاج (فرا) ، والتهذيب 15/241. [4] وحوح الرجل من البرد: إذا ردد نفسه في حلقه حتى تسمع له صوتا. الفروة: الوفضة التي يجعل فيها السائل صدقته. المرمل: الذي نفذ زاده. [5] الفنيق: الفحل المكرم من الإبل، لا يركب لكرامته على أهله. [6] ديوان الكميت 1/127، والبيت الثاني في اللسان والتاج والأساس (كهه) . [7] العقب: جمع عقبة، وهي المرقة ترد في القدر المستعارة، فقد كانوا إذا استعاروا قدرا ردوا فيها شيئا من المرق. [8] كهكه المقرور تنفس في يده ليسخنها بنفسه من شدة البرد. المأسور: المشدود بالإسار وهو القد الذي يؤسر به القتب، والقتب: وهو الفرجة بين دفّتي الرحل. [9] ديوان جران العود 24- 28. [10] مشبوح الأشاجع: عريض الكف، والأشجع، العصب الذي على ظاهر الكف. الأريحي: الذي يرتاح للمعروف. السمع: المقصود بها: الذكر الحسن. [11] على العلات: على كل حال. [12] الجزور: الناقة المجزورة. جزر الناقة: نحرها وقطعها.

وألجأت الكلاب صبا بليل ... وآل نباحهنّ إلى الهرير [1] وقد جعلت فتاة الحي تدنو ... مع الهلّاك من عرن القدور [2] وقال في مثل ذلك ابن قميئة [3] : [من الخفيف] ليس طعمي طعم الأرامل إذ ق ... لّص درّ اللّقاح في الصّنّبر [4] ورأيت الإماء كالجعثن البا ... لي عكوفا على قرارة قدر [5] ورأيت الدخان كالودع [6] الأه ... جن ينباع من وراء السّتر حاضر شركم وخيركم د ... رّ خروس من الأرانب بكر [7] وقال في مثل ذلك [8] : [من الكامل] وإذا العذارى بالدّخان تقنّعت ... واستعجلت نصب القدور فملّت درّت بأرزاق العيال مغالق ... بيديّ من قمع العشار الجلّة [9]

_ [1] البليل: الريح الباردة التي كأنها يقطر منها الماء لبردها. آل: جمع وصار. الهرير: صوت الكلب في صدره. [2] فتاة الحي: أي الفتاة المصونة. الهلاك: الصعاليك. العرن: ريح القدر. [3] ديوان عمرو بن قميئة 77- 78، ورسائل الجاحظ 2/357 (كتاب البغال) ، والبيت الأخير في البخلاء 214، وبلا نسبة في اللسان والتاج (خرس) ، والجمهرة 584، والمقاييس 2/167. [4] اللقاح: جمع لقحة؛ وهي الناقة الحلوب. قلص درها: ارتفع لبنها. الصنبر: شدة البرد. [5] الجعثن: أصل كل شجرة إلا شجرة لها خشب، شبههن به في التقبض وشوه الخلق مما أضرّ بهن الجرب وسوء الغذاء. عكوفا: مستديرات حولها. القرارة: ما لزق بأسفل القدر من مرق، أو حطام تابل محترق، أو سمن، أو غيره. [6] الودع: خرز بيض جوف في بطونها شق كشق. النواة. الأهجن: الأبيض، جعل الدخان أبيض لضعف ناره. ينباع يجري جريا لينا. [7] الدر: اللبن. الخروس: صاحبة الخرسة، والخرسة طعام النفساء، والخرس: الطعام الذي يتخذ صبيحة الولادة للرجال والنساء، وانظر تعليق الجاحظ في البخلاء 213- 214. [8] البيتان لسلمى بن ربيعة في الخزانة 8/36، 44، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 55، ونوادر أبي زيد 121، والأمالي 1/81، ولعلباء بن أرقم في الأصمعيات 162، وبلا نسبة في شرح اختيارات المفضل 816. [9] درّت: در الضرع: كثر لبنه. العيال: جمع عيل، وهو الفقير. المغالق: جمع مغلق وهي قداح الميسر. القمع: الأسنمة. العشار: جمع عشراء، وهي التي أتى على حملها عشرة أشهر. الجلة: العظام الكبار، جمع جليل.

وقال الهذليّ [1] : [من البسيط] وليلة يصطلي بالفرث جازرها ... يختصّ بالنّقرى المثرين داعيها لا ينبح الكلب فيها غير واحدة ... من الشّتاء ولا تسري أفاعيها وفي الجمد والبرد والأزمات يقول الكميت [2] : [من الوافر] وفي السنة الجماد يكون غيثا ... إذا لم تعط درّتها الغضوب [3] وروّحت اللّقاح مبهلات ... ولم تعطف على الرّبع السّلوب [4] وكان السّوف للفتيان قوتا ... تعيش به وهيّبت الرقوب [5] وفي هذه القصيدة يقول في شدة الحر: وخرق تعزف الجنّان فيه ... لأفئدة الكماة لها وجيب [6] قطعت ظلام ليلته ويوما ... يكاد حصى الإكام به يذوب وقال آخر لمعشوقته [7] : [من الطويل] وأنت التي كلفتني البرد شاتيا ... وأوردتنيه فانظري أيّ مورد [8] فما ظنك ببرد يؤدّي هذا العاشق إلى أن يجعل شدّته عذرا له في تركه الإلمام بها. وذلك قوله في هذه القصيدة [9] : فيا حسنها إذ لم أعج أن يقال لي ... تروّح فشيعنا إلى ضحوة الغد فأصبحت مما كان بيني وبينها ... سوى ذكرها كالقابض الماء باليد

_ [1] تقدم تخريج البيتين في 1/258؛ الفقرة (269) ، 2/290؛ الفقرة (293) . [2] ديوان الكميت 1/84، والبيت الأول بلا نسبة في اللسان والتاج (جمد) ، والتهذيب 10/679، والثالث للكميت في أساس البلاغة (سوف) ، والأزمنة والأمكنة 2/299. [3] سنة جماد: لا مطر فيها. الغضوب: الناقة العبوس. [4] روّحت: رعيت وقت الرواح. المبهلات: المهملات. الرّبع: الفصيل ينتج وقت الربيع. السلوب: الناقة فقدت ولدها. [5] السّوف: الأماني. الرقوب: هي التي لا تدنو إلى الحوض من الزحام، وذلك لكرمها. [6] الخرق: الفلاة الواسعة تنخرق فيها الريح. الجنّان: الجن. عزيفها: تصويتها. الوجيب: الخفقان والاضطراب. [7] البيت بلا نسبة في اللسان والتاج (برك) ، والتهذيب 10/228، والعين 5/367، وكتاب الجيم 1/81. [8] الرواية في المصادر السابقة: «البرك» مكان «البرد» ، والبرك: مستنقع الماء وشبه حوض يحفر في الأرض، لا يجعل له أعضاد فوق صعيد الأرض. [9] ديوان مسكين الدارمي 36.

1298 -[ما قيل من الشعر في صفة الحر]

ومما يقع في الباب قبل هذا، ولم نجد له بابا قول مسكين الدّارميّ: [من الوافر] وإني لا أقوم على قناتي ... أسبّ الناس كالكلب العقور [1] وإني لا أحلّ ببطن واد ... ولا آوي إلى البيت القصير وإني لا أحاوص عقد ناد ... ولا أدعو دعائي بالصفير [2] ولست بقائل للعبد أوقد ... إذا أوقدت بالعود الصّغير ولو تأملت دخان أتّون [3] واحد، من ابتدائه إلى انقضائه، لرأيت فيه الأسود الفاحم، والأبيض الناصع. والسواد والبياض، هما الغاية في المضادّة، وذلك على قدر البخار والرطوبات. وفيما بينهما ضروب من الألوان. وكذلك الرماد، منه الأسود، ومنه الأبيض، ومنه الأصهب، ومنه الخصيف [4] . وذلك كله على قدر اختلاف حالات المحترق وجواهره. فهذا بعض ما قالوا في البرد. 1298-[ما قيل من الشعر في صفة الحر] وسنذكر بعض ما قالوا في صفة الحر. قال مضرّس بن زرارة بن لقيط [5] : [من الطويل] ويوم من الشّعرى كأنّ ظباءه ... كواعب مقصور عليها ستورها [6]

_ [1] القناة: العصا. الكلب العقور: الذي يعقر، أي يجرح ويعض. [2] يقال: فلان يحاوص فلانا، أي ينظر إليه بمؤخر عينيه ويخفي ذلك. النادي: مجلس القوم. الصفير: التصويت بالفم والشفتين. [3] الأتون: الموقد. [4] رماد خصيف: قيه سواد وبياض. [5] الأبيات في الحماسة البصرية 2/243، من قصيدة تنسب إلى مضرس بن ربعي بن لقيط الأسدي، أو شبيب بن البرصاء، أو عوف بن الأحوص الكلابي، والأبيات في الأزمنة والأمكنة 2/161، والثاني والثالث في الألفاظ لابن السكيت 552، والثاني في اللسان والتاج (نور) ، وراجع المزيد من المصادر في حاشية الحماسة البصرية 2/243. [6] الشعرى: كوكب نيّر يقال له المرزم؛ يطلع بعد الجوزاء وطلوعه في شدة الحر. كواعب: جمع كاعب، وهي الجارية قد نهد ثديها.

تدلّت عليها الشمس حتى كأنه ... من الحر يرمى بالسكينة نورها [1] سجودا لدى الأرطى كأن رؤوسها ... علاها صداع أو فوال يصورها [2] وقال القطاميّ [3] : [من البسيط] فهن معترضات والحصى رمض ... والريح ساكنة والظلّ معتدل [4] حتى وردن ركيّات الغوير وقد ... كاد الملاء من الكتّان يشتعل [5] وقال الشماخ بن ضرار [6] : [من الطويل] كأنّ قتودي فوق جأب مطرّد ... من الحقب لاحته الجداد الغوارز [7] طوى ظمأها في بيضة القيظ بعدما ... جرت في عنان الشّعريين الأماعز [8] وظلّت بيمؤود كأن عيونها ... إلى الشمس، هل تدنو، ركيّ نواكز [9]

_ [1] السكينة: السكون. النور: جمع نوار، وهي النفور من الظباء والوحش. [2] الأرطى: شجر تتخذ الظباء في أصوله كنسها. فوال: جمع فالية، وهي التي تفلي الرأس. يصورها: يميلها. [3] ديوان القطامي 26- 27، والبيت الأول بلا نسبة في اللسان والتاج (رمض) ، والتهذيب 12/32، والبيت الثاني في اللسان والتاج (عور) ، ونظام الغريب 222. [4] في ديوانه: «فهن: يعني النوق. الحصى رمض: حار» . [5] الركيات: جمع ركية؛ وهي البئر. الغوير: موضع. الكتان: هاهنا القطن. [6] ديوان الشماخ 175- 176، وجمهرة أشعار العرب 824، والبيت الأول في اللسان والتاج (جدد) ، والعين 6/8، والجمهرة 706، والتهذيب 10/462، وبلا نسبة في الجمهرة 264، والمجمل 1/419، والبيت الثاني في اللسان والتاج (بيض، عنن) ، والأساس (بيض) ، والعين 1/90، والمقاييس 4/19، والجمهرة 825، والكامل 928 (الدالي) ، وبلا نسبة في التهذيب 1/110، 12/89، والثالث في اللسان والتاج (مأد) . [7] في ديوانه: «القتود: جمع قتد، وهو خشب الرحل. الجأب: الصلب الشديد من حمير الوحش المطرد: الذي طردته الرماة، أعني مطاردة الصائد إياه. الحقب: جمع أحقب، وهو الحمار الأبيض الحقوين. لاحته: غيرته. الجداد: جمع جدود، وهي التي يبس لبنها. الغوارز: جمع غارز، وهي التي قلّت ألبانها» . [8] في ديوانه: «طوى ظمأها: زاد فيه. بيضة القيظ: وقت اشتداد الحر وتلهبه. الشعريان: هما شعرى العبور؛ وشعرى الغميصاء، وهما من نجوم القيظ. الأماعز: جمع أمعز: أي جرى بها السراب بعد ما طلعت الشعرى» . [9] في ديوانه: «يمؤود: واد بعطفان. هل: بمعنى إذ، أي حين تدنو. الركي: الآبار. النواكز: الغوائر، نكزت البئر تنكز نكوزا: إذا ذهب ماؤها» .

ولهذه الأبيات كان الحطيئة والفرزدق يقدّمان الشماخ بغاية التقديم. وقال الراعي [1] : [من الوافر] ونار وديقة في يوم هيج ... من الشّعرى نصبت لها الجبينا [2] إذا معزاء هاجرة أرنّت ... جنادبها وكان العيس جونا [3] وقال مسكين الدارمي [4] : [من الطويل] وهاجرة ظلّت كأنّ ظباءها ... إذا ما اتّقتها بالقرون سجود تلوذ لشؤبوب من الشّمس فوقها ... كما لاذ من حرّ السّنان طريد [5] وقال جرير [6] : [من الطويل] وهاجد موماة بعثت إلى السّرى ... وللنّوم أحلى عنده من جنى النّحل [7] يكون نزول الركب فيها كلا ولا ... غشاشا ولا يدنون رحلا إلى رحل [8] ليوم أتت دون الظلال سمومه ... وظلّ المها صورا جماجمها تغلي [9] وفيها يقول جرير: [من الطويل] تمنّى رجال من تميم لي الرّدى ... وما ذاد عن أحسابهم ذائد مثلي [10]

_ [1] ديوان الراعي النميري 266، والأزمنة والأمكنة 1/287، والأول في اللسان والتاج (هيج) . [2] الوديقة: حر نصف النهار: يوم هيج: يوم ريح. [3] المعزاء: الأرض الحزنة الغليظة. الهاجرة: نصف النهار عند اشتداد الحر. أرنّت: صوّتت. [4] ديوان مسكين الدارمي 32، وحماسة القرشي 463، ومعاهد التنصيص 2/119، والبيت الثاني بلا نسبة في اللسان والتاج (أول) والتهذيب 15/441، والجمهرة 1305. [5] تلوذ: تلجأ. الشؤبوب: الدفعة من المطر، واستعارها هنا ليدل على شدة حرارة الشمس. [6] ديوان جرير 461 (الصاوي) ، والنقائض 160- 161، والأبيات من قصيدة في هجاء البعيث والفرزدق. [7] الهاجد: الساهر. الموماة: الفلاة. [8] كلا: أي مثل «لا» سرعة النطق بها. الغشاش: العجلة. [9] دون الظلال: قريبا منها. السموم: الريح الحارة. المها: جمع مهاة، وهي البقرة الوحشية. الصور: جمع أصور وهو المائل العنق. [10] بهذا البيت يرد جرير على الفرزدق الذي قال: (أنا الضامن الراعي عليهم وإنما ... يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي) وهذا البيت هو الثامن من قصيدته في النقائض 127- 157، وديوانه 2/153 (صادر) .

1299 -[احتجاج النظام للكمون]

1299-[احتجاج النظام للكمون] وقال أبو إسحاق: أخطأ من زعم أن النار تصعد في أول العود، وتنحدر وتغوص فيه، وتظهر عليه، وتأخذ منه عرضا. وقال: العود، النار في جميعه كامنة، وفيه سائحة، وهي أحد أخلاطه. والجزء الذي يرى منها في الطرف الأول، غير الجزء الذي في الوسط والجزء الذي في الوسط غير الجزء الذي في الطرف الآخر. فإذا احتكّ الطرف فحمي زال مانعه، وظهرت النار التي فيه. وإذا ظهرت حمي لشدة حرها الموضع الذي يليها، وتنحّى أيضا مانعه. وكذلك الذي في الطرف الآخر ولكن الإنسان إذا رأى النار قد اتصلت في العود كله، وظهرت أولا فأوّلا، ظن أن الجزء الذي كان في المكان الأول قد سرى إلى المكان الثاني، ثم إلى المكان الثالث. فيخبر عن ظاهر ما يرى ولا يعرف حقيقة ما بطن من شأنها. وقال أبو إسحاق: ولو كانت العيدان كلها لا نار فيها، لم يكن سرعة ظهورها من العراجين، ومن المرخ والعفار [1] ، أحقّ منها بعود العنّاب [2] والبرديّ [3] وما أشبه ذلك. لكنها لمّا كانت في بعض العيدان أكثر، وكان مانعها أضعف، كان ظهورها أسرع، وأجزاؤها إذا ظهرت أعظم. وكذلك ما كمن منها في الحجارة. ولو كانت أجناس الحجارة مستوية في الاستسرار [4] فيها، لما كان حجر المرو أحقّ بالقدح إذا صكّ بالقدّاحة، من غيره من الحجارة، ولو طال مكثه في النار ونفخ عليه بالكير. ولم صار لبعض العيدان جمر باق، ولبعضها جمر سريع الانحلال، وبعضها لا يصير جمرا؟ ولم صار البرديّ مع هشاشته ويبسه ورخاوته، لا تعمل فيه النيران؟ ولذلك إذا وقع الحريق في السّوق سلم كل مكان يكون بين أضعاف البردي. ولذلك ترى النار سريعة الانطفاء في أضعاف البرديّ، ومواضع جميع اللّيف. وقال أبو إسحاق: فلم اختلفت في ذلك؟ إلا على قدر ما يكون فيها من النار، وعلى قدر قوة الموانع وضعفها.

_ [1] المرخ والعفار: شجران يتخذ منهما زناد القدح. [2] العنّاب: شجر مثمر من الفصيلة السّدرية، له ثمرة نووية حلوة تؤكل. معجم الألفاظ الزراعية 372. [3] في اللسان «حفأ» : (الحفأ: البردي. وقيل: هو البردي الأخضر ما دام في منبته، وقيل هو أصله الأبيض الرطب الذي يؤكل) وفي معجم الألفاظ الزراعية 209: (البردي نوع مائي كانوا يصنعون ورق البردي من لحائه) . وانظر المخصص 11/166. [4] الاستسرار: الكمون.

ولم صارت تقدح على الاحتكاك حتى تلهبت، كالساج [1] في السفن إذا اختلط بعضه ببعض عند تحريك الأمواج لها؟ ولذلك أعدّوا لها الرجال لتصبّ من الماء صبّا دائما. وتدوّم الريح فتحتك عيدان الأغصان في الغياض، فتلتهب نار فتحدث نيران. ولم صار العود يحمى إذا احتكّ بغيره؟ ولم صار الطّلق [2] لا يحمى؟ فإن قلت لطبيعة هناك، فهل دللتمونا إلا على اسم علّقتموه على غير معنى وجدتموه؟ أولسنا قد وجدنا عيون ماء حارة وعيون ماء بارد، بعضها يبرص وينفط الجلد [3] ، وبعضها يجمد الدم ويورث الكزاز [4] ؟ أولسنا قد وجدنا عيون ريح [5] وعيون نار [6] ؟ فلم زعمتم أن الريح والماء كانا مختنقين في بطون الأرض ولم تجوّزوا لنا مثل ذلك في النار؟ وهل بين اختناق الريح والماء فرق؟ وهل الريح إلا هواء تحرّك؟ وهل بين المختنق والكامن فرق؟. وزعم أبو إسحاق: أنه رمى بردائه في بئر النبي صلّى الله عليه وسلّم التي من طريق مكة، فردّته الريح عليه. وحدّثني رجل من بني هاشم قال: كنت برامة [7] ، من طريق مكة فرميت في بئرها ببعرة فرجعت إليّ، ثم أعدتها فرجعت، فرميت بحصاة فسمعت لها حريقا [8] وحفيفا [9] شديدا وشبيها بالجولان، إلى أن بلغت قرار الماء.

_ [1] الساج: شجر يعظم جدّا، ويذهب طولا وعرضا، وله ورق أمثال التراس الديلمية، يتغطى الرجل بورقة منه فتكنه «أي تستره» من المطر، وله رائحة طيبة. تشابه رائحة ورق الجوز مع رقة ونعمة. «اللسان: سوج» . [2] الطّلق: نبت تستخرج عصارته فيتطلى به الذين يدخلون في النار. «اللسان: طلق» . [3] يبرص: يصيب بالبرص. ينفط: أصابه بالنفطة، وهي في أصلها بشرة تخرج في اليد من العمل ملأى ماء. [4] الكزاز: تشنج يصيب الإنسان. [5] عيون ريح: تنجم عن تحلل مواد عضوية في باطن الأرض، فتنشأ أبخرة وتتجمع، ثم تندفع إلى ظاهر الأرض. [6] عيون نار: هي ما تعرف بالبراكين. [7] رامة: منزل بينه وبين الرمادة ليلة، في طريق البصرة إلى الكوفة. «معجم البلدان: رامة» . [8] الحريق: الصريف، وفي الحديث: «يحرقون أنيابهم غيظا وحنقا» أي يحكّون بعضها ببعض. والصوت الذي سمعه ذلك الرجل من الحصاة إنما هو لدفع الهواء إياها إلى أعلى ومحاولتها هي النزول. [9] الحفيف: صوت الشيء تسمعه كالرنّة.

1300 -[الصواعق وما قيل فيها]

وزعم أبو إسحاق أنه رأى عين نار في بعض الجبال، يكون دخانها نهارا وليلا. أو ليس الأصل الذي بني عليه أمرهم: أن جميع الأبدان من الأخلاط الأربعة [1] : من النار، والماء، والأرض، والهواء؟ فإذا رأينا موضعا من الأرض يخرج منه ماء قلنا: هذا أحد الأركان؛ فما بالنا إذا رأينا موضعا من الأرض يخرج منه نار لم نقل مثل ذلك فيه؟. ولم نقول في حجر النار إنه متى وجد أخف من مقدار جسمه من الذهب والرّصاص والزئبق، إنما هو لما خالطه من أجزاء الهواء الرّافعة له؟ وإذا وجدناه أعلك علوكة، وأمتن متانة، وأبعد من التهافت جعلنا ذلك لما خالطه من أجزاء الماء. وإذا وجدناه ينقض الشرر، ويظهر النار جعلنا لك للذي خالطه من الهواء؟ ولم جعلناه إذا خف عن شيء بمقدار جسمه، لما خالطه من أجزاء الهواء، ولا نجعله كذلك لما خالطه من أجزاء النار؟! ولا سيما إذا كانت العين تجده يقدح بالشرر، ولم تجر أجزاء الهواء فيه عندنا عيانا. فلم أنكروا ذلك، وهذه القصة توافق الأصل الذي بنوا عليه أمرهم؟. قال: أو ليس من قوله أنه لولا النيران المتحركة في جوف الأرض، التي منها يكون البخار- الذي بعضه أرضيّ وبعضه مائيّ- لم يرتفع ضباب، ولم يكن صواعق ولا مطر ولا أنداء. 1300-[الصواعق وما قيل فيها] ومتى كان البخار حارّا يابسا قدح وقذف بالنار التي تسمى «الصاعقة» ، إذا اجتمعت تلك القوى في موضع منه. فإن كانت القوى ريحا كان لها صوت، وإن كانت نارا كانت لها صواعق. حتى زعم كثير من الناس [أن بعض السيوف من خبث نيران الصواعق] [2] ، وذلك شائع على أفواه الأعراب والشعراء. قال أبو الهول الحميري [3] : [من الخفيف]

_ [1] انظر الفقرة (1278) ، ص 21. [2] الزيادة من ثمار القلوب (888) . [3] الأبيات لأبي الهول الحميري أو ابن يامين البصري في الوحشيات 280، وثمار القلوب 498 (887- 888) ، والعقد 1/180، ووفيات الأعيان 6/109، وفوات الوفيات 2/204، ومروج الذهب 4/195، وديوان المعاني 2/52، والحماسة الشجرية 797، وحماسة القرشي 454، 455، والسمط 604، وإعجاز القرآن 242، والأنوار ومحاسن الأشعار 1/33، وزهر الآداب 781.

حاز صمصامة الزّبيديّ من بي ... ن جميع الأنام موسى الأمين [1] سيف عمرو، وكان فيما سمعنا ... خير ما أطبقت عليه الجفون [2] أوقدت فوقه الصواعق نارا ... ثم ساطت به الزّعاف المنون [3] وقال منهم آخر [4] : [من الكامل] يكفيك من قلع السماء عقيقة ... فوق الذّراع ودون بوع البائع [5] قال الأصمعيّ: الانعقاق: تشقّق البرق. ومنه وصف السيف بالعقيقة، وأنشد [6] : [من الوافر] وسيفي كالعقيقة وهو كمعي [7] وقال الأخطل [8] : [من الطويل] وأرّقني من بعد ما نمت نومة ... وعضب إباطي كالعقيق يماني [9]

_ [1] الصمصامة: سيف عمرو بن معدي كرب، وهو من أشهر سيوف العرب، وقد وهبه عمرو لخالد بن سعيد بن العاص عامل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على اليمن، فلم يزل في آل سعيد إلى أيام هشام بن عبد الملك، فاشتراه خالد القسري بمال خطير وأنقذه إلى هشام فلم يزل الأمر عند بني مروان حتى زال الأمر عنهم، ثم طلبه السفاح والمنصور والمهدي، فلم يجدوه، وجدّ الهادي في طلبه حتى ظفر به، وطلب من الشعراء أن يقولوا فيه، فقالوا وأطالوا، حتى قام أبو الهول الحميري وأنشد قصيدته؛ فوهبه الهادي الصمصامة. انظر وفيات الأعيان 6/109، وثمار القلوب (886- 888) ، والأغاني 15/211، وزهر الآداب 780، والعقد الفريد 1/180. [2] الجفون: جمع جفن، وهو قراب السيف. [3] السوط: الخلط. الزعاف: السم السريع القتل. [4] البيت لمنصور النمري في ديوانه 109، وبلا نسبة في الوحشيات 281، والأنوار ومحاسن الأشعار 1/30، والأشباه والنظائر للخالديين 2/44. [5] القلع: جمع قلعة، وهي السحابة الضخمة. العقيقة: السيف. فوق الذراع: أي طوله فوق الذراع: البوع: قدر مدّ اليدين وما بينهما من البدن. [6] عجز البيت: (سلاحي لا أفلّ ولا فطارا) ، وهو لعنترة في ديوانه 43، واللسان والتاج (فطر، كمع، عقق، فلل) ، والتهذيب 13/303، وديوان الأدب 1/188، 442، وبلا نسبة في الجمهرة 755. [7] في ديوانه: «العقيقة: شعاع البرق. كمعي: ضجيعي، ووأراد: لا يفارقني. أفل: ذو فلول، أي مثلم. الفطار: فيه صدوع وشقوق لا يقطع» . [8] ديوان الأخطل 294، ورواية عجزه في الديوان: (وعضب، جلت عنه القيون، بطاني) . [9] العضب: السيف القاطع. إباطي: تحت إبطي. [1] أي فقد الماء.

جملة من القول في الماء

[جملة من القول في الماء] (ونذكر بعون الله وتأييده جملة من القول في الماء ثمّ نصير إلى ذكر ما ابتدأنا به، من القول في النار) ذكروا أن الماء لا يغذو، وإنما هو مركب ومعبر وموصل للغذاء. واستدلّوا لذلك بأن كلّ رقيق سيّال فإنك متى طبخته انعقد، إلا الماء. وقالوا في القياس: إنه لا ينعقد في الجوف عند طبخ الكبد له، فإذا لم ينعقد لم يجئ منه لحم ولا عظم. ولأننا لم نر إنسانا قطّ اغتذاه وثبت عليه روحه، وإن السمك الذي يموت عند فقده [1] ليغذوه سواه مما يكون فيه دونه. قال خصمهم: إنما صار الماء لا ينعقد؛ لأنه ليس فيه قوى مستفادة مأخوذة من قوى الجواهر. والماء هو الجوهر القابل لجميع القوى. فبضرب من القوى والقبول يصير دهنا، وبضرب آخر يصير خلّا، وبضرب آخر يصير دما، وبضرب آخر يصير لبنا. وهذه الأمور كلها إنّما اختلفت بالقوى العارضة فيها. فالجوهر المنقلب في جميع الأجرام [2] السّيّالة، إنما هو الماء. فيصير عند ضرب من القبول دهنا، وعند ضرب من القبول لبنا. وعصير كل شيء ماؤه والقابل لقوى ما فيه. فإذا طبخت الماء صرفا، سالما على وجهه، ولا قوى فيه، لم ينعقد وانحلّ بخارا حتى يتفانى؛ وإنما ينعقد الكامن من الملابس له. فإذا صار الماء في البدن وحده ولم يكن فيه قوى لم ينعقد. وانعقاده إنما هو انعقاد ما فيه. والماء لا يخلو من بعض القبول ولكنّ البعض لا ينعقد ما لم يكثر. وزعم أصحاب الأعراض [3] أن الهواء سريع الاستحالة إلى الماء، وكذلك الماء إلى الهواء، للمناسبة التي بينهما من الرطوبة والرقة. وإنما هما غير سيّارين. ويدل على ذلك اجتذاب الهواء للماء وملابسته له، عند مصّ الإنسان بفيه فم الشّرابة [4] . ولذلك سرى الماء وجرى في جوف قصب الخيزران، إذا وضعت طرفه في الماء.

_ [2] الأجرام: الأجسام. [3] انظر الحاشية السادسة، ص 29. [4] الشرابة: هي التي تسميها العامة سارقة الماء، أعني الأنبوبة المعطوفة المعمولة من زجاج أو غيره. فيوضع أحد رأسيها في الماء أو غيره من الرطوبات المائية، ويمص الرأس الآخر؛ إلى أن يصل الماء إليه وينصبّ منه، فلا يزال يسيل إلى أن ينكشف رأسه الذي في الماء. انظر مفاتيح العلوم 144، وانظر ما سيذكره الجاحظ في الصفحة 64 حيث سماها هناك «السكابة» .

1301 -[ألوان الماء]

وكذلك الهواء، فيه ظلام الليل وضياء النهار وما كان فيه من الأشباح. والحدقة لا ترى من الضياء العارض في الهواء ما تباعد منها. 1301-[ألوان الماء] والماء يرقّ فيكون له لون، ويكون عمقه مقدارا عدلا فيكون له لون، فإن بعد غوره وأفرط عمقه رأيته أسود. وكذلك يحكون عن الدّردور [1] . ويزعمون أن عين حوارا ترمى بمثل الزنوج. فتجد الماء جنسا واحدا، ثم تجد ذلك الجنس أبيض إذا قلّ عمقه، وأخضر إذا كان وسطا، وأسود إذا بعد غوره. ويختلف منظره على قدر اختلاف إنائه وأرضه، وما يقابله. فدلّ ذلك على أنه ليس بذي لون، وإنما يعتريه في التخييل لون ما يقابله ويحيط به. ولعلّ هذه الأمور إذا تقابلت أن تصنع في العين أمورا، فيظنّ الإنسان مع قرب المجاورة والالتباس، أن هذه الألوان المختلفة إنما هي لهذا الماء الرائق الخالص، الذي لم ينقلب في نفسه، ولا عرض له ما يقلبه. وكيف يعرض له ويقلبه وعين كل واحد منهما غير عين صاحبه؟ وهو يرى الماء أسود كالبحر، متى أخذ منه أحد غرفة رآه كهيئته إذا رآه قليل العمق. ويتشابهان أيضا لسرعة قبولهما للحر والبرد، والطّيب والنّتن؛ والفساد والصلاح. 1302-[حجة للنظام في الكمون] قال أبو إسحاق: قال الله عزّ وجلّ عند ذكر إنعامه على عباده وامتنانه على خلقه، فذكر ما أعانهم به من الماعون: أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ. أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ [2] ، وكيف قال «شجرتها» وليس في تلك الشجرة

_ [1] الدّردور: موضع في وسط البحر يجيش ماؤه، لا تكاد تسلم منه السفينة؛ يقال: لجّجوا فوقعوا في الدردور، والدردور: الماء الذي يدور ويخاف منه الغرق. انظر اللسان «درر» ، والسامي في الأسامي 383، وفيه «الدردور: دوامة الماء» . [2] 71/الواقعة: 76.

1303 -[حسن النار]

شيء. وجوفها وجوف الطّلق [1] في ذلك سواء. وقدرة الله على أن يخلق النار عند مسّ الطّلق، كقدرته على أن يخلقها عند حكّ العود وهو، تعالى وعز، لم يرد في هذا الموضع إلا التعجيب [2] من اجتماع النار والماء. وهل بين قولكم في ذلك وبين من زعم أن البذر الجيّد والرديء والماء العذب والملح، والسّبخة [3] والخبرة [4] الرّخوة، والزمان المخالف والموافق، سواء، وليس بينها من الفرق إلا أن الله شاء أن يخلق عند اجتماع هذه حَبًّا. وَعِنَباً وَقَضْباً. وَزَيْتُوناً وَنَخْلًا [5] دون تلك الأضداد. ومن قال بذلك وقاسه في جميع ما يلزم من ذلك، قال كقول الجهميّة في جميع المقالات، وصار إلى الجهالات، وقال بإنكار الطبائع والحقائق. وقال الله عزّ وجلّ: الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ [6] . ولو كان الأمر في ذلك على أن يخلقها ابتداء لم يكن بين خلقها عند أخضر الشجر وعند اليابس الهشيم فرق، ولم يكن لذكر الخضرة الدّالة على الرطوبة معنى. وقد ذكرنا جملة من قولهم في النار. وفي ذلك بلاغ لمن أراد معرفة هذا الباب. وهو مقدار قصد، لا طويل ولا قصير. فأما القول في نار جهنم، وفي شواظها [7] ودوامها وتسعّرها وخبوّها والقول في خلق السماء من دخان والجانّ من نار السّموم [8] ، وفي مفخر النار على الطين، وفي احتجاج إبليس بذلك- فإنا سنذكر من ذلك جملة في موضعه إن شاء الله تعالى. 1303-[حسن النار] ونحن راجعون في القول في النار إلى مثل ما كنا ابتدأنا به القول في صدر هذا

_ [1] الطلق: نبت تستخرج عصارته فيتطلى به الذين يدخلون في النار. «اللسان: طلق» . [2] عجبه تعجيبا: حمله على التعجب. [3] السبخة: أرض ذات نزّ وملح. [4] الخبرة: منقع الماء في أصول السّدر، ومنبت السّدر في القيعان. [5] 27- 29/عبس: 80. [6] 80/يس: 36. [7] شواظ النار: لهبها الذي لا دخان فيه. [8] السموم: الريح الحارة.

الكلام، حتى نأتي من أصناف النيران على ما يحضرنا، إن شاء الله تعالى. قالوا: وليس في العالم جسم صرف غير ممزوج، ومرسل غير مركب، ومطلق القوى، غير محصور ولا مقصور، أحسن من النار. قال: والنار سماوية علوية؛ لأن النار فوق الأرض، والهواء فوق الماء، والنار فوق الهواء. ويقولون: «شراب كأنه النار» ، و «كأن لون وجهها النار» . وإذا وصفوا بالذكاء قالوا: «ما هو إلا نار» وإذا وصفوا حمرة القرمز [1] وحمرة الذهب قالوا: «ما هو إلا نار» . قال: وقالت هند [2] : «كنت والله في أيام شبابي أحسن من النار الموقدة!» . وأنا أقول: لم يكن بها حاجة إلى ذكر «الموقدة» وكان قولها: «أحسن من النار» يكفيها. وكذلك اتهمت هذه الرواية. وقال قدامة حكيم المشرق في وصف الذّهن [3] : «شعاع مركوم [4] ، ونسم معقود، ونور بصّاص [5] . وهو النار الخامدة، والكبريت الأحمر» [6] . ومما قال العتّابي: «وجمال كل مجلس بأن يكون سقفه أحمر، وبساطه أحمر» . وقال بشّار بن برد: [من الطويل] هجان عليها حمرة في بياضها ... تروق بها العينين والحسن أحمر [7] وقال أعرابيّ: [من الطويل] هجان عليها حمرة في بياضها ... ولا لون أدنى للهجان من الحمر

_ [1] القرمز: صبغ أرمني أحمر، يقال: إنه من عصارة دود يكون في آجامهم، فارسي معرب. [2] هي هند بنت الخس، والخبر في ثمار القلوب 640 (828) ، والتمثيل والمحاضرة 262، ومحاضرات الأدباء 2/277، وانظر أخبارها في بلاغات النساء 80- 86، والمزهر 2/540- 545. [3] الخبر في محاضرات الأدباء 2/277. [4] مركوم: مجموع. [5] بصاص: لمّاع وبرّاق. [6] الكبريت الأحمر: يسمى حجر الفلاسفة، ويدخل في عمل الذهب عند أهل الصنعة. انظر قاموس الأطبا 1/72، واللسان والتاج (كبرت) ، ومفاتيح العلوم 150 «حجر الصنعة» . ومن الأمثال قولهم: «أعز من الكبريت الأحمر» ، والمثل في مجمع الأمثال 2/44، والمستقصى 1/245، وجمهرة الأمثال 2/33. [7] الهجان: البيضاء، وقوله: «الحسن أحمر» من الأمثال في مجمع الأمثال 1/199، وجمهرة الأمثال 1/366، وفصل المقال 344، وأمثال ابن سلام 38، والمستقصى 1/312.

1304 -[تعظيم الله شأن النار]

1304-[تعظيم الله شأن النار] قال [1] : ومما عظم الله به شأن النار أنها تنتقم في الآخرة من جميع أعدائه. وليس يستوجبها بشريّ من بشريّ، ولا جنيّ من جنيّ بضغينة ولا ظلم، ولا جناية ولا عدوان، ولا يستوجب النار إلا بعداوة الله عزّ وجلّ وحده، وبها يشفي صدور أوليائه من أعدائهم في الآخرة. 1305-[تعظيم الله لما أضافه إلى نفسه] وكل شيء أضافه الله إلى نفسه فقد عظّم شأنه، وشدّد أمره. وقد فعل ذلك بالنار [2] ، فقالوا بأجمعهم: دعه في نار الله وسقره، وفي غضب الله ولعنته، وسخط الله وغضبه. هما ناره أو الوعيد بناره، كما يقال: بيت الله، وزوّار الله، وسماء الله، وعرش الله. ثم ذكرها فامتنّ بها على أهل الأرض من وجهين [3] : أحدهما قوله عزّ وجلّ: الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ [4] فجعلها من أعظم الماعون معونة، وأخفها مؤونة. 1306-[استطراد لغوي] والماعون الأكبر: الماء والنار، ثم الكلأ والملح. قال الشاعر في الماعون بيتا جامعا، أحسن فيه التأدية حيث قال [5] : [من البسيط] لا تعدلنّ أتاويّين قد نزلوا ... وسط الفلاة بأصحاب المحلّات [6] والمحلّات هي الأشياء التي إذا كانت مع المسافرين حلّوا حيث شاؤوا، وهي القدّاحة، والقربة، والمسحاة. فقال: إياك أن تعدل، إذا أردت النّزول، من معه أصناف

_ [1] ثمار القلوب 454 (820) . [2] ثمار القلوب (80) . [3] ثمار القلوب 457 (823) ، فقرة «نار الشجر» . [4] 80/يس: 36. [5] البيت بلا نسبة في اللسان والتاج (حلل، أتو) ، وأساس البلاغة (حلل) . والمخصص 13/225، والمقاييس 1/52، 5/474، والبيان 3/23. [6] الأتاوي: الغريب في غير وطنه.

الماعون بأتاويّين، يعني واحدا أتى من هاهنا، وآخر أتى من هاهنا. كأنهم جماعة التقوا من غير تعريف بنسب ولا بلد. وإذا تجمعوا أفذاذا [1] لم يكمل كلّ واحد منهم خصال المحلّات. قال أبو النجم [2] : [من الرجز] يضعن بالفقر أتاويّات ... معترضات غير عرضيّات [3] وقالت امرأة من الكفار، وهي تحرّض الأوس والخزرج، حين نزل فيهم النبي صلّى الله عليه وسلّم وعلى آله وصحبه: [من المتقارب] أطعتم أتاويّ من غيركم ... فلا من مراد ولا مذحج ولم ترد أنهما أشرف من قريش، ومن الحيّين كعب وعامر، ولكنها أرادت أن تؤلّب وتذكي العصبيّة. وقالوا: لا تبتنى المدن إلا على الماء والكلإ والمحتطب. فدخلت النار في المحتطب؛ إذ كان كلّ عود يوري. وأما الوجه الآخر [4] من الامتنان بها، فكقوله تعالى: يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ [5] ثم قال على صلة الكلام: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ [6] . وليس يريد أنّ إحراق الله عزّ وجلّ العبد بالنار من آلائه ونعمائه. ولكنه رأى [7] أن الوعيد الصادق إذا كان في غاية الزجر عما يطغيه ويرديه [8] فهو من النعم السابغة والآلاء العظام.

_ [1] الرجز لأبي النجم في ديوانه 74، ولحميد الأرقط في اللسان (عرض، هيه، أتي) ، والتاج (عرض، صنبع، أتو) ، والتهذيب 1/459، 463، 14/351، وبلا نسبة في التاج (هيه) ، والجمهرة 1321، وشرح المفصل 4/65- 66. [2] يضعن: من الوضع، وهو ضرب من العدو فوق الخبب. الأتاويات: الغريبات. معترضات: نشيطات لم يكسلهن السفر. عرضيات: من غير صعوبة. [3] البيت لعصماء بنت مروان اليهودي في أنساب الأشراف 373، ولامرأة هجت الأنصار في اللسان والتاج (أتى) ، والتهذيب 2/359. [4] ثمار القلوب 457 (824) ، فقرة «نار الشجر» . [5] في ثمار القلوب «كقوله للثقلين» . [6] 35/الرحمن: 55. [7] في ثمار القلوب «أراد» . [8] يرديه: يهلكه.

1307 -[من مواعظ الحسن البصري]

وكذلك نقول في خلق جهنم: إنها نعمة عظيمة، ومنّة جليلة، إذا كان زاجرا عن نفسه ناهيا، وإلى الجنة داعيا. فأما الوقوع فيها فما يشكّ أنه البلاء العظيم. وكيف تكون النقم نعما! ولو كانت النقمة نعمة لكانت رحمة، ولكان السّخط رضا وليس يهلك على البينة إلا هالك. وقال الله عزّ وجلّ: لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ [1] . 1307-[من مواعظ الحسن البصري] وقال الحسن: «والله يا ابن آدم، ما توبقك إلا خطاياك! قد أريد بك النجاة فأبيت إلا أن توقع نفسك» !. وشهد الحسن بعض الأمراء، وقد تعدّى إقامة الحدّ، وزاد في عدد الضرب، فكلمه في ذلك، فلما رآه لا يقبل النصح قال: أما إنك لا تضرب إلا نفسك، فإن شئت فقلّل، وإن شئت فكثّر. وكان كثيرا ما يتلو عند ذلك: فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ [2] . 1308-[عقاب الآخرة وعقاب الدنيا] والعقاب عقابان: فعقاب آخرة، وعقاب دنيا. فجميع عقاب الدنيا بليّة من وجه، ونعمة من وجه. إذ كان يؤدّي إلى النعمة وإن كان مؤلما. فهو عن المعاصي زاجر، وإن كان داخلا في باب الامتحان والتعبّد، مع دخوله في باب العقاب والنعمة؛ إذ كان زجرا، وتنكيلا لغيره. وقد كلّفنا الصبر عليه، والرضا به، والتسليم لأمر الله فيه. وعقاب الآخرة بلاء صرف، وخزي بحت. لأنه ليس بمخرج منه، ولا يحتمل وجهين. 1309-[معارف في النار] وقال أبو إسحاق: الجمر في الشمس أصهب [3] ، وفي الفيء أشكل [4] ، وفي ظلّ

_ [1] 42/الأنفال: 8. [2] 175/البقرة: 2 [3] الأصهب: الأبيض تخالطه حمرة. [4] الأشكل: الأسود تخالطه حمرة.

1310 -[عيون الأرض]

الأرض- الذي هو الليل- أحمر. وأيّ صوت خالطته النار فهو أشد الأصوات، كالصاعقة، والإعصار الذي يخرج من شقّ [1] البحر، وكصوت الموم [2] ، والجذوة من العود إذا كان في طرفه نار ثم غمسته في إناء فيه ماء نوى منقع. ثم بالنار يعيش أهل الأرض من وجوه: فمن ذلك صنيع الشمس في برد الماء والأرض؛ لأنها صلاء جميع الحيوان، عند حاجتها إلى دفع عادية البرد. ثمّ سراجهم الذي يستصبحون به، والذي يميزون بضيائه بين الأمور. وكلّ بخار يرتفع من البحار والمياه وأصول الجبال، وكل ضباب يعلو، وندى يرتفع ثم يعود بركة ممدودة على جميع النبات والحيوان- فالماء الذي يحلّه ويلطّفه، ويفتح له الأبواب، ويأخذ بضبعه [3] من قعر البحر والأرض النار المخالطة لهما من تحت، والشمس من فوق. 1310-[عيون الأرض] وفي الأرض عيون نار، وعيون قطران، وعيون نفط وكباريت وأصناف جميع الفلزّ من الذهب والفضة والرّصاص والنّحاس. فلولا ما في بطونها من أجزاء النار لما ذاب في قعرها جامد، ولما انسبك في أضعافها شيء من الجواهر، ولما كان لمتقاربها جامع، ولمختلفها مفرّق. 1311-[قول العرب في الشمس] قال: وتقول العرب [4] «الشمس أرحم بنا» . وقيل لبعض العرب: أيّ يوم أنفع؟ قال: يوم شمال وشمس. وقال بعضهم [5] لامرأته: [من الوافر] تمنّين الطّلاق وأنت عندي ... بعيش مثل مشرقة الشّمال [6]

_ [1] الشّق: الناحية والجانب. [2] في اللسان «موم» : (الموم: الشمع، معرب، واحدته مومة) . [3] الضبع: العضد كلها أو وسطها. [4] انظر تعليق الجاحظ في 3/173، الفقرة (809) . [5] البيت بلا نسبة في عيون الأخبار 4/125، وأخبار النساء 79، واللسان والتاج (شرق) ، والمخصص 23/9. [6] المشرقة؛ مثلثة الراء: الموضع الذي تشرق عليه الشمس. الشمال: الريح الشمالية.

1312 -[نبات الخيري]

وقال عمر [1] : «الشمس صلاء العرب» . وقال عمر: «العربيّ كالبعير، حيثما دارت الشمس استقبلها بهامته» . ووصف الرّاجز إبلا فقال [2] : [من الرجز] تستقبل الشمس بجمجماتها وقال قطران العبسيّ [3] : [من الطويل] بمستأسد القريان حوّ تلاعه ... فنوّاره ميل إلى الشمس زاهرة [4] 1312-[نبات الخيريّ] والخيريّ [5] ينضم ورقه بالليل، وينفتح بالنهار. ولإسماعيل بن غزوان في هذا نادرة. وهو أن سائلا سألنا من غير أهل الكلام، فقال: ما بال ورق الخيريّ ينضم بالليل وينتشر بالنهار؟ فانبرى له إسماعيل بن غزوان فقال: لأن برد الليل وثقله، من طباعهما الضمّ والقبض والتّنويم، وحرّ شمس النهار من طباعه الإذابة، والنشر، والبسط، والخفّة، والإيقاظ. قال السائل: فيما قلت دليل، ولكنه! قال إسماعيل: وما عليك أن يكون هذا في يدك، إلى أن تصيب شيئا هو خير منه. وكان إسماعيل أحمر حليما، وكذلك كان الحراميّ. وكنت أظن بالحمر الألوان التسرع والحدّة، فوجدت الحلم فيهم أعمّ. وكنت أظن بالسمان الخدال [6] العظام أنّ الفالج إليهم أسرع، فوجدته في الذين يخالفون هذه الصّفة أعمّ.

_ [1] ثمار القلوب (279) . [2] الرجز لعمر بن لجأ في ديوانه 154، والأصمعيات 35، والرواية فيهما: «واتقت الشمس بجمجماتها» ، وبلا نسبة في ثمار القلوب (279) . [3] البيت للحطيئة في ديوانه 20، والأغاني 2/155 وبلا نسبة في المخصص 10/219. [4] في ديوانه: «استأسد النبت: طال وأتم. القريان: مجاري الماء إلى الرياض، وأحدها قريّ. الحوّ: التي قد اشتدت خضرتها حتى ضربت إلى السواد. التلاع: مسيل الماء إلى الوادي، واحدها تلعة. النوّار: الزهر. زاهره: ما زهر منه» . [5] الخيري: جنس زهر من الفصيلة الصليبية. يعرف بالعربية باسم «المنثور» ، وهو نوع ينبت بريا ويتبقلونه لوجود عقد نشوية في جذورها؛ طمعها يشبه طعم الكستناء. انظر معجم الألفاظ الزراعية 307. [6] الخدال: جمع خدل، وهو الممتلئ الأعضاء لحما في رقة عظام.

1313 -[أثر الجو في الأبدان]

1313-[أثر الجوّ في الأبدان] وقال إياس بن معاوية: «صحّة الأبدان مع الشمس» . ذهب إلى أهل العمد والوبر. وقال مثنّى بن بشير: «الحركة خير من الظل والسّكون» . وقد رأينا لمن مدح خلاف ذلك كلاما، وهو قليل. وقيل لابنة الخسّ: أيّما أشدّ: الشتاء أم الصيف؟ قالت: ومن يجعل الأذى كالزمانة [1] ؟!. وقال أعرابيّ: لا تسبّوا الشّمال فإنها تضع أنف الأفعى، وترفع أنف الرّفقة. وقال خاقان بن صبيح، وذكر نبل الشتاء وفضله على نبل الصيف فقال: «تغيب فيه الهوام، وتنجحر [2] فيه الحشرات، وتظهر الفرشة والبزّة [3] ، ويكثر فيه الدّجن [4] ؛ وتطيب فيه خمرة [5] البيت، ويموت فيه الذّبان والبعوض، ويبرد الماء، ويسخن الجوف، ويطيب فيه العناق» . وإذا ذكرت العرب برد الماء وسخونة الجوف قالت [6] : «حرّة تحت قرّة» . ويجود فيه الاستمراء؛ لطول الليل، ولتفصّي الحرّ [7] . وقال بعضهم: لا تسرّنّ بكثرة الإخوان، ما لم يكونوا أخيارا؛ فإن الإخوان غير الخيار بمنزلة النار، قليلها متاع، وكثيرها بوار [8] .

_ [1] الزّمانة: العاهة والآفة. والخبر في البيان 1/313، وفيه «من جعل بؤسا كأذى» ، وانظر أخبارها في بلاغات النساء 80- 86، والمزهر 2/540- 545. [2] تنجحر: تدخل في الجحر. [3] البزة: الهيئة والشارة واللبس. [4] الدجن: ظل الغيم في اليوم المطير. [5] الخمرة؛ مثلثة الراء: الرائحة الطيبة. [6] مجمع الأمثال 1/197، وجمهرة الأمثال 1/341، 355، وهو مثل يضرب للذي يظهر خلاف ما يضمر. [7] تفصي الحر: ذهابه وخروجه. [8] البوار: الهلاك.

1314 -[نار الزحفتين]

1314-[نار الزحفتين] قال [1] : ومن النيران «نار الزّحفتين» ، وهي نار أبي سريع، وأبو سريع هو العرفج [2] . وقال قتيبة بن مسلم، لعمر بن عبّاد بن حصين: والله للسّؤدد أسرع إليك من النار في يبيس العرفج [2] !. وإنما قيل لنار العرفج: نار الزحفتين؛ لأن العرفج [2] إذا التهبت فيه النار أسرعت فيه وعظمت، وشاعت واستفاضت، في أسرع من كل شيء. فمن كان في قربها [3] يزحف عنها، ثم لا تلبث أن تنطفئ من ساعتها، في مثل تلك السرعة؛ فيحتاج الذي يزحف عنها أن يزحف إليها من ساعته؛ فلا تزال للمصطلي كذلك، ولا يزال المصطلي بها كذلك. فمن أجل ذلك قيل: «نار الزّحفتين» . قال [4] : وقيل لبعض الأعراب: ما بال نسائكم رسحا [5] ؟ قال: أرسحهنّ عرفج الهلباء [6] . 1315-[شرط الراعي على المسترعي] وهذا شرط الراعي فيما بينه وبين من استرعاه ماشيته في القارّ والحارّ [7] ، وذلك أن شرطهم عليه أن يقول المسترعي للراعي [8] : «إن عليك أن تردّ ضالّتها، وتهنأ جرباها [9] ، وتلوط [10] حوضها. ويدك مبسوطة في الرّسل [11] ما لم تنهك حلبا، أو تضرّ بنسل» .

_ [1] الخبر في ثمار القلوب 197 (393- 394) ، 462 (831) ، وانظر مجالس ثعلب 146، والنبات لابن حنيفة، ومطلع الفوائد 42. [2] العرفج: ضرب من النبت، واحدته عرفجة، وهو نبات طيب الريح أغبر إلى الخضرة، وله زهرة صفراء وليس له حب ولا شوك. وهو سريع الاشتعال بالنار، ولهبه شديد الحمرة. «اللسان: عرفج» . [3] في ثمار القلوب «فمن كان قريبا منها» . [4] مجالس ثعلب 146، والمخصص 11/37، واللسان (رسح) . [5] الرسحاء: القليلة لحم العجز والفخذين. [6] الهلباء: موضع بين اليمامة ومكة. [7] القار والحار: أي البارد والساخن. [8] انظر البيان 3/57، واللسان «ثمن» . [9] يهنأ الجربى. يعالجها بالهناء، وهو ضرب من القطران، يطليها به. [10] لاط الحوض بالطين: طيّنه. [11] الرسل: اللبن.

1316 -[شبه ما بين النار والإنسان]

قال: فيقول عند ذلك الراعي لرب الماشية، بعد هذا الشرط: «ليس لك أن تذكر أمّي بخير ولا شرّ ولك حذفة [1] بالعصا عند غضبك، أخطأت أو أصبت، ولي مقعدي من النار وموضع يدي من الحارّ [والقارّ] [2] » 1316-[شبه ما بين النار والإنسان] قال: ووصف بعض الأوائل شبه ما بين النار والإنسان، فجعل ذلك قرابة ومشاكلة، قال: وليس بين الأرض وبين الإنسان، ولا بين الإنسان، والماء، ولا بين الهواء والإنسان، مثل قرابة ما بينه وبين النار؛ لأن الأرض إنما هي أمّ للنبات، [وليس للماء] [3] إلا أنه مركب. وهو لا يغذو؛ إلّا ما يعقده الطبخ وليس للهواء فيه إلا النسيم والمتقلّب. وهذه الأمور وإن كانت زائدة، وكانت النفوس تتلف مع فقد بعضها، فطريق المشاكلة والقرابة غير طريق إدخال المرفق وجرّ المنفعة، ودفع المضرّة. قال: وإنما قضيت لها بالقرابة، لأني وجدت الإنسان يحيا ويعيش في حيث تحيا النار وتعيش، وتموت وتتلف حيث يموت الإنسان ويتلف. وقد تدخل نار في بعض المطامير [4] والجباب [5] ، والمغارات، والمعادن [6] ، فتجدها متى ماتت هناك علمنا أن الإنسان متى صار في ذلك الموضع مات. ولذلك لا يدخلها أحد ما دامت النار إذا صارت فيها ماتت. ولذلك يعمد أصحاب المعادن والحفاير إذا هجموا على فتق في بطن الإرض أو مغارة في أعماقها أو أضعافها، قدّموا شمعة في طرفها أو في رأسها نار، فإن ثبتت النار وعاشت دخلوا في طلب الجواهر من الذهب وغير ذلك. وإلا لم يتعرّضوا له. وإنما يكون دخولهم بحياة النار، وامتناعهم بموت النار. وكذلك إذا وقعوا على رأس الجبّ الذي فيه الطعام، لم يجسروا على النزول

_ [1] الحذفة: الرمية عن جانب. [2] زيادة من البيان واللسان. [3] زيادة يقتضيها المعنى. [4] المطامير: حفر تحفر في الأرض، توسّع أسافلها، تخبأ فيها الحبوب. [5] الجباب: جمع جب، وهو البئر البعيدة القعر، الكثيرة الماء. [6] المعادن: جمع معدن، وهو موضع تستخرج منه جواهر الأرض.

1317 -[قول رئيس المتكلمين في النفس]

فيه، حتى يرسلوا في ذلك الجبّ قنديلا فيه مصباح أو شيئا يقوم مقام القنديل، فإن مات لم يتعرّضوا له، وحرّكوا في جوفه أكسية [1] وغيرها من أجزاء الهواء. قال: وممّا يشبّه النار فيه بالإنسان، أنك ترى للمصباح قبل انطفائه ونفاد دهنه، اضطراما وضياء ساطعا، وشعاعا طائرا، وحركة سريعة وتنقضا [2] شديدا، وصوتا متداركا. فعندها يخمد المصباح. وكذلك الإنسان، له قبل حال الموت، ودوين انقضاء مدّته بأقرب الحالات، حال مطمعة تزيد في القوة على حاله قبل ذلك أضعافا، وهي التي يسمونها «راحة الموت» ، وليس له بعد تلك الحال لبث. 1317-[قول رئيس المتكلّمين في النفس] وكان رئيس من المتكلمين، وأحد الجلّة المتقدمين، يقول في النفس قولا بليغا عجيبا، لولا شنعته لأظهرت اسمه، وكان يقول: الهواء اسم لكل فتق، وكذلك الحيّز [3] . والفتق لا يكون إلا بين الأجرام الغلاظ، وإلا فإنما هو الذي يسميه أصحاب الفلك «اللّجّ» . وإذا هم سألوهم عن خضرة الماء قالوا: هذا لجّ الهواء، وقالوا: لولا أنك في ذلك المكان لرأيت في اللّجّ الذي فوق ذلك مثل هذه الخضرة. وليس شيء إلا وهو أرق من كتيفه أو من الأجرام الحاصرة له. وهو اسم لكل متحرّك ومتقلّب لكل شيء فيه من الأجرام المركبة. ولا يستقيم أن يكون من جنس النسيم، حتى يكون محصورا، إما بحصر كتيفي كالسفينة لما فيها من الهواء الذي به حملت مثل وزن جرمها الأضعاف الكثيرة، وإما أن يكون محصورا في شيء كهيئة البيضة المشتملة على ما فيها، كالذي يقولون في الفلك الذي هو عندنا: سماء. قال: وللنسيم الذي هو فيه معنى آخر، وهو الذي يجعله بعض الناس ترويحا عن النفس، يعطيها البرد والرّقّة والطّيب، ويدفع النّفس، ويخرج إليه البخار والغلظ، والحرارات الفاضلة [4] ، وكلّ ما لا تقوى النّفس على نفيه واطّراده.

_ [1] أكسية: جمع كساء. [2] التنقض: صوت الفتيلة إذا قاربت الانطفاء. [3] الحيز: عند المتكلمين هو الفراغ المتوهّم الذي يشغله شيء ممتد كالجسم،؛ أو غير ممتد كالجوهر الفرد، انظر التعريفات للجرجاني 99. [4] الفاضلة: الزائدة.

قال: وليس الأمر كذلك. بل أزعم أنّ النفس من جنس النسيم وهذه النفس القائمة في الهواء المحصور، عرض لهذه النفس المتفرّقة في أجرام جميع الحيوان، وهذه الأجزاء التي في هذه الأبدان، هي من النسيم في موضع الشعاع والأكثاف، والفروع التي تكون من الأصول. قال: وضياء النفس كضياء دخل من كوّة [1] فلما سدّت الكوّة انقطع بالطّفرة إلى عنصره من قرص الشمس وشعاعها المشرق فيها، ولم يقم في البيت مع خلاف شكله من الجروم [2] . ومتى عمّ السّدّ لم تقم النفس في الجرم فوق لا. وحكم النفس عند السّدّ- إذ كنا لا نجدها بعد ذلك- كحكم الضياء بعد السدّ، إذ كنا لا نجده بعد ذلك. فالنفس من جنس النسيم، وبفساده تفسد الأبدان، وبصلاحه تصلح. وكان يعتمد على أن الهواء نفسه هو النفس والنسيم، وأن الحرّ واللدونة وغير ذلك من الخلاف، إنما هو من الفساد العارض. قيل له: فقد يفسد الماء فتفسد الأجرام من الحيوان بفساده، ويصلح فتصلح بصلاحه، وتمنع الماء وهي تنازع إليه فلا تحلّ [3] بعد المنازعة إذا تمّ المنع، وتوصل بجرم الماء فتقيم في مكانها. فلعل النفس عند بطلانها في جسمها قد انقطعت إلى عنصر الماء بالطّفرة. وبعد فما علّمك؟ لعلّ الخنق هيّج على النفس أضدادا لها كثيرة، غمرتها حتى غرقت فيها، وصارت مغمورة بها. وكان هذا الرئيس يقول: لولا أن تحت كلّ شعرة وزغبة مجرى نفس لكان المخنوق يموت مع أوّل حالات الخنق، ولكن النفس قد كان لها اتصال بالنسيم من تلك المجاري على قدر [من] [4] الأقدار، فكان نوطها [5] جوف الإنسان. فالرّيح والبخار لمّا طلب المنفذ فلم يجده، دار وكثف وقوي؛ فامتدّ له الجلد فسدّ له

_ [1] الكوة: خرق في الحائط. [2] الجروم: جمع جرم، وهو الجسد والجسم. [3] تحل: تقيم. [4] زيادة يقتضيها المعنى. [5] نوطها: متعلقها.

المجاري. فعند ذلك ينقطع النفس. ولولا اعتصامها بهذا السبب لقد كانت انقطعت إلى أصلها من القرص، مع أول حالات الخنق. وكان يقول: إن لم تكن النفس غمرت بما هيّج عليها من الآفات، ولم تنقطع للطّفر إلى أصلها جاز أن يكون الضياء الساقط على أرض البيت عند سدّ الكوّة أن يكون لم ينقطع إلى أصله. ولكن السدّ هيّج عليه من الظلام القائم في الهواء ما غمره، وقطعه عن أصله. ولا فرق بين هذين. وكان يعظّم شأن الهواء، ويخبر عن إحاطته بالأمور ودخوله فيها، وتفضّل قوّته عليها. وكان يزعم أن الذي في الزّقّ [1] من الهواء، لو لم يكن له مجار ومنافس، ومنع من كل وجهة- لأقلّ الجمل الضخم. وكان يقول: وما ظنّك بالرّطل من الحديد أو بالزّبرة [2] منه، أنه متى أرسل في الماء خرقه، كما يخرق الهواء! قال: والحديد يسرع إلى الأرض إذا أرسلته في الهواء، بطبعه وقوّته، ولطلبه الأرض المشاكلة له، ودفع الهواء له، وتبرّيه منه، ونفيه له بالمضادة، واطّراده له بالعداوة. قال: ثمّ تأخذ تلك الزّبرة [2] فتبسطها بالمطارق، فتنزل نزولا دون ذلك؛ لأنها كلما اجتمعت فكان الذي يلاقيها من الماء أصغر جرما، كانت أقوى عليه. ومتى ما أشخصت [3] هذه الزّبرة [2] المفطوحة المبسوطة المسطوحة، بنتق [4] الحيطان في مقدار غلظ الإصبع، حمل مثل زنته المرار الكثيرة وليس إلا لما حصرت تلك الإصبع من الهواء. وكلما كان نتوّ الحيطان أرفع كان للأثقال أحمل، وكان الهواء أشدّ انحصارا. قال: ولولا أن ذلك الهواء المحصور متّصل بالهواء المحصور في جرم الحديد، وفي جرم الخشب والقار، فرفع بذلك الاتصال السفينة علوّا- لما كان يبلغ من حصر ارتفاع إصبع للهواء ما يحمله البغل.

_ [1] الزق: وعاء من الجلد ينقل فيه الخمر. [2] الزبرة: القطعة من الحديد. [3] أشخصت: رفعت. [4] النتق: الرفع.

ويدلّ على ذلك شأن السكّابة [1] ؛ فإنّك تضع رأس السكّابة الذي يلي الماء في الماء، ثم تمصه من الطرف الآخر، فلو كان الهواء المحصور في تلك الأنبوبة إنما هو مجاور لوجه الماء، ولم يكن متصلا بما لابس جرم الماء من الهواء، ثم مصصته بأضعاف ذلك الجذب إلى ما لا يتناهى لما ارتفع إليك من الماء شيء رأسا. وكان يقول في السّبيكة التي تطيل عليها الإيقاد، كيف لا تتلوّى، فما هو إلا أن ينفخ عليها بالكير [2] حتى تدخل النيران في تلك المداخل، وتعاونها الأجزاء التي فيها من الهواء. وبمثل ذلك قام الماء في جوف كوز المسقاة المنكس. ولعلمهم بصنيع الهواء إذا احتصر وإذا حصر، جعلوا سمك [3] الصّينية مثل طولها. أعني المركب الصّينيّ. وكان يخبر عن صنيع الهواء بأعاجيب. وكان يزعم [4] أنّ الرّجل إذا ضربت عنقه سقط على وجهه، فإذا انتفخ انتفخ غرموله وقام وعظم. فقلبه عند ذلك على القفا. فإذا جاءت الضّبع لتأكله فرأته على تلك الحال، ورأت غرموله على تلك الهيئة، استدخلته وقضت وطرها من تلك الجهة، ثم أكلت الرّجل، بعد أن يقوم ذلك عندها أكثر من سفاد الذّيخ. والذّيخ: ذكر الضّباع العرقاء [5] . وذكر بعض الأعراب أنه عاينها عند ذلك، وعند سفاد الضّبع لها، فوجد لها عند تلك الحال حركة وصياحا، لم يجده عندها في وقت سفاد الذّيخ لها. ولذلك قال أبو إسحاق لإسماعيل بن غزوان: «أشهد بالله إنك لضبع» . لأن إسماعيل شدّ جارية له على سلّم وحلف ليضربنّها مائة سوط دون الإزار- ليلتزق جلد السّوط بجلدها، فيكون أوجع لها- فلما كشف عنها رطبة بضّة خدلة [6] ، وقع عليها، فلما قضى حاجته منها وفرغ، ضربها مائة سوط. فعند ذلك قال أبو إسحاق ما قال.

_ [1] انظر الصفحة 49، حيث سماها هناك «الشرابة» . [2] الكير: الزق الذي ينفخ فيه الحداد. [3] السّمك: الارتفاع. [4] هو اليقطري؛ كما سيأتي في 6/450. [5] العرفاء: الكثيرة شعر الرقبة. [6] الخدلة: الممتلئة الأعضاء لحما في رقة عظام.

1318 -[أحوال الغرقى]

1318-[أحوال الغرقى] [1] وإذا غرقت المرأة رسبت. فإذا انتفخت وصارت في بطنها ريح وصارت في معنى الزقّ، طفا بدنها وارتفع، إلا أنها تكون منكبّة، ويكون الرّجل مستلقيا. وإذا ضربت عنق الرّجل وألقي في الماء لم يرسب، وقام في جوف الماء وانتصب، ولم يغرق، ولم يلزم القعر، ولم يظهر. كذلك يكون إذا كان مضروب العنق، كان الماء جاريا أو كان ساكنا. حتى إذا خفّ وصار فيه الهواء، وصار كالزّقّ المنفوخ، انقلب وظهر بدنه كله، وصار مستلقيا، كان الماء جاريا أو كان قائما. فوقوفه وهو مضروب العنق، شبيه بالذي عليه طباع العقرب التي فيها الحياة، إذا ألقيتها في ماء غمر [2] ، لم تطف ولم ترسب، وبقيت في وسط عمق الماء، لا يتحرّك منها شيء. والعقرب من الحيوان الذي لا يسبح. فأما الحيّة فإنها تكون جيّدة السباحة، إذا كانت من اللواتي تنساب وتزحف. فأمّا أجناس الأفاعي التي تسير على جنب فليس عندها في السباحة طائل. والسّباحة المنعوتة، إنما هي للإوزّة والبقرة والكلب. فأمّا السمكة فهي الأصل في السباحة، وهي المثل، وإليها جميع النسبة. والمضروب العنق يكون في عمق الماء قائما. والعقرب يكون على خلاف ذلك. [رجع إلى ذكر النار] 1319-[مناغاة الطفل للمصباح] ثمّ رجع بنا القول إلى ذكر النار. قال: والنار من الخصال المحمودة أنّ الطفل لا يناغي شيئا كما يناغي المصباح. وتلك المناغاة نافعة له في تحريك النفس، وتهييج الهمة، والبعث على الخواطر، وفتق اللهاة، وتسديد [3] اللسان، وفي السرور الذي له في النفس أكرم أثر.

_ [1] ورد الخبر في عيون الأخبار 2/63. [2] الغمر: الماء الكثير. [3] تسديد اللسان: تقويمه.

1320 -[قول الأديان في النار]

1320-[قول الأديان في النار] قال: وكانت النار معظّمة عند بني إسرائيل، حيث جعلها الله تعالى تأكل القربان، وتدل على إخلاص المتقرّب، وفساد نية المدغل [1] ، وحيث قال الله لهم [2] : «لا تطفئوا النّار من بيوتي» . ولذلك لا تجد الكنائس والبيع أبدا إلا وفيها المصابيح تزهر [3] ، ليلا ونهارا، حتى نسخ الإسلام ذلك وأمرنا بإطفاء النيران، إلا بقدر الحاجة. فذكر ابن جريح قال: أخبرني أبو الزّبير، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: أمرني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال [4] : «إذا رقدت فأغلق بابك، وخمّر [5] إناءك، وأوك سقاءك [6] ، وأطفئ مصباحك، فإن الشيطان لا يفتح غلقا ولا يكشف إناء، ولا يحلّ وكاء. وإن الفأرة الفويسقة تحرق أهل البيت» . وفطر بن خليفة عن أبي الزبير؛ عن جابر بن عبد الله، قال [7] : قال لنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أغلقوا أبوابكم، وأوكوا أسقيتكم وخمّروا آنيتكم، وأطفئوا سرجكم، فإن الشيطان لا يفتح غلقا، ولا يحلّ وكاء، ولا يكشف غطاء. وإن

_ [1] المدغل الذي يدخل في أمره ما يفسده. [2] تقدم هذا القول في 4/498، س 14- 15. [3] تزهر: تتلألأ. [4] أخرج البخاري في بدء الخلق، حديث رقم 3106: (حدثنا ابن جريج قال: أخبرني عطاء، عن جابر رضي الله عنه، عن النبى قال: إذا استجنح الليل، أو: كان جنح الليل، فكفّوا صبيانكم فإن الشياطين تنتشر حينئذ، فإذا ذهب ساعة من العشاء فخلّوهم، وأغلق بابك واذكر اسم الله، وأطفئ مصباحك واذكر اسم الله، وأوك سقاءك واذكر اسم الله، وخمّر إناءك واذكر اسم الله، ولو تعرض عليه شيئا) ، وانظر صحيح مسلم؛ في الأشربة، باب الأمر بتغطية الإناء وإيكاء السقاء، رقم: 2012، وأخرج البخاري في بدء الخلق، حديث رقم 3138: (عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما رفعه قال: خمّروا الآنية، وأوكوا الأسقية، وأجيفوا الأبواب، واكفتوا صبيانكم عند العشاء، فإنّ للجنّ انتشارا وخطفة، وأطفؤوا المصابيح عند الرّقاد، فإنّ الفويسقة ربما اجترّت الفتيلة فأحرقت أهل البيت) . [5] خمّر: من التخمير؛ وهو التغطية. [6] أوك: من الإيكاء وهو الشد، والوكاء اسم ما يشدّ به فم القربة ونحوها. والسقاء: ما يوضع فيه الماء أو اللبن ونحو ذلك. [7] انظر صحيح البخاري في بدء الخلق، حديث رقم 3128، وفي الأشربة، حديث رقم 5300، 5301، وفي الاستئذان، حديث رقم 5937، 5938، ومسند أحمد 3/301، 388.

1321 -[نار الغول]

الفويسقة تضرّم البيت على أهله. وكفّوا مواشيكم وأهليكم حين تغرب الشمس، حتى تذهب فحمة العشاء» . قال: ويدل على أنه صلّى الله عليه وسلّم لم يأمر بحفظها إلا بقدر الحاجة إليها، ويأمر بإطفائها إلا عند الاستغناء عنها- ما حدّث به عباد بن كثير قال: حدّثني الحسن بن ذكوان عن شهر بن حوشب قال [1] : «أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن تحبسوا صبيانكم عند فحمة العشاء، وأن تطفئوا المصابيح، وأن توكئوا الأسقية، وأن تخمّروا الآنية، وأن تغلّقوا الأبواب» . قال: فقام رجل فقال: يا رسول الله إنه لا بدّ لنا من المصابيح، للمرأة النّفساء، وللمريض، وللحاجة تكون. قال: فلا بأس إذا، فإن المصباح مطردة للشيطان، مذبّة للهوام [2] ، مدلّة [3] على اللصوص. 1321-[نار الغول] قال: ونار أخرى، وهي التي تذكر الأعراب أن الغول توقدها بالليل، للعبث والتخليل، وإضلال السابلة. قال أبو المطراب عبيد بن أيوب العنبريّ [4] : [من الطويل] فلله درّ الغول أيّ رفيقة ... لصاحب قفر خائف متقتّر أرنّت بلحن بعد لحن وأوقدت ... حواليّ نيرانا تبوخ وتزهر 1322-[جمرات العرب] قال: وجمرات العرب: عبس، وضبّة، ونمير [5] . يقال لكلّ واحد منهم: جمرة [6] .

_ [1] انظر الحاشية السابقة. [2] الذّبّ: الطرد. الهوام: الحيات وكل ذي سم يقتل سمه. انظر اللسان: «همم» . [3] مدلّة: يدلّ. [4] تقدم البيتان في 4/500، وهما في اللسان والتاج (لحن) ، والتهذيب 4/63، والشعر والشعراء 493 (ليدن) . [5] اختلف العلماء في تعيين جمرات العرب، ففي ثمار القلوب 126 (277) : «بنو ضبة، وبنو الحارث بن كعب، وبنو نمير بن عامر وبنو عبس بن بغيض، وبنو يربوع بن حنظلة» ، وفي النقائض 2/946، وزهر الآداب 55، «بنو ضبة وبنو الحارث وبنو نمير» ، وفي العمدة 2/197: «ضبة وعبس والحارث بن كعب» ، وانظر السمط 424، والمحبر 234، والأوائل للعسكري 2/190، واللسان (جمر) ، والشريشي 1/298، والعقد 2/233، والكامل 2/233، (أبو الفضل إبراهيم) . 1/377 (المعارف) . وقول الجاحظ نقله صاحب اللسان في مادة (جمر) 4/145. [6] الجمرة: كل قوم يصبرون لقتال من قاتلهم، لا يحالفون أحدا، ولا ينضمون إلى أحد، تكون القبيلة نفسها جمرة تصبر لمقارعة القبائل كما صبرت عبس لقيس كلها. ثمار القلوب 126 (277) ، واللسان (جمر) . وانظر سبب التسمية في العمدة 2/197- 198.

1323 -[استطراد لغوي]

وقد ذكر أبو حيّة النّميري قومه خاصّة فقال [1] : [من الطويل] وهم جمرة لا يصطلي الناس نارهم ... توقّد لا تطفا لريب النّوائب ويروى: الدوابر [2] . ثم ذكر هذه القبائل فعمّهم بذلك، لأنها كلّها مضريّة، فقال [3] : [من الطويل] لنا جمرات ليس للناس مثلها ... ثلاث فقد جرّبن كلّ التّجارب نمير وعبس تتّقى صقراتها ... وضبّة قوم بأسهم غير كاذب يعني شدّتها [4] . إلى كلّ قوم قد دلفنا بجمرة ... لها عارض [5] جون قويّ المناكب وعلى ذلك المعنى قيل: «قد سقطت الجمرة» ، إذا كان في استقبال زمان الدّفاء [6] . ويقولون: قد سقطت الجمرة الأولى، والثانية، والثالثة [7] . 1323-[استطراد لغوي] والجمار: الحصى الذي يرمى به. والرّمي: التجمير، قال الشاعر [8] : [من الطويل] ولم أر كالتجمير منظر ناظر ... ولا كليالي الحجّ أفتنّ ذا هوى

_ [1] ديوان أبي حية النميري 119. [2] هذه الرواية في تهذيب اللغة 11/75. [3] البيتان الأول والثاني في ديوان أبي حية النميري 119، واللسان والتاج (جمر) ، والتهذيب 11/75، ولم يرد البيت الثالث في ديوانه. [4] شدتها؛ تفسير لكلمة «صقراتها» في البيت السابق. [5] العارض: السحاب المعترض في الأفق والجبل. الجون: الأسود والأبيض. [6] الدفاء: مصدر دفئت من البرد. [7] يكون سقوط الجمرات في شهر شباط ولسبع منه تسقط الجمرة الأولى وهي الجبهة، والأربع عشرة منه تسقط الجمرة الثانية، وهي الزّبرة، ولإحدى وعشرين منه تسقط الجمرة الثالثة وهي الصّرفة فينصرف البرد. انظر مروج الذهب 2/340- 341، الباب (56) ، في ذكر شهور السريانيين، والأزمنة والأمكنة 1/276، وعجائب المخلوقات 56 «فصل: في شهور الروم» . [8] البيت لعمر بن أبي ربيعة في ديوانه 459، والأغاني 2/270، 272، 277، والكامل 1/376 (المعارف) ، والموشح 203.

والتجمير أيضا: أن يرمى بالجند في ثغر [1] من الثّغور، ثم لا يؤذن لهم في الرجوع. وقال حميد الأرقط: [من الرجز] فاليوم لا ظلم ولا تتبير ... ولا لغاز إن غزا تجمير [2] وقال بعض من جمّر من الشعراء في بعض الأجناد [3] : [من الطويل] معاوي إمّا أن تجهّز أهلنا ... إلينا، وإما أن نؤوب معاويا أجمّرتنا تجمير كسرى جنوده ... ومنّيتنا حتى مللنا الأمانيا وقال الجعديّ [4] : [من الخفيف] كالخلايا أنشأن من أهل سابا ... ط بجند مجمّر بأوال ويقال قد أجمر الرجل: إذا أسرع أو أعجل مركبه. وقال لبيد [5] : [من الرمل] وإذا حرّكت غرزي أجمرت ... أو قرابي، عدو جون قد أبل [6] وقال الراجز: [من الرجز] أجمر إجمارا له تطميم التّطميم: الارتفاع والعلوّ. ويقال: أجمر ثوبه، إذا دخّنه [7] . والمجمرة والمجمر: الذي يكون فيه الدّخنة. وهو مأخوذ من الجمر.

_ [1] الثغر: الموضع الذي يكون حدّا فاصلا بين المسلمين والكفار. [2] التتبير: الإهلاك. [3] البيتان لسهم بن حنظلة في أساس البلاغة (جمر) ، والبيت الثاني بلا نسبة في اللسان والتاج (جمر) ، والتهذيب 11/74. [4] ديوان النابغة الجعدي 232. [5] ديوان لبيد 176، واللسان والتاج (جمر، غرز، أبل) ، والعين 6/122، 8/342، والمقاييس 1/41، والتهذيب 8/46. [6] في ديوانه: «أجمر الرجل والبعير: أسرع وعدا. والغرز للناقة مثل الركاب للفرس والبغل فهو ركاب الرحل. أبل: جزأ عن الماء بالرطب» . [7] في اللسان: «أجمرت الثوب وجمّرته: إذا بخرته بالطيب» .

ويقال: قد جمّرت المرأة شعرها إذا ضفرته. والضّفر يقال له الجمير [1] . قال: ويسمى الهلال قبل ليلة السّرار [2] بليلة: «ابن جمير» قال أبو حردبة [3] : [من الكامل] فهل الإله يشيّعني بفوارس ... لبني أميّة في سرار جمير وأنشدني الأصمعيّ: [من الرجز] مضفورها يطوى على جميرها ويقال: قد تجمّر القوم، إذا هم اجتمعوا حتى يصير لهم بأس، ويكونوا كالنار على أعدائهم فكأنهم جمرة، أو كأنهم جمير من شعر مضفور، أو حبل مرصّع القوى [4] . وبه سمّيت تلك القبائل والبطون من تميم: الجمار [5] . والمجمّر مشدّد الميم: حيث يقع حصى الجمار. وقال الهذلي [6] : [من الطويل] لأدركهم شعث النّواصي كأنهم ... سوابق حجّاج توافي المجمّرا ويقال خفّ مجمّر: إذا كان مجتمعا شديدا. ويقال: عدّ فلان إبله أو خيله أو رجاله جمارا [7] : إذا كان ذلك جملة واحدة. وقال الأعشى [8] : [من المتقارب] فمن مبلغ وائلا قومنا ... وأعني بذلك بكرا جمارا قال: ويقال في النار وما يسقط من الزّند: السّقط، والسّقط، والسّقط. ويقال: هذا مسقط الرمل، أي منقطع الرمل، ويقال: أتانا مسقط النّجم، إذا جاء حين غاب.

_ [1] الجمير: ما جمّر من الشعر، أي ضفر. [2] ليلة السرار: آخر ليلة من الشهر، وفيها يختفي القمر. [3] البيت لأبي حردبة في أشعار اللصوص 134. [4] حبل مرصع: معقود عقدا مثلثا متداخلا. القوى: طاقات الحبل. [5] انظر ما تقدم في الحاشية 5 صفحة 67. [6] البيت لحذيفة بن أنس الهذلي في شرح أشعار الهذليين 557، واللسان والتاج (جمر) . [7] جمارا: جماعة. [8] ديوان الأعشى 99، واللسان والتاج (جمر) .

ويقال رفع الطائر سقطيه [1] . وقال الشاعر [2] : [من البسيط] حتى إذا ما أضاء الصّبح وانبعثت ... عنه نعامة ذي سقطين معتكر [3] أراد ناحيتي الليل. ويقال: شبّت النار والحرب تشبّ شبّا، وشببتها أنا أشبّها شبّا، وهو رجل شبوب للحرب. ويقال: حسب ثاقب، أي مضيء متوقد. وكذلك يقال في العلم. ويقال: هب لي ثقوبا، وهو ما أثقبت [4] به النار، من عطبة [5] أو من غيرها. ويقال: أثقب النار إذا فتح عينها لتشتعل. وهو الثّقوب، ويقال: ثقب الزند ثقوبا، إذا ظهرت ناره. وكذلك النار. والزند الثاقب الذي إذا قدح ظهرت النار منه. ويقال: ذكت النار تذكو ذكوّا، إذا اشتعلت. ويقال ذكّها إذا أريد اشتعالها. وذكاء اسم للشمس، مضموم الذال المعجمة، وابن ذكاء: الصبح، ممدود مضموم الذال. وقال العجّاج [6] : [من الرجز] وابن ذكاء كامن في كفر وقال ثعلبة بن صعير المازني [7] . وذكر ظليما ونعامة: [من الكامل]

_ [1] السقطان: الجناحان. [2] البيت للراعي النميري 129، واللسان والتاج وأساس البلاغة (سقط) ، والتهذيب 8/391، وبلا نسبة في المجمل 3/79. [3] النعامة؛ هنا: سواد الليل. السقطين: أوله وآخره. المعتكر: الذي اشتد سواده واختلط. [4] أثقبت النار: أشعلتها. [5] العطبة: القطن؛ أو خرق تؤخذ بها النار. [6] لم يرد الرجز في ديوان العجاج، وهو لحميد الأرقط في المرصع 179، ولحميد (؟) في اللسان (كفر) ، والتاج (كفر، ذكا) ، وبلا نسبة في اللسان (ذكا) ، والمقاييس 1/303، وديوان الأدب 1/111، والتهذيب 10/338، والمخصص 6/78، 9/19، 13/207، 16/36، وثمار القلوب 210 (418) ، وعمدة الحفاظ 2/45 (ذكو) . [7] البيت لثعلبة بن صعير المازني في المفضليات 130، واللسان (رثد، كفر، ثقل، يمن، ذكا، يدي) ، والتاج (رثد، كفر، ثقل، يمن، ذكا) ، وأساس البلاغة (ثقل) ، والتهذيب 9/78، 10/197، 338، 14/89، والجمهرة 419، 787، 1064، 1322، والمخصص 6/78، 2/487، 5/191، والعين 5/400، وعمدة الحفاظ 2/45 (ذكو) .

فتذكّرا ثقلا رثيدا بعد ما ... ألقت ذكاء يمينها في كافر [1] وأما الذكاء مفتوح الذال ممدود فحدّة الفؤاد، وسرعة اللّقن [2] . وقالوا: أضرمت النار حتى اضطرمت وألهبتها حتى التهبت، وهما واحد. والضّرام من الحطب: ما ضعف منه ولان. والجزل: ما غلظ واشتدّ. فالرّمث [3] وما فوقه جزل [4] . والعرفج [5] وما دونه ضرام [6] . والقصب وكل شيء ليس له جمر فهو ضرام. وكل ماله جمر فهو جزل. ويقال: ما فيها نافخ ضرمة، أي ما فيها أحد ينفخ نارا. ويقال: صليت الشاة فأنا أصليها صليا إذا شويتها، فهي مصليّة. ويقال: صلي الرجل النار يصلاها، وأصلاه الله حرّ النار إصلاء. وتقول: هو صال حرّ النار، في قوم صالين وصلّى. ويقال: همدت النار تهمد همودا، وطفئت تطفأ طفوءا، إذا ماتت. وخمدت تخمد خمودا، إذا سكن لهبها وبقي جمرا حارّا. وشبّت النار تشبّ شبوبا إذا هاجت والتهبت، وشبّ الفرس بيديه فهو يشبّ شبابا، وشبّ الصبيّ يشبّ شبابا. ويقال: ليس لك عضّاض ولا شبّاب. ويقال: عشا إلى النار فهو يعشو إليها عشوا وعشوّا، وذلك يكون من أول الليل، يرى نارا فيعشو إليها يستضيء بها. قال الحطيئة [7] : [من الطويل]

_ [1] الثقل: المتاع؛ وكل شيء مصون، وأراد به بيضها. الرثيد: المنضود بعضه فوق بعض. الكافر: الليل؛ لأنه يغطي بظلمته كل شيء. [2] اللقن: الفهم، وغلام لقن: سريع الفهم. [3] الرمث: شجر يشبه الغضى. [4] الجزل: الحطب اليابس. [5] العرفج: ضرب من النبات طيب الريح؛ أغبر إلى الخضرة، وله زهرة صفراء وليس له حب ولا شوك. [6] الضّرام: ما دقّ من الحطب ولم يكن جزلا. [7] البيت للحطيئة في ديوانه 81، وإصلاح المنطق 198، والخزانة 3/74، 7/156، 9/92، 94، والكتاب 3/86، وشرح أبيات سيبويه 2/65، ومجالس ثعلب 467، والمقاصد النحوية 4/639، واللسان (عشا) ، وبلا نسبة في الجمهرة 871، والخزانة 5/210، وشرح المفصل 2/66، 4/148، 7/45، 53، وشرح ابن عقيل، وشرح عمدة الحافظ 363، وعمدة الحفاظ 3/78 (عشو) ، 4/67 (متي) .

1324 -[نار الحرب]

متى تأته تعشو إلى ضوء ناره ... تجد خير نار عندها خير موقد وقال الأعشى [1] : [من الطويل] وبات على النار الندى والمحلق ويقال: عشي الرجل يعشى عشاوة، وهو رجل أعشى، وهو الذي لا بيبصر بالليل. وعشي الرجل على صاحبه يعشى عشا شديدا. 1324-[نار الحرب] ويذكرون نارا أخرى، وهي على طريق المثل [والاستعارة] [2] ، لا على طريق الحقيقة، كقولهم في نار الحرب. قال ابن ميّادة [3] : [من الطويل] يداه: يد تنهلّ بالخير والنّدا ... وأخرى شديد بالأعادي ضريرها [4] وناراه: نار نار كلّ مدّفع ... وأخرى يصيب المجرمين سعيرها [5] وقال ابن كناسة: [من الخفيف] خلفها عارض يمدّ على الآ ... فاق ستريين من حديد ونار [6] نار حرب يشبّها الحدّ والج ... دّ وتعشي نوافذ الأبصار [7] وقال الرّاعي: [من الطويل] وغارتنا أودتم ببهراء، إنها ... تصيب الصّريح مرّة والمواليا [8] وكانت لنا ناران: نار بجاسم ... ونار بدمخ يحرقان الأعاديا

_ [1] صدر البيت: (تشبّ لمقرورين يصطليانها) ، وهو في ديوان الأعشى 275، وأساس البلاغة (رضع) ، والخزانة 7/144، 155، 157، وشرح شواهد المغني 1/303، واللسان (حلق) ، وبلا نسبة في الخزانة 9/119، وشرح شواهد المغني 1/416، ومغني اللبيب 1/101، 143. [2] الزيادة من ثمار القلوب (825) . [3] ديوان ابن ميادة 129. [4] التضرير: الشدة. [5] الكل: اليتيم. المدفّع: الفقير الذليل. [6] العارض: أراد به الجيش. [7] الحد: الحدة والبأس. تعشي البصر: تضعفه. النوافذ: النافذات النظر. [8] بهراء: اسم قبيلة. الصريح: الخالص النسب.

1325 -[نار القرى]

جاسم: بالشام. ودمخ: جبل بالعالية [1] . 1325-[نار القرى] ونار أخرى [2] ، وهي مذكورة على الحقيقة لا على المثل، وهي من أعظم مفاخر العرب، وهي النار التي ترفع للسّفر، ولمن يلتمس القرى. فكلما كان موضعها أرفع كان أفخر. وقال أميّة بن أبي الصّلت [3] : [من الخفيف] لا الغيابات منتواك ولكن ... في ذرى مشرف القصور ثواكا [4] وقال الكناني [5] : [من المتقارب] وبوّأت بيتك في معلم ... رفيع المباءة والمسرح [6] كفيت العفاة طلاب القرى ... ونبح الكلاب لمستنبح [7] ترى دعس آثار تلك المط ... يّ أخاديد كاللّقم الأفيح [8] ولو كنت في نفق رائغ ... لكنت على الشّرك الأوضح [9] وأنشدني أبو الزّبرقان [10] : [من الوافر]

_ [1] العالية: عالية نجد. [2] الخبر في ثمار القلوب (824) ، والخزانة 7/147، والأوائل 43. [3] ديوان أمية بن أبي الصلت 428. [4] في ديوانه: «الغيابات: مفردها غيابة، وهي ما انخفض من الأرض. المنتوى: الموضع يقصده القوم حين تحولهم من مكان إلى مكان. الثواء: الإقامة» . [5] الكناني: لعل الصواب «العماني» ، فقد أنشد الأصفهاني في الأغاني 18/316 بيتين على الوزن والروي نفسهما؛ وهما: نمته العرانين من هاشم ... إلى النسب الأوضح الأصرح إلى نبعة فرعها في السماء ... ومغرسها سرّة الأبطح [6] المباءة: المنزل. [7] العفاة: جمع عاف، وهو من يطلب المعروف. المستنبح: الذي يضل الطريق فينبح لترد عليه الكلاب بنباحها، فيستدل على أهل المنزل. [8] اللقم: وسط الطريق. الأفيح: الواسع. [9] الشرك: وسط الطريق. [10] البيتان لأبي زياد الأعرابي في الحماسة المغربية 297، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1592، وشرح ديوان الحماسة للتبريزي 4/71، والخزانة 6/467، ومعاهد التنصيص 2/59، وشرح الشريشي 2/321، وبلا نسبة في ثمار القلوب (825) .

له نار تشبّ بكلّ ريع ... إذا الظلماء جلّلت البقاعا [1] وما إن كان أكثرهم سواما ... ولكن كان أرحبهم ذراعا [2] ويروى: «ولم يك أكثر الفتيان مالا» . وفي نار القرى يقول الآخر: [من الطويل] على مثل همّام ولم أر مثله ... تبكّي البواكي أو لبشر بن عامر غلامان كان استوردا كلّ مورد ... من المجد ثمّ استوسعا في المصادر كأنّ سنا ناريهما كلّ شتوة ... سنا الفجر يبدو للعيون النّواظر وفي ذلك يقول عوف بن الأحوص [3] : [من الطويل] ومستنبح يخشى القواء ودونه ... من اللّيل بابا ظلمة وستورها [4] رفعت له ناري فلمّا اهتدى بها ... زجرت كلابي أن يهرّ عقورها فلا تسأليني واسألي عن خليقتي ... إذا ردّ عافي القدر من يستعيرها [5] ترى أنّ قدري لا تزال كأنّها ... لذي الفروة المقرور أمّ يزورها [6] مبرّزة لا يجعل السّتر دونها ... إذا أخمد النيران لاح بشيرها [7]

_ [1] الريع: المكان المرتفع. جللت: غطت. [2] السوام: الإبل الراعية. [3] الأبيات لعوف بن الأحوص أو لمضرس بن ربعي أو شبيب بن البرصاء في الحماسة البصرية 2/242- 243، وأشعار العامريين 49، ولشبيب بن البرصاء في الأغاني 12، 275، والبيتان الثالث والخامس للأعشى في ديوانه 371، والثالث لمضرس الأسدي في اللسان والتاج (عفا) ، وللكميت في أساس البلاغة (عفو) وليس في ديوانه، وبلا نسبة في اللسان (فور) ، وأساس البلاغة (زبن) ، والمقاييس 4/57، والتهذيب 3/228، وعمدة الحفاظ (عفو) ، وللمزيد من المصادر انظر الحماسة البصرية؛ والمفضليات. [4] في المفضليات: «المستنبح: الذي يضل الطريق فينبح لتجيبه الكلاب، فيستدل على الحي فيقصدهم. القواء: الخالي من الأرض، أي يخشى أن يهلك فيه» . [5] في المفضليات: «عافي القدر: قال الأصمعي: كانوا في الجدب إذا استعار أحدهم قدرا ردّ فيها شيئا من طبيخ، فالعافي: ما يبقونه فيها» . [6] في المفضليات: «ذو الفروة: السائل المستجدي، وفروته: جعبته التي يضع فيها ما يعطى. المقرور: الذي اشتد به البرد» . [7] في المفضليات: «مبرزة: يعني النار. بشيرها: ضوؤها، يبشر الناظر إليه ويستدل به على الخير» .

1326 -[ما قيل من الشعر في الماء]

إذا الشّول راحت ثمّ لم تفد لحمها ... بألبانها ذاق السّنان عقيرها [1] 1326-[ما قيل من الشعر في الماء] أما إن ذكرنا جملة من القول في الماء من طريق الكلام وما يدخل في الطب، فسنذكر من ذلك جملة في باب آخر: قالوا [2] : مدّ الشعبي يده وهو على مائدة قتيبة بن مسلم يلتمس الشراب، فلم يدر صاحب الشراب اللبن، أم العسل، أم بعض الأشربة؟ فقال له: أي الأشربة أحبّ إليك؟ قال: أعزّها مفقودا، وأهونها موجودا! قال قتيبة: اسقه ماء. وكان أبو العتاهية في جماعة من الشعراء عند بعض الملوك، إذ شرب رجل منهم ماء، ثمّ قال: «برد الماء وطاب» ! فقال أبو العتاهية: اجعله شعرا. ثمّ قال: من يجيز هذا البيت؟ فأطرق القوم مفكرين، فقال أبو العتاهية: سبحان الله! وما هذا الإطراق؟! ثمّ قال [3] : [من مجزوء الرمل] برد الماء وطابا ... حبّذا الماء شرابا وقال الله عزّ وجلّ: أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ [4] ثمّ لم يذكره بأكثر من السلامة من التغيّر، إذ كان الماء متى كان خالصا سالما لم يحتج إلى أن يشرب بشيء غير ما في خلقته من الصّفاء والعذوبة، والبرد والطّيب، والحسن، والسّلس في الحلق. وقد قال عديّ بن زيد [5] : [من الرمل] لو بغير الماء حلقي شرق ... كنت كالغصّان بالماء اعتصاري [6]

_ [1] في المفضليات: «الشول: الإبل التي شولت ألبانها، أي ارتفعت. راحت: رجعت من المرعى. يقول: إذا راحت ولم يكن بها لبن عقرتها» . [2] الخبر باختصار في عيون الأخبار 2/200. [3] الخبر مع البيت في ديوان أبي العتاهية 486، ومروج الذهب 4/175، وشذرات الذهب 2/25، والمثل السائر 1/176. [4] 15/محمد: 47، والآسن: المتغير. [5] ديوان عدي بن زيد 93، والبيان 3/359، والأغاني 2/114، ومعجم الشعراء 81، واللسان والتاج (عصر، غصص، شرق) ، وأساس البلاغة (عصر) ، وعمدة الحفاظ 2/265 (شرق) ، والخزانة 8/508، 11/15، 203، والعين 4/342، والجمهرة 731، والمقاييس 3/264، 4/383، والمقاصد النحوية 4/454، وبلا نسبة في الاشتقاق 269، والكتاب 3/121، ومغني اللبيب 1/268، وهمع الهوامع 2/66. [6] في معجم الشعراء 81: «ينشد هذا البيت فيمن تستغيث به وتلجأ إليه» ، الاعتصار: أن يغص الإنسان بالطعام فيعتصر بالماء، وهو أن يشربه قليلا قليلا.

قال أبو المطراب عبيد بن أيّوب العنبريّ [1] : [من الطويل] وأوّل خبث الماء خبث ترابه ... وأوّل خبث النّجل خبث الحلائل [2] وأوصى رجل من العرب ابنته ليلة زفافها بوصايا، فكان مما قال لها [3] : «احذري مواقع أنفه، واغتسلي بالماء القراح [4] ، حتى كأنك شنّ [5] ممطور!» وأوصت امرأة ابنتها بوصايا، فكان منها: «وليكن أطيب طيبك الماء» . وزعموا أنها القائلة لبنتها: [من الرجز] بنيّتي إن نام نامي قبله ... وأكرمي تابعه وأهله ولا تكوني في الخصام مثله ... فتخصميه فتكوني بعله [6] ومن الأمثال: [من الطويل] فأصبحت مما كان بيني وبينها ... سوى ذكرها كالقابض الماء باليد وأخذ المسيح عليه السّلام في يده اليمنى ماء، وفي يده اليسرى خبزا فقال: «هذا أبي، وهذا أمّي» ، فجعل الماء أبا، لأن الماء من الأرض يقوم مقام النطفة من المرأة. وإذا طبخ الماء ثمّ برد لم تلقح عليه الأشجار، وكذلك قضبان الشجر. والحبوب والبذور لو طبخت طبخة ثمّ بذرت لم تعلق. وقالوا في النظر إلى الماء الدائم الجريان ما قالوا [7] . وجاء في الأثر: من كان به برص قديم فليأخذ درهما حلالا، فليشتر به عسلا، ثمّ يشربه بماء سماء، فإنه يبرأ بإذن الله.

_ [1] البيت في أشعار اللصوص 229. [2] النجل: الولد. الحلائل: جمع حليلة، وهي الزوج. [3] ورد القول للفرافصة بن الأحوص يوصي ابنته نائلة حين جهزها إلى عثمان بن عفان انظر الوصية في عيون الأخبار 4/76، والأغاني 16/323. [4] القراح: الماء الخالص. [5] الشن: القربة الخلق. [6] خصمه: غلبه في الجدال. [7] يقصد ما جاء في الأثر: «ثلاثة يذهبن الحزن: الماء، والخضرة، والوجه الحسن» .

والنزيف هو الماء عند العرب. وما ظنّكم بشراب خبث وملح فصار ملحا زعاقا [1] ، وبحرا أجاجا [2] ، ولّد العنبر الورد [3] ، وأنسل الدّرّ النفيس، فهل سمعت بنجل أكرم ممن نجله، ومن نتاج أشرف ممن نسله. وما أحسن ما قال أبو عبّاد كاتب ابن أبي خالد حيث يقول [4] : «ما جلس بين يديّ رجل قط، إلا تمثّل لي أنني سأجلس بين يديه. وما سرّني دهر قطّ، إلا شغلني عنه تذكر ما يليق بالدهور من الغير» . قال الله عزّ وجلّ: يلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها [5] . لأن الزجاج أكثر ما يمدح به أن يقال: كأنه الماء في الفيافي. وقال الله عزّ وجلّ: هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ [6] . وقال القطاميّ [7] : [من البسيط] وهنّ ينبذن من قول يصبن به ... مواقع الماء من ذي الغلّة الصّادي وقال الله عزّ وجلّ: وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ [8] . فيقال: إنه ليس شيء إلا وفيه ماء، أو قد أصابه ماء. أو خلق من ماء. والنّطفة ماء، والماء يسمى نطفة. وقال الله تعالى: وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ [9] . قال ابن عباس: موج مكفوف. وقال عزّ وجلّ: وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً [10] .

_ [1] الزعاق: الشديد الملوحة. [2] الأجاج: الشديد الملوحة. [3] العنبر: ضرب من الطيب. [4] الخبر في البيان 1/408. [5] 44/النمل: 27، والخطاب موجه إلى بلقيس، وكان سليمان قد بنى لها قصرا من الزجاج، ثمّ أرسل الماء تحته؛ وألقى فيه السمك وغيره. [6] 12/فاطر: 35. [7] ديوان القطامي 81، واللسان (صدى) ، وأساس البلاغة (نبذ) . [8] 45/النور: 24. [9] 7/هود: 11. [10] 9/ق: 50.

1327 -[حب الحيوان لأنواع من الماء]

وحين اجتهدوا في تسمية امرأة بالجمال. والبركة، والحسن. والصّفاء، والبياض قالوا: ماء السماء [1] . وقالوا: المنذر بن ماء السماء. ويقال: صبغ له ماء، ولون له ماء، وفلان ليس في وجهه ماء، وردّني فلان ووجهي بمائه. قال الشاعر: [من الطويل] ماء الحياء يجول في وجناته وقالت أمّ فروة [2] في صفة الماء: [من الطويل] وما ماء مزن أيّ ماء تقوله ... تحدّر من غرّ طوال الذّوائب بمنعرج أو بطن واد تحدّبت ... عليه رياح المزن من كلّ جانب نفى نسم الرّيح القذى عن متونه ... فما إن به عيب تراه لشارب بأطيب ممن يقصر الطّرف دونه ... تقى الله واستحياء بعض العواقب 1327-[حب الحيوان لأنواع من الماء] [3] والإبل لا تحبّ من الماء إلا الغليظ. والحوافر لا تحبّ العذوبة وتكره الماء الصافي، حتى ربّما ضرب الفرس بيده الشريعة ليثوّر الماء ثمّ يشربه. والبقر تعاف الماء الكدر، ولا تشرب إلا الصافي. والظباء تكرع في ماء البحر الأجاج، وتخضم الحنظل. 1328-[استطراد لغوي] والأبيضان: الماء، واللبن. والأسودان: الماء، والتمر. وسواد العراق: ماؤه الكثير. والماء إن كان له عمق اشتدّ سواده في العين. 1329-[شعر في صفة الماء] وقال العكليّ في صفة الماء: [من الرجز]

_ [1] به لقبت أم المنذر بن امرئ القيس، واسمها ماوية بنت عوف بن جشم، وسميت بماء السماء تشبيها به في الحسن والصفاء والطهارة. وانظر ثمار القلوب 446 (808) . [2] الأبيات في الوحشيات 202، ومعجم الأدبيات الشواعر 312، وتقدمت الأبيات في 3/24، الفقرة (569) . [3] وردت هذه الفقرة في ربيع الأبرار 5/395.

عاده من ذكر سلمى عوّده ... والليل داج مطلخمّ أسوده [1] فبتّ ليلي ساهرا ما أرقده ... حتى إذا الليل تولى كبده وانكبّ للغور انكبابا فرقده ... وحثّه حاد كميش يطرده [2] أغرّ أجلى مغرب مجرّده ... أصبح بالقلب جوى ما يبرده [3] ماء غمام في الرّصاف مقلده ... زلّ به عن رأس نيق صدده [4] عن ظهر صفوان مزلّ مجسده ... حتى إذا السّيل تناهى مدده [5] وشكّد الماء الذي يشكّده ... بين نعامى ودبور تلهده [6] كلّ نسيم من صبا تستورده ... كأنما يشهده أو يفقده فهو شفاء الصاد مما يعمده [7] وقال آخر [8] في الماء: [من الكامل] يا كأس ما ثغب برأس شظيّة ... نزل أصاب عراصها شؤبوب [9]

_ [1] البيت مخروم، ويمكن إتمامه ب «قد عاده» ، أو «عاوده» . مطلخم: مظلم متراكب. [2] الغور: الغروب. الفرقد؛ أراد: الفرقدين، وهما كوكبان قريبان من القطب. الكميش: السريع الجاد في السوق. الحادي؛ عنى به: الصبح. [3] الأغر: الأبيض. الأجل: الحسن الوجه الذي انحسر الشعر عن جبهته. المغرب: الأبيض. المجرد: ما جرد عنه الثياب من الجسد. [4] الرّصافة: حجارة مرصوف بعضها إلى بعض في مسيل ماء. المقلد: المجمع. زلّ: سقط. النيق: الحرف من حروف الجبل. الصدد: الناحية. [5] الصفوان: الحجارة الصلدة الضخمة. المزل: موضع الزلل، أي السقوط. المجسد: أصله الثوب يلي الجسد. [6] الشكد: العطاء، وأراد به: المدد الذي يتلقاه من السيل. النعامى: ريح الجنوب. الدبور: الريح الغربية. تلهد: تدفع دفعا شديدا. [7] الصاد: الظمآن. [8] الأبيات بلا نسبة؛ وهي موزعة في المصادر التالية، والأول في كتاب الجيم 1/243، والثاني في اللسان (عقب) ، ومعجم ما استعجم 155، والثالث في اللسان والتاج (لوب، دغش) ، والتهذيب 16/163. [9] كأس: وفي كتاب الجيم «ليل» ؛ وهما اسم من يشبب بها. الثغب: ماء مستنقع في صخرة. الشظية: رأس من رؤوس الجبل. النزل: السريع السيل. العراص: جمع عرصة، هي الأرض الواسعة. الشؤبوب: الدفعة من المطر.

1330 -[فضل الماء]

ضحيان شاهقة يرفّ بشامه ... نديان، يقصر دونه اليعقوب [1] بألذّ منك مذاقة لمحلّا ... عطشان داغش ثم عاد يلوب [2] وقال جرير [3] : [من الكامل] لو شئت قد نقع الفؤاد بشربة ... تدع الحوائم لا يجدن غليلا [4] بالعذب من رصف القلات مقيله ... قضّ الأباطح لا يزال ظليلا [5] 1330-[فضل الماء] قال: وفي الماء أنّ أطيب شراب عمل وركّب، مثل السّكنجبين [6] ، والجلّاب [7] ، والبنفسج وغير ذلك مما يشرب من الأشربة، فإن لذّ وطاب، فإنّ تمام لذّته إن يجرع شاربه بعد شربه له جرعا من الماء، يغسل بها فمه، ويطيّب بها نفسه، وهو في هذا الموضع كالخلّة والحمض جميعا [8] وهو لتسويغ الطعام في المريء [9] ، والمركب والمعبر، والمتوصّل به إلى الأعضاء. فالماء يشرب صرفا وممزوجا، والأشربة لا تشرب صرفا، ولا ينتفع بها إلا بممازجة الماء.

_ [1] الضحيان: البارز للشمس. شاهقة: عالية. البشام: نبت طيب الريح والطعم. يرف: يهتز. نديان: أصابه الندى. [2] المحلا: الممنوع من الماء. داغش: من المداغشة، وهي أن يحوم حول الماء من العطش. يلوب: يدور حول الماء. [3] ديوان جرير 453 (الصاوي) ، وهما لجرير أو لبيد في اللسان والتاج (وجد) ، ولم يردا في ديوان لبيد، والأول لجرير في اللسان والتاج (نقع) ، والمقاصد النحوية 4/591، ومغني اللبيب 1/272، وشرح شواهد الشافية 53، وللبيد في شرح شافية ابن الحاجب 1/32، وبلا نسبة في المنصف 1/187، وهمع الهوامع 2/66، وشرح المفصل 10/60، وسر صناعة الإعراب 2/596. [4] في ديوان جرير: «النقع: الري. الحائم: الطالب للحاجة، وهو من يحوم حول الماء» . [5] في ديوان جرير: «القلات: جمع قلت؛ وهي البئر في الصخرة من ماء السماء ولا مادة لها من الأرض. القض: الموضع الخصب، وهو أعذب ماء وأصفى» . [6] السكنجبين: معرب من الفارسية، وأصله فيها «سركنكبين» ، و «سركا» تعني الخل، و «أنكبين» تعني العسل. انظر السامي في الأسامي 201، 204. [7] الجلاب: ماء الورد. [8] الخلة: ما فيه حلاوة من النبت، والحمض: ما فيه حموضة أو ملوحة. [9] المريء: مجرى الطعام والشراب.

1331 -[علة ذكر النار في كتاب الحيوان]

وهو بعد طهور الأبدان، وغسول الأدران. وقالوا: هو كالماء الذي يطهر كلّ شيء، ولا ينجّسه شيء. وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم في بئر رومة [1] : «الماء لا ينجّسه شيء» . ومنه ما يكون منه الملح، والبرد، والثّلج، فيجتمع الحسن في العين، والكرم في البياض والصفاء، وحسن الموقع في النفس. وبالماء يكون القسم، كقول الشاعر: [من السريع] غضبى ولا والله يا أهلها ... لا أشرب البارد أو ترضى ويقولون: لو علم فلان أنّ شرب البارد يضع من مروءته لما ذاقه. وسمّى الله عز وجل أصل الماء غيثا بعد أن قال: وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ [2] . ومن الماء ماء زمزم، وهو لما شرب له [3] . ومنه [ما] [4] يكون دواء وشفاء بنفسه، كالماء للحمّى. 1331-[علّة ذكر النار في كتاب الحيوان] قد ذكرنا جملة من القول في النار، وإن كان ذلك لا يدخل في باب القول في أصناف الحيوان، فقد يرجع إليها من وجوه كريمة نافعة الذكر، باعثة على الفكر، وقد يعرض من القول ما عسى أن يكون أنفع لقارئ هذا الكتاب من باب القول في الفيل، والزّندبيل [5] ، وفي القرد والخنزير، وفي الدّب والذئب، والضّبّ والضّبع، وفي السّمع والعسبار [6] . وعلى أن الحكمة ربما كانت في الذّبابة مع لطافة شخصها، ونذالة قدرها،

_ [1] رومة: أرض بالمدينة بين الجرف وزغابة نزلها المشركون عام الخندق؛ وفيها بئر رومة، اسم بئر ابتاعها عثمان بن عفان وتصدق بها. معجم البلدان 3/104. والحديث التالي ورد في مسند أحمد 1/337 برواية «إن الماء لا ينجس» . [2] 7/هود: 11. [3] أخرجه ابن ماجة في المناسك، باب رقم 78. [4] زيادة يقتضيها المعنى. [5] الزندبيل: كبير الفيلة. «حياة الحيوان 1/540» . [6] السمع: ولد الذئب من الضبع. «حياة الحيوان 1/564» . العسبار: ولد الضبع من الذئب. «حياة الحيوان 2/22» .

وخساسة حالها- أظهر منها في الفرس الرّائع، وإن كان الفرس أنفع في باب الجهاد، وفي الجاموس مع عظم شخصه، وفي دودة القزّ، وفي العنكبوت- أظهر منها في الليث الهصور، والعقاب الشّغواء [1] . وربما كان ذكر العظيم الجثة الوثيق البدن، الذي يجمع حدّة الناب وصولة الخلق أكثر فائدة، وأظهر حكمة من الصّغير الحقير، ومن القليل القميّ [2] . كالبعير والصّؤابة، والجاموس والثعلب والقملة. وشأن الأرضة أعجب من شأن الببر [3] مع مسالمة الأسد له، ومحاربته للنمر. وشأن الكركيّ [4] أعجب من شأن العندليب، فإن الكركيّ من أعظم الطّير، والعندليب أصغر من ابن تمرة [5] . ولذلك ذكر يونس بعض لاطة الرّواة فقال [6] : «يضرب ما بين الكركيّ إلى العندليب» . يقول: لا يدع رجلا ولا صبيّا إلّا عفجه. ويشبه ذلك هجاء خلف الأحمر أبا عبيدة، حيث يقول: [من السريع] ويضرب الكركي إلى القنبر ... لا عانسا يبقي ولا محتلم والعانس من الرجال مثله من النساء. فلسنا نطنب في ذكر العظيم الجثة لعظم جثّته، ولا نرغب عن ذكر الصّغير الجثة، لصغر جثّته، وإنما نلتمس ما كان أكثر أعجوبة، وأبلغ في الحكمة، وأدلّ عند العامة على حكمة الرّبّ. وعلى إنعام هذا السّيّد. وربّ شيء الأعجوبة فيه إنما هي في صورته، وصنعته، وتركيب أعضائه، وتأليف أجزائه، كالطاووس في تعاريج ريشه، وتهاويل ألوانه، وكالزّرافة في عجيب

_ [1] الشغواء: العقاب؛ سميت بذلك لفضل منقارها الأعلى على الأسفل. «حياة الحيوان 1/601» . [2] القمي: مخفف القميء، وهو الصغير الجسم. [3] الببر: ضرب من السباع، شبيه بابن آوى، ويقال إنه متولد من الزبرقان واللبوة. «حياة الحيوان 1/159» . [4] الكركي: طائر كبير؛ أغبر؛ طويل الساقين. «حياة الحيوان 2/244» . [5] ابن تمرة: أصغر ما يكون من الطير، يجرس الزهر والشجر، كما تجرس النحل والدبر. «المخصص 8/165» . [6] في مجمع الأمثال 2/428: «يصيد ما بين الكركي إلى العندليب» . وانظر كنايات الثعالبي 27.

1332 -[العقعق]

تركيبها، ومواضع أعضائها. والقول فيهما شبيه بالقول في التّدرج والنّعامة. وقد يكون الحيوان عجيب صنعة البدن، ثم لا يذكر بعد حسن الخلق بخلق كريم، ولا حسّ ثاقب، ولا معرفة عجيبة، ولا صنعة لطيفة. ومنه ما يكون كالببغاء، والنحلة، والحمامة، والثعلب، والدّرّة [1] ، ولا تكون الأعجوبة في تصويره، وتركيب أعضائه، وتنضيد ألوان ريشه في وزن تلك الأشياء التي ذكرناها، أو يكون العجب فيما أعطى في حنجرته من الأغاني العجيبة، والأصوات الشجيّة المطربة، والمخارج الحسنة- مثل العجب فيما أعطي من الأخلاق الكريمة، أو في صنعة الكفّ اللطيفة، والهداية الغريبة، أو المرفق النافع، أو المضرّة التي تدعو إلى شدّة الاحتراس، ودقة الاحتيال، فيقدّم في الذكر لذلك. 1332-[العقعق] وأيّ شيء أعجب من العقعق [2] وصدق حسّه، وشدّة حذره، وحسن معرفته، ثم ليس في الأرض طائر أشدّ تضييعا لبيضه وفراخه منه. والحبارى مع أنها أحمق الطير، تحوط بيضها أو فراخها أشدّ الحياطة [3] ، وبأغمض معرفة، حتى قال عثمان بن عفان، رضي الله عنه: «كلّ شيء يحب ولده حتى الحبارى» [4] . يضرب بها المثل في الموق [5] . ثم العقعق مع حذقه بالاستلاب، وبسرعة الخطف، لا يستعمل ذلك إلا فيما لا ينتفع به، فكم من عقد ثمين خطير، ومن قرط شريف نفيس، قد اختطف من بين أيدي قوم، فإمّا رمى به بعد تحلّقه في الهواء، وإما أحرزه ولم يلتفت إليه أبدا. وزعم الأصمعيّ أنّ عقعقا مرة استلب سخابا [6] كريما لقوم، فأخذ أهل السّخاب أعرابيّة كانت عندهم، فبينما هي تضرب، وتسحب وتسبّ إذ مرّ العقعق

_ [1] الدّرّة: الببغاء. «حياة الحيوان 1/478» . [2] العقعق: طائر على قدر الحمامة وعلى شكل الغراب. «حياة الحيوان 2/67» . [3] وردت هذه الفقرة من قوله «وأي شيء أعجب» في ثمار القلوب (701) ، وربيع الأبرار 5/449. [4] الحديث في النهاية 1/328، وهو من الأمثال في مجمع الأمثال 2/146، والمستقصى 2/227. [5] الموق: حمق في غباوة. [6] السخاب: القلادة، والخبر مع البيت التالي في ربيع الأبرار 5/449.

1333 -[كلام في الاستطراد]

والسّخاب في منقاره، فصاحوا به فرمى به، فقالت الأعرابية وتذكَّرت السلامة بعد أن كانت قد ابتليت ببليّة أخرى فقالت [1] : [من الطويل] ويوم السّخاب من تعاجيب ربّنا ... كما أنه من بلدة السّوء نجّاني تعني الذين كانت نزلت بهم من أهل الحاضرة. 1333-[كلام في الاستطراد] ولا بأس بذكر ما يعرض. ما لم يكن من الأبواب الطّوال. التي ليس فيها إلا المقاييس المجرّدة، والكلامية المحضة، فإن ذلك مما لا يخفّ سماعه ولا تهشّ النفوس لقراءته. وقد يحتمل ذلك صاحب الصناعة، وملتمس الثواب والحسبة [2] ، إذا كان حليف فكر، أليف عبر، فمتى وجدنا من ذلك بابا يحتمل أن يوشّح بالأشعار الظريفة البليغة. والأخبار الطريفة العجيبة، تكلّفنا ذلك، ورأيناه أجمع لما ينتفع به القارئ. ولذلك استجزنا أن نقول في باب النار ما قلنا. وأنا كاتب لك بعد هذا؛ إذ كنت قد أمللتك بالتطويل، وحملتك على أصعب المراكب، وأوعر الطّرق، إذ قد ذكرنا فيه جملة صالحة من كلام المتكلمين، ولا أرى أن أزيد في سآمتك، وأحمّلك استفراغ طاقتك، بأن أبتدئ القول في الإبل، والبقر، والغنم، والأسد، والذئاب، والحمير، والظباء، وأشباه ذلك، مما أنا كاتبه لك. ولكني أبدأ بصغار الأبواب وقصارها، ومحقّراتها، وملاحها، لئلا تخرج من الباب الأول، إلا وأنت نشيط للباب الثاني، وكذلك الثالث والرابع إلى آخر ما أنا كاتبه لك، إن شاء الله. 1334-[سرد منهج سائر الكتاب] ونبدأ بذكر ما في العصفور، ثم نأخذ في ذكر ما في الفأر والعقرب، والذي بينهما من العداوة، مع سائر خصالهما. ثم القول في العقرب والخنفساء، وفي الصداقة بينهما، مع سائر خصالهما.

_ [1] البيت بلا نسبة في اللسان (سخب، وشح) ، والتاج (سخب) ، والتهذيب 7/187. [2] الحسبة: الأجر والثواب.

ثم القول في السّنّور، وبعض القول في العقرب. ثم القول في البعوض والبراغيث، ثم القول في القمل والصّئبان. ثم القول في الورل والضّبّ. ثم القول في اليربوع والقنفذ. ثم القول في النسور والرّخم. ثم القول في العقاب، وفي الأرنب. ثم القول في القردان والضفادع. ثم القول في الحبارى وما أشبه ذلك. وإن كنا قد استعملنا في هذا الكتاب جملا من أخبار ما سمينا بذلك. وسنذكر قبل ذكرنا لهذا الباب أبوابا من الشعر طريفة، تصلح للمذاكرة، وتبعث على النشاط معه وتستخفّ معه قراءة ما طال من الكتب الطوال. ولولا سوء ظني بمن يظهر التماس العلم في هذا الزمان، ويذكر اصطناع الكتب في هذا الدهر- لما احتجت في مداراتهم واستمالتهم، وترقيق نفوسهم وتشجيع قلوبهم، مع كثرة فوائد هذا الكتاب- إلى هذه الرياضة الطويلة، وإلى كثرة هذا الاعتذار، حتى كأنّ الذي أفيده إياهم أستفيده منهم، وحتى كأنّ رغبتي في صلاحهم، رغبة من يرغب في دنياهم، ويتضرّع إلى ما حوته أيديهم. هذا. ولم أذكر لك من الأبواب الطوال شيئا، ولو قد صرت إلى ذكر فرق ما بين الجنّ والإنس، وفرق ما بين الملائكة والأنبياء، وفرق ما بين الأنثى والذكر، وفرق ما بينهما وبين ما ليس بأنثى ولا ذكر، حتى يمتدّ بنا القول في فضيلة الإنسان على جميع أصناف الحيوان، وفي ذكر الأمم والأعصار، وفي ذكر القسم والأعمار، وفي ذكر مقادير العقول والعلوم والصناعات. ثم القول في طباع الإنسان منذ كان نطفة إلى أن يفنيه الهرم، وكيف حقيقة ذلك الردّ إلى أرذل العمر، فإن مللت الكتاب واستثقلت القراءة، فأنت حينئذ أعذر، ولحظّ نفسك أبخس. وما عندي لك من الحيلة إلا أن أصوّره لك في أحسن صورة، وأقلّبك منه في الفنون المختلفة، فأجعلك لا تخرج من الاحتجاج بالقرآن الحكيم إلا إلى الحديث المأثور، ولا تخرج من الحديث إلا إلى الشّعر الصحيح، ولا تخرج من الشّعر الصحيح الظريف إلا إلى المثل السائر الواقع، ولا تخرج من المثل السائر الواقع إلا إلى القول في طرف الفلسفة، والغرائب التي صحّحتها التجربة، وأبرزها الامتحان، وكشف قناعها البرهان، والأعاجيب التي للنفوس بها كلف شديد وللعقول الصحيحة إليها النزاع القويّ. ولذلك كتبته لك، وسقته إليك، واحتسبت الأجر فيك.

فانظر فيه نظر المنصف من الأكفاء والعلماء، أو نظر المسترشد من المتعلّمين والأتباع. فإن وجدت الكتاب الذي كتبته لك يخالف ما وصفت فانقصني من نشاطك له على قدر ما نقصتك مما ينشطك لقراءته، وإن أنت وجدتني- إذا صحّ عقلك وإنصافك- قد وفّيتك ما ضمنت لك فوجدت نشاطك بعد ذلك مدخولا، وحدّك مفلولا فاعلم أنا لم نؤت إلا من فسولتك [1] ، ومن فساد طبعك، ومن إيثارك لما هو أضرّ بك.

_ [1] الفسولة: النذالة.

باب في مديح النصارى واليهود والمجوس والأنذال وصغار الناس

باب في مديح النصارى واليهود والمجوس والأنذال وصغار الناس من ذلك ما هو مديح رغبة، ومنه ما هو إحماد [1] . أنشدنا أبو صالح مسعود بن قند الفزاريّ، في ناس خالطهم من اليهود: [من الوافر] وجدنا في اليهود رجال صدق ... على ما كان من دين يريب [2] لعمرك إنّني وابني عريض ... لمثل الماء خالطه الحليب خليلان اكتسبتهما وإني ... لخلّة ماجد أبدا كسوب وقال أبو الطّمحان الأسديّ، وكان نديما لناس من بني الحدّاء وكانوا نصارى، فأحمد ندامهم فقال [3] : [من الطويل] كأن لم يكن في القصر مقاتل ... وزورة ظلّ ناعم وصديق [4] ولم أرد البطحاء أمزج ماءها ... بخمر من البرّوقتين عتيق [5] معي كلّ فضفاض القميص كأنه ... إذا ما جرى فيه المدام فنيق [6] بنو الصّلت والحدّاء كلّ سميدع ... له في العروق الصالحات عروق [7] وإني وإن كانوا نصارى أحبّهم ... ويرتاح قلبي نحوهم ويتوق

_ [1] الإحماد: مصدر أحمده، أي وجده مستحقا للحمد. [2] يريب: يحمل على الريب. [3] الأبيات لطخيم بن أبي الطخماء الأسدي في الكامل للمبرد 1/26 (المعارف) ، و 57- 58 (الدالي) . ومعجم البلدان 3/157 (زورة) . والبيتان الأول والثاني في معجم البلدان 1/405 (البرووقتان) . [4] زورة: هو زورة بن أبي أوفى: موضع بين الكوفة والشام، أو موضع بالكوفة. معجم البلدان 3/157. [5] البطحاء: موضع بعينه قريب من ذي قار. معجم البلدان 1/446. البروقتان: موضع قرب الكوفة، معجم البلدان 1/405؛ وفيه «برووقتان» بواوين. [6] في الكامل «قوله: معي كل فضفاض القميص» ؛ يريد أن قميصه ذو فضول، وإنما يقصد إلى ما فيه من الخيلاء» . الفنيق: الفحل المكرم من الإبل. [7] السميدع: السيد الكريم السخي الموطأ الأكناف.

وقال ابن عبدل، أو غيره، في مجوسيّ ساق عنه صداقا فقال [1] : [من المتقارب] شهدت عليك بطيب المشا ... ش وأنّك بحر جواد خضم [2] وإنك سيد أهل الجحيم ... إذا ما تردّيت فيمن ظلم نظيرا لهامان في قعرها ... وفرعون والمكتني بالحكم [3] كفاني المجوسيّ مهر الرّبا ... ب، فدى للمجوسيّ خالي وعم فقال له المجوسيّ: جعلتني في النار؟ أما ترضى أن تكون مع من سمّيت؟ قال: بلى. قال: فمن تعني بالحكم؟ قال: أبا جهل بن هشام. وأنشدني أبو الرّديني العكليّ، لبعض العكليّين، وكان قين لهم أحدّ جلما [4] له، فقال يمدحه: [من الرجز] يا سود يا أكرم قين في مضر ... لك المساعي كلّها والمفتخر على قيون الناس، والوجه الأغر ... كان أبوك رجلا لا يقتسر [5] ثبتا إذا ما هو بالكير ازبأر ... زادك نفخا تلتظي منه سقر [6] حتى يطير حوله منها شرر ... قد عطف الكتيف حتى قد مهر [7] بالشّعب إن شاء وإن شاء سمر ... ما زال مذ كان غلاما يشتبر [8] له على العير إكاف وثفر ... والكلبتان والعلاة والوتر [9] فانظر ثوابي، والثّواب ينتظر ... في جلميّ والأحاديث عبر [10]

_ [1] الأبيات للأقيشر الأسدي في ديوانه 76، والأغاني 11/266، والخزانة 2/282، وبهجة المجالس 2/755، ونهاية الأرب 4/53، ومعاهد التنصيص 3/249، والبيتان (1- 2) بلا نسبة في عيون الأخبار 2/196. [2] طيب المشاش: طيب النفس. خضم: السيد المعطاء. [3] هامان: وزير فرعون. أبو الحكم: كنية أبي جهل. [4] الجلم: المقراض يجزّ به. [5] يقتسر: يقهر ويغلب. [6] الكير: الزق الذي ينفخ فيه الحداد. ازبأر: انتفش وتهيأ للعمل. [7] الكتيف: حديدة طويلة عريضة. [8] الشعب: الجمع والإصلاح. سمر الحديد ونحوه: شده بالمسمار. الشبر: الأجر والعطاء. [9] العير: الحمار. الإكاف: برذعة الحمار. الثفر: سير في مؤخر السرج. الكلبتان: آلة للحداد يأخذ بها الحديد المحمى. العلاة: سندان الحداد يضرب عليها الحديد. [10] الجلم: المغراض يجزّ به.

باب من أراد أن يمدح فهجا

باب من أراد أن يمدح فهجا 1335-[خطأ الأخطل] قال سعيد بن سلم: لما قال الأخطل بالكوفة: أخطأ الفرزدق حين قال [1] : [من الكامل] أبني غدانة إنني حرّرتكم ... فوهبتكم لعطيّة بن جعال [2] لولا عطيّة لاجتدعت أنوفكم ... من بين ألأم أعين وسبال [3] - كيف يكون قد وهبهم له وهو يهجوهم بمثل هذا الهجاء؟! قال: فانبرى له فتى من بني تميم فقال له: وأنت الذي قلت في سويد بن منجوف [4] : [من الطويل] وما جذع سوء رقّق السّوس جوفه ... لما حمّلته وائل بمطيق أردت هجاءه فزعمت أنّ وائلا تعصب به الحاجات، وقدر سويد لا يبلغ ذلك عندهم، فأعطيته الكثير ومنعته القليل [5] ! وأردت أن تهجو حاتم بن النعمان الباهليّ، وأن تصغّر شأنه، وتضع منه، فقلت [6] : [من الوافر] وسوّد حاتما أن ليس فيها ... إذا ما أوقد النيران نار فأعطيته السّودد من قيس ومنعته ما لا يضرّه [7] .

_ [1] ديوان الفرزدق 726، والنقائض 275- 276. [2] في النقائض: «قوله: حررتكم، يعني أعتقتكم وجعلتكم أحرارا. وعطية، كان خليلا للفرزدق، وهو من سادة بني غدانة» . [3] اجتدعت: قطعت. السبال: جمع سبلة؛ وهي ما على الشارب من الشعر؛ أو ما على الذقن إلى طرف اللحية. [4] ديوان الأخطل 666، والأغاني 8/312، وطبقات ابن سلام 469، والموشح 135. [5] في ديوان الأخطل 666: «قال سويد: لم تحسن أن تهجوني، إنما أنا سيّد بني سدوس، فجعلتني سيد وائل كلها» ، وانظر الأغاني 8/312، وطبقات ابن سلام 471. [6] ديوان الأخطل 475. [7] في ديوانه: «هذا حاتم بن النعمان الباهلي، يقول: سوّده أنه ليس في قيس نار توقد لمكرمة ولا ضيفان، غير ناره» .

1336 -[أبو العطاف وعمرو بن هداب]

وأردت أن تمدح سماك بن زيد الأسدي فهجوته فقلت [1] : [من البسيط] نعم المجير سماك من بني أسد ... بالطّفّ إذ قتلت جيرانها مضر قد كنت أحسبه قينا وأنبؤه ... فاليوم طيّر عن أثوابه الشرر وقلت [2] في زفر بن الحارث: [من البسيط] بني أميّة إني ناصح لكم ... فلا يبيتنّ فيكم آمنا زفر مفترشا كافتراش الليث كلكله ... لوقعة كائن فيها لكم جزر فأردت أن تغري به بني أميّة فوهّنت أمرهم، وتركتهم ضعفاء ممتهنين، وأعطيت زفر عليهم من القوة ما لم يكن في حسابه. 1336-[أبو العطاف وعمرو بن هداب] قال [3] : ورجع أبو العطاف من عند عمرو بن هدّاب، في يومين كانا لعمرو، وأبو العطّاف يضحك. فسئل عن ذلك فقال: أما أحد اليومين فإنّه جلس للشعراء، فكان أول من أنشده المديح فيه طريف بن سوادة، فما زال ينشده أرجوزة له طويلة، حتى انتهى إلى قوله: [من الرجز] أبرص فيّاض اليدين أكلف ... والبرص أندى باللهى وأعرف [4] مجلوّذ في الزّحفات مزحف [5] المجلوّذ: السريع. وكان عمرو أبرص فصاح به ناس: ما لك؟ قطع الله لسانك!. قال عمرو: مه، البرص من مفاخر العرب. أما سمعتم ابن حبناء يقول [6] : [من البسيط]

_ [1] ديوان الأخطل 673، 674، والأغاني 8/312، وطبقات ابن سلام 470، وبعد البيتين «يقال: إن سماكا قال للأخطل. ما تحسن أن تمدح، كان هذا كلاما يقال، فذهبت بمدحتي، فصيرتني قينا حقّا» . [2] ديوان الأخطل 203. [3] الخبر مع الرجز في البرصان 34- 35، ومحاضرات الأدباء 2/133. [4] اللهى: العطايا. [5] المزحف: الكثير الزحف إلى العدو. [6] البيتان في عيون الأخبار 4/64، وأمالي القالي 2/233، والسمط 716، والمؤتلف 105، والبرصان 25، والأغاني 13/91.

إنّي امرؤ حنظليّ حين تنسبني ... لامل عتيك ولا أخوالي العوق لا تحسبنّ بياضا فيّ منقصة ... إنّ اللهاميم في أقرابها بلق أو ما سمعتم قول الآخر [1] : [من الرجز] يا كأس لا تستنكري نحولي ... ووضحا أوفى على خصيلي [2] فإنّ نعت الفرس الرّجيل ... يكمل بالغرّة والتّحجيل [3] أو ما سمعتم بقول أبي مسهر [4] : [من الطويل] يشتمني زيد بأن كنت أبرصا ... فكلّ كريم لا أبالك أبرص ثم أقبل على الرّاجز فقال: ما تحفظ في هذا؟ قال: أحفظ والله قوله [5] : [من الرجز] يا أخت سعد لا تعرّي بالرّوق ... ليس يضرّ الطّرف توليع البلق [6] إذا جرى في حلبة الخيل سبق ومحمد بن سلّام يزعم أنه لم ير سابقا قطّ أبلق ولا بلقاء [7] . وقد سبق للمأمون فرس، إمّا أبلق وإما بلقاء. وأنشدني أبو نواس لبعض بني نهشل [8] : [من الرمل] نفرت سودة عنّي أن رأت ... صلع الرّأس وفي الجلد وضح [9]

_ [1] الرجز لمعاوية بن حزن بن موءلة في البرصان 21، وفي هامش معجم الشعراء 316، وبلا نسبة في عيون الأخبار 4/65. [2] أوفى: ارتفع. الخصيل: جمع خصلة، وهي الشعر المجتمع. [3] الرجيل، من الإبل والدواب: الصبور على طول المشي الذي لا يعرق. الغرة: البياض في وجه الفرس. التحجيل: البياض في قوائمه. [4] البيت في عيون الأخبار 4/64، والبرصان 35. [5] الرجز للحارث بن حلزة في البرصان 24، وبلا نسبة في عيون الأخبار 4/65. [6] عرّه: سبّه. الرّوق: الجمال المعجب. الطرف: الجواد الكريم العتيق. التوليع: التلميع من البرص. البلق: استطالة البياض وتفرقه. والمعنى: لا يأسرك الجمال المعجب فإن الفرس الكريم لا يضره ما به من وضح إذا أتى يوم الحلبة سابقا. [7] ورد القول في البرصان 24. [8] الأبيات لسويد بن أبي كاهل في البرصان 32، ولبعض بني نهشل في عيون الأخبار 4/65، وربيع الأبرار 5/115، وحماسة البحتري 2/11. [9] الوضح: البرص.

1337 -[بين الجاحظ وأبي عتاب]

قلت يا سودة، هذا والذي ... يفرج الكربة منّا والكلح هو زين لي في الوجه كما ... زيّن الطّرف تحاسين القرح [1] وزعم أبو نواس أنهم كانوا يتبركون به، وأن جذيمة الوضّاح كان يفخر بذلك. وزعم أصحابنا أن بلعاء بن قيس، لمّا شاع في جلده البرص قال له قائل: ما هذا يا بلعاء؟ فقال: «هذا سيف الله جلاه!» . وكنانة تقول: «سيف الله حلّاه» [2] . ثم رجع الحديث إلى أبي العطّاف وضحكه. قال [3] : وأما اليوم الآخر فإنّ عمرا لمّا ذهب بصره، ودخل عليه الناس يعزّونه، دخل عليه إبراهيم بن جامع، وهو أبو عتّاب من آل أبي مصاد، وكان كالجمل المحجوم، فقام بين يدي عمرو فقال: يا أبا أسيّد لا تجزعنّ من ذهاب عينيك وإن كانتا كريمتيك؛ فإنك لو رأيت ثوابهما في ميزانك تمنيت أن يكون الله عزّ وجلّ قد قطع يديك ورجليك، ودقّ ظهرك، وأدمى ضلعك. قال: فصاح به القوم وضحك بعضهم. فقال عمرو: معناه صحيح، ونيته حسنة، وإن كان قد أخطأ في اللفظ [4] . 1337-[بين الجاحظ وأبي عتاب] وقلت لأبي عتّاب: بلغني أن عبد العزيز الغزّال قال: ليت أن الله لم يكن خلقني، وأني الساعة أعور. قال أبو عتّاب: بئس ما قال؛ وددت والله أن الله لم يكن خلقني وأنّي الساعة أعمى مقطوع اليدين والرّجلين. وأتى بعض الشعراء أبا الواسع وبنوه حوله، فاستعفاه أبو الواسع من إنشاد مديحه، فلم يزل به حتى أذن له. فلما انتهى إلى قوله: [من البسيط] فكيف تنفى وأنت اليوم رأسهم ... وحولك الغرّ من أبنائك الصّيد قال أبو الواسع: ليتك تركتهم رأسا برأس!

_ [1] الطرف: الجواد الكريم العتيق. القرح: بياض يسير في وجه الفرس. [2] انظر هذا القول في البرصان 32، والأغاني 13/91 وعيون الأخبار 4/63، والمعارف 580، والكنايات للثعالبي 35، وربيع الأبرار 5/115. [3] الخبر في البيان 2/317- 318، والبرصان 34، وعيون الأخبار 2/48، وربيع الأبرار 5/115. [4] في البرصان 34: «فقال- عمرو- يرعى له حسن نيته ويلغى سوء لفظه» .

1338 -[خطأ الكميت في المديح]

ومدح الممزّق أبو عباد بن الممزّق، بشر بن أبي عمرو- وليس هو بشر بن أبي عمرو بن العلاء فقال [1] : [من الكامل] من كان يزعم أن بشرا ملصق ... فالله يجزيه وربّك أعلم [2] تنبيك قامته وقلّة لحمه ... وتشادق فيه ولون أسحم [3] إنّ الصّريح المحض فيه دلالة ... والعرق منكشف لمن يتوسّم [4] أما لسانك واحتباؤك في الملا ... فزرارة العدسيّ عندك أعجم [5] إني لأرجو أن يكون مقالهم ... زورا، وشانئك الحسود المرغم [6] 1338-[خطأ الكميت في المديح] ومن المديح الخطإ الذي لم أر قطّ أعجب منه، قول الكميت بن زيد وهو يمدح النبي صلّى الله عليه وسلّم، فلو كان مديحه لبني أميّة لجاز أن يعيبهم بذلك بعض بني هاشم، أو لو مدح به بعض بني هاشم لجاز أن يعترض عليه بعض بني أميّة، أو لو مدح أبا بلال الخارجيّ لجاز أن تعيبه العامّة، أو لو مدح عمرو بن عبيد لجاز أن يعيبه المخالف، أو لو مدح المهلّب لجاز أن يعيبه أصحاب الأحنف. فأما مديح النبي صلّى الله عليه وسلّم، فمن هذا الذي يسوؤه ذلك حيث قال [7] : [من المنسرح] فاعتتب الشّوق من فؤادي والشع ... ر إلى من إليه معتتب [8] إلى السّراج المنير أحمد لا ... يعدلني رغبة ولا رهب [9]

_ [1] الأبيات للمازني في البيان 2/151، وفيه قبل إنشاد الأبيات «ومما قالوا في التشديق وفي ذكر الأشداق» . [2] الملصق: الدعي في القوم، وليس منهم بنسب. [3] التشادق: من الشدق، وهو سعة الشدق. [4] العرق: الأصل. [5] الاحتباء: هو أن يضم الإنسان رجليه إلى بطنه بثوب يجمعهما به مع ظهره، ويشده عليها. [6] الشانئ: المبغض. المرغم: المقهور. [7] الأبيات للكميت في شرح الهاشميات 51- 52، والبيان 2/239 والعمدة 2/143. [8] اعتتب: انصرف. [9] لا يعدلني: لا يحولني.

1339 -[غلط بعض الشعراء في المديح والفخر]

عنه إلى غيره، ولو رفع النا ... س إليّ العيون وارتقبوا [1] وقيل: أفرطت بل قصدت ولو ... عنّفني القائلون أو ثلبوا [2] إليك يا خير من تضمّنت الأرلجّ ... ض ولو عاب قولي العيب [3] بتفضيلك اللسان ولو ... أكثر فيك الضّجاج واللّجب [4] أنت المصفّى المحض المهذّب في ال ... نّسبة إن نصّ قومك النّسب ولو كان لم يقل فيه عليه السّلام إلا مثل قوله [5] : [من الطويل] وبورك قبر أنت فيه وبوركت ... به، وله أهل بذلك يثرب لقد غيّبوا برّا وحزما ونائلا ... عشيّة واراك الصّفيح المنصّب [6] فلو كان لم يمدحه عليه السّلام إلا بهذه الأشعار التي لا تصلح في عامة العرب لما كان ذلك بالمحمود، فكيف مع الذي حكينا قبل هذا؟! 1339-[غلط بعض الشعراء في المديح والفخر] ومن الأشعار الغائظة لقبيلة الشاعر- وهي الأشعار التي لو ظنّت الشعراء أن مضرّتها تعود بعشر ما عادت به، لكان الخرس أهون عليها من ذلك القول- فمن ذلك قول لبيد بن ربيعة [7] : [من الكامل] أبني كلاب كيف تنفى جعفر ... وبنو ضبينة حاضرو الأجباب [8] قتلوا ابن عروة ثمّ لطّوا دونه ... حتى تحاكمتم إلى جوّاب [9] يرعون منخرق اللديد كأنهم ... في العزّ أسرة حاجب وشهاب [10]

_ [1] رفع الناس إلي العيون: أوعدوني. ارتقبوا: أي ارتقبوا لي الشر. [2] أفرطت: تغاليت. قصدت: أي اعتدلت في محبتهم. ثلبوا: عابوا. [3] العيب: العيابون. [4] لجّ: تمادى. الضجاج والضجيج واحد: الصياح عند المكروه. اللجب: الصياح. [5] البيتان في شرح هاشميات الكميت 32- 33، والبيان 2/240. [6] واراك: سترك. الصفيح: الحجارة العريضة، جمع صفيحة. المنصب: يعني جحارة القبر. [7] ديوان لبيد 23- 24، والنقائض 300. [8] في ديوانه: «ضبينة: قبيلة. جب وأجباب: آبار. قال الأصمعي: بنو ضبينة حي الذين قتلوا عروة، وقد كانوا قتلوا ابن أخ لجوّاب، فقال جوّاب: لا أديه لأنهم قتلوا ابن أخي؛ فيكون قتيل بقتيل» . [9] في ديوانه: «لطوا: ستروا؛ هو يلط دون قدره أي يستر. جعلوا جوّاب حكما. عروة بن عتبة بن جعفر. جواب: رجل من بني أبي بكر بن كلاب» . [10] في ديوانه: «منخرق اللديد: حيث انخرق فمضى. واللديد: جانبا الوادي جميعا وجمعها-

متظاهر حلق الحديد عليهم ... كبني زرارة أو بني عتّاب [1] قوم لهم عرفت معدّ فضلها ... والحقّ يعرفه ذوو الألباب ومن هذا الباب قول منظور بن زبّان بن سيّار بن عمرو بن جابر الفزاري، وهو أحد سادة غطفان: [من الطويل] فجاؤوا بجمع محزئلّ كأنهم ... بنو دارم إذا كان في الناس دارم [2] وذلك أن تميما لما طال افتخار قيس عليها بأن شعراء تميم كانت تضرب المثل بقبائل قيس ورجالها، فغبرت تميم زمانا لا ترفع رؤوسها حتى أصابت هذين الشعرين من هذين الشّاعرين العظيمي القدر، فزال عنها الذّلّ وانتصفت، فلو علم هذان الشاعران الكريمان ماذا يصنعان بعشائرهما- لكان الخرس أحبّ إليهما. قال أبو عبيدة: ومن ذلك قول الحارث بن حلّزة، وأنشدها الملك [3] وكان به وضح [4] وأنشده من وراء ستر فبلغ من استحسانه القصيدة إلى أن أمر برفع السّتر. ولكراهتهم لدنوّ الأبرص منهم قال لبيد بن ربيعة [5] ، للنّعمان بن المنذر، في الربيع بن زياد: [من الرجز] مهلا أبيت اللّعن لا تأكل معه ... إنّ استه من برص ملمّعه [6] وإنه يدخل فيها إصبعه ... يدخلها حتى يواري أشجعه [7] كأنما يطلب شيئا ضيّعه

_ - ألدة. أسرة حاجب: قوم الرجل حاجب هذا الدارمي، وشهاب من بني يربوع فيهم العز فيقول كأنا مثلهم» . [1] لم يرد البيت في متن الديوان، واستدركه المحقق من النقائض في حاشية الصفحة 24 من ديوانه. حلق الحديد: ما تنسج منه الدروع. تظاهر: ركب بعضه بعضا وتضاعف. [2] احزأل القوم: اجتمعوا. دارم: هم بنو دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة. [3] الملك: هو عمرو بن هند، والقصيدة التي أنشدها هي معلقته. انظر البرصان 24. [4] الوضح: البرص. وكان الحارث بن حلزة أبرص. انظر اللسان (برص) والبرصان 24. [5] ديوان لبيد 343، والبرصان 57، وعيون الأخبار 4/65، ومجالس ثعلب 382، وشرح المفصل 2/98، ومجمع الأمثال 2/33، وأمالي المرتضى 2/36، والبيتان (3- 4) في اللسان والتاج (شجع) ، وبلا نسبة في المخصص 2/6. [6] في دوان لبيد: «الملمع: الذي يكون في جسده بقع تخالف سائر لونه» . [7] في ديوان لبيد: «الأشجع: أصول الأصابع التي تتصل بعصب ظاهر الكف» .

قال ابن الأعرابيّ: فلما أنشد الملك لبيد في الربيع بن زياد ما أنشد قال الربيع: أبيت اللّعن، والله لقد نكت أمّه، قال: فقال لبيد: قد كانت لعمري يتيمة في حجرك، وأنت ربيتها، فهذا بذاك، وإلا تكن فعلت ما قلت فما أولاك بالكذب! وإن كانت هي الفاعلة فإنها من نسوة لذلك فعل. يعني بذلك أنّ نساء عبس فواجر، لأن أمه كانت عبسيّة. والعربيّ يعاف الشيء ويهجو به غيره، فإن ابتلي بذلك فخر به. ولكنه لا يفخر به لنفسه من جهة ما هجا به صاحبه. فافهم هذه؛ فإن الناس يغلطون على العرب ويزعمون أنهم قد يمدحون الشيء الذي قد يهجون به. وهذا باطل، فإنه ليس شيء إلا وله وجهان وطرفان وطريقان. فإذا مدحوا ذكروا أحسن الوجهين، وإذا ذمّوا ذكروا أقبح الوجهين. والحارث بن حلّزة فخر ببكر بن وائل على تغلب، ثم عاتبهم عتابا دلّ على أنهم لا ينتصفون منهم، فقال [1] : [من الخفيف] وأتانا عن الأراقم أنبا ... ء وخطب نعنى به ونساء [2] يخلطون البريء منا بذي الذّن ... ب ولا ينفع الخليّ الخلاء زعموا أن كلّ من ضرب العي ... ر موال لنا وأنّا الولاء [3] إنّ إخواننا الأراقم يغلو ... ن علينا في قولهم إحفاء [4] ثم قال: واتركوا الطّيخ والتّعاشي وإمّا ... تتعاشوا ففي التعاشي الدّاء [5] واذكروا حلف ذي المجاز وما ق ... دّم فيه، العهود والكفلاء [6] حذر الجور والتّعدّي وهل ين ... قض ما في المهارق الأهواء [7]

_ [1] الأبيات من معلقته في شرح القصائد العشر 379، وشرح القصائد السبع 449. [2] الأراقم: أحياء من بني تغلب وبكر بن وائل. [3] العير: الوتد، أي كل من يضرب وتدا ألزمونا ذنبه. [4] الغل: تجاوز الحد. الإحفاء: الاستقصاء، أو هو من أحفيت الدابة: إذا كلفتها ما لا تطيق حتى تحفى. [5] الطيخ: الكبرة والعظمة. التعاشي: التعامي والتجاهل. [6] ذو المجاز: موضع جمع فيه عمر بن هند بكرا وتغلب، وأصلح بينهما، وأخذ منهما الوثائق والرهون. [7] المهارق: جمع مهرق؛ وهو الصحيفة.

واعلموا أننا وإياكم في ... ما اشترطنا يوم اختلفنا سواء أم علينا جناح كندة أن يغ ... نم غازيهم ومنّا الجزاء [1] أم علينا جرّا حنيفة أم ما ... جمّعت من محارب غبراء [2] أم علينا جرّا قضاعة أم لي ... س علينا فيما جنوا أنداء [3] ليس منّا المضرّبون، ولا قي ... س، ولا جندل، ولا الحدّاء [4] أم جنايا بني عتيق فمن يغ ... در فإنا من غدرهم برآء عننا باطلا وظلما كما تع ... تر عن حجرة الرّبيض الظّباء [5] ومن المديح الذي يقبح، قول أبي الحلال في مرثية يزيد بن معاوية، حيث يقول: [من الرجز] يا أيّها الميت بحوّارينا ... إنّك خير الناس أجمعينا [6] وقال الآخر: [من الرجز] مدحت خير العالمين عنقشا ... يشبّ زهراء تقود الأعمشا [7] وقال الآخر: [من الرجز] إنّ الذي أمسى يسمّى كوزا ... اسما نبيها لم يكن تنبيزا [8] لما ابتدرنا القصب المركوزا ... وجدتني ذا وثبة أبوزا [9]

_ [1] الجناح: الإثم. [2] الجرّا والجراء: الجناية. الغبراء: الصعاليك والفقراء. [3] الأنداء: جمع ندى؛ وهو ما يصيب الإنسان. [4] المضربون: قوم من بني تغلب ضربوا بالسيف. الحداء: قبيلة من ربيعة. [5] العنن: الاعتراض. تعتر: تذبح. الحجرة: الموضع الذي يكون فيه الغنم. الربيض: جماعة الشاء. وكان الرجل ينذر إن بلغ الله غنمه مائة ذبح منها واحدة للأصنام، ثم ربما ضنت نفسه بها فأخذ ظبيا وذبحه مكان الشاة الواجبة عليه. [6] حوارين: حصن من ناحية حمص، وقيل هي التي تدعى القريتين، وهي من تدمر على مرحلتين، وبها مات يزيد بن معاوية. انظر معجم البلدان 2/316 (حوارين) ، 4/335 (القريتان) . [7] عنقش: اسم من أسمائهم. الزهراء: المضيئة، أراد بها النار، أي إن هذه النار يهتدي بها الأعمش؛ فكيف بغير الأعمش. [8] التنبيز: التلقيب. [9] القصب: أراد به الرماح. المركوز: المغروز في الأرض ونحوها. الأبوز: الذي يأبز في عدوه، أي يقفز.

باب في السخف والباطل

ودخل بعض أغثاث [1] شعراء البصريين على رجل من أشراف الوجوه يقال في نسبه [2] ، فقال: إني مدحتك بشعر لم تمدح قطّ بشعر هو أنفع لك منه. قال: ما أحوجني إلى المنفعة، ولا سيّما كلّ شيء منه يخلد على الأيام، فهات ما عندك فقال: [من السريع] سألت عن أصلك فيما مضى ... أبناء تسعين وقد نيّفوا [3] فكلّهم يخبرني أنه ... مهذّب جوهره يعرف فقال له: قم في لعنة الله وسخطه! فلعنك الله ولعن من سألت ولعن من أجابك!! [باب في السّخف والباطل] (باب) 1340-[في السّخف والباطل] وسنذكر لك بابا من السّخف، وما نتسخّف به لك، إذ كان الحق يثقل ولا يخفّ إلا ببعض الباطل. أنشدنا أبو نواس في التدليك: [من الرجز] إن تبخلي بالرّكب المحلوق ... فإنّ عندي راحتي وريقي وهذا الشعر مما يقال إن أبا نواس ولّده. ومما يظنّ أنه ولّده قوله: [من الرجز] لم أر كاللّيلة في التوفيق ... حرا على قارعة الطريق كأنّ فيه لهب الحريق وأنشدني ابن الخاركي لبعض الأعرب في التدليك: [من الرجز] لا بارك الإله في الأحراح ... فإن فيها عدم اللّقاح لا خير في السفاح واللّقاح ... إلا مناجاة بطون الرّاح

_ [1] أغثاث: جمع غث؛ وهو الرديء السيئ الخلق، والخبر مع الشعر في عيون الأخبار 2/53. [2] أي يطعن في نسبه. [3] في عيون الأخبار «أبناء سبعين» .

وأنشدني محمد بن عبّاد: [من الرجز] تسألني ما عتدي وعن ددي ... فإنني يا بنت آل مرثد [1] راحلتي رجلاي وامراتي يدي وأنشدني بعض أصحابنا لبعض المدنيّين: [من المنسرح] أصفي هوى النفس، غير متّئب ... حليلة لا تسومني نفقه [2] تكون عوني على الزمان لل ... كسب، إذا ما أخفقت، مرتفقه [3] وشعر في ذلك سمعناه على وجه الدهر، وهو قوله [4] : [من البسيط] إذا نزلت بواد لا أنيس به ... فاجلد عميرة لا عار ولا حرج وأنشدنا أبو خالد النّميريّ [5] : [من البسيط] لو أنها رخصة قضّيت من وطري ... لكنّ جلدتها تربي على السّفن [6] أشكو إلى الله نعظا قد بليت به ... وما ألاقي من الإملاق والحزن [7] وقال الذّكوانيّ يردّ على الأول قوله: [من البسيط] جلدي عميرة فيه العار والحوب ... والعجز مطّرح والفحش مسبوب [8] وبالعراق نساء كالمها قطف ... بأرخص السّوم خدلات مناجيب [9] وما عميرة من ثدياء حالية ... كالعاج صفّرها الأكنان والطّيب [10] قال: مثل هذا الشعر كمثل رجل قيل له: أبوك ذاك الذي مات جوعا؟ قال: فوجد شيئا فلم يأكله؟!

_ [1] العتد: الفرس التام الخلق السريع الوثبة. الدد: اللهو واللعب. [2] أتّأب الرجل: استحيا. الحلية: عنى بها كفه. تسومني: تكلفني. [3] مرتفقة: منتفعة. [4] البيت في محاضرات الأدباء 2/115 (3/256) . [5] البيتان لأبي حية النميري في ديوانه 195، والسمط 670. [6] في ديوانه: «رخصة: ناعمة؛ أي يده. السفن: قطعة خشناء من جلد ضب أو جلد سمكة يسحج بها القدح حتى تذهب عنه آثار المبراة» . [7] الإملاق: الفقر والحاجة. [8] الحوب: الهلاك. مسبوب: مقطوع. [9] قطف جمع قطوف، وهي الضيقة المشي البطيئة. خدلات: ممتلئات الأعضاء. المناجيب: جمع منجاب، وهي التي تلد النجباء. [10] الثدياء: العظيمة الثدي. حالية: عليها الحلي. الأكنان: جمع كن، وهو البيت.

باب مما قالوا في السر

وقال الحرامي: [من الوافر] عيال عالة وكساد سوق ... وأير لا ينام ولا ينيم باب مما قالوا في السرّ قال ابن ميّادة [1] : [من الطويل] أتظهر ما في الصّدر أم أنت كاتمه ... وكتمانه داء لمن هو كاتمه وإضماره في الصدر داء وعلّة ... وإظهاره شنع لمن هو عالمه وتقول العرب: «من ارتاد لسرّه [موضعا] [2] فقد أشاعه» . وأرى الأول قد أذن في واحد [3] وهو قوله [4] : [من المتقارب] وسرّك ما كان عند امرئ ... وسرّ الثلاثة غير الخفي وقال الآخر [5] فيما يوافق فيه المثل الأول: [من المتقارب] فلا تفش سرّك إلا إليك ... فإنّ لكلّ نصيح نصيحا فإني رأيت غواة الرجا ... ل لا يتركون أديما صحيحا وقال مسكين الدّارميّ [6] : [من الطويل] إذا ما خليلي خانني وائتمنته ... فذاك وداعيه وذاك وداعها

_ [1] ديوان ابن ميادة 224. [2] ورد القول في عيون الأخبار، وكلمة «موضعا» زيادة منه. [3] في واحد: يعني إفشاء السر إلى واحد. [4] البيت للصلتان العبدي في عيون الأخبار 1/39، وعجزه في محارضات الأدباء 1/59 (125) . وتقدم في 3/230. [5] البيت لأنس بن أسيد في أدب الدنيا والدين للماوردي 279، ويعزى إلى علي بن أبي طالب أو لغيره في الكامل 2/17 (المعارف) ، وعيون الأخبار 1/39، وبلا نسبة في محاضرات الأدباء 1/59 (1/125) ، ورسائل الجاحظ 1/146، 2/155. [6] ديوان مسكين الدارمي 52، والحماسة البصرية 2/35، ورسائل الجاحظ 1/152، وشرح ديوان الحماسة للتبريزي 1116، وعيون الأخبار 1/39، وأمالي القالي 2/176، وأمالي المرتضى 2/62.

رددت عليه ودّه وتركتها ... مطلّقة لا يستطاع رجاعها وإني امرؤ مني الحياء الذي ترى ... أعيش بأخلاق قليل خداعها أواخي رجالا لست أطلع بعضهم ... على سرّ بعض غير أني جماعها يظلّون شتّى في البلاد، وسرّهم ... إلى صخرة أعيا الرّجال انصداعها وقال أبو محجن الثّقفي [1] : [من البسيط] وقد أجود وما مالي بذي فنع ... وأكتم السّرّ فيه ضربة العنق [2] وقال عمر بن الخطاب، رضي الله عنه [3] : «من كتم سرّه كان الخيار في يده» . وقال بعض الحكماء: «لا تطلع واحدا من سرّك، إلا بقدر ما لا تجد فيه بدّا من معاونتك» . وقال آخر [4] : «إنّ سرّك من دمك، فانظر أين تريقه!» . وقال الشاعر [5] : [من البسيط] ولو قدرت على نسيان ما اشتملت ... مني الضلوع من الأسرار والخبر لكنت أوّل من بنسى سرائره ... إذ كنت من نشرها يوما على خطر وقال الآخر: [من الرمل] فإذا استودعت سرّا أحدا ... فقد استودعت بالسرّ دمك وقال قيس بن الخطيم [6] : [من الطويل] وإن ضيّع الإخوان سرّا فإنني ... كتوم لأسرار العشير أمين يكون له عندي إذا ما ائتمنته ... مكان بسوداء الفؤاد مكين

_ [1] البيت لأبي محجن الثقفي في اللسان والتاج (فنأ، فجر، فنع) ، والمخصص 12/280، وهو في ديوانه 19، 21، والرواية فيه: وأكشف المأزق المكروب غمّته ... وأكتم السرّ فيه ضربة العنق وقد أجود وما مالي بذي فنع ... وقد أكرّ وراء المجحر البرق. [2] في ديوانه: «ذو فنع: ذو كثرة. وأصل الفنع: الحسن» . [3] نسبه البيهقي للرسول صلّى الله عليه وسلّم في المحاسن والمساوئ 2/57 ضمن حديث طويل، وورد القول لعتبة ابن أبي سفيان في عيون الأخبار 1/41، والعقد الفريد 1/35، ولعنبسه بن أبي سفيان في الفاضل للمبرد 101، ونهاية الأرب 6/82. [4] ورد القول منسوبا إلى المنصور في المحاسن والمساوئ 2/56، والعقد الفريد 1/35. [5] البيتان بلا نسبة في لباب الآداب 241، وعيون الأخبار 1/39، وأدب الدنيا والدين للماوردي 281. [6] ديوان قيس بن الخطيم 163، وأمالي القالي 2/77، والفاضل 102، والمقاصد النحوية 4/566.

1341 -[تخاذل أسلم بن زرعة]

وقيل لمزبّد: يا مزبّد، ما هذا الذي تحت حضنك؟ فقال: يا أحمق، فلم خبأته [1] ؟! وقال أبو الشّيص: [من الطويل] ضع السرّ في صمّاء ليست بصخرة ... صلود كما عاينت من سائر الصّخر ولكنها قلب امرئ ذي حفيظة ... يرى ضيعة الأسرار هترا من الهتر [2] يموت وما ماتت كرائم فعله ... ويبلى وما يبلى نثاه على الدّهر [3] وقال سحيم الفقعسيّ، في نشر ما يودع من السّرّ [4] : [من الطويل] ولا أكتم الأسرار لكن أذيعها ... ولا أدع الأسرار تغلي على قلبي وإن قليل العقل من باب ليله ... تقلّبه الأسرار جنبا إلى جنب وقال الفرّار السّلميّ- وهذا الشعر في طريق شعر سحيم، وإن لم يكن في معنى السرّ- وهو قوله [5] : [من الكامل] وكتيبة لبّستها بكتيبة ... حتى إذا التبست نفضت بها يدي وتركتهم تقص الرّماح ظهورهم ... من بين منجدل وآخر مسند [6] ما كان ينفعني مقال نسائهم ... وقتلت دون رجالهم: لا تبعد 1341-[تخاذل أسلم بن زرعة] وقيل لأسلم بن زرعة إنك إن انهزمت من أصحاب مرداس بن أديّة غضب عليك الأمير عبيد الله بن زياد قال: يغضب عليّ وأنا حيّ؛ أحبّ إليّ من أن يرضى عني وأنا ميّت.

_ [1] ورد الخبر في عيون الأخبار 1/39. [2] الهتر؛ بالفتح: مزق العرق، وبالضم: ذهاب العقل من بر أو مرض، وبالكسر: الباطل والخطأ في الكلام. [3] النثا: ما أخبرت به الرجل من حسن أو سيئ. [4] البيتان بلا نسبة في الحماسة المغربية 1292، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1850، وللتبريزي 4/167، وعيون الأخبار 1/41. [5] الأبيات في الحماسة البصرية 1/28، ومحاضرات الأدباء (3/186) ، وعيون الأخبار 1/164. [6] تقص: تكسر. المنجدل: المصروع الملقى على الجدالة، وهي الأرض. المسند: الذي أسند إلى ما يمسكه وبه رمق.

1342 -[ضيق صدر النظام بحمل السر]

قال: وولي دستبى [1] فخرج إليها في أصحابه، فلما شارفها عرضت له الخوارج، وكان أكثر منهم عددا وعدّة، فقال: والله لأصافّنّهم، ولأعبّينّ أصحابي فلعلهم إذا رأوا كثرتهم انصرفوا، ولا أزال بذلك قويّا في عملي هذا. فلما رأت الخوارج كثرة القوم نزلوا عن خيولهم فعرقبوها [2] وقطّعوا أجفان سيوفهم، ونبذوا كل دقيق كان معهم، وصبّوا أسقيتهم. فلما رأى ذلك رأى الموت الأحمر. فأقبل عليهم فقال: عرقبتم دوابّكم وقطّعتم أجفان سيوفكم، ونبذتم دقيقكم؟ خار الله لنا ولكم! ثم ضرب وجوه أصحابه وانصرف عنهم. 1342-[ضيق صدر النظّام بحمل السرّ] وكان أبو إسحاق إبراهيم بن سيّار النظّام. أضيق الناس صدرا بحمل سرّ وكان شرّ ما يكون إذا يؤكّد عليه صاحب السر وكان إذا لم يؤكّد عليه ربما نسي القصّة، فيسلم صاحب السرّ. وقال له مرة قاسم التمّار: سبحان الله ما في الأرض أعجب منك، أودعتك سرّا فلم تصبر عن نشره يوما واحدا، والله لأشكونّك للناس! فقال: يا هؤلاء، سلوه نممت عليه مرة واحدة، أو مرتين، أو ثلاثا، أو أربعا، فلمن الذنب الآن؟ فلم يرض بأن يشاركه في الذّنب، حتى صيّر الذّنب كله لصاحب السرّ. 1343-[شعر في حفظ السرّ] وقال بعض الشعراء [3] : [من المتقارب] ختمت الفؤاد على سرّها ... كذاك الصحيفة بالخاتم هوى بي إلى حبّها نظرة ... هويّ الفراشة للجاحم [4] وقال البعيث [5] : [من الطويل] فإن تك ليلى حمّلتني لبانة ... فلا وأبي ليلى إذا لا أخونها [6]

_ [1] دستبى: كورة كبيرة كانت مقسومة بين الري وهمذان. معجم البلدان 2/454. [2] عرقبوها: حزوا عراقيبها بالسيوف. وعرقوب الدابة في رجلها؛ بمنزلة الركبة في يدها. [3] البيتان بلا نسبة في ثمار القلوب 399 (730) ، وتقدما في 3/188، 189. [4] الجاحم: النار العظيمة في مهواة. [5] البيت الأول لمجنون ليلى في ديوانه 268، وبلا نسبة في أمالي القالي 1/71. [6] اللبانة: الحاجة.

1344 -[حال من يودع سره الصبيان]

حفظت لها السرّ الذي كان بيننا ... ولا يحفظ الأسرار إلا أمينها وقال رجل من بني سعد [1] : [من الوافر] إذا ما ضاق صدرك عن حديث ... فأفشته الرجال فمن تلوم إذا عاتبت من أفشى حديثي ... وسرّي عنده فأنا الظلوم وإني حين أسأم حمل سرّي ... وقد ضمّنته صدري سؤوم ولست محدّثا سرّي خليلا ... ولا عرسي، إذا خطرت هموم وأطوي السرّ دون الناس، إني ... لما استودعت من سرّ كتوم 1344-[حال من يودع سره الصبيان] قال: وقيل لشيخ: ويحك هاهنا ناس يسرق أحدهم خمسين سنة، ويزني خمسين سنة، ويصنع العظائم خمسين سنة، وهو في ذلك كله مستور جميل الأمر، وأنت إنما لطت منذ خمسة أشهر، وقد شهرت به في الآفاق! قال: بأبي أنت. ومن يكون سرّه عند الصّبيان أيّ شيء تكون حاله! 1345-[وصية العباس لابنه في حفظ السر] أبو الحسن، عن محمد بن القاسم الهاشمي قال: قال العباس بن عبد المطلب لعبد الله ابنه: «يا بنيّ أنت أعلم منّي، وأنا أفقه منك، إن هذا الرجل يدنيك- يعني عمر بن الخطاب- فاحفظ عني ثلاثا: لا تفش له سرّا، ولا تغتابنّ عنده أحدا، ولا يطّلعنّ منك على كذبة» . باب في ذكر المنى قال [2] : سئل ابن أبي بكرة: أيّ شيء أدوم إمتاعا؟ قال: المنى. قال [3] : وقال يزيد بن معاوية على منبره: ثلاث يخلقن العقل، وفيها دليل على الضّعف: سرعة الجواب، وطول التمنّي، والاستغراق في الضّحك!

_ [1] الأبيات لرجل من بني عبد شمس بن سعد في لباب الآداب 243، بلا نسبة في عيون الأخبار 1/39. [2] الخبر في عيون الأخبار 1/261، ومحاضرات الأدباء 1/216 (2/454) . [3] الخبر في عيون الأخبار 1/260- 261.

وقال عباية الجعفي: ما سرّني بنصيبي من المنى حمر النّعم! وقال الأصمعي: قال ابن أبي الزّناد: المنى والحلم أخوان [1] . وقال معمّر بن عبّاد: «الأماني للنّفس، مثل التّرّهات [2] للّسان» . وقال الشاعر: [من البسيط] الله أصدق والآمال كاذبة ... وجلّ هذي المنى في الصّدر وسواس وقال الآخر [3] : [من البسيط] إذا تمنّيت مالا بتّ مغتبطا ... إنّ المنى روس أموال المفاليس لولا المنى متّ من همّ ومن حزن ... إذا تذكرت ما في داخل الكيس وقال بعض الأعراب [4] : [من الطويل] منى إن تكن حقّا تكن أحسن المنى ... وإلّا فقد عشنا به زمنا رغدا أمانيّ من سلمى حسان كأنما ... سقتني بها سلمى على ظما بردا وقال بشار [5] : [من الطويل] كررنا أحاديث الزمان الذي مضى ... فلذّ لنا محمودها وذميمها وروى الأصمعيّ عن بعضهم أنه قال: الاحتلام أطيب من الغشيان، وتمنّيك للشيء أوفر حظا في اللّذة من قدرتك عليه. قال: كأنه ذهب إلى أنه إذا ملك وجبت عليه في ذلك الملك حقوق، وخاف الزوال واحتاج إلى الحفظ.

_ [1] الخبر بلا نسبة في عيون الأخبار 1/261، ومحاضرات الأدباء 1/216 (2/454) . [2] الترهات: الأباطيل. [3] البيت الأول بلا نسبة في عيون الأخبار 1/261، وعجزه في محاضرات الأدباء 1/217، وهذا المعنى أخذه الخالدي فقال: ولا تكن عبد المنى فالمنى ... رؤوس أموال المفاليس وهذا البيت في تزيين الأسواق 456، ويتيمة الدهر 2/192. [4] البيتان في ذيل الأمالي 102، وعيون الأخبار 1/261، ومحاضرات الأدباء 1/216 (2/454) ، وشرح عمدة الحفاظ 368. [5] البيت في عيون الأخبار 1/261.

وقال: وفي الحديث المأثور: «ما عظمت نعمة الله على أحد إلّا عظمت مؤونة الناس عليه» . قال: وقيل لمزبّد: أيسرّك أن عندك قنّينة شراب؟ قال: يا ابن أمّ، من يسرّه دخول النار بالمجاز؟! قال: وقدّموا إلى أبي الحارث جمّيز جام خبيص [1] وقالوا له: أهذا أطيب أم الفالوذج [2] ؟ قال: لا أقضي على غائب! قال: وقال مدينيّ لرجل: أيسرّك أن هذه الدار لك؟ قال: نعم. قال: وليس إلا نعم فقط؟ قال: فما أقول؟ قال: تقول: نعم، وأحمّ [3] سنة! قال: نعم، وأنا أعور. قال [4] : وقيل لمزبّد: أيسرّك أن هذه الجبّة لك؟ قال: نعم، وأضرب عشرين سوطا. قال: ولم تقول هذا؟ قال: لأنه لا يكون شيء إلا بشيء. قال [5] : وقال عبد الرحمن بن أبي بكرة: من تمنّى طول العمر فليوطّن نفسه على المصائب. يقول: إنه لا يخلو من موت أخ، أو عمّ، أو ابن عمّ، أو صديق، أو حميم وقال المجنون [6] : [من الطويل] أيا حرجات الحيّ حيث تحمّلوا ... بذي سلم لاجادكنّ ربيع [7] وخيماتك اللاتي بمنعرج اللّوى ... بلين بلى لم تبلهنّ ربوع فقدتك من قلب شعاع، فطالما ... نهيتك عن هذا وأنت جميع [8] فقرّبت لي غير القريب، وأشرفت ... مناك ثنايا ما لهنّ طلوع

_ [1] الجام: إناء من فضة. الخبيص: حلوى تصنع من التمر والسمن. [2] الفالوذج: حلوى تصنع من الدقيق والماء والعسل. [3] أحمّ: أصابته الحمى. [4] الخبر في عيون الأخبار 1/263، وهو برواية مختلفة في محاضرات الأدباء 1/218 (2/257) . [5] الخبر في ربيع الأبرار 3/102. [6] الأبيات لمجنون ليلى في ديوانه 190، 192، ولقيس بن ذريح في ديوانه 114- 115، ولجميل ابن معمر في ديوانه 122. [7] الحرجات: جمع حرجة؛ وهي الشجرة بين الأشجار لا تصل إليها الآكلة. ذو سلم: اسم موضع. [8] قلب شعاع: متفرق موزع.

1346 -[أماني الخوارج]

1346-[أمانيّ الخوارج] قال [1] : وقال عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث: لولا أربع خصال ما أعطيت عربيّا طاعة: لو ماتت أمّ عمرو- يعني أمّه- ولو نسبت، ولو قرأت القرآن، ولو لم يكن رأسي صغيرا. قال: وقدم عبد الملك، وكان يحبّ الشّعر فبعثت إلى الرواة، فما أتت عليّ سنة حتى رويت الشاهد والمثل، وفصولا بعد ذلك. وقدم مصعب وكان يحبّ النّسب، فدعوت النّسّابين فتعلّمته في سنة. ثم قدم الحجّاج، وكان يدني على القرآن، فحفظته في سنة. قال: وقال يزيد بن المهلّب: لا أخرج حتى أحجّ، وأحفظ القرآن، وتموت أمّي. فخرج قبل ذلك كلّه. وقال عبيد الله بن يحيى: كان من أصحابنا بمرو جماعة، فجلسنا ذات يوم نتمنّى، فتمنّيت أن أصير إلى العراق من أيامي سالما، وأن أقدم فأتزوّج سماع [2] ، وألي كسكر [3] . قال: فقدمت سالما، وتزوجت سماع، ووليت كسكر. 1347-[أخبار وأشعار في نهري دجلة والفرات] قال: ووقف هشام بن عبد الملك على الفرات، ومعه عبد الرحمن بن رستم، فقال هشام: ما في الأرض نهر خير من الفرات! فقال عبد الرحمن: ما في الأرض نهر شرّ من الفرات، أوّله للمشركين، وآخره للمنافقين. وقال أبو الحسن: الفرات ودجلة رائدان [4] لأهل العراق لا يكذبان. قال الأصمعيّ وأبو الحسن: فهما الرائدان، وهما الرّافدان.

_ [1] الخبر في البيان 2/114. [2] سماع: اسم امرأة، وهو مبني على الكسر لأنه على وزن فعال كقطام. [3] ألي: أصير واليا عليها. كسكر: كورة واسعة بين الكوفة والبصرة، ينسب إليها الفراريج الكسكرية لأنها تكثر بها جدّا. معجم البلدان 4/461، وقد تحدث الجاحظ عن ذلك في 3/141، الفقرة (750) . [4] الرائد: هو الذي يرسله قومه في طلب الكلأ. وفي مجمع الأمثال 2/223: «الرائد لا يكذب أهله» .

1348 -[نهر أم عبد الله]

وقال الفرزدق [1] : [من الوافر] أمير المؤمنين وأنت عفّ ... كريم، لست بالوالي الحريص [2] بعثت إلى العراق ورافديه ... فزاريّا أحذّ يد القميص [3] ولم يك قبلها راعي مخاض ... ليأمنه على وركي قلوص [4] تفيهق بالعراق أبو المثنّى ... وعلّم قومه أكل الخبيص [5] 1348-[نهر أم عبد الله] قال [6] : وبينا غيلان بن خرشة، يسير مع [عبد الله] [7] بن عامر، إذ وردا على نهر أمّ عبد الله [8] فقال ابن عامر: ما أنفع هذا النهر لأهل هذا المصر! قال غيلان: أجل أيها الأمير، والله إنهم ليستعذبون [9] منه، وتفيض مياههم إليه، ويتعلم صبيانهم فيه العوم، وتأتيهم ميرتهم [10] فيه. فلما أن كان بعد ذلك ساير ذات يوم زيادا- وكان زياد عدوّا لابن عامر- فقال زياد: ما أضرّ هذا النهر بأهل هذا المصر! فقال: أجل والله أيها الأمير! تنزّ منه دورهم، ويغرق فيه صبيانهم، ويبعضون ويبرغثون [11] !

_ [1] ديوان الفرزدق 1/389 (دار صادر) ، 487 (الصاوي) ، والكامل 2/73 (المعارف) ، والكنايات للجرجاني 74، وزهر الآداب 56، والفاضل 111. [2] الحريص: ذو الحرص؛ والحرص: الجشع. [3] علق ابن قتيبة في الشعر والشعراء 24 «ليدن» على هذا البيت بقوله: «يريد: أوليتها خفيف اليد، يعني في الخيانة، فاضطرته القافية إلى ذكر القميص. ورافداه: دجلة والفرات» . [4] المخاض: الحوامل من النوق. القلوص: الشابة من الإبل. إفال: جمع أفيل؛ وهو الفصيل. وفي البيت إشارة إلى أن بني فزارة يرمون بإتيان الإبل. انظر زهر الآداب 56. [5] تفيهق: من التفيهق في الكلام، وهو التوسع فيه والتنطع. الخبيص: حلوى تصنع من التمر والسمن. [6] الخبر في البيان 1/394- 395، والعمدة 1/48، (باب البلاغة) . [7] زيادة من البيان والعمدة. [8] نهر أم عبد الله: بالبصرة؛ منسوب إلى أم عبد الله بن عامر بن كريز أمير البصرة في أيام عثمان. معجم البلدان 5/317. [9] يستعذبون: يستقون. [10] الميرة: الطعام يمتاره الإنسان، أي يجتلبه. [11] يبعضون: يؤذيهم البعوض. يبرغثون: يؤذيهم البرغوث.

باب في العصافير

[باب في العصافير] (القول في العصافير وسنقول باسم الله وعونه في العصفور بجملة من القول.) وعلى أنّا قد ذكرنا من شأنه أطرافا ومقطّعات من القول تفرّقن في تضاعيف تلك الأصناف. وإذا طال الكلام وكثرت فنونه، صار الباب القصير من القول في غماره مستهلكا، وفي حومته غرقا، فلا بأس أن تكون تلك الفقر مجموعات، وتلك المقطّعات موصولات، وتلك الأطراف مستقصيات مع الباقي من ذكرنا فيه؛ ليكون الباب مجتمعا في مكان واحد. فبالاجتماع تجتمع القوة، ومن الأبعاض يلتئم الكلّ، وبالنظام تظهر المحاسن. 1349-[دعوى الإحاطة بالعلم] ولست أدّعي في شيء من هذه الأشكال الإحاطة به، والجمع لكل شيء فيه. ومن عجز عن نظم الكثير، وعن وضعه في مواضعه- كان عن بلوغ آخره، وعن استخراج كل شيء فيه أعجز. والمتح [1] أهون من الاستنباط [2] ، والحصد أيسر من الحرث. وهذا الباب لو ضمّنه على كتابه من هو أكثر مني رواية أضعافا، وأجود مني حفظا بعيدا، وكان أوسع مني علما وأتمّ عزما، وألطف نظرا وأصدق حسّا، وأغوص على البعيد الغامض، وأفهم للعويص الممتنع، وأكثر خاطرا وأصحّ قريحة، وأقلّ سآمة، وأتمّ عناية، وأحسن عادة مع إفراط الشهوة، وفراغ البال، وبعد الأمل، وقوة الطمع في تمامه، والانتفاع بثمرته، ثم مدّ له في العمر، ومكّنته المقدرة- لكان قد ادّعى معضلة، وضمن أمرا معجزا، وقال قولا مرغوبا عنه، متعجّبا منه؛ ولكان لغوا ساقطا، وحارضا بهرجا [3] ؛ ولكان ممن يفضل قوله على فعله، ووعده على مقدار إنجازه؛ لأن الإنسان، وإن أضيف إلى الكمال وعرف بالبراعة، وغمر [4] العلماء؛ فإنه

_ [1] المتح: جذب الماء بالدلو من رأس البئر. [2] الاستنباط: استخراج الماء بحفر الأرض وبحثها. [3] الحارض: الفاسد الضعيف. البهرج: الرديء. [4] غمر العلماء: علاهم شرفا.

1350 -[القول في قوله تعالى: علم آدم الأسماء كلها]

لا يكمل أن يحيط علمه بكلّ ما في جناح بعوضة، أيام الدنيا، ولو استمد بقوة كلّ نظّار حكيم؛ واستعار حفظ كلّ بحّاث واع [1] ؛ وكلّ نقّاب في البلاد، ودرّاسة للكتب. وما أشكّ أن عند الوزراء في ذلك ما ليس عند الرعيّة من العلماء، وعند الخلفاء ما ليس عند الوزراء، وعند الأنبياء ما ليس عند الخلفاء، وعند الملائكة ما ليس عند الأنبياء، والذي عند الله أكثر، والخلق عن بلوغه أعجز، وإنما علّم الله كلّ طبقة من خلقه بقدر احتمال فطرهم، ومقدار مصلحتهم. 1350-[القول في قوله تعالى: عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ] فإن قلت: فقد علّم الله عزّ وجلّ آدم الأسماء كلّها [2]- ولا يجوز تعريف الأسماء بغير المعاني- وقلت: ولولا حاجة الناس إلى المعاني، وإلى التعاون والترافد، لما احتاجوا إلى الأسماء. وعلى أن المعاني تفضل [3] عن الأسماء، والحاجات تجوز مقادير السّمات، وتفوت ذرع العلامات [4] فممّا لا اسم له خاصّ الخاصّ. والخاصّيّات كلها ليست لها أسماء قائمة. وكذلك تراكيب الألوان، والأراييح، والطعوم، ونتائجها. وجوابي في ذلك: أن الله عزّ وجلّ لم يخبرنا أنه قد كان علّم آدم كلّ شيء يعلمه تعالى، كما لا يجوز أن يقدره على كلّ شيء يقدر عليه. وإذا كان العبد المحدود الجسم، المحدود القوى، لا يبلغ صفة ربّه الذي اخترعه، ولا صفة خالقه الذي ابتدعه- فمعلوم أنه إنما عنى بقوله: وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها [5] علم مصلحته في دنياه وآخرته. وقال الله عزّ وجلّ: وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ [6] . وقال الله عزّ وجلّ:

_ [1] واع: حافظ. [2] انظر المزهر 1/28. [3] تفضل: تزيد. [4] الذرع: الطاقة. العلامات: السمات. [5] 31/البقرة: 2. [6] 76/يوسف: 12.

أجناس الطير التي تألف دور الناس

وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ [1] . وقال الله تعالى: يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا [2] . وقال تقدّست أسماؤه: وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ [3] . وقال الله عزّ وجلّ: وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ [4] . وهذا الباب من المعلوم، غير باب علم ما يكون قبل أن يكون؛ لأن باب (كان) قد يعلم بعضه، وباب (يكون) لا سبيل إلى معرفة شيء منه. والمخاطبة وقعت على جميع المتعبّدين، واشتملت على جميع أصناف الممتحنين، ولم تقع على أهل عصر دون عصر، ولا على أهل بلد دون بلد، ولا على جنس دون جنس، ولا على تابع دون متبوع ولا على آخر دون أوّل. أجناس الطير التي تألف دور الناس العصافير، والخطاطيف، والزّرازير، والخفافيش. فبين هذه [وبين الناس] [5] مناسبة ومشاكلة، وإلف ومحبّة. والخطاطيف تقطع [6] إليهم وتعزب [7] عنهم. والعصافير لا تفارقهم. وإن وجدت دارا مبنية لم تسكنها حتى يسكنها إنسان. ومتى سكنتها لم تقم فيها إذا خرج منها ذلك الإنسان. فبفراقه تفارق، وبسكناه تسكن، وهذه فضيلة لها على الخطاطيف. والحمام لا يقيم معهم في دورهم إلا بعد أن يثبّتوه ويعلّموه، ويرتّبوا حاله ويدرّجوه. ومنها ما هو وحشيّ طورانيّ [8] ، وربما توحّش بعد الأنس والعصافير على خلاف ذلك، فلها بذلك فضيلة على الحمام، وعلى الخطّاف.

_ [1] 27/لقمان: 31. [2] 7/الروم: 30. [3] 31/المدثر: 74. [4] 8/النحل: 16. [5] إضافة يقتضيها المعنى. [6] تقطع: تنتقل من بلد إلى آخر. [7] تعزب: تبعد. [8] الطوراني: في معجم البلدان 4/24 (طرآن) : «قال أبو حاتم: حمام طرآني؛ من طرأ علينا فلان أي طلع، ولم نعرفه، قال: والعامة تقول طوراني وهو خطأ» وفيه أيضا: طرآن: جبل فيه حمام كثير؛ إليه ينسب الحمام الطرآني» .

1351 -[انتقال العصافير إلى البساتين]

وقد يدرّب العصفور ويثبّت فيستجيب من المكان البعيد، ويثبت ويدجن. فهو مما يثبت ويعايش الناس، من تلقاء نفسه مرة، وبالتثبيت مرة. وليس كذلك شيء مما يأوي إلى الناس من الطير. وقد بلغني أن بعض ما يستجيب منها قد درّب فرجع من ميل. فأما الهداية من تلقاء نفسه فمن الفراسخ الكثيرة. 1351-[انتقال العصافير إلى البساتين] وحدّثني حمّويه الخريبيّ وأبو جراد الهزاردريّ قالا: إذا كان زمان البيادر لم يبق بالبصرة عصفور إلا صار إلى البساتين، إلا ما أقام على بيضه وفراخه. وكذلك العصافير إذا خرج أهل الدّار من الدّار، فإنه لا يقيم في تلك الدار عصفور إلا على بيض أو فراخ. فإذا لم يكن لها استوحشت، والتمست لأنفسها الأوكار في الدّور المعمورة. ولذلك قال أبو يعقوب إسحاق الخريمي [1] : [من المنسرح] فتلك بغداد ما تبنّى من ال ... وحشة في دورها عصافرها قالا [2] : فعلى قدر قرب القبائل من البساتين سبق العصافير إليها، فإذا جاءت العصافير التي تلي أقرب القبائل منها إلى أوائل البساتين فوجدت عصافير ما هو أقرب إليها منها قد سبقت إليها تعدّتها إلى البساتين التي تليها وكذلك صنيع ما بقي من عصافير القبائل الباقية حتى تصير عصافير آخر البصرة إلى آخر البساتين. وذلك شبيه بعشرين فرسخا. فإذا قضت حاجتها، وانقضى أمر البيادر أقبلت من هناك، على أمارات لها معروفة، وعلامات قائمة، حتى تصير إلى أو كارها. 1352-[ضروب الطير] والطير كله على ثلاثة أضرب: فضرب من بهائم الطير، وضرب كسباع الطير، وضرب كالمشترك المركّب منها جميعا [3] . فالبهيمة كالحمام وأشباه الحمام، مما يغتذي الحبوب والبزور والنبات، ولا يغتذي غير ذلك.

_ [1] ديوان الخريمي 32. [2] يقصد حمويه وأبا جراد اللذين ورد اسمهما في بداية الفقرة. [3] انظر عيون الأخبار 2/89.

1353 -[ما يشارك فيه العصفور بهائم الطير]

والسبع [1] : الذي لا يغتذي إلا اللحم. وقد يأكل الأسد الملح [2] ، ليس على طريق التغذي، ولكن على طريق التّملّح والتحمّض. 1353-[ما يشارك فيه العصفور بهائم الطير] فممّا يشارك فيه العصفور بهائم الطير، أنه ليس بذي مخلب ولا منسر [3] ، وهو مما إذا سقط على عود قدّم أصابعه الثلاث، وأخّر الدّابرة [4] . وسباع الطير تقدّم إصبعين، وتؤخّر إصبعين. ومما شارك فيه السّبع [5] أنّ بهائم الطير تزقّ فراخها، والسّباع تلقم فراخها. 1354-[ضروب الفراخ] والفراخ على ثلاثة أضرب: ففرخ كالفرّوج لا يزق ولا يلقم؛ وهو يظهر كاسبا [6] . وفرخ كفرخ الحمام وأشباه الحمام، فهو يزقّ ولا يلقم. وفرخ كفرخ العقاب والبازي، والزرّق، والشاهين والصقر، وأشباهها من السّباع فهو يلقم ولا يزقّ. فأشبهها العصفور من هذا الوجه. وفيه من أخلاق السّباع [7] : أنه يصيد الجرادة، والنمل الطيّار، ويأكل اللحم، ويلقم فراخه اللحم. وليس في الأرض رأس أشبه برأس حيّة من رأس عصفور [8] 1355-[الأجناس التي تعايش الناس] والأجناس التي تعايش الناس: الكلب، والسّنّور، والفرس، والبعير، والحمار، والبغل، والحمام، والخطّاف، والزّرزور، والخفّاش، والعصفور.

_ [1] أي السبع من سباع الطير. [2] انظر ما تقدم في 3/127، الفقرة (722) . [3] المنسر: منقار الطير الجارح. [4] الدابرة: الإصبع التي من وراء رجل الطائر، وانظر عيون الأخبار 2/89. [5] أي السبع من سباع الطير. [6] كاسبا: أي يكسب القوت لنفسه منذ يخرج من بيضته. [7] عيون الأخبار 2/89. [8] ربيع الأبرار 5/454.

1356 -[أطول الحيوان عمرا وأقصره]

1356-[أطول الحيوان عمرا وأقصره] قالوا [1] : وليس في جميعها أطول عمرا من البغل، ولا أقصر عمرا من العصفور. قالوا: ونظن ذلك إنما كان لقلّة سفاد البغل، وكثرة سفاد العصفور. ويزعمون أن محمد بن سليمان أنزى البغال على البغلات، كما أنزى العتاق على الحجور، والبراذين [2] على الرّماك [3] ، والحمير على الأتن [4] ، فوجد تلك الفحولة من البغال بأعيانها، أقصر أعمارا من سائر الحافر، حين سوّى بينها في السّفاد، ووجد البغال تلقح إلقاحا فاسدا لا يتمّ ولا يعيش. وذكروا أن قصر العمر لم يعرض لإناثها كما عرض لذكورتها. وهذا شبيه بما ذكر صاحب المنطق [5] في العصافير، فإنه ذكر أن إناثها أطول أعمارا. وأن ذكورتها لا تعيش إلا سنة واحدة. 1357-[السمن يجعل الأنثى عاقرا] والمرأة تنقطع عن الحبل قبل أن ينقطع الرجل عن الإحبال بدهر، وتفرط في السمن فتصير عاقرا، ويكون الرجل أسمن منها فلا يصير عاقرا. وكذلك الحجر، والرّمكة، والأتان. وكذلك النخلة المطعمة. ويسمن لبّ الفحّال [6] فيكون أجود لإلقاحه. وهما يختلفان كما ترى. 1358-[الأجناس الفاضلة من الحيوان] وللعصفور فضيلة أخرى. وذلك أنّ من فضل الجنس أن تتميز ذكورته في العين من إناثه، كالرجل والمرأة، والدّيك والدجاجة، والفحال والمطعمة، والتّيس والصفيّة [7] ، والطاوس، والتّدرج [8] ، والدّرّاج [9] وإناثها.

_ [1] ربيع الأبرار 5/397. [2] البرذون: هو من الخيل ما كان أبواه أعجميان. حياة الحيوان 1/168. [3] الرمكة: أنثى البرذون. حياة الحيوان 1/528. [4] الأتن: جمع أتان: الحمارة. حياة الحيوان 1/27. [5] أي أرسطو. [6] الفحال: ذكر النخل. [7] الصفية: أنثى المعز [8] التدرج: طائر كالدراج يغرد في البساتين بأصوات طيبة، يكون بأرض خراسان وغيرها من بلاد فارس. حياة الحيوان 1/230. [9] الدراج: طائر أسود باطن الجناحين وظاهرهما أغبر على خلقة القطا؛ إلا أنه ألطف. حياة الحيوان 1/477.

1359 -[حب العصافير فراخها]

وليس ذلك كالحجر والفرس، والرّمكة والبرذون، والناقة والجمل، والعير والأتان، والأسد واللّبؤة، فإن هذه الأجناس تقبل نحوك فلا ينفصل في العين الأنثى من الذكر، حتى تتفقّد مواضع القنب [1] والأطباء [2] ، وموضع الضّرع والثّيل [3] ، وموضع ثفر الكلبة [4] من القضيب. لأنّ للعصفور الذّكر لحية سوداء. وليس اللحية إلا للرجل والجمل، والتيس، والدّيك، وأشباه ذلك. فهذه أيضا فضيلة للعصفور. وذكر ابن الأعرابيّ أن للناقة عثنونا [5] كعثنون الجمل، وأنها متى كان عثنونها أطول كان فيها أحمد. 1359-[حب العصافير فراخها] وليس في الأرض طائر، ولا سبع ولا بهيمة، أحنى على ولد، ولا أشدّ به شعفا، وعليه إشفاقا [6]- من العصافير. فإذا أصيبت بأولادها، أو خافت عليها العطب، فليس بين شيء من الأجناس من المساعدة، مثل الذي مع العصافير، لأن العصفور يرى الحيّة قد أقبلت نحو حجره وعشّه ووكره، لتأكل بيضه أو فراخه، فيصيح ويرنّق [7] فلا يسمع صوته عصفور إلا أقبل إليه وصنع مثل صنيعه، بتحرّق ولوعة، وقلق، واستغاثة وصراخ، وربما أفلت الفرخ وسقط إلى الأرض- وقد ذهبت الحيّة- فيجتمعن عليه، إذا كان قد نبت ريشه أدنى نبات، فلا يزلن يهيّجنه، ويطرن حوله، لعلمها أن ذلك يحدث للفرخ قوة على النّهوض فإذا نهض طرن حواليه ودونه، حتى يحتثثنه [8] بذلك العمل. وكان الخريميّ ينشد [9] : [من الرجز] واحتثّ كلّ بازل ذقون ... حتى رفعن سيرة اللّجون [10]

_ [1] القنب: وعاء قضيب الدابة. [2] الأطباء: حلمات الضرع التي من خفّ وظلف وحافر وسبع، وهي جمع طبي. [3] الثيل: وعاء قضيب البعير وغيره. [4] الثفر: كالحياء للناقة، وهو لكل ذات مخلب. [5] العثنون: شعيرات طوال تحت حنك البعير. [6] الشعف: أن يذهب الحب بفؤاده. [7] رنق الطائر: خفق بجناحيه في الهواء وثبت ولم يطر. [8] الحث: الاستعجال. [9] ديوان الخريمي 80، وبلا نسبة في اللسان (خدر) ، والتهذيب 7/266. [10] في ديوانه، احتث: أسرع في سيره. البازل من الإبل: ما كان في التاسعة. الذقون: التي تميل ذقنها إلى الأرض تستعين بذلك على السير. اللجون: الثقيل المشي من الإبل.

1360 -[ضروب الحيوان التي لا تمشي]

وينشد [1] : [من الرجز] واحتثّ محتثّاتها الخدورا [2] وتقول العرب [3] : «العاشية تهيج الآبية» [4] . ولو أن إنسانا أخذ فرخي عصفور من وكره، ووضعهما بحيث يراهما أبواهما في منزله، لوجد العصفور يتقحّم في ذلك المنزل، حتى يدخل في ذلك القفص، فلا يزال في تعهّده بما يعيشه حتى يستغني عنه. ثم يحتملان في ذلك غاية التغرير والخطار؛ وذلك من فرط الرّقّة على أولادهما. 1360-[ضروب الحيوان التي لا تمشي] وأجناس الحيوان التي لا تستطيع أن تسمح [5] بالمشي ضروب: منها الضبع، لأنها خلقت عرجاء، فهي أبدا تخمع. قال الشاعر [6] : [من الوافر] وجاءت جيأل وأبو بنيها ... أحمّ المأقيين به خماع [7] وقال مدرك بن حصن [8] : [من الطويل] من الغثر ما تدري أرجل شمالها ... بها الظّلع إمّا هرولت أم يمينها [9]

_ [1] الرجز للعجاج في ديوانه 1/533، وبلا نسبة في اللسان والتاج (خدر) . [2] في اللسان: «الخدور: التي تخلفت عن الإبل، فلما نظرت إلى التي تسير سارت معها» . [3] مجمع الأمثال 2/9، وجمهرة الأمثال 2/57، والمستقصى 1/331، وفصل المقال 516، والفاخر 160، وأمثال ابن سلام 394. [4] العاشية: واحدة العواشي، وهي الإبل والغنم التي ترعى بالليل. الآبية: التي تأبى الرعي. [5] أسمحت: انقادت. [6] البيت لمشعث العامري في الأصمعيات 148، ومعجم الشعراء 447، والمعاني الكبير 215، والدرة الفاخرة 2/399، ومجمع الأمثال 2/355، واللسان (جأل) ، والتاج (خمع) ، وللمثقب العبدي في ملحق ديوانه 277، واللسان (خمع) ، وبلا نسبة في أساس البلاغة (مأق) ، والجمهرة 1170، والبرصان 162، والمذكر والمؤنث للأنباري 108. [7] جيأل: علم جنس لأنثى الضبع؛ غير مصروف للعلمية والتأنيث، وصرف هنا للشعر. أحم: أسود. المأق: طرف العين مما يلي الأنف. الخماع: العرج. [8] البيت لمدرك بن محصن في اللسان والتاج (ظلع) ، والبرصان 164، وبلا نسبة في اللسان (عرن) . [9] الغثراء: الغبراء أو قريب منها، واسم الضبع.

والذئب أقزل [1] شنج [2] النسا، وإن أحثّ إلى المشي فكأنه يتوجّى [3] . وكذلك الظّبي، شنج النّسا، فهو لا يسمح بالمشي. قال الشاعر [4] : [من الهزج] وقصرى شنج الأنسا ... ء نبّاح من الشّعب [5] ظبي أشعب: إذا كان بعيد ما بين القرنين. ولا يسمع له نباح. وإذا أراد العدو، فإنما هو النّقز [6] والوثب، ورفع القوائم معا. ومن ذلك الأسد فإنه يمشي كأنه رهيص [7] ، وإذا مشى تخلّع [8] . قال أبو زبيد [9] : [من البسيط] إذا تبهنس يمشي خلته وعثا ... وعت سواعد منه بعد تكسير [10] ومن ذلك الفرس، لا يسمح بالمشي. وهو يوصف بشنج النسا. وقال الشاعر [11] : [من الرمل] شنج الأنساء من غير فحج [12]

_ [1] الأقزل: الأعرج الدقيق الساقين. [2] شنج النسا: متقبضه. [3] يتوجى: يشتكي باطن خفه. [4] البيت لأبي دؤاد الإيادي في ديوانه 288، واللسان والتاج (شعب، شنج، نبح، قصر) ، والمعاني الكبير 142، ولعقبة بن سابق في الأصمعيات 41، وبلا نسبة في همع الهوامع 2/120، والمقرب 1/228. [5] القصرى: أسفل الأضلاع. [6] النقز: الوثب. [7] الرهيص: من الرهص، وهو الفخر، وأن يصيب حافر الدابة شيء يوهنه. [8] تخلع: مشى مشية متفككة. [9] ديوان أبي زبيد الطائي 623، والبرصان 141. [10] في ديوانه: «تبهنس: تبختر. وعثا: يمشي في وعث، وهو ما كثر فيه الرمل. وعى الساعد: يقول كأنها قد انكسرت ثم جبرت بعد» . [11] صدر البيت: (شنج المرسن مجبول القرى) ، وهو لعمرو بن العاص في البرصان 140. [12] مجبول القرى: قوي الظهر. الفحج: تداني صدور القدمين وتباعد العقبين في المشي، وهو عيب في الفرس.

ومن ذلك الغراب، فإنه يحجل كأنه مقيّد. قال الشاعر [1] : [من الطويل] كتارك يوما مشية من سجيّة ... لأخرى ففاتته فأصبح يحجل وقال الطرّمّاح [2] : [من الكامل] شنج النسا أدفى الجناح كأنه ... في الدّار بعد الظّاعنين مقيّد [3] والسّنّور، والفهد، وأشباههما في طريق الأسد. والحيّة تمشي. ومنها ما يثب، ومنها ما ينتصب ويقوم على ذنبه. والأفعى إذا نهشت أو انباعت للنّهش [4] ، لم تستقلّ [5] ببدنها كلّه ولكنها تستقلّ [5] ببدنها الذي يلي الرأس، بحركة ونشط أسرع من اللّمح. والجرادة تطير وتمشي وتطمر [6] . فإذا صرت إلى العصفور ذهب المشي البتّة. وأكثر ما عند البرغوث الطّمور [6] والوثوب. وقال الحسن بن هانئ [7] يصف رجلا يفلي القمل والبرغوث بأنامله: أو طامريّ واثب ... لم ينجه منه وثابه لأن البرغوث مشّاء وثّاب. قال: وقول الناس [8] : «طامر بن طامر» [9] ، إنما يريدون البرغوث.

_ [1] البيت لأبي عمران الأعمى كما تقدم في 4/418، الفقرة (1171) وهو في العققة والبررة 355 (نوادر المخطوطات) ، ونسب إلى أبي عمران الأعجم في البرصان 140. [2] ديوان الطرماح 130 (109) ، واللسان والتاج (شنج، حرق، وقال) ، والعين 8/81، والتهذيب 10/451، والمعاني الكبير 151، والبرصان 23، 140. [3] في ديوانه: «شنج النسا: أي قصير النسا متقبضه، وهو لا يسمح بالمشي، ولذلك يحجل الغراب. النسا: عرق يستبطن الفخذ. أدفى الجناح: طويل الجناح. الظاعنون: الراحلون عن الديار. يريد: أن هذا الغراب يألف الديار إذا رحل عنها أهلها، فكأه مقيد فيها» . [4] النهش: العض. انباعت: بسطت نفسها. [5] تستقل: من قولهم: استقل الطائر في سطيرانه: إذا نهض للطيران وارتفع. [6] تطمر: تثب. [7] البيت في نهاية الأرب 1/178، والبرصان 143. [8] هذا القول من الأمثال في مجمع الأمثال 1/432، والمستقصى 2/398، والفاخر 58، وجمهرة الأمثال 1/42، وثمار القلوب 213 (422) . [9] يقال المثل لمن لا يعرف أبوه ولا يدري من هو.

1361 -[شدة وطء العصفور والكلب]

والعصفور ليس يعرف إلا أن يجمع رجليه ثم يثب، فيضعهما معا ويرفعهما معا. فليس عنده إلا النّقزان [1] . ولذلك سمّي العصفور نقّازا. وهو العصفور والجمع عصافير، ونقّاز والجمع نقاقيز. وهو الصّعو. ويزعمون أن العرب تجعل الخرّق [2] والقنبر، والحمّر، وأشباه ذلك كله، من العصافير. والعصفور طيرانه نقزان أيضا، فهو لا يسمح بالطيران كما لا يسمح بالمشي. 1361-[شدة وطء العصفور والكلب] وليس لشيء جسمه مثل جسم العصفور مرارا كثيرة، من شدّة الوطء، وصلابة الوقع على الأرض، إذا مشى، أو على السطح- ما للعصفور، فإنك إذا كنت تحت السّطح الذي يمشي عليه العصفور حسبت وقعه عليه وقع حجر. والكلب منعوت بشدة الوطء، وكذلك الخصيان من كل شيء. والعصفور يأخذ بنصيبه من ذلك أكثر من قسط جسمه من تلك الأجسام بالأضعاف الكثيرة. 1362-[ضروب الحيوان التي تمشي] والذّباب من الطير الذي يجيد المشي. ويمشي مشيا سبطا حثيثا، وحسنا مستويا. والقطاة مليحة المشية، مقاربة الخطو. وقد توصف مشية المرأة بمشية القطاة. وقال الكميت [3] : [من الكامل] يمشين مشي قطا البطاح تأوّدا ... قبّ البطون رواجح الأكفال [4] وقال الشاعر [5] : [من مجزوء الرمل] يتمشين كما تم ... شي قطا أو بقرات لأن البقرة تتبختر في مشيتها.

_ [1] النقزان: الوثبان. [2] الخرّق: ضرب من العصافير. [3] ديوان الكميت 2/53، ومعجم الشعراء 239، والبرصان 144، والحماسة البصرية 2/89، والأغاني 8/227، 16/151، ولباب الآداب 371. [4] القبب: دقة الخصر وضمور البطن. [5] البيت بلا نسبة في البرصان 144، واللسان (شجا) .

1363 -[كثرة سفاد العصفور]

وقلت لابن دبوقاء [1] : أي شيء أول التّشاجي [2] ؟ قال: التباهر والقرمطة [3] في المشي. وقال [4] : [من مجزوء الكامل] فدفعتها فتدافعت ... مشي القطاة إلى الغدير وكلّ حيوان من ذوات الرجلين والأربع، إذا انكسرت لها قائمة تحاملت بالصحيحة، إلا النعامة فإنها تسقط البتّة. 1363-[كثرة سفاد العصفور] قال [5] : وكثرة عدد السّفاد، والمبالغة في الإبطاء، والدّوام في كثرة العدد لضروب من الحيوان- فالإنسان يغلب هذه الأجناس بأن ذلك دائم منه في جميع الأزمنة. فأما الإبطاء في حال السّفاد فللجمل والورل والذّبان والخنازير. فهذه فضيلة لذة لهذه الأجناس والأصناف. فأما كثرة العدد فللعصافير. 1364-[سفاد التيس] وقد زعم أبو عبد الله العتبيّ الأبرص، وكان قاطع الشهادة عند أصحابنا البصريّين- أن الذي يقال له المشرطيّ قرع في يوم واحد نيفا وثمانين [6] قرعة. إلا أن ذلك منه ومن مثله ينمحق؛ حتى يعود جافرا [7] في الأيام القليلة. 1365-[تيس بني حمّان] وبنو حمّان يزعمون أن تيس بني حمّان قرع وألقح بعد أن ذبح [8] . وفخروا بذلك، فقال بعض من يهجوهم: [من الطويل] وألهى بني حمّان عسب عتودهم ... عن المجد حتى أحرزته الأكارم [9]

_ [1] هذا الخبر نقله ابن منظور عن الجاحظ في اللسان، مادة (شجا) ، 14/424. [2] التشاجي: تمنّع المرأة وتحازنها. [3] التباهر: إظهار البهر، وهو انقطاع النفس من الإعياء. القرمطة: مقاربة الخطو. [4] البيت للمنخل اليشكري في الأغاني 21/3، والأصمعيات 60، وبلا نسبة في أساس البلاغة (شطو) . [5] انظر رسائل الجاحظ 2/315- 316 (كتاب البغال) . [6] سيأتي الخبر ص 253. [7] أجفر الرجل: انقطع عن الجماع. [8] ثمار القلوب (564) وفيه أن تيس بني حمان قفط سبعين عنزا بعد ما فريت أوداجه. [9] العسب: ماء الفحل. العتود: الجدي قد بلغ السفاد، والبيت للفرزدق في ربيع الأبرار 5/409.

1366 -[زعم لصاحب المنطق في سفاد الثور]

1366-[زعم لصاحب المنطق في سفاد الثور] وزعم صاحب المنطق، في كتاب الحيوان، أن ثورا فيما سلف من الدهر سفد وألقح من ساعته بعد أن خصي. فإذا أفرط المديح وخرج من المقدار، أو أفرط التعجيب وخرج من المقدار- احتاج صاحبه إلى أن يثبته بالعيان، أو بالخبر الذي لا يكذّب مثله، وإلا فقد تعرّض للتكذيب. ولو جعلوا حركتهم خبرا وحكاية، وتبرؤوا عن عيبه- ما ضرّهم ذلك، وكان ذلك أصون لأقدارهم، وأتمّ لمروءات كتبهم. 1367-[القول في الجناح واليد والرجل] وقالوا: وكلّ طائر جيّد الجناح، يكون ضعيف الرجلين، كالزّرزور والخطّاف؛ وجناحاهما أجود من جناح العصفور. ورجل العصفور قويّة. والجناحان هما يدا الطائر؛ لأنهم يجعلون كلّ طائر وإنسان ذا أربع: فجناحا الطائر يداه، ويدا الإنسان جناحاه. ولذلك إن قطعت يد الإنسان لم يجد العدو. وكذلك إن قطعت رجل الطائر لم يجد الطّيران. والدابة قد تقوم على رجليها دون يديها، والإنسان قد يمشي على أربع. قالوا: فهم في عدد الأيدي والأرجل سواء. وفي الآلات الأربع؛ إلا أن الآلة تكون في مكان ببعض الأعمال أليق، وهو عليها أسهل، فتجذبها طبائعها إلى ما فيها من ذلك، كمشي الدابة على يديها، وثقل ذلك على الإنسان. والحمام يضرب بجناحه الحمام، ويقاتله به، ويدفع به عن نفسه. فقوادمه [1] هي أصابعه، وجناحه هو يده، ورجله كالقدم. وهي رجل وإن سمّوها كفّا، حين وجدوها تكفّ به، كما يصنع الإنسان بكفّه. وكلّ مقطوع اليدين، وكل من لم يخلق له يدان فهو يصنع برجليه عامّة ما يصنعه الوافر الخلق بيديه. وكل سبع يكون شديد اليدين فإنه يكون ضعيف الرجلين. وكل شيء من ذوات الأربع، من البراثن والحوافر، فإن أيديها أكبر من أرجلها. والناس أرجلهم أكبر من أيديهم، وأقدامهم أكبر من أكفّهم.

_ [1] القوادم: أربع أو عشر ريشات في مقدم الجناح، الواحدة قادمة.

1368 -[فائدة العصافير وضررها]

وجعلوا ركبهم في أرجلهم، وجعلوا ركب الدّواب في أيديها. 1368-[فائدة العصافير وضررها] وللعصافير طباهجات [1] وقلايا [2] تدعى العصافيريّة، ولها حشاوي يطعمها العوامّ المفلوج. والعوامّ تأكلها للقوّة على الجماع. وعظام سوقها وأفخاذها أحدّ وأذرب من الإبر. وهي مخوفة على المعدة والأمعاء. وهي تخرّب السّقف تخريبا فاحشا. وتجتلب الحيّات إلى منازل الناس؛ لحرص الحيات على ابتلاع العصافير وفراخها وبيضها. 1369-[عمر العصفور والذباب والبغل] والذين زعموا أن ذكورتها لا تعيش إلا سنة، يحتاجون إلى أن يعرّفوا الناس ذلك. وكيف يستطيعون تعريفهم؟! وقد تكون القرى بقرب المزارع والبيادر مملوءة عصافير، ومملوءة من بيضها وفراخها، وهم مع ذلك لم يروا عصفورا قط ميتا. والذين يزعمون أن الذباب لا يعيش أكثر من أربعين يوما، وكانوا لا يكادون يرون ذبابة ميتة- أعذر، لأنهم ذهبوا إلى الحديث [3] . وأصحاب الحديث لا يؤاخذون بما يؤاخذ به الفلاسفة. والذين زعموا أن البغل إنما طال عمره لقلّة السّفاد، والعصفور إنما قصر عمره لكثرة السّفاد وغلمته [4]- لو قالوا بذلك على جهة الظنّ والتقريب، لم يلمهم أحد من العلماء. والأمور المقرّبة غير الأمور الموجبة، فينبغي أن يعرفوا فصل ما بين الموجب والمقرّب، وفصل ما بين الدليل وشبه الدليل ولعلّ طول عمر البغل يكون للذي قالوا، ولشيء آخر. وليس ينبغي لنا أن نجزم على هذه العلّة فقط، إلا بعد أن يحيط علمنا بأن عمره لم يفضل على أعمار تلك الأجناس إلا لهذه العلّة.

_ [1] طباهجات: جمع طباهجة، وهو ضرب من قلي اللحم، وهو ما يسمى «الكباب» . انظر المخصص 4/128، ومعجم البلدان (كباب) . [2] قلايا: جمع قلية، وهي اللحم المقلي. [3] ورد الحديث في 3/151، الفقرة (765) ، وهو «أن عمر الذباب أربعون يوما» . [4] انظر ما تقدم في فقرة 1356 ص 115- 116.

1370 -[بعض خصال العصفور]

1370-[بعض خصال العصفور] والعصفور لا يستقرّ ما كان خارجا من وكره، حتى كأنه في دوام الحركة وصبيّ. له صوت حديد مؤذ. وزعموا أن البلبل لا يستقر أبدا وهذا غلط، لأن البلبل إنما يقلق لأنه محصور في قفص. والذين عاينوا البلابل والعصافير في أو كارها، وغير محصورة في الأقفاص، يعلمون فضل العصفور على البلبل في الحركة. فأما صدق الحسّ، وشدّة الحذر، والإزكان [1] الذي ليس عند خبيث الطير [2] ، ولا عند الغراب [3]- فإن عند العصفور منه ما ليس عند جميع ما ذكرنا، لو اجتمعت قواهم، وركّبوا في نصاب واحد. من ذلك أنه يغمّ بحدّة صوته بعض من يقرب منه، فيصيح به ويهوي بيديه إلى الأرض كأنه يريد أن يرميه بحجر فلا يراه يحفل بذلك. فإن وقعت يده على حصاة طار من قبل أن يتمكّن من أخذها. 1371-[علة العداوة بين الحمار وعصفور الشوك] وزعم صاحب المنطق أن بين الحمار وعصفور الشّوك عداوة. وقال: لأن الحمار يدخل الشجر والشّوك، فربما زاحم الموضع الذي فيه وكره فيبدّد عشّه. وربما نهق الحمار فسقط فرخ العصفور أو بيضه من جوف وكره. قال: ولذلك إذا رآه العصفور رنّق [4] فوق رأسه، وعلى عينيه، وآذاه بطيرانه وصياحه. وربّما كان العصفور أبلق [5] . ويصاب فيه الأصبغ [6] ، والجراديّ [7] ، والأسود، والفيقع [8] ، والأغبس [9] . فإذا أصابوه كذلك باعوه بالثّمن الكثير.

_ [1] الإزكان: الفطنة والحدس الصادق. [2] الخبيث: الخداع. [3] من الأمثال قولهم: «أحذر من غراب» ، والمثل في مجمع الأمثال 1/226، وجمهرة الأمثال 1/343، 396، والمستقصى 1/62. [4] رنّق الطائر: خفق بجناحيه ورفرف ولم يطر. [5] البلق: سواد وبياض. [6] الأصبغ: المبيض الذنب. [7] الجرادي: الذي لونه لون الجراد. [8] الفقيع: الأبيض. [9] الأغبس: الذي لونه لون الرماد.

1372 -[تأويل عبد الأعلى]

1372-[تأويل عبد الأعلى] [1] وقال أبو بدر الأسيديّ: قيل لعبد الأعلى القاصّ: لم سمّي العصفور عصفورا؟ قال: لأنه عصى وفرّ. وقيل: ولم سمّي الطّفشيل [2] طفشيلا؟ قال: لأنه طفا وشال. وقيل له: لم سمي الكلب القلطيّ قلطيّا؟ [3] قال: لأنه قلّ ولطئ. وقيل له: لم سمي الكلب السّلوقيّ سلوقيّا؟ قال: لأنه يستلّ ويلقى. 1373-[حديث في قتل العصفور] قال [4] : وحدّثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن صهيب مولى ابن عامر، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما من إنسان يقتل عصفورا أو ما فوقها بغير حقها إلا سأله الله عنها» . قيل: يا رسول الله: وما حقها؟ قال: «أن تذبحها فتأكلها، ولا تقطع رأسها فترمي بها» . 1374-[صياح العصافير ونحوها] ويقال: قد صرّ العصفور يصرّ صريرا. قال: ويقال للعصافير والمكاكيّ [5] والقنابر، والخرّق [6] ، والحمّر: قد صفر يصفر صفيرا. وقال طرفة بن العبد [7] : [من الرجز] يا لك من قبّرة بمعمر ... خلا لك الجوّ فبيضي واصفري ونقّري ما شيت أن تنقّري ويقال: قد نطق العصفور. وقال كثيّر [8] : [من الطويل] سوى ذكرة منها إذا الرّكب عرّسوا ... وهبّت عصافير الصّريم النواطق [9]

_ [1] البخلاء: 106. [2] الطفشيل: ضرب من اللحم يعالج بالبيض والجزر والعسل، وهو لفظ فارسي معرب. انظر معجم استينجاس 313. [2] الكلب القلطي: ضرب من الكلاب القصيرة. [3] الكلب القلطي: ضرب من الكلاب القصيرة. [4] انظر الجامع الصغير 8025. [5] المكاكي: جمع مكاء، وهو نوع من القنابر له صفير حسن. حياة الحيوان 2/322. [6] الخرّق: نوع من العصافير. حياة الحيوان 1/413. [7] تقدم تخريج الرجز في 3/30. [8] ديوان كثير 417. [9] الصريم: الصبح، أو الليل، وهي من الأضداد.

1375 -[أحلام العصافير]

ولذكر العصفور موضع آخر: وذلك أنّ العصافير تصيح مع الصّبح. وقال كلثوم ابن عمرو [1] : [من البسيط] يا ليلة لي بحوّارين ساهرة ... حتى تكلم في الصبح العصافير وقال خلف الأحمر [2] : [من المتقارب] فلما أصاتت عصافيره ... ولاحت تباشير أرواقه [3] غدا يقتري أنفا عازبا ... ويلتسّ ناضر أوراقه [4] وقال الوليد بن يزيد [5] : [من مجزوء الوافر] فلما أن دنا الصبح ... بأصوات العصافير 1375-[أحلام العصافير] ولها موضع آخر. وذلك أنهم يضربون المثل بأحلام العصافير لأحلام السّخفاء [6] . وقال دريد بن الصّمّة [7] : [من البسيط] يا آل سفيان ما بالي وبالكم ... أنتم كثير وفي أحلام عصفور وقال حسّان بن ثابت [8] : [من البسيط] لا بأس بالقوم من طول ومن عظم ... جسم البغال وأحلام العصافير ومن هذا الباب في معنى التّصغير والتّحقير، قول لبيد [9] : [من الطويل] فإن تسألينا فيم نحن فإننا ... عصافير من هذا الأنام المسحّر

_ [1] البيت في العمدة 1/267، والموشح 293، وبلا نسبة في معجم البلدان 2/315 (حوارين) ، وتقدم في 2/407. [2] البيتان في مجمع الذاكرة 1/156. [3] أصاتت: صوتت. الأرواق: جمع روق، وأرواق الليل أثناء ظلمته. [4] يقتري: يتتبع. أنفا: لم يرعه أحد قبله. عازبا: بعيدا. يلتس: يأكل. [5] البيت للوليد بن يزيد في الكامل 1/12 (المعارف) ، وليس في ديوانه، وهو ليزيد بن ضبة في الأغاني 7/94، 97. [6] ثمار القلوب 388 (713) . [7] ديوان دريد بن الصمة 74، وثمار القلوب 388 (713) . [8] ديوان حسان بن ثابت 1/219 (دار صادر) ، وثمار القلوب 388 (713) ، والخزانة 4/72، وشرح شواهد المغني 1/210، والكتاب 2/73، والمقاصد النحوية 2/362، وشرح أبيات سيبويه 1/554. [9] ديوان لبيد 56، واللسان (سحر) ، والتهذيب 4/292، وديوان الأدب 2/353، والبيان-

1376 -[قولهم: صرمت سحري منك]

والمسحّر: المخدّع، على قوله [1] : [من الوافر] ونسحر بالطعام وبالشّراب وقال لبيد [2] : [من الوافر] عصافير وذبّان ودود ... وأجرأ من مجلّحة الذّئاب [3] فكأنه يخبر عن ضعف طباع الإنسان. وقال قوم: المسحّر، يعني كلّ ذي سحر، يذهب إلى الرئة؛ لقوله: [من الوافر] ونسحر بالطعام وبالشراب 1376-[قولهم: صرمت سحري منك] ولذكر السّحر موضع آخر، يقول الرجل لصاحبه [4] : «صرمت سحري منك» ، أي لست منك. وقال خفاف بن ندبة [5] : [من الوافر] ولولا ابنا تماضر أن يساؤوا ... وأنّي منك غير صريم سحر فكأنه قال: لست كذلك منك. وقال قيس بن الخطيم [6] : [من الوافر] تقول ظعينتي لما استقلّت ... أتترك ما جمعت صريم سحر أي قد تركته آيسا منه.

_ - 1/189، وينسب البيت إلى أمية بن أبي الصلت، انظر ديوانه 550، وبلا نسبة في الجمهرة 511، والمقاييس 3/138، والمجمل 3/123، والعين 3/135، والمخصص 1/27. [1] عجز البيت: (أرانا موضعين لأمر غيب) ، وهو لامرئ القيس في ديوانه 97، واللسان والتاج (سحر) ، والتنبيه والإيضاح 2/131، والعين 3/135، والجمهرة 511. [2] البيت ليس للبيد؛ بل لامرئ القيس في ديوانه 97، واللسان (جلح، سحر) ؛ والتاج (جلح) ، والجمهرة 440، 511، والتهذيب 4/149. [3] المجلحة: الجريئة. [4] في مجمع الأمثال 1/175 (جاء صريم سحر) . [5] ديوان خفاف بن ندبة 472، والأغاني 15/85، وديوان قيس بن الخطيم 181، وعجزه بلا نسبة في أساس البلاغة (صرم) . [6] ديوان قيس بن الخطيم 181، وبلا نسبة في اللسان والتاج (سحر) ، وأساس البلاغة (صرم) .

1377 -[العصفور والضب]

وأنشد الآخر [1] : [من الوافر] أيذهب ما جمعت صريم سحر ... ظليفا، إنّ ذا لهو العجيب [2] كذبتم والّذي رفع المعالي ... ولمّا يخضب الأسل الخضيب [3] 1377-[العصفور والضب] وإذا وصفوا شدّة الحرّ، وصفوا كيف يوفي [4] الحرباء على العود والجذل [5] ، وكيف تلجأ العصافير إلى جحرة الضّباب [6] من شدة الحرّ. وقال أبو زبيد [7] : [من الخفيف] أيّ ساع سعى ليقطع شربي ... حين لاحت للصّابح الجوزاء [8] واستكنّ العصفور كرها مع الضّ ... بّ وأوفى في عوده الحرباء ونفى الجندب الحصى بكراعي ... هـ وأذكت نيرانها المعزاء [9] من سموم كأنّها لفح نار ... صقرتها الهجيرة الغرّاء [10] وأنشدوا [11] : [من الطويل] تجاوزت والعصفور في الجحر لاجئ ... مع الضّبّ والشّقذان تسمو صدورها قال: الشّقذان [12] : الحرابيّ. قوله: «تسمو» أي ترتفع على رأس العود. والواحد من الشّقذان شقذان، بتحريك القاف وفتح الشين.

_ [1] البيت الأول بلا نسبة في اللسان والتاج (سحر، صرم) ، وأساس البلاغة (صرم) ، ومجمع الأمثال 1/175. [2] ظليفا: إذا أخذه بغير ثمن. [3] الأسل: الرماح. الخضيب: الذي خضب بالحمرة، ويقصد: الدم في القتال. [4] يوفي: يشرف. [5] الجذل: أصل الشجرة. [6] الجحرة: جمع جحر. الضّباب: جمع ضب. [7] ديوان أبي زبيد 579، والحماسة البصرية 2/357- 358، والخزانة 7/322، وستأتي الأبيات ص 295. [8] في ديوانه: «الشّرب: النصيب من الماء. الصابح: من صبحت الإبل، إذا سقيتها في أول النهار» . [9] في ديوانه: «الجندب: ذكر الجراد. كراعا الجندب: رجلاه» . المعزاء: الأرض الغليظة ذات الأحجار. [10] السموم: الريح الحارة. صقرتها: شدة حرها. الهجيرة: نصف النهار عند اشتداد الحر. [11] البيت لذي الرمة في ديوانه 238، واللسان (شقذ) ، والتهذيب 18/312. [12] في اللسان (شقذ) : «أي تشخص في الشجر، وقيل الشّقذان: الحشرات كلها والهوام، واحدتها شقذة. والشقذان: الذئب والصقر والحرباء» .

1378 -[عصافير النعمان]

1378-[عصافير النعمان] وأكرم فحل كان للعرب من الإبل كان يسمى عصفورا، وتسمى أولاده عصافير النّعمان [1] . وكانوا يقولون: صنع به الملك كذا وكذا، وحباه بكذا وكذا، ووهب له مائة من عصافيره. وعصفور، وداعر، وشاغر، وذو الكبلين: فحولة إبل النعمان. وعصافير الرّحل [2] واحدها عصفور. 1379-[عصفور القواس] وعصفور القوّاس إليه تضاف القسيّ العصفورية [3] . وقد ذكره ابن يسير حين دعا على حمام له بالشّواهين، والصّقورة، والسّنانير والبنادق، فقال [4] : [من الكامل] من كلّ أكلف بات يدجن ليله ... فغدا بغدوة ساغب ممطور [5] ضرم يقلّب طرفه متأنّسا ... شيئا فكنّ له من التّقدير [6] يأتي لهنّ ميامنا ومياسرا ... صكّا بكلّ مذلّق مطرور [7] لا ينج منه شريدهنّ، فإن نجا ... شيء فصار بجانبات الدّور [8] لمشمّرين عن السّواعد حسّر ... عنها بكلّ رشيقة التّوتير [9] ليس الذي تشوي يداه رميّة ... فيهم بمعتذر ولا معذور [10] يتبوّعون مع الشروق غديّة ... في كل معطية الجذاب نتور [11]

_ [1] هو النعمان بن المنذر، انظر الأغاني 11/28، وانظر ما تقدم في 3/198. [2] عصافير الرحل: خشبات تكون في الرحل يشد بها رؤوس الأحناء. [3] انظر البيان 3/72، الحاشية الثانية. [4] الأبيات لمحمد بن يسير الرياشي في ديوانه 79- 80، والأغاني 14/34- 39، وانظر البيان 3/73. [5] في ديوانه: «الكلفة: لون بين السواد والحمرة. الدّجن: إلباس الغيم أقطار السماء. الساغب: الجائع. الممطور: الذي أصابه المطر» . [6] في ديوانه: «ضرم: اشتد جوعه. تأنّس البازي: نظر رافعا رأسه» . [7] الصك: الضرب. المذلق: المحدد. المطرور: المحدد أيضا. [8] الجانب: الغريب. [9] مشمرين عن السواعد: يقصد الصيادين بالسهام. التوتير: شد الوتر. [10] أشوى الرمية: لم يصب الصيد. [11] يتبوع: يمد باعه. معطية الجذاب: عند المجاذبة، وأراد بها القوس. النتور: الشديدة الجذب.

1380 -[شعر في العصفور]

عطف السّيات موانع في بذلها ... تعزى إذا نسبت إلى عصفور [1] ينفثن عن جذب الأكفّ سواسيا ... متشابهات صغن بالتّدوير [2] تجري لها مهجّ النّفوس وإنّها ... لنواصل سلب من التّحسير [3] ما إن يني متباين متباعد ... في الجوّ يحسر طرف كلّ بصير [4] عن سمتهنّ إذا قصدن لجمعه ... متقطّرا متضمّخا بعبير [5] فيؤوب ناجيهنّ بين مجلهق ... دام، ومخلوب إلى منسور [6] عاري الجناح من القوادم والقرا ... كاس عليه بصائر التامور [7] 1380-[شعر في العصفور] وقال أبو السّريّ، وهو معدان الأعمى المديبريّ، وهو يذكر ظهور الإمام، وأشراط خروجه، فقال: [من الخفيف] في زمان تبيض فيه الخفافي ... ش وتسقى سلافة الجريال [8] ويقيم العصفور سلما مع الأي ... م وتحمي الذّئاب لحم السّخال [9] يقول: إذا ظهر الإمام فآية ذلك أن تبيض الخفافيش- وهي اليوم تلد- وتحلّ لنا الخمر، وتسالم الحيّات العصافير، والذئاب السّخال. 1381-[طول سجود عيسى بن عقبة] ورووا في طول سجود عيسى بن عقبة، أنه كان يطيل ذلك حتى يظنّ العصفور

_ [1] سية القوس: ما عطف من طرفيها. [2] النفث: النفخ. سواسيا: متشابهات. [3] المهج: جمع مهجة، وهي الدم أو دم القلب. نواصل: جمع ناصل. السلب: جمع سليب، وأصلها الشجرة سلبت ورقها وأغصانها. التحسير: سقوط ريش الطائر. [4] يني: يبطئ. [5] السمت: القصد. متقطر: ساقط على قطره، أي جانبه. المتضمخ: المتطيب. [6] الجلاهق: البندق، ومنه قوس الجلاهق، وأصله بالفارسية جله، وهي كبة غزل، الكثير جلها. والجلاهق: الطين المدور المدملق. انظر اللسان (جلهق) . المخلوب: الذي أصابه مخلب الطير الجارح. المنسور: الذي أصابه منسر النسر، وهو منقاره. [7] القوادم: أربع أو عشر ريشات في مقدم الجناح. القرا: الظهر. البصائر: جمع بصيرة، وهي الدم. التامور: دم القلب. [8] الجريال: صفوة الخمر. [9] الأيم: الحية الأبيض اللطيف. السخال: جمع سخلة، وهي ولد الشاة.

1382 -[الشيخ والعصفور]

أنه كالشيء الذي لا يخاف جانبه، وحتى يظنّ العصفور أنه سارية، فيسقط عليه. وذكر عمر بن الفضل، عن الأعمش، عن يزيد بن حيّان قال [1] : كان عيسى بن عقبة إذا سجد وقعت العصافير على ظهره؛ من طول سجوده. وكان محمد بن طلحة يسجد حتى إن العصافير ليسقطن على ظهره ما يحسبنه إلا حائطا. 1382-[الشيخ والعصفور] وفي المثل: أنّ شيخا نصب للعصافير فخّا، فارتبن به وبالفخ، وضربه البرد، فكلما مشى إلى الفخّ وقد انضمّ على عصفور، فقبض عليه ودقّ جناحه، وألقاه في وعائه، دمعت عينه مما كان يصكّ وجهه من برد الشّمال. قال: فتوامرت [2] العصافير بأمره وقلن: لا بأس عليكنّ، فإنه شيخ صالح رحيم رقيق الدّمعة! قال: فقال عصفور منها: لا تنظروا إلى دموع عينيه، ولكن انظروا إلى عمل يديه! 1383-[استطراد] ومن أمثال العامّة للشيء تتعرّفه بغير مؤونة: «الحجر مجّان [3] ، والعصفور مجّان!» . قال: ويقال عصفور وعصفورة. وأنشد قوله [4] : [من الطويل] ولو أنها عصفورة لحسبتها ... مسوّمة تدعو عبيدا وأزنما [5] 1384-[شعر فيما يصوّره الفزع] وقال في هذا المعنى جرير، وإن لم يكن ذكر العصفور، حيث يقول [6] : [من الكامل]

_ [1] ورد الخبر في عيون الأخبار 2/365. [2] توامرت: تآمرت. [3] المجان: الكثير الكافي. وأخذه مجانا: أي بلا بدل. [4] البيت لجرير في ديوانه 323، وشرح شواهد المغني 2/662، وله أو للبعيث في حماسة البحتري 261، وللعوام بن شوذب في العقد الفريد 5/195، واللسان (زنم) ، والمعاني الكبير 927، ومعجم الشعراء 163، والمقاصد النحوية 4/467، والوساطة 423، والوحشيات 230، والنقائض 585، ولابن حوشب في معجم البلدان 4/130 (العظالى) ، ولمغيرة بن طارق في أمالي اليزيدي 66، والمراثي لليزيدي 168، وبلا نسبة في تذكره النحاة 73، والجمهرة 828، والجنى الداني 182، ومغني اللبيب 1/270، والرسالة الموضحة 65، وديوان المعاني 1/195، وعيون الأخبار 1/166. [5] المسوّمة: الخيل المعلمة بعلامة. عبيد: يعني عبيد بن ثعلبة. أزنم: يعني أزنم بن عبيد بن ثعلبة ابن يربوع. [6] ديوان جرير 53، والرسالة الموضحة 64، والمختار من شعر بشار 9، والعقد الفريد 3/132.

ما زلت تحسب كلّ شيء بعدهم ... خيلا تشدّ عليكم ورجالا قال يونس: أخذ هذا المعنى من قول الله: يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ [1] . وقال الشاعر [2] : [من الطويل] كأن بلاد الله وهي عريضة ... على الخائف المطلوب كفّة حابل [3] يؤدّى إليه أنّ كلّ ثنيّة ... تيمّمها ترمي إليه بقاتل [4] وقال بشّار في شبيه ذلك [5] : [من الوافر] كأنّ فؤاده كرة تنزّى ... حذار البين لو نفع الحذار [6] جفت عيني عن التّغميض حتى ... كأنّ جفونها عنه قصار يروّعه السّرار بكلّ أمر ... مخافة أن يكون به السّرار [7] وقال عبيد بن أيّوب [8] : [من الطويل] لقد خفت حتى لو تطير حمامة ... لقلت عدوّ أو طليعة معشر فإن قيل خير قلت هذا خديعة ... وإن قيل شرّ قلت حقّا فشمرّ وخفت خليلي ذا الصّفاء ورابني ... وقلت: فلانا أو فلانة فاحذر

_ [1] 4/المنافقون: 63. [2] البيتان لعبد الله بن العجاج في الأغاني 13/162، وديوانه 311- 312، ولعبيد بن أيوب العنبري في أشعار اللصوص 130، والحماسة البصرية 1/29، ولباب الآداب 324- 325، وللطرماح في ملحق ديوانه (316) ، وله أو لعبيد بن أيوب في مجموعة المعاني 130، وبلا نسبة في الكامل 2/103 (المعارف) ، والبيت الأول بلا نسبة في اللسان والتاج (كفف) ، والتهذيب 4/139، وثمار القلوب 743، (898) ونسب سهوا إلى الأعشى في عمدة الحفاظ (عرض) . [3] كفة الحابل: حبالة الصائد التي يأخذ بها الصيد. [4] يؤدّى إليه: يخيل إليه. الثنية: الطريق في الجبل. تيممها: قصدها. [5] الأبيات لبشار بن برد في ديوانه 1/249، والمختار من شعره 7، وأمالي القالي 2/61، والحماسة البصرية 2/116، والكامل 2/50 (المعارف) ، وطبقات ابن المعتز 29، ولنصيب في ديوانه 89، ولهما معا في اللسان (نزا) ، وانظر ما ورد في حاشية الحماسة البصرية 2/116. [6] تنزى: أصلها تتنزى: تتوثب. [7] السرار: المسارة. [8] الأبيات في أشعار اللصوص 221، والحماسة البصرية 1/111، وحماسة البحتري 260، ومجموعة المعاني 77.

1385 -[من ملح أحاديث الأصمعي]

وقال أبان اللّاحقيّ [1] : [من الخفيف] اخفض الصّوت إن نطقت بليل ... والتفت بالنهار قبل الكلام 1385-[من ملح أحاديث الأصمعي] ومن ملح أحاديث الأصمعيّ، قال: حدّثني شيخ من أهل المدينة وكان عالي السّنّ قال: قال الغاضري: كانت هذه الأرض لقوم ابتدؤوها وشقّوها، وكانت الثمرة إذا أدركت قال قائلهم لقيّمه: اثلم الحائط، ليصيب المارّ مما فيه والمعتفي [2] . ثم يقول: أرسل إلى آل فلان بكذا وكذا، وإلى آل فلان بكذا وكذا. فإذا بيعت الثمرة قال: أرسل إلى فلان بكذا وكذا ودينار، وإلى فلان بكذا وكذا. فيضجّ [3] الوكيل. فيقول: ما أنت وهذا؟! لا أمّ لك! فلما عمرت الأرضون وأغنّت [4] أقطعها [5] قوم سواهم، فإنّ أحدهم ليسدّ حائطه، ويصغّر بابه، ثم يدلج [6] فيمرّ فيقول: ما هذه الثّلمة [7] ؟! ويستطيف [8] من وراء الحائط، فهو أطول من معقل [9] أبي كريز. وإذا دخل حائطه دخل معه بقذّافة، فإذا رأى العصفور على القنا [10] رماه، فيقع العصفور مشويّا على قرص [11] ، والقرص كالعصفور. 1386-[العصافير الهبيرية] وبحمص العصافير الهبيريّة، وهي تطعم على رفوف. وتكون أسمن من السّمانى، وأطيب من كلّ طير. وهي تهدى إلى ملوكنا. وهي قليلة هناك.

_ [1] البيت في أخبار الشعراء المحدثين 37، والأغاني 23/166، والخزانة 3/458 (بولاق) ، وبلا نسبة في البيان 1/269، وعيون الأخبار 1/41، ومحاضرات الأدباء 1/60 (126) . [2] المعتفي: طالب المعروف. [3] يضج: يصيح. [4] أغنت: كثر عشبها. [5] الإقطاع: أن يقطعه قطعة من الأرض. [6] أدلج: سار من أول الليل. [7] الثلمة: الفرجة. [8] استطاف: دار حول الشيء. [9] المعقل: الحصن. [10] القنا: عذق النخلة بما فيه من الرطب. [11] القرص: يعني قرص الخبز أي الرغيف.

1387 -[شعر للراعي في نطق العصفور]

1387-[شعر للراعي في نطق العصفور] وقال الرّاعي [1] : [من البسيط] ما زال يركب روقيه وكلكله ... حتى استثار سفاة دونها الثّأد [2] حتى إذا نطق العصفور وانكشفت ... عماية الليل عنه وهو معتمد [3] وقال الراعي [4] : [من البسيط] وأصفر مجدول من القدّ مارن ... يلاث بعينيها فيلوى ويطلق [5] لدى ساعدي مهريّة شدنية ... أنيخت قليلا والعصافير تنطق [6] 1388-[صيد العصافير] قال [7] : وتصاد العصافير بأهون حيلة. وذلك أنهم يعملون لها مصيدة، ويجعلون لها سلّة في صورة المحبرة التي يقال لها: اليهودية، المنكوسة الأنبوبة؛ ثم ينزل في جوفها عصفور واحد، فتنقضّ عليه العصافير ويدخلن عليه، وما دخل منها فإنه لا يجد سبيلا إلى الخروج منها. فيصيد الرجل منها في اليوم الواحد المئين [8] وهو وادع، وهنّ أسرع إلى ذلك العصفور من الطير إلى البوم إذا جعلن في المصائد. ومتى أخذ رجل فراخ العصافير من أوكارها، فوضعها في قفص بحيث تراها الآباء والأمّهات، فإنها تأتيها بالطّعم على الخطر الشديد، والخوف من الناس والسّنانير، مع شدة حذرها، ودقّة حسّها. ليس ذلك إلا لبرّها بأولادها، وشدة حبّها لها. [باب في العقارب والفأر والسنانير] 1389-[القول في العقارب والفأر والسنانير] نقول في العقارب والفأر والجرذان بما أمكن من القول. وإنما ذكرنا العقارب

_ [1] ديوان الراعي النميري 56. [2] الروق: القرن. الكلكل: الصدر. السفاة: التراب. الثأد: الثرى. [3] عماية الليل: ظلمته. معتمد: أي يسري طول الليل. [4] ديوان الراعي 180. [5] الأصفر المجدول: عنى به زمام الناقة. السير يقد من جلد غير مدبوغ. المارن: اللين. اللوث: الطي واللي. [6] المهرية: الناقة المنسوبة إلى مهرة بن حيدان، وهو حي من أحياء العرب. الشدنية: الناقة المنسوبة إلى شدن، وهو موضع باليمن. [7] الخبر في عيون الأخبار 2/95، والعقد الفريد 4/263. [8] المئين: جمع مائة، وفي عيون الأخبار «مائتين» .

1390 -[قتال الحيوان]

مع ذكرنا للفأر، للعداوة التي بين الفأر والعقارب. كما رأينا أن نذكر السّنانير في باب ذكر الفأر، للعداوة التي بينهما. فإن قلت: قد عرفنا عداوة الفأر للعقرب، فكيف تعادي الفأرة السنّور، والفأرة لا تقاوم السنّور؟! قيل: لعمري إن جرذان أنطاكية لتساجل السنانير في الحرب التي بينهما، وما يقوم لها ولا يقوى عليها إلا الواحد بعد الواحد. وهي بخراسان قويّة جدّا، وربما قطعت أذن النائم [1] . وفي الفأر ما إذا عضّ قتل. أخبرني أبو يونس الشريطي أنه عاين ذلك. وأنا رأيت سنّورا عندنا ساور جرذا في بيت الحطب، فأفلت الجرذ منه وقد فقأ عين السّنّور. 1390-[قتال الحيوان] والقتال يكون بين الدّيكة، وبين الكباش والكلاب والسّمانى [2] والقبج [3] ، وضروب مما يقبل التّحريش، ويواثب عند الإغراء. 1391-[قتال الجرذان] ويزعمون [4] أنهم لم يروا قتالا قطّ بين بهيمتين ولا سبعين أشدّ من قتال يكون بين جرذين. فإذا ربط أحدهما بطرف خيط، وشدّ رجل الآخر بالطّرف الآخر من الخيط، فلهما عند ذلك من الخلب والخمش [5] والعضّ، والتّنييب [6] والعفاس [7] ، ما لا يوجد بين شيئين من ذوات العقار والهراش. إلا أن ذلك ما داما في الرّباط، فإذا

_ [1] ربيع الأبرار 5/472. [2] السماني: على وزن الحبارى؛ اسم لطائر يلبد بالأرض ولا يكاد يطير إلا أن يطار، ويسمى قتيل الرعد، من أجل أنه إذا سمع الرعد مات، وهو من الطيور القواطع لا يدرى من أين يأتي. حياة الحيوان 1/563. [3] القبج: واحده قبجة الحجل، والقبجة اسم جنس يقع على الذكر والأنثى. حياة الحيوان 2/195. [4] ربيع الأبرار 5/472. [5] الخلب والخمش: الخدش والجرح. [6] التنييب: العض بالأنياب. [7] اعتفس القوم: اصطرعوا.

1392 -[قتال الجرذ والعقرب]

انحلّ أو انقطع ولّى كلّ واحد منهما عن صاحبه، وهرب في الأرض، وأخذ في خلاف جهته الآخر. 1392-[قتال الجرذ والعقرب] وإن جعلا في إناء من قوارير، أعني الجرذ والعقرب، وإنما ذكرت القوارير، لأنها لا تستر عن أعين الناس صنيعهما، ولا يستطيعان الخروج؛ لملاسة الحيطان- فالفأرة عند ذلك تختل العقرب، فإن قبضت على إبرتها قرضتها [1] ، وإن ضربها العقرب ضربا كثيرا فاستنفدت سمّها كان ذلك من أسباب حتفها. ودخلت مرة أنا وحمدان بن الصباح على عبيد بن الشّونيزي فإذا عنده برنيّة [2] زجاج، فيها عشرون عقربا وعشرون فأرة، فإذا هي تقتتل، فخيّل لي أن تلك الفأر قد اعتراها ورم من شدة وقع اللسع. ورأيت العقارب قد كلّت عنها وتاركتها، ولم أر إلا هذا المقدار الذي وصفت. وحدثنا عنها عبيد بأعاجيب. ولو كان عبيد إسنادا [3] لخبّرت عنه، ولكنّ موضع البياض من هذا الكتاب خير من جميع ما كان لعبيد. 1393-[أعاجيب في الجرذ] وللجرذ تدبير في الشيء يأكله أو يحسوه، فإنه ليأتي القارورة الضّيّقة الرأس، فيحتال حتى يدخل طرف ذنبه في عنقها. فكلّما ابتلّ بالدّهن أخرجه فلطعه، ثم أعاده، حتى لا يدع في القارورة شيئا. ورأيت من الجرذان أعجوبة، وذلك أن الصيادة لما سقطت على جرذ منها ضخم، اجتمعن لإخراجه وسلّ عنقه من الصيّادة، فلما أعجزهنّ ذلك قرضن الموضع المنضمّ عليه من جميع الجوانب، ليتسع الخرق فيجذبنه. فهجمت على نحاتة لو اعتمدت بسكين على ذلك الموضع لظننت أنه لم يكن يمكنني إلا شبيه بذلك. 1394-[علة دفن السنور خرأه] وزعم [4] بعض الأطباء أن السنور إنما يدفن خرأه ثم يعود إلى موضعه فيشتمّه

_ [1] قرضت: قطعت، والخبر في ربيع الأبرار 5/471، ومحاضرات الأدباء (4/668) . [2] البرنية: شبه فخارة ضخمة خضراء، وربما كانت من القوارير الثخان الواسعة الأفواه. [3] إسنادا: أي ممن يصح إسناد الخبر إليه. [4] ربيع الأبرار 5/472.

1395 -[فأرة العرم]

فإن كان يجد من ريحه بعد شيئا زاد عليه من التراب، لأنّ الفأرة لطيفة الحسّ، جيّدة الشّمّ، فإذا وجدت تلك الرائحة عرفتها فأمعنت في الهرب، فلذلك يصنع السنّور ما يصنع. 1395-[فأرة العرم] [1] ولا يشكّ الناس [في] [2] أن أرض سبإ وجنّتيها إنما خربتا حين دخلهما سيل العرم- والعرم: المسنّاة- وأن الذي فجّر المسنّاة، وسبّب لدخول الماء الفأرة. والسّيل إذا دخل أخرب بقدر قوّته. وقوّته من ثلاثة أوجه: إمّا أن تدفعه ريح في مكان يفحش فيه الريح، وإما أن يكون وراءه وفوقه ماء كثير، وإما أن يصيب حدورا عميقا. 1396-[حديث ثمامة عن الفأر] وأما حديث ثمامة فإنه قال: لم أر قطّ أعجب من قتال الفأر، كنت في الحبس وحدي، وكان في البيت الذي أنا فيه جحر فأر، يقابله جحر آخر، فكان الجرذ يخرج من أحد الجحرين فيرقص ويتوعّد، ويضرب بذنبه، ثم يرفع صدره ويهزّ رأسه. فلا يزال كذلك حتى يخرج الجرذ الذي يقابله، فيصنع كصنيعه. فبينما هما إذ عدا أحدهما فدخل جحره، ثم صنع الآخر مثل ذلك. فلم يزل ذلك دأبهما في الوعيد وفي الفرار، وفي التحاجز وفي ترك التّلاقي. إلا أني في كل مرة أظنّ للذي يظهر لي من جدهما واجتهادهما، وشدة توعّدهما، أنهما سيلتقيان بشيء أهونه العضّ والخمش، ولا والله إن التقيا قطّ؟ فعجبت من وعيد دائم لا إيقاع معه، ومن فرار دائم لا ثبات معه، ومن هرب لا يمنع من العودة، ومن إقدام لا يوجب الالتقاء. وكيف يتوعّد صاحبه ويتوعده الآخر؟ وبأيّ شيء يتوعده، وهما يعلمان أنهما لا يلتقيان أبدا؟ فإن كان قتالهما ليس هو إلا الصّخب والتّنييب [3] فلم يفرّ كلّ واحد منهما حتى يدخل جحره؟ وإن كان غير ذلك فأيّ شيء يمنعهما من الصّدمة؟ وهذا أعجب.

_ [1] ثمار القلوب (609) . [2] إضافة من ثمار القلوب، حيث نقل الخبر عن الجاحظ. [3] التنييب: إنشاب الأنياب.

1397 -[أطول الحيوان ذماء وأقصره]

1397-[أطول الحيوان ذماء وأقصره] وتقول العرب [1] : «الضبّ أطول شيء ذماء» [2] . ولا أعلم في الأرض شيئا أقصر ذماء [2] ، ولا أضعف منّة [3] ولا أجدر أن يقتله اليسير من الفأر. 1398-[لعب السنور بالفأر] وبلغ من تحرّزه واحتياطه، أنه يسكن السقوف، فربما فاجأه السّنّور وهو يريد أن يعبر إلى بيته والسّنّور في الأرض والفأرة في السّقف، ولو شاءت أن تدخل بيتها لم يكن للسّنّور عليها سبيل، فتتحيّر، فيقول السّنّور بيده كالمشير بيساره: ارجع. فإذا رجعت أشار بيمينه: أن عد فيعود. وإنما يطلب أن تعيا أو تزلق أو يدار بها [4] . ولا يفعل ذلك بها ثلاث مرّات، حتى تسقط إلى الأرض، فيثب عليها. فإذا وثب عليها لعب بها ساعة ثم أكلها. وربما خلّى سبيلها، وأظهر التغافل عنها فتمعن في الهرب، فإذا ظنّت أنها نجت وثب عليها وثبة فأخذها. فلا يزال كذلك كالذي يحبّ أن يسخر من صاحبه، وأن يخدعه، وأن يأخذه أقوى ما يكون طمعا في السّلامة، وأن يورثه الحسرة والأسف، وأن يلذّ بتنغيصه وتعذيبه. وقد يفعل مثل ذلك العقاب بالأرنب، ويفعل مثل ذلك السّنّور بالعقرب. 1399-[أكل الجرذان واليرابيع والضباب والضفادع] وقال أبو زيد [5] : دخلت على رؤبة هو يملّ [6] جرذانا، فإذا نضجت أخرجها من الجمر فأكلها، فقلت له: أتأكل الجرذان؟! قال: هي خير من اليرابيع والضّباب. إنها عندكم تأكل التّمر والجبن والسويق والخبز، وتحسو الزّيت والسمن. وقد كان ناس من أهل سيف البحر [7] من شقّ فارس يأكلون الفأر والضفادع،

_ [1] مجمع الأمثال 1/437، والمستقصى 1/227، وجمهرة الأمثال 2/20، والدرة الفاخرة 1/284، 286، 2/438. [2] الذماء: بقية الروح. [3] المنة: القوة. [4] يدار بها: يصيبها الدوار. وهو شبه الدوران يأخذ في الرأس. [5] الخبر في الأغاني 20/350، وربيع الأبرار 5/472. [6] يمل: يشوي في الملة، وهي الرماد الحار الجمر. [7] سيف البحر: شاطئه.

1400 -[مثل وشعر في الجرذ]

ممقورة [1] ومملوحة، وكانوا يسمونها: جنك جنك [2] ووال وال [3] . وقال أوس بن حجر [4] : [من الطويل] لحينهم لحي العصا فطردنهم ... إلى سنة جرذانها لم تحلّم [5] يقال: تحلّم الصّبيّ: إذا بدأ في السّمن؛ فإذا زاد على المقدار قيل قد ضبّب، أي سمن سمنا متناهيا. 1400-[مثل وشعر في الجرذ] ويقال [6] : «أسرق من زبابة» . والزّبابة: الفأرة. ويقال [7] : «أسرق من جرذ» . وقال أنس بن أبي إياس لحارثة بن بدر حين ولي أرض سرّق [8] : [من الطويل] أحار بن بدر قد وليت ولاية ... فكن جرذا فيها تخون وتسرق وباه تميما بالغنى إنّ للغنى ... لسانا به المرء الهيوبة ينطق فإنّ جميع الناس إمّا مكذّب ... يقول بما تهوى وإمّا مصدّق يقولون أقوالا ولا يعلمونها ... وإن قيل هاتوا حقّقوا لم يحققوا فلا تحقرن يا حار شيئا أصبته ... فحظّك من ملك العراقين سرّق فلما بلغت حارثة بن بدر قال: لا يعمى عليك الرّشد. 1401-[تمني كثرة الجرذان] قال [9] : ووقفت عجوز على قيس بن سعد، فقالت: أشكو إليك قلّة الجرذان.

_ [1] المقر: إنقاع السمك المالح في الماء. [2] جنك: كلمة فارسية تعني الجميل والمليح. انظر معجم استينجاس 1100. [3] وال: كلمة فارسية تعني السمك الكبير. انظر معجم استينجاس 1453. [4] ديوان أوس بن حجر 119، واللسان والتاج (حلم، لحى) ، والتهذيب 5/108، والجمهرة 566، 975، والمجمل 2/96، والمقاييس 2/93، 5/240، وديوان الأدب 2/461، وكتاب الجيم 1/204، وبلا نسبة في المخصص 1/32، 2/78. [5] لحينهم لحي العصا: قشرنهم كما يقشر لحاء العصا. [6] مجمع الأمثال 1/353، وجمهرة الأمثال 1/533، والمستقصى 1/167، والدرة الفاخرة 1/232. [7] المستقصى 1/167، والدرة الفاخرة 1/218. [8] سرق: إحدى كور الأهواز، والأبيات التالية تقدمت مع تخريجها وشرحها في 3/59. [9] انظر الخبر في عيون الأخبار 3/129.

1402 -[فزع الناس من الفأر]

قال: ما ألطف ما سألت! لأملأنّ بيتك جرذانا. تذكر أنّ بيتها قفر من الأدم والمأدوم، فأكثر لها يا غلام من ذلك. قال [1] : وسمعت قاصّا مدينيّا يقول في دعائه: اللهمّ أكثر جرذاننا وأقلّ صبياننا. 1402-[فزع الناس من الفأر] وبين الفأر وبين طباع كثير من الناس منافرة، حتى إنّ بعضهم لو وطئ على ثعبان، أو رمي بثعبان- لكان الذي يدخله من المكروه والوحشة والفزع، أيسر مما يدخله من الفأرة لو رمي بها، أو وطئ عليها. وخبرني رجال من آل زائدة بن مقسم، أن سليمان الأزرق دعي لحيّة شنعاء قد صارت في دارهم، فدخلت في جحر، وأنه اغتصبها نفسها حتى قبض على ما ألفى منها، ثم أدارها على رأسه كما يصنع بالمخراق [2] ، وأهوى بها إلى الأرض ليضربها بها، فابتدرت من حلقها فأرة كانت ازدردتها. فلما رأى الفأرة هرب وصرخ صرخة. قالوا: فأخذ مشايخنا الغلمان بإخراج الفأرة وتلك الحيّة الشنعاء إلى مجلس الحيّ ليعجّبوهم من إنسان قتل هذه وفرّ من هذه. 1403-[علة نتن جلود الحيات] وسألت بعض الحوّائين ممن يأكل الأفاعي فما دونها، فقلت: ما بال الحيات منتنة الجلود والجروم [3] ؟ قال: أمّا الأفاعي فإنّها ليست بمنتنة، لأنها لا تأكل الفأر، وأما الحيّات عامة فإنها تطلب الفأر طلبا شديدا. وربما رأيت الحيّة وما يكون غلظها إلا مثل غلظ إبهام الكبير، ثم أجدها قد ابتلعت الجرذ أغلظ من الذّراع. فأنكر نتن الحيّات إلا من هذا الوجه. ولم أر الذي قال قولا. 1404-[رجز في الجرذان] ودخل أعرابيّ بعض الأمصار، فلقي من الجرذان جهدا، فرجز بها ودعا عليها، فقال [4] : [من الرجز]

_ [1] انظر الخبر في عيون الأخبار 3/129، وربيع الأبرار 5/472. [2] المخراق: منديل أو نحوه، يلف ويلوى ليضرب به أو يفزع به. [3] الجروم: جمع جرم، وهو الجسد. [4] الرجز في ربيع الأبرار 5/470، وديوان المعاني 2/151، ونهاية الأرب 10/168.

1405 -[تشبيه عضلات الإنسان بالجرذان]

يعجّل الرحمن بالعقاب ... لعامرات البيت بالخراب حتى يعجّلن إلى الثياب ... كحل العين وقصّ الرقاب [1] مستتبعات خلفة الأذناب ... مثل مداري الحصن السّلّاب [2] ثم دعا عليهنّ بالسّنّور فقال: أهوى لهنّ أنمر الإهاب ... منهرت الشّدق حديد النّاب [3] كأنما برثن بالحراب 1405-[تشبيه عضلات الإنسان بالجرذان] وتوصف عضل الحفّار والماتح [4] والذي يعمل في المعادن، فتشبّه بالجرذان، إذا تفلّق لحمه عن صلابة، وصار زيما [5] . قال الرّاجز [6] : [من الرجز] أعددت للورد، إذا الورد حفز ... غربا جرورا وجلالا خزخز [7] وماتحا لا ينثني إذا احتجز ... كأنّ جوف جلده إذا احتفز [8] في كلّ عضو جرذين أو خزز والخزز: ذكر الأرانب واليرابيع. 1406-[أنواع الفأر] والزّباب، والخلد، واليرابيع، والجرذان، كله فأر. ويقال لولد اليرابيع درص وأدراص. والخلد أعمى، لا يزال كذلك. والزّباب أصمّ، لا يزال كذلك. وأنشد [9] : [من مجزوء الكامل]

_ [1] وقص: جمع وقصاء، وهي القصيرة العنق. [2] المداري: جمع مدرى، وهو المشط. الحصن: جمع حصان، ووهي المرأة العفيفة. [3] الإهاب: الجلد. منهرت: واسع. الحديد: الحاد. [4] الماتح: الذي نيزع الماء من رأس البئر. [5] أيما: متفرقا. [6] الرجز بلا نسبة في اللسان والتاج (خزز) ، والجمهرة 1167، والمنصف 1/27، والتهذيب 6/555، وسر صناعة الإعراب 2/477. [7] الغرب: الدلو العظيمة. الجلال: الجليل العظيم، وأراد به البعير. الخزخز: القوي الشديد. [8] الماتح: الذي ينزع الماء من رأس البئر. احتجز: شد إزاره على حجزته، والحجزة: معقد الإزار احتفز: اجتهد. [9] تقدم البيت في الفقرة (2015) ، 4/458، وهو للحارث بن حمزة. في عيون الأخبار 2/96،-

1407 -[شعر وخبر في الفأر]

وهم زباب حائر ... لا تسمع الآذان رعدا هكذا أنشدونا. 1407-[شعر وخبر في الفأر] وأنشد الأصمعي لمزرّد بن ضرار، في تشبيه الجرع في حلوق [1] الإبل بجثمان [2] الزّباب- وهو الشكل الذي وصفناه- فقال في وصف ضيف له سقاه، فوصف جرعه: [من الطويل] فقلت له اشرب لو وجدت بهازرا ... طوال الذّرى من مفرهات خناجر [3] ولكنما صادفت ذودا منيحة ... لمثلك يأتي للقرى غير عاذر [4] فأهوى له الكفّين وامتدّ حلقه ... بجرع كأثباج الزّباب الزّنابر [5] وقال أعرابيّ وهو يطنز [6] بغريم له، ويذكر قرص الفأر الصّكاك، عند فراره منه: «الزم الصّكّ لا يقرضه الفأر!» تهزّؤوا به [7] : [من البسيط] أهون عليّ بسيّار وصفوته ... إذا جعلت ضرارا دون سيّار [8] التّابعي ناشرا عندي صحيفته ... في السوق بين قطين غير أبرار [9] جاؤوا إليّ غضابا يلغطون معا ... يشفي إراتهم أن غاب أنصاري [10] لمّا أبوا جهرة إلا ملازمتي ... أجمعت مكرا بهم في غير إنكار

_ - واللسان والتاج (بب) ، والخزانة 5/113، والتهذيب 13/171، والمعاني الكبير 656. [1] الحلوق: جمع حلق. [2] الجثمان: الجسم. [3] البهازر: جمع بهزرة، وهي الناقة الجسمية الضخمة. الذرى أعالي أسنمة الإبل. المفرهات: التي تلد الفره، والفره: جمع فاره: وهو النشيط القوي. الخناجر: جمع خنجر وخنجرة، وهي الناقة الغزيرة. [4] الذود: الجماعة من الإبل. المنيحة: منحة اللبن. [5] أثباج: جمع ثبج، وهو معظم كل شيء. الزنابر: جمع زنبور. [6] الطنز: السخرية. [7] الأبيات لصخر بن الجعد في الأغاني 22/38، ومعجم البلدان 1/301 (بئر مطلب) ، وبلا نسبة في عيون الأخبار 1/254، والعقد الفريد 2/300، والوحشيات 296. ر [8] الصفوة: خالص الأصدقاء. [9] القطين: الأتباع. [10] اللغط: الجلبة. الإرات: جمع إرة، وهي النار.

1408 -[تشبيه فم الإنسان بفم الفأرة]

وقلت: إني سيأتيني غدا جلبي ... وإنّ موعدكم دار ابن هبّار وما أواعدهم إلا لأربثهم ... عني فيخرجني نقضي وإمراري [1] وما جلبت إليهم غير راحلة ... تخدي برحلي وسيف جفنه عاري [2] إنّ القضاء سيأتي دونه زمن ... فاطو الصحيفة واحفظها من الفار وصفقة لا يقال الرّبح تاجرها ... وقعت فيها وقوع الكلب في النار [3] 1408-[تشبيه فم الإنسان بفم الفأرة] والعرب تعيب الإنسان إذا كان ضيّق الفم، أو كان دقيق الخطم، يشبّهون ذلك بفم الفأرة. وقال عبدة بن الطبيب [4] : [من البسيط] ما مع أنك يوم الورد ذو لغط ... ضخم الجزارة بالسّلمين وكّار [5] تكفي الوليدة في الباديّ مؤتزرا ... فاحلب فإنك حلّاب وصرّار [6] ما كنت أول ضبّ صاب تلعته ... غيث فأمرع واسترخت به الدار [7] أنت الذي لا نرجّي نيله أبدا ... جلد النّدى، وغداة الرّوع خوّار [8] تدعو بنيّيك عبّادا وحذيمة ... فا فأرة شجّها في الجحر محفار [9] 1409-[شعر أبي الشمقمق في الفأر والسنور] وقال أبو الشّمقمق [10] في الفأر والسّنّور: [من الخفيف] ولقد قلت حين أقفر بيتي ... من جراب الدّقيق والفخّاره ولقد كان آهلا غير قفر ... مخصبا خيره كثير العماره فأرى الفأر قد تجنّبن بيتي ... عائذات منه بدار الإماره

_ [1] ربثته: حبسته عن حاجته. النقض: نقض الفتل. الإمرار: إجادة فتل الحبل. [2] تخدي: تسرع. [3] يقال: يفسخ. أقلته البيع: فسخته. [4] ديوان عبدة بن الطبيب 38، ونوادر أبي زيد 47. [5] اللغط: الجلبة. الجزارة: القوائم، يعني بها يديه ورجليه. السلم: الدلو. الوكار: الممتلئ. [6] الصرار: الذي يصر ضرع الناقة بالصرار لئلا يحتلبها حالب. [7] التلعة: ما ارتفع من الأرض. [8] الخوار: الضعيف. [9] بنييك: مثنى بني، وهو تصغير ابن. شجّ: كسر. المحفار: ما يحتفر به. [10] ديوان أبي الشمقمق 138- 139.

ودعا بالرّحيل ذبّان بيتي ... بين مقصوصة إلى طيّاره وأقام السّنّور في البيت حولا ... ما يرى في جوانب البيت فاره ينغض الرّأس منه من شدّة الجو ... ع وعيش فيه أذى ومراره [1] قلت لمّا رأيته ناكس الرّأ ... س كئيبا، في الجوف منه حراره ويك صبرا فأنت من خير سن ... ور رأته عيناي قطّ بحاره قال: لا صبر لي، وكيف مقامي ... ببيوت قفر كجوف الحماره قلت: سر راشدا إلى بيت جار ... مخصب رحله عظيم التّجاره وإذا العنكبوت تغزل في دنّي ... وحبّي والكوز والقرقاره [2] وأصاب الجحام كلبي فأضحى ... بين كلب وكلبة عيّاره [3] وقال أيضا: [من الخفيف] ولقد قلت حين أجحرني البر ... د كما تجحر الكلاب ثعاله [4] في بييت من الغضارة قفر ... ليس فيه إلا النّوى والنّخاله [5] عطّلته الجرذان من قلّة الخير ... وطار الذّباب نحو زباله [6] هاربات منه إلى كلّ خصب ... جيدة لم يرتجين منه بلاله [7] وأقام السّنّور فيه بشرّ ... يسأل الله ذا العلا والجلاله أن يرى فأرة، فلم ير شيئا ... ناكسا رأسه لطول الملاله قلت لمّا رأيته ناكس الرأ ... س كئيبا يمشي على شرّ حاله قلت صبرا يا ناز رأس السّنا ... نير، وعلّلته بحسن مقاله [8] قال: لا صبر لي، وكيف مقامي ... في قفار كمثل بيد تباله [9]

_ [1] ينغض الرأس: يحركه إلى فوق وإلى أسفل. [2] الدن: الراقود العظيم، وهو كهيئة الحب. والحب: الجرة الضخمة. القرقارة: الإناء. [3] الجحام: داء يأخذ الكلب في رأسه. [4] أجحره: جعله يدخل في جحره. ثعالة: علم للثعلب. [5] بييت: تصغير بيت. الغضارة: الطين اللازب الأخضر. [6] زبالة: موضع بعد القاع من الكوفة. [7] البلالة: الندوة. [8] ناز: كلمة فارسية تعني السنور. انظر معجم استينجاس 1372. [9] بيد: جمع بيداء، وهي الفلاة. تبالة: بلد من أرض تهامة في طريق اليمن.

لا أرى فيه فأرة أنغض الرأ ... س ومشيي في البيت مشي خياله [1] قلت: سر راشدا فخار لك الله ... ولا تعد كربج البقاله [2] فإذا ما سمعت أنّا بخير ... في نعيم من عيشة ومناله فائتنا راشدا ولا تعدونّا ... إن من جاز رحلنا في ضلاله قال لي قولة، عليك سلام ... غير لعب منه ولا ببطاله [3] ثمّ ولّى كأنه شيخ سوء ... أخرجوه من محبس بكفاله وقال أيضا [4] : [من مجزوء الرمل] نزل الفأر ببيتي ... رفقة من بعد رفقه حلقا بعد قطار ... نزلوا بالبيت صفقه ابن عرس رأس بيتي ... صاعدا في رأس نبقه سيفه سيف حديد ... شقّه من ضلع سلقه [5] جاءنا يطرق باللّيل ... فدقّ الباب دقّه دخل البيت جهارا ... لم يدع في البيت فلقه [6] وتترّس برغيف ... وصفق نازويه صفقه [7] صفقة أبصرت منها ... في سواد العين زرقه زرقة مثل ابن عرس ... أغبش تعلوه بلقه [8] وقال أيضا: [من مجزوء الرمل] أخذ الفأر برجلي ... جفلوا منها خفافي [9] وسراويلات سوء ... وتبابين ضعاف [10]

_ [1] أنغض الرأس: أحركه إلى فوق وإلى أسفل. [2] كربج: حانوت البقال. انظر معجم استينجاس 1021. [3] البطالة: اللهو والجهالة. [4] الأبيات (1، 3، 8، 9) في حياة الحيوان 2/99 (ابن عرس) . [5] السلقة: الأنثى من الذئاب. [6] الفلقة: الكسرة من الخبز. [7] تترس بالشيء: جعله كالترس. نازويه: كلمة فارسية تعني السنور. انظر معجم استينجاس 1372. [8] الأغبس: ما لونه الغبسة، وهي لون الرماد. البلقة: سواد وبياض. [9] جفلوا: نزعوا. خفاف: جمع خف. [10] التبابين: جمع تبان، وهو سروال صغير مقدار شبر يستر العورة.

1410 -[أحاديث في الفأرة والهرة]

درجوا حولي بزفن ... وبضرب بالدّفاف [1] قلت: ما هذا؟ فقالوا: ... أنت من أهل الزّفاف ساعة ثمّت جازوا ... عن هواي في خلاف نقروا استي وباتوا ... دون أهلي في لحافي لعقوا استي وقالوا ... ريح مسك بسلاف [2] صفعوا نازوية حتى ... استهلّت بالرّعاف [3] 1410-[أحاديث في الفأرة والهرة] يروى عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنه قال [4] : «خمس يورثن النسيان: أكل التفاح، وسؤر الفأرة، والحجامة في النقرة، ونبذ القملة، والبول في الماء الراكد» . وابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنه قال [5] : «إذا رقدت فأغلق بابك، وخمّر إناءك، وأوك سقاءك، وأطفئ مصباحك؛ فإن الشيطان لا يفتح غلقا ولا يكشف إناء، ولا يحل وكاء، وإن الفأرة الفويسقة تحرّق على أهل البيت» . قالوا: في قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في السنانير: «إنهنّ من الطّوّافات عليكم» [6] ، وفي تفريقه بين سؤر السّنّور وسؤر الكلب- دليل على حبّه لاتخاذهنّ. وليس لاتخاذهنّ وجه إلا إفناء الفأر وقتل الجرذان. فكأنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كما أحبّ استحياء السنانير، فقد أحبّ إهلاك الفأر. وعن نافع، عن ابن عمر، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال [7] : «عذبت امرأة في هرّة سجنتها- ويقال: ربطتها- فلم تطعمها ولم تسقها، ولم ترسلها تأكل من خشاش الأرض» .

_ [1] الزفن: الرقص. الدفاف: جمع دف. [2] السلاف: الخمر الخالصة. [3] الرعاف: سيلان دم الأنف. [4] انظر عيون الأخبار 3/272: وسيأتي الحديث ص 204. [5] انظر الحاشية الرابعة للصفحة 65. [6] أخرجه أبو داود في الطهارة 1/19، والترمذي في الطهارة 1/154، وأحمد في المسند 5/296. [7] أخرجه البخاري في المساقاة برقم 2235، 2236، وفي بدء الخلق برقم 3140، وفي الأنبياء 3295.

1411 -[وصف السنور بصفة الأسد]

وعن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال [1] : «دخلت امرأة ممن كان قبلكم النار في هرّة ربطتها، فلا هي أطعمتها، ولا هي تركتها تصيب من خشاش الأرض [2] ، حتى ماتت فأدخلت النار، كلما أقبلت نهشتها، وكلما أدبرت نهشتها» . قال: وذكر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، صاحب المحجن يجرّ قصبه [3] في النار حتى قال [4] : «وحتى رأيت فيها صاحبة الهرّة التي ربطتها، فلم تدعها تأكل من خشاش الأرض» . 1411-[وصف السنور بصفة الأسد] قال ابن يسير في صفة السّنّور- فوصفه بصفة الأسد، إلا ما وصفه به من التنمير، فإن السنور يوصف بصفة الأسد، إذا أرادوا به الصورة والأعضاء، والوثوب والتخلّع في المشي. ألا إن في السنانير السود والنّمر والبلق [5] ، والخلنجيّة [6] . وليس في ألوان الأسد من ذلك شيء، إلا كما ترون في النوادر: من الفأرة البيضاء، والفاختة البيضاء، والورشان الأبيض، والفرس الأبيض- فقال ابن يسير في دعائه على حمام ذلك الجار حين انتهى إلى ذكر السنور [7] : [من الكامل] وخبعثن في مشيه متبهنس ... خطف المؤخّر كامل التصدير [8] مما أعير مفرّ أغضف ضيغم ... عن كلّ أعصل كالسّنان هصور [9] متسربل ثوب الدّجى أو غبشة ... شيبت على متنيه بالتّنمير [10]

_ [1] أخرجه البخاري في المساقاة برقم 2235، 2236، وفي بدء الخلق برقم 3140، وفي الأنبياء 3295. [2] خشاش الأرض: الحشرات والهوام وما أشبهها. [3] المحجن: كل عصا معوجة. القصب: اسم للأمعاء. [4] مسند أحمد 3/318. [5] البلق: جمع أبلق، وهو الذي فيه بياض وسواد. [6] الخلنجية: التي لها خطوط وطرائق مثل الخطوط والطرائق التي ترى في خشب الخلنج، والتي ترى في الجزع، وهو الخرز اليماني. انظر معجم استينجاس 472. [7] ديوان محمد بن يسير الرياشي 80. [8] الخبعثن: الأسد، وأراد به هنا السنور. المتبهنس: المتبختر. التصدير: حزام البعير، وأراد به هنا موضع الحزام. [9] فرّ الدابة: كشف عن أسنانها ليعرف عمرها. الأغضف: الأسد المسترخي جفنه الأعلى على عينه. الأعصل: المعوج. الهصر: الكسر. [10] الغبشة: ظلمة آخر الليل.

1412 -[فزع الناقة من الهر]

يختصّ كلّ سليل سابق غاية ... محض النّجار مهذّب مخبور [1] 1412-[فزع الناقة من الهر] وإذا وصفوا الناقة بأنها رواع [2] شديدة التفزّع، لفرط نشاطها ومرحها، وصفوها بأن هرّا قد نيّب [3] في دفّها. وأكثر ما يذكرون في ذلك الهرّ؛ لأنه يجمع العضّ بالناب، والخمش بالمخالب. وليس كل سبع كذلك. وقال ضابئ بن الحارث [4] : [من الطويل] بأدماء حرجوج ترى تحت غرزها ... تهاويل هرّ أو تهاويل أخيلا [5] وقد أوس بن حجر [6] : [من البسيط] كأن هرّا جنيبا تحت مغرضها ... والتفّ ديك برجليها وخنزير [7] وقال عنترة [8] : [من الكامل] وكأنّما ينأى بجانب دفّها ال ... وحشيّ من هزج العشيّ مؤوّم [9] هرّ جنيب كلما عطفت له ... غضبى اتّقاها باليدين وبالفم [10] والفيل يفزع من السّنور فزعا شديدا. 1413-[شعر في هجاء السّنّور] ومما يقع في باب الهجاء، للسنور، قول عبد الله بن عمرو بن الوليد، في أمّ سعيد بنت خالد: [من الوافر]

_ [1] السليل: الولد. سابق غابة: يسبق إلى الغاية. مخبور: من خبره: إذا امتحنه. [2] رواع: من الروع، وهو الفزع. [3] نيّب: عض بالناب. [4] البيت في الأصمعيات 181. [5] أدماء: يريد ناقة بيضاء. الحرجوج: الجسيمة الطويلة على وجه الأرض. الغرز: للناقة مثل الحزام للفرس. التهاويل: ما يهول به. الأخيل: طائر صغير يتشاءمون به. [6] ديوان أوس بن حجر 42، والموشح 86، وعيار الشعر 179. [7] في ديوانه: «جنيب: مجنوب، جنب الدابة قادها إلى جنبه. الغرضة: حزام الرحل. [8] البيتان من معلقة عنترة في ديوانه 21- 22، واللسان والتاج (هزج) ، والأول في اللسان (وحش، دفف، أوم) ، والتاج (أوم) ، وبلا نسبة في المخصص 1/61، والثاني في اللسان (غضب) . [9] في ديوانه «الدف: الجنب. الجانب الوحشي: اليمين. الهزج: الصوت. المؤوم: القبيح الرأس العظيمة. قوله: من هزج العشي، أي: من خوف هزج العشي» . [10] هر: بدل من هزج العشي. اتقاها: استقبلها.

1414 -[الرجم بالسنانير والكلاب]

وما السّنّور في نفسي بأهل ... لغزلان الخمائل والبراق [1] فطلّقها فلست لها بأهل ... ولو أعطيت هندا في الصّداق [2] 1414-[الرجم بالسنانير والكلاب] قال صاحب الكلب: قالوا: ولما مات القصبيّ- وكان من موالي بني ربيعة بن حنظلة، وهو عمرو القصبي، ومات بالبصرة- رجم بالسنانير الميّتة. قال: وقد صنعوا شبيها بذلك بخالد بن طليق، حين زعم أهله أن ذلك كان عن تدبير محمد بن سليمان. وقالوا: ولم نر الناس رموا أحدا بالكلاب الميّتة. والكلاب أكثر من السنانير حيّة وميّتة. فليس ذلك إلا لأن السنانير أحقر عندهم وأنتن. 1415-[استطراد لغوي] قال: ويقال للجرذان العضلان. وأولاد الفأر أدراص، والواحد درص. وكذلك أولاد اليرابيع. يقال: أدراص ودروص. وقال أوس بن حجر [3] : [من الطويل] وودّ أبو ليلى طفيل بن مالك ... بمنعرج السّوبان لو يتقصّع [4] قال: واليرابيع: ضرب من الفأر. قال: ويقال: نفّق اليربوع ينفّق تنفيقا: إذا عمل النافقاء، وهي إحدى مجاحره، ومحافره. وهي النافقاء والقاصعاء، والدّامّاء، والراهطاء. وقال الشاعر [5] : [من الوافر] فما أمّ الرّدين وإن أدلّت ... بعالمة بأخلاق الكرام إذا الشيطان قصّع في قفاها ... تنفّقناه بالحبل التّؤام [6]

_ [1] البراق: جمع برقة؛ وهي أرض ذات حجارة مختلفة الألوان. [2] الهند: اسم للمائة من الإبل. الصداق: المهر. [3] ديوان أوس بن حجر 58، ومعجم ما استعجم 709 (السؤبان) ، والجمهرة 367، وبلا نسبة في المقاييس 5/92. [4] في ديوانه: «يريد: تمنى لو يختفي. وأصله من تقصع اليربوع، وهو أن يدخل قاصعاءه. والسؤبان: واد في ديار بني تميم؛ ويوم من أيام عامر وتميم؛ وفيه فرّ طفيل بن مالك» . [5] البيتان بلا نسبة في اللسان والتاج (نفق) ، والتهذيب 9/193، والثاني في اللسان والتاج والأساس (قصع) . [6] تنفقناه: استخرجناه. التؤام: المزدوجات.

1416 -[احتيال اليرابيع]

فإذا طلب من إحدى هذه الحفائر نافق، أي فخرج النّافقاء، وإن طلب من النافقاء قصّع. ويقال: أنفقته إنفاقا: إذا صاح به حتى يخرج. ونفق هو: إذا خرج من النافقاء. 1416-[احتيال اليرابيع] وفي احتيال اليرابيع بالنافقاء، والقاصعاء، والدّمّاء والرّاهطاء، وفي جمعها التراب على نفس باب الجحر، وفي تقدمها بالحيلة والحراسة، وفي تغليطها لمن أرادها، والتّورية بشيء عن شيء، وفي معرفتها بباب الخديعة، وكيف توهم عدوّها خلاف ما هي عليه، ثم في وطئها على زمعاتها [1] ، في السهولة وفي الأرض اللينة، كي لا يعرف أثرها الذي يقتصّه [2] ، وفي استعمالها واستعمال بعض ما يقاربها في الحيلة التوبير- والتوبير: الوطء على مآخير أكفّها- العجب العجيب. 1417-[أنفاق الزباء] وزعم أبو عقيل بن درست، وشدّاد الحارثيّ، وحسين الزهريّ أن الزباء الروميّة إنما عملت تلك الأنفاق التي ذكرها الشاعر فقال [3] : [من الوافر] أقام لها على الأنفاق عمرو ... ولم تشعر بأنّ لها كمينا على تدبير اليرابيع في محافيرها هذه، ومخارجها التي أعدّتها ومداخلها، وعلى قدر ما يفجؤها من الأمر. وأن أهل تبّت والرّوم، إنما استخرجوا الاحتيال بالأنفاق والمطامير والمخارق على تدبير اليرابيع. 1418-[اشتقاق المنافق] وإنما سمّى الله عزّ وجلّ الكافر في باطنه المورّي بالإيمان، والمستتر بخلاف ما يسرّ- بالمنافق، على النافقاء والقاصعاء، وعلى تدبير اليربوع في التورية بشيء عن شيء. قال الشاعر [4] : [من الوافر] إذا الشيطان قصّع في قفاها ... تنفقّناه بالحبل التّؤام

_ [1] الزمعات: الشعرات المدلاة في مؤخر رجل الشاة والظبي. [2] يقتصه: يتتبعه. [3] ديوان عدي بن زيد 183. [4] تقدم البيت في 149.

1419 -[كلمات إسلامية لم تكن في الجاهلية]

وهذا الاسم لم يكن في الجاهلية لمن عمل بهذا العمل. ولكن الله عزّ وجلّ اشتق لهم هذا الاسم من هذا الأصل. 1419-[كلمات إسلامية لم تكن في الجاهلية] وقد علمنا أن قولهم لمن لم يحجّ: «صرورة» [1] ، ولمن أدرك الجاهلية والإسلام: «مخضرم» [2] ، قولهم وتسميتهم لكتاب الله: «قرآنا» «فرقانا» ، وتسميتهم للتمسّح بالتراب: «التيمّم» ، وتسميتهم للقاذف ب «فاسق» - أن ذلك لم يكن في الجاهلية. وإذا كان للنابغة أن يبتدئ الأسماء على الاشتقاق من أصل اللغة، كقوله [3] : [من البسيط] والنّؤي كالحوض بالمظلومة الجلد [4] وحتى اجتمعت العرب على تصويبه، وعلى اتباع أثره، وعلى أنها لغة عربية- فالله الذي له أصل اللغة أحقّ بذلك. 1420-[شعر شمّاخ في الزّموع] وذكر شمّاخ بن ضرار الزّموع [5] ، وكيف تطأ الأرنب على زمعاتها [5] لتغالط الكلاب وجميع ما يطالبها- فذكر بديئا شأن العير والعانة، فقال [6] : [من الوافر] إذا ما استافهنّ ضربن منه ... مكان الرّمح من أنف القدوع [7]

_ [1] في النهاية 3/22 «الصرورة: أصله من الصر: الحبس والمنع» . [2] في النهاية 2/42 «قيل لكل من أدرك الجاهلية والإسلام مخضرم، لأنه أدرك الخضرمتين. وأصل الخضرمة: أن يجعل الشيء بين بين» . [3] صدر البيت: (إلا الأواري لأيا ما أبيّنها) ، وهو في ديوان النابغة الذبياني 15، والأغاني 11/31، والخزانة 4/122، 11/36، واللسان (جلد، ظلم، بين) ، والكتاب 2/321، والدرر 3/159، 6/257، والمقاصد النحوية 4/315، 578. [4] في ديوانه: «الأواري: محابس الخيل ومرابطها. النؤي: حاجز من تراب حول الخباء لئلا يدخله السيل. المظلومة: الأرض التي لم تمطر فجاءها السيل فملأها. الجلد: الأرض الصلبة» . [5] الزمعات: الشعرات المدلاة في مؤخر رجل الأرنب. [6] ديوان الشماخ 227- 232. [7] في ديوانه: «استافهن: شمهن. القدوع: الفحل يريد الناقة الكريمة ولا يكون كريما، فلا يزال يضرب أنفه بالرمح أو غيره حتى يرجع.

وقد جعلت ضغائنهنّ تبدو ... بما قد كان نال بلا شفيع [1] مدلّات، يردن النّأي منه ... وهنّ بعين مرتقب تبوع [2] ثم أخذ في صفة العقاب، وصار إلى صفة الأرنب فقال: كأنّ متونهنّ مولّيات ... عصيّ جناح طالبة لموع [3] قليلا ما تريث إذا استفادت ... غريض اللّحم عن ضرم جزوع [4] ثم قال: فما تنفكّ بين عويرضات ... تجرّ برأس عكرشة زموع [5] تطارد سيد صارات، ويوما ... على خزّان قارات الجموع [6] تلوذ ثعالب الشّرفين منها ... كما لاذ الغريم من التّبيع [7] نماها العزّ في قطن، نماها ... إلى فرخين في وكر رفيع [8] ترى قطعا من الأحناش فيها ... جماجمهنّ كالخشل النّزيع والزّموع: التي تمشي على زمعاتها: مآخير رجليها قال أبو المفضل: توبّر بيديها، وتمشي على زمعاتها على رجليها، وهي مواضع الثّنن [9] من الدوابّ، والزّمع المعلّق خلف الظّلف من الشاة والظبي والثور.

_ [1] في ديوانه: «ضغائنهن: ما في قلوبهن من الحقد عليه. يريد: أنهن كنّ يمكنه منهن بلا حاجة إلى شفيع له في ذلك، فلما حملن أبدين ضغائنهن المخبوءة بما نال منهن من قبل» . [2] في ديوانه: «مدلات: جمع مدلة، من أدلت المرأة: إذا أبدت غضبا وهي راضية. النأي: البعد» . [3] في ديوانه: «متونهن: ظهورهن. موليات: مدبرات. عصي جناح: أصول الريش. طالبة: يريد عقابا طالبة للصيد. لموع: من لمع الطائر بجناحيه: حركهما في طيرانه وخفق بما» . [4] في ديوانه «تريث: تبطئ. غريض اللحم: طريه. الضرم: الشديد الجوع» . [5] في ديوانه: «عويرضات: اسم موضع كثير الآبار والحياض. العكرشة: الأرنبة الضخمة. زموع: تمشي على زمعتها، وهي الشعرة المدلاة في مؤخر رجلها» . [6] في ديوانه: «السيد: الذئب. صارات، جمع صارة، وصارة: اسم جبل في ديار بني أسد، وقيل: جبل قرب فيد، وقيل: جبل بين تيماء ووادي القرى. خزان: جمع خرز، وهو ذكر الأرانب. قارات: جمع قارة: وهي الجبل الصغير؛ والأكمة العظيمة الجموع. الجماعات، يريد: جموع أحياء العرب» . [7] في ديوانه: «تلوذ: تستتر وتفر. الغريم: الذي عليه الدين والذي له الدين جميعا، والمراد هنا الأول. التبيع: صاحب الدين. يعني: أن هذه الثعالب تجد في الهرب من العقاب، كما يجد المدين في الهرب من صاحب الدين» . [8] في ديوانه: «قطن: جبل بنجد في بلاد بني أسد. الوكر: عش الطائر. رفيع: مرتفع» . [9] الثنن: جمع ثنّة، وهي شعرات مدلاة في مؤخرة الحافر.

1421 -[شعر فيه ذكر المقل والحتي]

قال: وكل ذلك توبير. وهو أن تطأ على مآخير قوائمها، كي لا يعرف أثرها إنسان ولا كلب. وذكر أنها تطارد ذئبا مرّة، وخززا مرة، وهو الذّكر من الأرانب؛ والعكرشة: الأنثى، والخرنق: ولدها. فإذا قلت أرنب، أو عقاب فليس إلا التأنيث. هذه العقاب، وهذه الأرانب، إلا أن تقول: خزز. وقطن: جبل معروف. والأحناش: الحيات. وأحناش الأرض: الضبّ، والقنفذ، واليربوع، وهي أيضا حشرات الأرض. فجعل الحية حنشا على قولهم: «قد آذتني دوابّ رأسي» : يعنون القمل؛ وعلى قوله تعالى: ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ [1] . قال أبو المفضّل العنبري: ما أراد إلا الحيّات بأعيانها في هذا الموضع، فإن العقبان أسرع إلى أكل الحيّات، من الحيّات إلى أكل الفأر. ويدلّ على أنه إنما أراد رؤوس الحيّات بأعيانها، قوله [2] : [من الوافر] ترى قطعا من الأحناش فيها ... جماجمهنّ كالخشل النزيع لأن أرؤس الحيات سخيفة، قليلة اللّحم والعظام. فلذلك شبّهها بالخشل النزيع. والخشل: المقل السخيف اليابس الخفيف. 1421-[شعر فيه ذكر المقل والحتيّ] قال خلف الأحمر [3] : [من الوافر] سقى حجّاجنا نوء الثّريّا ... على ما كان من مطل وبخل هم جمعوا النّعال فأحرزوها ... وسدّوا دونها بابا بقفل إذا أهديت فاكهة وشاة ... وعشر دجائج بعثوا بنعل ومسواكين طولهما ذراع ... وعشر من رديّ المقل خشل [4]

_ [1] 14/سبأ: 34. [2] انظر الكلام على هذا البيت في الصفحة السابقة. [3] الأبيات لخلف الأحمر في البيان 3/111، وطبقات ابن المعتز 148، والشعر والشعراء 764 (شاكر) ، والبيتان الأخيران في الوحشيات 235، والأبيات بلا نسبة في عيون الأخبار 3/38. [4] المقل: ثمر الدّوم. الخشل: المقل السخيف اليابس الخفيف.

باب آخر مما للسنور فيه فضيلة على جميع أصناف الحيوان ما خلا الإنسان

فإن أهديت ذاك ليحملوني ... على نعل فدقّ الله رجلي [1] أناس تائهون، لهم رواء [2] ... تغيم سماؤهم من غير وبل [3] إذا انتسبوا ففرع من قريش ... ولكنّ الفعال فعال عكل [4] والحتيّ، المقل على وجهه، وقال أبو ذؤيب [4] : [من البسيط] لا درّ درّي إن أطعمت نازلهم ... قرف الحتيّ وعندي البرّ مكنوز [5] باب آخر مما للسنور فيه فضيلة على جميع أصناف الحيوان ما خلا الإنسان وإذا قال القائل: فلان وضع كتابا في أصناف الحيوان- فليس يدخل فيها الملائكة والجنّ. وعلى هذا كلام الناس. وللحيوان موضع آخر، وهو قول الله عزّ وجلّ في كتابه: وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ [6] . قد علمنا أن العجم من السّباع والبهائم، كلما قربت من مشاكلة الناس كان أشرف لها والإنسان هو الفصيح وهو الناطق. 1422-[إطلاق الناطق على الحيوان] وقد يشتقّون لسائر الحيوان الذي يصوّت ويصيح، اسم الناطق إذا قرنوه في

_ [1] الدق: الكسر. [2] تائهون: من التيه، وهو الكبر. الرواء: من الرؤية، وهو حسن المنظر في البهاء. الوبل: المطر الغزير. [3] عكل: قبيلة فيهم غباوة وقلة فهم. [4] البت لأبي ذؤيب الهذلي في البيان 1/17، وشرح شواهد الشافية 488، وللمتنخل الهذلي في الجمهرة 67، والسمط 157، وشرح أشعار الهذليين 1263، وديوان الهذليين 2/87، واللسان (برر، كنز) ، والتاج (حتي) ، والمعاني الكبير 384، وللهذلي في الكتاب 2/89، واللسان (حتا) ، وبلا نسبة في اللسان (درر) . [5] لا در دره: أي لا كان له خير يدر على الناس، وفي ديوان الهذليين: «يقول: لا رزقت الدر، كأنه قال ذلك لنفسه كالهازئ. وقرف كل شيء ما قرف يعني ققشره. والحتي: المقل، وهو الدّوم» . [6] 64/العنكبوت: 29، والحيوان في هذه الآية مصدر كالحياة.

الذكر إلى الصامت. ولهذا الفرق أعطوه هذه المشاكلة، وهذا الاشتقاق. فإذا تهيأ من لسان بعضها من الحروف مقدار يفضل به على مقادير الأصناف الباقية، كان أولى بهذا الاسم عندهم. فلما تهيأ للقطاة ثلاثة أحرف قاف. وطاء، وألف، وكان ذلك هو صوتها، سمّوها بصوتها. ثم زعموا أنها صادقة في تسميتها نفسها قطا. قال الكميت [1] : [من مجزوء الكامل] كالناطقات الصادقا ... ت الواسقات من الذّخائر [2] وقال الآخر وذكر القطاة [3] : [من الطويل] وصادقة قد خبّرت، ما بعثتها ... طروقا، وباقي الليل في الأرض مسدف [4] فجعلها مخبرة، وجعل خبرها صدقا، حين زعمت أنها قطا؛ وإنّ كانت القطاة لم ترم [5] ذلك. والعرب تتوسع في كلامها. وبأي شيء تفاهم الناس فهو بيان، إلا أن بعضه أحسن من بعض. والذي تهيأ للشاة قولها: ما، ولذلك قال ذو الرّمة [6] : [من البسيط] لا يرفع الصّوت إلا ما تخوّنه ... داع يناديه باسم الماء مبغوم [7] وقال أبو عبّاد النميريّ لخربق العميريّ، وكان يتعشّقه ورآه قد اشترى أضحية، فقال: [من المجتث] يا ذابح الماه ماه ... فعلت فعل الجفاه أما رحمت من المو ... ت يا خريبق شاه والصبيان هم الذين يسمون الشاة: ماه، كأنهم سموها بالذي سمعوه منها، حين جهلوا اسمها.

_ [1] ديوان الكميت 1/236، وأساس البلاغة (أبي) ، والعمدة 2/27. [2] الواسقات: الجامعات. [3] البيت للفرزدق في اللسان والتاج (عشش) ، وليس في ديوانه. [4] طروقا: ليلا. مسدف: مظلم. [5] رام الشيء: أراده. [6] ديوان ذي الرمة 390، والخزانة 4/344، والخصائص 3/29. [7] الماء: حكاية صوت الشاة. بغمت الظبية: صاحت إلى ولدها بأرخم ما يكون من صوتها.

1423 -[العلة في صعوبة بعض اللغات]

وقيل لصبي يلعب على بابهم [1] : من أبوك يا غلام؟ وكان اسم أبيه كلبا- فقال: وو وو. وزعم صاحب المنطق، أن كل طائر عريض اللسان، والإفصاح بحروف الكلام منه أوجد. ولابن آوى صياح يشبه صياح الصبيان. وكذلك الخنزير. وقد تهيأ للكلب مثل: عف عف، ووو وو، وأشباه ذلك. وتهيّأ للغراب القاف. وقد تهيّأ للهزاردستان- وهو العندليب- ألوان أخر، وقد تهيّأ للببغاء من الحروف أكثر. فإذا صرت إلى السنانير وجدتها قد تهيّأ لها من الحروف العدد الكثير، ومتى أحببت أن تعرف ذلك فتسمّع تجاوب السنانير، وتوعّد بعضها لبعض في جوف الليل، ثم أحص ما تسمعه وتتبّعه، وتوقّف عنده، فإنك ترى من عدد الحروف ما لو كان لها من الحاجات والعقول والاستطاعات؛ ثمّ ألّفتها لكانت لغة صالحة الموضع، متوسّطة الحال. 1423-[العلة في صعوبة بعض اللغات] واللغات إنما تشتدّ وتعسر على المتكلم بها؛ على قدر جهله بأماكنها التي وضعت فيها، وعلى قدر كثرة العدد وقلّته، وعلى قدر مخارجها، وخفّتها وسلسها، وثقلها وتعقّدها في أنفسها، كفرق ما بين الزّنجي والخوزي فإن الرجل يتنخّس [2] في بيع الزّنج وابتياعهم شهرا واحدا فيتكلّم بعامّة كلامهم، ويبايع الخوز، ويجاورهم زمانا فلا يتعلّق منهم بطائل. والجملة: أنّ من أعون الأسباب على تعلّم اللغة فرط الحاجة إلى ذلك. وعلى قدر الضرورة إليها في المعاملة يكون البلوغ فيها، والتقصير عنها. 1424-[مناسبة الهر للإنسان] والسنور يناسب الإنسان في أمور [3] : منها أنه يعطس، ومنها أنه يتثاءب، ومنها أنه يتمطّى ويغسل وجهه وعينيه بلعابه، وتلطع الهرّة وبر جلد ولدها بعد الكبر، وفي الصغر، حتى يصير كأن الدّهان تجري في جلده.

_ [1] الخبر في البيان 1/64. [2] يتنخس: يحترف النّخاسة، وهي بيع الرقيق والعبيد. [3] الخبر في ربيع الأبرار 5/427.

1425 -[ما يتهيأ للغربان من الحروف]

1425-[ما يتهيأ للغربان من الحروف] ويتهيأ لبعض الغربان من الحروف والحكاية ما لا يعشره [1] الببغاء. 1426-[نفع خرء الفأر] وزعمت الأطباء أن خرء الفأر يسقاه صاحب الأسر فيطلق عن بوله. والأسر هو حصر البول ولكن لا يسمّى بذلك. وهو الأسر بالألف، دون الياء. ويصيب الصبيّ الحصر فيحتمل من خرء الفأر فيطلق عنه. فقد تهيأ في خرء الفأر دواءان لداءين قاتلين مجهزين. ولذلك قيل [2] لأعرابيّ قد اجتمعت فيه أوجاع شداد: أيّ شيء تشتكي؟ قال: أمّا الذي يعمدني [3] فحصر وأسر. 1427-[استطراد لغوي] يقال: خثى الثور يخثي خثيا. وواحد الأخثاء خثي كما ترى. ويقال: خزق الطائر، وذرق، ومزق، وزرق. قال ابن الأعرابيّ: لا يكون النّجو جعرا حتى يكون يابسا. ويقال: ونم الذّباب. واسم نجوه: الونيم. وقال الشاعر [4] : [من الوافر] وقد ونم الذّباب عليه حتى ... كأنّ ونيمه نقط المداد وهو ونيم الذّباب، وعرّة الطائر، وصوم النّعام، وروث الحمار، وبعر البعير والشاة والظبي، وخثي البقر. وقال الزّبير: «من أهدى لنا مكتلا من عرّة أهدينا له مكتلا من تمر» [5] .

_ [1] يعشره: يبلغ عشره. [2] الخبر في البيان 1/410، واللسان 3/303 (عمد) . [3] عمده: أضناه وأوجعه. [4] البيت للفرزدق في ديوانه 215 (الصاوي) ، واللسان والتاج (ونم) ، والمجمل 4/556، والجمهرة 992، وبلا نسبة في ديوان الأدب 3/255، والمخصص 8/186، والتهذيب 15/535، 16/209، وتقدم البيت في 3/169. [5] النهاية 3/205: (ومنه حديث سعد أنه كان يدمل أرضه بالعرة، أي يصلحها. وفي رواية: كان يحمل مكيال عرة إلى أرض له بمكة) .

1428 -[اتقاء ألسن الشعراء]

قال: العرّة اسم لجميع ما يكون من جميع الحيوان. ولذا قال الزبير ما قال. قال: ويقال: رمصت الدجاجة، وذرقت، وسلحت. فإذا صاروا إلى الإنسان والفأرة قالوا: خرء الإنسان وخرء الفأرة. ويقال خروءة الفأرة أدخلوا الهاء فيه، كما قالوا ذكورة للذّكران. وقد يستعار ذلك لغير الإنسان والفأرة. قالت دختنوس بنت لقيط بن زرارة، في يوم شعب جبلة [1] : [من مجزوء الكامل] فرّت بنو أسد خرو ... ء الطّير عن أربابها [2] فلذلك يقال لبني أسد: خروء الطير. وقيل لهم: عبيد العصا [3] ببيت قاله صاحبهم بشر بن أبي خازم [4] ، قالها لأوس بن حارثة: [من الطويل] عبيد العصا لم يتّقوك بذمة ... سوى سيب سعدى إنّ سيبك واسع [5] 1428-[اتقاء ألسن الشعراء] فيجب على العاقل بعد أن يعرف ميسم الشّعر مضرّته، أن يتّقي لسان أخسّ الشّعراء وأجهلهم شعرا بشطر ماله؛ بل بما أمكن من ذلك. فأما العربيّ أو المولى الرّاوية، فلو خرج إلى الشعراء من جميع ملكه لما عنّفته. والذي لا يكثرث لوقع نبال الشعر، كما قال الباخرزيّ [6] : [من المنسرح] ما لي أرى الناس يأخذون ويعطو ... ن ويستمتعون بالنّشب [7] وأنت مثل الحمار أبهم لا ... تشكو جراحات ألسن العرب

_ [1] يوم شعب جبل: كان لعامر وعبس على ذبيان وتميم، واجتمعت فيه أسد وغطفان إلى لقيط، ودارت الدائرة على ذبيان وتميم، وقتل لقيط، وأسر أخوه حاجب. انظر معجم البلدان 2/104، والأغاني 11/131، والنقائض 654، والعمدة 2/203. [2] البيت في الأغاني 11/146، والنقائض 666، ومعجم الأدبيات 225، وبلاغات النساء 256، وشاعرات العرب 52، ومراثي شواعر العرب 53، والدر المنثور 191، والجمهرة 1096. [3] عبيد العصا: مثل يضرب للذليل الذي يكون نفعه في ضره،؛ وعزه في إهانته. والمثل في مجمع الأمثال 2/19، والفاخر 192. والمستقصى 2/398، ثمار القلوب (895) . [4] ديوان بشر بن أبي خازم 115 (142) ، والبيان 3/40، وثمار القلوب (895) . [5] في ديوانه: «السيب: العطاء. سعدى: هي سعدى بنت حصن الطائي أم أوس بن حارثة، وبشر يمدح أوس بن حارثة في هذا البيت. ويهجو بني أسد، وبنو أسد قوم بشر، فهو يتقرب إليه بهجاء قومه» . [6] البيتان بلا نسبة في عيون الأخبار 2/41. [7] النشب: المال.

1429 -[استطراد لغوي]

ولأمر مّا قال حذيفة لأخيه، والرماح شوارع في صدره: «إياك والكلام المأثور» [1] . وهذا مذهب فرعت [2] فيه العرب جميع الأمم. وهو مذهب جامع لأسباب الخير. 1429-[استطراد لغوي] قال: ويقال لموضع الغائط: الخلاء، والمذهب، والمخرج، والكنيف والحشّ، والمرحاض، والمرفق. وكل ذلك كناية واشتقاق، وهذا أيضا يدلك على شدة هربهم من الدناءة والفسولة، والفحش والقذع. قال: وعن اليزيديّ: رجع الرجل، من الرجيع وخبرني أبو العاص عن يونس، قال: ليس الرجيع إلا رجيع القول والسّفر والجرّة. قال الله تعالى: وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ [3] وقال الهذليّ وهو المتنخّل [4] : [من السريع] أبيض كالرّجع رسوب إذا ... ما ثاخ في محتفل يختلي [5] وفي الحديث [6] : «فلما قدمنا الشام وجدنا مرافقهم [7] قد استقبل بها القبلة، فكنّا ننحرف ونستغفر الله» .

_ [1] قال حذيفة هذا القول في يوم الهباءة، وورد هذا القول في البيان 2/105، والعقد الفريد 3/316، وتقدم هذا القول في 60/3. ويقوم الهباءة: هو يوم الجفر، وكان لعبس على ذبيان، وفيه قتل حذيفة بن بدر وأخوه حم لسيدا بني فزارة. انظر العمدة 2/202، ومعجم البلدان 5/389 (هباءة) . [2] فرع القوم: علاهم شرفا. [3] 11/الطارق: 86، والرجع في هذه الآية هو المطر. [4] البيت للمتنخل الهذلي في شرح أشعار الهذليين 1260، واللسان (رسب، ثوخ، رجع، حفل) ، والتاج (حفل) ، والتهذيب 1/364، 5/77، والمخصص 6/21، 10/129، والتنبيه والإيضاح 1/283، وللهذلي في ديوان الأدب 1/116، وبلا نسبة في الجمهرة 460. [5] في ديوان الهذليين 2/13: «الرجع: الغدير فيه ماء المطر. المحتفل: معظم الشيء، ومحتفل الوادي معظمه. ثاخ وساخ واحد، أي غاب. يختلي: يقطع. الرسوب: الذي إذا وقع غمض مكانه لسرعة قطعه» . [6] الحديث لأبي أيوب في النهاية 2/247 (رفق) . [7] مرافقهم: أراد الكنف والحشوش. «النهاية 2/247» .

1430 -[شعر ابن عبدل في الفأرة والسنور]

1430-[شعر ابن عبدل في الفأرة والسنّور] وقال ابن عبدل في الفأرة والسنّور: [من الخفيف] يا أبا طلحة الجواد أغثني ... بسجال من سيبك المقسوم [1] أحي نفسي فدتك نفسي فإني ... مفلس قد- علمت ذاك- عديم أو تطوّع لنا بسلف دقيق ... أجره إن فعلت ذاك عظيم [2] قد علمتم فلا تعامس عنّي ... ما قضى الله في طعام اليتيم [3] أراد: لا تعامسوا. فاكتفى بالضمة من الواو. وأنشد [4] : [من الوافر] فلو أنّ الأطبّا كان حولي ... وكان مع الأطباء الأساة ليس لي غير جرّة وأصيص ... وكتاب منمنم كالوشوم [5] وكساء أبيعه برغيف ... قد رقعنا خروقه بأديم [6] وإكاف أعارنيه نشيط ... هو لحاف لكلّ ضيف كريم [7] ونبيذ مما يبيع صهيب ... يذر الشّيخ رمحه ما يقوم ربّ حلّا فقد ذكرت أصيصي ... ولحافي حتى يغور النّجوم كل بيت عليه نصف رعيف ... ذاك قسم عليهم معلوم فرّ منه مولّيا فار بيتي ... ولقد كان ساكنا ما يريم قلت: هذا صوم النصارى فحلّوا ... لا تليحوا شيوخكم في السّموم [8] ضحك الفأر ثم قلن جميعا ... أهو الحقّ كلّ يوم تصوم قلت: إن البراء قد قام في ال ... نّاس بإذن وأنت فينا ذميم [9] حملوا زادهم على خنفسات ... وقراد مخيّس مزموم [10]

_ [1] سجال: جمع سجل، وهو الدلو العظيمة. السيب: العطاء. [2] السلف: الجراب الضخم. [3] التعامس: التغافل. [4] البيت بلا نسبة في مجالس ثعلب 88، والإنصاف 385، وشرح المفصل 7/5، 9/80، والمقاصد النحوية 4/551، والخزانة 5/229، 231، وهمع الهوامع 1/58، والدرر 1/178. [5] الأصيص: إناء كهيئة الجرة له عروتان يحمل فيه الطين، أو هو الخابية تزرع فيه الرياحين. [6] الأديم: الجلد. [7] الإكاف: البرذعة. نشيط: اسم رجل. [8] لا تليحوا: لا تهلكوا. السموم: الريح الحارة. [9] البراء: الليلة الأولى أو الأخيرة، أو اليوم الأول أو الأخير من الشهر. [10] خنفسات: جمع خنفسة. مخيس: مذلل. مزموم: وضع عليه الزمام.

وإذا ضفدع عليه إكاف ... علّموه بعد النّفار الرّسيم [1] خطموا أنفه بقطعة حبل ... يا لقومي لأنفه المخطوم نصبوا منجنيقهم حول بيتي ... يا لقومي لبيتي المهدوم [2] وإذا في الغباء سمّ بريص ... قائم فوق بيتنا بقدوم [3] قلت: بيت الجرين مجمع صدق ... كان قدما لجمعكم معلوم [4] قلن: لولا سنّورتاه احتفرنا ... مسكنا تحت تمره المركوم [5] إن تلاق سنّورتاه فضاء ... تذرانا وجمعنا كالهزيم عشّش العنكبوت في قعر دنّي ... إنّ ذا من رزيّتي لعظيم ليتني قد غمرت دنّي حتى ... أبصر العنكبوت فيه يعوم غرقا لا يغيثه الدهر إلا ... زبد فوق رأسه مركوم مخرجا كفّه ينادي ذبابا ... أن أغثني فإنني مظلوم قال ذرني فلن أطيق دنوّا ... من نبيذ يشمّه المزكوم وقال في الفأر والسنور: [من المنسرح] قد قال سنّورنا وأعهده ... قد كان عضبا مفوّها لسنا [6] الو أصبحت عندنا جنازتها ... لحنّطت واشترى لها كفنا [7] ثم جمعنا صحابتي وغدوا ... فيهم كريب يبكي وقام لنا كلّ عجوز حلو شمائلها ... كانت لجرذان بيتنا شجنا [8] من كلّ حدباء ذات خشخشة ... أو جرذ ذي شوارب أرنا [9]

_ [1] الرسيم: ضرب من السير. [2] المنجنيق: آلة حربية ثقيلة تستخدم لقذف الأحجار والسهام وقوارير النفط أو أي مقذوفات أخرى باتجاه العدو. وكلمة «منجنيق» دخلت العربية من الفارسية تحريفا لعبارة «من جه نيك» وقيل إنها تعني «أنا ما أجودني» ، أو بكلمة «منجك» ومعناها «الارتفاع إلى فوق» . انظر الأنيق في المناجنيق 16. [3] الغباء: الغبار. سم بريص: أراد سام أبرص. [4] الجرين: موضع التمر الذي يجفف. [5] سنورتاه: مثنى سنورة. المركوم: المجموع. [6] العضب: الحديد في الكلام. [7] حنطت: طيبت بالحنوط، وهو طيب يخلط للميت خاصة. [8] عجوز: أي من السنانير. [9] حدباء: أي من الجرذان. الخشخشة: صوت كل شيء يابس. وأراد ما تصدره من صوت حين تقضم الخبز اليابس ونحوه. الأرن: النشيط.

1431 -[ضروب الفأر]

سقيا لسنّوة فجعت بها ... كانت لميثاء حقبة سكنا [1] 1431-[ضروب الفأر] قال: والفأر ضروب: فمنها الجرذان والفأر المعروفان، وهما كالجواميس والبقر، وكالبخت والعراب. ومنها الزباب. ومنها الخلد. واليرابيع شكل من الفأر، واسم ولد اليربوع درص، مثل ولد الفأر. ومن الفأر فأرة المسك [2] ، وهي دويبة تكون في ناحية تبّت، تصاد لنوافجها وسررها [3] ، فإذا اصطادها صائد عصب سرّتها بعصاب شديد، وسرّتها مدلاة، فيجتمع فيها دمها فإذا أحكم ذلك ذبحها. وما أكثر من يأكلها- فإذا ماتت قوّر السرة التي كان عصبها له والفأرة حيّة، ثم دفنها في الشعير حتى يستحيل ذلك الدم المحتقن هناك، الجامد بعد موتها، مسكا ذكيا، بعد أن كان ذلك الدّم لا يرام نتنا. قال: وفي البيوت أيضا قد يوجد فأر مما يقال له: فأر المسك، وهي جرذان سود ليس عندها إلا تلك الرائحة اللازمة له. قال: وفي الجرذان جنس لها عبث بالعقود والشّنوف [4] ، والدراهم والدنانير، على شبيه بالذي عليه خلق العقعق [5] ؛ إلا أن هذه الجرذان تفرح بالدنانير والدراهم، وبخشخاش الحلي. وذلك أنها تخرجها من جحورها في بعض الزمان، فتلعب عليها وحواليها، ثم تنقلها واحدا واحدا، حتى تعيدها عن آخرها إلى موضعها. فزعم الشّرقيّ بن القطاميّ- وقد رووه عن شوكر أن رجلا [6] من أهل الشام اطّلع على جرذ يخرج من جحره دينارا دينارا، فلما رآه قد أخرج مالا صالحا استخفّه الحرص، فهمّ أن يأخذه، ثم أدركه الحزم، وفتح له الرزق المقسوم بابا من الفطنة،

_ [1] ميثاء: اسم لامرأة. الحقبة: مدة من الدهر. سكنا: هو كل ما سكنت إليه واطمأننت به من أهل وغيره. [2] هذا القول حتى قوله «لا يرام نتنا» نقله ابن منظور في اللسان 5/42- 43 (فأر) ، والنويري في نهاية الأرب 10/171. [3] النوافج: جمع نافجة، وهي وعاء المسك. السرر: جمع سرة؛ وهي الوقبة في وسط البطن. [4] الشنوف: جمع شنف، وهو القرط. [5] العقعق: طائر مولع بالسرقة. انظر ما تقدم في ص 84- 85. [6] الخبر في ربيع الأبرار 5/473.

باب آخر يدعونه للفأر

فقال: الرأي أن أمسك عن أخذه ما دام يخرج، فإذا رأيته يدخل فعند أوّل دينار يغيّبه ويعيده إلى مكانه أثب عليه، فأجترف المال. قال: ففعلت وعدت إلى موضعي الذي كنت أراه منه. فبينما هو يخرج إذ ترك الإخراج، ثم جعل يرقص ويثب إلى الهواء، ويذهب يمنة ويسرة ساعة، ثم أخذ دينارا فولّى به، فأدخله الجحر، فلما رأيت ذلك قمت إلى الدنانير فأخذتها، فلما عاد ليأخذ دينارا آخر فلم يجد الدنانير أقبل يثب في الهواء، ثم يضرب بنفسه الأرض، حتى مات. وهذا الحديث من أحاديث النساء وأشباه النساء. باب آخر يدّعونه للفأر وهو الذي ينظر فيه أصحاب الفراسة في قرض الفأر، كما ينظر بعضهم في الخيلان [1] ، وفي الأكتاف، وفي أسرار الكفّ [2] . ويزعمون [3] أنّ أبا جعفر المنصور نزل في بعض القرى، فقرض الفأر مسحا له كان يجلس عليه، فبعث به ليرفأ [4] ، فقال لهم الرفّاء: إنّ هنا أهل بيت يعرفون بقرض الفأر ما ينال صاحب المتاع من خير أو شر، فلا عليكم أن تعرضوه عليهم قبل أن تصلحوه. فبعث المنصور إلى شيخهم، فلما وقعت عينه على موضع القرض وثب وقام قائما ثم قال: من صاحب هذا المسح؟ فقال المنصور: أنا. فقام ثم قال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته! والله لتلينّ الخلافة أو أكون جاهلا أو كذابا! ذكر هذا الحديث عمر بن مجمّع السّكوني الصّريمي وقد قضى على بعض البلدان.

_ [1] الخيلان: جمع خال، وهو نكتة سوداء في البدن. [2] أسرار الكف: خطوطها. [3] الخبر في نهاية الأرب 10/168. [4] رفأ الثوب: لأم خرقه.

1432 -[فأرة المسك]

1432-[فأرة المسك] وسألت [1] بعض العطارين من أصحابنا المعتزلة عن فأرة المسك فقال: ليس بالفأرة، وهو بالخشف أشبه. ثم قصّ عليّ شأن المسك وكيف يصطنع. وقال، لولا أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد تطيّب بالمسك لما تطيّبت به، فأمّا الزباد [2] فليس مما يقرب ثيابي منه شيء. قلت له: وكيف يرتضع الجدي من لبن خنزيرة فلا يحرم لحمه؟ قال: لأنّ ذلك اللبن استحال لحما، وخرج من تلك الطبيعة، ومن تلك الصورة، ومن ذلك الاسم. وكذلك لحوم الجلّالة [3] . فالمسك غير الدّم، والخلّ غير الخمر. والجوهر ليس يحرم بعينه، وإنما يحرم للأعراض والعلل. فلا تقزّز منه عند تذكرك الدّم الحقين؛ فإنه ليس به. وقد تتحوّل النار هواء، والهواء ماء، فيصير الشبه الذي بين الماء والنار بعيدا جدّا. 1433-[بيت الفأر] والجرذان لا تحفر بيوتها على قارعة طريق، وتجتنب الخفض؛ لمكان المطر، وتجتنب الجوادّ [4] ؛ لأن الحوافر تهدم عليها بيوتها. فإذا أخرجها وقع حافر فرس، مع هذا الصّنيع، دلّ ذلك على شدة الجري والوقع. وقال امرؤ القيس [5] يصف فرسه: [من الطويل] فللسّوط ألهوب وللرّجل درّة ... وللزّجر منه وقع أهوج منعب [6]

_ [1] هذا الخبر نقله ابن منظور في اللسان 5/42- 43 (فأر) ، وجعله متصلا مع الخبر الذي ورد في ص 162. [2] الزباد: ضرب من الطب، وهو عرق حيوان يشبه السنور. [3] الجلالة: التي تأكل العذرة وتتبع النجاسات. [4] الجواد: جمع جادة، وهي معظم الطريق. [5] ديوان امرئ القيس 51، والأول في اللسان والتاج (نعب) ، والجمهرة 1193، والتهذيب 6/315، وبلا نسبة في المخصص 6/166، وهو بقافية (مهذب) في اللسان والتاج (لهب، هذب) ، وبلا نسبة في المقاييس 5/214، والثاني في شرح شذور الذهب 202، والأساس (نوط) ، والثالث في اللسان (عكد، غبا) ، والتاج (عكد) ، والتهذيب 8/208، والرابع في اللسان والتاج (نفق، خفي) ، والمقاييس 2/202، والعين 4/314، والتهذيب 7/596، وبلا نسبة في التاج (جلب) . [6] في ديوانه: «يقول: إذا حركه بساقه ألهب الجري، أي أتى بجري شديد كالتهاب النار، وإذا ضربه بالسوط درّ بالجري، وإذا زجره وقع منه موقعه من الأهوج الذي لا عقل معه؛ أي كأن هذا الفرس-

1434 -[استطراد لغوي]

فأدرك، لم يعرق مناط عذاره ... يدرّ كخذروف الوليد المثقّب [1] ترى الفأر في مستعكد الأرض لاجئا ... إلى جدد الصحراء من شدّ ملهب [2] خفاهنّ من أنفاقهنّ كأنّما ... خفاهنّ ودق من سحاب مركّب [3] خفاهنّ: أظهرهنّ. وقرأ بعضهم: إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها [4] ، بفتح الألف [5] ؛ أي أظهرها. وقال امرؤ القيس [6] : [من المتقارب] فإن تدفنوا الداء لا نخفه ... وإن تبعثوا الحرب لا نقعد وقال أعرابيّ [7] : إن بني عامر جعلتني على حنديرة [8] أعينها، تريد أن تختفي دمي [9] . 1434-[استطراد لغوي] وقال أبو عبيدة: أربعة أحرف تهمزها عقيل من بين جميع العرب، تقول [10] : فأرة، ومؤسى، وجؤنة، وحؤت [11] .

_ مجنون أهوج لما يبدو من شدة حركته ونشاطه عند الزجر. والمنعب: الذي يستعين بعنقه. في الجري ويمده» . [1] رواية صدر البيت في الديوان «فأدرك لم يجهد ولم يثن شأوه» . أي أدرك الفرس الوحش دون مشقة أو تعب. لم يثن شأوه: أي أدركها في طلق واحد دون أن تثنيه لسرعته، وشبهه لسرعته وخفته بالخذروف المثقب إذا أداره الوليد. والخذروف: عود أو قصبة مشقوقة، يفرض في وسطه، ثم يشد بخيط، فإذا أمر دار وسمعت له حفيفا. وهو لعبة للصبيان. [2] رواية صدر البيت في الديوان «ترى الفأر في مستنقع القاع لاحبا» ، المستعكد: الغليظ من الأرض. الجدد: ما استوى من الأرض وصلب. المهلب: لشديد العدو الملتهب في الجري. [3] في ديوانه: «خفاهن: أي أظهرهن، أي استخرجهن. الأنفاق: الأسراب تحت الأرض. الودق: المطر» . [4] 15/طه: 20. [5] هي قراء الحسن وعاصم وابن كثير وأبي الدرداء ومجاهد وسعيد بن الجبير وقتادة وحميد. المحتسب 2/47، والبحر المحيط 6/232، وعمدة الحفاظ 1/518 (خفي) . [6] البيت لامرئ القيس في ديوانه 186، واللسان (خفا) ، والتاج (خفي) ، ولعمرو بن أحمر في ملحق ديوانه 180، وبلا نسبة في التهذيب 7/595. [7] ورد في اللسان 14/235 (خفي) : «ومنه قول الغنوي لأبي العالية: إن بني عامر أرادوا أن يختفوا دمي» . [8] الحنديرة: حدقة العين. [9] أي تريد أن تقتلني خفية دون أن يعلم بي. [10] في اللسان 5/43 (فأر) : «وعقيل تهمز الفأرة والجؤنة والمؤسى «والحؤت» . [11] المؤسى: موسى الحلاق، يذكر ويؤنث. الجؤنة: ظرف لطيب العطار. الحؤت: الحوت.

1435 -[فأرة الإبل]

فأصناف ما يقع عليه اسم الفأرة: فأرة البيش، وفأرة البيت، وفأرة المسك، وفأرة الإبل. وفي فأرة المسك يقول حميد الأرقط: [من الرجز] ممطورة خالط منها النّشر ... ذا أرج شقّق عنه الفأر وفي فأرة الإبل قال الشاعر [1] : [من البسيط] كأنّ فأرة مسك في مباءتها ... إذا بدا من ضياء الصّبح تبشير [2] وهذا شبيه بالذي قال الراعي [3]- وليس به-: [من الطويل] تبيت بنات القفر عند لبانه ... بأحقف من أنقاء توضح هائل [4] كأن القطار حرّكت في مبيته ... جديّة مسك في معرّس قافل [5] 1435-[فأرة الإبل] قال الأصمعيّ: قلت لأبي مهدية: كيف تقول: لا طيب إلا المسك؟ قال: فأين أنت من العنبر؟! قال: فقلت: لا طيب إلا المسك والعنبر. قال: فأين البان؟! فقلت: لا طيب إلا المسك والعنبر والبان [6] . قال: فأين أنت عن أدهان بحجر [7] ؟! قال: فقلت: لا طيب إلا المسك، والعنبر. والبان، وأدهان بحجر. قال: فأين فأرة الإبل صادرة؟! قال الأصمعيّ: فأرة الإبل [8] .

_ [1] البيت بلا نسبة في ثمار القلوب (612) . [2] مباءة الإبل: مناخها ومعطنها. [3] ديوان الراعي النميري 209. [4] بنات القفر: بنات النقا، وبنت النقا تعرف باسم شحمة الأرض، وو هي دويبة صغيرة تغوص في الرمل وتسبح فيه سباحة السمك في الماء. «انظر ثمار القلوب (736) ، والمخصص 8/101» . اللبان: الصدر. الأحقف: المائل من الرمل. الأنقاء: الكثبان. توضح: اسم موضع بعينه. [5] القطار: جمع قطر؛ وهو المطر. الجدية: القطعة من المسك. المعرس: مبيت القوم من آخر الليل. القافل: الراجع من السفر. [6] البان: شجر يسمو ويطول في استواء مثل بغات الأسل، وليس لخشبه صلابة، ينبت في الهضب، وثمرته تشبه قرون اللوبياء، ولها حب، ومن ذلك الحب يستخرج دهن البان. [7] حجر: قصبة اليمامة. [8] نبّه محقق ثمار القلوب (611) إلى وجود نقص هنا يمكن استدراكه من نقل ابن أبي الحديد في شرح النهج 16/350، وذكر في الحاشية «وليس للإبل فأرة، وإنما هي رائحة طيبة تفوح منها إذا رعت العشب وزهره، ثم شربت فعرقت فاح منها رائحة طيبة، يقال لها: فأرة الإبل» ، وانظر اللسان 5/43 (فأر) .

1436 -[فأرة البيش والسمندل]

1436-[فأرة البيش والسمندل] وفأرة البيش دويبة تغتذي السّموم فلا تضرها. والبيش سمّ، وحكمه حكم الطائر الذي يقال له: سمندل؛ فإنه يسقط في النار فلا يحترق ريشه 2237-[الخشب الذي لا يحترق] ونبّيت عن أمير المؤمنين المأمون أنه قال: لو أخذ الطّحلب فجفف في الظّلّ، ثم أسقط في النّيران لم يحترق. ولولا ما عاينوا من شأن الطّلق والعود الذي يجاء به من كرمان [1] لاشتدّ إنكارهم. وزعم [2] ابن أبي حرب أن قسّا راهن على أن الصليب الذي في عنقه من خشب، أنه لا يحترق؛ لأنه من العود الذي كان صلب عليه المسيح، وأنه كان يفتن بذلك ناسا من أهل النظر، حتى فطن له بعض المتكلمين، فأتاهم بقطعة عود يكون بكرمان [1] . فكان أبقى على النار من صليبه. 1438-[مساوي السنانير] قال صاحب الكلب: والسنور لصّ لئيم، وشره خؤون. فمن ذلك أن صاحب المنزل يرمي إليه ببعض الطعم، فيحتمله احتمال المريب، واللصّ المغير، حتى يولج به خلف حبّ أو راقود، أو عدل [3] أو حطب، ثم لا يأكله إلا وهو يتلفَّت يمينا وشمالا، كالذي يخاف أن يسلب ما أعطي، أو يعثر على سرقته فيعاقب. ثم ليس في الأرض خبثة إلا وهو يأكلها، مثل الخنافس والجعلان، وبنات وردان، والأوزاغ، والحيّات، والعقارب، والفأر، وكلّ نتن وكل خبثة، وكلّ مستقذر. وهذه الأنعام تدخل الغيض، فتجتنب مواضع السموم بطبائعها، وتتخطاها ولا تلتفت لفتها. وربما أشكل الشيء على البعير، فيمتحنه بالشّمة الواحدة. فلا تغلط الإبل إلا في البيش وحده. ولا تغلط الخيل إلا في الدّفلى [4] وحده.

_ [1] كرمان: ولاية بين فارس ومران وسجستان وخراسان. [2] انظر هذا الزعم في عيون الأخبار 2/107، وثمار القلوب (663) . [3] الحب: الجرة الضخمة. الراقود: إناء من خزف مستطيل. العدل: نصف العدل على أحد جنبي البعير. [4] انظر مثل هذه الفقرة في ربيع الأبرار 5/427.

1439 -[هيج الحيوان]

والسنانير تموت عن أكل الأوزاغ والحيّات والعقارب، وما لا يحصى عدده من هذه الحشرات، فهذا يدلّ على جهل بمصلحة المعاش، وعلى حسّ غليظ وشره شديد. 1439-[هيج الحيوان] قالوا: وكل أنثى من جميع الحيوان، ما خلا المرأة، فلا بدّ لها من هيج في زمان معلوم، ثم لا يعرف ذلك منها وفيها إلا بالدلائل والآثار، أو ببعض المعاينة. وإناث السنانير، إذا هجن للسّفاد، آذين بصياحهنّ أهل القبائل ليلا ونهارا، بشيء ظاهر قاهر عليّ. لا يعتريهن فترة ولا ملالة ولا سآمة. فربّ رجل حرّ شديد الغيرة، وهو جالس مع نسائه وهنّ يتردّدن على مثل هذه الهيئة، ويصرخن في طلب السّفاد. فكم من حرة قد خجلت، وحرّ قد انتقضت طبيعته. وليس لشيء من فحولتها [1] مثل ذلك. فكل جنس في العالم من الحيوان فذكورته أظهر هيجا، إلا السّنانير. وليس لشيء من فحولة الأجناس مثل الذي للجمل من الإزباد، وهجران الرّعي، وترك الماء، حتى تنضمّ أياطله [2] ، ويتورّم رأسه، ويكون كذلك الأيام الكثيرة. وهو في ذلك الوقت لو حمّل على ظهره- مع امتناعه شهرا من الطعام- ثلاثة أضعاف حمله لحملها. 1440-[أمنية المكي وإسماعيل بن غزوان] ونظر المكيّ إلى جمل قد أزبد وتلغّم، وطار على رأسه منه كشقق البرس [3] ، وقد زمّ بأنفه، وهو يهدر ويقبقب [4] ، لا يعقل شيئا إلا ما هو فيه، فقال لإسماعيل بن غزوان: والله لوددت أن أهل البصرة رأوني يوما واحدا إلى الليل على هذه الصفة، وأنّي خرجت من قليل مالي وكثيره! فقال له إسماعيل: وأي شيء لك في ذلك؟ قال: كنت والله لا أصبح حتى يوافي داري جميع نساء أهل البصرة، وجواريك فيهنّ فلا

_ [1] أي فحولة السنانير. [2] الأياطل: جمع أيطل، وهو الخاصرة. [3] الشقق: جمع شقة، وهي السبيبة المستطيلة من الثياب. البرس: القطن. [4] يقبقب: يرجع في هديره.

1441 -[حال بعض الحيوان عند معاينة الأنثى]

أبدا إلا بهنّ! قال إسماعيل: إنك والله ما سبقتني إلا إلى القول، وأما النية والأمنيّة فأنا والله أتمنّى هذا منذ أنا صبيّ!. 1441-[حال بعض الحيوان عند معاينة الأنثى] وللحمار والفرس عند معاينة الحجر والأتان هيج وصياح، وقلق وطلب. والجمل يقيم على تلك الصّفة عاين أو لم يعاين، ثم يدنى من هذه الذّكورة إناثها فلا تسمح بالإمكان إلا بعد أن تسوّى وتدارى. 1442-[مقارنة بين السنور والكلب والحمام] قالوا: والسنانير إذا انتقل أربابها من دار إلى دار، كان وطنها أحبّ إليها منهم، وإن أثبتت أعيانهم. فإن هم حوّلوها فأنكرت الدار لم تقم على معرفتهم، فربما هربت من دارهم الحادثة ولم تعرف دارهم الأولى، فتبقى متردّدة: إما وحشية، وإما مأخوذة، وإما مقتولة. والكلب يخلّي الدار، ويذهب مع أهل الدار. والحمام في ذلك كالسنور. 1443-[اختلاف أثمان السنور] قال صاحب الكلب: السنور يسوى في صغره درهما، فإذا كبر لم يسو شيئا [1] . وقال العمّيّ [2] : [من الطويل] فإنّك فيما قد أتيت من الخنا ... سفاها، وما قد ردت فيه بإفراط كسنّور عبد الله، بيع بدرهم ... صغيرا فلمّا شبّ بيع بقيراط وصاحب هذا الشعر، لو غبر مع امرئ القيس بن حجر، والنابغة الذّبياني، وزهير ابن أبي سلمى، ثم مع جرير والفرزدق، والراعي والأخطل، ثم مع بشار وابن هرمة، وابن أبي عيينة، ويحيى بن نوفل وأبي يعقوب الأعور، ألف سنة- لما قال بيتا واحدا مرضيا أبدا. وقد يضاف هذا الشعر إلى بشّار، وهو باطل.

_ [1] ورد مثل هذا القول في ثمار القلوب (608) ، وربيع الأبرار 5/428. [2] البيتان لبشار بن برد في ديوانه 4/111، ومجمع الأمثال 2/173، ووفيات الأعيان 6/190، وعقلاء المجانين 89، وانظر الحاشية السابقة.

1444 -[حلاق الحيوان وبعض الأمم]

1444-[حلاق الحيوان وبعض الأمم] وزعم لي من لا أردّ خبره، أن الحلاق قد يعرض للسنانير، كما يعرض للخنازير والحمير. وزعم لي بعض أهل النظر، أنّ الزّنج أشبهوا الحمير في كلّ شيء، حتى في الحلاق؛ فإنه ليس على ظهرها زنجيّ إلا وهو حلقيّ. وقد غلط. ليس عليها زنجيّ عليه مؤونة من أن يناك. وليس هذا تأويل الحلاق. وتأويل الحلاق أن يكون هو الطالب. والنبيذ يهتك ستر الحلقيّ، وينقض عزم المتجمّل [1] . وهم يشربون النبيذ أبدا. وسوء الاحتمال له، وسرعة السكر إليهم عامّ فيهم. وعندنا منهم أمم. فلو كان هذا المعنى حقّا لكان علمه ظاهرا. فخبّرني صاحبنا هذا [2] أن في منزل أبي يوسف يعقوب بن إسحاق الكندي هرّين ذكرين عظيمين، يكوم أحدهما الآخر، وذلك كثيرا ما يكون. وأن المنكوح لا يمانع الناكح، ولا يلتمس منه مثل الذي يبذله له. 1445-[أكل الهرة أولادها] قالوا: والهرة تأكل أولادها. فكفاك بهذه الخصلة لؤما وشرها، وعقوقا وغلظ قلب! وقال السيّد الحميريّ- وذكر مسير عائشة، رضي الله تعالى عنها، إلى البصرة مع طلحة والزّبير، حين شهدت ما لم يشهدا، وأقدمت على ما نكصا عنه [3]-: [من السريع] جاءت مع الأشقين في هودج ... تزجي إلى البصرة أجنادها كأنّها في فعلها هرّة ... تريد أن تأكل أولادها ولبئس ما قال في أمّ المؤمنين وبنت الصدّيق! وقد كان قادرا على أن يوفّر على عليّ- رضي الله عنه- فضله، من غير أن يشتم الحواريّين، وأمّهات المؤمنين، ولو

_ [1] المتجمل: المتصبر الذي يظهر للناس خلاف ما يبطن من الألم. [2] تقدم الخبر في 3/92- 93. [3] ديوان السيد الحميري 173.

1446 -[الألوان الأصلية في الحيوان]

أراد الحقّ لسار فيها وفي ذكرها سيرة علي بن أبي طالب. فلا هو جعل عليّا قدوة، ولا هو رعى للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم حرمة. وذكورة سنانير الجيران تأكل أولاد الهرة، ما دمن صغارا أو فوق الصغار شيئا، وتقتلها وتطلبها أشدّ الطلب. والأمهات تحرسها منها وتقاتل دونها، مع عجزها عن الذكورة. 1446-[الألوان الأصلية في الحيوان] قال أبو إسحاق: السنور الذي هو السنور، هو المنمّر، وهو الأنمر، وهو الذي يقال له: البقّاليّ، وذلك لكثرة اتخاذ البقالين لها، من بين سائر السنانير، لأنها أصيد للفأر. قال: وجميع ألوان السنانير إنما هي كالشّيات الدّاخلة على اللون. قال: وكذلك الحمار، إنما هو الأخضر، والألوان الأخر داخلة عليه. قال: فأما الأسد فليست بذات شيات، ولا تعدو لونا واحدا، ويكون ذلك اللون متقاربا غير متفاوت. 1447-[أحوال إناث السنانير وذكورها] قال: ومن فضيلة ما في السنانير، أنها تضع في السّنة مرتين وكذلك الماعزة في القرى، إلا ما داس الحبّ. قال: ويحدث لإناث السنانير من القوة والشجاعة إذا كامها الفحل وهرب منها عند الفراغ فلو لحقته قطّعته. ويحدث للذكر استخذاء، كما يحدث للذئب القويّ إذا ناله الخدش اليسير، ويحدث للضعيف من الجرأة عليه حتى يثب عليه فيأكله؛ فلا يمتنع منه. كما قال الشاعر [1] : [من الطويل] وكنت كذئب السّوء لما رأى دما ... بصاحبه يوما أحال على الدم ويحدث مثل ذلك للجرذ إذا خصي، من الحرد على سائر الجرذان، حتى يثب فيقطّعها، وتهرب منه ضعفا عنه.

_ [1] البيت للفرزدق في ديوانه 2/187 (صادر) ، 749 (الصاوي) ، واللسان والتاج (سوأ، حول) ، والتنبيه والإيضاح 1/20، والتهذيب 5/246، وبلا نسبة في اللسان والتاج (دمي) .

1448 -[قول زرادشت في الفأر والسنور والرد عليه]

وسائر الحيوان إنما يعتريه الضّعف عن أمثاله إذا خصي وترك أمثاله على حالها. 1448-[قول زرادشت في الفأر والسنور والردّ عليه] ثم رجعنا إلى قول زرادشت في الفأر. زعم زرادشت أن الفأرة من خلق الله. وأن السنّور من خلق الشيطان. فقيل للمجوس: ينبغي على أصل قولكم أن يكون الشيء الذي خلق الله خيرا كله ونفعا كلّه، ومرفقا [1] كله، ويكون ما خلق الشيطان على خلاف ذلك. ونحن نجد عيانا أن الذي قلتم به خطأ. رأينا الناس كلهم يرون أن الفأر بلاء ابتلوا به، فلم يجدوا بدّا من الاحتيال لصرف مضرّته، كالداء النازل الذي يلتمس له الشفاء. ثم وجدناهم قد أقاموا السنانير مقام التداوي والتعالج، وأقاموا الفأر مقام الداء الذي أنزله الله، وأمر بالتداوي منه، فاجتلبوا لذلك السنانير وبنات عرس، ثم نصبوا لها ألوان الصيّادات، وصنعوا لها ألوان السّموم والمعجونات التي إذا أكلت منها ماتت. واستفرهوا [2] السنانير واختاروا الصيّادات. واجتبوا السّنّور دون ابن عرس، لأن ابن عرس يعمل في الفأر والطير كعمل الذّئب بالغنم، فأوّل ما يصنع بالفريسة أن يذبحها، ثم لا يأكلها إلا في الفرط. والسّنّور يقتل ثم يأكل. فالفار من السنور أشدّ فزعا، وهو الذي قوبل به طباعها وطباعه. وكما أن الذي يأكل الدجاج كثير، وأن الذي جعل بإزائه ابن آوى. وكما أن الذي يأكل الغنم كثير، والذي جعل بإزائها الذئب. والأسد أقوى منه على النعجة، والنّعجة من الذّئب أشد فرقا [3] . والحيّات تطالب الفأر والجرذان، وهي من السنور أشد فزعا. وإن كان في الجرذان ما يساوي السنور فإنها منه أشد فزعا. فإن كنتم إنما جعلتموه من خلق الشيطان لأكله صنفا واحدا من خلق الله- فالأصناف التي يأكلها من خلق الشيطان أكثر.

_ [1] المرفق: ما استعين به. [2] يستفره: يختار الفاره الجيد. [3] الفرق: الخوف.

وزعم زرادشت أن السّنّور لو بال في البحر، لقتل عشرة آلاف سمكة. فإن كان إنما استبصر في ذمّه في قتل السمك فالسمك أحقّ بأن يكون من خلق الشيطان؛ لأن السمك يأكل بعضه بعضا، والذكر يتبع الأنثى في زمان طرح البيض، فكلما قذفت به التهمه. وإن غرق إنسان في الماء، بحرا كان أو واديا، أو بعض ذوات الأربع- فالسمك أسرع إلى أكله من الضّباع والسنور إلى الجيف. وعلى أنّ اعتلاله على السنور، وقوله: لو بال في البحر قتل عشرة آلاف سمكة. فما يقول فيمن زعم أن الجرذ لو بال في البحر قتل مائة ألف سمكة؟ وبأي شيء يبين منه؟ وهل ينبغي لمن كسر هذا القول الظاهر الكسر، المكشوف الموق [1] أن يفرح؟! وهل تقرّ الجماعة والأمم بأنّ في الفأر شيئا من المرافق؟! وهل يمازج مضرّتها شيء من الخير وإن قلّ؟! أو ليست الفأر والجرذان هي التي تأكل كتب الله تعالى، وكتب العلم، وكتب الحساب؛ وتقرض الثّياب الثمينة، وتطلب سرّ نوى [2] القطن، وتفسد بذلك اللّحف والدّواويج [3] والجباب، والأقبية والخفاتين [4] ، وتحسو الأدهان، فإن عجزت أفواهها أخرجتها بأذنابها؟! أو ليست التي تنقب السّلال وتقرض الأوكية [5] وتأكل الجرب حتى يعلّق المتاع في الهواء إذا أمكن تعليقه؟!. وتجلب إلى البيوت الحيّات؛ للعداوة التي بينها وبين الحيّات، ولحرص الحيّات على أكلها، فتكون سببا في اجتماعها في منازلهم، وإذا كثرن قتلن النفوس. وقال ابن أبي العجوز: لولا مكان الفأر لما أقامت الحيّات في بيوت الناس، إلا ما لا بال به من الإقامة. وتقتل الفسيل [6] والنخل، وتهلك العلف والزرع، وربما أهلكن القراح [7] كله، وحملن شعير الكدس وبرّه.

_ [1] الموق: الحمق. [2] سر النوى: لبه. [3] الدواويج: جمع دوّاج، وهو ضرب من الثياب. [4] الخفاتين: جمع خفتان، وهو ثوب يلبس تحت السلاح، أي الدرع ونحوه. انظر معجم استينجاس 468. [5] الأوكية: جمع وكاء، وهو رباط القربة. [6] الفسيل: صغار النخل. [7] القراح: الأرض المخلصة لزرع أو لغرس.

1449 -[سبب نجاح زرادشت]

أو ليس معلوما من أخلاقها اجتذاب فتائل المصابيح رغبة في تلك الأدهان، حتى ربما جذبتها جهلا وفي أطرافها الأخر السّرج تستوقد فتحرق بذلك القبائل الكثيرة، بما فيها من الناس والأموال والحيوان؟!. وهي بعد آكل للبيض وأصناف الفراخ من الحيّات لها. فكيف لم تكن من هذه الجهة من خلق الشيطان؟!. هذا، وبين طباعها وطباع الإنسان منافرة شديدة، ووحشة مفرطة. وهي لا تأنس بالناس وإن طالت معايشتها لهم والسّنّور آنس الخلق بهم. وكيف تأنس بهم وهم لا يقلعون عن قتلها ما لم تقلع هي عن مساءتهم؟! فلو كنّ مما يؤكل لكان في ذلك بعض المرفق [1] . فكيف وإنها لتلقى في الطريق ميّتة، فما يعرض لها الكلب الجائع! فالأمم كلها على التفادي منها واتخاذ السنانير لها. وزرادشت بهذا العقل دعا الناس إلى نكاح الأمهات، وإلى التوضؤ بالبول، وإلى التوكيل في نيك المغيبات، وإلى إقامة سور للسّنب [2] ، وصاحب الحائض والنفساء [3] . 1449-[سبب نجاح زرادشت] ولولا أنّه صادف دهرا في غاية الفساد، وأمّة في غاية البعد من الحرية ومن الغيرة والألفة، ومن التقزّز والتنظف، لما تمّ له هذا الأمر. وقد زعم ناس أن ذلك إنما كان وإنما تمّ لأنه بدأ بالملك [4] ؛ فدعاه على قدر ما عرف من طباعه وشهوته وخلقه. فكان الملك هو الذي حمل على ذلك رعيّته. والذي قال هذا القول ليس يعرف من الأمور إلا بقدر ما باين [5] به العامّة؛ لأنه لا يجوز أن يكون الملك حمل العامّة على ذلك، إلا بعد أن يكون زرادشت ألفى

_ [1] المرفق: المنفعة. [2] سور للسنب: كلمتان فارسيتان معناهما عيد للخفض، ونساء المجوس يحتفلون يوم تطهير المرأة. [3] من عادة المجوس تكريم صاحب الحائض في أول يوم يحدث الطمث فيه لابنته البالغ، لأنه أصبح أبا مستعدّا لزيادة البشر. [4] الملك هو يستاسف بن لهراسف، أتاه زرادشت بدين المجوسية. انظر مروج الذهب 1/270 (باب ملوك الفرس الأولى) . [5] باين: فارق.

1450 -[أثر البيئة في العقيدة]

على ذلك الفساد أجناد الملك. ولم يكن الملك ليقوى على العامة بأجناده، وبعشرة أضعاف أجناده، إلا أن يكون في العامة عالم من الناس، يكونون أعوانا للأجناد على سائر الرعية. وعلى أن الملوك ليس لها في مثل هذه الأمور علّة تدعو إلى المخاطرة بملكها، وإنما غاية الملوك كل شيء لا بد للملوك منه، فأمّا ما فضل عن ذلك فإنها لا تخاطر بأصول الملك تطلب الفضول، إلا من كان ملكه في نصاب إمامة، وإمامته في نصاب نبوّة، فإنه يتّبع كلّ شيء توجبه الشريعة، وإن كان ذلك سبيل الرأي؛ لأن الذي شرع الشريعة أعلم بغيب تلك المصلحة. وقد ينبغي أن يكون ذلك الزمان كان أفسد زمان، وأولئك الأهل كانوا شرّ أهل. ولذلك لم تر قطّ ذا دين تحوّل إلى المجوسيّة عن دينه. ولم يكن ذلك المذهب إلا في شقّهم وصقعهم [1] من فارس والجبال وخراسان. وهذه كلها فارسية. 1450-[أثر البيئة في العقيدة] فإن تعجّبت من استسقاطي لعقل كسرى أبرويز وآبائه، وأحبائه وقرابينه وكتّابه وأطبائه، وحكمائه وأساورته- فإني أقول في ذلك قولا تعرف به أني ليس إلى العصبيّة ذهبت. اعلم أني لم أعن بذلك القول الذين ولدوا بعد على هذه المقالة، ونشؤوا على هذه الدّيانة، وغذوا بهذه النّحلة، وربّوا جميعا على هذه الملة؛ فقد علمنا جميعا أن عقول اليونانية فوق الدّيانة بالدهرية والاستبصار في عبادة البروج والكواكب؛ وعقول الهند فوق الديانة بطاعة البدّ [2] ، وعبادة البددة [3] ، وعقول العرب فوق الدّيانة بعبادة الأصنام والخشب المنجور، والحجر المنصوب، والصخرة المنحوتة. فداء المنشأ والتقليد، داء لا يحسن علاجه جالينوس ولا غيره من الأطباء. وتعظيم الكبراء، وتقليد الأسلاف، وإلف دين الآباء، والأنس بما لا يعرفون غيره، يحتاج إلى علاج شديد. والكلام في هذا يطول. فإن آثرت أن تتعجب، حتى دعاك التعجّب إلى ذكر أبرويز- فاذكر سادات قريش، فإنهم فوق كسرى وآل كسرى.

_ [1] الشق والصقعة: الناحية. [2] البددة: جمع بد، وهي كلمة فارسية معناها الصنم.

1451 -[دفاع صاحب السنور]

1451-[دفاع صاحب السنور] وقال المحتجّ للسنانير: قد قالوا: «أبر من هرّة» [1] و «أعق من ضبّ» [2] ، وهذا قول الذين عاينوها تأكل أولادها. وزعموا أن ذلك من شدة الحبّ لها. وقال بعضهم: إنما يعتريها ذلك من جنون يعتريها عند الولادة، وجوع يذهب معه علمها بفرق ما بين جرائها وجراء غيرها من الأجناس، ولأنها متى أشبعت أو أطعمت شطر شبعها لم تعرض لأولادها. والرد على الأمم أمثالها عمل مسخوط. والعرب لا تتعصب للسنّور على الضبّ؛ فيتوهّم عليها في ذلك خلاف الحقّ، وإنما هذا منكم على جهة قولكم في السنور إذا نجث [3] لنجوه ثم ستره، ثم عاود ذلك المكان فشمّه فإذا وجد رائحة زاد عليه من التراب. فقلتم: ليس الكرم وستر القبيح أراد، وإنما أراد تأنيس الفأر. فنحن لا ندع ظاهر صنيعه الذي لا حكم له إلا الجميل لما يدّعي مدّع من تصاريف الضمير. وعلى أن الذي قلتموه إن كان حقّا فالذي أعطيتموه من فضيلة التدبير أكثر مما سلبتموه من فضيلة الحياء. 1452-[العيون التي تسرج بالليل] قال: والعيون التي تسرج بالليل: عيون الأسد، والأفاعي؛ والسنانير، والنّمور. والأسد سجر [4] العيون. وعيون السنانير منها زرق، ومنها ذهبية، كعيون أحرار الطير وعتاقها. وعيون الأفاعي بين الزّرق والذهبية. وقال حسان بن ثابت [5] : [من الطويل] ثريد كأنّ السّمن في حجراته ... نجوم الثّريّا أو عيون الضّياون

_ [1] مجمع الأمثال 1/116، والدرة الفاخرة 1/75، 82، وجمهرة الأمثال 1/204، 243، والمستقصى 1/17. [2] مجمع الأمثال 2/47، والدرة الفاخر 1/306، وجمهرة الأمثال 2/69، والمستقصى 1/250، وأمثال ابن سلام 369. [3] بخيث البئر والحفرة: ما خرج من ترابهما. [4] السجرة: حمرة في العين في بياضها، وبعضهم يقول: إذا خالطت الحمرة الزرقة فهي أيضا سجراء. وقال بعضهم: هي الحمرة في سواد العين، وقيل: البياض الخفيف في سواد العين، وقيل: هي كدرة في بطن العين من ترك الكحل. اللسان 4/347 (سجر) . [5] لم يرد البيت في ديوان حسان بن ثابت، وهو بلا نسبة في اللسان والتاج (ضون) .

1453 -[تحقيق في الألوان]

الضيّون: السّنّور. 1453-[تحقيق في الألوان] وإذا قال الناس: ثوب أزرق فإنهم يذهبون إلى لون واحد. وإذا وصفوا بذلك العين وقع على لونين؛ لأن البازي يسمى أزرق وكذلك العقاب، والزّرّق، وكل شيء ذهبي العين. فإذا قالوا: سنور أزرق لم يدر، أذهبوا إلى ألوان الثياب أم إلى ألوان عيون البزاة. وقد قال صحار العبديّ حين قال له معاوية: يا أزرق! قال: البازي أزرق. وأنشد [1] : [من الطويل] ولا عيب فيها غير شكلة عينها ... كذاك عتاق الطير شكل عيونها والذهب قد يقال له أصفر، ويقال له أحمر. وقال بعض بني مروان لبعض ولد متمّم بن نويرة: يا أحمر! قال: الذهب أحمر. فلذلك زعم أن عتاق الطير شكل عيونها. وقال الأخطل [2] : [من الطويل] وما زالت القتلى تمور دماؤهم ... بدجلة حتى ماء دجلة أشكل فالشّكلة عندهم تقع على الصّفرة والحمرة إذا خالطا غيرهما. 1454-[الزرق العيون من العرب] فمن الزرق من الناس صحار العبديّ، وعبد الرحمن ابنه، وداود بن متمّم بن نويرة، والعباس بن الوليد بن عبد الملك بن مروان، ومرون بن محمد بن مروان، وسعيد بن قيس الهمداني، وزرقاء اليمامة. وهي عنز، من بنات لقمان بن عاديا. ومن الزّرق ممن كانوا يتشاءمون به: قيس بن زهير، وكان أزرق وكان بكرا وابن بكرين [3] .

_ [1] البيت بلا نسبة في ثمار القلوب (654) وتقدم البيت والخبر قبله في 4/372. [2] البيت ليس للأخطل؛ بل لجرير في ديوانه 143، والخزانة 9/477، 479، والأزهية 216، والجنى الداني 552، والدرر 4/32، وشرح شواهد المغني 1/377، وشرح المفصل 8/18، واللمع 163، ومغني اللبيب 1/128، والمقاصد النحوية 4/386، والتاج (شكل) ، وبلا نسبة في أسرار العربية 267، والدرر 4/112، وشرح الأشموني 3/562، واللسان (شكل) ، وهمع الهوامع 1/248، 2/24. [3] البكر: أول ولد الرجل، والعرب تتشاءم به إذا كان ذكرا، فإذا كان كلّ من أبويه أيضا كذلك، قيل له-

1455 -[الحمر الحماليق من العرب]

وكانت البسوس زرقاء وبكرا بنت بكرين. ولها حديث لا أحقّه. وكانت الزّبّاء زرقاء. والزرق العيون، من بني قيس بن ثعلبة، منهم المرقّشان، وغيرهما. 1455-[الحمر الحماليق من العرب] والحمر الحماليق [1] ، من بني شيبان. وكان النعمان أزرق، أقشر، أحمر العينين، أحمر الحماليق. وفيه يقول أبو قردودة حين نهى ابن عمار عن منادمته [2] : [من البسيط] إني نهيت ابن عمّار وقلت له ... لا تأمنن أحمر العينين والشّعره إن الملوك متى تنزل بساحتهم ... تطر بنارك من نيرانهم شرره يا جفنة كإزاء الحوض قد هدموا ... ومنطقا مثل وشي اليمنة الحبره 1456-[شعر في الزرق] وقال عبد الله بن همام السّلوليّ: [من البسيط] ولا يكوننّ مال الله مأكلة ... لكلّ أزرق من همدان مكتحل وقال آخر [3] : [من الطويل] لقد زرقت عيناك يا ابن مكعبر ... كما كلّ ضبّيّ من اللؤم أزرق وفي باب آخر يقول زهير [4] : [من الطويل] فلما وردن الماء زرقا جمامه ... وضعن عصيّ الحاضر المتخيّم [5]

_ - بكر بكرين، وهو النهاية في الشؤم. ثمار القلوب 533 (942) وانظر عيون الأخبار 2/64، والحيوان 3/88، الفقرة (659) . [1] الحملاق: باطن الجفن الأحمر الذي إذا قلب للكحل بدت حمرته، وقيل الحماليق من الأجفان ما يلي المقلة من لحمها. [2] تقدمت الأبيات في 4/378. [3] البيت لسويد بن أبي كاهل في الأغاني 21/396، وبلا نسبة في اللسان والتاج (زرق) ، والجمهرة 708، والمخصص 1/100، 10/83. ومجالس ثعلب 367، وخلق الإنسان 133. [4] ديوان زهير 22، واللسان (ورد، زرق، جمم) ، والتاج (ورد، زرق) ، والأساس (خيم، زرق) ، والتهذيب 7/608، 8/629، وبلا نسبة في اللسان (خيم، عصا) ، والمخصص 12/62، والجمهرة 12/62. [5] في ديوانه: «زرقا جمامه: إذا صفا الماء رأيته أزرق إلى الخضرة، والجمام: ما اجتمع من الماء.-

1457 -[معارف في حمرة العين]

1457-[معارف في حمرة العين] وقال يونس: لم أر قرشيّا قطّ أحمر عروق العينين إلا كان سيّدا شجاعا. وروي أن النبي صلّى الله عليه وسلّم، كان أشكل العينين ضليع الفم [1] . 1458-[الدعاء على الفأر بالسنانير] قال: ونزل أبو الرّعل الجرميّ بعض قرى أنطاكية فلقي من جرذانها شرّا، فدعا عليها بالسنانير فقال: [من البسيط] يا رب شعث برى الإسآد أو جههم ... ومنزل الحكم في طه وحاميم [2] أتح لشيخ ثوى بالشّام مغتربا ... نائي النّصير بعيد الدّار مهموم تكنّفته قريبات الخطى دكن ... وقص الرّقاب لطيفات الخراطيم [3] حجن المخالب والأنياب شابكة ... غلب الرّقاب رحيبات الحيازيم [4] ثاروا لهنّ فما تنفكّ من قنص ... لكلّ ذيّالة مقّاء علجوم [5] حتى أبيت وزادي غير منعكم ... على النّزيل ولا كرزي بمعكوم [6] وأنشدني ابن أبي كريمة، ليزيد بن ناجية السّعدي: سعد بن بكر، وكان لقي من الفأر جهدا، فدعا عليهنّ بالسنانير، فقال: [من الكامل] أزهير ما لك لا يهمّك ما بي ... أخزى إله محمد أصحابي كحل العيون، صغيرة آذانها ... جنح الحنادس يعتورن جرابي [7]

_ - وضعن عصي: أي أقمن. والمتخيم: المقيم. والحاضر: الذين حضروا الماء، والحاضرة: أهل القرى» . [1] أخرجه مسلم في كتاب الفضائل 4/1820، والترمذي في المناقب 5/603، وأحمد في المسند 5/86، 88، 97، 103. [2] الشعث: جمع أشعث. وهو المتلبد الشعر. الإسآد: سير الليل كله. طه وحاميم: أراد بهما سور القرآن. [3] الداكنة: لون يضرب إلى الغبرة بين الحمرة والسواد، أو هو لون يضرب إلى السواد. الوقص: جمع وقصاء، وهي القصيرة العنق. [4] الأحجن: المعوج. الأغلب: الغليظ الرقبة. الحيزوم: الصدر. [5] الذيالة: الطويلة الذيل. المقاء: الطويلة في دقة. العلجوم: الشديد السواد. [6] الكرز: ضرب من الجوالق، أو هو الخرج. المعكوم: المشدود. [7] الحندس: الظلمة. وأسود حندس: شديد السواد، كقولك: أسود حالك.

1459 -[معارف في السنور والفأر]

شمّ الأنوف لريح كلّ قفيّة ... يلحظن لحظ مروّع مرتاب [1] دكن الجباب تدرّعت أبدانها ... صعل الرّؤوس طويلة الأذناب [2] شخت المخالب والأنايب والشّوى ... ثجل الخصور رحيبة الأقراب [3] أسقى الإله بلادهنّ سحائبا ... غرّ النّشاص بعيدة الأطناب [4] ترمي بغبس كاللّيوث تسربلت ... منها الجلود مدارع السّنجاب [5] غلب الرّقاب لطيفة أعجازها ... فطح الجباه رهيفة الأنياب [6] متبهنسات للطّراد كأنها ... آساد بيشة أدمجت بخضاب [7] ونحن نظنّ أنّ هذه القصيدة من توليد ابن أبي كريمة. 1459-[معارف في السنور والفأر] والسّنور ثاقب البصر بالليل. وكذلك الفأرة سوداء العينين، وهي في ذلك ثاقبة البصر. والسّنور ضعيف الهامة. وهامته من مقاتله. ولا يستطيع أن يذوق الطعام الحارّ والحامض. 1460-[مقارنة بين السّنور والكلب] قال: وللسنور فضيلة أخرى: أنه كثير الأسماء القائمة بأنفسها، غير المشتقات. ولا أنها تجمع الصفات والأعمال، بل هي أسماء قائمة. من ذلك: القطّ، والهرّ، والضيّون، والسنّور. وليس للكلب اسم سوى الكلب، ولا للدّيك اسم إلا الديك.

_ [1] القفية: المختار. [2] الداكنة: لون يضرب إلى الغبرة بين الحمرة والسواد، أو هو لون يضرب إلى السواد. الجباب: جمع جبة، وهي موصل ما بين الساق والفخذ. الصعل: جمع أصعل وصعلاء، وهو الخفيف الرأس. [3] الشخيت: الدقيق. الأنايب: أصلها الأناييب، وهي جمع ناب. الشوى: اليدان والرجلان، وقيل اليدان والرجلان والرأس من الآدميين، وشوى الفرس: قوائمه. [4] النشاص: السحاب المرتفع. الأطناب: جمع طنب، وهو حبل الخباء. [5] الغبسة: لون الرماد. المدارع: الثياب. [6] غلب: غلاظ. فطع: واسعات عريضات. [7] التبهنس: التبختر. بيشة: اسم موضع تنسب إليه الآساد.

وليس للأسد اسم إلا الأسد واللّيث، وأمّا الضيغم، والخنابس، والرّئبال، وغيرها- فليست بمقطوعة، والباقي ليست بأسماء مقطوعة؛ ولا تصلح في كل مكان. وكذلك الخمر. فإذا قالوا: قهوة، ومدامة، وسلاف، وخندريس وأشباه ذلك، فإنما تلك أسماء مشتركة. وكذلك السيف. وليس هذه الأسماء عند العامة كذلك. قال: وعلى السّنور من المحبة، ولا سيما من محبّة النّساء، ومعه من الإلف والأنس والدنوّ، والمضاجعة والنوم في اللّحاف الواحد- ما ليس مع الكلب، ولا مع الحمام، ولا مع الدّجاج، ولا مع شيء مما يعايش الناس. هذا، ومنها الوحشي والأهليّ فلولا قوّة حبّه للناس لما كان في هذا المعنى أكثر من الكلاب، والكلاب كلّها أهلية. قالوا: وليس بعجيب أن يكون الكلب طيّب الفم؛ لكثرة ريقه، ولبعد قرابته ومشاكلته للأسد، وإنما العجب في طيب فم السنّور، وكأنه في الشّبه من أشبال الأسد. ومن يقبّل أفواه السنانير وأجراءها من الخرائد [1] وربّات الحجال، والمخدّرات، والمطهّمات [2] ، والقينات [3] أكثر من أن يحصى لهنّ عدد، وكلهنّ يخبرن عن أفواهها [4] بالطّيب والسلامة مما عليه أفواه السباع، وأفواه ذوات الجرّة [5] من الأنعام. وما رأينا وضيعة قطّ ولا رفيعة، قبّلت فم كلب أو ديك. وما كان ذلك من حارس قطّ، ولا من كلاب، ولا من مكلّب [6] ، ولا من مهارش. والسنور يخضب، وتصاغ له الشنوف [7] والأقرطة، ويتحف [8] ويدلّل. ومن رأى السنور كيف يختل العصفور، مع حذر العصفور، وسرعة طيرانه-

_ [1] الخريدة: الكبر التي تمسس قط، وقيل هي الحيية الطويلة السكوت الخافضة الصوت الخضرة المتسترة. [2] المطهم: الحسن التام كل شيء منه على حدته فهو بارع الجمال. [3] القينات: جمع قينة، وهي الأمة. [4] ربيع الأبرار 5/428. [5] الجرّة: ما يخره البعير ونحوه من جوفه ثم يمضغه ويبلعه. [6] الكلّاب: صاحب الكلاب. المكلب: الذي يعلم الكلاب أخذ الصيد. [7] الشنوف: الأقراط التي تعلق في الأذن. [8] يتحف: تقدم إليه التحف.

1461 -[التجارة في السنانير]

على أن جهته في الصيد جهة الفهد والأسد. ومن رآه كيف يرتفع بوثبته إلى الجرادة في حال طيرانها- علم أنه أسرع من الجرادة. وله إهاب فضفاض، وقميص من جلده واسع، يموج فيه بدنه. وهو مما يضبع [1] لسعة إبطيه، ولو شاء إنسان أن يعقد صلبه، ويثني أوّله على آخره، كما يثنى المخراق [2] ، وكما يثنى قضيب الخيزران لفعل. ويوصف الفرس بأنه رهل اللّبان [3] ، رحيب الإهاب، واسع الآباط. وعيب الحمار للكزازة التي في يديه، وفي منكبيه، وانضمامهما إلى إبطيه، وضيق جلده، وإنما يعدو بعنقه. 1461-[التجارة في السنانير] قالوا: وللسنور تجّار وباعة، ودلّالون، وناس يعرفون بذلك. ولها راضة [4] . وقال السّنديّ بن شاهك [5] : ما أعياني أحد من أهل الأسواق: من التجّار، ومن الباعة والصنّاع، كما أعياني أصحاب السنانير، يأخذون السنّور الذي يأكل الفراخ والحمام، ويواثب أقفاص الفواخت والوراشين والدّباسي [6] والشّفانين [7] ، ويدخلونه في دنّ، ويشدّون رأسه، ثم يدحرجونه على الأرض حتى يشغله الدّوار، ثم يدخلونه في قفص فيه الفراخ والحمام، فإذا رآه المشتري رأى شيئا عجبا، وظنّ أنه قد ظفر بحاجته. فإذا مضى به إلى البيت مضى بشيطان، فيجمع عليه بليّتين إحداهما أكل طيوره وطيور الجيران، والثانية أنه إذا ضري عليها لم يطلب سواها. ومررت يوما وأنا أريد منزل المكّي بالأساورة [8] وإذا امرأة قد تعلّقت برجل وهي تقول: بيني وبينك صاحب المسلحة [9] فإنك دللتني على سنّور، وزعمت أنه

_ [1] يضبع: يمد ضبعيه في سيره، والضبع: وسط العضد بلحمه. [2] المخراق: منديل أو نحوه، يلف ويلوى ليضرب به؛ أو يفزع به. [3] الرهل: الاسترخاء. اللبان: الصدر. [4] راضة: جمع رائض، وهو الذي يروض الدواب. [5] الخبر في ربيع الأبرار 5/428. [6] الدباسي: ضرب من الحمام الوحشي، منسوب إلى دبس الرطب. [7] الشفنين: ضرب من الحمام حسن الصوت. [8] الأساورة: قوم من العجم بالبصرة؛ نزلوها قديما؛ كالأحامرة بالكوفة. انظر اللسان 4/388 (سور) . [9] المسلحة: قوم ذوو سلاح.

1462 -[أكل السنانير]

لا يقرب الفراخ، ولا يكشف القدور، ولا يدنو من الحيوان، وزعمت أنك أبصر الناس بسنور، فأعطيتك على بصرك ودلالتك دانقا [1] ؛ فلما مضيت به إلى البيت مضيت بشيطان قد والله أهلك الجيران بعد أن فرغ منا. ونحن منذ خمسة أيام نحتال في أخذه، وها هو ذا قد جئتك به فردّ عليّ دانقي [1] ، وخذ ثمنه من الذي باعني. ولا والله إن تبصر من السنانير قليلا ولا كثيرا! قال الدلّال: انظروا بأيّ شيء تستقيلني [2] ؟! ولا والله إن في ناحيتنا فتى هو أبصر بسنور منّي، وذلك من منّ سيّدي ومولاي! فقلت للدّلّال: ولا والله إن في هذه الناحية فتى هو أشكر لله منك. 1462-[أكل السنانير] وناس يأكلون السنانير ويستطيبونها. وليس يأكل الكلب أحد إلا في الفرط والعامة تزعم [3] أن من أكل السّنّور الأسود لم يعمل فيه السحر. والكلب لا يؤكل. 1463-[أكل الديك] والديك خبيث اللحم عضله، إلا أن يخصى. وتلك حيلة لأهل حمص وليست عندنا فيه حيلة. وقال جحشويه: [من الخفيف] كيف صبري عن مثل جمجمة الهرّ تثنّى بمسبطرّ متين [4] ليس يخفى عليك حين تراها ... أنها عدّة لداء دفين 1464-[سكينة التابوت] قالوا [5] : وزعم بعض أهل الكتاب، وبعض أصحاب التفسير، أن السّكينة التي كانت في تابوت موسى كانت رأس هرّ [6] .

_ [1] الدانق: سدس الدينار والدرهم. [2] استقاله: طلب إليه أن يقيله، أي أن يفسخ ما بينه وبينه. [3] ورد هذا الزعم في ربيع الأبرار 5/428، وتقدم في 2/360، الفقرة (407) ، وس 13. [4] المسبطر: كل شيء ممتد. [5] الخبر في ربيع الأبرار 5/428. [2] إشارة إلى قوله تعالى: إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ 248: البقرة.

1465 -[استطراد لغوي]

1465-[استطراد لغوي] قالوا: وقلتم في الاشتقاق من اسم الكلب: كليب، وكلاب، ومكلبة، ومكالب، وأصاب القوم كلبة الزمان، مثل هلبة، وهي الشدّة. والكلاب واحدها كلب، وتجمع على كلاب وأكلب وكليب، كما يجمع البخت بخيتا وأبختا. والكلّاب بتثقيل اللام: صاحب الكلاب. والمكلّب، بتثقيل اللام وضمّ الميم: الذي يعلّم الكلاب الصّيد. وقال طفيل الغنويّ [1] : [من الطويل] تباري مراخيها الزّجاج كأنها ... ضراء أحسّت نبأة من مكلّب [2] وقال الآخر [3] : [من الكامل] خوص تراح إلى الصّداح إذا غدت ... فعل الضّراء تراح للكلّاب [4] والكلب: داء يقع في الإبل، فيقال كلبت الإبل تكلب كلبا، وأكلب القوم: إذا وقع في إبلهم الكلب. ويقال كلب الكلب واستكلب: إذا ضري وتعوّد أكل الناس، ويقال للرّجل إذا عضّه الكلب الكلب: قد كلب الرّجل. ويقال: إن الرّجل الكلب يعضّ إنسانا آخر، فيأتون رجلا شريفا، فيقطر لهم من دم إصبعه، فيسقون ذلك الكلب فيبرأ [5] . وقال الكميت [6] : [من البسيط] أحلامكم لسقام الجهل شافية ... كما دماؤكم يشفى بها الكلب قالوا: فقد يقولون للسنور هرّ، وللأنثى هرّة. ويقال من ذلك هرّ الكلب يهرّ

_ [1] ديوان طفيل الغنوي 24، واللسان والتاج (بوأ، كلب) ، والمخصص 16/30، والتهذيب 15/598، وكتاب الجيم 2/24، 3/170، والجمهرة 1053، والمجمل 1/300، والمقاييس 5/134، وبلا نسبة في الجمهرة 376، 1066. [2] المراخي: جمع مرخاء؛ وهي السهلة العدو. الزجاج: الأسنة. الضراء: أشلاء الكلب على الصيد؛ مأخوذ من أضريته بمعنى عودته. النبأة: الصوت. [3] البيت بلا نسبة في اللسان والتاج (روح) . [4] الخوص: جمع خوصاء؛ وهي الغائرة العين من الإبل. تراح: تجد راحة. الصداح: الغناء. [5] انظر بداية الجزء الثاني من كتاب الحيوان هذا. [6] ديوان الكميت 1/81، واللسان والتاج (كلب) .

1466 -[أطباء الهرة ومدة حملها]

هريرا، وتسمّى المرأة بهرّة، ويكنى الرّجل أبا هرّ، وأبا هريرة. وقال الأعشى [1] : [من البسيط] ودّع هريرة إنّ الركب مرتحل ... وهل تطيق وداعا أيها الرجل وقال امرؤ القيس [2] : [من الكامل] دار لهرّ والرّباب وفرتنى ... ولميس قبل تفرّق الأيّام [3] وقال ابن أحمر [4] : [من السريع] إنّ امرأ القيس على عهده ... في إرث ما كان بناه حجر بنّت عليه الملك أطنابها ... كأس رنوناة وطرف طمر [5] يلهو بهند فوق أنماطها ... وفرتنى تسعى عليه وهر [6] 1466-[أطباء الهرة ومدة حملها] قال: وللهرة ثمانية أطباء: أربعة تقابل أربعة، أوّلهنّ بين الإبط والصّدر، وآخرهنّ عند الرّفغ. وتحمل خمسين يوما، وتضع جراها عميا. وليس بين تفقيحها وتفقيح جراء الكلاب إلا اليسير. 1467-[إيثار الهرة والديك] والهرّة من الخلق الذي يؤثر على نفسه، ولها فضيلة في ذلك على الدّيك الذي له الفضيلة في ذلك على جميع الحيوان، إلا أن الديك لا يفعل ذلك بالدجاج إلا مادام شابّا. ولا يفعل ذلك بأولاده، ولا يعرفهم؛ وإنما يفعل ذلك بالدجاج على غير الزّواج، وعلى غير القصد إلى واحدة يقصد إليها بالهوى. والهرّة يلقى إليها الشيء الطيب وهي جائعة، فتدعو أولادها، وقد استغنين عن اللبن، وأطقن الأكل والتقمّم والتكسّب، نعم حتى ربما فعلت ذلك بهنّ وهنّ في

_ [1] ديوان الأعشى 105، واللسان (جهنم) ، والتاج (ودع) ، والمقاييس 4/126. [2] ديوان امرئ القيس 114. [3] في ديوانه: «يقول: هذه الديار لهند وصواحبها، إذ نحن جيرة قبل أن تحدث الأيام الفراق» . [4] ديوان عمرو بن أحمر 62- 63، واللسان (رنا) . [5] الرنوناة: الدائمة على الشرب. الطرف: الخيل العتيق الكريم. الطمر: الوثاب. [6] فقح الجرو: فتح عينيه وهو صغير.

1468 -[نقل الهرة أولادها]

العين شبيهات بها في العظم؛ فلا تزال ممسكة عن تلك الشحمة على جوعها، ومع شره السنانير، حتى يقبل ولدها فيأكله. ورجل من أصحابنا ائتمنوه على مال، فشدّ عليه فأخذه، فلما لامه بعض نصحائه قال: يطرحون اللحم قدّام السّنّور فإذا أكله ضربوه! فضرب شره السنور مثلا لنفسه. والهرّة ربما رموا إليها بقطعة اللحم، فتقصد نحوها حتى تقف عليها، فإذا أقبل ولدها تجافت عنها. وربما قبضت عليها بأسنانها فرمت بها إليه بعد شمّ الرائحة، وذوق الطعم. 1468-[نقل الهرة أولادها] والهرّة تنقل أولادها في المواضع، من الخوف عليها. ولا سبيل لها في حملها إلا بفيها. وهي تعرف دقّة أطراف أنيابها، وذرب أسنانها. فلها بتلك الأنياب الحداد ضرب من القبض عليها، والعضّ لها، بمقدار تبلغ به الحاجة، ولا تؤثّر فيها ولا تؤذيها. 1469-[مخالب الهرة والأسد] فأما كفّها والمخالب المعقّفة الحداد التي فيها، فإنها مصونة في أكمامها. فمتى وقعت كفّها على وجه الأرض صارت في صون، ومتى أرادت استعمالها نشرتها وافرة، غير مكلومة ولا مثلومة، كما وصف أبو زبيد كفّ الأسد فقال [1] : [من الوافر] بحجن كالمحاجن في قنوب ... يقيها قضّة الأرض الدّخيس 1470-[أنياب الأفاعي] كذلك مخالبها ومخالب الأسد، وأنياب الأفاعي. وقد قال الرّاجز، وهو جاهليّ [2] : [من الرجز] حتّى دنا من رأس نضناض أصمّ ... فخاضه بين الشّراك والقدم [3] بمذرب أخرجه من جوف كم [4]

_ [1] ديوان أبي زيد الطائي 632، والبرصان 233، والمعاني الكبير 675. وتقدم البيت في 4/400. [2] تقدم الرجز في 4/399. [3] النضناض: الحية تحرك لسانها. الشراك. سير النعل. [4] المذرب: الحاد، وأراد به هنا الناب.

1471 -[زعم بعض المفسرين والقصاص في خلق السنانير والخنازير]

1471-[زعم بعض المفسرين والقصّاص في خلق السنانير والخنازير] وزعم بعض المفسرين أن السنور خلق من عطسة الأسد، وأن الخنزير خلق من سلحة [1] الفيل؛ لأن أصحاب التفسير يزعمون أن أهل سفينة نوح لما تأذّوا بكثرة الفأر وشكوا إلى نوح ذلك سأل ربّه الفرج، فأمره أن يأمر الأسد فيعطس. فلما عطس خرج من منخريه زوج سنانير: ذكر وأنثى. خرج الذّكر من المنخر الأيمن، والأنثى من المنخر الأيسر. فكفياهم مؤونة الجرذان. ولما تأذّوا بريح نجوهما شكوا ذلك إلى نوح، وشكا ذلك إلى ربّه. فأمره أن يأمر الفيل فليسلح. فسلح زوج خنازير فكفياهم مؤونة رائحة النجو. وهذا الحديث نافق عند العوامّ، وعند بعض القصّاص. 1472-[إنكار تخلّق الحيوان من غير الحيوان، والرد عليه] وقد أنكر ناس أن يكون الفأر تخلّق في أرحام إناثها من أصلاب ذكورتها ومن أرحام بعض الأرضين [2] كطينة القاطول [3] ؛ فإن أهلها زعموا [4] أنهم ربما رأوا الفأرة لم يتمّ خلقها بعد، وإن عينيها لتبصّان [5] ، ثم لا يريمون حتى يتمّ خلقها وتشتدّ حركتها. وقالوا: لا يجوز لشيء خلق من الحيوان أن يخلق من غير الحيوان. ولا يجوز أن يكون شيء له في العالم أصل أن يؤلّف الناس أشياء تستحيل إلى مثل هذا الأصل. فأنكروا من هذا الوجه تحويل الشبه [6] ذهبا، والزّيبق فضة. وقد علمنا أن للنّوشاذر في العالم أصلا موجودا. وقد يصعّدون [7] الشّعر ويدبّرونه حتى يستحيل كحجر النوشاذر، ولا يغادر منه شيئا في عمل ولا بدن.

_ [1] السّلح: النجو. [2] الأرضون: جمع أرض. [3] القاطول: نهر كان في موضع سامرا قبل أن تعمّر، وكان الرشيد أول من حفر هذا النهر؛ وبنى على فوهته قصرا. معجم البلدان 4/297. [4] ورد هذا الزعم في ربيع الأبرار 5/473. [5] بص: لمع. [6] الشّبه: النحاس الأصفر. [7] التصعيد: شبيه بالتقطير.

1473 -[معارف في الحيات والأفاعي]

وقد يدبّرون الرّماد والقلي [1] فيستحيل حجارة سودا إذا عمل منها أرحاء [2] كان لها في الرّيع [3] فضيلة. قالوا [4] : وللمردارسنج [5] في العالم أصل قائم. والرصاص يدبّر فيستحيل مرداسنجا [5] . وللرّصاص في العالم أصل قائم، فيدبّرون المرداسنج [5] فيستحيل رصاصا. وللتّوتياء [6] أصل قائم، فيدبرون أقليميا [7] النّحاس فتستحيل توتياء. وكذلك المينا [8] ، له أصل قائم، وقد عمله الناس. وكذلك الحجارة السّود للطحين وغير ذلك. فأما قولهم: لا يجوز أن يكون شيء من الحيوان يخلق من ذكر وأنثى- فيجيء من غير ذكر وأنثى- فقد قلنا في جميع ذلك في صدر كتابنا هذا بما أمكننا. 1473-[معارف في الحيّات والأفاعي] وقال: الحيّات كلها تعوم [9] ، إلا الأفاعي، فإنها لا يعوم منها إلا الجبليّات. قال: والحيّة إن رأت حيّة ميتة لم تأكلها، ولا تأكل الفأر ولا الجرذان الميتة، ولا العصافير الميتة، مع حرص الحية عليها، ولا تأكل إلا لحم الشيء الحيّ، إلا أن يدخل الحوّاء في حلوقها اللحم إدخالا. فأما من تلقاء نفسها فإن وجدته، وهي جائعة لم تأكله. فينبغي أن يكون صاحب المنطق إنما عنى بقوله: «أخبث ما تكون ذوات السموم إذا أكل بعضها بعضا» الابتلاع دون كل شيء. وهم لا يعرفون ذلك في

_ [1] القلي: شيء يتخذ من حريق الحمض، وانظر عيون الأخبار 2/108. [2] الأرحاء. جمع جمع رحى، وهي الحجر التي يطحن به الحب. [3] الريع: فضل كل شيء. [4] الخبر في عيون الأخبار 2/109. [5] المردارسنج: ما يكون من سائر المعادن المطبوخة إلا الحديد. انظر معجم استينجاس 1212. [6] التوتياء: حجر يكتحل به. [7] أقليميا: زبد يعلو المعدن عند سبكه. [8] المينا: جوهر الزجاج الذي يعمل منه الزجاج. انظر معجم استينجاس 1346. [9] انظر الحديث عن الحيات المائية في 4/322، الفقرة (1035) .

باب في العقرب

الحيّات إلا للأسود، فإنه ربما كان مع الأفاعي في جونة، فيجوع فيبتلعها. وذلك إذا أخذها من قبل رؤوسها، وإن رام ذلك من جهة الرأس فعضته الأفعى قتلته. وزعموا أن الحية لا تصّاعد في الحائط الأملس ولا في غير الأملس، فإنما يقول ذلك أصحاب المخاريق [1] والذين يستخرجون الحيات بزعمهم من السقوف، ويشمون أراييح أبدانها من أطراف القصب، إذا مسحوها في ترابيع البيوت. قالوا: وقد تصعد الحيّات في الدّرج وأشباه الدّرج؛ لتطلب بيوت العصافير، والفأر، والخطاطيف، والزّرازير، والخفافيش، وتتحامى في السّقف. [باب في العقرب] (القول في العقرب) وسنذكر تمام القول في العقرب؛ إذ كنا قد ذكرنا من شأنها شيئا في باب القول في الفأر. 1474-[نفع العقرب] ولمّا قيل ليحيى بن خالد، النازل في مربّعة الأحنف- وزعموا أنهم لم يروا رجلا لم يختلف إلى البيمارستانات [2] ولا رجلا مسلما ليس بنصرانيّ ولا رجلا لم ينصب نفسه للتكسب بالطب كان أطبّ منه- فلما قيل له: إن القينيّ قال [3] : «أنا مثل العقرب أضرّ ولا أنفع» قال: ما أقلّ علمه بالله عزّ وجلّ؛ لعمري إنها لتنفع إذا شقّ بطنها ثم شدّ على موضع اللّسعة، فإنها حينئذ تنفع منفعة بينة! والعقرب تجعل في جوف فخّار مشدود الرّأس مطيّن الجوانب، ثم يوضع الفخّار في تنّور، فإذا صارت العقرب رمادا سقي من ذلك الرّماد من به الحصاة مقدار نصف دانق [4] .

_ [1] المراد بالمخاريق: ألاعيب المشعوذين. [2] البيمارستان: كملة فارسية تعني دار المرضى. انظر معجم استينجاس 224، واللسان والتاج (مرس) . [3] تقدم الخبر في 4/366 مع نسبته إلى الضبي، والخبر أيضا في ربيع الأبرار 5/476، وعيون الأخبار 2/103. [4] انظر هذه الفقرة في ربيع الأبرار 5/476، وعيون الأخبار 2/103.

1475 -[بعض أعاجيب العقرب]

وقال حنين: وقد يسقى منه الدانق وأكثر، فيفتّت الحصاة من غير أن يضرّ بشيء من الأعضاء والأخلاط. وخير الدواء ما قصد إلى العضو السقيم، وسلمت عليه الأعضاء الصحيحة. وقال يحيى: وقد تلسع أصحاب ضروب من الحميات العقارب فيفيقون، وتلسع الأفاعي فتموت، ومنها ما يلسع بعضها بعضا فيموت الملسوع، فهي من هذا الوجه تكفي الناس مؤونة عظيمة. وتلقى العقرب في الدّهن وتترك فيه، حتى يأخذ الدهن منها ويمتصّ ويجتذب قواها كلها بعد الموت، فيكون ذلك الدهن يفرّق الأورام الغلاط. وقد عرف ذلك حنين. 1475-[بعض أعاجيب العقرب] ومن أعاجيبها أنها لا تسبح، ولا تتحرك إذا ألقيت في الماء كيف كان الماء: ساكنا أو جاريا [1] . والعقرب تطلب الإنسان وتقصد نحوه، فإذا قصد نحوها فرّت وهربت وتقصد أيضا نحو الإنسان، فإذا ضربته هربت، هرب من قد أساء، وتعلم أنها مطلوبة. والزنابير تطالب من تعرّض لها وتقصد لعينه، ولا تكاد تعرض للكافّ عنها. 1476-[المودّة والمسالمة في الحيوان] وبين العقارب وبين الخنافس مودة. والمودّة غير المسالمة. والمسالمة: أن يكون كل واحد من الجنسين لا يعرض للآخر بخير ولا شر، بعد أن يكون كل واحد منهما مقرّبا لصاحبه. والعداوة أن يعرض كل واحد منهما لصاحبه بالشرّ والأذى والقتل، ليس من جهة أن أحدهما طعام لصاحبه. والأسد ليس يثب على الإنسان والحمار والبقرة والشاة من جهة العداوة، وإنما يثب عليه من طريق طلب المطعم. ولو مرّ به وهو غير جائع لم يعرض له الأسد.

_ [1] محاضرات الراغب 2/305 (4/672) .

1477 -[علاقة الرائحة بالطعم]

والنمر على غير ذلك. ولكن قد يقال: إن بين الببر [1] والأسد مسالمة. والمودة: كما يكون بين العقارب والخنافس، فإنّ بعضها يتألف بعضا، وليست تلك بمسالمة، وكما بين الحيّات والوزغ، فإنها تساقى السّمّ وتزاقّ، وكما بين ضروب من العقارب وأسود سالخ [2] . والأسود ربّما جاع في جونة الحوّاء فأكل الأفعى وربما عضّته الأفعى فقتلته. 1477-[علاقة الرائحة بالطعم] وريح العقارب إذا شويت مثل ريح الجراد. وما زلت أظنّ أن الطعم أبدا يتبع الرائحة، حتى حقّق ذلك عندي بعض من يأكلها مشوية ونيّة، أنه ليس بينها وبين الجراد الأعرابي السمين فرق. 1478-[معاينة الخرق الذي في إبرة العقرب] وزعم لي بختيشوع بن جبريل، أنه عاين الخرق الذي في إبرة العقرب. وإن كان صادقا كما قال، فما في الأرض أحدّ بصرا منه. وإنه لبعيد، وما هو بمستنكر. 1479-[من أعاجيب العقرب] وفي العقارب أعجوبة أخرى؛ لأنه يقال: إنها مائية الطّباع، وإنها من ذوات الذّرو [3] والإنسال وكثرة الولد، كما يعتري ذلك السّمك والضّبّ والخنزيرة، في كثرة الخنانيص [4] . 1480-[موت العقرب بعد الولادة] قال [5] : ومع ذلك إن حتفها في أولادها، وإن أولادها إذا بلغن وحان وقت الولادة، أكلن جلد بطنها من داخل، حتى إذا خرقنه خرجن منه وماتت الأمّ.

_ [1] الببر: ضرب من السباع، شبيه بابن آوى، ويقال إنه متولد من الزبرقان واللبوة. حياة الحيوان 1/159. [2] أسود سالخ: ضرب من الحيات، وهو شر الحيات. حياة الحيوان 1/41. [3] الذرو: الذرية. [4] الخنانيص: جمع خنّوص، وهو ولد الخنزير. [5] انظر ما تقدم في 4/342، ونهاية الأرب 10/147.

1481 -[ولادة العقرب من فيها]

وقد يطأ الإنسان على العقرب وهي ميتة، فتغترز إبرتها في رجله، فيلقى الجهد الجاهد؛ وربما أمرضت، وربّما قتلت. قال: وفي أشعار اللّغز قيل في أكل أولاد العقرب بطن الأمّ، وأنّ عطبها في أولادها [1] : [من الطويل] وحاملة لا يكمل الدّهر حملها ... تموت ويبقى حملها حين تعطب وليس هذا شيئا. 1481-[ولادة العقرب من فيها] خبّرني من أثق بعقله، وأسكن إلى خبره، أنه أرى العقرب عيانا وأولادها يخرجن من فيها، وذكر عددا كثيرا، وأنها صغار بيض على ظهورها نقط سود، وأنها تحمل أولادها على ظهرها، وأنه عاين ذلك مرة أخرى. فقلت: إن كانت العقرب تلد من فيها فأخلق بها أن يكون تلاقحها من حيث تلد أولادها!. 1482-[العقارب القاتلة] والعقارب القاتلة تكون في موضعين [2] : بشهرزور. وقرى الأهواز، إلا أن القواتل التي بالأهواز جرّارات [3] . ولم نذكر عقارب نصيبين، لأن أصلها- فيما لا يشكّون فيه- من شهرزور حين حوصر أهلها ورموا بالمجانيق [4] ، وبكيزان محشوّة من عقارب شهرزور، حتّى توالدت هناك، فأعطى القوم بأيديهم. 1483-[لغز في العقرب] ومن اللّغز فيها في غير هذا الجنس: [من الطويل] وما بكرة مضبورة مقمطرّة ... مسرّة كبر أن تنال فتمرضا [5] بأشوس منها حين جاءت مدلّة ... لتقتل نفسا أو تصيب فتمرضا [6] فلما دنا نادى أوابا بنعم غيرها ... ديرا إذا نال الغريفة أو قضا

_ [1] البيت بلا نسبة في محاضرات الأدباء 2/305 (4/672) ، ونهاية الأرب 10/147. [2] انظر الخبر في ثمار القلوب (632) . [3] الجرارات ضرب من العقارب تجرر أذنابها. انظر ما تقدم في 4/328- 329، 366. [4] المجانيق: جمع منجنيق. انظر ما تقدم في الحاشية الثانية ص 161. [5] البكرة: الفتية من الإبل. المضبورة: المكتنزة اللحم. المقمطرة: الشديدة. [6] الشوس: النظر بمؤخر العين.

1484 -[استخراج العقارب بالجراد والكراث]

1484-[استخراج العقارب بالجراد والكرّاث] قال [1] : والعقارب تستخرج من بيوتها بالجراد: تشدّ الجرادة في طرف عود، ثم تدخل الجحر، فإذا عاينتها تعلقت بها، فإذا أخرج العود خرجت العقرب وهي متعلقة بالجرادة. فأما إبراهيم بن هانىء فأخبرني أنه كان يدخل في جحرها خوط [2] كرّاث، فلا يبقى منها عقرب إلا تبعته. 1485-[ألسنة الحيات والأفاعي] ألسنة الحيّات كلها سود. وألسنة الأفاعي حمر، إلا أنها مشقوقة. 1486-[جرّارات الأهواز] وسنذكر عقارب الشتاء وعقيرب الحرّ. وكلّ شيء من هذا الباب، ولكنا نبدأ بذكر جرّارات الأهواز. ذكروا أنّ أقتلها عقارب عسكر مكرم، وأنها متى ضربت رجلا فظنّ أن تلك العضة عضّة نملة، أو وخزة شوكة، فنال من اللحم تضاعف ما به. وربما باتت مع الرجل في إزاره فلم تضربه. وهي لا تدبّ على كل شيء له غفر [3] ، ولا تدبّ على المسوح [4] ، وما أكثر ما تأوي في أصول الآجرّ الذي قد أخرج من الأتاتين [5] ونضّد في الأنابير [6] . وكان أهل العسكر يرون [7] أن من أصلح ما يعالج به موضع اللسعة أن يحجم، وكان الحجّام لا يرضى إلا بدنانير ودنانير، لأن ثناياه ربما نصلت، وجلد وجهه ربما

_ [1] ورد الخبر في ربيع الأبرار 5/484. [2] الخوط: القضيب من النبات. [3] الغفر: زئبر الثوب وما شاكله، والزئبر: ما يعلو الثوب الجديد مثل ما يعلو الخز، أو هو ما يظهر من درز الثوب. [4] المسوح: جمع مسح، وهو الكساء من الشعر. [5] الأتاتين: جمع أتون، وهو الموقد. [6] الأنابير: جمع أنبار، وهو أهراء الطعام، والهري: بيت كبير ضخم يجمع فيه طعام السلطان. [7] انظر هذا الخبر في ربيع الأبرار 5/477.

1487 -[من أعاجيب العقرب]

تبطّط [1] من السمّ الذي يرتفع إلى فيه، بمصّته وجذبته من أذناب المحاجم [2] . حتى عمدوا بعد ذلك إلى شيء من قطن، فحشوا به تلك الأنبوبة، فإذا جذب بمصّته فارتفع إليه من بخار الدّم أجزاء من ذلك السم، تعلقت بالقطن، ولم تنفذ إلى فيه. والقطن ليس مما يدفع قوّة المص. ثم وقعوا بعد ذلك على حشيشة فوجدوا فيها الشفاء! 1487-[من أعاجيب العقرب] ومن أعاجيب ما في العقرب أنا وجدنا عقارب القاطول يموت بعضها عن لسع بعض، ثم لا يموت عن لسعها شيء غير العقارب [3] . ونجد العقرب تلسع إنسانا فيموت الإنسان، وتسلع آخر فتموت هي. فدلّ ذلك على أنها كما تعطي تأخذ، وأن للناس أيضا سموما عجيبة. ولذلك صار بعضهم إذا عضّ قتل. ومن أعاجيبها أنها تضرب الطست [4] أو القمقم [5] فتخرقه. وربما ضربته فتثبت فيه إبرتها ثم تنصل حتى تبين منها. 1488-[العنبر وأثره في الطيور والبال] والعنبر يقذفه البحر إلى عبريه [6] ، فلا يأكل منه شيء إلا مات، ولا ينقره طائر بمنقار إلا نصل فيه منقاره. فإذا وضع رجليه نصلت [7] أظفاره. فإن كان قد أكل منه قتله ما أكل. وإن لم يكن أكل فإنه ميت لا محالة، لأنه إذا بقي بغير منقار، ولم يكن للطائر شيء يأكل به مات. والبحريّون والعطّارون يخبروننا أنهم ربما وجدوا فيه المنقار والظفر. وإنّ البال [8] ليأكل منه اليسير فيموت.

_ [1] تبطط: تشقق. [2] المحاجم: جمع محجم، وهي الآلة التي يجمع فيها دم الحجامة. [3] ربيع الأبرار 5/476. [4] الطست: إناء من آنية الصفر؛ أي النحاس. [5] القمقم: إناء من نحاس وغيره، ويسخن فيه الماء، ويكون ضيق الرأس. [6] عبر البحر: شاطئه. [7] نصلت: خرجت. [8] البال: الحوت العظيم. انظر تفصيل القول فيه في حياة الحيوان 1/159.

1489 -[أعاجيب لسع العقرب]

والبال: سمكة ربما كان طولها أكثر من خمسين ذراعا. 1489-[أعاجيب لسع العقرب] ومن أعاجيب العقارب أنها تلسع الأفعى فتموت الأفعى ولا تموت هي، وتلسع بعض الناس، فتموت هي، ولا ينال الملسوع منها من المكروه قليل ولا كثير. ويزعم العوامّ أن ذلك إنما يكون لمن لسعت أمّه عقرب وهو حمل في بطنها. وقد لسعت عقرب رجلا مفلوجا، فذهب عنه الفالج [1] . وقصة هذا المفلوج معروفة، وقد عرفها صليبا وغيره من الأطباء. ومن العقارب طيارات وجرارات، ومعقّفات، وخضر، وحمر. 1490-[اختلاف السموم، واختلاف علاجها] وتختلف سموم العقارب بأسباب: منها اختلاف أجناسها، كالجرّارة وغيرها، ومنها اختلاف التّرب كفرق ما بين جرّارات عقارب شهرزور [2] وعسكر مكرم. وتختلف مضرّة سمومها على قدر طباع الملسوع. ويختلف قدر سمومها على قدر مواضع اللسعة، وعلى قدر اختلاف ما بين النهار والليل، وعلى قدر ما صادفت عليه الملسوع من غذائه، ومن تفتح منافسه، وعلى قدر ما تصادف عليه العقرب من الحبل وغير الحبل وعلى قدر لسعتها في أوّل الليل عند خروجها من جحرها بعد أن أقامت فيه شتوتها. وأشدّ من ذلك أن تلسع أوّل ما تخرج من جحرها بعد أن أقامت فيه يومها. قال ماسرجويه: فلذلك اختلفت وجوه العلاج، فصار ضرب من العلاج يفيق عنه إنسان ولا يصلح أمر الآخر. 1491-[لسعة الزنبور] وخبرني ثمامة عن أمير المؤمنين المأمون أنه قال [3] : قال لي بختيشوع بن جبريل وسلمويه، وابن ماسويه: «إن الذباب إذا دلك به موضع لسعة الزنبور سكن»

_ [1] عيون الأخبار 2/103، وربيع الأبرار 5/477. [2] تقدم الحديث عن عقارب شهرزور في 192. [3] عيون الأخبار 2/103- 104، والعقد الفريد 4/263، وربيع الأبرار 5/460.

1492 -[حجج الأطباء]

فلسعني زنبور فحككت على موضعه أكثر من عشرين ذبابة فما سكن إلا في قدر الزمان الذي كان يسكن فيه من غير علاج. فلم يبق في يدي منهم إلا أن يقولوا: كان هذا الزنبور حتفا قاضيا، ولولا هذا العلاج لقتلك. 1492-[حجج الأطبّاء] وكذلك هم إذا سقوا دواء فضرّ، أو قطعوا عرقا فضرّ، قالوا: أنت مع هذا العلاج الصّواب تجد ما تجد! فلولا ذلك العلاج كنت الساعة في نار جهنم. وقيل لي- وقرأت في كتاب الحيوان- إنّ ريح السّذاب [1] يشتد على الحيّات. فألقيت على وجوه الأفاعي جرز السّذاب فما كان عندها إلا كسائر البقل. فلو قلت لهم في هذا شيئا لقالوا: الحيّات غير الأفاعي. وهذا باطل. الأفاعي نوع من الحيات. وكلهم قد عمّ ولم يخص. 1493-[ما يدّخر من الحيوان] وجميع الحشرات والأحناش، وجميع العقارب وهذه الدّبابات [2] التي تعضّ وتلسع، التي تكمن في الشتاء لا تأكل شيئا في تلك الأشهر ولا تشرب، وكذا كل شيء من الهمج والحشرات مما لا يتحرّك في الشتاء إلا النمل والذّرّ والنحل، فإنها قد ادخرت ما يكفيها، وليست كغيرها مما تثبت حياته مع ترك الطعم. 1494-[حرص العقارب والحيات على أكل الجراد] وللعقرب ثماني أرجل وهي حريصة على أكل الجراد. وكذلك الحيات. وما أكثر ما تلدغ وتنهش صاحب الجراد [3] . 1495-[أثر المرضع في الرضيع] ومن عجيب سمّ الأفاعي ما خبرني به بعض من يخبر شأن الأفاعي قال [4] :

_ [1] السذاب: نوع من النعناع. «السامي في الأسامي 395» ، وفي عيون الأخبار 2/9 «الحيات تكره ريح السذاب والشيح» . [2] الدبابات: التي تدب من الحيوان، أي تمشي على هينة. [3] صاحب الجراد: أي الذي يصطاد الجراد. وانظر ما تقدم في 193، وفي 4/376، الفقرة (1126) . [4] ربيع الأبرار 5/476.

1496 -[قصتان في من لسعته العقرب]

كنت بالبادية ورأيت ناقة ترتع، وفصيلها يرتضع من أخلافها، إذ نهشت الناقة على مشافرها أفعى، فبقيت واقفة سادرة، والفصيل يرتضع، فبينا هو يرتضع إذ خرّ ميّتا. فكان موته قبل موت أمّه من العجب. وكان مرور السمّ في تلك الساعة القصيرة أعجب، وكان ما صار من فضول سمها في لبن الضّرع حتى قتل الفصيل قبل أمه عجبا آخر. والمرأة المرضع تشرب النبيذ فيسكر عن لبنها الرضيع وتشرب دواء المشي فيعتري الرضيع الخلفة [1] . فلذلك يختار الحكماء لأولادهم الظئر البريئة من ألأدواء: في عقلها، وفي بدنها. وتوهّموا أن اللبن إنما نجع في الفصيل لقرابة ما بين اللبن والدّم، فصار ذلك السمّ أسرع إليه منه إلى أمه. ولعل ضعف الفصيل قد أعان أيضا على ذلك. 1496-[قصتان في من لسعته العقرب] قال أبو عبيدة [2] : لسعت أعرابيّا عقرب بالبصرة، فخيف عليه فاشتدّ جزعه، فقال بعض الناس: ليس شيء خيرا له من أن تغسل له خصية زنجي عرق- وكانت ليلة غمقة [3]- فلما سقوه قطب [4] ، فقيل له: طعم ماذا تجد؟ قال: طعم قربة جديدة. وخبرني محمد وعليّ ابنا بشير، أن ظئرا لسليمان بن رياش لسعتها عقرب فملأت الدنيا صراخا، فقال سليمان: اطلبوا لها هذه العقرب، فإن دواءها أن تلسعها لسعة أخرى في ذلك المكان، فقالت العجوز: قد برئت، وقد سكن وجعي، ولا حاجة لي إلى هذا العلاج. قال: فأتوه بعقرب لا والله إن يدرى: أهي تلك أم غيرها؟ فأمر بها فأمسكت فقالت: أنشدك بالله واللبن فأبى وأرسلها عليها. فلسعتها فغشي عليها ومرضت زمانا وتساقط شعر رأسها. فقيل لسليمان في ذلك فقال: يا مجانين! لا والله إن ردّ عليّ روحها إلا اللسعة الثانية. ولولا هي لقد كانت ماتت.

_ [1] الخلفة: استطلاق البطن. [2] عيون الأخبار 2/103، وربيع الأبرار 5/476. [3] غمقة: ثقيلة الندى مع سكون الريح. [4] قطب: زوى ما بين عينيه.

باب القول في القمل والصؤاب

باب القول في القمل والصّؤاب وسنقول في القمل والصّؤاب ما وجدنا تمكينا من القول، إن شاء الله تعالى. 1497-[ما زعمه إياس بن معاوية والرد عليه] ذكروا عن إياس بن معاوية، أنه زعم أن الصّئبان ذكورة القمل والقمل إناثها، وأن القمل من الشّكل الذي تكون إناثه أعظم من ذكورته. وذكروا عنه أنه قال: وكذلك الزّرارقة والبزاة. فجعل البزاة في الإناث. وليس فيما قال شيء من الصواب والتّسديد. وقد خبّرناكم [1] عن حكايته في الشّبّوط، حين جعله كالبغل، وجعله مخلوقا من بين البنّيّ والزّجر. والقمل يعتري من العرق والوسخ، إذا علاهما ثوب، أو ريش، أو شعر، حتى يكون لذلك المكان عفن وخموم. 1498-[أثر لون الشّعر في لون القملة] [2] والقملة تكون في رأس الأسود سوداء، ورأس الأبيض الشعر بيضاء، وتكون خصيفة [3] اللون، وكالحبل الأبرق [4] إذا كانت في رأس الأشمط [5] . وإذا كانت في رأس الخاضب بالحمرة كانت حمراء، وإن كان الخاضب ناصل الخضاب كان في لونها شكلة [6] ، إلا أن يستولي على الشعر النّصول فتعود بيضاء. وهذا شيء يعتري القمل، كما تعتري الخضرة دود البقل، وجراده وذبابه، وكلّ شيء يعيش فيه. 1499-[أثر البيئة في الحيوان] وليس ذلك بأعجب من حرّة بن سليم، فإن من طباع تلك الحرة أن تسوّد كل

_ [1] انظر ما تقدم في 1/98، الفقرة (112) . [2] انظر ما تقدم في 4/295- 296، وربيع الأبرار 5/481. [3] الخصيفة: ما فيها لونان من سواد وبياض. [4] في اللسان: «الخصيف من الحبال ما كان أبرق، بقوة سوداء، وأخرى بيضاء» . [5] الشمط: بياض في شعر الرأس يخالف سواده. [6] الشكلة: بياض وحمرة قد اختلطا.

1500 -[تولد القمل]

شيء يكون فيها [1] : من إنسان، أو فرس، أو حمار، أو شاة، أو بعير، أو طائر، أو حيّة. ولم نسمع ببلدة أقوى في هذا المعنى من بلاد الترك، فإنها تصوّر إبلهم وخيلهم، وجميع ما يعيش فيها، على صورة التّرك. 1500-[تولد القمل] والقمل يعرض لثياب كلّ الناس إذا عرض لها الوسخ والعرق، والخموم، إلا ثياب المجذّمين [2] فإنهم لا يقملون. وإذا قمل إنسان وأفرط عليه ذلك، زأبق [3] رأسه إن كنّ في رأسه أو جسده، وإن كنّ في ثيابه، فموّتن. وقال أبو قطيفة لأصحابه [4] : أتدرون ما يذرأ [5] القمل! قالوا: لا. قال: ذاك والله من قلة عنايتكم بما يصلح أبدانكم! يذرأ القمل الفساء. فأما ثمامة فحدثني عن يحيى بن خالد البرمكي، أن شيئين يورثان القمل [6] : أحدهما الإكثار من التّين اليابس، والآخر بخار اللّبان إذا ألقي على المجمرة. 1501-[الإنسان القمل الطباع] وربما كان الإنسان قمل الطباع، وإن تنظّف وتعطّر وبدّل الثياب، كما عرض لعبد الرحمن بن عوف، والزبير بن العوّام، استأذنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، في لباس الحرير فأذن لهما فيه [7] ؛ ولولا أنهما كانا في حدّ ضرورة لما أذن لهما فيه، مع ما قد جاء في ذلك من التشديد [8] .

_ [1] انظر ما تقدم في 4/296، س 3- 4، وربيع الأبرار 5/481. [2] الأجذم: المقطوع اليد، وقيل: هو الذي ذهبت أنامله. وفي ربيع الأبرار 5/480 (وثياب أكثر الناس تقمل، إلا ثياب المخدمين المترفين) . [3] زأبق: طلى بالزئبق. [4] انظر الخبر في البخلاء 114. [5] يذرأ: يكثر. [6] الخبر في ربيع الأبرار 5/480. [7] أخرجه البخاري في اللباس، حديث رقم 5501 «عن أنس قال: رخّص النبي صلّى الله عليه وسلّم للزبير وعبد الرحمن في لبس الحرير، لحكة بهما» . [8] انظر هذا الخبر في ربيع الأبرار 5/480.

1502 -[الاحتيال للبراغيث]

فلما كان في خلافة عمر، رأى عمر على بعض بني المغيرة من أخواله، قميص حرير، فعلاه بالدّرّة [1] ، فقال المغيريّ: أو ليس عبد الرحمن بن عوف يلبس الحرير؟ قال: وأنت مثل عبد الرحمن؛ لا أمّ لك! 1502-[الاحتيال للبراغيث] واحتاج أصحابنا إلى التسلّم من عضّ البراغيث، أيام كنّا بدمشق، ودخلنا أنطاكية، فاحتالوا لبراغيثها بالأسرّة فلم ينتفعوا بذلك؛ لأن براغيثهم تمشي. وبراغيثهم نوعان: الأبجل والبقّ، إنما سمّوا ذلك الجنس على شبيه بما حكى لي ثمامة عن يحيى بن خالد البرمكيّ، فإنّ يحيى زعم أن البراغيث من الخلق الذي يعرض له الطيران فيستحيل بقّا، كما يعرض الطيران للنّمل، وكما يعرض الطيران للدّعاميص؛ فإن الدعاميص إذا انسلخت صارت فراشا. فكان أصحابنا قد لقوا من تلك البراغيث جهدا. وكانت لها بليّة أخرى: وذلك أن الذي تسهره البراغيث لا يستريح إلا أن يقتلها بالعرك والقتل. وإلى أن يقبض عليها فيرمي بها إلى الأرض من فوق سريره فيرى أنهنّ إذا صرن عشرين كان أهون عليه من أن يكنّ إحدى وعشرين. فكان الرجل إذا رام ذلك من واحدة منها نتنت يده وكانوا ملوكا، ومثل هذا شديد على مثلهم، فما زالوا في جهد منها حتى لبسوا قمص الحرير الصّينيّ، وجعلوها طويلة الأردان والأبدان فناموا مستريحين [2] . 1503-[خروج القمل من جسم الإنسان] وخبّرني كم شئت من أطبّاء الناس وأصحاب التجارب، منهم من يقشعر من الكذب، ويتقزز منه- أنهم رأوا القمل عيانا وهو يخرج من جلد الإنسان. فإذا كان الإنسان قملا كان قمله مستطيلا، في شبيه بخلقة الديدان الصغار البيض. ويذكر أن مثل ذلك قد كان عرض لأيوب النبي، صلّى الله عليه وسلّم، حين كان امتحن بتلك الأوجاع حتى سمّي: «المبتلى» وخبّرني شيخ من بني ليث، أنه اعتراه جرب، وأنه تطلّى بالمرتك [3] والدّهن،

_ [1] الدرة: درة السلطان التي يضرب بها. [2] الخبر باختصار في ربيع الأبرار 5/479. [3] المرتك: هو المردارسنج، ويكون من سائر المعادن المطبوخة إلا الحديد. انظر معجم استينجاس 1212.

1504 -[قمل الحيوان]

ثم دخل الحمّام فرأى قملا كثيرا، يخرج من تلك الجلب [1] والقروح. وخبّرني أبو موسى العباسيّ صديقنا أنه كان له غلام بمصر، وكان الغلام ربما أخذه إبرة ففتح بها فتحا في بعض جسده، في الجلد، فلا يلبث أن يطلع من تحت الجلد في القيح قملة. 1504-[قمل الحيوان] والقمل يسرع إلى الدّجاج والحمام، إذا لم يغتسل ويكن نظيف البيت. وهو يعرض للقرد [2] ، ويتولّد من وسخ جلد الأسير وما في رأسه من الوسخ. ولذلك كانوا يضجّون ويقولون: أكلنا القدّ [3] والقمل! 1505-[تلبيد الشعر] وكانوا يلبّدون شعورهم، وذلك العمل هو التلبيد، والحاجّ الملبّد هو هذا. وقال الشاعر: [من الكامل] يا ربّ، ربّ الراقصات عشيّة ... بالقوم بين منى وبين ثبير [4] زحف الرّواح قد انقضت منّاتهم ... يحملن كلّ ملبّد مأجور [5] وقال عبد الله بن العجلان النهديّ: [من المنسرح] إني وما مار بالفريق وما ... قرقر بالجلهتين من سرب [6] جماعة من القطا وغيره، واحدتها سربة وعبر بها ها هنا عن الحجّاج. من شعر كالغليل يلبد بال ... قمل وما مار من دم سرب [7] والعتر عتر النّسيك يخفر بال ... بدن لحلّ الإحرام والنّصب [8]

_ [1] الجلب: جمع جلبة، وهي القشرة تعلو الجرح عند البرء. [2] الخبر في ربيع الأبرار 5/480. [3] القد: سير من جلد غير مدبوغ. [4] الراقصات: الإبل تسرع في سيرها. ثبير: جبل من أعظم جبال مكة. [5] زحف: جمع زحوف، وهي الناقة أعيت فجرّت فرسنها. المنّة: القوة. [6] الفريق: تصغير فرق أو فرق، وهو اسم موضع بتهامة. «معجم البلدان 4/260» . القرقرة: عنى بها تلبية الحجيج. [7] الغليل: القت والنوى والعجين تعلفه الإبل. السرب: السائل. [8] العتر: ما عتر؛ أي ذبح. النسيك: الذبيح.

1506 -[تعيير هوازن وأسد بأكل القرة]

وقال أميّة بن أبي الصّلت [1] : [من البسيط] شاحين آباطهم لم ينزعوا تفثا ... ولم يسلّوا لهم قملا وصئبانا [2] ويروى: «لم يقربوا تفثا» قال الله عزّ وجلّ: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ [3] . وما أقل ما ذكروا التّفث في الأشعار. والتلبيد: أن يأخذ شيئا من خطميّ وآس وسدر، وشيئا من صمغ فيجعله في أصول شعره وعلى رأسه، كي يتلبد شعره ولا يعرق ويدخله الغبار، ويخمّ فيقمل. وكانوا يكرهون تسريح الشعر وقتل القمل. فكان ذلك العمل يقلّ معه القمل. وقد قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لكعب بن عجرة: هل آذاك هوامّ رأسك؟!» [4] 1506-[تعيير هوازن وأسد بأكل القرّة] وقال ابن الكلبيّ [5] : عيّرت هوازن وأسد بأكل القرّة [6] . وهما بنو القملة. وذلك أن أهل اليمن كانوا إذا حلقوا رؤوسهم بمنى وضع كل رجل منه على رأسه قبضة من دقيق. فإذا حلقوا رؤوسهم سقط ذلك الشّعر مع ذلك الدقيق، ويجعلون الدقيق صدقة. فكان ناس من الضّركاء [7] وفيهم ناس من قيس وأسد، يأخذون ذلك الشعر بدقيقه، فيرمون بالشعر، وينتفعون بالدقيق. وأنشد لمعاوية بن أبي معاوية الجرميّ، في هجائهم [8] : [من الطويل]

_ [1] ديوان أمية بن أبي الصلت 518. [2] في ديوانه: «شحا الرجل: باعد بين خطاه، وشحا الرجل فاه: فتحه. والآباط: مفردها: إبط، وأراد بذلك رفع الحجاج أيديهم بالدعاء. والسّلّ: انتزاع الشيء وإخراجه برفق كإخراج الشعرة من العجين. والتفث: نتف الشعر وقص الأظفار وكل ما يحل بعد الخروج من الإحرام» . [3] 29/الحج: 22. [4] أخرجه البخاري في الإحصار وجزاء الصيد، حديث رقم 1719، 1720، 1722، ومسلم في الحج، باب: جواز حلق للرأس للمحرم إن كان به أذى..، رقم 1201. [5] الخبر مع البيتين التاليتين في كتاب الأصنام لابن الكلبي 48- 49، ومعجم البلدان 1/238 (الأقيصر) ، واللسان والتاج (قرر) . [6] القرة: ناقة تؤخذ من المغنم قبل قسمة الغنائم فتنحر وتصلح ويأكلها الناس، يقال لها قرة العين. [7] الضركاء: جمع ضريك، وهو الفقير الهالك سوء الحال. [8] البيتان في البخلاء 217، وانظرهما في مصادر الحاشية قبل السابقة.

1507 -[شعر في هجو القملين]

ألم تر جرما أنجدت وأبوكم ... مع الشعر في قصّ الملبّد شارع [1] إذا قرَّة جاءت يقول أصب بها ... سوى القمل إني من هوازن ضارع 1507-[شعر في هجو القملين] وقال بعض العقيليّين، ومرّ بأبي العلاء العقيليّ وهو يتفلّى، فقال [2] : [من الكامل] وإذا مررت به مررت بقانص ... متصيّد في شرقة مقرور [3] للقمل حول أبي العلاء مصارع ... من بين مقتول وبين عقير وكأنهنّ لدى خبون قميصه ... فذّ وتوءم سمسم مقشور [4] ضرج الأنامل من دماء قتيلها ... حنق على أخرى العدوّ مغير [5] وقال الحسن بن هانىء [6] ، في أيوب، وقد ذهب عني نسبه، وطالما رأيته في المسجد: [من مجزوء الكامل] من ينأ عنه مصاده ... فمصاد أيوب ثيابه تكفيه فيها نظرة ... فتعلّ من علق حرابه [7] يا ربّ محترس بخب ... ن الدّرز تكنفه صؤابه [8] فاشي النّكاية غير معلو ... م إذا دبّ انسيابه أو طامريّ واثب ... لم ينجه عنه وثابه الطامريّ: البرغوث. ثم قال: أهوى له بمذلّق الغربين إصبعه نصابه [9]

_ [1] أنجدت: دخلت بلاد نجد. [2] الأبيات لبعض العقيليين في نهاية الأرب 10/177، ولبعض الأسديين في الحماسة المغربية 1283، وبلا نسبة في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1843، والتبريزي 4/164، والبيتان (2- 3) بلا نسبة في ديوان المعاني 2/150، ومحاضرات الأدباء 2/133 (3/294) . [3] الشرقة: المكان الذي يتشرق فيه في الشتاء. المقرور: الذي أصابه القر؛ وهو البرد. [4] الخبن: خياطة الثوب لتقليصه. الفذ: الفرد. [5] الضرج: المصبوغ بالحمرة. [6] لم ترد الأبيات في ديوان أبي نواس، وهي في نهاية الأرب 10/178. [7] تعل: تشرب مرة بعد مرة. العلق: الدم. [8] الخبن: خياطة الثوب لتقليصه. [9] مذلق: حاد. الغربين: مثنى غرب؛ وهو حد السلاح.

1508 -[أحاديث وأخبار في القمل]

لله درّك من أخي ... قنص أصابعه كلابه [1] 1508-[أحاديث وأخبار في القمل] وفي الحديث أن أكل التفاح، وسؤر الفأرة، ونبذ القملة يورث النّسيان [2] . وفي حديث آخر أنّ الذي ينبذ القملة لا يكفى الهمّ. والعامة تزعم أن لبس النّعال السود يورث الغمّ والنسيان. وتناول أعرابيّ قملة دبّت على عنقه، ففدغها ثم قتلها بين باطن إبهامه وسبّابته، فقيل له: ما تصنع ويلك بحضرة الأمير؟! فقال: بأبي أنت وأميّ: وهل بقي منها إلا خرشاؤها؟ يعني جلدتها وقشرتها وكل وعاء فهو خرشاء. 1509-[المأمون وسعيد بن جابر] وحدثني إبراهيم بن هانىء، قال: حدّثني سعيد بن جابر، قال: لما كادت الأجناد تحيط ببغداد من جوانبها. قال لنا المخلوع [3] : لو خرجنا هكذا قطربّل [4] على دوابنا، ثم رجعنا من فورنا، كان لنا في ذلك نشرة [5] ، قال: فلما صرنا هناك هجمنا على موضع خمّارين، فرأى أناسا قد تطافروا [6] من بعض تلك الحانات، فسأل عنهم، فإذا هم أصحاب قمار ونرد ونبيذ، فبعث في آثارهم فردّوا وقال لنا: أشتهي أن أسمع حديثهم، وأرى مجلسهم وقمارهم. قال: فدخلنا إلى موضعهم، فإذا تخت النّرد قطعة لبد، وإذا فصوص النّرد من طين، بعضه مسوّد وبعضه متروك، وإذا الكعبان من عروة كوز محكّكة، وإذا بعضهم يتكئ على دنّ خال وتحتهم بوار قد تنسّرت [7] . قال: فبينا هو يضحك منهم إذ رأيت قملة تدب على ذيله، فتغفّلته وأخذتها فرآني وقد تناولت شيئا، فقال لي: أي شيء تناولت؟ فقلت: دويبّة دبت

_ [1] القنص: الصيد. [2] تقدم الحديث في 146. [3] المخلوع: هو الخليفة محمد الأمين، وانظر الخبر في ربيع الأبرار 5/480- 481. [4] قطربل: اسم قرية بين بغداد وعكبرا ينسب إليها الخمر وكانت متنزها للبطالين وحانة للخمارين. معجم البلدان 4/371. [5] النشرة: ضرب من الرقية والعلاج؛ يعالج به المجنون والمريض. [6] الطفر: الوثوب. [7] البواري: جمع بارية؛ وهي الحصير المعمول من القصب. تنسرت: انتشرت.

1510 -[لذة قصع القمل على الأظفار]

على ذيلك من ثياب هؤلاء. قال: وأيّ دابة هي؟ قلت: قملة. قال: أرنيها؛ فقد والله سمعت بها! قال: فتعجبت يومئذ من المقادير كيف ترفع رجالا في السماء، وتحطّ آخرين في الثّرى! 1510-[لذة قصع القمل على الأظفار] قال: والقرد يتفلّى، فإذا أصاب قملة رمى بها إلى فيه. ونساء العوامّ يعجبهنّ صوت قصع القمل على الأظفار. ورأيت مرة أنا وجعفر بن سعيد، بقَّالا في العتيقة وإذا امرأته جالسة بين يديه، وزوجها يحدّثها وهي تفلّي جيبها وقد جمعت بين باطن إبهامها وسبّابتها عدّة قمل، فوضعتها على ظفر إبهامها الأيسر، ثم قلبت عليها ظفرها الأيمن فشدختها به، فسمعت لها فرقعة، فقلت لجعفر: فما منعها أن تضعها بين حجرين؟ قال: لها لذة في هذه الفرقعة، والمباشرة أبلغ عندها في اللذة. فقلت: فما تكره مكان زوجها؟ قال: لولا أن زوجها يعجب بذلك لنهاها! 1511-[شعر لابن ميادة] وقال ابن ميّادة [1] : [من الطويل] سقتني سقاة المجد من آل ظالم ... بأرشية أطرافها في الكواكب [2] وإنّ بأعلى ذي النّخيل نسيّة ... يسيّرن أعيارا شداد المناكب [3] يشلن بأستاه عليهنّ دسمة ... كما شال بالأذناب سمر العقارب [4]

_ [1] ديوان ابن ميادة 83- 84، والبيت الأول في طبقات ابن المعتز 107، والشعر والشعراء 772 (شاكر) ، وعجزه منسوب لابن مناذر في الصناعتين 316. [2] الأرشية: جمع رشاء، وهو حبل الدلو. [3] ذو النخيل: موضع قرب مكة. نسية: مصغر نسوة. الأعيار: جمع عير، وهو الحمار. [4] يشلن: يرفعن. الدسمة: أصله ما يشد به خرق السقاء.

باب في البرغوث

[باب في البرغوث] (باب) 1512-[القول في البرغوث] [1] والبرغوث أسود أحدب نزّاء، من الخلق الذي لا يمشي صرفا. وبما قال بعضهم: دبيبها من تحتي أشدّ عليّ من عضّها. وليس ذلك بدبيب. وكيف يمكنه الدّبيب- وهو ملزق على النّطع بجلد جنب النائم؟! ولكنّ البرغوث خبيث، فمتى أراد الإنسان أن ينقلب من جنب إلى جنب، انقلب البرغوث واستلقى على ظهره، ورفع قوائمه فدغدغه بها، فيظنّ من لا علم عنده أنه إنما يمشي تحت جنبه. وقد ذكرنا من شأنه في مواضع، ولو كان الباب يكبر حتى يكون لك مجموعا ولم تعرفه تكلفت لك جمعه. 1513-[شعر في البرغوث] وقال بعض الأعراب [2] : [من البسيط] ليل البراغيث عنّاني وأنصبني ... لا بارك الله في ليل البراغيث [3] كأنهنّ وجلدي إذ خلون به ... أيتام سوء أغاروا في المواريث وقال محبوب بن أبي العشنّط النهشليّ [4] : [من البسيط] لروضة من رياض الحزن أو طرف ... من القريّة جرد غير محروث [6] للنّور فيه إذا مجّ النّدى أرج ... يشفي الصّداع ويشفي كلّ ممغوث [7]

_ [1] وردت الفقرة في ربيع الأبرار 5/479. [2] البيتان بلا نسبة في كتاب العين 4/467، وربيع الأبرار 5/479، ومحاضرات الأدباء 2/306 (4/673) . [3] عناه: أنصبه وجشمه العناء. [4] الأبيات في اللسان (توت) ، والخزانة 11/258، ومعجم البلدان 4/340 (القرية) ، والأول والثالث في التاج (توث) ، و (4، 5، 6) في ربيع الأبرار 5/479. [5] الحزن: اسم موضع. الطرف: الناحية. القرية: من قرى اليمامة. الجرد: لا نبات فيه. [6] النور: الزهر. الممغوث: المحموم.

أملا وأحلى لعيني إن مررت به ... من كرخ بغداد ذي الرّمّان والتّوث [1] الليل نصفان: نصف للهموم فما ... أقضى الرّقاد، ونصف للبراغيث أبيت حين تساميني أوائلها ... أنزو وأخلط تسبيحا بتغويث [2] سود مداليج في الظلماء مؤذية ... وليس ملتمس منها بمشبوث [3] وقد جعل «التوث» بالثاء. ووجه الكلام بالتاء. وتعجيمها نقطتان من فوقها. وقال آخر [4] : [من الطويل] وإنّ امرأ تؤذيّ البراغيث جلده ... ويخرجنه من بيته لذليل ألا ربّ برغوث تركت مجدّلا ... بأبيض ماضي الشّفرتين صقيل [5] وقال آخر: [من الطويل] لقد علم البرغوث حين يعضّني ... ببغداد إني بالبلاد غريب وقال آخر: [من الطويل] لقيت من البرغوث جهدا ولا أرى ... أميرا على البرغوث يقضي ولا يعدي يقلّبني فوق الفراش دبيبه ... وتصبح آثار تبيّن في جلدي وقال آخر [6] : [من الطويل] ألا يا عباد الله من لقبيلة ... إذا ظهرت في الأرض شدّ مغيرها فلا الدّين ينهاها ولا هي تنتهي ... ولا ذو سلاح من معدّ يضيرها وقال يزيد بن نبيه الكلّابي: [من الطويل] أصبحت سالمت البراغيث بعد ما ... مضت ليلة مني وقلّ رقودها

_ [1] أملا: أملأ. الكرخ: موضع ببغداد. [2] تساميني: تعاليني. أنزو: أثب. التغويث: الصياح بالقول «واغوثاه» . [3] المداليج: جمع مدلاج، وهو من أدلج: إذا سافر ليلا. مشبوث: مأخوذ. [4] البيت الثاني فيه إقواء، وهو بلا نسبة في محاضرات الأدباء 2/306 (3/674) . [5] مجدلا: ملقيا على الجدالة؛ وهي الأرض. الأبيض: السيف، وأراد به هنا أظفاره. [6] البيتان بلا نسبة في ديوان المعاني 2/149، وربيع الأبرار 5/479، ونهاية الأرب 10/173، وإذا كان الجاحظ قد جعل هذين البيتين في البراغيث فإنه في الصفحة 232 فيما سيأتي قال: «وفي القردان يقول الآخر، قال: وبعضهم يجعلها في البراغيث، وهذا باطل» .

فيا ليت شعري هل أزورنّ بلدة ... قليل بها أوباشها وسنيدها [1] وهل أسمعنّ الدّهر أصوات ضمّر ... تطالع بالركبان صعرا خدودها [2] وهل أرينّ الدهر نارا بأرضها ... بنفسي وأهلي أرضها ووفودها تراطن حولي كلما ذرّ شارق ... ببغداد أنباط القرى وعبيدها وقال آخر: [من البسيط] لا بارك الله في البرغوث، إن له ... لذعا شديدا كلذع الكيّ بالنار أقول والنجم قد غارت أوائله ... وغلّس المدلج الساري بأسحار [3] لبرقة من براق الحزن أعمرها ... فيها الظّباء تراعي غبّ أمطار [4] أشفى لدائي من درب به نبط ... ومنزل بين حجّام وجزّار من ينحر الشّول لا يخطي قوائمها ... بمدية كشرار النار بتّار [5] وقال آخر: [من الخفيف] إنّ هذا المصلوب لا شك فيه ... هو من بعد صلبه مبعوث حلّ من حيث ليس يأكله ال ... بقّ ولا يهتدي له البرغوث بين حنوي مطيّة إن يسقها ... سائقاها فذاك سير مكيث [6] فعليه الدبار والخزي لمّا ... قلت من ذا فقال لصّ خبيث [7] وقال أبو الرماح الأسديّ [8] : [من الطويل] تطاول بالفسطاط ليلي ولم يكن ... بحنو الغضا ليل عليّ يطول يؤرّقني حدب صغار أذلة ... وإن الذي يؤذينه لذليل إذا جلت بعض الليل منهن جولة ... تعلّقن بي أو جلن حيث أجول

_ [1] الأوباش: الأخلاط من الناس. السنيد: الدعي. [2] الضمّر: الإبل الضامرة. الأصعر: المائل. [3] غلس: سار في الغلس وهو ظلمة آخر الليل. المدلج: الذي يسافر ليلا. [4] البرقة: غلظ فيه حجارة ورمل وطين. أعمرها: أسكنها. تراعي: ترعى مع سواها. غب الشيء: بعده. [5] الشول: الإبل التي نقصت ألبانها. المدية: الشفرة. البتار: القطّاع. [6] الحنو: كل شيء فيه اعوجاج. المكيث: البطيء. [7] الدبار: الهلاك. [8] الأبيات في ديوان المعاني 2/150، وربيع الأبرار 5/480، ونهاية الأرب 10/303.

إذا ما قتلناهنّ أضعفن كثرة ... علينا ولا ينعى لهنّ قتيل ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة ... وليس لبرغوث عليّ سبيل وقال أبو الشّمقمق [1] : [من المنسرح] يا طول يومي وطول ليلتيه ... إن البراغيث قد عبثن بيه فيهنّ برغوثة مجوّعة ... قد عقدت بندها بفقحتيه [2] وقال آخر [3] : [من الطويل] هنيئا لأهل الرّي طيب بلادهم ... وأن أمير الرّيّ يحيى بن خالد تطاول في بغداد ليلي ومن يكن ... ببغداد يلبث ليله غير راقد بلاد إذا جنّ الظلام تقافزت ... براغيثها من بين مثنى وواحد ديازجة سود الجلود كأنها ... بغال بريد أرسلت في مذاود [4] وقال آخر [5] : [من الرجز] أرّقني الأسيود الأسكّ ... ليلة حكّ ليس فيها شكّ أحكّ حتى ماله محكّ ... أحكّ حتى مرفقي منفكّ وقال آخر: [من الرجز] يا أمّ مثواي عدمت وجهك ... أنقذني ربّ العلا من مصرك ولذع برغوث أراه مهلكي ... أبيت ليلي دائم التحكّك تحكّك الأجرب عند المبرك وقال آخر: [من البسيط] الحمد لله برغوث يؤرّقني ... أحيلك الجلد لا سمع ولا بصر [6]

_ [1] ديوان أبي الشمقمق 153، ومحاضرات الأدباء 2/306 (4/672) . [2] البند: العلم الكبير. [3] الأبيات بلا نسبة في ديوان المعاني 2/149، وربيع الأبرار 5/480، ومعجم البلدان 1/466 (بغداد) . [4] ديازجة: جمع ديزج، وهو الأخضر. المذاود: جمع مذود، وهو معلف الدابة. [5] الرجز بلا نسبة في اللسان والتاج (قذذ، حكك، سكك) ، والتهذيب 8/274، والجمهرة 101، والأساس (قذذ) . [6] أحيلك: تصغير أحلك، والحلكة: شدة السواد.

1514 -[معارف في البرغوث]

وقال آخر: [من الرجز] قبيلة في طولها وعرضها ... لم يطبقوا عينا لهم بغمضها خوف البراغيث وخوف عضّها ... كأنّ في جلودها من مضّها [1] عقاربا ترفضّ من مرفضّها ... إن دام هذا هربت من أرضها [2] يا ربّ فاقتل بعضها ببعضها 1514-[معارف في البرغوث] قال: والبرغوث في صورة الفيل. وزعموا أنها تبيض وتفرخ، وأنهم رأوا بيضها رؤية العين. والبراغيث تناكح وهي مستدبرة ومتعاظلة [3] . وهي من الجنس الذي تطول ساعة كومها. 1515-[شدة استقذار الناس للقمل] وليس الناس لشيء مما يعضّهم ويؤذيهم، من الجرجس، والبقّ، والبراغيث والذّبان- أشد استقذارا منهم للقمل. ومن العجب أنّ قرابته أمسّ. فأما قملة النّسر، وهي التي يقال لها بالفارسية: «دده» ، وهي تكون بالجبل، فإنها إذا عضّت قتلت. 1516-[القول في البعوض ونتائج عضها] حدّثني إبراهيم بن السّنديّ قال: لما كان أبي بالشام واليا، أحبّ أن يسوّي بين القحطانيّ والعدناني، وقال: لسنا نقدّمكم إلا على الطاعة لله عزّ وجلّ، وللخلفاء، وكلّكم إخوة، وليس للنّزاري عندي شيء ليس لليمانيّ مثله. قال: وكان يتغدّى مع جملة من جلّة [4] الفريقين، ويسوّي بينهم في الإذن والمجلس. وكان شيخ اليمانية يدخل عليه معتمّا، وقد جذب كور عمامته حتى غطى بها حاجبه وكان لا ينزعها في حر ولا برد، فأراد فتى من قيس- وقد كان أبي يستخليه ويقرّبه- أن يسقطه من عين أبي ويوحشه منه، فقال له ذات يوم ووجد المجلس خاليا: إني أريد أن أقول شيئا ليس يخرجه مني إلا الشكر والحرية، وإلا

_ [1] المض: الحرقة والألم. [2] ترفض: تتفرق. [3] تعاظلت: لزم بعضها بعضا في السفاد. [4] الجلة: العظماء.

المودة والنصيحة، ولولا ما أعرف من تقزّزك وتنطّسك [1] ؛ وأنك متى انتبهت على ما أنا ملقيه إليك لم آمن أن تستغشّني [2] ، وإن لم تظهره لي. إن هذا اليمانيّ إنما يعتم أبدا، ويمدّ طرّة [3] العمامة حتى يغطّي بها حاجبيه؛ لأن به داء لو علمت به لم تؤاكله! قال: فقال أبي: فرماني والله بمعنى كاد ينقض عليّ جميع ما بيدي، وقلت: والله لئن أكلت معه وبه الذي به إنّ هذا لهو البلاء، ولئن منعت الجميع مؤاكلتي لأوحشنهم جميعا بعد المباسطة والمباثّة [4] والملابسة والمؤاكلة، ولئن خصصته بالمنع أو أقعدته على غير مائدتي. ليغضبنّ، ولئن غضب ليغضبنّ معه كل قحطاني بالشام. فبت بليلة طويلة. فلما كان الغد وجلست، ودخلوا للسلام، جرى شيء من ذكر السموم وغرائب أعمالها، فأقبل عليّ ذلك الشيخ فقال: عندي من هذا بالمعاينة ما ليس عند أحد. خرجت مع ابن اخي هذا، ومع ابن عمّي هذا، ومع ابني هذا، أريد قريتي الفلانية، فإذا بقرب الجادّة بعير قد نهشته أفعى. وإذا هو وافر اللحم، وكل شيء حواليه من الطّير والسباع ميت، فقمنا منه على قاب أرماح نتعجب، وإذا عليه بعوض كثيرة. فبينا أنا أقول لأصحابي: يا هؤلاء، إنكم لترون العجب: أول ذلك أن بعيرا مثل هذا يتفسّخ من عضة شيء لعله أن لا يكون في جسم عرق من عروقه، أو عصبة من عصبه، فما هذا الذي مجّه فيه، وقذفه إليه؟ ثم لم يرض بأن قتله حتى قتل كلّ طائر ذاق منه، وكلّ سبع عضّ عليه. وأعجب من هذا قتله لأكابر السّباع والطير، وتركه قتل البعوضة، مع ضعفها ومهانتها! فبينا نحن كذلك إذ هبّت ريح من تلقاء الجيفة، فطيّرت البعوض إلى شقّنا، وتسقط بعوضة على جبهتي، فما هو إلا أن عضتني إذ اسمأدّ [5] وجهي تورّم رأسي، فكنت لا أضرب بيدي إلى شيء أحكّه من رأسي وحاجبي، إلا انتثر في يدي. فحملت إلى منزلي في محمل وعولجت بأنواع العلاج، فبرأت بعد دهر طويل. على أنه أبقى عليّ من الشّين أنه تركني أقرع الرأس. أمرط الحاجبين.

_ [1] التقزز: التباعد من الدنس. التنطس: التقذر والتقزز. [2] استغشه: ظن به الغش. [3] طرة الشيء: طرفه. [4] المباثة: من البث؛ وهو إظهار الحديث. [5] اسمأد: ورم وانتفخ.

1517 -[طلسمات البعوض والعقرب]

قال: والقوم يخوضون معه في ذلك الحديث، خوض قوم قد قتلوا [1] تلك القصة يقينا. قال: فتبسمت، ونكس الفتى القيسيّ رأسه، فظن الشيخ أنه قد جرى بيننا في ذلك ذرء [2] من القول، فقال: إن هذا القيسيّ خبيث، ولعله أن يكون قد احتال لك بحيلة! قال إبراهيم: فلم أسمع في السموم بأعجب من هذا الحديث. 1517-[طلسمات البعوض والعقرب] ويزعم أهل أنطاكية أنهم لا يبعضون لطلّسم هناك. ولو ادعى أهل عقر الدّير، المتوسطة لأجمة ما بين البصرة وكسكر لكان طلّسمهم أعجب. ويزعم [3] أهل حمص أن فيها طلّسما من أجله لا تعيش فيها العقارب. وإن طرحت فيها عقرب غريبة ماتت من ساعتها. ولعمري إنه ليجوز أن تكون بلدة تضادّ ضربا من الحيوان فلا يعيش فيها ذلك الجنس، فيدعي كذّابو أهلها أن ذلك برقية، أو دعوة، أو طلّسم. 1518-[ألم عضة البرغوث والقملة والبعوض] والبرغوث إذا عض، وكذاك القملة، فليس هناك من الحرقة والألم ما له مدة قصيرة ولا طويلة. وأما البعوض فأشهد أن بعوضة عضت ظهر قدمي، وأنا بقرب كاذة والعوجاء [4] ، وذلك بعد أن صلى الناس المغرب، فلم أزل منها في أكال وحرقة، وأنا أسير في السفينة، إلى أن سمعت أذان العشاء. ولذلك يقال: إن البعوضة لو ألحقت بمقدار جرم الجرّارة [5]- فإنّها أصغر العقارب- ثم زيدت من تضاعيف ما معها من السّمّ على حسب ذلك لكانت شرّا من

_ [1] قتله يقينا: أحاط به علما. [2] ذرء من القول: طرف منه. [3] ورد هذا الزعم في ربيع الأبرار 5/477. [4] كاذة: قرية من قرى بغداد. العوجاء: اسم موضع. [5] الجرارة: عقارب صغار تجرر أذنابها، انظر ما ما تقدم في 192، فقرة 1482.

الدّويبّة التي تسمى بالفارسية: «دده» وهي أكبر من القملة شيئا، وتكون بمهرجان قذق [1] . فإنها مع صغر جسمها تفسخ الإنسان في أسرع من الإشارة باليد، وهي تعضّ ولا تلسع، وهي من ذوات الأفواه، وهي التي بزعمهم يقال لها «قملة النّسر» . وذلك أن النّسر في بعض الزمان، إذا سقط بتلك الأرض سقطت منه قملة تستحيل هذه الدابة الخبيثة. والبعوضة من ذوات الخراطيم. وحدّثني محمد بن هاشم السّدريّ قال: كنت بالزّطّ [2] . فكنت والله أرى البعوضة تطير عن ظهر الثور فتسقط على الغصن من الأغصان، فتقلس [3] ما في بطنها، ثم تعود. والبعوضة تغمس خرطومها في جلد الجاموس، كما يغمس الرجل أصابعه في الثريد. ومن العجب أن بين البصرة وواسط شطرين. فالشّطر الذي يلي الطّف وباب طنج يبيت أهله في عافية، وليس عندهم من البعوض ما يذكر، والشطر الذي يلي زقاق الهفّة لا ينام أهله من البعوض. فلو كان هذا ببلاد الشام أو بلاد مصر لادّعوا الطّلّسم. وحدّثني إبراهيم النّظام قال [4] : وردنا فم زقاق الهفة، في أجمة البصرة، فأردنا النفوذ فمنعنا صاحب المسلحة [5] ، فأردنا التأخّر إلى الهور [6] الذي خرجنا منه، فأبى علينا. ووردنا عليه وهو سكران وأصحابه سكارى، فغضب على ملّاح نبطيّ، فشدّه قماطا، ثم رمى به في الأجمة، على موضع أرض تتصل بموضع أكواخ صاحب المسلحة [7] . فصاح الملاح: اقتلني أيّ قتلة شئت وأرحني! فأبى وطرحه، فصاح،

_ [1] مهرجان قذق: كورة حسنة واسعة ذات مدن وقرى الصيمرة من نواحي الجبال عن يمين القاصد من حلوان العراق إلى همذان. معجم البلدان 5/233. [2] الزط: نهر قديم من أنهار البطيحة «معجم البلدان 3/140» . والبطيحة: أرض واسعة بين واسط والبصرة «معجم البلدان 1/450» . [3] تقلس: تقيء. [4] الخبر في ربيع الأبرار 5/462. [5] المسلحة: القوم الذين يحرسون الثغور من العدو. [6] الهور: يقال جرف هور: أي واسع بعيد. [7] المسلحة: القوم الذين يحرسون الثغور من العدو.

1519 -[نفع العقرب]

ثم عاد صياحه إلى الأنين، ثم خفت وناموا في كللهم [1] وهم سكارى. فجئت إلى المقموط، وما جاوز وقت عتمة، فإذا هو ميت، وإذا هو أشد سوادا من الزنجي. وأشد انتفاخا من الزقّ المنفوخ، وذلك كله بقدر ما بين العشاء والمغرب. فقلت: إنها لمّا لسبته ولسعته من كلّ جانب لسعا على لسع إن اجتماع سمومها فيه أربت [2] على نهشة أفعى بعيدا. فهي ضرر ومحنة، ليس فيها شيء من المرافق. 1519-[نفع العقرب] والعقارب بأكلها مشوية من بعينه ريح السّبل [3] ، فيجدها صالحة. ويرمى بها في الزيت، حتى إذا تفسّخت وامتصّ الزيت ما فيها من قواها فطلوا بذلك الدهن الخصى [4] التي فيها النفخ- فرّق تلك الريح حتّى تخمص [5] الجلدة، ويذهب الوجع. فإذا سمعت بدهن العقارب فإنما يعنون هذا الدهن. [باب في البعوض] (باب) 1520-[أجناس البعوض] في البقّ، والجرجس [6] والشّرّان [7] ، والفراش، والأذى. وقال الله عزّ وجلّ: إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها [8] ، قال: يريد فما دونها. وهو قول القائل للرجل يقول: فلان أسفل الناس وأنذلهم! فيقول: هو فوق ذلك! يضع قوله فوق، في موضع: هو شرّ من ذلك.

_ [1] الكلّة: ستر رقيق يخاط كالبيت يتوقى به من البعوض. [2] أربت: زادت. [3] ريح السبل: داء يصيب في العين. [4] الخصى: جمع خصية. [5] تخمص الجلدة: يذهب ورمها. [6] الجرجس: البعوض الصغار. [7] الشران: جمع شرانة، وهي دويبة مثل البعوض. [8] 26/البقرة: 2.

1521 -[شعر في البعوض]

قال: وضروب من الطير لا تلتمس أرزاقها إلا بالليل، منها الخفّاش، والبومة، والصّدى [1] ، والضّوع [2] ، وغراب الليل. والبعوض بالنهار تؤذي بعض الأذى، وإنما سلطانها بالليل. وكذلك البراغيث. وأما القمل فأمره في الحالات مستو. وليس للذّبّان بالليل عمل. إلا أنّي متى بيت معي في القبة ما صار إليها، وسكن فيها من الذّبّان، ولم أطردها بالعشيّ وبعد العصر، فإني لا أجد فيها بعوضة واحدة. 1521-[شعر في البعوض] وقال الرّاجز في خرطوم البعوضة [3] : [من الرجز] مثل السّفاة دائم طنينها ... ركّب في خرطومها سكّينها [4] وقال الهذليّ [5] : [من الوافر] كأنّ وغى الخموش بجانبيه ... وغى ركب أميم ذوي هياط [6] والخموش: أصناف البعوض. والوغى: أصوات الملتفة التي لا يبين واحدها عن معنى، وهو كما تسمع من الأصوات الجيشين إذا التقيا على الحرب، وكما تسمع من ضجّة السوق. وقال الكميت وهو يذكر قانصا وصاحب قترة [7]- لأنه لا يبتني بيته إلّا عند

_ [1] الصدى: ذكر البوم، وتقول العرب إنه يخلق من رأس المقتول، يصيح في هامة المقتول إذا لم يؤخذ بثأره يقول: اسقوني اسقوني؛ حتى يقتل قاتله. حياة الحيوان 1/610. [2] الضوع: طائر من طير الليل من جنس الهوام، وقيل: هو ذكر البوم. حياة الحيوان 1/649. [3] الرجز في ذيل الأمالي 129، وتقدم في 3/151، الفقرة (766) . [4] السفاة: الشوك. [5] البيت للمتنخل الهذلي في شرح أشعار الهذليين 1272، واللسان (خمش، زيط، لغط، وعي، وغي) والتاج (خمش، زأط، زيط، لغط، وعي، وغي) ، والتنبيه والإيضاح 2/317، وللهذلي في الجمهرة 603، 1255، والمخصص 8/185، والأساس (وعي) ، وبلا نسبة في التهذيب 13/234، والمقاييس 2/219. [6] في ديوان الهذليين 2/25: «الخموش: البعوض. والهياط: الصياح والمجادلة؛ ويقال: فعلته بعد الهياط والمياط، أي بعد الجلبة والصوت. والوغى والوعى واحد، وهو الصوت في الحرب» . [7] القترة: البئر: يحتفرها الصائد يكمن فيها.

شريعة [1] ينتابها الوحش- فقال وهو يصف البعوض [2] : [من الطويل] به حاضر من غير جنّ تروعه ... ولا أنس ذو أرنان وذو زجل [3] والحاضر: الذي لا يبرحه البعوض، لأن البعوض من الماء يتخلّق فكيف يفارقه، والماء الراكد لا يزال يولده؟! فإن صار نطافا أو ضحضحا [4] استحال دعاميص، وانسلخت الدّعاميص فصارت فراشا وبعوضا. وقال ذو الرّمة [5] : [من الطويل] وأيقنّ أنّ القنع صارت نطافه ... فراشا وأن البقل ذاو ويابس وصف الصّيف. وقال أبو وجزة [6] ، وهو يصف القانص والشريعة والبعوض: [من البسيط] تبيت جارته الأفعى وسامره ... رمد به عاذر منهنّ كالجرب رمد في لونها، يعني البعوض، وهي التي تسامر القانص وتسهره. والعاذر: الأثر. يقول: في جلده عواذير وآثار كآثار الجرب من لسع البعوض، وهو مع ذلك وسط الأفاعي. وقال الراجز يصف البعوض [7] : [من الرجز] وليلة لم أدر ما كراها ... أمارس البعوض في دجاها [8] كلّ زجول خفق حشاها ... ستّ لدى إيفائها شواها [9] لا يطرب السامع من غناها ... حنّانة أعظمها أذاها

_ [1] الشريعة: مورد الماء. [2] ديوان الكميت 2/93، والمقاييس 2/463، والمجمل 2/439، والمعاني الكبير 607، وبلا نسبة في اللسان والتاج (رون) . [3] الأرونان: الصوت. الزجل: الجلبة. [4] النطاف: جمع نطفة، وهي القليل الماء. الضحضح: الماء القليل يكون في الغدير وغيره. [5] ديوان ذي الرمة 1121، وتقدم في 3/165، 176. [6] تقدم البيت في 4/365، الفقرة (1114) . [7] الرجز بلا نسبة في اللسان والتاج (بعض) ، ومحاضرات الأدباء 2/306 (4/673) . [8] الكرى: النوم. المراس: شدة المعالجة. [9] الزجول: الكثير الزجل، وهو الجبلة. الخفق: المضطرب. الشوى: اليدان والرجلان.

1522 -[أرجل الجرادة والعقرب والنملة والسرطان]

1522-[أرجل الجرادة والعقرب والنملة والسرطان] وكذلك قوائم الجرادة، هي ستّ: يدان، ورجلان، والميشاران وبهما تعتمد إذا نزت [1] . فأما العقرب فلها ثمان أرجل. وللنملة ست أرجل. وللسّرطان ثمان أرجل، وهو في ذلك يستعين بأسنانه، فكأنه يمشي على عشر. وعيناه في ظهره. وما أكثر من يشويه ويأكله للشهوة، لا للحاجة ولا للعلاج. 1523-[شعر في البعوض] وقال الرّاجز [2] ، ووصف حاله وحال البعوض: [من الرجز] 1- لم أر كاليوم ولا مذ قطّ ... أطول من ليلي بنهر بطّ 3- كأنما نجومه في ربط ... أبيت بين خطّتي مشتطّ 5- من البعوض ومن التغطّي ... إذا تغنّين غناء الزّطّ [3] 7- وهنّ منّي بمكان القرط ... فثق بوقع مثل وقع الشّرط وقال أيضا [4] : [من الرجز] إذا البعوض زجلت أصواتها ... وأخذ اللحن مغنّياتها لم تطرب السامع خافضاتها [5] ... كلّ زجول تتّقى شذاتها [6] صغيرة، عظيمة أذاتها ... تنقص عن بغيتها بغاتها ولا تصيب أبدا رماتها ... رامحة، خرطومها قناتها [7] وأنشدني جعفر بن سعيد: [من الرجز]

_ [1] نزت: وثبت. [2] الأبيات (1، 2، 4، 5) بلا نسبة في اللسان والتاج (بطط) . والأبيات (6، 7، 8) بلا نسبة في محاضرات الأدباء 2/306 (4/673) ، وربيع الأبرار 5/463. [3] الزط: جيل من الهند. [4] الرجز بلا نسبة في ديوان المعاني 2/148، ونهاية الأرب 10/302، ومجموعة المعاني 196. [5] بعد هذا البيت في ديوان المعاني ونهاية الأرب: «وأرّق العينين رافعاتها» . [6] الشذاة: الأذى. [7] الرامحة: ذات الرمح. القناة: الرمح.

باب في العنكبوت

ظللت بالبصرة في تهواش ... وفي براغيث أذاها فاشي [1] من نافر منها وذي اهتماش ... يرفع جنبيّ عن الفراش فأنا في حكّ وفي تخراش ... تترك في جنبيّ كالخراش [2] وزوجة دائمة الهراش ... تغلي كغلي المرجل النّشّاش [3] تأكل ما جمّعت من تهباشي ... بل أمّ معروف خموش ناش [4] وقال رجل من بني حمّان، وقع في جند الثغور: [من الطويل] أأنصر أهل الشّام ممّن يكيدهم ... وأهلي بنجد ساء ذلك من نصر براغيث ترذيني إذا الناس نوّموا ... وبقّ أقاسيه على ساحل البحر [5] فإن يك فرض بعدها لا أعد له ... وإن بذلوا حمر الدنانير كالجمر [6] باب في العنكبوت قال الله عزّ وجلّ: مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً، وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ [7] ، ثم قال على إثر ذلك: وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ [8] يريد ذكره بالوهن. وكذلك هو. ولم يرد إحكام الصنعة في الرّقّة والصّفاقة، واستواء الرقعة، وطول البقاء، إذا كان لا يعمل فيه تعاور الأيام، وسلم من جنايات الأيدي.

_ [1] التهواش: الاختلاط. الفاشي: المنتشر. [2] الخرش: الخدش والخمش. [3] الهراش: القتال، وأصله هراش الكلاب. المرجل: القدر. النشاش: الذي ينش، أي يصوت عند الغليان. [4] الهبش: الجمع والكسب. الخموش: البعوض. [5] ترذيني: تهزلني وتضعفني. [6] الفرض: العطية المرسومة. [7] 41/العنكبوت: 29. [8] 43/العنكبوت: 29.

1524 -[شعر في العنكبوت]

1524-[شعر في العنكبوت] وقال الحدّانيّ: [من الطويل] يزهّدني في ودّ هارون أنه ... غذته بأطباء ملعّنة عكل كأنّ قفا هارون إذ قام مدبرا ... قفا عنكبوت سلّ من دبرها غزل ألا ليت هارونا يسافر جائعا ... وليس على هارون خفّ ولا نعل وقال مزرّد بن ضرار: [من الطويل] ولو أنّ شيخا ذا بنين كأنما ... على رأسه من شامل الشّيب قونس [1] ولم يبق من أضراسه غير واحد ... إذا مسّه يدمى مرارا ويضرس [2] تبيّت فيه العنكبوت بناتها ... نواشئ حتى شبن أو هنّ عنّس لظلّ إليها رانيا وكأنه ... إذا كشّ ثور من كريص منمّس [3] 1525-[أجناس العنكبوت ونسيجها] قال: ومن أجناس العنكبوت جنس رديء التدبير، لأنه ينسج ستره على وجه الأرض، والصخور. ويجعله على ظهر الأرض خارجا، وتكون الأطراف داخلة. فإذا وقع عليه شيء مما يغتذيه من شكل الذّبّان وما أشبه ذلك أخذه. وأما الدقيق الصّنعة فإنه يصعّد بيته ويمدّ الشّعرة ناحية القرون والأوتاد، ثم يسدّي من الوسط، ثم يهيّئ اللّحمة، ويهيّئ مصيدته في الوسط، فإذا وقع عليها ذباب تحرّك ما هناك ارتبط ونشبت به [4] ، فيتركه على حاله حتى إذا وثق بوهنه وضعفه، غلّه [5] وأدخله إلى خزانته. وإن كان جائعا مصّ من رطوبته ورمى به. فإذا فرغ رمّ ما تشعّث من نسجه. وأكثر ما يقع على تلك المصيدة من الصّيد عند غيبوبة الشمس.

_ [1] القونس: مقدم بيضة السلاح. [2] الضرس: خور يصيب الضرس أو السن عند أكل شيء حامض. [3] رانيا: من الرنو، وهو إدامة النظر. كشّ: صوّت. الثور: القطعة من الأقط، والأقط: لبن جامد مستحجر. «انظر النهاية 1/228» . الكريص: الأقط المجموع المدقوق. المنمس: الذي فسد وأنتن. [4] نشبت به: علقت به المصيدة. [5] غله: قيّده.

1526 -[العنكبوت الذي يسمى الليث]

وإنما تنسج الأنثى. فأما الذكر فإنه ينقض ويفسد. وولد العنكبوت أعجب من الفرّوج، الذي يظهر إلى الدنيا كاسبا [1] محتالا مكتفيا. قال: وولد العنكبوت يقوم على النسج ساعة يولد. قال: والذي ينسج به لا يخرج من جوفه، بل من خارج جسده. وقال الحدّانيّ [2] : [من الطويل] كأن قفا هارون إذ قام مدبرا ... قفا عنكبوت سلّ من دبرها غزل فالنحل، والعنكبوت، ودود القزّ، تختلف من جهات ما يقال إنه يخرج منها. 1526-[العنكبوت الذي يسمى الليث] ومن العناكب جنس يصيد الذّباب صيد الفهود، وهو الذي يسمى: «الليث» وله ستّ عيون. وإذا رأى الذّباب لطئ بالأرض، وسكّن أطرافه. وإذا وثب لم يخطئ [3] . وهو من آفات الذّبّان، ولا يصيد إلا ذبّان الناس. 1527-[قتل الذبّان للأسد] [4] وذبّان الأسد على حدة، وذبّان الكلاب على حدة، وليس يقوم لها شيء. وهي أشدّ من الزنابير، وأضرّ من العقارب الطيّارة. وفيها من الأعاجيب أنها تعضّ الأسد، كما يعضّ الكلب ذبّان الكلب. وكذلك ذبّان الكلأ، لما يغشى الكلأ من بعير وغير ذلك. ولها عضّ منكر، ولا يبلغ مبلغ ذبّان الأسد. فمن أعاجيبها سوى شدة عضّها وسمّها، وأنها مقصورة على الأسد، وأنها متى رأت بأسد دما من جراح أو رمي، ولو في مقدار الخديش الصغير فإنها تستجمع عليه، فلا تقلع عنه حتى تقتله.

_ [1] كاسبا: يكسب قوته بنفسه. [2] تقدم البيت في الصفحة السابقة 219. [3] ورد القول في نهاية الأرب 10/291، وثمار القلوب (570) ، والجملة الأخيرة في الثمار: «فمتى سكن ووثب لم يخطئ» . [4] الخبر في ربيع الأبرار 5/461.

1528 -[قتل الذر للحية]

1528-[قتل الذر للحية] وهذا شبيه بما يروى ويخبر عن الذَّرّ، فإن الذَّرّ متى رأت بحيّة خدشا لم تقلع عنه حتى تقتله، وحتى تأكله. 1529-[شدة ولوع النمل بالأراك] ولقد أردت أن أغرس في داري أراكة، فقالوا لي: إن الأراكة إنما تنبت من حبّ الأراك، وفي نباتها عسر، وذلك أن حبّ الأراك يغرس في جوف طين، وفي قواصر [1] ، ويسقى الماء أياما. فإذا نبت الحبّ وظهر نباته فوق الطين، وضعت القوصرة [1] كما هي في جوف الأرض، ولكنها إلى أن تصير في جوف الأرض، فإن الذرّ يطالبها مطالبة شديدة. وإن لم تحفظ منها بالليل والنهار أفسدتها. فعمدت إلى منارات من صفر [2] من هذه المسارج [3] ، وهي في غاية الملاسة واللّين، فكنت أضع القوصرة على التّرس الذي فوق العمود الأملس، فأجد فيها الذرّ الكثير، فكنت أنقل المنارة من مكان إلى مكان، فما أفلح ذلك الحبّ. 1530-[ضروب العناكب] قال: والعناكب ضروب: فمنها هذا الذي يقال له الليث، وهو الذي يصيد الذبّان صيد الفهد، وقد ذكرنا في صدر هذا الكلام [4] حذقه ورفقه، وتأتّيه وحيلته. ومنها أجناس طوال الأرجل، والواحدة منها إذا مشت على جلد الإنسان تبثّر [5] . ويقال إن العنكبوت الطويلة الأرجل، إنما اتخذت بيتا وأعدّت فيه المصايد والحبائل، والخيوط التي تلتفّ على ما يدخل بيتها من أصناف الذّبان وصغار الزنابير- لأنها حين علمت أنها لا بدّ لها من قوت، وعرفت ضعف قوائمها، وأنها تعجز عما يقوى عليه الليث، احتالت بتلك الحيل. فالعنكبوت، والفأر، والنحل، والذّرّ، والنمل، من الأجناس التي تتقدم في إحكام شأن المعيشة.

_ [1] القوصرة: وعاء من قصب يرفع فيه التمر. [2] الصفر: النحاس. [3] المسرجة: التي فيها الفتيل. [4] انظر ص 219- 220. [5] تبثر: ظهرت فيه بثور.

1531 -[الكاسب من أولاد الحيوان]

ومنها جنس رديء، مشنوء [1] الصورة، غليظ الأرجل، كثيرا ما يكون في المكان التّرب من الصناديق والقماطر والأسفاط. وقد قيل: إنّ بينه وبين الحيّة، كما بين الخنفساء والعقرب. وإناث العناكب هي العوامل: تغزل وتنسج. والذّكر أخرق ينقض ولا ينسج. وإن كان ما قال صاحب المنطق حقّا فما أغرب الأعجوبة في ذلك، وذلك أنه زعم أن العنكبوت تقوى على النَّسج، وعلى التقدم في إحكام شأن المعاش حين تولد. 1531-[الكاسب من أولاد الحيوان] وقالوا: وأشياء من أولاد الحيوان تكون عالمة بصناعتها، عارفة بما يعيشها ويصلحها، حتى تكون في ذلك كأمهاتها وآبائها، حين تخرج إلى الدنيا، كالفرّوج من ولد الدجاج، والحسل من ولد الضّباب، وفرخ العنكبوت. وهذه الأجناس، مع الفأر والجرذان، هي التي من بين جميع الخلق تدّخر لنفسها ما تعيش به من الطّعم. باب في النحل زعم صاحب المنطق أن خليّة من خلايا النحل فيما سلف من الزمان، اعتلت ومرض ما كان فيها من النحل، وجاء نحل من خليّة أخرى يقاتل هذا النحل حتى أخرجت العسل، وأقبل القيّم على الخلايا يقتل بذلك النحل الذي جاء إلى خليته. قال: فخرج النحل من الخليّة يقاتل النحل الغريب، والرجل بينها يطرد الغريب، فلم تلسعه نحل الخليّة التي هو حافظها، لدفعه المكروه عنها. قال: وأجود العسل ما كان لونه لون الذهب. 1532-[تقسيم النحل للأعمال] قال: والنحل تجتمع فتقسم الأعمال بينها، فبعضها يعمل الشّمع، وبعضها يعمل العسل، وبعضها يبني البيوت، وبعضها يستقي الماء ويصبّه في الثّقب، ويلطخه بالعسل.

_ [1] المشنوء: المكروه.

1533 -[استطراد لغوي]

ومنه ما يبكّر إلى العمل. ومن النحل ما يكفّه [1] ؛ حتى إذا نهضت واحدة طارت كلها. يقال: «بكر بكور اليعسوب» ، يريد أمير النحل لأنها تتبعه غدوة إلى عملها. ومنها ما ينقل العسل من أطراف الشجر، ومنها ما ينقل الشّمع الذي تبني به، فلا تزال في عملها حتى إذا كان الليل آبت إلى مآبها. 1533-[استطراد لغوي] قال: والأري: عمل العسل. يقال: أرت تأري أريا. والأري في غير هذا الموضع: القيء [2] . وقال أبو ذؤيب [3] : [من الطويل] بأري التي تأري إلى كل مغرب ... إذا اصفرّ ليط الشمس حان انقلابها [4] ومغارب: جمع مغرب. وكل شيء واراك من شيء فهو مغرب، كما جعله أبو ذؤيب. والأصل مغرب الشمس. وقال أبو ذؤيب [5] : [من الطويل] فبات بجمع ثمّ تمّ إلى منى ... فأصبح رأدا يبتغي المزج بالسّحل [6] المزج: العسل. والسّحل: النقد. 1534-[ما له رئيس من الحيوان] ومن الحيوان ما يكون لكل جماعة منها رأس وأمير، ومنها ما لا يكون ذلك له. فأما الحيوان الذي لا يجد بدّا ولا مصلحة لشأنه إلا في اتخاذ رئيس ورقيب فمثل ما يصنع الناس، ومثل ما تتخذ النحل والغرانيق، والكراكيّ [7] .

_ [1] يكفه: يجمعه. [2] أي ما تجمعه من العسل في أجوافها ثم تلفظه. [3] البيت لأبي ذؤيب الهذلي في شرح أشعار الهذليين 48، وديوان الهذليين 1/75، واللسان (ليط) ، والتاج (لوط) . [4] في ديوان الهذليين: «قوله: إذا اصفر ليط الشمس، أراد لونها. قوله: حان انقلابها، أي في ذلك الوقت إلى موضعها» . [5] البيت لأبي ذؤيب الهذلي في شرح أشعار الهذليين 95، وديوان الهذليين 1/41، واللسان (رود، جمع، سحل، تمم) ، والتاج (سحل) ، وديوان الأدب 1/126، وللهذلي في التهذيب 4/307، وبلا نسبة في المخصص 2/115، 12/29. [6] في ديوان الهذليين: «قوله: بجمع، يعني المزدلفة. وأصبح رأدا: يعني رائدا: طالبا» . [7] الكراكي: جمع كركي: وهو طائر كبير، ذهب بعض الناس إلى أنه الغرنوق، وهو أغبر طويل الساقين، وهو من الحيوان الذي لا يصلح إلا برئيس. حياة الحيوان 2/244.

فأما الإبل والحمير والبقر، فإن الرياسة لفحل الهجمة [1] ، ولعير العانة [2] ، ولثور الرّبرب [3] . وذكورتها لا تتخذ الرّقباء من الذّكورة. وقد زعم [4] ناس أن الكراكيّ لا ترى أبدا إلا فرادى فكأن الذي يجمعها الذكر، ولا يجمعها إلا أزواجا. ولا أدري كيف هذا القول؟! والنحل أيضا تسير بسيرة الإبل والبقر والحمير، لأن الرئيس هو الذي يوردها ويصدرها، وتنهض بنهوضه، وتقع بوقوعه. واليعسوب هو فحلها. فترى كما ترى، سائر الحيوان الذي يتخذ رئيسا إنما هي إناث الأجناس، إلا الناس؛ فإنهم يعلمون أن صلاحهم في اتخاذ أمير وسيّد، ورئيس. وزعم بعضهم أن رياسة اليعسوب، وفحل الهجمة، والثور، والعير، لأحد أمرين: أحدهما لاقتدار الذّكر على الإناث، والآخر لما في طباع الإناث من حبّ ذكورتها. ولو لم تتأمّر عليها الفحول لكانت هي لحبّها الفحول تغدو بغدوّها، وتروح برواحها. قالوا: وكذلك الغرانيق والكراكيّ [5] . فأما ما ذكروا من رؤساء الإبل والبقر والجواميس والحمير، فما أبعدهم في ذلك عن الصواب. وأما إلحاقهم الغرانيق والكراكي [5] بهذه المنزلة فليس على ما قالوا. وعلى أنّا لا نجد بدّا من أن يعلم أن ذكورتها أقوى على قسر الإناث وجمعها إليها من الإناث. وعلى أنه لا بد من أن يكون بعض طاعة الإناث لها من جهة ما في طباعها من حبّ ذكورتها.

_ [1] الهجمة: القطعة الضخمة من الإبل، وقيل: هي ما بين الثلاثين والمائة، وقيل: الهجمة أولها الأربعون إلى ما زادت، وقيل: ما بين السبعين إلى المائة. [2] العانة: جماعة حمر الوحش. [3] الربرب: القطيع عن بقر الوحش. [4] انظر هذا الزعم في ربيع الأبرار 5/453. [5] انظر الحاشية الأخيرة في الصفحة السابقة.

1535 -[هيبة الكلاب]

ولو كان اتخاذ الغرانيق والكراكيّ الرؤساء والرّقباء إنما علته المعرفة- لم يكن للغرانيق والكراكيّ في المعرفة فضل على الذّر والنمل، وعلى الذّئب والفيل، وعلى الثعلب والحمام. أما الغنم فهي أغثر وأموق [1] من أن تجري في باب هذا القول. وقد تخضع الحيات للحية، والكلاب للكلب، والدّيوك للديك، حتى لا تروّمه [2] ولا تحاول مدافعته. 1535-[هيبة الكلاب] ولقد خرجت في بعض الأسحار في طلب الحديث، فلما صرت في مرّبعة المحلّة، ثار إليّ عدّة من الكلاب، من ضخامها، ومما يختاره الحرّاس. فبينا أنا في الاحتيال لهنّ وقد غشينني إذ سكتن سكتة واحدة معا، ثم أخذ كل واحد في شقّ كالخائف المستخفي، وسمعت نغمة [3] إنسان، فانتهزت تلك الفرصة من إمساكهنّ عن النّباح، فقلت: إنّ ههنا لعلّة إذ أقبل رجلان ومعها كلب أزبّ [4] ضخم دوسر [5] ، وهو في ساجور [6] ، ولم أر كلبا قط أضخم منه، فقلت: إنهنّ إنما أمسكن عن النّباح وتسترن، من الهيبة له! وهي مع ذلك لا تتخذ رئيسا. 1536-[سادة الحيوان] وروي عن عبّاد بن صهيب، عن عوف بن أبي جميلة، عن قسامة بن زهير قال: قال أبو موسى [7] : «إن لكل شيء سادة حتى إن للنمل سادة» . فقال بعضهم: سادة النمل: المتقدّمات. وهذا تخريج، ولا ندري ما معنى ما قال أبو موسى في هذا. ولو كان اتخاذ الرئيس من النحل، والكراكيّ، والغرانيق [8] ، والإبل، والحمير،

_ [1] الغثر والموق: الحمق. [2] أي تكفيه مؤونة الطلب. [3] النغمة: الكلام الخفي. [4] الأزب: الكثير الشعر. [5] الدوسر: الضخم الشديد. [6] الساجور: القلادة التي توضع في عنق الكلب. [7] هو أبو موسى الأشعري كما تقدم قوله في 4/269، الفقرة (953) . [8] انظر الحاشية الأولى ص 223.

1537 -[طعن ناس من الملحدين في آية النحل]

والثيران، لكثرة ما معها من المعرفة- لكانت القرود، والفيلة والذرّ، والثعالب، أولى بذلك. فلا بد من معرفة، ولا بد من طباع وصنعة. والحمام يزجلن [1] من لؤلؤة [2] ، وهنّ بصريّات وبغداديّات، وهنّ جمّاع من هاهنا وهاهنا، فلا تتخذ رئيسا. 1537-[طعن ناس من الملحدين في آية النّحل] وقد طعن ناس من الملحدين، وبعض من لا علم له بوجوه اللغة وتوسّع العرب في لغتها، وفهم بعضها عن بعض، بالإشارة والوحي- فقالوا: قد علمنا أن الشمع شيء تنقله النحل، مما يسقط على الشجر، فتبني بيوت العسل منه، ثم تنقل من الأشجار العسل الساقط عليها، كما يسقط التّرنجبين [3] ، والمنّ [4] ، وغير ذلك. إلا أن مواضع الشمع وأبدانه خفيّ. وكذلك العسل أخفى وأقلّ. فليس العسل بقيء ولا رجع [5] ، ولا دخل للنحلة في بطن قطّ. 1538-[رد الجاحظ على الملحدين] وفي القرآن قول الله عزّ وجلّ: وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ. ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [6] . ولو كان إنما ذهب إلى أنه شيء يلتقط من الأشجار، كالصّموغ وما يتولد من طباع الأنداء والأجواء والأشجار إذا تمازجت- لما كان في ذلك عجب إلا بمقدار ما نجده في أمور كثيرة.

_ [1] يزجلن: يرسلن على بعد. [2] لؤلؤة: قلعة قرب طرسوس. ولؤلؤة: ماء بسماوة كلب. معجم البلدان 5/26. [3] الترنجبين: مادة تتجمع فوق بعض النبات شبيهة بالعسل. [4] المن: قيل هو الترنجبين، وقيل: هو صمغة حلوة تنزل على الشجر. انظر عمدة الحفاظ 4/115 (منن) . [5] الرجع: النجو والروث. [6] 68- 69/النحل: 16.

1539 -[زعم الجهال في نبوة النحل]

1539-[زعم الجهّال في نبوة النحل] قلنا: قد زعم ابن حائط وناس من جهّال الصّوفيّة، أن في النحل أنبياء، لقوله عزّ وجلّ: وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ . وزعموا أن الحواريّين كانوا أنبياء لقوله عز وجل: وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ [1] . قلنا: وما خالف إلى أن يكون في النحل أنبياء؟! بل يجب أن تكون النحل كلها أنبياء، لقوله عزّ وجلّ على المخرج العامّ: وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ ، ولم يخصّ الأمهات والملوك واليعاسيب، بل أطلق القول إطلاقا. وبعد فإن كنتم مسلمين فليس هذا قول أحد من المسلمين. وإلا تكونوا مسلمين فلم تجعلون الحجة على نبوة النحل كلاما هو عندكم باطل؟! 1540-[قول في المجاز] وأما قوله عزّ وجلّ: يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ [2] فالعسل ليس بشراب، وإنما هو شيء يحوّل بالماء شرابا، أو بالماء نبيذا. فسماه كما ترى شرابا، إذ كان يجيء منه الشراب. وقد جاء في كلام العرب أن يقولوا: جاءت السماء اليوم بأمر عظيم. وقد قال الشاعر [3] : [من الوافر] إذا سقط السماء بأرض قوم ... رعيناه وإن كانوا غضابا فزعموا أنهم يرعون السماء، وأنّ السماء تسقط. ومتى خرج العسل من جهة بطونها وأجوافها فقد خرج في اللغة من بطونها وأجوافها. ومن حمل اللغة على هذا المركب، لم يفهم عن العرب قليلا ولا كثيرا وهذا

_ [1] 111/المائدة: 5. [2] 69/النحل: 16. [3] البيت لمعود الحكماء (معاوية بن مالك) في المفضليات 359، والأصمعيات 214، وأشعار العامريين 54، والسمط 448، ومعجم الشعراء 310، والحماسة البصرية 1/79، ونسب خطأ إلى جرير في العمدة 1/266، وإلى الفرزدق في التاج (سما) ، وبلا نسبة في المقاييس 3/98، والمخصص 7/195، 16/30، وديوان الأدب 4/47، والأمالي 1/181.

1541 -[أحاديث وأقوال في العسل]

الباب هو مفخر العرب في لغتهم، وبه وبأشباهه اتسعت. وقد خاطب بهذا الكلام أهل تهامة، وهذيلا، وضواحي كنانة. وهؤلاء أصحاب العسل. والأعراب أعرف بكل صمغة سائلة، وعسلة ساقطة، فهل سمعتم بأحد أنكر هذا الباب أو طعن عليه من هذه الحجة؟! 1541-[أحاديث وأقوال في العسل] حدّث عن سفيان الثَّوريّ، قال حدّثنا أبو طعمة عن بكر بن ماعز، عن ربيع بن خثيم قال: «ليس للمريض عندي دواء إلا العسل» . وعن هشام بن حسان، عن الحسن أنه كان يعجبه إذا استمشى [1] الرجل أن يشرب اللبن والعسل. إبراهيم بن أبي يحيى، قال: بلغني عن ابن عباس: «أن النبيّ صلى الله عليه وسلم سئل: أيّ الشراب أفضل؟ قال: الحلو البارد» [2] . وسفيان الثوري عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص عن ابن مسعود قال: «عليكم بالشفاءين: القرآن والعسل» [3] . شعبة عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، قال: مضى رجل إلى ابن مسعود فقال: إن أخي يشتكي بطنه، وقد نعتت له الخمر. فقال: سبحان الله! ما كان الله ليجعل شفاءه في رجس، وإنما جعل الشفاء في اثنين: في القرآن والعسل. سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي المتوكّل الناجيّ، عن أبي سعيد الخدريّ: «أن رجلا أتى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال إن أخي يشتكي بطنه، فقال عليه السّلام: اسقه عسلا. ثم أتاه فقال: قد فعلت. قال: اسقه عسلا. ثم أتاه فقال: قد فعلت. فقال: اسقه عسلا. ثم أتاه الرابعة، فقال: صدق الله وكذب بطن أخيك. اسقه عسلا! فسقاه فبرأ الرجل» [4] . قال: والذي يدلّ على صحة تأويلنا لقول الله عزّ وجلّ:

_ [1] استمشى: شرب المشى، وهو الدواء المسهل، وانظر عيون الأخبار 3/206. [2] انظر عيون الأخبار 3/205. [3] رواه ابن ماجة، والحاكم في المستدرك. انظر الجامع الصغير 5534. [4] أخرجه البخاري في الطب برقم 5360، ومسلم في السلام برقم 2217.

1542 -[كيفية معرفة العسل الجيد]

يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ [1] ، أن تكون المعجونات كلها إنما بالعسل، وكذلك الأنبجات [2] . 1542-[كيفية معرفة العسل الجيد] وإذا ألقي في العسل اللحم الغريض [3] فاحتاج صاحبه إليه بعد شهر أخرجه طريّا لم يتغير. وإذا قطرت منه قطرة على وجه الأرض، فإن استدار كما يستدير الزّئبق، ولم يتفشّ، ولم يختلط بالأرض والتراب فهو الصحيح. وأجوده الذهبيّ [4] . 1543-[لذة شراب العسل] ويزعم أصحاب الشراب أنهم لم يروا شرابا قطّ ألذّ ولا أحسن ولا أجمع لما يريدون، من شراب العسل الذي ينتبذ بمصر. وليس في الأرض تجار شراب ولا غير ذلك أيسر منهم. وفيه أعجوبة: وذلك أنهم لا يعملونه إلا بماء النّيل أكدر ما يكون. وكلما كان أكدر كان أصفى. وإن عملوه بالصافي فسد. وقد يلقى العسل على الزّبيب، وعلى عصير الكرم فيجوّدهما. 1544-[التشبيه بالعسل] وهو المثل في الأمور المرتفعة، فيقولون: ماء كأنه العسل. ويصفون كلّ شيء حلو، فيقولون [5] : كأنه العسل. ويقال: هو معسول اللسان [6] . وقال الشاعر [7] : [من الطويل]

_ [1] 69/النحل: 16. [2] «الأنبج: حمل شجر بالهند يربّب بالعسل على خلقة الخوخ محرف الرأس، يجلب إلى العراق في جوفه نواة كنواة الخوخ، فمن ذلك اشتقوا اسم الأنبجات التي تربب بالعسل من الأترج والإهليلج ونحوه، قال أبو حنيفة: شجر الأنبج كثير بأرض العرب، وهو لونان: أحدهما ثمرته في مثل هيئة اللوز لا يزال حلوا من أول نباته، وآخر في هيئة الإجاص يبدو حامضا ثم يحلو إذا أينع» . انظر اللسان (نبج) . [3] الغريض: الطري. انظر عيون الأخبار 3/206. [4] انظر عيون الأخبار 3/205. [5] من الأمثال قولهم: «أحلى من العسل» ، والمثل في مجمع الأمثال 1/229، والمستقصى 1/72. [6] من الأمثال قولهم: «كلام كالعسل وفعل كالأسل» والمثل في مجمع الأمثال 2/133. [7] البيت بلا نسبة في البيان 1/195، واللسان والتاج (شحح) .

1545 -[التنويه بالعسل في القرآن]

لسانك معسول ونفسك شحّة ... ودون الثّريّا من صديقك مالكا [1] 1545-[التنويه بالعسل في القرآن] وقال الله عزّ وجلّ في كتابه، وذكر أنهار الجنة، فقال: مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ. وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى [2] . فاستفتح الكلام بذكر الماء، وختمه بذكر العسل. وذكر الماء واللبن فلم يذكرهما في نعتهما ووصفهما إلا بالسلامة من الأسن والتغيّرو وذكر الخمر والعسل فقال: مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ ومِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى ، فكان هذا ضربا من التفضيل، وذكرها [3] في مواضع أخر [4] فنفى عنها عيوب خمر الدنيا. فقال عزّ وجلّ اسمه: لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ [5] . فكان هذا القول الأول أظهر دليل على التفضيل. [باب في القراد] (باب) 1546-[القول في القراد] يقال: «أسمع من قراد» [6] و «ألزق من قراد» [7] و «ما هو إلا قراد ثفر» [8] . وقال الشاعر [9] : [من الطويل]

_ [1] الشح: البخل. [2] 15/محمد: 47. [3] أي الخمر. [4] المواضع التي ذكرت فيها الخمر في القرآن هي الآية 47 من الصافات، والآية 23 من الطور، والآيتان 18- 19 من الواقعة، والآيات 5- 17 من الإنسان. [5] 19/الواقعة: 56. [6] يقال هذا المثل لأن القراد يسمع أصوات الإبل من مسيرة يوم، والمثل في مجمع الأمثال 1/349، وجمهرة الأمثال 1/531، والمستقصى 1/173، وفصل المقال 492، وأمثال ابن سلام 360. [7] يقال هذا المثل لأن القراد يعرض لاست الجمل فيلزق بها كما يلزق النمل بالخصى، والمثل في مجمع الأمثال 2/249. [8] الثفر: مؤخر السرج، وهو يشد تحت ذنب الدابة. [9] البيت للحصين بن القعقاع في اللسان (سنت، قرد) ، والتاج (سنت، ألس) ، والمجمل 3/94، والتنبيه والإيضاح 1/165، 2/47، وللأعشى في الأساس (قرد) ، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في اللسان (بختر، ألس) ، والتاج (بختر) ، والجمهرة 636، 1214، والمقاييس 3/104، والمخصص 3/84، 8/122، وديوان الأدب 1/332، والتهذيب 12/385، 13/71.

1547 -[القراد في الهجاء]

هم السمن بالسنّوت لا ألس فيهم ... وهم يمنعون جارهم أن يقرّدا [1] السنّوت، عند أهل مكة: العسل. وعند آخرين: الكمّون. وقال الحطيئة [2] : [من الوافر] لعمرك ما قراد بني كليب ... إذا نزع القراد بمستطاع قال: وذلك أن الفحل يمنع أن يخطم [3] . فإذا نزعوا من قراداته شيئا لذّ لذلك، وسكن إليه، ولان لصاحبه، فعند ذلك يلقي الخطام في رأسه. قال: وأخبرني فراس بن خندق، وأبو برزة قال: كان جحدر إذا نزلت رفقة قريبا منه، أخذ شنة [4] فجعل فيها قردانا، ثم نثرها بقرب الإبل فإذا وجدت الإبل مسّها نهضت، وشدّ الشّنّة في ذنب بعض الإبل، فإذا سمعت صوت الشّنّة، وعملت فيها القردان نفرت. ثم كان يثب في ذروة ما ندّ [5] منها، ويقول: ارحم الغارّة [6] الضّعاف! يعني القردان. قال أبو برزة: ولم تكن همّته تجاوز بعيرا. 1547-[القراد في الهجاء] قال رشيد بن رميض [7] : [من الوافر] لنا عزّ ومأوانا قريب ... ومولى لا يدبّ مع القراد وهجاهم الأعشى فقال [8] : [من الطويل]

_ [1] الألس: الخيانة. [2] ديوان الحطيئة 138، واللسان (قرد، ذلل) ، والتاج (ذلل) ، والمعاني الكبير 629، 1112، ومجمع الأمثال 1/27. [3] يخطم: يوضع على أنفه الخطام. [4] الشنة: القربة الخلق. [5] ندّ: شرد. [6] الغارة: الغافلة. [7] البيت بلا نسبة في اللسان والتاج (دبب) ، والأمالي 2/126، ومجمع الأمثال 2/396. [8] ديوان الأعشى 135، والأول في اللسان (طها) ، والجمهرة 929، والأساس 363، وبلا نسبة في الجمهرة 1079، والمقاييس 3/427، والمخصص 7/84، والتهذيب 6/376.

1548 -[شعر ومثل في القرد]

فلسنا لباغي المهملات بقرفة ... إذا ما طما بالليل منتشراتها [1] أبا مسمع أقصر، فإن قصيدة ... متى تأتكم تلحق بها أخواتها [2] وهجاهم حضين بن المنذر فقال: [من الوافر] تنازعني ضبيعة أمر قومي ... وما كانت ضبيعة للأمور وهل كانت ضبيعة غير عبد ... ضممناه إلى نسب شطير [3] وأوصاني أبي، فحفظت عنه ... بفكّ الغلّ عن عنق الأسير وأوصى جحدر فوقى بنيه ... بإرسال القراد على البعير قال: وفي القردان يقول الآخر- قال: وبعضهم يجعلها في البراغيث؛ وهذا باطل [4] : [من الطويل] ألا يا عباد الله من لقبيلة ... إذا ظهرت في الأرض شدّ مغيرها فلا الدّين ينهاها ولا هي تنتهي ... ولا ذو سلاح من معدّ يضيرها فمن أصناف القردان: الحمنان، والحلم، والقرشام، والعلّ، والطّلح. 1548-[شعر ومثل في القرد] وقال الطّرمّاح [5] : [من الخفيف] لمّا وردت الطّويّ والحوض كال ... صيّرة دفن الإزاء ملتبده [6] سافت قليلا على نصائبه ... ثم استمرّت في طامس تخده [7]

_ [1] المهملات: الإبل المرسلة بغير رعاء. القرفة: التهمة. طما: ارتفع. [2] أبو سمع: جد المسامعة، وهو شيبان بن شهاب من بني قيس. [3] الشطير: البعيد والغريب. [4] تقدم البيتان في ص 207. [5] ديوان الطرماح 209- 210 (145- 146) . [6] في ديوانه: «الطوي: البئر المطوية بالحجارة، وطيها: بناؤها. الصيرة: حظيرة من حجارة تتخذ للغنم والبقر. ودفن الإزاء: أي مندفن الإزاء، وهو مصب الماء في الحوض، والملتبد: المتلبد، أي تلبد فيه التراب بعضه على بعض» . [7] في ديوانه: «سافت: شمّت. ونصائبه: ما نصب حول الحوض من الحجارة، وجعل كالحائط له. واستمرت: أي مرت في سيرها لم تشرب. والطامس: الطريق الذي انطمست آثاره. وتخذه: أي تخذ فيه، من الوخد، وهو ضرب من السير سريع» .

1549 -[شعر لأمية في الأرض والسماء]

وقد لوى أنفه بمشفرها ... طلح قراشيم شاحب جسده [1] علّ طويل الطّوى كبالية السّف ... ع متى يلق العلوّ يصطعده [2] وفي لزوق القراد يقول الراعي [3] : [من الكامل] نبتت مرافقهنّ فوق مزلّة ... لا يستطيع بها القراد مقيلا والعرب تقول: «ألزق من البرام!» [4] ، كما تقول: «ألزق من القراد!» [5] . وهما واحد. 1549-[شعر لأمية في الأرض والسماء] وذكر أمية بن أبي الصّلت، خلق السماء، وإنه ذكر من ملاستها أن القراد لا يعلق بها، فقال [6] : [من الكامل] والأرض معقلنا وكانت أمّنا ... فيها معاقلنا وفيها نولد فيها تلاميذ على قذفاتها ... حبسوا قياما فالفرائص ترعد [7] فبني الإله عليهم مخصوفة ... خلقاء لا تبلى ولا تتأوّد [8]

_ [1] في ديوانه: «الطلح: القراد المهزول. والقراشيم: جمع قرشوم، وهو القراد العظيم، وقيل: هي شجرة تأوي إليها القردان» . [2] في ديوانه: «العل: القراد الكبير المهزول. والطوى: الجوع. والسفع: السود، ويريد حب الحنظل هاهنا، وهو إذا بلي اسودّ. يصطعد: أي يصعد في بدن البعير. [3] ديوان الراعي النميري 241، وشرح أبيات سيبويه 2/332، وشرح اختيارات المفضل 250، 983، والكتاب 4/89، واللسان حبس، زلل) ، والتاج (زلل) ، والمخصص 9/55، 16/122. [4] مجمع الأمثال 2/249، والدرة الفاخرة 2/369، 370، وجمهرة الأمثال 2/180، 217، والمستقصى 1/323. [5] مجمع الأمثال 2/249. [6] ديوان أمية بن أبي الصلت 356- 357، والأول في المخصص 13/180، وبلا نسبة في المذكر والمؤنث 187، والثاني في كتاب العين 7/112، وبلا نسبة في المخصص 6/151، والثالث في المعاني الكبير 633. [7] في ديوانه: «التلاميذ: الخدم والأتباع، ولعله أراد بهم النساك لأنهم يأوون إلى الجبال. والقذفات: كل ما أشرف من رؤوس الجبال. الفرائص: مفردها فريصة، وهي اللحمة بين الجنب والكتف ترعد عند الفزع. وترعد: ترتجف» . [8] في ديوانه: «المخصوفة: المؤلفة من عدة أطباق، وأراد: «سماء مخصوفة» فحذف الموصوف. والخلقاء: الملساء. وتتأود: تتثنى وتتجعد» .

1550 -[استطراد لغوي]

فلو أنّه تحدو البرام بمتنها ... زلّ البرام عن التي لا تقرّد [1] 1550-[استطراد لغوي] قال: القراد أول ما يكون- وهو الذي لا يكاد يرى من صغر- قمقامة، ثم يصير حمنانة، ثم يصير قرادا، ثم يصير حلمة. قال: ويقال للقراد: العلّ، والطّلح، والقتين، والبرام، والقرشام. قال: والقمّل واحدتها قمّلة، وهي من جنس القردان، وهي أصغر منها. 1551-[تخلق القراد والقمل] قال: والقردان يتخلّق من عرق البعير، ومن الوسخ والتلطّخ بالثّلوط [2] والأبوال، كما يتخلّق من جلد الكلب، وكما يتخلق القمل من عرق الإنسان ووسخه، إذا انطبق عليه ثوب أو شعر أو ريش. والحلم يعرض لأذني الكلب أكثر ذلك. 1552-[أمثال وأشعار وأخبار في القراد] قال: ويقال «أقطف من حلمة» [3] ، و «ألزق من برام» [4] ، و «أذلّ من قراد» [5] . وقال الشاعر [6] : [من الطويل] يكاد خليلي من تقارب شخصه ... يعضّ القراد باسته وهو قائم وقال أبو حنش لقيس بن زهير: «والله لأنت بها أذلّ من قراد!» [5] ، فقدّمه وضرب عنقه.

_ [1] في ديوانه: «تحدو: تسوق. شبه البرام بالإبل، والبرام: القراد، وهو للبعير كالقمل للإنسان. ومتن الشيء: ما ظهر منه، والمعنى أنها ملساء الأديم، فلو مشى عليها القراد لزلّ وسقط» . [2] الثلوط: جمع ثلط، وهو الرقيق من الرجع والسلح. [3] القطف: تقارب الخطو وبطؤه، والمثل في مجمع الأمثال 2/129، وجمهرة الأمثال 2/115، والمستقصى 1/285، والدرة الفاخرة 2/351. [4] مجمع الأمثال 2/249. [5] المستقصى 1/34، ومجمع الأمثال 1/283، وجمهرة الأمثال 1/468، 458، الدرة الفاخرة 1/203. [6] البيت في الأغاني 9/11، و 15/333، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1622، ومحاضرات الأدباء 2/129 (3/285) .

وقال الراجز [1] : [من الرجز] قردانه في العطن الحوليّ ... بيض كحبّ الحنظل المقليّ [2] من الخلاء ومن الخويّ [3] ويقال لحلمة الثّدي: القراد. وقال عديّ بن الرّقاع [4] : [من الطويل] كأن قرادي صدره طبعتهما ... بطين من الجولان كتّاب أعجم والقراد يعرض لاست الجمل، والنمل يعرض للخصى. وقال الشاعر [5] : [من المتقارب] وأنت مكانك من وائل ... مكان القراد من است الجمل وقال الممزّق [6] : [من الطويل] تناخ طليحا ما تراع من الشّذا ... ولو ظلّ في أوصالها العلّ يرتقي [7] ويروى: «فباتت ثلاثا لا تراع» . يصف شدة جزعها من القردان. وقال بشار بن برد: [من الوافر] أعادي الهمّ منفردا بشوق ... على كبدي كما لزق القراد وكانوا إذا خافوا الجدب والأزمة تقدموا في عمل العلهز. والعلهز: قردان يعالج

_ [1] الرجز بلا نسبة في اللسان والتاج (صيص) . [2] العطن: مبرك الإبل. الحولى: الذي أتى عليه الحول. [3] الخوي: الخلاء. [4] البيت لعدي بن الرقاع في ديوانه 98، والتنبيه والإيضاح 2/47، وله أو لملحة الجرمي في اللسان والتاج (قرد) ، ولابن ميادة في ديوانه 255، وأساس البلاغة (قرد) ، والجمهرة 566، ولهم جميعا في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1749، ولملحة الجرمي في اللسان (بندك، عجم) ، وبلا نسبة في المخصص 2/22، 148. [5] لم يرد البيت في ديوان الأخطل، وهو له في الخزانة 1/460، والسمط 854، والعقد الفريد 3/360، ولكعب بن جعيل في الخزانة 1/460، ولعتبة بن الوعل في المؤتلف والمختلف 84، وبلا نسبة في الاشتقاق 336، والكتاب 1/417، وشرح أبيات سيبويه 1/378، والمقتضب 4/350. [6] البيت للممزق العبدي في الأصمعيات 165، وبلا نسبة في الجمهرة 157. [7] الطليح: المعيية الحسرة. الشذا: ذباب أزرق عظيم يقع على الدواب. الأوصال: المفاصل والأعضاء. العل: القراد الضخم أو المهزول.

بدم الفصد مع شيء من وبر. فيدّخرون ذلك كما يدّخر من خاف الحصار الأكارع [1] والجاورس [2] . والشّعوبيّة تهجو العرب بأكل العلهز، والفثّ [3] ، والدّعاع [4] ، والهبيد [5] ، والمغافير [6] ، وأشباه ذلك. وقال حسان بن ثابت [7] : [من الخفيف] لم يعلّلن بالمغافير والصّم ... غ ولا شري حنظل الخطبان وقال الطّرمّاح [8] : [من الخفيف] لم تأكل الفثّ والدعاع ولم ... تنقف هبيدا يجنيه مهتبده وقال الأصمعيّ: قال رجل من أهل المدينة لرجل: أيسرّك أن تعيش حتى تجيء حلمة [9] من إفريقية مشيا؟ قال: فأنت يسرّك ذلك؟ قال: أخاف أن يقول إنسان: إنها بمخيض، فيغشى عليّ! ومخيض على رأس بريد من المدينة. ويقولون: أمّ القراد، للواحدة الكبيرة منها. ويتسمّون بقراد، ويكتنون بأبي قراد. وقد ذكر ذلك أبو النجم فقال [10] : [من الرجز] للأرض من أمّ القراد الأطحل [11] وفي العرب بنو قراد.

_ [1] الأكارع: مفردها كراع، وهو مستدق الساق. [2] الجاورس: حب الدّخن، وهو الذرة الدقيقة. [3] الفث: حب يشبه الجاورس، يطحن ويختبز منه. [4] الدعاع: خبز أسود يأكله الفقراء في الجدب. [5] الهبيد: حب الحنظل، كانوا ينقعونه لتذهب مرارته. [6] المغافير: صمغ العرفط والرمث، حلو يؤكل. [7] ديوان حسان بن ثابت 475، والأزمنة والأمكنة 2/303. [8] ديوان الطرماح 206 (143) ، واللسان والتاج (فثث) ، والتهذيب 15/67، والأزمنة والأمكنة 2/303. [9] حلمة: جمع الحلم، وهي القرادة الصغيرة. [10] ديوان أبي النجم 201، والمقاييس 1/24، والطرائف الأدبية 67. [11] الطحلة: لون بين الغبرة والبياض بسواد قليل كلون الرماد.

باب في الحبارى

باب في الحبارى ونقول في الحبارى بقول موجز، إن شاء الله تعالى. قال ابن الأعرابي: قال أعرابيّ [1] «إنه ليقتل الحبارى هزلا ظلم الناس بعضهم لبعض!» . قال يقول: إذا كثرت الخطايا منع الله عزّ وجلّ درّ السّحاب. وإنما تصيب الطير من الحبّ ومن الثمر على قدر المطر. وقال الشاعر [2] : [من الخفيف] يسقط الطير حيث ينتثر الح ... بّ وتغشى منازل الكرماء وهذا مثل قوله [3] : [من الرجز] أما رأيت الألسن السّلاطا ... والأذرع الواسعة السّباطا [4] إن الندى حيث ترى الضّغاطا [5] 1553-[شعر وأمثال في الحبارى] وقالوا في المثل: «مات فلان كمد الحبارى» [6] : وقال أبو الأسود الدؤلي [7] : [من الوافر] وزيد ميّت كمد الحبارى ... إذا ظعنت هنيدة أو تلمّ

_ [1] الخبر في البيان 3/161. [2] البيت لبشار في عيون الأخبار 1/91، 3/26، والأغاني 3/194، وبلا نسبة في البيان 1/178، ومجالس ثعلب 48. [3] الرجز للتميمي في البيان 1/177، وبلا نسبة في الجمهرة 902، والبيت الثالث لرؤبة في ديوانه 177، وعيون الأخبار 1/91، والتاج (ضغط) ، والبخلاء 241 وفي حاشيته أنه لرؤبة أو لأبي نخيلة في الكامل 1/118. [4] السليط: الفصيح. السبط: الممتد السوي. [5] الندى: الكرم. الضغاط: الزحام. [6] مجمع الأمثال 2/271. [7] ديوان أبي الأسود الدؤلي 188، واللسان والتاج (حبر) ، والتهذيب 5/36، وثمار القلوب (705) ، وبلا نسبة في الجمهرة 168، وصدر البيت بلا نسبة في محاضرات الأدباء 2/105 (4/662) .

1554 -[سلاح الحبارى في سلاحها]

ويروى: «ملمّ» وهو اسم امرأة. وذلك أن الطير تتحسّر [1] وتتحسّر معها الحبارى. والحبارى إذا نتفت أو تحسّرت أبطأ نبات ريشها، فإذا طار صويحباتها ماتت كمدا [2] . وأما قوله: «أو تلمّ» يقول: أو تقارب أن تظعن [3] . وقال عثمان بن عفان رضي الله عنه: «كلّ شيء يحبّ ولده حتى الحبارى!» [4] . يضرب بها المثل في الموق [5] . 1554-[سلاح الحبارى في سلاحها] قال [6] : وللحبارى خزانة بين دبره وأمعائه، له فيها أبدا سلح رقيق لزج، فمتى ألحّ عليها الصقر- وقد علمت أن سلاحها [7] من أجود سلاحها، وأنها إذا ذرقته بقي كالمكتوف، أو المدبّق [8] المقيّد فعند ذلك تجتمع الحباريات على الصقر فينتفن ريشه كلّه طاقة طاقة [9] وفي ذلك هلاك الصقر. 1555-[سلاح بعض الحيوان] قال: وإنما الحبارى في سلاحها كالظّرابيّ في فسائها، وكالثعلب في سلاحه [7] ، وكالعقرب في إبرتها، والزنبور في شعرته، والثور في قرنه، والدّيك في صيصيته [10] ، والأفعى في نابها، والعقاب في كفّها، والتمساح في ذنبه. وكلّ شيء معه سلاح فهو أعلم بمكانه. وإذا عدم السّلاح كان أبصر بوجوه

_ [1] تتحسر: تخرج من الريش العتيق إلى الحديث. [2] ورد هذا القول في ثمار القلوب (705) . [3] تظعن: ترحل. [4] ورد قول عثمان في النهاية 1/328، وهو من الأمثال في مجمع الأمثال 2/146، والمستقصى 2/227. [5] الموق: الحمق. [6] الخبر في نهاية الأرب 10/215، وانظر ربيع الأبرار 5/448، وما تقدم في 1/162. [7] السّلاح: النجو. [8] المدبق: الذي ألزق بالدبق، والدبق: حمل شجر في جوفه كالغراء يلزق بجناح الطائر فيصاد به. [9] الطاقة: شعبة من ريحان، أو قوة من الخيط. [10] الصيصة: الشوكة التي في رجل الديك.

1556 -[شعر في الحبارى]

الهرب؛ كالأرنب في إيثارها للصّعداء، لقصر يديها، وكاستعمال الأرانب للتوبير [1] والوطء على الزّمعات [2] ، واتخاذ اليرابيع. القاصعاء والنّافقاء، والدّامّاء، والراهطاء [3] . 1556-[شعر في الحبارى] وقال الشاعر [4] : [من الوافر] وهم تركوك أسلح من حبارى ... رأت صقرا وأشرد من نعام يريد: نعامة. وقال قيس بن زهير: [من الطويل] متى تتحزّم بالمناطق ظالما ... لتجري إلى شأو بعيد وتسبح تكن كالحبارى إن أصيبت فمثلها ... أصيب وإن تفلت من الصّقر تسلح وقال ابن أبي فنن، يصف ناسا من الكتّاب، في قصيدة له ذكر فيها خيانتهم، فقال [5] : [من الوافر] رأوا مال الإمام لهم حلالا ... وقالوا الدّين دين بني صهارى ولو كانوا يحاسبهم أمين ... لقد سلحوا كما سلح الحبارى 1557-[الخرب والنهار] والخرب: ذكر الحبارى. والنهار: فرخ الحبارى. وفرخها حارض [6] ساقط لا خير فيه. وقال متمّم بن نويرة [7] : [من الطويل] وضيف إذا أرغى طروقا بعيره ... وعان ثوى في القدّ حتى تكنّعا [8]

_ [1] التوبير: الوطء على مآخير كفها، وانظر ما تقدم في الفقرة 1416 ص 150. [2] الزمعة: الشعرة المدلاة في مؤخر رجل الأرنب. [3] انظر ما تقدم ص 149- 150. [4] البيت لأوس بن غلفاء في الأصمعيات 233، والمفضليات 388، واللسان (لفف، لقم) ، والكامل 1/286 (المعارف) ، ولدجاجة بن عتر في الجمهرة 886، وبلا نسبة في التاج (حبر) . [5] ديوان أحمد بن أبي فنن 163 «ضمن: شعراء عباسيون» . [6] الحارض: الضعيف البنية. [7] ديوان متمم بن نويرة 109- 110، وشرح اختيارات المفضل 1173- 1174، والأول في اللسان والتاج (كنع) ، والتهذيب 1/319، والكامل 1058 (الدالي) ، والثاني في اللسان والتاج (حثل) ، والمقاييس 2/137، وبلا نسبة في المخصص 1/29. [8] طروقا: ليلا. العاني: الأسير. ثوى: أقام. القدم: السير من الجلد، وأراد به القيد. تكنع: تقبض.

1558 -[خبر فيه ذكر الحبارى]

وأرملة تمشي بأشعث محثل ... كفرخ الحبارى رأسه قد تصوّعا [1] وقال أعرابيّ [2] : [من الرجز] أحبّ أن أصطاد ضبّا سحبلا ... وخربا يرعى ربيعا، أرملا [3] فجعل الخرب أرمل، لأن ريشه يكون أكثر. وقد ذكرنا ما في هذا الباب فيما قد سلف من كتابنا [4] . 1558-[خبر فيه ذكر الحبارى] وقال أبو الحسن المدائنيّ: قال سعيد النّواء: قدمت المدينة فلقيت عليّ بن الحسين، فقلت: يا ابن رسول الله، متى يبعث أمير المؤمنين علي بن أبي طالب؟ قال: إذا بعث الناس. قال: ثم تذاكرنا أيام الجمل فقال: ليته كان ممنوعا قبل ذلك بعشرين سنة- أو كلمة غير هذه- قال: فأتيت حسن بن حسن. فذكرت له ما قال، فقال: لوددت والله أنه كان يقاتلهم إلى اليوم! قال: فخرجت من فوري ذلك إلى عليّ بن الحسين، فأخبرته بما قال، فقال: إنه لقليل الإبقاء على أبيه. قال: وبلغ الخبر المختار فقال: أيضرّب [5] بين ابني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ لأقتلنّه! فتواريت ما شاء الله، ثم لم أشعر إلا وأنا بين يديه، فقال: الحمد لله الذي أمكنني منك! قال فقلت: أنت استمكنت مني؟ أما والله لولا رؤيا رأيتها لما قدرت عليّ! قال: وما رأيت؟ فقلت: رأيت عثمان بن عفان. فقالت: أنت عثمان بن عفان؟ فقال: أنا حبارى، تركت أصحابي حيارى، لا يهود ولا نصارى! فقال: يا أهل الكوفة انظروا إلى ما أرى الله عدوّكم! ثم خلّى سبيلي. [وقد روي هذا الكلام عن شتير بن شكل، أنه رأى معاوية في النوم فقال الكلام الذي روي عن عثمان.

_ [1] الأشعث: المتلبد الشعر، وأراد ولدها. المحثل: الذي أسيء غذاؤه. تصوع: تقبض وتشقق. [2] الرجز بلا نسبة في اللسان والتاج (رمل، سحبل) ، والتهذيب 15/205. [3] السحبل: الضخم. أرمل: من الرّملة، وأصلها الخط الأسود في الثور، وعنى به هنا طرائق الريش. [4] لعل الموضع الذي يشير إليه الجاحظ قد سقط من الكتاب، إذ لم أهتد إليه. [5] يضرب: يحرض.

1559 -[شعر ومعرفة في الحبارى]

ووجه كلام عليّ بن الحسين الذي رواه عنه سعيد النواء، إن كان صادقا فإنه للذي كان يسمع من الغالية [1] ، من الإفراط والغلوّ والفحش. فكأنه إنما أراد كسرهم، وأن يحطّهم عن الغلوّ إلى القصد [2] ؛ فإن دين الله عزّ وجلّ بين التقصير والغلوّ، وإلا فعليّ بن الحسين أفقه في الدين، وأعلم بمواضع الإمامة، من أن يخفى عليه فضل [3] ما بين عليّ وبين طلحة والزّبير. 1559-[شعر ومعرفة في الحبارى] وقال الكميت [4] : [من الطويل] وعيد الحبارى من بعيد تنفّشت ... لأزرق مغلول الأظافير بالخضب [5] والحبارى طائر حسن. وقد يتّخذ في الدور. وناس كثير من العرب وقريش يستطيبون محسيّ الحبارى جدّا. قال: والحبارى من أشد الطير طيرانا، وأبعدها مسقطا وأطولها شوطا، وأقلّها عرجة [6] . وذلك أنها تصطاد بظهر البصرة عندنا، فيشقّق عن حواصلها. فيوجد فيه الحبّة الخضراء غضّة، لم تتغير ولم تفسد. وأشجار البطم [7] وهي الحبّة الخضراء بعيدة المنابت منّا وهي علوية أو ثغريّة [8] ، أو جبليّة. فقال الشاعر [9] : [من المنسرح] ترتعي الضّرو من براقش أو هيلا ... ن أو يانعا من العتم

_ [1] الغالية: الذين يغالون ويبالغون في شأن علي بن أبي طالب. [2] القصد: الاعتدال. [3] الفضل: الزيادة. [4] ديوان الكميت 1/127، والمقاييس 2/128. [5] الأزرق: البازي أو العقاب. المغلول: غل شعره بالطيب أدخله فيه. الخضب: عنى به دماء ما يقتنص من الحيوان. [6] العرجة: أن تعرج على المنزل وتحتبس. [7] البطم: شجر في حجم الفستق والبلوط، سبط الأوراق والحطب، يكثر بالجبال، وحبه مفرطح في عناقيد كالفلفل، وعليه قشر أخضر داخله آخر خشبي يحوي اللب كالفستق. [8] علوية: نسبة إلى عالية نجد، والثغرية نسبة إلى أحد ثغور الشام. [9] البيت للنابغة الجعدي في ديوانه 151، واللسان والتاج (برقش، هيل، عتم، ضرا) ، والمجمل 4/461، والمقاييس 4/225، وكتاب الجيم 2/298، ومعجم البلدان (براقش، هيلان) ، والأمالي 1/173، والسمط 431.

باب في الضأن والمعز

شجر الزيتون. والضّر وشجر البطم، وهي الحبّة الخضراء بالجبال شجرتها. وقال الكودن العجليّ، ويروى العكلي: «البطم لا يعرفه أهل الجلس» ، وبلاد نجد هي الجلس، وهو ما ارتفع. والغور هو ما انخفض. وبراقش: واد باليمن، كان لقوم عاد. وبراقش: كلبة كانت تتشاءم بها العرب [1] . وقال حمزة بن بيض [2] : [من الخفيف] بل جناها أخ عليّ كريم ... وعلى أهلها براقش تجني [باب في الضأن والمعز] (القول في الضأن والمعز) قال صاحب الضّأن: قال الله تبارك وتعالى: ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ [3] ، فقدّم ذكر الضأن. وقال عزّ وجلّ: وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ [4] . وقد أجمعوا على أنه كبش. ولا شيء أعظم مما عظّم الله عزّ وجلّ، ومن شيء فدي به نبيّ. وقال تعالى: إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ [5] ولم يقل إنّ هذا أخي له تسع وتسعون عنزا ولي عنز واحدة؛ لأن الناس يقولون: كيف النعجة؟ يريدون الزوجة. وتسمي المها من بقر الوحش نعاجا ولم تسمّ بعنوز. وجعله [6] الله عزّ وجلّ السّنّة في الأضاحي. والكبش للعقيقة [7] وهدية العرس وجعل الجذع [8] من

_ [1] إشارة إلى المثل «على أهلها تجني براقش» ، والمثل في مجمع الأمثال 2/14، وهو برواية «دلت» في جمهرة الأمثال 2/52، والمستقصى 2/165، وفصل المقال 459، وأمثال ابن سلام 333. [2] البيت لحمزة بن البيض في مجمع الأمثال 2/14، والمستقصى 2/165، والرسالة الموضحة 77، والبيان 1/269، وثمار القلوب (585) ، ورسائل الجاحظ 1/297، واللسان والتاج (برقش) ، والتنبيه والإيضاح 2/313. [3] 143/الأنعام: 6. [4] 107/الصافات: 37. [5] 33/ص: 38. [6] أي الضأن. [7] العقيقة: ما يذبح يوم حلق الشعر الذي يولد به الطفل. [8] الجذع: أصلها الصغير السن، والجذع يختلف في أسنان الإبل والخيل والبقر والشاء، وقال ابن الأعرابي: في الجذع من الضأن: إن كان ابن شابين أجذع لستة أشهر إلى سبعة أشهر، وإن كان-

1560 -[فضل الضأن على المعز]

الضأن كالثّنيّ [1] من المعز في الأضحية. وهذا ما فضّل الله به الضأن في الكتاب والسّنّة. 1560-[فضل الضأن على المعز] تولّد الضأن مرة في السّنة، وتفرد ولا تتئم. والماعزة قد تولّد مرتين، وقد تضع الثلاث وأكثر وأقلّ. والبركة والنّماء والعدد في الضأن، والخنزيرة كثيرة الخنانيص. يقال إنها تلد عشرين خنّوصا. ولا نماء فيها [2] . قال: وفضل الضأن على المعز أن الصوف أغلى وأثمن وأكثر قدرا من الشعر. والمثل السائر: «إنما فلان كبش من الكباش» . وإذا هجوه قالوا: «إنما هو تيس من التيوس» إذا أرادوا النتن أيضا. فإذا أرادوا الغاية في الغباوة قالوا [3] : «ما هو إلا تيس في سفينة!» . والحملان يلعب بها الصبيان، والجداء لا يلعب بها. ولبن الضأن أطيب وأخثر [4] وأدسم، وزبده أكثر. ورؤوس الضأن المشويّة هي الطيبة المفضلة، ورؤوس المعز ليس عندها طائل. ويقال رؤوس الحملان، ولا يقال رؤوس العرضان [5] . ويقال للّوطيّ الذي يلعب بالحدّر [6] من أولاد الناس: «هو يأكل رؤوس

_ - ابن هرمين أجذع لثمانية أشهر إلى عشرة أشهر، وقيل الجذع من الضأن لثمانية أشهر أو تسعة «اللسان: جذع» . [1] الثني من المعز: ما كان في السنة الثالثة «اللسا: جذع» . [2] وردت الفقرة في ربيع الأبرار 5/410، والعقد الفريد 4/257، وعيون الأخبار 2/74. [3] هذا المثل استخدمه أبو الشمقمق في هجائه بشار بن برد وهو قوله: «هللينه هللينه ... طعن قثّاة سفينه» «إنّ بشار بن برد ... تس أعمى في سفينه» انظر البيتين في الأغاني 3/195، 247، ونكت الهميان 126. [4] الخثورة: نقيض الرقة. [5] العرضان: جمع العريض، وهو الجدي الذي أتى عليه نحو سنة. [6] الحدّر: جمع حادر، وهو الغلام الجميل والسمين.

الحملان» ؛ لمكان ألية الحمل، ولأنه أخدل [1] وأرطب. ولم يقولوا في الكناية والتعريض: هو يأكل رؤوس العرضان. والشّواء المنعوت شواء الضأن، وشحمه يصير كلّه إهالة [2] أوّله وآخره. والمعز يبقى شحمه على حاله، وكذلك لحمه. ولذلك صار الخبّازون الحذّاق قد تركوا الضأن؛ لأن المعز يبقى شحمه ولحمه، فيصلح لأن يسخّن مرات، فيكون أربح لأصحاب العرس. والكباش للهدايا وللنطاح [3] . فتلك فضيلة في النجدة وفي الثقافة، ومن الملوك من يراهن عليها، ويضع السّبق عليها، كما يراهن على الخيل. والكبش الكراز [4] يحمل الراعي وأداة الراعي. وهو له كالحمار في الوقير [5] . ويعيش الكرّاز عشرين سنة. وإذا شبق الراعي واغتلم اختار النعجة على العنز. وإذا نعتوا شكلا من أشكال مشي البراذين [6] الفرّه [7] قالوا: هو يمشي مشي النّعاج. وقال الله عزّ وجلّ: وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها [8] فقدّم الصّوف. والبخت [9] هي ضأن الإبل، منها الجمّازات [10] . والجواميس هي ضأن البقر. يقال للجاموس الفارسية: «كاوماش» . ولا يذكر الماعز بفضيلة إلا ارتفاع ثمن جلده، وغزارة لبنه. فإذا صرت إلى عدد كثرة النّعاج وجلود النعاج والضأن كلّها أربى ذلك على ما يفضل به الماعز الضأن في ثمن الجلد، والغزر في اللبن.

_ [1] أخدل: ممتلئ. [2] الإهالة: ما أذيب من الألية والشحم. [3] إشارة إلى التقامر بنطاحها. [4] الكرز: الخرج الكبير يضع فيه الراعي زاده، والكراز: الذي يضع عليه الراعي كرزه فيحمله. [5] الوقير: الغنم بكلبها وحمارها وراعيها. [6] البرذون: هو من الخيل ما كان من غير نتاج العراب. [7] الفرّه: جمع فاره، وهو النشيط القوي. [8] 80/النحل: 16. [9] البخت: الإبل الخراسانية التي تنتج من عربية وفالج، والفالج البعير ذو السنامين. [10] الجمز: السرعة في العدو.

1561 -[قول ابنة الخس ودغفل في المعز]

1561-[قول ابنة الخس ودغفل في المعز] وقيل لابنة الخسّ: ما تقولين في مائة من الماعز؟ قالت: قنى! قيل: فمائة من الضأن؟ قالت: غنى. قيل: فمائة من الإبل؟ قالت: منى! [1] وسئل دغفل بن حنظلة عن بني مخزوم، فقال: معزى مطيرة، عليها قشعريرة، إلا بني المغيرة؛ فإن فيهم تشادق الكلام، ومصاهرة الكرام [2] . 1562-[بعض الأمثال في ذمّ العنز] وتقول العرب: «لهو أصرد من عنز جرباء!» [3] وتقول العرب: «العنز تبهي ولا تبني» [4] لأن العنز تصعد على ظهور الأخبية فتقطعها بأظلافها، والنعجة لا تفعل ذلك. هذا. وبيوت الأعراب إنما تعمل من الصوف والوبر، فليس للماعز فيها معونة، وهي تخرّقها. وقال الأول [5] : [من مجزوء البسيط] لو نزل الغيث لأبنين امرأ ... كانت له قبّة، سحق بجاد [6] أبناه: إذا جعل له بناء. وأبنية العرب: خيامهم؛ ولذلك يقولون: بنى فلان على امرأته البارحة. 1563-[ضرر لحم الماعز] وقال لي شمؤون الطبيب: يا أبا عثمان، إياك ولحم الماعز؛ فإنه يورث الهمّ، ويحرّك السّوداء، ويورث النّسيان، ويفسد الدم وهو والله يخبّل الأولاد! [7] .

_ [1] الخبر في ربيع الأبرار 5/408، وعيون الأخبار 2/73، والمزهر 2/545، والعقد الفريد 4/257. [2] الخبر في البيان 1/121. [3] مجمع الأمثال 1/413، وجمهرة الأمثال 1/585، والمستقصى 1/207، وأمثال ابن سلام 367. [4] مجمع الأمثال 2/269، وجمهرة الأمثال 2/240، والمستقصى 1/348، وفصل المقال 192، وأمثال ابن سلام 129، والمثل يضرب لمن يفسد ولا يصلح. [5] البيت لأبي مارد الشيباني في التاج (بني) ، وبلا نسبة في اللسان (خضض، بني) ، والمخصص 5/122، والتهذيب 15/493، والأساس (بني) ، والخصائص 1/36. [6] القبة: البيت من الأدم. السحق: الخلق. البجاد: كساء مخطط. [7] ورد هذا القول دون ذكر اسم الطبيب في عيون الأخبار 2/74.

1564 -[اشتقاق الأسماء من الكبش]

وقال الكلابيّ: «العنوق بعد النّوق» [1] ، ولم يقل: الحمل بعد الجمل. وقال عمرو بن العاص للشيخ الجهنيّ المعترض عليه في شأن الحكمين: وما أنت والكلام يا تيس جهينة؟! ولم يقل يا كبش جهينة؛ لأن الكبش مدح والتّيس ذمّ. وأما قوله: «إن الظّلف لا يرى مع الخفّ» فالبقر والجواميس والضأن والمعز في ذلك سواء. قال: وأتي عبد الملك بن مروان في دخوله الكوفة على موائد بالجداء، فقال: فأين أنتم عن العماريس [2] ؟ فقيل له: عماريس الشّام أطيب!. وفي المثل: «لهو أذلّ من النقد» [3] . النقد هو المعز. وقال الكذّاب الحرمازيّ [4] : [من الرجز] لو كنتم قولا لكنتم فندا ... أو كنتم ماء لكنتم زبدا أو كنتم شاء لكنتم نقدا ... أو كنتم عودا لكنتم عقدا 1564-[اشتقاق الأسماء من الكبش] قال: والمرأة تسمى كبشة، وكبيشة. والرجل يكنى أبا كبشة، وقال أبو قردودة [5] : [من المتقارب] كبيشة إذ حاولت أن تب ... ين يستبق الدّمع مني استباقا وقامت تريك غداة الفراق ... كشحا لطيفا وفخذا وساقا [6]

_ [1] نسب هذا المثل إلى العلاء الكلابي في البيان 1/285، وفيه أنه ولي عملا خسيسا بعد أن كان على عمل جسيم، وانظر المثل في مجمع الأمثال 2/12. العنوق: جمع عناق؛ وهي الأنثى من ولد المعزى إذا أتت عليها سنة، والنوق: جمع ناقة. [2] العماريس: جمع عمروس؛ وهو الخروف أو الجدي إذا بلغا العدو. وفي النهاية 3/299: «في حديث عبد الملك بن مروان: أين أنت من عمروس راضع» . [3] مجمع الأمثال 1/284، والمستقصى 1/131، والدرة الفاخرة 2/446، وجمهرة الأمثال 1/458، 469، والأمثال لمجهول 9. [4] الرجز بلا نسبة في مظان المثل، وهو للعين المنقري في الأزمنة والأمكنة 2/277، وتقدم في 3/233. [5] الأبيات لأبي قردودة في قصائد جاهلية نادرة 169، والبيت الثالث بلا نسبة في اللسان والتاج (خلق) . [6] الكشح: الخصر اللطيف.

1565 -[قول القصاص في تفضيل الكبش على التيس]

ومنسدلا كمثاني الحبا ... ل توسعه زنبقا أو خلاقا [1] وأول هذه القصيدة: كبيشة عرسي تريد الطّلاقا ... وتسألني بعد وهن فراقا 1565-[قول القصاص في تفضيل الكبش على التيس] وقال بعض القصّاص [2] : ومما فضل الله عزّ وجلّ به الكبش أن جعله مستور العورة من قبل ومن دبر، وممّا أهان الله تعالى به التيس أن جعله مهتوك الستر، مكشوف القبل والدّبر. 1566-[التيس في الهجاء] وقال حسّان بن ثابت الأنصاريّ [3] : [من الطويل] سألت قريشا كلها فشرارها ... بنو عامر شاهت وجوه الأعابد [4] إذا جلسوا وسط النّديّ تجاوبوا ... تجاوب عتدان الربيع السّوافد [5] وقال آخر [6] : [من الوافر] أعثمان بن حيّان بن أدم ... عتود في مفارقه يبول ولو أني أشاء قد ارفأنّت ... نعامته ويعلم ما أقول [7] وقال الشاعر: [من الكامل] سميّت زيدا كي تزيد فلم تزد ... فعاد لك المسمي فسمّاك بالقحر [8] وما القحر إلا التّيس يعتك بوله ... عليه ويمذي في الّلبان وفي النّحر [9]

_ [1] المنسدل: المسترسل، أي الشعر. المثاني: جمع مثناة، وهو الحبل. الزنبق: دهن الياسمين. الخلاق: ضرب من الطيب. [2] ورد القول في عيون الأخبار 2/76، وربيع الأبرار 5/409، والعقد الفريد 4/258. [3] ديوان حسان بن ثابت 208. [4] الأعابد: جمع عبد. [5] الندي: النادي، وهو مجلس القوم. عتدان: جمع عتود، وهو الجدي إذا بلغ السفاد. [6] البيتان للمرار بن سعيد الفقعسي في ديوانه 471، وأشعار اللصوص 369، والثاني في اللسان والتاج (نعم) . [7] ارفأنت نعامته: سكن بعد غضبه. [8] القحر: البعير المسن. [9] يعتك عليه: يغلبه.

1567 -[شدة نتن التيوس]

1567-[شدة نتن التّيوس] فالتّيس كالكلب؛ لأنه يقزح [1] ببوله، فيريد به حاقّ [2] خيشومه. وبول التّيس من أخثر البول وأنتنه، وريح أبدان التّيوس إليها ينتهي المثل. ولو كان هذا العرض في الكبش لكان أعذر له؛ لأن الخموم واللخن، والعفن والنّتن، لو عرض لجلد ذي الصّوف المتراكم، الصّفيق الدقيق، والملتفّ المستكثف؛ لأن الرّيح لا تتخلّله، والنسيم لا يتخرّقه- لكان ذلك أشبه. فقد علمنا الآن أن للتيس مع تخلخل شعره، وبروز جلده [3] وجفوف عرقه، وتقطع بخار بدنه- فضلا ليس لشيء سواه. والكلب يوصف بالنّتن إذا بلّه المطر. والحيّات توصف بالنّتن. ولعل ذلك أن يجده من وضع أنفه على جلودها. وبول التّيس يخالط خيشومه. وليس لشيء من الحيوان ما يشبه هذا، إلا ما ذكرنا من الكلب، على أن صاحب الكلب قد أنكر هذا. وجلود التّيوس، وجلود آباط الزّنج، منتنة العرق، وسائر ذلك سليم. والتيس إبط كله [4] ، ونتنه في الشتاء كنتنه في الصيف. وإنا لندخل السكّة وفي أقصاها تيّاس [5] ، فنجد نتنها من أدناها، حتى لا يكاد أحدنا يقطع تلك السكة إلا وهو مخمّر الأنف. إلا ما كان مما طبع الله عزّ وجلّ عليه البلويّ وعليّا الأسواري؛ فإن بعضهما صادق بعضا على استطابة ريح التيوس. وكان ربما جلسا على باب التّيّاس؛ ليستنشقا تلك الرائحة، فإذا مرّ بهما من يعرفهما وأنكر مكانهما، ادّعيا أنهما ينتظران بعض من يخرج إليهما من بعض تلك الدّور. 1568-[المكّيّ وجاريته سندرة] فأما المكي فإنه تعشّق جارية يقال لها سندرة، ثم تزوجها نهاريّة [6] وقد

_ [1] قزح ببوله: أرسله دفعا. [2] الحاق: وسط الشيء. [3] بروز جلده: أي ظهوره لخفة الشعر الذي عليه. [4] أي أنه منتن البدن كله. [5] التياس: صاحب التيوس. [6] الزواج النهاري: يفهم منه أن كلّا من الزوجين لا يلقى صاحبه إلا في النهار، وأورد الجاحظ في البخلاء 124: «قالت له امرأة: ويحك يا أبا القماقم إني قد تزوجت زوجا نهاريا، والساعة وقته، وليست عليّ هيئة، فاشتر لي بهذا الرغيف آسا، وبهذا الفلس دهنا، فإنك تؤجر. فعسى الله أنه يلقي محبتي في قلبه. فيرزقني على يدك شيئا أعيش به، فقد والله ساءت حالي، وبلغ المجهود مني» .

1569 -[اشتهاء ريح الكرياس]

دعاني إلى منزلها غير مرّة، وخبّرني أنها كانت ذات صنان، وأنه كان معجبا بذلك منها، وأنها كانت تعالجه بالمرتك [1] ، وأنه نهاها مرارا حتى غضب عليها في ذلك. قال: فلما عرفت شهوتي كانت إذا سألتني حاجة ولم أقضها قالت: والله لأتمرتكنّ، ثم والله لأتمرتكنّ، ثمّ والله لأتمرتكنّ! فلا أجد بدّا من أن أقضي حاجتها كائنا ما كان. 1569-[اشتهاء ريح الكرياس] وحدّثني مويس بن عمران، وكان هو والكذب لا يأخذان في طريق، ولم يكن عليه في الصدق مؤونة، لإيثاره له حتى كان يستوي عنده ما يضرّ وما لا يضر- قال: كان عندنا رجل يشتهي ريح الكرياس [2] لا يشفيه دونه شيء، فكان قد أعدّ مجوبا [3] أو سكة حديد في صورة المبرد، فيأتي الكراييس التي تكون في الأزقة القليلة المارة، فيخرق الكرياس ولا يبالي، أكان من خزف أو من خشب، ثم يضع منخريه عليه، حتى يقضي وطره. قال: فلقي الناس من سيلان كراييسهم شرّا حتى عثروا عليه فما منعهم من حبسه إلا الرحمة له من تلك البليّة، مع الذي رأوا من حسن هيئته، فقال لهم: يا هؤلاء، لو مررتم بي إلى السلطان كان يبلغ من عقابي أكثر مما أبلغ من نفسي؟ قالوا: لا والله! وتركوه. 1570-[نتن العنز] قالوا: وهذا شأن التّيس، وهو أبو العنز. «ولا تلد الحيّة إلا حيّة» [4] ، ولا بد لذلك النّتن عن ميراث في ظاهر أو باطن. وأنشدوا لابن أحمر [5] : [من البسيط] إني وجدت بني أعيا وجاملهم ... كالعنز تعطف روقيها فترتضع [6] وهذا عيب لا يكون في النّعاج.

_ [1] المرتك: هو المردارسنج، ويكون من سائر المعادن المطبوخة إلا الحديد. انظر معجم استينجاس 1212. [2] الكرياس: هو الكنيف الذي يكون مشرفا على سطح بقناة إلى الأرض، وقد نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن تستقبل القبلة بغائط أو بول يعني الكنف. انظر اللسان «كرس» . [3] الجوب: القطع. [4] المستقصى 2/390، ومجمع الأمثال 2/259. [5] ديوان عمرو بن أحمر 120، واللسان والتاج (رضع) ، والمعاني الكبير 689، وعيون الأخبار 2/75، وبلا نسبة في ديوان الأدب 2/410، والأساس (رضع) . [6] أعيا: أبو بطن من أسد. الجامل: قطيع من الإبل معها رعيانها وأربابها. الروق: القرن.

1571 -[تيس بني حمان]

والعنز هي التي ترتضع من خلفها وهي محفَّلة [1] ، حتى تأتي على أقصى لبنها، وهي التي تنزع الوتد وتقلب المعلف، وتنثر ما فيه. وإذا ارتعت الضائنة [2] والماعزة في قصيل [3] ، نبت ما تأكله الضائنة [2] ، ولا ينبت ما تأكله الماعزة، لأن الضائنة تقرض بأسنانها وتقطع، والماعزة تقبض عليه فتثيره وتجذبه، وهي في ذلك تأكله. ويضرب بها المثل بالموق [4] في جلبها حتفها على نفسها. وقال الفرزدق [5] : [من الطويل] فكانت كعنز السّوء قامت بظلفها ... إلى مدية تحت التّراب تثيرها 1571-[تيس بني حمان] وقال الشاعر [6] : [من الطويل] لعمرك ما تدري فوارس منقر ... أفي الرأس أم في الإست تلقى الشّكائم [7] وألهى بني حمّان عسب عتودهم ... عن المجد حتى أحرزته الأكارم وذلك أن بني حمّان تزعم أن تيسهم قرع شاة بعد أن ذبح وأنه ألقحها [8] . 1572-[أعجوبة في الضأن] قالوا: في الضأن أعجوبة؛ وذلك أن النعجة ربما عظمت أليتها حتى تسقط على الأرض، ويمنعها ذلك من المشي، فعند الكبش رفق في السّفاد، وحذق لم يسمع بأعجب منه، وذلك أنه يدنو منها ويقف منها موقفا يعرفه، ثم يصكّ [9] أحد جانبي الألية بصدره، بمقدار من الصكّ يعرفه، فيفرج عن حياها [10] المقدار الذي لا يعرفه غيره، ثم يسفدها في أسرع من اللّمح.

_ [1] المحفلة: التي ترك حلبها أياما حتى يجتمع لبنها. [2] الضائنة: الشاة من الغنم. [3] القصيل: الذي تعلف به الدواب. [4] الموق: الحمق. [5] ديوان الفرزدق 249، والبيان 3/259، وسيأتي البيت في ص 253. [6] البيتان للفرزدق في ربيع الأبرار 5/409، وتقدم البيت الثاني بلا نسبة في الصفحة 121. [7] منقر: هو ابن عبيد بن الحارث بن عمرو التميمي. الشكيمة: الحديدة المعترضة في فم الفرس. [8] ثمار القلوب (564) ، وفيه أن تيس بني حمان قفط سبعين عنزا بعد ما قطعت أوداجه. [9] يصك: يضرب. [10] الحيا: الفرج من ذوات الخف.

1573 -[فضل الضأن على الماعز]

1573-[فضل الضأن على الماعز] وقالوا: والضأن أحمل للبرد والجمد وللرّيح والمطر. قالوا: ومن مفاخر الضأن على المعز أن التمثيل الذي كان عند كسرى والتّخيير [1] ، إنما كان بين النعجة والنخلة، ولم يكن هناك للعنز ذكر وعلى ذلك الناس إلى اليوم. والموت إلى المعزى أسرع، وأمراضها أكثر. وإنما معادن [2] الغنم الكثير الذي عليه يعتمد الناس- الجبال، والمعز لا تعيش هناك. وأصواف الكباش أمنع للكباش من غلظ جلود المعز. ولولا أن أجواف الماعز أبرد وكذلك كلاها، لما احتشت من الشّحم كما تحتشي. 1574-[جمال ذكورة الحيوان وقبح التيوس] [3] وذكورة كلّ جنس أتمّ حسنا من إناثها. وربما لم يكن للإناث شيء من الحسن، وتكون الذكورة في غاية الحسن؛ كالطواويس والتّدارج [4] . وإناثها لا تدانيها في الحسن، ولها من الحسن مقدار، وربما كنّ دون الذّكورة، ولهنّ من الحسن مقدار، كإناث الدّراريج والقبج [5] والدجاج والحمام، والوراشين، وأشباه ذلك. وإذا قال الناس: تيّاس، عرف معناه واستقذرت صناعته. وإذا قالوا: كبّاش، فإنما يعنون بيع الكباش واتخاذها للنّطاح. والتّيوس قبيحة جدّا. وزاد في قبحها حسن الصّفايا [6] . 1575-[التشبيه بالكباش والتفاؤل بها] وإذا وصفوا أعذاق [7] النخل العظام قالوا: كأنّها كباش.

_ [1] التخيير: التفضيل. [2] المعادن: المواطن. عدن بالمكان: أقام. [3] وردت هذه الفقرة في عيون الأخبار 2/75. [4] التدارج: جمع تدرج، وهو طائر كالدراج يغرد في البساتين بأصوات طيبة، حياة الحيوان 1/230. [5] الدراج: طائر أسود باطن الجناحين؛ وظاهرهما أغبر على خلقة القطا، إلا أنه ألطف. حياة الحيوان 1/477. [6] الصفايا: جمع صفية، وهي أنثى المعز. [7] عذق النخل: العرجون بما فيه من الشماريخ.

1576 -[ذم العنز في الشعر]

وقال الشاعر: [من الطويل] كأنّ كباش السّاجسيّة علّقت ... دوين الخوافي أو غراير تاجر [1] وصوّر عبيد الله بن زياد، في زقاق قصره، أسدا، وكلبا، وكبشا [2] فقرنه مع سبعين عظيمي الشأن: وحشيّ، وأهليّ؛ تفاؤلا به. 1576-[ذم العنز في الشعر] ومما ذمّوا فيه العنز دون النعجة قول أبي الأسود الدّؤلي [3] : [من الطويل] ولست بمعراض إذا ما لقيته ... يعبّس كالغضبان حين يقول ولا بسبس كالعنز أطول رسلها ... ورئمانها يومان ثم يزول [4] وقال أبو الأسود أيضا [5] : [من المتقارب] ومن خير ما يتعاطى الرجال ... نصيحة ذي الرّأي للمجتبيها فلا تك مثل التي استخرجت ... بأظلافها مدية أو بفيها فقام إليها بها ذابح ... ومن تدع يوما شعوب يجيها [6] فظلّت بأوصالها قدرها ... تحشّ الوليدة أو تشتويها [7] وقال مسكين الدارميّ [8] : [من الطويل] إذا صبّحتني من أناس ثعالب ... لترفع ما قالوا منحتهم حقرا [9] فكانوا كعنز السّوء تثغو لحينها ... وتحفر بالأظلاف عن حتفها حفرا [10] وقال الفرزدق [11] : [من الطويل]

_ [1] الساجسية: الضأن الحمر. الخوافي: السعفات اللواتي يلين القلبة. الغراير: الجوالق. [2] الخبر في عيون الأخبار 1/147. [3] ديوان أبي الأسود الدؤلي 137. [4] الرّسل: اللبن. الرئمان: العطف. [5] ديوان أبي الأسود الدؤلي 143. [6] الشعوب: المنية. يجيها: يجئها. [7] الأوصال: الأعضاء. تحش: أي تحش النار. [8] ديوان مسكين الدارمي 38، والبيت الثاني منسوب إلى الأعور الشني في حماسة البحتري 286. [9] الحقر: الاحتقار. [10] الثغاء: صوت المعز والشاء. الحين: الهلاك. [11] ديوان الفرزدق 249، والبيان 3/259، وتقدم البيت الثاني في ص 250، وسيأتي الأول في ص 313.

1577 -[أمنية أبي شعيب القلال]

وكان يجير الناس من سيف مالك ... فأصبح يبغي نفسه من يجيرها وكان كعنز السّوء قامت بظلفها ... إلى مدية تحت التراب تثيرها 1577-[أمنية أبي شعيب القلال] وقال رمضان لأبي شعيب القلّال- وأبو الهذيل حاضر-: أيّ شيء تشتهي؟ وذلك نصف النهار، وفي يوم من صيف البصرة. قال أبو شعيب: أشتهي أن أجيء إلى باب صاحب سقط [1] ، وله على باب حانوته ألية معلقة، من تلك المبزَّرة المشرّجة [2] ، وقد اصفرّت، وودكها يقطر من حاقّ السّمن [3] ، فآخذ بحضنها ثم أفتح لها فمي، فلا أزال كدما كدما، ونهشا نهشا، وودكها يسيل على شدقي، حتى أبلغ عجب الذّنب [4] ! قال أبو الهذيل: ويلك قتلتني قتلتني!! يعني من الشهوة. باب في الماعز قال صاحب الماعز: في أسماء الماعز وصفاتها، ومنافعها وأعمالها، دليل على فضلها. فمن ذلك أن الصفية [5] أحسن من النعجة. وفي اسمها دليل على تفضيلها. ولبنها أكثر أضعافا، وأولادها أكثر أضعافا، وزبدها أكثر وأطيب. وزعم [6] أبو عبد الله العتبيّ أن التيس المشراطيّ قرع في يوم واحد نيّفا وثمانين قرعة. وكان قاطع الشهادة. وقد بيع من نسل المشراطيّ وغيره الجدي بثمانين درهما. والشاة بنحو من ذلك. وتحلب خمسة مكاكيك وأكثر. وربما بيع الجلد جلد الماعز فيشتريه الباضوركي [7] بثمانين درهما وأكثر.

_ [1] السقط: ما لا خير فيه، وربما أراد به أحشاء الذبيحة. [2] المبزرة: التي وضع فيها البزر. المشرجة: المشققة. [3] حاق السمن: تمامه. [4] عجب الذنب: أصله. [5] الصفية: أنثى المعز. [6] تقدم هذا الزعم ص 121. [7] الباضوركي: لغة في البازر كان، وهي كلمة فارسية تعني المشتط في السوم والبيع.

1578 -[لحم الماعز والضأن]

والشاة إذا كانت كذلك فلها غلّة نافعة تقوم بأهل البيت. والنعال البقريّة من السّبت [1] وغير السّبت مقسوم نفعها بين الماعز والبقر، لأن للشّرك [2] من جلودها خطرا. وكذلك القبال والشّسع [3] . ووصف حميد بن ثور جلدا من جلودها، فقال [4] : [من الطويل] تتابع أعوام علينا أطبنها ... وأقبل عام أصلح الناس واحد وجاءت بذي أونين مازال شاته ... تعمّر حتى قيل هل مات خالد وقال راشد بن سهاب [5] : [من الطويل] ترى رائدات الخيل حول بيوتنا ... كمعزى الحجاز أعوزتها الزّرائب 1578-[لحم الماعز والضأن] ومن منافعها الانتفاع بشحم الثرب والكلية، وهما فوق شحم الألية. وإذا مدحوا اللحم قالوا: لحم الماعز الخصيّ الثّنيّ! وقال الشاعر [6] : [من الوافر] كأن القوم عشّوا لحم ضأن ... فهم نعجون قد مالت طلاهم والممرورون الذين يصرعون، إذا أكلوا لحم الضأن اشتدّ ما بهم، حتى يصرعهم ذلك في غير أوان الصرع. وأوان الصّرع الأهلّة وأنصاف الشهور. وهذان الوقتان هما وقت مدّ البحر وزيادة الماء. ولزيادة القمر إلى أن يصير بدرا أثر بين في زيادة الدّماء والأدمغة، وزيادة جميع الرطوبات [7] .

_ [1] السبت: الجلد المدبوغ. [2] الشرك: جمع شراك، وهو سير النعل. [3] قبال النعل: زمام بين الإصبع الوسطى والتي تليها. الشسع: السير الذي يدخل في الثقب الكائن في صدر النعل. [4] ديوان حميد بن ثور 67، وفيه «هزلنها» مكان «أطبنها» ، و «ينعش» مكان «أصلح» . [5] وهم الجاحظ؛ فالبيت للأخنس بن شهاب في المفضليات 206، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 724، وللحماسي في الأساس (زرب) . [6] البيت لذي الرمة في ملحق ديوانه 1097، وتقدم في 4/407، الفقرة (1161) . [7] الفقرة من قوله: «والممرورون الذين يصرعون» في عيون الأخبار 2/74.

1579 -[بعض الأمثال في المعز والضأن]

1579-[بعض الأمثال في المعز والضأن] ويقال: «فلان ماعز من الرّجال» [1] ، و «فلان أمعز من فلان» . والعتاق معز الخيل، والبراذين ضأنها. وإذا وصفوا الرّجل بالضعف والموق [2] قالوا: «ما هو إلا نعجة من النعاج» . ويقولون في التقديم والتأخير: «ما له سبد ولا لبد» [3] . وقال الشاعر [4] : [من الكامل] نشبي وما جمّعت من صفد ... وحويت من سبد ومن لبد همم تقاذفت الهموم بها ... فنزعن من بلد إلى بلد يا روح من حسمت قناعته ... سبب المطامع من غد وغد [5] من لم يكن لله متّهما ... لم يمس محتاجا إلى أحد وهذا شعر رويته على وجه الدهر. وزعم لي حسين بن الضّحّاك أنه له. وما كان ليدّعي ما ليس له. وقال لي سعدان المكفوف: لا يكون: «فنزعن من بلد إلى بلد» بل كان ينبغي أن يقول: «فنازعن» [6] . 1580-[فضل الماعز] وقال: والماعزة قد تولّد في السنة مرتين، إلا ما ألقي منها في الدّياس [7] . ولها في الدّياس نفع موقعه كبير. وربما باعوا عندنا بطن الماعز [8] بثمن شاة من الضأن.

_ [1] رجل ماعز: إذا كان حازما مانعا ما وراءه شهما. [2] الموق: الحمق. [3] مجمع الأمثال 2/270، والمستقصى 2/331، والفاخر 21، وجمهرة الأمثال 2/267، وأمثال ابن سلام 388. [4] الأبيات لحسين بن الضحاك في ديوانه 47- 48، والبيت الأخير لأبي نواس في ديوانه 161 «طبعة محمود فريد» . [5] الرّوح: الاستراحة والفرح والسرور. حسمت: قطعت. [6] نازعن: غالبن وجاذبن. نزعن: انتقلن. [7] الدّياس: الدوس، وهو شدة وطء الشيء بالأقدام، وداس الناس الحب وأداسوه: درسوه. [8] أراد ما في بطنها من الحمل، وهو منهي عنه.

1581 -[أمارات حمل الشاة]

قال: والأقط [1] للمعز. وقرونها هي المنتفع بها. قال: والجدي أطيب من الحمل وأكرم. وربما قدموا على المائدة الحمل مقطوع الألية من أصل الذّنب؛ ليوهموا أنه جدي. وقال عمر بن الخطاب، رضي الله عنه- وعقول الخلفاء فوق عقول الرّعية، وهم أبصر بالعيش، استعملوا ذلك أو تركوه- فقال [2] : أترون أني لا أعرف الطيبات؟ لباب البرّ بصغار المعزى! وملوكنا يحمل معهم في أسفارهم البعيدة الصفايا الحوامل، المعروفات أزمان الحمل والوضع، ليكون لهم في كل منزل جداء معدّة. وهم يقدرون على الحملان السّمان بلا مؤونة. والعناق الحمراء والجداء، هي المثل في المعز والطّيب. ويقولون: جداء البصرة، وجداء كسكر. وسلخ الماعز على القصّاب أهون. والنّجّار يذكر في خصال السّاج [3] سلسه [4] تحت القدوم والمثقب والميشار. 1581-[أمارات حمل الشاة] وقيل لأعرابي [5] : بأي شيء تعرف حمل شاتك؟ قال: إذا تورّم حياها ودجت [6] شعرتها واستفاضت خاصرتها. وللداجي يقال: قد كان ذلك وقد دجا ثوب الإسلام [7] ، وكان ذلك وثوب الإسلام داج.

_ [1] الأقط: شيء يتخذ من اللبن المخيض. [2] الخبر في البيان 1/18. [3] الساج: شجر يعظم جدّا، ويذهب طولا وعرضا، وله ورق أمثال التراس الديلمية، يتغطى الرجل بورقة منه، فتكنه «أي تستره» من المطر، وله رائحة طيبة تشبه رائحة ورق الجوز «اللسان: سوج» . [4] السلس: اللين والسهولة. [5] ورد قول الأعرابي في عيون الأخبار 2/75، وتقدم في، 3/122، الفقرة (712) . [6] دجت شعرتها: طالت. [7] دجا الإسلام: شاع وكثر، وانظر النهاية 2/102- 103، وما تقدم في 3/122، الفقرة (712) .

1582 -[المرعزي وقرابة الماعزة من الناس]

1582-[المرعزيّ وقرابة الماعزة من الناس] قال: وللماعز المرعزيّ [1] ؛ وليس للضأن إلا الصوف. والكساء كلها صوف ووبر وريش وشعر، وليس الصوف إلا للضأن. وذوات الوبر كالإبل والثعالب، والخزز [2] والأرنب، وكلاب الماء، والسّمّور [3] ، والفنك [4] ، والقاقم [5] ، والسّنجاب، والدّباب [6] . والتي لها شعر كالبقر والجواميس، والماعز، والظباء، والأسد، والنمور، والذئاب، والببور [7] ، والكلاب، والفهود، والضباع، والعتاق، والبراذين، والبغال، والحمير، وما أشبه ذلك. والإنسان الذي جعله الله تعالى فوق جميع الحيوان في الجمال والاعتدال، وفي العقل والكرم، ذو شعر. فالماعزة بقرابتها من الناس بهذا المعنى أفخر وأكرم. 1583-[الماعز التي لا ترد] وزعم الأصمعيّ أن لبني عقيل ما عزا لا ترد [8] ؛ فأحسب واديهم أخصب واد وأرطبه. أليس هذا من أعجب العجب؟!. 1584-[جلود الماعز] ومن جلودها تكون القرب، والزّقاق [9] ، وآلة المشاعل [10] ، وكلّ نحي [11]

_ [1] المرعزي: شيء كالصوف يخلص من بين شعر العنز. [2] الخزز: ذكر الأرانب. [3] السمور: حيوان بري يشبه السنور، وزعم بعض الناس أنه النمس. حياة الحيوان 1/574. [4] الفنك: دويبة يؤخذ منها الفرو. حياة الحيوان 2/175. [5] القاقم: دويبة تشبه السنجاب، ويشبه جلده جلد الفنك. حياة الحيوان 2/195. [6] الدباب: جمع دب. [7] الببر: ضرب من السباع شبيه بابن آوى. حياة الحيوان 1/159. [8] ترد: من ورود الماء. [9] الزقاق: جمع زق، وهو كل وعاء اتخذ للشراب ونحوه. [10] المشاعل: جمع مشعل: وهو شيء من جلود له أربع قوائم ينبذ فيه. [11] النحي: الزق، وقيل: ما كان للسمن خاصة.

1585 -[الفخر بالماعز]

وسعن [1] ، ووطب [2] ، وشكيّة [3] وسقاء، ومزادة، مسطوحة كانت أو مثلوثة [4] . ومنها ما يكون الخون [5] ، وعكم السّلف [6] ، والبطائن والجرب. ومن الماعزة تكون أنطاع [7] البسط، وجلال [8] الأثقال في الأسفار، وجلال قباب الملوك، وبقباب الأدم تتفاخر العرب. وللقباب الحمر قالوا: مضر الحمراء. وقال عبيد بن الأبرص [9] : [من البسيط] فاذهب إليك فإني من بني أسد ... أهل القباب وأهل الجرد والنادي [10] 1585-[الفخر بالماعز] وقالوا: وفخرتم بكبشة وكبيشة وأبي كبشة [11] ، فمنّا عنز اليمامة وعنز وائل، ومنا ماعز بن مالك، صاحب التوبة النّصوح. وقال صاحب الماعز: وطعنتم على الماعزة بحفرها عن حتفها [12] ، فقد قيل ذلك للضأن. من ذلك قول البكري للعنبريّة، وهي «قيلة» وصار معها إلى النبيّ فسأله الدّهناء [13] ، فاعترضت عنه قيلة، فقال لها البكريّ: إني وإياك كما قال القائل [14] :

_ [1] السعن: قربة تشبه دلو السقائين. [2] الوطب: سقاء اللبن، وهو جلد الجذع فما فوقه. [3] الشكية: وعاء كالدلو أو كالقربة الصغيرة. [4] المثلوثة: المزادة تكون من ثلاثة جلود. [5] الخون: جمع خوان، وهي المائدة يوضع عليها الطعام. [6] العكم: حبل يربط به. السلف: الجراب. [7] النطع: بساط من الأديم. [8] جلال كل شيء غطاؤه. [9] ديوان عبيد بن الأبرص 49، والخزانة 11/257، وبلا نسبة في شرح المفصل 4/33. [10] في ديوانه: «اذهب إليك: زجر، يريد: اذهب إلى قومك بدليل قوله: فإن من بني أسد أهل القباب، لأن السادة وحدهم الذين تضرب فوقهم القباب. الجرد: الخيل القليلة الشعر. أهل النادي: ذكره أيضا لأن السادة هم الذين يجتمعون فيه» . [11] انظر ما تقدم في ص 246. [12] انظر ما تقدم في 252- 253، فقرة 1576 «ذم العنز في الشعر» . [13] الدهناء: واد في بلاد تميم ببادية البصرة. [14] المثل برواية «حتفها تحمل ضأن بأظلافها» ، وهو في مجمع الأمثال 1/192، وفصل المقال 456، والمستقصى 2/59، وأمثال ابن سلام 329، وهو برواية «كالباحثة عن حتفها بظلفها» في الأمثال لمجهول 87.

1586 -[ضرر الضأن ونفع الماعز]

«عن حتفها تبحث ضأن بأظلافها!» ، فقالت له العنبرية: مهلا، فإنك ما علمت: جوادا بذي الرّجل [1] ، هاديا في الليلة الظلماء، عفيفا عن الرفيقة! فقال: لازلت مصاحبا بعد أن أثنيت عليّ بحضرة الرسول بهذا!. 1586-[ضرر الضأن ونفع الماعز] وقالوا: والنعجة حرب [2] ، واتّخاذها خسران، إلا أن تكون في نعاج سائمة، لأنها لا ترفع رأسها من الأكل. والنعجة آكل من الكبش، والحجر آكل من الفحل، والرّمكة آكل من البرذون. والنعجة لا يقوم نفعها بمؤونتها. والعنز تمنع الحيّ الجلاء [3] ، فإن العرب تقول: إن العنوق [4] تمنع الحيّ الجلاء. والصفيّة من العراب أغزر من بختية [5] بعيدا. ويقال [6] : «أحمق من راعي ضأن ثمانين!» . 1587-[كرم الماعز] وأصناف أجناس الأظلاف وكرامها بالمعز أشبه، لأن الظّباء والبقر من ذوات الأذناب والشعر، وليست من ذوات الألايا [7] والصوف. والشّمل [8] ، والتعاويذ والقلائد، إنما تتّخذ للصفايا، ولا تتّخذ للنعاج، ولا يخاف على ضروعها العين والنفس. والأشعار التي قيلت في الشاء إذا تأمّلتها وجدت أكثرها في المعز: في صفاياها وفي حوّها [9] ، وفي تيوسها وفي عنوقها وجدائها.

_ [1] ذو الرجل: موضع في ديار كلب. [2] الحرب: أن يسلب الرجل ما له. [3] الجلاء: النزوح. [4] العنوق: جمع عناق، وهي أنثى المعزى، إذا أتت عليها سنة. [5] البختية: الخراسانية تنتج بين عربية وفالج. [6] المثل في مجمع الأمثال 1/224، وأمثال ابن سلام 365، وجمهرة الأمثال 1/391، والمستقصى 1/79، والبرصان 213. [7] الألايا: جمع ألية. [8] الشمل: جمع شمال، وهو شبه مخلاة يغشى بها ضرع العنز إذا ثقل. [9] الحو: جمع أحوى وحواء، والحوة: سواد إلى الخضرة.

وقال مخارق بن شهاب المازنيّ- وكان سيّدا كريما، وكان شاعرا- فقال يصف تيس غنمه [1] : [من الطويل] وراحت أصيلانا كأنّ ضروعها ... دلاء وفيها واتد القرن لبلب [2] له رعثات كالشّنوف وغرّة ... شديخ ولون كالوذيلة مذهب [3] وعينا أحمّ المقلتين وعصمة ... ثنى وصلها دان من الظّلف مكثب [4] إذا دوحة من مخلف الضّال أربلت ... عطاها كما يعطو ذرى الضّال قرهب [5] تلاد رقيق الخدّ إن عدّ نجره ... فصردان نعم النّجر منه وأشعب [6] أبو الغرّ والحوّ اللواتي كأنها ... من الحسن في الأعناق جزع مثقّب [7] إذا طاف فيها الحالبان تقابلت ... عقائل في الأعناق منها تحلّب [8] ترى ضيفها فيها يبيت بغبطة ... وضيف ابن قيس جائع يتحوّب [9] قال [10] : فوفد ابن قيس هذا، على النّعمان، فقال له: كيف المخارق فيكم؟ قال: سيّد شريف، من رجل يمدح تيسه، ويهجو ابن عمّه! وقال الراجز [11] : [من الرجز] أنعت ضأنا أمجرت غثاثا [12]

_ [1] الأبيات في عيون الأخبار 2/77، عدا البيتين (5، 7) ، والأبيات (1، 2، 3، 6، 8) في محاضرات الأدباء 2/293 (4/647) ، والأخير في العمدة 2/39، والبيان 4/43. [2] الواتد: الثابت. اللبلب: ذو اللبلبة، أي الشفقة على المعزى. [3] الرعثة: زنمة تحت الأذن. الشنف: القرط. غرة شديخ: غشت الوجه من الناصية إلى الأنف. الوذيلة: المرآة، أو قطعة من الفضة مجلوة. [4] العصمة: بياض في ذراعي الظبي أو الوعل. ثنى: اثنان. [5] المخلف: من يخرج الخلفة، وهو الورق الذي يخرج بعد ورق. الضال: شجر. أربلت: كثر ربلها، والربل: ورق يتفطر في آخر القيظ ببرد الليل من غير مطر. القرهب: الثور الضخم. [6] التلاد: الذي ولد عندك. البخر: الأصل والحسب. صردان وأشعب: آباء هذا التيس. [7] الجزع: خرز فيه سواد وبياض. [8] الأعناق الجماعات. التحلب: السيلان. وأراد غزارة لبنها. [9] يتحوب: يتوجع. [10] ورد هذا القول في عيون الأخبار 2/77، والعمدة 2/39- 40. [11] الرجز بلا نسبة في تهذيب اللغة 2/337، وانظر الجمهرة 85، والتاج (رعل) . [12] الغث: الهزيل.

1588 -[أصناف الظلف وأصناف الحافر]

والمجر: أن تشرب فلا تروى. وذلك من مثالبها. وقال رجل لبعض ولد سليمان بن عبد الملك: ماتت أمّك بغرا، وأبوك بشما [1] . وقال أعرابي [2] : [من الكامل] مولى بن تيم، ألست مؤدّيا ... منيحتنا كما تؤدّى المنائح [3] فإنّك لو أدّيت صعدة لم تزل ... بعلياء عندي، ما ابتغي الرّبح رابح [4] لها شعر داج وجيد مقلّص ... وخلق زخاريّ وضرع مجالح [5] ولو أشليت في ليلة رجبيّة ... لأرواقها هطل من الماء سافح [6] لجاءت أمام الحالبين وضرعها ... أمام صفاقيها مبدّ مضارح [7] وويل أمّها كانت نتيجة واحد ... ترامى بها بيد الإكام القراوح [8] 1588-[أصناف الظلف وأصناف الحافر] ليس سبيل أصناف الظّلف في التشابه سبيل أصناف الحافر، والخفّ. واسم النّعم يشتمل على الإبل والبقر والغنم. وبعد بعض الظلف من بعض، كبعده من الحافر والخف؛ لأن الظلف للضأن والمعز والبقر والجواميس والظّباء والخنازير وبقر الوحش، وليس بين هذه الأجناس تسافد ولا تلاقح، لا الغنم في الغنم من الضأن والماعز، ولا الغنم في سائر الظلف ولا شيء من سائر تلك الأجناس تسافد غيرها أو تلاقحها. فهي تختلف في الصوف والشعر، وفي الأنس والوحشة، وفي عدم التلاقح والتسافد، وليس كذلك الحافر والخفّ.

_ [1] البغر: المجر، وقد فسرها الجاحظ آنفا. البشم: التخمة عن الدسم. [2] الأبيات لجبيهاء الأشجعي في المفضليات 167- 168، والأغاني 18/97. [3] المنيحة: الناقة يمنحها الرجل صاحبه ليحتلبها ثم يردها. ثم كثر ذلك حتى قيل للهبة منيحة. [4] صعدة: اسم العنز التي منحه إياها. [5] مقلص: طويل. الزخاري: الكثير اللحم والشحم. الضرع المجالح: الذي يدر على الجوع والقر. [6] أشليت: دعيت، أي للحلب. رجبية: ليلة من ليالي الشتاء. لأرواقها: لسحابها. [7] الصفاقان: ما اكتنف الضرع من عن يمين وشمال إلى السرة. المبد: الذي يوسع ما بين رجليها لعظمه. مضارح: من الضرح، وهو التنحية والدفع. [8] ويل أمها: تعجب منها، والعرب كانت تمدح الرجل بذلك. البيد: جمع بيداء. القرواح: جمع قرواح، وهو المنبسط من الأرض لا يستتر منه شيء.

1589 -[رجز في العنز]

1589-[رجز في العنز] وقال الراجز [1] : [من الرجز] لهفي على عنزين لا أنساهما ... كأنّ ظلّ حجر صغراهما وصالغ معطرة كبراهما قوله: صالغ، يريد انتهاء السنّ. والمعطرة: الحمراء؛ مأخوذة من العطر. وقوله: «كأن ظلّ حجر صغراهما» يريد أنها كانت سوداء، لأن ظلّ الحجر يكون أسود، وكلما كان الساتر أشدّ اكتنازا كان الظلّ أشدّ سوادا. 1590-[أظل من حجر] وتقول العرب: ليس شيء أظلّ من حجر [2] ، ولا أدفأ من شجر [3] ، وليس يكون ظلّ أبرد ولا أشدّ سوادا من ظلّ جبل. وكلما كان أرفع سمكا، وكان مسقط الشمس أبعد، وكان أكثر عرضا وأشدّ اكتنازا، كان أشدّ لسواد ظله. ويزعم المنجّمون أن الليل ظلّ الأرض، وإنما اشتدّ جدّا لأنه ظلّ كرة الأرض. وبقدر ما زاد بدنها في العظم ازداد سواد ظلّها. وقال حميد بن ثور [4] : [من الطويل] إلى شجر ألمى الظلال كأنها ... رواهب أحرمن الشراب عذوب والشفّة الحمّاء يقال لها لمياء. يصفون بذلك اللّثة. فجعل ظلّ الأشجار الملتفّة ألمى.

_ [1] الرجز بلا نسبة في اللسان والتاج (عطر) ، والتهذيب 2/164. ومحاضرات الأدباء 2/293 (4/646) . [2] في مجمع الأمثال 1/447 «أظل من حجر» ، وفي الدرة الفاخرة 2/438 «أكثف ظلّا من حجر» ؛ وذلك لكثافة ظله، وانظر ثمار القلوب (802) ، وعيون الأخبار 4/41، والأمالي 2/12، والتنبيه للبكري 90. [3] في الدرة الفاخرة 1/198، وجمهرة الأمثال 1/443، 456: «أدفأ من شجرة» . [4] ديوان حميد بن ثور 57، واللسان والتاج (حرم، لمى) ، وديوان الأدب 4/97، وكتاب الجيم 3/219، وبلا نسبة في الأساس (لمي) .

1591 -[أقط الماعز]

1591-[أقط الماعز] وقال امرؤ القيس بن حجر [1] : [من الوافر] لنا غنم نسوقّها غزار ... كأنّ قرون جلّتها العصيّ [2] فدلّ بصفة القرون على أنها كانت ماعزة. ثم قال: فتملأ بيتنا أقطا وسمنا ... وحسبك من غنى شبع وريّ [3] فدلّ على أن الأقط منها يكون. 1592-[استطراد لغوي] وقال: ويقال لذوات الأظلاف: قد ولّدت الشاة والبقرة، مضمومة الواو مكسورة اللام مشدودة. يقال هذه شاة تحلب قفيزا، ولا يقال تحلب، والصواب ضم التاء وفتح اللام. ويقال أيضا: وضعت، في موضع ولّدت. وهي شاة زبّى، من حين تضع إلى خمسة عشر يوما- وقال أبو زيد: إلى شهرين- من غنم رباب، مضمومة الرّاء على فعال، كما قالوا: رجل ورجال، وظئر وظؤار وهي ربّى بيّنة الرّباب والرّبّة بكسر الرّاء، ويقال هي في ربابها. وأنشد [4] : [من الرجز] حنين أمّ البوّ في ربابها [5] والرّباب مصدر، وفي الرّبى حديث عمر: «دع الرّبّى والماخض والأكولة» [6] . وقال أبو زيد: ومثل الرّبّى من الضأن الرّغوث، قال طرفة [7] : [من الوافر]

_ [1] ديوان امرئ القيس 136- 137، وعيون الأخبار 2/76، والبخلاء 123، ومحاضرات الأدباء 2/293 (4/647) ، والأول في اللسان والتاج (سوق) ، والأساس (جلل) ، والثاني في الأمالي 1/18، واللسان (وسع، سمن) ، والتاج (وسع، شبع، سمن) ، وديوان الأدب 1/132. [2] الجلة: جمع جليل، وهو المسن من الغنم وغيرها. [3] الأقط: شيء يصنع من اللبن المخيض على هيئة الجبن. [4] الرجز بلا نسبة في اللسان والتاج (ربب) ، والتهذيب 15/181، والمخصص 7/178. [5] البو: ولد الناقة، أو جلده يحشى تبنا أو نحوه لتعطف عليه فتدر. [6] الحديث في النهاية 2/180، 4/306. [7] ديوان طرفة بن العبد 48، واللسان (رغث، خور) ، والتاج (رغث) ، والمقاييس 2/416، والتهذيب 8/90، والمخصص 7/49، 178، والمجمل 2/399، والأساس (رغث) .

فليت لنا مكان الملك عمرو ... رغوثا حول قبّتنا تخور وقالوا: إذا وضعت العنز ما في بطنها قيل سليل ومليط. وقال أبو زيد: هي ساعة تضعه من الضأن والمعز جميعا، ذكرا كان أو أنثى: سخلة، وجمعها سخل وسخال. فلا يزال ذلك اسمه ما رضع اللبن، ثم هي البهمة للذكر والأنثى، وجمعها بهم. وقال الشاعر [1] : [من البسيط] وليس يزجركم ما توعظون به ... والبهم يزجرها الراعي فتنزجر ويروى: «يزجر أحيانا» . وإذا بلغت أربعة أشهر وفصلت عن أمهاتها، وأكلت من البقل واجترّت، فما كان من أولاد المعز فهو جفر، والأنثى جفرة، والجمع جفار. ومنه حديث عمر رضي الله عنه، حين قضى في الأرنب يصيبها المحرم بجفر [2] . فإذا رعى وقوي وأتى عليه حول فهو عريض، وجمعه عرضان. والعتود نحو منه، وجمعه أعتدة وعتدان. وقال يونس: جمعه أعتدة وعتد. وهو في ذلك كلّه جدي، والأنثى عناق. وقال الأخطل [3] : [من البسيط] واذكر غدانة عتدانا مزنّمة ... من الحبلّق يبنى حولها الصّير [4] ويقال له إذا تبع أمّه وفطم: تلو، والأنثى: تلوة؛ لأنه يتلو أمّه. ويقال للجدي: إمّر والأنثى أمّرة. وقالوا: هلّع وهلّعة. والبدرة: العناق أيضا. والعطعط: الجدي. فإذا أتى عليه الحول فالذكر تيس والأنثى عنز. ثم يكون جذعا في السّنة الثانية، والأنثى جذعة. ثم ثنيّا في الثالثة، والأنثى ثنيّة. ثم يكون رباعيا في الرابعة، والأنثى رباعية. ثم يكون سديسا، والأنثى سديس أيضا مثل الذكر بغير هاء. ثم يكون صالغا والأنثى صالغة. والصالغ بمنزلة البازل من الإبل، والقارح من الخيل. ويقال: قد صلغ يصلغ صلوغا، والجمع الصّلّغ. وقال رؤبة [5] : [من الرجز]

_ [1] البيت بلا نسبة في ربيع الأبرار 5/311. [2] في النهاية 1/278: «في الأرنب يصيبها المحرم جفرة» . [3] ديوان الأخطل 209، واللسان (حبلق، غدن) ، والتاج (صير، حبلق، غدن) ، والمقاييس 4/217، والتهذيب 2/196، 5/303، 12/230، وديوان الأدب 2/88، وبلا نسبة في اللسان (عتد، صير) . [4] في ديوانه: «غدانة: ابن يربوع. الحبلق: أولاد المعز الصغار الأجسام القصار. الصير: الحظائر» . [5] ديوان رؤبة 98، واللسان (رزع، صلغ) ، والتاج (كبش، رزغ، صلغ) .

والحرب شهباء الكباش الصّلّغ وليس بعد الصالغ شيء. وقال الأصمعيّ: الحلّام والحلّان من أولاد المعز خاصة. وجاء في الحديث [1] : «في الأرنب يصيبها المحرم حلّام» . قال ابن أحمر [2] : [من البسيط] تهدي إليه ذراع البكر تكرمة ... إمّا ذكيّا وإمّا كان حلّانا ويروى: «ذراع الجدي» ويروى: «ذبيحا» ، والذبيح هو الذي أدرك أن يضحّى به. وقال مهلهل بن ربيعة [3] : [من الرجز] كلّ قتيل في كليب حلّام ... حتى ينال القتل آل همام [4] وقالوا في الضأن كما قالوا في المعز، إلا في مواضع. قال الكسائي: هو خروف، في موضع العريض، والأنثى خروفة. ويقال له حمل، والأنثى من الحملان رخل والجمع رخال، كما يقال ظئر وظؤار وتوءم وتؤام. والبهمة: الضأن والمعز جميعا. فلا يزال كذلك حتى يصيف. فإذا أكل واجترّ فهو فرير وفرارة وفرفور، وعمروس. وهذا كله حين يسمن ويجتر. والجلام، بكسر الجيم وتعجيم نقطة من تحت الجيم. قال الأعشى [5] : [من المتقارب] سواهم جذعانها كالجلام ... وأقرح منها القياد النسورا يعني الحوافر. واليعر: الجدي، بإسكان العين، وقال البريق الهذليّ [6] : [من الطويل]

_ [1] الحديث لعمر بن الخطاب في النهاية 1/278، وانظر الحاشية الثانية، ص السابقة 264. [2] ديوان عمرو بن أحمر 155، واللسان (حلن) ، والتنبيه والإيضاح 1/234، والتهذيب 3/439، والتاج (ذبح، حلل، حلن) ، والمخصص 7/187، 13/284، وديوان الأدب 1/337، والأمالي 2/90، والسمط 725، والمعاني الكبير 683، وبلا نسبة في الجمهرة 1232، واللسان (حلن) ، والعين 3/28، والمقاييس 1/21، والمجمل 2/22. [3] الرجز للمهلهل في الأغاني 5/47، والأمالي 2/90، واللسان والتاج (حلم) ، وبلا نسبة في الجمهرة 566، 1232، والمجمل 2/97، والمخصص 6/96. [4] في الأمالي 2/90: «يقول: كل قتيل صغير ليس هو بوفاء من كليب بمنزلة الحلّام الذي ليس بوفاء أن يذبح للنسك، حتى نال القتل آل همام فإنهم وفاء به» . [5] ديوان الأعشى 149، واللسان (نسر، جلم) ، والتاج (جلم) ، والتهذيب 11/102، والمقاييس 1/467، والمجمل 1/446، وبلا نسبة في المخصص 6/145، 7/187. [6] صدر البيت: (أسائل عنهم كلما جاء راكب) ، وهو للبريق الهذلي في شرح أشعار الهذليين-

1593 -[أمنية أعرابي]

مقيما بأملاح كما ربط اليعر والبذج: من أولاد الضأن خاصة. وقال الراجز [1] : [من الرجز] قد هلكت جارتنا من الهمج ... فإن تجع تأكل عتودا أو بذج [2] والجمع بذجان. 1593-[أمنية أعرابي] وقال أعرابيّ [3] : اللهم ميتة كميتة أبي خارجة! قالوا: وما ميتة أبي خارجة؟ قال: أكل بذجا، وشرب مشعلا، ونام في الشمس، فأتته المنيّة شبعان ريان [دفآن] [4] !. 1594-[تيس بني حمان] وفي المثل [5] : «أغلم من تيس بني حمّان» . وبنو حمّان تزعم أنه قفط سبعين عنزا وقد فريت أوداجه. فهذا من الكذب الذي يدخل في باب الخرافة. 1595-[زعم لصاحب المنطق] وقد ذكر أرسطوطاليس في كتاب الحيوان، أنه قد ظهر ثور وثب بعد أن خصي، فنزا على بقرة فأحبلها. ولم يحك هذا عن معاينة. والصدور تضيق بالردّ على أصحاب النظر وتضيق بتصديق هذا الشّكل.

_ - 749، واللسان والتاج (يعر) ، والتنبيه والإيضاح 2/232، وديوان الأدب 3/209، وبلا نسبة في الجمهرة 778، والمقاييس 6/156، والتهذيب 3/181، والمخصص 7/187. [1] الرجز لأبي محرز المحاربي في اللسان والتاج (بذج، همج) ، والتنبيه والإيضاح 1/193، 226، وبلا نسبة في التهذيب 6/71، 11/160، والمقاييس 1/217، 6/64، والمجمل 1/250، 4/87، وديوان الأدب 1/206. [2] العتود: الجدي بلغ السفاد. [3] الخبر في عيون الأخبار 2/276، وثمار القلوب (248) ، وقطب السرور 1/187. [4] الزيادة من المصادر السابقة. [5] انظر ما تقدم في 121 فقرة 1365، 250.

1596 -[أحاديث وآثار في الغنم]

1596-[أحاديث وآثار في الغنم] قال: وحدّثنا سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة قال: سمعت عليّا يقول: «ما أهل بيت لهم شاة إلا يقدّسون [1] كلّ ليلة» . وقال: حدثنا عنبسة القطّان، قال حدّثنا السكن بن عبد الله بن عبد الأعلى القرشيّ، عن رجل من الأنصار، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «امسحوا رعام الشّاء، ونقّوا مرابضها من الشّوك والحجارة، فإنها في الجنّة» . وقال: «ما من مسلم له شاة إلا قدّس كلّ يوم مرّة. فإن كانت له شاتان قدّس في كلّ يوم مرّتين» . قال: وحدثنا عنبسة القطان، بهذا الإسناد، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «أوصيكم بالشّاء خيرا، فنقّوا مرابضها من الحجارة والشّوك فإنّها في الجنّة» . وعن محمد بن عجلان، عن وهب بن كيسان، عن محمد بن عمرو بن عطاء العامريّ من بني عامر بن لؤيّ، أن رجلا مرّ على أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، وهو بالعقيق، فقال: أين تريد؟ قال: أريد غنيمة لي. قال: امسح رعامها، وأطب مراحها، وصلّ في جانب مراحها؛ فإنها من دوابّ الجنة [2] . وعن فرج بن فضالة، عن معاوية بن صالح، عن رجل من أصحاب أبي الدرداء، أنه عمل طعاما اجتهد فيه، ثم دعاه فأكل، فلما أكل قال [3] : الحمد لله الذي أطعمنا الخمير، وألبسنا الحبير، بعد الأسودين: الماء والتمر. قال: وعند صاحبه ضائنة له، فقال: هذه لك؟ قال: نعم. قال: أطب مراحها واغسل رعامها، فإنها من دوابّ الجنة، وهي صفوة الله من البهائم. قال: وحدّثنا إبراهيم بن يحيى، عن رجل، عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي هريرة، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، أنه قال: «إن الله عزّ وجلّ خلق الجنة بيضاء، وخير الزّيّ البياض» . قال: وبعث إلى الرّعيان: «من كانت له غنم سود فليخلطها بعفر، فإنّ دم عفراء أزكى من دم سوداوين» . وحدثنا أبو المقدام قال: حدّثنا عبد الرحمن بن حبيب، عن عطاء، عن ابن

_ [1] التقديس: التطهير والتبريك. [2] ورد حديث أبي هريرة في النهاية 2/235. [3] انظر الخبر في ربيع الأبرار 5/409.

عباس، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم دعا بالرّعاة فجمعوا له، فقال: «من كان منكم يرعى غنما سودا فليخلط فيها بيضا» . قال [1] : وجاءته امرأة فقالت: يا رسول الله، إني اتخذت غنما رجوت نسلها ورسلها وإني لا أراها تنمو. قال: «فما ألوانها؟» قالت: سود. قال: «عفّري» . أي اخلطي فيها بيضا. قال: وحدثنا طلحة بن عمرو الحضرميّ، عن عطاء، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «الغنم بركة موضوعة، والإبل جمال لأهلها، والخير معقود في نواصي الخيل إلى يوم القيامة» [2] . حنظلة بن أبي سفيان المكّي قال: سمعت طاووسا يقول: من ها هنا أطلع الشيطان قرنيه، من مطلع الشمس. والجفاء والكبر في أهل الخيل والإبل، في الفدّادين أهل الوبر [3] . والسكينة في أهل الغنم [4] . قال وحدثنا بكر بن خنيس، عن يحيى بن عبيد الله بن عبد الله بن موهب، عن أبيه، عن أبي هريرة قال [5] : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «رأس الكفر قبل المشرق، والفخر والخيلاء في أهل الخيل والإبل والفدادين أهل الوبر. والسكينة في أهل الغنم، والإيمان يمان والحكمة يمانية» . وعن عوف بن أبي جميلة، عن الحسن، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال [6] : «الفخر في أهل الخيل، والجفاء في أهل الإبل، والسكينة في أهل الغنم» . وعن عثمان بن مقسم، عن نافع، أن ابن عمر حدثه أنه سمع النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول [6] : «السكينة في أهل الغنم» . والفدّاد: الجافي الصوت والكلام. وأنشدنا أبو الرّدينيّ العكليّ: [من الرجز] جاءت سليم ولها فديد

_ [1] انظر الحديث في عيون الأخبار 2/76. [2] «الخير معقود بنواصي الخيل إلى يوم القيامة» أخرجه البخاري في المناقب، حديث رقم 3443. [3] الفدادون: المكثرون من الإبل، وقيل: هم الجمّالون والبقّارون والحمّارون والرعيان. [4] انظر الحاشية التالية. [5] أخرجه البخاري في بدء الخلق، حديث رقم 3125، 3126، ومسلم في الإيمان، حديث 51، 52. [6] انظر الحاشية السابقة.

1597 -[أخبار ونصوص في الغنم]

1597-[أخبار ونصوص في الغنم] وكان من الأنبياء عليهم السلام من رعى الغنم [1] . ولم يرع أحد منهم الإبل. وكان منهم شعيب، وداود، وموسى، ومحمد؛ عليهم السلام. قال الله عزّ وجلّ: وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى. قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى [2] . وكان النبي صلّى الله عليه وسلّم يرعى غنيمات خديجة. والمعزبون [3] بنزولهم البعد من الناس، في طباع الوحش. وجاء في الحديث: «من بدا جفا» [4] . ورعاء الغنم وأربابها أرقّ قلوبا، وأبعد من الفظاظة والغلظة. وراعي الغنم إنما يرعاها بقرب الناس، ولا يعزب، ولا يبدو [5] ، ولا ينتجع [6] . قالوا: والغنم في النوم غنم. وقالوا في الغنم: إذا أقبلت أقبلت، وإذا أدبرت أقبلت [7] . 1598-[ما حرمته العرب على أنفسها] وكان لأصحاب الإبل مما يحرمونه على أنفسه: الحامي [8] والسائبة [9] ،

_ [1] أخرج البخاري في الإجارة، حديث رقم 2143 «عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم» . [2] 17- 18/طه: 20. [3] المعزبون: الذين بعدوا بماشيتهم عن الناس في المرعى. [4] أخرجه أحمد في المسند 2/371، 440، 4/297. [5] يبدو: يخرج إلى البادية. [6] ينتجع: يطلب الكلأ في موضعه. [7] ورد هذا القول في عيون الأخبار 2/76 على أنه حديث، وتتمته فيه: «والإبل إذا أدبرت أدبرت، وإذا أقبلت أدبرت، ولا يأتي نفعها إلا من جانبها الأشأم» ، وانظر تتمة الحديث في النهاية 2/437 (شأم) . [8] في اللسان: «الحامي: الفحل من الإبل يضرب الضّراب المعدود قيل عشرة أبطن، فإذا بلغ ذلك قالوا: هذا حام، أي حمى ظهره فيترك؛ فلا ينتفع منه بشيء؛ ولا يمنع من ماء ولا مرعى» . اللسان: حما. [9] في اللسان: «كان الرجل في الجاهلية إذا قدم من سفر بعيد، أو برئ من علة، أو نجّته دابة من مشقة أو حرب قال: ناقتي سائبة؛ أي تسيب فلا ينتفع بظهرها، ولا تحلأ عن ماء، ولا تمنع من كلإ، ولا تركب» اللسان: (سيب) .

1599 -[ميل الحيوان على شقة الأيسر]

ولأصحاب الشاء الوصيلة [1] . والعتيرة أيضا من الشّاء. وكان أحدهم إذا نذر أن يذبح من العتائر والرجبية كذا وكذا شاة، فبلغ الذي كان يتمنّى في نذره، وشحّ على الشاء قال: والظّباء أيضا شاء، وهي تجزي إذا كانت شاء: فيجعل عتائره من صيد الظباء. وقال الحارث بن حلّزة [2] : [من الخفيف] عنتا باطلا وظلما كما تع ... تر عن حجرة الرّبيض الظّباء وقال الطّرمّاح [3] : [من الطويل] كلون الغريّ الفرد أجسد رأسه ... عتائر مظلوم الهديّ المذبّح [4] ومنها الغدويّ [5] والغذويّ جميعا. وقال الفرزدق [6] : [من الكامل] ومهور نسوتهم إذا ما أنكحوا ... غذويّ كلّ هبنقع تنبال [7] 1599-[ميل الحيوان على شقة الأيسر] وقال أبو عتّاب: ليس في الأرض شاة ولا بعير ولا أسد ولا كلب يريد الرّبوض إلا مال على شقّه الأيسر، إبقاء على ناحية كبده.

_ [1] في اللسان «الوصيلة التي كانت في الجاهلية هي الشاة تلد سبعة أبطن عناقين عناقين، فإن ولدت في الثامنة جديا وعناقا قالوا وصلت أخاها، فلا يذبحون أخاها من أجلها، ولا يشرب لبنها النساء؛ وكان للرجال، وجرت مجرى السائبة، وثمة خلاف بين المفسرين في تحديد معاني الحامي والسائبة والوصيلة. انظر كتب التفسير للآية 103 من سورة المائدة: ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ. [2] البيت من معلقته في شرح القصائد السبع 484، وشرح القصائد العشر 399، واللسان (حجر، عتر، عنن) ، والتاج (عتر، عنن) ، والجمهرة 158، 392، وديوان الأدب 2/156، والتهذيب 1/109، 2/263، 4/134، 12/26، والخصائص 3/307، والمعاني الكبير 683، وبلا نسبة في اللسان (ربض) ، والمخصص 13/98. [3] ديوان الطرماح 114 (101) . [4] في ديوانه: «الغري: الصنم، كانوا يذبحون عنده، ويلطخونه بالدماء في الجاهلية. شبّه الذئب به في لونه. وأجسد رأسه: أي يبس الدم على رأسه وصبغه باللون الأحمر. والمظلوم من الذبائح: كل ما ذبح منها لغير علة. والهدي: ما كان يهدى للصنم من الذبائح» . [5] الغدوي: كل ما في بطون الحوامل. [6] ديوان الفرزدق 729، واللسان (هبقع، غدا، غذا) والتاج (هبقع، نبل، غدا، غذا) ، والتهذيب 3/465، 8/171، 175، ونسب وهما إلى جرير في ديوان الأدب 2/85، وكتاب الجيم 3/14،. [7] نسوتهم: يعني نسوة بني كليب. الهبنقع: القصير الملزز الخلق. التنبال: القصير.

1600 -[معالجة العقاب الفريسة]

قال: ومتى تفقدتم الصفايا التي في البيوت، والنعاج، والجداء، والحملان وجدتموها كذلك. 1600-[معالجة العقاب الفريسة] قال [1] : والعقاب تستعمل كفها اليمنى إذا أصعدت بالأرانب والثعالب في الهواء، وإذا ضربت بمخالبها في بطون الظّباء والذئاب. فإذا اشتكت كبدها أحسّت بذلك، فلا تزال إذا اصطادت شيئا تأكل من كبده، حتى تبرأ. وإن لم تعاين فريسة فربما جلّت [2] على الحمار الوحشيّ فتنقضّ عليه انقضاض الصخرة، فتقدّ بدابرتها [3] ما بين عجب [4] ذنبه إلى منسجه [5] . وقد ذكرنا من شأنها في باب القول فيها ما فيه كفاية. 1601-[أخذ الهارب على يساره حين الهرب] قال [6] : وليس في الأرض هارب من حرب أو غيرها استعمل الحضر [7] إلا أخذ على يساره، إذا ترك عزمه وسوم [8] طبيعته. وأنشد: [من الطويل] تخامص عن وحشيّة وهو ذاهل ... وفي الجوف نار ليس يخبو ضرامها [9] وأنشد الأصمعي للأعشى [10] : [من الطويل] ويسّر سهما ذا غرار يسوقه ... أمين القوى في ضالة المترنّم [11] فمرّ نضيّ السّهم تحت لبانه ... وحال على وحشيّة لم يعتّم [12]

_ [1] وردت هذه الفقرة باختصار في ربيع الأبرار 5/453. [2] جلّى ببصره: أغمض عينيه ثم فتحهما ليكون أبصر له. [3] الدابرة: الإصبع التي من وراء رجله، وبها يضرب الصيد. [4] العجب: الذّنب. [5] المنسج: ما شخص من فروع الكتفين إلى أصل العنق. [6] الخبر في عيون الأخبار 2/68. [7] الحضر: ارتفاع الفرس في عدوه. [8] السوم: التكليف. [9] تخامص: تجافى. وحشي كل شيء: شقه الأيسر، وإنسيه: شقه الأيمن، وقد قيل بخلاف ذلك. [10] ديوان الأعشى 171، والبيت الثاني في اللسان (نضا) ، والأساس (نضو) ، وبلا نسبة في اللسان والتاج (عتم) . [11] يسّر: هيّأ. الغرار: حد السيف والرمح والسهم. أمين القوى: الوتر. المترنم: القوس. [12] النضي: نصل السهم. اللبان: الصدر. لم يعتم: لم يبطئ.

1602 -[ميل شقشقة الجمل ولسان الثور]

قال: ووضع: «على» موضع: «عن» . 1602-[ميل شقشقة الجمل ولسان الثور] وفي باب آخر يقول أوس بن حجر [1] : [من البسيط] أو سرّكم في جمادى أن نصالحكم ... إذ الشقاشق معدول بها الحنك [2] وذلك أنه ليس في الأرض جمل هاج وأخرج شقشقته إلا عدل بها إلى أحد شقّي حنكه، والثور إذا عدا عدل بلسانه عن شقّ شماله إلى يمينه. وقال عبدة بن الطبيب [3] : [من البسيط] مستقبل الريح يهفو وهو متبرك ... لسانه عن شمال الشّدق معدول [4] 1603-[حال الثور عند الكر والفر] قال: وإذا كر الكلب أو الثور فهو يصنع خلاف صنيعه عند الفرّ. وقال الأعشى [5] : [من الطويل] فلما أضاء الصّبح قام مبادرا ... وحان انطلاق الشاة من حيث يمما فصبّحه عند الشروق غديّة ... كلاب الفتى البكريّ عوف بن أرقما فأطلق عن مجنوبها فاتّبعنه ... كما هيّج السامي المعسّل خشرما [6] فأنحى على شؤمى يديه فذادها ... بأظمأ من فرع الذّؤابة أسحما [7]

_ [1] ديوان أوس بن حجر 80، والمعاني الكبير 868، 1145. [2] في المعاني الكبير: «قال: كان هذا في جمادى، يقول: أسرّكم أنا سلم لكم في هذا الوقت. ذلك أن بني عامر لما قتلوا بني تميم يوم جبلة قالوا: لم يبق منهم إلا يسير فنغزوهم فنستأصلهم. فغزوهم يوم ذي نجب فقتلتهم تميم. وقوله: إذ الشقاشق معدول بها الحنك، يريد: إذ تهدرون، والشقشقة أبدا تكون من جانب» . [3] هو البيت (41) من قصيدته في المفضليات 140. [4] مستقبل الريح: يستروح بها من حرارة التعب وجهد العدو. المبترك: المعتمد في سيره لا يترك جهدا. معدول: ممال. [5] ديوان الأعشى 345، والبيت الأول في اللسان (خيم، شوه) ، والتاج (خيم) ، والمذكر والمؤنث 115، وبلا نسبة في المخصص 8/39، 43، 16/111. والبيت الرابع للقطامي في ديوانه 181، واللسان والتاج (شأم) ، والمخصص 2/3، 15/191. [6] المعسل: الذي يجمع العسل من الخلية. الخشرم: جماعة النحل. [7] أنحى: اعتمد. الشؤمى: نقيض اليمنى. الأظمأ: القرن الصلب.

1604 -[علة غزو العرب أعداءهم من شق اليمين]

ثم قال: وأدبر كالشّعرى وضوحا ونقبة ... يواعس من حرّ الصّريمة معظما [1] 1604-[علة غزو العرب أعداءهم من شق اليمين] قال: ولعلم العرب بأن طبع الإنسان داعية إلى الهرب من شقّ الشمال، يحبّون أن يأتوا أعداءهم من شقّ اليمين. قال: ولذلك قال شتيم بن خويلد: [من الطويل] فجئناهم من أيمن الشّق غدوة ... ويأتي الشّقيّ الحين من حيث لا يدري وأما رواية أصحابنا فهي: «فجئناهم من أيمن الشق عندهم» . 1605-[الأعسر من الناس واليسر] وإذا كان أكثر عمل الرجل بيساره كان أعسر، فإذا استوى عملا بهما قيل «أعسر يسر» [2] ، فإذا كان أعسر مصمتا فليس بمستوى الخلق، وهو عندهم إذا كان كذلك فليس بميمون الخلق. ويشتقّون من اليد العسرى العسر والعسرة. فلما سمّوها الشّمال أجروها في الشؤم وفي المشؤوم على ذلك المعنى. وسموها اليد اليسار واليد اليسرى على نفي العسر والنكد، كما قالوا: سليم، ومفازة. ثم أفصحوا بها في موضع فقالوا اليد الشؤمى. 1606-[مما قيل من الشعر في الشمال] ومما قالوا في الشمال قول أبي ذؤيب [3] : [من الطويل] أبالصّرم من أسماء جدّ بك الذي ... جرى بيننا يوم استقلّت ركابها زجرت لها طير الشّمال فإن يكن ... هواك الذي تهوى يصبك اجتنابها وقال شتيم بن خويلد [4] : [من المتقارب] وقلت لسيّدنا يا حليم ... إنّك لم تأس أسوا رفيقا

_ [1] الشعرى: نجم. النقبة: اللون. المواعسة: ضرب من السير. الحرّ: وسط الشيء. صريمة الثور: رملته التي هو فيها. [2] في النهاية 5/297: «كان عمر أعسر يسرا» ، وهو الذي يعمل بيديه جميعا ويسمى الأضبط. [3] شرح أشعار الهذليين 42، وديوان الهذليين 1/70، والبيت الثاني في اللسان (طير، شمل، هوا) ، وللهذلي في الجمهرة 272، وبلا نسبة في المقاييس 4/23. [4] الأبيات في معجم الشعراء 311 في ترجمة معاوية بن حذيفة، والبرصان 351، والبيان 1/181- 182، واللسان (خفق) ، والخزانة 5/170، وتقدمت الأبيات في 3/39، الفقرة (581) .

1607 -[الوقت الجيد في الحمل على الشاء]

زجرت بها ليلة كلها ... فجئت بها مؤيدا خنفقيقا أعنت عديّا على شأوها ... تعادي فريقا وتبقي فريقا أطعت عريّب إبط الشّمال ... تنحّي لحد المواسي الحلوقا وقال آخر [1] : [من الطويل] وهوّن وجدي أنني لم أكن لهم ... غراب شمال ينفض الرّيش حاتما [2] وإذا مال شقّة قالوا: احولّ شقّه وقال الأشتر بن عمارة [3] : [من المتقارب] . عشيّة يدعو معتر يال جعفر ... أخوكم أحول الشّقّ مائله وقال آخر [4] : [من المنسرح] أيّ أخ كان لي وكنت له ... أشفق من والد على ولد حتى إذا قارب الحوادث من ... خطوي وحلّ الزمان من عقدي احولّ عنّي وكان ينظر من ... عيني ويرمي بساعدي ويدي 1607-[الوقت الجيد في الحمل على الشاء] قال الأصمعيّ: الوقت الجيّد في الحمل على الشاء أن تخلّى سبعة أشهر بعد ولادها. ويكون حملها خمسة أشهر، فتولّد في كل سنة مرة. فإن حمل عليها في كل سنة مرتين فذلك الإمغال، يقال: أمغل بنو فلان فهم ممغلون، والشاة ممغل. وإذا ولّدت الشاة ومضى لها أربعة أشهر فهي لجبة، والجميع اللّجاب واللّجبات. وذلك حين يأخذ لبنها في النقصان. 1608-[استطراد لغوي] قال: والأير من البعير: المقلم، ومن الحافر الجردان، ومن الظلف كله: القضيب. ومن الفرس العتيق: النّضيّ. زعم ذلك أبو عبيدة.

_ [1] البيت للحارث بن حرجة الفزاري في أساس البلاغة (شمل) . وللحارث بن عمرو الفزاري في الوحشيات 62. [2] الحاتم: الغراب الأسود. [3] البيت في البرصان 272، والنقائض 930، والبيت قاله في يوم هراميت. [4] الأبيات لمحمد بن حزم الباهلي في ديوانه 47، والعقد الفريد 2/347، ولأبي الشيص في البرصان 272، وبهجة المجالس 1/711، وبلا نسبة في عيون الأخبار 3/81.

1609 -[استطراد لغوي آخر]

وما أراد من الحافر الفحل فهو الوداق، وهو من الإبل الضّبعة، ومن الضأن الحنوّ. ويقال: حنت تحنو حنوّا، وهي نعجة حان كما ترى. وما كان من المعز فهو الحرمة. ويقال: عنز حرمى. وأنكر بعضهم قولهم: «شاة صارف» وزعم أنه مولد. قال: وهو من السباع الإجعال، يقال: كلبة مجعل. فإذا عظم بطنها قيل أجحّت فهي مجحّ. وما كان من الخف فهو مشفر، وما كان من الغنم فهو مرمّة، وما كان من الحافر فهو جحفلة. 1609-[استطراد لغوي آخر] وإذا قلت لكلّ ذات حمل وضعت، جاز. فإذا ميزت قلت للخف: نتجت، وللظّلف: ولّدت. والبقرة تجري هذا المجرى. وقلت للحافر: نتجت. ويقال للحافر من بين هذا كله إذا كان في بطنها ولد: نتوج. وإذا عظم بطن الحافر قيل قد أعقّت فهي عقوق، والجماع عقق، وبعضهم يقول: عقائق. ويقال للبقرة الوحشية نعجة. والبقرة تجري مجرى الضائنة في حالها. وما كان من الخف فصوته بغام. فإذا ضجّت فهو الرّغاء. فإذا طرّبت في إثر ولدها قيل حنّت. فإذا مدت الحنين قيل سجرت. قال: والإلماع في السباع وفي الخيل، دون البهائم، وهو أن تشرق ضروعها. قال: والخروف في الخيل والضأن، دون البهائم كلها. قال: ويقال للطير: قد قمطها يقمطها. ويقال للتيس والكلب: قد سفد يسفد سفادا. ويقال في الخيل: كامها يكومها كوما، وكذلك في الحافر كلّه. وفي الحمار وحده: باكها يبوكها بوكا. 1610-[ما له سبد ولا لبد] وتقول العرب [1] : «ما له عندي سبد ولا لبد» . فقدّموا السّبد، ففي هذا المعنى أنهم قدموا الشّعر على الصوف. فإن قال قائل: فقد قدّموا في مواضع كثيرة ذكر ما هو أخسّ فقالوا: «ما له

_ [1] انظر ما تقدم ص 255.

1611 -[مفاخرة بين صاحب الضأن وصاحب الماعز]

عندي قليل ولا كثير» ، و «العير والنّفير» [1] حتى قالوا: الخلّ والزيت، وقالوا: ربيعة ومضر، وسليم وعامر، والأوس والخزرج. وقال الله: لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها [2] . والذي يدلّ على أن ذلك الذي قلنا كما قلنا قول الراعي [3] : [من البسيط] حتى إذا هبط الغيطان وانقطعت ... عنه سلاسل رمل بينها عقد لاقى أطيلس مشّاء بأكلبه ... إثر الأوابد ما ينمي له سبد [4] فقدّم السّبد. ثم قال: يشلي سلوقيّة زلّا جواعرها ... مثل اليعاسيب في أصلابها أود [5] وقال الراعي: أما الفقير الذي كانت حلوبته ... وفق العيال فلم يترك له سبد [6] وهو لو قال: لم يترك له لبد، ولو قال: ما ينمي له لبد- لقام الوزن، ولكان له معنى. فدلّ ذلك على أنه إنما أراد تقديم المقدّم. 1611-[مفاخرة بين صاحب الضأن وصاحب الماعز] قال صاحب الضأن: فخرتم على الضأن بأن الإنسان ذو شعر، وأنه بالماعز أشبه، فالإنسان ذو ألية، وليس بذي ذنب، فهو من هذا الوجه بالضأن أشبه. قال صاحب الماعز: كما فخرتم [7] بقوله: ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ [8] وقلتم: فقد قدّمها، فقال الله: امَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ [9] .

_ [1] العير: ما كان من قريش مع أبي سفيان، والنفير: ما كان منهم مع عتبة بن ربيعة، يوم بدر. [2] 49/الكهف: 17. [3] ديوان الراعي النميري 69. [4] أطيلس: تصغير أطلس، وهو من الرجال الدنس الثياب الوسخ، وأراد به هنا الصائد. الأوابد: الوحش. [5] الزل: جمع زلاء، وهي الخفيفة الوركين. الجاعرة: رأس أعلى الفخذ. الأود: العوج. [6] وفق العيال: أي لها لبن يكفيهم. [7] انظر ما تقدم ص 242. [8] 143/الأنعام: 6. [9] 130/الأنعام: 6.

1612 -[ذكر أجناس من الحيوان والهمج في القرآن]

فإن وجب لضأنك التقديم على الماعز بتقديم هذه الآية- وجب للجنّ التقديم بتلك الآية. 1612-[ذكر أجناس من الحيوان والهمج في القرآن] علّمك الله علما نافعا، وجعل لك من نفسك سامعا، وأعاذك من العجب، وعرّفك لباس التقوى، وجعلك من الفائزين. اعلم، رحمك الله تعالى، أن الله جل وعز قد أضاف ست سور من كتابه إلى أشكال من أجناس الحيوان الثلاثة، منها مما يسمونها باسم البهيمة وهي سورة البقرة، وسورة الأنعام، وسورة الفيل، وثلاثة منها مما يعدون اثنتين منها من الهمج [1] . وواحدة من الحشرات [2] . فلو كان موقع ذكر هذه البهائم، وهذه الحشرات والهمج، من الحكمة والتدبير، موقعها من قلوب الذين لا يعتبرون ولا يفكرون، ولا يميزون، ولا يحصلون الأمور، ولا يفهمون الأقدار- لما أضاف هذه السور العظام الخطيرة، والشريفة الجليلة، إلى هذه الأمور المحقّرة المسخفة [3] ، والمغمورة المقهورة. ولأمر ما وضعها في هذا المكان، ونوّه بأسمائها هذا التنويه. فافهم، فإن الأديب الفهم [4] ، لا يعوّد قلبه الاسترسال. وخذ نفسك بالفكرة، وقلبك بالعبرة. [باب في الضفادع] 1613-[القول في الضفادع] وأنا ذاكر من شأن الضفدع من القول ما يحضر مثلي. وهو قليل في جنب ما عند علمائنا. والذي عند علمائنا لا يحسّ في جنب ما عند غيرهم من العلماء. والذي عند العلماء قليل في جنب ما عند الأنبياء، والذي عند الأنبياء قليل في جنب ما عند الله تبارك وتعالى. من ذلك الضّفدع [5] ، لا يصيح ولا يمكنه الصياح حتى يدخل حنكه الأسفل

_ [1] إشارة إلى سورتي النحل والعنكبوت. [2] إشارة إلى سورة النمل. [3] أرض مسخفة: أي قليلة الكلأ. [4] الفهم: السريع الفهم.

1614 -[زعم في تخلق الضفادع] [3]

في الماء. فإذا صار في فمه بعض الماء صاح. ولذلك لا تسمع للضفادع نقيقا إذا كنّ خارجات من الماء. والضفادع من الحيوان الذي يعيش في الماء، ويبيض في الشطّ، مثل الرّق [1] والسّلحفاة، وأشباه ذلك. والضفادع تنقّ، فإذا أبصرت النار أمسكت [2] . 1614-[زعم في تخلّق الضفادع] [3] والضفادع من الحيوان الذي يخلق في أرحام الحيوان، وفي أرحام الأرضين، إذا ألقحتها المياه، لأن اليخّ [4] يخراسان يكبس في الآزاج [5] ، ويحال بينه وبين الرّيح والهواء والشمس، بأحكم ما يقدرون عليه وأوثقه. ومتى انخرق في تلك الخزانة خرق في مقدار منخر الثور حتى تدخله الريح، استحال ذلك اليخّ كله ضفادع. ولم نعرف حقّ هذا وصدقه من طريق حديث الرجل والرجلين، بل نجد الخبر عنه كالإطباق، وكالخبر المستفيض الذي لا معارض له. 1615-[أعجوبة في الضفادع] وفيها أعجوبة أخرى [6] : وذلك أنا نجد، من كبارها وصغارها، الذي لا يحصى في غبّ المطر [7] ، إذا كان المطر ديمة، ثم نجدها في المواضع التي ليس بقربها بحر ولا نهر، ولا حوض، ولا غدير، ولا واد، ولا بير. ونجدها في الصّحاصح الأماليس [8] ، وفوق ظهور مساجد الجماعة. حتى زعم كثير من المتكلفين، ومن أهل الخسارة [9] وممن لا يحتفل بسوء الحال عند العلماء، ولا يكترث للشكّ- أنها كانت في السحاب.

_ [5] انظر هذه الفقرة في ربيع الأبرار 5/440. [1] الرق: السلحفاة المائية. [2] انظر ما تقدم 4/501، الفقرة (1259) . [3] وردت هذه الفقرة باختصار في ربيع الأبرار 5/440. وتقدمت في 3/176. [4] اليخ: الجليد؛ والثلج. انظر السامي في الأسامي 343، ومعجم استينجاس 1528. [5] الآزاج: جمع أزج، وهو بيت يبنى طولا. [6] وردت الأعجوبة في ربيع الأبرار 5/440. [7] غب المطر: بعده. [8] الصحصح: الأرض الجرداء المستوية ذات حصى صغار. الإمليس: الأرض التي ليس بها شجر ولا يبيس ولا كلأ ولا نبات ولا يكون فيها وحش.

1616 -[معارف في الضفدع]

ولذلك طمع بعض الكذّابين ممن نكره اسمه، فذكر أن أهل أيذج مطروا مرة أكبر شبابيط في الأرض، وأسمنها وأعذبها وأعظمها، وأنهم اشتووا، وملّحوا، وقرّسوا [1] ، وتزوّد منه مسافرهم. وإنما تلك الضفادع شيء يخلق في تلك الحال بمزاوجة الزمان، وتلك المطرة، وتلك الأرض، وذلك الهواء. 1616-[معارف في الضفدع] والضفادع من الخلق الذي لا عظام له [2] . ويزعم أصحاب الغرائب أن العلاجيم [3] منها الذكورة السود. ويقال: «أرسح من ضفدع» [4] . وتزعم الأعراب أن الضفدع كان ذا ذنب، وأن الضّبّ سلبه إياه [5] وذلك في خرافة من خرافات الأعراب. ويقول آخرون: إن الضفدع إذا كان صغيرا كان ذا ذنب، فإذا خرجت له يدان أو رجلان سقط. 1617-[طائفة من الأمثال] وتقول العرب: «لا يكون ذلك حتى يجمع بين الأروى والنعام» [6] و «حتى يجمع بين الماء والنار» ، و «حتى يشيب الغراب» [7] ، و «حتى يبيضَّ القار» [8] ، و «حتى تقع السماء على الأرض» . ومن حديث الأمثال: «حتى يجيء نشيط من مرو» [9] . وهو لأهل البصرة.

_ [9] الخسارة: الضلال والهلاك. [1] القريس من الطعام: مشتق من القرس الجامد، وسمي القريس قريسا لأنه يجمد فيصير ليس بالجامس ولا بالذائب. [2] سترد هذه العبارة مرة أخرى في الصفحة الثانية 280، سطر 10. [3] العلجوم: الضفدع، وقيل هو الذكر منها الشديد السواد. [4] الرسح: خفة لحم العجز والفخذين، والمثل في مجمع الأمثال 1/315، والمستقصى 1/139، وجمهرة الأمثال 1/501، والدرة الفاخرة 1/211. [5] انظر هذه الخرافة في مظان المثل. [6] المثل برواية: «ما يجمع بين الأروى والنعام» في مجمع الأمثال 2/271، والمستقصى 2/335، وأمثال ابن سلام 279، وجمهرة الأمثال 2/169. [7] فصل المقال 474، 482، والمستقصى 2/59، وجمهرة الأمثال 1/363، وثمار القلوب (675) . [8] ثمار القلوب (675) . [9] مجمع الأمثال 1/216، وجمهرة الأمثال 1/361، وثمار القلوب (100) .

1618 -[معارف في الضفدع]

و «حتى يجيء مصقلة من طبرستان» [1] ، وهو لأهل الكوفة. وقال الله عزّ وجلّ: وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ [2] . وتقول العرب: «لا يكون ذلك حتى يجمع بين الضب والنون» [3] ، و: «حتى يجمع بين الضفدع والضّبّ!» . وقال الكميت [4] : [من الوافر] يؤلّف بين ضفدعة وضبّ ... ويعجب أن نبرّ بني أبينا وقال في النون والضبّ [5] : [من الطويل] ولو أنهم جاؤوا بشيء مقارب ... لشيء وبالشكل الموافق للشّكل ولكنهم جاؤوا بحيتان لجّة ... قوامس، والمكنيّ فينا أبا الحسل [6] 1618-[معارف في الضفدع] [7] وهو من الخلق الذي لا يصاب له عظم [8] . والضفدع أجحظ الخلق عينا. والأسد تنتابها في الشرائع، وفي مناقع المياه، والآجام والغياض، فتأكلها أكلا شديدا. وهي من الخلق المائيّ الذي يصبر عن الماء أياما صالحة. والضفادع تعظم ولا تسمن، كالدّرّاج والأرنب، فإنّ سمنهما أن يحتملا اللحم. وفي سواحل فارس ناس يأكلونها. 1619-[زعم مسيلمة في الضفدع] ولا أدري ما هيّج مسيلمة على ذكرها، ولم ساء رأيه فيها، حيث جعل بزعمه فيما نزل عليه من قرآنه: يا ضفدع كم تنقّين! نصفك في الماء ونصفك في الطين! لا الماء تكدّرين، ولا الشارب تمنعين [9] .

_ [1] جمهرة الأمثال 1/362، والمعارف 403، ومعجم البلدان 4/15، وثمار القلوب (100) . [2] 40/الأعراف: 7. [3] المثل برواية: «حتى يؤلف بين الضب والنون» في مجمع الأمثال 1/213، والمستقصى 2/58. [4] ديوان الكميت 2/113، والمعاني الكبير 640. [5] ديوان الكميت 2/52. [6] القوامس: جمع قامس، والقمس: الغوص. أبو الحسل: كنية الضب. [7] انظر هذه الفقرة في ربيع الأبرار 5/440- 441. [8] تقدمت هذه العبارة في الصفحة السابقة 279، سطر 11. [9] انظر قول مسيلمة في اللسان والتاج (نفق) ، وثمار القلوب (261) ، وربيع الأبرار 5/541.

1620 -[معيشة الضفادع مع السمك]

1620-[معيشة الضفادع مع السمك] والضفادع من الخلق الذي يعيش مع السمك في الماء. وليس كل شيء يعيش في الماء فهو سمك. وقد قال الصّلتان العبديّ، في القضاء الذي قضى بين جرير والفرزدق. والفصل الذي بينهما [1] : [من الطويل] فإن يك بحر الحنظليَّين زاخرا ... فما تستوي حيتانه والضفادع [2] 1621-[طلب الحيّات والضفادع وإعراضها عن بعض الحيوان] والحيات تأني مناقع الماء، تطلب الضفادع. والفأر تكون بقرب المياه كثيرة، فلذلك تأتي الحيات تلك المواضع. ولأن صيدها من أسهل الصيد عليها، وهي تعرف صيدها. ألا تراها تحيد عن ابن عرس، وإن رأت جرذا أكبر منه لم تنهنهه دون أن تبتلعه؟! وترى الورل فتفرّ منه. وترى الوحرة [3] فتشدّ عليها، وترى القنفذ- وإن صغر- فلا تجترئ أن تمرّ به خاطفة، وترى الوبرة [4] ، وهي مثل ذلك القنفذ مرتين فتأكلها. ولطلبها الضفادع بالليل في الشرائع يقول الأخطل [5] : [من الطويل] ضفادع في ظلماء ليل تجاوبت ... فدلّ عليها صوتها حيّة البحر وقد سرق معناه بعض الشّعراء، فقال- وهو يذكر الضفدع، وأنه لا ينقّ حتى يدخل حنكه الماء [6] : [من الرجز] يدخل في الأشداق ماء ينصفه ... كيما ينقّ والنّقيق يتلفه

_ [1] البيت للصلتان العبدي في النقائض 1050، والأمالي 2/141، والشعر والشعراء 315 (ليدن) ، والمؤتلف 145، والخزانة 1/306 (بولاق) . [2] أراد بالحنظليين جريرا والفرزدق، لأن نسب كلّ منهما ينتهي إلى حنظلة. [3] الوحرة: دويبة حمراء تلزق بالأرض كالعظاء لا تطأ طعاما أو شرابا إلا شمته، وهي على شكل سام أبرص. حياة الحيوان 2/411. [4] الوبرة: دويبة أصغر من السنور، طحلاء اللون: تقيم في البيوت. حياة الحيوان 2/409- 410. [5] تقدم البيت في 3/130، 4/377. [6] تقدم البيت في 3/129- 130، الفقرة (728) ، وهو بلا نسبة في عيون الأخبار 5/532، وحياة الحيوان 1/646.

1622 -[شعر في الضفادع]

1622-[شعر في الضفادع] وقال زهير [1] : [من البسيط] وقابل يتغنَّى كلما قدرت ... على العراقي يداه قائما دفقا [2] يحيل في جدول تحبو ضفادعه ... حبو الجواري ترى في مائه نطقا [3] يخرجن من شربات ماؤها طحل ... على الجذوع يخفن الغمّ والغرقا [4] وقال أوس بن حجر [5] : [من الطويل] فباكرن جونا للعلاجيم فوقه ... مجالس غرقى لا يحلا ناهله [6] جون قال: يريد غديرا كثير الماء. قال: وإذا كثر الماء وكثر عمقه اسودّ في العين. والعلاجيم: الضفادع السود؛ وجعلها غرقى، يقول: هي فيما شاءت من الماء، كقولك: فلان في خير غامر من قبل فلان. وجعل لها مجالس حول الماء وفوقه، لأن هذه الأجناس- التي تعيش مع السمك في الماء وليست بسمك- أكثر حالاتهن إذ لم تكن سمكا خالصا أن تظهر على شطوط المياه، وفي المواضع التي تبيض فيها من الدّغل [7] . وذلك كالسّرطان والسّلحفاة، والرّق [8] ، والضفدع، وكلب الماء، وأشباه ذلك.

_ [1] ديوان زهير 43- 44، والأول في اللسان والتاج (قبل) ، والجمهرة 372، وبلا نسبة في المقاييس 5/35، والثاني في اللسان والتاج (نطق) ، وبلا نسبة في اللسان (حول) ، والثالث في اللسان والتاج (شرب، طحل) ، والتهذيب 4/386، والجمهرة 1329، وديوان الأدب 1/234، والأساس (طحل) . [2] في ديوانه: «القابل: الذي يقبل الدلو. والعراقي: الخشبتان كالصليب على الدلو. ودفق الماء: صبه في الحوض. ويقال: قبل الدلو يقبلها قبالة، إذا تلقاها» . [3] في ديوانه: «يحيل: يصب. وتحبو ضفادعه كما تحبو الصبيان. وإنما أراد أن الماء في جدول لا ييبس، فهو دائم الماء. ولولا ذلك لم تكن فيه ضفادع. والنطق: الطرائق، واحدها نطاق. وقال أبو عمرو: وهو أن يجتمع الغثاء على الماء فيصير كأنه نطاق حوله إذا يبس» . [4] في ديوانه: «الشربات: واحدتها شربة، وهي حياض تحفر في أصول النخل من شق واحد؛ فتملأ ماء. طحل: كدر. [5] البيت في ملحق ديوان أوس بن حجر 140، والمعاني الكبير 639، والعمدة 2/251، وهو لطفيل الغنوي في ديوانه 84، وبلا نسبة في كتاب الجيم 2/345. [6] يحلّأ: يمنع من ورود الماء. [7] الدغل: الشجر الكثيف الملتف. [8] الرق: السلحفاة المائية.

1623 -[استطراد لغوي]

1623-[استطراد لغوي] ويقال: نقّ الضفدع ينقّ نقيقا، وأنقض ينقض إنقاضا. وقال رؤبة [1] : [من الرجز] إذا دنا منهن إنقاض النّقق ... في الماء والساحل خضخاض البثق [2] 1624-[سمع الضفدع] وقد زعم ناس أن أبا الأخزر الحمّاني حيث قال: [من الرجز] تسمّع القنقن صوت القنقن [3] إنما أراد الضفدع. قالوا: وكذلك الطّرماح حيث يقول [4] : [من الطويل] يخافتن بعض المضغ من خشية الرّدى ... وينصتن للصوت انتصات القناقن قالوا: لأن الضفدع جيّد السمع إذا ترك النقيق وكان خارجا من الماء. وهو في ذلك الوقت أحذر من الغراب [5] والعصفور والعقعق [6] ، وأسمع من فرس [7] ، وأسمع من قراد [7] ، وأسمع من عقاب [8] . وبكل هذا جاء الشعر. ذكر ما جاء في الضفادع في الآثار إبراهيم بن أبي يحيى، عن سعيد بن أبي خالد بن فارض، عن سعيد بن المسيب، عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي «أن النبي صلّى الله عليه وسلّم نهى عن قتل الضفدع» [9] .

_ [1] ديوان رؤبة 103، واللسان (مصع، نقق) ، والتاج (بثق) . [2] الخضخاض: الكثير الماء والشجر. البثق: أراد به الزرع نفسه. [3] القنقن: الذي يسمع فيعرف مقدار الماء في البئر قريبا أو بعيدا. [4] ديوان الطرماح 485 (268) ، واللسان والتاج (نصت، قنن) ، والأساس (قنن) ، والتهذيب 8/294، 12/155، وبلا نسبة في الجمهرة 1209، والعين 5/27. [5] أحذر من غراب: من الأمثال في مجمع الأمثال 1/226، والمستقصى 1/62، وجمهرة الأمثال 1/396. [6] أحذر من عقعق: من الأمثال في مجمع الأمثال 1/227، والمستقصى 1/61، وجمهرة الأمثال 1/396. [7] مجمع الأمثال 2/349، وأمثال ابن سلام 360، والمستقصى 1/173، وفصل المقال 492. [8] المستقصى 1/173، ومجمع الأمثال 1/355. [9] ربيع الأبرار 5/441.

1625 -[ما يوصف بجودة الحراسة وشدة الحذر]

قال: وحدّثنا سعيد عن قتادة قال: سمعت زرارة يحدّث أنه سمع عبد الله بن عمرو يقول: «لا تسبّوا الضفادع فإنّ أصواتها تسبيح» [1] . قال: وحدثنا هشام صاحب الدّستوائي، عن قتادة عن زرارة بن أوفى، عن عبد الله بن عمرو أنه قال: «لا تقتلوا الضفادع، فإن نقيقهنّ تسبيح، ولا تقتلوا الخفاش، فإنه إذا خرب بيت المقدّس قال: يا ربّ سلّطني على البحر حتى أغرقهم» . وعن حماد بن سلمة، عن قتادة، عن زرارة، قال: قال عبد الله بن عمرو: «لا تقتلوا الخفاش، فإنه استأذن البحر أن يأخذ من مائه فيطفئ بيت المقدس حيث حرّق. ولا تقتلوا الضفادع، فإن نقيقها تسبيح» . وعن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، وفي إسناد له: أن طبيبا ذكر الضّفدع عند النبي صلّى الله عليه وسلّم، ليجعل في دواء، فنهى النبي صلّى الله عليه وسلّم عن قتل الضفدع» . 1625-[ما يوصف بجودة الحراسة وشدة الحذر] والعرب تصف هذه الأصناف التي ذكرناها بجودة الحراسة، وبشدة الحذر، وأعطوا الثعلب والذّئب أمورا لا يبلغها كثير من الناس. 1626-[قول عجيب لصاحب المنطق في الغرانيق] وقال صاحب المنطق في الغرانيق [2] قولا عجيبا. فزعم أن الغرانيق من الطيور القواطع [3] ، وليست من الأوابد. وأنها إذا أحسّت بتغيّر الزمان اعتزمت على الرجوع إلى بلادها وأوكارها. وذكر أنها بعيدة سحيقة. قال: فعند ذلك تتخذ قائدا وحارسا، ثم تنهض معا، فإذا طارت ترفعت في الجواء جدّا، كي لا يعرض لها شيء من سباع الطير، أو يبلغها سهم أو بندق. وإن عاينت غيما أو مطرا، أو خافت مطرا، أو سقطت لطلب ما لا بدّ لها منه من طعم، أو هجم عليها الليل- أمسكت عن الصياح، وضمَّت إليها أجنحتها. فإذا أرادت النوم أدخل كل واحد منها رأسه تحت جناحه، لأنه يرى أن الجناح أحمل لما يرد عليه من رأسه، أو بعض ما في رأسه: من العين وغير ذلك،

_ [1] ربيع الأبرار 5/441. [2] الغرانيق: نوع من الكراكي، وهو طائر أبيض طويل العنق، من طير الماء. حياة الحيوان 2/113. [3] القواطع: التي تقطع إلى الناس، أي ترحل إليهم.

1627 -[صيد طير الماء]

ويعلم أنه ليس بعد ذهاب الرأس حياة. ثم ينام كل واحد منها وهو قائم على رجليه، لأنه يظن أنه إن مكّنهما نام إن كان لا يحب النوم. أو نام نوما ثقيلا إن كان يحب أن يكون نومه غرارا [1] . فأما قائدها وسائقها وحارسها، فإنه لا ينام إلا وهو مكشوف الرأس. وإن نام فإن نومه يكون أقلّ من الغشاش [2] . وينظر في جميع النواحي، فإن أحسّ شيئا صاح بأعلى صوته. 1627-[صيد طير الماء] وسألت بعض من اصطاد في يوم واحد مائة طائر من طير الماء، فقلت له: كيف تصنعون؟ قال: إن هذا الذي تراه ليس من صيد يوم واحد، وإن كلّه صيد في ساعة واحدة. قلت له: وكيف ذاك؟ قال: وذلك أنا نأتي مناقع الماء ومواضع الطير، فنأخذ قرعة يابسة صحيحة. فنرمي بها في ذلك الماء، فإذا أبصرها الطير تدنو منه بدفع الرّيح لها في جهته، مرة أو مرتين فزع. فإذا كثر ذلك عليه أنس. وإنما ذلك الطير طير الماء والسّمك [3] ، فهي أبدا على وجه الماء. فلا تزال الرّيح تقرّبها وتباعدها، وتزداد هي بها أنسا، حتى ربما سقط الطائر عليها، والقرعة في ذلك إما واقفة في مكان، وإما ذاهبة وجائية. فإذا لم نرها تنفر منها أخذنا قرعة أخرى، أو أخذناها بعينها، وقطعنا موضع الإبريق [4] منها، وخرقنا فيها موضع عينين، ثم أخذها أحدنا فأدخل رأسه فيها، ثم دخل الماء ومشى فيه إليها مشيا رويدا، فكلما دنا من طائر قبض على رجليه ثم غمسه في الماء، ودقّ جناحه وخلّاه، فبقي طافيا فوق الماء يسبح برجليه، ولا يطيق الطيران، وسائر الطير لا ينكر انغماسه. ولا يزال كذلك حتى يأتي على آخر الطير. فإذا لم يبق منها شيء رمى بالقرعة عن رأسه، ثمّ نلقطها ونجمعها ونحملها. 1628-[نفع الضفدع] قال: ومن جيّد ما يعالج به الملسوع، أن يشقّ بطن الضفدع، ثم يرفد [5] به موضع اللسعة. ولسنا نعني لدغة الحية، وإنما نعني لسعة العقرب.

_ [1] غرارا: قليلا خفيفا. [2] الغشاش: القليل. [3] أي الطائر الذي يغتذي بالسمك. [4] أراد طرفها الدقيق. [5] الرفد: وضع الرفادة على الجرح، وهي الخرقة.

1629 -[حيرة الضفدع والأسد عند رؤية النار]

1629-[حيرة الضفدع والأسد عند رؤية النار] والضفدع إذا رأى النار أمسك عن النقيق [1] ، وإذا رأى الفجر. والأسد إذا رأت النار أحجمت عن الإقدام. وإذا اشتد الأصوات. 1630-[استطراد لغويّ] قال: ويقال للضفدع: نقّ ينقّ، وهدر يهدر. وقال الراعي: [من المتقارب] فأوردهنّ قبيل الصباح ... عينا ضفادعها تهدر 1631-[قول صاحب المنطق في الضفادع والسمك] وأما قول صاحب المنطق في أن الضفادع لا تنقّ حتى تدخل فكها الأسفل في الماء، لأن الصوت لا يجيئها حتى يكون في فكها ماء، فقد قال ذلك، وقد وافقه عليه ناس من العلماء، وادعوا في ذلك العيان [2] . فأما زعمه أن السمكة لا تبتلع شيئا من الطعم إلا ببعض الماء، فأيّ عيان دلّ على هذا؟! وهذا عسر. [باب في الجراد] (القول في الجراد) أحضرني على اسم الله ذهنك، وفرّغ لما ألقيه إليك قلبك، فربّ حرف من حروف الحكم الشريفة، والأمثال الكريمة- قد عفا أثره، ودثر ذكره، ونبا الطَّرف عنه، ولم يشغل الذهن بالوقوف عليه. وربّ بيت هذا سبيله، وخطبة هذه حالها. ومدار الأمر على فهم المعاني لا الألفاظ، والحقائق لا العبارات. فكم من دارس كتابا خرج غفلا كما دخل، وكم من متفهّم لم يفهم؟! ولن يستطيع الفهم إلا من فرَّع قلبه للتفهم، كما لا يستطيع الإفهام إلا من صحت نيته في التعليم. 1632-[فضل الإنسان على سائر الحيوان] فأقول: إن الفرق الذي بين الإنسان والبهيمة، والإنسان والسّبع والحشرة، والذي صيّر الإنسان إلى استحاق قول الله عزّ وجلّ:

_ [1] انظر ما تقدم ص 277- 278. [2] انظر ما تقدم ص 277- 278، وربيع الأبرار 5/440.

وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ [1] ليس هو الصورة، وأنه خلق من نطفة وأن أباه خلق من تراب، ولا أنه يمشي على رجليه، ويتناول حوائجه بيديه، لأن هذه الخصال كلها مجموعة في البله والمجانين، والأطفال والمنقوصين. والفرق الذي هو الفرق إنما هو الاستطاعة والتمكين. وفي وجود الاستطاعة وجود العقل والمعرفة. وليس يوجب وجودهما وجود الاستطاعة. وقد شرّف الله تعالى الجانّ وفضّله على السّبع والبهيمة، بالذي أعطاه من الاستطاعة الدالة على وجود العقل والمعرفة. وقد شرّف الله الملائكة وفضلهم على الجانّ، وقدمهم على الإنسان وألزمهم من التكليف على حسب ما خوّلهم من النعمة. وليست لهم صورة الإنسان ولم يخلقوا من النّطف، ولا خلق أبوهم من التراب. وإنما الشأن في العقل، والمعرفة، والاستطاعة. أفتظنّ أن الله عز وجل يخصّ بهذه الخصال بعض خلقه دون بعض، ثم لا يطالبهم إلا كما يطالب بعض من أعدمه ذلك، وأعراه منه؟! فلم أعطاه العقل، إلا للاعتبار والتفكير؟! ولم أعطاه المعرفة، إلا ليؤثّر الحقّ على هواه؟! ولم أعطاه الاستطاعة، إلا لإلزام الحجة؟! فهل فكّرت قطّ في فصل [2] ما بينك وبين الخلق المسخّر لك، وبين الخلق الذي جعل لك والخلق المسلط عليك؟! وهل فكّرت قط في فصل ما بين ما جعله عليك عاديا؟! وبين ما جعله لك غاذيا؟! وهل فكرت قطّ في فصل ما بين الخلق الذي جعل لك عذابا، والخلق الذي جعل لك قاتلا، وبين ما آنسه بك وبين ما أوحشه منك، وبين ما صغّره في عينك وعظّمه في نفسك، وبين ما عظّمه في عينك وصغّره في نفسك؟!. بل هل فكرت في النحلة والعنكبوت والنملة، أنت ترى الله تقدّس وعزّ كيف نوّه بذكرها ورفع من قدرها، وأضاف إليها السّور العظام، والآيات الجسام، وكيف جعل الإخبار عنها قرآنا وفرقانا، حيث يقول: وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ [3] . فقف

_ [1] 13/الجاثية: 45. [2] الفصل: الفرق. [3] 1/النحل: 16.

1633 -[عجز الإنسان وصغر قدره]

على صغر النحلة وضعف أيدها [1] ، ثمّ ارم بعقلك إلى قول الله: ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا [2] ، فإنك تجدها أكبر من الطّود، وأوسع من الفضاء. ثم انظر إلى قوله: حَتَّى إِذا أَتَوْا عَلى وادِ النَّمْلِ [3] . فما ترى في مقدار النملة في عقل الغبيّ، وغير الذّكيّ؟! فانظر كيف أضاف الوادي إليها، وخبر عن حذرها ونصحها لأصحابها، وخوفها ممن قد مكّن، فإنك تجدها عظيمة القدر، رفيعة الذكر، قد عظمها في عقلك، بعد أن صغرها في عينك. 1633-[عجز الإنسان وصغر قدره] وخبّرني عن الله تعالى، أمّا كان قادرا أن يعذّب الكنعانيين، والجبابرة، والفراعنة، وأبناء العمالقة: من نسل عاد وثمود، وأهل العتوّ والعنود- بالشياطين ثم بالمردة، ثم بالعفاريت، ثم بالملائكة الذين وكّلهم الله تعالى بسوق السحاب، وبالمدّ والجزر، وبقبض أرواح الخلق. وبقلب الأرضين، وبالماء والريح، وبالكواكب والنيران، وبالأسد والنمور والببور [4] وبالفيلة والإبل والجواميس، وبالأفاعي والثعابين وبالعقارب والجرارات، وبالعقبان والنسور، وبالتماسيح، وباللّخم [5] والدّلفين. فلم عذّبهم بالجراد والقمّل والضفادع؟! وهل يتلقّى عقلك قبل التفكير إلا أنه أراد أن يعرّفهم عجزهم، ويذكّرهم صغر أقدارهم، ويدلّهم على ذلك بأذلّ خلقه، ويعرفهم أن له في كل شيء جندا، وأن القويّ من قوّاه وأعانه، والضعيف من ضعّفه، والمنصور من نصره، والمخذول من خلّاه وخذله، وأنه متى شاء أن يقتل بالعسل الماذي والماء الزّلال كما يقتل بالسمّ الساري، والسيف الماضي قتل؟ ولم كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إذا رأى على جسده البثرة ابتهل في الدعاء وقال: «إن الله تعالى إذا أراد أن يعظم صغيرا عظمه» ؟! ولم قال لنا: فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ آياتٍ مُفَصَّلاتٍ [6] ؟! فافهم عنه تعالى ذكره، وتقدست أسماؤه قوله: «آيات» ثم قال:

_ [1] الأيد: القوة. [2] 69/النحل: 16. [3] 88/النمل: 27. [4] الببر: ضرب من السباع، قيل إنه متولد من الزبرقان واللبوة. [5] اللخم: سمك بحري يقال له الكوسج. حياة الحيوان 2/305. [6] 133/الأعراف: 7.

1634 -[سيل العرم]

«مفصّلات» . فهل وقفت قطّ على هذه الآيات؟! وهل توهّمت تأويل قوله: هذا آية وغير آية؟! وهل وقفت على فصل ما بين الآية وغير الآية، وإذا كانت مفصّلات كان ماذا، وإذا لم تكن مفصلات كان ماذا. فافهم قوله: فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ . وما في الأرض أنقص معرفة وعلما، ولا أضعف قوة وبطشا، ولا أوهن ركنا وعظما من ضفدع. فقد قال- كما ترى: فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ . فقد جعله- كما ترى- أفضل آياته والعذاب الذي أرسله على أعدائه. وقد قال جل وعز: فَإِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ [1] فأظهر الماء جلّ ثناؤه من أبعد مواضع الماء من ظنونهم، وخبّرنا بذلك كي لا نخلي أنفسنا من الحذر والإشفاق، ولنكون علماء بالعلم الذي أعطانا، ولنكون راجين خائفين، ليصحّ الاختيار، ويحسن الاختبار: فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ [2] . ما أحسن ما قدَّر، وأتقن ما برأ!. 1634-[سيل العرم] وكان السبب الذي سلطه الله تعالى على العرم، وهو مسنّاة جنّتي بلاد سبإ، جرذا، فهو الذي خرقه، وبدّل نعمتهم بؤسا، وملكهم يبابا وعزَّهم ذلّا، إلى أن عادوا فقراء [3] . فقال الله: وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ [4] . هذا بعد أن قال: لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ. فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ [5] . 1635-[شعر في سد مأرب] وقال الأعشى [6] : [من المتقارب]

_ [1] 27/المؤمنون: 23. [2] 14/المؤمنون: 32. [3] انظر معجم البلدان (مأرب) . [4] 16/سبأ: 34. [5] 15- 16/سبأ: 34. [6] ديوان الأعشى 93، ومعجم البلدان 5/37 (مأرب) ، ومروج الذهب 2/322. والأول بلا نسبة في اللسان (قفا) ، والتهذيب 9/327.

1636 -[باب القول في الجراد]

ففي ذاك للمؤتسي أسوة ... ومأرب قفّى عليه العرم [1] رخام بنته لهم حمير ... إذا جاء ماؤهم لم يرم وأنشد أبو عمرو بن العلاء [2] : [من المنسرح] من سبإ الحاضرين مأرب إذ ... يبنون من دون سيله العرما 1636-[باب القول في الجراد] ثم انظر إلى الجراد وهذا باب القول فيه. قال: فأول ما يبدو الجراد إذا باض سرء، وسرؤه: بيضه. يقال: سرأت تسرأ سرءا. فانظر الآن، فكم ترى فيه من أعجوبة، ومن آية بليغة. فأوّل ذلك التماسها لبيضها الموضع الصّلد، والصخور الصّمّ الملس، ثقة بأنها إذا ضربت بأذنابها فيها انفرجت لها. 1637-[ذنب الجرادة وإبرة العقرب] ومعلوم أن ذنب الجرادة ليس في خلقة المسمار، ولا طرف ذنبها كحد السّنان، ولا لها من قوة الأسر، ولذنبها من الصّلابة [3] ما إذا اعتمدت به على الكدية [4] والكذّانة [5] جرح فيهما. فكيف وهي تتعدى إلى ما هو أصلب من ذلك، وليس في طرف ذنبها كإبرة العقرب؟!. وعلى أن العقرب ليس تخرق القمقم من جهة الأيد [6] وقوة البدن [7] ، بل إنما

_ [1] قفى: عفى ودرس. [2] البيت للنابغة الجعدي في ديوانه 134، والجمهرة 773، 1022 والسمط 18، وشرح أبيات سيبويه 2/241، واللسان (عرم) ، وله أو لأمية بن أبي الصلت في الخزانة 9/139، ولأمية بن أبي الصلت في ديوانه 490، وللأعشى في معجم ما استعجم 1170، وبلا نسبة في مروج الذهب 2/321، والاشتقاق 489، والإنصاف 2/502، والجمهرة 1107، والكتاب 3/253، واللسان (سبأ) . [3] انظر 4/41، الفقرة (1166) . [4] الكدية: الصفاة العظيمة الشديدة. [5] الكذانة: حجارة كأنها المدر فيها رخاوة. [6] الأيد: القوّة. [7] انظر ما تقدم في 414- 415.

1638 -[استطراد لغوي]

ينفرج بطبع مجعول هناك. وكذلك انفراج الصخور لأذناب الجراد. ولو أن عقابا أرادت أن تخرق في جلد الجاموس لما انخرق لها إلا بالتكلّف الشديد، والعقاب هي التي تنكدر [1] على الذئب الأطلس فتقدّ بدابرتها [2] ما بين صلاه [3] إلى موضع الكاهل. فإذا غرزت الجرادة وألقت بيضها، وانضمّت عليها تلك الأخاديد التي أحدثتها، وصارت كالأفاحيص لها، وصارت حافظة لها ومربّية. وصائنة وواقية، حتى إذا جاء وقت دبيب الرّوح فيها أحدث الله في أمرها عجبا آخر. فسبحان من استخزنها حكمته، وحشاها بالأدلة عليه، وأنطقها بأنها مدبرة، ومذلَّلة ميسرة، ليفكر مفكر، ويعتبر معتبر! ذلكم الله ربّ العالمين، وتبارك الله ربّ العالمين! 1638-[استطراد لغوي] وقال الأصمعي [4] : يقال: قد سرأت الجرادة تسرأ سرءا. فإذا خرج من بيضه فهو دبا والواحدة دباة. ويخرج أصهب إلى البياض، فإذا اصفرّ وتلوّنت فيه خطوط واسودّ فهو برقان. يقال رأيت دبا برقانا، والواحدة برقانة، فإذا بدت فيه خطوط سود وبيض وصفر فهو المسيّح. فإذا بدا حجم جناحه فذلك الكتفان، لأنه حينئذ يكتف المشي، واحدة كتفانة. قال ابن كناسة: [من الخفيف] يكتف المشي كالذي يتخطّى ... طنبا أو يشكّ كالمتمادي [5] يصف فرسا. فإذا ظهرت أجنحته وصار أحمر إلى الغبرة فهو الغوغاء والواحدة غوغاءه، وذلك حين يستقلّ ويموج بعضه في بعضه ولا يتوجّه جهة. ولذلك قيل لرعاع الناس غوغاء. فإذا بدت في لونه الحمرة والصفرة، وبقي بعض الحمرة، واختلف في ألوانه، فهو الخيفان، والواحدة خيفانة. ومن ثمّة قيل للفرس خيفانة.

_ [1] تنكدر: تنقضّ. [2] تقد: تقطع. الدابرة: الإصبع التي من وراء رجلها. [3] الصلا: وسط الظهر. [4] انظر قول الأصمعي في نهاية الأرب 10/293، وورد بعض من هذا القول في اللسان 2/493 (سيح) ، وانظر نظام الغريب 219 (الباب 82: في أسماء الجراد) . [5] الطنب: حبل الخباء. المتمادي: اللجوج.

1639 -[مثل في الجراد]

فإذا اصفرّت الذكورة واسودّت الإناث ذهبت عنه أسماء غير الجراد. فإذا باض قيل غرز الجراد، وقد رزّ. فإذا كثر الجراد في السماء وكثف فذلك السّدّ. ويقال: رأيت سدّا من جراد، ورأيت رجلا من جراد، للكثير منه. وقال العجاج [1] : [من الرجز] سير الجراد السّدّ يرتاد الخضر 1639-[مثل في الجراد] ومما تقول العرب: «أصرد من جرادة» [2] . وإنما يصطاد الجراد بالسّحر. إذا وقع عليه الندى طلب مكانا أرفع من موضعه، فإن كان مع النّدى برد لبد في موضعه. ولذلك قال الشاعر [3] : [من الكامل] وكتيبة لبّستها بكتيبة ... كالثائر الحيران أشرف للنّدى الثائر: الجراد. أشرف: أتى على شرف. للندى: أي من أجل الندى. 1640-[استطراد لغوي] ويقال: سخّت الجرادة تسخّ سخّا، ورزّت وأرزّت، وجرادة رزّاء ورازّ ومرزّ: إذا غمزت ذنبها في الأرض، وإذا ألقت بيضها قيل: سرأت تسرأ سرءا. ويقال: قد بشر الجراد الأرض فهو يبشرها بشرا: إذا حلقها فأكل ما عليها. ويقال: جرد الجراد: إذا وقع على شيء فجرده. وأنشدني ابن الأعرابي [4] : [من الطويل] كما جرد الجارود بكر بن وائل ولهذا البيت سمّي الجارود.

_ [1] ديوان العجاج 1/81، والأساس (سدد) ، ونظام الغريب 219، وبلا نسبة في اللسان (سدد) ، والجمهرة 111، والتنبيه والإيضاح 2/27. [2] مجمع الأمثال 1/413، وجمهرة الأمثال 1/585، والمستقصى 1/207، والدرة الفاخرة 1/267. [3] البيت لأبي بكر في كتاب الجيم 2/243، وبلا نسبة في مجالس ثعلب 24. [4] صدر البيت: «ودسناهم بالخيل من كلّ جانب» ، وهو في العين 6/76، واللسان (جرد) ، والتهذيب 10/639، والجمهرة 446، وكتاب الجيم 3/71، والاشتقاق 327، والمعارف 338.

1641 -[تطير النابغة]

وأنشدني آخر: [من الطويل] يقول أمير: ها جراد وضبّة ... فقد جردت بيتي وبيت عياليا وهذا من الاشتقاق. ومنه قيل ثوب جرد، بإسكان الراء، إذا كان قد انجرد وأخلق. قالت سعدى بنت الشّمردل [1] : [من الكامل] سبّاء عادية وهادي سربة ... ومقاتل بطل وليث مسلع [2] أجعلت أسعد للرّماح دريئة ... هبلتك أمّك أيَّ جرد ترقع [3] 1641-[تطيّر النابغة] ويدخل في هذا الباب ما حدّثنا به الأصمعيّ، قال [4] : تجهز النابغة الذبيانيّ مع زبَّان بن سيَّار الفزاريّ، للغزو. فلما أراد الرحيل نظر إلى جرادة قد سقطت عليه، فقال: «جرادة تجرد، وذات لونين. غيري من خرج في هذا الوجه» ولم يلتفت زبّان إلى طيرته وزجره، ونفذ لوجهه، فلما رجع إلى موضعه الذي كان النابغة فارقه فيه، وذكر ما نال من السلامة والغنيمة، أنشأ يذكر شأن النابغة فقال [5] : [من الوافر] تخبّر طيره فيها زياد ... لتخبره وما فيها خبير أقام كأنَّ لقمان بن عاد ... أشار له بحكمته مشير تعلَّم أنه لا طير إلا ... على متطيّر وهو الثبور بلى، شيء يوافق بعض شيء ... أحايينا، وباطله كثير

_ [1] البيتان في الأصمعيات 103، والحماسة الشجرية 1/306، ونوادر أبي زيد 7، ولسلمى الجهنية في اللسان والتاج (حضر) ، والبيت الأول لسعدى بنت الشمردل أو لسلمى الجهنية أو لتأبط شرّا أو لبعض الهذليين في شرح شواهد الإيضاح 390، ولتأبط شرّا في السمط 36، وبلا نسبة في اللسان والتاج والأساس (جرد) ، والثاني لسلمى الجهنية في اللسان والتاج (سلع) ، وللخنساء في العين 1/335، والتهذيب 2/99، وبلا نسبة في المخصص 12/36. [2] سباء: من السبي؛ وهو الأسر. العادية: الخيل تعدو. السرية: السير بالليل. المسلع: الذي يشق الفلاة. [3] الدريئة: الحلقة التي يتعلم الرامي الطعن والرمي عليها. الجرد: الثوب: الخلق. [4] تقدم الخبر في 3/213، الفقرة (864) . [5] الأبيات في البيان 3/304، والعمدة 2/262، وعيون الأخبار 1/146، وقد تقدمت الأبيات مع الخبر السابق في 3/213، الفقرة (864) .

1642 -[استطراد لغوي]

واسم النابغة زياد بن عمرو، وكنيته أبو ثمامة. وأنشدني أبو عبيدة [1] : [من الطويل] وقائلة: من أمّها واهتدى لها؟ ... زياد بن عمرو أمَّها واهتدى لها 1642-[استطراد لغوي] قال: ويقال أبشرت الأرض إبشارا: إذا بذرت فخرج منها بذرها. فعند ذلك يقال: ما أحسن بشرة الأرض. وقال الكميت- وكنية الجراد عندهم: أمّ عوف. وجناحاها: برداها- ولذا قال [2] : [من الطويل] تنفّض بردي أمّ عوف ولم تطر ... لنا بارق، بخ للوعيد وللرّهب [3] وأنشدنا أبو زيد [4] : [من البسيط] كأن رجليه رجلا مقطف عجل ... إذا تجاوب من برديه ترنيم يقول: كأنَّ رجلي الجندب، حين يضرب بهما الأرض من شدة الحرّ والرّمضاء، رجلا رجل مقطف. والمقطف: الذي تحته دابّة قطوف [5] ، فهو يهمزها [6] برجليه. 1643-[شعر في الجندب والجراد] وقال أبو زبيد الطائيّ [7] ، يصف الحرّ وشدته، وعمل الجندب بكراعيه: [من الخفيف]

_ [1] البيت للنابغة للذبياني في ديوانه 205، واللسان والتاج (قصد) ، والتهذيب 8/353. [2] ديوان الكميت 1/128، واللسان (برد، عوف) ، والمخصص 8/174، والتهذيب 3/230، 14/108. [3] بردا الجراد: جناحاه. بارق: قبيلة من الأزد. الرهب: الخوف. [4] البيت لذي الرمة في ديوانه 419، واللسان والتاج (جدب، جوب، برد، قطف، رنم) ، والتهذيب 11/253، 14/108، والمقاييس 4/237، والمجمل 1/261، والعين 8/30، وديوان الأدب 2/316، وبلا نسبة في المخصص 10/145. [5] القطوف: المتقارب الخطو البطيء. [6] يهمزها: يضربها ويدفعها. [7] ديوان أبي زبيد الطائي 579، والحماسة البصرية 2/358، والخزانة 7/322، وتقدمت الأبيات مع شرحها ص 128.

1644 -[تشبيه الفرس بالجرادة]

أيّ ساع سعى ليقطع شربي ... حين لاحت للصابح الجوزاء واستكنّ العصفور كرها مع الضَّبّ وأوفى في عوده الحرباء ونفى الجندب الحصى بكراعيه وأذكت نيرانها المعزاء وأنشد أبو زيد، لعوف بن ذروة [1] ، في صفة الجراد: [من الرجز] 1- قد خفت أن يحدرنا للمصرين ... ويترك الدّين علينا والدَّين [2] 3- زحف من الخيفان بعد الزّحفين ... من كلّ سفعاء القفا والخدّين [3] 5- ملعونة تسلخ لونا عن لون ... كأنها ملتفَّة في بردين 7- تنحي على الشمراخ مثل الفأسين ... أو مثل مئشار غليظ الحرفين [4] 9- أنصبه منصبه في قحفين [5] وعلى معنى قوله: تنحي على الشمراخ مثل الفأسين ... أو مثل مئشار غليظ الحرفين قال حماد لأبي عطاء [6] : [من مجزوء الوافر] فما صفراء تكنى أمَّ عوف ... كأنَّ رجيلتيها منجلان 1644-[تشبيه الفرس بالجرادة] ويوصف الفرس فيشبه بالجرادة، ولذا قال الشاعر: [من الكامل] فإذا أتيت أباك فاشتر مثلها ... إنّ الرّداف عن الأحبَّة يشغل فإذا رفعت عنانها فجرادة ... وإذا وضعت عنانها لا تفشل

_ [1] الرجز لعوف بن ذروة في محاضرات الأدباء 2/304 (4/669) ، ونوادر أبي زيد 48، والأول والثالث بلا نسبة في اللسان (زحف) ، والخامس والسادس في المعاني الكبير 613، وبلا نسبة في الجمهرة 1279، وتقدم الخامس في 4/369 بلا نسبة. [2] المصران: البصرة والكوفة. [3] الخيفان: جمع خيفانة، وانظر ص 291. السفعاء: السوداء. [4] الشمراخ: العثكال الذي عليه البسر، وربما عنى به السنابل. المئشار: المنشار. [5] أنصبه: جعله في نصاب، والنصاب: المقبض. القحف: الفلقة من القصعة إذا انثلمت. [6] البيت لحماد الراوية في الأغاني 17/331، والشعر والشعراء 483 (ليدن) ، والخزانة 4/170 (بولاق) ، وله أو لأبي عطاء السندي في اللسان (عوف) ، ولحماد عجرد في التاج (عوف) ، وبلا نسبة في اللسان والتاج (صفر) ، ومحاضرات الأدباء 2/304 (4/669) .

1645 -[تشبيه قتير الدرع بحدق الجراد]

ولم يرض بشر بن أبي خازم بأن يشبهه بالجرادة حتى جعله ذكرا، حيث يقول [1] : [من الوافر] بكلّ قياد مسنفة عنود ... أضرَّ بها المسالح والعوار [2] مهارشة العنان كأنّ فيها ... جرادة هبوة فيها اصفرار [3] فوصفها بالصّفرة، لأنّ الصفرة هي الذكورة، وهي أخفّ أبدانا، وتكون لخفة الأبدان أشدّ طيرانا. 1645-[تشبيه قتير الدرع بحدق الجراد] ويوصف قتير [4] الدّرع ومساميرها [فيشبّه] [5] بحدق الجراد [6] . وقال قيس بن الخطيم [7] : [من الطويل] ولما رأيت الحرب حربا تجرّدت ... لبست مع البردين ثوب المحارب مضاعفة يغشى الأنامل فضلها ... كأنّ قتيريها عيون الجنادب وقال المقنّع الكنديّ [8] : [من الطويل] ولي نثرة ما أبصرت عين ناظر ... كصنع لها صنعا ولا سردها سردا [9]

_ [1] ديوان بشر بن أبي خازم 73- 74 (110- 111) ، والمفضليات 343، والأول في اللسان والتاج (سلح) ، والثاني في اللسان والتاج (عرر، هرش) ، والأساس (هرش) ، والمخصص 16/115. [2] في ديوانه: «المسنفة: الفرس المتقدمة. العنود: الفرس التي لا تستقيم على حالة ولكنها تعارض في الطريق لمرحها. المسالح: موضع القتال حيث يستعمل السلاح، الواحد مسلحة، أو هي بمعنى الثغر والمرقب يكون فيه أقوام يرقبون العدو» المعاورة: المداولة. وفي ديوانه «الغوار» وهو الغارة، مصدر غاور. [3] في ديوانه: «المهارشة: «التهارش: تقاتل الكلاب وتواثبها. الهبوة: الغبار. ووصف الجرادة بالصفرة لأن الذكور فيها صفر، وهي أخف أبدانا، والجرادة إنما تصفر حين تتم وينبت جناحاها وتبلغ مداها» . [4] القتير: رؤوس مسامير الدرع. [5] إضافة يقتضيها السياق، انظر س 15 من الصفحة السابقة. [6] حدقة العين: سوادها الأعظم. [7] ديوان قيس بن الخطيم 82، والأول في المعاني الكبير 969، وشروح سقط الزند 306، والمنتخب من كنايات الأدباء 109، والثاني في اللسان والتاج (ريع) ، والعين 2/243، وبلا نسبة في الأساس (ريع) ، والمخصص 6/72. [8] ديوان المقنع الكندي 206. [9] النثرة: الدرع الواسعة. السرد: نسج الدروع.

1646 -[تشبيه وسط الفرس بوسط الجرادة]

تلاحم منها سردها فكأنما ... عيون الدَّبا في الأرض تجردها جردا [1] وقال عمرو بن معد يكرب [2] : [من الوافر] تمناني ليلقاني أبيّ ... وددت وأين ما منّي ودادي تمناني وسابغتي دلاص ... خروس الحسّ محكمة السّراد [3] مضاعفة تخيَّرها سليم ... كأنّ سكاكها حدق الجراد [4] 1646-[تشبيه وسط الفرس بوسط الجرادة] ويوصف وسط الفرس بوسط الجرادة. قال رجل من عبد القيس [5] يصف فرسا: [من الكامل] أمّا إذا ما استدبرت فنعامة ... تنفي سنابكها رضيض الجندل 1647-[تشبيه الحباب بحدق الجراد] ويوصف حباب الشراب بحدق الجراد. قال المتلمّس [6] : [من الوافر] كأني شارب يوم استبدّوا ... وحثّ بهم وراء البيد حادي عقارا عتّقت في الدّنّ حتى ... كأنّ حبابها حدق الجراد 1648-[لعاب الجندب] وإذا صفا الشّراب وراق شبّهوه بلعاب الجندب. ولذا قال الشاعر [7] : [من الكامل] صفراء من حلب الكروم كأنّها ... ماء المفاصل أو لعاب الجندب [8]

_ [1] تجردها: تأكل نبتها. [2] ديوان عمرو بن معدي كرب 106- 107، 110. [3] السابغة: الدرع الفضفاضة. [4] سليم: أراد به سليمان بن داود، وأخطأ في نسبة الدرع إلى سليمان، لأن الدروع تنسب إلى داود. انظر العمدة 2/268، باب الإحالة والتغيير. [5] البيت لابن سنان العبدي، كما تقدم في 1/182، نهاية الفقرة (207) . [6] ديوان المتلمس 165- 166، والخزانة 3/71 (بولاق) . [7] البيت بلا نسبة في ثمار القلوب 446 (807) ، والمستقصى 1/210. [8] ماء المفاصل: ماء بين السهل والجبل، وهو أصفى ما يكون وأرقه. انظر المثل «أصفى من ماء المفاصل» . في مجمع الأمثال 1/412، 2/49، وجمهرة الأمثال 1/584، والمستقصى 1/210.

1649 -[زعم في الدبا]

ولعاب الجندب سمّ على الأشجار، لا يقع على شيء إلا أحرقه. 1649-[زعم في الدّبا] ولا يزال بعض من يدَّعي العلم يزعم أن الدّبا يريد الخضرة، ودونها النهر الجاري، فيصير بعضه جسرا لبعض، وحتى يعبر إلى الخضرة، وأن تلك حيلة منها. وليس ذلك كما قال: ولكنّ الزّحف الأول من الدبا يريد الخضرة، فلا يستطيعها إلا بالعبور إليها، فإذا صارت تلك القطعة فوق الماء طافية صارت تلك لعمري أرضا للزحف الثاني الذي يريد الخضرة. فإن سمّوا ذلك جسرا استقام. فأما أن يكون الزحف الأول مهّد للثاني ومكّن له، وآثره بالكفاية- فهذا ما لا يعرف. ولو أن الزحفين جميعا أشرفا على النهر، وأمسك أحدهما عن تكلّف العبور إلى أن يمهّد له الآخر- كان ذلك قولا. 1650-[استطراد لغوي] ويقال في الجراد: خرقة من جراد، والجميع خرق. وقال الشاعر [1] : [من مجزوء الكامل] وكأنها خرق الجراد ... يثور يوم غبار ويقال للقطعة الكثيرة منها رجل جراد، ورجلة من جراد. والثَّول: القطعة من النحل. وتوصف كثرة النّبل، ومرورها، وسرعة ذلك بالجراد. وقال أبو النجم [2] : [من الرجز] كأنما المعزاء من نضالها ... رجل جراد طار عن حدالها [3] وإذا جاء منه ما يسدّ الأفق قالوا: رأينا سدّا من جراد. وقال المفضل النّكريّ [4] : [من الوافر] كأنّ النّبل بينهم جراد ... تهيّجه شآمية خريق [5]

_ [1] البيت بلا نسبة في نظام الغريب 219. [2] ديوان أبي النجم 163، واللسان والتاج (رجل) . [3] المعزاء: الأرض الحزنة الغليظة ذات الحجارة. الحدال: مصدر: حادلت الأتن العير أي راوغته. [4] البيت للمفضل النكري في الأصمعيات 201. [5] شآمية: ريح تهب من الشام. الخريق: الريح الباردة الشديدة الهبوب.

1651 -[طيب الجراد الأعرابي]

والمرتجل: الذي قد أصاب رجل جراد، فهو يشويه. وقال بعض الرّجّاز، وهو يصف خيلا قد أقبلت إلى الحيّ: [من الرجز] حتى رأينا كدخان المرتجل ... أو شبه الحفّان، في سفح الجبل ولأن الحفان أتمّها أبدانا، قال ابن الزّبعرى [1] : [من الرمل] ليت أشياخي ببدر شهدوا ... جزع الخزرج من وقع الأسل حين ألقت بقباء بركها ... واستحرّ القتل في عبد الأشل [2] ساعة ثم استخفوا رقصا ... رقص الحفّان في سفح الجبل [3] وقتلنا الضّعف من ساداتهم ... وعدلنا ميل بدر فاعتدل [4] 1651-[طيب الجراد الأعرابي] والجراد الأعرابيّ لا يتقدمه في الطّيب شيء. وما أحصي كم سمعت من الأعراب من يقول: ما شبعت منه قطّ! وما أدعه إلا خوفا من عاقبته؛ أو لأني أعيا فأتركه! 1652-[أكل الجراد] والجراد يطيب حارّا وباردا، ومشويّا ومطبوخا، ومنظوما في خيط، ومجعولا في الملّة [5] . والبيض الذي يتقدّم في الطيب ثلاثة أجناس: بيض الأسبور [6] وبيض الدّجاج، وبيض الجراد فوق بيض الأسبور في الطيب. وبيض الأسبور فوق بيض الدّجاج. وجاء في الأثر، أن الجراد ذكر عند عمر فقال [7] : «ليت لنا منه قفعة [8] أو قفعتين» .

_ [1] ديوان عبد الله بن الزبعرى 42، والحماسة البصرية 1/100. [2] قباء: قرية على ميلين أو ثلاثة أميال من المدينة على يسار القاصد إلى مكة. البرك: الإبل الكثيرة. [3] الرقص: المشي السريع؛ وضرب من الخبب. الحفان: صغار النعام. [4] الميل: الزيادة. [5] الملة: الجمر، والرماد الحار. [6] الأسبور: سمك بحري. [7] الحديث في النهاية 4/91، وأساس البلاغة واللسان (قفع) . [8] في النهاية: «القفعة: شيء كالقفة تتخذ واسعة الأسفل ضيقة الأعلى» .

1653 -[الولوع بأكل الجراد]

وهو يؤكل يابسا وغير يابس، ويجعل أدما [1] ونقلا [2] . والجراد المأكول ضروب، فمنه الأهوازيّ، ومنه المذنّب، وأطيبه الأعرابيّ، وأهل خراسان لا يأكلونه. 1653-[الولوع بأكل الجراد] وحدّثني رتبيل بن عمرو بن رتبيل قال: والله إني لجالس على باب داري في بني صبير، إذ أقبلت امرأة لم أر قط أتم حسنا وملحا [3] وجسما منها، ورأيت في مشيها تأوّدا، ورأيتها تتلفّت. فلم ألبث أن طلعت أخرى لا أدري أيتهما أقدّم، إذ قالت التي رأيتها بديّا للأخرى: ما لك لا تلحقيني؟ قالت: أنا منذ أيام كثيرة أكثر أكل هذا الجراد، فقد أضعفني! فقالت: وإنك لتحبّينه حبّا تحتملين له مثل ما أرى بك من الضّعف؟ قالت: والله إنه لأحبّ إليّ من الحبل!. 1654-[طرفة في الجراد] وقال الأصمعي: قال رجل من أهل المدينة لامرأته: لا جزاك الله خيرا، فإنك غير مرعية ولا مبقية! قالت: لأنا والله أرعى وأبقى من التي كانت قبلي! قال: فأنت طالق إن لم أكن كنت آتيها بجرادة فتطبخ منها أربعة ألوان، وتشوي جنبيها! فرفعته إلى القاضي فجعل القاضي يفكر ويطلب له المخرج. فقال للقاضي: أصلحك الله أأشكلت عليك المسألة؟ هي طالق عشرين! 1655-[تشبيه الجيش بالدبا] ووصف الراجز حربا، فوصف دنوّ الرّجّالة من الرّجّالة، فقال: [من الرجز] أو كالدّبا دبّ ضحى إلى الدّبا 1656-[قول أبي إسحاق في آية الضفادع] وقرأ بعض أصحابنا بحضرة أبي إسحاق: وَقالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ. فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ آياتٍ مُفَصَّلاتٍ [4] فقال رجل لأبي إسحاق: انظر كيف قرن الضفادع مع ضعفها

_ [1] الأدم: ما يؤكل بالخبز. [2] النقل: ما يعبث به الشارب على شرابه، أو الذي يتنقّل به على الشراب. انظر اللسان «نقل» . [3] الملح: الملاحة والطيب. [4] 132- 133/الأعراف: 7.

1657 -[شعر في تشبيه بالجراد]

إلى الطوفان، مع قوة الطوفان وغلبته. قال أبو إسحاق: الضفادع أعجب في هذا الموضع من الطوفان، وإذا أراد الله تعالى أن يصيّر الضفادع أضرّ من الطوفان فعل. 1657-[شعر في تشبيه بالجراد] وقال أبو الهندي [1] : [من الكامل] لمّا سمعت الدّيك صاح بسحرة ... وتوسّط النّسران بطن العقرب وتتابعت عصب النّجوم كأنها ... عفر الظّباء على فروع المرقب وبدا سهيل في السماء كأنه ... ثور وعارضه هجان الرّبرب [2] نبّهت ندماني فقلت له: اصطبح ... يا ابن الكرام من الشّراب الأصهب صفراء تنزو في الإناء كأنها ... عين الجرادة أو لعاب الجندب نزو الدّبا من حرّ كلّ ظهيرة ... وقّادة، حرباؤها يتقلّب وقال أبو الهنديّ [3] أيضا: [من السريع] فإنّ هذا الوطب لي ضائر ... في ظاهر الأمر وفي الغامض [4] إن كنت تسقيني فمن قهوة ... صفراء مثل المهرة الناهض تنزو الفقاقيع إذا شعشعت ... نزو جراد البلد الرّامض [5] وقال الأفوه [6] : [من الكامل] بمناقب بيض، كأنّ وجوههم ... زهر قبيل ترجّل الشّمس دبّوا كمنتشر الجراد هوت ... بالبطن، في درع وفي ترس [7] وكأنها آجال عادية ... حطّت إلى إجل من الخنس [8]

_ [1] الأبيات في ديوان أبي الهندي 15- 16، والحماسة البصرية 2/386، والأغاني 20/328. [2] الهجان: البيض. الربرب: قطيع من بقر الوحش. [3] ديوان أبي الهندي 42. [4] الوطب: سقاء اللبن. [5] تنزو: تثب وتقفز. شعشعت: مزجت بالماء. الرامض: الشديد الحر. [6] ديوان الأفواه الأودي 16. [7] بالبطن: أي بطن الوادي. [8] الإجل: القطيع من بقر الوحش. العادية: التي تعدو. الخنس: جمع أخنس وخنساء وهو الذي قصرت قصبته وارتدت أرنبته إلى قصبته.

1658 -[أقوال فيما يضر من الأشياء]

1658-[أقوال فيما يضر من الأشياء] وروى الأصمعي، وأبو الحسن، عن بعض المشايخ. قال: ثلاثة أشياء ربما صرعت أهل البيت عن آخرهم: أكل الجراد، ولحوم الإبل، والفطر من الكمأة. وقال غيرهما: شرب الماء في الليل يورث الخبل، والنظر إلى المختصر يورث ضعف القلب، والاطلاع في الآبار العاديّة [1] ينقض التركيب. ويسوّل مصارع السّوء. فأما الفطر الذي يخلق في ظلّ شجر الزيتون فإنما هو حتف قاض، وسمّ ناقع. وكل شيء يخلق تحت ظلال الشجر يكون رديئا، وأردؤه شجر الزيتون، وربما قتل، وإن كان مما اجتنبوه من أوساط الصحارى. قالوا: ومما يقتل: الحمّام على الملأة، والجماع على البطنة، والإكثار من القديد [2] اليابس. وقال الآخر [3] : شرب الماء البارد على الظمإ الشديد- إذا عجّل الكرع، وعظّم الجرع، ولم يقطع النفس- يقتل. قالوا [4] : وثلاث تورث الهزال: شرب الماء على الرّيق، والنوم على غير وطاء، وكثرة الكلام برفع الصوت. والجماع على الامتلاء من الطعام ودخوله. وربما خيف عليه أن يكون قاتل نفسه [5] . وقالوا [6] : وأربعة أشياء تسرع إلى العقل بالإفساد: الإكثار من البصل، والباقلّى والجماع، والخمار. وأما ما يذكرون في الباب من الهمّ والوحدة والفكرة، فجميع الناس يعرفون

_ [1] العادية: القديمة. [2] القديد: ما قطع من اللحم وبسط في الشمس. [3] انظر عيون الأخبار 3/271، السطر قبل الأخير. [4] عيون الأخبار 3/271. [5] في عيون الأخبار 3/271: «ويقال: أربع خصال يهدمن العمر وربما قتلن: دخول الحمام على بطنة، والمجامعة على الامتلاء، وأكل القديد الجاف، وشرب الماء البارد على الريق، وقيل: مجامعة العجوز» . [6] عيون الأخبار 3/272.

باب في القطا

ذلك. وأما الذي لا يعرفه إلا الخاصة فالكفاية التامة، والتعظيم الدائم، وإهمال الفكر، والأنف من التعلّم. هذا قول أبي إسحاق. وقال أبو إسحاق [1] : ثلاثة أشياء تخلق العقل، وتفسد الذهن: طول النظر في المرآة، والاستغراق في الضحك، ودوام النظر إلى البحر. وقال معمّر: قطعت في ثلاثة مجالس، ولم أجد لذلك علة؛ إلا أني أكثرت في أحد تلك الأيام من أكل الباذنجان، وفي اليوم الآخر من أكل الزيتون، وفي اليوم الثالث من الباقلّى. وزعم أنه كلم رجلا من الملحدين في بعض العشايا، وأنه علاه علوّا ظاهرا قاهرا، وأنه بكر على بقية ما في مسألته من التخريج، فأجبل وأصفى [2] ، فقال له خصمه: ما أحدثت بعدي؟ قال: قلت: ما أتّهم إلا إكثاري البارحة من الباذنجان! فقال لي- وما خالف إلى التّهمة: ما أشكّ أنك لم تؤت إلا منه! وقال لي من أثق به: ما أخذت قط شيئا من البلاذر فنازعت أحدا إلا ظهرت عليه. وقال أبو ناضرة: ما أعرف وجه انتفاع الناس بالبلاذر إلا أن يؤخذ للعصب. قلت: فأي شيء بقي بعد صلاح العصب، وأنتم بأجمعكم تزعمون أن الحسّ للعصب خاصة؟ [باب في القطا] 1659-[القول في القطا] تقول العرب: «أصدق من قطاة [3] » و «أهدى من قطاة» [4] . وفي القطا أعجوبة، وذلك أنها لا تضع بيضها أبدا إلا أفرادا، ولا يكون بيضها أزواجا أبدا. وقال أبو وجزة [5] : [من البسيط] وهنّ ينسبن وهنا كلّ صادقة ... باتت تباشر عرما غير أزواج

_ [1] عيون الأخبار 3/272. [2] أجبل: صعب عليه القول. أصفى الرجل من المال: خلا. [3] مجمع الأمثال 1/412، والدرة الفاخرة 1/263، 265، وجمهرة الأمثال 1/584، والمستقصى 1/206، وأمثال ابن سلام 363. [4] مجمع الأمثال 2/409، وجمهرة الأمثال 2/353. [5] البيت لأبي وجزة في اللسان (زوج، هدج، عرم، قطا) ، والأساس (نسب) ، والتاج (عرم، قطا) ، والتهذيب 2/392، 9/241، وربيع الأبرار 5/449، وبلا نسبة في المخصص 4/46.

والعرم التي عنى: بيض القطا، لأنها منقّطة. وقال الأخطل [1] : [من الطويل] شفى النّفس قتلى من سليم وعامر ... ولم يشفها قتلى غنيّ ولا جسر ولا جشم شرّ القبائل إنهم ... كبيض القطا ليسوا بسود ولا حمر وقال معقل بن خويلد [2] : [من الطويل] أبا معقل لا توطئنكم بغاضتي ... رؤوس الأفاعي في مراصدها العرم يريد: الأفاعي العرم في مراصدها. وهي منقّطة الظهور. وما أكثر ما تبيض العقاب ثلاث بيضات، إلا أنها لا تلحم ثلاثة [3] ، بل تخرج منهنّ واحدة. وربما باضت الحمامة ثلاث بيضات، إلا أن واحدة تفسد لا محالة. وقال الآخر [4] في صفة البيض: [من الطويل] وبيضاء لا تنحاش منّا وأمّها ... إذا ما رأتنا زال منها زويلها نتوج ولم تقرف لما يمتنى له ... إذا أنتجت ماتت وحيّ سليلها يعني البيضة. نتوج، حامل: ولم تقرف: لم تدان. لما يمتنى: أي للضّراب. والامتناء: انتظارك الناقة إذا ضربت ألاقح هي أم لا. وقال ابن أحمر [5] : [من الطويل] بتيهاء قفر والمطيّ كأنها ... قطا الحزن قد كانت فراخا بيوضها [6]

_ [1] ديوان الأخطل 181. [2] تقدم البيت مع تخريجه في الفقرة (1113) 4/363. [3] ألحمه: أطعمه اللحم. والمقصود بالثلاثة: فراخها. [4] البيت لذي الرمة في ديوانه 923، والبيت الأول في اللسان (حوش، زول، زيل، مني) ، والتاج (رجأ، حوش، زول، وصل) ، والعين 7/385، والتهذيب 5/142، 13/253، وبلا نسبة في الجمهرة 827، والمقاييس 2/119، 3/38، والمجمل 2/119، 11/183، 15/532، والتاج (رجأ، مني) ، وبلا نسبة في المجمل 2/471. [5] ديوان عمرو بن أحمر 119، والخزانة 9/102، واللسان والتاج (عرض، كون) ، وله أو لابن كنزة في شرح شواهد الإيضاح 525، وبلا نسبة في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي 68، وشرح المفصل 7/102، والمعاني الكبير 1/313، وأسرار العربية 137. [6] التيهاء: الأرض التي لا يهتدى فيها. الحزن: الأرض الغليظة وفي المعاني الكبير: «أراد أنها شربت من الغدر في الربيع، فإذا فرخت ودخلت في الصيف احتاجت إلى طلب الماء على بعد، فيكون أسرع لطيرانها. وإنما تفرخ بيضها إذا جاء الحر» .

1660 -[تشبيه مشي المرأة السمينة بمشي القطاة]

وذلك أنها قد كانت قبل ذلك الوقت تشرب من الغدر، فلما أفرخت صافت، فاحتاجت إلى طلب الماء من مكان بعيد، فذلك أسرع لها. 1660-[تشبيه مشي المرأة السمينة بمشي القطاة] ويشبّه مشي المرأة إذا كانت سمينة غير خرّاجة طوّافة بمشي القطاة في القرمطة والدّلّ. وقال ابن ميّادة [1] : [من البسيط] إذا الطّوال سدون المشي في خطل ... قامت تريك قواما غير ذي أود [2] تمشي ككدريّة في الجوّ فاردة ... تهدي سروب قطا يشربن بالثّمد [3] وقال جران العود [4] : [من الطويل] فلمّا رأين الصّبح بادرن ضوءه ... رسيم قطا البطحاء، أو هنّ أقطف وقال الكميت [5] : [من الكامل] يمشين مشي قطا البطاح تأوّدا ... قبّ البطون رواجح الأكفال 1661-[شعر في التشبيه بالقطاة] وقال الآخر [6] في غير هذا المعنى: [من الوافر] كأنّ القلب ليلة قيل يغدى ... بليلى العامريّة أو يراح قطاة غرّها شرك فباتت ... تجاذبه وقد علق الجناح وقال آخر [7] : [من الطويل] وكنّا كزوج من قطا بمفازة ... لدى خفض عيش ونق مورق رغد فخانهما ريب الزّمان فأفردا ... ولم تر عيني قطّ أقبح من فرد

_ [1] ديوان ابن ميادة 119، والأشباه والنظائر للخالديين 1/208. [2] السدو: اتساع الخطو. الخطل: السرعة في المشي. الأود: العوج. [3] الكدري: ضرب من القطا قصار الأذناب. الثمد: القليل. [4] ديوان جران العود 22، واللسان والتاج (حنف) . [5] ديوان الكميت 2/53، وتقدم البيت ص 120. [6] الأبيات لمجنون ليلى في ديوانه 90، وتزيين الأسواق 104، والأمالي 2/61، وله أو لتوبة بن الحمير في الكامل 2/44 (المعارف) ، ولنصيب في ديوانه 74، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1313، وله أو لقيس بن معاذ في الحماسة البصرية 2/115، ولقيس بن الذريح في ديوانه 73- 74، وانظر المزيد من المصادر في الدواوين الثلاثة المتقدمة. [7] البيتان لأبي دلامة في الأغاني 10/255، ومعاهد التنصيص 2/221، وبلا نسبة في الأمالي 2/21، ومحاضرات الأدباء 1/263 (2/546) .

1662 -[شعر في صدق القطاة]

1662-[شعر في صدق القطاة] وفي صدق القطاة يقول الشاعر [1] : [من الطويل] وصادقة ما خبّرت قد بعثتها ... طروقا وباقي الليل في الأرض مسدف ولو تركت نامت، ولكن أعشّها ... أذى من قلاص كالحنيّ المعطّف [2] وتقول العرب: «لو ترك القطا لنام» [3] . ويقال: أعششت القوم إعشاشا: إذا نزلت بهم وهم كارهون لك فتحوّلوا عن منزلهم. وقال الكميت [4] : [من البسيط] لا تكذب القول إن قالت قطا صدقت ... إذ كلّ ذي نسبة لابد ينتحل وقال مزاحم العقيليّ [5] ، في تجاوب القطاة وفرخها: [من الطويل] فنادت وناداها، وما اعوجّ صدرها ... بمثل الذي قالت له لم يبدّل. والقطاة لم ترد اسم نفسها، ولكن الناس سموها بالحروف التي تخرج من فيها، وزاد في ذلك أنها على أبنية كلام العرب، فجعلوها صادقة ومخبرة، ومريدة وقاصدة. 1663-[استطراد لغوي] ويقال سرب نساء، وسرب قطا، وسرب ظباء. كل ذلك بكسر السين وإسكان الراء. فإذا كان من الطريق والمذهب قالوا: خلّ سربه. و: فلان خليّ السّرب؛ بفتح السين وإسكان الراء. وهذا عن يونس بن حبيب. وقال الشاعر: [من البسيط] أما القطاة فإنّي سوف أنعتها ... نعتا يوافق نعتي بعض ما فيها

_ [1] البيتان للفرزدق في اللسان والتاج (عشش) ، والثاني في التهذيب 1/71، والعين 1/70، ولم أقع عليهما في ديوانه، والثاني بلا نسبة في المقاييس 4/47، وديوان الأدب 3/159، وتقدم البيت الأول ص 155. [2] القلاص: الإبل الفتية. الحي: جمع حنية، وهي القوس. [3] الفاخر 145، ومجمع الأمثال 2/174، والمستقصى 2/196، وفصل المقال 384، وأمثال ابن سلام 271. [4] البيت في حياة الحيوان 2/124، ولم يرد في ديوان الكميت. [5] ديوان مزاحم العقيلي 14، وفي الأغاني 8/258: «الشعر مختلف في قائله، ينسب إلى أوس بن غلفاء الهجيمي وإلى مزاحم العقيلي وإلى العباس بن يزيد بن الأسود الكندي وإلى العجير السلولي وإلى عمرو بن عقيل بن الحجاج الهجيمي وهو أصح الأقوال» ، والبيتان بلا نسبة في اللسان (طرق) ، والعين 2/72- 73، والثاني في ديوان الأدب 2/245.

سكّاء مخطوفة في ريشها طرق ... سود قوادمها صهب خوافيها ويقال في ريشها فتخ، وهو اللّين. ويقال في جناحه طرق: إذا غطى الرّيش الأعلى الأسفل. وقال ذو الرّمّة [1] : [من الطويل] طراق الخوافي واقع فوق ريعة ... ندى ليلة في ريشه يترقرق [2] ويقال: اطّرقت الأرض: إذا ركب التراب بعضه بعضا، ولزم بعضه بعضا، فصار كطراق [2] النّعال طبقا. وقال العجاج [3] : [من الرجز] فاطّرقت إلا ثلاثا دخّسا [5] والطّرق، بإسكان الراء: الضرب بالحصى، وهو من فعال الحزاة والعائفين [6] : وقال [7] لبيد، أو البعيث: [من الطويل] لعمرك ما تدري الطوارق بالحصى ... ولا زاجرات الطير ما الله صانع قال: ويقال طرّقت القطاة ببيضها: إذا حان خروجه وتعضلّت به شيئا. قال أبو عبيد ولا يقال ذلك في غير القطاة. وغرّه قول العبديّ [8] : [من الطويل] وقد تخذت رجلي لدى جنب غرزها ... نسيفا كأفحوص القطاة المطرّق [9] وهذا الشاعر لم يقل إن التطريق لا يكون إلا للقطاة، بل يكون لكل بيّاضة، ولكلّ ذات ولد. وكيف يقول ذلك وهم يروون عن قابلة البادية أنها قالت لجارية

_ [1] ديوان ذي الرمة 488، واللسان (ريع، طرق) ، والتاج (ريع، رقق) ، والجمهرة 756، 777، 1073. [2] الريعة: المكان المرتفع. [3] الطراق: النعل يطبق على النعل. [4] ديوان العجاج 1/187، وبلا نسبة في العين 4/193. [5] في ديوانه: «اطرقت: صار بعض ترابها على بعض. والدّخّس: الدواخل، يريد أن هذه الأثافي قد دخلت في الأرض» . [6] الحزاة: جمع حاز، وهو الكاهن. العائف: الذي يزجر الطير. [7] البيت للبيد في ديوانه 172، واللسان (طرق) ، والجمهرة 756، والعين 5/100، والتهذيب 16/224، وبلا نسبة في المقاييس 1/450، والمخصص 13/26. [8] البيت للممزق العبدي في الأصمعيات 165، والأشباه والنظائر 1/260، وشرح شواهد الإيضاح 402، وشرح شواهد المغني 2/680، واللسان (فحص، نسف، طرق) ، والمقاصد النحوية 4/590، وللمثقب العبدي في اللسان (حدب) ، وبلا نسبة في الخصائص 2/287، والجمهرة 388، 541، 757، 848، 1192. [9] الغرز: هو للجمل مثل الركاب للبغل. النسيف: أثر ركض الرجل «بجنبي البعير إذا انحص عنه الوبر» .

1664 -[ولادة البكر]

تسمى «سحابة» ، وقد ضربها المخاض وهي تطلق على يدها [1] : [من الرجز] أيا سحاب طرّقي بخير ... وطرّقي بخصية وأير ولا ترينا طرف البظير 1664-[ولادة البكر] وقال أوس بن حجر [2] : [من المتقارب] بكلّ مكان ترى شطبة ... مولّية، ربها مسبطر [3] وأحمر جعدا عليه النسو ... روفي ضبنه ثعلب منكسر [4] وفي صدره مثل جيب الفتا ... ة تشهق حينا وحينا تهر [5] فإنا وإخوتنا عامرا ... على مثل ما بيننا نأتمر [6] لنا صرخة ثم إسكاتة ... كما طرّقت بنفاس بكر فهذا كما ترى يردّ عليه. وإنما ذكر أوس بن حجر البكر دون غيرها، لأن الولاد على البكر أشدّ، وخروج الولد أعسر، والمخرج أكزّ وأضيق، ولولا أن البكر أكثر ما تلد أصغر جثة وألطف جسما، إلى أن تتسع الرحم بتمطّي الأولاد فيها لكان أعسر وأشقّ. 1665-[أجود قصيدة في القطا] وقال المرّار، أو العكبّ التغلبي، وهي أجود قصيدة قيلت في القطا: [من الطويل] بلاد مروراة يحار بها القطا ... ترى الفرخ في حافاتها يتحرّق [7]

_ [1] البيت الأول بلا نسبة في اللسان والتاج (سحب) . [2] ديوان أوس بن حجر 30. [3] في ديوانه: «الشطبة: الفرس الطويلة الحسنة الخلقة. مسبطر: مضطجع» . [4] في ديوانه: «أحمر: أي رجل أبيض. الجعد: المجتمع الخلق الشديد. عليه النسور: أي سقطت عليه لتنال منه. الضبن: الجنب أو الإبط وما يليه. الثعلب: ما دخل من القناة في جبة السنان» . [5] في ديوانه: «الجيب: فتحة القميص أو الدرع عند الصدر» . [6] في ديوانه: «قوله: على مثل ما بيننا نأتمر، أي نمتثل ما تأمرنا به أنفسنا من الإيقاع بهم والفتك فيهم على ما بيننا وبينهم من قرابة» . [7] المروراة: الأرض التي لا يهتدي فيها إلا الخريت. يتحرق: أي يتضرم جوعا.

يظلّ بها فرخ القطاة كأنّه ... يتيم جفا عنه مواليه مطرق بديمومة قد مات فيها وعينه ... على موته تغضي مرارا وترمق [1] شبيه بلا شيء هنالك شخصه ... يواريه قيض حوله متفلّق [2] له محجر ناب وعين مريض ... ة وشدق بمثل الزّعفران مخلّق تعاجيه كحلاء المدامع حرّة ... لها ذنب وحف وجيد مطوّق [3] سماكية كدريّة عرعريّة ... سكاكيّة غبراء سمراء عسلق [4] إذا غادرته تبتغي ما يعيشه ... كفاها رذاياها النّجاء الهبنّق [5] غدت تستقي من منهل ليس دونه، ... مسيرة شهر للقطا، متعلّق لأزغب مطروح، بجوز تنوفة ... تلظّى سموما قيظه، فهو أورق [6] تراه إذا أمسى وقد كاد جلد ... هـ من الحرّ عن أوصاله يتمزّق [7] غدت فاستقلّت ثم ولّت مغيرة ... بها حين يزهاها الجناحان أولق [8] تيمّم ضحضاحا من الماء قد بدت ... دعاميصه فالماء أطحل أورق [9] فلما أتته مقذحرّا تغوّثت ... تغوّث مخنوق فيطفو ويغرق [10] تحير وتلقي في سقاء كأنّه ... من الحنظل العاميّ جرو مفلّق [11] فلما ارتوت من مائه لم يكن لها ... أناة وقد كادت من الرّيّ تبصق طمت طموة صعدا ومدّت جرانها ... وطارت كما طار السّحاب المحلّق [12]

_ [1] الديمومة: الفلاة البعيدة الأرجاء. الإغضاء: إدناء الجفون. [2] القيض: قشرة البيضة العليا. [3] المعاجاة: هي ألا يكون للأم لبن يروي صبيها فتعاجيه بشيء تعلله به ساعة. الوحف من الشعر: الغزير والأسود. [4] سماكية: نسبة إلى أحد السماكين: الأعزل والرامح، أراد أنها علوية. العرعرة: أعلى الجبل، وأعلى كل شيء. السكاك: الجو والهواء والأرض. العسلق: الخفيف. [5] البيت لذي الرمة في ملحق ديوانه 1894، واللسان والتاج (هبنق) ، والتهذيب 6/504، والرذايا: أراد فراخها الضعاف. النجاء: السرعة. الهبنق: الأحمق. [6] جوز: وسط. التنوفة: الفلاة. السّموم: الريح الحارة. الأورق: ما لونه بين السواد والغبرة. [7] الأوصال: المفاصل والأعضاء. [8] استقلت: ارتفعت في الهواء. الأولق: شبه الجنون. [9] تيمم: تقصد. الدعاميص: دويبات صغيرة تكون في مستنقع الماء. الأطحل: الرمادي اللون. والأورق: الرمادي اللون. [10] المقذحر: المتهيئ للشر، وشبه به الماء الثائر. تغوثت: صاحت. [11] تحير: ترد وترجع. السقاء: عنى بها حوصلتها تملؤها ماء لإرواء صغارها. العامي: اليابس أتى عليه عام. الجرو: الصغير من كل شيء. والبيت للنمر بن تولب في ديوانه 361. [12] طمت: ارتفعت. الجران: باطن العنق. المحلق: المرتفع.

1666 -[شعر البعيث في القطا]

1666-[شعر البعيث في القطا] وقال البعيث: [من الطويل] نجت بطوالات كأنّ نجاءها ... هويّ القطا تعرو المناهل جونها [1] طوين سقاء الخمس ثمّت قلّصت ... لورد المياه واستتبّت قرونها [2] إذا ما وردن الماء في غلس الضّحى ... بللن أداوى ليس خرز يشينها [3] أداوى خفيفات المحامل أشنقت ... إلى ثغر اللّبّات منها حصينها [4] جعلن حباب الماء حين حملنه ... إلى غصص قد ضاق عنها وتينها [5] إذا شئن أن يسمعن والليل واضع ... هذا ليله والريح تجري فنونها [6] تناوم سرب في أفاحيصه السّفا ... وميّتة الخرشاء حيّ جنينها [7] يروّين زغبا بالفلاة كأنّها ... بقايا أفاني الصّيف، حمرا بطونها [8] «يروّين» من قولك: روّيت: أي حملت في راوية. إذا ملأت منها قطاة سقاءها ... فلا تعكم الأخرى ولا تستعينها [9] ذكر نوادر وأحاديث وأشعار وكلام يتمّ بها هذا الجزء قالوا [10] : خرف النّمر بن تولب، فكان هجّيراه [11] : اصبحوا الركب، اغبقوا الركب.

_ [1] نجت: أسرعت. الطوالات: جمع طوالة، أي الطويلة. الهويّ: العدو الشديد. [2] قلصت: ارتفعت. القرون: النفس. [3] الغلس: أول الصبح. الأداوي: جمع إداوة، وهو إناء صغير من الجلد يتخذ للماء، وعنى بالأداوي: حواصلهن. [4] أشنقت: علقت. الثغر، جمع ثغرة: وهي نقرة النحر. اللبات: جمع لبة، وهي وسط الصدر والمنحر. [5] الوتين: عرق في القلب إذا انقطع مات صاحبه، أو هو عرق لاصق بالصّلب من باطنه أجمع، يسقي العروق كلها الدم ويسقي اللحم؛ وهو نهر الجسد. [6] الهذاليل: جمع هذلول، وهو التل الصغير، وعنى بها التلال الصغيرة. [7] الأفحوص: الموضع الذي تبيض فيه القطاة. السفا: شوك البهمى. الخرشاء: قشرة البيضة العليا اليابسة. [8] الأفاني: جمع أفانية، وهو عنب الثعلب. [9] تعكم: تنتظر. [10] ورد هذا الخبر والذي يليه في الأغاني 22/280، ومحاضرات الأدباء 2/322 (4/705) . [11] هجيراه: دأبه وكلامه.

وخرفت امرأة من العرب فكان هجّيراها: زوّجوني، زوّجوني! فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لما لهج به أخو عكل خير مما لهجت به صاحبتكم! وحدثني عبد الله بن إبراهيم بن قدامة الجمحي قال: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا رأى رجلا يضرب في كلامه قال: أشهد أن الذي خلقك وخلق عمرو بن العاص واحد! وقال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه لصعصعة بن صوحان في المنذر بن الجارود: ما وجدنا عند صاحبك شيئا! قال [1] : إن قلت ذاك إنه لنظّار في عطفيه، تفّال في شراكيه، تعجبه حمرة برديه! قال: وحدّثنا جرير بن حازم القطعيّ قال: قال الحسن: لو كان الرجل كلما قال أصاب، وكلما عمل أحسن، لأوشك أن يجنّ من العجب. عن أبان بن عثمان قال: سمعت أبا بلال في جنازة وهو يقول [2] : كلّ ميتة ظنون إلا ميتة الشّجّاء قالوا: وما ميتة الشّجّاء؟ قال: أخذها زياد فقطع يديها ورجليها، فقيل لها: كيف ترين يا شجّاء؟ فقالت: قد شغلني هول المطّلع عن برد حديدكم هذا [3] . قال: وقيل لرابعة القيسيّة: لو أذنت لنا كلّمنا قومك فجمعوا لك ثمن خادم، وكان لك في ذلك مرفق وكفتك الخدمة وتفرّغت للعبادة. فقالت والله إني لأستحيي أن أسأل الدنيا من يملك الدنيا، فكيف أسأل الدنيا من لا يملكها؟! والناسكات المتزهدات من النساء المذكورات في الزّهد والرياسة، من نساء الجماعة وأصحاب الأهواء. فمن نساء الجماعة [4] : أم الدرداء، ومعاذة العدوية، ورابعة القيسيّة. ومن نساء الخوارج [5] : الشّجاء، وحمادة الصّفرية وغزالة الشّيبانية قتلن

_ [1] ورد الخبر في البيان 1/99. [2] في اللسان: «وقول أبي بلال بن مرداس وقد حضر جنازة، فلما دفنت جلس على مكان مرتفع ثم تنفس الصعداء وقال: كلّ منيّة ظنون إلا القتل في سبيل الله» اللسان 13/275 (ظنن) . [3] البرد: الموت، وفي اللسان (طلع) ، والنهاية 3/132: «ومنه حديث عمر: لو أن لي ما في الأرض جميعا لافتديت به من هول المطلع» . [4] البيان 1/365، 3/163. [5] البيان 1/365.

جميعا، وصلبت الشجاء وحمادة، قتل خالد بن عتّاب غزالة. وكانت امرأة صالح بن مسرّح. ومن نساء الغالية [1] : الميلاء، وحميدة، وليلى الناعظية. محمد بن سلام عن ابن جعدبة قال: ما أبرم عمر بن الخطاب أمرا قط إلا تمثل ببيت شعر. وعن أبان بن عثمان، قال عبد الملك: لقد كنت أمشي في الزّرع فأتّقي الجندب أن أقتله، وإن الحجاج ليكتب إليّ في قتل فئام [2] من الناس؛ فما أحفل بذلك. وقيل له- وقد أمر بضرب أعناق الأسراء-: أقستك الخلافة يا أمير المؤمنين، وقد كنت رؤوفا! قال: كلا، ما أقستني، ولكن أقساني احتمال الضغن على الضغن قالوا [3] : ومات يونس النحويّ سنة اثنتين وثمانين ومائة هو ابن ثمان وثمانين سنة. وقال يونس: ما أكلت شيئا قطّ في الشتاء إلا وقد برد، ولا في الصيف إلا وقد سخن. وحدثني محمد بن يسير قال [3] : قال أبو عمرو المدايني: لو كانت البلايا بالحصص ما نالني كل ما نالني: اختلفت جاريتي بالشاة إلى التّياس وبي إلى حملها حاجة، فرجعت جاريتي حاملا، والشاة حائلا. محمد بن القاسم قال [4] : قال جرير: أنا لا أبتدي، ولكني أعتدي. وقال القيني [5] : أنا مثل العقرب. أضر ولا أنفع. وقال القينيّ [6] : أنا أصدق في صغار ما يضرّني، لأكذب في كبار ما ينفعني. قال أبو إسحاق: استراح فلان من حيث تعب الكرام. وقال الحجاج: أنا حديد حقود حسود [7] .

_ [1] في البيان 1/365: «ومن نساء الغالية: ليلى الناعظية، والصدوف، وهند» . [2] فئام: جماعات كثيرة. [3] تقدم الخبر في 3/224. [4] تقدم الخبر في 3/50، وهو في البيان 3/165. [5] تقدم الخبر في ص 189، وفي 4/366. [6] انظر الخبر في عيون الأخبار 2/28، والكامل 1/363 (المعارف) . [7] تقدم الخبر في 3/225، وهو برواية مختلفة في البيان 3/255.

وحدثني نفيع قال [1] : قال لي القيني: أنا لا أصدق مادام كذبي يخفى. قال: وذكر شبيب بن شيبة عند خالد بن صفوان فقال خالد: ليس له صديق في السر، ولا عدوّ في العلانية! وقال أبو نخيلة [2] في شبيب بن شيبة: [من الرجز] إذا غدت سعد على شبيبها ... على فتاها وعلى خطيبها من مطلع الشمس إلى مغيبها ... عجبت من كثرتها وطيبها وقال يحيى بن أبي علي الكرخيّ: أنا إنسان لا أبالي ما استقبلت به الأحرار [3] . وقال عمرو بن القاسم: إنما قويت على خصمي بأني لم أتستّر قطّ عن شيء من القبيح [4] ! فقال أبو إسحاق: نلت اللذّة، وهتكت المروءة، وغلبتك النفس الدّنية، فأرتك مكروه عملك محبوبا وسيّىء قولك حسنا. ومن كان على هذا السبيل لم يتلفت إلى خير يكون منه، ولم يكترث بشرّ يفعله. وقال الفرزدق [5] : [من الطويل] وكان يجير الناس من سيف مالك ... فأصبح يبغي نفسه من يجيرها ومن هذا الباب قول التّوتّ اليمانيّ [6] : [من الطويل] على أيّ باب أطلب الإذن بعد ما ... حجبت عن الباب الذي أنا حاجبه ومن هذا الشكل قول عديّ بن زيد [7] : [من الرمل] لو بغير الماء حلقي شرق ... كنت كالغصّان بالماء اعتصاري وقال زهير [8] : [من الطويل] فلما وردن الماء زرقا جمامه ... وضعن عصيّ الحاضر المتخيّم

_ [1] ورد الخبر في البيان 1/47، 340، ورسائل الجاحظ 1/357. [2] الرجز في الأغاني 20/391، 405، وثمار القلوب (83) وبلا نسبة في البيان 1/113. [3] ورد الخبر في عيون الأخبار 2/28، منسوبا إلى القيني. [4] ورد القول في عيون الأخبار 2/28 بلا نسبة. [5] ديوان الفرزدق 249، والبيان 3/259، وتقدم في ص 253. [6] البيت في البيان 2/360، 3/259، والوحشيات 77. [7] تقدم تخريج البيت ص 76. [8] تقدم تخريج البيت ص 178.

وكتب سويد بن منجوف [1] إلى مصعب بن الزبير: [من الوافر] فأبلغ مصعبا عني رسولا ... وهل يلفى النصيح بكلّ واد تعلّم أنّ أكثر من تواخى ... وإن ضحكوا إليك هم الأعادي وحدثني إبراهيم بن عبد الوهاب، قال [2] : كتب شيخ من أهل الريّ على باب داره: «جزى الله من لا يعرفنا ولا نعرفه خيرا. فأمّا أصدقاؤنا الخاصة فلا جزاهم الله خيرا، فإنا لم نؤت قطّ إلا منهم!» وأنشدني النهشليّ لأعرابي يصف نخلا: [من البسيط] ترى مخارفها ثنيي جوانبها ... كأنّ جاني بيض النّحل جانيها [3] ووصف آخر نخلا فقال: [من الرجز] إذا علا قمّتها الرّاقي أهل [4] وقال الشاعر [5] : [من الوافر] ومن تقلل حلوبته وينكل ... عن الأعداء يغبقه القراح رأيت معاشرا يثنى عليهم ... إذا شبعوا وأوجههم قباح يظلّ المصرمون لهم سجودا ... وإن لم يسق عندهم ضياح [6] وقال الشاعر: [من البسيط] البائتين قريبا من بيوتهم ... ولو يشاؤون آبوا الحيّ أو طرقوا يقول: لرغبته في القرى، وفي طعام الناس، يبيت بهم، ويدع أهله. ولو شاء أن يبيت عندهم لفعل. وقال آخر، يمدح ضدّ هؤلاء: [من البسيط] تقري قدورهم سرّاء ليلهم ... ولا يبيتون دون الحيّ أضيافا [7]

_ [1] البيتان في الوحشيات 98، وربيع الأبرار 3/573، وأمالي اليزيدي 81، والتعازي والمراثي 190. [2] الخبر في البيان 3/280. [3] المخارف: جمع مخرف، وهو الرّطب. [4] الراقي: الذي يعتليها. أهل: رفع صوته. [5] الأبيات لمالك بن الحارث في شرح أشعار الهذليين 238، والأول في اللسان والتاج (غبق) مع نسبته إلى أبي سهم الهذلي، والثالث في اللسان والتاج (ضيح) مع نسبته إلى خالد بن مالك الهذلي، والثاني والثالث للهذلي في عيون الأخبار 1/240- 241. [6] المصرم: القليل الماء السيئ الحال. الضياح: اللبن الرقيق الكثير الماء. [7] السراء: جمع سار، وهو الذي يسير ليلا.

وقال جرير [1] : [من الطويل] وإني لأستحيي أخي أن أرى له ... عليّ من الحق الذي لا يرى ليا قال: أستحيي أن يكون له عندي يد ولا يرى لي عنده مثلها. وقال امرؤ القيس [2] : [من الطويل] وهل ينعمن إلا خليّ منعّم ... قليل الهموم ما يبيت بأوجال قال: وهو كقوله [2] : «استراح من لا عقل له» . وأنشد مع هذا البيت قول عمر ابن أبي ربيعة. ويحكى أن المنصور كان يعجبه النصف الأخير من البيت الثاني جدّا، ويتمثل به كثيرا، حتى انتقده بعض من قضى به عليه أن المعنى قدّمه دهرا، وكان استحسانه عن فضل معرفته بإحقاقه فيه، وصواب قوله [3] : [من الطويل] وأعجبها من عيشها ظلّ غرفة ... وريّان ملتفّ الحدائق أخضر ووال كفاها كلّ شيء يهمّها ... فليست لشيء آخر الدهر تسهر وأنشد [4] : [من الطويل] إذا ابتدر الناس المعالي رأيتهم ... وقوفا، بأيديهم مسوك الأرانب [5] هجاهم بأنهم إنما يعيشون من الصيد. وأنشد: [من الطويل] إذا ابتدر الناس المكارم والعلا ... أقاموا رتوبا في النّهوج اللهاجم [6] يخبر أنهم يسألون الناس. والنهج واللهجم: الطريق الواسع. وقال الآخر [7] : [من الطويل] لنا إبل يروين يوما عيالنا ... ثلاث وإن يكثرن يوما فأربع نمدّهم بالماء لا من هوانهم ... ولكن إذا ما قلّ شيء يوسّع

_ [1] تقدم البيت في 3/237، الفقرة (900) . [2] ديوان امرئ القيس 27، وتقدم في 3/237، الفقرة (900) . [3] ديوان عمر بن أبي ربيعة 95، والبيان 3/318، وتقدم البيتان في 3/237، الفقرة (900) . [4] البيت بلا نسبة في ربيع الأبرار 5/427. [5] المسوك: جمع مسك، وهو الجلد. [6] الرتوب: الثبات والإقامة. [7] البيتان لأبي الحسحاس الأسدي في السمط 892، وبلا نسبة في البخلاء 220، والثاني بلا نسبة في الفاضل 40، واللسان (مدد) .

وقال الآخر [1] : [من الطويل] من المهديات الماء بالماء بعدما ... رمى بالمقادي كلّ قاد ومعتم [2] وقال الآخر: [من الطويل] وداع دعا والليل مرخ سدوله ... رجاء القرى يا مسلم بن حمار دعا جعلا لا يهتدي لمبيته ... من اللوم حتى يهتدي ابن وبار وقال الحسن بن هانئ [3] : [من الطويل] أضمرت للنّيل هجرانا ومقلية ... إذ قيل لي إنما التّمساح في النيل [4] فمن رأى النّيل رأي العين من كثب ... فما أرى النّيل إلا في البواقيل [5] وقال ابن ميّادة [6] : [من الطويل] أتيت ابن قشراء العجان فلم أجد ... لدى بابه إذنا يسيرا ولا نزلا فإن الذي ولّاك أمر جماعة ... لأنقص من يمشي على قدم عقلا ومن هذا الباب قوله [7] : [من البسيط] إني رأيت أبا العوراء مرتفقا ... بشطّ دجلة يشري التّمر والسّمكا كشرّة الخيل تبقى عند مذودها ... والموت أعلم إذ قفّى بمن تركا هذي مساعيك في آثار سادتنا ... ومن تكن أنت ساعيه فقد هلكا ومن هذا الباب قوله [8] : [من الوافر] ورثنا المجد عن آباء صدق ... أسأنا في ديارهم الصّنيعا إذا المجد الرفيع تعاورته ... ولاة السّوء أوشك أن يضيعا وقال جران العود [9] : [من الطويل]

_ [1] البيت للعجير السلولي في البخلاء 220. [2] القادي: القادم من السفر. المعتمي: القاصد. [3] ديوان أبي نواس 561. [4] مقلية: بغضا. [5] البواقيل: جمع بوقال، وهو كوز بلا عروة. [6] ديوان ابن ميادة 197، وتقدم البيتان في 3/39- 40. [7] تقدمت الأبيات في 3/39. [8] تقدمت الأبيات في 3/40. [9] البيت لجران العود في ديوانه 53، وتقدم في 3/23.

أراقب لمحا من سهيل كأنه ... إذا ما بدا في دجية الليل يطرف وقال: [من الطويل] ولم أجد الموقوذ ترجى حياته ... إذا لم يرعه الماء ساعة ينضح [1] وكان أبو عباد النّميريّ أتى باب بعض العمال، يسأله شيئا من عمل السلطان، فبعثه إلى أستقانا فسرقوا كل شيء في البيدر وهو لا يشعر، فعاتبه في ذلك، فكتب إليه أبو عبّاد [2] : [من مجزوء الرمل] كنت بازا أضرب الكر ... كيّ والطير العظاما فتقّنّصت بي الصّ ... عو فأوهنت القدامى [3] وإذا ما أرسل البا ... زي على الصعو تعامى أراد قول أبي النجم [4] في الراعي: [من الرجز] يمرّ بين الغانيات الجهّل ... كالصقر يجفو عن طراد الدّخّل وبات أبو عبّاد مع أبي بكر الغفاريّ، في ليالي شهر رمضان، في المسجد الأعظم، فدبّ إليه، وأنشأ يقول: [من السريع] يا ليلة لي بتّ ألهو بها ... مع الغفاريّ أبي بكر قمت إليه بعد ما قد مضى ... ثلث من الليل على قدر في ليلة القدر، فيا من رأى ... أدبّ منّي ليلة القدر ما قام حمدان أبو بكر ... إلا وقد أفزعه نخري [5] وقال في قلبان صديقته: [من مجزوء الخفيف] إنّ قلبان قد بغت ... لشقائي وقد طغت وإذا لم تنك بأي ... ر عظيم القوى بكت وقال مسكين الدّارمي [6] : [من الطويل]

_ [1] الموقوذ: المضروب ضربا شديدا. [2] الخبر السابق مع الأبيات في البرصان 216، ومحاضرات الأدباء 1/87 (1/179) . [3] التقنص: الصيد. الصعو: طائر أصغر من العصفور. [4] ديوان أبي النجم العجلي 206، والبرصان 216، والطرائف الأدبية 70، والثاني في المقاييس 1/465، وبلا نسبة في الجمهرة 580، والتاج (دخل) ، ومبادئ اللغة 166. [5] النخر: صوت الأنف. [6] ديوان مسكين الدارمي 32، والحماسة البصرية 1/179.

إليك أمير المؤمنين رحلتها ... تثير القطا ليلا وهنّ هجود لدى كلّ قرموص كأنّ فراخه ... كلى غير أن كانت لهنّ جلود وقال أبو الأسود الدؤلي، واسمه ظالم بن عمرو بن سفيان [1] : [من الطويل] أمنت على السّرّ امرأ غير كاتم ... ولكنه في النصح غير مريب أذاع به في الناس حتّى كأنّه ... بعلياء نار أوقدت بثقوب [2] وكنت متى لم ترع سرّك تنتشر ... قوارعه من مخطئ ومصيب [3] وما كل ذي لبّ بمؤتيك نصحه ... وما كلّ مؤت نصحه بلبيب ولكن إذا ما استجمعا عند واحد ... فحقّ له من طاعة بنصيب [4] وقال أيضا [5] : [من الطويل] إذا كنت مظلوما فلا تلف راضيا ... عن القوم حتّى تأخذ النصف واغضب وإن كنت أنت الظّالم القوم فالطّرح ... مقالتهم وأشغب بهم كل مشغب وقارب بذي جهل، وباعد بعالم ... جلوب عليك الحقّ من كلّ مجلب فإن حدبوا فاقعس وإن هم تقاعسوا ... ليستمسكوا مما وراءك فاحدب [6] ولا تذعنن للحقّ واصبر على التي ... بها كنت أقضي للبعيد على أبي فإني امرؤ أخشى إلهي وأتّقي ... معادي وقد جرّبت ما لم تجرب وقال مسلمة بن عبد الملك: [من الرجز] إني إذا الأصوات في القوم علت ... في موطن يخشى به القوم العنت موطّن نفسي على ما خيّلت ... بالصّبر حتّى تنجلي عمّا انجلت وقال الكميت [7] : [من المتقارب] وبيض رقاق خفاف المتون ... تسمع للبيض منها صريرا [8]

_ [1] ديوان أبي الأسود الدؤلي 207. [2] الثقوب: ما أثقبت به النار وأشعلتها. [3] القوارع: الدواهي. [4] استجمعا: أي اللب والنصح. [5] ديوان أبي الأسود الدؤلي 209. [6] القعس: خروج الصدر ودخول الظهر وهو نقيض الحدب. [7] ديوان الكميت 1/191، والثاني في اللسان والتاج (قرح) ، والتهذيب 4/38، والبيان 1/255. [8] البيض: السلاح، والبيض: السيوف.

تشبّه في الهام آثارها ... مشافر قرحى أكلن البريرا وأنشدني أبو عبيدة: [من الرجز] نصبحها قيسا بلا استبقائها ... صفائحا فيها فضول مائها من كلّ غضب علّ من دمائها ... إذا علا البيضة في استوائها رونقه أوقد في حربائها ... نارا وقد أمخض من ورائها وأنشدني لرجل من طيئ: [من الرجز] لم أر فتيان صباح أصبرا ... منهم إذا كان الرماح كسرا سفع الحدود درّعا وحسّرا ... لا يشتهون الأجل المؤخّرا [1] وقال ابن مفرّغ [2] : [من الرجز] قبّ البطون والهوادي قود ... إن حادت الأبطال لا تحيد [3] إذا رجعناهنّ قالت عودوا ... كأنما يعلمن ما نريد ومن المجهولات: [من الطويل] عليك سلام الله من منزل قفر ... فقد هجت لي شوقا قديما وما تدري عهدتك من شهر جديدا ولم أخل ... صروف النّوى تبلي مغانيك في شهر الخريميّ أبو يعقوب [4] : [من الطويل] لعمرك ما أخلقت وجها بذلته ... إليك ولا عرّضته للمعاير أي لا أعيّر لقصدك. فتى وفرت أيدي المحامد عرضه ... عليه وخلّت ماله غير وافر وقال مطيع بن إياس [5] : [من المنسرح] قد كلفتني طويلة العنق ... وحبّ طول الأعناق من خلقي

_ [1] الدّرّع: جمع دارع، وهو لابس الدرع. الحسّر: جمع حاسر، وهو الذي لا درع عليه. [2] ديوان يزيد بن مفرغ 93. [3] في ديوانه: «قبّ: جمع قباء، وهي الضامرة البطن مع دقة في الخصر. الهوادي: الأعناق. قود: جمع أقود وهو الطويل، والأقود من الخيل: الطويل العنق العظيمة» . [4] ديوان الخريمي 38. [5] لم يرد البيتان في ديوانه، والأول في البرصان 318.

أقلق من بعدها فإن قربت ... فالقرب أيضا يزيد في قلقي وقال سهل بن هارون [1] : [من البسيط] إذا امرؤ ضاق عنّي لم يضق خلقي ... من أن يراني غنيّا عنه بالياس ولا يراني إذا لم يرع آصرتي ... مستمريا دررا منه بإبساس [2] لا أطلب المال كي أغنى بفضلته ... ما كان مطلبه فقرا إلى الناس وقال [3] ليحيى بن خالد: [من الطويل] عدّو تلاد المال فيما ينوبه ... منوع إذا ما منعه كان أحزما فسيّان حالاه، له فضل منعه ... كما يستحقّ الفضل إن هو أنعما مذلّل نفس قد أبت غير أن ترى ... مكاره ما تأتي من الحقّ مغنما وقال أبو الأسود لزياد: [من الطويل] لعمرك ما حشاك الله روحا ... به جشع ولا نفسا شريره ولكنّ أنت لا شرس غليظ ... ولا هشّ تنازعه خؤوره كأنا إذ أتيناه نزلنا ... بجانب روضة ريّا مطيره تم الجزء الخامس من كتاب الحيوان ويليه الجزء السادس أوله باب.. من كتاب الحيوان.

_ [1] الأبيات في البخلاء 182، والأول والثالث في زهر الآداب 617. [2] الآصرة: ما عطفك على رجل من رحم أو قرابة أو صهر أو معروف، والآصرة: الرحم، لأنها تعطفك. مستمريا: مستخرجا. الإبساس: صوت الراعي تسكن به الناقة عند الحلب، وهو قوله: بس بس. [3] البيتان الأول والثالث لسهل بن هارون في البيان 3/352، وزهر الآداب 616، والأول في البخلاء 14، وقد تقدم في 3/222، والأبيات لكثير عزة في العقد الفريد 6/192.

الجزء السادس

الجزء السادس (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) * [باب في الإطناب والإيجاز لبعض الأبواب السابقة] (باب) بسم الله، والحمد لله، ولا حول ولا قوّة إلا بالله، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم. اللهم جنّبنا فضول القول، والثقة بما عندنا، ولا تجعلنا من المتكلّفين. 1667-[مسرد الأجزاء السابقة] قد قلنا في الخطوط [1] ومرافقها، وفي عموم منافعها، وكيف كانت الحاجة إلى استخراجها، وكيف اختلفت صورها على قدر اختلاف طبائع أهلها، وكيف كانت ضرورتهم إلى وضعها، وكيف كانت تكون الخلّة عند فقدها. وقلنا في العقد ولم تكلّفوه، وفي الإشارة ولم اجتلبوها [2] ، ولم شبّهوا جميع ذلك ببيان اللّسان حتى سموه بالبيان، ولم قالوا: القلم أحد اللسانين، والعين أنمّ من اللّسان. وقلنا في الحاجة إلى المنطق وعموم نفعه، وشدة الحاجة إليه، وكيف صار أعمّ نفعا، ولجميع هذه الأشكال أصلا، وصار هو المشتقّ منه، والمحمول عليه، وكيف جعلنا دلالة الأجسام الصامتة نطقا والبرهان الذي في الأجرام الجامدة بيانا. وذكرنا جملة القول في الكلب والدّيك في الجزأين الأوّلين، وذكرنا جملة القول في الحمام، وفي الذّبّان، وفي الغربان، وفي الخنافس، وفي الجعلان، إلّا ما بقي من فضل القول فيهما، فإنّا قد أخرنا ذلك، لدخوله في باب الحشرات، وصواب موقعهما في باب القول في الهمج- في الجزء الثالث. وإذا سمعت ما أودعها الله تعالى من عظيم الصّنعة، وما فطرها الله تعالى عليه من غريب المعرفة، وما أجرى بأسبابها من المنافع الكثيرة، والمحن العظيمة، وما جعل فيها من الدّاء والدّواء- أجللتها أن تسميها همجا، وأكبرت الصنف الآخر أن تسمّيه حشرة، وعلمت أنّ أقدار الحيوان ليست على قدر الاستحسان، ولا على أقدار الأثمان.

_ [1] تقدم الكلام على الخطوط في 1/45- 50، الفقرات (35- 39) . [2] تقدم الكلام على العقد والإشارة في 1/29، الفقرة (15) .

1668 -[الإطناب والإيجاز]

وذكرنا جملة القول في الذّرّة والنّملة، وفي القرد والخنزير، وفي الحيّات والنّعام، وبعض القول في النّار في الجزء الرابع. والنار- حفظك الله- وإن لم تكن من الحيوان، فقد كان جرى من السّبب المتّصل بذكرها، ومن القول المضمر بما فيها، ما أوجب ذكرها والإخبار عن جملة القول فيها. وقد ذكرنا بقيّة القول في النّار، ثمّ جملة القول في العصافير، ثمّ جملة القول في الجرذان والسّنانير والعقارب. ولجمع هذه الأجناس في باب واحد سبب سيعرفه من قرأه، ويتبيّنه من رآه! ثمّ القول في القمل والبراغيث والبعوض، ثمّ القول في العنكبوت و؟؟؟ القول في الحبارى، ثمّ القول في الضّأن والمعز، ثمّ القول في الضفادع والجراد؟؟؟ القول في القطا. 1668-[الإطناب والإيجاز] وقد بقيت- أبقاك الله تعالى- أبواب توجب الإطالة، وتحوج إلى الإطناب. وليس بإطالة ما لم يجاوز مقدار الحاجة، ووقف عند منتهى البغية. وإنما الألفاظ على أقدار المعاني، فكثيرها لكثيرها، وقليلها لقليلها، وشريفها لشريفها، وسخيفها لسخيفها. والمعاني المفردة، البائنة بصورها وجهاتها، تحتاج من الألفاظ إلى أقلّ مما تحتاج إليه المعاني المشتركة، والجهات الملتبسة. ولو جهد جميع أهل البلاغة أن يخبروا من دونهم عن هذه المعاني، بكلام وجيز يغني عن التفسير باللّسان، والإشارة باليد والرأس- لما قدروا عليه. وقد قال الأوّل [1] : «إذا لم يكن ما تريد فأرد ما يكون!» . وليس ينبغي للعاقل أن يسوم [2] اللّغات ما ليس في طاقتها. ويسوم النّفوس ما ليس في جبلّتها [3] . ولذلك صار يحتاج صاحب كتاب المنطق إلى أن يفسّره لمن

_ [1] هذا القول لأيوب بن أبي تميمة السختياني في صفة الصفوة 3/214، وورد بلا نسبة في البيان 1/210، وهو من الأمثال في المستقصى 1/127، وأمثال ابن سلام 237، وجمهرة الأمثال 1/305. [2] سامه الأمر: كلّفه إيّاه. [3] الجبلة: الخلقة والطبيعة.

1669 -[سرد سائر أبواب الكتاب]

طلب من قبله علم المنطق، وإن كان المتكلم رفيق اللّسان، حسن البيان، إلّا أنّي لا أشكّ على حال أنّ النفوس إذ كانت إلى الطّرائف أحنّ، وبالنّوادر أشغف، وإلى قصار الأحاديث أميل، وبها أصبّ- أنّها خليقة لاستثقال الكثير، وإن استحقّت تلك المعاني الكثيرة، وإن كان ذلك الطّويل أنفع، وذلك الكثير أردّ [1] . 1669-[سرد سائر أبواب الكتاب] وسنبدأ بعون الله تعالى وتأييده، بالقول في الحشرات والهمج، وصغار السباع، والمجهولات الخاملة الذّكر من البهائم، ونجعل ذلك كله بابا واحدا، ونتّكل، بعد صنع الله تعالى، على أنّ ذلك الباب إذ كان أبوابا كثيرة، وأسماء مختلفة- أنّ القارئ لها لا يملّ بابا حتّى يخرجه الثّاني إلى خلافه، وكذلك يكون مقام الثّالث من الرّابع، والرّابع من الخامس، والخامس من السّادس. 1670-[مقياس قدر الحيوان] وليس الذي يعتمد عليه من شأن الحيوان عظم الجثة، ولا كثرة العدد، ولا ثقل الوزن! والغاية التي يجرى إليها، والغرض الذي نرمي إليه غير ذلك، لأن خلق البعوضة وما فيها من عجيب التركيب، ومن غريب العمل، كخلق الذّرّة وما فيها من عجيب التركيب، ومن الأحساس الصّادقة، والتدابير الحسنة، ومن الرويّة والنظر في العاقبة، والاختيار لكلّ ما فيه صلاح المعيشة، ومع ما فيها من البرهانات النيرة، والحجج الظّاهرة [2] . وكذلك خلق السّرفة [3] وعجيب تركيبها، وصنعة كفّها، ونظرها في عواقب أمرها. وكذا خلق النّحلة مع ما فيها من غريب الحكم، وعجيب التّدبير، ومن التقدّم فيما يعيشها، والادخار ليوم العجز عن كسبها، وشمّها ما لا يشمّ، ورؤيتها لما لا يرى، وحسن هدايتها، والتّدبير في التأمير عليها، وطاعة ساداتها، وتقسيط أجناس الأعمال بينها، على أقدار معارفها وقوّة أبدانها [4] .

_ [1] أردّ: أنفع. [2] وردت الفقرة السابقة في ثمار القلوب (642) . [3] السرفة: دودة القز. [4] وردت الفقرة السابقة في ثمار القلوب (732) .

1671 -[رجع إلى سرد سائر أبواب الكتاب]

فهذه النّحلة، وإن كانت ذبابة، فانظر قبل كل شيء في ضروب انتفاع ضروب الناس فيها، فإنّك تجدها أكبر من الجبل الشامخ، والفضاء الواسع. وكلّ شيء وإن كان فيه من العجب العاجب، ومن البرهان النّاصع، ما يوسّع فكر العاقل، ويملأ صدر المفكّر، فإنّ بعض الأمور أكثر أعجوبة، وأظهر علامة. وكما تختلف برهاناتها في الغموض والظّهور، فكذلك تختلف في طبقات الكثرة، وإن شملتها الكثرة، ووقع عليها اسم البرهان. 1671-[رجع إلى سرد سائر أبواب الكتاب] ولعلّ هذا الجزء الذي نبتدئ فيه بذكر ما في الحشرات والهمج، أن يفضل من ورقه شيء، فنرفعه ونتمّه بجملة القول في الظّباء والذئاب، فإنّهما بابان يقصران عن الطوال، ويزيدان على القصار. وقد بقي من الأبواب المتوسّطة والمقتصدة المعتدلة، التي قد أخذت من القصر لمن طلب القصر بحظّ، ومن الطّول لمن طلب الطّول بحظّ وهو القول في البقر، والقول في الحمير، والقول في كبار السّباع وأشرافها، ورؤسائها، وذوي النّباهة منها، كالأسد والنّمر، والببر وأشباه ذلك، مما يجمع قوّة أصل النّاب، والذّرب [1] ، وشحو [2] الفم، والسّبعيّة وحدّة البرثن، وتمكّنه في العصب، وشدّة القلب وصرامته عند الحاجة، ووثاقة خلق البدن، وقوّته على الوثب. وسنذكر تسالم المتسالمة منها، وتعادي المتعادية منها، وما الذي أصلح بينها على السّبعيّة الصّرف، واستواء حالها في اقتيات اللّحمان، حتّى ربّما استوت فريستها في الجنس. وقد شاهدنا غير هذه الأجناس يكون تعاديها من قبل هذه الأمور التي ذكرناها. وليس فيما بين هذه السّباع بأعيانها تفاوت في الشّدّة، فتكون كالأسد الذي يطلب الفهد ليأكله، والفهد لا يطمع فيه ولا يأكله. فوجدنا التّكافؤ في القوّة والآلة من أسباب التّفاسد. وإنّ ذلك ليعمل في طباع عقلاء الإنس حتّى يخرجوا إلى تهارش السّباع، فما بالها لم تعمل هذا العمل في أنفس السّباع؟!

_ [1] الذرب: الحدّة. [2] الشحو: الاتساع.

1672 -[شواهد هذا الكتاب وملازمتها للغرائب والطرائف]

وسنذكر علّة التسالم وعلّة التعادي، ولم طبعت رؤساء السّباع على الغفلة وبعض ما يدخل في باب الكرم، دون صغار السّباع وسفلتها، وحاشيتها وحشوها [1] ، وكذلك أوساطها، والمعتدلة الآلة والأسر [2] منها. 1672-[شواهد هذا الكتاب وملازمتها للغرائب والطرائف] ولم نذكر، بحمد الله تعالى، شيئا من هذه الغرائب، وطريفة من هذه الطرائف إلا ومعها شاهد من كتاب منزل، أو حديث مأثور، أو خبر مستفيض، أو شعر معروف، أو مثل مضروب، أو يكون ذلك ممّا يشهد عليه الطبيب، ومن قد أكثر قراءة الكتب، أو بعض من قد مارس الأسفار، وركب البحار، وسكن الصّحاري واستذرى [3] بالهضاب، ودخل في الغياض [4] ، ومشى في بطون الأودية. وقد رأينا أقواما يدّعون في كتبهم الغرائب الكثيرة، والأمور البديعة، ويخاطرون من أجل ذلك بمروءاتهم، ويعرّضون أقدارهم، ويسلّطون السّفهاء على أعراضهم، ويجترّون سوء الظّنّ إلى أخبارهم، ويحكّمون حسّاد النّعم في كتبهم، ويمكّنون لهم من مقالتهم. وبعضهم يتّكل على حسن الظّنّ بهم، أو على التسليم لهم، والتقليد لدعواهم. وأحسنهم حالا من يحبّ أن يتفضّل عليه ببسط العذر له، ويتكلّف الاحتجاج عنه، ولا يبالي أن يمنّ بذلك على عقبه، أو من دان بدينه، أو اقتبس ذلك العلم من قبل كتبه. ونحن حفظك الله تعالى، إذا استنطقنا الشّاهد، وأحلنا على المثل، فالخصومة حينئذ إنّما هي بينهم وبينها، إذ كنّا نحن لم نستشهد إلّا بما ذكرنا. وفيما ذكرنا مقنع عند علمائنا، إلّا أن يكون شيء يثبت بالقياس، أو يبطل بالقياس، فواضع الكتاب ضامن لتخليصه وتلخيصه، ولتثبيته وإظهار حجّته. فأمّا الأبواب الكبار فمثل القول في الإبل، والقول في فضيلة الإنسان على جميع الحيوان، كفضل الحيوان على جميع النامي، وفضل النّامي على جميع الجماد.

_ [1] الحشو والحاشية: الصغار. [2] الأسر: القوة. [3] استذرى بالشجرة والحائط: اكتنّ وصار في كنف منها. [4] الغياض: جمع غيضة، وهي مفيض ماء يجتمع فينبت فيه الشجر.

1673 -[علة تداخل أبواب الكتاب]

وليس يدخل في هذا الباب القول فيما قسم الله، عزّ وجلّ، لبعض البقاع من التّعظيم دون بعض، ولا فيما قسم من السّاعات والليالي، والأيّام والشّهور وأشباه ذلك، لأنّه معنى يرجع إلى المختبرين بذلك، من الملائكة والجنّ والآدميّين. فمن أبواب الكبار القول في فصل ما بين الذّكورة والإناث، وفي فصل ما بين الرّجل والمرأة خاصّة. وقد يدخل في القول في الإنسان ذكر اختلاف النّاس في الأعمار، وفي طول الأجسام، وفي مقادير العقول، وفي تفاضل الصّناعات، وكيف قال من قال في تقديم الأوّل، وكيف قال من قال في تقديم الآخر. فأما الأبواب الأخر، كفضل الملك على الإنسان، وفضل الإنسان على الجانّ، وهي جملة القول في اختلاف جواهرهم، وفي أيّ موضع يتشاكلون، وفي أيّ موضع يختلفون؛ فإن هذه من الأبواب المعتدلة في القصر والطّول. 1673-[علة تداخل أبواب الكتاب] وليس من الأبواب باب إلّا وقد يدخله نتف من أبواب أخر على قدر ما يتعلّق بها من الأسباب، ويعرض فيه من التضمين. ولعلك أن تكون بها أشدّ انتفاعا. وعلى أني ربما وشّحت هذا الكتاب وفصّلت فيه بين الجزء والجزء بنوادر كلام، وطرف أخبار، وغرر أشعار، مع طرف مضاحيك. ولولا الذي نحاول من استعطاف على استتمام انتفاعكم لقد كنّا تسخّفنا [1] وسخّفنا شأن كتابنا هذا. وإذا علم الله تعالى موقع النّيّة، وجهة القصد، أعان على السّلامة من كلّ مخوف 1674-[العلة في عدم إفراد باب للحيوانات المائية] ولم نجعل لما يسكن الملح والعذوبة، والأنهار والأدوية، والمناقع والمياه الجارية، من السّمك وممّا يخالف السّمك، ممّا يعيش مع السمك- بابا مجرّدا، لأنّي لم أجد في أكثره شعرا يجمع الشّاهد ويوثق منه بحسن الوصف، وينشّط بما فيه من غير ذلك للقراءة. ولم يكن الشّاهد عليه إلّا أخبار البحريّين، وهم قوم لا

_ [1] انظر ما تقدم في 3/17، السطر 18، 24، 27. وأراد بالتسخف: الذهاب مذهب السخف.

1675 -[زعم إياس بن معاوية في الشبوط]

يعدّون القول في باب الفعل، وكلّما كان الخبر أغرب كانوا به أشدّ عجبا، مع عبارة غثّة، ومخارج سمجة. وفيه عيب آخر: وهو أنّ معه من الطّول والكثرة ما لا تحتملونه، ولو غنّاكم بجميعه مخارق، وضرب عليه زلزل، وزمر به برصوما، فلذلك لم أتعرّض له. وقد أكثر في هذا الباب أرسطاطاليس، ولم أجد في كتابه على ذلك من الشّاهد إلّا دعواه. ولقد قلت لرجل من البحريّين: زعم أرسطاطاليس أنّ السّمكة لا تبتلع الطّعم أبدا إلّا ومعه شيء من ماء، مع سعة المدخل، وشرّ النفس. فكان من جوابه أن قال لي: ما يعلم هذا إلّا من كان سمكة مرّة، أو أخبرته به سمكة، أو حدّثه بذلك الحواريّون أصحاب عيسى، فإنهم كانوا صيّادين، وكانوا تلامذة المسيح. وهذا البحريّ صاحب كلام، وهو يتكلّف معرفة العلل. وهذا كان جوابه. ولكني لن أدع ذكر بعض ما وجدته في الأشعار والأخبار، أو كان مشهورا عند من ينزل الأسياف [1] وشطوط الأودية والأنهار، ويعرفه السّمّاكون، ويقرّ به الأطبّاء- بقدر ما أمكن من القول. 1675-[زعم إياس بن معاوية في الشبّوط] وقد روى لنا غير واحد من أصحاب الأخبار، أنّ إياس بن معاوية زعم أنّ الشّبّوطة كالبغل، وأنّ أمّها بنيّة، وأباها زجر [2] ، وأنّ من الدّليل على ذلك أنّ الناس لم يجدوا في بطن شبّوطة قطّ بيضا. وأنا أخبرك أنّي قد وجدته فيها مرارا، ولكنّي وجدته أصغر جثّة، وأبعد من الطّيب، ولم أجده عامّا كما أجده في بطون جميع السمك. فهذا قول أبي واثلة إياس بن معاوية المزني الفقيه القاضي، وصاحب الإزكان [3] ، وأقوف [4] من كرز بن علقمة، داهية مضر في زمانه، ومفخر من مفاخر العرب.

_ [1] الأسياف جمع سيف، وهو ساحل البحر. [2] البنية والزجر: ضربان من السمك، انظر ما تقدم في 5/198. [3] الإزكان: الفطنة والحدس الصادق، وانظر ما تقدم في 5/124، السطر 7. [4] أقوف: أشد قيافة. والقيافة: هي عمل القائف: وهو الذي يتتبع الآثار ويعرفها ويعرف شبه الرجل بأخيه وأبيه.

1676 -[الشك في أخبار البحريين والسماكين والمترجمين]

1676-[الشك في أخبار البحريين والسّماكين والمترجمين] فكيف أسكن بعد هذا إلى أخبار البحريّين، وأحاديث السمّاكين، وإلى ما في كتاب رجل لعلّه أن لو وجد هذا المترجم أن يقيمه على المصطبة، ويبرأ إلى النّاس من كذبه عليه، ومن إفساد معانيه بسوء ترجمته. 1677-[الأجناس التي ترجع إلى صورة الضب] والذي حضرني من أسماء الحشرات، ممّا يرجع عمود صورها إلى قالب واحد، وإن اختلفت بعد ذلك في أمور. فأوّل ما نذكر من ذلك الضبّ. والأجناس التي ترجع إلى صورة الضّبّ: الورل، والحرباء، والوحرة [1] ، والحلكة [2] ، وشحمة الأرض، وكذلك العظاء، والوزغ، والحرذون. وقال أبو زيد: وذكر العظاية هو العضرفوط. ويقال في أمّ حبين حبينة وأشباهها مما يسكن الماء الرّقّ، والسّلحفا، والغيلم، والتّمساح، وما أشبه ذلك. 1678-[الحشرات] وممّا نحن قائلون في شأنه من الحشرات: الظربان، والعثّ [3] والحفّاث [4] والعربد [5] ، والعضرفوط [6] ، والوبر [7] ، وأم حبين، والجعل، والقرنبى [8] والدّسّاس [9] ، والخنفساء، والحيّة، والعقرب، والشّبث [10] والرّتيلاء [11] ، والطّبّوع،

_ [1] الوحرة: دويبة حمراء تلزق بالأرض شبيهة بسام أبرص. حياة الحيوان 2/411. [2] الحلكة: دويبة شبيهة بالعظاية تغوص في الرمل. حياة الحيوان 1/337. [3] العثّ: دويبة تأكل الصوف والجلود. [4] الحفّاث: ضرب من الحيات تأكل الفأر وأشباه الفأر، انظر ما تقدم في 4/331، س 10- 13. [5] العربد: حية أحمر أرقش، لا يظلم إلا إذا أوذي. [6] العضرفوط: العظاءة الذكر. حياة الحيوان 2/31. [7] الوبر: دويبة أصغر من السنور تقيم في البيوت. حياة الحيوان 2/409. [8] القرنبى: دويبة طويلة الرجلين مثل الخنفساء؛ أو أعظم منها بيسير. حياة الحيوان 2/209. [9] الدساس: ضرب من الحيات، أصم؛ يندس تحت التراب. حياة الحيوان 1/479. [10] الشبث: العنكبوت، أو هي دويبة لها ست قوائم طوال صفراء الظهر؛ وظهور القوائم، سوداء الرأس؛ زرقاء العينين، وقيل: دويبة كثيرة الأرجل عظيمة الرأس واسعة الفم مرتفعة المؤخر، وهي التي تسمى شحمة الأرض. حياة الحيوان 1/595. [11] الرتيلاء: نوع من العناكب تسمى عقرب الحيات، لأنها تقتل الحيات والأفاعي. حياة الحيوان 1/523.

1679 -[الوحشي والأهلي من الحيوان]

والحرقوص [1] ، والدّلم [2] ، وقملة النّسر [3] ، والمثل، والنّبر، وهي دويبّة إذا دبّت على جلد البعير تورّم [4] ، ولذلك يقول الشاعر [5] ، وهو يصف إبله بالسّمن: [من الرجز] كأنّها من بدن واستيقار ... دبّت عليها ذربات الأنبار [6] وقال الآخر [7] : [من الكامل] حمر تحقّنت النّجيل كأنما ... بجلودهن مدارج الأنبار والضّمج [8] ، والقنفذ، والنّمل، والذّرّ، والدّساس [9] ، [ومنها ما] [10] تتشاكل في وجوه، وتختلف من وجوه: كالفأر والجرذان والزباب [11] ، والخلد واليربوع، وابن عرس، وابن مقرض [12] ومنها العنكبوت الذي يقال له منونة، وهي شرّ من الجرّارة والضّمج [8] . 1679-[الوحشي والأهلي من الحيوان] وسنقول في الأجناس التي يكون في الجنس منها الوحشيّ والأهليّ، كالفيلة، والخنازير، والبقر، والحمير، والسّنانير.

_ [1] الحرقوص: دويبة أكبر من البرغوث؛ وعضها أشد عضة، وهي مولعة بفروج النساء تولع النمل بالمذاكير. حياة الحيوان 1/331، وربيع الأبرار 5/478، وانظر ما سيأتي في ص 562- 563. [2] الدلم: نوع من القراد. حياة الحيوان 1/483. [3] انظر ما تقدم في 5/210، س 12، و 213، س 3. [4] انظر ما تقدم في 3/148، الفقرة (758) . [5] الرجز لشبيب بن البرصاء في اللسان (ذرب، نبر، عرم، بدن) ، والتاج (وقر، بدن) ، والتنبيه والإيضاح 2/209، وبلا نسبة في اللسان (وفر، وقر) ، والتاج (ذرب، نبر) ، ومعجم البلدان 1/257 (الأنبار) ، والجمهرة 330، والمقاييس 5/380، والمجمل 4/370، والتهذيب 15/214. [6] البدن: البدانة. الاستيقار: مصدر استوقرت الإبل، أي سمنت وحملت الشحوم. [7] البيت بلا نسبة في اللسان والتاج (حقن) ، والتهذيب 4/65، وتقدم مع شرحه في 3/148، الفقرة (758) . [8] الضمج: حشرة تعرف باسم البق، والبعوض، والفسافس. انظر معجم الألفاظ الزراعية 544. [9] الدساس: ضرب من الحيات أصم، يندس تحت التراب. حياة الحيوان 1/479. [10] زيادة يقتضيها سياق الكلام. [11] الزباب: الفأرة البرية، وقيل: هي فأرة عمياء صماء. حياة الحيوان 1/532، وسبق أن تحدث الجاحظ عنها في 4/461. [12] ابن مقرض: دويبة كحلاء اللون طويلة الظهر ذات قوائم أربع أصغر من الفأر، تقتل الحمام وتقرض الثياب. حياة الحيوان 2/320.

1680 -[قصة الأعرابي والذئب]

والظّباء قد تدجن وتولّد على صعوبة فيها. وليس في أجناس الإبل جنس وحشيّ، إلّا في قول الأعراب. وممّا يكون أهليّا ولا يكون وحشيّا وهو سبع- الكلاب وليس يتوحّش منها إلّا الكلب الكلب. فأمّا الضّباع والذّئاب، والأسد، والنمور، والببور، والثعالب، وبنات آوى، فوحشيّة كلها، وقد يقلّم الأسد وتنزع أنيابه، ويطول ثواؤه مع الناس حتى يهرم مع ذلك، ويحسّ بعجزه عن الصّيد، ثمّ هو في ذلك لا يؤتمن عرامه [1] ولا شروده، إذا انفرد عن سوّاسه [2] ، وأبصر غيضة قدّامها صحراء. 1680-[قصة الأعرابي والذئب] وقد كان بعض الأعراب ربّى جرو ذئب صغيرا، حتّى شبّ، وظنّ أنه يكون أغنى غناء من الكلب، وأقوى على الذّبّ عن الماشية، فلمّا قوي شيئا وثب على شاة فذبحها- وكذلك يصنع الذّئب- ثمّ أكل منها فلمّا أبصر الرّجل أمره قال [3] : [من الوافر] أكلت شويهتي وربيت فينا ... فمن أنباك أنّ أباك ذيب وقد أنكر ناس من أصحابنا هذا الحديث، وقالوا: لم يكن ليألفه ويقيم معه بعد أن اشتدّ عظمه! ولم لم يذهب مع الذّئاب والضّباع، ولم تكن البادية أحبّ إليه من الحاضرة، والقفار أحبّ إليه من المواضع المأنوسة. 1681-[كيف يصير الوحشيّ من الحيوان أهليا] وليس يصير السبع من هذه الأجناس أو الوحشيّ من البهائم أهليّا بالمقام فيهم، وهو لا يقدر على الصّحاري. وإنما يصير أهليّا إذا ترك منازل الوحش وهي له معرضة. 1682-[ما يعتري الوحشي إذا صار إلى الناس] وقد تتسافد وتتوالد في الدّور وهي بعد وحشيّة، وليس ذلك فيها بعامّ. ومن الوحش ما إذا صار إلى النّاس وفي دورهم ترك السّفاد، ومنها ما لا يطعم ولا يشرب

_ [1] العرام: الشدة والحدة. [2] السواس: جمع سائس، وهو من يسوس الدابة ويروضها. [3] تقدم البيت مع الخبر السابق في 4/283- 284، الفقرة (979) .

1683 -[حذق السوداني بتدريب الجوارح]

البتّة بوجه من الوجوه، ومنها ما يكره على الطّعم ويدخل في حلقة كالحيّة، ومنها ما لا يسفد ولا يدجن، ولا يطعم ولا يشرب، ولا يصيح حتى يموت وهذا المعنى في وحشيّ الطّير أكثر. 1683-[حذق السّوداني بتدريب الجوارح] [1] والذي يحكى عن السوداني القنّاص الجبليّ ليس بناقض لما قلنا، لأنّ الشّيء الغريب، والنادر الخارجيّ، لا يقاس عليه. وقد زعموا أنّه بلغ من حذقه بتدريب الجوارح وتضريتها أنّه ضرّى ذئبا حتّى اصطاد به الظّباء وما دونها، صيدا ذريعا، وأنه ألفه حتى رجع إليه من ثلاثين فرسخا، وقد كان بعض العمّال سرقه منه. وقد ذكروا أنّ هذا الذّئب قد صار إلى العسكر، وأن هذا السّودانيّ ضرّى أسدا حتى اصطاد له الحمير فما دونها صيدا ذريعا، وأنه ضرّى الزّنابير فاصطاد بها الذّبّان. وكلّ هذا عجب، وهو غريب نادر، بديع خارجيّ وذكروا أنّه من قيس عيلان، وأن حليمة ظئر النبي صلّى الله عليه وسلّم قد ولدته. 1684-[الحيوانات العجيبة] وليس عندي في الحمار الهنديّ [2] شيء. وقد ذكره صاحب المنطق. فأما الدّباب، وفأرة المسك [3] ، والفنك [4] ، والقاقم [5] ، والسّنجاب، والسّمّور [6] ، وهذه الدوابّ ذوات الفراء [7] والوبر الكثيف النّاعم، والمرغوب فيه، والمنتفع به، فهي عجيبة. وإنّما نذكر ما يعرفه أصحابنا وعلماؤنا، وأهل باديتنا. ألا ترى أنّي لم أذكر لك

_ [1] وردت هذه الفقرة مختصرة في ربيع الأبرار 5/460. [2] الحمار الهندي: يسمى الكركدن والحريش، وهو عدو الفيل، يقال إنه متولد من بين الفرس والفيل، وله قرن واحد عظيم في رأسه. حياة الحيوان 2/243، وانظر ما تقدم في 3/112، الفقرة (698) . [3] تحدث الجاحظ عن فأرة المسك في 5/162. [4] الفنك: دويبة يؤخذ منها الفرو. حياة الحيوان 1/574. [5] القاقم: دويبة تشبه السنجاب، ويشبه جلده جلد الفنك. حياة الحيوان 2/195. [6] السمور: حيوان بري يشبه السنور، وزعم ناس أنه النمس. حياة الحيوان 1/574. [7] انظر ما تقدم في 5/257.

1685 -[الاعتماد على معارف الأعراب في الوحش]

الحريش [1] ، والدّخس [2] ، ولا هذه السّباع المشتركة الخلق، المتولّدة فيما بين السّباع المختلفة الأعضاء، المتشابهة الأرحام، التي إذا صار بعضها في أيدي القرّادين والمتكسّبين والطوّافين، وضعوا لها أسماء، فقالوا: مقلاس، وكيلاس، وشلقطير، وخلقطير وأشباه ذلك، حين لم تكن من السّباع الأصلية والمشهورة النسب، والمعروفة بالنّفع والضّرر. وقد ذكرنا منها ما كان مثل الضبع، والسّمع [3] ، والعسبار [4] ، إذ كانت معروفة عند الأعراب، مشهورة في الأخبار، منوّها بها في الأشعار. 1685-[الاعتماد على معارف الأعراب في الوحش] وإنّما أعتمد في مثل هذا على ما عند الأعراب، وإن كانوا لم يعرفوا شكل ما احتيج إليه منها من جهة العناية والفلاية، ولا من جهة التذاكر والتكسّب. ولكن هذه الأجناس الكثيرة، ما كان منها سبعا أو بهيمة أو مشترك الخلق، فإنّما هي مبثوثة في بلاد الوحش: من صحراء، أو واد، أو غائط، أو غيضة، أو رملة، أو رأس جبل، وهي في منازلهم ومناشئهم [5] ، فقد نزلوا كما ترى بينها، وأقاموا معها. وهم أيضا من بين النّاس وحش، أو أشباه الوحش. 1686-[توارث المعرفة بالداء والدواء] وربّما؛ بل كثيرا ما يبتلون بالناب والمخلب، وباللدغ واللّسع، والعضّ والأكل، فخرجت بهم الحاجة إلى تعرّف حال الجاني والجارح والقاتل، وحال المجنيّ عليه والمجروح والمقتول، وكيف الطّلب والهرب، وكيف الداء والدواء، لطول الحاجة، ولطول وقوع البصر، مع ما يتوارثون من المعرفة بالدّاء والدواء.

_ [1] في حياة الحيوان 1/332: «الحريش نوع من الحيات أرقط، كذا قال الجوهري. وقال بعد هذا: الحريش: دابة لها مخالب كمخالب الأسد ولها قرن واحد في هامتها، ويسميها الناس الكركدن» . [2] في حياة الحيوان 1/476: «قال الجوهري الدّخس: مثال الصّرد؛ دويبة في البحر تنجي الغريق، تمكنه من ظهرها ليستعين على السباحة، وتسمى الدلفين» . [3] السمع: ولد الذئب من الضبع. [4] العسبار: ولد الضبع من الذئب. [5] مناشئهم: مكان نشوئهم.

1687 -[معرفة العرب للآثار والأنواء والنجوم]

1687-[معرفة العرب للآثار والأنواء والنجوم] ومن هذه الجهة عرفوا الآثار في الأرض والرّمل، وعرفوا الأنواء ونجوم الاهتداء، لأنّ كلّ من كان بالصّحاصح الأماليس [1]- حيث لا أمارة ولا هادي، مع حاجته إلى بعد الشّقّة- مضطرّ إلى التماس ما ينجيه ويؤديه [2] . ولحاجته إلى الغيث، وفراره من الجدب، وضنّه بالحياة، اضطرته الحاجة إلى تعرّف شأن الغيث. ولأنه في كلّ حال يرى السّماء، وما يجري فيها من كوكب، ويرى التّعاقب بينها، والنّجوم الثوابت فيها، وما يسير منها مجتمعا وما يسير منها فاردا [3] ، وما يكون منها راجعا ومستقيما. وسئلت أعرابيّة فقيل لها: أتعرفين النجوم؟ قالت: سبحان الله! أما أعرف أشباحا وقوفا عليّ كلّ ليلة! وقال اليقطريّ: وصف أعرابيّ لبعض أهل الحاضرة نجوم الأنواء، ونجوم الاهتداء، ونجوم ساعات اللّيل والسّعود والنّحوس، فقال قائل لشيخ عباديّ كان حاضرا: أما ترى هذا الأعرابيّ يعرف من النّجوم ما لا نعرف! قال: ويل أمّك، من لا يعرف أجذاع [4] بيته؟ قال: وقلت لشيخ من الأعراب قد خرف، وكان من دهاتهم: إني لا أراك عارفا بالنّجوم! قال: أما إنّها لو كانت أكثر لكنت بشأنها أبصر، ولو كانت أقلّ لكنت لها أذكر. وأكثر سبب ذلك كلّه- بعد فرط الحاجة، وطول المدارسة- دقّة الأذهان، وجودة الحفظ. ولذلك قال مجنون من الأعراب- لمّا قال له أبو الأصبغ بن ربعيّ: أما تعرف النجوم؟ قال: وما لي أعرف من لا يعرفني؟! فلو كان لهذا الأعرابيّ المجنون مثل عقول أصحابه، لعرف مثل ما عرفوا.

_ [1] الصحاصح: جمع صحصح، وهي الأرض المستوية الواسعة. الأماليس: جمع إمليس، وهي الأرض الملساء لا شجر بها ولا ماء. [2] آداه: قوّاه، أو أوصله. [3] فاردا: منفردا. [4] الجذع: ساق النخلة، والمراد بها هنا ما جعل منها سقفا للبيت.

1688 -[ما يجب في التعليم]

1688-[ما يجب في التعليم] ولو كان عندي في أبدان السّمّور، والفنك، والقاقم [1] ، ما عندي في أبدان الأرانب والثّعالب، دون فرائها، لذكرتها بما قلّ أو كثر، لكنّه لا ينبغي لمن قلّ علمه أن يدع تعليم من هو أقلّ منه علما. 1689-[الدساس وعلة اختصاصه بالذّكر] ولو كانت الدّسّاس [2] من أصناف الحيّات لم نخصّها من بينها بالذّكر، ولكنها وإن كانت على قالب الحيّات وخرطها، وأفرغت كإفراغها وعلى عمود صورها، [فخصائصها] [3] دون خصائصها، كما يناسبها في ذلك الحفّاث [4] والعربد [5] . وليسا من الحيّات، كما أن هذا ليس من الحيّات، لأنّ الدّسّاس ممسوحة الأذن، وهي مع ذلك ممّا يلد ولا يبيض. والمعروف في ذلك أنّ الولادة هي في الأشرف [6] ، والبيض في الممسوح [7] . وقد زعم ناس أنّ الولادة لا تخرج الدّسّاس من اسم الحيّة، كما أن الولادة لا تخرج الخفّاش من اسم الطير. وكلّ ولد يخرج من بيضه فهو فرخ، إلا ولد بيض الدّجاج فإنّه فرّوج. والأصناف التي ذكرناها مع ذكر الضّبّ تبيض كلّها، ويسمى ولدها بالاسم الأعم فرخا. وزعم لي ابن أبي العجوز، أنّ الدّسّاس تلد. وكذلك خبّرني به محمد بن أيوب ابن جعفر عن أبيه، وخبّرني به الفضل بن إسحاق بن سليمان فإن كان خبرهما عن إسحاق فقد كان إسحاق من معادن [8] العلم.

_ [1] انظر ما تقدم ص 331. [2] الدساس: ضرب من الحيات أصم، يندس تحت التراب. حياة الحيوان 1/479. [3] زيادة يقتضيها سياق الكلام. [4] انظر ما تقدم في الحاشية 4 ص 328. [5] العربد: حية أحمر أرقش، لا يظلم إلا إذا أوذي. [6] الأشرف: الظاهر الأذنين. [7] الممسوح: ليس بظاهر الأذنين. [8] معدن الشيء: موضعه ومكانه، عدن بالمكان: أقام وثبت.

1690 -[مواضع الشك واليقين]

وقد زعموا بهذا الإسناد أنّ الأرويّة [1] تضع مع كلّ ولد وضعته أفعى في مشيمة واحدة. وقال الآخرون: الأرويّة [1] لا تعرف بهذا المعنى، ولكنه ليس في الأرض نمرة إلا وهي تضع ولدها وفي عنقه أفعى في مكان الطّوق. وذكروا أنّها تنهش وتعضّ، ولا تقتل. ولم أكتب هذا لتقرّ به، ولكنها رواية أحببت أن تسمعها. ولا يعجبني الإقرار بهذا الخبر، وكذلك لا يعجبني الإنكار له. ولكن ليكن قلبك إلى إنكاره أميل. 1690-[مواضع الشك واليقين] وبعد هذا فاعرف مواضع الشّكّ، وحالاتها الموجبة له، لتعرف بها مواضع اليقين والحالات الموجبة له، وتعلم الشّكّ في المشكوك فيه تعلّما. فلو لم يكن في ذلك إلّا تعرّف التوقّف ثمّ التثبّت، لقد كان ذلك ممّا يحتاج إليه. ثمّ اعلم أنّ الشكّ في طبقات عند جميعهم. ولم يجمعوا على أن اليقين طبقات في القوّة والضعف. 1691-[أقوال لبعض المتكلمين في الشك] ولمّا قال ابن الجهم للمكّيّ: أنا لا أكاد أشكّ! قال المكّيّ: وأنا لا أكاد أوقن! ففخر عليه المكيّ بالشكّ في مواضع الشّك، كما فخر عليه ابن الجهم باليقين في مواضع اليقين. وقال أبو إسحاق: نازعت من الملحدين الشاك والجاحد فوجدت الشّكّاك أبصر بجوهر الكلام من أصحاب الجحود. وقال أبو إسحاق: الشاك أقرب إليك من الجاحد، ولم يكن يقين قط حتى كان قبله شكّ، ولم ينتقل أحد عن اعتقاد إلى اعتقاد غيره حتّى يكون بينهما حال شكّ. وقال ابن الجهم: ما أطمعني في أوبة المتحيّر لأنّ كل من اقتطعته عن اليقين الحيرة فضالته التبيّن، ومن وجد ضالته فرح بها. وقال عمرو بن عبيد: تقرير لسان الجاحد أشدّ من تعريف قلب الجاهل.

_ [1] الأروية: الأنثى من الوعول. حياة الحيوان 1/35.

1692 -[علة قلة الشكوك عند العوام]

وقال أبو إسحاق: إذا أردت أن تعرف مقدار الرجل العالم، وفي أيّ طبقة هو، وأردت أن تدخله الكور [1] وتنفخ عليه، ليظهر لك فيه الصّحّة من الفساد، أو مقداره من الصّحّة والفساد، فكن عالما في صورة متعلّم، ثم اسأله سؤال من يطمع في بلوغ حاجته منه. 1692-[علة قلة الشكوك عند العوام] والعوامّ أقلّ شكوكا من الخواص، لأنّهم لا يتوقّفون في التصديق والتكذيب ولا يرتابون بأنفسهم، فليس عندهم إلّا الإقدام على التّصديق المجرّد، أو على التكذيب المجرد، وألغوا الحال الثالثة من حال الشّكّ التي تشتمل على طبقات الشك، وذلك على قدر سوء الظنّ وحسن الظّن بأسباب ذلك. وعلى مقادير الأغلب. 1693-[حرمة المتكلمين] وسمع رجل، ممّن قد نظر بعض النظر، تصويب العلماء لبعض الشكّ، فأجرى ذلك في جميع الأمور، حتّى زعم أنّ الأمور كلها يعرف حقها وباطلها بالأغلب. وقد مات ولم يخلّف عقبا، ولا واحدا يدين بدينه. فلو ذكرت اسمه مع هذه الحال لم أكن أسأت، ولكنّي على حال أكره التّنويه بذكر من قد تحرّم بحرمة الكلام، وشارك المتكلّمين في اسم الصّناعة، ولا سيّما إن كان ممّن ينتحل تقديم الاستطاعة. 1694-[الأوعال والثياتل والأيايل] فأمّا القول في الأوعال، والثّياتل [2] ، والأيايل [3] وأشباه ذلك، فلم يحضرنا فيها ما إن نجعل لذكرها بابا مبوبا. ولكننا سنذكرها في مواضع ذكرها من تضاعيف هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.

_ [1] الكور: كور الحداد الذي فيه الجمر وتوقد فيه النار، وهو مبني من الطين، ويقال: هو الزق أيضا. [2] الثيتل: الذكر المسن من الأوعال. حياة الحيوان 1/259. [3] الأيل: ذكر الأوعال.

باب في الضب

[باب في الضب] (الضب) 1695-[ذم هذا الكتاب ومدحه] وأنا مبتدئ على اسم الله تعالى في القول في الضّبّ. على أنّي أذمّ هذا الكتاب في الجملة، لأنّ الشواهد على كلّ شيء بعينه وقعت متفرّقة غير مجتمعة. ولو قدرت على جمعها لكان ذلك أبلغ في تزكية الشّاهد، وأنور للبرهان، وأملأ للنفس، وأمتع لها، بحسن الرّصف [1] . وأحمده، لأنّ جملة الكتاب على حال مشتملة على جميع تلك الحجج، ومحيطة بجميع تلك البرهانات، وإن وقع بعضه في مكان بعض، تأخّر متقدّم، وتقدّم متأخر. 1696-[ما قيل من الشعر في جحر الضب] وقالوا [2] : ومن كيس [3] الضّبّ أنّه لا يتخذ جحره إلّا في كدية وهو الموضع الصّلب- أو في ارتفاع عن المسيل والبسيط، ولذلك توجد براثنه ناقصة كليلة، لأنّه يحفر في الصّلابة، ويعمّق الحفر، ولذلك قال خالد بن الطّيفان [4] : [من الطويل] ومولى كمولى الزّبرقان دملته ... كما دملت ساق تهاض، بها كسر [5] إذا ما أحالت والجبائر فوقها ... مضى الحول لا برء مبين ولا جبر تراه كأنّ الله يجدع أنفه ... وأذنيه إن مولاه ثاب له وفر ترى الشّرّ قد أفنى دوائر وجهه ... كضبّ الكدى أفنى براثنه الحفر

_ [1] الرصف: ضم الشيء بعضه إلى بعض. [2] انظر هذا القول في ربيع الأبرار 5/467. [3] الكيس: العقل. [4] الأبيات لخالد بن علقمة في ديوان علقمة 109- 110، والمؤتلف 221، وللزبرقان بن بدر في المقاصد النحوية 4/171- 172، والأول لابن الطيفان الدارمي في اللسان (دمل) ، والثالث للزبرقان بن بدر في ديوانه 40، والدرر 6/81، وبلا نسبة في مجالس ثعلب 396، والخصائص 2/431، وهمع الهوامع 2/130، واللسان (جدع) ، والرابع للحصين بن القعقاع في ثمار القلوب (613) . [5] في ديوان علقمة: «قوله: كمولى الزبرقان، كان الزبرقان بن بدر وصف مولى له في شعره فذمه، فشبّه هذا مولاه به؛ والمولى هنا ابن العم. والدمل: إصلاح ما فسد، وهو هاهنا الرفق والتلطف. والهيض: كسر بعد جبر» .

وقال كثيّر [1] : [من المتقارب] فإن شئت قلت له صادقا ... وجدتك بالقفّ ضبّا جحولا من اللاء يحفرن تحت الكدى ... ولا يبتغين الدّماث السّهولا وقال دريد بن الصّمّة [2] : [من الطويل] وجدنا أبا الجبّار ضبّا مورّشا ... له في الصّفاة برثن ومعاول له كدية أعيت على كلّ قانص ... ولو كان منهم حارشان وحابل ظللت أراعي الشمس لولا ملالتي ... تزلّع جلدي عنده وهو قائل [3] وأنشد لدريد بن الصمة [4] : [من الطويل] وعوراء من قيل امرىء قد رددتها ... بسالمة العينين طالبة عذرا [5] ولو أنني إذ قالها قلت مثلها ... وأكثر منها، أورثت بيننا غمرا فأعرضت عنها وانتظرت به غدا ... لعلّ غدا يبدي لمنتظر أمرا لأخرج ضبّا كان تحت ضلوعه ... وأقلم أظفارا أطال بها الحفرا وقال أوس بن حجر، في أكل الصّخر للأظفار [6] : [من الطويل] فأشرط فيها نفسه وهو معصم ... وألقى بأسباب له وتوكّلا وقد أكلت أظفاره الصّخر، كلّما ... تعايا عليه طول مرقى توصّلا فقد وصفوا الضّبّ كما ترى، بأنه لا يحفر إلّا في كدية، ويطيل الحفر حتّى تفنى براثنه، ويتوخّى به الارتفاع عن مجاري السّيل والمياه، وعن مدق الحوافر، لكيلا ينهار عليه بيته.

_ [1] ديوان كثير 392، والمعاني الكبير 643، وثمار القلوب (613) . [2] ديوان دريد بن الصمة 104، والأول في المعاني الكبير 648. [3] القائل: النائم نومة نصف النهار. [4] لم ترد الأبيات في ديوان دريد بن الصمة، وهي لمسكين الدارمي في ديوانه 48، وربيع الأبرار 2/290، ولحاتم الطائي في ديوانه 283- 284، وذيل الأمالي 62- 63، وللأعور الشني في حماسة البحتري 171، والأول والثالث له في الوساطة 392، والأبيات لأنس بن أبي أناس الكناني في المؤتلف 70، والأول والثاني بلا نسبة في لباب الآداب 322- 323، والمخصص 16/57، والأول في اللسان والتاج (عور) ، والأساس (سلم) ، والتهذيب 3/171. [5] الغمر: الحقد. [6] ديوان أوس بن حجر، وتقدم البيتان مع تخريج واف في 5/12.

1697 -[هداية الضب إلى جحره]

1697-[هداية الضب إلى جحره] ولمّا علم أنّه نسّاء سيّئ الهداية، لم يحفر وجاره إلّا عند أكمة، أو صخرة، أو شجرة، ليكون متى تباعد من جحره لطلب الطّعم، أو لبعض الخوف فالتفت ورآه؛ أحسن الهداية إلى جحره. ولأنّه إذا لم يقم علما [1] فلعلّه أن يلج على ظربان أو ورل، فلا يكون دون أكله له شيء. 1698-[بعض الأمثال في خداع الضب] فقالت العرب: «خبّ ضبّ» [2] ؛ و: «أخبّ من ضبّ» [3] ؛ و «أخدع من ضبّ» [4] ؛ و: «كلّ ضبّ عند مرداته» [5] . وإذا خدع في زوايا حفيرته فقد توثّق لنفسه عند نفسه. 1699-[حذر بعض الحيوان] ولهذه العلّة اتخذ اليربوع القاصعاء، والنافقاء، والدّامّاء، والرّاهطاء، وهي أبواب قد اتخذها لحفيرته، فمتى أحسّ بشرّ خالف تلك الجهة إلى الباب. ولهذا وشبهه من الحذر كان التوبير [6] من الأرانب وأشباهها. والتوبير: أن تطأ على زمعاتها [6] فلا يعرف الكلب والقائف من أصحاب القنص آثار قوائمها. ولما أشبه هذا التّدبير صار الظبي لا يدخل كناسه إلّا وهو مستدبر، يستقبل بعينه ما يخافه على نفسه وخشفه [7] .

_ [1] أي إذا لم ينصب لنفسه علما يهتدي به. [2] الإتباع والمزاوجة 46، وفيه «فالضب: البخيل الممسك، والخبّ: من الخبّ» ، ورجل خب «بالفتح والكسر» : خدّاع خبيث، وخب ضب: منكر مراوغ حرب. وانظر الدرة الفاخرة 1/192، وجمهرة الأمثال 1/415. [3] مجمع الأمثال 1/260، وجمهرة الأمثال 1/439، والدرة الفاخرة 1/192، والمستقصى 1/92. [4] مجمع الأمثال 1/260، وجمهرة الأمثال 1/440، والدرة الفاخرة 1/193، 330، والمستقصى 1/95، وأمثال ابن سلام 364. [5] المرداة: الصخرة يرمى بها، ويضرب المثل للشيء العتيد ليس دونه شيء، والمثل في مجمع الأمثال 2/132، وجمهرة الأمثال 2/157، والمستقصى 2/227، وفصل المقال 163، وأمثال ابن سلام 335. [6] انظر ما تقدم في 5/150، 239. [7] الخشف: ولد الظبي أول ما يولد.

1700 -[شعر في حزم الضب واليربوع]

1700-[شعر في حزم الضب واليربوع] وقد جمع يحيى بن منصور الذّهليّ أبوابا من حزم الضب، وخبثه وتدبيره. إلّا أنّه لم يرد تفضيل الضب في ذلك. ولكنه بعد أن قدّمه على حمقى الرّجال. قال: فكيف لو فكّرتم في حزم اليربوع والضبّ. وأنشدني فقال [1] : [من الوافر] وبعض النّاس أنقص رأي حزم ... من اليربوع والضبّ المكون [2] يرى مرداته من رأس ميل ... ويأمن سيل بارقة هتون [3] ويحفر في الكدى خوف انهيار ... ويجعل مكوه رأس الوجين [4] ويخدع إن أردت له احتيالا ... رواغ الفهد من أسد كمين ويدخل عقربا تحت الذّنابى ... ويعمل كيد ذي خدع طبين [5] فهذا الضبّ ليس بذي ... حريم مع اليربوع والذّئب اللّعين وقد ذكر يحيى جميع ما ذكرنا، إلّا احتياله بإعداد العقرب لكفّ المحترش، فإنه لم يذكر هذه الحيلة من عمله. وسنذكر ذلك في موضعه. والشّعر الذي يثبت له ذلك كثير. فهذا شأن الضّب في الحفر، وإحكام شأن منزله. 1701-[امتناع الورل عن اتخاذ بيت له] ومن كلام العرب أنّ الورل إنّما يمنعه من اتّخاذ البيوت أنّ اتخاذها لا يكون إلّا بالحفر، والورل يبقي على براثنه، ويعلم أنّها سلاحه الذي به يقوى على ما هو أشدّ بدنا منه. وله ذنب يؤكل ويستطاب، كثير الشّحم. 1702-[قول الأعراب في مطايا الجن من الحيوان] والأعراب لا يصيدون يربوعا، ولا قنفذا، ولا ورلا من أول الليل، وكذلك كل شيء يكون عندهم من مطايا الجنّ، كالنّعام والظّباء.

_ [1] الأبيات في ربيع الأبرار 5/467. [2] المكون: التي جمعت البيض في بطنها، وبيضها يسمى المكون. [3] المرداة: الصخرة يرمى بها. البارقة: السحابة ذات البرق. الهتون: السحابة التي مطرها فوق الهطل. [4] المكو: الجحر. الوجين: الأرض الصلبة. [5] الطبين: وصف من الطبانة، وهي شدة الفطنة.

1703 -[قول الأعراب في قتل الجان من الحيات]

ولا تكون الأرنب والضّبع من مراكب الجن، لأن الأرنب تحيض ولا تغتسل من الحيض، والضبّاع تركب أيور القتلى والموتى إذا جيّفت [1] أبدانهم وانتفخوا وأنعظوا ثم لا تغتسل عندهم من الجنابة. ولا حنابة إلا ما كان للإنسان فيه شرك. ولا تمتطي القرود، لأن القرد زان، ولا يغتسل من جنابة. فإن قتل أعرابيّ قنفذا أو ورلا، من أول الليل، أو بعض هذه المراكب، لم يأمن على فحل إبله، ومتى اعتراه شيء حكم بأنه عقوبة من قبلهم. قالوا: ويسمعون الهاتف عند ذلك بالنّعى، وبضروب الوعيد. 1703-[قول الأعراب في قتل الجان من الحيات] وكذلك يقولون في الجانّ من الحيّات. وقتل الجان عندهم عظيم. ولذلك رأى رجل منهم جانّا في قعر بئر، لا يستطيع الخروج منها، فنزل على خطر شديد حتّى أخرجها، ثم أرسلها من يده فانسابت، وغمّض عينيه لكيلا يرى مدخلها كأنّه يريد الإخلاص في التقرّب إلى الجن. قال المازني: فأقبل عليه رجل فقال له: كيف يقدر على أذاك من لم ينقذه من الأذى غيرك؟! 1704-[ما لا يتم له التدبير إذا دخل الأنفاق] وقال: ثلاثة أشياء لا يتمّ لها التّدبير إذا دخلت الأسراب، والأنفاق، والمكامن والتّوالج [2] حتّى يغص بها الخرق. - فمن ذلك: أن الظربان إذا أراد أن يأكل حسلة الضب أو الضبّ نفسه؛ اقتحم جحر الضّب مستدبرا، ثم التمس أضيق موضع فيه، فإذا وجده قد غصّ به، وأيقن أنّه قد حال بينه وبين النسيم، فسا عليه، فليس يجاوز ثلاث فسوات حتى يغشى على الضب فيأكله كيف شاء. - والآخر: أن الرجل إذا دخل وجار الضبع ومعه حبل، فإن لم يسدّ ببدنه وبثوبه جميع المخارق والمنافذ ثم وصل إلى الضبع من الضياء بمقدار سمّ الإبرة، وثبت عليه. فقطّعته، ولو كان أشدّ من الأسد.

_ [1] جيّفت: أنتنت. [2] التوالج: جمع تولج، وهو كناس الظبي.

1705 -[شعر في أكل الضب ولده]

- والثالث: أنّ الضب إذا أراد أن يأكل حسوله وقف لها من جحرها في أضيق موضع من منفذه إلى خارج، فإذا أحكم ذلك بدأ فأكل منها، فإذا امتلأ جوفه انحطّ عن ذلك المكان شيئا قليلا، فلا يفلت منه شيء من ولده إلا بعد أن يشبع ويزول عن موضعه، فيجد منفذا. وقال بعض الأعراب: [من الرجز] ينشب في المسلك عند سلّته ... تزاحم الضبّ عصى في كديته 1705-[شعر في أكل الضبّ ولده] وقال: الدّليل على أنّ الضّبّ يأكل ولده قول عملّس بن عقيل بن علّفة لأبيه [1] : [من الوافر] أكلت بنيك أكل الضّبّ حتى ... وجدت مرارة الكلأ الوبيل فلو أنّ الأولى كانوا شهودا ... منعت فناء بيتك من بجيل وأنشد لغيره [2] : [من الوافر] أكلت بنيك أكل الضّبّ حتّى ... تركت بنيك ليس لهم عديد وقال عمرو بن مسافر: عتبت على أبي يوما في بعض الأمر، فقلت: [من البسيط] كيف ألوم أبي طيشا ليرحمني ... وجدّه الضّبّ لم يترك له ولدا وقال خداش بن زهير [3] : [من البسيط] فإن سمعتم بجيش سالكا سرفا ... أو بطن قوّ فأخفوا الجرس واكتتموا ثمّ ارجعوا فأكبّوا في بيوتكم ... كما أكبّ على ذي بطنه الهرم جعله هرما لطول عمره. وذي بطنه: ولده.

_ [1] البيتان للعملس بن عقيل أو لأرطأة بن سهية في نوادر المخطوطات 2/359 (العققة والبررة) ، ولأرطأة بن سهية في الأغاني 12/269، والأول للعملس بن عقيل في المعاني الكبير 642، وبلا نسبة في مغني اللبيب 2/366، وشرح شواهد المغني 2/366. وتقدم البيتان في 1/129، الفقرة (155) . [2] البيت بلا نسبة في حياة الحيوان 1/637 (الضب) ، وانظر العقد الفريد 6/49، وتقدم البيت في 1/129؛ الفقرة (155) . [3] البيتان لخداش بن زهير في أشعار العامريين 45، والمعاني الكبير 642، 1092، والأول في الأغاني 22/61، والتاج (سرف) .

1706 -[نفي الغنوي أكل الضبة أولادها]

وقال أبو بكر بن أبي قحافة لعائشة، رضي الله عنهما: إنّي كنت نحلتك سبعين وسقا [1] من مالي بالعالية، وإنّك لم تحوزيه، وإنما هو مال الوارث، وإنما هو أخواك وأختاك. قالت: ما أعرف لي أختا غير أسماء. قال: إنّه قد ألقى في روعي أن ذا بطن بنت خارجة جارية. قال آخرون: لم يعن بذي بطنه ولده، ولكنّ الضّبّ يرمي ما أكل، أي يقيء؛ ثم يرجع فيأكله. فذلك هو ذو بطنه. فشبّهوه في ذلك بالكلب والسّنّور. وقال عمرو بن مسافر: ما عنى إلا أولاده، فكأنّ خداشا قال: ارجعوا عن الحرب التي لا تستطيعونها، إلى أكل الذّريّة والعيال. 1706-[نفي الغنويّ أكل الضبّة أولادها] قال: وقال أبو سليمان الغنويّ: أبرأ إلى الله تعالى من أن تكون الضّبّة تأكل أولادها! ولكنها تدفنهنّ وتطمّ عليهنّ التّراب، وتتعهدهنّ في كلّ يوم حتّى يخرّجن [2] ، وذلك في ثلاثة أسابيع. غير أنّ الثّعالب والظّربان والطّير، تحفر عنهنّ فتأكلهنّ. ولو أفلت منهنّ كلّ فراخ الضّباب لملأن الأرض جميعا. ولو أنّ إنسانا نحل أمّ الدّرداء، أو معاذة العدويّة، أو رابعة القيسيّة، أنهنّ يأكلن أولادهنّ، لما كان عند أحد من النّاس من إنكار ذلك، ومن التكذيب عنهنّ، ومن استعظام هذا القول، أكثر مما قاله أبو سليمان في التّكذيب على الضّباب أن تكون تأكل أولادها. قال أبو سليمان: ولكن الضبّ يأكل بعره، وهو طيّب عنده. وأنشد [3] : [من البسيط] يعود في تيعه حدثان مولده ... فإن أسنّ تغدّى نجوه كلفا قال: وقال أفّار بن لقيط: التّيع: القيء. ولكنّا رويناه هكذا. إنما قال: «يعود في رجعه» . وكذلك الضّبّ، يأكل رجعه [4] .

_ [1] الوسق: الحمل، وكل شيء وسقته فقد حملته، والوسق أيضا: ضم الشيء إلى الشيء. [2] التخريج: التعليم والتأديب. [3] البيت بلا نسبة في اللسان (ثعع) ، والرواية فيه: (يعود في ثعّه حدثان مولده ... وإن أسنّ تعدّى غيره كلفا) [4] الرجع، الروث والعذرة.

جملة القول في نصيب الضباب من الأعاجيب والغرائب

وزعم أصحابنا أنّ أبا المنجوف السّدوسيّ روى عن أبي الوجيه العكليّ قوله [1] : [من الطويل] وأفطن من ضبّ إذا خاف حارشا ... أعدّ له عند التلمّس عقربا جملة القول في نصيب الضباب من الأعاجيب والغرائب أوّل ذلك طول الذّماء، وهو بقيّة النّفس وشدّة انعقاد الحياة والرّوح بعد الذبح وهشم الرّأس، والطّعن الجائف النافذ، حتّى يكون في ذلك أعجب من الخنزير، ومن الكلب، ومن الخنفساء، وهذه الأشياء التي قد تفرّدت بطول الذّماء. ثمّ شارك الضّبّ الوزغة والحيّة، فإن الحية تقطع من ثلث جسمها، فتعيش إن سلمت من الذّرّ. فجمع الضّبّ الخصلتين جميعا. إلا ما رأيت في دخّال الأذن من هذه الخصلة الواحدة، فإنّي كنت أقطعه بنصفين، فيمضي أحد نصفيه يمنة والآخر يسرة. إلا أنّي لا أعرف مقدار بقائهما بعد أن فاتا بصري. ومن أعاجيبه طول العمر. وذلك مشهور في الأشعار والأخبار، ومضروب به المثل. فشارك الحيّات في هذه الفضيلة، وشارك الأفعى الرّمليّة والصّخرية في أنّها لا تموت حتف أنفها، وليس إلا أن تقتل أو تصطاد، فتبقى في جون الحوّائين، تذيلها [2] الأيدي، وتكره على الطّعم في غير أرضها وهوائها، حتى تموت، أو تحتملها السّيول في الشّتاء وزمان الزّمهرير، فما أسرع موتها حينئذ، لأنّها صردة. وتقول العرب: «أصرد من حيّة» ؛ كما تقول: «أعرى من حية» [3] . وقال القشيريّ: «والله لهي أصرد من عنز جرباء» [4] .

_ [1] البيت بلا نسبة في التاج (خدع) ، والكامل 1/158 (المعارف) ، ومجمع الأمثال 1/260. [2] تذيلها: تهينها. [3] مجمع الأمثال 2/54، وجمهرة الأمثال 2/34، والمستقصى 1/241، والدرة الفاخرة 1/298. [4] مجمع الأمثال 1/213، وجمهرة الأمثال 1/585، والمستقصى 1/207، والدرة الفاخرة 1/267، وأمثال ابن سلام 367.

1707 -[حتوف الحيات]

1707-[حتوف الحيّات] وحتوفها التي تسرع إليها ثلاثة أشياء: أحدها مرور أقاطيع الإبل والشّاء، وهي منبسطة على وجه الأرض، إما للتشرّق نهارا في أوائل البرد، وإما للتبرّد ليلا في ليالي الصّيف، وإمّا لخروجها في طلب الطّعم. والخصلة الثانية ما يسلّط عليها من القنافذ والأوعال والورل، فإنها تطالبها مطالبة شديدة، وتقوى عليها قوّة ظاهرة، والخنازير تأكلها وقد ذكرنا ذلك في باب القول في الحيّات [1] . والخصلة الثالثة: تكسّب الحوّائين بصيدها. وهي تموت عندهم سريعا. 1708-[اكتفاء الحيات والضباب بالنسيم] والضّبّ يشاركها في طول العمر، ثمّ الاكتفاء بالنسيم والتّعيش ببرد الهواء. وذلك عند الهرم وفناء الرّطوبات، ونقص الحرارات [2] . وهذه كلها عجب. 1709-[رجع إلى أعاجيب الضب] ثم اتخاذه الجحر في الصّلابة، وفي بعض الارتفاع. خوفا من الانهدام، ومسيل المياه. ثم لا يكون ذلك إلا عند علم يرجع إليه إن هو أضلّ جحره. ولو رأى بالقرب ترابا متراكبا بقدر تلك المرداة [3] والصّخرة، لم يحفل بذلك. فهذا كله كيس وحزم. وقال الشّاعر [4] : [من الطويل] سقى الله أرضا يعلم الضب أنّها ... عذيّة بطن القاع طيّبة البقل يرود بها بيتا على رأس كدية ... وكل امرئ في حرفة العيش ذو عقل وقال البطين: [من البسيط] وكلّ شيء مصيب في تعيّشه ... الضبّ كالنّون، والإنسان كالسّبع

_ [1] انظر ما تقدم في 4/332، الفقرة (1058) ، و 4/339، الفقرة (1079) . [2] انظر ما تقدم في 4/322، الفقرة (1034) . [3] المرداة: الصخرة يرمى بها. [4] البيتان في ربيع الأبرار 5/469، وتقدما في 3/40، الفقرة (582) .

1710 -[احتيال الضب بالعقرب]

ومن أعاجيبه [1] أنّ له أيرين، وللضبة حرين. وهذا شيء لا يعرف إلّا لهما. فهذا قول الأعراب. وأمّا قول كثير من العلماء، ومن نقّب في البلاد، وقرأ الكتب، فإنّهم يزعمون أنّ للسّقنقور أيرين، وهو الذي يتداوى به العاجز عن النكاح، ليورثه ذلك القوة. قالوا: وإن للحرذون أيضا أيرين، وإنّهم عاينوا ذلك معاينة. وآخر من زعم لي ذلك موسى بن إبراهيم. والحرذون دويبة تشبه الحرباء، تكون بناحية مصر وما والاها، وهي دويّبة مليحة موشّاة بألوان ونقط. وقال جالينوس: الضبّ الذي له لسانان يصلح لحمه لكذا وكذا. فهذه أيضا أعجوبة أخرى في الضبّ: أن يكون بعضه ذا لسانين وذا أيرين. ومن أعاجيب الضّبّة أنّها تأكل أولادها. وتجاوز في ذلك خلق الهرّة، حتّى قالت الأعراب: «أعقّ من ضبّ» [2] . 1710-[احتيال الضب بالعقرب] وزعمت العرب أنّه يعدّ العقرب في جحره، فإذا سمع صوت الحرش استثفرها [3] ، فألصقها بأصل عجب الذّنب من تحت، وضمّ عليها، فإذا أدخل الحارش يده ليقبض على أصل ذنبه لسعته العقرب. وقال علماؤهم: بل يهيّئ العقارب في جحره، لتلسع المحترش إذا أدخل يده. وقال أبو المنجد بن رويشد: رأيت الضب أخور [4] دابّة في الأرض على الحر، تراه أبدا في شهر ناجر [5] بباب جحره، متدخّلا يخاف أن يقبض قابض بذنبه، فربّما أتاه الجاهل ليستخرجه، وقد أتى بعقرب فوضعها تحت ذنبه بينه وبين الأرض، يحبسها بعجب الذنب، فإذا قبض الجاهل على أصل ذنبه لسعته، فشغل بنفسه.

_ [1] تقدم ذكر هذه الأعجوبة في 4/338، الفقرة (1075) . [2] مجمع الأمثال 2/47، وجمهرة الأمثال 2/69، والمستقصى 1/250، وأمثال ابن سلام 369. [3] أصل الاستثفار في الكلب، وهو أن يدخل ذنبه بين فخذيه حتى يلزقه ببطنه. [4] أخور: أضعف. [5] شهر ناجر: رجب أو صفر. انظر الأزمنة والأمكنة 1/280، والأيام والليالي للفراء 17.

1711 -[شعر في إعجاب الضب والعقرب بالتمر]

فأما ذو المعرفة فإنّ معه عويدا يحرّكه هناك، فإذا زالت العقرب قبض عليه. وقال أبو الوجيه: كذب والله من زعم أنّ الضّبّة تستثفر [1] عقربا، ولكنّ العقارب مسالمة للضّباب، لأنها لا تعرض لبيضها وفراخها. والضبّ يأكل الجراد ولا يأكل العقارب. وأنشد قول التميميّ الذي كان ينزل به الأزديّ: إنّه ليس إلى الطعام يقصد، وليس به إلا أنه قد صار به إلفا وأنيسا، فقال: [من الوافر] أتأنس بي ونجرك غير نجري ... كما بين العقارب والضّباب [2] وأنشد: [من الطويل] تجمّعن عند الضّبّ حتى كأنه ... على كلّ حال أسود الجلد خنفس لأن العقارب تألف الخنافس. وأنشدوا للحكم بن عمرو البهراني [3] : [من السريع] والوزغ الرّقط على ذلّها ... تطاعم الحيّات في الجحر والخنفس الأسود من نجره ... مودّة العقرب في السّرّ لأنك لا تراهما أبدا إلّا ظاهرتين، يطّاعمان أو يتسايران، ومتى رأيت مكنة [4] أو اطّلعت على جحر فرأيت إحداهما رأيت الأخرى. قال: ومما يؤكّد القول الأوّل قوله: [من الطويل] ومستثفر دون السّويّة عقربا ... لقد جئت بجريّا من الدّهر أعوجا يقول: حين لم ترض من الدّهاء والنكر [5] إلّا بما تخالف عنده النّاس وتجوزهم. 1711-[شعر في إعجاب الضب والعقرب بالتمر] وأنشدني ابن داحة لحذيفة بن دأب عمّ عيسى بن يزيد، الذي يقال له ابن

_ [1] انظر الحاشية 3، في الصفحة السابقة. [2] النجر: الطبع. [3] سيكرر الجاحظ هذين البيتين ص 467، والثاني بلا نسبة في اللسان (خنفس) . [4] المكنة: بيضة الضبة. [5] النكر: الدهاء.

دأب في حديث طويل من أحاديث العشّاق: [من الطويل] لئن خدعت حبّى بسبّ مزعفر ... فقد يخدع الضّبّ المخادع بالتّمر [1] لأن الضب شديد العجب بالتّمر، فضرب الضب مثلا في الخبث والخديعة. والذي يدلّ على أن الضب والعقرب يعجبان بالتّمر عجبا شديدا، ما جاء من الأشعار في ذلك. وأنشدني ابن الأعرابيّ، لابن دغماء العجلي: [من الطويل] سوى أنكم درّبتم فجريتم ... على دربة، والضّبّ يحبل بالتّمر فجعل صيده بالتّمر كصيده بالحبالة. وأنشدني القشيريّ: [من الطويل] وما كنت ضبّا يخرج التّمر ضغنه ... ولا أنا ممن يزدهيه وعيد وقال بشر بن المعتمر، في قصيدته التي ذكر فيها آيات الله عز ذكره، في صنوف خلقه، مع ذكر الإباضيّة، والرافضة والحشوية والنابتة فقال فيها [2] : [من السريع] وهقلة ترتاع من ظلّها ... لها عرار ولها زمر تلتهم المرو على شهوة ... وحبّ شيء عندها الجمر وضبّة تأكل أولادها ... وعترفان بطنه صفر يؤثر بالطّعم، وتأذينه ... منجّم ليس له فكر وظبية تخضم في حنظل ... وعقرب يعجبها التمر وقال أيضا بشر، في قصيدة له أخرى [3] : [من السريع] أما ترى الهقل وأمعاءه ... يجمع بين الصّخر والجمر وفأرة البيش على بيشها ... أحرص من ضبّ على تمر وقال أبو دارة- وقد رأيته أنا، وكان صاحب قنص-: [من الطويل] وما التمر إلّا آفة وبليّة ... على جلّ هذا الخلق من ساكن البحر

_ [1] حبّى: اسم امرأة. السّبّ: العمامة. [2] الأبيات (1، 2، 5) في اللسان (ألق) ، وستأتي القصيدة كاملة في ص 464- 467. [3] البيتان هما (41- 42) من قصيدة سيوردها الجاحظ ص 467- 470.

1712 -[طول ذماء الضب]

وفي البرّ من ذئب وسمع وعقرب ... وثرملة تسعى وخنفسة تسري [1] وقد قيل في الأمثال إن كنت واعيا ... عذيرك، إنّ الضّبّ يحبل بالتمر وسنفسّر معاني هذه الأبيات إذا كتبنا القصيدتين على وجوههما [2] بما يشتملان عليه من ذكر الغرائب والحكم، والتّدبير والأعاجيب التي أودع الله تعالى أصناف هذا الخلق، ليعتبر معتبر، ويفكر مفكر، فيصير بذلك عاقلا عالما، وموحّدا مخلصا. 1712-[طول ذماء الضب] والدّليل على ما ذكرنا من تفسير قولهم: الضّبّ أطول شيء ذماء [3] ، قولهم: «إنّه لأحيا من ضبّ» [4] ، لأنّ حارشه ربّما ذبحه فاستقصى فري الأوداج، ثم يدعه، فربما تحرك بعد ثلاثة أيام. وقال أبو ذؤيب الهذلي [5] : [من الكامل] ذكر الورود بها وشاقى أمره ... شؤما وأقبل حينه يتتبّع فأبدّهنّ حتوفهنّ فهارب ... بذمائه أو ساقط متجعجع وكان النّاس يروون: «فهارب بدمائه» يريدون من الدم. وكانوا يكسرون الدال، حتى قال الأصمعيّ: «بذمائه» معجمة الذال مفتوحة وقال كثير [6] : [من الكامل] ولقد شهدت الخيل يحمل شكّتي ... متلمّظ خذم العنان بهيم [7] باقي الذماء إذا ملكت مناقل ... وإذا جمعت به أجشّ هزيم [8]

_ [1] الثرملة: الأنثى من الثعالب. [2] انظر ما سيأتي ص 464- 470. [3] تقدم هذا القول في 3/247، الفقرة (914) ، وورد هذا القول في رسائل الجاحظ 1/277. [4] مجمع الأمثال 1/218، 226، وجمهرة الأمثال 1/343، وأمثال ابن سلام 369. [5] البيتان لأبي ذؤيب الهذلي في شرح أشعار الهذليين 24، والمفضليات 423 و 425، والثاني في اللسان والتاج (بدد، جعع، ذمي) ، والمقاييس 1/176، 416، والعين 1/68، والأساس (ذمي) ، والتهذيب 1/69، 14/78، 15/26، وبلا نسبة في العين 8/203، والمخصص 3/23، 80. [6] ديوان كثير 206، والمعاني الكبير 49. [7] الشكة: السلاح. خذم العنان: سريع. [8] المناقل: السريع نقل القوائم. الأجش: الغليظ الصهيل. الهزيم: الشديد الصوت.

1713 -[خبث الضب ومكره]

1713-[خبث الضب ومكره] والضّبّ إذا خدع في جحره وصف عند ذلك بالخبث والمكر، ولذلك قال الشاعر: [من البسيط] إنّا منينا بضبّ من بني جمح ... يرى الخيانة مثل الماء بالعسل وأنشد أبو عصام [1] : [من الطويل] إنّ لنا شيخين لا ينفعاننا ... غنيّين لا يجدي علينا غناهما كأنّهما ضبّان ضبّا مغارة ... كبيران غيداقان صفر كشاهما [2] فإن يحبلا لا يوجدا في حبالة ... وإن يرصدا يوما يخب راصداهما ولذلك شبّهوا الحقد الكامن في القلب، الذي يسري ضرره، وتدبّ عقاربه بالضّبّ، فسمّوا ذلك الحقد ضبّا. قال معن بن أوس: [من الطويل] ألا من لمولى لا يزال كأنّه ... صفا فيه صدع لا يدانيه شاعب [3] تدبّ ضباب الغشّ تحت ضلوعه ... لأهل النّدى من قومه بالعقارب وقال أبو دهبل الجمحيّ [4] : [من البسيط] فاعلم بأنّي لمن عاديت مضطغن ... ضبّا وإنّى عليك اليوم محسود وأنشد ابن الأعرابيّ [5] : [من الرجز] يا ربّ مولى حاسد مباغض ... عليّ ذي ضغن وضبّ فارض [6] له قروء كقروء الحائض

_ [1] الأبيات لأبي أسيدة الدبيري في تهذيب الألفاظ 135، والأول في اللسان والتاج (يسر) مع بيت لم يذكره الجاحظ، والثاني في اللسان (علد) ، وبلا نسبة في التهذيب 2/216، وكتاب الجيم 2/311، 3/157. [2] الغيداق: الضب المسن العظيم. الكشى: جمع كشية، وهي شحمة صفراء تمتد من أصل ذنبه حتى تبلغ إلى أقصى حلقه. [3] الصفا: جمع صفاة، وهي الصخرة الملساء. الشاعب: المصلح. [4] ديوان أبي دهبل 104، والأغاني 7/129. [5] الرجز بلا نسبة في اللسان والتاج (بغض، فرض) ، والأساس (فرض) ، والتهذيب 12/15، وديوان الأدب 1/353، ومجالس ثعلب 301، والأضداد 28، وعمدة الحفاظ (فرض) . [6] الفارض: المسن.

1714 -[ما يوصف بالكبر من الحيوان]

كأنّه ذهب إلى أنّ حقده يخبو تارة ثمّ يستعر، ثم يخبو ثم يستعر. وقال ابن ميّادة [1] ، وضرب المثل بنفخ الضب وتوثّبه: [من الطويل] فإن لقيس من بغيض أقاصيا ... إذا أسد كشّت لفخر ضبابها وقال الآخر: [من الطويل] فلا يقطع الله اليمين التي كست ... حجاجي منيع بالقنا من دم سجلا [2] ولو ضبّ أعلى ذي دميث حبلتما ... إذا ظلّ يمطو من حبالكم حبلا [3] والضب يوصف بشدّة الكبر، ولا سيّما إذا أخصب وأمن وصار [4] ، كما قال عبدة بن الطّبيب، فإنّه ضرب الضبّ مثلا حيث يقول [5] ليحيى بن هزّال: [من البسيط] لأعرفنّك يوم الورد ذا لغط ... ضخم الجزارة بالسّلمين وكّار تكفي الوليدة والرّعيان مؤتزرا ... فاحلب فإنّك حلّاب وصرّار ما كنت أول ضب صاب تلعته ... غيث فأمرع واسترخت به الدار وقال ابن ميّادة [6] : [من الطويل] ترى الضّبّ أن لم يرهب الضّبّ غيره ... يكشّ له مستكبرا ويطاوله وقال دعلج عبد المنجاب: [من الطويل] إذا كان بيت الضب وسط مضبّة ... تطاول للشخص الذي هو حابله المضبّة: مكان ذو ضباب كثيرة، ولا تكثر إلّا وبقربها حيّة أو ورل، أو ظربان، ولا يكون ذلك إلّا في موضع بعيد من النّاس، فإذا أمن وخلا له جوّه، وأخصب، نفخ وكشّ نحو كل شيء يريده. 1714-[ما يوصف بالكبر من الحيوان] ومما يوصف بالكبر الثّور في حال تشرّقه، وفي حال مشيته الخيلاء في الرّياض،

_ [1] ديوان ابن ميادة 79، والمعاني الكبير 649. [2] الحجاجان: العظمان اللذان ينبت عليهما الحاجب. القنا: الرماح. السجل: الدلو العظيمة. [3] حبله: اصطاده بالحبالة. [4] صار القوم يصيرون: حضروا الماء. [5] الأبيات لعبدة بن الطبيب في ديوانه 38، ونوادر أبي زيد 47. وتقدمت في 5/143. [6] ديوان ابن ميادة 193، والمعاني الكبير 649.

عند غبّ ديمة. ولذلك قال الكميت [1] : [من الخفيف] كشبوب ذي كبرياء من الوح ... دة لا يبتغي عليها ظهيرا [2] وهذا كثير، وسيقع في موضعه من القول في البقر. وممّا يوصف بالكبر الجمل الفحل، إذا طافت [3] به نوق الهجمة [4] ، ومرّ نحو ماء أو كلأ فتبعنه. وقال الرّاجز: [من الرجز] فإن تشرّدن حواليه وقف ... قالب حملاقيه في مثل الجرف [5] لو رضّ لحد عينه لما طرف ... كبرا وإعجابا وعزّا وترف والنّاقة يشتدّ كبرها إذا لقحت، وتزمّ بأنفها [6] وتنفرد عن صحاباتها، وأنشد الأصمعيّ: [من الرجز] وهو إذا أراد منها عرسا ... دهماء مرباع اللّقاح جلسا [7] عاينها بعد السّنان أنسا ... حتّى تلقّته مخاضا قعسا [8] حتّى احتشت في كلّ نفس نفسا ... على الدّوام ضامزات خرسا [9] خوصا مسرّات لقاحا ملسا [10] وأمّا قول الشّمّاخ [11] : [من الطويل] جماليّة لو يجعل السّيف غرضها ... على حدّه لاستكبرت أن تضوّرا [12]

_ [1] ديوان الكميت 1/194. [2] الشّبوب: الشاب من الثيران. [3] طاف بالقوم وعليهم: استدار وجاء من نواحيه. [4] الهجمة: القطعة الضخمة من الإبل، وقيل: هي ما بين الثلاثين والمائة، وقيل: الهجمة أولها الأربعون إلى ما زادت. وقيل: هي ما بين السبعين إلى دوين المائة، وقيل: هي ما بين السبعين إلى المائة. وانظر أقوالا أخرى في اللسان (هجم) . [5] الحملاق: بياض العين. الجرف: ما تجرفته السيول. [6] تزم بأنفها: تشمخ به. [7] الدهماء: السوداء. المرباع: التي عادتها أن تنتج في الربيع. الجلس: الناقة الجسيمة. [8] سان البعير الناقة يسانها: طردها حتى ينوخها ليسفدها. القعس: جمع قعساء؛ وهي التي مال رأسها وعنقها نحو ظهرها. [9] الضامزات: الساكتات لا تسمع لها رغاء. [10] الخوص: جمع خوصاء، وهي الغائرة العينين. [11] ديوان الشماخ 134، وأساس البلاغة (كبر) . [12] في ديوانه: «ناقة جمالية: وثيقة، تشبه الجمل في خلقتها وشدتها وعظمها. والغرض: حزام الرحل. وقوله: أن تضورا، أصله: أن تتضورا، فحذف إحدى التاءين، والتضور: التلوي، والصياح، يصفها بالقوة والتحمل والرياضة» .

1715 -[المذكورون من الناس بالكبر]

فليس من الأوّل في شيء. 1715-[المذكورون من الناس بالكبر] والمذكورون من النّاس بالكبر، ثمّ من قريش: بنو محزوم، وبنو أميّة. ومن العرب: بنو جعفر بن كلاب، وبنو زرارة بن عدس خاصّة. فأمّا الأكاسرة من الفرس فكانوا لا يعدّون النّاس إلّا عبيدا، وأنفسهم إلّا أربابا. ولسنا نخبر إلا عن دهماء النّاس وجمهورهم كيف كانوا، من ملوك وسوقة. 1716-[الكبر في الأجناس الذليلة] والكبر في الأجناس الذّليلة من النّاس أرسخ وأعمّ. ولكنّ الذلة والقلّة مانعتان من ظهور كبرهم، فصار لا يعرف ذلك إلّا أهل المعرفة. كعبيدنا من السّند، وذمّتنا من اليهود. والجملة أنّ كلّ من قدر من السّفلة والوضعاء والمحقرين أدنى قدرة، ظهر من كبره على من تحت قدرته، على مراتب القدرة، ما لا خفاء به. فإن كان ذمّيّا وحسن بما له في صدور النّاس، تزيّد في ذلك، واستظهرت طبيعته بما يظنّ أنّ فيه رقع ذلك الخرق، وحياص [1] ذلك الفتق، وسد تلك الثّلمة. فتفقد ما أقول لك، فإنك ستجده فاشيا. وعلى هذا الحساب من هذه الجهة، صار المملوك أسوأ ملكة من الحرّ. وشيء قد قتلته علما، وهو أنّي لم أر ذا كبر قطّ على من دونه إلا وهو يذلّ لمن فوقه بمقدار ذلك ووزنه. 1717-[كبر قبائل من العرب] فأمّا بنو مخزوم. وبنو أميّة، وبنو جعفر بن كلاب، وبنو زرارة بن عدس، فأبطرهم ما وجدوا لأنفسهم من الفضيلة. ولو كان في قوى عقولهم وديانتهم فضل على قوى دواعي الحميّة فيهم، لكانوا كبنى هاشم في تواضعهم، وفي إنصافهم لمن دونهم.

_ [1] حاص الثوب يحوصه: خاطه.

1718 -[من عجائب الضب]

وقد قال في شبيه بهذا المعنى عبدة بن الطبيب، حيث يقول [1] : [من الطويل] إن الذين ترونهم خلّانكم ... يشفي صداع رؤوسهم أن تصرعوا فضلت عداوتهم على أحلامهم ... وأبت ضباب صدورهم لا تنزع 1718-[من عجائب الضب] فأمّا ما ذكروا [2] أنّ للضبّ أيرين، وللضّبّة حرين، فهذا من العجب العجيب. ولم نجدهم يشكّون. وقد يختلفون ثمّ يرجعون إلى هذا العمود. وقال الفزاريّ [3] : [من الطويل] جبى المال عمّال الخراج وجبوتي ... محذّفة الأذناب صفر الشّواكل [4] رعين الدّبا والبقل حتى كأنّما ... كساهنّ سلطان ثياب المراجل [5] سبحل له نزكان كانا فضيلة ... على كلّ حاف في البلاد وناعل [6] ترى كلّ ذيّال إذا الشمس عارضت ... سما بين عرسيه سموّ المخايل واسم أيره النّزك، معجمة الزّاي والنون من فوق بواحدة، وساكنة الزاي. فهذا قول الفزاريّ. وأنشد الكسائي [7] : [من الطويل] تفرّقتم لا زلتم قرن واحد ... تفرّق أير الضّبّ والأصل واحد فهذا يؤكد ما رواه أبو خالد النميري، عن أبي حيّة النّميري. قال أبو خالد [8] : سئل أبو حيّة عن ذلك، فزعم أنّ أير الضبّ كلسان الحيّة: الأصل واحد، والفرع اثنان.

_ [1] البيتان في المفضليات 147. [2] انظر ما تقدم ص 346. [3] الأبيات لحمران ذي الغصة أو لأبي الحجاج في اللسان والتاج (نزك) ، والأول بلا نسبة في كتاب الجيم 2/194، وتقدم تخريج البيت الثالث في 4/338، الفقرة (1075) . [4] الشواكل، جمع شاكلة، وهي الخاصرة. [5] الدبا: الجراد. المراجل: ضرب من برود اليمن. [6] السبحل: العظيم المسن من الضباب. [7] البيت بلا نسبة في اللسان والتاج (نزك) ، والتهذيب 10/102. [8] تقدم هذا القول في 4/338، الفقرة (1075) مع نسبته إلى أبي خلف النمري.

1719 -[زعم بعض المفسرين في عقاب الحية]

1719-[زعم بعض المفسّرين في عقاب الحية] وبعض أهل التّفسير يزعم أنّ الله عزّ وجلّ عاقب الحيّة- حين أدخلت إبليس في جوفها حتّى كلّم آدم على لسانها- بعشر خصال، منها شقّ اللسان [1] . قالوا [1] : فلذلك ترى الحيّة أبدا إذا ضربت لتقتل كيف تخرج لسانها، تلويه كما يصنع المسترحم من النّاس بإصبعه إذا ترحّم أو دعا، لتري الظالم عقوبة الله تعالى لها. 1720-[تناسل الضب] قال أبو خالد: قال أبو حيّة: الأصل واحد، والفرع اثنان، وللأنثى مدخلان. وأنشد لحبّى المدنيّة [2] : [من الوافر] وددت بأنّه ضبّ وأني ... كضبّة كدية وجدت خلاء قال: قالت هذا البيت لابنها، حين عذلها، لأنّها تزوّجت ابن أمّ كلاب، وهو فتى حدث، وكانت هي قد زادت على النّصف، فتمنّت أن يكون لها حران ولزوجها أيران. وقال ابن الأعرابيّ: للأنثى سبيلان، ولرحمها قرنتان، وهما زاويتا الرّحم. فإذا امتلأت الزّاويتان أتأمت، وإذا لم تمتلئ أفردت. وقال غيره من العلماء: هذا لا يكون لذوات البيض والفراخ، وإنما هذا من صفة أرحام اللواتي يحبلن بالأولاد، ويضعن خلقا كخلقهنّ ويرضعن. وكيف تفرد الضبّة وهي لم تتئم قط. وهي تبيض سبعين بيضة في كلّ بيضة حسل. قال: ولهذه الحشرات أيور معروفة، إلّا أنّ بعضها أحقر من بعض. فأما الخصى فشيء ظاهر لمن شقّ عنها. 1721-[تناسل الذباب] وجسر أبو خالد، فزعم أنه قد أبصر أير ذباب وهو يكوم ذبابة وزعم أن اسم أيره المتك. وأنشد لعبد الله بن همام السّلوليّ [3] : [من الكامل]

_ [1] انظر ما تقدم في 4/339، 357. [2] البيت في اللسان والتاج (نزك) لامرأة لامها ابنها في زوجها. [3] ديوان عبد الله بن همام السلولي 37- 38، وثمار القلوب 398 (728) ، وتقدم البيتان بلا نسبة في 3/152، الفقرة (768) .

القول فيمن استطاب لحم الضب ومن عافه

لما رأيت القصر غلّق بابه ... وتعلّقت همدان بالأسباب أيقنت أنّ إمارة ابن مضارب ... لم يبق منها قيس أير ذباب وهذا شعر لا يدلّ على ما قال. وقال أصحابنا: إنّما المتك البظر. ولذلك يقال للعلج: يابن المتكاء كما يقال له: يابن البظراء. القول فيمن استطاب لحم الضب ومن عافه روى أنّه أتي به على خوان النبي صلّى الله عليه وسلّم فلم يأكله، وقال [1] : «ليس من طعام قومي» . وأكله خالد بن الوليد فلم ينكر عليه [1] . ورووا أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال [2] : «لا أحلّه ولا أحرّمه» . وأنكر ذلك ابن عباس وقال: ما بعثه الله تعالى إلّا ليحلّ ويحرّم. وحرّمه قوم، ورووا أنّ أمّتين مسختا، أخذت إحداهما في البر، فهي الضّباب، وأخذت الأخرى في طريق البحر، فهي الجرّيّ [3] . ورووا عن بعض الفقهاء أنه رأى رجلا أكل لحم ضبّ، فقال: اعلم أنّك قد أكلت شيخا من مشيخة بني إسرائيل [4] . وقال بعض من يعافه: الذي يدلّ على أنّه مسخ شبه كفّه بكفّ الإنسان. وقال العدار الأبرص، نديم أيّوب بن جعفر، وكان أيوب لا يغبّ [5] أكل الضباب، في زمانها. ولها في المربد سوق تقوم في ظلّ دار جعفر. ولذلك قال أبو فرعون، في كلمة له طويلة: [من الرجز]

_ [1] أخرجه البخاري في الأطعمة، حديث رقم 5076، وأعاده في الذبائح والصيد، حديث رقم 5217، ومسلم في الصيد والذبائح، باب إباحة الضب، حديث رقم 1945- 1946. [2] أخرجه البخاري في الذبائح والصيد، حديث رقم 5216، ومسلم في الصيد والذبائح برقم 1943. [3] الجري: ضرب من السمك. انظر ما تقدم في 1/154، 196، 203. [4] ورد الخبر في ربيع الأبرار 5/468. [5] الغب: هو أن يرد يوما ويدع يوما.

1722 -[القول في المسخ]

سوق الضباب خير سوق في العرب وكان أبو إسحاق إبراهيم النظام والعدار، إذا كان عند أيوب قاما عن خوانه [1] ، إذا وضع له عليه ضبّ. ومما قال فيه العدار قوله: [من الطويل] له كفّ إنسان وخلق عظاية ... وكالقرد والخنزير في المسخ والغضب 1722-[القول في المسخ] والعوامّ تقول ذلك. وناس يزعمون أن الحيّة مسخ، والضبّ مسخ، والكلب مسخ، والإربيان [2] ، مسخ، والفأر مسخ. ولم أر أهل الكتاب يقرّون بأنّ الله تعالى مسخ إنسانا قط خنزيرا ولا قردا. إلّا أنهم قد أجمعوا أنّ الله تبارك وتعالى قد مسخ امرأة لوط حجرا [3] ، حين التفتت [4] . وتزعم الأعراب: أنّ الله عزّ ذكره قد مسخ كلّ صاحب مكس وجابي خراج وإتاوة، إذا كان ظالما. وأنه مسخ ماكسين، أحدهما ذئبا والآخر ضبعا. 1723-[شعر الحكم بن عمرو في غرائب الخلق] وأنشد محمّد بن السّكن المعلّم النحويّ، للحكم بن عمرو البهراني، في ذلك وفي غيره شعرا عجيبا، وقد ذكر فيه ضروبا كلّها طريف غريب، وكلها باطل، والأعراب تؤمن بها أجمع. وكان الحكم هذا أتى بني العنبر بالبادية، على أنّ العنبر من بهراء، فنفوه من البادية إلى الحاضرة، وكان يتفقّه ويفتي فتيا الأعراب [5] ، وكان مكفوفا ودهريّا

_ [1] الخوان: المائدة يوضع عليها الطعام. [2] الإربيان: ضرب من السمك، وهو القريدس في الشام، والجمبري في مصر. معجم الألفاظ الزراعية 197. [3] تقدم هذا القول في 3/313، الفقرة (1020) ، وانظر أيضا 3/309، الفقرة (1010) ، و 3/312، الفقرة (1017) . [4] إشارة إلى قوله تعالى في الآية 81 من سورة هود: فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ. [5] فتيا الأعراب: ضرب من الألغاز يقوم على المقدرة اللغوية. ويتضح هذا الفن في المقامة (32) من مقامات الحريري، مثل قوله «أيستباح ماء الضرير؟ قال: نعم. ويجتنب ماء البصير» . الضرير هنا: حرف الوادي، والبصير: الكلب. وانظر المزهر 1/622- 637 حيث أورد مقامة الحريري.

عد مليّا [1] ، وهو الذي يقول [2] : [من الخفيف] 1- إنّ ربّي لما يشاء قدير ... ما لشيء أراده من مفرّ 2- مسخ الماكسين ضبعا وذئبا ... فلهذا تناجلا أمّ عمرو 3- بعث النّمل والجراد وقفّى ... بنجيع الرّعاف في حيّ بكر 4- خرقت فارة بأنف ضئيل ... عرما محكم الأساس بصخر [3] 5- فجّرته وكان جيلان عنه ... عاجزا لو يرومه بعد دهر [4] 6- مسخ الضّبّ في الجدالة قدما ... وسهيل السّماء عمدا بصغر [5] 7- والذي كان يكتني برغال ... جعل الله قبره شرّ قبر [6] 8- وكذا كلّ ذي سفين وخرج ... ومكوس وكلّ صاحب عشر [6] 9- منكب كافر وأشراط سوء ... وعريف جزاؤه حرّ جمر [7] 10- وتزوّجت في الشّبيبة غولا ... بغزال وصدقتي زقّ خمر [8] 11- ثيّب إن هويت ذلك منها ... ومتى شئت لم أجد غير بكر [9] 12- بنت عمرو وخالها مسحل الخى ... ر وخالي هميم صاحب عمرو [9] 13- ولها خطّة بأرض وبار ... مسحوها فكان لي نصف شطر [10] 14- أرض حوش وجامل عكنان ... وعروج من المؤبّل دثر [11] 15- سادة الجنّ ليس فيها من الج ... نّ سوى تاجر وآخر مكر 16- ونفوا عن حريمها كلّ عفر ... يسرق السّمع كل ليلة بدر [11]

_ [1] العدملي: الهرم المسن. [2] ورد البيتان (4- 5) في ثمار القلوب (609- 610) ، والسابع في ثمار القلوب (245) . [3] انظر شرح الجاحظ لهذا البيت فيما سيأتي ص 393. [4] انظر شرح الجاحظ لهذا البيت فيما سيأتي ص 393- 394. [5] انظر شرح الجاحظ لهذا البيت فيما سيأتي ص 395. [6] انظر شرح الجاحظ لهذا البيت فيما سيأتي ص 395- 396. [7] انظر شرح الجاحظ لهذا البيت فيما سيأتي ص 397. [8] انظر شرح الجاحظ لهذا البيت فيما سيأتي ص 397- 398، 433. [9] انظر شرح الجاحظ لهذا البيت فيما سيأتي ص 433. [10] انظر شرح الجاحظ لهذا البيت فيما سيأتي ص 435. [11] انظر شرح الجاحظ لهذا البيت فيما سيأتي ص 436.

17- في فتوّ من الشّنقناق غرّ ... ونساء من الزوابع زهر [1] 18- تأكل الفول ذا البساطة مسيا ... بعد روث الحمار في كلّ فجر 19- جعل الله ذلك الرّوث بيضا ... من أنوق ومن طروقة نسر 20- ضربت فردة فصارت هباء ... في محاق القمير آخر شهر [2] 21- تركت عبدلا ثمال اليتامى ... وأخوه مزاحم كان بكري [3] 22- وضعت تسعة وكانت نزورا ... من نساء في أهلها غير نزر [3] 23- غلبتني على النّجابة عرسي ... بعد ما طار في النّجابة ذكري [4] 24- وأرى فيهم شمائل إنس ... غير أنّ النّجار صورة عفر [5] 25- وبها كنت راكبا حشرات ... ملجما قنفذا ومسرج وبر [6] 26- كنت لا أركب الأرانب للحي ... ض ولا الضّبع أنّها ذات نكر 27- تركب المقعص المجيّف ذا النّع ... ظ وتدعو الضّباع من كلّ جحر [7] 28- جائبا للبحار أهدي لعرسي ... فلفلا مجتنى وهضمة عطر [8] 29- وأحلّي هرير من صدف البح ... ر وأسقي العيال من نيل مصر [9] 30- ويسنّي المعقود نفثي وحلّي ... ثمّ يخفى على السّواحر سحري 31- وأجوب البلاد تحتي ظبي ... ضاحك سنّه كثير التّمرّي [10] 32- مولج دبره خواية مكو ... وهو باللّيل في العفاريت يسري [10] 33- يحسب النّاظرون أنّي ابن ماء ... ذاكر عشّه بضفّة نهر 34- ربّ يوم أكلت من كبد اللّي ... ث وأعقبت بين ذئب ونمر

_ [1] انظر شرح الجاحظ لهذا البيت فيما سيأتي ص 436- 437. [2] انظر شرح الجاحظ لهذا البيت فيما سيأتي ص 438. [3] انظر شرح الجاحظ لهذا البيت فيما سيأتي ص 435. [4] انظر شرح الجاحظ لهذا البيت فيما سيأتي ص 439. [5] انظر شرح الجاحظ لهذا البيت فيما سيأتي ص 439. [6] انظر شرح الجاحظ لهذا البيت فيما سيأتي ص 440. [7] المقعص: الذي ضرب فقتل مكانه. النعظ: الانتشار. [8] الهضمة: الطيب أو البخور. [9] هرير: ترخيم هريرة، وهو اسم علم للمؤنث. [10] انظر شرح الجاحظ لهذا البيت فيما سيأتي ص 440. الخواية: متسع داخل الكناس. الممكو: الجحر.

1724 -[القول في استحلال الضب واستطابته]

35- ليس ذاكم كمن يبيت بطينا ... من شواء ومن قليّة جزر 36- ثم لاحظت خلتي في غدوّ ... بين عيني وعينها السّمّ يجري 37- ثم أصبحت بعد خفض ولهو ... مدنفا مفردا محالف عسر 38- أتراني مقتّ من ذبح الدّى ... ك وعاديت من أهاب بصقر 39- وسمعت النقيق في ظلم اللّي ... ل فجاوبته بسرّ وجهر 40- ثمّ يرمى بي الجحيم جهارا ... في خمير وفي دراهم قمر 41- فلعل الإله يرحم ضعفي ... ويرى كبرتي ويقبل عذري 1724-[القول في استحلال الضب واستطابته] وسنقول في الذين استحلوه واستطابوه وقدّموه. قالوا: الشيء لا يحرم إلّا من جهة كتاب، أو إجماع، أو حجة عقل، أو من جهة القياس على أصل في كتاب الله عزّ وجلّ، أو إجماع. ولم نجد في تحريمه شيئا من هذه الخصال، وإن كان إنّما يترك من قبل التقزز؛ فقد أكل الناس الدّجاج، والشبابيط؛ ولحوم الجلّالة، وأكلوا السراطين، والعقصير [1] ، وفراخ الزّنابير، والصحناء [2] والرّبيثا [3] فكان التقزّز مما يغتذي العذرة رطبة ويابسة، أولى وأحقّ من كلّ شيء يأكل الضروب التي قد ذكرناها وذكرها الرّاجز حيث يقول: [من الرجز] يا ربّ ضبّ بين أكناف اللّوى ... رعى المرار والكباث والدّبا [4] حتّى إذا ما ناصل البهمى ارتمى ... وأجفئت في الأرض أعراف السّفا ظلّ يباري هبّصا وسط الملا ... وهو بعيني قانص بالمرتبا [5] كان إذا أخفق من غير الرعا ... رازم بالأكباد منها والكشى [6] فإن عفتموه لأكل الدّبا فلا تأكلوا الجراد، ولا تستطيبوا بيضه.

_ [1] العقصير: دابة يتقزز من أكلها. [2] الصحناة: إدام يتخذ من السمك الصغار والملح، وتقدم هذا الشرح في الحاشية الخامسة للصفحة 141، الفقرة (750) . [3] الربيثا: إدام يتخذ من السمك الصغار والملح. [4] الكباث: ثمر الأراك. الدبا: الجراد قبل أن يطير. [5] هبص: جمع هابص، وهو الحريص على الصيد. الملا: المتسع من الأرض. المرتبأ: المرقب والموضع الذي يشرف عليه. [6] الكشى: جمع كشية، وهي شحمة في ظهر الضب.

وقد قال أبو حجين المنقريّ: [من الطويل] ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة ... بأسفل واد ليس فيه أذان وهل آكلن ضبّا بأسفل تلعة ... وعرفج أكماع المديد خواني [1] أقوم إلى وقت الصّلاة وريحه ... بكفّيّ لم أغسلهما بشنان [2] وهل أشربن من ماء لينة شربة ... على عطش من سور أمّ أبان [3] وقال آخر [4] : [من الطويل] لعمري لضبّ بالعنيزة صائف ... تضحّى عرادا فهو ينفخ كالقرم [5] أحبّ إلينا أن يجاور أرضنا ... من السّمك البنّيّ والسّلجم الوخم [6] وقال آخر في تفضيل أكل الضّبّ [7] : [من الطويل] أقول له يوما وقد راح صحبتي ... وبالله أبغي صيده وأخاتله فلمّا التقت كفّي على فضل ذيله ... وشالت شمالي زايل الضّبّ باطله [8] فأصبح محنوذا نضيجا وأصبحت ... تمشّى على القيزان حولا حلائله [9] شديد اصفرار الكشيتين كأنّما ... تطلّى بورس بطنه وشواكله [10] فذلك أشهى عندنا من بياحكم ... لحى الله شاريه وقبّح آكله [11]

_ [1] العرفج: ضرب من النبات سهلي، وقيل: هو من شجر الصيف؛ وهو لين أغبر له ثمرة خشناء كالحسك. الأكماع: أماكن من الأرض ترتفع حروفها وتطمئن أوساطها. المديد: موقع قرب مكة. الخوان: المائدة يوضع عليها الطعام. [2] الشنان: الماء البارد. [3] لينة: موضع في بلاد نجد. [4] البيتان بلا نسبة في ربيع الأبرار 5/467، ومعجم البلدان 4/163 (عنيزة) . [5] عنيزة: موضع بين البصرة ومكة، وعنيزة: من أودية اليمامة قرب سواج، وقرى عنيزة بالبحرين. تضحى: أكل في وقت الضحى. العراد: ضرب من النبات تألفه الضباب. القرم: الفحل المتروك للفحلة. [6] السلجم: ضرب من البقول، وهو اللفت. الوخم: الثقيل الذي لا يستمرأ. [7] الأبيات لبعض الأعراب في عيون الأخبار 3/212، والبيتان الأخيران في ربيع الأبرار 5/468، والرابع في محاضرات الأدباء 1/292 (2/611) . [8] شالت: ارتفعت. زايل: فارق. [9] المحنوذ: المشوي. القيزان: الرمال العالية. الحول: جمع حائل، وهي التي لم تحمل. الحلائل: جمع حليلة، وهي الزوجة. [10] الكشية: شحمة في ظهر الضب. الشواكل: جمع شاكلة، وهي الخاصرة. [11] البياح: ضرب من السمك صغار.

وقال أبو الهنديّ، من ولد شبث بن ربعيّ [1] : [من المتقارب] أكلت الضّباب فما عفتها ... وإنّي لأهوى قديد الغنم [2] وركّبت زبدا على تمرة ... فنعم الطّعام ونعم الأدم [3] وسمن السّلاء وكمء القصيص ... وزين السّديف كبود النّعم [4] ولحم الخروف حنيذا وقد ... أتيت به فائرا في الشّبم [5] فأمّا البهطّ وحيتانكم ... فما زلت منها كثير السّقم [6] وقد نلت ذاك كما نلتم ... فلم أر فيها كضبّ هرم وما في البيوض كبيض الدّجاج ... وبيض الجراد شفاء القرم ومكن الضّباب طعام العريب ... ولا تشتهيه نفوس العجم [7] وإلى هذا المعنى ذهب جران العود، حين أطعم ضيفه ضبّا، فهجاه ابن عمّ له كان يغمز في نسبه، فلما قال في كلمة له [8] : [من الوافر] وتطعم ضيفك الجوعان ضبّا ... وتأكل دونه تمرا بزبد وقال في كلمة له أخرى [8] : [من الوافر] وتطعم ضيفك الجوعان ضبّا ... كأنّ الضّبّ عندهم عريب قال جران العود [8] : [من الوافر] فلولا أنّ أصلك فارسيّ ... لما عبت الضّباب ومن قراها قريت الضيف من حبّي كشاها ... وأيّ لويّة إلّا كشاها [9]

_ [1] ديوان أبي الهندي 50، والمعاني الكبير 650، وعيون الأخبار 3/210، وربيع الأبرار 5/466، وفيه صحّف اسم أبي الهندي إلى أبي الهندام، واللسان 1/586 (عرب) . [2] القديد: ما قطع من اللحم وشرر، واللحم المملوح المجفف في الشمس. [3] الأدم: الإدام، وهو ما يؤكل به الخبز. [4] سلأ الزبد: طبخه وعالجه ليخلص منه السمن. القصيص: جمع قصيصة، وهي شجرة تنبت في أصلها الكمأة. السديف: شحم السنام. الكبود: جمع كبد. [5] الحنيذ: المشوي. الفائر: أراد به الحار. الشبم: البارد. [6] البهط: الأرز يطبخ باللبن والسمن. [7] المكن: جمع مكنة، وهو بيض الضب. العريب: تصغير العرب. [8] البيت مع الخبر في ربيع الأبرار 5/466. [9] الكشية: شحمة في ظهر الضب.

1725 -[بزماورد الزنابير]

واللّويّة: الطّعيّم الطّيب، واللّطف [1] يرفع للشّيخ والصبي. وقد قال الأخطل [2] : [من الطويل] ففلت لهم هاتوا لوية مالك ... وإن كان قد لاقى لبوسا ومطعما 1725-[بزماورد الزّنابير] وقال مويس بن عمران: كان بشر بن المعتمر خاصّا بالفضل بن يحيى، فقدم عليه رجل من مواليه، وهو أحد بني هلال بن عامر، فمضى به يوما إلى الفضل؛ ليكرمه بذلك، وحضرت المائدة، فذكروا الضب ومن يأكله، فأفرط الفضل في ذمّه، وتابعه القوم بذلك ونظر الهلاليّ فلم ير على المائدة عربيّا غيره، وغاظه كلامهم، فلم يلبث الفضل أن أتي بصحفة ملآنة من فراخ الزّنابير، ليتّخذ له منها بزماورد [3]- والدّبر والنّحل عند العرب أجناس من الذّبان- فلم يشكّ الهلاليّ أنّ الذي رأى من ذبّان البيوت والحشوش [4] . وكان الفضل حين ولي خراسان استظرف بها بزماورد الزّنابير، فلمّا قدم العراق كان يتشّهاها فتطلب له من كلّ مكان. فشمت الهلاليّ به وبأصحابه، وخرج وهو يقول [5] : [من الطويل] وعلج يعاف الضّبّ لؤما وبطنة ... وبعض إدام العلج هام ذباب [6] ولو أن ملكا في الملا ناك أمّه ... لقالوا لقد أوتيت فصل خطاب [7] 1726-[شعر أبي الطروق في مهر امرأة] لما قال أبو الطروق الضبي [8] : [من الطويل] يقولون أصدقها جرادا وضبّة ... فقد جردت بيتي وبيت عياليا [9]

_ [1] اللطف: التحفة والهدية. [2] ديوان الأخطل 600. [3] البزماورد: طعام من البيض واللحم، انظر اللسان «ورد» . [4] الحشوش: جمع حش، وهو موضع قضاء الحاجة. [5] البيتان مع الخبر السابق باختصار في ربيع الأبرار 5/466- 467. [6] العلج: الرجل الشديد الغليظ. [7] الملأ: الجماعة، أو وجوه القوم. [8] البيتان (1- 2) في الحماسة البصرية 2/314، ورواية عجز البيت الثانى: (وغابت فلا آبت سمير اللياليا) [9] الصداق: المهر.

1727 -[شعر في الضب]

وأبقت ضبابا في الصّدور جواثما ... فيا لك من دعوى تصمّ المناديا وعاديت أعمامي وهم شرّ جيرة ... يدبّون شطر اللّيل نحوي الأفاعيا وقد كان في قعب وقوس وإن أشأ ... من الأقط ما بلّغن في المهر حاجيا [1] فقال أبوها: [من الطويل] فلو كان قعبا رضّ قعبك جندل ... ولو كان قوسا كان للنّبل أذكرا فقال عمّها: دعوني والعبد. 1727-[شعر في الضبّ] وأنشد للدّبيري: [من الطويل] أعامر عبد الله إنّي وجدتكم ... كعرفجة الضّبّ الذي يتذلّل قال: هي ليّنة، وعودها ليّن، فهو يعلوها إذا حضروا بالقيظ. ويتشوّف [2] عليها. ولست ترى الضّب إلا وهي سامية برأسها، تنظر وترقب. وأنشد: [من الطويل] بلاد يكون الخيم أطلال أهلها ... إذا حضروا بالقيظ والضّبّ نونها وقال عمرو بن خويلد: [من الطويل] ركاب حسيل أشهر الصّيف بدّن ... وناقة عمرو ما يحلّ لها رحل [3] إذا ما ابتنينا بيتنا لمعيشة ... يعود لما نبني فيهدمه حسل ويزعم حسل أنّه فرع قومه ... وما أنت فرع يا حسيل ولا أصل ولدت بحادي النّجم تسعى بسعيه ... كما ولدت بالنّحس ديّانها عكل 1728-[استطراد لغوي] وهم يسمّون بحسل وحسيل: وضبّ وضبّة. فمنهم ضبّة بن أدّ، وضبة بن محض، وزيد بن ضبّ. ويقال: حفرة ضب. وفي قريش بنو حسل. ومن ذلك ضبّة الباب. ويسمّى حلب الناقة بخمس أصابع ضبّا، يقال ضبّها يضبّها ضبّا: إذا حلبها كذلك. وضبّ الجرح وبضّ: إذا سال دما، مثل ما تقول: جذب وجبذ. و: «إنّه لخبّ

_ [1] القعب: القدح الضخم. الأقط: شيء يتخذ من اللبن المخيض. [2] يتشوف: يتطلع. [3] الركاب: الإبل التي يسار عليها.

1729 -[شعر فيه ذكر الضب]

ضبّ» [1] ، و: «إنّه لأخدع من ضبّ» [2] . والضبّ: الحقد إذا تمكّن وسرت عقاربه. وأخفى مكانه. والضّبّ: ورم في خفّ البعير. وقال الرّاجز [3] : [من الرجز] ليس بذي عرك ولا ذي ضبّ [4] ويقال ضبّ خدع، أي مراوغ. ولذلك سموا الخزانة المخدع. وقال راشد بن شهاب [5] : [من الطويل] أرقت فلم تخدع بعينيّ نعسة ... وو الله ما دهري بعشق ولا سقم وقال ذو الرّمّة [6] : [من الطويل] مناسمها خثم صلاب كأنّها ... رؤوس الضّباب استخرجتها الظهائر [7] 1729-[شعر فيه ذكر الضبّ] ويدلّ على كثرة تصريفهم لهذا الاسم ما أنشدناه أبو الرّدينيّ: [من الرجز] لا يعقر التقبيل إلا زبّي ... ولا يداوي من صميم الحبّ والضّبّ في صوّانه مجبّ [8] وأنشدنا أبو الرّدينيّ العكليّ، لطارق وكنيته أبو السّمّال: [من الرجز] يا أم سمّال ألمّا تدري ... أنّي على مياسري وعسري يكفيك رفدي رجلا ذا وفر ... ضخم المثاليث صغير الأير إذا تغدّى قال تمري تمري ... كأنّه بين الذّرى والكسر [9] ضبّ تضحّى بمكان قفر [10]

_ [1] انظر الحاشية رقم (2) ص 339. [2] انظر الحاشية رقم (4) ص 339. [3] الرجز بلا نسبة في اللسان (ضبب، عرك، أمم) ، والتاج (عرك، أمم) . [4] العرك: أن يحز مرفق البعير جنبه حتى يخلص إلى اللحم ويقطع الجلد بحز الكركرة. [5] البيت في شرح اختيارات المفضل 1318، والمفضليات 308، والأساس (خدع) ، وبلا نسبة في الدرر 4/215، وهمع الهوامع 2/33. [6] ديوان ذي الرمة 1036. [7] في ديوانه: «خثم: عراض. وقوله: كأنها رؤوس الضباب استخرجتها الظهائر، يقول: إذا اشتد الحر أخرجت الضباب رؤوسها من الحر، والظهيرة: عند زوال الشمس» . [8] الصّوّان: الحجارة الصلبة. المجب: من التجبية، وهي الانكباب على الوجه. [9] الذّرى: ما سترك من الريح الباردة؛ من حائط أو شجر. كسر البيت: جانبه. [10] تضحى: أكل في وقت الضحى.

وقال أعرابيّ: [من الطويل] قد اصطدت يا يقظان ضبّا ولم يكن ... ليصطاد ضبّ مثله بالحبائل يظلّ رعاء الشّاء يرتمضونه ... حنيذا ويجنى بعضه للحلائل [1] عظيم الكشى مثل الصّبي إذا عدا ... يفوت الضّباب حسله في السّحابل [2] وقال العماني [3] : [من الرجز] إنّي لأرجو من عطايا ربّي ... ومن وليّ العهد بعد الغبّ روميّة أولج فيها ضبّي ... لها حر مستهدف كالقب [4] مستحصف نعم قراب الزّبّ [5] وقال الآخر: [من الوافر] إذا اصطلحوا على أمر تولّوا ... وفي أجوافهم منه ضباب [6] وقال الزّبرقان بن بدر [7] : [من الكامل] ومن الموالي ضبّ جندلة ... زمر المروءة ناقص الشّبر [8] فالأول جعل أيره ضبّا، والثاني جعل الحقد ضبّا. وقال الخليل بن أحمد، في ظهر البصرة مما يلي قصر أنس [9] : [من البسيط] زر وادي القصر نعم القصر والوادي ... لا بدّ من زورة عن غير ميعاد ترى به السّفن كالظّلمان واقفة ... والضبّ والنّون والملاح والحادي

_ [1] الحنيذ: المشوي. الحلائل: جمع حليلة، وهي الزوجة. [2] الكشية: شحمة في ظهر الضب. السحابل: جمع سحبل، وهو العريض البطن. [3] الرجز للعماني في التشبيهات لابن أبي عون 234، وبلا نسبة في المختار من شعر بشار. [4] المستهدف: العريض المرتفع. القعب: القدح الضخم. [5] المستحصف: الضيق. القراب: غمد السيف. [6] الضباب: جمع ضب، وهي هنا بمعنى الحقد. [7] ديوان الزبرقان 42، والأضداد للأنباري 48. [8] زمر المروءة: قليلها. الشّبر: العطاء. [9] البيتان للخليل بن أحمد في ديوانه 365، وثمار القلوب (760) ، ورسائل الجاحظ 4/138، وعيون الأخبار 1/217، والأزمنة والأمكنة 2/303، وهما لابن أبي عيينة في ديوان المعاني 2/138، والأنوار ومحاسن الأشعار 2/81، والأغاني 20/91، ومعجم الشعراء 110، وانظر المزيد من المصادر في ديوان الخليل بن أحمد؛ وثمار القلوب.

وقال في مثل ذلك ابن أبي عيينة [1] : [من المنسرح] يا جنّة فاتت الجنان فما ... يبلغها قيمة ولا ثمن ألفتها فاتّخذتها وطنا ... إنّ فؤادي لأهلها وطن زوّج حيتانها الضّباب بها ... فهذه كنّة وذا ختن [2] فانظر وفكّر فيما تطيف به ... إنّ الأريب المفكّر الفطن [3] من سفن كالنّعام مقبلة ... ومن نعام كأنّها سفن وقال عقبة بن مكدّم في صفة الفرس [4] : [من الخفيف] ولها منخر إذا رفعته ... في المجاراة مثل وجر الضّباب [5] وأنشد [6] : [من الرجز] وأنت لو ذقت الكشى بالأكباد ... لما تركت الضّبّ يسعى بالواد [7] وقال أبو حيّة النّميري [8] : [من البسيط] وقرّبوا كلّ قنعاس قراسية ... أبدّ ليس به ضبّ ولا سرر [9] وقال كثير [10] : [من الطويل]

_ [1] الأبيات لابن أبي عيينة في ديوان المعاني 2/137، وعيون الأخبار 1/217- 218، والأغاني 20/103، والأزمنة والأمكنة 2/303، والأنوار ومحاسن الأشعار 2/38، ومعجم البلدان 1/437- 438 (البصرة) ، وتنسب إلى الخليل بن أحمد في ديوانه 367- 368، وثمار القلوب (761) . [2] الكنة: امرأة الابن أو الأخ. الختن: أبو امرأة الرجل؛ وأخو امرأته. [3] تطيف به: تقاربه. [4] البيت لعقبة بن مكدم في كتاب الخيل لأبي عبيدة ص 155. [5] الوجر: الجحر. [6] الرجز في ربيع الأبرار 5/466، وعيون الأخبار 3/211، والمخصص 15/178، 16/112، واللسان (كشى) ، والأساس (كشي) ، والجمهرة 879، والمقاييس 5/183، والمجمل 4/231. [7] الكشى: جمع كشية، وهي شحمة صفراء في ظهر الضب. [8] ديوان أبي حية النميري 149. [9] في ديوانه: «القنعاس: الجمل الضخم. القراسية: الضخم الشديد من الإبل. الأبدّ: الذي في يديه فتل. الضب: ورم يكون في خف البعير أو صدره. السرر: قرح في مؤخرة كركرة البعير يكاد ينقب إلى جوفه» . [10] ديوان كثير عزة 239، واللسان (خلا) ، والأساس (خلو) ، والتاج (حرش، خلا) ، وشرح شواهد الإيضاح 321، وبلا نسبة في اللسان (خدع) ، والمخصص 3/80، 8/97.

1730 -[شعر في ذم الضب]

ومحترش ضبّ العداوة منهم ... بحلو الرّقى حرش الضّباب الخوادع وقال كثيّر [1] أيضا: [من الوافر] وما زالت رقاك تسلّ ضغني ... وتخرج من مضائبها ضبابي 1730-[شعر في ذم الضب] فأما الذين ذمّوا الضب وأكله، وضربوا المثل به وبأعضائه وأخلاقه وأعماله، فكما قال التميمي [2] : [من الوافر] لكسرى كان أعقل من تميم ... ليالي فرّ من أرض الضّباب فأنزل أهله ببلاد ريف ... وأشجار وأنهار عذاب وصار بنو بنيه بها ملوكا ... وصرنا نحن أمثال الكلاب فلا رحم الإله صدى تميم ... فقد أزرى بنا في كلّ باب وقال أبو نواس [3] : [من الطويل] إذا ما تميميّ آتاك مفاخرا ... فقل عدّ عن ذا كيف أكلك للضّبّ تفاخر أبناء الملوك سفاهة ... وبولك يجري فوق ساقك والكعب وقال الآخر: [من البسيط] فحبّذا هم وروّى الله أرضهم ... من كلّ منهمر الأحشاء ذي برد ولا سقى الله أياما غنيت بها ... ببطن فلج على الينسوع فالعقد [4] مواطن من تميم غير معجبة ... أهل الجفاء وعيش البؤس والصّرد [5] همّ الكرام كريم الأمر تفعله ... وهمّ سعد بما تلقي إلى المعد [6] أصحاب ضبّ ويربوع وحنظلة ... وعيشة سكنوا منها على ضمد [7]

_ [1] ديوان كثير 280، والسمط 62. [2] الأبيات للفرزدق في رسائل الجاحظ 2/411؛ وليست في ديوانه، وتقدمت الأبيات في 1/167 منسوبة إلى أبي ذباب السعدي. [3] ديوان أبي نواس 510. [4] ورد هذا البيت في معجم البلدان 5/451 (الينسوع) . بطن فلج: طريق من البصرة إلى اليمامة. الينسوع: موضع في طريق البصرة. العقد: موضع بين البصرة وضرية. [5] الصرد: البرد. [6] المعد: جمع معدة. [7] حنظلة: إشارة إلى أنهم كانوا يأكلون الحنظل. الضمد: شدة الغيظ.

إن يأكلوا الضّبّ باتوا مخصبين به ... وزادها الجوع إن باتت ولم تصد لو أنّ سعدا لها ريف لقد دفعت ... عنه كما دفعت عن صالح البلد من ذا يقارع سعدا عن مفازتها ... ومن ينافسها في عيشها النّكد وقال في مثل ذلك عمرو بن الأهتم [1] : [من الخفيف] وتركنا عميرهم رهن ضبع ... مسلحبّا ورهن طلس الذّئاب [2] نزلوا منزل الضّيافة منا ... فقرى القوم غلمة الأعراب [3] ورددناهم إلى حرّتيهم ... حيث لا يأكلون غير الضّباب [4] وقالت المرّيّة [5] : [من الكامل] جاؤوا بحارشة الضّباب كأنّما ... جاؤوا ببنت الحارث بن عباد وقائله هذا الشعر امرأة من بني مرّة بن عباد. وقال الحارث الكندي [6] : [من الوافر] لعمرك ما إلى حسن أنخنا ... ولا جئنا حسينا يابن أنس ولكنّ ضبّ جندلة أتينا ... مضبّا في مضابئها يفسّي [7] فلمّا أن أتيناه وقلنا ... بحاجتنا تلوّن لون ورس [8] وآض بكفّه يحتكّ ضرسا ... يرينا أنّه وجع بضرس فقلت لصاحبي أبه كزاز ... وقلت أسرّه أتراه يمسي [9] وقمنا هاربين معا جميعا ... نحاذر أن نزنّ بقتل نفس [10] وقالت عائشة ابنة عثمان، في أبان بن سعيد بن العاص، حين خطبها، وكان

_ [1] ديوان عمرو بن الأهتم 81. [2] مسلحب: منبطح؛ أو ممتد. الطلس من الذئاب: ما لونها الطلسة؛ وهي غبرة إلى سواد. [3] الغلمة: جمع غلام. [4] حرّتيهم: مثنى حرة، وهي أرض ذات حجارة سوداء نخرات كأنها أحرقت بالنار. [5] البيت في ثمار القلوب 240 (465) ، وتقدم في 4/436. [6] الأبيات عدا الأول والثاني في عيون الأخبار 3/154. [7] الجندلة: الحجر. المضابئ: المخابئ. [8] الورس: نبات أصفر ينبت باليمن. [9] الكزاز: داء يأخذ من شدة البرد. [10] نزنّ: نتّهم.

نزل أيلة وترك المدينة [1] : [من الطويل] نزلت ببيت الضّبّ لا أنت ضائر ... عدوّا ولا مستنفعا أنت نافع وقال جرير [2] : [من الوافر] وجدنا بيت ضبّة في تميم ... كبيت الضّبّ ليس له سواري وقال آخر- وهذا الشعر يقع أيضا في الضّباع كما يقع في الضّباب-: [من الرجز] يا ضبع الأكهاف ذات الشّعب ... والوثب للعنز وغير الوثب عيثي ولا تخشين إلّا سبّي ... فلست بالطّبّ ولا ابن الطّبّ [3] إن لم أدع بيتك بيت الضّبّ ... يضيق عند ذي القرد المكبّ [4] وقال الفرزدق [5] : [من الطويل] لحى الله ماء حنبل خير أهله ... قفا ضبّة عند الصّفاة مكون [6] فلو علم الحجّاج علمك لم تبع ... يمينك ماء مسلما بيمين [7] وأنشد: [من الطويل] زعمت بأنّ الضبّ أعمى ولم يفت ... بأعمى ولكن فات وهو بصير بل الضبّ أعمى يوم يخنس باسته ... إليك بصحراء البياض غرير [8] وقالت امرأة في ولدها وتهجو أباه: [من الرجز] وهبته من ذي تفال خبّ ... يقلب يمينا مثل عين الضّبّ [9] ليس بمعشوق ولا محبّ

_ [1] البيت مع الخبر في البيان 3/300- 301. [2] ديوان جرير 192 (طبعة الصاوي) . [3] عاثت الضبع: أفسدت. [4] القرد: ما تمعّط من الوبر والصوف. [5] ديوان الفرزدق 881. [6] المكون: التي جمعت مكنها في بطنها، والمكن: بيضها. [7] اليمين: القدرة والقوة. [8] خنس: تأخر. البياض: موضع قرب يبرين، وأرض بنجد. [9] التفال: البصاق. الخبّ: الخبيث الخدّاع.

وقال رجل من فزارة: [من الطويل] وجدناكم رأبا بين أمّ قرفة ... كأسنان حسل لا وفاء ولا غدر [1] وأنشد [2] : [من الطويل] ثلاثون رأبا أو تزيد ثلاثة ... يقاتلنا بالقرن ألف مقنّع [3] والرأب: السواء، والمعنى الأول يشبه قوله [4] : [من الطويل] سواس كأسنان الحمار فلا ترى ... لذي شيبة منهم على ناشئ فضلا وأنشد ابن الأعرابي [5] : [من الرجز] قبّحت من سالفة ومن صدغ ... كأنّها كشية ضبّ في صقغ [6] أراد صقع بالعين فقلب. وقال الآخر: [من الرجز] أعقّ من ضبّ وأفسى من ظرب وأنشد [7] : [من الطويل] فجاءت تهاب الذّمّ ليست بضبّة ... ولا سلفع يلقى مراسا زميلها [8] يقول: لا تخدع كما يخدع الضّبّ في جحره. وأنشد ابن الأعرابي لحيّان بن عبيد الربعي جد أبي محضة: [من الرجز]

_ [1] الرأب: السبعون من الإبل. الحسل: ولد الضب. وأسنان الحسل لا يسقط منها شيء حتى يموت، وسيعيد الجاحظ هذا البيت ص 376. [2] البيت بلا نسبة في أساس البلاغة (رأب) . [3] في أساس البلاغة: «في بني فلان ثلاثون رأبا؛ أي سادات يرأبون أمورهم» . القرن: الجبل الصغير. المقنع: المتغطي بالسلاح. [4] البيت لكثير عزة في ديوانه 384، واللسان (سوا) ، ومجمع الأمثال 1/329، والمستقصى 2/123، ولعمرو بن أحمر في ديوانه 132، وثمار القلوب (556) ، وبلا نسبة في البيان 2/19، وعيون الأخبار 2/2، وفصل المقال 196، والبرصان 236. [5] الرجز لجواس بن هريم في الموشح 19، وبلا نسبة في العمدة 1/166، ورصف المباني 376، وأدب الكاتب 523، والجمهرة 879، وسر صناعة الإعراب 1/245، واللسان (صقع، سقغ، صدغ، صقغ) ، والتاج (سقغ، صدع، صقغ) . [6] الكشية: شحمة صفراء في ظهر الضب. الصقغ: الصقع، وهو الناحية من الأرض. [7] البيت بلا نسبة في أساس البلاغة (ضبب) . [8] السلفع: السليطة اللسان الجريئة. المراس: شدة المعالجة.

يا سهل لو رأيته يوم الجفر ... إذ هو يسعى يستجير للسّور [1] يرمي عن الصّفو ويرضى بالكدر ... لازددت منه قذرا على قذر يضحك عن ثغر ذميم المكتشر ... ولثة كأنّها سير حور [2] وعارض كعارض الضّبّ الذكر وأنشد السّدري [3] : [من البسيط] هو القرنبى ومشي الضب تعرفه ... وخصيتا صرصراني من الإبل [4] والخال ذو قحم في الجري صادقة ... وعاتق يتعقّى مأبض الرجل [5] واعلم، حفظك الله تعالى، أنّه قد أكتفي بالشّاهد، وتبقى في الشعر فضلة، ممّا يصلح لمذاكرة، ولبعض ما بك إلى معرفته حاجة، فأصله به، ولا أقطعه عنه. وأنشد لابن لجأ [6] : [من الرجز] وغنوي يرتمي بأسهم ... يلصق بالصّخر لصوق الأرقم [7] لو سئم الضبّ بها لم يسأم وقال أعرابيّ من بني تميم [8] : [من الرجز] تسخر منّي أن رأتني أحترش ... ولو حرشت لكشفت عن حرش [9]

_ [1] يوم الجفر: لعله يقصد يوم الجفار؛ وهذا اليوم كان للأحاليف في ضبة وإخوتها: الرباب وأسد وطيء على بني تميم. العمدة 2/219. السور: جمع سورة؛ وهي العرق من أعراق الحائط. [2] الحور: الجلد المصبوغ بحمرة. [3] البيت الأول بلا نسبة في البرصان 152. [4] القرنبى: دويبة فوق الخنفساء؛ ودون الجعل. الصرصراني: هو من الإبل بين البخاتي والعراب. [5] الخال: المنخوب الضعيف. قحم: جمع قحمة، وهي الانقحام في السير، أراد أنه فرّار يجبن عند اللقاء. العاتق: البكر. يتعقى: يكره. المأبض: كل ما يثبت عليه فخذك. الرجل: جمع أرجل، وهو من الخيل الذي في إحدى رجليه بياض. [6] ديوان عمر بن لجأ 162. [7] الأرقم: ضرب من الحيات فيه سواد وبياض. [8] الرجز بلا نسبة في اللسان (حرش، كشش) ، والعين 1/91، 5/269، والجمهرة 42- 43، والخزانة 11/461، والتهذيب 4/182، 9/425، والتاج (أبش، كشش) ، وكتاب الجيم 1/188، والاشتقاق 257، وشرح شافية ابن الحاجب 3/199، وشرح شواهد الشافية 419. [9] الاحتراش: صيد الضباب. حرش: أراد: حرك، وقلب الكاف شينا على الكشكشة، وهي لغة بني تميم، والحر: فرج المرأة.

يريد عن حرك. قال: وقال أبو سعنة: [من الرجز] قلهزمان جعدة لحاهما ... عاداهما الله وقد عاداهما [1] ضبّا كدى قد غمّرت كشاهما [2] وأنشد الأصمعي [3] : [من البسيط] إنّي وجدتك يا جرثوم من نفر ... جرثومة اللّؤم لا جرثومة الكرم [4] إنّا وجدنا بني جلان كلّهم ... كساعد الضّبّ لا طول ولا عظم وقال ابن ميّادة [5] : [من الطويل] فإنّ لقيس من بغيض لناصرا ... إذا أسد كشّت لفخر ضبابها [6] وفي هذه القصيدة يقول: [من الطويل] ولو أنّ قيسا قيس عيلان أقسمت ... على الشّمس لم يطلع عليك حجابها وهذا من شكل قول بشّار [7] : [من الطويل] إذا ما غضبنا غضبة مضريّة ... هتكنا حجاب الشّمس أو مطرت دما وأنشد لأبي الطّمحان: [من الكامل] مهلا نمير فإنّكم أمسيتم ... منّا بثغر ثنيّة لم تستر [8]

_ [1] القلهزم: القصير الغليظ. الجعد: الشعر القصير القطط. [2] الكدى: جمع كدية، وهي الأرض الغليظة المرتفعة. غمّرت: طليت بالغمرة، وهي الزعفران أو الورس. الكشى: جمع كشية، وهي شحمة صفراء في ظهر الضب. [3] ورد البيت الثاني بقافية (ولا قصر) ، بلا نسبة في اللسان (جلل) ، والخزانة 5/183. [4] جرثومة كل شيء: أصله. [5] ديوان ابن ميادة 78- 79. [6] كشّت: صوّتت. [7] البيت لبشار بن برد في ديوانه 4/163، والمختار من شعر بشار 163، والموشح 248، والأزمنة والأمكنة 2/35، والعمدة 2/144، وللغنوي في اللسان (حجب) ، والتهذيب 4/163، وأنشده الغنوي للقحيف بن عمير العقيلي في التاج (حجب) ، وهو للقحيف بن عمير في اللسان (غشم) ؛ وفيه أن بشار بن برد سرق هذا البيت، وهو في المؤتلف 93 للقحيف بن خمير؛ وفيه أيضا أن بشار بن برد أخذ هذا البيت فأدخله في قصيدته. [8] نمير: هم بنو نمير بن عامر بن صعصعة. الثغر: موضع المخافة. الثنية: كل عقبة مسلوكة.

1731 -[مفاخرة العث للضب]

سودا كأنّكم ذئاب خطيطة ... مطر البلاد وحرمها لم يمطر [1] يحبون بين أجا وبرقة عالج ... حبو الضّباب إلى أصول السّخبر [2] وتركتم قصب الشّريف طواميا ... تهوي ثنيّته كعين الأعور [3] 1731-[مفاخرة العثّ للضبّ] وقال العثّ، واسمه زيد بن معروف، للضب غلام رتبيل بن غلاق: وقد رأيت من سمّى عنزا وثورا، وكلبا، ويربوعا، فلم نر منهم أحدا أشبه العنز ولا الثّور، ولا الكلب، ولا اليربوع. وأنت قد تقيّلت [4] الضّبّ حتى لم تغادر منه شيئا. فاحتمل ذلك عنه، فلمّا قال: [من البسيط] من كان يدعى باسم لا يناسبه ... فأنت والاسم شنّ فوقه طبق [5] فقال ضبّ لعثّ: [من البسيط] إن كنت ضبّا فإنّ الضّبّ محتبل ... والضبّ ذو ثمن في السّوق معلوم [6] وليس للعثّ حبّال يراوغه ... ولست شيئا سوى قرض وتقليم [7] 1732-[ما يخرج الضب من جحره] وما أكثر ما يجيء الأعرابي بقربة من ماء، حتى يفرغها في جحره، ليخرج فيصطاده. ولذلك قال الكميت في صفة المطر الشديد الذي يستخرج الضّباب من جحرتها، وإن كانت لا تتّخذها إلا في الارتفاع- فقال [8] : [من الخفيف] وعلته بتركها تحفش الأك ... م ويكفي المضبّب التفجير [9] والمضبّب هو الذي يصيد الضباب.

_ [1] الخطيطة: الأرض التي لم تمطر بين أرض ممطورتين. الحرم: الحرام، وعنى به هنا حريمها. [2] أجأ: جبل لطيئ. السخبر: شجر يشبه الثمام له عيدان كالكراث في الكثرة. [3] الشريف: ماء لبني نمير. القصب: مجاري ماء البئر من العيون. طواميا: طما ماؤها وارتفع. [4] تقيّل فلان أباه: إذا نزع إليه في الشبه. [5] إشارة إلى المثل: «وافق شنّ طبقة» . انظر مجمع الأمثال 2/358، وجمهرة الأمثال 2/336، والمستقصى 2/371، وفصل المقال 262، 263، وأمثال ابن سلام 177. [6] احتبله: صاده بالحبالة، وهي المصيدة. [7] الحبّال: الذي يصطاد بالحبالة. [8] ديوان الكميت 1/250. [9] تحفش: تملأ.

القول في سن الضب وعمره

القول في سن الضب وعمره أنشد الأصمعيّ وغيره [1] : [من الرجز] تعلّقت واتّصلت بعكل ... خطبي وهزّت رأسها تستبلي [2] تسألني من السّنين كم لي ... فقلت لو عمّرت عمر الحسل أو عمر نوح زمن الفطحل ... والصّخر مبتلّ كطين الوحل [3] صرت رهين هرم أو قتل وهذا الشّعر يدلّ على طول عمر الحسل؛ لأنه لم يكن ليقول: أو عمر نوح زمن الفطحل ... والصّخر مبتلّ كطين الوحل إلّا وعمر الحسل عنده من أطول الأعمار. وروى ابن الأعرابي عن بعض الأعراب أنّ سنّ الضبّ واحدة أبدا، وعلى حال أبدا. قال فكأنه قال: لا أفعله ما دام سنها كذلك، لا ينقص ولا يزيد. وقال زيد بن كثوة: سنّ الحسل ثلاثة أعوام. وزعم أن قوله ثمّة: «لا أفعله سنّ الحسل» غلط. ولكن الضبّ طويل العمر إذا لم يعرض له أمر. وسنّ الحسل مثل سنّ القلوص [4] ، ثلاث سنين، حتى يلقح؛ ولو كانت سنّ الحسل على حال واحدة أبدا لم تعرف الأعراب الفتيّ من المذكّي [5] . وقد يكون الضّبّ أعظم من الضّبّ وليس بأكبر منه سنّا. قال: ولقد نظرت يوما إلى شيخ لنا يفرّ [6] ضبّا جحلا سبحلا [7] قد اصطاده. فقلت له: لم تفعل ذلك؟ فقال: أرجو أن يكون هرما.

_ [1] الرجز لرؤبة في ديوانه 128، والمخصص 10/171، واللسان (معر، فطحل) ، والتاج (فطحل) ، والتهذيب 4/101، وله أو للعجاج في اللسان والتاج (حكل) ، وبلا نسبة في أمالي القالي 1/234، والأزمنة والأمكنة 1/229. [2] الاتصال: أن يعتزي الرجل إلى قبيلته. الخطب: المرأة المخطوبة. تستبلي: تنظر ما عندي. [3] زمن الفطحل: زمن نوح، وسئل رؤبة عن قوله «زمن الفطحل» فقال: أيام كانت الحجارة فيها رطابا. [4] القلوص: الفتية من الإبل. [5] المذكي: المسن من كل شيء. [6] يفرّ: يكشف عن أسنانه ليعرف عمره. [7] الجحل: الضخم. السبحل: العظيم المسن.

1733 -[بيض الضب]

1733-[بيض الضب] قال [1] : وزعم عمرو بن مسافر أن الضّبّة تبيض ستّين بيضة، فإذا كان ذلك سدّت عليهن باب الجحر، ثم تدعهن أربعين يوما فيتفقّص البيض، ويظهر ما فيه، فتحفر عنهنّ عند ذلك، فإذا كشفت عنهن أحضرن وأحضرت في أثرهن تأكلهن، فيحفر المنفلت منها لنفسه جحرا ويرعى من البقل. قال: وبيض الضبّ شبيه ببيض الحمام. قال: وفرخه حين يخرج يخرج كيّسا كاسيا، خبيثا، مطيقا للكسب، وكذلك ولد العقرب، وفراخ البطّ، وفراريج الدّجاج، وولد العناكب. 1734-[سنّ الضب] وقال زيد بن كثوة، مرّة بعد ذلك: إنّ الضب ينبت سنّه معه وتكبر مع كبر بدنه، فلا يزال أبدا كذلك إلى أن ينتهي بدنه منتهاه قال: فلا يدعى حسلا إلا ثلاث ليال فقط. وهذا القول يخالف القول الأوّل [2] . وأنشد: [من الرجز] مهرتها بعد المطال ضبّين ... من الضباب سحبلين سبطين نعم لعمر الله مهر العرسين [3] أنشدني ابن فضّال: «أمهرتها» وزعم أنّه كذلك سمعها من أعرابيّ وقد يمكن أن يكون الحسل لا يثني ولا يربع، فتكون أسنانه أبدا على أمر واحد، ويكون قول رؤبة بن العجّاج في طول عمره حقّا. ويدلّ على أنّ أسنانه على ما ذكروا قول الفزاريّ: [من الطويل] وجدناكم رأبا بني أمّ قرفة ... كأسنان حسل لا وفاء ولا غدر [4] يقول: لا زيادة ولا نقصان.

_ [1] انظر ربيع الأبرار 5/468، وما سيأتي في الصفحة التالية. [2] انظر ما تقدم في الصفحة السابقة والصفحة 372. [3] انظر أرجوزته التي تقدمت في الصفحة السابقة. [4] تقدم هذا البيت ص 371.

1735 -[قصة في عمر الضب]

1735-[قصة في عمر الضب] وقال زيد بن كثوة المزني: قال العنبريّ، وهو أبو يحيى: مكثت في عنفوان شبيبتي، وريعان من ذلك، أريغ ضبّا، وكان ببعض بلادنا في وشاز [1] من الأرض، وكان عظيما منها منكرا. ما رأيت مثله، فمكثت دهرا أريغه ما أقدر عليه. ثم إنّي هبطت إلى البصرة، فأقمت بها ثلاثين سنة، ثمّ إنّي والله كررت راجعا إلى بلادي، فمررت في طريقي بموضع الضّبّ، معتمدا [2] لذلك، فقلت: والله لأعلمنّ اليوم علمه، وما دهري [3] إلا أن أجعل من جلده عكّة [4] ؛ للّذي كان عليه من إفراط العظم، فوجّهت الرّواحل نحوه، فإذا أنا به والله محرنبئا [5] على تلعة؛ فلمّا سمع حسّ الرّواحل، ورأى سوادا مقبلا نحوه، مرّ مسرعا نحو جحره، وفاتني والله الذي لا إله إلا هو. 1736-[مكن الضّبة] وقال ابن الأعرابيّ [6] : أخبرني ابن فارس بن ضبعان الكلبيّ، أنّ الضّبّة يكون بيضها في بطنها، وهو مكنها، ويكون بيضها متّسقا، فإذا أرادت أن تبيضه حفرت في الأرض أدحيّا مثل أدحيّ النعامة، ثم ترمي بمكنها [7] في ذلك الأدحيّ ثمانين مكنة، وتدفنه بالتّراب، وتدعه أربعين يوما، ثم تجيء بعد الأربعين فتبحث عن مكنها، فإذا حسلة [8] يتعادين منها، فتأكل ما قدرت عليه، ولو قدرت على جميعهن لأكلتهنّ. قال: ومكنها جلد ليّن، فإذا يبست فهي جلد. فإذا شويتها أو طبختها وجدت لها محّا كمحّ بيض الدّجاج. 1737-[عداوة الضّبة للحية] قال [9] : والضّبّة تقاتل الحيّة وتضربها بذنبها، وهو أخشن من السّفن وهو

_ [1] الوشاز: جمع وشز، وهو النشز المرتفع من الأرض. [2] معتمدا: قاصدا. [3] ما دهري: أي ما غايتي وهمي. [4] العكّة: الزقيق، تصغير زق، وهو قربة تتخذ لحفظ السمن. [5] احرنبى الرجل: تهيأ للغضب. [6] انظر ما تقدم في الصفحة السابقة، وهو ما زعمه عمرو بن مسافر. [7] المكن: بيض الضبة. [8] الحسلة: جمع حسل، وهو ولد الضب. [9] الخبر في ربيع الأبرار 5/468.

1738 -[استطراد لغوي]

سلاحها، وقد أعطيت فيه من القوّة مثل ما أعطيت العقاب في أصابعها، فربما قطعتها بضربة، أو قتلتها، أو قدّتها [1] . وذلك إذا كان الضّبّ ذيّالا [2] مذنّبا وإذا كان مرائسا [3] قتلته الحية. والتذنيب: أنّ الضبّ إذا أرادت الحيّة الدّخول عليه في جحره أخرج الضبّ ذنبه إلى فم جحره. ثم يضرب به كالمخراق [4] يمينا وشمالا، فإذا أصاب الحية قطعها، والحية عند ذلك تهرب منه. والمراءسة: أن يخرج الرّأس ويدع الذّنب ويكون غمرا [5] فتعضّه الحيّة فتقتله. 1738-[استطراد لغوي] قال: وتقول: أمكنت الضبّة والجرادة فهي تمكن إمكانا: إذا جمعت البيض في جوفها. واسم البيض المكن. والضّبة مكون، فإذا باضت الضبّة والجرادة قيل قد سرأت. والمكن والسّرء: البيض، كان في بطنها أو بعد أن تبيضه. وضبّة سروء. وكذلك الجرادة تسرأ سرءا، حين تلقي بيضها. وهي حينئذ سلقة [6] . وتقول: رزّت الجرادة ذنبها في الأرض فهي ترزّ رزّا، وضربت بذنبها الأرض ضربا، وذلك إذا أرادت أن تلقي بيضها. 1739-[المضافات من الحيوان] ويقولون [7] : ذئب الخمر [8] ، وشيطان الحماطة [9] ، وأرنب الخلّة [10] ، وتيس الرّبل [11] ، وضبّ السّحا. والسّحا: بقلة تحسن حاله عنها.

_ [1] قدّتها: قطعتها. [2] الذيال: الطويل الذنب. [3] المرائس: الذي يخرج من جحره برأسه. [4] المخراق: منديل يلوى فيضرب به، أو يلف ليفزع به. [5] الغمر: الجاهل الغر الذي لا تجربة له. [6] السلقة: الجرادة إذا ألقت بيضها. [7] انظر ثمار القلوب (577، 614) ، وما سيأتي ص 414. [8] الخمر: ما واراك من شجر وغيره. [9] الشيطان هنا: الحية. الحماطة: شجر التين الجبلي. [10] الخلة: ما فيه حلاوة من المرعى. [11] الربل: ضرب من الشجر إذا برد الزمان عليها وأدبر الصيف تفطرت بورق أخضر من غير مطر.

1740 -[ذكر الشعراء للضب في وصف الصيف]

ويقال: هو قنفذ برقة [1] ، إذا أراد أن يصفه بالخبث. 1740-[ذكر الشعراء للضب في وصف الصيف] وما أكثر ما يذكرون الضّبّ إذا ذكروا الصيف مثل قول الشاعر: [من البسيط] سار أبو مسلم عنها بصرمته ... والضبّ في الجحر والعصفور مجتمع وكما قال أبو زبيد [2] : [من الخفيف] أيّ ساع سعى ليقطع شربي ... حين لاحت للصّابح الجوزاء واستكنّ العصفور كرها مع الض ... بّ وأوفى في عوده الحرباء وأنشد الأصمعيّ [3] : [من الطويل] تجاوزت والعصفور في الجحر لاجئ ... مع الضّبّ والشّقذان تسمو صدورها قال: والشّقذان: الحرابيّ. قوله: «تسمو» : أي ترتفع في رؤوس العيدان. الواحد من الشّقذان، بكسر الشين وإسكان القاف. شقذ بتحريك القاف. 1741-[أسطورة الضب والضفدع] وتقول الأعراب: خاصم الضبّ الضفدع في الظّمأ أيّهما أصبر، وكان للضفدع ذنب، وكان الضبّ ممسوح الذنب [4] ، فلمّا غلبها الضبّ أخذ ذنبها فخرجا في الكلإ، فصبرت الضفدع يوما ويوما، فنادت: يا ضبّ، وردا وردا! فقال الضبّ [5] : [من مجزوء الرجز] أصبح قلبي صردا ... لا يشتهي أن يردا إلّا عرادا عردا ... وصلّيانا بردا [6]

_ [1] برقة: غلظ فيه حجارة ورمل وطين مختلفة. [2] ديوان أبي زبيد الطائي 579، وتقدم البيتان في 5/295. [3] البيت لذي الرمة في ديوانه 238، واللسان (شقذ) ، وتقدم في 5/128 بلا نسبة، وسيعيده الجاحظ ص 509. [4] المسح: نقص وقصر في ذنب العقاب. [5] الرجز في اللسان (جزأ، ضبب، عنكث، برد، صرد، عرد، لبد) ، والتاج (ضبب، عكث، زرد، صرد، عرد) ، والتهذيب 2/199، 3/308، 11/148، 12/139، والتنبيه والإيضاح 1/186، والجمهرة 426، 633، 1132، وديوان الأدب 2/23، والعين 6/193، 7/97، والمخصص 9/138، 13/258، وأساس البلاغة (صرد) . [6] العراد: حشيش طيب الريح. العرد: الذي خرج واشتد. الصليان: شجر من الطريفة ينبت صعدا. البرد: البارد.

فلما كان في اليوم الثالث نادت: يا ضبّ، وردا وردا! قال: فلمّا لم يجبها بادرت إلى الماء، وأتبعها الضبّ، فأخذ ذنبها. فقال: في تصداق ذلك ابن هرمة [1] : [من الهزج] ألم تأرق لضوء البر ... ق في أسحم لمّاح كأعناق نساء الهن ... د قد شيبت بأوضاح [2] تؤام الودق كالزّاح ... ف يزجى خلف أطلاح [3] كأنّ العازف الجنّ ... يّ أو أصوات أنواح [4] على أرجائها الغرّ ... تهدّيها بمصباح [5] فقال الضبّ للضفد ... ع في بيداء قرواح [6] تأمّل كيف تنجو اليو ... م من كرب وتطواح [7] فإني سابح ناج ... وما أنت بسبّاح فلمّا دق أنف المز ... ن أبدى خير إرواح [8] وسحّ الماء من مستح ... لب بالماء سحّاح [9] رأى الضبّ من الضفد ... ع عوما غير منجاح وحطّ العصم يهويها ... ثجوج غير نشّاح [10] ثقال المشي كالسّكرا ... ن يمشي خلفه الصّاحي ثم قال في شأن الضفدع والضب، الكميت بن ثعلبة [11] : [من المتقارب]

_ [1] ديوان ابن هرمة 94- 97. [2] الأوضاح: جمع وضح، وهو البرص. [3] الودق: المطر. الزاحف: البعير أعيا فجرّ فرسنه. يزجى: يساق. الأطلاح: جمع طلح، وهو البعير الذي لحقه الإعياء. [4] عزيف الجن: أصواتها. الأنواح: جمع نوح، والنوح: النساء يجتمعن في مناحة. [5] الغر: البيض. التهدي: الاهتداء. [6] القرواح: الفضاء من الأرض. [7] التطواح: الهلاك. [8] أنف المزن: أوله. المزن: جمع مزنة، وهي السحابة البيضاء. [9] المستحلب: المستدر. [10] العصم: جمع أعصم، وهو الذي بإحدى يديه بياض، وأراد هنا الوعول. يهويها: يسقطها. الثجوج: الماء الغزير. النشاح: الماء القليل. [11] البيت في مجمع الأمثال 1/316، والمستقصى 1/140، والدرة الفاخرة 1/212، وشروح سقط الزند 1506.

1742 -[أورى من الضب]

على أخذها يوم غبّ الورود ... وعند الحكومة أذنابها [1] وقال عبيد بن أيوب [2] : [من الطويل] ظللت وناقتي نضوي فلاة ... كفرخ الضبّ لا يبغي ورودا [3] وقال أبو زياد: قال الضبّ لصاحبه [4] : [من الرجز] أهدموا بيتك لا أبا لكا ... وزعموا أنك لا أخا لكا وأنا أمشي الحيكى حوالكا [5] 1742-[أورى من الضب] وتقول العرب: «أروى من ضبّ» [6] ؛ لأن الضب عندهم لا يحتاج إلى شرب الماء، وإذا هرم اكتفى ببرد النّسيم، وعند ذلك تفنى رطوبته فلا يبقى فيه شيء من الدّم، ولا مما يشبه الدّم. وكذلك الحيّة. فإذا صارت كذلك لم تقتل بلعاب، ولا بمجاج، ولا بمخالطة ريق؛ وليس إلّا مخالطة عظم السّنّ لدماء الحيوان. وأنشدوا [7] : [من الرجز] لميمة من حنش أعمى أصم ... قد عاش حتّى هو لا يمشي بدم فكلّما أقصد منه الجوع شم وأما صاحب المنطق فإنه قال: باضطرار إنه لا يعيش حيوان إلّا وفيه دم أو شيء يشاكل الدم.

_ [1] الغب: أن يرد يوما بعد يوم. الحكومة: الحكم. [2] البيت في أشعار اللصوص 216. [3] النضو: الهزيل العليل. [4] الرجز في الدرر 1/119، 2/216، واللسان (بيت، حول، دأل) ، والتاج (دأل) ، والجمهرة 1309، والكتاب 1/351، والمعاني الكبير 650، وهمع الهوامع 1/41، 145، والمخصص 3/226، 233. [5] الحيكى: مشية فيها تبختر. [6] مجمع الأمثال 1/310، والدرة الفاخرة 1/209، والمستقصى 1/146، وجمهرة الأمثال 1/473، 498. [7] الرجز لخلف الأحمر في مجمع الذاكرة 1/162، وتقدم في 4/318، 399، وسيعيده الجاحظ ص 529.

1743 -[ما يخرج الضب من جحره]

1743-[ما يخرج الضب من جحره] والضبّ تذلقه [1] من جحره أمور، منها السّيل. وربّما صبّوا في جحره قربة من ماء فأذلقوه به. وأنشد أبو عبيدة: [من الخفيف] يذلق الضبّ ويخفيه كما ... يذلق السّيل يرابيع النّفق يخفيه مفتوحة الياء. وتذلقه وقع حوافر الخيل. ولذلك قال امرؤ القيس بن حجر [2] : [من الطويل] خفاهنّ من أنفاقهنّ كأنّما ... خفاهنّ ودق من سحاب مركّب تقول: خفيته أخفيه خفيا: إذا أظهرته. وأخفيته إخفاء: إذا سترته. وقال ابن أحمر [3] : [من المتقارب] فإن تدفنوا الدّاء لا نخفه ... وإن تبعثوا الحرب لا نقعد ولا بدّ من أن يكون وقع الحوافر هدم عليها. أو يكون أفزعها فخرجت. وأهل الحجاز يسمّون النّبّاش المختفي؛ لأنّه يستخرج الكفن من القبر ويظهره. وحكوا عن بعض الأعراب أنّه قال [4] : «إنّ بني عامر قد جعلوني على حنديرة أعينها، تريد أن تختفي دمي» أي تظهره وتستخرجه. كأنّها إذا سفحته وأراقته فقد أظهرته. 1744-[تفضيل أبي عبيدة قصيدة لامرىء القيس] وأنشد أبو عبيدة [5] : [من الرمل] ديمة هطلاء فيها وطف ... طبق الأرض تحرّى وتدر [6]

_ [1] أذلق الضب واستذلقه: صب على جحره الماء حتى يخرج. [2] ديوان امرئ القيس 51، والقافية فيه (مجلب) . [3] البيت لعمرو بن أحمر في ملحق ديوانه 180، ولامرئ القيس في ديوانه 186. [4] تقدم هذا القول في 5/165. [5] ديوان امرئ القيس 144- 145، والشرح التالي منه. [6] «الديمة: المطر الدائم. الهطلاء: الكثيرة الهطل. الوطف: الدنو من الأرض. طبق الأرض: أي هذه السحابة تطبّق وتعمها كلها لسعتها وكثرة مطرها. تحرّى: تتعمد المكان وتثبت فيه. تدر: يكثر ماؤها.

1745 -[قولهم: هذا أجل من الحرش]

تخرج الضبّ إذا ما أشجذت ... وتواريه إذا ما تعتكر [1] وترى الضّبّ ذفيفا ماهرا ... ثانيا برثنه ما ينعفر [2] وكان أبو عبيدة يقدّم هذه القصيدة في الغيث، على قصيدة عبيد بن الأبرص، أو أوس بن حجر، التي يقول فيها أحدهما [3] : [من البسيط] دان مسفّ فويق الأرض هيدبه ... يكاد يدفعه من قام بالرّاح [4] فمن بنجوته كمن بعقوته ... والمستكنّ كمن يمشي بقرواح [5] وأنا أتعجّب من هذا الحكم 1745-[قولهم: هذا أجلّ من الحرش] ومما يضيفون إلى هذه الضّباب من الكلام، ما رواه الأصمعيّ في تفسير المثل، وهو قولهم [6] : «هذا أجلّ من الحرش» - أنّ الضّبّ قال لابنه: إذا سمعت صوت الحرش فلا تخرجنّ! قال: والحرش: تحريك اليد عند جحر الضب؛ ليخرج ويرى أنّه حيّة. قال: فسمع الحسل صوت الحفر، فقال للضّبّ: يا أبت! هذا الحرش؟ قال: يا بنيّ، هذا أجلّ من الحرش! فأرسلها مثلا. 1746-[الضب والضفدع والسمكة] وقال الكميت [7] : [من الوافر] يؤلّف بين ضفدعة وضبّ ... ويعجب أن نبرّ بني أبينا

_ [1] «تخرج الود: يريد: الوتد. أشجذت: أقلعت وسكنت» . وقافية البيت في ديوانه «تشتكر» أي تحتفل ويكثر مطرها. [2] «الذفيف: الخفيف» ، ورواية الديوان «خفيفا» مكان «ذفيفا» . [3] البيتان لأوس بن حجر في ديوانه 15- 16، ولعبيد بن الأبرص في ديوانه 34، 36. [4] في ديوان عبيد: «الداني: القريب. المسف: الدنو من الأرض. الهيدب: ما تدلى من السحاب على الأرض. الراح: الكف. [5] في ديوان عبيد: (بمحفله) مكان (بعقوته) ، وفيه: «النجوة ما ارتفع من الأرض. المحفل: مستقر الماء. المستكن: الذي في بيته. القرواح: الأرض المستوية الظاهرة» . العقوة: الساحة. [6] الدرة الفاخرة 1/118، وجمهرة الأمثال 1/332، ومجمع الأمثال 1/186، وأمثال ابن سلام 342، والمستقصى 1/50، 384، وفصل المقال 471، والفاخر 242. [7] ديوان الكميت 2/113، والمعاني الكبير 640، وتقدم في 5/280.

1747 -[استطراد لغوي]

وقال في الضّبّ والنّون [1] : [من الطويل] ولو أنّهم جاؤوا بشيء مقارب ... لشيء وبالشّكل المقارب للشّكل ولكنّهم جاؤوا بحيتان لجّة ... قوامس والمكنيّ فينا أبا حسل وقال الكميت [2] : [من الوافر] وما خلت الضّباب معطّفات ... على الحيتان من شبه الحسول وقال آخر: [والعرب تقول في الشّيء الممتنع: لا يكون ذلك حتى يرد الضبّ، وفي تبعيد ما بين الجنسين [3] :] حتّى يؤلّف بين الضّبّ والنّون 1747-[استطراد لغوي] قال: ويقال أضبّت أرض بني فلان: إذا كثرت ضبابها. وهذه أرض مضبّة، وأرض بني فلان مضبّة، مثل فئرة من الفأر، وجرذة من الجرذان، ومحواة ومحياة من الحيّات. وجردة من الجراد، وسرفة من السّرفة، ومأسدة من الأسود، ومثعلة من الثّعالب؛ لأن الثّعلب يسمّى ثعالة، والذّئب ذؤالة. ويقال أرض مذبّة من الذّباب. مذأبة من الذّئاب. ويقال في الضّبّ: وقعنا في مضابّ منكرة، وهي قطع من الأرض تكثر ضبابها. قال: ويقال أرض مربعة، كما يقال مضبّة. إذا كانت ذات يرابيع وضباب. واسم بيضها المكن، والواحدة مكنة. 1748-[ترتيب أسماء فرخ الضب] ويقال لفرخه إذا خرج حسل، والجميع حسلة، وأحسال، وحسول. وهو حسل، ثم مطبّخ ثم غيداق، ثمّ جحل. والسّحبل: ما عظم منها. وهو في ذلك كلّه ضبّ. وبعضهم يقول: يكون غيداقا، ثم يكون مطبّخا، ثمّ يكون جحلا، وهو

_ [1] ديوان الكميت 2/52، وتقدم البيتان في 5/280. [2] ديوان الكميت 2/52. [3] الزيادة من ثمار القلوب 331 (615- 616) ، وانظر مجمع الأمثال 1/213، والمستقصى 2/58، وفي مجمع الأمثال 1/356: «سبحان الجامع بين الثلج والنار؛ وبين الضب والنون» .

1748 -[قولهم: أضل من ضب]

العظيم. ثمّ هو خضرم، ثمّ يكون ضبّا. وهذا خطأ، وهو ضبّ قبل ذلك. وقال الرّاجز: [من الرجز] ينفي الغياديق عن الطّريق ... قلّص عنه بيضه في نيق [1] 1748-[قولهم: أضل من ضب] ويقال: «أضلّ من ضبّ» [2] . والضلال وسوء الهداية يكون في الضبّ، والورل، والدّيك. 1749-[الضب وشدة الحر] وإذا غيّر الحرّ لون جلد الضبّ فذلك أشدّ ما يكون من الحر. وقال الشّاعر: [من الطويل] وهاجرة تنجي عن الضّبّ جلده ... قطعت حشاها بالغريريّة الصّهب [3] 1750-[أمثال في الضب] وفي المثل: «خلّ درج الضبّ» [4] ، وفي المثل: «تعلمني بضبّ أنا حرشته!» [5] ؛ و: «هذا أجلّ من الحرش» [6] ، و: «أضلّ من ضبّ» [2] و: «أخبّ من ضبّ» [7] ، و: «أروى من ضبّ» [8] ، و: «أعقّ من ضبّ» [9] ، و: «أحيا من ضبّ» [10] ،

_ [1] قلّص: ارتفع. النيق: أعلى موضع في الجبل. [2] الدرة الفاخرة 1/282، ومجمع الأمثال 1/426، وفصل المقال 163، والمستقصى 1/217. [3] تنجي عنه جلده: تسلخه. الغريرية: إبل منسوبة إلى الغرير، وهو فحل معروف. الصهب: جمع أصهب، وهو الذي يخالط بياضه حمرة. [4] درج الضب: طريقه. ويضرب المثل لمن شوهد منه أمارات الصرم. وهو في مجمع الأمثال 1/242، والمستقصى 2/76، وجمهرة الأمثال 1/415، وفصل المقال 163، وأمثال ابن سلام 111. [5] يقال هذا المثل في مخاطبة العالم بالشيء من يريد تعليمه، وهو في مجمع الأمثال 1/125، وأمثال ابن سلام 202، والفاخر 246، والدرة الفاخرة 1/298. [6] تقدم تخريج المثل في الحاشية 6 ص 383. [7] مجمع الأمثال 1/260، والدرة الفاخرة 1/170، 192، وجمهرة الأمثال 1/412، 439. [8] مجمع الأمثال 1/310، والمستقصى 1/146، وجمهرة الأمثال 1/473، 498. [9] مجمع الأمثال 2/47، والمستقصى 1/250، وأمثال ابن سلام 369، وجمهرة الأمثال 2/69. [10] مجمع الأمثال 1/218، 226، وجمهرة الأمثال 1/343، والمستقصى 1/90، وأمثال ابن سلام 369.

1751 -[أسنان الذئب]

و: «أطول ذماء من ضبّ» [1] ، و: «كلّ ضبّ عند مرداته» [2] . ويقال: «أقصر من إبهام الضّبّ» [3] كما يقال: «أقصر من إبهام القطاة» [3] . وقال ابن الطّثريّة [4] : [من الطويل] ويوم كإبهام القطاة.... ومن أمثالهم: «لا آتيك سنّ الحسل» [5] . وقال العجاج: [من الرجز] ثمّت لا آتيه سنّ الحسل كأنّه قال، حتّى يكون ما لا يكون؛ لأنّ الحسل لا يستبدل بأسنانه أسنانا. 1751-[أسنان الذئب] وزعم [بعضهم] [6] أنّ أسنان الذّئب ممطولة [7] في فكيه. وأنشد: [من الرجز] أنيابه ممطولة في فكّين وليس في هذا الشعر دليل على ما قال؛ لأنّ الشاعر يشبع الصفة إذا مدح أو هجا، وقد يجوز أن يكون ما قال حقّا. 1752-[من لم يثغر] فأما عبد الصّمد بن علي فإنه لم يثغر، ودخل القبر بأسنان الصّبا [8] . 1753-[استطراد لغوي] وقد يقال للضّبّ والحيّة والورل، وما أشبه ذلك: فحّ يفحّ فحيحا. والفحيح:

_ [1] مجمع الأمثال 1/437، وجمهرة الأمثال 2/20، والمستقصى 1/227، والدرة الفاخرة 2/438. [2] تقدم تخريج المثل في الحاشية 5 ص 339. [3] مجمع الأمثال 2/128، والمستقصى 1/283، وجمهرة الأمثال 2/115. [4] تمام البيت: (ويوما كإبهام القطاة مزينا ... لعيني ضحاه غالبا لي باطله) وهو ليزيد بن الطثرية في ديوانه 94، والأغاني 8/162، وهو لجرير برواية مختلفة قليلا في عجز البيت، وهو في ديوان جرير 478، وثمار القلوب 382 (703) ، وبلا نسبة في العين 2/297. [5] في جمهرة الأمثال 1/415: «لا آتيك ورد الحسل» . وبرواية: «لا أفعله سن الحسل» في فصل المقال 412، وجمهرة الأمثال 1/360. [6] هذا الاستدراك مما تقدم في 4/53. [7] المطل: السكّ والطبع. [8] تقدم الخبر في 4/52، وهو في اللسان 4/104 (ثغر) ، وعيون الأخبار 2/63.

1754 -[حديث أبي عمرة الأنصاري]

صوت الحية من جوفها، والكشيش والقشيش: صوت جلدها إذا حكّت بعضها ببعض. وليس كما قال، ليس يسمع صوت احتكاك الجلد بالجلد إلّا للأفعى فقط. وقال رؤبة [1] : [من الرجز] فحّي فلا أفرق أن تفحّي ... وأن ترحّي كرحى المرحّي وقال ابن ميادة [2] : [من الطويل] ترى الضبّ إن لم يرهب الضبّ غيره ... يكشّ له مستكبرا ويطاوله 1754-[حديث أبي عمرة الأنصاري] ويكتب في باب حبّ الضّب للتّمر حديث أبي عمرة الأنصاري رووه من كلّ وجه. أنّ عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، قال لرجل من أهل الطائف: الحبلة [3] أفضل أم النخلة؟ قال: بل الحبلة، أتزببها وأشمّسها [4] ، وأستظل في ظلّها، وأصلح برمتي [5] منها. قال عمر: تأبى ذاك عليك الأنصار [6] . ودخل أبو عمرة عبد الرحمن بن محصن النجّاري فقال له عمر: الحبلة أفضل أم النّخلة؟ قال: الزبيب إن آكله أضرس، وإن أتركه أغرث! ليس كالصّقر [7] في رؤوس الرّقل [8] ، الراسخات في الوحل، المطعمات في المحل [9] ، خرفة [10] الصائم وتحفة الكبير، وصمتة [11] الصغير وخرسة مريم [12] ، ويحترش به الضّباب من الصّلعاء يعني الصحراء [13] .

_ [1] ديوان رؤبة 36- 37، واللسان (رحا) ، والتهذيب 5/215، وبلا نسبة في اللسان (فحح) ، والجمهرة 100. [2] ديوان ابن ميادة 193، وتقدم ص 351. [3] الحبلة: شجر العنب. [4] أتزببها: أتخذ منها زبيبا. أشمسها: أجففها في الشمس. [5] البرمة: قدر من حجارة. [6] انظر هذا الخبر في التنبيه للبكري 95. [7] الصقر: ما تحلّب من العنب والزبيب والتمر من غير أن يعصر. [8] الرقل: إذا فاتت النخلة يد المتناول فهي جبارة، فإذا ارتفعت عن ذلك فهي الرقلة. [9] المحل: الجدب والقحط. [10] الخرفة: ما يجتنى من الفواكه. [11] الصمتة: ما يصمت به الصبي من شيء طريف. [12] الخرسة: ما تطعمه المرأة عند ولادها. [13] انظر الخبر في الأمالي 2/58، والتنبيه للبكري 95.

1755 -[دية الضب واليربوع]

1755-[دية الضب واليربوع] قال: ويقال في الضّب حلّام [1] ، وفي اليربوع جفرة [2] . والجفرة: التي قد انتفخ جنباها وشدنت [3] . والحلّام فوق الجدي وقد صلح أن يذبح للنّسك. والحلّان، بالنون: الجدي الصغير الذي لا يصلح للنّسك. وقال ابن أحمر [4] : [من البسيط] تهدي إليه ذراع الجدي تكرمة ... إمّا ذبيحا وإمّا كان حلّانا والحلّان والحلوان جميعا: رشوة الكاهن. وقد نهي عن زبد المشركين [5] ، وحلوان الكاهن [6] . وقال مهلهل [7] : [من الرجز] كلّ قتيل في كليب حلّام ... حتّى ينال القتل آل همّام 1756-[أقوال لبعض الأعراب] وقال الأصمعي [8] : قال أعرابيّ يهزأ بصاحبه: اشتر لي شاة قفعاء [9] ، كأنّها تضحك: مندلقة [10] خاصرتاها، كأنّها في محمل، لها ضرع أرقط. كأنّه ضبّ. قال: فكيف العفل [11] ؟ قال: أو لهذه عفل؟!

_ [1] انظر ما تقدم في 5/499 س 5. [2] انظر ما تقدم في 5/497 س 9. [3] شدنت: قويت وصلح جسمها. [4] ديوان عمرو بن أحمر 155، وتقدم البيت في 5/265. [5] الحديث «إني نهيت عن زبد المشركين» في سنن أبي داود، كتاب الإمارة 3/173، وأخرجه الترمذي في كتاب السير 4/140، وأحمد في المسند 4/162. [6] أخرجه البخاري في البيوع، باب ثمن الكلب، حديث رقم 2122، وفي الإجارة، باب كسب البغي والإماء، حديث رقم 2162، وفي كتاب الطلاق، باب مهر البغي والنكاح الفاسد، حديث رقم 5031، وأخرجه مسلم في المساقاة، باب تحريم ثمن الكلب وحلوان الكاهن، رقم 1567، وأحمد في المسند 1/235. [7] الرجز للمهلهل في الأغاني 5/47، والأمالي 2/90، واللسان والتاج (حلم) ، وبلا نسبة في الجمهرة 566، 1232، والمجمل 2/97، والمخصص 6/96، وتقدم في 5/265. [8] الخبر في عيون الأخبار 2/78. [9] القفعاء: القصيرة الذنب. [10] الاندلاق: البروز. [11] العفل: مجس الشاة بين رجليها لينظر سمنها من هزالها، وبدل هذه الكلمة في عيون الأخبار 2/78 (العطل) ، وهو العنق.

1757 -[شعر في الضب]

قال [1] : وسأل مدنيّ أعرابيّا قال: أتأكلون الضّبّ؟ قال: نعم. قال: فاليربوع؟ قال: نعم. قال: فالورل؟ قال: نعم. قال: أفتأكلون أمّ حبين؟ قال: لا. قال: فليهن أمّ حبين العافية!. 1757-[شعر في الضب] وقال فراس بن عبد الله الكلابي: [من الرجز] لمّا خشيت الجوع والإرمالا ... ولم أجد بشولها بلالا [2] أبصرت ضبّا دحنا مختالا ... أوفد فوق جحره وذالا [3] فدبّ لي يختلني اختيالا ... حتّى رأيت دوني القذالا [4] وميلة ما ملت حين مالا ... فدهشت كفّاي فاستطالا ضمني فلا نزع ولا إرسالا فحاجزا وبرّأ الأوصالا [5] ... منّي ولم أرفع بذاك بالا لمّا رأت عيني كشى خدالا [6] ... منه وثنّيت له الأكبالا ورحت منه دحنا دأّلا [7]

_ [1] تقدم مثل هذا الخبر في 3/256، الفقرة (932) . [2] الإرمال: نفاذ الزاد. الشول: الإبل التي ارتفعت ألبانها. البلال: كل ما يبلّ به الحلق من ماء أو لبن. [3] الدّحن: السمين المندلق البطن. المختال: المتكبر. أوفد: ارتفع وأشرف. ذال: شال بذنبه وتبختر. [4] القذال: جماع مؤخر الرأس. [5] الأوصال: المفاصل. [6] الكشى: جمع كشية، وهي شحمة صفراء في ظهر الذنب. الخدال: جمع خدلة، وهي العظيمة. [7] الأكبال: جمع كبل، وهو القيد. الدّحن: العظيم البطن. الدآل: وصف من الدألان، وهو مشي فيه مقاربة للخطو كأن صاحبه مثقل من حمل.

أسماء لعب الأعراب

أسماء لعب الأعراب البقّير، وعظيم وضّاح، والخطرة. والدّارة، والشّحمة والحلق، ولعبة الضّبّ. فالبقير: أن يجمع يديه على التراب في الأرض إلى أسفله، ثم يقول لصاحبه: اشته في نفسك. فيصيب ويخطئ. وعظيم وضّاح: أن يأخذ بالليل عظما أبيض، ثم يرمي به واحد من الفريقين، فإن وجده واحد من الفريقين ركب أصحابه الفريق الآخر من الموضع الذي يجدونه فيه إلى الموضع الذي رموا به منه. والخطرة: أن يعملوا مخراقا، ثم يرمي به واحد منهم من خلفه إلى الفريق الآخر، فإن عجزوا عن أخذه رموا به إليهم، فإن أخذوه ركبوهم. والدّارة، هي التي يقال لها الخراج [1] . والشّحمة: أن يمضي واحد من أحد الفريقين بغلام فيتنحّون ناحية ثم يقبلون، ويستقبلهم الآخرون؛ فإن منعوا الغلام حتّى يصيروا إلى الموضع الآخر فقد غلبوهم عليه، ويدفع الغلام إليهم، وإن هم لم يمنعوه ركبوهم. وهذا كله يكون في ليالي الصّيف، عن غبّ ربيع مخصب. ولعبة الضّبّ: أن يصوّروا الضّبّ في الأرض، ثم يحوّل واحد من الفريقين وجهه، ثم يضع بعضهم يده على شيء من الضّبّ، فيقول الذي يحوّل وجهه: أنف الضّبّ، أو عين الضبّ، أو ذنب الضّب، أو كذا وكذا من الضّبّ، على الولاء [2] ، حتّى يفرغ؛ فإن أخطأ ما وضع عليه يده ركب وركب أصحابه، وإن أصحاب حوّل وجهه الذي كان وضع يده على الضّبّ، ثم يصير هو السائل. 1758-[التداوي بالحيوان] ويقول: الأطبّاء [3] : إنّ خرء الضّب صالح للبياض الذي يصير في العين. والأعراب ربّما تداووا به من وجع الظهر.

_ [1] خراج: هو أن يمسك أحدهم شيئا بيده ويقول لسائرهم: أخرجوا ما في يدي. [2] الولاء: مصدر والى بين الأمرين ولاء وموالاة؛ أي تابع. [3] ورد القول في ربيع الأبرار 5/468.

تفسير قصيدة البهراني [2]

وناس يزعمون أنّ أكل لحمان الحيوان المذكور بطول العمر، يزيد في العمر. فصدّق بذلك ابن الخاركي وقال: هذا كما يزعمون أن أكل الكلية جيّد للكلية. وكذلك الكبد، والطّحال، والرّئة، واللّحم ينبت اللّحم، والشّحم ينبت الشّحم. فغبر [1] سنة وليس يأكل إلّا قديد لحوم الحمر الوحشية، وإلا الورشان والضّباب، وكلّ شيء قدر عليه مما يقضي له بطول العمر، فانتقض بدنه، وكاد يموت، فعاد بعد إلى غذائه الأوّل. تفسير قصيدة البهراني [2] نقول في تفسير قصيدة البهراني، فإذا فرغنا منها ذكرنا ما في الحشرات من المنافع والأعاجيب والروايات، ثم ذكرنا قصيدتي أبي سهل بشر بن المعتمر في ذلك، وفسرناهما وما فيهما من أعاجيب ما أودع الله تعالى هذا الخلق وركّبه فيهم. إن شاء الله تعالى. وبالله تبارك وتعالى أستعين. 1759-[شعر في المكس والأتاوة] أما قوله: [من الخفيف] 2- «مسخ الماكسين ضبعا وذئبا ... فلهذا تناجلا أمّ عمرو» فإن ملوك العرب كانت تأخذ من التّجّار في البرّ والبحر، وفي أسواقهم، المكس، وهو ضريبة كانت تؤخذ منهم، وكانوا يظلمونهم في ذلك. ولذلك قال التّغلبي، وهو يشكو ذاك في الجاهلية ويتوعد وهو قوله [3] : [من الطويل] ألا تستحي منّا ملوك وتتّقي ... محارمنا لا يبوؤا الدّم بالدّم وفي كلّ أسواق العراق إتاوة ... وفي كلّ ما باع امرؤ مكس درهم والإتاوة والأربان والخرج كله شيء واحد. وقال الآخر [4] : [من الطويل] ألا ابن المعلّى خلتنا أم حسبتنا ... صراري نعطي الماكسين مكوسا وقال الأصمعيّ، في ذكر المكس والسّفن التي كان تعشر، في قصيدته التي

_ [1] غبر: مكث. [2] تقدمت القصيدة ص 358- 360. [3] البيتان في المفضليات 211، وتقدما في الفقرة (241) . [4] البيت ليزيد بن الخذاق في المفضليات 298، وتقدم في الفقرة (241) .

1760 -[ذكر الأمم التي أهلكها الله]

ذكر فيها من أهلك الله عز ذكره، من الملوك، وقصم من الجبابرة، وأباد من الأمم الخالية- فقال: [من الخفيف] أعلقت تبّعا حبال المنون ... وانتحت بعده على ذي جدون [1] وأصابت من بعدهم آل هرما ... س وعادت من بعد للسّاطرون [2] ملك الحضر والفرات إلى دج ... لة شرقا فالطور من عبدين [3] كل حمل يمرّ فوق بعير ... فله مكسه ومكس السّفين والأعراب يزعمون أن الله تعالى عزّ وجلّ لم يدع ماكسا ظالما إلا أنزل به بلية، وأنّه مسخ منهم ضبعا وذئبا. فلهذه القرابة تسافدا وتناجلا، وإن اختلفا في سوى ذلك. فمن ولدهما السّمع والعسبار. وإنما اختلفا لأنّ الأمّ ربما كانت ضبعا والأب ذئبا، وربما كانت الأمّ ذئبة والأب ذيخا. والذّيخ: ذكر الضّباع. 1760-[ذكر الأمم التي أهلكها الله] وأمّا قوله: [من الخفيف] 3- «بعث الذّرّ والجراد وقفّى ... بنجيع الرّعاف في حيّ بكر» فإنّ الإعراب تزعم أن الله تعالى قد أهلك بالذرّ أمما. وقد قال أميّة بن أبي الصّلت [4] : [من الخفيف] أرسل الذّرّ والجراد عليهم ... وسنينا فأهلكتهم ومورا ذكر الذّرّ إنّه يفعل الشّ ... رّ وإنّ الجراد كان ثبورا وأما قوله: «وقفّي بنجيع الرّعاف في حيّ بكر» فإنّه يريد بكر بن عبد مناة، لأنّ كنانة بنزولها مكّة كانوا لا يزالون يصيبهم من الرّعاف ما يصير شبيها بالموتان، ويجارف الطاعون. وكان آخر من مات بالرّعاف من سادة قريش هشام بن المغيرة. وكان الرّعاف من منايا جرهم أيام جرهم، ولذلك قال شاعر في الجاهلية، من إياد [5] : [من المتقارب]

_ [1] الإعلاق: وقوع الصيد في الحبل. ذو جدون: أراد ذو جدن، وهو من أذواء اليمن. [2] الهرماس: نهر نصيبين. الساطرون: ملك من ملوك العجم قتله سابور ذو الأكتاف. [3] ورد هذا البيت بلا نسبة في معجم البلدان 4/48 (طور عبدين) ، الحضر: مدينة بإزاء تكريت في البرية؛ بينها وبين الموصل والفرات، كان يمر بها نهر الثرثار. طور عبدين: بليدة من أعمال نصيبين في بطن الجبل المشرف عليها؛ المتصل بجبل الجودي، وهي قصبة كورة فيه. [4] ديوان أمية بن أبي الصلت 404- 405، وتقدم البيتان في الفقرة (949) 4/14. [5] البيتان لبشير بن الحجير الإيادي في مجمع الأمثال، وبلا نسبة في البيان 2/110.

1761 -[سيل العرم]

ونحن إياد عباد الإله ... ورهط مناجيه في سلّم ونحن ولاة حجاب العتيق ... زمان الرّعاف على جرهم ولهذا المناجي [1] الذي كان يناجي الله، عز وجل، في الجاهلية على سلّم- حديث [1] . 1761-[سيل العرم] فأما قوله: [من الخفيف] 4- «خرقت فأرة بأنف ضئيل ... عرما محكم الأساس بصخر» فقد قال الله عز وجل: فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ [2] والعرم [3] : المسنّاة التي كانوا أحكموا عملها لتكون حجازا بين ضياعهم وبين السيل، ففجرته فارة، فكان ذلك أعجب وأظهر في الأعجوبة كما أفار الله تعالى عز وجل ماء الطوفان من جوف تنّور، ليكون ذلك أثبت في العبرة، وأعجب في الآية. ولذلك قال [4] خالد بن صفوان لليمانيّ [5] الذي فخر عليه عند المهديّ وهو ساكت، فقال المهدي: وما لك لا تقول؟! قال: وما أقول لقوم ليس فيهم إلا دابغ جلد، وناسج برد، وسائس قرد، وراكب عرد، غرّقتهم فارة، وملكتهم امرأة، ودلّ عليهم هدهد [6] . وأما قوله: [من الخفيف] 5- «فجّرته وكان جيلان عنه ... عاجزا لو يرومه بعد دهر»

_ [1] المناجي: هو وكيع بن سلمة بن زهير بن إياد، كان قد ولي أمر البيت بعد جرهم، فبنى صرحا وجعل فيه سلما، وكان يرقاه ويزعم أنه يناجي الله. انظر الخبر في مصادر الحاشية السابقة. [2] 16/سبأ: 34. [3] معجم البلدان 5/37، (مأرب) ، وثمار القلوب (609) ، ومروج الذهب 2/321. [4] الخبر في عيون الأخبار 1/217، ومروج الذهب 4/321، وديوان المعاني 1/151، والبيان 1/339، ومعجم البلدان 5/37 (مأرب) ، 448 (يمن) ، ورسائل الجاحظ 2/273، وثمار القلوب (609) . [5] اليماني: هو إبراهيم بن مخرمة، كما في معجم البلدان. [6] بعد هذا في ديوان المعاني 1/151: «قال: وحدثني ابن المزرع قال: سمعت عمرو بن بحر الجاحظ وقد ذكر كلام خالد هذا يقول: والله لو نفكر في جمع معايبهم واختصار اللفظ في مثالبهم بعد ذلك المدح المهذب سنة لكان قليلا، فكيف على بديه لم يرض فكرا» .

فإنّ جيلان فعلة الملوك، وكانوا من أهل الجبل. وأنشد الأصمعي [1] : [من المنسرح] أرسل جيلان ينحتون له ... ساتيدما بالحديد فانصدعا وأنشد: [من الطويل] وتبني له جيلان من نحتها الصّفا ... قصورا تعالى بالصّفيح وتكلس [2] وأنشد لامرئ القيس [3] : [من الطويل] أتيح له جيلان عند جذاذه ... وردّد فيه الطّرف حتّى تحيّرا [4] يقول: فجّرته فارة، ولو أنّ جيلان أرادت ذلك لامتنع عليها، لأنّ الفارة إنما خرقته لما سخّر الله عز ذكره لها من ذلك العرم وأنشدوا [5] : [من المنسرح] من سبأ الحاضرين مأرب إذ ... يبنون من دون سيله العرما ومأرب: اسم لقصر ذلك الملك، ثم صار اسما لذلك البلد. ويدلّ على ذلك قول أبي الطّمحان القيني [6] : [من البسيط] ألا ترى مأربا ما كان أحصنه ... وما حواليه من سور وبنيان ظلّ العباديّ يسقى فوق قلّته ... ولم يهب ريب دهر حقّ خوّان حتّى تناوله من بعد ما هجعوا ... يرقى إليه على أسباب كتّان [7] وقال الأعشى [8] : [من المتقارب] ففي ذاك للمؤتسي أسوة ... ومأرب قفّى عليه العرم

_ [1] البيت بلا نسبة في اللسان (جيل) ، والتهذيب 11/191. [2] الصفيح: جمع صفيحة، وهي كل عريض من حجارة أو لوح. تكلس: تطلى بالكلس. [3] ديوان امرئ القيس 58، والجمهرة 1044، والمقاييس 1/499، والمجمل 1/457، وبلا نسبة في اللسان والتاج (جيل) ، والمخصص 16/30، والتهذيب 11/191. [4] الجذاذ: صرام النخل، وهو قطع تمره، ورواية صدر البيت في ديوانه: «أطافت به جيلان عند قطاعه» . [5] تقدم البيت في 5/290. [6] الأبيات بلا نسبة في معجم البلدان 5/38 (مأرب) ، والأول في مروج الذهب 2/322. [7] الأسباب: المراقي والحبال، جمع سبب. [8] ديوان الأعشى 93، ومروج الذهب 2/322، وتقدم البيتان (1- 2) في 5/290.

1762 -[مسخ الضب وسهيل]

رخام بنته له حمير ... إذا جاء ماؤهم لم يرم فأروى الحروث وأعنابها ... على ساعة ماؤهم إذ قسم فطار الفيول وفيّالها ... بيهماء فيها سراب يطمّ [1] فكانوا بذلكم حقبة ... فمال بهم جارف منهدم فطاروا سراعا وما يقدرو ... ن منه لشرب صبيّ فطم 1762-[مسخ الضبّ وسهيل] وأما قوله: [من الخفيف] «مسخ الضّبّ في الجدالة قدما ... وسهيل السّماء عمدا بصغر [2] » فإنهم يزعمون أنّ الضّبّ وسهيلا كانا ماكسين عشّارين، فمسخ الله عز وجل أحدهما في الأرض، والآخر في السماء. والجدالة: الأرض، ولذلك يقال: ضربه فجدّله أي ألزقه بالأرض، أي بالجدالة. وكذلك قول عنترة [3] : [من الكامل] وحليل غانية تركت مجدّلا ... تمكو فريصته كشدق الأعلم وأنشد أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري [4] : [من الرجز] قد أركب الحالة بعد الحاله ... وأترك العاجز بالجداله 1763-[قبر أبي رغال] [5] وأما قوله: [من الخفيف] 7- «والذي كان يكتني برغال ... جعل الله قبره شرّ قبر 8- وكذا كلّ ذي سفين وخرج ... ومكوس وكلّ صاحب عشر» فإنما ذكر أبا رغال، وهو الذي يرجم الناس قبره إذا أتوا مكة. وكان وجّهه

_ [1] اليهماء: المفازة لا ماء فيها. يطم: يغمر. [2] الصغر: الذل. [3] ديوان عنترة 24، وتقدم في 3/148، الفقرة (759) . و 4/455. [4] الرجز لأبي قردودة في التاج (أول، جدل) ، وبلا نسبة في اللسان (أول، جدل) ، والتهذيب 10/650، والأساس (جدل) ، والجمهرة 449، والمقاييس 1/434، والمجمل 1/412، وديوان الأدب 1/385، والمخصص 10/68، والأمالي 2/254، 269، وسفر السعادة 897- 898. [5] انظر مروج الذهب 2/201، وثمار القلوب (244) .

1764 -[المنكب والعريف]

صالح النبي صلّى الله عليه وسلّم، فيما يزعمون، على صدقات الأموال، فخالف أمره، وأساء السّيرة، فوثب عليه ثقيف، وهو قسيّ بن منبّه، فقتله قتلا شنيعا. وإنما ذلك لسوء سيرته في أهل الحرم فقال غيلان بن سلمة، وذكر قسوة أبيه على أبي رغال [1] : [من الرجز] نحن قسيّ وقسا أبونا وقال أميّة بن أبي الصّلت [2] : [من الوافر] نفوا عن أرضهم عدنان طرّا ... وكانوا للقبائل قاهرينا وهم قتلوا الرئيس أبا رغال ... بنخلة إذ يسوق بها الظعينا وقال عمرو بن درّاك العبدي، وذكر فجور أبي رغال وخبثه، فقال [3] : [من الوافر] وإني إن قطعت حبال قيس ... وحالفت المزون على تميم لأعظم فجرة من أبي رغال ... وأجور في الحكومة من سدوم [4] وقال مسكين الدارميّ [5] : [من الوافر] وأرجم قبره في كلّ عام ... كرجم النّاس قبر أبي رغال وقال عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنه، لغيلان بن سلمة، حين أعتق عبده، وجعل ماله في رتاج الكعبة: لئن لم ترجع في مالك ثمّ متّ لأرجمنّ قبرك، كما رجم قبر أبي رغال، وكلاما غير هذا قد كلّمه به [6] . 1764-[المنكب والعريف] وأما قوله: [من الخفيف] 9- «منكب كافر وأشراط سوء ... وعريف جزاؤه حرّ جمر»

_ [1] الرجز مع الخبر في المصدرين السابقين، واللسان والتاج (قسا) ، والمعارف 91. [2] ديوان أمية بن أبي الصلت 508- 509، ومروج الذهب 2/201. [3] البيتان في مروج الذهب 2/201، ومعجم الشعراء 29، واللسان والتاج (سدم) . [4] من الأمثال: «أجور من قاضي سدوم» ، وكان من جوره أنه حكم على أنه إذا ارتكبوا الفاحشة من أحد أخذ منه أربعة دراهم. معجم البلدان 3/200 (سدوم) ، وانظر المثل في مجمع الأمثال 1/190، والمستقصى 1/56، وثمار القلوب (166) . [5] ديوان مسكين الدارمي 57، ومروج الذهب 2/202، وثمار القلوب (245) . [6] ورد الخبر في ثمار القلوب (245) ، والإصابة 5/194 (رقم 6918) .

1765 -[الغول والسعلاة]

فإنما ذهب إلى أحكام الإسلام. كأنه قد كان لقى من المنكب والعريف جهدا. وهم ثلاثة: منكب [1] ، ونقيب، وعريف. وقال جبيهاء الأشجعيّ: [من الوافر] رعاع عاونت بكرا عليه ... كما جعل العريف على النّقيب 1765-[الغول والسعلاة] وأما قوله: [الخفيف] 10- «وتزوّجت في الشّبيبة غولا ... بغزال وصدقتي زقّ خمر» فالغول اسم لكلّ شيء من الجن يعرض للسّفّار، ويتلوّن في ضروب الصّور والثّياب، ذكرا كان أو أنثى. إلّا أنّ أكثر كلامهم على أنّه أنثى [2] . وقد قال أبو المطراب عبيد بن أيّوب العنبريّ [3] : [من الوافر] وحالفت الوحوش وحالفتني ... بقرب عهودهنّ وبالبعاد وأمسى الذّئب يرصدني مخشّا ... لخفّة ضربتي ولضعف آدي [4] وغولا قفرة ذكر وأنثى ... كأنّ عليهما قطع البجاد [5] فجعل في الغيلان الذّكر والأنثى. وقد قال الشّاعر في تلوّنها [6] : [من البسيط] فما تدوم على حال تكون بها ... كما تلوّن في أثوابها الغول فالغول ما كان كذلك، والسّعلاة اسم الواحدة من نساء الجن إذا لم تتغوّل لتفتن السّفّار. قالوا: وإنما هذا منها على العبث، أو لعلّها أن تفزّع إنسانا جميلا فتغيّر عقله، فتداخله عند ذلك، لأنّهم لم يسلّطوا على الصّحيح العقل، ولو كان ذلك إليهم

_ [1] المنكب: عون العريف. [2] انظر هذا القول في مروج الذهب 2/291. [3] الأبيات في أشعار اللصوص 217، والثالث في مروج الذهب 2/291. [4] المخش: الماضي الجريء على هول الليل. الآد: القوة. [5] البجاد: كساء مخطط. [6] البيت لكعب بن زهير في ديوانه 8، والمخصص 17/5، والمذكر والمؤنث للأنباري 411، وبلا نسبة في الجمهرة 961، 988، ومروج الذهب 2/291.

1766 -[تزاوج الجن والإنس]

لبدؤوا بعليّ بن أبي طالب، وحمزة بن عبد المطلب وبأبي بكر وعمر في زمانهم وبغيلان والحسن في دهرهما وبواصل وعمرو في أيامهما. وقد فرق بين الغول والسّعلاة عبيد بن أيّوب، حيث يقول [1] : [من الطويل] وساخرة منّي ولو أنّ عينها ... رأت ما ألاقيه من الهول جنّت أزلّ وسعلاة وغول بقفرة ... إذا اللّيل وارى الجنّ فيه أرنّت [2] وهم إذا رأوا المرأة حديدة الطّرف والذّهن، سريعة الحركة، ممشوقة ممحّصة [3] قالوا: سعلاة وقال الأعشى [4] : [من الخفيف] ورجال قتلى بجنبي أريك ... ونساء كأنهنّ السّعالي [5] 1766-[تزاوج الجن والإنس] ويقولون: تزوّج عمرو بن يربوع السّعلاة. وقال الرّاجز [6] : [من الرجز] يا قاتل الله بني السّعلاة ... عمرو بن يربوع شرار النّات وفي تلوّن الغول يقول عبّاس بن مرداس السّلميّ [7] : [من البسيط] أصابت العام رعلا غول قومهم ... وسط البيوت ولون الغول ألوان وهم يتأوّلون قوله عز ذكره: وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ [8] . وقوله عز وجل: لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ* [9] . قالوا: فلو كان الجانّ لم يصب منهنّ قطّ، ولم يأتهنّ، ولا كان ذلك مما يجوز بين الجن وبين النساء الآدميات- لم يقل ذلك.

_ [1] البيتان في أشعار اللصوص 214، ومروج الذهب 2/291. [2] الأزل: الأرسح، أي الصغير العجز. [3] الممحصة: الشديدة الخلق، البريئة من الترهل. [4] ديوان الأعشى 63، واللسان (حرب، سعل) ، والتاج (حرب) ، والتهذيب 2/100، 5/23، وبلا نسبة في المخصص 13/121، والعين 3/214. [5] رواية صدر البيت في الديوان: «وشيوخ حربى بشطّي أريك» . الأريك: اسم واد. [6] تقدم الرجز مع تخريج واف في 1/120، وزد: أمالي القالي 2/68. وسفر السعادة 74- 75. [7] ديوان العباس بن مرداس 154. [8] 64/الإسراء: 17. [9] 56، 74/الرحمن: 55.

وتأوّلوا قوله عزّ وجلّ: وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِ [1] فجعل منهنّ النّساء، إذ قد جعل منهم الرّجال، وقوله تبارك وتعالى: أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي [2] . وزعم ابن الأعرابيّ قال: دعا أعرابيّ ربه فقال: اللهمّ إني أعوذ بك من عفاريت الجن! اللهم لا تشركهم في ولدي، ولا جسدي، ولا دمي، ولا مالي، ولا تدخلهم في بيتي، ولا تجعلهم لي شركاء في شيء من أمر الدنيا والآخرة. وقالوا: ودعا زهير بن هنيدة فقال: اللهمّ لا تسلطهم على نطفتي ولا جسدي. قال أبو عبيدة: فقيل له: لم تدعو بهذا الدّعاء قال: وكيف لا أدعو به وأنا أسمع أيّوب النبي والله تعالى يخبر عنه ويقول: وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ [3] حتى قيل له: ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ [4] . وكيف لا أستعيذ بالله منه وأنا أسمع الله يقول: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِ [5] ، وأسمعه يقول: وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وَقالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ [6] ، فلما رأى الملائكة نكص على عقبيه، كما قال الله عزّ ذكره: فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَقالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ [7] ، وقد جاءهم في صورة الشّيخ النّجدي [8] . وكيف لا أستعيذ بالله منه، وأنا أسمع الله عز ذكره يقول: وَلَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّاها لِلنَّاظِرِينَ. وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ. إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ [9] . وكيف لا أستعيذ بالله منه وأنا أسمع الله تعالى يقول:

_ [1] 6/الجن: 72. [2] 50/الكهف: 18. [3] 41/ص: 38. [4] 42/ص: 38. [5] 275/البقرة: 2. [6] 48/الأنفال: 8. [7] 48/الأنفال: 8. [8] انظر ما تقدم في 1/197، الفقرة (227) ، وفي ربيع الأبرار 1/388، «قالوا: الشيخ النجدي الذي ظهر إبليس على صورته، فأشار على قريش بأن يكونوا سيفا واحدا على النبي صلّى الله عليه وسلّم كانت كنيته أبامرة؛ فكني به إبليس. وانظر ثمار القلوب (138) . [9] 17- 18/الحجر: 15.

1767 -[شعر العرب في الجن]

وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ [1] ثم قال: يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ [2] . وكيف لا أدعو بذلك وأنا أسمع الله تعالى يقول: قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ، وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ [3] . وكيف لا أقول ذلك وأنا أسمع الله عزّ وجلّ يقول: بِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ. َخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ. وَالشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ. آخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ [4] . والأعراب يتزيّدون في هذا الباب. وأشباه الأعراب يغلطون فيه. وبعض أصحاب التأويل يجوّز في هذا الباب ما لا يجوز فيه. وقد قلنا في ذلك في كتاب النّبوّات بما هو كاف إن شاء الله تعالى. 1767-[شعر العرب في الجن] وسيقع هذا الباب والجواب فيه تامّا إذا صرنا إلى القول في الملائكة، وفي فرق ما بين الجن والإنس. وأما هذا الموضع فإنما مغزانا فيه الإخبار عن مذاهب الأعراب، وشعراء العرب. ولولا العلم بالكلام، وبما يجوز مما لا يجوز، لكان في دون إطباقهم على هذه الأحاديث ما يغلط فيه العاقل. قال عبيد بن أيّوب، وقد كان جوّالا في مجهول الأرض، لمّا اشتد خوفه وطال تردّده، وأبعد في الهرب [5] : [من الطويل] لقد خفت حتّى لو تمرّ حمامة ... لقلت عدوّ أو طليعة معشر فإن قيل أمن قلت هذي خديعة ... وإن قيل خوف قلت حقّا فشمر وخفت خليلي ذا الصّفاء ورابنى ... وقيل فلان أو فلانة فاحذر فلله درّ الغول أيّ رفيقة ... لصاحب قفر خائف متقتّر [6]

_ [1] 12/سبأ: 34. [2] 13/سبأ: 34. [3] 39/النمل: 27. [4] 35- 38/ص: 38. [5] أشعار اللصوص 218، 221، والأبيات (1- 2- 3- 6) في الحماسة البصرية 1/111، وتقدمت الأبيات (1- 2- 3) في 5/132. والبيتان (4- 5) في 4/500. [6] المتقتر: المتنحي عن الناس.

أرنّت بلحن بعد لحن وأوقدت ... حواليّ نيرانا تلوح وتزهر وأصبحت كالوحشيّ يتبع ما خلا ... ويترك مأبوس البلاد المدعثر [1] وقال في هذا الباب في كلمة له، وهذا أولها [2] : [من الطويل] أذقني طعم الأمن أو سل حقيقة ... عليّ فإن قامت ففصّل بنانيا خلعت فؤادي فاستطير فأصبحت ... ترامى بي البيد القفار تراميا كأني وآجال الظّباء بقفرة ... لنا نسب نرعاه أصبح دانيا [3] رأين ضئيل الشّخص يظهر مرّة ... ويخفى مرارا ضامر الجسم عاريا فأجفلن نفرا ثمّ قلن ابن بلدة ... قليل الأذى أمسى لكنّ مصافيا ألا يا ظباء الوحش لا تشهرنّني ... وأخفينني إذ كنت فيكن خافيا أكلت عروق الشّرى معكنّ والتوى ... بحلقي نور القفر حتّى ورانيا [4] وقد لقيت مني السّباع بليّة ... وقد لاقت الغيلان منّي الدّواهيا ومنهنّ قد لاقيت ذاك فلم أكن ... دجبانا إذا هول الجبان اعترانيا أذقت المنايا بعضهنّ بأسهمي ... وقدّدن لحمي وامتشقن ردائيا [5] أبيت ضجيع الأسود الجون في الهوى ... كثيرا وأثناء الحشاش وساديا [6] إذا هجن بي في جحرهنّ اكتنفنني ... فليت سليمان بن وبر يرانيا [7] فما زلت مذ كنت ابن عشرين حجة ... أخا الحرب مجنيّا عليّ وجانيا ومما ذكر فيه الغيلان قوله [8] : [من الطويل] نقول وقد ألممت بالإنس لمّة ... مخضّبة الأطراف خرس الخلاخل [9]

_ [1] المأبوس: المذلل الممهد. المدعثر: الموطوء. [2] الأبيات في أشعار اللصوص 234- 235، والعقد الفريد 2/162. والشعر والشعراء 758- 761. [3] الآجال: جمع إجل، وهو القطيع من بقر الوحش. [4] الشري: شجر الحنظل. النور: الزهر. وراه: من الوري، وهو شرق يقع في قصبة الرئتين فيقتله. [5] التقديد: التقطيع. الامتشاق: الاقتطاع والاختلاس. [6] الأسود: العظيم من الحيات. الهوى: جمع هوّة كقوة، وهي الوهدة الغامضة من الأرض. الحشاش: ما يوضع فيه الحشيش. [7] اكتنف: أحاط. [8] الأبيات في أشعار اللصوص 228- 229، والحماسة البصرية 1/110، والشعر والشعراء 760، 761. [9] خرس الخلاخل: كناية عن امتلاء الساق.

1768 -[أخبار تتعلق بالجن]

أهذا خليل الغول والذّئب والذي ... يهيم بربّات الحجال الكواهل [1] رأت خلق الأدراس أشعث شاحبا ... على الجدب بسّاما كريم الشّمائل [2] تعوّد من آبائه فتكاتهم ... وإطعامهم في كلّ غبراء شامل [3] إذا صاد صيدا لفّه بضرامه ... وشيكا ولم ينظر لنصب المراجل [4] ونهسا كنهس الصقر ثم مراسه ... بكفيّه رأس الشّيخة المتمايل [5] فلم يسحب المنديل بين جماعة ... ولا فاردا مذ صاح بين القوابل ومما قال في هذا المعنى [6] : [من الطويل] علام ترى ليلى تعذّب بالمنى ... أخا قفرات كان بالذئب يأنس وصار خليل الغول بعد عداوة ... صفيّا وربّته القفار البسابس وقال في هذا المعنى [7] : [من الطويل] فلولا رجال يا منيع رأيتهم ... لهم خلق عند الجوار حميد لنالكم مني نكال وغارة ... لها ذنب لم تدركوه بعيد أقلّ بنو الإنسان حتّى أغرتم ... على من يثير الجنّ وهي هجود 1768-[أخبار تتعلق بالجن] وقال ابن الأعرابي: وعدت أعرابيّة أعرابيّا أن يأتيها، فكمن في عشرة [8] كانت بقربهم، فنظر الزّوج فرأى شبحا في العشرة، فقال لامرأته: يا هنتاه [9] إنّ إنسانا ليطالعنا من العشرة! قالت: مه يا شيخ، ذاك جانّ العشرة! إليك عنّي وعن ولدي!!

_ [1] الحجال: جمع حجلة؛ وهي بيت كالقبة يستر بالثياب ويكون له أزرار. الكواهل: جمع كاهلة. [2] الأدراس: جمع درس، وهو الثوب البالي. [3] الغبراء: السنة المجدبة. [4] لم ينظر: لم ينتظر. الضرام: ما اشتعل من الحطب. [5] المراس: المسح والدلك. الشيخة: نبتة، سميت بذلك لبياضها. [6] البيتان لعبيد بن أيوب في أشعار اللصوص 222، وحماسة البحتري 411. [7] الأبيات لعبيد بن أيوب في أشعار اللصوص 215، والسمط 383- 384. [8] العشرة: واحدة العشر، وهو من كبار الشجر له صمغ حلو، وورقه عريض، وله سكر يخرج من شعبه. [9] يا هنتاه: كناية عن المنادى المؤنث الذي لا تريد إعلان اسمه، ويقال للمنادى المذكر «يا هناه» . انظر همع الهوامع 1/178.

قال الشيخ: وعنّي يرحمك الله! قالت: وعن أبيهم إن هو غطّى رأسه ورقد. قال: ونام الشّيخ، وجاء الأعرابي فسفع [1] برجليها ثمّ أعطاها حتى رضيت. وروى عن محمّد بن الحسن، عن مجالد أو عن غيره وقال [2] : كنّا عند الشّعبي جلوسا، فمرّ حمّال على ظهره دنّ خلّ، فلما رأى الشّعبيّ وضع الدّنّ وقال للشعبي: ما كان اسم امرأة إبليس؟ قال: ذاك نكاح ما شهدناه! وأبو الحسن عن أبي إسحاق المالكي قال [3] : قال الحجاج ليحيى بن سعيد بن العاص: أخبرني عبد الله بن هلال صديق إبليس، أنّك تشبه إبليس! قال: وما ينكر أن يكون سيد الإنس يشبه سيد الجنّ! وروى الهيثم عن داود بن أبي هند، قال [4] : سئل الشّعبي عن لحم الفيل، فتلا قوله عزّ ذكره: قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ [5] إلى آخر الآية. وسئل عن لحم الشّيطان فقال: نحن نرضى منه بالكفاف. فقال له قائل [6] : ما تقول في الذّبّان؟ قال: إن اشتهيته فكله. وأنشدوا قول أعرابي لامرأته: [من البسيط] ألا تموتين إنا نبتغي بدلا ... إن اللواتي يموّتن الميامين أم أنت لازلت في الدنيا معمّرة ... كما يعمّر إبليس الشّياطين وقال أبو الحسن وغيره: كان سعيد بن خالد بن عبد الله بن أسيد تصيبه موتة [7] نصف سنة، ونصف سنة يصح، فيحبو ويعطي، ويكسو ويحمل. فأراد أهله أن يعالجوه. فتكلّمت امرأة على لسانه فقالت. أنا رقيّة بنت ملحان سيّد الجنّ، والله أن لو علمت مكان رجل أشرف منه لعلقته! والله لئن عالجتموه لأقتلنّه! فتركوا علاجه.

_ [1] سفع: جذب وقبض. [2] الخبر في عيون الأخبار 1/316، ونثر الدر 2/145. [3] الخبر في نثر الدر 2/161، وثمار القلوب (150) ، وربيع الأبرار 1/384- 385. [4] انظر نثر الدر 2/145. [5] 145/الأنعام: 6. [6] الخبر في عيون الأخبار 1/316، ونثر الدر 2/146. [7] الموته: ضرب من الجنون والصرع يصيب الإنسان.

وتقول العرب: شيطان الحماطة، وغول القفرة، وجانّ العشرة. وأنشد: [من الرجز] فانصلتت لي مثل سعلاة العشر ... تروح بالويل وتغدو بالغير وأنشد [1] : [من الرجز] يا أيّها الضاغب بالغملول ... إنّك غول ولدتك غول الغملول: الخمر من الأرض اختبأ فيه هذا الرجل، وضغب ضغبة [2] الأرنب، ليفزعه ويوهمه أنّه عامر لذلك الخمر.

_ [1] الرجز بلا نسبة في اللسان والتاج (ضغب، أمل) ، والتهذيب 8/18. [2] ضغيب الأرنب صوتها.

باب من ادعى من الأعراب والشعراء أنهم يرون الغيلان ويسمعون عزيف الجان

باب من ادعى من الأعراب والشعراء أنهم يرون الغيلان ويسمعون عزيف الجان وما يشبهون بالجن والشياطين، وبأعضائهم وبأخلاقهم وأعمالهم. وأنشد: [من الرجز] كأنّه لمّا تدانى مقربه ... وانقطعت أوذامه وكربه [1] وجاءت الخيل جميعا تذنبه ... شيطان جنّ في هواء يرقبه [2] أذنب فانقضّ عليه كوكبه وأنشد: [من البسيط] إنّ العقيليّ لا تلقى له شبها ... ولو صبرت لتلقاه على العيس بينا تراه عليه الخزّ متّكئا ... إذ مرّ يهدج في خيش الكرابيس [3] وقد تكنّفه غرّامه زمنا ... أشباه جنّ عكوف حول إبليس [4] إذا المفاليس يوما حاربوا ملكا ... ترى العقيليّ منهم في كراديس [5] وهو الذي يقول [6] : [من الكامل] أصبحت ما لك غير جلدك تلبس ... قطر السّماء وأنت عار مفلس وقال الخطفي [7] : [من الرجز]

_ [1] المقرب: سير الليل. الأوذام: جمع وذم، وهو السير من الجلد يقدّ طولا، الكرب: الحبل يشد على عراقي الدلو؛ عنى به حبل الفرس. [2] تذنبه: تتبعه، والبيت للكلابي في اللسان (ذنب) . [3] الهدج: مشي رويد في ضعف. الكرابيس: جمع كرباس، وهو ثوب من القطن الأبيض. [4] الغرّام: جمع غريم، وهو صاحب الدّين. [5] الكراديس: جمع كردوس، وهي الكتيبة من الخيل. [6] كذا، ولم يعين اسم شاعر فيما تقدم. [7] الرجز للخطفى (واسمه حذيفة، وهو جد جرير) في اللسان (خطف، سدف، جنن) ، والتهذيب 5/190، والتاج (حيد، خطف، سدف، جنن) ، والجمهرة 609، 1173، والمخصص 15/196، وبلا نسبة في العين 4/221، والمخصص 7/109، 9/41، والمقاييس 2/196.

يرفعن بالليل إذا ما أسدفا ... أعناق جنّان وهاما رجّفا وعنقا بعد الرسيم خيطفا [1] وأنشد ابن الأعرابي: [من الطويل] غناء كليبيا ترى الجنّ تبتغي ... صداه إذا ما آب للجشنّ آيب وقال الحارث بن حلزة [2] : [من الخفيف] ربّنا وابننا وأفضل من يم ... شي ومن دون ما لديه الثّناء [3] إرميّ بمثله جالت الج ... نّ فآبت لخصمها الأجلاء [4] وقال الأعشى [5] : [من الطويل] فإنّي وما كلّفتموني وربّكم ... ليعلم من أمسى أعقّ وأحوبا لكالثّور والجنيّ يضرب ظهره ... وما ذنبه أن عافت الماء مشربا وقال الزّفيان العوافيّ واسمه عطاء بن أسيد أحد بني عوافة بن سعد [6] : [من الرجز] بين اللها منه إذا ما مدّا ... مثل عزيف الجن هدّت هدّا [7] وقال ذو الرّمّة [8] : [من البسيط] قد أعسف النّازح المجهول معسفه ... في ظلّ أغضف يدعو هامه البوم [9] للجنّ باللّيل في حافاتها زجل ... كما تناوح يوم الريح عيشوم [10]

_ [1] العنق: ضرب من السير المنبسط. الرسيم: ضرب من السير سريع. الخطيف: سرعة انجذاب السير كأنه يختطف في مشية عنقه. [2] البيتان من معلقته في شرح القصائد العشر 390، وشرح القصائد السبع 473. [3] الرب: الملك. [4] إرمي: نسبة إلى إرم عاد. الأجلاء: جمع جلا، وهو الأمر المنكشف. [5] ديوان الأعشى 165، والأول في اللسان والتاج (عقق) ، والثاني في اللسان والتاج (ثور) ، والتهذيب 15/111. [6] الرجز للزفيان في ديوانه 93، واللسان والتاج (صمعد) . [7] اللها: جمع لهاة؛ وهي اللحمة المشرفة على الحلق. الهد: الصوت الغليظ. [8] ديوان ذي الرمة 401، 408، 410، والشرح التالي منه. [9] «أعسف: آخذ في غير هدى. النازح: الخرق البعيد. المجهول: الذي لا يهتدى لطريقه. في ظل أغضف: أي تحت الليل دائما» . [10] «زجل: صوت مختلط. تناوح: تجاوب بصوت الرياح. عيشوم: شجرة تنبسط على وجه الأرض؛ فإذا يبست فللريح بها زفير» .

داويّة ودجى ليل كأنّهما ... يمّ تراطن في حافاته الرّوم وقال [1] : [من الطويل] وكم عرّست بعد السّرى من معرّس ... به من كلام الجن أصوات سامر [2] وقال [3] : [من البسيط] كم جبت دونك من يهماء مظلمة ... تيه إذا ما مغنّي جنّة سمرا [4] وقال [5] : [من الطويل] ورمل عزيف الجنّ في عقداته ... هزيز كتضراب المغنّين بالطّبل [6] وقال [7] : [من الطويل] وتيه خبطنا غولها وارتمى بنا ... أبو البعد من أرجائها المتطاوح فلاة لصوت الجنّ في منكراتها ... هزيز، وللأبوام فيها نوائح وطول اغتماسي في الدّجى كلما دعت ... من اللّيل أصداء المتان الصوائح [8] وقال ذو الرّمة [9] : [من الطويل] بلادا يبيت البوم يدعو بناته ... بها ومن الأصداء والجنّ سامر وقال ذو الرمة [10] : [من الطويل] وللوحش والجنّان كلّ عشية ... بها خلفة من عازف وبغام [11]

_ [1] ديوان ذي الرمة 1685. [2] التعريس: النزول للنوم في آخر الليل. سامر: قوم يسمرون، أي يتحدثون. [3] ديوان ذي الرمة 1162. [4] جبت: قطعت. اليهماء: الفلاة. سمر: لم ينم. [5] ديوان ذي الرمة 148. [6] «العقدات: جمع عقدة؛ وهي الرملة الكثيرة الأنقاء والأحقاف، يتعقد بعضه ببعض. هزيز الشيء: صوته الذي تسمعه من بعيد، مثل صوت الرحى والرعد» . [7] ديوان ذي الرمة 878- 879، 885. [8] الأصداء: جمع صدى، وهو طائر. المتان: جمع متن، وهو ما غلظ من الأرض وارتفع. وقافية هذا البيت في ديوانه «الضوابح» مكان «الصوائح» . [9] ديوان ذي الرمة 1039. [10] ديوان ذي الرمة 1054. [11] خلفة: اختلاف؛ أي: تجيء هذه وتذهب هذه. البغام: صوت الإبل.

1769 -[لطيم الشيطان]

وقال الراعي [1] : [من الطويل] وداويّة غبراء أكثر أهلها ... عزيف وبوم آخر الليل صائح أقرّ بها جأشي تأوّل آية ... وماضي الحسام غمده متصايح 1769-[لطيم الشيطان] ويقال لمن به لقوة أو شتر، إذا سبّ: يا لطيم الشيطان [2] . وكذلك قال عبيد الله بن زياد، لعمرو بن سعيد، حين أهوى بسيفه ليطعن في خاصرة عبد الله بن معاوية، وكان مستضعفا، وكان مع الضّحّاك فأسر، فلمّا أهوى له السيف وقد استردفه عبيد الله، واستغاث بعبيد الله، قال عبيد الله لعمرو: يدك يا لطيم الشيطان [3] ! 1770-[قولهم: ظل النعامة، وظل الشيطان] ويقال للرّجل المفرط الطّول: يا ظلّ النّعامة! وللمتكبّر الضخم: يا ظلّ الشيطان [4] ! كما قال الحجّاج لمحمد بن سعد بن أبي وقاص: بينا أنت، يا ظلّ الشّيطان، أشدّ النّاس كبرا إذ صرت مؤذّنا لفلان [5] ! وقال جرير في هجائه شبّة بن عقال، وكان مفرط الطّول [6] : [من الكامل] فضح المنابر يوم يسلح قائما ... ظلّ النّعامة شبّة بن عقال 1771-[قولهم: ظل الرمح] فأما قولهم [7] : «منينا بيوم كظلّ الرمح» فإنّهم ليس يريدون به الطول فقط، ولكنّهم يريدون أنّه مع الطول ضيق غير واسع.

_ [1] ديوان الراعي النميري 49. [2] القول في ثمار القلوب (154) ، والبرصان 275، والبيان 1/315، وربيع الأبرار 1/386. اللقوة: داء في الوجه يعوج منه الشدق. الشتر: انقلاب جفن العين وتشنجه. [3] الخبر في البيان 1/315، والبرصان 275. [4] التمثيل والمحاضرة 326، وثمار القلوب (153) ، والمنتخب 326. [5] ثمار القلوب (154) ، ولطائف المعارف 40، وتاريخ الطبري 6/376. [6] ديوان جرير 962 (طبعة نعمان طه) ، 471 (طبعة الصاوي) ، وثمار القلوب (649) ، والبرصان 91، وأساس البلاغة (نعم) ؛ ونسبه في المنتخب 73، إلى جذيمة؟. [7] ورد القول في ثمار القلوب (892) .

1772 -[التشبيه بالجن]

وقال ابن الطّثرية [1] : [من الطويل] ويوم كظلّ الرّمح قصّر طوله ... دم الزّقّ عنّا واصطفاق المزاهر [2] قال: وليس يوجد لظلّ الشخص نهاية مع طلوع الشّمس. 1772-[التشبيه بالجن] قال: وكان عمر بن عبد العزيز أوّل من نهى النّاس عن حمل الصّبيان على ظهور الخيل يوم الحلبة [3] ، وقال: «تحملون الصّبيان على الجنّان؟» . وأنشد في تشبيه الإنس بالجن لأبي الجويرية العبدي: [من البسيط] إنس إذا أمنوا جنّ إذا فزعوا ... مرزّؤون بها ليل إذا حشدوا [4] وأنشدوا: [من الرجز] وقلت والله لنرحلنّا ... قلائصا تحسبهنّ جنا [5] وقال ابن ذي الزوائد: [من المنسرح] وحولي الشّول رزّحا شسبا ... بكية الدّرّ حين تمتصر [6] ولاذ بي الكلب لا نباح له ... يهرّ محرنجما وينجحر [7] بحور خفض لمن ألمّ بهم ... جنّ بأرماحهم إذا خطروا [8]

_ [1] البيت ليزيد بن الطثرية في وثمار القلوب (892) ، وأساس البلاغة (رمح) ، وله أو لشبرمة بن الطفيل في اللسان (صفق) ، ولشبرمة بن الطفيل في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1269، وشرحها للتبريزي 3/133، وبلا نسبة في ديوان المعاني 1/311، والمستقصى 1/229، والمعاني الكبير 469. [2] دم الزق: أراد به الخمر. المزاهر: جمع مزهر؛ وهو العود الذي يضرب به. [3] الحلبة: الدفعة من الخيل في الرهان. [4] فزعوا: أغاثوا غيرهم. مرزؤون: يرزؤهم الناس أي يصيبون من مالهم. البهاليل: جمع بهلول، وهو العزيز الجامع لكل خير. [5] القلائص: جمع قلوص؛ وهي الفتية من الإبل. رحلها: شد عليها الرحال. [6] الشول: الإبل ارتفعت ألبانها. رزحا: جمع رازح، وهو الذي سقط من الإعياء. الشسب: جمع شاسب؛ وهو النحيف اليابس. بكية: بكيئة، وهي التي قلّ لبنها. تمتصر: يحتلب ما بقي في ضرعها من لبن. [7] الهرير: نباح الكلب. احرنجم: انقبض. انجحر: دخل جحره. [8] الخفض: لين العيش وسعته.

1773 -[موضع الجن]

وأنشدوا: [من الرجز] إنّي امرؤ تابعني شيطانيه ... آخيته عمري وقد آخانيه يشرب في قعبي وقد سقانيه ... فالحمد لله الذي أعطانيه [1] قرما وخرقا في خدود واضيه ... تربّعت في عقد فالماوية [2] بقلا نضيدا في تلاع حاليه ... حتّى إذا ما الشّمس مرّت ماضيه [3] قام إليها فتية ثمانيه ... فثوّروا كلّ مريّ ساجيه [4] أخلافها لذي الأكف ماليه [5] 1773-[موضع الجن] وقال ابن الأعرابي: قال لي أعرابي مرّة من غنيّ وقد نزلت به، قال: وهو أخفّ ما نزلت به وأطيبه، فقلت: ما أطيب ماءكم هذا، وأعذى [6] منزلكم! قال: نعم وهو بعيد من الخير كله، بعيد من العراق واليمامة والحجاز، كثير الحيات، كثير الجنان! فقلت: أترون الجن؟ قال: نعم! مكانهم في هذا الجبل- وأشار بيده إلى جبل يقال له سواج [7] قال: ثمّ حدّثني بأشياء. 1774-[ذكر الجن في الشعر] وقال عبيد بن أوس الطائي [8] في أخت عدي بن أوس: [من الكامل] هل جاء أوسا ليلتي ونعيمها ... ومقام أوس في الخباء المشرج [9]

_ [1] القعب: القدح. [2] القرم: الفحل الذي يترك من الركوب والعمل ويودع للفحلة. الخرق: جمع خرقاء، وهي التي يقع منسمها بالأرض قبل خفها لنجابتها. الواضية: من الوضاءة، وهي الحسن والبهجة. عقد: موضع بين البصرة وضرية. الماوية: ماء على طريق البصرة من النباح. [3] التلاع: جمع تلعة، وهي ما انهبط من الأرض أو ما ارتفع. حالية: حليت بالنبت. [4] ثوّروها: بعثوها بعد بروكها. المري: الناقة التي تدر على من يمسح ضرعها. الساجية: الساكنة. [5] الأخلاف: جمع خلف، وهو الضرع. لذي الأكف: أي لهذه الأكف. [6] العذي: الأرض الطيبة التربة البعيدة من المياه. [7] سواج: جبل من جبال غني. [8] الأبيات لعبيد بن أوس الطائي في الحماسة البصرية 2/113- 114، ولجميل بن معمر في ديوانه 41- 42، ولعمر بن أبي ربيعة في ديوانه 488، ولعروة بن أذينة في الكامل 1/171 (المعارف) ، وبلا نسبة في عيون الأخبار 4/93- 94. [9] المشرج: الذي أدخل بعض عراه في بعض.

ما زلت أطوي الجنّ أسمع حسّهم ... حتّى دفعت إلى ربيبة هودج فوضعت كفّي عند مقطع خصرها ... فتنفّست بهرا ولمّا تنهج [1] فتناولت رأسي لتعرف مسّه ... بمخضّب الأطراف غير مشنّج [2] قالت بعيش أخي وحرمة والدي ... لأنبّهنّ الحيّ إن لم تخرج فخرجت خيفة قومها فتبسّمت ... فعلمت أنّ يمينها لم تلجج [3] فلثمت فاها قابضا بقرونها ... شرب النّزيف ببرد ماء الحشرج [4] وأنشدني آخر [5] : [من الطويل] ذهبتم فعذتم بالأمير وقلتم ... تركنا أحاديثا ولحما موضّعا [6] فما زادني إلّا سناء ورفعة ... ولا زادكم في القوم إلّا تخشّعا فما نفرت جنّي ولا فلّ مبردي ... وما أصبحت طيري من الخوف وقّعا [7] وقال حسّان بن ثابت، في معنى قوله [8] : «ولله لأضربنّه حتّى أنزع من رأسه شيطانه» ، فقال [9] : [من المتقارب] وداوية سبسب سملق ... من البيد تعزف جنّانها [10] قطعت بعيرانة كالفني ... ق يمرح في الآل شيطانها [11] فجمع في هذا البيت تثبيت عزيف الجن، وأنّ المراح والنشاط والخيلاء والغرب [12] هو شيطانها.

_ [1] البهر: انقطاع النفس من الإعياء، تنهج: تواتر نفسها من شدة الحركة. [2] المشنج: المتقبض. [3] اللجج: التمادي والإصرار. [4] القرون: الضفائر من الشعر. النزيف: الذي عطش حتى جف لسانه ويبست عروقه. الحشرج: الماء الجاري على الحجارة. [5] الأبيات لموسى بن جابر الحنفي في شرح ديوان الحماسة للتبريزي 1/140، والثالث في اللسان (جنن) ، والتاج (وقع) . [6] الموضّع: المنضد بعضه على بعض، أي هم كاللحم المنضد يطمع فيه الناس. [7] أراد بالجن: القلب، وبالمبرد: اللسان. [8] هذا القول لعمر بن خطاب كما سيأتي ص 416. [9] ديوان حسان بن ثابت 1/239 (دار صادر) ، ولم يرد البيتان في ديوان حسان (طبعة الصاوي) . [10] الداوية: الفلاة الواسعة. السبسب: القفر البعيدة. السملق: المستوية الجرداء. عزيف الجن: أصواتها. [11] العيرانة: النشيطة من الإبل. الفنيق: الفحل المكرم من الإبل. الآل: السراب. [12] الغرب: الحدة والنشاط.

1775 -[من المثل والتشبيه بالجن]

وأبين من ذلك قول منظور بن رواحة [1] : [من الطويل] أتاني وأهلي بالدّماخ فغمرة ... مسبّ عويف اللؤم حيّ بني بدر فلمّا أتاني ما يقول ترقّصت ... شياطين رأسي وانتشين من الخمر 1775-[من المثل والتشبيه بالجن] ومن المثل والتّشبيه قول أبي النّجم [2] : [من الرجز] وقام جنّيّ السّنام الأميل ... وامتهد الغارب فعل الدّمّل [3] وقال ابن أحمر [4] : [من الوافر] بهجل من قسا ذفر الخزامى ... تداعى الجربياء به الحنينا تكسّر فوقه القلع السّواري ... وجنّ الخازباز به جنونا وقال الأعشى [5] : [من الخفيف] وإذا الغيث صوبه وضع القد ... ح وجنّ التّلاع والآفاق لم يزدهم سفاهة شرب الخم ... ر ولا اللهو بينهم والسّباق وقال النابغة [6] : [من البسيط] وخيّس الجنّ إنّي قد أذنت لهم ... يبنون تدمر بالصّفّاح والعمد [7] 1776-[إضافة البناء العجيب إلى الجن] وأهل تدمر يزعمون أنّ ذلك البناء [بني] [8] قبل زمن سليمان، عليه السّلام،

_ [1] البيتان في ثمار القلوب (149) ، ومعجم الشعراء 282، وتقدما في 1/199، الفقرة (228) . [2] الرجز لأبي النجم العجلي في ديوانه 180، والطرائف الأدبية 59. والأول في اللسان (جنن) ، والتاج (طير، دمل، جنن) ، والأساس (جنن، طير) ، والثاني في اللسان (مهد) ، والتاج (مهد، دمل) ، والجمهرة 285، والمقاييس 2/303، 3/159، 5/280، وبلا نسبة في اللسان (دمل) ، والتهذيب 14/136، والجمهرة 1166، والعين 4/32، 8/48، وديوان الأدب 2/399. [3] امتهد: انبسط وارتفع. الغارب: أعلى مقدم السنام. الدمل: واحد الدماميل وهي القروح. [4] ديوان عمرو بن أحمر 159، وتقدم البيتان مع تخريج واف في 3/55، الفقرة (604) . [5] ديوان الأعشى، وتقدم البيتان في 3/56، الفقرة (604) . [6] ديوان النابغة الذبياني 21، واللسان والتاج (عمد، دمر) ، والعين 4/288، 8/40، والجمهرة 541، والتهذيب 2/252، وثمار القلوب (126) . [7] في ديوانه: «قوله: وخيّس الجن؛ أي ذللهم. ومنه سمي السجن مخيّسا. الصفاح: حجارة كالصفائح عراض. تدمر: مدينة بالشام، فيها بناء لسليمان بن داود عليهما السلام. العمد: أساطين الرخام؛ وهي السواري» . [8] إضافة من ثمار القلوب (126) حيث ورد هذا الزعم.

بأكثر مما بيننا اليوم وبين سليمان بن داود عليهما السلام قالوا: ولكنّكم إذا رأيتم بنيانا عجيبا، وجهلتم موضع الحيلة فيه، أضفتموه إلى الجنّ، ولم تعانوه بالفكر. وقال العرجيّ [1] : [من البسيط] سدّت مسامعها بفرج مراجل ... من نسج جنّ مثله لا ينسج [2] وقال الأصمعيّ [3] : السيوف المأثورة هي التي يقال إنها من عمل الجن والشياطين لسليمان بن داود عليهما السلام. فأمّا القوارير والحمامات، فذلك ما لا شك فيه. وقال البعيث [4] : [من البسيط] بنى زياد لذكر الله مصنعة ... من الحجارة لم تعمل من الطّين [5] كأنّها، غير أنّ الإنس ترفعها ... مما بنت لسليمان الشياطين وقال المقنّع الكنديّ [6] : [من البسيط] وفي الظّعائن والأحداج أملح من ... حلّ العراق وحلّ الشام واليمنا [7] جنّيّة من نساء الإنس أحسن من ... شمس النّهار وبدر اللّيل لو قرنا مكتومة الذكر عندي ما حييت لها ... قد لعمري مللت الصّرم والحزنا وقال أبو النّجم [8] : [من الرجز] أدرك عقلا والرهان عمله ... كأنّ ترب القاع حين تسحله [9] صيق شياطين زفته شمأله [10] وقال الأعشى [11] في المعنى الأوّل، من بناء الشياطين لسليمان بن داود عليهما السلام: [من الطويل]

_ [1] البيت في ثمار القلوب (126) ، وديوان العرجي 61. [2] الفرج: الثوب شقّ من خلفه. المراجل: ثياب عليها صور الرجال. [3] ورد هذا القول في اللسان 4/9 (ثفر) ، دون ذكر الأصمعي، وتقدم في 1/101، الفقرة (120) . [4] البيتان في ثمار القلوب (126- 127) ، والأول في اللسان والتاج (صنع) . والبيت الثاني فيه إقواء. [5] المصنعة: ما تصنعه الناس من الآبار والأبنية والقصور. [6] ديوان المقنع الكندي 215، والشعر والشعراء 739- 740. [7] الظعينة: الهودج تكون فيه المرأة. الأحداج: جمع حدج، وهو مركب نحو الهودج. [8] ديوان أبي النجم 166، 171، وديوان المعاني 2/109. [9] تسحله: تقشره وتنحته. [10] الصيق: الغبار. زفته: طردته واستخفته. الشمأل: ريح الشمال. [11] ديوان الأعشى 267، ومعجم البلدان 1/76 (الأبلق) ، وثمار القلوب (751) ، 2/67 (تيماء) ، والأول في اللسان والتاج (بلق) ، والمخصص 5/122، 16/74، والثاني في اللسان والتاج (أزج) .

1777 -[مواضع الجن]

أرى عاديا الم يمنع الموت ربّه ... وورد بتيماء اليهوديّ أبلق بناه سليمان بن داود حقبة ... له جندل صمّ وطيّ موثّق 1777-[مواضع الجن] وكما يقولون [1] : قنفذ برقة، وضبّ سحا، وأرنب الخلّة، وذئب خمر فيفرقون بينها وبين ما ليست كذلك إمّا في السّمن، وإمّا في الخبث، وإمّا في القوة- فكذلك أيضا يفرقون بين مواضع الجن. فإذا نسبوا الشّكل منها إلى موضع معروف، فقد خصّوه من الخبث والقوة والعرامة بما ليس لجملتهم وجمهورهم. قال لبيد [2] : [من الكامل] غلب تشذّر بالذّحول كأنّها ... جنّ البديّ رواسيا أقدامها [3] وقال النّابغة [4] : [من الكامل] سهكين من صدإ الحديد كأنّهم ... تحت السّنوّر جنّة البقّار [5] وقال زهير [6] : [من الطويل] عليهنّ فتيان كجنّة عبقر ... جديرون يوما أن ينيفوا فيستعلوا وقال حاتم [7] : [من الطويل] عليهنّ فتيان كجنّة عبقر ... يهزّون بالأيدي الوشيج المقوّما [8]

_ [1] انظر ما تقدم ص 378. [2] ديوان لبيد 317، والخزانة 9/515، 516، 919، واللسان (شذر) ، والعين 6/249، والمعاني الكبير 816، وسر صناعة الإعراب 13، والأزهية 287، وثمار القلوب (377) . [3] في ديوانه: «غلب: غلاظ الأعناق. تشذر: تهدد وتتوعد. الذحول: الأحقاد. البدي: موضع؛ وهو واد لبني عامر» . [4] ديوان النابغة الذبياني 56، وثمار القلوب (377) ، واللسان والتاج (سهك) ، والتهذيب 6/8، 12/396، والجمهرة 1189، 1322، والمقاييس 1/280، 3/110، والعين 3/373، والمجمل 1/283، والأساس (سنر) ، وبلا نسبة في اللسان والتاج (سنر) ، والمخصص 11/207. [5] في ديوانه: «سهكين: أي عليهم سهكة الحديد، وهي الرائحة المتغيرة. السّنوّر: ما كان من حلق؛ وقيل: هو السلاح التام. البقّار: هو اسم رمل كثير الجن، وهو من أدنى بلاد طيئ إلى بني فزارة. وإنما شبههم بالجن لنفوذهم في الحرب» . [6] ديوان زهير 87، وثمار القلوب (377) ، واللسان (جدر، عبقر) ، والتاج والأساس (جدر) ، والتهذيب 2/293، 10/635. [7] البيت لحاتم الطائي في ثمار القلوب (377) ، وربيع الأبرار 1/383، ولم يرد في متن ديوانه، وأورده محقق الديوان في حاشية الصفحة 225، نقلا عن مختارات ابن الشجري. [8] الوشيج: الرماح.

1778 -[مراتب الجن]

ولذلك قيل لكلّ شيء فائق، أو شديد: عبقري. وفي الحديث، في صفة عمر رضي الله عنه «فلم أر عبقريّا يفري فريّه» [1] . قال أعرابي: ظلمني والله ظلما عبقريّا [2] . 1778-[مراتب الجن] ثمّ ينزلون الجن في مراتب. فإذا ذكروا الجنّيّ سالما قالوا: جني. فإذا أرادوا أنّه ممن سكن مع النّاس قالوا: عامر، والجميع عمّار. وإن كان ممن يعرض للصبيان فهم أرواح. فإن خبث أحدهم وتعرّم فهو شيطان، فإذا زاد على ذلك فهو مارد. قال الله عز ذكره: وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ [3] فإن زاد على ذلك في القوّة فهو عفريت، والجميع عفاريت. قال الله تعالى: قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ [4] . وهم في الجملة جنّ وخوافي. قال الشاعر [5] : [من البسيط] ولا يحسّ سوى الخافي بها أثر فإن طهر الجني ونظف ونقي وصار خيرا كلّه فهو ملك، في قول من تأول قوله عز ذكره: كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ [6] على أنّ الجنّ في هذا الموضع الملائكة. وقال آخرون: كان منهم على الإضافة إلى الدّار والدّيانة، لا على أنّه كان من جنسهم. وإنّما ذلك على قولهم سليمان بن يزيد العدوي، وسليمان بن طرخان التّيمي، وأبو علي الحرمازي، وعمرو بن فائد الأسواري، أضافوهم إلى المحالّ، وتركوا أنسابهم في الحقيقة.

_ [1] أخرجه البخاري في فضائل الصحابة برقم 3434، وأحمد في المسند 2/28، ومسلم في فضائل الصحابة 2393، وانظر عمدة الحفاظ 3/25 (عبقر) ، 3/225 (فري) . [2] ربيع الأبرار 1/383. [3] 7/الصافات: 37. [4] 39/النمل: 27. [5] صدر البيت: (يمشي ببيداء لا يمشي بها أحد) ، والبيت لأعشى باهلة في اللسان (خفا) ، والتاج (خفي) ، وبلا نسبة في التهذيب 7/597، والجمهرة 1055. [6] 50/الكهف: 18.

1779 -[استطراد لغوي]

1779-[استطراد لغوي] وقال آخرون: كلّ مستجنّ فهو جنّيّ، وجانّ، وجنين. وكذلك الولد قيل له جنين لكونه في البطن واستجنانه. وقالوا للميّت الذي في القبر جنين. وقال عمرو بن كلثوم [1] : [من الوافر] ولا شمطاء لم تدع المنايا ... لها من تسعة إلّا جنينا يخبر أنّها قد دفنتهم كلّهم. 1780-[طبقات الملائكة] قالوا: وكذلك الملائكة، من الحفظة، والحملة، والكروبيّين [2] . فلا بدّ من طبقات. وربّما فرّق بينهم بالأعمال، واشتقّ لهم الاسم من السّبب كما قالوا لواحد من الأنبياء: خليل الله، وقالوا لآخر: كليم الله، وقالوا لآخر: روح الله. 1781-[مراتب الشجعان] والعرب تنزل الشّجعاء في المراتب. والاسم العامّ شجاع، ثمّ بطل، ثم بهمة، ثم أليس. هذا قول أبي عبيدة. فأمّا قولهم: شيطان الحماطة، فإنّهم يعنون الحيّة. وأنشد الأصمعي [3] : [من الطويل] تلاعب مثنى حضرميّ كأنّه ... تعمّج شيطان بذي خروع قفر وقد يسمّون الكبر والطغيان، والخنزوانة، والغضب الشّديد شيطانا، على التّشبيه. قال عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنه [4] : «والله لأنزعنّ نعرته، ولأضربنّه حتى أنزع شيطانه من نخرته» .

_ [1] ديوان عمرو بن كلثوم 81، وشرح القصائد العشر 330، وشرح القصائد السبع 384، والمخصص 16/16، ونسب إلى الأعشى في اللسان (جنن) ، وهو بلا نسبة في التاج (جنن) . [2] الكروبية: سادة الملائكة، منهم: جبريل وميكائيل وإسرافيل، وهو من الكرب بمعنى القرب، لأنهم أقرب الملائكة إلى حملة العرش. وفي ديوان أمية بن أبي الصلت 370: (ملائكة لا يفترون عبادة ... كروبية منهم ركوع وسجّد) [3] تقدم البيت في 4/324 منسوبا إلى طرفة، وليس في ديوانه. وتقدم بلا نسبة في 1/198، الفقرة (120) مع تخريج واف. [4] تقدم حديث عمر بن الخطاب في 1/101، الفقرة (120) ، و 1/197، الفقرة (228) ، و 3/167، الفقرة (800) ، وفي هذا الجزء ص 411، الفقرة (1774) .

1782 -[مراتب الجن]

1782-[مراتب الجن] والأعراب تجعل الخوافي والمستجنّات، من قبل أن ترتّب المراتب، جنسين، يقولون جنّ وحنّ، بالجيم والحاء. وأنشدوا [1] : [من الرجز] أبيت أهوي في شياطين ترنّ ... مختلف نجواهم حنّ وجنّ [2] ويجعلون الجنّ فوق الحنّ. وقال أعشى سليم: [من الطويل] فما أنا من جنّ إذا كنت خافيا ... ولست من النّسناس في عنصر البشر ذهب إلى قول من قال: البشر ناس ونسناس، والخوافي حنّ وجنّ. يقول: أنا من أكرم الجنسين حيثما كنت. 1783-[شيطان ضعفة النّسّاك] وضعفة النسّاك وأغبياء العبّاد، يزعمون أنّ لهم خاصّة شيطانا قد وكّل بهم، ويقال له «المذهب» يسرج لهم النّيران، ويضيء لهم الظّلمة ليفتنهم وليريهم العجب إذا ظنّوا أنّ ذلك من قبل الله تعالى. 1784-[شيطان حفظة القرآن] وفي الحديث أنّ الشّيطان الذي قد تفرّد بحفظة القرآن ينسيهم القرآن، يسمى خنزب [3] ، وهو صاحب عثمان بن أبي العاص. 1785-[شيطان الخبل] قال: وأما الخابل والخبل، فإنما ذلك اسم للجنّ الذين يخبلون النّاس بأعيانهم، دون غيرهم. وقال الشّاعر [4] : [من الطويل] تناوح جنّان بهنّ وخبّل كأنّه أخرج الذين يخبلون ويتعرّضون، ممّن ليس عنده إلّا العزيف والنّوح. وفصل أيضا لبيد بينهم فقال [5] : [من الطويل]

_ [1] الرجز لمهاصر بن المحل في اللسان (حنن) ، وبلا نسبة في التاج (حنن) ، والجمهرة 102. [2] الإرنان: التصويت. [3] في النهاية 2/83: (في حديث الصلاة «ذاك شيطان يقال له خنزب» قال أبو عمرو: وهو لقب له. والخنزب قطعة لحم منتنة، ويروى بالكسر والضم) . [4] صدر البيت: (تبدّل حالا بعد حال عهدته) ، وهو لأوس بن حجر في ديوانه 94، والتاج (خبل) . [5] البيت للبيد في البرصان 14، وانظر ملحق ديوانه 364- 365، وهو لعامر بن الطفيل في العقد الفريد 5/235، والنقائض 1/469، وقد قال البيت يوم فيف الريح.

1786 -[استطراد لغوي]

أعاذل لو كان النّداد لقوتلوا ... ولكن أتانا كلّ جنّ وخابل وقد زعم ناس أنّ الخبل والخابل ناس. قالوا: فإذا كان ذلك كذلك، فكيف يقول أوس بن حجر [1] : [من الطويل] ناوح جنّان بهن وخبّل 1786-[استطراد لغوي] قالوا: وإذا تعرّضت الجنّيّة وتلوّنت وعبثت فهي شيطانة، ثم غول. والغول في كلام العرب الدّاهية. ويقال: لقد غالته غول. وقال الشاعر: [من البسيط] تقول بيتي في عز وفي سعة ... فقد صدقت ولكن أنت مدخول لا بأس بالبيت إلّا ما صنعت به ... تبني وتهدمه هدّا له غول وقال الرّاجز: [من الرجز] والحرب غول أو كشبه الغول ... تزفّ بالرّايات والطّبول تقلب للأوتار والذّحول ... حملاق عين ليس بالمكحول [2] 1787-[زواج الجن بالأعراب] ومن قول الأعراب أنهم يظهرون لهم، ويكلّمونهم، ويناكحونهم. ولذلك قال شمر بن الحارث الضبّي [3] : [من الوافر] ونار قد حضأت بعيد هدء ... بدار لا أريد بها مقاما سوى تحليل راحلة وعين ... أكالئها مخافة أنّ تناما أتوا ناري فقلت منون قالوا ... سراة الجنّ قلت عموا ظلاما فقلت إلى الطّعام فقال منهم ... زعيم نحسد الإنس الطّعاما وذكر أبو زيد عنهم أن رجلا منهم تزوج السّعلاة، وأنها كانت عنده زمانا، وولدت منه، حتّى رأت ذات ليلة برقا على بلاد السّعالي، فطارت إليهنّ، فقال [4] : [من الوافر]

_ [1] انظر الحاشية الرابعة في الصفحة السابقة. [2] الأوتار: جمع وتر، وهو الثأر. الذحول: جمع ذحل، وهو الثأر. الحملاق: باطن جفن العين. [3] تقدمت الأبيات في 4/500، مع نسبتها إلى سهم بن الحارث. [4] تقدّم قول أبي زيد مع البيت في 1/121، الفقرة (146) ، وأضف إلى مصادر البيت: شرح شواهد الإيضاح 225، والخصائص 2/19، ورصف المباني 146، واللسان (أهل) .

1788 -[المخدومون]

رأى برقا فأوضع فوق بكر ... فلا بك ما أسال وما أغاما فمن هذا النّتاج المشترك، وهذا الخلق المركّب عندهم، بنو السّعلاة، من بين عمرو بن يربوع، وبلقيس ملكة سبأ. وتأوّلوا قول الشاعر [1] : [من الرجز] لا همّ إنّ جرهما عبادكا ... النّاس طرف وهم تلادكا فزعموا أن أبا جرهم من الملائكة الذين كانوا إذا عصوا في السّماء أنزلوا إلى الأرض [2] ، كما قيل في هاروت وماروت. فجعلوا سهيلا عشّارا مسخ نجما، وجعلوا الزّهرة امرأة بغيّا مسخت نجما، وكان اسمها «أناهيد» . وتقول الهند في الكوكب الذي يسمّى «عطارد» شبيها بهذا. 1788-[المخدومون] ويقول الناس: «فلان مخدوم» يذهبون إلى أنّه إذا عزم على الشّياطين والأرواح والعمّار أجابوه وأطاعوه. منهم عبد الله بن هلال الحميريّ، الذي كان يقال له صديق إبليس [3] . ومنهم كرباش الهنديّ، وصالح المديبري. 1789-[شروط إجابة العامر للعزيمة] وقد كان عبيد مجّ يقول: إن العامر حريص على إجابة العزيمة، ولكنّ البدن إذا لم يصلح أن يكون له هيكلا لم يستطع دخوله. والحيلة في ذلك أن يتبخّر باللبان الذّكر، ويراعي سير المشتري، ويغتسل بالماء القراح، ويدع الجماع وأكل الزّهومات [4] ، ويتوحّش في الفيافي، ويكثر دخول الخرابات، حتى يرقّ ويلطف ويصفو ويصير فيه مشابه من الجنّ، فإن عزم عند ذلك فلم يجب فلا يعودنّ لمثلها فإنه ممّن لا يصلح أن يكون بدنه هيكلا لها، ومتى عاد خبط فربما جنّ، وربما مات. قال: فلو كنت ممّن يصلح أن يكون لهم هيكلا لكنت فوق عبد الله بن هلال.

_ [1] تقدم الرجز في 1/123، الفقرة (147) ، وهو لعمرو بن الحارث بن مضاض الجرهمي في شرح القصائد السبع للأنباري 255. [2] تقدم هذا الزعم في 1/122- 123، الفقرة (147) . [3] انظر ما تقدم في ص 403. [4] الزهومة: ريح اللحم السمين المنتن.

1790 -[رؤية الجن وسماع همهمتهم]

1790-[رؤية الجن وسماع همهمتهم] قال الأعراب: وربما نزلنا بجمع كثير، ورأينا خياما وقبابا، وناسا، ثم فقدناهم من ساعتنا. والعوامّ ترى أنّ ابن مسعود، رضي الله عنه، رأى رجالا من الزّطّ فقال: «هؤلاء أشبه من رأيت بالجنّ ليلة الجنّ» . قال: وقد روي عنه خلاف ذلك. وتأوّلوا قوله تعالى: وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً [1] . ولم يهلك الناس كالتأويل. ومما يدلّ على ما قلنا قول أبي النّجم، حيث يقول [2] : [من الرجز] بحيث تستنّ مع الجنّ الغول فأخرج الغول من الجنّ، للذي بانت به من الجنّ. وهكذا عادتهم: أن يخرجوا الشيء من الجملة بعد أن دخل ذلك الشيء في الجملة، فيظهر لأمر خاصّ. وفي بعض الرّواية أنهم كانوا يسمعون في الجاهلية من أجواف الأوثان همهمة، وأن خالد بن الوليد حين هدم العزّى رمته بالشّرر حتى احترق عامّة فخذه، حتى عاده النبيّ صلّى الله عليه وسلّم. وهذه فتنة لم يكن الله تعالى ليمتحن بها الأعراب وأشباه الأعراب من العوامّ. وما أشك أنه قد كانت للسّدنة حيل وألطاف لمكان التكسّب. ولو سمعت أو رأيت بعض ما قد أعدّ الهند من هذه المخاريق [3] في بيوت عباداتهم، لعلمت أنّ الله تعالى قد منّ على جملة الناس بالمتكلّمين، الذين قد نشؤوا فيهم. 1791-[افتتان بعض النصارى بمصابيح كنيسة قمامة] وقد تعرف ما في عجايز النصارى وأغمارهم [4] ، من الافتنان بمصابيح كنيسة

_ [1] 6/الجن: 72، وسيكرر الجاحظ الآية ص 428 مع عرض رأي أصحاب التفسير. [2] ديوان أبي النجم العجلي 209. [3] المراد بالمخاريق: ألاعيب المشعوذين. [4] الأغمار: جمع غمر، وهو الذي لم يجرب الأمور.

1792 -[إيمان الأعراب وأشباههم بالهواتف]

قمامة. فأما علماؤهم وعقلاؤهم فليسوا بمتحاشين من الكذب الصّرف، والجراءة على البهتان البحت. وقد تعوّدوا المكابرة حتى دربوا بها الدّرب الذي لا يفطن له إلا ذو الفراسة الثّابتة، والمعرفة الثّاقبة. 1792-[إيمان الأعراب وأشباههم بالهواتف] والأعراب وأشباه الأعراب لا يتحاشون من الإيمان بالهاتف، بل يتعجّبون ممن ردّ ذلك [1] . فمن ذلك حديث الأعشى بن نبّاش بن زرارة الأسدي، أنه سمع هاتفا يقول [2] : [من الطويل] لقد هلك الفيّاض غيث بني فهر ... وذو الباع والمجد الرّفيع وذو الفخر قال: فقلت مجيبا له: [من الطويل] ألا أيّها الناعي أخا الجود والنّدى ... من المرء تنعاه لنا من بين فهر فقال: [من الطويل] نعيت ابن جدعان بن عمرو أخا النّدى ... وذا الحسب القدموس والحسب القهر [3] وهذا الباب كثير. قالوا: ولنقل الجنّ الأخبار علم الناس بوفاة الملوك، والأمور المهمة، كما تسامعوا بموت المنصور بالبصرة في اليوم الذي توفي فيه بقرب مكة. وهذا الباب أيضا كثير. 1793-[من له رئيّ من الجن] وكانوا يقولون: إذا ألف الجنّي إنسانا وتعطّف عليه، وخبّره ببعض الأخبار، وجد حسّه ورأى خياله، فإذا كان عندهم كذلك قالوا: مع فلان رئيّ من الجن. وممن يقولون ذلك فيه عمرو بن لحيّ بن قمعة، والمأمور الحارثي، وعتيبة بن الحارث بن شهاب، في ناس معروفين من ذوي الأقدار، من بين فارس رئيس، وسيّد مطاع.

_ [1] انظر مروج الذهب 2/395، الباب الخمسون. [2] الأبيات في آكام المرجان 140، والاشتقاق 142- 143. [3] القدموس: القديم.

فأما الكهّان [1] : فمثل حارثة جهينة [2] ، وكاهنة باهلة، وعزّى سلمة، ومثل شقّ، وسطيح، وأشباههم. وأما العرّاف، وهو دون الكاهن، فمثل الأبلق الأسدي، والأجلح الزهري، وعروة ابن زيد الأسدي، وعرّاف اليمامة رباح بن كحلة [3] ، وهو صاحب بنت المستنير البلتعي، وقد قال الشاعر [4] : [من الطويل] فقلت لعراف اليمامة داوني ... فإنّك إنّ أبرأتني لطبيب وقال جبيهاء الأشجعيّ: [من الوافر] أقام هوى صفيّة في فؤادي ... وقد سيّرت كلّ هوى حبيب لك الخيرات كيف منحت ودّي ... وما أنا من هواك بذي نصيب أقول وعروة الأسديّ يرقي ... أتاك برقية الملق الكذوب لعمرك ما التّثاؤب يا ابن زيد ... بشاف من رقاك ولا مجيب لسير النّاعجات أظنّ أشفى ... لما بي من طبيب بني الذّهوب [5] وليس الباب الذي يدّعيه هؤلاء من جنس العيافة والزّجر، والخطوط، والنّظر في أسرار الكفّ، وفي مواضع قرض الفار، وفي الخيلان في الجسد، وفي النظر في الأكتاف، والقضاء بالنجوم، والعلاج بالفكر. وقد كان مسيلمة يدّعي أن معه رئيّا في أوّل زمانه، ولذلك قال الشّاعر، حين وصف مخاريقه وخدعه: [من الطويل] ببيضة قارور وراية شادن ... وخلة جنّيّ وتوصيل طائر [6]

_ [1] ثمار القلوب (202) ، ومروج الذهب 2/311، والبيان 1/289- 290، وربيع الأبرار 4/341- 342. [2] في ثمار القلوب ومروج الذهب (حازية جهينة) ، وفي البيان (حازي جهينة) . [3] في ثمار القلوب (رياح بن كحيلة) ، وفي مروج الذهب (رباح بن عجلة) . [4] البيت لعروة بن حزام في ديوانه 94، والخزانة 3/214، واللسان والتاج (عرف) ، ومصارع العشاق 1/318، والأغاني 24/155، وبلا نسبة في المخصص 5/86، وثمار القلوب (200) ، ومروج الذهب 2/311. [5] الناعجات: الإبل البيض، أو السريعة. [6] تقدم مثل هذا البيت في 4/369، 374، وأوضح الجاحظ أمر البيضة في 4/370. وتحدث عن توصيل ريش الطائر في 4/371- 373.

1794 -[تعرض الشق للمسافرين وإهلاكه لهم]

ألا تراه ذكر خلّة الجني. 1794-[تعرض الشّقّ للمسافرين وإهلاكه لهم] ويقولون [1] : ومن الجنّ جنس صورة الواحد منهم على نصف صورة الإنسان، واسمه شقّ، وإنّه كثيرا ما يعرض للرّجل المسافر إذا كان وحده، فرّبما أهلكه فزعا، وربما أهلكه ضربا وقتلا. قالوا [2] : فمن ذلك حديث علقمة بن صفوان بن أميّة بن محرّث الكناني، جدّ مروان بن الحكم، خرج في الجاهلية، وهو يريد مالا له بمكة، وهو على حمار، وعليه إزار ورداء، ومعه مقرعة، في ليلة إضحيانة، حتى انتهى إلى موضع يقال له حائط حزمان، فإذا هو بشقّ له يد ورجل، وعين، ومعه سيف، وهو يقول: [من الرجز] علقم إني مقتول ... وإن لحمي مأكول أضربهم بالهذلول ... ضرب غلام شملول [3] رحب الذّراع بهلول فقال علقمة: يا شقّها مالي ولك ... اغمد عنّي منصلك [4] تقتل من لا يقتلك فقال شقّ: عبيت لك عبيت لك ... كيما أتيح مقتلك فاصبر لما قد حمّ لك قال: فضرب كلّ واحد منهما صاحبه، فخرّا ميّتين، فممّن قتلت الجنّ علقمة ابن صفوان هذا، وحرب بن أميّة. قالوا: وقالت الجنّ [5] : [من الرجز] وقبر حرب بمكان قفر ... وليس قرب قبر حرب قبر [6]

_ [1] الخبر في مروج الذهب 2/296، وربيع الأبرار 1/379. [2] الخبر مع الرجز التالي في مروج الذهب 2/296، والخبر وحده في ربيع الأبرار 1/379- 380. [3] الهذلول: عنى به سيفه. الشملول: أراد به الخفيف السريع. [4] اغمد: أراد اغمدن. المنصل: السيف. [5] الرجز في مروج الذهب 2/297، وربيع الأبرار 1/380، والعمدة 1/261، والدر المصون 7/675، ومعاهد التنصيص 1/12، والبيان 1/65. [6] يجوز في «قفر» الرفع على القطع، والجر على الصفة.

1795 -[ذكر من قتلته الجن أو استهوته]

قالوا [1] : ومن الدّليل على ذلك، وعلى أنّ هذين البيتين من أشعار الجن أن أحدا لا يستطيع أن ينشدهما ثلاث مرات متصلة، لا يتتعتع فيها، وهو يستطيع أن ينشد أثقل شعر في الأرض وأشقّه عشر مرّات ولا يتعتع. 1795-[ذكر من قتلته الجنّ أو استهوته] قال [2] : وقتلت مرداس بن أبي عامر، أبا عبّاس بن مرداس [3] ، وقتلت الغريض خنقا بعد أن غنّى بالغناء الذي كانوا نهوه عنه، وقتلت الجنّ سعد بن عبادة بن دليم، وسمعوا الهاتف يقول [4] : [من الهزج] نحن قتلنا سيّد الخزر ... ج سعد بن عباده رميناه بسهمين ... فلم نخط فؤاده واستهووا سنان بن أبي حارثة ليستفحلوه، فمات فيهم. واستهووا طالب بن أبي طالب، فلم يوجد له أثر إلى يومنا هذا [5] . واستهووا عمرو بن عديّ اللّخميّ الملك، الذي يقال فيه [6] : «شبّ عمرو عن الطّوق» ، ثمّ ردّوه على خاله جذيمة الأبرش، بعد سنين وسنين. واستهووا عمارة بن الوليد بن المغيرة، ونفخوا في إحليله فصار مع الوحش [7] . ويروون عن عبد الله بن فائد بإسناد له يرفعه، أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «خرافة رجل من عذرة استهوته الشّياطين» ، وأنّه تحدّث يوما بحديث فقالت امرأة من نسائه: هذا من حديث خرافة! قال: «لا، وخرافة حقّ» [8] .

_ [1] انظر المصادر في الحاشية السابقة. [2] مروج الذهب 2/297. [3] تقدم في 3/237، الفقرة (900) : «ويزعمون أن ثلاثة نفر هاموا على وجوههم فلم يوجدوا: طالب بن أبي طالب، وسنان بن أبي حارثة، ومرداس بن أبي عامر» . [4] البيتان في ربيع الأبرار 1/380. والمعارف 259، والعمدة 1/142، واللسان (خزم) ، والتاج (قتل، خزم) . [5] تقدم الخبر في 3/237، الفقرة (900) ، ورسائل الجاحظ 2/373. [6] المثل في مجمع الأمثال 2/137، والفاخر 73، والمستقصى 2/214، وأمثال ابن سلام 297، وجمهرة الأمثال 1/547، وانظر مروج الذهب 2/215- 217، ورسائل الجاحظ 2/372- 373. [7] رسائل الجاحظ 2/373. [8] تقدم الحديث في 1/199، الفقرة (229) ، وانظر كشف الخفا للعجلوني 1/377، وربيع الأبرار 1/382.

1796 -[طعام الجن]

1796-[طعام الجن] ورووا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنّه سأل المفقود الذي استهوته الجن: ما كان طعامهم؟ قال: الفول. قال: فما كان شرابهم؟ قال: الجدف [1] . ورووا أن طعامهم الرّمة وما لم يذكر اسم الله عليه. ورووا عن النبي صلّى الله عليه وسلّم- والحديث صحيح- أنه قال [2] : «خمّروا آنيتكم، وأوكئوا أسقيتكم وأجيفوا الأبواب، وأطفئوا المصابيح، واكففوا صبيانكم، فإن للشّياطين انتشارا وخطفة» . 1797-[ضرب المثل بقبح الشيطان] وقد قال الناس في قوله تعالى: إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ. طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ [3] ، فزعم ناس أنّ رؤوس الشياطين ثمر شجرة تكون ببلاد اليمن، لها منظر كريه. والمتكلّمون لا يعرفون هذا التّفسير، وقالوا: ما عنى إلّا رؤوس الشياطين المعروفين بهذا الاسم، من فسقة الجن ومردتهم. فقال أهل الطّعن والخلاف: كيف يجوز أن يضرب المثل بشيء لم نره فنتوهّمه، ولا وصفت لنا صورته في كتاب ناطق، أو خبر صادق. ومخرج الكلام يدلّ على التخويف بتلك الصّورة، والتفزيع منها. وعلى أنّه لو كان شيء أبلغ في الزّجر من ذلك لذكره. فكيف يكون الشأن كذلك، والناس لا يفزعون إلّا من شيء هائل شنيع، قد عاينوه، أو صوّره لهم واصف صدوق اللسان، بليغ في الوصف. ونحن لم نعاينها، ولا صوّرها لنا صادق. وعلى أنّ أكثر الناس من هذه الأمم التي لم تعايش أهل الكتابين وحملة القرآن من المسلمين، ولم تسمع الاختلاف لا يتوهّمون ذلك، ولا يقفون عليه، ولا يفزعون منه. فكيف يكون ذلك وعيدا عاما؟! قلنا [4] : وإن كنّا نحن لم نر شيطانا قطّ ولا صوّر رؤوسها لنا صادق بيده، ففي

_ [1] الحديث في النهاية 1/247، وتقدم في 1/199، الفقرة (229/2) . وفي النهاية: «الجدف: نبات يكون باليمن لا يحتاج آكله معه إلى شرب ماء» . [2] تقدم الحديث في 4/291، 5/121. [3] 65/الصافات: 37. [4] ورد قول الجاحظ في ثمار القلوب 57 (151) .

1798 -[صفة الغول والشيطان]

إجماعهم على ضرب المثل بقبح الشيطان، حتّى صاروا يضعون ذلك في مكانين: أحدهما أن يقولوا: «لهو أقبح من الشيطان» ، والوجه الآخر أن يسمّى الجميل شيطانا، على جهة التطيّر له، كما تسمّى الفرس الكريمة شوهاء، والمرأة الجميلة صمّاء، وقرناء، وخنساء، وجرباء وأشباه ذلك، على جهة التطيّر له. ففي إجماع المسلمين والعرب وكلّ من لقيناه على ضرب المثل بقبح الشيطان، دليل على أنه في الحقيقة أقبح من كل قبيح. والكتاب إنّما نزل على هؤلاء الذين قد ثبّت في طبائعهم بغاية التثبيت. وكما يقولون: «لهو أقبح من السحر» ، فكذلك يقولون، كما قال عمر بن عبد العزيز لبعض من أحسن الكلام في طلب حاجته- « «هذا والله السّحر الحلال» . وكذلك أيضا ربّما قالوا: «ما فلان إلا شيطان» على معنى الشّهامة والنّفاذ وأشباه ذلك [1] . 1798-[صفة الغول والشيطان] والعامّة تزعم أنّ الغول تتصوّر في أحسن صورة إلا أنه لا بدّ أن تكون رجلها رجل حمار [2] . وخبّروا عن الخليل بن أحمد، أنّ أعرابيّا أنشده [3] : [من البسيط] وحافر العير في ساق خدلّجة ... وجفن عين خلاف الإنس في الطول [4] وذكروا أنّ العامّة تزعم أنّ شقّ عين الشيطان بالطول. وما أظنّهم أخذوا هذين المعنين إلّا عن الأعراب. 1799-[ردّ على أهل الطعن في الكتاب] وأما إخبارهم عن هذه الأمم، وعن جهلها بهذا الإجماع والاتّفاق والإطباق، فما القول في ذلك إلّا كالقول في الزّبانية وخزنة جهنّم، وصور الملائكة الذين

_ [1] بعد هذا في ثمار القلوب (151) : «لذلك قالوا لأبي حنيفة: شيطان خرج من البحر» . وانظر التمثيل والمحاضرة 326. [2] في مروج الذهب 1/289 «ويزعمون أن رجليها رجلا عير» . [3] البيت بلا نسبة في مروج الذهب 2/291. [4] الخدلجة: الضخمة الممتلئة.

1800 -[سكنى الجن أرض وبار]

يتصوّرون في أقبح الصّور إذا حضروا لقبض أرواح الكفار، وكذلك في صور منكر ونكير، تكون للمؤمن على مثال، وللكافر على مثال. ونحن نعلم أنّ الكفار يزعمون أنهم لا يتوهّمون الكلام والمحاجّة من إنسان ألقي في جاحم أتّون فكيف بأن يلقى في نار جهنّم؟! فالحجّة على جميع هؤلاء، في جميع هذه الأبواب، من جهة واحدة. وهذا الجواب قريب. والحمد لله. وشقّ فم العنكبوت بالطول. وله ثماني أرجل. 1800-[سكنى الجن أرض وبار] وتزعم الأعراب أن الله عزّ ذكره حين أهلك الأمة التي كانت تسمّى وبار، كما أهلك طسما، وجديسا، وأميما، وجاسما، وعملاقا، وثمودا وعادا- أنّ الجنّ سكنت في منازلها وحمتها من كلّ من أرادها، وأنّها أخصب بلاد الله، وأكثرها شجرا، وأطيبها ثمرا، وأكثرها حبّا وعنبا، وأكثرها نخلا وموزا. فإن دنا اليوم إنسان من تلك البلاد، متعمّدا، أو غالطا، حثوا في وجهه التراب، فإن أبى الرّجوع خبلوه، وربّما قتلوه. والموضع نفسه باطل. فإذا قيل لهم: دلّونا على جهته، ووقّفونا على حدّه وخلاكم ذمّ- زعموا أنّ من أراد ألقي على قلبه الصّرفة، حتّى كأنهم أصحاب موسى في التّيه. وقال الشاعر [1] : [من الطويل] وداع دعا واللّيل مرخ سدوله ... رجاء القرى يا مسلم بن حمار دعا جعلا لا يهتدي لمقيله ... من اللؤم حتّى يهتدي لوبار فهذا الشاعر الأعرابيّ جعل أرض وبار مثلا في الضلال. والأعراب يتحدّثون عنها كما يتحدّثون عمّا يجدونه بالدّوّ والصّمّان، والدهناء، ورمل يبرين. وما أكثر ما يذكرون أرض وبار في الشّعر، على معنى هذا الشاعر [2] . قالوا: فليس اليوم في تلك البلاد إلّا الجنّ، والإبل الحوشيّة.

_ [1] تقدم البيتان في 5/216. [2] من ذلك قول أبي النجم: (حذار من أرماحنا حذار ... أو تجعلوا دونكم وبار) وقول الأعشى: (وكرّ دهر على وبار ... فهمدت جمهرة وبار) انظر ما بنته العرب على فعال 50- 51.

1801 -[الحوشية من الإبل]

1801-[الحوشية من الإبل] والحوش من الإبل عندهم هي التي ضربت فيها فحول إبل الجن. فالحوشيّة من نسل إبل الجن. والعيديّة، والمهرية، والعسجديّة، والعمانية، قد ضربت فيها الحوش. وقال رؤبة [1] : [من الرجز] جرّت رحانا من بلاد الحوش وقال ابن هريم: [من الطويل] كأنّي على حوشيّة أو نعامة ... لها نسب في الطّير وهو ظليم وإنما سمّوا صاحبة يزيد بن الطّثرية «حوشيّة» على هذا المعنى. 1802-[التحصّن من الجنّ] وقال بعض أصحاب التفسير في قوله تعالى: وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً [2] : إنّ جماعة من العرب كانوا إذا صاروا في تيه من الأرض، وتوسّطوا بلاد الحوش، خافوا عبث الجنّان والسّعالي والغيلان والشياطين، فيقوم أحدهم فيرفع صوته: إنا عائذون بسيّد هذا الوادي! فلا يؤذيهم أحد، وتصير لهم بذلك خفارة [3] . 1803-[الصرع والاستهواء] [4] وهم يزعمون أن المجنون إذا صرعته الجنّيّة، وأنّ المجنونة إذا صرعها الجنيّ- أنّ ذلك إنما هو على طريق العشق والهوى، وشهوة النّكاح، وأن الشيطان يعشق المرأة منّا، وأنّ نظرته إليها من طريق العجب بها أشدّ عليها من حمّى أيام، وأنّ عين الجانّ أشدّ من عين الإنسان. قال: وسمع عمرو بن عبيد، رضي الله عنه، ناسا من المتكلّمين ينكرون صرع الإنسان للإنسان، واستهواء الجنّ للإنس، فقال وما ينكرون من ذلك وقد سمعوا قول

_ [1] ديوان رؤبة 78، واللسان والتاج والأساس (حوش) ، والتهذيب 5/142، والمجمل 2/122، والمقاييس 2/119، وتقدم في 1/103، نهاية الفقرة (122) . [2] 6/الجن: 72. [3] خفارة: ذمة. [4] انظر هذه الفقرة في رسائل الجاحظ 2/372.

1804 -[زعم العرب أن الطاعون طعن من الشيطان]

الله عزّ ذكره في أكلة الرّبا، وما يصيبهم يوم القيامة، حيث قال: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِ [1] . ولو كان الشّيطان لم يخبط أحدا لما ذكر الله تعالى به أكلة الرّبا. فقيل له: ولعلّ ذلك كان مرّة فذهب. قال: ولعله قد كثر فازداد أضعافا. قال: وما ينكرون من الاستهواء بعد قوله تعالى: كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرانَ [2] . 1804-[زعم العرب أن الطاعون طعن من الشيطان] قال [3] : والعرب تزعم أن الطاعون طعن من الشيطان، ويسمّون الطّاعون رماح الجنّ. قال الأسديّ للحارث الملك الغسّاني [4] : [من الوافر] لعمرك ما خشيت على أبيّ ... رماح بني مقيّدة الحمار ولكني خشيت على أبيّ ... رماح الجنّ أو إياك حار يقول: لم أكن أخاف على أبيّ مع منعته وصرامته، أن يقتله الأنذال، ومن يرتبط العير دون الفرس، ولكني إنما كنت أخافك عليه، فتكون أنت الذي تطعنه أو يطعنه طاعون الشّام. وقال العمانيّ يذكر دولة بني العبّاس [5] : [من الرجز] قد دفع الله رماح الجن ... وأذهب العذاب والتّجنّي [6] وقال زيد بن جندب الإياديّ [7] : [من الطويل] ولولا رماح الجنّ ما كان هزهم ... رماح الأعادي من فصيح وأعجم

_ [1] 275/البقرة: 2. [2] 71/الأنعام: 6. [3] ورد القول في ربيع الأبرار 3/382، وثمار القلوب (141) ، وتقدم في 1/234. [4] البيتان للأسدي في ربيع الأبرار 1/382- 383، ولفاختة بنت عدي في الأغاني 11/200، والحماسة البصرية 1/270، وشرح أبيات سيبويه 2/198، وبلا نسبة في مجالس ثعلب 574، والكتاب 2/357، والأساس (رمح) ، واللسان (رمح، قيد، حمر) ، والتاج (رمح، قيد) ، وثمار القلوب 53 (143) ، وتقدم البيتان في 1/234، الفقرة (252) . [5] الرجز في ثمار القلوب 53 (142) . [6] بعد الرجز في ثمار القلوب: «يريد أن ما كان بنو مروان يفعلونه من مطالبة الناس بالأموال، وتعذيب عمّال الخراج بالتعليق والتجريد والمسالّ قد ذهب» . [7] البيت لزيد بن جندب الأيادي في أساس البلاغة (رمح) .

1805 -[تصور الجن والغيلان والملائكة والناس]

ذهب إلى قول أبي دؤاد [1] : [من الخفيف] سلّط الموت والمنون عليهم ... فلهم في صدى المقابر هام يعني الطاعون الذي كان أصاب إيادا. وجاء في الحديث عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنّه ذكر الطّاعون فقال [2] : «هو وخز من عدوّكم» : وأنّ عمرو بن العاص قام في النّاس في طاعون عمواس فقال [3] : «إنّ هذا الطاعون قد ظهر، وإنما هو وخز من الشّيطان، ففرّوا منه في هذه الشّعاب» . وبلغ معاذ بن جبل، فأنكر ذلك القول عليه. 1805-[تصور الجنّ والغيلان والملائكة والناس] وتزعم العامّة أنّ الله تعالى قد ملّك الجن والشياطين والعمّار والغيلان أن يتحوّلوا في أيّ صورة شاؤوا، إلّا الغول، فإنّها تتحوّل في جميع صورة المرأة ولباسها، إلّا رجليها، فلا بدّ من أن تكون رجلي حمار [4] . وإنما قاسوا تصوّر الجن على تصوّر جبريل عليه السلام في صورة دحية بن خليفة الكلبي [5] ، وعلى تصوّر الملائكة الذين أتوا مريم [6] ، وإبراهيم، ولوطا، وداود عليهم السلام في صورة الآدميّين، وعلى ما جاء في الأثر من تصوّر إبليس في صورة سراقة بن مالك بن جعشم [7] ، وعلى تصوّره في صورة الشيخ النجدي [8] . وقاسوه على تصوّر ملك الموت إذا حضر لقبض أرواح بني آدم، فإنه عند ذلك يتصوّر على قدر الأعمال الصالحة والطالحة. قالوا [9] : وقد جاء في الخبر أنّ من الملائكة من هو في صورة الرّجال، ومنهم

_ [1] ديوان أبي دؤاد 339، والأصمعيات 187، واللسان (منن، صدى) ، والتاج (منن) ، والتهذيب 3/302، وبلا نسبة في التاج (هيم) ، واللسان (هوم) . [2] أخرجه الإمام أحمد في المسند 4/395، 413، من رواية أبي موسى الأشعري، وتقدم في 1/234. [3] ورد حديث عمرو بن العاص في ثمار القلوب 43 (141) ، والنهاية 5/163. [4] تقدم القول ص 426، وانظر مروج الذهب 2/289. [5] جاء جبريل على صورته في غزوة بني قريظة. انظر ثمار القلوب (138) . [6] إشارة إلى الآية 17 من سورة مريم فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا. [7] ثمار القلوب (138) ، وطبقات ابن سعد 4/366، 5/90، والإصابة 3/69 (رقم 3109) . [8] انظر ما تقدم ص 399. [9] ورد هذا القول في ربيع الأبرار 1/372.

1806 -[أحاديث في إثبات الشيطان]

من هو في صورة الثّيران، ومنهم من هو في صورة النسور. ويدلّ على ذلك تصديق النبى صلّى الله عليه وسلّم لأميّة بن أبي الصّلت، حين أنشد [1] : [من الكامل] رجل وثور تحت رجل يمينه ... والنّسر للأخرى وليث مرصد قالوا: فإذ قد استقام أن تختلف صورهم وأخلاط أبدانهم، وتتفق عقولهم وبيانهم واستطاعتهم، جاز أيضا أن يكون إبليس والشّيطان والغول أن يتبدلوا في الصّور من غير أن يتبدلوا في العقل والبيان والاستطاعة. قالوا: وقد حوّل الله تعالى جعفر بن أبي طالب طائرا، حتى سماه المسلمون الطّيّار [2] ، ولم يخرجه ذلك من أن نراه غدا في الجنة، وله مثل عقل أخيه علي رضي الله عنهما، ومثل عقل عمه حمزة رضي الله تعالى عنه، مع المساواة بالبيان والخلق. 1806-[أحاديث في إثبات الشيطان] قالوا: وقد جاء في الأثر النهي عن الصّلاة في أعطان الإبل، لأنّها خلقت من أعنان الشياطين [3] . وجاء أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم نهى عن الصّلاة عند طلوع الشّمس حتى طلوعها، فإنّها بين قرني شيطان [4] . وجاء أنّ الشياطين تغلّ في رمضان. فكيف تنكر ذلك مع قوله تعالى في القرآن. وَالشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ. وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ [5] . ولشهرة ذلك في العرب، في بقايا ما ثبتوا عليه من دين إبراهيم عليه السّلام، قال النابغة الذبياني [6] : [من البسيط]

_ [1] ديوان أمية بن أبي الصلت 365. [2] انظر ما تقدم 1/26، س 14- 15، 3/112، الفقرة (699) . [3] في النهاية 3/313: «لا تصلوا في أعطان الإبل؛ لأنها خلقت من أعنان الشياطين» . أي كأنها من نواحي الشياطين في أخلاقها وطبائعها. وفي حديث آخر في النهاية 3/258: «صلّوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في أعطان الإبل» . وتقدم الحديث في 1/101، الفقرة (119) . [4] النهاية 2/475، وتقدم في 1/101، الفقرة (120) . [5] 37- 38/ص: 38. [6] ديوان النابغة الذبياني 20- 21، والأول في اللسان والتاج (حدد) ، والعين 8/49، والمقاييس-

إلا سليمان إذ قال الإله له ... قم في البريّة فاحددها عن الفند [1] وخيّس الجنّ إنّي قد أذنت لهم ... يبنون تدمر بالصّفّاح والعمد [2] فمن عصاك فعاقبه معاقبة ... تنهى الظّلوم ولا تقعد على ضمد [3] وجاء في قتل الأسود البهيم من الكلاب، وفي ذي النّكتتين، وفي الحية ذات الطّفيتين [4] ، وفي الجانّ [5] . وجاء: «لا تشربوا من ثلمة الإناء، فإنّه كفل الشّيطان» [6] . وفي العاقد شعره في الصلاة: «إنّه كفل الشيطان» . وأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «تراصّوا بينكم في الصلاة، لا تتخللكم الشّياطين كأنّها بنات حذف» [7] . وأنّه نهى عن ذبائح الجن [8] . ورووا: «أن امرأة أتت إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقالت: إنّ ابني هذا، به جنون يصيبه عند الغداء والعشاء قال: فمسح النبيّ صلّى الله عليه وسلّم صدره، فثعّ ثعة فخرج من جوفه جرو أسود يسعى» .

_ - 2/3، والمجمل 2/6، والتهذيب 3/420، وتقدم تخريج البيت الثاني ص 412. والثالث في اللسان والتاج والأساس (ضمد) ، والتنبيه والإيضاح 2/33، والمقاييس 3/370، وكتاب الجيم 2/203، والمجمل 3/289، والجمهرة 659، والمخصص 13/22، والتهذيب 12/6، والعين 1/180، 7/24. [1] في ديوانه: «احددها: امنعها. والفند: الخطأ في القول والفعل وغير ذلك مما يفند عليه صاحبه ويلام. ومعنى قوله: قم في البرية؛ أي انظر في مصالحها واجتهد في إرشادها» . [2] تقدم شرح البيت ص 412. [3] في ديوانه: «الضمد: الذل والغيظ والحقد، وقيل: هو الظلم، وقيل: هو شدة الغضب والحقد، أي لا تنطوي على حقد وغضب إلا لمن هو مثلك في الناس، أو قريب منك» . [4] تقدم في 2/405، الفقرة (469) : «اقتلوا من الحيات ذا الطفيتين، والكلب الأسود البهيم ذا الغرتين» . [5] في النهاية 1/308 «نهى عن قتل الجنّان» ، وهي الحيات تكون في البيوت، واحدها جان، وهو الدقيق الخفيف. والجانّ: الشيطان أيضا. [6] في النهاية 1/220، 4/192: (وحديث النخعي «أنه كره الشرب من ثلمة القدح، وقال: إنها كفل الشيطان» أراد أن الثلمة مركب الشيطان، لما يكون عليها من الأوساخ) . [7] أخرجه الإمام أحمد في المسند 4/405، 408، وهو في النهاية 1/356. الحذف: هي الغنم الصغار الحجازية، واحدتها حذفة بالتحريك، وقيل: هي صغار جرد ليس لها آذان ولا أذناب، يجاء بها من جرش اليمن. [8] أخرجه الإمام أحمد في المسند 1/289، وهو في النهاية 2/153.

1807 -[رجع إلى تفسير قصيدة البهراني]

قالوا: وقد قضى ابن علاثة القاضي بين الجنّ، في دم كان بينهم بحكم أقنعهم. 1807-[رجع إلى تفسير قصيدة البهراني] ثم رجع بنا القول إلى تفسير قصيدة البهّراني [1] : أما قوله: 10- «وتزوّجت في الشبيبة غولا ... بغزال وصدقتي زقّ خمر» فزعم أنه جعل صداقها غزالا وزقّ خمر، فالخمر لطيب الرائحة، والغزال لتجعله مركبا، فإنّ الظّباء من مراكب الجنّ. وأما قوله: 11- «ثيّب إن هويت ذلك منها ... ومتى شئت لم أجد غير بكر» كأنه قال: هي تتصوّر في أيّ صورة شاءت. 1808-[شياطين الشعراء] وأما قوله: 12- «بنت عمرو وخالها مسحل الخي ... ر وخالي هميم صاحب عمرو» فإنهم يزعمون [2] أنّ مع كلّ فحل من الشعراء شيطانا يقول ذلك الفحل على لسانه الشعر، فزعم البهراني أنّ هذه الجنّية بنت عمرو صاحب المخبّل، وأن خالها مسحل شيطان الأعشى. وذكر أن خاله هميم، وهو همّام. وهمّام هو الفرزدق. وكان غالب بن صعصعة إذا دعا الفرزدق قال: يا هميم. وأما قوله: «صاحب عمرو» فكذلك أيضا يقال إن اسم شيطان الفرزدق عمرو. وقد ذكر الأعشى مسحلا حين هجاه جهنّام فقال [3] : [من الطويل] دعوت خليلي مسحلا ودعوا له ... جهنّام جدعا للهجين المذمّم

_ [1] تقدمت القصيدة ص 358- 360. [2] من هنا حتى نهاية ص 437 نقله الثعالبي بتصرف في ثمار القلوب (145- 150) . [3] ديوان الأعشى 175، واللسان والتاج (سحل، جهنم) ، والتهذيب 4/308، وديوان الأدب 1/300، وثمار القلوب (146) .

وذكره الأعشى فقال [1] : [من الطويل] حباني أخي الجنّيّ نفسي فداؤه ... بأفيح جيّاش العشيّات مرجم [2] وقال أعشى سليم [3] : [من الطويل] وما كان جنّيّ الفرزدق قدوة ... وما كان فيهم مثل فحل المخبّل وما في الخوافي مثل عمرو وشيخه ... ولا بعد عمرو شاعر مثل مسحل وقال الفرزدق [4] ، في مديح أسد بن عبد الله: [من البسيط] ليبلغنّ أبا الأشبال مدحتنا ... من كان بالغور أو مروي خراسانا [5] كأنّها الذّهب العقيان حبّرها ... لسان أشعر خلق الله شيطانا [6] وقال: [من الطويل] فلو كنت عندي يوم قوّ عذرتني ... بيوم دهتني جنّه وأخابله فمن أجل هذا البيت، ومن أجل قول الآخر: [من الوافر] إذا ما راع جارته فلاقى ... خبال الله من إنس وجنّ زعموا أنّ الخابل النّاس. ولما قال بشّار الأعمى [7] : [من الطويل] دعاني شنقناق إلى خلف بكرة ... فقلت: اتركنّي فالتفرّد أحمد [8] يقول: أحمد في الشعر أن لا يكون لي عليه معين- فقال أعشى سليم [9] يردّ عليه: [من الطويل]

_ [1] ديوان الأعشى 175، وثمار القلوب (146) . [2] الأفيح: الواسع. وأراد سعة خطوه. المرجم: الذي يرجم الأرض بشدة وقع حوافرة. [3] البيتان في ثمار القلوب (148) . [4] ديوان الفرزدق 875، وثمار القلوب (148) . [5] مروا خراسان هما: مرو الشاهجان؛ وهي قصبة خراسان، ومرو الروذ؛ وهي قريبة من مرو الشاهجان، وهي صغيرة بالنسبة إلى الأولى (معجم البلدان 5/112) . الغور: جبال وولاية بين هراة وغزنة، وهي بلاد باردة واسعة موحشة (معجم البلدان 4/218) . [6] العقيان: الخالص. [7] ديوان بشار 4/53، وثمار القلوب (147) . [8] في ثمار القلوب: «شيصبان وشنقناق: رئيسان عظيمان من الجن؛ بزعمهم» . [9] البيت في ثمار القلوب (147) .

1809 -[كلاب الجن]

إذا ألف الجنّيّ قردا مشنّفا ... فقل لخنازير الجزيرة أبشري فجزع بشّار من ذلك جزعا شديدا، لأنّه كان يعلم مع تغزّله أنّ وجهه وجه قرد. وكان أوّل ما عرف من جزعه من ذكر القرد، الذي رأوا منه حين أنشدوه بيت حمّاد [1] : [من الهزج] ويا أقبح من قرد ... إذا ما عمي القرد وأما قوله: 13- «ولها خطّة بأرض وبار ... مسحوها فكان لي نصف شطر» [2] فإنما ادّعى الرّبع من ميراثها، لأنه قال: 21- «تركت عبدلا ثمال اليتامى ... وأخوه مزاحم كان بكري» 22- «وضعت تسعة وكانت نزورا ... من نساء في أهلها غير نزر» [3] وفي أنّ مع كلّ شاعر شيطانا يقول معه، قول أبي النجم [4] : [من الرجز] إني وكلّ شاعر من البشر ... شيطانه أنثى وشيطاني ذكر وقال آخر [5] : [من الرجز] إني وإن كنت صغير السّنّ ... وكان في العين نبوّ عنّي فإنّ شيطاني كبير الجنّ 1809-[كلاب الجن] وأما قول عمرو بن كلثوم [6] : [من الوافر]

_ [1] البيت في طبقات ابن المعتز 25، 67، والأغاني 14/333، 329، والبيان 1/30، والمؤتلف 235، والشعر والشعراء 758، وتقدم في 4/294. [2] انظر ما تقدم من القول عن أرض وبار ص 427. [3] النزور: القليلة الولد. [4] ديوان أبي النجم العجلي 104- 105، والأغاني 10/153، والحماسة البصرية 1/80، وثمار القلوب (148) ، والشعر والشعراء 603، وديوان المعاني 1/113، وتقدم الرجز في 1/198، الفقرة (228) . [5] الرجز لأمية بن كعب في الوحشيات 119، وبلا نسبة في الخصائص 1/217، وثمار القلوب 56 (148) ، وتقدم في 1/198. [6] البيت من معلقته في شرح القصائد السبع 390، والتاج (هقق) ، وثمار القلوب (144) ، وربيع الأبرار 1/383، وتقدم في 1/234.

1810 -[أرض الجن]

وقد هرّت كلاب الجنّ منا ... وشذّبنا قتادة من يلينا فإنهم يزعمون أنّ كلاب الجنّ هم الشعراء. 1810-[أرض الجن] وأما قوله: 14- «أرض حوش وجامل عكنان ... وعروج من المؤبّل دثر» فأرض الحوش هي أرض وبار، وقد فسّرنا تأويل الحوش [1] ، والعكنان: الكثير الذي لا يكون فوقه عدد. قوله: «عروج» جمع عرج. والعرج: ألف من الإبل نقص شيئا أو زاد شيئا. و «المؤبّل» من الإبل، يقال إبل مؤبّلة، ودراهم مدرهمة، وبدر مبدّرة، مثل قوله تعالى: وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ [2] وأما قوله: «دثر» فإنهم يقولون: مال دثر، ومال دبر، ومال حوم: إذا كان كثيرا. 1811-[استراق السمع] وأما قوله: 16- «ونفوا عن حريمها كلّ عفر ... يسرق السّمع كلّ ليلة بدر» فالعفر هو العفريت، وجعله لا يسرق السمع إلا جهارا في أضوإ ما يكون البدر، من شدّة معاندته، وفرط قوته. 1812-[الشنقناق والشيصبان] وأما قوله: 17- في فتوّ من الشّنقناق غرّ ... ونساء من الزّوابع زهر» الزوابع: بنو زوبعة الجنّيّ، وهم أصحاب الرّهج والقتام والتّثوير وقال راجزهم: [من الرجز] إنّ الشياطين أتوني أربعه ... في غبش الليل وفيهم زوبعه فأما شنقناق وشيصبان، فقد ذكرهما أبو النجم [3] : [من الرجز] لابن شنقناق وشيصبان

_ [1] انظر ما تقدم ص 427. [2] 14/آل عمران: 3. [3] ديوان أبي النجم 221.

1813 -[شياطين الشام والهند]

فهذان رئيسان ومن آباء القبائل. وقد قال شاعرهم [1] : [من المتقارب] إذا ما ترعرع فينا الغلام ... فليس يقال له من هوه إذا لم يسد قبل شدّ الإزار ... فذلك فينا الذي لا هوه ولي صاحب من بني الشّيصبا ... ن فطورا أقول وطورا هوه وهذا البيت أيضا يصلح أن يلحق في الدّليل على أنهم يقولون: إن مع كلّ شاعر شيطانا. ومن ذلك قول بشّار الأعمى [2] : [من الطويل] دعاني شنقناق إلى خلف بكرة ... فقلت: اتركنّي فالتّفرّد أحمد 1813-[شياطين الشام والهند] قال: وأصحاب الرّقى والأخذ والعزائم، والسّحر، والشّعبذة، يزعمون أنّ العدد والقوّة في الجنّ والشياطين لنازلة الشام والهند، وأنّ عظيم شياطين الهند يقال له: تنكوير [3] ، وعظيم شياطين الشام يقال له: دركاذاب [3] . وقد ذكرهما أبو إسحاق في هجائه محمد بن يسير، حين ادّعى هذه الصناعة فقال: [من الخفيف] قد لعمري جمعت مل آصفيّا ... ت ومن سفر آدم والجراب [4] وتفرّدت بالطوالق والهي ... كل والرّهنبات من كلّ باب وعلمت الأسماء كيما تلاقي ... زحلا والمرّيخ فوق السّحاب واستثرت الأرواح بالبحر يأتي ... ن لصرع الصّحيح بعد المصاب جامعا من لطائف الدّنهشيّا ... ت كبوسا نمّقتها في كتاب [5] ثم أحكمت متقن الكرويّا ... ت وفعل الناريس والنجاب ثمّ لم تعيك الشعابيذ والخد ... مة والإحتفاء بالطلاب [6] بالخواتيم والمناديل والسّع ... ي بتنكوير ودركاذاب

_ [1] الأبيات لحسان بن ثابت في ديوانه 483- 484، وثمار القلوب 55 (146) ، واللسان (شصب) ، ورسائل الجاحظ 1/299، والجمهرة 235، والمزهر 2/492. [2] تقدم البيت ص 434. [3] ذكرهما الجاحظ في 1/203، الفقرة (233) ، وانظر آخر الشعر التالي. [4] الآصفيات: نسبة إلى آصف كاتب سليمان عليه السّلام. [5] الدنهشيات: نسبة إلى دنهش، أحد آباء الجن. انظر الفهرست 341. [6] لم تعيك: لم تعجزك.

1814 -[قتل الغول بضربة واحدة]

1814-[قتل الغول بضربة واحدة] وأما قوله: 20- «ضربت فردة فصارت هباء ... في محاق القمير آخر شهر» فإنّ الأعراب والعامّة تزعم أن الغول إذا ضربت ضربة ماتت، إلّا أن يعيد عليها الضّارب قبل أن تقضي ضربة أخرى، فإنّه إن فعل ذلك لم تمت. وقال شاعرهم: [من الكامل] فثنّيت والمقدار يحرس أهله ... فليت يميني قبل ذلك شلّت وأنشد لأبي البلاد الطّهويّ [1] : [من الوافر] لهان على جهينة ما ألاقي ... من الرّوعات يوم رحى بطان [2] لقيت الغول تسري في ظلام ... بسهب كالعباية صحصحان [3] فقلت لها كلانا نقض أرض ... أخو سفر فصدّي عن مكاني [4] فصدّت وانتحيت لها بعضب ... حسام غير مؤتشب يماني [5] فقدّ سراتها والبرك منها ... فخرّت لليدين وللجران [6] فقالت زد فقلت رويد إنّي ... على أمثالها ثبت الجنان [7] شددت عقالها وحططت عنها ... لأنظر غدوة ماذا دهاني إذا عينان في وجه قبيح ... كوجه الهرّ مشقوق اللسان ورجلا مخدج ولسان كلب ... وجلد من فراء أو شنان [8] وأبو البلاد هذا الطهوي كان من شياطين الأعراب، وهو كما ترى يكذب وهو يعلم، ويطيل الكذب ويحبّره. وقد قال كما ترى: [من الوافر]

_ [1] الأبيات لأبي البلاد الطهوي في الحماسة البصرية 2/397، وينسب بعضها إلى تأبط شرا في نهاية الأرب 1/405، وانظر الأغاني 21/134، ومعجم البلدان (رحى بطان) . [2] رحى بطان: موضع في بلاد هذيل. [3] السهب: ما بعد من الأرض واستوى. العباية: العباءة. الصحصحان: ما استوى من الأرض. [4] النقض: المهزول. [5] المؤتشب: المخلوط، وأراد أنه خالص النسب. [6] السراة: الظهر. البرك: الصدر. الجران: باطن العنق. [7] الثبت: الثابت. الجنان: القلب. [8] المخدج: الناقص الخلق. الفراء: جمع فرو. الشنان: جمع شن، وهو القربة الخلق.

1815 -[مناكحة الجن ومحالفتهم]

فقالت زد فقلت رويد إنّي ... على أمثالها ثبت الجنان لأنّهم هكذا يقولون، يزعمون أنّ الغول تستزيد بعد الضّربة الأولى لأنّها تموت من ضربة، وتعيش من ألف ضربة [1] . 1815-[مناكحة الجنّ ومحالفتهم] وأمّا قوله: 23- «غلبتني على النّجابة عرسي ... بعد أن طال في النجابة ذكري 24- وأرى فيهم شمائل إنس ... غير أنّ النّجار صورة عفر» فإنّه يقول: لما تركّب الولد منّي ومنها كان شبهها فيه أكثر. وقال عبيد بن أيّوب [2] : [من الطويل] أخو قفرات حالف الجنّ وانتفى ... من الإنس حتّى قد تقضّت وسائله له نسب الإنسيّ يعرف نجله ... وللجنّ منه خلقه وشمائله وقال [3] : [من الطويل] وصار خليل الغول بعد عداوة ... صفيّا وربّته القفار البسابس فليس بجنّيّ فيعرف نجله ... ولا أنسيّ تحتويه المجالس يظلّ ولا يبدو لشيء نهاره ... ولكنّه ينباع واللّيل دامس [4] قال: وقال القعقاع بن معبد بن زرارة، في ابنه عوف بن القعقاع: والله لما أرى من شمائل الجنّ في عوف أكثر ممّا أرى فيه من شمائل الإنس!. وقال مسلمة بن محارب: حدّثني رجل من أصحابنا قال: خرجنا في سفر ومعنا رجل، فانتهينا إلى واد، فدعونا بالغداء، فمدّ رجل يده إلى الطعام، فلم يقدر عليه- وهو قبل ذلك يأكل معنا في كلّ منزل- فاشتدّ اغتمامنا لذلك، فخرجنا نسأل عن حاله، فتلقّانا أعرابيّ فقال: ما لكم؟ فأخبرناه خبر الرّجل، فقال: ما اسم

_ [1] ورد هذا القول في الحماسة البصرية 2/398. [2] البيتان في أشعار اللصوص 225- 226، والحماسة البصرية 1/36، والكامل 1/200 (المعارف) ، والوحشيات 30، وديوان المعاني 1/113. [3] الأبيات في أشعار اللصوص 222، وحماسة البحتري 411. [4] ينباع: ينطلق.

1816 -[مراكب الجن]

صاحبكم؟ قلنا: أسد قال: هذا واد قد أخذت سباعه فارحلوا، فلو قد جاوزتم الوادي استمرى الرّجل وأكل. 1816-[مراكب الجن] وأمّا قوله [1] : 25- «وبها كنت راكبا حشرات ... ملجما قنفذا ومسرج وبر 31- وأجوب البلاد تحتي ظبي ... ضاحك سنّه كثير التمرّي 32- مولج دبره خواية مكو ... وهو باللّيل في العفاريت يسري» فقد أخبرنا في صدر هذا الكتاب [2] بقول الأعراب في مطايا الجن من الحشرات والوحش. وأنشد ابن الأعرابي لبعض الأعراب [3] : [من الطويل] كلّ المطايا قد ركبنا فلم نجد ... ألذّ وأشهى من مذاكي الثّعالب [4] ومن عنظوان صعبة شمّرية ... تخبّ برجليها أمام الرّكائب ومن جرذ سرح اليدين مفرّج ... يعوم برحلى بين أيدي المراكب

_ [5] ومن فارة تزداد عتقا وحدّة ... تبرّح بالخوص العتاق النّجائب [6] ومن كلّ فتلاء الذّراعين حرّة ... مدرّبة من عافيات الأرانب [7] ومن ورل يغتال فضل زمامه ... أضرّ به طول السّرى في السّباسب قال ابن الأعرابي: فقلت له: أترى الجن كانت تركبها، فقال: أحلف بالله لقد كنت أجد بالظّباء التّوقيع في ظهورها؟ والسّمة في الآذان. وأنشد [8] : [من الطويل] كلّ المطايا قد ركبنا فلم نجد ... ألذّ وأشهى من ركوب الجنادب [1] يقصد قصيدة البهراني التي تقدمت ص 359. [2] انظر ص 340- 341. [3] البيتان (1- 2) في التاج (عضرفط) ، والعين 2/346، والأول في اللسان والتاج (سرب) . [4] المذاكي: جمع مذكّي؛ وهو المسن. [5] السرح: المنسرح السهل. يعوم: يسرع في سيره. [6] العتق: السبق. الحدة: النشاط والسرعة. تبرح بها: تجهدها. الخوص: الإبل قد غارت عيونها. [7] الفتلاء: التي بان ذراعها عن جنبها. العافيات: الطويلات الشعر. [8] البيتان (1- 2) في الحماسة البصرية 2/399، والتاج (عضرفط، سرب) ، واللسان (سرب) ، والعين 2/346.

ومن عضرفوط حطّ بي فأقمته ... يبادر وردا من عظاء قوارب [1] وشرّ مطايا الجنّ أرنب خلّة ... وذئب الغضا أوق على كلّ صاحب [2] ولم أر فيها مثل قنفذ برقة ... يقود قطارا من عظام العناكب وقد فسّرنا قولهم في الأرانب، لم لا تركب، وفي أرنب الخلّة، وقنفذ البرقة. وحدثني أبو نواس قال: بكرت إلى المربد، ومعي ألواحي أطلب أعرابيّا فصيحا، فإذا في ظلّ دار جعفر أعرابيّ لم أسمع بشيطان أقبح منه وجها، ولا بإنسان أحسن منه عقلا. وذلك في يوم لم أر كبرده بردا، فقلت له: هلّا قعدت في الشمس! فقال: الخلوة أحبّ إليّ! فقلت له مازحا: أرأيت القنفذ إذا امتطاه الجنيّ وعلا به في الهواء، هل القنفذ يحمل الجنّيّ أم الجنّيّ يحمل القنفذ؟ قال: هذا من أكاذيب الأعراب، وقد قلت في ذلك شعرا. قلت فأنشدنيه. فأنشدني بعد أن كان قال لي: قلت هذا الشعر وقد رأيت ليلة قنفذا ويربوعا يلتمسان بعض الرّزق: [من الطويل] فما يعجب الجنّان منك عدمتهم ... وفي الأسد أفراس لهم ونجائب أتسرج يربوع وتلجم قنفذا ... لقد أعوزتهم ما علمت المراكب فإن كانت الجنّان جنّت فبالحرى ... ولا ذنب للأقدار والله غالب وما الناس إلا خادع ومخدّع ... وصاحب إسهاب وآخر كاذب قال: فقلت له: قد كان ينبغي أن يكون البيت الثالث والرابع بيت آخر. قال: كانت والله أربعين بيتا، ولكنّ الحطمة [3] والله حطمتها. قال: فقلت: فهل قلت في هذا الباب غير هذا؟ قال: نعم، شيء قلته لزوجتي، وهو والله عندها أصدق شيء قلته لها: [من الطويل] أراه سميعا للسّرار كقنفذ ... لقد ضاع سرّ الله يا أمّ معبد [4] قال: فلم أصبر أن ضحكت. فغضب وذهب.

_ [1] العضرفوط: ضرب من العظاء، والعظاء جمع عظاية؛ وهي دويبة على خلق سام أبرص. الورد: ما ورد من جماعة الطير والإبل. القوارب: جمع قارب، وهو طالب الماء ليلا. [2] الخلة: ما فيه حلاوة من المرعى. الأوق: الثقل والشؤم. [3] الحطمة: السنة الجدب. [4] السرار: المسارة بالحديث.

1817 -[شعر فيه ذكر الغول]

1817-[شعر فيه ذكر الغول] ويكتب مع شعر أبي البلاد الطّهوي: [من الطويل] فمن لا مني فيها فواجه مثلها ... على غرّة ألقت عطافا ومئزرا [1] لها ساعدا غول، ورجلا نعامة ... ورأس كمسحاة اليهوديّ أزعرا [2] وبطن كأثناء المزادة رفّعت ... جوانبه أعكانه وتكسّرا [3] وثديان كالخرجين نيطت عراهما ... إلى جؤجؤ جاني الترائب أزورا [4] قال: كان أبو شيطان، واسمه إسحاق بن رزين، أحد بني السّمط سمط جعدة ابن كعب، فأتاهم أمير فجعل ينكب [5] عليهم جورا، وجعل آخر من أهل بلده ينقب [6] عليهم: أي يكون عليهم نقيبا، فجعل يقول: [من الرجز] يا ذا الذي نكبنا ونقبا ... زوّجه الرّحمن غولا عقربا جمّع فيها ماله ولبلبا ... لبالب التّيس إذا تهبهبا [7] حتّى إذا ما استطربت واستطربا ... عاين أشنا خلق ربّي زرنبا [8] ذات نواتين وسلع أسقبا [9] يعني فرجها ونواتها. يقول. لم تختن. 1818-[جنون الجن وصرعهم] وأما قوله [10] : فإن كانت الجنّان جنّت فبالحرى

_ [1] العطاف: الرداء. [2] المسحاة: المجرفة من الحديد. [3] أثناء المزادة: ما تعوج منها. الأعكان: جمع عكنة، وهي طي البطن. [4] الجؤجؤ: الصدر. الجاني: من الجنأ، ورجل أجنأ: أقعس، وهو الذي خرج صدره ودخل ظهره. الترائب: أطراف أضلاع الصدر. الزّور: ميل في وسط الصدر. [5] نكب عليهم: صار منكبا. والمنكب: العريف. [6] نقب عليهم: صار نقيبا. والنقيب: كالعريف على القوم الذي ينقب عن أحوالهم؛ أي يفتش. [7] لبالب الغنم: صوتها وجلبتها. [8] أشنأ: أقبح منظرا. الزرنب: فرج المرأة، أو لحم ظاهره. [9] السلع: الشق يكون في الجلد، وأراد به الفرج. أسقبا: قرّب. [10] انظر ما تقدم في الصفحة السابقة.

1819 -[شعر فيه ذكر الجنون]

فإنهم قد يقولون في مثل هذا، وقد قال دعلج بن الحكم [1] : [من الطويل] وكيف يفيق الدهر كعب بن ناشب ... وشيطانه عند الأهلّة يصرع 1819-[شعر فيه ذكر الجنون] وأنشدني عبد الرحمن بن منصور الأسيديّ قبل أن يجنّ: [من الطويل] جنونك مجنون ولست بواجد ... طبيبا يداوي من جنون جنون [2] وأنشدني يومئذ [3] : [من الطويل] أتوني بمجنون يسيل لعابه ... وما صاحبي إلا الصّحيح المسلّم وفيما يشبه الأول يقول ابن ميّادة [4] : [من الطويل] فلما أتاني ما تقول محارب ... تغنّت شياطيني وجنّ جنونها وحاكت لها ممّا أقول قصائدا ... ترامت بها صهب المهاري وجونها وقال في التّمثيل [5] : [من الخفيف] إنّ شرخ الشّباب والشّعر الأس ... ود ما لم يعاص كان جنونا وقال الآخر [6] : [من البسيط] قالت عهدتك مجنونا فقلت لها ... إنّ الشّباب جنون برؤه الكبر وما أحسن ما قال الشّاعر حيث يقول [7] : [من الطويل] فدقّت وجلّت واسبكرّت وأكملت ... فلو جنّ إنسان من الحسن جنّت وما أحسن ما قال الآخر [8] : [من الكامل]

_ [1] البيت في الشعر والشعراء 438 (ليدن) ، والخزانة 3/446 (بولاق) . وانظر للصرع عند الأهلة 5/479. [2] تقدم البيت في 3/56، الفقرة (605) . [3] تقدم البيت في 3/56، الفقرة (604) ، مسبوقا بقوله: «مما أنشدنيه أبو الأصبغ بن ربعي» . [4] ديوان ابن ميادة 231، وتقدم البيت الأول في 1/198. [5] البيت لحسان بن ثابت في ديوانه 473، وتقدم مع تخريج واف في 3/55، الفقرة (604) . [6] البيت لابن أبي فنن في ديوانه 161، وعيون الأخبار 2/320، والعقد الفريد 3/57، وللعتبي في الحماسة الشجرية 184، 245، وبلا نسبة في البيان 1/324، وعيون الأخبار 2/320. [7] البيت للشنفرى كما تقدم في 3/55، الفقرة (604) . [8] الأبيات لجميل بثينة في ديوانه 198، والبرصان 349، ولابن الطثرية في ديوانه 106، ولعبيد بن أيوب في أشعار اللصوص 232- 233، والثالث له في الرسالة الموضحة 38، وأخبار أبي تمام 33، والأبيات بلا نسبة في الوحشيات 268، وتقدمت بلا نسبة في 3/55، الفقرة (604) .

حمراء تامكة السّنام كأنّها ... جمل بهودج أهله مظعون جادت بها عند الغداة يمينه ... كلتا يدي عمرو الغداة يمين ما إن يجود بمثلها في مثلها ... إلّا كريم الخيم أو مجنون وقال الجميح [1] : [من البسيط] لو أنّني لم أنل منكم معاقبة ... إلّا السّنان لذاق الموت مظعون أو لا ختطبت فإني قد هممت به ... بالسّيف إنّ خطيب السّيف مجنون وأنشد [2] : [من الوافر] هم أحموا حمى الوقبى بضرب ... يؤلّف بين أشتات المنون فنكّب عنهم درء الأعادي ... وداووا بالجنون من الجنون وأنشدني جعفر بن سعيد: [من البسيط] إنّ الجنون سهام بين أربعة ... الرّيح والبحر والإنسان والجمل وأنشدني أيضا: [من البسيط] احذر مغايظ أقوام ذوي حسب ... إنّ المغيظ جهول السّيف مجنون وأنشدني أبو تمام الطائي [3] : [من البسيط] من كلّ أصلع قد مالت عمامته ... كأنّه من حذار الضّيم مجنون وقال القطاميّ [4] : [من البسيط] يتبعن سامية العينين تحسبها ... مجنونة أو ترى ما لا ترى الإبل وقال في المعني الأوّل الزّفيان العوافيّ [5] : [من الرجز] أنا العوافيّ فمن عاداني ... أذقته بوادر الهوان حتّى تراه مطرق الشّيطان

_ [1] تقدمت الأبيات في 3/54، الفقرة (604) ، مع نسبتها إلى ابن الطثرية. [2] البيتان لأبي الغول الطهوي في الأمالي 1/260، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 40، والسمط 580، والخزانة 6/433، 8/314، والشعر والشعراء 257 (ليدن) ، والأول في معجم البلدان 5/380 (الوقبى) ، وتقدما في 3/54، الفقرة (604) . [3] البيت للأشهب بن رميلة في ديوانه 244، وتقدم في 3/54، الفقرة (604) . [4] ديوان القطامي 27، وتقدم في 3/55، الفقرة (604) . [5] الرجز في ثمار القلوب 56 (149) .

1820 -[أحاديث الفلاة]

وقال مروان بن محمد: [من الكامل] وإذا تجنّن شاعر أو مفحم ... أسعطته بمرارة الشيطان وقال ابن مقبل [1] : [من الطويل] وعندي الدّهيم لو أحلّ عقالها ... فتصعد لم تعدم من الجنّ حاديا وقد صغّر «الدّهيم» ليس على التحقير، ولكن هذا مثل قولهم: «دبّت إليهم دويهية الدهر» . 1820-[أحاديث الفلاة] وقال أبو إسحاق: وأما قول ذي الرّمّة [2] : [من الطويل] إذا حثّهنّ الرّكب في مدلهمّة ... أحاديثها مثل اصطخاب الضّرائر قال أبو إسحاق: يكون في النّهار ساعات ترى الشّخص الصّغير في تلك المهامه عظيما، ويوجد الصّوت الخافض رفيعا، ويسمع الصّوت الذي ليس بالرّفيع مع انبساط الشّمس غدوة من المكان البعيد؛ ويوجد لأوساط الفيافي والقفار والرّمال والحرار، في أنصاف النّهار، مثل الدّويّ من طبع ذلك الوقت وذلك المكان. عند ما يعرض له. ولذلك قال ذو الرّمّة [3] : [من الطويل] إذا قال حادينا لتشبيه نبأة ... صه لم يكن إلا دويّ المسامع [4] قالوا: وبالدّويّ سميّت دوّيّة وداوية، وبه سمّي الدوّ دوّا 1821-[عزيف الجنان وتغوّل الغيلان] وكان أبو إسحاق يقول في الذي تذكر الأعراب من عزيف الجنان، وتغوّل الغيلان: أصل هذا الأمر وابتداؤه، أنّ القوم لما نزلوا بلاد الوحش، عملت فيهم

_ [1] ديوان ابن مقبل 412 (288) ، والعمدة 2/168، ومجمع الأمثال 1/156، 379، وبلا نسبة في الرسالة الموضحة 60. [2] ديوان ذي الرمة 1696. [3] ديوان ذي الرمة 791، والتهذيب 5/349، والجمهرة 145، وبلا نسبة في اللسان والتاج (صهصه) . [4] في ديوانه: «أي إذا سمع نبأة فشبهت عليه. والنبأة: الصوت الخفي. قوله: لم تكن إلا دوي المسامع؛ أي لم يكن إلا أن يسمع في المسامع دويّا» .

الوحشة [1] . ومن انفرد وطال مقامه في البلاد [2] والخلاء، والبعد من الإنس- استوحش. ولا سيّما مع قلة الأشغال والمذاكرين. والوحدة لا تقطع أيامهم إلا بالمنى أو بالتفكير. والفكر ربما كان من أسباب الوسوسة. وقد ابتلى بذلك غير حاسب، كأبي يس ومثنّى ولد القنافر [3] . وخبّرني الأعمش أنه فكّر في مسألة، فأنكر أهله عقله، حتّى حموه وداووه. وقد عرض ذلك لكثير من الهند. وإذا استوحش الإنسان تمثّل له الشّيء الصغير في صورة الكبير، وارتاب، وتفرّق ذهنه، وانتفضت أخلاطه، فرأى ما لا يرى، وسمع ما لا يسمع، وتوهم على الشيء اليسير الحقير، أنه عظيم جليل. ثمّ جعلوا ما تصوّر لهم من ذلك شعرا تناشدوه، وأحاديث توارثوها فازدادوا بذلك إيمانا. ونشأ عليه الناشئ، وربّي به الطّفل، فصار أحدهم حين يتوسّط الفيافي، وتشتمل عليه الغيظان في اللّيالي الحنادس- فعند أوّل وحشة وفزعة، وعند صياح بوم ومجاوبة صدى، وقد رأى كلّ باطل، وتوهّم كلّ زور، وربما كان في أصل الخلق والطبيعة كذّابا نفّاجا [4] ، وصاحب تشنيع وتهويل، فيقول في ذلك من الشّعر على حسب هذه الصّفة، فعند ذلك يقول: رأيت الغيلان! وكلّمت السّعلاة! ثمّ يتجاوز ذلك إلى أن يقول قتلتها، ثم يتجاوز ذلك إلى أن يقول: رافقتها ثمّ يتجاوز ذلك إلى أن يقول: تزوّجتها!! قال عبيد بن أيّوب [5] : [من الطويل] فلله درّ الغول أيّ رفيقة ... لصاحب قفر خائف متقتّر وقال [6] : [من الطويل] أهذا خليل الغول والذئب والذي ... يهيم بربّات الحجال الهراكل

_ [1] الوحشة: الخوف من الخلوة والهم. [2] البلد من الأرض: ما كان مأوى الحيوان وإن لم يكن فيه بناء. [3] القنافر: القصير. [4] النفّاج: الذي يفخر بما ليس عنده. [5] البيت في أشعار اللصوص 218، وتقدم ص 400. [6] البيت في أشعار اللصوص 228، وتقدم ص 402.

وقال [1] : [من الطويل] أخو قفرات حالف الجنّ وانتفى ... من الإنس حتّى قد تقضّت وسائله له نسب الإنسيّ يعرف نجله ... وللجنّ منه خلقه وشمائله وممّا زادهم في هذا الباب، وأغراهم به، ومدّ لهم فيه، أنهم ليس يلقون بهذه الأشعار وبهذه الأخبار إلا أعرابيّا مثلهم، وإلا عامّيّا لم يأخذ نفسه قط بتمييز ما يستوجب التّكذيب والتّصديق، أو الشّكّ، ولم يسلك سبيل التوقف والتثبّت في هذه الأجناس قطّ. وإمّا أن يلقوا راوية شعر، أو صاحب خبر، فالرّاوية كلّما كان الأعرابيّ أكذب في شعره كان أطرف عنده، وصارت روايته أغلب، ومضاحيك حديثه أكثر فلذلك صار بعضهم يدّعي رؤية الغول، أو قتلها، أو مرافقتها، أو تزويجها؛ وآخر يزعم أنّه رافق في مفازة نمرا. فكان يطاعمه ويؤاكله، فمن هؤلاء خاصّة القتّال الكلابي؛ فإنّه الذي يقول [2] : [من الطويل] أيرسل مروان الأمير رسالة ... لآتيه إني إذا لمصلّل [3] وما بي عصيان ولا بعد منزل ... ولكنّني من خوف مروان أوجل وفي باحة العنقاء أو في عماية ... أو الأدمى من رهبة الموت موئل [4] ولي صاحب في الغار هدّك صاحبا ... هو الجون إلّا أنه لا يعلّل إذا ما التقينا كان جلّ حديثنا ... صمات وطرف كالمعابل أطحل [5] تضمّنت الأروى لنا بطعامنا ... كلانا له منها نصيب ومأكل [6] فأغلبه في صنعة الزّاد إنّني ... أميط الأذى عنه ولا يتأمّل وكانت لنا قلت بأرض مضلّة ... شريعتنا لأيّنا جاء أوّل [7] كلانا عدوّ لو يرى في عدوّه ... محزّا وكلّ في العداوة مجمل [8]

_ [1] البيتان في أشعار اللصوص 225- 226، وتقدما ص 439. [2] ديوان القتال الكلابي 77، وأشعار اللصوص 525- 526. [3] مروان هو الخليفة مروان بن الحكم. [4] الباحة: الساحة. العنقاء وعماية والأدمى: مواضع. موئل: منجى. [5] الصمات: الصمت. المعابل: جمع معبلة؛ وهي النصل الطويل العريض. الأطحل: ما لونه الطلحة، وهو لون بين الغبرة والبياض. [6] الأروى: الأنثى من الوعول. [7] القلت: النقرة في الجبل تمسك الماء. [8] المجمل: المتئد المعتدل لا يفرط.

1822 -[توهم سماع الأصوات]

وأنشد الأصمعيّ [1] : [من الطويل] ظللنا معا جارين نحترس الثّأى ... يسائرني من نطفة وأسائره ذكر سبعا ورجلا، قد ترافقا، فصار كلّ واحد منهما يدع فضلا من سؤره ليشرب صاحبه. الثّأى: الفساد. وخبّر أنّ كلّ واحد منهما يحترس من صاحبه. وقد يستقيم أن يكون شعر النابغة في الحية، وفي القتيل صاحب القبر، وفي أخيه المصالح للحية أن يكون إنما جعل ذلك مثلا، وقد أثبتناه في باب الحيات [2] ، فلذلك كرهنا إعادته في هذا الموضع. فأما جميع ما ذكرناه عنهم فإنما يخبرون عنه من جهة المعاينة والتّحقيق، وإنما المثل في هذا مثل قوله: [من الرجز] قد كان شيطانك من خطّابها ... وكان شيطاني من طلّابها حينا فلمّا اعتركا ألوى بها 1822-[توهم سماع الأصوات] والإنسان يجوع فيسمع في أذنه مثل الدويّ. وقال الشاعر: [من الطويل] دويّ الفيافي رابه فكأنّه ... أميم وساري اللّيل للضّرّ معور [3] معور: أي مصحر [4] . وربما قال الغلام لمولاه: أدعوتني؟ فيقول له: لا. وإنما اعترى مسامعه ذلك لعرض، لا أنّه سمع صوتا. ومن هذا الباب قول تأبّط شرّا، أو قول قائل فيه في كلمة له [5] : [من الطويل] يظلّ بموماة ويمسي بقفرة ... جحيشا ويعروري ظهور المهالك [6]

_ [1] البيت للغنوي في الأمالي 1/236. [2] انظر ما تقدم في 4/203- 205. [3] الأميم: الذي أصيب في أم رأسه. [4] مصحر: منكشف، من قولهم: أصحر الرجل؛ إذا خرج إلى الصحراء. [5] الأبيات لتأبط شرا في الأمالي 2/138، وزهر الآداب 358، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 92، والخزانة 1/200. [6] الجحيش: المتنحي عن الناس. يعروري: يركب.

1823 -[نزول العرب بلاد الوحش والحشرات والسباع]

ويسبق وقد الرّيح من حيث ينتحي ... بمنخرق من شدّه المتدارك [1] إذا خاط عينيه كرى النّوم لم يزل ... له كالئ من قلب شيحان فاتك [2] ويجعل عينيه ربيئة قلبه ... إلى سلّة من حدّ أخضر باتك [3] إذا هزّه في عظم قرن تهلّلت ... نواجذ أفواه المنايا الضّواحك [4] يرى الإنس وحشيّ الفلاة ويهتدي ... بحيث اهتدت أمّ النجوم الشّوابك [5] 1823-[نزول العرب بلاد الوحش والحشرات والسباع] ويدلّ على ما قال أبو إسحاق، من نزولهم في بلاد الوحش وبين الحشرات والسّباع، ما رواه لنا أبو مسهر، عن أعرابيّ من بني تميم نزل ناحية الشّام، فكان لا يعدمه في كلّ ليلة أن يعضّه أو يعضّ ولده أو بعض حاشيته سبع من السباع، أو دابّة من دوابّ الأرض فقال: [من الطويل] تعاورني دين وذلّ وغربة ... ومزّق جلدي ناب سبع ومخلب وفي الأرض أحناش وسبع وحارب ... ونحن أسارى وسطها نتقلب [6] رتيلا وطبّوع وشبثان ظلمة ... وأرقط حرقوص وضمج وعقرب [7] ونمل كأشخاص الخنافس قطّب ... وأرسال جعلان وهزلى تسرّب وعثّ وحفّاث وضبّ وعربد ... وذرّ ودحّاس وفار وعقرب [7] وهرّ وظربان وسمع ودوبل ... وثرملة تجري وسيد وثعلب ونمر وفهد ثم ضبع وجيأل ... وليث يجوس الألف لا يتهيّب ولم أر آوى حيث أسمع ذكره ... ولا الدّبّ إنّ الدّبّ لا يتنسّب فأما الرّتيلا والطّبّوع، والشّبث، والحرقوص، والضّمج والعنكبوت، والخنفساء، والجعل، والعثّ، والحفّاث، والدّحّاس والظّربان، والذّئب، والثّعلب، والنمر، والفهد، والضّبع، والأسد- فسنقول في ذلك إذا صرنا إلى ذكر هذه الأبواب،

_ [1] وفد الريح: أولها. ينتحي: يعتمد. المنخرق: السريع الواسع. المتدارك: المتلاحق. [2] الكالئ: الحافظ. الشيحان: الحازم. [3] الربيئة: الرقيب. السلة: المرة من سلّ السيف. [4] القرن: الكفؤ والنظير. [5] أم النجوم: المجرة، لأنها مجتمع النجوم. [6] الحارب: الذي يقطع الطريق ويعري الناس ثيابهم. [7] انظر ما تقدم ص 328- 329.

1824 -[ملح ونوادر]

وقبل ذلك عند ذكر الحشرات. فأما الضّبّ والورل، والعقرب، والجعل، والخنفساء، والسّمع فقد ذكرنا ذلك في أوّل الكتاب. وأما قوله: «وهزلى تسرب فالهزلى هي الحيات، كما قال جرير [1] : [من الطويل] مزاحف هزلى بينها متباعد وكما قال الآخر [2] : [من الوافر] كأنّ مزاحف الهزلى عليها ... خدود رصائع جدلت تؤاما وأما قوله: [من الطويل] ولم أر آوى حيث أسمع ذكره فإنّ ابن آوى لا ينزل القفار، وإنّما يكون حيث يكون الريف. وينبغي أن يكون حيث قال هذا الشّعر توهّم أنّه ببياض نجد. وأمّا قوله: [من الطويل] ولا الدبّ إنّ الدبّ لا يتنسّب فإنّ الدبّ عندهم عجميّ، والعجميّ لا يقيم نسبه. 1824-[ملح ونوادر] ورووا في الملح أنّ فتى قال لجارية له، أو لصديقة له: ليس في الأرض أحسن منّي: ولا أملح منّي. فصار عندها كذلك. فبينا هو عندها على هذه الصّفة إذ قرع عليها الباب إنسان يريده، فاطّلعت عليه من خرق الباب، فرأت فتى أحسن النّاس وأملحهم، وأنبلهم وأتمّهم، فلمّا عاد صاحبها إلى المنزل قالت له: أو ما أخبرتني أنّك أملح الخلق وأحسنهم؟ قال: بلى! وكذلك أنا! فقالت: فقد أرادك اليوم فلان، ورأيته من خرق الباب، فرأيته أحسن منك وأملح! قال: لعمري إنّه لحسن مليح، ولكنّ له جنّيّة تصرعه في كلّ شهر مرّتين- وهو يريد بذلك أن يسقطه من عينها- قالت: أو ما تصرعه في الشّهر إلّا مرتين؟ أما والله لو أنّي جنّيّة لصرعته في اليوم ألفين!

_ [1] تقدم البيت في 4/344، وهو للّعين المنقري في الوحشيات 267، وبلا نسبة في اللسان (صوى) . [2] البيت لثمامة الكلبي كما تقدم في 344.

وهذا يدلّ على أنّ صرع الشّيطان للإنسان ليس هو عند العوامّ إلّا على جهة ما يعرفون من الجماع. ومن هذا الضّرب من الحديث ما حدّثنا به المازنيّ، قال: ابتاع فتى صلف بذّاخ [1] جارية حسناء بديعة ظريفة، فلمّا وقع عليها قال لها مرارا ويلك. ما أوسع حرك! فلمّا أكثر عليها قالت: أنت الفداء لمن كان يملؤه. فقد سمع هذا كما ترى من المكروه مثل ما سمع الأوّل. وزعموا أنّ رجلا نظر إلى امرأة حسناء ظريفة، فالحّ عليها، فقالت: ما تنظر؟ قرّة عينك، وشيء غيرك! وزعم أبو الحسن المدائني أن رجلا تبع جارية لقوم. فراوغته فلم ينقطع عنها، فحثّت في المشي فلم ينقطع عنها، فلمّا جازت بمجلس قوم قالت: يا هؤلاء، لي طريق ولهذا طريق، ومولاي ينيكني؛ فسلوا هذا ما يريد مني؟ وزعم أيضا أن سيارا البرقيّ قال: مرّت بنا جارية، فرأينا فيها الكبر والتجبّر، فقال بعضنا: ينبغي أن يكون مولى هذه الجارية ينيكها! قالت: كما يكون! فلم أسمع بكلمة عامّية أشنع ولا أدلّ على ما أرادت، ولا أقصر من كلمتها هذه. وقد قال جحشويه في شعر شبيها بهذا القول، حيث يقول: [من الوافر] تواعدني لتنكحني ثلاثا ... ولكن يا مشوم بأيّ أير فلو خطبت في صفة أير خطبة أطول من خطبة قيس بن خارجة بن سنان في شأن الحمالة- لما بلغ مبلغ قول جحشويه: «ولكن يا مشوم بأيّ أير» ، وقول الخادم: «كما يكون» . وزعموا [2] أن فتى جلس إلى أعرابيّة، وعلمت أنّه إنما جلس لينظر إلى محاسن ابنتها، فضربت بيدها على جنبها، ثم قالت: [من الوافر] علنداة يئطّ الأير فيها ... أطيط الغرز في الرّحل الجديد [3] ثم أقبلت على الفتى فقالت: [من الطويل] وما لك من غير أنّك ناكح ... بعينيك عينيها فهل ذاك نافع

_ [1] الصّلف: الغلو في الظرف والتكبر. البذاخ: المتكبر الفخور. [2] الخبر مع الشعر في عيون الأخبار 4/101، وأخبار النساء 162، وربيع الأبرار 3/162. [3] علنداة: عظيمة طويلة. يئط: يصوت. الغرز: هو للناقة مثل الحزام للفرس.

ودخل قاسم منزل الخوارزمي النخّاس، فرأى عنده جارية كأنها جانّ، وكأنها خوط بان، وكأنّها جدل عنان، وكأنه الياسمين؛ نعمة وبياضا؛ فقال لها: أشتريك يا جارية؟ فقالت: «افتح كيسك تسرّ نفسك» ودخلت الجارية منزل النخّاس، فاشتراها وهي لا تعلم ومضى إلى المنزل ودفعها الخوارزميّ إلى غلامه، فلم تشعر الجارية إلا وهي معه في جوف بيت، فلما نظرت إليه وعرفت ما وقعت فيه قالت له: ويلك! إنك والله لن تصل إليّ إلا بعد أن أموت! فإن كنت تجسر على نيك من قد أدرجوه في الأكفان فدونك! والله إن زلت منذ رأيتك، ودخلت إلى الجواري، أصف لهنّ قبحك وبليّة امرأتك بك! فأقبل عليها يكلّمها بكلام المتكلمين، فلم تقبل منه، فقال: فلم قلت لي: «افتح كيسك تسرّ نفسك» ؟ وقد فتحت كيسي فدعيني أسرّ نفسي! وهو يكلّمها وعين الجارية إلى الباب، ونفسها في توهّم الطّريق إلى منزل النخّاس. فلم يشعر قاسم حتّى وثبت وثبة إلى الباب كأنّها غزال، ولم يشعر الخوارزمي إلّا والجارية بين يديه مغشيّ عليها. فكرّ قاسم إليه راجعا وقال: ادفعها إليّ أشفي نفسي منها. فطلبوا إليه فصفح عنها، واشتراها في ذلك المجلس غلام أملح منها، فقامت إليه فقبّلت فاه، وقاسم ينظر، والقوم يتعجّبون ممّا تهيأ له وتهيّأ لها. وأما عيسى بن مروان كاتب أبي مروان عبد الملك بن أبي حمزة فإنّه كان شديد التغزّل والتّصندل [1] ، حتّى شرب لذلك النبيذ وتظرّف [2] بتقطيع ثيابه [3] وتغنّى أصواتا، وحفظ أحاديث من أحاديث العشّاق ومن الأحاديث التي تشتهيها النساء وتفهم معانيها. وكان أقبح خلق الله تعالى أنفا، حتّى كان أقبح من الأخنس، ومن الأفطس، والأجدع، فإمّا أن يكون صادق ظريفة، وإما أن يكون تزوّجها فلما خلا معها في بيت وأرادها على ما يريد الرّجل من المرأة، امتنعت، فوهب لها، ومنّاها، وأظهر تعشقها، وأراغها بكلّ حيلة. فلما لم تجب قال لها: خبّريني، ما الذي يمنعك؟ قالت: قبح أنفك وهو يستقبل عيني وقت الحاجة، فلو كان أنفك في قفاك لكان أهون عليّ! قال لها: جعلت فداك؟ الذي بأنفي ليس هو خلقة وإنّما هو ضربة ضربتها في سبيل الله تعالى. فقالت واستغربت ضحكا: أنا ما أبالي. في سبيل الله كانت أو في سبيل الشّيطان. إنّما بي قبحه. فخذ ثوابك على هذه الضّربة من الله أمّا أنا فلا.

_ [1] تصندل: تغزل مع النساء. [2] تظرف: تكلف الظرف. [3] تقطيع الثياب: تقصيرها.

باب الجد من أمر الجن

باب الجدّ من أمر الجنّ ليس هذا، حفظك الله تعالى، من الباب الذي كنّا فيه، ولكنّه كان مستراحا وجماما. وسنقول في باب من ذكر الجنّ، لتنتفع في دينك أشد الانتفاع. وهو جدّ كلّه. والكلام الأوّل وما يتلوه من ذكر الحشرات، ليس فيه جدّ إلّا وفيه خلط من هزل، وليس فيه كلام صحيح إلا وإلى جنبه خرافة، لأن هذا الباب هكذا يقع. وقد طعن قوم في استراق الشّياطين السمع بوجوه من الطّعن. فإذ قد جرى لها من الذّكر في باب الهزل ما قد جرى، فالواجب علينا أن نقول في باب الجدّ، وفيما يرد على أهل الدّين بجملة، وإن كان هذا الكتاب لم يقصد به إلى هذا الباب حيث ابتدئ. وإن نحن استقصيناه كنّا قد خرجنا من حدّ القول في الحيوان. ولكنا نقول بجملة كافية. والله تعالى المعين على ذلك. 1825-[رد على المحتجّين لإنكار استراق السمع بالقرآن] قال قوم: قد علمنا أن الشياطين ألطف لطافة، وأقلّ آفة، وأحدّ أذهانا، وأقلّ فضولا، وأخفّ أبدانا، وأكثر معرفة وأدقّ فطنة منّا. والدّليل على ذلك إجماعهم على أنّه ليس في الأرض بدعة بديعة، دقيقة ولا جليلة، ولا في الأرض معصية من طريق الهوى والشّهوة، خفيّة كانت أو ظاهرة، إلّا والشّيطان هو الدّاعي لها، والمزيّن لها، والذي يفتح باب كلّ بلاء، وينصب كلّ حبالة وخدعة. ولم تكن لتعرف أصناف جميع الشرور والمعاصي حتى تعرف جميع أصناف الخير والطّاعات. ونحن قد نجد الرّجل إذا كان معه عقل، ثمّ علم أنّه إذا نقب حائطا قطعت يده، أو أسمع إنسانا كلاما قطع لسانه، أو يكون متى رام ذلك حيل دونه ودون ما رام منه- أنّه لا يتكلّف ذلك ولا يرومه، ولا يحاول أمرا قد أيقن أنّه لا يبلغه. وأنتم تزعمون أنّ الشّياطين الذين هم على هذه الصّفة كلّما صعد منهم شيطان ليسترق السّمع قذف بشهاب نار، وليس له خواطئ، فإمّا أن يكون يصيبه،

وإمّا أن يكون نذيرا صادقا أو وعيدا إن يقدم عليه رمى به. وهذه الرّجوم لا تكون إلا لهذه الأمور. ومتى كانت فقد ظهر للشّيطان إحراق المستمع والمسترق، والموانع دون الوصول ثمّ لا نرى الأوّل ينهي الثّاني، ولا الثّاني ينهي الثّالث، ولا الثّالث ينهي الرّابع عجب. وإن كان الذي يعود غيره فكيف خفي عليه شأنهم، وهو ظاهر مكشوف؟! وعلى أنّهم لم يكونوا أعلم منّا حتّى ميّزوا جميع المعاصي من جميع الطاعات. ولولا ذلك لدعوا إلى الطّاعة بحساب المعصية، وزيّنوا لها الصّلاح وهم يريدون الفساد. فإذا كانوا ليسوا كذلك فأدنى حالاتهم أن يكونوا قد عرفوا أخبار القرآن وصدقوها، وأنّ الله تعالى محقّق ما أوعد كما ينجز ما وعد. وقد قال الله عزّ وجل: وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ [1] ، وقال تعالى: وَلَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّاها لِلنَّاظِرِينَ. وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ [2] وقال تعالى: إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ [3] وقال تعالى: هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ. يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ [4] مع قول الجنّ: أَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً [5] وقولهم: أَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً. وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً [6] . فكيف يسترق السّمع الذين شاهدوا الحالتين جميعا، وأظهروا اليقين بصحّة الخير بأنّ للمستمع بعد ذلك القذف بالشّهب، والإحراق بالنار، وقوله تعالى: إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ [7] وقوله تعالى: وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ. لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ [8] في آي غير

_ [1] 5/الملك: 67. [2] 16- 17/الحجر: 15. [3] 6- 8/الصافات: 37. [4] 221- 223/الشعراء: 26. [5] 10/الجن: 72. [6] 8- 9/الجن: 72. [7] 212/الشعراء: 26. [8] 7- 9/الصافات: 37.

هذا كثير. فكيف يعودون إلى استراق السّمع، مع تيقنهم بأنّه قد حصّن بالشهب. ولو لم يكونوا موقنين من جهة حقائق الكتاب، ولا من جهة أنّهم بعد قعودهم مقاعد السّمع لمسوا السّماء فوجدوا الأمر قد تغيّر- لكان في طول التّجربة والعيان الظّاهر، وفي إخبار بعضهم لبعض، ما يكون حائلا دون الطّمع وقاطعا دون التماس الصّعود. وبعد فأي عاقل يسرّ بأن يسمع خبرا وتقطع يده فضلا عن أن تحرقه النّار؟! وبعد فأيّ خبر في ذلك اليوم؟! وهل يصلون إلى النّاس حتّى يجعلوا ذلك الخبر سببا إلى صرف الدّعوى؟ قيل لهم: فإنّا نقول بالصّرفة في عامّة هذه الأصول. وفي هذه الأبواب، كنحو ما ألقي على قلوب بني إسرائيل وهم يجولون في التّيه، وهم في العدد وفي كثرة الأدلّاء والتجّار وأصحاب الأسفار، والحمّارين والمكارين، من الكثرة على ما قد سمعتم به وعرفتموه؛ وهم مع هذا يمشون حتّى يصبحوا، مع شدّة الاجتهاد في الدّهر الطويل، ومع قرب ما بين طرفي التّيه. وقد كان طريقا مسلوكا. وإنّما سمّوه التّيه حين تاهوا فيه، لأنّ الله تعالى حين أراد أن يمتحنهم ويبتليهم صرف أوهامهم. ومثل ذلك صنيعه في أوهام الأمة التي كان سليمان ملكها ونبيّها، مع تسخير الريح والأعاجيب التي أعطيها. وليس بينهم وبين ملكهم ومملكتهم وبين ملك سبأ ومملكة بلقيس ملكتهم بحار لا تركب، وجبال لا ترام. ولم يتسامع أهل المملكتين ولا كان في ذكرهم مكان هذه الملكة. وقد قلنا في باب القول في الهدهد ما قلنا [1] ، حين ذكرنا الصّرفة، وذكرنا حال يعقوب ويوسف وحال سليمان وهو معتمد على عصاه، وهو ميّت والجنّ مطيفة به وهم لا يشعرون بموته، وذكرنا من صرف أوهام العرب عن محاولة معارضة القرآن، ولم يأتوا به مضطربا ولا ملفّقا ولا مستكرها؛ إذا كان في ذلك لأهل الشّغب متعلّق، مع غير ذلك، ممّا يخالف فيه طريق الدّهريّة، لأنّ الدّهريّ لا يقر إلّا بالمحسوسات والعادات على خلاف هذا المذهب. ولعمري ما يستطيع الدّهريّ أن يقول بهذا القول ويحتجّ بهذه الحجّة، ما دام لا يقول بالتّوحيد، وما دام لا يعرف إلا الفلك وعمله، ومادام يرى أن إرسال الرسل يستحيل، وأن الأمر والنّهي، والثواب والعقاب على غير ما نقول، وأنّ الله تعالى لا يجوز أن يأمر من جهة الاختبار إلا من جهة الحزم.

_ [1] انظر ما تقدم في 3/249 (باب القول في الهدهد) ، 4/77.

وكذلك نقول ونزعم أن أوهام هذه العفاريت تصرف عن الذكر لتقع المحنة، وكذلك نقول في النبي صلّى الله عليه وسلّم أن لو كان في جميع تلك الهزاهز [1] من يذكر قوله تعالى: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ [2] لسقط عنه من المحنة أغلظها. وإذا سقطت المحنة لم تكن الطاعة والمعصية. وكذلك عظيم الطاعة مقرون بعظيم الثّواب. وما يصنع الدهري وغير الدّهري بهذه المسألة وبهذا التسطير [3] ؟! ونحن نقول: لو كان إبليس يذكر في كلّ حال قوله تعالى: وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلى يَوْمِ الدِّينِ [4] وعلم في كلّ حال أنّه لا يسلم لوجب أن المحنة كانت تسقط عنه، لأن من علم يقينا أنّه لا يمضي غدا إلى السوق ولا يقبض دراهمه من فلان، لم يطمع فيه. ومن لم يطمع في الشيء انقطعت عنه أسباب الدواعي إليه. ومن كان كذلك فمحال أن يأتي السّوق. فنقول في إبليس: إنه ينسى ليكون مختبرا ممتحنا فليعلموا أن قولنا في مسترقي السمع كقولنا في إبليس، وفي جميع هذه الأمور التي أوجب علينا الدّين أن نقول فيها بهذا القول. وليس له أن يدفع هذا القول على أصل ديننا، فإن أحبّ أن يسأل عن الدين الذي أوجب هذا القول علينا فيلفعل، والله تعالى المعين والموفّق. وأما قولهم: «من يخاطر بذهاب نفسه لخبر يستفيده» فقد علمنا أن أصحاب الرّياسات وإن كان متبيّنا كيف كان اعتراضهم على أنّ أيسر ما يحتملون في جنب تلك الرّياسات القتل. ولعلّ بعض الشّياطين أن يكون معه من النّفخ [5] وحب الرّياسة ما يهوّن عليه أن يبلغ دوين المواضع التي إن دنا منها أصابه الرّجم، والرّجم إنما ضمن أنه مانع من الوصول، ويعلم أنه إذا كان شهابا أنه يحرقه ولم يضمن أنه يتلف عنه، فما أكثر من تخترقه الرّماح في الحرب ثم يعاود ذلك المكان ورزقه ثمانون دينارا ولا يأخذ إلا

_ [1] الهزاهز: الفتن يهتز فيها الناس. [2] 67/المائدة: 5. [3] التسطير: أن يأتي بأساطير وأحاديث تشبه الباطل. [4] 35/الحجر: 15. [5] النفخ: الكبر.

1826 -[المحتجون بالشعر لرجم الشياطين قبل الإسلام]

نصفه، ولا يأخذه إلا قمحا. فلولا أن مع قدم هذا الجنديّ ضروبا مما يهزّه وينجّده [1] ويدعو إليه ويغريه- ما كان يعود إلى موضع قد قطعت فيه إحدى يديه، أو فقئت إحدى عينيه. ولم وقع عليه إذا اسم شيطان، ومارد، وعفريت، وأشباه ذلك؟! ولم صار الإنسان يسمّى بهذه الأسماء، ويوصف بهذه الصفات إذا كان فيه الجزء الواحد من كلّ ما هم عليه؟!. وقالوا في باب آخر من الطّعن غير هذا، قالوا في قوله تعالى: وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً [2] فقالوا: قد دلّ هذا الكلام على أن الأخبار هناك كانت مضيّعة حتّى حصّنت بعد. فقد وصفتم الله تعالى بالتّضييع والاستدراك!. قلنا: ليس في هذا الكلام دليل على أنهم سمعوا سرّا قط أو هجموا على خبر إن أشاعوه فسد به شيء من الدّين. وللملائكة في السّماء تسبيح وتهليل، وتكبير وتلاوة، فكان لا يبلغ الموضع الذي يسمع ذلك منه إلا عفاريتهم. وقد يستقيم أن يكون العفريت يكذب ويقول: سمعت ما لم يسمع ومتى لم يكن على قوله برهان يدلّ على صدقه فإنما هو في كذبه من جنس كلّ متنبئ وكاهن. فإن صدقه مصدق بلا حجّة فليس ذلك بحجّة على الله وعلى رسوله صلّى الله عليه وسلّم. 1826-[المحتجون بالشعر لرجم الشياطين قبل الإسلام] وذهب بعضهم في الطّعن إلى غير هذه الحجّة، قالوا: زعمتم أن الله تعالى جعل هذه الرّجوم للخوافي حجّة للنبي صلّى الله عليه وسلّم، فكيف يكون ذلك رجما، وقد كان قبل الإسلام ظاهرا مرئيّا، وذلك موجود في الأشعار. وقد قال بشر بن أبي خازم في ذلك [3] : [من الطويل] فجأجأها من أول الرّيّ غدوة ... ولمّا يسكّنه من الأرض مرتع [4] بأكلبة زرق ضوار كأنّها ... خطاطيف من طول الطريدة تلمع [5]

_ [1] ينجده: يجعله ذا نجدة، والنجدة: الشجاعة. [2] 9/الجن: 72. [3] ديوان بشر بن أبي خازم 121 (146) . [4] جأجأها: دعاها إلى الشرب. المرتع: المرعى الخصيب. [5] زرق: زرق العيون، الضواري: الكلاب التي اعتادت الصيد. الخطاطيف: جمع خطاف- بضم الخاء- وهي الحديدة الحجناء، شبه بها الكلاب لدقتها وضمورها.

فجال على نفر تعرّض كوكب ... وقد حال دون النّقع والنّقع يسطع [1] فوصف شوط الثّور هاربا من الكلاب بانقضاض الكوكب في سرعته، وحسنه، وبريق جلده. ولذلك قال الطّرمّاح [2] : [من الكامل] يبدو وتضمره البلاد كأنّه ... سيف على شرف يسلّ ويغمد وأنشد أيضا قول بشر بن أبي خازم [3] : [من الكامل] وتشجّ بالعير الفلاة كأنّها ... فتخاء كاسرة هوت من مرقب [4] والعير يرهقها الخبار وجحشها ... ينقضّ خلفهما انقضاض الكوكب [5] قالوا: وقال الضّبّي: [من السريع] ينالها مهتك أشجارها ... بذي غروب فيه تحريب [6] كأنّه حين نحا كوكب ... أو قبس بالكفّ مشبوب [7] وقال أوس بن حجر [8] : [من الكامل] فانقضّ كالدّريء يتبعه ... نقع يثور تخاله طنبا [9] يخفى وأحيانا يلوح كما ... رفع المشير بكفّه لهبا

_ [1] جال: جرى، يعني الثور. النفر: الشرود. النقع: الغبار الذي تثيره أظلاف الثور. يسطع: ينتشر ويتفرق. [2] ديوان الطرماح 146 (117) ، وأساس البلاغة (ضمر) ، وديوان المعاني 2/131، والأغاني 6/95، والعمدة 1/260، وتقدم في 3/222، الفقرة (881) . [3] ديوان بشر بن أبي خازم 36- 37 (81) . [4] في ديوانه: «تشج الفلاة: تشقها وتسير بها سيرا شديدا. والعير: حمار الوحش. فتخاء: أي عقاب فتخاء، وهي اللينة الجناح، لأنها إذا انحطت كسرت جناحيها، وهذا لا يكون إلا من اللين. والمرقب: الموضع المشرف من علم أو رابية يرتفع عليه الرقيب للمراقبة» . [5] في ديوانه: «الخبار: أرض لينة رخوة تسوخ فيها القوائم. شبه الجحش بالكوكب المنقض في سرعته وبياضه. [6] الأشجار: جمع شجر، وهو ما انفتح من مطبق الفم. غروب الأسنان: مناقع ريقها. التحريب: التحديد. [7] نحا: قصد. [8] ديوان أوس بن حجر 3- 4، والأول في اللسان والتاج (درأ) ، والتهذيب 14/158. [9] الدريء: الكوكب المنقض يدرأ على الشيطان. النقع: الغبار الساطع. تخاله طنبا: يريد: تخاله فسطاطا مضروبا.

ورووا قوله [1] : [من الكامل] فانقضّ كالدّرّي من متحدّر ... لمع العقيقة جنح ليل مظلم [2] وقال عوف بن الخرع: [من الطويل] يردّ علينا العير من دون أنفه ... أو الثّور كالدّرّي يتبعه الدّم وقال الأفوه الأودي [3] : [من الرمل] كشهاب القذف يرميكم به ... فارس في كفّه للحرب نار وقال أميّة بن أبي الصّلت [4] : [من الكامل] وترى شياطينا تروغ مضافة ... ورواغها شتّى إذا ما تطرد [5] يلقى عليها في السّماء مذلّة ... وكواكب ترمى بها فتعرّد [6] قلنا لهؤلاء القوم: إن قدرتم على شعر جاهليّ لم يدرك مبعث النبي صلّى الله عليه وسلّم ولا مولده فهو بعض ما يتعلّق به مثلكم، وإن كان الجواب في ذلك سيأتيكم إن شاء الله تعالى. فأما أشعار المخضرمين والإسلاميّين فليس لكم في ذلك حجّة. والجاهليّ ما لم يكن أدرك المولد، فإنّ ذلك ممّا ليس ينبغي لكم أن تتعلّقوا به. وبشر بن أبي خازم فقد أدرك الفجار، والنبي صلّى الله عليه وسلّم شهد الفجار، وقال: «شهدت الفجار فكنت أنبل على عمومتي وأنا غلام» [7] . والأعلام ضروب، فمنها ما يكون كالبشارات في الكتب، لكون الصّفة إذا واقفت الصّفة التي لا يقع مثلها اتفاقا وعرضا لزمت فيه الحجة، وضروب أخر كالإرهاص للأمر، والتأسيس له، وكالتعبيد والترشيح [8] ، فإنّه قلّ نبيّ إلّا وقد حدثت عند مولده، أو قبيل مولده، أو بعد مولده أشياء لم يكن يحدث مثلها. وعند ذلك

_ [1] سيذكر الجاحظ هذا البيت ص 460. [2] العقيقة: البرق إذا رأيته وسط السحاب كأنه سيف مسلول. [3] ديوان الأفوه الأودي 12، والحماسة البصرية 1/49. [4] ديوان أمية بن أبي الصلت 361. [5] تروغ: تميل. المضاف: الخائف. [6] التعريد: الإحجام والفرار. التقديد: التقطيع. [7] النهاية 3/414، 5/10، وعمدة الحفاظ 2/204 (فجر) . وانظر لحرب الفجار: الأغاني 22/54- 74، وأيام العرب في الجاهلية 322- 341. [8] التعبيد: التمهيد والتذليل. الترشيح: التهيئة للشيء.

يقول الناس: إنّ هذا لأمر، وإنّ هذا ليراد به أمر وقع، أو سيكون لهذا نبأ. كما تراهم يقولون عند الذوائب التي تحدث لبعض الكواكب في بعض الزمان. فمن التّرشيح والتّأسيس والتّفخيم شأن عبد المطلب عند القرعة، وحين خروج الماء من تحت ركبة جملة، وما كان من شأن الفيل والطير الأبابيل وغير ذلك، مما إذا تقدم للرّجل زاد في نبله وفي فخامة أمره. والمتوقّع أبدا معظّم فإن كانت هذه الشهب في هذه الأيام أبدا مرئيّة فإنما كانت من التأسيس والإرهاص، إلا أن ينشدونا مثل شعر الشعراء الذين لم يدركوا المولد ولا بعد ذلك، فإنّ عددهم كثير، وشعرهم معروف. وقد قيل الشّعر قبل الإسلام في مقدار من الدهر أطول ممّا بيننا اليوم وبين أوّل الإسلام، وأولئكم عندكم أشعر ممن كان بعدهم. وكان أحدهم لا يدع عظما منبوذا باليا، ولا حجرا مطروحا، ولا خنفساء، ولا جعلا، ولا دودة، ولا حية، إلا قال فيها، فكيف لم يتهيأ من واحد منهم أن يذكر الكواكب المنقضّة مع حسنها وسرعتها والأعجوبة فيها. وكيف أمسكوا بأجمعهم عن ذكرها إلى الزّمان الذي يحتجّ فيه خصومكم. وقد علمنا أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم حين ذكر له يوم ذي قار قال: «هذا أوّل يوم انتصفت فيه العرب من العجم، وبي نصروا» . ولم يكن قال لهم قبل ذلك إنّ وقعة ستكون، من صفتها كذا، ومن شأنها كذا، وتنصرون على العجم، وبي تنصرون فإن كان بشر بن أبي خازم وهؤلاء الذين ذكرتم قد عاينوا انقضاض الكواكب فليس بمستنكر أن تكون كانت إرهاصا لمن لم يخبر عنها ويحتجّ بها لنفسه. فكيف وبشر بن أبي خازم حيّ في أيّام الفجار، التي شهدها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بنفسه، وأنّ كنانة وقريشا به نصروا. وسنقول في هذه الأشعار التي أنشدتموها، ونخبر عن مقاديرها وطبقاتها. فأما قوله [1] : [من الكامل] فانقضّ كالدّرّي من متحدّر ... لمع العقيقة جنح ليل مظلم

_ [1] تقدم البيت ص 459.

فخبّرني أبو إسحاق أن هذا البيت في أبيات أخر كان أسامة صاحب روح بن أبي همّام، هو الذي كان ولّدها. فإن اتّهمت خبر أبي إسحاق فسمّ الشّاعر، وهات القصيدة، فإنّه لا يقبل في مثل هذا إلّا بيت صحيح صحيح الجوهر، من قصيدة، صحيحة لشاعر معروف. وإلّا فإن كلّ من يقول الشّعر يستطيع أن يقول خمسين بيتا كل بيت منها أجود من هذا البيت. وأسامة هذا هو الذي قال له روح: [من مجزوء الخفيف] اسقني يا أسامه ... من رحيق مدامه اسقنيها فإنّي ... كافر بالقيامه وهذا الشعر هو الذي قتله. وأمّا ما أنشدتم من قول أوس بن حجر [1] : [من الكامل] فانقضّ كالدريء يتبعه ... نقع يثور تخاله طنبا وهذا الشّعر ليس يرويه لأوس إلّا من لا يفصل بين شعر أوس بن حجر، وشريح ابن أوس. وقد طعنت الرّواة في هذا الشّعر الذي أضفتموه إلى بشر بن أبي خازم، من قوله [2] : [من الكامل] والعير يرهقها الخبار وجحشها ... ينقضّ خلفهما انقضاض الكوكب فزعموا أنه ليس من عادتهم أن يصفوا عدو الحمار بانقضاض الكوكب، ولا بدن الحمار ببدن الكوكب. وقالوا: في شعر بشر مصنوع كثير، مما قد احتملته كثير من الرّواة على أنّه من صحيح شعره. فمن ذلك قصيدته التي يقول فيها [3] : [من الوافر] فرجّي الخير وانتظري إيابي ... إذا ما القارظ العنزيّ آبا [4]

_ [1] ديوان أوس بن حجر 3، وتقدم ص 458. [2] تقدم البيت ص 458. [3] ديوان بشر بن أبي خازم 26 (74) . [4] في ديوانه: «القارظ: الذي يجني القرظ؛ وهو شجر يدبغ بورقه وثمره. والقارظ العنزي: رجل من عنزة خرج يطلب القرظ فمات ولم يرجع إلى أهله. فضربته العرب مثلا للمفقود الذي يفوت فلا يرجع، وهما قارظان، ولهما حديث، انظره في مجمع الأمثال 1/75، والسمط 99- 100، واللسان (فرظ) .

1827 -[رجع القول إلى تفسير قصيدة البهراني]

وأما ما ذكرتم من شعر هذا الضّبّي، فإنّ الضّبّي مخضرم. وزعمتم أنّكم وجدتم ذكر الشّهب في كتب القدماء من الفلاسفة، وأنّه في الآثار العلوية لأرسطاطاليس، حين ذكر القول في الشّهب، مع القول في الكواكب ذوات الذوائب، ومع القول في القوس، والطّوق الذي يكون حول القمر بالليل. فإن كنتم بمثل هذا تستعينون، وإليه تفزعون، فإنّا نوجدكم من كذب التّراجمة وزيادتهم، ومن فساد الكتاب، من جهة تأويل الكلام، ومن جهة جهل المترجم بنقل لغة إلى لغة، ومن جهة فساد النّسخ، ومن أنه قد تقادم فاعترضت دونه الدّهور والأحقاب، فصار لا يؤمن عليه ضروب التّبديل والفساد. وهذا الكلام معروف صحيح. وأما ما رويتم من شعر الأفوه الأوديّ فلعمري إنّه لجاهليّ، وما وجدنا أحدا من الرّواة يشكّ في أن القصيدة مصنوعة. وبعد فمن أين علم الأفوه أنّ الشهب التي يراها إنما هي قذف ورجم، وهو جاهليّ، ولم يدّع هذا أحد قطّ إلا المسلمون؟ فهذا دليل آخر على أن القصيدة مصنوعة. 1827-[رجع القول إلى تفسير قصيدة البهراني] ثم رجع بنا القول إلى تفسير قصيدة البهرانيّ [1] : وأما قوله: [من الخفيف] 28- «جائبا للبحار أهدي لعرسي ... فلفلا مجتنى وهضمة عطر 29- وأحلّي هرير من صدف البح ... ر وأسقي العيال من نيل مصر» فإن الناس يقولون: إن السّاحر لا يكون ماهرا حتّى يأتى بالفلفل الرّطب من سرنديب. وهريرة: اسم امرأته الجنّيّة. وذكر الظّبي الذي جعله مركبه إلى بلاد الهند، فقال: 30- «وأجوب البلاد تحتي ظبي ... ضاحك سنّه كثير التّمرّي 32- مولج دبره خواية مكو ... وهو باللّيل في العفاريت يسري» يقول: هذا الظّبي الذي من جبنه وحذره، من بين جميع الوحش، لا يدخل حراه [2] إلا مستدبرا، لتكون عيناه تلقاء ما يخاف أن يغشاه هو الذي يسري مع العفاريت باللّيل ضاحكا بي هازئا إذا كان تحتي.

_ [1] تقدمت القصيدة ص 358- 360. [2] الحرا: مأوى الظبي.

1828 -[قولهم: أروى من ضب]

وأما قوله: 33- «يحسب النّاظرون أني ابن ماء ... ذاكر عشّه بضفّة نهر» فإن الجنّيّ إذا طار به في جوّ السماء ظنّ كلّ من رآه أنّه طائر ماء. 1828-[قولهم: أروى من ضبّ] وأما قولهم في المثل: «أروى من ضبّ» فإني لا أعرفه، لأنّ كلّ شيء بالدوّ والدّهناء والصّمّان، وأوساط هذه المهامه والصحاصح فإن جميع ما يسكنها من الحشرات والسّباع لا يرد الماء ولا يريده، لأنه ليس في أوساط هذه الفيافي في الصّيف كله وفي القيظ جميعا منقع ماء، ولا غدير، ولا شريعة، ولا وشل [1] . فإذا استقام أن يمرّ بظبائها وأرانبها وثعالبها وغير ذلك منها الصّيفة كلّها، والقيظ كله، ولم تذق فيها قطرة ماء، فهي له في الشتاء أترك، لأنّ من اقتات اليبس إذا لم يشرب الماء فهو إذا اقتات الرّطب أترك. وليس العجب في هذا، ولكنّ العجب في إبل لا ترد الماء. وزعم الأصمعيّ أنّ لبني عقيل ماعزا لم يرد الماء قطّ [2] . فينبغي على ذاك أن يكون واديهم لا يزال يكون فيه من البقل والورق ما يعيشها بتلك الرّطوبة التي فيها. ولو كانت ثعالب الدّهناء وظباؤها وأرانبها ووحشها تحتاج إلى الماء لطلبته أشدّ الطلب، فإن الحيوان كلّه يهتدي إلى ما يعيشه، وذلك في طبعه وإنما سلب هذه المعارف الذين أعطوا العقل والاستطاعة فوكلوا إليهما. فأمّا من سلب الآلة التي بها تكون الرّويّة والأداة التي يكون بها التصرّف، وتخرج أفعاله من حد الإيجاب إلى حد الإمكان، وعوّض التمكين، فإن سبيله غير سبيل من منح ذلك، فقسم الله تعالى لتلك الكفاية، وقسم لهؤلاء الابتلاء والاختيار. 1829-[قصيدتا بشر بن المعتمر] أوّل ما نبدأ قبل ذكر الحشرات وأصناف الحيوان والوحش بشعري بشر بن المعتمر، فإن له في هذا الباب قصيدتين، قد جمع فيهما كثيرا من هذه الغرائب

_ [1] الوشل: الماء القليل يتحلب من جبل أو صخرة. [2] تقدم القول في 5/485.

1830 -[القصيدة الأولى]

والفرائد، ونبّه بهذا على وجوه كثيرة من الحكمة العجيبة، والموعظة البليغة. وقد كان يمكننا أن نذكر من شأن هذه السّباع والحشرات بقدر ما تتسع له الرواية، من غير أن نكتبهما في هذا الكتاب، ولكنهما يجمعان أمورا كثيرة. أمّا أوّل ذلك فإنّ حفظ الشّعر أهون على النّفس، وإذا حفظ كان أعلق وأثبت، وكان شاهدا. وإن احتيج إلى ضرب المثل كان مثلا. وإذا قسمنا ما عندنا في هذه الأصناف، على بيوت هذين الشّعرين، وقع ذكرهما مصنّفا فيصير حينئذ آنق في الأسماع، وأشدّ في الحفظ. 1830-[القصيدة الأولى] قال بشر بن المعتمر [1] : [من السريع] 1- الناس دأبا في طلاب الغنى ... وكلهم من شأنه الختر [2] 2- كأذؤب تنهشها أذؤب ... لها عواء ولها زفر 3- تراهم فوضى وأيدي سبا ... كلّ له في نفثه سحر [3] 4- تبارك الله وسبحانه ... بين يديه النّفع والضّرّ 5- من خلقه في رزقه كلّهم ... الذّيخ والثّيتل والغفر [4] 6- وساكن الجوّ إذا ما علا ... فيه، ومن مسكنه القفر 7- والصّدع الأعصم في شاهق ... وجأبة مسكنها الوعر 8- والحيّة الصّماء في جحرها ... والتّتفل الرائغ والذّرّ [5] 9- وإلقة ترغث ربّاحها ... والسّهل والنّوفل والنضر [6] 10- وهقلة ترتاع من ظلّها ... لها عرار ولها زمر [7]

_ [1] الأبيات (1- 9) في اللسان (ربح) والتنبيه والإيضاح 1/236، والأبيات (4- 11، 20) في اللسان (ألق) ، والبيت التاسع في التاج (ربح، ألق) ، وتقدم بلا نسبة في 2/402، والفقرة (462) . وتقدمت الأبيات (10- 13، 20) ص 348، والبيت (28) في اللسان والتاج (شرف) ، والبيت (60) في البيان 4/22. [2] الختر: الغدر. [3] النفث: شبيه بالنفخ. [4] الذيخ: الذكر من الضباع. الثيتل: الوعل المسن، وجنس من بقر الوحش. الغفر: ولد الأروية. [5] التتفل: الثعلب. [6] الإلقة: القردة. الرباح: القرد. ترغثه: ترضعه. السهل: الغراب. النوفل: البحر. النضر: الذهب. [7] الهقلة: الفتية من النعام. العرار: الصياح.

11- تلتهم المرو على شهوة ... أحبّ شيء عندها الجمر [1] 12- وضبة تأكل أولادها ... وعترفان بطنه صفر [2] 13- يؤثر بالطّعم، وتأذينه، ... منجّم ليس له فكر 14- وكيف لا أعجب من عالم ... حشوته التأبيس والدّغر [3] 15- وحكمة يبصرها عاقل ... ليس له من دونها ستر 16- جرادة تخرق متن الصّفا ... وأبغث يصطاده صقر 17- سلاحه رمح فما عذره ... وقد عراه دونه الذّعر 18- والدّبّ والقرد إذا علّما ... والفيل والكلبة واليعر [4] 19- يحجم عن فرط أعاجيبها ... وعن مدى غاياتها السّحر 20- وظبية تخضم في حنظل ... وعقرب يعجبها التّمر 21- وخنفس يسعى بجعلانه ... يقوتها الأرواث والبعر 22- يقتلها الورد وتحيا إذا ... ضمّ إليها الرّوث والجعر 23- وفأرة البيش إمام لها ... والخلد فيه عجب هتر [5] 24- وقنفذ يسري إلى حيّة ... وحيّة يخلى له الجحر 25- وعضرفوط ماله قبلة ... وهدهد يكفره بكر 26- وفرّة العقرب من لسعها ... تخبر أن ليس لها عذر 27- والببر فيه عجب عاجب ... إذا تلاقى اللّيث والببر 28- وطائر أشرف ذو جردة ... وطائر ليس له وكر [6] 29- وثرمل تأوي إلى دوبل ... وعسكر يتبعه النّسر [7] 30- يسالم الضّبع بذي مرّة ... أبرمها في الرّحم العمر 31- وتمسح خلّله طائر ... وسابح ليس له سحر [8]

_ [1] المرو: حجر أبيض براق. [2] العترفان: الديك. [3] التأبيس: الإغاظة والترويع. الدغر: توثب المختلس. [4] اليعر: صغار الغنم. [5] الهتر: العجب. [6] الجردة: التجرد، أي التجرد من الزغب والريش. [7] الثرمل: أورد الجاحظ في تفسيره للبيت فيما سيأتي «الثرملة» : أنثى الثعالب، وهي مسالمة للدوبل» . الدوبل: الذئب العرم. [8] التمسح: التمساح. السحر: الرئة.

32- والعثّ والحفّاث ذو فحفح ... وخرنق يسفده وبر [1] 33- وغائص في الرمل ذو حدّة ... ليس له ناب ولا ظفر [2] 34- حرباؤها في قيظها شامس ... حتّى يوافي وقته العصر [3] 35- يميل بالشّقّ إليها كما ... يميل في روضته الزّهر [3] 36- والظّربان الورد قد شفّه ... حبّ الكشى، والوحر الحمر [4] 37- يلوذ منه الضّبّ مذلوليا ... ولو نجا أهلكه الذّعر [4] 38- وليس ينجيه إذا ما فسا ... شيء ولو أحرزه قصر [4] 39- وهيشة تأكلها سرفة ... وسمع ذئب همّه الحضر [5] 40- لا ترد الماء أفاعي النّقا ... لكنما يعجبها الخمر [6] 41- وفي ذرى الحرمل ظلّ لها ... إذا غلا واحتدم الهجر [6] 42- فبعضها طعم لبعض كما ... أعطى سهام الميسر القمر [6] 43- وتمسح النّيل عقاب الهوا ... والّليث رأس وله الأسر [7] 44- ثلاثة ليس لها غالب ... إلّا بما ينتقض الدّهر [7] 45- إنّي وإن كنت ضعيف القوى ... فالله يقضي وله الأمر 46- لست إباضيّا غبيّا ولا ... كرافضيّ غرّه الجفر 47- كما يغرّ الآل في سبسب ... سفرا فأودى عنده السّفر [8] 48- كلاهما وسّع في جهل ما ... فعاله عندهما كفر 49- لسنا من الحشو الجفاة الأولى ... عابوا الذي عابوا ولم يدروا 50- أن غبت لم يسلمك من تهمة ... وإن رنا فلحظه شزر [9] 51- يعرض إن سالمته مدبرا ... كأنما يلسبه الدّبر [10] 52- أبله خبّ ضغن قلبه ... له احتيال وله مكر

_ [1] انظر ما سيأتي من الشرح ص 496. [2] انظر ما سيأتي من الشرح ص 505. [3] انظر ما سيأتي من الشرح ص 507. [4] انظر ما سيأتي من الشرح ص 511. [5] انظر ما سيأتي من الشرح ص 519. [6] انظر ما سيأتي من الشرح ص 527- 528. [7] انظر ما سيأتي من الشرح ص 531. [8] الآل: السراب. السفر: جماعة المسافرين. [9] الرنو: إدامة النظر. [10] لسبه: لسعه. الدبر: النحل والزنابير.

1831 -[القصيدة الثانية]

53- وانتحلوا جماعة باسمها ... وفارقوها فهم اليعر [1] 54- وأهوج أعوج ذو لوثة ... ليس له رأي ولا قدر [2] 55- قد غرّه في نفسه مثله ... وغرّهم أيضا كما غرّوا 56- لا تنجع الحكمة فيهم كما ... ينبو عن الجرولة القطر [3] 57- قلوبهم شتّى فما منهم ... ثلاثة يجمعهم أمر 58- إلّا الأذي أو بهت أهل التّقى ... وأنّهم أعينهم خزر [4] 59- أولئك الدّاء العضال الذي ... أعيا لديه الصّاب والمقر [5] 60- حيلة من ليست له حيلة ... حسن عزاء النّفس والصبر 1831-[القصيدة الثانية] قال: وأنشدني أيضا [6] : [من السريع] 1- ما ترى العالم ذا حشوة ... يقصر عنها عدد القطر 2- أوابد الوحش وأحناشها ... وكلّ سبع وافر الظّفر 3- وبعضه ذو همج هامج ... فيه اعتبار لذوي الفكر 4- والوزغ الرّقط على ذلّها ... تطاعم الحيّات في الجحر 5- والخنفس الأسود في طبعه ... مودّة العقرب في السّرّ 6- والحشرات الغبر منبثّة ... بين الورى والبلد القفر 7- وكلها شرّ وفي شرّها ... خير كثير عند من يدري 8- لو فكّر العاقل في نفسه ... مدّة هذا الخلق في العمر 9- لم ير إلّا عجبا شاملا ... أو حجّة تنقش في الصّخر 10- فكم ترى في الخلق من آية ... خفيّة الجسمان في قعر 11- أبرزها الفكر على فكرة ... يحار فيها وضح الفجر 12- لله درّ العقل من رائد ... وصاحب في العسر واليسر 13- وحاكم يقضي على غائب ... قضيّة الشّاهد للأمر

_ [1] اليعر: صغار الغنم. [2] اللوثة: الحمق. [3] الجرولة: الحجارة. [4] الخزر: جمع خزراء وأخزر، وهو الذي ينظر بمؤخر عينه. [5] الصاب والمقر: نبتان مران. [6] تقدم البيتان (4- 5) ص 347.

14- وإنّ شيئا بعض أفعاله ... أن يفصل الخير من الشّرّ 15- بذي قوى، قد خصّه ربّه ... بخالص التّقديس والطّهر 16- بل أنت كالعين وإنسانها ... ومخرج الخيشوم والنّحر 17- فشرّهم أكثرهم حيلة ... كالذّئب والثّعلب والذّرّ 18- واللّيث قد جلّده علمه ... بما حوى من شدّة الأسر [1] 19- فتارة يحطمه خابطا ... وتارة يثنيه بالهصر 20- والضعف قد عرّف أربابه ... مواضع الفرّ من الكرّ 21- تعرف بالإحساس أقدارها ... في الأسر والإلحاج والصّبر [2] 22- والبخت مقرون فلا تجهلنّ ... بصاحب الحاجة والفقر 23- وذو الكفايات إلى سكرة ... أهون منها سكرة الخمر 24- والضّبع الغثراء مع ذيخها ... شرّ من اللبوة والنّمر [3] 25- لو خلّي اللّيث ببطن الورى ... والنّمر أو قد جيء بالببر 26- كان لها أرجى ولو قضقضت ... ما بين قرنيه إلى الصّدر [4] 27- والذئب إن أفلت من شره ... فبعد أن أبلغ في العذر 28- وكلّ جنس فله قالب ... وعنصر أعراقه تسري 29- وتصنع السّرفة فيهم على ... مثل صنيع الأرض والبذر 30- والأضعف الأصغر أحرى بأن ... يحتال للأكبر بالفكر 31- متى يرى عدوّه قاهرا ... أحوجه ذاك إلى المكر 32- كما ترى الذئب إذا لم يطق ... صاح فجاءت رسلا تجري [5] 33- وكلّ شيء فعلى قدره ... يحجم أو يقدم أو يجري 34- والكيس في المكسب شمل لهم ... والعندليب الفرخ كالنّسر 35- والخلد كالذّئب على خبثه ... والفيل والأعلم كالوبر [6] 36- والعبد كالحرّ وإن ساءه ... والأبغث الأغثر كالصّقر [7]

_ [1] الجلد: الشديد القوي. [2] الأسر: القوة. [3] الغثراء: التي لونها الغثرة، وهي لونان من سواد وصفرة. الذيخ: الذكر من الضباع. [4] القضقضة: أن يحطم عظام الفريسة. القرن: واحد قرون الرأس، وهي نواحيها. [5] الرسل: القطيع من كل شيء. [6] الأعلم: البعير، سمي بذلك لأنه مشقوق الشفة العليا. الوبر: دويبة أصغر من السنور، تقيم في البيوت. حياة الحيوان 2/409. [7] الأبغث: من طير الماء طويل العنق، لونه كلون الرماد. الأغثر: ما لونه الغثرة، وهي لونان من سواد وصفرة.

37- لكنّهم في الدّين أيدي سبا ... تفاوتوا في الرّأي والقدر 38- قد غمر التّقليد أحلامهم ... فناصبوا القيّاس ذا السّبر [1] 39- فافهم كلامي واصطبر ساعة ... فإنّما النّجح مع الصّبر 40- وانظر إلى الدّنيا بعين امرئ ... يكره أن يجري ولا يدري 41- أما ترى الهقل وأمعاءه ... يجمع بين الصّخر والجمر 42- وفارة البيش على بيشها ... طيّبة فائقة العطر 43- وطائر يسبح في جاحم ... كماهر يسبح في غمر 44- ولطعة الذئب على حسوه ... وصنعة السّرفة والدّبر 45- ومسمع القردان في منهل ... أعجب ممّا قيل في الحجر [2] 46- وظبية تدخل في تولج ... مؤخرها من شدّة الذّعر [3] 47- تأخذ بالحزم على قانص ... يريغها من قبل الدّبر [4] 48- والمقرم المعلم ما إنّ له ... مرارة تسمع في الذّكر [5] 49- وخصية تنصل من جوفه ... عند حدوث الموت والنّحر [6] 50- ولا يرى من بعدها جازر ... شقشقة مائلة الهدر 51- وليس للطّرف طحال وقد ... أشاعه العالم بالأمر 52- وفي فؤاد الثور عظم وقد ... يعرفه الجازر ذو الخبر 53- وأكثر الحيتان أعجوبة ... ما كان منها عاش في البحر 54- إذ لا لسان سقي ملحه ... ولا دماغ السّمك النّهري 55- يدخل في العذب إلى جمّه ... كفعل ذي النّقلة في البرّ [7] 56- تدير أوقاتا بأعيانها ... على مثال الفلك المجري 57- وكلّ جنس فله مدّة ... تعاقب الأنواء في الشّهر 58- وأكبد تظهر في ليلها ... ثمّ توارى آخر الدّهر [8]

_ [1] السبر: مصدر سبر الجرح، أي نظر مقداره وقاسه ليعرف غوره. [2] الحجر: الأنثى من الخيل، وانظر لقوة شم الفرس ما تقدم في 2/326، الفقرة (350) . [3] التولج: كناس الظبي. [4] أراغ الصائد القنص: طلبه. [5] المقرم: البعير يترك للفحلة والضراب. المعلم: الذي جعلت له سمة وعلامة. [6] تنصل: تزول وتختفي. [7] العذب: الماء العذب. جمّ الشيء: معظمه. ذو النقلة: أراد قواطع الطير التي تقطع إلى الناس في أزمان معينة من السنة. [8] انظر ما سيأتي ص 555، فثمة شرح للأبيات (58- 59- 60) .

1832 -[تفسير القصيدة الأولى]

59- ولا يسيغ الطّعم ما لم يكن ... مزاجه ماء على قدر 60- ليس له شيء لإزلاقه ... سوى جراب واسع الشّجر [1] 61- والتتفل الرائغ إمّا نضا ... فشطر أنبوب على شطر [2] 62- متى رأى اللّيث أخا حافر ... تجده ذا فشّ وذا جزر [3] 63- وإن رأى النّمر طعاما له ... أطعمه ذلك في النّمر 64- وإن رأى مخلبه وافيا ... ونابه يجرح في الصّخر 65- منهرت الشّدق إلى غلصم ... فالنّمر مأكول إلى الحشر [4] 66- وما يعادي النّمر في ضيغم ... زئيره أصبر من نمر 67- لولا الذي في أصل تركيبه ... من شدّة الأضلاع والظّهر 68- يبلغ بالجسر على طبعه ... ما يسحر المختال ذا الكبر [5] 69- سبحان ربّ الخلق والأمر ... ومنشر الميت من القبر 70- فاصبر على التّفكير فيما ترى ... ما أقرب الأجر من الوزر 1832-[تفسير القصيدة الأولى] نقول بعون الله تعالى وقوته في تفسير قصيدة أبي سهل بشر بن المعتمر، ونبدأ بالأولى المرفوعة، التي ذكر في آخرها الإباضية، والرافضة، والنابتة. فإذا قلنا في ذلك بما حضرنا قلنا في قصيدته الثانية إن شاء الله تعالى. 1833-[ما قيل في الذئب] أمّا قوله: 2- «كأذؤب تنهشها أذؤب ... لها عواء ولها زفر» فإنّها قد تتهارش على الفريسة، ولا تبلغ القتل، فإذا أدمى بعضها بعضا وثبت عليه فمزّقته وأكلته. وقال الرّاجز [7] : [من الرجز]

_ [1] الشجر: مفرج الفم. [2] التتفل: الثعلب، نضا: أدلى فأخرج جردانه، وسيعاد هذا البيت ص 474. [3] أخا الحافر: أي ما له حافر من الحيوان. الفش: الأكل. [4] المنهرت: الواسع. [5] الجسر: الشجاع. [6] الرجز لرؤبة في ديوانه 142، واللسان والتاج (ورق، دمي) ، وثمار القلوب (579) ، وبلا نسبة في التهذيب 9/290.

1834 -[الذيخ والثيتل والغفر]

فلا تكوني يا ابنة الأشمّ ... ورقاء دمّى ذئبها المدمّي وقال الفرزدق [1] : [من الطويل] وكنت كذئب السّوء لمّا رأى دما ... بصاحبه يوما أحال على الدّم نعم حتّى ربما أقبلا على الإنسان إقبالا واحدا، وهما سواء على عداوته والجزم على أكله، فإذا أدمي أحدهما وثب على صاحبه المدمى فمزّقه وأكله، وترك الإنسان وإن كان أحدهما قد أدماه [2] . ولا أعلم في الأرض خلقا ألأم من هذا الخلق، ولا شرّا منه، ويحدث عند رؤيته الدّم له في صاحبه الطمع، ويحدث له في ذلك الطمع فضل قوة، ويحدث للمدمّى جبن وخوف، ويحدث عنهما ضعف واستخذاء [3] ، فإذا تهيأ ذلك منهما لم يكن دون أكله شيء. والله أعلم حيث لم يعط الذئب قوة الأسد، ولم يعط الأسد جبن الذئب الهارب بما يرى في أثر الدم من الضعف. مثل ما يعتري الهر والهرة بعد الفراغ من السّفاد، فإن الهر قبل أن يفرغ من سفاد الهرة أقوى منها كثيرا، فإذا سفدها ولّى عنها هاربا واتبعته طالبة له، فإنها في تلك الحال إن لحقته كانت أقوى منه كثيرا. فلذلك يقطع الأرض في الهرب، وربّما رمى بنفسه من حالق. وهذا شيء لا يعدمانه في تلك الحال. ولم أرهم يقفون على حدّ العلة في ذلك. وهذا باب سيقع في موضعه من القول في الذئب تامّا، بما فيه من الرّواية وغير ذلك. 1834-[الذيخ والثيتل والغفر] وأمّا قوله: 5- «من خلقه في رزقه كلّهم ... الذّيخ والثّيتل والغفر الذّيخ: ذكر الضّبع. والثّيتل شبيه بالوعل، وهو ممّا يسكن في رؤوس الجبال، ولا يكون في القرى. وكذلك الأوعال. وليس لها حضر [4] ولا عمل محمود على البسيط، وكذلك ليس للظباء حضر ولا عمل محمود في رؤوس الجبال.

_ [1] ديوان الفرزدق 2/187 (صادر) ، 749 (الصاوي) وتقدم في 5/171. [2] ورد مثل هذا القول في ربيع الأبرار 5/417. [3] الاستخذاء: الخضوع. [4] الحضر الارتفاع في العدو.

1835 -[الصدع والجأب]

وقال الشاعر [1] : [من المتقارب] وخيل تكردس بالدارعين ... كمشي الوعول على الظاهره وقال أيضا: [من الكامل] والظّبي في رأس اليفاع تخاله ... عند الهضاب مقيّدا مشكولا [2] والغفر: ولد الأروية: واحد الأروى، والأروى: جماعة من إناث الأوعال. 1835-[الصّدع والجأب] وأما قوله: 7- «والصّدع الأعصم في شاهق ... وجأبة مسكنها الوعر» فالصّدع: الشّاب من الأوعال. والأعصم: الذي في عصمته بياض، وفي المعصم منه سواد ولون يخالف لون جسده، والأنثى عصماء. والجأب: الحمار الغليظ الشّديد. والجأبة: الأتان الغليظة. والجأب أيضا، مهموز: المغرة [3] . وقال عنترة [4] : [من الكامل] فنجا أمام رماحهنّ كأنّه ... فوت الأسنة حافر الجأب شبّهه بما عليه من لطوخ الدّماء برجل يحفر في معدن المغرة. والمغرة أيضا المكر. ولذلك قال أبو زبيد [5] في صفة الأسد المخمر بالدماء: [من الطويل] يعاجيهم للشّرّ ثاني عطفه ... عنايته كأنّما بات يمكر 1836-[الحية والثعلب والذر] وأما قوله: 8- «والحية الصماء في جحرها ... والتّتفل الرائغ والذّرّ»

_ [1] تقدم البيت مع تخريجه في 4/431. [2] اليفاع: المشرف من الأرض. المشكول: الذي قيّد بالشكال، وهي حبل تشد به قوائم الدابة. [3] المغرة: طين أحمر يصبغ به. [4] البيت لعنترة في معجم ما استعجم 326 (توضح) ، وبلا نسبة في اللسان (جأب) ، والتهذيب 11/223. [5] ديوان أبي زبيد الطائي 610.

فالتتفل هو الثّعلب، وهو موصوف بالرّوغان والخبث، ويضرب به المثل في النّذالة والدناءة، كما يضرب به المثل في الخبث والرّوغان. وقال طرفة [1] : [من السريع] وصاحب قد كنت صاحبته ... لا ترك الله له واضحه [2] كلهم أروغ من ثعلب ... ما أشبه اللّيلة بالبارحه وقال دريد بن الصمّة [3] : [من الطويل] ومرّة قد أدركتهم فتركتهم ... يروغون بالغرّاء روغ الثّعالب وقال أيضا [4] : [من الوافر] ولست بثعلب، إن كان كون ... يدسّ برأسه في كلّ جحر [4] ولمّا قال أبو محجن الثّقفي لأصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم، من حائط الطائف ما قال: قال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «إنما أنت ثعلب في جحر، فابرز من الحصن إن كنت رجلا» !. ومما قيل في ذلة الثعلب، قال بعض السّلف [5] ، حين وجد الثّعلبان بال على رأس صنمه: [من الطويل] إله يبول الثّعلّبان برأسه ... لقد ذلّ من بالت عليه الثّعالب فأرسلها مثلا. وقال دريد في مثل ذلك [6] : [من الطويل]

_ [1] ديوان طرفة بن العبد 15، ومجمع الأمثال 1/317، والتاج (روغ) ، وبلا نسبة في التهذيب 5/157، واللسان (وضح) ، والأول في ديوان الأدب 3/231، وبلا نسبة في المقاييس 6/119، والثاني في جمهرة الأمثال 2/247، والجمهرة 275، والفاخر 316، وفصل المقال 227، وبلا نسبة في مجمع الأمثال 2/275. [2] الواضحة: الأسنان التي تبدو عند الضحك. [3] ديوان دريد بن الصمة 28، والتاج (صلع) ، ومعجم البلدان 3/422 (صلعاء) ، والأصمعيات 112. [4] ديوان دريد بن الصمة 67. [5] البيت للعباس بن مرداس في ديوانه 167، وللعباس أو لغاوي بن ظالم السلمي أو لأبي ذر الغفاري في اللسان (ثعلب) ، ولراشد بن عبد ربه في الدرر 4/104، وشرح شواهد المغني 317، وبلا نسبة في الجمهرة 1181، ومغني اللبيب 105، وهمع الهوامع 2/22. [6] ديوان دريد بن الصمة 30، والأول في المقاييس 4/108، والثاني في اللسان والتاج (كنب) ، والتهذيب 10/283، وبلا نسبة في اللسان والتاج (عكس) ، والجمهرة 337، وكتاب الجيم 2/318، 3/159.

تمنّيتني قيس بن سعد سفاهة ... وأنت امرؤ لا تحتويك المقانب [1] وأنت امرؤ جعد القفا متعكّس ... من الأقط الحوليّ شبعان كانب [2] إذا انتسبوا لم يعرفوا غير ثعلب ... إليهم، ومن شرّ السّباع الثعالب وأنشدوا في مثل ذلك [3] : [من المنسرح] ما أعجب الدّهر في تصرّفه ... والدّهر لا تنقضي عجائبه يبسط آمالنا فنبسطها ... ودون آمالنا نوائبه وكم رأينا في الدّهر من أسد ... بالت على رأسه ثعالبه ففي الثّعلب جلده، وهو كريم الوبر، وليس في الوبر أغلى من الثعلب الأسود. وهو ضروب، ومنه الأبيض الذي لا يفصل بينه وبين الفنك، [4] ومنه الخلنجيّ [5] ، وهو الأعمّ. ومن أعاجيبه أن نضيّه، وهو قضيبه في خلقة الأنبوبة، أحد شطريه عظم في صورة المثقب، والآخر عصب ولحم، ولذلك قال بشر بن المعتمر [6] : [من السريع] والتّتفل الرائغ إمّا نضا ... فشطر أنبوب على شطر وهو سبع جبان جدّا، ولكنّه لفرط الخبث والحيلة يجري مع كبار السّباع. وزعم أعرابيّ ممن يسمع منه، أنّه طارده مرّة بكلاب له، فراوغه حتّى صار في خمر [7] ، ومرّ بمكانه فرأى ثعلبا ميّتا، وإذا هو قد زكر [8] بطنه ونفخه، فوهّمه أنّه قد مات من يوم أو يومين. قال: فتعدّيته وشمّ رائحة الكلاب فوثب وثبة فصار في صحراء. وفي حديث العامّة أنّه لما كثرت البراغيث في فروته، تناول بفيه إمّا صوفة وإمّا ليقة، ثم أدخل رجليه في الماء، فترفّعت عن ذلك الموضع، فما زال يغمس بدنه أوّلا

_ [1] المقانب: جمع مقنب، وهو من الخيل ما بين الثلاثين إلى الأربعين. [2] الجعد: القصير. المتعكس: المتثني غضون القفا. الأقط: لبن مجفف يابس. الكانب: الغليظ. [3] البيت الثالث في ربيع الأبرار 2/463. [4] الفنك: دويبة يؤخذ منها الفرو. حياة الحيوان 2/175. [5] الخلنجي: الذي له خطوط وطرائق مثل الطرائق التي ترى في الخرز اليماني. [6] تقدم البيت ص 470. [7] الخمر: ما واراك من الشجر والجبال. [8] زكر بطنه: ملأه بالهواء.

فأوّلا حتّى اجتمعن في خطمه، فلمّا غمس خطمه أوّلا فأوّلا اجتمعن في الصّوفة، فإذا علم أنّ الصّوفة قد اشتملت عليهنّ تركها في الماء ووثب، فإذا هو خارج عن جميعها. فإن كان هذا الحديث حقّا فما أعجبه. وإن كان باطلا فإنّهم لم يجعلوه له إلّا للفضيلة التي فيه، من الخبث والكيس. وإذا مشى الفرس مشيا شبيها بمشي الثعلب قالوا: مشى الثّعلبيّة قال الراعي [1] : [من الطويل] وغملى نصيّ بالمتان كأنّها ... ثعالب موتى جلدها قد تسلّعا [2] وقال الأصمعيّ: سرق هذا المعنى من طفيل الغنويّ ولم يجد السّرق [3] . وفي تشبيه بعض مشيته قال المرّار بن منقذ [4] : [من الرمل] صفة الثّعلب أدنى جريه ... وإذا يركض يعفور أشر [5] وقال امرؤ القيس [6] : [من الطويل] له أيطلا ظبي وساقا نعامة ... وإرخاء سرحان وتقريب تتفل والبيت الذي ذكره الأصمعيّ لطفيل الغنوي، أنّ الرّاعي سرق معناه هو قوله [7] : [من الطويل] وغملى نصيّ بالمتان كأنّها ... ثعالب موتى جلدها لم ينزع وأنشدوا في جبنه قول زهير بن أبي سلمى [8] : [من المنسرح]

_ [1] ديوان الراعي النميري 165، واللسان والتاج (زلع، غمل) ، والتهذيب 8/144، والجمهرة 1170، والأمالي 1/115، 2/185، والسمط 345، 803، وبلا نسبة في الجمهرة 815، 960، والمخصص 11/177. [2] غملى: جمع غميل، وهو من النصي ما ركب بعضه بعضا، والنصي: بنت سبط أبيض ناعم. المتان: جمع متان، وهو ما ارتفع من الأرض واستوى. تسلع: تشقق. [3] انظر ما سيأتي بعد 6 أسطر في هذه الصفحة. [4] البيت في شرح اختيارات المفضل 410، والجمهرة 1330، وبلا نسبة في التهذيب 4/10. [5] اليعفور: الظبي. الأشر: النشيط. [6] ديوان امرئ القيس 21، وتقدم في 3/24، الفقرة (568) . [7] ديوان طفيل الغنوي 104، ووسمط اللآلي 345، وانظر لشرح البيت ما تقدم في شرح بيت الراعي. [8] ديوان زهير 191.

وبلدة لا ترام خائفة ... زوراء مغبّرة جوانبها [1] تسمع للجنّ عازفين بها ... تصيح من رهبة ثعالبها [2] كلّفتها عرمسا عذافرة ... ذات هباب فعما مناكبها [3] تراقب المحصد الممرّ إذا ... هاجرة لم تقل جنادبها [4] والذي عندي أنّ زهيرا قد وصف الثّعلب بشدّة القلب، لأنهم إذا هوّلوا بذكر الظّلمة الوحشيّة والغيلان، لم يذكروا إلّا فزع من لا يكاد يفزع، لأنّ الشاعر قد وصف نفسه بالجراءة على قطع هذه الأرض في هذه الحال. وفي استنذاله وجبنه قالت أمّ سالم لابنها معمر: [من الطويل] أرى معمرا لا زيّن الله معمرا ... ولا زانه من زائر يتقرّب أعاديتنا عاداك عزّ وذلّة ... كأنك في السّربال إذ جئت ثعلب فلم تر عيني زائرا مثل معمر ... أحقّ بأن يجنى عليه ويضرب وقال عقيل بن علفة: [من الطويل] تأمّل لما قد نال أمّك هجرس ... فإنّك عبد يا زميل ذليل وإني متى أضربك بالسّيف ضربة ... أصبّح بني عمرو وأنت قتيل الهجرس: ولد الثّعلب. قال: وكيف يصطاد وهو على هذه الصّفة؟ فأنشد شعر ابن ميّادة [5] : [من الطويل] ألم تر أنّ الوحش يخدع مرّة ... ويخدع أحيانا فيصطاد نورها بلى، وضواري الصّيد تخفق مرّة ... وإن فرهت عقبانها ونسورها [6]

_ [1] في ديوانه: «لا ترام: لا يقدر عليها. خائفة: ذات خوف، كقولك: عيشة راضية: ذات رضا. زروراء: ليس طريقها بمستقيم، ولا هي على القصد. مغبرة: من الجدب. جوانبها: نواحيها» . [2] في ديوانه: «أي: تسمع لهم مثل العزف، أي: صوت المزمار والطبل من بعيد» . [3] في ديوانه: «عذافرة: ضخمة شديدة الخلق. عرمسا: ناقة شديدة. ذات هباب: أي ذات نشاط. فعما: ممتلئا. يريد ضخمة المناكب» . [4] في ديوانه: «تراقب: ترقب السوط بشق عينها، من الخوف أن تضرب به. المحصد: الشديد الفتل، يعني السوط. الممر: المفتول. لم تقل: من القائلة، يريد من شدة الحر، والجندب هو راجل الجراد الذي ليس له جناحان يطير بهما» . [5] ديوان ابن ميادة 129. [6] النور: جمع نوار، وهي النّفر من الظباء والوحوش وغيرها.

قال: وسألت عنه بعض الفقهاء فقال [1] : قيل لابن عبّاس: كيف تزعمون أنّ سليمان بن داود عليهما السلام كان إذا صار في البراري، حيث لا ماء ولا شجر، فاحتاج إلى الماء، دلّه على مكانه الهدهد، ونحن نغطّي له الفخّ بالتراب الرّقيق، ونبرز له الطّعم، فيقع فيه جهلا بما تحت ذلك التراب، وهو يدلّ على الماء في قعر الأرض الذي لا يوصل إليه إلّا بأن يحفر عليه القيّم الكيّس؟ قال: فقال ابن عبّاس رضي الله عنهما: «إذا جاء القدر لم ينفع الحذر» [2] . وأنشدوا: [من الكامل] خير الصديق هو الصّدوق مقالة ... وكذاك شرّهم الميون الأكذب [3] فإذا غدوت له تريد نجازه ... بالوعد راغ كما يروغ الثّعلب وقال حسّان بن ثابت رضي الله عنه [4] : [من الطويل] بني عابد شاهت وجوه الأعابد ... بطاء عن المعروف يوم التّزايد فما كان صيفيّ يفي بأمانة ... قفا ثعلب أعيا ببعض المراصد وأنشد [5] : [من الطويل] ويشربه مذقا ويسقي عياله ... سجاجا كأقراب الثّعالب أورقا [6] وقال مالك بن مرداس: [من الرجز] يا أيّها ذا الموعدي بالضرّ ... لا تلعبنّ لعبة المغترّ أخاف أن تكون مثل هرّ ... أو ثعلب أضيع بعد حرّ هاجت به مخيلة الأظفر ... عسراء في يوم شمال قرّ [1]

_ [1] الخبر في ثمار القلوب 384 (706) ، وتقدم في 3/250، الفقرة (917) ، وفيه أن الذي سأل ابن عباس هو نجدت الحروري؛ أو نافع بن الأزرق. [2] في ثمار القلوب: «إذا جاء القدر عمي البصر، وفي رواية أخرى: إذا جاء الحين غطى العين» . [3] رجل ميون: كذاب. [4] ديوان حسان بن ثابت 208. [5] البيت بلا نسبة في اللسان (سجج، مذق، ورق) ، والتاج (سجج، ورق) ، والتهذيب 9/77، 10/449، والمخصص 5/46، ونظام الغريب 98. [7] المذق: اللبن الممزوج بالماء. السجاج: اللبن الذي يجعل فيه الماء، أرق ما يكون. الأقراب: جمع قرب، وهو الخاصرة. الأورق: اللبن الذي ثلثاه ماء وثلثه لبن. [8] العسراء: العقاب التي في جناحها قوادم بيض. يوم شمال: أي يوم تهب فيه ريح الشمال. القر: اليوم البارد.

1837 -[سلاح الثعلب]

يجول منها لثق الذعر ... بصرد ليس بذي محجر [1] تنفض أعلى فروه المغبرّ ... تنفضّ منها نابها بشزر نفضا كلون الشره المخمر المخيلة: العقاب الذّكر الأشبث. صرد: مكان مطمئن. وقال اليقطري: كان اسم أبي الضّريس دينارا فقال له مولاه: يا دنينير! فقال: أتصغّرني وأنت من بني مخيلة، والعقاب الذّكر بدرهم، والأنثى بنصف درهم، وأنا ثمني عشرة دراهم 1837-[سلاح الثعلب] ومن أشدّ سلاح الثّعلب عندكم الرّوغان والتّماوت، وسلاحه أنتن وألزج وأكثر من سلاح الحبارى. وقالت العرب: «أدهى [من ثعلب] [2] ، وأنتن من سلاح الثّعلب» . وله عجيبة في طلب مقتل القنقذ، وذلك إذا لقيه فأمكنه من ظهره بال عليه. فإذا فعل ذلك به ينبسط فعند ذلك يقبض على مراقّ بطنه. 1838-[أرزاق الحيوان] ومن العجب في قسمة الأرزاق أنّ الذّئب يصيد الثّعلب فيأكله، ويصيد الثّعلب القنقذ فيأكله، ويريغ القنفذ الأفعى فيأكلها. وكذلك صنيعه في الحيّات ما لم تعظم الحيّة. والحيّة تصيد العصفور فتأكله، والعصفور يصيد الجراد فيأكله، والجراد يلتمس فراخ الزّنابير وكلّ شيء يكون أفحوصه على المستوي، والزّنبور يصيد النّحلة فيأكلها، والنّحلة تصيد الذبابة فتأكلها، والذبابة تصيد البعوضة فتأكلها. 1839-[الإلقة والسهل والنوفل والنضر] وأمّا قوله [3] : 9- «وإلقة ترغث ربّاحها ... والسّهل والنّوفل والنضر»

_ [1] الصرد: المكان المرتفع من الجبال. [2] زيادة يقتضيها السياق. [3] من القصيدة التي تقدمت ص 464.

1840 -[الأبغث]

فالإلقة ها هنا القردة. ترغث: ترضع. والرّبّاح: ولد القردة. والسّهل: الغراب. والنّوفل: [البحر] [1] . والنّضر: [الذهب] [1] . وكلّ جريّة [2] من النّساء وغير ذلك فهي إلقة. وأنشدني بشر بن المعتمر لرؤبة [3] : [من الرجز] جدّ وجدّت إلقة من الإلق وقد ذكرنا الهقل وشأنه في الجمر والصّخر [4] ، وأكل الضّبّ أولاده [5] ، في موضعه من هذا الكتاب وكذلك قوله في العترفان [6] ، وهو الديك الذي يؤثر الدّجاج بالحبّ، وكأنّه منجّم أو صاحب أسطرلاب [7] . وذكرنا أيضا ما في الجراد في موضعه [8] . ولسنا نعيد ذكر ذلك، وإن كان مذكورا في شعر بشر [9] . 1840-[الأبغث] وأمّا قوله: 16- « [جرادة تخرق متن الصفا] [10] ... وأبغث يصطاده صقر» ثم قال: 17- «سلاحه رمح فما عذره ... وقد عراه دونه الذعر» يقول: بدن الأبغث أعظم من بدن الصقر، وهو أشدّ منه شدّة، ومنقاره كسنان الرّمح في الطول والذّرب. وربّما تجلّى له الصّقر والشّاهين فعلق الشّجر والعرار [11] ، وهتك كلّ شيء. يقول: فقد اجتمعت فيه خصال في الظّاهر معينة له عليه. ولولا أنّه على حال يعلم أنّ الصّقر إنما يأتيه [قبلا] [12] ودبرا، واعتراضا، ومن عل، وأنه قد

_ [1] زيادة يقتضيها السياق. [2] الجرية: الجريئة. [3] ديوان رؤبة 107، وبلا نسبة في المقاييس 1/132، والمخصص 10/187. وتقدم في 2/401، الفقرة (462) . [4] انظر ما تقدم في 1/97، الفقرة (110) ، س 17- 18. [5] انظر ما تقدم في 1/129، الفقرة (155) . [6] انظر ما تقدم في 2/329- 331، الفقرة (354) . [7] انظر ما تقدم في 2/378، س 2- 3. [8] انظر ما تقدم في 5/. [9] بهذه الإشارات استغنى الجاحظ عن إعادة إنشاد الأبيات 10- 15 من هذه القصيدة. [10] صدر البيت من ص 465. [11] العرار: شجر عظيم جبلي تسميه الفرس: السرو. [12] زيادة يقتضيها المعنى.

1841 -[ما يقبل التعليم من الحيوان]

أعطى في سلاحه وكفّه فضل [1] قوّة لما استخذى [2] له، ولما أطمعه بهربه، حتّى صارت جرأته عليه بأضعاف ما كانت. قال بعض بني مروان [3] في قتل عبد الملك عمرو بن سعيد: [من الطويل] كأنّ بني مروان إذ يقتلونه ... بغاث من الطّير اجتمعن على صقر 1841-[ما يقبل التعليم من الحيوان] وأمّا قوله: 18- «والدّبّ والقرد إذا علّما ... والفيل والكلبة واليعر» فإن الحيوان الذي يلقن ويحكي ويكيس ويعلّم فيزداد بالتّعليم في هذه التي ذكرنا، وهي الدّبّ والقرد، والفيل، والكلب. وقوله: اليعر، يعني صغار الغنم. ولعمري أنّ في المكّيّة والحبشيّة لعبا. 1842-[حب الظبي للحنظل، والعقرب للتمر] وأمّا قوله: 20- «وظبية تخضم في حنظل ... وعقرب يعجبها التّمر» ففي الظّبي أعاجيب من هذا الضرب، وذلك أنّه ربّما رعى الحنظل، فتراه يقبض ويعضّ على نصف حنظلة فيقدّها قد الخسفة [4] فيمضغ ذلك النصف وماؤه يسيل من شدقيه، وأنت ترى فيه الاستلذاذ له، والاستحلاء لطعمه. وخبرني أبو محجن العنزيّ، خال أبي العميثل الرّاجز، قال: كنت أرى بأنطاكية الظّبي يرد البحر، ويشرب المالح الأجاج [5] . والعقرب ترمي بنفسها في التّمر. وإنّما تطلب النّوى المنقع في قعر الإناء. فأيّ شيء أعجب من حيوان يستعذب ملوحة البحر، ويستحلي مرارة الحنظل.

_ [1] فضل: زيادة. [2] استخذى: خضع. [3] البيت بلا نسبة في ثمار القلوب (237) ، وسيأتي في 7/37 منسوبا إلى بشر بن مروان. [4] الخسفة: واحدة الخسف، وهو الجوز الذي يؤكل. [5] الأجاج: الشديد الملوحة.

1843 -[فأرة البيش]

وسنذكر خصال الظّبي في الباب الذي يقع فيه ذكره إن شاء الله تعالى. ولسنا نذكر شأن الضبّ والنّمل، والجعل والرّوث والورد لأنّا قد ذكرناه مرّة. 1843-[فأرة البيش] وأمّا قوله: 23- «وفأرة البيش إمام لها ... والخلد فيه عجب هتر» فإن فأرة البيش دويبة تشبة الفأرة، وليست بفأرة، ولكن هكذا تسمّى. وهي تكون في العياض والرّياض ومنابت الأهضام [1] . وفيها سموم كثيرة، كقرون السّنبل، وما في القسط [2] . فهي تتخلّل تلك الأهضام، وتطلب السّموم وتغتذيها. والبيش: اسم لبعض السّموم. وهذا ممّا يعجب منه. وقد ذكرنا شأن القنقذ والحيّة في باب القول في الحيّات [3] . 1844-[العضرفوط والهدهد] وأمّا قوله: 25- «وعضرفوط ما له قبلة» فهو أيضا عندهم من مطايا الجنّ. وقد ذكره أيمن بن خريم فقال [4] : [من المتقارب] وخيل غزالة تنتابهم ... تجوب العراق وتجبي النّبيطا [5] تكرّ وتجحر فرسانهم ... كما أجحر الحيّة العضرفوطا [6] لأن العضرفوط دويبّة صفيرة ضعيفة، والحيّات تأكلها وتغصبها أنفسها. وأنشدوا على ألسنة الجنّ [7] : [من الطويل]

_ [1] الأهضام: جمع هضم، وهو المطمئن من الأرض، أو أسفل الوادي. [2] القسط: عود يتبخر به. [3] انظر ما تقدم في 4/169. [4] ديوان أيمن بن خريم 141، والأغاني 20/314، والثاني في اللسان والتاج (عضرفط) . [5] تنتابهم: تأتيهم مرة بعد مرة. تجوب: تقطع. النبيط: جيل كانوا ينزلون سواد العراق. تجبي: تأخذ منهم الجباية. [6] تجحر: تدخلهم في الحجر، أي تحملهم على الهرب. [7] تقدم البيت مع تخريجه ص 441.

1845 -[الببر والنمر]

ومن عضرفوط حطّ بي فأقمته ... يبادر وردا من عظاء قوارب وأمّا قوله: 25- «وهدهد يكفره بكر» فإنّما ذلك لأنّه كان حاجّ بكر ابن أخت عبد الواحد [صاحب] [1] البكريّة، فقال له [2] : أتخبر عن حال الهدهد بخبر؟ إنه كان يعرف طاعة الله عزّ وجل من معصيته، وقد ترك موضعه وسار إلى بلاد سبأ، وهو وإن أطرف سليمان بذلك الخبر وقبله منه فإنّ ذنبه في ترك موضعه الذي وكلّ به، وجولانه في البلدان على حاله. ولا يكون ذلك مما يجعل ذنبه السابق إحسانا. والمعصية لا تنقلب طاعة، فلم لا تشهد عليه بالنّفاق؟ قال: فإني أفعل! قال: فحكى ذلك عنه فقال: أمّا هو فقد كان سلم على سليمان وقد كان قال: لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ [3] ، فلمّا أتاه بذلك الخبر، رأى أنّه قد أدلى بحجّة، فلم يعذّبه، ولم يذبحه. فإن كان ذنبه على حاله، فكيف يكون ما هجم عليه ممّا لم يرسل فيه ولم يقصد له حجّة؟ وكيف يبقي هذا عليه. وبكر يزعم أن الأطفال والبهائم لا تأثم، ولا يجوز أن يؤثم الله تعالى إلّا المسيئين. فقال بشر لبكر: بأيّ شيء تستدلّ على أنّ المسيء يعلم أنه مسيء؟ قال: بخجله، واعتذاره بتوبته. قال: فإنّ العقرب متى لسعت فرّت من خوف القتل، وهذا يدلّ على أنّها جانية، وأنت تزعم أنّ كلّ شيء عاص كافر، فينبغي للعقرب أن تكون كافرة، إذا لم يكن لها عذر في الإساءة. 1845-[الببر والنمر] وأمّا قوله: 27- «والببر فيه عجب عاجب ... إذا تلاقى الليث والنّمر» لأنّ الببر مسالم للأسد، والنّمر يطالبه، فإذا التقيا أعان الببر الأسد.

_ [1] إضافة يقتضيها الكلام. [2] أي قال له بشر. [3] 21/النمل: 27.

1846 -[الخفاش والطائر الذي ليس له وكر]

1846-[الخفاش والطائر الذي ليس له وكر] وأمّا قوله: 28- «وطائر أشرف ذو جردة ... وطائر ليس له وكر» [1] فإنّ الأشرف من الطّير الخفّاش، لأنّ لآذانها حجما ظاهرا. وهو متجرّد من الزّغب والرّيش، وهو يلد. والطّائر الذي ليس له وكر، هو طائر يخبر عنه البحريّون أنّه لا يسقط إلّا ريثما يجعل لبيضه أدحيّا من تراب، ويغطّي عليه، ويطير في الهواء أبدا حتّى يموت. وإن لقى ذكر أنثى تسافدا في الهواء. وبيضه يتفقص من نفسه عند انتهاء مدّته، فإذا أطاق فرخه الطّيران كان كأبويه في عاداتهما. 1847-[الثعالب والنسور والضباع] وأمّا قوله: 29- «وثرمل تأوي إلى دوبل ... وعسكر يتبعه النسر 30- يسالم الضّبع بذي مرة ... أبرمها في الرحم العمر» فالثرملة: أنثى الثّعالب، وهي مسالمة للدّوبل [2] . وأمّا قوله: وعسكر يتبعه النّسر فإن النسور تتبع العساكر، وتتبع الرّفاق ذوات الإبل، وقد تفعل ذلك العقبان، وتفعله الرّخم. وقد قال النّابغة [3] : [من الطويل] وثقت له بالنّصر إذ قيل له قد غدت ... كتائب من غسّان غير أشائب [4]

_ [1] الجردة: التجرد. [2] الدوبل: الذئب العرم، والثعلب. [3] ديوان النابغة الذبياني 42- 43، والأول في اللسان والتاج والأساس (أشب) ، والتنبيه والإيضاح 1/41، والعين 6/292، والتهذيب 11/432، وبلا نسبة في المقاييس 1/108، والمجمل 1/193. والثاني في اللسان والتاج (أشب) ، والثالث في الخزانة 4/289، واللسان والتاج (عصب، حلق) ، والمقاييس 2/99، وبلا نسبة في شرح المفصل 1/68، وشرح التصريح 2/227، والرابع في أساس البلاغة (جنح) ، والمقاييس 2/99، والخامس في الجمهرة 329، والمعاني الكبير 283، 477، 913، وبلا نسبة في المخصص 16/108. [4] الأشائب: الأخلاط من الناس.

بنو عمّه دنيا، وعمرو بن عامر ... أولئك قوم بأسهم غير كاذب [1] إذا ما غزوا بالجيش حلّق فوقهم ... عصائب طير تهتدي بعصائب [2] جوانح قد أيقنّ أنّ قبيله ... إذا ما التقى الجمعان أوّل غالب [3] تراهنّ خلف القوم خزرا عيونها ... جلوس الشّيوخ في مسوك الأرانب [4] والأصمعي يروي: «جلوس الشيوخ في ثياب المرانب» . وسباع الطير كذلك في اتباع العساكر. وأنا أرى ذلك من الطمع في القتلى، وفي الرّذايا والحسرى، أو في الجهيض وما يجرح. وقد قال النّابغة [5] : [من الطويل] سماما تباري الرّيح خصوما عيونها ... لهنّ رذايا بالطّريق ودائع [6] وقال الشاعر [7] : [من الطويل] يشقّ سماحيق السّلا عن جنينها ... أخو قفرة بادي السّغابة أطحل [8] وقال حميد بن ثور في صفة ذئب [9] : [من الطويل] إذا ما بدا يوما رأيت غياية ... من الطير ينظرن الذي هو صانع [10] لأنّه لا محالة حين يسعى وهو جائع، سوف يقع على سبع أضعف منه أو على بهيمة ليس دونها مانع.

_ [1] دنيا: أراد الأدنين في النسب. [2] العصائب: الجماعات. [3] جوانح: مائلات للوقوع على القتلى في المعركة. [4] خزرا عيونها: أي تنظر بمآخير أعينها. المسوك: جمع مسك، وهو الجلد. [5] ديوان النابغة الذبياني 36، والتاج (سمم) ، والعين 7/207. [6] السمام: طيور تشبه السمانى، شديدة الطيران، شبه الإبل بها في سرعتها. تباري الريح: تعارضها لسرعتها. خوصا عيونها: أي غائرة العيون من الجهد والعناء. الرذايا: الساقطة المعيية التي لا تنبعث، فأخذت رحالها عنها وتركت. ودائع: قد استودعت الطريق، أي تركت فيه لإعيائها. [7] البيت للأخطل في ديوانه 14. [8] السمحاق: ما خرج على وجه الوليد من السلا. السلا: غشاوة رقيقة. أخو قفرة: الذئب. السغابة: الجوع. الأطحل: الأكدر اللون كلون الطحال. [9] البيت لحميد بن ثور في ديوانه 106، والحماسة البصرية 2/338، وبلا نسبة في أساس البلاغة (ظلل) . [10] غياية تكون من الطير الذي يغيي على رأسك أي يرفرف.

1848 -[نسر لقمان]

وقد أكثر الشّعراء في هذا الباب حتّى أطنب بعض المحدثين وهو مسلم بن الوليد بن يزيد فقال [1] : [من البسيط] يكسو السيوف نفوس الناكثين به ... ويجعل الهام تيجان القنا الذّبل قد عوّد الطّير عادات وثقن بها ... فهنّ يتبعنه في كلّ مرتحل ولا نعلم أحدا منهم أسرف في هذا القول وقال قولا يرغب عنه إلا النابغة، فإنّه قال [2] : [من الطويل] جوانح قد أيقنّ أنّ قبيله ... إذا ما التقى الجمعان أوّل غالب وهذا لا نثبته. وليس عند الطّير والسّباع في اتّباع الجموع إلّا ما يسقط من ركابهم ودوابّهم وتوقّع القتل، إذ كانوا قد رأوا من تلك الجموع مرّة أو مرارا. فأمّا أن تقصد بالأمل واليقين إلى أحد الجمعين، فهذا ما لم يقله أحد. 1848-[نسر لقمان] وقد أكثر الشّعراء في ذكر النسور، وأكثر ذلك قالوا في لبد [3] . قال النّابغة [3] : [من البسيط] أضحت خلاء وأمسى أهلها احتملوا ... أخنى عليها الذي أخني على لبد [4] فضربه مثلا في طول السّلامة. وقال لبيد [5] : [من الكامل] لما رأى صبح سواد خليله ... من بين قائم سيفه والمحمل [6]

_ [1] ديوان مسلم بن الوليد 11- 12، وديوان المعاني 1/116، وحماسة القرشي 338. [2] تقدم البيت ص 484. [3] لبد: هو نسر لقمان، انظر حديثه في ثمار القلوب 376، (694) ، والمعمرون 4، والفاخر 84، والاختيارين 75، والتيجان 79، وفصل المقال 462، والمعارف 626، والسمط 845، والخزانة 11/143، والمستقصى 1/36، ومجمع الأمثال 1/429. [4] ديوان النابغة الذبياني 16، والجمهرة 1057، والخزانة 4/5، والدرر 2/57، واللسان (لبد، خنا) ، وعمدة الحفاظ 4/7 (لبد) ، 4/94 (مسي) ، وبلا نسبة في شرح قطر الندى 134، وهمع الهوامع 1/114، وعجزه في ثمار القلوب (694) . [5] ديوان لبيد 274، وثمار القلوب (694) . [6] في ديوانه: «صبح: هو العادي يقال إنه من ملوك الحبشة. وعنى بخليله سواد كبده؛ لأنه يروى الأسد بقر بطنه وهو حي، فنظر إلى سواد كبده، وقيل: خليل الرجل قلبه» .

1849 -[شعر وخبر فيما يشبه بالنسور]

صبّحن صبحا يوم حقّ حذاره ... فأصاب صبحا قائما لم يعقل فالتفّ منقصفا وأضحى نجمه ... بين التراب وبين حنو الكلكل [1] ولقد جرى لبد فأدرك جريه ... ريب الزّمان وكان غير مثقّل لما رأى لبد النسور تطايرت ... رفع القوادم كالفقير الأعزل [2] من تحته لقمان يرجو نفعه ... ولقد رأى لقمان أن لم يأتل [3] وإن أحسنت الأوائل في ذلك فقد أحسن بعض المحدثين وهو الخزرجي في ذكر النّسر وضرب المثل به وبلبد وصحّة بدن الغراب، حيث ذكر طول عمر معاذ بن مسلم بن رجاء، مولى القعقاع بن شور [وكان من المعمرين، طعن في السن مائة وعشرين سنة] [4] . وهو قوله [5] : [من المنسرح] إنّ معاذ بن مسلم رجل ... قد ضجّ من طول عمره الأبد قد شاب رأس الزّمان واختضب ال ... دّهر وأثواب عمره جدد يا نسر لقمان كم تعيش وكم ... تلبس ثوب الحياة يا لبد قد أصبحت دار آدم خربت ... وأنت فيها كأنّك الوتد تسأل عربانها إذا حجلت ... كيف يكون الصّداع والرّمد 1849-[شعر وخبر فيما يشبه بالنسور] وما تعلق بالسّحاب من الغيم يشبّه بالنّعام، وما تراكب عليه يشبّه بالنسور. قال الشاعر [6] : [من الطويل] خليليّ لا تستسلما وادعوا الذي ... له كلّ أمر أن يصوب ربيع حيا لبلاد أنفذ المحل عودها ... وجبر لعظم في شظاه صدوع بمستنضر غرّ النّشاص كأنّها ... جبال عليهنّ النسور وقوع [7] عسى أن يحلّ الحيّ جزعا وإنها ... وعلّ النوى بالظّاعنين تريع

_ [1] انقصف: انكسر. حنو كل شيء: اعوجاجه؛ أو كل شيء فيه اعوجاج كاللحى والضلع. والكلكل: الصدر. [2] الفقير: الذي كسرت فقراته. الأعزل: المائل الذنب، توصف به الخيل. [3] يأتلي: يقصر ويبطئ. [4] ما بين قوسين مستدرك من ثمار القلوب (695) حيث نقل عن الجاحظ. [5] الأبيات في ربيع الأبرار 3/90، وتقدمت الأبيات مع تخريج واف في 3/201، الفقرة (844) . [6] الأبيات في ربيع الأبرار 1/139، وتقدمت في 4/430 عدا البيت الثالث. [7] المستنضد: أراد به السحاب، وهو المتراكم منه. النشاص: السحاب المرتفع بعضه فوق بعض.

وشبّه العجير السّلوليّ شيوخا على باب بعض الملوك بالنسور، فقال [1] : [من الطويل] فمنهن إسآدي على ضوء كوكب ... له من عمانيّ النّجوم نظير [2] ومنهن قرعي كلّ باب كأنّما ... به القوم يرجون الأذين نسور [3] إلى فطن يستخرج القلب طرفه ... له فوق أعواد السّرير زئير [4] وذكرت امرأة من هذيل قتيلا فقالت [5] : [من البسيط] تمشى النسور إليه وهي لاهية ... مشي العذارى عليهنّ الجلابيب تقول: هي آمنة أن تذعر ومدح بعض الشّعراء عبد العزيز بن زرارة الكلابيّ فقال [6] : [من الطويل] وعند الكلابيّ الذي حلّ بيته ... بجوّ شخاب ماضر وصبوح [7] ومكسورة حمر كأنّ متونها ... نسور إلى جنب الخوان جنوح [8] مكسورة: يعني وسائد مثنيّة. وقال ابن ميّادة [9] : [من الكامل] ورجعت من بعد الشّباب وعصره ... شيخا أزبّ كأنّه نسر [10] وقال طرفة: [من مجزوء الكامل] فلأمنعنّ منابت الضّ ... مران إذ منع النسور [11]

_ [1] البيتان (1، 2) في الأغاني 13/68، و (1، 3) في مجالس ثعلب 524 والثاني في البيان والتبيين 1/123، والبيت الثالث في اللسان والتاج (نفض) ، وبلا نسبة في الأساس (قطم) . [2] الإسآد: سير الليل كله. [3] الأذين: الزعيم والكفيل. [4] الفطن: الفهم الذكي. [5] البيت لجنوب أخت عمرو ذي الكلب في شرح أشعار الهذليين 580، واللسان والتاج (جلب) ، والتنبيه، والإيضاح 1/52، ولريطة أخت عمرو في الأغاني 22/353، ونوادر المخطوطات 2/243، وبلا نسبة في المقاييس 1/470. [6] البيتان في محاضرات الأدباء 2/161. [7] جو: اسم موضع. الشخاب: اللبن. الماضر: اللبن الحامض. الصبوح: ما حلب من اللبن بالغداة. [8] جنوح: مائلات. [9] ديوان ابن ميادة 128. [10] الأزب: الكثير شعر الذراعين والحاجبين. [11] لم يرد البيت في ديوانه طبعة صادر، وهو في ديوانه 155 طبعة مجمع اللغة، الضمران: ضرب من الشجر.

وفي كتاب كليلة ودمنة [1] : «وكن كالنّسر حوله الجيف، ولا تكن كالجيف حولها النسور» . فاعترض على ترجمة ابن المقفّع بعض المتكلّفين من فتيان الكتّاب فقال: إنما كان ينبغي أن يقول: «كن كالضّرس حفّ بالتّحف، ولا تكن كالهبرة تطيف بها الأكلة» : وأطنّه أراد الضّروس فقال الضّرس. وهذا من الاعتراض عجب. ويوصف النسر بشدّة الارتفاع، حتّى ألحقوه بالأنوق، وهي الرّخمة. وقال عديّ بن زيد [2] : [من الخفيف] فوق علياء لا ينال ذراها ... يلغب النّسر دونها والأنوق [3] وأنشدوا في ذلك: [من الكامل] أهل الدّناءة في مجالسهم ... الطّيش والعوراء والهذر يدنون ما سألوا وإن سئلوا ... فهم مع العيّوق والنّسر وقال زيد بن بشر التّغلبي، في قتل عمير بن الحباب: [من الخفيف] لا يجوزنّ أرضنا مضريّ ... بخفير ولا بغير خفير طحنت تغلب هوازن طحنا ... وألحّت على بني منصور [4] يوم تردى الكماة حول عمير ... حجلان النسور حول جزور وقال جميل [5] : [من الطويل] وما صائب من نابل قذفت به ... يد وممرّ العقدتين وثيق [6] له من خوافي النّسر حمّ نظائر ... ونصل كنصل الزّاعبيّ رقيق [7] على نبعة زوراء أمّا خطامها ... فمتن وأمّا عودها فعتيق [8]

_ [1] انظر كليلة ودمنة، باب الأسد والثور، ص 137. [2] ديوان عدي بن زيد 79. [3] اللغوب: التعب والإعياء. [4] ديوان جميل 151- 152. [5] ديوان جميل 151- 152 والكامل 1/42 (المعارف) ، 96 (الدالي) ، والحماسة الشجرية 1/512، والأبيات (1- 4) في السمط 29، والأول في أمالي القالي 1/7، واللسان (همن) ، والتهذيب 6/334، والخامس في اللسان (صدق) ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1347. [6] النابل: صاحب النبل، وهي السهام. ممر العقدتين: يريد وتر الفرس. [7] الخوافي: ريشات من الجناح إذا ضم الطائر جناحيه خفيت. حمّ: سود. نظائر: متماثلة. الزاعبي من الرماح: الذي إذا هز تدافع كله كأن آخره يجري في مقدمه. [8] النبعة: الشجرة من النبع، وهو من أشجار الجبال تتخذ منه أكرم القسي. الزوراء: المعوجة. خطام القوس: وترها. المتن: الظهر. عتيق: قديم كريم.

1850 -[مسالمة النسر للضبع]

بأوشك قتلا منك يوم رميتني ... نوافذ لم تظهر لهن خروق [1] فلم أر حربا يا بثين كحربنا ... تكشّف غمّاها وأنت صديق [2] 1850-[مسالمة النسر للضبع] وأما قوله: 30- «يسالم الضّبع بذي مرّة ... أبرمها في الرّحم العمر» لأنّ النّسر طير ثقيل، عظيم شره رغيب نهم. فإذا سقط على الجيفة وتملأ لم يستطع الطّيران حتى يثب وثبات، ثمّ يدور حول مسقطه مرارا، ويسقط في ذلك، فلا يزال يرفع نفسه طبقة طبقة في الهواء حتى يدخل تحته الرّيح. فكلّ من صادفه وقد بطن وتملأ، ضربه إن شاء بعصا، وإن شاء بحجر، حتّى ربما اصطاده الضّعيف من الناس. وهو مع ذلك يشارك الضّبع في فريسة الضبع، ولا يثب عليه، مع معرفته بعجزه عن الطّيران. وزعم أنّ ثقته بطول العمر هو الذي جرّأه على ذلك. 1851-[استطراد لغوي] ويقال: هوت العقاب تهوي هويّا: إذا انقضّت على صيد أو غيره ما لم ترغه، فإذا أراغته قيل أهوت له إهواء. والإهواء أيضا التّناول باليد. والإراغة أن يذهب بالصيد هكذا وهكذا. ويقال دوّم الطائر في جوّ السّماء، وهو يدوّم تدويما: إذا دار في السماء ولا يحرك جناحيه. ويقال نسره بالمنسر [3] . وقال العجّاج [4] : [من الرجز] شاكي الكلاليب إذا أهوى ظفر ... كعابر الرؤوس منها أو نسر [5]

_ [1] بأوشك: بأسرع. نوافذ: طعنات نافذة. [2] غمى الحرب: شدتها. [3] المنسر: هو لسباع الطير بمنزلة المنقار لغيرها. [4] ديوان العجاج 1/44، والثاني في اللسان والتاج (كعبر) . [5] الكلاليب: المخالب. الشاكي: الحاد، الكعابر: رؤوس العظام.

(ولوع عتاق الطير بالحمرة)

والنسر ذو منسر، وليس بذي مخلب، وإنما له أظفار كأظفار الدّجاج. وليس له سلاح، إنّما يقوى بقوّة بدنه وعظمه. وهو سبع لئيم عديم السّلاح، وليس من أحرار الطير وعتاقها. (ولوع عتاق الطير بالحمرة) ويقال إنّ عتاق الطير تنقضّ على عمود الرّحل وعلى الطّنفسة والنمرق [1] فتحسبه لحمرته لحما. وهم مع ذلك يصفونها بحدّة البصر ولا أدري كيف ذلك. وقال غيلان بن سلمة [2] : [من الكامل] في الآل يخفضها ويرفعها ... ريع كأنّ متونه السّحل [3] عقلا ورقما ثمّ أردفه ... كلل على ألوانها الخمل [4] كدم الرّعاف على مآزرها ... وكأنّهنّ ضوامرا إجل [5] وهذا الشّعر عندنا للمسيّب بن علس. وقال علقمة بن عبدة [6] : [من البسيط] ردّ الإماء جمال الحيّ فاحتملوا ... وكلّها بالتّزيديات معكوم [7] عقلا ورقما يظلّ الطّير يتبعه ... كأنّه من دم الأجواف مدموم [8]

_ [1] الطنفسة: النمرقة فوق الرحل، والنمرق: الوسادة الصغيرة. [2] الأبيات للمسيب بن علس في ديوانه 625، وانظر ما تقدم في 1/251، س 11- 15. [3] الربع: الطريق المنفرج عن الجبل. متونه: ظهوره. السحل: الثوب الأبيض من الكرسف من ثياب اليمن. [4] العقل: ثوب أحمر يجلل به الهودج. الرقم: ضرب من البرود. الكلل: جمع كلة، وهي من الستور ما خيط فصار كالبيت. الخمل: الطنفسة، وهي الوسادة. [5] الإجل: القطيع من بقر الوحش. [6] ديوان علقمة 51، والأول في اللسان والتاج (زيد) ، والثاني في اللسان (عقل، دمم، عقم) ، والتاج (عقل، عقم) ، والتهذيب 14/81، وبلا نسبة في العين 1/160، 8/15. [7] في ديوانه: «رد الإماء، يقول: رددن الإبل من مراعيها لما أرادوا الرحيل. والتزيديات: ثياب منسوبة إلى تزيد بن حيدان بن عمران من قضاعة، وقال الأصمعي: التزيدات: هوادج. المعكوم: من العكم، وهو العدل. [8] في ديوانه: «العقل: ضرب من البرود. الرقم: ما نقش بالدارات، وهو ضرب من البرود أيضا. مدموم: مطلي بالدم» .

1852 -[شعر في العقاب]

1852-[شعر في العقاب] وقال الهذليّ [1] : [من الكامل] ولقد غدوت وصاحبي وحشيّة ... تحت الرّداء بصيرة بالمشرف حتّى أتيت إلى فراش عزيزة ... سوداء، روثة أنفها كالمخصف [2] يعني عقابا. وقوله: «بصيرة بالمشرف» يريد الرّيح من أشرف لها أصابته. وقال الآخر في شبيه بهذا: [من الكامل] فإذا أتتكم هذه فتلبّسوا ... إنّ الرّماح بصيرة بالحاسر [3] وقال آخر [4] : [من الكامل] كأنّي إذ عدوا ضمّنت بزّي ... من العقبان خائتة طلوبا [5] جريمة ناهض في رأس نيق ... ترى لعظام ما جمعت صليبا [6] وقال طفيل الغنويّ [7] : [من الطويل] تبيت كعقبان الشّريف رجاله ... إذا ما نووا إحداث أمر معطّب [8]

_ [1] البيتان لأبي كبير الهذلي في شرح أشعار الهذليين 1089، والأول في اللسان (وحش) ، والتاج (عزز، وحش) ، والتهذيب 5/145، وللهذلي في المخصص 8/147، والثاني في اللسان والتاج (روث، عزز، فرش، خصف) ، والتهذيب 7/147، 15/125، وخلق الإنسان 146، ونظام الغريب 26، وللهذلي في المقاييس 2/186، والمخصص 1/29، 4/113، 8/147، والأساس (خصف) ، والتهذيب 11/347. [2] روثة الأنف، عنى به المنقار، المخصف: المثقب. [3] تلبسوا: البسوا السلاح. الحاسر: الذي لا سلاح عليه. [4] البيتان لأبي كبير الهذلي في شرح أشعار الهذليين 1205، واللسان والتاج (صلب) ، والأول في اللسان (بزز) بلا نسبة، والثاني في اللسان والتاج (جرم) ، والمخصص 8/147، والمجمل 1/425، والتهذيب 11/67، 12/196، والتنبيه والإيضاح 1/103، وبلا نسبة في الجمهرة 465، والمقاييس 1/446. والمخصص 13/117، وديوان الأدب 1/399. [5] البز: السلاح. الخائتة: التي تنقض على الصيد لتأخذه؛ فتسمع لجناحيها صوتا. [6] الجريمة: الكاسبة. الناهض: الفرخ. النيق: أرفع موضع من الجبل. الصليب: الودك، أو ودك العظام. [7] ديوان طفيل الغنوي 20، والمعاني الكبير 250، 971، ومعجم البلدان 3/341 (الشريف) . [8] الشريف: تصغير شرف، وهو الموضع العالي، وهو ماء لبني نمير، وله تنسب العقبان. معطب: ذو عطب، وهو الهلاك.

1853 -[جفاء العقاب]

أي أمهلوا. وقال دريد [1] : [من الطويل] تعلّلت بالشّطّاء إذ بان صاحبي ... وكلّ امرئ قد بان إذ بان صاحبه [2] كأني وبزّي فوق فتخاء لقوة ... لها ناهض في وكرها لا تجانبه [3] فباتت عليه ينفض الطّلّ ريشها ... تراقب ليلا ما تغور كواكبه فلما تجلّى اللّيل عنها وأسفرت ... تنفّض حسرى عن أحصّ مناكبه [4] رأت ثعلبا من حرّة فهوت له ... إلى حرّة والموت عجلان كاربه [5] فخرّ قتيلا واستمرّ بسحره ... وبالقلب يدمى أنفه وترائبه [6] 1853-[جفاء العقاب] زعم صاحب المنطق أنّه ليس شيء في الطّير أجفى لفراخه من العقاب وأنّه لا بدّ من أن يخرج واحدا، وربما طردهنّ جميعا حتّى يجيء طائر يسمّى «كاسر العظام» فيتكفّل به. ودريد بن الصّمّة يقول: [من الطويل] كأني وبزّي فوق فتخاء لقوة ... لها ناهض في وكرها لا تجانبه 1854-[ما يعتري العقاب عند الشبع] وقد يعتري العقاب، عند شبعها من لحم الصّيد، شبيه بالذي ذكرنا في النسر. وأنشد أبو صالح مسعود بن قند، لبعض القيسيّين: [من الطويل] قرى الطّير بعد اليأس زيد فأصبحت ... بوحفاء قفر ما يدبّ عقابها [7] وما يتخطّى الفحل زيد بسيفه ... ولا العرمس الوجناء قد شقّ نابها [8]

_ [1] ديوان دريد بن الصمة 38، والأول في التاج (شمط) . [2] الشطّاء: قال محقق ديوانه: (قد تكون السّماء، وهي فرس صخر أخي الخنساء «المخصص 5/23» ، والمعروف أن دريدا كان صديقا لإخوتها؛ وقد رثى أخاها معاوية بقصيدة رائية) . [3] البز: السلاح: الفتخاء: العقاب، وأصل الفتخ: اللين. اللقوة: العقاب السريعة الاختطاف. الناهض: الفرخ. [4] أسفرت: أصبحت. الأحص: الأجرد؛ أو القليل الشعر. [5] كاربه: دان منه. [6] السحر: الرئة. الترائب: جمع تريبة، وهي عظام الصدر. [7] الوحفاء: الأرض السوداء. [8] ما يتخطى: أي ينحرهما لا يعبأ بكرمهما، ويهين لضيفه كرائم المال. العرمس: الناقة الصلبة الشديدة. والوجناء: الضخمة. شق الناب: طلع.

1855 -[شعر في العقاب]

وإن قيل مهلا إنّه شدنيّة ... يقطّع أقران الجبال جذابها [1] خبّر أنّه يعتري العقاب من الثّقل عند الطيران. من البطنة، ما يعتري النسر. 1855-[شعر في العقاب] وقال امرؤ القيس- إن كان قاله [2]-: [من البسيط] 1- كأنّها حين فاض الماء واحتملت ... فتخاء لاح لها بالقفرة الذّيب [3] 2- فأبصرت شخصه من فوق مرقبة ... ودون موقعها منه شناخيب [4] 3- فأقبلت نحوه في الجوّ كاسرة ... يحثّها من هويّ اللّوح تصويب [5] 4- صبّت عليه ولم تنصبّ من أمم ... إنّ الشّقاء على الأشقين مصبوب [6] 5- كالدّلو بتّت عراها وهي مثقلة ... إذ خانها وذم منها وتكريب [7] 6- لا كالتي في هواء الجوّ طالبة ... ولا كهذا الذي في الأرض مطلوب [8] 7- كالبرق والريح مرآتاهما عجب ... ما في اجتهاد على الإصرار تغبيب [9] 8- فأدركته فنالته مخالبها ... فانسلّ من تحتها والدّفّ مثقوب [10]

_ [1] الشدنية: إبل منسوبة إلى شدن، وهو فحل باليمن. الأقران: جمع قرن، وهو الحبل يقرن به البعيران. [2] الأبيات لامرئ القيس أو لإبراهيم بن بشير الأنصاري في ديوان امرئ القيس 226- 229، والأول لامرئ القيس في الأساس (حفل) ، وللراعي النميري في ملحق ديوانه 299، واللسان والتاج (صرح) ، والعين 3/115، وبلا نسبة في اللسان والتاج (صقع) ، والتهذيب 4/239، والثاني بلا نسبة في العين 4/326، والخامس لامرئ القيس في اللسان والتاج (كرب) ، والسادس لامرئ القيس في الخزانة 4/90، 91، 92، وشرح المفصل 2/114، والكتاب 2/294، وسر صناعة الإعراب 235، وبلا نسبة في الجمهرة 998، ورصف المباني 43، واللسان (ويا) . [3] فاض الماء: يريد العرق. الفتخاء: العقاب، وأصل الفتخ: اللين. [4] المرقبة: الموضع العالي يرقب منه العدو. الشناخيب: رؤوس في أعالي الجبال لا يعلو عليها إلا ما طار. [5] كاسرة: تضم جناحيها للسقوط. الهوي: هبوب الريح. اللوح: الهواء بين السماء والأرض. التصويب: الخفض. [6] الأمم: القرب. [7] قوله: «كالدلو» أراد أن انقضاض هذه العقاب إلى هذا الذئب كالدلو. وقوله «بتت» أي قطعت. الوذم: سير يعلق بعرا الدلو. التكريب: أن يشد خيط من قنب مع الدلو إلى الرشاء- وهو الحبل. ليكون عونا واستظهارا متى انقطعت عروة أو انحلت عقدة أمسكها فلا تقع في البئر. [8] الطالبة: العقاب. وقوله: «كهذا» يريد الذئب. [9] تغبيب: ليست فيهما بقية من السرعة والعدو. [10] الدف: الجنب.

9- يلوذ بالصّخر منها بعد ما فترت ... منها ومنه الصّخر الشآبيب [1] 10- ثمّ استغاثت بمتن الأرض تعفره ... وباللسان وبالشّدقين تتريب [2] 11- ما أخطأته المنايا قيس أنملة ... ولا تحرّز إلّا وهو مكثوب [3] 12- يظلّ منجحرا منها يراقبها ... ويرقب اللّيل إنّ اللّيل محبوب [4] وقال زهير [5] : [من البسيط] تنبذ أفلاذها في كلّ منزلة ... تنتخ أعينها العقبان والرّخم [6] تنتخ: أي تنزع وتستخرج. والعرب تسمّي المنقاش المنتاخ. ويقال: نقّت الرّخم تنقّ نقيقا. وأنشد أبو الجرّاح: [من الوافر] حديثا من سماع الدّلّ وعر ... كأنّ نقيقهنّ نقيق رخم والنقيق مشترك. يقال: نقّ الضفدع ينقّ نقيقا. ويقال: «أعزّ من الأبلق العقوق» [7] ، و: «أبعد من بيض الأنوق» [8] . فأمّا بيض الأنوق فربما رئي. وذلك أنّ الرّخم تختار أعالي الجبال، وصدوع الصّخر، والمواضع الوحشيّة. وأمّا الأبلق فلا يكون عقوقا. وأما العقوق البلقاء فهو مثل. وقال: [من الطويل] ذكرناك أن مرّت أمام ركابنا ... من الأدم مخماص العشيّ سلوب [9] تدلّت عليها تنفض الرّيش تحتها ... براثنها وراحهنّ خضيب [10]

_ [1] يلوذ: يلجأ. فترت: ضعفت. الشآبيب: جمع شؤبوب أي الدفعة من المطر، وجعلها للعدو والطيران. [2] متن الأرض: ظهرها. تعفره: تضرب به التراب؛ وهو العفر. [3] مكثوب: أي كثبته العقاب: قاربته أو تلته. [4] منجحرا: داخلا في الجحر. [5] ديوان زهير 120، واللسان (فلا) ، والتاج والأساس (نتخ) ، والجمهرة 390، والمقاييس 2/98، 5/386، والمجمل 4/374، وبلا نسبة في اللسان (نتخ) ، والتهذيب 3/304. [6] تنبذ: تلقي. أفلاذها: أولادها. [7] مجمع الأمثال 2/43، والدرة الفاخرة 1/299، وجمهرة الأمثال 2/64، والمستقصى 1/242، وفصل المقال 493، وأمثال ابن سلام 362. [8] مجمع الأمثال 1/115، والدرة الفاخرة 1/76، والمستقصى 1/24. [9] الركاب الأدم: الإبل يخالط بياضها سواد. المخماص: وصف من الخمص؛ وهو الجوع. [10] البراثن: هي للسباع كالأصابع من الإنسان. الراح جمع راحة؛ وهي الكف.

خداريّة صقعاء دون فراخها ... من الطّود فأوبينها ولهوب [1] إذا القانص المحروم آب ولم يصب ... فمطعمه جنح الظّلام نصيب فأصبحت بعد الطير ما دون فارة ... كما قام فوق المنصتين خطيب وقال بشر بن أبي خازم [2] : [من الوافر] فما صدع بخيّة أو بشرق ... على زلق زمالق ذي كهاف [3] تزلّ اللّقوة الشّغواء عنها ... مخالبها كأطراف الأشافي [4] وقال بشر أيضا [5] : [من الطويل] تدارك لحمي بعد ما حلّقت به ... مع النّسر فتخاء الجناح قبوض [6] فإن تجعل النّعماء منك تمامة ... ونعماك نعمى لا تزال تفيض تكن لك في قومي يد يشكرونها ... وأيدي النّدى في الصالحين قروض [7] وعلى شبيه بهذا البيت الآخر. قال الحطيئة [8] : [من البسيط] من يفعل الخير لا يعدم جوازيه ... لا يذهب العرف بين الله والنّاس وقال عقيل بن العرندس: [من الطويل] حبيب لقرطاس يؤدّي رسالة ... فيالك نفسا كيف حان ذهولها وكنت كفرخ النسر مهّد وكره ... بملتفّة الأفنان حيل مقيلها [9]

_ [1] الخدارية: السوداء. الصقعاء: التي في رأسها بياض. الفأو: مهواة بين جبلين. [2] ديوان بشر بن أبي خازم 148- 149 (166) ، وعيار الشعر 177. [3] الصدع: وعل بين الوعلين، وهو الذي ليس بالعظيم ولا الصغير. حية: جبل من جبال طيئ. شرق: موضع في جبل طيئ. الزلق: المكان الذي لا تثبت عليه القدم. الزمالق: أصله الغلام الخفيف في عدوه. الكهاف: جمع كهف. [4] اللقوة: العقاب السريعة الاختطاف. الشغواء: العقاب. الأشافي: جمع الإشفى، وهو المثقب. [5] ديوان بشر بن أبي خازم 107 (135) . [6] الفتخاء: اللينة الجناح تكسره كيف شاءت. القبوض: تقبض جناحيها، أي تجمعهما. [7] الندى: السخاء والكرم. قروض: جمع قرض، وهو ما يتجازى به الناس بينهم؛ ويتقاضونه من إحسان ومن إساءة. [8] ديوان الحطيئة 51، والخصائص 2/489، والأغاني 2/174، وشرح الأشموني 3/587، والتاج (الفاء) ، ومجمع الأمثال 2/162. [9] الحيل: الماء المستنقع في بطن الوادي.

1856 -[التمساح والسمك]

1856-[التمساح والسمك] وأمّا قوله: 31- «وتمسح خلّله طائر ... وسابح ليس له سحر» فالتمساح مختلف الأسنان، فينشب فيه اللحم، فيغمّه فينتن عليه، وقد جعل في طبعه أن يخرج عند ذلك إلى الشط، ويشحا [1] فاه لطائر يعرفه بعينه، يقال إنه طائر صغير أرقط مليح. فيجيء من بين الطير حتى يسقط بين لحييه ثم ينقره بمنقاره حتّى يستخرج جميع ذلك اللحم، فيكون غذاء له ومعاشا، ويكون تخفيفا عن التّمساح وترفيها [2] . فالطائر الصغير يأتي ما هنالك يلتمس ذلك الطّعم، والتمساح يتعرّض له، لمعرفته بذلك منه. وأمّا قوله: «وسابح ليس له سحر» . فإن السمك كلّه لا رئة له. قالوا: وإنما تكون الرّئة لمن يتنفس. هذا، وهم يرون منخري السّمك، والخرق النّافذ في مكان الأنف منه، ويجعلون ما يرون من نفسه إذا أخرجوه من الماء أن ذلك ليس بنفس يخرج من المنخرين، ولكنه تنفس جميع البدن. 1857-[العث والحفاث] وأمّا قوله: 32- «والعث والحفّاث ذو نفخة ... وخرنق يسفده وبر» فإنّ الحفّاث دابّة تشبه الحيّة وليست بحيّة، وله وعيد شديد، ونفخ وتوثّب، ومن لم يعرفه كان له أشدّ هيبة منه للأفاعي والثّعابين. وهو لا يضرّ بقليل ولا كثير، والحيّات تقتله. وأنشد [3] : [من الكامل] أيفايشون وقد رأوا حفّاثهم ... قد عضّه فقضى عليه الأسود [4]

_ [1] يشحا: يفتح. [2] انظر ما تقدم في 4/228، س 5- 6. [3] ثمة بيت بقافية «الأشجع» لجرير في ديوانه 913، واللسان والتاج (حفث، فيش) . [4] يفايشون: يفاخرون. الأسود: أخبث الحيات.

والعثّ: دويبة تقرض كلّ شيء، وليس له خطر ولا قوّة ولا بدن. قال الرّاجز [1] : [من الرجز] يحثّني وردان أيّ حثّ ... وما يحثّ من كبير عثّ إهابه مثل إهاب العثّ وأنشد: [من الوافر] وعثّ قد وكلت إليه أهلي ... فطاح الأهل واجتيح الحريم وما لاهى به طرف فيوحي ... ولا صكّ إذا ذكر القضيم [2] وأنشد آخر [3] : [من المتقارب] فإن تشتمونا على لؤمكم ... فقد يقرض العثّ ملس الأديم وقالوا في الحفّاث، هجا الكروبي أخاه فقال: [من الوافر] حبارى في اللّقاء إذا التقينا ... وحفّاث إذا اجتمع الفريق وقال أعرابي: [من الطويل] ولست بحفّاث يطاول شخصه ... وينفخ نفخ الكير وهو لئيم وقع بين رجل من العرب ورجل من الموالي كلام، فأربى عليه المولى، وكان المولى فيه مشابه من العرب والأعراب، فلم يشكّ ذلك العربيّ أن ذلك المولى عربيّ، وأنّه وسط عشيرته، فانخزل [4] عنه فلم يكلمه، فلما فارقه وصار إلى منزله علم أنه مولى، فبكر عليه غدوة، فلما رأى خذلان جلسائه له ذلّ واعتذر، فعند ذلك قال العربيّ في كلمة له: [من الطويل] ولم أدر ما الحفاث حتّى بلوته ... ولا نفض للأشخاص حتّى تكشّفا [5] وقد أدركت هذه القضية وكانت في البحرين، عند مسحر بن السكن عندنا بالبصرة. فهو قوله: «والعثّ والحفّاث ذو نفخة» لأن الحفاث له نفخ وتوثّب، وهو ضخم شنيع المنظر، فهو يهول من لا يعرفه.

_ [1] ورد البيت الثالث بلا نسبة في البرصان 193. [2] القضيم: الرق الأبيض الذي يكتب فيه. [3] البيت للمخبل في مجمع الأمثال 1/434، وبلا نسبة في حياة الحيوان 2/15 (العثة) . [4] انخزل: انقطع وانفرد. [5] النفض: أن ينظر جميع ما في الشيء حتى يعرفه.

وكان أبو ديجونة مولى سليمان، يدّعي غاية الإقدام والشّجاعة والصّرامة، فرأى حفّاثا وهو في طريق مكة، فوجده وقد قتله أعرابيّ، ورآه أبو ديجونة كيف ينفخ ويتوعّد، فلم يشك إلا أنه أخبت من الأفعى ومن الثعبان، وأنه إذا أتى به أباه وادعى أنه قتله سيقضي له بقتل الأسد والببر والنمر في نقاب، فحمله وجاء به إلى أبيه وهو مع أصحابه، وقال: ما أنا اليوم إلا ذيخ [1] وما ينبغي لمن أحسّ بنفسه مثل الذي أحس أن يرمى في المهالك والمعاطب، وينبغي أن يستبقيها لجهاد أو دفع عن حرمة وحريم يذبّ عنه! وذلك أني هجمت على هذه الحيّة، وقد منعت الرّفاق من السّلوك، وهربت منها الإبل، وأمعن في الهرب عنه كلّ جمّال ضخم الجزارة [2] ، فهزتني إليه طبيعة الأبطال، فراوغتها حتى وهب الله الظّفر. وكان من البلاء أنها كانت بأرض ملساء ما فيها حصاة، وبصرت بفهر على قاب غلوة، فسعيت إليه- وأنا أسوار كما تعلمون- فو الله ما أخطات حاقّ لهزمته [3] حتى رزق الله عليه الظّفر. وأبوه والقوم ينظرون في وجهه، وهم أعلم النّاس بضعف الحفّاث، وأنّه لم يؤذ أحدا قط، فقال له أبوه: ارم بهذا من يدك، لعنك الله ولعنه معك، ولعن تصديقي لك ما كنت تدّعيه من الشّجاعة والجراءة! فكبّروا عليه وسمّوه قاتل الأسد. ومما هجوا به حين يشبّهون الرّجل بالعث، في لؤمه وصغر قدره قول مخارق الطائي، حيث يقول [4] : [من الوافر] وإني قد علمت مكان عثّ ... له إبل معبّسة تسوم [5] عن الأضياف والجيران عزّت ... فأودت والفتى دنس لئيم [6] وإني قد علمت مكان طرف ... أغرّ كأنّه فرس كريم [7] له نعم لعام المحل فيها ... ويروى الضّيف، والزّقّ العظيم [8]

_ [1] الذيخ: الذكر من الضباع. [2] الجزارة: اليدان والرجلان. [3] اللهزمة: أصول الحنك. [4] الأبيات لعارق الطائي في الوحشيات 250. [5] معبسة: عبست الإبل: علاها العبس، وهو ما يبس على هلب الذنب والفخذ من البول والبعر، وذلك زمن المرعى، فتسمن ويكون عليها الشحم. [6] عزت: منعت عن الأضياف والجيران لعزتها على صاحبها. [7] الطرف: الكريم من الرجال. [8] الزق: زق الخمر، أي يسقي ضيفه اللبن والخمر.

1858 -[الوبر والخرنق]

1858-[الوبر والخرنق] وأمّا قوله: 32- «وخرنق يسفده وبر» فإنّ الأعراب يزعمون أنّ الوبر يشتهي سفاد العكرشة- وهي أنثى الأرانب- ولكنّه يعجز عنها، فإذا قدر على ولدها وثب عليه. والأنثى تسمى العكرشة، والذّكر هو الخزر، والخرنق ولدهما. قال الشاعر: [من الكامل] قبح الإله عصابة نادمتهم ... في جحجحان إلى أسافل نقنق أخذوا العتاق وعرّضوا أحسابهم ... لمحرّب ذكر الحديد معرّق ولقد قرعت صفاتكم فوجدتكم ... متشبّثين بزاحف متعلّق ولقد غمزت قناتكم فوجدتها ... خرعاء مكسرها كعود محرق ولقد قبضت بقلب سلمة قبضة ... قبض العقاب على فؤاد الخرنق ثمّ اقتحمت للحمه فأكلته ... في وكر مرتفع الجناب معلّق قالوا: إنه قالها أبو حبيب بعد أن قال جشم ما قال، وقد قدّم إليه طعامه. 1859-[ما يشبه الخزز] ووصف أعرابيّ خلق أعرابيّ فقال: كأن في عضلته خززا، وكأنّ في عضده جرذا. وأنشدوا لماتح ووصف ماتحا، ورآه يستقي على بئره، فقال [1] : [من الرجز] أعددت للورد إذ الورد حفز ... دلوا جرورا وجلالا خزخز وماتحا لا ينثني إذا احتجز ... كأنّ تحت جلده إذا احتفز في كلّ عضو جرذين أو خزز وسنقول في الأرنب بما يحضرنا إن شاء الله تعالى.

_ [1] تقدم تخريج الرجز في 5/141.

باب في الأرانب

[باب في الأرانب] (القول في الأرانب) 1860-[قصر كراع الأرنب] قال الشاعر [1] : [من الكامل] زعمت غدانة أن فيها سيّدا ... ضخما يوازنه جناح الجندب يرويه ما يروي الذّباب فينتشي ... سكرا ويشبعه كراع الأرنب وإنما ذكر كراع الأرنب من بين جميع الكراعات لأنّ الأرنب هي الموصوفة بقصر الذّراع وقصر اليد. ولم يرد الكراع فقط، وإنما أراد اليد بأسرها. وإنما جعل ذلك لها بسبب نحن ذاكروه إن شاء الله تعالى. والفرس يوصف بقصر الذّراع فقط. 1861-[التوبير] والتّوبير لكلّ محتال من صغار السّباع، إذا طمع في الصيد أو خاف أن يصاد، كالثّعلب، وعناق الأرض هي التي يقال لها التّفة، وهي دابّة نحو الكلب الصّغير، تصيد صيدا حسنا، وربّما واثب الإنسان فعقره، وهو أحسن صيدا من الكلب. وفي أمثالهم: «لأنت أغنى من التفة عن الرّفة» [2] ، وهو التّبن الذي تأكله الدوابّ والماشية من جميع البهائم. والتّفة سبع خالص لا يأكل إلا اللحم. والتّوبير: أن تضمّ براثنها فلا تطأ على الأرض إلا ببطن الكفّ، حتى لا يرى لها أثر براثن وأصابع. وبعضها يطأ على زمعاته، [3] وبعضها لا يفعل ذلك. وذلك كله في السهل. فإذا أخذت في الحزونة والصّلابة، وارتفعت عن السّهل حيث لا ترى لها آثار- قالوا: ظلفت الأثر تظلفه ظلفا. وقال النّميري: أظلفت الأثر إظلافا. 1862-[بعض ما قيل في الأرنب] وعن عبد الملك بن عمير، عن قبيصة بن جابر: «ما الدّنيا في الآخرة إلّا كنفجة أرنب» [4] .

_ [1] البيتان للأبيرد بن المعذر الرياحي أو لزياد الأعجم، انظر ما تقدم في 3/189، الفقرة (827) ، الحاشية الثانية. [2] مجمع الأمثال 2/63، والدرة الفاخرة 1/321، وجمهرة الأمثال 2/84، والمستقصى 1/264. [3] الزمعات: هنات شبه أظفار الغنم، في كل قائمة زمعتان كأنما خلقت من قطع القرون. [4] القول في النهاية 5/88.

1863 -[ما يشبه بالأرنب]

ويقال حذفته بالعصا كما تحذف الأرنب. وقال أبو الوجيه العكلي [1] : «لو كانت والله الضبّة دجاجة لكانت الأرنب درّاجة» . ذهب إلى أنّ الأرانب والدّرّاج لا تستحيل لحومها ولا تنقلب شحوما، وإنّما سمنها بكثرة اللّحم. وذهب إلى ما يقول المعجبون منهم بلحم الضّبّ؛ فإنّهم يزعمون أنّ الطعمين متشابهان. وأنشد [2] : [من الرجز] وأنت لو ذقت الكشى بالأكباد ... لما تركت الضّبّ يسعى بالواد قال: والضبّ يعرض لبيض الظّليم؛ ولذلك قال الحجّاج لأهل الشّام [3] : «إنّما أنا لكم كالظّليم الرّامح عن فراخه، ينفي عنها المدر [4] ، ويباعد عنها الحجر، ويكنّها من المطر، ويحميها من الضّباب، ويحرسها من الذئاب. يا أهل الشّام أنتم الجنّة والرّداء، وأنتم العدّة والحذاء» . 1863-[ما يشبه بالأرنب] ثم رجع بنا القول إلى الأرانب. فممّا في الخيل مما يشبه الأرنب قول الأعشى [5] : [من الكامل] أمّا إذا استقبلته فكأنّه ... جذع سما فوق النّخيل مشذّب وإذا تصفّحه الفوارس معرضا ... فتقول سرحان الغضا المتنصّب أمّا إذا استدبرته فتسوقه ... ساق يقمّصها وظيف أحدب منه، وجاعرة كأنّ حماتها ... كشطت مكان الجلّ عنها أرنب وقال عبد الرّحمن بن حسّان: [من المتقارب] كأنّ حماتيهما أرنبا ... ن غيضتا خيفة الأجدل [6] 1864-[طول عمر الأغضف والأرنب] وأنشد الأثرم: [من الرجز]

_ [1] القول في ربيع الأبرار 5/468. [2] تقدم الرجز مع تخريج واف في ص 367. [3] ورد قول الحجاج في البيان 2/140. [4] المدر: قطع الطين اليابس. [5] تقدمت الأبيات في 1/181، الفقرة (207) منسوبة إلى الأعشى، وهي للمرار العدوي في كتاب الخيل لأبي عبيدة 99- 100، و، البيت الأول لأنيف بن جبلة في اللسان (أول) . [6] قافية البيت في الأصل «الأذؤب» ، والتصويب مما تقدم في 1/181، الفقرة (207) ، والمعاني الكبير 1/164، والأنوار 1/297.

1865 -[لبن الأرنب]

بأغضف الأذن الطّويل العمر ... وأرنب الخلّة تلو الدّهر [1] قد سمعت من يذكر أنّ كبر أذن الإنسان دليل على طول عمره، حتّى زعموا أنّ شيخا من الزّنادقة، لعنهم الله تعالى، قدّموه لتضرب عنقه فعدا إليه غلام سعديّ كان له، فقال: أليس قد زعمت يا مولاي أنّ من طالت أذنه طال عمره؟ قال: بلى! قال: فهاهم يقتلونك! قال: إنما قلت: إن تركوه! وأنا لا أعرف ما قال الأثرم، ولا سمعت شعرا حديثا ولا قديما يخبر عن طول عمر الأرنب. قال الشّاعر: [من الرجز] معبلة في قدح نبع حادر ... تسقى دم الجوف لظفر قاصر [2] إذ لا تزال أرنب أو فادر ... أو كروان أو حبارى حاسر [3] إلى حمار أو أتان عاقر 1865-[لبن الأرنب] قال: ويزعمون أنه ليس شيء من الوحش، في مثل جسم الأرنب أقلّ لبنا ودرورا على ولد منها. ولذلك يضرب بدرّها المثل، فممّن قال في ذلك عمرو بن قميئة، حيث يقول [4] : [من الخفيف] ليس بالمطعم الأرانب إذ قلّ ... ص درّ اللّقاح في الصّنّبر ورأيت الإماء كالجعثن البا ... لي عكوفا على قرارة قدر ورأيت الدّخان كالودع الأه ... جن ينباع من وراء السّتر حاضر شرّكم وخيركم د ... رّ خريس من الأرانب بكر 1866-[قصر يدي الأرنب] والأرنب قصير اليدين، فلذلك يخفّ عليه الصّعداء [5] والتوقّل في الجبال. وعرف أنّ ذلك سهل عليه. فصرف بعض حيله إلى ذلك، عند إرهاق الكلاب إيّاه. ولذلك يعجبون بكلّ كلب قصير اليدين، لأنه إذا كان كذلك كان أجدر أن يلحقها.

_ [1] الأغضف الأذن: المسترخيها. تلو الدهر: ولده. [2] المعبلة: النصل الطويل العريض. الحادر: الغليظ. [3] الفادر: المسن من الأوعال. الحاسرك الذي لا ريش عليه. [4] ديوان عمرو بن قميئة 77- 78، وتقدمت الأبيات في 5/40، الفقرة (1297) . [5] أي الأرض الصعداء، وهي التي يشتد صعودها على الراقي.

1867 -[من أعاجيب الأرنب]

1867-[من أعاجيب الأرنب] وفي الأرانب من العجب أنها تحيض، وأنها لا تسمن، وأن قضيب الخزز ربّما كان من عظم، على صورة قضيب الثّعلب [1] . ومن أعاجيبها أنّها تنام مفتوحة العين، فربّما جاء الأعرابيّ حتّى يأخذها من تلقاء وجهها، ثقة منه بأنّها لا تبصر. وتقول العرب: هذه أرنب، كما يقولون: هذه عقاب ولا يذكّرون. وفيها التّوبير الذي ليس لشيء من الدوابّ التي تحتال بذلك، صائدة كانت أو مصيدة، وهو الوطء على مؤخر القوائم، كي لا تعرف الكلاب آثارها، وليس يعرف ذلك من الكلاب إلّا الماهر، وإنّما تفعل ذلك في الأرض اللّيّنة. وإذا فعلت ذلك لم تسرع في الهرب. وإن خافت أن تدرك انحرفت إلى الحزونة والصّلابة. وإنما تستعمل التّوبير قبل دنو الكلاب. وليس لشيء من الوحش، ممّا يوصف بقصر اليدين ما للأرنب من السرعة. والفرس يوصف بقصر الكراع فقط 1868-[زعم في كعب الأرنب] وكانت العرب في الجاهليّة تقول [2] : من علّق عليه كعب أرنب لم تصبه عين ولا نفس ولا سحر، وكانت عليه واقية؛ لأنّ الجنّ تهرب منها، وليست من مطاياها لمكان الحيض. وقد قال في ذلك امرؤ القيس [3] : [من المتقارب] يا هند لا تنكحي بوهة ... عليه عقيقته أحسبا [4]

_ [1] انظر ما تقدم في هذا الجزء ص 474. [2] انظر عيار الشعر 64، ونهاية الأرب 3/123، وما تقدم في هذا الجزء ص 341. [3] ديوان امرئ القيس 128، ومجالس ثعلب 82، واللسان والتاج (رسع) ، والتهذيب 2/92، بالأسود في اللسان والتاج (حسب، عقق، بوه) ، والعين 1/62، والجمهرة 277، والمقاييس 4/4، وديوان الأدب 3/321، والمجمل 1/305، والتهذيب 4/334، 6/462، وكتاب الجيم 1/210، والتنبيه والإيضاح 1/64، وبلا نسبة في العين 3/150، 4/98، والمقاييس 1/324، 2/61، والمخصص 8/161، بالأسود في اللسان والتاج (لسع، عسم) ، وإنباه الرواة 4/174، وشرح ابن عقيل 115، والمعاني الكبير 211، ونسب إلى امرئ القيس بن مالك الحميري في المؤتلف والمختلف 12، وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب 73، وشرح المفصل 1/36، بالأسود بلا نسبة في العين 1/336. [4] البوهة: طائر يشبه البومة. عقيقته: شعره الذي ولد به. الأحسب: من الحسبة، وهي صهبة تضرب إلى الحمرة، وهي مذمومة عند العرب.

1869 -[تعشير الخائف]

مرسّعة بين أرساغه ... به عسم يبتغي أرنبا [1] ليجعل في يده كعبها ... حذار المنيّة أن يعطبا [2] وفي الحديث [3] : «بكى حتّى رسعت عينه» مشدّدة وغير مشدّدة، أي قد تغيّرت. ورجل مرسّع وامرأة مرسّعة. 1869-[تعشير الخائف] وكانوا إذا دخل أحدهم قرية من جنّ أهلها، ومن وباء الحاضرة، أشدّ الخوف، إلّا أن يقف على باب القرية فيعشّر كما يعشّر الحمار [4] في نهيقه، ويعلّق عليه كعب أرنب. ولذلك قال قائلهم [5] : [من الطويل] ولا ينفع التّعشير في جنب جرمة ... ولا دعدع يغني ولا كعب أرنب الجرمة: القطعة من النّخل. وقوله: «دعدع» كلمة كانوا يقولونها عند العثار. وقد قال الحادرة [6] : [من الكامل] ومطيّة كلّفت رحل مطيّة ... حرج تنمّ من العثار بدعدع [7] وقالت امرأة من اليهود [8] : [من المتقارب] وليس لوالدة نفثها ... ولا قولها لابنها دعدع تداري غراء أحواله ... وربّك أعلم بالمصرع

_ [1] المرسعة: مثل المعاذة؛ وكان الرجل من جهلة العرب يعقد سيرا مرسّعا معاذة، مخافة أن يموت أو يصيبه بلاء. ويقال: مرسّعة ومرصّعة. العسم: يبس في الرسغ واعوجاج. انظر ديوانه 128. [2] يريد أنه يتداوى ويتعوّذ بكعب الأرنب حذر الموت والعطب، وكانوا يشدون في أوساطهم عظام الضبع والذئب. يتعوذون بها. انظر ديوانه 128. [3] هو من حديث ابن عمرو بن العاص في النهاية 2/221، 227، والمعنى أنها تغيرت وفسدت والتصقت أجفانها. [4] عشّر الحمار: تابع النهيق عشر نهقات. [5] البيت بلا نسبة في عيار الشعر 64، والمعاني الكبير 268، ونهاية الأرب 3/123. [6] ديوان الحادرة 52، واللسان والتاج (جرر، أمن) ، والتنبيه والإيضاح 2/98، والتهذيب 10/476، 15/200، 511، وشرح اختيارات المفضل 221، وبلا نسبة في المقاييس 1/134، 412، 2/280، والمجمل 1/389، والمخصص 6/89. [7] الحرج: الناقة الجسيمة الطويلة. النم: الإغراء. [8] البيتان للشنفرى في ديوانه 37 «ضمن الطرائف الأدبية» ، والأغاني 21/184.

1870 -[نفع الأرنب]

وقد قال عورة بن الورد، في التّعشير، حين دخل المدينة فقيل له: إن لم تعشّر هلكت! فقال [1] : [من الطويل] لعمري لئن عشّرت من خيفة الرّدى ... نهاق الحمير إنّني لجزوع 1870-[نفع الأرنب] وللأرنب جلد ووبر ينتفع به، ولحمه طيّب؛ ولا سيّما إن جعل محشيا [2] ؛ لأنّه يجمع حسن المنظر، واستفادة العلم مما يرون من تدبيرها وتدبير الكلاب، والانتفاع بالجلد وبأكل اللّحم. وما أقلّ ما تجتمع هذه الأمور في شيء من الطّير. وأما قوله [3] : [من الطويل] إذا ابتدر النّاس المعالي رأيتهم ... قياما بأيديهم مسوك الأرانب فإنّه هجاهم بأنّهم لا كسب لهم إلّا صيد الأرانب وبيع جلودها. 1871-[الحلكاء] وأمّا قوله: 33- «وغائص في الرمل ذو حدّة ... ليس له ناب ولا ظفر» فهذا الغائص هو الحلكاء. والحلكاء: دويبّة تغوص في الرمل. كما يصنع الطّائر الذي يسمّى الغمّاس في الماء. وقال ابن سحيم في قصيدته التي قصد فيها للغرائب: [من البسيط] والحلكاء التي تبعج في الرمل [4] 1872-[شحمة الأرض] وممّا يغوص في الرّمل، ويسبح فيه سباحة السّمكة في الماء، شحمة الرّمل، وهي شحمة الأرض، بيضاء حسنة يشبّه بها كفّ المرأة [5] ، وقال ذو الرّمّة في تشبيه البنان بها [6] : [من الطويل]

_ [1] ديوان عروة بن الورد 465، واللسان والتاج (عشر) ، وبلا نسبة في المقاييس 4/325، والمخصص 8/49، والعين 1/247، وانظر الخبر مع البيت في معجم البلدان (روضة الأجداد) . [2] المحش: الاشتواء. [3] البيت بلا نسبة في ربيع الأبرار 5/427، وتقدم في 5/315. [4] البعج: الشق. [5] ثمار القلوب (736) . [6] ديان ذي الرمة 622، واللسان (دسس، بنى، نقا) ، والتاج (نقا) ، والتهذيب 9/319، 15/507، والمخصص 15/131، وثمار القلوب (736) .

1873 -[تشبيه أطراف البنان بالعنم]

خراعيب أمثال كأنّ بنانها ... بنات النقا تخفى مرارا وتظهر [1] وقال أبو سليمان الغنوي: هي أعرض من العظاءة بيضاء حسنة منقطة بحمرة وصفرة، [وهي] [2] أحسن دوابّ الأرض. 1873-[تشبيه أطراف البنان بالعنم] وتشبّه أيضا أطراف البنان بالأساريع وبالعنم، إذا كانت مطرّفة، وقال مرقّش [3] : [من السريع] النّشر مسك والوجوه دنا ... نير وأطراف الأكفّ عنم وصاحب البلاغة من العامّة يقول: «كأنّ بنانها البيّاح [4] والدّواج [5] ، ولها ذراع كأنها شبّوطة [6] » . ويشبه أيضا بالدّمقس. 1874-[خرافات أشعار العرب] ومن خرافات أشعار الأعراب، يقول شاعرهم: [من الرجز] أشكو إلى الله العليّ الأمجد ... عشائرا مثل فراخ السرهد عشائرا قد نبّفوا بفدفد ... قد ساقهم خبث الزمان الأنكد وكلّ حرباء وكل جدجد ... وكلّ رام في الرّمال يهتدي وكلّ نفّاض القفا ملهّد ... ينصب رجليه حذار المعتدي [7] وشحمة الأرض وفرخ الهدهد ... والفار واليربوع ما لم يسفد فنارهم ثاقبة لم تخمد ... شواء أحناش ولم تفرّد من الحبين والعظاء الأجرد ... يبيت يسري ما دنا بفدفد وكلّ مقطوع العرا معلكد ... حتّى ينالوه بعود أو يد [8]

_ [1] الخراعيب: الطويلات. بنات النقا: دويبات في الرمل. [2] الزيادة من ثمار القلوب (736) . [3] ديوان المرقش 586، والمفضليات 238، واللسان والتاج والأساس (نشر) . [4] البيّاح: ضرب من السمك صغار. [5] الدواج: لحاف يلبس. [6] الشبوط: نوع من السمك، دقيق الذنب عريض الوسط. [7] الملهد: المستضعف الذليل. [8] المعلكد: الغليظ.

1875 -[الحرباء]

منها وأبصار سعال جهّد ... يغدون بالجهد وبالتشرّد زحفا وحبوا مثل حبو المقعد 1875-[الحرباء] وأمّا قوله: 34- «حرباؤها في قيظها شامس ... حتّى يوافي وقته العصر 35- يميل بالشّقّ إليها كما ... يميل في روضته الزّهر» قال: والحرباء دويبّة أعظم من العظاءة أغبر ما كان فرخا، ثم يصفرّ، وإنّما حياته الحر. فتراه أبدا إذا بدت جونة يعني الشّمس، قد لجأ بظهره إلى جذيل [1] ، فإن رمضت الأرض ارتفع. ثم هو يقلّب بوجهه أبدا مع الشّمس حيث دارت، حتّى تغرب، إلا أن يخاف شيئا. ثم تراه شابحا بيديه [2] ، كما رأيت من المصلوب. وكلما حميت عليه الشّمس رأيت جلده قد يخضرّ، وقد ذكره ذو الرّمّة بذلك فقال [3] : [من الطويل] يظلّ بها الحرباء للشّمس ماثلا ... على الجذل إلّا أنّه لا يكبّر إذا حوّل الظّلّ العشيّ رأيته ... حنيفا وفي قرن الضّحى يتنصّر غدا أصفر الأعلى وراح كأنّه ... من الضّحّ واستقباله الشّمس أخضر [4] 1876-[خضوع بعض الأحياء للشمس] وكذا الجمل أيضا يستقبل بهامته الشّمس، إلّا أنه لا يدور معها كيف دارت كما يفعل الحرباء. وشقائق النّعمان والخيريّ يصنع ذلك، ويتفتّح بالنهار. وينضمّ بالليل، والنّيلوفر الذي ينبت في الماء يغيب الليل كلّه ويظهر بالنهار، والسّمك الذي يقال له

_ [1] الجذيل: مصغر جذل وهو من العيدان ما كان على مثال شماريخ النخل، وما عظم من أصول الشجر المقطع. [2] شبح يديه: مدهما. [3] ديوان ذي الرمة 631، والأول له في اللسان (حول) ، وديوان المعاني 2/147، وينسب إلى زهير ابن أبي سلمى في اللسان والتاج (مثل) ، وليس في ديوانه. والثاني في اللسان (حول، ولى) ، والتاج (حول) ، والتهذيب 15/452، وديوان الأدب 2/381، والثالث في اللسان والتاج (ضحح) ، وديوان الأدب 3/30. [4] الضح: ضوء الشمس على الأرض.

الكوسج. في جوفه شحمة طيّبة، وهم يسمّونها الكبد، فإن اصطادوا هذه السّمكة ليلا وجدوا هذه الشّحمة فيها وافرة، وإن اصطادوها نهارا لم توجد. وقد ذكر الحطيئة دوران النّبات مع الشمس حيث يقول [1] : [من الطويل] بمستأسد القريان حوّ تلاعه ... فنوّاره ميل إلى الشّمس زاهره وقال ذو الرّمة [2] : [من الطويل] إذا جعل الحرباء يغبّر لونه ... ويخضرّ من لفح الهجير غباغبه ويشبح بالكفّين شبحا كأنّه ... أخو فجرة عالى به الجذع صالبه وقال ذو الرّمّة أيضا [3] : [من الطويل] وهاجرة من دون ميّة لم يقل ... قلوصي بها والجندب الجون يرمح إذا جعل الحرباء ممّا أصابه ... من الحرّ يلوي رأسه ويرنّح وقال آخر [4] : [من الطويل] كأنّ يدي حربائها متشمّسا ... يدا مجرم يستغفر الله تائب وقال آخر: [من الطويل] لظى يلفح الحرباء حتّى كأنّه ... أخو حربات بزّ ثوبيه، شابح [5] وأنشدوا: [من الرجز] قد لاحها يوم شموس ملهاب ... أبلج ما لشمسه من جلباب [6] يرمي الإكام من حصاة طبطاب ... شال الحرابيّ له بالأذناب [7]

_ [1] ديوان الحطيئة 20، والأغاني 2/155، وبلا نسبة في المخصص 10/19، وتقدم في 5/57 منسوبا إلى قطران العبسي. [2] ديوان ذي الرمة 845- 846، وديوان المعاني 2/147، والأول بلا نسبة في اللسان والتاج (غبب) ، والمخصص 8/35. [3] ديوان ذي الرمة 1212، 1214، والأول في اللسان والتاج (رمح) ، والتهذيب 5/53، وبلا نسبة في المخصص 8/177، والعين 3/226. [4] البيت لذي الرمة في ديوانه 203، وديوان المعاني 2/147 واللسان والأساس (شمس) ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/25. [5] الحربات: جمع حربة، وحربه: سلبه ماله. بزّ: سلب. شبح: مده يديه للدعاء. [6] أبلج: مشرق مضيء. [7] شالت: رفعت. الحرابي: جمع حرباء.

1877 -[التشبه بالعرب]

وقال العباس بن مرداس [1] : [من الطويل] على قلص يعلو بها كلّ سبسب ... تخال به الحرباء أنشط جالسا وقال الشّاعر [2] : [من الطويل] تجاوزت والعصفور في الحجر لاجئ ... مع الصّبّ والشّقذان تسمو صدورها وقال أبو زبيد [3] : [من الخفيف] واستكنّ العصفور كرها مع الضّ ... بّ وأوفى في عوده الحرباء والشّقذان [4] : الحرابي. وقوله: «تسمو» أي ترتفع في الشجرة وعلى رأس العود. والواحد من الشّقذان بإسكان القاف وكسر الشّين شقذ بتحريك القاف. وأنشد: [من الطويل] ففيها إذا الحرباء مدّ بكفّه ... قام مثيل الرّاهب المتعبّد وذلك أنّ الحرباء إذا انتصف النّهار فعلا في رأس شجرة صار كأنّه راهب في صومعته. وقال آخر [5] : [من البسيط] أنّى أتيح لكم حرباء تنضبة ... لا يترك السّاق إلّا ممسكا ساقا [6] 1877-[التشبّه بالعرب] قال: وكان مولى لأبي بكر الشّيباني، فادّعى إلى العرب من ليلته فأصبح إلى

_ [1] ديوان العباس بن مرداس 92، والأصمعيات 205. [2] البيت لذي الرمة في ديوانه 238، وتقدم في 5/128، وفي هذا الجزء ص 379. [3] ديوان أبي زبيد 579، وتقدم في 5/128، 295. [4] انظر ما تقدم في 5/128. [5] البيت لقيس بن الحدادية في ديوانه 30، والاختيارين 216، ولأبي دؤاد الإيادي في ديوانه 326، وجمهرة الأمثال 1/408، واللسان (حرب) ، والتاج (سوق) ، والتنبيه والإيضاح 1/60، وديوان المعاني 2/146، وللحارث بن دوسر في المستقصى 2/269، ونسب خطأ إلى كعب بن زهير في فصل المقال 350، وبلا نسبة في عيون الأخبار 3/192، وديوان المعاني 1/138، والبخلاء 171، واللسان (نضب، سوق، علق) ، والتاج (نضب، علق) ، والمخصص 4/25، 8/103، ومجمع الأمثال 2/217، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1859، والتمثيل والمحاضرة 321، ونهاية الأرب 3/59، والنهاية 2/432، والمعاني الكبير 662. [6] تنضبة: شجرة تألفها الحرباء، قال ابن قتيبة «والحرباء إذا لجأ إلى شجرة، فزالت الشمس عنها، تحول إلى أخرى أعدها لنفسه. وهذا مثل للملحف؛ أي أنه لا يدع حاجة إلّا سأل أخرى» .

1878 -[نفخ الحرباء والورل]

الجلوس في الشمس، قال: قال لي محمد بن منصور: مررت به فإذا هو في ضاحية [1] ، وإذا هو يحكّ جلده بأظفاره خمشا وهو يقول: إنما نحن إبل! وقد كان قيل له مرّة: إنّك تتشبّه بالعرب، فقال: ألي يقال هذا؟ أنا والله حرباء تنضبة، يشهد لي سواد لوني، وشعاثتي، وغور عينيّ وحبي للشّمس. 1878-[نفخ الحرباء والورل] قال [2] : والحرباء ربّما رأى الإنسان فتوعّده، ونفخ وتطاول له حتّى ربّما فزع منه من لم يعرفه. وليس عنده شرّ ولا خير. وأمّا الذي سمعناه من أصحابنا فإنّ الورل السّامد [3] هو الذي يفعل ذلك. ولم أسمع بهذا في الحرباء إلا من هذا الرجل. قال: والحرباء أيضا: المسمار الذي يكون في حلقة الدّرع؛ وجمعه حرابي. 1879-[استدراك لما فات من ذكر الوبر] وقد كنا غفلنا أن نذكر الوبر في البيت الأول [4] . قال رجل من بني تغلب: [من الرجز] إذا رجونا ولدا من ظهر ... جاءت به أسود مثل الوبر [5] من بارد الأدنى بعيد القعر وقال مخارق بن شهاب: [من الطويل] فيا راكبا إمّا عرضت فبلّغن ... بني فالج حيث استقرّ قرارها هلمّوا إلينا لا تكونوا كأنّكم ... بلاقع أرض طار عنه وبارها وأرض التي أنتم لقيتم بجوّها ... كثير بها أوعالها ومدارها فهجا هؤلاء بكثرة الوبار في أرضهم، ومدح هؤلاء بكثرة الوعول في جبلهم. وقال آخر [6] : [من الكامل]

_ [1] الضاحية: الأرض البارزة للشمس. [2] ربيع الأبرار 5/476. [3] السامد: الرافع رأسه. [4] يشير بالبيت الأول إلى اليت رقم 32 الذي تقدم في ص 496. [5] يقال: فلان من ولد الظهر: أي ليس منا. [6] الأبيات لجواس بن القعطل كما تقدم في 3/247، الفقرة (915) .

1880 -[مما يتمازح به الأعراب]

هل يشتمنّي لا أبا لكم ... دنس الثّياب كطابخ القدر جعل تمطّى في غيابته ... زمر المروءة ناقص الشّبر [1] لزبابة سوداء حنظلة ... والعاجز التّدبير كالوبر ويضرب المثل بنتن الوبر؛ ولذلك يقول الشاعر [2] : [من الوافر] تطلّى وهي سيّئة المعرّى ... بوضر الوبر تحسبه ملابا [3] ونتن الوبر هو بوله. 1880-[مما يتمازح به الأعراب] ومما تتمازح به الأعراب، فمن ذلك قول الشاعر: [من الرجز] قد هدم الضّفدع بيت الفاره ... فجاء الرّبية والوباره [4] وحلم يشدّ بالحجاره [5] وهذا مثل قولهم: [من الرجز] اختلط النّقد على الجعلان ... وقد بقي دريهم وثلثان 1881-[الظربان] وأمّا قوله: 36- «والظّربان الورد قد شفّه ... حبّ الكشي والوحر الحمر [6] 37-[يلوذ منه الضبّ مذلوليا ... ولو نجا أهلكه الذّعر] [7] 38- وليس ينجيه إذا ما فسا ... شيء ولو أحرزه قصر»

_ [1] الغيابة: المنهبط من الأرض، ومكان هذه الكلمة في 3/247 (عمايته) . زمر المروءة: قليلها. الشبر: العطاء. [2] البيت لجرير في ديوانه 820، واللسان والتاج (لوب، صنن) ، والمقاييس 3/279، والتهذيب 12/116. [3] البيت في هجاء بني نمير، تطلى: تتطلى. المعرى: المجرد. الوضر: الدرن؛ وما يشمه الإنسان من ريح يجده من طعام فاسد. الملاب: الزعفران أو الطيب. [4] الربية: دويبة بين الفأرة وأم حبين. [5] الحلم: ضرب من القردان. يشد: يسرع في عدوه. [6] الكشى: جمع كشية؛ وهي شحمة صفراء في ظهر الضب. الوحر: جمع وحرة، وهي دويبة صغيرة حمراء لها ذنب دقيق تمصع به إذا عدت. [7] لم يرد البيت في الأصل، واستدراكه لازم لالتئام الكلام.

قال أبو سليمان الغنويّ: الظّربان أخبث دابّة في الأرض وأهلكه لفراخ الضّبّة. قال: فسألت زيد بن كثوة عن ذلك فقال: إي والله وللضّبّ الكبير! والظّربان دابّة فسّاءه لا يقوم لشرّ فسوها شيء، قلت: فكيف يأخذها؟ قال: يأتي جحر الضّبّ، وهو ببابه يستروح، فإذا وجد الضّبّ ريح فسوه دخل هاربا في جحره، ومرّ هو معه من فوق الجحر مستمعا حرشه، وقد أصغى بإحدى أذنيه من فوق الأرض نحو صوته- وهو أسمع دابّة في الأرض- فإذا بلغ الضبّ منتهاه، وصار إلى أقصى جحره وكفّ حرشه استدبر جحره، ثم يفسو عليه من ذلك الموضع- وهو متى شمّه غشي عليه- فيأخذه. قال: والظّربان واحد، والظّربان: الجميع، مثل الكروان للواحد والكروان للجميع. وأنشد قول ذي الرّمّة [1] : [من الطويل] من آل أبي موسى ترى القوم حوله ... كأنّهم الكروان أبصرن بازيا والعامّة لا تشكّ [في] [2] أنّ الكروان ابن الحبارى؛ لقول الشاعر [3] : [من الطويل] ألم تر أنّ الزّبد بالتّمر طيّب ... وأنّ الحباري خالة الكروان وقال غيره: الظّربان يكون على خلقة هذا الكلب الصّينيّ، وهو منتن جدّا، يدخل في جحر الضبّ فيفسو عليه، فينتن عليه بيته، حتى يذلق الضبّ من بيته، فيصيده. والضّباب الدلالي أيضا، التي يدخل عليها السّيل فيخرجها. وأنشد [4] : [من الرجز] 1- يا ظربانا يتعشّى ضبّا ... رأى العقاب فوقه فخبّا

_ [1] ديوان ذي الرمة 1313، والخزانة 2/377، والخصائص 2/222، 3/118. [2] إضافة تقتضيها اللغة. [3] البيت بلا نسبة في البيان 1/230، ومجمع الأمثال 1/362، والتاج (حبر) ، ومحاضرات الأدباء 2/299. [4] الرجز لهند بن أبي سفيان في الحماسة البصرية 2/403، والثاني والثالث بلا نسبة في اللسان والتاج (خصى) .

1882 -[سلاح بعض الحيوان]

3- كأنّ خصييه إذا أكبّا ... فرّوجتان تطلبان حبّا 5- أو ثعلبان يحفزان ضبّا [1] وأنشد الفرزدق [2] : [من الطويل] أبوك سليم قد عرفنا مكانه ... وأنت بجيريّ قصير قوائمه ومن يجعل الظّربى القصار ظهورها ... كمن رفعته في السّماء دعائمه 1882-[سلاح بعض الحيوان] قال: والظّربان يعلم أنّ سلاحه في فسائه، ليس شيء عنده سواه، والحبارى تعلم أنّ سلاحها في سلحها ليس لها شيء سواه، قال: ولها في جوفها خزانة لها فيها أبدا رجع [3] معدّ فإذا احتاجت إليه وأمكنها الاستعمال استعملته، وهي تعلم أنّ ذلك وقاية لها، وتعرف مع ذلك شدّة لزجه، وخبث نتنه، وتعلم أنها تساور بذلك الزّرّق [4] ، وأنها تثقله فلا يصيد. ويعلم الدّيك أنّ سلاحه في صيصيته [5] ، ويعلم أنّ له سلاحا، ويعلم أنّه تلك الشوكة، ويدري لأيّ مكان يعتلج، وأيّ موضع يطعن به. والقنافذ تعلم أنّ فروتها جنّة [6] وأنّ شوك جلدها وقاية. فما كان منها مثل الدّلدل ذوات المداري [7] فإنها ترمي فلا تخطئ، حتى يمرّ مرور السهم المسدّد. وإن كانت من صغارها قبضت على الأفعى وهي واثقة بأنّه ليس في طاقة الأفعى لها من المكروه شيء. ومتى قبضت على رأس الأفعى فالخطب فيها يسير. وإن قبضت على الذنب أدخلت رأسها فقرضتها وأكلتها أكلا، وأمكنتها من جسمها، تصنع ما شاءت؛ ثقة منها بأنّه لا يصل إليها بوجه من الوجوه. والأجناس التي تأكل الحيّات: القنافذ، والخنازير، والعقبان، والسّنانير،

_ [1] حفزه: دفعه من خلفه. [2] ديوان الفرزدق 815. [3] الرجع: النجو والروث. [4] الزرق: طائر بين البازي والباشق يصاد به. [5] الصيصية: الشوكة التي في رجل الديك. [6] الجنة: الوقاية. [7] المداري: جمع مدرى، وهو شيء يعمل من حديد أو خشب على شكل سن من أسنان المشط، وأراد به الشوك الطويل.

1883 -[لجوء بعض الحيوان إلى الخبث والحيلة والفرار]

والشاهمرك [1] . على أن النّسور والشاهمرك لا يتعرّضان للكبار. ويعلم الزّنبور أن سلاحه في شعرته فقط، كما تعلم العقرب أن سلاحها في إبرتها فقط. وتعلم الذّبان والبعوض والقملة، أن سلاحها في خراطيمها. وتعلم جوارح الطّير أن سلاحها في مخالبها. ويعلم الذّئب والكلب أنّ سلاحهما في أشداقهما فقط. ويعلم الخنزير والأفعى أنّ سلاحهما في أنيابهما فقط. ويعلم الثّور أنّ سلاحه قرنه، لا سلاح له غيره. فإن لم يجد الثّور والكبش والتّيس قرونا، وكانت جمّا [2] ، استعملت باضطرار مواضع القرون. والبرذون يستعمل فمه وحافر رجله. ويعلم التّمساح أنّ أحدّ أسلحته وأعونها ذنبه، ولذلك لا يعرض إلّا لمن وجده على الشريعة؛ فإنّه يضربه ويجمعه إليه حتى يلقيه في الماء. وذنب الضبّ أنفع من براثنه [3] . 1883-[لجوء بعض الحيوان إلى الخبث والحيلة والفرار] وإنما تفزع هذه الأجناس إلى الخبث، وإلى ما في طبعها من شدّة الحضر [4] إذا عدمت السّلاح؛ فعند ذلك تستعمل الحيلة: مثل القنفذ في إمكان عدوّه من فروته، ومثل الظّبي واستعمال الحضر في المستوي، ومثل الأرنب واستعماله الحضر في الصّعداء [5] . وإذا كان ممن لا يرجع إلى سلاحه ولا إلى خبثه كان إمّا أن يكون أشدّ حضرا ساعة الهرب من غيره، وإمّا أن يكون ممّن لا يمكنه الحضر ويقطعه الجبن، فلا يبرح حتّى يؤخذ. 1884-[ما يقطعه الجبن من الحيوان] وإنما تتقرّب الشّاة بالمتابعة والانقياد للسّبع، تظنّ أن ذلك ممّا ينفعها؛ فإن

_ [1] الشاهمرك: معرب الشاه مرغ، ومعناه ملك الطير. وهو الفتي من الدجاج. حياة الحيوان 1/594، وانظر ما تقدم في 1/25، الفقرة (13) . [2] الجم: جمع أجم وجماء، وهو الذي لا قرن له. [3] ربيع الأبرار 5/468، وانظر ما تقدم ص 378. [4] الحضر: الارتفاع في العدو. [5] انظر ما تقدم ص 502، الحاشية رقم (5) .

الأسد إذا أخذ الشّاة ولم تتابعه، ولم تعنه على نفسها، فربما اضطرّ الأسد إلى أن يجرّها إلى عرينه. وإذا أخذها الذئب عدت معه حتّى لا يكون عليه فيها مؤونة، وهو إنما يريد أن ينحّيها [1] عن الراعي والكلب، وإن لم يكن في ذلك الوقت هناك كلب ولا راع، فيرى أن يجري على عادته. وكذلك الدّجاج إذا كنّ وقّعا على أغصان الشّجر، أو على الرّفوف، فلو مرّ تحتها كلّ كلب. وكلّ سنّور، وكلّ ثعلب، وكلّ شيء يطالبها، فإذا مرّ ابن آوى بقربها لم يبق منها واحدة إلّا رمت بنفسها إليه [2] . لأنّ الذّئب هو المقصود به إلى طباع الشاة، وكذلك شأن ابن آوى والدّجاج، يخيّل إليها أن ذلك مما ينفع عنده. وللجبن تفعل كلّ هذا. ولمثل هذه العلّة نزل المنهزم عن فرسه الجواد؛ ليحضر ببدنه، يظنّ اجتهاده أنجى له، وأنّه إذا كان على ظهر الفرس أقلّ كدّا، وأنّ ذلك أقرب له إلى الهلاك. ولمثل هذه العلّة يتشبّت الغريق بمن أراد إنقاذه حتّى يغرقه نفسه، وهما قبل ذلك قد سمعا بحال الغريق والمنهزم، وأنّهما إنّما هما في ذلك كالرجل المعافى الذي يتعجّب ممن يشرب الدّواء من يد أعلم النّاس به، فإن أصابته شقيقة، أو لسعة عقرب، أو اشتكى خاصرته، أو أصابه حصر أو أسر [3] شرب الدّواء من يد أجهل الخليقة، أو جمع بين دواءين متضادّين. فالأشياء التي تعلم أنّ سلاحها في أذنابها ومآخرها الزّنبور والثّعلب والعقرب والحبارى، والظّربان، وسيقع هذا الباب في موضعه إن شاء الله تعالى. وليس شيء من صنف الحيوان أردأ حيلة عند معاينة العدوّ من الغنم؛ لأنها في الأصل موصولة بكفايات النّاس، فأسندت إليهم في كل أمر يصيبها، ولولا ذلك لخرّجت لها الحاجة ضروبا من الأبواب التي تعينها. فإذا لم يكن لها سلاح ولا حيلة، ولم تكن ممن يستطيع الانسياب إلى جحره أو صدع صخرة، أو في ذروة جبل. كانت مثل الدّجاجة، فإنّ أكثر ما عندها من الحيلة إذا كانت على الأرض أن ترتفع إلى رفّ. وربّما كانت في الأرض، فإذا دنا المغرب فزعت إلى ذلك.

_ [1] ينحيها: يبعدها. [2] انظر ما تقدم في 2/282، س 17- 20. [3] الحصر: احتباس الغائط، الأسر: احتباس البول.

1885 -[ما له ضروب من السلاح]

1885-[ما له ضروب من السلاح] وربّما كان عند الجنس من الآلات ضروب، كنحو زبرة [1] الأسد ولبدته، فإنّه حمول للسّلاح إلّا في مراقّ بطنه فإنّه [2] من هناك ضعيف جدّا، وقال التغلبي [3] : [من الطويل] ترى النّاس منّا جلد أسود سالخ ... وزبرة ضرغام من الأسد ضيغم [4] وله مع ذلك بعد الوثبة واللّزوق بالأرض. وله الحبس باليد. وله الطّعن بالمخلب، حتى ربّما حبس العير بيمينه وطعن بمخلب يساره لبّته [5] وقد ألقاه على مؤخره، فيتلقّى دمه شاحيا [6] فاه وكأنه ينصبّ من فوّارة، حتى إذا شربه واستفرغه صار إلى شقّ بطنه. وله العضّ بأنياب صلاب حداد، وفكّ شديد، ومنخر واسع. وله مع البرثن والشكّ بأظفاره دقّ الأعناق، وحطم الأصلاب. وله أنه أسرع حضرا من كلّ شيء أعمل الحضر في الهرب منه. وله من الصّبر على الجوع ومن قلّة الحاجة إلى الماء مع غيره، وربّما سار في طلب الملح [7] ثمانين فرسخا في يوم وليلة. ولو لم يكن له سلاح إلّا زئيره وتوقّد عينيه، وما في صدور النّاس له لكفاه. وربما كان كالبعير الذي يعلم أنّ سلاحه في نابيه وفي كركرته [8] . والإنسان يستعمل في القتال كفّيه في ضروب، ومرفقيه ورجليه ومنكبيه وفمه ورأسه وصدره، كلّ ذلك له سلاح ويعلم مكانه، يستوي في ذلك العاقل والمجنون، كما يستويان في الهداية في الطّعام والشراب إلى الفم. 1886-[سلاح المرأة] والمرأة إذا ضعفت عن كلّ شيء فزعت إلى الصّراخ والولولة؛ التماسا للرّحمة، واستجلابا للغياث من حماتها وكفاتها، أو من أهل الحسبة في أمرها.

_ [1] الزّبرة: ما بين كتفي الأسد من الوبر، هي اللبدة أيضا. [2] مراق البطن: ما رقّ منها في أسفلها. [3] البيت لجابر بن حني التغلبي في المفضليات 212. [4] الأسود: العظيم من الحيات، وقيل له «سالخ» لأنه يسلخ جلده في كل عام. الضرغام والضيغم: من أسماء الأسد. [5] اللّبة: وسط الصدر والمنحر. [6] شحا: فتح. [7] انظر لشهوة الأسد الملح ما تقدم في 3/127، الفقرة (722) ، 5/114، الفقرة (1352) ، ولقلة رغبته في الماء ما تقدم في 2/283، الفقرة (287) ، 3/153، الفقرة (769) . [8] الكركرة: رحى زور البعير أو الناقة.

باب في أسماء أولاد الحيوان

[باب في أسماء أولاد الحيوان] (باب) 1887-[أسماء أولاد الحيوان] قال: ويقال لولد السّبع الهجرس والجمع هجارس، ولولد الضبع الفرعل والجمع فراعل. قال ابن حبناء: [من الطويل] سلاحين منها بالرّكوب وغيرها ... إذا ما رآها فرعل الضّبع كفّرا قال: والدّيسم ولد الذّئب من الكلبة. وسألت عن ذلك أبا الفتح صاحب قطرب فأنكر ذلك وزعم أنّ الدّيسمة الذّرة، واسم أبي الفتح هذا ديسم. ويقال إنّه دويبّة غير ما قالوا. ويقال لولد اليربوع والفأر درص، والجمع أدراص. ويقال لولد الأرنب خرنق، والجمع خرانق، قال طرفة [1] : [من الطويل] إذا جلسوا خيّلت تحت ثيابهم ... خرانق توفي بالضّغيب لها نذرا أشعار فيها أخلاط من السباع والوحش والحشرات قال مسعود بن كبير الجرمي، من طيئ، يقولها في حمار اشتراه فوجده على خلاف ما وصفه به النخّاس: [من الرجز] إنّ أبا الخرشن شيء هنب ... معجّب ما يحتويه العجب [2] قد قلت لما أن أجدّ الرّكب ... واعتر القوم صحار رحب يا أجنح الأذن ألا تخبّ ... أهانك الله فبئس النّجب [3] ما كان لي إذ أشتريك قلب ... بلى ولكن ضاع ثمّ اللّبّ إن الذي باعك خبّ ضبّ ... أخبرني أنّك عير ندب [4]

_ [1] ديوان طرفة بن العبد 60. [2] الهنب: الفائق الحمق. معجب: يحمل على العجب. [3] الجنح: الميل. الخبب: ضرب من السير سريع. [4] العير: السيد والملك. الندب: النجيب.

وشرّ ما قال الرّجال الكذب ... صبّ عليه ضبع وذئب سرحانة وجيأل قرشبّ ... ذيخ عدته رملة وهضب [1] كأنه تحت الظّلام سقب ... يأخذ منه من رآه الرّعب [2] أبو جراء مسّهنّ السّغب ... حتّى يقال حيث أفضى السحب [3] وأنت نفّاق هناك ضبّ ... وصبّح الراعي مجرّا وغب [4] ورخات بينهنّ كعب ... وأكرع العير وفرث رطب [5] تقول: أدنوني إلى شرائه، ويقال ثرية لقيك لغة طائيّة. وقال قرواش بن حوط [6] : [من الكامل] نبّئت أن عقالا بن خويلد ... بنعاف ذي عدم وأنّ الأعلما [7] ضبعا مجاهرة وليثا هدنة ... وثعيلبا خمر إذا ماء أظلما [8] لا تسأماني من رسيس عداوة ... أبدا فلست بسائم إن تسأما [9] غضّا الوعيد فما أكون لموعدي ... فيئا ولا أكلا له متخضّما [10] فمتى ألاقكما البراز تلاقيا ... عركا يفلّ الحدّ شاكا معلما [11]

_ [1] السرحانة: أنثى الذئب. جيأل: الضبع. القرشب: الأكول والمسن. الذيخ: ذكر الضباع الكثير الشعر. عدته: صرفته عنها. [2] السقب: ولد الناقة. [3] السغب: الجوع. [4] نفق: دخل في نافقائه. مجرا: مجرأ، وهو الجريء. الوغب: اللئيم. [5] الرخم: مما يقع على الجيف. الكعب: العظم لكل ذي أربع. العير: الحمار. الفرث: ما في الكرش من السرجين. [6] الأبيات لقرواش بن حوط بن أنس في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1460، والأبيات (2- 3- 4) في معجم الشعراء 224، والبيت الثاني في عيون الأخبار 1/166. [7] النعاف: جمع نعف، وهو أنف الجبل. ذو عدم: واد باليمن، وموضع بنواحي المدينة. [8] في شرح ديوان الحماسة والضبع يوصف بضعف القلب. والخمر ما واراك من الشجر. وصغّر الثعلب لأنه كلما كان أصغر كان على الروغان أقدر. إذا أظلما: أي دخلا في الظلمة خبثا، لأن الثعلب حاله كذا. [9] «رسيس عداوة: مثل رسيس الحمى والهوى؛ ورسهما لما يبدأ منهما. [10] غضا: كفّا، وأصل الغض: الكسر. الفيء: الغنيمة. الأكل: ما يؤكل. متخضما: مأكولا بسهولة، والخضم: أكل شيء يلين على الضرس. يقول: لا ألين لمن أراد أكلي. [11] البراز: أي متبارزين. العرك: البطش في الحرب. الشاك: الشائك السلاح، وهو ذو الشوكة والحد في سلاحه.

1888 -[الوحر]

1888-[الوحر] قال: وقال العدبّس الكنانيّ: والوحرة دويبّة كالعظاءة حمراء إذا اجتمعت تلصق بالأرض، وجمع وحرة وحر، مفتوحة الحاء، ومنه قيل وحر الصّدر، كما قيل للحقد ضبّ؛ ذهبوا إلى لزوقه بالصّدر كالتزاق الوحرة بالأرض، وأنشد [1] : [من الرمل] بئس عمر الله، قوم طرقوا ... فقروا أضيافهم لحما وحر [2] وسقوهم في إناء مقرف ... لبنا من درّ مخراط فئر [3] يقال لحم وحر: إذا دبّت عليه الوحرة، مقرف: موبئ [4] . ويقال فئر: إذا وقعت فيه فارة. وقال الحكميّ [5] : [من مجزوء الوافر] بأرض باعد الرّحم ... ن عنها الطّلح والعشرا [6] ولم يجعل مصايدها ... يرابيعا ولا وحرا 1889-[الهيشة] وأمّا قوله: 29- «وهيشة تأكلها سرفة ... وسمع ذئب همّه الحضر» فالهيشة أم حبين، وأنشد [7] : [من البسيط] أشكو إليك زمانا قد تعرّقنا ... كما تعرّق رأس الهيشة الذّيب وأمّ جبين وأمّ حبينة سواء، وقد ذكرنا شأنها في صدر هذا الكتاب. ويقال إنّها لا تقيم بمكان تكون فيه هذه الدّودة التي يقال لها السّرفة، وإليها ينتهي المثل في الصّنعة، ويقال: «أصنع من سرفة» [8] . ويقال إنّها تقوم من أمّ حبين مقام القراد من

_ [1] البيتان بلا نسبة في المخصص 16/132، والأول في الدرر 5/206، 217، وهمع الهوامع 2/85، والمقاصد النحوية 4/19، وشرح الأشموني 2/372، والثاني في اللسان والتاج (خرط) . [2] طرقوا: زارهم الضيف ليلا. قروا: أضافوا. [3] المخراط: الناقة يخرج لبنها متعقدا كقطع الأوتار ومعه ماء أصفر. [4] موبئ: من الوباء. [5] البيتان لأبي نواس في ديوانه 557. [6] الطلح والعشر: من نباتات البادية. [7] البيت بلا نسبة في اللسان والتاج (هيش) ، والتهذيب 6/357. [8] مجمع الأمثال 1/411، والدرة الفاخرة 1/264، وجمهرة الأمثال 1/583، والمستقصى 1/213، وأمثال ابن سلام 363.

1890 -[ذكر من يأكل بعض أصناف الحيوان]

البعير، إذا كانت أمّ حبين في الأرض التي تكون فيها هذه الدّودة. 1890-[ذكر من يأكل بعض أصناف الحيوان] قال [1] : وقال مدنيّ لأعرابي: أتأكلون الضّبّ؟ قال: نعم. قال: فاليربوع؟ قال: نعم. قال: فالوحرة؟ قال: نعم. حتّى عدّ أجناسا كثيرة من هذه الحشرات. قال أفتأكلون أمّ حبين؟ قال: لا. قال: «فلتهن أمّ حبين العافية» . قال ابن أبي كريمة [2] : سأل عمرو بن كريمة أعرابيّا- وأنا عنده- فقال: أتأكلون القرنبى؟ قال: طال والله ما سال ماؤه على شدقي!. وزعم أبو زيد النحويّ سعيد بن أوس الأنصاريّ، قال [3] : دخلت على رؤبة وإذا قدّامه كانون، وهو يملّ على جمره جرذا من جرذان البيت، يخرج الواحد بعد الواحد فيأكله، ويقول: هذا أطيب من اليربوع! يأكل التّمر والجبن، ويحسو الزّيت والسّمن. وأنشد [4] : [من الوافر] ترى التّيميّ يزحف كالقرنبى ... إلى تيميّة كقفا القدّوم وقال آخر [5] : [من الكامل] يدبّ على أحشائها كلّ ليلة ... دبيب القرنبى بات يعلو نقا سهلا 1891-[اليربوع] قال: واليربوع دابّة كالجرذ، منكبّ على صدره؛ لقصر يديه طويل الرّجلين، له ذنب كذنب الجرذ يرفعه في الصعداء [6] إذا هرول. وإذا رأيته كذلك رأيت فيه اضطرابا وعجبا. والأعراب تأكله في الجهد وفي الخصب.

_ [1] تقدم الخبر في 3/256، الفقرة (932) ، وتقدم هنا ص 389. [2] تقدم الخبر في 3/256، الفقرة (932) ، وهو في ربيع الأبرار 5/473. [3] الخبر في الأغاني 20/350، وربع الأبرار 5/472، وتقدم في 4/284، 5/. [4] البيت برواية «كعصا المليل» منسوبا إلى جرير في ديوانه 438 (الصاوي) ، وعيون الأخبار 4/42 مع بيتين آخرين، واللسان والتاج (قرنب) ، والعين 5/264، وبلا نسبة في اللسان والتاج (ملل) ، والتهذيب 9/417، 5/352، والمخصص 16/17. [5] البيت للأخطل في حياة الحيوان 2/209 (القرنبى) ، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في الكامل 1/282 (طبعة المعارف) ، 595 (الدالي) ، واللسان والتاج (قرنب) ، وتقدم بلا نسبة في 3/255، الفقرة (930) . [6] أرض صعداء: يشتد صعودها على الراقي.

1892 -[أخبث الحيوان]

1892-[أخبث الحيوان] قال: وكلّ دابّة حشاها الله تعالى خبثا فهو قصير اليدين، فإذا خافت شيئا لاذت بالصّعداء فلا يكاد يلحقها شيء [1] . 1893-[أكل المسيب بن شريك لليربوع] قال: وأخبرني ابن أبي نجيح وكان حجّ مع المسيّب بن شريك عام حجّ المهديّ [مع] [2] سلسبيل، قال: زاملت المسيّب في حجّته تلك، فبينا نحن نسير إذ نظرنا إلى يربوع يتخلل فراسن [3] الإبل، فصاح بغلمانه: دونكم اليربوع! فأحضروا في إثره فأخذوه. فلمّا حططنا قال: اذبحوه. ثمّ قال: اسلخوه واشووه وائتوني به في غدائي. قال: فأتي به في آخر الغداء، على رغيف قد رعّبوه فهو أشدّ حمرة من الزّهوة [4] ،- يريد البسرة- فعطف عليه فثنى الرّغيف ثم غمزه بين راحتيه ثم فرج [5] الرغيف، فإذا هو قد أخذ من دسمه، فوضعه بين يديه، ثمّ تناول اليربوع فنزع فخذا منه، فتناولها ثم قال: كل يا أبا محمد! فقلت: ما لي به حاجة! فضحك ثم جعل يأتي عليه عضوا عضوا. 1894-[أم حبين] قال: وأمّا أمّ حبين فهي الهيشة، وهي أم الحبين، وهي دويبة تأكلها الأعراب مثل الحرباء، إلّا أنّها أصغر منها، وهي كدراء لسواد بيضاء البطن. وهو خلاف قول الأعرابيّ للمدني. 1895-[وصية أعرابي لسهل بن هارون] وقال أعرابيّ لسهل بن هارون، في تواري سهل من غرمائه وطلبهم له طلبا شديدا؛ فأوصاه الأعرابيّ بالحزم وتدبير اليربوع، فقال [6] : [من الطويل] انزل أبا عمرو على حدّ قرية ... تزيغ إلى سهل كثير السّلائق [7]

_ [1] انظر ما تقدم ص 502، س 20- 22. [2] في الأصل «في» . [3] الفرسن: هو من البعير بمنزلة الحافر من الدابة. [4] الترعيب: التقطيع. الزهوة: واحدة الزهو، وهو البسر إذا ظهرت فيه الحمرة. [5] فرج الشيء: فتحه وباعد بين شقيه. [6] الأبيات مع الخبر في عيون الأخبار 1/255. [7] تزيغ: تميل. السلائق: أثر الأقدام والحوافر في الطريق.

1896 -[الخناقون]

وخذ نفق اليربوع واسلك سبيله ... ودع عنك إني ناطق وابن ناطق وكن كأبي قطن على كلّ زائغ ... له منزل في ضيق العرض شاهق وإنّما قال ذلك لاحتيال اليربوع بأبوابه التي يخرج من بعضها، إذا ارتاب بالبعض الآخر. وكذا كانت دار أبي قطنة الخناق بالكوفة في كندة، ويزعمون أنّه كان مولى لهم. وأنشد أبو عبيدة قال: أنشدني سفيان بن عيينة [1] : [من الهزج] إذ ما سرّك العيش ... فلا تمرر على كنده وقد قتل أبو قطنة وصلب. 1896-[الخناقون] وممّن كان يخنق النّاس بالمدينة عديّة المدنيّة الصّفراء، وبالبصرة، رادويه. والمرميّون بالخنق من القبائل وأصحاب النّحل والتأويلات هم الذين ذكرهم أعشى همدان في قوله [2] : [من الطويل] إذا سرت في عجل فسر في صحابة ... وكندة فاحذرها حذارك للخسف وفي شيعة الأعمى خناق وغيلة ... وقشب وإعمال لجندلة القذف وكلّهم شرّ، على أنّ رأسهم ... حميدة والميلاء حاضنة الكسف متى كنت في حيّي بجيلة فاستمع ... فإنّ لها قصفا يدلّ على حتف إذا اعتزموا يوما على قتل زائر ... تداعوا عليه بالنّباح وبالعزف وذلك أن الخناقين لا يسيرون إلّا معا، ولا يقيمون في الأمصار إلّا كذلك. فإذا عزم أهل دار على خنق إنسان كانت العلامة بينهم الضرب على دفّ أو طبل، على ما يكون في دور الناس، وعندهم كلاب مرتبطة فإذا تجاوبوا بالعزف ليختفي الصّوت ضربوا تلك الكلاب فنبحت. وربّما كان منهم معلّم يؤدّب في الدّرب، فإذا سمع تلك الأصوات أمر الصّبيان برفع الهجاء والقراءة والحساب. 1897-[المغيرية والغالية والمنصورية] وأما الأعمى فهو المغيرة بن سعيد صاحب المغيرية، مولى بجيلة والخارج على

_ [1] البيت في عيون الأخبار 2/147، وتقدم في 2/391، الفقرة (454) . [2] الأبيات لأعشى همدان في عيون الأخبار 2/146- 147، وتقدمت منسوبة إلى حماد الراوية في 2/391، الفقرة (454) .

1898 -[تفسير بيت]

خالد بن عبد الله القسري. ومن أجل خروجه عليه قال: «أطعموني ماء» حتى نعى عليه ذلك يحيى بن نوفل، فقال [1] : [من الوافر] تقول من النّواكة أطعموني ... شرابا ثمّ بلت على السّرير لأعلاج ثمانية وشيخ ... كليل الحدّ ذي بصر ضرير وأمّا حميدة، فكانت من أصحاب ليلى الناعظية، ولها رياسة في الغالية. والميلاء حاضنة أبي منصور صاحب المنصوريّة، وهو الكسف، قالت الغالية: إيّاه عنى الله: وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ وإيّاه عنى معدان الأعمى حيث يقول [2] : [من الخفيف] إنّ ذا الكسف صدّ آل كميل ... وكميل رذل من الأرذال تركا بالعراق داء دويّا ... ضلّ فيه تلطّف المحتال 1898-[تفسير بيت] وأمّا قوله [3] : [من الطويل] انزل أبا عمرو على حدّ قرية ... تزيغ إلى سهل كثير السّلائق فأراد الهرب؛ لأنه متى كان في ظهر فظّ [4] كثير الجوادّ والطرائق [5] . كان أمكر وأخفى. وما أحسن ما قال النابغة في صفة الطّريق إذا كان يتشعّب، حيث يقول [6] : [من الطويل] وناجية عدّيت في ظهر لاحب ... كسحل اليماني، قاصدا للمناهل [7] له خلج تهوي فرادى وترعوي ... إلى كلّ ذي نيرين بادي الشّواكل [8]

_ [1] تقدم البيتان في 2/392، الفقرة (454) ، وهما في البيان 2/267، 3/205. [2] تقدم البيتان في 2/392، الفقرة (454) ، وانظر الحاشية رقم (3) هناك. [3] تقدم البيت ص 521. [4] الظهر: ما غلظ من الأرض وارتفع. [5] الجواد: جمع جادة. الطرائق: جمع طريق؛ وهي الخطوط. [6] ديوان النابغة الذبياني 142. [7] الناجية: الناقة السريعة، اللاحب: الطريق الواضح. السحل: الثوب الأبيض، وشبه الطريق به. المناهل: المشارب، واحدها منهل. [8] الخلج: الطّرق الصغار، واحدها خلوج، سمي بذلك لأنه يختلج الناس عن الطريق الأعظم، فيذهب به. وأراد بالنيرين: لونين وضربين. الشواكل: النواحي، واحدتها شاكلة.

1899 -[أرجوزة في اليربوع وأكل الحشرات والحيات]

وهذا موضع اليربوع في تدبيره ومكره. 1899-[أرجوزة في اليربوع وأكل الحشرات والحيات] وقال الآخر في صفة اليربوع، وفي حيلته، وفي خلقه، وفي أكل الحشرات والحيات: [من الرجز] يا ربّ يربوع قصير الظّهر ... وشاخص العجب ذليل الصّدر ومحكم البيت جميع الأمر ... يرعى أصول سلم وسدر ضحتّى تراه كمداد العكر باكرته قبل طلوع الفجر ... بكلّ فيّاض اليدين غمر وكلّ قنّاص قليل الوفر ... مرتفع النّجم كريم النّجر فعاذ منّي ببعيد القعر [1] ... مختلف البطن عجيب الظهر وتدمريّ قاصع في جحر [2] ... في العسر إن كان وبعد العسر أطيب عندي من جنيّ التّمر ... وشحمة الأرض طعام المثري وكلّ جبار بعيد الذّكر ... وهيشة أرفعها لفطري ليوم حفل وليوم فخر [3] ... وكلّ شيء في الظلام يسري من عقرب، أو قنفذ، أو وبر ... أو حيّة أملّها في الجمر فتلك همّي وإليها أجري [4] ... في كلّ حال من غنى وفقر وكلّ شيء لقضاء يجري ... وكلّ طير جاثم في وكر وكلّ يعسوب وكلّ دبر ... والذّيخ والسّمع وذئب القفر والكلب والتّتفل بعد الهرّ [5] ... والضّبّ والحوت وطير البحر والأعور النّاطق يوم الزّجر [6] ... آكله غير الحرابي الخضر أو جعل صلّى، صلاة العصر [7] ... يشكر إن نال قرى من جعر يا ويله من شاكر ذي كفر ... أفسد والله عليّ شكري

_ [1] النجر: الأصل. عاذ به: التجأ إليه. [2] التدمري: الماعز من اليرابيع، ولا أظفار في ساقيه، وفيه قصر وصغر. [3] الهيشة: تقدم القول فيها في ص 519. [4] ملّ الشيء: أدخله في الملة، وهي الجمر. [5] التتفل: الثعلب. [6] الأعور: أراد به الغراب. [7] انظر لخضرة الحرباء ما تقدم في ص 507. س 11.

1900 -[اليرابيع]

فزعم أنّه يستطيب كلّ شيء إلّا الحرباء الذي قد اخضرّ من حرّ الشّمس وإلّا الجعل الذي يصلّي العصر. وزعم أنّه إنما جعل ذلك شكرا على ما أطعم من العذرة، وأنّ ذلك الشّكر هو اللّؤم والكفر. ولا أعرف معنى صلاة الجعل. وقد روى ابن الأعرابي عن زاهر قال: «يا بنيّ لا تصلّ فإنّما يصلّي الجعل، ولا تصم فإنما يصوم الحمار [1] » . وما فهمته بعد. وأراه قد قدّم الهيشة، وهي أمّ حبين، وهذا خلاف مارووا عن الأعرابي والمدني [2] . 1900-[اليرابيع] وأمّا قوله: وتدمريّ قاصع في جحر فقد قال الشاعر [3] : [من الطويل] وإنّي لأصطاد اليرابيع كلّها ... شفاريّها والتّدمريّ المقصّعا [4] واليرابيع ضربان: الشّفاريّ والتّدمري، مثل الفتّي والمذكّي [5] . وقال جرير حين شبّه أشياء من المرأة بأشياء من الحشرات وغيرها وذكر فيها الجعل فقال [6] : [من الوافر] ترى التّيميّ يزحف كالقرنبى ... إلى تيمية كعصا المليل تشين الزّعفران عروس تيم ... وتمشي مشية الجعل الدّحول [7] يقول المجتلون عروس تيم ... شوى أمّ الحبين ورأس فيل [8]

_ [1] صلاة الجعل: من قولهم: صلى الفرس، إذا أتى مصليا ورأسه على صلا السابق، والجعل يصلي أي يتبع كل ذاهب لقضاء حاجته كما يتبع المصلي من الخيل خلف السابق. وصوم الحمار: وقوفه على أربعة. [2] انظر ما تقدم في ص 520، 521. [3] البيت بلا نسبة في اللسان والتاج (دمر، شفر، شرف) ، والمخصص 1/86، 8/91. [4] المقصع: الذي سدّ باب حجره. [5] الفتي: الشاب. المذكي: المسن من كل شيء. [6] ديوان جرير 438 (الصاوي) ، وانظر ما تقدم في الحاشية رقم (4) ، ص 520. [7] الدحول: من قولهم: ناقة دحول تعارض الإبل متنحية عنها. [8] اجتلى العروس: نظر إليها. الشوى: الأطراف.

1901 -[شعر فيه ذكر اليربوع]

1901-[شعر فيه ذكر اليربوع] وقال عبيد بن أيّوب العنبري [1] ، في ذكر اليربوع: [من الطويل] حملت عليها ما لو انّ حمامة ... تحمّله طارت به في الخفاخف [2] نطوعا وأنساعا وأشلاء مدنف ... برى جسمه طول السّرى في المخاوف [3] فرحنا كما راحت قطاة تنوّرت ... لأزغب ملقى بين غبر صفاصف [4] ترى الطّير واليربوع يبحثن وطأها ... وينقرن وطء المنسم المتقاذف [5] وقال ابن الأعرابيّ، وهو الذي أنشدنيه: «ترى الطير واليربوع» يعني أنّهما يبحثان في أثر خفّها ملجأ يلجآن إليه، إمّا لشدّة الحر، وإما لغير ذلك. وأنشد أصحابنا عن بعض الأعراب وشعرائهم أنّه قال في أمّه [6] : [من الوافر] فما أمّ الرّدين وإن أدلّت ... بعالمة بأخلاق الكرام إذا الشّيطان قصّع في قفاها ... تنفّقناه بالحبل التؤام يقول: إذا دخل الشّيطان في قاصعاء قفاها تنفقناه، أي أخرجناه من النافقاء، بالحبل المثنّى، وقد مثّل وقد أحسن في نعت الشّعر وإن لم يكن أحسن في العقوق. وأنشد في قوس [7] : [من الرجز] لا كّزة السّهم ولا قلوع ... يدرج تحت عجسها اليربوع [8] القلوع من القسي: التي إذا نزع فيها انقلبت على كفّ النازع. وأما قوله: وأما قوله [9] : [من الطويل]

_ [1] الأبيات في أشعار اللصوص 223، والمعاني الكبير 654، والشعر والشعراء 351، 495 (ليدن) . [2] الخفاخف: جمع خفخفة؛ وهي الصوت. [3] النطوع: جمع نطع، وهو بساط من الأديم. الأنساع: جمع نسع، وهو سير ينسج عريضا تشد به الرحال. الأشلاء: الأعضاء. [4] التنور: التبصر؛ والنظر من بعيد. الأزغب: ذو الزغب؛ وهو الريش القصير. الغبر: جمع أغبر وغبراء. الصفاصف: الأماليس المستوية. [5] المنسم: خف البعير. [6] البيتان بلا نسبة في اللسان والتاج (نفق) ، والتهذيب 9/193، والثاني في اللسان والتاج والأساس (قصع) . وتقدم البيتان في 5/149. [7] الرجز بلا نسبة في اللسان والتاج (كزز، قلع) ، والأساس (كزز) ، وفي الأساس قبل إنشاد الرجز: «قال الجاحظ: قوس كزّة: إذا نزع فيها لم تستغرق السهم» . [8] عجس القوس: مقبضها الذي يقبضه الرامي منها. [9] كذا ورد البيت مقحما في كلام ناقص.

1902 -[قيام الذئب بشأن جراء الضبع]

تخال به السّمع الأزلّ كأنّه ... إذا ما عدا..... (البيت) 1902-[قيام الذئب بشأن جراء الضبع] ويقولون: إن الضبع إذا هلكت قام بشأن جرائها الذّئب وقال الكميت [1] : [من الطويل] كما خامرت في حضنها أمّ عامر ... لذي الحبل حتّى عال أوس عيالها [2] وأنشد أبو عبيدة في ذلك شعرا فسّر به المعنى، وهو قوله [3] : [من البسيط] والذّئب يغذو بنات الذّيخ نافلة ... بل يحسب الذّئب أنّ النّجل للذّيب يقول: لكثرة ما بين الذئاب والضباع من التّسافد يظن الذّئب أنّ أولاد الضبع أولاده. 1903-[أكل الأعراب للسباع والحشرات] والأمر في الأعراب عجب في أكل السّباع والحشرات، فمنهم من يظهر استطابتها، ومنهم من يفخر بأكلها، كالّذي يقول [4] : [من الطويل] أيا أمّ عمرو ومن يكن عقر داره ... جوار عديّ يأكل الحشرات 1904-[ما تحبه الأفاعي وما تبغضه] وأمّا قوله: 40- «لا ترد الماء أفاعي النّقا ... لكنّها يعجبها الخمر 41- وفي ذرى الحرمل ظلّ ... إذا علا واحتدم الهجر» فإن من العجب أنّ الأفعى لا ترد الماء ولا تريده، وهي مع هذا إذا وجدت الخمر شربت حتّى تسكر حتّى ربّما كان ذلك سبب حتفها [5]

_ [1] ديوان الكميت 2/80، واللسان (وجر، جهز، عول، حضن) ، والتاج (جهز، عول، حضن) ، والتنبيه والإيضاح 2/240، والتهذيب 3/196، 6/35، 13/137، والمعاني الكبير 212، والمستقصى 1/77، وعيون الأخبار 2/79، والبرصان 165، وثمار القلوب (583) ، وبلا نسبة في اللسان والتاج (أوس) ، وتقدم في 1/130، الفقرة (157) . [2] خامرت: استترت. ذو الحبل: الصائد. [3] البيت بلا نسبة في اللسان (عول) ، والتهذيب 3/196. [4] البيت النابغة الذبياني أو لأوس بن حجر في التهذيب 11/229، وليس في ديوان أي منهما، وبلا نسبة في اللسان والتاج (حشر) ، وانظر شبيها لهذا البيت في اللسان والتاج (ربا) ، والتهذيب 15/275. [5] ربيع الأبرار 5/475.

1905 -[أكل بعض الحيوان لبعض]

والأفاعي تكره ريح السّذاب والشّيح، وتستريح إلى نبات الحرمل. وأمّا أنا فإنّي ألقيت على رأسها وأنفها من السّذاب ما غمرها فلم أر على ما قالوا دليلا. 1905-[أكل بعض الحيوان لبعض] وأمّا قوله: 42- «وبعضها طعم لبعض كما ... أعطى سهام الميسر القمر» فإن الجرذ يخرج يلتمس الطّعم، فهو يحتال لطعمه، وهو يأكل ما دونه في القوّة، كنحو صغار الدّوابّ والطّير، وبيضها وفراخها، ومما لا يسكن في جحر، أو تكون أفاحيصه على وجه الأرض، فهو يحتال لذلك، ويحتال لمنع نفسه من الحيّات ومن سباع الطّير. والحيّة تريغ الجرذ لتأكله، وتحتال أيضا للامتناع من الورل والقنفذ، وهما عليه أقوى منه عليهما. والورل إنما يحتال للحية، ويحتال للثّعلب، والثعلب يحتال لما دونه. قال: وتخرج البعوضة لطلب الطّعم، والبعوضة تعرف بطبعها أنّ الذي يعيشها الدم، ومتى أبصرت الفيل والجاموس وما دونهما، علمت أنّما خلقت جلودهما لها غذاء، فتسقط عليهما وتطعن بخرطومها، ثقة منها بنفوذ سلاحها، وبهجومها على الدّم. وتخرج الذّبابة ولها ضروب من المطعم، والبعوض من أكبرها صيدها وأحبّ غذائها إليها. ولولا الذّبان لكان ضرر البعوض نهارا أكثر. وتخرج الوزغة والعنكبوت الذي يقال له الليث فيصيدان الذّباب بألطف حيلة، وأجود تدبير، ثم تذهب تلك أيضا كشأن غيرهما. كأنه يقول: هذا مذهب في أكل الطّيبات بعضها لبعض. وليس لجميعها بدّ من الطّعم، ولا بدّ للصائد أن يصطاد، وكلّ ضعيف فهو يأكل أضعف منه، وكلّ قويّ فلا بدّ أن يأكله من هو أقوى منه، والنّاس بعضهم على بعض شبيه بذلك، وإن قصروا عن درك المقدار، فجعل الله عزّ وجلّ بعضها حياة لبعض، وبعضها موتا لبعض. 1906-[شعر للمنهال في أكل بعض الحيوان لبعض] وقال المنهال: [من السريع] ووثبة من خزز أعفر ... وخرنق يلعب فوق التّراب

1907 -[أكل الأسود للأفاعي]

وعضرفوط قد تقوّى على ... محلولك البقة مثل الحباب وظالم يعدو على ظالم ... قد ضجّ منه حشرات الشّعاب وهذان الظّالمان اللذان عنى: الأسود، والأفعى، فإنّ الأسود إذا جاع ابتلع الأفعى. 1907-[أكل الأسود للأفاعي] وشكا إليّ حوّاء مرة فقال: أفقرني هذا الأسود، ومنعني الكسب، وذلك أنّ امرأتي جهلت فرمت به في جونة فيها أفاعي ثلاث أو أربع، فابتلعهنّ كلّهن، وأراني حيّة منكرة. ولا يبعد ما قال. والعرب تقول للمسيء: «أظلم من حيّة» . وقد ذكرنا ذلك في موضعه من هذا الكتاب [1] . ولا يستطيع أن يروم ذلك من الأفعى إلّا بأن يغتالها، فيقبض على رأسها وقفاها، فإنّ الأفعى تنفذ في الأسود، لكثرة دمه. 1908-[وصف سم الحية] وإذا وصفوا سمّ الحيّة بالشدّة والإجهاز خبّروا عنها أنّه لم يبق في بدنها دم ولا بلّة [2] ، ولذلك قال الشاعر: [من البسيط] لو حزّ ما أخرجت منه يد بللا ... ولو تكنّفه الراقون ما سمعا وقال آخر [3] : [من الرجز] لميمة من حنش أعمى أصمّ ... قد عاش حتّى هو ما يمشي بدم 1909-[سلاح الحيوان] والشأن في السّلاح [أنّه] [4] كلما كان أقلّ كان أبلغ، وكلما كان أكثر عددا وأشدّ ضررا كان أشجع وآخذ لكلّ من عرف أنه دونه. وأنشد أبو عبيدة [5] : [من البسيط] مشي السّبنتى إلى هيجاء مفظعة ... له سلاحان أنياب وأظفار [6]

_ [1] انظر ما تقدم في 5/189، 191. [2] البلة: البلل. [3] تقدم الرجز في 5/186، 6/381. [4] إضافة يقتضيها المعنى. [5] البيت الخنساء في ديوانها 381، والأغاني 15/80. [6] السبنتى: النمر؛ والأسد. المفظعة: الشديدة الشنيعة.

1910 -[حمدان وغلامه]

كالأسد له فم الذّئب- وحسبك بفم الذّئب- وله فضل قوة المخالب. وللنّسر منسر وقوّة بدن بهما فوق العقاب. ولذلك قال ابن مناذر: [من الطويل] أتجعل ليثا ذا عرين ترى له ... نيوبا وأظفارا وعرسا وأشبلا كآخر ذا ناب حديد ومخلب ... ولم يتّخذ عرسا ولم يحم معقلا وذلك أن فتيين تواجأا بالخناجر، أحدهما صبيريّ والآخر كلبيّ، فحملا إلى الأمير، فضرب الصّبيريّ مائة سوط، فلم يحمدوا صبره، وشغل عن الكلبي فضربه يوم العرض خمسمائة سوط، فصبر صبرا حمدوه، ففخر الكلبيّ بذلك على الصّبيري. وابن مناذر مولى سليمان بن عبيد بن علّان بن شمّاس الصّبيري. فقال هذا الشعر. ومعناه أنّ شجاعا لو لقي الأسد وهو مسلّح، بأرض هو بها غريب وليس هو بقرب غيضته وأشباله، لما كان معه، مما يتخذه، مثل الذي يكون معه في الحال الأخرى. يقول: وإنما صبر صاحبكم لأنّه إنما ضرب بحضرة الأكفاء والأصدقاء والأعداء، فكان هذا مما أعانه على الصّبر. وضرب صاحبنا في الخلاء، وقد وكل إلى مقدار جودة نفسه، وقطعت المادة بحضور البطالة. 1910-[حمدان وغلامه] وسمعت حمدان أبا العقب، وهو يقول لغلام له، وكيف لا تستطيل عليّ وقد ضربوك بين النّاس خمسين سوطا فلم تنطق؟! فقلت: إذا ضربه السّجّان مائة قناة في مكان ليس فيه أحد فصبر فهو أصبر النّاس. 1911-[تفسير بيت الخنساء] وأمّا قوله [1] : «مشي السّبنتى» ، فإن السّبنتى هو النمر، ثمّ صار اسما لكلّ سبع جريء، ثم صاروا يسمّون الناقة القوية سبنتاة. قال الشّاعر [2] : [من الرجز] مشي السّبتى وجد السّبنتى 1912-[ورؤساء الحيوان] وأمّا قوله:

_ [1] يقصد البيت الذي تقدم في الصفحة السابقة. [2] الرجز بلا نسبة في البرصان 155.

1913 -[رواية المعتزلة للشعر]

43- «وتمسح النّيل عقاب الهوا ... والليث رأس وله الأسر 44- ثلاثة ليس لهم غالب ... إلّا بما ينتقض الدّهر» فإنّهم يزعمون أنّ الهواء للعقاب، والأرض للأسد، والماء للتّمساح. وليس للنّار حظّ في شيء من أجناس الحيوان: فكأنّه سلّم الرياسة على جميع الدّنيا للعقاب والأسد والتمساح؛ ولم يمد الهواء، وقصر الممدود أحسن من مدّ المقصور. 1913-[رواية المعتزلة للشعر] وروت المعتزلة المذكورون كلّهم رواية عامّة الأشعار، وكان بشر أرواهم للشّعر خاصّة. 1914-[الهوائي والمائي والأرضي من الحيوان] وقولهم: الطائر هوائيّ، والسمك مائيّ، مجاز كلام، وكلّ حيوان في الأرض فهو أرضيّ قبل أن يكون مائيّا أو هوائيا؛ لأنّ الطّائر وإن طار في الهواء فإنّ طيرانه فيه كسباحة الإنسان في الماء، وإنّما ذلك على التكلف والحيلة. ومتى صار في الأرض ودلّى نفسه لم يجد بدّا من الأرض. 1915-[بقية قصيدة بشر الأولى] وأمّا بقيّة القصيدة التي فيها ذكر الرّافضة والإباضيّة والنّابتة فليس هذا موضع تفسيره. 1916-[تفسير القصيدة الثانية] [1] وسنقول في قصيدته الأخرى، بما أمكننا من القول إن شاء الله تعالى. انقضت قصيدة بشر بن المعتمر الأولى. 1917-[الأوابد والأحناش] وأمّا قوله: 2- «أوابد الوحش وأحناشها» فإن الأوابد المقيمة [2] ، والأحناش الحيّات، ثم صار بعد الضبّ والورل والحرباء والوحرة وأشباه ذلك- من الأحناش.

_ [1] تقدمت القصيدة ص 467. [2] أي المقيمة بالقفر.

1918 -[شر الحيوانات]

1918-[شر الحيوانات] وأما قوله: 7- «وكلّها شرّ وفي شرّها ... خير كثير عند من يدري» يقول: هي وإن كانت مؤذية وفيها قواتل فإن فيها دواء، وفيها عبرة لمن فكّر، وأذاها محنة واختبار. فبالاختبار يطيع النّاس، وبالطاعة يدخلون الجنّة. وسئل علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه، غير مرّة في علل نالته فقيل له: كيف أصبحت؟ فقال: بشرّ. ذهب إلى قوله عزّ وجلّ: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ. مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ [1] . وأمّا قوله: 17- «فشرّهم أكثرهم حيلة ... كالذّئب والثّعلب والذّرّ» فقد فسره لك في قوله: 18- «والليث قد بلّده علمه ... بما حوى من شدّة الأسر» وهكذا كلّ من وثق بنفسه، وقلّت حاجته. 1919-[زعم في العقاب] ويزعم أصحاب القنص أنّ العقاب لا تكاد تراوغ الصّيد ولا تعاني ذلك، وأنّها لا تزال تكون على المرقب العالي، فإذا اصطاد بعض سباع الطير شيئا انقضّت عليه فإذا أبصرها ذلك الطائر لم يكن همه إلا الهرب وترك صيده في يدها، ولكنها إذا جاعت فلم تجد كافيا لم يمتنع عليها الذّئب فما دونه. وقد قال الشّاعر: [من البسيط] مهبّل ذئبها يوما إذا قلبت ... إليه من مستكفّ الجوّ حملاقا [2] وقال آخر [3] : [من البسيط] كأنّها حين فاض الماء واحتملت ... صقعاء لاح لها بالقفرة الذّيب صبّت عليه ولم تنصبّ من أمم ... إنّ الشّقاء على الأشقين مصبوب

_ [1] 1- 2/الفلق: 113. [2] المهبل: المكتسب المغتنم. المستكف: موضع الاستكفاف؛ وهو الاستيضاح. [3] تقدم تخريج البيتين ص 6/519.

1920 -[معرفة الحيوان مدى قوته]

1920-[معرفة الحيوان مدى قوته] وأمّا قوله: 21- «تعرف بالإحساس أقدارها ... في الأسر والإلحاح والصّبر» يقول: لا يخفى على كلّ سبع ضعفه وتجلده وقوته، وكذلك البهيمة الوحشيّة لا يخفى عليها مقدار قوة بدنها وسلاحها، ولا مقدار عدوها في الكرّ والفر. وعلى أقدار هذه الطّبقات تظهر أعمالها. 1921-[تعرض الحيوان للإنسان] وأمّا قوله: 24- «والضّبع الغثراء مع ذيخها ... شرّ من اللّبوة والنّمر 32- كما ترى الذّئب إذا لم يطق ... صاح فجاءت رسلا تجري 33- وكلّ شيء فعلى قدره ... يحجم أو يقدم، أو يجري» فإنّ هذه السّباع القويّة الشّريفة ذوات الرّياسة: الأسد والنّمور والببور- لا تعرض للنّاس إلّا بعد أن تهرم فتعجز عن صيد الوحش. وإن لم يكن بها جوع شديد فمرّ بها إنسان لم تعرض له، وليس الذّئب كذلك، لأن الذّئب أشدّ مطالبة، فإن خاف العجز عوى عواء استغاثة فتسامعت الذّئاب وأقبلت، فليس دون أكل ذلك الإنسان شيء. وقسّم الأشياء فقال: إنّما هو نكوص وتأخّر، وفرار، وإحجام وليس بفرار ولا إقدام. وكذلك هو. 1922-[العندليل والنسر] وأمّا قوله: 34- «والكيس في المكسب شمل لهم ... والعندليل الفرخ كالنّسر» فالعندليل طائر أصغر من ابن تمرة، وابن تمرة هو الذي يضرب به المثل في صغر الجسم. والنّسر أعظم سباع الطّير وأقواها بدنا. وقال يونس النحويّ وذكر خلفا الأحمر فقال [1] : «يضرب ما بين العندليل إلى الكركيّ» . وقد قال فيه الشّاعر: [من السريع]

_ [1] تقدم هذا القول والبيت الذي يليه في 5/83.

1923 -[غدر الذئب وخبثه وكسبه]

ويضرب الكركي إلى القنبر ... لا عانسا يبقى ولا محتلم وقال: [من الكامل] وبما أقول لصاحبي خلف ... إيها إليك تحذّرن خلف فلو أنّ بيتك في ذرى علم ... من دون قلّة رأسه شعف لخشيت قدرك أن يبيتها ... إن لم يكن لي عنه منصرف وفي المثل: «كلّ طائر يصيد على قدره» [1] . 1923-[غدر الذّئب وخبثه وكسبه] وأمّا قوله: 35- «والخلد كالذّئب على كسبه ... والفيل والأعلم كالوبر» فإنّه يقال: «أغدر من ذئب» [2] ، و: «أخبث من ذئب» [3] ، و: «أكسب من ذئب» [4] ، على قول الآخر: [من الرجز] أكسب للخير من الذّئب الأزلّ والخير عنده في هذا الموضع ما يعيش ويقوت، والخير في مكان آخر: المال بعينه على قوله عزّ وجلّ: إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ [5] ، وعلى قوله: وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ [6] ، أي إنّه من أجل حبّ المال لبخيل عليه، ضنين به، متشدّد فيه. والخير في موضع آخر: الخصب وكثرة المأكول والمشروب، تقول: ما أكثر خير بيت فلان. والخير المحض: الطّاعة وسلامة الصدر.

_ [1] المثل في المستقصى 2/228. [2] مجمع الأمثال 2/67، والدرة الفاخرة 1/321، وجمهرة الأمثال 1/167، 2/79، والمستقصى 1/258. [3] المثل برواية: «أخبث من ذئب الخمر» في مجمع الأمثال 1/259، والدرة الفاخرة 1/190، والمستقصى 1/92، وجمهرة الأمثال 1/412، 438، 462. وبرواية «أخبث من ذئب الغضى» في المصادر نفسها. [4] مجمع الأمثال 2/168، والمستقصى 1/194، وجمهرة الأمثال 2/137، 175، والدرة الفاخرة 2/361، 366. [5] 180/البقرة: 2. [6] 8/العاديات: 100.

1924 -[الخلد]

وأمّا قولهم [1] : «أخبث من ذئب خمر» فعلى قول الرّاجز [2] : [من الرجز] أما أتاك عنّي الحديث ... إذ أنا بالغائط أستغيث والذّئب وسط أعنزي يعيث ... وصحت بالغائط يا خبيث وقالوا في المثل: «مستودع الذئب أظلم» [3] . 1924-[الخلد] والخلد دويبة عمياء صماء، لا تعرف ما يدنو منها إلا بالشّمّ، تخرج من جحرها، وهي تعلم أن لا سمع ولا بصر لها، وإنما تشحا فاها [4] ، وتقف على باب جحرها فيجيء الذّباب فيسقط على شدقها ويمرّ بين لحييها فتسدّ فمها عليها وتستدخلها بجذبة النّفس، وتعلم أن ذلك هو رزقها وقسمها. فهي تعرض لها نهارا دون اللّيل، وفي السّاعات من النهار التي يكون فيها الذباب أكثر، لا تفرّط في الطّلب، ولا تقصّر في الطّلب، ولا تخطئ الوقت، ولا تغلط في المقدار. وللخلد أيضا تراب حوالي جحره، هو الذي أخرجه من الجحر، يزعمون أنّه يصلح لصاحب النّقرس [5] إذا بلّ بالماء وطلي به ذلك المكان. 1925-[الأعلم] وأمّا قوله: 35- «والفيل والأعلم كالوبر» فالفيل معروف، والأعلم: البعير، وبذلك يسمّى، لأنّه أبدا مشقوق الشّفة العليا، ويسمّى الإنسان إذا كان كذلك به. ويدلّ على أن الأعلم والبعير سواء قول الراجز [6] : [من الرجز] إني لمن أنكر أو توسّما ... أخو خناثير أقود الأعلما

_ [1] المثل في الصفحة السابقة رقم 3. [2] تقدم الرجز في 1/202، الفقرة (232) . [3] مجمع الأمثال 1/446، والدرة الفاخرة 1/192، 294، 454. [4] تشحا فاها: تفتحه، وانظر هذه الفقرة في ربيع الأبرار 5/473. [5] النقرس: ورم ووجع في مفاصل الكعبين وأصابع الرجلين. [6] تقدم الرجز في 4/454، الفقرة (1206) .

1926 -[ما قيل من الشعر في صفة الضرب والطعن]

وقال عنترة [1] : [من الكامل] وحليل غانية تركت مجدّلا ... تمكو فريصته كشدق الأعلم يريد شدق البعير في السعة. وقال الآخر [2] : [من الكامل] كم ضربة لك تحكي فاقراسية ... من المصاعب في أشداقه علم 1926-[ما قيل من الشعر في صفة الضرب والطعن] وقال الكميت [3] : [من المتقارب] مشافر قرحى أكلن البريرا وقال آخر: [من الوافر] بضرب يلقح الضّبعان منه ... طروقته ويأتنف السّفادا وقال الشاعر الباهليّ [4] : [من الطويل] بضرب كآذان الفراء فضوله ... وطعن كإيزاغ المخاض تبورها كأنّه ضربه بالسّيف، فعلق عليه من اللحم كأمثال آذان الحمير. وقال بعض المحدثين، وهو ذو اليمينين [5] : [من السريع] ومقعص تشخب أوداجه ... قد بان عن منكبه الكاهل فصار ما بينهما هوّة ... يمشي بها الرّامح والنّابل وفي صفات الطّعنة والضّربة أنشدني ابن الأعرابيّ: [من الطويل] تمنّى أبو اليقظان عندي هجمة ... فسهّل مأوى ليلها بالكلاكل ولا عقل عندي غير طعن نوافذ ... وضرب كأشداق الفصال الهوازل [6]

_ [1] تقدم البيت في 3/148، 4/455، 6/395. [2] تقدم مثل هذا البيت في 3/148، الفقرة (759) بقافية (شنع) . [3] صدر البيت (تشبّه في إلهام آثارها) ، وهو في ديوان الكميت 1/191، والبيان 1/55، واللسان والتاج (قرح) ، والتهذيب 4/38، وتقدم في 3/149، الفقرة 759. [4] البيت لمالك بن زغبة الباهلي في اللسان والتاج (فرأ، بور، وزغ) وتقدم مع تخريج واف في 2/385، الفقرة (447) . [5] البيتان لذي اليمينين طاهر بن الحسين في الموشح 79، 245. [6] الفصال: جمع فصيل، وهو ولد الناقة.

وسبّ يود المرء لو مات دونه ... كوقع الهضاب صدّعت بالمعاول وقل الآخر [1] : [من الطويل] جمعت بها كفّي فأنهرت فتقها ... ترى قائما من خلفها ما وراءها [2] وقال البعيث [3] : [من الطويل] أئن أمرعت معزى عطيّة وارتعت ... تلاعا من المرّوت أحوى جميمها [4] تعرّضت لي حتّى ضربتك ضربة ... على الرّأس، يكبو لليدين أميمها [5] إذا قاسها الآسي النّطاسيّ أرعشت ... أنامل آسيها وجاشت هزومها [6] وقال الآخر: [من المتقارب] ونائحة رافع صوتها ... تنوح وقد وقع المهذم [7] تنوح وتسبر قلّاسة ... وقد غابت الكفّ والمعصم [8] وقال آخر [9] : [من المتقارب] ومستنّة كاستنان الخرو ... ف قد قطع الحبل بالمرود [10] دفوع الأصابع ضرح الشّمو ... س نجلاء مؤيسة العوّد [11]

_ [1] البيت لقيس بن الخطيم في ديوانه 46، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 184، وشرحه للتبريزي 1/95، وديوان المعاني 1/25، وعيار الشعر 78، والمعاني الكبير 978، 983، 1062، 1080، وديوان الأدب 2/301، والتهذيب 6/277، 10/271، ولباب الآداب 184، واللسان والتاج (نهر، ملك) ، وبلا نسبة في المخصص 3/133، 4/19، 6/89، 10/30، 17/157. [2] أنهر الطعنة: وسعها. [3] البيت الأول في اللسان والتاج (مرت) ، والثالث في اللسان والتاج (نطس) ، وهو بلا نسبة في اللسان (قيس) ، والجمهرة 838، والتهذيب 9/225. [4] عطية: هو والد جرير بن عطية الخطفي. المروت: اسم موضع لباهلة أو كليب. [5] الأميم: الذي أصيب في أم رأسه. [6] الآسي: الطبيب. الهزوم: الصدوع والشقوق. [7] أراد بالنائحة: الطعنة تصيح بشدة خروج الدم منها. المهذم: السيف القاطع. [8] قلاسة: قذافة. [9] البيتان لرجل من بني الحارث بن كعب في اللسان والتاج (حزف) ، وبلا نسبة في المخصص 6/137، 9/142، والأول في التهذيب 7/350، ورصف المباني 145، وسر صناعة الإعراب 1/134، وشرح المفصل 8/23، واللسان (بنت) ، والمحتسب 2/88. [10] المستنة: الطعنة. الخروف: ولد الفرس إذا بلغ ستة أشهر. المرود: حديدة توتد في الأرض يشد فيها حبل الدابة. [11] نجلاء: واسعة. العوّد: جمع عائد المريض.

وقال محمد بن يسير [1] : [من المتقارب] وطعن خليس كفرغ النّضيح ... أفرغ من ثعب الحاجر [2] تهال العوائد من فتقها ... تردّ السّبار على السّابر [3] وأنشدوا لرجل من أزد شنوءة [4] : [من الطويل] وطعن خليس قد طعنت مرشّة ... يقطّع أحشاء الجبان شهيقها إذا باشروها بالسّبار تقطّعت ... تقطع أم السكر شيب عقوقها وروي للفند الزّمّاني [5] ولا أظنّه له: [من الهزج] كففنا عن بني هند ... وقلنا: القوم إخوان عسى الأيّام ترجعهم ... جميعا كالذي كانوا فلمّا صرّح الشّرّ ... وأضحى وهو عريان شددنا شدّة اللّيث ... عدا والليث غضبان بضرب فيه تفجيع ... وتوهين وإرنان [6] وطعن كفم الزّقّ ... وهي والزّقّ ملآن [7] وأنشد السّدّيّ لرجل من بلحارث: [من المتقارب] أتيت المحرم في رحله ... فشمّر رحلي بعنس خبوب [8]

_ [1] ديوان محمد بن يسير 141، وهما لخداش بن زهير في ديوانه 82، وأشعار العامريين الجاهليين 34، وديوان المعاني 2/73، والأول في المعاني الكبير 1/149، 2/982، والثاني في تهذيب الألفاظ 542، وعجز البيت بلا نسبة في اللسان والتاج (سبر) ، والمخصص 5/93، 12/327. [2] طعنة خليس: إذا اختلسها الطاعن بحذقه. النضيح: الحوض. الثعب: الماء السائل. الحاجر: ما يحبس ماء الحوض. [3] تهال: تفزع. السابر: الطبيب أو الجراح المعالج. [4] البيت بلا نسبة في اللسان والتاج (قبض) وروايته: (تركت ابن ذي الجدّين فيه مرشّة ... يقبّض أحشاء الجبان شهيقها) . [5] الأبيات للفند الزماني في ديوانه 363 (ديوان بني بكر) ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 37، والخزانة 3/431، وأمالي القالي 1/260، والسمط 578، 940، وحماسة البحتري 56، والمقاصد النحوية 3/122. [6] التوهين: تفعيل من الوهن، وهو الضعف. الإرنان: التصويت. [7] وهي: ضعف. [8] شمّر إبله: أعجلها. العنس: الناقة الصلبة. الخبوب: وصف من الخبب؛ وهو ضرب من العدو.

تذكّر منّي خطوبا مضت ... ويوم الأباء ويوم الكثيب ويوم خزاز وقد ألجموا ... وأشرطت نفسي بأن لا أثوب [1] ففرّجت عنهم بنفّاحة ... لها عاند مثل ماء الشعيب [2] إذا سبروها عوى كلبها ... وجاشت إليهم بآن صبيب [3] وقال آخر: [من الخفيف] طعنة ما طعنت في جمح الذّ ... مّ هلال وأين منّي هلال طعنة الثائر المصمّم حتى ... نجم الرّمح خلفه كالخلال [4] وقال الحارث بن حلّزة [5] : [من الخفيف] لا يقيم العزيز بالبلد السّهل ... ولا ينفع الذّليل النّجاء حول قيس مستلئمين بكبش ... قرظيّ كأنّه عبلاء [6] فرددناهم بضرب كما يخ ... رج من خربة المزاد الماء [7] وفعلنا بهم كما علم الله ... وما إن للحائنين دماء [8] وقال ابن هرمة [9] : [من الكامل] بالمشرفيّة والمظاهر نسجها ... يوم اللّقاء وكلّ ورد صاهل [10] وبكلّ أروع كالحريق مطاعن ... فمسايف فمعانق فمنازل [11] ويروى: «فمعاذل» .

_ [1] يوم خزاز: أعظم يوم التقته العرب في الجاهلية. معجم البلدان 2/366. ألجموا: أي ألجموا الخيل. [2] النفاحة: الشديدة الدفع، أي الطعنة. العاند: الدم يسيل في جانب. الشعيب: المزادة المشعوبة. [3] الآني: الذي انتهى واشتد في حرارته. [4] نجم: ظهر. الخلال: العود يخلّ به الشيء. [5] الأبيات من معلقته في شرح القصائد السبع 494، والأغاني 11/47- 48. [6] المستلئم: لابس اللأمة، وهي الدرع. الكبش: رئيس القوم. قرظي: نسبة إلى اليمن لأن القرظ ينبت فيها. العبلاء: هضبة بيضاء. [7] الخربة: غرلاء المزادة، وهو مسيل الماء منها. [8] الحائن: الهالك. [9] ديوان ابن هرمة 173- 174. [10] المشرفية: السيوف. المظاهر: الدروع التي طرقت. الورد: الفرس. [11] المسايف: المقاتل بالسيف.

1927 -[الإسراف في صفة الضرب والطعن]

1927-[الإسراف في صفة الضرب والطعن] وإذ قد ذكرنا شيئا من الشّعر في صفة الضرب والطعن فقد ينبغي أن نذكر بعض ما يشاكل هذا الباب من إسراف من أسرف، واقتصاد من اقتصد. فأما من أفرط فقول مهلهل [1] : [من الوافر] فلولا الرّيح أسمع من بحجر ... صليل البيض تقرع بالذّكور وقال الهذلي [2] : [من البسيط] والطعن شغشغة والضّرب هيقعة ... ضرب المعوّل تحت الدّيمة العضدا وللقسيّ أزاميل وغمغمة ... حسّ الجنوب سوق الماء والقردا [3] ومن ذلك قول عنترة: [من الكامل] برحيبة الفرغين يهدي جرسها ... باللّيل معتسّ السّباع الضّرّم [4] وقال أبو قيس بن الأسلت [5] : [من السريع] قد حصّت البيضة رأسي فما ... أطعم نوما غير تهجاع وقال دريد بن الصّمّة [6] : [من الوافر] أعاذل إنّما أفنى شبابي ... ركوبي في الصّريخ إلى المنادي مع الفتيان حتّى خلّ جسمي ... وأقرح عاتقي حمل النّجاد [7]

_ [1] البيت للمهلهل في الأصمعيات 155، والبيان 1/124، والموشح 74، والأمالي 2/129، ومعجم البلدان 3/8 (ذنائب) . [2] البيتان لعبد مناف بن ربع الهذلي في شرح أشعار الهذليين 674، وديوان المعاني 2/55، وتقدم تخريج البيت الأول في 4/458، والثاني في اللسان والتاج (حسس، غمم) ، وبلا نسبة في اللسان والتاج (زمل) ، والمخصص (2/145) . [3] في ديوان الهذليين 2/41: «الأزامل: الصوت المختلط. الغمغمة: صوت مختلف لا تفهمه. حسّ الجنوب: صوتها» . [4] الفرغ: مفرغ الدلو. الجرس: الصوت. اعتس الذئب: طلب الصيد. الضرّم: الجياع. [5] ديوان أبي قيس بن الأسلت 78، وشرح اختيارات المفضل 1236، واللسان والتاج (حصص، هجع) ، والتهذيب 3/400، والجمهرة 98، والمجمل 2/14، وديوان الأدب 3/126، وبلا نسبة في العين 3/14، والمقاييس 2/13، والمخصص 1/70، وأساس البلاغة (هجع) . [6] ديوان دريد بن الصمة 60، وحماسة القرشي 129، والأول لعمرو بن معدي كرب في ديوانه 97، وعيون الأخبار 1/193. والحماسة البصرية 1/35. [7] خلّ: وهن وفسد.

وممّا يدخل في هذا الباب قول عنترة [1] : [من الكامل] رعناهم والخيل تردي بالقنا ... وبكلّ أبيض صارم قصّال [2] وأنا المنيّة في المواطن كلّها ... والطّعن منّي سابق الآجال وأمّا قوله [3] : [من الكامل] إنّ المنيّة لو تمثّل مثّلت ... مثلي، إذا نزلوا بضنك المنزل وقال نهشل بن حرّيّ [4] : [من الطويل] وما زال ركني يرتقي من ورائه ... وفارس هيجا ينفض الصدر واقف [5] فوصف [نفسه] [6] بأنّه مجتمع القلب، مرير [7] لا يبرح. وقد كان حميد بن عبد الحميد يوصف بذلك، لأنّه كان لا يرمي بسهم، ولا يطعن برمح، ولا يضرب بسيف، ولكن التصبير والتّحريض والثّبات، إذا انهزم، كلّ شجاع.

_ [1] ديوان عنترة 191- 192. [2] رعناهم: من الروع؛ وهو الخوف. القنا: الرماح. الأبيض: السيف. القصّال: القطّاع. [3] البيت لعنترة في ديوانه 58. [4] ديوان نهشل بن حري 114. [5] ركن كل شيء: جوانبه. [6] إضافة يقتضيها السياف. [7] المرير: القوي الشديد القلب.

باب من نذر في حمية المقتول نذرا فبلغ في طلب ثأره الشفاء

باب من نذر في حميّة المقتول نذرا فبلغ في طلب ثأره الشفاء قال العبسيّ: [من الوافر] دعوت الله إذ قدنا إليهم ... لنلقى منقرا أو عبد عمرو وكانت حلفة حلفت لوتر ... وشاء الله أن أدركت وتري وإنّي قد سقمت فكان برئي ... بقرواش بن حارثة بن صخر والأعراب تعدّ القتل سقما وداء لا يبرئه أخذ ثأره دون أخ أو ابن عمّ، فذلك الثّأر المنيم. وممّن قال في ذلك صبار بن التوءم اليشكري، في طلب الطّائلة وأنّ ذلك داء ليس له برء، وكانوا قتلوا أخاه إساف بن عباد، فلما أدرك ثأره قال: [من الطويل] ألم يأتها أنّي صحوت وأنّني ... شفاني من الدّاء المخامر شاف فأصبحت ظبيا مطلقا من حبالة ... صحيح الأديم بعد داء إساف وكنت مغطّى في قناعي حقبة ... كشفت قناعي واعتطفت عطافي [1] وفي شبيه بهذا المذهب من ذكر الدّاء والبرء قال الآخر [2] : [من البسيط] قالت عهدتك مجنونا فقلت لها ... إن الشّباب جنون برؤه الكبر وفي شبيه بالأوّل قول الشّيخ الباهليّ، حين خرج إلى المبارزة على فرس أعجف، فقالوا: «بال على بال!» . فقال الشّيخ: [من الوافر] رآني الأشعريّ فقال بال ... على بال ولم يعرف بلائي ومثلك قد كسرت الرّمح فيه ... فآب بدائه وشفيت دائي وقالت بنت المنذر بن ماء السّماء [3] : [من الوافر] بعين أباغ قاسمنا المنايا ... فكان قسيمها خير القسيم

_ [1] العطاف: الرداء. [2] البيت للعتبي أو لابن أبي فنن، وتقدم تخريجه ص 344. [3] الأبيات لزينب بنت فروة بن مسعود الشيباني في معجم الأدبيات 251، ومعجم البلدان 1/68 (أباغ) . وانظر العقد الفريد 3/373.

وقالوا فارس الهيجاء قلنا ... كذاك الرّمح يكلف بالكريم وقال الأسدي [1] : [من المتقارب] رفعنا طريفا بأرماحنا ... وبالرّاح منّا فلم يدفعونا فطاح الوشيظ ومال الجموح ... ولا تأكل الحرب إلا السّمينا [2] وقال الخريمي [3] : [من الطويل] وأعددته ذخرا لكلّ ملمّة ... وسهم المنايا بالذخائر مولع وقال السموءل بن عاديا [4] : [من الطويل] يقرّب حبّ الموت آجالنا لنا ... وتكرهه آجالهم فتطول لأنّا أناس لا نرى القتل سبّة ... إذا ما رأته عامر وسلول وقال أبو العيزار [5] : [من الكامل] يدنو وترفعه الرّماح كأنّه ... شلو تنشّب في مخالب ضاري فتوى صريعا والرّماح تنوشه ... إنّ الشّراة قصيرة الأعمار وقال آخر وهو يوصي بلبس السّلاح [6] : [من الكامل] فإذا أتتكم هذه فتلبّسوا ... إنّ الرّماح بصيرة بالحاسر وقال الآخر: [من البسيط] يا فارس الناس في الهيجا إذا شغلت ... كلتا اليدين كرورا غير وقّاف قوله «شعلت» يريد بالسّيف والتّرس. وأنشد أبو اليقظان [7] : [من الطويل] وكان ضروبا باليدين وباليد

_ [1] البيتان لعبادة بن أنف الكلب الصيداوي الأسدي في الوحشيات 68، والأشباه والنظائر للخالديين 1/88، [2] الوشيظ: الدخلاء في القوم ليسوا من صميمهم، ورواية صدر البيت في المصدرين السابقين: (وطاح الرئيس وهادي اللواء) . [3] ديوان الخريمي 43، والبيان 1/406، والكامل 2/303 (المعارف) ، ونهاية الأرب 3/87، وتقدم في 3/76، الفقرة (635) . [4] ديوان السموءل، والثاني بلا نسبة في اللسان والتاج (سلل) ، والمخصص 17/41. [5] البيتان في البيان 1/406، وشعر الخوارج 92، وبهجة المجالس 1/476، والكامل 2/301 (المعارف) ، وحماسة القرشي 184. [6] تقدم البيت في ص 491. [7] صدر البيت: (أعيني ألا فابكي عبيد بن معمر) ، وهو في الميسر والقداح 140.

1928 -[من أشعار المقتصدين في الشعر]

أمّا قوله: «ضروبا باليدين» ، فإنّه يريد القداح، وأمّا قوله: «باليد» فإنّه يريد السّيف. وأمّا قول حسّان لقائده حين قرّبوا الطّعام لبعض الملوك: «أطعام يدين أم يد؟» [1] فإنه قال هذا الكلام يومئذ وهو مكفوف. وإن كان الطعام حيسا أو ثريدا أو حريرة فهو طعام يد، وإن كان شواء فهو طعام يدين. 1928-[من أشعار المقتصدين في الشعر] ومن أشعار المقتصدين في الشّعر أنشدني قطرب [2] : [من المتقارب] تركت الرّكاب لأربابها فأجه ... دت نفسي على ابن الصّعق جعلت يديّ وشاحا له ... وبعض الفوارس لا يعتنق وممن صدق على نفسه عمرو بن الإطنابة، حيث يقول [3] : [من الوافر] وإقدامي على المكروه نفسي ... وضربي هامة البطل المشيح [4] وقولي كلّما جشأت وجاشت ... مكانك تجمدي أو تستريحي وقل آخر: [من الطويل] وقلت لنفسي إنّما هو عامر ... فلا ترهبيه وانظري كيف يركب وقال عمرو بن معد يكرب [5] : [من الطويل]

_ [1] الخبر في عيون الأخبار 1/321، والبرصان 344- 345، والموفقيات 250، وثمار القلوب (869) ، والكامل 1/391 (المعارف) . [2] البيتان لقيس بن زهير في الحماسة البصرية 1/18، وبلا نسبة في البيان 3/246. [3] البيتان لعمرو بن الإطنابة في الحماسة البصرية 1/3، والحماسة المغربية 606، وحماسة القرشي 148- 149، ومجالس ثعلب 67، وأمالي القالي 1/260، وحماسة البحتري 9، وديوان المعاني 1/114، وسمط اللآلي 574، وعيون الأخبار 1/126، ومعجم الشعراء 9، ولباب الآداب 223- 224، والخزانة 2/428، وإنباه الرواة 3/281، والمقاصد النحوية 4/415، وشرح شواهد المغني 546، وبلا نسبة في الخصائص 3/35، وشرح شذور الذهب 447، وشرح قطر الندي 117، وشرح المفصل 4/74، وهمع الهوامع 2/13، واللسان (جشأ، شيح) ، والتاج (شيح) ، والتهذيب 5/ر 147..... [4] المشيح: المجد. والمشيح: المقبل إليك؛ أو المانع لما وراء ظهره. [5] البيتان لعمرو بن معدي كرب في ديوانه 71، والأصمعيات 122، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 157، وشرح شواهد المغني 418، والأول بلا نسبة في العين 7/338، والثاني في ديوان المعاني 1/112.

ولّما رأيت الخيل زورا كأنّها ... جداول زرع أرسلت فاسبطرّت [1] فجاشت إليّ النّفس أوّل مرّة ... فردّت على مكروهها فاستقرّت [2] وقال الطّائيّ: [من الرمل] ودنونا ودنوا حتّى إذا ... أمكن الضّرب فمن شاء ضرب ركضت فينا وفيهم ساعة ... لهذميّات وبيض كالشّهب [3] تروا القاع لنا إذ كرهوا ... غمرات الموت واختاروا الهرب وقال النّمر بن تولب [4] : [من المتقارب] سمونا ليشكر يوم النّهاب ... نهزّ قنا سمهريّا طوالا [5] فلمّا التقينا وكان الجلاد ... أحبّوا الحياة فولّوا شلالا [6] وكما قال الآخر: [من الطويل] هم المقدمون الخيل تدمى نحورها ... إذا ابيضّ من هول الطّعان المسالح [7] وقال عنترة [8] : [من الكامل] إذ يتّقون بي الأسنّة لم أخم ... عنها ولكني تضايق مقدمي [9] وقال قطريّ بن الفجاءة [10] : [من الوافر] وقولي كلّما جشأت، لنفسي ... من الأبطال ويحك لا تراعي فإنّك لو سألت حياة يوم ... سوى الأجل الذي لك لم تطاعي وقالت الخنساء [11] : [من المتقارب]

_ [1] الزور: جمع أزور وزوراء؛ وهو المعوج العنق. اسبطرت: امتدت. [2] جاشت: اضطربت من الفزع. [3] اللهذم: السنان القاطع، وأراد باللهذميات هنا: الرماح. البيض: السيوف. [4] البيتان للنمر بن تولب في ديوانه 374، ونسب البيت الثاني إلى سويد في أساس البلاغة (كون) . [5] القنا: الرماح. السمهرية: الرماح المنسوبة إلى امرأة تسمى سمهر. [6] الشلال: المتفرقون. [7] المسالح: جمع مسلحة، وهم القوم ذوو السلاح. [8] البيت من معلقته في ديوانه 29. [9] خام يخيم: نكص وجبن. مقدمي: موضع الإقدام. [10] البيتان لقطري بن الفجاءة في شعر الخوارج 108، وعيون الأخبار 1/126، والعقد الفريد 1/105، وبهجة المجالس 1/470، وحماسة البحتري 10، والسمط 575. [11] ديوان الخنساء 105، والأغاني 15/92، واللسان (هون) ، والتهذيب 6/442، ونهاية الأرب 3/72.

يهين النّفوس وهون النفوس ... غداة الكريهة أبقى لها وقال عامر بن الطّفيل [1] : [من الطويل] أقول لنفس لا يجاد بمثلها ... أقلّي المراح إنّني غير مقصر [2] وقال جرير [3] : [من البسيط] إن طاردوا الخيل لم يشووا فوارسها ... أو نازلوا عانقوا الأبطال فاهتصروا [4] وقال ابن مقروم الضّبيّ [5] : [من الكامل] وإذا تعلّل بالسّياط جيادها ... أعطاك ثائبة ولم يتعلّل [6] فدعوا نزال فكنت أوّل نازل ... وعلام أركبه إذا لم أنزل وقال كعب الأشقري [7] : [من الطويل] إليهم وفيهم منتهى الحزم والنّدى ... وللكرب فيهم والخصاصة فاسح ترى علقا تغشى النفوس رشاشه ... إذا انفرجت من بعدهنّ الجوانح كأنّ القنا الخطّيّ فينا وفيهم ... شواطن بئر هيّجتها المواتح [8] هناك قذفنا بالرّماح فيما يرى ... هنالك في جمع الفريقين رامح ودرنا كما دارت على قطبها ... ودارت على هام الرّجال الصّفائح ودرنا كما دارت على قطبها ... ودارت على هام الرّجال الصّفائح وقال مهلهل [9] : [من الخفيف] ودلفنا بجمعنا لبني شي ... بان إن الخليل يبغي الخليلا

_ [1] البيت لعامر بن الطفيل في المفضليات 362، والأصمعيات 215، والسمط 144. [2] المراح: المرح، وهو شدة الفرح. [3] ديوان جرير 295 (الصاوي) . [4] يشووا: من الإشواء، وذلك إذا رمى فأصاب الأطراف ولم يصب المقتل. الاهتصار: الجذب والإمالة. [5] ديوان ربيعة بن مقروم 269، والثاني في عيون الأخبار 1/126، والبرصان 172. [6] التعليل: من العل؛ وهو متابعة الضرب. [7] الأبيات (3- 4- 5) في الحماسة البصرية 1/371، والخامس بلا نسبة في اللسان (رحا) ، والتهذيب 5/215. [8] الشواطن: جمع شطن؛ وهو الحبل. [9] البيتان في الأغاني 5/57، والعقد الفريد 5/217.

لم يطيقوا أن ينزلوا ونزلنا ... وأخو الحرب من أطاق النزولا وقال عبدة، وهو رجل من عبد شمس: [من الطويل] ولما زجرنا الخيل خاضت بنا القنا ... كما خاضت البزل النّهاء الطّواميا [1] رمونا برشق ثمّ إنّ سيوفنا ... وردن فأنكرن القبيل المراميا ولم يك يثني النّبل وقع سيوفنا ... إذا ما عقدنا للجلاد النّواصيا

_ [1] النهاء جمع نهى؛ وهو كل موضع يجتمع فيه الماء.

باب في ذكر الجبن ووهل الجبان

باب في ذكر الجبن ووهل الجبان قال الله عزّ وجلّ: يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ [1] . ويقال إن جريرا من هذا أخذ قوله [2] : [من الكامل] ما زلت تحسب كلّ شيء بعدهم ... خيلا تكرّ عليكم ورجالا وإلى هذا ذهب الأوّل [3] : [من الطويل] ولو أنّها عصفورة لحسبتها ... مسوّمة تدعو عبيدا وأزنما وقال جران العود [4] : [من البسيط] يوم ارتحلت برحلي قبل برذعتي ... والقلب مستوهل للبين مشغول [5] ثمّ اغترزت على نضوى ليحملني ... إثر الحمول الغوادي وهو معقول [6] وهذا صفة وهل الجبان. وليس هذا من قوله [7] : [من المتقارب] كملقي الأعنّة من كفّه ... وقاد الجياد بأذنابها وقال الذّكواني أو زمرة الأهوازيّ، ففسر ذلك حيث يقول: [من الخفيف] يجعل الخيل كالسّفين ويرقى ... عاديا فوق طرفه المشكول [8]

_ [1] 4/المنافقون: 63. [2] ديوان جرير 53، والرسالة الموضحة 64، والمختار من شعر بشار 9، والعقد الفريد 3/132، وتقدم في 5/132. [3] البيت لجرير، وللبعيث؛ وللعوام بن شوذب؛ ولمغيرة بن طارق اليربوعي؛ ولابن حوشب، وقد تقدم البيت مع تخريج واف في 5/131. [4] البيتان لجران العود في الأشباه والنظائر للخالديين 1/58، وعيون الأخبار 1/165، وديوان جران العود 55، وهما لابن مقبل في ديوانه (265) ، وفي ديوان جران العود: «وتروى لابن مقبل، ولقحيف العقيلي، وقال خالد: هي لحكم الخضري» . [5] المستوهل: الفزع. [6] اغترزت: وضعت رجلي في الغرز، وهو الركاب. النصو: البعير أنضاه المسير. المعقول: مشدود بالعقال. [7] البيت بلا نسبة في عيون الأخبار 1/165. [8] الطرف: الفرس الكريم الطرفين. المشكول: المشدود بالشكال، وهو العقال تشد به قوائم الدابة.

لأنّهم ربّما تنادوا في العسكر: قد جاؤوا، ولا بأس! فيسرج الفارس فرسه وهو مشكول ثم يركبه ويحثّه بالسّوط، ويضربه بالرّجل، فإذا رآه لا يعطيه ما يريد نزل فأحضر على رجليه، ومن وهل الجبان أن يذهل عن موضع الشّكال في قوائم فرسه. وربما مضى باللّجام إلى عجب ذنبه [1] . وهو قوله: «يجعل الخيل كالسّفين» لأنّ لجام السفينة الذي يغمزها به والشّكال [2] هو في الذّنب. وقال سهل بن هارون الكاتب في المنهزمة من أصحاب ابن نهيك بالنّهروان من خيل هرثمة بن أعين: [من الطويل] يخيّل للمهزوم إفراط روعه ... بأنّ ظهور الخيل أدنى من العطب لأنّ الجبن يريه أنّ عدوه على رجليه أنجى له، كأنّه يرى أنّ النّجاة إنّما تكون على قدر الحمل للبدن. وقال آخر [3] حين اعتلّ عليه قومه في القتال بالورع: [من البسيط] كأنّ ربّك لم يخلق لخشيته ... سواهم من جميع النّاس إنسانا وقال آخر [4] : [من الطويل] كأنّ بلاد الله وهي عريضة ... على الخائف المطلوب كفّة حابل وقال الشّاعر [5] : [من الوافر] يروّعه السّرار بكلّ أرض ... مخافة أن يكون به السّرار وأنشدني ابن رحيم القراطيسي الشاعر ورمى شاطرا بالجبن، فقال [6] : [من م. الوافر] رأى في النّوم إنسانا ... فوارى نفسه أشهر

_ [1] عجب الذنب: أصله. [2] أي ما هو للسفينة بمنزلة اللجام والشكال. [3] البيت لقريط بن أنيف في الخزانة 7/441، وشرح شواهد المغني 2/643، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 27، وشرحه للتبريزي 1/5، وبلا نسبة في مجالس ثعلب 406. [4] البيت لعبد الله بن الحجاج؛ أو لعبيد بن أيوب العنبري؛ أو للطرماح، وتقدم البيت مع تخريج واف في 5/132. [5] البيت لبشار بن برد في ديوانه 1/249، ولنصيب في ديوانه 89، وتقدم البيت في 5/133. [6] البيت بلا نسبة في عيون الأخبار 1/166.

1929 -[السندل]

ويقولون في صفة الحديد إذا أرادوا أنّه خالص. فمن ذلك قول هميان: [من الكامل] يمشون في ماء الحديد تنكّبا [1] وقال ابن لجإ [2] : [من الرجز] أخضر من ماء الحديد جمجم وقال الأعشى في غير هذا [3] : [من الخفيف] وإذا ما الأكسّ شبه بالأر ... وق عند الهيجا وقلّ البصاق [4] وقال الأعشى [5] : [من م. الكامل] إذ لا نقاتل بالعصيّ ... ولا نرامي بالحجاره وقال الأخطل [6] : [من الطويل] وما تركت أسيافنا حين جرّدت ... لأعدائنا قيس بن عيلان من عذر وأنشد الأصمعيّ للجعديّ [7] : [من م. الكامل] وبنو فزارة إنّها ... لا تلبث الحلب الحلائب يقول: لا تلبث الحلائب حلبا حتى تهزمهم 1929-[السّندل] وأمّا قوله: 43- «وطائر يسبح في جاحم ... كماهر يسبح في غمر» فهذا طائر يسمّى سندل، وهو هنديّ، يدخل في أتون النّار ويخرج ولا يحترق له ريشة [8] .

_ [1] التنكب: المشي في شق على انحراف. [2] ديوان عمر بن لجإ 162. [3] ديوان الأعشى 265. [4] الأكس: القصير الأسنان، يقابله الأروق. [5] ديوان الأعشى 209، واللسان (جزر، بده) ، والتاج (جزر) ، والجمهرة 1171. [6] ديوان الأخطل 182، والقافية فيه (من وتر) . [7] ديوان النابغة الجعدي 214، واللسان والتاج (حلب) ، والتهذيب 5/86. [8] انظر ثمار القلوب (662) .

1930 -[ذكر ما لا يحترق]

1930-[ذكر ما لا يحترق] وزعم ثمامة أن المأمون قال [1] : لو أخذ إنسان هذا الطّحلب الذي يكون على وجّه الماء، في مناقع المياه، فجفّفه في الظلّ وألقاه في النّار لما كان يحترق وزعموا [2] أنّ الفلفل لا يضرّه الحرق، ولا الغرق، والطّلق لا يصير جمرا أبدا. قال: وكذلك المغرة. فكأنّ هذا الطّائر في طباعه وفي طباع ريشه مزاج من طلاء النّفاطين [3] . وأظنّ هذا من طلق وخطميّ ومغرة [4] . وقد رأيت عودا يؤتى به من ناحية كرمان لا يحترق. وكان عندنا نصرانيّ في عنقه صليب منه، وكان يقول لضعفاء الناس: هذا العود من الخشبة التي صلب عليها المسيح، والنّار لا تعمل فيها. فكان يكتسب بذلك، حتّى فطن له وعورض بهذا العود [5] . 1931-[الماهر] وأمّا قوله: 43- «كماهر يسبح في غمر» فالماهر هو السّابح الماهر وقال الأعشى [6] : [من السريع] مثل الفراتيّ إذا ما طما ... يقذف بالبوصيّ والماهر [7] وقال الربيع بن قعنب: [من الرمل] وترى الماهر في غمرته ... مثل كلب الماء في يوم مطر

_ [1] الخبر في ثمار القلوب (663) ، وعيون الأخبار 2/107، وتقدم في 5/310. [2] عيون الأخبار 2/107. [3] النفاطون: الرماة بالنفط؛ وهو القطران. [4] ورد هذا القول في ثمار القلوب (662) . الطلق: دواء إذا طلي به منع من الحرق. الخطمي: نبات يداوى به حرق النار. المغرة: طين أحمر يصبغ به. [5] الخبر في ثمار القلوب (663) ، وعيون الأخبار 2/107، وتقدم في 5/310. [6] ديوان الأعشى 191، واللسان (جدد، مهر، بوص، ظنن) ، والتاج (جدد، بوص، ظنن) ، والتنبيه والإيضاح 2/208، والتهذيب 6/299، والجمهرة 87، وديوان الأدب 3/72، 322، والعين 4/51. [7] الفراتي: أراد ماء الفرات. البوصي: ضرب من السفن.

1932 -[لطعة الذئب]

1932-[لطعة الذئب] وأمّا قوله: 44- «ولطعة الذّئب على حسوه ... وصنعة السّرفة والدّبر» قال [1] : فإنّ الذّئب يأتي الجمل الميّت فيفضي بغمغمته، فيعتمد على حجاج عينه [2] فيلحس عينه بلسانه حسيا، فكأنّما قوّرت عينه تقويرا، لما أعطي من قوّة الرّدّة [3] . وردّه لسانه أشدّ مرّا في اللّحم والعصب من لسان البقر في الخلى [4] . فأمّا عضّته ومصّته فليس يقع على شيء عظما كان أو غيره إلّا كان له بالغا بلا معاناة، من شدّة فكيه. ويقال [5] : إنّه ليس في الأرض سبع يعضّ على عظم إلّا ولكسرته صوت بين لحييه، إلّا الذئب، فإنّ أسنانه توصف بأنّها تبري العظم بري السّيف المنعوت بأنّ ضربته من شدّة مرورها في العظم، ومن قلّة ثبات العظم له، لا يكون له صوت. قال الزّبير بن عبد المطّلب [6] : [من الوافر] وينبي نخوة المحتال عنّي ... غموض الصوت ضربته صموت ولذلك قالوا في المثل [7] : «ضربه ضربة فكأنّما أخطأه» ، لسرعة المرّ، لأنّه لم يكن له صوت. وقال الرّاجز في صفة الذّئب [8] : [من الرجز] أطلس يخفي شخصه غباره ... في شدقه شفرته وناره وسنأتي على صفة الذئب، في غير هذا الباب من أمره في موضعه إن شاء الله تعالى.

_ [1] ورد القول في ربيع الأبرار 5/416. [2] الحجاج: العظم المستدير حول العين. [3] في ربيع الأبرار «قوة النفس» . [4] الخلى: واحدته خلاة، وهو الرطب من النبات. [5] ربيع الأبرار 5/416- 417. [6] البيت في ربيع الأبرار 5/417، وحماسة القرشي 92، واللسان والتاج (صمت) ، وتقدم في 4/393. [7] ربيع الأبرار 5/417. [8] الرجز في ديوان المعاني 2/134، وذيل الأمالي 129، والبيان 1/150، والعمدة 1/252، وتقدم في 1/97، الفقرة (110) .

1933 -[صنعة السرفة والدبر]

1933-[صنعة السرفة والدّبر] وأمّا ذكر صنعة السّرفة والدّبر، فإنّه يعني حكمتها في صنعة بيوتها، فإنّ فيها صنعة عجيبة. 1934-[سمع القراد والحجر] وأمّا قوله: 44- «ومسمع القردان في منهل ... أعجب ممّا قيل في الحجر» فإنهم يقولون: «أسمع من فرس» [1] ، ويجعلون الحجر فرسا بلا هاء، وإنّما يعنون بذلك الحجر، لأنّها أسمع. قال: والحجر وإن ضرب بها المثل، فالقراد أعجب منها، لأنها تكون في المنهل فتموج ليلة الورد، في وقت يكون بينها وبين الإبل التي تريد الورود أميال. فتزعم الأعراب أنها تسمع رغاءها وأصوات أخفافها، قبل أن يسمعها شيء والعرب تقول: «أسمع من قراد» [2] . وقال الرّاجز [3] : [من الرجز] أسمع من فرخ العقاب الأسحم 1935-[ما في الجمل من الأعاجيب] وأمّا قوله: 48- «والمقرم المعلم ما إن له ... مرارة تسمع في الذّكر 49- وحصية تنصل من جوفه ... عند حدوث الموت والنّحر 50- ولا يرى بعدهما جازر ... شقشقة مائلة الهدر» فهذا باب قد غلط فيه من هو أعنى بتعرّف أعاجيب ما في العالم من بشر. ولقد تنازع بالبصرة ناس، وفيهم رجل ليس عندنا بالبصرة أطيب منه، فأطبقوا جميعا على أنّ الجمل إذا نحر ومات فالتمست خصيته وشقشقته أنهما لا توجدان. فقال ذلك الطّيب: فلعلّ مرارة الجمل أيضا كذلك، ولعلّه أن تكون له مرارة ما دام

_ [1] مجمع الأمثال 2/349، وأمثال ابن سلام 349، والدرة الفاخرة 1/218، وهو برواية «أسمع من فرس بيهماء غلس» في المستقصى 1/173، وفصل المقال 492، ومجمع الأمثال 1/349. [2] مجمع الأمثال 1/349، وفصل المقال 492، والمستقصى 1/173، وجمهرة الأمثال 1/531. [3] انظر مجمع الأمثال 1/355.

1936 -[ما في الفرس والثور من الأعاجيب]

حيّا، ثمّ تبطل عند الموت والنّحر. وإنّما صرنا نقول: لا مرارة له، لأنّا لا نصل إلى رؤية المرارة إلّا بعد أن تفارقه الحياة. فلم أجد ذلك عمل في قلبي، مع إجماعهم على ذلك، فبعثت إلى شيخ من جزّاري باب المغيرة فسألته عن ذلك، فقال: بلى لعمري إنهما لتوجدان إن أرادهما مريد. وإنّما سمعت العامّة كلمة، وربّما مزحنا بها، فيقول أحدنا: خصية الجمل لا توجد عند منحره! أجل والله ما توجد عند منحره، وإنما توجد في موضعها. وربّما كان الجمل خيارا جيّدا فتلحق خصيتاه بكليتيه، فلا توجدان لهذه العلّة. فبعثت إليه رسولا: إنّه ليس يشفيني إلّا المعاينة. فبعث إليّ بعد ذلك بيوم أو يومين مع خادمي نفيس، بشقشقة وخصية. ومثل هذا كثير قد يغلط فيه من يشتدّ حرصه على حكاية الغرائب. 1936-[ما في الفرس والثور من الأعاجيب] وأمّا قوله: 51- «وليس للطّرف طحال وقد ... أشاعه العالم بالأمر 52- وفي فؤاد الثّور عظم وقد ... يعرفه الجازر ذو الخبر» وليس عندي في الفرس أنّه لا طحال له، إلّا ما أرى في كتاب الخيل لأبي عبيدة والنّوادر لأبي الحسن، وفي الشّعر لبشر. فإن كان جوف الفرس كجوف البرذون، فأهل خراسان من أهل هذا العسكر، يذبحون في كلّ أسبوع عدّة براذين. وأمّا العظم الذي يوجد في قلب الثّور فقد سمعنا بعضهم يقول ذلك، ورأيته في كتاب الحيوان لصاحب المنطق. 1937-[أعجوبة السمك] وأمّا قوله: 53- «وأكثر الحيتان أعجوبة ... ما كان منها عاش في البحر 54-[إذ لا لسان سقي ملحه ... ولا دماغ السمك النهري] [1] » فهو كما قال: لأنّ سمك البحر كلّه ليس له لسان ولا دماغ [2] .

_ [1] إضافة يقتضيها السياق. [2] ربيع الأبرار 5/439.

1938 -[قواطع السمك]

1938-[قواطع السمك] [1] وأصناف من حيتان البحر تجيء في كلّ عام، في أوقات معلومة حتّى تدخل دجلة، ثم تجوز إلى البطاح. فمنها الأسبور، ومنها البرستوك ووقته ومنها الجواف ووقته. وإنما عرفت هذه الأصناف بأعيانها وأزمانها لأنها أطيب ذلك السّمك. وما أشكّ أنّ معها أصنافا أخر يعلم منها أهل الأبلّة مثل الذي أعلم أنا من هذه الأصناف الثّلاثة. 1939-[كبد الكوسج] وأمّا قوله: 58- «وأكبد تظهر في ليلها ... ثمّ توارى آخر الدّهر 59- ولا يسيغ الطّعم ما لم يكن ... مزاجه ماء على قدر 60- ليس له شيء لإزلاقه ... سوى جراب واسع الشّجر» [2] فإنّ سمكا يقال له الكوسج غليظ الجلد، أجرد، يشبه الجرّيّ، وليس بالجرّي، في جوفها شحمة طيّبة، فإن اصطادوها ليلا وجدوها وإن اصطادوها نهارا لم يجدوها [3] . وهذا الخبر شائع في الأبلة، وعند جميع البحريّين، وهم يسمّون تلك الشّحمة الكبد. وأما قولهم: السّمكة لا تسيغ طعمها إلّا مع الماء، فما عند بشر ولا عندي إلّا ما ذكر صاحب المنطق. وقد عجب بشر من امتناعها من بلع الطّعم، وهي مستنقعة في الماء، مع سعة جراب فيها. والعرب تسمّي جوف البئر من أعلاه إلى قعره جراب البئر. وأمّا ما سوى هذه القصيدة فليس فيها إلّا ما يعرف، وقد ذكرناه في موضع غير هذا من هذا الجزء خاصّة. وسنقول في باب الضّبع والقنفذ والحرقوص والورل وأشباه ذلك ما أمكن إن شاء الله تعالى.

_ [1] انظر ما تقدم في 3/127، الفقرة (723) . [2] الشجر: مفرج الفم. [3] ربيع الأبرار 5/439.

1940 -[مساجلة شعرية بين أعرابي وضبع]

1940-[مساجلة شعرية بين أعرابي وضبع] قال أبو زياد الكلابيّ: أكلت الضّبع شاة رجل من الأعراب، فجعل يخاطبها ويقول: [من الرجز] ما أنا يا جعار من خطّابك ... عليّ دقّ العصل من أنيابك [1] على حذا جحرك لا أهابك جعار: اسم الضبع، ولذلك قال الراجز [2] : [من الكامل] يا أيّها الجفر السّمين وقومه ... هزلى تجرّهم ضباع جعار [3] ثم قال الأعرابيّ: [من الرجز] ما صنعت شاتي التي أكلت ... ملأت منها البطن ثمّ جلت وخنتني وبئس ما فعلت ... قالت له: لا زلت تلقى الهمّا وأرسل الله عليك الحمّى ... لقد رأيت رجلا معتمّا قال لها: كذبت يا خباث ... قد طال ما أمسيت في اكتراث أكلت شاة صبية غراث ... قالت له والقول ذو شجون: أسهبت في قولك كالمجنون ... أما وربّ المرسل الأمين لأفجعن بعيرك السّمين ... وأمّه وجحشه القرين حتّى تكون عقلة العيون ... قال لها ويحك حذّريني واجتهدي الجهد وواعديني ... وبالأمانيّ فعلّليني لأقطعنّ ملتقى الوتين ... منك وأشفى الهمّ من دفيني فصدّقيني أو فكذّبيني ... أو اتركي حقّي وما يليني إذا فشلّت عندها يميني ... تعرّفي ذلك باليقين قالت: أبالقتل لنا تهدّد ... وأنت شيخ مهتر مفنّد [4]

_ [1] العصل: جمع أعصل وعصلاء، وهي الملتوية. [2] البيت بلا نسبة في اللسان والتاج (عفج) ، وفيهما: «يا أيها العفج السمين..» . [3] الجفر: العظيم الجفرة، وهي ما يجمع البطن والجنبين. [4] المهتر: الذي فقد عقله وصار خرفا من الكبر.

1941 -[جلد الضبع]

قولك بالجبن عليك يشهد ... منك وأنت كالذي قد أعهد قال لها: فأبشري وأبشري ... إذا تجردت لشأني فاصبري أنت زعمت قد أمنت منكري ... أحلف بالله العليّ الأكبر يمين ذي ثرية لم يكفر ... لأخضبنّ منك جنب المنحر برمية من نازع مذكّر ... أو تتركين أحمري وبقري فأقبلت للقدر المقدّر ... فأصبحت في الشّرك المزعفر مكبوبة لوجهها والمنخر ... والشّيخ قد مال بغرب مجزر [1] ثمّ اشتوى من أحمر وأصفر ... منها ومقدور وما لم يقدر 1941-[جلد الضبع] وقال الآخر [2] : [من الرجز] يا ليت لي نعلين من جلد الضّبع ... وشركا من استها لا ينقطع كلّ الحذاء يحتذي الحافي الوقع وهذا يدلّ على أنّ جلدها جلد سوء. وإذا كانت السّنة جدبة تأكل المال، سمّتها العرب الضّبع. قال الشّاعر [3] : [من البسيط] أبا خراشة أمّا كنت ذا نفر ... فإنّ قومي لم تأكلهم الضّبع 1942-[تسمية السنة الجدبة بالضبع] وقال عمير بن الحباب [4] : [من الرجز]

_ [1] الغرب: الحد. المجزر: آلة الجزر. [2] الرجز لجساس بن قطيب (أبي مقدام) في اللسان والتاج (وقع) ، وبلا نسبة في البيان 3/109، والبخلاء 188، والبرصان 192، وأمالي القالي 1/115، ومجمع الأمثال 2/136، واللسان والتاج (حذا) ، والتهذيب 3/36، وديوان الأدب 3/260، وكتاب الجيم 3/294، والمخصص 4/112، والعين 2/178، والجمهرة 944، والعقد الفريد 3/270. [3] البيت لخفاف بن ندبة في ديوانه 533، وللعباس بن مرداس في ديوانه 106، وتقدم البيت مع تخريج واف في 5/12. [4] الرجز لعمير بن الحباب في الأغاني 24/29.

1943 -[مما قيل من الشعر في الضباع]

فبشّري القين بطعن شرج ... يشبع أولاد الضباع العرج [1] ما زال إسدائي لهم ونسجي ... حتّى اتّقوني بظهور ثبج [2] أريننا يوما كيوم المرج 1943-[مما قيل من الشعر في الضباع] وقال رجل من بني ضبّة [3] : [من البسيط] يا ضبعا أكلت آيار أحمرة ... ففي البطون وقد راحت قراقير ما منكم غير جعلان بممدرة ... دسم المرافق أنذال عواوير [4] وغير همز ولمز للصّديق ولا ... تنكي عدوّكم منكم أظافير وإنّكم ما بطنتم لم يزل أبدا ... منكم على الأقرب الأدنى زنابير [5] وأنشد [6] : [من الرجز] القوم أمثال السّباع فانشمر ... فمنهم الذّئب ومنهم النّمر والضّبع العرجاء واللّيث الهصر وقال العلاجم: [من الرجز] معاور حلباته الشخص أعم ... كالدّيخ أفنى سنّه طول الهرم [7] وأنشد: [من الرجز] فجاوز الحرض ولا تشمّمه ... لسابغ المشفر رحب بلعمه [8] سالت ذفاريه وشاب غلصمه ... كالذّيخ في يوم مرشّ رهمه [9]

_ [1] القين: أراد به الفرزدق. [2] الثبج: جمع أثبج؛ وهو الأحدب. [3] الأبيات لجرير الضبي في اللسان والتاج (أير) ، والأول لرجل من بني ضبة في شرح شواهد الإيضاح 477، وهو بلا نسبة في سر صناعة الإعراب 2/608، والكتاب 3/589، ونوادر أبي زيد 76، والمقتضب 1/132، والأول والثالث بلا نسبة في اللسان والتاج (ضبع) . [4] الممدرة: موضع فيه طين حر. العواوير: جمع عوار؛ وهو الجبان. [5] بطن: شبع؛ وامتلأ من الطعام. [6] الرجز في ربيع الأبرار 3/573. [7] البيت الأول فيه تحريف. [8] الحرض: شجر الأشنان؛ وهو من الحمض. السابغ: الطويل. [9] الذفارى: جمع ذفرى، وهو الموضع الذي يعرق من البعير خلف الأذن، وسالت الذفرى: عرقت. الغلصم: جمع غلصمة؛ وهي اللحم الذي بين الرأس والعنق. الذيخ: ذكر الضباع. الرهم: جمع رهمة؛ وهي المطر الضعيف.

1944 -[إعجاب الضباع بالقتلى]

يقول: وبر لحييها كثير كأنّه شعر [ذيخ] [1] قد بلّه المطر. وأنشد: [من الرجز] لما رأين ماتحا بالغرب ... تخلّجت أشداقها للشّرب [2] تخليج أشداق الضّباع الغلب [3] يعني من الحرص والشّره. وتمثّل ابن الزّبير [4] : [من الطويل] خذيني فجرّيني جعار وأبشري ... بلحم امرئ لم يشهد اليوم ناصره [5] وإنّما خصّ الضّباع، لأنّها تنبش القبور، وذلك من فرط طلبها للحوم النّاس إذا لم تجدها ظاهرة. وقال تأبّط شرّا [6] : [من الطويل] فلا تقبروني إنّ قبري محرّم ... عليكم ولكن خامري أمّ عامر إذا ضربوا رأسي وفي الرّأس أكثري ... وغودر عند الملتقى ثمّ سائري هنالك لا أبغي حياة تسرّني ... سمير الليالي مبسلا بالجرائر 1944-[إعجاب الضّباع بالقتلى] قال اليقطري [7] : وإذا بقي القتيل بالعراء انتفخ أيره، لأنّه إذا ضربت عنقه يكون منبطحا على وجهه، فإذا انتفخ انقلب، فعند ذلك تجيء الضّبع فتركبه فتقضي حاجتها ثمّ تأكله. وكانت مع عبد الملك جارية شهدت معه حرب مصعب، فنظرت إلى مصعب وقد انقلب وانتفخ أيره وورم وغلظ، فقالت: يا أمير المؤمنين، ما أغلظ أيور المنافقين!

_ [1] إضافة يقتضيها السياق. [2] الماتح الذي يستقي من أعلى البئر. الغرب: الدلو العظيمة. التخلج: التحرك والاضطراب. [3] الغلب: جمع أغلب وغلباء؛ وهو الغليظ الرقبة. [4] البيت للنابغة الجعدي في ديوانه 220، والكتاب 3/273، وبلا نسبة في اللسان (جرر، جعر) ، والمقتضب 3/375. [5] جعار: اسم للضبع. [6] الأبيات للشنفرى أو لتأبط شرا في الطرائف الأدبية 36، وللشنفرى في الحماسة البصرية 1/94، والأغاني 21/182، وأسماء المغتالين 232، وشرح ديوان الحماسة للتبريزي 2/65، وللمرزوقي 490، وانظر البرصان 166، وعيون الأخبار 3/200، والعقد الفريد 1/101، والأزمنة والأمكنة 1/293. [7] تقدم الخبر في 5/.

1945 -[حديث امرأة وزوجها]

فلطمها عبد الملك 1945-[حديث امرأة وزوجها] ابن الأعرابي: قالت امرأة لزوجها، وكانت صغيرة الرّكب، وكان زوجها صغير الأير: ما للرّجل في عظم الرّكب منفعة، وإنّما الشّأن في ضيق المدخل، وفي المصّ والحرارة، ولا ينبغي أن يلتفت إلى ما ليس من هذا في شيء. وكذلك الأير، إنّما ينبغي أن تنظر المرأة إلى حرّ جلدته، وطيب عسيلته، ولا تلتفت إلى كبره وصغره. وأنعظ الرجل على حديثها إنعاظا شديدا، فطمع أن ترى أيره في تلك الحال عظيما، فأراها إيّاه، وفي البيت سراج، فجعل الرّجل يشير إلى أيره، وعينها طامحة إلى ظلّ أيره في أصل الحائط، فقال: يا كذابة، لشدّة شهوتك في عظم ظلّ الأير لم تفهمي عنّي شيئا، قالت: أما إنّك لو كنت جاهلا كان أنعم لبالك يا مائق، لو كان منفعة عظم الأير كمنفعة عظم الرّكب لما طمحت عيني إليه. قال الرجل: فإنّ للرّكب العظيم حظّا في العين، وعلى ذلك تتحرّك له الشّهوة. قالت: وما تصنع بالحركة، وشكّ يؤدّي إلى شكّ؟ الأير إن عظم فقد ناك جميع الحر، ودخل في تلك الزّوايا التي لم تزل تنتظم من بعيد. وغيرها المنتظم دونها، وإذا صغر ينيك ثلث الحر ونصفه وثلثيه. فمن يسرّه أن يأكل بثلث بطنه، أو يشرب بثلث بطنه؟ قال اليقطري: أمكنها والله من القول ما لم يمكنه. 1946-[الجارية التي أدركت بثأرها من معاوية] وقال [1] : وخلا معاوية بجارية له خراسانيّة، فما همّ بها نظر إلى وصيفة في الدّار، فترك الخراسانيّة وخلا بالوصيفة ثمّ خرج فقال للخراسانيّة: ما اسم الأسد بالفارسيّة؟ قال: كفتار. فخرج وهو يقول: ما الكفتار؟ فقيل له: الكفتار الضّبع. فقال: ما لها قاتلها الله، أدركت بثأرها! والفرس إذا استقبحت وجه الإنسان قالت: روي كفتار، أي وجه الضبع. 1947-[كتاب عمر بن يزيد إلى قتيبة بن مسلم] قال: وكتب عمر بن يزيد بن عمير الأسدي إلى قتيبة بن مسلم، حين عزل وكيع بن سود عن رياسة بني تميم، وولّاها ضرار بن حسين الضّبي: «عزلت السّباع وولّيت الضّباع» .

_ [1] ورد الخبر في ربيع الأبرار 5/418.

1948 -[شعر فيه ذكر الضبع]

1948-[شعر فيه ذكر الضبع] وأنشد لعبّاس بن مرداس السّلميّ [1] : [من الطويل] فلو مات منهم من جرحنا لأصبحت ... ضباع بأكناف الأراك عرائسا [2] وقال جريبة بن أشيم [3] : [من الطويل] فمن مبلغ عنّي يسارا ورافعا ... وأسلم أنّ الأوهنين الأقارب فلا تدفننّي في ضرا وادفننّني ... بديمومة تنزو عليّ الجنادب [4] وإن أنت لم تعقر عليّ مطيّتي ... فلا قام في مال لك الدّهر حالب [5] فلا يأكلنّي الذّئب فيما دفنتني ... ولا فرعل مثل الصّريمة حارب [6] أزلّ هليب لا يزال مآبطا ... إذا ذربت أنيابه والمخالب [7] وأنشد: [من الرمل] تركوا جارهم تأكله ... ضبع الوادي وترميه الشّجر يقول: خذلوه حتّى أكله ألأم السّباع، وأضعفها. وقوله: «وترميه الشّجر» ، يقول: حتّى صار يرميه من لا يرمي أحدا. 1949-[بقية الكلام في الضبع] وقد بقي من القول في الضّبع ما سنكتبه في باب القول في الذئب [8] .

_ [1] ديوان العباس بن مرداس 94، والحماسة البصرية 1/54، والبرصان 165، والأغاني 14/315، والأصمعيات 206، والمعاني الكبير 213، 927. [2] عرائس: جمع عروس، وفي البيت إشارة إلى ما يكون من الضباع من شغفها بركوب القتلى. [3] الأبيات لجريبة بن أشيم في البرصان 163- 164. [4] الضرا: مقصور الضراء، وهو الشجر الملتف في الوادي، وفي البرصان «صوى» ؛ وهي جمع صوة، وهي ما غلظ وارتفع من الأرض. الديمومة: الفلاة. [5] كان أهل الجاهلية يؤمنون بالبعث، ولهذا فقد كانوا يعقرون عند القرب مطية؛ ويسمون تلك العقيرة «بلية» ، ليركبها الميت عند بعثه، ومن لم تكن له بلية حشر ماشيا. انظر اللسان 14/85- 86. (بلا) ، والمحبر 323. [6] الفرعل: الضبع. الصريمة: السوداء مثل الليل. الحارب: السالب. [7] الأزل: الأرسح الصغير العجز. الهليب: من الهلب، وهو كثرة الشعر. ورواية صدر البيت في البرصان: (أزبّ هلبّ لا يزال مطابقا) . [8] لم يف الجاحظ بوعده هذا، إذ لم يفرد بابا للذئب.

1950 -[الحرقوص]

1950-[الحرقوص] وأمّا الحرقوص فزعموا أنّه دويبّة أكبر من البرغوث، وأكثر ما ينبت له جناحان بعد حين، وذلك له خير. وهذا المعنى يعتري النّمل- وعند ذلك يكون هلاكه- ويعتري الدّعاميص إذا صارت فراشا، ويعتري الجعلان. والحرقوص دويبّة عضّها أشدّ من عضّ البراغيث. وما أكثر ما يعضّ أحراح النساء والخصى [1] . وقد سميّ بحرقوص من مازن أبو كابية بن حرقوص، قال الشّاعر: [من الرجز] أنتم بني كابية بن حرقوص ... كلّهم هامته كالأفحوص [2] وقال بشر بن المعتمر، في شعره المزاوج، حين ذكر فضل عليّ على الخوارج، وهو قوله: [من الرجز] ما كان في أسلافهم أبو الحسن ... ولا ابن عبّاس ولا أهل السّنن غرّ مصابيح الدّجى مناجب ... أولئك الأعلام لا الأعارب كمثل حرقوص ومن حرقوص ... فقعة قاع حولها قصيص ليس من الحنظل يشتار العسل ... ولا من البحور يصطاد الورل هيهات ما سافلة كعاليه ... ما معدن الحكمة أهل البادية قال [3] : والحرقوص يسمى بالنّهيك. وعضّ النّهيك ذلك الموضع من امرأة أعرابيّ فقال [4] : [من الطويل] وما أنا للحرقوص إن عضّ عضة ... لها بين رجليها بجدّ عقور تطيب بنفسي بعد ما تستفزّني ... مقالتها إنّ النّهيك صغير والذين ذهبوا إلى أنّه البرغوث نفسه قالوا: الدّليل على ذلك قول الطّرمّاح [5] : [من الطويل]

_ [1] ربيع الأبرار 5/478. [2] أفحوص القطا: مبيضها. وهو مثل في الصغير. [3] ربيع الأبرار 5/478. [4] البيتان في ربيع الأبرار 5/478، واللسان والتاج (نهك) ، والثاني في المقاييس 4/243. [5] ديوان الطرماح 63، وربيع الأبرار 5/478، والمعاني الكبير 680.

1951 -[الورل]

ولو أنّ حرقوصا على ظهر قملة ... يكرّ على صفّي تميم لولّت قالوا: ولو كان له جناحان لما أركبه ظهر القملة. وليس في قول الطّرمّاح دليل على ما قال. وقال بعض الأعراب، وعض الحرقوص خصيته [1] : [من الوافر] لقد منع الحراقيص القرارا ... فلا ليلا نقرّ ولا نهارا يغالبن الرّجال على خصاهم ... وفي الأحراح دسّا وانجحارا وقالت امرأة تعني زوجها [2] : [من الطويل] [يغار من الحرقوص أن عضّ عضة ... بفخذي منها ما يجذّ، غيور] [3] لقد وقع الحرقوص منّي موقعا ... أرى لذّة الدّنيا إليه تصير وأنشدوا لآخر: [من الرجز] برّح بي ذو النّقطتين الأملس ... يقرض أحيانا وحينا ينهس فقد وصفه هذا كما ترى. وهذا يصدّق قول الآخر، ويردّ على من جعل الحراقيص من البراغيث. قال الآخر: [من البسيط] يبيت باللّيل جوّابا على دمث ... ماذا هنالك من عضّ الحراقيص 1951-[الورل] وسنقول في الورل بما أمكن من القول إن شاء الله تعالى. وعلى أنّا قد فرّقنا القول فيه على أبواب قد كتبناها قبل هذا. قالوا [4] : الورل يقتل الضّبّ، وهو أشدّ منه، وأجود سلاحا وألطف بدنا. قالوا: والسّافد منها يكون مهزولا، وهو الذي يزيف إلى الإنسان وينفخ ويتوعّد. قال [5] : واصطدت منها واحدا فكسرت حجرا، وأخذت مروة فذبحته بها، حتّى قلت قد نخعته [6] . فاسبطرّ [7] لحينه فأردت أن أصغي إليه وأشرت بإبهامي في

_ [1] البيتان في نهاية الأرب 10/305. [2] البيتان في نهاية الأرب 10/305، والبيت الأول مستدرك من نهاية الأرب. [3] الدمث: اللين السهل، ويعني به الخصى والأحراح. [4] ربيع الأبرار 5/469. [5] ثمة نقص في الكلام، وانظر هذا القول في ربيع الأبرار 5/469. [6] نخعته: أصبت نخاعة. [7] اسبطر: امتد.

1952 -[زعم المجوس في العظاءة]

فيه، فعضّ عليها عضة اختلعت أنيابه، فلم يخلّها حتى عضضت على رأسه. قال: فأتيت أهلي فشققت بطنه، فإذا فيها حيّتان عظيمتان إلّا الرّأس. قال: وهو يشدخ رأس الحيّة ثمّ يبتلعها فلا يضرّه سمّها. وهذا عنده أعجب ما فيه. فكيف لو رأى الحوّائين عندنا، وأحدهم يعطى الشيء اليسير، فإن شاء أكل الأفعى نيّا، وإن شاء شواء، وإن شاء قديدا فلا يضرّه ذلك بقليل ولا كثير. وفي الورل أنه ليس شيء من الحيوان أقوى على أكل الحيّات وقتلها منه، ولا أكثر سفادا، حتى لقد طمّ في ذلك على التّيس، وعلى الجمل، وعلى العصفور، وعلى الخنزير، وعلى الذّبّان في العدد، وفي طول المكث. وفيه أنّه لا يحتفر لنفسه بيتا، ويغتصب كلّ شيء بيته؛ لأنها أيّ جحر دخلته هرب منه صاحبه. فالورل يغتصب الحيّة بيتها كما تغتصب الحيّة بيوت سائر الأحناش والطّير والضّب. وهو أيضا من المراكب. وهو أيضا مما يستطاب، وله شحمة، ويستطيبون لحم ذنبه. والورل دابّة خفيف الحركة ذاهبا وجائيا، ويمينا وشمالا. وليس شيء بعد العظاءة أكثر تلفّتا منه وتوقفا. 1952-[زعم المجوس في العظاءة] وتزعم المجوس أنّ أهرمن، وهو إبليس، لمّا جلس في مجلسه في أوّل الدهر ليقسّم الشّرّ والسّموم- فيكون ذلك عدّة على مناهضة صاحب الخير إذا انقضى الأجل بينهما، ولأنّ من طباعه أيضا فعل الشر على كلّ حال- كانت العظاءة آخر من حضر، فحضرت وقد قسم السمّ كلّه، فتداخلها الحسرة والأسف. فتراها إذا اشتدّت وقفت وقفة تذكّر لما فاتها من نصيبها من السّم، ولتفريطها في الإبطاء حتى صارت لا تسكن إلّا في الخرابات والحشوش [1] ؛ لأنها حين لم يكن فيها من السّم شيء لم تطلب مواضع الناس كالوزغة التي تسكن معهم البيوت، وتكرع في آنيتهم الماء وتمجّه، وتزاقّ الحيّات وتهيّجها عليهم. ولذلك نفرت طباع النّاس من الوزغة، فقتلوها تحت كلّ حجر، وسلمت منهم العظاءة تسليما منهم. ولم أر قولا أشدّ تناقضا، ولا أموق من قولهم هذا؛ لأنّ العظاءة لم يكن ليعتريها من الأسف على فوت السمّ على ما ذكروا أوّلا إلّا وفي طبعها من الشّرارة الغريزيّة أكثر ممّا في طبع الأفعى.

_ [1] الحشوش: جمع حش، وهو بيت الخلاء.

1953 -[ذكر الورل في الشعر]

1953-[ذكر الورل في الشعر] قال الرّاجز في معنى الأوّل: [من الرجز] يا ورلا رقرق في سراب ... أكان هذا أول الثّواب قال: ورقرقته: سرعته ذاهبا وجائيا ويمينا وشمالا. قال أبو دؤاد الإيادي [1] ، في صفة لسان فرسه: [من الخفيف] عن لسان كجثّة الورل الأح ... مر مجّ الثّرى عليه العرار وقال خالد بن عجرة [2] : [من الوافر] [كأنّ لسانه ورل عليه، ... بدار مضنّة، مجّ العرار] ووصف الأصمعيّ حمرته في بعض أراجيزه، فقال: [من الرجز] في مغر ذي أضرس وصكّ ... يعرج منه بعد ضيق ضنك [3] 1954-[فروة القنفذ] قد قلنا في القنفذ، وصنيعه في الحيّات وفي الأفاعي خاصّة، وفي أنّه من المراكب، وفي غير ذلك من أمره، فيما تقدم هذا المكان من هذا الكتاب [4] . ويقول من نزع فروته بأنها مملوءة شحيمة. والأعراب تستطيب أكله، وهو طيّب للأرواح [5] . 1955-[ذكر القنفذ في الشعر] والقنفذ لا يظهر إلا بالليل، كالمستخفي، فلذلك شبه به، قال أيمن بن خريم [6] : [من البسيط] كقنفذ الرّمل لا تخفى مدارجه ... خبّ إذا نام عنه النّاس لم ينم

_ [1] البيت لأبي دؤاد في ديوانه 318، ولعدي بن الرقاع في ديوانه 74، واللسان (ورل) ، وتقدم في 1/179، الفقرة (207) . [2] لم يرد البيت في الأصل، واستدركته مما تقدم في 1/179، الفقرة (207) . [3] المغر: المصبوغ بالمغرة؛ وهو صبغ أحمر. [4] انظر ما تقدم في ص 341. [5] ربيع الأبرار 5/473. [6] البيت لأيمن بن خريم في ديوان المعاني 2/144، وتقدم في 4/340، منسوبا إلى الأودي، وانظر ديوان الأفوه الأودي 24.

وقال عبدة بن الطبيب [1] : [من الكامل] قوم إذا دمس الظّلام عليهم ... حدجوا قنافذ بالنّميمة تمزع وقال [2] : [من المتقارب] شريت الأمور وغاليتها ... فأولى لكم يا بني الأعرج تدبّون حول ركيّاتكم ... دبيب القنافذ في العرفج وقال الآخر [3] في غير هذا الباب: [من الرجز] كأنّ قيرا أو كحيلا ينعصر ... ينحطّ من قنفذ ذفراه الذّفر وقال عبّاس بن مرداس السّلميّ [4] ، يضرب المثل به وبأذنيه في القلّة والصّغر: [من المتقارب] فإنّك لم تك كابن الشّريد ... ولكن أبوك أبو سالم حملت المئين وأثقالها ... على أذني قنفذ رازم وأشبهت جدّك شرّ الجدود ... والعرق يسري إلى النّائم وأنشدني الدّلهم بن شهاب، أحد بني عوف بن كنانة، من عكل، قال: أنشدنيه نفيع بن طارق في تشبيه ركب المرأة إذا جمّم بجلد القنفذ [5] : [من الرجز] 1- علّق من عنائه وشقوته ... وقد رأيت هدجا في مشيته [6] 3- وقد جلا الشّيب عذار لحيته ... بنت ثماني عشرة من حجّته [7] 5- يظنّها ظنّا بغير رؤيته ... تمشي بجهم ضيقه من همّته [8]

_ [1] البيت في المفضليات 147، وتقدم في الفقرة (167) . [2] نسب البيت الثاني إلى جرير في ديوان المعاني 2/144، ولم يرد البيتان في ديوانه. [3] الرجز لجندل بن المثنى في التاج (صلف) ، ولم يرد فيه البيت الأول، بل ورد الثاني مع بيت آخر. [4] ديوان العباس بن مرداس 152، وعيون الأخبار 2/7. [5] الرجز في الخزانة 6/430، والمقاصد النحوية 4/488، والمخصص 14/92، 17/102، والإنصاف 1/309، وأوضح المسالك 4/259، وشرح الأشموني 3/627، وهمع الهوامع 2/149، وشرح التصريح 2/275، واللسان (شقا) ، وتهذيب اللغة 9/209، وانظر ربيع الأبرار 5/474. [6] الهدج: مشية الشيخ. [7] جلاه: جعله واضحا أبيض. [8] ضيقه من همته: أي إن حرها ضيق كضيق همته.

1956 -[من تسمى بقنفذ]

7- لم يخزه الله برحب سعته ... جمّم بعد حلقه ونورته [1] 9- كقنفذ القفّ اختفى في فروته ... لا يبلغ الأير بنزع رهوته [2] 11- ولا يكرّ راجعا بكرّته ... كأنّ فيه وهجا من ملّته [3] 1956-[من تسمى بقنفذ] ويتسمّون بالقنافذ. وذو البرة الذي ذكره عمرو بن كلثوم هو الذي يقال له: برة القنفذ، وهو كعب بن زهير، وهو قوله [4] : [من الوافر] وذو البرة الذي حدّثت عنه ... به نحمى ونشفي الملجئينا 1957-[كبار القنافذ] [5] ومن القنافذ جنس وهو أعظم من هذه القنافذ؛ وذلك أنّ لها شوكا كصياصي [6] الحاكة، وإنّما هي مدارى قد سخّرت لها وذلّلت تلك المغارز والمنابت، ويكون متى شاء أن ينصل منها رمى به الشخص الذي يخافه، فعلا حتّى كأنّه السهم الذي يخرجه الوتر. ولم أر أشبه به في الحذف من شجر الخروع؛ فإنّ الحبّ إذا جفّ في أكمامه، وتصدّع عنه بعض الصّدع، حذف به بعض الغصون، فربّما وقع على قاب الرّمح الطويل وأكثر من ذلك. 1958-[تحريك الحيوان بعض أعضائه دون بعض] والبرذون يسقط على جلده ذبابة فيحرّك ذلك الموضع. فهذا عامّ في الخيل. فأمّا النّاس فإن المخنّث ربما حرّك شيئا من جسده، وأيّ موضع شاء من بدنه [7] .

_ [1] النورة: مسحوق يستخدم لإزالة الشعر. [2] القف: ما غلظ من الأرض وارتفع. الرهوة: مستنقع الماء. النزع: مأخوذ من نزع الماتح بالدلو من البئر. [3] الملة: الرماد الحار والجمر. [4] البيت لعمرو بن كلثوم من معلقته في شرح القصائد السبع 407، وشرح القصائد العشر 350، والمقاييس 1/234. [5] وردت هذه الفقرة محرفة في ربيع الأبرار 5/473- 474. [6] الصياصي: جمع صيصية: وهو الشوكة التي يستعملها الحائك. [7] ربيع الأبرار 5/474.

1959 -[حكاية الإنسان للأصوات وغيرها]

والكاعاني، وهو اسم الذي يتجنّن أو يتفالج فالج الرّعدة والارتعاش، فإنّه يحكي من صرع الشّيطان، ومن الإزباد، ومن النّفضة، ما ليس [يصدر] [1] عنهما. وربّما جمعهما في نقاب واحد، فأراك الله تعالى [منه] [1] مجنونا مفلوجا يجمع الحركتين جميعا بما لا يجيء من طباع المجنون. 1959-[حكاية الإنسان للأصوات وغيرها] والإنسان العاقل وإن كان لا يحسن يبني كهيئة وكر الزّنبور، ونسج العنكبوت، فإنه إذا صار إلى حكاية أصوات البهائم وجميع الدوابّ وحكاية العميان والعرجان؛ والفأفأء، وإلى أن يصوّر أصناف الحيوان بيده، بلغ من حكايته الصّورة والصوت والحركة ما لا يبلغه المحكيّ. 1960-[الحركات العجيبة للإنسان] [2] وفي النّاس من يحرّك أذنيه من بين سائر جسده، وربّما حرّك إحداهما قبل الأخرى. ومنهم من يحرّك شعر رأسه، كما أنّ منهم من يبكي إذا شاء، ويضحك إذا شاء. وخبّرني بعضهم أنّه رأى من يبكي بإحدى عينيه، وبالتي يقترحها عليه الغير. وحكى المكّي عن جوار باليمن. لهنّ قرون مضفورة من شعر رؤوسهن، وأنّ إحداهنّ تلعب وترقص على إيقاع موزون، ثمّ تشخص قرنا من تلك القرون، ثمّ تلعب وترقص، ثمّ تشخص من تلك الضّفائر المرصّعة واحدة بعد أخرى، حتّى تنتصب كأنها قرون أوابد في رأسها. فقلت له: فلعلّ التّضفير والترصيع أن يكون شديد الفتل ببعض الغسل [3] والتّلبيد، فإذا أخرجته بالحركة التي تثبتها في أصل تلك الضفيرة شخصت. فلم أره ذهب إلى ذلك، ورأيته يحقّقه ويستشهد بأخيه. 1961-[حذر الذئب عند نومه] وتزعم الأعراب أنّ الذّئب ينام بإحدى عينيه، ويزعمون أنّ ذلك من حاقّ الحذر [4] . وينشد شعر حميد بن ثور الهلاليّ، وهو قوله [5] : [من الطويل]

_ [1] إضافة يقتضيها السياق. [2] وردت هذه الفقرة باختصار في ربيع الأبرار 5/474. [3] الغسل: ما يغسل به الرأس. [4] حاق الحذر: شدته. [5] ديوان حميد بن ثور 105، وثمار القلوب (508) ، وديوان المعاني 2/134، والخزانة 4/292، والمقاصد النحوية 1/562، وربيع الأبرار 5/418.

1962 -[قولهم: أسمع من قنفذ ومن دلدل]

ينام بإحدى مقلتيه ويتّقي ال ... منايا بأخرى فهو يقظان هاجع وأنا أظنّ هذا الحديث في معنى ما مدح به تأبّط شرّا [1] : [من الطويل] إذا خاط عينيه كرى النّوم لم يزل ... له كالئ من قلب شيحان فاتك ويجعل عينيه ربيئة قلبه ... إلى سلّة من حدّ أخضر باتك 1962-[قولهم: أسمع من قنفذ ومن دلدل] ويقال: «أسمع من قنفذ» [2] ، وقد ينبغي أن يكون قولهم: «أسمع من الدّلدل» من الأمثال المولّدة. 1963-[المتقاربات من الحيوان] وفرق ما بين القنفذ والدّلدل، كفرق ما بين الفأر والجرذان، والبقر والجواميس، والبخاتيّ والعراب، والضّأن والمعز، والذّر والنّمل، والجواف والأسبور [3] ، وأجناس من الحيّات، وغير ذلك؛ فإنّ هذه الأجناس منها ما يتسافد ويتلاقح، ومنها ما لا يكون ذلك فيها. 1964-[أمثال في الخنفساء] ويقال [4] : «إنّه لأفحش من فاسية» وهي الخنفساء؛ لأنّها تفسو في يد من مسّها. وقال بعضهم: إنّه عنى الظّربان؛ لأنّ الظّربان يفسو في وسط الهجمة [5] ، فتتفرّق الإبل فلا تجتمع إلا بالجهد الشّديد. ويقال: «ألجّ من الخنفساء» [6] . وقال خلف الأحمر وهو يهجو رجلا [7] : [من المتقارب] ألجّ لجاجا من الخنفساء ... وأزهى إذا ما مشى من غراب

_ [1] تقدم البيتان ص 449. [2] مجمع الأمثال 1/355، والمستقصى 1/174، والدرة الفاخرة 1/218. [3] الجواف والأسبور: ضرب من السمك. انظر ما تقدم في 3/127، الفقرة (721) . [4] تقدمت هذه الفقرة في 3/243، الفقرة (907) . [5] الهجمة: القطعة الضخمة من الإبل، قيل هي من الأربعين إلى ما دوين المائة، وقيل غير ذلك. انظر اللسان «هجم» . [6] جمهرة الأمثال 2/180، والمستقصى 1/308، ويروى (ألح من الخنفساء) في مجمع الأمثال 2/250، والدرة الفاخرة 2/369. [7] تقدم البيت في 3/243. الفقرة (702) .

1965 -[رجز في الضبع]

1965-[رجز في الضبع] وأنشد أبو الرّديني، عن عبد الله بن كراع، أخي سويد بن كراع، في الضّبع: [من الرجز] من يجن أولاد طريف رهطا ... مردا أوله شمطا [1] رأى عضاريط طوالا ثطّا ... كأضبع مرط هبطن هبطا [2] ثم يفسّين هزيلا مرطا ... إنّ لكم عندي هناء لعطا [3] خطما على آنفكم وعلطا [4] 1966-[تأويل رؤيا أبي مجيب] وحكى أبو مجيب، ما أصابه من أهله، ثمّ قال: وقد رأيت رؤيا عبّرتها: رأيت كأني طردت أرنبا فانجحرت، فحفرت عنها حتّى استخرجتها، فرجوت أن يكون ذلك ولدا أرزقه، وإنه كانت لي ابنة عمّ هاهنا، فأردت أن أتزوّجها؛ فما ترى؟ قلت: تزوّجها على بركة الله تعالى. ففعل؛ ثمّ استأذنني أن يقيم عندنا أيّاما؛ فأقام ثم أتاني فقلت: لا تخبرني بشيء حتى أنشدك. ثمّ أنشدته هذه الأبيات [5] : [من الرجز] يا ليت شعري عن أبي مجيب ... إذ بات في مجاسد وطيب [6] معانقا للرّشأ الرّبيب ... أأقحم الحفار في القليب أم كان رخوا يابس القضيب قال: بلى كان والله رخوا يابس القضيب، والله لكأنّك كنت معنا ومشاهدنا! 1967-[خصال الفهد] فأمّا الفهد؛ فالذي يحضرنا من خصاله أنّه يقال إن عظام السّباع تشتهي ريحه [7] ، وتستدلّ برائحته على مكانه وتعجب بلحمه أشدّ العجب. وقد يصاد بضروب، منها الصّوت الحسن؛ فإنّه يصغي إليه إصغاء حسنا. وإذا

_ [1] مردا: جمع أمرد، شمطا، جمع أشمط: وهو الذي اختلط سواد شعره في بياضه. [2] العضاريط: الخدم والتباع. الثط: جمع أثط؛ وهو القليل شعر اللحية. أضبع: جمع ضبع. مرط: جمع أمرط؛ وهو الخفيف شعر الجسد والحاجبين. هبطن: هزلن. [3] يهجوهم بضعف الفساء. الهناء: ضرب من القطران تطلى به الإبل. اللعط: الكي بالنار. [4] خطمه بالسيف: ضربه وسط أنفه. [5] الرجز الأغاني 5/349. [6] المجاسد: جمع مجسد؛ وهو الثوب المصبوغ بالجساد أي الزعفران. [7] تقدم في 4/الفقرة (228) : «والسباع تشتهي رائحة الفهود، والفهد يتغيب عنها..» .

1968 -[أرجوزة في صفة الفهد]

اصطادوا المسنّ كان أنفع لأهله في الصّيد من الجرو الذي يربّونه؛ لأنّ الجرو يخرج خبّا، ويخرج المسنّ على التأديب صيودا غير خبّ ولا مواكل [1] في صيده. وهو أنفع من صيد كلّ صائد، وأحسن في العين. وله فيه تدبير عجيب. وليس شيء في مثل جسم الفهد إلّا والفهد أثقل منه، وأحطم لظهر الدابَّة التي يرقى على مؤخّرها [2] . والفهد أنوم الخلق، [وليس نومه كنوم الكلب؛ لأن الكلب نومه نعاس واختلاس] [3] ، والفهد نومه مصمت [4] : قال أبو حيّة النّميري [5] : [من البسيط] بعذاريها أناسا نام حلمهم ... عنّا وعنك وعنها نومة الفهد وقال حميد بن ثور الهلاليّ [6] : [من الطويل] ونمت كنوم الفهد عن ذي حفيظة ... أكلت طعاما دونه وهو جائع 1968-[أرجوزة في صفة الفهد] وقال الرقاشيّ في صفة الفهد [7] : [من الرجز] قد أغتدي واللّيل أحوى السّدّ ... والصّبح في الظّلماء ذو تهدّي [8] مثل اهتزاز العضب ذي الفرند ... بأهرت الشّدقين ملتئد [9] أزبر مضبور القرا علّكد ... طاوي الحشا في طيّ جسم معد [10] كزّ البراجيم هصور الجدّ ... برامز ذي نكت مسودّا [11]

_ [1] الخب: الخدّاع والخبيث. [2] المواكل: الثقيل ذو البطء والبلادة. [3] ثمار القلوب: (694) . [4] التكملة من ثمار القلوب (694) ، ومجمع الأمثال 2/355، في المثل «أنوم من فهد» ، وانظر ربيع الأبرار 5/419. [5] ديوان أبي حية النميري 472. [6] ديوان حميد بن ثور 105، وثمار القلوب (595) . [7] الأرجوزة لأبي نواس في ديوانه 622- 663، والأنوار 2/158- 159. [8] الأحوى: الأسود، السد: السحاب الأسود؛ والوادي فيه حجارة وصخور يبقى الماء فيه زمنا. [9] العضب: السيف. الأهرت: الواسع. [10] الأزبر: القوي. المضبور: المكتنز لحما. القرا: الظهر. العلكد: الضخم. المعد: الغليظ الضخم. [11] رواية الديوان: (كره الرّوا، جمّ غضون الخدّ ... دلامز ذي نكف مسودّ) . وفي الأنوار: (كرّ الرّواجمّ غضون الجلد ... دلامز ذي نكب مسود) . الكز: الصلب الشديد اليابس. البراجيم: جمع برجمة؛ وهي مفاصل الأصابع. ورواية الديوان «الروا» أي الماء الكثير المروي. الهصور: من الهصر؛ وهو الافتراس والكسر. ورواية الديوان والأنوار «غضون» وهي التجاعيد. «دلامز» : قوي ماض. «النكف» : غدد صغار في أصل اللحى.

وشجر لحيين ونحر ورد ... شرنبث أغلب مصمعدّ [1] كالليث إلّا نمرة في الجلد ... للشبح الحائل مستعدّ [2] حتّى إذا عاين بعد الجهد ... على قطاة الرّدف ردف العبد [3] سربين عنا بجبين صلد ... وانقضّ يأدو غير مجرهدّ [4] في ملهب منه وختل إدّ ... مثل انسياب الحيّة العربدّ [5] وقوله: «مثل انسياب الحيّة العربدّ» ، هذه الحيّة عين الدابّة التي يقال لها العربد. وقد ذكرها مالك بن حريم في [قوله] [6] لعمرو بن معد يكرب: [من م. الكامل] يا عمرو لو أبصرتني ... لرفوتني في الخيل رفوا [7] والييض تلمع بينهم ... تعصو بها الفرسان عصوا [8] فلقيت مني عربدا ... يقطو أمام الخيل قطوا [9] لا رأيت نساءهم ... يدخلن تحت البيت حبوا وسمعت زجر الخيل في ... جوف الظّلام هبي وهبوا [10] في فيلق ملمومة ... تسطو على الخبرات سطوا [11] وقال الرّقاشي أيضا في الفهد: [من الرجز] لما غدا للصّيد آل جعفر ... رهط رسول الله أهل المفخر

_ [1] الشرنبث: الغليظ الكتفين والرجلين. المصمعد: المنطلق انطلاقا سريعا؛ والأسد. [2] النمرة: النكتة من أي لون كانت. [3] القطاة: مقعد الردف من الدابة خلف الفارس. [4] عنّا: ظهرا،. الصلد: القوي. يأدو: يختل. المجرهد: المسرع المستمر في السير. [5] المهلب: العدو السريع الذي يثير الغبار. الختل: الخداع. الإد: العجيب. العربد: الشديد من كل شيء. [6] إضافة يقتضيها السياق، والأبيات التالية في لباب الآداب 203. [7] رفاه: سكنه من الرعب. [8] البيض: السيوف. عصاه بالسيف: ضربه به. [9] قطا يقطو: تقارب مشيه من النشاط. [10] هبي: زجر للخيل، أي توسعي وباعدي. [11] الفيلق: الكتيبة العظيمة. الملمومة: المجتمعة. تسطو: تسرع الخطو. الخبرات: جمع خبرة، وهي الأرض كثر خبارها، والخبار: ما استرخى من الأرض وتخفى.

1969 -[نعت ابن أبي كريمة للفهد]

بفهدة ذات قرا مضبّر ... وكاهل باد وعنق أزهر [1] ومقلة سال سواد المحجر ... منها إلى شدق رحاب المفغر [2] وذنب طال وجلد أنمر ... وأيطل مستأسد غضنفر [3] وأذن مكسورة لم تجبر ... فطساء فيها رحب في المنخر [4] مثل وجار التتفل المقوّر ... أرثها إسحاق في التعذر [5] منها على الخدّين والمعذّر [6] 1969-[نعت ابن أبي كريمة للفهد] وقال ابن أبي كريمة في صفة الفهد [7] : [من الطويل] كأنّ بنات القفر حين تشعّبت ... غدوت عليها بالمنايا الشواعب بذلك نبغي الصيد طورا وتارة ... بمخطفة الأحشاء رحب التّرائب موقّفة الأذناب، نمر ظهورها ... مخطّطة الآماق غلب الغوارب مولّعة فطح الجباه عوابس ... تخال على أشداقها خطّ كاتب فوارس ما لم تلق حربا ورجلة ... إذا آنست بالبيد شهب الكتائب تضاءل حتّى ما تكاد تبينها ... عيون لدى الصّرّات غير كواذب توسّد أجياد الفرائس أذرعا ... مرمّلة تحكي عناق الحبائب 1970-[ما يضاف إلى اليهود من الحيوان] قال [8] : والصبيان يصيحون بالفهد إذا رأوه: يا يهوديّ! وقد عرفنا مقالهم في الجرّيّ [9] .

_ [1] القر: الظهر، المضبر: المكتنز لحما. الباد: الكثير اللحم. الأزهر: الأبيض. [2] المفغر: المفتح. فغرفاه: فتحه. [3] الأيطل: الخاصرة. [4] الفطس: انخفاض قصبة الأنف. [5] التتفل: الثعلب. المقور: الموسع. [6] المعذر: المقذ، وهو أصل الأذن. [7] تقدمت الأبيات في 2/446، وهي في الحماسة البصرية 2/345، ونهاية الأرب 9/266. [8] ربيع الأبرار 5/420. [9] الجرّي ضرب من السمك، وانظر ما تقدم في 1/154؛ س 7، 196، 203، 6/356.

1971 -[ذئب يوسف]

والعامّة تزعم أن الفأرة كانت يهوديّة سحّارة [1] ، والأرضة يهودية أيضا عندهم؛ ولذلك يلطّخون الأجذاع بشحم الجزور [2] . والضبّ يهوديّ؛ ولذلك قال بعض القصّاص لرجل أكل ضبّا: اعلم أنّك أكلت شيخا من بني إسرائيل [3] . ولا أراهم يضيفون إلى النّصرانية شيئا من السّباع والحشرات. 1971-[ذئب يوسف] [4] ولذلك قال أبو علقمة: كان اسم الذئب الذي أكل يوسف رجحون [5] . فقيل له: فإنّ يوسف لم يأكله الذّئب، وإنما كذبوا على الذّئب؛ ولذلك قال الله عزّ وجلّ: وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ [6] . قال: فهذا اسم للذئب الذي لم يأكل يوسف. فينبغي أن يكون ذلك الاسم لجميع الذّئاب، لأنّ الذئاب كلها لم تأكله. 1972-[زعم المجوس في لبس أعوان بشوتن] وتزعم المجوس أنّ بشوتن الذي ينتظرون خروجه، ويزعمون أنّ الملك يصير إليه، يخرج على بقرة ذات قرون. ومعه سبعون رجلا عليهم جلود الفهود، لا يعرف هرّا ولا برّا [7] حتى يأخذ جميع الدنيا. 1973-[الهرّ والبرّ] وكذلك إلغازهم في الهرّ والبرّ. وابن الكلبي يزعم عن الشّرقي بن القطاميّ، أن الهرّ السنّور، والبرّ الفارة [8] .

_ [1] تقدم في 1/196 أنها كانت طحانة. وأخرج البخاري في بدء الخلق، حديث رقم 3129: (عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: فقدت أمة من بني إسرائيل لا يدرى ما فعلت، وإني لا أراها إلا الفأر» . [2] ربيع الأبرار 5/471. [3] ربيع الأبرار 5/468، وتقدم في ص 356. [4] ثمار القلوب (108) ، والعقد الفريد 6/156. [5] في ثمار القلوب «رغمون» ، وفي العقد «هملاج» . [6] 18/يوسف: 12. [7] هذا القول من الأمثال في مجمع الأمثال 2/269، والمستقصى 2/337، وفصل المقال 515، وجمهرة الأمثال 2/376. وفي هذا المثل خمسة أقوال: أحدها أن الهر: السنور، والبر: الفأرة، والثاني: أن الهر: الهرهرة؛ وهو صوت الضأن، والبرّ: البربرة؛ وهو صوت المعزى. والثالث أنّ البرّ: دعاء الغنم، والهرّ: سوقها، والرابع أن البرّ: اللطف، والهرّ: العقوق، والخامس أن البرّ: الإكرام، والهرّ: الخصومة. [8] انظر الحاشية السابقة.

1974 -[جوارح الملوك]

1974-[جوارح الملوك] والباز والفهد من جوارح الملوك. والشاهين، والصّقر، والزّرّق، واليؤيؤ [1] . وليس ترى شريفا يستحسن حمل البازي- لأنّ ذلك من عمل البازيار [2]- ويستهجن حمل الصّقور والشواهين وغيرها من الجوارح، وما أدري علّة ذلك إلا أنّ الباز عندهم أعجميّ، والصّقر عربيّ. 1975-[العقعق] ومن الحيوان الذي يدرّب فيستجيب ويكيس وينصح العقعق، فإنّه يستجيب من حيث تستجيب الصّقور. ويزجر فيعرف ما يراد منه ويخبأ الحلي فيسأل عنه ويصاح به فيمضي حتى يقف بصاحبه على المكان الذي خبّأه فيه، ولكن لا يلزم البحث عنه [3] . وهو مع ذلك كثيرا ما يضيع بيضه وفراخه. 1976-[الحيوانات التي تخبئ الدراهم والحلي] وثلاثة أشياء تخبّي الدّراهم والحلي، وتفرح بذلك من غير انتفاع به، منها [4] : العقعق؛ ومنها ابن مقرض: دويبة آلق من ابن عرس؛ وهو صعب وحشيّ، يحبّ الدّراهم، ويفرح بأخذها، ويخبيها، وهو مع ذلك يصيد العصافير صيدا كثيرا، وذلك أنّه يؤخذ فيربط بخيط شديد الفتل، ويقابل به بيت العصفور، فيدخل عليه فيأخذه وفراخه، ولا يقتلها حتى يقتلها الرّجل، فلا يزال كذلك ولو طاف به على ألف جحر. فإذا حلّ خيطه ذهب ولم يقم. وضرب من الفار يسرق الدّراهم والدنانير والحلي ويفرح به ويظهره ويغيّبه في الجحر وينظر إليه ويتقلّب عليه. 1977-[ذنب الوزغة] قال [5] : وخطب الأشعث فقال: «أيّها الناس إنه ما بقي من عدوّكم إلا كما بقي

_ [1] اليؤيؤ: طائر شبيه بالباشق، من جوارح الطير. [2] البازيار: القائم بأمر البازي. [3] ربيع الأبرار 5/458. [4] ربيع الأبرار 5/457. [5] ربيع الأبرار 5/470.

1978 -[أشد الحيوان احتمالا للطعن والبتر]

من ذنب الوزغة تضرب به يمينا وشمالا ثم لا تلبث أن تموت» فمر به رجل من قشير فسمع كلامه فقال: قبّح الله تعالى هذا ورأيه، يأمر أصحابه بقلّة الاحتراس، وترك الاستعداد! وقد يقطع ذنب الوزغة من ثلثها الأسفل، فتعيش إن أفلتت من الذّرّ. 1978-[أشد الحيوان احتمالا للطعن والبتر] وقد تحتمل الخنافس والكلاب من الطّعن الجائف، والسّهم النّافذ؛ ما لا يحتمل مثله شيء. والخنفساء أعجب من ذلك وكفاك بالضّبّ! والجمل يكون سنامه كالهدف، فيكشف عنه جلده في المجهدة [1] ؛ ثمّ يجتث من أصله بالشّفار، ثمّ تعاد عليه الجلدة ويداوى فيبرأ، ويحتمل ذلك، وهو أعجب في ذلك من الكبش في قطع أليته من أصل عجب ذنبه، وهي كالتّرس، وربما فعل ذلك به وهو لا يستطيع أن يقلّ أليته [2] إلّا بأداة تتّخذ. ولكنّ الألية على كلّ حال طرف زائد، والسّنام قد طبّق على جميع ما في الجوف. 1979-[زكن إياس] [3] ونظر إياس بن معاوية في الرّحبة بواسط إلى آجرّة، فقال: تحت هذه الآجرّة دابّة: فنزعوا الآجرّة فإذا تحتها حيّة متطوّقة. فسئل عن ذلك، فقال لأنّي رأيت ما بين الآجرّتين نديّا من جميع تلك الرّحبة، فعلمت أن تحتها شيئا يتنفّس. 1980-[هداية الكلاب في الثلوج] وإذا سقط الثّلج في الصحارى صار كلّه طبقا واحدا، إلّا ما كان مقابلا لأفواه جحرة الوحش والحشرات؛ فإنّ الثّلج في ذلك المكان ينحسر ويرقّ لأنفسها من أفواهها ومناخرها ووهج أبدانها [4] ، فالكلاب في تلك الحال يعتادها الاسترواح حتى تقف بالكلّابين على رؤوس المواضع التي تنبت الإجردّ والقصيص [5] ، وهي التربة التي تنبت الكمأة وتربّيها.

_ [1] المجهدة: الإعسار، والحال الشاقة. [2] يقل: يرفع. [3] الخبر في ثمار القلوب (183) ، وأخبار الأذكياء 69، وبهجة المجالس 1/422، والوافي بالوفيات 9/466. [4] تقدم مثل هذا الكلام في 2/315، س 4. [5] الإجرد: نبت يدل على الكمأة. والقميص: شجر تنبت في أصله الكمأة.

1981 -[تعرف مواضع الكمأة]

1981-[تعرّف مواضع الكمأة] وربما كانت الواحدة كالرّمانة الفخمة، ثم تتخلّق من [غير] [1] بزر، وليس لها عرق تمصّ به من قوى تلك الأرض، ولكنها قوى اجتمعت من طريق الاستحالات، كما ينطبخ في أعماق الأرض، من جميع الجواهر وليس لها بدّ من تربة ذلك من جوهرها، ولا بدّ لها من وسميّ [2] . فإذا صار جانيها إلى تلك المواضع- ولا سيما إن كان اليوم يوما لشمسه وقع [3]- فإنه إذا أبصر الإجردّ والقصيص استدلّ على مواضعها بانتفاخ الأرض وانصداعها. وإذا نظر الأعرابيّ إلى موضع الانتفاخ يتصدّع في مكانه فكان تفتّحه في الحالات مستويا، علم أنّه كمأة؛ وإن خلط في الحركة والتصدّع علم أنّه دابّة، فاتّقى مكانّها.

_ [1] إضافة يقتضيها السياق. [2] الوسمي: مطر أول الربيع، وهو أوان الكمأة. [3] الوقع: الشدة.

باب نوادر وأشعار وأحاديث

باب نوادر وأشعار وأحاديث قال الشّاعر [1] : [من م. الكامل] وعصيت أمر ذوي النّهى ... وأطعت رأي ذوي الجهاله فاحتلت حين صرمتني ... والمرء يعجز لا المحاله [والعبد يقرع بالعصا ... والحرّ تكفيه المقاله] [2] وقال بشّار [3] : [من الرجز] وصاحب كالدّمّل الممدّ ... حملته في رقعة من جلدي الحرّ يلحى والعصا للعبد ... وليس للملحف مثل الرّدّ وقال خليفة الأقطع [4] : [من م. الكامل] العبد يقرع بالعصا ... والحرّ تكفيه الملامه

_ [1] الأبيات لأبي دؤاد في ديوانه 332، وانظر اللسان 11/187 (حول) ، والبيان 3/37. [2] إضافة من ديوانه والبيان. [3] الرجز لبشار في طبقات ابن المعتز 26، والثالث والرابع في البيان 3/37، والمختار من شعر بشار 223. [4] البيت ليزيد بن مفرغ في ديوانه 215، والأغاني 18/261، وأمالي الزجاجي 29، والبيان 3/37، والوساطة 196، والمختار من شعر بشار 223، واللسان والتاج (عصا) .

باب من القول في العرجان

باب من القول في العرجان قال رجل من بني عجل [1] : [من الطويل] وشى بي واش عند ليلى سفاهة ... فقالت له ليلى مقالة ذي عقل وخبّرها أنّي عرجت فم تكن ... كورهاء تجترّ الملامة للبعل [2] وما بي من عيب الفتى غير أنّني ... جعلت العصا رجلا أقيم بها رجلي وقال أبو حيّة في مثل ذلك [3] : [من البسيط] وقد جعلت إذ ما قمت، يوجعني ... ظهري فقمت قيام الشّارب السّكر وكنت أمشي على رجلين معتدلا ... فصرت أمشي على أخرى من الشجر وقال أعرابيّ من بني تميم [4] : [من الطويل] وما بي من عيب الفتى غير أنّني ... ألفت قناتي حين أوجعني ظهري وكان بنو الحدّاء عرجانا كلّهم، فهجاهم بعض الشّعراء فقال [5] : [من البسيط] لله درّ بني الحدّاء من نفر ... وكلّ جار على جيرانه كلب إذا غدوا وعصيّ الطّلح أرجلهم ... كما تنصّب وسط البيعة الصّلب وإنّما شبه أرجلهم بعصيّ الطّلح؛ لأنّ أغصان الطلح تنبت معوجّة. لذلك قال معدان الأعمى [6] : [من الخفيف] والذي طفّف الجدار من الذّع ... ر وقد بات قاسم الأنفال [7] فغدا خامعا بأيدي هشيم ... وبساق كعود طلح بال [8]

_ [1] الأبيات في البيان 3/76، والبرصان 249- 250،. والثالث في عيون الأخبار 4/67. [2] الورهاء: الحمقاء. تجتر: تجتلب. [3] ديوان أبي حية النميري 186، والأمالي 2/163، والبيان 3/76، والبرصان. 133، 249، والخصائص 1/207، وعيون الأخبار 4/68. [4] البيت في البيان 3/76، وعيون الأخبار 67. [5] البيتان لبشر بن أبي خازم في البيان 3/75، والبرصان 229، وديوانه 227، وتقدما في 1/208 بلا نسبة. [6] البيتان لمعدان الأعمى أبي السري الشميطي في البرصان 231، والبيان 3/75، وانظر ما تقدم في 2/392- 393، الفقرة (454) ، والحاشية الثالثة في 2/392. [7] طفف الجدار: رفعه. الأنفال: الغنائم. [8] الخامع: الأعرج. الهشيم: الشجر اليابس.

1982 -[عصا الحكم بن عبدل]

وله حديث. 1982-[عصا الحكم بن عبدل] وكان الحكم بن عبدل أعرج، وكان بعد هجائه لمحمد بن حسّان بن سعد لا يبعث إلى أحد بعصاه التي يتوكأ عليها وكتب عليها حاجته إلّا قضاها كيف كانت، فدخل على عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، وهو أمير الكوفة، وكان أعرج، وكان صاحب شرطته أعرج- فقال ابن عبدل [1] : [من الكامل] ألق العصا ودع التّعارج والتمس ... عملا فهذي دولة العرجان فأميرنا وأمير شرطتنا معا ... يا قومنا لكليهما رجلان فإذا يكون أميرنا ووزيره ... وأنا فإنّ الرّابع الشيطان وقال آخر ووصف ضعفه وكبر سنّه [2] : [من الكامل] آتي النديّ فلا يقرّب مجلسي ... وأقود للشرف الرفيع حماريا 1983-[عرجان الشعراء] وكان من العرجان والشعراء أبو ثعلب، وهو كليب بن أبي الغول. ومنهم أبو مالك الأعرج. وفي أحدهما يقول اليزيدي [3] : [من الطويل] أبو ثعلب للناطفيّ مؤازر ... على خبثه والناطفيّ غيور وبالبغلة الشهباء رقّة حافر ... وصاحبنا ماضي الجنان جسور ولا غرو أن كان الأعيرج آرها ... وما الناس إلا آير ومئير 1984-[البدء والثّنيان] وقال الشاعر [4] : [من البسيط]

_ [1] الأبيات مع الخبر السابق في الأغاني 2/406، والبيان 3/76، والبرصان 210، وعيون الأخبار 4/67. [2] البيت في البيان 3/263، والبرصان 133، واللسان والتاج (شرف) ، والقافية في الأخيرين (حماري) . [3] الأبيات في اللسان والتاج (أرر، أير) ، والتنبيه والإيضاح 2/81، والثالث في البرصان 220. [4] البيت لأوس بن مغراء في اللسان والتاج (بدأ، ثنى) ، والتنبيه والإيضاح 1/6، والتهذيب 14/205، 15/136، والمخصص 2/159، 15/138، والمجمل 1/248، 4/369، والأمالي 2/176، والعمدة 1/118، وبلا نسبة في العين 8/244، والمقاييس 1/213، 391.

أحاديث من أعاجيب المماليك

تلقى ثنانا إذا ما جاء بدأهم ... وبدؤهم إن أتانا كان ثنيانا فالبدء أضخم السّادات؛ يقال ثنى وثنيان، وهو اسم واحد. وهو تأويل قول الشّاعر [1] : [من الوافر] يصدّ الشّاعر الثّنيان عنّي ... صدود البكر عن قرم هجان [2] لم يمدح نفسه بأن لا يغلب الفحل وإنّما يغلب الثّنيان. وإنما أراد أن يصغّر بالذي هجاه، بأنه ثنيان، وإن كان عند نفسه فحلا وأمّا قول الشّاعر [3] : [من الوافر] ومن يفخر بمثل أبي وجدّي ... يجئ قبل السّوابق وهو ثان فالمعنى ثان عنانه. أحاديث من أعاجيب المماليك - أتيت باب السّعداني، فإذا غلام له مليح بالباب كان يتبع دابّته، فقلت له: قل لمولاك، إن شئت بكرت إليّ، وإن شئت بكرت إليك. قال: أنا ليس أكلّم مولاي- ومعي أبو القنافذ- فقال أبو القنافذ: ما نحتاج مع هذا الخبر إلى معاينة. - وقال أبو البصير المنجّم، وهو عند قثم بن جعفر، لغلام له مليح صغير السّنّ: ما حبسك يا حلقيّ؟ والحلقيّ: المخنث- ثمّ قال: أما والله لئن قمت إليك يا حلقيّ لتعلمنّ! فلمّا أكثر عليه من هذا الكلام بكى وقال: أدعو الله على من جعلني حلقيّا. - حدّثني الحسن بن المرزبان قال: كنت مع أصحاب لنا، إذ أتينا بغلام سنديّ يباع، فقلت له: أشتريك يا غلام؟ فقال: حتّى أسأل عنك! - قال المكّي: وأتي المثنّى بن بشر بسنديّ ليشتريه على أنّه طبّاخ، فقال له المثنى: كم تحسن يا غلام من لون؟ فلم يجبه؛ فأعاد عليه، وقال: يا غلام كم تحسن من لون؟ فكلّم غيره وتركه؛ فقال المثنّى في الثالثة: ما له لا يتكلم؟ يا غلام، كم تحسن من لون؟ فقال السندي: كم تحسن من لون! كم تحسن من لون! وأنت

_ [1] ديوان النابغة الذبياني 112، والعمدة 1/118، 2/188. [2] البكر: الفتي من الإبل. القرم: الفحل من الإبل. الهجان: الأبيض. [3] البيت بلا نسبة في اللسان والتاج (ثني) ، والتهذيب 14/232، والعمدة 1/189.

لا تحسن ما يكفيك أنت؟ قال: حسبك الآن: ثم قال المثنّى للدّلّال: امض بهذا، عليه لعنة الله!. - وحدّثني ثمامة قال: جاءنا رجل بغلام سنديّ يزعم أنّه طباخ حاذق، فاشتريته منه، فلمّا أمرت له بالمال قال الرّجل: إنه قد غاب عنا غيبة، فإن اشتريته على هذا الشّرط، وإلّا فاتركه. فقلت للسندي: أكنت أبقت قطّ! قال: والله ما أبقت قطّ! فقلت: أنت الآن قد جمعت مع الإباق [1] الكذب! قال: كيف ذلك؟ قلت: لأنّ هذا الموضع لا يجوز أن يكذب فيه البائع. قال: جعلني الله تعالى فداءك! أنا والله أخبرك عن قصّتي: كنت أذنبت ذنبا كما يذنب هذا وهذا، جميع غلمان النّاس فحلف بكلّ يمين ليضربنّي أربعمائة سوط، فكنت ترى لي أن أقيم؟ قلت: لا والله! قال: فهذا الآن إباق؟ قلت لا. قال: فاشتريته فإذا هو أحسن النّاس خبزا وأطيبهم طبخا. وخبّرني رجل قال: قال رجل لغلام له ذات يوم: يا فاجر! قال: جعلني الله فداك، مولى القوم منهم! وزعم روح بن الطائفية- وكان روح عبدا لأخت أنس بن أبي شيخ، وكانت قد فوّضت إليه كلّ شيء من أمرها- قال: دخلت السّوق أريد شراء غلام طبّاخ، فبينا أنا واقف إذ جيء بغلام يعرض بعشرة دنانير، ويساوي على حسن وجهه وجودة قدّه، وحداثة سنّه، دون صناعته- مائة دينار. فلمّا رأيته لم أتمالك أن دنوت منه فقلت: ويحك أقلّ ثمنك على وجهك مائة دينار، والله ما يبيعك مولاك بعشرة دنانير إلّا وأنت شرّ الناس! فقال: أمّا لهم فأنا شرّ الناس، وأمّا لغيرهم فأنا أساوي مائة ومائة. قال: فقلت: التزيّن بجمال هذا وطيب طبخه يوما واحدا عند أصحابي خير من عشرة دنانير. فابتعته ومضيت به إلى المنزل، فرأيت من حذقه وخدمته، وقلّة تزيّده ما إن بعثته إلى الصّيرفي ليأتيني من قبله بعشرين دينارا، فأخذها ومضى على وجهه فو الله ما شعرت إلّا والنّاشد [2] قد جاءني وهو يطلب جعله، فقلت: لهذا وشبهه باعك القوم بعشرة دنانير! قال: لولا أنّي أعلم أنّك لا تصدّق يميني وكيف طرّت الدّنانير من ثوبي. ولكنّي أقول لك واحدة: احتبسني واحترس منّي، واستمتع بخدمتي، واحتسب أنّك كنت اشتريتني بثلاثين دينارا، قال: فاحتبسته لهواي فيه، وقلت لعلّه

_ [1] الإباق: هرب العبد من سيده. [2] الناشد: أراد به الجاحظ: المعرّف.

1985 -[أشعار حسان]

أن يكون صادقا. ثمّ رأيت والله من صلاحه وإنابته وحسن خدمته ما دعاني إلى نسيان جميع قصّته، حتى دفعت إليه يوما ثلاثين دينارا ليوصلها إلى أهلي، فلمّا صارت إلى يده ذهب على وجهه، فلم ألبث إلّا أيّاما حتى ردّه النّاشد، فقلت له: زعمت أنّ الدّنانير الأولى طرّت منك، فما قولك في هذه الثانية؟ قال: أنا، والله أعلم أنّك لا تقبل لي عذرا، فدعني خارج الدار، ولا تجاوز بي خدمة المطبخ؛ ولو كان الضّرب يردّ عليك شيئا من مالك لأشرت عليك به، ولكن قد ذهب مالك، والضّرب ينقص من أجرك؛ ولعلّي أيضا أموت تحت الضّرب فتندم وتأثم وتفتضح ويطلبك السلطان. ولكن اقتصر بي على المطبخ فإنّي سأسرّك فيه، وأوفره عليك. وأستجيد ما أشتريه وأستصلحه لك. وعدّ أنك اشتريتني بستّين دينارا! فقلت له: أنت لا تفلح بعد هذا! اذهب فأنت حرّ لوجه الله تعالى! فقال لي: أنت عبد فكيف يجوز عتقك. قلت فأبيعك بما عزّ أو هان! فقال: لا تبعني حتّى تعدّ طبّاخا، فإنّك إن بعتني لم تتغذّ غذاء إلّا بخبز وباقلاء. قال: فتركته ومرّت بعد ذلك أيام فبينا أنا جالس يوما إذ مرّت عليّ شاة لبون كريمة، غزيرة الدّرّ كنا فرّقنا بينها وبين عناقها فأكثرت في الثّغاء، فقلت كما يقول النّاس، وكما يقول الضّجر: اللهمّ العن هذه الشاة! ليت أنّ الله بعث إنسانا ذبحها أو سرقها، حتى نستريح من صياحها! قال: فلم ألبث إلّا بقدر ما غاب عن عيني، ثمّ عاد فإذا في يده سكّين وساطور وعليه قميص العمل، ثمّ أقبل عليّ فقال: هذا اللّحم ما نصنع به وأيّ شيء تأمرني به؟ فقلت: وأيّ لحم؟ قال: لحم هذه الشاة. قلت: وأيّما شاة؟ قال: التي أمرت بذبحها. قلت: وأي شاة أمرت بذبحها؟ قال: سبحان الله! أليس قد قلت السّاعة: ليت أن الله تعالى قد بعث إليها من يذبحها أو يسرقها، فلما أعطاك الله تعالى سؤلك صرت تتجاهل! قال روح: فبقيت والله لا أقدر على حبسه ولا على بيعه ولا على عتقه. 1985-[أشعار حسان] وقال مسكين الدّارميّ [1] : [من الطويل] إنّ أبانا بكر آدم، فاعلموا ... وحواء قرم ذو عثانين شارف [2] كأنّ على خرطومه متهافتا ... من القطن هاجته الأكفّ النوادف [3]

_ [1] ديوان مسكين الدارمي 53. [2] القرم: الفحل. العثانين: جمع عثنون، وهي شعيرات طوال تحت حنك البعير. الشارف: المسن من الإبل. [3] المتهافت: المتطاير المتساقط.

وللصّدأ المسودّ أطيب عندنا ... من المسك دافته الأكفّ الدوائف [1] ويصبح عرفان الدّروع جلودنا ... إذا جاء يوم مظلم اللّون كاسف تعلق في مثل السّواري سيوفنا ... وما بينها والكعب منّا تنائف [2] وكلّ ردينيّ كأنّ كعوبه ... قطا سابق مستورد الماء صائف [3] كأنّ هلالا لاح فوق قناته ... جلا الغيم عنه والقتام الحراجف [4] له مثل حلقوم النّعامة حلة ... ومثل القدامى ساقها متناصف [5] وقال أيضا مسكين الدّارميّ [6] : [من الرمل] وإذا الفاحش لاقى فاحشا ... فهناكم وافق الشّنّ الطبق [7] إنّما الفحش ومن يعتاده ... كغراب البين ما شاء نعق أو حمار السّوء إن أشبعته ... رمح النّاس وإن جاع نهق أو غلام السّوء إن جوّعته ... سرق الجار وإن يشبع فسق وقال ابن قيس الرقيات [8] : [من الخفيف] معقل القوم من قريش إذا ما ... فاز بالجهل معشر آخرونا لا يؤمّون في العشيرة بالسّو ... ء ولا يفسدون ما يصنعونا [9] وقال ابن قيس أيضا، واسمه عبد الله [10] : [من المنسرح] لو كان حولي بنو أميّة لم ... ينطق رجال إذا هم نطقوا إن جلسوا لم تضق مجالسهم ... أو ركبوا ضاق عنهم الأفق كم فيهم من فتى أخي ثقة ... عن منكبيه القميص منخرق تحبّهم عوّذ النّساء إذا ... ما احمرّ تحت القوانس الحدق [11]

_ [1] داف الطيب: خلطه. [2] التنائف: جمع تنوفة، وهي المفازة. [3] الرديني: الرمح المنسوب إلى ردينة. [4] القتام: الغبار. الحراجف: جمع حرجف، وهي الريح الباردة. [5] المتناصف: المتساوي المحاسن. [6] ديوان مسكين الدارمي 56. [7] إشارة إلى المثل «وافق شن طبقة» ، وانظر ما تقدم في ص 374. [8] ديوان ابن قيس الرقيات 197. [9] يؤمون: يقصدون. [10] ديوان ابن قيس الرقيات 72- 73. [11] العوذ: جمع عائذة؛ وهي التي تلجأ إلى غيرها تعتصم به. القوانس: جمع قونس، وهو أعلى بيضة الحديد. الحدق: العيون.

باب آخر في الشهب وفي استراق السمع

وأنكر الكلب أهله ورأى الشّرّ ... وطاح المروّع الفرق [1] وقال النابغة [2] : [من الكامل] سهكين من صدإ الحديد كأنّهم ... تحت السّنوّر جنّة البقّار وقال بشار بن برد: [من الطويل] يطيّب ريح الخيزرانة بينهم ... على أنّها ريح الدّماء تضوع [باب آخر في الشهب وفي استراق السمع] (سنقول في الشهب وفي استراق السمع [3] ) وإنّما تركنا جمعه في مكان واحد، لأنّ ذلك كان يطول على القارئ. ولو قد قرأ فضل الإنسان على الجانّ، والحجّة على من أنكر الجانّ- لم يستثقله، لأنّه حينئذ يقصد إليه على أنّه مقصور على هذا الباب، فإذا أدخلناه في باب القول في صغار الوحش، والسّباع، والهمج، والحشرات، فإذا ابتدأ القراءة على ذلك استطال كلّ قصير إذا كان من غير هذا المعنى. قالوا: زعمتم أنّ الله تعالى قال: وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ [4] ، وقال تعالى: وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ ، [5] وقال تعالى: وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ [4] ونحن لم نجد قطّ كوكبا خلا مكانه، فما ينبغي أن يكون واحد من جميع هذا الخلق، من سكّان الصحارى، والبحار. ومن يراعي النّجوم للاهتداء، أو يفكّر في خلق السموات أن يكون يرى كوكبا واحدا زائلا، مع قوله: وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ [4] . قيل لهم: قد يحرّك الإنسان يده أو حاجبه أو إصبعه، فتضاف تلك الحركة إلى كلّه، فلا يشكّون أنّ الكلّ هو العامل لتلك الحركة، ومتى فصل شهاب من كوكب، فأحرق وأضاء في جميع البلاد. فقد حكم كلّ إنسان بإضافة ذلك الإحراق إلى الكوكب. وهذا جواب قريب سهل. والحمد لله. ولم يقل أحد: إنّه يجب في قوله: وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ [4] أنّه يعني

_ [1] الفرق: الخائف. [2] ديوان النابغة الذبياني 56، وتقدم البيت مع الشرح والتخريج في ص 414. [3] انظر ما تقدم من القول في الشهب واستراق السمع ص 453- 462. [4] 15/الملك: 67. [5] 17/الحجر: 15.

الجميع. فإذا كان قد صحّ أنّه إنّما عنى البعض فقد عنى نجوم المجرّة، والنجوم التي تظهر في ليالي الحنادس؛ لأنّه محال أن تقع عين على ذلك الكوكب بعينه في وقت زواله حتّى يكون الله عزّ وجلّ لو أفنى ذلك الكوكب من بين جميع الكواكب الملتفّة، لعرف هذا المتأمّل مكانه، ولوجد مسّ فقده. ومن ظنّ بجهله أنّه يستطيع الإحاطة بعدد النّجوم فإنه متى تأمّلها في الحنادس، وتأمّل المجرّة وما حولها، لم يضرب المثل في كثرة العدد إلّا بها، دون الرّمل والتّراب وقطر السّحاب. وقال بعضهم: يدنو الشّهاب قريبا، ونراه يجيء عرضا لا منقضّا ولو كان الكوكب هو الذي ينقضّ لم ير كالخيط الدّقيق، ولأضاء جميع الدّنيا، ولأحرق كلّ شيء مما على وجه الأرض. قيل له: قد تكون الكواكب أفقيّة ولا تكون علوية؛ فإذا كانت كذلك فصل الشّهاب منها عرضا. وكذلك قال الله تعالى: إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ [1] وقال الله عزّ وجلّ: أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ [2] فليس لكم أن تقضوا بأنّ المباشر لبدن الشيطان هو الكوكب حتى لا يكون غير ذلك، وأنتم تسمعون الله تعالى يقول: فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ [1] والشّهاب معروف في اللغة، وإذا لم يوجب عليها ظاهر لفظ القرآن لم ينكر أن يكون الشّهاب كالخطّ أو كالسهم لا يضيء إلّا بمقدار، ولا يقوى على إحراق هذا العالم. وهذا قريب والحمد لله. وطعن بعضهم من جهة أخرى فقال: زعمتم أنّ الله تبارك وتعالى قال: وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ. لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ. دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ [3] وقال على سنن الكلام: إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ [4] قال: فكيف تكون الخطفة من المكان الممنوع؟ قيل له: ليس بممنوع من الخطفة، إذ كان لا محالة مرميّا بالشّهاب، ومقتولا، على أنّه لو كان سلم بالخطفة لما كان استفاد شيئا للتكاذيب والرّياسة. وليس كلّ من كذب على الله وادّعى النبوّة كان على الله تعالى أن يظهر تكذيبه، بأن يخسف به الأرض، أو ينطق بتكذيبه في تلك السّاعة. وإذا وجبت في العقول السّليمة ألّا يصدق في الأخبار لم يكن معه برهان. فكفى بذلك.

_ [1] 10/الصافات: 37. [2] 7/النمل: 27. [3] 7- 9/الصافات: 37. [4] 10/الصافات: 37.

1986 -[ما قيل من الشعر في إنقاص الصحة والحياة]

ولو كان ذلك لكان جائزا، ولكنّه ليس بالواجب. وعلى أنّ ناسا من النحويّين لم يدخلوا قوله تعالى: إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ ، [1] في الاستثناء، وقال: إنّما هو كقوله [2] : [من الكامل] إلّا كخارجة المكلّف نفسه ... وابني قبيصة أن أغيب ويشهدا [3] وقوله أيضا [4] : [من الكامل] إلّا كناشرة الذي كلّفتم ... كالغصن في غلوائه المتنبّت وقال الشاعر في باب آخر ممّا يكون موعظة له من الفكر والاعتبار. فمن ذلك قوله [5] : [من الطويل] مهما يكن ريب المنون فإنني ... أرى قمر اللّيل المعذّر كالفتى يكون صغيرا ثمّ يعظم دائبا ... ويرجع حتّى قيل قد مات وانقضى كذلك زيد المرء ثمّ انتقاصه ... وتكراره في إثره بعد ما مضى وقال آخر [6] : [من الطويل] ومستنبت لا باللّيالي نباته ... وما إن تلاقي ما به الشّفتان وآخر في خمس وتسع تمامه ... ويجهد في سبع معا وثمان الأوّل الطّريق والثاني القمر. 1986-[ما قيل من الشعر في إنقاص الصحة والحياة] وقال أبو العتاهية [7] : [من الرجز]

_ [1] 10/الصافات: 37. [2] البيت للأعشى في ديوانه 281، واللسان (قدد) ، وبلا نسبة في رصف المباني 203، وسر صناعة الإعراب 1/303، والمقتضب 4/418. [3] خارجة: رجل من بني شيبان. [4] البيت لعنز بن دجاجة في الكتاب 2/328، وله أو لمعاوية بن كاسر في شرح أبيات سيبويه 2/172، ولشهاب المازني في الأزهية 176، ولكابية بن حرقوص بن مازن في الخزانة 6/362، وبلا نسبة في رصف المباني 203، وسر صناعة 302، وشرح اختيارات المفضل 537، والمقتضب 4/416. [5] الأبيات لحسان السعدي في نوادر أبي زيد 111- 112، ولحنظلة بن أبي عفراء الطائي في معجم البلدان 2/506 (دير حنظلة) ، ولبعض شعراء طيئ في أمالي المرتضى 2/76، وتقدمت الأبيات في 3/230. [6] البيتان بلا نسبة في المخصص 9/28، وتهذيب الألفاظ 401. [7] ديوان أبي العتاهية 636، وعيون الأخبار 2/322، والسمط 104، والرسالة الموضحة 109، والبيان 1/154، والأشباه والنظائر للخالديين 1/39، والعقد الفريد 3/58، وتقدم في 3/231.

1987 -[أخبار في المرض والموت]

أسرع في نقض امرئ تمامه وقال عبد هند: [1] [من الطويل] فإنّ السّنان يركب المرء حدّه ... من العار أو يعدو على الأسد الورد وإنّ الذي ينهاكم عن طلابها ... يناغي نساء الحيّ في طرّة البرد يعلّل والأيّام تنقص عمره ... كما تنقص النّيران من طرف الزّند وفي أمثال العرب [2] : «كلّ ما أقام شخص، وكلّ ما ازداد نقص؛ ولو كان يميت النّاس الدّاء، لأعاشهم الدّواء» . وقال حميد بن ثور [3] : [من الطويل] أرى بصري قد رابني بعد صحّة ... وحسبك داء أن تصحّ وتسلما وقال النّمر بن تولب [4] : [من الطويل] يحبّ الفتى طول السّلامة والبقا ... فكيف ترى طول السّلامة يفعل 1987-[أخبار في المرض والموت] وقيل للموبذ: متى أبنك يعني أبنك قال: يوم ولد. وقال الشّاعر: [من الطويل] تصرّفت أطوارا أرى كلّ عبرة ... وكان الصّبا منّي جديدا فأخلقا وما زاد شيء قطّ إلا لنقصه ... وما اجتمع الإلفان إلّا تفرّقا وقيل لأعرابي في مرضه الذي مات فيه: أيّ شيء تشتكي؟ قال: تمام العدّة وانقضاء المدّة [5] !.

_ [1] الأبيات لعمرو بن عبد هند في البيان 3/34، ولعبد هند بن زيد التغلبي في الوحشيات 19، وتقدم الثانى والثالث في 3/230- 231. [2] البيان 1/154. [3] ديوان حميد بن ثور 7، والبيان 1/154، وعيون الأخبار 4/144، والوحشيات 288، والسمط 532. [4] ديوان النمر بن تولب 369، والبيان 1/154، والرسالة الموضحة 110، والوحشيات 288، وديوان المعاني 2/183. [5] الخبر في عيون الأخبار 3/49.

1988 -[شعر في الرثاء]

وقيل لأعرابي، في شكاته التي مات فيها: كيف تجدك؟ قال: أجدني أجد ما لا أشتهي، وأشتهي ما لا أجد [1] !. وقيل لعمرو بن العاص في مرضته التي مات فيها: كيف تجدك؟ قال: أجدني أذوب ولا أثوب [2] . وقال معمر: قلت لرجل كان معي في الحبس، وكان مات بالبطن: كيف تجدك؟ قال: أجد روحي قد خرجت من نصفي الأسفل، وأجد السّماء، مطبقة عليّ، ولو شئت أن ألمسها بيدي لفعلت، ومهما شككت فيه فلا أشكّ أنّ الموت برد ويبس، وأنّ الحياة حرارة ورطوبة. 1988-[شعر في الرثاء] وقال يعقوب بن الرّبيع في مرثية جارية كانت له [3] : [من الكامل] حتى إذا فتر اللّسان وأصبحت ... للموت قد ذبلت ذبول النّرجس رجع اليقين مطامعي يأسا كما ... رجع اليقين مطامع المتلمّس وقال يعقوب بن الربيع [4] : [من المتقارب] لئن كان قربك لي نافعا ... لبعدك قد كان لي أنفعا لأني أمنت رزايا الدّهور ... وإن جلّ خطب فلن أجزعا وقال أبو العتاهية [5] : [من الوافر] وكانت في حياتك لي عظات ... فأنت اليوم أوعظ منك حيّا وقال التيميّ: [من الوافر] لقد عزّى ربيعة أنّ يوما ... عليها مثل يومك لا يعود ومن عجب قصدن له المنايا ... على عمد وهنّ له جنود وقال صالح بن عبد القدّوس [6] : [من الخفيف]

_ [1] الخبر في البيان 1/210، وعيون الأخبار 3/49، وتقدم في 3/68، الفقرة (621) . [2] الخبر في عيون الأخبار 3/49، وتتمة الخبر: «وأجد نجوي أكثر من رزئي، فما بقاء الشيخ على هذا» . [3] البيتان من قصيدة في الكامل 2/370 (المعارف) . [4] البيتان في تاريخ بغداد 14/268. [5] ديوان أبي العتاهية 679، وتقدم البيت في 3/44، الفقرة (593) . [6] البيت في البخلاء 189، ونهاية الأرب 3/83.

1989 -[بعض المجون]

إن يكن ما أصبت فيه جليلا ... فذهاب العزاء فيه أجلّ ونظر بعض الحكماء إلى جنازة الإسكندر، فقال [1] : «إنّ الإسكندر كان أمس أنطق منه اليوم، وهو اليوم أوعظ منه أمس» . وقال غسان [2] : [من الكامل] ابيضّ منّي الرّأس بعد سواده ... ودعا المشيب حليلتي لبعاد واستنفد القرن الذي أنا منهم ... وكفى بذلك علامة لحصادي وقال أعرابي [3] : [من الرجز] إذا الرّجال ولدت أولادها ... واضطربت من كبر أعضادها وجعلت أسقامها تعتادها ... فهي زروع قد دنا حصادها وقال ضرار بن عمرو [4] : «من سرّه بنوه ساءته نفسه» . وقال عبد الرحمن بن أبي بكرة [5] . «من أحبّ طول العمر فليوطّن نفسه على المصائب» . وقال أخو ذي الرّمّة [6] : [من الطويل] ولم ينسني أوفى الملمّات بعده ... ولكنّ نكء القرح بالقرح أوجع 1989-[بعض المجون] وقال بعض المجّان [7] : [من الطويل] نرقّع دنيانا بتمزيق ديننا ... فلا ديننا يبقى ولا ما نرقّع

_ [1] ورد القول في الصناعتين 24، والبيان 1/81، والكامل 1/239 (المعارف) . [2] البيتان في البيان 3/195 لغسان خال الغدّار. [3] تقدم الرجز في 3/43، الفقرة (590) . [4] ورد القول في عيون الأخبار 2/320. [5] تقدم القول في 5/. [6] البيت لمسعود أخي ذي الرمة في الأغاني 18/4، والشعر والشعراء 337 (ليدن) ، ولهشام أخي ذي الرمة في الكامل 1/153 (المعارف) وشرح ديوان الحماسة للتبريزي 1/328، وبلا نسبة في أساس البلاغة (نكأ) ، والجمهرة 1105، والبيتان والتبيين 2/193. [7] البيت لإبراهيم بن أدهم العجلي في عيون الأخبار 2/330، والبيان 1/260، والعقد 2/115، ولعبد الله بن مبارك في التاج (رقع) ، وبلا نسبة في الأساس (رقع) .

1990 -[شعر في معنى الموت]

وسئل بعض المجّان: كيف أنت في دينك؟ قال: أخرّقه بالمعاصي، وأرقّعه بالاستغفار. 1990-[شعر في معنى الموت] وأنشدوا لعروة بن أذينة [1] : [من الوافر] نراع إذا الجنائز قابلتنا ... ويحزننا بكاء الباكيات كروعة ثلّة لمغاز سبع ... فلما غاب عادت راتعات [2] وقال أبو العتاهية [3] : [من الطويل] إذا ما رأيتم ميّتين جزعتم ... وإن لم تروا ملتم إلى صبواتها وقالت الخنساء [4] : [من البسيط] ترتع ما غفلت حتّى إذا ادّكرت ... فإنّما هي إقبال وإدبار وكان الحسن لا يتمثّل إلا بهذين البيتين، وهما: [من الطويل] يسرّ الفتى ما كان قدّم من تقى ... إذا عرف الدّاء الذي هو قاتله والبيت الآخر [5] : [من الخفيف] ليس من مات فاستراح بميت ... إنّما الميت ميّت الأحياء وكان صالح المرّيّ يتمثّل في قصصه بقوله [6] : [من المتقارب] فبات يروّي أصول الفسيل ... فعاش الفسيل ومات الرجل

_ [1] البيتان لعروة بن أذينة في البيان 3/201، وبلا نسبة في عيون الأخبار 3/62. [2] الثلة: جماعة الغنم. [3] ديوان أبي العتاهية 512، وأمالي المرتضى 2/75. [4] ديوان الخنساء 383، والخزانة 1/431، 2/34، وشرح أبيات سيبويه 1/282، والكتاب 1/337، واللسان (رهط، قبل، سوا) ، والمقتضب 4/305، والمنصف 1/197، والبيان 3/201، والبرصان 130، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/387، 4/68، وشرح الأشموني 1/213، وشرح المفصل 1/115، والمحتسب 2/43. [5] البيت لعدي بن الرعلاء في معجم الشعراء 86، والأصمعيات 152، وشرح المفصل 10/69، والحماسة الشجرية 1/195، والخزانة 9/583، والسمط 8/603، واللسان والتاج (موت) ، ولصالح بن عبد القدوس في حماسة البحتري 214، وبلا نسبة في شرح قطر الندى 234، وشرح شواهد المغني 2/936، ومغني اللبيب 461، والتهذيب 14/343، والتاج (حيي) ، والتنبيه والإيضاح 1/173، والبيان 1/119. [6] البيت في البيان 1/119، 3/178، وعيون الأخبار 2/306.

1991 -[مقطعات شتى]

وكان أبو عبد الحميد المكفوف، يتمثّل في قصصه بقوله [1] : [من البسيط] يا راقد اللّيل مسرورا بأوّله ... إنّ الحوادث قد يطرقن أسحارا ونظر بكر بن عبد الله المزنيّ إلى مورّق العجليّ، فقال [2] : [من الرجز] عند الصّباح يحمد القوم السّرى ... وتنجلي عنهم غيابات الكرى وقال أبو النجم [3] : [من الرجز] كلنا يأمل مدّا في الأجل ... والمنايا هي آفات الأمل فأمّا أبو النجم فإنّه ذهب في الموت مذهب زهير حيث يقول [4] : [من الرجز] إنّ الفتى يصبح للأسقام ... كالغرض المنصوب للسّهام أخطاه رام وأصاب رام وقال زهير [5] : [من الطويل] رأيت المنايا خبط عشواء من تصب ... تمته ومن تخطئ يعمّر فيهرم 1991-[مقطعات شتى] وقال الآخر [6] : [من الكامل] وإذا صنعت صنيعة أتممتها ... بيدين ليس نداهما بمكدّر وإذا تباع كريمة أو تشترى ... فسواك بائعها وأنت المشتري وقال الشاعر: [من الطويل]

_ [1] البيت بلا نسبة في البيان 3/202، وذكر محقق البيان في الحاشية «والبيت لأبي العتاهية في ديوانه 120، وقد نسب مع قرين له في تفسير القرطبي إلى ابن الرومي» . [2] الرجز لخالد بن الوليد في اللسان (سوا) ، ومعجم البلدان 3/271 (سوا) ، 4/318 (قراقر) . وبلا نسبة في اللسان والتاج (غبب) . [3] ديوان أبي النجم 147، وبلا نسبة في البيان 3/194. [4] الرجز لأبي النجم في ديوانه 218، ومعجم الشعراء 180، وربيع الأبرار 5/111. [5] ديوان زهير 34، وتقدم البيت مع تخريج واف في 2/305، الفقرة (315) . [6] البيتان لابن المولى المدني (محمد بن عبد الله بن مسلم) في معجم الشعراء 342، والحماسة البصرية 1/184، والحماسة المغربية 319- 320، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1761، وشرحه للتبريزي 4/135، والمقاصد النحوية 3/125، والدرر 3/92، وبلا نسبة في الأغاني 10/138، وهمع الهوامع 1/202، وشرح الأشموني 1/235.

قصير يد السّربال يمشي معرّدا ... وشرّ قريش في قريش مركّبا [1] وقال الآخر [2] : [من الوافر] بعثت إلى العراق ورافديه ... فزاريّا أحذّ يد القميص تفيهق بالعراق أبو المثنّى ... وعلّم قومه أكل الخبيص وقال الآخر: [من الخفيف] حبّذا رجعها إلىّ يديها ... بيدي درعها تحلّ الإزارا وأنشد: [من الطويل] طوته المنايا، وهو عنهنّ غافل ... بمنخرق السّربال عاري المناكب جريء على الأهوال يعدل درءها ... بأبيض سقّاط وراء الضّرائب [3] وقال جرير [4] : [من الطويل] تركت لكم بالشّام حبل جماعة ... متين القوى مستحصد الفتل باقيا [5] وجدت رقى الشّيطان لا تستفزّه ... وقد كان شيطاني من الجنّ راقيا [6] وقال الأسديّ: [من المتقارب] كثير المناقب والمكرمات ... يجود مجدا وأصلا أثيلا ترى بيديه وراء الكميّ ... تباله بعد نصال نصولا تمنى السفاه ورأى الخنا ... وضلّ وقد كان قدما ضلولا فإن أنت تنزع عن ودّنا ... فما إن وجدت لقلبي محيلا «تم الجزء السادس من كتاب الحيوان ويليه الجزء السابع، وأوله القول في أحساس أجناس الحيوان» .

_ [1] السربال: القميص. المعرد: من التعريد؛ وهو الإحجام. المركب: الأصل والمنبت. [2] البيتان للفرزدق، وتقدما في 5/109. [3] الدرء: العوج والميل. الأبيض: السيف. السقاط: السيف يسقط من وراء الضريبة يقدها حتى يصل إلى الأرض بعد أن يقطع. [4] البيتان في الأغاني 8/48. [5] المستحصد: المحكم الشديد الفتل. [6] رقى الشيطان: أراد بها بديع الشعر.

فهرس الجزءين الخامس والسادس من كتاب الحيوان

فهرس الجزءين الخامس والسادس من كتاب الحيوان

فهرس أبواب المصحف الخامس

فهرس أبواب المصحف الخامس القول في نيران العرب والأعاجم 3 باب آخر، وهو قول الله عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً 12 جملة القول في الضد والخلاف والوفاق 31 باب آخر أن الصفرة متى اشتدت صارت حمرة 32 جملة من القول في الماء 49 رجع إلى القول في النار 65 باب في مديح النصارى واليهود والمجوس والأنذال وصغار الناس 88 باب من أراد أن يمدح فهجا 90 باب مما قالوا في السر 101 باب في ذكر المنى 105 أجناس الطير التي تألف دور الناس 112 القول في العقارب والفأر والجرذان 134 باب آخر للسنور، فيه فضله على جميع أصناف الحيوان ما خلا الإنسان 154 باب آخر يدّعونه للفأر 163 القول في العقرب 189 باب القول في القمل والصّؤاب 198 باب والبرغوث أسود 206 باب في البق والجرجس والشّرّان والفراش والأذى 214 باب في العنكبوت 218

باب في النحل 222 باب القول في القراد 230 باب القول في الحبارى 237 باب القول في الضأن والمعز 242 القول في الماعز 253 القول في الضفادع 277 ذكر ما جاء في الضفادع من الآثار 283 القول في الجراد 286 القول في القطا 303 ذكر نوادر من أشعار وأحاديث 310

فهرس أبواب المصحف السادس

فهرس أبواب المصحف السادس باب قد قلنا في الخطوط ومرافقها 321 الكلام على الضبّ 337 جملة القول في نصيب الضباب من الأعاجيب والغرائب 344 القول فيمن استطاب لحم الضب ومن عافه 356 القول في سنّ الضب وعمره 375 أسماء لعب الأعراب 390 القول في تفسير قصيدة البهراني 391 باب من ادّعى من الأعراب والشعراء أنهم يرون الغيلان ويسمعون عزيف الجانّ 405 باب الجدّ من أمر الجن 453 القول في الأرانب 500 باب قال ويقال لولد السبع الهجرس 517 أشعار فيها أخلاط من السباع والوحش والحشرات 517 باب من نذر في حمية المقتول نذرا فبلغ في طلب ثأره الشفاء 542 في باب ذكر الجبن ووهل الجبان 548 في باب الضبع والقنفذ واليربوع والورل وأشباه ذلك 555 باب نوادر وأشعار وأحاديث 578 باب من القول في العرجان 579 أحاديث في أعاجيب المماليك 581 قول في الشّهب واستراق السّمع 585

الجزء السابع

الجزء السابع بسم الله الرّحمن الرّحيم القول في أحساس أجناس الحيوان اللهم إنّا نعوذ بك من الشّيطان الرجيم، ونسألك الهداية إلى صراطك المستقيم، وصلّى الله على سيدنا محمد خاصّة وعلى أنبيائه عامّة. ونعوذ بالله أن تدعونا المحبّة لإتمام هذا الكتاب إلى أن نصل الصّدق بالكذب وندخل الباطل في تضاعيف الحق، وأن نتكثّر بقول الزور ونلتمس تقوية ضعفه باللفظ الحسن، وستر قبحه بالتأليف المونق، أو نستعين على إيضاح الحقّ إلا بالحق، وعلى الإفصاح بالحجّة إلّا بالحجة، ونستميل إلى دراسته واجتبائه «1» ، ونستدعي إلى تفضيله والإشادة بذكره، بالأشعار المولّدة، والأحاديث المصنوعة، والأسانيد المدخولة، بما لا شاهد عليه إلّا دعوى قائله، ولا مصدّق له إلّا من لا يوثق بمعرفته. ونعوذ بالله من فتنة القول وخطله، ومن الإسهاب وتقحّم أهله. والاعتماد فيما بيننا وبين كثير من أهل هذا الزمان على حسن الظنّ، والاتّكال فيهم على العذر؛ فإنّ كثيرا ممّن يتكلّف قراءة الكتب، ومدارسة العلم، يقفون من جميع الكتب على الكلمة الضعيفة، واللّفظة السّخيفة، وعلى موضع من التأليف قد عرض له شيء من استكراه، أو ناله بعض اضطراب، أو كما يعرض في الكتب من سقطات الوهم، وفلتات الضّجر، ومن خطأ النّاسخ، وسوء تحفّظ المعارض على معنى لعله لو تدبّره بعقل غير مفسد، ونظر غير مدخول، وتصفّحه وهو محترس من عوارض الحسد، ومن عادة التسرّع، ومن أخلاق من عسى أن يتّسع في القول بمقدار ضيق صدره، ويرسل لسانه إرسال الجاهل بكنه ما يكون منه. ولو جعل بدل شغله بقليل ما يرى من المذموم شغله بكثير ما يرى من المحمود- كان ذلك أشبه بالأدب المرضيّ والخيم الصّالح، وأشدّ مشاكلة للحكمة، وأبعد من سلطان الطّيش، وأقرب إلى عادة السّلف وسيرة الأوّلين، وأجدر أن يهب الله له السّلامة في كتبه، والدّفاع عن حجّته يوم مناضلة خصومه ومقارعة أعدائه. وليس هذا الكتاب- يرحمك الله- في إيجاب الوعد والوعيد فيعترض عليه

المرجئ، ولا في تفضيل عليّ فينصب له العثمانيّ، ولا هو في تصويب الحكمين، فيتسخّطه الخارجيّ، ولا هو في تقديم الاستطاعة فيعارضه من يخالف التقديم، ولا هو في تثبيت الأعراض فيخالفه صاحب الأجسام، ولا هو في تفضيل البصرة على الكوفة، ومكة على المدينة، والشّام على الجزيرة. ولا في تفضيل العجم على العرب، وعدنان على قحطان، وعمرو على واصل فيردّ بذلك الهذيلي على النّظّامي، ولا هو في تفضيل مالك على أبي حنيفة؛ ولا هو في تفضيل امرئ القيس على النّابغة، وعامر ابن الطفيل على عمرو بن معد يكرب، وعباد بن الحصين على عبيد الله بن الحرّ، ولا في تفضيل ابن سريج على الغريض، ولا في تفضيل سيبويه على الكسائيّ، ولا في تفضيل الجعفريّ على العقيليّ، ولا في تفضيل حلم الأحنف على حلم معاوية، وتفضيل قتادة على الزّهري، فإنّ لكلّ صنف من هذه الأصناف شيعة، ولكلّ رجل من هؤلاء الرجال جند، وعددا يخاصمون عنهم. وسفهاؤهم المتسرعون منهم كثير، وعلماؤهم قليل، وأنصاف علمائهم أقلّ. ولا تنكر هذا- حفظك الله- أنا رأيت رجلين بالبصرة على باب مويس بن عمران، تنازعا في العنب النّيروزيّ والرازقيّ، فجرى بينهما اللعين حتى تواثبا، فقطع الكوفيّ إصبع البصريّ، وفقأ البصريّ عين الكوفيّ، ثم لم ألبث إلّا يسيرا حتى رأيتهما متصافيين متنادمين لم يقعا قطّ على مقدار ما يغضب من مقدار ما يرضي، فكيف يقعان على مقادير طبقات الغضب والرضا؟! والله المستعان. وقد ترك هذا الجمهور الأكبر، والسّواد الأعظم، التوقف عند الشبهة، والتثبّت عند الحكومة جانبا، وأضربوا عنه صفحا، فليس إلّا لا أو نعم. إلّا أنّ قولهم «لا» موصول منهم بالغضب، وقولهم «نعم» موصول منهم بالرّضا. وقد عزلت الحرّيّة جانبا، ومات ذكر الحلال والحرام، ورفض ذكر القبيح والحسن. قال عمرو بن الحارث: «كنّا نبغض من الرّجال ذا الرياء والنّفخ، ونحن اليوم نتمنّاهما» . قد كتبنا من كتاب الحيوان ستّة أجزاء، وهذا الكتاب السابع هو الذي ذكرنا فيه الفيل بما حضرنا من جملة القول في شأنه، وفي جملة أسبابه، والله الموفق. وإنما اعتمدنا في هذه الكتب على الإخبار عمّا في أجناس الحيوان من الحجج المتظاهرة، وعلى الأدلة المترادفة، وعلى التنبيه على ما جلّلها «1» الله تعالى من البرهانات

التي لا تعرف حقائقها إلا بالفكرة، وغشّاها من العلامات التي لا تنال منافعها إلا بالعبرة، وكيف فرّق فيها من الحكم العجيبة، والأحساس الدقيقة، والصنعة اللطيفة، وما ألهمها من المعرفة وحشاها «1» من الجبن والجرأة، وبصّرها بما يقيتها ويعيشها، وأشعرها من الفطنة لما يحاول منها عدوّها، ليكون ذلك سببا للحذر، ويكون حذرها سببا للحراسة، وحراستها سببا للسلامة، حتى تجاوزت في ذلك مقدار حراسة المجرّب من الناس، والخائف المطلوب من أهل الاستطاعة والرويّة، كالذي يروى من تحارس الغرانيق والكراكي، وأشكال من ذلك كثيرة، حتى صار الناس لا يضربون المثل إلا بها، ولا يذمّون ولا يمدحون إلا بما يجدون في أصناف الوحش من الطّير وغير ذلك، فقالوا: أحذر من عقعق، وأحذر من غراب، وأحذر من عصفور، وأسمع من فرخ العقاب، وأسمع من قراد، وأسمع من فرس، وأجبن من صفرد، وأسخى من لافظة، وأصنع من تنوّط، وأصنع من سرفة، وأصنع من دبر، وأهدى من قطاة، وأهدى من حمام، وأهدى من جمل، وأزهى من غراب، وأزهى من ذباب، وأجرأ من اللّيث، وأكسب من الذّئب، وأخدع من ضبّ، وأروغ من ثعلب، وأعقّ من ضبّ، وأبرّ من هرّة، وأسرع من سمع، وأظلم من حيّة، وأظلم من ورل، وأكذب من فاختة، وأصدق من قطاة، وأموق من رخمة، وأحزم من فرخ العقاب. ونبّهنا تعالى وعزّ على هذه المناسبة، وعلى هذه المشاركة، وامتحن ما عندنا بتقديمها علينا في بعض الأمور، وتقديمنا عليها في أكثر الأمور وأراد بذلك ألّا يخلينا من حجة، ومن النّظر إلى عبرة، وإلى ما يعود عند الفكرة موعظة. وكما كره لنا من السهو والإغفال، ومن البطالة والإهمال، في كلّ أحوالنا لا تفتح أبصارنا إلا وهي واقعة على ضرب من الدلالة، وعلى شكل من أشكال البرهانات، وجعل ظاهر ما فيها من الآيات داعيا إلى التفكير فيها، وجعل ما استخزنها من أصناف الأعاجيب يعرف بالتكشيف عنها، فمنها ظاهر يدعوك إلى نفسه، ويشير إلى ما فيه، ومنها باطن يزيدك بالأمور ثقة إذا أفضيت إلى حقيقته، لتعلم أنّك مع فضيلة عقلك، وتصرّف استطاعتك إذا ظهر عجزك عن عمل ما هو أعجز منك- أنّ الذي فضّلك عليه بالاستطاعة والمنطق، هو الذي فضّله عليك بضروب أخر، وأنكما ميسّران لما خلقتما له، ومصرّفان لما سخّرتما له، وأن الذي يعجز عن صنعة السّرفة، وعن تدبير العنكبوت في قلتهما ومهانتهما وضعفهما وصغر جرمهما، لا ينبغي أن يتكبّر في الأرض ولا يمشي الخيلاء، ولا يتهكّم في القول، ولا يتألّى ولا يستأمر. وليعلم أنّ

عقله منيحة من ربه، وأن استطاعته عاريّة عنده، وأنه إنما يستبقي النّعمة بإدامة الشّكر، والتعرّض لسلبها بإضاعة الشكر. ثم حبّب إليها طلب الذّرء والسّفاد الذي يكون مجلبة للذرء «1» ، وحبّب إليها أولادها ونجلها وذرءها ونسلها، حتى قالوا: أكرم الإبل أشدّها حنينا، وأكرم الصّفايا أشدّها حبّا لأولادها. وزاوج بين أكثرها وجعل تألّفها مع بعضها من الطّروقة «2» إذا لم يكن الزّواج لها خلقا، وجعل إلف العرس لها عادة، وقوّاها على المسافدة، لتتمّ النعمة، وتعظم المنة، وألهمها المبالغة في التربية، وحسن التعبّد، وشدّة التفقّد، وسوّى في ذلك بين الجنس الذي يلقّم أولاده تلقيما، وبين الذي يرضعها إرضاعا، وبين الذي يزقّها زقّا، وبين ما يحضن وما لا يحضن. ومنها ما أخرجها من أرحام البيض وأرحام البطون كاسية، ومها ما أخرجها كاسية كاسبة، وأمتعها وألذّها، وجعلها نعمة على عباده، وامتحانا لشكرهم، وزيادة في معرفتهم، وجلاء لما يتراكم من الجهل على قلوبهم. فليس لهذا الكتاب ضدّ من جميع من يشهد الشهادة، ويصلّي إلى القبلة، ويأكل الذّبيحة ولا ضدّ من جميع الملحدين ممّن لا يقرّ بالبعث، وينتحل الشرائع وإن ألحد في ذلك وزاد ونقص، إلا الدّهري، فإن الذي ينفي الربوبيّة، ويحيل الأمر والنّهي، وينكر جواز الرّسالة، ويجعل الطّينة قديمة، ويجحد الثواب والعقاب، ولا يعرف الحلال والحرام، ولا يقرّ بأن في جميع العالم برهانا يدلّ على صانع ومصنوع، وخالق ومخلوق، ويجعل الفلك الذي لا يعرف نفسه من غيره، ولا يفصل بين الحديث والقديم، وبين المحسن والمسيء، ولا يستطيع الزيادة في حركته، ولا النّقصان من دورانه، ولا معاقبة للسّكون بالحركة، ولا الوقوف طرفة عين، ولا الانحراف عن الجهة- هو الذي يكون به جميع الإبرام والنّقض، ودقيق الأمور وجليلها، وهذه الحكم العجيبة، والتدابير المتقنة، والتأليف البديع، والتّركيب الحكيم، على حساب معلوم، ونسق معروف، على غاية من دقائق الحكمة وإحكام الصّنعة. ولا ينبغي لهذا الدهريّ أيضا أن يعرض لكتابنا هذا وإن دلّ على خلاف مذهبه، ودعا إلى خلاف اعتقاده، لأن الدّهريّ ليس يرى أنّ في الأرض دينا أو نحلة أو شريعة أو ملة، ولا يرى للحلال حرمة ولا يعرفه ولا للحرام نهاية ولا يعرفه، ولا يتوقّع العقاب على الإساءة، ولا يترجّى الثواب على الإحسان. وإنما الصواب عنده والحقّ في حكمه،

1992 -[رجع القول إلى الإخبار عن الحيوان]

أنه والبهيمة سيّان، وأنه والسّبع سيّان، ليس القبيح عنده إلّا ما خالف هواه وليس الحسن عنده إلّا ما وافق هواه، وأن مدار الأمر على الإخفاق والدّرك، وعلى اللذّة والألم، وإنما الصواب فيما نال من المنفعة، وإن قتل ألف إنسان صالح لمنالة درهم رديء. فهذا الدهريّ لا يخاف إن ترك الطّعن على جميع الكتب عقابا ولا لائمة، ولا عذابا دائما ولا منقطعا ولا يرجو إن ذمّها ونصب لها ثوابا في عاجل ولا آجل. فالواجب أن يسلم هذا الكتاب على جميع البريّة، إذا كان موضعه على هذه الصّفة، ومجراه إلى هذه الغاية. والله تعالى الكافي الموفّق بلطفه وتأييده، إنه سميع قريب، فعال لما يريد. 1992-[رجع القول إلى الإخبار عن الحيوان] ثم رجع بنا القول إلى الإخبار عن الحيوان، بأيّ شيء تفاضلت وبأيّ شيء خصّت، وبماذا أبينت. وقد عرفنا ما أعطيت في الشّمّ والاسترواح. قال الرّاجز «1» وذكر الذئب: [من الرجز] يستخبر الرّيح إذا لم يسمع ... بمثل مقراع الصّفا الموقّع «2» 1993-[الشم عند الحيوان] وقد عرفنا كيف شمّ السّنانير والسّباع والذئاب. وأعجب من ذلك وجدان الذّرّة لرائحة شيء لو وضعته على أنفك لما وجدت له رائحة، كرجل جرادة يابسة منبوذة، كيف تجد رائحتها من جوف جحرها حتى تخرج إليها، فإذا تكلّفت حملها فأعجزتها كيف تستدعي إليها سائر الذّرّ، وتستعين بكلّ ما كان منها في الجحر «3» . ونحو شمّ الفرس رائحة الحجر من مسيرة ميل. والفرس يسير قدما والحجر خلفه بذلك المقدار، من غير تلفّت ولا معاينة من جهة من الجهات. وهذا كثير، وقد ذكرناه في غير هذا الموضع «4» . 1994-[السمع عند الحيوان] فأمّا السّمع فدعنا من قولهم: «أسمع من فرس» «5» ،: «أسمع من فرخ

1995 -[البصر عند الحيوان]

العقاب» «1» وأسمع من كذا، وأسمع من كذا. ولكنّا نقصد إلى الصّغير الحقير في اسمه وخطره؛ والقليل في جسمه وفي قدره. وتقول العرب: «أسمع من قراد» «2» ، ويستدلون بالقردان التي تكون حول الماء والبئر. فإذا كان ليلة ورود القرب «3» ، وقد بعث القوم من يصلح لإبلهم الأرشية وأداة السقي، وباتت الرجال عند الماء تنتظر مجيء الإبل، فإنها تعرف قربها منهم في جوف الليل بانتفاش القردان وسرعة حركتها وخشخشتها، ومرورها نحو الرعاء، وزجر الرعاء، ووقع الأخفاف على الأرض، من غير أن يحسّ أولئك الرجال حسّا أو يشعروا بشيء من أمرها. فإذا استدلوا بذلك من القردان نهضوا فتلبّبوا واتزروا «4» وتهيؤوا للعمل. 1995-[البصر عند الحيوان] فأمّا إدراك البصر فقد قالوا: «أبصر من غراب» «5» و: «أبصر من فرس» «6» ؛ و: «أبصر من هدهد» «7» و: «أبصر من عقاب» «8» . والسّنانير والفأر والجرذان والسّباع تبصر بالليل كما تبصر بالنهار؛ فأمّا الطّعم فيظّن أنها بفرط الشّره والشّهوة وبفرط الاستمراء وبفرط الحرص والنّهم، أن لذتها تكون على قدر شرهها وشهوتها، تكون على قدر ما ترى من حركتها، وظاهر حرصها. 1996-[لذة الحيوان وشهوته] ونحن قد نرى الحمار إذا عاين الأتان، والفرس إذا عاين الحجر والرمكة، والبغل والبغلة، والتيس والعنز فنظن أن اللذة على قدر الشهوة، والشهوة على قدر الحركة، وأن الصّياح على قدر غلبة الإرادة.

ونجد الرجال إذا اعتراهم ذلك لا يكونون كذلك إلّا في الوقت الذي هم فيه أشدّ غلمة وأفرط شهوة. فإن قال قائل: إن الإنسان يغشى النّساء في كلّ حال من الفصلين والصّميمين «1» ، وإنما هيج السّباع والبهائم في أيام من السنة ثم يسكن هيج التّيس والجمل. فالإنسان المداوم أحسن حالا. قلنا: إنّا لم نكن في ذكر المخايرة بين نصيب الإنسان في ذلك مجموعا ومفرّقا، وبين نصيب كلّ جنس من هذه الأجناس مجموعا ومفرّقا، وإنما ذكرنا نفس المخالطة فقط. وما يدريكم أيضا لعلها أن تستوفي في هذه الأيّام اليسيرة أضعاف ما يأتي الإنسان في تلك الأيّام الكثيرة. وعلى أنّا قد نرى ممّا يعتري الحمار والفرس والبغل وضروبا كثيرة إذا عاينوا الإناث في غير أيام الهيج. وها هنا أصناف تديم ذلك كما يديمه الإنسان، مثل الحمام والدّيكة وغير ذلك. وقد علمنا أنّ السّنانير وأشباه السنانير لها وقت هيج، ولكنّ ذلك يكون مرارا في السّنة على أشدّ من هيج الإنسان، فليس الأمر على ما يظنّون. فإن كان الإنسان موضع ذهنه من قلبه أو دماغه يكون أدقّ وأرقّ وأنفذ، وأبصر، فإنّ حواسّ هذه الأشكال أدقّ وأرقّ وأبصر وأنفذ. وإن كان الإنسان يبلغ بالرويّة والتصفّح، والتحصيل والتمثيل ما لا يبلغه شيء من السّباع والبهائم، فإنّ لها أمورا تدركها، وصنعة تحذقها تبلغ منها بالطبائع سهوا وهويّا ما لا يبلغ الإنسان في ما هو بسبيله إلا أن يكره نفسه على التفكير، وعلى إدامة التنقير والتكشيف والمقاييس فهو يستثقله. ولكلّ شيء ضرب من الفضيلة وشكل من الأمور المحمودة، لينفي تعالى وعز عن الإنسان العجب، ويقبّح عنده البطر، ويعرّفه أقدار القسم. وسنذكر من فطن البهائم وأحساس الوحش وضروب الطير أمورا تعرفون بها كثرة ما أودعها الله تعالى من المعارف، وسخّر لها من الصنعة، ثم لا نذكر من ذلك في هذا الموضع إلّا كلّ طائر منسوب إلى الموق، وإلّا كلّ بهيمة معروفة بالغثاثة، بعدّة ما فيه أشكالها من المعرفة والفطنة. ولو أردنا الأجناس المعروفة بالمعارف

1997 -[معنى الرحمة في بيت للكميت]

الكثيرة، والأحساس اللّطيفة، لذكرنا الفيل والبعير، والذّرة والنملة، والذئب، والثعلب، والغرنوق، والنحلة، والعنكبوت، والحمام، والكلب. وسنذكر على اسم الله تعالى بعض ما في البهائم والسّباع والطير من المعرفة، ثم نخصّ في هذا الكتاب المنسوبات إلى الموق، والمعروفات بالغباوة وقلة المعرفة، كالرّخمة والزنبور، والرّبع من أولاد الإبل، والنّسر من عظام الطير. 1997-[معنى الرحمة في بيت للكميت] وقال المفضّل الضبيّ: قلت لمحمد بن سهل راوية الكميت: ما معنى قول الكميت «1» في الرّخمة: [من الوافر] ذات اسمين والألوان شتّى ... تحمّق وهي كيّسة الحويل» لها خبّ تلوذ به وليست ... بضائعة الجنين ولا مذول «3» قال «4» : كأنّ معناه عندي حفظ فراخها، أو موضع بيضها، وطلب طعمها، واختيارها من المساكن ما لا يطوره «5» سبع طائر ولا ذو أربع. قال: فقلت: فأيّ كيس عند الرّخمة إلّا ما ذكرت، ونحن لا نعرف طائرا ألأم لؤما ولا أقذر طعمة، ولا أظهر موقا منها، حتى صارت في ذلك مثلا؟! فقال محمد بن سهل: «وما حمقها وهي تحضن بيضها، وتحمي فراخها، وتحبّ ولدها، ولا تمكّن إلّا زوجها، وتقطع في أوّل القواطع وترجع في أوّل الرواجع، [ولا تطير في التحسير، ولا تغترّ بالشكير، ولا تربّ «6» بالوكور ولا تسقط على الجفير» . أمّا قوله: «تقطع في أول القواطع وترجع في أوّل الرواجع» ] «7» فإنّ الرّماة وأصحاب الحبائل والقنّاص إنما يطلبون الطير بعد أن يعلموا أنّ القواطع قد قطعت، فبقطع الرّخمة يستدلّون. فلا بدّ للرّخمة من أن تنجو سالمة إذا كانت أوّل طالع عليهم.

1998 -[اتباع الرخم والنسور والعقبان للجيوش]

وأمّا قوله: «ولا تربّ بالوكور» فإنّه يقول: الوكر لا يكون إلا في عرض الجبل، وهي لا ترضى إلا بأعالي الهضاب، ثم مواضع الصّدوع وخلال الصخور، وحيث يمتنع على جميع الخلق المصير إلى فراخها. ولذلك قال الكميت «1» : [من الطويل] ولا تجعلوني في رجائي ودّكم ... كراج على بيض الأنوق احتبالها «2» والأنوق هي الرّخمة. وقال ابن نوفل «3» : [من الوافر] وأنت كساقط بين الحشايا ... يصير إلى الخبيث من المصير ومثل نعامة تدعى بعيرا ... تعاظمها إذا ما قيل طيري وإن قيل احملي قالت فإنّي ... من الطّير المربّة في الوكور وأما قوله: « [ولا تطير في التّحسير] «4» ، ولا تغترّ بالشّكير» فإنها تدع الطيران أيام التحسير، فإذا نبت الشّكير- وهو أول ما ينبت من الريش- فإنها لا تنهض حتى يصير الشكير قصبا. وأمّا قوله: «ولا تسقط على الجفير» ، فإنما يعني جعبة السّهام، يقول: إذا رأته علمت أنّ هناك سهما، فهي لا تسقط في موضع تخاف فيه وقع السّهام. 1998-[اتباع الرخم والنسور والعقبان للجيوش] والرّخم والنّسور والعقبان تتبع الجيوش لتوقع القتال وما يكون لها من الجيف، وتتبع أيضا الجيوش والحجّاج لما يسقط من كسير «5» الدّواب، وتتبعها أيضا في الأزمنة التي تكون فيها الأنعام والحجور حوامل، لما تؤمّل من الإجهاض والإخداج. قال النابغة «6» : [من الطويل] وثقت له بالنّصر إذ قيل قد غدت ... كتائب من غسّان غير أشائب بنو عمّه دنيا وعمرو بن عامر ... أولئك قوم بأسهم غير كاذب

1999 -[قول بعض الأعراب في أكل الرأس]

إذا ما غزوا بالجيش حلّق فوقهم ... عصائب طير تهتدي بعصائب جوانح قد أيقنّ أنّ قبيله ... إذا ما التقى الجمعان أوّل غالب تراهنّ خلف القوم خزرا عيونها ... جلوس شيوخ في مسوك الأرانب فأخذ هذا المعنى حميد بن ثور الهلالي فقال «1» : [من الطويل] إذا ما غزا يوما رأيت عصابة ... من الطّير ينظرن الذي هو صانع وقال آخر «2» : [من البسيط] يكسو السيوف نفوس النّاكثين به ... ويجعل الرّوس تيجان القنا الذبل قد عوّد الطّير عادات وثقن بها ... فهنّ يتبعنه في كلّ مرتحل فقال الكميت كما ترى «3» : [من الوافر] تحمّق وهي كيّسة الحويل فزعم أن النّاس يحمقونها وهي كيّسة. 1999-[قول بعض الأعراب في أكل الرأس] وقال بعض أصحابنا «4» : قيل لأعرابيّ: أتحسن أن تأكل الرّأس؟ قال: نعم. قيل: وكيف تصنع به؟ قال: «أبخص «5» عينيه، وأسحى «6» خدّيه، وأعفص «7» أذنيه، وأفكّ لحييه، وأرمي بالمخّ إلى من هو أحوج منّي إليه» . قيل له: إنك لأحمق من ربع. قال: «وما حمق الرّبع؟! والله إنه ليجتنب العداوء «8» ويتبع أمّه في المرعى، ويراوح بين الأطباء، ويعلم أن حنينها رغاء، فأين حمقه» . 2000-[قتل المكاء للثعبان] وحدث ابن الأعرابيّ عن هشام بن سالم، وكان هشام من رهط ذي الرّمّة،

2001 -[قول جالينوس في معرفة أنثى الطير]

قال «1» : أكلت حيّة بيض مكّاء «2» فجعل المكّاء يشرشر على رأسها ويدنو منها، حتى إذا فتحت فاها تريده وهمّت به ألقى فيه حسكة، فلم يزل يلقي فيه حسكة بعد حسكة، فأخذت بحلقها حتى ماتت. وأنشد ابن الأعرابيّ عند هذا الحديث قول الشاعر: [من الطويل] كأنّ لكلّ عند كلّ سخيمة ... يريد بتخريق الأديم استلالها وأنشد أبو عمرو الشيباني بيت شعر، وهو هذا المعنى بعينه، وهو قول الأسديّ الدّبيريّ: [من البسيط] إن كنت أبصرتني فذّا ومصطلما ... فربّما قتل المكّاء ثعبانا يقول: قد يظفر القليل بالكثير. والقليل الأعوان بالكثير الأعوان؛ والمكّاء من أصغر الطير وأضعفه، وقد احتال للثّعبان حتّى قتله. 2001-[قول جالينوس في معرفة أنثى الطير] وقال جالينوس في الإخبار عن معارف البهائم والطير، وفي التعجّب من ذلك وتعجب الناس منه: قولوا لي: من علّم النسر الأنثى إذا خافت على بيضها وفراخها الخفافيش أن تفرش ذلك الوكر بورق الدّلب «3» حتى لا تقربه الخفافيش. وهذا أعجب، والأطباء والعلماء لا يتدافعونه، والنّسور هي المنسوبة إلى قلّة المعرفة والكيس والفطنة. 2002-[حزم فرخ العقاب] «4» وقال ابن الأعرابيّ وأبو الحسن المدائني: قال رجل من الأعراب: «كان سنان بن أبي حارثة أحزم من فرخ العقاب» . وذلك أنّ جوارح الطير تتخذ أو كارها في عرض الجبال، فربّما كان الجبل عمودا، فلو تحرّك الفرخ إذا طلب الطعم وقد أقبل إليه أبواه أو أحدهما وزاد في حركته شيئا من موضع مجثمه لهوى من رأس الجبل إلى الحضيض، وهو يعرف مع صغره وضعفه وقلّة تجربته، أنّ الصواب في ترك الحركة.

2003 -[اختلاف عادات صغار الحيوان]

2003-[اختلاف عادات صغار الحيوان] ولو وضع في أوكار الوحشيّات فرخ من فراخ الأهليّات لتهافتن تهافتا كفراخ القطا والحجل والقبج والدّرّاج والدّجاج؛ لأنّ هذه تدرج على البسيط «1» ، وذلك لها عادة، وفراخ الوحشيّة لا تجاوز الأوكار؛ لأنها تعرف وتعلم أنّ الهلكة في المجاوزة. وأولاد الملّاحين الذين ولدوا في السفن الكبار، والمنشآت «2» العظام لا يخاف الآباء والأمّهات عليهم إذا درجوا ومشوا أن يقعوا في الماء. ولو أن أولاد سكان القصور والدّور صاروا مكان أولاد أرباب السفن لتهافتوا. ولكلّ شيء قدر، وله موضع وزمان وجهة وعادة. فإذا استوى قصب ريش فرخ العقاب، وأحسّ بالقوة طار. وأبوا فرخ الخطّاف يعلّمانه الطيران تعليما. 2004-[الختان عند اليهود والمسلمين والنصارى] وزعم ناس من أطبّاء النصارى وهم أعداء اليهود، أن اليهود يختنون أولادهم في اليوم الثّامن، وأن ذلك يقع، ويوافق أن يكون في الصّميمين «3» ، كما يوافق الفصلين، وأنّهم لم يروا قطّ يهوديّا أصابه مكروه من قبل الختان، وأنهم قد رأوا من أولاد المسلمين والنصارى ما لا يحصى ممّن لقي المكروه في ختانه إذا كان ذلك في الصّميمين من ريح الحمرة «4» ، ومن قطع طرف الكمرة، ومن أن تكون الموسى حديثة العهد بالإحداد وسقي الماء، فتشيط «5» عند ذلك الكمرة ويعتريها برص. والصبيّ ابن ثمانية أيام أعسر ختانا من الغلام الذي قد شبّ وشدن وقوي؛ إلّا أنّ ذلك البرص لا يتفشى ولا يعدو مكانه، وهو في ذلك كنحو البرص الذي يكون من الكيّ وإحراق النار، فإنهما يفحشان ولا يتسعان. 2005-[ختان أولاد السفلة وأولاد الملوك وأشباههم] ويختن من أولاد السّفلة والفقراء الجماعة الكثيرة فيؤمن عليهم خطأ الخاتن، وذلك غير مأمون على أولاد الملوك وأشباه الملوك، لفرط الاجتهاد، وشدّة الاحتياط،

2006 -[قدم ختان العرب]

ومع ذلك يزمع، ومع الزّمع «1» والرّعدة يقع الخطأ، وعلى قدر رعدة اليد ينال القلب من الاضطراب على حسب ذلك. وليس من التدبير أن يحضر الصبيّ والخاتن إلّا سفلة الخدم، ولا يحضره من يهاب. 2006-[قدم ختان العرب] وهذا الختان في العرب في النّساء والرجال من لدن إبراهيم وهاجر إلى يومنا هذا «2» . ثم لم يولد صبيّ مختون قط؛ أو في صورة مختون. 2007-[ختان الأنبياء] وناس يزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم وعيسى بن مريم ولدا مختونين. والسّبيل في مثل هذا الرّجوع إلى الرواية الصحيحة، والأثر القائم «3» . 2008-[أثر الختان في اللذة] قال» : والبظراء تجد من اللذة ما لا تجده المختونة، فإن كانت مستأصلة مستوعبة كان على قدر ذلك. وأصل ختان النساء لم يحاول به الحسن دون التماس نقصان الشهوة، فيكون العفاف عليهنّ مقصورا. قال: ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم للخاتنة «5» : «يا أم عطيّة أشميّه ولا تنهكيه، فإنه أسرى للوجه، وأحظى عند البعل» «6» . كأنه أراد صلّى الله عليه وسلم أن ينقص من شهوتها بقدر ما يردّها إلى الاعتدال؛ فإن شهوتها إذا قلّت ذهب التمتّع، ونقص حبّ الأزواج، وحبّ الزّوج قيد دون الفجور. والمرأة لا تكون في حال من حالات الجماع أشدّ شهوة منها للكوم الذي لقحت منه.

2009 -[أثر الختان في العفاف والفجور]

وقد كان رجل من كبار الأشراف عندنا يقول للخاتنة: لا تقرضي إلّا ما يظهر فقط. 2009-[أثر الختان في العفاف والفجور] وزعم جناب بن الخشخاش القاضي، أنه أحصى في قرية واحدة النساء المختونات والمعبرات «1» ، فوجد أكثر العفائف مستوعبات وأكثر الفواجر معبرات. وأن نساء الهند والروم وفارس إنما صار الزنا وطلب الرّجال فيهنّ أعم، لأنّ شهوتهنّ للرجال أكثر، ولذلك اتخذ الهند دورا للزّواني، قالوا: وليس لذلك علّة إلّا وفارة البظر والقلفة «2» . والهند توافق العرب في كلّ شيء إلّا في ختان النّساء والرجال. ودعاهم إلى ذلك تعمّقهم في توفير حظ الباه. قالوا: ولذلك اتخذوا الأدوية، وكتبوا في صناعة الباه كتبا ودرسوها الأولاد. 2010-[ما يدعو إلى السّحق] قالوا: ومن أكبر ما يدعو النساء إلى السحق أنهنّ إذا ألصقن موضع محزّ الختان وجدن هناك لذّة عجيبة، وكلما كان ذلك منها أوفر كان السّحق ألذّ. قال: ولذلك صار حذّاق الرّجال يضعون أطراف الكمر ويعتمدون بها على محزّ الختان، لأنّ هناك مجتمع الشهوة. 2011-[ظمأ الأيّل إذا أكل الحيات] ومن هذا الباب الذي ذكرنا فيه صدق أحساس الحيوان؛ ثم اللاتي يضاف منها إلى الموق وينسب إلى الغثارة «3» . قال داود النبي عليه السلام في الزبور «4» : «شوقي إلى المسيح مثل الأيّل إذا أكل الحيّات» . والأيّل إذا أكل الحيّات فاعتراه العطش الشديد تراه كيف يدور حول الماء ويحجزه من الشرب منه علمه بأنّ ذلك عطبه، لأن السموم حينئذ تجري مع هذا

2012 -[تعلق رؤوس الحيات في بدن الأيل]

الماء، وتدخل مداخل لم يكن ليبلغها الطّعام بنفسه. وليس علم الأيّل بهذا كان عن تجربة متقدمة، بل هذا يوجد في أوّل ما يأكل الحيّات وفي آخره. 2012-[تعلّق رؤوس الحيات في بدن الأيّل] وربما اصطيد الأيّل فيجد القنّاص رؤوس الأفاعي وسائر الحيات ناشبة الأسنان في عنقه وجلد وجهه، لأنه يريد أكلها فرّبما بدرته الأفعى والأسود وغيرهما من الحيات فتعضّه، وهو يأكلها ويأكل ما ينال منها ويفوته ما تعلق به منها بالعضّ، فتبقى الرّؤوس مع الأعناق معلّقة عليه إلى أن تنقطع. 2013-[اختفاء الوعل حين نصول قرنه] قالوا «1» : وليس شيء من ذوات القرون ينصل «2» قرنه في كلّ عام إلا الوعل، فإذا علم أنّه غير ذي قرن، وأنه عديم السلاح، لم يظهر من مخافة السباع. فإذا طال مكثه في موضعه سمن، فإذا سمن علم أن حركته تفقد وتبطئ، فزاد ذلك في استخفائه وقلّة تعرّضه، واحتال بألّا يكون أبدا على علاوة الريح، فإذا نجم قرنه «3» لم يجد بدّا من أن يمظّعه «4» ويعرّضه للشمس والريح، حتى إذا أيقن أنه قد اشتد أكثر المجيء والذهاب التماسا أن يذهب شحمه، ويشتد لحمه، وعند ذلك يحتال في البعد من السّباع، حتى إذا أمكنه استعمال قرنيه في النزال والاعتماد عليهما، والوثوب من جهتهما، رجع إلى حاله من مراعيه وعاداته. ولذلك قال عصام بن زفر «5» : [من الرجز] ترجو الثّواب من صبيح يا حمل ... قد مصّه الدهر فما فيه بلل إن صبيحا ظاعن فمحتمل ... فلائذ منك بشعب من جبل كما يلوذ من أعاديه الوعل فضرب به المثل كما ترى في الاحتيال والهرب من أعدائه: وقال الراجز «6» : لما رأيت البرق قد تبسّما ... وأخرج القطر القروع الأعصما

2014 -[بيوت الزنابير]

قال ابن الأعرابيّ: إنما سمّوا الوعل القروع لأنه يقرع عجب ذنبه من الناحيتين جميعا. 2014-[بيوت الزنابير] وقال ابن الكلبي: قال الشرقي بن القطامي ذات يوم: أرأيتم لو فكّر رجل منكم عمره الأطول في أن يتعرّف الشيء الذي تتّخذ الزنابير بيوتها المخرّقة بمثل المجاوب «1» ، المستوية في الأقدار، المتحاجزة بالحيطان، السخيفة في المنظر، الخفيفة في المحمل، المستديرة المضمر بعضها ببعض، المتقاربة الأجزاء. وهي البيوت التي تعلم أنها بنيت من جوهر واحد وكأنها من ورق أطباق صغار الكاغذ المزرّرة. قولوا لي: كيف جمعته؟ ومن أي شيء أخذته، وهو لا يشبه البناء ولا النّسج ولا الخياطة. ولم يفسر ابن الكلبيّ والشرقيّ في ذلك شيئا، فلم يصر في أيدينا منهما إلا التعجّب والتعجيب. فسألت بعد ذلك مشايخ الأكرة فزعموا «2» أنها تلتقطه من زبد المدود «3» . فلا يدرى أمن نفس الزّبد تأخذ، أم من شيء يكون في الزّبد. والذي عرّف الزنابير مواضع تلك الأجزاء، ودلها على ذلك الجوهر هو الذي علّم العنكبوت ذلك النسج. وقد قال الشاعر: [من الطويل] كأنّ قفا هارون إذ يعتلونه ... قفا عنكبوت سلّ من دبرها غزل وقد قال بلا علم. وأما دودة القزّ فلا نشك أنها تخرجه من جوفها. 2015-[معرفة الحقنة من الطير] وتزعم «4» الأطباء أنهم استفادوا معرفة الحقنة من قبل الطائر الذي إذا أصابه الحصر أتى البحر فأخذ بمنقاره من الماء المالح، ثم استدخله فمجّه في جوفه، وأمكنه ذلك بطول العنق والمنقار، فإذا فعل ذلك، ذرق فاستراح.

2016 -[ما يتعالج به الحيوان]

2016-[ما يتعالج به الحيوان] والقنفذ وابن عرس إذا ناهشا الأفاعي والحيّات الكبار تعالجا بأكل الصّعتر البرّيّ «1» . والعقاب إذا اشتكت كبدها من رفعها الأرنب والثعلب في الهواء وحطّها لهما مرارا فإنها لا تأكل إلّا من الأكباد حتى تبرأ من وجع كبدها. 2017-[رغبة الثعلب في القنفذ] قال: وسألت القنّاص: ما رغبة الثعلب في أكل القنفذ وإن كان حشو إهابه شحما سمينا، وفي ظاهر جلده شوك صلاب حداد متقارب كتقارب الشعر في الجسد؟ فزعموا أنّ الثعلب إذا أصابه قلبه لظهره ثم بال على بطنه فيما بين مغرز عجبه إلى فكّيه، فإذا أصابه ذلك البول اعتراه الأسن «2» فأسبط «3» وتمدّد، فينقر عن بطنه، فمن تلك الجهة يأكل جميع بدنه ومسلوخه الذي يشتمل عليه جلده. 2018-[صيد الظربان للضب] وقالوا: وبشبيه بهذه العلّة يصيد الظّربان الضبّ في جوف جحره حتى يغتصبه نفسه؛ وذلك أنه يعلم أنّه أنتن خلق الله قسوة، فإذا دخل عليه جحره سدّ خصاصه وفروجه ببدنه، وهو في ذلك مستدبر له، فلا يفسو عليه ثلاث فسوات حتى يعطي بيده فيأكله كيف شاء. قالوا: وربّما فسا وهو بقرب الهجمة وهي باركة فتتفرّق في الصحراء فلا يجمعها راعيها إلّا بجهد شديد، ولذلك قال الشاعر: [من الكامل] لا تمنحوا صقرا، فما لمنيحة ... أتت آل صقر من ثواب ولا شكر فما ظربان يؤبس الضبّ فسوه ... بألأم لؤما قد علمناه من صقر «4» ولذلك قال الراجز، وهو يذكر تكسّب الظربان بفسوه لطعمه وقوته، كما يتكسّب الناس بالصّناعات والتّجارات، فقال: [من الرجز]

2019 -[ما قيل في بلاهة الحمام]

باتا يحكّان عراصيف القتب ... مستمسكين بالبطان والحقب «1» كما يحكّ القين أطراف الخشب ... وابن يزيد حرب من الحرب «2» لا ينفع الصاحب إلّا أن يسبّ ... كالظّربان بالفساء يكتسب 2019-[ما قيل في بلاهة الحمام] قال ابن الأعرابيّ: قلت لشيخ من قريش: من علّمك هذا، وإنما يحسن من هذا أصحاب التجارات والتكسّب، وأنت رجل مكفيّ مودّع «3» ؟ قال: علّمني الذي علم الحمامة على بلهها تقليب بيضها كي تعطي الوجهين جميعا نصيبهما من الحضن، ولخوف طباع الأرض إذا دام على الشّقّ الواحد. والحمام أبله؛ ولذلك كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: «كونوا بلها كالحمام» «4» . ألا ترى أنّ الحمام في الوجه الذي ألهمه الله مصالح ما يعيشه، ويصلح به شأن ذرئه ونسله- ليس بدون الإنسان في ذرئه ونسله، مع ما خوّل من المنطق، وألهم من العقل، وأعطي من التّصريف في الوجوه؟!. 2020-[حيلة الفأرة للعقرب] وإذا جمع بعض أهل العبث وبعض أهل التّجربة بين العقرب وبين الفأرة في إناء زجاج، فليس عند الفأرة حيلة أبلغ من قرض إبرة العقرب فإمّا أن تموت من ساعتها، وإمّا أن تتعجل السّلامة منها، ثم تقتلها كيف شاءت، وتأكلها كيف أحبّت «5» . 2021-[علم الذرة] قال «6» : ومن علّم الذّرّة أن تفلق الحبّة فتأكل موضع القطمير لئلّا تنبت فتفسد. فإذا كانت الحبّة من حبّ الكزبرة ففلقتها أنصافا لم ترض حتى تفلقها أرباعا؛ لأن الكزبرة من بين جميع الحبّ تنبت وإن كانت أنصافا. وهذا علم غامض

2022 -[معرفة الدب]

إذا عرفه الشّيخ الفلّاح المجرّب، والفاشكار «1» الرئيس والأكّار الحاذق، فقد بلغوا النهاية في الرّياسة. 2022-[معرفة الدبّ] وقال جالينوس «2» : ومن علّم الدبّ الأنثى إذا وضعت ولدها أن ترفعه في الهواء أياما تهرب به من الذّرّ والنمل، لأنها تضعه كفدرة «3» من لحم، غير متميّز الجوارح، فهي تخاف عليه الذّرّ، وذلك له حتف. فلا تزال رافعة له وراصدة، ومتفقّدة ومحوّلة له من موضع إلى موضع، حتى يشتد وتنفرج أعضاؤه. 2023-[شعر لبشار] وقال بشّار الأعمى: [من البسيط] أما الحياة فكلّ النّاس يحفظها ... وفي المعيشة أبلاء مناكير «4» وكلّ قسم فللعقبان أكثره ... والحظّ شيء عليه الدهر مقصور 2024-[أمنيّة بشر أخي بشار] وقال بشر أخو بشّار- وكانوا ثلاثة [لأمّ] «5» ، واحد حنفيّ، وواحد سدوسيّ، وبشّار عقيليّ، وإنما نزل في بني سدوس لسبب أخيه- وقد كان قيل لأخيه: لو خيّرك الله أن تكون شيئا من الحيوان أيّ شيء كنت تتمنى أن تكون؟ قال: عقاب. قيل: ولم تمنّيت ذلك؟ قال: لأنّها تبيت حيث لا ينالها سبع ذو أربع، وتحيد عنها سباع الطّير. وهي لا تعاني الصيّد إلّا في الفرط، ولكنّها تسلب كلّ صيود صيده. وإذا جامع صاحب الصقر وصاحب الشّاهين وصاحب البازي صاحب العقاب، لم يرسلوا أطيارهم خوفا من العقاب. وهي طويلة العمر، عاقّة بولدها. وهي لا تحمل على نفسها في الكسب، وهي إن شاءت كانت فوق كلّ شيء، وإن شاءت كانت بقرب كلّ شيء، وتتغدّى بالعراق وتتعشّى باليمن. وريشها الذي عليها هو فروها في الشتاء، وخيشها في الصّيف. وهي أبصر خلق الله.

2025 -[المحمق من الحيوان]

هذا قول صاحب المنطق في عقوق العقاب وجفائها بأولادها، فأمّا أشعار العرب فهي تدلّ على خلاف ذلك، قال دريد بن الصّمّة» : [من الطويل] وكلّ لجوج في العنان كأنّها ... إذا اغتمست في الماء فتخاء كاسر «2» لها ناهض في الوكر قد مهدت له ... كما مهدت للبعل حسناء عاقر «3» 2025-[المحمق من الحيوان] والحيوان المحمّق الرّخمة والحبارى. قال عثمان بن عفّان رضي الله عنه «4» : «كلّ شيء يحبّ ولده حتّى الحبارى» . وأنثى الذئاب، وهي التي تسمّى جهيزة، والضبع، والنّعجة، والعنز، هذه من الموصوفات بالموق جدّا. قال: ومن الحيوان ما ليس عنده إلا الجمال والحسن كالطاوس؛ وهو من الطير المحمّق، وكذلك التّدرج «5» مع جماله وحسنه وعجيب وشيه، والزرافة، وهي أيضا موصوفة بالموق، وليس عندها إلا طرافة الصّورة وغرابة النّتاج. وهي من الخلق العجيب مواضع الأعضاء، ويتنازعها أشباه كثيرة. 2026-[القبيح من الحيوان] والفيل عجيب ظريف، ولكنه قبيح مسيخ «6» ، وهو في ذلك بهيّ نبيل، والعين لا تكرهه. والخنزير قبيح مسيخ، والعين تكرهه. والقرد قبيح مليح.

2027 -[فطنة بعض الطيور]

2027-[فطنة بعض الطيور] وعند الببغاء والمكّاء والعندليب وابن تمرة «1» مع صغر أجرامها ولطافة شخوصها، وضعف أسرها «2» ، من المعرفة والكيس والفطنة والخبث ما ليس عند الزّرافة والطاووس والببغاء عجيب الأمر. ويقولون: عندليب وعندبيل، وهو من أصغر الطير. 2028-[ما قيل في حمق الأجناس المائية وفطنتها] فأما الأجناس المائية من أصناف السّمك، والأجناس التي تعايش السّمك، فإنّ جماعتها موصوفة بالجهل والموق وقلّة المعرفة، وليس فيها خلق مذكور، ولا خصلة من خصال الفطن، إلا كنحو ما يروى من صيد الجرّيّ للجرذان، وحمل تلك الدابة «3» للغرقى حتى تؤدّيهم إلى الساحل. 2029-[شدة بدن السمكة والحية] والسمكة شديدة البدن، وكذلك الحيّة. وكلّ شيء لا يستعين بيد ولا رجل ولا جناح، وإنما يستعمل أجزاء بدنه معا فإنه يكون شديد البدن. 2030-[حيلة الشبوط في التخلص من الشبكة] وخبّرني «4» بعض الصيّادين أنّ الشبوطة تنتهي في النهر إلى الشّبكة فلا تستطيع النفوذ منها، فتعلم أنها لا ينجيها إلا الوثوب فتتأخّر قدر قاب رمح، ثم تتأخّر جامعة لجراميزها «5» حتّى تثب، فربّما كان ارتفاع وثبتها في الهواء أكثر من عشر أذرع. وإنما اعتمدت على ما وصفنا. وهذا العمل أكثر ما رووه من معرفتها، وليس لها في المعرفة نصيب مذكور. 2031-[ما يغوص من السمك في الطين] وأنواع من السمك يغوص في الطّين، وذلك أنها تنخر وتتنفّس في جوفه، وتلزم أصول النبات إذا لم يرتفع، وتلتمس الطّعم والسّفاد.

2032 -[جحرة الوحش]

ونحن لم نر قطّ في بطن دجلة والفرات وجميع الأودية والأنهار، عند نضوب الماء، وانكشاف الأرض، وظهور وجه الطين، وعند الجزر والنّقصان في الماء في مواخر «1» الصيّف وأيّام مجاورة الأهلّة والأنصاف «2» جحرا قطّ، فضلا على ما يقولون، أنّ لها في بطون الأنهار بيوتا. 2032-[جحرة الوحش] ورأيت عجبا آخر، وهو أنّي في طول ما دخلت البراريّ، ودخلت البلدان، في صحارى جزيرة العرب والرّوم والشّام والجزيرة وغير ذلك، ما أعلم أني رأيت على لقم طريق «3» أو جادة، أو شرك مصاقب ذلك «4» أو إذا جانبت الطّرق، وأمعنت في البراري، وضربت إلى الموضع الوحشي- جحرا واحدا يجوز أن يدخله ضبع أو تيس ظباء، أو بعض هذه الأجناس الوحشيّة. وما أكثر ما أرى الجحرة، ولكني لم أر شيئا يتسع للثّعلب وابن آوى، فضلا على هذه الوحوش الكبار مما هو مذكور بالتّولج والوجار، وبالكناس والعرين. وجحر الضبّ يسمّى عرينا، وهو غير العرين الذي يضاف إلى الشّجر. 2033-[حيلة الضب واليربوع] وأمّا حفظ الحياة والبصر بالكسب، والاحتراس من العدوّ والاستعداء بالحيل، فكما أعدّ الضبّ واليربوع «5» . 2034-[علة اختفاء الفهد والأيل] والفهد إذا سمن عرف أنه مطلوب، وأنّ حركته قد ثقلت، فهو يخفي نفسه بجهده حتى ينقضي ذلك الزمان الذي تسمن فيه الفهود، ويعلم أنّ رائحة بدنه شهيّة إلى الأسد والنّمر. وهو ألطف شمّا لأراييح السباع القويّة من شمّ السباع للرائحة الشهيّة، فهي لا تكاد تكون إلّا على علاوة الريح. والأيّل ينصل قرنه في كلّ عام، فيصير كالأجمّ، فإذا كان ذلك الزمان استخفى

2035 -[معرفة الإبل بما يضرها وما ينفعها]

وهرب وكمن، فإذا نبت قرنه عرّضه للرّيح والشّمس في الموضع الممتنع، ولا يظهر حتى يصلب قرنه ويصير سلاحا يمتنع به. وقرنه مصمت، وليس في جوفه تجويف، ولا هو مصمت الأعلى أجوف الأسفل. 2035-[معرفة الإبل بما يضرها وما ينفعها] والبعير يدخل الرّوضة والغيضة، وفي النبات ما هو غذاء، ومنه ما هو سمّ عليه خاصة، ومنه ما يخرج من الحالين جميعا، ومن الغذاء ما يريده في حال ولا يريده في حال أخرى، كالحمض والخلّة، ومنه ما يغتذيه غير جنسه فهو لا يقربه وإن كان ليس بقاتل ولا معطب. فمن تلك الأجناس ما يعرفه برؤية العين دون الشمّ، ومنها ما لا يعرفه حتّى يشمّه، وقد تغلط في البيش فتأكله، كصنع الحافر في الدّفلى «1» . 2036-[معرفة الإبل بالزجر] والناقة تعرف قولهم: حل، والجمل يعرف قولهم: جاه. قال الراجز وهو يحمّق رجلا هجاه «2» : [من الرجز] يقول للناقة قولا للجمل ... يقول جاه يثنيه بحل 2037-[قدرة الحيوان على رفع اللبن وإرساله] وممّا فضلت به السّباع على بني آدم أنّ الله جعل في طباع إناث السباع والبهائم، من الوحشيّة والأهلية، رفع اللّبن وإرساله عند حضور الولد، والمرأة لا تقدر أن تدرّ على ولدها وترفع لبنها في صدرها إذا كان ذلك المقرّب منها غير ولدها. والذي أعطى الله البهائم من ذلك مثل ما تعرف به المعنى وتتوهّمه. اعلم أنّ الله تعالى قد أقدر الإنسان على أن يحبس بوله وغائطه إلى مقدار، وأن يخرجهما، ما لم تكن هناك علّة من حصر وأسر، وإنما يخرج منه بوله ورجيعه بالإرادة والتوجيه والتهيؤ لذلك. وقد جعل الله حبسه وإخراجه وتأخيره وتقديمه على ما فسّرنا. فعلى هذا الطريق طوق «3» إناث السّباع والبهائم، في رفع اللّبن. 2038-[حشر الحيوان في اليوم الآخر] وقد قال الله جل ثناؤه: وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ

2039 -[ما يطرأ عليه الطيران]

أَمْثالُكُمْ ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ «1» . فالكلمة في الحشر مطلقة عامّة، ومرسلة غير مستثنى منها. فأوجب في عموم الخبر على الطّير الحشر، والطير أكثر الخلق. والحديث: «إنّ أكثر الخلق الجراد» . 2039-[ما يطرأ عليه الطيران] ومن العقارب طيّارة قاتلة. وزعم صاحب المنطق أنّ بالحبشة حيات لها أجنحة. وأشياء كثيرة تطير بعد أن لم تكن طيّارة، مثل الدعاميص، والنّمل، والأرضة، والجعلان. والجراد تنتقل في حالات قبل نبات الأجنحة. قالوا: وحين عظّم الله شأن جعفر بن أبي طالب، خلق له جناحين يطير بهما في الجنّة، كأنه تعالى ألحقه بشبه الملائكة في بعض الوجوه «2» . 2040-[ما يطير ولا يسمى طيرا] وذكر الله الملائكة فقال: أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ «3» . ولا يقال للملائكة طير، ولا يقال إنها من الطّير، رفعا لأقدارها. ولا يقال للنمل والدعاميص والجعلان والأرضة إذا طارت: من الطّير، كذلك لا يقال للجرجس والبعوض وأجناس الهمج إنها من الطير، وضعا لأقدارها عن أقدار ما يسمّى طيرا. فالملائكة تطير ولا يسمّونها طيرا لرفع أقدارها عن الطير. والهمج يطير ولا يسمّى طيرا لوضع أقدارها عن الطّير. 2041-[ملائكة العرش] وفي الرواية أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أنشد قول أميّة بن أبي الصّلت «4» : [من الكامل] رجل وثور تحت رجل يمينه ... والنّسر للأخرى وليث مرصد فقال: «صدق» . وقوله «نسر» يعني في صورة نسر، لأنّ الملك لا يقال له نسر ولا صقر ولا عقاب ولا باز.

2042 -[ما جاء فيه الأثر من الطير]

2042-[ما جاء فيه الأثر من الطير] وذكروا غراب نوح «1» . وحمامة نوح «2» ، وهدهد سليمان «3» ، والنحل والدرّاج، وما جاء من الأثر في ذلك الديك الذي يكون في السماء «4» . وقال الناس: غراب نوح، وهدهد سليمان، وحمامة نوح. ورووا في الخطاف والصّرد. 2043-[أشرف الخيل والطير] ولا نعرف شيئا من الحيوان أشرف اسما من الخيل والطّير، لأنّهم يقولون: فرس جواد، وفرس كريم، وفرس وسيم، وفرس عتيق، وفرس رائع. وقالوا في الطير لذوات المخالب المعقّفة، والمناسر المحدّبة: أحرار، ومضرحيّات «5» ، وعتاق؛ وكواسب، وجوارح. وقال لبيد بن ربيعة «6» : [من الرمل] فانتضلنا وابن سلمى قاعد ... كعتيق الطّير يغضي ويجلّ «7» وقال الشّاعر: [من الكامل] حرّ صنعناه لتحسن كفّه ... عمل الرفيقة واستلاب الأخرق «8» ولولا أنا قد ذكرنا شأن الهدهد والغراب والنمل وما ذكرها به القرآن، والخصال التي فيها من المعارف ومن القول والعمل، لذكرناه في هذا الموضع.

ما جاء في ذكر الطير

ما جاء في ذكر الطير قال الله جلّ ثناؤه: وَرَسُولًا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ «1» . وقال الله: وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي » . وقال: وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ «3» . وقال الله: أَمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ «4» . وقال: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ. أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ، وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ. تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ «5» . وقال الله: وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ وَقالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ «6» . ولم يذكر منطق البهائم والسباع والهمج والحشرات. وقال الله: فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ «7» ؛ لأنك حيثما تجد المنطق تجد الرّوح والعقل والاستطاعة. وقالوا: الإنسان هو الحيّ الناطق. وقال الله: فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى «8» . وقال: أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا «9» ، ثم قال: وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ «10» ولم يذكر شيئا من جميع الخلق. وقد كان الله سخّر له جميع ذلك. ثم قال: وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ «11» . ولم يتفقد شيئا ممّا سخّر له، ولا دلّ سليمان على ملكة سبأ إلّا طائر. وقال الله: وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ «12» .

وقال الله: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ «1» . فلما ذكر داود قال: وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ «2» . وقال الله: يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ «3» . وقال: وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ «4» . وقالوا: «منطق الطير» ، على التشبيه بمنطق الناس، ثم قالوا بعد: الصّامت والناطق، ثم قالوا بعد للدار: تنطق. وقال الله: يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ. قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ «5» . وقال الله: وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ «6» . وكان عبد الله بن عبّاس يقول: ليس يعني بقوله: تُكَلِّمُهُمْ من الكلام، وإنما هو من الكلم والجراح. وجمع الكلم كلوم، ولم يكن يجعله من المنطق، بل يجعله من الخطوط والوسم، كالكتاب والعلامة اللذين يقومان مقام الكلام والمنطق. وقال الآخرون: لا ندع ظاهر اللفظ والعادة الدالّة في ظاهر الكلام، إلى المجازات، قالوا: فقد ذكر الله الدابّة بالمنطق، كما ذكروا في الحديث كلام الذئب لأهبان بن أوس «7» . وقول الهدهد مسطور في الكتاب بأطول الأقاصيص، وكذلك شأن الغراب «8» . وقال الله: وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ «9» ، وجعل الله مقالة النملة قرآنا، وقال: وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ، وَلا طائِرٍ

يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ «1» . وقال في مكان آخر: وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ «2» . وقال: وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ «3» . وذكر الملائكة فقال: أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ «4» . وأنشدوا النبيّ صلى الله عليه وسلم قول أميّة بن أبي الصّلت «5» : [من الكامل] رجل وثور تحت رجل يمينه ... والنّسر للأخرى وليث مرصد فقال: «صدق» . وخلق الله لجعفر جناحين في الجنّة، عوضا من يديه المقطوعتين في سبيل الله «6» . قالوا: ولو كانت في الأرض يد تفضل الجناح لجعلها الله بدل الجناح. وسمّاه المسلمون «الطيّار» . ويقال: «ما هو إلا طائر» ، إذا أرادوا مديح الإنسان في السّرعة. وقال الفرزدق «7» : [من البسيط] جاؤوا مع الرّيح أو طاروا بأجنحة ... وخلّفوا في جؤاثا سيّدي مضرا «8» والأمم كلّها تضرب المثل بعنقاء مغرب. وقد جاء في نسر لقمان ما قد جاء من الآثار والأخبار. وقال الخزرجي «9» : [من المنسرح] إنّ معاذ بن مسلم رجل ... قد ضجّ من طول عمره الأبد قد شاب رأس الزّمان واختضب ال ... دّهر وأثواب عمره جدد يا نسر لقمان كم تعيش وكم ... تسحب ذيل الحياة يا لبد قد أصبحت دار آدم خربت ... وأنت فيها كأنّك الوتد تسأل غربانها إذا حجلت ... كيف يكون الصّداع والرّمد

أسماء ما في النجوم والبروج والفرس والناس وغير ذلك، من أسماء الطير

وقال النابغة «1» : [من البسيط] أضحت خلاء وأضحى أهلها احتملوا ... أخنى عليها الذي أخنى على لبد وقال الله: وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً «2» لأن ذلك الصنم كان على صورة النّسر. وقالوا: أحرار فارس، وأحرار الرّياحين، وأحرار البقول، وأحرار الطير، وهي الأحرار، والعتاق، والكواسب، والجوارح، والمضرحيّات. وقال الله: وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً «3» . أسماء ما في النجوم والبروج والفرس والنّاس وغير ذلك، من أسماء الطير مما يعدّ في الفرس من أسماء الطير» : الفراش: وهو المنخر «5» . والذّباب: وهو ذباب العين «6» . والصّلصل: وهو الدائرة في الجبهة «7» . والعصفور: وهو الجلدة تحت الناصية «8» والحدأة: وهو أصل الأذن. والهامة: وهو الجلدة التي فيها الدماغ «9» والفرخ: موضع الفهقة «10» . والنّاهضان: في المنكبين «11» . والصّرد: عرق تحت اللسان.

والسّمامة «1» : الدائرة في عرض العنق. والقطاة: موضع الرّدف. والغرابان: العظمان الناتئان بين الوركين؛ ويقال الغراب طرف الورك. والساق: ساق الفرس، وهو ذكر الحمام. والخطّاف: موضع الرّكاب من جنبه. والرّخمة: البضعة الناتئة في ظهر الفخذ. والأصقع «2» : الأبيض الناصية. وقال الله: وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ «3» . وفي السماء النّسر الطائر، والنّسر الواقع. وفي الأوثان القديمة وثن كان يسمّى نسرا، ويزعمون أنه كان على صورة نسر. وقال الله: وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً «4» . وقال: وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ. إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ. وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ «5» . وفي أسماء الناس «6» : غراب، وصرد. وفي أسماء النساء: فاختة وحمامة. وفي أسماء الناس: يمام ويمامة، وسمامة، وشاهين. وفي أسماء النّساء: عقاب، وقطاة، وقطيّة، ودجاجة يكون للرّجال والنساء. ويسمّون بعصفور، ونقّاز، وحجل، ويسمّون الرجال بقطاميّ، مثل أبي الشرقيّ بن القطامي الشاعر «7» . وإذا كانت امرأة قالوا قطام مثل حذام. وقال امرؤ القيس بن حجر «8» : [من الكامل] وأنا الذي عرفت معدّ فضله ... ونشدت حجرا ابن أمّ قطام ويسمون بمضرحيّ. وكبار الطير هي المضرحيّة؛ وأكثر ما يستعمل ذلك في عتاق الطير وأحرارها، ويسمون بحرّ، وليس الحر من الطير إلّا العقيق. وقال الشاعر «9» : [من الكامل] حرّ صنعناه لتحسن كفّه ... عمل الرّفيقة واستلاب الأخرق

2044 -[نطق الطير]

ويسمّون صعوة وسمنانى، وسمامة، ويسمّون بجناح، ويلقّبون بمنقار، ويسمون بفرخ وفريخ، وصقر وصقير وأبي الصّقر، وطاوس وطويس. وفي الألقاب يؤيؤ وزرّق. وفي الأسماء حيقطان وهو الدّرّاج الذّكر، ويسمّون بحذف «1» وحذيفة، وأبي حذيفة، وفي الألقاب أبو الكراكيّ، وفي الصفات الغرانيق والغرنوق «2» . 2044-[نطق الطير] وقال أميّة أبي الصّلت «3» : [من الكامل] فاسمع لسان الله كيف شكوله ... عجب وينبيك الذي تستشهد والوحش والأنعام كيف لغاتها ... والعلم يقسم بينهم ويبدّد وقال الله عزّ وجلّ مخبرا عن سليمان أنّه قال: يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ «4» . وقال الشاعر «5» : [من البسيط] يا ليلة لي بحوّارين ساهرة ... حتّى تكلّم في الصّبح العصافير وقال الشاعر: [من المنسرح] وغنّت الطّير بعد عجمتها ... واستوفت الخمر حولها كملا وقال الكميت «6» : [من مجزوء الكامل] كالناطقات الصادقا ... ت الواسقات من الذّخائر 2045-[تدبير الحيوان] قال: ولكلّ جنس من أجناس الحيوان احتراف وتكسّب، وروغان من الباغي عليه، واحتيال لما أراد صيده؛ فهو يحتال لما هو دونه، ويحتال في الامتناع مما فوقه، ويختار الأماكن الحصينة ما احتملته، والاستبدال بها إذا أنكرها.

2046 -[منطق الطير]

2046-[منطق الطير] ولها منطق تتفاهم بها حاجات بعضها إلى بعض. ولا حاجة بها إلى أن يكون لها في منطقها فضل لا تحتاج إلى استعماله. وكذلك معانيها في مقادير حاجاتها. 2047-[بعض ما قيل في العقل] وقيل لرجل من الحكماء: متى عقلت؟ قال: ساعة ولدت. فلما رأى إنكارهم لكلامه قال: أمّا أنا فقد بكيت حين خفت، وطلبت الأكل حين جعت، وطلبت الثّدى حين احتجت، وسكتّ حين أعطيت. يقول هذه مقادير حاجاتي، ومن عرف مقادير حاجاته إذا منعها، وإذا أعطيها، فلا حاجة به في ذلك الوقت إلى أكثر من ذلك العقل. ولذلك قال الأعرابيّ «1» : [من الطويل] سقى الله أرضا يعلم الضّبّ أنّها ... بعيد من الآفات طيبة البقل بني بيته منها على رأس كدية ... وكلّ امرئ في حرفة العيش ذو عقل 2048-[منطق الطير وعقله] فإن قال قائل: ليس هذا بمنطق، قيل له: أما القرآن فقد نطق بأنّه منطق، والأشعار قد جعلته منطقا، وكذلك كلام العرب، فإن كنت إنما أخرجته من حدّ البيان، وزعمت أنّه ليس بمنطق لأنك لم تفهم عنه، فأنت أيضا لا تفهم كلام عامّة الأمم؛ وأنت إن سمّيت كلامهم رطانة وطمطمة فإنّك لا تمتنع من أن تزعم أنّ ذلك كلامهم ومنطقهم، وعامّة الأمم أيضا لا يفهمون كلامك ومنطقك، فجائز لهم أن يخرجوا كلامك من البيان والمنطق. وهل صار ذلك الكلام منهم بيانا ومنطقا إلّا لتفاهمهم حاجة بعضهم إلى بعض، ولأنّ ذلك كان صوتا مؤلّفا خرج من لسان وفم، فهلّا كانت أصوات أجناس الطير والوحش والبهائم بيانا ومنطقا إذ قد علمت أنّها مقطعة مصوّرة، ومؤلّفة منظمة، وبها تفاهموا الحاجات، وخرجت من فم ولسان، فإن كنت لا تفهم من ذلك إلّا البعض، فكذلك تلك الأجناس لا تفهم من كلامك إلّا البعض. وتلك الأقدار من الأصوات المؤلّفة هي نهاية حاجاتها والبيان عنها، وكذلك أصواتك المؤلّفة هي نهاية حاجاتك وبيانك عنها. وعلى أنّك قد تعلّم الطّير الأصوات فتتعلّم، وكذلك يعلّم الإنسان الكلام فيتكلّم، كتعليم الصبيّ والأعجميّ. والفرق

2049 -[ما قيل في تجاوب الأصداء والديكة]

بين الإنسان والطير أنّ ذلك المعنى معنّى يسمّى منطقا وكلاما على التشبيه بالنّاس، وعلى السبب الذي يجري، والنّاس ذلك لهم على كلّ حال. وكذلك قال الشاعر الذي وصفها بالعقل، وإنما قال ذلك على التّشبيه، فليس للشاعر إطلاق هذا الكلام لها، وليس لك أن تمنعها ذلك من كلّ جهة وفي كلّ حال. فافهم فهّمك الله، فإنّ الله قد أمرك بالتفكّر والاعتبار، وبالتعرّف والاتّعاظ. وقد قال الله عزّ وجلّ مخبرا عن سليمان: يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ «1» نجعل ذلك منطقا، وخصّ الله سليمان بأن فهّمه معاني ذلك المنطق، وأقامه فيه مقام الطّير؛ وكذلك لو قال علّمنا منطق البهائم والسّباع، لكان ذلك آية وعلامة. وقد علّم الله إسماعيل منطق العرب بعد أن كان ابن أربع عشرة سنة، فلما كان ذلك على غير التلقين والتأديب والاعتياد والترتيب والمنشأ، صار ذلك برهانا ودلالة وأعجوبة وآية. وقال ابن عبّاس- وذكر عمر بن الخطاب فقال-: «كان كالطائر الحذر» ؛ فشبّه عزم عمر وتخوّفه من الخطأ، وحذره من الخدع بالطائر. 2049-[ما قيل في تجاوب الأصداء والديكة] وقال ابن مقبل «2» : [من البسيط] فلا أقوم على المولى فأشتمه ... ولا يخرّقه نابي ولا ظفري ولا تهيّبني الموماة أركبها ... إذا تجاوبت الأصداء بالسّحر فجعلها تتجاوب. وقال الطرمّاح بن حكيم- وذكر تجاوب الدّيكة كما ذكر ابن مقبل تجاوب الأصداء- فقال «3» : [من الطويل] فيا صبح كمّش غبّر اللّيل مصعدا ... ببمّ ونبّه ذا العفاء الموشّح إذا صاح لم يخذل وجاوب صوته ... حماش الشّوى يصدحن من كلّ مصدح

2050 -[ما قيل في ضبحة الثعلب وقبعة القنفذ والقرنبى]

2050-[ما قيل في ضبحة الثعلب وقبعة القنفذ والقرنبى] وحدّث أبو عبيدة عن أبي عمرو بن العلاء قال: خطب ابن الزبير خطبة فاعترض له رجل فآذاه بكلمة، ثم طأطأ الرّجل رأسه، فقال ابن الزّبير: أين المتكلم؟ فلم يجبه فقال: «قاتله الله، ضبح ضبحة الثّعلب وقبع قبعة القنفذ» «1» . وقال ابن مقبل «2» : [من الطويل] ولا أتبع الجارات باللّيل قابعا ... قبوع القرنبى أخلفته مجاعره «3» باب ما جاء في الشعر من إحساس الطّير وغير ذلك من الحيوان 2051-[الحبارى] قال أبو عبيدة «4» : تسلح الحبارى على الصّقر، وذلك من أحدّ سلاحها، وهي تعلم أنّها تدبّق جناحيه وتكتفه، حتى تجتمع عليه الحباريات فينتفن ريشه طاقة طاقة، فيموت الصّقر. والحبارى إذا تحسّرت فأبطأ نبت ريشها، وهي لا تنهض بالشّكير «5» ، فربّما طار صويحباتها إذا تقدّم نبت ريشها قيل نبت ريش تلك الحبارى، فعند ذلك تكمد حزنا حتى تموت كمدا؛ ولذلك قال أبو الأسود الدّؤليّ» : [من الوافر] وزيد ميّت كمد الحبارى ... إذا ظعنت مليحة أو تلمّ

2052 -[بغاث الطير]

وليس في الطّير أسرع طيرانا منها، لأنها تصاد عندنا بظهر البصرة، فيوجد في حواصلها حبّة الخضراء غضّة طريّة، وبينها وبين مواضع ذلك الحبّ بلاد وبلاد. ولذلك قال بشر بن مروان «1» ، في قتل عبد الملك عمرو بن سعيد: [من الطويل] كأنّ بني مروان إذ يقتلونه ... بغاث من الطّير اجتمعن على صقر 2052-[بغاث الطير] وبغاث الطّير ضعاف الطير وسفلتها من العظام الأبدان، والخشاش مثل ذلك إلا أنها من صغار الطّير، وأنشد أبو عبيدة قول الشاعر «2» : [من الوافر] سألت النّاس عن أنس فقالوا ... بأندلس وأندلس بعيد كأنّي بعد سكن مضرحيّ ... أصاب جناحه عنت شديد فقد طمعت عتاق الطّير فيه ... وكانت عن عقيرته تحيد «3» وقال الذّكوانيّ: [من الوافر] بغاث الطّير تعرف قانصيها ... وكلّ مكبّد منها لهيد «4» يقول: لكلّ جنس من الجوارح ضرب من الصيد، وضرب من الطلب، فالمصيد منها يعرف ذلك، فيجعل المهرب من الآخر، ثم ذلك أنها تعرف الصائد المعتلّ من الصحيح. وهو معنى الخريمي حيث يقول «5» : [من الطويل] ويعلم ما يأتي وإن كان طائرا ... ويعلم أقدار الجوارح والبغث وقوله البغث يريد به جمع أبغث، وقال الأوّل «6» : [من الوافر]

2053 -[العصفور]

بغاث الطّير أكثرها فروخا ... وأمّ الباز مقلات نزور «1» وأنشدني ابن يسير: [من الطويل] وبالجدّ طورا ثم بالجدّ تارة ... كذاك جميع الناس في الجدّ والطّلب والجدّ مفتوح الجيم. يقول: الطير كالناس، فمرّة تصيد بالحظّ وبما يتفق لها، ومرّة بالحيلة والطّلب. وقال بشّار بن برد: [من الكامل] وبجدّه يتقلّب العصفور 2053-[العصفور] قال: وقال زاهر لصبيانه: «يرزقكم الذي يرزق عصافير الدوّ» . وقال صالح المرّيّ: «تغدو الطّير خماصا وتروح شباعا، واثقة بأنّ لها في كلّ غدوة رزقا لا يفوتها. والذي نفسي بيده أن لو غدوتم على أسواقكم على مثل إخلاصها، لرحتم وبطونكم أبطن من بطون الحوامل» . وقال أعشى همدان: [من البسيط] قالت تعاتبني عرسي وتسألني ... أين الدّراهم عنّا والدّنانير فقلت أنفقتها والله يخلفها ... والدّهر ذو مرّة عسر وميسور إن يرزق الله أعدائي فقد رزقت ... من قبلهم في مراعيها الخنازير قالت: فرزقك رزق غير متّسع ... وما لديك من الخبرات قطمير وقد رضيت بأن تحيا على رمق ... يوما فيوما، كما تحيا العصافير وإنما خصّ العصافير بقلّة الرّزق، لأنها لا تتباعد في طلب الطعم؛ وإلا فإنّ السّباع ووحش الطّير كلّها تغدو خماصا وتروح بطانا. وقال لبيد «2» : [من الطويل] فإن تسألينا فيم نحن فإنّنا ... عصافير من هذا الأنام المسحّر وقال «3» : [من الوافر]

باب ذكر اختلاف طبائع الحيوان وما يعتريها من الأخلاق

عصافير وذبّان ودود ... وأجرأ من مجلّحة الذئاب ولولا أنّ تفسير هذا قد مرّ في باب القول في العصافير في كتاب الحيوان لقلنا في ذلك. باب ذكر اختلاف طبائع الحيوان وما يعتريها من الأخلاق الذئب لا يطمع فيه صاحبه، فإذا دمي وثب عليه صاحبه فأكله «1» ، وإذا عضّ الذّئب شاة فأفلتت منه بضرب من الضروب، فإنّ عادة الغنم إذا وجدت ريح الدّم أن تشمّ موضع أنياب الذئب، وليس عندها عند ذلك إلّا أن ينضمّ بعضها إلى بعض؛ ولذلك قال جرير «2» لعمر بن لجأ التّيميّ: [من الطويل] فلا يضغمنّ اللّيث تيما بغرّة ... وتيم يشمّون الفريس المنيّبا فذكر أنّهم كالغنم في العجز والجبن. وإذا دمي الحمار ألقى نفسه إلى الأرض وامتنع ممن يريده بالعضّ وبكلّ ما قدر عليه، غير أنه لا ينهض ولا يبرح مكانه. وإذا أصاب الأسد خدش أو شحطة «3» بعد أن يدمى مكانه فإنّ ذبّان الأسد تلحّ عليه، ولا تقلع عنه أبدا حتى تقتله. وللأسود ذبّان على حدة، وكذلك الكلاب، وكذلك الحمير، وكذلك الإبل، وكذلك الناس. وإذا دمي الإنسان وشمّ الذئب منه ريح الدّم فما أقلّ من ينجو منه «4» ؛ وإن كان أشدّ الناس بدنا وقلبا، وأتمّهم سلاحا، وأثقفهم ثقافة. وإذا دمي الببر استكلب فخافه كلّ شيء كان يسالمه من كبار السّباع كالأسود والنّمور، والببر على خلاف جميع ما حكينا.

وإذا أصاب الحية خدش فإنّ الذرّ يطالبه أشدّ الطلب، فلا يكاد ينجو، ولا يعرف ذلك إلا في الفرط. وإذا عضّ الإنسان الكلب الكلب فإنّ الفأر يطالبه ليبول عليه، وفيه هلكته، فهو يحتال له بكلّ حيلة. وربما أغدّ البعير فلا يعرف ذلك الجمّال حتى يرى الذّبّان يطالبه. وإذا وضعت الذّئبة جروها فإنه يكون حينئذ ملتزق الأعضاء أمعط كأنه قطعة لحم، وتعلم الذّئبة أنّ الذرّ يطالبه، فلا تزال رافعة له بيديها، ومحوّلة له من مكان إلى مكان، حتى تفرج الأعضاء، ويشتدّ اللحم. وإذا وضعت الهرّة جروها فإن طرحوا لها لحما من ساعتها أو روبة «1» أو بعض ما يشبه ذلك فأكلته، لم تكد تأكل أجراءها، لأنّ الهرة يعتريها عند ذلك جوع وجنون وخفّة. والأجناس التي تحدث لها قوّة على غير سبب يعرف في تقدير الرأي منها الذّئب الضعيف الواثب على الذّئب القويّ إذا رأى عليه دما، والهرّة إذا سفدها الهرّ، فإنها عند ذلك تشدّ عليه وهي واثقة باستخذائه لها، وفضل قوّتها عليه، والجرذ إذا خصي فإنّه يأكل الجرذان أكلا ذريعا ولا يقوم له شيء منها «2» . فأمّا الفيل والكركدّن والجمل، عند الاغتلام وطلب الضّراب، فإنها وإن تركت الشّرب والأكل الأيّام الكثيرة فإنّه لا يقوم لشيء منها شيء من ذلك الجنس وإن كان قويّا شابا آكلا شاربا. وأمّا الغيران والغضبان والسّكران والمعاين للحرب، فهم يختلفون في ذلك على علل قد ذكرناها في القول في فضيلة الملك على الإنسان. والإنسان على الجانّ. فإن أردته فالتمسه هناك. فإنّ إعادة الأحاديث الطوال والكلام الكثير مما يهجر في السّماع، ويهجّن الكتب.

باب ما يستدل به في شأن الحيوان على حسن صنع الله

باب ما يستدل به في شأن الحيوان على حسن صنع الله وإحكام تدبيره، وأن الأمور موزونة مقدرة. قالوا: الأشياء البيّاضة طائر، ومشترك، وذو أربع، ومنساح. فمنها ما يبيض في صدوع الصّخر وأعالي الهضاب. ومنها ما يعيش في الجحرة كسائر الحيات. وأما الدّسّاس منها فإنّها تلد ولا تبيض، وهي لا ترضع ولا تلقم، والخفّاش تلد ولا تبيض وترضع، وهذا مختلف. والدّجاج والحجل والقطا وأشباه ذلك من الدّراريج وغيرها أفاحيصها في الأرض. والحمام منها طورانّي جبليّ، ومنها ألوف أهليّ. فالجبليّ تبيض في أو كار لها في عرض مقاطع الجبال، والأهليّ منها يبيض في البيوت. والعصافير بيوتها في أصول أجذاع السّقف. والخطاطيف تتّخذ بيوتها، في باطن السقف في أوثق ذلك وأمنعه. والرّخم لا ترضى من الجبال إلا بالوحشيّ منها، ومن البعيد في أسحقها وأبعدها عن مواضع أعدائها، ثم من الجبال إلّا في رؤوس هضابها، ثم من الهضاب إلا في صدوع صخورها. ولذلك يضرب بامتناع بيضها المثل. وأما الرّقّ والضّفدع والسّلحفاة والتمساح، وهذه الدوابّ المائية، فإنها تبيض في الأرض وتحضن. وأمّا السّراطين فإنّ لها بيوتا في عرض شطوط الأنهار والسّواقي، تمتلئ مرة ماء وتخلو مرة. ومن الحيوان ما لا يجثم، كالضبّة فإنها لا تجثم على بيضها، ولكن تغطّيها بالتراب وتنتظر أيّام انصداعها. 2054-[أسماء مواضع الفراخ والبيض] فإذا كان مواضع الفراخ والبيض من القطا وأشباه القطا فهو أفحوصة، وإذا كان من الطير الذي يهيئ ذلك المجثم من العيدان والرّيش والحشيش فهو عشّ، وإذا كان من الظّليم فهو أدحيّ. ذكر ذلك أبو عبيدة والأصمعي. وكلّها وكور ووكون، ووكنات ووكرات.

2055 -[أكثر الحيوان بيضا وأقله]

2055-[أكثر الحيوان بيضا وأقله] فالذي يبيض الكثير من البيض الذي لا يجوزه شيء في الكثرة السّمك، ثم الجراد، ثم العقارب، ثم الضّبة، لأن السّمك لا تزقّ ولا تلقم ولا تلحم ولا تحضن ولا ترضع، فحين كانت كذلك كثّر الله تعالى ذرءها وعدد نسلها، فكان ذلك على خلاف شأن الحمام الذي يزاوج أصناف الحمام ومثل العصافير والنّعام، فإنها لا تزاوج. فأما الحمام فلما جعله الله يزق ويحضن، ويحتاج إلى ما يغتذيه ويغذو به ولده، ويحتاج إلى الزّق، وهو ضرب من القيء، وفيه عليها وهن وشدّة، ولذلك لا يزجل إذا كان زاقّا. فلما أن كان كذلك لم يحمل عليها أكثر من فرخين وبيضتين. ولما كانت الدّجاجة تحضن ولا تزقّ، وهي تأكل الحبّ وكلّ ما دبّ ودرج، زاد الله في بيضها، وعدد فراريجها، ولم يجعل ذلك في عدد أولاد السّمك والعقارب والضّباب التي لا تحضن البتة ولا تزقّ ولا تلقم. ولما جعل الله أولاد الضبّ لها معاشا، زاد في عدد بيضها وفراخها، وصار ما يسلم كثيرا غير متجاوز للقدر. وكذلك الظّليم، لما كان لا يزق ولا يحضن اتسع عليه مطلب الرّزق من الحبوب وأصول الشّجر. وجعلها تبيض ثلاثين بيضة وأكثر. وقال ذو الرمة «1» : [من البسيط] أذاك أم خاضب بالسّيّ مرتعه ... أبو ثلاثين أمسى فهو منقلب وبيضها كبار، وليس في طاقتها أن تشتمل وتجثم إلّا على القليل منها. وكذلك الحيّة تضع ثلاثين بيضة، ولها ثلاثون ضلعا، وبيضها وأضلاعها عدد أيام الشّهر، ولذلك قويت أصلابها لكثرة عدد الأضلاع، وحمل عليها في الحضن بعض الحمل إذ كانت لا ترضع. 2056-[أثر الإلقام والزق في الحيوان] والطائر الذي يلقم فرخه يكون أقوى من الطائر الزاقّ، وكذلك من البهائم المرضعة.

2057 -[ما يزاوج من الحيوان]

ولما كانت العصافير تصيد الجراد والنمل والأرضة إذا طارت، وتأكل الحبّ واللّحم، وكانت مع هذا تلقم، لم تكثّر من البيض كتكثير الدجاج ولم تقلّلل كتقليل الحمام. 2057-[ما يزاوج من الحيوان] وللعصافير فيها زواج، وكذلك النّعام، وليس في شيء من ذوات الأربع زواج، وإنما الزّواج في اللاتي تمشي على رجلين، كالإنسان والطّير والنّعام، وليس هو في الطير بالعامّ، وهو في الحمام وأصناف الحمام من هذه المغنيات والنوائح عامّ. وسبيل الحجل والقبج سبيل الدّيكة والدّجاج. والدّجاجة تمكن كلّ ديك، والدّيك يثب على كلّ دجاجة. وربّما غبر الحمام الذّكر حياته كلّها لا يقمط غير أنثاه، وكذلك الأنثى لا تدعو إلا زوجها، وربّما أمكنت غيره، وفي الحمام في هذا الباب من الاختلاف ما في النساء والرجال. فأما الشّفنين «1» فإنّه لا يقمط غير أنثاه، وإن هلكت الأنثى لم يزاوج أبدا، وكذلك الأنثى للذكر. 2058-[عجائب البيض] فأمّا العلة في وضع القطا بيضها أفرادا، وخروج البضة من جهة أوسع الرّأسين، واستدارة بيض الرّقّ، واستطالة بيض الحيات، وما يكون منها أرقط وأخضر وأصفر وأبيض وأكدر وأسود، فإنّي لم أرض لهم في ذلك جوابا فأحكيه لك. 2059-[معارف في البيض] قالوا: وإنما يعظم البيض على قدر جثّة البيّاضة. وبيض الأبكار أصغر. فأمّا كثرة العدد فقالوا إنه كلما كان أكثر سفادا كان أكثر عددا. وليس الأمر كذلك، لأنّ العصفور أكثر سفادا من أجناس كثيرة هي أقلّ بيضا منه. والجراد والسّمك لا حضن ولا زقّ ولا رضاع ولا تلقيم عليهن، فحين جعل الفراخ كثيرة العدد، وكانت الأمّهات والآباء عاجزة عنها، لم يجعلها محتاجة إلى الأمّهات والآباء. فتفهّم هذا التدبير اللطيف، والحكمة البالغة.

2060 -[أقل الحيوان نسلا وأكثره]

2060-[أقل الحيوان نسلا وأكثره] قالوا: والأقلّ في ذلك البازي، والأكثر في ذلك الذّرّ والسّمك. قال الشاعر «1» : [من الوافر] بغاث الطّير أكثرها فروخا ... وأمّ الباز مقلات نزور وقال صاحب المنطق: نسل الأسد أقلّ لأنه يجرح الرحم فيعقم، قالوا: والفيلة تضع في سبع سنين، وأقلّ الخلق عددا وذرءا الكركدّن، لأنّ الأنثى تكون نزورا، وأيام حملها كثيرة جدّا «2» ، وهي من الحيوان الذي لا يلد إلّا واحدا، وكذلك عظام الحيوان. وهي مع ذلك تأكل أولادها، ولا يكاد يسلم منها إلّا القليل، لأنّ الولد يخرج سويّا نابت الأسنان والقرن، شديد الحافر. بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله، وصلى الله على سيدنا محمد خاصّة وعلى أنبيائه عامّة، ونسأله التأييد والعصمة، ونعوذ به من كلّ سبب جانب الطّاعة، ودعا إلى المعصية، إنه قريب مجيب، فعّال لما يريد. قد قلنا في أول هذا الجزء، وهو الجزء السابع، من القول في الحيوان في أحساس أجناسها المجعولة فيها، وفي معارفها المطبوعة عليها، وفي أعاجيب ما ركّبت عليه من الدّفع عن أنفسها، والتقدّم فيما يحييها وفي تحسّسها عواقب أمورها وكلّ ما خوّفت من حوادث المكروه عليها بقدر ما ينوبها من الآفات، ويعتريها من الحادثات وأنّها تدرك ذلك بالطّبع من غير رويّة، وبحسّ النّفس من غير فكرة، ليعتبر معتبر، ويفكر مفكّر، ولينفي عن نفسه العجب، ويعرف مقداره من العجز، ونهاية قوّته، ومبلغ نفاذ بصره، وأنه مخلوق مدبّر ومصرّف وميسّر، وأنّ الأعجم من أجناس الحيوان، والأخرس من تلك الأشكال، يبلغ في تدبير معيشته، ومصلحة شأنه، وفي

[ما جاء في الفيلة]

كلّ ما هو بسبيله، ما لا يبلغه ذو الرّويّة التامّة، والمنطق البليغ، وأنّ منها ما يكون ألطف مدخلا، وأدقّ مسلكا، وأصنع كفّا، وأجود حنجرة، وأطبع على الأصوات الموزونة، وأقوم في حفظ ما يعيشه طريقة، إلّا أنّ ذلك منها مفرّق غير مجموع، ومنقطع غير منظوم. والإنسان ذو العقل والاستطاعة، والتصرّف والرويّة، إذا علم علما غامضا، وأدرك معنى خفيا، لم يكد يمتنع عليه ما دونه إذا قاس بعض أمره على بعض. وأجناس الحيوان قد يعلّم بعضها علما، ويصنع بكفّه صنعة يفوق بها الناس، ولا يهتدي إلى ما هو دون ذلك بطبع ولا رويّة، وعلى أنّ الذي عجز عنه في تقدير العقول دون الذي قدر عليه. [ما جاء في الفيلة] وأنا ذاكر إن شاء الله، ما جاء في الفيلة من عجيب التركيب، وغريب التأليف، والمعارف الصّحيحة، والأحساس اللطيفة، وفي قبولها التّثقيف والتّأديب، وسرعتها إلى التلقين والتّقويم، وما في أبدانها من الأعضاء الكريمة، والأجزاء الشريفة، وكم مقدار منافعها، ومبلغ مضارّها، وبكم فضلت أجناس الحيوان، وفاقت تلك الأجناس. وما جعل الله تعالى فيها من الآيات والبرهانات، والعلامات النيّرات، التي جلاها لعيون خلقه وعرّف بينها وبين عقول عباده، وقيّدها عليهم، وحفظها لهم ليكثّر لهم من الأدلة، ويزيدهم في وضوح الحجّة، ويسخّرهم لتمام النّعمة، والذي ذكرها الله به في الكتاب الناطق، والخبر الصادق، وما في الآثار المعروفة، والأمثال المضروبة، والتجارب الصحيحة. وما قالت فيها الشعراء، ونطقت به الخطباء، وميّزته العلماء، وعجّبت منه الحكماء، وحالها عند الملوك وموضع نفعها في الحروب، ومهابتها في العيون، وجلالتها في الصّدور، وفي طول أعمارها، وقوّة أبدانها، وفي اعتزامها وتصميمها، وأحقادها، وشدّة اكتراثها، وطلبها بطوائلها، وارتفاعها عن ملك السّقّاط والحشوة، وعن اقتناء الأنذال والسّفلة، وعن ارتخاصها في الثمن وارتباطها على الخسف، وابتذالها وإذالتها، وعن امتناع طبائعها، وتمنّع غرائزها أن تصلح أبدانها، وتنبت أنيابها، وتعظم جوارحها، وتتسافد وتتلاقح إلّا في معادنها وبلادها، وفي منابتها ومغارس أعراقها، مع التماس الملوك ذلك منها، حتى أعجزت الحيل، وخرجت من حدّ الطّمع.

2061 -[قصيدة هاورن مولى الأزد في الفيل]

وعن الإخبار عن حملها ووضعها، ومواضع أعضائها، والذي خالفت فيه الأشكال الأربعة التي تحيط بالجميع مما ينساح أو يعوم، أو يمشي أو يطير، وجميع ما ينتقل عن أوّليّة خلقه، وما يبقى على الطّبائع الأول من صورته وعمّا يتنازعه من شبه الحيوان، أو ما يخالف فيه جميع الحيوان، وعن القول في شدّة قلبه وأسره، وفي جرأته، على ما هو أعظم بدنا وأشدّ كلبا، وأحدّ أظفارا، وأذرب أنيابا، وهربه ممّا هو أصغر منه جرما وأكلّ حدّا، وأضعف أسرا، وأخمل ذكرا. وعن الإخبار عن خصاله المذمومة، وأموره المحمودة وعن القول في لونه وجلده وشعره، ولحمه وشحمه وعظمه، وبوله ونجوه، وعن لسانه وفمه، وعن أذنه وعينه، وعن خرطومه وغرموله، وعن مقاتله وموضع سلاحه، وعن أدوائه ودوائه، وعن القول في أنيابه وسائر أسنانه، وسائر عظامه، وفرق ما بين عظامه وعظام غيره، وعن مواضع عجزه وقوّته، والقول في ألبانها وضروعها، وعدد أخلافها وأماكن ذلك منها، وعن سياحتها ومشيها وحضرها وسرعتها، وخفّة وطئها ولين ظهورها، وإلذاذ راكبها، وعن ثبات خفّها في الوحل والرّمل، وفي الحدر والصّعداء، وعن أمن راكبها من العثار. وكيف حالها عند اهتياجها واغتلامها، وعن سكونها وانقضاء هيجانها عند حملها، وعن طربها وطاعتها لسوّاسها، وفهمها لما يراد منها، وكيف حدّة نظرها والفهم الذي يرى في طرفها، مع الوقار والنّبل، والإطراق والسّكون، ولم اجتمعت الملوك عربها وعجمها وأحمرها وأسودها على اقتنائها والتزيّن بها، والفخر بكثرة ما تهيّأ لهم منها، حتى صارت عندهم من أكرم الهدايا، وأشرف الألطاف، وحتى صار اتخاذها مروءة وعتادا وعدّة، ودليلا على أنّ مقتنيها صاحب حرب. وفي تفضيل خصال الفيل على خصال البعير، وفي أيّ مكان يكون أنفع في الحرب من الفرس، وأصبر عند القتال من النّمر، وأقتل للأسد من الجاموس، وأكلب من الببر إذا تعرّم «1» ، وأشدّ من الكر كدّن إذا اغتلم، حتى لا يبلغه مقدار ما يكون من تماسيح الخلجان، وخيل النّيل، وعقبان الهواء، وأسد الغياض. 2061-[قصيدة هاورن مولى الأزد في الفيل] وقد جمع هاورن مولى الأزد الذي كان يردّ على الكميت ويفخر بقحطان،

وكان شاعر أهل المولتان «1» ، ولا أعرف من شأنه أكثر من اسمه وصناعته. وقد قال في صفات الفيل أشعارا كثيرة، ذكر فيها كثيرا ممّا قدّمنا ذكره، فمن ذلك قوله «2» : [من المتقارب] أليس عجيبا بأن خلقة ... له فطن الإنس في جرم فيل وأنشدني هذا البيت صفوان بن صفوان الأنصاريّ، وكان من رواة داود بن مزيد: [من المتقارب] «أليس عجيبا بأن خلقة ... له فطن الإنس في جرم فيل» وأظرف من قشّة زولة ... بحلم يجلّ عن الخنشليل «3» وأوقص مختلف خلقه ... طويل النّيوب قصير النّصيل «4» ويلقى العدوّ بناب عظيم ... وجوف رحيب وصوت ضئيل وأشبه شيء إذا قسته ... بخنزير برّ وجاموس غيل تنازعه كلّ ذي أربع ... فما في الأنام له من عديل ويخضع للّيث ليث العرين ... بأن ناسب الهرّ، من رأس ميل «5» ويعصف بالببر بعد النّمور ... كما تعصف الرّيح بالعندبيل وشخص ترى يده أنفه ... فإن وصلوه بسيف صقيل وأقبل كالطّود هادي الخميس ... بهول شديد أمام الرّعيل «6» ومرّ يسيل كسيل الأتيّ ... بخطو خفيف وجرم ثقيل «7» فإن شمته زاد في هوله ... شناعة أذنين في رأس غول «8» وقد كنت أعددت هرّا له ... قليل التهيّب للزّندبيل

2062 -[احتيال هارون بالهر لهزيمة الفيل]

فلما أحسّ به في العجاح ... أتانا الإله بفتح جميل فطار وراغم فيّاله ... بقلب نجيب وجسم نبيل فسبحان خالقه وحده ... إله الأنام وربّ الفيول 2062-[احتيال هارون بالهر لهزيمة الفيل] وذكر صفوان بن صفوان أنّ هارون هذا خبّأ معه هرّا تحت حضنه، ومشى بسيفه إلى الفيل، وفي خرطومه السّيف، والفيالون يذمرونه، فلما دنا منه رمى بالهرّ في وجهه، فأدبر هاربا، وتساقط كلّ من كان فوقه، وكبّر المسلمون، وكان ذلك سبب الهزيمة «1» . وسنذكر الهرّ في هذا الشّعر كما كتبته لك. 2063-[استطراد لغوي] وأمّا قوله: [من المتقارب] بحلم يجلّ عن الخنشليل فقد قال الأنصاريّ «2» في صفة النّخل: [من المتقارب] تليص العشاء بأذنابها ... وفي مدر الأرض عنها فضول «3» ويشبعها المصّ مصّ الثّرى ... إذا جاعت الشّاة والخنشليل» وهذا غير قوله «5» : [من الرجز] قد علمت جارية عطبول ... أنّي بنصل السيف خنشليل 2064-[العندبيل] وأما العندبيل فهو طائر صغير جدّا، ولذلك قال الشاعر: [من الطويل] وما كان يوم الرّيح أوّل طائر ... يروح كروح العندبيل إلى الوكر

باب ما يدخل في ذكر الفيل وفيه أخلاط من شعر وحديث وغير ذلك

لأنّ الرّيح تعصف به من صغره، فهو يعرف ذلك من نفسه، فإذا قويت الرّيح دخل جحره، ويقولون عندليب وعندبيل وكلّ صواب، ولذلك قال هارون: [من المتقارب] ويعصف بالببر بعد النمور ... كما تعصف الرّيح بالعندبيل وسنخبر عن تقرير ما في هذه القصيدة مفرّقا، إذ لم نقدر عليه مجموعا متّصلا، ولو أمكن ذلك لكان أحسن للكتاب، وأصحّ لمعناه، وأفهم لمن قرأه. باب ما يدخل في ذكر الفيل وفيه أخلاط من شعر وحديث وغير ذلك قال رؤبة «1» في صفة الفيل: [من الرجز] أجرد كالحصن طويل النّابين ... مشرّف اللّحي صغير الفقمين عليه أذنان كفضل الثّوبين وأنشد ابن الأعرابيّ «2» : [من البسيط] هو البعوضة إن كلّفته كرما ... والفيل في كلّ أمر أصله لوم وقال أعرابيّ ووصف امرأة له «3» : [من الرجز] لو أكلت فيلين لم تخش البشم وقال أعرابيّ يصف الأكرياء «4» : [من الرجز] لو تركب البختيّ ميلا لأنحطم ... أو تركب الفيل بها الفيل رزم «5»

وحمل ناس أبا الحلال الهدادي على الفيل أيّام الحجّاج، فتمنّع وأنشأ يقول: [من الطويل] أأركب شيطانا ومسخا وهضبة ... إلا إنّ رأيي قبل ذاك مضلّل فقالوا له: لو علوته ما كان عندك إلّا كالبغل! فلما علاه صاح: الأرض الأرض! فلما خافوا أن يرمي بنفسه وهو شيخ كبير، أنزلوه، فقال بعد ذلك في كلمة له «1» : [من الطويل] وما كان تحتي يوم ذلك بغلة ... ولكنّ جلبا من رفيع السّحائب وقال بعض المتحدثين والمملّحين في بعض النساء «2» : [من الهزج] أرادت مرّة بيتا ... لها فيه تماثيل فلما أبصرت سترا ... لوجهيه تهاويل وفيه الفيل منقوشا ... وفي مشفره طول قالت: انزعوا الستر ... فلا يأكلني الفيل وقال خلف بن خليفة الأقطع، حين ذكر الأشراف الذين يدخلون على ابن هبيرة: [من المتقارب] وقامت قريش قريش البطاح ... مع العصب الأول الدّاخله يقودهم الفيل والزّندبيل ... وذو الضّرس والشّفة المائله الفيل والزّنذبيل: أبان والحكم، ابنا عبد الملك بن بشر بن مروان، وذو الضّرس: خالد بن سلمة المخزومي الخطيب، وهو ذو الشّفة، قتل مع يزيد بن عمر ابن هبيرة فيمن قتل. وقد فصل خلف بن خليفة الفيل من الزّندبيل، ولم يفسّر. وقد اختلفوا في ذلك، وسنذكره إذا جرّ سببه إن شاء الله تعالى. الفيل، المعروف بهذا الاسم. ويقال رجل فيل إذا كان في رأيه فيالة، والفيالة:

الخطأ والفساد. ويسمّون أيضا الرّجل بفيل، منهم فيل مولى زياد وحاجبه، وفي أنهار الفرات بالبصرة نهر يقال له فيل بانان وموضع آخر يقال له فيلان. وقد يعرض بقدم الإنسان ورم جاس حتّى تعظم له قدمه وساقه، وصاحبه لا يبرأ منه، ويسمّى ذلك الورم داء الفيل. ويسمّى الرّجل بدغفل، وهو ولد الفيل، ولا يسمّون بزندبيل. وبعض العرب يقول للذّكر من الفيلة فيل وللأنثى فيلة. كما يقولون أسد وأسدة، وذئب وذئبة، ولا يقولون مثل ذلك في ثعلب وضبع، وأمور غير ذلك، إلّا أن يكون اسما لإنسان. وبعث رجل من العرب بديلا مكانه في بعض البعوث، وأنشأ يقول: [من الوافر] إذا ما اختبّت الشّقراء ميلا ... فهان عليّ ما لقي البديل «1» يشنّفها ويحسبها بعيرا ... قليل علمه بالخيل فيل «2» وأنشدنا الأصمعيّ «3» : [من الطويل] يفرّون والفيل الجبان كأنّه ... أزبّ خصيّ نفّرته القعاقع قال سلمة بن عيّاش: قال لي رؤبة «4» : «ما كنت أحب أن أرى في رأيك فيالة» . وبالكوفة باب الفيل، وبواسط باب الفيل. ومنهم فيلويه، وهو أبو حاتم بن فيلويه، وكان أبو مسلم ربّى أبا حاتم حتّى اكتهل، وهما سقيا أبا مسلم السمّ حتى عولج بالترياق فأفاق، فقتلهما أبو مسلم بعد ذلك، وكانا على شبيه بدين الخرّميّة. ويقولون عنبسة الفيل، وهو النحويّ، وهو أحد قدماء النحويّين الحذّاق. وهو عنبسة بن معدان، وكان معدان يروض فيلا لزياد، فلما أنشد عنبسة بن معدان هجاء جرير للفرزدق قال الفرزدق «5» : [من الطويل] لقد كان في معدان والفيل زاجر ... لغنبسة الرّاوي عليّ القصائدا

فلمّا تناشد النّاس بعد ذلك هذا الشعر قال عنبسة: إنّما قال الفرزدق: لقد كان في معدان واللّؤم زاجر فقالوا: إنّ شيئا فررت منه إلى اللّؤم لناهيك به قبحا! فعند ذلك سمّي «عنبسة الفيل» «1» . وغيلان الراجز كان يقال له «غيلان راكب الفيل» كان الحجّاج بن يوسف ربّما حمله على الفيل «2» . وسعدويه الطّنبوريّ، وكان يقال له: «سعدويه عين الفيل» «3» . قال أبو عبيدة: حدّثني يونس قال: لما بنى فيل مولى زياد داره وحمّامه بالسّبابجة، عمل طعاما لأصحاب زياد، ودعاهم إلى داره، وأدخلهم حمّامه، فلمّا خرجوا منه غدّاهم، ثم ركب وغبّر في وجوههم، فقال أبو الأسود الدّؤلي «4» : [من الوافر] لعمر أبيك ما حمّام كسرى ... على الثّلثين من حمّام فيل وقال الجارود بن أبي سبرة: [من الوافر] وما إرقاصنا خلف الموالي ... كسنّتنا على عهد الرسول وأنشد الأصمعي وغيره «5» : [من الطويل] خلافا علينا من فيالة رأيه ... كما قيل قبل اليوم خالف فتذكرا ويقال للرّجل إذا عنّف عند الرأي يراه: لم تفيّل رأيك؟ وقد فال رأي فلان. وحدّثنا عبد الله بن بكر، عن حميد، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لمّا انتهيت إلى السّدرة إذا ورقها أمثال آذان الفيلة، وإذا ثمرها أمثال القلال، فلما غشيها من أمر الله ما غشيها تحوّلت ياقوتا» «6» . وقال صاحب الكيمياء في جرير بن يزيد: [من السريع] مهلا أبا العبّاس رفقا ولا ... تكن خصيم المعشر الخون

2065 -[الفرخ والفروج]

هيهات هيهات لما رمته ... أو يولد الفيل من النّون أنت إذا ما عدّ أهل الحجا ... والحلم كالأحنف في سين «1» 2065-[الفرخ والفروج] وكلّ طائر يخرج من البيض وكلّ ولد يخرج من البيض وإن لم يكن طائرا، فإنما يسمّى فرخا، كفرخ الحمام والوزغة والعظاءة والرق والسّلحفاء والحكاء، وبنات النّقا، وشحمة الأرض، والضب، والحرذون، والورل، والحرباء، إلا ما يخرج من بيض الدجاج فإنه يقال له «فرّوج» ولا يقال له فرخ، إلا أنّ الشعراء يتوسّعون في ذلك. قال شمّاخ بن أبي شداد «2» : [من الوافر] ألا من مبلغ خاقان عنّا ... تأمّل حين يضربك الشّتاء أتجعل في عيالك من صغير ... ومن شيخ أضرّ به الفناء فراخ دجاجة يتبعن ديكا ... يلذن به إذا حمس الوغاء وقال الآخر «3» : [من الطويل] أحبّ إلينا من فراخ دجاجة ... ومن ديك أنباط تنوس غباغبه 2066-[بعض من سمّي بالفيل] وإذا سمّى أهل البصرة إنسانا بغيل فأرادوا تصغيره قالوا فيلويه، كما يجعلون عمرا عمرويه، ومحمدا حمدويه. وكان محمد بن إبراهيم الرّافقي الفارس النّجيد قتيل نصر بن شبث، مولى بني نصر بن معاوية، له كنيتان: أبو الفيل وأبو جعفر، ولم يكن بالجزيرة أفرس من داود بن عيسى، وأبي الفيل وعيسى بن منصور من ساكني الرافقة «4» . 2067-[حمل الفيل وعمره] وذكر بعض الفيّالين أنّ الفيلة تضع لسبع سنين ولدا مستوي الأسنان، وأنهم

2068 -[مروج الفيلة]

يرصدون ذلك الوقت من الوحشية منها، ويحتالون في أخذ الولد، وأن ذلك الولد يعيش في أيديهم ما بين الثمانين سنة إلى المائة، وأنّ عمر الوحشية أطول «1» . وأنّ كلّ شيء منها اليوم بالعسكر إناث، وأنّ الموت بالعراق إلى الذّكورة أسرع، وأنّ نابه لا يطول عندنا، وأنّهم يعملون من جلودها التّرسة «2» أجود من جلود الجواميس، ومن الخيزران، ومن الدّرق والحجف «3» التي تتخذ من جلود الإبل، ومن هذه المعقّبة المطليّة، ومن جميع ما يؤلّف من أنواع الخشب والجلود التي قد أطيل إنقاعها في اللّبن، ومن كلّ تبّتيّ وصينيّ. 2068-[مروج الفيلة] وذكر أن لها مروجا، وأن المروج أصلح لها من القرى، ومواضعها من الوحش أصلح لها من المروج. 2069-[فهم الفيلة وغيرها من الحيوان] وذكر رسول لي إلى سائسها أنه قد اتّبعها إلى دجلة، وأنّ بعض الغوغاء صاح بها: يا حجّام بابك! وهذا الكلام اليوم ظاهر على ألسنة الجهّال، وأن فيلا منها ركله برجله ركلة صكّ بها الحائط حتّى خيف عليه منها، وأنه رأى منها الإنكار لذلك القول، وأنّ الفيّال كان يحثّها على الانتقام لمّا صاح بها. وإذا عرف الكلب اسمه، وكذلك السنّور، وكذلك الشّاة والفرس، والطفل والمجنون المصمت الجنون، وعرفت النّاقة فصل ما بين حل وجاه، وعرف الحمار الصّوت الذي يلتمس به وقوفه، والذي يلتمس به سيره، وعرف الكلب مخاطبة الكلّاب، والببغاء مناغاة المكلّم له، فجائز أن يكون الفيل بفضل فطنته أن يفهم أضعاف ذلك. فإذا أمروه بضرب إنسان عند ضرب من الكلام استعاد ذلك وأدامه، لم ينكر أن يعرفه على طول الترداد. 2070-[التداوي بنجو الفيل وغيره من الحيوانات] قالوا «4» : وإذا احتملت المرأة شيئا من نجو الفيل بعد أن يخلط به شيء من عسل فإنها لا تحبل أبدا.

2071 -[شعر في الفيل]

قالوا: ومما يؤكّد ذلك أنّك لو علّقت على شجرة من نجوه شيئا، إنّ تلك الشجرة لا تحمل في تلك السنة. قالوا: وزواني الهند يفعلن ذلك استبقاء للطّراء وللشّباب، ولأنها إذا كانت موقوفة على جميع الأجناس من الرّجال كانت أسرع إلى الحبل لأنها لا تعدم موافقا لطبعها، وإذا حملت ووضعت مرارا بطلت. وليس هذا بعجيب، لأنهم يزعمون أنّ صاحب الحصاة إذا أخذ روث الحمار حين يروثه حارّا فعصره وشرب ماءه أنه كثيرا ما يبول تلك الحصاة. وفي ماء روث الحمار أيضا دواء للضّرس المأكول «1» . وقال الأصمعيّ: سألت بعض «2» الأكلة ممن كان يقدّم على ميسرة التّرّاس: كيف تصنع إذا جهدتك الكظّة؟ والعرب تقول: إذا كنت بطينا فعدّل نفسك زمنا، فقال: آخذ روث حمار حارّا فأعصره وأشرب ماءه فأختلف عنه مرارا، فلا أثبت أن يلحق بطني بصلبي، فأشتهي الطّعام. والمرأة من نسائنا اليوم إذا استحيضت استفّت مثقالا من الإثمد، لأنها عندهن إذا فعلت ذلك لم تلد. وأنا رأيت امرأة قد فعلت ذلك ثم ولدت. وخرء الكلب إذا كان الجعر أبيض اللّون، وكان غذاء الكلب العظام دون اللحم، فهو عجيب لصاحب الذّبحة، وكذلك رجيع الإنسان. وخرء الفار يكون شيافا «3» للصّبيان، يحملونه إذا استوكى بطن أحدهم وإن كان من خرء الجرذان وكان عظيما كان الواحد منه هو الشّياف. ويصلح أيضا خرء الفار لداء الثّعلب، وهو القرع الذي يعرض لشعر الرّأس. وخرء الحمام الأحمر يصلح، من المبولات للرّمل والحصى، يقمح منه وزن درهم مع مثله من الدّارصيني. 2071-[شعر في الفيل] وقال بعض المحدثين «4» : [من السريع]

يا لحية طالت على نوكها ... كأنها لحية جبريل لو كان ما ينصبّ من مائها ... نهرا إذا طمّ على النّيل أو كان ما يقطر من دهنها ... كيلا لوفّى ألف قنديل فلو تراها وهي قد سرّحت ... حسبتها بندا على فيل «1» وأنشد أبو عمرو الشيبانيّ لبعض المولّدين «2» : [من المنسرح] إذا تلاقى الفيول وازدحمت ... فكيف حال البعوض في الوسط وأنشد علي بن محمد: [من المتقارب] وما الفيل أحمله موقرا ... رصاصا بأثقل من معبد ولا قرمليّ عليه الغبيط ... ينوء بعدلين من إثمد «3» وجاموسة أوقرت زئبقا ... بأثقل منه ولا أنكد وقال آخر: [من السريع] باب يرى ليس له داخل ... إلّا خرا جمّع في الزّاويه إن جئت فالفيل على هامتي ... ومثله نيط بأوصاليه ووصف مرّة بن محكان قدرا فقال «4» : [من البسيط] ترمي الصّلاة بنبل غير طائشة ... وفقا إذا آنست من تحتها لهبا «5» زيّافة مثل جوف الفيل مجفرة ... لو يقذف الرّأل في حيزومها ذهبا «6» وقال بعض الأكرياء في امرأة كان حملها: [من الرجز] بيضاء من رفقة عمران الأصمّ ... لا ثعل في سنّها ولا قصم «7»

2072 -[ما ورد في شأن الفيل من الأمثال في كليلة ودمنة]

بهكنة لو تركب الفيل رزم ... كأنّها يوم توافي بالحرم «1» غمامة غرّاء عن غبّ رهم «2» وقال رؤبة بن العجّاج «3» : [من الرجز] إنّ الرّدافى والكريّ الأرقبا ... يكفيك درء الفيل حتى تركبا «4» ثم قال «5» : [من الرجز] يشقى بي الغيران حتّى أحسبا ... سيدا مغيرا أو لياحا مغربا «6» 2072-[ما ورد في شأن الفيل من الأمثال في كليلة ودمنة] ومما قرأه الناس من الأمثال في شأن الفيل التي وجدوها في كتاب كليلة ودمنة. فمن ذلك قوله «7» : «أفلا ترى أنّ الكلب يبصبص بذنبه مرارا حتى تلقى له الكسرة، وإنّ الفيل المغتلم ليعرف قوّته وفضله «8» ، فإذا قدّم إليه علفه مكرّما لم يأكل حتى يمسح ويتملّق» «9» . قال «10» : «وقيل في أعماله ثلاثة «11» لا يستطيعها أحد إلا بمعونة من ارتفاع همة، وعظيم خطر، منها عمل السلطان «12» ، وتجارة البحر، ومناجزة العدوّ. وقالت العلماء في الرّجل الفاضل [الرشيد] «13» : إنّه لا ينبغي أن يرى إلا في مكانين، ولا

يليق به غيرهما إمّا مع الملوك مكرّما، وإمّا مع النّسّاك متبتّلا، كالفيل إنما بهاؤه وجماله في مكانين: إمّا في برّية وحشيّا «1» ، وإما مركبا للملوك» . قال «2» : «وقد قيل في أشياء ثلاثة فضل ما بينها متفاوت: فضل المقاتل على المقاتل، وفضل الفيل على الفيل، وفضل العالم على العالم» . وقال في كلام آخر «3» : «فإن لم تنجع الحيلة فهو إذا القدر الذي لا يدفع، فإنّ القدر هو الذي يسلب الأسد قوّته حتى يدخله التّابوت، وهو الذي يحمل الرّجل الضّعيف على ظهر الفيل المغتلم، وهو الذي يسلّط الحوّاء على الحيّة ذات الحمة فينزع حمتها ويلعب بها. قال «4» : «ومن لم يرض من الدّنيا بالكفاف الذي يغنيه، وطمحت عيناه إلى ما فوق ذلك، ولم ينظر إلى ما يتخوّف أمامه، كان مثله مثل الذباب الذي ليس يرضى بالشجر والرياحين حتى يطلب الماء الذي يسيل من أذن الفيل المغتلم، فيضربه بأذنه فيهلك» . وقال «5» : «فأقام الجمل مع الأسد حتى إذا كان ذات يوم توجّه الأسد نحو الصيد، فلقيه فيل فقاتله قتالا شديدا، وأفلت الأسد مثقلا يسيل دما، قد جرحه الفيل بأنيابه، فكان لا يستطيع أن يطلب صيدا، فلبث الذئب والغراب وابن آوى أياما لا يجدون ما يعيشون به من فضول الأسد» . وقال «6» : «وكيف يرجو إخوانك عندك وفاء وكرما وأنت قد صنعت بملكك الذي كرّمك وشرّفك ما صنعت، بل مثلك في ذلك كما قال التاجر: إنّ أرضا يأكل جرذانها مائة منّ من حديد، غير مستنكر أن تخطف بزاتها الفيلة» . قال «7» : «وقال الجرذ للغراب: أشد العداوة عداوة الجوهر. وعداوة الجوهر

2073 -[ضروب العداوات]

عداوتان، منها عداوة متجازية كعداوة الفيل والأسد، فإنّه ربّما قتل الفيل الأسد، وربّما قتل الأسد الفيل، ومنها عداوة إنما ضررها من أحد الجانبين على الآخر كعداوة ما بيني وبين السنّور، فإنّ العداوة بيننا ليست لضرّ منّي عليه، ولكن لضرّ منه عليّ» . وقال «1» : «إن الكريم إذا عثر لم يستعن إلا بالكريم، كالفيل إذا وحل لم يستخرجه إلا الفيلة» . 2073-[ضروب العداوات] وسنذكر عداوة الشيطان للإنسان، والإنسان للشّيطان. وهما عداوتان مختلفتان- وعداوة الله للكافر، وعداوة الكافر لله، وهاتان العداوتان غير تينك، وهما في أنفسهما مختلفتان، وهما والتي قبلها مخالفة لعداوة العقرب للإنسان، وعداوة العقرب مخالفة لعداوة الحيّة، وعداوة الإنسان لهما مخالفة لعداوة كلّ منهما للإنسان. وعداوة الذئب والأسد، والأسد والإنسان خلاف عداوة العقرب والحية، وعداوة النمر للأسد والأسد للنمر مخالفة لجميع ما وصفنا. ومسالمة الببر للأسد غير مسالمة الخنفساء والعقرب. وشأن الحيات والوزغ خلاف شأن الخنافس والعقارب. وعداوة الإنسان خلاف عداوة ذلك كلّه. وابن عرس أشدّ عداوة للجرذان من السنّور، وعداوة البعير للبعير، والبرذون للبرذون، والحمار للحمار شكل واحد. وعداوة الذّئب خلاف ذلك. والشّاة أشدّ فرقا منه منها من الأسد والنمر والببر، وهي أقوى عليها من الذّئب. وفرق الدّجاج من ابن آوى أشدّ من فرقها من الثّعلب، والحمام أشدّ فرقا من الشاهين منه من الصّقر والبازي. 2074-[أسباب عداوات الناس] وأسباب عداوات النّاس ضروب: منها المشاكلة في الصناعة، ومنها التقارب في الجوار، ومنها التقارب في النّسب، والكثرة من أسباب التّقاطع في العشيرة والقبيلة، والسّاكن عدو للمسكن، والفقير عدوّ للغني وكذلك الماشي والراكب، وكذلك الفحل والخصيّ، و «بغضاء السّوق موصولة بالملوك» ، وكذلك [المعتق عن دبر] «2» ، والموصى له بالمال الرغيب، وكذلك الوارث والموروث، ولجميع هذا تفسير ولكنه يطول.

2075 -[عداوات الحيوان]

2075-[عداوات الحيوان] وذكر صاحب المنطق عداوة الغراب للحمار، والنّحويون ينشدون في ذلك قول الشّاعر «1» : [من الرجز] عاديتنا لا زلت في تباب ... عداوة الحمار للغراب ولا أدري من أين وقع هذا إليهم. وذكر أيضا عداوة البوم للغراب. وكذلك عصفور الشّوك للحمار «2» ، وفي هذا كلام كثير قد ذكرنا بعضه في أوّل كتابنا هذا من الحيوان. 2076-[رجع إلى الأمثال في كليلة ودمنة] ثم رجعنا إلى الإخبار عن الأمثال. قال» : وأكيس الأقوام من لا يلتمس الأمر بالقتال ما وجد عن القتال مذهبا؛ فإن القتال إنما النفقة فيه من الأنفس، وسائر الأشياء إنما النّفقة فيها من الأموال. فلا يكوننّ قتال البوم من رأيك، فإنّ من يراكل «4» الفيل يراكل الحين. قال «5» : فأجابه الجرذ فقال: إنّه ربّ عداوة باطنة ظاهرها صداقة، وهي أشدّ ضررا من العداوة الظاهرة، ومن لم يحترس منها وقع موقع الرّجل الذي يركب ناب الفيل المغتلم ثمّ يغلبه النّعاس «6» . قال «7» : واعلم أنّ كثيرا من العدوّ لا يستطاع بالشدّة والمكابرة حتى يصاد بالرّفق والملاينة، كما يصاد الفيل الوحشيّ بالفيل الأهليّ. وقال «8» : إنّ العشب كما رأيت في اللّين والضّعف، وقد يجمع منه الكثير فيصنع منه الحبل القويّ الذي يوثق به الفيل المغتلم.

2077 -[الفيلة في الحروب]

قال «1» : وقالوا: نريد أحبّ بنيك إليك، وأكرمهم عليك، ونريد كال الكاتب صاحب سرّك، والسيف الذي لا يوجد مثله، والفيل الأبيض الذي لا تلحقه الخيل الذي هو مركبك في القتال. ونريد الفيلين العظيمين اللذين يكونان مع الفيل الذّكر. 2077-[الفيلة في الحروب] وقد سمعنا في هذا الحديث والإخبار عن أيام القادسيّة ويوم جسر مهران، وقسّ النّاطف، وجلولاء، ويوم نهاوند، بالفيل الأبقع، والفيل الأسود، والفيل الأبيض، والناس لم يروا بالعراق فيلا أوبر، ولا فيلا أشعر. 2078-[الفيلة المستأنسة] والفيلة التي كانت مع الفرس، حكمها حكم الفيلة التي كانت عند أمير المؤمنين المنصور، وعند سائر الخلفاء من بعده، وكلها جرد مغضّبة، ولم نلق أحدا رآها وحشيّة قبل أن تصير في القرى والمواضع التي يذكرها. 2079-[تبدل حال الحيوان إذا أخرج من موطنه] وقد علمنا أنّ الطائر الصّيود من الجوارح، لو أقام في بلاده مائة عام لم يحدث لمنسره زوائد، وعير العانة إذا أقام في غير بلاده احتاج إلى الأخذ من حافره، وإلى أن يختلف به إلى البيطار، والطائر الوحشيّ من هذه المغنّيات والنوائح، لو أقام عندنا دهرا طويلا لم يصوّت إذا أخذناه وقد كرّز «2» . وكذلك المزاوجة والتعشيش والتّفريخ. 2080-[التكاثر بالفيلة] قال: وكلّ ملك كان يصل إلى أن تكون عنده فيلة فإنّه كان لا يدع الاستكثار منها والتجمل بها، والتّهويل بمكانها عنده، ولا يدع ركوبها في الحروب، وفي الأعياد، وفي يوم الزّينة. 2081-[الفيل في الشعر] وقد كانت عند حمير والتبابعة والمقاول والعباهلة من ملوكهم، وأبي اليكسوم من ملوك الحبشة، وعند ملوك سبأ، مقرّبة مكرّمة. يدلّ على ذلك الأشعار المعروفة،

2082 -[لسان الفيل]

والأخبار الصحيحة. ألا ترى أن الأعشى ذكر مأرب وملوك سبأ وسيل العرم، فقال «1» : [من المتقارب] ففي ذاك للمؤتسي أسوة ... ومأرب عفّى عليها العرم رخام بنته له حمير ... إذا جاء ماؤهم لم يرم «2» فأروى الحروث وأعنابها ... على ساعة ماؤهم قد قسم وطار الفيول وفيّالها ... بتيهاء فيها سراب يطمّ «3» وكان الأقيبل القينيّ مع الحجاج يقاتل ابن الزّبير، فلما رأى البيت يرمى بالمنجنيق أنشأ يقول «4» : [من الطويل] ولم أر جيشا غرّ بالحجّ قبلنا ... ولم أر جيشا مثلنا كلّهم خرس دلفنا لبيت الله نرمي ستوره ... بأحجارنا نهب الولائد للعرس دلفنا لهم يوم الثلاثاء من منى ... بجيش كصدر الفيل ليس له رأس فلما فزع وعاذ بقبر مروان، وكتب له عبد الملك كتابا إلى الحجّاج يخبره فيه، وفوّض الأمر إليه، قال «5» : [من البسيط] وقد علمت لو انّ العلم ينفعني ... أنّ انطلاقي إلى الحجّاج تغرير مستحقبا صحفا تدمى طوابعها ... وفي الصّحائف حيّات مناكير لئن رحلت إلى الحجّاج معتذرا ... إنّي لأحمق من تخدي به العير 2082-[لسان الفيل] وكلّ حيوان في الأرض ذو لسان فأصل لسانه إلى داخل، وطرفه إلى خارج؛ إلّا الفيل، فإنّ طرف لسانه إلى داخل، وأصله إلى خارج «6» . وتقول الهند: إنّ لسان الفيل مقلوب، ولولا أنّه مقلوب ثمّ لقن الكلام لتكلم.

2083 -[بعض خصائص الحيوان]

2083-[بعض خصائص الحيوان] وكلّ سمك يكون في الماء العذب فإنّ له لسانا ودماغا، إلّا ما كان منها في الماء الملح، فإنّه ليس لسمك البحر لسان ولا دماغ «1» . وكلّ شيء يأكل بالمضغ دون الابتلاع فإنّه إنما يحرّك فكه الأسفل، إلّا التمساح فإنّه إنّما يحرّك فكّه الأعلى «2» . وكلّ ذي عين من ذوات الأربع من السّباع والبهائم الوحشية والأهلية، فإنما الأشفار لجفونها الأعالي إلّا الإنسان، فإنّ الأشفار للأعالي والأسافل. وكلّ حيوان ذي صدر فإنّه ضيّق الصّدر، إلّا الإنسان فإنّه واسع الصّدر وليس لشيء من ذكورة جميع الحيوان وإناثها ثدي في صدره إلا الإنسان والفيل «3» . وقال ابن مقبل «4» : [من البسيط] وليلة مثل ظهر الفيل غيّرها ... طلس النّجوم إذا اغبرّ الدياميم «5» 2084-[ضخامة الفيل وظرفه] والفيل أضخم الحيوان وهو مع ضخمه أملح وأظرف وأحكى وهو يفوق في ذلك كلّ خفيف الجسم، رشيق الطبيعة. وإنّما الحكاية من جميع الحيوان في الكلب والقرد والدّبّ والشّاة المكّيّة. وليس عند الببغاء إلّا حكاية صور الأصوات، فصار مع غلظه وضخمه وفخامته أرشق مذهبا، وأدقّ ظرفا، وأظهر طربا. وهذا من أعجب العجب. وما ظنّكم بعظم خلق ربّما كان في نابيه أكثر من ثلاثمائة منّ «6» . 2085-[قول المتعصبين على الفيل] فقال من يعارضهم: قد أجمعوا على أنّ أعظم الحيوان خلقا السمكة والسرطان.

2086 -[رد صاحب الفيل على خصمه]

وحكوا عن عظم بعض الحيّات، حتى ألحقوه بهما، وأكثروا في تعظيم شأن التّنّين؛ فليس لكم أن تدّعوا للفيل ما ادّعيتم. 2086-[رد صاحب الفيل على خصمه] قال صاحب الهند والمعبّر عن خصال الفيل «1» : أمّا الفيل وعلوّ سمكه، وعظم جفرته، واتّساع صهوته، وطول خرطومه، وسعة أذنه، وكبر غرموله، مع خفّة وطئه، وطول عمره، وثقل حمله، وقلة اكتراثه لما وضع على ظهره، فقد عاين ذلك من الجماعات من لا يستطيع الردّ عليها إلّا جاهل أو معاند. وأمّا ما ادّعيتم من عظم الحيّة وأنّا متى مسحنا طولها وثخنها، وأخذنا وزنها كانت أكثر من الفيل، فإنّا لم نسمع هذا إلا في أحاديث الرقّائين، وأكاذيب الحوّائين، وتزيّد البحريّين. وأما التنّين فإنّما سبيل الإيمان به سبيل الإيمان بعنقاء مغرب. وما رأيت مجلسا قطّ جرى فيه ذكر التنّين إلّا وهم ينكرونه ويكذّبون المخبر عنه، إلّا أنا في الفرط ربّما رأينا بعض الشاميّين يزعم أنّ التّنّين إعصار فيه نار يخرج من قبل البحر في بعض الزّمان، فلا يمرّ بشيء إلّا أحرقه، فسمّى ذلك ناس «التّنّين» ، ثمّ جعلوه في صورة حيّة. وأما السّرطان فلم نر أحدا قط ذكر أنّه عاينه، فإن كنّا إلى قول بعض البحريّين نرجع، فقد زعم هؤلاء أنّهم ربما قربوا إلى بعض جزائر البحر، وفيها الغياض والأودية واللّخاقيق «2» ، وأنّهم في بعض ذلك أوقدوا نارا عظيمة، فلما وصلت إلى ظهر السرطان هاج بهم وبكلّ ما عليه من النّبات، حتّى لم ينج منهم إلا الشريد. وهذا الحديث قد طمّ على الخرافات والتّرّهات «3» وحديث الخلوة. وأمّا السّمك فلعمري إنّ السمكة التي يقال لها «البال» لفاحشة العظم. وقد عاينوا ذلك عيانا، وقتلوه يقينا. ولكن أحسبوا أنّ الشّأن في البال على ما ذكرتم، فهل علمتم أن فيه من الحسّ والمعرفة، واللّقن والحكاية، والطّرب وحسن المواتاة وشدّة القتال، والتمهّد تحت الملوك، وغير ذلك من الخصال، كما وجدنا ذلك وأكثر منه في الفيل.

وهل رغبت في صيده الملوك واحتالت له التجار، أو تمنّى الظّفر بأجزائه بعض الأطبّاء. وهل يصلح لدواء أو غذاء أو لبس، إنّما غاية البحريّين أن يسلموا من عبثه إن هجموا عليه نائما أو غافلا، حتّى ينفر ويفزع وينبّه بقرع العصا، واصطكاك الخشب. وإنما قدّمنا خصال الفيل على خصال الحيوان الذي في كفّه ومنقاره الصنعة العجيبة، أو يكون فيه من طريف المعرفة، وغريب الحس، وثقوب البصر، أو بعض ما فيه من الجمال والحسن، ومن التفاريج ومن التّحاسين، والوشي والتلاوين، بالتأليف العجيب، والتّنضيد الغريب، أو بعض ما في حنجرته من الأصوات الملحّنة، والمخارج الموزونة، والأغاني الدّاخلة في الإيقاع، الخارجة من سبيل الخطأ، ممّا يجمع الطّرب والشّجا، ومما يفوق النوائح ويروق كلّ مغنّ، حتى يضرب بحسن تخريجه وصفاء صوته وشجا مخرجه المثل، حتى يشبّه به صوت المزمار والوتر. وأما بعض ما يعرف بالمكر والحيل، والكيس والرّوغان، وبالفطنة وبالخديعة، والرّفق والتكسّب، والعلم بما يعيشه والحذر ممّا يعطبه، وتأتّيه لذلك وحذقه به؛ وأمّا بعض ما يكون في طريق الثّقافة يوم الثّقافة والبصر بالمشاولة «1» ، والصّبر على المطاولة، والعزم والرّوغان، والكرّ والجولان، ووضع تلك التدابير في مواضعها حتى لا تردّ له طعنة ولا تخطئ له وثبة، وأما بعض ما يعرف بالنّظر في العاقبة وبإحكام شأن المعيشة والأخذ لنفسه بالثقة، وبالتقدّم في حال المهلة والادّخار ليوم الحاجة، والأجناس التي تدّخر لأنفسها ليوم العجز عن الطلب والتكسّب- فمثل الذّرّة، والنملة، والجرذ والفأرة، وكنحو العنكبوت والنّحل. فإذا كان ليس للفيل إلا عظمه وإن كان العظم قد يدخل في باب من أبواب المفاخرة، فلا ينبغي لأحد أن يناهد «2» به الأبدان التي لها الخصال الشّريفة، ويناضل به ذوات المفاخر العظيمة. فما ظنّك ببدن قد جمع مع العظم من الخصال الشريفة ما يفني الطّوامير الكثيرة، ويستغرق الأجلاد الواسعة. وقد علمت أنّ من جهل هذه السمكة بما يعيشها ويصلحها أنّها شديدة الطّلب والشّهوة لأكل العنبر. والعنبر أقتل للبال من الدّفلى للدوابّ، فإذا أصابوه ميّتا استخرجوا من جوفه عنبرا كثيرا فاسدا. وما فيه من النفع إلّا أنّ دهنه يصلح لتمرين سفن البحريين.

2087 -[تعصب غانم الهندي على الفيل]

2087-[تعصب غانم الهندي على الفيل] فسمعني غانم العبد يوما وأنا أحكي هذا الكلام، وكان من أموق «1» الناس وأرقعهم رقاعة، مع تيه شديد وعجب ورضا عن نفسه، وسخط على النّاس. فمن حمقه أنه هنديّ وهو يتعصّب على الفيل، فقال لي: ما تقول الهند في الحوت الذي يحمل الأرض، أليس أعمّ نفعا وأعلى أمرا؟ قلت له: يا هالك، إنّ مدار هذا الكلام إنما يقع على الأقسام الأربعة من بين جميع الحيوان المذكورة في الماء وفي الأرض وفي الهواء، كالذي ينساح من أجناس الحيّات والدّيدان، وكالذي يمشي من الدوابّ والنّاس، وكالذي يطير من أحرار الطير وبغاثها وخشاشها وهمجها، وكالذي يعوم كالسّمك وكلّ ما يعايش السمك. فأمّا الحوت الذي تكون الأرض على ظهره فقد علمنا أنّ في الملائكة من هو أعظم من هذا الحوت مرارا. ولولا مكان من قد حضرنا لكان ممن لا يستأهل الجواب، وهذا مقدار معرفته. 2088-[قوة الفيل] قالوا «2» : والفيل أقوى من جميع الحيوان إن حمّل الأثقال. ومن قوة عظمه وعصبه أنّه يمرّ خلف القاعد مع عظم بدنه، فلا يشعر بوطئه، ولا يحسّ بممرّه لاحتمال بعض بدنه لبعض. وهذه أعجوبة أخرى. 2089-[طول مدة حمل الفيلة] وليس في حوامل إناث الحيوان أطول مدّة حبل من الفيل. والكر كدّن، فإنه مذكور في هذا الباب، والفيل يزيد عليه في قول بعضهم «3» . فأمّا الهند ففتنتهم بالكر كدّن أشدّ من فتنتهم بالفيل. فأما ما كان دون ذلك من أجناس الحيوان فأطولها حملا الحافر والخفّ، ولا يزيدان على السّنة إلا أن تسحب الأنثى وتجرّ أيّاما. فأمّا الظّلف فعلى ضربين، فما كان منها من البقر فإنّ مدّة حملها وحمل النساء تسعة أشهر، وما كان من الغنم فإنّ حملها خمسة أشهر. وقد ذكرنا حال أجناس الحيوان في ذلك فيما سلف من كتابنا هذا.

2090 -[صولة الفيل]

2090-[صولة الفيل] قالوا: والفيلة هولها في العين، فاحذر أن تتخذ ظهورها كالمناظر والمسالح والأرصاد. وللفيل قتال وضرب بخرطومه، وخبط بقوائمه. وكانت الأكاسرة ربما قتلت الرّجل بوطء الفيلة، وكانت قد دربّت على ذلك وعلّمته، فإذا ألقوا إليها الرّجل تركت العلف وقصدت نحوه فداسته. ولذلك أنشد العباس بن يعقوب العامريّ، لناهض بن ثومة العامري قوله: [من الطويل] أنا الشّاعر الخطّار من دون عامر ... وذو الضّغم إذ بعض المحامين ناهش بخبط كخبط الفيل حتى تركته ... أميما به مستدميات مقارش «1» وأنشد الأصمعي وأبو عمرو لتميم بن مقبل «2» : [من الطويل] بني عامر ما تأمرون بشاعر ... تخيّر آيات الكتاب هجائيا أأعفو كما يعفو الكريم فإنّني ... أرى الشّعب فيما بيننا متدانيا أم اخبط خبط الفيل هامة رأسه ... بجرد فلا أبقي من الرأس باقيا «3» 2091-[بعض من رمي تحت أرجل الفيلة] وكانت الأكاسرة- وهي الكسور «4» - تؤدّبها وتعوّدها وطء الناس وخبطهم إذا ألقي تحت قوائمها بعض أهل الجنايات، فكان ممن رمي به تحت أرجل الفيلة النّعمان بن المنذر. وقال في ذلك الشاعر: [من الخفيف] إنّ ذا التّاج لا أبا لك أضحى ... وذرى بيته بجوز الفيول إنّ كسرى عدا على الملك النّعمان حتّى سقاه أمّ البليل» 2092-[التخويف بالفيل] وذكر الهيثم بن عديّ، عن أبي يعقوب الثّقفيّ، عن عبد الملك بن عمير قال:

2093 -[تأديب الهند الفيلة]

رأيت في ديوان معاوية بعد موته كتابا من ملك الصين فيه: «من ملك الصّين الذي على مربطه ألف فيل، وبنيت داره بلبن الذهب والفضة، والذي تخدمه بنات ألف ملك، والذي له نهران يسقيان الألوّة «1» . إلى معاوية» . قالوا: ولمّا أراد كسرى قتل زيوشت المغنّي، لقتله فهلبذ المغني، وأمر أن يرمى به تحت الفيلة وقال: قتلت أحسن النّاس غناء، وأجودهم إمتاعا للملك؛ حسدا له. فلمّا سحبوه نحو الفيلة التفت إلى كسرى وقال: إذا قتلت زيوشت المغني، وقد قتل زيوشت فهلبذ فمن يطربك؟ فقال كسرى: المدة التي بقيت لك هي التي أنطقتك، خلّوا سبيله. 2093-[تأديب الهند الفيلة] وقال صفوان بن صفوان الأنصاريّ، وكان عند داود بن يزيد بالمولتان: الهند تؤدّب الفيلة بأنواع من التّأديب، وبضروب من التقويم، فمنها آداب الحروب، حتى ربّما ربطوا السّيف الهذام «2» الرّغيب، الشّديد المتن، الحديد الغرب، التّام الطول، الطّويل السّيلان «3» ، في طرف خرطوم الفيل، وعلموه كيف يضرب به قدما، يمينا وشمالا، وكيف يرفعه بخرطومه حتى يكون فوق رؤوس الفيّالين القعود على ظهره. 2094-[شعر هارون في الفيل] قال «4» : وأنشدني هارون بن فلان «5» المولى، مولى الأزد «6» ، قصيدته التي ذكر فيها خروجه في الحرب إلى فيل في هذه الصفة، فمشى إليه، فلما كان حيث يناله السّيف وثب وثبة أعجله بها عن الضّربة، ولصق بصدر الفيل، وتعلّق بأصول نابيه- وهما عندهم قرناه- فجال به الفيل جولة كاد يحطمه من شدّة ما جال به، وكان رجلا شديد الخلق، رابط الجأش. قال: فاعتمدت وأنا في تلك الحال- وأصول الأنياب جوف- فانقلعا من أصلهما، وأدبر الفيل، وصار القرنان في يديّ، وكانت الهزيمة وغنم المسلمون غنائم كثيرة. وقلت في ذلك: [من الطويل]

مشيت إليه وادعا متمهّلا ... وقد وصلوا خرطومه بحسام فقلت لنفسي: إنّه الفيل ضارب ... بأبيض من ماء الحديد هذام «1» فإن تنكلي عنه فعذرك واضح ... لدى كلّ منخوب الفؤاد عبام «2» وعند شجاع القوم أكلف فاحم ... كظلمة ليل جلّلت بقتام [ولما رأيت السيف في رأس هضبة ... كما لاح برق من خلال غمام] «3» فناهشته حتى لصقت بصدره ... فلما هوى لازمت أيّ لزام وعذت بقرنيه أريد لبانه ... وذلك من عادات كلّ محامي فجال وهجّيراه صوت مخضرم ... وأبت بقرني يذبل وشمام «4» وقال هارون: [من الطويل] ولمّا أتاني أنّهم يعقدونه ... بقائم سيف فاضل الطّول والعرض مررت ولم أحفل بذلك منهم ... إذا كان أنف الفيل في عفر الأرض وحين رأيت السّيف يهتزّ قائما ... ويلمع لمع الصّبح بالبلد المفضي «5» وصار كمخراق بكفّ حزوّر ... يصرّفه في الرّفع طورا وفي الخفض «6» فأقبل يفري كلّ شيء سما له ... وصرت كأنّي فوق مزلقة دحض «7» وأهوي لجاري فاغتنمت ذهوله ... فلاذ بقرنيه أخو ثقة محض فجال وجال القرن في كفّ ماجد ... كثير مراس الحرب مجتنب الخفض فطاح وولّى هاربا لا يهيده ... رطانة هنديّ برفع ولا خفض «8»

2095 -[نابا الفيل]

2095-[نابا الفيل] والهند تزعم أنّ نابي الفيل يخرجان مستبطنين حتى يخرقا الحنك ويخرجا أعقفين «1» ، وإنما يجعلهما نابين من لا يفهم الأمور. قالوا: والدّليل على ذلك أنّ لهما أصلين في موضع مخارج القرون، يوجد ذلك عند سلخ جلده، ولأنّ القرن لا يكون إلّا مصمت الأعلى مجوّف الأسفل وكذلك صفة هذا الذي يسمّيه من لا علم له نابا. ومع ذلك إنّا لا نجد الفيل يعضّ كعضّ الأسد للأكل، ولا كعضّ الجمل الصّؤول للقتل، ولا كعضّ الأفعى لإخراج السمّ، ولا تراه يصنع به ويستعمله إلّا على شبيه بما تستعمله ذوات القرن عند القتال والغضب. فقال لهم بعض من يردّ عليهم: أمّا قولكم إنّ القرن لا يكون إلّا مجوّف الأصل، فهذا قرن الأيّل مصمت من أوّله إلى آخره، وهو ينصل في كلّ سنة، فإذا نبت حديثا لم يظهر حتى يستحكم في يبسه وصلابته. وإذا علم أنه قد بلغ ذلك ظهر. وأكثر القرون الجوف يكون في أجوافها قرون، وليس ذلك لقرن الفيل. قالوا: ولم نجد هذا القرن في لون القرون، ووجدناه بسائر أسنانه وأضراسه أشبه، للبياض واليبس. وليس كذلك صفة القرون. وتقول الهند: فم الأيّل صغير، وهو أفقم، ولا يجوز أن يكون مثل ذلك اللّحي والفكّ ينبت فيه ومنه نابان يكون فيهما ثلاثمائة منّ «2» . وقد رأيت قرونا كثيرة الأجناس، بيضا، وبرشا، وصهبا. وهذه أيضا من أعاجيب الفيل. وقرن الكركدّن أغلظ من مقدار ذراع، وليس طوله على قدر غلظه، وهو أصلب وأكرم من قرني الفيل. 2096-[حجم أعضاء التناسل لدى الحيوان] ويقال: إنّ أكبر أيور الحيوان أير الفيل، وأصغرها قضيب الظبي «3» . وقضيب البطّ لا يذكر مع هذه الأشكال، وليس شيء على قدره ومقدار جسمه أعظم أيرا من البغل. وقد علمنا أنّ للضب أيرين، وكذلك الحرذون والسّقنقور، وعرفنا مقدار ذلك، ولكنّه لا يدخل في هذا الباب لضعف لا يخفى.

2097 -[عجائب خرطوم الفيل]

2097-[عجائب خرطوم الفيل] ولو لم يكن من أعاجيب الفيل إلّا خرطومه الذي هو أنفه وهو يده، وبه يوصل الطعام والشّراب إلى جوفه، وهو شيء بين الغضروف واللحم والعصب، وبه يقاتل ويضرب، ومنه يصيح، وليس صياحه في مقدار جرم بدنه. ويضرب به الأرض ويرفعه في السّماء ويصرّفه كيف شاء، وهو مقتل من مقاتله. والهند تربط في طرفه سيفا شديد المتن فيقاتل به، مع ما في ذلك من التهويل على من عاينه «1» . 2098-[سباحة الفيل والجاموس والبعير] وهو مع عظم بدنه جيّد السّباحة إلّا أنه يخرج خرطومه ويرفعه في الهواء صعدا لأنّه أنفه. ألا ترى أنّ الجاموس يغيب جميع بدنه في الماء إلّا منخريه. والبعير قبيح السّباحة: لأنه لا يسبح إلّا على جنبه فهو في ذلك بطيء ثقيل. والبعير مما يخاير «2» بينه وبين الفيل، فلذلك ذكرناه. 2099-[ما يغرق من الحيوان] وقد علمنا أنّ الإنسان يغرق في الماء ما لم يتعلّم السّباحة. فأمّا الفرس الأعسر والقرد فإنّهما يغرقان البتّة، والعقرب تقوم وسط الماء لا طافية ولا لازقة بالأرض. 2100-[أشراف السباع وساداتها] وأشراف السّباع وساداتها وكبارها ورؤساؤها ثلاثة: الكركدّن والفيل والجاموس. قال: ولعلّ بعض من اعتاد الاعتراض على الكتب يقول: وأين الخيل والإبل، وفيها من خصال الشّرف والمنافع والغناء في السّفر والحضر، وفي الحرب والسّلم، وفي الزّينة والبهاء، وفي العدّة والعتاد، ما ليس عند الكركدّن ولا عند الفيل ولا عند الجاموس. قال القوم: ليس إلى هذا الباب ذهبنا، ولا إليه قصدنا، ولا ذلك الباب ممّا يجوز أن ندخله في هذا الباب. ولكنّا ذهبنا إلى المحاماة والدّفع عن الأنفس والقتال دون الأولاد، وإلى الامتناع من الأضداد بالحيلة اللطيفة، وبالبطش الشديد، وليس عند الخيل والإبل إذا صافت الأسد والنّمور والببور، ما عند الجاموس والفيل. فأمّا الكركدّن فإن كلّ شيء من الحيوان يقصّر عن غايته التقصير الفاحش.

2101 -[إنكار الكركدن والعنقاء]

2101-[إنكار الكركدن والعنقاء] وما أكثر من ينكر أن يكون في الدنيا حيوان يسمّى الكركدّن، ويزعمون أنّ هذا وعنقاء مغرب سواء، وإن كانوا يرون صورة العنقاء مصوّرة في بسط الملوك، واسمها عندهم بالفارسيّة «سيمرك» كأنه قال: هو وحده ثلاثون طائرا، لأنّ قولهم بالفارسية «سي» هو ثلاثون بالعربية، ومرغ بالفارسيّة هو الطائر بالعربية. والعرب إذا أخبرت عن هلاك شيء وبطلانه قالت: «حلّقت به في الجوّ عنقاء مغرب» «1» . وفي بعض الحديث: «أنّ بعض الأمم سألوا نبيّهم وقالوا: لن نؤمن لك حتى تفعل كذا وتفعل كذا، أو تلقي في فم العنقاء اللّجام، وتردّ اليوم أمس» . 2102-[شعر في العنقاء] قال أبو السّريّ الشّميطي، وهو معدان المكفوف المديبريّ «2» : [من الخفيف] يا سميّ النبيّ والصادق الوع ... د وجدّ الصبيّ ذي الخلخال صاحب التّومة التي لم يشنها ... بعد حرس مثاقب اللآل «3» مهدته العنقاء وهي عقيم ... ربّ مهد يكون فوق الهلال يوم تصغي له النّعامة والأحنا ... ش طرّا لشدّة الزّلزال «4» فأهل هذه النّحلة يثبتون العنقاء، ويزعمون أنها عقيم. وقال زرارة بن أعين، مولى بني أسعد بن همام، وهو رئيس الشميطيّة وذكر هذا الصبي الذي تكفله العنقاء، فقال: [من الطويل] وأوّل ما يحيا نعاج وأكبش ... ولو شاء أحيا ربها وهو مذنب ولكنّه ساعى بأمّ وجدّة ... وقال سيكفيني الشقيق المقرّب وآخر برهاناته قلب يومكم ... وإلجامه العنقاء في العين أعجب يصيف بساباط ويشتو بآمد ... وذلك سرّ لو علمناه معجب أماع له الكبريت والبحر جامد ... وملّكه الأبراج والشّمس تجنب «5»

2103 -[الكركدن]

فيومئذ قامت شماط بقدرها ... وقام عسيب القفر يثني ويخطب وقام صبيّ دردق في قماطه ... عليهم بأصناف اللّسانين معرب «1» فثّبت زرارة بن أعين قول أبي السّريّ في العنقاء، وزادنا تثبيت الكبريت الأحمر ولا أعلم في الأرض قوما يثبّتون العنقاء على الحقيقة غيرهم. 2103-[الكركدن] قال: والذي يثبت الكركدّن أن داود النبي صلّى الله عليه وسلّم ذكره في الزّبور حتّى سمّاه. وقد ذكره صاحب المنطق (في كتاب الحيوان) إلّا أنه سمّاه بالحمار الهنديّ، وجعل له قرنا واحدا في وسط جبهته. وكذلك أجمع عليه أهل الهند كبيرهم وصغيرهم. وإنما صار الشكّ يعرض في أمره من قبل أنّ الأنثى منها تكون نزورا «2» ، وأيام حملها ليست بأقل من أيام حمل الفيلة «3» فلذلك قلّ عدد هذا الجنس. وتزعم الهند أنّ الكركدّن إذا كانت ببلاد، لم يرع شيء من الحيوان شيئا من أكناف تلك البلاد، حتى يكون بينه وبينها مائة فرسخ من جميع جهات الأرض؛ هيبة له، وخضوعا له، وهربا منه. وقد قالوا في ولدها وهو في بطنها قولا لولا أنّه ظاهر على ألسنة الهند لكان أكثر النّاس، بل كثير من العلماء، يدخلونه في باب الخرافة وذلك أنهم يزعمون أنّ أيام حملها إذا كادت أن تتم، وإذا نضجت وسحبت وجرّت وجرى وقت الولادة، فربما أخرج الولد رأسه من ظبيتها «4» فأكل من أطراف الشجر، فإذا شبع أدخل رأسه، حتّى إذا تمّت أيامه وضاق به مكانه وأنكرته الرّحم، وضعته مطيقا قويّا على الكسب والحضر والدفع عن نفسه، بل لا يعرض له شيء من الحيوان والسّباع. 2104-[ولد الفيل] وقد زعم صاحب المنطق أنّ ولد الفيل يخرج من بطن أمّه نابت الأسنان، لطول لبثه في بطنها.

2105 -[أعاجيب الولادة]

وهذا جائز في ولد الفيل غير منكر، لأن جماعة نساء معروفات الآباء والأبناء، قد ولدن أولادهنّ ولهم أسنان نابتة. كالذي رووا في شأن مالك بن أنس، ومحمد بن عجلان وغيرهما. 2105-[أعاجيب الولادة] وقد زعم ناس من أهل البصرة أنّ خاقان بن عبد الله بن الأهتم استوفى في بطن أمّه ثلاثة عشر شهرا، وقد مدح بذلك وهجي، وليس هذا بالمستنكر، وإن كنت لم أر قطّ قابلة تقرّ بشيء من هذا الباب وكذلك الأطبّاء. وقد رووه كما علمت، ولكنّ العجب كلّ العجب ما ذكروا من إخراج ولد الكركدّن رأسه واعتلافه، ثم إدخاله رأسه بعد الشّبع والبطنة. ولا بدّ- أكرمك الله- لما أكل من نجو فإن كان بقي ذلك الولد يأكل ولا يروث فهذا عجب، وإن كان يروث في جوفها فهذا أعجب. وإنما جعلناه يروث حيث سمّوه حمارا، وهذا ممّا ينبغي لنا أن نذكره في خصال الحمير إذا بلغنا ذلك الباب. ولا أقرّ أنّ الولد يخرج رأسه من فرج أمّه حتى يأكل شبعه، ثمّ يدخل رأسه من فرج أمّه، ولست أراه محالا ولا ممتنعا في القدرة، ولا ممتنعا في الطبيعة، وأرى جوازه موهوما غير مستحيل، إلّا أنّ قلبي ليس يقبله، وليس في كونه ظلم ولا عبث ولا خطأ ولا تقصير في شيء من الصفات المحمودة، ولم نجد القرآن ينكره، ولا الإجماع يدفعه، والله هو القادر دون خلقه، ولست أبتّ بإنكاره وإن كان قلبي شديد الميل إلى ردّه، وهذا ممّا لا يعلمه النّاس بالقياس، ولا يعرفونه إلّا بالعيان الظاهر، والخبر المتظاهر. 2106-[عجيبة الدسّاس] وليس الخبر عنه مثل الخبر عن الدّسّاس التي تلد ولا تبيض. وإنما أنكر ذلك ناس لأنّ الدّسّاس ليس بأشرف كالخفّاش، بل هو من الممسوح «1» كسائر الطير. وكاللواتي يبضن من ذوات الأربع من المائيّات والأرضيّات. 2107-[عجائب الدلفين واللّخم والكوسج] وليس الخبر عن الكركدّن أيضا كالخبر عن الدّلفين أنّها تلد وعن اللّخم مثل ذلك، وأنّ الكوسج يتولّد من بين اللّخم وسمكة أخرى، وهذا كلّه غير مستحيل، إلّا

2108 -[زعم ولادة السمك]

أنّي لا أجعل الشيء الجائز كونه كالشيء الذي تثبّته الأدلّة ويخرجه البرهان من باب الإنكار. والواجب في مثل هذا الوقف، وإن كان القلب إلى نقض ذلك أميل. والميل أيضا يكون في طبقات، وكذلك الظن قد يكون داخلا في باب الإيجاب، وربّما قصّر عن ذلك شيئا. 2108-[زعم ولادة السمك] وقد زعم ناس من أهل العلم أنّ السّمك كلّه يلد، وأنهم إنما سمّوا ذلك الحبّ بيضا على التشبيه والتمثيل، لأنّه لا قشر له هناك ولا محّ ولا بياض، ولا غرقئ «1» ؛ وأنّ السمكة لا تخرج أبدا إلّا فارغة البطن أو محشوّة، ولم نر الحبّ الذي بقرب مبالها أعظم، ولم نرها ألقت إحدى تلك الطّوامير «2» وبقّت الأخرى. وإنما غلط في ذلك ناس من قبل ضيق السبيل والمسلك، فظنوا أنّ خرق المبال يضيق عن عظم ذلك الجسم العظيم المجتمع من الحبّ الصغار. قالوا: فإنما تخرج تلك الطوامير واحدا فواحدا، وأوّلا فأولا. 2109-[عجائب الولادة] وما ذلك بأعجب ولا أضيق من حياء الناقة والسّقب والحائل يخرجان منه خروجا سلسا إذا أذن الله بذلك. وكذلك المرأة وولدها، والفيلة، والجاموسة، والرّمكة، والحجر والأتان، والشاة في ذلك كلّه مثل السمكة. وقالوا: لا بدّ للبيض من حضن، ومتى حضنت السمكة بيضها لا تلتفت إلى بيضها وفراخها. 2110-[زعم العوام في الكركدن] والعوامّ تضرب المثل في الشدّة والقوّة بالكركدّن، وتزعم أنه ربما شطح الفيل فرفعه بقرنه الواتد في وسط جبهته، فلا يشعر بمكانه ولا يحسّ به حتّى ينقطع على الأيّام» . وهذا القول بالخرافة أشبه. 2111-[مزاعم في ضروب من الحيوان] وأعجب من القول في ولد الكركدّن ما يخبرنا به ناس من أهل النظر والطبّ

2112 -[قرن الكركدن]

وقراءة الكتب، وذلك أنّهم يزعمون أنّ النمرة لا تضع ولدها أبدا إلّا وهو متطوّق بأفعى، وأنها تعيش وتنهش، إلّا أنها لا تقتل. ولو كنت أجسر في كتبي على تكذيب العلماء ودرّاسي الكتب، لبدأت بصاحب هذا الخبر. وليس هذا عندي كزعمهم أنّ الأفعى تلد وتبيض، لأنّ تأويل ذلك أنّ الأفعى تتعضّل «1» بيضها، فإذا طرّقت بالبيض تلوّت فحطمته في جوفها، ثم ترمي بتلك القشور والخراشيّ «2» أوّلا فأولا، كما لا بدّ لكلّ ذات حمل أن تلقي مشيمتها. ويزعم كثير من الأعراب أنّ الكمأة تتعفّن، ويتخلّق منها أفاعي. فهذا الخبر وإن كنت لا أتسرّع إلى ردّه فإنّي على أصحابه ألين كنفا «3» . 2112-[قرن الكركدن] وأمّا قرن الكركدّن فخبّرني من رآه ممّن أثق بعقله، وأسكن إلى خبره، أنّ غلظ أصله وسعة جسمه يكون نحوا من شبرين، وليس طوله على قدر ثخنه. وهو محدّد الرأس، شديد الملاسة، ملموم الأجزاء مدمج، ذو لدونة وعلوكة في صلابة، لا يمتنع عليه شيء. ويجهز من عندنا بالبصرة إلى الصين؛ لأنّه يقع إلينا قبلهم، فإذا قطعوه ظهرت في مقاطعه صور عجيبة. وفيه خصال غير ذلك، لها يطلب «4» . 2113-[خيل النهر] وقد كنا نزعم أنّ الهواء للعقاب، والماء للتمساح، والغياض للأسد حتى زعم أصحابنا أنّ في نيل مصر خيولا تأكل التماسيح أكلا ذريعا وتقوى عليها قوة ظاهرة، وتغتصبها أنفسها فلا تمتنع عليها، وعارضوا من أنكر خيل الماء، بخنازير الماء وبكلاب الماء، وبدخّس الماء. 2114-[إنقاذ بعض حيوان البحر للغريق] ولم أجدهم يشكّون أن بعض الحيوان الذي يكون في البحر ممّا ليس بسمك وهو يعايش السمك- وقد ذهب عنّي اسمه- أنّه متى أبصر غريقا عرض له وصار تحت بطنه وصدره، فلا يزال كالحامل له والمزجي والمعين، حتى يقذف به إلى حزيرة، أو ساحل، أو جبل.

2115 -[مسالمة الأسد للببر ومعاداته للنمر]

وأصناف سمك البحر، وأجناس ما يعايش سمك البحر لا تكون في أوساط اللّجج وفي تلك الأهواز العظام، مثل لجّة سقوطرا، وهركند، وصنجى. وكذلك أهل البحر إذا عاينوا نباتا أو طيرا، أيقنوا بقرب الأرض إلّا أنّ ذلك القريب قد سمّي بعيدا، فلذلك سلم ذلك الغريق بمعونة ذلك الحيوان «1» . 2115-[مسالمة الأسد للببر ومعاداته للنمر] فأمّا الأسد والببر فمتسالمان، وأما الأسد والنمر فمتعاديان والظّفر بينهما سجال. والنّمر وإن كان ينتصف من الأسد فإنّ قوّته على سائر الحيوان دون قوّته على الأسد، وبدنه في ذلك أحمل لوقع السّلاح، ولا يعرض له الببر، وقد أيقنا أنّهما ليسا من بابته، فلا يعرض لهما، لسلامة ناحيته وقلة شرّه، وهما لا يعرضان له لما يعرفان من أنفسهما من العجز عنه. وأمّا البهائم الثلاث اللواتي ذكرناها فإنّها فوق الأسد والنمر. والببر هنديّ أيضا مثل الفيل، وأمّا الكركدّن فلا يقوم له سبع ولا بهيمة، ولا يطمع فيه، ولا يروم ذلك منه. 2116-[مبارزة الجاموس للأسد] وأمّا الجاموس والأسد فخبّرني محمد بن عبد الملك أنّ أمير المؤمنين المعتصم بالله، أبرز للأسد جاموسين فغلباه، ثم أبرز له جاموسة ومعها ولدها فغلبته وحمت ولدها منه، وحصّنته، ثم أبرز له جاموسا وحده فواثبه ثم أدبر عنه «2» . هذا وفي طبع الأسد الجرأة عليه، لأنّه يعدّ الجاموس من طعامه، والجاموس يعرف نفسه بذلك، فمع الأسد من الجرأة عليه على حسب ذلك ومع الجاموس من الخوف على قدر ذلك. وفي معرفة الأسد أنّ له في فمه من السّلاح ما ليس لشيء سواه، وفي معرفة الجاموس بعدم ذلك السّلاح منه، فمعه من الجرأة عليه بمقدار ما مع الجاموس من التهيّب له، فيعلم أنّه قد أعطي في كفّه ومخالبه من السلاح ما ليس لشيء سواه. ويعلم الأسد والجاموس جميعا أنّه ليس في فم الجاموس ويده وظلفه من السّلاح قليل ولا كثير، فمع الأسد من الجراءة عليه، ومع الجاموس من الخوف منه، على حسب ذلك. ويعلم الأسد أنّ بدنه يموج في إهابه، وأنّ له من القوّة على

2117 -[مغالبة الفيل للأسد]

الوثوب والضّبر «1» والحضر، والطّلب والهرب، ما ليس في الجاموس، بل ليس ذلك عند الفهد في وثوبه، ولا عند السّمع في سرعة مرّه، ولا عند الأرنب في صعداء ولا هبوط، ولا يبلغه نقزان الظّبي إذا جمع جراميزه، ولا ركض الخيل العتاق إذا أجيد إضمارها. والجاموس يعرف كلّ ذلك منه. ومع الجاموس من النّكوص عنه بقدر ما مع الأسد من الإقدام عليه، ويعلم أنّه ليس له إلّا قرنه وأنّ قرنه ليس في حدّة قرون بقر الوحش، فضلا عن حدّة أطراف مخالب الأسد وأنيابه وأن قرنه مبتذل، لا يصان عن شيء. ومخالب الأسد في أكمام وصوان «2» . وإذا قوي الجاموس مع هذه الأسباب المجبّنة على الأسد مع تلك الأسباب المشجّعة حتى يقتله أو يعرّد «3» عنه، كان قد تقدّمه تقدّما فاحشا، وقد علاه علوّا ظاهرا. فلذلك قدّمنا الجاموس وهو بهيمة، وقدّمنا رؤساء البهائم على رؤساء السباع. هذا سوى ما فيها من المرافق والمنافع والمعاون. والجاموس أجزع خلق الله من عضّ جرجسة «4» وبعوضة، وأشدّه هربا منهما إلى الماء. وهو يمشي إلى الأسد رخيّ البال، رابط الجأش، ثابت الجنان. فأمّا الفيل فلم يولّد الناس عليه وعلى الكركدّن ما ولّدوا من إفراط القوّة والنّجدة والشّهامة، إلّا والأمر بينهما متقارب عندهم. 2117-[مغالبة الفيل للأسد] والهند أصحاب الببور والفيول، كما أنّ النّوبة أصحاب الزّرافات دون غيرهم من الأمم. وأهل غانة إنما صار لباسهم جلود النمور لكثرة النمور بها. إلا أنّها على حال موجودة في كثير من البلدان. وقد ذكروا بأجمعهم قوّة الفيل الوحشيّ على الأسد، وقالوا في الفيلة الأهليّة إذا لقيت عندنا بالعراق الأسد وجمعنا بينهما. قالوا: أما واحدة فإنّ ذكور الفيلة لا تكاد تعيش عندكم، وأنيابها التي هي أكبر سلاحها لا تنبت في بلادكم، ولا تعظم ولا تزيد على ما كانت عليه ما أقامت في أرضكم، وهي أيضا لا تتناتج عندكم، وذلك

2118 -[خوف عبد الله بن خازم من الجرذ]

من شدّة مخالفة البلدة لطبائعها ونقضها لقواها. وإنما أسرع إليها الموت عندكم للذي يعتريها من الآفات والأعراض في دوركم، فاجتمعت عليها خصال، أوّل ذلك أنها مع الوحش وفي صميم بلادها أجرأ وأقوى، وأشهم نفسا وأمضى، فلمّا اصطدناها بالحيل، وصيّرناها مقصورة أهليّة بعد أن كانت وحشيّة وفي غير غذائها، لأنّها كانت تشرب إذا احتاجت، وتأكل إذا احتاجت وتأخذ من ذلك على مقادير ما تعرف من موقع الحاجة، فلما صارت إلى قيام العبيد عليها، والأجراء بشأنها، والوكلاء بما يصلحها دخل ذلك من النقض والخور، والخطأ والتقصير، على حسب ما تجد في سائر الأشياء، ثم لم نرض بذلك حتّى نقلناها من تلك البلدة على إنكارها لتلك اللدة، فصيّرناها إلى الضدّ بعد أن كانت في الخلاف. وقد علمنا أنّ سبيلها سبيل سائر الحيوان، فإنّ الإبل تموت ببلاد الروم وتهلك وتسوء حالها، والعقارب تموت في مدينة حمص «1» ، والتماسيح تموت إن نقلت إلى دجلة والفرات، والنّاس يصيبهم الجلاء فيموتون ويتهافتون. وقد علمنا أنّ الزّنج إذا أخرجوا من بلادهم فما يحصل بالبصرة عندنا منهم إلّا اليسير. وكذلك لو نقلوا إليكم بزر الفلفل والسّاج والصّندل والعود، وجميع تلك الأهضام «2» ، فما امتناع نبات العاج ببلادكم إلّا كامتناع نبات الآبنوس، وإن كان ينبت في حيوان والآخر في أرض. فلا يفتخرنّ مفتخر في الأسد في هذه البلدة إذا قاوم الفيل. والأسد هاهنا في بلاده وفي الموضع الذي تتوفّر أموره عليه، لأنّ أسد العراق هي الغاية، وأقواها أسد السّواد ثم أسد الكوفة. ولأنّ الفيلة عندكم أيضا ترى عندكم السّنانير، وقد جعل الله في طبع الفيل الهرب من السّنّور والوحشة منه، كما أنّ بعض شجعانكم يمشي إلى الأسد، ويقبض على الثّعبان، ولا يستطيع النّظر إلى الفأر والجرذان، حتى يهرب منها كلّ الهرب، ويعتريه من النّفضة واصفرار اللّون ما لا يعتري المصبور على السّيف وهو يلاحظ بريقه عند قفاه «3» . 2118-[خوف عبد الله بن خازم من الجرذ] وذكر عليّ بن محمد السميري قال «4» : بينما عبد الله بن خازم السّلميّ عند عبيد

2119 -[خوف الفيل من السنور]

الله بن زياد، إذ أدخل على عبد الله جرذ أبيض ليعجّب منه، فأقبل عبيد الله على عبد الله فقال: هل رأيت يا أبا صالح أعجب من هذا الجرذ قط؟ وإذا عبد الله قد تضاءل حتى صار كأنه فرخ، واصفرّ حتى صار كأنّه جرادة ذكر، فقال عبيد الله: أبو صالح يعصي الرّحمن، ويتهاون بالشيطان، ويقبض على الثعبان، ويمشي إلى الأسد، ويلقى الرّماح بوجهه، وقد اعتراه من جرذ ما ترون؟! أشهد أنّ الله على كلّ شيء قدير. 2119-[خوف الفيل من السنور] وإذا عاين الفيل الأسد رأى فيه شبه السّنّور، فيظنّ أنه سنّور عظيم فلا يبلغ منه مقدار تلك المناسبة، وذلك الشّبه، ومقدار ذلك الظنّ ما يبلغ رؤية السّنّور نفسه. وليس هربه منه من جهة أنّه طعام له، وأنّه إن ساوره خافه على نفسه، وإن كان في المعنى يرجع إلى أنّه طعام لصغار السّباع وكبارها. وهل قتل أسد قطّ فيلا، ومتى أكله؟! وإنّه مع ذلك لربّما ركله الرّكلة، فإمّا أن يقتله، وإمّا أن يذهب عنه هاربا في الأرض، وإمّا أن يجليه. وأيّة حجّة على الفيل في أن يرى سنورا فينفر منه؟! فالأسد يشار إليه بشعلة من نار، أو يضرب له بالطّست فيهرب منه، فإنما هذا كنحو تفزّع الفرس من كلّ شيء يراه في الماء وهو عطشان فيأباه. 2120-[حب الفرس للماء الكدر] ويزعم «1» ناس من أصحاب الخيل أنّ الفرس ليس يضرب بيديه في الماء الصافي ليثوّره، لأنّ الماء الكدر أحبّ إليه، وما هو إلا كالثّور الذي يحبّ الصافي ويختاره، ولكنه إذا وقف على الماء الصافي رأى فيه ظلّه وظلّ غيره من الأشخاص، فيفزعه ذلك، فلمعرفته بأنّ الماء الكدر لا تتصوّر فيه الصّور يضرب بيديه. هذا قول هؤلاء. وأمّا صاحب المنطق وغيره ممّن يدّعي معرفة شأن الحيوان فإنّه يزعم أنّ الفرس بالماء الكدر أشدّ عجبا منه بالماء الصافي، كما أنّ الإبل لا يعجبها الماء إلّا أن يكون غليظا، وذلك هو الماء النّمير عندهم. وإنّما تصلح الإبل عندهم على الماء الذي تصلح عليه الخيل. 2121-[التداوي بأضراس خيل الماء وأعفاجها] ويزعم من أقام ببلاد السّودان أنّ الذين يسكنون شاطئ النيل من الحبشة

2122 -[دفاع صاحب الأسد]

والنّوبة، أنهم يشربون الماء الكدر، ويأكلون السّمك النّيء فيعتريهم طحال شديد «1» ، فإذا شدّوا على بطونهم ضرسا من أضراس خيل الماء وجدوه صالحا لبعض ما يعرض من ذلك. ويزعمون أن أعفاج هذا الفرس تبرئ من الصّرع الذي يكون في الأهلّة. 2122-[دفاع صاحب الأسد] وقال بعض من ينصر الأسد: إن الأسد في الهند أضعف، بل هي ضعيفة جدّا، والفيل في بلادهم أقوى، والوحشي منها أجرأ، والمغتلم لا يقوم له إلا الكركدّن؛ وإنه ليهجم عليه فيحجم عنه حتى تذهب عنه سكرة الغلمة، فيرجع إلى معرفة حال الكركدّن فلا يطور طواره «2» ، ولا يحلّ بأداني أرضه. وأما الفيل فإذا كان غير هائج والأسد في غير أيّام هياجه ثم يكون الأسد عراقيّا ويكون سواديّا ويكون من أجمة أبزيقيا فإنّ الفيل لا يقوم له. 2123-[قول صاحب الفيل] وقال صاحب الفيل: الفيل لا يعاين أسدا أبزيقيّا حتى تفسخه البلدة، وتهدمه الوحشة، ويمرضه الغذاء، ويفسده الماء. وهو لا يصل إلى ذلك المكان حتى يجمع بينه وبين ذلك الأسد، وحتى يسمع تجاوب السّنانير وتضاغيها «3» - وهو أسمع من قراد- فيغبّ «4» ذلك في صدره، وتتزايد تلك الوحشة في نفسه، فمتى رأى أسدا قائما فربّما دعته الوحشة منه، والبغض المجعول فيه، إلى الصّدود والذّهاب عنه. فيظنّ كثير من الناس أنّ ذهابه هرب، وأنّ صدوده جبن، وإنّما هو من الوحشة منه، والكراهة لمنظرته. وربّما اضطرّه الأسد بخرقه حتى ينقض حلمه، ويغلب وقاره، فيخبطه خبطة لا يفلح بعدها أبدا. 2124-[فخر صاحب فرس الماء] قال صاحب الفرس: زعمتم أنّ الأسد في الأرض كالعقاب في الهواء، وكالتمساح في الماء، وأنّ تمساحا وأسدا اعتلجا على شريعة فقتل كلّ واحد منهما

صاحبه، وكأنّ التمساح ضرب الأسد بذنبه في الشريعة، وضغم الأسد رأسه فماتا جميعا. قال: والفرس المائيّ بالنّيل يقتل التّماسيح ويقهرها ويأكلها ولا يساجلها الحرب، ولا تقع بينهما مغالبة ومجاذبة، وتكون الأيام بينهما دولا. فهذه فضيلة ظاهرة على الأسد، وشرف فرس الماء راجع إلى فرس الأرض، فإن كان فرس الأرض لا يقوى على الأسد ولا على النّمر ولا على الببر، فإن ابن عمّه وشكله في الجنس قد قوي على التّمساح وهو رئيس سكان الماء. قالوا: أمّا واحدة فإن التمساح ليس برئيس سكان الماء إلا أن تريد بعض سكان الأودية والأنهار والخلجان والبحيرات في بعض المياه العذبة. والكوسج واللّخم والسّرطان والدّلفين وضروب من السباع مما يعايش السّمك ليس التمساح من بابه. وعلى أن التمساح إنما يأكله ذلك الفرس وهو في الماء، وليس للتمساح في جوف الماء كبير عمل إلا أن يحتمل شيئا بذنبه ويحتجنه «1» إليه، ويدخله الماء، وربّما خرج إلى الأرض للسّفاد ولحضن البيض، فلا يكون على ظهر الأرض شيء أذلّ منه. وذلّه على ظهر الأرض شبيه بذلّ الأسد في وسط الماء الغمر «2» . ولعمري أن لو عرض له هذا الفرس في الشرائع فغلبه لقد كان ذلك من مفاخره، فلذلك لم تذكر الخيل في باب الغلبة، والقتال والمساجلة، والانتصاف من الأعداء. والفرس قد يقاتل الفرس في المروج إذا أراد أن يحمي الحجور، كما يحمي العير العانة ويقاتل دونها كلّ عير يريد مشاركته فيها، وهذا شيء يعرض لجميع الفحولة في زمن الهيج. وقد يصاول الجمل الجمل فربّما قتل أحدهما صاحبه، ولكنّ هذه الفحولة لا تعرض لشيء من الحيوان في غير هذا الباب. وإن أراد الفرس أسد، فليس عنده من إحراز نفسه وقتل عدوّه ما عند الجاموس، فإن فضله الجاموس بقرنيه، فإن السّلاح الذي في فم الفرس لو استعمله لكان سلاحا، ولو استدبر الأسد فركله ورمحه وعضّه بفيه، لكان ذلك ممّا يدفع عنه ويحمي لحمه. وليس للجاموس في أظلافه وفي يديه ورجليه وفي فمه سلاح، فقد دلّت الحال على أنّ مدار الأمر إنّما هو في شجاعة القلب.

وفي هذا القياس أنّ الصّقر إنّما يواثب الكركيّ لمكان سلاحه دون شجاعة القلب التي يقوى بها الضّعيف، وبخلافها يضعف القويّ. وسأقرّب ذلك عندك ببعض ما تعرفه، لا نشكّ أنّ الهرّ أقوى من الهرّة في كلّ الحالات، حتى إذا سفدها فحدثت بينهما بغضاء ومطالبة حدثت للهرّة شجاعة وللهرّ ضعف، فصارت الهرّة في هذه الحال أقوى منه، وصار الهرّ أضعف. ولولا أنّه يمعن في الهرب غاية الإمعان ثمّ لحقته، لقطّعته وهو مستخذ. ومثل ذلك أنّ الجرذ يخصى ويرمى به في أنابير التّجّار «1» وفي الأقرحة «2» والبيادر، فلا يدع جرذا ضخما قد أعيا الهرّ وابن عرس إلّا قتله، وإن كان أعظم منه وأشدّ. والخصيّ من كلّ شيء أضعف قوّة من الفحل إلّا الجرذ، فإنه إذا خصي أحدث له الخصاء شجاعة وجراءة، وأحدثت له الشّجاعة قوّة وأحدث علم الجرذان بحال الخصاء لها جبنا، وأحدث الجبن لها ضعفا «3» . والرّجل الشّديد الأسر قد يفزع فتنحلّ قواه، ويسترخي عصبه حتّى يضربه الصبيّ. والذّئب القويّ من ذئاب الخمر «4» يكون معه الذئب الضعيف من ذئاب البراري، فيصيب القويّ خدش يسير، فحين يشمّ ذلك الذئب الضعيف رائحة الدّم وثب عليه، فيعتري ذلك القويّ عند ذلك من الضّعف بمقدار ما يعتري الضعيف من القوّة حتى يأكله كيف شاء. والأسد الذي يعتريه الضّعف في الماء الغمر حتّى يركب ظهره الصبيّ ثم يقبض على أذنيه فيغطه كيف شاء. وقد يفعل به ذلك غلمان السّواد وشاطئ الفرات، إذا احتملت المدود الأسد لا تملك من أنفسها شيئا، وهو مع ذلك يشدّ على العسكر حتى يفرقه فرق الشّعر، ويطويه طيّ السّجل؛ ويهارش النمر عامّة يومه لا يقتل أحد هما صاحبه، وإن كان الجمل الهائج باركا أتاه فضرب جنبه ليثني إليه عنقه، كأنه يريد عضّه فيضرب بيساره إلى مشفره فيجذبه جذبة يفصل بها بين دأيات عنقه، وإن ألفاه قائما وثب

2125 -[الرد على صاحب فرس الماء]

وثبة فإذا هو في ذروة سنامه، فعند ذلك يصرّفه كيف شاء، ويتلعّب به كيف أحبّ. ونحن لا نشكّ أنّ للفرس تحت الفارس غناء في الحرب لا يشبهه غناء، ولذلك فضّل في القسم. وإنما ذلك بتصريف راكبه له، وقتاله عليه. فأمّا هو نفسه فإنه إذ كان أوفر سلاحا من الجاموس وخام عن قرنه «1» ، واستسلم لعدوّه؛ فإنّه من ها هنا لا يقدم على غيره. ولم يكن الله ليجعل انحصار جميع أقسام الخير في شخص واحد، ولكن لمّا أن كان الفرس عليه تقاتل الأنبياء وأتباع الأنبياء، ملوك الكفّار وأتباع ملوك الكفار حتّى يقمع الله الباطل ويظهر الحقّ؛ فلذلك قدّمناه على جميع البهائم والسّباع، وإنما نقدّمه على الوجه الذي قدّمه الله فيه. 2125-[الرد على صاحب فرس الماء] واعترض على أصحاب فرس الماء معترضون فقالوا: الفرس لا يكون إلّا بهيمة، والبهائم لا تصيد وتأكل صيدها، وإنما طعام الفرس النّبات وليس اللّحم لها بطعام. وقال النمر بن تولب «2» : [من الرجز] والخيل في إطعامها اللّحم ضرر ... نطعمها اللّحم إذا عزّ الشّجر في كلمته التي يقول فيها «3» : [من الرجز] الله من آياته هذا القمر وقد تعلف في تلك الحالات اللّحم اليابس وهسيس السّمك «4» . فأمّا الهسيس فلخيول أهل الأسياف خاصّة. 2126-[الانتصار لصاحب فرس الماء] قيل لهؤلاء المعترضين على فرس الماء: وقد يكون في الخلق المشترك وغير المشترك ما يأكل اللّحم والحبّ. فالمشترك مثل الإنسان الذي يأكل الحيوان والنبات. وهذا العصفور من الخلق المشترك لأنّه يأكل الحبّ، ويصطاد النمل الطّيار

2127 -[شيء من الطرف والحكم والأشعار]

والأرضة فيأكلها، ويأكل اللّحم، والدّجاج تأكل اللّحم والدّيدان، وتحسو الدّم وتلقط الحبّ. والغراب لا يدع شيئا إلّا أكله. وما خرج من حدّ المشترك وهو كنحو الذّئب والضّبع، وكنحو الشّاهين والصّقر، فإنّ هذه وأشباهها لا تعرف إلا اللّحم. والحمام وضروب من الطير لا تعرف إلّا الحبّ والنّبات. والمشترك أجمع مما هو غير مشترك. والسّمكة تأكل الطّين والنّبات، وتأكل الجيف التي تصيب في الماء، وتصاد بضروب من الحيوان تجعل لها في الشّصوص «1» ، ثم ينصبون لكلّ ضرب من السّمك بضرب من الطّعم. والجرّيّ يأكل الجرذان ويصيدها، وهو آكل لها من السّنانير والحيّات والكلاب السّلوقية، ويأكل الجرّيّ جميع جيف الموتى. والسّمك يأكل السّمك ويأكل من كلّ حبّ ونبات يسقط في الماء. وإن استفهم مستفهم، أو اعترض معترض فقال: وكيف يأكل الجرّيّ الجرذان، والجرذان أرضيّة بيوتيّة، والجرّيّ مائي؟ قيل له: يخبّرنا جميع من يبيت في السّفن وفي المشارع، في فيض البصرة عندنا، أنّ جرذان الأنابير «2» تخرج أرسالا باللّيل كأنّها بنات عرس، والجرّيّ قد كمن لهنّ وهو فاتح فاه، فإذا دنا الجرذ من الماء فعبّ فيه التهمه ليس دون ذلك شيء، بشجر فم واسع» يدخل في مثله الضبّ الهرم. وإنما يضع بخطمه على الشّريعة. وسنذكر شيئا من الطّرف والحكم والأشعار، إذ كنّا قد ذكرنا من الكلام في الحيوان صدرا صالحا، وأبوابا جامعة، ثم نعود في ذكر الفيل إن شاء الله، والله الموفّق. 2127-[شيء من الطرف والحكم والأشعار] قال الشّاعر «4» : [من الطويل] ونحن أناس لا حجاز بأرضنا ... مع الغيث ما نلقى ومن هو غالب

وإن قصرت أسيافنا كان وصلها ... خطانا إلى أعدائنا فنضارب ترى كلّ قوم ينظرون إليهم ... وتقصر عمّا يبلغون الذّوائب مثل قول الآخر «1» : [من الطويل] لكلّ أناس سلّم يرتقى به ... وليس إلينا في السّلاليم مطلع ومنزلنا الأعلى حجاز لمن به ... وكلّ حجاز إن هبطناه بلقع وينفر منا كلّ وحش وينتمي ... إلى وحشنا وحش البلاد فيربع وقال حسّان بن ثابت «2» : [من الطويل] وندمان صدق تقطر الخير كفّه ... إذا راح فضفاض العشيّات خضرما وصلت به كفّي وخالط شيمتي ... ولم أك عضّا في الندامى ملوّما «3» لنا حاضر فعم وباد كأنّه ... شماريخ رضوى عزّة وتكرّما ولدنا بني العنقاء وابني محرّق ... فأكرم بنا خالا وأكرم بنا ابنما لنا الجفنات الغرّ يلمعن في الضّحى ... وأسيافنا يقطرن من نجدة دما وقال أعرابيّ غزليّ «4» : [من الطويل] بنفسي وأهلي من إذا عرضوا له ... ببعض الأذى لم يدر كيف يجيب ولم يعتذر عذر البريء ولم تزل ... به سكتة حتّى يقال مريب وقال أعرابيّ من هذيل «5» : [من الطويل]

قطعة من أشعار الاتعاظ

رعاك ضمان الله يا أمّ مالك ... ولله أن يسقيك أولى وأوسع يذكّرنيك الخير والشرّ والذي ... أخاف وأرجو والذي أتوقّع قطعة من أشعار الاتعاظ قال الشاعر: [من المتقارب] عليك من امرك ما تستطيع ... وما ليس يغنيك عنه فذر وللصّمت أجمل في حينه ... من القول في خطل أو هذر وكم غائب كان يخشى الرّدى ... فعاد وأودى الذي في الحضر وبينا الفتى يعجب النّاظري ... ن مال إلى عطفه فانقعر وبعض الحوادث إن يبقه ... فإنّ الفنا شأنه والكبر وكم من أخي نجدة ماهر ... تعلّقه الدّهر حتى عثر وكم من أخي عثرة مقتر ... تأتّى له الدّهر حتى انجبر وقال علقمة بن عبدة «1» : [من البسيط] وكلّ قوم وإن عزّوا وإن كثروا ... عريفهم بأثافي الشّرّ مرجوم والحمد لا يشترى إلا له ثمن ... ممّا يضنّ به الأقوام معلوم والجهل منقصة شين لصاحبه ... والحلم آونة في النّاس معدوم وكلّ حصن وإن طالت سلامته ... على دعائمه لا بدّ مهدوم ومن تعرّض للغربان يزجرها ... على سلامته لا بدّ مشؤوم ومطعم الغنم يوم الغنم مطعمه ... أنّى توجّه والمحروم محروم وقال عديّ بن زيد العباديّ «2» ، وهو أحد من قد حمل على شعره الحمل الكثير، ولأهل الحيرة بشعره عناية، وقال أبو زيد النحويّ: «لو تمنّيت أن أقول الشّعر ما قلت إلا شعر عديّ بن زيد» : [من الطويل]

كفى زاجرا للمرء أيّام عمره ... تروح له بالواعظات وتغتدي فنفسك فاحفظها من الغيّ والرّدى ... متى تغوها تغو الذي بك يقتدي فإن كانت النّعماء عندك لامرئ ... فمثلا بها فاجز المطالب أو زد عن المرء لا تسأل وأبصر قرينه ... فإنّ القرين بالمقارن مقتدي ستدرك من ذي الجهل حقّك كله ... بحلمك في رفق ولمّا تشدّد وظلم ذوي القربى أشدّ عداوة ... على المرء من وقع الحسام المهنّد وفي كثرة الأيدي عن الظّلم زاجر ... إذا خطرت أيدي الرّجال بمشهد قال المهلب بن أبي صفرة: «عجبت لمن يشتري المماليك بماله كيف لا يشتري الأحرار بمعروفه» «1» . وقال عبد الله بن جعفر لرجل يوصيه: «عليك بصحبة من إن صحبته زانك، وإن تركته شانك؛ إن سألته أعطاك، وإن تركته ابتداك؛ إن رأى منك سيّئة سدّها، وإن رأى حسنة عدّها؛ وإن وعدك لم يجرضك وإن ألجئت إليه لم يرفضك» . وسأل يزيد بن المهلّب رجل من أصحابه حاجة وذكر له خلّة، فقال: أوجّه بها إليك. ثمّ حمل إليه خمسين ألف درهم، ثم كتب إليه: «قد وجّهت إليك بخمسين ألف درهم، لم أذكرها تمنّنا، ولم أدع ذكرها تجبّرا، ولم أقطع بها لك رجاء، ولم أرد بها منك جزاء» . وقيل ليزيد: ما أحسن ما مدحت به؟ قال: قول زياد الأعجم «2» : [من الطويل] فتى زاده السّلطان في الحمد رغبة ... إذا غيّر السلطان كلّ خليل شبيه بقول الآخر «3» : [من الطويل] فتى زاده عزّ المهابة ذلّة ... وكلّ عزيز عنده متواضع وقال الآخر، وهو يدخل في باب الشكر: [من الرجز]

أبيات لبعض الشعراء العميان

شوقي إليك يا أبا العبّاس ... طيّر ما أبليتني نعاسي إنّي لمعروفك غير ناس ... والشّكر قدما في خيار النّاس أبيات لبعض الشعراء العميان أنشدني ابن الأعرابيّ لرجل من بني قريع «1» يرثي عينه ويذكر طبيبا: [من الطويل] لقد طفت شرقيّ البلاد وغربها ... فأعيا عليّ الطبّ والمتطبّب يفولون إسماعيل نقّاب أعين ... وما خير عين بعد ثقب بمثقب يقولون ماء طيّب خان عينه ... وما ماء عين خان عينا بطيّب ولكنّه أيّام أنظر طيّب ... بعيني قطاميّ علا فوق مرقب «2» كأنّ ابن حجل مدّ فضل جناحه ... على ماء إنسانيهما ماء طحلب وقال الخريميّ «3» : [من الطويل] كفى حزنا أن لا أزور أحبّتي ... من القرب إلّا بالتّكلّف والجهد وأنّي إذا حيّيت ناجيت قائدي ... ليعدلني قبل الإجابة في الردّ إذا ما أفاضوا في الحديث تقاصرت ... بي النّفس حتى ما أحير وما أبدي كأني غريب بينهم لست منهم ... فإن لم يحولوا عن وفاء ولا عهد أقاسي خطوبا لا يقوم بثقلها ... من الناس إلا كلّ ذي مرّة جلد

باب في الحاجة

باب في الحاجة قال ابن الأعرابيّ «1» : قيل للأحنف: أتيناك في حاجة، لا ترزؤك ولا تنكؤك. فقال: «ليس مثلي يؤتى في حاجة لا ترزأ ولا تنكأ» . وقال أعرابيّ لرجل: «إني لم أصن وجهي عن الطّلب إليك، فصن وجهك عن ردّي، وأنزلني من كرمك بحيث وجهي من رجائك» . وقال أبو عقيل بن درست: «لم يقض ذمام التّأميل، ولم يقم بحرمة الرّجاء إلّا من أعطاها حقّها، ووفّاها حظّها، وعرف قدرها، وكيف يستبقي النّعمة فيها، وكيف الشّكر على أداء حقّها، بالبشر عند المسألة، وقلّة التّضجّر عند المعاودة، وتوكيد الضّمان عند العدة، وانتهاز الفرصة عند القدرة. ويكون النّجح المعجل أحبّ إليه من عذر المصدق، وحتّى يرى أنّ حقّك عليه في بذل وجهك إليه أكثر من حقّه عليك في تحقيق أملك فيه. ثم إيجاب سترها، فإنّ سترها هو المخبر عنها، والدالّ عليها، والزّائد في قدرها، والمتولّي لنشرها» . وقال الشاعر «2» : [من المنسرح] فإنّ إحياءها إماتتها ... وإنّ منّا بها يكدّرها

باب في الوعد والوفاء به والخلف له

باب في الوعد والوفاء به والخلف له قال عمرو بن الحارث «1» : «كنت متى شئت أن أجد صفة من يعد وينجز وجدته، فقد أعياني من يعد ولا ينجز» . وقال أبو إسحاق النّظام: «كنّا نلهو بالأماني، ونطيب أنفسا بالمواعيد، فذهب من يعد، وقطعتنا الهموم عن فضول الأماني» . وقال الشاعر «2» : [من مجزوء الرمل] قد بلوناك بحمد الله إن أغنى البلاء ... فإذا جلّ مواعيدك والجحد سواء وقال أعرابيّ «3» : «وعد الكريم نقد وتعجيل، ووعد اللئيم مطل وتعطيل» . وذمّ أعرابيّ رجلا فقال: «إذا أوعد صدق، وإذا وعد كذب، ويغضب قبل أن يشتم، ويجزم قبل أن يعلم» . وقال عبد الله بن قيس الرقيّات «4» : [من المنسرح] اخترت عبد العزيز مرتغبا ... والله للمرء خير من قسما من البهاليل من أميّة يز ... داد إذا ما مدحته كرما جاءت به حرّة مهذّبة ... كلبيّة كان بيتها دعما هنّ العرانين من قضاعة أمثال بنيهنّ تمنع الذّمما تكنّه خرقة الدّرفس من الشّمس كليث يفرّج الأجما

يقوت شبلين في مغارهما ... قد ناهزا للفطام أو فطما لم يأت يوم إلا وعندهما ... لحم رجال أو يولغان دما فذاك أشبهته ابن ليلى ول ... كنّ ابن ليلى يفوقه شيما من يهب البخت والولائد كال ... غزلان والخيل تعلك اللجما ينكر «لا» إنّ «لا» لمنكرة ... من فيه إلّا محالفا نعما وقال زيادة بن زيد «1» : [من الطويل] إذا فرجة سدّت عليك فروجها ... فأنت ملاق لا محالة مذهبا فلم يجعل الله الأمور إذا اغتدت ... عليك رتاجا لا يرام مضبّبا كفاك الغنى يوما إذا ما تقلّبت ... به صيرفيّات الأمور تقلبا وإني لمزورّ قليل تقلّبي ... لوجه امرئ يوما إذا ما تجنّبا قليل ليوم الشّرّ ويك تعرّضي ... فإن حلّ يوما قلت للشّرّ مرحبا ملكنا ولم نملك وقدنا ولم نقد ... وكان لنا حقّا على الناس ترتبا وقال هدبة العذريّ «2» : [من الطويل] فأب بي إلى خير فقد فاتني الصّبا ... وصيح بريعان الشّباب فنفّرا أمور وألوان وحال تقلّبت ... بنا وزمان عرفه قد تنكّرا أصبنا بما لو أنّ سلمى أصابه ... لسهّل من أركانه ما توعّرا «3» فإن ننج من أهوال ما خاف قومنا ... علينا فإنّ الله ما شاء يسّرا وإن غالنا دهر فقد غال قبلنا ... ملوك بني نصر وكسرى وقيصرا وذي نيرب قد عابني لينالني ... فأعيا مداه عن مداي فقصّرا فإن يك دهر نالني فأصابني ... بريب فإن تشوي الحوادث معشرا فلست إذا الضّرّاء نابت بجبّإ ... ولا جزع إن كان دهر تغيّرا

وكان هدبة هذا من شياطين عذرة، وهذا شعره كما ترى، وقد أمر بضرب عنقه وشدّ خناقه. وقليلا ما ترى مثل هذا الشّعر عند مثل هذه الحال؛ وإنّ امرأ مجتمع القلب، صحيح الفكر، كثير الرين، عضب اللّسان في مثل هذه الحال، لناهيك به مطلقا غير موثق، وادعا غير خائف. ونعوذ بالله من امتحان الأخيار. وهو القائل في تلك الحال «1» : [من الطويل] فلا تعذليني لا أرى الدّهر معتبا ... إذا ما مضى يوم ولا اللّوم مرجعا ولكن أرى أنّ الفتى عرضة الرّدى ... ولاقي المنايا مصعدا ومفرّعا «2» وإن التّقى خير المتاع وإنما ... نصيب الفتى من ماله ما تمتّعا فلا تنكحي إن فرّق الدّهر بيننا ... أغمّ القفا والوجه ليس بأنزعا ضروبا للحييه على عظم زوره ... إذا القوم هشّوا للفعال تقنّعا وأخرى إذا ما زار بيتك زائر ... زيالك يوما كان كالدّهر أجمعا «3» سأذكر من نفسي خلائق جمّة ... ومجدا قديما طالما قد ترفّعا فلم أر مثلي كاويا لدوائه ... ولا قاطعا عرقا سنونا وأخدعا وما كنت ممن أرّث الشرّ بينهم ... ولا حين جدّ الشّرّ ممّن تخشّعا وكنت أرى ذا الضّغن ممّن يكيدني ... إذا ما رآني فاتر الطّرف أخشعا وما قرأت في الشّعر كشعر عبد يغوث بن صلاءة الحارثيّ، وطرفة بن العبد، وهدبة هذا، فإنّ شعرهم في الخوف لا يقصّر عن شعرهم في الأمن «4» . وهذا قليل جدّا.

من أشعار الأعراب

من أشعار الأعراب أنشدني ابن الأعرابيّ في معنى قوله «1» : [من الوافر] كمخض الماء ليس له إتاء [من الطويل] وما كان مثلي يعتريك رجاؤه ... ولكن أساءت همّة من فتى محض وإنّي وإشرافي إليك بهمّتي ... الكالمرتجي زبدا من الماء بالمخض وقال الآخر في مثل قول عبيد الله بن عبد الله بن عتبة «2» : [من الطويل] فلولا اتّقاء الله قلت مقالة ... تسير مع الرّكبان أبردها يغلي أبن لي فكن مثلي أو ابتغ صاحبا ... كمثلك، إني مبتغ صاحبا مثلي ولا يلبث الأصحاب أن يتفرّقوا ... إذا لم يؤلّف روح شكل إلى شكل فقال «3» : [من الطويل] لكلّ امرئ شكل يقرّ بعينه ... وقرّة عين الفسل أن يتبع الفسلا «4» وتعرف في جود امرئ جود خاله ... وينذل أن تلقى أخا أمّه نذلا وفي غير هذا الباب يقول الجرنفس اللص» : [من البسيط] أبلغ بني ثعل عنّي مغلغلة ... فقد أنى لك من نيء بإنضاج أمّا النهار ففي قيد وسلسلة ... واللّيل في جوف منحوت من السّاج

وقال بعض اللصوص «1» : [من الطويل] أقيد وحبس واغتراب وفرقة ... وهجر حبيب، إنّ ذا لعظيم وإن امرأ دامت مواثيق ودّه ... على عشر ما بي إنّه لكريم ومن المراثي المستحسنة قول حارثة بن بدر الغدانيّ «2» ، يرثي زيادا ابن أبيه: [من البسيط] أبا المغيرة والدّنيا مغيّرة ... وإنّ من غرّت الدّنيا لمغرور قد كان عندك للمعروف معرفة ... وكان عندك للنّكراء تنكير وكنت تؤتى فتؤتي الخير من سعة ... إن كان قبرك أمسى وهو مهجور صلّى الإله على قبر بمحنية ... دون الثّويّة يسفي فوقه المور «3» وأنشد ابن الأعرابيّ: [من الطويل] وما حسب الأقوام إلا فعالهم ... وربّ حسيب الأصل غير حسيب وقال الآخر في مثله: [من الكامل] ليس الكريم بمن يدنّس عرضه ... ويرى مروءته تكون بمن مضى حتّى يشيد بناءهم ببنائه ... ويزين صالح ما أتوه بما أتى وقال عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر «4» : [من الكامل] لسنا وإن كرمت أوائلنا ... يوما على الأحساب نتّكل نبني كما كانت أوائلنا ... تبني ونفعل مثل ما فعلوا

من هجا امرأته

وقال عمر بن الخطّاب: «كفى بالمرء عيبا أن تكون فيه خلة من ثلاث: أن يبدو له من أخيه ما يخفى عليه من نفسه، أو يعيب شيئا ثم يأتي مثله، أو يؤذي جليسه فيما لا يعنيه» . ووصف أعرابيّ رجلا فقال: «آخذ النّاس بما به أمر، وأتركهم لما عنه زجر» . من هجا امرأته قدم أعرابيّ فحلف بطلاق امرأتيه على شيء فحنث ثم هرب فقال: [من الكامل] لو يعلم الغرماء منزلتيهما ... ما خوّفوني بالطّلاق العاجل قد ملّتا ومللت من وجهيهما ... عجفاء مرضعة وأخرى حامل وقال الأقرع بن معاذ القشيريّ: [من الطويل] لعمرك إنّ المسّ من أمّ خالد ... إليّ وإن ضاجعتها لبغيض إذا بزّ عنها ثوبها فكأنما ... على الثّوب نمل عاذم وبعوض وقال أعرابيّ يتألّه، لامرأته، وما الأعراب وهذا المذهب، ولكن كذا وقع، والله أعلم بكثير من الرّواية: [من البسيط] لولا مخافة ربّي أن يعاقبني ... وأنّها عدّة تقضى وأوتار لقد جعلت مكان الطّوق ذا شطب ... وتبت بعد فإنّ الله غفّار وقال بعض المولّدين «1» : [من المنسرح] تجهّزي للطّلاق وانصرفي ... ذاك جزاء الجوامح الشّمس لليلتي حين بتّ طالقة ... ألذّ عندي من ليلة العرس وأنشدني ابن الأعرابي لأعرابي «2» : [من الرجز]

من هجته زوجته

1- قد قرنوني بعجوز جحمرش ... ناتية النّاب كزوم قنفرش 2- كأنما دلالها على الفرش ... من آخر اللّيل كلاب تهترش 3- وجلدها من حكّها القمل برش ... كأنّ طيّ بطنها طيّ كرش 4- فقماء في حضن الضّجيع تهتمش ... تخشخش الضّبّ دنا للمحترش وقال رجل من بني نمير «1» لامرأته، وكانت حضرية: [من الطويل] لعمري لأعرابيّة بدوية ... تظلّ بروقي بيتها الرّيح تخفق أحبّ إلينا من ضناك ضفنّة ... إذا رفعت عنها المراويح تعرق كبطّيخة البستان ظاهر جلدها ... صحيح ويبدو داؤها حين تفتق وأنشدني محمد بن يسير في امرأته أو في غيرها «2» : [من البسيط] أنبئت أنّ فتاة كنت أخطبها ... عرقوبها مثل شهر الصّوم في الطول أسنانها مائة أو زدن واحدة ... كأنّها حين يبدو وجهها غول وإنما أكتب لك من كلّ باب طرفا، لأنّ إخراجك من باب إلى باب أبقى لنشاطك، ولو كتبته بكماله لكان أكمل وأنبل، ولكن أخاف التّطويل، وأنت جدير أن تعرف بالجملة التّفصيل، والآخر بالأوّل. من هجته زوجته قالت عصيمة الحنظليّة: [من الوافر] كأنّ الدّار حين تكون فيها ... علينا حفرة ملئت دخانا فليتك في سفين بني عباد ... فتصبح لا نراك ولا ترانا فلو أنّ البدور قبلن يوما ... لقد أعطيتها مائة هجانا وقالت امرأة من بني ضبة لزوجها: [من البسيط] تراه أهوج ملعونا خليقته ... يمشي على مثل معوجّ العراجين

وما دعوت عليه قطّ ألعنه ... إلّا وآخر يتلوه بآمين فليته كان أرض الرّوم منزله ... وأنّني قبله صيّرت بالصّين وقالت جمرة الأزدية لزوجها أبي وائل: [من المتقارب] لعمرك ما إن أبو وائل ... إذا ذكر القوم بالطائل فياليتني لم أكن عرسه ... وعوجلت بالحدث العاجل وقالت امرأة من بني زياد الحارثي: [من الطويل] فلا تأمروني بالتزوّج إنّني ... أريد كرام النّاس أو أتبتّل أريد فتى لا يملأ الهول صدره ... يريح عليه حلمه حين يجهل كمثل الفتى الجعد الطّويل إذا غدا ... كعالية الرّمح الطويل أو اطول وقالت امرأة من باهلة «1» : [من الطويل] أحبّ الفتى ينفي الفواحش سمعه ... كأنّ به كلّ فاحشة وقرا سليم دواعي الصّدر لا باسط أذى ... ولا مانع خيرا ولا قائل هجرا كمثل الفتى الذّهليّ تحسب وجهه ... إذا ما بدا في ظلمة طالعا بدرا وقال لبيد بن ربيعة «2» : [من الخفيف] إنما يحفط التقى الأبرار ... وإلى الله يستقرّ القرار وإلى الله ترجعون وعند ... الله ورد الأمور والإصدار إن يكن في الحياة خير فقد أن ... ظرت لو كان ينفع الإنظار عشت دهرا فلن يدوم على الأيّام إلّا يرمرم وتعار «3» وأنشدني الأصمعيّ قال: أنشدني رجل، ولم يسمّه: [من الطويل] إذا ما بدا عمرو بدت منه صورة ... تدلّ على مكنونه يقبل بياض خراسان ولكنه فارس ... وجثّة روميّ وشعر مفلفل

لقد ألّفت أعضاء عمرو عصابة ... يدلّ عليها آخر القوم أوّل وقالت أخت ذي الرّمّة ترثيه «1» : [من الطويل] تعزّيت عن أوفى بغيلان بعده ... عزاء وجفن العين ملآن مترع ولم تنسني أوفى المصيبات بعده ... ولكنّ نكء القرح بالقرح أوجع وذو الرّمّة القائل: إذا قلت كأنّ فلم أجد مخرجا فقطع الله لساني. وأنشد «2» : [من الكامل] لا أتّقي حسك الضّغائن بالرّقى ... فعل الذّليل ولو بقيت وحيدا «3» لكن أعدّ لها ضغائن مثلها ... حتّى أدواي بالحقود حقودا كالخمر خير دوائها منها بها ... تشفي السّقيم وتبرئ المنجودا «4» فأخذ الحكميّ هذا فقال «5» : [من المتقارب] وكأس شربت على لذّة ... وأخرى تداويت منها بها وقال ابن هرمة «6» : [من البسيط] إنّ أياديك عندي غير واحدة ... جلّت عن الوصف والإحصاء والعدد وليس منها يد إلّا وأنت بها ... مستوجب الشّكر منّي آخر الأبد وقال الآخر: [من الطويل]

سأشكر ما أبقاني الله خالدا ... كشكري، ولا يدري، عليّ بن ثابت حملت عليه مثقلا فأطلقه ... وحمّلني من شكره فوق طاقتي ورأى رجل من النبيط الحجّاج بعد موته في منامه فقال: يا حجّاج، إلام صيّرك ربّك؟ فقال: وماذا عليك يا ابن الزّانية، فقال: ما سلمنا من قولك ميتا، ولا من فعلك حيّا. وقال الأشهب- رجل من أهل الكوفة- يهجو نوح بن درّاج: [من البسيط] إنّ القيامة فيما أحسب اقتربت ... إذ صار حاكمنا نوح بن درّاج لو كان حيّا له الحجّاج ما سلمت ... صحيحة يده من نقش حجّاج وكان الحجّاج يشم أيدي النّبط علامة يعرفون بها. وقال رجل من طيّئ لرجل من فزارة، وكان الرجل يتوعّده: [من الطويل] فإن كان هذا يا فزار تجلّبا ... لنخشى فما نرتاع للجلبات أألآن لما أن علا الشّيب مفرقي ... وصارت نيوب العود مختلفات فلو أنّ سافي الريح يحملكم قذى ... لأعيننا ما كنتم بقذاة ألست فزاريّا تبيّن لؤمه ... إذا قام بين الأنف والسّبلات ترى الخيل تستحيي إذا ما ركبتم ... عليها حياء البدّن الخفرات وقال أبو عبيدة: «ما ينبغي أن يكون في الدّنيا مثل النظّام: سألته وهو صبيّ عن عيب الزّجاج، فقال: سريع الكسر، بطيء الجبر» . ومدحوا النّخلة عنده، فقال: «صعبة المرتقى، بعيدة المهوى، خشنة المسّ، قليلة الظلّ» . وذكر النظّام الخليل بن أحمد فقال: «توحّد به العجب فأهلكه، وصوّر له الاستبداد صواب رأيه فتعاطى ما لا يحسنه، ورام ما لا يناله، وفتنته دوائره «1» التي لا يحتاجه إليها غيره» . وكان أبو إسحاق إذا ذكر الوهم لم يشكّ في جنونه، وفي اختلاط عقله. وهكذا كان الخليل، وإن كان قد أحسن في شيء.

وكان النطّام كثيرا ما ينشد: [من الطويل] فلو كنت أرضى لا أبالك بالذي ... به الخامل الجثّام في الخفض قانع قصرت على أدنى الهموم وأصبحت ... عليّ وعندي للرّجال صنائع وقال المريسيّ لأبي الهذيل بحضرة المأمون، بعد كلام جرى: كيف ترى هذه السّهام؟ قال: ليّنة كالزّبد، حلوة كالشّهد، فكيف ترى سهامنا؟ قال: ما أحسست بها، قال: لأنّها صادفت جمادا. وأنشد أبو الهذيل: [من الكامل] فإذا توهّم أن يراها ناظر ... ترك التّوهّم وجهها مكلوما فقال «1» : «هذه تناك بأير من خاطر» وأنشدني أبو الهذيل بعد أن أنشد هذا البيت «2» : [من الرجز] اسجد لقرد السّوء في زمانه ... ولا تسائل عن خبيء شأنه وقال آخر: [من الطويل] كم من كريم ضعضع الدّهر حاله ... وكم من لئيم أصبح اليوم صاعدا وقد قال في الأمثال في النّاس واعظ ... بتجربة أهدى النّصيحة جاهدا إذا دولة للقرد جاءت فكن له ... وذلك من حسن المداراة، ساجدا بذاك تداريه ويوشك بعدها ... تراه إلى تبّانه الرّثّ عائدا وأنشدني الأصمعيّ في معنى قول الفرزدق «3» : [من الطويل] به لا بظبي بالصّريمة أعفرا لرجل من بني القين: [من الوافر]

2128 -[بعض الأخبار العجيبة]

أقول لصالح لمّا دهته ... بنات الدّهر ويحك ما دهاكا شجاك العزل، لا بأخي نوال ... من الفتيان كربة ما شجاكا أتيتك زائرا فرجعت صفرا ... كذاك تكون أوبة من أتاكا أحبّ لك السلامة يا ابن أمّي ... وإن كنت امرأ بخلت يداكا حفاظا للعشيرة لا بعرف ... فإنّ العرف منّ به سواكا وقال الفرزدق: [من الطويل] ألا خبّروني أيّها الناس إنّني ... سألت ومن يسأل عن العلم يعلم سؤال امرئ لم يغفل العلم صدره ... وما العالم الواعي الأحاديث كالعمي وقال أيضا: [من الطويل] ألم تعلموا يا آل طوعة أنما ... تهيج جليلات الأمور دقيقها سأثني على سعد بما قد علمته ... وخير أحاديث الرّجال صدوقها 2128-[بعض الأخبار العجيبة] قال أبو عثمان: ومما أكتب لك من الأخبار العجيبة التي لا يجسر عليها إلا كلّ وقاح أخبار بعض العلماء وبعض من يؤلّف الكتب ويقرؤها ويدارس أهل العبر ويتحفّظها. زعموا «1» أنّ الضبع تكون عاما ذكرا وعاما أنثى. وسمعت هذا من جماعة منهم ممّن لا أستجيز تسميته. قال الفضل بن إسحاق: أنا رأيت العفص والبلّوط في غصن واحد. قال: ومن العفص ما يكون مثل الأكر. وقد خبّرني بذلك غيره، وهو يشبه تحوّل الأنثى ذكرا والذّكر أنثى. وقد ذكرت العرب في أشعارها الضّباع والذّئاب والسّمع والعسبار، وجميع الوحوش والحشرات، وهم أخبر الخلق بشأن الضّبع، فكيف تركت ما هو أعجب وأطرف. وقد ذكرت العلماء الضّباع في مواضع من الفتيا لم نر أحدا ذكر ذلك. وأولئك

2129 -[خرطوم الفيل]

بأعيانهم هم الذين زعموا أن النمر الأنثى تضع في مشيمة واحدة جروا وفي عنقه أفعى قد تطوّقت به، وإذا لم يأتنا في تحقيق هذه الأخبار شعر شائع، أو خبر مستفيض، لم نلتفت لفته، وقد أقررنا أن للسّقنقور أيرين، وكذلك الحرذون والضبّ، حين وجدناه ظاهرا على ألسنة الشّعراء وحكاية الأطبّاء. 2129-[خرطوم الفيل] والخرطوم للفيل هو أنفه، ويقوم مقام يده ومقام عنقه «1» ، والخرق الذي هو فيه لا ينفذ، وإنما هو وعاء إذا ملأه الفيل من طعام أو ماء أولجه في فيه، لأنّه قصير العنق لا ينال ماء ولا مرعى. وإنما صار ولد البختيّ من البختيّة جزور لحم لقصر عنقه، ولعجزه عن تناول الماء والمرعى. 2130-[خرطوم البعوضة] وللبعوضة خرطوم، وهي تشبّه بالفيل إلّا أنّ خرطومها أجوف فإذا طعن به في جوف الإنسان والبهيمة فاستقى به الدّم من جوفه قذفت به إلى جوفها، فهو لها كالبلعوم والحلقوم. وللذبابة خرطوم تخرجه إذا أرادت الدّم، وتدخله إذا رويت. فأمّا من سمّى خطم الخنزير والكلب والذّئب خرطوما فإنما ذلك على التشبيه. وكذلك يقولون لكلّ طويل [الخطم] «2» قصير اللّحيين. وقد يقال للخطم خرطوم على قوله: سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ «3» . وأنشدنا ابن الأعرابي لفتى من بني عامر: [من البسيط] ولا أقوم على شيخي فأشتمه ... ولا أمرّ على تلك الخراطيم جعل سادة عشيرته في النّادي والمجالس كالخراطيم والمقاديم والهوادي، وعلى ذلك قالوا: بنو فلان أنف بني فلان ورؤوسهم وخراطيمهم، ومعنى العامريّ الذي ذهب إليه في شعره كأنّه عظّم المشيخة أن يمرّ بهم، وقد قال الشاعر «4» : [من الوافر] هم الأنف المقدّم والسّنام

والفيل والببر، والطّاوس والببغا، والدّجاج السّنديّ، والكركدّن، مما خص الله به الهند. وقد عدّد ذلك مطيع بن إياس، حين خاطب جارية له كانت تسمى «روقة» ، فقال «1» : [من الخفيف] روق أي روق كيف فيك أقول ... سادسنا دوني وأرمائيل «2» وبعيد من بينه حيثما كا ... ن وبين الحبيب قندابيل «3» روق يا روق لو ترين محلّي ... ببلاد معروفها مجهول ببلاد بها تبيض الطواوى ... س وفيها يزاوج الزّندبيل وبها الببّغاء والصّفر والعو ... د له في ذرى الأراك مقيل «4» والخموع العرجاء والأيّل الأق ... رن واللّيث في الغياض النّسول «5» وقال أبو الأصلع الهنديّ، يفخر بالهند وما أخرجت بلاد الهند: [من الهزج] لقد يعذلني صحبي ... وما ذلك بالأمثل وفي مدحتي الهند ... وسهم الهند في المقتل وفيه السّاج والعاج ... وفيه الفيل والدّغفل وإنّ التّوتيا فيه ... كمثل الجبل الأطول وفيه الدّارصينيّ ... وفيه ينبت الفلفل والمتشابه عندهم من الحيوان الفيل، والخنزير، والبعوضة، والجاموس. وقال رؤبة «6» : [من الرجز] ليث يدقّ الأسد الهموسا ... والأقهبين الفيل والجاموسا «7»

2131 -[هجاء أبي الطروق لامرأته]

2131-[هجاء أبي الطروق لامرأته] ولما هجا أبو الطّروق الضّبيّ امرأته، وكان اسمها شغفر بالقبح والشناعة فقال «1» : [من الرجز] جاموسة وفيلة وخنزر ... وكلّهنّ في الجمال شغفر جعل الخنزير خنزرا، فجمعها كما ترى للتّشابه. وقال الآخر: [من الطويل] كأنّ الذي يبدو لنا من لثامها ... جحافل عير أو مشافر فيل 2132-[شعر في الفيل] والفيل يوصف بالفقم، ولذلك قال الأعرابيّ: [من الرجز] قد قادني أصحبي المعمّم ... ولم أكن أخدع فيما أعلم «2» إذ صفق الباب العريض الأعظم ... وأدني الفيل لنا وترجموا وقيل إنّ الفيل فيل مرجم ... خبعثن قد تمّ منه المحزم «3» أجرد أعلى الجسم منه أصحم ... يجرّ أرحاء ثقالا تحطم «4» ما تحتها من قرضها وتهشم ... وحنك حين يمدّ أفقم «5» ومشفر حين يمدّ سرطم ... يردّه في الجوف حين يطعم «6» لو كان عندي سبب أو سلّم ... نجّيت نفسي جاهدا لا أظلم وقال آخر: [من الرجز] من يركب الفيل فهذا الفيل ... إنّ الذي يركبه محمول على تهاويل لها تهويل ... كالطّود إلّا أنّه يجول وأذن كأنها منديل

وقال عمارة بن عقيل يضرب المثل بقوّة الفيل: [من البسيط] إذا أتانا أمير لم يقل لهم ... هيدا وجالت بنا منه الأحابيل وعضّ مجهودنا الأقصى وحمّله ... من المظالم ما لا يحمل الفيل وقال أبو دهبل «1» يمدح أبا الفيل الأشعريّ: [من البسيط] إنّ أبا الفيل لا تحصى فضائله ... قد عمّ بالعرف كلّ العجم والعرب ونظر ابن شهلة المدينيّ إلى خرطوم الفيل وإلى غرموله فقال: [من الطويل] ولم أر خرطومين في جسم واحد ... قد اعتدلا في مشرب ومبال فقد غلط لأنّ الفيل لا يشرب بخرطومه ولكن به يوصل الماء إلى فمه. فشبّه غرموله بالخرطوم، وغرموله يشبّه بالجعبة والقنديل والبربخ. وقال المخبّل «2» في تعظيم شأن الفيل: [من الطويل] أتهزأ منّي أمّ عمرة أن رأت ... نهارا وليلا بلّياني فأسرعا فإن أك لاقيت الدّهاريس منهما ... فقد أفنيا النّعمان قبلي وتبّعا ولا يلبث الدّهر المفرّق بينه ... على الفيل حتى يستدير فيصرعا وقال مروان بن محمد وهو أبو الشّمقمق- وحدّثني صديق لي قال سألت أبا الشّمقمق عن اسمه ونسبه. فقال: أنا مروان بن محمد، مولى مروان بن محمد «3» : [من البسيط] يا قوم إنّي رأيت الفيل بعدكم ... فبارك الله لي في رؤية الفيل رأيت بيتا له شيء يحرّكه ... فكدت أصنع شيئا في السراويل وقالت دودة لأمّها: [من البسيط] يا أمّ إنّي رأيت الفيل من كثب ... لا بارك الله لي في رؤية الفيل لمّا بصرت بأير الفيل أذهلني ... عن الحمير وعن تلك الأباطيل

2133 -[خطبة بدوي فيها ذكر الفيل]

2133-[خطبة بدوي فيها ذكر الفيل] وقال الأصمعي: جنى قوم من أهل اليمامة جناية فأرسل إليهم السّلطان جندا من بخاريّة ابن زياد، فقام رجل من أهل البادية يذمّر أصحابه فقال: «يا معشر العرب، ويا بني المحصنات، قاتلوا عن أحسابكم ونسائكم. والله لئن ظهر هؤلاء القوم عليكم لا يدعون بها لينة حمراء «1» ، ولا نخلة خضراء، إلّا وضعوها بالأرض. ولا أغرّكم من نشّاب «2» معهم، في جعاب كأنّها أيور الفيلة، ينزعون في قسيّ كأنّها العتل «3» تئط إحداهنّ أطيط الزّرنوق «4» ، يمغط «5» أحدهم فيها حتى يتفرّق شعر إبطيه، ثم يرسل نشّابة كأنها رشاء «6» منقطع، فما بين أحدكم وبين أن تفضخ عينه «7» ، أو يصدع قلبه منزلة» . قال: فخلع قلوبهم فطاروا رعبا. 2134-[الفيل والزندبيل] قالوا «8» : الفيلة ضربان: فيل وزندبيل. وقد اختلفوا في أشعارهم وأخبارهم. فبعضهم يقول كالبخت والعراب، والجواميس والبقر، والبراذين والخيل، والفأر والجرذان، والذّرّ والنمل. وبعضهم يقول: إنما ذهبوا إلى الذّكر والأنثى. قال خالد القنّاص، وفي قصيدته تلك المزاوجة والمخمّسة، التي ذكر فيها الصّيد فأطنب فيها، فقال حين صار إلى ذكر الفيل «9» : [من الرجز] ذاك الذي مشفره طويل ... وهو من الأفيال زندبيل فذهب إلى العظم. وقال الذّكواني «10» : [من الرجز] وفيلة كالطّود زندبيل

2135 -[الجن والحن]

وقال الآخر: [من الرجز] من بين فيلات وزندبيل فجعل الزّندبيل هو الذكر. وقال أبو اليقظان سحيم بن حفص: إنّ الزّندبيل هو الأنثى. فلم يقفوا من ذا على شيء. 2135-[الجنّ والحن] وبعض النّاس يقسم الجنّ على قسمين فيقول: هم جنّ وحنّ، ويجعل التي بالحاء أضعفها، وأما الرّاجز فقال «1» : [من الرجز] أبيت أهوي في شياطين ترنّ ... مختلف نجراهم جنّ وحنّ ففرق هذا بين الجنسين. 2136-[الناس والنسناس] وسمع بعض الجهّال قول الحسن: «ذهب النّاس وبقيت في النّسناس» فجعل النّسناس جنسا على حدة. وسمع آخرون هم أجهل من هؤلاء قول فجعل النّسناس جنسا على حدة. وسمع آخرون هم أجهل من هؤلاء قول الكميت «2» : [من الطويل] نسناسهم والنّسانسا فزعموا أنّهم ثلاثة أجناس: ناس، ونسناس، ونسانس. هذا سوى القول في الشّق، وواق واق، وذوال باي، وفي العدار، وفي أولاد السّعالي من الناس، وفي غير ذلك مما ذكرناه في موضعه من ذكر الجنّ والإنس «3» . وقد علم أهل العقل أنّ النّسناس إنما وقع على السّفلة والأوغاد والغوغاء، كما سمّوا الغوغاء الجراد إذا ألقى البيض وسخف وخفّ وطار.

2137 -[هياج الفيل]

2137-[هياج الفيل] قال: وإذا اغتلم الفيل قتل الفيلة والفيّالين وكلّ من لقيه من سائر النّاس، ولم يقم له شيء، حتى لا يكون لسوّاسه همّ إلّا الهرب، وإلّا الاحتيال لأنفسهم. وتزعم «1» الفرس أنّ فيلا من فيلة كسرى اغتلم، فأقبل نحو النّاس فلم يقم له شيء، حتى دنا من مجلس كسرى فأقشع «2» عنه جنده، وأسلمته صنائعه، وقصد إلى كسرى ولم يبق معه إلّا رجل واحد من فرسانه كان أخصّهم به حالا، وأرفعهم مكانا، فلمّا رأى قربه من الملك شدّ عليه بطبرزين «3» كان في يده فضرب به جبهته ضربة غاب لها جميع الحديدة في جبهته، فصدف عنها وارتدع، وأبى كسرى أن يزول من مكانه، فلمّا أيقن بالسّلامة قال لذلك الرجل: ما أنا بما وهب الله لي من الحياة على يدك بأشدّ سرورا منّي بالذي رأيت من هذا الجلد والوفاء والصّبر في رجل من صنائعي، وحين لم تخطئ فراستي، ولم يفل رأيي «4» فهل رأيت أحدا قطّ أشدّ منك؟ قال: نعم. قال: فحدّثني عنه. قال: على أن تؤمّنني. فأمّنه فحدّث عن بهرام جوبين بحديث شقّ على الملك وكرهه، إذ كان عدوّه على تلك الصّفة. قال: إذا اغتلم الفيل وصال وغضب وخمط «5» خلّاه الفيّالون والرّوّاض، فربّما عاد وحشيّا. 2138-[أهليّ الفيلة ووحشيّها] والفيلة من الأجناس التي يكون فيها الأهليّ والوحشيّ، كالسّنانير والظّباء والحمير وما أشبه ذلك. وأنشد الكرمانيّ لشاعر المولتان قوله: [من البسيط] فكنت في طلبي من عنده فرجا ... كراكب الفيل وحشيّا ومغتلما وهذه القصيدة هي التي يقول فيها: قد كنت صعّدت عن بغبور مغتربا ... حتى لقيت بها حلف النّدى حكما «6» قرم كأنّ ضياء الشّمس سنّته ... لو ناطق الشّمس ألقت نحوه الكلما

2139 -[خصال كسرى]

2139-[خصال كسرى] وتقول الفرس: أعطي كسرى أبرويز ثمان عشرة خصلة لم يعطها ملك قطّ ولا يعطاها أحد أبدا، من ذلك أنّه اجتمع له تسعمائة وخمسون فيلا، وهذا شيء لم يجتمع عند ملك قطّ. ومن ذلك أنّه أنزى الذّكورة على الإناث. وأنّ فيلة منها وضعت عنده، وهي لا تتلاقح بالعراق، فكانت أوّل فيلة بالعراق وآخر فيلة تضع. قالو: ولقي رستم الآزريّ المسلمين يوم القادسيّة ومعه من الفيلة عشرون ومائة فيل، وكنّ من بقايا فيلة كسرى أبرويز. قالوا «1» : ومن خصاله أنّ النّاس لم يروا قط أمدّ قامة، ولا أتمّ ألواحا، ولا أبرع جمالا منه، فلما مات فرسه الشّبديز كان لا يحمله إلّا فيل من فيلته، وكان يجمع وطاءة ظهر الفيل وثبات قوائمه، ولين مشيته، وبعد خطوه، وكان ألطفها بدنا، وأعدلها جسما. 2140-[أكثر خلفاء المسلمين فيلة] قالوا: ولم يجتمع لأحد من ملوك المسلمين من الفيلة ما اجتمع عند أمير المؤمنين المنصور، اجتمع عنده أربعون فيلا، فيها عشرون فحلا. 2141-[شرف الفيل] قالوا «2» : والفيل أشرف مراكب الملوك. وأكثرها تصرّفا، ولذلك سأل وهرز الأسوار عن صاحب الحبشة، حين صافّهم في الحرب، فقيل له: ها هو ذاك على الفيل. فقال: لا أرميه وهو على مركب الملوك. ثم سأل عنه فقيل له: قد نزل عنه وركب الفرس. قال: لا أرميه وهو على مركب الحماة. قيل: قد نزل عنه وركب الحمار. قال: قد نزل عن مركبه لحمار! فدعا بعصابة رفع بها حاجبيه- وكان قد أسنّ حتى سقط جاجباه على عينيه- ثم رماه فقتله. 2142-[ذكاء الفيل] وكان سهل بن هارون يتعجّب من نظر الفيل إلى الإنسان، وإلى كلّ شيء يمرّ به. وهو الذي يقول «3» : [من الطويل]

2143 -[فضل الفيل على الفرس في الحرب]

ولمّا رأيت الفيل ينظر قاصدا ... ظننت بأنّ الفيل يلزمه الفرض قال أبو عثمان: وقد رأيت أنا في عين الفيل من صحّة الفهم والتأمّل إذا نظر بها، وما شبهت نظره إلى الإنسان إلّا بنظر ملك عظيم الكبر راجح الحلم. وإذا أردت أن ترى من الفيل ما يضحك، وتراه في أسخف حالاته وأجهله فألق إليه جوزة، فإنّه يريد أن يأخذ بطرف خرطومه، فإذا دنا منها تنفّس، فإذا تنفّس طارت الجوزة من بين يديه، ثم يدنو ثانية ليأخذها فيتنفس أخرى، فتبعد عنه، فلا يزال ذلك دأبه. 2143-[فضل الفيل على الفرس في الحرب] قالوا: ويفضل الفيل الفرس في الحرب أنّ الفيل يحمي الجماعة كلهم، ويقاتل ويرمي ويزجّ بالمزاريق «1» ، وله من الهول ما ليس للفرس، وهو أحسن مطاوعة، ولا يعرف بجماح ولا طماح ولا حران. والخيول العتاق ربّما قتلت الفرسان بالحران مرّة وبالإقدام مرّة، وبسوء الطّاعة وشدّة الجزع، وربّما شبّ الفرس بفارسه حتى يلقيه بين الحوافر والسيّوف، للسّهم يصيبه والحجر يقع به. وما يشبه ظهر الفرس من ظهره، وظهر الفيل منظرة من المناظر ومسلحة من المسالح. 2144-[عمر الفيل] وفي الفيلة عجب آخر، وذلك أنّ قصر الأعمار مقرون بالإبل والبراذين وبكلّ خلق عظيم. وكلّ شيء يعايش النّاس في دورهم وقراهم ومنازلهم فالناس أطول أعمارا منها، كالجمل، والفرس والبرذون، والبغل والحمار، والثّور والشّاة، والكلب والدّجاج، وكلّ صغير وكبير، إلا الفيل فإنّه أطول عمرا. والفيل أعظم من جميع الحيوان جسما وأكثر أكلا، وهو يعيش مائة السنة ومائتي السنّة. وزعم صاحب المنطق في كتاب الحيوان أنّه قد ظهر فيل عاش أربعمائة سنة. فالفيل في هذا الوجه يشارك الضّباب والحيّات والنّسور، وإذا كان كذلك فهو فوق الورشان وعير العانة- وهو من المعمّرين وفوق المعمّرين- وهو مع ذلك أعظم الحيوان بدنا، وأطولها عمرا.

2145 -[الأسد والفيل]

2145-[الأسد والفيل] وقال بعض من يستفهم ويحب التّعلم: ما بال الأسد إذا رأى الفيل علم أنّه طعام له، وإذا رأى النّمر والببر لم يكونا عنده كذلك؟ وكيف وهو أعظم وأضخم وأشنع وأهول؟ فإن كان الأسد إنما اجترأ عليه لأنّه من لحم ودم، واللّحم طعامه والدّم شرابه. فالببر والنّمر من لحم ودم، وهما أقلّ من هؤلاء وأقمأ جسما. قال القوم: ومتى قدّر الأسد في الفيل أنه إذا قاتله غلبه، وإذا غلبه قتله، وإذا قتله أكله؟ وقد نجد الببر فوق الأسد وهو لا يعرض له. والأسد فوق الكلب وهو يشتهي لحمه، ويشتهي لحم الفهد بأكثر ممّا يشتهي لحم الضّبع والذئب، وليست علّته المواثبة التي ذهبتم إليها. 2146-[معرفة الحيوان] فأمّا علم جميع الحيوان بمواضع ما يعيشها، فمن علّم البعوضة أنّ من وراء ظاهر جلد الجاموس دما، وإنّ ذلك الدم غذاء لها، وأنّها متى طعنت في ذلك الجلد الغليظ الشّثن «1» ، الشديد الصّلب، أن خرطومها ينفذ فيه على غير معاناة «2» . ولو أن رجلا منّا طعن جلده بشوكة لانكسرت الشّوكة قبل أن تصل إلى موضع الدم. وهذا باب يدرك بالحسّ وبالطبع وبالشبه وبالخلقة. والذي سخّر لخرطوم البعوضة جلد الجاموس، هو الذي سخّر الصخرة لذنب الجرادة، وهو الذي سخّر قمقم النّحاس لإبرة العقرب. 2147-[علة عدم تلاقح الفيلة بالعراق] وقال بعض خصماء الهند: لو كانت الفيلة لا تتلاقح عندنا بالعراق لأنها هنديّة لتغيّر الهواء والأرض، فعقر ذلك أرحامها، وأعقم أصلابها لكان ينبغي للطواويس أن لا تتزاوج عندنا ولا تبيض ولا تفرخ. ونحن قد نصيد البلابل والدباسيّ، والوارشين، والفواخت والقمارى والقبج والدّرّاج، فلا تتسافد عندنا في البيوت، وهي من أطيار بساتيننا وضياعنا، ولا تتلاقح إذا اصطدناها كرارزة «3» ، بل لا تصوّت ولا تغنّي ولا تنوح، وتبقى عندنا وحشيّة كمدة ما عاشت، فإن أخذناها فراخا زاوجت وعشّشت

2148 -[وفاء الشفنين]

وباضت وفرّخت، فلعلّكم أن تكونوا لو أهديتم إلينا أولادها صغارا فنشأت عندنا وذهب عنها وحشة الخلاء، وجدت أنس الأهليّ، فإنّ الوحشة هي التي أكمدتها، ونقضت قوّتها، وأفنت شهوتها. 2148-[وفاء الشفنين] وقد نجد الشّفنين الذّكر تهلك أنثاه فلا يزاوج غيرها أبدا، في بلادها كان ذلك أو في غير بلادها «1» ، ونحن لو جئنا بالأسد والذّئاب والنّمور والببور فأقامت عندنا الدّهر الطّويل لم تتلاقح. 2149-[قصة الذئب والأعرابي] وقد أصاب أعرابيّ جرو ذئب فربّاه ورجا حراسته وأن يألفه، فيكون خيرا له من الكلب، فلما قوي وثب على شاة له فأكلها، فقال الأعرابي «2» : [من الوافر] أكلت شويهتي وربيت فينا ... فما أدراك أنّ أباك ذيب 2150-[تسافد حمير الوحش] وقد تتسافد عندنا حمير الوحش، وقد تلاقحت عند بعض الملوك. 2151-[تلاقح الظباء في البيوت] «3» وكان جعفر بن سليمان أحضر على مائدته بالبصرة يوم زاره الرّشيد ألبان الظّباء وزبدها وسلاها «4» ولبأها، فاستطاب الرشيد جميع طعومها. فسأل عن ذلك وغمز جعفر بعض الغلمان فأطلق عن الظّباء ومعها خشفانها «5» ، وعليها شملها «6» ، حتى مرّت في عرصة تجاه عين الرّشيد، فلما رآها على تلك الحال وهي مقرّطة مخضّبة استخفّه الفرح والتعجّب حتى قال: ما هذه الألبان؟ وما هذه السّمنان واللّبأ والرّائب والزّبد الذي بين أيدينا؟! قال: من حلب هذه الظّباء ألّفت وهي خشفان فتلاقحت وتلاحقت.

2152 -[استنتاج الذئاب والأسد بالعراق]

2152-[استنتاج الذئاب والأسد بالعراق] ولو أطلقوا الذّئاب والأسد في مروج العراق، وأقاموا لها حاجاتها لتسافدت وتلاقحت. فلعلّهم لو تقدّموا في اصطناع أولاد الفيلة واقتنائها صغارا أن تأنس حتى تتسافد وتتلاقح. وقد زعمتم أنّ كسرى أبرويز استنتج دغفلا واحدا «1» . 2153-[احتجاج الهندي] قال الهندي: تكفينا هذه الحجّة، وهي بيننا وبينكم. أو ليس قد جهد في ذلك جميع الملوك من جميع الأمم في قديم الدهر، فلم يستنتجوا إلا واحدا. وعلى أنّ هذه الأحاديث من أحاديث الفرس، وهم أصحاب نفج «2» وتزيد ولا سيّما في كلّ شيء مما يدخل في باب العصبيّة، ويزيد في أقدار الأكاسرة، وإن كانوا كذلك فهم أظنّاء، والمتهم لا شهادة له. ولكن هل رأيتم قطّ هنديا أقرّ بذلك، أو هل أقرّت بقايا سائر الأمم للفرس بهذا الأمر للفيل المعروف بهذا الاسم. 2154-[استطراد لغوي] «3» ويقال رجل فيل إذا كان في رأيه فيالة، والفيالة. الخطأ والفساد. وهم يسمّون الرّجل بفيل. منهم فيل مولى زياد. ويكنون بأبي الفيل، منهم أبو الفيل الأشعريّ الذي امتدحه أبو دهبل. وقال: الرّاجز غيلان يقال له راكب الفيل: ومنهم عنبسة الفيل، وكذلك يقال لابنه معدان وله حديث. وقال الفرزدق: [من الطويل] لقد كان في معدان والفيل راجر ... لعنبسة الرّاوي عليّ القصائدا وقال الأصمعيّ: إذا كان الرجل نبيلا جبانا قيل هذا فيل، وأنشد: [من الطويل] يقولون للفيل الجبان كأنّه ... أزبّ خصيّ نفّرته القعاقع وقال سلمة بن عيّاش: قال لي رؤبة: «ما كنت [أحبّ أن] «4» أرى في رأيك فيالة» . ويقول الرّجل لصاحبه: لم يفل رأيك. وهو رأي فائل، ورجل فيل. وبالكوفة

2155 -[مثالب الفيل]

باب الفيل، ودار الفيل في السبابجة، وكذلك حمّام فيل، وفي حمّام فيل يقول بعض السّلف: [من الوافر] لعمر أبيك ما حمّام كسرى ... على الثلثين من حمّام فيل وقال الجارود بن أبي سبرة: [من الوافر] وما إرقاصنا خلف الموالي ... كسنّتنا على عهد الرّسول وأبو الفيل محمد بن إبراهيم الرافقي كان فارس أهل العراق. وفيلويه السّقطي هو الذي كان يجري لأمّه كلّ أضحى درهما. فحدثتني امرأة قالت قلت لأمّ فيلويه: أو ما كان يجري فيلويه في كلّ أضحى إلا درهما؟ قالت: إي والله، وربّما أدخل أضحى في أضحى «1» ! 2155-[مثالب الفيل] وقال بعض من يخالف الهند: الفيل لا ينتفع بلحمه ولا بلبنه، ولا بسمنه ولا يزبده، ولا بشعره ولا بوبره ولا بصوفه، عظيم المؤونة في النفقة، شديد التّشزّن «2» على الرّوّاض، وإن اغتلم لم تف جميع منافعه في جميع دهره بمضرّة ساعة واحدة. وهو مرتفع في الثمن، وإن أخطؤوا في تدبير مطمه ومشربه، وتعلّمه وتلقنه هلك سريعا، ولا يتصرّف كتصرّف الدّوابّ، ولا يركب في الحوائج والأسواق وفي الجنائز والزّيارات. ولو أنّ إنسانا عاد مريضا أو اتّبع جنازة على فيل لصار شهرة، وترك الميّت آية. 2156-[رؤيا الفيل] وسئل ابن سيرين عن رجل رأى فيما يرى النّائم كأنه راكب على فيل، فقال: أمر جسيم لا منفعة له. قالوا: وقال رجل للحجّاج بن يوسف: رأيت في المنام رجلا من عمّالك قدّم فيلا فضرب عنقه، فقال: إن صدقت رؤياك هلك داهر بن بصبهرى. 2157-[حكم أكل لحمه] وسئل الشّعبيّ عن أكل لحم الفيل، فقال: ليس هو من بهيمة الأنعام.

2158 -[خرطوم الفيل]

2158-[خرطوم الفيل] وخرطومه، الذي هو سلاحه والذي به يبطش وبه يعيش، من مقاتله. وقال زهرة بن جؤيّة يوم القادسية: أمّا لهذه الدابة مقتل؟ قالوا: بلى، خرطومه، فشدّ عليهم حتى خالطهم، ودنا من الفيل، فحمل كلّ واحد منهما على صاحبه فضرب خرطومه فبرك وأدبر القوم. 2159-[بعض صفة الفيل] قال: والفيل أفقم قصير العنق، مقلوب اللسان، مشوّه الخلق، فاحش القبح. ولم يفلح ذو أربع قطّ قصير العنق في طلب ولا هرب. ولولا أنّ مسلوخ النّور يجول في إهابه، ولولا سعته وغببه، لما خطا مع قصر عنقه، ولذلك قال الأعرابي «1» : «ومن جعل الأوقص كالأعنق والمطبّق كالضابع» . وقال الشّاعر في غبب الثّور «2» ، وهو إسحاق بن حسان الخريميّ «3» : [من المتقارب] وأغلب فضفاض جلد اللّبان ... يدافع غبغبه بالوظيف وليس يؤتى البعير في حضره مع طول عنقه إلّا من ضيق جلده. والفيل ضئيل الصّوت، وذلك من أشدّ عيوبه. والفيل إذا بلغ في الغلمة أشدّ المبالغ أشبه الجمل في ترك الماء والعلف حتى تنضمّ أيطلاه ويتورّم رأسه. وقد وصف الرّاجز الجمل الهائج فقال: [من الرجز] سام كأنّ رأسه فيه ورم ... إذ ضمّ إطليه هياج وقطم «4» وآض بعد البدن ذا لحم زيم «5» ولو لم يكن في الفيلة من العيب إلا أن عدة أيام حملها كعمر بعض البهائم، لكان ذلك عيبا. وقد ترك أهل المدينة غراس العجوة، لمّا كانت لا تطعم إلّا بعد أربعين سنة.

2160 -[قدرته على حمل الأثقال]

2160-[قدرته على حمل الأثقال] قال: وليس شيء يحمل من عدد الأرطال ما يحمل الفيل، لأنّ الذي يفضل فيما بين حمل الفيل وحمل البختيّ أكثر من قدر ما يفضل بين جسم الفيل على جسم البختي. وقد قال الأعرابيّ الذي أدخل على كسرى ليعجب من جفائه وجهله، حين قال له: أيّ شيء أبعد صوتا؟ قال: الجمل. قال: فأيّ شيء أطيب لحما؟ قال: الجمل. قال: فأيّ شيء أنهض بالحمل؟ قال: الجمل. قال كسرى: كيف يكون الجمل أبعد صوتا ونحن نسمع صوت الكركيّ من كذا وكذا ميلا؟ قال الأعرابي: ضع الكركيّ في مكان الجمل، وضع الجمل في مكان الكركيّ حتى يعرف أيّهما أبعد صوتا. قال: وكيف يكون لحم الجمل أطيب من لحم البطّ والدّجاج والفراخ والدّرّاج والنّواهض والجداء؟ قال الأعرابيّ: يطبخ لحم الدّجاج بماء وملح، ويطبخ لحم الجمل بماء وملح، حتى يعرف فضل ما بين اللّحمين. قال كسرى: فكيف تزعم أنّ الجمل أحمل للثّقل من الفيل والفيل يحمل كذا وكذا رطلا؟ قال الأعرابيّ: ليبرك الفيل ويبرك الجمل، وليحمل على الفيل حمل الجمل، فإن نهض به فهو أحمل للأثقال. قال القوم: ليس في استطاعة الجمال النهوض بالأحمال ما يوجب لها فضيلة على حمل ما هو أثقل. ولعمري، إنّ للجمل بلين أرساغه وطول عنقه لفضيلة في النّهوض بعد البروك، فأمّا نفس الثقل فالذي بينهما أكثر من أن يقع بينهما الخيار. قالوا: وبفارس ثيران تحمل حمل الجمل باركة ثم تنهض به. فهذا باب الذمّ. 2161-[مناقب الفيل] فأمّا باب الحمد فقد حدّثنا عن شريك، عن جابر الجعفي، قال: رأيت الشعبيّ خارجا فقلت له: إلى أين؟ قال: أنظر إلى الفيل. قال: وسألت أبا عبيدة فقلت: ما لون الفيل؟ قال: جون. 2162-[ما يحث به الفيل] ومن أعاجيب الفيل أن سوطه الذي به يحثّ ويصرّف، محجن حديد طرفه في جبهته، والطّرف الآخر في يد راكبه، فإذا راد منه شيئا غمز تلك الحديدة في لحمه، على قدر إرادته لوجوه التصرّف «1» .

2163 -[قصة الفيل]

2163-[قصة الفيل] وقد ذكر ذلك أبو قيس بن الأسلت في الجاهليّة. وهذا الشّعر حجّة في صرف الله الفيل والطّير الأبابيل، وصدّ أبي يكسوم عن البيت. وسنذكر من ذلك طرفا إن شاء الله تعالى. قال أبو قيس «1» : [من المتقارب] ومن صنعه يوم فيل الحبو ... ش إذ كلّما بعثوه رزم «2» محاجنهم تحت أقرابه ... وقد كلموا أنفه فانخرم وقد جعلوا سوطه معولا ... إذا يمّموه قفاه كلم فأرسل من فوقهم حاصبا ... يلفّهم مثل لفّ القزم وقال أيضا صيفيّ بن عامر، وهو أبو قيس بن الأسلت «3» ، وهو رجل يمان من أهل يثرب، وليس بمكيّ ولا تهام «4» ولا قرشيّ ولا حليف قرشيّ، وهو جاهليّ: [من الكامل] قوموا فصلّوا ربّكم وتعوّذوا ... بأركان هذا البيت بين الأخاشب «5» فعندكم منه بلاء مصدّق ... غداة أبي يكسوم هادي الكتائب فلمّا أجازوا بطن نعمان ردّهم ... جنود الإله بين ساف وحاصب فولّوا سراعا نادمين ولم يؤب ... إلى أهله ملحبش غير عصائب ويدلّ على صحّة هذا الخبر قول طفيل الغنويّ، وهو جاهليّ، وهذه الأشعار صحيحة معروفة لا يرتاب بها أحد من الرّواة، وإنما قال ذلك طفيل لأنّ غنيّا كانت تنزل تهامة، فأخرجتها كنانة فيمن أخرجت، فهو قوله «6» : [من البسيط] ترعى مذانب وسميّ أطاع له ... بالجزع حيث عصى أصحابه الفيل «7»

قال أبو الصّلت «1» ، واسمه ربيعة، وهو أبو أميّة بن أبي الصّلت، وهو ثقفيّ طائفيّ، وهو جاهليّ، وثقيف يومئذ أضداد بالبلدة وبالمال وبالحدائق والجنان، ولهم اللات والغبغب، وبيت له سدنة يضاهئون بذلك قريشا. فقال مع اجتماع هذه الأسباب التي توجب الحسد والمنافسة: [من الخفيف] إنّ آيات ربّنا بيّنات ... ما يماري فيهنّ إلّا الكفور حبس الفيل بالمغمّس حتّى ... ظلّ يحبو كأنّه معقور واضعا حلقة الجران كما قطّ ... ر صخر من كبكب محدور وقال بعضهم «2» لأبرهة الأشرم: [من الرجز] أين المفرّ والإله الطالب ... والأشرم المغلوب غير الغالب وقال عبد المطّلب «3» يوم الفيل وهو على حراء: [من مجزوء الكامل] لاهمّ إنّ المرء يم ... نع رحله فامنع حلالك لا يغلبنّ صليبهم ... ومحالهم أبدا محالك إن كنت تاركهم وقب ... لتنا فأمر ما بدا لك وقال نفيل بن حبيب الخثعميّ «4» ، وهو جاهليّ شهد الفيل وصنع الله في ذلك اليوم: [من الوافر] ألا ردّي جمالك يا ردينا ... نعمناكم مع الإصباح عينا فإنّك لو رأيت ولن تريه ... لدى جنب المحصّب ما رأينا أكلّ الناس يسأل عن نفيل ... كأنّ عليّ للحبشان دينا حمدت الله أن عاينت طيرا ... وحصب حجارة تلقى علينا

2164 -[استطراد لغوي]

وقال المغيرة بن عبد الله المخروميّ «1» : [من الرجز] أنت حبست الفيل بالمغمّس ... حبسته كأنّه مكردس محتبس تزهق فيه الأنفس قال الله تبارك وتعالى: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ. وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ. تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ. فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ «2» . وأنزل هذه السورة وقريش يومئذ مجلبون في الردّ على النبي صلى الله عليه وسلم، وما شيء أحبّ إليهم من أن يروا له سقطة أو عثرة أو كذبة، أو بعض ما يتعلّق به مثلهم، فلولا أنّه كان أذكرهم أمرا لا يتدافعونه ولا يستطيع العدوّ إنكاره، للذي يرى من إطباق الجميع عليه، لوجدوا أكبر المقال. فهذا باب يكثر الكلام فيه، وقد أتينا عليه في (كتاب الحجّة) . وقال: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ «3» ، مثل قوله: أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَ «4» ، وقال: وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ «5» . وهذا كلّه ليس من رؤية العين لنا. 2164-[استطراد لغوي] وباب آخر من هذا، وهو قوله: وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ «6» . ويقول الرجل: رأيت الرجل قال كذا وكذا، وسمعت الله قال كذا، وفلان يرى السّيف، وفلان يرى رأي أبي حنيفة، وقد رأيت عقله حسنا. وقال ابن مقبل «7» : [من الطويل] سل الدّار من جنبي حبرّ فواهب ... بحيث يرى هضب القليب المضيّح وإذا قابل الجبل الجبل فهو يراه، إذ قام منه مقام الناظر الذي ينظر إليه. وتقول العرب: دار فلان تنظر إلى دار فلان، ودور بني فلان تتناظر.

2165 -[جسامة الفيل]

وقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «أنا بريء من كلّ مسلم مع مشرك» قيل: ولم يا رسول الله؟ قال: «لا تتراءى ناراهما» «1» . ويقولون: إذا استقمت تلقاء وجهك فنظر إليك الجبل فخذ عن يمينك. وقال الكميت «2» : [من المتقارب] وفي ضبن حقف يرى حقفه ... خطاف وسرحة والأحدل 2165-[جسامة الفيل] قال أبو عثمان: خرجت يوم عيد، فلما صرت بعيسا باذ «3» إذا أنا بتلّ مجلّل بقطوع ومقطّعات «4» ، وإذا رجال جلوس، عليهم أسلحتهم فسألت بعض من يشهد العيد فقلت: ما بال هذه المسلحة في هذا المكان وقد أحاط النّاس بذلك التّلّ؟ فقال لي: هذا الفيل! فقصدت نحوه وما لي همّ إلّا النّظر إلى أذنيه فرجعت عنه بعد طول تأمّل وأنا أتوهّم عامّة أعضائه بل جميع أعضائه إلّا أذنيه، وما كانت لي في ذلك علّة إلّا شغل قلبي بكلّ شيء هجمت عليه منه، وكلّه كان شاغلا لي عن أذنه التي إليها كان قصدي، فذاكرت في ذلك سهل بن هارون، فذكر لي أنّه ابتلي بمثلها، وأنشدني في ذلك بيتين من شعره، وهما قوله: [من الوافر] أتيت الفيل محتسبا بقصدي ... لأبصر أذنه ويطول فكري فلم أر أذنه ورأيت خلقا ... يقرّب بين نسياني وذكري 2166-[أعجب الأشياء] قال: وقال رجل مرّة: أخزى الله الفيل فما أقبحه. فقال بكر بن عبد الله المزنيّ: لا تشتم شيئا جعله الله آية في الجاهليّة، وإرهاصا للنبوّة. وقال سعدان الأعمى النحوي: قلت للأصمعيّ: أيّ شيء رأيت أعجب؟ قال: الفيل. وقيل لابن الجهم: أيّ أمور الدنيا أعجب؟ قال: الشمّ. وقيل لإبراهيم النظّام: أيّ أمور الدّنيا أعجب؟ قال: الرّوح.

2167 -[قول الخضر في بعض الدواب]

وقيل لأبي عقيل بن درست: أيّ أمور الدّنيا أعجب؟ قال: النّوم واليقظة. وقيل لأبي شمر: أيّ أمور الدّنيا أعجب؟ قال: النّسيان والذّكر. وقيل لسلم الخلّال: أيّ أمور الدّنيا أعجب؟ قال: النار. وقيل لبطليموس: أيّ أمور الدنيا أعجب؟ قال: بدن الفلك. وقال مرّة أخرى: الضّياء. وقيل لأبي عليّ عمر بن فائد الأسواريّ: أيّ شيء ممّا رأيت أعجب؟ قال: الآجال والأرزاق. وكان إبراهيم بن سيّار النّظام شديد التعجّب من الفيل. وكان معبد بن عمر يقول: إنّ السرطان والنعامة أكثر عجائب من الفيل «1» . وهذا كله تفسير. 2167-[قول الخضر في بعض الدواب] أبو عقيل السّوّاق، عن مقاتل بن سليمان، قال «2» : قال موسى للخضر: أي الدوابّ أحبّ إليك، وأيّها أبغض؟ قال: أحبّ الفرس والحمار والبعير؛ لأنّها من مراكب الأنبياء، وأبغض الفيل والجاموس والثّور. فأمّا البعير فمركب هود وصالح وشعيب والنبيّين عليهم السلام. وأما الفرس فمركب أولي العزم من الرّسل وكلّ من أمره الله بحمل السّلاح وقتال الكفّار. وأمّا الحمار فمركب عيسى بن مريم وعزيز وبلعم. وكيف لا أحبّ شيئا أحياه الله بعد موته قبل الحشر. قال «3» : ولمّا نظر الفضل بن عيسى الرّقاشيّ إلى سلم بن قتيبة على حمار يريد المسجد قال: قعدة نبيّ وبذلة جبّار. وأبغض الفيل لأنّه أبو الخنزير، وأبغض الثّور لأنّه يشبه الجاموس، وأبغض الجاموس لأنّه يشبه الفيل. وأنشدني في هذا المعنى جعفر ابن أخت واصل، في منزل الفضل بن عاصم الباخرزيّ: [من البسيط]

2168 -[سجود الفيل للملك]

ما أبغض الخضر فيلا منذ كان ولا ... أحبّ عيرا وذاكم غاية الكذب وكيف يبغض شيئا فيه معتبر ... وكان في الفلك فرّاجا من الكرب والفيل أقبل شيء لو تلقّنه ... حاجات نفسك من جدّ ومن لعب ولو تتوّج فينا واحد فرأى ... زيّ الملوك لقد أوفى على الرّكب يغضي ويركع تعظيما لهيبته ... وليس يعدله النّشوان في الطرب وليس يجذل إلّا كلّ ذي فخر ... حرّ ومنبته من خالص الذّهب مثل الزّنوج فإنّ الله فضّلهم ... بالجود ... والتّطويل في الخطب قال: أنشدنيها يونس لابن رباح الشارزنجيّ. فمدح الفيل كما ترى بالطّرب والحكاية، وأنّه قد أدّب وعلّم السجود للملوك. 2168-[سجود الفيل للملك] وزعموا أنّ أوّل شيء يؤدّبونه به السجود للملك؛ قالوا «1» : خرج كسرى أبرويز ذات يوم لبعض الأعياد، وقد صفّوا له ألف فيل، وقد أحدق به وبها ثلاثون ألف فارس، فلما بصرت به الفيلة سجدت له، فما رفعت رأسها حتى جذبت بالمحاجن وراطنها الفيّالون. وقد شهد ذلك المشهد جميع أصناف الدوابّ: الخيل فما دونها، وليس فيها شيء يفصل بين الملوك والرعيّة، فلما رأى ذلك كسرى قال: ليت أنّ الفيل كان فارسيّا ولم يكن هنديّا، انظروا إليها وإلى سائر الدوابّ، وفضّلوها بقدر ما ترون من فهمها وأدبها. وأما ما ذكر به الزّنج من طول الخطب فكذلك هم في بلادهم وعند نوائبهم، ولكنّ معانيهم لا ترتفع عن أقدار الدوابّ إلّا بما لا يذكر. 2169-[ما قيل في تعظيم شأن الفيل] وأنشدوا في تعظيم شأن الفيل وصحة نظره وجودة تحديقه وتأمّله، وسكون طرفه، والشّعر لبعض المتكلّمين «2» : [من الطويل] إذا ما رأيت الفيل ينظر قاصدا ... ظننت بأنّ الفيل يلزمه الفرض وقد قيل إن الشّعر لسهل بن هارون.

2170 -[مثل النون والضب]

2170-[مثل النون والضب] وقال عبد الأعلى القاصّ: يقال في المثل: إنّ النون قال للضبّ حين رأى إنسانا في الأرض: إني قد رأيت عجبا. قال: وما هو؟ قال: رأيت خلقا يمشي على رجليه، ويتناول الطعام بيديه فيهوي به إلى فيه. قال: إن كان ما تقول حقا فإنّه سيخرجني من قعر البحر وينزلك من وكرك من رأس الجبل. 2171-[تناول الفيل والقرد طعامه] والفيل أعجب منه، لأنّ يده أنفه، وأيدي البهائم والسّباع على حال عاملة شيئا، والقرد يأكل بيديه وينقي الجوزة ويتفلّى ويفلي أنثاه. وليس شيء يكرع بأنفه ويوصل الطعام إلى فيه بأنفه غير الفيل. 2172-[إطعام الدب ولدها] «1» والدب الأنثى تقيم أولادها تحت شجرة الجوز، ثم تصعد الشّجرة فتجمع الجوز في كفّها، ثم تضرب باليمنى على اليسرى فتحطم ذلك الجوز فترمي به إلى أولادها، فلا تزال كذلك حتى إذا شبعن نزلت. 2173-[قوة الدب] «2» وربّما قطع الدّبّ من الشجرة الغصن العبل الضّخم الذي لا يقطعه صاحب الفأس إلّا بالجهد الشديد، ثم يشدّ به على الفارس قابضا عليه في موضع مقبض العصا فلا يصيب شيئا إلّا هتكه. 2174-[كثرة تصرف يدي الفيل] قال صاحب المنطق: ليس شيء من ذوات الأربع إلّا وتصرّف يديه في الجهات أقلّ من تصرّف يدي الفيل. 2175-[شعر في وصف جلد الفيل والجاموس] وقال أبو عثمان: ويوصف جلد الفيل، وجلد الجاموس بالقوّة، قال جميل «3» : [من الطويل]

2176 -[شعر فيه ذكر الفيل]

إذا ما علت نشزا تمدّ زمامها ... كما امتدّ نهي الأصلف المترقرق «1» وما يبتغي منّي العداة تفاقدوا ... ومن جلد جاموس سمين مطرّق «2» وأبيض من ماء الحديد اصطفيته ... له بعد إخلاص الضريبة رونق 2176-[شعر فيه ذكر الفيل] وقال كعب بن زهير «3» في اعتذاره إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم: [من البسيط] لقد أقوم مقاما لو يقوم به ... أرى وأسمع ما لو يسمع الفيل لظلّ يرعد إلّا أن يكون له ... من الرّسول بأمر الله تنويل وذكر أمية بن أبي الصلت سفينة نوح فقال «4» : [من الخفيف] تصرخ الطّير والبريّة فيها ... مع قويّ السبّاع والأفيال حين فيها من كلّ ما عاش زوج ... بين ظهري غوارب كالجبال وقال أميّة «5» أيضا: [من الخفيف] خلق النّحل معصرات تراها ... تعصف اليابسات والمخضورا والتماسيح والثياتل والأيّ ... ل شتّى والرّيم واليعفورا وصوارا من النّواشط عينا ... ونعاما خواضبا وحميرا وأسودا عواديا وفيولا ... وسباعا والنّمر والخنزيرا 2177-[طيب عرق الفيل] وتزعم الهند أنّ جبهة الفيل في بعض الزمان تعرق عرقا غليظا غير سائل، يكون أطيب رائحة من المسك. وهذا شيء يعتريه كلّ عام. وموضع ذلك الينبوع في جبهته «6» .

2178 -[فأرة المسك والإبل]

2178-[فأرة المسك والإبل] والنّاس يجدون ريح المسك في بيوتهم في بعض الأحايين، وهي ريح فارة يقال لها فارة المسك. والذي يكون في ناحية خراسان الذي له فأر المسك ليس بالفأر «1» ، وهو بالخشف «2» حين تضعه الظّبية أشبه «3» . وتقول العرب في فارة الإبل صادرة «4» : إنّ أرج ذلك العرق أطيب من المسك الأذفر في ذلك الزمان، وفي ذلك الوقت من اللّيل والنهار. قال الراعي «5» : [من الطويل] لها فارة ذفراء كلّ عشيّة ... كما فتق الكافور بالمسك فاتقه قال الأصمعيّ «6» قلت لأبي مهدية، أو قيل لأبي مهدية: كيف تقول لا طيب إلا المسك؟ قال: فأين أنت من البان. قال: فقيل له: فقل: لا طيب إلا المسك والبان. قال: فأين أنت عن أدهان بحجر. قالوا له: فقل: لا طيب إلّا المسك والبان وأدهان بحجر. قال: فأين أنتم عن فارة الإبل صادرة؟. قالوا «7» : وربّما وجد النّاس في بيوتهم الجرذ يضرب إلى السّواد، يجدون من بدنه إذا عدا إلى جحره رائحة تشبه رائحة المسك، وبعض النّاس يزعم أنّ هذا الجنس هو الذي يخبأ الدّنانير والدراهم والحليّ، كما يصنع العقعق والغراب. وهذا الجرذ غير فارة المسك التي تكون بخراسان، وتلك بالخشف الصّغير أشبه، وإنما يأخذون سرّته وهي ملأى من دم عبيط. 2179-[الآية في الفيل] قالوا: وقد جعل الله الفيل من أكبر الآيات وأعظم البرهانات للبيت الحرام

2180 -[الطعن في قصة الفيل]

ولقبلة الإسلام، وتأسيسا لنبوّة النبيّ صلى الله عليه وسلم، وتعظيما لشأنه ولما أجرى من ذلك على يدي جدّه عبد المطلب، حين غدت الحبشة لتهدم البيت الحرام وتذلّ العرب، فلم يذكر الله منهم ملكا ولا سوقة باسم ولا نسب ولا لقب وذكر الفيل باسمه المعروف، وأضاف السورة التي ذكر فيها الفيل إلى الفيل، وجعل فيه من الآية أنهم كانوا إذا قصدوا به نحو البيت تعاصى وبرك، وإذا خلّوه وسومه «1» صدّ عنه وصدف. وفي أضعاف ذلك التقم أذنه نفيل بن حبيب، وقال: «ابرك محمود» ، وكان ذلك اسمه. 2180-[الطعن في قصة الفيل] وقد طعن في ذلك ناس فقالوا: قد يستقيم أن ينصرف عنه ويحرد دونه، كلّ ذلك بتصريف الله له. وكيف يجوز أن يفهم كلام العرب ويعرف معنى قول نفيل؟ فإن قلتم: قد يفهم الفيل عن الفيّال جميع الأدب والتقويم، وجميع ما يريد منه عند الحطّ والرّحيل والمقام والمسير. قلنا: قد يفهم بالهنديّة كما يعرف الكلب اسمه، ويعرف قولهم اخسأ. وقد يعرف السّنّور اسمه ويعرف الدّعاء والزّجر، وكذلك الطّفل والمجنون، وكذلك الحمار والفرس إذا كنّ قد عوّدن تلك الإشارة، وسماع تلك الألفاظ. فأمّا الفيل وهو هنديّ جلبه إلى تلك البلدة حبشيّ، فخرج من عجمة إلى عجمة، كيف يفهم مع ذلك لسان العرب وسرار نفيل بن حبيب بالعربيّة؟ قلنا: قد يستقيم أن يكون قال له كلاما بالهنديّة كان قد تعوّد سماعه من الفيّالين، فيكون ترجمته بالعربيّة هذا الكلام الذي حكوه، وقد يكون الذي أنطق الذّئب لأهبان بن أوس؛ وجعل عود المنبر يحنّ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أن يصوّر لوهم الفيل إرادة نفيل بن حبيب. وقد يستقيم مع لقن الفيل وذكائه وحكايته ومؤاتاته، أن يعرف ذلك كلّه وأكثر منه، لطول مقامه في أرض الحبشة واليمن، وليس يبعد أن يكون بأرض الحبشة جماعة كثيرة من العرب من وافد وباغ وتاجر، وغير ذلك من الأصناف، فيسمع ذلك منهم الفيل فيعرفه، وليس هذا المقدار بمستنكر من الفيل، مع الذي قد أجمعوا عليه من فهم الفيل ومعرفته. وكان منكه المتطبّب الهنديّ صحيح الإسلام، وكان إسلامه بعد المناظرة والاستقصاء والتثبّت، قالوا: فسمع مرّة من رجل وهو يقرأ: أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ

كَيْفَ خُلِقَتْ «1» ، وسمع بعض الجهال يقول: فكيف لو رأى الفيل؟ فعذله قوم، فقال منكه: لا تعذلوه فإنّه لا شكّ أنّ خلق الفيل أعجب، فقيل له: فكيف لم يضرب به الله تعالى المثل دون البعير؟ فقال أبو إسحاق إبراهيم بن سيّار النظام، فقلت له: ليس الفيل بأعجب من البعير. واجعله يعجّب من البعير. وهو إنما خاطب العرب، وهم الحجة على جميع أهل اللغات، ثم تصير تلك المخاطبة لجميع الأمم بعد الترجمة على ألسنة هؤلاء العرب، الذين بهم بدأت المخاطبة لجميع الأمم. وكيف يجوز أن يعجّب جماعة الأمم من شيء لم يروه قطّ، ولا كان على ظهرها يوم نزلت هذه السورة رجل واحد كان قد شهد الفيل والحبشة. وعلى أنّ الفيل وافى مكّة وما بها أحد إلّا عبد المطلب في نفير من بقيّة النّاس، ولا كانوا حيث يتأمّلون الفيل. وقد قال ناس: كان النّاس رجلين، رجل قد سمع بهذا الخبر من رجالات قريش الذين يجترّون إلى أنفسهم بذلك التّعظيم، كما كانت السّدنة تكذب للأوثان والأصنام والأنصاب، لتجترّ بذلك المنافع، ورجل لم يكن عنده علم بأنّ هذا الخبر باطل فلم يتقدّم على إنكار ذلك الخبر، وجميع قريش تثبّته. قيل لهم: إنّ مكّة لم تزل دار خزاعة وبقايا جرهم وبقايا الأمم البائدة، وكانت كنانة منها النّسأة، وكانت مرّ بن أدّ من رهط صوفة والرّبيط منها أصحاب المزدلفة، وإليهم كانت السّدانة، وكانت عدوان وأبو سيّارة عميلة بن أعزل، تدفع بالنّاس، وقد كان بين خزاعة وبقايا جرهم ما كان حتى انتزعوا البيت منهم، وقد كان بين ثقيف وقريش لقرب الدار والمصاهرة، والتّشابه في الثروة والمشاكلة في المجاورة تحاسد وتنافر، وقد كان هنالك فيهم المولى والحلفاء والقطّان والنازلة، ومن يحجّ في كلّ عام، وكان البيت مزورا على وجه الدهر، يأتونه رجالا وركبانا وعلى كل ضامر يأتين من كلّ فجّ عميق، وبشقّ الأنفس، كما قال الله تعالى: فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ «2» ، وكانوا بقرب سوق عكاظ وذي المجاز، وهما سوقان معروفان، وما زالتا قائمين حتى جاء الإسلام، فلا يجوز أن يكون السّالب والمسلوب، والمفتخر به والمفتخر عليه، والحاسد والمحسود، والمتديّن به والمنكر له، مع اختلاف الطبائع

2181 -[كلام الفيل والذئب]

وكثرة العلل، يجمعون كلهم على قبول هذه الآية وتصديق هذه السّورة، وكلهم مطبق على عداوة النبي صلى الله عليه وسلم، والكفر به. والمحلّون من العرب ممّن كان لا يرى للحرم ولا للشّهر الحرام حرمة: طيّئ كلها، وخثعم كلّها، وكثير من أحياء قضاعة ويشكر والحارث بن كعب، وهؤلاء كلّهم أعداء في الدّين والنّسب. هذا مع ما كان في العرب من النّصارى الدين يخالفون دين مشركي العرب كلّ الخلاف، كتغلب، وشيبان، وعبد القيس، وقضاعة، وغسّان، وسليح، والعباد، وتنوخ، وعاملة، ولخم، وجذام، وكثير من بلحارث بن كعب، وهم خلطاء وأعداء، يغاورون ويسبون، ويسبى منهم، وفيهم الثّؤور «1» والأوتار والطوائل، وهي العرب وألسنتها الحداد، وأشعارها التي إنما هي مياسم، وهممها البعيدة، وطلبها للطّوائل، وذمّها لكلّ دقيق وجليل من الحسن والقبيح، في الأشعار والأرجاز والأسجاع، والمزدوج والمنثور، فهل سمعنا بأحد من جميع هؤلاء الذين ذكرنا أنكر شأن الفيل، أو عرض فيه بحرف واحد. 2181-[كلام الفيل والذئب] ورزين العروضيّ- وهو أبو زهير- لم أر قطّ أطيب منه احتجاجا، ولا أطيب عبارة قال في شعر له يهجو ولد عقبة بن جعفر، فكان في احتجاجه عليهم وتقريعه لهم أن قال «2» : [من البسيط] تهتم علينا بأن الذّئب كلّمكم ... فقد لعمري أبوكم كلّم الذّيبا فكيف لو كلم اللّيث الهصور إذا ... تركتم الناس مأكولا ومشروبا هذا السّنيديّ لا أصل ولا طرف ... يكلّم الفيل تصعيدا وتصويبا ولو كان ولد أهبان بن أوس ادّعوا أنّ أباهم كلم الذئب، كانوا مجانين وإنما ادّعوا أنّ الذئب كلّم أباهم، وأنّه ذكر ذلك للنبيّ صلى الله عليه وسلم وأنّه صدّقه. والفيل ليس يكلّم السنديّ، ولم يدّع ذلك السنديّ قطّ، وربّما كان السّنديّ هو المكلّم له، والفيل هو الفهم عنه. فذهب رزين العروضيّ من الغلط في كل مذهب.

2182 -[ما يكلم من ضروب الحيوان]

2182-[ما يكلّم من ضروب الحيوان] والنّاس قد يكلّمون الطير والبهائم والكلاب والسّنانير والمراكب «1» ، وكلّ ما كان تحتهم من أصناف الحيوان التي قد خوّلوها وسخّرت لهم، وربّما رأيت القرّاد يكلّم القرد بكلّ ضرب من الكلام، ويطيعه القرد في جميع ذلك، وكذلك ربّما رأيته يلقّن الببغاء ضروبا من الكلام، والببغاء تحكيه، وإنّ في غراب البين لعجبا، وكذلك كلامهم للدب والكلب والشاة المكّيّة، وهذه الأصناف التي تلقن وتحكي. 2183-[تكليم الأنبياء للحيوان] وقد روى الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم في كلام السّباع والإبل ضروبا، ولم يذهبوا إلى أنها نطقت بحروف مقطّعة، ولكنّ النبي صلى الله عليه وسلم إما أن يكون الله أوحى إليه بحاجاتها، وإمّا أن تكون فراسته وحسّه وتثبّته في الأمور، مع ما يحضره الله من التوفيق، بيّن له معانيها وجلّاها له، واستدلّ بظاهر على باطن، وبهيئة وحركة على موضع الحاجة، وإمّا أن يكون الله ألهمه ذلك إلهاما. وأمّا جهة سليمان بن داود، صلى الله على نبينا وعليه، في المعرفة بمنطق الطير ومنطق كلّ شيء، فلا ينبغي أن يكون ذلك إلّا أن يقوم منها في الفهم عنها مقام بعضها من بعض، إذا كان الله قد خصّه بهذا الاسم، وأبانه بهذه الدّلالة. وأعلام الرّسل لا يكثر عددها، ولا تعظم أقدارها على أقدار فضائل الأنبياء؛ لأن أكثر الأنبياء فوق سليمان بن داود، وأدنى ذلك أنّ داود فوقه، لأن الحكم في الوارث والمورّث، والخليفة والذي استخلفه، أن يكون الموروث أعلى، والمستخلف أرفع. كذلك ظاهر هذا الحكم حتى يخصّ ذلك برهان حادث. وإنما تكثر العلامات وتعظم على قدر طبائع أهل الزمان، وعلى قدر الأسباب التي تتّفق وتتهيّأ لقوم دون قوم، وهو أن يكونوا جبابرة عتاة، أو أغبياء منقوصين، أو علماء معاندين، أو فلاسفة محتالين، أو قوما قد شملهم من العادات السيّئة وتراكم على قلوبهم من الإلف للأمور المردية «2» ، مع طول لبث ذلك في قلوبهم، أو تكون نحلتهم وملتهم ودعوتهم تحتمل من الأسباب والاحتيالات أكثر ممّا يحتمل غيرها

2184 -[أثر الغلمة في الجسم والعمر]

من ذلك، فإنّ من الكفر ما يكون عند المسألة، والجواب أسرع انتشارا وأظهر انتقاضا، ومنه ما يكون أمتن شيئا، وإن كان مصير الجميع إلى الانتقاض وإلى الفساد. ومنه شيء يحتاج من المعالجة إلى أكثر وأطول، وإنما يتفاضل العلماء عند هذه الحال، وقد يكون أن ينقدح في قلوب الناس عداوات وأضغان سببها التّحاسد الذي يقع بين الجيران والمتفقين في الصّناعة، وربما كانت العداوة من جهة العصبيّة، فإنّ عامّة من ارتاب بالإسلام إنما كان أوّل ذلك رأي الشّعوبية والتمادي فيه، وطول الجدال المؤدّي إلى القتال، فإذا أبغض شيئا أبغض أهله، وإن أبغض تلك اللغة أبغض تلك الجزيرة، وإذا أبغض تلك الجزيرة أحبّ من أبغض تلك الجزيرة. فلا تزال الحالات تنتقل به حتى ينسلخ من الإسلام، إذ كانت العرب هي التي جاءت به، وكانوا السّلف والقدوة. 2184-[أثر الغلمة في الجسم والعمر] وتزعم الهند أنّ شدّة غلمة الفيل وطول أيّامه فيها وهجرانه الطّعام والشراب، وبقيّة تلك الطبيعة، وعمل ذلك العرق السّاري، هو الذي يمنع الفيل أن يصير في جسمه مرّتين، لأنّ ذلك من أمتن أسباب الهزال. وإذا تقادم ذلك في بدن وغبّ فيه، عمل في العظم والعصب، بعد الشّحم واللّحم. وإذا كان رفع الصوت والصّياح وكثرة الكلام والغضب والحدّة، إنما صار يورث الهزال لأنّ البدن يسخن عن ذلك، وإذا شاعت فيه الحرارة أحرقت وأكلت وشربت، ولذلك صار الخصيّ من الدّيوك والأنعام أسمن. وزعموا أنّه ليس فيما يعايش الناس من أصناف الحيوان أقصر عمرا من العصفور، ولا أطول عمرا من البغل. وللأمور أسباب، فليس يقع الظنّ إلّا على قلّة سفاد البغل وكثرة سفاد العصفور. قالوا: ونجد العمر الطّويل أمرا خاصا في الرّهبان، فنظنّ أيضا أنّ تركها الجماع من أسباب ذلك «1» . قالوا: وإذا اغتلم الذكر من الحيوان فهو أخبث ما يكون لحما، وإذا كثر سفاده تضاعف فيه ذلك، وصار لحمه أيبس ودمه أقلّ. قال الشاعر «2» : [من الرجز]

أحبّ أن أصطاد ضبّا سحبلا ... أو جرذا يرعى ربيعا أرملا فجعله أرمل لا زوجة له ليكون أسمن له؛ لأنّ كثرة السفاد مما يورث الهزال، ولا يكثر سفاده إلّا من شدّة غلمته. وهجا أعرابيّ صاحبه حين أكل لحم سوء غثّ فقال: [من الرجز] أكلته من غرث ومن قرم ... كالورل السافد يغنى بالنّسم «1» لأنّ لحم الورل لا يشبه لحم الضبّ، وهم لا يرغبون في أكله لأنه عضل مسيخ، ولأنهم كثيرا ما يجدون في جوفه الحيّات والأفاعي. وله ذنب سمين، وذلك عامّ في الأذناب، وإن رأيتها في العين كأنها عضل. فإذا كان لحمها كذلك، ثم كان في زمن هيجه وسفاده كان شرّا له. وللورل في السّفاد ما يجوز به حدّ الجمل والخنزير. قال: والنسم هو النّسيم في هذا المكان. وقالت أمّ فروة القرنية «2» : [من الطويل] نفى نسم الرّيح القذى عن متونه ... فما إن به عيب تراه لشارب وأنا أعلم أني لو فسّرت لك معاني هذه الأشعار وغريبها، لكان أتمّ للكتاب وأنفع لمن قرأ هذه الأبواب، ولكني أعرف ملالة الناس للكتاب إذا طال. قال الشاعر «3» يهجو من قراه لحم كلب: [من الطويل] فجاء بخرشاوي شعير عليهما ... كراديس من أوصال أعقد سافد «4» فلم يرض أن جعله كلبا حتى جعله سافدا. فأما ابن الأعرابيّ فزعم أنّه إنما عنى تيسا. وقد أبطل، وعلى أنّ المعنى فيهما سواء.

2185 -[أثر الخصاء في اللحم]

2185-[أثر الخصاء في اللحم] قالوا: وإنما صار الخصيّ من كلّ جنس أسمن لأنّه لا يسفد ولا يهيج. 2186-[السقنقور] قالوا «1» : والسقنقور إنما ينفع أكله إذا اصطادوه في أيام هيجه وسفاده؛ لأنّ العاجز عن النّساء يتعالج بأكل لحمه، فصار لحم الهائج أهيج له. 2187-[أبو نواس والحرامي الكاتب] أقبل أبو نواس ومعه الحراميّ الكاتب، وكان أطيب الخلق، وقد كانا قبل ذلك قد نظرا إلى الفيلة فأبصرا غرمول فيل منها، وعلم الحراميّ أنّ غرمول الفيل يوصف بالجعبة، فوصف لنا غرموله، وأنشدنا فيه شعرا لنفسه: [من الرجز] كأنّه لمّا بدا للسّفد ... جعبة تركيّ عليها لبد قلنا له: أقويت واجتلبت ذكر اللّبد عن غير حاجة، قال: فإني قد قلت غير هذا. قلنا: فأنشدنا. فقال: [من الرجز] كأنه لمّا دنا للشدّ ... شمعة قيل لفّفت في لبد قلنا: فلا نرى لك بدّا من اللّبد على حال؟ قال: قال أبو نواس: فإني أقول عنك بيتين. قال: فهاتهما. فقال: [من الرجز] كأنه لما دنا للوثبه ... أيور أعيار جمعن ضربه قال الحرامي لأبي نواس: هبهما لي على أن لا تدّعيهما، فعسى أن أنتحلهما. قلت له: وما ترجو من هذا الضّرب من الأشعار؟ قال: قد رأيت غرموله، فما عذري عند الفيل إن لم أقل فيه شيئا. 2188-[فهم الفيل الهندية] وحدّثني صديق لي قال: رأيت الفيّالين على ظهر فيل من هذه الفيلة، وأقبل صبيّ يريد السّنديّ الرّاكب، فكلّم الفيل بالهنديّة فوقف، ثم كلّمه فمدّ يده رافعها في الهواء حتى ركبها الغلام، ثم رفع يده حتى مدّ السنديّ يده، فأخذ بيد الصبيّ. 2189-[أخلاف الحيوان وأطباؤه] وللبقر والجواميس أربعة أخلاف في مؤخّر بطونها، وللشاة خلفان، وللناقة

2190 -[عضو الفيل]

أربعة في مؤخّر البطن. وللمرأة والرّجل والفيل ثديان في الصدر، وثدي الفيل يصغر جدّا إذا قرنته إلى بدنه. وللسّنّور ثمانية أطباء، وكذلك الكلبة في جميع بطونهما. والخنزيرة كثيرة الأطباء. وللفهدة في بطنها أربعة أطباء. وللّبؤة طبيان لا يصغران عن مقدار بدنها. والبقرة والأتان والرّمكة والحجر في ذلك سواء، إلّا أنها من الحافر أطباء، ومن الظّلف أخلاف. والسّباع في ذلك والحافر سواء. 2190-[عضو الفيل] وقال صاحب المنطق: غرمول الفيل يصغر عن مقدار بدنه، وخصيته لاحقة بكليته لا ترى، ولذلك يكون سريع السّفاد. وزعم الهنديّ صاحب «كتاب الباه» أنّ أعظم الأيور أير الفيل، وأصغرها أير الظّبي. 2191-[الفيل في كتاب الحيوان] وما أعجب ما قرأت في كتاب الحيوان لصاحب المنطق، وجدته قد ذكر رأس الفيل وقصر عنقه، ولم يذكر انقلاب لسانه. وذلك أعجب ما فيه، ولم يذكر في كم يضع، ولا مقدار وزن أعظم الأنياب وكيف يخرج من بطن أمّه نابت الأسنان. 2192-[خصائص الفيلة] والفيلة لا تلد التؤام. قال: وهي تفذّ وتفرد. قال: وقال بعض العلماء: لا يقال أفذّت ولا أفردت إلّا لما يجوز أن يتئم. قال: وأمراضها أقلّ من أمراض غيرها، إلّا أنّ النّفخ والرّياح يعرض لها كثيرا ويؤذيها أذى شديدا، وعامّة أمراضها من ذلك، حتى ربّما منعها البول وغير ذلك. قال: وإذا أكلت التّراب ضرّها ذلك، ولا سيّما إذا أكثرت منه فعاودته. 2193-[علاج الفيلة] قال: وربّما ابتلعت منه الحجارة. قال: وإذا أصابها استطلاق سقيت الماء الحارّ وعلفت الحشيش المعسول. وإذا أتعبوها اعتراها السّهر، فتعالج عند ذلك بأن تدلك أكتافها بزيت وماء حار. قال: وبعضها يشرب الزّيت شربا ذريعا. 2194-[تذليل الفيل] قال: وإذا تصعّب الفيل وكان في حدثان ما اقتطعوه من الوحش فإنهم ينزون عليه فيلا مثله، ويحتالون له في ذلك؛ فما أكثر ما يجدونه بعد ذلك قد لأن.

2195 -[صدق حس الفيل]

قال: وهو مادام راكبه عليه فهو ألين من كلّ ذي أربع، وأحسن طاعة، ولكن لبعضها صعوبة عند نزوله عنه، فإذا شدّوا مقاديم قوائمها بالحبال شدّا قويّا لانت. قال: وهي على صعوبتها تأنس سريعا وتلقن سريعا، فأوّل ما يعلّم السّجود للملك، فإذا عرفه فكلما رآه سجد له. 2195-[صدق حس الفيل] فأمّا صدق الحسّ فهو يفوق في ذلك جميع الحيوان، وهو والجمل سواء إذا علّما، لأنّ الأنثى إذا لقحت لم يعاوداها للضرّاب. فهذه فضيلة مذكورة في حسّ الجمل، وقد شاركه الفيل فيها وباينه في خصال أخر. 2196-[بعض خصائص الفيل] وإناث الفيلة وذكورها متقاربة في السنّ، وكذلك النّساء والرّجال، وهو بحريّ الطّباع، ونشأ في الدّفاء، وهو أجرد الجلد، فلذلك يشتدّ جزعه من البرد. فإن كان أجرد الجلد، فما قولهم في أحاديثهم: طلبوا من الملك الفيل الأبيض والفيل الأبقع، وجاء فلان على الفيل الأسود. 2197-[حقد الفيل] قال: وأخبرني رجل من البحريّين لم أر فيهم أقصد ولا أسدّ ولا أقلّ تكلّفا منه، قال: لم أجدهم يشكّون أنّ فيّالا ضرب فيلا فأوجعه فألحّ عليه، وأنّهم عند ذلك نهوه وخوّفوه وقالوا: لا تنم حيث ينالك؛ فإنه من الحيوان الذي يحقد ويطالب. ولمّا أراد ذلك السائس القائلة شدّه إلى أصل شجرة وأحكم وثاقه، ثم تنحّى عنه بمقدار ذراع ونام، ولذلك السائس جمّة. قال: فتناول الفيل بخرطومه غصنا كان مطروحا، فوطئ على طرفه حتى تشعّث، ثم أخذه بخرطومه، فوضع ذلك الطّرف على جمّة الهندي، ثم لواها بخرطومه، فلما ظنّ أنها قد تشبّكت به وانعقدت، جذب العود جذبة فإذا الهنديّ تحت قوائمه، فخبطه خبطة كانت نفسه فيها. فإن كان الحديث حقّا في أصل مخرجه فكفاك بالفيل معرفة ومكيدة. وإن كان باطلا فإنهم لم ينحلوا الفيل هذه النّحلة دون غيره من الدوابّ إلّا وفيه عندهم ما يحتمل ذلك ويليق به. 2198-[طيب عرق الفيل] قال: والعرق الذي يسيل من جبهته في زمن من الزّمان يضارع المسك في طيبه، ولا يعرض له وهو في غير بلاده.

2199 -[أثر المدن في روائح الأشياء]

2199-[أثر المدن في روائح الأشياء] وقد علمنا أنّ لرائحة الطّيب فضيلة إذا كان بالمدينة، وأنّ الناس إذا وجدوا ريح النّوى المنقع بالعراق هربوا منه. وأشراف أهل المدينة ينتابون المواضع التي يكون فيها ذلك، التماسا لطيب تلك الرائحة. ويزعم تجّار التّبّت ممن قد دخل الصّين والزّابج «1» ، وقلّب تلك الجزائر، ونقّب في البلاد، أنّ كلّ من أقام بقصبة تبّت اعتراه سرور لا يدري ما سببه، ولا يزال مبتسما ضاحكا من غير عجب حتى يخرج منها. ويزعمون أنّ شيراز من بين قرى فارس، لها فغمة طيّبة. ومن مشى واختلف في طرقات مدينة الرّسول صلى الله عليه وسلم، وجد منها عرفا طيّبا وبنّة عجيبة لا تخفى على أحد، ولا يستطيع أن يسمّيها «2» . ولو أدخلت كلّ غالية وكلّ عطر، من المعجونات وغير المعجونات، قصبة الأهواز أو قصبة أنطاكية لوجدته قد تغيّر وفسد، إذا أقام فيها الشّهرين والثّلاثة. 2200-[أثر بعض التمر في العرق] وأجمع أهل البحرين أنّ لهم تمرا يسمى النّابجيّ، وأنّ من فضخه وجعله نبيذا ثمّ شربه وعليه ثوب أبيض، صبغه عرقه، حتى كأنه ثوب أتحميّ «3» . 2201-[استعمال الفيلة] وزعم لي بعض البحريّين أنها بالهند تكون نقّالة وعوامل كعوامل البقر والإبل. والنّقالة التي تكون في الكلّاء «4» والسّوق. وأنها تذلّ لذلك وتسامح وتطاوع، وأنّ لها غلّات من هذا الوجه. وزعم لي أنّ أحد هذه الفيلة التي رأيناها بسرّ من رأى، أنّه كان لقصّار بأرض سندان «5» ، يحمل عليه الثّياب إلى الموضع الذي يغسلها فيه. ولا أعلمه إلا الفيل الذي بعث به ماهان أو زكريا بن عطية.

2202 -[العاج]

2202-[العاج] قالوا: وعظام الفيل كلها عاج، إلّا أنّ جوهر النّاب أثمن وأكرم. وأكثر ما ترى من العاج الذي في القباب والحجال والفلك والمداهن إنما هو من عظام الفيل، يعرف ذلك بالرّزانة والملاسة. والعاج متجر كبير، ويتصرّف في وجوه كثيرة، ولولا قدره لما فخر الأحنف بن قيس فيما فخر به على أهل الكوفة، حيث قال: «نحن أكثر منكم عاجا وساجا، وديباجا، وخراجا» . ويقال إنّه من كلام خالد بن صفوان، ويقال إنه من كلام أبي بكر الهذلي. 2203-[موت الذباب] وإذا خفق بأذنه الفيل فأصاب ذبابا أو يعسوبا أو زنبورا لم يفلح. والفرس الكريم تقع الذّبابة على موقي عينيه، فيصفق «1» بأحد جفنيه، فتخرّ الذّبابة ميّتة. وقال ابن مقبل «2» : [من الطويل] كأنّ اصطفاق مأقييه بطرفه ... صفاق أديم بالأديم يقابله ويصيح الحمار فتصعق منه الذبابة فتموت. قال العبشميّ: [من الرجز] من الحمير صعقا ذبّانه ... بكلّ ميثاء كتغريد المغنّ وقال عقبة بن مكدّم التّغلبي: [من الخفيف] وترى طرفها حديدا بعيدا ... أعوجيّا يطنّ رأس الذّباب وقال ابن مقبل «3» : [من الطويل] ترى النّعرات الخضر تحت لبانه ... فرادى وشتّى أصعقتها صواهله «4» وأنشد في غير هذا الباب «5» : [من الطويل]

2204 -[قول زياد في بناء داره]

وإنّي لقاض بين شيبان وائل ... ويشكر، إنّي بالقضاء بصير وجدنا بني شيبان خرطوم وائل ... ويشكر خنزير أدنّ قصير «1» وليس هذا موضع هذين البيتين. وأنشد «2» : [من الكامل] أمسى المضاء ورهطه في غبطة ... ليسوا كما كان المضاء يقول لا تخرأ الذّبان فوق رؤوسهم ... فاليوم تخرأ فوقها وتبول 2204-[قول زياد في بناء داره] أبو الحسن قال: قال زياد ودخل داره، وكان بناها له فيل مولاه، فلم يرض بناءها، فقال: ادعوا لي فيلا. فلم يجدوه. فقال: ليتها في بطن فيل، وفيل في البحر. 2204-[قصة فيل مولى زياد] وكان فيل مولى زياد شديد اللّكنة، وأهدى بعضهم إلى زياد حمار وحش، فقال فيل «3» : أصلح الله الأمير، قد أهدوا لنا همار وهش! فقال: أيّ شيء تقول ويلك؟ قال: أهدوا لنا أيرا. يريد عيرا فقال زياد: الأوّل أمثل. 2206-[العيثوم] وكان أبو مالك يقول: العيثوم الفيل الأنثى. وذهب إلى قول الشاعر «4» : [من الكامل] وطئت عليك بخفّها العيثوم ويدلّ قول علقمة بن عبدة على أنّ العيثوم من صفات الفيل العظيم الضّخم. وقال «5» : [من البسيط]

2207 -[ضرب المثل ببعد ما بين الجنسين]

تتبع جونا إذا ما هيّجت زجلت ... كأنّ دفّا على العلياء مهزوم إذا تزغّم من حافاتها ربع ... حنّت شعاميم من أوساطها كوم» يهدي بها أسجح الخدّين مختبر ... من الجمال شديد الخلق عيثوم «2» 2207-[ضرب المثل ببعد ما بين الجنسين] وقد أكثروا في ضرب المثل ببعد ما بين الجنسين. وقال عبد الرحمن بن الحكم «3» : [من الوافر] أتغضب أن يقال أبوك عفّ ... وترضى أن يقال أبوك زاني وأشهد أن رحمك من زياد ... كرحم الفيل من ولد الأتان فجعل معاوية من نسل الفيل لشرفه، وجعل زيادا من نسل الحمار لضعته ولعمري لقد باعد؛ لأنّ الغنم وإن كانت من النعم من ذوات الجرّة والكروش فإنّ ما بين الغنم والإبل بعيد. وكذلك قول الكميت «4» : [من الوافر] وما خلت الضّباب معطّفات ... على الحيتان من شبه الحسول قال: فهذا أبعد وأبعد، لأنه وإن ذهب إلى أنّ ولد نزار عرب فهم في معنى الضّباب وساكني الصّحارى، وأولئك عجم، فجعلهم كالسّمك الذي يعيش في الماء. ألا ترى أنّ معاوية بن أبي سفيان بن يزيد بن معاوية، لمّا قتلته ضبّة دسّت في استه سمكة. قال جرير «5» : [من البسيط] ما بين تيم وإسماعيل من نسب ... إلّا قرابة بين الزّنج والرّوم فقال قطرب: الصّقالبة أبعد. قيل له: إنّ جريرا لا يفصل بين الصّقالبة والرّوم.

2208 -[قصة الجارية وأمها]

وعلى معنى الكميت قال الآخر «1» : «حتى يؤلف بين الضّبّ والنّون» وتقول العرب «2» : «لا يكون ذاك حتى يجمع بين الأروى والنّعام» لأنّ الأروى جبليّة والنّعام سهلية. وقد قال الكميت «3» : [من الوافر] يؤلّف بين ضفدعة وضبّ ... ويعجب أن نبرّ بني أبينا وهذا هو معناه الأوّل. وأبعد من هذا قول الشاعر «4» : حتّى يؤلّف بين الثّلج والنّار 2208-[قصة الجارية وأمها] وقال أبو الحسن المدائني: قال أبو دهمان الغلّابي عن الوقّاصي. قال وحدثني بذلك الغيداقيّ عن الوقّاصي قال: قالت جارية لأمّها ليلة زفافها: يا أمّه، إن كان أير زوجي مثل أير الفيل كيف أحتال حتى أنتفع به؟ قال: فقالت الأم: أي بنيّة قد سألت عن هذه المسألة أمي فذكرت أنّها سألت عنها أمّها فقالت: لا يجوز إلا أن يجعلك الله مثل امرأة الفيل. قال: فسكتت حولا ثم قالت لأمّها يا أمّه، فإنّي إن سألت ربّي أن يجعلني مثل امرأة الفيل أتطمعين أن يفعل ذلك؟ قالت: يا بنيّة، قد سألت عن هذه المسألة أمّي فذكرت أنها سألت عنها أمّها فقالت: لا يجوز ذلك إلا أن يجعل الله جميع نساء الرّجال مثل نساء الفيلة. قال: فسكتت عنها حولا ثم قالت: فإن سألت ربّي أن يجعل نساء جميع الرّجال مثل نساء الفيلة أتطمعين أن يفعل ذلك؟ قالت: يا بنيّة، قد سألت عن مثل هذه أمّي فذكرت أنها سألت أمّها عنها فقالت: لا يجوز ذلك إلا أن يجعل الله جميع رجال النساء مثل رجال نساء الفيلة. قال: فسكتت عنها حولا ثم قالت فإن سألت ربّي أن يجعل جميع رجال النساء مثل جميع رجال نساء الفيلة أتطمعين أن يفعل ذلك؟ قال: يا بنيّة، قد سألت عن هذه المسألة أمّي فذكرت أنّها قد سألت أمّها عنها، وأنّها قالت: يا بنيّة، إنّ الله إن جعل جميع

النّاس فيلة لم تجد امرأة الفيل مع عظم بدنها من اللّذة إلا مثل ما تجدين أنت اليوم مع زوجك من اللذّة، ثم تذهب عنك لذّة الشّمّ والتّقبيل والضمّ والتقليب، والعطر والصّبغ، والحلي والمشطة والعتاب والتفدية وجميع ما لك اليوم. قال: فسكتت حولا ثم قالت: يا أمّه، إن سألت ربّي أن يجعل أير الفيل أعظم أتطمعين أن يفعل ذلك؟ قالت الأمّ: أي بنيّة، قد سألت عن هذه المسألة أمّي فذكرت أنها سألت عنها أمّها، وأنها قالت: أي بنيّة، إنّ الله إن جعل أير الفيل أعظم، جعل حر امرأة الفيل أوسع وأعظم، فيعود الأمر كلّه إلى الأمر الأول. قال: فسكتت عنها حولا ثم قالت: يا أمّه، فإن سألت ربّي أن يجعل أير الفيل أشدّ غلمة فيصير عدد أكوامه أكثر أتطمعين أن يفعل ذلك؟ قالت: أي بنية، قد سألت عن هذه المسألة أمّي فذكرت أنها سألت أمّها عنها، وأنها قالت: أي بنية سلي الله أن يجعل زوجك أشدّ غلمة مما هو عليه، ولكن لا تسأليه ذلك حتى تسأليه أن يزيدك في غلمتك. قالت: يا أمّه، فإن سألت ربّي أن يجعله في غلمة التيس أتطمعين أن يفعل ذلك؟ قالت: أي بنيّة، قد سألت عن مثل هذه المسألة أمّي فذكرت أنها سألت عنها أمّها، وأنها قالت: لا يجوز أن يجعله في غلمة التّيس حتى يجعله تيسا، قالت: يا أمّه فإن سألت ربّي أن يجعله تيسا أتطمعين في ذلك. قالت: أي بنيّة، إنه لا يجعله تيسا حتى يجعلك عنزا. قال: أي أمّه، فإن سألته أن يجعله تيسا ويجعلني عنزا أتطمعين أن يفعل ذلك؟ قالت: أي بنيّة قد سألت عن هذه المسألة أمّي فذكرت أنها زارت أمّها لتسألها عن هذه المسألة فوجدتها في آخر يوم من الدّنيا وأوّل يوم من الآخرة، وما أشكّ أن يومي قد دنا. فلم تلبث الأمّ إلا أياما حتى ماتت. معناها في تسويف اللذة ودفعها بالحيلة.

باب الظلف

باب الظلف وهي الظّباء وهي معز، والمعز أجناس. والبقر الوحشيّ ذات أظلاف وهي بالمعز أشبه منها بالبقر الأهليّ، وهي في ذلك تسمّى نعاجا. وليس بينها وبين الظّباء، وإن كانت ذوات جرّة وكروش وقرون وأظلاف تسافد ولا تلاقح. وهي تشبهها في الشعر، وفي عدم السّنام. ومن الظّلف الوعل، والثّيتل، والتّامور «1» ، والأيّل. جبليات كلّها، لا أدري كيف التّسافد والتلاقح منها. ومن الظّلف الخنازير وهي بلا كرش ولا جرّة ولا قرن. وليس بينهما موافقة إلا في الظّلف. وفي الخنازير ما ليس ظلفه بمنشقّ، فذاك هو المخالف بالنّاب وبعدم هذه الأشياء كلّها. وتشاكل المعز والبقرة والظباء بالشّعر وقصر الذّنب، وتخالف البقر والجواميس في طول الذّنب، وفي عدد أيّام الحمل. ومن الظلف الضأن والمعز، وقد يكون بينهما تسافد وتلاقح إلا أنها تلقيه مليطا «2» قبل أن يشعر «3» ، وذلك أقلّ من القليل. ومن الظلف البقر الأهليّ، والجواميس، وهي أهلية أبدا، وهي موافقة للضأن في القرن وفي عدم النّاب، وفي الجرّة والكرش. وتخالف الضأن في الصّوف والسنام وتوافق المعز في الشعر وتخالف في السنام، وتخالف جميع الغنم في الحمل؛ لأن الغنم تضع لخمسة أشهر. والبقر تضع كما تضع المرأة في تسعة أشهر. وليس تشبه المرأة في غير ذلك، إلا ما يذكرون من الغبب «4» ونتوّ الكاهل، فإنهما ربما كانا في بعض النساء، وأكثر ذلك في نساء الدّهاقين.

2209 -[القول في الزرافة]

2209-[القول في الزرافة] قالوا: والزرافة تكون في أرض النّوبة فقط. قالوا: وهي تسمّى بالفارسية أشتركاو بلنك كأنه قال: بعير، بقرة، نمر. لأنّ كاو هو البقرة، وأشتر هو الجمل، وبلنك هو النّمر. فزعموا أنّ الزرافة ولد النمرة من الجمل. فلو زعمتم أنّ الجمل يكوم الضّبع ويكوم بعض ما له ظلف ما كان إلا كذلك. والمسافدة في أجناس المخلب والخفّ والحافر أعمّ، فلو جعلوا الفحل هو النمر، والأنثى هي الناقة، كان ذلك أقرب في الوهم. وليس كلّ ذكر يكوم أنثى يلحقها. وقد يكوم الإنسان الدابّة بشهوة منهما جميعا ولا يكون تلاقح كما اتّفقا في المسافدة. وإنّ الرّاعي يكوم الغنم وغير الغنم. وانظر، كم من ضرب ادّعوا ممّا لا يعرف: فواحدة أنّ بهيمة ذكرا اشتهى سبعا أنثى، وهو من أصعب السّباع. ثم الثانية أنه ألقح، والثالثة أنّ أرحام النمور لا تتّسع لأولاد الإبل. قالوا: نمورهم عظام وإبلهم لطاف. وقد تتّسع أرحام القلاص العربيّة لفوالج «1» كرمان، فتجيء بهذه الجمّازات «2» . ولولا أنه فسّر لجاز أن يكون النّمر يكوم النّاقة فتتّسع أرحامها لذلك. قالوا: وفي أعالي بلاد النّوبة تجتمع سباع ووحوش ودواب كثيرة، في حمارّة القيظ إلى شرائع المياه، فتتسافد هناك فيلقح منها ما يلقح، ويمتنع ما يمتنع، فيجيء من ذلك خلق كثير مختلف الصّورة والشكل والقدر، منها الزّرافة. وللزّرافة خطم الجمل، والجلد للنّمر، والأظلاف والقرن للأيّل، والذّنب للظّبي، والأسنان للبقر، فإن كانت أمّها ناقة فقد كامها نمر وظبي وأيّل في تلك الشرائع. وهذا القول يدلّ على جهل شديد. والزّرافة طويلة الرّجلين، منحنية إلى مآخيرها، وليس لرجليها ركبتان، وإنما الرّكبتان ليديها؛ وكذلك البهائم كلّها. وعساه إنما أراد الثفنات. والإنسان ركبتاه في رجليه.

2210 -[تسافد الأجناس المختلفة]

ويقولون: «أشتر مرك» للنّعامة، على التّشبيه بالبعير والطّائر، يريدون تشابه الخلق، لا على الولادة. ويقولون للجاموس «كاوماش» على أن الجاموس يشبه الكبش والثّور، لا على الولادة، لأنّ كاو بقرة، وماش اسم للضأن. وقال آخر: تضع أمّ الزّرافة ولدها من بعض السّباع، ولا يشعر النّاس بذلك الذّكر. قالوا: كاوماش على شبه الجواميس بالضّأن، لأنّ البقر والضأن لا يقع بينهما تلاقح. والتّفليس «1» الذي في الزّرافة لا يشبه الذي في النّمر، وهو بالببر أشبه، وما النمر بأحقّ به من هذا الوجه من الفهد. 2210-[تسافد الأجناس المختلفة] وقد يمكن أن تسمح الضّبع للذّئب، والذّئبة للذّبخ، والكلبة للذّئب وكذلك الثعلب والهرّة، وكذلك الطّير وأجناس الحمام كالوردانيّ والورشان والحمام، وكالشّهريّ من بين الحجر والبرذون، والرّمكة والفرس، والبغل من بين الرّمكة والحمار. فأمّا بروك الجمل على النّمرة، والجمل لا بدّ أن تكون طروقته باركة، فكيف تبرك النّمرة للجمل، والسّباع إنما تتسافد وتتلاقح قائمة، وكذلك الظّلف والحافر، والمخلب، والخفّ. والإنسان والتّمساح يتبطّنان الأنثى. والطير كلّه إنما يتسافد ويتلاقح بالأستاه من خلف وهي قائمة. 2211-[شواذ السفاد] وزعموا أنّ الغراب يزاقّ. والحمّر والقبج ربّما ألقحا الإناث إذا كانا على علاوة الرّيح «2» . ولا تكون الولادة إلّا في موضع إلقاء النّطفة والشيء الذي يلقح منه. وأمّا السّمكة فقد عاين قوم معارضة الذكر للأنثى، فإذا سبح الذكر إلى جنب الأنثى عقف ذنبه وعقفت ذنبها، فيلتقي المبالان فتكون الولادة من حيث يكون التلقيح، لا يجوز غير ذلك. والذين يزعمون «3» أن الحجلة تلقح من الحجل إذا كانت في سفالة الرّيح، من

2212 -[المخايرة بين ذوات القرون والجم]

شيء ينفصل من الذّكر. فإنما شبّهوا الحجل بالنّخل، فإن النخلة ربما لقحت من ريح كافور الفحّال «1» إذا كانت تحت الرّيح. 2212-[المخايرة بين ذوات القرون والجم] قال: وسئل الشّرقيّ عن مخايرة ما بين ذوات القرون والجمّ فقال: الإبل والخيل من الخفّ والحافر. والبرثن والمخلب والقدم التي هي للإنسان. قال: فمن خصال ذي القرن أنّ منه وإليه ينسب ذو القرنين الملك المذكور في القرآن، ويزعم بعضهم أنه الإسكندر. وقال أميّة بن أبي الصّلت «2» : [من الكامل] رجل وثور تحت رجل يمينه ... والنّسر للأخرى وليث مرصد 2213-[استطراد لغوي] ويقال ضربه على قرنه. وقرن من دم، كما يقال قرن من عرق «3» . والقرن: أمّة بعد أمّة. والقرن: شيء يصيب فروج النساء يشبه العفلة «4» . 2214-[ذوات القرون] والفيل من ذوات القرون، وفي الحيّات والأفاعي ما لها قرون، وإنما ذلك الذي تسمع أنه قرن إنما هو شيء يقولونه على التّشبيه، لأنّه من جنس الجلد والغضروف. ولو كان من جنس القرون لكانت الحيّة صلبة الرأس، والحية أضعف خلق الله رأسا، ورأسه هو مقتله؛ لأن كلّ شيء له قرن فرأسه أصلب وسلاحه أتمّ. والقرن سلاح عتيد غير مجتلب ولا مصنوع، وهو لذوات القرون في الرؤوس. وللكركدّن قرن في جبهته، والجاموس أوثق بقرنه من الأسد بمخلبه ونابه. وتقول المجوس: يجيء بشوتن على بقرة ذات قرون «5» . وظهرت الآية في شأن داود وطالوت في القرن. وشبّور اليهود من قرن. والبوق في الحروب مذ كانت الحرب إنما كان قرنا.

2215 -[ما يسمى بروق]

وبوق الرّحى قرن. والأيّل ينصل قرنه في كلّ عام. وكان سنان رمح الفارس في الجاهليّة روق ثور. 2215-[ما يسمى بروق] ويسمّى الرّجل بروق، والرّوق كالشيء يعاقب الشيء وقال بشّار في التّعاقب: [من الخفيف] أعقبته الجنوب روقا من الأزيب وفي العرب روق وأبو روق. وقال ابن ميادة «1» : [من السريع] دان له الرّوقان من وائل ... وقبله دانت له حمير الرّوقان: بكر وتغلب. 2216-[استطراد لغوي] ويقال قرن الضّحى، وقرن الشّمس، وقرون الشّعر، وقرن الكلأ «2» ، وقرون السّنبل، وأطراف عذوق النّخل وأطاف عروق الحلفاء وإبرة العقرب كلّها قرون. 2217-[علاقة القرون واللحى بالذكور] والأجناس التي تكون لها القرون تكون قرونها في الذّكور منها. وقد يكون الفحل أجمّ، كما أن اللّحى عامّ في الرّجال، وقد يكون فيهم السّناط «3» . 2218-[أنواع القرون] وقد تتشعّب قرون الظباء إذا أسنّت. وقرون الظّباء وبقر الوحش شداد جدّا، وإنما تعتمد الأوعال في الوثوب وفي القذف بأنفسها من أعالي الجبال على القرون. والأغلب على القرون أن تكون اثنين اثنين. وقد يكون لبعض الغنم قرون عدّة. 2219-[استخدام القرون] والجواميس تمنع أنفسها وأولادها من الأسد بالقرون، وبقر الوحش تمنع

2220 -[قصة في سفاد الخنزير]

أنفسها وأولادها من كلاب القنّاص ومن السّباع التي تطيف بها، بالقرون. قال الطّرمّاح «1» : [من الرمل] أكل السّبع طلاها فما ... تسأل الأشباح غير انهزام 2220-[قصة في سفاد الخنزير] وقال ابن النّوشجانيّ «2» : أقبلت من خراسان في بعض طرق الجبال فرأيت أكثر من ميلين متّصلين في مواضع كثيرة من الأرض، أثر ستّ أرجل، فقلت في نفسي: ما أعرف دابّة لها ستّ أرجل! فاضطرّني الأمر إلى أن سألت المكاري، فزعم أنّ الخنزير الذّكر في زمان الهيج يركب الخنزيرة وهي ترتع أو تذهب نحو مبيتها، فلا يقطع سفاده أميالا، ويداه على ظهرها ورجلاه خلف رجليها، فمن رأى تلك الآثار، رأى ستّ أرجل، لا يدري كيف ذلك. 2221-[ما يعرف بطول السفاد] قال: فالخنزير في ذلك على شبيه بحال الذباب الذكر إذا سقط على ظهر الأنثى، في طول السّفاد. وإنّ الجمل في ذلك لعجيب الشّأن، فأمّا العدد فالعصفور، ويحكى أنّ للورل في ذلك ما ليس لشيء، يعني في القوة، وأنشد أبو عبيدة: [من الرجز] في عظم أير الفيل في رهز الفرس ... وطول عيس جمل إذا دحس «3» 2222-[فرس الماء] قال عمرو بن سعيد: فرس الماء يأكل التمساح. قال «4» : ويكون في النّيل خيول، وفي تلك البحور- يعني تلك الخلجان- مثل خيول البرّ، وهي تأكل التماسيح أكلا شديدا، وليس للتماسيح في وسط الماء سلطان شديد إلّا على ما احتمله بذنبه من الشّريعة. قال: وفرس الماء يؤذن بطلوع النّيل، بأثر وطء حافره، فحيث وجد أهل مصر أثر تلك الأرجل عرفوا أنّ ماء النيل سينتهي في طلوعه إلى ذلك المكان.

2223 -[التداوي بفرس الماء وبنات عرس]

وهذا الفرس ربّما رعى الزّروع، وليس يبدأ إذا رعى في أدنى الزّرع إليه، ولكنّه يحزر منه قدر ما يأكل، فيبدأ بأكله من أقصاه، فيرعى مقبلا إلى النّيل، وربّما شرب هذا الفرس من الماء، بعد المرعى ثم قاءه في المكان الذي رعى فيه، فينبت أيضا. والطّير عندنا يأكل التّوت ويذرقه، فينبت من ذرقه شجر التّوت. قالوا: وإذا أصابوا من هذه الخيل فلوا صغيرا ربّوه مع نسائهم وصبيانهم في البيوت، ولم يزد على هذا الكلام شيئا. قال «1» : وفي سنّ من أسنانه شفاء من وجع المعدة. 2223-[التداوي بفرس الماء وبنات عرس] قال: والنّوبة وناس من الحبشة يأكلون الحيتان نيّة بغير نار، ويشربون الماء العكر فيمرضون، فإذا علّقوا سنّ هذا الفرس أفاقوا، قال: وأعفاج هذا الفرس تبرئ من الجنون والصّرع الذي يعتري مع الأهلّة. قال «2» : وكذلك لحوم بنات عرس صالحة لمن به هذه العلّة. 2224-[صيد الذئب للإنسان] قال: وإنما يكون الإنسان من مصايد الذّئب إذا لقيه والأرض ثلجاء، فإنّه عند ذلك يحفش وجه الأرض ويجمعه، ويضرب وجه الرجل فارسا كان أو راجلا. قال: ودقاق الثّلج وغباره إذا صكّ وجه الفارس سدر واسترخى وتحيّر بصره، فإذا رأى ما قد حلّ به فربّما بعج بطن الدّابّة، وربما عضّها، فيقبض على الفارس فيصرعه ولا حراك به، فيأكله كيف شاء، وإلّا أن يكون الفارس مجربا ماهرا، فيشدّ عليه عند ذلك بالسّلاح، وهو في ذلك يسير ويقطع المفازة، ولا يدعه حينئذ يتمكّن من النفر عليه. 2225-[تعليم الذئب وتأليفه] وزعم» عبويه أنّ الخصيّ العبدي الفقيه من أهل همدان، السودانيّ الجبلّي، وهو رجل من العرب قد ولدته حليمة ظئر النبيّ صلى الله عليه وسلم، وهو من بني سعد بن بكر، فزعم أنّ السّوداني أشبه خلق الله بجارحة وأحكمهم بتدبير ذئب وكلب وأسد ونمر،

2226 -[مصارعة كلبة لثعلب]

وتعليم وتثقيف، وأنّه بلغ من حذقه ورفقه أنّه ضرّى ذئبا وعلّمه، حتى اصطاد له الظّباء والثّعالب وغير ذلك من الوحوش، وأنّ هذا الذئب بعينه سرّحه فرجع إليه من ثلاثين فرسخا، وذكر أنّ هذا الذئب اليوم بالعسكر، وحدّثني بهذا الحديث في الأيام التي قام بها أمير المؤمنين المتوكّل على الله، وذكر أنّه ضرّى أسدا حتى ألف وصار أهليّا صيودا، حتى اصطاد الحمير والبقر وعظام الوحش صيدا ذريعا، إلا أنّ الأسد بعد هذا كله وثب على ولد له فأكله، فقتله السوداني. والذي عندنا في الذّئب أنه يألف. ولو أخذ إنسان جروا صغيرا من جرائه ثمّ ربّاه، لما نزع إلا وحشيّا غدورا مفسدا. ولذلك قال الأعرابي «1» : [من الوافر] أكلت شويهتي ونشأت فينا ... فمن أنباك أنّ أباك ذيب فالذي حكى عبويه من شأن هذا الذّئب والأسد من غريب الغريب. 2226-[مصارعة كلبة لثعلب] وأخبرني عبويه صاحب ياسر الخادم قال: أرسلت كلبة لي فحاصرت ثعلبا، فو الله إن زالا كذلك حتى خرّا ميّتين، قال: فقلت: أكرم بهما صيدا ومصيدا، وطالبا ومطلوبا. 2227-[من خصائص الكبار والفلاسفة] قال: وإذا أسنّ القرشيّ رحل إلى الحجاز. وقال: ما احتنك رجل قطّ إلا أحبّ الخلوة، وقالوا: ما فكّر فيلسوف قط إلا رأى الغربة أجمع لهمّه وأجود لخواطره. 2228-[قول بكر المزني في الأرضة] قال «2» : وشتم رجل الأرضة فقال بكر بن عبد الله المزني: «مه، فهي التي أكلت جميع الصّحيفة التي تعاقد المشركون فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلّم، إلا ذكر رسول الله، وبها تبيّنت الجنّ أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين، وبها تكشّف أمرها عند العوّام بعد الفتنة العظيمة عندهم، وكان على الخاصّة من ذلك أعظم المحن» .

2229 -[طول ذماء الضب]

2229-[طول ذماء الضب] وخبّرني رجل من بني هاشم كان منهوما بالصّيد لهجا به، أنّه ضرب وسط ضبّ بالسّيف فقطعه نصفين، فتحرّك كلّ واحد منهما على حياله ساعة من نهار ثمّ سكنا. 2230-[الورل والضب] وأخبرني أنهم كانوا يهارشون بين الضّبّ والورل، فيلغبه «1» الورل حتى يقتله. وحكى أنّ الورل يقتل الضبّ على معنى الصائد والطالب، وأن الضبّ يقاتل على معنى المحرج، وأنّه هارش بين الورل والحيّة فوجد الورل يقتل الحيّة ويأكلها، ويقتل الضبّ ولا يأكله ولكن حسوله «2» . 2231-[علة عدم قتل الأعراب للورل والقنفذ] وزعم أنّه وجد مشايخ الأعراب لا يقتلون ورلا ولا قنفذا ولا يدعون أحدا يصطادهما، لأنهما يقتلان الأفاعي، ويريحان الناس منها. 2232-[نوادر من الشعر والخبر] وأنشد أبو عبيدة لأبي ذؤيب «3» : [من الطويل] وسوّد ماء المرد فاها فلونه ... كلون النّؤور وهي بيضاء سارها وأنشد شبيها به للنابغة «4» : [من الكامل] يتحلّب اليعضيد من أشداقها ... صفرا مناخرها من الجرجار وأنشد شبيها بذلك لإبراهيم بن هرمة «5» : [من الرجز] كأنّها إذ خضبت حنّا ودم ... والحرض والعسن والهرم العصم وأنشد أيضا: [من البسيط] تعلّم الأكل أولاد الظباء بها ... فما يحسّ بها سيد ولا أسد

وأنشد: [من الوافر] ذكرتك ذكرة فاصطدت ظبيا ... وكنت إذا ذكرتك لا أخيب منحتكم المودّة من فؤادي ... وما لي في مودّتكم نصيب وقال ابن مقبل «1» : [من الطويل] وكم من عدوّ قد شققنا قميصه ... بأسمر عسّال إذا هزّ عامله «2» وقال أيضا «3» : [من الطويل] ولم أصطبح صهباء صافية القذى ... بأكدر من ماء اللهابة والعجب ولم أسر في قوم كرام أعزّة ... غطارفة شمّ العرانين من كلب «4» اللهابة والعجب: ماءان من مياه كلب موصفان بالعذوبة، وهي في ذلك كدرة. وأنشد ابن مزروع لعديّ بن غطيف الكلبيّ، وكان جاهليّا: [من المنسرح] أهلكنا اللّيل والنهار معا ... والدّهر يعدو على الفتى جذعا «5» والشّمس في رأس فلكة نصبت ... رفّعها في السماء من رفعا أمر بليط السماء مكتتم ... والنّاس في الأرض فرّقوا شيعا «6» كما سطا بالآرام عاد وبالحج ... ر وأركى لتبّع تبعا فليس ممّا أصابني عجب ... إن كنت شيبا أنكرت أو صلعا قال: هو عاد بن عوص بن إرم. وسطا بالحجر، أي بأهل الحجر. وأركى أي أخّر. والإركاء: التأخير. وقال كعب بن زهير «7» : [من البسيط] فعم مقلّدها عبل مقيّدها ... في خلقها عن بنات الفحل تفضيل

حرف أخوها أبوها من مهجّنة ... وعمّها خالها قوداء شمليل وكما قال ذو الرّمّة «1» : [من الطويل] أخوها أبوها والضّوى لا يضيرها وقال سالم بن دارة: [من الطويل] حدوت بهم حتّى كأنّ رقابهم ... من السّير في الظّلماء خيطان خروع وقال بعض المحدثين «2» : [من الطويل] وقد شربوا حتى كأنّ رقابهم ... من اللّين لم تخلق لهنّ عظام وقال آخر «3» : [من البسيط] كأنّ هامهم والنّوم واضعها ... على المناكب لم تعمد بأعناق وقال الكميت «4» : [من المتقارب] وفي اللّزبات إذا ما السّنو ... ن ألقي من بركها كلكل «5» لعام يقول له المؤلفو ... ن هذا المقيم لنا المرحل وقال أيضا «6» : [من مجزوء الكامل] الطّيّبو ترب المغار ... س والمنابت والمكاسر «7» والساحبون اللاحفو ... ن الأرض هدّاب المآزر «8» أنتم معادن للخلاف ... ة كابرا من بعد كابر بالتّسعة المتتابعي ... ن خلائفا وبخي عاشر

وقال أيضا: [من البسيط] ولا يكن قوله إلا لرائدها ... أعشبت فانزل إلى معشوشب العشب ذهب إلى قوله «1» : [من الرجز] مستأسد ذبّانه في غيطل ... يقلن للرّائد أعشبت انزل ولكن انظر كم بين الدّيباجتين. وفي الأوّل ذهب إلى قول الأعشى «2» : [من المتقارب] إذا الحبرات تلوّت بهم ... وجرّوا أسافل هدّابها «3» قال: كان أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم يقولون: «كونوا بلها كالحمام» ولقد كان الرّجل منهم يدعو لصاحبه يقول: أقلّ الله فطنتك. قال «4» : وهذا يخالف قول عمر رضي الله عنه، حين قيل له: إنّ فلانا لا يعرف الشّرّ. قال: ذلك أجدر أن يقع فيه. وقال النابغة الذبياني «5» : [من الطويل] ولا يحسبون الخير لا شرّ بعده ... ولا يحسبون الشّرّ ضربة لازب وقال الآخر «6» : [من الطويل] ولا تعذراني في الإساءة إنّه ... شرار الرجال من يسيء فيعذر وقالت امرأة «7» ترثي عمير بن معبد بن زرارة: [من الطويل] أعين ألا فابكي عمير بن معبد ... وكان ضروبا باليدين وباليد

2233 -[حكاية فرخ الحجام]

تقول: بالسّيف وبالقداح، لأنّ القداح تضرب باليدين جميعا. وقال ابن مقبل «1» : [من البسيط] وللفؤاد وجيب عند أبهره ... لدم الوليد وراء الغيب بالحجر وقال ابن أحمر «2» : [من الطويل] وفؤاده زجل كعزف الهدهد وكان حسّان يقول لقائده إذا شهد طعاما: «أطعام يد أم طعام يدين؟» «3» . طعام يدين: الشّواء وما أشبه ذلك، وطعام اليد: الثرائد وما أشبهها. وقال بعض السّلاطين لغلام من غلمانه وبين يديه أسير: اضرب. قال: بيد أو يدين؟ قال: بيد، فضربه بالسّياط. قال: اذهب فأنت حرّ. وزوّجه وأعطاه مالا. وسارّ رجلا من الملوك بعض السّعادة بابن له ذكر أنّه بموضع كذا وكذا يشرب الخمر مع أصحاب له، فبعث غلاما له يتعرّف حاله في الشراب، فلمّا رجع وجد عنده ناسا فكره التفسير، فقال له: مهيم. قال: كان نقله جبنا. قال: أنت حرّ. لأنّ معاقري الخمر يتنقلون بالجبن لأسباب كثيرة. 2233-[حكاية فرخ الحجّام] وكان «4» فرج الحجّام مملوك جعفر بن سليمان، إذا حجمه أو أخذ من شعره لم يتكلّم ولم يتحرّك، ولم يأخذ في شيء من الفضول، فقال جعفر ذات يوم: والله لأمتحننّه، فإن كان الذي هو فيه من عقل لا ينته، وإن كان كالطّبيعة والخلقة لأحمدنّ الله على ذلك. فقال له يوما: ما اسمك يا غلام؟ قال: فرج. قال: وما كنيتك؟ قال: لا أكتني بحضرة الأمير. قال: فهل تحتجم؟ قال نعم. قال: متى؟ قال: عند هيجه. قال: وهل تعرف وقت الهيج؟ قال: في أكثر ذلك. قال: فأيّ شيء تأكل على الحجامة؟ قال: أما في الصّيف فسكباجة محمّضة عذبة، وأمّا في الشتاء فد يجيراجة خاثرة حلوة. فأعتقه وزوّجه، ووهب له مالا.

وكان قاطع الشهادة، ولم يكن أحد من مواليه يطمع أن يشهده إلّا على شيء لا يختلف فيه الفقهاء. وهو الذي ذكره أبو فرعون فقال «1» : [من الرجز] خلّوا الطّريق زوجتي أمامي ... أنا حميم فرج الحجّام وكان أهل المربد يقولون: لا نرى الإنصاف إلا في حانوت فرج الحجّام، لأنّه كان لا يلتفت إلى من أعطاه الكثير دون من أعطاه القليل، ويقدّم الأوّل ثم الثاني ثم الثالث أبدا حتى يأتي على آخرهم، على ذلك يأتيه من يأتيه، فكان المؤخّر لا يغضب ولا يشكو. وقال ابن مقروم الضّبي «2» : [من الكامل] وإذا تعلّل بالسّياط جيادنا ... أعطاك نائله ولم يتعلّل «3» فدعوا نزال فكنت أوّل نازل ... وعلام أركبه إذا لم أنزل ولقد أفدت المال من جمع امرئ ... وظلفت نفسي عن لئيم المأكل «4» ودخلت أبنية الملوك عليهم ... ولشرّ قول المرء ما لم يفعل وشهدت معركة الفيول وحولها ... أبناء فارس بيضها كالأعبل «5» متسربلي حلق الحديد كأنّهم ... جرب مقارفة عنيّة مهمل «6» تم المصحف السابع من كتاب الحيوان، وبتمامه تم الكتاب، والحمد لله على حسن الختام. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الكرام.

فهرس أبواب المصحف السابع

فهرس أبواب المصحف السابع القول في أحساس أجناس الحيوان 3 ما جاء في ذكر الطير 28 باب ما جاء في الشعر من إحساس الطّير وغير ذلك من الحيوان 36 باب ذكر اختلاف طبائع الحيوان وما يعتريها من الأخلاق 39 باب ما يستدل به في شأن الحيوان على حسن صنع الله 41 ما جاء في الفيلة 45 باب ما يدخل في ذكر الفيل وفيه أخلاط من شعر حديث وغير ذلك 49 شيء من الطرف والحكم والأشعار 85 باب في الحاجة 90 باب في الوعد والوفاء به والخلف له 91 من أشعار الأعراب 94 بعض الأخبار العجيبة 102 باب الظلف 142

الفهارس العامة لكتاب الحيوان

الفهارس العامة لكتاب الحيوان صنع وترتيب محمد رياض نصري 1- فهرس أنواع الحيوان 159 2- فهرس الآيات القرآنية 223 3- فهرس الأحاديث النبوية 228 4- فهرس الأقوال والأثر 231 5- فهرس الأمثال 238 6- فهرس البلدان والمواقع 245 7- فهرس القبائل والطوائف 257 8- فهرس أيام العرب 267 9- فهرس الكتب 268 10- فهرس الأشعار 270 11- فهرس الأرجاز 361 12- فهرس أجزاء الأبيات 380 13- فهرس الأعلام 381 14- فهرس التراجم 435 15- فهرس المصادر والمراجع 486 ما وضع بين قوسين يدل على أن ما بينهما لم يرد في كتاب الحيوان وإنما تمت معرفته من مصادر أخرى كل اسم وضع بجانبه (*) يدل على أنه قد ورد في الأشعار فقط.

فهرس أنواع الحيوان

فهرس أنواع الحيوان (الألف) ابن آوى: من فصيلة الكلاب 2/348 من صغار سباع الأرض 3/192 مخالبه 1/184 قبح صوته 1/190 شبه صياحه بصياح الصبيان 5/156 خوف الدجاج منه 2/282؛ 5/127؛ 6/515 الشك في لقاحه لبعض الحيوان 2/348 يترل بالريف ولا يترل القفار 6/450. أبجل: ضرب من البراغيث 5/200. أبغث: منقاره 3/93 أعظم بدنا من الصقر 6/479 خوفه من الصقر والشاهين مع قوته 6/479. إبل: من ذوات الوبر 5/257 من الجلالة 1/152 تأويلها بمعنى السحاب 1/228 زعم قرابتها للجن 1/101 خلقها من أعنان الشياطين 1/196؛ 6/431 اختلاف أنواعها 3/75 الإبل الوحشية 1/102؛ 6/330 إبل وبار 1/102 الأوابد منها 3/206 إبل الجن ونسلها: الحوشية والعيدية والمهرية والعسحدية والعمانية 6/428 الذهبية 1/102 ذبان الإبل زرق 3/185 التي لا ترد الماء 6/463 ما يسمى بفارة الإبل 5/166 ما حرم العرب على أنفسهم منها 5/269 المفقأ والمعنى 1/16 الحامي 1/17؛ 5/269 السدم المعنى 1/86، 87 الجمازات 1/58؛ 7/143 أكرم فحولها 5/129 أكرمها أشدها حنينا 7/6 عصافير النعمان 3/198 تحمضها بعد الخلة 3/127 عجزها عن هضم الشعير 4/413 معرفتها للنبات 7/25 غلطها في البيش 7/25 إعجابها بالماء الغليظ 5/79 حبها للماء الكدر 7/81 بعرها 2/390 نفعها وشرفها 7/72 موازنة بينها وبين الفيل 7/128 ضرر لحمها 5/302 اختلاج لحم الجزور بعد مضي ليلة على ذبحه 2/344 اتخاذ الدرق والحجف من جلودها 7/54 شرب الأرض دماءها خاصة 4/358 خصاء فحولتها 1/87 سبب عقم الإناث 4/342 اتخاذها رئيسا 5/224 حنينها 2/406 بكورها 2/406 حمق الربع 7/10، 12 طرحها أو بارها

2/406 بكورها 2/406 حمق الربع 7/10، 12 طرحها أوبارها 4/369 صرها آذانها عند سماع الحادي 4/353 سكرها 2/371 رسمها 4/404 ملاينة الفحل بترع القردان 5/231 غرز الريش في أسنمة إبل الملوك 3/198 وفي أسنمة ذوات الدبر 3/217 سرعة قبولها للأمراض 3/147 هلاكها عند دخولها بلاد الروم 3/206؛ 4/295؛ 7/79 يهلكها الذباب 3/151 إيذاء الغراب لها 3/209 تفريق الظربان لها 1/163؛ 1/136؛ 7/13 الخوف عليها من الخنافس 3/247 سمع القراد أصواتها من أميال 6/553؛ 7/8 سن القلوص ثلاث سنوات 6/375 اتخاذ النوبة والبربر والروم لها 3/206 الكبر في أهل الإبل 5/268 ما يصيب فحل الإبل إذا صاد صاحبه قنفذا أو ورلا من أول الليل 6/341 فأرة الإبل 7/126. أتان: شبه العير بها 5/116 اتباع أتن الوحش الحمار 1/18 فطامها ولدها 3/82 وقوع الراعي عليها 3/100. أجدهاني: زعم الفرس فيه 4/335. أخدري: طول عمره 1/92. أذى: قول فيه 5/214. أربيان: من قواطع السمك 4/311 من المسخ 1/196؛ 6/357. أرضة: ليست من الطير 1/26 جلال شأنها 7/149 يهودية عند العوام 6/574 تولدها في جمار النخلة 3/176 استحالتها إلى نملة 4/277 طيرانها 7/26 بيتها 2/329 بناؤها بيتها 3/250 نقلها التراب 3/250 أكل النمل لها 4/276. أرنب: من ذوات الوبر 5/257 هي مسخ 1/203؛ 4/295 من مراكب الغيلان 1/203 ليست من مراكب الجن 6/431 قصر يديها 3/189؛ 6/500، 502 صغر كعبيها 1/182 1/182 تعظم ولا تسمن 5/280؛ 6/501، 502 قلة لبنها 6/502 غلظ لبن الأنثى 2/367 نفعها 6/505 تعليق كعبها 6/503، 504 تنام مفتوحة العين 3/192 حيضها 3/257 6/341، 502، 503 قضيب الذكر من عظم 6/502 توبيرها 5/151، 153، 239، 503؛ 6/339 إيثارها الصعداء 5/239؛ 6/502؛ 7/78 زعم طول عمرها 6/502 من صيد الكلب 2/269 معرفة الكلب بجحرها 2/315 مهارته في الإصعاد خلفها 2/315 2/315 لا يلحقها من الكلاب إلا قصير اليد 3/189؛ 6/502 لعب العقاب بها 5/138 اشتهاء الوبر أنثاها 6/499 التدرب على أكلها 4/281 أرنب الخلة 4/352؛ 6/387، 414، 502 استغناء أرانب الدهناء والدو والصمان عن الماء 6/462. أروى: هي أنثى الوعل 3/242 أكلها الحيات 3/242؛ 4/339 وضعها ولدها ومعه أفعى 6/335 سكناها الجبال 4/431.

أسبور: من قواطع السمك 3/127؛ 4/311؛ 6/555 مقاربته للجواف 6/569 بيضه 4/342. أسد: سيد السباع 1/149 وحيوان الأرض 7/81 من رؤساء السباع 6/324 والحيوان 6/533 من ذوات المخالب 6/324 والشعر 5/259 كله وحشي 6/330 أسد سفينة نوح 1/97 شبه السنور به 1/97؛ 2/283، 389، 390؛ 5/147، 181؛ 7/80 والكلب 2/283، 363، 364 واللبؤة 5/116 زعم أن الأسد كلب 2/348 قرابته لبعض الحيوان 2/348 مخالبه في أكمام 4/399؛ 5/186؛ 7/78 حدة أطراف مخالبه وأنيابه 7/78 أثر ضربه بمخالبه 2/283 كفه في يده 3/114 في أنفه أسلوب 1/150 قوة شمه 4/469؛ 7/7 وصف أنيابه وفكه ومنخره 6/516 عضته 3/144 شحو فمه 2/336؛ 4/333 قلة ريقه 2/363 بخره 2/333 عنقه من عظم واحد 1/150؛ 2/363؛ 3/146 سعة جلده 7/78 حمرة عينيه 4/372 سجرتهما 5/176 غؤورتهما 4/485 توقدهما 6/516 إضاءتهما بالليل 4/317، 371، 372 خطأ من زعم جحوظ عينه 4/485 ضعف مراقه 6/516 لعظمه مخ 4/419 طريقة بوله 2/283 يبس رجعه 2/283 بعره 2/390 الأسد ذات لون واحد 5/147، 171 أسرع الحيوان حضرا 6/516 مشيه كالرهيص 5/118 طعامه 1/149 صفة أكله اللحم 2/283 يبلع البضعة العظيمة من غير مضغ 4/334 هضمه للعظم 4/413 أحب اللحوم إليه 2/317، 336 لذته بلطع الدماء 1/135 أثر إكثاره من حسو الدماء 3/127 طلبه للخترير 2/317 والكلب 2/317، 318 والفهد 6/324 والملح 3/12؛ 5/114؛ 6/16 حبه رائحة الفهد ولحمه 4/371؛ 7/24 أكله الرق والحمير والسرطان والسلاحف والشاء 2/318 والضفادع 2/318؛ 5/280 نهمه 2/363؛ 4/334، 368 رجوعه في قيئه 1/149 قلة شربه للماء 2/283؛ 3/153؛ 4/368؛ 6/516 صبره على العطش والجوع 6/516 الاستعانة به على الخترير 4/279 سماجة صوته 1/190 قلة نسله 7/44 انفراده بلبؤته 4/287 لا يتلاقح في البيوت 7/113 لقاحه للكلبة 1/120 شدة صولته 4/279 وثوبه 1/139؛ 2/406؛ 7/78 أشده ساكن الغياض 2/336؛ 7/76 أقوى الأسود 7/79 من حيله في الصيد 2/318 تعلم السبع من السبع 3/161 تعليمه الصيد وتأليفه 7/149 لا يثب على الإنسان ولا على الحيوان إلا للمطعم 5/190 لا يعرض للإنسان إلا عند الهرم 6/533 خوفه من النار 4/430، 501؛ 7/80 والصوت الشديد 5/286 والببر المجروح 7/39 ذله في الماء 7/82، 83 حاله إذا خدش 7/39 حرصه 1/140 طول عمره 3/259 عداوته للنمر 2/282؛ 7/77 صبره في مقاتلة النمر 7/83 عداوته للفيل 7/112 مغالبة الفيل له 7/78 غلبة الأسد العراقي للفيل 7/81 علة فزع الفيل منه 7/80

مسالمته للببر 5/83؛ 6/482؛ 7/77 يعينه الببر على النمر 6/482 يأكله الفهد 4/371 قد يقتله الخترير 4/307 يقتله ذبان الأسد إذا جرح 5/220 مساورة الكلب له 2/394 مبارزة الجاموس له 7/77، 78 قتل الجاموس له 7/46 سطوته على الجمل 7/83، 84 وصف افتراسه للعير 6/516 خوف الشاة منه 2/278؛ 3/93؛ 7/59 انقيادها له 6/514 قد يجرها إلى عرينه 6/515 ما يعتري الحمار إذا رآه 3/106 ضعف الأسد الهندي 7/81 دواء عضته 2/283 حكم قتله 1/202 علة إطافته بجنبات القرى 2/317 فرانق الأسد 4/335. أسروع: انسلاخه فراشه 4/380. أسود: هول منظره 4/380 شدة سواد أسود سالخ 4/379 موازنة بينه وبين الأفعى 4/409 أكله الأفعى عند الجوع 5/189، 191؛ 6/529 للذكر خصيتان 4/366 له زمان يقتل فيه 4/363 حقود يطالب 4/363 التهاجي بأكله 4/263 مصادقة العقرب له 4/365، 366؛ 5/191 قد تقتله الأفعى 5/191؛ 6/529 كيف ينتقل إلى البيوت 4/376. أصلة: قول الأعراب فيها 4/335. أطرغلة: تبيض مرتين في السنة 3/8 قد تبيض ثلاث بيضات 3/90 قتالها للشقراق 2/281. أغتيولس: إتقانه صنع عشه 3/251. أفعى: من السباع 1/25 والقواتل 4/319 وأعداء الإنس والبهائم 1/25؛ 4/279 هي نوع من الحيات 5/195 موازنة بينها وبين الأسود 4/409 الحارية 4/379 الراصدة 4/363 ذات القرن 7/145 أفاعي الرمل 4/370 وسوق الأهواز 4/328 استحالة الكمأة إلى أفاع 4/368؛ 7/76 نابها 2/323؛ 3/159؛ 5/186، 238 أنيابها في أكمام 4/399 ينبت نابها بعد كسره 4/315 سلاحها في نابها 6/514 الاحتيال لضرر نابها بحماض الأترج 4/315 عينها: حمرتها 4/378 بين الزرق والذهبية 5/176 إضاءتها في الليل 4/317، 371؛ 5/176 عينها لا تدور 1/204؛ 4/315 ولا تطبق 4/346 عودتها بعد قلعها 4/346 بصرها 4/346 صممها 4/345، 445 عريها 6/344 منها ما يكون في أعناقها تخصير ولصدورها أغباب 4/334 سعة شدقها 2/364 حمرة لسانها وانشقاقه 5/193 حمتها 2/375 وضع الشمال لأنفها 5/58 هي دائما نابتة مستوية 4/389 تنبت أنيابها بعد قطعها 4/315 خصائصها 4/315 سمها 2/323؛ 4/316، 403، 405 كيفية سمها 5/10 نكزها بأنفها 2/324 حركتها عند النهش 5/119 تقتل في كل حال وزمان 4/364 علة انقلابها بعد العض 4/320 تمج في الآنية ما صار في جوفها 4/314 لعابها لا يعمل في الدم 4/316 التداوي بسمها 4/382 ضرب منها لا يضر بالفراريج 4/317 زعم بعض الأطباء في لحمها 4/282 تداوي السلحفاة بالصعتر إذا أكلتها 4/371 إذا هرمت لم تطعم ولم يبق بها دم

2/324 تكرع في الإناء غير المخمر 4/314 حبها للشيح والحرمل 3/219 حبها للحرمل وكراهيتها للشيح 6/528 إعجابها بالخمر 6/527 كراهيتها السذاب 6/528 صردها 6/344 لا ترد الماء 6/527 نتنها 3/251 علة عدم نتنها 5/140 لا يعوم إلا الأفاعي الجبلية 5/281 طول ذمائها 2/344 تبقى أياما بعد ذبحها 4/315، 316 لا تموت حتف أنفها 6/344 ظهورها في الصيف مع أول الليل 4/363 سكناها صدوع الصخر 4/391 كيف تنقل إلى البيوت 4/376 اجتلابها من سجستان 4/341 القول بأنها تلد ولا تبيض 7/76 رداءة سباحتها 5/65، 188 الحيوان الذي يأكل الأفعى 4/339 هربها من القنفذ 4/341 لا تأكل الفأر 5/140 تلسعها العقرب فتموت 5/190، 195 غلبتها للأسود 6/529 يأكلها الأسود 5/189، 191؛ 6/529 والقنفذ 6/478 شدة أذى العقرب إذا صادقها 4/370 مسالمتها القانص والراعي 4/364، 365 يمس جلدها الإنسان فلا يضره 3/159 وضع النمور أولادها ومعها أفعى 4/368؛ 6/335؛ 7/76، 103 ثمنها 4/316 التهاجي بأكلها 4/389. أقرشان: ضرب من النمل 4/313. إنسان: من الحيوان ذي الشعر 5/257 أصل الناس في زعم المجوس 1/124 ضروب بياض الناس 3/123 من أحرقته الأرحام 3/119 من لم تنضجه الأرحام 3/119 يأجوج ومأجوج 1/124 هو أصل للنسناس 1/123 تسميته بالعالم الأصغر 1/139 شبه باطن الكلب بباطنه 1/140 وظاهر القرد بظاهره 1/140 شبه الكلب به 2/283، 364 والحمام 3/83، 103 والهر 5/156 انفراده هو والحمام بالتقبيل 3/89 شبه صوت الخترير بصوت الصبي 4/307 شبه كف الضب بكفه 6/356 ركبتاه في رجليه 7/143 تصوره في صورة أخرى 6/430 انقلاب صور قوم إلى صور الخنازير والقرود 4/296 شبه وجه النبطي بوجه القرد 4/296 وأوجه الحمر بوجه القرد 4/309 المسخ 4/278 مسخه على خلقة القرد 4/278، 312 والخترير 4/278؛ 309 مسخ بعضهم ذئبا وضبعا 6/358، 392 مشيه على أربع 5/122 رجلاه أكبر من يديه 5/122 قدمه أكبر من كفه 5/122 ركبته وكفه 2/439؛ 3/114 الأعسر واليسر 5/473 أسنانه 2/439 من ولد بأسنان نابتة 7/24 من لم يثغر قطّ 4/286؛ 6/386 أطيب الناس أفواها 2/333 سعة صدره 7/63 ثديا الرجل 2/354؛ 7/63 تميز الرجل باللحية 2/376 ظهور حجم ذكره 2/284، 347 انفراده بازدواج أشفار الجفون 7/63 العيون الحمر 4/371 حمرة العين الخلقية 4/378 حمرة عينه في الحرب والغضب 4/378 الزرق العيون 5/177، 178 الحمر الحماليق 5/178 رداءة بصره بالليل 3/260 عروق الكلى 4/395 انسلاخ جلده 4/336 لا يلتحم بعظمه إلا عظم الخترير 4/307 كمون

الدم فيه 5/6 قيئه 3/79 لحمه أطيب اللحوم 5/14 البلغم طبع الشيوخ 5/26 ذيول نبط بيسان 4/296 أكله الجراد 4/263، 281؛ 5/294 والحيات 4/282 والسنانير 4/281؛ 5/183 والجرذان 4/282؛ 5/138؛ 6/520 والضباب 4/281، 282، 308؛ 5/138؛ 6/356، 368، 389، 520 واليرابيع 4/282؛ 5/138؛ 6/389، 520، 521 والأرنب 4/281 والكلاب 5/199 والهامة 4/408 والقنفذ 6/565 والقرنبى 6/520 وأم حبين 6/521 والوحرة 6/520 والورل 4/281؛ 6/389 وسام أبرص 4/407 والذبان 4/282 والزنابير 4/282؛ 6/360، 363 والعقارب 4/282، 408 والسراطين 4/282؛ 5/217؛ 6/360 والرق 4/282 والكوسج 4/282 والبلبل 4/282 والكسمير 4/282 والجري 4/308 والضفدع 5/138 والشبوط 6/360 والصحناء 6/360 والربيثاء 6/360 والحيتان النيئة 7/148 ودم الفصد 4/308 ولحوم الجلالة 6/360 اشتهاء بعضهم اللحم الغابّ 1/150 من يأكل لحوم الكلاب 1/149؛ 2/318؛ 336؛ 4/280، 281 تعليل أكل لحوم الكلاب 2/266 من يأكل لحوم الناس 1/176، 177 اختلاف ميل الناس إلى الطعام 4/308 إدخال الناس الملح في أكثر طعامهم 3/127 قوة شم الجائع 4/263 حيلة بعض الجائعين 4/323 اختصاصه هو والطير بالزواج 1/127 طلبه للنسل 1/73 ميوله التناسلية 3/84، 85 قدرته على الحماع في كل وقت 5/121 هيجه في كل فصل 7/9 يقلبه ذكره إذا قتل 5/64 غرق الرجل والمرأة 5/65 انفراده بخواص تناسلية 3/8 قوة شهوة الغلام والجارية 3/259 شدة شهوة النصف والكهلة 3/259 ضعف شهوة الكهل 3/259 إصفاء الرجل إذا أكثر الجماع 3/85 يكوم الدابة بشهوة منهما جميعا ولا يكون تلاقح 7/143 نسل متروع البيضة اليسرى 1/82 علة كثرة الأولاد 4/342 زواج الأجناس المتباينة 1/98، 104 التلاقح بينه وبين الجن 1/123؛ 6/398، 418 زواجه بالسعلاة 7/108 أولاد السعلاة 1/121 أولاد الملائكة 1/123 وقوعه على بعض الحيوان 3/100 صغر ولد البكر 2/366؛ 3/88 ابن المذكرة من المؤنث 1/70 الخلاسي من الناس والبيسري 1/104 علامة احتلام الغلام 2/273 الصبي يحلم ولا يحتلم 2/364 أثر السمن في الحمل 5/115 من أعاجيب الولادة 7/74 تضع المرأة في تسعة أشهر 4/287 ولادة الطفل محموما في الأهواز 4/329 فشو الحلاق في الهند 5/170 الختان عند مختلف الديانات 7/14، 16 ذوات اللحى والشوارب 1/77 الغبب ونتو الكاهل في نساء الدهاقين 7/142 من لا يحضن من الجواري 2/273 عسر ولادة البكر 5/308 عادة السحق 7/16 سلاح المرأة 6/516 ما ينبغي للأم في سياسة الرضيع 1/190 حب النساء للسنانير وتقبيلهن لها 5/181 إعجاب نساء العامة بقصع القمل 5/205 صوت الخصي وشعره 1/76 مشيه وذكاؤه 1/78 نتن بوله 1/161 شدة وطئه على الأرض 5/120 ما

يعرض للخصيان 1/72، 75، 105 محاسن الخصي ومساويه 1/110 بعض ميوله 1/90، 113 خصاء الجلب وقسوته 1/85 خصاء الناس 1/86 خصيان السند 1/79 والحبشة والنوبة والسودان 1/79 منع الخصاء وإباحته 1/108 حاجته إلى الاجتماع 1/340 وإلى البيان 1/35 سبب اختلاف اللغات 4/270 اختلاف الناس عند سماع الغرائب 3/115 تنوع الملكات وقوتها وضرورة ظهورها 1/132 أسباب العداوات 7/59 تفاوت الناس 6/326 تخالف الترعات والميول 1/93 هو دون الشياطين والجن في صدق الحس ونفوذ البصر 4/306 الاختبار والاختيار عنده 2/328 أثر التكرار في خلقه 1/49 نسك طوائف من الناس 1/149 الموصوفون بالكبر 6/353 الكبر في الأجناس الذليلة 6/353 اتخاذه الرؤساء 5/223 أجمع الخلق لخصال الخير 1/127 بدنه هيكل لروحه 4/354 أشياء ثلاثة نادرة في الإنسان 1/191 تعدد سلاحه 6/516 من سار على غير طبعه 1/133 ما يغير نظره إلى الأشياء 4/308 تحكم الأسباب في همم الناس 2/357 تشابه طبائع العامة 2/306، 307 علة نومه ليلا 1/188 علة نوم الملوك نهارا 1/188 سلطان النوم عليها 3/192 بعض ما يعتري النائم 3/193 أثر معيشته في غير بيئته 7/79 أثر البلدان في الناس 4/325، 328 التشاؤم بالبكر الذكر 3/88 وبالبكر ابن البكر 3/88 وبالبكر ابن البكرين 3/88 وبالزرق 2/344 تحريكه بعض مواضع من بدنه دون بعض 6/567، 568 استعماله رجليه فيما يعمله بيديه 3/114 قيام بعض الناس بعمل دقيق في الظلام 3/114 حكايته للأصوات وغيرها 6/568 تغريده 3/117 ما يكرهه من الأصوات 3/160 لا يستطيع الكلام وفى فيه ماء 3/129 قدرته على حبس بوله وغائطه 7/25 ما يعجز عنه مما قدر عليه الحيوان 1/30 شدة غيرته 4/309 مبالغته في تقدير ما ينسب إليه 2/307 فهم الأخرس 4/455 علة خرس الأصم 4/457 عقول السودان والحمران دون السمر 3/119 احتياله على دخول النار بالطلاء 3/188 استطابة بعضهم ريح التيوس 5/249 والكرياس 4/493 معرفة الطفل والمجنون لاسمه 7/54 مناغاة الطفل للمصباح 4/430؛ 5/65 يموت ويحيا حيث تموت النار وتحيا 5/60 هربه من شق الشمال 5/273 من مظاهر جبنه وفزعه 6/515، 548 أثر قطع إحدى يديه في عدوه 3/111 أثر مشيه على إبرة العقرب وعظم الحية 4/321 تنويم الصبيان والأطفال بالبيوت 4/353 تلهي المحزون بالسماع 1/189 اختلاف درجة سكره 2/369 من لا يسكر البتة 2/369 من تقتل عضته 2/375؛ 4/321 دماء الملوك والأشراف شفاء من الكلب 2/261، 415؛ 5/184 حال المجنون 1/186 سمومه العجيبة 5/194 ما يفعل الفزع في المسموم 4/319 متى ينفع الترياق 4/320 شرب المسموم للبن 4/322 قد يقتل الملسوع العقرب 4/367 علاج الملسوع 5/285 تعليق الحلي والخلاخيل على السليم 4/381 ما يعتريه من الصرع 2/368 جرب الزنج 4/327 أوجاع الشيوخ

(الباء)

4/433 فخر العرب بالبرص 5/91 كراهتهم الدنو من الأبرص 5/102 أثر النبيذ في العمر 1/104 قصر عمر البكر 3/88 زعم أن طول الأذن مؤذن بطول العمر 6/502 عود الحياة إليه 3/166 راحة الموت 5/61 وقوع المضروب على وجهه 5/64 غرق المضروب 5/65 اختلاف أحوال الغرقى 1/204؛ 5/65 متى يحل قتله 1/203 من خنقته الجن 1/199 ومن قتلته 6/423، 424 ومن استهوته 6/424 ومن خالطته 6/406 استهواء الشياطين والجن له 1/199 عداؤه للشيطان 7/59 من له رئي من الجن 6/421 الصرع من الجن 6/428 حكمه بينهم 432، 433 عنايته بالحمام 3/104 وطء الضبع للقتيل 5/64 شغف السمك بأكل الغريق 5/173 طلب الفأر للمكلوب ليبول عليه 7/40 مسالمة العقرب له 4/365 حاله مع العقرب 5/190 يعرض له النمر في كل حالة 5/190 من ادعى مرافقة النمر 6/447 يعرض له الذئب في كل حالة 6/533 اشتهاء الذئب للمجروح 7/39 صيد الذئب له 7/148 لا يعرض له الأسد إلا للمطعم 5/190 ولا كبار السباع إلا عند عجزها عن الصيد 6/533 كثرة مخالطة الذباب له 3/258 تعلمه الحقنة من الطير 7/18 فزع بعضهم من الفأر 5/140 ومن أضعف الحيوان مع جرأتهم على أقواه 7/80 كراهة حمل الصبيان على الخيل يوم الحلبة 6/409 حمايته من سقوط الذباب عليه 3/147. أنعام: من الجلالة 1/154 ذوات الجرة 1/151. أنكليس: شبهه بالحية 4/322. أنوق: تسمية القرنبى والجعل أنوقا 1/154؛ 3/245 تسمية الرحمة بالأنوق 1/235؛ 3/245 بيضها 1/204؛ 3/254 شدة ارتفاعها 6/488. إوز: يكون منه بيض الريح 3/131 نشاطه بعد السفاد 3/88 تحضن الأنثى دون الذكر 3/91 تحضن ثلاثين يوما 3/91 نشاطه بعد السفاد 3/88. أوس: هو الذئب 1/130. أيل: لا يكون منه بحري 4/313 قرنه 4/311، 369؛ 7/24، 70، 146 تعريضه قرنه للشمس في أول نباته 4/370 اختفاؤه إذا ألقى قرونه 4/370 شبه أظلاف الزرافة وقرونها به 7/143 صغر فمه 7/70 يأكل الحيات 4/339؛ 7/16 ظمؤه عند أكلها 7/16 أكله السراطين إذا لدغته الحية 4/370 أكل الأنثى مشيمتها 4/370 اختفاؤه إذا سمن 4/370 يصاد بالصفير والغناء 4/353 تعلق رؤوس الحيات في عنقه وجلد وجهه 7/17. أيم: هو الحية الذكر 1/101؛ 4/343 مشيته 4/393. (الباء) بادنجار: 1/25.

بازي: من الجوارح 2/350 من جوارح الملوك 6/575 أعجمي 6/575 زعم أنه أنثى الزرق 5/198 البازي التام من العقبان 3/91 أنواعه 4/371 هو عشرة أجناس في طريقة صيده للحمام 3/93 حسنه وانتصابه 3/119 عينه ذهبية 4/371 حبه لحم الخفاش 3/261 سمن فراخه 3/91 قلة بيضه 7/43 يحضن عشرين يوما 3/91 إناثه أصيد من ذكوره 1/106 صيده للحمام 3/93 خوف الحمام منه 2/288 خوف صاحب البازي من العقاب 7/21 وفاؤه 2/442 قبوله الأدب 4/283 ثمنه 3/104. باشق: من الجوارح 2/350 يحضن عشرين يوما 3/91. بال: وصفه 5/194، 195؛ 7/64 قيئه وأثره في السفن 3/80 أثر العنبر فيه 5/194؛ 7/65. ببر: من كبار السباع 6/324، 533 من ذوات الشعر 5/257 من الحيوان الهندي 7/77، 104 كله وحشي 6/330 قرابته لبعض الحيوان 2/349 لا يتلاقح في البيوت 7/113 شدة فتكه 7/46 مسالمة الأسد له 5/83، 191؛ 6/482؛ 7/77، 112 استكلابه حين يجرح 7/39 يعين الأسد على النمر 6/482 خوف النعجة منه 3/93؛ 7/59 يطلبه النمر 6/482 لا يعرض للإنسان إلا عند الهرم 6/533. ببغاء: علة تسميتها 3/251 من الحيوان الهندي 7/104 تقليدها وحكايتها 2/346؛ 3/221 7/63 ما تيسر لها من الحروف 5/157 كيسها 7/22 معرفتها مناغاة المتكلم 7/54، 130. بخت: من أجناس الإبل 3/75 قرابتها من العراب 1/94؛ 3/202؛ 7/107 هي عند الفرس ضأن الإبل 5/244 نشأتها 1/92 منها الجمازات 5/244 قصر عنق البختي 7/103 نسلها 1/92 قوة سفادها 2/377 ضربها في الفوالج ينتج ولدا منقوصا 3/82. برذون: من ذوات الشعر 5/257 من الخيل 3/100؛ 7/107 البراذين عند الفرس ضأن الخيل 1/100 شبهه بالرمكة 2/324 ذهاب البياض الذي يركب عينيه في أيام يسيرة 4/315 عجزه عن هضم الشعير 3/413 تفوق الرمكة عليه في الطعام 1/75؛ 5/259 رمح البرذون البرذون 1/186 هراش البراذين 2/338 يعض من غير أن يهاج 2/319 استعماله فمه وحافره 6/514 معاينة احتلامه 2/364 قد يكومه البغل والحمار 3/101 نخره عند النشاط 3/101 تحريكه موضع سقوط الذبابة عليه 6/567 تعليمه 3/162 سكره 2/371 ثمنه 3/104. برستوج: من قواطع السمك 3/127، 128. برستوك: هو البرستوج، من قواطع السمك 6/555. برغوث: من الأبجل والبق 5/200 يقال إن الحرقوص هو البرغوث أو الحرقوص أكبر منه 6/562 شبهه بالفيل 5/210 استحالته إلى البعوض 3/244؛ 4/369 استحالة البعوض الذي من سلخ دعموص إلى برغوث 4/369 يعرض له الطيران 5/200 أحدب 5/206

أسود اللون 5/200 تناكحه مستدبرا ومتعاظلا 5/210 مطاولته في السفاد 5/210 قفزه 4/375؛ 5/119، 206 مشيه 5/119، 200 خبثه 5/206 استقذاره 5/210 أثر عضته 5/212 سلطانه بالليل 5/215 الاحتيال له 5/200 احتيال الثعلب له 6/474، 475 قتله 1/107، 202 سؤال في دمه يصيب الثوب 1/248. بط: طائر مثقل 3/100 طيب لحمه 1/153؛ 2/381؛ 7/117 علة ذبحه من أول الليل 1/248 قضيبه 7/70 خروج ولده كاسيا كاسبا 6/376 كراهة بعض الناس إدخاله بيته 1/248. البط الصيني: 2/441 خروج فرخه كاسيا كاسبا 3/92. بط كسكر: 4/267. بعوض: من ذوات الخراطيم 3/152؛ 5/213 ليس من الطير 1/26 استحالة الدعاميص والبراغيث إليه 3/244؛ 4/369 استحالة البعوض الذي من سلخ دعموص إلى برغوث 4/369 جناحه 1/137 شبهه بالجاموس 7/104 خرطومه 7/103 هو سلاحه 6/514 سمه في خرطومه 2/375؛ 3/168 موازنة سمه بسم الجرارة 5/212 نفاذه في جلد الفيل والجاموس 4/413؛ 5/213؛ 6/528؛ 7/112 جزع الجاموس من عضته 7/78 مخه 3/152 وصفه بالربدة 4/365 اغتذاؤه بدم الحيوان 3/257 قيؤه ما مص من الثور ليعود إليه ثانية 5/213 طنينه غناء 3/151، 185 يقوى سلطانه في الظلمة 3/153، 256؛ 5/215 وقت هيجه 3/257 تصيده بعض طيور الليل 2/371 يأكله الطير الدائم الطيران 3/113 والخفاش 3/256 والذباب 3/153، 154، 161؛ 6/478، 528 طريقة إخراجه 3/183 قتله 1/107، 202 طلسمات البعوض 5/212 جلال شأنه 3/145 حقارته 4/278 عذاب الأمم به 3/145 موته في الشتاء 5/58 يكثر في مكان ويندر في آخر قريب منه 5/213. بعير: تسميته بالأعلم 6/535 كل بعير أعلم 3/148، 149 شبه النعامة به 4/416 مقارنته بالفيل 1/138 مخالفة دمه لدم سائر الحيوان 3/70 تشبيه الضربة بشدقه 3/148 اختفاء شقشقته 1/204 جرته 3/79 نتن جرته 1/151 ضيق جلده 7/116 جيفته أنتن الجيف 1/161 شيب وجهه من أكل الحمض 1/232 غلطه في البيش 5/167 سلاحه في نابيه وكركرته 6/516 هراش البعران 2/337 مطاولته في السفاد 3/169 قبح سباحته 7/71 تذليله 2/282 إلفه 2/351 قتله 1/203 أثر سم الجرارة في جسمه 2/323 تخلق القراد من عرقه 5/234 سقوط النبر عليه 3/148؛ 6/329 علاقة القراد به 6/519، 520 لا تخافه النعجة 3/93 تغلب الذباب على جلده 3/168 معرفة غدته بسقوط الذبان عليه 3/147؛ 7/39 احتيال الجمالين بإسقاط الذباب عليه 3/147 غرز الريش والخرق في سنامه 3/197 هو من

مراكب الأنبياء 7/122 ثمنه 3/104. بغاث: بغاث الطير 1/25؛ 7/37. بغل: من ذوات الشعر 5/257 نشأته 1/69، 146 شبه الشبوط به 1/98، 99 طول غرموله 1/91 اختفاء غرموله 1/204 أعظم الحيوان أيرا بالقياس إلى جسمه 7/70 شحيجه 1/91 سماجة صوته 1/190 قلة سفاده 5/115 كومه البرذون 3/101 نزوه على البغلة 5/115 ولده على البغلة لا يبقى 2/263؛ 5/115 المتولد منه بين الحمار والرمكة لا يبقى له نسل 3/82 وقوع بعض الناس على البغلة 3/145 طول عمره 1/84؛ 5/115؛ 7/131 أنثاه أطول عمرا 5/115 إلفه 2/351، 426 مثالبه 1/69 طباعه ووراثته أبويه 1/73 ذكره في القرآن 4/278 ثمنه 3/104. بق: ضرب من البراغيث 5/200 استقذاره 5/210 وانظر 5/214. بقر: من ذوات الشعر 5/257 فيه الأهلي والوحشي 3/75، 83؛ 6/329 تسمية بقر الوحش نعاجا 2/348 علاقة البقرة الوحشية بالزرافة 1/94 زعم أن الجواميس بقر 2/348 أو ضأن البقر 2/348 وأن البقر ضأن 2/348 قرابته للجاموس 3/75؛ 7/107 انقسامه إلى قسمين أحد هما الجواميس 3/83 اتخاذها رئيسا 5/224 أميرها الثور 1/18 ضرب الثور لتشرب البقر 1/18 صدّ الجن الثور عن الماء 1/19 حدة قرون بقر الوحش 7/78 كلها خنس فطس 4/454 شبه أسنان الزرافة بأسنانه 7/143 قوة لسانه في ضرب الخلى 6/552 جرته 3/79 اتخاذ النعال من جلده 5/254 تضع في تسعة أشهر 4/287؛ 7/66 سبب عقم الإناث 4/342 فطامها ولدها 3/82 سهولة خلقها حين يكون لها ولد 2/366 استماتتها في حماية ولدها من الوحش 2/356؛ 7/146، 147 وقوع الراعي عليها 3/100 سباحته 2/347 جودتها 5/65 إلفه 1/218 سكره 2/371 تبختره في مشيه 5/120 حبه للماء الصافي 5/79 عداوة الذئب له 2/281 تغلب الذباب على جلده 3/168 لا يعرض الأسد له إلا للمطعم 5/190 اختلاج لحمه بعد مرور ليلة على ذبحه 2/344 رضاع الحية من البقرة المحفلة 4/314 4/314 أثر العين فيها 2/326 بقرة بني إسرائيل 4/292 ذكره في القرآن 4/278. بلبل: لا يتسافد في البيوت 7/112 جمال صوته 1/127 تعليمه الغناء 3/171 زعم أنه لا يستقر 5/124. بنات حذف: ضرب من الغنم 6/432. بنات الماء: 2/291. بنات وردان: تولدها في جمار النخلة 3/176 زعم أنها من خلق الشيطان 4/407 كثرة قوائمها 4/393 اشتثقالها 4/279 تعرضها للخارئ 3/7 أكل السنور لها 2/333.

(التاء)

بني: والد الشبوط 1/98؛ 5/198؛ 6/327 بيضه أكبر من بيض الشبوط 1/100 طعم بيضه 1/100 صفته 3/9. بهونية: من أنواع الإبل 1/92؛ 3/75. بهيمة: سواد بهائك حرة بني سليم 4/296 لذتها بالعلوفة 1/135 لذتها في أكل الخبط 2/304 خصاؤها 1/86 تعفيرها أولادها 2/356؛ 3/82 هيجها في وقت معلوم 7/9 سكرها 2/371 372 إشلاء السباع عليها 4/471. بوم: من طيور الليل 2/408؛ 5/215 من لئام الطير 3/253 تشبه غراب الليل بأخلاقه 2/417 فمه 3/258 ضعف بصره بالنهار 2/280 سلاحه 1/26 التفاؤل والتطير به 3/218 نصبه للصيد 2/280 صياحه مع الصبح 2/355 الفزع من صوته 6/446 دخوله بالليل على كل طائر 2/408 عداوة الغراب له 7/60 يقاتله الغداف 2/280. بينيب: ليس من السمك 1/27. (التاء) تدرج: القول بأنه من طيور الجنة 3/187 طوقه 3/99 جمال منظره 1/127؛ 2/379 5/251 مقارنته بالطاووس 1/137 تمييز ذكوره من إناثه 5/115 ذكره ديك 3/100 علاقته بالقبج والحجل والدجاج 3/100 حمقه 7/22 ثمنه 3/100. تفته: هي عناق الأرض، سبع خالص، لا تأكل اللحم 6/55. ابن تمرة: صغره 5/83؛ 6/533 كيسه 7/23. تمساح: من كبار الحيوان 5/288 من حيوان الماء 4/329؛ 6/328 أشد حيوان الماء 2/336، 7/76، 81، 82 ليس من السمك 1/27 مختلف الأسنان 6/496 معاليقه 3/80 تحريكه فكه الأعلى 1/204؛ 7/63 يخرج رجعه من فمه 3/79، 80 سلاحه ذنبه 6/514 قوة تماسيح الخلجان 7/46 ضعف سلطانه في الماء 7/147 يسكن بيته طيلة الشتاء لا يطعم شيئا 4/330 صبره على فقد الطعم 4/330 أحب اللحوم إليه 6/336 خروجه من الماء 7/82 بيضه خارج الماء 7/41 موته إن نقل إلى دجلة والفرات 7/79 تبطنه الأنثى 7/144 فتحه فاه لطائر خاص 4/371؛ 6/496 يأكله فرس النهر 7/76، 82، 147. تنوط: صنعته 1/30 لا ينام في الليل 4/458. تنين: الخلاف فيه 4/334 القول بأنه إعصار 7/64 دخوله في الخرافة 4/335؛ 7/64 عظم خلقه 7/64 تنين أنطاكية 4/334. تيس: قبح وجهه 2/330؛ 5/251 لحيته 2/376؛ 5/116 نتن ريحه 1/148، 151، 162؛ 2/330؛ 3/249، 251؛ 5/248 حذفه ببوله تلقاء خيشومه 1/151؛ 2/330؛ 5/248

(الثاء)

استعماله موضع القرن منه إذا عدمه 6/514 قتال التيس للذكر زمان الهيج 4/286 غباوته 2/330 تفضيل الكبش عليه 5/247 كثرة سفاده 6/564 قوة التيس المراقي في السفاد 2/377؛ 5/121، 253 صفات تيس بني حمان بعد ذبحه 5/250، 266 لا يعرض للنعجة 1/194. تيس الربل: من الوعول والظباء 4/320؛ 6/379. (الثاء) ثعبان: عده في السباع 1/25 من القواتل 4/319، 321 تنته 3/251 سمه 4/405 يمس جلده الإنسان فلا يضره 3/159 بغض الإنسان له 4/279 احتيال المكاء له 7/13 ثعابين مصر 4/370. ثعلب: من فصيلة الكلاب 2/348 من صغار سباع الأرض 3/192 عده في كبار السباع 3/146 من ذوات الوبر 5/257 قرابته لبعض الحيوان 2/348 موازنته بالذئب 1/138 شبه مشي الفرس بمشيه 6/475 كله وحشي 6/330 الأبيض والخلنجي 6/474 قضيبه لحم وعظم 6/474 فروته 2/404؛ 5/84؛ 6/474 أكله ولد الضب 6/343 نتن نجوه 6/478 استغناء ثعالب الصمان والدو والدهناء عن الماء 6/463 سلاحه 1/25؛ 5/238؛ 6/478 سلاحه في مؤخرته 6/515 قد يصارعه الكلب 7/149 سفاده الهرة الوحشية 1/96 تماوته وانتفاخه 2/361؛ 6/474 دهاؤه 6/478 احتياله للبراغيث 6/474، 475 والقنفذ 6/478؛ 7/19 استعماله التوبير 6/500 جبنه 6/474، 476 روغانه 1/139؛ 2/404، 406، 438 شدة حذره 5/284 نذالته 1/235؛ 6/473، 476 ذلته 6/473 مسالمة أنثاه للذئب 6/483 عداوة الذئب له 2/281 يصيده الذئب 6/478 معرفة الكلب بمكمنه 2/314 عداوته للزرق 2/281 صداقته للحية والغراب 2/282. ثور: هو أمير البقر 1/18 للثيران أمير 3/157 شبهه بالجاموس 7/122 قرنه 2/374 ميل لسانه 5/272 في قلبه عظم 6/554 كل ثور أفطس 3/148 اتساع إهابه 7/116 علة تكديره الماء 7/80 ضرب الثور لتشرب البقر 1/18 سلاحه قرنه 6/514 استعماله موضع القرن إذا عدمه 6/514 اتخاذ عرب الجاهلية قرنه سنانا 7/146 حاله عند الكر والفر 5/272 قتال الذكور للذكور في زمان الهيج 4/286 قوة بعض ثيران فارس 7/117 زعم أرسطو أن ثورا سفد وألقح بعد الخصاء 5/122، 266 يحلم ويحتلم 2/364 سباحته 2/347 إلفه 2/352 علة فزعه عند الصبح 2/385 تشرقه في الشمس 2/358 نخره عند الذبح 3/146 من صيد الكلب 2/269 عداوة الذئب والغراب له 2/281. ثيتل: من سكان الجبال 6/471 شبهه بالوعل 6/471 لا يستطيع الحضر على البسيط 6/471

(الجيم)

(الجيم) جاموس: أحد رؤساء الحيوان 7/71 من ذوات الشعر 5/239 هي ضأن البقر عند الفرس 1/100 اسمه بالفارسية 1/100؛ 7/144 زعم أنه بقر 2/348؛ 5/244 قرابته للبقر 3/75؛ 7/107 مشابهته للكبش والثور 1/100؛ 7/122 شبه البعوض به 7/104 ضعف سلاحه وقوة قلبه 7/82 عمل الترسة من جلده 7/54 قوة جلده 7/124، 125 قوة قرنه 7/145، 146 سباحته 7/71 سكره 2/371 نفاذ خرطوم البعوضة والجرجسة في جلده 4/413؛ 5/213؛ 6/528؛ 7/112 جزعه من ذلك 7/78 تعالجه بالالتجاء إلى الطين 4/413 عجز العقاب عن خرق جلده 5/291 مبارزته للأسد 7/77، 78 قتله للأسد 7/46، 82 لا تخافه النعجة 3/93. جان: (من الحيات) جان العشرة 6/404 ضرر قتله 6/431، 432، 433. جحل: ليس من الطير 1/26 جحلان الذباب 3/157. جدي: طيب لحمه 1/153؛ 2/381؛ 4/282؛ 5/256؛ 7/117 ارتضاعه لبن الختريرة 5/164 جداء كسكر 3/141؛ 4/267 طيب عماريس الشام 5/246 تقديم الحمل مقطوع الألية لإيهام أنه جدي 5/256 ميله على شقه الأيسر في الربوض 5/270، 271. جراد: ليس من الطير 1/26 الأهوازي والمذنب 5/300 صفاء عينيه 2/436 عينه لا تدور 1/204؛ 4/346 قوائمه ست 5/217 ذنبه 5/290 بيضه 4/424 كثرة بيضه 7/42 علة كثرة بيضه 7/43 طيب بيضه 5/299 مراتب نموه 5/290؛ 7/26 انسلاخ جلوده 4/369 نبات أجنحته 3/244 ذو ألوان 3/166 صفرة ذكوره 3/14؛ 4/343؛ 5/296 خفة أبدان الذكور 5/296 تلون جراد البقل بالخضرة 5/198 خضرة جراد البقول والرياحين 4/295 تخلقه بين الأخاديد 5/291 أكله العذرة 3/256؛ 4/310 والزنابير 6/478 صرده 5/292 العذاب به 5/288 إفناؤه الأمم 3/145 أكل الإنسان له 4/263، 281 يعاف أكله الخراسانيون 4/282 طعم لحم العقرب كلحمه 4/282؛ 5/191 ريح المشوي منه كمشوي العقارب 4/282؛ 5/191 طيب الجراد الأعرابي 5/299، 300 ضرر أكله 5/302 قفزه 4/418؛ 5/119 أثره في الصخر 4/413؛ 7/112 صيد الغراب له 2/417 حب الذر له 4/263 تأكله الحيات 4/376؛ 5/196، 6/478 والعصفور 1/25؛ 2/425 5/114؛ 7/43 استخراج العقرب به 5/193 حرص العقرب على أكله 5/196. جرارة: سمها 2/323؛ 4/405 وزن سمها 4/415 موازنة سم البعوض بسمها 5/212 عظم ضررها 3/168؛ 4/366؛ 6/329 علاج لسعتها 4/366 مسالمتها للإنسان 4/365 يمس جلدها فلا يضره 3/159 سكناها بقرب الأتاتين والحشوش 4/367 جرارات الأهواز

4/328، 370؛ 5/193، 195. جرجس: عظم قدره 3/144؛ 4/361 حقارته 4/279 استقذاره 5/210 طريقة إخراجه 3/183 نفاذ خرطومه في جلد الفيل والجاموس 4/413 جزع الجاموس من عضته 7/78. جرذ: ضرب من الفأر 5/141 قرابته للفأر 7/107 مخالفته للفأر 3/145 شبه اليربوع به 6/520 ما يشبهه من الحيوان 6/329 بصره بالليل كبصره بالنهار 7/8 طعامه 6/520 حسن تدبيره 5/136، 7/65 ادخاره 4/276؛ 5/222 قوة جرذ أنطاكية 4/406؛ 5/135 والجرذ الخصي 5/171؛ 7/40، 83 ضرره 5/173 تخريبه سد مأرب 5/289؛ 6/394 اجتلابه الحيات 5/173 امتناع التلاقح بينه وبين الفأر 1/103 عبثه بالعقود والشنوف 5/140 والدراهم 5/162 تقاتل الجرذان 2/338؛ 5/135 قتاله للعقرب 5/136 تبتلعه الحيات 7/85 تأكله الحيات 5/172، 173؛ 6/528 وسباع الطير 6/528 والسنانير 2/332؛ 7/85 والكلاب السلوقية 7/85 والجري 7/23، 85 والإنسان 4/282؛ 5/138 أكل الإنسان لجرذان البيوت 6/520 عداوة ابن عرس له 7/59 فزعه من السنور 5/172. جرذ المسك: 7/126 يخبأ الدنانير والدراهم والحلي 7/126. جرّيّ: هو مسخ 1/195، 196، 203؛ 4/295؛ 6/356 شبه الكوسج به 6/555 ولوعه بأكل العذرة 1/153؛ 4/310 وجيف الموتى 7/85 منافعه ومساويه 1/154 أكل بعض الناس له 4/309 صيده للجرذان 7/23، 85. جعل: من الحشرات 6/328 تسميته أنوقا 1/154؛ 3/245 جلال شأنه 3/145 قرابة ما بينه وبين الخنفساء 3/166 زعم أنه من خلق الشيطان 4/407 قد يطير 1/26 نبات جناحين له 6/562 يسلخ غلاف جناحه 4/369 تحزيز قوائمه 3/246 جناحاه لا يكادان يريان 3/246 يظل دهرا لا جناح له 3/244؛ 7/26 يحرس النيام 3/245 يتبع الرجل إلى الغائط 1/31 علة ملازمته لمن بات بالصحراء 1/155 طلبه للعذرة 1/154، 155؛ 3/241، 256 أثر الروث فيه والورد 2/363؛ 3/166، 244 سفاد الخنفس لأنثاه 3/241 دحروجة الجعل 3/247 صلاته 6/525 أكل الإنسان له 3/256. جمل: شبهه بالناقة 2/376؛ 5/116 مسخ الحية على صورته 1/196؛ 4/356 زعم أن الزرافة ولده من النمر 7/143 بعض صفاته 1/139 عثنونه 2/376؛ 5/226 قوة نابه 4/286 لين أرساغه وطول عنقه 7/117 شقشقته 4/394 ميلها 5/272 ليس له سلى 3/254 حياته بعد قطع سنامه 6/576 شبه خطم الزرافة بخطمه 7/143 صوت الجمل المحجوم 3/16 هديره 3/117 صولته 1/139 أظهر الحيوان هيجا 5/168 هيجه بدون معاينة الأنثى 5/169 قوته عند الهياج 7/40، 116 لا يدع جملا ولا إنسانا يدنو من هجمته زمن

(الحاء)

الهيج 4/286 يكره قرب الفرس من الهجمة 4/286 غيرته 4/286 غيرته 4/309 مطاولته في السفاد 2/365 5/121؛ 3/564؛ 7/147 يركب الناقة ساعة من نهار 4/455 لابد أن تكون طروقته باركة 7/144 لا يزاوج 4/309 هدايته 4/456 كبره وزهوه 6/352 استقباله الشمس 6/507 معرفته للزجر 7/25 قتل الخنفساء له حين تصل إلى جوفه 3/247 قتال الجمل للجمل 7/82 تعرض القراد لاسته 5/235 لحس الذئب عينه بعد موته 6/552 لعب الأسد به 7/83. جن: إنكار الدهرية للجن 2/325 الجن والحن 1/192؛ 2/312؛ 7/108 الشق 6/423؛ 7/108 زعم أن الشق أصل للنسناس 1/123 الشنقناق والشيصبان 6/436 الهواتف والرئي 6/421 مراتب الجن 6/415؛ 417 تصورهم 6/430، 433 شبه الجني الطائر بطير الماء 6/463 طعامهم وشرابهم 4/386؛ 6/425 ذبائحهم 6/432 استضافتهم الناس 1/122 من خنقته الجن 1/199 من قتلته الجن 6/423، 424 من استهوته 1/199؛ 6/424 أثر عشقهم في الصرع 6/428، 451 ما يزعمون من عملهم 6/413، 414 زعم أنها تخبل من نام بين البابين 2/360 رؤيتهم 6/418، 420 مكالمتهم 6/41 سماع أصواتهم 6/420 عزيفهم 6/445 التحصن منهم 6/428 العزيمة عليهم 4/349 شروط العزيمة 4/303 خضوعهم لسليمان 4/303؛ 6/413، 414 حكم الإنسان بينهم 6/433 محالفتهم 6/439 التلاقح بين الجن والإنس 1/123؛ 6/398، 418، 439 مطاياهم 6/340، 341، 433، 440، 481 564 ركوبهم الظباء 1/203؛ 6/433 القنفذ 6/441 والعضرفوط 6/481، 482 ليست الأرنب من مطاياهم 6/503 مراكب الغيلان 1/203 لا تصيد الأعراب مطاياهم من أول الليل 6/340 حبهم للمعصفر من الثياب 4/386 نقلهم الأخبار 6/414، 427، 436 جبلهم 6/410 نارهم 4/499 كلابهم 6/436 إبلهم 6/428 رماحهم 1/234؛ 6/429 جنونهم وصرعهم 6/442، 443. جندب: جناحه 3/189 لعابه سم على الأشجار 5/297، 298. جهار رنك: هو من العقبان 3/91. جواف: من قواطع السمك 3/127؛ 4/311؛ 6/555 مقاربته للأسبور 6/569. (الحاء) حباب: هو الحية الذكر 1/101 مشيته 4/393. حباحب: ناره 4/502. حبارى: قول فيها 5/237 شدة طيرانها 5/241؛ 7/37 جمالها 5/241 الذكر منها يسمى خربا 5/239 سلاحها في مؤخرتها 6/515 سلحها 1/26، 162؛ 2/413؛ 5/238؛ 6/478، 513؛ 7/36 استطابة محسيها 5/241 فرخها هو النهار 5/239 ضعف فرخها

5/239 حرصها على بيضها وفراخها 5/84 حمقها 1/129؛ 2/329؛ 5/84، 238؛ 7/22 كمدها 5/237؛ 7/36 كيف تنحي الصقر عنها 1/162 مساورتها الزرق بسلحها 6/513. أم حبين: من الحشرات 6/328 يقال لها حبينة 6/328 ذكرها هو الحرباء 1/96 شبهها بالحرباء 6/521 وصفها 6/521 لا تقيم بمكان به السرفة 6/519، 520 تقوم السرفة منها مقام القراد من البعير 6/519، 520 نفور الأعراب منها 3/125 يأكلها بعض الأعراب 6/521. حجر: (أنثى الخيل) تفوقها على الفرس في الطعام 1/75 قرابة الحمار لها 1/92 قوة سمعها 6/553 وقوع الراعي عليها 3/100. حجل: ذكره ديك 3/100 عظم خصيته 2/434 قوة سفاده 3/92 لقاحه بالريح 3/88 7/144، 145 لا يلقح إلا بعد ثلاث سنين 3/91 تقاسم الزوجين العناية بالفراخ 3/91 يعيش خمسا وعشرين سنة 3/91 أفحوصه في الأرض 7/41 علاقته بالتدارج والقبج والدجاج 3/100. حدأ: من الحيوان العاصي 4/402 الحدأ السود 3/221 ربما باضت ثلاث بيضات 3/91 تحضن عشرين يوما 3/91 عداوتها للغداف 2/280. حرباء: حيوان بري 4/329 من الأحناش 6/531 هو ذكر أم حبين 1/96 شبهه بالضب 6/328 وبالراهب 6/509 أعظم من العظاءة 6/510 لونه 6/507 خضوعه للشمس 6/507 انتصابه على الجذل 4/313؛ 5/483 لا يستطاب أكله 6/524 ربما تطاول ونفخ للإنسان 6/510. حرذون: شبهه بالضب 6/328 وصفه 6/346 له أيران 6/346؛ 7/70، 103 موطنه 6/346 حرقوص: من الحشرات 6/328، 329 يقال هو البرغوث 6/562، 563 تسميته بالنهيك 6/562 وصفه 6/562 نبات جناحيه 6/562 شدة عضه 6/562. حريش: لا يعرفه المعتزلة ولا أهل البادية 6/331، 332. حشرة: جلال شأنها 3/144 حشرات الأرض 5/153 أجناسها 6/328 سواد حشرات حرة بني سليم 4/296 الحيات من الحشرات 1/25 غشيانها النهار 2/310 عجز الإنسان عما تقدر عليه 1/30 يصيدها بعض طيور الليل 2/408. حصاني: صيده للذباب 3/160. حفاث: من الحشرات 6/328 من الحيات 4/331 ليس من الحيات وإن كان على صورتها 6/334، 496 يأكل الفأر وأشباه الفأر 4/331 له نفخ ووعيد كاذب 4/331؛ 6/496، 497 تقتله الحيات 6/496. حكأة: هي مسخ 1/196، 203.

حلكاء: تسميتها عظاءة 1/96 حيوان بري 4/329 شبهها بالضب 6/328 وصفها 6/505. حلم: ضرب من القراد 5/232 تعرضه لأذني الكلب 5/232. حمار: من ذوات الشعر 5/257 زعم من قال إن الخيل حمر 2/348 منه الأهلي والوحشي 4/283؛ 6/329 الحمر الوحشية 1/102؛ 7/109 قرابة الحمار للرمكة والحجر 1/92 قرابة الخيل من الحمير 1/94 شبه الحمار بالحمار 2/376؛ 5/116 غلظ لحمه وظمأ فصوصه وتمحص عصبه وتمكن أرساغه 1/128 عرض صهوته 1/182 ضيق إبطيه 2/271 ضيق جلده 5/182 وصفه بالصرد 4/376 صومه 6/525 تعشيره 3/209 بعد صوته 2/385، 386 وامتداده 2/406 فهم الإنسان صوته 1/28 فائدة روثه 7/55 نفعه في الوقير 5/244 هيجه عند معاينة الأنثى 5/168 تسافد حمر الوحش في البيوت 7/113 يحلم ويحتلم 2/364 معاينة احتلامه 2/364 لواطه 1/101، 127، 128؛ 3/92؛ 4/285؛ 5/170 كومه البرذون 3/101 اختفاء غرموله 1/204 ظهور حجم ذكره 3/76 غيرته 4/309 البغل المتولد بينه وبين الرمكة لا يبقى له نسل 3/83 إلفه 6/488 الحمر الوحشية أهدى من الأهلية 1/127 اتخاذه رئيسا 5/224 معرفته الصوت 7/54 إلقاؤه بنفسه على الأرض حينما يدمى 7/39 جهله 2/292، 304، 385؛ 4/279 استعماله القياس في الخوف من السوط 2/292 يعرض له داء الكلب 2/368 تمعيك حمار المكاري 2/346 الحمر الوحشية أطول أعمارا 1/92؛ 3/259 هراش الحمير 2/338 اتباع الأتن الحمار 1/18 أكل الأسد له 2/318 لا يعرض له إلا للمطعم 5/190 وصف افتراس الأسد للوحشي منه 6/516 انقضاض العقاب على الحمار الوحشي 5/271 عداوة الذئب له 2/281 والغراب 2/281؛ 3/219، 243؛ 7/60 وعصفور الشوك 2/281؛ 5/124؛ 7/60 تأذيه من الذباب 3/168 طعن الذباب له 4/413 ذكره في القرآن 4/278 من مراكب الأنبياء 7/122 لا يكون بأرض نهاوند 4/313 حمار إبليس 2/422 وعزير 1/197؛ 3/250؛ 4/301 وأبي سيارة 1/92؛ 2/386 ثمنه 3/104. حمام: ما يسمى بالحمام 3/75، 99 الحمام الذكر يسمى هدهدا نابحا 1/30؛ 3/259 القول بأنه شيطان 1/203 الوحشي 1/102؛ 3/75 الطوراني 2/345؛ 3/75؛ 7/41 الهدي 1/66؛ 3/106 الهديل 3/117 ساق حر 3/118 السود وهدايته 3/119 الأبيض وضعفه 2/294 النمر وهدايته 2/294؛ 3/119 الخضر وهدايته 1/70؛ 2/294؛ 3/119 الفقيع وسوء هدايته 3/119 حمام النساء 3/130، 139 والفراخ 3/130 الأهلي والبيوتي 3/75 الراعبي 1/91؛ 3/82 سرد أنواع مختلفة 3/75، 76 حمامة السفينة أو نوح 1/197؛ 3/97؛ 4/355؛ 7/27 حمام مكة وأمنه 3/95 زجله 3/134، 136 ما يختار للزجل 3/106 انتخابه 3/131 الغمر والمجرب 3/106 لا يقدر كل الهدي على الرجوع 3/131

شبهه بالناس 3/83، 103 جماله 5/84 لإناثه جمال 5/251 طوقه 2/421؛ 3/97، 99 فراخه 2/428 تشابه الذكر والأنثى 2/376 كثرة ما يعتريه من الأوضاح والشيات 3/119 الشيات والأوضاح ضعف 3/122 إذا بلغ لم يقبل السمن 2/341 فراخه أسمن شيء 2/341 عجز فراخه 2/396 لا يأكل إلا الحب والنبات 7/85 جمال حسوه 3/76 استخدام جناحه في الدفاع 5/122 إحكامه صنعة عشه 3/94 تدبيره لمواضع بيضه 3/94 هديله 2/407 3/163 تدرجه في الهديل 3/88 نوحه 3/116 تغريده 3/117 غناؤه 3/101، 185 أوقات صياحه 2/406 صوته لا يجوز بعيدا 2/406 حديث أفليمون عن نفعه 3/137، 138 نفع ذرقه 2/390؛ 3/123 نفع ذرق الأحمر 7/55 طيب لحم فراخه 4/281 اختلاف الأغراض التي يتخذ لها 3/76 اللعب به 1/196؛ 2/444؛ 3/9، 95، 125 كثرة ذبحه 3/96 الأمر بذبحه 3/94 زواجه 7/42 كثرة نسله 1/74 تسافده مع اختلاف أجناسه 3/83 حاله في السفاد 3/80 طلبه السفاد للنسل 3/77 نشاطه بعد السفاد 3/88 ليس له وقت معين للهيج 7/9 إصفاؤه إذا أكثر السفاد 3/85 ميوله التناسلية 3/84، 85 قوته التناسلية 3/81 ما يسافد الحمام 3/100 زواجه 4/309؛ 7/43 لا تظهر له عورة 3/76 لواطه 3/92؛ 4/285 انفراده بين الحيوان بالتقبيل 3/76 تقبيل الإناث للإناث 3/89 ضعف غيرته 3/123؛ 4/309 قلة بيضه 7/42 قد يبيض ثلاث بيضات 3/90 يبيض ثلاث بيضات فتفسد واحدة منهن 5/304 يبيض عشرة أشهر في السنة وقد يبيض في جميع السنة 3/86 تبيض الحمامة البيضة التي فيها الذكر أولا 3/90 يتم خلق بيضه قبل عشرة أيام 3/88 تقبيله بيضه 3/82 مدة الحضن 3/90 أكثر ساعات الحضن على الأنثى 3/83 حضنه بيض الدجاج 1/131؛ 2/435 يكون أحد فرخيه ذكرا والآخر أنثى 3/88 احتباس بيضه 3/88 فساد بيضه للرعد 3/77، 89 الحمام البري يبيض بيضتين في السنة 3/86 الحمام الأهلي يبيض عشر مرات 3/86 يبيض بيض الريح 3/87 بيض الإناث من الإناث شبيه ببيض الريح 3/89 بر الحمامة بالبيض والفراخ 3/90 بيض الضب يشبه بيضه 6/376 زقه فراخه 1/26؛ 2/424؛ 3/78، 79 منه ما لا يزق فراخه 2/335 منه ما يزق كل فرخ 2/335 الزق على الذكر 3/83 علامة الحمام الزاق 2/335 تدرجه في فطام ولده 3/82 معاونة الذكر للأنثى 3/77، 79 أنساب الحمام 3/103 تعليمه فراخه 3/78 معرفته 4/301 من عجائبه 2/335؛ 3/82 من مناقبه 3/76، 104، 105 تمييزه لأجناس الطير 3/93 بلهه 3/94؛ 7/20 خرقه 3/94 أنسه 3/110 استيحاش الأهلي بالغربة 3/135 هدايته وإلفه 1/127، 139؛ 2/345، 351، 388، 426، 438؛ 3/172 إلفه لمكانه 3/127؛ 5/169 شوقه 3/110 إلهامه 2/334 معرفته لقيمه 1/17 لا يتخذ رئيسا 5/226 لؤمه وقسوته 3/124، 125 حاجته إلى الشمس والماء 2/429

لا يسقط على الكعبة إلا مريضا 3/72، 96 شدة طيرانه مع الجماعة 3/107 أطير من الشاهين وجميع سباع الطير 3/106 جدفه 2/390؛ 3/111، 126 حاجته إلى التعليم 5/112 تعليمه وتدريبه 3/133 تعليمه الورود والتحصب 3/106، 135 نسيانه التأديب 3/135 غاياته 3/10 طريقة استكثاره 3/136 نصيحة شدفويه في تربية الحمام 3/107 اختيار الوقت الملائم لتمرين فراخه 3/64 أدواؤه وعلاجها 3/132 علاج الفزع 3/136 أثر نتف ريشه 3/134 وقص جناحه 3/112، 134 قمله 5/201 ارتفاع مواضع بيوته وأعشاشه 3/116 سكناه أجواف الركايا 3/116 بيوته 7/41 خوفه من البازي 2/282 والزرق 3/93 والشاهين 2/282؛ 3/93 والصقر 2/282 والعقاب 2/282 لا يستوحش من الكركي والطبرزين 3/93 معابثة السنور لفراخه 2/389، 431 يأكله السنور 2/332 أكل الحية لفراخه 4/334 الخفاش أقوى منه 3/258 يصطاده البازي 3/93 وسباع الطير 3/106 هو طائر ملقّى 3/106 ما يعتريه إذا رأى الأسد 3/107 ترفعه مع الشاهين مع شدة خوفه منه 3/106 حب الناس له 3/76 التيامن به 3/76 عناية الناس به 3/104 كراهة بعض الناس إدخاله بيته 1/248 حب الخصي له 1/79 ما يلحق الناس من ضرر في صيده 3/94 آلات صيده 3/106 مبلغ ثمنه 3/104، 141 رخص ثمن المجهول ومتى يرتفع ثمنه 3/106. حمر: ضرب من العصافير 5/120 سفاده بالريح 7/144 صياحه مع الصبح 2/407. حمل: حديث الحمل المصلي 4/382 لعب الصبيان بالحملان 5/243 تقديم مقطوع الألية على المائدة لإيهام أنه جدي 5/256. حمنان: ضرب من القراد 5/232 تعرضه لأذني الكلب 5/234. حنش: أحناش الأرض 5/153؛ 6/531 حبه للشيح والحرمل 3/219 بغض الإنسان له 4/279. حوت: ذكره في القرآن 3/17 الحوت الذي يحمل الأرض 7/66 شدة حبه للماء 3/129 أكله نيئا 7/148. حن: ضعفة الجن 1/1922/321؛ 7/108. حوش: ضرب من الإبل 3/75 الإبل الوحشية 1/102. حيقطان: هو الدراج الذكر 7/33. حية: تسميتها داهية الغبر 4/330 تكنيتها بأم طبق 4/235 تسمية الحية الداهية شيطانا 1/101، 198 من الحشرات 1/25؛ 6/328 والأحناش 5/153 وذوات الأنياب 3/144 والمسخ 1/193؛ 4/295، 335؛ 6/357 والذي ينساح 4/494 والحيوان العاصي 4/402 فيها شياطين 4/335 هي مائية برية 4/318 مائية الأصل 4/322 وحشية لا تأنس 4/308

اختلاف أنواعها 3/75، 76؛ 4/324، 336، 363 اختلاف أنواعها في المشي 5/119 الحيات المائية 4/322، 375، 376 الجبلية 4/390 البيض 4/309، 357 التي في أعناقها تخصير ولصدورها أغباب 4/334 ذوات الطفيتين 4/409؛ 6/432 والرأسين 4/335 والأجنحة 7/26 والقرون 4/322، 375، 376 والشعر 4/336 الجرد والزعر 4/336 القواتل منها 4/319 ما لا يؤذي 4/336 حية إبليس 2/422؛ 4/355 حية طبقون 4/370 حية موسى 4/336 هي من خلق الشيطان 4/407 تولدها في جوف الإنسان 3/172 حقارتها 1/236 ذكورها سيارة 4/405 ما يشبهها من السمك 4/322 شبه رأس العصفور برأسها 2/425؛ 5/114 وأمعاء الكلب بأمعائها 2/364 عظم خلقها 7/64 جسمها 4/341 ضعف رأسها 4/333؛ 5/153؛ 7/145 لها خطم 4/333 سعة شدقها 2/332، 364 أسنانها أكل من أسنان الفأر 4/332 أسنانها ممطولة 2/364؛ 4/286 سبب نفاذ بابها 4/333 لطف لسانها 4/382 سواده 4/338؛ 5/193 لسانها مشقوق 4/338، 357؛ 6/355 لبعض الحيات لسانان 4/338 حلقها دقيق 4/334 علة ظنها عمياء 4/368 عودة عينها بعد قلعها 4/329 لها حزوز في بطنها 4/394 كثرة عدد أضلاعها 4/318 ضلوعها وبيضها بعدد أيام الشهر 7/42 عريها 4/357 جمال جلدها 4/382 سلخها 4/311، 345، 349 ابتداؤه من ناحية عيونها 4/368 هو في يوم وليلة 4/369 أول الربيع والخريف 4/368 ضعفها أيام السلخ 4/391 قوتها بعد السلخ 4/391 تخلق قشرها في كل عام مرتين 4/336، 391 حمتها 2/375 نتن ريحها 1/148؛ 3/248؛ 4/352؛ 5/248 علة ذلك 5/140 نهمها وشراهتها 2/283؛ 4/334، 368 ما تعجب به وما تكرهه 4/314 تأكل العصافير 2/425 والجرذ 5/140، 141، 172 والفأر 5/140 172، 189، 281 والضفدع 5/281 والعضرفوط 6/481 والخفافيش 5/189 والفراخ 3/243 وفراخ الحمام 4/334 والبيض 3/242؛ 4/368 وبيض المكاء 7/13 واللحم والعشب 4/368 هضمها للعظم 4/413 تبلع بدون مضغ 4/317، 334 إنما تعض للأكل والابتلاع 4/331 صبرها على فقد الطعم 4/318، 330 إكراهها على الطعم 6/331 إعجابها باللبن 4/314، 385، 386 ارتضاعها البقرة المحفلة 4/314 تشرع في المرق 4/386 سكرها 2/371 بغضها للسذاب 3/219؛ 4/371؛ 5/196 أثر السذاب فيها 4/368 لا تأكل الميتة 5/188 علة إتيانها الماء 5/281 اكتفاؤها بالنسيم 4/318، 322؛ 6/345، 381 تسكن طيلة الشتاء لا تطعم شيئا 4/330 ما يكمن شتاء ولا يتناول طعاما 5/196 اكتسابها بالليل وصردها 4/376 قوتها 2/283؛ 4/315، 316، 317؛ 7/23 سمها 4/321؛ 6/529 قد تكون عظيمة جدا ولا سم لها 4/331 قد تجمع السم والجرح والعض والحطم 4/331 لا يقتل سمها حتى تأتي عليه سنتان 4/390

التداوي بسمها 4/382 موت السنور بأكلها 5/168 موت من يض ربها بعصا 2/324 نباحها 4/392 نطقها 4/359 زعم الأطباء في لحمها 4/276 أكل الحوائين لها 4/408؛ 6/564 التهاجي بأكلها 4/389 سفادها 4/343 كثرة بيضها 4/341 اختلاف لونه واستطالته 7/43 نظام بيضها 4/341 تضع ثلاثين بيضة 7/42 تقيم إناثها إلى انتهاء التفريخ 4/405 كلبها 4/368 سباحتها 2/347؛ 5/65 كلها تعوم إلا الأفاعي 5/188 قلة اكتراثها بحرارة الرمل 4/347 آثارها في الرمال 4/344 تشرقها في الشمس 4/376؛ 6/345 لا تصاعد في الحائط 5/189 صعودها في الدرج 5/189 سعيها خلف الرجل الشديد الحضر 4/317 ظلمها واغتصابها بيوت الأحناش والطير والضب 4/332، 333، 341؛ 6/529 سبب ظلمها لغيرها 4/332 طول عمرها 1/124؛ 3/259؛ 4/318، 335؛ 6/345؛ 7/111 لا تموت حتف أنفها 1/119؛ 4/318، 335 أسباب هلاكها 6/344 سرعة موتها عند الحوائين 6/345 نبات ذنبها بعد قطعه 4/318 يقطع ثلثها فينبت ذلك المقطوع 2/350؛ 6/344 أثر الأصوات فيها 4/354 عقابها 4/339، 356؛ 6/355 ضرر قتل الجان من الحيات 6/341 جحرها 7/41 سكناها بقرب الضب 6/351 تسكن بطن الأرض 4/330 خضوع بعض الحيات لبعض 5/225 تقاتل الحيات المشتركة الطعم 4/371 ما يأكلها من الحيوان 1/25؛ 4/339؛ 6/513 يأكلها الإنسان 3/125؛ 4/282، 408 والسنانير 2/332؛ 6/513 والذئب 4/397 والورل 4/332؛ 6/345، 528، 564 والوعل 2/281؛ 3/241؛ 6/345 والعقاب 1/25؛ 2/280، 281؛ 5/153؛ 6/513 والنسور 6/514 والقنافذ 2/281؛ 6/345، 478، 513 والخنازير 2/281؛ 6/513 والأروى 3/242 والشاهمرك 6/514 والذر إذا جرحت 5/221؛ 6/344؛ 7/40 تعلق رؤوسها في بدن الأيل 7/17 ظمأ الأوعال بعد أكلها 7/16 مهارشة الورل لها 7/150 صراعها مع الضب 6/377 صداقة العنكبوت لها 5/222 والثعلب 2/282 والوزغ 3/241؛ 4/405 والعصفور 5/130 مطاعمتها للوزغ 4/403، 405؛ 5/191 عداوتها للإنسان 4/308 والخترير 2/281؛ 4/339 وابن عرس 2/281؛ 4/371 صيدها للعصافير 4/313؛ 5/189؛ 6/478 والزرازير 5/189 والجراد 4/313، 376؛ 5/196 والجعل 4/313 والخفافيش 5/189 اجتلاب العصافير لها 5/132 والفأر والجرذ 5/173 قتلها الحفاث 6/496 تترك ابن عرس وتتبع الجرذ 5/281 تترك القنفذ وتتبع الوبرة 5/281 تفر من الورل وتشد على الوحرة 5/281 تقتلها أقاطيع الشاء 4/394 ما يصنعه الأيل إذا لدغته الحية 4/370 تعالج القنفذ وابن عرس بأكل الصعتر بعد مناهشتها 7/19 علة فزع الناس منها 4/336 رقاها 4/344، 349 تمويه الحواء والراقي 4/352 معرفة الراقي بالأفعى والحية 4/349، 350 أثر الوطء على عظمها 4/321

حكم قتلها 1/202؛ 2/405. حيوان: تقسيمه من حيث المشي 1/24؛ 4/392 أقسام ما يمشي 1/24 كيفية مشيه 3/113 الهوائي والمائي والأرضي 6/531 رأي الفرس في تقسيمه 1/100 تقسيمه إلى فصيح وأعجم 1/27 اختلافه في الحسن والقبح 3/187 ما يسبح وما لا يسبح 2/347 ما ينبح 4/392 ما تخلق بين الحيوان والنبات 1/124 الخلق المركب 1/98، 114، 119 المشترك الطباع 5/405 ما يعايش الناس 1/91، 128؛ 2/337 ما له مسكن 4/405 ما يغتصب بيت غيره 4/332 ما له بدن شديد 7/23 ما هو وحشي صرف أو أهلي صرف 6/329، 330 ما يقيم مع الناس 3/154؛ 5/114 بعض ما يألفه الناس 2/351 ما له رئيس 5/223، 225 رؤساء الحيوان 7/71 ما يوصف بالكبر 6/351، 352 ما يعظم ولا يسمن 5/280 ما له ضروب من السلاح 6/516 ذوات الأنياب والمخالب والإبر 3/144 والشعر 3/144؛ 5/257 والسموم 3/144 والخراطيم 3/105 والوبر 5/257 ما يلقي أسنانه 4/286 (الحافر) وسومه 1/50 غلطه في الدفلى 7/25 من أطول الحيوان مدة حمل 7/66 سلخه 4/368 إلقاؤه أسنانه 4/286 (الخف) وسومه 1/50 من أطول الحيوان مدة حمل 7/66 إلقاؤه أسنانه 4/286 (سباع الحيوان) أشرافها وسادتها 7/71 سباع الطير وذوات الأربع موصوفة بالبخر 2/333 قوة شمها 2/338 مخالبها 4/399 عمى أجرائها 2/403 سكرها 2/372 ذكورتها أجرأ 2/372 سود سباع حرة بني سليم 4/296 نشاطها في الليل 1/188؛ 4/376 تعفيرها أولادها 2/356 إشلاؤها على البهائم 4/471 كراهة الأكل بين أيديها 2/321 (الظلف) وسومه 1/50 سكره 2/371 إذا اختلف لم يكن بينه تلاقح 3/83 ما تضيء عيونه في الليل 4/317، 371؛ 5/176 ما يسوء بصره في الليل 3/259 ذوات العيون الذهبية 4/371 ما ينسب إلى خلق الشيطان 4/407 ما أضيف إلى خبث الرائحة 1/175 حيوان الهند 7/9 ما يضاف إلى اليهود 6/573 مراكب الأنبياء 7/122 المطيع والعاصي 4/402 حشره في اليوم الآخر 7/25، 26 ما يباح قتله 1/202 الفواسق وقتلها 1/202 ما يلغ في الدماء وما لا يلغ 3/152 الجلالات 1/152، 154 ما يطلب العذرة 3/241، 256 مخبئات الدراهم والحلي 6/575 الحكل 4/271 ما يقطعه الجبن 6/514، 515 اللجوج 3/162 العجيب 6/331 علامة الفاضل تميز ذكورته من إناثه 5/115 ما يتولد في جمار النخلة 3/176 قول في المسخ 4/295؛ 6/357 قوة بدن الممسوح 4/316 شبه بعض الحيوان البري بنظيره البحري 4/329 المتقاربات من الحيوان 4/493 أطيبه أفواها 2/333 أقواه 2/336 أكثره نسلا 4/342 أشده احتمالا للطعن والبتر 6/576 أخبثه 6/521 إناثه أصيد من ذكوره 1/76 الخصي أضعف من الفحل 7/83 ادعاء عدم الفرق بين أنواع من الحيوان 3/177 الذم ببعض الحيوان 1/138

المشقوقة الأفواه 2/368 خبث أفواه السباع وذوات الجرة 5/181 الأعمى 4/461 علة وجود الأشفار في الأجفان العالية 1/204 ما له لحية 5/116 أنواع القرون 7/146، 147 قوة رأس ما له قرن 7/146، 147 ركب ذوات الأربع 2/439؛ 3/129 يدا ذي الأربع أكبر من رجليه 5/122 كل ذي بيض لا حجم لأذنيه 4/452 وسم الحيوان 1/106 نقص بعض أجزائه أو نقضها أو إيلامها 1/82 السود أخبث الحيوان 1/173 الشيات فيه نقص وضعف 1/70؛ 3/122، 123 جمال الذكورة 5/251 طعام بعضه 4/405 ما يأكل اللحم والعشب 4/368 ما يأكل اللحم والحب 7/84، 85 ما يقتات بالذباب 3/160 حالة الطعم الذي يصير في جوفه 3/78 قيئه 3/79 جرة ذوات الكروش 3/79 امتناع الجرة عند الحافر 3/79 تفوق شهية إناثه على ذكوره 1/76 اختلاف ما يحبه من الماء 5/79 بغض الحافر للماء الصافي 5/79 ما لا يرد الماء 5/257؛ 6/463 سقي الحيوان بالصفير 4/353 أثر الأصوات فيه 4/353 ما يشرع في اللبن 4/386 ما يدخر من الحيوان 5/196، 222 من المحكمات شأن المعيشة 5/221 الكاسب من الأولاد 5/222 مرق لحمه 4/286 طيب لحم المنخنقة والموقوذة والمتردية 4/308 أكل الحيوان المعمر يزيد في العمر 6/391 عض السباع ولدغ الهوام يختلفان باختلاف البلدان 4/370 قول أرسطو في خبث ذوات السموم إذا أكل بعضها بعضا 5/188، 189 ربما ظهرت الحكمة في دقيق الحيوان 5/82، 83 تخلق بعضه من غير ذكر وأنثى 3/175 إنكار تخلقه من غير الحيوان 5/187 أعضائه التناسلية 7/70 ما له أيران أو حران 6/346 ما لذكره حجم ظاهر 2/284، 347؛ 3/76 الذكور أظهر هيجا من الإناث 5/168 ما يعرض له زمن الهيج 4/286 هيج السباع في وقت معلوم 7/9 ما يتلاقح في الدفء 2/365 تسافد الأجناس المختلفة 7/144 امتناع التلاقح بين الأجناس المتقاربة 1/103 المزاوج 1/74 الزواج خاص بذوات الرجلين 4/295 ما يطاول في الفساد 2/365 أثر السمن في الحمل 5/115 عجيبة خروج الولد مع ضيق الحياء 7/75 ما جاء في خصاء الدواب 1/117 أثر الخصاء فيه 1/72؛ 7/132 ضعف الخصي ما عدا الجرذ 5/171 تناسل الخلق المركب 1/95 والمسخ 4/295 ولد البكر وفرخه 2/366 أولاد ذوات الأربع 2/428، 441 تخالف طباعه 2/311 معنى حيوان مستأنس 6/330 هدايته 1/30 ما يوصف بسوء الهداية 6/385 إلهامه 2/329 حمق الأجناس المائية 7/23 لجوء الضعاف إلى الخبث 6/514 وإلى التوبير 6/500 متى يشتد سوء خلقه 2/366 أثر البيئة فيه 4/295؛ 5/198 ما يعتري الوحشي إذا صار إلى الناس في دورهم 6/330 تبدل حاله إذا أخرج من موطنه 7/61 دواعي الرياسة في الحيوان 5/225 احتياله لما فوقه وما دونه 7/33 ما يعتريه عند الفزع 2/313 اختلافه في درجات السكر 7/25 صره آذانه إذا غنى المكاري

(الخاء)

4/353 قدرته على رفع اللبن وإرساله 7/25 لابد له من دم 3/174؛ 4/474؛ 6/381 مشى طوائف منه 4/474 ما يحسن السباحة 5/65؛ 7/71 ما يغرق منه 7/71 تحريكه بعض أعضائه دون بعض 6/567 تحامله بالرجل الصحيحة إذا كسرت الأخرى 5/121 المقطوع اليدين يعمل برجليه 5/121 قد يقوم على رجليه دون يديه 5/121 كل سبع شديد البدن فهو ضعيف الرجلين 5/121 قلة عدد السلاح وكثرته 6/529 ما يقبل الأدب 4/283؛ 6/480 أمراض بعضه 2/367 صرعه 2/368 أثر سم المرضع في الرضيع 5/197 وأثر خمارها فيه 5/197 يصيبه السلخ جميعا 4/369 أطول الحيوان عمرا وأقصره 1/91؛ 5/115 أطوله ذماء وأقصره 5/138 كل ما يعايش الناس فالناس أطول عمرا منه 7/111 تفاهم البهائم وضروب السباع 1/35 علاقة الظلف بالحافر 5/261 تسلسل أكل الحيوان بعضه لبعض 6/478، 528 تأويل طلسم الحيوان 5/212 زعم النساء أن من عضه الخفاش لا ينجيه إلا نهيق حمار وحشي 3/259 معرفة العرب والأعراب به 3/130؛ 6/332. (الخاء) خرب: هو ذكر الحبارى 5/239. خرق: ضرب من العصافير 5/120. خرنق: هو ولد الأرنب 5/153؛ 6/499. خزز: هو ذكر الأرنب 6/499 من ذوات الوبر 5/257. خشاش: خشاش الطير 7/37 عجز الإنسان عما يقدر عليه 1/30. خطاف: من القواطع 2/345، 388؛ 5/112 علة ضعف رجليه 5/122 رجوع عينه بعد قلعها 4/315، 329 اختياره لو كره مكانا حصينا 2/389؛ 3/86؛ 7/41 يبيض مرتين في السنة 3/86، 90 كثرة صياحه 2/406 يصيح مع الصبح 2/407 حذره 2/398 إلفه للناس 1/128؛ 2/345، 346، 426؛ 5/112 يقيم مع الإنسان ولا يرحل معه 3/158 طلب الحيات له 5/189. خفاش: من الطير 1/27؛ 3/125، 258؛ 6/334، 483 من طيور الليل 2/408؛ 5/402 مرطه وجودة طيرانه 1/127؛ 3/112، 256 ظهور حجم أذنه 3/275؛ 4/452؛ 6/483؛ 7/74 صحة بصره على طول العمر 3/259 فمه وأسنانه 3/258 قبضه على ولده بفيه 3/258 حمله أولاده تحت جناحه 3/258 ليس له منقار 3/258 يضخم على طول العمر 3/259 وقت خروجه للطعم 3/257 يقتات بالذباب 3/260 والبعوض والفراش 3/256 ولوعه بالرمان 3/261 نفوره من ورق الدلب 7/13 صبره على فقد الطعم 3/259 أقوى من الحمام والشاهمرك 3/258 يحبل ويلد ويحيض ويرضع 3/257؛ 6/483؛ 7/41 ربما

أتأم 3/258 متى يبيض 5/284 إرضاعه ولده في حال الطيران 3/258 تعليمه فراخه 7/14 طول عمره 3/259 ظهور المسن في ضوء القمر 3/259 من أعاجيبه 3/258 لا يطير في ضوء ولا ظلمة 3/257 إلفه للناس 5/112 ما يأكله من الطير 3/261 طلب الحيات له 5/189 زعم النساء فيه 3/259. خلاسي: الخلاسي من الدجاج 1/69، 103 ومن الكلاب وهو بين السلوقي وكلب الراعي 1/104 ومن الناس 1/104. خلد: ضرب من الفأر 5/141، 162 عماه وصممه 2/310، 311؛ 4/461؛ 5/141؛ 6/535 ما يشبهه من الحيوان 6/329 حصوله على رزقه 2/311 يقتات بالذباب ويستدخله 3/160؛ 6/535 التداوي بالتراب الذي حول جحره 6/535 له مسكن 4/405 لا يكون في بعض الأراضي ولا يعيش 4/313. خلقطير: اسم لبعض السباع المشتركة الخلق 6/332. خترير: من ذوات الخراطيم 3/152؛ 4/312 لا يكون منه بحري 4/313 ذكره في القرآن 4/280 علة النص في القرآن على تحريمه دون القرد 4/280 زعم بعض المفسرين في خلقه 5/187 حقارته 1/236 هو مسخ 1/203؛ 4/291 مسخ الإنسان على صورته 4/296، 309 قبح منظره 4/280، 285؛ 7/22 أقبح من القرد 4/285 شنعته 4/312 انقسامه إلى أهلي ووحشي 4/283؛ 6/329 شبهه بالفيل 1/97؛ 7/104 شبه الكلب به 2/363 طول خطمه 2/363 شدة فكه ومماضغه 2/363 قوة نابه 4/284 طلبه العروق المدفونة في الأرض 4/284 لا يلقي أسنانه 4/286 زعم أرسطو أن لبعض الخنازير ظلفا واحدا 4/286، 313 ليس له جلد 4/298 سرعة سمنه 2/283 قلة المخ في عظمه 4/419 التحام عظمه بعظم الإنسان 4/307 يأكل الحيات 1/15؛ 2/281؛ 4/399؛ 6/345، 503 علة أكل الحيات 4/399 ولوعه بأكل العذرة 1/153؛ 3/241، 256؛ 4/280، 284، 310 أجود العلف له زمان الهيج 4/287 قوته وشدة احتماله 4/307 ربما قتل الأسد 4/307 سلاحه نابه 6/514 قبح صوته 1/190؛ 4/280 شبه صوته بصوت الصبي 4/307؛ 5/156 لا يجمد مرق لحمه 4/286، 307 طيب لحمه 1/153؛ 4/280، 307، 308 القول في تحريمه 4/297، 309، 310 حب المجوس للحمه 4/291 كان نصارى العرب يأكلونه 4/280 ارتضاع الجدي لبنه 5/164 مساويه 4/280 شدة ضرره 4/284 هو أنسل الخلق 4/307؛ 5/191، 243 قوته في السفاد 4/307 مطاولته في السفاد 3/169، 190؛ 4/307؛ 5/121؛ 6/564؛ 7/147 يركب الختريرة عامة نهاره 3/190 يترو إذا تم له ثمانية أشهر 4/287 أو أربعة أشهر في بعض البلدان 4/287 طلبه الأنثى إذا تم لها ستة أشهر 4/287 لقاحه في

حال الدفء والخصب 2/365 علامة هيجه 4/287 امتلاء الإناث ريحا زمان الهيج 4/287 لا يحهل على الناس زمن الهيج 4/287 قتال الذكر في زمن الهيج 4/286 مدافعة الذكر للذكر 4/286 وثب الذكورة على الذكورة 3/92؛ 4/285 يعرض له الحلاق 5/170 مدة حمل الأنثى 4/287 حملها من نزوة واحدة 4/293 أجود أوقات الترو 4/287 تضع عشرين خنوصا 4/287، 307؛ 5/243 غلظ لبنها 2/367 ضعفها عن إرضاع أجرائها 4/287 ضعف أولاد البكر 4/288 طباعه 4/286، 307 بكوره 2/406؛ 4/284 حملته 2/438 صبره 3/244 عدوه 4/307 روغانه 4/285، 307 غدره 4/284 معرفته 4/300 دلكه جلده بالشجر 4/286 سبب شدته 4/333 لا يقبل الأدب على حال 4/283 عمره 4/287 إسراع سموم الحيات فيه 4/333 هلاكه إذا نزعت له عين واحدة 4/287، 315 حياته مع الجراح 2/345 طول ذمائه 6/344 الفيل أبوه 7/122 عداوة الحية له 2/281؛ 4/339 طلب الأسد له 2/317 الاستعانة عليه بالأسد 4/284. خترير الماء: ليس من السمك 1/27 قول فيه 7/76. خنفساء: من الحشرات 6/328 قرابة ما بينها وبين الجعل 3/166 موازنة بينها وبين القرنبى 1/209 حبها للعذرة 3/241 موتها بالورد وحياتها بالروث 3/166 فحشها 3/243 فساؤها 3/243؛ 6/569 قتلها الجمل إذا صارت إلى جوفه 3/247 ليس لها صوت 4/272 سفاد ذكورتها للجعلان 3/241 صبرها 3/244 لجاجها 3/162، 164، 243 طول ذمائها 3/244، 247؛ 6/344 احتمالها للطعن الجائف 6/576 حياتها مع الجراح 2/350 أكل السنانير لها 2/333 صداقتها للعقرب 3/241؛ 4/365؛ 5/191، 192، 222؛ 6/347 عقيدة المفاليس فيها 3/162. خيل: من ذوات الشعر 5/257 قرابتها من الحمير 1/94 زعم من قال إن الخيل حمر 2/348 قرابتها للبراذين 7/107 تأويل الحصون بها 1/230 القول بأنها من حيوان الجنة 3/187 سوابق الخيل 3/123 عتاق الخيل والبراذين 3/100 نفعها وشرفها 7/71 ذكرها في القرآن 4/278 من علامات كرمها 3/131 الشهرية الخراسانية 1/92 شبه جيادها بجياد الكلاب 2/443 لين شعرها علامة صالحة 2/279 ربما حرنت العتاق 7/111 تغذيتها بهسيس السمك 7/84 نفع القت لها 3/21 لا تغلط إلا في الدفلى 5/167 الحجر آكل من الفحل 5/259 سكر الخيل 2/371 شدة تشمم الفحل للأنثى 2/326 ذهوله عن أنثاه إذا عاين الجيش 2/289 امتلاء الأنثى ريحا زمان الهيج 4/287 سوء خلقها عند الهيج 4/286 متى ينجب الخارجي 2/294 ما يعرض لغراميلها 1/80 خصاؤها 1/88 أقوال في منع خصائها وإباحته 1/105 إلفها 2/426 سواسها 3/164 قبول عتاقها للأدب 4/283 سرعتها 7/78 يستعملها الملوك

(الدال)

في السباق 5/244 كراهيتهم حمل الصبيان عليها يوم الحلبة 6/409 وقع أقدامها يستخرج الضب 6/382 الكبر في أهل الخيل 5/268. (الدال) دابة: الدابة التي تحمل الغرقى 7/23. ابن دأية: هو الغراب 3/196، 209. دب: من ذوات الوبر 5/259 من الحيوان العجيب 6/331 عجمي 6/450 شبه الكلب به 2/364 كفه في يده 3/114 استعماله الأغصان في الضرب 7/124 تلاقحه مع الكلاب 2/364 إطعام الدبة ولدها 7/124 حرصها عليه 4/370 لماذا تخاف على ولدها الذر والنمل 7/21 رفعها إياه في الهواء أياما 7/21 ذو أعاجيب 1/138 قبوله للتعليم 6/480 حكايته وتقليده 2/346؛ 7/63، 130. دبا: تكوينه من أفراده جسرا للعبور 5/298. دبر: من ذوات الشعر 3/144 من الذبان 3/146، 186؛ 6/363 من المغنيات 3/185 حمته 3/114 شدة ضرره 3/167 صنعته 6/553. دبسي: هو حمام 3/103 جمال صوته 1/127، 190 هديله 3/117 يأكله السنور 5/182. دجاج: قد يسمى طيرا 1/26 ليس من بهائم الطير الخالصة 2/424 من المشترك الطباع 4/405 صغر قدره 2/427 تميز ذكورته من إناثه 5/115 جمال إناثه 5/251 اختلاف أنواعه 3/75، 86 الخلاسي 2/381 الزنجي 3/75 السندي 3/75؛ 7/104 الكسكري 2/381؛ 3/141؛ 4/267 الهندي 2/381 دجاج أبي ريانوس 3/86 شبه الرخم والنسور به 2/426 علاقته بالتدارج والحجل والقبج 3/100 كبر رأس الفرخ 3/89 أكله العذرة والديدان 1/139، 154؛ 4/310 يأكل اللحم ويلغ في الدم 2/375 أكله اللحم 7/85 والعذرة 3/256 والديدان 7/85 وكل ما دب ودرج 7/42 قبح حسوه 3/76 سلاحه ونجوه 2/413؛ 3/123 بيضه وأنواعه 2/434؛ 3/86 بيض الريح 2/262، 378؛ 3/86، 87 البيض ذو المحتين 2/435؛ 3/89 البيض العجيب 3/89 العظيم الجثة يبيض أكثر من الصغيرها 3/86 إذا هرمت الدجاجة لم يكن لبيضها مح 2/435 إذا باضت بيضتين كان ذلك من أسباب حتفها 2/434 تبيض في الأرض 7/41 كثرة بيضها 7/42 تبيض عشرة أشهر 3/86 يتم خلق بيضها في عشرة أيام 3/88 يتم خلق الفرخ لعشرة أيام 3/89 خروج فرخين من بيضة واحدة 3/90 تخلق الفرخ من البياض 3/89 يستبين خلقه بعد ثلاثة أيام 3/89 خروجه كاسيا كاسبا 3/92؛ 4/461؛ 6/376 خبث حاله بعد خروجه 2/397 حضنه البيض في الصيف خمسة عشرة ليلة 3/87 حضنه بيض الطاوس 1/131؛ 2/434

عدد ما يوضع تحته من بيض الطاوس 2/434 حضن الحمام بيضه 1/131 أثر كثرتها في عدد بيضها وفراخها 2/427، 428 لا تزاوج 7/43 أكثر الخلق ذرعا 4/342 طيب لحمها 1/153؛ 2/381؛ 4/282؛ 5/14؛ 7/117 وبيضها 5/299 لحمها أكثر اللحوم تصرفا 2/381 علة ذبحها أول الليل 1/150 طرد ديكة مرو للدجاج 2/330 إلفها 2/426 تحننها 2/438 تخاذلها عند رؤية العدو 6/515 نومها 3/192 خوفها من ابن آوى ورميها بنفسها إليه 2/282؛ 6/515 قملها 5/201 النهي عن اتخاذها في الدور 1/195 كراهة بعض الناس إدخالها بيته 1/248 حمل الفراخ بأجنحتها والفراريج بأرجلها 1/203 التفاؤل بها 2/439 اتخاذ الرعاة للدجاج في مصر 2/373 سرعة الموت إليها 2/428. دخال الأذن: حياته بعد قطعه نصفين 6/344 أكل السنانير له 2/332. دخس: ليس من السمك 1/27 نسبته إلى الماء 7/76 لا يعرفه المعتزلة ولا أهل البادية 6/331، 332. دده: اسم قملة النسر 5/210، 213. دراج: تميز ذكورته من إناثه 5/115 جمال إناثه 5/251 يعظم ولا يسمن 5/280؛ 6/501 قبح حسوه 3/76 طيب لحمه 1/153؛ 2/381؛ 7/117 علة ذبحه من أول الليل 1/150 يبيض بين العشب 3/86 وعلى التراب 3/92 لا يتسافد في البيوت 7/112 سفاد الذكورة للذكورة 3/92 غيرته 2/381 فراخه 2/441 إلف الفروج له 2/431 مهارة الكلب في تتبعه 2/315. درة: موازنة بينها وبين الطاوس والحمامة 1/137، 138 جمالها 5/84. دساس: من الحشرات 6/328 ليس من الحيات وإن كان على صورتها 6/334 ممسوح الأذن 6/334؛ 7/74 يلد ولا يبيض 4/368؛ 6/334؛ 7/41، 74 ولا يرضع 7/41. دعموص: يغبر حينا بلا أجنحة 3/244 استحالته إلى فراش وبعوض 3/244؛ 4/369؛ 5/200؛ 6/562؛ 7/26. دغفل: هو ولد الفيل 7/51. دلدل: من كبار القنافذ 6/513. دلفين: من كبار الحيوان 5/288؛ 7/82 ليس من السمك 1/27؛ 7/82 يلد ولا يبيض 7/74 دلم: من الحشرات 6/329. دوال باي: 1/124؛ 7/108 بلفظ ذوال باي. دود: من الحيوان الذي ينساح 4/498 والثلج 3/188 والجبن 4/283 والخل 2/310؛ 3/188 والسموم 2/310 والعذرة 1/152؛ 3/175 والقز 7/18 الدودة الحمراء ولجاجها

3/162 تولده من الجيف 3/175 ذباب الباقلاء يكون في أول أمره دودا 3/169 يأكله الدجاج 7/85 والفروج 2/425 والناس 3/155؛ 4/283 تداوي الكلاب بسنبل القمح إذا كان في أجوافها دود 4/371. ديسم: ولد الذئب من الكلبة 1/120. ديك: ما يسمى ديكا 3/100 تسميته باللافظة 2/329، 332 هو من بهائم الطير 1/127 أفضل من الطاوس 2/378 حوار في الكلب والديك 1/125 مباينة صورته للدجاجة 2/376 طريقة معرفة الديك من الدجاجة في الصغر 2/387 صفاء عينه 2/436 صيصيته 2/319، 374؛ 5/328؛ 6/513 له لحية ظاهرة 2/376؛ 5/116 حسن قده 2/378 جمال انتصابه 2/376 جماله 2/380 خصيتاه 2/377 عظم خصيتيه 2/434 عجزه عن الطيران 1/127 زعم العوام في الديك الأبيض الأفرق 2/360 لقطه الحب 3/160 حبه التراب 2/390 سلاحه 1/25 صياحه 2/382، 383، 405، 406، 407 تجاوب الديكة 2/384 قبح صوته 2/422 ملاحة صوته 2/378 اللعب به 2/444 فائدة أكله 2/447 جودة لحم الخصي 2/381 خبث لحمه 5/183 علة ذبحه من أول الليل 1/150 من متممات القرية 2/353، 378 لا يزاوج 7/43 لا يقصد في سفاده النسل 3/77 ما يعرض له بعد الخصاء 1/78، 87 قوته في الإلقاح 2/262، 377 قوة سفاده 3/92 ليس له وقت معين للهيج 7/9 سفاد الذكورة للذكورة 3/92 بيضته 1/204؛ 2/433 سرعة وثبته 2/374 هراش الديكة 1/79؛ 2/338؛ 5/135 حمقه وعقوقه 1/128 بلهه وغباوته 1/138؛ 2/386 سوء هدايته 6/385 لا يألف ولا يحن 1/128؛ 2/388 إلفه 2/351؛ 3/111 ضعف ذاكرته 1/129 جوده وإيثاره 1/139؛ 2/329، 331، 348؛ 5/185؛ 6/419 نزع ديكة مرو الحب من أفواه الدجاج 2/330 لا يوصف بصبر ولا جزع 1/191 ولا يصيد 2/414 قلة وفائه 2/442 الديك الهرم لا يفرق الحب 2/332 شجاعته وصبره في القتال 2/373 جولانه 2/417 تسديده 2/374 كيسه 2/387 معرفته بساعات الليل 2/377، 405؛ 6/479 توازن خلاله 2/380 خضوع بعض الديكة لبعض 5/225 نتن ذرقه 2/390؛ 3/123 جنايات بعض الديكة 1/249 مقاتلته للكلاب 1/249 خداع الغراب له 2/420، 421؛ 3/194؛ 4/300، 355 حراسته الإنسان من الشيطان 1/250؛ 2/387 سفر الصحابة بالديكة 2/387 الأمر بقتله 1/196 أمر عمر بذبح الديكة 3/95 كراهة بعض الناس إدخاله بيته 1/248 ثمنه 3/104. الديك الخلاسي: 3/75. الديك النبطي: من أجناس الدجاج 3/75 شبهه بالطاوس 2/379.

(الذال)

الديك الهندي: من أجناس الدجاج 3/75 لقاحه 2/377. (الذال) ذباب: من ذوات الخراطيم 3/151 من خلق النار 3/168 ليس من الطير 1/26 عظم قدره 3/144، 145 حقارته 3/191؛ 4/278، 279 استقذاره 3/159، 170، 180؛ 5/210 ضربه مثلا لضعف الناس 3/181 ما يعده العرب من أجناس الذبان 3/146، 150، 155، 186 ذبان الأسد 5/220؛ 7/39 والحمير 7/39 والعساكر 3/165 والكلأ 3/151، 165، 167؛ 5/220 والكلاب 3/151؛ 5/220؛ 7/39 النعر 3/167 القمع 3/167 الدبر والنحل 6/363 له يعاسيب وجحلان 3/157 ليس له أمير 3/157 ما يسمونه أمير الذبان 3/163 شبه الذباب بالذباب 1/82؛ 3/190 خرطومه 7/103 كل ذباب أقرح 3/148، 149 نبات أجنحته 3/244 أيره 3/152 رؤية أيره 6/355 ألوانه 3/185 الذباب الأزرق 3/189 تلون ذباب البقل بالخضرة 5/198 ذباب الإبل زرق 3/185 والدواب صفر 3/185 والشعراء حمر 3/144 ولوعه بالقذر 1/156؛ 3/158، 180 سقوطه على العذرة 1/156 يلغ في الدماء 3/153 يأكل البعوض 3/154؛ 6/478، 528 تهافته على طعام الهند 3/157 يسقط على النبيذ الحلو دون الحارز 3/172، 180 ونيمه 3/169 أذاه 3/159 سلاحه خرطومه 6/514 طنينه يسمى غناء 3/151، 185 ليس لذبان الكلأ غناء 3/185 يقوى سلطانه في الضياء 3/153 إتقانه المشي 5/120 تغلبه على جلد البقرة 3/168 والبعير والحمار 3/168؛ 7/40 السم والشفاء في جناحيه 3/150 علاج الملسوع بالزنبور به 5/195 التداوي به مع الإثمد 3/154 يأكله أهل السفالة 3/155 يأكله بعض الناس 4/282 تخلقه 3/165، 169 استحالة الباقلاء إلى ذباب 3/169، 171 له وقت يهيج فيه للسفاد 3/151 مطاولته في السفاد 3/169؛ 5/121؛ 6/564؛ 7/147 كثرة سفاده 3/190 تعاظله 2/284 خصلتان محمودتان فيه 3/153 أجهل الخلق 3/188 حكه إحدى ذراعيه بالأخرى 3/149 نومه 3/193 زهوه 3/146 لجاجه 3/112، 162، 163، 165 فراره إلى الظل 3/191 سكونه بالليل 5/215 له وقت يهيج فيه للعض 3/151 سمه في خرطومه 2/375؛ 3/168 لا يقرب قدرا فيه كمأة 3/147 نفوره من اللبن المضروب بالكندس 3/182 عمره 3/151، 155، 156، 186؛ 5/123 موته في الشتاء 5/94 حياته بعد موته 3/166 كثرته في البصرة 3/191 أعجوبة ذبانها 3/191 كثرته بواسط والهند 3/155، 191 كثرة مخالطته للناس 3/168 طعنه الحمار 3/151 سقوطه على البعير علامة لغدته 3/147؛ 7/40 احتمال الجمالين بسقوطه عليه 3/147 ما يقتات بالذباب 3/160 لهج الزنبور بصيده 1/156؛ 3/161 3/161 يصطاده الفروج 2/378، 425، 428 والسوداني 2/378؛ 3/162 والوزغ 3/161؛

6/528 والنحلة 6/478 والخلد 6/534 والعنكبوت 4/205؛ 5/219، 220؛ 6/528 يهلك الإبل 3/151 والدواب 3/151، 167، 168 حماية المكلوب من سقوطه عليه 3/148 طريقة إخراجه من البيت 3/153، 183. ذرة: من الحشرات 6/329 من المحكمات شأن المعيشة 5/221؛ 7/65 عظم قدرها 3/144 145؛ 6/323 ذكرها في القرآن 4/278 لطفها 4/267، 279 لا يعرف صغارها من مسانها 4/268 ليس لها أمير 3/157 قرابتها للنمل 7/107 مخالفتها للنملة 3/75 استصغارها 4/279 قلة غنائها 4/262 فازر وعقيفان ضربان منها 4/266 شمها 2/338؛ 4/263، 456، 469؛ 7/7 ادخارها 1/139؛ 2/406؛ 4/262، 276؛ 5/196 صنيعها في ادخار الحب 4/262 269؛ 7/20 أكلها للنمل 4/276 كثرة نسلها 7/44 معرفتها 4/300 حفرها جحرها 4/332 حملها ما زنته قدر زنتها مائة مرة 4/263 دعاؤها صويحباتها وموافقتها 4/63 لا يسمع لها صوت 4/271، 272 قتلها الحية المجروحة 5/220؛ 6/344؛ 7/40 خوف الدب من شرها 7/21 والذئبة على ولدها منها 7/40 إجلاؤها الأمم 3/145 إهلاك بعض الأمم بها 6/392. ذهبية: إبل بين الحوش والعمانية 1/102. ذئب: من ذوات الأنياب 3/144 من ذوات الشعر 5/257 زعم أنه كلب 2/348 كله وحشي 6/330 قرابته لبعض الحيوان 2/348 العسبار ولد الضبع منه 1/119؛ 6/392 السمع ولده من الضبع 1/119؛ 6/392 الديسم ولده من الكلبة 1/120 مسخ أحد الماكسين ذئبا 6/357، 358، 392 موازنته بالثعلب 1/138 شبهه بالشيطان 1/196 شبه الكلب به 2/363 ذئب أهبان 1/196، 3/250؛ 4/301؛ 7/29، 129 ذئب الخمر 1/144؛ 4/324، 325؛ 6/378، 404، 414، 535؛ 7/83 ذكره في القرآن 4/278 طول خطمه 2/364/307 قوة قلبه لشدة خطمه 4/307، 333 قوة فكيه 6/552 قوة نابه 1/97؛ 2/363؛ 3/152 أسنانه ممطولة 2/364؛ 4/286؛ 6/386 تشممه 1/168؛ 2/338 استرواحه بالنسيم 4/323 صدق شمه 1/29؛ 4/456؛ 7/7 قزله 1/95؛ 5/118 كسبه 6/534 لا يأكل إلا اللحم 7/85 أكله الحية 4/397 بريه العظم 6/552 إذابة جوفه للعظم 4/413 لحسه عين الجمل الميت 6/552 قبح لطعه الماء 3/76 شدة رده لسانه 6/552 سبب شدته 4/333 سلاحه في شدقه 6/514 قبح صوته 1/191 ضرره 1/196 التحامه بالأنثى 2/364 حاله وقت الهيج 4/287 مطاولته في السفاد 2/365 سهولة قتله حين السفاد 2/313 سفاده الكلبة 1/120 والضبع 6/527 تلاقح الذئاب والكلاب 2/364 الشك في لقاحه لبعض الحيوان 2/348 لا يتلاقح في البيوت 7/113 بعض صفاته 1/139 ختله 2/438

(الراء)

غدره 1/139، 196؛ 6/534 ظلمه 4/332، 333 خبثه 6/534 سلته وخطفته 1/200؛ 2/406 شدة احتراسه 3/192؛ 5/284 حمق الأنثى 7/22 هي أجرأ من الذئب 2/372 سوء أخلاق الوالدة 4/287 الذئاب لا تجتمع على قطيع واحد 1/200 ضعف الذئب المخدوش 5/171 اشتهاؤه الإنسان المدمى 7/39 وثوبه على الذئب المدمى 6/471؛ 7/39 حدوث قوة له إذا رآه 7/40، 83 نومه بإحدى مقلتيه 6/568 محاولة ترويضه 6/331 تعليمه الصيد 7/149 حكم قتله 1/202 يعرض للإنسان في كل حالة 6/533 استعانته بغيره إذا عجز عنه 6/533 متى يصيد الإنسان 7/148 صيده الثعلب 6/478 مسالمة أنثى الثعلب له 6/383 يصيده العقاب 6/532 انقضاض العقاب عليه 5/291 سطوه على الغنم 2/346؛ 5/172 وقت هجومه عليها 2/358، 396 حيلته لها 4/371 انقياد الشاة له 2/282؛ 3/93، 106؛ 5/172؛ 6/515 شم الغنم رائحة موضع أنيابه 7/39 فرق الشاة منه أشد من فرقها من الأسد والنمر والببر 7/59 متى يسالم السخلة 5/130 أفضل ما يقاتلها من الكلاب 2/294 جلبه اللحم لأولاد الضبع 1/129 قيامه بشأن جراء الضبع 6/527 ترك الذئبة ولدها وإرضاع ولد الضبع 1/129 خوف الذئبة على ولدها من الذر 3/283 عداوته للثور والحمار والبقرة والثعلب 2/281 وللنعام 4/421 امتناعه عن صيد الظبي في الحرم 3/72 قصة الذئب المربى 4/283؛ 6/330؛ 7/113، 149. ذيخ: (هو ذكر الضباع) في تكوين الزرافة 1/95 في تكوين السمع والعسبار 6/392. (الراء) الراعبي: نتاج مركب 3/83 أبوه الورشان وأمه الحمامة 1/91، 146؛ 3/82، 100 أعظم من الورشان 1/91 عظم بدنه وفراخه 3/83 حسن هديله 3/83 كثرة نسله 3/82 سوء هدايته 1/69 مثالبه 1/69، 91 طول عمر ولده 3/82 زيادة ثمنه 3/83. رباح: (هو القرد الذكر) تعليمه 2/346. ربيثاء: ربيثاء كسكر 3/141 يأكلها الإنسان 6/360. رتيلاء: من الحشرات 6/328 ربما قتلت 2/375؛ 4/370. رخمة: تسميتها بالأنوق 1/154؛ 3/245؛ 6/488 من سباع الطير 2/426 ولئامه 3/126، 253 وقواطعه 3/126؛ 7/10 هي أعظم من الغراب 3/254 قدرة الغراب عليها 3/254 ينقر الغراب دماغها 3/203 ليس لها مخالب 2/426 أكلها العذرة 1/154؛ 3/241، 256 سلاحها 1/25 التماسها لبيضها المواضع البعيدة 3/254 حمقها 7/10، 22 زعم كيسها 7/10 اختيارها أعالي الجبال 6/494؛ 7/11، 41 اتباعها الجيوش والحجاج 7/21 الاستدلال بها على الصيد 7/10 أسطورتها 3/253.

(الزاي)

رمكة: قرابة الحمار لها 1/92 شبه البرذون بها 2/376؛ 5/116 تفوقها في الطعام عليه 1/75، 5/259 البغل المتولد بين الحمار وبينها لا يبقى له نسل 3/82 وقوع الراعي عليها 3/100. رق: من قواطع السمك 4/311 والحيوان البحري 4/329؛ 5/278؛ 6/328 ليس من السمك 1/27؛ 5/282 ظهوره على الشاطئ 5/282 استدارة بيضه 7/43 بيضه واكتسابه الطعم خارجا عن الماء 4/329؛ 5/278؛ 7/42 يأكله الإنسان 4/282 والأسد 2/318. (الزاي) زباب: ضرب من الفأر 5/141، 162 صفته 4/461؛ 5/139 ما يشبهه من الحيوان 6/329 صممه 5/141 يسكن في الرمل 4/461. زباد: حديث فيه 5/164. زجر: والد الشبوط 1/98؛ 5/198؛ 6/327. زرافة: اسمها الفارسي 1/95؛ 7/143 نشأتها 1/94 رد على ما زعموا في نشأتها 1/100 عجيب تركيبها 5/83، 84؛ 7/22 زعم أنها ولد النمرة من الجمل 7/143 طول رجليها وركبتيها 7/143 لها خطم الجمل وجلد النمر وأظلاف الأيل وقرونه وذنب الظبي وأسنان البقر 7/143 حمقها 7/22 بلادها 7/78، 143. زرزور: علة ضعف رجليه 5/122 لا يمشي 3/112 إلفه 2/426؛ 5/112 يقيم مع الإنسان ولا يرحل معه 3/158 طلب الحيات له 5/189. زرق: من جوارح الملوك 6/575 من الجوارح 1/25؛ 2/350 والعقبان 3/91 والبزاة 4/371 زعم أنه ذكر البازي 5/198 عينه ذهبية 4/371 قبوله الأدب 4/283 ترهقه الحبارى بسلحها 6/513 عداوة الثعلب له 2/281 خوف الحمام منه 3/80. زمج: من العقبان 3/91 والطير الذي يقيء 3/80. زنبور: هو من الذبان 3/146، 150، 155؛ 4/282 ليس من الطير 1/26 حمته 2/375 شعرته 5/238؛ 6/514 يأكل الذباب 1/156؛ 3/161 ولا سيما إذا سقط على العذرة 1/156 ويأكل النحلة 6/478 سلاحه في مؤخرته 6/515 لسعته 5/195، 196 لا يدمي الملسوع 3/168 لا يتعرض إلا للمتعرض له 5/190 علاج لسعته بالذباب 5/195 قد يقتل 4/390 بيته 2/329؛ 7/18 صنعه بيته من زبد المدود 7/18 وكره 6/568 يأكل الإنسان فراخه 4/282؛ 6/360، 363 حب الخراسانيين أكل فراخه 3/155؛ 4/282 حمقه 7/10 يأكله الجراد 3/150 وصف فني له 3/30. زندبيل: قول فيه 2/323؛ 7/107 لا تخافه النعجة 3/93.

(السين)

(السين) ساق حر: هو الحمام الذكر 3/118. سام أبرص: علة تسميته 4/401 تسميته عظاءة 1/96 ذكر أن الله أبرص أباه 4/295 زعم زرداشت فيه 4/405 صبره على فقد الطعام 4/330 حبه للبن 4/386 لا يدخل بيتا فيه زعفران 3/147؛ 4/371 مسكنه 4/405 يسكن في عشه طيلة الشتاء لا يطعم شيئا 4/330 أكل الإنسان له 4/407 يقتل آكله 4/407 ربما قتلت عضته 2/375 تصيده بعض طيور الليل 2/408 تألفه الحيات 4/407. سرطان: من الحيوان العجيب 7/122 من أعظم ما خلق الله 4/335؛ 7/63، 141 ليس من السمك 1/27؛ 5/282 المبالغة في صفته 7/64 كثرة قوائمه 4/393 أرجله ثمان 5/217 عيناه في ظهره 5/217 استعانته في المشي بأسنانه 5/217 ظهوره على الشاطئ 5/282 بيته 7/41 يأكله الإنسان 4/282؛ 5/217؛ 6/360 والأسد 2/318 التعاير بأكل لحمه 2/418 نفعه للديغ 4/370 تدواى الإبل بأكله إذا لدغتها الحية 4/370. سرفة: صفتها 1/30، 139؛ 2/329؛ 6/323، 519، 553؛ 7/5 لا تقيم بجوارها أم حبين 6/519، 520 تقوم من أم حبين مكان القراد من البعير 6/519، 520. سدم: السدم المعنّى من الإبل 1/86، 87. سعلاة: فرق ما بينها وبين الغول 1/203؛ 6/697 زواجها عمرو بن يربوع 1/203؛ 6/398، 418، 419 أولادها من الناس 1/121؛ 7/108 نارها 4/499. سقنقور: له أيران 6/346؛ 7/70، 103 تداوي العاجز عن النكاح به 6/346 أنفعه ما اصطيد في أيام هيجه 7/133. سلحفاة: من الحيوان البحري 4/329؛ 5/278 ليست من السمك 1/27؛ 5/282 ظهورها على الشاطئ 5/282 بيضها واكتسابها الطعم خارجة عن الماء 4/329؛ 5/278 7/41 تداويها بالصعتر إذا أكلت الأفعى 4/371 أكل الأسد لها 2/318. سلوى: لذة طعمها 1/146. سمارو: علة تسميته 3/251. سماسم: تربيته 3/170. سمامة: التسمية بها 7/33. سمانى: هراش السمانى 2/338؛ 5/135 أكله يورث الدوار 4/407. سمع: هو ولد الذئب من الضبع 1/119؛ 6/392 فساد عرقه 1/70 أسرع من الريح والطير 1/119؛ 7/78 كلام في تلاقحه 2/348 لا يموت حتف أنفه 1/119.

سمك: ماهية السمك 1/27 ليس كل ما يعيش في الماء سمكا 5/281 من أعظم ما خلق الله 4/335، 7/63 ما يعايشه في الماء 1/27 أجوده الشبوط 1/153 قواطع السمك 3/127؛ 4/311؛ 6/555 من الأوابد والقواطع 4/311 سمك كسكر 3/141؛ 4/267 السمكة التي تحمل الغرقى 7/23، 76 ما يغوص منه في الطين 7/23 ليس له رئة 6/496 ليس للبحري لسان ودماغ 6/554 للنهري لسان ودماغ 7/63 انعدام لسانه 1/204 قوة بدنه 4/316؛ 7/23 له دم 4/474 تولده من الماء 3/177 أكله الطين والنبات 7/85 زعم أنه لا يبتلع الطعم إلا بالماء 6/555 كثرة بيضه وذرئه 4/342، 424؛ 5/191؛ 7/42، 43 أثر الرعد في بيضه 4/353 زعم أن جميعه يلد 7/75 سفاده 7/144 هدايته 3/128 سباحته في غمر البحر 3/128 موته بنسيم الهواء 3/128؛ 4/457 تغذية الخيل بهسيسه 7/84 زعم زرادشت أن بول السنور يقتل عشرة آلاف سمكة 5/173 يأكل بعضه بعضا 3/128؛ 4/342؛ 5/173 يأكله طير الماء 4/405. سمنان: ضرب من العقبان 3/91. سمندل: طائر هندي 6/550 لا يحترق بالنار 2/310؛ 5/167؛ 6/550. سمور: من ذوات الفراء والوبر 6/331 جهل الجاحظ ببدنه 6/334. سندل: هو السمندل 6/550. سنور: كثرة أسمائه غير المشتقة 5/180 أنواع السنانير 2/350 منها الوحشي والأهلي 4/283؛ 5/181؛ 6/329 الوحشي 1/102؛ 2/345؛ 7/109 البقالي هو أصيد السنانير 5/171 زعم بعض المفسرين في خلقه 5/187 زعم زرادشت أنه من خلق الشيطان 4/406؛ 5/172 قذارته 1/248 قرابته لطوائف من الحيوان 2/348 شبهه بالإنسان 5/156 وبشبل الأسد 5/181 وبالأسد 1/97؛ 2/283، 390؛ 5/147؛ 7/80 وبالأسد في ختل العصفور 5/181، 182 مخالبه 1/184؛ 5/186 طيب فمه 5/181 قوة شمه 2/338؛ 7/7 تضيء عينه بالليل 4/317، 371؛ 5/176 بصره بالليل كبصره بالنهار 3/114؛ 7/8 زعم أنه أبصر بالليل 3/259؛ 5/180 ضعف رأسه 5/180 سعة جلده 5/181، 182 أطباء الهرة 3/185 ضعفه إزاء جرذ أنطاكية 4/406؛ 5/135 اختلاف ألوانه 5/147 لونه الأصيل 5/171 خير ألوانه 2/294 لون عينه إما أزرق وإما ذهبي 5/176 تفقيح الجراء 5/185 يجزع من الطعام الحار 2/282 لا يذوق الحموضة 2/282 خطأ إطعامه من الخوان 2/320 يأكل الفأر 1/248؛ 2/332، 333 والجرذان 2/333؛ 5/167 والحمام والفراخ والعصافير 2/332 والحيات 1/25؛ 2/333؛ 4/339؛ 5/167؛ 6/513 والأوزاغ 2/333؛ 4/364 والخنافيس 3/78؛ 5/167 والجعلان 5/167 ودخالات الآذان 2/333 والعقارب

(الشين)

2/333؛ 4/364؛ 5/167 وبنات وردان 2/333؛ 5/167 وراثته عن الأسد الرجوع في قيئه 1/149؛ 3/79 سؤره 2/333 اختلاف أصواته 1/28؛ 2/389 لغة السنانير 4/270؛ 5/156 فهم الإنسان صوته 1/28 يصيده أصحاب الحمام 4/281 دفع ضرر الفأر به 4/407 الاستعداء به على مخلوقات الشيطان 4/407 أكل لحمه 4/281؛ 5/183 زعم أن من أكل لحم سنور أسود لم يضره سحر 2/360 كثرة نسله 1/74 له وقت معين للهيج 7/9 شدة صياح الأنثى عند الهياج 5/168 قوة الإناث بعد السفاد 5/171؛ 6/471؛ 7/40، 83 ضعف الذكر بعده 5/171؛ 6/471؛ 7/40، 83 أحوال الإناث والذكور 5/171 مدة حمل الأنثى 5/185 تضع في السنة مرتين 5/171 سفاد الثعلب الهرة الوحشية 1/96 وثب الذكور على الذكورة 3/92 يعرض له الحلاق 5/170 إلفه 1/128؛ 2/345، 388، 426 رجوعه إلى صاحبه 2/389 معرفته اسمه 1/129؛ 7/54 معرفته لربة المترل 2/389 ولولده 2/389 بره بولده 5/176 إيثار الهرة ولدها 2/389؛ 5/185 قبضها عليه بأنيابها 3/285 هو لص لئيم 5/167 شره خؤون 5/167 تغطيته رجعه 2/389 علة ذلك 5/136، 137، 176 مشيه 5/119 معاملته حين يتناول صاحبه الطعام 2/321 موته من أكل سام أبرص 4/407 ومن أكل الأوزاغ والحيات والعقارب 5/168 نتن جيفة السنانير لا سيما الذكور 1/161 الأمر باستحيائه 2/332 هو آنس الحيوان بالإنسان 5/174 يألف المكان ولا يألف الناس 3/158؛ 5/169 حب النساء له 5/181 تقبيلهن لأفواه السنانير 5/181 أكل الهرة أولادها 1/129؛ 5/170؛ 6/346 أكل سنانير الجيران أولادها 5/175 فزع الفأر والجرذ منه 1/196؛ 2/282؛ 3/106 والفيل 2/282؛ 5/148؛ 7/48، 79 80 والناقة 5/148 لعبه بالعقرب قبل أكلها 4/364؛ 5/138 وبالفأر 5/138 شم الفأر لرجعه 2/389 عداوته للجرذ 7/59 يألف فرخ الحمام 2/389 معابثته لفراريج الدار 2/389 وللحمام 2/431. سوداني: يخترع اللحون 3/162 صيده للذباب 2/378؛ 3/160. سوس: تولده في جمار النخلة 3/176. (الشين) شاة: جرتها 3/79 بعرها 2/390 معرفة حملها 3/122؛ 5/256 أفضل الأوقات للإنزاء عليها 5/273 تضع في خمسة أشهر 4/287 وقوع الراعي عليها 3/100 ولدها 2/441 إلفها 2/351 معرفتها لاسمها 7/54 حكاية وفهم الشاة المكية 7/130 ما تهيأ للشاة من النطق 5/155 سكرها 2/371 انقياد الشاة للأسد والذئب 6/514 شدة خوفها من الذئب 2/282 3/106 وقت هجوم الذئب عليها 2/358، 396 خوفها من الأسد 2/282 أكله لها 2/318

قد يجرها إلى عرينه 6/514، 515 لا يعرض لها إلا للمطعم 5/190 قتل أقاطيعها للحيات 4/364. شاهمرك: الخفاش أقوى منه 3/258 موته من أكل سام أبرص 4/407 صيده للذباب 3/160 أكله للحيات 1/25؛ 4/340؛ 6/513، 514. شاهين: من الجوارح 2/350 من جوارح الملوك 6/575 ليس من العقبان 3/91 الحمام أطير منه 3/106 قبوله الأدب 4/283 حبه لحم الخفاش 3/261 لا يأكل إلا اللحم 7/85 شدة خوف الحمام منه 2/282؛ 3/93 ترفع الحمام معه مع شدة خوفه منه 3/106 خوف الأبغث منه 6/479 خوف صاحب الشاهين من العقاب 7/21 اللعب به 2/444 ثمنه 3/104. شبث: من الحشرات 6/328 ذكره في الكلمات الشنيعة 3/10 ربما قتلت عضته 2/375؛ 4/370. شبوط: ولد الزجر من البني 1/98 5/198؛ 6/327 هو أجود السمك 1/153 زعم إياس بن معاوية فيه 6/327 شبهه بالبغل 1/98 كثرة ذكوره وقلة إناثه 1/99 قلة عدده 1/100 حرصه على أكل العذرة 1/153، 154؛ 4/310 بيضه أصغر من بيض البني 1/100 الخلاف في بيضه 6/327 مواطنه 1/100 مطر الشبوط 1/99، 103؛ 5/279 حيلته في التخلص من الشبكة 7/23 يأكله الإنسان 6/360. شجاع: يواثب ويقوم على ذنبه 4/364. شحمة الأرض: من الحيوان البري 4/329 شبهها بالضب 6/328 غوصها في الرمل 6/504 شحمة الرمل: هي شحمة الأرض 6/450. شران: ذكره في عنوان 5/214. شعراء: من الذبان 3/150 من المغنيات 3/185. شفنين: هو حمام 3/75 جمال صوته 1/127، 191 وفاؤه لزوجته 3/251؛ 7/43، 113 يأكله السنور 5/182. شق: هو أصل النسناس 1/123. شقراق: قتاله للأطرغلة 2/281. شلقطير: اسم لبعض السباع المشتركة الخلق 6/332. شلقة: ضرب من السمك 1/73. شيطان: إنكار الدهرية للشياطين 2/325 ذكره في الكلمات الشينية المسخوطة 3/10 صفته 1/192؛ 6/426 شيطان الحماطة 1/101، 198، 203؛ 4/324؛ 6/379، 404، 416 شيطان الخضراء 1/203 شيطان النساك والعباد وحفظة القرآن 6/417 شياطين الشعراء

(الصاد)

6/433 شياطين الشام والهند 6/437 رؤوس الشياطين 4/279؛ 6/425 عينه 6/426 تصوره 6/430 هو سبب الطاعون 6/429 تناكح الشياطين 1/42 ذكاؤه ومعرفته 6/453 استراقه السمع 6/436، 453 استهوائه الإنسان 1/199 عداوته للإنسان 7/59 العزيمة عليه 4/349 رجمه 6/457 يغل في رمضان 6/431 نفوره من الديك الأبيض الأفرق 2/360 حراسة الديك له 1/250 لطيم الشيطان 6/408 خلق الإبل من أعنانها 1/196؛ 6/431. (الصاد) صافر: لا ينام في الليل 3/192. صحناء: كسكر 3/141 يأكلها الإنسان 6/360. صدى: من طيور الليل 2/408؛ 5/215 الفزع من صوته 6/446 صياحه مع الصبح. صرصراني: نوع من الإبل 1/92، 3/75. صعو: ضرب من العصافير 5/120. صفرد: جبنه 1/139. صفية: الصفايا من الإبل 1/153 أكرمها أشدها حبا لأولادها 7/6. صقر: من الجوارح 2/350 من جوارح الملوك 6/575 ليس من العقبان 3/91 طير عربي 6/575 لا يأكل إلا اللحم 7/85 حبه لحم الخفاش 3/261 قبوله الأدب 4/283 اللعب به 2/444 كيف تنحيه الحبارى عنها 1/162؛ 5/238؛ 7/36 خوف الحمام منه 2/282 والأبغث 6/479 مواثبته للكركي 7/83 ثمنه 3/104 خوف صاحب الصقر من العقاب 7/21 صؤابة: زعم أنها ذكر القمل 5/198 حقارتها 4/279 الحكمة فيها 2/203. (الضاد) ضأن: قرابة الضأن من الماعز 1/94 الغنم على قسمين ضأن ومعز 3/83 مخالفته للمعز 3/75 فضله على المعز 5/243، 244، 251 البقر ضأن 2/348 بركتها ونماؤه 5/243 قول فيها 5/242 ذكرها في القرآن 4/278؛ 5/242 لحمها 5/254، 255 طيب رؤوسها المشوية 5/244 ولبنها 5/243 شحمها يصير إهالة 5/244 بطء جمود إهالته 4/307 ضررها 5/259 نبات ما تأكله 5/250 ولادته مرة في السنة 5/243 امتناع التلاقح بينها وبين المعز 1/103؛ 3/75 لاتتئم 5/243 تحملها البرد 5/251 لا تقرب الضأن ما وجدت معزا 2/431. ضب: تسميته عظاءة 1/96 حيوان بري 4/329 من الأحناش 5/153؛ 6/531 من المسخ 1/196، 203؛ 4/295، 310؛ 6/356، 357، 395 زعم أنه يهودي 6/574 ضب السحا 4/325؛ 6/378، 414 الضباب الدلالي 6/512 ما يشبهه الضب 4/332 6/328 ولد كل ما يشبه الضب فرخ 6/334 موازنة بينه وبين الورل 6/563 الورل ألطف

جرما منه 4/332 براثن الورل أقوى من براثنه 4/332 شبه كفه بكف الإنسان 6/356 ولحمه بلحم الدراج 6/501 قصر إبهامه 6/386 كلال براثنه 6/337 كفه في رجله 3/114 بعضه له لسانان 6/346 تنبت أسنانه دفعة واحدة 6/375، 376، 386 رفعة رأسه 6/364 أسطورة اغتصابه ذنب الضفدع 6/379 تغيير الحر لون جلده 6/385 حبه للتمر 6/348 387 أكله أولاده 1/129؛ 4/342؛ 6/342، 343، 346؛ 7/42 والجراد 6/347 حيلته في هذا 6/341، 342 يعرض لبيض الظليم 6/501 رعي أفراخه البقل 6/376 عوده في قيئه 6/341 اكتفاؤه بالنسيم إذا هرم 4/322، 343؛ 6/345، 381 استغناؤه عن الماء 6/381، 463 سلاحه ذنبه 6/514 التداوي به 6/390 ذم أكله 6/368 كثرة نسله 5/191 لأنثاه حران 6/346، 354، 355 وله أيران 4/338؛ 6/346، 354، 355؛ 7/70، 103 بيضها جلد لين 6/377 اتساقه في بطنها 6/377 كثرة بيضها 7/42 أكثر بيضا من الدجاجة تبيض ستين بيضة 6/376 قد تبيض سبعين 4/342؛ 6/355 بيضها يشبه بيض الحمام 6/376 لا تجثم على بيضها 7/41 حفرها لبيضها ثم دفنه أربعين يوما 6/376، 377 دفنها أولادها وتعهدهن حتى يخرجن 6/343 خروج الحسل كاسبا 5/222؛ 6/376 عقوق الضب 5/176 نسيانه 6/339 حزمه 6/340 خبثه 6/350 كبره وزهوه 6/351 سوء هدايته 6/385 إعداده العقرب للمحترش 6/340، 346؛ 7/24 مراتب سنه 6/385 طول عمره 6/344، 375؛ 7/111 طول عمر الحسل 6/375 سن الحسل ثلاثة أعوام 6/375 حياته بعد القطع 6/344 أطول شيء ذماء 2/344؛ 3/247؛ 5/138؛ 6/344، 349، 386؛ 7/150 له مسكن 4/405 حفره جحره في الكدية 4/332، 343؛ 6/337، 339، 345 حفره جحره لدى علم 6/339، 345 معنى ظلمه 4/332 ما يسكن بقربه 6/351 اعتداء الورل على جحره 4/332 اغتصاب الحية بيته 6/564 لجوء العصفور إلى جحره 5/281 يستخرجه السيل الشديد 6/374، 382، 512 ووقع حوافر الخيل 6/382 هرب فراخه منه 6/376، 377 التدرب على أكله 4/281 يأكله الإنسان 4/282، 308؛ 5/138؛ 6/356، 368، 389، 520 والظربان 6/339، 511 والورل 6/339، 563 كيف يصطاده الظربان 1/162؛ 6/341؛ 7/19 شدة طلبه له 1/163 أكل الثعالب ولده 6/343 والظربان 6/343، 511، 512 والطير 6/343 مصارعته الورل 7/150 والحية 6/377، 378 مسالمة العقرب له 6/347 ديته 6/388 قصة النون والضب 7/124. ضبع: اسمها الفارسي 6/560 من ذوات الشعر 5/257 ليست من مراكب الجن 6/341 كلها وحشية 6/330 زعم أنها كلب 2/348 العسبار ولدها من الذئب 1/119؛ 6/392 السمع ولد الذئب منها 1/119؛ 6/392 مسخ أحد المساكين ضبعا 6/375، 392 حقارتها

(الطاء)

1/236 أسنانها ممطولة 4/286 جلدها جلد سوء 6/557 عرجها 1/95؛ 5/117 لا تأكل إلا اللحم 7/85 ولوعها بالجيفة 5/173 أكلها النمل 4/276 الشك في لقاحها لبعض الحيوان 2/348 مسافدتها الذئب حيضها 3/257 زعم أنها تكون عاما ذكرا وعاما أنثى وطؤها القتيل ثم أكله 5/64؛ 6/341، 559 معاينة بعض الأعراب لذلك 5/64 إرضاع الذئبة ولدها 1/129 جلب الذئب اللحم لولدها 1/130 قيامه بشأن جرائها 6/527 حمقها 7/22 نبشها القبور 6/559 مسالمة النسر لها 6/489 الاحتراس في صيدها 6/341. ضفدع: من الحيوان البحري 4/330؛ 5/278، 281 من الحيوان المطيع 4/402 ليست بسمك 5/282 ليست بأدل على الله من الفراش 3/176 نسبها للضب 4/329 العلاجيم ذكورها السود 5/279، 281 لا تبتلع الطعم إلا ببعض الماء 5/286 تعظم ولا تسمن 5/280 لا عظم لها 5/279، 280 سقوط ذنبها وقصة ذلك 5/279، 6/379 أجحظ خلق الله عينا 5/280 جيد السمع 5/283 نقيقها بالليل 1/204 لا تصوت إلا في الماء 3/129؛ 5/277، 278، 286 كيفية نقيقها 3/129 سكوتها عند الفجر 5/286 ورؤية النار 1/204؛ 4/477، 501؛ 5/278، 286 التداوي به 5/284، 285 بيضها خارج الماء 4/330؛ 5/278؛ 7/41 طريقة سفادها 2/365 حذرها 5/583 ظهورها غب المطر 1/99، 103؛ 3/176؛ 5/278 ظهورها بقرب الشاطئ 5/278 عيشها مع السمك 5/281 تخلقها في أزج اليخ بخراسان 3/176 يأكلها الأسد 2/318؛ 5/280 والإنسان 5/138، 280 والحيات 5/281، 282 العذاب بها 5/288. ضمج: من الحشرات 6/329 أذاه 2/375؛ 4/370؛ 6/329. ضوع: من طيور الليل 2/408؛ 5/215 صياحه مع الصبح 2/407. (الطاء) طاغريس: هو أصل للكلاب الهندية 1/120. طاووس: من حيوان الهند 7/104 القول بأنه من طير الجنة 3/187 جمال شكله 1/127؛ 5/83، 251 حسنه في ألوانه 2/379 تلاوين ريشه 2/378 تميز الذكر من الأنثى 5/60 موازنة التدرج به 1/137 والدرة 1/138 فوق الفرس عليه في الجمال 2/379 عيوبه 2/378 379 قبح رجليه 2/378 سماجة صوته 1/190 التشاؤم به 1/190؛ 2/378 علة استحسان العامة له 2/380 يلقى ريشه في الخريف ويكتسي إذا اكتسى الشجر 3/91 يبيض أول ما يبيض ثلاث بيضات 3/91 حضن الدجاجة بيضه 1/131؛ 2/434 عدد ما يوضع من بيضه تحت الدجاجة 2/434 ما يحضنه الدجاج يكون أقل حسنا وأبغض صوتا 1/131 صغر فراخه التي تحضنها غير أمهاتها 2/435 يكون منه بيض الريح 3/87، 91 تزاوجه وإفراخه في العراق

7/112 موقه 2/378، 7/22 ثمنه 3/104. طبرزين: لا يستوحش منه الحمام 3/93. طبوع: من الحشرات 6/328 شديد الأذى 2/375؛ 4/370. طلح: ضرب من القراد 3/164. طير: ماهية الطائر 1/26 ما يطير ولا يسمى طيرا 1/26؛ 7/26 تقسيمه إلى سبع وبهيمة وهمج 1/25؛ 5/113 (سباع الطير) 1/25 سلاحها 1/25 إلقامها فراخها 1/26؛ 2/424 طلبها للحمام 3/106 الحمام أسرع منها 3/106 بطء طيرانها إذا طارت في جماعة 3/107 صغارها أقبل للأدب 4/283 هي قليلة الشرب للماء 3/153 اتباعها الجيوش 6/484؛ 7/11 هربها من العقاب 6/532 (بهائم الطير) 1/25 سلاحها 1/25 تقممها 2/417 الخالصة منها 2/424 بطء طيرانها إذا طارت في جماعة 3/10 (وحوش الطير) صوتها 3/117 ما يعتريها إذا صيدت 6/331 فراخها لا تجاوز الأوكار 7/14 (طير الماء) مشترك الطباع 4/405 أكله للسمك والحب 4/405 صيده 5/258 ما له طبيعة مشتركة 1/26؛ 2/425 النتاج المركب 1/95 الخشاش 1/25 لئام الطير 3/253 قواطع الطير 3/127؛ 4/311، 405 الطائران العجيبان 2/311 الطائران البحريان العجيبان 3/251، 551 طائر شديد الطيران بلا ريش 3/112 طائر لا يطير وهو وافي الجناح 3/112، 252 طائر لا يمشي 3/112 طائر دائم الطيران يغتذي بالبعوض والفراش 3/113، 252 طائر ليس له وكر 6/483 طيور الليل 2/408؛ 5/215 جوارح الملوك 6/575 الطير الأبابيل 3/210 ذوات الأطواق 3/100 ما يروق العين 1/127 طائر التمساح 4/371؛ 6/496 شبه النعامة بالطائر 4/416 والجني بطير الماء 6/463 ليس لأذنه حجم 4/405 حدة بصر عتاق الطير مع خطئها في ذلك 6/490 لون عيون أحرار الطير وعتاقها 5/176 كفه في رجله 2/439؛ 3/114 جناحاه بمترلة اليد 5/122 ريش جناحه 2/439 خروج طيور الماء غير مبتلة الريش 3/258 تأثير قوة الجناح في ضعف الرجل 5/122 تحسيره 4/369، 391 قوته بعد التحسير 4/391 وقوف نمو منسره إذا أقام في غير بلاده 7/61 لا يلغ في الدم 3/152، 153 أكل الهمج الذباب 3/160 يتعلم بعضه من بعض الغناء 3/161 امتناعه من الغناء إذا استؤنس كبيرا 7/61 إفصاح ما كان عريض اللسان 5/156 نطقه 7/34 نطقه وسكوته 4/311 ما يطرب بصوته 1/127 ما يصيح مع الصبح 2/407 ما يخترع الأصوات واللحون 3/162 اختصاصه بالزواج 1/127 خصي الذكور 3/164 بعض الطير لا يبيض إلا بعد سنة كاملة 3/90 آكل اللحم لا يبيض ولا يفرخ أكثر من مرة واحدة 3/90 علة كثرة البيض 7/43 عظم البيض على قدر البياضة 7/43 صغر بيض الأبكار 3/88؛ 7/43 عجائب البيض 7/43 البيض المستطيل

(الظاء)

المحدد للإناث والمستدير العريض للذكور 3/86 خروج البيضة 3/86؛ 7/43 بيض الصيف أسرع خروجا من بيض الشتاء 3/87 البيض يكون من أربعة أشياء 3/87 (بيض الريح) : صغره 3/86 أقل طيبا 3/86، 87 الطير الذي يبيضه 3/87، 89 تكونه 3/87 تسميته بالجنوبي 3/87 (بيض التراب) : صغره 3/86 أقل طيبا 3/86، 87 الطير الذي يبيضه 3/87 المعقف المخالب يطرد فراخه 3/91 طير الوحش يهربن البيض من الذكورة 2/434 عقله 7/34 جهله بفرق ما بين الحيوان والعود 4/314 سوء هداية ما يعجل له الكيس والكسوة 3/92 تفزيعه بالخرق السود 3/217 انفراق جماعاته إذا حاذت الكعبة 3/72 تعليمه 3/161 اختلاف أشكال العشاش 3/250 الطير الثقيل لا يتخذ عشّا 3/91 أوكار المصوت في أقلاب النخل 3/216، 217 تنفيره بالصفير 4/353 اصطياده بأصوات الطساس 4/353 سواد طيور حرة بني سليم 4/301 صيده للذباب 3/160 أكله ولد الضب 6/343 طلب الحيات بيضه وفراخه 3/243 احتيال ابن عرس له 4/371 تعلم الإنسان الحقنة منه 7/18. (الظاء) ظبي: من ذوات الشعر 5/257 القول بأنه من حيوان الجنة 3/187 منه الأهلي والوحشي 7/109 قبوله للدجون 6/330 شبه ذنب الزرافة بذنبه 7/143 شنج نساه 5/118 أطيب البهائم فما 2/334 خنسه وفطسه 4/454 تشعب قرنه إذا أسن 1/232؛ 4/392؛ 7/146 مباينة الذكر للأنثى 2/376 ابيضاضه إذا هزل 1/232 حبه للماء الملح 5/79؛ 6/480 والحنظل 5/79؛ 6/480 سكره 2/371 أملح الحيوان سكرا 2/372 استغناء ظباء الدو والدهناء والصمان عن الماء 6/463 بعره 2/390 نباحه إذا أسن ونبتت لقرونه شعب 1/232 4/392 نقزانه 7/78 عتر الظباء أصبر في الجري 2/314 استعماله الحضر في المستوي 6/514 لا يستطيع الحضر في رؤوس الجبال 6/471 لحاق الكلاب بالتيس 2/314 أصغر الحيوان قضيبا 7/70 تلاقحه في البيوت 7/113 فطام ولده 3/82 أنسه 4/467 جبنه 6/462 دخوله حراه مستدبرا 6/462 هجرته إلى الناس 4/468 صيده بالحبائل 4/471 وبالنار 4/500 امتناع الذئب عن صيده في الحرم 3/72 لا تصيده الأعراب من أول الليل 6/340 عتائر الظباء 1/17؛ 5/270 قلة ذبحه 3/96 من صيد الكلب 2/269 معرفة الكلب به 2/313 الظباء ما شية الجن 1/203؛ 6/340. ظربان: تسميته بمفرق النعم 1/162 من الحشرات 6/328 شبهه بالكلب الصيني 6/512 سلاحه في مؤخرته 6/515 فسوه 2/333؛ 3/243؛ 5/238؛ 6/512، 569 هو من أشد سلاحه 1/162؛ 3/177 أنتن خلق الله فسوه 1/162 نتن ريح جحره 1/161 تفريقه الإبل 1/162 سكناه بجوار الضب 6/351 شدة طلبه له 1/163؛ 6/339، 512 كيف

(العين)

يصطاد الضب 1/162؛ 6/341؛ 7/19. ظليم: قوة شمه 4/324 اغتذاؤه بالصخر 4/411 إذابة جوفه للحجارة 4/412، 413 ابتلاعه الجمر 4/416 اتساع رزقه 7/42 جبنه ونفاره 4/474 استقباله للريح 4/464 تعرض الضب لبيضه 6/501. (العين) عبقري: ضرب من الجن 1/192. عترفان: اسم من أسماء الديك 2/302. عتيرة: انظر 1/17. عث: من الحشرات 6/328 من القوارض 6/497 لؤمه وصغر قدره 6/498. العدار: (دابة تنكح الناس باليمن) 7/108. عراب: من أنواع الإبل 3/75 قرابة البخت منها 1/94؛ 3/100؛ 7/107 ضرب الفالج فيها 1/91. عربد: من الحشرات 6/328 ليس من الحيات وإن كان على صورتها 6/334. ابن عرس: ما يشبهه من الحيوان 6/329 أكله الفأرة 2/282؛ 5/172 والسذاب قبل مقاتلة الحية 4/376 سكره 2/371 موته من أكل سام أبرص 4/407 تعالجه بالصعتر البري بعد مناهشة الحية 7/19 التداوي بلحمه 7/148 تحيد الحية عنه 5/188 يقاتله الغداف 2/437 شدة عداوته للجرذان 7/59 احتياله للطير 4/371. عسبار: هو ولد الضبع من الذئب 1/119؛ 6/392 عيوبه 1/70 كلام في ملاقحته 2/348. عسجدية: إبل بين الوحشية والعمانية 1/102. عصفور: ما يسمى من الطير عصفورا 5/120 من الأوابد 2/388 مشترك الطبيعة 2/425؛ 4/405؛ 5/114 العصافير الهبيرية بحمص 5/133 عصافير البصرة من القواطع 2/425 شبه رأسه برأس الحية 2/425؛ 5/114 تقليد الغراب له 4/418 سواد لحية الذكر 5/116 عظم خصيته 4/428 قوة جناحه 5/122 حدة عظام ساقه وفخذه 5/123 شدة وطئه 5/120 ألوانه 5/124 ضآلة رزقه 7/38 أكله للنمل الطائر 1/26؛ 2/425؛ 4/277؛ 5/114؛ 7/43، 84 والجراد 1/26؛ 2/425؛ 5/207 والأرضة 7/85 واللحم 5/114؛ 7/85 يصيد الجراد والأرضة 7/43 والعقعق صيدا حسنا 6/564 صياحه مع الصبح 2/407؛ 6/434 حدة صياحه 2/425، 426؛ 5/124 وكثرته 2/406؛ 5/124 نقزانه 1/95؛ 2/426؛ 5/120 نفعه 5/123 العوام تأكله للقوة على الجماع 5/123 تخريبه للسقف واجتلابه الحيات 5/123 كثرة سفاده 2/377، 426؛ 3/92، 190؛ 5/115، 121؛

6/564؛ 7/147 هو مما يزاوج 42، 43 إلقامه فراخه 1/26؛ 2/424 شدة عطفه على صغاره 2/430 5/116 إلفه 1/128؛ 2/345، 346، 388؛ 5/112 وفاؤه 1/427 رجوعه من بعد 2/425 هدايته 2/425 حذره 2/426؛ 5/124 الكلام في عمره 5/123 قصر عمره 1/91؛ 2/426؛ 5/115، 123؛ 7/131 زعم أرسطو أن الأنثى أطول عمرا من الذكر 5/115 وأن الذكر لا يعيش إلا سنة واحدة 5/115، 123 بيوته 7/41 لا يقيم إلا بالدار المسكونة 2/389، 425؛ 5/113 لجوؤه إلى جحر الضب 5/128 إسعاد العصافير بعضها لبعض 2/425 يأكله السنور 2/332 حال السنور في صيده 5/181، 182 طلب الحيات له 5/189 صيد حيات بلعنبر له 4/313 متى تسالمه الحية 5/130 طريقة صيده 5/134 عصفور الشوك: عبثه بالحمار 2/281؛ 5/124؛ 7/60 سقوط بيضه بسبب الحمار 2/281. عصم: كثرة سفاده 3/190. عضر فوط: قيس تسمي ذكر العظاءة العضرفوط 1/96 ذكر العظاءة هو العضر فوط 6/328 من الحشرات 6/328 وصفه 6/481 من مطايا الجن 6/481 تأكله الحيات 6/481. عظاءة: من الحيوان البري 4/329 تسمية الحلكاء وسام أبرص والضب والورل والوحر بالعظاءة 1/96 زعم زرادشت فيها 4/405 والمجوس 6/564 شبهها بالضب 6/328 شبه الوحرة بها 6/519 الحرباء أعظم منها 6/507 أشد شرا من الوزغ 4/406 أثرها في الرمال 4/344 علة مشيها مشيا سريعا ثم توقفها 4/405 إلفها للمزابل والخرابات 4/405 عداوتها للعنكبوت 2/281. عفريت: ماهيته 1/192 عفريت بلقيس 2/352 تسافده 1/42 استراقه السمع 6/436، 453. عقاب: ما يقال له عقاب 3/91 تسميتها عنقاء مغرب 3/208 من الجوارح 2/350 من البزاة 4/371 كفها 5/239 قوة أصابعها 6/378 عينها ذهبية 4/371 قوة بصرها 4/372؛ 7/8، 21 وسمعها 5/283؛ 6/553 أكلها كبد الفريسة 5/271 ثقلها بعد الطعام 6/492، 493 تأكل الحية 4/339؛ 5/153؛ 6/513 سلاحها 1/25 هي أشد حيوان الهواء 2/336؛ 7/76، 81 العقبان السود تربي وتحضن 3/91 تبيض ثلاث بيضات 2/336؛ 3/90؛ 5/304 تحضن ثلاثين يوما 3/91 رميها بفرخها الثالث 3/90؛ 5/304؛ 6/492 تعهد كاسر العظام فرخها الثالث 2/336؛ 3/91؛ 6/492 قبح فرخها 2/420 وحزمه 7/13 متى يطير الفرخ 7/14 عقوقها 7/21، 22 اتباعها الجيوش والحجاج 6/483؛ 7/11 لا تعاني الصيد بل تختلس صيد غيرها 6/532؛ 7/21 قبولها الأدب 4/283 معالجتها الفريسة 5/271 تداويها بالكبد 7/19 طول عمرها 3/259؛ 7/21 ارتفاع وكرها 7/21 هرب سباع الطير

منها 6/217 والحمام 2/282 انقضاضها على الذئب 5/291؛ 6/532 وعلى الحمار الوحشي 5/271 لعبها بالأرنب 5/138 عجزها عن جلد الجاموس 5/291 قوة النسر عليها 6/530 ثمنها 6/478. عقرب: من الحشرات 6/328 وذوات الإبر 3/144 والحيوان العاصي 4/402 مائية الطباع 5/191 زعم أنها من خلق الشيطان 4/407 حقارتها 1/237 اختلاف أنواعها 3/75 ضروب منها 5/195 العقارب القاتلة 5/284 الطيارة 2/375؛ 5/220؛ 7/26 عقارب نصيبين 4/370؛ 5/193 عقارب القاطول يقتل بعضها بعضا ولا يموت من لسعها غير العقرب 5/194 عقارب نصر بن الحجاج 4/356 العقرب التي لسعت رسول الله صلى الله عليه وسلم 4/366 إبرتها 2/323، 375؛ 3/159؛ 5/238، 290 معينة خرق إبرتها 5/191 حمتها 2/375 لها ثماني أرجل 5/196، 217 دهنها 5/214 تخلقها 3/177 حرصها على أكل الجراد 5/196 والتمر 6/384، 480 والنوى المنقع 6/480 سلاحها في مؤخرها 6/515 في إبرتها 6/415 سمها 4/321 وزنه 4/415 شدته في الصيف 4/367 اختلافه باختلاف أجناسها 5/195 نفعها 5/189، 214 تلسع بعض المحمومين فيبرأ 5/190 يبرأ المفلوج من لسعتها 5/195 علاج لسعتها بالحجامة 5/193، 194 نفع العقرب في علاج الملسوع 5/189 ريح المشوي منها يشبه ريح مشوي الجراد 4/282؛ 5/191 شدة أذاها 4/279 شر ما تكون العقرب 4/367؛ 5/195 ضررها بعد الموت 5/192 شدة أذاها إذا صادقت الأفاعي 4/370 أثر. المشي على إبرتها 4/321 موت السنور من أكلها 5/168 كثرة بيضها 7/42 ونسلها 5/191 خروجها بكثرة من بطون أمهاتها 4/342 خروج ولدها كاسبا 6/376 حتفها في ولادها 4/342؛ 5/191 أكل أولادها بطنها 5/192 جهلها 2/329 لا تسبح 5/65، 190؛ 7/71 لا تتحرك إذا ألقيت في الماء 5/190 لا تضرب الميت ولا المغشي عليه ولا النائم 4/365 لا تدب على ما له غفر 5/193 خرقها القمقم 5/290؛ 7/112 والطست 4/414؛ 5/194 زعم العامة في ضرر العقرب لمن خرج من الحمام 4/368 هربها إذا طلبها الإنسان 5/190 قد يقتلها أن تلسع الإنسان 4/367؛ 5/194، 195 حكم قتلها 1/202 إيواؤها إلى أصول الآجر 5/193 موتها بحمص 7/79 لسع بعض العقارب لبعض 5/190 وللأفاعي 5/190، 195 طلبها للإنسان 5/190 قتالها للجرذ 5/136 احتيال الفأر لها 7/20 يأكلها الإنسان 3/256؛ 4/408 والسنور 2/333 لعب السنور بها 4/364؛ 5/138 مصادقتها للأسود السالخ 4/366، 365؛ 5/191 وللخنفس 3/241؛ 4/365، 405؛ 5/190، 191؛ 6/347 مسالمتها للناس 4/365 والضب 6/346، 347 يعدها الضب للمحترش 6/340، 346 استخراجها بالجراد والكراث 5/193.

عقربان: كلام فيه 4/387. عقصير: أكل الإنسان له 6/360. عقعق: شدة حذره 4/344، 426؛ 5/84، 283 صدق حسه 5/84 إضاعته لفراخه 3/90 5/84؛ 6/575 سرقته 5/84، 161؛ 6/575 تخبئته الدراهم والحلي 6/575؛ 7/126 استجابته وكيسه 6/575. عقيفان: ضرب من الذر 4/266. عكرشة: هي أنثى الأرنب 5/153؛ 6/499. عل: ضرب من القراد 5/232. علجوم: هو الذكر الأسود من الضفادع 5/208، 288. علس: شدة لزوقه 2/284. عمار: حبها للمعصفر من الثياب 4/386 شرط إجابة العامر للعزيمة 6/419. عناق: طيب لحمه 2/381. عناق الأرض: من الجوارح 2/350 وصفه 6/500 حذقه بالصيد 3/161 استعماله التوبير 6/500. عنبر: أثره في الحيوان 5/194 وفي البال 5/194؛ 7/65. عندليل: العندليب. عندليب: أصغر من ابن تمرة 5/83؛ 6/533 صغره 7/48 ما تهيأ له من الحروف 5/156 كيسه 7/23. عتر: معز. عتر الماء: ليس من السمك 1/27. العنقاء: الشك في وجودها 7/64، 72، 73 هي العقاب 3/208. عنكبوت: هو مسخ 1/203 من المحكمات شأن المعيشة 5/221 ما يسمى منه بالليث 5/220، 222 ما يسمى منونة 6/329 أجناسه 5/219، 221 كثرة قوائمه 4/495 شق فمه بالطول 6/427 يقتات بالذباب 3/160؛ 4/405؛ 5/219، 221 وصغار الزنابير 5/221 ادخاره الطعام 4/276؛ 5/222 صنعته ونسيجه 1/30؛ 2/329، 330؛ 6/568؛ 7/18 يأخذ في نسج بيته ساعة يولد 2/441؛ 5/220، 222؛ 6/376 النسج للأنثى 5/220، 222 ستره 4/382 ضعف بيته 4/278؛ 5/218 مطاولته في السفاد وطريقة سفاده 2/365 خروج ولده كاسيا كاسبا 5/220 أكثر وقوع صيده عند الغروب 5/219 تأكله العظاية 2/281 صداقته للحية 5/221.

(الغين)

عير: عير العانة 1/74، 127؛ 7/82 إذا أقام في غير بلاده احتاج إلى الأخذ من حافره 7/61 طول عمره 7/111. (الغين) غداف: جنس من الغربان 2/418 بره بأولاده 3/91 شدة لؤمه 2/418 يقاتل البومة وابن عرس 2/280 عداوة الحدأة له 2/280. غراب: أسماؤه 3/209 تسميته بالأعور 3/203، 209 تسميته حاتما 3/207، 208، 209 علة تسميته ابن دأية 3/196، 209 من الفواسق 2/365 وشرار الطير 3/205 والحيوان العاصي 4/402 ليس ببهيمة ولا سبع 2/417 مشترك الطباع 4/405 ذكره في القرآن 3/194؛ 4/440 اختلاف أنواعه 2/417؛ 3/75 غراب البين 2/417؛ 3/205، 209 غراب الليل 2/408، 417 الغراب الأبقع والرخمة 3/203 القواطع 3/205، 216، 221 الأوابد 3/217 غربان البصرة أوابد 2/420 عجيبة في غربان البصرة 3/216، 221 الغربان الحاكية الأصوات 3/221 الغربان السود أمثال الحداء 3/221 غراب نوح 1/197؛ 2/419، 421؛ 3/250؛ 4/301 تمرة الغراب 3/201 شيب الغراب 3/203 شبه الغراب بالغراب 1/82؛ 3/190 الرخمة أعظم منه وأقوى منها 3/254 منقاره معول 3/216 صفاء عينه 2/436؛ 3/199 قوة بصره 2/417؛ 3/199، 209؛ 7/8 ضعف براثنه 2/417؛ 3/195 وكل شيء 7/85 تقممه 2/417 إحضار الأزودة للذكر 3/91 سلاحه 1/25 نعيبه 1/29 ما تهيأ له من الحروف 5/156، 157 رداءة صيده 3/195 التطير به 2/418 3/209، 211 تطير العامة منه إذا صاح صيحة واحدة 3/218 فضيلته 3/194 زعم العامة أن تسافد الغربان تطاعمها بالمناقير 3/89، 221؛ 7/144 الحضن للأنثى 3/91 قبح فرخه 2/420؛ 3/221 نتن فرخه 2/420 قبح شمائله 3/195 سرقته 7/126 شدة حذره 2/426، 438؛ 4/284؛ 5/124، 283 لؤمه 2/417، 420؛ 3/253 حمقه 2/240 زهوه 3/156، 164 تقليده للعصفور 4/195 رداءة مشيته 3/95 نقره العيون 3/203 نفوره من النحل 3/217 معرفته بالكمأة 3/216 سقوطه على النخل المصروم 3/217 تعشيشه في نخل البصرة ورؤوس أشجار البادية 3/218 صداقته للثعلب 2/282 صيده الجراد 2/417 عداوته للثور 2/281 والحمار 2/281؛ 3/219، 243؛ 7/60 والبوم 7/60 مراوغته للعصفور 2/417 خداعه الديك 2/420، 421؛ 3/194؛ 4/355 سقوطه على البعير إذا كان عليه حمل من تمر أو حب 3/199 حماية البعير منه 3/197، 209، 217 خوف الناقة منه 3/203 التعاير بأكله 2/418. غرنوق: من القواطع 5/284 له رئيس 3/157، 192؛ 5/223 لواطه 4/285 لا ينام

(الفاء)

3/192 نومه قائما على رجل 5/285 إدخال رأسه تحت جناحه عند النوم 5/284 تحارس الغرانيق 7/5 نوم رئيسها مكشوف الرأس 5/285 إمساكها عن الصياح وضمها جناحيها عند الخوف 5/284. غزال: أمن غزلان مكة 3/95. غماس: من طير الماء 6/505. غنم: تقسيمها إلى ضأن ومعز 3/29 بنات حذف 6/432 رعيها 2/428 حكاية الغنم المكية وتقليدها 2/346؛ 5/155؛ 6/480؛ 7/63 لعب الغنم الحبشية 6/480 تضع في خمسة أشهر 7/66 سبب عقم الإناث 4/342 تعفيرها ولدها 5/267، 268 غثارتها وموقها 5/225 إلفها 2/426 تخاذلها عند رؤية العدو 6/515 عجزها وجبنها 7/39 سطو الذئب عليها 2/346، 396؛ 4/371؛ 5/172 شمها موضع أنياب الذئب 7/39 سطو كلاب الصيد عليها 2/346 سكينة أهل الغنم 5/268. غول: أكثر ما تذكر مؤنثة 6/397 فرق ما بين الغول والسعلاة 1/203؛ 6/397 صفتها 6/426 رؤيتها 6/447 مرافقتها 6/447 غول القفرة 6/404 مراكب الغيلان 1/203 نار الغيلان 4/499؛ 5/67 تغولها 6/397، 445 تلونها 6/397، 398 تغير كل شيء إلا حوافرها 1/203 قتلها 6/447 تموت من ضربة وتعيش من ضربتين 1/203؛ 6/438، 439. غيلم: من حيوان الماء 6/328. (الفاء) فاختة: هي حمام 3/75، 99 هي والقمري 1/95؛ 3/100 ندرة الفاختة البيضاء 5/147 هديلها 3/117 جمال صوتها 1/127 بعد صوتها 2/406 لا تتسافد في البيوت 7/112 تسافدها مع سائر أصناف الحمام 3/83 تبيض مرتين في السنة 3/86 قد تبيض ثلاث مرات 3/90 يأكلها السنور 5/182. فاذو: تولده في جمار النخلة 3/176. فأر: ما يسمى فأرا 5/141، 162 من المحكمات شأن المعيشة 5/221 من المسخ 1/196 203؛ 6/357 زعم أن الفأرة كانت يهودية 6/574 زعم زرادشت أنها من خلق الله 4/406؛ 5/172 تخلقه من الأرض 3/177 ومن طينة القاطول 5/187 ضروبه 5/162 ضرب منه يسرق الدراهم والحلي 6/575 فأر سيدنا نوح عليه السلام 1/97 ما يشبهه من الحيوان 6/329 قرابته للجرذ 7/107 مخالفته للجرذ 3/75 كلال أسنانه 4/332 سواد عينه 4/372؛ 5/180 ثقوب بصره 5/180 يبصر في الظلمة 3/114 بصره بالليل كبصره بالنهار 7/8 زعم أنه أبصر بالليل 3/259؛ 4/372 شمه 2/338 شمه رجع الهرة 2/389

؛ 5/136، 137 ندرة الفأرة البيضاء 5/147 ادخاره الطعام 4/276؛ 5/222؛ 7/65 أكله البيض والفراخ 5/174 نفعه 5/175 لا نفع له 4/407 ضرره 4/394؛ 5/66، 173 قطع فأر خراسان أذن النائم 4/406 إهلاكه الأمم 3/145 امتناع التلاقح بينه وبين الجرذ 1/103 لا يأنس بالإنسان 5/174 طلبه للمكلوب 7/40 قصر ذمائه 5/138 له مسكن 4/405 وجوده بقرب الماء 5/281 موضع حفره بيته 5/164 فزع بعض الناس منه 5/140 فزعه من السنور 1/196؛ 2/282؛ 3/106؛ 5/172 تسليطه عليه 4/407 لعبه به 5/138 أكله له 2/333 تأكله الحية 5/172، 173، 189 جلبه الحيات إلى البيوت 5/173 تأكله الحية ولا تأكله الأفعى 5/140 احتياله للعقرب 7/20 الطيور التي تصيده 2/408 أثر شرب سؤره 5/146، 204 الفراسة بقرضه 5/163؛ 6/422. فأرة البيش: ليست بفأرة 2/310؛ 6/481 اغتذاؤها بالسموم 5/163؛ 6/481. فأرة المسك: من الحيوان العجيب 6/331 ليست من الفأر بل هي شبيهة بالخشف 5/164 7/126 ضرب منها بيتي ليس له إلا الرائحة 5/162 طيب بدنها 3/251 الحصول على مسكها 5/162. فازر: هو ضرب من الذر 4/266. فالج: من أنواع الإبل 3/75 ضرب الفالج في العراب 1/91 ضرب البخت فيها ينتج ولدا منقوصا 3/82. فالية الأفاعي: فحشها 3/243. فراخ: ما يسمى فرخا 7/53 اختلاف ضروبها 5/114 طيب لحمها 5/14 فرخ القبج والدراج والبط الصيني تزداد حسنا كلما كبرت 2/441 أكل السنور لها 2/333. فراش: من الذبان 3/146، 150 ليس من الطير 1/26 جلال شأنه 2/309؛ 3/144، 145؛ 4/361 ليس الضفدع بأدل منه على الله 3/176 تولده من التعفين 3/182 استحالة الدعاميص إليه 3/244؛ 5/200؛ 6/562 تصيده بعض طيور الليل 2/408 اغتذاء الخفاش به 3/257. فرانق الأسد: دخوله في الخرافة 4/335. فرس: تشبيهه بضروب من الحيوان ليس فيها الكلب 1/179، 183 تشابه الذكر والأنثى 2/376؛ 5/116 روعة جماله 2/379 من مراكب الأنبياء 7/122 وصفه بقصر الذراع 3/189؛ 6/500، 503 وبسعة الإهاب 5/182 وبسدة السمع 2/344؛ 5/283 وبقوة البصر 4/372 ليس له طحال 6/554 شنج نساه 5/118 مشيه الثعلبية 6/475 لم يسبق الحلبة فرس أهضم 1/70 لم يسبقها أبلق ولا بلقاء 1/70؛ 5/92 ندرة الفرس الأبيض 5/147

الأبلق العقوق 1/204؛ 3/254 تغير لون شعره 1/233 الحجر فوق الفرس في الطعام 1/75 إيثار العربي فرسه باللبن 1/41 كراهته للماء الصافي 5/79؛ 7/80 فزعه مما يراه في الماء 7/80 اختلاف صوته 1/28 فهم الإنسان صوته 1/28 لا يجمد مرق لحمه 4/286 لا يزاوج 4/309 هيجه عند معاينة الأنثى 5/169 غيرته 4/309 تشممه لأنثاه 2/366؛ 4/456، 470؛ 7/7 يحلم ويحتلم 2/364 معاينة احتلامه 2/364 ولد البكر 2/366 غناؤه في الحرب 1/138؛ 4/262؛ 5/4؛ 7/46، 84، 111 مبالغته في الجزع من عذبة السوط 1/191 معرفته لاسمه 7/54 عجز الفرس الأعسر عن السباحة 2/347؛ 7/71 كراهة الجمل قربه من الهجمة 4/286 مقاتلة الفرس للفرس 7/82 ضعفه أمام الأسد 7/82 ثمنه 3/104. فرس النهر: تسميته بالفرس المائي 7/82 قوته 7/46، 76 اغتذاؤه بالنبات 7/84، 148 قيئه 7/148 أكله للتمساح 7/76، 82، 147 التداوي بأضراسه وأعفاجه 7/80، 148 تربية أفلائه في البيوت 7/148 إيذانه بطلوع النيل 7/147. فروج: إطلاق اسم الفروج على ولد الدجاجة 1/131 تسمية الفروج فرخا 1/131؛ 7/53 مشترك الطبيعة 2/425 الفروج الكسكري 2/431 أملح طير 2/378 خروجه كاسيا كاسبا 2/378، 396، 424، 428، 441؛ 5/220، 222 إذا خرج من تحت الحمامة كان أكيس 1/131؛ 2/345 فروج البكر 2/366 إذا كبر لم يقبل الشحم 2/428 يأكل الديدان واللحم 2/425 والهوام 2/373 يحسو الدم 2/425 يتغذى من البيضة بالصفرة 2/435 صيده للذباب 2/425، 428، 433 3/160 حدة صوته 2/428 لؤمه 2/431 تدرجه في الموق 2/373 كيسه في أول الأمر 2/428 سرعة حركته 2/428 إلفه للدراج 2/431 معابثة السنور له 2/389 من الأفاعي جنس لا يضر الفراريج 4/317 كيف يصاح به 2/428 فقيع: حمام توصف عينه بالحمرة 2/436. فنك: من ذوات الوبر 5/257؛ 6/331 والحيوان العجيب 6/331 جودة فروه 6/474. فهد: من ذوات الشعر 5/257 والجوارح 2/350 وجوارح الملوك 6/575 شبه العنكبوت المسمى الليث به في الصيد 5/220، 221 زعم أنه يهودي 6/573 وصفه 6/573 قوة نابه 4/286 قوة شمه 7/24 ثقله 6/571؛ 7/24 اختفاؤه حينما يثقل 7/24 أطباء الفهدة 2/354 مشيه 5/119 وثبته 7/78 أنوم الخلق 5/251 الفهدة أجرأ من الفهد 2/372 صيده بالصوت الحسن 6/570 قبوله للأدب 4/283 كباره أقل للأدب 4/283 حذقه بالصيد 3/161 اللعب به 2/444 معرفة القناص بحاجته 4/271 تداويه بالعذرة إذا أصيب بخانق الفهود 4/370 طلب الأسد له 6/324؛ 7/24 اشتهاء السبع رائحته 4/371؛ 6/570؛ 7/24 مراوغته للسبع 4/371.

فيل: أحد سادة الحيوان 7/71 من الحيوان الهندي 7/77، 104 والمائي 4/323، 330 هو مسخ 1/203 أنواعه 7/107، 109 فيل أبرهة 3/73 شرفه 7/110 ذكره في القرآن 4/278 هو أبو الخترير 7/122 ولده هو الدغفل 7/51 موازنته بالبعير 1/138؛ 7/128 شبه الخترير به 1/97؛ 7/104 والبرغوث 5/210 قبحه 7/22، 121 جسامته 7/121 خرطومه أنفه 3/152؛ 4/307؛ 7/71، 103 طول خرطومه 7/64 هو مقتل من مقاتله 7/71، 116 استعانته بخرطومه 4/307؛ 7/71، 116 إيصاله الماء به 7/106 يده أنفه 7/124 أنيابه جوف 7/68 ضعف نابه 4/307 وزن نابيه 7/70 الخطأ في تسمية نابيه 7/70 فقمه 7/105، 116 انقلاب لسانه 1/204؛ 7/62، 116 قصر عنقه 1/91؛ 4/307؛ 7/103، 116 سعة أذنيه واتساع صهوته 7/64 حلمتا الفيل 2/354؛ 7/63 كثرة تصرف يديه 7/124 خفة وقع قوائمه 2/426؛ 7/64، 66 قوة جلده 7/124، 125 نفاذ خرطوم البعوضة والجرسة في جلده 4/413؛ 6/528 طيب عرق جبهته 7/125 لا يأكل المغتلم إلا إذا مسح وتملق 7/57 صولته 7/67 قوته 7/66 قوة حمله للأثقال 7/64، 117 قوة الفيل الهندي 7/81 استعمال نابه في القتال 2/282 ضآلة صوته 7/71، 116 صياحه من خرطومه 7/71 دهنه صالح لتمرين سفن البحرين 7/65 فائدة نجوه 7/54، 55 عمل الترسة من جلده 7/54 استخدامه في الحروب 7/61، 111 وفي دوس الناس 7/67 كبر غرموله 7/64، 70 تشبيه غرموله 7/106 وصف هيجه 7/116 أثر الغلمة في جسمه 7/40، 109 عود المغتلم إلى الوحشية 7/109 وضع الأنثى في سبع سنين 7/44، 53، 66 خروج ولده نابت الأسنان 7/73 ولادة إحدى الفيلة عند كسرى 7/110 معرفته 4/300؛ 7/54 ذكاؤه 7/110، 111 ظرفه 7/22، 63 جودة تحديقه إلى الإنسان 7/110، 111، 123 سكون طرفه 7/123 جودة سباحته 7/71 طربه 7/123 عبثه بالجوزة 7/111 استئناثه 7/61 تذليله 2/282؛ 7/68 قبوله للتعليم 6/480 سوطه محجن 7/117 سجوده للملك 7/123 تقليده وحكايته 2/346؛ 7/123 اصطياد الوحشي بالأهلي 7/60 أثر سم الجرارة في جسمه 2/232 قد يعيش أربعمائة عام 4/330؛ 7/54، 64، 111 أثر العراق فيه 7/54 مروج الفيلة أصلح لها 7/54 حيازة كسرى لتسعمائة وخمسون فيلا 7/110 فيلة المنصور 7/110 التكاثر بالفيلة 7/61 عداوة الفيلة بعضها لبعض 2/282 علة فزعه من الأسد 7/80 مغالبته للأسد 7/78، 112 غلبة الأسد العراقي للفيل الهندي 7/81 فزعه من السنور 2/282؛ 5/148؛ 7/48، 79، 80 لا تخافه النعجة 3/93 زعم أن الكر كدن ينطحه ويرفعه بقرنه ولا يحس به 7/75 آية الفيل 7/126، 127 تأويل رؤياه 7/115.

(القاف)

(القاف) قادحة: تولدها في جمار النخلة 3/176. قاقم: من ذوات الوبر 5/257؛ 6/331 والحيوان العجيب 6/331 جهل الجاحظ به 6/334. قبج: الذكر ديك 3/100 علاقته بالتدارج والحجل والدجاج 3/100 فرق ما بينه وبين الديك 3/92 حسن إناثه 5/251 طيب لحمه 1/153 عظم خصيته 2/434 لا يزاوج 7/43 قوة الذكر في السفاد 3/92 فرار الأنثى من الذكر 3/92 سفاد الذكورة للذكورة 3/92 لا يسافد في البيوت 7/112 إفساد الذكر للبيض 3/92 يبيض على التراب 3/92 وبين العشب 3/86 يكون منه بيض الريح 3/86؛ 7/144 عدد بيض إناثه 3/92 فراخه 2/441 طير منكر 3/92 سوء هدايته 3/92 تقاتل القبج 5/135 خداعها للصياد 3/92. قراد: تخلقه 5/234 أنواعه 5/232 شدة سمعه 5/230، 283؛ 6/553؛ 7/8، 81 شدة لزوقه 2/284؛ 5/230 تعرضه لاست الجمل 5/235 علاقته بالبعير 6/519، 520 ملاينة الفحل بترع قراده 5/231. قرب: علة تسمية هذا الطائر 3/251. قرد: هو مسخ 1/203؛ 4/280 مسخ الإنسان على صورته 4/273 ليس من مطايا الجن 6/341 شبه وجه النبطي بوجهه 4/296 شبه ظاهره بظاهر الإنسان 1/140؛ 4/309 تشبهه بالإنسان 2/347 كفه في يده 3/114 يأكل بيديه 7/124 كفه وأصابعه 4/310 قبحه 4/285؛ 7/22 شنعته 4/312 هوان شأنه 4/278 ملاحته 4/285، 309؛ 7/22 يأكل القمل 5/205 ضحكه وطربه 4/309 لحمه ينهي عن نفسه 4/280 كراهية لحمه 4/291 تحريم لحمه من جهة الحديث 4/280 علة النص في القرآن على تحريم الخترير دونه 4/280 لم تكن العرب تأكله 4/280، 291 زواجه وغيرته 4/309 يزني ولا يغتسل من جنابة 6/341 عجزه عن السباحة 2/347؛ 4/309؛ 7/71 تعليمه 2/346؛ 6/480 تقليده وحكايته 2/346 التكسب به 1/138 ذو أعاجيب 1/138 فطنته 2/347 معرفته 4/300 فهمه الكلام 7/130. قرشام: ضرب من القراد 5/232. قرنبى: تسميته أنوقا 1/154؛ 3/245 من الحشرات 6/322 دويبة بين الخنفساء والجعل 1/156، 209 حديث فيه 3/256 طلبه العذرة 1/224؛ 3/256 يتبع الرجل إلى الغائط 1/156 يأكله بعض الناس 3/256؛ 6/520. قطاة: علة تسميتها 3/251؛ 5/155، 306 قصر إبهامها 6/386 ملاحة مشيها 5/120، 305 صممها 4/447 نطقها 5/155 صدقها 5/40 بيضها منقط 5/306 لا تضع بيضها

(الكاف)

إلا أفرادا 5/306؛ 7/43 أفحوصها في الأرض 7/41 تطريقها 5/307 هدايتها 5/306 تصيدها بعض طيور الليل 2/408. قلطي: الكلب القلطي 1/104. قمرى: هو حمام 3/75، 99 جمال صوته 1/127 هديله 3/117 اختراعه اللحون 3/162 يتسافد مع سائر أجناس الحمام 3/83 لا يتسافد في البيوت 7/112 يصطاد الذباب 3/162 هو والفاختة 1/95؛ 3/100. قمع: ضرب من ذبان الكلأ 3/167 من المغنيات 3/185. قمل: تخلقه 3/158؛ 5/198، 199، 234 خروجه من جلد الإنسان 5/200 قمل الدجاج والحمام والقرد 5/201 إناثه أعظم من ذكورته 5/198 تلونه بلون الشعر 4/259؛ 5/198 سلاحه خرطومه 6/514 أثر عضته 5/212 ضرره واحد في كل وقت 5/512 معرفته 4/300 ولوعه بالقذر 3/158 استقذاره 3/159؛ 5/210 استصغاره 4/279 قتله 1/107، 202 نبذه يجلب النسيان 5/146، 204 إعجاب نساء العامة بصوت قصع القمل 5/205 التعذيب بالقمل 5/288 أكل القرد له 5/205. قملة النسر: اسمها بالفارسية 5/210، 213 من الحشرات 6/329 وصفها 5/213 سقوطها مع النسر 5/213 إذا عضت قتلت 5/210، 213. قنبر: ضرب من العصافير 5/150. قنفذ: من الأحناش 5/153؛ 329 ومطايا الجن 6/340، 341 كبار القنافذ 6/567 قنفذ البرقة 4/325؛ 6/414 فروته شحيمة 6/565 سلاحه فروته 6/514 مقاتلته بشوكه 6/567 سمعه 6/569 فائدته 4/341 تأكله الأعراب 6/565 معرفته بالريح 4/371 قبوعه 7/36 لا يظهر إلا بالليل 6/565 ضرر صيده من أول الليل 6/340، 341 تحرز العرب من قتله 7/150 النهي عن قتله 4/341 خوف الحية منه 5/281 أكله الحيات 1/25؛ 2/281؛ 4/339، 341؛ 6/345، 478؛ 513؛ 7/19 تداويه بالصعتر بعد مناهشة الحيات 7/19 هرب الأفعى منه 4/341 أكله الأفاعي 4/339؛ 6/478، 513؛ 7/150 احتيال الثعلب له 6/478 صيده له 7/19 يركبه الجني 6/441. (الكاف) كاسر العظام: تعهده فرخ العقاب الثالث 2/336؛ 3/91؛ 6/492. كبش: تفوق النعجة عليه في الطعام 1/75؛ 5/258 استعماله موضع قرنه إذا عدمه 6/514 هراش الكباش 2/338؛ 5/135، 244 مقاتلة الكبش للكبش في زمان الهيج 4/286 حذقه في إتيان أنثاه 5/250 استعماله في الهدايا والنطاح 5/244 وضع الملوك السبق

على الكباش 5/244 اللعب به 2/444 يعقر من غير أن يهاج 2/319 تفضيله على التيس 5/247 حياته بعد قطع أليته 6/576 لا يعرض للعتر 1/94 الكبش الكراز: نفعه 5/244 يعيس عشرين سنة 5/244. كرز: يخترع اللحون 3/162 أكله الذبان 3/162. كركدن: تسمية أرسطو له بالحمار الهندي 7/73 من أشراف السباع 7/71 من حيوان الهند 7/104 من الحيوان العجيب 6/331 إثبات وجوده 7/73 إنكار وجوده 7/72 ذكره في الزبور 7/73 قرنه 7/70، 76، 145 قوته 7/71، 75، 77، 81 قوة المغتلم 7/40، 46 أقل الخلق عددا وذرءا 7/44 طول حمل الأنثى 7/44، 66، 73 خروج ولدها تاما 7/44 القول بخروج ولدها من بطنها ثم دخوله 7/73، 74 لا تلد الأنثى إلا واحدا 7/44، 73 خوف أجناس الحيوان منه 7/73 زعم أنه ينطح الفيل فيرفعه بقرنه ولا يحس به 7/75 يأكل ولده 7/44. كركي: من عظام الطير 5/83 للكراكي رئيس 3/157، 192؛ 5/223 عظم منقاره وبشاعته 3/93 سلاحه 1/25 سماع صوته من بعد 7/117 ودكه في المرق 4/307 لواطه 4/285 حراسته 2/438؛ 7/5 لا ينام 3/192 مواثبة الصقر له 7/83 لا يستوحش منه الحمام 3/93. كلب: بعض أعلام الكلاب 2/266، 268 أنسابها 2/266 تأويل (المحروم) بالكلب 1/127 من ذوات الشعر 5/257 والحيوان الصائد 2/414 والجن 1/146، 193؛ 2/297، 321 ومطايا الجن 1/146، 203 والمسخ 1/146، 193، 196، 203؛ 4/295؛ 6/357 والحيوان العاصي 4/402 هل هو من خلق الجنة 3/187 هو سبع وإن كان أنيسا 1/140؛ 2/333 زعم أن بعض الحيوان كلاب 2/348 الكلاب كلها أهلي 2/345؛ 5/181 كلها أهلي إلا الكلب الكلب 6/330 سقوط قدره ونذالته 1/138 هوان شأنه 4/279 قول معبد فيه 1/238 ذكره في القرآن 4/278 أصناف الكلاب 1/240؛ 3/75 الخلاسية 1/204 الزينية 1/104، 204؛ 2/346 الصينية (وهي الزينية) وشبه الظربان بها 6/512 القلطية 1/104 الخارجية ومتى تنجب 2/294 كلب الراعي 1/104، 204 كلب الرفقة 2/413 كلب أصحاب الكهف 2/351؛ 3/20 كلاب الحي (الشعراء) 1/234 الكلاب الهندية 1/120 شبهه بالإنسان 2/283، 364 وبالخنثى 1/71، 138 وبالخلق المركب 1/69، 146 وبالأسد 2/283، 363 وبالخترير 2/283، 363، 365 وبالدب 2/364 وبالذئب 2/363، 364 شبه باطنه بباطن الإنسان 1/140 وأمعائه بأمعاء الحية 2/364 الديسم ولد الذئب من الكلبة 1/120 قصر يده مما يحمد فيه 3/189 شدة وطئه الأرض 2/354؛ 5/120 لا يوصف

بطول المخالب 1/184 شحو فمه 2/363 قوة فكه وأنيابه 2/345 قوة نابه 3/125؛ 4/286 أسنان الذكور أكثر من أسنان الإناث 2/363 إلقاؤه أنيابه 2/368 قوة مماضغه 2/363 كثرة ريقه 5/181 طيب فمه 1/274؛ 5/181 هو أطيب السباع فما 2/333، 345 شمه 2/338 قوة قلبه لشدة خطمه 4/307، 353 ما يمتاز به في خلقه 1/182 كثرة أطباء الكلبة 2/354 نتن جلده إذا بله المطر 1/148، 151؛ 5/248 خير ألوان الكلاب 2/294 سودها 1/172 بقعها 1/171، 172 السود أقل صبرا على البرد والحر 2/279 تشممه الطعام 1/169 خير غذاء له 2/279 خير طعام لإسمانه 2/279 يأكل لحوم الناس 1/147 يرض العظم 1/97؛ 2/354 ويبتلعه 2/283، 354، 363 ويذيبه 4/413 ويستمرئه 2/345، 363 ويأكل العذرة 1/148 قبح لطعه الماء 3/76 نتن قيئه 1/151 رجوعه في قيئه 1/149؛ 3/79 حذفه ببوله تلقاء خيشومه 1/149، 151 طريقة بوله 2/283 رجعه 2/390 أجود رجعه 2/359 سلاحه 2/319 سلاحه في شدقه 6/514 له ضروب من النغم 2/354 نباحه 2/281؛ 4/392 تعبه من النباح 1/17 وقت فتوره عن النباح 3/396 نبحه السحاب 2/291 تعليل أحد المتكلمين لذلك 2/292 نبحه أصحابه عند الغزو 2/289 إجابته المستنبح 1/252 يخرسه إفراط البرد والمطر 2/291 ما تهيأ له من الحروف 5/156 متى يغلظ صوته 2/366 صوت الكلب الغريب 2/293 ما يحسنه مما لا يحسن الإنسان 2/313 نفعه 1/250 نفعه الخناقين 2/390؛ 6/522 الحاجة إليه 2/346، 353، 357 إحضاره الحوائج من البقال 2/346 هو من متممات القرية 2/353 علة إخراج أهل القرى للكلاب 2/317 رداءة لحمه 4/280 طيب لحم جرائه 2/341؛ 4/281 اللعب به 2/444 التعالج بخرئه 1/160؛ 2/359، 404؛ 7/55 أثر عضته 2/262، 263، 264 لا يعض إلا من تهييج شديد 2/319 هو أشد مضرة من الذئب 1/201 حماية من عضه الكلب الكلب من سقوط الذباب عليه 3/148 كان سببا في حرب هراميت 1/207 يستخدمه المجوس في اختبار الموتى 1/249؛ 2/403؛ 3/167 ظهور حجم ذكره 2/284، 347؛ 3/76 علامة بلوغه 2/273، 367 إذا بلغ لم يقبل الشحم 2/341 متى يترو 2/366 متى تصلح الأنثى للترو 2/366 هيج الذكور قبل الإناث 2/272 لا يجهل على الناس وقت الهيج 4/287 مدة قبول الأنثى للقاح 2/366 من الحيوان الذي يحلم ويحتلم 2/273، 364 معرفة احتلامه 2/364 حيض الكلبة 2/367 علامة حيضها 2/367 لقاحه في حال الدفء والخصب 2/365 مطاولته في السفاد 2/365 التحام قضيبه بثفر الكلبة 2/284، 364 انتظار الكلب الظالع نومة الكلب للسفاد 2/285، 361 مسافدته بنات آوى والثعالب والضباع 2/348 شك في لقاحه لبعض الحيوان 2/348 سفاد السبع والذئب للكلبة 1/120 تأدية الكلبة إلى

كل سافد شكله 2/284، 347، 443 سفاده للذئبة والدبة 2/364 لا يقصد بسفاده النسل 3/77 إتيانه النساء 1/246 وقوع الراعي على الكلبة 3/100 عدد أيام حمل الأنثى 2/366 ظهور لبنها قبل الوضع 2/367 امتيازه بالغلظ 2/367 حالتها حين الوضع 2/367 صغر نتاج البكر 2/366 عدد الجراء 2/367 عمى الجرو 2/403 تفتيحه عينه بعد أيام 2/367؛ 4/461؛ 5/185 متى تسفد الكلبة بعد الوضع 2/367 مساويه ومثالبه 1/146 ذكاؤه 2/314 انتباهه الغريزي 2/315 أيقظ الحيوان عينا 2/343 نومه 3/192؛ 6/571 متى ينام 2/343، 396 سهره الليل ونومه بالنهار 1/187 سرعته 1/179 صدق حسه 2/289 أنفته 2/336 صبره 2/344 حرصه وإلحاحه 1/168 أحرص الكلاب 2/269 جبنه 1/186 لؤمه 1/168، 185؛ 2/322 كرمه 2/297، 343 وفاؤه 2/316، 319، 332 إلفه 1/128، 138، 139، 190، 191، 253؛ 2/345، 426؛ 3/111؛ 5/169 حبه أصحابه 2/337 مخالطته الناس 2/345 إكرامه الرجل الجميل اللباس 2/337 لا يلاعب كلبا ما دام الإنسان يلاعبه 2/345 يقيم مع الإنسان ولا يرحل معه 3/107 معرفته اسمه 1/128؛ 7/54 وصاحبه 1/128، 2/319، 353 هدايته في الثلوج 6/576 معرفته بالظباء 2/313 وجحر الأرنب ومكمن الثعلب وكناس الظبي 2/314 تقليده وحكايته 2/346 حسن حكايته 7/130 سكره 2/371 سراره 2/333 حمايته نفسه وغيره 2/319 حراسته الماشية 1/200، 250؛ 2/346 حارس محترس منه 1/141 لا يعقر صبيا من تلقاء نفسه 1/249 تركه الاعتراض على اللص الذي أطعمه 1/190؛ 2/327 أقدر الحيوان على السباحة 2/347 جودة سباحته 5/65 افتراشه ذراعيه 2/271 تخريقه أذنيه 2/271 بصبصته بذنبه حين يلقى إليه الطعام 7/57 قذارته 1/245 تماوته وانتفاخه 2/352 قبوله للتعليم 2/346؛ 6/480 أدبه 2/320 معاملته حين يأكل صاحبه الطعام 2/321 خطأ إطعامه من الخوان 2/320 أمراضه 2/368 علة كلبه وجنونه 1/134 جنونه من المطر 2/291 علاجه 2/280 علاج الكلاب لأنفسها 2/280، 344 تداويها بسنبل القمح لمعالجة الدود 4/371 صبره على الجراح 2/438 حياته مع الجراح 2/345 احتماله للطعن الجائف 6/576 طول ذمائه 2/344؛ 6/344 أعمار الكلاب 2/367 الإناث أطول عمرا 2/368 واقية الكلاب 2/354 جيف الكلاب 1/161 معرفة سنه 2/363 ما ورد من الحديث والخبر في قتله 1/193؛ 2/332 وفي اقتنائه 1/194 قتل الكلب الأسود 2/405 يأكل الإنسان لحمه 1/110؛ 2/317، 336؛ 4/281 تقاتل الكلاب 2/337؛ 5/135 أفضلها للهراش 2/294 خضوع بعضها لبعض 5/225 مقاتلة الديكة للكلاب 1/249 قد يصارع الثعلب 7/149 شدة حب التمساح له 2/336 طلب الأسد له 2/318، 336 مساورته للأسد 2/394 حاله مع الأسد والنمر والذئب ورؤساء

(اللام)

السباع 1/200 تعرض الحلم لأذنيه 5/234 تخلق القراد من جلده 5/234 ذباب الكلاب 3/151، 185 حوار في الكلب 1/125 رؤيا الكلب وتأويلها 1/179 ثمنه وديته 1/141، 142، 194. الكلاب السلوقية: 1/204؛ 2/356 السلوقي والد للخلاسي 1/104 هي أجود شما 2/338 البيضاء أكرم وأصيد من السوداء 3/167 أكلها للجرذ 7/85 ذكاء ذكورتها 2/372 قوة سفادها 2/367 قوتها على المعاظلة في الكبر 3/259 متى يسفد السلوقي 2/366 مدة حمل السلوقية 2/366 عدد جرائها 2/367 متى يظهر لبنها 2/367 عمرها 2/367. كلاب الصيد: استجادتها 2/389 علامة فراهيتها 2/278، 279 أفضلها 2/294 أفضلها للذئاب 2/294 إعجاب الكلاب بالكلب القصير اليدين 6/502 ما يستحب في ذنب كلب الصيد 2/340 صفة عيونها إذا أبصرت الصيد 2/357 إناثها أصيد من ذكورها 1/75، 76 مهارتها في الصيد 2/314؛ 3/161 إمساكها الصيد على صاحبها دون نفسها 2/351؛ 359 مهارتها في الإصعاد خلف الأرانب 2/315 وفي تتبع الدراج 2/315 لحاقها بتيس الظباء 2/314 إرسالها على الثور 2/358 تنفير الوحش بها 4/468 معرفة القناص بحاجاتها 4/271 ما يصطاده الكلب 2/269 كراهية ما يصيده الأسود البهيم 2/444. كلب الماء: من ذوات الوبر 5/257 هو كلب الأرض 4/330 ليس من السمك 1/27؛ 5/282؛ 7/76 ظهوره على الشاطئ 5/282. كوسج: والد اللخم 1/27؛ 7/74 ليس من السمك 1/199؛ 7/82 يشبه الجري 6/555 غليظ الجلد أجرد 6/555 اختفاء كبده بالنهار 1/204 ظهور شحمته بالليل 6/508. كيلاس: اسم لبعض السباع المشتركة الخلق 6/332. (اللام) لبؤة: شبه الأسد بها 5/116 أشد عراما من الأسد 1/76؛ 2/321 انفراد الأسد بها 4/287. لخم: من كبار الحيوان 5/288؛ 7/82 والده هو الكوسج 1/27؛ 7/74 يلد ولا يبيض 7/74 امتلاخه المذاكير 1/82. ليث (ضرب من العناكب) : شبهه بالفهد في الصيد 5/220 له ست عيون 5/220 صيده للذبان 3/161؛ 5/220؛ 6/528 لا يصيد إلا ذبان الناس 5/220. (الميم) مارد: ماهيته 1/125. مارماهي: شبهه بالحية 4/322. مثل: من الحشرات 6/329.

(النون)

معز: تسميتها باللافظة 2/330 من ذوات الشعر 5/257 من الغنم 3/83 كرمها 5/259 قول فيها 5/242 ذكرها في القرآن 4/278؛ 5/242 قرابة الضأن منها 1/34 مخالفتها للضأن 3/75 موازنة بينها وبين الضأن 5/244، 251 فضل الضأن عليها 5/243 شبه الذكر بالأنثى 2/376 تميز الذكورة من الإناث 5/115 الصفايا 2/381 لحمها 5/254 يجمد مرق لحمها 4/286، 307 ضرر لحمها 5/245 طيب لحم الحمر 5/14، 256 بقاء شحمها على حاله 5/244 سهولة سلخها 5/256 نفع جلودها 5/257، 258 اتخاذ النعال منها 5/254 ثمن جلدها 5/253، 254 ثمن ما في بطنها 5/255 مرعزاها 5/257 الماعز التي لا ترد الماء 5/257؛ 6/463 نفعها 5/255، 259 تحلب خمسة مكاكيك وأكثر 5/253 عدم نبات ما تأكل 5/250 لا يعرض لها الكبش 1/94 لا تقرب الضأن ما وجدت المعز 2/431 امتناع التلاقح بينها وبين الضأن 1/103؛ 3/75 قد تضع في السنة مرتين 5/171، 243، 255 قد تلد ثلاثا أو أكثر 5/243 صردها 4/376؛ 5/245؛ 6/344 إتلافها الأخبية 5/245 تمنع الحي الجلاء 5/259 عيوبها 1/148 من أموق البهائم 2/330؛ 5/250 حمقها 7/22 ارتضاعها من خلفها 1/236؛ 2/330 منع تسميتها بالشاة 5/250 نفورها من المخلب والخف 2/431 بحثها عن حتفها 1/236 تفضيل الراعي الشبق النعجة عليها 5/244. ابن مقرض: ما يشبهه من الحيوان 6/329 آلق من ابن عرس 6/575 حبه الدراهم 6/575 حسن صيده للعصافير 6/575. مقلاس: اسم لبعض السباع المشتركة الخلق 6/332. مكاء: من أصغر الطير وأضعفه 7/13 أكل الحية لبيضه 7/13 احتياله لقتل الثعبان 7/13. مكلفة: اسم لكاسر العظام 3/91. ملائكة: تطير وليست من الطير 1/26؛ 7/26 جرهم من نتاج ما بين الملائكة وبنات آدم 1/122 مراتبهم 6/415 ملائكة العرش 7/26 ملك الظل 3/188 ملك الموت 6/430 تصورهم 6/430 أجنحتهم 3/112، 113. منونة: ضرب من العناكب 6/329. مهرية: إبل بين الوحشية والأهلية 1/102 بين الحوش والعمانية 1/102. (النون) ناقة: علاقة الناقة الوحشية بالزرافة 1/142 شبهها بالجمل 2/376؛ 5/116 سقب ناقة صالح 3/89 عثنونها 5/116 صيرورة الناقة الحمراء حبشية إذا أتمت 1/233 كبرها بعد اللقاح 3/146؛ 6/352 إيزاغ المخاض 2/314 العجب من خروج ولدها من بطنها 7/74

فطامها ولدها 3/82 وقوع الراعي عليها 3/100 نشاطها 1/183 معرفتها لقولهم حل 7/25، 54 تعمدها القيء في وجه من يرحلها أو يعالجها 3/80 خوفها من الغراب 3/203. نبر: من الحشرات 6/329 سقوطه على البعير 3/148؛ 6/329. نجيبة: ضرب من الإبل 3/75. نحل: هو من الذبان 3/146، 150، 186؛ 6/363 ومن المغنيات 3/185 والمحكمات شأن المعيشة 5/221؛ 6/323 ذكره في القرآن 4/278 زعم نبوة النحل 5/227 له رئيس 5/223؛ 6/323 فحل النحل 3/157 أمير النحل 5/223 أمير العسالات 3/157 طاعة النحل لليعسوب 1/18 شمه ما لا يشم ورؤيته ما لا يرى 6/323 اغتذاؤه بالعسل 4/405 ادخاره 4/276؛ 5/196؛ 6/323 لا يدخر إلا العسل 4/276 يأكل الذبابة 6/478 صنعته 1/30 خلاياه 2/343 نظامه 5/222، 223 عمله 5/226 كثرة فوائده 6/324 نفع العسل 5/229 وفاؤه 5/222 له مسكن 4/405 كراهة قتله 3/186، 256؛ 4/268 يأكله الزنبور 6/478. نسر: هو سبع 2/426 أعظم سباع الطير وأقواها بدنا 6/533 إلحاقه بكرام الطير 4/434 نسر لقمان 3/201؛ 6/485؛ 7/30 ليس له مخالب 2/426؛ 6/490 قوته في منسره وبدنه 6/530 شراهته 6/489 ولوعه بالجيف 5/173 أكله الحيات 6/513 يشارك الضبع في فريسته 6/489 علة اتباعه الجيوش والحجاج 6/483؛ 7/11 ثقله بعد الطعام 6/489 سكره 2/371 سلاحه 1/25؛ 6/490 فرش الأنثى وكرها بورق الدلب لإبعاد الخفاش 7/13 حمقه 7/10، 13 شدة ارتفاعه 6/488 طول عمره 3/259؛ 4/335؛ 6/489؛ 7/111 لا يتعرض للضبع 6/489 قمل النسر 5/210. نسناس: نشأته 1/123 كلام فيه 6/417؛ 7/108. نعامة: اسمها الفارسي 1/95؛ 4/416 من الحيوان العجيب 7/122 ومراكب الجن 1/203؛ 6/340 ليست من الطير 1/27 شبهها بالبعير والطائر 4/416 طول وظيفيها 1/182 قصر ساقيها 1/182 لا مخ لعظمها 4/418 سقوطها إذا كسرت رجلها 5/121 عري نساها 1/182 مصلومة الأذن 4/452 زعم الأعراب أنها صماء 4/345، 348 صممها 4/445، 452، 454، 455، 461 قصة أذنيها 4/417، 454 شمها 4/456، 469 صومها 2/391 التهامها الجمر والصخر 1/97؛ 4/411، 415 هي مما يزاوج 7/43 مما لا يزاوج 7/42 بيضها 4/419 كبر بيضها وقلته 7/42 الحصول على بيضها 4/429 طلب بيضها بالنهار 4/501 حضنها بيض غيرها 1/131 ضررها 4/422 شرودها ونفارها 1/130؛ 4/452، 466، 467 حمقها 4/452 فهمها بالنظر 4/455 مسكنها 4/431 عداوتها للذئب 4/421

لا يصيدونها من أول الليل 6/340. نعجة: تسمية بقر الوحش نعاجا 2/348 ذكرها في القرآن 4/278 النعاج الساجسية 2/400 هي آكل من الكبش 1/75؛ 5/259 لا يعرض لها التيس 1/94 تفضيل الراعي الشبق النعجة على العتر 5/244 حمقها 7/22 ميلها على شقها الأيسر في الربوض 5/270 لا تخاف من البعير والجاموس ولا الزندبيل ولا الفيل 3/93 خوفها من الببر والنمر 3/93 خوفها من السبع ولم تره من قبل 3/93 شدة خوفها من الذئب 3/93. نعر: ضرب من الذبان 3/167 من المغنيات 3/185. نقاز: من أسماء العصفور 5/120. نمر: من كبار السباع 6/324، 533 وذوات الشعر 5/257 وذوات المخالب 3/144 كله وحشي 6/330 زعم أن الزرافة ولد النمرة من الجمل 7/143 شبه جلد الزرافة بجلده 7/143 عينه تضيء في الليل 4/371؛ 5/176 لا يتلاقح في البيوت 7/113 صبره في القتال 7/46 كثرته في بلاد غانة 7/78 اعتداؤه على الإنسان والحيوان في كل حالة 5/190، 191 لا يعرض للإنسان إلا عند الهرم 6/533 مرافقة الإنسان له 6/447 عداوته للأسد 2/282؛ 7/77 صبره في قتاله 7/83 طلبه للببر 6/482 خوفه من الببر المجروح 7/39 يعين الببر الأسد عليه 6/482 خوف النعجة منه 3/93؛ 7/59 تضع الأنثى الولد ومعه أفعى 4/368؛ 6/335؛ 7/76، 103. نمس: احتياله للثعابين 4/319. نمل: من الحشرات 6/329 والمحكمات شأن المعيشة 5/221؛ 7/65 قرابته للذر 7/107 مخالفته له 3/75 أكل الذر له 4/276 نوع منه يسمى أقرشان 4/313 نملة سليمان 4/263 سادة النمل 4/270 ليس له أمير 3/157 استحالة الأرضة إلى نمل 4/277 جلال شأنه 3/145 ذكره في القرآن 4/278 أرجله ست 5/217 نبات أجنحته وهلاكه حينئذ 2/425؛ 3/244؛ 4/277، 369؛ 5/200؛ 6/562؛ 7/26 أكل العصفور للنمل الطائر 2/425؛ 5/114؛ 7/43، 84 يطير ولا يسمى طيرا 1/26 ادخاره 4/276؛ 5/196 صنيعه في الحب 4/269 أكله حشوة الإنسان 4/270 والأرضة 4/276 يعرض للخصي 5/235 ليس له صوت 4/272 إجلاؤه الأمم 3/145؛ 4/267 حفره جحره 4/332 قرية النمل 4/265، 270 وادي النمل 4/267 كل أرض كثيرة النمل لا تصلح فيها الأعناب 4/267 خوف الدب من شره 7/21 أكل العصافير له 4/277 والضباع 4/276 قتله 1/203 وسيلة لقتله 4/277 النهي عن قتله 3/256 4/268. نهار: هو فرخ الحبارى 5/239.

(الهاء)

نهيك: هو الحرقوص 6/562. نون: ذكره في القرآن 4/278 مثل النون والضب 7/124. (الهاء) هامة: من طيور الليل 2/408 صياحها مع الصبح 2/407. هدهد: كل مغن من الطير فهو هدهد 3/255 الحمام الذكر هو الهدهد النابح 1/233؛ 3/255 هدهد سليمان 1/65، 197؛ 3/250؛ 4/299؛ 6/477، 482؛ 7/27 ذكره في القرآن 4/278 قوة بصره 7/8 معرفته بمكامن الماء 3/250 استدلال سليمان به على الماء 3/250؛ 6/477 لا يبصر الفخ 3/250 ما زعموا في قترعته 3/249 أكله العذرة 1/154؛ 3/241 نقله الزبل 3/250 بناؤه بيته من الزبل 3/251 نتنه 2/420؛ 3/249 نباحه 1/233؛ 4/392 النهي عن قتله 3/256؛ 4/268. هديل: اسم للحمام الذكر 3/117. هزاردستان: هو العندليب 5/156. همج: جلال شأنه 3/144 عجز الإنسان عما يقدر عليه 1/30 غشيانه النار 2/310. هندية: من القواتل 4/319، 321 هنديات الخرابات 4/370 علة وجودها في البيوت والإصطبلات 4/419. هوام: النهي عن إحراقها 1/107 يصيدها الفروج 2/428. هيشة: هي أم حبين 6/519. (الواو) واق: هو الصرد 3/208. واق واق: من الخلق العجيب 7/108. وبر: نتنه 6/511 يشتهي سفاد العكرشة 6/499 تأكله الحية 5/281. وحر: تسميته بالعظاءة 1/96 من الأحناش 6/531 شبهه بالعظاءة 6/519 وبالضب 6/328 ولوع الحية به 5/281 يأكله الإنسان 6/520. وحش: تقسيمه إلى ما يأنس وما لا يأنس 4/467 نفاره 4/468 تنفيره بالكلاب 4/368 جحرته 7/24. ورداني: الورداني من الحمام 1/70؛ 3/100 نتاج مركب 3/83 غرابة لونه 3/83 ظرافة قده 3/83. ورشان: هو حمام 3/75، 100 هو والد الراعبي 1/91؛ 3/82، 100 طوق الذكر 3/99 لإناثه جمال 5/251 ندرة الورشان الأبيض 5/147 مزاياه 1/69 جمال صوته 1/127، 191

(الياء)

بعد صوته 2/406 تسافده مع سائر أجناس الحمام 3/83 لا يتسافد في البيوت 7/112 صرعه 2/369 طول عمره 1/91؛ 3/259؛ 7/111 يأكله السنور 5/182. ورل: تسميته عظاءة 1/96 حيوان بري 4/329 من الأحناش 6/531 ومطايا الجن 6/340 موازنة بينه وبين الضب 6/563 شبهه بالضب 6/328 ألطف جرما منه 4/332؛ 6/563 براثنه أقوى من براثن الضب 4/332 سمن ذنبه 7/132 استطابة ذنبه 6/340، 564 التدرب على أكله 4/276 لحمه عضل مسيخ 7/132 يأكل الحيات أكلا ذريعا 4/332؛ 6/345، 528، 564؛ 7/150 كثيرا ما يوجد في جوفه الحيات والأفاعي 7/132 أكله الضب 6/339، 563 مطاولته في السفاد 3/190؛ 5/121؛ 6/564 خفة حركته 6/564 نفخه وتوعده للإنسان 6/510 سوء هدايته 6/385 لا يحفر جحرا لنفسه وإنما يغتصب بيت الضب 4/332؛ 6/340، 564 وبيت الحية 6/564 سبب ذلك 4/332؛ 6/340 سكناه بقرب الضب 6/351 مصارعته للضب 7/150 مهارشته للحية 7/150 فرار الحية منه 5/281 خوفه من الثعلب 6/528 النهي عن قتله 4/341 تحرز العرب من قتله 7/150 لا تصيده الأعراب من أول الليل 6/340 ضرر صيده من أول الليل 6/341. وزغ: من المسخ 1/196 والحيوان العاصي 4/402 أصم الله أباه وأبرصه 4/295 نفخه نار بيت المقدس 4/402 شبهه بالضب 6/328 يأكل اللحم والعشب 4/368 ويصطاد الذباب 3/161؛ 6/528 ويطاعم الحيات 4/403، 405؛ 5/191 ويكرع في المرق واللبن 4/403 كراهته للزعفران 4/314 سمه 4/405 صنع السم منه 4/403 موت السنور بأكله 5/168 حياته بعد القطع 6/344 عيشه بعد قطع ذنبه 6/575، 576 قتله 4/400، 402 علة قتل العامة له 1/201 قربه من الناس 4/405 أكل السنانير له 2/333 صداقة الحية له 3/241. وطواط: من الطير 1/27 من طيور الليل 2/408 من الحيوان المطيع 4/402 طيرانه ولا ريش له 3/159 نفخه نار بيت المقدس 4/402 سلاحه 1/25. وعل: علة تسميته بالقروع 7/18 شبه الثيتل به 6/471 نصول قرنه 7/17 اعتماده على قرنه في الوثب والقذف بنفسه 7/146 أكله الحيات 1/25؛ 2/282؛ 3/241؛ 4/339؛ 6/345. (الياء) يراعة: وصفها 4/503. يربوع: من الأحناش 5/153 ضرب من الفأر 5/141، 162 من مطايا الجن 6/340 ما يشبهه من الحيوان 6/329 شبهه بالجرذ 6/520 الشفاري والتدمري 6/525 يداه أقصر

من رجليه 6/520 وصفه 6/524 نافقاؤه 5/149، 150، 239 علة اتخاذه النافقاء 6/339، 522 احتياله 5/150؛ 7/24 توبيره 5/150 يأكله الإنسان 4/282؛ 6/520، 521 لا تصيده الأعراب من أول الليل 6/340 ديته 6/388. يعسوب: هو فحل النحل 5/224 لا يعد طيرا 1/26 إطلاق اليعسوب على الثور 1/18 يعاسيب الذباب 3/157 طاعة النحل لليعسوب 1/18. بعقوب: اليعقوب حمام 3/76. يمام: هو حمام 3/76، 99 انفراق جماعاته إذا حاذت الكعبة 3/72. يؤيؤ: من خشاش الطير 1/25 من جوارح الملوك 6/575 ليس من العقبان 3/91 يحضن عشرين يوما 3/91.

فهرس الآيات القرآنية

فهرس الآيات القرآنية البقرة: 1: 1/59. البقرة: 18: 4/449. البقرة: 24: 4/393. البقرة: 26: 4/278؛ 5/214. البقرة: 30، 35: 1/124. البقرة: 31: 5/111. البقرة: 35: 3/196. البقرة: 57: 4/290. البقرة: 63، 93: 4/361. البقرة: 74: 4/401، 411. البقرة: 86: 4/292. البقرة: 118: 2/307. البقرة: 125: 3/73. البقرة: 163: 4/362. البقرة: 171: 4/449. البقرة: 175: 5/55. البقرة: 178: 4/288. البقرة: 179: 2/301؛ 4/473. البقرة: 180: 6/534. البقرة: 183، 185: 1/228. البقرة: 249: 5/16. البقرة: 260: 7/31. البقرة: 275: 1/123؛ 6/399، 429. البقرة: 276: 3/110. آل عمران: 14: 6/436. آل عمران: 40: 4/301. آل عمران: 49، 131: 7/28. آل عمران: 75: 3/41. آل عمران: 93: 4/292. آل عمران: 143: 7/120. آل عمران: 183: 4/488؛ 5/11. النساء: 3: 4/288. النساء: 4: 4/289. النساء: 10: 5/21، 13. النساء: 11: 3/122. النساء: 43: 1/220. النساء: 66: 3/110. النساء: 119: 1/117. المائدة: 3: 4/297، 298. المائدة: 3، 87، 160: 4/288.

المائدة: 3، 87، 160: 4/288. المائدة: 4: 2/350، 351، 359. المائدة: 6: 1/220. المائدة: 22، 75: 1/229. المائدة: 29، 30، 31: 3/194. المائدة: 31: 3/195. المائدة: 32: 4/292. المائدة: 42: 5/13. المائدة: 60: 4/279. المائدة: 67: 6/456. المائدة: 110: 3/182؛ 7/28. المائدة: 111: 5/227. الأنعام: 9: 1/35. الأنعام: 38: 1/59؛ 4/401؛ 7/25، 26، 30. الأنعام: 45، 146: 4/291. الأنعام: 71: 6/429. الأنعام: 130، 143: 5/276. الأنعام: 143: 5/242. الأنعام: 145: 4/280؛ 6/403. الأنعام: 146: 4/292. الأنعام: 164: 4/475. الأعراف: 19: 1/124. الأعراف: 32: 4/290. الأعراف: 40: 5/280. الأعراف: 97: 1/195. الأعراف: 104- 107: 4/336. الأعراف: 132، 133: 5/300. الأعراف: 133: 5/288. الأعراف: 145، 171: 4/362. الأعراف: 157: 4/292. الأعراف: 158: 5/39. الأعراف: 163: 4/310، 311. الأعراف: 166: 4/312. الأعراف: 175، 176: 2/265، 266. الأعراف: 175، 176، 179: 1/238. الأعراف: 176: 4/279. الأعراف: 198: 2/384؛ 7/120. الأنفال: 7: 3/64. الأنفال: 16: 3/195؛ 4/298. الأنفال: 21، 22: 4/362. الأنفال: 35: 4/351. الأنفال: 42: 5/55. الأنفال: 48: 6/399. التوبة: 69: 2/307. التوبة: 127: 1/227. يونس: 5: 1/36. يونس: 22: 4/289. هود: 7: 5/78، 82. هود: 40: 1/225. هود: 72: 4/301. هود: 81: 6/357. يوسف: 18: 6/574. يوسف: 41: 7/28. يوسف: 76: 5/111. يوسف: 93، 94، 96: 4/470. يوسف: 100: 2/353. إبراهيم: 24، 26: 4/290. إبراهيم: 37: 3/73؛ 7/127. الحجر: 16، 17: 6/454.

الحجر: 17: 6/585. الحجر: 17، 18: 6/399. الحجر: 22: 3/176. الحجر: 35: 6/456. النحل: 1: 5/287. النحل: 8: 2/309، 310؛ 5/112. النحل: 14: 4/298. النحل: 68، 69: 5/226. النحل: 69: 5/226، 227، 288. النحل: 80: 5/244. النحل: 97، 114: 4/290. الإسراء: 14: 1/45. الإسراء: 15: 4/475. الإسراء: 44: 7/29. الإسراء: 64: 1/123؛ 6/398. الكهف: 9- 14: 2/351. الكهف: 16- 18: 2/351. الكهف: 18: 3/20. الكهف: 21، 22: 2/352. الكهف: 23: 3/196؛ 4/298. الكهف: 50: 6/399، 415. الكهف: 58: 4/362. الكهف: 99: 2/409. الكهف: 149: 5/276. مريم: 8: 4/301. مريم: 14: 1/229، 230. مريم: 32: 1/230. مريم: 62: 4/395. طه: 9- 12: 4/489. طه: 15: 5/165. طه: 17، 18: 5/269. طه: 18: 4/337. طه: 20: 4/393، 396. طه: 88، 89: 7/28. طه: 125: 1/228. الأنبياء: 45: 4/449. الأنبياء: 60، 61، 68، 69: 4/489. الأنبياء: 63: 7/28. الأنبياء: 79: 7/29. الحج: 29: 5/202. الحج: 31: 7/28. الحج: 73: 3/164، 181؛ 4/278. المؤمنون: 14: 1/31؛ 3/182. المؤمنون: 14، 27: 5/289. النور: 11: 7/29. النور: 23، 26: 4/289. النور: 26: 1/202. النور: 45: 4/392، 393؛ 5/78. النور: 61: 4/290. الفرقان: 45: 7/120. الفرقان: 73: 4/449. الشعراء: 29- 32: 4/337. الشعراء: 44: 4/366. الشعراء: 130: 1/229. الشعراء: 212، 221- 223: 6/454. النمل: 7: 6/586. النمل: 7، 10: 4/337. النمل: 7، 8: 4/489. النمل: 12: 1/230. النمل: 16: 7/33، 35.

النمل: 17، 18، 19: 4/267. النمل: 17، 20، 105، 116: 7/28. النمل: 18، 19: 4/264، 269. النمل: 20: 4/301. النمل: 20- 23، 28: 1/65. النمل: 21: 4/302، 306؛ 6/482. النمل: 21، 22، 24- 26: 4/299. النمل: 22، 39، 40: 1/9. النمل: 27- 31، 34، 36- 40: 4/300. النمل: 1: 2/352؛ 6/400، 415. النمل: 47، 82: 7/29. النمل: 80: 4/447. النمل: 88: 5/288. النمل: 144: 5/78. القصص: 19: 1/229. القصص: 32: 1/230. العنكبوت: 40: 4/283. العنكبوت: 41: 4/278. العنكبوت: 41، 43: 5/218. العنكبوت: 41، 43: 5/218. العنكبوت: 64: 5/154. الروم: 7: 5/112. الروم: 50: 4/362. لقمان: 27: 1/137؛ 5/112. السجدة: 10: 3/237. الأحزاب: 36: 2/374. الأحزاب: 72: 4/401. سبأ: 10: 4/401؛ 7/32. سبأ: 12، 13: 6/400. سبأ: 13: 1/225؛ 4/305، 306. سبأ: 14: 4/406. سبأ: 15: 4/289. سبأ: 15، 16،: 5/289. فاطر: 1: 3/112؛ 7/26، 30. فاطر: 11: 4/393. فاطر: 12: 5/78. فاطر: 18: 4/475. يس: 29: 2/409. يس: 55: 4/395. يس: 80: 4/490؛ 5/51، 53. الصافات: 6- 9: 6/454. الصافات: 7- 9: 6/586. الصافات: 7: 6/415. الصافات: 10: 6/586، 587. الصافات: 64، 65: 4/279. الصافات: 65: 6/425. الصافات: 102: 1/107. الصافات: 107: 5/242. ص: 18، 19: 7/32. ص: 19: 7/30. ص: 33: 5/248. ص: 35: 4/303. ص: 35- 38: 6/400. ص: 37، 38: 6/431. ص: 38: 4/306. ص: 41، 42: 6/399. ص: 56: 4/396. ص: 86: 1/231. الزمر: 7: 4/475. الزمر: 71: 4/396. فصلت: 21: 1/229.

فصلت: 21، 50: 7/29. الشورى: 52: 1/226. الدخان: 49: 3/39؛ 5/14. الجاثية: 13: 1/139؛ 5/287. الجاثية: 24: 1/226. محمد: 15: 5/230. محمد: 23، 24: 4/447. الحجرات: 12: 5/13. ق: 9: 5/78. ق: 45: 1/230. الذاريات: 19: 1/126، 127. الذاريات: 53: 2/307. الرحمن: 4، 5: 1/36. الرحمن: 35: 4/491؛ 5/54. الرحمن: 56، 74: 1/123؛ 6/398. الرحمن: 64، 65: 3/120. الطور: 44: 2/390. الواقعة: 19: 5/230. الواقعة: 19، 33: 3/42. الواقعة: 21: 7/30. الواقعة: 29: 1/2283/117. الواقعة: 56: 4/394. الواقعة: 71: 5/50. الواقعة: 71- 73: 4/490. الجمعة: 5: 2/385، 386؛ 4/279. المنافقون: 4: 5/132؛ 6/548. التغابن: 16: 3/7، 8. التحريم: 6: 4/411. التحريم: 10: 4/289. الملك: 5: 6/454. الملك: 15: 6/585. القلم: 1: 1/37. القلم: 16: 7/103. القلم: 17- 20: 3/196. الحاقّة: 19، 25: 1/45. المعارج: 11- 16: 3/188. نوح: 23: 7/31، 32. الجن: 6: 6/399، 420، 428. الجن: 8- 10: 6/454. الجن: 9: 6/457. الجن: 18: 1/228. المدثر: 4: 1/229. المدثر: 31: 5/112. المدثر: 36: 5/39. الإنسان: 1، 2: 4/393. الإنسان: 18: 1/229. عبس: 13: 1/45. عبس: 27- 29: 5/51. الانفطار: 94: 1/45، 82. المطففين: 1: 1/228. الطارق: 11: 5/159. الغاشية: 17: 1/228؛ 7/127، 128. الفجر: 6: 7/120. التين: 1: 1/136. الزلزلة: 7، 8: 4/275، 279. العاديات: 8: 6/534. التكاثر: 8: 1/231. الفيل: 1- 5: 4/283؛ 7/120. الإخلاص: 1: 4/497. الفلق: 1: 1/229؛ 6/532.

فهرس الأحاديث النبوية

فهرس الأحاديث النبوية (الألف) إذا رقدت ... : 5/66، 146. إذا كانت تلك ... : 4/450. إذا لا ينتطح ... : 1/222. أذنك حتى أساودك: 4/271. اسقه عسلا: 5/228. أشد الناس عذابا ... : 4/337. اعقلها وتوكل: 2/312. أعوذ بك أن ... : 4/337. أغلقوا أبوابكم ... : 5/66. أكلك كلب الله: 2/349. أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تحبسوا ... : 5/67. أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع ... : 4/403. امسحوا رعام الشاء ... : 5/267. أنا!!: 1/224. أنا بريء من ... : 7/121. أنا جذيلها ... : 1/223. إن تحت جناح ... : 3/150. إن تلك الأكلة ... : 4/382. إن الديك الأبيض ... : 2/387. أنفق بلال ... : 2/312. أنقوا عذراتكم: 1/220. إن الله تعالى إذا ... : 5/288. إن الله عز وجل ... : 5/267. إن مما خلق ... : 2/387. إنها بين قرني ... : 6/431. إنها تطلع بين ... : 1/101. إني بريء من كل ... : 2/383. إني لست كأحدكم ... : 4/471. أوصيكم بالشاء ... : 5/267. (الباء) البائعان بالخيار: 3/121. بينما رجل يمشي ... : 2/332. (التاء) تراصوا بينكم ... : 6/432. (الحاء) الحلو البارد: 5/228. الحميراء: 1/223.

(الخاء)

(الخاء) خرافة رجل من ... : 6/424. خرج نبي من ... : 4/269. خرج نبي من ... : 4/269. خصاء أمتي الصوم ... : 1/85. خمروا آنيتكم ... : 6/425. خمس من الدواب ... : 2/419. خمس يورثن النسيان ... : 5/146. (الدال) دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ... : 4/401. دخلت امرأة ... : 5/147. الديك صديقي ... : 2/438. (الراء) الراجع في هبته ... : 1/149. رأس الكفر ... : 5/268. (السين) سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ... : 4/401. السكينة في أهل ... : 5/268. سياحة أمتي ... : 1/85. (الشين) شهدت الفجار ... : 1/109؛ 6/459. شيطان خترب ... : 6/417. شيطان يتبع ... : 1/197. (الصاد) الصوم وجاء: 1/85، 113. (العين) عذبت امرأة ... : 5/146. عفري: 5/268. عليكم بالأسود ... : 1/193. عمر الذباب ... : 3/186. العين حق: 2/321. (الغين) غفر لامرأة ... : 2/332. الغنم بركة ... : 5/268. (الفاء) الفخر في أهل ... : 5/268. فيها نشأة الخلق ... : 1/117. (القاف) قل ومعك ... : 1/226. (الكاف) كل ذباب في ... : 3/186. كل الصيد في ... : 1/222، 385. (اللام) لا أحله ولا أحرمه: 6/356. لا تبيتوا في المعصفر ... : 4/386. لا تتراءى ناراهما: 2/384؛ 7/121. لا تذبحوا الديك ... : 2/438. لا تسبه فإنه يدعو ... : 2/387. لا تسبوا الدهر ... : 1/226. لا تشربوا من ثلمة ... : 6/432. لا تطفئوا النار (حديث قدسي) : 5/66. لا تعذبوا بعذاب الله: 4/490. لا وخرافة حق: 1/199. لا يحل لرجل ... : 1/185. لا يرجع في هبته ... : 1/185. لا يقولن أحدكم خبثت ... : 1/223. لا يقولن أحدكم لمملوكه ... : 1/225. لا يلسع المؤمن ... : 1/222. لعنها الله فإنها ... : 4/366. اللهم إني أعوذ ... : 4/337، 338.

(الميم)

ليس من طعام ... : 6/356. (الميم) الماء لا ينجسه ... : 5/82. ما سالمناهن مذ ... : 4/404. مات حتف أنفه: 1/222. ما من مسلم ... : 5/267. من اتخذ كلبا ... : 1/195، 199. من أحيا أرضا ... : 1/24. من اقتنى كلبا ... : 1/194. من أكل من ... : 1/202. من الدواب ... : 3/256. من فعل هذا ... : 4/268. من كانت له غنم ... : 5/267. من كان منكم ... : 5/268. (النون) نزل نبي من ... : 4/268. نعم إن لم تدركه ... : 1/208. نعمت العمة لكم ... : 1/138، 139. نهى صلى الله عليه وسلم أن يقعي ... : 2/363. نهى صلى الله عليه وسلم عن اختناث فم القربة: 4/390. نهى صلى الله عليه وسلم عن قتل الخفاش: 5/284. نهى صلى الله عليه وسلم عن قتل الضفدع: 3/261؛ 5/283. نهى صلى الله عليه وسلم عن قتل الوطواط: 3/261. (الهاء) هذا أول يوم ... : 6/460. هن من الطوافات عليكم: 1/248؛ 2/332؛ 5/146. (الواو) وفروا أشعارهن ... : 1/113. الولد مجبنة ... : 1/74. (الياء) يا أم عطية ... : 7/15. يا خيل الله ... : 1/222.

فهرس الأقوال والأثر

فهرس الأقوال والأثر القول: القائل: الجزء والصفحة (الألف) أبرح فتى إن لم تدركه أم كلبة.: زيد الخيل: 2/413. أجدني أجد ما لا أشتهي ... :؟: 3/68، 6/589. أجدني أذوب ولا أثوب.: عمرو بن العاص: 6/589. إذا جاء القدر لم ينفع الحذر.: ابن عباس رضي الله عنه: 3/250، 6/477. إذا ظهر البياض قل السواد ... :؟: 3/60. إذا لم يكن ما تريد فأرد ما يكون.: أيوب السختياني: 6/322. ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم.: سليمان بن داود عليه السلام: 4/269. استراح من لا عقل له.:؟: 3/237، 5/315. أشهد بالله إنك لضبع.: أبو إسحاق: 5/64. أصلخ كصلخ النعامة.:؟: 4/456. اضربوهن بالعري.: عمر بن الخطاب رضي الله عنه: 1/112. الأماني للنفس مثل الترهات ... : معمر بن عباد: 5/106. إن الطاعون وخز من الشيطان.: عمرو بن العاص: 1/234. أطعام يد أم طعام يدين.: حسان: 7/154. اقتلوا من الحيات ذا الطفيتين ... : علي بن أبي طالب رضي الله عنه: 2/405، 4/404. أقل الله فطنتك.:؟: 7/153. أنا أصدق في صغار ما يضرني ... : القيني: 5/312. أنا بيضة البلد.: علي بن أبي طالب رضي الله عنه: 4/424. أنا لا أصدق ما دام كذبي يخفى.: القيني: 5/313.

(الباء)

القول: القائل: الجزء والصفحة أنا مثل العقرب أضر ولا أنفع.: القيني: 4/366؛ 5/189. إن الإسكندر كان أمس أنطق ... :؟: 6/590. إن بني عامر جعلتني على ... :؟: 5/165، 6/382. إن الجماح يمنع الأذى.: جرير: 3/50. إن الذباب إذا دلك به موضع ... : ابن ماسويه: 5/195. إن سرك من دمك، فانظر ... : المنصور: 5/102. إن عليك أن ترد ضالتها وتهنأ ... :؟: 5/59. إن فيها لمثاقيل ذر.: عائشة «رض» : 4/275. إن لكل شيء سادة حتى إن ... : أبو موسى الأشعري: 4/269؛ 5/225 إن الوئام يتترع في جميع الطمش.: الفزر عبد بني فزارة: 2/431. إنا فقّحنا وصأصأتم.: عبيد الله بن جحش: 2/403. إنما أنت ثعلب في جحر، فابرز..: عمر بن الخطاب رضي الله عنه: 6/473. إنك لا تنتفع بعقل الرجل حتى ... : عمر بن الخطاب رضي الله عنه: 3/27. إنه ليقتل الحبارى هزلا ... :؟: 5/237. إني لا أبتدي ولكني أعتدي.: جرير: 3/50، 225. إياكم وهذه المجازر فإن لها ... : عمر بن الخطاب رضي الله عنه: 2/295. إياك والكلام المأثور.: حذيفة بن بدر: 3/60؛ 5/159. أيها الناس إنه ما بقي من ... : الأشعث: 6/575. (الباء) البشر ناس ونسناس و ... :؟: 6/417. بكى حتى رسعت عينه.: ابن عمرو بن العاص: 6/504. بكل واد بنو سعد.: الأضبط بن قريع: 3/52؛ 4/451. (التاء) تحملون الصبيان على الجنان.: عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: 6/409. تغدو الطير خماصا وتروح ... : صالح المري: 7/38. تفقهوا قبل أن تسودوا.: عمر بن الخطاب رضي الله عنه: 3/223. تقرير لسان الجاحد أشد من ... : عمرو بن عبيد: 6/335. تكثر من العلم لتعرف وتقلل ... : الخليل بن أحمد: 1/43.

(الثاء)

تمام العدة وانقضاء المدة.:؟: 6/588. (الثاء) ثلاث يخلقن العقل وفيها دليل على ... : يزيد بن معاوية: 5/105. (الجيم) جرادة تجرد وذات لونين ... : النابغة الذبياني: 5/293. (الحاء) الحبلة أفضل أم النخلة ... : عمر بن الخطاب رضي الله عنه: 6/387. حتى أنزع النعرة التي في أنفه.: عمر بن الخطاب رضي الله عنه: 1/101. الحرب غشوم.:؟: 1/219. الحركة خير من الظل والسكون.: مثنى بن بشير: 5/58. حلقت به في الجو عنقاء مغرب.:؟: 7/72. (الخاء) خالف ولو بأن تعلق في عنقك ... :؟: 2/305. الخصاء صبر شديد.: الزهري: 1/117. خصلتان كبيرتان في امرئ السوء.: الزبرقان بن بدر: 3/52. (الدال) داهية الغبر.: يونس بن حبيب: 4/330. دع الرّبى والماخض والأكولة.: عمر بن الخطاب رضي الله عنه: 5/263. الدنيا بما فيها حديث فإن ... :؟: 3/59. (الذال) ذهب الناس وبقيت في النسناس.: الحسن رضي الله عنه: 7/108. ذهبت المكارم إلا من الكتب.: صديق الجاحظ: 1/40. الذي يجيئني لا أرضاه والذي ... : الخليل بن أحمد: 3/67. (السين) سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول للوزغ ... : عائشة «رض» : 4/401. سيف في متنه ذر.:؟: 4/274. سيف الله حلاه.: بلعاء بن قيس: 5/93.

(الشين)

(الشين) شراب كأنه النار.:؟: 5/52. شعاع مركوم ونسم معقود ... : قدامة: 5/52. الشمس أرحم بنا.:؟: 3/173؛ 5/56. الشمس صلاء العرب.: عمر بن الخطاب رضي الله عنه: 5/57. شنشنة أعرفها من أخزم.: عمر بن الخطاب رضي الله عنه: 1/222. شوقي إلى المسيح مثل الأيل ... : داود عليه السلام: 7/16. (الصاد) صحة الأبدان مع الشمس.: إياس بن معاوية: 5/58. (الطاء) الطينة تقبل الطبائع ما كانت لينة.: ابن أود: 4/340. (العين) العاشية تهيج الآبية.:؟: 5/117. العربي كالبعير حيثما دارت الشمس ... : عمر بن الخطاب رضي الله عنه: 5/57. عضضت ببظر اللات.: أبو بكر رضي الله عنه: 3/19. العقل إذا أكره عمي.:؟: 4/482. عليكم بالشفاءين القرآن والعسل.: ابن مسعود: 5/228. عمّر الله البلدان بحب الأوطان.: عمر بن الخطاب رضي الله عنه: 3/110. العنوق بعد النوق.: الكلابي: 5/246. (الغين) غير يعفور أهل به.:؟: 2/270. (الفاء) الفارسي إذا تظرف تساكت ... : خلف الأحمر: 3/60. فإذا كان ذلك ضرب يعسوب ... : علي بن أبي طالب رضي الله عنه: 3/157. الفقير مرقته سلقة ورداؤه علقة ... : عبد الأعلى القاص: 1/73. فلما قدمنا الشام وجدنا مرافقهم ... : أبو أيوب: 5/159. في الأرنب يصيبها المحرم حلام.: عمر بن الخطاب رضي الله عنه: 5/265.

(القاف)

(القاف) قاتله الله، ضبح ضبحة الثعلب ... : ابن الزبير: 7/36. قرب الوساد وطول السواد.: ابنة الخس: 4/271. القليل والكثير للكتب والقليل ... : أبو إسحاق: 1/43. قولوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين ... : عائشة «رض» : 1/227. (الكاف) كان ذلك حين ركبني شيطاني.: أبو الوجيه العكلي: 1/198. كان ذلك وثوب الإسلام داج.:؟: 3/122. كأن لون وجهها النار.:؟: 5/52. كل شيء يحب ولده حتى الحبارى.: عثمان بن عفان رضي الله عنه: 1/128؛ 5/84. كلاب الحي شعراؤهم وهم الذين ... :؟: 1/234. كنت والله في أيام شبابي أحسن ... : هند ابنة الخس: 5/52. كنيف ملئ علما.: عمر بن الخطاب رضي الله عنه: 1/223. كونوا بلها كالحمام.:؟: 3/94؛ 7/153. (اللام) لا تصلوا في أعطان الإبل.:؟: 1/101. لا تجرين فرسا إلا من المائتين ... : عمر بن الخطاب رضي الله عنه: 1/117. لا تقطعوا نامية خلق الله تعالى.: عبد الله بن عمر رضي الله عنه: 1/117. لا تسموا العنب الكرم فإن الكرم ... : ابن مسعود وابن هريرة: 1/225. لا يقرب العتر الضأن ما وجدت ... : الفزر عبد بني فزارة: 2/431. لا تقتلوا الضفادع فإن نقيقهن ... : عبد الله بن عمر رضي الله عنه: 3/261. لا تقتلوا الخفاش فإنه إذا خرب ... : عبد الله بن عمر رضي الله عنه: 3/261. لا تطلع واحدا من سرك إلا ... :؟: 5/102. لأنا أشد لك بغضا من الأرض للدم.: عمر بن الخطاب رضي الله عنه: 4/358. لعن الله من خصى الرجال.: الحسن رضي الله عنه: 1/118. لقد تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يمر ... : أبو ذر الغفاري: 4/363. لكل مقام مقال.:؟: 3/19. لهفي عليك يعسوب قريش.: علي بن أبي طالب رضي الله عنه: 3/157.

(الميم)

لولا أنها أمة من الأمم لأمرت ... : عثمان بن عفان رضي الله عنه: 3/94. ليت أن روح الله مع كل أحد.: موسى عليه السلام: 1/226. ليت لنا منه قفعة أو قفعتين.: عمر بن الخطاب رضي الله عنه: 5/299. ليس في البهائم شيء يعمل عمل ... : ابن عون: 1/74. ليس الرجيع إلا رجيع القول ... : يونس: 5/159. ليس لك أن تذكر أمي بخير ولا ... :؟: 5/60. ليس للمريض عندي دواء إلا العسل.: ربيع بن خثيم: 5/228. ليس الناس بشيء من أقسامهم ... : ابن الزبير: 3/110. لئن لم ترجع في مالك ثم مت ... : عمر بن الخطاب رضي الله عنه: 6/396. (الميم) ما احتنك رجل قط إلا أحب الخلوة.:؟: 7/149. ما أهل بيت لهم شاة إلا يقدسون ... : علي بن أبي طالب رضي الله عنه: 5/267. ما جلس بين يدي رجل قط إلا ... : أبو عباد: 5/78. ما الدنيا في الآخرة إلا كنفجة أرنب.: قبيصة بن جابر: 6/500. ما ساءك وناءك.:؟: 1/230. ما هو إلا في حلم معاوية.:؟: 2/300. ما هو إلا نار.:؟: 5/52. متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ... : عمر بن الخطاب رضي الله عنه: 4/396. من أحب طول العمر فليوطن نفسه ... : عبد الرحمن بن أبي بكرة: 6/590. من ارتاد لسره موضعا فقد أشاعه.:؟: 5/101. من أهدى لنا مكتلا من عرة أهدينا ... : الزبير: 5/157. من ترك قتل حية مخافة أثارها فعليه ... : عائشة «رض» : 4/404. من رق وجهه رق علمه.: أبو الحسن: 3/223. من سره بنوه ساءته نفسه.: ضرار بن عمرو: 6/590. من قال الطوال فهو على القصار أقدر.: الكميت: 3/49. من كتم سره كان الخيار في يده.: عمر بن الخطاب رضي الله عنه: 5/102. من يطل أير أبيه ينتطق به.: علي بن أبي طالب رضي الله عنه: 3/18. من يعذرني من ابن أم سباع مقطعة ... : حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه: 3/19.

(النون)

(النون) نحن بخير ما رأينا سواد فلان بين أظهرنا.:؟: 3/120. (الهاء) هذا والله السحر الحلال.: عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: 6/426. هو يأكل رؤوس الحملان.:؟: 5/243، 244. (الواو) وجمال كل مجلس بأن يكون سقفه ... : العتابي: 5/52. وصلت بالعلم وكسبت بالملح.: الأصمعي: 3/223. والله لأنا أشد بغضا لك من الأرض ... : عمر بن الخطاب رضي الله عنه: 3/70. والله ما ولدته يتنا وما سقيته غيلا ... : أم تأبط شرا: 1/189. (الياء) يا بني أنت أعلم مني وأنا أفقه منك.: العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه: 5/105. يا بني لا تقوموا في الأسواق إلا على ... : المهلب: 1/40. يرزقكم الذي يرزق عصافير الدو.: زاهر: 7/38. يكفيك من القلادة ما أحاط بالعنق.: عقيل بن علفة: 3/49.

فهرس الأمثال

فهرس الأمثال (الألف) آمن من حمام مكة: 3/95. آمن من غزلان مكة: 3/96. أبخل من كلب على جيفة: 1/149. أبر من هرة: 1/129، 145؛ 2/389؛ 7/5. أبصر من حية: 4/375، 379. أبصر من عقاب: 1/145؛ 7/8. أبصر من غراب: 3/199؛ 7/8. أبصر من فرس: 7/8. أبصر من كلب: 2/437. أبصر من هدهد: 7/8. أبطأ من غراب نوح: 2/419. أبعد من بيض الأنوق: 6/494. أبين من سحبان وائل: 1/32. أترف من ربيب ملك: 3/225. أجبن من صفرد: 1/144؛ 7/5. أجرأ من الليث: 1/144، 150؛ 7/5. أجرأ من مجلحة الذباب: 5/127. أجع كلبك يتبعك: 1/192. أجمع من ذرة: 1/144. أجهل من حمار: 2/384. أجهل من العقرب: 2/329. أجوع من كلبة حومل: 1/192. أحب شيء إلى الكلب خانقه: 1/192. أحب أهلي إلى كلبهم الظاعن: 1/170. احتاج إلى الصوف من جز كلبه: 1/192. أحذر من عصفور: 5/283؛ 7/5. أحذر من عقعق: 1/144؛ 2/344؛ 3/90؛ 5/283؛ 7/5. أحذر من غراب: 3/201؛ 5/283؛ 7/5. أحرص من كلب على عقي صبي: 1/148. أحرص من لعوة: 1/178. أحزم من فرخ العقاب: 7/5، 13. أحسن من الطاوس: 2/379. أحلم من الأحنف: 2/300. أحلم من قيس بن عاصم: 2/300. أحمق من جهيزة: 1/129. أحمق من الحبارى: 1/128، 144؛ 2/329. أحمق من ربع: 7/12. أحمق من عقعق: 3/90. أحمق من نعامة: 1/130. أحيا من ضب: 6/349، 385.

أخب من ضب: 6/339، 385. أخبث من ذئب: 6/534. أخبث من ذئب الحمز: 1/144. أخبث من ذئب خمر: 6/535. أخدع من ضب: 6/339، 365؛ 7/5. أخرق من امرأة: 3/225. أخرق من حمامة: 3/94. أخزى الله الحمار مالا ... : 2/386. أخف من فراشة: 2/371. أدرك القويمة لا تأكلها الهويمة: 4/375. أدفأ من شجر: 5/262. أدهى من ثعلب: 6/478. إذا جاء الحين غطى العين: 3/250. إذا جاء القدر عمي البصر: 3/250. إذا جاء القدر لم ينفع الحذر: 6/477. إذا لم يكن ما تريد فأرد ما يكون: 6/322. أذل من قراد: 5/234. أذل من النقد: 5/246. أرسح من ضفدع: 5/279. أرنب الخلة: 4/325؛ 6/378، 414. أروغ من ثعلب: 1/144؛ 6/473؛ 7/5. أروى من ضب: 6/381، 385، 463. أزهى من ذباب: 3/146؛ 7/5. أزهى من ذبان: 3/146. أزهى من غراب: 1/144؛ 3/164؛ 6/569؛ 7/5. أسأل من فلحس: 1/168. استراح من لا عقل له: 5/315. أسخى من ديك: 2/331. أسخى من لافظة: 1/144؛ 7/5. أسرع من سمع: 7/5. أسرع من لحسة كلب أنفه: 1/178. أسرق من جرذ: 5/139. أسرق من زبابة: 5/139. أسلح من حبارى: 2/413؛ 5/239. أسلح من دجاجة: 2/413. أسمح من لافظة: 2/329، 330. أسمع من الدلدل: 6/569. أسمع من عقاب: 4/379؛ 5/283. أسمع من ... : 4/379؛ 6/553؛ 7/5، 7. أسمع من فرس: 1/145؛ 2/344؛ 4/379؛ 5/283؛ 6/553؛ 7/5، 10. أسمع من قراد: 5/230، 283؛ 6/553؛ 7/5، 8، 81. أسمع من قنفذ: 6/569. أسمع من كلب: 2/437. أشد سوادا من غراب: 3/201. أشد عداوة من عقرب: 1/144. أشد من الأسد: 1/150. أشرد من نعامة: 1/130؛ 5/239. أشم من ذرة: 4/456. أشم من كلب: 2/437. أشم من نعامة: 4/456. أشم من هيق: 4/456. أصبر على الهون من كلب: 1/144. أصبر من عير أبي سيارة: 2/385، 386. أصح بدنا من غراب: 3/199، 219. أصح من الظليم: 1/145. أصدق من قطاة: 5/303؛ 7/5. أصرد من جرادة: 5/292.

أصرد من حية: 6/344. أصرد من عتر جرباء: 5/245؛ 6/344. أصغر من ابن تمرة: 6/533. أصفى عينا من غراب: 3/199. أصفى من عين الديك: 2/418، 436. أصفى من عين الغراب: 2/418، 436. أصنع من تنوط: 7/5. أصنع من دبر: 7/5. أصنع من سرفة: 1/144؛ 2/329؛ 6/519؛ 7/5. اصنعوا المعروف ولو إلى الكلب: 1/127. اصنع المعروف ولو مع الكلب: 1/178. أضبط من نملة: 4/267. أضل من حمار أهله: 2/386. أضل من حمار أهلي: 1/145. أضل من الحية: 4/341. أضل من ضب: 1/145؛ 4/341؛ 6/385. أضل من ورل: 1/145؛ 4/341. أطول ذماء من ضب: 1/145؛ 6/386. أطير من الجراد: 1/26. أطيش من فراشة: 3/145. أظل من حجر: 5/262. أظلم من حية: 1/144، 145؛ 4/332، 357؛ 6/529؛ 7/5. أظلم من ذئب: 4/332. أظلم من صبي: 3/225. أظلم من ورل: 4/332؛ 7/5. أعدى من الثؤباء: 2/325. أعدى من الجرب: 2/325. أعدى من حية: 4/357؛ 6/344. أعز من الأبلق العقوق: 6/494. أعز من كليب وائل: 1/211. أعق من الضب: 1/129. أعق من ... : 1/145؛ 6/346، 385؛ 7/5. اعقلها وتوكل: 2/312. أعيا من باقل: 1/32. أغدر من الذئب: 1/144؛ 6/435. أغدر من قيس بن عاصم: 2/300. أغرب من غراب: 3/219. أغلم من تيس بني حمان: 5/266. أغنى من التفة عن الرفة: 6/500. أفحش من فاسية: 3/243؛ 6/569. أفحش من فالية الأفاعي: 3/243. أفسى من الظربان: 1/162. أقبح من السحر: 6/426. أقبح من الشيطان: 6/426. أقصر من إبهام الضب: 6/386. أقصر من إبهام القطاة: 6/386. أقطف من حلمة: 5/234. أكثر نزوا من جرادة رمضة: 2/371. أكذب من فاختة: 1/144؛ 7/5. أكذب من قيس بن عاصم: 2/300. أكسب من ذئب: 6/534؛ 7/5. أكيس من قشة: 4/309. ألأم من كلب على جيفة: 1/144. ألج من الخنفساء: 3/164، 243؛ 6/569. ألذ من السلوى: 1/152. ألزق من البرام: 5/233، 234. ألزق من قراد: 5/230، 233. ألطف من ذرة: 4/267.

(الباء)

أمتع من النسيم: 1/152. أملح من رباح: 4/309. أموق من رخمة: 7/5. إن ذهب عير فعير في الرباط: 2/386. إن الجماح يمنع الأذى: 3/50. إن لكل رفقة كلبا: 1/170. أنتن من سلاح الثعلب: 6/478. أنتن من ظربان: 1/163. أنسب من ذرة: 4/267. أنفر من الظليم: 1/145. أنكح من الفرأ: 2/385. إنما أنت نعامة إذا ... 4/417. إنما أنفه في أسلوب: 3/146. إنما هو تيس: 5/243. إنما هو عبد عين: 3/41. إنما هو كبش من الكباش: 5/243. أهدى من جمل: 4/456؛ 7/5. أهدى من قطاة: 1/144؛ 5/303؛ 7/5. أهلك الناس الأحامر: 3/121. أهلك النساء الأحمران: 3/121. أهون علي من الأعراب ... : 1/213. أهون من تبالة على الحجاج: 1/213. إياك أعني واسمعي يا جارة: 3/62. إياك والكلام المأثور: 3/60؛ 5/159. إياي والغناء فإنه داعية الزنا: 3/140. أيقظ من ذئب: 2/344. (الباء) بغضاء السوق موصولة بالملوك: 7/59. بكل واد بنو سعد: 1/239؛ 3/52؛ 4/451. به لا بظبي بالصريمة أعفرا: 7/101. بيضة الإسلام: 4/424. بيضة البلد: 4/424. بيضة القبة: 4/424. (التاء) تعلمني بضب أنا حرشته: 6/385. تمرد مارد وعز الأبلق: 1/51. تهنيك النافجة: 1/221. تيس الربل: 4/325؛ 6/378. (الجيم) جاء بأم الربيق على أريق: 4/375. جاء بما صأى وصمت: 1/28. جاؤوا مثل النمل: 4/277. جان العشرة: 6/404. الجحش إذا فاتتك الأعيار: 2/385. جحيش وحده: 2/386. جسم البغال وأحلام العصافير: 5/126. (الحاء) الحب يعمي ويصم: 4/447. حتى تقع السماء على الأرض: 5/279. حتى يبيض القار: 5/279. حتى يجمع بين ... : 5/279؛ 7/140. حتى يجمع بين الضب والنون: 5/280. حتى يجمع بين النار والماء: 5/279. حتى يجيء مصقلة من طبرستان: 5/280. حتى يجيء نشيط من مرو: 5/279. حتى يرجع غراب نوح: 2/419. حتى يرجع مصقلة ... : 2/419. حتى يرجع نشيط من مرو: 2/419. حتى يشيب الغراب: 3/203؛ 5/279. حتى يلين لضرس الماضغ الحجر: 4/416.

(الخاء)

حتى يؤوب القارظ العتري: 2/419. الحجر مجان والعصفور مجان: 5/131. الحرب غشوم: 1/219. حرة تحت قرة: 5/58. حلقت به في الجو عنقاء مغرب: 7/72. حمار يحمل أسفارا: 2/386. (الخاء) خالف تذكر: 2/305؛ 7/52. خب ضب: 6/339، 365. خل درج الضب: 6/385. (الدال) داهية الغبر: 4/330. دماء الملوك شفاء ... : 2/260، 261. (الذال) ذئب الخمر: 4/325؛ 6/378، 414. (الراء) الرائد لا يكذب أهله: 4/263. الراجع في هبته ... : 1/149. رب ملوم لا ذنب له: 1/23. رماه الله بأفعى حارية: 4/379. رمتني بدائها وانسلت: 1/16. (الزاي) زل في سلى جمل: 3/254. (السين) سدك به جعله: 1/155. سمن كلبك في جوع أهله: 1/126. سمن كلبك يأكلك: 1/125، 192. سواس كأسنان الحمار: 6/371. سود الأكباد: 3/120. سود البطون وحمر الكلى: 3/120. (الشين) شب عمرو عن الطوق: 6/424. شراب كعين الديك: 2/447. شرابون بأنقع: 1/98. شرب الدهر عليهم وأكل: 5/14. الشمس أرحم بنا: 3/173؛ 5/56. شنشنة أعرفها من أخزم: 1/222. شيطان الحماطة: 6/378، 404، 416. (الصاد) صاحبي مئق وأنا تئق: 1/190. صمت حصاة بدم: 4/450. صمي ابنة الجبل: 4/374. صمي صمام: 4/374. (الضاد) ضب السحا: 4/325؛ 6/378، 414. ضبح ضبحة الثعلب ... : 7/36. ضربناهم ضرب غرائب الإبل: 4/465. ضربه ضربة فكأنما أخطأه: 6/552. (الطاء) طول السواد وقرب الوساد: 1/112. (العين) العاشية تهيج الآبية: 5/117. العصا من العصية: 1/11. العقل إذا أكره عمي: 4/482. على أهلها جنت براقش: 2/268. على أهلها دلت براقش: 1/260. عند الصباح يحمد ... : 6/592. العتر تبهي ولا تبني: 5/245. العنوق بعد النوق: 5/246. العير أوقى لدمه: 2/385.

(الغين)

العير والنفير: 5/276. العير يضرط والمكواة في النار: 2/386. عيير وحده: 2/386. (الغين) الغناء رقية الزنا: 3/140. غول القفرة: 6/404. (الفاء) فسا بينهما ظربان: 1/162، 163. فلان أخضر القفا: 3/120. فلان أخضر البطن: 3/121. فلان أسد البلاد: 1/150. فلان أمعز من فلان: 5/255. فلان حية الوادي: 4/374. فلان في أنفه ختروانة: 3/167. فلان في أنفه نعرة: 3/167. فلان لا يستطيع أن يجيب ... : 3/129. فلان ماعز من الرجال: 5/255. في كل الشجر نار ... : 4/491. (القاف) قد حيل بين العير والتروان: 2/386. القرد قبيح ولكنه مليح: 4/309. قنفذ برقة: 6/414. (الكاف) كالكلب يربض في ... : 1/192. كانت بيضة الديك: 2/433. كانت بيضة العقر: 2/433. كذب علي نمل: 4/309. كل شيء يحب ولده حتى الحبارى: 1/128 129؛ 5/84، 238؛ 7/22. كل الصيد في ... : 1/222؛ 2/385. كل ضب عند مرداته: 6/339، 386. كل طائر يصيد على قدره: 6، 534. كل ما أقام شخص وكل ... : 6/588. كل مجر في الخلاء يسر: 1/61؛ 4/361. الكلاب على البقر: 1/170. الكلمة إذا خرجت ... : 4/362. كمثل الحمار ... : 2/385؛ 4/279. كمد الحبارى: 7/36. كلفتني مخ البعوض: 3/152. (اللام) لا آتيك سن الحسل: 6/386. لا أفعل حتى ينام ... : 2/361، 400. لا أقلع عنه أو أطير نعرته: 3/167. لا تتراءى ناراهما: 2/383، 384. لا تلد الحية إلا حية: 1/11؛ 5/249. لا حر بوادي عوف: 1/211. لا يضر السحاب نباح الكلاب: 1/14. لا يعرف هرا ولا برا: 6/574. لا يلسع المؤمن من ... : 1/222. لا ينتطح فيها عتران: 1/222. لتهن أم ... : 3/256؛ 6/389، 520. لقوة لاقت قبيسا: 1/87. لكل زمان رجال: 1/132. لكل ساقطة لاقطة: 1/132. لكل طعام أكلة: 1/132. لكل مقام مقال: 1/132؛ 3/19، 175. لو ترك القطا لنام: 5/306. لولا الوئام لهلك الأنام: 2/432. الليل أخفى للويل: 1/189. الليل أخفى ... : 1/189؛ 3/33.

(الميم)

(الميم) ما أشبه الليلة بالبارحة: 6/473. ما أقام رضوى في مكانه: 4/494. ما بل البحر صوفة: 4/494. ما ذقت اليوم ذواقا: 5/14. ما فيها نافخ ضرمة: 5/72. ما قولي هذا عندك إلا ... : 3/151. ما له سبد ولا لبد: 5/255. ما له عندي سبد ولا لبد: 5/275. ما له في العير ولا النفير: 5/276. ما هم إلا فراش نار ... : 3/146. ما هو إلا الأسد على براثنه: 1/150. ما هو إلا تيس: 2/330. ما هو إلا تيس ... : 2/330؛ 5/243. ما هو إلا شيطان: 1/198؛ 6/426. ما هو إلا شيطان الحماطة: 1/198. ما هو إلا صل أصلال: 4/374. ما هو إلا طائر: 7/30. ما هو إلا طاوس: 2/379. ما هو إلا غراب نوح: 2/421. ما هو إلا في حلم معاوية: 2/300. ما هو إلا قراد ثفر: 5/230. ما هو إلا قنفذ برقة: 4/325. ما هو إلا نعجة من النعاج: 5/255. ما يجمع بين الأروى والنعام: 4/431. مات حتف أنفه: 1/222. مات فلان كمد الحبارى: 5/237. مستودع الذئب أظلم: 6/535. من ارتاد لسره موضعا ... : 5/101. من استرعى الذئب ظلم: 4/332. من أشبه أباه فما ظلم: 1/219. من سره بنوه ساءته نفسه: 6/590. من العناء رياضة الهرم: 1/33. من يجعل الأذى كالزمانة: 5/58. من يطل أير أبيه ينتطق به: 3/18. من ينك العير ... : 2/385؛ 3/18. منينا بيوم كظل الرمح: 6/408. (النون) نحن بخير ما رأينا سواد ... : 3/120. نزلت بهم أمور لا ... : 2/290. نطف السكارى في أرحام القيان: 1/98. نعم كلب في بؤس أهله: 1/178. (الهاء) هذا أجل ... : 4/339؛ 6/383، 385. هذا فصده: 4/394. هذا فصدي أنه: 5/17. هل يضر السحاب نباح الكلاب: 1/14. هو الأسد الأسود: 1/150. (الواو) وجد تمرة الغراب: 3/201. وقع الكلب على ... : 1/170. وقعا كعكمي عير: 3/5. (الياء) يا خيل الله اركبي: 1/222. يأكل رؤوس الحملان: 5/244، 245. يضرب ما بين العندليل ... : 6/533. يضرب ما بين الكركي ... : 5/83. يطبق المحز ولا ... : 2/373، 374. يكفيك من القلادة ... : 3/49. اليوم ظلم: 1/219.

فهرس البلدان والمواقع

فهرس البلدان والمواقع (الألف) الآرام: 7/151. آرام الكناس: 3/22. آمد: 7/72. الأباء: 6/539. أبان: 1/122، 215. الأبطح: 2/379. الأبلق الفرد: 1/49، 51. الأبلة: 1/147، 186؛ 2/442؛ 4/310، 414، 440. أبواب بني سليم: 3/171. أبو قبيس: 2/384. أجأ: 1/215؛ 6/374. الأجباب: 5/95. أجمة أبزيقيا: 7/81. أجمة البصرة: 5/213. أحد: 1/122، 195، 244؛ 3/8. الأخاشب: 7/118. الأدمى: 6/447. أذرعات: 2/437. أذنة: 1/114. الأراك: 6/561. الأردن: 4/413. أرض الحوش (أرض وبار) : 6/436. أرض الروم: 7/98. إرم الكلبة: 1/206. أرمام: 3/34، 61. أرمائيل: 7/104. أريك: 6/398. الأساورة: 5/182. استقانا: 5/317. إصطخر: 1/51. الأطواء: 1/256. أفريقية: 5/236. الأكهاف: 6/370. أملاح: 5/266. الأنبار: 4/440. الأندلس: 2/306؛ 7/37. أنطاكية: 3/74؛ 4/334، 406؛ 5/165، 179، 200، 212؛ 6/480؛ 7/136. الأهواز: 2/441، 442؛ 3/74، 260؛ 4/283، 325، 327، 328، 329، 370؛ 5/192، 193؛ 7/136. أوال: 5/69. أيذج: 1/99؛ 5/279. أيلة: 6/370.

(الباء)

(الباء) باب جارية: 2/316. باب الجسر: 4/316. باب طنج: 5/213. باب الفيل بالكوفة: 7/51، 115. باب الفيل بواسط: 7/51. باب قلب: 1/173. باب المغيرة: 6/554. بابل: 2/417. بادوريا: 1/206. باري: 4/322. بئر رومة: 5/82. بئر النبي: 5/46. بحر البصرة: 4/310. بحر الزنج: 3/127. البحرين: 1/49؛ 4/325، 327، 334، 445؛ 6/497؛ 7/136. بدر: 3/34؛ 4/377؛ 5/299. براقش: 5/241، 242. برغمة: 3/105. برقة عالج: 6/374. البروقتان: 5/88. البريص: 2/419؛ 3/120. البشر: 1/22؛ 3/200؛ 4/377. البصرتان: 3/122. البصرة: 1/65، 129؛ 2/311، 321، 334 372، 419، 420، 425، 440؛ 3/83، 100، 104، 127، 128، 169، 191، 207، 216، 218، 260؛ 4/310، 311، 323، 332، 408، 414، 439؛ 5/113، 149، 168، 170، 197، 212، 213، 218، 241، 253، 256، 279؛ 6/366، 377، 421، 497، 522، 553؛ 7/4، 37، 51، 53، 74، 76، 79، 85، 113. البطاح: 5/120، 305؛ 7/50. البطحاء: 5/88، 305. بطن خبت: 1/233. بطن نعمان: 7/118. بغداد: 1/65، 77، 147؛ 3/97، 100، 104، 156، 169؛ 4/408، 493؛ 5/113، 204، 207، 208، 209. البغراس: 3/105. البقار: 6/414. البقاع: 4/334. بلاد الترك: 5/199. بلاد الحوش: 1/103؛ 6/428، 436. بلاد الروم: 3/105، 206؛ 7/24، 79، 98. بلاد الزنج: 3/127، 128؛ 4/311، 327. بلاد السعالي: 1/121؛ 6/418. بلخ: 5/36. البلد الحرام: 2/361. بم: 2/384، 435؛ 7/35. بنو حنيفة: 4/439. بنو سعد: 2/383؛ 3/260. بنو صبير: 5/300. بنو العدوية: 3/150. بنو عمرو: 2/372. البياض: 6/370.

(التاء)

بياض نجد: 6/450. البيت (بيت الله) : 3/24، 25، 35، 73، 96، 238؛ 7/62، 118، 127، 128. البيت الحرام (بيت الله) : 3/96؛ 7/126. البيت العتيق (بيت الله) : 3/73؛ 6/393. بيت المذبح: 4/473. بيت المقدس: 3/261؛ 4/295، 402، 500؛ 5/284. بيشة: 3/98؛ 5/180. بيضاء إصطخر: 1/51. بيضاء المدائن: 1/51. (التاء) تبالة: 1/213؛ 3/117؛ 5/144. تبت: 4/325؛ 5/119، 150، 162؛ 7/136. تثليث: 3/32، 98. تدمر: 6/412، 432. الترمس: 3/62؛ 4/491. تستر: 1/178. تعار: 7/98. تكريت: 3/221. تل عبدي: 1/245. تهامة: 4/266؛ 5/228؛ 7/118. توضح: 5/166. تيماء: 1/20، 49؛ 6/414. التين (دمشق) : 1/136. التيه: 4/304؛ 6/427، 455. (الثاء) ثبير: 2/383؛ 5/201. الثبيران: 3/122. ثجر: 2/411. الثغور: 5/218. الثوية: 1/71؛ 7/95. (الجيم) جأبة: 2/415. جاسم: 5/73، 74. الجبال: 3/252؛ 5/175. جبال سيلان: 5/36. الجبل: 4/468؛ 5/210؛ 6/394. الجبل (الطور) : 4/361، 362. جبل تكريت: 3/221. الجبلان: 4/432. جبلة: 2/299. جحجحان: 6/499. جحفة: 4/326. الجزع: 7/118. الجزيرة: 4/325، 326؛ 6/435؛ 7/4، 24، 53، 131. جزيرة العرب: 4/267، 285؛ 7/24. جزيرة نهر دبيس: 3/191. جسداء: 2/293. جسر مهران: 7/61. جفر الهباءة: 3/60. الجلس: 5/242. جلق: 4/264. الجلهتان: 5/201. جلولى: 4/443؛ 7/61. جمع: 3/27؛ 5/223.

(الحاء)

جند يسابور: 4/366. جو: 2/408؛ 6/487. جؤاثا: 7/30. الجوبار: 3/13. الجودي: 2/423. الجوسق: 1/172. الجوف: 1/256. الجولان: 3/236؛ 4/331؛ 5/235. (الحاء) الحارث: 4/499. حانوت فرج الحجام: 7/155. حائط حزمان: 6/423. حبر: 2/383؛ 7/120. الحبشة: 1/95؛ 2/403؛ 4/291؛ 7/26، 80، 110، 127. الحبيبان: 4/268. حجر: 2/260؛ 5/166؛ 6/540؛ 7/126. الحجاز: 1/49؛ 2/433؛ 4/323؛ 5/254؛ 6/382، 410؛ 7/149. الحجر: 7/151. حراء: 7/119. الحربية: 3/4، 9. الحرتان: 4/497، 498. الحرم: 1/109؛ 3/72، 238؛ 4/383؛ 7/57، 129. الحرمان: 1/200. الحرمل: 3/34. حرة بني سليم: 4/296؛ 5/198. حزمان: 6/423. الحزن: 1/14، 172؛ 5/206. حصن الطائف: 6/473. الحضر: 1/51؛ 4/377؛ 6/392. حضن: 3/69. حمام زياد: 7/52. حمام عرق: 4/428. حمام فيل: 7/53، 115. حمام كسرى: 7/53، 115. حمران: 3/34. حمص: 2/349؛ 5/133، 183، 212؛ 7/79. حنو الغضا: 5/208. حنين: 4/377. الحوءب: 2/361. حوارين: 2/407؛ 5/98، 126؛ 7/33. حير المعتصم: 4/468. حير الواثق: 4/468. الحيرة: 2/411؛ 4/440؛ 7/87. حية: 6/495. (الخاء) الخرب: 1/64. خرشنة: 3/105. خراسان: 1/79، 92، 224؛ 3/15، 155، 176؛ 4/282، 295، 406، 468؛ 5/135، 175، 278، 300؛ 6/363، 434، 554؛ 7/98، 126، 147. الخريبة: 2/383؛ 3/169. خزاز: 4/496؛ 6/539. خزانة كتب يحيى: 1/44.

(الدال)

الخزر: 4/303. خضراء زوج: 2/416. خفية: 4/380. الخورنق: 1/22. خيبر: 2/396؛ 4/325. الخيف: 3/96. (الدال) دابق: 1/174. دار آدم: 6/486. دار (الجاحظ) : 5/221. دار جارية: 2/316. دار جعفر: 6/356، 441. دار حسان: 3/30. دار رتبيل: 5/300. دار زياد بن أبي سفيان: 3/13؛ 7/52، 138 دار الزيادي: 3/13. دار العباسية: 2/404. دار الفيل: 7/115. دار أبي قطنة: 6/522. دار نصر بن الحجاج: 4/365. دجلة البصرة: 3/127؛ 4/311. دجلة: 3/39، 105؛ 4/316، 377؛ 5/108، 177، 316؛ 6/392، 555؛ 7/24، 54، 79. الدحائل: 3/102. الدرب: 3/105. دستبى: 5/104. الدماخ: 1/199؛ 6/412. دمخ: 5/74. دمشق: 1/136؛ 5/200. الدهناء: 1/103؛ 3/64، 176؛ 5/258، 6/427، 463. الدو: 1/103؛ 3/176؛ 6/427، 463. دير الربيع: 3/164. الديران: 2/432. ديوان معاوية: 7/68. (الذال) ذات البين: 3/208. ذات عرق: 2/388، 439. ذات الغضا: 3/98. ذروة: 4/376. ذو دميث: 6/351. ذو الرجل: 5/259. ذو سلم: 1/219؛ 5/107. ذو عدم: 6/518. ذو المجاز: 1/50؛ 5/97؛ 7/128. ذو النخيل: 5/205. (الراء) الرفدان: 5/108، 109. رافدية: 6/593. الرافقة: 7/53. رامة: 5/46. رامهرمز: 1/100. راهط: 3/200. الرائدان: 5/108. بنو ربعى: 3/9. رجلة: 4/446. رجلة الروحاء: 1/33.

(الزاي)

الرجيع: 1/177. الرحبة: 6/576. رحبة بني سليم: 3/13. رحبة بني هاشم: 3/13. رحى بطان: 6/438. رخام: 3/110. الرصافة: 1/147. رضوى: 1/215؛ 4/494؛ 7/86. الرقة: 1/65؛ 2/390؛ 3/66، 110، 135. رمال بلعنبر: 4/313. رماي: 4/322. الرمل: 4/297، 370. الرها: 1/49. رومية: 1/120. الري: 1/172؛ 2/393؛ 3/218؛ 5/209، 314. (الزاي) زبالة: 3/119. الزرق: 3/204. زرود: 3/119. الزط: 5/213. زقاق الهفة: 5/213. زمزم: 3/73؛ 5/82. الزنج: 3/127، 128؛ 4/311، 325. زورة: 5/88. الزيتون (فلسطين) : 1/136. (السين) ساباط: 5/69؛ 7/72. ساباط غيث: 3/13. ساتيدما: 6/394. ساحوق: 2/394. سبأ: 1/65، 66، 123؛ 4/299، 303، 406؛ 5/137، 289؛ 6/419، 455، 482. السبابجة: 7/52، 115. سجستان: 1/220؛ 2/419؛ 4/317، 341، 499. السد (سد يأجوج ومأجوج) : 1/124. سدوم: 6/396. السراة: 1/206. سرف: 6/342. سرق: 5/139. سر من رأى: 7/136. سرنديب: 6/461. سروحمير: 1/104. السعد: 3/96. السفالة: 3/155، 251؛ 4/282. سفوان: 3/220. سقوطرا: 7/77. السقيفة: 1/223. سكة إصطفانوس: 2/316. سكة بني مازن: 2/372. سلسبيل: 1/229. سلمى: 1/18، 215؛ 3/50؛ 7/92. سلوق: 1/205؛ 2/356. السماوة: 1/316. سمرقند: 1/49. السند: 2/311.

(الشين)

سندان: 7/136. سنسيرة: 2/416. سواج: 2/410. السواد: 1/143؛ 3/120، 213؛ 4/303؛ 7/79، 83. سواع (صنم) : 7/32. السوبان: 5/149. السودان: 7/80. سور أم أبان: 6/361. سوق الأبلة: 4/440. سوق الأنبار: 4/440. سوق الأهواز: 4/328. سوق لقه: 4/440. سوق الحيرة: 4/440. سوق ذي المجاز: 7/128. سوق الضباب: 6/361. سوق عكاظ: 7/128. سويقة: 1/171. السي: 4/413، 452، 454؛ 7/42. سيحان: 3/191. سيف البحر (البحرين) : 5/138. سيلان: 5/63. (الشين) شابة: 4/458. الشامات: 1/52؛ 3/104، 191، 216. الشام: 1/49، 125؛ 2/442؛ 3/7، 8، 72، 226، 232، 254؛ 4/304، 326، 334، 359، 443، 447، 470؛ 5/74، 159، 162، 179، 210، 211، 213، 218، 246؛ 6/413، 429، 437، 449، 401، 593؛ 7/4، 24. الشرى: 4/380. شرج: 4/497. الشرفان: 5/152. الشرقان: 1/245. شرق: 6/495. الشريف: 6/374، 491. شعب جبلة: 3/64؛ 5/158. شعبى: 1/256. شمام: 4/377؛ 7/69. شمامه: 4/444. شهرزور: 5/192، 195. شواحط: 1/20. شيراز: 7/136. (الصاد) صارات: 5/152. صحراء البياض: 6/370. صحراء خوخ: 2/365. صحراء العتيك: 2/441. صحراء كلية: 3/37. الصرح: 4/294. صرح بلقيس: 5/78. الصريمة: 7/101. صعدة: 453. الصفصاف: 3/105. صقلية: 4/313. الصمان: 1/103، 172؛ 3/64، 176؛ 6/427، 463.

(الطاء)

صمد: 4/446. صنجى: 7/77. صنعاء: 1/49. صومعة غمدان: 1/52. الصين: 1/58؛ 3/127؛ 4/291؛ 5/19؛ 7/68، 76، 98، 136. (الطاء) الطائف: 3/98؛ 6/387، 473. طبرستان: 4/444؛ 5/280. طبقون: 4/370. طرسوس: 1/114، 143. طسوج بادوريا: 1/206. الطف: 5/91، 213. الطور: 4/361. طور عبدين: 6/392. طوى: 4/489. طويلع: 3/211. طيبة (المدينة) : 3/74. (العين) العالية: 5/74؛ 6/343. عبادان: 3/155. عبدسي: 3/168. عبدين: 6/392. عبيدان: 4/359. العتيق (البيت) : 6/393. العتيقة: 5/205. العجب: 7/151. العرج: 1/168، 175. العراق: 1/177، 210، 215؛ 2/392، 399، 430؛ 3/9، 72، 74، 120، 140، 213 217، 234؛ 4/311، 327، 377؛ 5/79، 100، 108، 109؛ 6/391، 410، 413، 481، 532، 593؛ 7/21، 54، 61، 78، 79، 110، 112، 114، 115، 136. العرض: 3/116. عرفة: 1/228. العرم: 5/289؛ 6/392، 394؛ 7/62. العزى (صنم) : 4/500؛ 6/420. العسكر: 5/193، 195؛ 7/54، 149. عسكر مكرم: 4/366، 415. عقد: 6/410. العقد: 6/368. عقر الدير: 5/212. عقر قوف: 2/416. العقنقل: 2/388، 439. العقيق: 5/267. عكاظ: 7/128. علكد: 2/413. العليق: 3/105، 128. عمان: 1/80، 169؛ 3/127، 150. عماية: 1/257؛ 6/447. عمواس: 6/430. عمود مأرب: 1/49. العنقاء: 6/447. العنيزة: 6/361. العوجاء: 5/212. عويرضات: 2/402؛ 5/152.

(الغين)

عيساباذ: 7/121. عين أباغ: 6/542. عين جعدى: 1/256. عين حوارا: 5/50. عينان: 4/498. (الغين) غانة: 7/78. الغبغب (صنم) : 7/119. الغدير: 1/212. الغراء: 6/473. غمدان: 1/49، 51، 52. غمرة: 1/199. الغور: 5/242؛ 6/434. الغوير: 5/43. الغيل: 3/96. (الفاء) فاثور: 3/36. فارس: 3/252؛ 4/417؛ 5/138، 175، 280؛ 7/117، 136. الفرات: 3/105؛ 5/108؛ 6/392؛ 7/24، 51، 79، 83. الفراتي: 6/551. فرعان: 1/245. فرغانة: 1/104؛ 2/306. الفريق: 5/201. الفسطاط: 5/208. فلج: 3/33؛ 6/368. فلسطين: 1/136؛ 3/8. فيف الريح: 1/20؛ 2/355. فيل بانان: 7/51. فيلان: 7/51. (القاف) قباء: 5/299. قبر حرب: 6/423. قبر الرسول: 5/95. قبر أبي رغال: 6/396. قبر مروان: 7/62. قبة غمدان: 1/49. القرن: 6/371. القرية: 5/206. قس الناطف: 7/61. قسا: 6/412. قساس: 3/34. قسطنطينية: 4/371. القصر: 3/152؛ 6/356. قصر أنس: 6/366. قصر أوس: 1/64. قصر شعوب: 1/51. قصر عبد الله بن زياد: 5/252. قصر مأرب: 1/51. قصر مارد: 1/51. قصر مقاتل: 5/88. قطربل: 5/204. قطن: 5/152، 153. قطيعة الربيع: 1/113؛ 3/101. قلب: 1/163. القلب: 4/316. قلبي: 3/215.

(الكاف)

قلعة الكاريان: 4/499. قلعة الهند: 3/74. القليب: 2/383؛ 7/120. قمامة: 4/500. القن: 4/340. القنافذ: 3/33. قندابيل: 7/104. قو: 6/342، 434. القيروان: 1/49. (الكاف) كاذة: 5/212. الكاريان: 4، 499. كبكب: 7/119. كتيفة: 3/34. الكثيب: 6/539. الكحيل: 4/377. الكرخ (كرخ البصرة) : 3/6. كرخ بغداد: 5/207. كرد بيداد: 1/51. كرمان: 5/167؛ 6/551؛ 7/143. كسكر: 3/141؛ 4/267؛ 5/108، 212، 256. الكعبة: 1/217؛ 3/30، 72، 73، 96، 140؛ 6/396. كعبة نجران: 1/51؛ 3/73، 234. كندة: 6/522. كنيسة القمامة: 4/500؛ 6/420، 421. الكهف: 1/203؛ 2/351؛ 3/19. الكوفة: 1/65، 120، 124؛ 2/391، 419؛ 3/6، 8؛ 4/323؛ 5/90، 240، 246، 280؛ 6/522، 580؛ 7/4، 51، 79، 100، 114، 137. الكوكب: 2/415. (اللام) اللات (صنم) : 7/119. اللديد: 5/95. لعلع: 3/32. اللهابة: 7/151. لؤلؤة: 3/105، 110؛ 5/226. اللوى: 2/276؛ 3/102؛ 4/438؛ 5/107؛ 6/360. لوى عنيزة: 3/62؛ 491. لينة: 6/361. لقه: 4/440. (الميم) الماخور: 1/64. مأرب: 1/49، 51؛ 5/289، 290؛ 6/294؛ 7/62. مارد: 1/51. مازن: 2/404. الماطرون: 4/264. الماوية: 6/410. المبارك (نهر) : 1/171؛ 2/293؛ 3/164. المجمر: 5/70. المحصب: 7/119. مخيض: 5/236. المدائن: 1/51. المدينة: 1/81، 161، 193، 196، 201،

(النون)

221؛ 2/342، 374، 193؛ 4/8، 74، 213؛ 4/470؛ 5/133، 263، 240، 300؛ 6/370، 505، 522؛ 7/4، 116، 136. المذار: 3/168. مربد البصرة (المربد) : 1/169، 171؛ 6/357، 441؛ 7/155. مربعة الأحنف: 5/189. مربعة المحلة: 5/225. مربعة بني منقر: 2/316. المرج: 6/558. مرو: 2/330، 419؛ 3/218؛ 5/108، 279. مروا خراسان: 6/434. المروان: 2/408. المروت: 6/537. المزدلفة: 7/128. المسامعة: 2/383. مسجد أنطاكية: 4/334. مسجد البصرة: 2/264، 443؛ 3/67؛ 5/203، 317. مسجد الجامع: 3/176. المسجد الحرام: 3/18. مسجد دمشق: 1/42. مسجد عتاب: 3/12. مسجد محمد بن رغبان: 1/82؛ 2/334. المشقر: 1/49، 178. مصر: 2/427، 442؛ 3/216؛ 4/319، 370، 470؛ 5/213، 229؛ 6/346؛ 7/76، 147. المصران: 1/200؛ 5/295. مصنعة زياد: 6/413. المصيصة: 4/327. المضيح: 2/383؛ 7/120. مطلوب: 2/409. المغمس: 7/119، 120. مقام إبراهيم: 3/73، 96. مكة: 2/296، 413؛ 3/73، 95، 96، 213؛ 4/381؛ 5/38، 46، 231؛ 7/4، 128. مترل الخوارزمي: 6/452. مترل الباخرزي: 7/122. مترل المكي: 5/182. منى: 3/96؛ 5/201، 223؛ 7/62. مهرجان قذق: 5/213. مهيعة: 4/326. مؤتة: 3/112. الموصل: 1/49، 65؛ 2/318؛ 4/325، 468. المولتان: 7/47، 68، 109. (النون) ناظرة: 4/497. ناعتين: 1/159. نجد: 3/103؛ 4/445؛ 5/218، 242؛ 6/450. نجد الكلبة: 1/206. نجران: 1/51، 257؛ 2/411؛ 3/43، 234. نخلة: 6/396.

(الهاء)

نسر (صنم) : 7/31، 32. نصيبين: 4/370؛ 5/192. نطاة: 2/396. نقان: 3/110. نهاوند: 4/313؛ 7/61. نهر أذرب: 3/191. نهر بط: 5/217. نهر الجوبار: 3/13. نهر دبيس: 3/191. نهر رامهرمز: 1/100. نهر الزط: 5/213. نهر أم عبد الله: 5/109. نهر الكلبة: 1/206. النهروان: 4/481؛ 6/459. النوبة: 4/303؛ 7/81، 143. نير: 2/410. النيل (نهر) : 5/229، 316؛ 6/466، 530؛ 7/46، 56، 76، 80، 82، 147، 148. (الهاء) هجر: 1/49. هراميت: 1/207. هراة: 2/408. هركند: 7/77. هضب القليب: 2/382؛ 7/120. الهفة: 5/213. الهلباء: 5/59. همذان: 2/280. الهند: 3/49، 155، 175، 191؛ 6/437، 462؛ 7/78، 81، 104، 136. هيت: 3/135. هيلان: 5/241. (الواو) وادي جحفة: 4/326. وادي السباع: 4/501. وادي القصر: 6/366. الوادي المقدس: 4/489. وادي النمل: 4/264، 267، 269؛ 5/288. واسط: 1/65؛ 3/107، 141، 142، 155؛ 5/213؛ 6/576؛ 7/51. واهب: 2/383؛ 7/120. وبار: 1/103؛ 6/358، 427، 435، 436. ود (صنم) : 7/32. وقبى: 3/37؛ 6/444. الويل (واد في جهنم) : 1/229. (الياء) يبرين: 6/427. يثرب: 3/197؛ 5/95؛ 7/118. يذبل: 7/69. يرمرم: 7/98. اليعبوب (صنم) : 3/50. يعوق (صنم) : 301، 32. يغوث (صنم) : 7/31، 32. اليمامة: 1/104؛ 4/442؛ 5/177؛ 6/410، 422؛ 7/107. اليمن: 1/80، 95، 205؛ 2/356؛ 3/74، 252؛ 4/280، 303، 390، 445؛ 5/202 242؛ 6/413، 425؛ 7/21، 127. يلملم: 3/98. يمؤود: 5/43. ينبع: 1/151. ينخوب: 3/245. الينسوع: 6/368.

فهرس القبائل والطوائف

فهرس القبائل والطوائف (الألف) الإباضية: 1/13؛ 3/5، 10؛ 6/348، 475، 531. بنو أبان: 3/246. الأتراك: 1/90؛ 3/82. الأراقم: 1/209؛ 5/97. الأزارقة: 1/13. الأزد: 3/150؛ 7/47، 68. أزد شنوءة: 1/206؛ 6/538. أزد عمان: 3/150. أزنم: 5/131؛ 6/548. أسد: 1/176، 177، 241؛ 2/261، 317، 336، 341، 359؛ 3/42، 182؛ 4/434، 504؛ 5/91، 158، 202؛ 6/351، 373. بنو إسرائيل: 1/64؛ 3/8؛ 4/292، 336، 379، 488؛ 5/66؛ 6/356، 455، 574، 7/28. بنو أسعد بن همام: 7/72. أشجع الخنثى: 1/240. أصحاب الاثنين: 1/124. أصحاب الأجسام: 5/29. أصحاب الاستخراج: 4/472. أصحاب الأعراض: 5/29، 31، 49. أصحاب الجهالات: 2/325. أصحاب الخلقان: 2/307. أصحاب الفيل: 7/28، 120. أصحاب الكهف: 1/203؛ 3/19. أصحاب المجارحات: 1/108. الأعجام: 1/122. بنو الأعرج: 6/566. بنو أعيا: 5/249. بنو أقيش: 1/203. الأكاسرة: 1/153؛ 4/443؛ 6/353؛ 7/67، 114. أكلب بن ربيعة بن نزار: 2/349. أميم: 6/427. بنو أمية: 3/203؛ 5/70، 91، 94؛ 6/353، 584؛ 7/91. الأنباط: 1/131؛ 3/116؛ 4/296؛ 7/53.

(الباء)

(الباء) بارق: 5/294. باهلة: 1/177، 239، 240، 241؛ 3/203؛ 7/136. بجيلة: 2/391؛ 6/522. بحدل: 1/208. بخارية ابن زياد: 7/107. بدر: 1/199، 217؛ 4/434؛ 6/412. البراجم: 1/242. البرامكة: 4/344. البربر: 3/206. البصريون: 1/120، 197؛ 2/334، 368؛ 3/220، 108؛ 4/475؛ 5/99، 121. البطارقة: 3/146. البغداديون: 3/60، 108. بغيض: 6/351، 373. بكر بن عبد مناة: 6/392. بكر بن وائل: 1/50، 150، 211؛ 3/37، 48؛ 4/444؛ 5/70، 97، 292؛ 6/358، 357؛ 7/146. البكرية: 6/482. بلعنبر بني العنبر. بهراء: 5/73؛ 6/357. (التاء) التبابعة: 7/61. الترك: 2/438؛ 4/295، 303؛ 5/199. تغلب وائل: 1/14، 50، 147، 150، 209، 212، 256، 257؛ 4/272، 496، 5/97؛ 6/488، 510؛ 7/129، 146. تكبو: 4/277. تميم: 1/120، 121، 241، 242؛ 3/15؛ 5/44، 70، 90، 96، 139؛ 6/368، 370، 372، 396، 449، 560، 563، 579. تميم (مرخم تميمة) : 4/494. التميميون: 3/46. تنبو: 4/277. تنوخ: 7/129. تيم: 1/241؛ 5/261؛ 6/525؛ 7/39، 139. تيم اللات: 1/20. (الثاء) ثعل: 7/94. ثعلبة: 1/239. ثعلبة بن عمرو: 2/262. ثقيف: 1/104؛ 2/420؛ 3/166؛ 4/439، 445؛ 7/119، 128. ثمود: 102؛ 3/76؛ 5/288؛ 6/427. ثور: 1/241. (الجيم) بنو الجارود: 1/116، 240؛ 2/299. جاسم: 1/102؛ 6/427. الجالوت: 4/273. الجبابرة: 5/288؛ 6/392. الجبرية: 4/475. جديس: 1/102؛ 6/427. جديلة: 3/50. جذام: 7/129. جرم بن زبان: 1/209، 238؛ 3/224؛ 5/203. جرير بن دارم: 1/243.

(الحاء)

جرهم: 1/122، 123؛ 6/392، 419؛ 7/128. جسر: 5/304. جشم: 6/499. جشم بن بكر: 1/147. جعدة بن كعب: 6/442. آل جعفر: 1/115؛ 5/274؛ 6/572. بنو جعفر: 4/450. جعفر بن كلاب: 4/333؛ 5/95؛ 6/353. جفنة: 1/253. بنو جلان: 6/373. الجمار: 5/70. جمح: 6/350. جمرات العرب: 5/67، 68. جندل: 5/98. الجهمية: 4/402؛ 5، 51. جهينة: 4/274؛ 5/246. جيلان: 6/358، 393، 394. (الحاء) الحارث بن كعب: 4/445؛ 7/129. الحارثيون: 1/167. آل حاضر: 4/378. أبناء حام: 3/66. الحبش: 7/118. الحبشان: 1/76، 79؛ 3/207؛ 7/119. الحبشة: 7/61، 81، 110، 127، 148. الحبطات: 1/242. الحبوش: 7/118. بنو الحداء: 1/208؛ 5/88، 98؛ 6/579. حذيم: 4/294، 297. بنو حرام: 3/97. الحرقة: 4/274. حرقوص: 6/562. الحرميون: 1/197. حزن: 4/381. حسل: 6/364. الحشو: 6/466. الحشوية: 6/348. الحفظة (من الملائكة) : 6/416. حمان: 1/163؛ 5/121، 218، 250، 266. الحمر: 4/309. الحمران: 3/119، 248. الحملة (من الملائكة) : 6/416. حمير: 1/66؛ 5/290؛ 6/395؛ 7/61، 62، 146. حنيفة: 2/291؛ 4/439، 444؛ 5/98. الحواريون: 2/337؛ 5/227؛ 6/327. حيان: 3/53. (الخاء) الخارجية: 1/13. خثعم: 1/238؛ 3/25؛ 7/126، 129. آل خثعم: 1/237. خراسان: 7/98. الخراسانية: 1/76. الخرمية: 7/51. خروء الطير أسد: 5، 158. بنو خريم: 3/47. خزاعة: 1/240؛ 7/128. الخزر: 4/303. خزنة جهنم (من الملائكة) : 6/426.

(الدال)

الخزرج: 4/444؛ 5/54، 276، 564؛ 6/424. خضر غسان: 3/120. خضر محارب: 3/120. الخناقون: 2/390، 393؛ 3/215؛ 6/522. خندف: 1/208؛ 3/182. الخوارج: 1/90، 179، 207، 213؛ 2/305؛ 3/195؛ 4/391، 397؛ 5/104، 311؛ 6/562. الخوز: 4/294؛ 5/156. آل خويلد: 3/95. (الدال) دارم: 1/19، 242؛ 5/96. الدارميون: 2/26. دبير: 1/176. الدهاقين: 1/77، 143؛ 2/318؛ 3/15. الدهرية: 1/144؛ 2/325؛ 4/304، 473؛ 5/21، 175؛ 6/455، 456. الدوال باي: 1/124. الديصانية: 5/24. (الذال) ذبيان: 1/20، 240؛ 3/45. ذهل: 2/285؛ 4/408. ذو يمن: 1/151، 236؛ 3/69. بنو ذويبة: 3/146. (الراء) الرافضة: 1/10، 13؛ 2/392؛ 6/348، 470، 531. الربيط: 7/128. ربيعة بن حنظلة: 5/149. ربيعة بن نزار: 1/205، 211، 244؛ 5/276؛ 6/589. رعل: 6/398. الرقاشيون: 2/285. الروافض: 1/154. الروقان: 7/146. الروم: 1/42، 83، 90، 114، 143؛ 2/342، 343، 388، 406، 439؛ 3/206، 207؛ 4/273، 291، 303، 439، 446، 481؛ 5/150؛ 6/407؛ 7/16، 79، 139. الروميات: 4/342. بنو ريطة: 4/326. (الزاي) آل زائدة بن مقسم: 5/140. الزبانية (من الملائكة) : 6/426. زرارة بن عدس: 5/96؛ 6/353. الزط: 5/217؛ 6/420. الزنادقة: 1/41؛ 3/174؛ 4/471، 473، 486، 6/502. الزنج: 1/90؛ 2/333، 347، 417؛ 3/76، 119، 127؛ 4/277، 295؛ 5/19، 156، 170، 284؛ 7/79، 193. الزنوج: 5/50؛ 7/123. الزوابع (من الجن) : 6/359، 436. بنو زياد: 2/414. بنو زياد الحارثي: 7/98. زيد بن ضب: 6/364. زيد بن عبد الله بن دارم: 1/243. الزيدية: 1/10، 11، 13.

(السين)

(السين) سبأ: 5/289، 290؛ 6/394؛ 7/28، 61. السبابجة: 7/52، 115. السبئية: 2/393. سحيم: 4/428. سدوس: 1/212؛ 3/207/214؛ 7/21. بنو سعد: 1/89، 159، 198، 239، 241؛ 2/264؛ 3/52، 70، 260؛ 4/451، 5/92، 105، 313؛ 6/368، 369. سعد بن بكر: 5/179؛ 7/148. بنو السعلاة: 1/122؛ 6/398، 419. بنو سفيان: 1/212. آل سلم: 3/247. سلمى: 3/50. سلمى بن جندل: 1/172. سليح: 7/129. سليم: 1/239؛ 4/296؛ 5/15، 198، 269، 276، 304. السمط: 6/442. بنو سنان: 2/260. آل سنان بن حارثة: 3/47. السند: 1/76، 79؛ 3/207؛ 6/353. بنو سهم: 1/151، 236؛ 3/96. السودان: 1/76، 79؛ 3/119، 248. (الشين) شاكر: 2/393. الشاكرية: 2/320. الشراة: 6/543. الشعوبية: 5/236. شماط الشميطية: 7/72. شمخ: 1/253. الشميطية: 2/392. شن: 6/374. شيبان: 1/168، 218؛ 3/63؛ 4/385؛ 5/178؛ 6/573؛ 7/129، 138. شيبان وائل شيبان: 7/138. بنو الشيصبان (من الجن) : 6/436. بنو شيطان: 1/198. الشيعة: 1/13؛ 2/392؛ 3/10. (الصاد) الصابئة: 1/83، 85. بنو صبير: 5/300. الصفرية: 1/13، 206. الصقالبة: 1/76، 78، 80؛ 3/76، 119؛ 4/295، 314؛ 5/19؛ 7/139. آل صقر: 7/19. الصنائع: 4/496. بنو صهارى: 5/239. صوفة: 7/128. الصوفية: 4/471؛ 5/227. (الضاد) ضباب: 2/400. ضبة بن أد: 1/241؛ 2/346، 391؛ 5/67، 68؛ 6/364، 370، 558؛ 7/97، 139. ضبة بن محض: 6/364. ضبيعة: 5/232. ضبيعة أضجم: 1/244. ضبيعة بن ربيعة بن نزار: 1/206. بنو ضبينة: 5/95. الضرارية: 1/13.

(الطاء)

(الطاء) طبق: 6/346. أولاد طريف: 6/570. طسم: 1/102؛ 6/427. الطفاوة: 1/240؛ 3/157. بنو طليحة: 2/415. بنو طهية: 1/211. الطواويس (جيش ابن الأشعث) : 2/379. طوعة: 7/102. طيئ: 1/18، 20، 150، 217؛ 4/497؛ 5/319؛ 6/517؛ 7/100، 129. (الظاء) آل ظالم: 5/205. الظليم: 1/242. (العين) عابد: 6/477. عاد: 1/102؛ 3/42، 76؛ 5/242، 288؛ 6/427؛ 7/120. عارض: 1/19. عاصم بن عبيد بن ثعلبة: 2/263. عامر بن صعصعة: 1/20، 109، 111، 193، 238، 239، 241؛ 2/302، 394؛ 4/422؛ 5/54، 165، 247، 278، 304، 308؛ 6/382؛ 7/67. عامر بن عبد الله: 6/364. عامر بن لؤي: 5/267. عاملة: 7/129. العباد: 7/129. بنو عباد: 7/97. بنو العباس: 3/247؛ 6/429. العباهلة: 1/66، 80؛ 7/61. عبد الأشهل: 5/299 (بلفظ عبد الأشل) . عبد الحارث بن نمير: 2/356. عبد شمس: 6/547. عبد عمرو: 6/542. عبد القيس: 1/116، 159، 178؛ 4/444، 445، 499؛ 5/297؛ 7/129. عبد الله بن دارم: 1/243. عبد الله بن غطفان: 1/240، 245. بنو عبد الملك الزياديون: 2/370. بنو عبس: 1/20، 239، 240، 241؛ 4/497، 504؛ 5/67، 68، 97. عبيد (بن ثعلبة) : 5/131؛ 6/548. عبيد العصا أسد: 2/261؛ 5/158. بنو عتاب: 5/96. عتيق: 5/98. العتيك: 5/92. العثمانية: 1/13. عجل: 1/20؛ 2/391؛ 4/444؛ 6/522، 579. عدنان: 6/396؛ 7/4. العدنانية: 1/8. عدوان: 4/374؛ 7/128. بنو العدوية: 3/150. عدي: 1/19؛ 3/39؛ 5/274؛ 6/527. عذرة: 1/199؛ 4/381؛ 6/424؛ 7/93. العرجان: 6/579، 580. بنات عقاب: 3/201. عقال: 1/167. عقيل: 1/158؛ 5/165، 257؛ 6/463.

(الغين)

العقيليون: 5/203. عك: 1/208. عكل: 1/241؛ 5/154، 219، 311؛ 6/364، 375، 566. العكليون: 4/354. العمالقة: 1/102؛ 3/76؛ 5/288. عمرو: 1/122؛ 2/265؛ 3/47؛ 6/476. عمرو بن عامر: 6/484؛ 7/11. عمرو بن يربوع: 6/398، 419. عملاق: 6/427. آل عموج: 3/150. بنو العنبر: 1/177، 242؛ 2/264؛ 3/63، 64؛ 4/313؛ 6/357. عترة بن أسد: 1/244؛ 3/36. العتريون: 1/244. بنو العنقاء ثعلبة بن عمرو: 2/262؛ 7/86. عوافة بن سعد: 6/406. بنو عوف: 1/52. عوف بن كنانة: 6/566. العوق: 5/92. العير: 5/276. العيص: 1/20. عيط: 4/434. (الغين) الغالية: 1/13، 206؛ 2/392؛ 3/9؛ 5/241، 312؛ 6/523. بنو غير: 3/9. غدانة: 3/189؛ 5/264؛ 6/500. غراب بن فزارة: 3/39. بنو غزوان: 1/203. غسان (بن الأزد) : 6/483؛ 7/11، 129. غسان بن مالك بن عمرو بن مالك: 1/243. غطفان: 1/40، 239، 241؛ 3/62، 237؛ 5/96. بنو غنم: 1/359. غني: 1/240، 241؛ 3/47؛ 5/304؛ 6/410؛ 7/118. (الفاء) فالج: 6/510. الفراعنة: 5/288. فزارة: 1/239، 245؛ 2/431؛ 6/371، 550؛ 7/100. فقعس: 1/176؛ 4/333. الفقيم بن جرير بن دارم: 1/243. فهر: 6/421. الفئتان الضالتان: 1/108. (القاف) قابوس: 1/122. القبط: 1/108. قحطان: 1/174؛ 4/418؛ 7/4، 46. القحطانية: 1/5. قراد: 3/42؛ 5، 236. بنو أم قرفة: 6/371، 376. قريش: 1/48، 97، 104، 109، 243، 250؛ 2/296، 306، 308، 372، 379؛ 3/73، 157؛ 4/266، 328، 387، 435، 445، 484؛ 5/54، 154، 175، 241، 247؛ 6/353، 364، 392، 460، 584، 593؛ 7/20، 119، 120، 128. قريش البطاح: 7/50.

(الكاف)

قريع: 3/140؛ 7/89. قشير: 6/576. قصي بن معد: 4/442. قضاعة: 2/429؛ 4/418، 423؛ 5/98؛ 7/129. قطيعة بن عبس: 4/497. القلاسون: 2/307. القياصرة: 1/153. قيس قيس عيلان. قيس بن ثعلبة: 1/89؛ 5/178. قيس بن سعد: 3/237. قيس عيلان: 1/89، 97، 147؛ 3/59، 234؛ 4/377، 451، 502؛ 5/15، 90، 96، 98، 202، 319؛ 6/321، 351، 373، 396، 539، 550. القيسيون: 1/89؛ 6/492. القين: 7/101. (الكاف) كابية بن حرقوص: 6/562. أهل الكتابين: 4/313؛ 6/425. الكروبيون: 6/416. آل كسرى: 5/175. كعب (بن ربيعة بن عامر) : 1/169، 213، 242؛ 5/54. كعب بن عمرو: 1/242. كلاب بن ربيعة: 1/205، 206؛ 2/349. كلاب (بن عامر بن صعصعة) : 1/169، 210، 212، 242؛ 2/349؛ 5/95. الكلاب (قبيلة زنجية) : 2/347؛ 4/277. كلب كلب بن وبرة. كلب بن ربيعة: 1/205؛ 2/349. كلب بن وبرة: 1/150، 178، 206، 207؛ 2/349؛ 4/375؛ 7/151. بنو الكلبة: 1/206؛ 2/349. كليب بن يربوع: 1/167، 206، 207؛ 5/231. آل كميل: 2/392؛ 6/523. الكميلية: 2/392. كنانة: 1/109، 243؛ 5/93، 228؛ 6/362، 460؛ 7/118. كندة: 1/18، 217؛ 2/391؛ 3/5؛ 5/98؛ 6/522. الكنعانيون: 3/76؛ 5/288. كهيان (اسم العرب بالفارسية) : 5/37. الكوفيون: 3/12؛ 4/293. (اللام) آل لأم: 1/235. بنو لأم: 3/46. بنو لبنى: 1/203. لحيان: 1/177. لخم: 4/442؛ 7/129. ليث: 2/404؛ 5/200. (الميم) مأجوج: 1/124؛ 3/76؛ 4/295. مازن: 1/251؛ 2/372؛ 4/453؛ 6/561. مالك: 3/205. المانية: 4/301. مجاشع بن دارم: 1/207، 243. المجوس: 1/41، 124؛ 2/403؛ 3/167؛ 4/308، 406، 499؛ 5/36، 37، 38،

(النون)

172؛ 6/564، 574؛ 7/145. محارب بن خصفة: 1/19، 147، 198؛ 5/198. المحاش: 4/494. مخزوم: 1/174؛ 2/296؛ 4/497؛ 5/245؛ 6/353. بنو مخيلة: 6/477. المدنيون: 3/256. مذحج: 5/54. مر بن أود: 7/128. مراد: 5/94. آل مرثد: 5/100. مرة: 1/239؛ 4/359؛ 6/473. مرة بن عباد: 6/369. مرة بن عوف: 4/494. بنو مروان: 1/52، 81؛ 3/68؛ 5/177؛ 6/480. المريون: 2/50. المزون: 6/396. مزينة: 1/241. المسبع: 4/381. المسجديون: 3/171. آل مسعود: 3/224. آل أبي مصاد: 5/93. مضر: 188؛ 2/433؛ 3/36؛ 5/17، 89، 91، 258، 276؛ 7/30. المضربون: 5/98. معاوية بن عمر: 1/256. المعتزلة: 1/10، 141؛ 4/360، 402؛ 5/164؛ 6/531. معد: 1/217؛ 3/47؛ 5/96، 207، 232؛ 7/32. بنو المغيرة: 3/95؛ 4/326؛ 5/200، 245. المغيرية: 2/391. المقاول: 7/61. بنو مقيدة الحمار: 1/234؛ 6/429. مكالب بن ربيعة: 1/205؛ 2/349. مكلبة بن ربيعة: 1/205؛ 2/349. مناف: 1/242. المنانية: 4/478. بنو المنذر: 2/411. بنو منصور: 6/488. المنصورية: 2/391، 392؛ 6/523. بنو منقر: 2/316؛ 5/250؛ 6/542. المهاجرون: 2/296. مهنا: 1/124. مهنة: 1/124. مهنينة: 1/124. (النون) النابتة: 6/348، 531. الناصبة: 1/13. النبط: 1/233؛ 5/208؛ 7/100. نبهان: 4/379. النبيت: 1/243. النبيط: 6/481؛ 7/100. النخاسون: 2/307. نزار: 1/151، 174، 236؛ 4/443؛ 7/139. ابنا نزار: 1/206؛ 2/429؛ 4/423. النسأة: 7/128.

(الهاء)

النصارى: 1/41، 83، 226؛ 2/324، 406؛ 4/272، 273، 360، 471، 473؛ 5/88، 160، 240؛ 6/420؛ 7/14، 129. بنو نصر: 7/92. نصر بني قعين: 2/413. نصر بن معاوية: 7/53. النصرانيات: 4/342. بنو نعامة: 4/434. النفير: 5/276. نفيلة (بقيلة) : 3/85. النمل (قبيلة زنجية) : 2/347؛ 4/277. نمير: 1/169، 170، 242؛ 2/388، 439؛ 4/408/؛ 5/67، 68؛ 6/373. نهد: 1/238. نهشل بن دارم: 1/210، 243؛ 2/373؛ 3/47؛ 5/92. النوب: 3/206. النوبة: 1/79؛ 3/206، 207؛ 4/303؛ 7/81، 148. (الهاء) بنو هاشم: 1/197؛ 3/190؛ 4/327؛ 5/46، 94؛ 6/353؛ 7/150. هاربة البقعاء: 1/240. الهجيم: 1/169. هذيل: 1/177؛ 4/390؛ 5/228؛ 6/487. الهرابذة: 4/499. آل هرماس: 6/392. هلال بن عامر بن صعصعة: 1/212؛ 6/363، 539. هلال: 1/169. الهلباء: 5/59. آل همام: 5/265؛ 6/388. همدان: 3/152؛ 5/178؛ 6/356. الهند: 1/8، 36، 41، 53، 98، 104؛ 2/321؛ 4/270، 415؛ 5/175؛ 6/380 419، 420، 446؛ 7/16، 55، 62، 66، 68، 70، 71، 73، 104، 112، 115، 125، 131. بنو هند: 6/538. هوازن: 5/202، 203؛ 6/488. (الواو) الواق: 1/124. وائل: 1/21، 211، 212؛ 3/69، 136؛ 4/436؛ 5/90، 235؛ 7/138، 146. (الياء) يأجوج: 1/124؛ 3/76؛ 4/295. يربوع: 3/205. يشكر: 4/408؛ 6/545؛ 7/129، 138. اليعسوب: 1/240. يكبو: 4/277. اليمانون: 3/235. اليمانية: 5/210. اليمن: 1/229؛ 5/202. ينبو: 4/277. اليهود: 1/154، 226، 249؛ 4/273؛ 5/88، 240؛ 6/353، 504؛ 7/14، 145. اليونانية: 1/53، 66؛ 5/175. اليونانيون: 1/191؛ 2/321.

فهرس أيام العرب

فهرس أيام العرب (الألف) الأباء: 6/539. أحد: 3/8. إرم الكلبة: 1/206. (الباء) البشر: 1/22؛ 3/200. (الجيم) جبلة: 2/299؛ 3/64. جسر مهران: 7/61. جفر الهباءة: 3/60. جلولا: 4/443؛ 7/61. الجمل: 129؛ 3/157؛ 5/240. جؤاثا: 7/30. (الخاء) خزاز: 6/539. (الذال) ذو قار: 1/109؛ 4/443؛ 6/460. (الراء) راهط: 3/200. الردة: 1/178. (السين) ساحوق: 2/394. (الشين) شعب جبلة: 3/64؛ 5/158. (الصاد) صحراء كلية: 3/37. (الطاء) الطائف: 3/98؛ 6/743. الطف: 5/91. (العين) عين أباغ: 6/542. العظالة: 2/284. (الغين) الغدير: 1/212. (الفاء) الفجار: 1/109؛ 6/459، 460. الفساد: 1/217. فيف الريح: 1/20. الفيل: 7/118، 119، 120. (القاف) القادسية: 7/61، 110، 116. قس الناطف: 7/61. (الكاف) الكثيب: 6/539. الكحيل: 4/377. (الميم) المرج: 6/558. مرج راهط راهط. مؤتة: 3/112. (النون) نهاوند: 7/61. النهروان: 6/549. (الهاء) هراميت: 1/207. (الواو) الوقبى: 3/54.

فهرس الكتب

فهرس الكتب (الألف) الآثار العلوية لأرسطاطاليس: 6/462. الاحتجاج لنظم القرآن: 1/11. احتجاجات البخلاء ومناقضتهم للسمحاء: 1/7. الأخبار: 1/12. أصحاب الإلهام: 1/12. الأصنام: 1/8. أفوريسموا (كتاب الفصول لأبقراط) : 1/69 إقليدس: 1/41، 56، 62. الإنجيل: 1/59؛ 3/173؛ 4/292، 356. الأوفاق والرياضيات: 1/9. (الباء) الباه: 7/134. (التاء) التوراة: 1/59؛ 4/292، 356، 358، 473. (الجيم) جالينوس: 1/56. الجوابات: 1/12. (الحاء) الحجة في تثبيت النبوة: 1/12؛ 7/120. الحيل لأبي يوسف القاضي: 3/6. حيل اللصوص: 1/7. الحيوان: 1/31؛ 4/360؛ 5/85، 86، 87؛ 6/323، 326. الحيوان لأرسطو: 2/283؛ 3/70، 250؛ 5/196، 266؛ 6/554؛ 7/112، 134. (الخاء) خلق القرآن: 1/11. الخيل لأبي عبيدة: 6/554. (الدال) ديوان أبي الشمقمق: 1/44. (الراء) الرد على الجهمية: 1/12. الرد على المشبهة: 1/11. الرد على اليهود والنصارى: 1/11، 12؛ 4/274. رسائل إلى الإخوان والخلطاء: 1/10. الرسائل الهاشميات: 1/10. (الزاي) الزبور: 4/473؛ 7/16. الزرع والنخل والزيتون والأعناب: 1/8. (السين) سفر الخروج: 5/66.

(الشين)

(الشين) الشروط لسلمان بن ربيعة القاضي: 1/63. الشروط ليوسف السمتي: 1/63. (الصاد) صحف إبراهيم: 1/66. صحف موسى: 1/66. الصرحاء والهجناء: 1/8. (العين) العباسية: 1/13. العثمانية والضرارية: 1/13. العرب والعجم: 1/8. العرب والموالي: 1/8. (الغين) غش الصناعات: 1/7. (الفاء) الفراسة لأفليمون: 3/76، 130، 137. فرق ما بين الجن والإنس والملائكة والجن: 1/9. الفرق ما بين الحيل والمخاريق: 1/12. فرق ما بين النبي والمتنبي: 1/12؛ 4/444. فرق ما بين هاشم وعبد شمس: 1/9. فصل ما بين الرجال والنساء: 1/8. فصل ما بين النبي والمتنبي: 4/444. الفصول لأبقراط: 1/69. فضيلة الملك على الإنسان والإنسان على الجان: 7/40. في الحيات: 4/347. في مثالب العرب وعيوب الإسلام (ليونس ابن فروة كتبه لملك الروم) : 4/481. (القاف) القحطانية والعدنانية: 1/8. قرآن مسيلمة: 5/280. القول في أصول الفتيا والأحكام: 1/11. (الكاف) كتاب الخليل في الكلام: 1/99. كتاب الخليل في اللحون: 1/99. كتاب ما سرجويه في الألبان: 3/133. كتاب أشعياء: 4/358. كتب الأنبياء: 4/358، 379. كتب أبي الحسن الأخفش: 1/62. كتب رسول الله صلى الله عليه وسلّم: 1/66. كتب سليمان عليه السلام: 4/358. كتب الشروط: 1/60. كتب في النفس: 4/415. كليلة ودمنة لابن المقفع: 6/488؛ 7/57. (اللام) اللحون، للخليل: 1/99. اللصوص: 2/334. (الميم) المجسطي: 1/56. المسائل: 1/12. المعادن: 1/9. معارضة الزيدية وتفضيل الاعتزال: 1/11. الملح والطرف: 1/7. المنطق: 1/62؛ 6/323. (النون) النبوات: 6/400. النوادر، لأبي الحسن الأخفش: 6/554. (الهاء) الهجناء والصرحاء: 3/248. (الواو) الوعد والوعيد: 1/11.

فهرس الأشعار

فهرس الأشعار المطلع: القافية: البحر: الشاعر: عدد الأبيات: الجزء والصفحة قافية الهمزة الهمزة المفتوحة جمعت: وراءها: الطويل: قيس بن الخطيم: 1: 6/537 وددت: خلاء: الوافر: حبّى المدنية: 1: 6/355 ما لقينا: شعراء: الخفيف: (نصيب الأصغر) : 1: 3/60 الهمزة المضمومة تزل: قضاء: الطويل: بشار بن برد: 1: 4/387 وما: ماء: البسيط: أبو نواس: 1: 3/129 أتترك: براء: الوافر: نهشل بن حري: 3: 1/19 ألا: الشتاء: الوافر: الشماخ بن ضرار: 3: 1/131، 7/53 ألم: عواء: الوافر: النابغة: 1: 1/250 أرى: جفاء: الوافر:؟: 4: 2/260 ولا: شفاء: الوافر: عوف بن الأحوص: 1: 2/262 وبعض: شفاء: الوافر: (قيس بن الخطيم) : 2: 3/31 وجار: سواء: الوافر: زهير بن أبي سلمى: 3: 3/228 أصك: وآء: الوافر: زهير بن أبي سلمى: 1: 4/452 بآرزة: خلاء: الوافر: زهير بن أبي سلمى: 3: 4/453 (وبعض) : إتاء: الوافر: ابن الأعرابي: 1: 7/94 قد: البلاء: م. الرمل:؟: 2: 7/91 يا: الفداء: السريع: أبو حزابة: 4: 1/167

الهمزة المكسورة

عنتا: الظباء: الخفيف: الحارث بن حلزة: 1: 1/18، 5/270 أم: الجزاء: الخفيف: الحارث بن حلزة اليشكري: 1: 1/18 واذكروا: الكفلاء: الخفيف: الحارث بن حلزة: 2: 1/50 ربنا: الثناء: الخفيف: الحارث بن حلزة: 2: 1/217، 6/406 وحديث: الصفراء: الخفيف: بشار بن برد: 1: 3/62 ولقد: الثواء: الخفيف: الحارث بن حلزة: 4: 4/448 آنست: الإمساء: الخفيف: الحارث بن حلزة: 1: 4/455 وأتانا: نساء: الخفيف: الحارث بن حلزة: 4: 5/97، 129 أي: الجوزاء: الخفيف: أبو زبيد: 3: 5/295، 6/379 وأتانا: الداء: الخفيف: الحارث بن حلزة: 10: 5/97 واستكن: الحرباء: الخفيف: أبو زبيد: 1: 6/509 لا: النجاء: الخفيف: الحارث بن حلزة: 4: 6/539 الهمزة المكسورة قل: صماء: البسيط: (بشار بن برد) : 1: 4/448 تمنت: خلائي: الوافر: عوف بن الخرع: 2: 1/18 رماك: البلاء: الوافر:؟: 4: 1/116، 4/386 له: للصلاء: الوافر: الهيبان الفهمي: 3: 5/35 رآني: بلائي: الوافر: الشيخ الباهلي: 2: 6/542 يسقط: الكرماء: الخفيف: (بشار بن برد) : 1: 5/237 ليس: الأحياء: الخفيف: (عدي بن الرعلاء) : 1: 6/591 قافية الألف اللينة ومهما: كالفتى: الطويل: (حسان السعدي) : 3: 3/230، 6/587 ولم: هوى: الطويل: (عمر بن أبي ربيعة) : 1: 5/68 أفنت: فاستوى: الكامل: نفيع بن صفار المحاربي: 2: 1/147 أما: رأى: الكامل: الأسعر الجعفي: 3: 1/181 بات: الطوى: الكامل:؟: 1: 2/253 وكتيبة: للندى: الكامل: (أبو بكر) : 1: 5/292 ليس: مضى: الكامل:؟: 2: 7/95

قافية الباء

وقد: الضحى: المتقارب: جهم بن خلف: 10: 3/98، 99 مطوقة: دعا: المتقارب:؟: 1: 3/99 قافية الباء الباء الساكنة عبيد: الكلب: الطويل: ابن عياش الكندي: 1: 1/261 له: الغضب: الطويل: العدار: 1: 6/357 يخيل: العطب: الطويل: سهل بن هارون: 1: 6/549 وبالجد: الطلب: الطويل: ابن يسير: 1: 7/38 فإني: أحربا: الطويل: الأعشى: 3: 1/19 إن: أكلبا: الطويل:؟: 2: 1/166 وإني: أحوبا: الطويل: الأعشى: 2: 1/199، 6/406 (أخلف) : ذاهب: الكامل: المسعودي: 1: 3/35 وترى: مغاضب: م. الكامل:؟: 1: 1/183 وبنو: الحلائب: م. الكامل: الجعدي: 1: 6/550 وأنا: العرب: الرمل: القرشي: 1: 3/120 ودنونا: ضرب: الرمل: الطائي: 3: 6/545 ووثبة: التراب: السريع: المنهال: 3: 6/528 فأتتها: اللعب: الخفيف:؟: 2: 1/111 أتيت: خبوب: المتقارب: السّدري: 5: 6/538 الباء المفتوحة وفر: متطببا: الطويل: زيد الخيل: 3: 1/217 سينبح: أؤنبا: الطويل: الأعشى: 1: 1/235 أراني: أكلبا: الطويل: الأعشى: 1: 1/262 وأفطن: عقربا: الطويل: أبو الوجيه العكلي: 1: 6/344 قصير: مركبا: الطويل:؟: 1: 6/593 إذا: مذهبا: الطويل: زياد بن زيد: 6: 7/92 فلا: المنيبا: الطويل: جرير: 1: 7/39 فاعص: خببا: البسيط: سهم بن حنظلة: 2: 1/119

الباء المضمومة

يا: فالقربا: البسيط: مرة بن محكان السعدي: 3: 2/437 ترمى: لهبا: البسيط: مرة بن محكان السعدي: 2: 7/56 الله: اليعاسيبا: البسيط: عبد الرحمن الأنصاري: 1: 3/30 تهتم: الذيبا: البسيط: رزين العروضي: 3: 7/129 كأن: الكلابا: الوافر: (جرير) : 1: 1/211 فغض: كلابا: الوافر: جرير: 2: 1/169، 242 أجندل: غابا: الوافر: جرير: 1: 1/170 إذا: الكلابا: الوافر: أعشى بني تغلب: 1: 1/256 رأيت: الشبابا: الوافر: كثير عزة: 3: 3/27 أكلكم: سخابا: الوافر:؟: 1: 3/226 إذا: غضابا: الوافر: (معاوية بن مالك) : 1: 5/227 فرجي: آبا: الوافر: بشر بن أبي خازم: 1: 6/461 تطلى: ملابا: الوافر: (جرير) : 1: 6/511 فمن: الكليبا: الوافر: عبادة بن محبر السعدي: 1: 2/293 ولو: أسبابا: م. الوافر: (أبو محجن) (ابن أبي عقيق) : 2: 2/269. 352 كأني: طلوبا: الكامل: (أبو خراش الهذلي) : 2: 6/491 فانقض: طنبا: الكامل: أوس بن حجر: 2: 6/461. 458 فعلت: ضربا: م. الكامل: محمد بن عباد الكاتب: 7: 1/174 برد: شرابا: م. الرمل: أبو العتاهية: 1: 5/76 وصدهم: فاجتنبا: السريع: لبيد بن ربيعة: 1: 2/440 يا: أحسبا: المتقارب: امرؤ القيس: 3: 6/503 ولو: التربه: المتقارب: دعبل بن علي: 3: 1/175 على: أذنابها: المتقارب: الكميت بن ثعلبة: 1: 6/387 الباء المضمومة فعاجوا: الحقائب: الطويل: نصيب: 1: 1/29 يقوم: أشيب: الطويل:؟: 1: 1/33 بأي: والمهلب: الطويل: عبد الله بن الحارث: 1: 1/89 وهم: الكلب: الطويل: (مالك بن أسماء) : 1: 1/125

(وقد) : يثوب: الطويل: طفيل الغنوي: 1: 1/198 وإن: تكالب: الطويل: مزرد بن ضرار: 2: 1/210، 236 نشأت: راغب: الطويل: مزرد بن ضرار: 2: 1/245 ولو: راكب: الطويل: جرير: 3: 1/257 وأمر: مكلب: الطويل:؟: 1: 2/262 لقد: طالب: الطويل: دلم: 1: 2/264 وتصبح: شبوب: الطويل: علقمة بن عبدة: 2: 2/293 وكأس: تضرب: الطويل: (الأعشى) : 1: 2/436 خفي: دابب: الطويل:؟: 1: 2/438 وحدثتماني: قليب: الطويل: كعب بن سعد الغنوي: 3: 3/26 طربت: يجرب: الطويل: حارثة بن بدر: 3: 3/36 بحق: حاجب: الطويل:؟: 2: 3/46 وكان: تغيبوا: الطويل: طفيل الغنوي: 2: 3/47 وذاك: يتذبذب: الطويل: النابغة الذبياني: 2: 3/48 مطرنا: حليب: الطويل:؟: 9: 3/58 رغا: سليب: الطويل: علقمة بن عبدة: 2: 3/89 كسيد: يلحب: الطويل: طفيل الغنوي: 1: 4/323. 465 أتذهب: يسيب: الطويل:؟: 1: 4/343 فكم: مخلب: الطويل: بشار بن برد أو غيره: 2: 4/387 أشار: محلب: الطويل: (بشر بن أبي خازم) : 1: 4/458 وبورك: يثرب: الطويل:؟: 2: 5/95 وحاملة: تعطب: الطويل:؟: 1: 5/192 لقد: غريب: الطويل:؟: 1: 5/207 ترى: الزرائب: الطويل: راشد بن سهاب: 1: 5/254 وراحت: لبلب: الطويل: مخارق المازني: 8: 5/260 إلى: عذوب: الطويل: حميد بن ثور: 1: 5/262 ألا: شاعب: الطويل: معن بن أوس: 2: 6/350 غناء: آيب: الطويل: ابن الأعرابي: 1: 6/406

فقلت: لطبيب: الطويل: عروة العذري: 1: 6/422 فما: نجائب: الطويل:؟: 4: 6/441 تعاورني: مخلب: الطويل: أبو إسحاق: 8: 6/449 إله: الثعالب: الطويل: (عباس بن مرداس) : 1: 6/473 تمنيتني: المقانب: الطويل: دريد بن الصمة: 3: 6/474 أرى: يتقرب: الطويل: أم سالم: 3: 6/476 ذكرناك: سلوب: الطويل:؟: 5: 6/494 وقلت: يركب: الطويل:؟: 1: 6/544 فمن: الأقارب: الطويل: جريبة بن أشيم: 5: 6/561 وأول: مذنب: الطويل: زرارة بن أعين: 7: 7/72 ونحن: غالب: الطويل: الأخنس التغلبي: 3: 7/85 بنفسي: يجيب: الطويل:؟: 2: 7/86 لقد: المتطبب: الطويل: (محصن بن كنان القريعي) : 5: 7/89 لعمري: نواعبه: الطويل:؟: 2: 1/131 أحب: غرائبه: الطويل:؟: 1: 1/131، 7/53 يعرد: ضاربه: الطويل:؟: 1: 2/316 وحفظك: طالبه: الطويل:؟: 1: 3/21 يقولون: كاسبه: الطويل:؟: 2: 3/42 وإني: صاحبه: الطويل: لقيط بن زرارة: 3: 3/46 ليهنيك: كاذبه: الطويل: حسيل بن عرفطة: 4: 3/51، 240 ألا: راكبه: الطويل: سحيم بن وثيل: 1: 3/52 على: حاجبه: الطويل: التوت اليماني: 1: 5/313 تعللت: صاحبه: الطويل: دريد بن الصمة: 6: 6/492 كأني: تجانبه: الطويل: دريد بن الصمة: 1: 6/492 إذا: غباغبه: الطويل: ذو الرمة: 2: 6/508 وجئت: تهابها: الطويل: ابن نوفل: 2: 1/172 وينبح: يريبها: الطويل:؟: 2: 1/232 ولا: كلابها: الطويل: أبو ذؤيب: 1: 1/235

إني: اغتيابها: الطويل: هلال بن خثعم: 4: 1/254 ولولا: كلابها: الطويل: ابن فسوة: 2: 2/263 وما لي: كلابها: الطويل:؟: 1: 2/291 وكأس: بغاتها: الطويل: الأعشى: 1: 2/436 ألا: ذبابها: الطويل: ابن ميادة: 3: 3/182 ألا: غرابها: الطويل: ابن ميادة: 2: 3/199 فليس: ثيابها: الطويل: أبو خولة الرياحي: 3: 3/205 دعا: غرابها: الطويل:؟: 2: 3/208 فهل: بابها: الطويل: ابن ميادة: 1: 4/434 بأري: انقلابها: الطويل: أبو ذؤيب: 1: 5/223 أبالصرم: ركابها: الطويل: أبو ذؤيب: 2: 5/273 فإنا: ضبابها: الطويل: ابن ميادة: 1: 6/351، 373 ولو: حجابها: الطويل: ابن ميادة: 1: 6/373 قرى: عقابها: الطويل:؟: 3: 6/492 صار: اللعب: المديد: (أبو نواس) : 1: 1/11 والعفو: تدريب: البسيط:؟: 1: 1/16 أقبلت: الهرب: البسيط: ابن يسير: 18: 1/64 لج: الهرب: البسيط: الضحاك بن سعد: 3: 1/168 لله: كلب: البسيط: (بشر بن أبي خازم) : 2: 1/208، 6/579 وفرحة: ترعيب: البسيط: ابن هرمة: 1: 1/256 مقزع: نشب: البسيط: ذو الرمة: 1: 2/295 يعنتريس: طرب: البسيط: ابن ميادة: 1: 3/186 العين: غربيب: البسيط: امرؤ القيس: 1: 3/202 هل: طنب: البسيط: ابن ميادة: 1: 3/231 في: شنب: البسيط: (ابن ميادة) : 1: 3/231 أذاك: منقلب: البسيط: ذو الرمة: 4: 4/412، 419، 7/42 ألهاه: عقب: البسيط: ذو الرمة: 1: 4/427

وذات: مجبوب: البسيط: عروة بن مرة الهذلي: 2: 4/431 حتى: طبب: البسيط: ذو الرمة: 7: 4/476 جلدي: مسبوب: البسيط: الذكواني: 3: 5/100 أحلامكم: الكلب: البسيط: الكميت: 1: 5/184 تمشي: الجلابيب: البسيط: جنوب أخت عمرو الهذلي: 1: 6/487 كأنها: الذيب: البسيط: امرؤ القيس: 12: 6/493 أشكو: الذيب: البسيط:؟: 2: 6/519، 532 كأن: كواكبه: البسيط: بشار بن برد: 1: 3/65 كوكب: كوكب: م. البسيط:؟: 1: 1/214 وكل: يؤوب: م. البسيط: عبيد بن الأبرص: 5: 3/43 فبتنا: الكليب: الوافر: لبيد بن ربيعة: 1: 2/293 ومنها: الكلاب: الوافر:؟: 1: 2/357 وأرسلت: تهاب: الوافر: أمية بن أبي الصلت: 7: 2/421 بآية: الغراب: الوافر: أمية بن أبي الصلت: 1: 2/421 أتوعد: الغراب: الوافر: (عبيد بن الأبرص) : 2: 3/203 وأرسل: جديب: الوافر: ابن حبناء الأشجعي: 1: 4/273 أكلت: ذيب: الوافر:؟: 1: 4/284، 6/330 7/113، 149 وإذ: رطاب: الوافر: أمية بن أبي الصلت: 7: 4/355 كذي: تساب: الوافر: أمية بن أبي الصلت: 2: 4/355 يرون: ذباب: الوافر: خلف الأحمر: 6: 4/397 وفي: الغضوب: الوافر: الكميت: 3: 5/41 وخرق: وجيب: الوافر: الكميت: 2: 5/41 وجدنا: يريب: الوافر:؟: 3: 5/88 أيذهب: العجيب: الوافر:؟: 2: 5/128 وتطعم: عريب: الوافر: جران العود: 2: 6/362 إذا: ضباب: الوافر:؟: 1: 6/366 ذكرتك: أخيب: الوافر:؟: 2: 7/151

ما: غيب: الكامل: (طرفة بن العبد) : 2: 1/11 أما: مشذب: الكامل: الأعشى: 4: 1/181، 6/501 كالسيد: ضرب: الكامل: أبو دؤاد الإيادي: 3: 1/182، 4/422 نبئت: وتكتبوا: الكامل: عبيد بن الأبرص: 6: 3/50 شاب: يعتب: الكامل: ساعدة بن جؤية: 1: 3/203 يا: شؤبوب: الكامل:؟: 3: 5/80 خير: الأكذب: الكامل:؟: 2: 6/477 واستغن: ذهبه: الكامل: بشار بن برد: 2: 1/205 أخبث: شعبه: الكامل: أبو العتاهية: 3: 4/275 وإذا: عطبه: الكامل: (أبو العتاهية) : 1: 4/277 إن: لحوب: م. الكامل: ضباعة بنت قرط: 2: 3/242 ينالها: تحريب: م. الكامل: الضبي: 2: 6/458 ذهب: أحبه: م. الكامل: عتبة الأعور: 2: 2/414 حو: ذبابه: م. الكامل:؟: 1: 3/184 يا: انجيابه: م. الكامل: الأعشى: 3: 4/432 من: ثيابه: م. الكامل: الحسن بن هانئ: 5: 5/203 أهوى: نصابه: م. الكامل: الحسن بن هانئ: 2: 5/203 من: كاذب: السريع: (المهاجر المخزومي) : 4: 4/326 يا: صاحبها: المنسرح: أحيحة بن الجلاح: 1: 2/285 فالآن: يجب: المنسرح:؟: 2: 3/23 إذا: جوب: المنسرح: الحسن بن هانئ: 3: 3/101 ولم: حسبوا: المنسرح: الكميت: 1: 3/233 فاعتتب: معتتب: المنسرح: (الكميت) : 7: 5/94 ما: عجائبه: المنسرح:؟: 3: 6/474 ما: ترائبها: المنسرح: أحيحة بن الجلاح: 2: 1/245 وبلدة: جوانبها: المنسرح: زهير بن أبي سلمى: 4: 6/476 بشر: الغراب: الخفيف: ابن قيس الرقيات: 1: 3/212 نفسي: أحبه: المجتث: أبو عبد الله الجماز: 3: 1/115

الباء المكسورة

أبوك: الأب: المتقارب: حسان بن ثابت: 3: 1/96 وداري: العقرب: المتقارب: نصر بن الحجاج السلمي: 2: 4/365 الباء المكسورة جزى: كاذب: الطويل: النمر بن تولب: 2: 1/15 جزاني: ذنب: الطويل: الكلبي: 5: 1/22 فأنتم: الترب: الطويل: (أبو نواس) : 1: 1/46 ويسفع: العصب: الطويل: البعيث: 1: 1/118 عددت: تولب: الطويل: بشار بن برد: 1: 1/166 سرت: كلب: الطويل:؟: 1: 1/168، 175 وسامعتان: ربرب: الطويل: امرؤ القيس: 1: 1/180 تباري: مكلب: الطويل: طفيل الغنوي: 1: 1/182، 2/95، 5/184 كأن: يذهب: الطويل: طفيل الغنوي: 1: 1/183 تقد: الحباحب: الطويل: النابغة: 1: 1/205 ولو: شعوب: الطويل: أبو سفيان: 2: 1/209 دعته: الكلب: الطويل: عبد الرحمن بن زياد: 1: 1/209 ومستنبح: فجاوب: الطويل: ابن هرمة: 3: 1/244 إذا: المعاتب: الطويل: (النعمان العبدي) : 3: 1/245 أبالك: المتعجب: الطويل: بنت المستنثر: 1: 2/264 فلا: كلبي: الطويل:؟: 1: 2/289 وإني: موكب: الطويل: عامر بن الطفيل: 3: 2/302 وجدت: محتبي: الطويل: بشامة بن الغدير: 2: 2/302 ولست: الكلب: الطويل: حسان بن ثابت: 1: 2/355 وما: كلاب: الطويل: (هدبة بن الخشرم) : 2: 2/357 عراجلة: العناكب: الطويل:؟: 1: 2/360 سرى: العقارب: الطويل: القطامي: 1: 2/375 إذا: كعثب: الطويل: الفرزدق: 1: 2/398 لدن: المتأوب: الطويل: لبيد بن ربيعة: 1: 2/408، 440

وهل: تنضب: الطويل: عقيل بن علفة: 2: 2/413 إذا: الكلب: الطويل: جرير: 1: 2/414 ثلاثة: المحارب: الطويل: عدي بن زيد: 1: 2/437 مطبقة: الجنادب: الطويل:؟: 1: 2/437 وغب: السحائب: الطويل: أحمد بن زياد: 20: 2/444 بذلك: الترائب: الطويل: أحمد بن زياد: 13: 2/446 فما: الذوائب: الطويل: أم فروة الغطفانية: 4: 3/24، 5/79 لعمري: مركب: الطويل: خالد بن نضلة: 4: 3/52 أبى: مذهب: الطويل:؟: 2: 3/261 وأشرب: شارب: الطويل: العرجي: 2: 4/391 ولا: الكتائب: الطويل: النابغة: 1: 4/394 ضوابع: المعرب: الطويل: طفيل الغنوي: 1: 4/427 وصحم: مذنب: الطويل: (لبيد بن ربيعة) : 2: 4/446 متى: المثقب: الطويل: (لبيد بن ربيعة) : 1: 4/455 تخود: المغارب: الطويل: القطامي: 2: 4/502 إذا: تنضب: الطويل: طفيل الغنوي: 1: 5/34 وهم: النوائب: الطويل: أبو حية النميري: 1: 5/68 لنا: التجارب: الطويل: أبو حية النميري: 2: 5/68 إلى: المناكب: الطويل: أبو حية النميري: 1: 5/68، 6/593 ولا: قلبي: الطويل: سحيم الفقعسي: 2: 5/103 فللسوط: منعب: الطويل: امرؤ القيس: 4: 5/164 سقتني: الكواكب: الطويل: ابن ميادة: 3: 5/205 وعيد: بالخضب: الطويل: الكميت: 1: 5/241 تنفض: للرهب: الطويل: الكميت: 1: 5/294 ولما: المحارب: الطويل: قيس بن الخطيم: 2: 5/296 إذا: الأرانب: الطويل:؟: 1: 5/315، 6/505 إذا: اغضب: الطويل: أبو الأسود الدؤلي: 6: 5/318 أمنت: مريب: الطويل: أبو الأسود الدؤلي: 5: 5/318

وعلج: ذباب: الطويل:؟: 2: 6/363 إذا: للضب: الطويل: أبو نواس: 2: 6/368 خفاهن: مركب: الطويل: امرؤ القيس: 1: 6/382 وهاجرة: الصهب: الطويل:؟: 1: 6/385 كل: الجنادب: الطويل:؟: 4: 6/440 كل: الثعالب: الطويل:؟: 6: 6/440 ومرة: الثعالب: الطويل: دريد بن الصمة: 1: 6/473 ومن: قوارب: الطويل:؟: 1: 6/482 وثقت: أشائب: الطويل: النابغة: 5: 6/483، 7/11 جوانح: غالب: الطويل: النابغة: 1: 6/485 تبيت: معطب: الطويل: طفيل الغنوي: 1: 6/491 ولا: أرنب: الطويل:؟: 1: 6/504 كأن: تائب: الطويل: ذو الرمة: 1: 6/508 كأن: الشواعب: الطويل: ابن أبي كريمة: 7: 6/573 وما: السحائب: الطويل: أبو الحلال الهدادي: 1: 7/50 وما: حسيب: الطويل: ابن الأعرابي: 1: 7/95 نفا: لشارب: الطويل: أم فروة القرنية: 1: 7/132 ولم: العجب: الطويل: ابن مقبل: 2: 7/151 ولا: لازب: الطويل: النابغة الذبياني: 1: 7/153 ربما: صحبي: المديد: (أبو نواس) : 5: 2/269 غير: القلب: المديد: (أبو نواس) : 6: 2/170 يسعى: كلب: البسيط: لبيد بن ربيعة: 1: 2/262 إني: الذنب: البسيط:؟: 1: 2/340 لا: مطلوب: البسيط: العجير السلولي: 2: 2/409 كأنني: مشروب: البسيط: حريز بن نشبة العدوي: 4: 4/333 تبيت: كالجرب: البسيط: أبو وجزة السعدي: 1: 4/365، 5/216 وجاءت: بالعقب: البسيط: الكميت: 2: 5/39 والذئب: للذيب: البسيط: أبو عبيدة: 1: 6/527

إن: العرب: البسيط: أبو دهبل: 1: 7/106 ما: الكذب: البسيط: (جعفر ابن أخت واصل) : 7: 7/123 ولا: العشب: البسيط: الكميت: 1: 7/153 وللأنصار: الكلاب: الوافر:؟: 1: 1/153 لكسرى: الضباب: الوافر: أبو ذباب السعدي: 4: 1/167 وخفت: الكلاب: الوافر: أبو عبيدة: 1: 1/171 كأنك: الكلاب: الوافر: (الفرزدق) (المفرج) : 1: 1/171، 2/293 سقى: القباب: الوافر: بشار بن برد: 2: 1/245 أقر: خضاب: الوافر: دريد بن الصمة: 2: 2/354 لدوا: ذهاب: الوافر: (أبو العتاهية) : 3: 3/23 رأيت: السحاب: الوافر: (أبو الشمقمق) 2: 3/152 كأن: الذباب: الوافر:؟: 2: 3/189 غراب: غراب: الوافر: أبو حية: 1: 3/204 وأصلب: الغراب: الوافر:؟: 1: 3/219 قصار: الضباب: الوافر: المسيب بن علس: 1: 3/235 وما: ضبابي: الوافر: كثير عزة: 4: 2/382، 408، 6/368 عصافير: الذئاب: الوافر: لبيد بن ربيعة: 1: 5/127، 7/39 أتأنس: الضباب: الوافر: التميمي: 1: 6/347 رعاع: النقيب: الوافر: جبيهاء الأشجعي: 1: 6/397 أقام: حبيب: الوافر: جبيهاء الأشجعي: 5: 6/422 خوص: للكلاب: الكامل:؟: 1: 1/183، 2/357 5/184 ومدجج: كالكلب: الكامل: عامر بن الطفيل: 1: 1/205، 4/372 بكر: شهاب: الكامل: حصين بن القعقاع: 3: 1/208 وإذا: كلابي: الكامل: ابن هرمة: 1: 1/256 يوم: رقاب: الكامل: (حصين بن القعقاع) : 1: 2/261 والعز: تطلب: الكامل:؟: 1: 2/302

تهوي: الحوءب: الكامل: (السيد الحميري) : 1: 2/361 ابني: طيب: الكامل: عمرو بن معديكرب: 5: 2/414 مازال: الألقاب: الكامل: حضرمي بن عامر: 2: 3/151 لما: بالأسباب: الكامل: (عبد الله السلولي) : 2: 3/152، 6/356 يرويه: الأرنب: الكامل: (الأبيرد الرياحي) : 1: 3/189 زعمت: الجندب: الكامل: (الأبيرد الرياحي) : 2: 3/189، 6/500 إن: عقاب: الكامل: حسان بن ثابت: 2: 3/201 أن: المنجاب: الكامل: أبو ذؤاب الأسدي: 2: 3/202 كذب: فاذهبي: الكامل: خزر بن لوذان: 4: 4/436 والمرء: يغضب: الكامل:؟: 1: 4/457 أبني: الأجباب: الكامل: لبيد بن ربيعة: 5: 5/95 أزهير: أصحابي: الكامل: يزيد بن ناجية السعدي: 9: 5/179 صفراء: الجندب: الكامل:؟: 1: 5/297 لما: العقرب: الكامل: أبو الهندي: 6: 5/301 وتشج: مرقب: الكامل: يشر بن أبي خازم: 2: 6/458 والعير: الكوكب: الكامل: بشر بن أبي خازم: 1: 6/461 فنجا: الجأب: الكامل: عنترة بن شداد العبسي: 1: 6/472 قوموا: الأخاشب: الكامل: أبو قيس بن الأسلت: 4: 7/118 وإذا: كتبه: الكامل: البحتري: 1: 1/49 فرت: أربابها: م. الكامل: دختنوس بنت لقيط: 1: 5/158 عريض: الجنب: الهزج: عقبة بن سابق: 2: 1/180 وقصرى: الشعب: الهزج: أبو دؤاد الإيادي: 1: 1/232، 5/118 طويل: الكلب: الهزج: أبو دؤاد الإيادي: 1: 2/340 أصبحت: الكلب: السريع: أبو الهول: 4: 1/171 عاودني: كلب: المنسرح: عبد الله بن قيس الرقيات: 1: 2/260 مالي: النشب: المنسرح: الباخرزي: 2: 5/158 إني: سرب: المنسرح: عبد الله النهدي: 3: 5/201 فاحبب: مواهبها: المنسرح: أبو نواس: 1: 4/484

قافية التاء

لا: الغراب: الخفيف: العرجي: 1: 3/205 ولها- وله: بالخضاب: الخفيف: عقبة بن سابق: 1: 1/180، 4/422 ذكرتني: الثياب: الخفيف: العرجي: 1: 4/391 وتركنا: الذئاب: الخفيف: عمرو بن الأهتم: 3: 6/369 قد: الجراب: الخفيف: أبو إسحاق: 8: 6/437 وترى: الذباب: الخفيف: عقبة التغلبي: 1: 7/137 أعقبته: الأزيب: الخفيف: بشار بن برد: 1: 7/146 فلا: يذنب: المتقارب: ابن المقفع: 1: 1/21 كأن: مشرب: المتقارب: الجعدي: 1: 1/180 فإن: بالقباب: المتقارب: الأسود بن المنذر: 2: 1/168 مليح: بالغائب: المتقارب: أوس بن حجر: 1: 3/27 أبى: أرتب: المتقارب: النابغة الجعدي: 1: 3/240 لنا: الصواب: المتقارب: خلف الأحمر: 2: 3/243 ألج: غراب: المتقارب: خلف الأحمر: 1: 3/569 أزور: أربابها: المتقارب: الأعشى: 3: 3/234 كملقى: بأذنابها: المتقارب:؟: 1: 6/548 وكأس: بها: المتقارب: الحكمي (الأعشى) : 1: 7/99 إذا: هدابها: المتقارب: الأعشى: 1: 7/153 قافية التاء التاء الساكنة إن: طغت: م. الخفيف: أبو عباد النميري: 2: 5/317 التاء المفتوحة ألم: فماتا: الوافر:؟: 1: 1/170 لو: يموتا: م. الرمل: (أبو نواس) : 2: 3/129 التاء المضمومة وكأس: بغاتها: الطويل: الأعشى: 1: 2/436 أبا: حياتها: الطويل: الأعشى: 2: 4/352 فلسنا: منتشراتها: الطويل: الأعشى: 2: 5/232

التاء المكسورة

ويبني: صموت: الوافر: الزبير بن عبد المطلب: 1: 4/451 فلو: الأساة: الوافر:؟: 1: 5/160 يتمشين: البقرات: م. الرمل:؟: 1: 5/120 التاء المكسورة ظللت: حسراتي: الطويل: امرؤ القيس: 1: 1/47 إذا: شمت: الطويل: كثير بن عبد الرحمن: 1: 1/175 لحا: فازبأرت: الطويل: عمرو بن معديكرب: 1: 1/209 إذا: قفرات: الطويل: الحطيئة: 1: 1/258 إذا: صلت: الطويل: العجير السلولي: 1: 2/429 فدقت: جنت: الطويل: الشنفرى: 1: 3/55، 6/443 أتتنا: فاستقلت: الطويل: الأعشى: 1: 4/245 كأني: زلت: الطويل: كثير عزة: 1: 4/46 ألم: فتجلت: الطويل: (عمرو بن شأس) : 2: 4/466 وساخرة: جنت: الطويل: عبيد بن أيوب: 2: 6/398 فثنيت: شلت: الطويل:؟: 1: 6/438 تخال: البيت: الطويل:؟: 1: 6/527 يا: الحشرات: الطويل: (النابغة الذبياني) : 1: 6/527 ولما: فاسبطرت: الطويل: عمرو بن معديكرب: 2: 6/545 ولو: لولت: الطويل: الطرماح: 1: 6/563 سأشكر: ثابت: الطويل:؟: 2: 7/100 فإن: للجلبات: الطويل:؟: 5: 7/100 إذا: صبوانها: الطويل: أبو العتاهية: 1: 6/591 يا: البليات: البسيط: الخريمي: 3: 1/236 يا: السماوات: البسيط: أبو نواس: 1: 4/485 لا: المحلات: البسيط:؟: 1: 5/53 غلبتك: الخافقات: الوافر: الفرزدق: 1: 1/17 تراع: الباكيات: الوافر: عروة بن أذينة: 2: 6/591 إن: أضلت: الكامل: زهير بن أبي سلمى: 1: 3/237

قافية الثاء

وإذا: فملت: الكامل: ابن قميئة: 2: 5/40 إلا: المنبت: الكامل: (عتر بن دجانة المازني) : 1: 6/587 ماء: وجناته: الكامل:؟: 1: 5/79 مطلن: رحيبات: السريع:؟: 1: 4/286 أصم: حديدات: السريع:؟: 1: 4/346 منهرت: بالدجنات: السريع:؟: 3: 4/346 قدمن: لهوات: السريع:؟: 1: 4/347 وكم: الثنيات: السريع:؟: 9: 4/398 صل: مجيرات: المنسرح:؟: 1: 4/374 رحم: الطلحات: الخفيف: ابن الرقيات: 2: 1/220 مقبل: سمكات: الخفيف:؟: 2: 3/223 كأن: مثناتها: المتقارب:؟: 1: 4/344 قافية الثاء الثاء المضمومة إن: مبعوث: الخفيف:؟: 4: 5/208 الثاء المكسورة فلا: خابث: الطويل: خزيمة بن أسلم: 1: 2/408 ويعلم: البغث: الطويل: الخريمي: 1: 7/37 ليل: البراغيث: البسيط:؟: 2: 5/206 لروضة: محروث: البسيط: محبوب النهشلي: 6: 5/206 قافية الجيم الجيم الساكنة شنج: فحج: الرمل: (عمرو بن العاص) : 1: 5/118 عادني: فرج: المجتث: جعيفران الموسوس: 1: 3/34 الجيم المفتوحة ومستثفر: أعوجا: الطويل:؟: 1: 6/347 ما: ادلجا: البسيط: حنظلة بن عرادة: 3: 1/148 أعذني: علاجا: الوافر: النمر بن تولب: 10: 2/412

الجيم المضمومة

وإذا: نتاجا: م. الكامل:؟: 1: 3/174 الجيم المضمومة له: يتبلج: الطويل: الأفوه الأودي: 2: 2/291 وإن: أفلج: الطويل: الشماخ: 1: 3/246 إذا: حرج: البسيط:؟: 1: 5/100 سدت: ينسج: الكامل: العرجي: 1: 6/413 يا: الشاحج: السريع:؟: 5: 3/214 اطردوا: الدجاج: الخفيف:؟: 1: 1/250، 2/382 الجيم المكسورة وليس: النوافج: الطويل:؟: 1: 1/221 يكلفها: عوسج: الطويل: الشماخ: 2: 2/185 كأن: الفراريج: البسيط: ذو الرمة: 1: 2/432 وهن: أزواج: البسيط: أبو وجزة السعدي: 1: 5/303 أبلغ: بإنضاج: البسيط: الجر نفس اللص: 2: 7/94 إن: دراج: البسيط: الأشهب: 2: 7/100 وللأنصار: الدجاج: الوافر: عبد الرحمن بن الحكم: 1: 1/152، 2/412 وأبو الديزج: الكامل: أعشى همدان: 1: 1/89 ولقد: نشاج: الكامل: ابن ميادة: 6: 2/430 يهب: المتبلج: الكامل:؟: 1: 3/198 وإذا: العرفج: الكامل: (الحارث بن حلزة) : 1: 4/464 هل: المشرج: الكامل: عبيد الطائي: 7: 6/410 أطعتم: مذحج: المتقارب:؟: 1: 5/54 شريت: الأعرج: المتقارب: (جرير) : 2: 6/566 قافية الحاء الحاء الساكنة مثل: نبح: الرمل: الأعشى: 2: 1/234 ما: برح: الرمل: الأعشى: 1: 3/210 نفرت: وضح: الرمل: (سويد بن أبي كاهل) : 3: 5/92

الحاء المفتوحة

الحاء المفتوحة ذكر: صياحا: الكامل: (أبو نواس) : 2: 2/427 بمجنب: قدحا: م. الكامل: ابن الصعق: 1: 1/181 وصاحب: واضحه: السريع: طرفة بن العبد: 2: 6/473 فإني: شحاحا: المتقارب: ابن هرمة: 2: 1/131 فلا: نصيحا: المتقارب: (أنس بن أسيد) : 2: 5/101 الحاء المضمومة هجمنا: نابح: الطويل:؟: 1: 1/244، 256 ومستنبح: نازح: الطويل:؟: 1: 1/252 بكيت: نابح: الطويل: أعشى بني تغلب: 1: 1/257 ألا: سالح: الطويل: الراعي: 2: 2/257 سل: المضيح: الطويل: ابن مقبل العجلاني: 1: 2/383، 7/120 ولو: صفائح: الطويل: توبة بن الحمير: 2: 2/408 أليس: النوائح: الطويل:؟: 3: 2/409 هل: أكدح: الطويل: ابن مقبل: 2: 3/21 ألا: واضح: الطويل:؟: 3: 3/31 ومستشحجات: نوح: الطويل: ذو الرمة: 1: 3/206 جرى: يبرح: الطويل: جران العود: 2: 3/210 بدا: سنيح: الطويل: (أبو حية النميري) : 6: 3/212 وقالوا: نزوح: الطويل: (أبو حية النميري) : 3: 3/212 ألا: وضح: الطويل: جران العود: 2: 4/380 ورجل: أروح: الطويل: الراعي: 1: 4/426 لها: أروح: الطويل: جران العود: 1: 4/426 ولم: ينضح: الطويل:؟: 1: 5/317 وتيه: المتطاوح: الطويل: ذو الرمة: 3: 6/407 وداوية: صائح: الطويل: الراعي: 2: 6/408 وعند: صبوح: الطويل:؟: 2: 6/487 لظى: شابح: الطويل:؟: 1: 6/508

الحاء المكسورة

وهاجرة: يرمح: الطويل: ذو الرمة: 1: 6/508 هم: المسالح: الطويل:؟: 1: 6/545 إليهم: فاسح: الطويل: كعب الأشقري: 6: 6/546 لعمرك: يميح: الوافر: دريد بن الصمة: 2: 1/211 وما: صحاح: الوافر:؟: 1: 2/265 كأن: يراح: الوافر: (المجنون) : 2: 5/305 ومن: القراح: الوافر: (مالك بن الحرث الهذلي) : 3: 5/314 آليت: بحح: الكامل: ابن عبدل: 2: 1/234 مولى: المنائح: الكامل: (جبيهاء الأشجعي) : 6: 5/261 أية: المازح: السريع: (أبو نواس) : 1: 1/11 الحاء المكسورة ولكن: نوائح: الطويل: حماد عجرد: 3: 1/237 فيا: الموشح: الطويل: الطرماح: 2: 2/384، 435 كلون: المذبح: الطويل: الطرماح: 1: 5/270 متى: تسبح: الطويل: قيس بن زهير: 2: 5/239 وذاك: بقرواح: البسيط: سعد بن طريف: 1: 3/247 دان: بالراح: البسيط: (أوس بن حجر) : 2: 6/383 إذا: لاحي: الوافر: عنترة بن شداد العبسي: 4: 3/246 وإقدامي: المشيح: الوافر: عمرو بن الإطنابة: 2: 6/544 ولأنت: الأقرح: الكامل:؟: 1: 3/149 وقد: صلحي: الهزج: عمرو بن معديكرب: 2: 2/414 ألم: لماح: الهزج: ابن هرمة: 13: 6/380 ما: الملاح: المجتث: أبو عبد الله الجماز: 2: 1/115 وبوأت: المسرح: المتقارب: الكناني: 4: 1/253، 5/74 قافية الدال الدال الساكنة لو: بجاد: م. البسيط: (أبو مارد الشيباني) : 1: 5/245 (فتضاحكن) تود: الرمل: ابن أبي ربيعة: 1: 3/236

الدال المفتوحة

إذا: الولد: المتقارب:؟: 1: 2/289 الدال المفتوحة ولا: أوقدا: الطويل: الفرزدق: 1: 1/257 فلم: أجهدا: الطويل: أبو يعقوب الأعور: 1: 3/33 غضاب: فتوقدا: الطويل: أبو حية: 1: 4/371 وكيف: تربدا: الطويل:؟: 2: 4/400 أترجو: أسودا: الطويل: عنترة بن شداد العبسي: 6: 4/410 حبقت: المشردا: الطويل: التميمي: 2: 4/462 وإن: بردا: الطويل: العرجي: 1: 5/16 منى: رغدا: الطويل:؟: 2: 5/106 هم: يقردا: الطويل: الأعشى: 1: 5/231 ولي: سردا: الطويل: المقنع الكندي: 2: 5/296 ظللت: ورودا: الطويل: عبيد بن أيوب: 1: 6/381 لقد: القصائدا: الطويل: الفرزدق: 1: 7/51، 114 كم: صاعدا: الطويل:؟: 4: 7/101 راحت: السدادا: البسيط: أبو وجزة السعدي: 2: 1/65 نبيت: عوادا: البسيط: سهل بن هارون: 1: 3/30 تنفي: الغردا: البسيط: أبو دؤاد الإيادي: 1: 3/202، 217 فالطعن: العضدا: البسيط: الهذلي: 2: 4/458، 6/540 كيف: ولدا: البسيط: عمرو بن مسافر: 1: 6/342 بضرب: السفادا: الوافر:؟: 1: 6/536 وضغائن: حقودا: الكامل:؟: 1: 1/15 يا: عهودا: الكامل: ابن الطثرية: 3: 1/252 وقصيدة: وسنادها: الكامل: عدي بن الرقاع العاملي: 4: 3/29 وإذا: وتزيدا: الكامل: (الأعشى) : 2: 4/432 (إلا) : يشهدا: الكامل: (الأعشى) : 1: 6/587 لا: وحيدا: الكامل: (ابن الطثرية) : 3: 7/99 وهم: رعدا: م. الكامل: (الحارث بن حلزة) : 1: 4/461، 5/142

الدال المضمومة

إذا: كنده: الهزج: سفيان بن عيينة: 1: 2/391، 6/522 نحن: عباده: الهزج:؟: 2: 6/224 جاءت: أجناده: السريع: السيد الحميري: 2: 1/129، 5/170 وأوصيكم: خلودا: المتقارب: الأسدي: 2: 4/458 كضرب: وكيدا: المتقارب: يحيى الأغر: 1: 4/459 فسبحان: القرده: المتقارب: خلف بن خليفة: 1: 1/237 لا: خالده: المتقارب: شتيم بن خويلد الفزاري: 1: 4/495 الدال المضمومة وإن: لسعيد: الطويل: سعيد بن عبد الرحمن: 1: 1/23، 3/22 جلبانة: الجلامد: الطويل: حميد بن ثور: 1: 1/115 ومربط: هامد: الطويل: العرجي: 1: 1/118، 3/116 فقلت: زوائد: الطويل: ابن الأعرابي: 2: 1/175 وأنتم: بعد: الطويل:؟: 3: 3/177 وقالت: الأباعد: الطويل: الفرزدق: 3: 3/49 وليل: واحد: الطويل: ذو الرمة: 1: 3/122 إذا: أبرد: الطويل: أبو عمرو بن العلاء: 1: 3/200 فأثنوا: الخلد: الطويل: الحادرة: 1: 3/228 ومن: متباعد: الطويل: جرير أو غيره: 1: 4/344، 6/450 تذكرت: فاقد: الطويل: أسامة الهذلي: 3: 4/446 ودوية: لهيد: الطويل:؟: 1: 4/503 ونار: الصوارد: الطويل:؟: 1: 5/34 وهاجرة: سجود: الطويل: مسكين الدارمي: 2: 5/44 تتابع: واحد: الطويل: حميد بن ثور: 2: 5/254 إليك: هجود: الطويل: مسكين الدارمي: 2: 5/318 تفرقتم: واجد: الطويل:؟: 1: 6/354 وما: عيد: الطويل: القشيري: 1: 6/384 فلولا: حميد: الطويل: (عبيد العنبري) : 3: 6/402 دعاني: أحمد: الطويل: بشار الأعمى: 1: 6/434، 437

تبرأت: وليدها: الطويل: مزرد بن ضرار: 1: 2/290 ظهرتم: وليدها: الطويل:؟: 1: 2/290 ويعلم: سوادها: الطويل: العماني: 1: 4/271 أصبحت: رقودها: الطويل: يزيد الكلابي: 5: 5/207 من: عضد: البسيط: الثقفي: 2: 3/20 ولا: الطرد: البسيط: (أبو ذؤيب الهذلي) : 1: 4/493 مازال: الثأد: البسيط: الراعي النميري: 2: 5/134 حتى: عقد: البسيط: الراعي النميري: 3: 5/276 أما: سبد: البسيط: الراعي النميري: 1: 5/276 فاعلم: محسود: البسيط: أبو دهبل الجمحي: 1: 6/350 إنس: حشدوا: البسيط: أبو الجويرية العبدي: 1: 6/409 تعلم: أسد: البسيط:؟: 1: 7/150 أكلت: عديد: الوافر: العملس بن عقيل: 1: 1/129، 6/342 بجدك: جدود: الوافر: بشار بن برد: 2: 2/427 فإلا: يزيد: الوافر: أبو الفضة: 1: 3/27، 130 عزمت: يسود: الوافر: أنس الخثعمي: 1: 3/39 فخير: القعود: الوافر: سهل بن هارون: 1: 3/223 أعادي: القراد: الوافر: بشار بن برد: 1: 5/235 لقد: يعود: الوافر: التيمي: 2: 6/589 سألت: بعيد: الوافر:؟: 3: 7/37 يا: المتعمد: الكامل: سبرة بن عمرو الفقعسي: 7: 1/210 من: موسد: الكامل: (حسيل بن عرفطة) : 3: 1/255، 4/380 والأرض: مسفد: الكامل: أمية بن أبي الصلت: 2: 3/173 زعم: الأسود: الكامل: النابغة: 1: 3/210 مجتاب: البرجد: الكامل: الطرماح بن حكيم: 1: 3/222 يبدو: ويغمد: الكامل: الطرماح بن حكيم: 1: 3/222، 6/458 فإذا: وخلود: الكامل: الغنوي: 1: 3/228 اعلم: ملحد: الكامل: أمية بن أبي الصلت: 9: 3/249

الدال المكسورة

وتجرد: القردد: الكامل: الطرماح: 2: 4/369، 385 يدعو: العود: الكامل: الطرماح: 1: 4/446 نعم: حماد: الكامل: حماد بن الزبرقان: 3: 4/480 وتحدثوا: مولود: الكامل: الغنوي: 1: 5/16 شنج: مقيد: الكامل: الطرماح: 1: 5/119 والأرض: نولد: الكامل: أمية بن أبي الصلت: 4: 5/233 رجل: مرصد: الكامل: أمية بن أبي الصلت: 1: 6/431، 7/26، 30، 145 وترى: تطرد: الكامل: أمية بن أبي الصلت: 2: 6/459 أيفايشون: الأسود: الكامل: (جرير) : 1: 6/496 فاسمع: تستشهد: الكامل: أمية بن أبي الصلت: 2: 7/33 ويا: القرد: الهزج: حماد عجرد: 1: 4/294 إن: الأبد: المنسرح: الخزرجي: 5: 3/201، 6/486 7/30 لما: ملتبده: الخفيف: الطرماح: 4: 5/232 لم: مهتبده: الخفيف: الطرماح: 1: 5/236 وكم: أصيد: المتقارب:؟: 1: 1/150 الدال المكسورة ويخططن: النواهد: الطويل: النابغة: 1: 1/46 دعوت: السواعد: الطويل: قيس بن ثعلبة: 1: 1/89 فجاء: سافد: الطويل: (اللعين المنقري) : 1: 1/210، 7/132 بنونا: الأباعد: الطويل: (الفرزدق) : 1: 1/230 تسديتها: موقد: الطويل: الحطيئة: 1: 2/285، 361 نظرت: الممدد: الطويل: دريد بن الصمة: 1: 2/374 وإن: البرد: الطويل: عمرو بن هند: 2: 3/21، 230 رئيس: ملبد: الطويل: دريد بن الصمة: 3: 3/22، 26 وليس: واحد: الطويل: الحسن بن هانئ: 1: 3/30 تجمعتم: واحد: الطويل:؟: 1: 3/30

لعمرك: مقعد: الطويل: أوس بن حجر: 5: 3/33 وإن: بسيد: الطويل: أبو نخيلة: 1: 3/38 فإن: شاهد: الطويل: الفرزدق: 3: 3/49 إذا: سعد: الطويل: النمر بن تولب: 1: 3/70 وإن: جلد: الطويل: النمر بن تولب: 1: 3/71 ألا: وجد: الطويل: (ابن الدمينة) : 5: 3/103 فلو: المقيد: الطويل: الراعي النميري: 1: 3/197 وكل: واحد: الطويل:؟: 1: 3/213 إذا: القصائد: الطويل: الطرماح: 1: 3/222 فلو: بمخلد: الطويل: زهير بن أبي سلمى: 3: 3/228 وكري: المتورد: الطويل: طرفة بن العبد: 7: 3/240 ورفع: الأساود: الطويل: (عروة الهذلي) : 1: 4/379 أسود: الأساود: الطويل: (الأشهب بن رميلة) : 1: 4/380 فإت: بقردد: الطويل: الحارث دعي الوليد: 2: 4/388 تلوم: تالد: الطويل: كلثوم بن عمرو: 6: 4/389 وقلت: تردد: الطويل: ابن ميادة: 2: 4/421 كأن: المندد: الطويل: الأعشى: 1: 4/423 تريك: عباد: الطويل: الفرزدق: 3: 4/436 فسلم: عباد: الطويل: أبو الشمقمق: 3: 4/461 وأنت: مورد: الطويل:؟: 1: 5/41 فيا: الغد: الطويل:؟: 2: 5/41 متى: موقد: الطويل: الحطيئة: 1: 5/73 فأصبحت: باليد: الطويل:؟: 1: 5/77 لقيت: يعدي: الطويل:؟: 2: 5/207 هنيئا: خالد: الطويل:؟: 4: 5/209 سألت: الأعابد: الطويل: حسان بن ثابت: 4: 5/209، 247 وكنا: رغد: الطويل: (أبو دلامة) : 2: 5/305 أراه: معبد: الطويل:؟: 1: 6/441

بني: التزابد: الطويل: حسان بن ثابت: 2: 6/477 ففيها: المتعبد: الطويل:؟: 1: 6/509 أعيني: باليد: الطويل:؟: 1: 6/543، 7/154 فإن: الورد: الطويل: عبد هند: 3: 6/588 كفى: تغتدي: الطويل: عدي بن زيد العبادي: 7: 88 كفى: الجهد: الطويل: الخريمي: 5: 7/89 إذ: الهدهد: الطويل: ابن أحمر الباهلي: 1: 7/154 ليتني: كبد: المديد: زهير بن أبي سلمى: 2: 4/450 هلا: الأصيد: البسيط: حاتم: 1: 1/150 إلا: الجلد: البسيط: النابغة: 1: 1/218، 5/151 تأبى: البلد: البسيط: (الراعي النميري) : 1: 2/429 لم: للجيد: البسيط:؟: 3: 3/22 لم: بالجيد: البسيط:؟: 2: 3/82 والمؤمن: السعد: البسيط: النابغة: 1: 3/96 واحكم: الثمد: البسيط: النابغة الذبياني: 5: 3/107 يحج: كالمغاريد: البسيط: (عذار بن درة الطائي) : 1: 3/202 خوص: الصياخيد: البسيط: الشماخ بن ضرار: 2: 4/377 ومعشر: المواعيد: البسيط:؟: 2: 4/388 لو: أحد: البسيط: الراعي النميري: 2: 4/422 أقبلت: البلد: البسيط:؟: 1: 4/428 وهن: الصادي: البسيط: القطامي: 1: 5/78 فكيف: الصيد: البسيط:؟: 1: 5/93 فاذهب: النادي: البسيط: عبيد بن الأبرص: 1: 5/258 إذا: أود: البسيط: ابن ميادة: 2: 5/305 زر: ميعاد: البسيط: الخليل بن أحمد: 2: 6/366 فحبذا: برد: البسيط:؟: 8: 6/368 إذا: الوادي: البسيط: (عبيد بن الأبرص) : 1: 4/375 وخيس: العمد: البسيط: النابغة: 1: 6/412

إلا: الفند: البسيط: النابغة الذبياني: 3: 6/432 أضحت: لبد: البسيط: النابغة الذبياني: 1: 6/485، 7/31 بعذاريها: الفهد: البسيط: أبو حية النميري: 1: 6/571 إن: العدد: البسيط: ابن هرمة: 2: 7/99 وأعلم: العتاد: الوافر: المتلمس: 3: 1/22 نجوت: جلد: الوافر: ابن عبدل: 44: 1/164 فنكهته: ورد: الوافر: الحكم بن عبدل: 1: 2/333 وقد: المداد: الوافر: (الفرزدق) : 1: 3/169، 5/157 إذا: بزاد: الوافر: (يزيد بن الصعق) : 3: 3/30 وما: بقند: الوافر:؟: 2: 3/181 تلاقي: العداد: الوافر:؟: 1: 4/382 لنا: القراد: الوافر: رشيد بن رميض: 1: 5/231 تمناني: ودادي: الوافر: عمرو بن معديكرب: 3: 5/297 كأني: حادي: الوافر: المتلمس: 2: 5/297 فأبلغ: واد: الوافر: سويد بن منجوف: 2: 5/314 وتطعم: بزبد: الوافر: جران العود: 1: 6/362 وحالفت: بالبعاد: الوافر: عبيد بن أيوب العنبري: 3: 6/397 أعاذل: المنادي: الوافر: دريد بن الصمة: 2: 6/540 علندات: الجديد: الوافر:؟: 1: 6/451 بغاث: لهيد: الوافر: الذكواني: 1: 7/37 ما: الجارود: الكامل:؟: 3: 1/116 وأبو: جامد: الكامل: أمية بن أبي الصلت: 1: 1/130 وإذا: بجساد: الكامل:؟: 1: 1/233، 253 خلت: بالسودد: الكامل: حارثة بن بدر: 1: 3/38 إن: واحد: الكامل: (المرناق الطائي) : 3: 3/224 اصبر: مخلد: الكامل: (أبو العتاهية) : 2: 3/229 يمشي: بالجدجد: الكامل: ابن أحمر الباهلي: 2: 3/255 جاؤوا: عباد: الكامل:؟: 1: 4/436، 6/369

قافية الراء

وتنوفة: الهادي: الكامل: زهير بن أبي سلمى: 3: 3/460 لو: محمد: الكامل: حماد عجرد: 6: 4/479 وكتيبة: يدي: الكامل: الفرار السلمي: 3: 5/103 نشبي: لبد: الكامل: (حسين بن الضحاك) : 4: 5/255 ابيض: لبعاد: الكامل: حسان بن ثابت: 2: 6/590 عبل: الصارد: السريع: خفاف بن ندبة: 1: 1/180 قولا: الحاشد: السريع: الحسن بن هانئ: 6: 3/29 ليتك: الأبد: المنسرح: أبو الأسود الدؤلي: 3: 4/388 أي: ولد: المنسرح: (محمد بن حازم الباهلي) : 3: 5/274 يكتف: كالمتمادي: الخفيف: ابن كناسة: 1: 5/291 قليل: شديد: المتقارب: الربيع: 4: 1/162 فإن: نقعد: المتقارب: ابن أحمر الباهلي: 1: 6/382 ومستنة: بالمرود: المتقارب:؟: 2: 6/537 وما: معبد: المتقارب:؟: 3: 7/56 كحوصلة: إقعادها: المتقارب: الأعشى: 1: 4/463 قافية الراء الراء الساكنة فقتلا: اتأر: الطويل: (مهلهل) : 1: 3/229 فما: البشر: الطويل: أعشى سليم: 1: 6/417 رأى: أشهر: م. الوافر:؟: 1: 6/549 لا: مضر: م. الكامل: جد الأحيمر: 2: 1/88، 2/38، 3/16 وتجمع: العسابر: م. الكامل: الكميت: 1: 1/119 والشمس: القمر: م. الكامل:؟: 5: 3/227 إذ: طائر: م. الكامل: الكميت: 1: 3/253 كالناطقات: الذخائر: م. الكامل: الكميت: 1: 5/155، 7/33 الطيبو: المكاسر: م. الكامل: الكميت: 4: 7/152 هل: بحجر: الرمل:؟: 1: 1/14

الراء المفتوحة

ألف: حر: الرمل: البزار الحلي: 1: 1/254 ديمة: تدر: الرمل: (امرؤ القيس) : 3: 6/382 صفة: أشر: الرمل: المرار بن منقذ: 1: 6/475 بئس: حر: الرمل:؟: 2: 6/519 وترى: مطر: الرمل: الربيع بن قعنب: 1: 6/551 تركوا: الشجر: الرمل:؟: 1: 6/561 يهل: المعتمر: السريع: ابن أحمر الباهلي: 1: 2/270 إن: حجر: السريع: ابن أحمر الباهلي: 3: 5/185 لها: النمر: المتقارب: امرؤ القيس: 1: 1/180 وساقان: منبتر: المتقارب: امرؤ القيس: 1: 1/181 بحسبك: مضر: المتقارب: الأشعر الرقبان الأسدي: 2: 1/240 إذا: صر: المتقارب:؟: 1: 2/290 أتوني: نكر: المتقارب: (أسود بن يعفر) : 2: 4/443 بكل: مسبطر: المتقارب: أوس بن حجر: 5: 5/308 عليك: فذر: المتقارب:؟: 7: 7/87 الراء المفتوحة وخد: تمورا: الطويل: امرؤ القيس: 1: 1/180، 4/422 كأن: ظفرا: الطويل:؟: 1: 1/184 ونحن: مذكرا: الطويل: عروة بن الورد: 4: 2/394 أبعد: تنشرا: الطويل: (ابن أحمر الباهلي) : 3: 2/411 وإن: بأحمرا: الطويل: خالد بن علقمة: 4: 3/53 ورحن: أخضرا: الطويل: الشماخ بن ضرار: 1: 3/119 وقرية: شزرا: الطويل: ذو الرمة: 2: 4/275 حسبت: يشكرا: الطويل: (ابن ثروان الخارجي) : 3: 4/408 وقد: تمورا: الطويل: الشماخ بن ضرار: 1: 4/435 وإني: أغبرا: الطويل: أبو الطمحان: 1: 4/495 لأدركهم: المجمرا: الطويل: الهذلي: 1: 5/70 إذا: حقرا: الطويل: مسكين الدارمي: 2: 5/252

وعوراء: عذرا: الطويل: (مسكين الدارمي) : 4: 6/338 جملية: تضورا: الطويل: الشماخ: 1: 6/352 فلو: أذكرا: الطويل:؟: 1: 6/364 أتيح: تحيرا: الطويل: امرؤ القيس: 1: 6/394 فمن: مئزرا: الطويل: أبو البلاد الطهوي: 4: 6/442 سلاحين: كفرا: الطويل: ابن حبناء: 1: 6/517 إذا: نذرا: الطويل: طرفة بن العبد: 1: 6/517 خلافا: فتذكرا: الطويل:؟: 1: 7/52 فأب: فنضرا: الطويل: هدبة العذري: 8: 7/92 أحب: وقرا: الطويل: (سالم بن وابصة) : 3: 7/98 (أقول) : أعفرا: الطويل: الفرزدق: 1: 7/101 أخوها: (عقرا) : الطويل: ذو الرمة: 1: 7/152 أليس: المتناصره: الطويل: النابغة: 13: 4/359 أودى: بكرا: البسيط:؟: 4: 2/358، 395 وكنت: المطرا: البسيط:؟: 1: 3/110 كم: سمرا: البسيط: ذو الرمة: 1: 6/407 يا: أسحارا: البسيط: أبو عبد الحميد المكفوف: 1: 6/592 جاؤوا: مضرا: البسيط: الفرزدق: 1: 7/30 إني: والشعره: البسيط: أبو قردودة: 3: 4/378، 5/178 فما: نزارا: الوافر: ابن هرمة الفهري: 2: 1/151، 236 جلبنا: النسورا: الوافر: ابن مهية: 3: 1/256 بدلو: فطارا: الوافر:؟: 1: 3/116 فإن: عقارا: الوافر:؟: 2: 4/293 رأوا: صهارى: الوافر: ابن أبي فنن: 2: 5/239 لقد: نهارا: الوافر:؟: 2: 6/563 لعمرك: شريره: الوافر: أبو الأسود: 3: 5/320 بأرض: العشرا: م. الوافر: الحكمي: 2: 6/519 سفرت: ضبارا: الكامل: (الحارث بن الخزرج) : 1: 1/170، 2/268

ولقد: القرى: الكامل: الأسعر الجعفي: 1: 1/230 يا: الأشترا: الكامل: زيد الخيل: 2: 2/413 وإذا: صفيرا: الكامل: أعشى همدان: 1: 4/338 إذ: بالحجاره: م. الكامل: الأعشى: 1: 6/550 ما: صورا: السريع: حماد عجرد: 5: 1/156 غزالة: الفهرا: السريع: حماد عجرد: 1: 4/483 قد: التاجره: السريع: الفضل بن عباس: 5: 4/366 يمشي: عذره: المنسرح:؟: 1: 4/292 هو: سفورا: الخفيف: أمية بن أبي الصلت: 6: 2/422 نزع: التدميرا: الخفيف: أمية بن أبي الصلت: 3: 4/266 ركبت: نذيرا: الخفيف: أمية بن أبي الصلت: 1: 4/422 سنة: صريرا: الخفيف: أمية بن أبي الصلت: 8: 4/492 ولقد: الفخاره: الخفيف: أبو الشمقمق: 12: 5/143 كشبوب: ظهيرا: الخفيف: الكميت: 1: 6/352 أرسل: مورا: الخفيف: أمية بن أبي الصلت: 2: 6/392 حبذا: الإزارا: الخفيف:؟: 1: 6/593 خلق: المخضورا: الخفيف: أمية بن أبي الصلت: 4: 7/125 الطريق: القذره: الخفيف: أبو الشمقمق: 3: 1/156 إذا: الخرا: المتقارب: أبو نواس: 1: 1/157 وأما: هريرا: المتقارب: سهم الغنوي: 3: 1/169 وتبرد: العبيرا: المتقارب: الأعشى: 2: 2/258 (تشبه) : البريرا: المتقارب: الكميت: 1: 3/149، 6/536 زمان: فطارا: المتقارب: أبو حية: 3: 3/204 أصم: القرا: المتقارب:؟: 1: 4/346 إذا: كثيرا: المتقارب: سهم بن حنظلة: 2: 4/422 صحوت: استعارا: المتقارب: بشار بن برد: 1: 4/496 فمن: جمارا: المتقارب: الأعشى: 1: 5/70 سواهم: النسورا: المتقارب: الأعشى: 1: 5/265

الراء المضمومة

وبيض: صريرا: المتقارب: الكميت: 2: 5/318 لعبد: غامره: المتقارب: عمران بن عاصم: 5: 1/254 وخيل: الظاهره: المتقارب: (مهلهل) : 1: 4/431، 6/472 الراء المضمومة كما: باقر: الطويل: الهيبان الفهمي: 1: 1/18، 3/159 أتجمع: صحر: الطويل: ابن أذينة: 1: 1/21 أيا: الجآذر: الطويل: أبو عدنان: 3: 1/121 (وما) : صبر: الطويل: (مالك بن حذيفة) : 1: 1/133 ألست: هرير: الطويل: سحيمة بن نعيم: 1: 1/168 وعيرتنا: الجمر: الطويل: شريح بن أوس: 1: 1/177، 210 وأنت: هرير: الطويل:؟: 1: 1/212 وصاحب: أجر: الطويل:؟: 1: 1/219 ألم: عقر: الطويل: أبو زبيد: 1: 1/235 وأمكم: عاقر: الطويل: عباس الرعلي: 1: 1/239، 5/16 تجشم: حسير: الطويل: ضابئ بن الحارث: 4: 1/246 عوى: أطير: الطويل: الأحيمر السعدي: 1: 1/251 أخو: تخفر: الطويل:؟: 2: 1/256 وتكعم: ستر: الطويل: (زياد الأعجم) : 1: 1/256 وقدتهم: تحاذر: الطويل: خراشة بن الطفيل: 4: 2/394 مررت: أعور: الطويل: الحكم بن عبدل: 2: 2/412 إذا: الأباعر: الطويل:؟: 4: 3/46 فو الله: الحر: الطويل:؟: 2: 3/56 فلا: فيعذر: الطويل: محمد السدري: 1: 3/57، 233، 7/153 نجيبة: متظاهر: الطويل: (الجون المحرزي) : 3: 3/197 وقربن: الخطر: الطويل: ذو الرمة: 1: 3/204 وأعجبها: أخضر: الطويل: ابن أبي ربيعة: 2: 3/237، 5/315 كأن: خوازر: الطويل: زيد الخيل: 1: 4/245

أنبئت: ظفروا: الطويل: الأخطل: 6: 4/375 وأعور: فبصير: الطويل: جرير: 3: 4/379 ولما: أنؤر: الطويل: عمر بن أبي ربيعة: 3: 4/389 وقد: حسور: الطويل: العجير السلولي: 3: 4/449 وعينان: تسعر: الطويل: أبو زبيد: 1: 4/486 كضب: الحفر: الطويل: (خالد ابن الطيفان) : 1: 5/13 هجان: أحمر: الطويل: بشار بن برد: 1: 5/52 فلله: متقفر: الطويل: عبيد بن أيوب: 2: 5/67 (أسائل) : اليعر: الطويل: البريق الهذلي: 1: 5/266 ومولى: كسر: الطويل: خالد ابن الطيفان: 4: 6/337 مناسمها: الظهائر: الطويل: ذو الرمة: 1: 6/365 زعمت: بصير: الطويل:؟: 2: 6/370 وجدناكم: غدر: الطويل: الفزاري: 1: 6/371، 376 بلادا: سامر: الطويل: ذو الرمة: 1: 6/407 دوي: معور: الطويل:؟: 1: 6/448 يعاجيهم: يمكر: الطويل: أبو زبيد: 1: 6/472 فمنهن: نظير: الطويل: العجير السلولي: 3: 6/487 خراعيب: تظهر: الطويل: ذو الرمة: 1: 6/506 يظل: يكبر: الطويل: ذو الرمة: 3: 6/507 يغار: غيور: الطويل:؟: 2: 6/563 أبو: غيور: الطويل: اليزيدي: 3: 6/580 وكل: كاسر: الطويل: دريد بن الصمة: 2: 7/22 فإني: أظافره: الطويل: عوف بن الأحوص: 1: 1/125 ولا: مجاعره: الطويل: ابن مقبل: 1: 1/155، 209، 7/36 وأبغي: مقادره: الطويل: بلعاء بن قيس: 1: 3/28 رأيت: يطايره: الطويل: السمهري: 3: 3/210 كأن: طائره: الطويل: جحش بن نصيب: 1: 4/428

بلماعة: حرائره: الطويل: مضرس: 1: 4/436 بمستأسد: زاهره: الطويل: قطران العبسي: 1: 5/57، 6/508 لعمرك: شريره: الطويل: أبو الأسود: 3: 5/320 ظللنا: أسائره: الطويل: (الغنوي) : 1: 6/448 خذيني: ناصره: الطويل: ابن الزبير: 1: 6/559 ولا: مجاعره: الطويل: ابن مقبل: 1: 7/36 ولو: تثيرها: الطويل: الفرزدق: 1: 1/163، 5/250 إن: مزارها: الطويل: علاج بن شحمة: 2: 1/206 على: عقورها: الطويل: الفرزدق: 2: 1/236 إذا: عقورها: الطويل: حاتم الطائي: 3: 1/255 بضرب: تبورها: الطويل: (مالك الباهلي) : 1: 2/385، 6/536 وإن: سعيرها: الطويل: إياس بن قتادة: 1: 3/38 فهلا: تستثيرها: الطويل: ابن العنسي: 1: 4/297 رأيت: أيورها: الطويل: مقاتل بن طلبة: 1: 4/428 مقاتل: أميرها: الطويل: السحيمي: 1: 4/428 فأقسمت: مزارها: الطويل: كثير: 2: 4/467 ويوم: ستورها: الطويل: مضرس بن زرارة: 3: 5/42 يداه: ضريرها: الطويل: ابن ميادة: 2: 5/73 ومستنبح: ستورها: الطويل: عوف بن الأحوص: 6: 5/75 تجاوزت: صدورها: الطويل: (ذو الرمة) : 1: 5/128، 6/379، 509 ألا: مغيرها: الطويل:؟: 2: 5/207، 232 وكان: يجيرها: الطويل: الفرزدق: 2: 5/253، 313 ألم: نورها: الطويل: ابن ميادة: 2: 6/476 فيا: قرارها: الطويل: مخارق بن شهاب: 3: 6/510 وسود: سارها: الطويل: أبو ذؤيب: 1: 7/150 إني: البقر: البسيط: أنس بن مدركة: 2: 1/18 إن: إكثار: البسيط: ابن هرمة: 1: 1/61، 4/360

ريح: مطر: البسيط: روح بن زنباع الجذامي: 1: 1/148 كأن: المطر: البسيط: أبو زيد: 1: 1/148 كأن: خترير: البسيط: أوس بن حجر: 1: 1/183، 184، 2/412 لبئس: منظور: البسيط:؟: 1: 1/209 شمس: قدروا: البسيط: الأخطل: 1: 3/36 وأجحر: الحجر: البسيط: أعشى باهلة: 1: 1/285 يا: العصافير: البسيط: كلثوم بن عمرو العتابي: 1: 2/407، 5/126 إن: نور: البسيط: ابن عباس: 2: 3/58 تبني: المباتير: البسيط: عمرو بن كلثوم: 1: 3/65 والطوط: الوبر: البسيط: أمية بن أبي الصلت: 3: 3/173 منها: شكر: البسيط: أمية بن أبي الصلت: 1: 3/173 الموت: الدار: البسيط: (أبو العتاهية) : 2: 3/227 لقد: تغرير: البسيط: الأقيبل القيني: 3: 4/284 مازال: ذكر: البسيط:؟: 3: 4/387 لا: شجر: البسيط: (عمرو بن شأس) : 5: 4/411 نعم: مضر: البسيط:؟: 2: 5/91 بني: زفر: البسيط:؟: 2: 5/91 ما: وكار: البسيط: عبدة بن الطبيب: 5: 5/143 كأن: تبشير: البسيط:؟: 1: 5/166 الحمد: بصر: البسيط:؟: 1: 5/209 وليس: فتترجر: البسيط:؟: 1: 5/264 واذكر: الصير: البسيط: الأخطل: 1: 5/264 لأعرفنك: وكار: البسيط: يحيى بن هزال: 3: 6/351 وقربوا: سرر: البسيط: أبو حية النميري: 1: 6/367 (يمشي) : أثر: البسيط: (أعشى باهلة) : 1: 6/415 قالت: الكبر: البسيط: (العتبي) : 1: 6/443، 542 مشي: أظفار: البسيط:؟: 1: 6/529

إن: فاهتصروا: البسيط: جرير: 1: 6/546 يا: قراقير: البسيط: (جرير الضبي) : 4: 6/558 ترتع: إدبار: البسيط: الخنساء: 1: 6/591 أما: مناكير: البسيط: بشار الأعمى: 2: 7/21 قالت: الدنانير: البسيط: أعشى همدان: 5: 7/38 أبا: لغرور: البسيط: حارثة بن بدر الغداني: 4: 7/95 لولا: أوتار: البسيط:؟: 1: 7/96 وخنذيذ: التجار: الوافر: بشر بن أبي خازم: 1: 1/88 فأوردن: الوقير: الوافر: الشماخ بن ضرار: 1: 2/296 إذا: تدور: الوافر:؟: 1: 3/57 تخبر: خبير: الوافر: زبان بن سيار: 4: 3/213، 5/293 تعلم: الثبور: الوافر: زبان بن سيار: 1: 3/213 (مهارشة) : اصفرار: الوافر: بشر بن أبي خازم: 1: 4/343 تكاد: خمار: الوافر:؟: 2: 4/274 إذا: السفير: الوافر: الكميت: 1: 4/375 وسود: نار: الوافر:؟: 1: 5/90 كأن: الحذار: الوافر: بشار بن برد: 3: 5/132 فليت: تخور: الوافر: طرفة بن العبد: 1: 5/264 بكل: العور: الوافر: بشر بن أبي خازم: 2: 5/296 يروعه: السرار: الوافر: (بشار بن برد) : 1: 6/549 بغاث: نزور: الوافر: (العباس بن مرداس) : 1: 7/38، 44 لو: حدور: الكامل: عمر بن أبي ربيعة: 1: 4/273 ورجعت: نسر: الكامل: ابن ميادة: 1: 6/487 فلأمنعن: النسور: م. الكامل: طرفة بن العبد: 1: 6/487 أرى: مر: الهزج:؟: 2: 1/240، 2/299 أظهروا: داروا: م. الرمل: العلاء بن الجارود: 4: 3/223 كشهاب: نار: الرمل: الأفوه الأودي: 1: 6/459 والناس: الختر: السريع: بشر بن المعتمر: 2: 2/355

وإلقة: النضر: السريع: بشر بن المعتمر: 1: 2/402 ما كنت: أمر: السريع: ابن أحمر الباهلي: 2: 3/152 وهقلة: زمر: السريع: بشر بن المعتمر: 5: 6/348 والناس: الختر: السريع: بشر بن المعتمر: 60: 6/464 كأذؤب: زفر: السريع: بشر بن المعتمر: 1: 6/470 من: الغفر: السريع: بشر بن المعتمر: 1: 6/471 والصدع: الوعر: السريع: بشر بن المعتمر: 1: 6/472 والحية: الذر: السريع: بشر بن المعتمر: 1: 6/472 وإلقة: النضر: السريع: بشر بن المعتمر: 1: 6/478 سلاحه: الذعر: السريع: بشر بن المعتمر: 1: 6/479 وأبغث: صقر: السريع: بشر بن المعتمر: 1: 6/479 والدب: اليعر: السريع: بشر بن المعتمر: 1: 6/480 وظبية: التمر: السريع: بشر بن المعتمر: 1: 6/480 وفأرة: هتر: السريع: بشر بن المعتمر: 1: 6/481 (وعضرفوط) : بكر: السريع: بشر بن المعتمر: 1: 6/481، 482 (والبربر) : النمر: السريع: بشر بن المعتمر: 1: 6/482 وطائر: وكر: السريع: بشر بن المعتمر: 1: 6/483 وثرمل: النسر: السريع: بشر بن المعتمر: 1: 6/483 وتمسح: سحر: السريع: بشر بن المعتمر: 1: 6/496 والعث: وبر: السريع: بشر بن المعتمر: 1: 6/496، 499 يسالم: العمر: السريع: بشر بن المعتمر: 1: 6/498 وغائض: ظفر: السريع: بشر بن المعتمر: 1: 6/505 حرباؤها: العصر: السريع: بشر بن المعتمر: 1: 6/507 والظربان: الحمر: السريع: بشر بن المعتمر: 3: 6/511 وهيشة: الحضر: السريع: بشر بن المعتمر: 1: 6/519 لا: الخمر: السريع: بشر بن المعتمر: 2: 6/527 وبعضها: القمر: السريع: بشر بن المعتمر: 1: 6/528 وتمسح: الأسر: السريع: بشر بن المعتمر: 2: 6/531

الراء المكسورة

دان: حمير: السريع: ابن ميادة: 1: 7/146 قل: مهذار: المنسرح: الحسن بن هانئ: 3: 1/32 إن: غدروا: المنسرح: امرؤ القيس: 4: 1/52 وهل: مناخرها: المنسرح: أبو يعقوب الخزيمي: 3: 1/147 قامت: بكر: المنسرح: محمد بن يسير: 2: 3/152 قد: حصر: المنسرح: زهير بن أبي سلمى: 3: 3/229 والإثم: أمر: المنسرح: زهير بن أبي سلمى: 1: 3/229 فتلك: عصافرها: المنسرح: أبو يعقوب الخريمي: 1: 5/113 وحولي: تمتصر: المنسرح: ابن ذي الزوائد: 3: 6/409 فإن: يكدرها: المنسرح: (عروة بن أذينة) : 1: 7/90 ونساء: الأسفار: الخفيف: الباخرزي: 1: 1/115 (هو) : عسبار: الخفيف: سؤر الذئب: 1: 1/119 عن: العرار: الخفيف: أبو دؤاد الإيادي: 1: 1/179، 6/565 وأخذنا: أضمار: الخفيف: أبو دؤاد الإيادي: 7: 4/433 وعلته: التفجير: الخفيف: الكميت: 1: 6/374 إنما: القرار: الخفيف: لبيد بن ربيعة: 4: 7/98 إن: الكفور: الخفيف: أبو الصلت: 3: 7/119 فأوردهن: تهدر: المتقارب: الراعي النميري: 1: 5/286 الراء المكسورة فمسا: الحشر: الطويل: المسعودي: 4: 1/15 أكلف: نصري: الطويل: خداش بن زهير: 2: 1/19 تعالج: قفر: الطويل:؟: 1: 1/101 شناحية: حشر: الطويل:؟: 1: 1/101، 4/325 أديسم: مقصر: الطويل: بشار بن برد: 1: 1/120 يذودون: بكر: الطويل:؟: 1: 1/150 دعيت: بالقحر: الطويل:؟: 2: 1/151 تلاعب: قفر: الطويل: طرفة بن العبد: 1: 1/198، 4/324 6/416

فلما: الخمر: الطويل: منظور بن رواحة: 1: 1/197 أتاني: بدر: الطويل: منظور بن رواحة: 2: 1/199، 6/412 وأهلكن: عرعر: الطويل: لبيد بن ربيعة: 1: 1/217 ولكن: منكر: الطويل: العتبي: 1: 2/299 وصبا: تدري: الطويل: الأسدي: 1: 2/317 إن: بعار: الطويل: ابن محفض المازني: 6: 3/37 تركت: بحر: الطويل:؟: 3: 3/40 لتبك: السمر: الطويل: الفرزدق: 2: 3/48 فليت: جعفر: الطويل: ابن فسوة: 2: 3/57 إذا: حجر: الطويل: حسان: 2: 3/58 وقد: الفجر: الطويل: جهم بن خلف: 9: 3/117 وكنت: مئزري: الطويل: أبو جندب الهذلي: 1: 3/129 ضفادع: البحر: الطويل: الأخطل: 1: 3/130، 4/377 5/281 إذا: يكدر: الطويل: أبو الطمحان القيني: 1: 3/200 كأن: الخطر: الطويل: أبو حية: 1: 3/204 تسمى: عمرو: الطويل: ابن الزبير: 1: 3/205 وقد: الكسر: الطويل: الأخطل التغلبي: 2: 3/260 فإن: بدر: الطويل: نفيع: 4: 3/377 هلم: العذر: الطويل: الأخطل: 5: 4/377 وعند: الجمر: الطويل: ابن ميادة: 1: 4/378 قعدت: قفر: الطويل: ابن ميادة: 2: 4/378 فإني: بدر: الطويل: دريد بن الصمة: 4: 4/434 بني: أثر: الطويل: جمل بنت جعفر: 3: 4/450 وأعصم: وعر: الطويل:؟: 11: 4/477 فلله: متقتر: الطويل: عبيد بن أيوب: 2: 4/500، 6/446 ونار: للمسافر: الطويل: (كعب بن زهير) : 1: 4/503 فأبصر: النواظر: الطويل: مزرد بن ضرار: 1: 5/34

هجان: الحمر: الطويل:؟: 1: 5/52 على: عامر: الطويل:؟: 3: 5/75 ضع: الصخر: الطويل: أبو الشيص: 3: 5/103 فإن: المسحر: الطويل: لبيد بن ربيعة: 1: 5/126، 7/38 لقد: معشر: الطويل: عبيد بن أيوب: 6: 5/132، 6/400 فقلت: خناجر: الطويل: مزرد بن ضرار: 3: 5/142 أأنصر: نصر: الطويل:؟: 3: 5/218 كأن: تاجر: الطويل:؟: 1: 5/252 فجئناهم: يدري: الطويل: شتيم بن خويلد: 1: 5/273 شفى: جسر: الطويل: الأخطل: 2: 5/304 وداع: حمار: الطويل:؟: 2: 5/316، 6/427 لعمرك: للمعاير: الطويل: الخريمي أبو أيوب: 2: 5/319 عليك: تدري: الطويل:؟: 2: 5/319 وما: البحر: الطويل: أبو دارة: 3: 6/348 لئن: بالتمر: الطويل: ابن دأب: 1: 6/348 وكم: سامر: الطويل: ذو الرمة: 1: 6/407 ويوم: المزاهر: الطويل: ابن الطثرية: 1: 6/409 لقد: الفخر: الطويل: الأعشى: 1: 6/421 ألا: فهر: الطويل: الأعشى: 1: 6/421 نعيت: القهر: الطويل: الأعشى: 1: 6/421 ببيضة: طائر: الطويل:؟: 1: 6/422 إذا: أبشري: الطويل: أعشى سليم: 1: 6/435 إذا: الضرائر: الطويل: ذو الرمة: 1: 6/445 كأن: صقر: الطويل: (بشر بن مروان) : 1: 6/480، 7/37 أقول: مقصر: الطويل: عامر بن الطفيل: 1: 6/546 وما: عذر: الطويل: الأخطل: 1: 6/550 فلا: عامر: الطويل: تأبط شرا: 3: 6/559 وما: عقور: الطويل:؟: 2: 6/562

وما: ظهري: الطويل:؟: 1: 6/579 وما كان: الوكر: الطويل:؟: 1: 7/48 فترى: قمره: المديد: أبو نواس: 2: 3/68 كيف: نفجره: المديد: أبو نواس: 1: 4/484 عاد: للجزر: البسيط: ابن مقبل: 1: 1/219 إن: أثر: البسيط: حماد عجرد: 18: 1/158 ولي: فتار: البسيط: ابن أبي كريمة: 6: 1/159 لا: كور: البسيط: عقيل بن علفة: 2: 1/251 لو: الدار: البسيط: (مالك بن أسماء) : 1: 1/252 قوم: النار: البسيط: (الأخطل) : 1: 1/255 تعدو: الضاري: البسيط:؟: 1: 2/296 إن: أخبار: البسيط: (العرندس الكلابي) : 2: 2/298 هينون: أيسار: البسيط: (العرندس الكلابي) : 2: 2/300، 4/384 وأغضف: هرار: البسيط:؟: 1: 2/341 نازعته: الساري: البسيط: الأخطل: 1: 2/382، 432 ماذا: الدار: البسيط: (جران العود) : 2: 2/434 يا: لسيار: البسيط: القتال الكلابي: 3: 3/45 حبر: أخطار: البسيط: (العرندس الكلابي) : 4: 3/47 فردا: أسوار: البسيط: الأخطل: 1: 3/151 أودى: أحجار: البسيط: ابن هند: 1: 4/384 قريحة: كدر: البسيط: محمد بن سعيد: 3: 4/385 كأن: المناقير: البسيط: أبو زبيد: 1: 4/485 لا: بالعشر: البسيط: الورل الطائي: 2: 4/493 حتى: معتكر: البسيط: (الراعي النميري) : 1: 5/71 ولو: الخبر: البسيط:؟: 2: 5/102 إذا: تكسير: البسيط: أبو زبيد: 1: 5/118 يا: عصفور: البسيط: دريد بن الصمة: 1: 5/126 لا بأس: العصافير: البسيط: حسان بن ثابت: 1: 5/126

أهون: سيار: البسيط: (صخر بن الجعد) : 9: 5/142 لا: بالنار: البسيط:؟: 5: 5/208 وقد: السكر: البسيط: أبو حية: 2: 6/579 فلا: ظفري: البسيط: ابن مقبل: 2: 7/35 وللفؤاد: بالحجر: البسيط: ابن مقبل: 1: 7/154 فلما: العصافير: م. الوافر: الوليد بن يزيد: 1: 5/126 تركن: البصير: الوافر: جران العود: 2: 1/33 كأن: العرار: الوافر: خالد بن عجرة: 1: 1/179، 6/565 لعمرك: الحمار: الوافر: (فاختة بنت عدي) : 2: 1/234، 6/429 وسوف: نمير: الوافر:؟: 1: 1/242 غدوت: العصير: الوافر:؟: 6: 2/388، 439 وقلت: السرير: الوافر: يحيى بن نوفل: 2: 2/392، 6/523 ولولا: النفير: الوافر: الوليد بن عقبة: 3: 3/205 كما: لأمر: الوافر:؟: 1: 3/398 فأنت: المصير: الوافر: يحيى بن نوفل: 6: 3/417، 7/11 تبيت: السرار: الوافر: (الراعي) : 1: 4/364 وكنت: للزئير: الوافر: يحيى بن نوفل: 3: 4/417 ومشبوح: المنير: الوافر: جران العود: 5: 5/39 وإني: العقور: الوافر: مسكين الدارمي: 4: 5/42 ولولا: سحر: الوافر: خفاف بن ندبة: 1: 5/127 تقول: سحر: الوافر: قيس بن الخطيم: 1: 5/127 تنازعني: للأمور: الوافر: حضين بن المنذر: 4: 5/232 ومن: الشعر: الوافر:؟: 1: 6/366 وجدنا: سواري: الوافر: جرير: 1: 6/370 تواعدني: أمير: الوافر: جحشويه: 1: 6/451 ولست: حجر: الوافر: دريد بن الصمة: 1: 6/473 فلولا: بالذكور: الوافر: مهلهل: 1: 6/540 دعوت: عمرو: الوافر: العبسي: 3: 6/542

أتيت: فكري: الوافر: (سهل بن هارون) : 2: 7/121 فتذكرا: كافر: الكامل: ثعلبة بن صعير المازني: 1: 1/72 وتزاورت: بالأظفر: الكامل: أبو حية: 1: 1/183 ولقد: الأعمار: الكامل: أبو يزيد العبدي: 1: 2/355 خلقت: شعير: الكامل: أبو مهدية: 3: 2/364 رميت: قفار: الكامل: لقيم الدجاج: 1: 2/396 ولأنت: أجر: الكامل: زهير بن أبي سلمى: 1: 2/403 أعمير: مآثر: الكامل: ثعلبة بن صعير المازني: 3: 2/407 حمر: الأنبار: الكامل:؟: 1: 3/148، 6/329 وأراك: يفري: الكامل: (زهير بن أبي سلمى) : 1: 3/182 ولرهط: بمطار: الكامل: النابغة: 1: 3/201 وإذا: الأعور: الكامل: أبو حية: 1: 3/203 أهدى: زاجر: الكامل: (العباس بن الأحنف) : 2: 3/218 رحل: الدهر: الكامل: العتابي: 3: 3/233 هل: القدر: الكامل: جواس بن القعطل: 3: 3/247، 6/510 ولقد: نارها: الكامل: النمر بن تولب: 2: 4/272 (النازلين) : الأزر: الكامل: (الخرنق بنت هفان) : 1: 4/289 قد: كبير: الكامل:؟: 5: 4/347 فهل: جمير: الكامل: أبو حردبة: 1: 5/70 من: ممطور: الكامل: ابن يسير: 14: 5/129 وخبعثن: التصدير: الكامل: ابن يسير: 4: 5/147 يا: ثبير: الكامل:؟: 2: 5/201 وإذا: مقرور: الكامل:؟: 4: 5/203 سميت: بالقحر: الكامل:؟: 2: 5/247 ومن: البشبر: الكامل: الزبرقان بن بدر: 1: 6/366 مهلا: تستر: الكامل: أبو الطمحان: 4: 6/376 سهكين: البقار: الكامل: النابغة: 1: 6/414، 585 فإذا: بالحاسر: الكامل:؟: 1: 6/491، 543

أهل: الهذر: الكامل:؟: 2: 6/488 يدنو: ضاري: الكامل: أبو العيزار: 2: 6/543 يا: جعار: الكامل:؟: 1: 6/556 وإذا: بمكدر: الكامل: ابن المولى: 2: 6/592 لا: شكر: الكامل:؟: 2: 7/19 يتحلب: الجرجار: الكامل: النابغة: 1: 7/150 فدفعتها: الغدير: م. الكامل: (المنخل اليشكري) : 1: 5/121 وكأنها: غبار: م. الكامل:؟: 1: 5/298 سليمى: سيري: الهزج: الوليد بن يزيد: 2: 2/407 وقد: التر: الهزج: ابن ضبة: 4: 4/274 أنا: داري: م. الرمل: أبو الشمقمق: 3: 3/260 لو: اعتصاري: الرمل: عدي بن زيد: 1: 5/76، 313 أرمي: العاصر: السريع: الأعشى: 2: 2/362 يا: وفر: السريع: عيسى بن زينب: 3: 3/232 أو: تاجر: السريع: الأعشى: 1: 4/424 يا: بكر: السريع: أبو عباد: 4: 5/317 أما: الجمر: السريع: بشر بن المعتمر: 2: 6/348 هل: القدر: السريع: بشر بن المعتمر: 70: 6/467 والتتفل: شطر: السريع: بشر بن المعتمر: 1: 6/474 وكلها: يدري: السريع: بشر بن المعتمر: 1: 6/532 فشرهم: الذر: السريع: بشر بن المعتمر: 1: 6/532 والليث: الأسر: السريع: بشر بن المعتمر: 1: 6/532 تعرف: الصبر: السريع: بشر بن المعتمر: 1: 6/533 والضبع: النمر: السريع: بشر بن المعتمر: 3: 6/533 والكيس: كالبسر: السريع: بشر بن المعتمر: 1: 6/533 والخلد: كالوبر: السريع: بشر بن المعتمر: 1: 6/534، 535 مثل: الماهر: السريع: الأعشى: 1: 6/551 وطائر: غمر: السريع: بشر بن المعتمر: 1: 6/550

لطعة: الدبر: السريع: بشر بن المعتمر: 1: 6/552 ومسمع: الحجر: السريع: بشر بن المعتمر: 1: 6/553 والمقرم: الذكر: السريع: بشر بن المعتمر: 3: 6/553 وليس: بالأمر: السريع: بشر بن المعتمر: 2: 6/554 وأكثر: البحر: السريع: بشر بن المعتمر: 2: 6/554 وأكبد: الدهر: السريع: بشر بن المعتمر: 3: 6/555 (كالعقاب) : عسبار: الخفيف: ابن كناسة: 1: 1/119 كل: فطر: الخفيف:؟: 1: 3/60 هلكوا: الذكور: الخفيف: ابن نجيم: 1: 4/266 خلفها: نار: الخفيف: ابن كناسة: 2: 5/73 ليس: الصنبر: الخفيف: ابن قميئة: 4: 5/40، 6/502 إن: مفر: الخفيف: البهراني: 41: 6/358 مسخ: عمرو: الخفيف: البهراني: 1: 6/391 بعث: بكر: الخفيف: البهراني: 1: 6/392 خرقت: بصخر: الخفيف: البهراني: 1: 6/393 فجرته: دهر: الخفيف: البهراني: 1: 6/393 مسخ: بصغر: الخفيف: البهراني: 1: 6/395 والذي: قبر: الخفيف: البهراني: 2: 6/395 منكب: جمر: الخفيف: البهراني: 1: 6/396 وتزوجت: خمر: الخفيف: البهراني: 1: 6/397، 433 بنت: عمرو: الخفيف: البهراني: 1: 6/433 ثيب: بكر: الخفيف: البهراني: 1: 6/433 ولها: شطر: الخفيف: البهراني: 1: 6/435 تركت: بكري: الخفيف: البهراني: 1: 6/435 أرض: دثر: الخفيف: البهراني: 1: 6/436 ونفوا: بدر: الخفيف: البهراني: 1: 6/436 في: زهر: الخفيف: البهراني: 1: 6/436 ضربت: شهر: الخفيف: البهراني: 1: 6/438

قافية الزاي

غلبتني: ذكري: الخفيف: البهراني: 2: 6/439 وبها: وبر: الخفيف: البهراني: 1: 6/440 وأجوب: التمري: الخفيف: البهراني: 2: 6/440، 462 جائبا: عطر: الخفيف: البهراني: 2: 6/462 يحسب: نهر: الخفيف: البهراني: 1: 6/463 لا يجوزن: خفير: الخفيف: البهراني: 3: 6/488 وطعن: الحاجر: المتقارب: محمد بن يسير: 2: 6/538 قافية الزاي الزاي المضمومة فأنحى: مشارز: الطويل: الشماخ: 1: 3/204 فذاق: حاجز: الطويل: الشماخ بن ضرار: 1: 5/15 كأن: العوارز: الطويل: الشماخ بن ضرار: 3: 5/43 لا: مكنوز: البسيط: أبو ذؤيب: 1: 5/154 قافية السين السين المفتوحة أيا: مكوسا: الطويل: العبدي: 1: 1/216، 6/391 وداويتها: سدوسا: الطويل: العبدي: 1: 1/233 على: جالسا: الطويل: العباس بن مرداس: 1: 6/509 فلو: عرائسا: الطويل: العباس بن مرداس: 1: 6/561 (وما) : النسانسا: الطويل: الكميت: 1: 7/108 فلما: التماسا: المتقارب: الجعدي: 1: 1/234 السين المضمومة على: المتكاوس: الطويل: القطامي: 1: 1/88 وساع: حارس: الطويل:؟: 1: 1/141 أقلي: الفلافس: الطويل:؟: 2: 1/141 بنو: أوكس: الطويل: شبيل بن عزرة الضبي: 1: 1/206 مجزعة: عضرس: الطويل: (البعيث) : 1: 2/357 تخيره: أفرس: الطويل: (البعيث) : 1: 3/71

السين المكسورة

وأيقن: يابس: الطويل: ذو الرمة: 1: 3/165، 5/216 وأبصرن: يابس: الطويل: ذو الرمة: 1: 3/173 فهذا: المتلمس: الطويل: المتلمس: 1: 3/186 ولا: النفس: الطويل: محمد بن زياد الأعرابي: 2: 3/230 عجم: البرانس: الطويل: التميمي: 1: 4/272 أتيح: متكاوس: الطويل: عبد الله السلولي: 2: 4/326 لعمرك: فقعس: الطويل: مضرس بن لقيط: 3: 4/333 ومن: بيهس: الطويل: عدي بن زيد: 2: 4/463 ولو: قونس: الطويل: مزرد بن ضرار: 4: 5/219 تجمعن: حنفس: الطويل:؟: 1: 6/347 وتبني: تكلس: الطويل:؟: 1: 6/394 علام: يأنس: الطويل: (عبيد بن أيوب العنبري) : 2: 6/402 وصار: البسابس: الطويل: عبيد بن أيوب: 3: 6/439 ولم: خرس: الطويل: الأقيبل القيني: 3: 7/62 استودع: القراطيس: البسيط:؟: 1: 1/44 الله: وسواس: البسيط:؟: 1: 5/106 بحجن: الدخيس: الوافر: أبو زيد: 1: 4/399، 5/186 أودى: المجلس: الكامل: مهلهل بن ربيعة: 2: 3/44 أصبحت: مفلس: الكامل:؟: 1: 6/405 السين المكسورة وما: بيائس: الطويل: (مفروق الشيباني) : 1: 4/385 إن: مقتبسه: المديد: سليمان الأعمى: 5: 4/354 يبيت: حرس: البسيط:؟: 1: 1/154، 3/245 قد: جساس: البسيط: (بشير بن أبي العبسي) : 2: 1/213 بتنا: درواس: البسيط:؟: 2: 2/269 لما: بالنواقيس: البسيط: جرير: 1: 2/432 لا: القراطيس: البسيط: أبو الشيص: 4: 3/252 إذا: المفاليس: البسيط:؟: 2: 5/106

قافية الشين

إذا: باليأس: البسيط: سهل بن هارون: 3: 5/320 إن: العيس: البسيط:؟: 4: 6/405 من: الناس: البسيط: الحطيئة: 1: 6/495 وآض: بضرس: الوافر: الحارث الكندي: 1: 1/46 ألا: بفلس: الوافر:؟: 4: 3/181 لعمرك: أنس: الوافر: الحارث الكندي: 6: 6/369 ترك: الرجس: الكامل: شريح: 5: 2/297 منع: تمسي: الكامل: أسقف نجران: 3: 3/43 وكأن: الترمس: الكامل: الأسدي: 2: 3/62، 4/491 بمناقب: الشمس: الكامل: الأفوه الأودي: 3: 5/301 حتى: النرجس: الكامل: يعقوب بن الربيع: 2: 6/589 وإن: غرسه: السريع: صالح بن عبد القدوس: 2: 1/33 قل: رجسه: السريع: حماد عجرد: 11: 1/157 والشيخ: رمسه: السريع: صالح بن عبد القدوس: 2: 3/51 للبدر: الشمس: السريع: علي بن معاذ: 1: 3/172 كنت: بالبؤس: المنسرح: طرفة بن العبد: 3: 1/125 أبكيك: الفرس: المنسرح: بنت عيسى بن جعفر: 2: 3/44 تذب: العرس: المنسرح: أبو زبيد الطائي: 2: 3/153 هل: أنس: المنسرح: طرفة بن العبد: 3: 4/461 أو: يهتجس: المنسرح: طرفة بن العبد: 1: 4/462 تجهزي: الشمس: المنسرح: (قتادة بن معروف) : 1: 7/96 لليلتي: العرس: المنسرح:؟: 1: 7/96 قافية الشين الشين المفتوحة ومن: كالرشا: المتقارب: (أبو صفوان الأسدي) : 2: 4/346 الشين المضمومة تسائلني: الطمش: الطويل: الكردوس المرادي: 1: 4/505 أنا: ناهش: الطويل: ناهض بن ثومة العامري: 2: 7/67

الشين المكسورة

الشين المكسورة يا: الأحابيش: البسيط: يحيى بن منصور: 2: 3/260 أبا: قريش: الوافر: حرب بن أمية: 3: 3/73 قافية الصاد الصاد الساكنة يمشي: شاخص: م. الكامل: أبو دؤاد الإيادي: 1: 1/181، 4/422 الصاد المفتوحة ألم: فصافصا: الطويل: الأعشى: 2: 3/116 إذا: حرصا: الهزج: عمرو الخاركي: 2: 1/116 الصاد المضمومة كأن: رهيص: الطويل:؟: 2: 1/90 يشتمني: أبرص: الطويل: أبو مسهر: 1: 5/92 الصاد المكسورة يا: مخصوص البسيط:؟: 2: 3/23 يبيت: الحراقيص البسيط:؟: 1: 6/563 فما: الخبيص: الوافر: وعلة الجرمي: 2: 2/419 أمير: الحريص: الوافر: الفرزدق: 4: 5/109 بعثت: القميص: الوافر: (الفرزدق) : 2: 6/593 قافية الضاد الضاد المفتوحة وما: فتمرضا: الطويل:؟: 3: 5/129 مرت: بعضا: السريع:؟: 1: 5/13 غضبى: ترضى: السريع:؟: 1: 5/82 الضاد المضمومة بتيهاء: بيوضها: الطويل: ابن أحمر: 1: 5/304 تدارك: قبوض: الطويل: بشر بن أبي خازم: 3: 6/495 لعمرك: لبغيض: الطويل: الأقرع بن معاذ القشيري: 2: 7/96 ولما: الفرض: الطويل: سهل بن هارون: 1: 7/111، 123

الضاد المكسورة

الضاد المكسورة هلا: العارض: الكامل: سعيد بن وهب: 3: 1/71 شكرتك: يقضي: الطويل: أبو نخيلة: 2: 2/304 وبيض: المقوض: الطويل: (ذو الرمة) : 2: 4/429 ولما: العرض: الطويل: هارون: 8: 7/69 وما: محض: الطويل:؟: 2: 7/94 فإن: عروض: الوافر: عبد الله بن الحجاج: 7: 2/410 عذير: الأرض: الهزج: ذو الإصبع العدواني: 3: 4/374 فإن: الغامض: السريع: أبو الهندي: 3: 5/301 سوف: الكراض: الخفيف: الطرماح: 1: 4/426 قافية الطاء الطاء المفتوحة وخيل: النبيطا: المتقارب: أيمن بن خريم: 2: 6/481 الطاء المضمومة وأبرز: يخترط: البسيط: أبو الشيص الخزاعي: 2: 4/428 الطاء المكسورة فأنك: بإفراط: الطويل: العمي: 2: 5/169 ألا: الضروط: الوافر: أبو الشمقمق: 6: 1/173 كأن: السياط: الوافر: (المتنخل الهذلي) : 1: 4/344 كأن: هياط: الوافر: الهذلي: 1: 5/215 إذا: الوسط: المنسرح:؟: 1: 7/56 ومن: الهابط: المتقارب: الهذلي: 3: 2/433 قافية العين العين الساكنة يعدو: السباع: السريع: أبو السفاح: 2: 4/388 لن: الضوع: الرمل: سويد بن أبي كاهل: 1: 2/409 العين المفتوحة كمرضعة: مرقعا: الطويل: ابن جندل الطعان: 1: 1/130

وواحدة: مصرعا: الطويل: مالك بن حريم الهمداني: 3: 2/362 أكف: معا: الطويل: (حاتم الطائي) : 1: 3/5 سأجزيك: صعصعا: الطويل: سلامة بن جندل: 4: 3/32 إذا: ينفعا: الطويل: (النابغة الجعدي) : 1: 3/36 خذوا: فأرتعا: الطويل: (الكميت بن معروف) : 2: 3/37 وما: مترقعا: الطويل: (البعيث) : 1: 3/71 نبئت: منقعا: الطويل: (قيس بن رفاعة) : 2: 3/224 تلقط: بلقعا: الطويل:؟: 1: 4/268 وشكلة: مسمعا: الطويل:؟: 1: 4/372 أرقت: مقرعا: الطويل:؟: 2: 4/381 مريضة: تقطعا: الطويل: (مسلم بن الوليد) : 2: 4/368 وضيف: تكنعا: الطويل: متمم بن نويرة: 2: 5/239 ذهبتم: موضعا: الطويل: موسى بن جابر الحنفي: 3: 6/411 وغملى: تسلعا: الطويل: الراعي النميري: 1: 6/475 وإني: المقصعا: الطويل:؟: 1: 6/525 فلا: مرجعا: الطويل: هدبة العذري: 10: 7/93 أتهزأ: فأسرعا: الطويل: المخبل: 3: 7/106 آب: فامتنعا: المديد: أبو دهبل: 6: 4/264 وزادها: منعا: البسيط: (الأحوص) : 1: 1/110 أصم: فانصدعا: البسيط: (يحيى بن أبي حفصة) : 1: 2/324 تهوي: فاطلعا: البسيط: (الزيادي) : 5: 4/348 إني: الشبعا: البسيط: الزيادي: 6: 4/397 كم: قطعا: البسيط: يحيى بن أبي حفصة: 4: 4/398 لو: سمعا: البسيط:؟: 1: 6/529 وخل: مطيعا: الوافر: ابن أبي ربيعة: 3: 3/28 ورثنا: الصنيعا: الوافر: معن بن أوس: 2: 3/40، 5/316 له: البقاعا: الوافر: أبو الزبرقان: 2: 5/75 الألمعي: سمعا: المنسرح: أوس بن حجر: 1: 3/27

العين المضمومة

وذات: جدعا: المنسرح: أوس بن حجر: 1: 4/272 أرسل: فانصدعا: المنسرح:؟: 1: 6/394 أهلكنا: جذعا: المنسرح: عدي بن غطيف الكلبي: 5: 7/151 أصبح: قناعا: الخفيف:؟: 2: 3/56 مطوقة: دعا: المتقارب:؟: 1: 3/99 لئن: أنفعا: المتقارب: يعقوب بن الربيع: 2: 6/589 العين المضمومة وكلفتني: راتع: الطويل: النابغة: 1: 1/17 عشية: مولع: الطويل: ذو الرمة: 2: 1/46 إليك: طائع: الطويل: الحسن بن جماعة الجذامي: 4: 1/48 لعمري: أجرع: الطويل: الجدلي: 7: 1/171 أظن: أمنع: الطويل: معبد بن شعبة التميمي: 5: 1/211 بقية: تتكسع: الطويل: الخريمي: 2: 3/47 ألم: يصنع: الطويل:؟: 2: 3/50 فلما: مضيع: الطويل:؟: 2: 3/59 على: يتصدعوا: الطويل: المتلمس: 2: 3/70 وأعددته: مولع: الطويل: الخريمي: 1: 3/76، 6/543 ولو: وقوع: الطويل: المجنون: 2: 3/102 أخذنا: الطوالع: الطويل: الفرزدق: 1: 3/122 ألم: تقمع: الطويل: أوس: 1: 3/167 أسليم: تسمع: الطويل: (أبو الربيس) : 4: 3/235 من: جائع: الطويل:؟: 1: 4/327 إن: تصرعوا: الطويل: عبدة بن الطبيب: 2: 4/340، 6/354 بها: تمصع: الطويل: ابن الأعرابي: 1: 4/344 فبت: ناقع: الطويل: الذبياني: 2: 4/381 تناذرها: تراجع: الطويل: النابغة: 1: 4/381 لعمري: مصمع: الطويل: طرفة بن العبد: 1: 4/427 خليلي: ربيع: الطويل:؟: 4: 4/430، 6/486

دعوت: أسرع: الطويل:؟: 1: 4/447 وجاء: قعاقع: الطويل:؟: 1: 4/456 فسكنتهم: المراتع: الطويل: (قيس بن عيزارة) : 1: 4/493 ونوقدها: أشبع: الطويل: الأزرق الهمداني: 1: 5/34 إذا: وداعها: الطويل: مسكين الدارمي: 5: 5/101 أيا: ربيع: الطويل: المجنون: 4: 5/107 وود: يتقصع: الطويل: أوس بن حجر: 1: 5/149 عبيد: واسع: الطويل: أوس بن حارثة: 1: 5/158 ألم: شارع: الطويل: معاوية الجرمي: 2: 5/203 فإن: الضفادع: الطويل: (الصلتان العبدي) : 1: 5/281 لعمرك: صانع: الطويل: لبيد بن ربيعة: 1: 5/307 لنا: فأربع: الطويل: (أبو الحساس الأسدي) : 2: 5/315 نزلت: نافع: الطويل: عائشة بنت عثمان: 1: 6/370 ثلاثون: مقنع: الطويل:؟: 1: 6/371 وكيف: يصرع: الطويل: دعلج بن الحكم: 1: 6/443 وما: نافع: الطويل:؟: 1: 6/451 فجأجأ: مرتع: الطويل: بشر بن أبي خازم: 3: 6/457 سماما: ودائع: الطويل: النابغة: 1: 6/484 إذا: صانع: الطويل: حميد بن ثور: 1: 6/484، 7/12 لعمري: لجزوع: الطويل: عروة بن الورد: 1: 6/505 ينام: هاجع: الطويل: حميد بن ثور: 1: 6/569 ونمت: جائع: الطويل: حميد بن ثور الهلالي: 1: 6/571 يطيب: تضوع: الطويل: بشار بن برد: 1: 6/585 ولم: أوجع: الطويل: أخو ذي الرمة: 1: 6/590 نرقع: نرقع: الطويل: (إبراهيم بن أدهم) : 1: 6/590 يفرون: القعاقع: الطويل: (طفيل) : 1: 7/51، 114 لكل: مطلع: الطويل: (مقاس العائذي) : 3: 7/86 رعاك: أوسع: الطويل:؟: 2: 7/87

فتى: متواضع: الطويل:؟: 1: 7/88 تعزيت: مترع: الطويل: أخت ذي الرمة: 2: 7/99 فلو: قانع: الطويل: النظام: 2: 7/101 إنا- إني: ترتضع: البسيط: ابن أحمر الباهلي: 1: 1/151، 236، 5/249 وأكتم: مستمع: البسيط: وضاح اليمن: 4: 1/174 ليل: الشرع: البسيط: منصور النمري: 1: 3/65 كم: شنع: البسيط: (النمر بن تولب) : 1: 3/142 ثم: جدع: البسيط: أبو زبيد: 1: 4/273 أبا: الضبع: البسيط: خفاف بن ندبة: 1: 5/12 سار: مجتمع: البسيط:؟: 1: 6/379 إذا: تستطيع: الوافر: عمرو بن معديكرب: 2: 3/71 وجاءت: خماع: الوافر: (مشعث العامري) : 1: 5/117 حرق: مولع: الكامل: عنترة بن شداد العبسي: 1: 1/28، 2/418 لا: ينشع: الكامل: عبدة بن الطبيب: 1: 1/33 ركبوك: موقع: الكامل: ابن غادية السلمي: 2: 1/151 شغف: يفزع: الكامل: أبو ذؤيب: 1: 2/358 أهلكت: ينفع: الكامل: القدار: 1: 3/36 ظعن: الأبقع: الكامل: عنترة بن شداد العبسي: 4: 3/211 اعصوا: الأنقع: الكامل: عبدة بن الطبيب: 4: 4/340 (فرمى) : متصمع: الكامل: أبو ذؤيب: 1: 4/427 أبني: تجزعوا: الكامل: حماد عجرد: 1: 4/483 سباء: مسلع: الكامل: سعدى بنت الشمردل: 2: 5/293، 6/557 ذكر: يتتبع: الكامل: أبو ذؤيب الهذلي: 2: 6/349 قوم: تمزع: الكامل: عبدة بن الطبيب: 1: 6/566 معه: تنفعه: الكامل: القطامي: 1: 2/356 فترملت: مصرعه: الكامل: ضابئ الحارث: 1: 2/269 وكأنما: أربعه: الكامل: (خلف الأحمر) : 1: 2/274

العين المكسورة

أما: أجمع: المتقارب: ابن يسير: 7: 1/43 فما: ينفع: المتقارب:؟: 1: 4/276 العين المكسورة سيكفيك: الأشاجع: الطويل:؟: 1: 1/206 أناس: مظلع: الطويل: طفيل الغنوي: 1: 2/289 نبتم: ينفع: الطويل: (النجاشي) : 1: 3/235 ويدني: أسفع: الطويل: الراعي النميري: 1: 4/346 وتوقدها: جازع: الطويل: الصلتان الفهمي: 1: 5/34 ومحترش: الخوادع: الطويل: كثير عزة: 1: 6/638 إذا: المسامع: الطويل: ذو الرمة: 1: 6/445 وغملى: يترع: الطويل: طفيل الغنوي: 1: 6/475 حدوت: خروع: الطويل: سالم بن دارة: 1: 7/152 يا: أضلاعي: البسيط: ثوب بن شحمة: 2: 1/178 وكل: كالسبع: البسيط: البطين: 1: 6/345 يكون: قباع: الوافر:؟: 1: 1/208 فما: زموع: الوافر: الشماخ: 1: 2/402 كأن: القلوع: الوافر: الشماخ: 1: 4/325 كنار: السنيع: الوافر: (خليد عنين) : 1: 4/498 سلاحي: كمعي: الوافر: (عنترة بن شداد العبسي) : 1: 5/48 إذا: القدوع: الوافر: الشماخ بن ضرار: 10: 5/151 ترى: التريع: الوافر:؟: 1: 5/152 لعمرك: بمستطاع: الوافر: الحطيئة: 1: 5/231 وقولي: تراعي: الوافر: قطري بن الفجاءة: 2: 6/545 ظلم: المقلع: الكامل: الحادرة: 1: 1/218 صكاء: هلواع: الكامل: المسيب بن علس: 1: 4/454 يكفيك: البائع: الكامل: (منصور النمري) : 1: 5/48 ومطية: بدعدع: الكامل: الحادرة: 1: 6/504 بز: مجزاع: السريع: أبو قيس بن الأسلت: 2: 3/20

قافية الفاء

قد: تهجاع: السريع: أبو قيس بن الأسلت: 1: 6/540 وليس: دعدع: المتقارب: (الشنفرى) : 2: 6/504 قافية الفاء الفاء الساكنة وإذا: فخضف: الرمل:؟: 1: 1/221 الفاء المفتوحة ولم: تكشفا: الطويل: العربي: 1: 6/497 أبلغ: النصفا: البسيط:؟: 10: 3/42 لا: أسفا: البسيط: (أبو العالية الشامي) : 2: 3/238 تقري: أضيافا: البسيط:؟: 1: 5/314 يعود: كلفا: البسيط:؟: 1: 6/343 الفاء المضمومة طباقاء: تعكف: الطويل: (جميل بن معمر) : 1: 1/87 وحمال: المتكلف: الطويل: ابن قميئة: 1: 1/231 إذا: حرجف: الطويل: الفرزدق: 6: 2/259 ولو: أدنف: الطويل: الفرزدق: 1: 2/261 وداويته: واقف: الطويل: عاصم بن القرية: 2: 2/261 وكان: هتف: الطويل: جران العود: 2: 2/361 شهدت: عارف: الطويل: أعشى همدان: 8: 2/393 تميل: المتقصف: الطويل: جران العود: 3: 2/407 أراقب: يطرف: الطويل: (جران العود) : 1: 3/23، 5/317 وقالت: تقذف: الطويل: جران العود: 1: 4/451 فلما: أقطف: الطويل: جران العود: 1: 5/305 وصادقة: مسدف: الطويل: (الفرزدق) : 2: 5/306 ومازال: واقف: الطويل: نهشل بن حري: 1: 6/541 إن: شارف: الطويل: مسكين الدارمي: 8: 6/583 كأنها: ينصرف: البسيط:؟: 1: 3/197 وبما: خلف: الكامل:؟: 3: 6/534

الفاء المكسورة

سألت: نيفوا: السريع:؟: 2: 5/99 الفاء المكسورة وللعين: الطرائف: الطويل:؟: 1: 1/112 إذا: للخسف: الطويل: حماد الراوية: 5: 2/391، 6/522 وفي: للقذف: الطويل:؟: 1: 2/392 وأحوى: وارف: الطويل: ذو الرمة: 1: 4/385 عساك: منطف: الطويل: عنترة الطائي: 1: 4/410 نتاج: العواطف: الطويل: ابن ميادة: 1: 4/421 ببيضة: جادف: الطويل: الهذلي: 1: 4/439، 442 ظللنا: المثقف: الطويل: عنترة بن شداد العبسي: 1: 4/449 حملت: الخفاخف: الطويل: عبيد بن أيوب العنبري: 4: 6/526 ألم: شاف: الطويل: صبار بن التوءم اليشكري: 3: 6/542 كأنها: ينصرف: البسيط:؟: 1: 3/197 يا: وقاف: البسيط:؟: 1: 6/543 فما: كهاف: الوافر: بشر بن أبي خازم: 2: 6/495 ذهب: خلف: الكامل: الأحوص: 2: 3/41 ولقد: الصيف: الكامل: (أبو كبير الهذلي) : 2: 4/384 ولقد: بالمشرف: الكامل: الهذلي: 2: 6/491 أخذ: خفافي: م. الرمل: أبو الشمقمق: 8: 5/145 ضيع: صفه: السريع: مروان بن محمد: 2: 2/433 بت: يكف: المنسرح: الحسن بن هانئ: 7: 3/239 وبني: كالسيوف: الخفيف: الأعشى: 1: 2/411 وسرك: الخفي: المتقارب: (الصلتان العبدي) : 1: 5/101 وأغلب: بالوظيف: المتقارب: إسحاق الخريمي: 1: 7/116 قافية القاف القاف الساكنة يذلق: النفق: الرمل:؟: 1: 6/382 وإذا: الطبق: الرمل: مسكين الدارمي: 4: 6/584

القاف المفتوحة

تركت: الصعق: المتقارب:؟: 2: 6/544 القاف المفتوحة فإن: أزرقا: الطويل: زفر بن الحارث: 2: 1/14 ويشربه: أورقا: الطويل:؟: 1: 6/477 تصرفت: فأخلقا: الطويل:؟: 2: 6/588 يطعنهم: اعتنقا: البسيط: زهير بن أبي سلمى: 1: 3/227 لولا: علقا: البسيط:؟: 3: 4/378 وقابل: دفقا: البسيط: زهير بن أبي سلمى: 3: 5/282 أنى: ساقا: البسيط: (أبو دؤاد الإيادي) : 1: 6/509 مهبل: حملاقا: البسيط:؟: 1: 6/532 أسمج: مرقه: الرمل: أبو الشمقمق: 1: 3/182 نزل: رفقه: م. الرمل: أبو الشمقمق: 9: 5/145 أصفي: نفقه: المنسرح:؟: 2: 5/100 إن: حقيقا: الخفيف: عتبة بن شماس: 3: 3/254 وقلت: رفيقا: المتقارب: شتيم بن خويلد: 4: 3/39، 5/273 القاف المضمومة أفي: تطلق: الطويل:؟: 1: 1/126 ومستنبح: طروق: الطويل: عمرو بن الأهتم: 1: 1/252 عنيف: رفيق: الطويل:؟: 2: 1/253 بجرو: مفلق: الطويل: النمر بن تولب: 1: 2/360، 414 فجاء: المشبق: الطويل:؟: 1: 2/399 شهدت: عتيق: الطويل: قيس بن الذريح: 2: 3/25 شهدت: رقيق: الطويل:؟: 2: 3/25 أحار: تسرق: الطويل: أنس بن أبي إياس الدؤلي: 5: 3/59، 5/139 إذا: المطوق: الطويل: بكر بن النطاح: 2: 3/97 فلم: تطلق: الطويل: عبد الله بن أبي بكر: 2: 3/98 أعاتك: المطوق: الطويل: (عبد الله بن أبي بكر) : 1: 3/99 بليت: تخلق: الطويل: (صخر بن الجعد) : 2: 3/376

تراه: دردق: الطويل: ذو الرمة: 1: 4/429 ألم: البوارق: الطويل: كثير عزة: 2: 4/459 كأن: صديق: الطويل: أبو الطمحان القيني: 5: 5/88 سوى: النواطق: الطويل: كثير عزة: 1: 5/125 لقد: أزرق: الطويل: (سويد بن أبي كاهل) : 1: 5/178 طراق: يترقرق: الطويل: ذو الرمة: 1: 5/307 بلاد: يتحرق: الطويل:؟: 17: 5/308 أرى: أبلق: الطويل: الأعشى: 2: 6/414 وما: وثيق: الطويل: جميل: 5: 6/488 لعمري: تخفق: الطويل:؟: 3: 7/97 فبورك: ناطقه: الطويل: كثير عزة: 1: 1/28 كم: يفارقه: الطويل: أبو الطمحان القيني: 2: 3/46 إذا: توامقه: الطويل: كثير عزة: 2: 3/222 يجرر: شرانقه: الطويل: كثير عزة: 1: 3/235 إذا: يوافقه: الطويل: كثير عزة: 2: 4/345 لها: فاتقه: الطويل: الراعي النميري: 1: 7/126 وطعن: شهيقها: الطويل:؟: 2: 6/538 ألم: دقيقها: الطويل: الفرزدق: 2: 7/102 سميتني: الخلق: البسيط: العرجي: 3: 3/66 لما: الخرق: البسيط: ذو الخرق الطهوي: 2: 3/197 كحية: النطق: البسيط: عبد الله بن همام السلولي: 1: 4/376 نار: فتحترق: البسيط:؟: 1: 4/502 إني: العوق: البسيط: ابن حبناء: 2: 5/92 وأصفر: يطلق: البسيط: الراعي النميري: 2: 5/134 البائتين: طرقوا: البسيط:؟: 1: 5/314 من: طبق: البسيط: زيد بن معروف: 1: 6/374 حبارى: الفريق: البسيط: الكروبي: 1: 6/497 كأن: خريق: الوافر: المفضل النكري: 1: 5/298

القاف المكسورة

تامت: تمق: الكامل: المسيب بن علس: 1: 3/236 أمستخبر: أنطق: السريع: أبو نواس: 2: 4/485 لو: نطقوا: المنسرح: عبد الله بن قيس الرقيات: 5: 6/584 قدمته: الراووق: الخفيف: عدي بن زيد: 1: 2/436 وإذا: الآفاق: الخفيف: الأعشى: 2: 3/56، 6/412 فعلى: الفراق: الخفيف: الأعشى: 14: 3/234 فوق: الأنوق: الخفيف: عدي بن زيد: 1: 6/488 وإذا: البصاق: الخفيف: الأعشى: 1: 6/550 القاف المكسورة أبا: بالمحلق: الطويل: أبو نويرة بن الحصين: 2: 1/19 قفا: بثق: الطويل: (أبو نواس) : 2: 1/156، 172 غزا: المتخرق: الطويل:؟: 1: 1/157، 4/469 وقد: المطرق: الطويل: الممزق العبدي: 2: 2/408، 5/307 فإن: طارق: الطويل:؟: 2: 3/24 ولسنا: بالتملق: الطويل: جابر بن حني التغلبي: 5: 3/69 تبيت: المطلق: الطويل: العبدي: 1: 4/382 كأني: نقنق: الطويل: زهير بن أبي سلمى: 4: 4/432 وما: بمطيق: الطويل:؟: 1: 5/90 تناخ: يرتقي: الطويل: الممزق: 1: 5/235 انزل: السلائق: الطويل:؟: 3: 6/521، 523 إذا: المترقرق: الطويل: جميل: 3: 7/125 لتقرعن: أخلاقي: البسيط: تأبط شرا: 1: 1/46 وقد: العنق: البسيط: أبو محجن الثقفي: 1: 5/102 كأن: بأعناق: البسيط:؟: 1: 7/152 وإني: الرفاق: الوافر: بشر بن أبي خازم: 1: 2/235 وعهد: مستذاق: الوافر: نهشل بن حري: 1: 5/15 وما: البراق: الوافر: عبد الله بن عمرو: 2: 5/149 أزميل: تسبق: الكامل: أرطاة بن سهية: 2: 3/185

قافية الكاف

قبح: نقنق: الكامل:؟: 6: 6/499 حر: الأخرق: الكامل:؟: 1: 7/27، 32 كأن: مخلوق: السريع: أبو نواس: 1: 4/485 قد: خلقي: المنسرح: مطيع بن إياس: 2: 5/319 طلب: الأنوق: الخفيف: معاوية: 1: 3/254 فلما: أرواقه: المتقارب: خلف الأحمر: 2: 5/126 قافية الكاف الكاف الساكنة لاهم: حلالك: م. الكامل: عبد المطلب: 3: 7/119 هتفت: ينيك: م. الرمل: أبو الشمقمق: 3: 2/441 فإذا: دمك: الرمل:؟: 1: 5/102 ظبي: الشريك: المجتث: الجماز: 2: 1/115 الكاف المفتوحة ألم: مالكا: الطويل: الجارود بن أبي سبرة: 3: 1/147 لسانك: مالكا: الطويل:؟: 1: 5/230 إني: السمكا: البسيط:؟: 3: 3/39، 5/316 أقول: دهاكا: الوافر:؟: 5: 7/102 نهرا: نداكا: الخفيف: أمية بن أبي الصلت: 2: 1/47 لا: ذراكا: الخفيف: أمية بن أبي الصلت: 1: 1/254 لا: ثواكا: الخفيف: أمية بن أبي الصلت: 1: 5/74 الكاف المضمومة بكت: هالك: الطويل: ابن مقبل العجلاني: 3: 1/213 أو: الحنك: البسيط: أوس بن حجر: 1: 5/272 الكاف المكسورة يظل: المهالك: الطويل: تأبط شرا: 6: 6/448 إذا: فاتك: الطويل:؟: 2: 6/569

قافية اللام

قافية اللام اللام الساكنة به: زجل: الطويل: الكميت: 1: 5/216 لقد: بالأمثل: الهزج: أبو الأصلع الهندي: 5: 7/104 كلب: مختبل: الرمل: (النابغة الجعدي) : 1: 2/261 عل: الجبل: الرمل:؟: 5: 3/241 منع: فعل: الرمل: الجعدي: 2: 3/245 طرد: الحجل: الرمل: موسى بن جابر الحنفي: 1: 4/397 سألتني: أكل: الرمل: دهمان النهري: 1: 5/14 وإذا: أبل: الرمل: لبيد بن ربيعة: 1: 5/69 ليت: الأسل: الرمل: ابن الزبعرى: 4: 5/299 فانتضلنا: يجل: الرمل: لبيد بن ربيعة: 1: 7/27 لا: الرجال: السريع:؟: 2: 3/67 أفاد: أفضل: المتقارب: امرؤ القيس: 1: 3/23 وأنت: الجمل: المتقارب: (الأخطل) : 1: 5/235 فبات: الرجل: المتقارب: صالح المري: 1: 6/591 اللام المفتوحة نحن: تخيلا: الطويل: عامر بن صعصعة: 2: 1/212 فأصبح: سائلا: الطويل: لبيد بن ربيعة: 2: 2/268 بريذنة: أيلا: الطويل: الأخطل: 1: 2/400 سمعت: نائلا: الطويل: حجر بن خالد بن الوليد: 5: 3/26 أتيت: نزلا: الطويل: ابن ميادة: 2: 3/39، 5/316 ألا: بعلا: الطويل: الأخطل: 2: 3/255 كأن: فأسهلا: الطويل: أوس بن حجر: 2: 4/274 تدارك: مكبلا: الطويل: خالد بن نضلة: 1: 4/433 فأشرط: توكلا: الطويل: أوس بن حجر: 2: 5/12، 6/338 بأدماء: أخيلا: الطويل: ضابئ بن الحارث: 1: 5/148 فلا: سجلا: الطويل:؟: 2: 6/351

سواس: فضلا: الطويل: (كثير عزة) : 1: 6/371 أتجعل: أشبلا: الطويل: ابن مناذر: 2: 6/530 لكل: الفسلا: الطويل:؟: 2: 7/94 كما: عيالها: الطويل: الكميت: 1: 1/130، 6/527 وسوداء: لها: الطويل: كثير عزة: 1: 4/351 كففت: لها: الطويل: (كثير عزة) : 3: 4/351 ولا: احتبالها: الطويل: الكميت: 1: 7/11 كأن: استلالها: الطويل:؟: 1: 7/13 أرسلت: فلالا: البسيط:؟: 1: 2/293 قضى: الرجلا: البسيط: عدي بن زيد: 12: 4/356 ألم: بقيله: الوافر:؟: 2: 3/58 يا: تتنقلا: الكامل: أبو سعد المخزومي: 2: 1/172 ما: عقالا: الكامل: سنيح بن رباح الزنجي: 1: 1/178 الفحل: معقولا: الكامل:؟: 1: 2/381 وقع: نسولا: الكامل: الراعي النميري: 3: 2/431، 5/35 كهداهد: هديلا: الكامل: عبيد بن الحصين الراعي: 1: 3/117 فسقوا: صليلا: الكامل: الراعي النميري: 1: 4/465 لو: غليلا: الكامل: جرير: 2: 5/81 مازلت: رجالا: الكامل: جرير: 1: 5/132، 6/548 نبتت: مقيلا: الكامل: الراعي النميري: 1: 5/233 والظبي: مشكولا: الكامل:؟: 1: 6/472 يدب: سهلا: الكامل: (الأخطل) : 1: 6/520 بجلالة: ظلالها: الكامل: الأعشى: 1: 1/183 في: إباله: م. الكامل: الكميت: 2: 1/130 وعصيت: الجهاله: م. الكامل: أبو دؤاد الإيادي: 3: 6/578 يوسف: بالأبله: م. الرمل: أبو الشمقمق: 3: 1/147 قلدتك: جعلا: المنسرح: أعشى بكر: 5: 3/233 وغنت: كملا: المنسرح:؟: 1: 7/33

اللام المضمومة

(وبراذين) : فحولا: الخفيف: خفاف بن ندبة: 1: 1/88 لعن: الجهولا: الخفيف: عبد القيس البرجمي: 2: 4/444 ودلفنا: الخليلا: الخفيف: مهلهل: 2: 6/546 ولقد: ثعاله: الخفيف: أبو الشمقمق: 15: 5/144 كريم: زبالا: المتقارب: ابن مقبل: 1: 4/266 فإن: جحولا: المتقارب: كثير: 2: 6/338 سمونا: طوالا: المتقارب: النمر بن تولب: 2: 6/545 كثير: أثيلا: المتقارب: الأسدي: 4: 6/593 وقامت: الداخله: المتقارب: خلف بن خليفة الأقطع: 2: 7/50 اللام المضمومة وما: الرسائل: الطويل: الطائي: 12: 1/48 وكم: الحبل: الطويل: حاجب بنم دينار المازني: 2: 1/125 وإني: المواكل: الطويل: أرطاة بن سهية: 3: 1/244 فعد: قائل: الطويل: مزرد بن ضرار: 12: 2/267 ودون: سهل: الطويل: (الخريمي) : 2: 2/302 نزلنا: نؤكل: الطويل:؟: 2: 2/361 كأنهما: تعسل: الطويل:؟: 1: 2/401 وإن: القتل: الطويل: زهير بن أبي سلمى: 1: 2/415 فما: يتصلصل: الطويل:؟: 3: 3/53 له: نائل: الطويل: إبراهيم بن هرمة: 2: 3/69 لقد: المعول: الطويل: الأخطل: 1: 3/200 نظرت: الحبل: الطويل:؟: 6: 3/211 فآب: نائل: الطويل: النابغة: 1: 3/236 فتى: جاهل: الطويل: ابن الخياط: 1: 3/238 أيم: الخلاخل: الطويل: زيد الخيل: 1: 4/381 كما: تحملوا: الطويل: أبو عمران الأعمى: 2: 4/418 له: عاجل: الطويل: كثير عزة: 1: 4/491 وذو: يتأكل: الطويل: أوس بن حجر: 1: 5/14

كأن: عل: الطويل: النمر بن تولب: 1: 5/26 كتارك: يحجل: الطويل: (أبو عمران الأعمى) : 1: 5/119 ومازالت: أشكل: الطويل: الأخطل: 1: 5/177 وإن: لذليل: الطويل:؟: 2: 5/207 تطاول: يطول: الطويل: أبو الرماح الأسدي: 5: 5/208 يزهدني: عكل: الطويل: الحداني: 3: 5/219 كأن: غزال: الطويل: الحداني: 1: 5/219، 7/18 ولست: يقول: الطويل: أبو الأسود الدؤلي: 2: 5/252 وجدنا: معاول: الطويل: دريد بن الصمة: 3: 6/338 أعامر: يتذلل: الطويل: الدبيري: 1: 6/364 ركاب: رحل: الطويل: عمرو بن خويلد: 4: 6/364 عليهن: فيستعلوا: الطويل: زهير بن أبي سلمى: 1: 6/414 (تبدل) : خبل: الطويل: (أوس بن حجر) : 1: 6/417 أيرسل: لمصلل: الطويل: القتال الكلابي: 9: 6/447 تأمل: ذليل: الطويل: عقيل بن علفة: 2: 6/476 يشق: أطحل: الطويل: (الأخطل) : 1: 6/484 يقرب: فتطول: الطويل: السموءل بن عاديا: 2: 6/543 يحب: يفعل: الطويل: النمر بن تولب: 1: 6/588 أأركب: محلل: الطويل: أبو الحلال الهدادي: 1: 7/50 إذا: يقبل: الطويل:؟: 3: 7/98 فلا: أتبتل: الطويل:؟: 3: 7/98 إذا: آكله: الطويل: الفرزدق: 1: 1/176، 2/317 إذا: تعادله: الطويل: حارثة بن بدر الغداني: 3: 3/36 إذا: أباجله: الطويل: أبو حية: 1: 3/39 كأن: جوازله: الطويل: ذو الرمة: 1: 3/115 تليح: داخله: الطويل:؟: 1: 3/226 ترى: يطاوله: الطويل: (ابن ميادة) : 1: 4/273، 6/351 7/38

يعشر: جنادله: الطويل: أبو حية: 2: 4/502 فباكرن: ناهله: الطويل: أوس بن حجر: 1: 5/282 إذا: حابله: الطويل: دعلج عبد المنجاب: 1: 6/351 أقول: أخاتله: الطويل:؟: 5: 6/361 فلو: أخابله: الطويل: الفرزدق: 1: 6/434 أخو: وسائله: الطويل: عبيد بن أيوب: 2: 6/439، 447 يسر: قاتله: الطويل:؟: 1: 6/591 كأن: يقابله: الطويل: ابن مقبل: 1: 7/137 ترى: صواهله: الطويل: ابن مقبل: 1: 7/137 وكم: عامله: الطويل: ابن مقبل: 1: 7/151 كما: قتيلها: الطويل: العباس بن مرداس: 2: 1/212 ألم: جهولها: الطويل: قطران العبشمي: 3: 1/212 كأن: قلالها: الطويل: أوس بن حجر: 1: 4/325 فكان: سيالها: الطويل: عبد الرحمن بن كيسان: 1: 4/359 متى: خيولها: الطويل: ابن ميادة: 2: 4/451 وبيضاء: زويلها: الطويل: (ذو الرمة) : 2: 5/304 فجاءت: زميلها: الطويل:؟: 1: 6/371 حبيب: ذهولها: الطويل: عقيل بن العرندس: 2: 6/495 مسبل: أزل: المديد: تأبط شرا: 1: 1/119 شامس: ظل: المديد: تأبط شرا: 8: 3/32 مطرق: صل: المديد: تأبط شرا: 1: 4/374 قال: الرجل: البسيط: الأشهب بن رميلة: 2: 1/73 بين: أخوال: البسيط: أبو قردودة: 1: 1/97 هذا: الأمل: البسيط: ابن أحمر الباهلي: 3: 1/152، 3/23 إذا: الجعل: البسيط:؟: 1: 1/155 يخفي: تحليل: البسيط: (عبدة بن الطبيب) : 1: 2/274 إن: الجمل: البسيط: جعفر بن سعيد: 1: 2/274، 6/444 شد: تسهيل: البسيط: جران العود: 1: 2/363

إذ: معازيل: البسيط: عبدة بن الطبيب: 1: 2/384 حلت: الفيل: البسيط: (عبدة بن الطبيب) : 2: 2/411 في: جبل: البسيط: ابن أحمر: 3: 2/411 رب: تخويل: البسيط: عبدة بن الطبيب: 2: 3/20 يتبعن: الإبل: البسيط: القطامي: 1: 3/55، 6/444 قد: البطل: البسيط: الأعشى: 2: 3/223 تهوي: معاجيل: البسيط: (الشماخ) : 8: 4/420 مستقبل: معدول: البسيط: عبدة بن الطبيب: 1: 4/446، 5/272 فهن: معتدل: البسيط: القطامي: 2: 5/43 ودع: الرجل: البسيط: الأعشى: 1: 5/185 لا: ينتحل: البسيط: الكميت: 1: 5/306 فما: الغول: البسيط: (كعب بن زهير) : 1: 6/397 تقول: مدخول: البسيط:؟: 2: 6/418 يوم: مشغول: البسيط: جران العود: 2: 6/548 إذا: الأحابيل: البسيط: عمارة بن عقيل: 2: 7/106 ترعى: الفيل: البسيط: طفيل الغنوي: 1: 7/118 لقد: الفيل: البسيط: كعب بن زهير: 2: 7/125 فعم: تفضيل: البسيط: كعب بن زهير: 2: 7/151 أعثمان: يبول: الوافر:؟: 2: 1/151، 5/247 لك: الفضول: الوافر: ابن عنمة الضبي: 1: 1/218 وإن: طويل: الوافر: الهذلي: 1: 2/302، 3/40 تراها: وثيل: الوافر: (ساعدة بن جؤية) : 1: 2/398 وكنت: القبيل: الوافر: (عروة بن الورد) : 1: 2/399 إذا: البديل: الوافر:؟: 2: 7/51 يا: مرسل: الكامل: زفر بن الحارث: 3: 1/207 ومعرس: فالعقل: الكامل: غيلان بن سلمة: 4: 1/251 وشربت: دمل: الكامل: جرير: 1: 4/480 فإذا: يشغل: الكامل:؟: 2: 5/295

اللام المكسورة

في: السحل: الكامل: غيلان بن سلمة: 3: 6/490 لسنا: نتكل: الكامل: عبد الله بن معاوية: 2: 7/95 أمسى: يقول: الكامل:؟: 2: 7/138 وإذا: نزالها: الكامل: الأعشى: 1: 4/460 إن: يحفلوا: م. الكامل:؟: 3: 3/229 أرادت: تماثيل: الهزج:؟: 4: 7/50 كأنهم: ساحل: السريع:؟: 1: 3/65 ومقعص: الكاهل: السريع: ذو اليمينين: 2: 6/536 حبشي: قتال: الخفيف: معدان الأعمى: 3: 2/392 طعنة: هلال: الخفيف:؟: 2: 6/539 إن: أجل: الخفيف: صالح بن عبد القدوس: 1: 6/590 روق: أرمائيل: الخفيف: مطيع بن إياس: 6: 7/104 فبات: تهطل: المتقارب: الكميت الأسدي: 2: 2/268 وفي: الأحدل: المتقارب: الكميت الأسدي: 2: 2/269، 7/121 كهولة: هولوا: المتقارب: الكميت: 1: 4/494 إذا: المرمل: المتقارب: الكميت: 2: 5/39 تليص: فضول: المتقارب: الأنصاري: 2: 7/48 وفي: كلكل: المتقارب: الكميت: 2: 7/152 عشية: مائله: المتقارب: الأشتر بن عمارة: 1: 5/27 فلو: أطفالها: المتقارب: النابغة: 1: 4/387 اللام المكسورة إذا: عجل: الطويل:؟: 1: 1/20 وبيضاء: خذول: الطويل:؟: 2: 1/47 سقينا: عقال: الطويل: مرداس بن خذام: 3: 1/71 ألم: بالمغازل: الطويل: ابن الحر: 1: 1/89 أتيت: جميل: الطويل: عبد بني الحسحاس: 2: 1/167 أقول: النخل: الطويل: جرير بن عطية: 1: 1/173 تعيرنا: نخل: الطويل: الصلتان العبدي: 1: 1/174

وعيرتنا: نخل: الطويل: خليد عينين: 1: 1/175 له: تتفل: الطويل: امرؤ القيس: 1: 1/182، 3/26، 6/475 ألا: الخالي: الطويل: امرؤ القيس: 1: 1/216 وأشعث: محثل: الطويل: طفيل: 1: 1/233 فأبلغ: تبذل: الطويل: أمية بن أبي عائذ: 5: 1/235 وإني: المحجل: الطويل:؟: 1: 1/250 به: محثل: الطويل: ذو الرمة: 1: 1/251 رأتني: رحلي: الطويل: ذو الرمة: 1: 1/253 من: الخبل: الطويل: الفرزدق: 1: 2/260 فإنك: المتناول: الطويل: الفرزدق: 2: 2/291 وقد: المتأمل: الطويل: الفرزدق: 1: 2/292 كأني: حنظل: الطويل: (امرؤ القيس) : 1: 2/325 أريت: طائل: الطويل:؟: 1: 2/401 ألم: المتخاذل: الطويل: أبو نضلة الأبار: 4: 2/404 تجشمت: أجلي: الطويل:؟: 1: 2/409 ألم: يتقبل: الطويل: أبو الأسود الدؤلي: 1: 2/410 وما: مفصل: الطويل: (كثير عزة) : 1: 2/437 مطافيل: المفاصل: الطويل: أبو ذؤيب: 1: 2/437 خرجت: المشلي: الطويل: (الكميت) : 2: 2/443 مكر: عل: الطويل: (امرؤ القيس) : 1: 3/5، 4/447 أتشغل: بالشغل: الطويل: حميد بن ثور الهلالي: 1: 3/21 كأن: البالي: الطويل: (امرؤ القيس) : 1: 3/24 سقى: البقل: الطويل:؟: 2: 3/40، 6/345، 7/34 يزين: المتجمل: الطويل: مزاحم العقيلي: 2: 3/45 لقد: طائل: الطويل: الطرماح بن حكيم: 3: 3/57 على: الأكل: الطويل: أبو نواس: 8: 3/66

وإني: المثقل: الطويل: ذو الرمة: 1: 3/172 وهل: بأوجال: الطويل: امرؤ القيس: 1: 3/237، 5/315 كضب: ناعب: الطويل: (حمران ذو الغصة) : 1: 4/338 عفت: المعاقل: الطويل: أبو ذؤيب: 1: 4/409 أليس: أهلي: الطويل: عروة بن الورد: 2: 4/433 وما كان: المخبل: الطويل: أعشى سليم: 2: 4/434 وصم: رال: الطويل: امرؤ القيس: 1: 4/448 (أجل) : صليل: الطويل:؟: 1: 4/449 غدت: مجهل: الطويل: مزاحم العقيلي: 1: 4/465 وكل: المغفل: الطويل: ذو الرمة: 1: 4/467 وربداء: المجاهل: الطويل:؟: 1: 4/468 وأي: النخل: الطويل: خليد عينين: 1: 4/498 وهاجد: النخل: الطويل: جرير: 3: 5/44 تمنى: مثلي: الطويل: جرير: 1: 5/44 وقد: المتأمل: الطويل: الفرزدق: 1: 2/292 وأول: الحلائل: الطويل: عبيد بن أيوب العنبري: 1: 5/77 كأن: حابل: الطويل: (الطرماح) : 2: 5/132، 6/549 تبيت: هائل: الطويل: الراعي النميري: 2: 5/166 فبات: بالسحل: الطويل: أبو ذؤيب: 1: 5/223 ولو: للشكل: الطويل: (الكميت) : 2: 5/280، 6/384 فنادت: يبدل: الطويل: مزاحم العقيلي: 1: 5/306 أضمرت: النيل: الطويل: الحسن بن هانئ: 2: 5/316 جبى: الشواكل: الطويل: (حمران ذو الغصة) : 4: 6/354 قد: بالحبائل: الطويل:؟: 3: 6/366 تقول: الخلاخل: الطويل: عبيد بن أيوب: 7: 6/401 ورمل: بالطبل: الطويل: ذو الرمة: 1: 6/407 أعاذل: خابل: الطويل: لبيد بن ربيعة: 1: 6/418 أهذا: الهراكل: الطويل: عبيد بن أيوب: 1: 6/446

وناجية: للمناهل: الطويل: النابغة: 2: 6/523 تمنى: بالكلاكل: الطويل: ابن الأعرابي: 3: 6/536 وشى: عقل: الطويل:؟: 3: 6/579 فتى: خليل: الطويل: زياد الأعجم: 1: 7/88 فلولا: يغلي: الطويل: عبيد الله بن عتبة: 3: 7/94 كأن: فيل: الطويل:؟: 1: 7/105 ولم: مبال: الطويل: ابن شهلة المديني: 1: 7/106 (ويوما) : باطله: الطويل: يزيد بن الطثرية: 1: 6/386 وما: بجهال: البسيط:؟: 2: 1/15 الشعر: النبل: البسيط: معقر بن حمار البارقي: 2: 3/28 واستقبلوا: مثاكيل: البسيط: جران العود: 1: 3/116 واشدد: الجعل: البسيط:؟: 1: 3/247 ماذا: أصلال: البسيط: النابغة: 1: 4/374 إني: الجبل: البسيط: رؤبة بن العجاج: 2: 4/390 وأدت: أعمالي: البسيط: مرداس بن أدية: 1: 5/12 ولا: مكتحل: البسيط: عبد الله السلولي: 1: 5/178 إنا: بالعسل: البسيط:؟: 1: 6/350 هو: الإبل: البسيط: السدري: 2: 6/372 وحافر: الطول: البسيط:؟: 1: 6/426 إن: الجمل: البسيط: جعفر بن سعيد: 1: 6/444 يكسو: الذبل: البسيط: مسلم بن الوليد: 2: 6/485، 7/12 أنبئت: الطول: البسيط: محمد بن يسير: 2: 7/97 يا قوم: الفيل: البسيط: (أبو الشمقمق) : 4: 7/106 أكلت: الوبيل: الوافر: العملس بن عقيل: 2: 1/129، 6/342 سأقضي: عقال: الوافر: أبو ذباب السعدي: 4: 1/167 وما: الفصيل: الوافر:؟: 1: 1/255 سأمدح: رذل: الوافر: أبو الطمحان القيني: 4: 2/253 وما: فتيل: الوافر: عبد العزيز الكلابي: 2: 3/41

على: طوال: الوافر: الأعلم الهذلي: 1: 4/418 وصد: تقالي: الوافر: أبو حية النميري: 2: 4/424 فأضحت: حلال: الوافر: لبيد بن ربيعة: 2: 4/435 له: بالي: الوافر: سحر العود: 2: 5/35 تمنين: الشمال: الوافر:؟: 1: 5/56 سقى: بخل: الوافر: خلف الأحمر: 7: 5/153 وما: الحسول: الوافر: الكميت: 1: 6/384، 7/139 وأرجم: رغال: الوافر: مسكين الدارمي: 1: 6/396 ترى: المليل: الوافر: جرير: 3: 6/525 وذات: الحويل: الوافر: الكميت: 2: 7/10، 12 وما: الرسول: الوافر: الجارود بن أبي سبرة: 1: 7/52، 115 لعمر: فيل: الوافر: أبو الأسود الدؤلي: 1: 7/52، 115 نقل: الأول: الكامل: (أبو تمام) : 2: 1/111 أما: المنجل: الكامل: ابن سنان العبدي: 3: 1/182 ذهب: بالمقبل: الكامل: الحارث بن الوليد: 2: 1/210 لو: متبتل: الكامل: ابن مقروم الضبي: 2: 1/231 أولاد: المفضل: الكامل: حسان بن ثابت: 3: 1/253 المرء: يفعل: الكامل: أبو الأسود الدؤلي: 2: 3/22 بأقب: سعالي: الكامل: الأحيمر: 1: 3/23 الله: الهيكل: الكامل: (العجاج) : 2: 3/25 ساودت: الأعزل: الكامل: أبو كبير الهذلي: 1: 4/271 وضع: مظلل: الكامل: (أبو كبير الهذلي) : 1: 4/430 يهدي: الأميال: الكامل: كثير عزة: 2: 4/431 وضع: مهلل: الكامل: أبو بكر الهذلي: 1: 4/437 أبني: جعال: الكامل: الفرزدق: 2: 5/90 يمشين: الأكفال: الكامل: الكميت: 1: 5/120، 305 ومهور: تنبال: الكامل: الفرزدق: 1: 5/270 أما: الجندل: الكامل: (ابن سنان العبدي) : 1: 5/297

فضح: عقال: الكامل: جرير: 1: 6/408 لما: المحمل: الكامل: لبيد بن ربيعة: 6: 6/485 بالمشرفية: صاهل: الكامل: ابن هرمة: 2: 6/539 إن: المترل: الكامل: عنترة بن شداد العبسي: 1: 6/541 رعناهم: قصال: الكامل: عنترة بن شداد العبسي: 2: 6/541 وإذا: يتعلل: الكامل: ابن مقروم الضبي: 6: 6/546، 7/155 لو: العاجل: الكامل:؟: 2: 7/96 ونفى: الحجل: الرمل:؟: 1: 3/243 إن: الجاهل: السريع: (العتابي) : 8: 1/15 لا: الرجال: السريع: أبو عمرو الشيباني: 2: 3/67 منتخب: الخذعل: السريع: المتنخل الهذلي: 1: 4/463 أبيض: يختلي: السريع: المتنخل: 1: 5/159 يا: جبريل: السريع:؟: 4: 7/56 قربا: حيال: الخفيف: الحارث بن عباد: 2: 1/21، 138، 4/436 إن: الأرذال: الخفيف: معدان الأعمى: 6: 2/392، 6/523 سمع: الإفضال: الخفيف: أمية بن أبي الصلت: 3: 2/423 ربما: العقال: الخفيف: أمية بن أبي الصلت: 1: 3/21، 136 من: الحيال: الخفيف: الأعشى: 1: 3/136 ما: الرئال: الخفيف: (كثير عزة) : 1: 4/467 كالخلايا: بأوال: الخفيف: الجعدي: 1: 5/69 في: الجريال: الخفيف: معدان الأعمى: 2: 5/130 ورجال: السعالي: الخفيف: الأعشى: 1: 6/398 يجعل: المشكول: الخفيف: الذكواني: 1: 6/548 والذي: الأنفال: الخفيف: معدان الأعمى: 2: 6/579 يا: الخلخال: الخفيف: معدان الأعمى: 4: 7/72 إن: الفيول: الخفيف:؟: 2: 7/67 تصرخ: الأفيال: الخفيف: أمية بن أبي الصلت: 2: 7/125

قافية الميم

كأن: الأجدل: المتقارب: عبد الرحمن الأنصاري: 1: 1/181، 6/501 تجاوزت: الحرمل: المتقارب: (أو فى الخزاعي) : 1: 3/34 كأن: بالأرجل: المتقارب:؟: 1: 4/430 أليس: فيل: المتقارب: صفوان الأنصاري: 16: 7/47 ويعصف: بالعندبيل: المتقارب: هارون: 1: 7/49 لعمرك: بالطائل: المتقارب: جمرة الأزدية: 2: 7/98 وهذا: رجله: المتقارب: أبو الشمقمق: 4: 4/484 قافية الميم الميم الساكنة فلست: برم: الطويل: راشد اليشكري: 1: 1/175 أمكن: بدم: الطويل: راشد بن شهاب: 2: 1/207 وأفسى: طعم: الطويل: بشار بن برد: 1: 2/333 كأني: سأم: الطويل: مضرس بن لقيط: 2: 3/219 فإني: ألم: الطويل: الأسدي: 1: 3/228 لعمري: كالقرم: الطويل:؟: 2: 6/361 أرقت: سقم: الطويل: راشد بن شهاب: 1: 6/365 في: النعام: المديد: الطرماح: 1: 2/436 كأن: طلاهم: الوافر: (ذو الرمة) : 1: 4/407، 5/254 ولقد: حاتم: م. الكامل: المرقش: 3: 3/207، 214 أكل: انهزام: الرمل: الطرماح: 1: 7/147 إن: الأرقم: السريع: المرقش: 1: 4/380، 425 ويضرب: محتلم: السريع: خلف الأحمر: 1: 5/83، 6/534 النشر: عنم: السريع: المرقش: 1: 6/506 يا: المقسوم: الخفيف: ابن عبدل: 23: 5/160 شهدت: خضم: المتقارب: ابن عبدل: 4: 5/89 ففي: العرم: المتقارب: الأعشى: 6: 5/290، 6/394 7/62 أكلت: الغنم: المتقارب: أبو الهندي: 9: 6/362

الميم المفتوحة

ومن: رزم: المتقارب: أبو قيس: 4: 7/118 الميم المفتوحة لقى: أرشما: الطويل: جرير: 1: 1/169 ولم: أتكلم: الطويل: عرفجة بن شريك: 2: 1/171 وقولا: خثعما: الطويل: حميد بن ثور: 2: 1/238 ولو: ميسما: الطويل: المتلمس: 5: 3/70 رقود: تجشما: الطويل: حميد بن ثور: 2: 3/97 وما: ترنما: الطويل: حميد بن ثور: 2: 3/98 إذا: بيلملما: الطويل: حميد بن ثور: 3: 3/98 ولكنما: حاتما: الطويل: عوف بن الخرع: 1: 3/207 عدو: أحزما: الطويل: سهل بن هارون: 3: 3/222، 5/320 منعمة: دما: الطويل: حميد بن ثور: 1: 4/275 لقى: أرشما: الطويل: البعيث: 2: 4/344 فأطرق: لصمما: الطويل: المتلمس: 1: 4/388 تأتى: سلما: الطويل: العرجي: 4: 4/391 فجئنا: مسلما: الطويل: الأسدي: 1: 4/422 ولو: أزنما: الطويل: (جرير) : 1: 5/131 فلما: يمما: الطويل: الأعشى: 4: 5/272 وأدبر: معظما: الطويل: الأعشى: 1: 5/273 وهون: حاتما: الطويل: (الحارث الفزاري) : 1: 5/274 فقلت: مطعما: الطويل: الأخطل: 1: 6/363 إذا: دما: الطويل: بشار بن برد: 1: 6/373 عليهن: المقوما: الطويل: حاتم: 1: 6/414 أرى: تسلما: الطويل: حميد بن ثور: 1: 6/588 وندمان: خضرما: الطويل: حسان بن ثابت: 5: 7/86 اضرب: حكما: البسيط: (دعبل الخزاعي) : 2: 1/240 قد: حكما: البسيط: (شاعر المولتان) : 2: 7/109 فكنت: مغتلما: البسيط: شاعر المولتان: 1: 7/109

الميم المضمومة

رأى: أغاما: الوافر: (عمرو بن يربوع) : 1: 1/121، 6/418 إذا: طعاما: الوافر: معروف الدبيري: 2: 1/177 أتوا: ظلاما: الوافر: (شمر بن الحارث الضبي) : 2: 1/122، 216 فإن: هاما: الوافر: عبد الله بن حازم: 1: 2/408 وعين: تعمى: الوافر: روح أبو همام: 1: 3/236 كأن: تؤاما: الوافر: ثمامة الكلبي: 1: 4/344، 6/450 ونار: مقاما: الوافر: سهم بن الحارث: 4: 4/500، 6/418 فاستنكح: أحلاما: الكامل:؟: 1: 3/172 جمع: تميما: الكامل: النابغة: 2: 4/494 نبئت: الأعلما: الكامل: قرواش بن حوط: 5: 6/518 فإذا: مكلوما: الكامل: أبو الهذيل: 1: 7/101 عيوا: الحمامة: م. الكامل: عبيد بن الأبرص: 2: 3/96 لهفي: شمامة: م. الكامل: مسيلمة أبو ثمامة: 2: 4/444 العبر: الملامة: م. الكامل: خليفة الأقطع: 1: 6/578 كنت: العظاما: م. الرمل: أبو عباد النميري: 3: 5/317 من: العرما: المنسرح: (النابغة الجعدي) : 1: 5/290، 6/394 اخترت: قسما: المنسرح: عبد الله بن قيس الرقيات: 10: 7/91 اسقني: مداما: م. الخفيف: روح بن أبي همام: 2: 6/461 لقيم: ابنما: المتقارب: النمر بن تولب: 3: 1/21 الميم المضمومة لعل: مليم: الطويل: (منصور النمري) : 1: 1/21 فما: تكدم: الطويل: أبو عدنان: 2: 1/178 ومستنبح: معصم: الطويل: (إبراهيم بن هرمة) : 4: 1/250 وما: وارم: الطويل:؟: 1: 2/400 رمتني: رميم: الطويل: (أبو حية النميري) : 3: 3/22 وأنت: جثوم: الطويل: (ابن الدمينة) : 3: 3/25 وأنت: يلوم: الطويل: (أمامة معشوقة ابن الدمينة) : 3: 3/25 أيظلمهم: يظلم: الطويل: حميضة بن حذيفة: 1: 3/38

فأصبحت: يظلم: الطويل:؟: 1: 3/38 إذا: المعمم: الطويل: (المغيرة بن جبناء) : 2: 3/40 تصرم: ينصرم: الطويل: الفرزدق: 2: 3/48 أتوني: المسلم: الطويل: أبو الأصبغ بن ربعي: 1: 3/56، 6/443 لقد: لنائم: الطويل: (نصيب) : 3: 3/101 عليك: كليم: الطويل:؟: 2: 3/102 ألا: سلام: الطويل:؟: 3: 3/104 وأمطله: راغم: الطويل:؟: 1: 3/121 سراع: ضراغم: الطويل:؟: 1: 3/153 وليس: حاتم: الطويل: خثيم بن عدي: 2: 3/208 أشاقك: قديم: الطويل: ابن ميادة: 2: 3/231 كأني: سليم: الطويل: ابن ميادة: 1: 4/384 وأطرق: المسمم: الطويل: الشماخ أو البعيث: 1: 4/392 فجاؤوا: دارم: الطويل: الفزاري: 1: 5/96 وألهى: الأكارم: الطويل: (الفرزدق) : 1: 5/121 يكاد: قائم: الطويل:؟: 1: 5/234 لعمرك: الشكائم: الطويل: (الفرزدق) : 2: 5/250 كأني: ظليم: الطويل: ابن هريم: 1: 6/428 يرد: الدم: الطويل: عوف بن الخرع: 1: 6/459 ولست: لئيم: الطويل:؟: 1: 6/497 أقيد: لعظيم: الطويل:؟: 2: 7/95 وقد: عظام: الطويل:؟: 1: 7/152 لكالثور: ظالمه: الطويل: يحيى بن منصور الذهلي: 1: 1/19 وفى: قاسمه: الطويل: ابن ميادة: 3: 3/231 أتظهر: كاتمه: الطويل: ابن ميادة: 2: 5/101 أبوك: قوائمه: الطويل: الفرزدق: 2: 6/513 بني: عامها: الطويل: مساور بن هند: 1: 1/176 عوى: سخيمها: الطويل: مغلس بن لقيط: 2: 1/251

وكم: يذيمها: الطويل: العتابي: 5: 3/28 وقدر: هشيمها: الطويل: الفرزدق: 1: 4/421 فجئتك: شميمها: الطويل:؟: 1: 4/462 كررنا: ذميمها: الطويل: بشار بن برد: 1: 5/106 تخامص: ضرامها: الطويل:؟: 1: 5/271 أإن: جميمها: الطويل: البعيث: 3: 6/537 لا: ظلم: البسيط:؟: 1: 1/219 لم: مظلوم: البسيط:؟: 1: 2/307 سلاءة: معجوم: البسيط: علقمة بن عبدة: 1: 2/375 في: شمم: البسيط: (الفرزدق) : 4: 3/68، 235 إن: الحكم: البسيط: (الغساني) : 1: 3/120 ومن: مشؤوم: البسيط: سلامة بن جندل: 1: 3/214 والحية: القسم: البسيط: أمية بن أبي الصلت: 8: 4/350 ما: ملموم: البسيط: (ابن مقبل) : 1: 4/411 تلاحظ: موشوم: البسيط: علقمة بن عبدة: 13: 4/438 فوه: مصلوم: البسيط: علقمة: 1: 4/445، 452 حتى: مركوم: البسيط: علقمة بن عبدة: 3: 4/446 تحفه: ترنيم: البسيط: علقمة بن عبدة: 1: 4/446 تأوي: جرثوم: البسيط: علقمة بن عبدة: 1: 4/463 وقد: تنشيم: البسيط: علقمة بن عبدة: 1: 5/17 لا: مبغوم: البسيط: ذو الرمة: 1: 5/155 كأن: ترنيم: البسيط: أبو زيد: 1: 5/294 فإن: اكتتموا: البسيط: خداش بن زهير: 2: 6/342 قد: البوم: البسيط: ذو الرمة: 3: 6/406 رد: معكوم: البسيط: علقمة بن عبدة: 2: 6/490 تنبذ: الرخم: البسيط: زهير بن أبي سلمى: 1: 6/494 هو: لوم: البسيط: ابن الأعرابي: 1: 7/49 وليلة: الدياميم: البسيط: ابن مقبل: 1: 7/63

وكل: مرجوم: البسيط: علقمة بن عبدة: 6: 7/87 تتبع: مهزوم: البسيط: علقمة بن عبدة: 3: 7/139 إذا: السقيم: الوافر:؟: 1: 1/22 إذا: اللطيم: الوافر: (عامان أو غامان) : 1: 1/102 ومركضة: الغلام: الوافر: الأسدي: 1: 1/217 يكف: يلاموا: الوافر: الأشتر بن عبادة: 2: 2/429 عيال: ينيم: الوافر: الحرامي: 1: 5/101 إذا: تلوم: الوافر:؟: 5: 5/105 وزيد: تلم: الوافر: أبو الأسود الدؤلي: 1: 5/237، 7/36 وعث: الحريم: الوافر:؟: 2: 6/497 وإني: تسوم: الوافر: مخارق الطائي: 4: 6/498 (وقال) : السنام: الوافر:؟: 1: 7/103 وكأنما: أرمام: الكامل: (امرؤ القيس) : 1: 3/34 وأتيت: يستهزم: الكامل: (خزر بن لوذان) : 1: 3/48 مازلت: حمام: الكامل: عقيبة الأسدي: 3: 3/95 وإذا: الأرقم: الكامل:؟: 1: 4/344 أما: القائم: الكامل: حماد عجرد: 6: 4/480 من: أعلم: الكامل: الممزق: 5: 5/94 ولقد: بهيم: الكامل: كثير عزة: 2: 6/349 كم: علم: الكامل:؟: 1: 6/536 (تركوا) : العيثوم: الكامل: (الأخطل) : 1: 7/138 لتذودهن: حمامها: الكامل: لبيد بن ربيعة: 2: 2/268 أفتلك: قوامها: الكامل: لبيد بن ربيعة: 4: 2/356 لمعفر: طعامها: الكامل: لبيد بن ربيعة: 1: 3/82 غلب: أقدامها: الكامل: لبيد بن ربيعة: 1: 6/414 فاعلم: العليم: م. الكامل: يزيد بن الحكم: 2: 1/10 ما: لئيم: الخفيف: حسان بن ثابت: 1: 1/14 حال: عقام: الخفيف: عمرو بن الوليد: 3: 3/102

الميم المكسورة

فتبدلت: الآطام: الخفيف: عمرو بن الوليد: 2: 3/116 فأتاني: الإقحام: الخفيف: أبو دؤاد الإيادي: 1: 4/320 لو: الكلوم: الخفيف: (حسان بن ثابت) : 1: 4/268 سلط: هام: الخفيف: أبو دؤاد الإيادي: 1: 6/430 ونائحة: المهذم: المتقارب:؟: 2: 6/537 الميم المكسورة جدعتم: المحزم: الطويل: كبشة بنت معديكرب: 1: 1/11 فقأت: الحامي: الطويل:؟: 1: 1/17 فجاءت: وشم: الطويل: مزرد بن ضرار: 1: 1/115 أتذكر: مطعم: الطويل: بشار بن برد أو غيره: 2: 1/166 كليب: بالدم: الطويل: النابغة الجعدي: 2: 1/212 أفي: درهم: الطويل: جابر بن حني: 1: 1/215 عوازب: مجرم: الطويل: طفيل الغنوي: 2: 1/232، 4/429، 501 إذا: بقرام: الطويل: (سالم بن دارة) : 1: 1/249 وعاو: النجم: الطويل: (حميد الأرقط) : 1: 1/252 وجدت: فيهرم: الطويل: زهير بن أبي سلمى: 1: 2/305، 6/592 فأعقب: صلدم: الطويل: (أوس بن حجر) : 1: 2/357 جزى: المتضاجم: الطويل: الأخطل: 1: 2/399 إذا: حازم: الطويل: بشار بن برد: 5: 3/31 وكنت: صميمي: الطويل: الهذلي: 1: 3/40 ومن: ظالم: الطويل: (كثير عزة) : 5: 3/96 ولو: التندم: الطويل: نصيب: 2: 3/102 سأرفع: المواسم: الطويل:؟: 2: 3/198 فقلت: أديمي: الطويل: أرطاة بن سهية: 1: 3/222 ومن: يتجمجم: الطويل: زهير بن أبي سلمى: 4: 3/227 ألا: يعلم: الطويل: الفرزدق: 2: 3/236، 7/102 أضلت: عاصم: الطويل: المخبل: 1: 3/237

وقال: ملجم: الطويل: زهير بن أبي سلمى: 2: 4/270 ومولى: بنميم: الطويل: البعيث: 1: 4/275 أبا: العرم: الطويل: معقل بن خويلد: 1: 4/363، 5/304 أعوذ: دارم: الطويل: يحيى بن منقاش: 2: 4/365 وينهى: المخزم: الطويل: أوس بن حجر: 1: 4/452 وأرسل: دمي: الطويل: كبشة بنت معديكرب: 4: 4/453 وجمة: للتندم: الطويل:؟: 1: 4/496 فأحببتها: جهنم: الطويل:؟: 2: 4/501 لحينهم: تحلم: الطويل: أوس بن حجر: 1: 5/139 وكنت: الدم: الطويل: الفرزدق: 1: 5/171، 6/471 فلما: المتخيم: الطويل: زهير بن أبي سلمى: 1: 5/178، 313 كان: أعجم: الطويل: عدي بن الرقاع: 1: 5/235 ويسر: المترنم: الطويل: الأعشى: 2: 5/271 إذا: اللهاجم: الطويل:؟: 1: 5/315 من: معتم: الطويل: (العجير السلولي) : 1: 5/316 ألا: بالدم: الطويل: التغلبي: 2: 6/391 وللوحش: بغام: الطويل: ذو الرمة: 1: 6/407 ولولا: أعجم: الطويل: زيد بن جندب الإيادي: 1: 6/429 دعوت: المذمم: الطويل: الأعشى: 1: 6/433 حباني: مرجم: الطويل: الأعشى: 1: 6/434 ترى: ضيغم: الطويل: التغلبي: 1: 6/516 مشيت: بحسام: الطويل: هارون بن فلان: 8: 7/69 بين: الحمام: المديد: الطرماح: 1: 3/118 تعدو: الحامي: البسيط: جرير: 1: 2/296 إن: الحامي: البسيط: (النابغة الذبياني) : 1: 2/296 إذا: الكرم: البسيط: الشمردل: 2: 3/45 كأن: بأرمام: البسيط: النمر بن تولب: 6: 3/61 لو: الحرم: البسيط: ابن شبرمة: 2: 3/238

كقنفذ: ينم: البسيط: الأودي: 1: 4/340، 6/565 يا: حاميم: البسيط: أبو الرعل الجرمي: 6: 5/179 إني: الكرم: البسيط:؟: 2: 6/373 إن: معلوم: البسيط: غلام رتبيل بن غلاق: 2: 6/374 ولا: الخراطيم: البسيط:؟: 1: 7/103 ما: الروم: البسيط: جرير: 1: 7/139 كأن: ظليم: الوافر: خالد بن عبد الرحمن: 1: 1/181، 3/704 4/423 هبطنا: الخصوم: الوافر: خالد بن الصقعب النهدي: 3: 1/233 وجدنا: تميم: الوافر: (زياد الأعجم) : 1: 1/242 فصبحهم: النعام: الوافر: النابغة: 1: 2/429 لقد: السنام: الوافر: الزبير بن عبد المطلب: 2: 3/96 فمن: حرام: الوافر: الفرزدق: 2: 3/97 من: إمام: الوافر: أبو حية: 3: 3/115 بكينا: كرام: الوافر: الأعرج القيني: 2: 4/428 لعمرك: النعام: الوافر: حسان بن ثابت: 1: 4/435 فما: الكرام: الوافر:؟: 2: 5/149، 6/526 إذا: التؤام: الوافر:؟: 1: 5/151 وهم: نعام: الوافر: (أوس بن غلفاء) : 1: 5/239 وإني: تميم: الوافر: عمرو بن دراك العبدي: 2: 6/396 حديثا: رخم: الوافر: أبو الجراح: 1: 6/494 ترى: القدوم: الوافر: (جرير) : 1: 6/520 بعين: القسيم: الوافر: بنت المنذر بن ماء السماء: 2: 6/542 وتلوم: الهرم: الكامل: (مالك بن دينار) : 1: 1/33، 3/53 فصحوت: النجم: الكامل: ابن عسلة الشيباني: 1: 1/138 وكأنما: مؤوم: الكامل: عنترة بن شداد العبسي: 2: 1/184، 5/148 وسماع: العجم: الكامل: ابن عسلة الشيباني: 2: 1/189 عوجا: خذام: الكامل: امرؤ القيس: 1: 2/325

فترى: المترنم: الكامل: عنترة بن شداد العبسي: 1: 3/148، 4/55، 6/395، 536 جادت: كالدرهم: الكامل: عنترة بن شداد العبسي: 3: 3/149 فيها: الأسحم: الكامل: عنترة بن شداد العبسي: 1: 3/202 شمر: بثوم: الكامل: (مساور الوراق) : 2: 3/223 قل: محام: الكامل: دعبل بن علي: 4: 3/232 من: الشحام: الكامل:؟: 2: 4/299 وكأن: نعام: الكامل: الأسود بن يعفر: 1: 4/427 وتجول: الأيتام: الكامل: مهلهل: 1: 4/428 تأوي: طمطم: الكامل: عنترة بن شداد العبسي: 1: 4/434 وكأنما: مصلم: الكامل: عنترة بن شداد العبسي: 2: 4/453 ومجدة: حام: الكامل: (امرؤ القيس) : 1: 4/464 دار: الأيام: الكامل: امرؤ القيس: 1: 5/185 فانقض: مظلم: الكامل:؟: 1: 6/459، 460 برحيبة: الضرم: الكامل: عنترة بن شداد العبسي: 1: 6/540 إذ: مقدمي: الكامل: عنترة بن شداد العبسي: 1: 6/545 وأنا: قطام: الكامل: امرؤ القيس: 1: 7/32 كالخط: أقلامه: الكامل: المقنع الكندي: 10: 1/47 قالت: لثامه: الكامل: المقنع الكندي: 8: 1/48 يا: اكتتام: م. الكامل: حماد عجرد: 6: 4/483 للهلال: عام: م. الرمل: محمد بن عبد الله: 5: 3/232 كأنما: مجذوم: السريع: المحلول: 1: 1/159 خيط: هضم: المنسرح: (النابغة الجعدي) : 1: 3/123 ترتعي: العتم: المنسرح: (النابغة الجعدي) : 1: 5/241 نعم: كلثوم: الخفيف: ابن عبدل: 4: 1/154، 4/293 وفلاة: حام: الخفيف:؟: 2: 3/66 لعن: إمام: الخفيف: كثير عزة أو غيره: 4: 3/96 عشعش: العظيم: الخفيف: ابن عبدل: 5: 3/180

قافية النون

اخفض: الكلام: الخفيف: أبان اللاحقي: 1: 5/133 إذا: الغلام: المتقارب: مساور بن هند: 3: 1/176 ختمت: بالخاتم: المتقارب:؟: 2: 3/188، 5/104 ونحن: سلم: المتقارب: (بشير بن الحجير الإيادي) : 2: 6/393 فإن: الأديم: المتقارب: (المخبل) : 1: 6/497 فإنك: سالم: المتقارب: عباس بن مرداس السلمي: 3: 6/566 قافية النون النون الساكنة كأن: عقربان: السريع: إياس بن الأرت: 3: 2/402، 4/387 يا: اغتدين: السريع: (عمرو بن موءلة) : 2: 3/141 ومن: السيمكان المتقارب:؟: 2: 3/218 فما: وهن: المتقارب: الأعشى: 1: 3/232 النون المفتوحة أكلف: شاطنا: الطويل: قيس بن زهير: 5: 1/20 أتاني: فتمكنا: الطويل: مجنون بني عامر: 1: 1/32، 111، 4/340 إذا: جردانا: البسيط: جرير: 1: 2/400 إني: المحامونا: البسيط: (نهشل بن حري) : 3: 3/47 وصاحب: وهنا: البسيط: المقنع الكندي: 4: 3/71 أو: لينا: البسيط: ابن مقبل: 1: 5/15 شاحين: صئبانا: البسيط: أمية بن أبي الصلت: 1: 5/202 تهدي: حلانا: البسيط: ابن أحمر الباهلي: 1: 5/265، 6/388 وفي: اليمنا: البسيط: المقنع الكندي: 3: 6/413 ليبلغن: خراسانا: البسيط: الفرزدق: 2: 6/434 كأن: إنسانا: البسيط: (قريط بن أنيف) : 1: 6/549 تلقى: ثنيانا: البسيط: (أوس بن مغراء) : 1: 6/581 إن: ثعبانا: البسيط: الأسدي الدبيري: 1: 7/13 وقد: يلينا: الوافر: عمرو بن كلثوم: 1: 1/234، 6/436

النون المضمومة

بهجل: الحنينا: الوافر: ابن أحمر الباهلي: 2: 3/55، 6/412 كأن: يصطلينا: الوافر:؟: 2: 3/146 وما: روينا: الوافر: ابن أحمر الباهلي: 3: 4/419، 426 ونحن: الرافدينا: الوافر: عمرو بن كلثوم: 1: 4/496 ونار: الجبينا: الوافر: الراعي النميري: 2: 5/44 أقام: كمينا: الوافر: (عدي بن زيد) : 1: 5/150 يؤلف: أبينا: الوافر: الكميت: 1: 5/280، 6/383 7/140 نفوا: قاهرينا: الوافر: أمية بن أبي الصلت: 2: 6/396 ولا: جنينا: الوافر: عمرو بن كلثوم: 1: 6/416 وذو: الملجئينا: الوافر: عمرو بن كلثوم: 1: 6/567 كأن: دخانا: الوافر: عصيمة الحنظلية: 3: 7/97 ألا: عينا: الوافر: نفيل بن حبيب الخثعمي: 4: 7/119 أتسبني: أبينا: الكامل: العجلي: 2: 3/71 فلئن: بواجدينا: م. الكامل: (لبيد بن ربيعة) : 1: 3/214 اعلموا: ثمينا: م. الرمل: حماد عجرد: 4: 4/483 قد: لبسنا: المنسرح:؟: 6: 5/161 إن: جنونا: الخفيف: حسان أو ابنه عبد الرحمن: 2: 3/55، 6/443 أكل: المكنونا: الخفيف: (أبو نواس) : 1: 5/13 معقل: آخرونا: الخفيف: ابن قيس الرقيات: 2: 6/584 نربى: فنينا: المتقارب: أكثم بن صيفي: 1: 3/23 رفعنا: يدفعونا: المتقارب: الأسدي: 2: 6/543 النون المضمومة أتهدي: بطين: الطويل:؟: 3: 1/125 فإن: جنون: الطويل: (جرير) : 1: 2/265 ومولى: فظنون: الطويل: (جميل) : 1: 3/41 هر: المساكين: الطويل: الأشهب بن رميلة: 2: 3/54 فمن: أتان: الطويل: يزيد بن معاوية: 2: 4/294

وإن: أمين: الطويل: قيس بن الخطيم: 2: 5/102 ألا: أذان: الطويل: أبو حجين المنقري: 4: 6/361 فلما: جنونها: الطويل: ابن ميادة: 2: 1/101، 198، 6/443 لقد: يزينها: الطويل: الأعرابي: 2: 1/209 رأت: جنونها: الطويل:؟: 2: 3/24 وكنت: أستلينها: الطويل: العتابي: 6: 3/29 تجاوبها: لينها: الطويل:؟: 1: 3/235 ولا: عيونها: الطويل: (صحار العبدي) : 1: 4/372، 5/177 فإن: أخونها: الطويل: البعيث: 2: 5/104 من: يمينها: الطويل: مدرك بن حصن: 1: 5/117 نجت: جونها: الطويل: البعيث: 9: 5/310 بلاد: نونها: الطويل:؟: 1: 6/364 لو: مظعون: البسيط: ابن الطثرية: 2: 3/54، 6/444 من: مجنون: البسيط: (الأشهب بن رميلة) : 1: 3/54، 6/444 أصابت: ألوان: البسيط: عباس بن مرداس السلمي: 1: 6/398 ألا: الميامين: البسيط:؟: 2: 6/403 احذر: مجنون: البسيط:؟: 1: 6/444 فألفيت: يخون: الوافر: النابغة: 1: 2/380 تبيت: عقربان: الوافر: (هيزدان المنقري) : 2: 4/387 ألقيت: أهون: الكامل: الحكم بن عبدل: 5: 1/161 لا: أهرم: الكامل: ابن عبدل: 2: 1/163 ليت: يلحن: الكامل: ابن عبدل: 16: 1/163 أكليب: ملعون: الكامل: العباس بن مرداس: 3: 1/212 قد: معيون: الكامل: العباس بن مرداس: 1: 2/327 حمراء: مظعون: الكامل: (ابن الطثرية) : 3: 3/55، 6/444 كففنا: إخوان: الهزج: الفند الزماني: 6: 6/538 يا: ثمن: المنسرح: ابن أبي عيينة: 5: 6/367

النون المكسورة

ولمر: سكون: الخفيف: أبو العتاهية: 1: 3/231 حاز: الأمين: الخفيف: أبو الهول الحميري: 3: 5/48 وداوية: جنانها: المتقارب: حسان بن ثابت: 2: 6/411 النون المكسورة ولذ: الحدثان: الطويل:؟: 2: 1/174 سليم: الغذوان: الطويل: امرؤ القيس: 1: 1/180 لما: محتبيان: الطويل:؟: 2: 1/237 جنونك: جنون: الطويل:؟: 1: 3/56، 6/443 أتخطر: للخطران: الطويل: بشير بن أبي جذيمة العبسي: 3: 4/294 خليلي: تريان: الطويل: (عطارد الحنظلي) : 1: 4/363 وأرقني: يماني: الطويل: الأخطل: 1: 5/48 ويوم: نجاني: الطويل:؟: 1: 5/85 ثريد: الضياون: الطويل: حسان بن ثابت: 1: 5/176 يخافتن: القناقن: الطويل: الطرماح: 1: 5/283 ألم: الكروان: الطويل:؟: 1: 6/512 ومستنبت: الشفتان: الطويل:؟: 2: 6/587 إن: لحيان: البسيط: حسان بن ثابت: 2: 1/177 أخال: العطن: البسيط: أبو زبيد: 13: 2/394 فأنت: سيرين: البسيط:؟: 1: 3/238 ولي: يقليني: البسيط: ذو الإصبع العدواني: 2: 4/437 ولو: السفن: البسيط: أبو خالد النميري: 2: 5/100 ألا: بنيان: البسيط: أبو الطمحان القيني: 3: 6/394 بني: الطين: البسيط: البعيث: 2: 6/413 مهلا: الخون: البسيط: صاحب الكيمياء: 3: 7/52 تراه: العراجين: البسيط:؟: 3: 7/97 ألا: اليماني: الوافر: عبد الرحمن بن الحكم: 3: 1/96 فسل: القيون: الوافر: المثقب العبدي: 2: 1/184 فما: الغواني: الوافر:؟: 1: 2/243، 3/219

فدت: ظنوني: الوافر: أبو الغول الطهوي: 6: 3/54 هم: المنون: الوافر: (أبو الغول الطهوي) : 1: 3/54، 6/444 وتسمع: الغصون: الوافر: المثقب العبدي: 1: 3/184 تغنى: بان: الوافر: سوار بن المضرب: 2: 3/209 فما: حرون: الوافر: شماخ بن ضرار: 1: 3/242 أتاني: الخيزران: الوافر: الجعدي: 1: 3/235 متى: مني: الوافر: دريد بن الصمة: 1: 4/450 وبعض: المكون: الوافر: (يحيى بن منصور الذهلي) : 6: 6/340 لحى: مكون: الوافر: الفرزدق: 2: 6/370 إذا: وجن: الوافر:؟: 1: 6/434 لها: بطان: الوافر: أبو البلاد الطهوي: 9: 6/438 فقالت: الجنان: الوافر: أبو البلاد الطهوي: 1: 6/439 يصد: هجان: الوافر: (النابغة) : 2: 6/581 ومن: ثان: الوافر:؟: 1: 6/581 أتغضب: زاني: الوافر: عبد الرحمن بن الحكم: 2: 7/139 فما: منجلان: م. الوافر: حماد: 1: 5/295 ما: البحران: الكامل: (الفرزدق) : 2: 1/14، 209 لا: بالعيدان: الكامل: القاسم بن أمية: 2: 1/46 وبنو: الألوان: الكامل: جرير: 3: 1/169 قد: ثوبان: الكامل: حماد عجرد: 3: 2/237 ما: الحملان: الكامل: الأعرابي: 1: 2/295 لولا: الذؤبان: الكامل:؟: 1: 2/295 أعددت: أرزن: الكامل: (وبرة بن معاوية الأسدي) : 1: 2/362 أترى: الذبان: الكامل: السيد الحميري: 3: 3/190 يأبى: الأذقان: الكامل: ابن الخياط: 2: 3/238 جهراء: تغنيني: الكامل: أبو العيال الهذلي: 1: 3/260 وإخال: سكون: الكامل: أبو العيال الهذلي: 5: 4/417 لولا: مكان: الكامل: الفرزدق: 2: 4/496

قافية الهاء

وإذا: الشيطان: الكامل: مروان بن محمد: 1: 6/445 ألق: العرجان: الكامل: ابن عبدل: 3: 6/580 لا: مني: م. الرمل: أبو الصلع السندي: 2: 4/293 أصغي: يحييني: المنسرح: الخريمي: 5: 3/57 ملنا: الذقن: المنسرح: مهلهل: 5: 3/69 يا: الإنسان: الخفيف: حماد عجرد: 3: 1/157 ودعاني: دعاني: الخفيف: ابن أبي ربيعة: 3: 3/28 لحقوا: بالمبين: الخفيف:؟: 3: 4/266 كيف: متين: الخفيف: جحشويه: 2: 5/183 لم: الخطبان: الخفيف: حسان بن ثابت: 1: 5/236 بل: تجني: الخفيف: حمزة بن بيض: 1: 5/242 أعلقت: جلدون: الخفيف:؟: 4: 6/392 جالست: أبان: المجتث: أبان اللاحقي: 16: 4/481 قافية الهاء الهاء الساكنة يا: الجفاه: المجتث: أبو عباد النميري: 2: 5/155 الهاء المفتوحة وليلة: داعيها: الطويل: الهذلي: 2: 1/258، 2/290 5/41 وسوداء: لها: الطويل: كثير عزة: 4: 4/351 وقائلة: لها: الطويل: أبو عبيدة: 1: 5/294 أما: فيها: البسيط:؟: 2: 5/307 ترى: جانيها: البسيط:؟: 1: 5/314 أتوعدني: هجاها: الوافر: أبو الرديني: 1: 1/242 مطوقة: سواها: الوافر:؟: 1: 3/99 وإن: قلاها: الوافر: يزيد بن الصعق: 2: 5/15 فلولا: قراها: الوافر: جران العود: 2: 6/362 ومن: للمجتبيها: المتقارب: أبو الأسود الدؤلي: 4: 5/253

الهاء المضمومة

يهين: لها: المتقارب: الخنساء: 1: 6/546 وكأس: بها: المتقارب: الأعشى: 1: 7/99 الهاء المضمومة وإرث: كداهما: الطويل: الشماخ: 1: 3/115 إن: غناهما: الطويل: (أبو أسيدة الدبيري) : 3: 6/350 قافية الواو يا: رفوا: م. الكامل:؟: 6: 6/572 إذا: هوه: المتقارب: (حسان بن ثابت) : 3: 6/437 قافية الياء الياء الساكنة أشاب: العشي: المتقارب: الصلتان السعدي: 7: 3/230 وسرك: الخفي: المتقارب: الصلتان العبدي: 1: 5/101 الياء المفتوحة فلن: المواليا: الطويل: علقمة الخصي: 4: 1/81 وجدت: صاحيا: الطويل: (أبو نواس) : 2: 2/370 ترفع: الدواليا: الطويل: أمية بن أبي الصلت: 5: 2/423 وما كان: الخوافيا: الطويل: أمية بن أبي الصلت: 8: 2/423 ولا: الحوانيا: الطويل: أمية بن أبي الصلت: 16: 2/424 وما: غاديا: الطويل:؟: 1: 3/24 إذا: تداعيا: الطويل: محمد الرياشي: 1: 3/51 لعمري: باقيا: الطويل: جواس بن القعطل الكلبي: 1: 3/200 لعمري: متنائيا: الطويل: زفر بن الحارث: 1: 3/200 وعين: المساويا: الطويل: عبد الله بن معاوية: 1: 3/236 وإني: ليا: الطويل: جرير: 1: 3/237، 5/315 فما: راميا: الطويل: أبو زيد: 1: 3/242 جديرون: ثاويا: الطويل: أبو حية: 2: 4/465 شموس: عاديا: الطويل: معمر بن لقيط: 3: 4/338 فإياكم: قاضيا: الطويل:؟: 2: 4/389

الياء المضمومة

حلفنا: العواليا: الطويل: عنترة بن شداد العبسي: 2: 4/409 معاوي: معاوية: الطويل: (سهم بن حنظلة) : 2: 5/69 وغارتنا: المواليا: الطويل: الراعي: 2: 5/73 يقول: عياليا: الطويل:؟: 1: 5/293 يقولون: عياليا: الطويل: أبو الطروق الضبي: 4: 6/336 أذقني: بنانيا: الطويل: عبيد بن أيوب: 13: 6/401 وعندي: حاديا: الطويل: ابن مقبل: 1: 6/445 من: بازيا: الطويل: ذو الرمة: 1: 6/512 ولما: الطواميا: الطويل: عبدة: 3: 6/547 تركت: باقيا: الطويل: جرير: 2: 6/593 بني: هجائيا: الطويل: تميم بن مقبل: 3: 7/67 يا: دويا: البسيط: أبو الشمقمق: 2: 1/173 كفى: يديا: الوافر: (أبو العتاهية) : 2: 3/44 وكانت: حيا: الوافر: أبو العتاهية: 1: 6/589 نظرت: سرباليا: الكامل: أبو النجم: 4: 4/386 آتي: حماريا: الكامل:؟: 1: 6/580 باب: الزاويه: السريع:؟: 2: 7/56 يا: بيه: المنسرح: أبو الشمقمق: 2: 5/209 وسل: لديا: الخفيف: ابن هرمة: 4: 2/258، 290 أهل: العطيه: الخفيف: أبو الشمقمق: 5: 1/173 إن: واقيه: المتقارب:؟: 1: 2/355 الياء المضمومة لنا: العصي: الوافر: امرؤ القيس: 2: 5/263

فهرس الأرجاز

فهرس الأرجاز الرجز: اسم الشاعر: عدد الأبيات: الجزء والصفحة قافية الهمزة الهمزة المضمومة يا ابن عليّ برح الخفاء : أبو حزابة: 8: 1/167 الهمزة المكسورة كطلعة الأشمط من كسائه : أبو نواس: 1: 2/276 تعرّض الحيّات في خرشائها : ابن لجأ: 1: 4/364 والمرو يلقيه إلى أمعائه : أبو النجم: 5: 4/412 نصبحها قيسا بلا استبقائها : أبو عبيدة: 6: 5/319 شابت ولمّا تدن من ذكائها : ابن لجأ: 1: 1/232 والشيخ تهديه إلى طحمائه : أبو النجم: 9: 3/184 هاو يظلّ المخّ في هوائه : أبو النجم: 1: 4/419 قافية الألف اللينة مشي السّبنتي وجد السّبنتى :؟: 1: 6/530 تلوي بأذناب قليلات اللّحا :؟: 1: 2/340 كأن إبطي وقد طال المدى :؟: 2: 1/160 وفتية من آل ذهل في الذرى :؟: 43: 2/285 طال عليهن تكاليف السّرى :؟: 4: 3/35 عند الصباح يحمد القوم السّرى : بكر بن عبد الله المزني: 2: 6/592 وضحك المزن بها ثم بكى :؟: 1: 3/35 أرقش إن أسبط أو تثنى :؟: 4: 1/124 يا رب ضب بين أكناف اللّوى :؟: 8: 6/360

قافية الباء

قافية الباء الباء الساكنة قد لاحها يوم شموس ملهاب :؟: 4: 6/508 باتا يحكّان عراصيف القتب :؟: 6: 7/20 أعق من ضبّ وأفسى من ظرب :؟: 1: 6/371 ما ذمّ إبلي عجم ولا عرب :؟: 2: 1/102 سوق الضّباب خير سوق في العرب : أبو فرعون: 1: 6/359 أين المفرّ والإله الطالب : أبرهة الأشرم: 2: 7/119 حيّاكم الله فإني منقلب : الأعرابي: 3: 2/265 أنت وهبت الفتية السّلاهب :؟: 4: 3/35 جلودها مثل طواويس الذّهب :؟: 1: 2/379 الباء المفتوحة كأنه لما دنا للوثبه : أبو نواس: 2: 7/713 أو كالدّبا دبّ ضحا إلى الدّبا :؟: 1: 5/300 بكرا عواساء تفاسا مقربا : القنانيّ: 1: 3/244 يشقى بي الغيران حتّى أحسبا : رؤبة بن العجاج: 2: 7/57 يا ظربانا يتعشّى ضبّا : (هند بن أبي سفيان) : 5: 6/512 إنّ الرّدافى والكريّ الأرقبا : رؤبة بن العجاج: 2: 7/57 يا ذا الذي نكبنا ونقبا : إسحاق الجعدي: 7: 6/442 كأنّ تحت البطن منه أكلبا : العماني: 2: 2/339 الباء المضمومة أو طامري واثب لم ينجه وثابه : الحسن بن هانئ: 1: 5/119 غرّ مصابيح الدّجى مناجب : بشر بن المعتمر: 2: 6/562 كأنّه لما تدانى مقربه :؟: 5: 6/405 إنّ أبا الخرشن شيء هنب : مسعود الجرمي: 22: 6/517 أكلن حمضا فالوجوه شيب :؟: 2: 1/233 الباء المكسورة يا عجبا والدّهر ذو عجائب : بشر بن المعتمر: 6: 4/376

قنفذ ليل دائم التّجآب : أبو محمد الفقعسي: 1: 4/339 عاديتنا لازلت في تباب :؟: 2: 2/281، 3/219، 7/60 كان أبو الصّحيم من أربابها :؟: 5: 2/338 حنين أمّ البو في ربابها :؟: 1: 5/263 كطلعة الأشمط من جلبابه : أبو نواس: 1: 2/276 لمّا تبدّى الصّبح من حجابه : الحسن بن هانئ: 26: 2/276، 287 لعامرات البيت بالخراب :؟: 1: 5/17 يا ورلا رقرق في سراب :؟: 2: 6/570 نحن بنو عمرة في انتساب :؟: 3: 2/400، 3/243 قد كان شيطانك من خطّابها :؟: 3: 6/448 يعجّل الرّحمن بالعقاب :؟: 6: 4/394، 5/141 يا سبر يا عبد بني كلاب : مزرّد بن ضرار: 5: 1/210 وكثرت فواضل الإهاب :؟: 5: 3/141، 5/26 من يجمع المال ولا يتب به : ابن الذئبة: 3: 1/166 وهبته من ذي تفال خب :؟: 3: 6/370 لم أقض من صحبة زيد أربي : (جرير) : 6: 3/34 إني لأرجو من عطايا ربي : العماني: 5: 6/366 لا يعقر التقبيل إلا زبي : أبو الرديني: 3: 6/365 يا رب بيت بفضاء سبسب : أبو نواس: 13: 2/277 يا ضبع الأكهاف ذات الشعب :؟: 6: 6/370 أحرص من كلب على عقي صبي :؟: 1: 1/48 ليس بذي عرك ولا ذي ضب :؟: 1: 6/365 لما رأين ماتحا بالغرب :؟: 3: 6/559 لاقيت مطلا كنعاس الكلب : رؤبة بن العجاج: 1: 1/208، 1/343 يا رخما قاظ ينخوب : الأعشى: 2: 3/245 إذا غدت سعد على شبيبها : أبو نخيلة: 4: 5/318 يا ليت شعري عن أبي مجيب :؟: 5: 6/570

قافية التاء

قافية التاء التاء الساكنة إني إذا الأصوات في القوم علت : مسلمة بن عبد الملك: 4: 5/318 ما صنعت شاتي التي أكلت :؟: 3: 6/556 التاء المضمومة إذا البعوض زجلت أصواتها :؟: 8: 5/217 التاء المكسورة مفديات وملقبات :؟: 1: 2/358 تسمع في الآثار من وحاتها : أبو نواس: 2: 2/276 توعدني بالسجن والآدات :؟: 3: 4/426 يا قاتل الله بني السعلاة : (علباء بن أرقم) : 2: 3/120 تستقبل الشمس بجمجماتها : (ابن لجأ) : 1: 5/57 مفديات وملعنات :؟: 1: 1/205 وقد أغتدي والطير في مثواتها : أبو نواس: 33: 2/276 تعد عين الوحش من أقواتها : أبو نواس: 1: 2/276 أنعت نضناضا من الحيات :؟: 2: 4/345 يضعن بالفقر أتاويات : أبو النجم: 2: 5/54 أشكو إليك وجعا بركبتي : أبو الزحف: 3: 4/433 كمشية الكلب مشى للكلبة : أبو الزحف: 2: 2/355 من منزلي قد أخرجتني زوجتي : النجراني: 6: 1/168 ينشب في المسلك عند سلته :؟: 2: 6/342 علق من عنائه وشقوته : (نفيع بن طارق) : 12: 6/566 قافية الثاء الثاء المفتوحة أنعت ضانا أمجرت غثاثا :؟: 1: 5/260 الثاء المضمومة أما أتاك عني الحديث :؟: 4: 1/202، 6/535

الثاء المكسورة

الثاء المكسورة يحثني وردان أي حث :؟: 3: 6/497 قال لها: كذبت يا خباث :؟: 3: 6/556 قافية الجيم الجيم الساكنة شنج الأنساء من غير فحج : (عمرو بن العاص) : 1: 5/118 قد هلكت جارتنا من الهمج : أبو محرز المحاربي: 2: 5/266 عجلتم ما صادكم علاج : ثوب بن شحمة: 3: 1/177 الجيم المفتوحة حتى نجا من جوفه وما نجا :؟: 1: 3/35 وبطن أيم وقواما عسلجا : العجاج: 1: 4/409 ماذا تلاقي طلحات الحرجه : أبو الغصن الأسدي: 6: 1/155 الجيم المكسورة فبشري القين بطعن شرج : عمير بن الحباب: 5: 6/558 أقبلن من نير ومن سواج :؟: 5: 2/410 قافية الحاء الحاء المكسورة لا بارك الإله في الأحراح :؟: 4: 5/99 آذيتنا بديكك السلاح : أبو نواس: 2: 2/390، 413 لابد للسودد من أرماح : أبو سلمى: 3: 1/234، 3/40 ما البرق في ذي عارض لماح : (أبو نواس) : 13: 2/287 إن رياح اللؤم من شحه : أبو الشمقمق: 4: 1/237 فحي فلا أفرق أن تفحي : رؤبة بن العجاج: 4: 4/473، 6/387 حياكة عن كعثب لم يصمح : الأغلب العجلي: 1: 2/398 قافية الدال الدال الساكنة وأنت لو ذقت الكشى بالأكباد :؟: 2: 6/367، 501 تقول جمع من بوان ووتد :؟: 4: 1/122

الدال المفتوحة

الدال المفتوحة أصبح قلبي صردا : غلام رتبيل بن غلاق: 4: 6/379 بالشم لا بالسم منه أقصدا : العجاج أو ابنه رؤبة: 1: 2/324 لو كنتم شاء لكنتم نقدا : الكذاب الحرمازي: 3: 3/233 بين اللها منه إذا ما مدا : الزفيان العوافي: 2: 6/406 لو كنتم قولا لكنتم فندا : الكذاب الحرمازي: 4: 5/246 كنتم كمن أدخل في جحر يدا : رؤبة بن العجاج: 2: 2/324 الدال المضمومة إذا الرجال ولدت أولادها : (زر بن حبيش) : 4: 3/43، 6/590 قالت أبالقتل لنا تهدد :؟: 4: 6/556 عاده من ذكر سلمى عوده : العكلي: 17: 5/80 قب البطون والهوادي قود : ابن مفرغ: 4: 5/319 جاءت سليم ولها فديد : العكلي: 1: 5/268 الدال المكسورة أشكو إلى الله العلي الأمجد :؟: 19: 6/506 تسألني ما عتدي وعن ددي : محمد بن عباد: 3: 5/100 علقت يا حارث عند الورد :؟: 3: 3/198 قد أغتدي والليل أحوى السد : الرقاشي: 18: 6/571 كأنه لما بدا للشد : أبو نواس: 2: 7/133 وكم طوت من حنش وراصد :؟: 2: 4/363 كأنه لما بدا للسفد : أبو نواس: 2: 7/133 أنعت كلبا أهله في كده : الحسن بن هانئ: 12: 2/274 وصاحب كالدمل الممد : بشار بن برد: 4: 6/578 قافية الذال المكسورة نكيثة تنهشه بمنبذ :؟: 1: 4/319 قافية الراء الراء الساكنة كأنها من بدن واستيقار : (شبيب بن البرصاء) : 2: 6/329

الراء المفتوحة

يا ابن المعلى نزلت إحدى الكبر : الكذاب الحرمازي: 2: 4/330 اسمع أنبئك بآيات الكبر :؟: 6: 5/27 داهية قد صغرت من الكبر : (النابغة) : 5: 4/318 ما زال مذ كان غلاما يستتر :؟: 3: 1/207 كأنما ينظر من جوف حجر : (حميد الأرقط) : 1: 4/485 معلبة في قدح نبع حادر :؟: 5: 6/502 والخيل في إطعامها اللحم ضرر : النمر بن تولب: 2: 7/84 إذا تخازرت وما بي من خزر : (عمرو بن العاص) : 4: 1/185 أنا الغلام الأعسر : (معاوية بن عبادة) : 3: 2/299 إني وكل شاعر من البشر : أبو النجم: 2: 1/198، 6/435 فانصلتت لي مثل سعلاة العشر :؟: 2: 6/404 كأن قيرا أو كحيلا ينعصر : (جندل بن المثنى) : 2: 6/566 سير الجراد السد يرتاد الخضر : العجاج: 1: 5/292 حتى انتضاه الصبح من ليل خضر :؟: 3: 3/120 يا سود يا أكرم قين في مضر :؟: 14: 5/89 يا سهل لو رأيته يوم الجفر : حيان الربعي: 7: 6/372 شاكي الكلاليب إذا أهوى ظفر : العجاج: 2: 6/489 أفعى رخوف العين مطراق البكر : (النابغة) : 10: 4/400 يغار والغيرة خلق في الذكر :؟: 1: 2/381 القوم في أمثال السباع فانشمر : (جرير الضبي) : 3: 6/558 الله من آياته هذا القمر : النمر بن تولب: 1: 7/84 كأنما وقد عينيه النمر : المرار الفقعسي: 1: 4/372 كأنما زهاؤه إذا جهر : العجاج: 3: 3/65 الراء المفتوحة يدير عيني لمظة عسباره :؟: 1: 1/120 إياك أعني واسمعي يا جاره : (سهل الفزاري) : 1: 3/62 كانت لنا من غطفان جاره :؟: 4: 3/62 كأن منها طرفة استعاره :؟: 1: 1/120

الراء المضمومة

قد هدم الضفدع بيت الفاره :؟: 3: 6/511 لم أرى فتيان صباح أصبرا :؟: 4: 5/319 ألا فأطعم عميرا تمرا :؟: 2: 5/17 فقلت يا عمرو أطعمني تمرا :؟: 2: 4/394 كأن خلفيها إذا ماهرا :؟: 2: 2/339 إذا الشياطين رأت زنبورا : أبو نواس: 26: 2/272 واحتث محتثاتها الخدورا : (العجاج) : 1: 5/117 الراء المضمومة أطلس يخفي شخصه غباره :؟: 2: 1/97، 6/552 تسألني الباعة وما نجارها :؟: 4: 4/505 جاموسة وفيلة وخنزر : أبو طروق الضبي: 2: 7/105 ممطورة خالط منها النشر : حميد الأرقط: 2: 5/166 فاليوم لا ظلم ولا تتبير : حميد الأرقط: 2: 5/69 رب كبير هاجه صغير :؟: 2: 1/10 الراء المكسورة لما غدا الثعلب من وجاره : الحسن بن هانئ: 33: 2/271 فانصاع الكوكب في انحداره : الحسن بن هانئ: 4: 2/271 يدعو به الحية في أقطاره :؟: 2: 4/352 عن جرز منه وجرز عار : رؤبة بن العجاج: 1: 3/198 لن يسبق الله على حمار :؟: 4: 3/220 نفسي تمقص من سمانى الأقبر :؟: 1: 4/408 وتدمري قاصع في حجر :؟: 1: 6/525 يا أم سمال ألما تدري : أبو السمال: 7: 6/365 قال لها: فأبشري وأبشري :؟: 14: 6/556 ولا بهوني من الأباعر :؟: 1: 1/92 يا أيها ذا الموعدي بالضر : مالك بن مرداس: 11: 6/477 لما غدا للصيد آل جعفر : الرقاشي: 13: 6/572 وقبر حرب بمكان قفر :؟: 2: 6/423

قافية الزاي

وابن ذكاء كامن في كفر : العجاج: 1: 5/71 كأن صوت شخبها المسحنفر :؟: 3: 2/340 أنعت نضناضا كثير الصقر :؟: 5: 4/400 بأغضف الأذن الطويل العمر : الأثرم: 2: 6/502 يالك من قبرة بمعمر : طرفة بن العبد: 3: 3/30، 5/125 يا رب يربوع قصير الظهر :؟: 35: 6/524 إذا رجونا ولدا من ظهر :؟: 3: 6/510 والأسد قد تسمع من زئيرها : أبو النجم: 9: 4/392 أيا سحاب طرقي بخير : العجاج: 3: 5/308 مضفورها يطوى على جميرها :؟: 1: 5/70 قافية الزاي الزاي الساكنة أعددت للورد، إذا الورد حفز :؟: 5: 5/141، 6/499 الزاي المفتوحة إن الذي أمسى يسمى كوزا :؟: 4: 5/98 الزاي المكسورة تعجلها عن نهشها والنكز : ذو الأهدام: 1: 4/364 قافية السين السين الساكنة في عظم أير الفيل في رهز الفرس : أبو عبيدة: 2: 7/147 يا عجبا هل يركب القين الفرس : أشهب بن رميلة: 4: 1/207 أنت حبست الفيل بالمغمس : المغيرة المخزومي: 3: 7/120 السين المفتوحة فاطرقت إلا ثلاثا دخسا : العجاج: 1: 5/307 وهو إذا أراد منها عرسا :؟: 7: 6/352 تلقى بها السمع الأزل الأطلسا :؟: 1: 1/120 ملسا بذود الحدسي ملسا : (الهفوان العقيلي) : 8: 4/405 ليث يدق الأسد الهموسا : رؤبة بن العجاج: 2: 7/104

السين المضمومة

وهن يمشين بنا هميسا : عبد الله بن عباس: 2: 3/18 السين المضمومة برح بي ذو النقطتين الأملس :؟: 2: 6/563 السين المكسورة شوقي إليك يا أبا العباس :؟: 4: 7/89 أجرأ من ذي لبدة هماس : العماني: 5: 4/372 بموطن ينيط فيه المحتسي : دكين: 2: 3/35 وقد اراني بطوي الحس :؟: 6: 4/389 وقد تعللت ذميل العنس : دكين: 3: 3/35، 174 قافية الشين الشين الساكنة تسخر مني أن رأتني أحترش :؟: 2: 6/372 قد قرقوني بعجوز جحمرش : ابن الأعرابي: 8: 7/97 قد كنت إذ حبل صباك مدمش :؟: 2: 3/26 الشين المفتوحة مدحت خير العالمين عنفشا :؟: 2: 5/98 الشين المكسورة تعرض الحيات في غشاشها : ابن لجأ: 1: 4/364 ظللت بالبصرة في تهواش : جعفر بن سعيد: 10: 5/218 جرت رحانا من بلاد الحوش : رؤبة بن العجاج: 1: 1/103، 6/428 قافية الصاد الصاد الساكنة كمثل حرقوص ومن حرقوص : بشر بن المعتمر: 2: 6/562 الصاد المفتوحة والله لو كنت لهذا خالصا : أبو زيد: 2: 4/407 قافية الضاد الضاد المضمومة يتبعها عدبس جرائض : أبو محمد الفقعسي: 3: 3/220

الضاد المكسورة

شيب أصداغي فهن بيض : (ضب العدوي) : 3: 1/57 الضاد المكسورة قبيلة في طولها وعرضها :؟: 7: 5/210 يا رب مولى حاسد مباغض : ابن الأعرابي: 3: 6/350 حلبت للأبرش وهو مغض : (معتمر بن قطبة) : 5: 4/373 أنعت جمارا على سحيض :؟: 3: 2/339 قافية الطاء الطاء المفتوحة ومنهل وردته التقاطا : أبو زيد: 3: 3/206 أما رأيت الألسن السلاطا : (التميمي) : 3: 5/217 يمري إذا كان الجراء عبطا : الحسن بن هانئ: 3: 2/273 ما إن يقعن الأرض إلا فرطا : الحسن بن هانئ: 1: 2/274 عددت كلبا للطراد سلطا : الحسن بن هانئ: 14: 2/274 من يجن أولاد طريف رهطا : عبد الله بن قراع: 7: 6/570 الطاء المكسورة لم أرى كاليوم ولا مذ قط :؟: 8: 5/217 قافية العين العين الساكنة يا ليت لي نعلين من جلد الضبع : (جساس بن قطيب) : 3: 6/557 العين المفتوحة كأن قطا أو كلابا أو أربعا :؟: 2: 2/339 إن الشياطين أتوني أربعه :؟: 2: 6/433 إذا حداها صاحبي ورجعا :؟: 4: 3/126 مهلا أبيت اللعن لا تأكل معه : (لبيد بن ربيعة) : 5: 1/216، 5/96 قد دقه ثارده وصومعا :؟: 5: 1/155 العين المضمومة ولا كزة السهم ولا قلوع :؟: 2: 6/526 في كفه معطية منوع : (العكلي) : 1: 3/34

العين المكسورة

كأن من يحفظها يضيعها:؟: 1: 3/51 العين المكسورة وذات قرنين من الأفاعي :؟: 2: 4/346 أسمع من فرخ العقاب الأشجع :؟: 1: 4/379 كأنما ترفع ما لم يوضع :؟: 1: 2/274، 3/33 يستخبر الريح إذا لم يسمع : العكلي: 2: 1/29، 4/324 قافية الغين الغين الساكنة قبحت من سالفة ومن صدغ : (جواس بن هريم) : 2: 6/371 الغين المكسورة والحرب شهباء الكباش الصلغ : رؤبة بن العجاج: 1: 5/265 قافية الفاء الفاء الساكنة فإن تشردن حواليه وقف :؟: 4: 6/352 لو كان حي وائلا من التلف : الحسن بن هانئ: 8: 3/239 الفاء المفتوحة يرفعن بالليل إذا ما أسدفا : الخطفى: 3: 6/406 الفاء المضمومة يدخل في الأشداق ماء ينصفه : الذكواني: 2: 3/129، 5/281 كيما ينق والنقيق يتلفه :؟: 1: 3/130 أبرص فياض اليدين أكلف : طريف بن سوادة: 3: 5/91 أهوج لا ينفعه التثقيف :؟: 1: 3/51 قافية القاف القاف الساكنة إذا دنا منهن إنقاض النفق : رؤبة بن العجاج: 2: 5/283 جد وجدت إلقة من الإلق : رؤبة بن العجاج: 1: 2/401، 6/479 يا أخت سعد لا تعري بالزوق : (الحارث بن حلزة) : 3: 5/92

القاف المفتوحة

القاف المفتوحة ما إن يقعن الأرض إلا وفقا : (رؤبة بن العجاج) : 2: 3/5 إني إذا ما عارضني تألقا :؟: 5: 1/175 القاف المكسورة قد أقبلت عمرة من عراقها : 2: 2/399 أشكو إليك وجعا بمرفقي :؟: 3: 4/433 تربعت والدهر ذو تصفق :؟: 2: 3/185 إن تبخلي بالركب المحلوق : أبو نواس: 2: 5/99 ينفي الغياديق عن الطريق :؟: 2: 6/385 لم أر كاليلة في التوفيق : أبو نواس: 3: 5/99 ما زال يشتم اشتمام الهيق : عمرو بن كركرة: 1: 4/324 وهو يشتم اشتمام الهيق : الحرمازي: 1: 4/456 قافية الكاف الكاف الساكنة ما أنا يا جعار من خطابك : أبو زياد الكلابي: 3: 6/556 عبيت لك عبيت لك : شق: 3: 6/423 يا شقها ما لي ولك : علقمة الكناني: 3: 6/423 يا عز كفرانك لا سبحانك :؟: 2: 4/500 الكاف المفتوحة من ينك العير ينك نياكا : شبيب بن يزيد الشيباني: 1: 3/18 لا هم إن جرهما عبادكا : عمرو بن الحارث: 2: 1/123، 6/419 أهدموا بيتك لا أبالكا : غلام رتبيل بن غلاق: 3: 6/381 الكاف المضمومة أرقني الأسيود الأسك :؟: 4: 5/209 لما رأيت الدين دينا يؤفك : أبو نخيلة: 6: 3/64 الكاف المكسورة في معز ذي أضرس وصك :؟: 5: 5/209 يا أم مثواي عدمت وجهك :؟: 5: 5/209

قافية اللام

وهبته من سلفع أفوك :؟: 3: 2/411 أشهب ذي رأس كرأس الديك :؟: 1: 2/376 قافية اللام اللام الساكنة ينجيه من مثل حمام الأغلال : دكين: 3: 3/118 يا أيهذا النابحي نبح القبل :؟: 5: 3/245 كلنا يأمل مدا في الأجل : أبو النجم: 2: 6/592 حتى رأينا كدخان المرتجل :؟: 2: 5/299 حتى إذا أضحى تدرى واكتحل :؟: 3: 1/154، 3/245 أكسب للخير من الذئب الأزل :؟: 1: 6/534 ليس من الحنظل يشتار العسل : بشر بن المعتمر: 2: 6/562 قد قلت قولا للغراب إذ جعل :؟: 3: 3/199 عاديتنا يا خنفسا كام جعل : خشنام الأعور: 4: 3/241 بات يعشي وحده ألفي جعل :؟: 1: 3/246 إذا أتوه بطعام وأكل :؟: 2: 1/154 يقول للناقة قولا للجمل :؟: 2: 7/25 أشم من هيق وأهدى من جمل : يحيى بن نجيم: 1: 4/324، 456 ترجو الثواب من صبيح يا حمل : عصام بن زفر: 4: 7/17 كطلعة الأشمط من برد سمل : أبو نواس: 1: 2/276 مهرت الأشداق عود قد كمل :؟: 1: 3/244، 4/379 إذا علا قمتها الراقي أهل :؟: 1: 5/314 علقم إني مقتول : علقمة الكناني: 5: 6/423 بحيث تستن مع الجن الغول : أبو النجم: 1: 6/420 يا أيها الضاغب بالغملول :؟: 2: 6/404 اللام المفتوحة قد أركب الحالة بعد الحاله : أبو زيد الأنصاري: 2: 6/395 قد طالما أفلت يا ثعالا : أبو نواس: 6: 2/277 لما خشيت الجوع والإرمالا : فراس الكلابي: 14: 6/389

اللام المضمومة

أحب أن أصطاد ضبا سحبلا :؟: 2: 5/240، 7/132 بنيتي إن نام نامي قبله :؟: 4: 5/77 وريح مجروب وريح جله :؟: 2: 1/148 أول خلق عمل المحاملا :؟: 2: 1/57 إن غفاقا أكلته باهله :؟: 3: 1/177 اللام المضمومة وكان نشاب الرياح سنبله : أبو النجم: 10: 4/265 أنف ترى ذبابها تعلله : أبو النجم: 2: 3/184 كأن حمى خيبر تمله : (ليلى الأخيلية) : 1: 4/326 أدرك عقلا والرهان عمله : أبو النجم: 3: 6/413 قد علمت جارية عطبول :؟: 2: 7/48 وفيلة كالطود زندبيل : الذكواني: 1: 7/107 من يركب الفيل فهذا الفيل :؟: 5: 7/105 ذاك الذي مشفره طويل : خالد القناص: 2: 7/107 اللام المكسورة تذب عنها بأثيث ذائل :؟: 2: 3/185 تحكي لنا القرناء في عرزالها : أبو النجم: 2: 4/362 كأنما المعزاء من نضالها : أبو النجم: 2: 5/298 تعد عانات اللوى من مالها : أبو النجم: 1: 2/276 للأرض من أم القراد الأطحل : أبو النجم: 1: 5/236 أو عمر نوح زمن الفطحل : العجاج أو رؤبة: 2: 4/358، 6/375 ذبان شعراء وبيت ماذل :؟: 1: 3/150 لا مبتغي الذرء ولا بالعازل : أبو الأخزر الحماني: 1: 1/74، 128، 3/77 لو أنني عمرت عمر الحسل : رؤبة بن العجاج: 3: 4/271 ثمت لا آتيه سن الحسل : العجاج: 1: 6/386 مستأسد ذبانه في غيطل : أبو النجم: 2: 3/151، 7/153 حتى إذا ما ابيض جرو التتفل : أبو النجم: 2: 2/414 لو جر شن وسطها لم تحفل : أبو النجم: 2: 1/184

قافية الميم

لو كنت علمت كلام الحكل : رؤبة بن العجاج: 2: 4/263 تعلقت واتصلت بعكل : (رؤبة بن العجاج) : 7: 6/375 يمر بين الغانيات الجهل : أبو النجم: 2: 5/317 يا كأس لا تستنكري نحولي : (معاوية بن حزن) : 4: 5/92 والحرب غول أو كشبه الغول :؟: 4: 6/418 من بين فيلات وزندبيل :؟: 1: 7/108 قد يلحق الصغير بالجليل :؟: 3: 1/10 وقام جني السنام الأميل : أبو النجم: 2: 6/412 وانبس حيات الكثيب الأهيل : أبو النجم: 1: 4/385 قافية الميم الميم الساكنة كل قتيل في كليب حلام : المهلهل: 2: 5/265، 6/388 مختلط العثنون كالتيس الأحم :؟: 3: 2/376 ساورها عند القروء الوحم : أبو الأخزر: 2: 2/399 كأنها إذا خضبت حنا ودم : إبراهيم بن هرمة: 2: 7/150 أكلته من غرث ومن قرم :؟: 2: 7/132 سام كأن رأسه فيه ورم :؟: 3: 7/116 لو أكلت فيلين لم تخش البشم :؟: 1: 7/49 لميمة من حنش أعمى أصم :؟: 3: 6/529 حتى دنا من رأس نضناض أصم :؟: 3: 5/186، 6/381 بيضاء من رفقة عمران الأصم :؟: 5: 7/56 لو تركب البختي ميلا لانحطم :؟: 2: 7/49 معاور حلباته الشخص أعم :؟: 2: 6/558 قالت له مي بأعلى ذي سلم :؟: 3: 1/219 أنا أبو زينب واليوم ظلم :؟: 1: 1/219 لاهم إن كان أبو عمرو ظلم : (خلف الأحمر) : 17: 4/399 تعلمن أن الدواة والقلم :؟: 2: 1/65 يا ليت شعري عنك والأمر أمم : الهذلي: 2: 1/130

الميم المفتوحة

تقسم في الحق وتعطى في الجمم :؟: 1: 4/496 فابعث له من بعض أعراض اللمم :؟: 4: 4/318 ما لك لا تنبح يا كلب الدوم :؟: 2: 2/292 الميم المفتوحة إذا سألت الناس أين المكرمه : (يحيى بن نوفل، رؤبة) : 4: 3/239 لما رأيت البرق قد تبسما :؟: 2: 4/454، 7/17 إني لمن أنكر أو توسما :؟: 2: 6/535 ردي ردي ورد قطاة صما :؟: 2: 4/447 يا فقعسي لم أكلته لمه : سالم الغطفاني: 3: 1/176، 2/336 4/281 قلهزمان جعدة لحاهما : أبو سعنة: 3: 6/373 لهفي على عترين لا أنساهما :؟: 3: 5/262 قالت له لا زلت تلقى الهما :؟: 3: 6/556 الميم المضمومة تخامل المحتد أو هزام :؟: 3: 1/50 ومنهل طامسة أعلامه :؟: 2: 1/251، 2/409 أسرع في نقض امرئ تمامه : أبو العتاهية: 1: 3/231، 6/588 جارية أعظمها أجمها :؟: 3: 2/399 يريد أن يعربه فيعجمه: الحطيئة : 1: 3/51 أخضر من ماء الحديد جمجم : عمر بن لجأ: 1: 6/550 فجاوز الحرض ولا تشممه :؟: 4: 6/558 قد قادني أصحبي المعمم :؟: 14: 7/105 والحوت لا يكفيه شيء يلهمه : رؤبة بن العجاج: 2: 3/128 نغمه النشرة والنسيم : أبو نخيلة: 5: 3/128 أجمر إجمارا له تطميم :؟: 1: 5/69 الميم المكسورة إن الفتى يصبح للأسقام : أبو النجم: 2: 7/155 خلوا الطريق زوجتي أمامي : أبو فرعون: 2: 7/155

قافية النون

عيرتني يا ثكلتني أمي :؟: 4: 2/299 أسمع من فرخ العقاب الأسحم :؟: 1: 6/553 عليه حنوا قتب مستقدم :؟: 2: 2/362 إن منافا فقحة لدارم :؟: 2: 1/242 فلا تكوني يا ابنة الأشم : (رؤبة بن العجاج) : 2: 6/471، 6/372 يلزق بالصخر لزوق الأرقم : عمر بن لجأ: 3: 4/379 وغنوى يرتمي بأسهم : ابن لجأ: 3: 6/372 قافية النون النون الساكنة يقدمها كل علاة مذعان : (الشماخ) : 2: 3/201 اختلط النقد على الجعلان :؟: 2: 6/511 أبيت أهوي في شياطين ترن : (مهاصر بن المحل) : 2: 7/108 ما كان في أسلافهم أبو الحسن : بشر بن المعتمر: 2: 6/562 أمسى أبو ذبان مخلوع الرسن : أبو حزابة: 3: 3/181 إن تكتبوا الزمنى فإني لزمن : (المهاصر بن المحل) : 4: 1/193 إن بني صبية صيفيون : (أكثم بن صيفي) : 2: 2/74 أجرد كالحصن طويل النابين : رؤبة بن العجاج: 2: 7/49 مهرتها بعد المطال ضبين : زيد بن كثوة: 3: 6/376 حتى إذا تابع بين سلخين :؟: 4: 4/390 وقد خفت أن يحدرنا للمصرين : عوف بن ذروة: 9: 5/295 أنيابه ممطولة في فكين :؟: 1: 6/386 ملعونة تسلخ لونا لونين : (عوف بن ذروة) : 1: 4/369 ومنهل أعور إحدى العينين :؟: 2: 4/448 النون المفتوحة وقلت والله لنرحلنا :؟: 2: 6/409 نحن قسي وقسا أبونا : غيلان بن سلمة: 1: 6/396 تزحزحي إليك يا برذونه :؟: 3: 2/400 أقبلت من جلهة ناعتينا :؟: 5: 1/159

النون المضمومة

يا أيها الميت بحوارينا : أبو الحلال: 2: 5/98 النون المضمومة من الحمير صعقا ذبانه : العبشمي: 2: 7/137 مثل السفاة دائم طنينها :؟: 2: 3/151، 5/215 النون المكسورة لابن شنقناق وشيصبان : أبو النجم: 1: 6/436 أنا العوافي فمن عاداني : الزفيان العوافي: 3: 6/444 اسجد لقرد السوء في زمانه : العتابي: 3: 1/237، 7/101 يا ريها إذا بدا صناني :؟: 2: 1/159 قد دفع الله رماح الجن : العماني: 2: 6/429 إني وإن كنت حديث السن : (أمية بن كعب) : 3: 1/198، 6/435 تسمع القنقن صوت القنقن : أبو الأخزر: 1: 5/283 قالت له والقول ذو شجون :؟: 15: 6/556 واحتث كل بازل ذقون : الخريمي: 2: 5/116 قافية الهاء الهاء المفتوحة وليلة لم أدر ما كراها :؟: 6: 5/216 الهاء المضمومة لو أكثر التسبيح ما نجاه : أبو نواس: 1: 4/484 قافية الياء الياء المفتوحة هيهات ما سافلة كعاليه : بشر: 2: 6/562 إني امرؤ تابعني شيطانيه :؟: 11: 6/410 الياء المكسورة كأن متنيه من النفي : (الأخيل الطائي) : 2: 2/431 قردانه في العطن الحولي :؟: 3: 5/235

فهرس أجزاء الأبيات

فهرس أجزاء الأبيات البيت: البحر: الشاعر: ج/ ص ولا الدب إن الدب لا يتنسب: الطويل:؟: 6/450 ونسحر بالطعام وبالشراب: الوافر: (امرؤ القيس) : 5/127 إن السعال هو القحاب: م. الكامل:؟: 1/221 يمشون في ماء الحديد تنكبا: الكامل: هميان: 6/550 ولا بد للمصدور يوما من النفث: الطويل:؟: 1/133 وقد نصل الأظفار وانسبأ الجلد: الطويل:؟: 4/345 والذئب يلعب بالنعام الشارد: الكامل: ابن النطاح: 4/421 ولم أر آوى حيث أسمع ذكره: الطويل:؟: 6/450 حتى يلين لضرس الماضغ الحجر: البسيط:؟: 4/411 وكما يرى شيخ الجبال ثبيرا: الكامل:؟: 2/383 تدعو النعام به العرار: الكامل: (الطرماح) : 4/455 وبجده يتقلب العصفور: الكامل: بشار بن برد: 7/38 كأنما وقد عينيه النمر: المنسرح: المرار: 4/372 أوابد الوحش وأحناشها: السريع: بشر بن المعتمر: 6/531 وبات على النار الندى والمحلق: الطويل: الأعشى: 5/73 كما جرد الجارود بكر بن وائل: الطويل: ابن الأعرابي: 5/292 والحلكاء التي تبعج في الرمل: البسيط: ابن سحيم: 6/505 حمراء لا حبشية الإتمام: الكامل:؟: 1/233

فهرس سائر الأعلام

فهرس سائر الأعلام الألف آدم (أبو البشر) : 1/55، 74، 122، 124، 136، 139، 164، 196؛ 2/377، 422؛ 3/110، 194، 196، 201؛ 4/297، 301 335، 339، 356، 367، 393؛ 5/55، 111؛ 6/355، 430، 437، 486، 583؛ 7/30. آدم بن سليمان: 1/117. آزر: 1/215. آصف: 1/203؛ 6/437. أبان: 3/205. أبان بن سعيد بن العاص: 6/349. أبان بن عبد الحميد اللاحقي: 4/481، 482؛ 5/133. أبان بن عبد الملك بن مروان: 7/50. أبان بن عثمان: 3/6، 7، 8؛ 5/311، 312. إبراهيم عليه السّلام: 1/66، 107، 108، 201، 215؛ 2/380؛ 3/73، 188؛ 4/295، 360، 401، 402، 489؛ 6/416، 430، 431؛ 7/15، 31. إبراهيم (يروي عنه الأعمش) : 2/438. إبراهيم (يروي عنه المغيرة) : 1/195؛ 2/404. إبراهيم الأنصاري المعتزلي: 3/140. إبراهيم بن جامع- أبو عتاب الجرار. إبراهيم بن السندي بن شاهك: 1/41؛ 2/325؛ 4/469؛ 5/210، 212. إبراهيم بن عباس بن منصور: 4/329.

إبراهيم بن سيار النظام: 1/7، 43، 63، 98، 108، 154، 186، 187، 228، 238 2/332، 371، 372؛ 3/27، 56، 121، 125، 126، 187، 215، 225؛ 4/267، 296، 297، 360، 368، 390، 416، 478؛ 5/3، 4، 5، 7، 8، 9، 10، 18، 21، 23، 26، 27، 28، 45، 46، 47، 50، 55، 64، 103، 171، 213، 300، 301، 303 312، 313؛ 6/335، 336، 357، 345، 349، 361؛ 7/91، 100، 101، 121، 128. إبراهيم بن عبد العزيز: 3/215. إبراهيم بن عبد الوهاب: 5/314. إبراهيم بن محيرز: 1/118. إبراهيم بن المهاجر: 1/117. إبراهيم النخعي: 1/117، 223؛ 2/380. إبراهيم بن هانئ: 3/56؛ 4/334؛ 5/193 204. إبراهيم بن هرمة الفهري: 1/131، 151، 236، 244، 256، 258؛ 2/290؛ 3/69؛ 4/360؛ 5/169؛ 6/380، 539؛ 7/99، 150. إبراهيم بن يحيى: 5/267. إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي: 1/195؛ 3/95. إبراهيم بن يحيى المكي: 5/223، 283. الأبرش*: 4/373. أبرهة الأشرم: 7/119. أبرويز (كسرى أبرويز) : 4/443؛ 5/175. إبط الشمال* (عريب) : 5/274. أبقراط: 1/69. الأبلق الأسدي: 6/422. إبليس: 1/124، 196، 197، 202، 215؛ 2/419، 422؛ 3/28؛ 4/304، 356، 339، 355، 356، 357، 406؛ 5/51؛ 6/355، 402، 403، 405، 430، 431، 456، 464، (وهو أهرمن) . أبيّ*: 1/234؛ 5/297؛ 6/429. أبيّ بن خلف: 4/377. أبيّ بن كعب: 1/223. الأثرم: 6/501، 502. الأجلح الزهري: 6/422. أحمد* (رسول الله صلى الله عليه وسلم) : 4/484. أبو أحمد التمار المتكلم: 3/141، 142. أحمد بن حائط: 4/402، 404؛ 5/227. أحمد بن الخاركي: 2/353؛ 5/99؛ 6/391 أحمد بن أبي داود: 3/332؛ 4/320. أحمد بن رياح الجوهري: 3/12. أحمد بن زياد بن أبي كريمة: 1/159؛ 2/444؛ 3/166، 219، 243، 256؛ 4/501؛ 5/179، 180؛ 6/520، 573. أحمد (بن أبي صالح) : 4/485. أحمد بن عبد العزيز: 2/385. أحمد بن عبد الوهاب الكاتب: 1/204. أحمد بن غالب: 4/316. أحمد بن المثنى: 2/365؛ 4/316. ابن أحمر الباهلي: 1/151، 152، 236؛ 2/270، 411؛ 3/21، 55، 152، 255؛ 4/426؛ 5/185، 249، 265، 304؛ 6/382، 388، 412؛ 7/154.

أحمر بن جندل: 3/32. أحمر بن شميط: 3/27. الأحنف بن قيس: 1/23، 241، 249؛ 3/300، 380، 441؛ 3/38، 226؛ 4/269، 363؛ 5/94؛ 7/4، 53، 90، 137. أبو الأحوص (الراوي) : 5/228. الأحوص (الشاعر) : 1/166. أحيح* بن (خالد بن عقبة) : 2/410. أحيحة بن الجلاح: 1/245؛ 2/285. الأحيمر السعدي: 1/251؛ 3/23، 36؛ 4/467. جد الأحيمر اسعدي: 1/88. أبو الأخزر الحماني: 1/74، 27؛ 2/399 3/77؛ 5/283. الأخطل التغلبي: 2/382، 399، 432؛ 3/36، 151، 200، 260؛ 4/375، 377، 480؛ 5/48، 90، 169، 177، 264، 304؛ 6/363، 550. الأخنس بن شهاب: 4/464. أدهم بن أبي الزعراء: 4/410. أدير: 2/430. ابن أذينة- عروة. أردان* 2/430. أردشير بن بابك: 1/51، 92. أرسطاطاليس صاحب المنطق: 1/52، 54، 120، 121؛ 2/280، 281، 283، 284، 364، 420، 441؛ 3/70، 89، 93، 175، 219، 243، 250، 251، 252، 257، 259؛ 4/276، 286، 313، 330، 353، 358، 368، 370، 405، 417؛ 5/28، 115، 284، 286؛ 6/327، 331، 381، 462، 492، 554، 555؛ 7/22، 26، 44، 60، 73، 80، 111، 124، 134. أرطاة ابن سهية: 1/244؛ 3/185، 222. الأرميني: 4/366. أروى*: 3/242. الأزرق بن قيس: 3/226. الأزرق الهمداني: 5/34. إساف بن عباد: 6/542. أسامة بن الحارث الهذلي: 4/446. أسامة بن زيد: 3/94، 95. أسامة صاحب روح: 6/461. أسباط رجل من حزن من بني عذرة: 4/381. إسحاق*: 6/573. أبو إسحاق (راو) : 4/404. أبو إسحاق- إبراهيم بن سيار النظام. إسحاق بن حسان بن قوهي الخريمي: 1/147، 236؛ 3/47، 57، 76؛ 5/113، 116، 319؛ 5/113، 116، 319؛ 6/543؛ 7/37، 89، 116. إسحاق (الذبيح عليه السلام) : 1/107. إسحاق بن رزين: 6/442. أبو إسحاق (السبيعي) : 1/194، 195؛ 5/228. إسحاق بن سليمان: 1/45؛ 6/334. إسحاق بن عيسى: 3/14؛ 4/468. أبو إسحاق المكي: 6/581. الأسدي: 1/217؛ 4/281؛ 6/593؛ 7/13.

أسد بن عبد الله القسري: 6/434. إسرائيل (والد بني إسرائيل) : 4/292. أسعد* (بن مجدعة) : 5/293. الأسعر الجعفي: 1/181، 230. أسقف نجران قس بن ساعدة: 3/43. الإسكندر: 6/590؛ 7/145. أسلم بن زرعة: 1/171؛ 5/16، 103. أسماء*: 3/47؛ 5/273. أسماء بنت أبي بكر: 6/343. إسماعيل بن أمية: 1/185. إسماعيل بن حسان: 1/194. إسماعيل بن حماد: 5/14. إسماعيل (الذبيح عليه السلام) : 1/107؛ 4/302، 497؛ 7/35، 139. إسماعيل (بن أبي سهل بن نيبخت) : 3/66، 67. إسماعيل* (الطبيب) : 7/89. إسماعيل بن غزوان: 2/284؛ 3/121، 224؛ 5/57، 64، 168. إسماعيل المكي: 1/192؛ 3/186؛ 4/404. الأسود بن أوس بن الحمرة: 2/263. أبو الأسود الدؤلي: 2/410؛ 3/22؛ 4/388؛ 5/237، 252، 318، 320؛ 7/36، 52. الأسود بن المنذر: 1/168. الأسود بن يعفر: 4/427. أسيد*: 1/158. أبو أسيد عمرو بن هداب: 3/16؛ 5/93. أسيلم*: 3/235. أبو الأشبال* أسد بن عبد الله: 6/434. الأشتر*: 2/413. الأشتر بن عبادة: 2/429. الأشتر بن عمارة: 5/274. الأشرم- أبرهة: 7/119. أشعث*: 1/240. ابن الأشعث- عبد الرحمن بن محمد: 2/379. الأشعر- الرقبان. إشعياء (النبي) : 4/358. الأشقيل: 4/273. أشلوما: 2/430. ابنة الأشم*: 6/471. الأشهب (رجل من أهل الكوفة) : 7/100. أبو الأشهب: 4/294. الأشهب بن رميلة: 1/73، 207؛ 3/54. أبو الأصبغ بن ربعي: 3/56، 125؛ 6/333. الأصبغ بن نباتة: 5/267. أصطفانوس: 2/316. أبو الأصلع الهندي: 7/104. الأصم: أبو بكر الأصم. الأصمعي: 1/70، 93، 101، 110، 120، 124، 179، 198، 205، 221؛ 2/285، 295، 305، 324، 326، 341، 361، 368، 401، 413، 420، 431؛ 3/31، 52، 60، 63، 83، 107، 118، 122، 123 213، 214، 218، 220، 221، 222، 223، 237، 238، 260؛ 4/266، 272، 294، 319، 339، 347، 379، 384، 390، 391، 427، 439، 493؛ 5/48، 84، 106، 108، 133، 142، 166، 236، 257، 265، 271، 274، 291، 293،

300، 302؛ 6/349، 352، 373، 375، 379، 388، 391، 394، 413، 416، 448، 463، 475، 484، 550، 565؛ 7/41، 51، 52، 55، 67، 98، 101، 107، 114، 121، 126. الأضبط بن قريع السعدي: 1/239؛ 3/52؛ 4/451. ابن الأعرابي: 1/125، 175، 176؛ 3/226 3/226، 230 بلفظ (محمد بن زياد) 4/344 456؛ 5/97، 116، 157، 237؛ 6/348، 350، 355، 371، 375، 377، 399، 402، 406، 410، 440، 525، 526، 536، 560؛ 7/12، 13، 18، 20، 49، 89، 90، 94، 95، 96، 103، 132. الأعرج القيني: 4/428. أبو الأعز- عروة بن مرثد. الأعشى: 1/19، 181، 183، 199، 234، 258؛ 2/262، 362، 411، 418، 436؛ 3/56، 116، 136، 210، 223، 232، 233 بلفظ أعشى بكر 234، 245؛ 4/352 424، 425، 432، 463، 460؛ 5/70، 185، 231، 265، 271، 272، 289؛ 6/394، 398، 406، 412، 413، 433، 501، 550، 551؛ 7/62، 153. أعشى باهلة: 1/258. أعشى بني تغلب: 1/256. أعشى سليم: 2/297؛ 6/417، 434. الأعشى بن نباش بن زرارة الأسدي: 6/421. أعشى همدان: 1/89؛ 2/393؛ 4/338؛ 6/522؛ 7/38. الأعلم*: 6/518. الأعلم الهذلي: 4/418. الأعمش: 2/438؛ 3/9، 186؛ 5/131؛ 6/446. الأعمى المغيرة بن سعيد: 2/391، 392؛ 6/522. الأعور النبهاني: 4/379. الأعوران: 2/399. الأعيرج: 6/580. أعين (الطبيب) : 2/368. أبو الأغر- أبو الأعز. الأغلب العجلي: 2/398. أف: 3/9. أفار بن لقيط: 6/343. أفلاطون: 1/52، 54. أفليمون صاحب الفراسة: 3/76، 130، 137. الأفوه الأودي: 2/291؛ 4/340؛ 5/301؛ 6/459، 462. ابن أقرع*: 2/427. الأقرع بن معاذ القشيري: 7/96. إقليدس: 1/56، 62. الأقيبل القيني: 4/384؛ 7/62. الأقيشر الأسدي: 5/89. أكثم بن صيفي: 3/23. الإمام: 5/130. امرؤ القيس بن حجر: 1/47، 52، 180، 182، 216؛ 2/325؛ 3/52، 65، 202، 237؛ 4/422، 448؛ 5/164، 169، 185، 263، 315؛ 6/382، 394، 475،

(الباء)

493، 503؛ 7/4، 32. امرؤ القيس بن عابس الكندي: 5/165. أمير المؤمنين (المأمون) : 4/478، 479. أميمة*: 3/24. الأمين- محمد الأمين المخلوع. أمية بن أبي الصلت: 1/46، 47، 130، 254؛ 2/420، 422؛ 3/21، 173، 429؛ 4/266، 350، 355، 356، 359، 423، 492؛ 5/74، 202، 233؛ 6/392، 396، 431، 459؛ 459؛ 7/26، 30، 33، 119، 125، 145. أمية بن أبي عائذ: 1/235. أم أناس بنت عوف: 1/217. أناهيد (الزهرة) : 1/128؛ 6/419. الأندلسي: 3/165. أنس (قال الجاحظ لا أدري من هو) : 4/325. أنس*: 7/37. ابن أنس- مالك بن أنس. ابن أنس*: 6/369. أنس بن أبي إياس الدؤلي: 3/59؛ 5/139. أخت أنس بن أبي شيخ: 6/582. أنس بن أبي شيخ: 6/582. أنس بن مالك: 1/117؛ 3/186؛ 7/52. أنس بن مدركة الخثعمي: 1/18؛ 3/89. الأنصاري: 7/48. أهبان بن أوس: 1/197؛ 3/250؛ 4/301؛ 7/29، 127، 129. أهرمن إبليس: 4/405، 406؛ 6/564. أهرن* (الطبيب) : 1/162، 163. ابن أود: 4/340. أوس*: 6/410. أم أوس*: 3/199. أوس بن حارثة: 5/158. أوس بن حجر: 1/183، 184؛ 2/412؛ 3/27، 33، 167؛ 4/272، 274، 325، 452؛ 5/12، 14، 139، 148، 149، 272 282، 308؛ 6/338، 383، 418، 458، 461. أوفى بن دلهم: 6/590؛ 7/99. أويس القرني: 2/337. إياس بن الأرت: 4/387. إياس بن سهم: 1/235. إياس بن ضبيح- أبو مريم الحنفي. إياس بن قتادة: 3/38. إياس بن معاوية بن قرة المزني: 1/98، 99، 100؛ 2/292، 332، 396، 397؛ 5/58، 198؛ 6/327، 576. أيمن بن خريم: 6/481، 565. أيوب عليه السلام: 2/380؛ 5/200؛ 6/399. أيوب (راو) : 1/118. أيوب* (في شعر أبي نواس) : 5/203. أيوب الأعور: 3/6. أبو أيوب الأنصاري: 5/159. أيوب بن جعفر: 6/334، 356، 357. أبو أيوب المورياني: 2/442. (الباء) بابك: 7/48. بابويه صاحب الحمام: 2/334. الباخرزي: 1/115. باقل: 1/32.

الباهلي: 6/536. بثين* (بثينة جميل) : 6/489. بجيل: 6/342. البحتري (الشاعر) : 1/49. بحر*: 3/40. أبو بحر الأحنف بن قيس: 3/226. بختنصر: 4/475. بختيشوع بن جبريل المتطبب: 2/368؛ 4/320؛ 5/191، 195. أبو بدر الأسيدي: 5/125. البدري: 3/339. بديل بن ورقاء: 3/19. أبو براء- عامر بن مالك. البراض بن قيس: 1/109. أبو البرج- القاسم بن حنبل. برد* (والد بشار) : 1/158. أبو برزة: 5/231. برصوما: 6/327. البرك: 2/337. برة القنفذ كعب بن زهير: 6/567. أبو بريذعة: 1/89. البريق الهذلي: 5/265. البزار الحلي: 1/254. بسطام بن قيس: 1/218؛ 2/306. البسوس: 3/88؛ 5/178. بشار بن برد الأعمى: 1/120، 156، 158 166، 205، 237، 387، 483- 486، 496؛ 5/52، 106، 132، 169، 235؛ 6/373، 434، 578، 585؛ 7/22، 38، 146. بشامة بن الغدير: 2/302. بشر (أخو بشار) : 7/22. بشر بن أبي خازم: 1/88، 235؛ 4/343، 458؛ 5/158، 296؛ 6/458، 459، 460، 461، 479، 494، 495، 454. بشر بن سعيد: 2/372. بشر بن عامر: 5/75. بشر بن أبي عمرو بن العلاء النحوي: 2/369 5/94. بشر بن أبي عمرو (آخر) : 5/94. بشر بن غياث- المريسي. بشر بن مروان: 7/37، 50. ابن بشر بن مسهر*: 4/410. بشر بن المعتمر: 2/355؛ 4/376؛ 6/348، 363، 391، 463، 470، 474، 482، 531، 532، 555، 562. بشوتن (بن كشتاسب) : 6/574؛ 7/145. بشير: 5/197، أبو بشير الأنصاري: 4/337. بشير بن أبي جذيمة العبسي: 4/294. بشير بن الحجير الإيادي: 6/392. أبو بصير الأعشى: 2/418. أبو البصير المنجم: 6/581. ابن البطريق: 1/53، 54، 55. بطليموس: 1/52، 94؛ 7/122. البطين: 6/345. البعيث: 2/414؛ 3/116؛ 4/275، 344، 392؛ 5/104، 307، 310؛ 6/413، 537. بغبور* (ملك الصين) : 7/109.

(التاء)

أم بكر*: 1/213. أبو بكر الأصم: 1/228؛ 4/297. أبو بكر بن بريرة: 3/5، 10. بكر بن خنيس: 5/268. أبو بكر الشيباني: 6/509. بكر بن عبد الله المزني: 6/592؛ 7/121، 149. بكر ابن أخت عبد الواحد: 6/465، 482. أبو بكر الغفاري (حمدان) : 5/317. أبو بكر بن أبي قحافة رضي الله عنه: 1/185، 223؛ 3/9، 17، 19، 103، 122، 247؛ 4/395؛ 5/170؛ 6/343، 398. بكر بن ماعز: 5/228. أبو بكر بن نافع: 1/117، 193. بكر بن النطاح: 3/97؛ 4/421. أبو بكر الهذلي: 1/118، 147؛ 4/401؛ 7/137. البكراوي محمد بن عمر البكراوي: 3/15. أبو بكرة: 2/443؛ 4/498. ابن أبي بكرة عبد الرحمن، عبد الله: 4/499. البكري الحارث بن حسان: 5/258. بكير بن معدان- أبو السفاح. أبو البلاد الطهوي أبو الغول الطهوي: 3/54 6/438، 442. بلال*: 2/392. أبو بلال الخارجي- مرداس بن أدية. بلال بن رباح: 3/247. بلج بن نشبة الجشمي: 1/141. بلعاء بن قيس: 3/28؛ 5/93. بلعزبول: 1/226. بلعم (أو بلعوم) : 7/122. بلقيس: 1/123؛ 3/252؛ 6/419، 455. البلوي: 5/248. بهرام جوبين: 7/109. بهرام جور: 1/93. البهراني- الحكم بن عمرو البهراني. أم بيضاء: 3/222. بيهس: 4/462، 463. (التاء) تأبط شرّا: 1/46، 119؛ 3/32؛ 6/448، 559، 569. أم تأبط شرّا: 1/189. تبع*: 6/392؛ 7/106، 151. تبيع بن كعب: 2/413. الترجمان بن هريم: 2/298. التغلبي- جابر بن حني. التغلبية: 1/22. تف: 3/9. ابنا تماضر*: 5/127. أبو تمام الطائي: 1/48، 169؛ 6/444. تميم (أبو زيد مناة) : 1/167؛ 2/431؛ 3/49؛ 6/368. تميم بن مقبل العجلاني: 1/155، 203، 209، 312، 219؛ 2/383، 443؛ 3/21؛ 4/266؛ 5/15؛ 6/445؛ 7/35، 36، 63، 67، 120، 137، 151، 154. التميمي عيص سيد بني تميم: 3/15. تنكوير: 1/203؛ 6/437. توبة بن الحمير: 2/408. التوت اليماني: 5/313.

(الثاء)

توفيل: 4/273. تولب*: 1/166. التيمي: 6/589. التيمي الشاعر المتكلم: 4/272. (الثاء) ثابت بن أبي سعيد*: 1/172. ثابت (أخو سليمان الزجال) : 3/142. الثبجاء- الشجاء. ابن ثروان الخارجي: 4/408. أبو ثعلب الأعرج- كليب بن أبي الغول. ثعلبة بن صعير المازني: 2/407؛ 5/71. ثقف: 1/79. الثقفي: 3/20. ثقيف- قسي بن منبه. ثمامة بن أشرس: 1/174، 249؛ 2/299، 330، 338؛ 3/14، 15، 155، 183، 244؛ 4/369؛ 5/137، 195، 199، 200؛ 6/551، 582. ثمامة الكلبي: 4/344. أبو ثمامة مسيلمة الكذاب: 4/444. أبو ثمامة (كنية النابغة الذبياني) : 5/294. ثوب بن شحمة العنبري: 1/177، 255. ثوبان*: 1/158، 237؛ 4/483. الثوري سفيان الثوري. (الجيم) جابر الجعفي جابر بن زيد: 7/117. جابر بن حني التغلبي: 1/215؛ 3/69؛ 6/391، 516. جابر بن عبد الله الأنصاري: 1/193؛ 4/402، 403؛ 5/66، 146. الجارود بن أبي سبرة: 1/147؛ 7/52، 115 الجارود العبدي- الجارود بن المعلى. الجارود بن المعلى (العبدي) : 1/216؛ 5/292 جالينوس: 1/56؛ 3/173؛ 4/321؛ 5/175؛ 6/346؛ 7/13، 21. أبو الجبار*: 6/338. جبار بن سلمى بن مالك: 3/226. جبار بن عبيد الله الديلي حيان بن عبيد الربعي الجبت: 3/9. جبريل عليه السلام: 1/118، 136، 197، 226؛ 6/430؛ 7/56. جبلة بن الأيهم: 4/443. جبيهاء الأشجعي: 4/273؛ 6/397، 422. الجحاف بن حكيم: 1/22، 23؛ 3/200. جحدر اللص ضبيعة بن قيس: 5/231، 232. جحش بن نصيب: 4/428. جحشويه: 4/347؛ 5/183؛ 6/451. ابن جدعان- عبد الله. ابن جدعان بن عمرو*: 6/421. الجدلي: 1/171. جديع بن علي: 3/225. جذعان: 1/104؛ 2/266. ابن جذل الطعان: 1/130. جذيمة الأبرش: 5/93؛ 6/424. أبو الجراح: 4/373؛ 6/494. أبو جراد الهزاردري: 5/113. الجرادي الجرداني: 3/161؛ 4/294. جرثوم*: 6/373. جران العود: 1/33؛ 2/361، 363، 407؛

3/116، 210؛ 4/380، 426، 451؛ 5/39، 305، 316؛ 6/362، 548. الجر نفس اللص: 7/94. جرهم: 1/122، 123؛ 4/295؛ 6/419. جرو البطحاء أبو العاصي: 2/442. جريبة بن الأشيم: 6/561. ابن جريج: 1/118؛ 2/405؛ 3/256؛ 4/268، 404؛ 5/66، 146. أبو جرير: 1/117، 118. جرير بن حازم القطعي: 5/311. جرير بن الخطفى: 1/167، 169، 173، 175، 207، 242، 257؛ 2/296، 400، 414، 432؛ 3/50، 225، 237؛ 4/293، 344، 379، 480؛ 5/44، 81، 131، 169، 281، 312، 215؛ 6/370، 408، 450، 525، 546، 548، 593؛ 7/39، 51، 139. جرير بن يزيد: 7/52. أبو جزء- أبو جرير. جساس بن قطيب أبو المقدام: 6/557. جساس بن مرة: 1/212، 213. جشم: 6/499. الجعجاع الأزدي: 3/31. الجعد جعد بني أبان*: 3/246. أبو جعدبة: 5/312. الجعدي- النابغة الجعدي. ابن جعفر*: 3/57. أم جعفر بنت المنصور- زبيدة زوج الرشيد. أم جعفر بنت المنصور 1/85، 99، 100. أبو جعفر الرازي: 1/117. جعفر بن سعيد: 2/378، 379، 380؛ 3/224؛ 4/354؛ 5/205، 217؛ 6/444. جعفر بن سليمان: 3/231؛ 4/272؛ 6/356، 441؛ 7/113، 154. جعفر الضبي: 2/300. جعفر الطيار رضي الله عنه- جعفر بن أبي طالب. جعفر الطيار رضي الله عنه: 1/26؛ 3/17، 112؛ 6/431؛ 7/26، 30. جعفر بن محمد: 1/185. أبو جعفر المكفوف النحوي العنبري: 4/313. أبو جعفر المنصور- المنصور. أبو جعفر نصر بن شبث: 7/53. أم جعفر بنت النعمان بن بشير: 1/148. جعفر ابن أخت واصل: 7/122. جعفر بن يحيى بن خالد البرمكي: 1/157، 171، 172؛ 4/389. جعيفران الموسوس: 3/34. ابن جلا*: 4/390. جلمود بن أوس: 1/157. ابنا الجلندى: 1/66. الجلندى بن عبد العزيز الأزدي (عجردة أو عرجدة) : 3/253. الجماز- محمد بن عمرو. جمح: 6/539. جمرة الأزدية: 7/98. جمرة ابنة نوفل*: 1/15؛ 3/61. جمل بنت جعفر: 4/450. الجميح: 6/444. جميل بن محفوظ: 4/481، 484. جميل بن معمر: 6/488؛ 7/124.

(الحاء)

جناب بن الخشخاش القاضي: 7/16. جندب (ابن زهير بن الحارث) : 2/392. جندل بن الراعي: 1/169، 170/207. جنوب أخت عمرو ذي الكلب: 5/41. أبو الجهجاه- محمد بن مسعود النوشرواني. أبو الجهجاه: 1/230؛ 2/415؛ 3/5؛ 4/269، 270؛ 5/7. أبو جهل عمرو بن هشام: 5/89. جهم بن خلف المازني: 3/98، 117. جهم بن صفوان: 4/297؛ 5/5. ابن الجهم- محمد بن الجهم. جهنام: 6/433. الجهني: 5/246. جهينة*: 6/438. جواب*: 5/95. جواب الخارجي: 3/195، 196. جواس بن القعطل: 3/247. جوسق: 3/60. جويبر بن إسماعيل: 4/383. أبو الجويرية العبدي: 6/409. (الحاء) حاتم بن إسماعيل الكوفي: 2/405. حاتم بن عبد الله الطائي: 1/150، 217، 255؛ 2/308، 380؛ 4/394؛ 5/17؛ 6/414. حاتم بن فيلويه: 7/51. حاتم بن النعمان الباهلي: 5/90. حاجب بن دينار المازني: 1/125. حاجب بن زرارة: 1/178، 249؛ 2/300، 380؛ 3/46؛ 4/445؛ 5/95. الحادرة: 1/218؛ 3/228؛ 6/504. حار* الحارث الغساني: 1/234؛ 6/429. ابن حار- ابن فارس بن ضبعان. حارث: 3/64، 70، 198. الحارث: 2/356. أبو الحارث: 3/225. أبو الحارث جمين: 3/40؛ 5/107. الحارث بن حلزة: 1/18، 50، 217؛ 3/214؛ 4/448؛ 5/96، 97، 270؛ 6/406، 439. الحارث بن شريح: 2/298. الحارث بن ظالم: 2/379. الحارث بن عباد: 1/21؛ 3/136؛ 4/436 437، 461؛ 6/369. الحارث بن عبد الله: 1/141. الحارث الملك الغساني: 6/429. الحارث بن الكندي: 1/46؛ 6/369. الحارث بن الوليد: 1/210؛ 4/388. بلفظ دعي الوليد. الحارث بن يزيد جد الأحيمر السعدي: 3/63. حارثة*: 1/173. حارثة بن بدر الغداني: 3/36، 38، 59، 189؛ 4/366؛ 5/139؛ 7/95. حارثة جهينة: 6/422. حام*: 3/66. ابن حائط- أحمد بن حائط. الحباب بن المنذر: 1/223. أبو حباحب: 4/502. حبان بن عتبان: 3/229. ابن حبناء الأشجعي- جبيهاء الأشجعي

ابن حبناء: 4/273؛ 5/91؛ 6/517. أبو حبيب: 6/499. حبيب بن أبي ثابت: 1/227. حبيبة بنت خارجة: 6/343. حبى المدنية: 2/357؛ 6/348، 355. الحجاج (الترجمان) : 1/56. الحجاج العبسي: 3/6. الحجاج بن يوسف الثقفي: 1/57، 125، 161، 213، 225؛ 3/7، 225؛ 4/384، 472، 475؛ 5/108، 312؛ 6/370، 403، 408، 501؛ 7/50، 52، 62، 100، 115. حجر*: 3/203. حجر بن خالد بن مرثد: 3/26. حجر بن عمرو: 2/261؛ 5/185. حجر بن أم قطام* (والد امرؤ القيس) : 7/32. أبو حجين (أو حجير) المنقري: 6/361. الحداني: 5/219، 220. الحدسي*: 4/504. حديج الخصي: 1/79؛ 3/85. ابن حذام*: 2/325. حذيفة بن بدر الفزاري: 1/216، 217؛ 2/301؛ 3/60؛ 4/445؛ 5/159. حذيفة بن دأب: 6/347، 348. حذيمة*: 5/143. حراب*: 3/201. الحرامي أو الحزامي الكاتب: 3/114؛ 5/57، 101؛ 7/133. ابن الحر- عبيد الله. ابن حرب محمد. ابن أبي حرب: 5/167. أبو حرب: 2/405. حرب بن أمية: 1/199؛ 3/173؛ 6/423. أبو حردبة: 5/70. الحرمازي (لعله الكذاب) : 4/456. حرمي: 1/203. حريث: 1/99. الحريث بن حسان البكري: 5/258. حريز بن نشبة العدوي: 4/333. أبو حزابة: 1/167؛ 3/181. ابن حزن (عدوي من آل عموج) : 3/150. حسام الأعور النحوي- خشنام. أم حسان*: 4/466. حسان بن بحدل: 3/247. حسان بن ثابت الأنصاري: 1/14، 96، 177، 226، 253؛ 2/355؛ 3/30، 55، 58، 201؛ 4/435، 443؛ 5/126، 176، 236، 247؛ 6/411، 477، 544؛ 7/86، 154. حسان بن ميسرة: 3/50. حسكة بن عتاب: 1/249. حسل*: 6/364. حسن*: 3/57؛ 6/369. الحسن (القاضي) : 1/230. أبو* الحسن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: 6/562. ابن حسن*: 3/181. الحسن بن إبراهيم: 2/444. الحسن بن إبراهيم العلوي: 3/189. أبو الحسن الأخفش: 1/62؛ 6/554. الحسن البصري: 1/23، 118، 147، 148،

193، 194، 226؛ 2/397، 405، 443؛ 3/95، 261؛ 5/55، 228، 268، 311؛ 6/398، 591؛ 7/108. الحسن بن جماعة الجذامي: 1/48. حسن بن حسن بن علي رضي الله عنه: 5/240. أبو الحسن بن خالويه: 2/316. الحسن بن ذكوان: 5/67. الحسن بن سعد: 4/268. أبو الحسن علي بن محمد المدائني: 1/117؛ 2/264، 269، 332، 334، 341، 342، 365، 396، 438، 440؛ 3/170، 203، 205، 223، 253؛ 4/293؛ 5/105، 108، 240، 302؛ 6/403، 451؛ 7/13، 138، 140. الحسن بن عمارة: 1/194. الحسن اللؤلؤي: 1/52. الحسن بن المرزبان: 6/581. الحسن بن هانئ أبو نواس: 1/32، 157، 172؛ 2/271، 273، 274، 276، 277، 285، 390؛ 3/29، 66، 68، 101، 222، 239؛ 4/481، 482، 484؛ 5/92، 93، 99، 119، 203، 316؛ 6/368، 441، 519؛ 7/99، 133. حسيل*: 6/364. حسيل بن عرفطة: 3/51، 240. حسين*: 6/369. حسين الزهري: 5/150. حسين بن الضحاك: 5/255. حسين (بن علي) : 3/96. حصن بن حذيفة: 1/217، 249؛ 2/300 380؛ 3/45؛ 4/445. أم حصين*: 2/441. الحصين*: 3/198. حصين بن القعقاع: 1/208. الحضرمي: 4/293. حضرمي بن عامر: 3/151. حضين بن المنذر: 5/232. الحطيئة: 1/257، 258؛ 2/258؛ 3/140؛ 5/44، 72، 231؛ 6/495، 508. حفص بن غياث: 1/231؛ 3/9. حفص الفرد: 4/272، 297. حكم*: 4/434. الحكم*: 3/120. أبو الحكم: 1/194. الحكم بن أيوب: 1/19. الحكم (لقب أبي جهل) : 5/89. الحكم بن الطفيل: 2/394. الحكم بن عبد الملك بن مروان: 7/50. الحكم بن عبدل: 1/154، 161، 163، 164، 234؛ 2/333، 412؛ 3/180، 181؛ 5/89، 160؛ 6/580. الحكم بن عمرو البهراني: 6/357. الحكم بن مروان بن زنباع: 4/330. الحكم بن المنذر بن الجارود: 1/216. الحكمي أبو نواس: 6/519؛ 7/99. حكيم بن عياش: 2/261. أبو حكيم الكيمائي: 3/183، 184. أبو الحلال الهدادي: 5/98؛ 7/50. حليس الخطاط الأسدي: 1/46. الحليس*: 1/208.

حليمة*: 3/33. حليمة (ظئر النبي صلى الله عليه وسلم) : 6/331؛ 7/148. حماد بن الزبرقان: 4/480، 481. حماد الراوية: 2/391؛ 4/480، 481؛ 5/295. حماد بن سلمة: 1/179؛ 3/8، 226، 261؛ 5/284. حماد بن الصباح: 4/480. حماد بن عجرد: 1/156، 158، 237؛ 2/333؛ 4/294، 479، 481، 484؛ 6/435. حمادة الصفرية: 5/311. الحماني صاحب الأحم: 1/163. حمدان أبو بكر- أبو بكر الغفاري. حمدان أبو بكر: 5/317. حمدان بن الصباح: 5/136. حمدان أبو العقب: 6/530. حمران ذو الغصة: 6/354. حمزة بن بيض: 5/242. حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه: 1/150؛ 3/17؛ 6/398، 431. حمل*: 7/17. حمل بن بدر: 4/445. حمويه الخريي: 3/293؛ 5/113. حمويه كلب الجن: 2/350. حميد (راو) : 7/52. حميد الأرقط: 5/54، 69، 166. حميد بن ثور الهلالي: 1/115، 238؛ 3/21 97؛ 4/275؛ 5/254، 262؛ 6/484، 568، 571، 588. حميد بن زهير أحد بني أسد بن عبد العزى: 3/73. حميد بن عبد الحميد (الطوسي) : 6/541. حميدة: 2/391، 392؛ 5/312؛ 6/522، 523. الحميراء (لقب عائشة أم المؤمنين) : 1/223. حميري*: 1/53. الحميري: 3/15. حميضة بن حذيفة: 3/38. أبو حنبض- أخو حنبض. أخو حنبض الضبابي: 1/20. حنبض الضبابي: 1/20. حنبل*: 6/370. حنثر*: 4/433. أبو حنش: 5/234. حنظلة السدوسي: 3/186. حنظلة بن أبي سفيان المكي: 4/402؛ 5/268. حنظلة بن الشرقي أبو الطمحان: 4/495. حنظلة بن عرادة: 1/148. ابن الحنفية: 3/96. أبو حنيفة: 1/60، 231؛ 3/9؛ 7/4، 120. حنين: 5/190. حواء (أم البشر) : 1/97، 124؛ 3/196؛ 4/301، 335، 339، 356، 393؛ 6/583. حوشب*: 3/588. حوشية صاحبة ابن الطثرية: 1/103؛ 6/428. حوط بن خشرم: 7/92. حومل: 1/192.

(الخاء)

الحويرث*: 1/253. حيان بن عبيد الربعي: 6/371. حيان بن عتبي: 4/397. أبو حية النميري: 1/183؛ 2/291؛ 3/39، 115، 203، 204؛ 4/338، 371، 424، 465، 502؛ 5/68؛ 6/354، 355، 367، 571، 571. (الخاء) خارجة*: 6/587. أبو خارجة: 5/266. بنت خارجة (هي حبيبة) : 6/343. ابن الخاركي- أحمد بن الخاركي. خاقان*: 1/131؛ 7/53. خاقان بن صبيح: 4/414؛ 5/58. خاقان بن عبد الله الأهتم: 7/74. خالد*: 2/355؛ 3/24؛ 4/447؛ 5/254؛ 7/100. ابن أبي خالد: 5/78. أم خالد*: 7/96. خالد بن برمك: 4/468، 469. خالد بن جعفر بن كلاب: 3/49. خالد الربعي: 4/402. خالد بن زهير الهذلي: 4/352. خالد بن سلمة المخزومي الخطيب: 7/50. خالد بن سنان (النبي) : 4/497. خالد بن صفوان: 1/62؛ 5/313؛ 6/393 7/137. خالد بن الصقعب النهدي: 1/233. خالد بن طليق: 5/149. خالد بن عبد الرحمن: 1/181. خالد بن عبد الله القسري: 2/391، 443؛ 417، 462؛ 6/523. خالد بن عتاب: 5/312. خالد بن عجرة الكلابي: 1/179؛ 6/565. خالد بن عقبة، من بني سلمة بن الأكوع: 4/381. خالد بن علقمة ابن الطيفان: 3/53؛ 5/13؛ 6/337. خالد القناص: 7/107. خالد بن نضلة (الأسدي) : 3/52؛ 4/433. أبو خالد النميري: 2/291؛ 5/100؛ 6/354، 355. خالد بن الوليد: 4/500؛ 6/356، 420. خالد بن يزيد بن معاوية: 1/54. خالدة* (بنت أرقم) : 4/495. ابن خالويه- أبو الحسن بن خالويه. خثيم بن عدي: 3/208. خداش بن زهير: 1/19، 243؛ 6/342. خديجة أم المؤمنين: 5/269. أبو خراش الهذلي: 4/390، 431. أبو خراشة- خفاف بن ندبة. أبو خراشة*: 5/12؛ 6/557. خراشة بن عامر بن الطفيل: 2/394. خرافة العذري: 1/199؛ 6/424. خربق العميري: 5/155. أبو الخرشن*: 6/517. الخريمي- إسحاق بن حسان. الخزرجي- أبو السري سهل بن أبي غالب. الخزرجي: 6/486؛ 7/30. خزيمة*: 2/262.

(الدال)

خزيمة بن أسلم: 2/408. أبو خزيمة الحارث: 3/13. خزيمة بن طرخان الأسدي: 2/280. ابنة الخس- هند بنت الخس. خشرم: 2/443. خشنام الأعور النحوي: 3/241. خشنام بن هند: 3/9. الخصي الطيان: 1/82. الخصي العبدي السوراني الجبلي: 6/331؛ 7/148. الخضر عليه السّلام: 7/122، 123. أبو الخطاب: 1/116. الخطفى: 6/405. خفاف بن ندبة: 1/21، 88، 180؛ 5/12، 127. خلاد بن يزيد الأرقط: 2/442. خلف بن حيان الأحمر: 1/119، 124؛ 2/420؛ 3/23، 60، 221، 239، 343؛ 4/347، 397، 400؛ 5/83، 126، 153؛ 6/533، 569. خلف بن خليفة الأقطع: 1/237؛ 7/50. خلف بن نوالة الكناني: 4/442. خليد*: 4/447. خليد عينين: 1/175؛ 4/498. خليفة الأقطع: 6/478. الخليل بن أحمد الفراهيدي: 1/31، 43، 99؛ 3/67، 238؛ 6/366، 426؛ 7/100. خليل (أخو الحزامي) : 3/114. الخليل بن يحيى السلولي: 3/15، 190. أبو الخنافس: 3/247. خترب (شيطان القراء) : 6/417. الخنساء: 6/545، 591. الخوارزمي النخاس: 6* 452. أبو الخوخ: 4/353. أبو خولة الرياحي: 3/205. خويلد بن نفيل والد يزيد بن الصعق: 5/15 خويلة*: 2/411. ابن الخياط: 3/238. (الدال) ابن دأب- عيسى بن يزيد. ابن داحة: 1/44، 45؛ 2/295، 332؛ 3/190؛ 6/347. دارم الدارمي: 4/356. ابن دارة- سالم بن مسافع. أبو دارة: 6/348. داهر بن بصبهرى: 7/115. داود عليه السّلام: 2/380؛ 4/473؛ 5/269؛ 6/430؛ 7/16، 28، 29، 32، 73، 130، 145. ابن داود* سليمان: 3/37. داود بن جعفر الخطيب المعتزلي: 1/82. داود بن دينار- داود بن أبي هند. داود القراد: 2/375. داود بن عيسى: 7/53. داود بن متمم بن نويرة: 5/177. داود بن محمد الهاشمي: 4/347. داود بن المعتمر الصبيري: 3/16. أبو داود النخعي: 1/118. داود بن أبي هند: 6/403. داود بن يزيد: 7/47، 68.

(الذال)

داوداذ: 3/215. ابن دب- أبو ذباب. ابن دبوقاء: 5/121. الدبيري: 6/364. ابنا دجاجة*: 2/410. أبو دجانة: 2/358، 359. دحية بن خليفة الكلبي: 6/430. دختنوس بنت لقيط بن زرارة: 5/158. أبو الدرداء: 3/4؛ 5/267. أم الدرداء: 1/112؛ 5/311؛ 6/343. در كاذاب: 1/203؛ 6/437. دريد بن الصمة: 1/211؛ 2/354، 374؛ 3/22، 26؛ 4/425، 434، 450؛ 5/126 6/338، 473، 492، 540؛ 7/22. دعبل بن علي الخزاعي: 1/172، 175؛ 2/447؛ 3/232. دعلج بن الحكم: 6/443. دعلج عبد المنجاب: 6/351. ابن دعماء العجلي: 6/348. دغفل بن حنظلة الشيباني الناسب: 1/243؛ 3/103، 236؛ 4/266؛ 5/245. دكالا: 1/226. دكين الراجز: 3/35، 172؛ 4/327. الدلال: 1/81. أبو دلامة: 2/341. دلم (عبد لبني سعد) : 2/264. الدلهم بن شهاب العكلي- أبو الرديني. الدلهم بن شهاب العكلي: 1/242؛ 5/59، 268؛ 6/365، 566، 570. أبو دهبل الجمحي: 4/264؛ 6/350؛ 7/106، 114. الدهمان: 2/371. أبو دهمان الغلابي: 7/140. دهمان النهري: 5/14. أبو الدهناء: 2/388، 439. ابن دواب- أبو ذباب. أبو دؤاد الإيادي: 1/179، 181، 182؛ 2/340؛ 3/202، 217؛ 4/320، 422، 423، 437؛ 6/430، 565. دودان بن خالد: 4/433. دودة: 7/106. أبو ديجونة (مولى سليمان) : 6/498. ديسم العتري (صاحب قطرب) : 6/517. ديسموس: 1/191. ديصان: 5/24. ديمقراطس ديمقراط: 1/52، 68. دينار أبو الضريس. (الذال) أبو ذباب السعدي: 1/167. أبو ذبان عبد الملك بن مروان: 3/181. أبو ذر الغفاري: 4/363. ذريح: 2/358، 359. ذكوان*: 3/205. ابن ذكوان*: 1/163. الذكواني: 3/129؛ 5/100؛ 6/548؛ 7/37، 107. ذو الإصبع العدواني: 4/374، 437. ذو الأهدام: 4/364. ذو البرة كعب بن زهير: 6/567. ذو* التاج (لقب النعمان بن المنذر) : 7/67.

(الراء)

ذو جدون*: 6/392. ذو الخرق الطهوي: 3/197. ذو الرمة: 1/33، 46، 251، 253؛ 2/295 413، 432؛ 3/115، 122، 165، 172، 176، 204، 206؛ 4/275، 385، 412، 419، 427، 429، 467، 475؛ 5/155، 216، 307؛ 6/365، 406، 407، 445، 505، 507، 508، 512، 590؛ 7/12، 42، 99، 152. أخت ذو الرمة: 7/99. ابن ذي الزوائد: 6/409. ذو الشفة- خالد بن سلمة المخزومي. ذو الضرس- خالد بن سلمة المخزومي. ذو الضفيرتين من بني عجل: 2/391. ذو القرنين: 1/123؛ 4/295؛ 7/145. ابن ذي القروح: 4/388. ذو اليمينين- طاهر بن الحسين. ذو اليمينين: 3/4؛ 6/536. ذؤاب بن ربيعة الأسدي: 3/202. أبو ذؤيب الهذلي: 1/235؛ 2/358، 437؛ 4/409، 427؛ 5/154، 223، 273؛ 6/349؛ 7/150. ابن الذئبة: 1/166. (الراء) رابعة القيسية: 1/112؛ 5/311؛ 6/343. رادويه (صاحب قصاب رادويه) : 2/391؛ 6/522. راشد بن سهاب أو (شهاب) - اليشكري. راشد بن سهاب: 1/175، 207؛ 5/254؛ 6/365. الراعي النميري: 1/169، 257؛ 2/431؛ 3/117، 197؛ 4/346، 423، 426، 465؛ 5/35، 44، 73، 134، 166، 169، 233، 276، 286، 317؛ 6/408، 475؛ 7/126. الراعي النميري- عبيد بن حصين. راعي المخزم: 1/11؛ 4/453. رافع*: 6/561. أبو رافع: 1/193. راكب البعير- اسم الرسول صلّى الله عليه وسلم في التوراة. راكب البعير: 1/161. الرباب*: 5/185. رباح بن كحلة: 6/422. ربعي بن الجارود: 3/223. الربيع بن أنس: 1/117. الربيع: 3/8. الربيع بن أبي الحقيق: 1/162. الربيع بن خثيم: 1/241؛ 4/404؛ 5/228. الربيع بن زياد: 5/96، 97. الربيع بن صبيح: 4/404. الربيع بن قعنب: 6/551. ربيعة بن جشم النمري: 1/181. ربيعة أبو ذؤاب الأسدي: 3/202. ربيعة أبو الصلت- أبو أمية بن أبي الصلت. ربيعة أبو الصلت: 7/119. ربيعة بن أبي عبد الرحمن: 1/195. ربيعة بن مقروم الضبي: 1/231؛ 6/546؛ 7/155. رتبيل بن عمرو بن رتبيل: 5/300. رتبيل بن غلاق: 6/374.

(الزاي)

أبو رجاء: 4/316. أبو رجاء العطاردي: 1/218. الرجل المفقود: 1/199. ابن رحيم القراطيسي: 6/549. رداد الكلابي: 2/294؛ 4/425. أم الردين*: 5/149؛ 6/526. ردين* (ردينة) : 7/119. رزين العروضي أبو زهير: 7/129. رستم الآري: 7/110. الرشيد- هارون. رشيد بن رميض: 5/231. أبو الرعل الجرمي: 5/179. رغال*: 6/358، 395. أبو رغال: 6/395. ابن رغبان: 1/82. أبو رفاعة: 4/391. الرقاشي- الفضل بن عبد الصمد. ابن الرقاع- عدي. الرقبان الأسدي: 1/240. ابن الرقيات- عبد الله بن قيس الرقيات. رقية بنت ملحان: 6/403. ركازات- در كاذاب. الرماح بن أبرد- ابن ميادة. أبو الرماح الأسدي: 5/208. رمضان: 5/253. رميم*: 3/22. رؤب* (مرخم رؤبة) : 4/390. رؤبة بن العجاج: 1/103، 208؛ 2/324 343، 401؛ 3/128، 198؛ 4/263، 271، 282، 358، 373، 390، 409؛ 5/138، 264، 283؛ 6/376، 387، 428، 479، 520؛ 7/49، 51، 57، 104، 114. روح بن زنباع الجذامي: 1/148. روح بن الطائفية: 6/582، 583. روح الصائغ: 4/480. أبو روح فرج السندي: 3/207. روح القدس (جبريل عليه السّلام) : 1/226. روح الكاتب: 4/313. روح الله: 6/411. روح أبو همام صاحب المعمى: 3/125، 236؛ 6/461. روح بن أبي همام: 6/461. روقه: 7/104. أبو رومان- قيس أبو رومان. الريان بن أبي المسيح: 1/249. أبو ريانوس الملك: 3/86. (الزاي) زاهر: 6/525؛ 7/38. زائدة بن مقسم: 5/140. الزباء الرومية: 5/150، 178. زبان بن سيار الفزاري: 3/213؛ 5/293. زبان بن منظور: 1/251. الزبرقان*: 6/337. أبو الزبرقان: 5/74. الزبرقان بن بدر: 3/52؛ 6/366. ابن الزبعرى: 5/299. زبيد بن حميد: 2/370. الزبيدي عمرو بن معديكرب: 5/48. أبو الزبير: 1/193؛ 4/403؛ 5/66، 146.

أبو زبيد الطائي: 1/235؛ 2/394؛ 3/153 4/273، 399، 485، 486؛ 5/118، 128، 294؛ 6/397، 472، 509. ابن الزبير* عبد الله بن الزبير: 2/393. الزبير بن عبد المطلب: 4/451. الزبير بن العوام: 3/17، 205؛ 4/383؛ 5/157، 170، 199، 241. أبو الزحف: 2/355؛ 4/433. زر بن حبيش: 3/43. زرادشت: 4/405، 406؛ 5/36، 172، 173، 174. زرارة بن أعين: 7/72، 73. زرارة بن أوفى: 3/261؛ 5/284. زرارة بن عدس زرارة العدسي: 1/53؛ 2/300، 380؛ 4/445؛ 5/94. أبو زرعة بن جرير: 4/286. أبو الزرقاء سهم الخثعمي: 4/440. زرقاء اليمامة- عتر وائل. زرقان المتكلم: 3/101. أبو زفر*: 1/158. زفر بن الحارث الكلابي: 1/14، 15، 207؛ 2/299؛ 3/200؛ 5/91. أبو زفر الضراري: 4/326. الزفيان العوافي: 2/265؛ 6/406، 444. زكريا بن عطية: 7/136. زلزل: 6/327. زمرة الأهوازي: 6/548. زميل*: 6/476. زميل ابن أم دينار: 3/185. ابن أبي الزناد: 5/106. زنباع الجذامي: 1/109. الزندبيل- الحكم بن عبد الملك بن بشر ابن مروان. الزهرة أناهيد: 4/295. زهرة بن جؤية: 7/116. الزهري: 1/117؛ 3/15، 95؛ 4/401؛ 7/4. الزهري- محدث معاصر للجاحظ. زهير*: 1/32؛ 5/179. زهير (الذي كاتبه محمد بن عباد) : 1/174. زهير (صاحب مرداس) : 2/370. زهير بن ذؤيب: 2/306. زهير بن رزين العروضي: 7/129. زهير بن أبي سلمى: 2/305، 403، 415؛ 3/227، 229، 237؛ 4/270، 432، 450، 452، 453، 460؛ 5/178، 282، 313؛ 6/414، 475، 476، 494، 592. زهير بن هنيدة: 6/399. زوبعة الجني: 1/203؛ 6/436. ابن زياد- عبيد الله بن زياد. زياد بن أبيه: 1/52؛ 2/264؛ 3/13؛ 4/498؛ 5/109، 311، 320؛ 6/413؛ 7/51، 52، 59، 114، 138، 139. زياد الأعجم: 7/88. زياد بن أبي سفيان- زياد بن أبيه. زياد بن ظبيان: 2/302. زياد بن عمرو- النابغة الذبياني. أبو زياد الكلابي: 6/381. زيادة بن زيد: 7/92. الزيادي*: 3/13، 15؛ 4/397.

(السين)

زيد*: 3/34، 241، 247؛ 5/247؛ 6/492؛ 7/36. زيد بن أسلم العدوي: 1/136؛ 2/405. زيد بن بشر التغلبي: 6/488. زيد بن جندب الإيادي: 6/429. زيد الخير- زيد الخيل. زيد الخيل: 1/217؛ 2/358، 359، 413؛ 4/381، 425. أبو زيد- سعيد بن أوس النحوي الأنصاري. أبو زيد: 1/86، 96؛ 2/284؛ 3/205، 206، 230، 242؛ 4/265، 282، 383، 407، 499؛ 5/138، 263، 294، 295؛ 6/328، 395، 418، 520؛ 7/87. زيد بن علي (بن الحسين) : 2/382. زيد بن علي: 1/250. زيد (القارئ) : 1/223. زيد القميّ: 4/296. زيد بن كثوة: 6/375، 376، 377. زيد بن الكيس النمري: 3/103. زيد بن معروف، العث: 6/374. زيد مناة: 2/431. زينب (بنت الرسول صلى الله عليه وسلم) : 4/442. أبو زينب*: 1/219. زينب اليهودية: 4/382. زيوشت المغني: 7/68. (السين) الساطرون: 6/392. ساعدة بن جؤية: 3/203. سالم (راو) : 1/194. أبو سالم*: 6/566. أم سالم: 6/476. سالم بن أبي الجعد: 2/387. سالم بن دارة الغطفاني: 1/176؛ 7/152. سالم (القارئ) : 1/223. ابن أم سباع: 3/19. سبرة بن عمرو الفقعسي: 1/210. سحابة: 5/308. سحبان وائل: 1/32؛ 2/306. سحر العود: 5/35. ابن سحيم: 6/505. سحيم بن حفص أبو اليقظان: 1/213؛ 2/263، 334؛ 3/103؛ 6/543؛ 7/108 سحيم الفقعسي: 5/103. سحيم بن وثيل: 3/52. سحيمة بن نعيم: 1/168. السحيمي: 4/428. سدوم: 6/396. السدي: 1/228؛ 6/538. السدري: 6/372. أبو سراج*: 2/293. سراقة- سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي. سراقة: 1/197 6/430. سران*: 1/173. السرندى بن حنظلة بن عرادة: 1/148. أبو السري الشميطي- معدان الأعمى. ابن سريج: 7/4. أبو السطاح: 1/243؛ 3/103. سطيح الذئبي: 3/103؛ 6/422. سعد*: 7/102. سعد بن طريف: 3/247؛ 5/267.

سعد بن عبادة بن دليم: 1/199، 203؛ 6/424. سعد القرقرة: 1/97. أبو سعد المخزومي: 1/172، 174. سعد بن أبي وقاص: 1/117؛ 4/401، 443. سعدان المكفوف النحوي: 1/102؛ 5/255 7/121. السعداني: 6/581. سعدويه عين الفيل- سعدويه الطنبوري. سعدويه الطنبوري: 7/52. سعدى*: 3/102، 212؛ 5/158. سعدى بنت الشمردل: 5/293. السعلاة: 6/398، 418، 419. أبو سعنة: 6/373. أبو سعيد- الحسن البصري. سعيد بن جابر: 5/204. سعيد بن جبير: 1/118. سعيد بن خالد بن عبد الله بن أسيد: 6/403 سعيد بن أبي خالد بن فارض: 5/283. أبو سعيد الخدري: 5/228. سعيد بن مسلم: 1/112؛ 3/15؛ 5/90. سعيد بن صخر- الدارمي. سعيد بن صخر: 2/442؛ 4/330. سعيد بن العاص: 2/439. سعيد بن أبي عبد الرحمن: 1/23؛ 5/22. سعيد بن أبي عروبة: 1/194؛ 4/404؛ 5/228، 284. سعيد بن عمرو الحرشي: 4/276. سعيد بن قيس الهمداني: 5/177. سعيد بن المسيب: 2/405، 419؛ 3/95، 103؛ 5/283. سعيد النواء: 5/240، 241. سعيد بن وهب: 1/71. السفاح- أبو العباس أمير المؤمنين. أبو السفاح: 4/388. أبو سفانة (كنية حاتم) : 1/255. سفيان الثوري: 1/241، 195، 241؛ 2/321؛ 5/228. أبو سفيان بن حرب: 1/209؛ 2/385. سفيان بن عيينة: 1/118، 119؛ 2/391؛ 3/38؛ 5/125؛ 6/522. سكر الشطرنجي: 4/331. السكران بن عمرو: 2/403. السكن بن عبد الله بن الأعلى القرشي: 5/267. سلام أبو المنذر: 2/443. سلامة بن جندل: 3/32، 214. سلامة* (ذو فائش) : 3/233. سلسبيل (أم ولد لجعفر بن المنصور) : 6/521. سلم بن أحوز المازني: 2/404. سلم الخاسر: 3/44. سلم الخلال: 7/122. سلم بن قتيبة: 1/98؛ 3/214؛ 7/122. سلمان*: 2/394. سلمان بن ربيعة: 1/63. سلمة*: 6/499. سلمة بن خطاب الأزدي: 2/342. أبو سلمة- عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف. أبو سلمة: 4/268، 269؛ 5/147.

سلمة بن عياش: 7/51، 114. سلمويه: 1/41، 161؛ 4/320؛ 5/195. سلمى*: 1/211؛ 3/146؛ 4/343؛ 5/80، 106. أبو سلمى: 1/234؛ 3/38. ابن سلمى (كنية النعمان بن المنذر) : 7/27. سلمى بنت الصائغ: 4/443. سليك بن السلكة: 1/18. أبو السليل: 4/294. سليم*: 6/513. أبو سليم: 3/203. سليم (الساحر) : 1/203. سليمان (أحد الرواة) : 3/186. أبو سليمان أبو سليم: 3/203. سليمان الأزرق: 5/140. سليمان الأعمى- أخو مسلم بن الوليد. سليمان الأعمى: 4/354. سليمان بن داود عليه السّلام: 1/65، 197؛ 2/352؛ 3/250، 252؛ 4/263، 264، 267، 269، 271، 299، 300، 302، 303، 305، 358؛ 5/297 بلفظ سليم؛ 6/399، 412، 413، 414، 432، 455، 477، 482؛ 7/27، 28، 33، 35، 130. سليمان بن داود الهاشمي: 2/272. سليمان (مولاه أبو ديجونة) : 6/498. سليمان بن رياش: 5/197. سليمان الزجال: 3/142. سليمان بن طرخان التيمي: 6/415. سليمان بن عبد الملك: 1/225؛ 5/261. سليمان بن عبيد ابن علان بن شماس الصبيري. سليمان بن عبيد: 6/530. سليمان بن علي: 1/82، 98. أبو سليمان الغنوي: 6/343، 506، 512. سليمان بن وبر*: 6/401. سليمان بن يزيد العدوي: 6/415. سليمى*: 1/155؛ 2/407؛ 3/210. أم سليمى*: 4/384. سماع (زوج عبد الله بن يحيى) : 5/108. سماك بن حرب: 1/195؛ 2/321. سماك بن يزيد الأسدي: 5/91. أبو السمال- طارق أبو السمال. أم سمال*: 6/365. سملقة: 1/203. السموءل بن عاديا: 6/543. سمير بن الحارث- شمر بن الحارث. سميعة*: 1/237؛ 4/483. سنان*: 3/47. سنان بن أبي حارثة: 3/237؛ 6/424؛ 7/13. سنان الخادم: 1/115. ابن سنان العبدي: 1/182. سنجير: 2/264. سندرة: 5/248. السندي بن شاهك: 5/182. سنمار الرومي: 1/22. سنيح بن رباح الشارزنجي: 1/178؛ 7/123. سهل*: 6/372. أبو سهل- بشر بن المعتمر. سهل بن حنيف: 2/321.

(الشين)

سهل بن هارون: 2/447؛ 3/30، 222؛ 5/320؛ 6/521، 549؛ 7/110، 121، 123. سهم بن الحارث: 4/499. سهم بن حنظلة الغنوي: 1/119، 169؛ 4/422. سهم الحنفي: 4/444. سهم الخثعمي: 4/440، 442. السمهري: 3/210. سهيل (العشار) : 4/295. سواد بن عمرو*: 3/72. سوار بن عبد الله القاضي: 2/350. سوار بن المضرب: 3/209. سود*: 5/89. سودة*: 5/92، 93. سؤر الذئب: 1/119. السوراني- القناص الجبلي. السوراني: 6/331؛ 7/148، 149. سويد*: 1/166. سويد بن أبي كاهل: 2/409. سويد بن كراع: 6/570. سويد بن منجوف: 1/89؛ 5/90، 314. سيار*: 3/45؛ 5/142. سيار البرقي: 6/451. أبو سيارة- عميلة بن أعزل. سيالة*: 3/53. سيبويه النحوي: 3/241؛ 7/4. سيحان بن خشرم: 7/92. السيد بن محمد الحميري: 1/129؛ 2/360 3/190؛ 5/170. ابن سيرين: 1/118، 179؛ 2/332، 397؛ 3/238؛ 4/391، 439؛ 7/115. أبو سيف الممرور: 3/171. سيفرت: 1/226. (الشين) الشاري السياري: 3/156. شاعر أهل المولتان- هارون مولى الأزد. شبث بن ربعي: 6/362. ابن شبرمة- عبد الله بن شبرمة. شبة بن عقال: 6/408. شبيب بن شيبة: 5/313. شبيب بن يزيد الشيباني: 3/18. شبيل بن عزرة الضبي: 1/206، 239. شتير بن شكل: 5/240. شتيم بن خويلد الفزاري: 3/39؛ 4/495؛ 5/273. الشجاء الحارثية: 1/112؛ 5/311، 312. شحمة بن مخدم: 1/177. شداد الحارثي: 5/15. شدفويه السلائحي: 3/108. الشرقي بن القطامي: 3/103؛ 5/162؛ 6/574؛ 7/18، 145. أبو الشرقي بن القطامي: 7/32. شريح بن أوس: 1/177، 210؛ 6/461. شريح القاضي: 2/297. ابن الشريد: 6/566. شريك بن خباسة: 1/199. شريك بن عبد الله: 1/117؛ 4/402؛ 7/117. ابن شرية عبيد بن شرية.

(الصاد)

شعبة أبو بسطام: 4/404. شعبة بن ظهير: 2/306. الشعبي- عامر بن عبد الله بن شراحيل. الشعبي: 1/117؛ 2/380؛ 5/76؛ 6/403؛ 7/115، 117. شغفر: 7/105. ابن شعوب: 1/209. شعيب عليه السّلام: 5/269؛ 7/122. شعيب بن حجر: 3/61. أبو شعيب القلال: 4/486؛ 5/253. شفشف: 1/203. شق الكاهن: 3/103؛ 6/422، 423. شقلون: 1/42. شقيق بن ثور: 1/178. شقيق بن سالمة: 1/218. شماخ بن أبي شداد: 7/53. شماخ بن ضرار: 1/131؛ 2/296، 402؛ 3/115، 119، 185، 204، 242، 246؛ 4/325، 377، 392، 435؛ 5/15، 43، 44، 151؛ 6/352. أبو شمر: 1/31؛ 3/170؛ 7/122. شمر بن ذي الجوشن الضبابي: 1/179. شمر أو سهم بن الحارث الضبي: 4/499؛ 6/418. الشمردل: 3/45. شمعون: 2/430. شمعون الطبيب: 3/4؛ 5/245. أبو الشمقمق- مروان بن محمد. شمير بن الحارث- شمر بن الحارث. الشنفرى: 3/55. شنقناق: 1/203؛ 6/434، 436، 437. ابن شهاب: 3/256؛ 4/268، 269. شهاب*: 5/95. شهر بن حوشب: 5/67. شهريار: 2430. ابن شهلة المديني: 7/106. شهيد الكرم أبو قطن: 3/47. ابن أبي شيبة- يحيى بن أبي أنيسة. الشيخ الإباضي- ختن أبي بكر بن بريرة. الشيخ الإباضي: 3/10. الشيخ النجدي: 1/197؛ 6/399، 430. أبو الشيص الخزاعي: 3/252؛ 4/428؛ 5/103. الشيصبان*: 1/203؛ 6/436، 437. أبو شيطان- إسحاق بن رزين. شيطان: 1/198. (الصاد) صاحب الأصم: 1/163. صاحب التوبة النصوح- ماعز بن مالك. صاحب الزبور داود عليه السّلام: 4/473. صاحب الفراسة- أفليمون. صاحب الكيمياء: 7/52. صاحب المحجن: 5/147. صاحب المنطق- أرسطاطاليس. صاحبة الهرة: 5/147. صالح عليه السّلام: 6/396؛ 7/122. صالح*: 7/102. صالح (أحد العرفاء) : 1/19. صالح الأفقم: 3/232. صالح بن إسحاق الجرمي: 1/206.

صالح صاحب الموصل: 4/468. صالح بن عبد الرحمن: 3/195. أبو صالح عبد الله بن خازم: 7/80. صالح بن عبد القدوس: 1/33؛ 3/51؛ 6/589. صالح بن عطية الحجام- صالح الأفقم. صالح الأفقم: 3/232. صالح بن كيسان: 2/386، 387، 396. صالح المديبري: 6/419. صالح المري (أبوه بشير) : 6/591؛ 7/38. صالح بن مسرح: 5/312. أبو صالح مسعود بن قند الفزاري: 5/88. الصائغ: 4/444. صباح بن خاقان: 4/408. صبار بن التوءم اليشكري: 6/542. صبح*: 6/485، 486. صبح الطائي: 3/103. صبيح*: 7/17. صحار العبدي: 1/62، 243؛ 3/103، 174؛ 4/372؛ 5/177. صحر بنت لقمان: 1/20، 21. صحصح: 3/187. أبو الصحيم*: 2/338. صخر بن الجعد الخضري: 4/376. الصخري: 3/232. صدقة بن طيسلة المازني: 1/194. صديق إبليس- عبد الله بن هلال الحميري. أبو الصديق الناجي: 4/269. صريع الغواني- مسلم بن الوليد. صريع الغواني: 3/219، 243. صعصعة بن صوحان: 5/311. صعصعة بن محمود بن مرثد: 3/32. ابن الصعق يزيد بن الصعق: 6/544. صغرى*: 1/209. ابن صفار: 4/377. ابن صفار- نفيع بن سالم بن صفار. صفية*: 6/422. صفية (بنت عبد المطلب) : 3/205. صفوان أبو جشم الثقفي: 2/375. صفوان بن صفوان الأنصاري: 7/47، 48، 68. صفي بن ثابت*: 3/207. أبو الصقر: 2/355. أبو الصلت- ربيعة أبو الصلت. الصلتان السعدي: 3/230؛ 5/34. الصلتان الضبي: 5/34. الصلتان العبدي: 1/173، 174؛ 3/230؛ 5/34. الصلتان الفهمي: 5/34. أبو الصلع السندي: 4/293. صليبا: 5/195. الصمصامة- سيف عمرو بن معديكرب. الصمصامة: 5/48. أبو الصهباء (راو) : 2/264. صهيب مولى ابن عامر: 5/125. صوفة: 7/128. صيفي بن أيوب: 4/337. صيفي بن عامر- أبو قيس بن الأسلت. صيفي بن عامر: 7/118. صيفي بن عابد: 6/477.

(الضاد)

(الضاد) ضابئ بن الحارث البرجمي: 1/246؛ 2/269؛ 5/148. الضب، غلام رتبيل بن غلاق: 6/375. ضباعة بنت قرط- زوج هشام بن المغيرة. ضباعة بنت قرط: 3/242. ابن ضبة: 4/274. الضبي: 4/366؛ 6/458، 462. الضحاك بن سعد: 1/168. الضحاك بن عبد الله الهلالي: 3/18. الضحاك بن قيس: 1/171؛ 6/408. الضحاك (المفسر) : 1/228. ضرار*: 1/211. ضرار بن حسين الضبي: 6/560. ضرار بن عمرو (صاحب الضرارية) : 5/5. ضرار بن عمرو الضبي: 4/326؛ 5/5؛ 6/590. أبو الضريس: 6/478. أبو ضمرة- يزيد بن سنان. أبو ضمرة: 1/216؛ 4/494. ضمرة بن ضمرة: 2/301. ضمرة النهشلي: 1/210. ضهاكا*: 3/190. (الطاء) ابن طارق*: 3/238. طارق أبو السمال: 6/365. الطاغوت: 3/9. أبو طالب: 3/8. طالب بن أبي طالب: 3/238؛ 6/424. طالوت: 7/145. طاهر بن الحسين- ذو اليمينين. طاهر بن الحسين: 3/4، 156؛ 6/536. طاوس: 5/268. الطائي: 6/545. الطائي- أبو تمام. ابن الطثرية- يزيد بن الطثرية. ابن أبي طرفة: 4/390. طرفة بن العبد: 1/125؛ 3/30، 240؛ 4/324، 462؛ 5/263؛ 6/473، 487، 517؛ 7/93. أبو الطروق الضبي: 6/363؛ 7/105. الطرماح بن حكيم: 2/384، 435، 436؛ 3/57، 118، 222؛ 4/369، 385، 426، 446؛ 5/119، 232، 236، 270، 283؛ 6/458، 562، 563؛ 7/35، 124. طريف*: 6/543. طريف بن سوادة: 5/91. طسم*: 1/125. أبو طعمة: 5/228. طغيان: 1/115. أبو الطفيل: 2/405، 4/404. طفيل بن عوف الغنوي: 1/182، 183، 198، 232، 233؛ 2/289، 295؛ 3/47؛ 4/427، 429، 465، 501؛ 5/34 184؛ 6/475، 491؛ 7/118. طفيل بن مالك*: 5/149. أبو طلحة*: 5/160. طلحة الطلحات- طلحة بن عبد الله بن خلف الخزاعي. طلحة الطلحات: 1/167، 220، 240.

(الظاء)

طلحة- طلحة بن عبيد الله بن عثمان التميمي. طلحة: 4/383؛ 5/170، 241. طلحة بن عمرو الحضرمي: 4/338؛ 5/268. أبو الطمحان الأسدي: 5/87. أبو الطمحان القيني: 1/253؛ 3/46، 200؛ 4/495؛ 6/373، 394. طويس المغني: 4/288. الطيار- جعفر الطيار. طيمانو رئيس الجاثليق: 4/273. (الظاء) ظالم بن عمرو بن سفيان- أبو الأسود الدؤلي. ظالم بن عمرو بن سفيان: 5/318. أم الظباء*: 1/158. أبو ظبيان: 4/294. أبو ظهير*: 4/480. (العين) عاتكة بنت زيد*: 3/98. عاد بن عوص بن إرم: 7/151. عاديا*: 6/414. عاصم بن عبد الله بن عمر: 1/117. عاصم بن القرية، جاهلي: 2/261، 262. أبو العاص (راو) : 5/159. أبو العاصي- ابن الربيع بن عبد العزى. أبو العاصي: 2/442. أبو العالية الرياحي: 1/227؛ 5/165. عامر*: 6/544. ابن عامر- عبد الله بن عامر. عامر بن الطفيل: 1/183، 205، 207؛ 2/302، 306، 394؛ 3/226؛ 6/546؛ 7/4. عامر بن عبد قيس: 4/362، 395. أبو عامر الكلب النحوي: 2/349. عامر بن مالك- أبو براء، ملاعب الأسنة. عامر بن مالك: 2/356. عائشة (أم المؤمنين) : 1/129، 223، 227؛ 2/360؛ 4/275، 400، 401، 404؛ 5/170؛ 6/343. ابن عائشة- عبيد الله بن محمد بن حفص. ابن عائشة: 2/264. عائشة بنت عثمان بن عفان رضي الله عنه: 6/369. عباد*: 2/361؛ 4/482؛ 5/143 ابن عباد- محمد بن عباد. عباد بن إبراهيم: 2/438. عباد بن أنف الكلب الصيداوي: 1/206، 210. عباد بن الحصين: 2/306؛ 7/4. عباد بن صهيب البصري: 3/186؛ 5/225. عباد بن كثير الثقفي: 5/67. عباد بن الممزق: 5/94. أبو عباد النمري (أو النميري) : 2/353، 430؛ 5/78، 155، 317. عبادة: 4/481. ابن عبادة- سعد بن عبادة. عبادة بن محبر السعدي: 2/293. عبادة بن نسيّ: 1/118. العباديّ*: 6/394. عباس*: 1/21. ابن عباس- عبد الله بن عباس رضي الله عنه. ابن عباس*: 5/228؛ 6/562.

أبو العباس*: 7/89. أبو العباس- أمير المؤمنين (السفاح) . أبو العباس: 2/341. عباس بن أنس- ريطة الرعلي. عباس بن أنس: 1/239؛ 5/15، 16. أبو العباس (كنية جرير بن يزيد) : 7/52. أبو العباس ختن إبراهيم النظام: 1/98. العباس بن عبد المطلب: 3/17؛ 5/105. أبو العباس محمد بن ذؤيب الفقيمي- العماني. العماني: 4/271. عباس بن مرداس السلمي: 1/212؛ 2/327 6/398، 424، 509، 561، 566. العباس بن الوليد- ابن عبد الملك بن مروان. العباس بن الوليد: 5/177. أبو* العباس الوليد بن عبد الملك: 2/410. عباس بن يزيد بن جرير: 3/140. العباس بن يعقوب العامري: 7/67. عباية الجعفي: 5/106. عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر: 3/36. عبد الأعلى القاص: 1/72؛ 5/125؛ 7/124. عبد الجبار- ابن وائل بن حجر الحضرمي. عبد الجبار: 3/247. عبد بني الحسحاس: 1/167. عبد الحميد بن عبد الرحمن- ابن زيد بن الخطاب عبد الحميد بن عبد الرحمن: 6/580. أبو عبد الحميد المكفوف: 6/592. عبد الرحمن الأسدي: 2/369. عبد الرحمن بن أبي بكرة: 5/105، 107؛ 6/590. عبد الرحمن بن حبيب: 5/267. عبد الرحمن- ابن حسان بن ثابت الأنصاري. عبد الرحمن: 1/181؛ 3/30، 55؛ 6/501. عبد الرحمن بن حرملة: 2/405. عبد الرحمن بن الحكم (الشاعر) : 1/96، 152؛ 2/413؛ 7/139. عبد الرحمن ابن أم الحكم، أحد الولاة: 1/152. عبد الرحمن بن رستم: 5/108. عبد الرحمن بن زياد: 1/209؛ 4/401. عبد الرحمن بن زيد: 2/438؛ 4/404. عبد الرحمن بن شبيب: 2/264. عبد الرحمن بن صحار العبدي: 5/177. عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي: 4/268 404. عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد: 3/157. عبد الرحمن بن عثمان التيمي: 5/283. عبد الرحمن بن عوف: 5/199، 200. عبد الرحمن بن كيسان: 4/395. عبد الرحمن بن محصن الأنصاري: 6/387. عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث: 1/225؛ 2/379؛ 5/108. عبد الرحمن بن منصور الأسدي: 3/56؛ 6/446. عبد الرحمن بن مهدي: 1/226. عبد السلام بن أبي عمار: 3/108. عبد الصمد بن علي: 4/286؛ 6/386. عبد العزيز*: 3/60. عبد العزيز بشكست: 3/12. عبد العزيز الغزال: 3/16؛ 5/93.

عبد العزيز بن زرارة الكلابي: 3/41؛ 6/487. عبد العزيز بن مروان: 1/254؛ 3/254؛ 4/445؛ 7/91. عبد القيس بن خفاف البرجمي: 4/444. عبد الكريم الغفاري: 1/224. عبد الله*: 5/169. عبد الله- عبد الله بن مسعود. عبد الله بن إبراهيم- ابن قدامة الجمحي. عبد الله بن إبراهيم: 5/311. أبو عبد الله الأبرص العمي- أبو عبد الله العمي. أبو عبد الله أحمد بن أبي دؤاد: 4/320. عبد الله بن بكر: 7/52. عبد الله بن أبي بكر (شهيد يوم الطائف) : 3/98؛ 6/343. عبد الله بن أبي بكرة: 4/498، 499. عبد الله بن جدعان: 1/243؛ 2/300؛ 3/190. عبد الله بن جعفر: 1/185؛ 7/88. أبو عبد الله الجماز- محمد بن عمرو. عبد الله بن الحارث: 1/89. عبد الله بن الحجاج: 2/410؛ 6/549. عبد الله بن الحسن بن الحسن: 3/226؛ 4/326، 327. عبد الله بن خازم السلمي: 2/408؛ 7/79. عبد الله بن خالد بن سنان: 4/497. عبد الله بن الزبير: 1/149، 161؛ 3/95، 96، 110، 205، 213؛ 6/559؛ 7/36، 62. عبد الله بن زياد المدني: 4/268، 269. عبد الله بن سوار القاضي: 3/163. عبد الله بن شبرمة: 3/238، 239. عبد الله بن الشخير: 2/337. عبد الله بن عامر: 1/52؛ 5/109. عبد الله بن عباس رضي الله عنه: 1/117، 118، 185، 192، 195، 203، 222، 226، 227؛ 2/231؛ 3/18، 58، 250، 256؛ 4/402؛ 268؛ 5/78، 228، 267، 368؛ 6/356، 477؛ 7/29، 35. عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف- أبو سلمة. عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف: 5/147. عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الله بن عمر ابن الخطاب: 1/45. عبد الله بن عبيد بن عمر: 2/405؛ 4/404 أبو عبد الله العتبي: 5/121، 253. عبد الله بن عثمان بن عفان: 1/249. عبد الله بن العجلان النهدي: 5/201. عبد الله بن علي بن عدي: 1/167. عبد الله بن عمر: 1/117، 149، 185، 192، 193، 194، 226؛ 3/261؛ 4/402؛ 5/146، 268. عبد الله بن عمرو بن العاص: 1/195؛ 5/125، 284. عبد الله بن عمرو بن الوليد: 5/148. أبو عبد الله العمي: 2/359، 370، 377؛ 5/169. عبد الله بن عمير: 1/157. عبد الله بن عنمة الضبي: 1/218. عبد الله بن فائد: 1/199؛ 6/424. عبد الله بن قيس الرقيات: 1/220؛ 2/260

3/212؛ 6؛ 584؛ 7/91. عبد الله بن كراع: 6/570. أبو عبد الله الكرخي اللحياني: 3/4. عبد الله بن المبارك: 1/185. أبو عبد الله المروزي: 3/4. عبد الله بن مسعود: 1/223، 225؛ 2/409 4/271، 404؛ 5/228؛ 6/420. عبد الله بن مسلمة بن محارب: 3/170. عبد الله بن معاوية بن أبي سفيان: 6/408. عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر الجعفري: 3/236؛ 7/95. عبد* الله بن معديكرب: 1/11؛ 4/453. عبد الله بن المقفع: 1/21، 54؛ 3/68؛ 6/488. عبد الله بن نافع: 1/117، 193. عبد الله بن أبي نجيح: 6/521. عبد الله أخو نهر بن عسكر: 4/480. عبد الله بن هلال الحميري صديق إبليس: 1/124، 203؛ 6/403، 419. عبد الله بن همام السلولي: 1/141؛ 4/326، 376؛ 5/178؛ 6/355. عبد الله بن أبي هند: 4/337. عبد الله بن يحيى الكندي: 5/108. عبد المسيح*: 3/234. عبد المسيح بن عسلة الشيباني: 1/138، 189. عبد المطلب بن هاشم: 2/300، 379؛ 6/460؛ 7/119، 127، 128. عبد الملك بن بشر بن مروان: 7/50. عبد الملك بن أبي حمزة أبو مروان: 6/452. عبد الملك بن صالح: 4/468. عبد الملك بن عمير: 6/500. عبد الملك بن قريب- الأصمعي. عبد الملك بن مروان: 1/89، 148، 170، 171؛ 299، 342؛ 3/27، 181؛ 5/108، 246، 312؛ 6/480، 559؛ 7/37، 62. عبد مناف بن ربعي الهذلي: 4/458. عبد هند (انظر) عمرو بن هند: 3/230؛ 6/588. عبد الواحد بن زيد: 3/19. عبد الواحد صاحب اللؤلؤي: 4/480. عبد يغوث بن صلاءة الحارثي: 7/93. ابن عبدل- الحكم بن عبدل. عبدل* (شيطان) : 6/359، 435. عبدة (رجل من عبد شمس) : 6/547. عبدة بن الطبيب: 1/33؛ 2/384؛ 3/20؛ 4/340، 464؛ 5/143، 272؛ 6/351، 354، 566. العبدي: 4/499. العبدي (وهو الممزق) : 4/382؛ 5/307. العبدي (وهو يزيد بن خذاق) : 1/216، 233. عبرى (والد الإسكندر) : 1/123. عيرى (والد الإسكندر) : 4/295. العبسي: 6/542. عبلة*: 2/399. العبشمي: 7/137. عبويه صاحب ياسر الخادم: 7/148، 149. عبيد*: 6/548. أبو عبيد: 5/307.

عبيد بن الأبرص: 3/43، 50، 94؛ 5/258؛ 6/383. عبيد بن أوس الطائي: 6/410. عبيد بن أيوب العنبري: 4/500؛ 5/67، 77؛ 6/381، 397، 398، 400، 439، 446، 550. عبيد بن شرية الجرهمي: 1/243؛ 3/103. عبيد بن الشونيزي: 5/136. عبيد الكلابي: 4/310. عبيد الكيس: 4/441. عبيد مج: 6/419. عبيد الله بن جحش: 2/403. عبيد الله بن الحر الجعفي: 1/89؛ 2/306؛ 7/4. عبيد الله بن الحسن القاضي: 1/230. عبيد الله بن زياد: 1/214؛ 2/302؛ 5/103، 252؛ 6/408؛ 7/9، 80، 107. عبيد الله بن زياد بن ظبيان: 2/302. عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود المسعودي: 1/15، 117؛ 2/386، 387؛ 3/36، 256؛ 4/268؛ 7/94. عبيد الله بن عمر: 1/117. عبيد الله بن محمد بن حفص: 2/264، 265. عبيد الله بن يحيى بن خاقان المروزي: 5/108 عبيدان: 4/359. عبيدة (السلماني) : 1/74. أبو عبيدة معمر بن المثنى النحوي: 1/40، 96، 116، 163، 171، 182، 193، 217 2/316، 334، 391، 394؛ 3/103، 190، 212، 226، 229؛ 4/265، 350، 462؛ 5/83، 96، 165، 197، 274، 294، 319؛ 6/382، 383، 399، 416، 522، 527، 529، 554؛ 7/36، 41، 52، 100، 117، 147، 150. عبيدة بن همام: 4/442. أبو عتاب الجرار: 3/16؛ 4/414؛ 93، 270. عتاب بن ورقاء: 3/18. العتابي- كلثوم بن عمرو العتابي. أبو العتاهية: 3/231؛ 4/275؛ 5/76؛ 6/587، 589، 591. عتبة الأعور: 2/414. عتبة بن شماس: 3/254. عتبة بن أبي لهب: 2/347. العتبي- محمد بن عبد الله. عتيبة*: 3/46. عتيبة بن الحارث بن شهاب: 1/208؛ 2/306، 379؛ 3/202؛ 6/421. عتيبة بن مرداس، ابن فسوة: 2/263. ابن أبي عتيق: 2/286. العث- زيد بن معروف. عثمان (راو) : 3/95. أبو عثمان هشام بن المغيرة: 3/242. أبو عثمان (الجاحظ) : 3/165؛ 5/245؛ 7/102، 111، 124. عثمان بن الحكم: 1/70. عثمان بن حيان المري: 1/81، 151؛ 5/247. عثمان الخياط: 2/444.

عثمان بن سعيد القرشي: 3/261. عثمان بن أبي العاص: 6/417. عثمان بن عفان رضي الله عنه: 1/52، 118، 128، 193، 246، 249؛ 3/17، 94، 95؛ 4/288، 396؛ 5/84، 238، 240؛ 7/22. عثمان ماش: 1/104. عثمان بن مظعون: 1/85. عثمان بن مقسم: 5/268. العجاج: 2/324؛ 3/65؛ 4/358، 409؛ 5/71، 307؛ 6/386، 489. عجرد* حماد: 4/480، 482. عجردة، عرجدة- الجلندى بن عبد العزيز. العجلي: 3/71. ابن أبي العجوز الحواء: 4/320، 466؛ 5/173؛ 6/334. العجيز السلولي: 2/409؛ 4/449؛ 6/487. العدار الأبرص: 6/357. العدبس الكناني: 4/423؛ 6/519. عدس*: 1/53. أبو عدنان: 1/121، 178؛ 4/408. عدي*: 3/69. عدي بن أوس: 6/410. عدي بن الرقاع العاملي: 3/29، 30؛ 4/423؛ 5/235. عدي بن زيد العبادي: 4/356، 359، 442، 463؛ 5/76، 235، 313؛ 6/488؛ 7/87. عدي بن غطيف الكلبي: 7/151. عدية المدنية الصفراء: 2/391؛ 6/522. عراف* اليمامة رباح بن كحلة: 6/422. العرجي: 3/66، 240، 203؛ 4/391؛ 5/16؛ 6/413. عرفجة بن شريك: 1/171. ابن عرفطة- حسيل بن عرفطة. ابن أبي عروبة- سعيد. أبو عروبة: 4/404. العروضي: 3/121. ابن عروة*: 5/195. عروة بن أذينة: 1/21؛ 6/591. عروة الرحال: 1/109. عروة بن الزبير: 4/401. عروة بن زيد الأسدي: 6/422. عروة بن مرثد أبو الأعز المرثدي: 2/372، 373. عروة بن مرة الهذلي: 4/431. عروة بن الورد: 2/394؛ 4/433؛ 6/505. عريب* إبط الشمال: 5/274. ابنا عريض*: 5/88. عزى سلمة: 6/422. عزيز عليه السّلام: 1/197؛ 3/250؛ 4/301؛ 7/122. أبو العس: 3/128. ابن عسلة- عبد المسيح. أبو عصام: 6/350. عصام بن زفر: 7/13. عصفور القواس: 5/129، 130. عصماء بنت مروان: 5/54. عصيمة الحنظلية: 7/97. عطاء بن أسيد- الزفيان العوافي.

عطاء الخراساني: 4/404. عطاء بن أبي رباح: 1/118، 119، 193؛ 4/338؛ 5/267، 268. أبو عطاء السندي: 5/229. أبو عطاء العطاردي: 1/192. العطاردي- كرب بن صفوان. أبو العطاف: 5* 91، 93. العطرق: 1/19. عطية بن جعال: 5/90. أم عطية (الخاتنة) : 7/15. عطية بن سعيد العوفي: 3/186. عقاب: 3/201. أبو العقارب: 3/247. عقال*: 1/71، 178. عقال بن خويلد*: 6/518. عقبة بن جعفر: 7/129. عقبة بن سابق: 1/180؛ 4/422. عقبة بن المحل: 2/263. عقبة بن أبي معيط: 4/337. عقبة بن مكدم التغلبي: 6/367؛ 7/137. عقرب التاجر: 4/366. ابن أبي العقرب الليثي الخطيب: 4/366. عقرب أم حارثة بن بدر: 4/366. عقيبة الأسدي: 3/95. عقيل: 4/403. أبو عقيل بن درست: 5/150؛ 7/90، 122. أبو عقيل السواق: 4/360؛ 7/122. عقيل بن العرندس: 6/495. العقيلي*: 6/405. عقيل بن علفة: 1/113، 129، 251؛ 2/413؛ 3/49؛ 4/274؛ 6/476. العكب التغلبي: 5/308. عكرمة: 1/118، 228. العكلي: 1/29؛ 3/71؛ 5/79. أبو العلاء: 2/387. العلاء بن أسلم: 2/413. العلاء بن الجارود: 3/223. أبو العلاء العقيلي: 5/203. ابن علاثة- علقمة بن علاثة. علاج*: 1/177. علاج بن شحمة: 1/206. العلاجم: 6/558. علباء بن جحش: 3/203. علباء بن حبيب: 1/240؛ 2/299. علقمة بن سهل بن عمارة الخصي: 1/80، 81. علقمة* بن سيف: 3/224. علقمة بن صفوان بن أمية بن محرث: 6/423. علقمة بن عبدة الفحل: 1/80، 81؛ 2/293 375؛ 3/89؛ 4/438، 445، 446، 452، 463؛ 5/17؛ 6/490؛ 7/87، 138. علقمة بن علاثة: 1/243؛ 6/433. علقمة بن قيس: 4/404. أبو علقمة المزني: 2/350؛ 6/574. علويه كلب المطبخ: 1/206؛ 2/350، 371؛ 3/180. ابن علي* عبد الله بن علي بن عدي: 1/167. علي الأسواري: 5/248. أبو علي الأنصاري: 1/224.

علي بن بشير: 5/197. علي* بن ثابت: 7/100. أبو علي الحرمازي: 6/415. علي بن الحسين: 5/240، 241. علي بن الخليل: 4/481، 482. أبو علي الزنديق: 4/478. علي بن أبي طالب رضي الله عنه: 1/123، 224؛ 2/392، 405، 429؛ 3/17، 18، 19، 96، 157. علي بن عبد الرحمن بن عبد الله: 4/268. علي بن عبد الله السعدي- ابن المديني. علي بن عبد الله السعدي: 3/4. علي بن محمد- أبو الحسن المدائني. علي بن محمد السميري: 7/79. علي بن معاذ: 3/172. علي بن هشام: 3/232. ابن عمار- عمرو بن عمار الطائي. عمار بن أبي عمار: 1/118. عمارة بن حربية: 4/479، 481. عمارة بن عقيل: 7/106. عمارة بن الوليد بن المغيرة: 1/199؛ 6/424. العماني الراجز: 2/339؛ 4/271، 327، 372؛ 6/366، 429. ابن عمر- عبد الله بن عمر رضي الله عنه. عمر (راو) : 1/118. عمر بن حبيب: 3/15، 16. عمر بن الخطاب رضي الله عنه: 1/81، 101، 112، 113، 117، 118، 123، 195، 196، 199، 222، 223، 224، 227؛ 2/295، 296؛ 3/9، 17، 20، 27، 70، 95، 122، 167، 223؛ 4/358، 396؛ 5/57، 102، 105، 200، 256، 263، 264، 299، 311، 312؛ 6/387، 396، 398، 415، 425، 473؛ 7/35، 96، 153. عمر بن السكوني الصريمي: 5/163. عمر بن عباد بن حصين: 5/55. عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: 1/42، 225؛ 3/226؛ 4/326؛ 6/409، 426. عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة: 2/296؛ 3/48، 236، 237؛ 4/273، 389؛ 5/315. عمر بن الفضل: 5/131. عمر بن لجأ: 1/232؛ 2/326؛ 4/271، 364، 379؛ 6/372، 550؛ 7/39. عمر بن المغيرة بن الحارث الزماني: 4/268. عمر بن هبيرة الفزاري: 4/276؛ 6/354. أبو عمران: 3/224، 225. عمران الأصم*: 7/56. أبو عمران الأعمى: 4/418. عمران بن الحصين: 1/225. عمران بن عصام: 1/254. عمرة*: 2/399، 400. أبو عمرة الأنصاري- عبد الرحمن بن محصن. أم عمرة*: 7/106. عمرة بنت سويد*: 2/400. عمرو* عمرو بن عدي: 2/262، 400؛ 3/55، 230؛ 4/394؛ 5/150؛ 6/433، 444؛ 7/98. أبو عمرو*: 2/396؛ 3/205؛ 4/399.

أم عمرو*: 1/252؛ 4/459؛ 6/527. عمرو (شيطان الأعشى أو المخبل) : 6/351، 433، 434. أبو عمرو (كنية سهل بن هارون) : 6/521، 523. أم عمرو (والدة عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث) : 5/108. عمرو بن الإطنابة: 6/544. عمرو بن الإطنابة: 6/544. عمرو بن الأهتم: 1/252؛ 6/369. عمرو بن الحارث: 7/4، 91. عمرو الخاركي: 1/116. عمرو بن خويلد: 6/364. عمرو بن دراك العبدي: 6/396. عمرو بن دينار: 5/125. عمرو ذي الكلب: 2/349. عمرو بن سعيد: 6/408، 480؛ 7/37، 147. عمرو بن شأس: 4/466. عمرو بن شعيب: 1/185. أبو عمرو الشيباني: 3/67؛ 4/462؛ 7/13، 56. عمرو بن العاص: 5/246، 311؛ 6/430، 589. عمرو بن عبيد: 1/224؛ 5/94؛ 6/335، 398، 428؛ 7/4. عمرو بن عدي اللخمي الملك: 1/199؛ 5/150؛ 6/424. عمرو بن عمار الطائي: 4/378؛ 5/178. عمرو بن فائد الأسواري: 6/415؛ 7/122 أبو عمرو بن العلاء: 1/44، 239؛ 2/369؛ 3/200، 214؛ 4/266؛ 5/290؛ 7/36، 67. عمرو بن القاسم: 5/313. عمرو بن قبيصة بن الطيفانية: 5/13. عمرو القصبي: 5/149. عمرو بن قميئة: 1/231؛ 5/40؛ 6/502. عمرو بن كركرة، أبو مالك: 3/256؛ 4/324؛ 7/138. عمرو بن كريمة: 6/520. أبو عمرو الكلب الجرمي- صالح بن إسحاق. أبو عمرو الكلب الجرمي: 2/349. عمرو بن كلثوم: 1/234؛ 3/70؛ 4/496؛ 6/416، 435. عمرو بن لحي بن قمعة: 6/421. عمرو بن المحل: 2/263. أبو عمرو المديني: 3/224؛ 5/312. عمرو بن مرة: 2/387. عمرو بن مسافر: 6/342، 343، 376. عمرو بن مسعدة: 1/103. عمرو بن معديكرب: 1/209؛ 2/306، 414؛ 3/71؛ 5/48، 297؛ 6/544، 572؛ 7/4. أبو عمرو المكفوف: 4/269. عمرو بن هداب- أبو أسيد. عمرو بن هداب: 3/16؛ 5/91، 93. عمرو بن هند (الملك) : 3/69؛ 5/264. عمرو بن هند النهدي (الشاعر) : 3/21، 230؛ 384. عمرو بن الوليد: 3/102، 116. عمرو بن يربوع: 1/121، 203؛ 6/398،

419. العملس بن عقيل بن علفة: 1/129؛ 6/342. العمي- أبو عبد الله العمي. أبو العميثل الراجز: 1/102؛ 6/480. عمير*: 5/17؛ 6/369. ابن عمير*: 4/469. أبو عمير*: 2/260. عمير بن الحباب: 6/488، 557. عمير بن معبد بن زرارة: 7/153. عميلة بن أعزل: 1/92؛ 7/128. العنبري- أبو يحيى. العنبرية- قيلة العنبرية. ابن أبي العنبر: 3/128. أبو عنبسة- يحيى بن أبي أنيسة. عنبسة بن سعيد بن العاص: 2/439. عنبسة الفيل النحوي- عنبسة بن معدان. عنبسة القطان: 3/186؛ 5/267. عنبسة بن معدان: 7/51، 114. عنترة بن شداد العبسي: 1/11، 29، 184؛ 2/306، 418؛ 3/65، 148، 149، 150، 197، 202، 211، 246؛ 4/409، 410، 434، 449، 453، 455؛ 5/148؛ 6/395، 472، 536، 540، 541، 545. عنترة الطائي: 4/410. عتر وائل، زرقاء اليمامة: 5/177، 258. عتر اليمامة- عتر وائل، زرقاء اليمامة. ابن العنسي: 4/297. ابن عنمة الضبي- عبد الله بن عنمة الضبي. العوافي* الزفيان العوافي: 6/444. العوام بن شوذب الشيباني: 5/131. أبو العوراء*: 3/39؛ 5/316. عوف بن الأحوص: 1/125؛ 2/262؛ 5/75. عوف بن أرقم*: 5/272. عوف بن أبي جميلة: 4/269؛ 5/225، 268. عوف بن الخرع: 1/18؛ 3/207؛ 6/459. عوف بن ذروة: 5/295. عوف بن القعقاع بن معبد بن زرارة: 3/46. عوف بن محلم (الخزاعي) : 1/217. عوف بن محلم (الشيباني) : 1/211، 217. ابن عون: 1/74. ابن أبي عون الخياط: 3/225. عون العبادي: 4/273. عوير*: 1/53؛ 3/9. عويف*: 1/199؛ 6/412. ابن عياش الكندي: 2/261. أبو العيال الهذلي: 4/417. أبو العيزار: 6/543. عيسى بن جعفر: 3/44. عيسى بن حاضر: 1/224. عيسى بن زينب: 3/232. عيسى بن عقبة: 5/130، 131. عيسى بن علي: 3/14. عيسى بن عمر: 1/33؛ 4/364. عيسى بن مروان كاتب أبي مروان عبد الملك بن أبي حمزة: 6/425. عيسى بن مريم عليه السّلام: 1/230؛ 2/380؛ 3/173؛ 4/301، 393، 481، 482؛ 5/167؛ 6/327، 551؛ 7/14، 16، 122

(الغين)

عيسى بن منصور: 7/53. عيسى بن يزيد الذي يقال له ابن دأب: 6/347. عيص سيد بني تميم التميمي: 3/15. أبو العيناء محمد بن القاسم الهاشمي: 3/17؛ 5/105. أبو عيينة: 4/403. ابن أبي عيينة: 5/169؛ 6/367. عيينة بن حصن: 1/241؛ 2/301؛ 4/445. (الغين) ابن غادية السلمي: 1/151. الغاضري: 5/133. ابن غالب أحمد: 4/317. غالب بن صعصعة: 2/308؛ 6/433. غانم العبد الهندي: 7/66. غاوي بن ظالم السلمي: 6/473. الغريض المغني: 1/199، 203؛ 6/424؛ 7/4. غزالة* (في شعر بشار) : 1/237؛ 4/483. غزالة الشيبانية: 5/311؛ 6/481. غزوان: 1/203. غسان (خال الغدار) : 6/590. أبو الغصن الأسدي: 1/155. غفاق*: 1/177. أم غفاق*: 1/177. ابن غلاق*: 2/340. أبو الغمر*: 3/40. غنام المرتد: 1/12. الغنوي: 3/228؛ 5/16. أبو الغول الطهوي أبو البلاد الطهوي: 3/54؛ 6/438، 442. الغيدافي: 7/140. غيلان بن خرشة: 1/241؛ 5/109. غيلان* (ذو الرمة) : 7/99. غيلان راكب الفيل الراجز: 7/52، 114. غيلان بن سلمة: 1/251؛ 6/396، 490. غيلان أبو مروان: 2/292؛ 6/398. (الفاء) فارس الحمامي: 1/247. ابن فارس بن ضبعان الكلبي: 6/377. الفاروق (لقب عمر بن الخطاب رضي الله عنه) : 3/254. أبو الفتح صاحب قطرب- ديسم. الفرار السلمي: 5/103. فراس بن خندق: 5/231. فراس بن عبد الله الكلابي: 6/389. الفرافصة بن الأحوص: 3/201. فرتني*: 5/185. فرج الحجام: 7/154، 155. فرج السندي- أبو روح فرج السندي. فرج بن فضالة: 5/267. أبو فرعون: 6/356؛ 7/155. فرعون ذو الأوتاد: 2/291؛ 4/336، 475؛ 5/89. الفرزدق: 1/17، 163، 176، 236، 257، 259؛ 2/260، 261، 291، 292، 398؛ 3/48، 49، 97، 122، 155، 236؛ 4/293، 421، 435، 436، 496؛ 5/44، 90، 109، 250، 252، 270، 281، 313 6/370، 433، 434، 471، 513، 558؛ 7/30، 51، 101، 102، 114.

(القاف)

أبو فروخ*: 4/293، 294. أم فروة الغطفانية: 3/24؛ 5/79. أم فروة القرنية: 7/132. الفزاري: 4/378؛ 6/354، 376. الفزر عبد بني فزارة: 2/431. ابن فسوة عتيبة بن مرداس: 2/263؛ 3/57. ابن فضال: 6/376. الفضل بن إسحاق بن سليمان: 4/336؛ 6/334. الفضل بن سهل: 2/300؛ 3/232. الفضل بن عاصم الباخرزي: 7/122. الفضل بن العباس: 4/366. الفضل بن عبد الصمد الرقاشي: 3/180، 244؛ 6/571، 572. أبو الفضل العنبري- أبو المفضل. الفضل بن عيسى بن أبان: 1/29. الفضل بن عيسى الرقاشي: 7/122. الفضل بن مروان: 3/12. الفضل بن يحيى البرمكي: 3/29، 60؛ 4/282؛ 6/363. أبو الفضة قاتل أحمر بن شميط: 3/27. فطر بن خليفة: 5/66. الفلافس النهشلي: 1/141. فلحس: 1/168. الفند الزماني: 6/538. ابن أبي فنن: 5/239. فهد الأحزم: 2/292. ابن فهريز: 1/54. فهلبذ المغني: 7/68. الفياض*: 6/421. فيروز بن قباذ: 1/93. الفيل- أبان بن عبد الملك بن بشر بن مروان. أبو الفيل (كنية نصر بن شبث) : 7/53. فيل مولى زياد وحاجبه: 7/106، 114. فيلويه السقطي: 7/51، 52، 114، 138. أم فيلويه السقطي: 7/51، 115. (القاف) أبو قابوس* النعمان: 1/223؛ 3/26. القارظ العتري: 6/461. قاسم*: 4/482. القاسم بن أمية بن أبي الصلت: 1/46. قاسم التمار: 5/104؛ 6/452. القاسم بن حنبل المري: 2/260. قاسم (بن زنقطة) : 4/481. القاسم بن سيار: 4/479. القاسم بن عبد الرحمن: 4/404. القاسم بن محمد: 4/402. قيرى أم الإسكندر: 1/123؛ 4/295. أبو قبيس الملك أبو قابوس: 1/223. قبيصة*: 6/587. قبيصة بن جابر: 6/500. قتادة بن دعامة السدوسي: 1/117، 118، 194، 195؛ 3/103، 261؛ 4/404؛ 5/228، 284؛ 7/4. القتال الكلابي: 3/45؛ 6/447. قتيبة بن مسلم: 5/59، 76؛ 6/560. قتيل الكلاب مسمع بن شيبان: 1/178. قتيل العتر: 1/170، 171. قتيل الكبش: 1/170، 171.

قتيلة*: 1/31. قثم بن جعفر: 6/581. قثم* بن العباس: 3/68. أبو قحافة*: 3/190، 191. قحدم: 4/498. قحذم*: 1/116. القحذمي: 4/493. القحر*: 5/247. قحطبة: 4/468، 469. القحيف بن خمير: 6/373. قد: 3/201. القدار سيد عترة في الجاهلية: 3/36. قدامة بن الأسود: 2/263. قدامة حكيم المشرق: 5/52. قدامة بن مظعون: 1/81. قديد بن منيع: 3/225. أبو قردودة: 1/97، 98؛ 4/378؛ 5/178، 246. القرشي: 2/382؛ 3/120. ابن قرة: 1/54، 55. قرة بن هبيرة: 4/442. قرواش* بن حارثة بن صخر: 6/542. قرواش بن حوط: 6/518. قريط بن أنيف: 6/549. قس بن ساعدة أسقف نجران: 3/43. قسامة بن زهير: 4/269؛ 5/225. قسي بن منبه: 6/396. القشيري: 6/348. قصاب رادويه: 2/391. أبو قصبة: 2/391. القصبي- عمرو القصبي. قصير*: 4/463. قضاعة: 4/418. القطامي: 1/88؛ 2/356؛ 3/55؛ 4/502؛ 5/43، 78؛ 6/444. قطران العبسي: 5/57. قطران العبشمي: 1/212. قطرب محمد بن المستنير: 2/437. قطري بن الفجاءة: 4/434؛ 6/545. أبو قطن* (هو أبو قطنة) : 6/522. أبو قطن، الذي يقال له شهيد الكرم: 3/47. أبو قطنة الخناق: 6/522. أبو قطيفة: 5/199. القعقاع بن شور: 6/486. القعقاع بن معبد بن زرارة: 3/46؛ 6/439. قفا الشاة: 1/247. قلبان: 5/317. القمقام بن العباهل: 3/43. ابن قميئة- عمرو بن قميئة. أبو القنافذ: 6/581. القنافر: 6/446. القناني: 3/244. قوم بن مالك: 2/432. قيس*: 3/234. ابن قيس: 5/260. أبو قيس (راو) : 4/404. أبو قيس بن الأسلت: 3/20؛ 6/540؛ 7/118. قيس بن خارجة بن سنان: 6/451. قيس بن الخطيم: 5/102، 127، 296.

(الكاف)

قيس أبو رومان: 1/90. قيس بن زهير بن جذيمة: 1/20، 216، 239؛ 2/379؛ 3/64، 88؛ 4/441؛ 5/177، 234، 239. قيس بن سعد: 5/139؛ 6/474. قيس بن عاصم: 1/249؛ 2/300؛ 3/237. قيس بن عيزارة الهذلي: 4/493. قيصر: 1/66؛ 7/92. قيلة العنبرية: 5/258، 259. القين*- الفرزدق: 6/558. القيني: 5/189، 312، 313. (الكاف) أبو كابية بن حرقوص: 6/562. كأس: 5/80، 92. كال الكاتب: 7/61. كاهنة باهلة: 6/422. كبشة بنت معديكرب: 1/11؛ 4/453. أبو كبير الهذلي: 4/271، 437. كبيشة*: 5/246، 247. كثير بن عبد الرحمن: 1/28، 88، 175؛ 3/27، 96، 222، 235؛ 4/345، 351، 382، 408، 431، 459، 460، 467، 491؛ 5/125؛ 6/338، 367، 368. الكذاب الحرمازي: 3/233؛ 4/330؛ 5/246. كرب بن صفوان العطاردي: 3/64. كرباش الهندي: 6/419. كرز*: 3/238. كرز بن علقمة: 6/327. الكرماني: 4/325؛ 7/109. الكروبي: 6/497. الكروس المرادي: 4/505. ابن كريز الخزاعي: 1/82. ابن أبي كريمة- أحمد بن زياد بن أبي كريمة. الكسائي: 2/384؛ 5/265؛ 6/354؛ 7/4. كسرى- كسرى أبرويز: 1/66، 167؛ 3/156؛ 4/354، 442؛ 443؛ 5/69، 175، 251؛ 6/368؛ 7/52، 67، 68، 92 110، 114، 115، 117، 123. الكسف- أبو منصور صاحب المنصورية. الكسف: 2/392؛ 6/522، 523. كسير: 3/6. كعب*: 4/320. كعب (راو) : 2/387. أبو كعب*: 3/42. كعب الأحبار: 1/170؛ 4/356، 358. كعب الأشقري: 6/546. كعب بن جعيل: 1/224. كعب بن زهير: 1/15؛ 6/567؛ 7/125، 151. كعب بن سعد الغنوي: 3/26. كعب بن طارق: 3/24. كعب بن عجرة: 5/202. أبو كعب القاص: 3/11، 12. كعب بن مامة: 2/308. كعب* بن ناشب: 6/443. أبو كلاب- ابن لسان الحمرة: 2/357، 359. ابن أم كلاب: 2/357؛ 6/355.

(اللام)

الكلابي: 5/246. الكلابي*- عبد العزيز بن زرارة: 6/487. الكلبة- مية بنت علاج. الكلبي- شراحيل: 1/22. ابن الكلبي- هشام بن محمد بن السائب. الكلبي المفسر: 1/228. ابن كلثوم*: 3/70. أبو كلثوم: 1/145؛ 4/293. أم كلثوم بنت أبي بكر: 6/343. كلثوم بن عمرو العتابي: 1/237؛ 2/407؛ 3/28، 233؛ 4/389؛ 5/92، 126. أبو كلدة: 1/153؛ 3/187؛ 4/421. كليب- الحجاج بن يوسف: 1/213. كليب بن ربيعة: 1/211، 213؛ 2/301؛ 3/66؛ 5/265؛ 6/388. كليب بن عهمة الظفري: 1/212. كليب بن أبي الغول: 4/501؛ 6/580. كليب بن وائل- كليب بن ربيعة. كليم الله موسى عليه السّلام: 6/416. الكميت بن ثعلبة: 6/380. الكميت بن زيد الأسدي: 1/119، 130؛ 2/268، 443؛ 3/49، 149، 233، 253؛ 4/375، 494؛ 5/39، 41، 94، 120، 155، 184، 215، 241، 280، 294، 305، 306، 318؛ 6/352، 374، 383، 527، 536؛ 7/10، 11، 12، 33، 46، 121، 139، 140، 152. كميل*: 2/392؛ 6/523. ابن كناسة: 1/119؛ 5/73، 291. كنانة بن الربيع: 2/442. الكناني: 5/74. ابن كهال*: 2/261. الكودن العجلي أو العكلي: 5/242. كوز*: 5/98. كوكب* (اسم عبد) : 1/214. ابن الكيس النمري- عبيد الكيس. ابن الكيس النمري: 1/243؛ 4/441. كيسان: 1/97؛ 3/161. (اللام) لبنى: 1/203. لبيد بن ربيعة: 1/217؛ 2/262، 268، 293، 356، 408، 440؛ 3/82؛ 4/435؛ 5/69، 95، 96، 97، 127، 307؛ 6/414 418، 485؛ 7/27، 38، 89. ابن لجأ- عمر. اللحياني: 1/229. ابن لسان الحمرة: 2/357، 359؛ 3/103. لطيم الشيطان عمرو بن سعيد: 6/408. اللعين المنقري: 1/167، 175؛ 4/390. لقمان* الحكيم: 3/230. لقمان بن عاد: 1/20، 21؛ 3/31، 201، 213؛ 4/483؛ 5/293؛ 6/486؛ 7/30. لقمان بن عاديا: 5/177. أبو لقمان الممرور: 3/17. لقيط بن زرارة: 2/301؛ 3/46؛ 4/445. لقيم الدجاج: 2/396. لقيم بن لقمان: 1/20، 21. لميس*: 3/18؛ 4/426. لوط عليه السّلام: 4/289، 313؛ 6/357، 430. ليث: 4/402.

(الميم)

ليلى*: 1/21، 126؛ 3/209؛ 4/382؛ 5/104؛ 6/480، 579. أبو ليلى* (طفيل بن مالك) : 5/149. أبو ليلى: 3/37. ابن ليلى* (عبد العزيز بن مروان) : 7/92. ابن أبي ليلى: 3/8. ليلى الأخيلية: 2/408. ليلى السبائية الناعظية: 2/392؛ 5/312؛ 6/523. (الميم) ماء السماء: 5/79. ابن الماجشون: 2/387. ماروت: 1/122؛ 4/295؛ 6/419. ابن مارية*: 1/253. مارية القبطية: 1/180. المازني (النحوي) : 6/4؛ 341، 451. مازيار: 2/430. ماسرجويه: 3/133، 155؛ 4/353، 367؛ 5/195. ابن ماسويه: 1/161؛ 4/320؛ 5/195. ماعز بن مالك: 5/258. مالك*: 3/45، 198؛ 5/253، 313؛ 6/363. ابنة مالك*: 1/141. أم مالك*: 7/87. أبو مالك الأعرج: 6/580. مالك بن أنس: 1/226؛ 3/238؛ 7/4، 74. مالك بن حريم الهمداني: 2/362؛ 6/572. مالك بن حمار الشمخي: 1/253. مالك بن عبد الله الجعدي: 2/355. مالك بن عمرة: 1/147. أبو مالك عمرو بن كركرة: 3/256؛ 4/324؛ 7/138. مالك بن فهم بن غنم: 1/206. مالك بن مرداس: 6/477. مالك بن مسمع: 1/178. مالك بن مغول: 1/119. المأمور الحارثي: 6/421. المأمون (الخليفة) : 1/98؛ 3/19، 123، 156؛ 4/479؛ 5/92، 167، 195؛ 6/551؛ 7/101. مانشا: 2/430. ماني: 4/301، 481، 482. ماهان: 7/136. ابن المبارك- عبد الله بن المبارك. أبو المبارك الصابي: 1/83، 84. المبتلى (لقب أيوب عليه السلام) : 5/200. المتلمس: 2/297؛ 3/20، 70، 186؛ 4/388؛ 5/297. متمم بن نويرة: 5/177، 239. المتنخل السعدي: 4/463. المتنخل الهذلي: 4/463؛ 5/159. المتوكل على الله: 7/149. أبو المتوكل الناجي: 5/228. مثجور بن غيلان الضبي: 3/103. المثقب العبدي: 1/184؛ 3/184. ابن المثنى: 4/316. أبو المثنى*: 6/593. المثنى بن حارثة: 4/443. المثنى بن بشر: 4/414؛ 5/58؛ 6/581،

582. المثنى بن زهير: 1/79؛ 3/76، 83، 84، 85، 103، 125. أبو المثنى*- عمر بن هبيرة الفزاري: 5/109. مثنى ولد القنافر: 6/446. مجاعة الحنفي: 4/440، 441. مجالد بن (سعيد) : 6/403. مجاهد: 1/118، 159، 223، 227؛ 3/186. ابن مجدع*: 5/14. مجزر المدلجي: 1/82. مجنون بني عامر: 1/111؛ 3/102؛ 4/340 5/107. أبو مجيب: 6/570. مجير الجراد- مدلج بن سويد: 1/177. مجير الطير- ثوب بن شحمة. مجير الطير: 1/177، 255. المحبر الغنوي- طفيل بن عوف. محبوب بن أبي العشنط النهشلي: 5/206. أبو محجن الثقفي: 5/102؛ 6/473. أبو محجن العتري: 6/480. أبو محرز- خلف بن حيان الأحمر. ابنا محرق*: 7/86. المحرم*: 6/538. أبو محضة: 6/371. ابن محفض المازني: 3/37. ابن المحل*: 2/363. المحلق* (الضبي) : 1/19. محلم*: 3/69. المحلول: 1/159. محمد صلى الله عليه وسلم: 2/393؛ 4/479. محمد بن إبراهيم: 2/296. محمد بن إبراهيم الرافقي: 7/53، 115. محمد بن أحمد بن عبد العزيز العتبي: 1/40. محمد بن أيوب بن جعفر: 6/334. محمد بن بشير: 5/197. محمد بن الجهم: 1/40، 41؛ 2/325؛ 3/87، 154، 155، 240؛ 4/317، 415، 479؛ 6/335؛ 7/121. محمد بن حازم الباهلي: 5/274. محمد بن حرب: 3/159، 160. محمد بن حسان بن سعد: 1/162، 163، 164؛ 2/333؛ 3/6، 181؛ 6/580. محمد بن الحسن: 6/403. محمد بن حفص: 2/334. محمد بن ذؤيب العماني- العماني. محمد بن ذؤيب العماني: 4/327، 372. محمد بن أبي ذئب- محمد بن عبد الرحمن. محمد بن راشد الخناق: 1/77. محمد بن رغبان: 2/334. محمد بن زياد الأعرابي- ابن الأعرابي. محمد بن زياد الأعرابي: 3/230. محمد بن سعد بن أبي وقاص: 6/408. محمد بن سعيد (راو) : 1/118. محمد بن سعيد (الكاتب) : 4/385. محمد بن السكن المعلم النحوي: 3/207؛ 6/357. محمد بن سلام الجمحي: 1/70؛ 2/442، 444؛ 3/6، 61، 123، 225؛ 5/92، 312. محمد بن سليمان العباسي الهاشمي: 3/231

5/115، 149. محمد بن سليمان بن عبد الله النوفلي: 3/8. محمد بن سهل راوية الكميت: 7/10. محمد بن سيرين: 1/74. محمد بن الصباح: 3/6. محمد بن طلحة: 5/131. محمد بن عائشة: 3/232. محمد بن عباد بن كاسب الكاتب: 1/84، 174؛ 3/12، 140. محمد بن عبد الجبار العتبي: 1/40. محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب: 1/117؛ 5/284. محمد بن عبد الله: 3/232؛ 4/416. محمد بن عبد الله العتبي: 1/40، 41، 191؛ 2/299؛ 3/19، 61؛ 4/479. محمد بن عبد الله بن مسلم: 6/592. محمد بن عبد الملك الزيات: 1/48؛ 2/320 7/77. محمد بن عجلان المديني: 2/405؛ 4/404 5/267؛ 7/74. محمد بن علي: 1/206. محمد بن علي بن سليمان الهاشمي: 2/371. محمد بن عمر البكراوي: 3/15، 190. محمد بن عمرو الجماز: 1/115. محمد بن عمرو بن عطاء العامري: 5/267. محمد بن أبي عيينة بن المهلب بن أبي صفرة- ابن أبي عيينة. أبو محمد الفقعسي: 3/172، 218؛ 4/339. محمد بن القاسم الهاشمي أبو العيناء: 3/9، 17، 225؛ 5/105، 312. محمد المخلوع (هو الأمين) : 3/44، 156؛ 5/204. محمد بن المستنير النحوي قطرب: 2/437؛ 6/517، 544؛ 7/139. محمد بن منصور: 6/510. محمد بن المنكدر: 1/195. أبو محمد (كنية ابن أبي نجيح) : 6/521. محمد بن هشام السدري: 3/57؛ 5/213. محمد بن يسير: 1/43، 64؛ 3/76، 129؛ 5/129، 147، 312؛ 6/437، 538؛ 7/38، 97. محمود بن بشر بن عمرو بن مرثد: 3/32. محمويه الأحمر: 1/247. مخارق بن شهاب المازني: 1/243؛ 5/260؛ 6/510. مخارق الطائي: 6/498. مخارق (المغني) : 6/327. المخبل: 3/273؛ 6/433، 434؛ 7/106. المختار بن أبي عبيد: 1/123؛ 2/393؛ 5/240. المخلوع- محمد المخلوع. المدائني- أبو الحسن علي بن محمد المدائني. مدرك بن حصن: 5/117. مدلج بن سويد بن مرثد بن خيبري: 1/177. ابن المديني- علي بن عبد الله السعدي. ابن المديني: 3/4. المذهب (شيطان النساك) : 1/203؛ 6/417. المرار الفقعسي: 5/247. المرار بن منقذ: 4/372، 491؛ 5/308؛ 6/475.

مرداس بن أدية- أبو بلال الخارجي. مرداس بن أدية: 1/179؛ 5/12، 94، 103، 311. ابن أخت مرداس بن أدية: 1/179. مرداس بن خذام: 1/71. مرداس صاحب زهير: 2/370. مرداس بن أبي عامر: 1/199؛ 3/237؛ 6/424. مرعى*: 4/387. المرقش من بني سدوس: 3/207، 214؛ 4/380، 425، 442؛ 6/506. المرقشان: 5/178. مرة بن محكان السعدي: 7/56. ابن أبي مروان*: 1/49. مروان بن الحكم: 1/168؛ 3/200؛ 6/447؛ 7/62. مروان بن الحكم بن علقمة بن صفوان: 6/423. أبو مروان عبد الملك بن أبي حمزة: 6/452. مروان بن محمد: 1/147؛ 7/106. مروان بن محمد أبو الشمقمق: 1/44، 45، 147، 156، 173، 237؛ 2/433، 441؛ 3/182، 260؛ 4/292، 461، 484؛ 5/143، 209؛ 6/445؛ 7/106. مروان بن محمد بن مروان: 5/177. المروزي: 3/12. المريسي- بشر بن غياث: 7/101. أبو مريم (يروي عنه المدائني) : 2/342. أبو مريم الحنفي: 3/70؛ 4/358. مريم (ابنة عمران) : 6/387، 430. المرّيّة: 6/369. مزاحم* (شيطان) : 6/359، 435. مزاحم العقيلي: 3/45؛ 4/465؛ 5/306. مزبد: 5/103، 107. مزرد بن ضرار: 1/115، 210، 236، 245؛ 2/267، 290؛ 5/34، 142، 219. ابن مزروع: 7/151. مساور بن هند: 1/176. مسبح الكناس: 1/160، 161؛ 3/7. المستنثر: 2/264. بنت المستنير البلتعي: 6/422. مسحر بن السكن: 6/497. مسحل (شيطان الأعشى) : 6/385، 433، 434. مسعدة بن طارق الذراع: 3/13، 15. مسعر بن كدام: 4/269. ابن مسعود- عبد الله بن مسعود. ابن مسعود: 4/271؛ 5/228. مسعود بن عثمان: 1/103. مسعود بن فيد الفزاري: 3122؛ 5/88؛ 6/492. مسعود بن كبير الجرمي: 6/517. المسعودي- عبيد الله بن عبد الله. مسكين الدارمي: 5/42، 44، 101، 252، 317؛ 6/396، 583. مسلم: 1/89. أبو مسلم*: 6/379. مسلم* بن حمار: 5/316؛ 6/427. أبو مسلم الخراساني: 4/472؛ 7/51. مسلم بن عمرو: 2/442.

مسلم بن الوليد الأنصاري: 3/219؛ 4/354؛ 6/485. مسلمة بن عبد الملك: 5/318. مسلمة بن محارب: 2/264، 334؛ 4/498 6/439. أبو مسمع*: 4/352. مسمع بن شيبان: 1/178. مسهر*: 3/53. أبو مسهر: 5/92؛ 6/449. المسيب بن شريك: 2/438؛ 6/521. المسيب بن علس: 3/235، 236؛ 4/454؛ 6/490. المسيح بن مريم عليه السّلام: 1/227؛ 2/337؛ 4/360، 473؛ 5/77، 167؛ 6/327. مسيلمة الكذاب: 4/305، 439، 440، 441، 444؛ 5/280؛ 6/422. مشعث العامري: 5/117. مصرف الغنوي- أبو مطرف الغنوي. مصعب بن الزبير: 1/89؛ 2/342، 443؛ 5/108، 314؛ 6/559. مصقلة بن هبيرة: 2/419؛ 5/280. المضاء*: 7/138. ابن مضارب*: 3/152؛ 6/356. مضرس بن زرارة بن لقيط: 3/219؛ 4/333، 436؛ 5/42. أبو مطر* (الحضرمي) : 3/73. أبو المطراب- عبيد بن أيوب: 4/500؛ 5/67، 77؛ 6/397. مطرف بن عبد الله بن الشخير: 2/337. أبو مطرف الغنوي: 3/207. مطيع بن إياس: 4/481، 482؛ 5/319؛ 7/104. مظعون*: 3/55؛ 6/430. معاذ بن جبل: 4/401؛ 6/420. معاذ بن مسلم بن رجاء: 3/201؛ 6/486؛ 7/30. معاذة العدوية: 1/112؛ 5/311؛ 6/343. معاوية بن حرب- معاوية بن أبي سفيان. معاوية بن حرب: 1/62، 78، 96، 116، 118، 213؛ 2/300، 337؛ 3/203، 205، 254، 255؛ 4/372؛ 5/69، 177؛ 7/4، 68، 139. معاوية بن أبي سفيان بن يزيد بن معاوية: 7/139. معاوية بن صالح: 5/267. معاوية الفلحاء: 1/177. معاوية بن المغيرة بن أبي العاص: 4/337. معبد*: 1/238؛ 7/56. أم معبد*: 6/441. معبد بن شعبة التميمي: 1/211. معبد بن عمر: 7/122. معتر* (الجعفري) : 5/274. المعتصم بالله: 4/468؛ 7/77. معدان الأعمى- معدان المديبري الشميطي. معدان الأعمى: 2/392؛ 5/130؛ 6/523، 579؛ 7/72، 73. معدان الفيل: 7/114. أم معروف*: 5/218. معروف الدبيري: 1/177. معقر بن حمار البارقي: 3/28؛ 7/22.

أبو معقل*: 4/363؛ 5/304. معقل بن خويلد: 4/363؛ 5/304. ابن المعلى: 1/216؛ 6/391. معمر أبو الأشعث: 2/325؛ 3/170، 187، 158؛ 6/589. معمر بن عباد: 3/170؛ 5/106، 303. معمر بن أم سالم: 6/476. معمر بن لقيط: 4/388. معن بن أوس: 6/350. معن بن زائدة: 4/444. مغلس بن لقيط: 1/251. مغيرة*: 3/25. المغيرة بن شعبة، والي الكوفة: 2/343. المغيرو (راو) : 1/195؛ 2/404. أبو المغيرة (كنية زياد بن أبيه) : 7/95. المغيرة بن سعيد الأعمى العجلي: 2/391، 392؛ 4/417؛ 6/522. المغيرة بن عبد الله المخزومي: 7/120. ابن مفرغ: 5/319. المفضل الضبي: 4/272، 273؛ 7/10. أبو المفضل العنبري- أبو الفضل العنبري. أبو المفضل العنبري: 3/247؛ 5/152، 153. المفضل النكري: 5/298. المفقود الذي استهوته الجن: 6/425. مقاتل بن سليمان: 1/228؛ 4/360؛ 7/122. مقاتل بن طلبة: 4/428. أبو المقدام جساس بن قطيب: 6/557. أبو المقدام هشام بن زياد القرشي: 5/267. ابن مقروم الضبي- ربيعة بن مقروم. ابن المقعد*: 4/479. ابن المقفع- عبد الله بن المقفع. المقنع الكندي: 1/47، 48؛ 3/71؛ 5/296؛ 6/413. المقوقس: 1/66، 108. مقيدة الحمار*: 6/429. ابن مكعبر (محرز) : 5/178. المكي: 3/14، 40، 155، 156، 165، 240؛ 5/168، 182؛ 6/335، 568، 581. ملاعب الأسنة- عامر بن مالك. ملك الصين: 7/68. ملك الظل: 3/188. ملك الموت عليه السّلام: 6/430. ملم*: 5/238. مليكة*: 1/245. الممزق الحضرمي- والد أبي عباد بن الممزق. الممزق الحضرمي: 5/94. الممزق العبدي: 2/408؛ 5/235. مناجي الله: 6/393. ابن مناذر (محمد) : 6/530. المنتجع بن نبهان: 2/431. المنجاب: 6/351. أبو المنجد بن رويشد: 6/346. ابن منجوف- سويد: 1/89. أبو المنجوف السدوسي: 6/344. منذر*: 1/116. المنذر بن الجارود: 1/216؛ 5/311. المنذر بن ماء السماء: 5/79.

بنت المنذر بن ماء السماء: 6/542. المنذر أخو النعمان بن المنذر: 4/442. أبو منصور: 1/203. المنصور (أبو جعفر) : 2/442؛ 3/69، 231؛ 4/466؛ 5/163، 315؛ 6/421؛ 7/61، 110. منصور الأسدي: 2/369. منصور بن إسماعيل التمار: 2/415. أبو منصور صاحب المنصورية: 2/392؛ 6/523. منصور القصاب: 2/405. منصور النمري: 3/65. منظور بن رواحة: 1/197، 199؛ 6/412. منظور بن زبان بن سيار بن عمرو بن جابر الفزاري: 1/209؛ 5/96. منكر: 3/9؛ 6/427. منكه الطبيب: 7/127، 128. المنهال: 6/528. أبو المنهال- سويد بن منجوف. منويل: 4/273. منيع: 6/351، 402. المهدي (الخليفة) : 6/393، 521. مهدي (اسم صبي) : 2/264. أبو مهدية الأعرابي: 2/364؛ 3/207؛ 4/465؛ 5/166؛ 7/126. المهلب بن أبي صفرة: 1/87/88. مهلهل بن ربيعة: 1/52؛ 3/66، 68، 69؛ 4/428؛ 5/265؛ 6/388، 540، 546. أبو المهوش الأسدي: 1/177. ابن مهية: 1/256. الموبذ: 6/588. مورق العجلي: 6/592. المورياني- أبو أيوب. موسى عليه السّلام: 1/66، 229؛ 2/380. أبو موسى*: 6/512. موسى بن إبراهيم: 6/346. أبو موسى الأشعري: 1/195؛ 4/269، 270؛ 5/225. موسى بن جابر الحنفي: 4/397. أبو موسى العباسي: 5؛ 201. موسى بن عمران (معاصر للجاحظ) : 3/19. موسى بن كعب: 1/79. موسى (الهادي بن المهدي) : 5/48. موسى بن يحيى: 1/44. مؤمل بن خاقان: 2/317. مويس بن عمران: 2/284؛ 5/249؛ 6/363؛ 7/4. مي*: 1/219. ابن ميادة- الرماح بن أبرد. ابن ميادة: 1/101، 198؛ 2/430؛ 3/39، 182، 186، 199، 222، 231؛ 4/378، 384، 421، 434، 451؛ 5/73، 101، 205، 305، 316؛ 6/351، 373، 387، 443، 476؛ 7/146. ميخائيل: 4/273. الميدعان: 1/203. ميسرة التراس: 7/55. ميسون بنت بحدل: 1/116. ميكائيل عليه السّلام: 1/136. الميلاء حاضنة الكسف: 2/391، 392؛

(النون)

5/312؛ 6/522، 523. مية*: 6/508. مية بنت علاج بن شحمة العنبري: 1/206. (النون) النابغة الجعدي: 1/180، 212، 218، 234؛ 2/400؛ 3/235، 240، 245؛ 5/96؛ 6/550. النابغة الذبياني: 1/17، 46، 205، 218، 241، 250؛ 2/380، 429؛ 3/96، 107، 198، 201، 210، 212، 213، 236؛ 4/359، 374، 381، 387؛ 394، 494؛ 5/151، 293، 294؛ 6/412، 414، 431، 448، 483، 484، 485، 523، 585؛ 7/4، 11، 150، 153. ناشرة*: 6/587. أبو ناصرة: 4/307؛ 5/303. الناطفي*: 6/580. ابن ناعمة: 1/54. نافع (مولى ابن عمر) : 1/117، 193؛ 4/402؛ 5/146، 268. نافع بن الأزرق: 3/250. نافع الضبابي- نويفع. ناهض بن ثومة: 7/67. النجاشي* (ملك الحبشة) : 1/66؛ 2/263. نجدة الحروري: 3/250. النجراني: 1/168. أبو النجم: 1/184، 198؛ 2/276، 414؛ 3/151، 184، 230؛ 4/265، 271، 364، 385، 386، 392، 412، 419؛ 5/54، 237، 298، 317؛ 6/412، 413، 420، 435، 436، 592. ابن أبي نجيح (عبد الله) : 6/521. ابن نجيم- يحيى بن نجيم ح. النخار العذري: 1/243؛ 3/103. أبو نخيلة الراجز: 2/304؛ 3/38، 64، 128؛ 5/313. أبو الندى: 3/32. نسطورس: 4/486. نشيط: 2/419؛ 5/160، 279. نصر بن الحجاج السلمي: 4/365. نصر بن سيار الليثي: 2/404، 438. نصر بن شبث: 7/53. نصر بن طريف: 1/118. نصيب: 1/29؛ 3/102. نصير (غلام بن أبي كريمة) : 3/166. النضر*: 4/479. النضر بن الحارث: 4/337. أبو نضلة الأبار: 2/404. نعامة (لقب بيهس) : 4/462، 463. أبو نعامة- قطري بن الفجاءة: 4/434. النعمان بن المنذر: 1/97؛ 3/198؛ 4/378 442، 443، 444؛ 5/96، 129، 178، 260؛ 7/27، 67، 106. أبو نفر (كنية الطرماح) : 3/57. نفيس (خادم الجاحظ) : 6/554. نفيع (راو) : 5/313. نفيع بن الحارث بن أبي بكرة: 2/443. نفيع بن سالم بن صفار المحاربي: 1/147، 236؛ 4/377. نفيع بن طارق: 6/566.

(الهاء)

نفيل بن حبيب الخثعمي: 7/119، 127. النقار ذو الرقبة: 1/203. نكير (الملك) : 3/9؛ 6/427. النمر بن تولب: 1/15، 21؛ 2/360، 412؛ 3/61، 70؛ 4/272؛ 5/26، 310؛ 6/545، 588؛ 7/84. نمرود: 4/475. النمري: 1/189؛ 3/32. النميري (لغوي) : 6/500. النهدي: 3/210. نهر بن عسكر: 4/480. نهشل بن حري: 1/19؛ 5/15؛ 6/541. النهشلي: 5/314. ابن نهيك- علي بن محمد بن عيسى ح. ابن نهيك: 6/549. ابن النواحة: 4/305، 444. نوح عليه السّلام: 1/97، 197؛ 2/380، 419، 421، 422؛ 3/58، 97، 98، 99، 250؛ 4/289، 301، 355، 358؛ 5/187؛ 6/375؛ 7/27، 125. نوح بن جرير: 3/71. نوح بن دراج: 7/100. ابن النوشجاني: 7/147. نوفل عريف الكناسين: 3/6، 7. نومة الضحى: 1/81. أبو نويرة بن الحصين: 1/19. نويفع الضبابي: 4/364. (الهاء) هاجر (زوج إبراهيم عليه السّلام) : 7/15. هاروت: 1/122؛ 4/295؛ 6/419. هارون*: 5/219، 220؛ 7/18. هارون الرشيد: 1/58؛ 3/29، 74؛ 4/445؛ 7/113. هارون مولى الأزد شاعر أهل المولتان: 7/46 47، 48، 49، 68، 69، 109. أبو هاشم: 4/402. هامان: 4/475؛ 5/89. الهامرز: 2/441. ابن هانئ- إبراهيم: 4/334. ابن هبيرة- يزيد بن عمر بن هبيرةح. هدبة (بن خشرم العذري) : 7/92، 93. الهذلي: 1/130، 258؛ 2/301، 433؛ 3/38، 40؛ 4/439، 447، 458؛ 5/41، 70، 215؛ 6/491، 540. أبو الهذيل: 3/27، 187؛ 5/253؛ 7/4، 107. هر*: 5/185. هرثمة بن أعين: 6/549. هرم: 2/308. هرمز: 1/124. ابن هرمز: 1/124. الهرمزان: 1/246. ابن هرمة- إبراهيم بن هرمةح. هرير*: 6/359، 462. هريرة*: 5/185؛ 6/462. أبو هريرة: 1/194، 195، 225؛ 2/332؛ 4/268، 269، 404؛ 5/147، 267، 268. هريرة* (الجنية) : 6/462. هريم*: 3/47.

(الواو)

ابن هريم: 6/428. هشام بن حسان: 1/195؛ 2/405؛ 4/269، 402، 403؛ 5/228. هشام بن الحكم: 3/6؛ 4/297. هشام الدستوائي: 3/261؛ 4/268، 269. هشام بن عبد الملك: 1/48، 81؛ 3/226؛ 4/293، 327؛ 5/108. هشام بن عروة: 4/400، 401. هشام بن عقبة: 2/413. هشام بن سالم من رهط ذي الرمة: 7/12. هشام بن محمد بن السائب الكلبي: 1/47، 51؛ 3/103؛ 5/202؛ 6/574؛ 7/18. هشام بن المغيرة: 3/190، 242؛ 4/266؛ 6/392. هشيم: 1/195؛ 2/404. الهفوان العقيلي: 4/504. هلال*: 6/539. أم هلال*: 1/168. هلال بن خثعم: 1/254. هلال بن عبد الملك الهنائي: 3/181. همام*: 5/75. همام بن الحارث: 2/337. أبو همام السنوط: 1/82. همام (اسم الفرزدق) : 6/433. همام* (بن مرة) : 5/265؛ 6/388. هميان بن قحافة: 2/265؛ 6/550. هميم (اسم الفرزدق) : 6/358، 433. هند*: 5/185؛ 6/503. هند بنت الخس: 1/112؛ 4/271؛ 5/58، 245. ابن هند- عمرو بن هند النهدي ح. هنيدة*: 5/237. أبو الهندي، من ولد شبث بن ربعي: 5/301 6/362. هنيدة بن خالد الخزاعي: 1/194. هنيدة بنت صعصعة: 2/308. هود عليه السلام: 7/122. أبو هوذة بن شماس الباهلي: 3/203. هوذة بن علي: 1/66. أبو الهول الحميري: 1/171؛ 5/47. الهيبان الفهمي: 1/18؛ 5/35. ابن هيثم: 1/124. الهيثم بن الأسود بن العريان: 5/26. الهيثم بن عدي: 1/51، 81؛ 4/462؛ 6/403؛ 7/67. الهيردان: 4/387. (الواو) الواثق بالله: 4/468. أبو واثلة- إياس بن معاويةح. أبو الواسع: 5/93. الواسع بن خشرم: 7/92. واصل بن عطاء: 6/389؛ 7/4، 122. واصل مولى أبي عيينة: 4/403. والبة بن الحباب: 4/481، 482. الوالبي- والبة بن الحباب ح. أبو وائل: 7/98. أبو وجزة: 4/356؛ 5/216، 303. أبو الوجيه العكلي: 1/198؛ 4/354؛ 6/344، 347، 501. وردان*: 6/192.

(الياء)

وردة أم طرفة: 1/11. ورقاء* (بن زهير بن جذيمة العبسي) : 3/49. الورل الطائي: 4/493. وزر بن جابر: 1/208. وضاح اليمن: 1/174. أبو الوعد: 4/472. وعلة الجرمي: 2/419. الوقاصي: 7/140. وكيع بن أسود: 1/147؛ 3/48. الوكيعي: 3/170. الوليد: 4/388. أبو الوليد*- عبد الملك بن مروان: 3/27. الوليد بن عقبة: 3/205. الوليد القحذمي: 4/493. الوليد بن يزيد: 1/47؛ 2/407؛ 4/421؛ 5/126. وهب بن كيسان: 5/267. وهرز الأسوار: 7/110. ابن وهيلي: 1/54. (الياء) يازان: 2/430. ياسر الخادم: 7/149. يحيى الأغر: 1/96، 155؛ 4/459. يحيى بن أبي أنيسة: 1/193، 194؛ 4/401، 403. يحيى بن أيوب: 4/268. يحيى بن برمك: 4/369، 389. يحيى بن أبي حفصة: 4/397، 398. يحيى بن أبي علي الكرخي: 5/313. يحيى بن خالد البرمكي: 3/207، 222، 244؛ 4/389؛ 5/199، 200، 209، 320. يحيى بن خالد: 5/189، 190. يحيى بن زكرياء: 1/44؛ 4/103. يحيى بن زيد: 2/404. يحيى بن سعيد بن العاص: 2/439؛ 6/403. يحيى بن عبيد الله بن موهب: 5/268. يحيى بن عميرة: 4/388. أبو يحيى العنبري: 6/377. يحيى بن كثير: 4/268. يحيى بن منصور الذهلي: 1/19؛ 3/260؛ 6/340. يحيى بن منقاش: 4/365. يحيى (والد موسى بن يحيى) : 1/44. يحيى بن نجيم بن زمعة: 1/96؛ 2/437؛ 3/222؛ 4/266، 324. يحيى بن النضر: 2/444. يحيى بن نوفل: 1/172؛ 2/392؛ 4/417؛ 5/169؛ 6/523؛ 7/11. يحيى بن هزال: 6/351. يحيى بن يعمر: 4/403. ابن يربوع- عمرو بن يربوع: 1/203. يزال: 1/104. يزيد*: 1/151؛ 2/355. ابن يزيد*: 7/20. يزيد مولى إسحاق بن عيسى: 3/14. يزيد بن الحكم: 1/10. يزيد بن حيان: 5/131. يزيد بن خالد الجهني: 2/387. يزيد بن خثعم: 1/237.

يزيد بن سنان بن أبي حارثة: 1/216؛ 4/494، 495. يزيد بن الصعق: 1/181؛ 5/16. يزيد بن ضبة الثقفي: 5/126. يزيد بن الطثرية: 1/103، 252؛ 3/54؛ 6/386، 409، 428. يزيد بن عمر بن هبيرة: 2/298؛ 7/50. يزيد بن الفيض: 4/481. يزيد بن أبي كبشة: 1/213. يزيد بن مزيد: 4/445. يزيد بن مسعود القيسي: 2/444. يزيد بن أبي أسلم: 1/213؛ 4/472، 475. يزيد بن معاوية: 1/116؛ 3/203؛ 4/294 5/98، 105. يزيد بن المهلب: 5/108؛ 7/88. يزيد بن ناجية السعدي: 5/176. يزيد بن نبيه الكلبي: 5/207. اليزيدي- يحيى بن المبارك: 5/159؛ 6/580. أبو يس الحاسب: 6/446. يسار*: 6/561. يشجب الحارث: 1/246. يعسوب الطفاوة: 3/157. يعسوب قريش- عبد الرحمن بن عتاب ح. يعسوب قريش: 3/157. يعقوب عليه السلام: 4/303، 304، 470؛ 6/455. يعقوب بن إسحاق بن الصباح الأشعثي الكندي: 3/92؛ 5/170. أبو يعقوب الأعور: 3/33؛ 5/169. أبو يعقوب الثقفي: 7/67. أبو يعقوب- إسحاق بن حسان الخريمي ح. يعقوب بن داود: 3/109. يعقوب بن الربيع: 6/589. يعلى بن عطاء: 1/194. اليقطري: 1/81، 246؛ 4/276؛ 6/333، 559، 560. يقظان: 6/366. أبو اليقظان- سحيم بن حفص ح. أبو اليقظان- عامر بن حفص ح. أبو اليكسوم ملك الحبشة: 7/61، 118. اليهودية: 4/382. يوسف عليه السلام: 4/304، 470؛ 6/455، 574. يوسف (لعله يونس بن حبيب) : 4/444. أبو يوسف (الحكم بن أيوب) : 1/19. يوسف الزنجي: 4/327. يوسف السمتي: 1/63. يوسف بن عمر: 2/382. أبو يوسف القاضي: 3/6. يوشع عليه السلام: 2/430. يونس (راو) : 1/118، 194، 195. يونس بن حبيب النحوي أبو عبد الرحمن: 1/89، 217؛ 3/103، 224؛ 4/330؛ 5/83، 132، 159، 179، 264، 306، 312؛ 6/533؛ 7/52، 123. أبو يونس الشريطي: 5/135. يونس بن عبيد: 1/110، 226. يونس بن فروة: 4/480، 481. يونس بن هارون: 4/481.

فهرس التراجم

فهرس التراجم (الألف) أبان بن سعيد بن العاص الأموي: أبو الوليد، صحابي من ذوي الشرف، ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم على البحرين، توفي سنة 13 هـ. (الأعلام 1/27، الإصابة 1/10) . أبان بن عبد الحميد اللاحقي: أبان بن عبد الحميد بن لاحق بن عفير الرقاشي، شاعر مكثر، من أهل البصرة، وهو الذي نظم للبرامكة «كليلة ودمنة» شعرا، توفي سنة 200 هـ. (الأعلام 1/27، خزانة الأدب 3/458) . أبان بن عثمان: أبان بن عثمان بن عفان الأموي القرشي، أول من كتب في السيرة النبوية وهو ابن الخليفة عثمان رضي الله عنه وكان من رواة الحديث الثقاة. (الأعلام 1/27 الأغاني 2/4) . إبراهيم بن السندي بن شاهك: كان يلي الجسرين ببغداد للرشيد، وكان خطيبا فقيها، ونحويا عروضيا وحافظا للحديث، وشاعرا راوية للشعر، وكان من رؤساء المتكلمين. (البيان والتبيين 1/335، رسائل الجاحظ 1/77، الوزراء والكتاب للجهشياري 236، 237) . إبراهيم بن سيار النظام: أبو إسحاق النظام، إبراهيم بن سيار بن هانئ البصري، من أئمة المعتزلة، ذكروا أن له كتبا كثيرة في الفلسفة والاعتزال، وقال عنه الجاحظ «الأوائل يقولون في كل ألف سنة رجل لا نظير له، فإن صح ذلك فأبو إسحاق من أولئك» توفي سنة 231 هـ (الأعلام 1/43، فوات الوفيات 1/23) . إبراهيم النخعي: أبو عمران النخعي، إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود، من مذحج، من أكابر التابعين صلاحا وصدق رواية وحفظا للحديث، مات متخفيا من الحجاج سنة 96 هـ. (الأعلام 1/80، طبقات القراء 1/29) .

إبراهيم بن هانئ: أحد معاصري الجاحظ، قال فيه الجاحظ: كان ماجنا خليعا كثير العبث متمردا (البيان والتبيين 1/93، البخلاء 126، 370) . إبراهيم بن هرمة: إبراهيم بن علي بن سلمة بن عامر بن هرمة الكناني القرشي، أبو إسحاق شاعر غزل من سكان المدينة، وهو من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية، وهو آخر الشعراء الذين يحتج بشعرهم، (الأعلام 1/50، البداية والنهاية 10/169) . إبراهيم بن يحيى: هو إبراهيم بن يحيى بن محمد بن عباد بن هانئ الشجري. يروي عنه وعن أبيه البخاري في غير الصحيح. (تهذيب التهذيب 1/176) . أبرهة الأشرم: كان ملك اليمن، وهو الذي أراد هدم الكعبة، فسار إليها ومعه الفيل، فأهلك الله جيشه بالطير الأبابيل، ووقعت في جسده الأكلة، فحمل إلى اليمن، فهلك بها. (المعارف 638) . إبط الشمال (عريّب) : هو معاوية بن حذيفة بن بدر الفزاري، وإبط الشمال يعني الفؤاد. (معجم الشعراء 311، البيان والتبيين 1/181) . الأبلق الأسدي: هو عراف نجد، وفيه يقول عروة بن حزام: جعلت لعراف اليمامة حكمه ... وعراف نجد إن هما شفياني (مروج الذهب 2/311، مقدمة ابن خلدون 94) . أبيّ بن خلف: هو أبيّ بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح، كان أدرك الرسول صلى الله عليه وسلم في الشعب يوم أحد، وهو يقول أي محمد!! لا نجوت إن نجوت!! فقال القوم يا رسول الله أيعطف عليه رجل منا؟ فقال: دعوه، فلما دنا منه تناول رسول الله صلى الله عليه وسلّم الحربة من الحارث ابن الصمة، وطعنه في عنقه طعنة تدأدأ منها عن فرسه مرارا (أي تقلب فجعل يتدحرج) (سيرة ابن هشام، يوم أحد) . أبيّ بن كعب: أبو المنذر أبي بن كعب بن قيس بن عبيد، من بني النجار، من الخزرج، صحابي أنصاري، كان قبل الإسلام حبرا من أحبار اليهود، في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «أقرأ أمتي أبي بن كعب» مات بالمدينة سنة 21 هـ. (الأعلام 1/82، صفة الصفوة 1/188) . أحمد بن حائط: هو صاحب مذهب الحائطية، وكان من أصحاب النظام، وأخذ عنه وأتى في مذهبه بمنكرات عجيبة، ومما قاله: إن في كل نوع من أنواع الحيوان أمة على حيالها، وإن في كل أمة منها رسولا من نوعها. (الملل والنحل 1/80، 81؛ الفرق 255- 295) . أحمد بن الخاركي: أحمد بن إسحاق، شاعر من شعراء عصر المأمون، وهو منسوب إلى خارك، وهي جزيرة من جزر البحر الفارسي. وكان كثير الشعر، هاجى الفضل الرقاشي هجاء كثيرا. (طبقات ابن المعتز 306، البخلاء 370) . أحمد بن أبي داود: أحمد بن أبي داود فرج بن جرير، كان موصوفا بالجود والسخاء وحسن

الخلق وغزارة الأدب، وكان داعية إلى القول بخلق القرآن، وكان شاعرا فصيحا بليغا توفي سنة 240 هـ. (وفيات الأعيان 1/81، الوافي بالوفيات 7/281) . أحمد بن زياد بن أبي كريمة: شاعر يقول الشعر ويرويه، وشعره متفاوت مختلف، كان متصلا بأبي مالك عمرو بن كركرة، وبمن كان يترل عليه من الأعراب، ويؤخذ من أخباره أنه كان من أصحاب الجاحظ الذين يزورهم، وهو معدود في البخلاء الذين يستشهد بأسمائهم، أورد له الطبري بيتين يدلان على صلته بالبرامكة. (البخلاء 282، 283) . الأحنف بن قيس: أبو بحر، الأحنف بن قيس بن معاوية بن حصين المري السعدي المنقري التميمي، سيد تميم، يضرب به المثل في الحلم، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره، وولي خراسان، وكان صديقا لمصعب بن الزبير، توفي سنة 72 هـ. (الأعلام 1/276، جمهرة الأنساب 206) . أبو الأحوص: عوف بن مالك بن نضلة الجشمي، روى عن أبيه وعن علي، وروى عنه ابن أخيه أبو الزعراء الجشمي. توفي سنة 127 هـ. (تاريخ بغداد 6733) . أحيحة بن الجلاح: أبو عمرو، أحيحة بن الجلاح بن الحريش الأوسي، شاعر جاهلي من دهاة العرب، كان سيد يثرب (المدينة) توفي نحو 130 ق. هـ. (الأعلام 1/277) . الأحيمر السعدي: شاعر من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية، كان لصا فاتكا ماردا من أهل بادية الشام، توفي نحو 170 هـ. (الأعلام 1/277، الشعر والشعراء 307) . أبو الأخزر الحماني: أحد رجّاز العرب، واسمه قتيبة كما في اللسان 4/115 (قمجر) . الأخطل: غياث بن غوث التغلبي، أحد الثلاثة المتفق على أنهم أشعر أهل عصرهم هو وجرير والفرزدق. توفي سنة 90 هـ. (الأعلام 5/318) . الأخنس بن شهاب: الأخنس بن شهاب بن ثمامة بن أرقم التغلبي، شاعر جاهلي، من أشراف تغلب وشجعانها، حضر حرب البسوس، توفي نحو 70 ق. هـ. (الأعلام 1/277) . أردشير بن بابك: أحد ملوك الطوائف على أرض «إصطخر» ، بنى مدنا منها «جور، أزدشير» بفارس والأهوار والأبلّة. (المعارف 653، 654؛ ثمار القلوب 300) . أرطاة ابن سهية: أرطاة بن زفر بن عبد الله، وسهية أمه. أدرك الجاهلية وعاش إلى خلافة عبد الملك بن مروان. (الأغاني 13/29- 44) . إسحاق بن حسان بن قوهى الخريمي: كان شاعرا مفلقا مطبوعا مقتدرا على الشعر، توفي سنة 214 هـ. (تاريخ بغداد 6/326) . أبو إسحاق السبيعي: هو عمرو بن عبد الله الهمداني، روى عن جرير البجلي وعدي بن حاتمم، وروى عنه ابنه يونس وقتادة، توفي سنة 127 هـ. (تهذيب التهذيب 3/63- 67) . أسد بن عبد الله القسري البجلي: أمير، من الأجواد الشجعان، ولد ونشأ في دمشق، تولى خراسان سنة 108 هـ، توفي في بلخ سنة 120 هـ. (الأعلام 1/298، ابن الأثير 5/79) .

الأسعر الجعفي: هو مرثد بن أبي عمران الجعفي، شاعر جاهلي، (المزهر 2/438، السمط 94، اللسان والتاج «سعر» ) . أسقف نجران: قس بن ساعدة بن عمرو بن عدي بن مالك، من بني إياد، أحد حكماء العرب ومن كبار خطبائهم، وهو أول من قال في كلامه «أما بعد» ، أدركه النبي صلى الله عليه وسلم قبل النبوة في عكاظ، وسئل عنه بعد ذلك فقال: «يحشر أمة وحدة» توفي نحو سنة 23 ق. هـ. (الأعلام 5/196، البيان والتبيين 1/27، الأغاني 14/40) . أسماء بنت أبي بكر: ذات النطاقين، أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنه، صحابية من الفضليات، آخر المهاجرين والمهاجرات وفاة، وهي أخت عائشة «أم المؤمنين» لأبيها، وأم عبد الله بن الزبير ابن العوام، توفيت سنة 73 هـ. (الأعلام 1/305، سبائك الذهب 66) . إسماعيل بن حماد: هو إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة صاحب المذهب، ولي القضاء بالرصافة ثم بالبصرة سنة 210 هـ، وتوفي سنة 212 هـ، وكان من كبار الفقهاء. (تاريخ بغداد 328، لسان الميزان 1257 ط) . إسماعيل بن أبي سهل بن نيبخت: من متكلمي الشيعة الإمامية، كان كاتبا شاعرا بليغا راوية للأخبار، توفي سنة 211 هـ. (الوافي بالوفيات 9/171) . إسماعيل بن غزوان: ردد الجاحظ ذكره في كتابه «البخلاء» وكان يقرنه بسهل بن هارون وكان شديد البخل وينتصر له بكلام عجيب. (البيان والتبيين 3/163، 213) . أبو الأسود الدؤلي: ظالم بن عمرو بن سفيان بن جندل الدؤلي الكناني، واضع علم النحو سكن البصرة في خلافة عمر رضي الله عنه، وولي إمارتها في أيام علي رضي الله عنه، وهو في أكثر الأقوال أول من نقط المصحف، وله شعر جيد، توفي سنة 69 هـ. (الأعلام 3/226) . الأسود بن يعفر: أبو نهشل، وأبو الجراح، الأسود بن يعفر النهشلي الدارمي التميمي، ويقال له أعشى بني نهشل، شاعر جاهلي من سادات تميم، كان فصيحا جوادا، ولما أسن كف بصره، توفي نحو 22 ق. هـ. (الأعلام 1/330، الشعر والشعراء 78) . الأشتر بن عمارة: هو الأشتر بن عمارة الضبابي، والضباب هم بنو معاوية بن كلاب، وكان شعره في حرب هر اميت، وهي من الحروب الإسلامية كانت في زمن عبد الملك بن مروان في فتنة ابن الزبير، وكانت بين الضباب وبين إخوتهم بني جعفر بن كلاب. (النقائض 927- 930، العمدة 2/167) . الأشهب ابن رميلة: نسبته إلى أمه «رميلة» وكانت أمة اشتراها أبوه في الجاهلية وهو الأشهب ابن ثور بن أبي حارثة بن عبد المدان النهشلي الدارمي التميمي شاعر نجدي، ولد في الجاهلية وأسلم، لم يجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم، توفي نحو سنة 86 هـ. (الأعلام 1/333، سمط اللآلي 35) . الأصبغ بن نباتة: هو أصبغ بن نباتة التميمي الحنظلي الكوفي، يكنى أبا القاسم، وهو من

التابعين، روى عن عمر، وعلي، والحسن بن علي، وعمار بن ياسر، وروى عنه سعد ابن طريف، والأجلح، وثابت، وفطر بن حنيفة، ومحمد بن السائب الكلبي، وكان شيعيا. (تهذيب التهذيب 1/363) . الأصمعي: عبد الملك بن قريب أبو سعيد، صاحب اللغة والنحو والغريب والأخبار والملح توفي سنة 216 هـ. وقيل غير ذلك. (إنباه الرواة 2/197) . الأضبط بن قريع السعدي: الأضبط بن قريع بن عوف بن كعب السعدي التميمي، شاعر جاهلي قديم، أساء قومه إليه فانتقل عنهم إلى آخرين ففعلوا كالأولين، فقال: «بكل واد بنو سعد» . (الأعلام 1/334، الشعر والشعراء 143) . ابن الأعرابي: محمد بن زياد، أبو عبد الله، كان راوية لأشعار القبائل، كثير الحفظ، ولم يكن في الكوفيين أشبه برواية البصريين منه، توفي سنة 230 هـ. (إنباه الرواة 3/128) . الأعشى: ميمون بن قيس، من شعراء الطبقة الأولى في الجاهلية، وهو أحد أصحاب المعلقات، توفي سنة 7 هـ. (الأعلام 8/300) . أعشى باهلة: عامر بن الحارث بن رياح الباهلي، من همدان، يكنى أبا قحفان، أشهر شعره رائية له، في رثاء أخيه لأمه. (الأعلام 3/250، خزانة الأدب 1/9) . أعشى تغلب: ربيعة بن يحيى بن معاوية، من بني تغلب، شاعر اشتهر في العصر الأموي، قال ياقوت: كان نصرانيا وعلى النصرانية مات سنة 92 هـ. (الأعلام 3/17) . أعشى سليم: اسمه سليمان، وكنيته أبو عمرو، كما في (الأغاني 3/95) ، وقد ذكر الجاحظ أنه رأى رجلا من أبناء هذا الأعشى. (الحيوان 2/297) . الأعشى بن نباش: ويقال أيضا التميمي، من بني أسد بن عمرو، وهو الأعشى بن نباش ابن زرارة الأسدي، (المؤتلف 20) ، وذكره ابن هشام في (السيرة 645) . أعشى همدان: عبد الرحمن بن عبد الله بن الحارث بن نظام بن جشم الهمداني، شاعر اليمانيين بالكوفة، غزا الديلم وله شعر كثير في وصف بلادهم، توفي سنة 83 هـ. (الأعلام 3/312) . الأعمش: سليمان بن مهران الأسدي، أصله من بلاد الري، ومنشؤه ووفاته بالكوفة، كان عالما بالقرآن والحديث والفرائض، توفي سنة 148 هـ. (الأعلام 3/135، ابن سعد 6/238) . الأعور النبهاني: اسمه عدي بن أوس، أو سحمة بن نعيم، وكان بينه وبين جرير مناقضة (المؤتلف 161، المرزباني 253) . الأغلب العجلي: الأغلب بن عمرو بن عبيد بن حارثة، من بني عجل بن لجيم، من ربيعة شاعر راجز معمر، أدرك الجاهلية والإسلام، وهو آخر من عمر في الجاهلية عمرا طويلا، استشهد في وقعة نهاوند سنة 21 هـ. (الأعلام 1/335، المؤتلف 22) . أفليمون: صاحب الفراسة، فاضل كبير في فن من فنون الطبيعة، وكان معاصرا لأبقراط

وأظنه شامي الدار، كان خبيرا بالفراسة عالما بها، وله في ذلك تصنيف مشهور خرج من اليونانية إلى العربية «القفطي» . الأفوه الأودي: صلاءة بن عمرو بن مالك، من بني أود، من مذحج، شاعر يماني جاهلي يكنى أبا ربيعة، ولقب بالأفوه لأنه كان غليظ الشفتين ظاهر الأسنان، توفي نحو سنة 50 ق. هـ (الأعلام 3/206، الشعر والشعراء 59) . الأقيبل القيني: الأقيبل بن نبهان بن خنف، من بني القين بن جسر، من قضاعة، شاعر إسلامي، وكان أسود اللون، توفي نحو سنة 85 هـ. (الأعلام 2/6، المؤتلف 23) . الأقيشر الأسدي: المغيرة بن عبد الله بن معرض الأسدي، أبو معرض، شاعر هجاء، من أهل بادية الكوفة، ولد في الجاهلية، وعاش عمرا طويلا، ولقب بالأقيشر لأنه كان أحمر الوجه أقشر، توفي نحو سنة 80 هـ. (الأعلام 7/277، الإصابة 4/139) . أكثم بن صيفي: هو أكثم بن صيفي بن رياح بن الحارث بن مخاشن بن معاوية التميمي، حكيم العرب في الجاهلية، أحد المعمرين، أدرك الإسلام ولم يرى النبي صلى الله عليه وسلم لأنه مات وهو في الطريق إلى المدينة. توفي سنة 9 هـ. (الأعلام 2/6، الإصابة 1/113) . امرؤ القيس بن حجر: امرؤ القيس بن حجر بن الحارث الكندي، من بني آكل المرار أشهر شعراء العرب على الإطلاق، يماني الأصل، مولده بنجد، ويعرف بالملك الضليل، وذي القروح، لما أصابه في مرض موته، وكان أبوه ملك أسد وغطفان، وأمه أخت المهلهل الشاعر، توفي نحو سنة 80 ق. هـ. (الأعلام 2/11، 12، الأغاني 9/77) . امرؤ القيس بن عابس: امرؤ القيس بن عابس بن المنذر بن امرؤ القيس بن السمط بن عمرو بن معاوية الكندي، من كندة، شاعر مخضرم من أهل حضرموت، أسلم عند وصول الإسلام إلى بلاده، ولما ارتدت حضرموت ثبت على إسلامه، توفي نحو سنة 25 هـ. (الأعلام 2/12، تاريخ الشعراء الحضرميين 1/44) . أمية بن أبي الصلت: أمية بن أبي الصلت بن أبي ربيعة بن عوف الثقفي، شاعر جاهلي حكيم، من أهل الطائف، وهو ممن حرموا على أنفسهم شرب الخمر وعبادة الأوثان في الجاهلية، وهو أول من جعل في أول الكتب «باسمك اللهم» ، أدرك الإسلام ولم يسلم، توفي سنة 5 هـ. (الأعلام 2/23، وفيات الأعيان 1/80) . أنس بن أبي إياس الدؤلي: أنس بن زنيم بن عمرو بن عبد الله الكناني الدؤلي، من الصحابة شاعر هجا النبي صلّى الله عليه وسلم في الجاهلية فأهدر دمه، ثم أسلم يوم الفتح، ومدح النبي صلى الله عليه وسلم بقصيدة فعفا عنه، توفي نحو سنة 60 هـ. (الأعلام 2/24، الإصابة 1/69) . أنس بن أبي شيخ: كان من العلماء البلغاء والفضلاء، وكان كاتبا للبرامكة، قتله الرشيد على الزندقة سنة 187 هـ، وهي سنة نكبة البرامكة (لسان الميزان، البداية 10/190، 191) .

أنس بن مالك: أبو ثمامة، أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم النجاري الخزرجي الأنصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه، روى عنه رجال الحديث 2286 حديثا، وهو آخر من مات بالبصرة من الصحابة، توفي سنة 93 هـ. (الأعلام 2/24، 25، صفة الصفوة 1/298) . أنس بن مدركة الخثعمي: أبو سفيان، أنس بن مدرك بن كعب الأكلبي الخثعمي، شاعر فارس من المعمرين، قيل إنه عاش 145 عاما، توفي سنة 35 هـ. (الأعلام 2/25) . أهبان بن أوس: أحد الصحابة، قيل إن الذئب كلمه ثم بشره بالرسول صلى الله عليه وسلم (ثمار القلوب 575، الإصابة 1/79) . أوس بن حجر: أبو شريح، أوس بن حجر بن مالك التميمي، شاعر تميم في الجاهلية، في نسبه اختلاف بعد أبيه حجر، وهو زوج أم زهير بن أبي سلمى. عمر طويلا ولم يدرك الإسلام، «له ديوان شعر- ط» ، توفي سنة 2 ق. هـ (الأعلام 2/31، الأغاني 11/70) . أوفى: هو أوفى بن دلهم، ابن عم ذي الرمة، وكان أحد رواة الحديث الثقاة. أويس القرني: أويس بن عامر بن جزء بن مالك القرني، من بني قرن بن ردمان بن ناجية ابن مراد، أحد النساك العباد المقدمين، من سادات التابعين، أصله من اليمن، وأدرك حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره، وشهد وقعة صفين مع علي رضي الله عنه، ويرجح الكثيرون أنه قتل فيها، توفي سنة 37 هـ. (الأعلام 2/32، ابن سعد 6/111) . إياس بن الأرت: اسمه خالد، شاعر جاهلي كريم، له أشعار في الحماسة ومعجم البلدان. (السمط 24، التاج «رتت» ) . إياس بن معاوية بن قرة المزني: أبو وائلة، قاضي البصرة، أحد أعاجيب الدهر في الفطنة والذكاء، توفي بواسط سنة 122 هـ. (الأعلام 2/23، وفيات الأعيان 1/81) . أيمن بن خريم: هو ابن خريم الصحابي، أيمن بن خريم بن فاتك، من بني أسد، وكان به برص، توفي نحو سنة 80 هـ. (الأعلام 2/35، الشعر والشعراء 214) . أبو أيوب الأنصاري: خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة، من بني النجار، صحابي شهد العقبة وبدرا وأحد والخندق وسائر المشاهد، وكان شجاعا صابرا تقيا، عاش إلى أيام بني أمية، له 155 حديثا، توفي سنة 52 هـ. (الأعلام 2/295، الإصابة 1/405) . أيوب بن جعفر: هو أيوب بن جعفر بن سليمان العباسي، كان من أعلم الناس بقريش، وبالدولة، وبرجال الدعوة، كان في أول أمره على مذهب أبي شمر، ثم انتقل من قوله إلى قول إبراهيم بن سيار النظام. (البيان 1/78، 217) . أبو أيوب المورياني: سليمان بن مخلد، كان وزيرا لأبي جعفر المنصور، الذي أوقع به وعذبه وأخذ أمواله، توفي سنة 154 هـ. (الوزراء والكتاب 65، وفيات الأعيان 2/410) .

(الباء)

(الباء) بثين: بثينة بنت حبا بن ثعلبة العذرية، من قضاعة، شاعرة اشتهرت بأخبارها مع جميل بن معمر العذري، توفيت سنة 82 هـ. (الأعلام 2/43، التاج 9/35) . البحتري: أبو عبادة البحتري، الوليد بن عبيد بن يحيى الطائي، شاعر كبير، يقال لشعره «سلاسل الذهب» ، ولد بمنبج بين حلب والفرات، وتوفي فيها سنة 284 هـ. (الأعلام 8/121، وفيات الأعيان 2/175) . بختيشوع بن جبريل المتطبب: هو ابن جبريل بن بختيشوع، كان سريانيا نبيل القدر، وكان يضاهي المتوكل في اللباس والفرش، وكان عظيم المترلة عنده، ثم إنه أفرط في إدلاله عليه فنكبه، وكان موته سنة 256 هـ. (طبقات الأطباء 1/138- 144، والقفطى 72، 73) . بديل بن ورقاء: صحابي سكن مكة، كان إسلامه قبل الفتح، وقيل يوم الفتح. (الإصابة 1/146 رقم 611) . البراض بن قيس: أحد فتاك العرب الذين يضرب بهم المثل في الفتك. (ثمار القلوب 235) . البرك: اسمه الحجاج بن عبد الله الصريمي، كان أحد الثلاثة الذين عهد إليهم بقتل علي رضي الله عنه ومعاوية وعمرو في ليلة واحدة، ثانيهم عبد الرحمن بن ملجم الذي تكفل بقتل علي رضي الله عنه، وثالثهم زاذويه الذي نصب نفسه لعمرو، وقد ضرب البرك معاوية مصليا فأصاب مأكمته (الكامل 2/135- 145، والبيان 2/206، والطبري 6/86) . البريق الهذلي: هو عياض بن خويلد الهذلي، حجازي مخضرم، وله مع عمر رضي الله عنه حديث، (معجم المرزباني 268، والإصابة 6124) . البسوس: هي بنت منقذ التميمية، يقال إنه استجار بها جار لها من جرم ومعه ناقة له، فرماها كليب بن وائل لما رآها في حماه، فلجأ الجرمي إلى البسوس، فهيجت أهلها للحرب فهاجوا، واستمرت الحرب بين بكر وتغلب أربعين عاما، وسميت بحرب البسوس. (ثمار القلوب 345، والعقد 3/347، وكامل ابن الأثير 1/313، وأمثال الميداني 2/359، والأغاني 4/139) . بشار بن برد: كان شاعرا مفلقا، خدم الملوك وحضر مجالس الخلفاء، وكان يعد في الخطباء البلغاء، رمي بالزندقة فقتله المهدي سنة 168 هـ. (تاريخ بغداد 7/112، نكت الهميان 125) . بشامة بن الغدير: هو خال أبي سلمى، والد زهير، وكان زهير منقطعا إليه، معجبا بشعره، وكان بشامة أحزم الناس رأيا، وكانت غطفان تستشيره وتصدر عن رأيه (الأغاني 10/312) . بشر بن أبي خازم: أبو نوفل، عمرو بن عوف الأسدي، شاعر جاهلي فحل من الشجعان من بني أسد بن خزيمة، توفي نحو سنة 22 ق. هـ. (الأعلام 2/54، الشعر والشعراء 86) .

بشر بن غياث بن أبي كريمة: كان من أصحاب الرأي، برع في الفقه، ونظر في الفلسفة وجرد القول بخلق القرآن، توفي سنة 218 هـ. (الوافي بالوفيات 10/151) . بشر بن مروان: بشر بن مروان بن الحكم بن أبي العاص القرشي الأموي، أمير، كان سمحا جوادا، ولي العراقين «البصرة والكوفة» وهو أول أمير مات بالبصرة، توفي سنة 75 هـ (الأعلام 2/55، خزانة البغدادي 4/117) . بشر بن المعتمر: أبو سهل، بشر بن المعتمر الهلالي البغدادي، فقيه معتزلي مناظر، من أهل الكوفة، له مصنفات في الاعتزال، توفي سنة 210 هـ ببغداد. (الأعلام 2/55) . أبو بشير الأنصاري: ذكره ابن حجر في (الإصابة 130 قسم «الكنى» ) وقيل إن اسمه قيس ابن عبيد بن الحرير، أورده ابن سعد فيمن شهد الخندق، قيل إنه توفي سنة 40 هـ. البعيث المجاشعي: أبو زيد التميمي، خداش بن بشر بن خالد، شاعر وخطيب من أهل البصرة، كانت بينه وبين جرير مهاجاة دامت نحو أربعين سنة، توفي بالبصرة سنة 134 هـ. (الأعلام 2/202، الشعر والشعراء 195) . أبو بكر الأصم: اسمه عبد الرحمن بن كيسان، كان من أئمة المعتزلة، ذكره عبد الجبار الهمداني في طبقات المعتزلة وقال: كان من أفصح الناس وأورعهم وأفقههم، وله تفسير عجيب، قال ابن حجر هو من طبقة أبو الهذيل العلاف وأقدم منه. (لسان الميزان 1685) . بكر بن خنيس: كوفي سكن بغداد، صدوق له أغلاط، كان يوصف بالزهد والعبادة، وأرخه الذهبي 170 هـ. (تهذيب التهذيب 1/481) . بكر بن عبد الله المزني: كان ثبتا كثير الحديث، حجة فقيها، توفي سنة 106 هـ. (الوافي بالوفيات 10/207) . بكر بن أخت عبد الواحد: هو بكر بن أخت عبد الواحد بن زيد البصري الزاهد، ذكره ابن حزم في جملة الخوارج. (لسان الميزان 2/60، الفرق 200، الفصل 4/191) . بكر بن النطاح: أبو وائل، بكر بن النطاح الحنفي، شاعر غزل، كان في زمن هارون الرشيد، وهو بصري نزل بغداد، توفي سنة 192 هـ. (الأعلام 2/71) . أبو بكر الهذلي: اسمه سلمى بن عبد الله، وقيل روح، كان من علماء الناس بأيامهم، وكان يضعف في الحديث، توفي سنة 167 هـ. (تهذيب التهذيب 12/45) . أبو بكرة: نفيع بن الحارث بن كلدة الثقفي، صحابي من أهل الطائف، له 132 حديثا، ولقب بأبي بكرة لأنه تدلى ببكرة من حصن الطائف إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ممن اعتزل الفتنة يوم الجمل، توفي سنة 52 هـ. (الأعلام 8/44، تهذيب التهذيب 10/469) . ابن أبي بكرة: أبو حاتم، عبيد الله بن أبي بكرة الثقفي، أول من قرأ القرآن بالألحان، وهو ابن الصحابي أبي بكرة، توفي سنة 79 هـ. (الأعلام 4/191) .

(التاء)

البكري: هو الحارث أو حريث بن حسان، وافد بني بكر بن وائل، وكان قد صحب فيلة في وفاده على الرسول صلى الله عليه وسلم للمبايعة. أبو البلاد الطهوي: شاعر إسلامي، ويقال له أبو الغول، لأنه فيما زعم أنه رأى غولا فقتلها. (المؤتلف 163) . بلال بن رباح الحبشي: أبو عبد الله، مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد السابقين للإسلام، شهد كل المشاهد مع الرسول صلى الله عليه وسلم توفي في دمشق سنة 20 هـ. (الأعلام 2/73) . بلعاء بن قيس الكناني: هو ابن حبناء، كان رأس بني كنانة في أكثر حروبهم ومغازيهم وكان كثير الغارات على العرب، وهو شاعر محسن. (المؤتلف 150) . (التاء) تأبط شرا: أبو زهير الفهمي، ثابت بن جابر بن سفيان، شاعر عداء من فتاك العرب في الجاهلية، وسمي تأبط شرا لأنه أخذ سيفا تحت إبطه وخرج، فسئلت أمه عنه فقالت تأبط شرا، توفي نحو سنة 80 ق. هـ. (الأعلام 2/97، المبهج 17) . تبع: حسان بن أسعد بن أبي كرب الحميري، من أعاظم تبابعة اليمن في الجاهلية، يقال إنه أول من كسا الكعبة، ويظن أن عصره كان في القرن العاشر قبل الهجرة. تبيع بن كعب: هو ابن امرأة كعب الأحبار، لا ابن كعب، ترجم له ابن حجر في الإصابة 856، وهو كما في القاموس تبيع بن كعب ابن امرأة كعب الأحبار. الترجمان بن هريم: كان على الأهواز وعلى «بني حنظلة» في فتنة «ابن سهيل» ، أبوه هريم ابن أبي طحمة، كان شجاعا كيسا، وكان مع المهلب في قتال الأزارقة، ومع عدي بن أرطأة في قتال يزيد بن المهلب. (المعارف 417) . أبو تمام الطائي: حبيب بن أوس بن الحارث الطائي، شاعر وأديب، أحد أمراء البيان، ولد في جاسم من قرى حوران بسورية، توفي سنة 231 هـ. (الأعلام 2/165، معاهد 1/38) . ابن مقبل: أبو كعب، تميم بن أبي مقبل، من بني العجلان، من عامر بن صعصعة، شاعر جاهلي أدرك الإسلام وأسلم، وكان يبكي أهل الجاهلية، توفي نحو سنة 37 هـ. (الأعلام 2/87، الإصابة 1/195) . توبة بن الحمير: أبو حرب، توبة بن الحمير بن حزم بن كعب بن خفاجة العقيلي العامري شاعر من عشاق العرب المشهورين، كان يهوى ليلى الأخيلية وخطبها فرده أبوها، وزوجها غيره، فانطلق يقول الشعر مشببا بها، توفي سنة 85 هـ. (الأعلام 2/89) . التوت اليماني: عبد الملك بن عبد العزيز السلولي، المعروف «بنويب» ، من الشعراء الفصحاء، وهم من الذين لم يفدوا على الخلفاء، ولم يمدحوا الأمراء والرؤساء، توفي نحو سنة 100 هـ. (الأعلام 4/160) .

(الثاء)

(الثاء) ثعلبة بن صعير المازني: ثعلبة بن صعير بن خزاعي المازني التميمي المري، شاعر جاهلي من شعراء المفضليات، له فيها قصيدة من الطوال، (الأعلام 2/99) . ثمامة بن أشرس: أبو معن، ثمامة بن أشرس النميري، من كبار المعتزلة، وأحد الفصحاء البلغاء المقدمين، والجاحظ من تلاميذه، توفي سنة 213 هـ. (الأعلام 2/100) . ثوب بن شحمة: شاعر جاهلي، قال الجاحظ عنه: كان ثوب هذا أكرم نفسا عندهم من أن يطعم خبيثا ولو مات عندهم جوعا، وله قصص؛ ولقد أسر حاتم الطائي وظل عنده زمانا. (البخلاء 236، التاج «ثوب» ) . (الجيم) جابر الجعفي: أبو عبد الله، جابر بن يزيد بن الحارث الجعفي، تابعي، من فقهاء الشيعة كان واسع الرواية، توفي سنة 128 هـ. (الأعلام 2/105، تهذيب التهذيب 2/46) . جابر بن حني: جابر بن حني بن حارثة التغلبي، شاعر جاهلي من أهل اليمن، طاف أنحاء نجد وبادية العراق، توفي نحو سنة 60 ق. هـ. (الأعلام 2/103، سمط اللآلي 482) . جابر بن عبد الله: جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام، الخزرجي الأنصاري السلمي، صحابي من المكثرين في الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم توفي سنة 78 هـ. (الأعلام 2/104) . الجارود بن أبي سبرة: وهو يكنى أبا نوفل، من أبين الناس وأحسنهم حديثا، وكان راوية علامة وشاعرا مفلقا، وكان من رجال الشيعة ولما استنطقه الحجاج قال: ما ظننت أن بالعراق مثل هذا، توفي سنة 120 هـ. (تقريب التهذيب 128) . الجارود بن المعلي العبدي: اسمه بشر بن عمرو بن حنش بن المعلى العبدي، من عبد القيس صحابي جليل، وفد على الرسول صلى الله عليه وسلم في وفد عبد القيس سنة عشر للهجرة، وكان نصرانيا فأسلم وحسن إسلامه، وكان له موقف حسن في الردة، ولقب بالجارود لأنه فر بإبله إلى أخواله بني شيبان من بكر بن وائل، وبإبله داء، ففشا ذلك الداء في إبل أخواله، فأهلكها، توفي سنة 21 هـ، في خلافة عمر رضي الله عنه. (الإصابة 1038، المعارف 147، الميداني 1/173، السيرة 944، 945) . جالينوس: الحكيم الفيلسوف الطبيعي اليوناني، إمام الأطباء في عصره؛ ورئيس الطبيعيين في وقته، ومؤلف الكتب الجليلة في صناعة الطب وغيرها من علم الطبيعة وعلم البرهان. (عيون الأنباء 109) . جبار بن سلمى: هو جبار بن سلمى بن مالك بن جعفر بن كلاب، أحد الصحابة، أسلم بعد وقعة بئر معونة لسبب طريف، بعد ما كان شديد العداوة للمسلمين (الإصابة 105، السيرة 650- 939، البيان 1/54، شروح سقط الزند 500) .

جبلة بن الأيهم: آخر ملوك الغساسنة، هو جبلة بن الأيهم بن جبلة الغساني، من آل جفنة قاتل المسلمين في دومة الجندل، ويقال إن جبلة هذا هو من بنى مدينة جبلة اليوم في سورية. (الأعلام 2/111، 112، خزانة البغدادي 2/242) . جبيهاء الأشجعي: شاعر بدوي من مخاليف الحجاز ينتهي نسبه إلى بكر بن أشجع، نشأ وتوفي في أيام بني أمية، وهو من المقلين. (الأغاني 18/93) . الجحاف بن حكيم: قاد قومه وأغار على بني تغلب بموضع يسمى البشر بين الفرات والشام فقتل منهم مقتلة عظيمة أيام عبد الملك بن مروان (معجم البلدان، ومجمع الأمثال 2/88) . جديع بن علي: هو جديع بن علي الأزدي المغني، شيخ خراسان وفارسها، أحد الدهاة الرؤساء، ولد بكرمان، وإليها نسبته الكرماني، توفي سنة 129 هـ. (الأعلام 2/114) . جذيمة الأبرش: جذيمة بن مالك بن فهم بن غنم التنوخي القضاعي، ثالث ملوك الدولة التنوخية في العراق، لقب بالأبرش لبرص فيه، وهو أول من غزا بالجيوش المنظمة، وأول من عملت له المجانيق، توفي نحو سنة 366 ق. هـ. (الأعلام 2/114، اليعقوبي 1/169) . أبو الجراح: (العقيلي) أعرابي فصيح. (إنباه الرواة 4/114، المزهر 2/410) . جران العود: عامر بن الحارث النميري، شاعر وصاف، أدرك الإسلام، وسمع القرآن، واقتبس منه كلمات وردت في شعره. (الأعلام 3/250، الشعر والشعراء 275) . جريبة بن الأشيم: هو جريبة بن الأشيم بن عمرو بن وهب بن دثار بن فقعس الأسدي، كان أحد شياطين بني أسد وشعرائها في الجاهلية، ثم أسلم. (المؤتلف 77، الإصابة 1280) . ابن جريج: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، أبو الوليد وأبو خالد، فقيه الحرم المكي رومي الأصل، من موالي قريش، توفي سنة 150 هـ. (الأعلام 4/160) . جرير بن حازم القطعي: هو جرير بن حازم بن عبد الله بن شجاع الأزدي البصري، والقطعي نسبة إلى القطيعة واحدة القطائع، روى عن أبي الطفيل، وأبي رجاء العطاردي، والحسن، وابن سيرين، وقتادة، وأيوب، والأعمش، وعنه الأعمش وأيوب شيخاه، توفي سنة 175 هـ. (تهذيب التهذيب 2/69) . جرير بن الخطفى: أبي حزرة، وهو جرير بن عطية بن حذيفة بن الخطفى بن بدر الكلبي اليربوعي، من تميم، أشعر أهل عصره، ولد ومات في اليمامة، كان هجاءا مرا، لم يثبت أمامه غير الفرزدق والأخطل، وقد جمعت نقائضه مع الفرزدق في ثلاثة أجزاء، توفي سنة 110 هـ. (الأعلام 2/119، وفيات الأعيان 1/102) . جساس بن مرة: من أمراء العرب في الجاهلية، هو جساس بن مرة بن ذهل بن شيبان من بني بكر بن وائل، وهو الذي قتل كليب وائل، توفي نحو سنة 85 ق. هـ. (الأعلام 2/119) . جعفر بن سعيد: ذكره الجاحظ في البخلاء 105، 130 وهو أحدهم. وقال في البيان

(الحاء)

والتبيين 1/106: هو رضيع أيوب بن جعفر وحاجبه. جعفر بن سليمان (بن علي الأمير) : ولي إمرة الحجاز والبصرة وكانت له مآثر. توفي سنة 174 هـ. (الوافي بالوفيات 11/106) . جعفر الطيار: جعفر بن أبي طالب (عبد مناف) بن عبد المطلب بن هاشم، صحابي هاشمي من شجعانهم، سمي جعفر الطيار لأنه عند ما كان يقاتل في موقعة مؤتة، كان يحمل الراية بيمينه فقطعت، فحملها بيساره فقطعت، فقيل إن الله عوضه عن يديه بجناحين في الجنة، توفي سنة 8 هـ. (الأعلام 2/125، الإصابة 1/237) . جعفر البرمكي: أبو الفضل، جعفر بن يحيى بن خالد البرمكي، وزير هارون الرشيد، إلى أن نقم الرشيد على البرامكة فقتله في مقدمتهم سنة 187 هـ. (الأعلام 2/130) . جعيفران الموسوس: هو جعيفران بن علي بن أصغر، من ساكني سر من رأى. ولد ونشأ ببغداد، كان أديبا شاعرا مطبوعا، وغلبت عليه المرة السوداء فاختلط. (الأغاني 20/188، الوافي بالوفيات 11/168) . الجميح: منقذ بن الطماح بن قيس بن طريف بن عمرو الأسدي، شاعر جاهلي قتل يوم جبلة، عام مولد النبي صلى الله عليه وسلم، توفي سنة 53 ق. هـ. (الأعلام 7/308) . جميل بن معمر: جميل بن عبد الله بن معمر العذري القضاعي، أبو عمرو، شاعر من عشاق العرب، افتتن ببثينة وهي من فتيات قومه، وهو يعرف بجميل بثينة، توفي سنة 82 هـ. (الأعلام 2/138، الشعر والشعراء 166) . جندب: هو جندب بن زهير بن الحارث، كان مع علي رضي الله عنه بصفين، وكان هو والأشتر أقوى رجلين من أصحاب علي رضي الله عنه في يوم الجمل، (الإصابة 1214) . جهم بن صفوان: أبو محرز، جهم بن صفوان السمرقندي، قال الذهبي: «الضال المبدع» هلك في زمان صغار التابعين وقد زرع شرا عظيما، توفي 128 هـ. (الأعلام 2/141) . جهنام: هو اسم عمرو بن قطن، من بني سعد بن قيس بن ثعلبة. (المؤتلف 203) . (الحاء) حاتم الطائي: حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج الطائي القحطاني، أبو عدي، يضرب المثل بجوده، شعره كثير، ضاع معظمه، توفي سنة 46 ق. هـ. (الأعلام 2/151) . حاجب بن زرارة: حاجب بن زرارة بن عدس الدارمي التميمي، هو الذي رهن قوسه عند كسرى على مال عظيم، أدرك الإسلام وأسلم، توفي نحو سنة 3 هـ. (الأعلام 2/153) . الحادرة: قطبة بن أوس بن محصن بن جرول المازني الفزاري الغطفاني، شاعر جاهلي مقل يلقب بالحادرة أو الحويدرة (الضخم) ، (الأعلام 5/200) . الحارث بن حلزة: ابن مكروه بن يزيد اليشكري الوائلي، شاعر جاهلي، من أهل بادية

العراق، وهو أحد أصحاب المعلقات، توفي نحو سنة 50 ق. هـ. (الأعلام 2/154) . الحارث بن ظالم: كان أفتك العرب وأشجعهم، وهو الذي قتله المنذر بن المنذر أبو النعمان (الاشتقاق 287، والنقائض 1060) ، وقيل قتله ابن الخميس التغلبي (المستقصى 1/135) . حارثة بن بدر الغداني: ابن الحصين التميمي الغداني، قيل إنه أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، له أخبار في الفتوح، مات غرقا سنة 64 هـ. (الأعلام 2/158) . الحباب بن المنذر: ابن الجموح الأنصاري الخزرجي ثم السلمي، صحابي من الشجعان الشعراء، يقال له ذو الرأي، مات في خلافة عمر رضي الله عنه نحو 20 هـ. (الأعلام 2/163) . أبو حباب: كان رجلا من محارب خصفة، وكان بخيلا لا يوقد ناره إلا بخطب شخت. (المخصص 11/28) . الحجاج بن يوسف: الحجاج بن يوسف بن الحكم الثقفي، أبو محمد، قائد، داهية، سفاك خطيب، وكانت له إمارة العراق 20 سنة، وهو الذي بنى مدينة واسط، وهو أول من ضرب درهما عليه رسم «لا إله إلا الله محمد رسول الله» توفي سنة 95 هـ. (الأعلام 2/168) . حجر بن خالد بن مرثد: هو حجر بن خالد بن محمود بن عمرو بن مرثد بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة، شاعر جاهلي كان معاصرا لعمرو بن كلثوم، وكان أنشد شعرا بين يدي النعمان بن المنذر، فأحفظ عمرو بن كلثوم، فلطمه عمرو في مجلس الملك، ثم اقتص منه حجر، وأجار الملك حجرا. (الحماسة 2/294، وشرح الحماسة للتبريزي 2/39) . الحداني: المعروف بهذه النسبة هو أوس بن المغراء القريعي السعدي، مخضرم شهد الفتوح، وبقي إلى أيام معاوية، والحداني نسبة إلى بني حدان، وهم بطن من قريع بن عوف بن كعب ابن سعد بن زيد مناة بن تميم. (الإصابة 495، ابن سلام 177، ابن قتيبة في الشعراء 162، تاج العروس 2/333 نقلا عن الدارقطني والحافظ) . حذيفة بن بدر: يضرب به المثل في سرعة السير، كان في عصر المنذر بن ماء السماء، في الجاهلية، قيل سار في ليلة مسيرة ثمان ليال، (الأعلام 2/171) . الحرامي: أبو محمد عبد الله بن كاسب، أحد الذين بنى الجاحظ عليهم كتاب البخلاء، كان يصطنع الكتابة للولاة والسراة، وكان كاتبا لمويس بن عمران ولأبي سليمان داود بن داود (البخلاء 251) . حرب بن أمية: كنيته أبو عمرو، هو حرب بن أمية بن عبد شمس، من قريش، وهو من قضاة العرب في الجاهلية، شهد حرب الفجار، ومات بالشام سنة 36 ق. هـ. (الأعلام 2/170) . أبو حردبة: هو أحد لصوص العرب، من بني أثال بن مازن، وكان رفيقا لمالك بن الريب وشظاظ، في أول أيام بني أمية. (الأغاني 19/169، تاريخ الطبري 2/179) .

حريز بن نشبة العدوي: هو جرير بن عبدة، أحد بني زيد بن نشبة بن عدي بن أسامة بن مالك بن بكر بن حبيب، ونشبة هو اسم جده لا اسم أبوه. (المؤتلف 72) . أبو حزابة: هو الوليد بن حنيفة، أحد بني ربيعة بن حنظلة، شاعر من شعراء الدولة الأموية بدوي حضر وسكن البصرة، وخرج مع ابن الأشعث لما خرج على عبد الملك، قال أبو الفرج: وأظنه قتل معه، وكان شاعرا راجزا فصيحا خبيث اللسان هجاء. (الأغاني 10/152- 156، المشتبه للذهبي 160 ليدن، تاج العروس «حزب» ) . حسان بن بحدل: كان أحد ولاة بني أمية على فلسطين والأردن، ولما جاءت بيعة مروان ابن الحكم سنة 64 هـ امتنع عنها، وأراد عقدها لخالد بن يزيد بن معاوية. حسان بن ثابت الأنصاري: أبو الوليد، حسان بن ثابت بن المنذر الخزرجي الأنصاري، شاعر النبي صلى الله عليه وسلم، عاش ستين سنة في الجاهلية، ومثلها في الإسلام، كان شديد الهجاء فحل الشعر، توفي سنة 54 هـ. (الأعلام 2/175، 176) . الحسن البصري: أبو سعيد، الحسن بن يسار البصري، كان إمام أهل البصرة، وحبر الأمة في زمنه، ولد في المدينة وشب في كنف علي رضي الله عنه، توفي سنة 110 هـ. (الأعلام 2/226) . الحسن بن ذكوان: هو أبو سلمة البصري، روى عن عطاء بن أبي رباح، وأبي إسحاق السبيعي، وطاوس، والحسن، وابن سيرين، وعنه ابن المبارك، ويحيى القطان، وصفوان ابن عيسى، وغيرهم. (تهذيب التهذيب 2/276) . أبو الحسن المدائني: علي بن محمد بن عبد الله المدائني، راوية، مؤرخ، من أهل البصرة، له كتب كثيرة، منها السيرة النبوية، توفي سنة 225 هـ. (الأعلام 4/323) . الحسن بن عمارة: هو الحسن بن عمارة بن المضرب البجلي، كان على قضاء بغداد في خلافة المنصور، قال عنه الإمام أحمد: منكر الحديث وأحاديثه موضوعة. (تهذيب التهذيب 2/304، المغني في الضعفاء 1/165) . الحسن اللؤلؤي: أبو علي، الحسن بن زياد اللؤلؤي الكوفي، قاض فقيه من أصحاب أبي حنيفة، ولي القضاء بالكوفة سنة 194 هـ، توفي سنة 204 هـ. (الأعلام 2/191) . الحسن بن هانئ: أبو نواس، الحسن بن هانئ بن عبد الأول بن صباح الحكمي بالولاء، كان جده مولى للجراح بن عبد الله الحكمي، أمير خراسان، فنسب إليه، وهو شاعر العراق في عصره، قال عنه الجاحظ: ما رأيت رجلا أعلم باللغة ولا أفصح لهجة من أبي نواس، وقال عنه الإمام الشافعي رضي الله عنه لولا مجون أبي نواس لأخذت عنه العلم، توفي سنة 198 هـ. (الأعلام 2/225، وفيات الأعيان 1/135، تاريخ بغداد 7/436) . حسيل بن عرفطة: هو شاعر مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام ورأى الرسول صلى الله عليه وسلم واسمه حسيل ابن عرفطة بن نضلة بن الأشتر بن جحوان بن فقعس الأسدي، وهو ممن غير الرسول صلى الله عليه وسلم

أسماءهم وسماه «حسين» . (البيان 3/248) . حسين بن الضحاك: أبو علي، الخليع، الحسين بن الضحاك بن ياسر الباهلي، شاعر من ندماء الخلفاء، وكان يلقب بالأشقر، توفي سنة 250 هـ. (الأعلام 2/239) . حضين بن المنذر: أبو ساسان أو أبو اليقظان، حضين بن المنذر بن الحارث بن وعلة الذهلي الشيباني الرقاشي، كان صاحب راية علي رضي الله عنه يوم صفين، توفي سنة 97 هـ. (الأعلام 2/263) . الحطيئة: جرول بن أوس بن مالك العبسي، أبو مليكة، شاعر مخضرم، أدرك الجاهلية والإسلام، وكان هجاءا عنيفا، سجنه عمر رضي الله عنه بالمدينة، فاستعطفه بأبيات فأخرجه ونهاه عن هجاء الناس فقال: إذا تموت عيالي جوعا، توفي نحو 45 هـ. (الأعلام 2/118) . حفص بن غياث: أبو عمر، حفص بن غياث بن طلق بن معاوية النخعي الأزدي الكوفي قاض من أهل الكوفة، توفي سنة 194 هـ. (الأعلام 2/264) . حفص الفرد: هو من المجبرة، ومن أكابرهم، وكان من أهل مصر ثم قدم البصرة، فسمع بأبي الهذيل واجتمع معه فناظره، فقطعه أبو الهذيل، والفرد لقب له، وفي الأصل «القردي» وفي لسان الميزان 1355 «القرد» ، وكذا الفرق بين الفرق 202. الحكم بن أيوب: الحكم بن أيوب الثقفي، أمير، وهو ابن عم الحجاج، كان واليا على البصرة، توفي نحو سنة 97 هـ. (الأعلام 2/266) . الحكم بن عبدل: الحكم بن عبدل بن جبلة بن عمرو الأسدي، شاعر هجاء، كان أعرج أحدب، وأقعد في أواخر أيامه، توفي نحو سنة 100 هـ. (الأعلام 2/267) . حليمة: ظئر النبي صلى الله عليه وسلم ترجمتها في الإصابة 8/52، رقم 297، وأعلام النساء 1/245. حماد الراوية: هو أول من لقب بالراوية، أبو القاسم، حماد بن سابور بن المبارك، وكان أعلم الناس بأيام العرب، توفي سنة 155 هـ. (الأعلام 2/271) . حماد بن الزبرقان: هو ممن اتهم بالزندقة، وقد ذكره ابن حجر في (لسان الميزان 2/347) . حماد بن سلمة: ابن دينار البصري الربعي بالولاء، أبو سلمة، مفتي البصرة، أحد رجال الحديث، ومن النحاة، توفي سنة 167 هـ. (الأعلام 2/272) . حماد عجرد: أبو عمرو، المعروف بعجرد، حماد بن عمر بن يونس بن كليب السوائي، كانت بينه وبين بشار بن برد أهاج فاحشة، توفي سنة 161 هـ. (الأعلام 2/272) . حمزة بن بيض: ابن نمر بن عبد الله بن شمر الحنفي، من بني بكر بن وائل، من أهل الكوفة شاعر مجيد، كثير المجون، توفي سنة 116 هـ. (الأعلام 2/277) . حمزة بن عبد المطلب: أبو عمارة، من قريش، عم الرسول صلى الله عليه وسلم أحد صناديد قريش وساداتهم في الجاهلية والإسلام، استشهد يوم أحد سنة 3 هـ. (الأعلام 2/278) . حميد الأرقط: هو حميد بن مالك بن ربعي بن مخاشن، ينتهي نسبه إلى زيد مناة بن تميم،

(الخاء)

وسمي الأرقط لآثار كانت بوجهه، شاعر إسلامي من شعراء الدولة الأموية، كان معاصرا للحجاج، وهو أحد بخلاء العرب الأربعة: الحطيئة، وأبو الأسود الدؤلي، وخالد بن صفوان وحميد الأرقط. (الخزانة 2/454، الأغاني 2/44 «ساسي» ) . حميد بن ثور: أبو المثنى، حميد بن ثور بن حزن الهلالي العامري، شاعر مخضرم، شهد حنين مع المشركين، وأسلم، توفي نحو سنة 30 هـ. (الأعلام 2/283) . حميد بن زهير: هو حميد بن زهير بن الحارث بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشي، وكانت له دار ملاصقة للمسجد. (الإصابة 1833) . حنظلة بن أبي سفيان: هو حنظلة بن أبي سفيان بن عبد الرحمن بن صفوان بن أمية الجمحي المكي، روى عن سالم بن عبد الله، وسعيد بن ميناء، وطاوس، وعكرمة، ونافع، وعطاء وعنه الثوري، وابن المبارك، ووكيع، توفي سنة 151 هـ. (تهذيب التهذيب 3/60) . حنظلة بن الشرقي: أبو الطمحان القيني، أحد بني القين، شاعر وفارس معمر، عاش في الجاهلية، أدرك الإسلام وأسلم ولم يرى النبي صلى الله عليه وسلم توفي نحو سنة 30 هـ. (الأعلام 2/286) . ابن الحنفية: محمد بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أبو القاسم، أخو الحسن والحسين لأبيهما، أحد الأبطال الأشداء في صدر الإسلام، توفي سنة 81 هـ. (الأعلام 6/270) . أبو حنيفة رضي الله عنه: النعمان بن ثابت التيمي بالولاء، إمام الحنفية الفقيه المحقق، أحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة، توفي سنة 150 هـ. (الأعلام 8/36، البداية والنهاية 2/12) . حومل: امرأة من العرب كانت تربط كلبة لها ليلا للحراسة، وتجيعها وتطردها بالنهار، فرأت ليلة القمر طالعا فنبحت عليه تظنه رغيفا لاستدارته. (ثمار القلوب 586) . أبو حية النميري: الهيثم بن الربيع بن زرارة، من بني نمير بن عامر، شاعر مجيد فصيح راجز من أهل البصرة، توفي نحو سنة 183 هـ. (الأعلام 8/103) . (الخاء) خالد بن برمك: خالد بن برمك بن جاماس بن يشتاسف، أبو البرامكة، كان أبوه برمك من مجوس بلخ، توفي سنة 163 هـ. (الأعلام 2/295) . خالد بن جعفر بن كلاب: ابن ربيعة العامري، من هوازن، من عدنان، فارس، شاعر جاهلي، هو الذي قتل زهير بن جذيمة العبسي، توفي نحو سنة 30 ق. هـ. (الأعلام 2/295) . خالد بن صفوان: خالد بن صفوان القناص، شاعر مغمور، اشتهرت له قصيدة من 78 بيتا تسمى «العروس» . (الأعلام 2/296) . خالد بن طليق: هو خالد بن طليق بن عمران بن حصين الخزاعي، ولاه المهدي قضاء البصرة سنة 166 هـ، بعد عزل عبيد الله بن الحسن العنبري، فلم يحمد ولايته، وهجاه ابن مناذر هجاء كثيرا، وكان أخباريا من النسابين. (البيان 2/239، لسان الميزان 2/229،

تاريخ الطبري 10/2، 8) . خالد بن الطيفان: الطيفان أمه، وهو خالد بن علقمة بن مرثد، أحد بني مالك بن زيد ابن عبد الله بن دارم. (المؤتلف 149) . خالد بن عبد الله القسري: أمير العراقين، أبو الهيثم، خالد بن عبد الله بن يزيد بن أسد القسري، من بجيلة، يماني الأصل، من أهل دمشق، توفي سنة 126 هـ. (الأعلام 2/297) . خالد بن نضلة الأسدي: فارس مشهور من فرسانهم، وله ذكر في يوم النسار، إذ كان رئيس أسد يومئذ. (كامل ابن الأثير 1/377، البيان 3/146، 157، نهاية الأرب 2/118) . خالد بن الوليد رضي الله عنه: ابن المغيرة المخزومي القرشي، سماه الرسول صلى الله عليه وسلم سيف الله المسلول، كان من أشراف قريش في الجاهلية، وأسلم قبل فتح مكة هو وعمرو بن العاص سنة 7 هـ فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامه، وفتح الله على يديه العراق وبلاد الشام وكثير من الثغور، وقال عنه أبو بكر رضي الله عنه «أعجزت النساء أن يلدن مثل خالد» وروى له المحدثون 18 حديثا، توفي في مدينة حمص بسورية سنة 21 هـ. (الأعلام 2/300، الإصابة 1/413) . خالد بن يزيد بن معاوية: ابن أبي سفيان الأموي القرشي، أبو هاشم، حكيم قريش في عصره، اشتغل بالكيمياء والطب والنجوم، توفي سنة 90 هـ. (الأعلام 2/300) . خداش بن زهير العامري: من بني عامر بن صعصعة، كان يلقب «فارس الضحياء» شاعر جاهلي، يغلب على شعره الفخر والحماسة، (الأعلام 2/302) . أبو خراش الهذلي: اسمه خويلد بن مرة الهذلي، أدرك زمان عمر رضي الله عنه وهاجر إليه، ومات في زمنه، وكان قد شهد عدة غزوات مع المسلمين. (الأغاني 21/38- 48، الإصابة 241) . الخطفى: هو حذيفة بن بدر بن سلمة بن عوف بن كليب بن يربوع، وهو جد جرير بن عطية بن الخطفى، وإنما سمي حذيفة بالخطفى للأبيات التي أنشدها الجاحظ. (البيان 1/233، الأغاني 7/35، الخزانة 1/79) . خفاف ابن ندبة: خفاف بن عمير بن الحارث بن الشريد السلمي، أبو خراشة، من مضر كان أسود اللون (أخذ السواد من أمه ندبة) أدرك الإسلام وأسلم، شهد فتح مكة، وحنين والطائف، وثبت على إسلامه في الردة، توفي نحو سنة 20 هـ. (الأعلام 2/309) . خلاد بن يزيد الأرقط: أحد الرواة للأخبار والقبائل والأشعار. (الفهرست 107، 156) . خلف بن حيان الأحمر: أبو محرز، المعروف بالأحمر، راوية، عالم بالأدب، شاعر، من أهل البصرة، توفي نحو سنة 180 هـ. (الأعلام 2/310) . خلف بن خليفة الأقطع: شاعر إسلامي مجيد، محسن، مقل، كان في زمن جرير والفرزدق، وكان يقال له الأقطع لأنه قطعت يده في سرقة، وهو من شعراء الحماسة. خليد عينين: هو من ولد عبد الله بن دارم، وكان يترل أرضا بالبحرين، يقال لها عينين،

(الدال)

فنسب إليها، وقد أجازه زياد لمناسبة طريفة. (الشعراء 434) . الخليل بن أحمد الفراهيدي: الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي الأزدي اليحمدي أبو عبد الرحمن، من أئمة اللغة والأدب، واضع علم العروض، وهو أستاذ سيبويه النحوي وقد أحدث أنواعا من الشعر ليست من أوزان العرب، توفي سنة 170 هـ. (الأعلام 2/314) . الخنساء: تماضر بنت عمرو بن الحارث بن الشريد، من بني سليم، من قيس عيلان، من مضر، أشهر شواعر العرب وأشعرهن على الإطلاق، أسلمت مع قومها بني سليم، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يستنشدها ويعجبه شعرها، توفيت سنة 24 هـ. (الأعلام 2/86) . أبو خولة الرياحي: كنية الأخوص، بالخاء المعجمة، الرياحي اليربوعي كما في الخزانة 4/158، 160 وهو شاعر إسلامي. (الدال) ابن دأب:- عيسى بن يزيد. ابن داحة: هو إبراهيم بن داحة، أحد مشايخ الشيع. (البيان والتبيين 1/84) . ابن دارة:- سالم بن مسافع. داود بن أبي هند: اسم أبيه دينار القشيري البصري، كان ثقة كثير الحديث، روى عن أنس، وعكرمة، والشعبي، توفي سنة 140 هـ. (صفة الصفوة 3/221، تذكرة الحفاظ 1/138) . دحية بن خليفة الكلبي: صحابي، بعثه الرسول صلى الله عليه وسلم برسالته إلى قيصر، يدعوه للإسلام، شهد اليرموك، توفي نحو سنة 45 هـ. (الأعلام 2/377) . دختنوس: هي دختنوس بنت لقيط بن زرارة، شاعرة جاهلية، كانت زوجة عمرو بن عمرو بن عدس، حضرت يوم «شعب جبلة» وقالت فيه أشعارا، منها أبيات رواها القالي والنويري، توفيت سنة 30 ق. هـ. (الأعلام 2/377) . أبو الدرداء: عويمر بن مالك بن قيس بن أمية الأنصاري، صحابي، من الحكماء الفرسان القضاة، وهو أول من تولى القضاء بدمشق، وأحد الذين جمعوا القرآن حفظا، توفي سنة 32 هـ. (الأعلام 5/98) . أم الدرداء: خيرة بنت أبي حدرد، واسمه سلامة بن عمير الأسلمي، صحابية تعرف بأم الدرداء الكبرى [تمييزا لها عن أم الدرداء الصغرى واسمها هجيمة بنت حيي] ، حفظت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنها جماعة من التابعين، توفيت نحو سنة 30 هـ. (الأعلام 2/328) . دريد بن الصمة: هو دريد بن الصمة الجشمي البكري من هوازن، شجاع، من الشعراء الأبطال المعمرين في الجاهلية، أدرك الإسلام ولم يسلم، توفي سنة 8 هـ. (الأعلام 2/339) . دعبل الخزاعي: هو دعبل بن علي بن رزين الخزاعي، شاعر هجاء أصله من الكوفة، أقام ببغداد، وكان صديق البحتري، توفي سنة 246 هـ. (الأعلام 2/340) .

(الذال)

دغفل بن حنظلة الشيباني: كان يضرب به المثل في معرفة الأنساب، غرق يوم دولاب بفارس في وقعة مع الأزارقة سنة 65 هـ. (الأعلام 2/340) . دكين بن رجاء الفقيمي: راجز اشتهر في العصر الأموي، وفد على الوليد بن عبد الملك، توفي سنة 105 هـ. (الأعلام 2/340) . الدلال: اسمه ناقد، وكنيته أبو زيد، وهو مدني مولى بني فهم، من ظرفاء المدينة وأصحاب النوادر فيها، وهو أحد المخنثين المشهورين في العصر الأموي. (الأغاني 4/269، نهاية الأرب 4/315) . أبو دلامة: زند بن الجون الأسدي، بالولاء، شاعر مطبوع، من أهل الظرف والدعابة، اتصل بالخلفاء من بني العباس، توفي سنة 161 هـ. (الأعلام 3/49، 50) . أبو دهبل: وهب بن زمعة الجمحي، أحد الشعراء العشاق المشهورين، توفي سنة 63 هـ (الأعلام 2/106) . أبو دؤاد الإيادي: جارية بن الحجاج، شاعر جاهلي، كان من وصاف الخيل المجيدين. (الأعلام 2/106) . ديسم العتري صاحب قطرب: جاء عنه في (الأغاني 3/152) [كان بشار كثير الولوع بديسم العتري وكان صديقا له، وهو مع ذلك يكثر هجاءه] . (الذال) أبو ذباب السعدي: صحابي شاعر، من سعد العشيرة، ترجم له ابن حجر في الإصابة أول قسم الذال من باب الكنى، وهو ممن عرف بكنيته فقط. ذو الإصبع العدواني: حرثان بن الحارث بن محرث بن ثعلبة، شاعر جاهلي، حكيم، شجاع، عاش طويلا حتى عد في المعمرين، توفي نحو سنة 22 ق. هـ. (الأعلام 2/173) . ذو الأهدام: متوكل بن عياض بن حكم الكلابي، يقال له ذو الأهدام، شاعر كان معاصرا للفرزدق، وبينهما مهاجاة. (الأعلام 5/275) . ذو الرمة: غيلان بن عقبة العدوي، شاعر فحل، أكثر شعره تشبيب وبكاء أطلال، توفي سنة 124 هـ. (الأعلام 5/124) . ابن ذي الزوائد: ويقال أيضا ابن أبي الزوائد: سليمان بن يحيى بن زيد، شاعر مقل من مخضرمي الدولتين، وفد إلى بغداد في أيام المهدي. (الأغاني 4/121) . أبو ذؤيب الهذلي: خويلد بن خالد بن محرث الهذلي، شاعر فحل، مخضرم، أدرك الجاهلية والإسلام، اشترك بالغزو والفتوح، توفي نحو سنة 27 هـ. (الأعلام 2/325) . ذو اليمينين: أبو الطيب وأبو طلحة، طاهر بن الحسين بن مصعب الخزاعي، ولقب ذو اليمينين لأنه ضرب رجلا بشماله فقده نصفين، توفي سنة 207 هـ. (الأعلام 3/221) .

(الراء)

(الراء) راشد بن سهاب أو (شهاب) : شاعر جاهلي له قصيدتان في المفضليات (سمط اللآلي 829) . الراعي النميري: عبيد بن حصين بن معاوية النميري، شاعر من فحول المحدثين، توفي سنة 90 هـ. (الأعلام 4/188) . الربيع بن أبي الحقيق: من شعراء اليهود، من بني قريظة، كانت إليه رئاستهم يوم حرب بعاث، وكان حليفا للخزرج. (الأغاني 22/128، طبقات ابن سلام 1/218) . الربيع بن خثيم: هو الربيع بن خثيم بن عائذ بن عبد الله الثوري الكوفي، من كبار التابعين توفي سنة 61 هـ، وقيل 63 هـ. (صفة الصفوة 3/31، تهذيب التهذيب) . الربيع بن زياد العبسي: أحد دهاة العرب وشجعانهم ورؤسائهم في الجاهلية، يروى له شعر جيد، حضر حرب داحس والغبراء، توفي نحو سنة 30 ق. هـ. (الأعلام 3/14) . الربيع بن صبيح السعدي البصري: أول من صنف بالبصرة، كان عابدا ورعا، وفي روايته للحديث ضعف، خرج غازيا إلى السند، فمات في البحر سنة 160 هـ. (الأعلام 3/15) . الربيع بن قعنب الفزاري: من شعراء الدولة الأموية، كانت بينه وبين أرطاة ابن سهية مهاجاة. (الأغاني 13/41، المؤتلف 125) . ربيعة بن مقروم بن قيس الضبي: من شعراء الحماسة، من مخضرمي الجاهلية والإسلام، شهد بعض الفتوح في الإسلام، وحضر وقعة القادسية، توفي بعد سنة 16 هـ. (الأعلام 3/17) . رداد: من بني كلاب، من فصحاء العرب المشهورين الذين سمع منهم العلماء. (فهرست ابن النديم 70) . رزين العروضي: ابن زند ورد، أبو زهير، وهو شاعر صاحب عروض، كان يترل بغداد وله أخبار مشهورة مع عنان جارية الناطفي، توفي سنة 247 هـ. (الأعلام 3/20) . رشيد بن رميض العتري: من بني عتر بن وائل، ذكره ابن حجر في (الإصابة 2733) ، فيمن أدرك الرسول صلى الله عليه وسلم. أبو رغال: هو زيد بن مخلف، كما في اللسان مادة «رغل» . ابن رغبان: الذي ينسب إليه المسجد ببغداد، وهو مولى حبيب بن مسلمة من قريش. (المعارف 615) . رؤبة بن العجاج التميمي: راجز من الفصحاء المشهورين، أخذ عنه أعيان اللغة، توفي سنة 145 هـ. (الأعلام 3/34) . روح بن زنباع بن روح بن سلامة الجذامي: أمير فلسطين وسيد اليمانية في الشام وقائدها وخطيبها وشجاعها توفي سنة 84 هـ. (الأعلام 3/34) . روح أبو همام: هو روح بن عبد الأعلى، أبو همام، ديوانه خمسون ورقة. (ابن النديم 234) .

(الزاي)

(الزاي) الزباء: بنت عمرو بن الظرب، صاحبة تدمر، وملكة الشام، حاربت الروم وطردتهم، توفيت سنة 358 ق. هـ. (الأعلام 3/41) . زبان بن سيار بن عمرو الفزاري: شاعر جاهلي غير قديم، من أهل المنافرات، توفي نحو سنة 10 ق. هـ. (الأعلام 3/41) . الزبرقان بن بدر التميمي السعدي: صحابي من رؤساء قومه، كان شاعرا فصيحا، ولاه الرسول صلى الله عليه وسلم صدقات قومه، توفي نحو سنة 45 هـ. (الأعلام 3/41) . ابن الزبعرى: عبد الله بن الزبعرى بن قيس السهمي القرشي، شاعر قريش في الجاهلية، أسلم ومدح النبي صلى الله عليه وسلم توفي نحو سنة 15 هـ. (الأعلام 4/87) . أبو زبيد الطائي: حرملة بن المنذر، شاعر معمر، توفي نحو سنة 62 هـ. (الأعلام 2/147) . أبو الزبير: محمد بن مسلم بن تدرس الأسدي، راوية للحديث، صدوق، إلا أنه يدلس توفي سنة 126 هـ. (تقريب التهذيب 240) . الزبير بن عبد المطلب: من بني هاشم، أكبر أعمام النبي صلى الله عليه وسلم من شعراء قريش، إلا أن شعره قليل. (الأعلام 3/42) . الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي: أحد العشرة المبشرين بالجنة، قتل يوم الجمل، سنة 36 هـ. (الأعلام 3/43) . زرارة بن أعين: الشيباني بالولاء، رأس الفرقة الزرارية، من غلاة الشيعة، كان متكلما شاعرا، توفي سنة 150 هـ. (الأعلام 3/43) . زرارة بن أوفى: العامري الحرشي، البصري القاضي، روى عن أبي هريرة وابن عباس رضي الله عنه وعائشة، توفي سنة 93 هـ. (تهذيب التهذيب 3/322) . زرارة بن عدس بن زيد: جد جاهلي، كان حكما من قضاة تميم، وقاد تميما وغيرها يوم شويحط، (الأعلام 3/43) . أبو زرعة: عمرو بن جرير بن عبد الله الكوفي، اختلف في اسمه فقيل: هرم، وقيل عمرو وقيل عبد الله، وقيل عبد الرحمن، وقيل جرير، من الرواة الثقاة. (تقريب التهذيب) . زرقاء اليمامة: من بني جديس، من أهل اليمامة، مضرب المثل في حدة النظر وجودة البصر كانت تبصر الشيء من مسيرة ثلاثة أيام. (الأعلام 3/44) . زبرقان المتكلم: هو محمد بن شداد بن عيسى، كان غلام إبراهيم بن سيار النظار وتلميذه (معجم البلدان «المسامعة» ) . زفر بن الحارث: ابن عمرو بن معاذ الكلابي، شهد صفين ومرج راهط، توفي في خلافة عبد الملك بن مروان نحو سنة 75 هـ. (الأعلام 3/45) .

الزفيان العوافي: اسمه عطاء بن أسيد، أحد بني عوافة بن سعد بن زيد مناة، راجز إسلامي (معجم الشعراء 159، وانظر التاج «عوف» ) . زلزل: هو منصور زلزل، الضارب بالعود من الكوفة، توفي في خلافة هارون الرشيد. (الأغاني 19/294، 20/358) . زميل ابن أم دينار: أحد بني مازن بن فزارة، أبو أبير، أو وبير، أو دبير، وهو قاتل ابن دارة في خلافة عثمان رضي الله عنه، أدرك الجاهلية والإسلام. (الإصابة 3973، المؤتلف 129) . ابن أبي الزناد: عبد الرحمن بن أبي الزناد بن عبد الله بن ذكوان القرشي، بالولاء، المدني أبو محمد، من حفاظ الحديث، توفي سنة 174 هـ. (الأعلام 3/312) . زهرة بن جؤية: زهرة بن جؤية التميمي السعدي، صحابي من أشراف الكوفة، شهد القادسية، وكثيرا من الوقائع، توفي سنة 77 هـ. (الأعلام 3/51) . زهير بن أبي سلمى: ابن ربيعة بن رياح المزني، من مضر، حكيم الشعراء في الجاهلية، قال ابن الأعرابي: كان لزهير ما لم يكن لغيره، كان أبوه شاعرا، وخاله شاعرا، وأخته سلمى شاعرة، وابناه كعب وبجير شاعرين، وأخته الخنساء شاعرة، وهو من أصحاب المعلقات، توفي سنة 13 ق. هـ. (الأعلام 3/52) . زياد بن أبيه: أمير، من الدهاة، قال الأصمعي: الدهاة أربعة: معاوية للروية، وعمرو بن العاص للبديهة، والمغيرة بن شعبة للمعضلة، وزياد لكل كبيرة وصغيرة، كان واليا لعلي رضي الله عنه على فارس، ولما توفي علي رضي الله عنه امتنع زياد على معاوية، وتبين لمعاوية أنه أخوه من أبيه أبو سفيان، فكتب إليه بذلك، وألحقه بنسبه، توفي سنة 53 هـ. (الأعلام 3/53) . زياد الأعجم: زياد بن سليمان أو سليم الأعجم، أبو أمامة العبدي، من شعراء الدولة الأموية كانت في لسانه عجمة، فلقب بالأعجم، توفي نحو سنة 100 هـ. (الأعلام 3/54) . أبو زياد الكلابي: يزيد بن عبد الله بن الحر بن همام الكلابي، من بني كلاب بن ربيعة، عالم بالأدب، له شعر جيد، توفي نحو سنة 200 هـ. (الأعلام 8/184) . زيد بن أسلم العدوي: أبو أسامة أو أبو عبد الله، فقيه مفسر من أهل المدينة، كان مع عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أيام خلافته، توفي سنة 136 هـ. (الأعلام 3/56، 57) . زيد بن جندب الإيادي الأزرقي: خطيب الأزارقة وأحد شعرائهم، كان ينعت بالمنطيق، قال الجاحظ: كان أشغى أفلح، (الأعلام 3/57) . زيد الخيل: زيد بن مهلهل بن منهب بن عبد رضا، كنيته أبو مكنف، لقب زيد الخيل لكثرة خيله أو لكثرة طراده بها، أدرك الإسلام وأسلم، وسر النبيّ صلى الله عليه وسلم بإسلامه، وسماه زيد الخير، وكان من أبطال الجاهلية، توفي سنة 9 هـ. (الأعلام 3/61) . زيد بن علي: يقال له زيد الشهيد، هو زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه

(السين)

عده الجاحظ من خطباء بني هاشم، توفي سنة 122 هـ. (الأعلام 3/59) . زيد مناة: زيد مناة بن تميم بن مر بن أد، جد جاهلي، بنوه بطن عظيم من تميم، من العدنانية، منهم قبائل كثيرة أفاض ابن حزم في تسميتها وتسمية من اشتهر من رجالها. (الأعلام 3/61) . (السين) ساعدة بن جؤية: هو ساعدة بن جؤية الهذلي، من بني كعب بن كاهل، من سعد هذيل شاعر من مخضرمي الجاهلية والإسلام. (الأعلام 3/70) . سالم ابن دارة: سالم بن مسافع بن عقبة الجشمي الغطفاني، المعروف بابن دارة، نسبته إلى أمه دارة، شاعر مخضرم، وكان هجاء شديدا، توفي نحو سنة 30 هـ. (الأعلام 3/73) . سحبان وائل: سحبان بن زفر بن إياس الوائلي، من باهلة، خطيب يضرب به المثل في البيان، كان إذا خطب يسيل عرقا. توفي سنة 54 هـ. (الأعلام 3/79) . سحيم بن وثيل: ابن عمرو الرياحي اليربوعي الحنظلي التميمي، شاعر مخضرم، ناهز عمره المائة، توفي نحو سنة 60 هـ. (الأعلام 3/79) . سراقة بن مالك: أبو سفيان، سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي الكناني، صحابي، له شعر، وله في كتب الحديث 19 حديثا. توفي سنة 24 هـ. (الأعلام 3/80) . سعد بن عبادة: سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة الخزرجي، أبو ثابت، صحابي من أهل المدينة، كان سيد الخزرج. توفي سنة 14 هـ. (الأعلام 3/85) . سعد القرقرة: من أهل الهجر، ما جن جاهلي، يقول الشعر، كان مضحك النعمان بن المنذر ملك الحيرة. (الأعلام 3/86) . سعد بن أبي وقاص: مالك بن أهيب بن عبد مناف القرشي الزهري، أبو إسحاق، أول من رمى بسهم في سبيل الله، يقال له فارس الإسلام. توفي سنة 55 هـ. (الأعلام 3/87) . سعدان المكفوف: سعدان بن المبارك، أبو عثمان، أديب، راوية، ضرير، من أهل بغداد، كوفي المذهب في النحو، توفي سنة 220 هـ. (الأعلام 3/89) . سعدى بنت الشمردل: سعدى بنت الشمردل الجهنية، شاعرة من بني جهينة، اشتهرت بقصيدة في رثاء أخ لها، «وبعض الرواة يسميها سلمى بنت مجدعة» . (الأعلام 3/89) . سعيد بن جبير: أبو عبد الله، سعيد بن جبير الأسدي، بالولاء، وهو حبشي الأصل، كان أعلم أهل الكوفة، توفي سنة 95 هـ. (الأعلام 3/93) . أبو سعيد الخدري: سعد بن مالك بن سنان الخدري الأنصاري الخزرجي، صحابي، روى عن النبي صلّى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة، توفي سنة 74 هـ. (الأعلام 3/87) . سعيد بن العاص: أبو أحيحة، من سادات أمية في الجاهلية، يقال له «ذو العصابة» و «ذو العمامة»

وهو سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس، توفي نحو سنة 59 هـ. (الأعلام 3/96) . سعيد بن عمرو الحرشي: قائد، من الولاة الشجعان، من أهل الشام، وهو الذي قتل شوذب الخارجي، وفتك بمن معه، سنة 101 هـ، وولاه ابن هبيرة خراسان سنة 103 هـ، ووصفه بفارس قيس. توفي نحو سنة 112 هـ. (الأعلام 3/99) . سعيد بن قيس الهمداني: سعيد بن قيس بن زيد، من بني زيد بن مريب، من همدان، فارس، من الدهاة الأجواد، كان خاصا بالإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقاتل معه يوم صفين، توفي نحو سنة 50 هـ. (الأعلام 3/100) . سعيد بن المسيب: ابن حزن بن أبي وهب المخزومي القرشي، أبو محمد، سيد التابعين، وأحد الفقهاء السبعة بالمدينة، جمع بين الحديث والفقه والزهد والورع، كان أحفظ الناس لأحكام عمر بن الخطاب رضي الله عنه حتى سمي راوية عمر، توفي بالمدينة سنة 94 هـ (الأعلام 3/102) . سعيد بن وهب البصري: أبو عثمان، مولى بني سامة بن لؤي، شاعر اشتهر بالخلاعة والمجون، تاب في كبره وتنسك وحج ماشيا، توفي سنة 208 هـ. (الأعلام 3/104) . سفيان الثوري: سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، من بني ثور من عبد مناة، من مضر، أمير المؤمنين في الحديث، توفي سنة 161 هـ. (الأعلام 3/104) . أبو سفيان: صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، من سادات قريش في الجاهلية، وهو والد معاوية رأس الدولة الأموية، توفي سنة 31 هـ. (الأعلام 3/201) . سفيان بن عيينة: أبو محمد، محدث الحرم المكي، سفيان بن عيينة بن ميمون الهلالي الكوفي، قال عنه الإمام الشافعي رضي الله عنه: لولا مالك وسفيان لذهب علم الحجاز، كان حافظا ثقة، وكان أعور، وحج سبعين سنة، توفي سنة 198 هـ. (الأعلام 3/105) . سلامة بن جندل: أبو مالك، سلامة بن جندل بن عمرو من بني كعب بن سعد التميمي شاعر جاهلي، وهو من وصاف الخيل، توفي نحو سنة 23 ق. هـ. (الأعلام 3/106) . سلم الخاسر: سلم بن عمرو بن حماد، شاعر خليع ماجن، من أهل البصرة، سمي الخاسر لأنه باع مصحفا واشترى بثمنه طنبورا، توفي سنة 186 هـ. (الأعلام 3/110) . سلم بن قتيبة: أبو عبد الله سلم بن قتيبة بن مسلم الباهلي الخراساني، والي البصرة، كان من الموثوق بهم في الدولتين الأموية والعباسية، توفي سنة 149 هـ. (الأعلام 3/111) . سلمان بن ربيعة: ابن يزيد الباهلي، صحابي، من القادة، القضاة، شهد فتوح الشام، هو أول قاض لعمر رضي الله عنه بالعراق، توفي سنة 30 هـ. (الأعلام 3/111) . سلمة بن عياش: شاعر، راوية، نقاد، من أهل البصرة، من مخضرمي الدولتين، وهو من شعراء الحماسة الصغرى، توفي نحو سنة 170 هـ. (الأعلام 3/113) . سلمويه: سلمويه بن بنان، طبيب فاضل، اختاره المعتصم العباسي لنفسه، كان عاقلا مدبرا،

له معرفة بالسياسة، توفي سنة 225 هـ. (الأعلام 3/114) . سلمى: أم جاهلية، نسب إليها بنوها من زوجها ثعلبة بن دودان بن أسد، وهم بطن من أسد بن خزيمة من عدنان. (الأعلام 3/114) . السليك ابن السلكة: السليك بن عمير بن يثربي بن سنان السعدي التميمي، والسلكة أمه، شاعر أسود، فاتك، عداء، من شياطين الجاهلية، يلقب بالرئبال، كان أدل الناس بالأرض وأعلمهم بمسالكها، توفي نحو سنة 17 ق. هـ. (الأعلام 3/115) . سليمان الأعمى: سليمان بن الوليد الأنصاري، شاعر كان منقطعا إلى البرامكة، مكثرا المديح فيهم، والرثاء لهم بعد نكبتهم، توفي سنة 217 هـ. (الأعلام 3/137) . سماك بن حرب: أبو المغيرة، سماك بن حرب بن أوس بن خالد الذهلي البكري، من رجال الحديث، أدرك ثمانين صحابيا، توفي سنة 123 هـ. (الأعلام 3/138) . سملقة: سملقة بن حباب العكي، سيد بني عك في زمنه، كان في عهد انخراق السد بمأرب ولجأت إليه قبائل الأزد. (الأعلام 3/139، 140) . السموءل: السموءل بن يحيى بن عباس المغربي، مهندس رياضي، عالم بالطب والحكمة، كان يهوديا فأسلم. توفي نحو سنة 570 هـ. (الأعلام 3/140) . سنان بن أبي حارثة: سنان بن أبي حارثة المري، من غطفان، أحد أجواد العرب، وقضاتهم المحكمين في الجاهلية. (الأعلام 3/141) . سنمار الرومي: بناء رومي الأصل، قيل إنه من بنى قصر الخورنق بقرب الكوفة، فقال له النعمان: ما رأيت مثل هذا البناء قط. فقال له سنمار: إني أعلم موضع آجرة لو زالت لسقط القصر كله. فقال النعمان أيعرفها أحد غيرك. قال: لا. قال: لأدعنها وما يعرفها أحد. وأمر به قفذف من أعلى القصر، وبه ضرب المثل: جزاه جزاء سنمار. (الأعلام 3/142) . سهل بن حنيف: أبو سعد سهل بن حنيف بن وهب الأنصاري الأوسي، صحابي من السابقين، آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين علي رضي الله عنه، توفي سنة 38 هـ. (الأعلام 3/142) . سهل بن هارون: سهل بن هارون بن راهبون «أو راهيون» ، أبو عمرو الدستميساني، كاتب بليغ حكيم، يلقب «بزرجمهر الإسلام» فارسي الأصل، توفي سنة 215 هـ. (الأعلام 3/143) . سهم بن حنظلة الغنوي: سهم بن حنظلة بن جاوان بن خويلد، من بني غني بن أعصر، فارس وشاعر من أهل الشام، توفي نحو سنة 70 هـ. (الأعلام. (الأعلام 3/144) . سوار بن عبد الله العنبري: سوار بن عبد الله بن سوار بن قدامة، من بني العنبر، من تميم قاض، له شعر رقيق، وعلم بالفقه والحديث. توفي سنة 245 هـ. (الأعلام 3/145) . سويد بن أبي كاهل: غطيف أو شبيب بن حارثة بن حسل الذبياني الكناني اليشكري، أبو سعد، شاعر من مخضرمي الجاهلية والإسلام. توفي نحو سنة 60 هـ. (الأعلام 3/146) .

(الشين)

سويد بن كراع: سويد بن كراع العكلي، من بني الحارث بن عوف، شاعر، فارس، مقدم، صاحب الرأي والتقدم في بني عكل. توفي نحو سنة 105 هـ. (الأعلام 3/146) . سيبويه النحوي: عمرو بن عثمان بن قنبر الحارثي، بالولاء، أبو بشر، الملقب سيبويه، إمام النحاة، أول من بسط علم النحو. توفي سنة 180 هـ. (الأعلام 5/81) . ابن سيرين: محمد بن سيرين البصري، الأنصاري، بالولاء، أبو بكر، إمام وقته في علوم الدين بالبصرة، توفي سنة 110 هـ. (الأعلام 6/154) . (الشين) شبث بن ربعي: أبو عبد القدوس، شبث بن ربعي التميمي اليربوعي، أدرك عصر النبوة ولحق بسجاح المتنبئة، ثم عاد إلى الإسلام. توفي نحو سنة 70 هـ. (الأعلام 3/154) . شبيب بن شيبة: أبو معمر، شبيب بن شيبة بن عبد الله التميمي المنقري الأهتمي، أديب الملوك، وجليس الفقراء. توفي نحو سنة 170 هـ. (الأعلام 3/156) . شبيب بن يزيد الشيباني: شبيب بن يزيد بن نعيم بن قيس الشيباني، أبو الضحاك، من أبطال العالم، أحد كبار الثائرين على بني أمية، كان داهية طماحا إلى السيادة، توفي سنة 77 هـ. (الأعلام 3/156، 157) . شبيل بن عزرة الضبعي: شبيل بن عزرة بن عمير الضبعي، راوية، خطيب، شاعر، نسابة، صاحب كتاب «الغريب» في اللغة، توفي سنة 140 هـ. (الأعلام 3/157) . الشرقي بن القطامي: الوليد «شرقي» بن حصين «القطامي» بن حبيب بن جمال الكلبي، أبو المثنى، عالم بالأدب والنسب، توفي نحو سنة 155 هـ. (الأعلام 8/120) . شريح القاضي: شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم الكندي، أبو أمية، من أشهر القضاة الفقهاء في صدر الإسلام، توفي سنة 78 هـ. (الأعلام 3/161) . شريك بن عبد الله: شريك بن عبد الله بن الحارث النخعي الكوفي، أبو عبد الله، فقيه، عالم بالحديث، اشتهر بقوة ذكائه وقوة بديهته، توفي سنة 177 هـ. (الأعلام 3/163) . الشعبي: عامر بن شراحيل بن عبد ذي كبار، الشعبي الحميري، أبو عمرو، يضرب المثل بحفظه، وهو راوية من التابعين، توفي سنة 103 هـ. (الأعلام 3/251) . شعيب عليه السلام: النبي العربي من بني مدين، من نسل إبراهيم عليه السلام، كان بعد هود وصالح وقبيل أيام موسى عليه السلام، منازل قومه بقرب تبوك. (الأعلام 3/165) . شق: شق بن صعب بن يشكر بن رهم القسري البجلي الأنماري الأزدي، كاهن جاهلي، من عجائب المخلوقات، يذكرون أنه كان نصف إنسان له يد واحدة ورجل واحدة وعين واحدة، توفي نحو سنة 55 ق. هـ. (الأعلام 3/170) . شقيق بن ثور: ابن مجزأة بن ثور بن عفير السدوسي البصري، من أشراف العرب في العصر

(الصاد)

الأموي، شهد صفين مع علي رضي الله عنه، توفي سنة 64 هـ. (الأعلام 3/171) . الشماخ بن ضرار: الشماخ بن ضرار بن حرملة بن سنان المازني الذبياني الغطفاني، شاعر مخضرم، وهو من طبقة لبيد والنابغة، توفي سنة 22 هـ. (الأعلام 3/175) . شمر بن ذي الجوشن الضبابي: اسمه شرحبيل بن قرط الضبابي الكلابي، أبو السابغة، من كبار قتلة الحسين رضي الله عنه، توفي سنة 66 هـ. (الأعلام. (الأعلام 3/175) . الشنفرى: عمرو بن مالك الأزدي، من قحطان، شاعر جاهلي، من فحول الطبقة الثانية، كان من فتاك العرب، وعدائيهم، وضرب به المثل: أعدى من الشنفرى، وهو أحد الخلعاء الذين تبرأت منهم عشائرهم، توفي نحو سنة 100 ق. هـ. (الأعلام 5/85) . شهر بن حوشب: شهر بن حوشب الأشعري، فقيه، قارئ، من رجال الحديث، شامي الأصل، توفي سنة 100 هـ. (الأعلام 3/178) . أبو الشيص الخزاعي: محمد بن علي بن عبد الله بن رزين بن سليمان بن تميم الخزاعي، شاعر مطبوع، سريع الخاطر رقيق الألفاظ، توفي سنة 196 هـ. (الأعلام 6/271) . (الصاد) صالح بن إسحاق الجرمي: أبو عمرو، فقيه، عالم بالنحو واللغة، من أهل البصرة، له كتاب «السير» و «الأبنية» و «غريب سيبويه» ، توفي سنة 225 هـ. (الأعلام 3/189) . صالح بن عبد القدوس: صالح بن عبد القدوس بن عبد الله بن عبد القدوس الأزدي الجذامي، شاعر حكيم. توفي نحو سنة 160 هـ. (الأعلام 3/192) . صالح بن كيسان: صالح بن كيسان المدني، مؤدب أبناء عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، كان من فقهاء المدينة، توفي سنة 140 هـ. (الأعلام 3/195) . صالح بن مسرح: صالح بن مسرح التميمي، زعيم الصفرية، وأول من خرج فيهم، قتله الحارث بن عميرة الهمداني. توفي سنة 76 هـ. (الأعلام 3/197) . صحار العبدي: صحار بن عياش «أو عباس» بن شراحيل بن منقذ العبدي، من بني عبد القيس خطيب مفوه، كان من شيعة عثمان رضي الله عنه. توفي نحو سنة 40 هـ. (الأعلام 3/201) . الصديق رضي الله عنه: عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن كعب التيمي القرشي، أبو بكر، أول الخلفاء الراشدين، وأول من آمن بالرسول صلى الله عليه وسلم من الرجال، أحد أعاظم العرب، سيدا من سادات قريش، غنيا من كبار موسريهم، عالما بأنساب القبائل، كانت العرب تلقبه بعالم قريش، حرم على نفسه الخمر في الجاهلية، توفي سنة 13 هـ. (الأعلام 4/102) . صريع الغواني: مسلم بن الوليد الأنصاري، بالولاء، أبو الوليد، شاعر غزل، وهو أول من أكثر من البديع، وتبعه الشعراء فيه، توفي سنة 208 هـ. (الأعلام 7/223) . صعصعة بن صوحان: صعصعة بن صوحان بن حجر بن الحارث العبدي، من سادات عبد

(الضاد)

القيس، كان خطيبا بليغا، له شعر، توفي سنة 56 هـ. (الأعلام 3/205) . ابن الصعق: يزيد بن عمرو بن خويلد «الصعق» بن نفيل بن عمرو الكلابي، فارس جاهلي، شاعر، كان أعرج. (الأعلام 8/185، 186) . صفية: صفية بنت عبد المطلب بن هاشم، سيدة قرشية، شاعرة باسلة، وهي عمة النبي صلى الله عليه وسلم أسلمت قبل الهجرة، توفيت سنة 20 هـ. (الأعلام 3/206) . الصلتان العبدي: قثم بن خبية العبدي، من بني محارب بن عمرو بن عبد القيس، شاعر حكيم، قال فيه الآمدي مشهور خبيث، توفي نحو سنة 80 هـ. (الأعلام 5/190) . صيفي بن عامر: صيفي بن عامر بن الأسلت بن جشم بن وائل الأوسي الأنصاري، أبو قيس، شاعر جاهلي، من حكماء الجاهلية، كان رأس الأوس، وشاعرها، وخطيبها، وقائدها في حروبها، توفي سنة 1 هـ. (الأعلام 3/211) . (الضاد) ضابئ البرجمي: ضابئ بن الحارث بن أرطاة التميمي البرجمي، شاعر خبيث اللسان، كثير الشر، عرف في الجاهلية وأدرك الإسلام، توفي نحو سنة 30 هـ. (الأعلام 3/212) . ضباعة بنت قرط: ضباعة بنت عامر بن قرط بن سلمة الخير، من بني قشير، شاعرة صحابية، كانت زوج هشام بن المغيرة في الجاهلية، أسلمت بمكة، توفيت نحو 10 هـ (الأعلام 3/213) الضحاك بن قيس: الضحاك بن قيس الشيباني، زعيم حروري، قال الجاحظ في وصفه: من علماء الخوارج، توفي سنة 129 هـ. (الأعلام 3/215) . ضرار الضبي: ضرار بن عمرو بن مالك بن زيد الذهلي الضبي، سيد بني ضبة في الجاهلية مات قبيل الإسلام. (الأعلام 3/215) . ضمرة النهشلي: ضمرة بن ضمرة بن جابر النهشلي، من بني دارم، شاعر جاهلي، من الشجعان الرؤساء، يقال إن النعمان سماه ضمرة. (الأعلام 3/216) . (الطاء) ابن الطثرية: يزيد بن سلمة بن سمرة، ابن الطثرية، من بني قشير بن كعب، من عامر بن صعصعة، كنيته أبو المكشوح، ونسبته إلى أمه، توفي سنة 126 هـ. (الأعلام 8/183) . طرفة: طرفة بن العبد بن سفيان بن سعد البكري الوائلي، أبو عمرو، شاعر جاهلي من الطبقة الأولى، ولد في بادية البحرين، توفي نحو سنة 60 ق. هـ. (الأعلام 3/225) . الطرماح: الطرماح بن حكيم بن الحكم، من طيئ، شاعر إسلامي فحل، ولد ونشأ في الشام، كان هجاء، معاصرا للكميت، توفي نحو سنة 150 هـ. (الأعلام 3/225) . طفيل الغنوي: طفيل بن عوف بن كعب، من بني غني، من قيس عيلان، شاعر جاهلي فحل، وهو أوصف العرب للخيل، توفي نحو سنة 13 ق. هـ. (الأعلام 3/228) .

(العين)

طلحة الطلحات: طلحة بن عبد الله بن خلف الخزاعي، أحد الأجواد المقدمين، كان أجود أهل البصرة في زمانه، ذهبت عينه بسمرقند، توفي نحو سنة 65 هـ. (الأعلام 3/229) . طويس المغني: عيسى بن عبد الله، أبو عبد المنعم، مولى بني مخزوم، أول من غنى بالمدينة غناء يدخل في الإيقاع، وهو من أشهر المغنين، توفي سنة 92 هـ. (الأعلام 5/105) . (العين) عاتكة: عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل، القرشية العدوية، شاعرة، صحابية، حسناء، كانت زوج عبد الله بن أبي بكر الصديق، توفيت نحو سنة 43 هـ. (الأعلام 3/242) . عاد بن عوص: عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح، جد جاهلي قديم، يقال إنه كان في بابل، ورحل بأهله وولده إلى اليمن. (الأعلام 3/242) . عاديا: هو جد السموءل بن غريض بن عاديا اليهودي، وإليه ينسبون بناء حصن تيماء. (معجم البلدان 1/88، 2/442) . أبو العاص: القاسم بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف، صحابي، من أصهار النبي صلى الله عليه وسلم وهو زوج زينب، وكان يلقب جرو البطحاء، توفي سنة 12 هـ. (الأعلام 5/176) . أبو العالية الرياحي: كان مولى لبني رياح، واسمه رقيع بن مهران البصري الرياحي، روى عن أبي وعلي وحذيفة، وعنه قتادة وثابت، توفي سنة 90 هـ. (لسان الميزان 6/802) . عامر بن الطفيل: أبو علي، عامر بن الطفيل بن مالك بن جعفر العامري، من بني عامر بن صعصعة، فارس قومه، أحد فتاك العرب وشعرائهم، توفي 11 هـ. (الأعلام 3/252) . عامر بن مالك: عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب، فارس قيس، يلقب بملاعب الأسنة وهو عم لبيد الشاعر وكذلك عم عامر بن الطفيل، توفي نحو سنة 10 هـ (الأغاني 14/90) عباد بن الحصين: عباد بن الحصين بن يزيد بن عمرو الحبطي التميمي، أبو جهضم، فارس تميم في عصره، ولي شرطة البصرة أيام ابن الزبير، توفي نحو سنة 85 هـ. (الأعلام 3/257) . عباد بن صهيب البصري: أحد المتروكين، وكان قدريا، كنيته أبو بكر، روى عنه أحمد ابن روح مائة ألف حديث، توفي نحو سنة 210 هـ. (لسان الميزان 3/230، 231) . العباس بن عبد المطلب: أبو الفضل، العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، من أكابر قريش في الجاهلية والإسلام، جد الخلفاء العباسيين، قال الرسول صلى الله عليه وسلم في وصفه: «هذا بقية آبائي» ، وهو عمه، توفي سنة 32 هـ. (الأعلام 3/262) . العباس بن مرداس: أبو الهيثم، العباس بن مرداس بن أبي عامر السلمي، من مضر، شاعر فارس، أمه الخنساء الشاعرة، أسلم قبيل فتح، مكة، توفي سنة 18 هـ. (الأعلام 3/267) . العباس بن الوليد بن عبد الملك: ابن مروان الأموي، أمير، من كبار القادة، كان يقال له فارس بني مروان، كان له ثلاثون ابنا ذكورا، توفي سنة 131 هـ. (الأعلام 3/268) .

عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب العدوي: أبو عمر، وال، من أهل المدينة، ثقة في الحديث، تولى الكوفة زمن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، توفي نحو 115 هـ (الأعلام 3/286) . عبد الرحمن بن حبيب: ابن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع الفهري، أمير، من الشجعان الدهاة، قتله أخواه إلياس وعبد الوارث غيلة في قصره بالقيروان سنة 137 هـ. (الأعلام 3/303) . عبد الرحمن بن حسان بن ثابت الأنصاري: من الخزرج، شاعر ابن شاعر، كان مقيما في المدينة، اشتهر بالشعر في زمن أبيه، توفي سنة 104 هـ. (الأعلام 3/303) . عبد الرحمن بن الحكم: شاعر إسلامي متوسط الحال في شعراء زمانه، كان يهاجي عبد الرحمن بن حسان بن ثابت الأنصاري. (الأغاني 12/69- 73) . عبد الرحمن بن رستم بن بهرام: مؤسس مدينة تاهرت (بالجزائر) ، أول ملك من الرستميين كان من فقهاء الإباضية، توفي سنة 171 هـ. (الأعلام 3/306) . عبد الرحمن بن زيد: عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب العدوي، ولد في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم تولى إمارة مكة ليزيد بن معاوية، توفي نحو سنة 60 هـ. (الإصابة 6230) . عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد: أحد الرواة الذين ولدوا في آخر عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، شهد وقعة الجمل مع عائشة. (المعارف 123) . عبد الرحمن بن عثمان التيمي: نسبة إلى تيم بن مرة، أبوه أخو طلحة بن عبيد الله، قتل مع ابن الزبير بمكة سنة 73 هـ، كان يلقب شارب الذهب. (تهذيب التهذيب 6/227) . عبد الرحمن بن عوف: أبو محمد عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث الزهري القرشي، من أكابر الصحابة، أحد العشرة المبشرين بالجنة، أحد الستة أصحاب الشورى الذين جعل عمر الخلافة فيهم، قيل هو الثامن في الإسلام، كان اسمه في الجاهلية عبد الكعبة، وسماه الرسول صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن، توفي سنة 32 هـ. (الأعلام 3/321) . عبد الرحمن بن كيسان: أبو بكر الأصم، فقيه معتزلي مفسر، كان من أفصح الناس، وأفقههم وأورعهم، خلا أنه كان يخطئ عليا رضي الله عنه في كثير من أفعاله، ويصوب معاوية في بعض أفعاله، توفي نحو سنة 225 هـ. (الأعلام 3/323) . عبد الصمد بن علي: ابن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، يكنى أبا محمد، ولي الجزيرة لأبي جعفر المنصور. (المعارف 163) . عبد العزيز بن زرارة الكلابي: قائد من الشجعان المقدمين في زمن معاوية، كان فيمن غزا القسطنطينية، ولما نعي لمعاوية قال: هلك والله فتى العرب، توفي 50 هـ. (الأعلام 4/17) . عبد قيس بن خفاف البرجمي: أبو جبيل البرجمي، من بني عمرو بن حنظلة، شاعر جاهلي فحل، من شعراء المفضليات. (الأعلام 4/49) . عبد الله بن أبي بكر: عبد الله بن أبي بكر الصديق التيمي القريشي، صحابي، من العقلاء

كان يحمل الطعام إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر في الغار، توفي سنة 11 هـ. (الأعلام 4/99) . عبد الله بن جدعان: التميمي القرشي، أحد الأجواد المشهورين في الجاهلية، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم قبل النبوة، سماه اليعقوبي بين حكام العرب في الجاهلية. (الأعلام 4/76) . عبد الله بن جعفر: ابن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمي القرشي، صحابي ولد بأرض الحبشة، وهو أول من ولد بها من المسلمين، وكان كريما يسمى بحر الجود، كان أحد الأمراء في جيش علي رضي الله عنه يوم صفين، توفي سنة 80 هـ. (الأعلام 4/76) . عبد الله بن الحجاج الأزدي: أحد الشجعان المذكورين في صدر الإسلام، كان مع علي رضي الله عنه في وقعة صفين وقتل فيها سنة 37 هـ. (الأعلام 4/77) . عبد الله بن خازم: أبو صالح عبد الله بن خازم بن أسماء بن الصلت السلمي البصري، أمير خراسان، كان من أشجع الناس، أسود اللون، يتعمم بعمامة خز سوداء، يقول: كسانيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، توفي سنة 72 هـ. (الأعلام 4/84) . عبد الله بن عباس: عبد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي القرشي، أبو العباس، حبر الأمة، صحابي جليل، ولد بمكة، ولازم الرسول صلى الله عليه وسلم، وروى عنه الأحاديث الصحيحة، له في الصحيحين وغيرهما 1660 حديث، توفي سنة 68 هـ. (الأعلام 4/95) . عبد الله بن عمر: أبو عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه صحابي من أعز بيوتات قريش في الجاهلية، كان جريئا جهيرا، أفتى الناس في الإسلام ستين سنة، وهو آخر من توفي بمكة من الصحابة سنة 73 هـ. (الأعلام 4/108) . عبد الله بن عمرو بن العاص: صحابي من النساك من أهل مكة، كان يكتب في الجاهلية ويحسن السريانية، كان كثير العبادة حتى قال له الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن لجسدك عليك حقا ... » الحديث، وله 700 حديث، توفي سنة 65 هـ. (الأعلام 4/111) . عبد الله بن عنمة الضبي: عبد الله بن عنمة بن حرثان الضبي، من شعراء المفضليات، وهو مخضرم عاش في الجاهلية، ثم شهد القادسية، توفي نحو سنة 15 هـ. (الأعلام 4/111) . عبد الله بن المبارك: أبو عبد الرحمن عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلي، بالولاء، التميمي المرزوي، شيخ الإسلام، المجاهد التاجر، توفي سنة 181 هـ. (الأعلام 4/115) . عبد الله بن مسعود: أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلي، من أكابر الصحابة فضلا وعقلا وقربا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، هو أول من جهر بقراءة القرآن بمكة، كان قصيرا جدا يكاد الجلوس يوارونه، له 848 حديثا، توفي 32 هـ. (الأعلام 4/137) . عبد الله بن المقفع: من أئمة الكتاب، أول من عني في الإسلام بترجمة كتب المنطق، أصله من الفرس، ولد في العراق مجوسيا، وأسلم على يد عيسى بن علي، وهو الذي ترجم كتاب كليلة ودمنة، توفي سنة 142 هـ. (الأعلام 4/140) .

عبد الله بن همام السلولي: ابن نشيبة بن رياح السلولي، من بني مرة بن صعصعة، شاعر إسلامي، كان يقال له العطار لحسن شعره، توفي نحو 100 هـ. (الأعلام 4/143) . عبد المسيح ابن عسلة الشيباني: شاعر جاهلي، نسب إلى أمه عسلة بنت عامر بن شراكة واسم أبيه حكيم بن عفير بن طارق، من شيبان، توفي نحو 50 ق. هـ. (الأعلام 4/153) . عبد المطلب بن هاشم: أبو الحارث، اسمه شيبة بن هاشم بن عبد مناف، و «عبد المطلب» لقب غلب عليه، وهو جد الرسول صلى الله عليه وسلم، زعيم قريش في الجاهلية، كان عاقلا ذا أناة ونجدة فصيح اللسان، وكانت له السقاية والرفادة، توفي نحو سنة 127 ق. هـ. (الأعلام 4/154) . عبد الملك بن صالح: عبد الملك بن صالح بن علي بن عبد الله بن عباس، أمير من بني العباس تولى إمارة الموصل سنة 169، توفي سنة 196 هـ. (الأعلام 4/159) . عبد الملك بن مروان: أبو الوليد عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموي القرشي، من أعاظم الخلفاء ودهاتهم، فقيها واسع العلم، متعبدا ناسكا، وهو أول من صك الدنانير في الإسلام، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد صك الدراهم، توفي 86 هـ. (الأعلام 4/165) . عبد يغوث بن صلاءة الحارثي: عبد يغوث بن صلاءة بن ربيعة من بني الحارث بن كعب من قحطان، شاعر جاهلي يماني، كان سيد قومه، توفي نحو 40 ق. هـ. (الأعلام 4/187) . عبدة بن الطبيب: اسم الطبيب يزيد بن عمرو بن وعلة بن أنس بن عبد الله بن عبد بهم بن عبد جشم بن عبد شمس، شاعر مخضرم، أدرك الإسلام وأسلم. (المفضليات 1/132) . عبيد بن الأبرص: أبو زياد، عبيد بن الأبرص بن عوف بن جشم الأسدي، من مضر، شاعر من دهاة الجاهلية وحكمائها، كان معاصرا لامرؤ القيس، وله معه مناظرات ومناقضات، توفي سنة 25 ق. هـ. (الأعلام 4/188) . عبيد بن أبي أيوب العنبري: يكنى أبا المطراب أو أبا المطراد، من بني العنبر، من شعراء العصر الأموي، كان لصا حاذقا، وكان يزعم أنه يرافق الغول والسعلاة. (الأعلام 4/188) . عبيد بن شرية الجرهمي: راوية، من المعمرين، هو أول من صنف الكتب من العرب، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وعاش إلى أيام عبد الملك بن مروان، توفي نحو سنة 67 هـ. (الأعلام 4/189) . عبيد الله بن زياد بن ظبيان البكري: أبو مطر، فاتك من الشجعان، كان مقربا من عبد الملك بن مروان، وهو الذي قتل مصعب بن الزبير، توفي سنة 75 هـ. (الأعلام 4/193) . عبيد الله بن قيس الرقيات: عبيد الله بن قيس بن شريح بن مالك، من عامر بن لؤي، شاعر قريش في العصر الأموي، أكثر شعره الغزل والنسيب، لقب بابن قيس الرقيات لأنه كان يتغزل بثلاث نسوة اسم كل واحدة منهم رقية، توفي 85 هـ. (الأعلام 4/196) . عبيد الله بن يحيى: عبيد الله بن يحيى بن خاقان، أبو الحسن، وزير، من المقدمين في العصر العباسي، كان عاقلا حازما، توفي سنة 263 هـ. (الأعلام 4/198) .

أبو عبيدة: معمر بن المثنى التيمي، بالولاء، البصري، أبو عبيدة النحوي، من أئمة العلم بالأدب واللغة، قال الجاحظ: لم يكن في الأرض أعلم بجميع العلوم منه، له نحو 200 مؤلف، منها نقائض جرير والفرزدق، توفي سنة 209 هـ. (الأعلام 7/272) . عتاب بن ورقاء بن الحارث بن عمرو: أبو ورقاء الرياحي اليربوعي التميمي، قائد، من الأبطال، ولاه مصعب بن الزبير إمارة أصبهان، توفي سنة 77 هـ. (الأعلام 4/200) . أبو العتاهية: إسماعيل بن القاسم بن سويد العيني العتري، أبو إسحاق، الشهير بأبي العتاهية شاعر مكثر، كان ينظم 150 بيتا في اليوم، توفي سنة 211 هـ. (الأعلام 1/321) . عتيبة بن الحارث بن شهاب التميمي: فارس تميم في الجاهلية، كان يلقب سم الفرسان، قال ابن أبي الحديد: أبطال الجاهلية ثلاثة، عامر بن الطفيل وبسطام بن قيس وعتيبة بن الحارث، وكانوا يقولون لو أن القمر سقط من السماء ما التقفه غير عتيبة. (الأعلام 4/201) . أبو عثمان: عمرو بن بحر بن محبوب الكناني، بالولاء، الليثي، الشهير بالجاحظ، كبير أئمة الأدب، رئيس الفرقة الجاحظية من المعتزلة، فلج في آخر عمره، كان مشوه الخلقة، قتلته مجلدات من الكتب وقعت عليه، توفي سنة 255 هـ. (الأعلام 5/74) . عثمان بن حيان بن معبد المري: أبو المغراء، من الغزاة، من أهل دمشق، غزا قيصرة من أرض الروم، هو ثقة عند أهل الحديث، توفي سنة 150 هـ. (الأعلام 4/205) . عثمان بن أبي العاص: ابن بشر بن عبد بن دهمان، من ثقيف، صحابي من أهل الطائف أسلم في وفد ثقيف، هو الذي منع ثقيفا عن الردة، توفي سنة 51 هـ. (الأعلام 4/207) . عثمان بن عفان رضي الله عنه: عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية، من قريش، ثالث الخلفاء الراشدين، ذو النورين، أحد العشرة المبشرين بالجنة، من أعظم أعماله في الإسلام تجهيزه نصف جيش العسرة بماله، توفي سنة 35 هـ. (الأعلام 4/210) . عثمان بن مظعون: عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب الجمحي، أبو السائب، صحابي كان من حكماء العرب في الجاهلية، يحرم الخمر، رقمه 13 في الإسلام، هو أول من مات في المدينة من المهاجرين سنة 2 هـ. (الأعلام 4/214) . عثمان بن مقسم البري: أبو سلمة الكندي، بالولاء، أحد أئمة الأعلام في الحديث، على ضعف فيه، كان صاحب بدعة، قدريا، ينكر الميزان يوم القيامة، ويقول إنما هو العدل، توفي سنة 163 هـ. (الأعلام 4/214، 215) . العجاج: عبد الله بن رؤبة بن لبيد بن صخر السعدي التميمي، أبو الشعثاء، راجز مجيد، ولد في الجاهلية وقال الشعر فيها، ثم أسلم، توفي نحو سنة 90 هـ. (الأعلام 4/86) . العجير السلولي: العجير بن عبد الله بن عبيدة بن كعب، من بني سلول، من شعراء الدولة الأموية، كنيته أبو الفرزدق، وأبو الفيل، توفي نحو سنة، 90 هـ. (الأعلام 4/217) .

عدي بن الرقاع العاملي: عدي بن زيد بن مالك بن عدي بن الرقاع، من عاملة، شاعر كبير من أهل دمشق، يكنى أبا داود، مهاجيا لجرير، توفي نحو 95 هـ. (الأعلام 4/221) . العرجي: عبد الله بن عمر بن عمرو بن عثمان بن عفان الأموي القرشي، أبو عمر، شاعر غزل، كان مشغوفا باللهو والصيد، توفي نحو سنة 120 هـ. (الأعلام 4/109) . عروة بن أذينة: عروة بن يحيى «لقبه أذينة» بن مالك بن الحارث الليثي، شاعر غزل مقدم وهو معدود من الفقهاء والمحدثين أيضا، توفي نحو سنة 130 هـ. (الأعلام 4/227) . عروة الرحال: عروة بن عتبة بن جعفر بن كلاب، جاهلي، من جلساء الملوك، سمي الرحال لأنه كان كثير الوفادة عليهم، توفي نحو سنة 32 ق. هـ. (الأعلام 4/226) . عروة بن الزبير: عروة بن الزبير بن العوام الأسدي القرشي، أبو عبد الله، أحد الفقهاء السبعة بالمدينة، لم يدخل في شيء من الفتن، توفي سنة 93 هـ. (الأعلام 4/293) . عروة بن الورد: ابن زيد العبسي، من غطفان، شاعر جاهلي، كان يلقب بعروة الصعاليك توفي نحو سنة 30 ق. هـ. (الأعلام 4/227) . عطاء بن أسيد السعدي: أبو المرقال، المعروف بالزفيان العوافي، راجز من بني عوانة بن سعد بن زيد مناة بن تميم. (الأعلام 4/235) . عطاء الخراساني: المعروف بالمقنع الخراساني، مشعوذ مشهور، كان قصارا من أهل المرو ادعى الربوبية زاعما أنها انتقلت إليه من أبي مسلم الخراساني، كان مشوه الخلق، فاتخذ وجها من ذهب تقنع به، توفي سنة 163 هـ. (الأعلام 4/235) . عطاء بن أبي رباح: عطاء بن أسلم بن صفوان، تابعي من أجلاء الفقهاء، كان عبدا أسود، وكان مفتي أهل مكة، توفي سنة 114 هـ. (الأعلام 4/235) . عطية بن سعيد العوفي: عطية بن سعيد بن جنادة العوفي الجدلي القيسي الكوفي، أبو الحسن، من رجال الحديث، توفي سنة 111 هـ. (الأعلام 4/237) . عقبة بن أبي معيط: عقبة بن أبان بن ذكوان بن أمية بن عبد شمس، من مقدمي قريش في الجاهلية، كنيته أبو الوليد، وكنية أبيه أبو معيط، كان شديد الأذى للمسلمين، فقتلوه وصلبوه في بدر، فكان أول مصلوب في الإسلام، توفي سنة 2 هـ. (الأعلام 4/240) . عقيل بن علفة: عقيل بن علفة بن الحارث بن معاوية اليربوعي المري الضبابي الذبياني، أبو العميس، شاعر مجيد مقل، من شعراء الدولة الأموية توفي 100 هـ. (الأعلام 4/242) . علقمة بن عبدة الفحل: علقمة بن عبدة بن ناشرة بن قيس من بني تميم، شاعر جاهلي من الطبقة الأولى، كان معاصرا لامرئ القيس، توفي نحو 20 ق. هـ. (الأعلام 4/247) . علقمة بن علاثة: علقمة بن علاثة بن عوف الكلابي العامري، من الصحابة، من بني عامر بن صعصعة، أسلم وارتد، ثم عاد إلى الإسلام توفي نحو سنة 20 هـ. (الأعلام 4/247، 248) .

علقمة بن قيس: علقمة بن قيس بن عبد الله بن مالك النخعي الهمداني، أبو شبل، تابعي، كان فقيه العراق، شهد صفين، توفي سنة 62 هـ. (الأعلام 4/248) . علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ابن عبد المطلب الهاشمي القرشي، أبو الحسن، رابع الخلفاء الراشدين، أحد العشرة المبشرين بالجنة، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وصهره، كان أول الناس إسلاما بعد خديجة أم المؤمنين، توفي سنة 40 هـ. (الأعلام 4/295) . علي بن محمد: علي بن محمد بن عبد الله، أبو الحسن المدائني، راوية مؤرخ، سكن المدائن، وإليها ينسب، توفي سنة 225 هـ. (الأعلام 4/323) . عمارة بن عقيل: عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير بن عطية الكلبي اليربوعي التميمي، شاعر مقدم فصيح، وهو من أحفاد جرير الشاعر، توفي سنة 239 هـ. (الأعلام 5/37) . العماني الراجز: هو محمد بن ذؤيب الحنظلي، من البصرة، يلقب بالعماني، كان شاعرا راجزا، من شعراء الدولة العباسية. (الأغاني 17/78- 83) . عمر بن الخطاب رضي الله عنه: عمر بن الخطاب بن نفيل القرشي العدوي، أبو حفص، ثاني الخلفاء الراشدين، أول من لقب بأمير المؤمنين، يضرب بعدله المثل، وهو أحد العمرين الذين أعز الله بهم الإسلام، لقبه النبي صلى الله عليه وسلم بالفاروق، كان يقضي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان أبيض عاجي اللون، توفي سنة 23 هـ. (الأعلام 5/45) . عمر بن أبي ربيعة: عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي القرشي، أبو الخطاب، أرق شعراء عصره، من طبقة جرير والفرزدق، توفي سنة 93 هـ. (الأعلام 5/52) . عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي القرشي، أبو حفص، الخليفة الصالح، والملك العادل، قيل له خامس الخلفاء الراشدين، هو الذي منع سب الإمام علي على المنابر، توفي سنة 101 هـ. (الأعلام 5/50) . عمر بن لجأ: وقيل «لحأ» ابن حدير بن مصاد التميمي، من بني تميم بن عبد مناة، من شعراء العصر الأموي، توفي سنة 105 هـ. (الأعلام 5/59) . عمر بن هبيرة الفزاري: عمر بن هبيرة بن سعد بن عدي الفزاري، أبو المثنى، أمير، من الدهاة الشجعان، كان رجل أهل الشام، توفي نحو سنة 110 هـ. (الأعلام 5/68) . عمران بن الحصين: عمران بن حصين بن عبيد، أبو نجيد الخزاعي، من علماء الصحابة، أسلم عام خيبر، وهو ممن اعتزل حرب صفين، توفي سنة 52 هـ. (الأعلام 5/70) . عمران بن عصام: عمران بن عصام العتري، خطيب، شاعر، من الشجعان، اشتهر في أيام عبد الملك بن مروان، توفي سنة 85 هـ. (الأعلام 5/71) . عمرو ابن الإطنابة: عمرو بن عامر بن زيد مناة، الكعبي الخزرجي، شاعر جاهلي، فارس، اشتهر بنسبته إلى أمه «الإطنابة» بنت شهاب من بني القين. (الأعلام 5/80) .

عمرو بن الأهتم: عمرو بن سنان بن سمي التميمي المنقري، أبو ربعي، من الشعراء والخطباء في الجاهلية والإسلام، كان يدعى «المكحل» لجماله في شبابه، توفي 57 هـ. (الأعلام 5/78) . عمرو بن دينار: عمرو بن دينار الجمحي، بالولاء، أبو محمد الأثرم، فقيه، كان مفتي أهل مكة، فارسي الأصل، توفي سنة 126 هـ. (الأعلام 5/77) . عمرو بن سعيد: عمرو بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس الأموي القرشي، أبو أمية، أمير، من الخطباء البلغاء، توفي سنة 70 هـ. (الأعلام 4/78) . عمرو بن شأس: عمرو بن شأس بن عبيد بن ثعلبة الأسدي، أبو عرار، شاعر جاهلي مخضرم، كثير الشعر في الجاهلية والإسلام، توفي سنة 20 هـ. (الأعلام 4/79) . عمرو بن شعيب: عمرو بن شعيب بن محمد السهمي القرشي، أبو إبراهيم، من بني عمرو ابن العاص، من رجال الحديث، توفي سنة 118 هـ. (الأعلام 4/79) . عمرو بن العاص: عمرو بن العاص بن وائل السهمي القرشي، أبو عبد الله، فاتح مصر، أحد عظماء العرب ودهاتهم، توفي سنة 43 هـ. (الأعلام 5/79) . عمرو بن عدي: عمرو بن عدي بن نصر بن ربيعة اللخمي، أول من ملك العراق من بني لخم، تولى بعد مقتل خاله جذيمة، وانتقم له من قاتلته الزباء. (الأعلام 5/82) . أبو عمرو بن العلاء: زبان بن عمار التميمي المازني البصري، أبو عمرو، و «أبو العلاء» لقب أبيه، من أئمة اللغة والأدب، أحد القراء السبعة، توفي 154 هـ. (الأعلام 3/41) . عمرو بن فائد الأسواري: أبو علي الأسواري التميمي، معتزلي، قدري، من القراء القصاص من أهل البصرة، ليس ثقة عند أهل الحديث، توفي نحو 200 هـ. (الأعلام 5/83) . عمرو بن قميئة: عمرو بن قميئة بن ذريح بن سعد بن مالك التغلبي البكري الوائلي التراري شاعر جاهلي مقدم، نشأ يتيما، كان يقال له الضائع، توفي 85 ق. هـ. (الأعلام 5/83) . عمرو بن كلثوم: عمرو بن كلثوم بن مالك بن عتاب، من بني تغلب، أبو الأسود، شاعر جاهلي من الطبقة الأولى، وهو من أصحاب المعلقات، توفي نحو 40 ق. هـ (الأعلام 5/84) . عمرو بن مرة: عمرو بن مرة بن صعصعة، من سلول، من عدنان، جد جاهلي، من نسله عبد الله بن همام. (الأعلام 5/85، 86) . عمرو بن مسعدة: عمرو بن مسعدة بن سعد بن صول، أبو الفضل الصولي، وزير المأمون أحد الكتاب البلغاء، توفي سنة 217 هـ. (الأعلام 5/86) . عمرو بن معديكرب: عمرو بن معديكرب بن ربيعة بن عبد الله الزبيدي، فارس اليمن، شهد معركة اليرموك، وذهبت فيها إحدى عينيه، توفي سنة 21 هـ. (الأعلام 5/86) . عمرو ابن هند: عمرو بن المنذر اللخمي، ملك الحيرة في الجاهلية، نسبته إلى أمه هند، كان يلقب بالمحرق الثاني لإحراقه بعض بني تميم، توفي نحو سنة 45 ق. هـ. (الأعلام 5/86) .

عمرو بن الوليد: عمرو بن الوليد بن عقبة بن أبي معيط الأموي القرشي، كان يلقب أبا قطيفة، شاعر رقيق الشعر، توفي نحو سنة 70 هـ. (الأعلام 5/87) . أبو العميثل: عبد الله بن خليد بن سعد، مؤدب، من الشعراء الفضلاء، أصله من الري، كان أبوه خليد مولى لبني العباس، توفي سنة 240 هـ. (الأعلام 4/85) . عمير بن الحباب: عمير بن الحباب بن جعدة السلمي، رأس القيسية في العراق، وأحد الأبطال الدهاة، اجتمعت عليه كلمة قيس كلها، توفي سنة 70 هـ. (الأعلام 5/88) . عنترة: عنترة بن شداد بن عمرو بن معاوية بن قراد العبسي، أشهر فرسان العرب في الجاهلية، من شعراء الطبقة الأولى، يوصف بالحلم على شدة بطشه، وقصته خيالية، يعدها الإفرنج من بدائع آداب العرب، توفي نحو سنة 22 ق هـ. (الأعلام 5/91) . العوام بن شوذب: اسمه عبد عمرو الشيباني، من بني الحارث بن همام، شاعر جاهلي من الفرسان، كان حيا يوم «غبيط المروط» قبل الإسلام بعشرين عاما. (الأعلام 5/93) . عوف بن الأحوص: ابن جعفر العامري من بني كلاب بن عامر بن صعصعة، يكنى أبا يزيد شاعر جاهلي، كان في أيام حرب الفجار. (الأعلام 5/94) . عوف بن أبي جميلة: الأعرابي العبدي البصري، كان ثقة، رمي بالقدر والتشيع، توفي نحو سنة 147 هـ. (تهذيب التهذيب) . عوف بن الخرع: عوف بن عطية بن عمرو، الملقب بالخرع، ابن عبس بن وديعة التيمي من تيم الرباب، من مضر، شاعر جاهلي فحل، أدرك الإسلام. (الأعلام 5/96) . عوف بن محلم: عوف بن محلم بن ذهل بن شيبان، من أشراف العرب في الجاهلية، كان مطاعا في قومه، وبه يضرب المثل: «أوفى من عوف بن محلم» ، توفي نحو سنة 45 ق. هـ. (الأعلام 5/96) . عيسى بن جعفر: عيسى بن جعفر بن المنصور العباسي، من أمراء بني العباس، ابن عم هارون الرشيد، وأخو زوجه، توفي نحو سنة 185 هـ. (الأعلام 5/102) . عيسى بن عمر: عيسى بن عمر الثقفي، بالولاء، أبو سليمان، من أئمة اللغة، وهو شيخ الخليل وسيبويه، وهو أول من هذب النحو ورتبه، توفي 149 هـ. (الأعلام 5/106) . عيسى بن يزيد: عيسى بن يزيد بن بكر بن دأب الليثي البكري الكناني، أبو الوليد، خطيب شاعر، عالم بالأنساب، توفي سنة 171 هـ. (الأعلام 5/111) . أبو العيناء: محمد بن القاسم بن خلاد بن ياسر الهاشمي، أديب، فصيح، من ظرفاء العالم ومن أسرع الناس جوابا، توفي سنة 283 هـ. (الأعلام 6/334) . أبو عيينة: موسى بن كعب بن عيينة التيمي، من كبار القواد في الدولة العباسية، وهو أول من بايع السفاح بالخلافة، توفي سنة 141 هـ. (الأعلام. (الأعلام 7/327) .

(الغين)

(الغين) غالب بن صعصعة: غالب بن صعصعة بن ناجية التميمي الدارمي المجاشعي، من وجوه تميم، يلقب بابن ليلى، وهو والد الفرزدق، توفي نحو سنة 40 هـ. (الأعلام 5/114) . الغريض المغني: عبد الملك، مولى العبلات، من مولدي البربر، من أشهر المغنين في صدر الإسلام، كنيته أبو يزيد، لقب «لغريض» لجماله، توفي نحو سنة 95 هـ. (الأعلام 4/156) . غزالة الشيبانية: امرأة شبيب بن يزيد بن نعيم الشيباني الحروري، من شهيرات النساء في الشجاعة والفروسية، توفي سنة 77 هـ. (الأعلام 5/118) . غيلان بن سلمة: غيلان بن سلمة الثقفي، حكيم، شاعر جاهلي، أسلم يوم الطائف وعنده عشر نسوة، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم باختيار أربعة منهن، توفي سنة 23 هـ. (الأعلام 5/124) . (الفاء) الفرار السلمي: شاعر إسلامي مخضرم، أدرك الجاهلية والإسلام، واسمه حبان، ويقال «حيان» ابن الحكم، أخذ راية سليم يوم الفتح ثم نزعت منه، و «سليم» : بالتصغير اسم قبيلته. (الإصابة 1551، الحماسة 1/57) . الفرزدق: همام بن غالب بن صعصعة التميمي الدارمي، أبو فراس، شاعر من النبلاء، عظيم الأثر في اللغة، يقال: «لولا شعر الفرزدق لذهب ثلث لغة العرب» ، توفي سنة 110 هـ. (الأعلام 8/93) . ابن فضال: الحسن بن علي بن فضال التيمي، بالولاء، أبو محمد، من مصنفي الإمامية، من كتبه: الرد على الغالية، والنوادر، والتفسير، توفي سنة 224 هـ. (الأعلام 2/200) . الفضل بن سهل: الفضل بن سهل السرخسي، أبو العباس، وزير المأمون، وصاحب تدبيره، توفي سنة 202 هـ. (الأعلام 5/149) . الفضل بن العباس: الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب، من قريش، شاعر من فصحاء بني هاشم، كان معاصرا للفرزدق والأحوص، توفي 95 هـ. (الأعلام 5/150) . الفضل بن عبد الصمد الرقاشي: الفضل بن عبد الصمد بن الفضل الرقاشي البصري، أبو العباس، شاعر مجيد من أهل البصرة، توفي سنة 200 هـ. (الأعلام 5/150) . الفضل بن عيسى بن أبان: الفضل بن عيسى بن أبان الرقاشي، أبو عيسى، واعظ من أهل البصرة، وهو رئيس طائفة من المعتزلة تنسب إليه، توفي سنة 140 هـ. (الأعلام 5/151) . الفضل بن يحيى البرمكي: الفضل بن يحيى بن خالد البرمكي، وزير الرشيد العباسي، وأخوه في الرضاع، كان من أجود الناس، توفي سنة 193 هـ. (الأعلام 5/151) . الفند الزماني: شهل بن شيبان بن ربيعة بن زمان الحنفي، من بني بكر بن وائل، شاعر جاهلي كان سيد بكر في زمانه، سمي الفند لعظم خلقته، توفي نحو 76 ق. هـ. (الأعلام 3/179) .

(القاف)

(القاف) القاسم بن أمية بن أبي الصلت: قاسم بن أمية بن أبي الصلت الثقفي، شاعر ابن شاعر، من أهل الطائف، عاش إلى ما بعد عثمان بن عفان، توفي نحو سنة 35 هـ. (الأعلام 5/173) . قبيصة بن جابر: قبيصة بن جابر بن وهب الأسدي الكوفي، تابعي، من رجال الحديث الفصحاء الفقهاء، وهو أخو معاوية من الرضاع، توفي سنة 69 هـ. (الأعلام 5/188) . قتادة بن دعامة السدوسي: قتادة بن دعامة بن عزيز، أبو الخطاب السدوسي البصري، مفسر، حافظ، ضرير، أكمه، توفي سنة 118 هـ. (الأعلام 5/189) . القتال الكلابي: عبيد بن مجيب بن المضرحي، من بني كلاب بن ربيعة، شاعر فتاك، يكنى أبا المسيب، توفي سنة 70 هـ. (الأعلام 4/190) . قتيبة بن مسلم: قتيبة بن مسلم بن عمرو بن الحصين الباهلي، أبو حفص، أمير، من مفاخر العرب، توفي سنة 96 هـ. (الأعلام 5/189) . قحطبة: قحطبة بن شبيب الطائي، قائد شجاع، من ذوي الرأي والشأن، صاحب أبا مسلم الخراساني، توفي سنة 132 هـ. (الأعلام 5/191) . قدامة بن مظعون: قدامة بن مظعون بن حبيب الجمحي القرشي، صحابي، من مهاجري الحبشة، شهد سائر المشاهد مع الرسول صلى الله عليه وسلم، توفي سنة 36 هـ. (الأعلام 5/191) . قريط بن أنيف: قريط بن أنيف العنبري التميمي، شاعر جاهلي، في حياته غموض. (الأعلام 5/195) . ابن القرية: أيوب بن زيد بن قيس بن زرارة الهلالي، خطيب يضرب به المثل يقال: «أبلغ من ابن القرية» والقرية أمه، أحد بلغاء الدهر، وكان أميا، توفي سنة 84 هـ. (الأعلام 2/37) . قسي بن منبه: قسي بن منبه بن النبيت بن يقدم، من بني إياد، أبو رغال، صاحب القبر الذي يرجم إلى اليوم بين مكة والطائف، توفي سنة 50 ق. هـ. (الأعلام 5/198) . قضاعة: جد جاهلي قديم، بنوه قبائل وبطون كثيرة، يقال إنه عمرو بن معد بن عدنان، أو ابن مالك بن عمرو بن مرة، من حمير، من قحطان، والأكثر أنه قحطاني. (الأعلام 5/199) . القطامي: عمير بن شييم بن عمرو بن عباد من بني جشم بن بكر، أبو سعيد التغلبي، شاعر غزل فحل، كان من نصارى تغلب في العراق وأسلم، توفي سنة 130 هـ. (الأعلام 5/88) . قطري بن الفجاءة: قطري «أبو نعامة» ابن الفجاءة «واسمه جعونة» ابن مازن بن يزيد الكناني المازني التميمي، من رؤساء الخوارج وأبطالهم، من أهل قطر، توفي 78 هـ. (الأعلام 5/200) . القعقاع بن شور: قعقاع بن شور الذهلي، من بني بكر بن وائل، تابعي من الأجواد، كان في عصر معاوية بن أبي سفيان. (الأعلام 5/201) .

(الكاف)

القعقاع بن معبد بن زرارة: القعقاع بن معبد بن زرارة الدارمي التميمي، من سادات العرب، يقال له «تيار الفرات» لسخائه، أدرك الإسلام، توفي نحو 8 هـ. (الأعلام 5/202) . قيس بن الخطيم: قيس بن الخطيم بن عدي الأوسي، أبو يزيد، شاعر الأوس، وأحد صناديدها، توفي نحو سنة 2 ق. هـ. (الأعلام 5/205) . قيس بن زهير بن جذيمة: قيس بن زهير بن جذيمة بن رواحة العبسي، أمير عبس وداهيتها، كان يلقب بقيس الرأي لجودة رأيه، يكنى أبا هند، توفي سنة 10 هـ. (الأعلام 5/206) . قيس بن سعد: قيس بن سعد بن عبادة بن دليم الأنصاري الخزرجي المدني، صحابي، من دهاة العرب، وذوي الرأي والمكيدة في الحرب، توفي سنة 60 هـ. (الأعلام 5/206) . قيس بن عاصم: قيس بن عاصم بن سنان المنقري السعدي التميمي، أبو علي، قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: هذا سيد أهل الوبر، وهو من عقلاء العرب الموصوفين بالحلم، توفي نحو سنة 20 هـ. (الأعلام 5/206) . (الكاف) كبشة: كبشة بنت معديكرب الزبيدي، شاعرة صحابية، أدركت الإسلام ووفدت على النبي صلى الله عليه وسلم مع ابنها، وهي عمة الأشعث بن قيس، توفيت نحو 20 هـ. (الأعلام 5/218) . أبو كبير الهذلي: عامر بن الحليس الهذلي، من بني سهل بن هذيل، شاعر فحل من شعراء الحماسة، قيل أدرك الإسلام وأسلم. (الأعلام 3/250) . كثير بن عبد الرحمن: كثير بن عبد الرحمن بن عبد الأسود بن عامر الخزاعي، أبو صخر، شاعر متيم مشهور، كان مفرط القصر، دميما، في نفسه شمم وترفع، يقال له كثير عزة توفي سنة 105 هـ. (الأعلام 5/219) . كرب بن صفوان العطاردي: كرب بن صفوان بن شجنة بن عطارد، من بني سعد بن زيد مناة من تميم، فصيح جاهلي. (الأعلام 5/221) . كرز بن علقمة: كرز بن علقمة بن هلال الخزاعي الكلبي، صحابي، من المعمرين، أسلم يوم فتح مكة، توفي نحو سنة 45 هـ. (الأعلام 5/221) . الكسائي: علي بن حمزة بن عبد الله الأسدي، بالولاء، أبو الحسن الكسائي، إمام في اللغة والنحو والقراءة، وهو مؤدب الرشيد العباسي، توفي 189 هـ. (الأعلام 4/283) . كعب الأحبار: كعب بن ماتع بن ذي هجن الحميري، أبو إسحاق، تابعي، كان في الجاهلية من كبار علماء اليهود، أسلم في زمن أبي بكر، توفي سنة 32 هـ. (الأعلام 5/228) . كعب بن جعيل: كعب بن جعيل بن قمير بن عجرة التغلبي، شاعر تغلب في عصره، عرف في الجاهلية والإسلام، توفي نحو سنة 55 هـ. (الأعلام 5/225، 226) . كعب بن زهير: كعب بن زهير بن أبي سلمى المازني، أبو المضرب، شاعر عالي الطبقة، كان

(اللام)

ممن اشتهر في الجاهلية، لما ظهر الإسلام هجا النبي صلى الله عليه وسلم، فأهدر دمه، فجاءه كعب مستأمنا وقد أسلم، وأنشده لاميته المشهورة التي مطلعها «بانت سعاد» ، توفي 26 هـ. (الأعلام 5/226) كعب بن سعد الغنوي: كعب بن سعد بن عمرو الغنوي، شاعر جاهلي من بني غني، حلو الديباجة، أشهر شعره «بائيته» في رثاء أخيه الذي قتل في حرب ذي قار، توفي نحو سنة 10 ق. هـ. (الأعلام 5/227) . كعب بن عجرة: كعب بن عجرة بن أمية بن عدي البلوي، يكنى أبا محمد، صحابي، حليف الأنصار، شهد المشاهد كلها. توفي سنة 51 هـ. (الأعلام 5/227) . كعب بن مامة: كعب بن مامة بن عمرو بن ثعلبة الإيادي، أبو دؤاد، جاهلي، كريم، يضرب به المثل في حسن الجوار: «جار كجار أبي دؤاد» . (الأعلام 5/229) . كلثوم بن عمرو العتابي: كلثوم بن عمرو بن أيوب التغلبي، أبو عمرو، من بني عتاب بن سعد، كاتب وشاعر مجيد، يسلك طريقة النابغة، توفي سنة 32 هـ. (الأعلام 5/231) . كليب بن ربيعة: كليب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، جد جاهلي، يعرف بنوه ببني «مجد» نسبة إلى أمه «مجد بن تيم» . (الأعلام 5/232) . الكميت بن ثعلبة: الكميت بن نوفل بن نضلة الفقعسي الأسدي، شاعر مخضرم، عاش في الجاهلية وأسلم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وعرف بالكميت الأكبر. (الأعلام 5/233) . الكميت: الكميت بن زيد بن خنيس الأسدي، أبو المستهل، شاعر الهاشميين، اشتهر في العصر الأموي، كان عالما بآداب العرب ولغاتها، توفي سنة 126 هـ. (الأعلام 5/233) . ابن كناسة: محمد بن عبد الله «الملقب بكناسة» ابن عبد الأعلى المازني الأسدي، من أسد خزيمة، أبو يحيى، من شعراء الدولة العباسية. توفي سنة 207 هـ. (الأعلام 6/221) . (اللام) لبيد بن ربيعة: لبيد بن ربيعة بن مالك، أبو عقيل العامري، من الشعراء الفرسان الأشراف في الجاهلية، أدرك الإسلام، ويعد من الصحابة، وترك الشعر فلم يقل في الإسلام إلا بيتا واحدا، توفي سنة 41 هـ. (الأعلام 5/240) . ابن لسان الحمرة: عبيد الله بن الحصين، أو ورقاء بن الأشعر، من بني تيم الله بن ثعلبة، وكان من علماء زمانه، وكان أنسب العرب وأعظمهم بصرا، (الأغاني 14/138) . اللعين المنقري: منازل بن زمعة التميمي المنقري، أبو أكيدر، شاعر هجاء، سمعه عمر بن الخطاب رضي الله عنه ينشد شعرا والناس يصلون فقال: من هذا اللعين؟ فعلق به لقبا، توفي نحو سنة 75 هـ. (الأعلام 7/289) . لقمان بن عاد: لقمان بن عاد بن ملطاط، من بني وائل من حمير، معمر جاهلي قديم، ملك من ملوك حمير، يلقب بالرائش الأكبر. (الأعلام 5/243) .

(الميم)

لقيط بن زرارة: لقيط بن زرارة بن عدس الدارمي، من تميم، فارس، شاعر جاهلي، يقال له أبو نهشل، كنيته أبو دختنوس، وهي ابنته، ولا عقب له غيرها، كان دينه المجوسية، توفي سنة 53 ق. هـ. (الأعلام 5/244) . ابن أبي ليلى: محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى بن بلال الأنصاري الكوفي، قاض، فقيه، من أصحاب الرأي، توفي سنة 148 هـ. (الأعلام 6/189) . ليلى الأخيلية: ليلى بنت عبد الله بن الرحال بن شداد بن كعب الأخيلية، من بني عامر بن صعصعة، شاعرة فصيحة ذكية جميلة، اشتهرت بأخبارها مع توبة بن الحمير، توفيت نحو سنة 80 هـ. (الأعلام 5/249) . (الميم) ابن الماجشون: عبد الملك بن عبد العزيز بن عبد الله التيمي، بالولاء، أبو مروان، فقيه مالكي فصيح، دارت عليه الفتيا في زمانه وعلى أبيه من قبله، توفي 212 هـ. (الأعلام 4/160) . مارية القبطية: مارية بنت شمعون القبطية، أم إبراهيم، من سراري النبي صلى الله عليه وسلم، مصرية الأصل أهداها المقوقس القبطي صاحب مصر إلى النبي صلى الله عليه وسلم هي وأخت لها تدعى سيرين، فولدت له إبراهيم، فقال: أعتقها ولدها، توفيت سنة 16 هـ. (الأعلام 5/255) . المازني: بكر بن محمد بن حبيب بن بقية، أبو عثمان المازني، من مازن شيبان، أحد الأئمة في النحو، توفي سنة 249 هـ. (الأعلام 2/69) . ابن ماسويه: يوحنا بن ماسويه، أبو زكريا، من علماء الأطباء، سرياني الأصل، عربي المنشأ، توفي سنة 243 هـ. (الأعلام 8/211) . مالك بن أنس رضي الله عنه: مالك بن أنس بن مالك الأصبحي الحميري، أبو عبد الله، إمام دار الهجرة أحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة، وإليه تنسب المالكية، توفي 179 هـ. (الأعلام 5/257) . مالك بن حريم الهمداني: مالك بن حريم بن مالك، من بني دالان، الهمداني، شاعر همدان في عصره، كان يقال له مفزع الخيل. (الأعلام 5/260) . مالك بن فهم بن غنم: مالك بن فهم بن غنم بن دوس بن عدثان، من الأزد، أول من ملك على العرب بأرض الحيرة، أصله من قحطان، توفي سنة 480 ق. هـ. (الأعلام 5/265) . مالك بن مسمع: مالك بن مسمع بن شيبان البكري الربعي، سيد ربيعة في زمانه، ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وكان أعور، أصيبت عينه في معركة بالجفرة، توفي 73 هـ. (الأعلام 5/265) . المأمون: عبد الله بن هارون الرشيد بن محمد المهدي بن أبي جعفر المنصور، أبو العباس، سابع الخلفاء العباسيين، أحد أعاظم الملوك، توفي سنة 218 هـ. (الأعلام 4/142) . المتلمس: جرير بن عبد العزى، أو عبد المسيح بن ضبيعة، من ربيعة، شاعر جاهلي، وهو خال طرفة بن العبد، توفي سنة 50 ق. هـ. (الأعلام 2/119) .

متمم بن نويرة: متمم بن نويرة بن جمرة بن شداد اليربوعي التميمي، أبو نهشل، شاعر فحل صحابي، من أشراف قومه، كان قصيرا، أعور، توفي سنة 30 هـ. (الأعلام 5/274) . مثجور بن غيلان الضبي: مثجور بن غيلان بن خرشة بن عمرو بن ضرار الضبي، خطيب، من العلماء بالأنساب، من أشراف أهل البصرة، كان مقدما في المنطق، قتله الحجاج نحو 85 هـ. (الأعلام 5/275) . المثقب العبدي: العائذ بن محصن بن ثعلبة، من بني عبد القيس، من ربيعة، شاعر جاهلي من أهل البحرين، قيل اسمه محصن بن ثعلبة، توفي سنة 35 ق. هـ. (الأعلام 3/239) . مجاعة الحنفي: مجاعة بن مرارة بن سلمى الحنفي، من بني حنيفة، صحابي، كان بليغا، حكيما، تزوج خالد بن الوليد ابنته، توفي سنة 45 هـ. (الأعلام 5/277) . مجالد بن سعيد: مجالد بن سعيد بن عمير الهمداني، راوية للحديث والأخبار، من أهل الكوفة، اختلفوا في توثيقه، قال البخاري: صدوق، توفي 144 هـ. (الأعلام 5/277) . مجنون بني عامر: قيس بن الملوح بن مزاحم العامري، شاعر غزل، من المتيمين، لم يكن مجنونا، وإنما لقب بذلك لهيامه في حب ليلى بنت سعد، توفي 68 هـ. (الأعلام 5/208) . أبو محجن الثقفي: عمرو بن حبيب بن عمرو بن عمير بن عوف، أحد الأبطال الشعراء الكرماء في الجاهلية والإسلام، أسلم سنة 9 هـ، توفي سنة 30 هـ. (الأعلام 5/76) . محمد بن حازم الباهلي: محمد بن حازم بن عمرو الباهلي، أبو جعفر، شاعر كثير الهجاء، لم يمدح من الخلفاء غير المأمون العباسي، توفي نحو سنة 215 هـ. (الأعلام 6/75) . محمد بن الحسن: محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني، أبو عبد الله، إمام بالفقه والأصول، وهو الذي نشر علم أبي حنيفة، أصله من حرستا في دمشق، توفي 189 هـ. (الأعلام 6/80) . محمد بن سعد بن أبي وقاص: محمد بن سعد بن أبي وقاص الزهري القرشي، أبو القاسم، قائد من أشراف الدولة في العصر المرواني، توفي سنة 83 هـ. (الأعلام 6/136) . محمد بن سلام الجمحي: محمد بن سلام بن عبيد الله الجمحي، أبو عبد الله، إمام في الأدب، له عدة كتب منها غريب القرآن، توفي سنة 232 هـ. (الأعلام 6/146) . محمد بن سليمان العباسي الهاشمي: محمد بن سليمان بن علي العباسي، أبو عبد الله، أمير البصرة، كان زوج أخت الرشيد «العباسية» ، توفي سنة 173 هـ. (الأعلام 6/148) . محمد بن عبد الملك: محمد بن عبد الملك بن أبان بن حمزة، أبو جعفر المعروف بابن الزيات عالم باللغة والأدب، كان من العقلاء الدهاة، توفي سنة 233 هـ. (الأعلام 6/248) . محمد بن المنكدر: محمد بن المنكدر بن عبد الله بن الهدير بن عبد العزى القرشي التميمي، من بني تميم بن مرة، زاهد، من رجال الحديث، توفي سنة 130 هـ. (الأعلام 7/112) . المخبل: ربيع بن مالك بن ربيعة بن عوف السعدي، أبو يزيد، من تميم، شاعر فحل،

من مخضرمي الجاهلية والإسلام. (الأعلام 3/15) . المختار بن أبي عبيد: المختار بن أبي عبيد بن مسعود الثقفي، أبو إسحاق، من زعماء الثائرين على بني أمية، أحد الشجعان الأفذاذ، توفي سنة 67 هـ. (الأعلام 7/192) . المرار الفقعسي: المرار بن سعيد بن حبيب الفقعسي، أبو حسان، شاعر إسلامي، من شعراء الدولة الأموية. (الأعلام 7/199) . مرة بن محكان السعدي: مرة بن محكان الربيعي السعدي التميمي، شاعر مقل، يكنى أبا الأضياف، كان سيد بني ربيع، توفي سنة 70 هـ. (الأعلام 7/206) . مروان بن الحكم: مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، هو أول من ملك من بني الحكم بن أبي العاص، وإليه ينسب بنو مروان دولتهم المروانية، توفي سنة 65 هـ. (الأعلام 7/207) . مروان بن محمد: الملقب بأبي الشمقمق، شاعر هجاء، من أهل البصرة، خراساني الأصل، وله هجاء في يحيى البرمكي، كان عظيم الأنف، أهرت الشدقين، منكر المنظر، توفي سنة 200 هـ. (الأعلام 7/209) . مروان بن محمد بن مروان: ابن الحكم الأموي، أبو عبد الملك، القائم بحق الله، يعرف بالجعدي، وبالحمار، آخر ملوك بني أمية في الشام، توفي سنة 132 هـ. (الأعلام 7/208) . مزاحم العقيلي: مزاحم بن الحارث أو مزاحم بن عمرو بن مرة بن الحارث، شاعر غزل بدوي، كان في زمن جرير والفرزدق، توفي نحو سنة 120 هـ. (الأعلام 7/211) . مزرد بن ضرار: مزرد بن ضرار بن حرملة بن سنان، المازني الذبياني الغطفاني، فارس وشاعر جاهلي، أدرك الإسلام في كبره، وأسلم، هو الأخ الأكبر للشماخ، توفي نحو سنة 10 هـ. (الأعلام 7/211) . مساور بن هند: مساور بن هند بن قيس بن زهير العبسي، شاعر معمر، ولد في حرب داحس والغبراء قبل الإسلام بنحو خمسين عاما، وعاش إلى أيام الحجاج، وكان أعور، توفي سنة 75 هـ. (الأعلام 7/214) . مسعر بن كدام: مسعر بن كدام بن ظهير الهلالي العامري الرواسي، أبو سلمة، من ثقات أهل الحديث، كان يقال له المصحف لعظم الثقة بما يرويه. توفي 152 هـ. (الأعلام 7/216) . مسكين الدارمي: ربيعة بن عامر بن أنيف بن شريح الدارمي التميمي، شاعر عراقي شجاع لقب مسكين لأبيات قال فيها: «أنا مسكين لمن أنكرني» توفي 89 هـ. (الأعلام 3/16) . مسلمة بن عبد الملك: مسلمة بن عبد الملك بن مروان بن الحكم، من أبطال عصره، من بني أمية، يلقب بالجرادة الصفراء، توفي سنة 120 هـ. (الأعلام 7/224) . المسيب بن علس: المسيب بن علس بن مالك بن عمرو بن قمامة، من ربيعة بن نزار، شاعر

جاهلي، وهو خال الأغشى، وقيل اسمه زهير وكنيته أبو فضة. (الأعلام 7/225) . مسيلمة الكذاب: مسيلمة بن ثمامة بن كبير بن حبيب الحنفي الوائلي، أبو ثمامة، متنبئ من المعمرين، يضرب به المثل: يقال «أكذب من مسيلمة» وهو الذي ادعى النبوة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، توفي سنة 12 هـ. (الأعلام 7/226) . مصعب بن الزبير: مصعب بن الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي القرشي، أبو عبد الله، أحد الولاة الأبطال في صدر الإسلام، توفي سنة 71 هـ. (الأعلام 7/247، 248) . مصقلة: مصقلة بن هبيرة بن شبل الثعلبي الشيباني، من بكر بن وائل، قائد من الولاة، توفي نحو سنة 50 هـ. (الأعلام 7/249) . مطرف بن عبد الله: مطرف بن عبد الله بن الشخير الحرشي العامري، أبو عبد الله، زاهد من كبار التابعين، ثقة في ما رواه من الحديث، توفي سنة 87 هـ. (الأعلام 7/250) . مطيع بن إياس: أبو سلمى، شاعر من مخضرمي الدولتين، كان ظريفا ماجنا، متهما بالزندقة توفي سنة 166 هـ. (الأعلام 7/255) . معاذ بن جبل: معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس الأنصاري الخزرجي، أبو عبد الرحمن، صحابي جليل، كان أعلم الأمة بالحلال والحرام، توفي سنة 18 هـ. (الأعلام 7/258) . معاذ بن مسلم: معاذ بن مسلم الهراء، أبو مسلم، أديب معمر، له شعر، عرف بالهراء لبيعه الثياب الهروية الواردة من مدينة هراة، توفي سنة 187 هـ. (الأعلام 7/258) . معاذة العدوية: معاذة بنت عبد الله العدوية، أم الصهباء، فاضلة، من العالمات بالحديث، قال ابن معين هي ثقة حجة، توفي سنة 83 هـ. (الأعلام 7/259) . معاوية بن أبي سفيان بن حرب: معاوية بن صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي، مؤسس الدولة الأموية في الشام، أحد دهاة العرب المتميزين الكبار توفي سنة 60 هـ. (الأعلام 7/261) . معاوية بن صالح: معاوية بن صالح بن حدير الحضرمي الحمصي، قاض، من أعلام رجال الحديث، أصله من حضرموت، نشأ بحمص، توفي سنة 158 هـ. (الأعلام 7/261) . معقر بن حمار البارقي: معقر بن أوس بن حمار بن الحارث البارقي الأزدي، شاعر يماني، من فرسان قومه في الجاهلية، توفي نحو سنة 45 ق. هـ. (الأعلام 7/270) . معن بن أوس: معن بن أوس بن نصر بن زياد المزني، شاعر فحل، من مخضرمي الجاهلية والإسلام، كف بصره في أواخر أيامه، توفي سنة 64 هـ. (الأعلام 7/273) . معن بن زائدة: معن بن زائدة بن عبد الله بن مطر الشيباني، أبو الوليد، من أشهر أجواد العرب، أدرك العصرين الأموي والعباسي، توفي سنة 151 هـ. (الأعلام 7/273) . مغلس بن لقيط: مغلس بن لقيط بن خالد بن نضلة الأسدي، شاعر جاهلي، كان كريما

حليما، شريفا، وقيل إنه سعدي لا أسدي. (الأعلام 7/275) . المغيرة بن شعبة: المغيرة بن شعبة بن أبي عامر بن مسعود الثقفي، أبو عبد الله، أحد دهاة العرب وقادتهم، صحابي، يقال له مغيرة الرأي، توفي سنة 50 هـ. (الأعلام 7/277) . المغيرة بن عبد الله المخزومي: المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم، أبو هاشم، من سادات قريش، من نسله مشاهير من الصحابة وغيرهم، توفي نحو 50 ق. هـ. (الأعلام 7/277) . المفضل الضبي: المفضل بن محمد بن يعلى بن عامر الضبي، أبو العباس، راوية، علامة بالشعر والأدب وأيام العرب، توفي نحو سنة 168 هـ. (الأعلام 7/280) . مقاتل بن سليمان: مقاتل بن سليمان بن بشير الأزدي البلخي، أبو الحسن، من أعلام المفسرين، أصله من بلخ، كان متروك الحديث، توفي سنة 150 هـ. (الأعلام 7/281) . المنذر بن الجارود: اسمه بشر بن عمرو بن خنيس العبدي، أمير، من السادة الأجواد، ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وشهد الجمل مع علي رضي الله عنه، توفي سنة 61 هـ. (الأعلام 7/292) . المنذر ابن ماء السماء: المنذر بن امرؤ القيس الثالث ابن النعمان بن الأسود اللخمي، وماء السماء أمه، ثالث المناذرة ملوك الحيرة، توفي نحو سنة 60 ق. هـ. (الأعلام 7/292) . منصور النمري: منصور بن الزبرقان بن سلمة بن شريك النمري، أبو القاسم من بني النمر ابن قاسط، شاعر، كان تلميذ كلثوم بن عمرو العتابي، توفي نحو 190 هـ. (الأعلام 7/299) . منظور بن زبان: منظور بن زبان بن سيار الفزاري، شاعر مخضرم، من الصحابة، كان سيد قومه، تزوج امراة أبيه مليكة بنت خارجة المزنية، فقيل إن أبا بكر رضي الله عنه لما ولي الخلافة فرق بينهما، وقيل كان ذلك في خلافة عمر رضي الله عنه وأراد عمر قتله فحلف بأنه ما علم أن الله حرم ذلك، ففرق بينهما، توفي نحو سنة 25 هـ. (الأعلام 7/308) . المهدي: محمد بن عبد الله المنصور بن محمد بن علي العباسي، أبو عبد الله، المهدي بالله، من خلفاء الدولة العباسية في العراق، توفي سنة 169 هـ. (الأعلام 6/221) . المهلب بن أبي صفرة: ظالم بن سراق الأزدي العتكي، أبو سعيد، أمير، بطاش، جواد، قال فيه عبد الله بن الزبير: هذا سيد أهل العراق، توفي سنة 83 هـ. (الأعلام 7/315) . مهلهل بن ربيعة: عدي بن ربيعة بن مرة بن هبيرة، من بني جشم، أبو ليلى، المهلهل، شاعر، من أبطال العرب في الجاهلية، لقب مهلهل لأنه أول من هلهل نسج الشعر، أي رققه، وهو خال الشاعر امرؤ القيس، توفي نحو سنة 100 ق. هـ. (الأعلام 4/220) . موسى بن جابر الحنفي: موسى بن جابر بن أرقم بن مسلمة بن عبيد الحنفي، شاعر مكثر من مخضرمي الجاهلية والإسلام، كان نصرانيا يقال له أزيرق اليمامة، ويعرف بابن الفريعة أو بابن ليلى، وهي أمه. (الأعلام 7/320) . ابن ميادة: الرماح بن أبرد بن ثوبان الذبياني الغطفاني المضري، أبو شرحبيل، شاعر رقيق

(النون)

هجاء، اشتهر بنسبته إلى أمه «ميادة» ، من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية، توفي سنة 149 هـ. (الأعلام 3/31) . الميلاء: عزة الميلاء، أقدم من غنى غناء موقعا في الحجاز، كانت تضرب بالعيدان والمعازف كانت وافرة السمن، لقبت بالميلاء لتمايلها في مشيتها، توفيت نحو 115 هـ. (الأعلام 4/230) . (النون) النابغة الجعدي: قيس بن عبد الله بن عدس بن ربيعة الجعدي العامري، أبو ليلى، شاعر مفلق، صحابي، سمي النابغة لأنه أقام ثلاثين سنة لا يقول الشعر ثم نبغ فقاله، توفي نحو سنة 50 هـ. (الأعلام 5/207) . النابغة الذبياني: زياد بن معاوية بن ضباب الذبياني الغطفاني المضري، أبو أمامة، شاعر جاهلي من الطبقة الأولى، من أهل الحجاز، كانت تقصده الشعراء فتعرض عليه أشعارها توفي نحو سنة 18 ق. هـ. (الأعلام 3/54) . نافع بن الأزرق: نافع بن الأزرق بن قيس الحنفي البكري الوائلي الحروري، أبو راشد، رأس الأزارقة وإليه نسبتهم، كان أمير قومه وفقيههم، توفي سنة 65 هـ. (الأعلام 7/351) . ناهض بن ثومة: ناهض بن ثومة بن نصيح الكلابي العامري، من بني عامر بن صعصعة، شاعر بدوي، فارس فصيح، من شعراء العصر العباسي، توفي نحو 220 هـ. (الأعلام 8/6) . نجدة الحروري: نجدة بن عامر الحروري الحنفي، من بني حنيفة من بكر بن وائل، رأس الفرقة النجدية، من كبار أصحاب الثورات في صدر الإسلام، توفي 69 هـ. (الأعلام 8/10) . أبو النجم: الفضل بن قدامة العجلي، من بني بكر بن وائل، من أكابر الرجاز، نبغ في العصر الأموي، وهو أبلغ من العجاج في النعت، توفي سنة 130 هـ. (الأعلام 5/151) . أبو نخيلة: وهو اسمه وكنيته أبو الجنيد بن حزن بن زائدة بن لقيط بن هدم، من بني حمان شاعر راجز، كان عاقا لأبيه، توفي سنة 145 هـ. (الأعلام 8/15) . نصر بن حجاج السلمي: نصر بن حجاج بن علاط السلمي، ثم البهزي، شاعر من أهل المدينة، كان جميلا، نفاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى البصرة بسبب جماله. (الأعلام 8/22) . نصر بن شبث العقيلي: ثائر للعصبية العربية، من بني عقيل بن كعب، في أيامه مات هارون الرشيد، وحدثت الفتنة بين الأمين والمأمون، وقتل الأمين فامتنع نصر عن البيعة للمأمون، توفي سنة 210 هـ. (الأعلام 8/23) . النضر بن الحارث: النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد مناف، من بني عبد الدار من قريش، كان من شجعان قريش ووجوهها، ومن شياطينها، صاحب لواء المشركين ببدر وهو ابن خالة النبي صلى الله عليه وسلم، توفي سنة 2 هـ. (الأعلام 8/33) . نفيل بن حبيب الخثعمي: شاعر جاهلي يلقب بذي اليدين، كان من أدلة أبرهة الحبشي

(الهاء)

في زحفه على مكة، تنسب له أبيات في يوم الفيل. (الأعلام 8/45) . النمر بن تولب: النمر بن تولب بن زهير بن أقيش العكلي، شاعر مخضرم، لم يمدح ولم يهج أحدا، كان من ذوي النعمة والوجاهة، جوادا وهابا لماله، توفي نحو 14 هـ. (الأعلام 8/48) . نهشل بن حري: نهشل بن حري بن ضمرة الدارمي، شاعر مخضرم، كان من خير بيوت بني دارم، أسلم ولم ير النبي صلى الله عليه وسلم كان مع علي في وقعة صفين، توفي نحو 45 هـ. (الأعلام 8/49) . (الهاء) هارون الرشيد: هارون الرشيد بن محمد المهدي بن المنصور العباسي، أبو جعفر، خامس خلفاء الدولة العباسية في العراق وأشهرهم، توفي سنة 193 هـ. (الأعلام 8/62) . هاشم بن عبد مناف: هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة، من قريش، ومن بنيه الرسول صلى الله عليه وسلم اسمه عمرو وغلب عليه لقب هاشم لأنه أول من هشم الثريد لقومه بمكة، وهو أول من سن الرحلتين لقريش، توفي نحو سنة 127 ق. هـ. (الأعلام 8/66) . هدبة: هدبة بن خشرم بن كرز، من بني عامر بن ثعلبة، شاعر فصيح، كنيته أبو عمير، كان راوية للحطيئة، توفي نحو سنة 50 هـ. (الأعلام 8/78) . هرثمة بن أعين: أمير، من القادة الشجعان، له عناية بالعمران، بنى في أرمينية، وأفريقية وغيرهما، توفي سنة 200 هـ. (الأعلام 8/81) . هرم: هرم بن هني بن بلي، من قضاعة، جد جاهلي، من نسله النعمان بن عصر البلوي الهرمي صحابي من أهل بدر. (الأعلام 8/83) . هشام بن الحكم: هشام بن الحكم الشيباني، بالولاء، أبو محمد، متكلم مناظر، كان شيخ الإمامية في وقته، توفي نحو سنة 190 هـ. (الأعلام 8/85) . أبو هريرة: عبد الرحمن بن صخر الدوسي، كان أكثر الصحابة حفظا للحديث ورواية له، أسلم سنة 7 هـ، روى 5374 حديثا، توفي سنة 59 هـ. (الأعلام 3/308) . هشام بن حسان: هشام بن حسان الأزدي، أبو عبد الله القردوسي، محدث من أهل البصرة توفي سنة 147 هـ. (الأعلام 8/85) . هشام بن عبد الملك: هشام بن عبد الملك بن مروان، من ملوك الدولة الأموية، ولد في دمشق، توفي سنة 125 هـ. (الأعلام 8/86) . هشام بن محمد بن السائب الكلبي: هشام بن محمد، أبو النضر، ابن السائب بن بشر الكلبي مؤرخ، عالم بأنساب وأخبار وأيام العرب، توفي سنة 204 هـ. (الأعلام 8/87) . هشام بن المغيرة: هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر المخزومي، من سادات العرب في الجاهلية، كانت قريش وكنانة ومن والاهم يؤرخون بثلاثة أشياء: بناء الكعبة وعام الفيل ثم بموت هشام. (الأعلام 8/88) .

(الواو)

هلال بن خثعم: هلال بن خثعم المازني، شاعر مجيد، لعله من أبناء المائة الأولى للهجرة، روى له الشريف المرتضى أبياتا استشهد علماء اللغة ببعضها. (الأعلام 8/90) . همام بن مرة: همام بن مرة بن ذهل بن شيبان، جد جاهلي، من سادات بني شيبان، وهو أخو جساس قاتل كليب. (الأعلام 8/94) . هميان بن قحافة: هميان بن قحافة السعدي، من بني عوافة بن سعد، من تميم، شاعر راجز، كان في العصر الأموي. (الأعلام 8/95) . هند بنت الخس: هند بنت الخس بن حابس بن قريط، الإيادية، فصيحة جاهلية، قال عنها الجاحظ: «من أهل الدهاء والنكراء» . (الأعلام 8/97) . هود عليه السلام: ابن عبد الله بن رباح بن الخلود بن عاد، نبي عربي من قوم عاد الأولى «وهي قبل ثمود» وفي نسبه أقوال. (الأعلام 8/101) . هوذة بن علي: هوذة بن علي بن ثمامة بن عمرو الحنفي، من بني حنيفة من بكر بن وائل صاحب اليمامة، شاعر بني حنيفة وخطيبها قبل الإسلام، توفي 8 هـ. (الأعلام 8/102) . الهبيان الفهمي: شاعر جاهلي، قليل الأخبار والأشعار، أورد له الجاحظ أبياتا في ألوان النار. (الأعلام 8/103) . الهيثم بن عدي: الهيثم بن عدي بن عبد الرحمن الثعلي الطائي البحتري الكوفي، أبو عبد الرحمن، مؤرخ وعالم بالأدب والنسب، توفي سنة 207 هـ. (الأعلام 8/104) . (الواو) واصل بن عطاء: واصل بن عطاء الغزال، أبو حذيفة، من موالي بني ضبة أو بني مخزوم، رأس المعتزلة، سمي أصحابه بالمعتزلة لاعتزاله درس الحسن البصري، توفي 131 هـ. (الأعلام 8/108) والبة بن الحباب: والبة بن الحباب الأسدي، الكوفي، أبو أسامة، شاعر غزل، ظريف، ماجن، وصافا للشراب، توفي نحو سنة 170 هـ. (الأعلام 8/109) . أبو وجزة: يزيد بن عبيد السلمي السعدي، شاعر محدث مقرئ، أصله من بني سليم، وهو من التابعين، توفي سنة 130 هـ. (الأعلام 8/185) . وزر بن جابر: وزر بن جابر بن سدوس النبهاني الطائي، الملقب «بالأسد الرهيص» ، قاتل عنترة العبسي، أدرك الإسلام ولم يسلم وقال: لا يملك رقبتي عربي، توفي نحو سنة 9 هـ (الأعلام 8/115) . وعلة الجرمي: وعلة بن الحارث الجرمي، شاعر جاهلي، من الفرسان، يماني الأصل، وكان من فرسان قضاعة وأنجادها وأعلامها وشعرائها. (الأعلام 8/116) . الوليد بن يزيد: الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان، أبو العباس، من ملوك الدولة المروانية، يعاب بالانهماك باللهو وسماع الغناء، توفي سنة 126 هـ. (الأعلام 8/123) .

(الياء)

(الياء) يحيى بن خالد بن البرمكي: يحيى بن خالد بن برمك، أبو الفضل، الوزير السري الجواد، سيد بني برمك، وأفضلهم، وهو مؤدب الرشيد العباسي، ومعلمه، ومربيه، توفي سنة 190 هـ. (الأعلام 8/144) . يحيى بن زيد: يحيى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أحد الأبطال الأشداء، ثار مع أبيه على بني مروان، توفي سنة 125 هـ. (الأعلام 8/146) . يزيد بن الحكم: يزيد بن الحكم بن أبي العاص بن بشر بن عبد بن دهمان الثقفي، شاعر عالي الطبقة، من أعيان العصر الأموي، توفي نحو سنة 105 هـ. (الأعلام 8/181) . يزيد بن سنان بن أبي حارثة: يزيد بن سنان بن أبي حارثة المري، فارس، من السادات في الجاهلية، كان رئيس بني مرة بن عوف. (الأعلام 8/183) . يزيد بن عمرو بن هبيرة: أبو خالد، من بني فزارة، أمير، قائد من ولاة الدولة الأموية، أصله من الشام، توفي سنة 132 هـ. (الأعلام 8/185) . يزيد بن مزيد: يزيد بن مزيد بن زائدة الشيباني، أبو خالد، أمير، من القادة الشجعان، كان واليا بأرمينية وأذربيجان، توفي سنة 185 هـ. (الأعلام 8/188) . يزيد بن معاوية: يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الأموي، ثاني ملوك الدولة الأموية في الشام توفي سنة 64 هـ. (الأعلام 8/189) . يزيد بن المهلب: يزيد بن المهلب بن أبي صفرة الأزدي، أبو خالد، من القادة الشجعان الأجواد، ولي خراسان بعد وفاة أبيه، توفي سنة 102 هـ. (الأعلام 8/189) . يعقوب بن إسحاق: ابن الصباح الكندي، أبو يوسف، فيلسوف العرب، والإسلام في عصره، أحد أبناء الملوك من كندة، اشتهر بالطب والفلسفة، وهو الملقب بالكندي، توفي نحو سنة 260 هـ. (الأعلام 8/195) . يعقوب بن داود: يعقوب بن داود بن عمر السلمي، أبو عبد الله، كاتب، من أكابر الوزراء، توفي سنة 187 هـ. (الأعلام 8/197) . يعقوب بن الربيع: يعقوب بن الربيع بن يونس، شاعر، ظريف، استنفد شعره في رثاء جارية له اسمها «ملك» ، وهو أخو الفضل بن الربيع، توفي نحو سنة 190 هـ. (الأعلام 8/198) . يونس بن حبيب النحوي: يونس بن حبيب الضبي، أبو عبد الرحمن، يعرف بالنحوي، علامة بالأدب، كان إمام نحاة البصرة في عصره، توفي سنة 182 هـ. (الأعلام 8/261) . يونس بن عبيد:

§1/1