الحواشي على درة الغواص لابن بري وابن ظفر

ابن بَرّي

الحواشي على درة الغواص لابن بري وابن ظفر تحقيق وتعليق عبد الحفيظ فرغلي على القرني

مقدمة المحقق

ابن بري هو أبو محمد عبد الله بن بري بن عبد الجبار بن بري المقدسي المصري. فقيه نحوي ولغوي عربي. هكذا عرفت به دائرة المعارف الإسلامية. أما ابن خلكان فيعرف به هكذا: هو أبو محمد عبد الله بن أبي الوحش بري بن عبد الجبار بن بري المقدسي الأصل المصري، الإمام المشهور في علم النحو واللغة والرواية والدراية. ولد بدمشق في الخامس من رجب سنة تسع وتسعين وأربعمائة وتوفي بلقاهرة ليلة السبت السابع والعشرين من شوال سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة. كان علامة عصره وحافظ وقته، نال شهرة فائقة طبقت الخافقين وكان ثقة في اللغة أخذ عنه صاحب لسان العرب «ابن منظور» وأطلق عليه لقب: أمير النحاة ... ولا غرابة في ذلك فإن شيوخه الذين تلقي عنهم مشهود لهم بالكفاءة والقدرة. ففي النحو تتلمذ على «أ [ي بكر محمد بن عبد الملك الشنتريني]) النحوي «وأبي طالب عبد الجبار بن محمد بن على «المعافري القرطبي» وغيرهما. وفي الحديث تتلمذ على «أبي صادق المديني» و «أبي عبد الله الرازي» وغيرهما. واطلع على كثير من الكتب المفيدة في مختلف العلوم والفنون، وكان ذا همة عالية وموهبة نادرة، مما أتاح له التقدم والتفوق. اطلع على كتاب «الصحاح» للجوهري، وله عليه حواش فائقة أتى فيها بالغرائب، وأستدرك عليه، في مواضع كثيرة. صحبة تلاميذ كثيرون استفادوا بعلمه وانتفعوا بفضله وترك من بعده مؤلفات جليلة تشهد له بالسبق والتقدم.

فمن مؤلفاته الجليلة كتاب: «التنبيه والإيضاح على ما وقع من الوهم في كتاب الصحاح» وهو كما سبق الإشارة تصحيحات وزيادات على «صحاح الجوهري». تقول «دائرة المعارف»: إنه مات قبل أن يتمه والذي أتمه من بعده هو «أبو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن البصري». ومنها «حواشي على المعرب» نقد فيها «معرب الجواليقي» وزاد فيه. ومنها كتاب «غلط الضعفاء من الفقهاء» نقد فيه استعمالات بعض الفقهاء في ألفاظهم. ومنها «الذب عن الحريري» وهي رسالة صغيرة دافع فيها عن الحريري ضد «ابن الخشاب» الذي حمل على الحريري حملة شعواء في مقاماته. وله هذه الحواشي على «درة الغواص» التي نقدمها للقاري الكريم -ويشاركه فيها «ابن ظفر» الذي ستأتي ترجمته بعد- ويبدو أن كلا منهما علق على «الدرة» تعليقاً مستقلاً فجاء من بعدها من جمع شمل التعليقين في مؤلف واحد. كان «ابن بري» حجة في العلم وثقة في اللغة بإجماع الرواة، وكان يتمتع بملكة نقدية يشهد لها هذه المؤلفات التي أشرت إليها. ومما يدل على براعته في العلم ما يحدثون به عنه بأنه كان عارفاً بكتاب سيبويه وعلله. وقد أسندت إليه -لذلك- عدة مناصب هامة، وتصدر في ديوان الإنشاء. فكان لا يصدر كتاب عن الدولة إلي ملك من ملوك النواحي إلا بعد أن يتفحصه ويصلح خلله. وقد ترك «ابن بري» إلي جانب مؤلفاته التي أِرت إلي بعضها تلاميذ أجلاء ينبئون عن فضل أستاذهم وعلمه. فمن هؤلاء العلامة «الجزولي» وهو «أبو موسى عيسى بن عبد العزيز الجزولي» الإمام المشهور في النحو، وصاحب المقدمة ذائعة الصيت التي سماها بالقانون، وأتى فيها بالعجائب، وهي على إيجازها تشتمل على فنون النحو المختلفة وعلى مسائل كثيرة لم يسبق إلي مثلها وهي تدل على فضل منشئتها كما

تدل على فضل أستاذه الذي خرجه. وقد أشاد «الجزولي» في مقدمته بفضل أستاذه، كما يذكر الرواة أن الجزولي قرأ على أستاذه كتاب «الجمل» المشهور في اللغة وأجازه فيه. وقد سبق الإشارة إلي أن من بين تلاميذه «ابن منظور» صاحب الكتاب الجامع في اللغة «لسان العرب». إن التلميذ النابه ترجمة صادقة لأستاذه، وقد كان هذان العلمان الجليلان كذلك. كان «الجزولي» إذ سئل عن مسألة من تعليقاته على كتاب «الجمل» الذي قرأه على أستاذه «ابن بري»: هل هي من تصنيفك؟ يقو: لا ... وهذا يدل على شدة ورعه وتواضعه وبره بأستاذه ومعرفة فضله عليه. وهكذا يكون الأدب مع الكبار ولا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذووه.

ابن ظفر

ابن ظفر هو حجة الدين أبو عبد الله محمد بن أبي محمد بن محمد بن ظفر الصقلي. ولد في «صقلية» حوالي سنة خمسمائة، ونشأ بمكة، ثم عاد إلي «صقلية» وأقام بها ثم رحل إلي حماة وتوفي بها سنة خمس وستين وخمسمائة. وقد رحل «ابن ظفر» إلي كثير من البلاد الإسلامية وطوف فيها وجال في أنحاء الأندلس والمغرب قبل أن يستقر به المقام في حماة. وقد قاسي «ابن ظفر» في حياته كثيراً، وابتلى بشظف العيش ومعاناة الحياة وظل يكابد الفقر إلي أن مات، وقالوا: إنه لشدة الحاجة زوج ابنته من غير كفء لها فلم يحسن معاملتها. وهذا بلاء يبتلى الله به النابهين من عباده ليرفع درجاتهم ويقوي عزائمهم. وقد عوضه الله عن ذلك خيراً، بنباهة شأنه في العلم والأدب حتى كانت له تآليف قيمة منها «سلوان المطاع في عدوان الأتباع» وقد صنفه لبعض القواد بصقلية اسمه «أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم» سنة أربع وخمسين وخمسمائة وهو كتاب يتضمن مجموعة حكايات على نمط «كليلة ودمنة» وقد نال هذا الكتاب حظاً موفوراً من عناية الناشرين، فطبع بالقاهرة سنة 1278 هـ وفي تونس سنة 1279 هـ وفي بيروت سنة 1300 هـ، وكتاب يطبع هذه الطبعات من جهات مختلفة وفي فترة وجيزة هو كتاب محظوظ، ومضى هذا الكتاب في خط الصاعد فترجم إلي التركية بقلم «قرة خليل زاده» وطبع في الآستانة سنة 1285 هـ وترجم أ] ضاً إلي الإ] طالية مرتين سنة 1851 م وسنة 1822 م ونقل عن الإيطالية إلي الإنجليزية وطبع علم 1852 م. وكأن هذه الشهرة لذلك الكتاب تعويض لصاحبه عما أصابه من حياته من ضيق الحياة وشظف العيش، ولكنه تعويض متأخر ولم يفده سوى الشهرة أما نتاج

ذلك فقد أضيف إلي أرباح المنتفعين. ولابن ظفر غير هذا الكتاب، كتب أخرى ذكرها «ابن خلكان» في كتابه «وفيات الأعيان» منها كتاب «أنباء نحباء الأبناء» وقد طبع هذا الكتاب في القاهرة سنة 1222 هـ ولكنه لم يبلغ شهرة سابقه. وله كتاب في السيرة العطرة اسمه: «خير البشر بخير البشر» وقد وفقنا الله إلي تحقيقه وطبعه بمؤسسة الأهرام بالقاهرة التي قامت بنشره وتوزيعه سنة 1990 م وله كتاب جليل في التفسير كبير الحجم اسمه «الينبوع»، وله الحاشية على «درة الغواص» مع ابن بري، وهي هذه التي بين يدي القاريء الكريم. وله أيضاً شرح المقامات للحريري، وقد شرحها مرتين في شرحين أحدهما صغير والآخر كبير. وهذه كلها أعمال جليلة تنبيء عن علو شأن صاحبها وتنبه على فضله وأدبه. وله أشعار قليلة منها قوله: (حملتك في قلبي فهل أنت عالم ... بأنك محمود وأنت مقيم) (ألا إن شخصاُ في فؤادي محله ... واشتاقه شخص على كريم) ومنها قوله الذي يبين فيه حاله: (على قدر فضل المرء تأتي خطوبه ... ويعرف عند الصبر فيما يصيبه) (ومن قل فيما يتقيه اصطباره ... فقد قل فيما يرتجيه نصيبه) وأورد له العماد في كتابه الخريدة عدة مقطوعات من شعره.

[مقدمة المصنف]

المقدمة {ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير} الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأشرف التسليم على سيدنا محمد خاتم النبين والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين. آمين. أما بعد، فهذه حواش لطيفة وتحقيقات شريفة، على الكتاب المسمى «بدرة الغواص في أوهام الخواص» للشيخين الإمامين الجليلين «أبي محمد عبد الله بن بري» و «أبي عبد الله محمد بن ظفر» -رحمهما الله تعالى-. يشار فيها إلي الأول منهما بقال «الشيخ أبو محمد» أو قال «أبو محمد» وإلي الثاني بقال «محمد بن عبد الله» إلخ. والله سبحانه وتعالى ولي التوفيق والهداية، فنسأله بفضله العميم أن يوفقنا إلي السداد، وهو حسبي ونعم الوكيل.

تعليق على ما جاء في المقدمة

تعليق على ما جاء في المقدمة قوله: «وعلى آله». قال «محمد بن عبد الله بن محمد بن ظفر»: قوله وعلى آله مرغوب عنه، لأن الإضمار يرد الكلم إلي أصولهن كثيراً. وأصل آل أهل، بدليل قولك في تصغيره: أهيل. والوجه أن تقول: وعلى أهله، إلا أ، تظهر فتقول: وعلى آل محمد. (1) حول المقولة الأولى وهي قولهم في سائر قوله: «سائراً»: قال «أبو محمد»: قال «ابن دريد» في بعض أماليه: سائر الشيء يقع على معظمه وجله ولا يستغرقه، ألا تراهم يقولون: جاءني سائر بني فلان أي جلهم ومعظمهم، ولك سائر المال أي معظمه؟ ويدل على صحة قوله قول «مضرس»: (فما حسن أن يعذر المرء نفسه ... وليس له من سائر الناس عاذر) وقال «ذو الرمة»: (معرساً في بياض الصبح وقعته ... وسائر السير إلا ذاك منجذب) وأنكر «أبو علي» أن يكون السائر من السؤر لأمرين: أحدهما: أن السؤر بمعنى البقية، والبقية تقتضي الأقل والسائر يقتضي الأكثر. والثاني أنهم قد حذفوا عينها في نحو قوله:

فهي أدماء سارها وإنما ذلك لكونها لما اعتلت بالقلب اعتلت بالحذف، ولو كانت العين همزة في الأصل لما جاز حذفها، وقال «ابن ولاد»: سائر يوافق بقية في نحو قولك: أخذت من المال بعضه وتركت سائرة، لأن ما تركته هو بمنزلة البقية، ويفارقها من جهة أن السائر حقه أن يكون لما كثر، والبقية حقها أن تكون لما قل، ولهذا تقول: أخذت من الكتاب ورقة وتركت سائره، ولا تقول: تركت بقيته، وقوله: «إن سائراً بمعنى الباقي» لا شاهد له عليه؛ لأن السائر يستعمل للأكثر والبقية للأقل. وكذلك قال «أبو علي»: من جعل سائراً مأخوذاً من سار يسير فإنه يجيز أن يقال لقيت سائر القوم، أي الجماعة التي يسير فيها هذا الاسم وينتشر، وعلى ذلك قول «ابن الرقاع»: (وحجراً وزباناً وأربد ملقط ... توفى فليغفر له سائر الذنب) وقال «ابن أحمر»: (فلا يأتنا منكم كتاب بروعة ... فلن تعدموا من سائر الناس ناعيا) وقال «ذو الرمة»: (معرساً في بياض الصبح وقعته ... وسائر السير إلا ذاك منجذب)

قوله: إلا ذاك. استثنى التعريس من السير، فسائر إذا بمعنى الجميع، وقال الراجز: (لو أن من يزجر بالحمام ... يقوم يوم وردها مقامي) (إذا أضل سائر الأعلام) وقال «الأحوص»: (فجلتها لنا «لبابة» لما ... وقذ النوم سائر الحراس) وأنشد الوزير «ابن المغربي»: (ذكرت لما أثقل الدين كاهلي ... وجاء يريد ماله وتعذرا) (رجالا مضوا مني فلست مقايضاً ... بهم أبداً من سائر الناس معشرا) وقال «ابن أحمر»: (قضيبا من الريحان غلسه الندى) وقال «ابن المعري»: (أشرب العالمون حبك طبعا ... فهو فرض في سائر الأديان) قوله {مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ} إلخ. قال «ب»: الصحيح في الآية أن الباء للتعدية بمنزلة الهمزة كأنه قال -والله

(2) حول المقولة الثانية: المتتابع والمتواتر

أعلم: ما إن مفاتحه لتنئ العصبة، ومثله: (كما زلت الصفراء بالمتنزل) أي أزلت الصفراء المتنزل، ومثله قول «قيس بن الخطيم»: (ديار التي كادت ونحن على منى ... تجل بنا لولا نجاء الركايب) أي فتجعلنا حلالاً غير محرمين علينا. قال «أبو أحمد»: الصحيح أنه التفت إلى مخاطبة الضبع، والقول الثاني ضعيف جداً. قوله: للتي يقال لها «أبشري أم عامر» فجعل هذه الكلمة لقباً ... إلخ. قال «أيو محمد»: وهم في قوله: أبشري أم عامر أنه لقب للضبع. «كتأبط شرا» لقب «لثابت»، لأنه تأبط شراً جملة جعلت اسماً علماً له، وأما الضبع فاسمها «أم عامر» وليست اسمها «أبشري» ويقال لها عند إحساس الإنسان بالقتل وتحكيمها فيه: أبشري أم عامر .. (2) حول المقولة الثانية: المتتابع والمتواتر قوله: بالتارات السبع .. إلخ. قال «محمد»: قال «أبو عبيد» في غريب الحديث: الوتيرة المداومة على الشيء، وهو مأخوذ من التواتر والتتابع، هذا لفظه فسوى بينهما ولا شاهد له في الأثر. وقصارى ما يحصل له تسليم العدول عن

المختار إلى الجائز- وليس غلطاً. قال «محمد بن عبد الله بن محمد»: ليست التارات من المواترة في شيء؛ [إذ] أصل بناء المواترة من فعل ثلاثي صحيح وفاء فعله واو. والتارة مبنية من اسم معتل عين الفعل وجمعها: تير. قال «محمد» في الآية {فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُم بَعْضًا} أي في الإهلاك، أو قد كان بين هلاك الأمم فصول في مدد، وهو في الآية بلفظ الإتباع لا بلفظ المواترة. لم يبق إلا أن التتابع لازم والإتباع متعد. ونقل الفعل من اللزوم إلى التعدي لا يغير معناه. وليس هذا دفعاً لأنه المتتابع بعد المتوالي بغير فصل. لكن إنما فاصل هذا هو الذي ذهل عنه «أبو محمد» -رحمه الله. وقال «أبو محمد»: جعله تارات من المواترة غلط بين؛ لأنه المواترة فاؤها واو وعينها تاء، والتارة فاؤها تاء وعينها ياء، بدليل جمعها على تيرة، وقال «ابن جني»: عينها واو، مأخوذ من التور وهو الرسول. قال: (فوالتور فيما بيننا معمل ... يرضى به المأتي والمرسل) والتقاؤهما أن الرسول ينتقل ويذهب، وكذا التارة متنقلة. قوله: قوله تعالى: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى} إلى قوله: وروى «عبد خير» ... إلخ.

(3) حول المقولة الثالثة: معنى أزف الوقت.

قال «محمد بن عبد الله بن محمد»: نعم، هذا الأثر إذا صح وسلم من التحريف شاهد لما ذكره، وقد آن أن نصرح بالمقصود: المتتابع هو المتوالى الذي لم يتخلله فاصل يبطل حكم تواليه نسقا، فإن اليومين قد فصلت بينهما ليلة، ولكن فصلا لا يبطل حكم تتابعهما. (3) حول المقولة الثالثة: معنى أزف الوقت. قوله: «أزف الترحل غير أن ركابنا» ... إلخ. قال «أبو محمد»: قوله «أزف وقت الصلاة إشارة إلى تضايقه ومشارفة تصرمه» كلام صحيح. ألا ترى أن زمان الساعة الأولى إذا قرب من الساعة الثانية فقد أشرف زمانها على التصرم؟ ثم قال بعد هذا: «إن أزف بمعنى دنا واقترب لا بمعنى حضر ووقع» وهذا نقيض ما قدمه. ولم يذهب إلى هذا أحد، إنما يذهبون إلى تضايق زمان الصلاة، ومشارفة تصرمه إذا قرب زمان الساعة الأولى من الساعة الثانية فقد أشرف على التصرم، وكلما ازداد قرباً منه كان إشرافه على التصرم أزيد. فأما قوله -سبحانه- {وأزفت الآزفة} فقد ذكر في تأويلها ما فيه كفاية وغناء عن الجواب عنها ... (4) حول المقولة الرابعة: إضافة أفعل التفضيل. قوله: «ويقولون: زيد أفضل إخوته .. إلخ». قال «أبو محمد»: هذه المسألة أول من منعها من البصريين «الزجاج» وأجازها «ابن خالويه» رواية ودراية، فالرواية ما حكاه «ابن دريد» عن «أبي حاتم» عن «الأصمعي» أن الفرزدق سئل عن نصيب فقال: هو أشعر أهل جلدته، ومثله قولهم: علي أفضل أهل بيته. وأما الدراية فأن يكون أفضل إخوته بمعنى أفضل الإخوة، كقوله تعالى: {يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ} أي يتلونه حق التلاوة. انتهى كلامه، ومما يقوي ما ذهب

(5) حول المقولة الخامسة: تغشرم وتعشمر.

إليه قول الشاعر. (قتلت بعبد الله خير لداته ... «ذؤابا» فلم أفخر بذاك وأجزعا) فقوله: خير لداته بمنزلة أفضل لداته، ومثله: (لم أر قوماً مثلنا خير قومهم ... أقل به منا على قومهم فخرا) ومثله قول «عبد الرحمن العبتي» يرثى «علي بن سهل». (يا خير إخوانه وأعطفهم ... عليهم راضياً وغضبانا) (5) حول المقولة الخامسة: تغشرم وتعشمر. قوله: «ويقولون لمن يأخذ الشيء بغلظة وقوة: قد تغشرم وهو متغشرم». قال «محمد بن عبد الله بن محمد»: القلب معروف من كلامهم، فمما يضاهي هذا قولهم: تحجشر وتحجرش -إذا غلظ واجتمع خلقه- وجهجهت بالسبع وهجهجت به أي نفرته، وزحزحت الشيء وحزحزته إذا حركته لتزيله، والقلب أمر لازم لبعض الألسنة كاللثغ. (6) حول المقولة السابعة: قولهم في يستاهل. قوله: «ويقولون: فلان يستأهل الإكرام وهو مستأهل للإنعام». قال «محمد بن عبد الله» قالوا: هو أهل لكذا وقد تأهل له فاستأهل، استفعل من هذا، أصله الهمز وتسهيل الهمز جائز. وهذا كقولهم: استأسد الرجل واستأبر النخل واستنوق الجمل، أي صار كالناقة. فإذا استعمل «مستأهل» بمعنى أنه صار أهلاً له كان جائزاً.

(7) حول المقولة الثامنة: سهرنا وسرينا.

والذي حكاه «أبو محمد» منقول من «أدب الكاتب» وعلى «أبي محمد بن قتيبة» عهدة الاختراع وعلى إمامنا هذا عهدة الإتباع. وكان «ابن قتيبة» جعل هذا من أغلاط العامة، فجعله صاحب هذا الكتاب من أغلاط الخاصة. (7) حول المقولة الثامنة: سهرنا وسرينا. قوله «ويقولون إذا أصبحوا: سرنا البارحة والمختار .. إلخ». قال «محمد بن عبد الله بن محمد»: أكثر ما في هذا إذا سلم وقيل: إنه عدول عن المختار إلى الجائز، فلا يسمى غلطاً، على أنه تحكم لا شاهد عليه. قوله: «على ما نقله «ثعلب» ... إلخ». قال «أبو محمد»: الذي قاله «أبو العباس ثعلب» صحيح؛ لأن البارحة في الليالي نظير أمس في الأيام، لأن أمس لليوم الذي قبل يومك الذي أنت فيه والبارحة الليلة التي قبل ليلتك التي أنت فيها، فينبغي على هذا ألا يقال: رأيته البارحة حتى يكون في الليلة الثانية أو دخل في حدها لأن ما بعد الزوال داخل في حد الليل والمساء، وعلى ذلك قولهم: ما أشبه الليلة بالبارحة؟ معناه ما أشبه ما نحن فيه من الحال بما مضى. (8) حول المقولة التاسعة: كلمات اتفق العرب على استعمالها. قوله: «والمشرقة وشرقة الشمس .. ». قال «محمد بن عبد الله»: مشرقة هو الموضع الذي يكن من الريح وتشرق الشمس عليه في الشتاء.

(9) حول المقولة العاشرة: لا أكلمه قط.

وقال «أبو محمد»: يقال: مشْرَقَة ومَشْرَقة ومشراق وهو موضع القعود في الشمس، ولهذا لزم أن يكون في الشتاء لأن القعود فيها غير ضاير. قوله: «ومما ينتظم في هذا السمط قولهم: ظل يفعل كذا .... ». قال «أبو محمد»: وقد تأتي ظل لا يراد بها تعيين وقت، كقوله -سبحانه- {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ}. (9) حول المقولة العاشرة: لا أكلمه قط. قوله «ومن أوهامهم أيضا في هذا الفن قولهم لا أكلمه قط». قال «أبو محمد»: ليس هذا من أوهام العوام فضلاً عن الخواص، وقوله «قط». قال «محمد بن عبد الله»: وأما قط بتخفيف الطاء فهو اسم مبني على السكون. مثل قد وكلاهما بمعنى حسب. (10) حول المقولة الحادية عشرة: مصح ومسح. قوله: «ويقولون للمريصة مسح الله ما بك بالسين ... إلخ». قال الشيخ «أبو محمد» رحمة الله: الصواب مسح الله ما بك، وكذا ذكره «الهروى» في كتابه المعروف بكتاب «الغريبين» قال: يقال مسح الله ما بك أي غسل عنك وطهرك من الذنوب. وأما قوله: إن الصواب مصح بالصاد فغلط، لأن مصح فعل لا يتعدى إلا بالباء. يقال: مصحت بالشيء ذهبت به، فلو كان بالصاد لقيل: مصح الله بما بك أي أذهبه، أو تعديه بالهمزة فتقول: أمصح الله ما بك، يقال مصح بالشيء ذهب به، ولا يقال: مصحه، لأن مصح فعل لا يتعدى فعلى هذا القول لا يصح أن يقال: مصح الله ما بك، فإن زدت فيه الباء فقلت: مصح الله بما بك جاز، كما تقول: ذهبت به أي أذهبته.

(11) حول المقولة الثانية عشرة: الحواميم والطواسين.

(11) حول المقولة الثانية عشرة: الحواميم والطواسين. قوله: «يقولون: قرأت «الحواميم والطواسين»». قال «محمد بن عبد الله»: قد أنشد «أبو عبيدة». (حلفت بالسبع اللواتي طولت ... وبمئين بعدها قد أمئيت) (وثمان تليت فكررت ... وبالطواسيم اللواتي ثلثت) (وبالحواميم اللواتي سبعت ... وبالمفصل اللواتي فصلت) والذي ذكره «أبو محمد» نقله عن «أبي عبيد» في كتابه الموضوع في غريب الحديث وهذا الرجز حجة عليهما. وقال «أبو محمد»: قد حكى «ثعلب» في أماليه: الطواسين رجعلها مثل القوابيل جمع فابيل، حكى أيضا الطواسيم على أن تكون الميم بدلاً من النون وأنشد «أبو عبيدة»: (حلفت بالسبع اللواتي طولت ... وبمئين بعدها قد أمئيت) (وبثمان ثنيت وكررت ... وبطواسين التي قد ثلثت) (وبحواميم اللواتي سبعت ... وبالمفصل اللواتي فصلت) فاستعمل الطواسين والحواميم من غير ذكر «ال»، وقال «الأشتر»: (يذكرني حميم والرمح شاجر ... فهلا تلا حاميم قبل التقدم؟ ) (12) حول المقولة الثالثة عشرة: تعدية دخل بالباء. قوله «كقولك خرج وأخرجته ... ».

قال الشيخ «أبو محمد»: إذا قلت: خرجت به وأردت بالباء التعدية، فالمعنى بالباء كالمعنى بالهمزة إذا قلت: أخرجته. وإذا أردت بالباء الصحبة ولم ترد بها معنى همزة التعدية فالباء وما بعدها في موضع الحال، أي خرجت وهو صحبتي، ولم يختلفوا أن الباء إذا كانت للتعدية لا تخرج عن معنى الهمزة، فالذي أجازه «أبو العباس» صحيح إذا أراد الحال، ولم يقل «أبو العباس»: إنها للتعدية في هذا. وقال «أبو محمد»: قوله: «الهمزة في أنبت بمعنى نبت [أصلية .. إلخ]» عبارة غير سديدة، وكأنه يريد بقوله أصلية أنها زيدت في أصل بناء الكلمة، وليست للتعدية التي يقدر دخولها على الكلمة بعد أن لم تكن، فكأنها أصلية. وقوله «فتكون هذه القراءة بمعنى قراءة من قرأ «تنبت بفتح التاء» لا يصح إلا أن تكون الباء فيهما في موضع الحال أي تنبت ودهنها فيها، والأجود أن تكون الباء للتعدية فيمن قرأ بفتح التاء، ويكون فيمن ضمها متعلقة بمحذوف في موضع نصب على الحال، أي تنبت ثمرتها دهنة، وتقديرها في الوجه الأول: تنبت الدهن، ومثل ذلك: خرج زيد بسلاحه أي متسلحا، فموضع الباء وما بعدها نصب على الحال، ولو كانت الباء للتعدية لكان المعنى أخرج السلاح، وإن جعلت الباء زائدة فيمن ضم التاء تشارك المعنيان. وقوله: «والمعنى أن الدهن ينبتها» ليس بصحيح، بل المعنى أنها تنبت الدهن لأن الدهن لا ينبتها وإنما ينبتها الماء. «فيكون تقدير الكلام ... إلخ». قال: «أبو محمد» قوله: «فلما كان الفعل في المعنى قد تعلق بمفعولين احتيج إلى تقويته في التعدي بالباء» غلط منه وممن تأوله، لأن الباء ليست للتعدية

(13) حول المقولة الرابعة عشرة: مائدة وخوان.

هنا عند أحد من النحويين على قراءة من يضم التاء، وإنما قالوا في تصحيح هذه القراءة: أن يكون المفعولين محذوفاً والباقي في موضع الحال، فيكون التقدير تنبت ثمرتها ودهنها فيها فليس ها هنا مفعولان يكون الثاني منهما معدى بالباء، وإنما هو مفعول وحال. (13) حول المقولة الرابعة عشرة: مائدة وخوان. قوله: «ويقولون لما يتخذ لتقديم الطعام عليه مائدة ... ». قال «محمد بن عبد الله»: قد يثبت لها اسم المائدة بعد إزالة الطعام عنها كما قيل: لقحة بعد الولادة. قوله: «ولا يقولون للبستان حديقة إلا إذا كان عليها حائط .. إلى قوله .. ولا للسرير أريكة .. إلخ». قال «محمد بن عبد الله»: قد قال الشاعر: (خدود خفت في الستر حتى كأنما ... يباشرن بالغراء دمس الأرائك) فسمى الفراش أرائك. والكأس اسم لكل واحد من الخمر والزجاجة على انفرادها. قال الله -سبحانه-: {وَكَأْسًا دِهَاقًا} أي ملأى، وقد نص على ذلك «الكراع» وغيره، وهذا الذي ذكره من فصل منعقد في فقه اللغة «للثعالبي» والاعتراض منطرق على أكثره. قوله: «لأن الشيء لا يضاف إلى ذاته». قال «محمد بن عبد الله»: قد قال الله -سبحانه-: {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ

(14) حول المقولة الخامسة عشرة: في النسب إلى دواة.

تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا} وقال -سبحانه-: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}، والحبل هو الوريد فأضافه إلى نفسه، ولا منكر لقولهم: رأيت فلاناً نفسه وكذلك ذاته وعينه. (14) حول المقولة الخامسة عشرة: في النسب إلى دواة. قوله: لأن تاء التأنيث تحذف في النسبة. قال «أبو محمد»: إنما وجب حذف تاء التأنيث من الاسم عند النسب إليه من جهة أن الاسم لما نقل من المسمى إلى المنسوب إليه، وصار من حيز الصفات التي تكون للمذكر والمؤنث سقط ما كان يجري بمعنى ذلك الاسم، وصار الحكم للمنقول إليه، فلهذا ذكرت ما كان مؤنثا لما وصفت به مذكراً في نحو: رجل طلحى، وأنثته كما تؤنث الصفات فقلت: امرأة طلحية، ولو لم تحذف تاء التأنيث من المنسوب إليه لوجب أن تقول: طلحتية د فتجمع في الصفة علامتي تأنيث ولهذا المعنى أيضا إذا نسبت إلى مثنى ومجموع نقلته إلى الإفراد لانتقاله عن ذلك المعنى حيث صار من حقه المفرد؛ فلذلك قلت في «زيدان» وزيدون»: زيدي، فإن وصفت به مثنى أو مجموعاً قلت: زيديان وزيديون، فجمعته وثنيته جمع الصفات وتثنيتها. وعلى ذلك قلت في النسب إلى مساجد: مسجدي لما نقلته من معنى الجمع إلى معنى المفرد، فإن جعلت مساجد اسماً علماً لواحد ثم نسبت إليه لم تغيره لأنك نقلته من إفراد إلى إفراد. (15) حول المقولة السادسة عشرة: بعثت به وأرسلت إليه. قوله: «ويقولون: بعثت إليه بغلام .. إلخ». قال «أبو محمد»: أعلم أن بعثت يقتضي مبعوثاً متصرفاً بنفسه، ومبعوثاً به

(16) حول المقولة السابعة عشرة: قولهم المشورة.

متصرفا كان أو غير متصرف، لقولك: بعثت زيداً بكتاب أو بغلام، فلهذا لزمته الباء، ومثله أرسلت، يقتضي مرسلا به، وقد يكون المبعوث به مما ينصرف ومما لا ينصرف، فعلى هذا لا ينكر بعثت إليه بغلام، أي بعثت رسولي إليه بغلام، وعلى ذلك قول «الجعدي»: (إن يكن «ابن عفان» أمينا ... فلم يبعث بك البر الأمينا) وعلى هذا يحمل قول «المتنبي»: (بعثت إلى المسيح به طبيباً) لأنه جعله من جملة الطرف التي أهداها إليه، ويشهد بصحة ذلك قوله في البيت الذي يليه: (ولست بمنكر منك الهدايا ... ولكن زدتني فيها أديبا) وقال «محمد»: البعثة بالغلام متصورة إذا صحبه من يوصله إليه ثم كان الحال أن يكون الغلام هدية. قوله: «وآجرك الإله على عليل بعثت ... إلخ». قال «أبو محمد»: إذا ثبت أن المفعول الثاني لبعثت وهو المبعوث به يكون مما يتصرف ومما لا ينصرف لم يحتج في بيت «أبي الطيب» إلى هذا التأويل الضعيف الذي تأوله، وقد بينته في الحاشية التي قبل هذه. (16) حول المقولة السابعة عشرة: قولهم المشورة. قوله: «المشورة على وزن مثوبة». قال «محمد»: الأصل مفعله، وقد قرى {لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} قرأ بها

(17) حول المقولة الثامنة عشرة: قولهم في التحذير بإياك.

«مجاهد». وقال «أبو محمد»: مشورة ومثوبة بضم الشين والتاء فيهما وهو القياس، وقد حكي أهل اللغة فيهما الإسكان، فيكونان مما شذ التصحيح فيهما منهبة على الأصل، وقد قرى لمثوبة بضم التاء وإسكانها. (17) حول المقولة الثامنة عشرة: قولهم في التحذير بإياك. قوله: «وعليه قول الشاعر: فإياك إياك المراء ... إلخ». قال «أبو محمد»: البيت «للفضل بن عبد الرحمن القرشي» يقوله لابنه «القاسم بن الفضل» وقبله: (ومن ذا الذي يرجو الأباعد نفعه) إذا هو لم. تصلح عليه الأقارب قوله: «والمستحسن في هذا قول «يحيى بن أكثم»». قال «محمد»: هو قول «أبي بكر الصديق» رضي الله عنه، فما معنى قوله «والمستحسن» في هذا؟ وأما كلام «الصاحب» فسوءه تستر لا منقبة تشهر. قوله: {فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} منقول، ولكنه غير ظاهر الوجه، لأنه لا عدد فيه نصا ولا استنباطا، وهذه الواو هي الحالية كواو قولك: خرجت ودخل فلان، أي في حال دخوله، والمراد أنهم جاؤها وهي مفتحة الأبواب فدخلوها ولم ينتظروا أن تفتح لهم وذلك لكرامتهم، وأما وفد النار فإنهم وقفوا على النار عندما جاؤها

(18) حول المقولة التاسعة عشرة: قولهم) ذهبت إلى عنده.

حتى فتحت أبوابها إهانة لهم، وليبتغوا بمشاهدة عذابها. (18) حول المقولة التاسعة عشرة: قولهم) ذهبت إلى عنده. قوله: «فإنه من ضرورات الشعر». قال «أبو محمد»: ليس هذا من ضرورات الشعر كما ذكر، لأن الظروف التي لا تتمكن. والحروف متى أخبر عنها على غير طريق الحكاية وجعلت اسماً للحروف أو للكلمة أعربت كقولك: ليت حرف تمن، وإن جعلته اسماً للكلمة لم تصرفه فقلت: ليت تنصبه الأسماء. وكذلك «عند» تجري هذا المجرى كقولك: عند تخفض ما بعده. وعند تخفض ما بعدها. وعلى ذلك قول «أبي الطيب»: (ويمنعني ممن سوى ابن محمد ... أياد له عندي يضيق بها عند) ومن هذا النوع أيضا «إن الله ينهاكم عن قيل وقال» جعلهما اسمين لهذين اللفظين الملفوظ بهما، ولو لم يجعلهما اسمين لحكاهما. (19) حول المقولة العشرين: قولهم لمن تغير وجهه غضباً: سمغر قوله: والصواب فيه تمعر بالعين المغفلة «إلى قوله: .. واستشهد عليه بما روى .. إلخ». قال «محمد»: الرواية في الحديث على ما ذكر. ثم إن من استعمل هذه اللفظة. بإعجام العين قاصداً إلى تشبيه الوجه المحمر غضباً بالوجه المطلي بالمغرة، فلذلك وجه صحيح. كما يقال: تحمر وجه الرجل إذا أربد.؟ فكأنما سود بالحمم.

(20) حول المقولة الحادية والعشرين: استعمال اصفر واصفار.

(20) حول المقولة الحادية والعشرين: استعمال اصفر واصفار. قوله: إنما يقال: احمر واصفر .. إلخ. قال «أبو محمد»: هذا القول غير معروف عند أحد من البصريين. ألا ترى أن «الخليل» و «سيبويه» وجميع أصحابه يروون: احمر مقصور من احمار، وادهم مقصور من ادهام، كما جعلوا مفعلاً مقصوراً من مفعال كمقول مقصور من مقوال. فمقول ومقوال بمعنى عندهم، ولذلك احمر واحمار بمعنى لا فرق بينهما، ولو وجب لهذا المعنى في احمار واصفار لوجب في ابياض وادهام، ولم يذكر أحد أن بينهما فرقاً في المعنى. قوله: وعند المحققين. قال «محمد»: إن كان هذا هو التحقيق فلم قال في «المقامة الكوفيو»: حتى انثنى محقوقفا مصفرا ... وقال في «الحرمية»: فازورت مقلتاه واحمرت وجنتاه. (21) حول المقولة الثانية والعشرين: اجتمع فلان وفلان. قوله: ويقولون: اجتمع فلان مع فلان فيوهمون فيه. قال «أبو محمد»: لا يمتنع في قياس العربية أن يقال: اجتمع زيد مع عمرو، واختصم جعفر مع بكر، بدليل جواز: اختصم زيد وعمراً، واستوي الماء والخشبة. وواو المفعول معه هي بمعنى مع مقدرة بها، وكما يجوز: استوي الماء والخشبة وكذلك يجوز: استوي الماء مع الخشبة، واستوي في هذا مثل اختصم، أعني في أن المساواة تكون بين اثنين فصاعداً كالإختصام، فإذا جاز في هذه الأفعال دخول واو المفعول معه جاز فيها دخول مع، لقولهم: استوي العبد والحر في هذا الأمر. قوله: (وريشي منكم وهواي معكم).

(22) حول المقولة الثالثة والعشرين: لقيتهما وحدهما.

قال «أبو محمد»: ذكر «سيبويه» في هذا البيت أنه أسكن مع لضرورة الشعر، ولم يجعله لغة؛ لأنه عنده اسم معرب، فلا يجوز إسكانه إلا لضرورة، وليس الإسكان لغة كما ذكر «الحريري». (22) حول المقولة الثالثة والعشرين: لقيتهما وحدهما. قوله: فلما قال: {فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ} أفاد الخبر أن فرض الثلثين للأختين ... إلخ. قال «محمد» خير من هذا أن تصرف الصفات إلى كونها شقيقتين أو لأب أو كانت إحداهما شقيقة والأخرى لأب، فإن هذه أحوال يتغير فيها حكم الميراث، ولكن الرجل لم يعن بالفقه. (23) حول المقولة الرابعة والعشرين: في الإخبار عن لعل بالماضي. قوله: ويقولون: لعله ندم .. إلخ. قال «أبو محمد»: اعلم أن لعل وإن كان معناها ما ذكر فإن مخرج الكلام بها مخرج المشكوك فيه والمظنون، والشك والظن يكونان فيما مضى وفيما يستقبل، يدلك على صحة ذلك قول «الفرزدق»: (لعلك في حدراء لمت على الذي ... تخيرت المعزى على كل حالب) ومثله قول «امرئ القيس»: (وبدلت قرحاً دامياً بعد صحة ... لعل منايانا تحولن أبؤسا)

(24) حول المقولة الخامسة والعشرين: في التعجب من الألوان.

ومثله قول النبي (صلى الله عليه وسلم): «وما يدريك لعل الله أطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم». ومثله قول «الفرزدق»: (فأعد نظراً يا عبد قيس لعلما ... أضاءت لك النار الحمار المقيدا) (24) حول المقولة الخامسة والعشرين: في التعجب من الألوان. قوله: فكما لا يقال: ما أبيض هذا الثوب وما أعور هذه الفرس ... قال «محمد» قد قال الأول: (أما الملوك فأنت اليوم الأمهم) (لؤما وأبيضهم سربال طباخ) قوله: فهو ها هنا من عمى القلب ... قال «محمد»: لا وجه له في قوله: «هو من عمى القلب» لأن الفعل منهما ثلاثي: عمي بصره وعمي وعمه قلبه. والأصل للبصر، وهو في القلب استعارة، وقد قال «أبو عبيدة» في قول الله. سبحانه: {فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى} أي أشد عمى، ويؤيده قوله: «وأضل سبيلا». (25) حول المقولة السادسة والعشرين: تذكير كلمتي بطن وألف. قوله: فإنك إن أعطيت بطنك سؤله ... إلى آخره. قال «أبو محمد»: وقبله: (أبيت هضيم الكشح مضطمر الحشى ... من الجوع أخشى الذم أن أتضلعا). قوله: كما قالت العرب في معناه: ألف صتم وألف أقرع، قال «أبو محمد» قال الشاعر:

(26) حول المقولة الثامنة والعشرين: الفرق بين الذاعر والداعر.

(ولو طلبوني بالعقوق أتيتهم ... بألف أؤديه إلى القوم أقرعا) (26) حول المقولة الثامنة والعشرين: الفرق بين الذاعر والداعر. قوله: ويقولون للخبيث ذاعر ... قال «أبو محمد»: ما المانع من كون الخبيث ذاعر بالذال الموسومة لأنه يذعر الناس أي يخيفهم؟ . إذا قصد هذا فهو صحيح، وقد سبق «أبو محمد» إلى هذا التغليط، والحق منبوع من عقل. قوله: (ومنه قول «زميل»). قال «محمد»: هو «زميل بن أبير». ويقال: «وبير الفزاري» قاتل «ابن دارة» وهو القاتل: (أنا زميل قاتل ابن دارة ... والكاشف السبة عن فزارة) وزميل بالزاي المعجمة، وأبير أصله وبير، فقلبت الواو همزة. قوله: اسم «سذوم» المضروب به المثل. قال «أبو محمد»: المشهور عند أهل اللغة. «سدوم» بدال غير معجمة، وهي قوية قوم «لوط». ومنه قاضي «سدوم» وقد يمكن أن يكون بالذال قبل التعريب، فلما عرب أبدلت الذال دالا، فعلى [ذلك] يتوجه قول «ابن قتيبة» إنه «سذوم» بالذال، يريد أن أصله بالذال ثم غيرته العرب وذكر أهل الأخبار أن «سدوم» ملك سميت به القرية. قال «عمرو بن دراك العبدي»:

(وإني إن قطعت حبال قيس ... وحالفت المزون على تميم) (لأعظم فجرة من أبي رغال ... وأجور في الحكومة من سدوم) وقيل إن «سدوم» هنا اسم القرية، تقديره من أهل سدوم. قوله: القناذع. القناذع هو العنكبوت. قوله: ولما يجدف به الملاح المجذاف. قال «محمد» من هذا النمط جذل الحشف وجدل وجدن أي شدن، ورجل ذحراح أي قصير مثل دحداح، وذعاع النخل ودعاعه أي متفرقة، والذفل والدفل: القطران، وذأفت على الجريح ودأفت مثل وقفت، واستذف الأمر واستدف إذا [استقام واستتب]. قوله: حد الحبل وحذه أي قطعه. قال «أبو محمد»: حبها لم يذهب وإن كان وصلها قد ذهب. قوله: خلقا جديدا. قال «أبو محمد»: نعت لخلق أو خبر بعد خبر قوله: كيف تراني أذرى وأدرى. قال «محمد»: كيف يلتحم به أذرى وأدرى، وهما كلمتان قد انفردت كل واحدة منهما بمعنى واختصت بصيغة واحدة؟ . إنما يلتحم به ما قدمناه من الكلمات اللاتي ينطق كل واحدة منهم بالدال والذال بمعنى واحد.

(27) حول المقولة الحادية والثلاثين: قولهم: انضاف وانفسد

قوله: يقال: ذرته الريح تذوره. قال "أبو محمد": ذرته الريح تذوره وتذريه. (27) حول المقولة الحادية والثلاثين: قولهم: انضاف وانفسد قوله: الموصغ على انفعل. قال "أبو محمد": انشلى وانشال واندمق واندخل هي مطاوعة لقولك: أشليته وأدمقته وأدخلته، [ومثل ذلك. أشليته وأدمقته وأدخلته]. قال: ولا يدي في حميت القوم تندخل. وأجلته فانجال. قال "الفرزدق": (وأبى الذي ورد الكلاب مسوما ... بالخيل تحت عجاجها المنجال) قوله: كما شذ قولهم: انسرب الشيء من سرب، وهو لازم. قال "أبو محمد": لا يجوز أن يأتي الفعل مطاوعا لفعل لازم، فأما انسرب الوحش في سربه إذا دخل فهو مطاوع لأسربته، كما كان انطلق مطاوعا لأطلقته. [28]- حول المقولة الثانية والثلاثين: بر وشم. قوله: في قولك بير ويشم. قال "أبو محمد": قد ذكر أهل اللغة: شممته أشمه، والأولى أفصح. قوله: وإنما اعتبر بحركة ثانية. قال "أبو محمد": إنما اعتبر بحركة ثانية لأنها حركة عينه نقلت إليه إذ الأصل فيه يبرر ويشمم ويخفف، فنقلت حركة العين إلى الفاء وأدغم، فعلمت بهذا أن

(29) حول المقولة الثالثة والثلاثين: شر وأشر.

قوله "وإنما بحركة ثانية دون أوله لأن أوله زائد والزائد لا اعتبار به" كلام لا معنى له. (29) حول المقولة الثالثة والثلاثين: شر وأشر. قوله: والعلة في إثباتها في فعل التعجب ... قال "أبو محمد": ظاهر قوله "والعلة في إثباتها" يقتضي بأن الهمزة في قولهم: ما أشره هي الهمزة التي كان يجب أن تظهر في قولك: هو أشر منه لو نظقت بها، وليست الأمر كذلك، لأن الهمزة في قولك: ما أشره هي همزة النقل للتعدية للفعل اللازم لكل فعل متعجب منه، وأما الهمزة في قولك: أشر منه فليست همزة نقل، بل هي همزة زايدة لتكملة صيغة أفعل الذي هو اسم، وكان حقها أن تكون موجودة، وإنما حذفت لكثرة الاستعمال في هاتين اللفظتين وربما نطق فيهما بالأصل كقول "رؤبة": بلال خير الناس وابن الأخير وقراءة من قرأ: {سيعلمون غدا من الكذاب الأشر} [القمر: 26]. (30) حول المقولة الرابعة والثلاثين: أرواح لا رياح. قوله: يقولون: هبت الرياح مقايسة على قولهم رياح. وهو خطأ. قال "أبو محمد": لم يحك الرياح أحد من أهل اللغة غير اللحياني، وقد استعمل هذه اللفظة "عمارة بن عقيل" في شعره.

(31) حول المقولة الخامسة والثلاثين: صحة النطق في مدود ومسوس.

قوله: أحب إلى من علج عليف. قال "محمد": العلج: الحمار، والعليف: المعلوف. (31) حول المقولة الخامسة والثلاثين: صحة النطق في مدود ومسوس. قوله: ويقال في الفعل من المدود: قد داد ودود وديد. قال "أبو محمد": صوابه أن يقال في الفعل من المدود: دود، ومن الدايد: داد يداد، ولو أنه قال في الفعل من الدود لم يكن عليه انتقاد. قوله: فلم يأبه "الكسائي" لقوله تمرة. قال "أبو محمد": ذكر "أبو أحمد. بن جعفر البلخي" أن المجلس الذي جرى بينهما إنما كان في بيت شعر سأل "اليزيدي الكسائي" عن إعرابه، وهو: (ما رأينا خربا ... نقر عنه البيض صقر) (لا يكون العير مهرا ... لا يكون، المهر مهر) فقال "الكسائي": يجب إن يكون مهر منصوبا على أنه خبر كان، ففي البيت على هذا إقواء. فقال "اليزيدي": الشعر صواب؛ لأن الكلام قد تم عند قوله لا يكون، ثم استأنف فقال: المهر مهر. فضرب الأرض يقلنسوته وقال: أنا "أبو محمد" فقال له: "يحيى بن خالد": أتتكنى بحضرة أمير المؤمنين؟ ... بتمام الخبر. قوله: وإذا أرطب جميعها قيل لها: معوة. قال "أبو محمد": أنشد "ابن الأعرابي": (يا بشر يا بشر ألا أنت الولي ... أن مت فادفني بدار الزبنبي)

(32) حول المقولة السادسة والثلاثين، كلمات لا تعرف بأل.

في رطب معو وبطيخ طري (32) حول المقولة السادسة والثلاثين، كلمات لا تعرف بأل. قوله: ولا نطقت به العرب إلا معرفا حيث ما وقع الكلام. قال "محمد": قد قال "أبو الحسن الكراع" في كتابه "القلب المراع" يقال: أعد على كلامك من رأس ومن الرأس. (33) حول المقولة السابعة والثلاثين: قولهم في كبرى وصغرى. قوله: تأنيث أفعل. قال "أبو محمد"؛ صوابه تأنيث الأفعل. قوله: "قسمة ضيزى". قال "أبو محمد": صوابه ضيزى فلهذا كسرت الضاد، يقال: ضزه يضيزه إذا أنقصه، ومن قال: ضازه يضوزه فإنه يقول: ضوزى بضم الضاد لا غير. قوله: ولم يجز أن تعرى من أحدهما. قال "أبو محمد": إنما لزمت الألف واللام في الأفضل والفضلى لتكون عوضا من لزوم "منك" في النكرة، إذا قلت أفضل منك. ولما كانت منك غير لازمة في آخر إذا قلت: مررت برجل آخر، لم تلزم الألف واللام في قولك: أخرى، وأما "دنيا" فإنها استعملت استعمال الأسماء بدليل قوله: في سعى دنيا طال ما قد مدت فلذلك جاز تنكيرها.

(34) حول المقولة الثامنة والثلاثين: تيامن وتياسر.

قوله: على ما أجازه "أبو الحسن الأخفش" من زيادتها في الواجب، وأول عليه قوله. تعالى. {من جبال فيها من برد} [النور: 43]. قال "أبو محمد": الذي قال "أبو الحسن" هو فيما يفسر: وينزل من السماء جبالا فيها برد. فجعل من الثانية والثالثة زائدتين. (34) حول المقولة الثامنة والثلاثين: تيامن وتياسر. قوله: ويقولون لمن أخذ يمينا في سعيه .. الخ. قال "أبو محمد": لا ينكر أن يقال: تيامن إذا أخذ في ناحية اليمين، كما يقال إذا أخذ في جهة اليمين؛ لأن الأصل فيهما واحد. قال "ابن الكلبي: إنما سميت بهذا الاسم لتيامنهم إليها، وقال "ابن عباس": استبث الناس وهم العرب، فتيامنت العرب إلى اليمين فسميت بذلك، وفي الحديث "فأمرهم أن يتيامنوا عند الغميم" أي يأخذوا يمينا. كذا فسره في غريب الحديث. ولهذا السبب جاز أن يقال: أيمن الرجل ويمن ويامن وتيامن إذا أخذ في جهة اليمين أو جهة اليمن. قال "أبو القاسم الزجاجي": قال أهل الأثر: إنما سميت الشام بهذا الاسم لأن قوما من "كنعان" خرجوا عن التفرق فتساءوا إليها، أي أخذوا ذات الشمال فسميت بذلك، وقال "محمد": ما المانع من دخول التفاعل في هذا؟ يمنع منه إذا كان التيامن مكنيا به عن الموت، لا بل هو دليل على جواز استعماله لأن الميت المضجع على يمينه أخذ يمنة.

(35) حول المقولة الرابعة: سرداب بكسر السين.

قوله: وذاك أن العرب تنسب الخير إلى اليمين والشر إلى الشمال. أي ولذلك يستجب أن تأخذ بيمينها قال: (إذا ما راية رفعت لمجد ... تلقاها عرابة باليمين) (35) حول المقولة الرابعة: سرداب بكسر السين. قوله: فيفتحون السين من سرداب. قال "محمد": إن خاصيا يقول: سرداب الدعي في التخصيص. (36) حول المقولة الثانية والأربعين: جمع أرض. قوله: ويقولون في جمع أرض: الخ ... قال "أبو عبد الله": قال "أبو سعيد السيرافي": إنه يقال أرض وأراض وأهل وأهال، كما قالوا: ليلة وليال، كأن الواحد ليلاة وأرضاة وزعم أنه كذا في "كتاب سيبويه" في أصح الروايتين، وإنما قلت في أصح الروايتين لأنه روي في الكتاب: أأهال وأأراض على وزن أفعال. (37) حول المقولة الثالثة والأربعين: مطلب مفيد. قوله: إذا أفردوا الغدايا ردها إلى أصلها وقالوا: الغدوات .. قال "أبو محمد": قد حكى "ابن الأعرابي" أنه يقال: غجية وغدايا، وأنشد: (ألا ليت شعري من زيارة أمية ... غديات قيظ أو عشيات أنديه)

(38) حول المقولة الرابعة والأربعين: تمييز العشرين بكلمة نفر.

قوله: وقالوا: هنأني الشيء ومرأني. قال "أبو محمد": قد حكى أهل اللغة مرأني وأمرأني. لغتان. قوله: وقالوا: أيضا: هو رجس نجس، فإن أفردوا لفظة نجس ردوها إلى أصلها. قال "محمد": منه قولهم: ما سمعت له حسا ولا جرسا. بكسر الجيم. فإن أفردوا ردوا الجرس إلى الفتح الذي هو أصله. قوله: ومن كل عين لامه. قال "أبو محمد": عين لامة، أي ذات لمم، واللمم: الجنون. وإصابة من الجن: لمة، وقد تكون لامة من لم به إذا زاره، لغة في ألم به. (38) حول المقولة الرابعة والأربعين: تمييز العشرين بكلمة نفر. قوله: لا عد منه نفره. قال "محمد": تفسيره النفر بالقوم في البيت المذكور مناقض لما اشترط من أن النفر لما دون العشرة، فلا شك أن قومه "بنو ثغل"، وهم امة عظيمة، ولو قال: أسرة ونحوها لكان الوجه. قوله: وعند أهل اللغة أن الرهط بمعنى النفر. قال "محمد": قد جاء في الحديث الصحيح "ثلاثة أرهط" يسمى الواحد رهطا، وهذا كالذود الذي هو في الأصل للجميع. وفي الحديث "في خمس ذود" روي بالإضافة، ومصداق جوازه قول الشاعر:

(39) حول المقولة الخامسة والأربعين: جمع حاجة.

(إن تخرجوها خماصا من حمايلكم ... فإن عدتها ذود وسبعونا) (39) حول المقولة الخامسة والأربعين: جمع حاجة. قوله: ويقولون في جمع حاجة: حوانج. قال "محمد": حاجة عند "الخليل" على ما وجد في كتاب "العين" أصلها حايجة، فلهذا جمعت على حوايج. وقد حكي عن "ابن دريد" و"أبي عمرو بم العلاء": إنما قد سمع فيها حايجة، ويدلك على صحة حوائج قول النبي - عليه السلام - "استعينوا على أنجاح الحوائج بالكتمان لها" وقال أيضا: "اطلبوا الحوائج إلى حسان الوجوه. وحكى "سيبويه" إنه قال: تنجز فلان حوائجه واستنخزها. وعلى ذلك قول "الأعشى": (الناس حول فنائه ... أهل الحوائج والمسائل) وقال "الشماخ": (تقطع بيننا الحاجات إلا ... حوايج يعتسفن مع الجرير) وقال "الفرزدق": (ولي ببلاد السند عند أميرها ... حوايج جمات وعندي ثوابها) وأنشد "أبو زيد": (يممت حوايجي ووذأت بشرا ... فبئس معرس الركب السغاب)

وأنشد "أبو عمرو بن العلاء": (صريعي مدام ما تفرق بيننا ... حوائج من إلقاح مال ولا نخل) وأنشد "ابن الأعرابي": (فإن أصبح تخالجني هموم ... ونفس في حوايجها انتشار) وقال "همان": (حتى إذا ما قضت الحوايجا) وقال آخر: (مستعجلات بذوي الحوايج) وأنشد "الفراء": (نهار المرء أمثل حين يقضي ... حوايجه من الليل الطويل) وذكر "ابن جني" أن حوايج جمع خاحة ولم ينطق بها، وحكى عن "ابي عمرو بن العلاء و"الأصمعي" أن العرب قد نطقت بحاجة، وحكى "ابن خالويه" في شرح "المقصورة في فضل الخيل: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التمسوا الحوايج على الفرس الكميت الأزثم المحجل الثلاث المطلق اليد اليمنى، وخير الخيل الحو".

(40) حول المقولة السادسة والأربعين: ثمين ومثمن.

(40) حول المقولة السادسة والأربعين: ثمين ومثمن. قوله: ويقولون لما يكثر ثمنه مثمن فيوهمون فيه، لأن المثمن على قياس لغة العرب .... قال "أبو محمد": ثمين على قياس شحيم. ولحيم يقضي بأن فعله ثمن كشحم ولحم، ولم أر أحدا من أهل اللغة ذكره، فإن صح ثمن على ما قال، وإن لم يصح حمل على ثمنه من متاعه إذا غاليت ورفعت السوم، فيكون على هذا: شيء مثمن بمعنى مغالي فيه ومرفوع فيه السوم، ويكون ثمين ومثمن مثل عتيد ومعتيد وحبيس ومحبس وبهيم ومبهم. قوله: فأما قول الشاعر: وألقيت سهمي ... الشاعر هو يزيد بن الطئرية. وقوله: حين أوخشوا. قال "أبو محمد": أو خش القوم إذا ردوا السهام في الربابة مرة بعد أخرى. (41) حول المقامة السابعة والأربعين: قرابته وذو قرابته. قوله: في مساق حكاية هي من طرف. الأعاجيب وعبر التجاريب .. الخ. قال "محمد": ما أنكره معروف. قال - سبحانه-: {ولكن البر من آمن} [البقرة: 177]

(42) حول المقولة الثامنة والأربعين: جمع رحا وقفا.

أي ولكن ذا البر، وقال - سبحانه-: {لن تنفعكم أرحامكم} [الممتحنة: 3] أي لن تنفعكم ذوو أرحامكم ولا أولادكم. (42) حول المقولة الثامنة والأربعين: جمع رحا وقفا. قوله: (ويقولون في جمع رحا وقفا: أرحية وأقفية، والصواب فيهما أرحاء وأقفاء. الخ. قال "أبو محمد": هذا الذي أنكره قد ورد السماع به، قالوا: أرحاء وأرحية، وأقفاء وأقفية، وندى وأندية وسدى وأسديه لسدى البسر ولوى وألوية وشرى وأشرية، وهذا مما حملو فيه المقصور على الممدود في جمعه، كما حملوا الممدود على المقصور في جمعه، قالوا: هباء وأهباء وحياء وأحياء وغراء وأغراء وفناء وأفناء ودواء وأدواء، وأيضا فإن رحا وقفا قد سمع منهما المد فيكون ذلك على لغة من مدها وقال "أبو محمد" أيضا: إعلم أن أرحية وأقفية إنما جاء على لغة من قال رحاء وقفاء، ولهذا قالوا: أرحية وأقفية، كما قالوا: عطاء وأعطية وسماء وأسمية، وعلى أنه قد جاء في كلامهم ما حمل فيه المقصور على الممدود، ويحمل فيه الممدود على المقصور. فمما حمل فيه المقصور على الممدود قولهم: ندى وأندية. وشدى وأشدية وسرى وأسرية. وما حمل

(43) حول المقولة الخمسين: اسم المفعول من صان.

فيه الممدود على المقصور قولهم: هباء وأهباء وحياء وأحياء وفناء وأفناء وجواء وأدواء، وإذا كان أرحية وأقفية قد ورد بها السماع فلا وجه لإنكارهما. (43) حول المقولة الخمسين: اسم المفعول من صان. قوله: كما قال الشاعر: بلاء ليس يشبهه بلاء ... الشاعر هو "على بن الجهم". قال "أبو محمد": كان "أبو السمط" "مروان بن أبي الجنوب بن أبي حفصة" هجا "علي بن الجهم" فقال: (أمرك ما الجهم بن بدر بشاعر ... وهذا علي بعدها يصنع الشعرا) (ولكن أبي قد كان جارا لأمه ... فلما تعاطى الشعر أوهمني أمرا) (44) حول المقامة الحادية والخمسين: بين لا تضاف إلى المفرد. قوله: ويقولون: المال بين زيد وبين عمرو، بتكرير لفظة بين فيوهمون الخ. قال "أبو محمد": إعادة بين ها هنا جائزة على جهة التأكيد كقوله - تعالى-: {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة} [فصلت: 34] فأعاد لا الثانية توكيدا، ويدلك على صحة ذلك قول "أعشى باهلة": (بين الأشج وبين قيس باذج ... بخ بخ لوالده وللمولود) ومثله قول "عدي بن زيد": (وجعل الشمس مضرا لا خفاء به ... بين النهار وبين الليل قد فصلا)

ومثله قول "الطمحان": (فما انفك حتى لم يدع بين هامة ... وبين [ملامي فرش محنة تنقي]) ومثله "لابن منقذ الهلالي". (أي عيش عيشي إذا كنت فيه ... بين هم وبين شك رحيل) وقال "ذو الرمة": (بين النهار وبين الليل من عقد ... على جوانبه الأسباط والهدب) وقال "امرؤ القيس": (فعدت له وصحبتي بين ضارج ... وبين العزيب بعدما متأمل) وقال آخر: (ما بين لقمته الأولى إذا انحدرت ... وبين أخرى تليها قيد أظفور)

(45) حول المقولة الثانية والخمسين: قولهم بين البينين.

وقال "ابن الزبير الأسدي" (جمع ابن مروان الأعز محمد ... بين ابن أشترهم وبين المصعب) ومما كرر فيه بين قول "أبي دواد" (سلط الموت فاستطال عليهم ... بين فان وبين حتف قضية) وقال "اللعين المنقري" يهجو "جريرا" و"الفرزدق": (فأحكم بين كلب بني كليب ... وبين القين قين بني عقاب) فعلمت بهذا أن إعادة بين لا تفسد المعنى في قولك: المال بيني وبين عمرو؛ لأنه لا فرق بين الاسم المضمر والمظهر في ذلك، وقال "أبو داؤد": (بين النعام وبين الخيل خلقته ... خاط طريقته أجش يعبوب) قوله: ومثله قوله تعالى: {يزجي سحابا ثم يؤلف بينه} [النور: 43]. قال "أبو محمد": إنما ذكر السحاب لأنه اسم جنس، والجنس مفرد مذكر، ومن أنثه فلأنه جمع سحابة فأشبه جمع التكسير. (45) حول المقولة الثانية والخمسين: قولهم بين البينين. قوله: لقد فرق الواشون بيني وبينها.

(46) حول المقولة الثالثة والخمسين: مجيء إذ بعد بينا.

قال "أبو محمد": الرفع في بين جائز على أي معنى أردت بها. أنشد "أبو عمرو" في رفع بين. (كأن رماحنا أشطان بئر ... بعيد بين حيالها جرور) وأنشد أيضا: (ويشرق بين الليث منها إلى الصقل) فرفعه، كما يرفعون إذا كان مضدر بان يبين بينا، حكى "أبو بكر بن السراج" الرفع في بين والنصب في قولك: "هذه امرأة أحمر ما بين عينيها". برفع بين أحمر وإلغاء ما، والنصب على أن تكون ما بمعنى الذي، والبين في هذا البيت - أعني: "لقد فرق الواشين" - بمعنى الوصل. ألا تراه يقول: (فقرت بذاك الوصل عيني وعينها؟ ) (46) حول المقولة الثالثة والخمسين: مجيء إذ بعد بينا. قوله: ويقولون: بينا زيد قام إذا جاء عمرو. ويتلقون بينا بإذ، والمسموع عن العرب .. الخ. قال "محمد": علم الأستاذ "أبي محمد" - رحمه الله - بهذا تأخر عن إنشائه المقامات، وكل ما في المقامات إلا قليلا على الوجه الذي أنكره منه،

(47) حول المقولة الرابعة والخمسين: تفل وثفل

كقوله: فبينا أنا أطوف وتحتي فرس قطوف إذ رأيت. وقوله: فبينا أنا عند حاكم الإسكندرية إذ دخل شيخ عفرية. وقوله: فبينا أنا أسعى وأقعد .. ثم قال: إذ قابلني شيخ يتأوه. قوله: بينا تعانقه الكماة .. الخ. قال "أبو محمد": الصواب تعنقه الكماة لأن تعانق لا يتعدى. (47) حول المقولة الرابعة والخمسين: تفل وثفل قوله: قولهم في الفرصاد: توث بالتاء المعجمة بثلاث والصحيح أنه بالتاء. قال "أبو محمد": حكى "أبو حنيفة" أنه يقال بالتاء والثاء، والتاء هي من كلام الفرس، والثاء هي لغة العرب، وأنشد البيتين وهما: (لروضة من رياض الحزم أو طرف ... من القرية حزن غير محروث) (أشهى وأحلى لقلبي إن مررت به ... من كرخ بغداذ ذي الرمان والتوت) (48) حول المقولة الخامسة والخمسين: قولهم: أزمعت على المسير. قوله: ويقولون: أزمعت على المسير، ووجه الكلام أزمعت المسير. قال "أبو محمد": أجاز "الفراء" أزمعت الأمر وعلى الأمر، وأما "الكسائي" فلم يجز إلا أزمعت الأمر. والحجة للفراء أن الأفعال قد يحم بعضها على بعض إذا تقاربت معانيها كقوله تعالى: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره} [النور: 63] فعدى

(49) حول المقامة الستين آليت وألوت.

خالف بحرف الجر من جهة أن المخالفة خروج عن الطاعة، وكذلك الإزماع هو المضاء في الأمر والعزم عليه، فكأنه قال: عزمت على الأمر. (49) حول المقامة الستين آليت وألوت. قوله: وخالفها في بيت نوب عوامل. قال "أبو محمد": سميت النحل نوبا لأنها ترعى وتنوب إلى مكانها، كما سميت أوبا جمع أيب لأنها تؤوب بعد رعيها إلى مكانها. قوله: (أظلوم إن مصابكم رجلا ... أهدى السلام إليكم ظلم) قال "أبو محمد": هذا البيت "للحارث بن خالد. المخزومي" وقبله: (أقوى من آل ظليمة الحزم ... فالعيرتان فأوحش الخطم) العيرة: الجبل الذي عند الميل من عن يمين الذاهب إلى منى، والخطم: موضع بمكة: (فما أرى شخصا بها حسنا ... في الدار إذ تحتلها نغم)

(إذ ردها صاف ورؤيتها ... أمنية وكلاهما غنم) (خصانة قلق موشحها ... رود الشباب علابها عظم) (هيفاء ممكور مخدمها ... عجزاء ليس لعظمها حجم) (وكأن غالية تباشرها ... دون الثياب إذا صفا النجم) (أظليم إن مصابكم رجلا ... أهدى السلام تحية ظلم) هكذا البيت، واسمها "ظليمة" كما قال في أول الشعر، لا "ظلوم" كما ذكر "أبو محمد" فكان الذي سأله: لم نصب رجلا هو "يعقوب بن السكيت" في مجلس "الوائق"، وقال له "المازني": نصبته بمصابكم، فما فهنم عنه "ابن السكيت"، حتى قال له: هو مثل قولك: إن ضربكم رجلا من أمره كذا ظلم، فلما سمعها "الواثق" وعلم قصور "ابن السكيت" قال "للمازني": ألق عليه شيئا. فقال له "المازني": ما وزن "نكتل" من قوله عز وجل: {فأرسل معنا أخانا نكتل} [يوسف: 63]؟ . قال "ابن السكيت": وزنه نفعل. قال "المازني": أخطأت، إنما وزنه نفتعل، لأن أصله نكتيل، أعلت الياء، فلما سكنت للجواب سقطت لالتقاء الساكنين. فقال له "الواثق": أقم عندنا، فاعتذر له فعذره، ولما خرج من عنده قال له "يعقوب": ما دعاك إلى تخطئني بين يدي "الواثق"؟ قال: ما سألتك عن شيء أظن بأحد جهله.

(50) حول المقولة الحادية والستين: الضبع والضبعة ومسائل لطيفة.

(50) حول المقولة الحادية والستين: الضبع والضبعة ومسائل لطيفة. قوله: الثاني، أنهم في باب التاريخ أرخوا بالليالي دون الأيام. قال "أبو محمد": ليس باب التاريخ مما غلب فيه المؤنث كالضبع، بل هو محمول على الليالي فقط. كقولك: كتبت لخمس خلون، فإن قلت: سرت عشرة ما بين يوم وليلة، فقد غلب المؤنث على المذكر. (51) حول المقولة الثانية والستين: من أوهام المؤرخين. قوله: ومن أوهامهم في باب التاريخ .. الخ. قال "أبو محمد": ماله قال من أوهامهم ثم قال: والاختيار؟ الوهم ها هنا به أعلق. قوله: وألحقوا بصفة الجمع القليل والتاء، فقالوا: أقمت أياما معدودات .. الخ. قال "أبو محمد": الألف والتاء قد يراد بهما الكثير لقوله تعالى: {إن المسلمين والمسلمات والقانتين والقانتات} [الأحزاب: 35] وقد يراد بها القليل كقوله "أبي داؤد": (خوت على نفتات مخزئلات) وكذلك تكون معدودات للقليل والكثير. قال الله - سبحانه-: {واذكروا الله

(52) حول المقولة الرابعة والستين: قولهم: ما رأيته من أمس.

في أيام معدودات} [البقرة: 203]. فهذه يراد بها القليل؛ لأنها يراد بها أيام التشريق. وقال - سبحانه - حكاية عنهم: {لن تمسنا النار إلا أياما معدودات} [آل عمران: 24]. فهذه للكثرة؛ لأنه جاء في التفسير أنها أربعون يوما، وهي التي عبدوا فيها العجل. وكذلك التاء في معدودة أيضا تكون للقليل والكثير، قال - سبحانه -: {وشروه بثمن بخس دراهم معدودة} [يوسف: 20] وقال: {إلا أياما معدودة} وقال أيضا: معدودة ومعدودات بمعنى واحد. قال الله - سبحانه -: {وشروه بثمن بخس دراهم معدودة} [يوسف: 20] لقليل الدراهم، وكذلك تقول: صمت أياما قليلة، ودفعت له دريهمات يسيرة. (52) حول المقولة الرابعة والستين: قولهم: ما رأيته من أمس. قوله: فإن "من" ها هنا بمعنى "في" الدالة على الظرفية، بدليل أن النداء للصلاة .. الخ. قال "أبو محمد": هذا الذي ذكره هو المشهور من مذهب البصريين، وإن كان أهل الكوفة يخالفونهم في ذلك. ومن البصريين من ذهب إلى أن "من" تكون لابتداء الغاية في جميع الأسماء من الزمان والمكان والأحداث والأشخاص. تقول: أخذته من زيد وسرت من البصرة وأتيته من غدوة. قال الله - سبحانه وتعالى -: {ومن آناء الليل فسبح} [طه: 130]. وقال: {ومن الليل فتجهد به نافلة لك} [الإسراء: 79]، وقال: "الحصين":

(53) حول المقولة الخامسة والستين: التتابع والتتايع.

(من الصبح حتى تغرب الشمس لا ترى ... من القوم إلا خارجيا مسوما) وقال آخر: (من غدوة حتى كأن الشمسا ... بالأفق الغربي تكسى ورسا) (53) حول المقولة الخامسة والستين: التتابع والتتايع. قوله: لأن التتابع يكون في الصلاح والخير والتتابع يكون بالمنكر والشر .. الخ. قال "محمد": قال الله: {فأتبعنا بعضهم بعضا} [المؤمنون: 44] وهذا الإتباع في الشر. قوله: وقد اختلف في سواسية فقيل: هل جمع سواء .. الخ. قال "أبو محمد": شاهد سواس قول "كثير": (سواس كأسنان الحمار فلا ترى ... لذي شيبة منهم على ناشى فضلا) وسواس وسواسية جمع جرى على غير واحده المستعمل، وذلك الواحد الذي لم يستعمل هو سوساة، وأصله سوسوة ووزنه: فعللة، والدليل على صحة ذلك قولهم: سواسو لغة في سواسية. قوله: واستعمالهم الهنات والهنوات في الكناية عن المنكر .. الخ. قال "محمد" في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر، فقال "لسلمة بن الأكوع": "ألا تنزل فتقول من هناتك"؟ إنما أمره أن يحدو فهل

(54) حول المقولة السادسة والستين. في القسم: وحق الملح.

أمره بمنكر؟ كلا، ولكن الهنات يكنى بها عما يعسر التصريح به ولا يمكن تعيينه من منكر ومعروف، وتفرقته بين الهنات والهنوات تحكم؛ لأن الهنات جمع هنه وهي منقوصة أصلها هنوة، والهنوات جمع على الأصل. قوله: ولا لفظة الريح إلا في الشر، كما لم يأت لفظ الرياح إلا في الخير، فقال - سبحانه وتعالى - في الإمطار: {وأمطرنا عليها حجارة من سجيل} [هود: 82]. قال "أبو محمد": قد جاء أمطر في الخبر في الكتاب العزيز، وذلك في قوله - تعالى-: {فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا} [الأحقاف: 24] لأنهم لم يريدوا به إلا الرحمة .. قوله: وهذا هو معنى دعائه - صلى الله عليه وسلم عند عصوف الريح: "اللهم واجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا" .. الخ. قال "محمد": فأين قول الله تعالى: {إنا أرسلنا عليهم حاصبا} [القمر: 34]. (54) حول المقولة السادسة والستين. في القسم: وحق الملح. قوله: وإني لأرجو ملحها في بطونكم ... الخ. قال "أبو محمد": أول القصيدة: (ألا حنت المرقال واشتاق ربها ... تذكر أزماما وأذكر مغشري)

(55) حول المقولة السبعين. في النسب إلى الفاكهة.

(55) حول المقولة السبعين. في النسب إلى الفاكهة. قوله: وإلى فبعثري قبعثري. قال "أبو محمد" صوابه قبعثرى بغير تنوين لأنه علم، وباقلاء همزته للتأنيث، فلا بد من قلبها واوا، وأما همزة علباء فزائدة للإلحاق، إن شئت قلبتها وإن شئت تركتها همزة. (56) حول المقولة الثانية والسبعين. إدغام الحرف المضعف. قوله: فيقولون: المساررة والمقاصصة والمحاججة والمشاققة ... قال "محمد" مما روينا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لنسائه: "ليت شعري أيتكن صاحبة الجمل الأرنب تخرج - أو قال تسير - حتى تنبحها كلاب الحوأب فالأزيب هو الأزب. (57) حول المقولة الرابعة والسبعين. معنى ثقل فلان رحله. قوله: ويقولون: نقل فلان رحله إشارة إلى أثاثه، وهو وهم ينافي الصواب ويباين المقصود في لغة الاعراب ... قال "محمد": قال الله سبحانه: {وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم} [يوسف: 62] وقال - عز اسمه: {جعل السقاية في رحل أخيه} [يوسف: 70] وقال: {من وجد في رحله فهو جزاؤه} [يوسف: 75] ثم بين أن الوعاء رحلا فقال: {ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت إليهم} [يوسف: 65] وقال {فبدأ بأوعيتهم} - ثم قال - {ثم استخرجها من وعاء أخيه} [يوسف: 76]. قوله: إذ ليس في جنس الآلات ما يسمونه رحلا.

قال "أبو محمد": قوله ليس في أجناس الآلات ما يسمونه رحلا إلا سرج البعير ليس بصحيح، قال "الجوهري": الرخل منزل الرجل وما يستصحبه من الأثاث، والرحل أيضا رحل البعير، وهو أصغر من القتب، وجمعه رحال. قال: والرجال أيضا الطنافس الحرير، وأنشد بيت "الأعشى": (ومصاب غادية كأن نجارها ... نشرت عليه برودها ورحالها) قال: ومرط مرحل: إزار خز، فيه علم. انقضى كلام "الجوهري"، وقد ثبت فيه وقوع الرحل على الأثاث. وقد فسر بيت "متمم بن نويرة" على ذلك، وهو قوله: (كريم الثنا حلو الشمائل ماجد ... صبور على الضراء مشترك الرحل) قالوا: أراد بالرحل الأثاث، وفي الحديث "إذا ابتلت النعال فصلوا في الرحال". وكذلك قول الآخر: (لصخرة من جنوب الهضب راكدة ... مشدودة بصفيح فوق برطيل) (خير لرحلك من حمقاء ماصلة ... تعطيك من كذب ما شئت أو قيل) وقال - سبحانه - حكاية عن إخوة "يوسف" {قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه} [يوسف: 75]. الرحل هنا الأثاث بدليل قوله: {ثم استخرجها من وعاء أخيه} [يوسف: 76].

(58) حول المقولة الخامسة والسبعين. سأب وسألة.

وقال - أيضا -: إنكاره أن يكون الرحل الأثاث والمتاع سهو؛ قال أهل اللغة: الرحل رحل البعير، والرحل الأثاث والمتاع، وعليه فسر بيت "متمم بن نويرة": (كريم الثنا حلو الشمائل ماجد ... صبور على الضراء مشترك الرحل) قالوا: الرحل هنا المتاع والأثاث مثله قول الآخر: (ألقى الصحيفة كي يخفف رحله ... والزاد حتى نعله ألقاها) قالوا: رحله أثاثه وقماشه، والتقدير ألقى قماشه وأثاثه حتى ألقى نعله مع جملة أثاثه، وإنما قدره بذلك ليصح كون ما بعد حتى في هذا الموضع جزءا مما قبله، فلا بد من تقديره: ألفة أثاثه وقماشه حتى نعله، ومثله أنشده ابن الأعرابي في بخيل يسمح بمال غيره: (سبط اليدين بما في رحل صاحبه ... جعد اليدين لما في رحله قطط) وعلى ذلك فسر قوله تعالى فيما حكاه عن إخوة "يوسف" {قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه} [يوسف: 75]، بدليل قوله: {ثم استخرجها من وعاء أخيه} [يوسف: 76] ووعاؤه من جملة أثاثه. (58) حول المقولة الخامسة والسبعين. سأب وسألة. قوله: من الرجال سائل ومن النساء سائلة، والصواب أن يقال: سأل وسألة. قال "محمد" قال الله سبحانه: {وأما السائل فلا تنهز} [الضحى: 10]، وقال رسول

الله صلى الله عليه وسلم: "هدية الله إلى المؤمن السائل على بابه" وقال: "ردوا نحاة السايل ولو باللقمة". قوله: سألة للفتى ما ليس في يده .. الخ. قال "أبو محمد": إنكاره أن يطلق السائل على من كثر سؤاله ليس بصحيح؛ لأن باب فاعل مثل ضارب وقاتل يكون عاما يخص قليلا من كثير، وأما فعال فإنه مختص بالكثير، فلا يمتنع أن يقع فاعل موقع فعال، وإن كان فعال مخصوصا بالكثير لكون فاعل عاما في الكثير والقليل ألا ترى - قوله - سبحانه - {وفي أموالهم حق للسائل والمحروم} [الذريات: 19] لا يقضي أن يكون السائل ها هنا لمن قل سؤاله؟ فعلمت بهذا أنهما قد يقعان للكثير فينوب الأعم منهما مناب الأخص، فيصير المراد بأحدهما ما يراد بالآخر، ومثل هذا في صفة الباري - سبحانه - الخالق والخلاق والرازق والرزاق، يكون المراد بأحدهما ما يراد بالآخر، ومنه قوله تعالى: {وما ربك بظلام للعبيد} [فصلت: 46] ولو قرأ قارة بظالم لكان بمعناه، وأما قوله في بيت شعر ذكره: أن لا فيه محذوفة فليس كما ذكروا، إنما الرواية فيه الرفع، والواو واو الحال، وليست للعطف، والمعنى فيه: أوصيك أن يحمدك الأقارب بعطائك وقد رجع المسكين من غير أقاربك خائبا. وأما تفريقه بين فعول وفعال بما ذكروه، فلا يعرفه النحويون، بل ضروب وضراب وصبور وصبار بمعنى واحد، وكذلك ضراب ومضراب وبحار ومبحار. قوله: ويرجع المسكين وهو خائب. قال "أبو محمد": صوابه ويرجع بالرفع، وهذه الواو واو الحال وليست واو العطف، أي أوصيك أن تحمدك الأقارب بعطائك وقد رجع المسكين من غير أقاربك خائبا ..

(59) حول المقولة السادسة والسبعين. يوشك بكسر الشين.

قوله: إذا رأيت الشمط المنورا. رواه "أبو عبيدة" القفندرا، والقفندر: القبيح، أصله قفدر والنون زائدة، والقفندر العظيم الهامة. (59) حول المقولة السادسة والسبعين. يوشك بكسر الشين. قوله: ويضاهي لفظة يوشك لفظتا عسى وكاد في جواز إيراد "أن" بعدهما .. الخ. قال "محمد": قد قال أفصح الفصحاء صلى الله عليه وسلم: "كاد الفقر أن يكون كفرا وكاد الحسد أن يغلب القدر" ثم هو من كلامهم معروف، قال "ذو الرمة": (وجدت فؤادي كاد أن يستخفه ... رجيع الهوى من بعض ما يتذكر) وقال الراجز يعني كلبا: (يكاد أن ينسل من إهابه) وهو لعمري مسبوق إلى هذه المقالة، كان "الأصمعي" يقول: لا يقول عربي كاد أن، ولكن لا حجة "لأبي محمد" في اتباع "الأصمعي" وغيره في هذا، وقد أنشد في صدر هذا الكتاب" من غلطهم في قولهم: مسح الله ضرك قول الراجز: (قد كاد من طول البلا أن يمصحا) (60) حول المقولة السابعة والسبعين: سلجم وشلجم وثلجم. قوله: ونص على أن الصواب فيه أن يقال: سلجم بالسين المغفلة .. الخ. قال "محمد" هكذا لعمري قال "أبو عمرو"، ولكن قد نص غيره على أن ترك الإعجام غلط وتصحيف، والصحيح أنه عجمي أصله الشين المعجمة فعرب بالسين المغفلة فللناطق به ما نوى.

(61) حول المقولة الثامنة والسبعين: الفيء والظل.

(61) حول المقولة الثامنة والسبعين: الفيء والظل. قوله: جلست في فيء الشجرة، والصواب أن يقال في ظل الشجرة .. الخ. قال "أبو محمد": اعلم أن الفيء وإن كان على ما ذكره فإنه لا يمتنع أن يقع موقع الظل من حيث كان ظل يستظلا به، فيقال: قعدت في فيء الشجرة أي في ظلها، وعليه جاء بيت "الجعدي": (فسلام الإله يغدو عليهم ... وفيوء الفردوس ذات الظلال) فأوقع الفيء موقع الظلال، وإن كان الفيء أخص منه، ألا ترى أن الجنة لا شمس فيها فيكون فيها فيء؟ . (62) حول المقولة التاسعة والسبعين. تعريف العدد. قوله: والاختيار يعرف الأخير من كل عدد. قال "محمد": الكتاب موضوع للتنبيه على أغلاط الخواص لا للدلالة على الاختيار. (63) حول المقولة الحادية والثمانين. ساغ لا انساغ. قوله: ويقولون: انساغ لي الشراب فهو منساغ، والاختيار ساغ فهو سايغ. قال "محمد": هذا حكم بغير بينة، وما المانع من النسب إلى ذلك كما قالوا: انحسم الداء وإن كان محسوما، وانفرج القياء وإن كان مفروجا؟ ولولا ذلك لم يقل "أبو بكر بن دريد": ... انساغ في اللها .. [ليس] إضافة الفعل إلى الماء مجازا بل حقيقة مما يسلط الفعل عليه [فيقال] منفعل ..

(64) حول المقولة الثانية والثمانين: مثلوث لا مثلث.

وقال أبو "محمد" امتناع انساغ عنده وإن لم يبينه من جهة أن باب انفعل حقه أن يكون مطاوعا لفعل ثلاثي متعد نحو: كسرته فانكسر، وساغ عنده لم يسمع فيه ساغة فلهذا لم يجز انساغ والصحيح جوازه. حكى "ابن السكيت" في باب ما يقال بالياء والواو: ساغ الطعام يسوغه ويسيغه، فعلى هذا يصح انساغ، وعليه يحمل قول "ابن دريد" "انساغ عذبا في اللها" وقال أيضا: السبب في إنكاره انساغ هو كونه انفعل، وباب انفعل أن يكون مطاوعا لساغ، لكون ساغ عنده فعلا غير متعد، فهذا سبب إنكاره لانساغ. والصواب أنه صحيح غير منكر؛ لأنه قد حكى "ابن السكيت" في باب ما يقال بالياء والواو: ساغ الطعام يسوغه ويسيغه، فعلى هذا يصح ساغ الطعام فانساغ، وعلى ذلك استعمله "ابن دريد" في قوله: "انساغ عذبا في اللها". (64) حول المقولة الثانية والثمانين: مثلوث لا مثلث. قوله: مثلث، والصواب فيه أن يقال: مثلوث .. الخ. قال "محمد": قد قال في "المقالة المغربية" فيربع صاحب ميمنته في نظمه ويسبع صاحب ميسرته على رغمه. وقال في "الطيبية": أيجب الغسل على من أمنى قال: لا ولو ثنى. والفصيح أن تستعمل "فعلت" في المصنوعات عند إفهام مبالغة أو تأكيد، حتى إذا صرت إلى تكثير الأعداد بذاتك قلت: ثلثت القوم وربعتهم وخمستهم إلى العشرة. (65) حول المقولة الثالثة والثمانين: قمؤ لا قمى. قوله والصواب أن يقال فيهما: قمؤ ودفؤ.

(66) حول المقولة الرابعة والثمانين. رخل لا رخلة.

قال "أبو محمد": حكى "ابن القطاع": قمؤ الرجل قمأة وقمى قما بالقصر. قوله: أي تعرضت لودهم. قال "أبو محمد": يقال: تبريت لمعروفه أي تعرضت، فقوله: بريت ودهم أي لودهم، فخذف الجار ونصب الاسم باسقاطه. (66) حول المقولة الرابعة والثمانين. رخل لا رخلة. قوله: وهو في اللغة الفصحى رخل بفتح الراء وكسر الخاء .. الخ. قال "محمد": الدلالة على اللغة الفصحى غير منتظمة مع التنبيه على الأغلاط، وأما منعه التحاق الهاء بهذا الاسم فقد قال الراجز: (67) حول المقولة الخامسة والثمانين: الرؤيا والرؤية. قوله: ويقولون: سررت برؤيا فلان إشارة إلى مرآه. قال "أبو محمد" اعلم أن الرؤيا تكون في المنام كما ذكر، إلا أن العرب قد استعملتها في اليقظة، وذلك في نحو قول "الراعي" يصف ضيفا طرقه ليلا: (رفعت له مشبوبة عصفت لها ... صبا يزدهيها مرة ويقيمها) (فكبر للرؤيا وهش فؤاده ... وبشر نفسا كان قبل يلومها) وعلى هذا فسر في التنزيل - وعليه جلة المفسرين - قوله تعالى: {وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس}، يعني ما رآه ليلة المعراج وكان نظرا في اليقظة دون المنام، وعلى هذا لا ينكر قول "أبي الطيب": (ورؤياك أحلى في العيون من الغمض) قول: ورؤياك أحلى في العيون من الغمض. قال "محمد": إن حسن أن

(68) حول المقولة السادسة والثمانين. قال: كيت كيت.

يقول "أبو الطيب" إنما أردت أن إدراكك في رؤيا المنام أحلى في العيون من غمضها فقد حمل عليه في التغليط. قوله: ومن قوله تعالى: {قال بصرت بما لم يبصروا به} [طه: 96] ... الخ. قال "محمد": أما قوله الله - سبحانه - إخبارا عن السامري {بصرت بما لم يبصروا به} [طه: 96] فهو كقوله - سبحانه -: {فبصرت به عن جنب} [القصص: 11] .. وهما سواء. وفي المثل: "لأرينك لمحا باصرا" فباصرا استعملت بمعنى مبصر على الأصل، مثل طايع كمطيع ونايل كمنيل وناصب كمنصب وراشد كمرشد. قال "أبو عبيدة" في كتابه المدعو "بالمجاز": بصرت به وأبصرته واحد. قوله: وبقولهم هو بصير بالعلم. قال "أبو محمد" يقال: بصرته وبصرت به، من بصر العين، وفي الكتاب العزيز {فبصرت به عن جنب} [القصص: 11] أي أبصرته وفي الحديث: "فبصر بحمار". (68) حول المقولة السادسة والثمانين. قال: كيت كيت. قوله: قال فلان "كيت وكيت" ... الخ. قال الشيخ "محمد": قد قال في "مقاماته": "فقهقوا من كيت وكيت وإنما أصحكهم خبر وقول" وأما شرطه في "كذا" فيعارضه ما رويناه في مسند "مسلم" أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لأبي هريرة": "لو فعلت كذا كان كذا وكذا".

(69) حول المقولة السابعة والثمانين. مضارع ذخر.

قوله: لأن العرب تقول: كان من الأمر كيت وكيت وقال فلان: ذيت وذيت .. الخ. قال الشيخ "أبو محمد": هذا الذي ذكره من الفرق بين كيت وكيت، وذيت وديت هو مذهب "ثعلب" ومن تابعه، وأما "الخليل" و"سيبويه" و"أبو زيد" فلا يفرقون بينهما، فيقولون: كان من الأمر كيت وكيت وقلت ذيت وذيت، وكان "ابن خالويه" يرى مذهب "ثعلب" فيقول: فعلت كيت وكيت وقلت ذيت وذيت، ولو كان الأمر على ما ذكره لنبه عليه "أبو زيد" و"الخليل" و"سيبويه" بل جعلوهما بمعنى. (69) حول المقولة السابعة والثمانين. مضارع ذخر. قوله: ويقولون في مضارع ذخر: يذخر: بضم الخاء والصواب فتحها .. الخ. قال "أبو محمد": الأصل في مضارع ففل أن يجيء على يفعل أو يفعل ليخالفوا بينهما، كما خالفوا بينهما في فعل يفعل، فما جاء من ذلك مما عينه أو لامه أحد حروف الحلق فهو على أصله، وما فتح منه فلمشاكلة الفتحة لحروف الحلق لكونها قريبة من الألف. (70) حول المقولة التاسعة والثمانين. قولهم في دستور. قوله: دستور بفتح الدال، وقياس كلام العرب فيه أن يقال بضم الدال .. الخ. قال "أبو محمد" ظاهر كلامه يقضي بأن جميع ما عربته العرب من كلام العجم قد ألحقته بأبنيتها، وهذا ليس بصحيح بدليل قولهم: "صعفوق" ولو ألحقوه بأبيتهم لصموا أوله، وكذلك قولهم: بهرام للنجم، ولو ألحقوه بأبيتهم

(71) حول المقولة التسعين: قولهم كلا الرجلين.

لكسروا أوله، وكذلك "فرند" لو ألحقوها في أبنيتهم لفتحوا ثانيه حتى يكون مثل: خنجر وسبطر، وهذا أكثر من أن يحضر. فعلمت بهذا أنه إنما يرجع في هذه الأعجمية إلى السماع لا إلى القياس. (71) حول المقولة التسعين: قولهم كلا الرجلين. قوله: والاختيار أن توحد لفظة الخير فيهما .. الخ. قال "محمد": تكثير التغليط بالدلالة على المختار وهم، والخواص حقيقون بتطلب المخارج، فكيف يضيق عنهم العذر في استعمال الجائز؟ . قوله: ومثله قول الشاعر: كلانا غني .. الخ. الشاعر هو "المغيرة بن حبنا التميمي". قال "أبو محمد" يعني قد يجيء في الشعر خبر "كلا" مثنى حملا على معناها نحو قول "الفرزدق": (كلاهما حين جد الجري بينهما ... قد أقلعا وكلام أنفيهما رابي) فقال: قد أقلعا فثنى، وقال: رابي فأفرد، ومثله قوله "الأسود بن يعفر":

(72) حول المقولة الثانية والتسعين. قولهم في شغب.

(إن المنية والحتوف كلاهما ... توفى المخارم يرقبان سوادي) فقال: يرقبان فثنى، وقال: توفى فأفرد. (72) حول المقولة الثانية والتسعين. قولهم في شغب. قوله: فيه شغب بفتح الغين فيوهمون فيه .. الخ. قال "محمد": الكلمة على وصفها به، وتغليط الشاعر في تحريك ذلك الحرف جهل عليه، واشتهار مسامحة الشعراء بذلك وبما هو أبشع منه مغن عن شرحه، وقد روى "أبو محمد" من ذلك في كتابه هذا أبياتا ومنها أنه أنشد "لدعبل": (ما سر من را بسر من را) وأنشد آخر: (ما أطول الليل بسر ممن را) ثم قال بأثر ذلك: وقد نطق الشاعران باسمها على وضعه، وإن كانا قد حذفا همزة رأى لإقامة الوزن وتصحيح النظم. ومعلوم أن تحريك الحرف المتوسط من الاسم لضرورة الشعر أخف من حذف الهمزة المتوسطة من الفعل التي سقط لأجل حذفها حرف العلة. قوله: (شغبت كما تغطي الذنب بالشغب) قال "أبو محمد": قولهم فيه: شغب بفتح الغين صحيح، وإن كان إسكان

(73) حول المقولة الثالثة والتسعين: سداد أم سداد.

الغين في كلامهم أكثر، وقد حكى "ابن دريد" أنه يقال: شغب وشغب، وحكى أهل اللغة في فعله شغب شغبا وشغب شغبا، وشغب أفصح من شغب؛ فلذلك كان شغب أفصح من شغب، ويدلك على صحة شغب شغبا قولهم في اسم الفاعل: شغب. قال "محمد": يقال: رجل شغب جغب. وأما إنكاره المغص - الداء المعترض في الجوف - فهو مذهب "ابن السكيت". كان لا يرى فيه إلا إسكان الغين، وذكر "ابن القوطية" أنه يقال: مغس مغسا ومغسا ومغص مغصا ومغصا، فجعل الفتح والإسكان لغتين. (73) حول المقولة الثالثة والتسعين: سداد أم سداد. قوله: ويقولون: هو سداد من عوز، فيلحنون في فتح السين. قال "محمد" قد وهم "أبو محمد" في حظر ما عدا الكسر. هذا "أبو يوسف يعقوب بن السكيت" سوى بينهما في "إصلاح المنطق" في باب فعال وفعال معنى واحد، فقال: يقال: سداد من عوز وسداد من عوز. كل يقال. وكذلك حكاه "ابن قتيبة" في هذا الباب في "أدب الكاتب". قوله: لدينها وجمالها ... قال "محمد": إنما هو لمالها وجمالها. قوله: ليوم كريهة وسداد ثغر ... قال "أبو محمد": أما إنكاره أن يقال فيه سداد من عوز فليس بمنكر، وإن كان الكسر هو الأكثر، وقد حكى "الجوهري" وغيره أن يقال بالكسر والفتح، والكسر أفصح. قوله: بكرب وعلز .. العلز: الضجر وقلة القرار عند الموت.

(74) حول المقولة السابعة والتسعين: أجمد حمى وحميا.

(74) حول المقولة السابعة والتسعين: أجمد حمى وحميا. قوله: تجيش علينا قدرهم فنديمها ... قال "أبو محمد": نديمها أي نسكنها من دام أي سكن، وأدمته [أسكنته] ومنه الماء الدائم أي الساكن، وقال أيضا: نديمها نتركها على النار ولا ننزلها ولا نوقد تحتها. هذا معنى الإدامة في القدر. قوله: سنة نيف وستين وأربعمائة. قال الشيخ "محمد": هذا فاسد من اللفظ؛ إذ النيف لا يخص خصوص ألقاب الأعداد، وإنما هو كقوله: سنة بضع وستين. (75) حول المقولة التاسعة والتسعين: هب أني فعلت. قوله: وكان "عروة" هذا .. الخ. قال "أبو محمد": ذكر "ابن قتيبة" و"ابن النحاس" و"اليزيدي" أنه "ابن أذينة" تصغير أذن، وذكروا أنه الذي ورد على "هشام" فأنشده: : (لقد علمت وما الاسراف من خلقي ... أن الذي هو رزقي سوف يأتيني) (أسعى له فيعنيني تطلبه ... ولو جلست أتاني لا يعنيني) وهو القائل: (إذا وجدت أوار الحب في كبدي) قوله: ومعنى هبني أي عدني واحسبني .. الخ. قال "أبو محمد": إذا جعل هبني بمعنى احسبني وعدني، فلا يمتنع أن

(76) حول المقولة الواحدة بعد المائة قولهم، قد أخطأ.

تقول: هب أني فعلت كما تقول: احسب أني فعلت، وعد أني فعلت لأنها بمعنى حسبت. قال "جرير": (تعدون عقر النيب أفضل مجدكم) أي تحسبونه أفضل، ومما يدل على أن هب بمعنى احسب ما أنشده "الأصمعي": (فكان لي مجيرا أبا خالد ... وإلا فهبني امرءا هالكا) أي احسبني. (76) حول المقولة الواحدة بعد المائة قولهم، قد أخطأ. وقوله: ويقولون لمن يأتي الذنب متعمدا: قد أخطأ فيحرفون اللفظ والمعنى .. الخ. قال "محمد": قد روى هذا "ابن قتيبة" ثم عقبه برواية اتفاق خطى وأخطأ في المعنى، وكذلك جمهور الرواة المفرقين بين اللفظتين عقبوا التفرقة برواية التسوية، ومنه قوله "أبي يوسف" في كتاب "الإصلاح": قال "أبو عبيدة" يقال: خطى وأخطأ، لغتان، وأنشد: (يا لهف هند إذ خطين كاهلا)

(77) حول المقولة المتممة للمائة الأولى: امرأة شكورة ولجوجة.

قال: أي أخطأن كاهلا، قال: ويقال في مثل: "مع الخواطى سهم صائب". (77) حول المقولة المتممة للمائة الأولى: امرأة شكورة ولجوجة. قوله: لم يشذ منه إلا حيوة. قال "أبو محمد": وشذ منه أيضا خيوان اسم لقبيلة، وقيل موضع. (78) حول المقول الثانية بعد المائة، نشب في الأمر ونشم. قوله: ودقوا بينهم عطر منشم .. صدر البيت: تداركتما عبسا وذبيان بعدما تفانوا ... (79) حول المقولة الرابعة بعد المائة: المأضر والمأصر. قوله: ويقولون لمركز الضرائب .. قال "أبو محمد": الضرائب جمع ضريبة وهي التي تؤخذ في الدية وغيرها، ومنه ضريبة العبد لغلته. قوله: المأصر بفتح الصاد والصواب كسرها .. قال "أبو محمد": حكى "الجوهري" المأصر والمأصر بفتح الصاد وكسرها في اسم الموضع، من أصره إذا حبسه.

(80) حول المقولة الخامسة بعد المائة: الصادر والوارد.

قوله: دخل على "عبيد الله بن زياد" وعليه ثبات رثة فكساه ثيابا جددا .. الخ. قال "أبو محمد": المشهور أن الذي كساه هو "المنذر بن الجارود" وكان يعجب بحديث "أبي الأسود"، وكان كل منهما يغشى صاحبه، فقال له يوما - وقد رأى عليه مقطعة من برود كان يلازم لبسها-: يا أبا الأسود، لقد لزمت لبس هذه المقطعة؟ فقال له: رب مملوك لا يستطاع فراقه. فأرسلها مثلا. فعلم "المنذر" أنه يحتاج إلى كسوة فكساه. (80) حول المقولة الخامسة بعد المائة: الصادر والوارد. قوله: ووجه الكلام أن يقال: الوارد والصادر .. الخ. قال "أبو محمد": قد قال الراجز: (بيت ترى الناس إليه نيسبا ... من صادر أو وارد أيدي سبا) وقال آخر: (والناس بين صادر ووارد ... مثل حجيج البيت نحو خالد) ولم يكن لتكثير الأوهام بهذا فائدة؛ إذ ليس منها، وكان مقصوده أن يشذر ما أتى به مما عني به الأولون فأكثر بأشياء شذت عنهم فلم يتفق له إلا مدخوله كما ترى.

(81) حول المقولة السابعة بعد المائة، ودعت قافلة الحاج.

(80) حول المقولة السادسة بعد المائة: اجتماع الهمزة مع التاؤ في "ابنت". قوله: وفي أخت أيضا هي تاء أصلية تثبت في الوصل .. الخ. قال "أبو محمد": ليست بأصلية، وإنما هي زائدة للإلحاق. قول: دل على أن التاء فيهما أصلية. قال "أبو محمد": التاء فيهما زائدة للإلحاق وليست أصلية كما ذكره. (81) حول المقولة السابعة بعد المائة، ودعت قافلة الحاج. قوله: ويقولون: ودعت قافلة الحاج فينطقون بما يتضاد الكلام فيه. قال "محمد": ما ذكره "أبو محمد" مقول منقول، والذي يدفعه أن الرفقة سميت قافلة قبل قفولها تفاؤلا لها بالقفول، وهذا كتسميتهم الدمل: دملا قبل اندماله، واللديغ قبل سلامته، والبيداء مفازة. قوله: لأن رب للتقليل فكيف يخبر بها عن المال الكثير؟ . قال "أبو محمد": [قد قال الشاعر]: (رب رفد هرقته ذلك اليوم ... وأسرى من معشر أقتال) (82) حول المقولة الثامنة بعد المائة: قولهم فلان أنصف من فلان. قوله: لأن معنى هو أنصف منه أي أقوم منه بالنصافة .. الخ. قال "أبو محمد": إنكاره لأنصف لكون فعله رباعيا، ولا ينبغي أن يكون

أفعل من كذا إلا من فعل ثلاثي، إلا أنه إذا ورد السماع به من فعل رباعي فلا معدل عن قبوله، نحو قولهم: هو أيسر منه وأعدم وأفلس وأمتع وأشرق وأفرط، وكذلك اتصف أيضاً ورد والسماع به. حكى "أبو القاسم الزجاجي" وغيره أن "حسان بن ثابت" لما انشد النبي - عليه السلام: (أتهجوه ولست له بكفء ... فركما لخيركما الفداء) قال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، هذا أنصف بيت قالت العرب وعلى ذلك قول الشاعر: (وأنصف الناس في كل المواطن من ... سقى المعادين بالكأس الذي شربا) قوله: لم قال: إن التي فوحد ثم قال كلتاهما [فثنى]؟ ... قال "محمد": ما أعجب هذا التأويل. وهذا الاستحقاق لودعت إليه ضرورة استغلاق، أما الضمير الملتحق بكلتا فضمير الخمرين الممزوجة والصرف، وكلاهما: حلب العنب والعصير، أي المعصور فهو العصير على الحقيقة. فأما تسميته ماء السحاب عصيرا وتسمية السحاب عصيرا فغير مسموع، نعم. السحاب

(83) حول المقولة التاسعة بعد المائة: جنب لمن أصابته الجنابة.

يسمى المعصرات، والمعصرات هي مفعلات من الإعصار أي الإنجاء من المكروه، والمعصر [المحقل]. يعتصر به من اللخافة، والمعصرات من السحاب المنجيات من الكربات، ثم الفعل من المعصر ثلاثي، كما العنب عصير، أي معصور، والعنب أيضا عصير إذا عصر، فلذلك قال: حلب العصير، ويجوز أن يكون الحلب هو العصير نفسه أضافه إلى نفسه كقول الله - سبحانه - {حبل الوريد} [ق: 16]، وأما المفصل فإن كانت روايته فيه مفصل بكسر الميم فهو اللسان، وقد روي المفصل بفتح الميم وكسر الصاد وهو واحد مفاصل الأعضاء. ومن الدليل على ما قلته ما يدل عليه الضمير الملتحق بقوله أرخى، أي أرخى المشروبتين اللتين كلتاهما حلب العصير، إلا أن إحداهما قتلت والأخرى لم تقتل. ثم كيف يقول كلتاهما وهو يعني الماء والخمر فيغلب المؤنث على المذكر لغير ضرورة؟ . (83) حول المقولة التاسعة بعد المائة: جنب لمن أصابته الجنابة. قوله: فأما قول "ابن عباس" رحمه الله: "إن الإنسان لا يجنب والثوب لا يجنب". قال "محمد": تمام حديث "ابن عباس": "والماء لا يجنب والأرض لا تجنب". (84) حول المقولة العاشرة بعد المائة: حذف ياء ثمان. قوله: ويحذفون الياء من ثمان في هذه المواطن الثلاثة، والصواب أثباتها. قال "أبو محمد": الكوفيون يجيزون حذف هذه الياء في الشعر، وأنشد

(85) حول المقولة الحادية عشرة بعد المائة: الوصف بآخر وأخرى.

"ثعلب": (لها ثنايا أربع حسان .. وأربع فثغرها ثمان) قوله: يخبطن السريحا ... السريح قطعة من القد يشد بها نعل الراحلة في رسغها. (85) حول المقولة الحادية عشرة بعد المائة: الوصف بآخر وأخرى. قوله: إذا قلت: قال "الفند الزماني" .. الفند: القطعة من الجبل وسمي "الفند" لعظم خلقه، وكان من فرسان [ربيعة]. (86) حول المقولة الرابعة عشرة بعد المائة: قولهم عيرته بالكذب. قوله: والأفصح أن يقال عيرته الكذب .. قال "محمد": اختيار الأفصح ليس من الغلط، ثم ما أبعد ما بين كلمتيه، أعني أول قوله [وقوله] لم يسمع في كلام بليغ ولا في شعر فصيح. قوله: وعيرني الواشون أني أحبها .. الخ. قال "أبو محمد": هذا البيت لا شاهد فيه على أن عير يتعدى إلى المفعول

الثاني بغير حرف الجر، لأنه يجوز أن يكون تقديره: وعيرها الواشون بأني أحبها، ثم أسقط الباء، وإسقاطها مع أن واسمها جائز قياسا وسماعا، والشاهد على نصبها للمفعولين قول "حميد بن ثور": (أعيرتنا أليانها ولحومها ... وذلك عار يا بن ريطة ظاهر) وقول "ليلى الأخيلية": (أعيرتني داء بأمك مثله) وقول "النابغة": (وعيرتني بنو ذبيان رهبته) وقول "المتلمس": (يعيرني أمي رجال ولن ترى ... أخا كرم إلا بأن يتكرما) قوله: وتلك شكاة ظاهر عنك عارها.

(87) حول المقولة السادسة عشرة بعد المائة. قولهم في الشموم.

قال "أبو محمد": وقبله: (أبى القلب إلا أم عمرو أصبحت ... تحرق ناري بالشكاة ونارها) قوله: يعيرني بالدين قومي وإنما .. الخ. قال "أبو محمد": قد جاء ذلك قس شعر الفصحاء من العرب. قال "عدي بن زيد": (أيها الشامت المعير بالدهر ... أأنت المبرأ الموفور؟ ) وقال أيضا في قصيدة أخرى: (أيها الشامت المعير بالدهر ... أقلن بالشباب افتخارا) وقال "الصلتان" يهجو "جريرا": (أعيرتنا بالنحل أن كان مالنا ... لود أبوك الكلب لو كان ذا نخل) (87) حول المقولة السادسة عشرة بعد المائة. قولهم في الشموم. قولهم: ويقولون لهذ النوع من المشموم: سوسن بضم السين، فيوهمون فيه .. الخ.

(88) حول المقولة الثامنة عشر بعد المائة: قولهم: قد طر.

قال "أبو محمد": حكى الوزير "ابن المغربي" عن "ثعلب" أنه لم يأت على فوعل إلا سوسن وصويج، وهو الذب تفول له العامة سوبق فيه الخبازون الجردق والرقاق، فأما قول: "أبي القاسم الحريري": إنه لم يأت على فوعل إلا جؤذر فغلط بين، لأن جؤذرا: فعللا، وإنما خففت همزته فصارت في اللفظ واوا، والأصل فيها الهمز، والواو في جؤذر بدل من الهمزة، ووزنه فوعل. قوله: كما أن بعض المحدثين ضمها .. الخ. قال "محمد": لا علم لنا بكيفية ما لفظ به هذا المحدث؛ لأنه ممن لا يعنى برواية شعره، ولعله قال: سوسنة بالفتح، فالسوء بالفتح والسوء بالضم، ومن الناس من يسوي بينهما، وقد قرى بهما بمعنى واحد في كتاب الله تعالى. (88) حول المقولة الثامنة عشر بعد المائة: قولهم: قد طر. قوله: والصواب فيه أن يقال: طر بفتحها ... قال "محمد": إنما الطرير من الشباب الممتلى لحماً وكذلك الترير، وقد طر جسمه وتر وهي الطرارة والترارة. (89) حول المقولة التاسعة عشرة بعد المائة. قولهم في ركض الفرس. قوله: والصواب فيه أن يقال: ركض بضم الراء .. الخ. قال "أبو محمد": حكى "ابن القوطية": أنه يقال: ركضت الدابة:

(90) حول المقولة العشرين بعد المائة: قولهم حكني جسدي.

استحثثتها، وركض الطائر والفرس: أسرعا. فعلى هذا يكون قولهم: ركض الفرس وركضته من باب: رجع ورجعته. قوله: وأصل الركض في اللغة تحريك القوائم وهو كذلك، فلم لا يقال: ركض الفرس إذا جرى. والبيت الذي استشهد به شاهد عليه؛ لأن معناه أنه سبق الجياد راضيا، أي في بطن أمه، فكيف لا يسبقها راكضا أي في حضره؟ . فكيف ركضه على الركض في المربض دون المركض؟ وما المانع من أن يقال: ركضت الفرس وركض الفرس كما قيل: نصصت الراحلة ونصت هي. (90) حول المقولة العشرين بعد المائة: قولهم حكني جسدي. قوله: فيجعلون الجسد هو الحاك وعلى التحقيق هو المحكوك، والصواب أن يقال .. الخ. قال "محمد" الأصل ما ذكره الأستاذ "أبو محمد" - رحمه الله - وعليه حديث "أم سلمة" في الإحداد، وهو قولها: "جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن ابنتي توفي عنها زوجها وقد اشتكت عينها أفأكحلها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا مرتين أو ثلاثا. وكذلك حديث "نافع" عن "صفية" أنها اشتكت

(91) حول المقولة الثانية والعشرين بعد المائة. الشطرنج.

عينها، ولكنهم سموا المرض شكاة توسعا، فقالوا: كيف فلان هي شكاته؟ كما قالوا في مرضه. فعلى هذا يجوز أن يقال: اشتكيت بمعنى مرضت، ويجعل الفعل للعين، وعليه جاء في بعض الروايات في حديث "أم حبيبة" فاشتكت عينها. (91) حول المقولة الثانية والعشرين بعد المائة. الشطرنج. قوله: لأن مذهبهم إذا عرب الاسم الأعجمي رد إلى ما يستعمل من نظائره ... قال "أبو محمد": قوله: إن الاسم الأعجمي إذا عرب ردته العرب إلى ما تستعمله من نظائره في لغتهم وزنا وصيغة ليس بصحيح، وقد خالف فيه جميع النحويين. ألا ترى أن "سيبويه" قال في الاسم المعرب من كلام العجم: ربما ألحقوه بأبنية كلامهم وربما لم يلحقوه، فذكر مما ألحق بأبنيتهم قولهم: درهم وبهرج، وما لم يلحق بأبنيتهم نحو أجر وفرند وإبراهيم وجربز وإبريسم، فهذا لا يبطل ما ذكره "الحريري" في الشطرنج. على أن أئمة اللغة لم يذكروا هذه اللفظة إلا بفتح الشين وقد ذكرها "ابن السكيت" في كتابه "إصلاح المنطق" بفتح الشين.، ومن ذلك قولهم: بهرام في اسم النجم، وصعفوق لخول باليمامة، والشقراق بفتح الشين فلم يلحقوه بأبنيتهم.

وقوله: في الشطرنج بالشين" إنه من المشاطرة وبالسين من التسطير غلط واضح؛ لأن الأسماء الأعجمية لا تشتق من الأسماء العربية، ألا ترى أنهم أبطلوا قول من زعم أن إبليس من أبلس بامتناع صرفه، وأيضا فإنه قد جعل هذه الكلمة خماسية، واشتقاقها من التسطير يوجب أنها ثلاثية، وتكون النون والجيم زائدتين، وهذا بين الفساد واضح الاختلال. قوله: وقالوا: تنسمت منه علما وتنشمت .. الخ. قال "أبو محمد": نسم الناس في الأمر أي ابتدأوا به. قوله: وروي بإعجام السين إهمالها. قال "محمد" فيها لغة ثالثة تشعشع بشين مقدمة معجمة وسين مهملة. حكاها "أبو عبيد" وذكر أنها من الشسوع وهو البعد والطول. قوله: ومنه سميت العصا منسأة. قال "أبو محمد": ليس النس من النوش في شيء، وقد ذكر هذا الكلام "أبو عبيد" في غريب الحديث وفرق بينهما. قوله: منسأة للسوق بها. قال "أبو محمد": قوله: إن المنسأة سميت بذلك يعني أنها ينس بها أي يساق غلط، لأنه كان يجب أن يقال: فيها: المنسة، وكذلك قوله في ينش بالشين: إنه التناوش غلط؛ لأنه كان يجب أن يقال: ينوش لا ينيش؛ لأن التناوش من النوش مما كانت عينه واوا، والنش مما كانت عينه صحيحة شيئا. قوله "دجلة". قال "محمد" اشتقاقها من الدجل وهو التغطية كأنها غطت الأرض.

(92) حول المقولة الرابعة والعشرين بعد المائة. قولهم: مطرمذ.

قوله: غس الأمانة. قال "أبو محمد": قال "الأصمعي" الغس يكون واجدا وجمعا، وأنشد هذا البيت شاهدا على الجمع، ورواه غيره: غسو الأمانة وبالواو. قوله: [جحس وجحش] .. قال "محمد": قد قالوا أيضا: جحاش وحجاش، وهو من جحش أي قشر وعره قال الشاعر: (إذا كقع القرن عن قرنه ... أبى لك عرضك إلا شماسا) (وإلا جلادا بذي رونق ... وإلا نزالا وإلا حجاسا) (92) حول المقولة الرابعة والعشرين بعد المائة. قولهم: مطرمذ. قوله: والصواب طرماذ الخ. قال "أبو محمد": إنكاره طرمذ لا وجه له، لأن أهل اللغة قد أنشدوا لبعض الرجاز: (ترمذة مني على طرماذ) فإذا ثبت صحة الطرمذة ثبت صحة طرمذ، لأن الطرمذة مصدر الفعل الرباعي

(93) حول المقولة السادسة والعشرين بعد المائة: رأيت الأمير وذويه.

والطرماذ أيضا مصدر كالسرهان والسرهفه، وإذا ثبت طرمذ فاسم الفاعل منه مطرمذ. قال "ابن خالويه": ليس الطرماذ والطرمذان بعربي، وإنما هو من كلام العجم وقوله: وأنشد عليه ما يقوله بعض الرجاز: (سلمت في قومي على معاذ ... سلام طرماذ على طرماذ) قال "محمد" إنما الرجز: (لما رأيت القوم في إغذاذ ... وأنه السير إلى بغداد) (تسليم ملاذ على ملاذ) الملاذ: المسرع، وما ذكره "أبو عمرو" فيه نظر، فلا حرج في قولهم: طرمذ فهو مطرمذ، وهذا كقولهم: شملل فهو مشملل أي مسرع، مع قولهم شملال، وكقولهم: جلوز فهو مجلور، أي أسرع، مع قولهم: جلواز. ثم الطرمذة ليست بعربية محضة. والأسماء العجمية يتلاعب بها، لا حرمة لها، ولكن لا يعدل بها عن الصيغ العربية، وفي الأبنية العربية فعللان من هذا: طرمذان. (93) حول المقولة السادسة والعشرين بعد المائة: رأيت الأمير وذويه. قوله: لأن العرب لم تنطق بذي الذي بمعنى [صاحب] إلا مضافا إلى اسم جنس، كقولك: ذو مال وذو نوال .. الخ. قال "أبو محمد": اعلم أن النحويين إنما امتنعوا من إدخال ذي على المضمر من جهة أنها جعلت وصلة إلى الوصف بأسماء الأجناس، ولما كانت المضمرات لم تدخل على مضمر، فإن خرجت عن معنى الوصلة إلى الوصف بأسماء الأجناس فإنه جائز أن تدخل على الجنس وغير الجنس، وعلى الظاهر والمضمر. ألا تراها قد دخلت على الأسماء المضمرات وعلى ذلك قول "الأحوص": (ولكن رجونا منك الذي به ... صرفنا قديما من ذويك الأوائل)

(94) حول المقولة الثامنة والعشرين بعد المائة: قولهم أشلت الشيء.

ومثله "لكعب بن زهير": (صبحنا الخزرجية مرهفات ... أبار ذوي أرومتها ذووها) (94) حول المقولة الثامنة والعشرين بعد المائة: قولهم أشلت الشيء. قوله: ويقولون: شلت الشيء .. الخ. قال "أبو محمد": يقال: شال الشيء يشول شولا: ارتفع، وشلت به شولا: رفعته. قوله: وجاه بين الأذن والعاتق. قال "أبو محمد": الأصل فيه الهمز، فقال: وجاء على قلب الهمزة ألفا للضرورة. قول: شلت يدا فارية .. . قال "محمد": قوله: شلت يدا فارية هو الخطأ الثاني من خطأ "أبي عبيدة" قوله: و"حراء" مما صرفته العرب ولم تصرفه. قال "أبو محمد": شاهد منع الصرف: (ستعلم أينا خير قديما ... وأعظمها ببطن حراء نارا)

(95) حول المقولة التاسعة والعشرين بعد المائة. قولهم ها.

(95) حول المقولة التاسعة والعشرين بعد المائة. قولهم ها. قوله: ويقولون لمن تناول شيئا ها بقصر الألف. قال "أبو محمد": حكى "السيرافي" أنه هائيا رجل بالمد وهايا رجل بغير مد، مهموزا وغير مهموز، ولا يثنى في هذه اللغة ولا يجمع. قوله: وقال: (أفاطم هاك السيف غير مذمم) قال "محمد": إنما المروي: أفاطم هاء السيف. (96) حول المقولة الحادية والثلاثين بعد المائة، قولهم البشارة بالكسر. قوله: ويقولون أعطاه البشارة والصواب فيه صم الباء .. الخ. قال "أبو محمد": الذي حكاه: "ابن السكيت" و"الكسائي" وغيرهما من أهل اللغة أن البشارة والبشارة بمعنى، وذهب بعضهم إلى أن البشارة بضم الباء لا غير، وعليه اعتمد "الحريري"، وأما إنكاره أن يكون بشرية لا يستعمل إلا في الخير فليس إنكاره بصحيح يقال في الخير بشرته كما يقال في الشر: وعدته، فإن قلت: بشرته بكذا جاز أن يكون في الخير والشر، كما يقال في وعدته خيرا وشرا، فإذا لم تذكر الخير والشر فقلت: فلم يكن إلا في الخير. قوله: تؤوم الضحا في مأتم أي مأتم. قال "أبو محمد": قد جاء المأتم في معنى الحزن. قال "زيد الخيل": (أفي كل عام مأتم تبعثونه ... على مخمر ثويتموه وما رضا)

(97) حول المقولة الثانية والثلاثين بعد المائة: تفرقت الأهواء.

وعليه قوله "التميمي" في "منصور بن زياد": (فالناس مأتمهم عليه واحد ... في كل دار رنة وعويل) وقال آخر: (أضحى بنات النبي إذ قتلوا ... في مأتم والسباع في عرس) (97) حول المقولة الثانية والثلاثين بعد المائة: تفرقت الأهواء. قوله: ويقولون: تفرقت الأهواء والآراء، والاختيار في كلام العرب أن يقال: افترقت. قال "محمد": قد قال الله - سبحانه-: {ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا} [آل عمران: 105] وقال: {ولا تتفرقوا فيه} [الشورى: 13] وهذا نص، وقال: {وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة} [البينة: 4]. (98) حول المقولة الرابعة والثلاثين بعد المائة: يقولون للقائم اجلس. قوله: ويقولون للقائم اجلس، والاختيار على ما حكاه "الخليل بن أحمد" أن يقال لمن كان قائما: اقعد. قال "محمد": من حديث "هشام" عن "عروة" أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في

(99) حول المقولة السادسة والثلاثين بعد المائة: نعم من مدحت.

مرضه فذكر الحديث إلى أن قال: فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم. و"عروة بن الزبير" أرسخ في لغة العرب من "ابن خالويه" وإذا صلى جالسا وصلوا جلوسا أجمعين. (99) حول المقولة السادسة والثلاثين بعد المائة: نعم من مدحت. قوله: نعم من مدحت. قال "أبو محمد": يجوز نعم من مدحت على حذف المقصود بالمدح، أي هو نعم من مدحت. قال "الشاعر": (ونعم من هو في سر وإعلان) وجاز ذلك لأن من بمعنى الذي، والذي فيه الألف واللام، فكما جاز نعم الذي قام زيد، كذلك يجوز نعم من قام زيد. (100) حول المقولة السابعة والثلاثين بعد المائة: مصادر على وزن فعلان. قوله: كأنهم الكروان أبصرن بازيا. قال "أبو محمد": يقال: كَروان وكِروان، ووَرشان ووِرشان، وقَلتان وقِلتان، وصَلتان وصِلتان للنشيط، وصِميان وصِميان للشجاع، وشَقذان

(101) حول المقولة الثامنة والثلاثين بعد المائة. دخلت الشأم.

وشِقذان للرجل الذي لا يكاد أن ينام ولا يكون إلا عيونا. قوله: وذكر بعضهم أنه يجمع صفوان على صفوان، وهو من الشاذ. قال "محمد": قد جاءت كلمات على هذا، فمن ذلك ورشان جمع ورشان، وهو طائر معروف وصلتان جمع صلتان وهو المتجرد الماضي في الأمور، وشِقذان جمع شَقذان وهو الحرباء وقِلتان جمع قَلتان وهو المسرع إلى الشر، وصِميان جمع صَميان وهو المندري في الخصومة والصخب. (101) حول المقولة الثامنة والثلاثين بعد المائة. دخلت الشأم. قوله: ويقولون: دخلت الشأم وهو غلط قبيح وخطأ صريح. قال "أبو محمد": قد جاء الشآم لغة في الشأم. قال مجنون بني عامر: (وخبرت ليلى بالشآم مريضة ... فماذا ترى تغني وأنت صديق) (سقى الله مرضي بالشآم فإنني ... على كل شاك بالشآم شفيق) وقال "النابغة": (على أثر الأدلة والبغايا ... وخفق الناجيات من الشآم) وقال "أبو اللحام الثعلبي": (تركت مخيرجان وراء ظهري ... وسرت من العراق إلى الشآم)

(102) حول المقامة التاسعة والثلاثين بعد المائة: قد الحاج واحدا واحدا.

وقال "الفرزدق": (أبلغ معاوية الذي سميته ... أمر العراق وأمر كل شآم) وقال "أبو الأخرز الحماني": (قاد الجياد أشهر السهام ... من دير صفين إلى الشآم) وقال "محمد": لم يبلغه جوازها وقد روينا ذلك، وفيه ثلاث لغات فصحى، هي الشأم بالهمز، ثم الشام، ثم الشآم. مسموع. (102) حول المقامة التاسعة والثلاثين بعد المائة: قد الحاج واحدا واحدا. قوله: والصواب في مثله أن يقال: جاءوا. قال "محمد": قوله والصواب، يجوز، ولو قال: والفصيح لحقق، وسيأتي الشاهد على هذلا فيما بعد. قوله: وتساعا وعشارا. قال "محمد": قد أقام الشارع أحاد في مقام واحد فقال: (منت لك أن تلاقيني المنايا ... أحاد أحاد في الشهر الحلال) قوله: وقد تستعمل بكر بمعنى عجل: (بكرت تلومك بعد وهن) قال "أبو محمد": حكى أهل اللغة أن العرب تقول: بكر إلى العثية.

(103) حول المقولة السادسة والأربعين بعد المائة: في النسب إلى الصحف صحفي.

قوله: ومن قوله عليه السلام "من راح إلى الجمعة" .. الخ. قال "أبو محد": قال "ثعلب": قوله: من راح إلى الجمعة يريد من راح بعد صلاة الصبح لأن الناس كانوا يبكرون إلى المسجد ليصلوا الصبح مع النبي صلى الله عليه وسلم قوله: إذ لا يجوز إتيانها آخر النهار. قال "محمد": المعروف أن الرواح مستعمل "في أول الزمن الذي يعتقب زوال الشمس من أول النهار إلى آخره، وأما الأوقات الستة التي اشتمل عليها حديث الرواح إلى الجمعة فهو أجزاء الزمن الذي يراح فيه إلى الجمعة؛ لأن لفظ الساعة عند العرب غير محدود بما قدره أهل علم التعديل، ولفظ الساعة عندهم ينطلق على أقصر الأزمنة، ولولا ذلك لكان التكبير إلى الجمعة أفضل من التهجير. (103) حول المقولة السادسة والأربعين بعد المائة: في النسب إلى الصحف صحفي. قوله: مقايسة على قولهم في النسب إلى الأنصار: أنصاري. قال "أبو محمد": الأنصار قد غلب على هذه الجماعة وصار كالعلم لها. قوله: كما يقال: في النسب إلى الفرائص فرضي، وإلى المقاريض: مقراضي ... الخ. قال "محمد": حاصل ما ذكر إقامة البرهان عند البصريين على صحة ما ذهبوا إليه، والمخالف لهم في ذلك متحيز إلى فئة مستقلين بنصر ما ذهبوا إليه، وحسبه هذا هزرا فلا معنى لتكثير إغلاط الخاصة. (104) حول المقولة الخمسين بعد المائة: فتح الميم في اسم الآلة وضمها. قوله: وضموها في مدهن .. الخ. قال "أبو محمد": المدهن في الأصل نقرة واسعة في الجبل يستنقع فيها

(105) حول المقولة الحادية والخمسين بعد المائة: اعمل بحشب ذلك.

الماء، ومنه حديث "طهفة بن أبي زهير النهدي": "قد نشفت المدهن". (105) حول المقولة الحادية والخمسين بعد المائة: اعمل بحشب ذلك. قوله: والميل بإسكان الياء من القلب واللسان وبفتحها فيما يدركه العيان .. الخ. قال "أبو محمد": الميل يكون في القلب واللسان وفي غيرهما، يقال: مال عن الطريق وعن الحق ميلا، وكذلك مال عليه من الظلم، ومال الشيء أيضا ميلا، وأما الميل فهو مصدر ميل الشيء إذا أعوج حلقه فهو أميل. (106) حول المقولة الثانية والخمسين: كثرت عليه فلان. قوله: ويقولون: قد كثرت عيلة فلان إشارة إلى عياله فيخطئون فيه؛ لأن العيلة هي الفقر .. الخ. قال "محمد": هذا كلام ماهر قاهر، ثم إن [العيلة] في إسكان يائها وتحريكها، ولفظ الحديث "إنك إن تذر ورثتك أغنياء خيرا من أن تذرهم عالى يتكففون الناس" والميل - في إسكان يائها وتحريكها - أختان وأنها بأيهما. استطرد إلى ذكر كلمات يختلف معناها باختلاف حركاتها. وما في معناهما دون صيغتهما قولهم: العمى في البصر والقلب والعمه في القلب خاصة، والبصر في العين والبصيرة في القلب، والوقر في الأذن والوقر على

(107) حول المقولة الرابعة والخمسين بعد المائة: رفاهة ورفاهية.

الظهر والحمل في البطن والحمل على الظهر، والعلاقة في القلب والعلاقة ما يعلق به ما يرى، والعوج بالفتح في العصا وما يرى، والعوج فيما لا يرى في أشباه هذا. وأما لفظتا الوسط والخلف اللتان ذكر فأختان في الصيغة، ولكل منهما باب. وأما القبض في حالي إسكان بائها وتحريكها فمنفردة ها هنا في بابها، ومن أخواتها: النفض مصدر نفضت والنفض المنفوض، والخبط مصدر خبطت الشجرة لأخذ ورقها والخبط الورق المخبوط، والهدم مصدر هدمت والهدم المهدوم والمنهجدم، والرشف المصدر والرشف ما يرتشف أي يمتص، والنهب المصدر والنهب ما ينتهب، والسلب المصدر، والسلب ما يسلب، والحشد المصدر والحشد المحشود، والمسد الفتل والمسد المفتول، وهو كثير. ومما عكس حكمه الحمش - دقة الساقين - والحمش، والسفر - الشخوص عن موضع الإقامة - والسفر المسافرون، ولهما نظائر. (107) حول المقولة الرابعة والخمسين بعد المائة: رفاهة ورفاهية. قوله: وقد شد بعضهم الفاء من التفه ... قال "أبو محمد": يقال: التفه والرفة مثل الثبة للجماعة، والتاء فيها للتأنيث، وكذلك ذكرها "ابن جني" عن "ابن دريد" والذي ذكره "الجوهري" في كتابه "الصحاح" أغنى من التفه عن الرفه بالهار فيهما، أعني الهاء الأصلية، وكذلك قال "أبو حنيفة" في "أنواثه" وحكى فيها تشديد الفاء وتخفيفها.

(108) حول المقولة الخامسة والستين بعد المائة: ارتضع بلبانه.

وقوله: إن الأصل في تفه تففه ثم أدغم غلط؛ لأن باب فعلة وفعل لا يدغم، ألا تراهم قالوا: رجل سببة فلم يدمغوا؟ . وذكرها "ابن السكيت" في أمثاله: التفه والرفه بالتخفيف والهاء الأصلية. (108) حول المقولة الخامسة والستين بعد المائة: ارتضع بلبانه. قوله: قد ارتضع بلبنه، وصوابه: ارتضع بلبانه ... الخ. قال "محمد": الذي ذكره "أبو محمد" في اللبان منقول من "أدب الكاتب" وقد سها "ابن قتيبة" فيه. هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "السهلة" بنت سهيل" في شأن "سالم" مولى "أبي حذيفة": أرضعيه خمس رضعات فيحرم بلبنها. وهذا نص في اللبن لبنات آدم - عليه السلام - وقد وهم "أبو محمد" رحمه الله، والدليل على وهمه ما ذكرناه من الحديث. قوله: واللبان هو مصدر لابنه. قال "أبو محمد": قوله: اللبان مصدر لابنه أي شاركه ليس بإجماع، بل الأكثر على جواز غير ذلك. قال بعضهم اللبان بمعنى اللبن إلا أنه مخصوص بالآدمي، وأما اللبن فعام في الآدمي وغيره. وقال آخرون: اللبان جمع لبن. فمما جاء فيه اللبان المشاركة في اللبن قولهم: هو أخوه بلبان أمه، كذلك فسره "يعقوب" أي هو أخوه لمشاركته له في الرضاع وعليه قول "الكميت":

(109) حول المقولة السادسة والخمسين بعد المائة: لدغ ولسع ونهس.

(تلقى الندى ومخلدا حليفين ... كانا معا في مهده رضيعين) (تنازعا فيه لبان الثديين) وقال "أبو سهل الهروي": لبان هنا جمع لبن، وعلى قول غيره: هو لغة في اللبن ولذلك فسرت ببيت "الأعشى" أعني قوله: رضيعي لبان .. بالأوجه الثلاثة، وكذلك بيت "أبي الأسود": ( ............ فإنه ... أخوها غذته أمه بلبانها) (109) حول المقولة السادسة والخمسين بعد المائة: لدغ ولسع ونهس. قوله: ويقولون لدغته العقرب، والاختيار أن يقال لكل ما يضرب بمؤخره كالزنبور والعقرب: لسع .. الخ. قال "محمد": الذي قاله "أبو محمد" رحمه الله مقول ومنقول إلا أنهم قالوا: لدغته العقرب ولسعته ولسبته، زكلهن سواء، ومن الدليل على ذلك قولهم: "يلدغ ويصيء"، ولا يسمى صوت الحية صيا ولكن صوت العقرب، ولقد جاء به رجمه الله في مقامته السابعة والعشرين، وفسره بقال: يقال: صاءت العقرب. (110) حول المقولة السابعة والخمسين بعد المائة: قولهم الحمد ف الذي كان كذا. قوله: والصواب أن يقال: الحمد لله إذ كان كذا وكذا ....

(111) حول المقولة الثامنة والخمسين بعد المائة: قولهم شحاث.

قال "محمد": قال "لبيد": (الحمد لله الذي لم يأتني أجلي ... حتى كساني من الإسلام سربالا) فصلة الذي مضمنة في قوله: كساني، وأما إنشاد بعضهم: (الحمد لله إذ ... فإنه غير معروف) قوله: وملكته لو لم يكن صلة الذي. قال "محمد": كان ها هنا هي التي بمعنى الوقوع والحدوث. (111) حول المقولة الثامنة والخمسين بعد المائة: قولهم شحاث. قوله: ويقولون: فلان شحاث بالثاء المعجمعة بثلاث، والصواب فيه: شحاذ قال "محمد": ما دل الأستاذ رحمه الله عليه حسن، والشحاث كالشحاذ على البدل، كما قالوا: جثا الرجل على ركبتيه وجذا، وقالوا: قثمت الشيء وقذمته: أخذت منه بكثرة، وقالوا: لما يخرج من الجرخ غثيثة وغذيذة. (112) حول المقولة الحادية والستين بعد المائة: قولهم: ثلاثة أشهر وسبعة أبحر. قوله: أي ليتربص كل واحدة من المطلقات ثلاثة أقراء .. الخ. قال "أبو محمد": الصحيح في هذا ما ذكره "ابن الأنباري" وهو أن القرء

(113) حول المقولة الرابعة والستين بعد المائة: وقولهم للمريض به سل.

من الأضداد يكون للطهر ويكون للحيض، فجمع القرء للطهر قروء، وعليه قوله تعالى: {ثلاثة قروء} [البقرة: 228] كذلك قول "الأعشى": (لما ضاع فيها من قروء نسائكا) وجمع القرء للحيض أقراء، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "دعي الصلاة أيام أقرائك". (113) حول المقولة الرابعة والستين بعد المائة: وقولهم للمريض به سل. قوله: ويقولون للمريض: به سل، ووجه الكلام أن يقال: فيه سلال بضم السين. قال "محمد": ما ذكره "أبو محمد" رحمه الله حسن، وإنما أخذه عن "الثعالبي" أو من حكاه "الثعالبي" عنه؛ فإنه قال ذلك في باب الأمراض والأدواء من "فقه اللغة"، وهو الباب السادس عشر، منه الهلاس والسلال، بعد أن قرر أن أكثر الأدواء جار على فعال، ثم قال بعد ذلك في الباب نفسه بعد فصول منه: والسل أن ينتفض لحم الإنسان بعد سعال ومرض، وقال بعد ذلك بفضول من الباب نفسه: إن الإنسان إذا انتهى إلى ضنى وذبول فهو الدق، وصدق هو السلال والسل والدق. وذكر في الباب نفسه أن الإجل بكسر الهمزة وجع العنق فهذا كالسل والدق، وقد جاء به "ابن دريد" على ما قلناه. وقال "أبو محمد": قال "سيبويه": إذا قالوا: جن وسل فإنما يقولون: جعل فيه الجنون والسل، فأثبت لفظة السل، وأنشد "ابن قتيبة" "لعروة بن حزام": (بي السل أو داء الهيام أصابني ... فإياك دعني لا يكن بك ما بيا)

(114) حول المقولة الخامسة والستين بعد المائة: حلا في فمي.

وأنشد "أبو عمرو" "لغيلان بن حريب": (فإلا يكن فيها هرار فإنني ... سل بما فيها إلى الحول خايف) وقال "رؤية": (كأن بي سلا وما بي ظبظاب) وقال "جران العود": (تشفى من السل والبرسام ريقتها ... سقما لمن أسقمت داء عقابيل) وقال أيضا: (ببرية لا يشتكي أهلها ... بها العيش مثل السابري رقيق) (114) حول المقولة الخامسة والستين بعد المائة: حلا في فمي. قوله: لأن العرب تقول: حلا في فمي وحلا في عيني، وليس الثاني من نوع الأول.

(115) حول المقولة السادسة والستين بعد المائة: جمع مرآة.

قال "أبو محمد": كون المصدر من حلي حلاوة والاسم منه حلو يشهد بأنه ليس من الحلى كما ذكر. وقوله - أيضا -: حلا في عيني يحلو يشهد بصحة ذلك، وكلتا اللغتين قد ذكرهما أهل اللغة، فقد ثبت بهذا أن حلى بعيني وحلى في فمي مأخوذان من الحلاوة، إنما غير بناؤهما للفرق. (115) حول المقولة السادسة والستين بعد المائة: جمع مرآة. قوله: ويقولون في جمع مرآة: مرايا. قال "أبو محمد": حكى "أبو العباس ثعلب" في "الصفيح": يقال: هذه ثلاث مراء، فإذا كثرت فهي المرايا، وذكر ذلك جماعة من أهل اللغة مثل "ابن السكيت" و"ابن قتيبة" وغيرهما. قوله: والصواب أن يقال فيها: مراء على وزم مراع. قال "محمد": - "ليس أبو محمد"-: قد قالها "ثعلب" في فصيحه: مرايا وجعله جمع الكثرة. (116) حول المقولة السابعة والستين بعد المائة: جمع عزلة. قوله وجمعها عزالى. قال "أبو محمد": صوابه عزال. (117) حول المقولة الثامنة والستين بعد المائة: قولهم جاء القوم بأجمعهم. قوله: ويقولون: حاء القوم بأجمعهم، لتوهمهم أنه أجمع الذي يؤكد به في مثل قولهم: هو لك أجمع ... قال "أبو محمد": حكى "أبن السكيت" في باب ما يضم ويفتح بمعنى جاء

(118) حول المقولة الحادية والسبعين بعد المائة: الأسود والأحمر كناية عن العرب والعجم.

القوم بأجمعهم وأجمعهم، ولذلك حكاه "الجوهري" وغيره أيضا. قال "أبو علي": ليس أجمع ها هنا هي التي يؤكد بها، وإنما هي لفظة أخرى بمعنى الجماعة، ويدلك على أن أجمعهم ليس هو أجمع الذي للتأكيد إضافته إلى الضمير. (118) حول المقولة الحادية والسبعين بعد المائة: الأسود والأحمر كناية عن العرب والعجم. قوله: ويقولون في الكناية عن العربي والعجمي: الأسود والأبيض، والعرب تقول فيها: الأسود والأحمر. قال "أبو عبد الله": ذكر "الهروي" أن بعض روى الحديث: "بعثت إلى الأسود والأبيض". (119) حول المقولة الثانية والسبعين بعد المائة: قولهم بنى على أهله. قوله: ويقولون: للمعرس: قد بني باهله ووجه الكلام بنى على أهله. قال "أبو محمد": بني بأهله غير منكر؛ لأن بنى بها بمعنى دخل بها. قال "ابن قتيبة" يقال لكل داخل بأهله: بان، وأيضا فإن الباء وعلى قد يتعاقبان على معنى واحد، نحو أفاض بالقداح وأفاض عليها. قوله: ويقولون: رميت بالقوس والصواب أن يقال: رميت عن القوس. قال "أبو محمد": ذكر ابن قتيبة" أن الأصل رميت بالقوس، و"عن" واقعة موقع الباء، وإنما حمله على هذا قولهم: ضربته بالسيف وطعنته بالرمح، وكذلك ينبغي أن يقال: ورميته بالقوس. ولو كان رميت بالقوس يجب تجنبه لما فيه من اللبس لوجب أن لا يجوز رميت بالسهم. ألا ترى إلى قوله:

(120) حول المقامة الثالثة والسبعين بعد المائة: امالة حتى ومتى.

(فرميناه بسهمين فلم تخط فؤاده) (120) حول المقامة الثالثة والسبعين بعد المائة: امالة حتى ومتى. قوله: حتى. فيميلونها مقايسة على إمالة متى. قال "أبو محمد": الإمالة التي سمعت في إمالا إنما هي في الألف من لا بدلالة أنهم كتبوها بالياء فقالوا: إمالي. (121) حول المقولة الخامسة والسبعين بعد المائة: إعراب الأعداد المرسلة. قوله: كقولك واحد واثنان وثلاثة ... الخ. قال "محمد": حكم ما كان منها على حرفين ثانيهما ألف التخيير بين المد والقصر من غير شرط، قاله "ابن السكيت". (122) حول المقولة الثامنة والسبعين بعد المائة. قولهم هو يصبو عنه. قوله: ويقولون لمن يصغر عن فعل شيء: هو يصبو عنه، والصواب أن يقال: هو يصبى عنه .. الخ. قال "أبو محمد": اختصاصه الصبى والصباء بأنهما مصدران لصبي بمعنى الصغر فليس بصحيح، بل قد يكونان لصبا يصبو. حكى أهل اللغة: صبا يصبو صبا وصباء وصبوا وصَبوة وصُبوة، ويقال: صبي الرجل صبا وصباء يعني [فعل فعل الصبيان] قال "سويد بن كراع":

(123) حول المقولة الثمانين والمائة: الصيف ضيعت اللبن.

(فهل يعذرن ذو شيبة بصبائه ... وهل يحمدن بالصبر إن كان يصبر؟ ) وقال أيضا: الصبي والصبيان هو عند النحويين من ذوات الواو وإنما جاء بالياء على قلب الواو إلى الياء تخفيفا، ومثله: غديات وعشيات وهما من الواو، ويدل على أن الصبي لانه واو قولهم في جمعه: صبوه في بعض اللغات، فيكون: صبوة وصبية مثل: قنية وقنوة، وفي الحديث "أن حسينا مع صبوة في السكة"، وإنما اساحبوا صبيان وصبية اتباعا لصبي، وكما قالوا: تغديت فأنا غديان، وتعشيت فأنا عشيان، فأتبعوهما: تغديت وتعشيت، مراعاة للفظ، والأصل الواو. (123) حول المقولة الثمانين والمائة: الصيف ضيعت اللبن. قوله: وأصله أن "عمرو بن عمرو بن عدس" كان تزوج ابنة عم أبيه .. الخ. قال "أبو محمد": هو "عرس بن زيد مناة بن عبد الله بن دارم" وكل ما في العرب من عدس فهو بفتح الدال إلا "عدس بن زيد التميمي" فإنه بضمها قوله: باتفاق كافة الملل. قال "أبو محمد": استعمل كافة في غير موضعها، وهي لا تكون إلا منصوبة على الحال، وقد تقدم ذكر ذلك. (124) حول المقولة الحادية والثمانين بعد المائة: قولهم طرده السلطان. قوله: "ويقولون طرده السلطان، ووجه الكلام أن يقال: أطرده .. الخ. قال "محمد": قال الله - سبحانه -: {يوم ينفخ في الصور} على القراءة بالنون، وقال - سبحانه -: {هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم} وإنما أخرجهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمره - سبحانه -، وقال النبي عليه السلام

(125) حول المقولة الثالثة والثمانين بعد المائة: قولهم هاوون وراوق.

"لأبي سفيان": أنت الذي طردتني كل مطرد، وكان "الحكم" طريد رسول الله صلى الله عليه وسلم، من فعيل بمعنى مفعول، وليس ببدع أن يضاف إلى السلطان أفعال أمر بها، كما يقال: ضرب السلطان الجاني، وقطع يد السارق، وهذا الدرهم ضرب الأمير، وهذا الثوب كسانيه السلطان، وما ذكره استحسان. قوله: بيده أو بآلة في كفه .. الخ. قال "أبو محمد": لا يلزم أن يكون الطرد بآلة بل قد يكون بغير آلة. يقولون: طردت زيدا أي قالت له: اذهب عني، فإن أمرت بإخراجه عنك قلت: أطرده. قال "ابن السكيت": أطردته جعلته طريدا، وطردته قلت له: اذهب عني. (125) حول المقولة الثالثة والثمانين بعد المائة: قولهم هاوون وراوق. قوله: ويقولون: هاون وراوق .. الخ. قال "أبو محمد": ذكر "ابن قتيبة" في باب الأسماء الأعجمية: الطابق والطاجن والهاون، وكذلك ذكره "الجوهري" إلا أنه ذكر أن أصلة هاوون، فخذفت الواو الثانية استثقالا لاجتماع واوين، فبقي هاون بضم الواو، فيقولون هاون بالفتح، فقد ثبت بهذا القول أن هاون فصيحة عربية، ومثله من الأسماء الأعجمية "لاوذ بن نوح" و"لاون" اسم رومي، وإنما حمل "الجوهري" على أن قال: أصله هاوون جمعهم له على هواوين. (126) حول المقولة الخامسة والثمانين بعد المائة: قولهم سامرا. قوله: ويقولون: للبلدة التي استحدثها "المعتصم بالله" سامراء فيوهمون فيه .. الخ.

(127) حول المقولة السادسة والثمانين بعد المائة: قولهم قريص.

قال "أبو محمد": سامرا هو قول "ثعلب" و"ابن الأعرابي". وأهل الأثر يقولون: اسمها القديم "ساميرا" سميت "بسامير بن نوح" لأنه أقطعه إياها. فكره "المعتصم". هذه التسمية فغيرها إلى "سر من رأى" وكراهة "المعتصم" لاسمها يشهد بأن اسمها "ساميرا" فلذلك غيرها "المعتصم" وعلى أنه قد حكى أهل اللغة أنه قد سميت "ساء من رأى" فيكون قد حذف منه همزة رأى لطول الكلمة، وعلى "سامرا" قول "أبي الطيب": (أسامرا ضحكة كل راء ... فطنت وأنت أغبى الأغبياء) فهذا نسبة إلى سامرا ومثله قول "سعيد بن سعيد الأموي": (لعمرك ما سررت بسر من را ... ولكني عدمت بها السرورا) وفيها ست لغات: سر من راء، وسر من رأى وساء من رأى وسامرا وساميرا [وساء مراء] وهذا مغير عن ساء من رأى بحذف الهمزة من سامرا، فإنه أخر همزة رأى فجعلها بعد اللام على لغة من يقولون راء في رأى، أو مغير عن ساميراء. (127) حول المقولة السادسة والثمانين بعد المائة: قولهم قريص. قوله: والشاهد عليه قوله الشاعر: مطاعين في الهيجا ... الشاعر هو "أوس بن حجر". قوله: مطاعيم في القوى.

(128) حول المقولة السابعة والثمانين بعد المائة: قولهم: قتله الحب.

قال "أبو محمد": المعروف في البيت .. مطاعيم للقرى. (128) حول المقولة السابعة والثمانين بعد المائة: قولهم: قتله الحب. قوله: قتله الحب، والصواب أن يقال: اقتتله. قال "أبو محمد": قتل هو عام في قتل الحب وغيره. قال "امرؤ القيس: (أغرك مني أن حبك قاتلي) وقال "مروان بن هماس: (هويتك حتى كاد يقتلني الهوى ... وزرتك حتى لامني كل صاحب) فإذا بني الفعل للمفعول قلت في قتل الحب اقتتل [بالحب] وكذلك من الحب ولا تقل قتل لأن اقتتل خاص [بالحرب] من الحب، وقيل: عام في الحب وغيره، وهذا هو الذي غلط الحريرى فلم يفرق بين الفعل المبني للفاعل والفعل المبني للمفعول؛ لأنه إذا قيل: قتل لم يدر ما الذي قتله، وأما اقتتل فنختص بالحب، ومثله قول "الحسين بن مطير": (فيا عجبا من حب من هو قاتلي ... كأني أجزيه المودة من قتلي) قوله: مضروجة أعين كحل ... مضروجة: موسعة. انضرجت الطريق إذا اتسعت.

(129) حول المقولة التاسعة والثمانين بعد المائة: ما كان ذلك في حسباني.

(129) حول المقولة التاسعة والثمانين بعد المائة: ما كان ذلك في حسباني. قوله: وأما الحساب فهو اسم للشيء المحسوب. قال "أبو محمد": قوله الحساب اسم للشيء المحسوب ليس بصحيح، بل قد يكون مصدرا على أصله، تقول: حسبت الشيء حسبا وحسابا وحسبانا. فأما قوله - تعالى -: {يرزق من يشاء بغير حساب} فهو مصدر حاسبته لا حسبته، وقد يجوز أن يريد القائل ما كان ذلك في حسابي أي محسوبي، ثم اتسع فيه فأوقع على كل ما لا يقع في ظنه. (130) حول المقولة الثامنة والثمانين بعد المائة: قولهم: ما يعرضك لهذا الأمر. قوله: عرضا. قوله "أبو محمد": قوله: عرضا، أي اعترضه واشتره ممن وجدته، والحديث عن "محمد بن علي". (131) حول المقولة التسعين بعد المائة: قولهم: تنوق. قوله: تنوق في الشيء، والأفصح أن يقال: تأنق. قال "أبو محمد": يقال: تأنق في الشيء وتنوق، وكلاهما مسموع، فتأنق مأخوذ من الأنق ومن الإعجاب بالشيء، وتنوق مأخوذ من النيقة، ومنه قولهم: رجل نواق إذا كان حسن الإصلاح للشيء وفي الأمثال: "خرقاء ذات نيقة" أي هي محكمة لما تعانيه مع حمقها.

(132) حول المقولة الثانية والتسعين بعد المائة: قولهم قرضته بالمقراض.

وقال "علي بن حمزة": الوجه تنوق في الشيء من النيقة، وأما تأنق فهو من الأنق وهو الإعجاب بالشيء، ومنه قول "ابن مسعود": "صرت إلى روضات أتأنق فيهن"، ومنه آنقني الشيء أي أعجبني، وقال "يعقوب"، حشيت الشعر إذ قلته ولم تتأنق فيه. لذا قاله تنوق فيما حكاه عن "الجوهري" ورأيت "علي بن حمزة" حكى عنه تأنق فيه، قال: وانصواب تنوق فيه، وقال أيضا: أنكر "ابن حمزة" تأنقت في الشيء إذا أحكمته. قال: وإنما هو تنوقت فيه. [فأما تأنقت فمن الأنق وهو الإعجاب]. وقال "محمد": لا معنى لتكثير الأوهام بهذه اللفظة، وهو لم يتعرض لبيان التصحيح بل لبيان الغلط. ثم قوله: كالذي يطلب النقاوة من وشيج تلك اللفظة لا جمع النيقة. ثم قد أتى بالحجة عليه؛ إذ قال: ذات نيقة، وأصبها يوقة، فهذا دليل صحة قولهم: تنوق، ولو ادعى أنه يروى بالهمز فالمشهور تركه. (132) حول المقولة الثانية والتسعين بعد المائة: قولهم قرضته بالمقراض. قوله: قرضته بالمقراض بالمقص .. الخ. قال "أبو محمد": قد جاء عن العرب بالإفراد في مقراض ومفراص وجلم. قال الشاعر في المقراض:

(فعليك ما اسطعت الظهور بلمتي ... وعلي أن ألقاك بالمقراض) وقال الأعشي في المفراص: (وأدفع عن أعراضكم وأعيركم ... لسانا كمفراصي الخفاجي ملحبا) وقال "سالم بن وابصة" في الجلم: (داويت صدرا طويلا غمره حقدا ... منه وقلمت أظافري بلا جلم) وقال: المقص الذي يقص به، والمقص المكان. قوله: كما وهم بعض المحدثين. قال "أبو محمد": هذا المحدث هو "ابن الرومي". ومثله له أيضا: (وما تكلمت إلا قلت فاحشة ... كأن فكيك للأعراض مقراض) قال "عدي بن زيد": (كل صعل كأنما شق فيه .. سعف الشري شفرتا مقراض) وقال "عدي بن زيد": (كل صعل كأنما شق فيه ... سعف الشري شفرتا مقراض) وقال "ابن ميادة":

(133) حول المقولة الرابعة والتسعين بعد المائة: قولهم أشرف علي الإياس.

(قد جبتها جوب ذي المقراض ممطرة ... إذا استوى مغفلات البيد والحدب) (133) حول المقولة الرابعة والتسعين بعد المائة: قولهم أشرف علي الإياس. قوله: فقال: إن إياسا سمي بمصدر أيس، وليس كذلك. قال "أبو محمد": قال "ابن السكيت": أيس يأسا ويئس يأسا، المصدر منهما واحد، وأما "ابن القوطية" فقال: أيس من الشيء يأسا وإياسا وأياسا فهو آيس و [أأس]. قوله: والاسم منه الأوس. قال "أبو محمد": قولهم: إن الأوس اسم ليس بصحيح، بل هو مصدر فيكون: أسته أوسا مثل: صغته صوغا، والمواساة من الأسوة، فلامه واو، فلا يصح اشتقاقه من الأوس لكون الأوس عينه واو، ولامه سين، فهذان أصلان مختلفان. قوله: ومنه قول "مقرون". قال "أبو محمد": صوابه مفروق. قوله: ولا أنا من سيب الإله بيائس ... قال "أبو محمد": المؤيس هو الذي عرض لليأس وألجى إلبه. (134) حول المقولة الثامنة والتسعين بعد المائة: قولهم نجزت القصيدة. قوله: نجزت القصيدة بفتح الحيم .. الخ. قال "أبو محمد": قال "ابن ظريف" اللغوي: نجزت الحاجة نجازا قضيتها

(135) حول المقولة التاسعة والتسعين بعد المائة: قولهم في جمع جوالق جوالقات.

وأنجزتها فنجزت هي، وكذلك نجزت بالوعد وأنجزته عجلته وأحضرته وفي المثل "أنجز حر ما وعد". قال: ونجز أيضا ذهب، فجعلها بفتح الجيم في الجميع، ويقال: نجز الشيء نجزا ذهب وانقضى ونجزت الحاجة نجازا انقضت، ونجز الشيء نجازا حضر، ومنه "ناجزا بناجز" وقد أجاز قوم من أهل اللغة نجز أيضا بالفتح بمعنى ذهب وأنشدوا: (فملك أبي قابوس أضحى وقد نجز) (135) حول المقولة التاسعة والتسعين بعد المائة: قولهم في جمع جوالق جوالقات. قوله: فإن قيل: كيف جمع المصغر بالألف والتاء بنحو ثويبات ودريهمات .. الخ. قال "أبو محمد": إنما وجب للمصغر أن يجمع جمع السلامة لئلا يذهب منه علم التصغير لو جمع مكسرا، ولما كان جمع السلامة ضربين: ضرب يكون بالواو والنون وضرب يكون بالألف والتاء، جعلوا الواو والنون لكل مذكر يعقل، وجعلوا الألف والتاء لما سواه من مؤنث أو مذكر غير عاقل. قوله: ومن حكم هذا النوع من المذكر المجموع بالألف والتاء .. قال "أبو محمد": قوله ومن حكم هذا النوع من المذكر المجموع بالألف والتاء أن يكون العدد بغيرها نحو: ثلاث سجلات ليس بصحيح، بل الصحيح

(136) حول المقولة المائتين. الفرق بين نعم وبلى.

أن يراعى في المجموع آحادها، فيقول: ثلاثة أرغفة، فتثبت التاء في ثلاثة وإن كانت الأرغفة مؤنثة بردها إلى رغبف. وكذلك ثلاثة أنبياء برده إلى نبي، وكذلك ثلاثة سجلات برده إلة سجل، فإن أضيف العدد إلى اسم مفرد وهو جمع في المعنى وليس من الجموع المكسرة ولا المسلمة راعيت لفظه. دون واحده، كقولك ثلثمائة عبد، فراعيت المائة ولم تراع العبد، وكذلك ثلاث من الخيل والإبل لأنهما اسم مفرد وليس بجمع مكسر ولا مسلم. (136) حول المقولة المائتين. الفرق بين نعم وبلى. قوله: إنهم لا يفرقون بين نعم ومعنى بلى .. الخ. قال "أبو محمد": أعلم أن نعم .. مصدقة للجملة التي قبلها ومقدر إعادتها بعد نعم من غير استفهام، فإذا قال: أزيد قائم؟ فقلت: نعم، فتقديره: نعم، زيد قائم، فإن قال: أزيد ليس قائما؟ فقلت: نعم، فتقديره: نعم ليس زيد قائما، فهي أبدا تقدر داخلة على الجملة التي قبلها من غير استفهام، موجبة كانت أو منفية، وأما بلى فلا تقع إلا بعد النفي موجبة للجملة، فإذا قال: أليس زيد قائما؟ فقلت: بلى، فتقديره بلى زيد قائم، فتقدر الجملة موجبة غير منفية، لأنك تسقط أداة النفي مع حرف الاستفهام، وتبقى الجملة بحالها، فإن قال: أليس زيد لا يملك دينارا؟ فقلت: بلى، فتقديره لا يملك دينارا، فتسقط النفي الأةل المصاحب لألف الاستفهام لا غير، ويبقى النفي الثاني لا تغيره، ولو أتيت بنعم في هذا الموضوع لصار تقديره: نعم، ليس زيد لا يملك دينارا، فتوجب له ملك الدينار، [لأن نفي النفي إيجاب] فقد صار نعم في هذه المسألة توجب له ملك الدينار ويلى تنفيه.

(137) حول المقولة الواحدة بعد المائتين: الفرق بين صباح مساء مركبة ومضافة.

(137) حول المقولة الواحدة بعد المائتين: الفرق بين صباح مساء مركبة ومضافة. قوله: ويأتينا صباح مساء على التركيب، وبينهما فرق يختلف المعنى فيه. قال "أبو محمد": هذا الذي ذهب إليه في الفرق بين صباح مساء بالإضافة، وبين صباح مساء على التركيب ليس مذهب أحد من النحويين البصريين. قال "أبو سعيد السيرافي" يقال: سير عليه صباح مساء وصباح مساء وصباحا ومساء معناهن واحد، ثم قال: وليس "يسير عليه مثل قولك: ضربت غلام زيد، في أن السير لا يكون إلا في الصباح كما أن الصرب لا يقع إلا بالأول وهو الغلام دون الثاني، لأنك [لو] لم ترد أن السير وقع فيهما لم يكن في إتيانك بالمساء فائدة، وهذا نص واضح. وقال "سيبويه": يقول إنه يسار عليه صباح مساء ومعناه صباحا ومساء، وهذا أيضا نص واضح في أنه لا فرق في المعنى بين أن يكون صباح مضاف إلى مسا أو مركبا معه، ويقوى ذلك أنه ضم إليه ما هو مثله مضافا ومركبا، وسوى بينهما في المعنى، نحو بينَ وبينٍ وبيتَ وبيتٍ وبيتَ بيتَ ونحو ذلك. (138) حول المقولة الثالثة بعد المائتين: الفرق بين العر والعز. قوله: وكانت الجاهلية إذا رأتها ببعير كوت مشافر الصحاح. قال "محمد": قلت: إنما تكوى مشافر الصحاح لأن من شأن الإبل أن تحك بعضها بمشافرها مآخر بعض، فإذا كوي مشفر البعير لم يحك به، فيأمن بزعمهم من العدوى. وقال بعضهم: إنما تكوى أعجازها لا مشافرها، لأن الذي به العر يحك مشافره بأعجاز ما صح منها وما سقم، فإذا حك بمواضع الكي انتفع بذلك. قوله: وإلى هذا أشار "النابغة" في قوله: فحملتني ذنب امرئ .. الخ.

(139) حول المقولة الخامسة بعد المائتين، ضبط رجل بعد لا.

قال "أبو محمد": هذا قول "الأصمعي" و"أبي عمرو" أعني: أنه يكون الصحيح فيبرأ السقيم. وقال "ابن دريد": إنهم يكوون الصحيح لئلا يتعلق به الداء لا ليبرأ السقيم، فيكون معنى بيت "النابغة" على ما ذهب إليه "ابن دريد" أنك تركت المذنب وأخذت البريء، وهذا مثل؛ لأن السقيم بالكي أولى من الصحيح. وقيل: إن العرب كانت تكوي الناقة إذا أصاب فصيلها العر لفساد لبنها، فإذا كويت برأ فصيلها لبرء أمه. قوله: لأب الجرب لا تكوى الصحاح منه. قال "أبو محمد": قوله: لأن الجرب لا تكوى الصحاح منه يقضي بأن الجرب تكوى المراض منه، والجرب لا يكوى منه مريض ولا صحيح. قال "ابن دريد": من روى بيت النابغة: كذي العر بالفتح فقط غلط، لأن الجرب لا يكوى منه. (139) حول المقولة الخامسة بعد المائتين، ضبط رجل بعد لا. قوله: فأما إذا قلت: لا رجل في الدار بالرفع .. الخ. قال "أبو محمد": قطعه على أن قولهم: لا رجل في الدار بالرفع يقضي أنه نفي رجلا واحدا ليس بصحيح، بل يجوز أن يريد به العموم، كما يريد إذا نصبه، وعليه قول الشاعر: (وما صرمتك حتى قلت معلنة ... لا ناقة لي في هذا ولا جمل) وعلى ذلك قوله - سبحانه -: {لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة} [البقرة: 254] تقرأ بالرفع والنصب والمعنى فيهما واحد.

(140) حول المقولة السابعة بعد المائتين: الفرق بين مخوف ومخيف.

(140) حول المقولة السابعة بعد المائتين: الفرق بين مخوف ومخيف. وقوله: وكذلك لا نفرق بين مخوف ومخيف والفرق بينها ... الخ .. كقولك: الأسد مخوف والطريق مخوف. قال "أبو محمد": إذا قلت خاف زيد الطريق، فزيد الخائف والطريق مخوف، وإذا قلت: أخاف زيدا الطريق فزيدا المخوف والطريق المخيف، ولا بد من تقدير مفعول محذوف تقديره أخاف الطريق زيدا الهلاك والعطب، لأن الهمزة زادته مفعولا، وزيدا - وإن كان مفعولا - فهو في معنى فاعل، كما تقول: أضربت زيدا عمرا، فزيد مفعول، وهو في المعنى فاعل بالمفعول الثاني، أي جعلت زيدا يضرب عمرا، فهو الضارب لعمرو، وكذلك جعل زيد الطريق يخاف الهلاك، فزيد هو الخائف على هذا، فبان بهذا أنك إذا قلت: طريق مخيف فليس الطريق هو المخوف المحذور، وإنما هو المخوف المحذور غيره وهو الهلاك، وإذا قلت: طريق مخوف فالطريق هو المحذور لا المحذر، إلا أن الطريق وإن كان هو المخوف في اللفظ فليس هو المخوف في المعنى، وإنما المخوف ما يتوقع فيه من هلاك وعطب، فقد آل معناهما إلى شيء واحد. ألا ترى أنك إذا قلت: خفت الطريق فالطريق وإن كان مخوفا فليس هو الذي أوجب أن يخافه فهو إذا مخيف لك، وليس يحصل الخوف من الطريق إنما يحصل الخوف مما يتوقع منه. قوله: وإذا قلت: "مخيف" كان إخبارا عما يتولد الخوف منه. قال "محمد": أنشد "أبو محمد" رحمه الله في مقاماته: (ما فيه إلا مخيف إن تمكن أو مخوف) بناء على هذا الأصل. والمخيف إذا ولد الخوف كما ذكر فقد خيف، فهو مخوف، ولا فرق من هذا الوجه.

(141) حول المقامة الثامنة بعد المائتين وفوائد تمتزج بها: استعمال أم وأو.

(141) حول المقامة الثامنة بعد المائتين وفوائد تمتزج بها: استعمال أم وأو. قوله: إنهم لا يفرقون بين قولهم: ما أدري أذن أم أقام وقولهم أذن أو أقام، والفرق .. الخ. قال "أبو محمد": إذا قال: ما أدري أذن أو أقام فقد علم منه فعل هذين إلا أنه لما كان الزمن الذي بينهما لم يطل كأنه ساعة أذن أقام، جعل بمنزلة ما لم يكن منه أذان ولا إقامة فاستفهم عنه بأو، وإن كان الفعل معلوما إلا أنه لقلته جعل بمنزلة ما لم يعلم [استفهم عنه بأم] ويدلك على كون الفعل معلوما قولهم: تكلم فلم يتكلم، فالكلام معلوم إلا لم يغن شيئا صار بمنزلة ما لم يكن منه كلام .. قوله: وكذلك لا يفرقون بين النعم والأنعام وقد فرقت بينهما العرب .. الخ. قال "أبو محمد": هذا من باب تغليب أحد الاسمين على الآخر، كقولهم: العمران في "أي بكر" و"عمر" فغلبوا لفظة "عمر" في التثنية وأسقطوا لفظة "أبي بكر" وكذلك غلبوا لفظة النعم لما أضيف إليها البقر والغنم، فقالوا: الأنعام لما جمعوها وأسقطوا البقر والغنم. (142) حول المقولة العاشرة بعد المائتين: معنى القينة. قوله: ومنه قول الشاعر: (ولي كبد مجروحة ... هو رجل من أهل الحجاز) وقال "أبو محمد": وقبل هذا البيت: (ألا ليت شعرى هل تغير بعدنا ... ظباء بذي الحسحاس بجل عيونها؟ ) وبعد البيت الأول:

(143) حول التنبيه على بعض أخطاء إملائية.

(وكيف يقين صدعا فتشتفى ... به كبد بث الجروح أنينها) (143) حول التنبيه على بعض أخطاء إملائية. قوله: وقد عثرت لجماعة من الكبراء على أوهام .. الخ. قال "محمد": إنما تقول عثرت على الشيء إذا اطلعت منه على ما يستر عن غيرك ولا يستعمل العثور فيما هو معلوم مشهور، قال الله - سبحانه -: {وكذلك أعثرنا عليهم} [الكهف: 21]. قوله: فرأيت أن أكشف عن عوارها، وأنبه على التعري من عارها ... قال "أبو محمد": يقال بالثوب عَوار وعُوار. قوله: فمن ذلك أنهم يكتبون "بسم الله" بحذف الألف أينما وقع. قال "محمد": قد حمل على هذا الكاتب وعنف فعسف، لأنه صرح بأن العلة في إباحة حذف الألف من قولهم: بسم الله كثرة الاستعمال لا إضمار الفعل، فالعلة مقتضية في إباحة حذف الألف من قولهم: بسم الله كثرة الاستعمال لا إضمار الفعل، فالعلة مقتضية حكمها ما وجدت. نعم، لو كانت العلة في حذفها إضمار الفعل لوجب إثباتها عند إظهاره، وقد أذيت الأستاذ رحمه الله - بهذا القول دية الذي قتله خطأ. قوله: ومما عدلوا فيه عن رسوم الكتابة وسنن الإصابة .. الخ. قال: ما كل من عدل عن المختار عدل عم سنن الإصابة، فقد يعدل إلى الجائز. وما أنكر عليه منه قد روي في كتاب الصلاة: سلام عليك أيها النبي. وبعده: سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين بالتنكير مع التكرير، وبه أخذ "الشافعي" رضي الله عنه مع فصاحته وعلمه بالعربية ..

قال الله - سبحانه -: {فأتينا فرعون فقولا إنا رسول ربك} [طه: 47] فاقتضى ما أمرهما بإبلاغه "فرعون" ثم اختتم ذلك بقوله: "والسلام على من اتبع الهدى" وهذا ليس قادحا فيما ذكر "أبو محمد" ولكنه شيء عن فذكر. والله سبحانه وتعالى أعلم. تمت الحاشية بحمد الله وعونه وحسن توفيقه

§1/1