الحلل الإبريزية من التعليقات البازية على صحيح البخاري

ابن باز

الحلل الإبريزية من التعليقات البازية على صحيح البخاري بقلم أبي محمد عبد الله بن مانع الروقي الجزء الأول

تقريظ

تقريظ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد؛ فإن آثار العلماء الربانيين في أمتهم متعددة ومتنوعة، في حال حياتهم المباركة وبعد مماتهم: أما في حال حياتهم فالأثر ملموس ومشاهد يعيشه الناس مع علمائهم: علمًا وتعليمًا، واقتداءًا، وتوجيهًا وأمرًا بالمعروف ونهيًا عن المنكر، ونشرًا للدين، وذبًا عنه، ووقوفًا أمام أعدائه من الملحدين والزنادقة وأهل البدع والإفساد. وكم شهد المسلمون في كل عصر مواقف لعلمائهم العاملين ينصرون فيها حقًا ويردون باطلًا كادت أن ترتفع أعلامه ويعم خطره على أمة الإسلام. وهؤلاء هم الذين تفقدهم الأمة إذا ماتوا. بل ربما لم يعرف الكثيرون قدرهم إلا بعد رحيلهم. وأما بعد وفاتهم فأظهر أثار العلماء: 1 - تلاميذهم الذين تلقوا عنهم، وساروا على منهاجهم، في نشر العلم النافع والدعوة إلى الله تعالى، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلشيوخهم ... - من هذا الأجر نصيب - دون أن ينقص من أجور التلامذة، كما جاء بذلك الحديث الصحيح عن رسول الله ... 2 - المؤسسات والمدارس التي أنشأوها أو شاركوا في إنشائها، وبقيت هذه المدارس ودور العلم تقدم للأمة العلم الصحيح والعمل الصالح من

خلال من تخرج منها من طلاب العلم الذين هم قدوات لغيرهم، يمتد أثرهم إلى عموم المسلمين. 3 - العلم النافع من خلال الكتب والرسائل والردود التي يؤلفونها بحيث تبقى علمًا تتلقاه الأمة، وتنتشر بمقدار كثرة نسخها واتساع انتشارها في بلاد المسلمين. ولأهمية هذا الأثر الأخير وعظم دوره في الأمة كما هو معلوم، حيث لا تزال المخطوطات الإسلامية العلمية المتفرقة في جميع أنحاء العالم أحد أهم ما يعني به طلاب العلم وتفتخر به أمة الإسلام على بقية الأمم. فإنني أحب أن أقف وقفة مع هذا الأثر لعلماء الإسلام قديمًا وحديثًا فأقول: كم يحزننا أن نقرأ ونسمع من علماء كبار كانوا أئمة في التحقيق في فنون العلم الشرعي المختلفة، وكانوا مرجعًا للأمة، بل ولعلماء عصرهم في معضلات المسائل، ثم لا نجد لهؤلاء العلماء أثرًا إلا ما دوّن من تراجمهم في كتب الأعلام والرجال - وكثيرًا ما تكون مختصرة لا تغني شيئًا -. هذا في الماضي أما في عصرنا الحاضر فقد تجددت وسائل حفظ العلم، وصارت الدروس والمحاضرات تسجل وتحفظ ليستفاد منها من خلال التسجيل أو بعد أن تفرغ وتصحح وتطبع. ولكن الشأن في الدروس التي لم تسجل، كما هو الحال في كثير من دروس الشيخ الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى ليس هناك وسيلة لحفظ ذلك إلا عن طريق ما يدونه التلاميذ ويعلقونه أثناء الدرس، تلقيًا عن الشيخ مباشرة. وهذا ما نشير إليه في الفقرة التالية: 4 - ما يدونه التلاميذ ويعلقونه عن شيوخهم من خلال الأسئلة، أو سماع الدروس والتعليقات والتنبيهات التي تكون أثناء تلقي العلم عنهم أو

القراءة عليهم. وأظهر ما يمثل هذا النوع أمران: أحدهما: الأسئلة والمسائل التي يسألها التلاميذ أو يسمعونها أثناء الدرس بحيث يقوم بالسؤال غيرهم، فيقومون بتدوين ذلك وهذا كثير كما هو الحال في مسائل الإمام أحمد وغيره من أئمة الإسلام. الثاني: ما يدونه بعض الطلاب على طرة كتبهم أو في ورق آخر مستقل أثناء إلقاء الشيوخ دروسهم، وهذا النوع من تلقي وتدوين العلم من أشق ما يعانيه الطلاب، ولا يكاد يقوى على الاستمرار عليه إلا القليل النادر (¬1) من طلاب العلم، لأن الكثيرين يحبون الاستماع ويعتمدون على ما يبقى في الذاكرة من علم الشيخ وفوائده وتحقيقاته. وهذا الكتاب والسفر النفيس الذي يقدمه أخونا الشيخ الفاضل / عبد الله بن مانع الروقي، والذي اختار له أسمًا جميلًا وعنوانًا لطيفًا معبرًا «الحلل الإبريزية من التعليقات البازية على صحيح البخاري» هو من ذلك النوع الشاق على طلاب العلم، والذي عُرف به أخونا الشيخ عبد الله من بين المشايخ الذين تلقوا وحضروا دروس شيخنا ووالدنا ابن باز - رحمه الله - حيث كان حريصًا على تدوين الفوائد والنكت والتعليقات والترجيحات، ولا يترك منها شيئًا حتى ولو كان أمرًا معلومًا مشهورًا بين طلاب العلم. فقيّد العلم وأنجح، وكان من أثار ذلك جملة من المسائل التي حفظها ودونها، وجملة من التعليقات على بعض كتب العلم ومنها هذا الكتاب المبارك الذي يجمع بين: صحيح البخاري، ومواضع من فتح ¬

(¬1) من هؤلاء - كما سمعنا - الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن قاسم - رحمه الله - حيث حفظ كثيرًا من علم الشيخ العلامة مفتي الديار محمد بن إبراهيم آل الشيخ - رحمهم الله جميعًا -.

الباري، وتعليقات الشيخ ابن باز. فأكرم بهم من سلسلة ذهبية توجت بحفظها وإخراجها للأمة من جانب أخينا عبد الله وفقه الله وسدده وأعظم أجره. بقي أن أشير إلى أن أهم ما يميز دروس الشيخ العلامة ابن باز - رحمه الله - قوة الترجيح ومتانة التحقيق ووضوح التعليق، فهو في مثل هذه الدروس العلمية لا يحرص على الشرح والتفصيل الواضحات، التي لا تحتاج إليها المطولات، وإنما يعلق التعليق المهم الذي يحتاج إليه العلماء وطلاب العلم الذين أخذوا أجمل العلم وأدركوا مسائله، ولكن تمر عليهم معضلات ومشكلات يحتاجون فيها إلى الجهابذة الذين يحلونها ويقررون القول الراجح منها وهذا ما يميز هذه التعليقات النفيسة في السفر المبارك. فدونك هذه الدرر، قصيرة في عبارتها عظيمة في معانيها وتحقيقاتها، يكفي أنها خلاصة علم شيخ قضى من عمره ما يزيد على السبعين عامًا مع هذا العلم والقراءة والتحقيق ليلًا ونهارًا حضرًا وسفرًا - رحمه الله رحمة واسعة وجمعنا به في عليين. أما أخونا الشيخ عبد الله بن مانع فنقول له: جزاك الله خيرًا على ما عانيت أثناء الدروس، وجزاك الله خيرًا على حرصك على نشر علم الشيخ بدل أن يبقى محبوسًا، ونحن ننتظر المزيد من هذا النوع من العلم فعجّل بنشره وفقك الله وسددك وأثابك. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وكتبه / عبد الرحمن الصالح المحمود الرياض 18/ 3/1427 هـ.

إسنادي إلى «الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسننه وأيامه» للإمام الحافظ أبي عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم ابن المغيرة البخاري - رضي الله عنه -. قال الفقير إلى مولاه: أبو محمد عبد الله بن مانع الروقي: حدثنا (إجازة) أبو تراب الظاهري، وأحمد الشاطري، وعبد القادر البخاري، قالوا حدثنا عمر بن حمدان المحرسي، قال: حدثنا السيد محمد بن عبد الحي الكتاني. وحدثنا (إجازة) أبو تراب الظاهري، قال: حدثنا السيد محمد بن عبد الحي الكتاني، عن أبيه عبد الكبير الكتاني، عن عبد الغني الدهلوي، عن محمد بن إسحاق الدهلوي، عن عبد العزيز الدهلوي، عن أبيه ولي الله الدهلوي، عن سالم بن عبد الله البصري، عن أبيه عبد الله بن سالم البصري، عن محمد بن علاء الدين الحافظ البابلي، عن محمد حجازي الشعراوي الواعظ، عن محمد بن أركماس، عن الحافظ شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، قال: أخبرنا أبو إسحاق التنوخي، قال أخبرنا أبو العباس الحجار، قال: أخبرنا أبو الحسين بن المبارك الزبيدي، قال: أخبرنا أبو الوقت السجزي، قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداودي، قال: أخبرنا عبد الله بن حَمُّويه السرخسي، قال: أخبرنا الفربري، قال: أخبرنا الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم ابن المغيرة الجعفي البخاري - رحمه الله -، قال: حدثنا الحميدي عبد الله بن الزبير، قال حدثنا سفيان، قال: حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري، قال: أخبرني محمد بن إبراهيم التيمي: أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي

يقول: سمعت عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - على المنبر، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو إلى امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه».

المقدمة

المقدمة الحمد لله ولي الصالحين، ورب الطيبين، تفضل على من شاء من عباده فهداه وعلمه ووفقه وسدده، فيا لسعادة من جعله الله إمامًا للمتقين يعلمهم ويهديهم إلى صراط الله المستقيم، فأي فضل عليهم قد أسداه، وأي تكريم لهم قد أعطاه، أولئك هم عبادة الله البررة {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [القصص: 68]. وأصلي وأسلم على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة خير الورى، وأشرف من وطئ الثري، نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه. أما بعد: فهذه جملة من تعليقات إمام أهل السنة في عصره شيخنا عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله - على صحيح البخاري وشيئًا من تعليقاته على مواضع من فتح الباري. سطرتها أناملي، سماعًا منه وجاد بها المولى كرمًا منه فلله الحمد كثيرًا كما أنعم كثيرًا أسميتها الحلل الإبريزية من التعليقات البازية. أسأل الله أن يتقبلها عملًا صالحًا لوجهه خالصًا وأن ينفعني بها وشيخي إنه جواد كريم. وقد امتازت تعليقات شيخنا رحمه الله تعالى بميزات من أهمها: 1 - القطع بحكم في كثير من المسائل، وما كان ذلك من الشيخ في أكثر ما قطع به إن لم يكن كله إلا بعد طول بحث وتأمل ونظر، فهي مسائل محققة محررة عنده، أخذنا زبدتها، وقطفنا ثمرتها. 2 - الإيجاز في عبارته مع ما تؤديه من عظيم المعاني، والفوائد، فالمسألة

وهنا تنبيهات مهمة للقارئ الكريم

يكون فيها خلاف كبير جدًا، يلخصه الشيخ رحمه الله تعالى في سطر أو سطرين مع ترجيح ما يراه، ولا أراه إلا كما قال الدارقطني «كان أبو القاسم بن منيع قلما يتكلم على الحديث فإذا تكلم كان كلامه كالمسمار في الساج» (¬1). 3 - الفوائد المستنبطة، وبعضها لا يكاد يوجد عند غيره رحمه الله تعالى. 4 - التعقبات المقنعة، فهو أحيانًا يعلق على رواية، أو حكم، أو يتعقب بعض من قال بقول يراه الشيخ مرجوحًا، فيفصح عن وجه الضعف فيه بأوجز عبارة، وأبلغ معنى. وهذه الميزات من أهم الأسباب التي دفعتني لإخراج هذه المجموعة المباركة من التعليقات، وقد انبهر بها بعض أهل العلم لما أطلع عليها وألح في لزوم إخراجها سريعًا. وهنا تنبيهات مهمة للقارئ الكريم: 1 - حرصت كل الحرص على كتابة لفظ شيخنا بالنص إن أمكنني ذلك، وإن شق فأكتبه بالمعنى القريب. 2 - كتبت عن شيخنا أحواله في الدرس: من تبسم، وبكاء، وتسبيح، وتهليل، وتكبير، وتعجب، ودعاء. 3 - كل ما في الحاشية من كلام شيخنا إلا ما صدرته بقولي قلت: فمن كلامي. وما كان مصدرًا بنجمة فهو من كلامه أفردته بذلك لأنه ليس على صلب المتن. 4 - أذكر تاريخ السؤال عند الحاجة لذلك. 5 - إذا أحلت على جزء أو صفحة (من الأصل) فأريد به الجامع الصحيح مع شرحه فتح الباري (السلفية الثانية) وهو المراد بقولي تم الجزء .. ¬

(¬1) تاريخ بغداد (10/ 116).

6 - إذا قلت كذا في العيني فأعني به شرح بدر الدين العيني على البخاري المسمى (عمدة القاري). 7 - حذفت بعض الأسماء التي صرح بها شيخنا- إلا ما كان ذكره مكملًا للمقصود. 8 - الأحاديث الطوال اكتفيت بذكر ما عليه التعليق في أكثرها دون ذكر الحديث بكامله، وكنت في الأول أمرت الناسخ بالاكتفاء بذلك، ثم غيرت رأيي وقلت: بل اكتبها كلها، فاستدرك الناسخ بعضها، وبقي البعض الآخر لم يكمل .. فلعلنا نكملها في طبعات قادمة إن شاء الله تعالى حرصًا على عدم تأخير إخراج هذه التعليقات المباركة. 9 - سألت شيخنا عن كثير من الأحاديث لمعرفة قوله فيها، وأحيانًا أثبت ما رأيته في درجة الحديث للإفادة. 10 - أضفت فوائد مهمة من كلام بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وغيرهما لدعاء الحاجة لها. 11 - بذلت ما أستطيع لتصحيح الملازم، واجتهدت في ذلك ولكن يبقى عمل الإنسان معرضًا للنقص والزلل فمن وجد عيبًا فليستره، وحالي كما قال الأول: متى تصل العطاش إلى ارتواء ... إذا استقت البحار من الركايا ومن يثني الأصاغر عن مراد ... وقد جلس الأكابر في الزوايا وإن ترفع الوضعاء يومًا ... على الرفعاء من إحدى البلايا إذا استوت الأسافل والأعالي ... فقد طابت منادمة المنايا وكل علم يكتب وينشر إنما تعرف نفاسته، وتثمن قيمته، بقيمة صاحبه العلمية وشيخنا أبو عبد الله هذا الإمام العلم شيخ الإسلام في عصره شيخنا

ابن باز رحمه الله تعالى- وكنت رأيته بعد موته في المنام جالسًا وقد طلب ماءً فسقاه من سقاه من تلاميذ- وقد عرفت بعضهم- لكنه أراد ماءً باردًا غير ما سقي- فجاء أحدهم بماء بارد فسقي الشيخ فتبسم كأنه يقول: نعم هذا دواء العطشان. ولا أستطيع أن أصف شيخنا رحمه الله تعالى إلا بمقالة المزي في شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وهو قوله: ما رأيت أحدًا أعلم بكتاب الله ولا بسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ولا أتبع لهما منه. وكفى بهذا عن ترجمته رحمه الله تعالى. ختامًا ... أشكر كل من أعانني على إخراج هذه التعليقات، وأسأل الله تعالى أن يثيبهم أجزل الثواب وأعظمه، ولا يفوتني أن أشكر الرجل الخير الجواد- أحسبه كذلك- مطلق الغويري سلمه الله تعالى فقد تبرع بتكلفة طباعة الملازم وتجهيز الكتب - فجزاه الله خير الجزاء وحفظه في نفسه وولده وماله. وكذلك أشكر زوجتي (أم محمد) التي استحثتني على التكميل والمسارعة فجزاهم الله جميعًا خير الجزاء، وسدّد فينا وفيهم القول والعمل. وسيتلو هذا الكتاب- إن شاء الله تعالى- سؤالاتي لابن باز وهي كثيرة جدًا، وتعليقات شيخنا على كتب أخرى يسر الله تعالى إخراجها، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، فلا قرت عين حاسد والحمد لله رب العالمين. وكتبه أبو محمد عبد الله بن مانع الروقي ص. ب 9010 الرياض 11413

1 - كتاب بدء الوحي

1 - كتاب بدء الوحي 1 - باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - 1 - حدثنا الحميدي عبد الله بن الزبير قال حدثنا سفيان قال: حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري قال: أخبرني محمد بن إبراهيم التيمي أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي يقول: سمعت عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - على المنبر قال: سمعت رسول الله يقول: «إنما الأعمال بالنيات (¬1)، وإنما لكلِّ امرء ما نوى: فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو إلى امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه». 2 - باب 2 - حدثنا عبد الله بن يوسف قال: أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - أن الحارث بن هشام - رضي الله عنه - سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول كيف يأتيك الوحي؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أحيانًا يأتيني مثل صلصلة الجرس وهو أشده علي فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال، وأحيانًا يتمثل لي الملك رجلًا فيكلمني فأعي ما يقول». قال عائشة - رضي الله عنها -: ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقًا (¬2). ¬

(¬1) سألت شيخنا عن التقدير في هذا الحديث فقال: قيل صحتها، وقيل قبولها .. والأمر أعم من ذلك ... (¬2) وذلك من ثقل الوحي {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} [المزمل: 5]. والوحي على أنحاء ثلاثة: اثنان منها في الحديث والثالث: النفث في الروع (القلب) إن روح القدس نفث في روُعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها .... وكل هذه الثلاثة بواسطة وهناك نوع رابع مباشر مثل فرض الصلاة في عروجه إلى السماء والرؤيا في المنام قد تكون نوعًا خامسًا. الإلهام وحي إلهامي ليس خاصًا بالأنبياء بل يقع لغيرهم {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ} [القصص: 7] الآية.

3 - باب

3 - باب 3 - عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: أول ما بدئ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح. ثم حبب إليه الخلاء، وكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه - وهو التعبد - الليالي ذوات العدد، قبل أن ينزع إلى أهله ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها، حتى جاءه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال: اقرأ. قال: ما أنا بقارئ. قال: فأخذني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ. فقلت: ما أنا بقارئ. فأخذني فغطني الثالثة، ثم أرسلني فقال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ} [العلق: 1 - 3]، فرجع بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد - رضي الله عنها - فقال: زملوني زملوني. فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة وأخبرها الخبر: لقد خشيت على نفسي. فقالت خديجة: كلا والله ما يخزيك الله أبدًا (¬1)، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل ..... ¬

(¬1) وهذا من فقهها - رضي الله عنها -، فصاحب الأعمال الحميدة والعظيمة لا يخزي، وصدقت رحمها الله فصاحب الأعمال الحميدة في الجاهلية والإسلام لهم فضل، خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا: فإذا أسلموا كتبت أعمالهم العظيمة التي في الجاهلية. * هل يدعى لورقة بن نوفل يترحم عليه؟ فقال: نعم - رضي الله عنه - ورحمه قلت روى الحاكم في المستدرك (4211) من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعًا: «لا تسبوا ورقة فإني رأيت له جنة أو جنتين» إسناده صحيح وعنده (8187) من طريق عثمان بن عبد الرحمن عن الزهري عن عروة عن عائشة سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ورقة فقال: «رأيته في المنام وعليه ثياب بيض ولو كان من أهل النار لكان عليه لباس غير ذلك». * كم مدة فتور الوحي؟ فيه اختلاف، قيل: ثلاث سنين، وقيل: أقل.

4 - باب

4 - باب 5 - حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا أبو عوانة قال: حدثنا موسى ابن أبي عائشة قال: حدثنا سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} [القيامة: 16]، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعالج من التنزيل شدة، وكان مما يحرك شفتيه، فقال ابن عباس: فأنا أحركهما لكم كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحركهما. وقال سعيد أنا أحركهما كما رأيت ابن عباس يحركهما - فحرك شفتيه - فأنزل الله تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} [القيامة: 16، 17]، قال: جمعه لك في صدرك وتقرأه {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} قال: فاستمع له وأنصت {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} ثم إن علينا أن نقرأه. فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك إذا أتاه جبريل استمع، فإذا انطلق جبريل قرأه النبي - صلى الله عليه وسلم - كما قرأه (¬1). ¬

(¬1) وهذا من حرصه - صلى الله عليه وسلم - ثم أمر بالإنصات ثم يجمع في صدره. وفسر ابن عباس تحرك اللسان بتحرك الشفتين، وهو لازم تحريك اللسان.

6 - باب

6 - باب 7 - حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع قال أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني عبيد لله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن عبد الله بن عباس أخبره أن أبا سفيان بن حرب أخبره أن هرقل أرسل إليه في ركب من قريش، وكانوا تجارًا بالشام في المدة التي كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ماد فيها أبا سفيان وكفار قريش، فأتوه وهو بإيلياء، فدعاهم في مجلسه وحوله عظماء الروم، ثم دعاهم ودعا بترجمان فقال: أيكم أقرب نسبًا بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ فقال أبو سفيان: فقلت أنا أقربهم نسبًا. فقال: أدنوه مني، وقربوه. فوالله لولا الحياء من أن يأثروا علي كذبًا لكذبت عنه. ثم كان أول ما سألني عنه أن قال: كيف نسبه فيكم؟ قلت هو فينا ذو نسب. قال فهل قال هذا القول منكم أحد قط قبله؟ قلت: لا. قال فهل كان من آبائه من ملك؟ قلت: لا. قال: فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟ فقلت: بل ضعفاؤهم .... فهل يغدر؟ قلت: لا، ونحن منه في مدة (¬1) ... قال: ماذا يأمركم» (¬2) ... وهم أتباع الرسل (¬3) ... عن قدمه (¬4) ... لقد أمر ابن أبي كبشة (¬5). ¬

(¬1) هي المدة التي أبرمت في الحديبية. (¬2) صوابه بماذا وأثبتها في الشرح. أبو سفيان يجتمع مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجد الثالث عبد مناف. (¬3) كما قال الله: {قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ} [الشعراء: 111]. (¬4) قدميه. (¬5) السنة تقديم الاسم عند كتابة الرسالة، لكن بعضهم يتأدب ويؤخر اسمه، وكان أنس يكتب إلى عبد الملك بن مروان من أنس. يعني بابن أبي كبشة النبي - صلى الله عليه وسلم -.

كتاب الإيمان

كتاب الإيمان 1 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بني الإسلام على خمس» وهو قول وفعل. ويزيد (¬1) وينقص. قال الله تعالى: {لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ - وَزِدْنَاهُمْ هُدًى - وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى - وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ - وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا}. 2 - باب دعاؤكم إيمانكم (¬2) 8 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وأقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان». 3 - باب أمور الإيمان وقول الله تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ ¬

(¬1) وكذا ما قال الله عن إبراهيم: {قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: 260] الآية، فيزداد إيمانه * وسألت الشيخ عن دليل النقص؟ فذكرت له «من ناقصات عقل ودين ... » فكأنه أقره وقال ليس من كسبهن، وذكر له نكت في قلبه نكتة سوداء فقال كذلك يعني يصلح دليلًا. (¬2) سقطت من جميع النسخ، والظاهر أنها وهم من بعض الرواة، والصواب إسقاطها.

4 - باب المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده

عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة: 177] (¬1) الآية. قال الحافظ: ... وعن الخليل البضع السبع (¬2). 4 - باب المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده 10 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المسلم (¬3) من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه». 8 - باب حب الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الإيمان 15 - عن قتادة عن أنس قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين» (¬4). ¬

(¬1) فجعل هذه الأعمال صدقًا وهو الإيمان، وجعلها تقوى وهي هدى وإيمان وإسلام. * فالإيمان يطلق على الجميع، وجاء في رواية «وسبعون» وهي زيادة مقبولة. (¬2) في العيني: قال صاحب العين: البضع سبعة، وهو الخليلي. (¬3) الكامل. (¬4) وهذا يوجب أن تكون محبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فوق محبة الناس وبعد محبة الله. * أصل المحبة واجب، فمن لم يحب الله ورسوله فهو كافر، لكن ينبغي تقديم محبة الله ورسوله وجعلها في المقام الأعلى.

9 - باب حلاوة الإيمان

9 - باب حلاوة الإيمان 17 - عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما (¬1)، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار». 10 - باب علامة الإيمان حب الأنصار 17 - حدثنا أبو الوليد قال: حدثنا شعبة قال أخبرني عبد الله بن عبد الله بن جبر قال: سمعت أنسًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «آية (¬2) الإيمان حب الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار». قال الحافظ: .... ووفي بالتخفيف، وفي رواية بالتشديد، وهما بمعنى (¬3). 12 - باب من الدين الفرار من الفتن 19 - حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة عن أبيه عن أبي سعيد الخدري أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال، ومواقع القطر، يفر بدينه من الفتن» (¬4). ¬

(¬1) قيل هذا ناسخ لحديث إنكاره على من قال «ومن يعصهما» وقيل أنكر على جمع المعصية ... (¬2) آية: علامة. (¬3) وأشار لها الشيخ. (¬4) وقد وقع فتن كثيرة، أولها بقتل عثمان ثم تتابعت بعد ذلك.

15 - باب تفاضل أهل الإيمان في الأعمال

15 - باب تفاضل أهل الإيمان في الأعمال 22 - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، ثم يقول الله تعالى أخرجوا من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان، فيخرجون منها قد اسودوا فيلقون في نهار الحيا - أو الحياة، شك مالك - فينبتون كما تنبت الحبة في جانب السيل، ألم تر أنها تخرج صفراء ملتوية»؟ (¬1). قال وهيب: حدثنا عمرو «الحياة». وقال: «خردل من خير». 16 - باب الحياء من الإيمان 24 - عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر على رجل من الأنصار - وهو يعظ أخاه في الحياء - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «دعه، فإن الحياء من الإيمان» (¬2). 17 - باب {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} 25 - حدثنا عبد الله بن محمد المسندي قال حدثنا أبو روح الحرمي بن عمارة قال حدثنا شعبة عن واقد بن محمد قال: سمعت أبي يحدث عن ابن عمر ¬

(¬1) وهذا أمر معلوم عند أهل السنة والجماعة، فمن الناس إيمانه كالجبال، ومنهم إيمانه كحبة خردل والله المستعان. * «ما سبقكم أبو بكر بكثرة صلاة». المشهور من قول بكر بن عبد الله الزاني، وقول بكر هذا له وجهه. (¬2) الحياء الذي يمنع من التعلم ومن النصيحة هذا خور وضعف وليس بحياء.

18 - باب من قال إن الإيمان هو العمل

أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة. فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله» (¬1). 18 - باب من قال إن الإيمان هو العمل لقول الله تعالى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}. 26 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل: أي العمل أفضل؟ فقال: «إيمان بالله ورسوله». قيل: ثم ماذا؟ قال: «الجهاد في سبيل الله». قيل: ثم ماذا؟ قال: «حج مبرور» (¬2). قال الحافظ: ... قال العلماء: اختلاف الأجوبة في ذلك باختلاف الأحوال (¬3)، واحتياج المخاطبين، وذكر ما يعلمه السائل والسامعون وترك ما علموه، ويمكن أن يقال: إن لفظة «من» (¬4) مرادة كما يقال فلان أعقل الناس .... ¬

(¬1) ليس المعنى لا يقاتل على غيرها، بل المراد أن من فعل هذه غالبًا فعل غيرها. (¬2) هذا محل إجماع أن الدين والإيمان عمل، وقد يسمى قول وعمل وعقيدة. أجمع على ذلك الصحابة وأهل السنة. (¬3) قال الشيخ: باختلاف السائلين. (¬4) أو قول من أفضل.

19 - باب إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة، وكان على الاستسلام أو الخوف

19 - باب إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة، وكان على الاستسلام (¬1) أو الخوف 27 - عن سعد - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطى رهطًا - وسعد جالس - فترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا هو أعجبهم إلي. فقلت: يا رسول الله مالك عن فلان؟ فو الله إني لأراه مؤمنًا. فقال: أو مسلمًا. فسكت قليلًا. ثم غلبني ما أعلم منه فعدت لمقالتي فقلت: مالك عن فلان؟ فو الله إني لأراه مؤمنًا. فقال: أو مسلمًا. ثم غلبني ما أعلم منه فعدت لمقالتي، وعاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ثم قال: يا سعد، إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه، خشية أن يكبه (¬2) الله في النار. ورواه يونس وصالح ومعمر وابن أخي الزهري عن الزهري. قال الحافظ: ... ومحصل ما ذكره واستدل به أن الإسلام يطلق ويراد به الحقيقة الشرعية وهو الذي يرادف الإيمان وينفع عند الله، وعليه قوله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} وقوله تعالى: {فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (¬3). ¬

(¬1) هذا قول لبعض أهل العلم، والصحيح أنه أعمال الجوارح وليس الاستسلام بل الإسلام الذي هو أعم من النطق بالشهادتين لكن عنده نقص. (¬2) مخافة أن يرتد ويكفر، وفي الحديث الآخر «وليست بباخل» وقول إن النبي - صلى الله عليه وسلم - بخيل سب، فهو كفر. (¬3) احتج به من يرى أن المسلم والمؤمن شيء واحد.

20 - باب إفشاء السلام من الإسلام. وقال عمار. ثلاث من جمعهن فقد جمع الإيمان: الإنصاف من نفسك، وبذل السلام للعالم، والإنفاق من الإقتار

20 - باب إفشاء السلام من الإسلام. وقال عمار. ثلاث من جمعهن فقد جمع الإيمان: الإنصاف من نفسك، وبذل السلام للعالم، والإنفاق من الإقتار (¬1) 28 - عن عبد الله بن عمرو أن رجلًا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أي الإسلام خير؟ قال: «تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف». 21 - باب كفران العشير، وكفر دون كفر فيه عن أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬2) 29 - حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن زيد ابن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أريت النار، فإذا أكثر أهلها النساء يكفرن. قيل: أيكفرن بالله؟ قال: يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان. لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئًا قالت: ما رأيت منك خيرًا قط». 22 - باب المعاصي من أمر الجاهلية. ولا يكفر صاحبها بارتكابها إلا بالشرك، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنك إمرؤ فيك جاهلية» وقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] (¬3). ¬

(¬1) قلت: شرحها ابن القيم في الهدي (2/ 407). (¬2) في صلاة العيد وفيه «تصدقن فإني رأيتكن ... » الحديث. (¬3) يريد البخاري - رحمه الله - الرد على الخوارج والمعتزلة ومن سلك مسلكهم، وأن صاحب المعاصي والكبائر لا يكفر إلا بالشرك.

باب {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما} فسماهم المؤمنين

30 - حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا شعبة عن واصل الأحدب عن المعرور قال: لقيت أبا ذر بالربذة وعليه حلة وعلى غلامه حلة (¬1)، فسألته عن ذلك فقال: إني ساببت رجلًا عيرته بأمه، فقال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يا أبا ذر، أعيرته بأمه؟ إنك إمرؤ فيك جاهلية. إخوانكم خولكم (¬2). جعلهم الله تحت أيدكم. فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم». باب {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} فسماهم المؤمنين 31 - حدثنا عبد الرحمن بن المبارك حدثنا حماد بن زيد حدثنا أيوب ويونس عن الحسن عن الأحنف بن قيس قال: ذهبت لأنصر هذا الرجل. فلقيني أبو بكرة (¬3) فقال: أين تريد؟ قلت: أنصر هذا الرجل. قال: ارجع، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار» فقلت: يا رسول الله هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: «إنه كان حريصًا على قتل صاحبه». ¬

(¬1) هذا هو الأفضل وهو سنة ولو ألبسه دون ذلك لا بأس. (¬2) خدامكم. (¬3) أبو بكر اشتبه عليه الأمر وظن أن الحديث ينطبق على علي ومعاوية وهذا الحديث عند أهل السنة في حق الظلمة، أي يتعللون بغير أسباب شرعية فهؤلاء متوعدون بالنار. * وفي الحديث «إذا رأيتم الذين يتبعون المتشابه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم»، وسمي الله في قوله: {ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ}.

23 - باب ظلم دون ظلم

23 - باب ظلم دون ظلم (¬1) 32 - عن سليمان عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال: لما نزلت {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82]، قال أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أينا لم يظلم فأنزل الله: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}. 24 - باب علامة المنافق 33 - حدثنا سليمان أبو الربيع قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر قال: حدثنا نافع بن مالك بن أبي عامر أبو سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «آية المنافق (¬2) ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان». ¬

(¬1) الظلم ثلاثة أنواع: 1 - الشرك فلا أمن ولا هداية، وهو الظلم الأكبر. 2 - ظلم النفس بالمعاصي كالزنا والخمر. 3 - ظلم الناس. وهذان يضعفان الأمن ولا يسلبانه. * فمن سلم من الظلم فله الأمن الكامل والهداية الكاملة، ومن ظلم ظلمًا أصغر فله مطلق الأمن والهداية وهما ناقصان، فالكامل له الأمن الكامل والهداية التامة (الأمن المطلق) والناقص له أمن ناقص وهداية ناقصة (مطلق الأمن). (¬2) أي النفاق العملي، والقسم الآخر الاعتقادي (الكفري). وهو الذي عليه ابن أبي .. وهكذا إبطان الكفر أيا كان هو وإظهار الإيمان. * وسألت شيخنا عن ثلاث هل هي للحصر؟ قال: لا، من علامات المنافق، وقال أهل العلم يقولون العدد لا مفهوم له.

26 - باب الجهاد من الإيمان

34 - حدثنا قبيصة بن عقبة قال حدثنا سفيان عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن عبد الله بن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا (¬1)، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها، إذا ائتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر». قال الحافظ: ........ وأحسن الأجوبة ما ارتضاه القرطبي (¬2). 26 - باب الجهاد من الإيمان 36 - حدثنا حرمي بن حفص قال: حدثنا عبد الواحد قال: حدثنا عمارة قال: حدثنا أبو زرعة بن عمرو بن جرير قال: سمعت أبا هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «انتدب الله لمن خرج في سبيله- لا يخرجه إلا إيمان بي وتصديق برسلي- أن أرجعه بما نال من أجر أو غنيمة، أو أدخله الجنة. ولولا أن أشق على أمتي ما قعدت خلف سرية، ولوددت أني أقتل في سبيل الله ثم أحيا، ثم أقتل ثم أحيا، ثم أقتل» (¬3). ¬

(¬1) ليس منافقًا اعتقاديًا، وقوله خالصًا أي لا شبهة في كونه منافقًا عمليًا. قال ابن القيم: والغالب أنها إذا استحكمت في الإنسان تجره إلى النافق الاعتقادي. (¬2) نفاق العمل، وهو الذي ارتضاه شيخ الإسلام وابن القيم رحمها الله تعالي. (¬3) لفضل الشهادة وفي مسلم «ما من ميت له فضل عند الله يتمنى أن يرجع إلا الشهيد».

29 - باب الدين يسر، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - «أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة»

29 - باب الدين يسر، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - «أحب الدين (¬1) إلى الله الحنيفية السمحة» (¬2) 39 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحدٌ إلا غلبه، فسددوا وقاربوا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة». 30 - باب الصلاة من الإيمان، وقول الله تعالى {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} يعني صلاتكم عند البيت 40 - عن البراءة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أول ما قدم المدينة نزل على أجداده- أو قال أخواله- من الأنصار، وأنه صلى قبل بيت المقدس ستة عشر شهرًا، أو سبعة عشر شهرًا، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت، وأنه صلى أول صلاة صلاها صلاة العصر، وصلى معه قوم، فخرج رجل ممن صلى معه فمر على أهل مسجد وهم راكعون فقال: أشهد بالله لقد صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل مكة، فداروا - كما هم- قبل البيت (¬3). وكانت اليهود ¬

(¬1) المراد الجنس، أي أفضل الشرائع. (¬2) لأن فيها وضع الأغلال والآصار. (¬3) فيه فوائد: 1 - الصلاة إيمان. 2 - أن العبد إذا فعل ما شرع له فهو مأجور ولو نسخ ذلك العمل. 3 - المجتهد إذا اجتهد فهو على عمل صالح، وإن تغير اجتهاده فهو على عمل صالح حيث غيروا وجهتهم ولم يستأنفوا الصلاة، كذلك المجتهد في القبلة إذا أخبره ثقة يغير وجهته في الصلاة ولا يعيد.

31 - باب حسن إسلام المرء

قد أعجبتهم إذ كان يصلي قبل بيت المقدس، وأهل الكتاب، فلما ولى وجهة قبل البيت أنكروا ذلك. 31 - باب حسن إسلام المرء 41 - عن عطاء بن يسار أخبره أن أبا سعيد الخدري أخبره أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا أسلم العبد فحسن إسلامه يكفر الله عنه كل سيئة كان زلفها، وكان بعد ذلك القصاص: الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، والسيئة بمثلها، إلا أن يتجاوز الله عنها» (¬1). 32 - باب أحب الدين إلى الله أدومه 43 - عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها وعندها امرأة. قال: «من هذه؟ » قالت: فلانة- تذكر من صلاتها (¬2) - قال: «مه، عليكم بما تطيقون، فوالله لا يمل الله حتى تملوا». وكان أحب الدين إليه ما دام عليه صاحبه. 33 - باب زيادة الإيمان ونقصانه وقول الله تعالى: {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} وقال ¬

(¬1) وإذا أساء في الإسلام كأن يستمر على شرب الخمر. والحديث معلق مجزوم به، معلق صحيح. (¬2) العمل الصالح ولو قل مع المداومة أفضل من عمل كثير ومنقطع، وقوله: «فوالله لا يمل الله حتى تملوا» مثل سائر الصفات، وله الكمال المطلق، وقول بعضهم لا يقطع الثواب حتى تقطعوا، هذا من لازم الحديث، فالواجب إثباتها على ما يليق بالله.

34 - باب الزكاة من الإسلام، وقوله: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة}

{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} فإذا ترك شيئًا من الكمال فهو ناقص. 44 - عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن شعيرة من خير، ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن برة من خير، ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن ذرة من خير» (¬1). 45 - حدثنا الحسن بن الصباح سمع جعفر بن عون حدثنا أبو العميس أخبرنا قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن عمر بن الخطاب أن رجلًا من اليهود قال له: يا أمير المؤمنين، آية في كتابكم تقرءونها لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدًا. قال: أي آية؟ قال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (¬2) قال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو قائم بعرفة، يوم جمعة. 34 - باب الزكاة من الإسلام، وقوله: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} (¬3) ¬

(¬1) هذا عند أهل السنة والجماعة، فهو من دلائل تبعض الإيمان وزيادته ونقصه خلافًا للمبتدعة كالخوارج والمعتزلة. (¬2) خبث اليهود، يعرفون فضل الإسلام ومع ذلك يحاربونه. (¬3) مراد المؤلف بيان شعب الإسلام، وهي شعب الإيمان، فالإسلام عند الإطلاق يدخل فيه الإيمان. * الحج داخل في شرائع الإسلام.

35 - باب إتباع الجنائز من الإيمان

46 - عن أنس عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه أنه سمع طلحة بن عبيد الله يقول: جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أهل نجد ثائر الرأس يسمع دوي صوته ولا يفقه ما يقول، حتى دنا، فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خمس صلوات في اليوم والليلة». فقال: هل علي غيرها؟ قال: «لا. إلا أن تطوع». قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «وصيام رمضان». قال: هل علي غيره؟ قال: «لا. إلا أن تطوع». قال وذكر له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الزكاة، قال: هل علي غيرها؟ قال: «لا. إلا أن تطوع». قال: فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أفلح إن صدق». 35 - باب إتباع الجنائز من الإيمان 47 - حدثنا أحمد بن عبد الله بن علي المنجوفي قال: حدثنا روح قال: حدثنا عوف عن الحسن ومحمد عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من اتبع جنازة مسلم إيمانًا واحتسابًا، وكان معه حتى يصلى عليها ويفرغ من دفنها فإنه يرجع من الأجر بقيراطين كل قيراط مثل أحد؛ ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن تدفن فإنه يرجع بقيراط» (¬1). ¬

(¬1) الأفضل أن يبقى معها حتى يفرغ من دفنها ليرجع بالقيراطين.

36 - باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر

36 - باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر وقال إبراهيم التيمي: ما عرضت قولي على عملي إلا خشيت أن أكون مكذبًا. وقال ابن أبي مليكه أدركت ثلاثين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كلهم يخاف النفاق على نفسه (¬1). ما منهم أحد يقول إنه على إيمان جبريل وميكائيل. ويذكر عن الحسن: ما خافه إلا مؤمن، ولا أمنه إلا منافق. وما يحذر من الإصرار على النفاق والعصيان من غير توبة، لقول الله تعالى: {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ}. 48 - حدثنا محمد بن عرعرة قال: حدثنا شعبة عن زبيد قال: سألت أبا وائل عن المرجئة، فقال: حدثني عبد الله أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر» (¬2). قال الحافظ: .... أن المذكورين كانوا قائلين بتفاوت درجات المؤمنين في الإيمان، خلافًا للمرجئة (¬3). 49 - أخبرنا قتيبة بن سعيد حدثنا إسماعيل بن جعفر عن حميد عن أنس قال: أخبرني عبادة بن الصامت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج يخبر بليلة القدر، فتلاحي رجلان من المسلمين، فقال: «إني خرجت لأخبركم بليلة القدر. وإنه تلاحى فلان وفلان فرفعت، وعسى أن يكون خيرًا لكم، التمسوها في السبع والتسع والخمس» (¬4). ¬

(¬1) الظاهر أنه النفاق العملي. (¬2) السباب قول، يفسق صاحبه، ففيه رد على المرجئة. (¬3) فيه رد على المرجئة. (¬4) فيه الحث على ترك التلاحي والمخاصمة، والتلاحي من أسباب رفع الخير.

37 - باب سؤال جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الإيمان، والإسلام، والإحسان، وعلم الساعة.

37 - باب سؤال جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الإيمان، والإسلام، والإحسان، وعلم الساعة. وبيان النبي - صلى الله عليه وسلم - له. ثم قال: جاء جبريل - عليها السلام - يعلمكم دينكم، فجعل ذلك كله دينًا. وما بين النبي - صلى الله عليه وسلم - لوفد عبد القيس من الإيمان وقوله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ}. 5 - حدثنا مسدد قال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم أخبرنا أبو حيان التيمي عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - بارزًا يومًا للناس، فأتاه رجل فقال: ما الإيمان؟ قال: «الإيمان أن تؤمن بالله، وملائكته، وبلقائه، ورسله، وتؤمن بالبعث». قال: ما الإسلام؟ قال: «الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان». قال: ما الإحسان؟ قال: «أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك». قال: متى الساعة؟ قال: «ما المسؤول عنها بأعلم من السائل. وسأخبرك عن أشراطها: إذا ولدت الأمة ربها؛ وإذا تطاول رعاة الإبل البهم في البنيان، في خمس لا يعلمهن إلا الله». ثم تلا النبي - صلى الله عليه وسلم - {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} الآية. ثم أدبر. فقال: ردوه. فلم يروا شيئًا. فقال: «هذا جبريل جاء يعلم الناس دينهم». قال أبو عبد الله: جعل ذلك كله من الإيمان (¬1). 38 - باب 51 - .. عبد الله بن عباس أخبره قال: أخبرني أبو سفيان أن هرقل قال له: ¬

(¬1) أخرجه مسلم بأبسط من هذا. * وللحديث زيادة «وأن تحج وتعتمر» وسألت الشيخ صحيحة؟ فقال: نعم.

40 - باب أداء الخمس من الإيمان

سألتك هل يزيدون أم ينقصون فزعمت أنهم يزيدون، وكذلك الإيمان حتى يتم. وسألتك هل يرتد أحد سخطه لدينه بعد أن يدخل فيه؟ فزعمت أن لا، وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب لا يسخطه أحد (¬1). 40 - باب أداء الخمس من الإيمان 53 - عن أبي جمرة قال: كنت أقعد مع ابن عباس يجلسني على سريره، فقال: أقم عندي حتى أجعل لك سهمًا من مالي. فأقمت معه شهرين، ثم قال: إن وفد عبد القيس لما أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من القوم- أو من الوفد؟ » - قالوا: ربيعة. قال: «مرحبًا بالقوم- أو بالوفد- غير خزايا ولا ندامى». فقالوا: يا رسول الله. إنا لا نستطيع أن نأتيك إلا في الشهر الحرام. وبيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر، فمرنا بأمر فصل نخبر به من وراءنا، وندخل به الجنة، وسألوه عن الأشربة. فأمرهم بأربع ونهاهم عن أربع: أمرهم بالإيمان بالله وحده، قال: «أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟ » قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: «شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وأن تعطوا من المغنم الخُمس»، ونهاهم عن أربع: عن الخنتم، والدباء، والنقير، والمزفت- وربما قال: المقير- وقال: «احفظوهن، وأخبروا بهن من وراءكم» (¬2). ¬

(¬1) وكبر شيخنًا ثلاثًا ثم قال عنده بصيرة، لكن آثر الدنيا على الآخرة. (¬2) فيه فوائد، وكذا كل أحاديثه - صلى الله عليه وسلم - وفد عبد القيس من البحرين من المنطقة الشرقية، وأتوا قبل الصلح ... - صلح الحديبية- وبعد تحريم الخمر، والمعروف أن الحديبية قبل ذلك. وفيه أن أعمال الإسلام تسمى إيمانًا. وفيه الترحيب بالوفود التي تقدم لطلب العلم. وفيه اتخاذ المبلغ، لأن ابن عباس اتخذ أبا جمرة مبلغًا.

41 - باب ما جاء إن الأعمال بالنية والحسبة، ولكل امرئ ما نوى

41 - باب ما جاء إن الأعمال بالنية والحسبة، ولكل امرئ ما نوى فدخل فيه الإيمان والوضوء والصلاة والزكاة والحج والصوم والأحكام. وقال الله تعالى: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} على نيته. ونفقة الرجل على أهله ... - يحتسبها- صدقة. وقال: ولكن جهاد ونية. 56 - حدثنا الحكم بن نافع قال أخبرنا شعيب عن الزهري قال: حدثني عامر بن سعد عن سعد بن أبي وقاص أنه أخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في فيَّ امرأتك» (¬1). 42 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الدين النصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» قوله تعالى: {إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} (¬2). 57 - عن جرير بن عبد الله قال: بايعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم. ¬

(¬1) إذ احتسب لأن النفقة واجبة. (¬2) علق المؤلف حديث تميم الداري وجزم به لأنه ليس على شرطه، وحديث تميم أخرجه مسلم. * النصح: الخلوص من الشيء، فيعامله معاملة لا ضرر فيها.

3 - كتاب العلم

3 - كتاب العلم 1 - باب فضل العلم، وقول الله تعالى: وقوله - عز وجل -: {يَرْفَعِ (¬1) ... اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}. 2 - باب من سئل علمًا وهو مشتغل في حديثه فأتم الحديث ثم أجاب السائل 59 - .. عن أبي هريرة قال: بينما النبي - صلى الله عليه وسلم - يحدث. فقال بعض القوم: سمع ما قال فكره ما قال، وقال بعضهم: بل لم يسمع. حتى إذا قضى حديثه قال: «أين أراه السائل عن الساعة؟ » قال: ها أنا يا رسول الله. قال: «فإذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة». قال: كيف إضاعتها؟ قال: «إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة» (¬2). 4 - باب قول المحدث (¬3) «حدثنا» أو «أخبرنا» و «أنبأنا». وقال لنا الحميدي: كان عند ابن عيينة حدثنا وأخبرنا وأنبأنا وسعمت واحدًا ...... ¬

(¬1) معنى الآية أن أتباع الآداب الشرعية يؤدي إلى رفعة الدرجات وزيادة العلم، لأن أول الآية: {إِذَا قِيلَ لَكُمْ ... }. * معنى انشزوا: أي ارتفعوا مما لا ينبغي إلى ما ينبغي. (¬2) يعني أسندت الأمور كالولايات والقضاء إلى غير أهلها، ودلت الأحاديث الكثيرة على أن الساعة تقوم عند فساد الزمان. (¬3) حدثنا وأخبرنا متساوية، ولا عبرة بالاصطلاحات الحادثة.

6 - باب ما جاء في العلم، وقوله تعالى: {وقل رب زدني علما}.

61 - حدثنا قتيبة حدثنا إسماعيل بن جعفر عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وأنها مثل المسلم، فحدثوني ما هي؟ » فوقع الناس في شجر البوادي. قال عبد الله: ووقع في نفسي أنها النخلة، فاستحييت. ثم قالوا: حدثنا ما هي يا رسول الله؟ قال: «هي النخلة» (¬1). قال الحافظ: ........ وفيه ضرب (¬2) الأمثال والأشياء لزيادة الإفهام، وتصوير المعاني لترسخ في الذهن. 6 - باب ما جاء في العلم، وقوله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا}. القراءة والعرض على المحدث (¬3). ورأى الحسن والثوري ومالك القراءة جائزة (¬4) .... 63 - ... عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر أنه سمع أنس بن مالك يقول: بينما نحن جلوس مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في المسجد دخل رجل على جمل فأناخه في المسجد ثم عقله ثم قال لهم: أيكم محمد - والنبي - صلى الله عليه وسلم - متكئ بين ظهرانيهم - فقلنا: هذا الرجل الأبيض المتكئ، فقال له الرجل: ابن ¬

(¬1) فيه سؤال العالم تلاميذه ليختبر ما عندهم، ولهذا فينبغي لمن علم أن يقول ولو كان صغيرًا فكم من عالم شاب قد بز جماعة من الكبار. (¬2) وفيه طرح العالم ... (¬3) هذه الترجمة لا محل لها، وقد تقدمت، ولذلك طرحت من الشرح. (¬4) هذا هو المعتمد، القراءة على الشيخ أو قراءة الشيخ كلها صحيح والخلاف في الأفضل.

7 - باب ما يذكر في المناولة، وكتاب أهل العلم بالعلم إلى البلدان

عبد المطلب (¬1). فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «قد أجبتك»، فقال الرجل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إني سائلك فمشدد عليك في المسألة، فلا تجد علي في نفسك. فقال: «سل عما بدا لك». فقال: أسألك بربك ورب من قبلك، الله أرسلك إلى الناس كلهم؟ فقال: «اللهم نعم». قال: أنشدك بالله، الله أمرك أن نصلي الصلوات الخمس في اليوم والليلة؟ قال: «اللهم نعم». قال: أنشدك بالله، الله أمرك أن نصوم هذا الشهر من السنة؟ قال: «اللهم نعم». قال: أنشدك بالله، الله أمرك أن تأخذ هذه الصدقة من أغنيائنا فتقسمها على فقرائنا؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اللهم نعم». فقال الرجل: آمنت بما جئت به، وأنا رسول من ورائي من قومي، وأنا ضمام بن ثعلبة أخو بني سعد بن بكر. 7 - باب ما يذكر في المناولة، وكتاب (¬2) أهل العلم بالعلم إلى البلدان وقال أنس: نسخ عثمان المصاحف فبعث بها إلى الآفاق، ورأى عبد الله بن عمر ويحيى بن سعيد ومالك ذلك جائزًا. واحتج بعض أهل الحجاز في المناولة بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث كتب لأمير السرية كتابًا وقال: لا تقرأه حتى تبلغ مكان كذا وكذا، فلما بلغ ذلك المكان قرأه على الناس وأخبرهم بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -. ¬

(¬1) فيه جواز انتساب الرجل إلى جده الأعلى إن كان معروفًا به. * اعتمد النبي - صلى الله عليه وسلم - على الكتاب في البليغ واكتفى بذلك، فدل على صحة مثل هذا وأنه يفي بالمقصود. (¬2) وهو الصواب وعليه العمل إن صحت نسبته إلى كاتبه فينفذ ما فيه.

8 - باب من قعد حيث ينتهي به المجلس. ومن رأى فرجة في الحلقة فجلس فيها

65 - عن أنس بن مالك قال: كتب النبي - صلى الله عليه وسلم - كتابًا- أو أراد أن يكتب- فقيل له: إنهم لا يقرءون كتابًا إلا مختوما (¬1)، فاتخذ خاتمًا من فضة نقشه: محمد رسول الله. كأني أنظر إلى بياضه في يده، فقلت لقتادة: من قال نقشه محمد رسول الله؟ قال: أنس. 8 - باب من قعد حيث ينتهي به المجلس. ومن رأى فرجة في الحلقة فجلس فيها 66 - .... عن أبي واقد الليثي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينما هو جالس في المسجد والناس معه إذ أقبل ثلاثة نفر، فأقبل اثنان إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذهب واحد. قال فوقفا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأما أحدهما فرأى فرجة في الحلقة فجلس فيها، وأما الآخر فجلس خلفهم، وأما الثالث فأدبر ذاهبًا. فلما فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ألا أخبركم عن النفر الثلاثة؟ (¬2) أما أحدهم فآوى إلى الله فآواه الله، وأما الآخر فاستحيا الله منه، وأما الآخر فأعرض فأعرض الله عنه». ¬

(¬1) تثبيت المكتوب. (¬2) فيه فوائد: 1 - الجلوس حلقة أحيانًا منه - صلى الله عليه وسلم - ويكون في المسجد تارة وتارة في البيت. 2 - يستحب لمن دخل المسجد ووجد حلقة أن ينضم إليها. 3 - فيه الحرص على الاستفادة، فإن وجد فرجة دخل وإلا خلف الحلقة. 4 - فيه التحذير من الإعراض عن العلم. * هل يؤخذ منه عدم وجوب تحية المسجد؟ لا، ليس بصريح.

9 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «رب مبلغ أوعى من سامع»

قال الحافظ: (فاستحيا الله منه) .... أي رحمه ولم يعاقبه (¬1). 9 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «رب مبلغ أوعى من سامع» 67 - عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - قعد على بعيره وأمسك إنسان بخطامه - أو بزمامه - قال: «أي يوم هذا؟ » فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه. قال: «أليس يوم النحر؟ » قلنا: بلى. قال: «فأي شهر هذا؟ » فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه. قال: «أليس بذي الحجة؟ » قلنا: بلى. قال: «فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ليبلغ الشاهد الغائب. قال الشاهد عسى أن يبلغ من هو أوعى له منه» (¬2). 10 - باب العلم قبل القول والعمل لقوله الله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} فبدأ بالعلم. وأن العلماء هم ورثة الأنبياء، ورثوا العلم، من أخذه أخذ بحظ وافر، ومن سلك طريقًا يطلب به علمًا سهل الله له طريقًا إلى الجنة. وقال جل ذكره: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ (¬3)}. وقال: {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ}. {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ}. وقال: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من يرد الله به خيرًا يفقهه». وإنما العلم بالتعليم. وقال أبو ذر: لو وضعتم الصمصامة على هذه - وأشار ¬

(¬1) هذا تأويل. (¬2) وبكى شيخنا عندها. (¬3) يعني الخشية الكاملة.

11 - باب ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتخولهم بالموعظة والعلم كي لا ينفروا

إلى قفاه - ثم ظننت أني أنفذ كلمة سمعتها من النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل أن تجيزوا علي لأنفذتها. وقال ابن عباس: كونوا ربانيين حكماء فقهاء. ويقال: الرباني الذي يربي الناس بصغار العلم قبل كباره. 11 - باب ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتخولهم بالموعظة والعلم كي لا ينفروا 68 - عن ابن مسعود قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتخولنا بالموعظة في الأيام كراهة السآمة علينا (¬1). 16 - باب ما ذكر في ذهاب موسى - صلى الله عليه وسلم - في البحر إلى الخضر وقوله تعالى: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا}. 74 - عن ابن عباس أنه تمارى هو والحر بن قيس بن حصن الفزاري في صاحب موسى، قال ابن عباس هو خضر. فمر بهما أبي بن كعب فدعاه ابن عباس فقال: إني تماريت أنا وصاحبي هذا في صاحب موسى الذي سأل موسى السبيل إلى لقيه، هل سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يذكر شأنه؟ قال: نعم، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «بينما موسى في ملأ من بني إسرائيل إذ جاءه رجل فقال: هل تعلم أحدًا أعلم منك؟ قال موسى: لا. فأوحى الله إلى موسى: بلى، عبدنا خضر. فسأل موسى السبيل إليه، فجعل الله له الحوت آية، وقيل له: إذا فقدت الحوت فارجع فإنك ستلقاه. وكان ¬

(¬1) فيه تحري الأوقات المناسبة للموعظة. * وسئل شيخنا عن الموعظة في الأعراس؟ فقال هذا جيد ونحن نفعله. * الموعظة قبل الجمعة روى الحاكم عن أبي هريرة موقوفًا ما يدل عليه، لكن أعله الذهبي بالانقطاع، وإذا وعظ لا يتحلقوا بل في مكانكم.

17 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اللهم علمه الكتاب»

يتبع أثر الحوت في البحر. فقال لموسى فتاه: أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت، وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره. قال: ذلك ما كنا نبغي. فارتدا على آثارهما قصصًا، فوجدا خضرًا، فكان من شأنهما الذي قص الله - عز وجل - في كتابه» (¬1). 17 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اللهم علمه الكتاب» 75 - عن ابن عباس قال: ضمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: «اللهم علمه الكتاب» (¬2). 18 - باب متى يصح سماع الصغير (¬3)؟ 76 - عن عبد الله بن عباس قال: أقبلت راكبًا على حمار أتان -وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام- ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بمنى إلى غير جدار، فمررت ¬

(¬1) والمقصود من هذا الرحلة في طلب العلم، ولهذا كان الصحابة والتابعون يفعلون هذا وفي الحديث: «من سلك ... » الحديث. * والصواب أن الخضر نبي وليس وليًا فقط، وسياق القصة يدل على هذا، وأيد هذا ابن كثير - رحمه الله -، والصواب أنه مات كما حقق ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، وحديث المئة سنة يدل على موته، وكذلك حديث أنا أولى الناس بابن مريم ليس بيني وبينه نبي. (¬2) فيه منقبة لابن عباس حيث يسمى ترجمان القرآن. (¬3) حيث يصح سماعه ولو قبل البلوغ، والصواب أنه متى فهم الخطاب صح سماعه، وقصة محمود بن الربيع دالة على ذلك وهو ابن خمس سنين.

25 - باب تحريض النبي - صلى الله عليه وسلم - وفد عبد القيس على أن يحفظوا الإيمان، والعلم ويخبروا من وراءهم. وقال مالك بن الحويرث قال لنا النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ارجعوا إلى أهليكم فعلموهم»

بين يدي بعض الصف (¬1)، وأرسلت الأتان ترتع فدخلت في الصف، فلم ينكر ذلك علي. 25 - باب تحريض النبي - صلى الله عليه وسلم - وفد عبد القيس على أن يحفظوا الإيمان، والعلم ويخبروا من وراءهم. وقال مالك بن الحويرث قال لنا النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ارجعوا إلى أهليكم فعلموهم» 87 - عن أبي جمرة قال: كنت أترجم بين ابن عباس وبين الناس، فقال: إن وفد عبد القيس أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «من الوفد - أو من القوم -» قالوا: ربيعة. فقال: «مرحبًا بالقوم - أو بالوفد - غير خزايا ولا ندامى». قالوا: إنا نأتيك من شقة بعيدة، وبيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر، ولا نستطيع أن نأتيك إلا في شهر حرام، فمرنا بأمر نخبر به من وراءنا ندخل به الجنة. فأمرهم بأربع، ونهاهم عن أربع: أمرهم بالإيمان بالله - عز وجل - وحده، قال: هل تدرون ما الإيمان بالله وحده؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله. وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وتعطوا الخمس من المغنم. ونهاهم عن الدباء والحنتم، والمزفت (¬2) - قال شعبة: ربما قال النقير، وربما قال المقير. قال: أحفظوه وأخبروه من وراءكم. ¬

(¬1) الصواب أن السترة سنة، والظاهر انه نفي الجدار هنا نفي السترة. قوله: «مررت بين بعض الصف» يدل على ان المرور لحاجة لا بأس به. (¬2) وكان أول الأمر ثم نسخ بالجواز والنهي عن المسكرات. * سألت الشيخ عن آية الذاريات فقال: تدل على أن الإيمان والإسلام سواء «فأخرجنا .. ».

26 - باب الرحلة في المسألة النازلة وتعليم أهله

26 - باب الرحلة في المسألة النازلة وتعليم أهله 88 - عن عقبة بن الحارث أنه تزوج ابنه لأبي إهاب بن عزيز فأتته امرأة فقالت: إني قد أرضعت عقبة والتي تزوج. فقال لها عقبة: ما أعلم أنك أرضعتني، ولا أخبرتني. فركب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة، فسأله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كيف وقد قيل (¬1)؟ » ففارقها عقبة، ونكحت زوجًا غيره. 27 - باب التناوب في العلم (¬2) 89 - عن ابن عباس عن عمر قال: كنت أنا وجار لي من الأنصار في بني أمية بن زيد - وهي من عوالي المدينة - وكنا نتناوب النزول على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ينزل يومًا وأنزل يومًا، فإذ نزلت جئته بخبر ذلك من الوحي وغيره، وإذا نزل فعل مثل ذلك. فنزل صاحبي الأنصاري يوم نوبته فضرب بابي ضربًا شديدًا فقال: أثم هو؟ ففزعت، فخرجت إليه فقال: قد حدث أمر عظيم ... قال فدخلت على حفصة فإذا هي تبكي، فقلت: طلقكن رسول الله؟ قالت: لا أدري. ثم دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت وأنا قائم: أطلقت نساءك؟ قال: لا. فقلت: الله أكبر (¬3). 28 - باب الغضب في الموعظة والتعليم إذا رأى ما يكره 90 - حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا سفيان عن ابن أبي خالد عن قيس ابن أبي حازم عن أبي مسعود الأنصاري قال: قال رجل: يا رسول الله لا ¬

(¬1) وفي اللفظ الآخر «دعها عنك». (¬2) وذلك إن لم يتيسر له الحضور. (¬3) قالها استنكارًا وتعجبًا.

أكاد أدرك الصلاة مما يطول بنا فلان. فما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في موعظة أشد غضبًا من يومئذ فقال: «أيها الناس إنكم منفرون، فمن صلى بالناس فليخفف، فإن فيهم المريض والضعيف وذا الحاجة» (¬1). 91 - حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا أبو عامر قال: حدثنا سليمان بن بلال المديني عن ربيعة عن أبي عبد الرحمن عن يزيد مولى المنبعث عن زيد بن خالد الجهني أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سأله رجل عن اللقطة فقال: «أعرف وكاءها - أو قال: وعاءها - وعفاصها، ثم عرفها سنة ثم استمتع بها، فإن جاء ربها فأداها إليه» قال: فضالة الإبل؟ فغضب (¬2) حتى أحمرت وجنتاه - أو قال: احمر وجهه - فقال: «ومالك ولها؟ معها سقاؤها وحذاؤها ترد الماء وترعى الشجر، فذرها حتى يلقاها ربها» قال: فضالة الغنم؟ قال: «لك أو لأخيك أو للذئب». ¬

(¬1) - فيه الغضب في الموعظة. - وفيه مراعاة ـأحوال المصلي. - وفيه التحري في أمر الصلاة. (¬2) هذا هو الشاهد. * التطويل والتخفيف في أمر الصلاة أمران نسبيان يوزنان النبي - صلى الله عليه وسلم -. * وسألت الشيخ عن حديث ابن عمر عند (النسائي 827) كان يأمر بالتخفيف ويؤمنا بالصافات؟ فقال: في بعض الأحيان، وتحمل على محمل حسن حتى لا تخالف الأحاديث.

31 - باب تعليم الرجل أمته وأهله

31 - باب تعليم الرجل أمته وأهله 97 - أخبرنا محمد - هو ابن سلام - حدثنا المحاربي قال: حدثنا صالح بن حيان قال: قال عامر الشعبي حدثني أبو بردة عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاثة (¬1) لهم أجران (¬2): رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بمحمد - صلى الله عليه وسلم -، والعبد المملوك إذا أدى حق الله وحق مواليه، ورجل كانت عنده أمة فأدبها فأحسن تأديبها، وعلمها فأحسن تعليمها، ثم أعتقها فتزوجها، فله أجران». ثم قال عامر: أعطيناكها بغير شيء، قد كان يركب فيما دونها إلى المدينة. 32 - باب عظة الإمام النساء وتعليمهن 98 - حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا شعبة عن أيوب قال: سمعت عطاء قال سمعت ابن عباس قال: أشهد على النبي - صلى الله عليه وسلم - أو قال عطاء أشهد على ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج ومعه بلال فظن أنه لم يسمع (¬3)، فوعظهن وأمرهن بالصدقة فجعلت المرأة تلقى القرط (¬4) والخاتم، وبلال يأخذ في طرف ثوبه. وقال إسماعيل عن أيوب عن عطاء وقال عن ابن عباس: أشهد على النبي - صلى الله عليه وسلم -. ¬

(¬1) مفهوم العدد عند الأصوليين ضعيف، ودللي ضعفه هنا (يا نساء ... ) إلى قوله: (نؤتها أجرها مرتين). (¬2) مفهوم غيره ليس له إلا أجر واحد. (¬3) فإذا أسمعهن بالمكبرات كفى كما هو الآن. (¬4) وهو ما يكون في حلقة الأذن، وفيه جواز خرق الأذن وليس هذا من المثلة، وفيه جواز عطية المرأة من مالها بغير إذن زوجها.

36 - باب هل يجعل للنساء يوم على حدة في العلم؟

36 - باب هل يجعل للنساء يوم على حدة في العلم؟ 101 - حدثنا آدم قال: حدثنا شعبة قال: حدثني ابن الأصبهاني قال: سمعت أبا صالح ذكوان يحدث عن أبي سعيد الخدري: قالت النساء للنبي - صلى الله عليه وسلم - غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يومًا من نفسك (¬1). فوعدهن يومًا لقيهن فيه فوعظهن وأمرهن، فكان فيما قال لهن: «ما منكن امرأة تقدم ثلاثة من ولدها إلا كان لها حجابًا من النار» فقالت امرأة: واثنين؟ فقال: واثنين. 35 - باب من سمع شيئًا فراجع حتى يعرفه 103 - حدثنا سعيد بن أبي مريم قال: أخبرنا نافع بن عمر قال: حدثني ابن أبي مليكة أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت لا تسمع شيئًا لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من حوسب عذب» قالت عائشة فقلت: أوليس يقول الله تعالى: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} قالت: فقال: «إنما ذلك العرض، ولكن من نوقش الحساب يهلك» (¬2). ¬

(¬1) فيه تحريم الاختلاط، ودليله تأخيره في صلاته واستدارته، وتخلف المصلين عن الخروج لخروج النساء ... (¬2) قلت: قال شيخ الإسلام: عائشة لها نظائر - رضي الله عنها - من ذلك، فترد الحديث الذي لم تسمعه من رسول الله لمخالفته القرآن - رضي الله عنها -.

37 - باب ليبلغ العلم الشاهد الغائب قاله ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -

37 - باب ليبلغ العلم الشاهد الغائب قاله ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - 104 - عن أبي شريح أنه قال لعمرو بن سعيد - وهو يبعث البعوث إلى مكة - ائذن لي أيها الأمير أحدثك قولًا قام به النبي - صلى الله عليه وسلم - الغد من يوم الفتح، سمعته أذناي ووعاه قلبي، وأبصرته عيناي حين تكلم به: حمد الله وأثنى عليه ثم قال: «إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس، فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دمًا، ولا يعضد بها شجرة فإن أحد ترخص لقتال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها فقولوا: إن الله قد أذن لرسوله ولم يأذن لكم، وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار، ثم عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، وليبلغ الشاهد الغائب» فقيل لأبي شريح: ما قال عمرو؟ قال: أنا أعلم منك يا أبا شريح، لا يعيذ عاصيًا، ولا فارًا بدم، ولا فارًا بخربة. قال الحافظ: ........ قوله: (باب ليبلغ العلم) بالنصب والشاهد بالرفع والغائب منصوب أيضًا، والمراد بالشاهد هنا الحاضر، أي ليبلغ من حضر من غاب (¬1). ¬

(¬1) قال تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} الآية، فسرت بحضور مجالس الباطل كما هو هنا في تفسير الشاهد، وفسرت بالشهادة المحرمة لحديث: «ألا وقول الزور وشهادة الزور» والله أعلم. * قلت: القتل في الحرم وهل يقتص فيه؟ والفرق بين المنتهك واللاجي، مهم انظر زاد المعاد 3/ 442. * قلت الساعة: الوقت والمقدار في الزمان، وذكر الحافظ أن في المسند تفسير الساعة بأنها من طلوع الشمس حتى العصر، قلت: وسنده حسن.

38 - باب إثم من كذب على النبي - صلى الله عليه وسلم -

38 - باب إثم من كذب على النبي - صلى الله عليه وسلم - 106 - عن منصور قال: سمعت ربعي بن حراش يقول: سمعت عليًا يقول: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تكذبوا علي، فإنه من كذب علي فليلج النار». قال الحافظ: ..... وعلى تقدير ثبوته فليست اللام فيه للعلة بل للصيرورة كما فسر قوله تعالى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ} والمعنى أن مآل أمره إلى الإضلال (¬1). 109 - عن يزيد بن عبيد عن سلمة قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من يقل علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار». قال الحافظ: ....... وهذا الحديث أول ثلاثي وقع في البخاري (¬2). قال الحافظ: ........ وبينت هناك الرد على من أدعى أن مثال المتواتر لا يوجد إلا في هذا الحديث، وبينت أن أمثلته كثيرة: منها حديث من بني لله مسجدًا (¬3)، والمسح على الخفين (¬4)، ورفع اليدين (¬5)، والشفاعة والحوض (¬6). ¬

(¬1) اللام للصيرورة، أي يحصل من الكذب الضلال لا محالة. (¬2) قلت قال الحافظ: ثلاثيات البخاري أكثر من عشرين حديثًا. (¬3)، (4)، (5)، (6) نماذج من الأحاديث المتواترة. قلت وقد نظمها بعضهم بقوله: مما تواتر حديث من كذب ... ومن بني لله مسجد واحتسب ورؤية شفاعة والحوض ... ومسح خفين وهذي بعض (¬4) فيه رد علي على الشيعة لزعمهم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - اختص آلبيت بعلم وخاصة علي - رضي الله عنهم - أجمعين. (¬5) أي مقدار الدية المدفوعة. (¬6) قلت قال الحافظ: ذكر البخاري أن أبا هريرة روى عنه ثمانمائة نفس من التابعين.

39 - باب كتابة العلم

39 - باب كتابة العلم 111 - حدثنا محمد بن سلام قال: أخبرنا وكيع عن سفيان عن مطرف عن الشعبي عن أي جحيفة قال: قلت لعلي هل عندكم كتاب (¬1)؟ قال: لا إلا كتاب الله، أو فهم أعطيه رجل مسلم، أو ما في هذه الصحيفة. قال: قلت: فما في هذه الصحيفة؟ قال: العقل، وفكاك الأسير، ولا يقتل مسلم بكافر. قال الحافظ: ....... قوله: (العقل) أي الدية (¬2). قال الحافظ: ..... ويستفاد من ذلك أن أبا هريرة كان جزمًا بأنه ليس في الصحابة أكثر حديثًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - منه إلا عبد الله (¬3). 50 - باب الحياء في العلم وقال مجاهد: لا يتعلم العلم مستحى ولا مستكبر. وقالت عائشة: نعم النساء نساء الأنصار، لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين. قال الحافظ: ........ وقول مجاهد هذا وصله أبو نعيم في الحلية من طريق علي بن المديني عن ابن عيينة عن منصور عنه (¬4). ¬

(¬1) (¬2) (¬3) (¬4) قلت: الذي في الحلية من طريق سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد (3/ 287) فليحرر.

52 - باب ذكر العلم والفتيا في المسجد

130 - عن أم سلمة قالت: جاءت أم سليم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إن الله لا يستحيي من الحق، فهل على المرأة من غسل إذا احتلمت؟ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا رأت الماء». فغطت أم سلمة- تعني وجهها- وقالت: يا رسول الله، وتحتلم المرأة؟ قال: «نعم، تربت يمينك، فبم يشبهها ولدها؟ ». 52 - باب ذكر العلم والفتيا في المسجد 133 - عن عبد الله بن عمر أن رجلًا قام في المسجد فقال: يا رسول الله، من أين تأمرنا أن نهل؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يهل أهل المدينة من ذي الحليفة، ويهل أهل الشام من الجحفة، ويهل أهل نجد من قرن» (¬1). 53 - باب من أجاب السائل بأكثر مما سأله 134 - عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن رجلًا سأله: ما يلبس المحرم؟ فقال: «لا يلبس القميص ولا العمامة ولا السراويل ولا البرنس (¬2) ولا ثوبًا مسه الورس أو الزعفران، فإن لم يجد النعلين فليلبس الخفين، وليقطعهما حتى يكونا تحت الكعبين». ¬

(¬1) الفتوى لا تتقيد بزمان ولا مكان وفيه دلالة على الأمر بالإهلال لأنه خبر بمعنى الأمر. (¬2) ثياب لها رؤوس .. وهذه كلها في حق الرجل. * القطع قيل يلزم وهو قول الجمهور، وقيل منسوخ لأنه خطب في عرفات ولم يأمر به، وقيل للندب فلا يلزم القطع، والقول بالنسخ أظهر؛ ولأن قطعة فيه إفساد للخف وفيه مشقة؛ ولأن المقام مقام تعليم؛ ولأنه لم يأمر بشق السراويل عند عدم وجود الأزر. * الجوارب والسراويل للمرأة لا بأس بها.

4 - كتاب الوضوء

4 - كتاب الوضوء 1 - باب ما جاء في الوضوء وقوله الله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}. قال أبو عبد الله: وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - أن فرض الوضوء مرة مرة، وتوضأ أيضًا مرتين، وثلاثًا، ولم يزد على ثلاث. وكره أهل العلم الإسراف فيه، وأن يجاوزوا فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬1). 2 - باب لا تقبل صلاة بغير طهور 135 - عن همام بن منبه أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تقبل صلاة من أحدث حتى يتوضأ» (¬2) قال رجل من حضرموت: ما الحدث يا أبا هريرة؟ فقال: فساء أو ضراط. 3 - باب فضل الوضوء، والغر المحجلون من آثار الوضوء 136 - عن نعيم المجمر قال: رقيت مع أبي هريرة على ظهر المسجد فتوضأ فقال: إني سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن أمتي يدعون يوم القيامة غرًا ¬

(¬1) وأقره شيخنا وقال مثله، وقال يكره الإسراف في الماء لغير حاجة. * وقال شيخنا: الوضوء لكل صلاة سنة. * هل الوضوء من خصائص هذه الأمة؟ لا. (¬2) فيه بيان ما يحتاج إليه السائل ولو كان يستحيا منه، وقوله فساء ... أي هذا بعض الحدث.

4 - باب لا يتوضأ من الشك حتى يستيقن

محجلين من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل» (¬1). قال الحافظ: ... وقيل الزيادة إلى نصف العضد والساق (¬2). 4 - باب لا يتوضأ من الشك حتى يستيقن 137 - عن عباد بن تميم عن عمه أنه شكا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرجل الذي يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، فقال: «لا ينفتل- أو لا ينصرف- حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا» (¬3). 5 - باب التخفيف في الوضوء (¬4) 138 - عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نام حتى نفخ، ثم صلى- وربما قال اضطجع حتى نفخ ثم قام فصلى. ثم حدثنا به سفيان مرة عن ¬

(¬1) (فمن استطاع .. ) المعروف أن هذا من كلام أبي هريرة. * الوجه لا محل لإطالته، والسنة في اليدين والرجلين ألا يطيل، وفعل أبي هريرة اجتهاد منه. * هذه علامة للأمة يوم القيامة، ويظهر من هذا أن الذي لا يصلي ليس منهم. ويستفاد منه الإشارة إلى كفر تارك الصلاة. (¬2) لا تستحب إلا في التحجيل في العضد والساق تكيلًا للمحل المفروض غسله. (¬3) المعنى حتى يعلم النقض، وفي رواية مسلم: «فلا يخرج من المسجد» وهذا أصرح. * هذا يبين لنا منع الوسوسة، وهذا مخالف للسنة. (¬4) أي بدون إسراف في الماء.

6 - باب إسباغ الوضوء. وقال ابن عمر: إسباغ الوضوء الإنقاء

عن عمرو عن كريب عن ابن عباس قال: بت عند خالتي ميمونة ليلة، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - من الليل، فلما كان في بعض الليل قام النبي - صلى الله عليه وسلم - فتوضأ من شن معلق وضوءً خفيفًا- يخففه عمرو ويقلله- وقام يصلي، فتوضأت نحوًا مما توضأ، ثم جئت فقمت عن يساره- وربما قال سفيان: عن شماله فخولني فجعلني عن يمينه. ثم صلى ما شاء الله، ثم اضطجع فنام حتى نفخ، ثم أتاه المنادي فآذنه بالصلاة، فقام معه إلى الصلاة فصلى ولم يتوضأ. قلنا لعمرو: إن ناسًا يقولون إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تنام عينه ولا ينام قلبه، قال عمرو: سمعت عبيد بن عمير يقول: رؤيا الأنبياء وحي. ثم قرأ {إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} (¬1). 6 - باب إسباغ الوضوء. وقال ابن عمر: إسباغ الوضوء الإنقاء 139 - عن كريب مولى ابن عباس عن أسامة بن زيد أنه سمعه يقول: دفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عرفة حتى إذا كان بالشعب نزل فبال، ثم توضأ ولم يسبغ الوضوء. فقلت: الصلاة يا رسول الله. فقال: «الصلاة أمامك». فركب. فلما جاء المزدلفة نزل فتوضأ فأسبغ الوضوء ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب، ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله، ثم أقيمت العشاء فصلى، ولم يصل بينهما (¬2). ¬

(¬1) ضابط النوم الذي ينقض الوضوء؟ ما زال به الشعور نقض، والنوم مظنة النقض. * وسألته عن حديث «هذا وضوء من لم يحدث» فقال: فيه نظر، والمسح عند المسح على الخفين ولو صح محمول على الوضوء الخفيف. (¬2) فيه الفصل اليسير بين الصلاتين عند الجمع. * قبلت وأخرجه مسلم. * لو صلى المغرب في أول الوقت، والعشاء في آخر وقت المغرب؟ صح لكن السنة والأولى الجمع، وذهب بعض أهل العلم إلى التأكيد على الجمع.

8 - باب التسمية على كل حال، وعند الوقاع

8 - باب التسمية على كل حال، وعند الوقاع 141 - عن كريب عن ابن عباس يبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، فقضي بينهما ولد لم يضره». قال الحافظ ... لكن مما أمر فيه بالصمت فغيره أولى (¬1). وقال الحافظ: ... عن ابن مسعود: وكان إذا غشى أهله فأنزل قال: «اللهم لا تجعل (¬2) للشيطان فيما رزقتني نصيبًا». 9 - باب ما يقول عند الخلاء 142 - عن عبد العزيز بن صهيب قال: سمعت أنسًا يقول: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل الخلاء (¬3) قال: «اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث». 10 - باب وضع الماء عند الخلاء 143 - عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل الخلاء فوضعت له وضوءً، قال: من وضع هذا؟ فأخبر، فقال: «اللهم فقهه في الدين» (¬4). ¬

(¬1) قاله الشيخ. * سألت الشيخ عن الضرر المنفي؟ فقال: عام لظاهر الحديث. (¬2) وهذا بعد. (¬3) أذا أراد أن يدخل. (¬4) فيه الدعاء لمن أحسن للإنسان. * في البناء الأمر واسع، وإن تيسر أن لا يستقبل حتى في البناء فهو أفضل.

11 - باب لا تستقبل القبلة بغائط أو بول، إلا عند البناء جدار أو نحوه

11 - باب لا تستقبل القبلة بغائط أو بول، إلا عند البناء جدارٍ أو نحوه (¬1) 144 - عن أبي أيوب الأنصاري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يولها ظهره، شرقوا أو غربوا». قال الحافظ: ... وقال قوم بالتحريم مطلقًا (¬2). 12 - باب من تبرز على لبنتين 145 - عن واسع بن حبان عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول: إن ناسًا يقولون إذا قعدت على حاجتك فلا يستقبل القبلة ولا بيت المقدس. فقال عبد الله ابن عمر: لقد ارتقيت يومًا على ظهر بيت لنا، فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على لبنتين (¬3) مستقبلًا بيت المقدس لحاجته. وقال: لعلك من الذين يصلون على أوراكهم، فقلت لا أدري والله. قال مالك: يعني الذي يصلي ولا يرتفع عن الأرض، يسجد وهو لاصق بالأرض. ¬

(¬1) قلت: كأن البخاري يختار التفريق كالجمهور. (¬2) قلت: وقال به ابن تيمية وابن القيم. * في هذا الحديث إشارة من المؤلف إلى جوازه في البنيان. (¬3) قلت: (فائدة) جاء عند البيهقي بسند ضعيف من حديث سراقة بن مالك قال: علمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الخلاء أن نقعد على اليسرى وننصب اليمنى، وهو في البلوغ برقم (111) وزاد في التلخيص وقال: رواه الطبراني.

13 - باب خروج النساء إلى البراز

13 - باب خروج النساء إلى البراز 146 - عن عائشة أن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - كن يخرجن بالليل إذا تبرزن إلى المناصع- وهو صعيد أفيح- فكان عمر يقول للنبي - صلى الله عليه وسلم -: احجب نساءك. فلم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل. فخرجت سوده بنت زمعة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة من الليالي عشاء، وكانت امرأة طويلة، فناداها عمر: ألا قد عرفناك يا سودة. حرصًا على أن ينزل الحجاب. فأنزل الله آية الحجاب (¬1). 147 - عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «قد أذن أن تخرجن في حاجتكن» قال هشام: يعني البراز (¬2). 15 - باب الاستنجاء بالماء 150 - حدثنا شعبة عن أبي معاذ- واسمه عطاء بن أبي ميمونة- قال سمعت أنس بن مالك يقول: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج لحاجته أجئ أنا وغلام معنا إداوة من ماء. يعني يستنجي به (¬3). 18 - باب النهي عن الاستنجاء باليمين 153 - عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا ¬

(¬1) ولم يكونوا بعتادوا الكنف في البيوت. (¬2) براز بالفتح الأرض الفضاء، والبراز بالكسر المبارزة. (¬3) وهذا هو الأفضل، ويجزي وإن لم يتقدمه حجارة والجمع أفضل.

24 - باب الوضوء ثلاثا ثلاثا

شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء، وإذا أتى الخلاء فلا يمس ذكره بيمينه. ولا يتمسح بيمينه» (¬1). قال الحافظ: ... فألقى الروثة وقال: إنها ركس، ائتني بحجر (¬2). 24 - باب الوضوء ثلاثًا ثلاثًا 159 - حدثني إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب أن عطاء بن يزيد أخبره أن حمران مولى عثمان أخبره أنه رأى عثمان بن عفان دعا بإناء فأفرغ على كفيه ثلاث مرار فغسلهما ثم أدخل يمينه في الإناء فمضمض واستنشق، ثم غسل وجهه ثلاثًا، ويديه إلى الموفقين ثلاث مرار، [ثم] مسح برأسه ثم غسل رجليه ثلاث مرار إلى الكعبين، ثم قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه (¬3)، غفر له ما تقدم من ذنبه». ¬

(¬1) هذا الحديث بين فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - الآداب الشرعية. * وسألت الشيخ عن من مسح ذكره بحجر بيده اليمنى؟ فقال: بيده اليسرى. (¬2) ذكرها الشيخ. * هل إذا توضأ يريد تبردًا؟ قال الشيخ: يتبرد في وقت آخر بعد الفراغ من الوضوء، وكذا الغسل. (¬3) في حديث عقبة يقبل عليهما بقلبه ووجهه. هذه الأحاديث تدل على أن الوضوء أنواع، والمرة الغسلة ولو بأكثر من غرفة. والمرة تعميم العضو بالماء، وإسالة الماء على العضة. والرأس مرة واحدة، والأذنين. * سألت الشيخ عن مسح المرأة رأسها وعليها الحناء؟ فقال: ظاهر ما رواه أبو داود عن عائشة المسح على الضماد (أبو داود) برقم (245)، واستدل شيخنا في موضع آخر بأنه عليه الصلاة والسلام لبد رأسه في الحج أيامًا وكان يمسح عليه فلا حرج. * من عاد ته - صلى الله عليه وسلم - الوضوء لكل صلاة. * وسئل الشيخ عن الاستجما ر باليمين لضرورة؟ فقال بالجواز (وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه). * التكفير خاص بالصغائر، أما الكبائر فلا.

25 - باب الاستنثار في الوضوء

25 - باب الاستنثار (¬1) في الوضوء 161 - عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من توضأ فليستنثر، ومن استجمر فليوتر». 27 - باب غسل الرجلين، ولا يمسح على القدمين 163 - عن يوسف بن ماهك (¬2) عن عبد الله بن عمر وقال: تخلف النبي - صلى الله عليه وسلم - عنا في سفرة سافرناها، فأدركنا وقد أرهقنا العصر، فجعلنا نتوضأ ونمسح ¬

(¬1) ظاهر الأحاديث وجوب ذلك، وكذلك الاستنشاق والمضمضة. * وسألت الشيخ لو لم يستخدم يده في الاستنثار يجزي؟ فقال: إذا تم المقصود. يعني أنه يجزي. * الاستجمار له حالان: 1 - مع الماء فالأمر واسع لا يتقيد بعدد. 2 - بدون ماء فأقله ثلاث، ويستحب الإكثار فيما فوق ذلك. (¬2) ماهك بالفتح والكسر، في القاموس بالفتح.

29 - باب غسل الأعقاب وكان ابن سيرين يغسل موضع الخاتم إذا توضأ

على أرجلنا. فنادي بأعلى صوته «ويل للأعقاب من النار» مرتين أو ثلاثًا. قال الحافظ: ... أظهرها ما رواه ابن حبان في صحيحة من حديث أبي سعيد مرفوعًا «ويل واد في جهنم» (¬1). 29 - باب غسل الأعقاب وكان ابن سيرين يغسل موضع الخاتم إذا توضأ 165 - حدثنا محمد بن زياد قال: سمعت أبا هريرة- وكان يمر بنا والناس يتوضؤن من المطهر- قال: أسبغوا (¬2) الوضوء، فإن أبا القاسم قال: «ويل للأعقاب من النار». 30 - باب غسل الرجلين في النعلين، ولا يمسح على النعلين 166 - عن عبيد بن جريج أنه قال لعبد الله بن عمر: يا أبا عبد الرحمن، رأيتك تصنع أربعًا لم أر أحدًا من أصحابك يصنعها. قال: وما هي يا ابن جريج؟ قال: رأيتك لا تمس من الأركان إلا اليمانيين، ورأيتك تلبس النعال السبتية، ورأيتك تصبغ بالصفرة، ورأيتك إذا كنت بمكة أهل الناس إذا رأوا الهلال ولم تهل أنت حتى كان يوم التروية. قال عبد الله: أما الأركان فإني ¬

(¬1) قلت: من طريق أبي السمح عن أبي الهيثم وهي طريق ضعيفة، وبهذا السند أحاديث: «إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان» وغيره. انظر تحفة الإشراف (3/ 336) والعجب من الحافظ كيف لم ينبه على ضعفه؟ ! (¬2) إمرار الماء على العضو كله والدلك أفضل، وليس بلازم.

32 - باب التماس الوضوء إذا حانت الصلاة

لم أر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمس إلا اليمانيين. وأما النعال السبتية فإني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلبس النعل التي ليس فيها شعر ويتوضأ فيها، فأنا أحب أن ألبسها. وأما الصفرة فإني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصبغ بها، فأنا أحب أن أصبغ بها. وأما الإهلال فإني لم أر رسول الله يهل حتى تنبعث به راحلته. قال الحافظ: ... وأشار بذلك إلى ما روى (¬1) عن علي وغيره من الصحابة أنهم مسحوا على نعالهم في الوضوء ثم صلوا. 32 - باب التماس الوضوء إذا حانت الصلاة 169 - عن أنس بن مالك قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحانت صلاة العصر، فالتمس الناس الوضوء فلم يجده، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوضوء فوضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك الإناء يده وأمر الناس أن يتوضؤوا منه. قال: فرأيت الماء ينبع من تحت أصابعه (¬2)، حتى توضؤوا من عند آخرهم. ¬

(¬1) قلت: الحديث في المسند وغيره وأجاب عنه ابن القيم في تهذيب السنن بأجوبة عديدة منها أن هذا وضوء وحمله الشيخ على غسلهما في النعلين. * السواك باليد اليسرى، فيبدأ بالشق الأيمن من الفم؟ قلت: انظر (21/ 108) من مجموع الفتاوى. * لبس الساعة في اليمين؟ جائز في اليد اليمنى واليسرى. * الواجب عند حضور الصلاة التماس الماء، فإن لم يوجد فيعدل إلى التيمم. (¬2) في لفظ: من بين أصابعه. * هل يلزمه التماس الماء بالسيارة؟ إذا كان حوله.

33 - بابا الماء الذي يغسل به شعر الإنسان

قال الحافظ: ... وبين المصنف في رواية قتادة أن ذلك كان بالزوراء (¬1). 33 - بابا الماء الذي يغسل به شعر الإنسان وكان عطاء لا يرى به بأسًا أن يتخذ منها الخيوط والحبال. وسؤر الكلاب وممرها في المسجد. وقال الزهري: إذا ولغ في إناء ليس له وضوء غيره يتوضأ به (¬2). وقال سفيان: هذا الفقه بعينه، يقول الله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} وهذا ماء. وفي النفس منه شيء، يتوضأ به ويتيمم. قال الحافظ: قوله: (وكان عطاء) ... أنه كان لا يرى بأسًا بالانتفاع بشعور الناس التي تحلق بمني (¬3). 170 - عن ابن سيرين قال: قلت لعبيدة عندنا من شعر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصبناه من قبل أنس- أو من قبل أهل أنس- فقال: لأن تكون عندي شعرة منه أحب إلي من الدنيا وما فيها (¬4). 171 - عن ابن سيرين عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما حلق رأسه كان أبو طلحة (¬5) أول من أخذ من شعره. ¬

(¬1) وقع في المدينة وقصة عائشة في السفر. (¬2) وهذا عند التأمل مرجوح لأنه يراق لحديث «فليرقه» ويعتبر نجسًا إلا أن يكون كثيرًا في الحوض فلا يضره. (¬3) فيه امتهان، والأولى عدمه. (¬4) لأنه شعر مبارك، وغسل الرأس وغسل البدن لا ينجس الماء ما لم تكن نجاسة، هذا مراد المؤلف. (¬5) أعطاه النصف، واستدل به المؤلف على طهارة شعر الرأس.

172 - عن أبي هريرة قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعًا» (¬1). 173 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أن رجلًا رأى كلبًا يأكل الثري من العطش، فأخذ الرجل خفه فجعل يغرف له به حتى أواه، فشكر الله له، فأدخله الجنة» (¬2). 174 - عن حمزة بن عبد الله عن أبيه قال: كانت الكلاب تبول وتقبل وتدبر في المسجد في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يكونوا يرشون شيئًا من ذلك (¬3). 175 - عن عدي بن حاتم قال: سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «إذا أرسلت كلبك المعلم (¬4) فقتل فكل، وإذا أكل فلا تأكل فإنما أمسكه على نفسه». قلت أرسل كلبي فأجد معه كلبًا آخر. فلا تأكل، فإنما سميت على كلبك ولم تسم على كل آخر. ¬

(¬1) وفيه رد على قول الزهري المتقدم، فيدل على شدة النجاسة. (¬2) كون الكلب نجس لا يمنع من الإحسان إليه. * سألت الشيخ عن مناسبة الحديث (173) لكتاب الوضوء؟ قال: كأنه لما كان الكلب نجسًا لا يمنع من الإحسان إليه ... وكذا الكافر يحسن إليه ... (¬3) هذا الحديث محمول عند أهل العلم ما لم يعرف مكان النجاسة وإلا فيصب الماء عليها. (¬4) وهذا مستثنى من نجاسة الكلب مع غلظ نجاسته، وصيده حلال ولم يأمر بغسل موضوع أنيابه. * هذه الأشياء أراد بها المؤلف أن الوضوء مما خرج من السبيلين، أما ما سوى ذلك فيعفى عنه، ولا شك أن الأصل الوضوء من الخارج من السبيلين فقط، وذهب بعضهم إلى الوضوء من خروج الدم كالحجامة وغيرها. وقال الشيخ: الأصل من الخارج من السبيلين. * وسألته عن إفرازات المرأة المهبلية؟ فقال: تتوضأ بعد دخول الوقت كالمستحاضة.

34 - باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين من القبل والدبر

34 - باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين من القبل والدبر وقال جابر بن عبد الله: إذا ضحك في الصلاة أعاد الصلاة ولم يعد الوضوء. وقال الحسن: إن أخذ من شعره وأظفاره أو خلع خفيه فلا وضوء عليه (¬1). 176 - عن أبي هريرة قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يزال العبد في صلاة ما كان في المسجد ينتظر الصلاة ما لم يحدث» فقال رجل أعجمي: ما الحدث يا أبا هريرة؟ قال: الصوت (يعني الضرطة) (¬2). 177 - عن عباد بن تميم عن عمه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا» (¬3). 178 - عن محمد بن الحنفية قال: قال علي كنت رجلًا مذاء (¬4) فاستحييت أن أسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمرت المقداد بن الأسود فسأله فقال «فيه الوضوء». [رواه شعبة عن الأعمش]. ¬

(¬1) ليس بجيد، بل إذا خلعهما وجب الوضوء فإنه يبطل الوضوء الأول. (¬2) يعني هذا نوع من الحدث. (¬3) فالأصل الطهارة أو يتحقق ذلك ولو من غير ريح أو صوت. (¬4) البول والغائط والمني والمذي والودي محل إجماع في النقض، واختلفوا في الدود والصواب أنها ناقضة.

35 - باب الرجل يوضئ صاحبه

179 - عن عطاء بن يسار أخبره أن زيد بن خالد أخبره أنه سأل عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قلت: أرأيت إذا جامع فلم يمن؟ قال عثمان: يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ويغسل ذكره. قال عثمان: سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فسألت عن ذلك عليًا والزبير وطلحة وأبي بن كعب - رضي الله عنهم - فأمروه بذلك (¬1). 35 - باب الرجل يوضئ صاحبه 181 - عن أسامة بن زيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أفاض من عرفة عدل إلى الشعب فقضي حاجته. قال أسامة بن زيد: فجعلت أصب عليه ويتوضأ (¬2). فقلت: يا رسول الله أنصلي؟ فقال: «المصلي أمامك» (¬3). 36 - باب قراءة القرآن بعد الحدث وغيره وقال منصور عن إبراهيم: لا بأس بالقراءة في الحمام (¬4)، ويكتب الرسالة على غير وضوء، وقال حماد عن إبراهيم: إن كان عليهم إزار فسلم، وإلا فلا تسلم. ¬

(¬1) وكان هذا في أول الإسلام، ثم استقرت الشريعة على وجوب الغسل. (¬2) في لفظ: فتوضأ وضوءًا خفيفًا. (¬3) يعني مزدلفة. * الجمع سنة للحاجة، وبدون حاجة الأفضل التوقيت. * لا مانع من إعانة المتوضئ بصب الماء عليه. (¬4) محل اغتسال الناس. إذا كانت الحمامات مكشوفة اغتسل وعليه إزاره وتجوز القراءة ما لم يكن جنبًا. * الحائض والنفساء تقرءان القرآن وليسا كالجنب للفارق.

37 - باب من لم يتوضأ إلا من الغشي المثقل

183 - ... استيقظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجلس يمسح النوم عن وجهه (¬1) بيده ... 37 - باب من لم يتوضأ إلا من الغشي المثقل 184 - عن أسماء بنت أبي بكر قال: أتيت عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - حين خسفت الشمس، فإذا الناس قيام يصلون، وإذا هي قائمة تصلي. فقلت: ما للناس؟ فأشارت بيدها نحو السماء وقالت: سبحان الله. فقلت: آية؟ فأشارت أي نعم. فقمت حتى تجلاني الغشي، وجعلت أصب فوق رأسي ماء. فلما أنصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حمد الله وأثنى عليه ثم قال: «ما من شيء كنت لم أره إلا قد رأيته في مقامي هذا حتى الجنة والنار. ولقد أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور مثل- أو قريب من- فتنة الدجال (لا أدري أي ذلك قالت أسماء) يؤتي أحدكم فيقال: ما علمك بهذا الرجل؟ فأما المؤمن (أو الموقن، لا أدري أي ذلك قالت أسماء) فيقول: هو محمد رسول الله، جاءنا بالبينات والهدي، فأجبنا وآمنا وأتبعنا. فيقال: ثم صالحًا، فقد علمنا إن كنت لمؤمنا. وأما لمنافق (أو المرتاب، لا أدري أي ذلك قالت أسماء) فيقول: لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئًا فقلته» (¬2). ¬

(¬1) ومثله الشيخ أمر يده على وجهه. (¬2) في رواية: فيضرب بمرزبة من حديد. * المغمى عليه يقضي ثلاثة فما دون، وإن زاد فلا، لما روي عن بعض الصحابة وللمشقة (يعني في الصلاة). * الغشي كالنوم الخفيف لا ينقض الوضوء، وأما الإغماء فينقض.

38 - باب مسح الرأس كله، لقول الله تعالى: {وامسحوا برءوسكم}

38 - باب مسح الرأس كله، لقول الله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} وقال ابن المسيب: المرأة بمنزلة الرجل تمسح على رأسها وسئل مالك: أيجزي أن يمسح بعض الرأس؟ فاحتج (¬1) بحديث عبد الله بن زيد. 39 - باب غسل الرجلين إلى الكعبين 186 - ... سأل عبد الله بن زيد عن وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم -، فدعا بتور من ماء فتوضأ لهم وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم -: فأكفأ على يده من التور فغسل يديه ثلاثًا (¬2)، ثم أدخل يده في التور فمضمض واستنشق واستنثر ثلاث غرفات، ثم أدخل يده فغسل وجهه ثلاثًا، ثم غسل يديه مرتين إلى المرفقين، ثم أدخل يده فمسح رأسه فأقبل بهما وأدبر مرة واحده، ثم غسل رجليه إلى الكعبين. ¬

(¬1) يعني يمسح كله، وهو الصواب. * ذوائب المرأة النازلة عن الرأس لا تمسح. قلت: فائدة: قال بعض الفضلاء: مسح الأذنين في الوضوء لا يوجد في الصحيحين من حديث عثمان ولا غيره انظر «فهرس الفهارس والإثبات الكتابي» (2/ 745). * ما بعد إلى لا يدخل فيما قبل إلى. وفي الآية من المواضع المستثناة، فيدخل ما بعدها. (¬2) سواء في الليل والنهار، وأكد على نوم الليل وذهب بعضهم إلى الوجوب. * هل في هذا الحديث دليل على عدم وجوب التسمية؟ لا، التسمية تؤخذ من أحاديث أخرى.

40 - باب استعمال فضل وضوء الناس

40 - باب استعمال فضل وضوء الناس وأمر جرير بن عبد الله أهله أن يتوضؤوا بفضل سواكه (¬1). 187 - حدثنا الحكم قال: سمعت أبا جحيفة يقول: خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالهاجرة، فأتى بوضوء فتوضأ، فجعل الناس يأخذون من فضل وضوئه فيتمسحون (¬2) به، فصلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، وبين يديه عنزة في حجة الوداع بالأبطح. 188 - وقال أبو موسى: دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - بقدح فيه ماء فغسل يديه ووجهه فيه، ومج فيه، ثم قال لهما: اشربا منه، وأفرغا على وجوهكما ونحوركما (¬3). 190 - حدثنا حاتم بن إسماعيل عن الجعد قال: سمعت السائب (¬4) بن يزيد يقول: ذهبت بي خالتي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله إن ابن أختي وقع، فمسح رأسي ودعا لي بالبركة، ثم توضأ فشربت من وضوئه، ثم قمت خلف ظهره فنظرت إلى خاتم (¬5) النبوة بين كتفيه مثل زر الحجلة. ¬

(¬1) لا يضر الماء ولا يسلبه الطهورية. (¬2) هذا خاص بالنبي - صلى الله عليه وسلم -. * هل يجوز السمح على الكنادر التي لا تستر الكعبين؟ لا. * قول بعض الناس: زارتنا البركة؟ الله أعلم، لا أعلم فيه شيئًا. (¬3) لما جعل الله فيه من البركة. (¬4) وكان سنة سبع سنين، وكذا الحسن. (¬5) من علامات النبوة.

43 - باب وضوء الرجل مع امرأته وفضل وضوء المرأة. وتوضأ عمر بالحميم من بيت نصرانية.

43 - باب وضوء الرجل مع امرأته وفضل وضوء المرأة. وتوضأ عمر بالحميم (¬1) من بيت نصرانية. 193 - عن عبد الله بن عمر أنه قال: كان الرجال والنساء يتوضؤون في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جميعًا (¬2). قال الحافظ: ... وأما مسألة التطهر بالماء المسخن فاتفقوا على جوازه إلا ما نقل عن مجاهد (¬3). 44 - باب صب النبي - صلى الله عليه وسلم - وضوءه على مغمي عليه 194 - عن محمد بن المنكدر قال: سمعت جابرًا يقول: جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعودني وأنا مريض لا أعقل فتوضأ وصب علي من وضوئه، فقلت: يا رسول الله لمن الميراث، إنما يرثني كلالة؟ فنزلت آية الفرائض (¬4). ¬

(¬1) الماء المسخن، وفي رواية «من جرة نصرانية» فدل على طهارة أواني الكفار. (¬2) يعني الرجل مع أهله كما اغتسل النبي - صلى الله عليه وسلم - مع زوجه. (¬3) لعله لا يصح عن مجاهد للحاجة للماء المسخن في البرد. وكذا المسخن بالشمس، وحديث المسخن بالشمس يجلب البرص لا صحة له. (¬4) لما جعل الله في وضوئه من البركة. * ماء زمزم مثل بقية المياه في الوضوء والغسل.

45 - باب الغسل والوضوء في المخضب والقدح والخشب والحجارة

45 - باب الغسل والوضوء في المخضب والقدح والخشب والحجارة 195 - حدثنا حميد عن أنس قال: حضرت الصلاة، فقام من كان قريب الدار إلى أهله وبقي قوم، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمخضب (¬1) من حجارة فيه ماء، فصغر المخضب أن يبسط فيه كفه (¬2)، فتوضأ القوم كلهم. قلنا: كم كنتم؟ قال: ثمانين وزيادة. 198 - عن عائشة قالت: لما ثقل النبي - صلى الله عليه وسلم - واشتد به وجعه استأذن أزواجه في أن يمرض في بيتي (¬3)، فأذن له. فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم -. فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - بين رجلين تخط رجلاه في الأرض: بين عباس ورجل آخر- قال عبيد الله: فأخبرت عبد الله بن عباس فقال: أتدري من الرجل الآخر؟ قلت: لا. قال: هو علي- ¬

(¬1) إناء صغير من حجر. * فيه أن الوضوء في جميع الآنية جائز إلا الذهب والفضة ومنها المموه بالذهب والفضة لأنه في رواية «وما كان فيه شيء من ذلك» [رواه الدارقطني وغيره بسند جيد]. * شيخنا يذهب إلى تعميم المنع من استعمال الذهب والفضة. (¬2) من الماء الذي نبع من بين أصابعه - صلى الله عليه وسلم -. * الوضوء في الأواني كلها جائز ويحرم في الذهب والفضة خاصة، وعللت لما فيها من الإسراف والتبذير، وقيل كسر لقلوب الفقراء. * أكواب الشاهي والقهوة داخلة في الأواني، وكذا الملاعق. وإذا كان لونها لون الذهب لا يضر. (¬3) لا بأس أن يمرض الرجل عند إحدى زوجاته.

46 - باب الوضوء من التور

وكانت عائشة - رضي الله عنها - تحدث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال بعدما دخل بيته واشتد وجعه «هريقوا عليّ من سبع قرب لم نحلل أو كيتهن، لعلي أعهد إلى الناس». وأجلس في مخضب لحفصة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم طفقنا نصب عليه تلك حتى طفق يشير إلينا أن قد فعلتن. ثم خرج إلى الناس (¬1). 46 - باب الوضوء من التور قال الحافظ: ... والمعنى أن جمع بينهما ثلاث مرات كل مرة من غرفة (¬2) ... والمعنى أنه جمع بينهما ثلاث مرات من غرفة واحدة (¬3). 47 - باب الوضوء بالمد 201 - حدثنا ابن جبر قال: سمعت أنسًا يقول: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يغسل- أو كان يغتسل- بالصاع إلى خمسة أمداد، ويتوضأ بالمد (¬4). ¬

(¬1) فيه من الفوائد: * إذا لم يأذن الزوجات في أن يمرض عند أحداهن فالقرعة بينهن، القرعة هنا قياسًا على السفر. * وفيه تكرار صب الماء على المريض حتى ينشط ثلاثًا أو خمسًا. (¬2) وهو الذي قاله الشيخ. (¬3) وقيل له: إذا لم يبق في الكف شيء قال ... إن تيسر وإلا أخذ. (¬4) المد: ملء اليدين هكذا- ومثلها الشيخ- وقال: اليدين المعتدلتين. * لم ينه النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الزيادة على الصاع، وإنما نهى عن الإسراف.

48 - باب المسح على الخفين

48 - باب المسح على الخفين 202 - عن سعد بن أبي وقاص عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه مسح على الخفين، وأن عبد الله بن عمر سأل عمر عن ذلك فقال: نعم، إذا حدثك شيئًا سعد عن النبي. فلا تسأل عنه غيره (¬1). 49 - باب إذا أدخل رجليه وهما طاهرتان 206 - حدثنا أبو نعيم قال حدثنا زكريا (¬2) عن عامر عن عروة بن المغيرة عن أبيه قال: كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فأهويت لأنزع خفيه فقال: «دعهما، فإني أدخلتهما طاهرتين» فمسح عليهما. ¬

(¬1) قول الواحد الثقة حجة في الأحكام أو العقائد سواء كان من الصحابة أو غيرهم، هذا الذي عليه أهل السنة والجماعة. * أجمع الملمون على العمل بحديث «إنما الأعمال» وهو فيه أربعة أفراد عمر ويحيى وعلقمة وإبراهيم. * المسح على الخفين سنة متواترة عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - حضرًا وسفرًا للرجال والنساء في جميع الأحوال. * التيمم بالتراب الطهور، وإن كان في الفرش غبار فعله. * الرافضة يمسحون على الأقدام ولا يمسحون على الخفين. قلت: فالرافضة لهم في هذا ثلاث مخالفات: 1 - عدم غسل الرجل بل مسحها. 2 - عدم المسح على الخفين. 3 - الكعب عندهم هو العظم الناتئ في وسط القدم. (¬2) لغتان، بالمد والقصر.

50 - باب من لم يتوضأ من لحم الشاة والسويق

قال الحافظ: ... قوله (وقد صح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إن يطع الناس أبا بكر وعمر يرشدوا) (¬1). 50 - باب من لم يتوضأ من لحم الشاة والسويق (¬2) 207 - عن عبد الله بن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكل كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ. 52 - باب هل يمضمض من اللبن 211 - عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شرب لبنًا فمضمض وقال: «إن له دسمًا». قال الحافظ: ... أن الأمر فيه للاستحباب (¬3). 53 - باب الوضوء من النوم، ومن لم ير من النعسة والنعستين أو الخفقة وضوءً 212 - حدثنا عبد الله بن يوسف قال: أخبرنا مالك عن هشام عن أبيه عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا نعس أحدكم وهو يُصلي فليرقد حتى يذهب عنه النوم، فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لا يدري لعله يستغفر فيسب نفسه» (¬4). ¬

(¬1) قلت: ورواه مسلم. (¬2) أراد المؤلف هنا أن الوضوء مما مست النار منسوخ وبيان أن لحوم الغنم لا يتوضأ منها، وأما الإبل فيتوضأ منها لوحدها. (¬3) وهو الصواب. (¬4) فيه أن الإنسان لا يكلف نفسه ما لا يطاق. المراد بالصلاة هنا النافلة، أما الفريضة فلابد أن يقوم لها. * من نعس في الفريضة فإنه لا ينتقض وضوءه إلا إذا فقد الشعور.

54 - باب الوضوء من غير حدث

قال الحافظ: ... إنما هذا في صلاة الليل، لأن الفريضة ليست في أوقات النوم، ولا فيها من التطويل ما يوجب ذلك (¬1). 54 - باب الوضوء من غير حدث 215 - عن سويد بن النعمان قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام خيبر حتى إذا كنا بالصهباء صلى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العصر، فلما صلى دعا بالأطعمة فلم يؤت إلا بالسويق، فأكلنا وشربنا، ثم قام النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المغرب فمضمض ثم صلى المغرب، ولم يتوضأ (¬2). 55 - باب من الكبائر (¬3) أن لا يستتر من بوله 216 - عن مجاهد عن ابن عباس قال: مر النبي - بحائط من حيطان المدينة - أو مكة فسمع صوت إنسانين يعذبان في قبورهما، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يعذبان، وما يعذبان في كبير (¬4) - ثم قال - بلى، كان أحدهما لا يستتر من بوله، وكان الآخر يمشي بالنميمة» ثم دعا بجريدة فكسرها كسرتين، فوضع على كل قبر منهما كسرة. فقيل له: يا رسول الله لم فعلت هذا؟ قال: «لعله أن يخفف عنهما ما لم تيبسا» أو «إلى أن ييبسا». ¬

(¬1) ليس بجيد لأنه يؤدي إلى تعطيل الفريضة. (¬2) من توضأ لكل صلاة فهو الأفضل، وإن ترك فلا بأس. (¬3) ليس المقصود هنا ناحية الإثم، ولكن من ناحية أنه ليس بكبير وشاق على الإنسان من أن يتحرز منه. (¬4) لما فيه من الوعيد والتعذيب، وهذا خاص بالنبي - صلى الله عليه وسلم - لأن الله أطلع نبيه على هذا.

56 - باب ما جاء في غسل البول

قال الحافظ: ... وقيل: المعنى ليس بكبير في الصورة ... (¬1) قال الحافظ: ... أي كان لا يشق عليهما الاحتراز من ذلك. (¬2) 56 - باب ما جاء في غسل البول (¬3) وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لصاحب القبر: «كان لا يستتر من بوله» - ولم يذكر سوى بول الناس (¬4). ¬

(¬1) يعني كالزنا. (¬2) ومال إليه شيخنا، هو جيد وماشي في الثاني. * حديث: «ثلاثة من الجفاء ... وذكر البول قائمًا» وقال الشيخ: إن صح سنده فهو شاذ، وذكر قاعدة ابن حجر فالراجح المحفوظ ومقابلة الشاذ. وقال الشيخ: الظاهر أنه ضعيف، وسأله من سأله من رواه فلم يعرف وقال: يلتمس. قلت: هو حديث ضعيف لا يثبت، وانظر (ص 328) من المجلد الأول. (¬3) مراد البخاري - رحمه الله - الرد على من قال بنجاسة بول ما يؤكل لحمه، والصحيح أنه ظاهر، وأما ما لا يؤكل لحمه فبوله نجس كبول بني آدم، غير أن الإنسان طاهر في نفسه. * بول الأسد والنكر والكلب نجس. (¬4) مراد الرد على من قال بنجاسة الأبوال كلها، فأبوال مأكول اللحم ليس بنجس هذا هو الصواب وأما بول الآدمي نجس.

57 - باب ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - والناس الأعرابي حتى فرغ من بوله في المسجد

217 - عن أنس بن مالك قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لحاجته أتيته بماء فيغسل (¬1) به. 218 - عن ابن عباس قال: مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقبرين فقال: «إنهما ليعذبان» (¬2)، وما يُعذبان في كبير: «أما أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة» ثم أخذ جريدة رطبة فشقها نصفين، فغرز في كل قبر واحدة. قالوا: يا رسول الله لم فعلت هذا؟ قال: «لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا». 57 - باب ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - والناس الأعرابي حتى فرغ من بوله في المسجد 219 - عن أنس بن مالك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى أعرابيًا يبول في المسجد فقال: دعوه حتى إذا فرغ دعا بماء فصبه عليه (¬3). ¬

(¬1) هذا دليل على شرعية الاستنجاء لأن العرب كانوا يأنفون منه، ولذا شرع الاستنجاء والاستجمار تخييرًا، والجمع بينهما أفضل. * وهذا يدل على أن الاستنجاء أمر شرعي والعرب كانت تأنف من الماء وينفروا من لمس النجاسة باليد، وجاء الإسلام بالماء واستجمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحجارة وبالماء فجمع بينهما - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) قوله: «يعذبان» يدل على أنهما مسلمين، فلو كانا كافرين لم يعذبا لهذا لأن الكفر أعظم منه. * وهذا يدل على أنهما مسلمان وأنهما لو كانا كافرين لم يرطب عليهما شيء. (¬3) فيه فوائد: 1 - الرق في إنكار المنكر. 2 - حلمه - صلى الله عليه وسلم -. 3 - تحمل أدنى المفسدتين ... (بمعناه).

58 - باب صب الماء على البول في المسجد

58 - باب صب الماء على البول في المسجد 220 - عن أبي هريرة قال: قام أعرابي فبال في المسجد، فتناوله الناس، فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: «دعوه، وهريقوا على بوله سجلا من ماء- أو ذنوبًا من ماء - فإنما بُعثتم ميسرين، ولم تُبعثوا معسرين» (¬1). 221 - باب: يُهريق الماء على البول (¬2). وحدثنا خالد. قال وحدثنا سليمان عن يحيى (¬3) بن سعيد قال: سمعت أنس بن مالك قال: جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد، فزجره الناس، فنهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما قضى بوله أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذنوب من ماء فأهريق عليه. 59 - باب بول الصبيان 223 - عن أم قيس بنت محصن أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام (¬4) إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأجلسه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. في حجره، فبال على ثوبه، فدعا بماء فنصحه ولم يغسله. ¬

(¬1) مع التيسير تقبل القلوب الحق، ومع التعسير تدبر. (¬2) تكرار التراجم لتفنن المؤلف، وحتى يستقر المعنى في السامع والقارئ، وهذه عادة البخاري - رحمه الله -. وهذه عادة البخاري - رحمه الله -. وصب الماء وإهراق الماء متقاربة. (¬3) من صغار التابعين. (¬4) الصغير الذي لم يأكل الطعام بالنسبة لبوله يرش، وأما الجارية فيغسل مطلقًا. * وقال الشيخ: ما لم يأكلوا الطعام ولم يتغذوا يكفي الرش. * واختلف في العلة فقيل لكثرة حمل الصبي دون الجارية فللمشقة خفف، وقيل بول الجارية يتيسر غسله فخفف، وقيل أصل الجارية الدم وأصل الصبي التراب. ورجح شيخنا الأول والثاني. * الأكل اليسير للصغير لا يخرجه من الحكم. * القي: يغسل من باب الحيطة قاسه بعضهم على البول فيغسل إن كان أكل ولا يغسل إن لم يأكل. * التحنيك لا نعلم فيه سنة إلا ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يختص بالفضلاء يحكنه به أمه أو أبوه أو أخوه، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لا يقاس على غيره كما لا يقاس بعرقه ولا شعره.

60 - باب البول قائما وقاعدا

60 - باب البول قائمًا وقاعدًا 224 - عن حذيفة قال: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - سباطة قوم فبال قائمًا، ثم دعا بماء، فجئته بماء فتوضأ. قال الحافظ: ... ويدل عليه حديث عائشة قالت: «ما بال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائمًا منذ أنزل عليه القرآن» (¬1). ¬

(¬1) فيه جواز البول قائمًا إذا أمن النجاسة، والجلوس أفضل، ويجب أن يأمن خروج العورة. * كانت العرب تبول قيامًا، وجاء الإسلام باستحباب البول جالسًا وهذا الغالب من فعله - صلى الله عليه وسلم - وأنه أفضل وهو الأفضل، وفي الأشياء النادرة كما حصل عند السباطة لأن الجلوس لا يناسب ولا ولا .... والبساطة القمامة، أو بيان الجواز.

63 - باب غسل الدم

قال الحافظ: ... ولم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في النهي عنه شيء كما بينته في أوائل شرح الترمذي (¬1) والله أعلم. 63 - باب غسل الدم (¬2) 227 - حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا يحيى عن هشام قال حدثتني فاطمة عن أسماء قالت: جاءت امرأة النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: أرأيت إحدانا تحيض في الثوب كيف تصغ؟ قال: «تُحته ثم تقرصه بالماء وتنضحه وتصلي فيه». 228 - عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: جاءت فاطمة ابنة أبي حُبيش إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، إني امرأة أُستحاض فلا ¬

(¬1) قلت: للمصنف شرح الترمذي؟ ! (¬2) هل سائر الدماء نجسة؟ قلت: نقل القرطبي والنووي الإجماع على نجاسة الدماء. * قلت: العفو عن يسير النجاسات كلها مذهب شيخ الإسلام بما فيها البول والدم، وهو اختيار ابن سعدي وابن عثيمين، انظر الاختيارات (1/ 151). فيعفى عن يسير بول صاحب السلس وعن يسير المذي في الثياب للمشقة وعن الاستجمار بمحله، بل لو عرق المستجمر وسال إلى ثيابه فهو طاهر. * قلت: ذكر ابن المنذر اختلاف السلف في غسل الدم، فطائفة رخصت فيه مثل ابن مسعود وعائشة، وطائفة شددت، انظر الأوسط (1/ 148، 152، 156). * وقد فرق العلماء أو بعضهم بين نجاسته وبين خروجه، وانظر باب رقم (34) من المجلد الأول. * قلت: روى أبو داود من حديث ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عيسى بن طلحة عن أبي هريرة أن خولة بنت يسار قالت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرأيت إن لم يخرج الدم من الثوب؟ قال: «يكفيك الدم ولا يضرك أثره» وله شاهد مرسل أخرجه البيهقي في سننه (2/ 408، 409) وعائشة أمرت بغسل المكان ..... ابن المنذر (2/ 148).

66 - باب أبوال الإبل والدواب والغنم ومرابضها

أطهر، أفأدع الصلاة؟ فقال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا. إنما ذلك عرق، وليس بحيض. فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ثم صلي» قال: وقال أبى: «ثم توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت». 66 - باب أبوال الإبل والدواب والغنم ومرابضها وصلى أبو موسى في دار البريد والسرقين، والبرية إلى جنبه فقال: ها هنا وثم سواء (¬1). ¬

(¬1) قلت: أطال شيخ الإسلام الاستدلال على طهارة أرواث وأبوال البهائم المباحة، انظر في المجموع (21/ 534 - 587).

67 - باب ما يقع من النجاسات في السمن والماء

67 - باب ما يقع من النجاسات في السمن والماء قال الحافظ: ... فكما أن تغير صفة الدم بالرائحة الطيبة أخرجه من الذم إلى القدح فكذلك تغير صفة الماء إذا تغير بالنجاسة يخرجه عن صفة الطهارة إلى النجاسة (¬1). 69 - باب إذا ألقي على ظهر المصلي قذر أو جيفة لم تفسد عليه صلاته عن عمرو بن ميمون أن عبد الله بن مسعود حدثه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي عند البيت .... أيُكم يجيء بسلى جزور بني فلان فيضعه على ظهر محمد إذا سجد (¬2) ... 70 - باب البُزاق والمخاط ونحوه في الثوب (¬3) قال عروة عن المسور ومروان: خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - زمن حُديبية .. فذكر الحديث: وما تنخم النبي - صلى الله عليه وسلم - نُخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهة وجلده (¬4). ¬

(¬1) قلت: يعني ما لم يظهر للنجاسة أثر فالمانع ظاهر. (¬2) قال الشيخ: وهذا قبل استقرار الشريعة ومعرفة النجاسات، ولما استقرت أمرن بطهارة الثياب. (¬3) مقصود البخاري - رحمه الله - بيان أن هذه الفضلات كلها ظاهرة وهكذا، دمع العين وما يخرج من الأذن والعرق كله طاهر. (¬4) وأقرهم على ذلك فدل على طهارته، ومن ذلك فلا يبصق عن يمينه أو تلقاء وجهه أو ليقل به هكذا- ثم أخذ طرف ردائه ففعل به هكذا- فدل على طهارتها.

71 - باب لا يجوز الوضوء بالنبيذ ولا المسكر وكرهه الحسن وأبو العالية

241 - عن أنس قال: بزق النبي - صلى الله عليه وسلم - في ثوبه. 71 - باب لا يجوز الوضوء بالنبيذ ولا المسكر وكرهه الحسن وأبو العالية وقال عطاء: التيمم أحب إلي من الوضوء بالنبيذ واللبن (¬1). 242 - عن أبي سلمة عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كل شراب أسكر فهو حرام» (¬2). 72 - باب غسل المرأة أباها الدم عن وجهه وقال أبو العالية: امسحوا على رجلي فإنها مريضة. 243 - عن أبي حازم سمع سهل بن سعد الساعدي وسأله الناس- وما بيني وبينه أحد- بأي شيء دووي جُرح النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: ما بقي أحد ¬

(¬1) وما ذاك لأنها ليست بماء. * المسكر نجس عند الأكثرين، وهو رأي الجمهور، وقال بعضهم ليس بنجس. * الخمر نجس عند شيخ الإسلام تبعًا للجمهور، بل قال ص (204 ج 34). الخمر كالبول والحشيشة كالعذرة (يعني في النجاسة). (¬2) من أي جنس كان، وفي حديث عمر عند مسلم «كل مسكر خمر، وكل خمر حرام».

73 - باب السواك وقال ابن عباس: بت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستن.

أعلم به مني: كان علي يجيء بترسه فيه ماء، وفاطمة تغسل عن وجهه الدم. فأُخذ حصير فأحرق، فحُشي به جرحه (¬1). 73 - باب السواك وقال ابن عباس: بت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستن (¬2). 244 - عن أبى بردة عن أبيه قال. أتيهن، النبي - صلى الله عليه وسلم - فوجدته يستن بسواك بيده يقول: «أُع، أُع» (¬3) والسواك في فيه كأنه يتهوع. ¬

(¬1) فيه فوائد: 1 - غسل الدم وأنه من النجاسات التي تغسل إذا أصابت البدن والثوب. 2 - جواز مباشرة البنت لأبيها في غسله من الدم والنجاسات. 3 - شرعية التداوي والنبي - صلى الله عليه وسلم - لما جرح عالج جرحه. * وسئل عن هذا الحدي ألا يدل على نجاسة الدم؟ قال الشيخ: حكاه غير واحد من أهل العلم أن الدم نجس. * وسئل عن مقدار ما يغسل؟ فقال: الذي يخرج من الفرج نجس مطلقًا، وأما بقية البدن فيعفى عن اليسير. * وسئل الشيخ ألم ينقل عن الصحابة أنهم يصلون في جراحاتهم؟ فقال الشيخ مثل ما قال الحسن كالمستحاضة. (¬2) دلك أسنانه بالسواك، ويستاك بما يحصل به المقصود، وأحسنه الأراك. (¬3) كأن شيئًا دخل في حلقه من بقايا السواك فقال: «أع أع» من النفس ليخرج البقايا. * السواك سنة مؤكدة للمصلي وغير المصلي «السواك مظهرة للفم ... » سنده صحيح.

74 - باب دفع السواك إلى الأكبر

245 - عن أبي وائل عن حذيفة قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك (¬1). 74 - باب دفع السواك إلى الأكبر 246 - عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أراني أتسوك بسواك، فجاءني رجلان أحدهما أكبر من الآخر، فناولت السواك الأصغر منهما، فقيل لي: كبر (¬2)، فدفعته إلى الأكبر منهما» قال أبو عبد الله: اختصره نعيم عن ابن المبارك عن أسامة عن نافع عن ابن عمر. ¬

(¬1) فيه السواك عند القيام من النوم. (¬2) دفع الهدية إلى الأكبر هذا هو السنة والله أعلم إذا لم يمكن توزيعها على الجميع، أما إذا أمكن توزيعها شرع توزيعها على الجميع كما لو كانت الهدية نقودًا أو فاكهة أو نحو ذ لك وعنده اثنان لا يعطي الأكبر ويترك الأصغر يعطيهما جميعًا ويبدأ بالأكبر، وهكذا في الشراب يعطيه من على يمينه، على أنه يمشي على الجميع حسب التيسير. ثم سئل يبدأ بالأكبر، ثم من على يمينه؟ أو بالأيمن؟ فقال: في الكأس الشراب ونحوه على اليمين مطلقًا، أما هذا محمول أنه كانوا أمامه أو في أي جهة أخرى. ثم سئل عن الحديث «إذا سقيتم فابدءوا بالأكابر»؟ فقال: ما أعرف له أصلًا، الأحاديث الصحيحة واضحة في أنه على اليمين. قلت: الحديث المذكور رواه أبو يعلى وقال عنه الحافظ: سنده قوي، ثم ذكر الشيخ حديث القسامة وفيه «كبر، كبر» وقال: إذا كان أهل الخصومة جماعة يبدأ بالأكبر.

قال الحافظ: ... وقال المهلب: هذا ما لم يترتب القوم في الجلوس (¬1). قال الحافظ: ... وفيه حديث عائشة في سنن أبى داود قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعطيني السواك لأغسله فأبدأ به فأستاك ثم أغسله ثم أدفعه إليه» (¬2). ¬

(¬1) وقال الشيخ: مسألة الهدية تعطي للجميع إذا حضروا وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يوزع الأموال في المسجد على الأنصار. وقال: وقد يستأنس لهذا بقول الله: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ (إلى أن قال): فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} الآية. (¬2) قد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحب ريقها وكان يعرش العظم بعدها، فلعلها رأت فيه شيئًا- أي السواك- أو غسلته قبل أن تعلم ذلك- أي أنه يحب ريقها-. وسئل الشيخ السواك باليسار؟ فقال: نعم، لأنه من باب إزالة الأذى والوسخ، وحتى يبدأ بشق فمه الأيمن، ومثلها الشيخ.

75 - باب فضل من بات على الوضوء

75 - باب فضل من بات على الوضوء (¬1) عن البراء بن عازب قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أتيت (¬2) مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن، ثم قل: اللهم أسلمت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك. اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت. فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة. واجعلهن آخر ما تتكلم به». قال: فرددتها على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما بلغت «اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت» قلت: ورسولك. قال «لا. ونبيك الذي أرسلت». ¬

(¬1) فيه شرعية هذا الذكر وكونه آخر شيء، وفي لفظ آخر «من آخر ما تقول» زيادة، وفيه التقيد بالألفاظ التي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو الذي ينبغي. (¬2) إذا أردت النوم، وتقوله بعد الأذكار الأخرى.

5 - كتاب الغسل

5 - كتاب الغسل 1 - باب الوضوء قبل الغسل (¬1) 248 - عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ فغسل يديه، ثم يتوضأ كما يتوضأ للصلاة، ثم يُدخل أصابعه في الماء فتخلل بها أصول شعره، ثم يصب على رأسه ثلاث غرف بيديه، ثم يُفيض على جلده كله. 2 - باب غُسل الرجل مع امرأته 250 - عن عروة عن عائشة قالت: كنت أغتسل أنا والنبي - صلى الله عليه وسلم - من إناء واحد (¬2)، من قدح يقال له الفرق. ¬

(¬1) الغسل واجب بنص القرآن، وله صفتان: أ - كمال، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - استنجى ثم توضأ وضوءًا كاملًا ثم يفيض الماء على رأسه ثلاثًا ثم شق جسده الأيمن ثم الأيسر ثم يغسل قدميه إن لم يكفي غسلهما. ب - أجزاء يعم بدنه بالماء بنية رفع الجنابة. (¬2) وهذا وضح في أن الرجل ينظر إلى عورة المرأة وتنظر إليه، لأن غسلهما في ذلك دليل على الرؤية. وسئل الشيخ: ألا يحتمل أن يكونا متزرين؟ قال: لا داعي لهذا الاحتمال، فالأصل عدمه.

3 - باب الغسل بالصاع ونحوه

3 - باب الغُسل بالصاع ونحوه 251 - عن أبى بكر بن حفص قال: سمعت أبا سلمة يقول: دخلت أنا وأخو عائشة على عائشة فسألها أخوها عن غُسل النبي - صلى الله عليه وسلم - فدعت بإناء نحو من صاع (¬1) فاغتسلت وأفاضت على رأسها، وبيننا وبينها حجاب ... 252 - حدثنا أبو جعفر أنه كان عند جابر بن عبد الله هو وأبوه وعنده قوم، فسألوه عن الغُسل، فقال: يكفيك صاع. فقال رجل: ما يكفيني. فقال جابر كان يكفي من هو أوفى منك شعرًا وخير منك (¬2). ثم أمنا في ثوب (¬3). قال الحافظ: .... وقد ينسب إلى جده سام فيقال معمر بن سام (¬4). ¬

(¬1) السنة في هذا الاقتصاد وعدم الإسراف، لكن لو لم يكف الصاع زاد حتى يكفي. (¬2) يعني النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬3) يعني جابر، ويتبين أنه يجزي. (¬4) قرئ هذا على الشيخ فقال: العييني يأخذ من ابن حجر لأنه كانت بينهما مصاهرة. * من نعن صاع في الغسل؟ يجزي، والأفضل الصاع. وسألت الشيخ عن الموالاة في الغسل. فقال: فيها خلاف والمشهور عند العلماء عدم الوجوب، لكن الأولى الموالاة، وذكر حديث عصر شعره. قلت: ولي فيه بحث مطبوع خلاصته: استحباب الموالاة حسب.

12 - باب إذا جامع ثم عاد ومن دار على نسائه في غسل واحد

12 - باب إذا جامع ثم عاد ومن دار على نسائه في غُسل واحد قال الحافظ: ... واحتجوا بحديث أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ بينهما وضوءً» (¬1). 13 - باب غُسل المذي والوضوء منه (¬2) 269 - عن أبى عبد الرحمن عن على قال: كنت رجلًا مذاء، فأمرت رجلًا أن يسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - لمكان ابنته. فقال، فقال: «توضأ، واغسل ذكرك» (¬3). 14 - باب من تطيب ثم اغتسل، وبقى أثر الطيب 270 - عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه قال: سألت عائشة فذكرت ¬

(¬1) الوضوء للعود إلى الجماع مستحب، وإن جاء الأمر به عند مسلم من حديث أبي سعيد، لكن زاد ابن خزيمة والحاكم: «فإنه أنشط للعود» ورواية الطحاوي كذلك. (¬2) يغسل الذكر كله مع الخصيتين. (¬3) قلت: غسل الأنثيين جاء في بعض طرق حديث علي من حديث ابن إسحاق عن هشام بن عروة عن أبيه عن علي، قال أبو داود: ورواه سفيان وجماعة عن هشام دون قوله: «وأنثييه» لكن له طرق أخرى عند أبي داود من حديث عبد الله بن سعد الأنصاري جيده مما يدل على أنها محفوظة. وروي الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 47) بإسناد صحيح عن عمر - رضي الله عنه - نحوه موقوفًا فهي أيضًا سنة صحابي.

18 - باب نفض اليدين من الغسل عن الجنابة

لها قول ابن عمر «ما أُحب أن أُصبح مُحرمًا أنضخ طيبًا» فقالت عائشة: أنا طيبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم طاف في نسائه، ثم أصبح محرمًا (¬1). 18 - باب نفض اليدين من الغسل عن الجنابة 276 - عن ابن عباس قال: قالت ميمونة: وضعت للنبي غُسلًا فسترته بثوب وصب على يديه فغسلهما ثم صب بيمينه على شماله فغسل فرجه بيده الأرض فمسحها (¬2)، ثم غسلها، فمضمض واستنشق وغسل وجهه وذراعيه، ثم صب على رأسه وأفاض على جسده، ثم تنحى فغسل قدميه، فناولته ثوبًا فلم يأخذه، فانطلق وهو ينفض يديه. ¬

(¬1) وأصرح من هذا «كنت أطيب رسول ... » فيدل على أن التطيب بعد الغسل، وكان ابن عمر - رضي الله عنه - لا يرى الطيب، وبينت عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يتطيب لإحرامه. * سألت الشيخ: عن الغسل المجزي تستباح به الصلاة؟ فقال: نعم، إذا تنوى رفع الحدثين. قلت: وإن لم يرتب في غسل الأعضاء؟ فقال: إذا تنوى الحدثين نعم كفى. * من صلى وهو على غير طهارة ثم علم استخلف لأن عمر استخلف، وكذا من أحدث بعد الدخول، ولو صلوا فرادى جاز والأفضل الاستخلاف. * عم استخلف، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مكانكم» فالانتظار أفضل إن تيسر، ولكن عذر عمر شديد. (¬2) وسألت الشيخ: يقوم مقام ضرب الأرض الصابون؟ قال: نعم، وهو أفضل.

19 - باب من بدأ بشق رأسه الأيمن في الغسل

19 - باب من بدأ بشق رأسه الأيمن (¬1) في الغسل 277 - عن عائشة قالت: كنا إذا أصابت إحدانا جنابة أخذت بيديها ثلاثًا فوق رأسها، ثم تأخذ بيدها على شقها الأيمن، وبيدها على شقها الأيسر. 20 - باب من اغتسل عُريانًا وحده في الخلوة، ومن تستر فالتستر أفضل وقال بهز عن أبيه عن جده النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬2): «الله أحق أن يُستحيي منه من الناس». ¬

(¬1) التيامن في الغسل كما هنا وكذلك الوضوء. * الإنسان خاليًا في غره يتعرى؟ فالأولى التستر ولو لم يكن عنده أحد، وأما الغسل فمظنة الحاجة. وسألته عن الاستدلال بهذا الحديث؟ فقال: شرع من قبلنا ... إلخ وأقره النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) بهز بن حكيم عن أبيه حسن، وكذا عمرو بن شعيب حسن، ولكن ليست على شرط البخاري. * النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يتزر عند الغسل، فدل على جوازه. * التعري في الفراش مع أهله ليس بتعرٍ، أما مع أهله- ليس في الفراش- مكروه. * قصة أيوب دلت على مثل حديث موسى. * وخرور الجراد من ذهب من قدرة الله سبحانه، وإذا رزق الله العبد مالًا بدون مشقة فليأخذه «ما أتاك من هذا المال من غير سؤال ... ». * فيه فوائد: 1 - جواز الغسل عريانًا. 2 - جواز الحلف بصفة الله ... وعزتك. 3 - أخذ المال ولو كان نبيًا وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقبل الهدايا.

22 - باب إذا احتلمت المرأة

22 - باب إذا احتلمت المرأة 282 - عن أم سلمة أم المؤمنين أنها قالت: جاءت أم سليم امرأة أبي طلحة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله إن الله لا يستحيى من الحق، هل على المرأة من غُسل إذا هي احتلمت؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «نعم، إذا رأت الماء» (¬1). 23 - باب عرق الجنب، وأن المسلم لا ينجس 283 - حدثنا على بن عبد الله قال حدثنا يحيى قال حدثنا لحميد قال: حدثنا بكر عن أبي رافع عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لقيه في بعض طريق المدينة وهو جُنُب، فانخنست منه، فذهب فاغتسل ثم جاء، فقال: أين ¬

(¬1) وسألت الشيخ: عن من رأى الماء ولم يدر من أي النومات؟ قال: من آخر نومة. * وهذه قاعدة في حق الرجال والنساء، ومن لم ير الماء فلا غسل عليه، والماء المني وهذا في الليل والنهار. وفيه من الفوائد شرعية السؤال. * من عجز عن الغسل توضأ وتيمم لحادثة عمرو بن العاص وأقره النبي - صلى الله عليه وسلم -.

24 - باب الجنب يخرج ويمشي في السوق وغيره

كنت يا أبا هريرة؟ قال: كنت جُنُبًا فكرهت أن أجالسك وأنا على غير طهارة. فقال «سبحان الله، إن المسلم لا ينجس» (¬1). 24 - باب الجُنُب يخرج ويمشي في السوق وغيره وقال عطاء: يحتجم الجنب ويُقلم أظفاره ويحلق رأسه وإن لم يتوضأ (¬2). 284 - حدثنا سعيد عن قتادة أن أنس بن مالك حدثهم أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - كان يطوف على نسائه في الليلة الواحدة، وله يومئذ تسع نسوة. 25 - باب كينونة الجُنُب في البيت إذا توضأ قبل أن يغتسل 286 - عن يحيى عن أبى سلمة قال: سألت عائشة أكان النبي. يرقد وهوُ جنب؟ قالت: نعم. ويتوضأ (¬3). ¬

(¬1) وهذا وقع لحذيفة أيضًا. * فيه فوائد: 1 - المسلم لا ينجس ولو كان جنبًا، وكذا الحائض طاهرة إلا مكان الدم. 2 - لا بأس للجنب في الخروج والجلوس مع الناس قبل الغسل. 3 - وقله له: يؤخذ منه جواز تأخير الغسل؟ قال: نعم. (¬2) لا بأس بهذا، قال الشيخ الأكل كذلك وإن توضأ أفضل، وكذا يذبح الذبيحة. وهل يؤذن؟ محتمل، لأنه في المسجد. (¬3) النوم على غير وضوء؟ لا ينبغي، مكروه. * كل ما ثبت في حق الرجل ثبت في حق المرأة والعكس، إلا ما ثبت التفريق به.

28 - باب إذا التقى الختانان

290 - عن عبد الله بن عمر أنه قال: ذكر عمر بن الخطاب لرسول الله أنه تصيبه الجنابة من الليل، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «توضأ واغتسل ذكرك ثم نم» (¬1). 28 - باب إذا التقى الختانان (¬2) حدثنا معاذ بن فضالة قال حدثنا هشام 291 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل». ¬

(¬1) فيه تأكيد الوضوء. (¬2) هذه لفظة لمسلم، وهي إشارة من المؤلف إلى حديث عائشة. * إذا أولج الحشفة- وهي طرف الذكر اللين- وجب الغسل. * الغسل يجب بثلاثة أمور: 1 - الجماع وحده. 2 - الإنزال وحده. 3 - بهما معًا. * الغسل يجب بمجرد الجماع وإن لم ينزل الماء، فإذا أولج الحشفة وجاوز ختانه ختانها وجب الغسل، وشعبها الأربع يداها ورجلاها. * الماء إذا نزل بدون شهوة فلا يجب الغسل لأن الحديث «إذا فضخت الماء» يعني من شهوة. * في أول الأمر إذا جامع وأكسل ولم ينزل لم يغتسل، ثم استقر الأمر على وجوب الغسل.

29 - باب غسل ما يصيب من فرج المرأة

29 - باب غسل ما يصيب من فرج المرأة 292 - قال عثمان: «يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ويغسل ذكره» (¬1). قال الحافظ: ... إيجاب الغسل بالإيلاج بالنسبة إلى الإنزال نظير إيجاب الوضوء بمس الذكر بالنسبة إلى خروج البول فهما متفقان دليلًا (¬2). والله أعلم. 293 - أخبرني أبي بن كعب أنه قال: يا رسول الله إذا جامع الرجل المرأة فلم ينزل؟ قال: «يغسل (¬3) ما مس المرأة منه ثم يتوضأ ويصلي» قال أبو عبد الله: الغسل أحوط، وذاك الآخر (¬4). وإنما بينا لاختلافهم. ¬

(¬1) كان هذا في أول الأمر، ولعل الحكمة في وجوب الغسل سدًا للذريعة، لأنه قد يمن إمناء ضعيفًا فحم هذا بوجوب الغسل. (¬2) قلت: في هذا نظر فإن إيجاب الغسل استقر الأمر على وجوبه من التقاء الختانين، وأما الوضوء من مس الذكر فالخلاف جار فيه. (¬3) قلت: هل يتمسك به من قال إن رطوبة فرج المرأة نجسة؟ فأجبت بما ذكره الحافظ ص 362 بأن الغسل ليس مقصورًا على إزالة النجاسة. (¬4) آخر الآمرين. * الخلاف لا يعول عليه، والذي عليه الجمهور وهو كالإجماع وجوب الغسل.

6 - كتاب الحيض

6 - كتاب الحيض 1 - باب كيف كان بدء الحيض، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «هذا شيء كتبه الله على بني آدم» وقال بعضهم: كان أول ما أرسل الحيض على بني إسرائيل. وحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر (¬1). قال الحافظ: ... ما أخرجه عبد الرزاق عن ابن مسعود بإسناد صحيح قال: «كان الرجال والنساء في بني إسرائيل يصلون جميعًا، فكانت المرأة تتشرف للرجل، فألقى الله عليهن الحيض ومنعهن المساجد» (¬2). باب الأمر بالنفساء إذا نفسن 294 - عن عائشة تقول: خرجنا لنرى إلا الحج. فلما كنا بسرف حضت، فدخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أبكي، قال: مالك، أنفست؟ قلت نعم. قال: «إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم، فاقضي ما يقضي الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت» (¬3) قالت: وضحى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نسائه بالبقر. ¬

(¬1) أي عام، من أول الأمر من أمهم حواء إلى ... (¬2) هذا لا تعويل عليه فهو مما تلقوه من بني إسرائيل. * الحائض تسمى نفساء، والنفاس هو الدم. (¬3) الحائض والنفساء تحرم من الميقات وتفعل ما يفعل الحاج وتقرأ القرآن دون مس على الأصح، ولكن لا تطوف حتى تطهر ولو بعد الحج. * من أفسدت عمرتها بجماع قبل الطواف عليها دم وتمضي فيها وتقضيها. * الحائظ إذا أرادت النوم هل تتوضأ؟ قال الشيخ: نعم كالجنب. وقال الشيخ: الحائض والجنب سواء بجامع الحدث الأكبر. ثم قال: بينهما فرق بطول الحدث.

3 - باب قراءة الرجل في حجر امرأته وهي حائض

3 - باب قراءة الرجل في حجر امرأته وهي حائض 297 - عن منصور بن صفية أن أمه حدثته أن عائشة حدثتها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتكئ في حجري وأنا حائض ثم يقرأ القران (¬1). 4 - باب من سمى النفاس حيضًا (¬2) 298 - عن أبي سلمه أن زينب ابنة أم سلمة حدثته أن أم سلمة حدثتها قالت: بينا أنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - مضطجعة في خميصة إذ حضت، فانسللت فأخذت ثياب حيضتي. قال: «أنفست؟ » قلت: نعم. فدعاني فاضطجعت معه في الخميلة. قال الحافظ: ... (باب من سمى النفاس حيضًا) قيل هذه الترجمة مقلوبة لأن حقها أن يقول من سمى الحيض نفاسا، وقيل يحمل على التقديم والتأخير (¬3). ¬

(¬1) فيه تواضعه وإيناسه لأهله. (¬2) فيه خلاف الترجمة. (¬3) النفاس هو الأصل فالخارج نفاس ويسمى الحيض نفاسًا (فيخرج على هذا).

قال الحافظ: ... وقال النووي: هو الأرجح دليلًا لحديث أنس في مسلم «اصنعوا كل شيء إلا الجماع» وحملوا حديث الباب وشبهه على الاستحباب (¬1) جمعًا بين الأدلة. وقال أيضا: ... ويؤيده ما رواه ابن ماجه بإسناد حسن عن أم سلمة أيضًا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتقي سورة الدم ثلاثا ثم يباشر بعد ذلك (¬2). 303 - عن عبد الله بن شداد قال: سمعت ميمونة: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يباشر امرأة من نسائه أمرها فاتزرت وهي حائض» (¬3). ¬

(¬1) واختاره الشيخ. (¬2) قلت: لم أجده عند ابن ماجه بل رواه الطبراني في الأوسط (4682) وسنده ضعيف. (¬3) وهذا يدل على جواز المباشرة ونحو ذلك، والاتزار أفضل لأنه أبعد وأحوط ويكون ما بين السرة والركبة مستور ويجوز المباشرة مع ترك المحل، لكن الأفضل الاتزار ولما في حديث افعلوا كل شيء إلا النكاح. * قلت: أجاز قراءة الجنب أيضًا الطبري وابن المنذر تبعًا للبخاري (انظر الأوسط لابن المنذر 2/ 99).

11 - باب هل تصلي المرأة في ثوب حاضت فيه؟

11 - باب هل تصلي المرأة في ثوب حاضت فيه؟ قال الحافظ: ..... وليس فيه أيضًا أنها صلت فيه فلا يكون فيه حجة لمن أجاز إزالة النجاسة بغير الماء، وإنما أزالت الدم بريقها ليذهب أثره ولم تقصد تطهيره (¬1). 15 - باب امتشاط المرأة عن غسلها من المحيض (¬2) 316 - عن عروة أن عائشة قالت: أهللت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع، فكنت ممن تمتع ولم يسق الهدي. فزعمت أنها حاضت ولم تطهر حتى دخلت ليلة عرفة فقالت: يا رسول الله هذه ليلة عرفة، وإنما كنت تمتعت بعمرة. فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «انقضى رأسك وامتشطي وأمسكي عن عمرتك» ففعلت. فلما قضيت الحج أمر عبد الرحمن ليلة الحصبة فأعمرني من التنعيم، مكان عمرتي التي نسكت. ¬

(¬1) دم الحيض نجس ولا يعفى عن يسيره فلا بد من غسله بالماء. (¬2) قلت: قال في شرح العلل (1/ 428): «أنكر على من أدخل حديث عائشة في باب غسل الحيض لأنه إخلال بالمعنى فإن هذا لم تؤمر به في الغسل من الحيض عند انقطاعه بل في غسل الحائض إذا أرادت الإحرام وهي حائض» ا. هـ. بمعناه بتصرف. ولأن عائشة إنما طهرت يوم النحر فترجمة البخاري فيها نظر.

19 - باب إقبال المحيض وإدباره

19 - باب إقبال المحيض وإدباره (¬1) وكن نساء يبعثن إلى عائشة بالدرجة (¬2) فيها الكرسف فيه الصفرة فتقول: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء (¬3)، تريد بذلك الطهر من الحيضة. وبلغ ابنة زيد بن ثابت أن نساء يدعون بالمصابيح من جوف الليل ينظرن إلى الطهر فقالت: ما كان النساء يصنعن هذا. وعابت عليهن. 20 - باب لا تقضى الحائض الصلاة وقال جابر وأبو سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «تدع الصلاة» 321 - عن معاذة أن امرأة قالت لعائشة: أتجزى إحدانا صلاتها إذا طهرت؟ ¬

(¬1) المقصود من هذه الترجمة أنه يجب على المرأة أن تحتاط، لا تعمل بالشك. *من طهرت يومًا ورأت الدم يومًا هي الملفقة فمتى رأت الدم أمسكت عن الصلاة ومتى رأت الطهر اغتسلت وصلت. (¬2) الدرجة جمعها درج، وضبطت درجة جمعها درج. (¬3) القصة البيضاء ماء أبيض وقد لا تراه بل ترى جفافًا ويؤيده: «فإذا أدبرت حيضتك» فلم يحدد وقتًا، والجمهور على أنها لا تتجاوز خمسة عشر يومًا، فإذا زاد الدم عن هذه اغتسلت. * من كانت عادتها سبعًا فطهرت بخمس وجب عليها الغسل، والصواب أن العادات تتقدم وتتأخر. * يذكر عن الخوارج أنهم يقولون بقضاء الحائض الصلاة، واتفق أهل العلم على أن الحائض والنفساء ليس عليهن صلاة ولا قضاؤها، أما الصوم فيقضين.

21 - باب النوم مع الحائض وهي في ثيابها

فقالت: أحرورية أنت؟ كنا نحيض مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا يأمرنا به. أو قالت: فلا نفعله. 21 - باب النوم مع الحائض وهي في ثيابها 322 - عن أم سلمة قالت: حضت وأنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في الخميلة، فانسللت فخرجت منها فأخذت ثياب حيضتي فلبستها، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أنفست؟ » قلت: نعم. فدعاني فأدخلني معه في الخميلة (¬1). قالت: وحدثتني أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقبلها وهو صائم. وكنت أغتسل أنا والنبي - صلى الله عليه وسلم - من إناء واحد من الجنابة. 22 - باب من اتخذ ثياب الحيض سوى ثياب الطهر 323 - عن أم سلمة قالت: بينا أنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - مضطجعة في خميلة حضت، فانسللت فأخذت ثياب حيضتي (¬2)، فقال: «أنفست؟ » فقلت: نعم. فدعاني فاضطجعت معه في الخميلة. ¬

(¬1) لا بأس بالنوم مع الحائض وبتقبيلها، وإنما المحرم الجماع. * لا حرج من الرؤية بين الزوجين عند الغسل. * مسلم عن أنس: «افعلوا كل شيء إلا النكاح». (¬2) ويقال حيضتي بالفتح.

23 - باب شهود الحائض العيدين ودعوة المسلمين، ويعتزلن المصلى

23 - باب شهود الحائض العيدين ودعوة المسلمين، ويعتزلن المصلى 324 - .... عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يخرج العواتق وذوات الخدور - أو العواتق ذوات الخدور (¬1) - والحيض، وليشهدن الخير ودعوة المؤمنين، ويعتزلن الحيض المصلى» (¬2). قالت حفصة (¬3): فقلت: الحيض؟ فقلت: أليس تشهد عرفة وكذا وكذا؟ 24 - إذا حاضت في شهر ثلاث حيض .... ويذكر عن علي وشريح: إن امرأة جاءت ببينة من بطانة أهلها ممن يرضى دينه أنها حاضت ثلاثًا في شهر صدقت (¬4). وقال عطاء: أقراؤها ما ¬

(¬1) الأبكار والصغار فيه شرعية الخروج لهن متسترات، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يمر عليهن يعظهن ويجيب عن أسئلتهن. (¬2) يعتزلن مصلى النساء ولو كن في المصلى. (¬3) بنت سيرين. (¬4) الحيض يزيد وينقص، ويتقدم ويتأخر، والغالب أن الحيض في الشهر مرة والعادة غالبة سبعة أو ستة وقد تكون خمس وكذا أربع وقد تزيد إلى ثمان وأكثر، عند الجمهور 15 يومًا شطر الدهر وقد تزيد، ومن قال إنه إن زاد لم يحسب ليس بصحيح ولذا قال ابن سيرين: «النساء أعلم» فالأصل أنه حيض (أي الخارج) أو نفاس ما لم تكن مستحاضة. باب الحيض في الجملة باب عظيم أحجم بعض أهل العلم عن الإفتاء فيه لكثرة مسائله والمرأة مأمونة على أمور الحيض ... {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ} .... {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} يعني الحيض على الصحيح وقوله: {مَا خَلَقَ اللَّهُ} .. يعني الحيض والولد.

25 - باب الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض

كانت. وبه قال إبراهيم. وقال عطاء: الحيض يوم إلى خمس عشرة. وقال معتمر عن أبيه: سألت ابن سيرين عن المرأة ترى الدم بعد قرئها بخمسة أيام؟ قال: النساء أعلم بذلك. قال الحافظ: .... قال الدارمي: أخبرنا يعلي بن عبيد حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن عامر هو الشعبي قال: جاءت امرأة إلى علي تخاصم زوجها طلقها فقالت: حضت في شهر ثلاث حيض، فقال علي لشريح: اقض بينهما. قال: يا أمير المؤمنين وأنت ههنا؟ قال: اقض بينهما. قال: إن جاءت من بطانة أهلها ممن يرضى دينه وأمانته تزعم أنها حاضت ثلاث حيض تطهر عند كل قرء وتصلي جاز لها وإلا فلا (¬1). 25 - باب الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض قال الحافظ: ... عن حفصة عن أم عطية: «كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئًا» (¬2) وهو موافق لما ترجم به البخاري. والله أعلم. ¬

(¬1) وأشار شيخنا إلى هذه الرواية. * المستحاضة تحل لزوجها لأنه دم فساد وليس بحيض. * الحامل لا تحيض فما كان من دم عند الحامل فهو دم فساد ولا تدع له الصلاة والصيام. * أقل سن الحيض تسع سنين كما قالت عائشة. (¬2) وأشار لها الشيخ، فالصفرة والكدرة بعد الطهر تعتبر استحاضة وكذا لو استمر معها الدم كثيرًا فهي مستحاضة فأم حبيبة استحاضت سبع سنين.

26 - باب عرق الاستحاضة

26 - باب عرق الاستحاضة 327 - عن عروة وعن عمرة عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أم حبيبة استحيضت سبع سنين فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فأمرها أن تغتسل فقال: «هذا عرق» فكانت تغتسل لكل صلاة (¬1). 27 - باب المرأة تحيض بعد الإفاضة 328 - عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها قالت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله إن صفية بنت حيي قد حاضت. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لعلها تحسُنا، ألم تكن طافت معكن؟ » فقالوا: بلى. قال: «فأخرجي» (¬2). ¬

(¬1) الواجب الغسل من الحيض وإن كانت تجمع تغتسل فيستحب لها ذلك. * من حاضت لسن عشرة؟ فكتمت حتى ثلاثة عشر ولم تصم؟ تقضي وتطعم. الأصل في خروج الدم من المرأة أنه حيض، نزول الدم قبل الولادة بيوم أو يومين؟ قال الشيخ: هو نفاس إن كان معه طلق. من حاضت ستة أيام ثم طهرت يومين ثم رجع الدم فهو حيض إلى خمسة عشر ما لم يستمر معها فهو دم عرق. (¬2) خفف عن الحائض أن لا تطوف للوداع إذا طافت للحج وللتخفيف على رفقتها والنفساء كذلك لكن لو لم تطف للإفاضة حبست الرفقة وإن لم تجلس وشق على محرمها جاز لها والرجوع بعد ذلك، اختلفوا فيمن شق عليهم ترك الرفقة كالأمريكان والإندونيسيين. * وسألت الشيخ: من قدرت على الرجوع ترجع ملبية محرمة؟ قال: لا.

29 - باب الصلاة على النفساء وسنتها

329 - عن ابن عباس قال: رخص للحائض أن تنفر إذا حاضت. 330 - وكان ابن عمر يقول في أول أمره إنها لا تنفر، ثم سمعته يقول: تنفر، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رخص لهن (¬1). 29 - باب الصلاة على النفساء وسنتها 332 - عن ابن بريدة عن سمرة بن جندب أن امرأة ماتت في بطن فصلى عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - فقام وسطها (¬2). 333 - عن عبد الله بن شداد قال: سمعت خالتي ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها كانت تكون حائضًا لا تصلي وهي مفترشة بحذاء مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي على خمرته إذا سجد أصابني بعض ثوبه (¬3). ¬

(¬1) أفتى بعض السلف بجوار طوافها بعد استنجائها ووضوئها، وأفتى بهذا أبو العباس ابن تيمية وذلك في المرأة التي لا تستطيع البقاء ولا تستطيع العودة. وقال بعضهم: تكون محصرة تنحر وعليها الحج من قابل وهذا شديد عليها، والقول الأول قول جيد عند الضرورة، والأحوط الأخذ بالأول وهو قول الجمهور. (¬2) السنة عند رأس الرجل وعند وسط المرأة لما روي عن أنس وفيه دلالة على تغسيل النفاس. * والوقوف سنة فلو وقف عند الرجل أجزأ وهو الواجب أي جزء من البدن. (¬3) فيه الدلالة على الصلاة بجوار الحائض ولو أصابه ثوبها.

7 - كتاب التيمم

7 - كتاب التيمم 1 - باب 334 - ... جاء أبو بكر ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - واضع رأسه على فخذي قد نام، فقال: حبست رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والناس، وليسوا على ماء وليس معهم ماء. فقالت عائشة: فعاتبني أو بكر وقال: ما شاء الله أن يقول، وجعل يطعنُنُي بيده في خاصرتي، فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فخذي، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أصبح على غير ماء، فأنزل الله آية التيمم، فتيمموا. فقال أُسيد بن الحضير: ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر. قالت: فبعثنا البعير الذي كنت عليه، فأصبنا العقد (¬1) تحته. ¬

(¬1) وهو جزع من أظفار واستعارته من أسماء. * فيه فوائد: 1 - يشرع لأمير الجيش الرفق بمن معه والنظر في أحوالهم. 2 - الأمر بطلب الحاجة إذا كانت لفرد. 3 - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يعلم الغيب وهي أعظم الفوائد. 4 - أن الناس إذا لم يجدوا ماء ولا تراب صلوا بدون وضوء ولا تيمم، وكذا المصلوب. 5 - إن الناس قد يكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا. 6 - جواز قول «ما هي بأول بركتك» فإذا قيل يا فلان أنت مبارك. إذا كان له أثر فيها قال: هذا من بركة فلان.

3 - باب التيمم في الحضر إذا لم يجد الماء وخاف فوت الصلاة

335 - حدثنا يزيد- هو ابن صهيب الفقير (¬1) - عن جابر بن عبد الله أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أُعطيت خمسًا لم يُعطهن أحد قبلي: نُصرت بالرعب مسيرة شهر، وجُعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأُحلت لي المغانم ولم تحل لأحد قبلي، وأُعطيت الشفاعة، وكان النبي يُبعث إلى قومه خاصة وبُعثت إلى الناس عامة». 3 - باب التيمم في الحضر إذا لم يجد الماء وخاف فوت الصلاة قال أبو الجهيم: «أقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - من نحو بئر جمل فلقيه رجل فسلم عليه فلم يرد النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى أقبل على الجدار فمسح وجهه ويديه، ثم رد - عليها السلام -» (¬2). ¬

(¬1) مفقور الظهر يشتكي ظهره، وليس بفقير المال. (¬2) ولعله محمول على بعد الماء. * الأصل عدم الجواز للتيمم إلا بفقد الماء. * قال شيخ الإسلام (21/ 438) فدل على أن التيمم مستحب لرد السلام، قال في الفروع (1/ 203): «ويتيمم لما يستحب له الوضوء لعذر ويتوجه احتمال لرد السلام لفعله عليه الصلاة والسلام لئلا يفوت المقصود وهو الرد على الفور ولأن ذلك مستحب فخف أمره» بتصرف. * من عليه جبيرة ومسح عليها لا يتيمم فيكتفي بهذا. * عمار تمرغ قياسًا على الغسل وظن أنه يلزمه ذلك.

4 - باب المتيمم هل ينفخ فيهما؟

4 - باب المتيمم هل ينفخ فيهما؟ 338 - جاء رجل إلى عمر بن الخطاب فقال: إني أجنبت فلم أصب الماء. فقال عمار بن ياسر لعمر بن الخطاب: أما تذكر أنا كنا في سفر أنا وأنت، فأما أنت فلم تصل، وأما أنا فتمعكت فصليت، فذكرت للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كان يكفيك هذا» فضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - بكفيه الأرض ونفخ فيهما، ثم مسح وجهه وكفيه (¬1). 5 - باب التيمم للوجه وللكفيين 339 - ... وقال النضر أخبرنا شعبة عن الحكم قال: سمعت ذرًا يقول عن ابن عبد الرحمن بن أبزى قال الحكم وقد سمعته من ابن عبد الرحمن عن أبيه قال: قال عمار (¬2). ¬

(¬1) هذا من نعم الله وإحسانه أن جعل التيمم يقوم مقام الماء، والتيمم واحد من الجنابة وعن الحث الأصغر على حد سواء والنفخ مستحب إذا كان تراب كثير فسقط بعض الشيء لأن المقصود الامتثال لا كثرة التراب. * هذا كله يظهر إذا دعت الحاجة إلى التيمم صلى في الوقت وكذا تفوت مصلحة رد السلام ومن يخشى فوت وقت الفضيلة يتيمم، فالمسافر إن كان يدرك الماء في آخر الوقت خير بين أول الوقت يتيمم أو آخره بوضوء. * المتيمم لا يمسح ذراعيه ولا وجهه بل يكفيه الوجه والكفين. * عمر نسي القصة فذكره بها عمار، وابن مسعود وعمر كان عندهما توقف، وبكل حال إذا اتضحت السنة فلا كلام لأحد معها. (¬2) في نسخة العيني زيادة «الصعيد الطيب .... ».

6 - باب الصعيد الطيب وضوء المسلم يكفيه من الماء

قال الحافظ: ... فإن الأحاديث الواردة في صفة التيمم لم يصح منها سوى حديث أبي جهيم وعمار، وما عداهما فضعيف أو مختلف في رفعه ووقفه (¬1). 341 - حدثنا محمد بن كثير أخبرنا شُعبة عن الحكم عن ذر (¬2)، عن ابن عبد الرحمن ابن أبزى عن عبد الرحمن قال: قال عمار لعمر: تمعكت فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «يكفيك الوجه والكفان». 6 - باب الصعيد الطيب وضوء المسلم يكفيه من الماء قال الحسن: يُجزئه التيمم ما لم يُحدث (¬3). وأم ابن عباس وهو متيمم. وقال يحيى بن سعيد الأنصاري: لا بأس بالصلاة على السبخة والتيمم بها (¬4). ¬

(¬1) لم يصح في التيمم في السنة، إلا حديث عمار وأبي جهيم. (¬2) واحد في الكتب الستة ذر بن عبد الله وكذلك زر بن حبيش مخضرم من أصحاب علي. (¬3) هذا هو الصواب، وقال بعضهم مبيح لا رافع إن صلى نافلة لم يصل فريضة، وإن تيمم لوقت يعيده لغيره. * فيه فوائد: 1 - مبيح لا رافع مطلقًا. ... 2 - رافع في الوقت. 3 - رافع مطلقًا إلا إن وجد الماء. ... 4 - رافع مطلقًا ولو وجد الماء. * والصواب القول الثالث والرابع ساقط. * الواجب يبدأ بالوجه للآية وضربة واحدة. (¬4) ولم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - ينقل التراب معه فيتيمم من صعيد الأرض. * السبخة لا غبار لها والرمل كذلك. قال الشيخ: المقصود طاعة أمر الله.

344 - حدثنا مسدد قال حدثني يحيى بن سعيد قال حدثنا عوف قال حدثنا أبو رجاء عن عمران قال: كنا في سفر مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنا أسرينا حتى إذا كنا في آخر الليل وقعنا وقعة ولا وقعة أحلى عند المسافر منها، فما أيقظنا إلا حر الشمس، وكان أول من استيقظ فلان ثم فلان ثم فلان- يسميهم أبو رجاء فنسي عوف- ثم عمر بن الخطاب الرابع، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا نام لم يوقظ حتى يكون هو يستيقظ لأنا لا ندري ما يحدث في نومه. فلما استيقظ عمر ورأى ما أصاب الناس- وكان رجلًا جليدًا- فكبر ورفع صوته بالتكبير، فما زال يُكبر ويرفع صوته بالتكبير حتى استيقظ بصوته النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما استيقظ شكوا إليه الذي أصابهم، قال: لا ضير أو لا يضير- ارتحلوا. فارتحل، فسار غير بعيد، ثم نزل فدعا بالوضوء فتوضأ، ونودي بالصلاة فصلى بالناس، فلما انفتل من صلاته إذا هو برجل معتزل لم يُصل مع القوم، قال: ما منعك يا فلان أن تُصلي مع القوم؟ قال: أصابتني جنابة ولا ماء. قال: عليك بالصعيد. فإنه يكفيك. ثم سار النبي - صلى الله عليه وسلم - فاشتكى إليه الناس من العطش، فنزل فدعا فلانًا- كان يسميه أبو رجاء نسبه عوف- ودعا عليًا فقال: اذهبا فابتغيا الماء، فانطلقا فتلقيا امرأة بين مزادتين- أو سطيحتين- من ماء على بعير لها فقالا لها: أين الماء؟ قالت عهدي بالماء أمس هذه الساعة ونفرنا خُلوفًا. قالا لها: انطلقي إذًا. قالت: إلى أين؟ قالا: إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قالت الذي يُقال له الصابيء. قالا: هو الذي تعنين، فانطلقي. فجاءا بها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وحدثاه الحديث. قال: فاستنزلوها عن بعيرها، ودعا النبي. بإناء ففرغ فيه من أفواه المزادتين- أو السطيحتين- وأوكأ أفواههما وأطلق العزالى ونودي في الناس: استقوا واستقوا. فسقى من شاء واستقى من شاء،

وكان آخر ذاك أن أعطى الذي أصابته الجنابة إناء من ماء قال: اذهب فأفرغه عليك. وهي قائمة تنظر إلى ما يفعل بمائها. وأيم الله لقد أُقلع عنها وإنه ليُخيل إلينا أنها أشد ملأة منها حين ابتدأ فيها. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اجمعوا لها». فجمعوا لها- من بين عجوة ودقيقة وسويقة- حتى جمعوا لها طعامًا، فجعلوها في ثوب وحملوها على بعيرها ووضعوا الثوب بين يديها، قال لها: تعلمين ما رزئنا من مائك شيئًا، ولكن الله هو الذي أسقانا. فأتت أهلها وقد احتبست عنهم. قالوا: ما حبسك يا فلانة؟ قالت: العجب، لقيني رجلان فذهبا بي إلى هذا الذي يقال له الصابيء، ففعل كذا وكذا، فوالله إنه لأسحر الناس من بين هذه وهذه- وقالت بإصبعها الوسطى والسبابة فرفعتهما إلى الماء والأرض- أو إنه لرسول الله حقًا. فكان المسلمون بعد ذلك يُغيرون على من حولها من المشركين ولا يُصيبون الصرم الذي هي منه. فقالت يومًا لقومها: ما أرى أن هؤلاء القوم يدعونكم عمدًا، فهل لكم في الإسلام؟ فأطاعوها، فدخلوا في الإسلام (¬1). ¬

(¬1) هذه القصة قصة عظيمة ... وفيها فوائد: 1 - تقدير النوم للتشريع فإن الوقائع تثبت ما لا تثبت الأقوال. 2 - أن النبي ينام ويفوته الوقت وكذا الأخيار. 3 - الأخذ بالأسباب كالساعات ونحوها. 4 - فيها طلب الماء والبحث عنه، وعلي وصاحبه لم يقولا الصابيء وإنما قالوا الذي تعنين. وإذا احتاج الناس للماء وعند أحدهم ماء كثير أخذوا دون شيء هذا هو الصواب، وقال بعضهم بحال المثل. 5 - جمعوا لها بعض الدقيق لأنها خافت وحبسوها. * لو امتنعت هل تجبر على دفع الماء؟ نعم. * هل يأخذ الإنسان أجرًا على الماء؟ للمسافر وغيره؟ ما يخالف يبعه على الناس، لكن للضرورة ... كأنه لا.

7 - باب إذا خاف الجنب على نفسه المرض أو الموت أو خاف العطش تيمم

قال الحافظ: ... وفى رواية المستملى والحموي «ونفرنا خلوفًا» (¬1). قال الحافظ: ... قوله (ما رزئنا) بفتح الراء وكسر الزاي- ويجوز فتحها- وبعدها همزة ساكنة أي نقصنا (¬2). قال الحافظ: .... هذه رواية الأكثر قال ابن مالك: ما (¬3) موصولة ... 7 - باب إذا خاف الجُنُب على نفسه المرض أو الموت أو خاف العطش تيمم قال الحافظ: ... «فغسل مغابنة وتوضأ» (¬4). ¬

(¬1) المقصود الخبر تخبر عن قومها. (¬2) معناه لغتان. (¬3) يعني ما تكون نافية. (¬4) أباطه وطي ركبتيه والمشهور أنه توضأ، وهذا يحتاج إلى خل ثيابه وهذا محل خطر. * سألت الشيخ يلزمه الوضوء؟ فقال: نعم إن استطاع * وسئل يجمع بين التيمم والوضوء؟ قال: نعم. *وسئل: إذا حضر الماء بإثناء الصلاة؟ يقطع الصلاة.

8 - باب التيمم ضربة

قال الحافظ: .... وجواز الاجتهاد في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬1). 8 - باب التيمم ضربة 347 - عن الأعمش عن شقيق قال: كنت جالسًا مع عبد الله وأبي موسى الأشعري، فقال له أبو موسى: لو أن رجلًا أجنب فلم يجد الماء شهرًا أما كان يتيمم ويُصلي؟ فكيف تصنعون بهذه الآية في سورة المائدة {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} فقال عبد الله لو رُخص لهم في هذا لأوشكوا إذا برد عليهم الماء أن يتيمموا الصعيد. قلت: وإنما كرهتم هذا لذا؟ قال: نعم. فقال أبو موسى: ألم تسمع قول عمار لعمر: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حاجة فأجنبت فلم أجد الماء فتمرغت في الصعيد كما تمرغ الدابة. فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال إنما كان يكفيك أن تصنع هكذا- فضرب بكفه ضربة (¬2) على الأرض ثم نفضها ثم مسح بهما ظهر كفه بشماله، أو ظهر ¬

(¬1) الاجتهاد بابه مفتوح، وهو الاستنباط من النصوص. * وتوقف عمر وابن مسعود يشبه حال الأمم قبلنا حيث إذا لم يجدوا الماء لم يصلوا حتى يجدوه فيجمعوا الصلوات، وديننا بخلاف ذلك. * وهذا يدل على توقف عمر وابن مسعود في الجنب لا يجد الماء، وحملهما على ذلك الاحتياط وعدم التساهل، ولكن أهل العلم- وهو كالإجماع- على خلاف ذلك لضعف احتياطهما في ذلك لأن النص واضح فلا كلام لأحد معه {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} ومن السنة: جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، وكذلك حديث عمران بن حصين وفيه: عليك بالصعيد فإنه يكفيك وكذلك حديث عمار وهذا هو الحق في الحضر والسفر. (¬2) في هذا الحديث دلالة على أن التيمم واحدة لا اثنتين، وقال بالثنتين عمر والصواب واحدة، ويرتب بالوجه أولًا ثم اليدين لظاهر القرآن. * والنفخ إذا كان غبار كثيف نفخ فقيل ألا يقال النفخة تستحب؟ قال بلا، وقال المقصود الإتيان بهذه العبادة. * وقال بوجوب الترتيب بعد. * من له عضو مصاب وليس عليه جبيرة ولا يستطيع المسح؟ قال الشيخ: يتيمم عنه بالنية. * من اغتسل بنية الطهارتين في الجنابة كفى (لحديث «اذهب فافرغه عليك»). والأكمل الوضوء ثم الغسل على ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. * المحفوظ في شق صدره ثنتان في بني سعد وعند المعراج، وروى ثالثة ورابعة وحديثهما ليس بذاك، وروي خامسة ضعيفة.

شماله بكفه ثم مسح بهما وجهه. فقال عبد الله: أفلم تر عمر لم يقنع بقول عمار؟ وزاد يعلى عن الأعمش عن شقيق: كنت مع عبد الله وأبي موسى، فقال أبو موسى: ألم تسمع قول عمار لعمر إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثني أنا وأنت فأجنبت فتمعكت بالصعيد، فأتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرناه فقال: «إنما كان يكفيك هكذا» ومسح وجهه وكفيه واحدة.

8 - كتاب الصلاة

8 - كتاب الصلاة 1 - باب كيف فرضت الصلوات في الإسراء؟ 349 - عن أنس بن مالك قال: كان أبو ذر يُحدث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «فُرج (¬1) عن سقف بيتي وأنا بمكة، فنزل جبريل ففرج صدري، ثم غسله بماء زمزم، ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانًا فأفرغه في صدري ثم أطبقه، ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء الدنيا، فلما جئت إلى السماء الدنيا قال جبريل لخازن السماء: افتح. قال: من هذا؟ قال: هذا جبريل. قال: هل معك أحد؟ قال: نعم، معي محمد - صلى الله عليه وسلم -. فقال: أُرسل إليه؟ قال: نعم. فلما فتح علونا السماء الدنيا، فإذا رجل قاعد على يمينه أسودة وعلى يساره أسودة، إذا نظر قبل يمينه ضحك، وإذا نظر قبل يساره بكى، فقال: مرحبًا بالنبي الصالح والابن الصالح. قلت لجبريل: من هذا؟ قال: هذا آدم، وهذه الأسودة عن يمينه وشماله نسم بنيه، فأهل اليمين منهم أهل الجنة، والأسودة التي عن شماله أهل النار، ¬

(¬1) هذا من آلاء الله وعظم قدرته. * وفيه أن الحرم من المسجد وهو الصواب، والصواب أن الإسراء والمعراج في ليلة واحدة. * الله - عز وجل - مثل الأنبياء له بأرواحهم التي رفعت إلى السماء. * فيه فضل الله على محمد برفعه، وعلى أمته بالتخفيف.

فإذا نظر عن يمينه ضحك، وإذا نظر قبل شماله بكى. حتى عرج بي إلى السماء الثانية فقال لخازنها: افتح. فقال له خازنها مثل ما قال الأول، ففتح». قال أنس: فذكر أنه وجد في السماوات آدم وإدريس وموسى وعيسى وإبراهيم صلوات الله عليهم. ولم يثبت كيف منازلهم، غير أنه ذكر أنه وجد آدم في السماء الدنيا، وإبراهيم (¬1) في السماء السادسة. قال أنس- فلما مر جبريل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مرحبًا بالنبي الصالح والأخ الصالح. قلت: من هذا؟ قال: هذا إدريس ثم مررت بموسى فقال: قال: مرحبًا بالنبي الصالح والأخ الصالح. قلت: من هذا؟ قال: هذا موسى. ثم مررت بعيسى فقال: قال: مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح. قلت: من هذا؟ قال: هذا عيسى. ثم مررت بإبراهيم فقال: قال: مرحبًا بالنبي الصالح والابن الصالح. قلت: من هذا؟ قال: هذا إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -». قال ابن شهاب فأخبرني ابن حزم أن ابن عباس وأبا حبة الأنصاري كانا يقولان: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ثم عُرج بي حتى ظهرت لمستوى أسمع فيه صريف الأقلام» قال ابن حزم وأنس بن مالك: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ففرض الله على أمتي خمسين صلاة، فرجعت بذلك حتى مررت على موسى فقال: ما فرض الله لك على أمتك؟ قلت: فرض خمسين صلاة. قال: فارجع إلى ربك، فإن أمتك لا تطيق ذلك. فراجعني فوضح شطرها. ¬

(¬1) والصواب السابعة، وموسى في السادسة وهارون في الخامسة وإدريس في الرابعة ويوسف في الثالثة وابني الخالة في الثانية عيسى ويحيى وآدم في الأولى.

فرجعت إلى موسى قلت: وضع شطرها. فقال: راجع ربك، فإن أمتك لا تطيق. فراجعت فوضع شطرها فرجعت إليه فقال: ارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك. فراجعته فقال: هي خمس وهى خمسون، لا يُبدل القول لدي. فرجعت إلى موسى فقال: راجع ربك. فقلت: استحييتُ من ربي- ثم انطلق بي حتى انتهى بي إلى سدرة المنتهى، وغشيها ألوان لا أدري ما هي. ثم أُدخلت الجنة، فإذا فيها حبايل (¬1) اللؤلؤ، وإذا تُرابها المسك». ¬

(¬1) قلت: جنابذ لعلها تصحيف.

2 - باب وجوب الصلاة في الثياب

350 - عن عائشة أم المؤمنين قالت: فرض الله الصلاة حين فرضها ركعتين ركعتين في الحضر والسفر، فأُقرت صلاة السفر، وزيد في صلاة الحضر (¬1). 2 - باب وجوب الصلاة في الثياب ويُذكر عن سلمة بن الأكوع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يزره ولو بشوكه» في إسناده نظر. ومن صلى في الثوب الذي يُجامع فيه ما لم ير أذى (¬2)، وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن لا يطوف بالبيت عريان. قال الحافظ: ... (يزره) بضم الزاي وتشديد الراء أي يشد إزاره ويجمع بين طرفيه (¬3). 3 - باب عقد الإزار على القفا في الصلاة 352 - عن محمد بن المنكدر قال: صلى جابر في إزار قد عقده من قبل قفاه وثيابه موضوعة على المشجب. قال له قائل تُصلي في إزار (¬4) واحد؟ فقال: إنما صنعت ذلك ليراني أحمق مثلك. وأيُنا كان له ثوبان على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ ¬

(¬1) هل يدل على وجوب القصر؟ لا، لأن عثمان أتم وأقره الصحابة. (¬2) بول أومذي، فإذا كان نظيفًا صلى فيه. (¬3) كلام الشارح وهم لأن لفظ الحديث المتقدم القميص وليس الإزار. (¬4) وهذا يدل على جواز الصلاة في الثوب الواحد وإن كان عاتقاه مكشوفين عند العجز، وأما مع الوجود فيجب لحديث «لا يصلي أحدكم في ... » والجمهور على الجواز.

5 - باب إذا صلى في الثوب الواحد فليجعل على عاتقيه

358 - عن أبي هريرة أن سائلًا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة في ثوب واحد، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أو لكُلكم ثوبان»؟ (¬1). 5 - باب إذا صلى في الثوب الواحد فليجعل على عاتقيه 359 - عن أبي هريرة قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه شيء» (¬2). 360 - عن عكرمة قال: سمعت أبا هريرة يقول: أشهد أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من صلى في ثوب واحد فليخالف بين طرفيه» (¬3). 6 - باب إذا كان الثوب ضيقًا 362 - حدثني أبو حازم عن سهل قال: كان رجال يصلون مع النبي - صلى الله عليه وسلم ¬

(¬1) وهذا من أدلة الجمهور على جواز الصلاة في الإزار وإن وضع على عاتقه شيء أو التحف برداء فهو أفضل، وقول الجمهور قول قوي. * سألت الشيخ عن المحرمين الذين يصلون في الإزار يتركون الأردية؟ فقال الشيخ: يعلمون بالحكمة لأن أكثر الحجاج شافعية ومالكية على مذهب الجمهور. (¬2) تقدم غير مرة أن الأفضل والذي ينبغي أن يصلي في ثوبين. (¬3) وإن كان ثوب واحد فليخالف بين طرفيه يشده على وسطه ويضع طرفه على عاتقه وهذا هو الأفضل وأوجبه بعضهم وهذا يدل على أنه يجزئ الثوب الواحد.

7 - باب الصلاة في الجبة الشامية

عاقدي أُزُرهم على أعناقهم كهيئة الصبيان، وقال للنساء: «لا ترفعن رؤوسكن حتى يستوي الرجال جلوسًا» (¬1). 7 - باب الصلاة في الجبة الشامية وقال الحسن في الثياب (¬2) ينسجها المجوس لم ير بها باسًا، وقال معمر: رأيت الزهري يلبس من ثياب اليمن ما صُبغ بالبول. وصلى علي في ثوب غير مقصور. 363 - عن مغيرة بن شعبة قال: كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر فقال: يا مُغيرة خذ الإداوة. فأخذتها. فانطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى توارى عني فقضى حاجته، وعلية جُبة شامية، فذهب ليخرج يده من كمها فضاقت، فأخرج يده من أسفلها، فصببت عليه فتوضأ وضوءه للصلاة، ومسح على خفيه، ثم صلى (¬3). ¬

(¬1) لأن ثيابهم قد تشمر عن عوراتهم. (¬2) الأصل في الثياب السلامة والطهارة في الشامية واليمنية والإنجليزية وهذا من سماحة الشريعة. (¬3) فيه فوائد: أ - شرعية الابتعاد عند قضاء الحاجة. ب - لا مانع من الاستعانة ببعض الأصحاب في الماء. ج- الصلاة في الجبة الشامية. د- لا بأس أن تكون الجبة ضيقة الكمين ولهذا لما ضاقت أخرج يديه. هـ- المسح على الخفين في الحضر والسفر. و- الاستعانة بمن يصب عليه.

8 - باب كراهية التعري في الصلاة وغيرها

8 - باب كراهية التعري في الصلاة وغيرها 364 - عن عمرو بن دينار قال: سمعت جابر بن عبد الله يحدث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان ينقل معهم الحجارة للكعبة وعليه إزاره، فقال له العباس عمه: يا ابن أخي لو حللت إزارك فجعلته على منكبيك دون الحجارة. قال: فحله فجعله على منكبيه، فسقط مغشيًا عليه، فما رؤي بعد ذلك عُريانًا - صلى الله عليه وسلم - (¬1). 9 - باب الصلاة في القميص والسراويل والتبان والقباء 365 - عن أبي هريرة قال: قام رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن الصلاة في الثوب الواحد، فقال: «أوكلكم يجد ثوبين» (¬2)، ثم سأل رجل عمر، فقال: إذا وسع الله فأوسعوا: جمع رجل عليه ثيابه، صلى رجل في إزار ورداء، في إزار وقميص، في إزار وقباء، في سراويل ورداء، في سراويل وقميص، في سراويل وقباء، في تُبان (¬3) وقباء، في تُبان وقميص، - قال: وأحسبه قال- في تُبان ورداء (¬4). ¬

(¬1) وكان هذا قبل النبوة بخمس سنين وعمره - صلى الله عليه وسلم - خمس وثلاثين سنة فأشار عليه عمه العباس أن يخلع ثوبه ويجعله على عاتقه ولا يبالي بكشف العورة على عادة أهل الجاهلية في التساهل في كشف العورة ولذا كانوا يطوفون عراة فسقط مغشيًا عليه لأنه تعاظم هذا، وهذا قبل أن يوحي إليه - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) هذه حجة الجمهور في الصلاة في الثوب الواحد حيث أطلق ولم يقيد. (¬3) سراويل قصيرة ما بين السرة والركبة، والقباء يشبه (الدقلة) مفتوح أو يشبه (البشت). (¬4) هذا كلام عمر - رضي الله عنه -.

10 - باب ما يستر من العورة

366 - عن ابن عمر قال: سأل رجل رسول الله. فقال: ما يلبس المحرم؟ فقال: «لا يلبس القميص ولا السراويل ولا البُرنس ولا ثوبًا مسه الزعفران ولا ورس. فمن لم يجد النعلين فليلبس الخفين وليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين» (¬1). 10 - باب ما يستر من العورة 367 - عن أبي سعيد الخدري أنه قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن اشتمال الصماء (¬2)، وأن يحتبي الرجل في ثوب واحد ليس على فرجه منه شيء» (¬3). 368 - عن أبي هريرة قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيعتين: عن اللماس (¬4) والنباذ (¬5)، وأن يشتمل الصماء. وأن يُحتبى الرجل في ثوب واحد». ¬

(¬1) القطع منسوخ بحديث ابن عباس، وقيل مستحب، والأظهر الأول. (¬2) لف الثوب عليه من رأسه إلى قدمه فلا منفذ له فلو تحرك انكشفت عورته فلا ينبغي هذا. (¬3) فيصبح ما يلي السماء مكشوفًا فيلف الثوب على أسفل الظهر وعلى الساقين القائمين فيصبح فرجه مكشوفًا. حديث النهي عن الاحتباء يوم الجمعة ضعيف، وقد احتبى بعض الصحابة يوم الجمعة. (¬4) أي ثوب لمسته فهو عليك بكذا فهذا غرر. (¬5) أي ثوب نبذته إليك فهو عليك بكذا فهذا غرر وجهالة فهاتان هما البيعتان. * يعني هذه السيارة على أن أبيعك هذا الشيء، لا يجوز بيعتان في بيعة. * «لا يحج بعد العام مشرك».

12 - باب ما يذكر في الفخذ

369 - عن أبي هريرة قال: «بعثني أبو بكر في تلك الحجة في مؤذنين يوم النحر تُؤذن بمنى ألا لا يحج بعد العام مُشرك ولا يطوف بالبيت عريان. قال حُميد بن عبد الرحمن: ثم أردف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليًا فأمره أن يؤذن ببراءة. قال أبو هريرة: فأذن معنا علي في أهل منى يوم النحر: لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عُريان» (¬1). 12 - باب ما يُذكر في الفخذ ويُروى عن ابن عباس وجرهد ومحمد بن جحش عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «الفخذ عورة» وقال أنس: حسر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن فخذه، وحديث أنس أسند، وحديث جرهد أحوط، حتى يُخرج من اختلافهم. وقال أبو موسى: غطى النبي - صلى الله عليه وسلم - ركبتيه حين دخل عثمان. وقال زيد بن ثابت: أنزل الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - وفخذه على فخذي، فثقُلت علي خفت أن ترُض فخذي (¬2). ¬

(¬1) هو تنفيذ لقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا ... }. * تقدم غير مرة أنه لا بأس أن يصلي في ثوب واحد بأن يجعل طرفيه على عاتقه كما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - وفعله جابر، لكن لو زاد إزارًا ورداء عند الوسعة فهو المطلوب، ودل حديث «لا يصلي أحدكم ليس على عاتقه ... » أنه إذا كان ثوب واحد يضع على عاتقه شيئًا. (¬2) لا يلزم منه الكشف. * الفخذ عورة كما جاء في حديث ابن عباس وعلي وجرهد ومحمد بن جحش فهي أحاديث يشد بعضها بعضًا، وأما حديث أنس فلعله أولًا ثم جاء النهي بعد (الفخذ عورة هو المعتمد).

13 - باب في كم تصلي المرأة في الثياب

قال الحافظ: .... ووقع لي حديث محمد بن جحش مسلسلًا بالمحمديين (¬1) من ابتدائه إلى انتهائه. وما معه (أحوط) (¬2)، أي للدين. 371 - .... «الله أكبر خربت خيبر (¬3)، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين». قالها ثلاثًا. 13 - باب في كم تُصلي المرأة في الثياب 372 - عن عائشة قالت: «لقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُصلي الفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات في مروطهن، ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد» (¬4). ¬

(¬1) بياء واحدة. (¬2) ذكره الشيخ وقال حتى يخرج من اختلاف العلماء. (¬3) لكفرهم وضلالهم وإعراضهم عن الحق. * فيها فوائد: 1 - لا بأس بجعل العتق صداق، ثم تزوجها بدون مهر فالعتق مهرها. 2 - التسامح في الوليمة ولهذا أولم بالسويق - صلى الله عليه وسلم - وإذا يسر الله أولم أكثر فهو أفضل وقال لعبد الرحمن «أولم ولم بشاة» بدون إسراف. 3 - لا مانع من أن يقول ولي الأمر لبعض القائمين خذ كذا وكذا من السبي. 4 - حسر الإزار قبل أن يخبر الفخذ عورة. (¬4) المرأة عورة فالواجب ستر بدنها ولو بثوب واحد كما قال عكرمة وأما كشف الوجه فمستحب ليس بحضرة أجنبي، أما الكفين ففيهما خلاف ولا حرج في كشفهما، وأما القدمان فيجب سترهما عند أهل العلم.

14 - باب إذا صلى في ثوب له أعلام، ونظر إلى علمها

14 - باب إذا صلى في ثوب له أعلام، ونظر إلى علمها 373 - عن عائشة قالت: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كنت أنظر إلى علمها وأنا في الصلاة فأخاف أن تفتتني» (¬1). 15 - باب إن صلى في ثوب مُصلب أو تصاوير هل تفسد صلاته؟ وما نُهي عن ذلك 374 - عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس «كان قرام لعائشة سترت يه جانب بيتها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أميطي عنا قرامك هذا، فإنه لا تزال تصاويره تعرض في صلاتي» (¬2). 16 - باب من صلى في فروج حرير ثم نزعه 375 - عن عقبة بن عامر قال: «أُهدي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فروج حرير فلبسه فصلى به، ثم انصرف فنزعه نزعًا شديدًا كالكاره له وقال: لا ينبغي هذا للمتقين» (¬3). ¬

(¬1) ينبغي الإقبال على الصلاة فيترك ما يشغله من ملابس، ولم ينه أبا جهم عن لبسها فدل على الجواز لكن ترك ذلك أفضل، وكذا مصلاه الأولى ألا يكون فيها ما يشغله {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ}. * يزيل ما يشغله عن صلاته ويشغل قلبه. (¬2) وتعليقه التصاوير ما يجوز لأنه تشبه لأعداء الله ووسيلة من وسائل عبادتها. (¬3) ثم استقر تحريم الحرير على الرجال سواء كان فروجًا أو إزارًا أو رداء، ومن صلى فيه جاهلًا أو متساهلًا فصلاته صحيحة لا تبطل كما لو صلى في ثوب مغصوب فالصلاة صحيحة لأن تحريم ثوب الحرير محرم لذاته فلم يمنح صحة الصلاة بخلاف ما كان ممنوعًا في الصلاة فالصلاة في الثوب النجس متعمدًا تبطل صلاته.

18 - باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب

18 - باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب قال أبو عبد الله: ولم ير الحسن بأسًا أن يُصلي على الجمد والقناطر وإن جرى تحتها بول أو فوقها أو أمامها إذا كان بينهما سترة. وصلى أبو هريرة على سقف المسجد بصلاة الإمام، وصلى ابن عمر على الثلج (¬1). ¬

(¬1) للحاجة وبسط عليه شيء وصلى، وبيض له الحافظ هذا وكذا في التغليق فلم يخرجه. فيه فوائد: 1 - العمل اليسير يعفى عنه للتعليم كما هنا وفي رواية البخاري «لتعلموا صلاتي ولتأتموا بي». 2 - جواز الصلاة على الخشب والألواح وكذا السيارة، وليس بلازم أن يكون على الأرض، كذا لو تحت الفاصل نجاسة كلوح وبساط فلا حرج. 3 - لو صلى في السطح صح كما يقع في الضيق، وكذا لو صلى على سطح الحمام. 4 - الارتفاع للإمام اليسير لا يضر كذراع ونحوه، أما الارتفاع الكثير لا. وارتفاع المأموم لا كراهة فيه. * من كره الصلاة في الحمام قال إن الهواء تابع للقرار والعلة وجود النجاسة

20 - باب الصلاة على الحصير

377 - حدثنا علي بن عبد الله قال حدثنا سفيان قال حدثنا أبو حازم قال: سألوا سهل بن سعد من أي شيء المنبر؟ فقال: ما بقي في الناس أعلم مني، هو من أثل الغابة، عمله فلان مولى فلانة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقام عليه رسول الله حين عُمل ووضع، فاستقبل القبلة، كبر وقام الناس خلفه، فقرأ وركع وركع الناس خلفه، ثم رفع رأسه، ثم رجع القهقرى فسجد على الأرض، ثم عاد إلى المنبر، ثم ركع ثم رفع رأسه ثم رجع القهقرى حتى سجد بالأرض. فهذا شأنه. قال أبو عبد الله: قال علي بن عبد الله (¬1) سألني أحمد بن حنبل - رحمه الله - عن هذا الحديث، قال فإنما أردت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أعلى من الناس، فلا بأس أن يكون الإمام أعلى من الناس بهذا الحديث. قال: فقلت: إن سُفيان بن عُيينة كان يُسأل عن هذا كثيرًا فلم تسمعه منه؟ قال: لا. 20 - باب الصلاة على الحصير وصلى جابر وأبو سعيد في السفينة قائمًا. وقال الحسن (¬2): قائمًا ما لم تشق على أصحابك تدور معها، وإلا فقاعدًا. 380 - عن أنس بن مالك أن جدته مُليكة دعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لطعام صنعته له، فأكل منه ثم قال: قوموا فلأصل لكم. قال أنس: فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لُبس، فنضحته بماء. فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ¬

(¬1) هو ابن المديني وهومن أقرانه وروى عنه. (¬2) وهذا لابد منه في الطائرة وفي السفينة وفي السيارة ويدور معها، أما في الفريضة فيدور، وفي النافلة يصلي إلى جهة سيره (وإن لا يعلم الجهة الأخرى تحرى ودار).

21 - باب الصلاة على الخمرة

وصففت واليتيم وراءه، والعجوز من ورائنا، فصلى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتين (¬1) ثم انصرف. 21 - باب الصلاة على الخمرة (¬2) 381 - عن ميمونة قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُصلي على الخُمرة». 22 - باب الصلاة على الفراش 382 - عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها قالت: «كنت أنام بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجلاي في قبلته، فإذا سجد غمزني فقبضت رجلي، فإذا قام ¬

(¬1) فيه فوائد: 1 - لا بأس بصلاة الجماعة وكان إذا زار قومًا صلى عندهم من غير ترتيب وإنما العارض في النافلة. 2 - الصلاة في البساط القديم. 3 - تواضعه - صلى الله عليه وسلم -. 4 - الجلوس يسمى لبس، فالجلوس على الحرير كلبس الحرير. 5 - أن الصبي يصاف الكبير فيكون معه صفًا، فمن بلغ سبعًا فأكثر، وأما النساء ولو واحدة خلف الصف. * كراهية بعض السلف الصلاة على غير الأرض لا أصل له، صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - على غير الأرض. (¬2) الخمرة قال الشيخ: قد تكون أكبر من كونها تغطي الوجه والكفين والدليل على هذا حرق الفارة الخمرة التي كان النبي قاعدًا عليها.

23 - باب السجود على الثوب في شدة الحر

بسطهما. قالت: والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح» (¬1). 23 - باب السجود على الثوب في شدة الحر 385 - عن أنس بن مالك قال: كنا نُصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فيضع أحدُنا طرف الثوب من شدة الحر في مكان السجود (¬2). 24 - باب الصلاة في النعال 386 - أخبرنا أبو سلمة سعيد بن يزيد الأزدي قال: سألت أنس بن مالك: أكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُصلي في نعليه (¬3)؟ قال: نعم. ¬

(¬1) فيه فوائد: أ - تواضعه حيث لم يأمرها بكف رجلها. ب - ثبوت المرأة لا يقطع، وإنما يقطع المرور. ج- أن وجوده في المنزل - صلى الله عليه وسلم - لم يجعل البيت منور كما يقوله بعض الخرافيين. د- غمز الرجل لا ينقض الوضوء مطلقًا للمرأة، وقد قبل وصلى ولم يتوضأ، وأما قوله: «أو لا مستم» فهو الجماع. (¬2) وهذا لا بأس به إذا دعت الحاجة من حرارة أو برودة، وكان - صلى الله عليه وسلم - يبرد بالظهر مع شدة الحر ومع ذلك يبقى حرارة. (¬3) من صلى فيهما فلا بأس، ومن خلعهما فلا بأس، وذكر الشيخ أنه خلعهما وجعلهما من يساره - صلى الله عليه وسلم - في المسجد الحرام. * هل ينكر على من صلى في نعليه على هذه الفرش؟ إن اعتنى بهما .. (يعني لا).

25 - باب الصلاة في الخفاف

25 - باب الصلاة في الخفاف 387 - عن همام بن الحارث قال: رأيت جرير بن عبد الله بال، ثم توضأ ومسح على خُفيه، ثم قام فصلى، فسئل فقال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - صنع مثل هذا. قال إبراهيم فكان يعجبهم، لأن جريرًا كان من آخر من أسلم (¬1). 26 - باب إذا لم يُتم السجود 389 - عن أبي وائل عن حذيفة رأى رجلًا لا يُتم ركوعه ولا سجوده، فلما قضى صلاته قال له حذيفة: ما صليت؟ قال: وأحسبه قال: لو مُت مُت على غير سنة محمد - صلى الله عليه وسلم - (¬2). 27 - باب يُبدى ضبعيه ويُجافي في السجود 390 - عن عبد الله بن مالك ابن بُحينة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا صلى فرج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه (¬3). 28 - باب فضل استقبال القبلة، يستقيل بأطراف رجليه 391 - عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «من صلى صلاتنا، ¬

(¬1) تقدم حديث المغيرة وفيه المسح على الخفين، والمعنى أنه صلى فيهما فلا حرج في ذلك، وكذا في النعلين يصلي فيهما لكن يراعيهما حال دخوله المسجد فينظر، وذكر الشيخ حديث مسح القذر عنهما. (¬2) فيه الإنكار على من فعل المنكر، وروى أحمد بسند صحيح من حديث الصديق أن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك الله أن يعمهم بعقاب من عنده. (¬3) هذا هو السنة، يجافي بين عضديه ويعتدل في السجود لأمره بهذا - صلى الله عليه وسلم - وقال: «إذا سجدت فضع كفيك وارفع مرفقيك».

29 - باب قبلة أهل المدينة وأهل الشام والشرق

واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله، فلا تخفروا الله في ذمته» (¬1). 393 - قال ابن أبي مريم أخبرنا يحيي حدثنا حميد حدثنا أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال علي بن عبد الله حدثنا خالد بن الحارث قال حدثنا حميد قال سأل ميمون بن سياه أنس بن مالك قال: يا أبا حمزة ما يحرم دم العبد وماله؟ فقال: من شهد أن لا إله إلا الله (¬2)، واستقبل قبلتنا، وصلى صلاتنا، وأكل ذبيحتنا، فهو المسلم: له ما للمسلم، وعليه ما على المسلم (¬3). 29 - باب قبلة أهل المدينة وأهل الشام والشرق ليس في المشرق ولا في المغرب قبلة لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تستقبلوا القبلة بغائط أو بول، ولكن شرقوا أو غربوا» (¬4). 394 - عن أبي أيوب الأنصاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها، ولكن شرقوا أو غربوا» قال أبو أيوب (¬5): فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض بنيت قبل القبلة، فننحرف ونستغفر الله تعالى. ¬

(¬1) والمعنى من تظاهر بالإسلام فله ما للمسلمين وعليه ما عليهم وأمره وقلبه إلى الله حتى يتبين ما يوجب ردته. * ذمة الله أمان الله وحفظه وعصمته. (¬2) ولم يذكر شهادة أن محمدًا رسول الله لأنها معلومة. (¬3) يعني أظهر الإسلام. (¬4) يعني لأهل المدينة ومن كان على جهتهم، الجهة الشمالية والجنوبية. (¬5) أبو أيوب أخذ بالعموم ولذا انحرف واستغفر الله، وقال بعضهم بالفرق واحتجوا بحديث ابن عمر.

30 - باب قوله تعالى: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}

30 - باب قوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا (¬1) مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} 395 - عن عمرو بن دينار قال: سألنا ابن عمر عن رجل طاف بالبيت للعمرة ولم يطف بين الصفا والمروة أيأتي امرأته؟ فقال: قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - فطاف بالبيت سبعا وصلى خلف المقام ركعتين وطاف بين الصفا والمروة، وقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة. 397 - حدثتنا مسدد قال حدثنا يحيي عن سيف- يعني ابن سليمان- قال: سمعت مجاهدا قال: أتي ابن عمر فقيل له هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل الكعبة. فقال ابن عمر: فأقبلت والنبي - صلى الله عليه وسلم - قد خرج، وأجد بلالًا قائمًا بين البابين، فسألت بلالًا فقلت: أصلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في الكعبة؟ قال: نعم. ركعتين بين الساريتين اللتين على يساره إذا دخلت، ثم خرج فصلى في وجه الكعبة ركعتين. (¬2). 398 - عن عطاء قال: سمعت ابن عباس قال: «لما دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - البيت دعا في نواحيه كلها ولم يصل (¬3) حتى خرج منه. فلما خرج ركع ركعتين في قبل الكعبة وقال: هذه القبلة». ¬

(¬1) الأمر للاستحباب إجماعًا. (¬2) ليعلم الناس أنها هي القبلة حيث صلى جهة الباب الشرقي، وقال الشيخ: المستحب (الجهة الشرقية) والواجب استقبالها، فالمشروع لمن دخلها أن يكبر في نواحيها ويصلي. وسألت الشيخ: من دخل الحجر يكبر؟ قال: نعم، عي من الكعبة يكبر ويصلي. (¬3) حسب علمه، وابن عمر أثبت والقاعدة أن المثبت مقدم على النافي.

31 - باب التوجه نحو القبلة حيث كان

31 - باب التوجه نحو القبلة حيث كان وقال أبو هريرة: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «استقبل القبلة وكبر». 400 - عن جابر قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي على راحلته حيث توجهت. فإذا أراد الفريضة نزل فاستقبل القبلة» (¬1). 401 - عن إبراهيم عن علقمة قال: قال عبد الله صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال إبراهيم: لا أدري زاد أو نقص- فلما سلم النبي قيل له: يا رسول الله أحدث في صلاة شيء؟ قال: «وما ذاك؟ » قالوا: صليت كذا وكذا. فثنى رجليه واستقبل القبلة وسجد سجدتين ثم سلم. فلما أقبل علينا بوجهه قال: «إنه لو حدث في الصلاة شيء لنبأتكم به، ولكن إنما أنا بشر مثلكم، أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني، وإذا شك أحدكم في صلاته فليتحرى الصواب، فليتم عليه ثم ليسلم، ثم يسجد سجدتين» (¬2). ¬

(¬1) قلت: روى أبو داود بإسناد حسن جيد (1225) من حديث ربعي بن عبد الله بن الجارود حدثني عمرو بن أبي الحجاج حدثني الجارود بن أبي سيده عن أنس: «كان إذا سافر فأراد أن يتطوع استقبل بناقته القبلة فكبر ثم صلى». (¬2) وهذا حجة لمن قال من غلب على ظنه يسجد بعد السلام، أما إذا كان ما عنده غالب ظن فيبني على اليقين ثنتين أو ثلاث فليجعلهما ثنتين ويسجد (قبل السلام). وفيه أن من أخطأ القبلة في الصلاة ثم وجه لها صلى ولم يعد وأكمل (هذا إذا تحرى، أمال إذا لم يتحر أعاد).

32 - باب ما جاء في القبلة

32 - باب ما جاء في القبلة ومن لا يرى الإعادة على من سها فصلى إلى غير القبلة وقد سلم النبي - صلى الله عليه وسلم - في ركعتي الظهر وأقبل على الناس بوجهه ثم أتم ما بقي. 402 - عن أنس قال: قال عمر «وافقت ربي في ثلاث: فقلت يا رسول الله لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى فنزلت {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}، وآية الحجاب، قلت يا رسول الله لو أمرت نساءك أن يحتجبن فإنه يكلمهن البر والفاجر، فنزلت آية الحجاب، واجتمع نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - في الغيرة عليه فقلت لهن: عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن، فنزلت هذه الآية» (¬1). 404 - عن علقمة عن عبد الله قال: «صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الظهر خمسًا، فقالوا: أزيد في الصلاة؟ قال: «وما ذاك؟ » قالوا: صليت خمسا، فثنى رجليه وسجد سجدتين» (¬2). ¬

(¬1) قال شيخنا: الترجمة ليست واضحة أي مناسبتها للأثر. (¬2) فيه نسيانه - صلى الله عليه وسلم -، وفيه أن الإنسان إذا سلم وعليه سجود انحرف واستقبل القبلة وهو جالس ولا داعي للقيام.

33 - باب حك البزاق باليد في المسجد

33 - باب حك البزاق باليد في المسجد 405 - عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى نخامة في القبلة فشق ذلك عليه حتى رؤي في وجهه، فقام فحكه بيده فقال: «إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يناجي ربه- أو إن ربه بينه وبين القبلة (¬1) - فلا يبزقن أحدكم قبل قبلته، ولكن عن يساره أو تحت قدميه» (¬2) ثم أخذ طرف ردائه فبصق فيه، ثم رد بعضه على بعض فقال: «أو يفعل هكذا». 34 - باب حك المخاط بالحصى من المسجد وقال ابن عباس: إن وطئت على قذر رطب فاغسله، وإن كان يابسا فلا (¬3). 408 و 409 - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى نخامة في جدار المسجد فتناول حصاة فحكها فقال: «إذا تنخم أحدكم فلا يتنخمن قبل وجهه ولا عن يمينه، وليبصق عن يساره أو تحت قدمه اليسرى». ¬

(¬1) ولا ينافي في ذلك علوه واستواؤه على عرشه فهو معهم باطلاعه وعلمه وإحاطته ورؤيته لخلقه - سبحانه وتعالى -. (¬2) هذا في غير المسجد، لأن البصاق في المسجد خطيئة. * سألت الشيخ عن قيء الصغار؟ فقال: قال بعض أهل العلم هو مثل بوله إن لم يأكل الطعام رش وإن أكل الطعام غسل. من مست عورة صغيرها هل تتوضأ؟ نعم. (¬3) اليابس لا بأس بوطئه قذرًا كان أو نجاسة، أما الرطبة فيغسل ما أصابه. ويقع هذا للنساء كثيرًا وقد يدخل عليهن الوسواس.

35 - باب لا يبصق عن يمينه في الصلاة

35 - باب لا يبصق عن يمينه في الصلاة 410 و 411 - عن حميد بن عبد الرحمن أن أبا هريرة وأبا سعيد أخبراه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى نخامة في حائط المسجد، فتناول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حصاه فحكها ثم قال: «إذا تنخم أحدكم فلا يتنخم قبل وجهه ولا عن يمينه، وليبصق عن يساره أو تحت قدمه اليسرى» (¬1). 412 - عن شعبة قال: أخبرني قتادة قال: سمعت أنسا قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يتفلن أحدكم بين يديه ولا عن يمينه، ولكن عن يساره أو تحت رجله» (¬2). قال الحافظ: ... تنبيه: أخذ المصنف كون حكم النخامة والبصاق واحدا من أنه - صلى الله عليه وسلم - رأى النخامة فقال: «لا يبزقن» فدل على تساويهما (¬3). 38 - باب دفن النخامة في المسجد 416 - عن همام سمع أبا هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا قام أحدكم إلى ¬

(¬1) وهذا قبل استقرار النهي عند الناس على عادتهم في التساهل ثم نهى عنه وأمر (بتنظيف المساجد). (¬2) ظاهره العوم في الصلاة وغيرها، والأحاديث المتقدمة التقييد في الصلاة. قال الشيخ: وإن تيسر ترك التنخم عن اليمين والأمام فهو أحوط، وهو الأفضل. (¬3) وبهذا يعلم أن الأحوط البصاق على اليسار مطلقًا. وسئل الشيخ هل لو بصق في منديل ينحرف عن يساره؟ قال الشيخ: لا، لأنه ما بصق.

40 - باب عظة الإمام الناس في إتمام الصلاة وذكر القبلة

الصلاة فلا يبصق أمامه، فإنما يناجي الله ما دام في مصلاه، ولا عن يمينه فإن عن يمينه ملكا. وليبصق عن يساره أو تحت قدمه فيدفنها» (¬1). قال الحافظ: ... وكذا إذا خالط البزاق الدم (¬2). 40 - باب عظة الإمام الناس في إتمام الصلاة وذكر القبلة 419 - عن أنس بن مالك قال: صلى لنا النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة، ثم رقي المنبر فقال في الصلاة وفي الركوع: «إني لأراكم من ورائي كما أراكم» (¬3). 41 - باب هل يقال مسجد بني فلان؟ 420 - عن عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سابق بين الخيل التي أضمرت من الحفياء، وأمدها ثنية الوداع. وسابق بين الخيل التي لم تضمر من الثنية إلى مسجد بني زريق، وأن عبد الله بن عمر كان فيمن سابق بها (¬4). ¬

(¬1) إن كان تحته شيء مبسوط قال الشيخ يبصق (تجاه المنديل) ولا يبصق كما تقدم. (¬2) ليس بجيد والصواب أن النخامة طاهرة مطلقًا. (¬3) في هذين الحديثين بيان أن الله خص نبيه بمنزلة عظيمة وهو أن يرى من خلفه كما يرى من أمامه في الصلاة، وفي هذا حث للمحافظة على الخشوع والطمأنينة، وفيه شاهد لعظة الإمام. (¬4) المضمرة: هي التي جيئت للسباق ويعمل معها شيء فتصير خفيفة. فيه فوائد: 1 - المسابقة بين الخيل حتى يعرف جيدها من رديئها. 2 - كل هذا داخل في قوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}. 3 - لا بأس أن يقال مسجد بني فلان وذلك حتى يعرف. * المسابقة بين الخيل سنة ولو كان المقصد أخذ الجعل.

42 - باب القسمة وتعليق القنو في المسجد

42 - باب القسمة وتعليق القنو في المسجد قال أبو عبد الله: القنو العذق، والاثنان قنوان، والجماعة أيضا قنوان. مثل صنو وصنوان. 421 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بمال من البحرين فقال: «انثروه في المسجد»، وكان أكثر مال أتي به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الصلاة ولم يلتفت إليه، فلما قضى الصلاة جاء فجلس إليه، فما كان يرى أحدا إلا أعطاه (¬1). إذ جاءه العباس فقال: يا رسول الله أعطني، فإني فاديت (¬2) نفسي وفاديت عقيلا. فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خذ». فحثا في ثوبه، ثم ذهب يقله فلم يستطع، فقال: يا رسول الله اؤمر بعضهم يرفعه إلى. قال: «لا». قال: فارفعه أنت علي. قال: لا. فنثر منه ثم احتمله فألقاه (¬3) على كاهله، ثم انطلق، فما زال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتبعه بصره- حتى خفى علينا- عجبا من حرصه- فما قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وثم منها درهم. ¬

(¬1) في هذا: أ - تولي الإمام قسمة المال، وهذا المال الجزية المضروبة على البحرين. ب - لا بأس بتعليق القنوان والعذق في المسجد ليأكل الفقير، ولا بأس بجعل حجر لذلك لأنه مصلحة عامة. (¬2) يعني يوم بدر. (¬3) لعل المقصود من ذلك أن يأخذ ما يقدر عليه لأن هناك محتاجين.

43 - باب من دعا لطعام في المسجد، ومن أجاب منه

43 - باب من دعا لطعام في المسجد، ومن أجاب منه 422 - عن إسحاق بن عبد الله سمع أنسا قال: «وجدت النبي - صلى الله عليه وسلم - في المسجد معه ناس، فقمت، فقال لي: آرسلك أبو طلحة؟ قلت: نعم. فقال: لطعام؟ قلت: نعم. فقال لمن معه: قوموا. فانطلق وانطلقت بين أيديهم (¬1). 44 - باب القضاء واللعان في المسجد بين الرجال والنساء 423 - عن سهل بن سعد «أن رجلا قال: يا رسول الله أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله؟ فتلاعنا في المسجد وأنا شاهد» (¬2). ¬

(¬1) والمعنى في هذا أنه لا حرج في الدعوة للطعام في المسجد وأنه ليس كنشد الضوال فليس ممنوعًا. وزاد شيخنا: وجواز قسمة الطعام وجواز أكله كما يفعله المعتكفون (مع الصيانة). (¬2) اللعان أن يقول: أشهد بالله لقد زنت زوجتي هذه أربع مرات. وهي تقول: أشهد بالله لقد كذب علي، وفي الخامسة له أن يقول أن لعنة الله علي إن كنت من الكاذبين، وفي الخامسة لها أن تقول أن غضب الله علي إن كان من الصادقين. * لا حرج في ذلك يقضي في المسجد ويفتي، إنما الممنوع إقامة الحدود في المسجد لأنه يؤدي إلى تقذيرها.

45 - باب إذا دخل بيتا يصلي حيث شاء، أو حيث أمر، ولا يتجسس

45 - باب إذا دخل بيتا يصلي حيث شاء، أو حيث أمر، ولا يتجسس 424 - عن عتبان بن مالك «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتاه في منزله فقال: أين تحب أن أصلي لك من بيتك؟ قال فأشرت له إلى مكان، فكبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وصففنا خلفه، فصلى ركعتين» (¬1). 46 - باب المساجد في البيوت وصلى البراء بن عازب في مسجده في داره جماعة (¬2). 47 - باب التيمن في دخول المسجد وكان ابن عمر يبدأ برجله اليمني، فإذا خرج بدأ برجله اليسرى. 426 - عن عائشة قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحب التيمن ما استطاع في شأنه كله: في طهوره، وترجله وتنعله» (¬3). ¬

(¬1) وأسباب ذلك أن عتبان أنكر بصره وتضرر بصره فكان أن أتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - ليصلي في بيته فيتخذه مصلى له. * ورخص له للسيول ليس للعمى، فالعمى ليس بعذر لحديث ابن أم مكتوم، والسيول عذر للأعمى وغيره. (¬2) لعل البراء صلى لعذر أو فاتته الجماعة أو نافلة. * وفيه الصلاة في المحل أو في بيته في النافلة أو إن حبس عن الفريضة لعذر. * وهذا يدل على فضل التوحيد وعلو شأنه، وهذا مطلق بالنصوص الأخرى باجتناب الكبائر وبالمحافظة على التوحيد إلى أن يموت عليه. (¬3) ومن جملة ذلك دخول المسجد لأن هذا من الشأن العظيم ودخول الحمام بالعكس، وكذا النعل والخف والكم، وكذا دخول المنزل لأنه أفضل له من الطريق فيقدم الرجل اليمنى (قاله بعد ما سألته).

48 - باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية، ويتخذ مكانها مساجد؟

48 - باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية، ويتخذ مكانها مساجد؟ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»، (¬1) وما يكره من الصلاة في القبور، ورأى عمر أنس بن مالك يصلى عند قبر، فقال القبر القبر، ولم يأمره بالإعادة. 427 - عن عائشة أن أم حبيبة وأم سلمة ذكرتا كنيسة رأينها بالحبشة فيها تصاوير فذكرتنا للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا وصورا فيه تلك الصور، فأولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة» (¬2). قال الحافظ: ... وأورد معه أثر ابن عمر الدال على أن النهي عن ذلك لا يقتضي فساد الصلاة (¬3). ¬

(¬1) كراهة التحريم. (¬2) لا تصح الصلاة في المقبرة، وقصة عمر مع أنس يدل على أنه قبر ليس مقبرة، ولو ناسيًا ولو جاهلًا سدًا للذريعة يعيد، ومن قال لا يعيد له وجه والأولى الإعادة. * فيه: تحريم هذا فإنه من عمل اليهود والنصارى، وهكذا يحرم البناء والتجصيص للقبور كما في حديث جابر عند مسلم، وكذا لا يكتب عليه. * جواز قطع النخيل للمصلحة ونبش القبور للمشركين، وهكذا قبور المسلمين للحاجة كبناء المساجد. (¬3) ليس بجيد، وقد يقال القبر ليس كالمقبرة فلو تنحى عنه وأتم. * قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيته ليس في المسجد، وأدخله الوليد فأساء واحتج به أهل الباطل، والقبة التي على القبر وضعها بعض الأتراك وتركها الحكام [الآن] خوفًا من الفتنة السياسية.

49 - الصلاة في مرابض الغنم

49 - الصلاة في مرابض الغنم 429 - عن أنس قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي في مرابض الغنم» ثم سمعته بعد يقول: «كان يصلي في مرابض الغنم قبل أن يبني المسجد (¬1). 51 - باب من صلى وقدامه تنور أو نار أو شيء مما يعبد (¬2) فأراد به الله وقال الزهري: أخبرني أنس قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «عرضت علي النار وأنا أصلي». ¬

(¬1) أراد المؤلف - رحمه الله - بهذين البابين بيان جواز الصلاة في مرابض الغنم ونحوها مما يؤكل لحمه، وكذا الصلاة حول الإبل، وما ذاك إلا لأنها طاهرة في أبوالها وأروائها، واستنبط أهل العلم منها أنكل ما يؤكل لحمه طاهر البول والروث كالإبل والبقر والغنم والجواميس والظباء، أما الإبل إن كانت مبارك عادية فلا حرج، أما معاطنها التي تأوي إليها لا يصلى فيها وهو محل بيتها وكل مكثها عند أحواض الماء وحديث النهي لم يصح على شرطه ورواه مسلم. * المعاطن محل الوقوف الطويل التي تبيت فيه. (¬2) النار تعبد، يعبدها المجوس.

52 - باب كراهية الصلاة في المقابر

431 - عن عبد الله بن عباس قال: «انخسفت الشمس، فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: «أريت النار فلم أر منظرًا كاليوم قط أفظ» (¬1). 52 - باب كراهية الصلاة في المقابر 432 - عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم، ولا تتخذوها قبورا» (¬2). قال الحافظ: ... «الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام» (¬3). قال الحافظ: ... وقد بالغ الشيخ محيي الدين فقال: لا يجوز حمله على الفريضة (¬4). ¬

(¬1) مقصود المؤلف أن الصلاة إلى النار لا تضر لأنها عرضت عليه، وكره جمع من أهل العلم الصلاة إليها لأنها من صفات المجوس فلا ينبغي الصلاة إليها إلا لعارض كلمبة، ومقصود من النهي تحرزًا من التشبه. * وسئل عن وضع الدفايات أمام المصلين .. فلم ير بأسًا وقال: للحاجة لا للتشبه. * وهل الكراهة للتحريم أو للتنزيه؟ قال الشيخ: المعروف عند أهل العلم للتنزيه. (¬2) وهذا بين أن القبور ليست محلًا للصلاة بل للاعتبار، لأن المشركين في الجاهلية كانوا يستغيثون بها، وفي حديث «اقرؤا سورة البقرة» يدل على أن القبور ليست محلًا للقراءة وهذا كله محرم. (¬3) له أسانيد جيدة، وبسط الكلام عليه ابن تيمية. (¬4) والصواب النوافل.

53 - باب الصلاة في مواضع الخسف والعذاب

قال الحافظ: ... حاصل ما يحتمله أربعة معان، فذكر الثلاثة (¬1) الماضية. 53 - باب الصلاة في مواضع الخسف والعذاب ويذكر أن عليا - رضي الله عنه - كره الصلاة بخسف بابل. 433 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين، إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم لا يصيبكم ما أصابهم» (¬2). قال الحافظ: ... ويدخل في حكم البيعة الكنيسة وبيت المدراس والصومعة وبيت الصنم وبيت النار ونحو ذلك (¬3). قال الحافظ: ... فقال له عمر: إنا لا ندخل كنائسكم من أجل الصور التي فيها، يعني التماثيل (¬4). ¬

(¬1) كل هذه التأويلات بعيدة. (¬2) هل تبطل صلاته؟ محتمل يشبه الصلاة في الدار المغصوبة لأن النهي خارج عن الصلاة، وهذا واضح في مواطن العذاب. * وسئل الشيخ عن الرحلات لمدائن صالح؟ فقال: إن كان الاعتبار لا بأس، أما للتفرج والضحك فلا. (¬3) وتطلق على معابد اليهود. (¬4) وهذا يبين إجابة الدعوة للمصلحة للنصارى واليهود، ولكن في غير الكنيسة.

56 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا»

قال الحافظ: ... وأن الكراهية في حال الاختيار (¬1). قال الحافظ: ... (لما نزل) كذا لأبي ذر بفتحتين والفاعل محذوف أي الموت، ولغيره بضم النون وكسر الزاي (¬2). 56 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا» 438 - عن جابر بن عبد الله قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر (¬3)، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا (¬4)، وأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم (¬5)، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس كافة (¬6)، وأعطيت الشفاعة (¬7)» (¬8). ¬

(¬1) إن كان مضطرًا صح بعيدًا عن التماثيل، وإن كانت سالمة من التماثيل جاز، والصليب أقبح. (¬2) وهذا هو المشهور. (¬3) عدوه يخافه على مسيرة شهر، ويرجى هذا الخير لمن سلك طريقه بإلقاء الرعب في قلوب أعدائه. (¬4) ويستثنى منه المقرة والحمام والمواضع النجسة كالمجزرة والمزبلة إلا إذا فرش عليها، وكذا معاطن الإبل. (¬5) فغنائم من قبلنا تنزل نار تحرقها، فأحلها الله لهذه الأمة. (¬6) فالأنبياء قبله كل إلى قومه سوى محمد - صلى الله عليه وسلم - فهو مرسل للعرب والعجم والجن والإنس. (¬7) الشفاعة العظمى يوم القيامة. (¬8) للنبي خصائص غير هذه الخمس وهذه مما اختص بها.

57 - باب نوم المرأة في المسجد

57 - باب نوم المرأة في المسجد 439 - عن هشام عن أبيه عن عائشة أن وليدة كانت سوداء لحي من العرب فأعتقوها فكانت معهم. قالت: فخرجت صبية لهم عليها وشاح (¬1) أحمر من سيور. قالت: فوضعته- أو وقع منها- فمرت به حدياة وهو ملقى، فحسبته لحما فخطفته. قالت فالتمسوه فلم يجدوه. قالت: فاتهموني به. قالت: فطفقوا يفتشوا قبلها. قالت: والله إني لقائمة معهم إذ مرت الحدياة فألقته، قالت: فوقع بينهم، قالت فقلت: هذا الذي اتهمتموني به زعمتم، وأنا منه بريئة وهو ذا هو. قالت فجاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلمت: قالت عائشة: فكان لها خباء في المسجد، أو حفش، قالت: ويوم الوشاح من تعاجيب ربنا ... ألا إنه من بلدة الكفر أنجاتي. ¬

(¬1) يعلق على صدر الصبي. * الظاهر أن أهلها أعتقوها فكانت تزور عائشة. * هذه لمظلومة نصرها الله، فقد ينصره الله ولو كان كافرًا. * إذا حاضت في المسجد تخرج وتمكث إن لم تجد للضرورة. * لا بأس بجعل خباء للمرأة المحتاجة حتى يوجد لها مكان إذا كان المحل آمنًا ولا يخشى فساد كخيمة سعد، وهكذا كاعتكافه في خباء. * لا بأس بالنوم في المسجد إن لم يترتب على نومه في المسجد مضرة.

58 - باب نوم الرجال في المسجد

58 - باب نوم الرجال في المسجد وقال أبو قلابة عن أنس: قدم رهط من عكل على النبي - صلى الله عليه وسلم - فكانوا في الصفة وقال عبد الرحمن بن أبي بكر: كان أصحاب الصفة الفقراء. 441 - عن سهل بن سعد قال: جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيت فاطمة فلم يجد عليا في البيت فقال: «أين ابن عمك؟ » قالت: كان بيني وبينه شيء فغاضبني فخرج فلم يقل عندي. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لإنسان: «انظر أين هو؟ » فجاء فقال: يا رسول الله هو في المسجد راقد. فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مضطجع قد سقط رداؤه عن شقه وأصابه تراب، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسحه (¬1) عنه ويقول: «قم أبا تراب (¬2)، قم أبا تراب». قال الحافظ: ... والصفة موضع مظلل في المسجد النبوي (¬3). 442 - عن أبي هريرة قال: رأيت سبعين من أهل الصفة ما منهم رجل عليه رداء، إما إزار وإما كساء قد ربطوا في أعناقهم، فمنها ما يبلغ الكعبين (¬4)، فيجمعه بيده كراهية أن ترى عورته. ¬

(¬1) وفيه تواضعه - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) كان علي يحبها بعد. (¬3) الصفة: حجرة في المسجد. (¬4) لا بأس في كونه للكعبين، لكن لا ينزل. * سألت الشيخ هل يكون تحت نصف الساق سنة أم أنه لا حرج؟ فقال: نصف الساق الأفضل، وكان يحب التشمير - صلى الله عليه وسلم -، وما تحت ذلك فلا حرج.

59 - باب الصلاة إذا قدم من سفر

59 - باب الصلاة إذا قدم من سفر وقال كعب بن مالك: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فصلى فيه 443 - عن جابر بن عبد الله قال: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في المسجد- قال مسعر: أراه قال ضحى- فقال: صل ركعتين. وكان لي عليه دين فقضاني وزادني (¬1). 60 - باب إذا دخل المسجد فليركع ركعتين عن عمرو بن سليم الزرقي عن أبي قتادة السلمي (¬2) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن تجلس». 61 - باب الحدث في المسجد 445 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الملائكة (¬3) تصلي على ¬

(¬1) وهذا في قصة البعير، وفيه الأمر بالصلاة إن كان على طهارة، وإن قدم في وقت نهي يحتمل أنها من ذوات الأسباب. (¬2) نسبة إلى سليمة * وهاتان سنة عند الجمهور، ونقل عن بعض الظاهرية أنه يرى الوجوب، واحتج بعضهم بحديث «اجلس فقد آذيت» وليس بصريح، أقوى منه حديث «لا، إلا أن تطوع». * من دخل وهو على غير وضوء يجلس. (¬3) جميع الملائكة الذين معه وغيرهم، وإذا أحدث وانتقض الطهارة توقف الدعاء عنه والأذى، وقيل بالثاني فقط. وقال الشيخ ظاهر الروايات الأمرين.

62 - باب بنيان المسجد

أحدكم ما دام في مصلاه (¬1) الذي صلى فيه ما لم يحدث، تقول اللهم اغفر له، اللهم ارحمه» (¬2). 62 - باب بنيان المسجد وقال أبو سعيد: كان سقف المسجد من جريد النخل. وأمر عمر ببناء المسجد وقال: أكن (¬3) الناس من المطر، وإياك أن تحمر أو تصفر فتفتن الناس وقال أنس يتباهون بها ثم لا يعمرونها إلا قليلا. وقال ابن عباس: لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى. قال الحافظ: ... عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس بالمساجد» (¬4). 446 - عن نافع أن عبد الله أخبره أن المسجد كان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مبنيا باللبن وسقفه الجريد وعمده خشب النخل، فلم يزد فيه أبو بكر شيئا، وزاد فيه عمر وبناه على بنيانه في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باللبن والجريد وأعاد عمده خشبا. ثم غيره عثمان فزاد فيه زيادة كثيرة، وبني جداره بالحجارة المنقوشة والقصة، وجعل عمده من حجارة منقوشة، وسقفه بالساج (¬5). ¬

(¬1) المسجد كله. (¬2) وهذا من فضل الله على العبد. (¬3) أمر للعامل. (¬4) في زخرفتها وعمارتها ولا يصلون فيها. (¬5) وهذا اجتهاد منه - رضي الله عنه -، وقال إني سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من بنى لله مسجدًا بني الله له في الجنة مثله» وأنكر عليه بعض الصحابة. وقال الشيخ: هذا من أول أسباب الفتنة.

63 - باب التعاون في بناء المسجد

63 - باب التعاون في بناء المسجد 447 - حدثنا خالد الحذاء عن عكرمة قال لي ابن عباس ولابنه علي: انطلقا إلى أبي سعيد فاسمعا من حديثه. فانطلقا، فإذا هو في حائط يصلحه، فأخذ رداءه فأحتبى، ثم أنشأ يحدثنا، حتى أتى على ذكر بناء المسجد فقال: «كنا نحمل لبنة وعمار لبنتين لبنتين. فرآه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فينفض التراب عنه ويقول: «ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة (¬1) ويدعونه إلى النار (¬2) قال يقول عمار: أعوذ بالله من الفتن». ¬

(¬1) إلى الأتباع والطاعة. (¬2) شق عصا الطاعة. * ينبغي ألا يتولى الكفار بناية المساجد بل المسلمون. * لو بني الكفار المساجد لا يثابون، وإن أثيبوا فعاجلًا. * مسائل النزاع المصيب فيها واحد والباقون مخطئون. * هذا يدل على أن العمارة المذكورة تشمل الأمرين عمارة البناء وعمارة الذكر والطاعة، وفي الحديث أمر الرجل من تحت يده بطلب العلم فابن عباس يأمر مولاه وابنه، ومنه تولى الرجل أمر بيته ولو كان عاملًا لأن أبا سعيد يصلح بستانه، وفيه تبليغ الصحابة العلم، وفيه فضل عمار، ونقل عمار لبنيتن يدل على القوة والرغبة. * وفيه تواضعه - صلى الله عليه وسلم - بنفض الغبار. * وفيه عدالة علي وعمار، وفيه أن أهل الشام بغاة، وأهل الشام اجتهدوا فلم يصيبوا تمرق مارقة .. أولى الطائفتين بالحق فدل على أن أهل الشام أخطأوا وإن كانوا مجتهدين.

64 - باب الاستعانة بالنجار والصناع في أعواد المنبر والمسجد

قال الحافظ: ... «لبنة عنه ولبنة عن رسول - صلى الله عليه وسلم -» (¬1). 64 - باب الاستعانة بالنجار والصناع في أعواد المنبر والمسجد 448 - حدثنا عبد العزيز عن أبي حازم عن سهل قال: «بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى امرأة أن مري غلامك النجار يعمل لي أعوادا أجلس عليهن» 65 - باب من بنى مسجدًا 450 - عن عاصم بن قتادة حدثه أنه سمع عبيد الله الخولاني أنه سمع عثمان بن عفان يقول - عند قول الناس فيه حين بنى مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - (¬2): «إنكم أكثرتم، وإني سمعت النبي يقول: من بني مسجدًا -قال بكير. حسبت أنه قال - يبتغي به وجه الله (¬3)، بنى الله له مثله في الجنة». 66 - باب يأخذ بنصول النبل إذا مر في المسجد 451 - حدثنا سفيان قال: قلت لعمرو: أسمعت جابر بن عبد الله يقول «مر رجل في المسجد ومعه سهام فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أمسك بنصالها» (¬4). ¬

(¬1) وذكرها الشيخ. (¬2) فيه شرعية وضع المنبر لأنه أندى للصوت وأبلغ، وهو سنة لفعله وأمره به. * إذا بني مسجد بمال حرام يصلى فيه؟ نعم، وإثم على من بناه. (¬3) وهذا لا شك فيه، لابد من النية، وعثمان يقول للناس إنما صنعته للحديث قال فقله وأنا اجتهدت في ذلك وهذا دعاه إليه اجتهاده - رضي الله عنه -. (¬4) فيه الحرص على حفظ المسلمين من الأذى كمن يحمل سلاحًا أو خشبًا أو أذى في المساجد والأسواق، فالواجب الحذر، وكذا المواسير.

68 - باب الشعر في المسجد

68 - باب الشعر في المسجد 453 - أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أنه سمع حسان بن ثابت الأنصاري يستشهد أبا هريرة: أنشدك الله هل سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يا حسان أجب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، اللهم أيده بروح القدس» قال أبو هريرة: نعم (¬1). 69 - باب أصحاب الحراب في المسجد 454 - عن صالح عن ابن شهاب قال: أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة قالت: «لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومًا على باب حجرتي والحبشة يلعبون في المسجد ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسترني بردائه أنظر إلى لعبهم» (¬2). ¬

(¬1) وهذا يدل على فصل الشعر في الرد على الكفار، وروح القدس جبرائيل، وكان ينشد أشعاره في المسجد ليعلمها من لا يعلمها، وعمر أنكر عليه وقال له: قد كنت أنشد وفيه من هو خير منك. (¬2) لا وجه له. * فيه دلالة على جواز اللعب في المسجد إذا كان للجهاد ومصلحة المسلمين فإنه عبادة وداخل في قوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ .. } والحبشة لهم عناية بالحراب والتوثب عليها. * وفيه جواز نظر المرأة إلى عموم الرجل بخلاف نظر العين ونظر الشهوة، أما إذا كان بقصد عام كالنظر إلى الطريق أو في الأسواق أو في المسجد حينما تصلي.

70 - باب ذكر البيع والشراء على المنبر في السجد

70 - باب ذكر البيع والشراء على المنبر في السجد 456 - عن عمرة عن عائشة قالت: «أتتها بريرة تسألها في كتابتها، فقالت: إن شئت أعطيت أهلك ويكون الولاء لي (¬1) وقال أهلها: إن شئت أعطيتها ما بقى. وقال سفيان مرة «إن شئت أعتقتها ويكون الولاء لنا. فلما جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكرته ذلك فقال: «ابتاعيها فأعتقيها، فإن الولاء لمن أعتق». ثم قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المنبر وقال سفيان مرة «فصعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المنبر فقال: «ما بال أقوام يشترطون شروطا ليس في كتاب الله؟ من اشترط شرطًا ليس في كتاب الله فليس له، وإن اشترط مائة مرة». 71 - باب التقاضي والملازمة في المسجد 457 - عن عبد الله بن كعب بن ماك عن كعب أنه تقاضى ابن أبي حدرد دينًا كان له عليه في المسجد فارتفعت أصواتهما حتى سمعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ¬

(¬1) وفيه جواز بيع المرأة وشرائها مع الصيانة، وفيه جواز المكاتبة. * فيه فوائد كثيرة: 1 - أن ولي الأمر يوضح الأمر إذا غلط فيه الناس. فيه بيان الشروط الباطلة على المنبر وكذا الإذاعة والصحف. لا بأس بشراء السلعة بالتقسيط على آجال متباعدة ب-360 درهمًا على تسع سنوات كل سنة 40 درهمًا، فكذا بيع السيارات إذا كانت السلعة موجودة والأقساط معلومة والآجال معلومة. * وفيه أن الإنسان يشترط شرطًا واضحًا.

72 - باب كنس المسجد، والتقاط الخرق والقذى والعيدان

وهو في بيته، فخرج إليهما حتى كشف سجف حجرته فنادى: «يا كعب». قال: لبيك يا رسول الله. قال: «ضع من دينك هذا». وأومأ إليه، أي الشطر. قال: لقد فعلت يا رسول الله. قال: «قم فاقضه» (¬1). 72 - باب كنس المسجد، والتقاط الخرق والقذى والعيدان 458 - عن أبي هريرة أن رجلًا أسود - أو امرأة سوداء - كان يقم المسجد، فمات، فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه فقالوا: مات. قال: «أفلا كنتم آذنتموني به، دلوني على قبره - أو قال قبرها - فأتى قبره فصلى عليه» (¬2). 73 - باب تحريم تجارة الخمر في المسجد 459 - عن عائشة قالت: لما أنزلت الآيات من سورة البقرة في الربا خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المسجد فقرأهن على الناس، ثم حرم تجارة الخمر (¬3). ¬

(¬1) لا بأس أن يقول الرجل لأخيه في المسجد اقض ديني أنا محتاج، وأقرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ومنه الصلح بين الناس وأصلح بينهم النبي - صلى الله عليه وسلم - «الصلح خير». * ولا تقترض في المسجد لأنه نوع بيع. (¬2) فيه فضل كنس المسجد، وكان - صلى الله عليه وسلم - يقدر الضعفاء وأهل الأعمال الصالحة. (¬3) يعني بيان تحريم التجارة، وإلا التجارة للخمر محرمة في كل مكان ومراده بيان ذلك في خطبة على المنبر في المسجد.

74 - باب الخدم للمسجد

74 - باب الخدم للمسجد 460 - عن أبي هريرة أن امرأة - أو رجلًا - كانت تقم المسجد - ولا أراه إلا امرأة - فذكر حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى على قبره (¬1). 75 - باب الأسير أو الغريم يربط في المسجد 461 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن عفريتًا من الجن تفلت علي البارحة - أو كلمة نحوها - ليقطع علي الصلاة، فأمكنني الله منه، فأردت أن أربطه (¬2) إلى سارية من سواري المسجد حتى تصبحوا وتنظروا إليه كلكم، فذكرت قول أخي سليمان {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} قال روح: فرده خاسئًا». ¬

(¬1) فيه الخروج للمقبرة للصلاة على الميت الذي لم يصل عليه. * الإعلان عن المشاريع الخيرية كمعرض كتاب في المسجد؟ قال الشيخ: يحتاج تأمل. (¬2) هذا هو الشاهد، ومنه قصة ثمامة في الصحيحين ليسمع الذكر. * هل النذر للخدمة خاص بالأمم السابقة؟ لا، لو اشترى رجل عبدًا ليخدم المسجد كان مشروعًا. لو نذرت ما في بطنها؟ قال الشيخ: قد يكون شرع من قبلنا، ولأنه قد يضر الولد، ولا ضرر ولا ضرار.

76 - باب الاغتسال إذا أسلم، وربط الأسير أيضا في المسجد

76 - باب الاغتسال إذا أسلم، وربط الأسير أيضًا في المسجد وكان شريح يأمر (¬1) الغريم أن يحبس إلى سارية المسجد. 462 - عن سعيد بن أبي سعيد أبا هريرة قال: «بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - خيلًا قبل نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن أثال، فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «أطلقوا ثمامة»، فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل، ثم دخل المسجد فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله». 77 - باب الخيمة في المسجد للمرضى وغيرهم 463 - عن عائشة قالت: «أصيب سعد يوم الخندق في الأكحل، فضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - خيمة في المسجد ليعوده من قريب، فلم يرعهم، وفي المسجد خيمة من بني غفار- إلا الدم يسيل إليهم، فقالوا: يا أهل الخيمة ما هذا الذي يأتينا من قبلكم؟ فإذا سعد يغذوا جرحه دمًا، فمات فيها (¬2). ¬

(¬1) وهذا من سياسة القضاء، لأن الناس قد يرونه فيقولون هذا غريم فيساعدونه. (¬2) لا بأس من وضع الخيمة في المسجد للحاجة كالغريب والضيف إذا كان لا أذى فيها والمسجد واسعًا.

78 - باب إدخال البعير في المسجد للعلة

78 - باب إدخال البعير في المسجد للعلة وقال ابن عباس «طاف النبي - صلى الله عليه وسلم - على بعير». 464 - عن أم سلمه قالت: «شكوت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أني أشتكى. قال: «طوفي من وراء الناس وأنت راكبة». فطفت ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي إلى جنب البيت يقرأ بالطور وكتاب مسطور» (¬1). 79 - باب 465 - حدثنا أنس أن رجلين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - خرجا من عند النبي - صلى الله عليه وسلم - في ليلة مظلمة ومعهما مثل المصباحين يضيئان بين أيديهما. فلما افترقا صار مع كل واحد منهما واحد حتى أتى أهله (¬2). ¬

(¬1) وسافر بعد الصلاة للمدينة. * وطاف النبي آخر الليل ثم صلى وسافر. * الظاهر طواف الوداع وكانت شاكية. * يدل على جواز الطواف على البعير للحاجة وإدخاله للحاجة لأنه طاهر بوله وروثه. (¬2) وهما عباد بن بشر وأسيد بن حضير، وهذا من كرامات الله لأوليائه - رضي الله عنهما -، هما من الأنصار.

80 - باب الخوخة والممر في المسجد

80 - باب الخوخة والممر في المسجد 466 - عن بسر بن سعيد عن أبي سعيد الخدري قال: خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «إن الله خير عبدًا بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ما عند الله». فبكى أبو بكر - رضي الله عنه -، فقلت في نفسي: ما يبكي هذا الشيخ (¬1)، إن يكن الله خير عبدًا بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ما عند الله؟ فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو العبد، وكان أبو بكر أعلمنا. قال: «يا أبا بكر لا تبك، إن أمن الناس علي في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متخذًا خليلًا من أمتي لاتخذت أبا بكر، ولكن أخوة الإسلام ومودته. لا يبقين في المسجد باب إلا سد، إلا باب أبي بكر». 81 - باب الأبواب والغلق للكعبة والمساجد (¬2) عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قدم مكة فدعا عثمان بن طلحة ففتح الباب، فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - وبلال وأسامة بن زيد وعثمان بن طلحة، ثم أغلق الباب فلبث فيه ساعة ثم خرجوا. قال ابن عمر فبدرت فسألت بلالًا فقال: ¬

(¬1) عندها كبر شيخنا وقال: ما قبض الله نبيًا إلا خير. * وفيه إشارة إلا خلافته كما فهم ذلك جماعة من أهل العلم. * يقيد جواز فتح باب لجار المسجد إن كان ملاصقًا، لكن قوله «سدوا» يفيد أن الترك أولى لأنه يكون امتهان. (¬2) مراد المؤلف بيان جواز اتخاذ الأبواب والإغلاق للمساجد من أجل صيانتها، فهذه مساجد ابن عباس عليها أبواب.

82 - باب دخول المشرك المسجد

صلي فيه (¬1)، فقلت: في أي؟ قال: بين الأسطوانتين: قال ابن عمر: فذهب علي أن أسأله كم صلى؟ قال الحافظ: ... وقوله (لو رأيت) (¬2) ... 82 - باب دخول المشرك المسجد 469 - عن أبي هريرة قال: «بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيلًا قبل نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن أثال، فربطوه بسارية من سواري المسجد» (¬3). 83 - باب رفع الصوت في المسجد 470 - عن السائب بن يزيد قال: كنت قائمًا في المسجد فحصبتي رجل، فنظرت فإذا عمر بن الخطاب فقال: اذهب فأتني بهذين، فجئته بهما. قال: من أنتما- أو من أين أنتما؟ - قالا: من أهل الطائف. قال: لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما، ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -! (¬4). ¬

(¬1) صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بين العمودين اليمانيين وكان البيت له أعمدة، وفيه استحباب الصلاة في الكعبة والتكبير فيها لكن ليس بواجب، والمحفوظ أنه ما دخلها إلا عام الفتح ولم يدخلها في حجة الوداع. (¬2) قلت: قال أحمد - رحمه الله - كما في مسائل ابن هانئ (1/ 68): يعني أنها مزخرفة حسنة. (¬3) تقدم أنه لا بأس بدخول الكافر المسجد للحاجة عدا المسجد الحرام كسماع موعظة أو ليتعلم. (¬4) رفع الأصوات يختلف، فإن كان لموعظة نعم «كان إذا خطب علا صوته» الحديث، وأما إذا كان كلامًا عاديًا فلا ينبغي رفع الصوت خاصة في مسجده - صلى الله عليه وسلم - وكذا المسجد الحرام وكذا المساجد الأخرى.

84 - باب الحلق والجلوس في المسجد

471 - عن عبد الله بن كعب بن مالك أن كعب بن مالك أخبره أنه تقاضي ابن أبي حدرد دينًا له عليه في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد فارتفعت أصواتهما حتى سمعهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في بيته، فخرج إليهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى كشف سجف حجرته ونادي: «يا كعب بن مالك، يا كعب». قال: لبيك يا رسول الله، فأشار بيده أن ضع الشطر من دينك، قال كعب: قد فعلت يا رسول الله. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قم فاقضه» (¬1). 84 - باب الحلق والجلوس في المسجد 473 - عن نافع عن ابن عمر: «أن رجلًا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يخطب (¬2) فقال: كيف صلاة الليل؟ فقال: «مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح فأوتر بواحدة توتر لك ما قد صليت» قال الوليد بن كثير: حدثني عبيد الله بن عبد الله أن ابن عمر حدثهم أن رجلًا نادي النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في المسجد. ¬

(¬1) لا بأس بالمقاضاة (القضاء) في المسجد. (¬2) وهذا شاهد لما تقدم من الحلق في المسجد وكونه على المنبر للتعليم. وفيه من الفوائد: - الرغبة في تحصيل العلم. - وعدم الاستحياء. - والقرب من المعلم. ولهذا قال مجاهد: لا ينال العلم مستحي أو مستكبر، وفي الحديث «إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا ... » الحديث ذكره الشيخ.

85 - باب الاستلقاء في المسجد، ومد الرجل

85 - باب الاستلقاء في المسجد، ومد الرجل 475 - عن عباد بن تميم عن عمه أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستلقيًا في المسجد واضعًا إحدى رجليه على الأخرى (¬1). وعن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب قال: كان عمر وعثمان يفعلان ذلك. قال الحافظ: ... فيه أن النهي الوارد عن ذلك منسوخ، أو يحمل (¬2) النهي حيث يخشي أن تبدو العورة ... 86 - باب المسجد يكون في الطريق من غير ضرر بالناس وبه قال الحسن وأيوب ومالك. 476 - عن ابن شهاب قال: أخبرني عروة عن الزبير أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: «لم أعقل أبوي إلا وهما يدينان الدين، ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طرفي النهار بكرة وعشية، ثم بدا لأبي بكر فابتنى مسجدًا بفناء داره (¬3)، فكان يصلي فيه ويقرأ القرآن، فيقف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون منه وينظرون إليه، وكان أبو بكر رجلًا بكاء لا يملك عينية إذا قرأ القرآن، فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين». ¬

(¬1) فيه جواز أن يفعل هذا، ولا بأس أن يضطجع أو يستلقي أو يرفع إحدى رجليه على الأخرى، لكن يجب أن يراعي ستر العورة في ذلك، وما يروي عن النهي عن ذلك فلأجل انكشاف العورة. (¬2) وهو الصواب لأن الأصل عدم النسخ. (¬3) اتخاذ المساجد على الطرقات لا بأس بشرط عدم الإيذاء، وحتى يستفيد منه من يمر بالطريق في الصلاة.

87 - باب الصلاة في مسجد السوق

87 - باب الصلاة في مسجد السوق (¬1) وصلي ابن عون في مسجد في دار يغلق عليهم الباب. 477 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «صلاة الجميع تزيد على صلاته في بيته (¬2) وصلاته في سوقه خمسًا وعشرين درجة، فإن أحدكم إذا توضأ فأحسن وأتى المسجد لا يريد إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعه الله بها درجة، وحط عنه خطيئة (¬3)، حتى يدخل المسجد. وإذا دخل المسجد كان في صلاة ما كانت تحبسه، وتصلي- يعني عليه- الملائكة ما دام في مجلسه الذي يصلي فيه: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، ما لم يؤذ يحدث فيه». قال الحافظ: ... الإشارة إلى أن الحديث الوارد في أن الأسواق (¬4) شر البقاع وأن المساجد خير البقاع كما أخرجه البزار (¬5) وغيره لا يصح إسناده. ¬

(¬1) قلت روى مسلم (2/ 132) من حديث أبي هريرة مرفوعًا «أحب البلاد إلى الله المساجد، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها». (¬2) فيه صحة صلاة الفريضة في البيت، أما الوجوب ثابت بأدلة أخرى في الجماعة. (¬3) وفي حديث ابن مسعود «وكتب الله له بها حسنة». * يدل على فضل السعي إلى المساجد وأن فيه خيرًا عظيمًا. (¬4) قال شيخنا: والأمر واحد بعدما ذكرت لفظة مسلم. (¬5) هذا ذهول من الشارح والحديث رواه مسلم.

88 - باب تشبيك الأصابع في المسجد وغيره

88 - باب تشبيك الأصابع في المسجد وغيره (¬1) 478، 479 - عن ابن عمر- «شبك النبي - صلى الله عليه وسلم - أصابعه». 482 - عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال: «صلي بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إحدى صلاتي العشي (¬2) - قال ابن سيرين: سماها أبو هريرة، ولكن نسيت أنا، قال- فصلي بنا ركعتين ثم سلم، فقام إلى خشبة معروضة في المسجد فاتكأ عليها كأنه غضبان ووضع يده اليمني على اليسرى، وشبك بين أصابعه، ووضع خده الأيمن على ظهر كفه اليسرى، وخرجت السرعان من أبواب المسجد فقالوا: قصرت الصلاة. وفي القوم أبو بكر وعمر فهابا أن يكلماه، وفي القوم رجل في يديه طول يقال له ذو اليدين قال: يا رسول الله أنسيت ¬

(¬1) فيه جواز التشبيك في المسجد إلا إذا كان ينتظر الصلاة أو في الصلاة، فعند قصد الصلاة لا يشبك، وذكر الشيخ «إذا خرج أحدكم إلى المسجد فلا يشبكن». * فرقعة الأصابع في الصلاة نوع من العبث، وخارج (كأنه لا بأس به). (¬2) صلاة الظهر أو صلاة العصر. * الشاهد فيه وشبك بين أصابعه ظن أنه أتم الصلاة، فالتشبيك بعد الصلاة لا كراهة فيه. * وسألت الشيخ عن المأموم يسهو خلف وهو مسبوق؟ قال: يسجد للسهو. * سهوه مع إمامه يتابع إمامه، وفي سلامه مع إمامه، وفي سهوه لمفرده، فيسجد لهذه الثلاث، قال الشيخ: قاله العلماء. * السجود لترك السنة؟ ليس بواجب، إن سجد لا بأس وإن ترك ما عليه شيء.

89 - باب المساجد التي على طرق المدينة والمواضع التي صلى فيها النبي - صلى الله عليه وسلم -.

أم قصرت الصلاة؟ قال: لم أنس ولم تقتصر. فقال: أكما يقول ذو اليدين؟ فقالوا: نعم. فتقدم فصلى ما ترك ثم سلم. ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول. ثم رفع رأسه وكبر، ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه وكبر، فربما سألوه: ثم سلم؟ فيقول: نبئت أن عمران بن حصين قال: ثم سلم. قال الحافظ: ... وزاد هو «قد مرجت عهودهم وأماناتهم واختلفوا فصاروا هكذا وشبك بين أصابعه» الحديث (¬1). 89 - باب المساجد التي على طرق المدينة والمواضع التي صلى فيها النبي - صلى الله عليه وسلم -. 483 - حدثنا موسى بن عقبة قال: رأيت سالم بن عبد الله يتحرى أماكن من الطريق فيصل فيها، ويحدث أن أباه كان يصلي فيها، وأنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي في تلك الأمكنة وحدثني نافع عن ابن عمر أنه كان يصلي في تلك الأمكنة وسألت سالمًا فلا أعلمه إلا وافق نافعًا في الأمكنة كلها، إلا أنهما اختلفا في مسجد بشرف الروحاء (¬2). ¬

(¬1) وذكره الشيخ وشبك بين أصابعه وصاروا هكذا امتزج مسلمهم بكافرهم وفاجرهم بطيبهم فالمخالطة فيها. (¬2) وهذا الذي فعله ابن عمر اجتهاد منه، والنبي - صلى الله عليه وسلم - صادفها في الطريق ولم يقصدها ولهذا كان عمر ينهي عن هذا، وعمر قطع الشجرة التي يقصدها الناس، فالسنة ألا يقصد المحال تلك بل يصلي حسب ما تيسر له بخلاف ما قصده وصلى فيه فيقصد، كصلاته عند عتبان. * ابن عمر ظاهر عمله استحباب هذا التتبع.

90 - باب سترة الإمام سترة من خلفه

90 - باب سترة الإمام سترة من خلفه (¬1) 493 - عن عبد الله بن عباس أنه قال: «أقبلت راكبًا على حمار أتان وأنا يومئذٍ قد ناهزت الاحتلام ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالناس بمنى إلى غير جدار (¬2)، فمررت بين يدي بعض الصف فنزلت وأرسلت الأتان ترتع ودخلت في الصف، فلم ينكر ذلك علي أحد». 494 - عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خرج يوم العيد أمر بالحربة فتوضع بين يديه فيصلي إليها والناس وراءه، وكان يفعل ذلك في السفر، فمن ثم اتخذها الأمراء. 495 - عن أبي جحيفة قال: سمعت أبي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بهم بالبطحاء ... - وبين يديه عنزة- الظهر ركعتين والعصر ركعتين تمر بين يديه المرأة والحمار» (¬3). 91 - باب قدركم ينبغي أن يكون بين المصلي والسترة؟ 496 - عن عبد العزيز بن حازم عن أبيه عن سهل قال: «كان بين مصلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين الجدار ممر الشاه» (¬4). ¬

(¬1) لأن النبي لم يأمر الناس باتخاذ سترة خلف إمامهم. (¬2) ظاهرة إلى غير سترة وهو دال على أن السترة مستحبة، وفيه أن مرور الحمار والكلب بين الصفوف لا يؤثر، وفيه شرعية الصلاة إلى العنزة. (¬3) (*) هذه الأحاديث الثلاثة تدل على أن سترته كافية (الإمام) وإنها سترة لمن خلفه، ولم ينكر النبي على ابن عباس حينما رتعت الأتان وهو يراهم من وراء ظهره، وهكذا نصب العنزة يكفي. فسترة الإمام تكفي لمن خلفه، والسنة أن يصلي الإمام والمنفرد إلى سترة. (¬4) يعني طرف المصلي مكان السجود بين رأسه وبين السترة وحتى لا يصطدم بالسترة.

92 - باب الصلاة إلى الحربة

92 - باب الصلاة إلى الحربة 498 - عن نافع عن عبد الله أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يرتكز له الحربة (¬1)، فيصلي إليها. قال الحافظ: .... واعترض عليه في هذه الترجمة بأن فيها تكرارًا فإن العنزة (¬2) هي الحرية. 94 - باب السترة بمكة وغيرها (¬3) 501 - عن أبي جحيفة قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالهاجرة فصلى بالبطحاء الظهر والعصر ركعتين ونصب بين يديه عنزة وتوضأ فجعل الناس يتمسحون بوضوئه. ¬

(¬1) الحربة هي العنزة. (¬2) وسألت الشيخ عن المغايرة بين الترجمتين؟ فقال: على حسب ألفاظ الحديث. (¬3) مكة كغيرها يشرع لها السترة، وفي الحرام فيه خلاف وقال الشيخ: لا يحتاج إلى سترة لكثرة الزحام، وكان ابن الزبير يصلي إلى غير سترة والناس يمرون بين يديه قيل للشيخ: ولو مرت امرأة؟ قال: لو مرت، فأتباع السلف أولى، لو تيسر الصلاة إلى سارية صلى.

96 - باب الصلاة بين السواري في غير جماعة

96 - باب الصلاة بين السواري في غير جماعة 504 - عن ابن عمر قال: «دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - البيت وأسامة بن زيد وعثمان بن طلحة وبلال فأطال، ثم خرج، كنت أول الناس دخل على أثره، فسألت بلالًا، أين صلى؟ قال: بين العمودين المتقدمين» (¬1). 97 - باب، 506 - عن نافع أن عبد الله كان إذا دخل الكعبة مشى قبل وجهه حين يدخل، وجعل الباب قبل ظهره، فمشى حتى يكون بينه وبين الجدار الذي قبل وجهه تقريبًا من ثلاثة أذرع صلى يتوخى المكان الذي أخبره به بلال أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى فيه. قال: وليس أحدنا بأس إن صلى في أي نواحي البيت شاء (¬2). ¬

(¬1) لا حرج في الصلاة بين السواري لأن السترة موجودة وهي جدار الكعبة، وإنما يكره بين السواري إذا ترك السترة، إذا زحم الناس صلوا بين السواري. (¬2) كل البيت محل الصلاة، السنة لمن دخل الكعبة يصلي ركعتين ويذكر اله ويكبر، وقريش قصرت بهم النفقة الطيبة.

98 - باب الصلاة إلى الراحلة والبعير والشجر والرحل

98 - باب الصلاة إلى الراحلة والبعير والشجر والرحل 507 - عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يعرض راحلته فيصلي إليها. قلت: أفرأيت إذا هبت الركاب؟ قال: كان يأخذ هذا الرحل فيعدله فيصلي إلى أخرته- أو قال مؤخره- وكان ابن عمر - رضي الله عنه - يفعله (¬1). 99 - باب الصلاة إلى السرير 508 - عن عائشة قال: أعتدلتمونا بالكلب والحمار؟ لقد رأيتني مضطجعة علي السرير فيجئ النبي - صلى الله عليه وسلم - فيتوسط السرير فيصلي، فأكره أن أسنحه، فأنسل من قبل رجلي السرير حتى أنسل من لحافي (¬2). 100 - باب يرد المصلي من مرتين بيديه ورد ابن عمر في التشهد، وفي الكعبة، وقال: إن أبى إلا أن تقاتله فقاتله. 509 - عن أبي صالح أن أبا سعيد قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: وحدثنا آدم بن أبي إياس قال حدثنا سليمان (¬3) بن المغيرة قال حدثنا حميد بن هلال العدوي قال حدثنا أبو صالح السمان قال: رأيت أبا سعيد الخدري في يوم (¬4) جمعة ¬

(¬1) كله يحقق العناية بالسترة في الحضر والسفر. (¬2) مرور المرأة يقطع وأما الثبوت لا، وخفي على عائشة حديث القطع فعملت باجتهادها. (¬3) ثقة ثقة، قاله ابن معين. (¬4) في مسجد المدينة.

يصلي إلى شيء يستره من الناس، فأراد شاب من بني أبي معيط أن يجتاز بين يديه فدفع أبو سعيد في صدره، فنظر الشاب فلم يجد مساغًا إلا بين يديه، فعاد ليجتاز فدفعه أبو سعيد أشد من الأولى، فنال من أبي سعيد. ثم دخل على مروان فشكا إليه ما لقي من أبي سعيد، ودخل أبو سعيد خلفه على مروان. فقال: مالك ولابن أخيك يا أبا سعيد؟ قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان» (¬1). قال الحافظ: ... «رأيت ابن عمر يصلي في الكعبة فلا يدع أحدًا يمر بين يديه يبادره» (¬2). ¬

(¬1) وفي رواية «فإن له قرين» يعني يدفعه إلى المخالفة. (¬2) ابن عمر كان يشدد وكان حريصًا على فعل السنة والأقرب والله أعلم أن هذا مظنة زحام، فالأقرب عدم التشديد ومراعاة التيسير واللين مقدم مع تعسر المرور فلا ينبغي التشديد.

101 - باب إثم المار بين يدي المصلى

101 - باب إثم المار بين يدي المصلى 510 - عن بسر بن سعيد أن زيد بن خالد أرسله إلى أبي جهيم يسأله ماذا سمع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المار بين يدي المصلى، فقال أبو جهيم: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرًا له من أن يمر بين يديه». قال أبو النضر: لا أدري أقال أربعين يومًا أو شهر أو سنة (¬1). قال الحافظ: ... زاد الكشميهني «من الإثم» (¬2). قال الحافظ: ... وأطلق، فعيب ذلك عليه وعلى صاحب العمدة في إيهامه أنها في الصحيحين (¬3). ¬

(¬1) وقع في رواية أربعين خريفًا. (¬2) قال الشيخ: ليست صحيحة. (¬3) ووقع للحفاظ نفسه في البلوغ، وقال الشيخ: «من الإثم» من المعنى لكنها ليست من الرواية

102 - باب استقبال الرجل صاحبه أو غيره في صلاته وهو يصلي

102 - باب استقبال الرجل صاحبه أو غيره في صلاته وهو يصلي وكره عثمان أن يستقبل الرجل وهو يصلي، وإنما هذا إذا اشتغل به فأما إذا لم يشتغل فقد قال زيد بن ثابت: ما باليت، إن الرجل لا يقطع صلاة الرجل. قال الحافظ: ... أو يفرق بين ما إذا ألهاه أو لا؟ وإلى هذا التفصيل (¬1) جنح المصنف ... 103 - باب الصلاة خلف النائم (¬2) 512 - عن عائشة قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي وأنا راقدة معترضة على فراشة، فإذا أراد أن يوتر أيقظني فأوترت». 104 - باب التطوع خلف المرأة 513 - عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها قالت: «كنت أنام بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجلاي في قبلته، فإذا سجد غمزني فقبضت رجلي، فإذا قام بسطتها. قالت: والبيوت يومئذٍ ليس فيها مصابيح» (¬3). ¬

(¬1) وذكر الشيخ هذا وقال: إذا لم يشغله لا بأس. (¬2) في هذا فائدة أنه يستحب للمسلم العناية بأهله وإن كان نافلة {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ... }. (¬3) فيه فوائد: 1 - جواز الصلاة إلى النائم. 2 - جواز اضطجاع المرأة أمام زوجها ولو كان عالمًا أو ملكًا. 3 - فيه أن لمس المرأة لا ينقض الوضوء هذا هو الصواب ولو كان لشهوة، وفيه ثلاثة أقوال، وقبل النبي عائشة وصلى ولم يتوضأ، رواه أحمد عن عائشة بسند جيد، فهو حجة على عدم النقض ولو بشهوة.

105 - باب من قال: لا يقطع الصلاة شيء

105 - باب من قال: لا يقطع الصلاة شيء 514 - قال الأعمش وحدثني مسلم عن مسروق عن عائشة: ذكر عندها ما يقطع الصلاة- الكلب والحمار والمرأة- فقالت: شبهتمونا بالحمر والكلاب، والله لقد رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي وإني على السرير بينه وبين القبلة مضطجعة، فتبدو لي الحاجة فأكره أن أجلس فأوذي (¬1) النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأنسل من عند رجليه. 515 - عن ابن شهاب أنه سأل عمه عن الصلاة يقطعها شيء؟ فقال: لا يقطعها شيء. أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: «لقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوم فيصلي من الليل وإني لمعترضة بينه وبين القبلة على فراش أهله» (¬2). ¬

(¬1) أوذي أي أشوش، وهذا باجتهادها وخفيت عليها السنة بقطع المرأة الصلاة وكذا الكلب الأسود والحمار. * حديث «لا يقطع الصلاة شيء» ضعيف. * والمرأة الحائض بهذا القيد رواه النسائي بإسناد صحيح. (¬2) احتجت بهذا على عدم القطع، وليس بشيء فالمرور هو الذي يقطع أما كونها أمامها لا يقطع.

106 - باب إذا حمل جارية صغيرة على عنقه في الصلاة

106 - باب إذا حمل جارية صغيرة على عنقه في الصلاة 516 - عن أبي قتادة الأنصاري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي وهو حامل أمامه بنت زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولأبي العاص بن ربيعة بن عبد شمس، فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها» (¬1). 107 - باب إذا صلى إلى فراش فيه حائض 517 - عن عبد الله بن شداد بن الهاد قال: أخبرتني خالتي ميمونة بنت الحارث قالت: «كان فراشي حيال مصلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فربما وقع ثوبه علي وأنا على فراشي» (¬2). 108 - باب هل يغمز الرجل امرأته عند السجود لكي يسجد؟ 519 عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «بئسما عدلتمونا بالكلب والحمار، ¬

(¬1) فيه فوائد: 1 - تواضعه - صلى الله عليه وسلم -. 2 - سماحة هذه الشريعة. 3 - أنه مثل هذا لا يضر الصلاة كحمل متاعه معه خوف السرقة. 4 - أن الحركة المتفرقة لا تضر الصلاة ولأجل البيان بها، والمتوالي الكثير يبطل الصلاة. (¬2) يدل على جواز الصلاة قرب المرأة الحائض ولو وقع ثوبه أو عباءته عليها لا يضر.

109 - باب المرأة تطرح عن المصلى شيئا من الأذى

لقد رأيتني ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي وأنا مضطجعة وبين القبلة، فإذا أراد أن يسجد غمز رجلي فقبضتها» (¬1). 109 - باب المرأة تطرح عن المصلى شيئًا من الأذى 520 - عن عمرو بن ميمون عن عبد الله قال: بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائم يصلي عند الكعبة وجمع قريش في مجالسهم، إذ قال قائل منهم إلا تنتظرون إلى هذا المرائي؟ أيكم يقوم إلى جذور آل فلان فيعمد إلى فرثها ودمها وسلاها فيجئ به. ثم يمهله حتى إذا سجد وضعه بين كتفيه؟ فانبعث أشقاهم، فلما سجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وضعه بين كتفيه، وثبت النبي - صلى الله عليه وسلم - ساجدًا. فضحكوا حتى مال بعضهم إلى بعض من الضحك. فانطلق منطلق إلى فاطمة - عليها السلام - وهي جويرية- فأقبلت تسعى، وثبت النبي - صلى الله عليه وسلم - ساجدًا حتى ألقته عنه، وأقبلت عليهم تسبهم، فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصلاة قال: «اللهم عليك بقريش، اللهم عليك بقريش، اللهم عليك بقريش»، ثم سمي: «اللهم عليك بعمرو بن هشام (¬2) وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة ¬

(¬1) تقدم لكن المؤلف يبين ويشرح وستنبط. (¬2) هذا يدل على خبثهم وأنهم آذوه. * وفيه فوائد: 1 - أن النجاسة التي لا يعلمها الإنسان لا تضر الصلاة، وهذا كان قبل استقرار أحكام الشريعة ثم لما استقرت أمرت بطهارة الثياب، وحديث جبريل في خلع الحذاء، وبعد استقرار الشريعة ولم يعلم بها إلا بعد الصلاة، فصلاته صحيحة ولو شك. * ذبائح المشركين ميتة فهي نجس.

والوليد بن عتبة وأمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط وعمارة بن الوليد» قال عبد الله: فو الله لقد رأيتهم صرى يوم بدر، ثم سحبوا إلى القليب قليب بدر. ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «وأتبع أصحاب القليب لعنة». مسألة: من علم بالنجاسة ثم نسي ثم صلى؟ صلاته صحيحة كالجاهل. كان الفراغ من الجزء الأول يوم الأحد 19/ 5/1410 هـ-وكان البدء به يوم الخميس 13/ 5/1409 هـ فاستغرقنا بقراءته سنة وستة أيام والله المستعان

9 - كتاب مواقيت الصلاة

9 - كتاب مواقيت الصلاة 1 - باب مواقيت الصلاة وفضلها 521 - حدثنا عبد الله بن مسلمة قال: قرأت على مالك عن ابن شهاب أن عمر بن عبد العزيز أخر الصلاة يومًا، فدخل عليه عروة بن الزبير فأخبره أن المغيرة بن شعبة أخر الصلاة يومًا وهو بالعراق، فدخل عليه أبو مسعود الأنصاري فقال: ما هذا يا مغيرة؟ أليس قد علمت أن جبريل نزل فصلى، فصلى رسول - صلى الله عليه وسلم -، ثم صلى فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم صلى فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم صلى فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم صلى فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم قال بهذا أمرت. فقال عمر لعروة: اعلم ما تحدث، أو إن جبريل هو أقام لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقت الصلاة؟ قال عروة: كذلك كان بشير بن أبي مسعود يحدث عن أبيه (¬1). 522 - قال عروة: ولقد حدثتني عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي العصر والشمس في حجرتها قبل أن تظهر (¬2). ¬

(¬1) فيه الدلالة على أنه: 1 - ينبغي على أئمة المساجد والأمراء الحرص على أوقات الصلوات والتبكير بها. 2 - كان بنو أمية يؤخرون الصلاة. 3 - عمر بن عبد العزيز أحد أمراء بني أمية وكان أميرًا على المدينة، وربما كان قد أخر الصلاة ثم علم الحق فاتبعه. 4 - فيه من الفوائد أن العلماء ينبهون الأمراء. (¬2) المعنى: أن الشمس مرتفعة، ففيه التبكير بالصلاة.

2 - باب {منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين}

2 - باب {مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} 523 - عن ابن عباس قال: «قدم وفد عبد القيس (¬1) على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: إنا من هذا الحي من ربيعة، ولسنا نصل (¬2) إليك إلا في الشهر (¬3) الحرام، فمرنا بشيء نأخذه عنك وندعو إليه من وراءنا. فقال: آمركم بأربع، وأنهاكم عن أربع: الإيمان -بالله ثم فسرها لهم -شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، وأقام الصلاة، وإيتاء الزكاة (¬4)، وأن تؤدوا إلي خمس (¬5) ما غنمتم. وأنهى عن الدباء (¬6)، والحنتم، والمقير (¬7)، والنقير (¬8) «(¬9). 3 - باب البيعة على إقام الصلاة 524 - حدثنا قيس عن جرير بن عبد الله قال: بايعت (¬10) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم. ¬

(¬1) من الشرقية وقد أكرمهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وحياهم. (¬2) للقتال في البراري وغيرها. (¬3) رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم. (¬4) والحج لم يفرض إذ ذاك. (¬5) لولي الأمر في المصالح. (¬6) يعني النبيذ فيها وحتى لا يصير مسكرًا فقد يشتد فيكون وسيلة لشرب الخمر، ثم رخص لهم في الانتباذ ونهى عن شرب المسكر. (¬7) من القار. (¬8) من جذوع النخل. (¬9) فيه أن الوفود ينبغي لها السؤال عن الخير والعلم. (¬10) المعاهدة فللإمام مبايعة الرعية على أمور الطاعة، وهذا تكرار البيعة لا بأس به. * البيعة باليد وبالكلام. * هذا حديث عظيم.

4 - باب الصلاة كفارة

4 - باب الصلاة كفارة 525 - حدثنا يحيى عن الأعمش قال حدثني شقيق قال: سمعت حذيفة قال: «كنا جلوسًا عند عمر - رضي الله عنه - فقال: أيكم يحفظ قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الفتنة؟ قلت أنا، كما قاله. قال إنك عليه- أو عليها- لجريء. قلت: فتنة (¬1) الرجل في أهله وماله (¬2) وولده وجاره تكفرها الصلاة والصوم والصدقة والأمر والنهي. قال: ليس هذا أريد، ولكن الفتنة التي تموج كما يموج البحر (¬3). قال: ليس عليك منها بأس يا أمير المؤمنين، إن بينك وبينها بابا مغلقا. قال أيكسر أم يفتح؟ قال: يكسر. قال: إذا لا يغلق أبدًا. قلنا: أكان عمر يعلم الباب؟ قال: نعم. كما أن دون الغد الليلة. إني حدثته بحديث ليس بالأغاليط. فهبنا أن نسأل حذيفة، فأمرنا مسروقًا فسأله، فقال: الباب عمر» (¬4). 526 - عن أبي عثمان النهدي عن ابن مسعود أن رجلا أصاب من امرأة قبلة، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره، فأنزل الله: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} فقال الرجل: يا رسول الله، ألي هذا؟ قال: «لجميع أمتي كلهم» (¬5). ¬

(¬1) زلله عليهم وسوؤه معهم كسبةٍ ونحوها فهذا تكفره الصلاة. (¬2) تصريفه في المعاصي. (¬3) الفتنة العظيمة. (¬4) يعني إذا قتل عمر جاءت الفتن، وأول ذلك الاختلاف على عثمان وقتله. (¬5) هذا يدل على أن الإنسان إذا أصاب خطيئة صغيرة وجاء تائبًا لا يعزر.

6 - باب الصلوات الخمس كفارة

6 - باب الصلوات الخمس كفارة 528 - عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «أرأيتم لو أن نهرًا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمسًا ما تقول ذلك يبقي من درنه؟ » قالوا: لا يبقي من درنه شيئًا. قال: «فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بها الخطايا» (¬1). 7 - باب تضييع الصلاة عن وقتها 529 - عن غيلان عن أنس (¬2) قال: ما أعرف شيئًا مما كان على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -. قيل: الصلاة. قال: أليس صنعتم ما صنعتم فيها؟ قال الحافظ: ... قوله: (صنعتم) بالمهملتين والنون للأكثر، وللكشميهني بالمعجمة وتشديد الياء (¬3). 8 - باب المصلي يناجي ربه - عز وجل - 531 - حدثنا هشام عن قتادة عن أنس قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن أحدكم إذا صلى يناجي ربه، فلا يتفلن عن يمينه، ولكن تحت قدمه اليسرى» (¬4). ¬

(¬1) هذا من فضل الله ورحمته إذا اجتنبت الكبائر لحديث: «ما لم تغش الكبائر ... ». (¬2) يتبين تغير الأحوال في آخر القرن الأول ووفاة أنس سنة 92/ 93 هـ. (¬3) كذا في العيني. خبر أنس فيه تعزية وتحذير. (¬4) إذا كان في صحراء وأما في المسجد فلا، بل في ثوبه ونحوه. * هذا مقام عظيم فلا يبصق أمامه ولا عن يمينه بل في منديله في ردائه أو عن يساره.

وقال سعيد عن قتادة: لا يتفل قدامه أو بين يديه، ولكن عن يساره أو تحت قدميه. وقال شعبة: لا يبزق بين يديه ولا عن يمينه، ولكن عن يساره أو تحت قدمه. وقال حميد عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يبزق في القبلة ولا عن يمينه، ولكن عن يساره أو تحت قدمه». 535 - عن أبي ذر قال: «أذن مؤذن النبي - صلى الله عليه وسلم - الظهر فقال: أبرد أبرد - أو قال: انتظر انتظر - وقال: شدة الحر من فيح جهنم، فإذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة. حتى رأينا فيء التلول» (¬1). ¬

(¬1) يعني في السفر والإبراد مشروع في الحضر والسفر. * وفي هذه الأزمنة بوجود المكيفات؟ قال الشيخ: العلة موجودة ثم قال: الأمر واسع.

10 - باب الإبراد بالظهر في السفر

10 - باب الإبراد بالظهر في السفر 539 - عن أبي ذر الغفاري قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فأراد المؤذن أن يؤذن للظهر، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أبرد». ثم أراد أن يؤذن فقال له: أبرد» (¬1). حتى رأينا فيء التلول، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن شدة الحر من فيح جهنم، فإذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة» وقال ابن عباس: يتفيأ يتميل. ¬

(¬1) إذا شرع الإبراد لشدة الحر شرع تأخير الأذان معه، وكذا لو كانوا وحدهم. قلت: أحسن ما وقفت عليه في حد الإبراد ما رواه أبو داود (400) من طريق أبي مالك الأشجعي عن كثير بن مدرك عن الأسود بن يزيد عن ابن مسعود قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يؤخر في الصيف من ثلاثة إلى خمسة أقدام وفي الشتاء من خمسة إلى سبعة وإسناده صحيح، وهذا في المدينة النبوية حرسها الله يقتضي صلاة الظهر في الحر في الربع الثالث من الوقت إلى أول الرابع وهذا يلتقي تمامًا مع قول النووي في المجموع (3/ 29) إن قامة الإنسان ستة أقدام ونصف بقدم نفسه ا. هـ. ووقت الظهر بقدر قامة الإنسان بعد فيء الزوال.

11 - باب وقت الظهر عند الزوال

11 - باب وقت الظهر عند الزوال وقال جابر: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالهاجرة 540 - عن أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج حين زاغت الشمس فصلى الظهر (¬1). فقام على المنبر فذكر الساعة. فذكر أن فيها أمورًا عظامًا، ثم قال: «من أحب أن يسأل عن شيء فليسأل، فلا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم ما دمت في مقامي هذا». فأكثر الناس في البكاء، وأكثر أن يقول «سلوني». فقام عبد الله بن حذافة السهمي فقال: من أبي؟ قال: «أبوك حذافة» ثم أكثر أن يقول «سلوني». فبرك عمر على ركبتيه فقال: رضينا بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد نبيًا. فسكت. ثم قال: «عرضت علي الجنة والنار آنفًا في عرض هذا الحائط، فلم أر كالخير والشر». 541 - عن أبي برزة «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي الصبح وأحدنا يعرف جليسه، ويقرأ فيها ما بين الستين إلى المائة. ويصلي الظهر إذا زالت الشمس، والعصر وأحدنا يذهب إلى أقصى المدينة رجع والشمس حية. ونسيت ما قال في المغرب. ولا يبالي بتأخير العشاء إلى ثلث الليل (¬2). - ثم قال - إلى شطر الليل». وقال معاذ قال شعبة: ثم لقيته مرة فقال: «أو ثلث الليل». 542 - عن أنس بن مالك قال: «كنا إذا صلينا خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالظهائر سجدنا على ثيابنا اتقاء الحر «(¬3). ¬

(¬1) فيه الصلاة في أول الوقت، وفيه الخطبة عند الحاجة في أي وقت. (¬2) وفي حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهم - إلى نصف الليل. (¬3) يؤخر تأخيرًا وقد يبقى الحر ولا حرج بالسجود على الثوب لاتقاء الحر. * والثوب بلا حاجة؟ الأولى مباشرة الأرض، بعدما سألته.

12 - باب تأخير الظهر إلى العصر

12 - باب تأخير الظهر إلى العصر 543 - عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بالمدينة سبعًا وثمانيًا الظهر والعصر والمغرب والعشاء، فقال أيوب: لعله في ليلة مطيرة؟ قال: عسى (¬1). قال الحافظ: ... والجمع الصوري أولى والله أعلم (¬2). 13 - باب وقت العصر 544 - عن عائشة قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي العصر والشمس لم تخرج من حجرتها» (¬3). 547 - عن سيار بن سلامة قال: دخلت أنا وأبي على أبي برزة الأسلمي، فقال له أبي: كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي المكتوبة؟ فقال: كان يصلي الهجير - التي تدعونها الأولى - حين تدحض الشمس. ويصلي العصر ¬

(¬1) هذا الحديث أشكل على بعض الناس ورواية مسلم: «من غير خوف ولا سفر ولا مطر» فقيل للمرض واحتجت به الشيعة على عدم التوقيت وهذا باطل فيفسر الحديث بشيء لا يخالف. (¬2) قرئ على الشيخ تعليقه فقال: لا شك أنه جيد، ولعلي كتبت هذا قبل اطلاعي على رواية النسائي. قلت: رواية النسائي (1/ 86) عن ابن عباس في ذكر الجمع قال: أخر الظهر وعجل العصر، وذكر مثله في العشائين، فيها إدراج، فتعليق الشيخ المثبت أصح. (¬3) يعني أن الشمس مرتفعة.

ثم يرجع أحدنا إلى رحله في أقصى المدينة والشمس حية. ونسيت ما قال في المغرب. وكان يستحب أن يؤخر من العشاء التي تدعونها العتمة (¬1)، وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها وكان ينفتل من صلاة الغداة حين يعرف الرجل جليسه، ويقرأ بالستين إلى المائة. 548 - عن أنس بن مالك قال: «كنا نصلي العصر، ثم يخرج الإنسان إلى بني عمرو بن عوف فيجدهم يصلون العصر» (¬2). 549 - أخبرنا أبو بكر بن عثمان بن سهل بن حنيف قال: سمعت أبا أمامة يقول: صلينا مع عمر بن عبد العزيز الظهر، ثم خرجنا حتى دخلنا على أنس بن مالك فوجدناه يصلي العصر، فقلت: يا عم ما هذه الصلاة التي صليت؟ قال: العصر، وهذه صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي كنا نصلي معه. ¬

(¬1) لم يكن لهم سراج في المسجد. (¬2) كان - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالناس مثل صلاة أهل النخيل وبني عمرو بن عوف في قباء وهذا يدل على أنهم ربما أخروا الصلاة لأنهم أهل حرث. * وذلك قبل تغير حالة عمر - رحمه الله -، وقبل أن يكون من أهل العلم والفضل. * هل يجمع العصر مع الجمعة؟ لا، الأحوط تركه ما حفظنا عن أحد من السلف فعله.

14 - باب إثم من فاتته العصر

14 - باب إثم من فاتته العصر 552 - عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الذي تفوته صلاة العصر كأنما وتر أهله وماله» (¬1). 15 - باب من ترك العصر 553 - عن أبي قلابة عن أبي المليح قال: كنا مع بريدة في غزوة في يوم ذي غيم، فقال: بكروا بصلاة العصر، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله» (¬2). 16 - باب فضل صلاة العصر 554 - حدثنا إسماعيل عن قيس عن جرير قال: كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فنظر إلى القمر ليلة - يعني البدر - فقال: «إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل ¬

(¬1) يعني: عمدًا أما بعذر فلا. * قال شيخنا: من أخر الظهر إلى العصر لا يكفر بذلك؛ لأجل الشبهة، ذكره ابن القيم في كتاب الصلاة. (¬2) يعني: احتاطوا فعندما يدخل الوقت بادروا بها، وهذا في الغيم، وهذا عند عدم وجود الساعات. وهذا مؤيد لكفر تارك الصلاة «بين الرجل .. » «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ... ». * من ينام عن الصلاة وهو ديدن له في الفجر؟ يكفر قاله بعضهم، وهو من كفر بترك الصلاة حيث لا شبهة له، والأكثر لا يكفر لكن أتى منكرًا.

17 - باب من أدرك ركعة من العصر قبل الغروب

طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا (¬1)؛ ثم قرأ {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} قال إسماعيل: افعلوا، لا تفوتنكم. 17 - باب من أدرك ركعة من العصر قبل الغروب 557 - عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه أنه أخبره أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنما بقاؤكم فيما سلف قبلكم من الأمم كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس، أوتي أهل التوراة التوراة، فعملوا حتى إذا انتصف النهار عجزوا، فأعطوا قيراطًا قيراطًا. ثم أوتي أهل الإنجيل الإنجيل، فعملوا إلى صلاة العصر ثم عجزوا، فأعطوا (¬2) قيراطًا قيراطًا. ثم أوتينا القرآن فعملنا إلى غروب الشمس، فأعطينا قيراطين قيراطين. فقال أهل الكتابين: أي ربنا أعطيت هؤلاء قيراطين قيراطين وأعطيتنا قيراطًا قيراطًا، ونحن كنا أكثر عملًا. قال: قال الله - عز وجل -: هل ظلمتكم من أجركم من شيء؟ قالوا: لا. قال: فهو فضلي أوتيه من أشاء». قال الحافظ: ... قوله (باب من أدرك (¬3) ركعة من العصر قبل الغروب) .. ¬

(¬1) المحافظة على صلاة الفجر والعصر لها مزية، ومعلوم أن من حافظ عليها حافظ على غيرها. * فيه فضل هذه الأمة، وأن الله زادها فهي أفضل الأمم، ورسولها أفضل الرسل. وفي هذا أنهم أقل عملًا وأكثر أجرًا. (¬2) يعني المؤمنين منهم وكذا النصارى المؤمنين منهم. (¬3) المراد إدراك الوقت وليس له تأخيرها، فتأثيمه يؤخذ من أدلة أخرى.

18 - باب وقت المغرب

قال الحافظ: ... فيقال في هذا ما أجيب به أهل الكتابين (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء) (¬1). قال الحافظ: ... وهو أن المدة التي بين الظهر والعصر أطول من المدة التي بين العصر والمغرب (¬2). 18 - باب وقت المغرب 560 - عن محمد (¬3) بن عمرو بن الحسن بن علي قال: قدم الحجاج فسألنا جابر بن عبد الله فقال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي الظهر بالهاجرة، والعصر والشمس نقية، والمغرب إذا وجبت (¬4)، والعشاء أحيانًا وأحيانًا: إذا رآهم اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطئوا أخر، والصبح - كانوا أو كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصليها بغلس». ¬

(¬1) الذين عجزوا مؤمنون فأعطوا بقدر عملهم. والذين قالوا لا حاجة لنا قوم كفروا بعد إيمانهم، فلا أجر لهم. (¬2) الحديث ضرب مثلًا للذين أدركوا محمدًا - صلى الله عليه وسلم - ولم يؤمنوا به فبطل عملهم، ولقولهم: لا حاجة لنا إلى أجرك. وأيضًا ضرب مثلًا على من مات من اليهود والنصارى على الحق لكن الله زاد أمة محمد. (¬3) ثقة. (¬4) فيه التبكير بها أكثر من غيرها، وكذا الحديث الأول.

19 - باب من كره أن يقال للمغرب العشاء

19 - باب من كره أن يقال للمغرب العشاء 563 - عن عبد الله بن بريدة عن عبد الله المزني أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم المغرب، قال الأعراب وتقول هي العشاء» (¬1). 20 - باب ذكر العشاء والعتمة، ومن رآه واسعًا قال أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أثقل الصلاة على المنافقين العشاء والفجر». وقال «لو يعلمون ما في العتمة والفجر» قال أبو عبد الله: والاختيار أن يقول العشاء لقوله تعالى: {وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ}. ويذكر عن أبي موسى قال: «كنا نتناوب النبي - صلى الله عليه وسلم - عند صلاة العشاء فأعتم بها». وقال ابن عباس وعائشة: «أعتم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالعشاء». وقال بعضهم عن عائشة: «أعتم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالعتمة». وقال جابر: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي العشاء». وقال أبو برزة: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يؤخر العشاء». وقال أنس: «أخر النبي - صلى الله عليه وسلم - العشاء الآخرة». وقال ابن عمر وأبو أيوب وابن عباس - رضي الله عنهم - «صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - المغرب والعشاء» (¬2). ¬

(¬1) المغرب لا ينبغي تسميتها العشاء للالتباس وتقليد الأعراب. (¬2) العشاء الأفضل تسميتها بهذا الاسم، وإن سميت العتمة جائز. * قلت: أسماء صلاة العشاء: العتمة، العشاء الآخرة، العشاء، الأول لا يستعمل حتى يغلب عليها.

22 - باب فضل العشاء

22 - باب فضل العشاء 567 - عن أبي بردة عن أبي موسى قال: «كنت (¬1) أنا وأصحابي الذين قدموا معي في السفينة نزولًا في بقيع بطحان - والنبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة - فكان يتناوب النبي - صلى الله عليه وسلم - عند صلاة العشاء كل ليلة نفر منهم، فوافقنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أنا وأصحابي، وله بعض الشغل في بعض أمره، فأعتم بالصلاة حتى إبهار الليل. ثم خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - فصلى بهم، فلما قضى صلاته قال لمن حضره: «على رسلكم أبشروا، إن من نعمة الله عليكم أنه ليس أحد من الناس يصلي هذه الساعة غيركم» أو قال: «ما صلى هذه الساعة أحد غيركم» لا يدري أي الكلمتين قال، قال أبو موسى: «فرجعنا ففرحنا بما سمعنا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -». 23 - باب ما يكره من النوم قبل العشاء 568 - عن أبي برزة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها» (¬2). ¬

(¬1) سألت الشيخ: هل يؤخذ منه الفرح بالانفراد بالعبادة؟ قال: نعم دون حسد. (¬2) لما في النوم قبلها من خطر ترك الصلاة أو تفويتها مع الجماعة، والحديث بعدها لما في ذلك من تفويت الصلاة صلاة الفجر أو تفويت ورده بالليل. * السمر للحاجة أو المصلحة لا حرج. * وحديث عائشة - رضي الله عنه - كان إذا صلى العشاء أوى إلى فراشه، وربما سهر للمصلحة - صلى الله عليه وسلم -.

24 - باب النوم قبل العشاء لمن غلب

24 - باب النوم قبل العشاء لمن غلب 569 - عن عائشة قالت: «أعتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعشاء حين ناداه عمر: الصلاة، نام النساء والصبيان. فخرج فقال: ما ينتظرها أحد من أهل الأرض غيركم. قال: ولا يصلي يومئذ إلا بالمدينة، وكانوا يصلون فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل الأول» (¬1). 570 - عن عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شغل ليلة فأخرها حتى رقدنا (¬2) في المسجد، ثم استيقظنا، ثم رقدنا، ثم استيقظنا، ثم خرج علينا النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: «ليس أحد من أهل الأرض ينتظر الصلاة غيركم». وكان ابن عمر لا يبالي أقدمها أم أخرها، إذا كان لا يخشى أن يغلبه النوم عن وقتها. وكان يرقد قبلها. 25 - باب وقت العشاء إلى نصف الليل 572 - عن أنس قال: أخر النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة العشاء (¬3) إلى نصف الليل، ثم صلى ثم قال: «قد صلى الناس وناموا، أما إنكم في صلاة ما انتظرتموها». ¬

(¬1) مراد المؤلف بهذا أن النوم العارض في انتظار العشاء لا يضر. فالذي يغلبه وليس باختياره لا حرج إنما الكراهة إذا حصل باختياره. (¬2) هذا بين أن تأخيرها أفضل إلا لمشقة. والرقاد هذا هو النعاس الذي يصيب الناس عند الانتظار. (¬3) يعني إلى قرب نصف الليل، جمعًا بين الأخبار. وثبت حديث عبد الله بن عمرو مرفوعًا: «ووقت العشاء إلى نصف الليل» [رواه مسلم].

26 - باب فضل صلاة الفجر

26 - باب فضل صلاة الفجر 573 - عن إسماعيل حدثنا قيس قال لي جرير بن عبد الله: كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ نظر إلى القمر ليلة البدر فقال: «أما إنكم سترون ربكم كما ترون هذا لا تضامون - أو لا تضامون (¬1) - في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا» ثم قال: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا}. 576 - عن سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك «أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وزيد بن ثابت تسحرا، فلما فرغا من سحورهما قام نبي الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الصلاة فصليا. قلنا لأنس: كم كان بين فراغهما من سحورهما ودخولهما في الصلاة؟ قال: قدر ما يقرأ الرجل خمسين آية» (¬2). ¬

(¬1) لا يحصل عليكم ضيم، بضم التاء وتخفيف الميم، وروي بفتح التاء، وتشديد الميم، وروي تضارون. * فيه إثبات رؤية الله - عز وجل - في الآخرة، وهذا قول أهل السنة الجماعة، وأنهم يرونه يوم القيامة، وفي الجنة، وهي الزيادة {وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ... } {الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ}. * أهل المحافظة على هاتين الصلاتين لهم مزية في الرؤية، مع العناية ببقية الفرائض. (¬2) قلت: همام عن قتادة عن أنس وسعيد عن قتادة عن أنس يذكرون ما بين السحور والدخول في الصلاة. وهشام عن قتادة عن أنس يذكر ما بين السحور والأذان كما في الصيام برقم (1921).

29 - باب من أدرك من الصلاة ركعة

578 - عن عائشة قالت: «كن نساء المؤمنات يشهدن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الفجر متلفعات بمروطهن، ثم ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة لا يعرفهن أحد من الغلس» (¬1). 29 - باب من أدرك من الصلاة ركعة 580 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة» (¬2). 30 - باب الصلاة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس 581 - عن ابن عباس قال: «شهد عندي رجال مرضيون، وأرضاهم عند عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تشرق الشمس وبعد العصر حتى تغرب» (¬3). ¬

(¬1) هذا يدل على أنه يغلس بصلاة الفجر - صلى الله عليه وسلم -. * وفي مزدلفة بكر على غير العادة، فدل على أنه في غير مزدلفة كان يؤخر بعض الشيء. (¬2) وهذا كله يبين أنه إذا أدرك ركعة من الوقت فقد أدرك الوقت، أما الإثم وعدمه يرجع إلى أمور أخرى، هل هو بعذر أو لا؟ وهكذا صلاة الجماعة والجمعة تدرك بركعة. * أكل لقمة أو لقمتين مع الأذان لا بأس لأنهم يتحرون .. أما في الصحراء لو رأى الصبح حرم عليه الأكل ولو لم يؤذن أحد. (¬3) وهذا أمر متواتر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، والسر في ذلك أن أمة من المشركين يعبدون الشمس فنهي عن ذلك لما فيه من التشبه وسدًا للذريعة. والوقت الضيق أشد عند الطلوع وعند الغروب، ويستثني من ذلك عند العلماء الفائتة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من نام عن الصلاة ... » وهكذا على الصحيح ما كان لها سبب لأنه يكون بعيد عن التشبه.

31 - باب لا يتحرى الصلاة قبل غروب الشمس

584 - عن أبي هريرة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيعتين، وعن لبستين، وعن صلاتين: نهى عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس، وبعد العصر حتى تغرب الشمس، وعن اشتمال الصماء، وعن الاحتباء في ثوب واحد يفضي بفرجه إلى السماء. وعن المنابذة، والملامسة» (¬1). 31 - باب لا يتحرى الصلاة قبل غروب الشمس 585 - عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يتحرى أحدكم فيصلي عند طلوع الشمس، ولا عند غروبها» (¬2). 32 - باب من لم يكره الصلاة إلا بعد العصر والفجر 589 - عن ابن عمر قال: أصلي كما رأيت أصحابي يصلون، لا أنهي أحدًا يصلي بليل ولا نهار ما شاء، غير أن لا تحروا طلوع الشمس ولا غروبها (¬3). ¬

(¬1) الملامسة: أي ثوب لمسته فهو عليك بكذا. والمنابذة: أي ثوب نبذته إليك فهو عليك بكذا. ففيه غرر، والمشتري يحتاج إلى تأمل وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن الغرر. (¬2) ليس له مفهوم، وحتى بعد العصر ممنوع، لكن مع التحري أشد. (¬3) ووقت الزوال صح، وليس على شرط البخاري، فهو منهي عنه.

33 - باب ما يصلى بعد العصر من الفوائت ونحوها

قال الحافظ: ... وبقي خامس وهو الصلاة وقت استواء الشمس وكأنه لم يصح عند المؤلف على شرطه فترجم على نفيه (¬1) .. 33 - باب ما يصلى بعد العصر من الفوائت ونحوها 590 - عن عائشة قالت: «والذي ذهب به ما تركهما حتى لقي الله، وما لقي الله تعالى حتى ثقل عن الصلاة، وكان يصلي كثيرًا من صلاته قاعدًا -تعني الركعتين (¬2) بعد العصر- وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصليهما، ولا يصليهما في المسجد مخافة أن يثقل على أمته، وكان يحب ما يخفف عنهم». 593 - عن عائشة قالت: «ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأتيني في يوم بعد العصر إلا صلى ركعتين» (¬3). قال الحافظ: ... وأما ما روي عن ذكوان عن أم سلمة في هذه القصة أنها قالت: «فقلت يا رسول الله أنقضيهما إذا فاتتا؟ فقال: لا» (¬4) فهي رواية ضعيفة لا تقوم بها حجة .... ¬

(¬1) وذكر شيخنا. (¬2) هاتان الركعتان بعد العصر أوضح العلماء أنهما من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - وكان سببهما أنه شغل عنهما فقضاهما ثم أثبتهما. * ظاهر صنيع البخاري أن الركعتين ليسا من خصائصه. (¬3) السنن الرواتب لا تقضى، عدا سنة الفجر. (¬4) ثابتة عن أم سلمة.

34 - باب التبكير بالصلاة في يوم غيم

34 - باب التبكير بالصلاة في يوم غيم 594 - عن أبي قلابة أن أبا المليح حدثه قال: كنا مع بريدة في يوم ذي غيم فقال: بكروا بالصلاة فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من ترك صلاة العصر حبط عمله» (¬1). 35 - باب الأذان بعد ذهاب الوقت 595 - عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قال: «سرنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة، فقال بعض القوم: لو عرست بنا يا رسول الله. قال: «أخاف أن تناموا عن الصلاة». قال بلال: أنا أوقظكم. فاضطجعوا، وأسند بلال ظهره إلى راحلته فغلبته عيناه فنام. فاستيقظ النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد طلع حاجب الشمس، فقال: «يا بلال أين ما قلت؟ » قال: ما ألقيت علي نومة مثلها قط. قال: «إن الله قبض أرواحكم حين شاء، وردها عليكم حين شاء. يا بلال قم فأذن الناس بالصلاة». فتوضأ. فلما ارتفعت الشمس وابيضت (¬2) قام فصلى». ¬

(¬1) فيه العناية بصلاة العصر، وهذا الحديث من حجج كفر تارك الصلاة {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ ... } الآية. * جواز الإسراء بالليل في الأسفار والغزو، وهذه القصة وقعت للنبي - صلى الله عليه وسلم - عدة مرات. (¬2) إخبار عن الواقع، وإلا ليس وقت نهي، من نام عن صلاة أو نسيها فليصليها ... وفيه الأخذ بالأسباب للاستيقاظ. - وسألت الشيخ عن من فاتنة الصلاة هو وأهل بيته هل يؤذن؟ - لا حتى لا يشوش وقد أذن للصلاة بل يقيم ويكفي.

38 - باب قضاء الصلوات الأولى فالأولى

38 - باب قضاء الصلوات الأولى فالأولى 598 - عن أبي سلمة عن جابر قال: «جعل عمر يوم الخندق يسب كفارهم وقال: ما كدت أصلي العصر حتى غربت. وقال: فنزلنا بطحان فصلى بعد ما غربت الشمس، ثم صلى المغرب» (¬1). 39 - باب ما يكره من السمر بعد العشاء 599 - حدثنا عوف قال: حدثنا أبو المنهال قال: «انطلقت مع أبي إلى أبي برزة الأسلمي، فقال له أبي: حدثنا كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي المكتوبة؟ قال: كان يصلي الهجير - وهي التي تدعونها الأولى -حين تدحض الشمس، ويصلي العصر ثم يرجع أحدنا إلى أهله في أقصى المدينة والشمس حية. ونسيت ما قال في المغرب. قال: وكان يستحب أن يؤخر العشاء. قال: وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها. وكان ينفتل من صلاة الغداة حين يعرف أحدنا جليسه، ويقرأ من الستين إلى المائة» (¬2). قال الحافظ: ... قوله (باب ما يكره (¬3) من السمر بعد العشاء) أي بعد صلاتها. ¬

(¬1) الترتيب واجب في الفائتات كما رتبها الله، وفي بعض الروايات أنه فاتتهم الظهر والعصر. (¬2) وقرأ مرة بالطور في حجة الوداع، وقرأ ب-ق، وقرأ ب-المؤمنون حتى ذكر موسى، فينبغي للأئمة مراعاة ذلك. * السمر مع الضيف أو الأهل أو لمصلحة على وجه لا يضر لا بأس. (¬3) كراهة تنزيه. * السمر في العلم والفقه والدعوة إلى الله على وجه لا يضيع الصلاة ولا ورده من الليل لا حرج.

40 - باب السمر في الفقه والخير بعد العشاء

40 - باب السمر في الفقه والخير بعد العشاء 600 - حدثنا قرة بن خالد قال: انظرنا الحسن، وراث علينا حتى قربنا من وقت قيامه، فجاء فقال: دعانا جيراننا هؤلاء. ثم قال: قال أنس نظرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة حتى كان شطر الليل يبلغه، فجاء فصلى لنا، ثم خطبنا (¬1) فقال: «ألا إن الناس قد صلوا ثم رقدوا، وإنكم لم تزالوا في صلاة ما انتظرتم الصلاة» قال الحسن: وإن القوم لا يزالون بخير ما انتظروا الخير. قال قرة: هو من حديث أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. 601 - عن عبد الله بن عمر قال: «صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة العشاء في آخر حياته، فلما سلم قام النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أرأيتكم ليلتكم هذه، فإن رأس مائة لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد. فوهل الناس في مقالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى ما يتحدثون من هذه الأحاديث عن مائة سنة. وإنما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض» يريد بذلك أنها تخرم ذلك القرن (¬2). 41 - باب السمر مع الضيف والأهل 602 - عن عبد الرحمن بن أبي بكر «أن أصحاب الصفة كانوا أناسًا فقراء، ¬

(¬1) هذا هو الشاهد. (¬2) وهذا وحي من الله، فليس المراد قيام الساعة كما ظن بعض الناس، بل ذهاب أهل ذلك الزمن.

وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث، وإن أربع فخامس أو سادس. وأن أبا بكر جاء بثلاثة فانطلق النبي - صلى الله عليه وسلم - بعشرة. قال: فهو أنا وأبي وأمي - فلا أدري قال: وامرأتي - وخادم بيننا وبين بيت أبي بكر. وإن أبا بكر تعشى عند النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم لبث حيث صليت العشاء، ثم رجع فلبث حتى تعشى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فجاء بعدما مضى من الليل ما شاء الله. قالت له امرأته: وما حبسك عن أضيافك - أو قالت ضيفك - قال: أو ما عشيتيهم؟ قالت: أبوا حتى تجيء، قد عرضوا فأبوا. قال: فذهبت أنا فاختبأت. فقال: يا غنثر - فجدع وسب - وقال: كلوا لا هنيئًا. فقال: والله لا أطعمه أبدًا. وأيم الله. ما كنا نأخذ من لقمة إلا ربا من أسفلها أكثر منها. قال: يعني حتى شبعوا، وصارت أكثر مما كانت قبل ذلك. فنظر إليها أبو بكر فإذا هي كما هي أو أكثر منها. فقال لامرأته: يا أخت بني فراس ما هذا؟ قالت: لا وقرة عيني (¬1)، لهي الآن أكثر منها قبل ذلك بثلاث مرات. فأكل منها أبو بكر وقال: إنما كان ذلك من الشيطان - يعني يمينه - ثم أكل منها لقمة، ثم حملها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأصبحت عنده. وكان بيننا وبين قوم عقد، فمضى الأجل ففرقنا اثنا عشر رجلًا مع كل رجل منهم أناس الله أعلم كم مع كل رجل، فأكلوا منها أجمعون. أو كما قال. ¬

(¬1) لعله كان قبل النهي عن الحلف بغير الله، ثم نسخ. * فيه فوائد: 1 - جواز السمر لمصلحة عامة كضيفه كما هنا. 2 - غضب أهل الفضل وأنهم قد يتكلمون على أولادهم وأهليهم.

10 - كتاب الأذان

10 - كتاب الأذان 1 - باب بدء الأذان 603 - عن أنس قال: «ذكروا النار والناقوس، فذكروا اليهود والنصارى، فأمر بلال أن يشفع الأذان وأن يوتر الإقامة» (¬1). 604 - أخبرني نافع أن ابن عمر كان يقول: كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون الصلاة ليس ينادى لها. فتكلموا يومًا في ذلك، قال بعضهم: اتخذوا ناقوسًا مثل ناقوس النصارى، وقال بعضهم: بل بوقًا مثل قرن اليهود. فقال عمر: أولا تبعثون رجلًا ينادي بالصلاة؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا بلال، قم فناد بالصلاة» (¬2). 3 - باب الإقامة واحدة إلا قوله «قد قامت الصلاة» 607 - عن أنس قال: أمر بلال أن يشفع الأذان وأن يوتر الإقامة» (¬3) قال إسماعيل: فذكرت لأيوب فقال: إلا الإقامة. ¬

(¬1) سألت الشيخ عن الجمع بين التكبير أو الإفراد في الأذان؟ فقال: الأمر واسع. (¬2) وهذا هو أصل الأذان وكانوا يتحيون إذا حضر الوقت حضروا، فبحثوا عن وسيلة لجمع الناس، ورأى عبد الله بن زيد رؤيا، وكذا عمر وهو في الصحيح، فقال النبي: إنها رؤيا حق، فألقيت على بلال ثم استمر بها الشرع حتى يومنا هذا. والأذان فرض كفاية في السفر والحضر. (¬3) الإقامة مثناة أما باقي ألفاظ الإقامة فواحد، أما التكبير فاثنان.

4 - باب فضل التأذين

4 - باب فضل التأذين 608 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان وله صراط حتى لا يسمع التأذين، فإذا قضى النداء أقبل، حتى إذا ثوب بالصلاة أدبر، حتى إذا قضى التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه يقول: اذكر كذا، اذكر كذا - لما لم يكن يذكر - حتى يظل الرجل لا يدري كم صلى» (¬1). 5 - باب رفع الصوت بالنداء قال الحافظ: ... وقيل لا يستحب بناء على أن الأذان لاستدعاء الجماعة للصلاة (¬2). قال: ... ومنهم من حمله على ظاهره (¬3). قال الحافظ: ... نظير قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} (¬4). قال الحافظ: ... وكما أن الله يفضح بالشهادة قومًا فكذلك يكرم بالشهادة آخرين (¬5). ¬

(¬1) فيه: حرص الشيطان على الإفساد. وفيه: أن ذكر الله سبب لطرد الشياطين. حديث «إذا تغولت الغيلان فنادوا بالأذان» فعله السلف، ولا أعرف صحته. (¬2) والصواب عدم التفضيل، بل يستحب الأذان مطلقا ففيه إعلام، وقد يسمعه جن ومن لا يراه من الرعاة، فهو مشروع ولو كان الإنسان وحده. (¬3) وهذا هو الصواب والله يعلم شهادة الجميع. (¬4) على الحقيقة ولكن لا نعلمها. (¬5) هذا هو الأظهر لإظهار الفضل.

6 - باب ما يحقن بالأذان من الدماء

6 - باب ما يحقن بالأذان من الدماء 610 - عن أنس بن مالك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا غزا بنا قومًا لم يكن يغزو بنا حتى يصبح وينظر، فإن سمع أذانًا كف عنهم، وإن لم يسمع أذان أغار عليهم. قال فخرجنا إلى خيبر، فانتهينا إليهم ليلًا، فلما أصبح ولم يسمع أذانًا ركب وركبت خلف أبي طلحة، وإن قدمي (¬1) لتمس قدم النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال: فخرجوا إلينا بمكاتلهم ومساحيهم. فلما رأوا النبي - صلى الله عليه وسلم - قالوا: محمد والله، محمد والخميس. قال فلما رآهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الله أكبر، الله أكبر (¬2). خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم (¬3) فساء صباح المنذرين». 7 - باب ما يقول إذا سمع المنادي 611 - عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول (¬4) المؤذن». ¬

(¬1) بالإفراد وهي الموالية لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. * القول باستحباب الأذان قول باطل لا وجه له. (¬2) هلكت كما لم يستجيبوا ونزلت بهم الجيوش الإسلامية. (¬3) قوم لم يستجيبوا، وفيه عظم شأن الأذان، ولذا أصح أقوال العلماء أنه فرض لا بد منه، وأنه شعار المسلمين. * الأذان مشروع في السفر والحضر، في الجهاد وغيره، وفي الخوف وغيره. (¬4) يستثني منه الحيعلتين.

8 - باب الدعاء عند النداء

613 - قال يحيى وحدثني بعض إخواننا أنه قال: «لما قال حي على الصلاة قال: لا حول ولا قوة إلا بالله. وقال: هكذا سمعنا نبيكم - صلى الله عليه وسلم - يقول» (¬1). قال الحافظ: ... فلم لا يقال يستحب للسامع أن يجمع بين الحيعلة والحوقلة (¬2)؟ 8 - باب الدعاء عند النداء 614 - عن جابر بن عبد الله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدًا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة» (¬3). قال الحافظ: ... قوله (الذي وعدته) زاد في رواية البيهقي «إنك لا تخلف الميعاد» (¬4). ¬

(¬1) وذكر الشيخ رواية مسلم من حديث عمر، ومنه الإجابة وبعدها خالصًا من قلبه دخل الجنة، وهذا من أحاديث الفضائل. (¬2) أخذًا بالحديثين، والأظهر عدم الجمع. (¬3) وهذا دعاء عظيم، وهذا الحديث عزاه الحافظ للأربعة، ونسي عزوه للبخاري كذا في البلوغ. (¬4) إسنادها حسن جيد. * من فاتته الإجابة فقد فاتته، وقال بعض الفقهاء: يقضي ولا نعلم شيئًا إذا فات، فهو سنة فات محلها. * يجيب أذان الراديو الشرعي، ولا يجيب المسجل. * المفاضله بين الأذان والإمامة؟ الله أعلم.

9 - باب الاستهام في الأذان

9 - باب الاستهام في الأذان ويذكر أن أقوامًا اختلفوا في الأذان فأقرع بينهم سعد. 615 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوًا» (¬1). 10 - باب الكلام (¬2) في الأذان وتكلم سليمان بن صرد في أذانه. وقال الحسن: لا بأس أن يضحك وهو يؤذن أو يقيم 616 - عن عبد الله بن الحارث قال: خطبنا ابن عباس في يوم ردغٍ، فلما بلغ المؤذن حي على الصلاة فأمره أن ينادي: الصلاة في الرحال (¬3)، فنظر ¬

(¬1) فيه الحث على النداء والتبكير إلى الصلاة. * إذا كان صوت أحدهم جهوري فيقدم لحديث: «ألقه على بلال فإنه أندى صوتًا منك» وإلا اقترعوا. * هل الأمير في السفر يقدم من يؤذن؟ الظاهر أن هذا داخل في إمرته، لكن إن اختلفوا أقرع. * هل تؤذن المرأة؟ لا، الأذان والإقامة للرجال. (¬2) قيل: مكروه، وقيل: حرام، لكن للعارض كتنبيه أعمى يقع في حفرة. (¬3) بدل الحيعلة أو بعدها أو بعد الأذان.

12 - باب الأذان بعد الفجر

القوم بعضهم إلى بعض، فقال: فعل هذا من هو خير منه. وإنها عزمة (¬1). 12 - باب الأذان بعد الفجر 618 - عن عبد الله بن عمر قال: «أخبرتني حفصة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا اعتكف (¬2) المؤذن للصبح وبدا الصبح صلى ركعتين خفيفتين قبل أن تقام الصلاة». 620 - عن عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن بلالًا ينادي بليل، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم» (¬3). 13 - باب الأذان قبل الفجر 621 - عن عبد الله بن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يمنعن أحدكم - أو أحدًا منكم - أذان بلال من سحوره، فإنه يؤذن - أو ينادي - بليل، ¬

(¬1) يعني أن الجمعة فرض لا بد منها. * شبهة من قال: الصلاة خير من النوم في الأذان الأول؟ جاء في بعض الروايات: في الأول، فظنوا أن الأذان الأول، والمراد هو الأذان الثاني، ويكون الثاني هو الإقامة. (¬2) تصحيف على بعض الرواة، وصوابه كان إذا سكت المؤذن، كما قال الحافظ. (¬3) وهذا يبين أن الأذان قبل الفجر لا يحرم الطعام ولا يحل الصلاة، بل ليقوم نائمهم ويرجع قائمهم، والأذان الذي تتعلق به الأحكام هو الثاني الذي فيه الصلاة خير من النوم. * الأذان الأول؟ ثبت في رمضان ولعله في السنة، ولهذا فعله المسلمون.

14 - باب كم بين الأذان والإقامة، ومن ينتظر الإقامة؟

ليرجع قائمكم، ولينبه نائمكم وليس أن يقول الفجر أو الصبح - وقال بأصابعه ورفعها إلى فوق وطأطأ إلى أسفل - حتى يقول هكذا». وقال زهير بسبابتيه إحداهما فوق الأخرى، ثم مدهما عن يمينه وشماله (¬1). 622 و 623 - عن عائشة وعن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: وحدثني يوسف بن عيسى المروزي (¬2) قال حدثنا الفضل قال حدثنا عبيد الله بن عمر عن القاسم بن محمد عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن بلالًا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم». 14 - باب كم بين الأذان والإقامة، ومن ينتظر الإقامة؟ 624 - عن عبد الله بن مغفل المزني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «بين كل أذانين صلاة - ثلاثًا - لمن شاء» (¬3). 625 - عن أنس بن مالك قال: «كان المؤذن إذا أذن قام ناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يبتدرون السواري حتى يخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - وهم كذلك يصلون الركعتين قبل المغرب، ولم يكن بين الأذان والإقامة شيء» (¬4). قال عثمان ¬

(¬1) وصفتها كما ذكر الشيخ وجمع سبابتيه ثم فرجهما هكذا. (¬2) ثقه فاضل خ م ت س. * وسألت الشيخ عن اللوحات الحائطية لتحديد ما بين الأذان والإقامة؟ فقال: إن رأى ذلك للمصلحة فلا حرج. (¬3) وهذا يبين أنه لا يشرع أن يقيم حالًا بعد الأذان، اللهم المسافرون الذين لا ينتظرون أحدًا. (¬4) يعني شيء طويل، بل قليل.

15 - باب من انتظر الإقامة

ابن جبلة وأبو داود عن شعبة «لم يكن بينهما إلا قليل». قال الحافظ: ... قوله - صلى الله عليه وسلم -: «بين كل أذانين صلاة» وما كونه - صلى الله عليه وسلم - لم يصلهما فلا ينفي الاستحباب (¬1). 15 - باب من انتظر الإقامة 262 - عن عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «إذا سكت المؤذن بالأولى (¬2) من صلاة الفجر قام فركع ركعتين خفيفتين قبل صلاة الفجر بعد أن يستبين الفجر، ثم اضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن للإقامة». 16 - باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء 627 - عن عبد الله بن مغفل قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة - ثم قال في الثالثة - لمن شاء» (¬3). 17 - باب من قال: ليؤذن في السفر مؤذن واحد 628 - عن مالك بن الحويرث «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في نفر من قومي، فأقمنا عنده عشرين ليلة، وكان رحيمًا رفيقًا. فلما رأى شوقنا إلى أهالينا قال: ارجعوا فكونوا فيهم وعلموهم وصلوا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم ¬

(¬1) قلت: في صحيح ابن حبان أنه صلاهما - صلى الله عليه وسلم - لكنه غير محفوظ. (¬2) على طلوع الفجر، والثاني الإقامة. * وهذا يبين أن لم يكن يعجل الإقامة - صلى الله عليه وسلم -، وذلك لصلاة ركعتين واضطجاعه. (¬3) فيه عدم العجلة بالإقامة.

أحدكم، وليؤمكم أكبركم» (¬1). 18 - باب الأذان للمسافرين إذا كانوا جماعة والإقامة، وكذلك بعرفة وجمعٍ وقول المؤذن «الصلاة في الرحال» في الليلة الباردة أو المطيرة 629 - عن أبي ذر قال: «كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فأراد المؤذن أن يؤذن فقال له: أبرد. ثم أراد أن يؤذن فقال له: أبرد. ثم أراد أن يؤذن فقال له: أبرد. حتى ساوى الظل التلول، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن شدة الحر من فيح جهنم» (¬2). 630 - عن مالك بن الحويرث قال: أتى رجلان النبي - صلى الله عليه وسلم - يريدان السفر، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أنتما خرجتما فأذنا، ثم أقيما، ثم ليؤمكما أكبركما» (¬3). 631 - عن أبي قلابة قال: حدثنا مالك: «أتينا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ونحن شببة متقاربون فأقمنا عنده عشرين يومًا وليلة، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رحيمًا رفيقًا (¬4)، فلما ظن أنا قد اشتهينا أهلنا - أو قد اشتقنا - سألنا عمن تركنا ¬

(¬1) يكفي مؤذن واحد للتنبيه، اللهم إن كان في خيام بعيدة كمنى يؤذن لكل قوم واحد، وكمثل البيوت الآن لكل حي مؤذن. * هل المكيفات في هذا العصر تقتضي التعجيل؟ لا، فالطرقات حارة. (¬2) السنة الإبراد بالظهر، فيؤخر الأذان، هذا هو السنة. (¬3) حتى لوكانا اثنان، بل ولو واحد، وذكر الشيخ حديث أبي سعيد وفيه: «فارفع صوتك بالنداء فإنه لا يسمع ... ». (¬4) وفي رواية: «رحيمًا رقيقًا» وهذا كله من وصفه - صلى الله عليه وسلم - وفي هذا الحديث مشروعية الوصية بما ينفع للوفود والزوار فيوصيهم بتقوى الله.

19 - باب هل يتتبع المؤذن فاه ها هنا وها هنا، وهل يلتفت في الأذان؟

بعدنا، فأخبرناه، قال: ارجعوا إلى أهليكم، فأقيموا فيهم وعلموهم، ومروهم - وذكر أشياء أحفظها أو لا أحفظها - وصلوا كما رأيتموني أصلي، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم». 632 - عن عبيد الله بن عمر قال حدثني نافع قال: «أذن ابن عمر في ليلة باردة بضجنان، ثم قال: صلوا في رحالكم. فأخبرنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر مؤذنًا يؤذن ثم يقول على إثره: ألا صلوا في الرحال (¬1) في الليلة الباردة أو المطيرة في السفر». 19 - باب هل يتتبع المؤذن فاه ها هنا وها هنا، وهل يلتفت في الأذان؟ ويذكر عن بلال أنه جعل إصبعيه في أذنيه. وكان ابن عمر لا يجعل إصبعيه في أذنيه وقال إبراهيم: لا بأس أن يؤذن على غير وضوء. وقال عطاء: الوضوء (¬2) حق وسنة. وقالت عائشة: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يذكر الله على كل أحيانه. ¬

(¬1) يقول: الآن صلوا في بيوتكم يخاطبهم بما يفهمون. * والأفضل قولها بعد الأذان. * وهذا من الرفق والرحمة في السفر، ولم يحفظ في الحضر، إلا ما روي عن ابن عباس، والغالب أن الحضر أسهل قلت: ولو جمعوا؟ قال: الجمع في إتيانه فيه مشقة فلو صلوا في بيوتهم أفضل، وهو الذي فعله - صلى الله عليه وسلم -، ولا بأس بتكرار صلوا ويؤذن ولا يكتفي بها. (¬2) هو أفضل، وفيه حديث ضعيف: «لا يؤذن إلا متوضئ» ضعيف، في الترمذي في البلوغ. * الالتفات سنة من غير استدارة، قدماه ثابتتان ويجعل السبابتين في أذنيه، والإقامة ما أعلم ورد فيها شيء. * حي على الصلاة على اليمين وحي على الفلاح على الشمال.

634 - عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه أنه رأى بلالًا يؤذن فجعلت اتتبع فاه ههنا وههنا بالأذان (¬1). قال الحافظ: ... فلما لقينا عونا لم يذكر فيه الاستدارة (¬2). قال الحافظ: ... فذكر الحديث وفيه «قال بلال: فجعلت إصبعي في أذني فأذنت» (¬3). قال الحافظ: ... قال العلماء في ذلك فائدتان: إحداهما: أنه قد يكون أرفع لصوته، وفيه حديث ضعيف أخرجه أبو الشيخ من طريق سعد القرظ عن بلال. ثانيهما: أنه علامة للمؤذن ليعرف من رآه على بعد أو كان به صمم أنه يؤذن (¬4). ¬

(¬1) لأنه أندى للصوت. (¬2) مقصوده عدم الاستدارة. (¬3) انظر (ج 1/ 276) فما بعدها من: (تغليق التعليق) حيث قال: لا بأس به، مع أن فيه حجاجًا فلعله بالشواهد، خصوصًا رواية الطبراني، وهي عند أبي داود وابن حبان. (¬4) يحتاج إلى بحث، وهو المعروف عن أهل العلم. فقلت للشيخ: تكون اليد مجافية عن الخد أو لاصقة؟ فمثلها، وألصق يده بخده.

20 - باب قول الرجل فاتتنا الصلاة

قال الحافظ: ... لم يرد تعيين الإصبع التي يستحب وضعها، وجزم النووي أنها المسبحة (¬1). قال الحافظ: ... وقع في المغني للموفق نسبة حديث أبي جحيفة بلفظ « .. إن بلالًا أذن ووضع إصبعيه في أذنيه» إلى تخريج البخاري ومسلم، وهو وهم (¬2). 20 - باب قول الرجل فاتتنا الصلاة 635 - عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قال: «بينما نحن نصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، إذ سمع جلبة رجال، فلما صلى قال: «ما شأنكم؟ » قالوا: استعجلنا إلى الصلاة. قال: «فلا تفعلوا. إذا أتيتم الصلاة فعليكم بالسكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا» (¬3). 21 - باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار 636 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم بالسكينة والوقار، ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا» (¬4). ¬

(¬1) السبابة. (¬2) انظر (ج 2/ 81) من المغني. (¬3) وهذا يبين جواز قول: فاتتنا الصلاة، أي في الجماعة. (¬4) الأصل في النهي: التحريم. * نص على الإقامة لأنها مظنة السرعة، أي عند سماعها.

22 - باب متى يقوم الناس إذا رأوا الإمام عند الإقامة؟

قال الحافظ: ... وأما الإسراع الذي لا ينافي الوقار كمن خاف فوت التكبيرة فلا، وهذا محكي عن إسحق بن راهويه. (¬1) 22 - باب متى يقوم الناس إذا رأوا الإمام عند الإقامة؟ 637 - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني» (¬2). قال الحافظ: ... وعن أنس أنه كان يقوم إذا قال المؤذن «قد قامت الصلاة» رواه ابن المنذر وغيره (¬3). 24 - باب هل يخرج من المسجد لعلة؟ (¬4) 369 - عن أبي هريرة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج وقد أقيمت الصلاة وعدلت الصفوف، حتى إذا قام في مصلاه انتظرنا أن يكبر، انصرف قال: على مكانكم. فمكثنا على هيئتنا، حتى خرج إلينا ينطف رأسه ماء وقد اغتسل». ¬

(¬1) وسئل شيخنا فقال: هذا خلاف السنة. (¬2) هذا من باب الرحمة والعطف. * تحري بعضهم القيام عند: قد قامت الصلاة، ليس عليه دليل، إنما قاله بعض أهل العلم، والسنة أن يقوم إما في أول الإقامة أو في وسطها أو في آخرها. * وهذا يدل على أن السنة عدم القيام لو أقيمت الصلاة ولم يحضر الإمام. (¬3) قال الشيخ: فعل بعض الصحابة. (¬4) المنهي عنه الخروج بلا علة؛ لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، فخروجه بعد الأذان يوهم تركه للجماعة وتساهله. وقال شيخنا: إن كان لعلة حضور درس بعد الصلاة فلا حرج.

26 - باب قول الرجل: ما صلينا

قال الحافظ: ... إن كان قبل التكبير فلا بأس أن يقعدوا (¬1). 26 - باب قول الرجل: ما صلينا (¬2) 641 - أخبرنا جابر بن عبد الله أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جاءه عمر بن الخطاب يوم الخندق فقال: يا رسول الله، والله ما كدت أن أصلي حتى كادت الشمس تغرب، وذلك بعدما أفطر الصائم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: والله ما صلينا. فنزل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى بطحان وأنا معه، فتوضأ ثم صلى -يعني العصر- بعدما غربت الشمس، ثم صلى بعدها المغرب». 27 - باب الإمام تعرض له الحاجة بعد الإقامة 642 - عن أنس قال: «أقيمت الصلاة والنبي - صلى الله عليه وسلم - يناجي رجلًا في جانب المسجد، فما قام إلى الصلاة حتى نام القوم» (¬3). ¬

(¬1) ظاهر الحديث أنهم ينتظرون قيامًا قبل أن يكبر، لكن إن شق على أحد جلس. * إذا دخل الإمام الصلاة وهو محدث؟ قال شيخنا: الأظهر يستخلف .. وإن صلوا فرادي أو استخلفوا إذا لم يستخلف الإمام فلا حرج. (¬2) هذا يوم الأحزاب، وإذا لم يستطيعوا صلاة الخوف جاز لهم التأخير، والمشهور أن صلاة الخوف شرعت بعد الأحزاب، لكن الأظهر عدم النسخ، لقصة فتح تستر. (¬3) لا حرج في ذلك إذا كان الأمر مهمًا.

28 - باب الكلام إذا أقيمت الصلاة

28 - باب الكلام إذا أقيمت الصلاة 643 - عن أنس بن مالك قال: «أقيمت الصلاة، فعرض للنبي - صلى الله عليه وسلم - رجل فحبسه بعدما أقيمت الصلاة». وقال الحسن: إن منعته أمه عن العشاء في جماعة شفقة عليه لم يطعها (¬1). 29 - باب وجوب صلاة الجماعة 644 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «والذي نفسي بيده، لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلًا فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم. والذي نفسي بيده، لو يعلم أحدهم أنه يجد عرقًا سمينًا أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء» (¬2). 30 - باب فضل صلاة الجماعة 645 - عن عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة» (¬3). ¬

(¬1) إنما الطاعة في المعروف. وهذا الأثر أليق بالباب بعده. قاله الشيخ، بعدما سألته، وهو مثبت في الباب بعده. (¬2) لأنه قد يتخلف لقلة المبالاة، لكن لو علم أنه يجد شيئًا يأكله لحضر. (¬3) فزادهم الله درجتين فضلًا منه وإحسانًا.

31 - باب فضل صلاة الفجر في جماعة

قال الحافظ: ... فذكر نحوه قال: وذلك في صلاة الصبح، وفيه «فأمر رجلًا فأذن (¬1) وأقام ثم صلى بأصحابه» (¬2). 31 - باب فضل صلاة الفجر في جماعة 650 - حدثنا الأعمش قال: سمعت سالمًا قال: سمعت أم الدرداء تقول: دخل علي أبو الدرداء وهو مغضب، فقلت: ما أغضبك؟ فقال: والله ما أعرف من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - شيئًا إلا أنهم يصلون جميعًا» (¬3). 651 - عن أبي بردة عن أبي موسى قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أعظم الناس أجرًا في الصلاة أبعدهم فأبعدهم ممشيً، والذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام أعظم أجرًا من الذي يصلي ثم ينام» (¬4). 32 - باب فضل التهجير (¬5) إلى الظهر 652 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق، فأخره، فشكر الله له، فغفر له». ¬

(¬1) مشكل، وهو اجتهاد منه إذا قد أذن للصلاة، فلعله أذان لا تشويش فيه. قلت: من قال: من يتصدق واقعة عين؟ ! قال الشيخ: هذه دعوى باطلة. (¬2) وهذا فيه رد على من قال: إذا فاتته الجماعة يرجع ويصلي في بيته؛ لفعل أنس، ولقوله: «من يتصدق على هذا فيصلي ... ». (¬3) وهذا يدل على التغير في العصر الأول، فكيف الآن؟ ولهذا استنكر أنس. (¬4) انتظار الجماعة خير ممن يصلي وحده. ومن يصلي وحده لا يجوز له إذ وجوب الجماعة مستفاد من أدلة أخرى. (¬5) التبكير.

33 - احتساب الآثار

654 - «ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوًا» (¬1). 33 - احتساب الآثار 656 - عن أنس قال: أن بني سلمة أرادوا أن يتحولوا عن منازلهم فينزلوا قريبًا من النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال فكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يعروا المدينة فقال: «ألا تحتسبون آثاركم» (¬2). قال مجاهد: خطاهم: آثارهم، والمشي في الأرض بأرجلهم. 35 - باب اثنان فما فوقهما جماعة 658 - عن مالك بن الحويرث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا حضرت الصلاة فأذنا وأقيما، ثم ليؤمكما أكبركما» (¬3). ¬

(¬1) هاتان الصلاتان لهما ميزة. (¬2) في سعيه للمساجد يكتب له حسنات، وتحط سيئات، وترفع درجات، فيحتسب في سعيه للجهاد، وللأمر بالمعروف لدعوة زواج. * سألت الشيخ عمن يمشي إلى دورات المياه هل يكتب له؟ فقال: الحديث عام، والآية عامة، والضابط صحة المقصد (فكأنه يرى كتابة الخطوات، حتى لو خرج للدورات). * إذا دعت الحاجة أن يؤخر الإخوان المنكرون للمنكر ويصلوا جماعة؟ لا حرج، وهمه حق، وزيادة: «لولا ما فيها من النساء والذرية» في المسند بسند جيد. قلت بها السندي أبو معشر ضعيف عندهم! (¬3) وجاء في الحديث الآخر «يؤم القوم أقرأهم ... ». قال الشيخ: كانا متقاربين في العلم والفضل. * الرجل وامرأته جماعة.

36 - باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة، وفضل المساجد

36 - باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة، وفضل المساجد 659 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه ما لم يحدث: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، لا يزال أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه، لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة» (¬1). 660 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل، وشاب (¬2) نشأ في عبادة ربه، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق أخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه». قال الحافظ: ... وقيل المراد ظل عرشه (¬3) ويدل عليه حديث سلمان عند سعيد بن منصور بإسناد حسن «سبعة يظلهم الله في ظل عرشه». 661 - عن إسماعيل بن جعفر عن حميد قال: «سئل أنس: هل اتخذ ¬

(¬1) تصلي عليه قبل الصلاة وبعدها، ما لم يحدث، وفي رواية: «ما لم يؤذ». (¬2) شابة نشأت كذلك. * ما ورد من الفضائل في حق الرجال فهو في حق النساء، وكذا العكس، ما لم يرد التخصيص. * المقصود بالظل؟ جاء ظل العرش وجاء ظل مطلق. (¬3) قلت: ويشهد له حديث معاذ في فضل المتحابين في الله، رواه أحمد بسند قوي (5/ 235 - 236) وفيه: «المتحابين في الله على منابر من نور في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله».

37 - باب فضل من غدا إلى المسجد ومن راح

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاتمًا؟ فقال: نعم، أخر ليلة صلاة العشاء إلى شطر الليل، ثم أقبل علينا بوجهه بعدما صلى فقال: صلى الناس ورقدوا ولم تزالوا في صلاة منذ انتظرتموها. قال: فكأني أنظر إلى وبيص خاتمه» (¬1). 37 - باب فضل من غدا إلى المسجد ومن راح 662 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من غدا إلى المسجد وراح أعد الله له نزله من الجنة كلما غدا أو راح» (¬2). قال الحافظ: ... وعلى هذا فالمراد بالغدو الذهاب وبالرواح الرجوع، والأصل في الغدو المضي من بكرة النهار والرواح بعد الزوال (¬3). 38 - باب إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة 663 - عن مالك بن بحينة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا وقد أقيمت الصلاة يصلي ركعتين، فلما انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لاث به الناس، وقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «آلصبح أربعًا، آلصبح أربعًا» (¬4). ¬

(¬1) اتخذ خاتم ذهب ثم تركه، ثم تختم بفضة، وخاتم الذهب نسخ في حق الرجال. وسئل عن سنية خاتم الفضة؟ فقال: الظاهر أنه من الأمور العادية. * خاتم الفضة جائز للرجال وللنساء. (¬2) وهذا يعم للصلاة، أو للاعتكاف، أو غيره. (¬3) الغدو أول النهار، والرواح آخر النهار، وليس المقصود الذهاب والمجيء. (¬4) يدل على أنه لا يشرع له التطوع بعد الإقامة، وكذلك لا يستمر لقوله: «لا صلاة» عام للبدء والاستمرار، وقوله: «آلصبح أربعًا» وإن بقي عليه أقل من ركعة، كالسجود والتحيات فليس بصلاة فيتم.

39 - باب حد المريض أن يشهد الجماعة

شعبة عن مالك وقال ابن إسحاق: عن سعد عن حفص عن عبد الله بن بحينة. وقال حماد: أخبرنا سعد عن حفص عن مالك. قال الحافظ: ... «فلا صلاة إلا التي أقيمت» (¬1). قال الحافظ: ... (إلا المكتوبة) فيه منع التنفل بعد الشروع في إقامة الصلاة سواء كانت راتبة أم لا، لأن المراد بالمكتوبة المفروضة، وزاد مسلم بن خالد (¬2) عن عمرو بن دينار. في هذا الحديث قيل «يا رسول الله: ولا ركعتي الفجر؟ قال: «ولا ركعتي الفجر» [أخرجه ابن عدي في ترجمة يحيى بن نصر الحاجب وإسناده حسن]. 39 - باب حد المريض أن يشهد الجماعة 664 - عن الأعمش عن إبراهيم قال الأسود: «كنا عند عائشة - رضي الله عنها -، فذكرنا المواظبة على الصلاة والتعظيم لها. قالت: لما مرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرضه الذي مات فيه فحضرت الصلاة فأذن، فقال: مروا أبا بكر فليصل بالناس. فقيل له: إن أبا بكر رجل أسيف إذا قام في مقامك لم يستطع أن يصلي بالناس. وأعاد، فأعادوا له. فأعاد الثالثة فقال: «إنكن صواحب (¬3) يوسف، مروا أبا بكر فليصل بالناس». فخرج أبو بكر فصلى، ¬

(¬1) وذكرها شيخنا. (¬2) مسلم بن خالد فيه بعض اللين، والأحاديث الصحيحة تكفي. (¬3) يعني: كيدكن عظيم وقصدها خشية أن يتشاءم الناس، فقالت: هو رقيق وقصدها خشية أن يتشاءم الناس وصرحت بذلك في رواية. قلت: وصواحب يوسف قلن «امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبًا إنا لنراها في ضلال مبين» وأردن بذلك التوسل إلى رؤية يوسف وتحقق مرادهن. * فيه حرصه - صلى الله عليه وسلم - على الجماعة وعلى تعليم الناس ما يحتاجون إليه. وفيه: بيان ما بوب عليه المؤلف من الحرص على الجماعة. وفيه أن صلاة الإمام إمام الحي قاعدًا لا بأس بها ويصلون بصلاته قعودًا، وهذا أصح ما قيل، إن صلوا قعودًا أفضل، وإن قاموا جاز. * سألته عن اشتراط إمام الحي ويرجى برؤه؟ قال أخذًا من قصة النبي - صلى الله عليه وسلم -.

40 - باب الرخصة في المطر والعلة أن يصلى في رحله

فوجد النبي - صلى الله عليه وسلم - من نفسه خفة، فخرج يهادي بين رجلين، كأني أنظر رجليه تخطان من الوجع، فأراد أبو بكر أن يتأخر، فأومأ إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - أن مكانك. ثم أتي به حتى جلس إلى جنبه». 40 - باب الرخصة في المطر والعلة أن يصلى في رحله 666 - أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر أذن بالصلاة - في ليلة ذات برد وريح - ثم قال: ألا صلوا في الرحال. ثم قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر للمؤذن - إذا كانت ليلة ذات برد ومطر - يقول: ألا صلوا في الرحال» (¬1). 667 - عن محمود بن الربيع الأنصاري «أن عتبان بن مالك كان يؤم قومه وهو أعمى، وأنه قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يا رسول الله، إنها تكون الظلمة ¬

(¬1) الريح والبرد المعروف أن فعلها في السفر، أما المطر ففعل في الحضر. وسألته: عن الجمع بين العشاءين للمطر هل هو خاص بهما؟ قال: قيل ذلك لزيادة المشقة، والصواب يعم الظهرين.

42 - باب إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة وكان ابن عمر يبدأ بالعشاء

والسيل (¬1)، وأنا رجل ضرير البصر، فصل يا رسول الله في بيتي مكانًا أتخذه مصلى. فجاءه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «أين تحب أن أصلي؟ » فأشار إلى مكان من البيت، فصلى (¬2) فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -». 42 - باب إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة وكان ابن عمر يبدأ بالعشاء 672 - عن أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا قدم (¬3) العشاء فابدؤا به قبل أن تصلوا صلاة المغرب ولا تعجلوا عن عشائكم». 674 - عن ابن عمر قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا كان أحدكم على الطعام (¬4) فلا يعجل حتى يقضي حاجته منه وإن أقيمت الصلاة». ¬

(¬1) هذا من أجل العذر كالسيل. (¬2) الظاهر أنه خاص به - صلى الله عليه وسلم - فلا يقع مثله للعالم. (¬3) بهذا القيد: «إذا قدم» ولا يجوز له أن يتخذه عادة، وأن يطلبه لأجل تضييع صلاة الجماعة، لكن لو حصل هذا مصادفة أو كان مدعوًا لا حرج. * «لا صلاة بحضرة طعام» المعروف عند العلماء نفي كمال، بعدما سألته. (¬4) يعم العشاء وغير العشاء وكذا رواية مسلم: «لا صلاة بحضرة طعام». * هذه الأحاديث وما في معناها تدل على أن المشروع للمؤمن أن يعتني بحاجته قبل إتيان الصلاة، حتى لا تشغل باله بغيرها وهذا من تعظيمها أن أمر بإزالة ما قد يشغله. قال شيخنا كانت عادتهم الغداء أول النهار والعشاء آخر النهار وكانت هذه عادة أهل نجد، ثم تغيرت الأحوال الآن.

43 - باب إذا دعي الإمام إلى الصلاة وبيده ما يأكل

قال الحافظ: ... قال النووي: في هذه الأحاديث كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله، لما [فيه] من ذهاب كمال الخشوع، ويلتحق به ما في معناه مما يشغل القلب (¬1) وهذا إذا كان في الوقت سعة، فإن ضاق صلى على حاله محافظة على حرمة الوقت ولا يجوز التأخير، وحكى المتولي وجهًا أنه يبدأ بالأكل وإن خرج الوقت، لأن مقصود الصلاة الخشوع فلا يفوته. 43 - باب إذا دعي الإمام إلى الصلاة وبيده ما يأكل 675 - عن جعفر بن عمرو بن أمية أن أباه قال: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأكل ذراعًا يحتز منها، فدعي إلى الصلاة فقام فطرح السكين فصلى ولم يتوضأ» (¬2). 44 - باب من كان في حاجة أهله فأقيمت الصلاة فخرج 676 - عن إبراهيم عن الأسود قال: «سألت عائشة: ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله -تعني خدمة أهله- فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة» (¬3). ¬

(¬1) هل يلحق به من يريد أهله؟ قال الشيخ بعدما سألته: قد يكون هذا أشد شهوة من شهوة الطعام، وقد تتنوع فيختلف هذا. (¬2) فيه: الدلالة على أنه قضى نهمته فيقوم إلى الصلاة وفيه: أن أكل ما مست النار لا يوجب الوضوء، فإما منسوخ. أو الأمر للندب، جمعًا، وهو أوجه. (¬3) وهذا يدل على تواضعه، كونه يكون في حاجة أهله يصلح بابًا، يسد فرجة في منزله. * هل يكبر في الاستراحة عند القيام أم عند الرفع؟ إن كان علمهم عند الرفع، وإن لم يعلمهم عند القيام، حتى لا يشوش عليهم. قلت: اختار أبو محمد في المغني (2/ 215) التكبير عند جلوسه ثم ينهض بغير تكبير، وتفصيل شيخنا جيد، لكن روى البيهقي في سننه من حديث أبي حميد الساعدي (2/ 72) ما يدل على أن التكبير عند الجلوس، فإن كانت محفوظة فالمصير إليها متعين.

45 - باب من صلى بالناس وهو لا يريد إلا أن يعلمهم صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وسنته

45 - باب من صلى بالناس وهو لا يريد إلا أن يعلمهم صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وسنته 677 - عن أيوب عن قلابة قال: «جاءنا مالك بن الحويرث في مسجدنا هذا فقال: إني لأصلي بكم وما أريد الصلاة، أصلي كيف رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي (¬1). فقلت لأبي قلابة: كيف كان يصلي؟ قال: مثل شيخنا هذا، قال: وكان شيخًا يجلس إذا رفع رأسه من السجود قبل أن ينهض في الركعة الأولى». 46 - باب أهل العلم والفضل أحق بالإمامة 678 - حدثني أبو بردة عن أبي موسى قال: مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - فاشتد ¬

(¬1) لا بأس بالصلاة لأجل التعليم، ولو لم يكن له نية للصلاة قبل، فيفعل للتعليم مع قصد الصلاة. وفيه أنه كان يجلس جلسة الاستراحة، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعلها، كما ثبت في حديث مالك بن الحويرث، وحديث أبي حميد الساعدي، وهي جلسة خفيفة، ليس فيها ذكر ولا دعاء، واختلف فيها والصواب: أنها سنة.

مرضه، فقال: «مروا أبا بكر فليصل بالناس». فقالت عائشة: إنه رجل رقيق، إذا قام مقامك لم يستطع أن يصلي بالناس. قال: «مروا أبا بكر فيصل بالناس». فعادت. فقال: «مري أبا بكر فليصل بالناس، فإنكن صواحب يوسف». فأتاه الرسول، فصلى بالناس في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬1). 679 - عن عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - أنها قالت: «إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في مرضه: «مروا أبا بكر يصلي بالناس». قالت عائشة: قلت إن أبا بكر إذا قام في مقامك لم يسمع الناس من البكاء، فمر عمر فليصل للناس. فقالت عائشة: فقلت لحفصة قولي له إن أبا بكر إذا قام في مقامك لم يسمع الناس من البكاء فمر عمر فليصل للناس. ففعلت حفصة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مه، إنكن لأنتن صواحب (¬2) يوسف، مروا أبا بكر فليصل بالناس». فقالت حفصة لعائشة: ما كنت لأصيب منك خيرًا». 680 - عن الزهري قال: أخبرني أنس بن مالك الأنصاري - وكان تبع النبي - صلى الله عليه وسلم - وخدمه وصحبه - أن أبا بكر كان يصلي لهم في وجع النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي توفي فيه، حتى إذا كان يوم الاثنين وهم صفوف في الصلاة، فكشف النبي - صلى الله عليه وسلم - ستر الحجرة ينظر إلينا وهو قائم كأن وجهه ورقة مصحف (¬3)، ثم تبسم يضحك، فهممنا أن نفتتن من الفرح برؤية النبي - صلى الله عليه وسلم -، فنكص أبو بكر على عقبيه ليصل الصف، وظن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خارج إلى الصلاة، فأشار إلينا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أتموا صلاتكم، وأرخى الستر، فتوفي من يومه». ¬

(¬1) هذا من البخاري للدلالة على أن الصديق أعلمهم وأفقههم وأولاهم بالخلافة. (¬2) قد تنصحن بشيء وتقصدن شيئًا آخر. (¬3) ربما يعني بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يكن مكتوبًا إذ ذاك.

47 - باب من قام إلى جنب الإمام لعلة

681 - عن أنس قال: «لم يخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثًا، فأقيمت الصلاة، فذهب أبو بكر يتقدم، فقال نبي الله - صلى الله عليه وسلم - بالحجاب فرفعه، فلما وضح وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - ما نظرنا منظرًا كان أعجب (¬1) إلينا من وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - حين وضح لنا فأومأ النبي - صلى الله عليه وسلم - بيده إلى أبي بكر أن يتقدم، وأرخى النبي - صلى الله عليه وسلم - الحجاب فلم يقدر عليه حتى مات». 47 - باب من قام إلى جنب الإمام لعلة 683 - عن عائشة قالت: «أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر أن يصلي بالناس في مرضه، فكان يصلي بهم. قال عروة: فوجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نفسه خفة فخرج، فإذا أبو بكر يؤم الناس، فلما رآه أبو بكر استأخر، فأشار إليه أن كما أنت، فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حذاء أبي بكر إلى جنبه، فكان أبو بكر يصلي بصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والناس يصلون بصلاة أبي بكر». قال الجاحظ: ... (باب من قام) أي صلى (إلى جنب الإمام لعلة) (¬2). ¬

(¬1) وهذا قد يفسر بما تقدم من أن معنى ورقة مصحف جميل ونير كما قال العيني. (¬2) لسبب من الأسباب، كمرض، أو لصعف صوت، فيتخذ مبلغ، أو كون الإمام معه واحد فيقف عن يمينه، وكذلك من لم يجد فرجة صف عن يمين الإمام.

48 - باب من دخل ليؤم الناس فجاء الإمام الأول فتأخر الأول أو لم يتأخر جازت صلاته. فيه عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -

48 - باب من دخل ليؤم الناس فجاء الإمام الأول فتأخر الأول أو لم يتأخر جازت صلاته. فيه عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - 684 - عن سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم، فحانت الصلاة، فجاء المؤذن إلى أبي بكر فقال: أتصلي للناس فأقيم؟ قال: نعم. فصلى أبو بكر، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والناس في الصلاة، فتخلص حتى وقف في الصف، فصفق الناس، وكان أبو بكر لا يلتفت في صلاته. فلما أكثر الناس التصفيق التفت فرأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأشار إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن امكث مكانك، فرفع أبو بكر - رضي الله عنه - يديه فحمد الله على ما أمره به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ذلك ثم استأخر أبو بكر حتى استوى في الصف، وتقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى، فلما انصرف قال: يا أبا بكر ما منعك أن تثبت إذ أمرتك؟ فقال أبو بكر: ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مالي رأيتكم أكثرتم التصفيق؟ من رابه شيء في صلاته فليسبح، فإنه إذا سبح التفت إليه، وإنما التصفيق للنساء» (¬1). ¬

(¬1) فيه فوائد: 1 - تقدم من يصلي بالناس إذا تأخر الإمام، والإمام إذا جاء يصلي خلفه، وإن شاء تقدم وصلى، والأفضل أن يتركه يكمل. 2 - جواز الالتفات عند الحاجة بالرأس، وكما في التفلة، وللنظر إلى الشعب. 3 - الحمد لله على النعمة، ورفع اليدين. 4 - تسبيح الرجال وتصفيق النساء عند حدوث خلل في الصلاة.

49 - باب إذا استووا في القراءة فليؤمهم أكبرهم

49 - باب إذا استووا في القراءة فليؤمهم أكبرهم 685 - عن مالك بن الحويرث قال: قدمنا على النبي - صلى الله عليه وسلم - ونحن شببة فلبثنا عنده نحوًا من عشرين ليلة، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - رحيمًا فقال: «لو رجعتم إلى بلادكم فعلمتموهم، مروهم فليصلوا صلاة كذا في حين كذا، وصلاة كذا في حين كذا، وإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم» (¬1). 50 - باب إذا زار الإمام قومًا فأمهم 686 - عن عتبان بن مالك الأنصاري قال: «استأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - فأذنت له، فقال: أين تحب أن أصلي من بيتك؟ فأشرت له إلى المكان الذي أحب، فقام وصففنا خلفه، ثم سلم وسلمنا» (¬2). 55 - باب إذا لم يتم الإمام وأتم من خلفه 694 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يصلون لكم، فإن أصابوا فلكم، وإن أخطأوا فلكم وعليهم» (¬3). ¬

(¬1) ينبغي لولي الأمر تعليم الرعية والوفود ثم يوصيهم بتعليم من وراءهم، وهكذا شيخ القبيلة، ومن عنده علم. (¬2) إذا أذن صاحب الدار أن يؤمهم غيره فله ذلك. * قلت: قال أحمد - رحمه الله -: وفعله (أي الصلاة خلف الإمام القاعد لعلة) أربعة من الصحابة: أسيد بن حضير وقيس بن قهد وجابر وأبو هريرة انظرها في: الاستذكار (5/ 390) والتمهيد (6/ 139 - 140) ومصنف عبد الرزاق (2/ 462) (¬3) المراد بهذا الأمراء كما في الحديث الآخر: «يكون عليكم أمراء».

56 - باب إمامة المفتون والمبتدع

قال الحافظ: ... فإن أتموا فلكم ولهم (¬1). 56 - باب إمامة المفتون والمبتدع 695 - عن عبيد الله بن عدي بن خيار «أنه دخل على عثمان بن عفان - رضي الله عنه - وهو محصور فقال: إنك إمام عامة، ونزل بك ما نرى، ويصلى لنا إمام فتنة ونتحرج. فقال: الصلاة أحسن ما يعمل الناس، فإذا أحسن الناس فأحسن معهم، وإذا أساؤوا فاجتنب إساءتهم» (¬2). وقال الزبيدي: قال الزهري «لا نرى أن يصلى خلف المخنث إلا من ضرورة لابد منها» (¬3). 696 - عن أبي التياح أنه سمع أنس بن مالك: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي ذر: «اسمع وأطع ولو لحبشي كأن رأسه زبيبة» (¬4). ¬

(¬1) الأجر مشترك، وفي هذا الحديث حجة على صحة الصلاة خلف الفسقة، كما صلى المسلمون خلف الحجاج. (¬2) وهذا كلام عظيم من عثمان - رضي الله عنه -، ولما حصر عثمان صار يصلي بعض من خرج عليه بالناس. (¬3) وهذا برأيه واجتهاده، والمخنث من الرجال من يتشبه بالنساء، وهو كبيرة، والصواب صحة الصلاة خلفه، وقوله: للضرورة محل نظر، والأقرب للحاجة. (¬4) هذا بعمومه، ولو كان غير مستقيم، ولو كان من غير العرب، ما دام أنه أخذ الملك.

57 - باب يقوم عن يمين الإمام بحذائه سواء إذا كانا اثنين

57 - باب يقوم عن يمين الإمام بحذائه سواء إذا كانا اثنين 697 - عن ابن عباس - رضي الله عنهم - قال: «بت في بيت خالتي ميمونة فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العشاء، ثم جاء فصلى أربع ركعات، ثم نام، ثم قام، فجئت فقمت عن يساره فجعلني عن يمينه، فصلى خمس ركعات (¬1)، ثم صلى ركعتين، ثم نام حتى سمعت غطيطه -أو قال خطيطه- ثم خرج إلى الصلاة». 58 - باب إذا قام الرجل عن يساره الإمام فحوله الإمام إلى يمينه لم تفسد صلاتهما 698 - عن ابن عباس - رضي الله عنهم - «نمت عند ميمونة والنبي - صلى الله عليه وسلم - عندها تلك الليلة، فتوضأ ثم قام يصلي، فقمت على يساره، فأخذني فجعلني عن يمينه، فصلى ثلاث عشرة (¬2) ركعة، ثم نام حتى نفخ، وكان إذا نام نفخ، ثم أتاه المؤذن فخرج فصلى ولم يتوضأ». ¬

(¬1) يدل على أنه قسم صلاة الليل قبل النوم أربع، وبعده خمس. * مراد المؤلف أن الواقف مع الإمام يكون بحذائه لا يتأخر قليلًا، بل يصف معه، مجاورًا القدم بالقدم مساويًا له. * إذا صف عن يساره ثم أداره عن يمينه صلاته صحيحه. (¬2) هذا نوع آخر ولعل هذا وقع عدة ليالي. * المسبوقون هل يقدمون أحدًا؟ لا، وذكر الشيخ قصة المغيرة مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال: لم يأتم المغيرة بالنبي.

59 - باب إذا لم ينو الإمام أن يؤم، ثم جاء قوم فأمهم

59 - باب إذا لم ينو الإمام أن يؤم، ثم جاء قوم فأمهم 699 - عن ابن عباس قال: «بت عند خالتي، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي من الليل فقمت أصلي معه، فقمت عن يساره، فأخذ برأسي فأقامني عن يمينه» (¬1). 60 - باب إذا طول الإمام وكان للرجل حاجة فخرج فصلى 700 - عن جابر بن عبد الله «أن معاذ بن جبل كان يصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم يرجع فيؤم قومه» (¬2). 701 - عن جابر بن عبد الله قال: «كان معاذ بن جبل يصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يرجع فيؤم قومه، فصلى العشاء فقرأ بالبقرة، فانصرف الرجل فكأن معاذًا تناول منه، فبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «فتان، فتان، فتان (ثلاث مرار) أو قال فاتنًا، فاتنًا، فاتنًا». وأمره بسورتين من أوسط المفصل (¬3). قال عمرو: لا أحفظهما». 64 - باب الإيجاز في الصلاة وإكمالها 706 - عن أنس قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يوجز الصلاة ويكملها» (¬4). ¬

(¬1) والحجة واضحة فلا حرج، ولو كان في الفريضة، وهكذا قصة جابر في صحيح مسلم. (¬2) وهذا يبين أن الإمام يراعي المأمومين. (¬3) والشمس وضحاها وسبح اسم ربك. (¬4) هكذا ينبغي الإيجاز مع الإتمام، فهو يراعي التخفيف، ولكن يراعي التمام حتى لا يشق على من خلفه، وحتى لا يخل بصلاته.

65 - باب من أخف الصلاة عند بكاء الصبي

65 - باب من أخف الصلاة عند بكاء الصبي 707 - عن أبي قتادة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إني لأقوم في الصلاة أريد أن أطول فيها، فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه» (¬1). 66 - باب إذا صلى ثم أم قومًا 711 - عن عمرو بن دينار عن جابر قال: «كان معاذ يصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يأتي قومه فيصلي بهم» (¬2). 76 - باب إلزاق المنكب بالمنكب والقدم بالقدم 725 - عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أقيموا صفوفكم، فإني أراكم من وراء ظهري. وكان أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه وقدمه بقدمه» (¬3). ¬

(¬1) وهذا يدل على رحمته العظيمة ومراعاته للضعفاء وللنساء لأنها تشتغل بابنها. * الأطفال دون السبع يكونون في البيوت، وإذا اصطحبت المرأة أطفالها قد لا يكون في البيت من يتولى أمرهم، فيكون في الخلف، وبعد السبع لا بأس «علموا أولادكم ... لسبع». * الأولى هي الفرض والثانية للنفل. (¬2) فعل معاذ أقره النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه، فهو رد على من قال اجتهاد منه. (¬3) من باب التنفيذ لهذا الأمر. * بلزق قدمه بقدم صاحبه من غير إيذاء، ولا يفشح بين رجليه ليضر أخاه. * هذه الترجمة بين فيها المؤلف المراد بالصفوف وتراصها، وسد الفرج.

77 - باب إذا قام الرجل عن يسار الإمام وحوله الإمام خلفه إلى يمينه تمت صلاته

77 - باب إذا قام الرجل عن يسار الإمام وحوله الإمام خلفه إلى يمينه تمت صلاته 726 - عن ابن عباس - رضي الله عنهم - قال: «صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة فقمت عن يساره، فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برأسي من ورائي فجعلني عن يمينه، فصلى ورقد، فجاءه المؤذن فقام وصلى ولم يتوضأ» (¬1). 78 - باب المرأة وحدها تكون صفًا 727 - عن أنس بن مالك قال: «صليت أنا ويتيم في بيتنا خلف النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأمي -أم سليم- خلفنا» (¬2). 80 - باب إذا كان بين الإمام وبين القوم حائط أو سترة 729 - عن عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي من الليل في حجرته وجدار الحجرة قصير (¬3)، فرأى الناس شخص النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقام ¬

(¬1) وهذا هو السنة إذا صف عن يساره أخذه عن يمينه ويديره هكذا (وفعله الشيخ بيده اليسرى من وراء ظهره). (¬2) وهذا واضح، تكون خلف الناس وحدها، وحديث: «لا صلاة لمنفرد خلف الصف» خاص بالرجال. * ولو كان الرجل صلى بزوجه فتقف خلفه. (¬3) حجرة في المسجد حجزها. * وصلى الناس في عهد عمر عشرين، وإحدى عشر، هذا وهذا. * في الرواية الأخرى في رمضان. * سألت الشيخ: بعض الناس يصلي في بيته وهو يرى الإمام؟ قال الشيخ: لا ينبغي أن يتخلف عن الجماعة، فإن كان فردًا فهو منفرد، وإن كان جماعة صحت مع الإثم؛ للتخلف عن الجماعة.

81 - باب صلاة الليل

أناس يصلون بصلاته، فأصبحوا فتحدثوا بذلك، فقام ليلة الثانية فقام معه أناس يصلون بصلاته، صنعوا ذلك ليلتين أو ثلاثًا، حتى إذا كان بعد ذلك جلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يخرج، فلما أصبح ذكر ذلك الناس، فقال: «إني خشيت أن تكتب عليكم صلاة الليل». قال الحافظ: ... والمسألة ذات خلاف شهير (¬1). 81 - باب صلاة الليل 731 - عن زيد بن ثابت «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اتخذ حجرة -قال حسبت أنه قال: من حصير- في رمضان فصلى فيها ليالي، فصلى بصلاته ناس من أصحابه. فلما علم بهم جعل يقعد، فخرج إليهم فقال: «قد عرفت الذي رأيت من صنيعكم، فصلوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته، إلا المكتوبة» (¬2). ¬

(¬1) على أقوال ثلاثة: 1 - يجوز مطلقًا إذا سمعوا الصوت. 2 - لا يجوز مطلقًا إلا برؤية الإمام. 3 - التفريق بين المسجد وغيره. فإن كان في المسجد لا بأس، وهذا أقرب؛ لأن الخلوة قد تكون فوق أو تحت فلا حرج. أما إن كان خارجًا فالأولى تركه، وهذا أعدل الأقوال وأقربها. أما إذا اكتملت الصفوف ولو خارج المسجد لا حرج. (¬2) في النافلة التي لا تشرع لها الجماعة، أما ما تشرع لها الجماعة كالكسوف والتراويح ففي المسجد أفضل.

82 - باب إيجاب التكبير وافتتاح الصلاة

82 - باب إيجاب التكبير وافتتاح الصلاة 732 - عن أنس بن مالك الأنصاري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركب فرسًا فجحش شقه الأيمن -قال أنس - رضي الله عنه - فصلى لنا يومئذ صلاة من الصلوات وهو قاعد، فصلينا وراءه قعودًا، ثم قال لما سلم: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا صلى قائمًا فصلوا قيامًا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا (¬1) ولك الحمد». 106 - باب الجمع بين السورتين في الركعة وقرأ الأحنف بالكهف في الأولى وفي الثانية بيوسف أو يونس. وذكر أنه صلى مع عمر - رضي الله عنه - الصبح بهما (¬2). 114 - باب إذا ركع دون الصف 783 - عن الحسن عن أبي بكرة أنه انتهى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو راكع فركع قبل أن يصل إلى الصف، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «زادك الله حرصًا، ولا تعد» (¬3). ¬

(¬1) جاءت على صفات أربع: اللهم ربنا ولك الحمد ... اللهم ربنا لك الحمد، ربنا ولك الحمد، ربنا لك الحمد. (¬2) قلت فيه حجة على مخالفة نظم القرآن في القراءة في الصلاة بلا كراهة. (¬3) وفيه أنه لا ينبغي هذا ولو فعله صح فعله لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمره بالإعادة. * وفعل بعض الصحابة هذا الشيء لكن نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم -.

115 - باب إتمام التكبير في الركوع

قال الحافظ: ... خشيت أن تفوتني الركعة معك (¬1). 115 - باب إتمام التكبير في الركوع 784 - عن أبي العلاء مطرف عن عمران (¬2) بن حصين قال: «صلى مع علي - رضي الله عنه - بالبصرة فقال: ذكرنا هذا الرجل صلاة كنا نصليها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكر أنه كان يكبر كلما رفع وكلما وضع» (¬3). 116 - باب إتمام التكبير في السجود 786 - عن مطرف بن عبد الله قال: «صليت خلف علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنا وعمران بن حصين فكان إذا سجد كبر، وإذا رفع رأسه كبر، وإذا نهض من الركعتين كبر. فلما قضى الصلاة أخذ بيدي عمران بن حصين فقال: قد ذكرني هذا صلاة محمد - صلى الله عليه وسلم - أو قال- لقد صلى بنا صلاة محمد - صلى الله عليه وسلم -» (¬4). ¬

(¬1) قلت فيه حجة على الاعتداد بركعة من أدرك الركوع خلافًا لمن أنكره وقال لا حجة في حديث أبي بكرة، في الباب آثار عن بعض الصحابة تدل على هذا. (¬2) قال عمران هذه لأن بعض الأئمة يخفض صوته ولا يسمع الناس. (¬3) وهذا يعم حتى سجود التلاوة إذا رفع، يعني في الصلاة، وأما خارج الصلاة فعند السجود فقط. * الدعاء في الركوع لا يشرع فهو محل التعظيم، إلا ما ورد به النص «سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي». (¬4) إذا نسي الإمام التكبير؟ قال الشيخ: يرفع صوته ويسجد للسهو، والصواب أن التكبير واجب. * فيه منقبة لعلي - رضي الله عنه -.

117 - باب التكبير إذا قام من السجود

787 - عن عكرمة قال: «رأيت رجلًا عند المقام يكبر في كل خفض ورفع، وإذا قام وإذا وضع. فأخبرت ابن عباس - رضي الله عنه - قال: أو ليس تلك صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - لا أم لك؟ » (¬1). 117 - باب التكبير إذا قام من السجود 788 - عن قتادة عن عكرمة قال: «صليت خلف شيخ مكة، فكبر ثنتين وعشرين تكبيرة، فقلت لابن عباس: إنه أحمق، فقال: ثكلتك أمك، سنة أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم -» (¬2). 118 - باب وضع الأكف على الركب في الركوع 790 - عن أبي يعفور قال: سمعت مصعب بن سعد يقول: «صليت إلى جنب أبي فطبقت بين كفي ثم وضعتهما بين فخذي، فنهاني أبي وقال: كنا نفعله فنهينا عنه وأمرنا أن نضع أيدينا على الركب» (¬3). 119 - باب إذا لم يتم الركوع 791 - عن سليمان قال: سمعت زيد بن وهب قال: «رأى حذيفة رجلًا لا يتم الركوع والسجود، قال: ما صليت، ولو مت مت على غير الفطرة التي فطر الله محمدًا - صلى الله عليه وسلم -» (¬4). ¬

(¬1) التكبير عند الحركة فإذا هوى للسجود كبر، وإذا هوى للركوع كبر. * لأن خلفاء بني أمية بعضهم صوته خفيف، فخفيت هذه السنة. (¬2) كل ركعة فيها خمس، والإحرام والقيام من التشهد ثنتان فكانت اثنتان وعشرون، وفي الثلاثية سبعة عشر وفي الثنائية إحدى عشر، كالفجر والجمعة. (¬3) يعني حال الركوع مع تفريج الأصابع. (¬4) عليها من العيني زيادة. * وهذا معناه أن الذي لا يطمئن لا صلاة له، وفي حديث المسيء: «ارجع فصل فإنك لم تصل». * مراد أبي حنيفة عدم طول الأركان في عدم قوله بوجوب الطمأنينة.

121 - باب حد إتمام الركوع والاعتدال فيه، والطمأنينة

121 - باب حد إتمام الركوع والاعتدال فيه، والطمأنينة 792 - عن ابن أبي ليلى عن البراء قال: «كان ركوع النبي - صلى الله عليه وسلم - وسجوده وبين السجدتين وإذا رفع من الركوع - ما خلا القيام والقعود - قريبًا من السواء» (¬1). 122 - باب أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي لا يتم ركوعه بالإعادة 793 - عن أبي هريرة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل المسجد فدخل رجل فصلى، ثم جاء فسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فرد النبي - صلى الله عليه وسلم - - عليها السلام - فقال: «ارجع فصل فإنك لم تصل»، فصلى، ثم جاء فسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «ارجع فصل فإنك لم تصل» (ثلاثًا) فقال: والذي بعثك بالحق فما أحسن غيره فعلمني. قال: إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن (¬2)، ثم اركع حتى تطمئن راكعًا، ثم ارفع حتى تعتدل قائمًا، ثم اسجد حتى ¬

(¬1) هذا يدل على اعتدال صلاته - صلى الله عليه وسلم - إلا أن القيام أطول بعض الشيء، لكنها متقاربة. * هذا حديث المسيء في صلاته، وهو حديث عظيم، وفيه: تنبيه الإمام لما يقع من الخطأ. - ونصحه - صلى الله عليه وسلم - والاعتناء بأمور المسلمين. - ووجوب الطمأنينة في الصلاة. - وفيه أنه لم يأمره بإعادة الصلوات الماضية قاله بعدما سألته. (¬2) ..... الفاتحة وفي رواية أخرى بأم القرآن.

123 - باب الدعاء في الركوع

تطمئن ساجدًا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها». 123 - باب الدعاء في الركوع 794 - عن عائشة - رضي الله عنه - قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي» (¬1). 124 - باب ما يقول الإمام ومن خلفه إذا رفع رأسه من الركوع 795 - عن أبي هريرة قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قال سمع الله لمن حمده قال: اللهم (¬2) ربنا ولك الحمد. وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا ركع وإذا رفع رأسه يكبر (¬3)، وإذا قام من السجدتين قال: الله أكبر». 126 - باب 797 - عن أبي هريرة قال: «لأقربن صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - فكان أبو هريرة - رضي الله عنه - يقنت في الركعة الأخرى من صلاة الظهر وصلاة العشاء وصلاة الصبح بعدما يقول سمع الله لمن حمده فيدعو للمؤمنين ويلعن الكفار» (¬4). ¬

(¬1) مشروع في النافلة والفريضة. (¬2) جاء فيه أربع صفات: اللهم مع الواو وعدمها، وربنا مع الواو وعدمها. (¬3) فيه التكبير عند الخفض والرفع، وعند الرفع من الركوع يقول: سمع الله لمن حمده للإمام والمنفرد، وربنا ولك الحمد للجميع. (¬4) وهذا يسمى قنوت النوازل، ولا يختص بالليل ولا بالنهار، بل في جميع الصلوات، وفيه من الفوائد: عدم استئذان الإمام.

127 - باب الاطمئنان حين يرفع رأسه من الركوع

798 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: «كان القنوت في المغرب والفجر» (¬1). 127 - باب الاطمئنان حين يرفع رأسه من الركوع 800 - عن شعبة عن ثابت قال: «كان أنس ينعت لنا صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكان يصلي، وإذا رفع رأسه من الركوع قام حتى نقول قد نسي» (¬2). 801 - عن البراء - رضي الله عنه - قال: «كان ركوع النبي - صلى الله عليه وسلم - وسجوده وإذا رفع رأسه من الركوع وبين السجدتين قريبًا من السواء» (¬3). 128 - باب يهوى بالتكبير حين يسجد وقال نافع: كان ابن عمر يضع يديه قبل ركبتيه (¬4). 803 - عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وأبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة كان يكبر في كل صلاة من المكتوبة وغيرها في رمضان وغيره فيكبر حين يقوم، ثم يكبر حين يركع، ثم يقول سمع الله ¬

(¬1) يعني في الأغلب. * هل يقول المأموم سمع الله لمن حمده؟ ومن استدل بقوله: «صلوا كما رأيتموني أصلي»؟ . قال الشيخ: مجمل، فسره قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد: ولم يقل: قولوا مثله». (¬2) هذا المبالغة في الطمأنينة بعد الركوع وبين السجدتين. (¬3) يعني أن الصلاة معتدلة. إلا أن القيام أطول بعض الشيء. (¬4) قلت للشيخ: كأنه اختيار البخاري، أي تقديم اليديين؟ قال: حينما أورده ولم يتعقبه كأنه اختياره.

لمن حمده، ثم يقول ربنا ولك الحمد قبل أن يسجد، ثم يقول الله أكبر حين يهوي ساجدًا، ثم يكبر حين يرفع رأسه من السجود، ثم يكبر حين يسجد، ثم يكبر حين يرفع رأسه من السجود ثم يكبر حين يقوم من الجلوس في الاثنتين، ويفعل ذلك من كل ركعة حتى يفرغ من الصلاة (¬1)، ثم يقول حين ينصرف: والذي نفسي بيده، إني لأقربكم شبهًا بصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. إن كانت هذه لصلاته حتى فارق الدنيا. 804 - قالا: وقال أبو هريرة - رضي الله عنه - «وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين يرفع رأسه يقول: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد - يدعو لرجال فيسميهم بأسمائهم فيقول: اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام (¬2) وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر، واجعلها عليهم سنين كسنين يوسف. وأهل المشرق يومئذ من مضر مخالفون له». 805 - عن أنس بن مالك يقول: «سقط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن فرس - وربما قال سفيان من فرس - فجحش شقه الأيمن، فدخلنا عليه نعوده، فحضرت (¬3) الصلاة فصلى بنا قاعدًا وقعدنا. وقال سفيان مرة: صلينا ¬

(¬1) وفيه التكبير في حالات النقل، والجمهور على أنه السنة، والصواب: أنه واجب؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «صلوا كما رأيتموني أصلي». (¬2) أخو أبي جهل. * وهذا كان قبل الفتح فلما دخل الناس في دين الله توقف عنه، وهو قنوت النوازل. (¬3) الفريضة، ولمرضه صلى بهم في البيت، ويحتمل قبل فرض صلاة الجماعة ويحتمل أنها غير صلاة الفريضة، كالضحى أو الليل. وأدلة وجوب صلاة الجماعة محكمة، وهذه القصة محتملة مجملة.

129 - باب فضل السجود

قعودًا، فلما قضى الصلاة قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا. قال سفيان: كذا جاء به معمر؟ قلت: نعم. قال: لقد حفظ. كذا قال الزهري ولك الحمد، حفظت من شقه الأيمن. فلما خرجنا من عند الزهري قال ابن جريح وأنا عنده: فجحش ساقه الأيمن». قال الحافظ: ... وهذه من المسائل المختلف فيها. قال مالك: هذه الصفة أحسن في خشوع الصلاة، وبه قال الأوزاعي، وفيه حديث عن أبي هريرة رواه أصحاب السنن (¬1). 129 - باب فضل السجود 806 - عن الزهري قال: أخبرني سعيد بن المسيب وعطاء بن يزيد الليثي أن أبا هريرة أخبرهما «أن الناس قالوا: يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة؟ ... ولا يتكلم يومئذ أحد إلا الرسل، وكلام الرسل يومئذ: اللهم سلم سلم. وفي جهنم (¬2) كلاليب مثل شوك السعدان، هل رأيتم ¬

(¬1) فيه اختلاف في متنه. * المسألة خلافية، والأرجح الذي عليه الجمهور: تقديم الركبتين، وحديث ابن عمر في تقديم اليدين موقوف. * قلت: الأقوال ثلاثة: تخيير، والقولان المعروفان. (¬2) وفي الجسر، هذا هو المعروف في الروية.

130 - باب يبدي ضبعيه ويجافي في السجود

شوك السعدان؟ ... فكل ابن آدم تأكله النار إلا أثر السجود، فيخرجون من النار قد امتحشوا، فيصب عليهم ماء الحياة، فينبتون كما تنبت الحبة (¬1) في حميل السيل ... قال أبو سعيد الخدري لأبي هريرة - رضي الله عنهم -: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «قال الله: لك ذلك وعشرة أمثاله» (¬2). قال أبو هريرة: لم أحفظ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا قوله: «لك ذلك ومثله معه». قال أبو سعيد: إني سمعته يقول: «ذلك لك وعشرة أمثاله» (¬3). 130 - باب يبدي ضبعيه ويجافي في السجود 807 - عن عبد الله بن مالك بن بحينة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا صلى فرج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه» (¬4). 132 - باب إذا لم يتم السجود 808 - عن أبي وائل عن حذيفة رأى رجلًا لا يتم ركوعه ولا سجوده، ¬

(¬1) وهي التي تخرج في جانب السيل. * الحديث المذكور يدل على أن بعض المصلين يدخل النار لأعمالهم السيئة، لكن أماكن السجود لا تأكلها النار. (¬2) بعدما تعب ودخل النار أكرمه الله. (¬3) وهذا من حجج المكفرين لتارك الصلاة فهذا مع كونه يصلي هو الآخر فما بعده تارك، وإذا كانت هذه حال آخرهم دخولًا الجنة فكيف أولهم؟ ! (¬4) يدل على تعاهده - صلى الله عليه وسلم - لإبطيه، فهما خاليان من الشعر. * هذه السنة، يجافي بين عضديه، لكن المأموم لا يؤذي من حوله، والمجافاة عامة للرجال والنساء.

133 - باب السجود على سبعة أعظم

فلما قضى صلاته قال له حذيفة: ما صليت. قال وأحسبه قال: ولو مت مت على غير سنة محمد - صلى الله عليه وسلم -» (¬1). 133 - باب السجود على سبعة أعظم 809 - عن ابن عباس «أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يسجد على سبعة أعضاء (¬2)، ولا يكف شعرًا، ولا ثوبًا: الجبهة، واليدين، والركبتين، والرجلين». 811 - عن البراء بن عازب - وهو غير كذوب - قال: «كنا نصلي خلف النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإذا قال سمع الله لمن حمده لم يحن أحد منا ظهره حتى يضع النبي - صلى الله عليه وسلم - جبهته على الأرض» (¬3). 135 - باب السجود على الأنف والسجود على الطين 813 - عن يحيى عن أبي سلمة قال: انطلقت إلى أبي سعيد الخدري فقلت ألا تخرج بنا إلى النخل نتحدث؟ فخرج فقال: «قلت حدثني ما سمعت من النبي - صلى الله عليه وسلم - في ليلة القدر؟ قال: اعتكف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشر الأول من رمضان واعتكفنا معه، فأتاه جبريل فقال: إن الذي تطلب ¬

(¬1) فلابد من الطمأنينة، ومن لم يأت بها لم يصل. * يعني من نقرها ما صلى، مثل المسيء صلاته. (¬2) قلت: جاء هذا، وجاء أعظم. * من ضم ثوبه حتى لا يتأذى به هو أو من حوله هل هذا من الكف؟ لا، هذا سجد عليه، وإنما رفعه لئلا يؤذي من حوله. (¬3) وهذا هو الواجب عدم المسابقة، فإذا استوى ساجدًا سجد المأموم. * من رفع رجله في السجود ثم وضعها يضعها، ولا يرفعها قبل إمامه.

136 - باب عقد الثياب وشدها ومن ضم إليه ثوبه إذا خاف أن تنكشف عورته.

أمامك. فاعتكف العشر الأوسط فاعتكفنا معه، فأتاه جبريل فقال: إن الذي تطلب أمامك. قام النبي - صلى الله عليه وسلم - خطيبًا صبيحة عشرين من رمضان فقال: من كان اعتكف مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فليرجع فإني أريت ليلة القدر، وإني نسيتها، وإنها في العشر الأواخر في وتر، وإني رأيت كأني أسجد في طين وماء. وكان سقف المسجد جريد النخل وما نرى في السماء شيئًا، فجاءت قزعة (¬1) فأمطرنا، فصلى بنا النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى رأيت أثر الطين والماء على جبهة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأرنبته تصديق رؤياه» (¬2). 136 - باب عقد الثياب وشدها ومن ضم إليه ثوبه إذا خاف أن تنكشف عورته. 814 - عن سهل بن سعد قال: «كان الناس يصلون مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهم عاقدو أزرهم من الصغر على رقابهم، فقيل للنساء لا ترفعن رؤوسكن حتى يستوي الرجال جلوسًا» (¬3). قال الحافظ: ... وقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ذلك مقعد الشيطان» (¬4). ¬

(¬1) قزعة هكذا ضبطها الشيخ بفتحات. (¬2) يعنى ليلة إحدى وعشرين. * تحين العمرة ليلة سبع وعشرين؟ ينبغي ألا يتكلف ويضيق على الناس، يعتمر في الشهر كله. (¬3) لما حصل من الحاجة في كثير منهم - رضي الله عنهم -. (¬4) قلت: وفي مسلم قصة ابن عباس مع عبد الله بن الحارث.

139 - باب التسبيح والدعاء في السجود

139 - باب التسبيح والدعاء في السجود 817 - عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. يتأول القرآن» (¬1). 140 - باب المكث بين السجدتين (¬2) 819 - قال مالك بن الحويرث: فأتينا النبي - صلى الله عليه وسلم - فأقمنا عنده فقال: «لو ¬

(¬1) يفسر القرآن ويبين معناه. (¬2) قلت: هل تشرع الإشارة بين السجدتين؟ قال بعض أهل العلم إنه يشرع الإشارة بالسبابة بين السجدتين ولهم في ذلك دليلان: أحدهما: حديث ابن عمر - رضي الله عنهم -، الذي رواه مسلم من طريق معمر عن نافع عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - «كان إذا جلس في الصلاة وضع يديه على ركبتيه ورفع إصبعه اليمنى التي تلي الإبهام فدعا بها ... » الحديث. فأخذوا بعموم قوله «إذا جلس في الصلاة» وقالوا هذا يشمل الجلوس بين السجدتين كذلك. والجواب عن هذا أن يقال: إن المراد بقوله: «جلس في الصلاة» التشهد ولنا في ذلك دليلان: أحدهما: أن حديث ابن عمر المذكور قد رواه مسلم بلفظ آخر يبين المراد فرواه من طريق أيوب عن نافع بلفظ: «كان إذا قعد في التشهد ... ». وهو كذلك عند أحمد في مسنده (2/ 131) والبيهقي (2/ 130)، ولفظه عنده «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قعد يتشهد»، ولفظه عند الدرامي من =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= طريق أيوب أيضًا: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قعد في آخر الصلاة ... ». وله طريق أخرى عند مسلم من حديث ابن عمر بلفظ إذا جلس في الصلاة ... «ورواه مالك وأحمد والنسائي وأبو داود وابن خزيمة وابن حبان. ودليلنا الثاني: أن جميع من أخرج حديث ابن عمر بطريقيه ذكره في أبواب التشهد، ولم يذكره في أبواب الجلوس بين السجدتين. قال النسائي على الحديث المذكور: باب موضع البصر في التشهد، وبوب الدارمي: باب الإشارة في التشهد، ومثله أبو داود. وقال ابن خزيمة: باب وضع اليدين على الركبتين في التشهد الأول والثاني والإشارة بالسبابة من اليد اليمنى، ونحوه لابن حبان فأصبحت لفظة في الصلاة، مجملة بينتها الروايات الأخرى والمجمل يوضحه المبين، وهذا ما فهمه أئمة الحديث وأهل الشأن. ودليلهم الثاني: ما رواه عبد الرزاق في مصنفه (2/ 68) وعند أحمد في المسند (4/ 317)، والطبراني في الكبير (22/ 34)، من طريق الثوري عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال: «رمقت النبي - صلى الله عليه وسلم - فرفع يديه حين كبر (وفيه) ثم وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى وذراعه اليمنى على فخذه اليمنى ثم أشار بسبابته ووضع الإبهام على الوسطى وحلق بها، وقبض سائر أصابعه، ثم سجد فكانت يداه حذو أذنيه». وقد روى الحديث عن الثوري ثلاث أنفس هذا لفظ عبد الرازق، ورواه محمد بن يوسف الفريابي عن الثوري به كما عند النسائي ولفظه: «أنه =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - جلس في الصلاة فافترش رجله اليسرى ووضع ذراعيه على فخذيه وأشار بالسبابة يدعو بها» فلم يذكر السجدة بعد الإشارة، والفريابي ثبت في الثوري فهو من الملازمين له ونص جماعة على أنه مقدم على عبد الرزاق في الثوري كابن عدي، ورواه عبد الله بن الوليد العدني عن سفيان به كما عند أحمد (4/ 318)، ولفظه عن وائل بن حجر - رضي الله عنه - قال: «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - حين كبر رفع يديه حذاء أذنيه (وفيه) فلما جلس حلق الوسطى والإبهام، وأشار بالسبابة ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى». ولا يقال هذه زيادة ثقة. فقد أخرج الحديث النسائي من طريق ابن عيينة عن عاصم به وأحمد (4/ 319)، ابن خزيمة (697)، كلاهما عن شعبة والطحاوي (1/ 152)، عن أبي الأحوص وكذلك الطبراني (22/ 34)، كلهم عن عاصم به وصرحوا بأن الإشارة في التشهد، فلفظ أحمد «فلما قعد يتشهد» ولفظ ابن خزيمة «وأشار بأصبعه السبابة يعني في الجلوس في التشهد» ولفظ الطحاوي «فلما قعد في التشهد ... » ومثله للطبراني. وعبد الرازق - رحمه الله -، وإن كان من الأئمة الحفاظ إلا أن له ألفاظًا ينفرد بها لا يتابع عليها وهذا منها. فالمحفوظ بلا ريب الإشارة في التشهد، فهو مما استفاضت به الأحاديث عليه تبويب الأئمة رحمهم الله. =

141 - باب لا يفترش ذراعيه في السجود

رجعتم إلى أهليكم، صلوا صلاة كذا في حين كذا، صلوا صلاة كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم، وليؤمكم أكبركم» (¬1). 821 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: «إني لا آلو أن أصلي بكم كما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي بنا - قال ثابت: كان أنس يصنع شيئًا لم أر كم تصنعونه - كان إذا رفع رأسه من الركوع قام حتى يقول القائل قد نسي، وبين السجدتين حتى يقول القائل قد نسي» (¬2). 141 - باب لا يفترش ذراعيه في السجود وقال أبو حميد: سجد النبي - صلى الله عليه وسلم - ووضع يديه غير مفترش ولا قابضهما. 822 - عن أنس بن مالك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اعتدلوا في السجود، ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب» (¬3). ¬

= فائدة: سئل شيخنا ابن باز - رحمه الله - سنة 1413 هـ-في جمادي الثانية في السادس عشر منه في أثناء قراءة الدرامي عن تحريك الإصبع بين السجدتين؟ فأجاب: «شاذة، والأولى البسط ومثله بيده» كتبته عنه بحروفه - رحمه الله تعالى - والله أعلم. (¬1) لأنهم كانوا شببة متقاربين، وإلا في حديث ابن مسعود: «يؤم القوم أقرأهم ... ». (¬2) لأنه كان يركد فيها بين السجدتين، وهكذا بعد الركوع. (¬3) ولذا قال: إذا سجدت فضع كفيك وارفع مرفقيك.

142 - باب من استوى قاعدا في وتر من صلاته ثم نهض

142 - باب من استوى قاعدًا في وتر من صلاته ثم نهض 823 - حدثنا محمد (¬1) بن الصباح قال أخبرنا هشيم قال أخبرنا خالد الحذاء عن أبي قلابة قال أخبرنا مالك بن الحويرث الليثي أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي، فإذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعدًا» (¬2). ¬

(¬1) الدولابي أبو جعفر. * إذا كان الإمام يجلس للاستراحة متى يكبر؟ عند الرفع من السجود، وإذا خشي الاختلاف جعله عند القيام، وإذا علم المأموم أنه يجلس للاستراحة لم يختلفوا عليه إذا كبر بعد السجود. * قلت: فيه حديث صريح رواه البيهقي. وتقدم التنبيه على ذلك في باب من صلى بالناس وهو لا يريد إلا أن يعلمهم صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وسنته وهو باب (45). ثم تبين لي أن رواية البيهقي ليست ثابتة فسياقها غير محفوظ دل على ذلك ما أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (1/ 341) وأن التكبير المذكور إنما هو عند السجود. ثم رأيت أبا بكر الجصاص قد نقل الاتفاق على أن التكبير عند الرفع من السجود ثم يقوم وينهض بلا تكبير .. اه-قلت في حكاية الاتفاق نظر والنقل المذكور أنظره في مختصر اختلاف العلماء (1/ 214). * قلت: جلسة الاستراحة مباحة كالحركة لحاجة وهو ظاهر اختيار ابن رجب في شرح البخاري وهو أصح الأقوال الثلاثة. * قال شيخنا: وجلسة الاستراحة مشروعة، وكأنه يقول مطلقًا. (¬2) وهذا والله أعلم بعدما أسن، والمعروف الاعتماد على ركبتيه عند القيام.

143 - باب كيف يعتمد على الأرض إذا قام من الركعة

143 - باب كيف يعتمد على الأرض إذا قام من الركعة 824 - عن أبي قلابة قال: «جاءنا مالك بن الحويرث فصلى بنا في مسجدنا هذا فقال: إني لأصلي بكم وما أريد الصلاة، ولكن أريد أن أريكم كيف رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي. قال أيوب: فقلت لأبي قلابة وكيف كانت صلاته؟ قال: مثل صلاة شيخنا هذا - يعني عمرو بن سلمة - قال أيوب: وكان ذلك الشيخ يتم التكبير، وإذا رفع رأسه عن السجدة الثانية جلس واعتمد على الأرض، ثم قام». قال الحافظ: ... عن أبي هريرة أنه - صلى الله عليه وسلم - كان ينهض على صدور قدميه، وعن ابن مسعود مثله بإسناد صحيح، وعن إبراهيم أنه كره أن يعتمد على يديه إذا نهض (¬1). 144 - باب يكبر وهو ينهض من السجدتين وكان ابن الزبير يكبر في نهضته. 825 - حدثنا يحيى (¬2) بن صالح قال حدثنا فليح بن سليمان عن سعيد بن الحارث قال: «صلى لنا أبو سعيد، فجهر بالتكبير حين رفع رأسه من السجود وحين سجد وحين رفع وحين قام من الركعتين وقال: هكذا رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم -». ¬

(¬1) انظر في العجن عند القيام: غريب الحديث، لإبراهيم بن إسحاق (2/ 525) الضعيفة (2/ 392). (¬2) الوحاظي.

145 - باب سنة الجلوس في التشهد وكانت أم الدرداء تجلس في صلاتها جلسة الرجل، وكانت فقيهة.

145 - باب سنة الجلوس في التشهد وكانت أم الدرداء تجلس في صلاتها جلسة الرجل، وكانت فقيهة. 827 - عن عبد الله بن عبد الله أنه أخبره «أنه كان يرى عبد الله بن عمر - رضي الله عنهم - يتربع في الصلاة إذا جلس، ففعلته وأنا يومئذ حديث السن، فنهاني عبد الله بن عمر وقال: إنما سنة الصلاة أن تنصب رجلك اليمنى وتثني اليسرى، فقلت: إنك تفعل ذلك، فقال: إن رجلي لا تحملاني» (¬1). 828 - حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا الليث عن خالد عن سعيد (¬2) عن محمد بن عمر ..... عن محمد بن عمرو بن عطاء: أنه كان جالسًا مع نفر من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فذكرنا صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال أبو حميد الساعدي «أنا كنت أحفظكم لصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، رأيته إذا كبر جعل يديه حذاء منكبيه، وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه، ثم هصر (¬3) ظهره، فإذا رفع رأسه استوى حتى يعود كل فقار مكانه، فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما، ... ¬

(¬1) لأجل المشقة، والسنة الافتراش ونصب اليمنى في التشهد الأول، لكن إذا لم يتيسر جلس. * المرأة كالرجل في الجلوس. (¬2) ابن أبي هلال. (¬3) ثناه في استوائه من غير تقويس. * سجود السهو في التورك والافتراش كحال المصلي قبل سجود السهو، إن كان الحال افتراش فيفترش، وإن كان الحال تورك تورك.

146 - باب من لم ير التشهد الأول واجبا لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قام من الركعتين ولم يرجع

146 - باب من لم ير التشهد الأول واجبًا لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قام من الركعتين ولم يرجع 829 - وعن عبد الله بن بحينة وكان من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بهم الظهر، فقام في الركعتين الأوليين لم يجلس، فقام الناس معه، حتى إذا قضى الصلاة وانتظر الناس تسليمه كبر وهو جالس، فسجد سجدتين قبل أن يسلم، ثم سلم» (¬1). 149 - باب الدعاء قبل السلام 832 - عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرته أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو في الصلاة: «اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا وفتنة الممات. اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم». فقال له قائل: ما أكثر ما تستعيذ من المغرم؟ فقال: «إن الرجل إذا غرم حدث فكذب، ووعد فأخلف» (¬2). ¬

(¬1) هذا يدل على الوجوب، لا على عدم الوجوب، ولهذا يسجد للسهو. * إذا دعي للصلاة على جنازة وقد شرع في نافلة هل يقطعها؟ ما أعلم مانعًا، فوقت النافلة واسع. (¬2) التعوذ بالله من أربع سنة عند الجمهور، ويروى عن طاووس أنه أمر ابنه بهذا. * سألت سماحة الشيخ عن السر في عدم ذكر البخاري روايات الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في كتاب الصلاة بل أخرها في كتاب الأنبياء في ذكر إبراهيم؟ فسكت الشيخ ولم يجبني.

151 - باب من لم يمسح جبهته وأنفه حتى صلى

151 - باب من لم يمسح جبهته وأنفه حتى صلى قال أبو عبد الله: رأيت الحميدي يحتج بهذا الحديث أن لا يمسح الجبهة في الصلاة. 836 - عن أبي سلمة قال: «سألت أبا سعيد الخدري فقال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسجد في الماء والطين، حتى رأيت أثر الطين في جبهته» (¬1). قال الحافظ: ... وذكر العقيلي وابن عبد البر أن حديث التسليمة الواحدة معلول، وبسط ابن عبد البر الكلام على ذلك (¬2). 153 - باب يسلم حين يسلم الإمام وكان ابن عمر - رضي الله عنهم - يستحب إذا سلم الإمام أن يسلم من خلفه. 838 - عن محمود بن الربيع عن عتبان قال: «صلينا مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فسلمنا حين سلم» (¬3). 155 - باب الذكر بعد الصلاة 842 - عن ابن عباس - رضي الله عنهم - قال: «كنت أعرف انقضاء صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بالتكبير» (¬4). ¬

(¬1) المسح يكون بعد السلام. (¬2) قلت: وأحمد وابن المديني والأثرم وابن القيم وابن رجب كلهم ضعفوا أحاديث التسليمة الواحدة. انظر فتح الباري لابن رجب (7/ 367). (¬3) هذا المشروع لا يجلس يدعو بل يسلم. (¬4) يعني قول: سبحان الله والحمد لله والله أكبر. فالأحاديث يفسر بعضها بعضًا. * وفيه مشروعية الذكر بعد الصلاة، وأن الذاكر يرفع صوته إن شاء قال: سبحان الله ثلاثًا، وإن شاء قال: سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثًا.

844 - عن وراد كاتب المغيرة بن شعبة قال: أملى علي المغيرة بن شعبة - في كتاب إلى معاوية - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد» (¬1). قال الحافظ: ... تسبحون عشرًا وتحمدون عشرًا وتكبرون عشرًا، ولم أقف في شيء من طرق حديث أبي هريرة على من تابع ورقاء (¬2) على ذلك لا عن سُمي ولا عن غيره، .. قال الحافظ: ... (له الملك وله الحمد) زاد الطبراني من طريق أخرى عن المغيرة (¬3) «يحي ويميت وهو حي لا يموت، بيده الخير - إلى - قدير ... ¬

(¬1) لا ينفع ذا الغني منك غناه. (¬2) قلت: انظر: فتح الباري لابن رجب (7/ 408) فقد ذكر أن عبيد الله بن عمر تابعه عن سمي، إلى أن قال ابن رجب ومراده: المتابعة على إسناده قال الحافظ ابن حجر في: فتح الباري (11/ 134) أن المتابعة في أصل الإسناد وفي أصل الحديث، لا في العدد المذكور. (¬3) قلت: الذي رأيته عند الطبراني (20/ 392) من طريق المسيب بن رافع وهو ثقه من رجال الجماعة عن وراد عن المغيرة وفيه: وله الملك وله الحمد وهو حي لا يموت بيده الخير ... الحديث. وقد خالف المسيب بن رافع أكثر من ثمانية من الرواة لم يذكروها فتكون شاذة. قلت: وكذلك لم تجيء هذه الزيادة في شيء من طريق حديث ابن الزبير عند مسلم في الذكر بعد الصلاة أعني «يحيي ويميت وهو حي لا يموت».

156 - باب يستقبل الإمام الناس إذا سلم

قال الحافظ: ... (فائدة) اشتهر على الألسنة في الذكر المذكور زيادة «ولا راد لما قضيت» وهي في مسند عبد بن حميد من رواية معمر عن عبد الملك ابن عمير بهذا الإسناد، لكن حذف قوله «ولا معطي لما منعت» ووقع عند الطبراني تامًا من وجه آخر كما سنذكره في كتاب القدر إن شاء الله تعالى. ووقع عند أحمد والنسائي وابن خزيمة من طريق هشيم عن عبد الملك بالإسناد المذكور أنه كان يقول الذكر المذكور أولًا ثلاث مرات (¬1). 156 - باب يستقبل الإمام الناس إذا سلم 845 - عن سمرة بن جندب قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى صلاة أقبل علينا بوجهه» (¬2). قال الحافظ: ... وروى ابن أبي شيبة بإسناد حسن (¬3) عن علي قال «من السنة أن لا يتطوع الإمام حتى يتحول من مكانه» ... ¬

(¬1) قلت: انظر الطبراني (20/ 386) قبلها وبعدها، وكل روايات الطبراني ليس فيها: ولا راد لما قضيت ... فقد ذكر تسع أنفس يروونه عن وراد ليس فيه هذا الحرف، وهي عند عبد بن حميد، ومن خلال المسند الجامع تفرد بها عبد الملك بن عمير عن الجماعة، واختلف عليه فيها فيذكرها معمر وخالفه سفيان الثوري وغيره. (¬2) السنة للإمام إذا سلم أن يقبل بوجهه. (¬3) قلت: في إسناده عباد بن عبد الله الأسدي فيما أظن ضعيف.

160 - باب ما جاء في الثوم النيء والبصل والكراث

160 - باب ما جاء في الثوم النيء والبصل والكراث 856 - عن عبد الوارث عن عبد العزيز قال: «سأل رجل أنسًا: ما سمعت نبي الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في الثوم؟ فقال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - «من أكل من هذه الشجرة فلا يقربنا - أو - لا يصلين معنا» (¬1). 161 - باب وضوء الصبيان، ومتى يجب عليهم الغسل والطهور؟ وحضورهم الجماعة والعيدين والجنائز وصفوفهم. 859 - عن ابن عباس - رضي الله عنهم - قال: «بت عند خالتي ميمونة ¬

(¬1) النهي للتحريم. * لا يدخل المسجد ولو ما فيه أحد (من أكل البصل). * الثوم والكراث والدخان لا يجوز للرجل الذي به هذه أن يصلي مع الناس، ولا يأكلها لقصد الامتناع عن الصلاة، فإن فعل ذلك حرم عليه. * إذا أكل الجميع في البر يصلون وإذا أكل البعض يترك الآكل الصلاة ولو في البر لأجل أذية إخوانه. قلت: انظر صحيح مسلم برقم 566. * قرئ على شيخنا حديث المغيرة وصلاته مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد أكل الثوم. فقال الشيخ: لك عذر في أكل الثوم. والحديث في سنن أبي داود. * فقيل للشيخ: لم يزجر المغيرة عن الحضور؟ فقال الشيخ: الأحاديث يفسر بعضها بعضًا، وحديث المغيرة الأحاديث أصح منه. ثم ضعف الشيخ حديث المغيرة، فيه: محمد بن سليم الراسبي، فالأحاديث الصحيحة مقدمة وهذا ضعيف.

ليلة، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما كان في بعض الليل قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتوضأ من شن معلق وضوءً خفيفًا - يخففه عمرو ويقلله جدًا - ثم قام يصلي، فقمت فتوضأت نحوًا مما توضأ، ثم جئت فقمت عن يساره، فحولني فجعلني من يمينه، ثم صلى ما شاء الله (¬1)، ثم اضطجع فنام حتى نفخ. فأتاه المنادي يؤذنه بالصلاة فقام معه إلى الصلاة فصلى ولم يتوضأ». قلنا لعمرو: إن ناسًا يقولون: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - تنام عينه ولا ينام قلبه. قال عمرو: سمعت عبيد بن عمير يقول: «إن رؤيا الأنبياء وحي» ثم قرأ: {إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ}. 861 - عن ابن عباس - رضي الله عنهم - قال: «أقبلت راكبًا على حمار أتانٍ، وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالناس بمنى إلى غير جدار، فمررت بين يدي بعض الصف، فنزلت وأرسلت الأتان ترتع، ودخلت في الصف، فلم ينكر ذلك على أحد» (¬2). 862 - عن عائشة قالت: «أعتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في العشاء حتى ناداه عمر: قد نام النساء والصبيان فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «إنه ليس أحد من أهل الأرض يصلي هذه الصلاة غيركم. ولم يكن أحد يومئذ يصلي غير أهل المدينة» (¬3). ¬

(¬1) وهذا في صلاة الجماعة أحيانًا من الليل. (¬2) لأن مرورها بين الصفوف لا يضر أحدًا. * الأقرب أنه جاءه الوحي، وإلا وصل الإسلام إلى البعض ولم يبق إلا هم ينتظرون. (¬3) هذا من الراوي ليس بشيء، يوجد غيرهم مسلمون.

162 - باب خروج النساء إلى المساجد بالليل والغلس

863 - عن عبد الرحمن بن عابس سمعت ابن عباس - رضي الله عنهم - قال له رجل: شهدت الخروج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم، ولولا مكاني منه ما شهدته - يعني من صغره - أتى العلم الذي عند دار كثير بن الصلت، ثم خطب، ثم أتى النساء فوعظهن وأمرهن أن يتصدقن، فجعلت المرأة تهوي بيدها إلى حلقها تلقى في ثوب بلال، ثم أتى هو وبلال البيت» (¬1). 162 - باب خروج النساء إلى المساجد بالليل والغلس 864 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «أعتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعتمة حتى ناداه عمر: نام النساء والصبيان، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «ما ينتظرها أحد غيركم من أهل الأرض. ولا يصلى يومئذ إلا بالمدينة»، وكانوا يصلون العتمة فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل الأول». 865 - عن ابن عمر - رضي الله عنهم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا استأذنكم نساؤكم بالليل إلى المسجد فأذنوا لهن (¬2)» (¬3). ¬

(¬1) صلاة العيد. (¬2) في اللفظ الآخر: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله» فتخرج إذا خرجت غير متعطرة. (¬3) ليس له منعها. قلت: نقل البيهقي (3/ 133) على أن الأمر بعدم المنع على الاستحباب لا على الإيجاب عن عامة أهل العلم. * فائدة: في ترجمة عاتكة بنت زيد في (الإصابة) وكانت تخرج للصلاة فاحتال عليها الزبير بن العوام زوجها فكسعها على عجيزتها لما خرجت فلم تعد تخرج وقالت فسد الناس. حيلة منه لمنعها حيث اشترطت عليه ألا يمنعها المسجد حينما تزوجها. والقصة أخرجها ابن عبد البر في التمهيد (23/ 405 - 406) بسند منقطع وانظر الإصابة (8/ 12).

163 - باب انتظار الناس قيام الإمام العالم

163 - باب انتظار الناس قيام الإمام العالم 867 - عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة قالت: «إن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلي الصبح فينصرف النساء متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس» (¬1). 868 - عن عبد الله بن أبي قتادة الأنصاري عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إني لأقوم إلى الصلاة وأنا أريد أن أطول فيها، فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه» (¬2). 869 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «لو أدرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أحدث النساء لمنعهن كما منعت نساء بني إسرائيل. قلت لعمرة: أو منعن؟ قالت: نعم» (¬3). ¬

(¬1) إذا دعت الحاجة إلى هذا لا بأس. (¬2) وهذا من لطفه ورحمته - صلى الله عليه وسلم -، وفيه: أن الإمام يراعي المأمومين. وفيه لا حرج بأخذ الصبي، ولو دون التمييز؛ لأن ما كل امرأة تجد من يحفظ الصبي فتأخذه معها. (¬3) وهذا من عائشة - رضي الله عنه - اجتهاد منها، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لا يشرع من تلقاء نفسه، هو يشرع من الله عن علم، والله يعلم أحوال الناس.

164 - باب صلاة النساء خلف الرجال

164 - باب صلاة النساء خلف الرجال 871 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: «صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيت أم سليم، فقمت ويتيم خلفه وأم سليم خلفنا» (¬1). 166 - باب استئذان المرأة زوجها بالخروج إلى المسجد 873 - عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا استأذنت امرأة أحدكم فلا يمنعها» (¬2). ¬

(¬1) وهذا لما زارهم في بعض الأيام ضحى، فصلى بهم، وطعم، فدل على جواز مصافة الصغير، وأن المرأة تقف خلف الرجال، ولو كان من معها محرمًا. (¬2) قلت: نقل البيهقي أن نهي الرجال، على الكراهة لا على التحريم، وأن هذا قول عامة العلماء وتقدم قريبًا. * الجمعة لا نهي قبلها، فيصلى ما شاء، ولو مائة، يصلي ما شاء. قلت: حديث سلمان الذي أخرجه المصنف برقم 883 ظاهر فيما قال شيخنا.

11 - كتاب الجمعة

11 - كتاب الجمعة 1 - باب فضل الغسل يوم الجمعة 877 - عن ابن عمر - رضي الله عنهم - «أن عمر بن الخطاب بينما هو قائم في الخطبة يوم الجمعة إذ دخل رجل من المهاجرين الأولين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فناداه عمر: أية ساعة هذه؟ قال: إني شغلت فلم أنقلب إلى أهلي حتى سمعت التأذين، فلم أزد أن توضأت. فقال: والوضوء أيضًا؟ وقد علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر بالغسل» (¬1). 878 - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم» (¬2). ¬

(¬1) غسل الجمعة سنة مؤكدة. * إذ اغتسل بعد الفجر كفى، لكن الأفضل عند الرواح للجمعة. وسئل الغسل قبل الفجر؟ قال: لا، بل في النهار بعد الفجر. * وهذا من عمر حث على التبكير والغسل؛ فالغسل مؤكد يوم الجمعة، والتبكير. (¬2) يعني بالغ، لكن غير المحتلم لا يتأكد عليه لكن يؤمر بالصلاة. * والغسل متأكد، وقوله: واجب، أي متأكد، ولقرنه بالسواك والطيب، ولرواية مسلم: «من توضأ يوم الجمعة» ولرواية سمرة: «من توضأ فبها ونعمت».

3 - باب الطيب للجمعة

3 - باب الطيب للجمعة 880 - عن أبي بكر بن المنكدر قال حدثني عمرو بن سليم الأنصاري قال: أشهد على أبي سعيد قال: «أشهد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: الغسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم، وأن يستن (¬1)، وأن يمس طيبًا إن وجد». قال عمرو: أما الغسل فأشهد أنه واجب، وأما الاستنان والطيب فالله أعلم أواجب هو أم لا، ولكن هكذا في الحديث. قال أبو عبد الله: هو أخو محمد بن المنكدر، ولم يسم أبو بكر هذا. رواه عنه بكير بن الأشج وسعيد ابن أبي هلال وعدة. وكان محمد بن المنكدر بأبي بكر وأبي عبد الله. 4 - باب فضل الجمعة يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشًا أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة. فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر» (¬2). ¬

(¬1) أي يستاك، وهذه قرينة على أن الغسل غير واجب. * القول بأن وقت الجمعة كوقت العيد ضعيف، الصواب كالظهر بعد الزوال. (¬2) ساعات الجمعة بعد ارتفاع الشمس. * من لبس الخف الأيمن بعد غسل الرجل اليمنى الأحوط خلع الخف بعد غسل اليسرى، وشيخ الإسلام رخص فيه - رحمه الله -، وأنا عندي فيه توقف، الأحوط الخلع ثم اللبس.

6 - باب الدهن للجمعة

قال الحافظ: ... «يوم الجمعة اثنتا عشرة ساعة» وهذا وإن لم يرد في حديث التبكير فيستأنس به في المراد (¬1). 6 - باب الدهن للجمعة 885 - عن إبراهيم بن ميسرة عن طاووس «عن ابن عباس - رضي الله عنهم - أنه ذكر قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الغسل يوم الجمعة، فقلت لابن عباس: أيمس طيبًا أو دهنًا إن كان عند أهله؟ فقال: لا أعلمه» (¬2). 7 - باب يلبس أحسن ما يجد 886 - عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب رأى حلة سيراء عند باب المسجد فقال: يا رسول الله لو اشتريت هذه فلبستها يوم الجمعة وللوفد إذا قدموا عليك. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة». ثم جاءت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منها حلل، فأعطى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حلة: فقال عمر: يا رسول الله، كسوتنيها وقد قلت في حلة عطارد ما قلت. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إني لم أكسكها لتلبسها». فكساها ¬

(¬1) الساعة ما هي؟ النهار مجزأ اثنتا عشرة ساعة. (¬2) من طيب أهله ما فائدته، وطيب المرأة لا ريح له؟ قال الشيخ: يعني ماله رائحة قوية، وهو خير من عدم الطيب. * السنة ثابتة في الطيب؛ لاجتماع الناس، مع الغسل. * يلبس من خير ثيابه، ويدهن، ويزيل شعث الشعر، ويتطيب، ثم يصلي ما كتب له، ثم يستمع.

8 - باب السواك يوم الجمعة وقال أبو سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: يستن

عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أخًا له بمكة مشركًا» (¬1). 8 - باب السواك يوم الجمعة وقال أبو سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: يستن 889 - عن أبي وائل عن حذيفة قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قام من الليل يشوص فاه» (¬2). 9 - باب من تسوك بسواك غيره 890 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «دخل عبد الرحمن بن أبي بكر ومعه سواك يستن به، فنظر إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلت له: أعطني هذا السواك يا عبد الرحمن، فأعطانيه، فقصمته ثم مضغته، فأعطيته رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاستن به وهو مستند إلى صدري» (¬3). ¬

(¬1) هذا يدل على أن الهدية لا يلزم منها الاستعمال يعطيها زوجاته، بناته، أو يبيعها. * آلات اللهو لو تاب منها أيبيعها على كافر؟ لا، لا يبيعها. (¬2) يعني بالسواك. * السواك اثناء الخطبة لا ينبغي نوع من العبث. (¬3) لا بأس يعطي أخاه سواكًا يستاك به. * الصلاة بعد الأذان الأول في مكة؟ لا ينبغي، لا يخصونه بصلاة.

18 - باب المشي إلى الجمعة وقول الله جل ذكره: {وسعى لها سعيها}.

18 - باب المشي إلى الجمعة وقول الله جل ذكره: {وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا}. ومن قال: السعي العمل والذهاب لقول الله تعالى: {وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا} وقال إبراهيم بن سعد عن الزهري: إذا أذن المؤذن يوم الجمعة وهو مسافر فعليه أن يشهد (¬1) 907 - عن يزيد بن أبي مريم قال: حدثنا عباية بن رفاعة قال: أدركني أبو عبس وأنا أذهب إلى الجمعة فقال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار». ¬

(¬1) قلت هذا بحث متعلق بمسألة حضور الجمعة للمسافر النازل في البلد هل يجب عليه حضور الجمعة أم لا؟ وقد أسميته: (الاهتداء إلى حكم حضور الجمعة على المسافر القار في البلد إذا سمع النداء). وقبل الشروع في هذه المسألة أقول إن المسافر له حالتان: * حال استقلال بجماعة المسافرين وانفصاله عن البلد. * حال استقرار في بلد لا يقطع حكم السفر. ففي الصورة الأولى: هل تجب الجمعة على المسافرين وحدهم؟ والجواب: يقال إن الجمعة لا تجب على المسافرين بل لو صلوها جمعة لا تصح منهم والدليل على ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سافر أسفارًا كثيرة في حياته - صلى الله عليه وسلم - ولم ينقل عنه حرف واحد أنه جمع بأصحابه، وقد صادفته الجمعة في أسفاره كثيرًا ولو صلى الجمعة في أسفاره لكانت الهمم متوافرة على نقل ذلك. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= ولا أدل على ذلك من سفره لحجه - صلى الله عليه وسلم - فقد وافق يوم عرفه يوم الجمعة ومع ذلك فقد صلى الظهر والعصر جمعًا وقصرًا وقد سماها جابر الظهر كما في صحيح مسلم (1218) ولم يجهز بالقراءة وأيضًا خطب قبل الأذان خطبة واحدة ثم أذن وصلى وهذا العلم به ظاهر لأهل العلم لا يكادون يختلفون في ذلك. وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد». وإنما محل البحث في: الصورة الثانية: وهي إذا كان المسافر مستقرًا في بلد استقرارًا لا يقطع أحكام السفر فهل يجب عليه حضور الجمعة أم لا؟ وسيأتي الكلام على هذه المسألة لاحقًا. وقد وردت آثار في نفي وجوب الجمعة عن المسافر لا بأس بذكرها مع الكلام على أسانيدها ثم نذكر إن شاء الله كلام أهل العلم. أولاً: حديث تميم الداري. أخرجه البيهقي (3/ 184) من طريق محمد بن طلحة عن الحكم عن ضرار بن عمرو عن أبي عبد الله الشامي عن تميم الداري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الجمعة واجبة إلا على امرأة أو صبي أو مريض أو عبد أو مسافر» وهذا الحديث واه جدًا فضرار بن عمرو منكر الحديث كما قال البخاري وأورد له العقيلي هذا الحديث في ضعفائه (2/ 222) وقال: لا يتابع عليه وأبو عبد الله الشامي لا يعرف كما قال الذهبي في الميزان. والحديث قال =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= عنه أبو زرعه الرازي عبيد الله بن عبد الكريم قال: هذا حديث منكر (علل ابن أبي حاتم (2/ 212)). ثانيًا: حديث جابر أخرجه الدارقطني في السنن (2/ 3) والبيهقي (3/ 174) وابن عدي في كامله (2425) وابن الجوزي في التحقيق (788) من طريق ابن لهيعة عن معاذ بن محمد الأنصاري عن أبي الزبير عن جابر أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة يوم الجمعة إلا مريض أو مسافر أو امرأة أو صبي أو مملوك فمن استغنى بلهو أو تجارة استغنى الله عنه والله غني حميد» وهذا الحديث كسابقه واه جدًا. ابن لهيعة ضعيف ومعاذ بن محمد قال العقيلي في حديثه وهم، وقال ابن عدي منكر الحديث وذكر حديثه هذا وضعفه الحافظ في التلخيص (2/ 65)، وقال ابن عبد الهادي لا يصح، وكذا قال الذهبي. انظر التحقيق لابن الجوزي (4/ 121). ثالثًا: حديث أبي هريرة. أخرجه الطبراني في الأوسط (2/ 196) من طريق إبراهيم بن حماد بن أبي حازم المديني ثنا مالك بن أنس عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خمسة لا جمعة عليهم المرأة والمسافر والعبد والصبي وأهل البادية» قال الطبراني لم يروه عن مالك إلا إبراهيم. والحديث أخرجه الدارقطني في غرائب مالك كما ذكره الحافظ في لسان =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= الميزان (1/ 268) قال الدارقطني تفرد به إبراهيم وكان ضعيفًا. رابعًا: حديث ابن عمر. أخرجه الدارقطني في السنن (2/ 4) والطبراني في الأوسط (882) من طريق عبد الله بن نافع عن أبيه عن أبن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس على المسافر جمعة» وهذا إسناده ضعيف جدًا كذلك فعبد الله بن نافع قال أبو حاتم فيه منكر الحديث وهو أضعف ولد نافع وقال البخاري منكر الحديث، والمحفوظ في هذا الحديث الوقف على ابن عمر، أخرجه البيهقي (3/ 184) من طريق ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث حدثني عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال لا جمعة على مسافر قال البيهقي هذا هو الصحيح موقوف ورواه عبد الله بن نافع عن أبيه فرفعه. أ. هـ. وقد رواه ابن المنذر (4/ 19) وعبد الرزاق (5198) (3/ 172) موقوفًا. خامسًا: مرسل الحسن روى عبد الرزاق (3/ 174) عن ابن عيينة عن عمرو (هو ابن دينار) عن الحسن قال: قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «ليس على المسافر جمعة» وهو ضعيف لإرساله، والحسن هو ابن محمد بن علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي مدني تابعي ثقة، وأبوه هو ابن الحنفية. وأما الآثار عن الصحابة والتابعين فمنها أثر ابن عمر المتقدم وهو صحيح ثابت. * أثر علي: أخره ابن المنذر في الأوسط (4/ 19) من طريق أبي إسحاق عن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= الحارث عن علي قال ليس على المسافر جمعة، والحارث واه. وروى عبد الرزاق (3/ 168) وابن أبي شيبه (2/ 101) وغيرهما من طريق سعد بن عبيده عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي أنه قال: «لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع» [إسناده صحيح]. * أثر عبد الرحمن بن سمرة: وأخرج عبد الرزاق في مصنفه (4352) وابن المنذر في الأوسط (4/ 360) من طريق هشام بن حسان عن الحسن قال: كنا مع عبد الرحمن بن سمرة في بعض بلاد فارس سنتين وكان لا يجمع ولا يزيد على ركعتين. وإسناده صحيح، وأخرجه البيهقي (3/ 185) من طريق يونس بن عبيدة عن الحسن قال: كنا مع عبد الرحمن بن سمرة بخراسان نقصر الصلاة ولا نجمع. قال البيهقي هكذا وجدته في كتابي ولا نجمع بالتشديد ورفع النون. * أثر أنس: وأخرج ابن المنذر (4/ 20) من طريق يونس عن الحسن أن أنسًا أقام بنيسابور سنه أو سنتين وكان يصلي ركعتين ولا يجمع، إسناده صحيح. * أثر عمر ابن عبد العزيز: وأخرج ابن أبي شيبه من طريق رجاء بن أبي سلمة عن أبي عبيد مولى سليمان بن عبد الملك قال: خرج عمر بن عبد العزيز من دبق وهو يومئذ أمير المؤمنين فمر بحلب يوم الجمعة فقال الأمير؟ «جمع فإنا سفر» وإسناده لأباس به. * أثر مسروق وعروة بن المغيرة وجماعة من أصحاب ابن مسعود: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= وأخرج ابن أبي شيبه (2/ 104) عن أبي أسامة عن أبي العميس عن علي بن الأقمر قال: خرج مسروق وعروة بن المغيرة ونفر من أصحاب عبد الله فحضرت صلاة الجمعة فلم يجمعوا وحضروا الفطر ولم يفطروا. إسناده ثابت. وأخرج عبد الرزاق غن الثوري عن مغيرة عن إبراهيم (وهو النخعي) قال: كانوا لا يجمعون في سفر ولا يصلون إلا ركعتين. صحيح، ورواه ابن أبي شيبه عن أبي الأحوص عن المغيرة به بلفظ كان أصحابنا يغزون فيقيمون السنة أو نحو ذلك يقصرون الصلاة ولا يجمعون. * أثر طاووس: وأخرج عبد الرزاق (3/ 172) عن معمر عن ابن طاووس عن أبيه قال «ليس على المسافر جمعة». * أثر الزهري: وأخرج عبد الرزاق (3/ 174) برقم (5205) عن معمر عن الزهري قال: سألته عن المسافر يمر بقرية فينزل فيها يوم الجمعة؟ قال: «إذا سمع الأذان فليشهد الجمعة». صحيح. وعلقه البخاري في صحيحه من رواية إبراهيم بن سعد عنه ويأتي الكلام عليه وله سياق آخر عند عبد الرزاق برقم (5188) بالإسناد نفسه. فصل في أقوال أهل العلم قال الشافعي في الأم (1/ 327) «وليس على المسافر أن يمر ببلد =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= جمعة إلا أن يجمع فيه مقام أربع، فتلزمه الجمعة إن كانت في مقامه» ا. هـ. وقال ابن المنذر - رحمه الله - (4/ 20) في الأوسط: ومما يحتج به في إسقاط الجمعة عن المسافر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد مر به في أسفاره جمع لا محالة فلم يبلغنا أنه جمع وهو مسافر بل أنه ثبت عنه أنه صلى الظهر بعرفة وكان يوم الجمعة فدل ذلك من فعله على أنه لا جمعة على المسافر لأنه المبين عن الله - عز وجل - معنى ما أراد بكتابه فسقطت الجمعة عن المسافر استدلالًا بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا كالإجماع من أهل العلم لأن الزهري مختلف عنه في هذا الباب حكى الوليد بن مسلم عن الأوزاعي أنه قال لا جمعة على المسافر وإن سمع المسافر أذان الجمعة وهو في بلد فليحضر معهم يحتمل أن يكون أراد استحبابًا ولو أراد غير ذلك كان قولًا شاذ خلاف قول أهل العلم وخلاف ما دلت عليه السنة. ا. هـ. قلت وقول الزهري علقه البخاري في صحيحه تحت باب (المشي إلى الجمعة وقول الله جل ذكره {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} وعلق آثارًا ثم قال وقال إبراهيم بن سعد عن الزهري: إذا أذن المؤذن يوم الجمعة وهو مسافر فعليه أن يشهد. قال الحافظ ما نصه (2/ 391) لم أره من رواية إبراهيم وقد ذكره ابن المنذر عن الزهري وقال إنه أختلف عليه فقيل عنه مثل قول الجماعة إنه لا جمعة على المسافر كذا رواه الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن الزهري. قال ابن المنذر: وهو كالإجماع من أهل العلم على ذلك لأن الزهري أختلف عليه فيه. ا. هـ. ويمكن حمل كلام الزهري على حالتين: فحيث قال «لا جمعة على المسافر» أراد على طريق الوجوب وحيث قال: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= «فعليه أن يشهد» أراد على طريق الاستحباب ويمكن أن تحمل رواية سعد بن إبراهيم هذه على صورة مخصوصة وهو إذا اتفق حضوره في موضع تقام فيه الجمعة فسمع النداء لها لا إنها تلزم المسافر مطلقًا حتى يحرم عليه السفر قبل الزوال من البلد الذي يدخلها مجتازًا مثلًا وكأن ذلك رجح عن البخاري ويتأكد عنده بعموم قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} فلم يخص مقيمًا من مسافر وأما ما احتج به ابن المنذر على سقوط الجمعة على المسافر بكونه - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر والعصر جمعًا بعرفة وكان يوم الجمعة فدل ذلك من فعله على إنه لا جمعة على المسافر فهو عمل صحيح إلا أنه لا يدفع الصورة التي ذكرتها. ا. هـ. وقال الموفق (3/ 216) وأما المسافر فأكثر أهل العلم يرون أنه لا جمعة عليه كذلك قاله مالك في أهل المدينة والثوري في العراق والشافعي وإسحاق وأبو ثور وروي ذلك عن عطاء وعمر بن عبد العزيز والحسن والشعبي وحكي عن الزهري والنخعي أنها تجب عليه لأن الجماعة تجب عليه فالجمعة أولى ولنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسافر فلا يصلي الجمعة في سفره وكان في حجة الوداع بعرفة يوم الجمعة فصلى الظهر وجمع بينها ولم يصل جمعة والخلفاء الراشدون - رضي الله عنهم - كانوا يسافرون للحج وغيره فلم يصل أحد منهم الجمعة في سفره وكذلك غيرهم من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن بعدهم. وقد قال إبراهيم كانوا يقيمون بالري السنة وأكثر من ذلك وبسجستان السنين لا يجمعون ولا يشرقون (ثم ذكر أثر =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= أنس وعبد الرحمن بن سمرة وتقدما) ثم قال: وهذا إجماع مع السنة الثابتة فيه فلا يسوغ مخالفته .... إلى أن قال (3/ 220) والأفضل للمسافر حضور الجمعة لأنها أفضل. ونقل ابن عبد البر في الاستذكار (5/ 76) الإجماع على أنه ليس على المسافر جمعة. قال ابن حزم في المحلى (5/ 49): وسواء فيما ذكرنا في وجوب الجمعة للمسافر في سفره والعبد والحر والمقيم إلى قوله (ص 51) قال تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} قال علي: فهذا خطاب لا يجوز أن يخرج منه مسافر ولا عبد بغير نص من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ا. هـ. وقال البغوي في شرح السنة (4/ 226): ولا تجب على المسافر وذهب النخعي والزهري إلى أن المسافر إذا سمع النداء فعليه حضور الجمعة. وقال النووي في المجموع (4/ 351): لا تجب الجمعة على المسافر هذا مذهبنا لا خلاف فيه عندنا وحكاه ابن المنذر وغيره عن أكثر العلماء وقال الزهري والنخعي: إذا سمع النداء لزمه قال أصحابنا ويستحب له الجمعة للخروج من الخلاف ولأنها أكمل هذا إذا أمكنه .... ا. هـ قال العمراني في البيان (2/ 543): ولا تجب الجمعة على المسافر وبه قال عامة الفقهاء، وقال الزهري والنخعي إذا سمع النداء وجبت عليه، دليلنا حديث جابر، ولأنه مشغول بالسفر ويستحب له إذا كان في بلد وقت الجمعة أن يحضرها. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= وقال ابن هبيره في الإفصاح (2/ 93): «واتفقوا على أن الجمعة لا تجب على صبي ولا عبد ولا مسافر ولا امرأة إلا رواية عن أحمد رواها في العبد خاصة» ا. هـ. ونقل الاتفاق صديق حسن خان عن صاحب المسوي .... انظر الروضة الندية (1/ 341). وقال المجد في المحرر (1/ 142): «ولا تجب على مسافر له القصر». وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في المجموع (24/ 184): «وكذلك يحتمل أن يقال بوجوب الجمعة على من في المصر من المسافرين وإن لم يجب عليهم الإتمام كما لو صلوا خلف من يتم فإن عليهم الإتمام تبعًا للإمام كذلك تجب عليهم الجمعة تبعًا للمقيمين .... لأن قوله تعالى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ} ونحوها يتناولهم وليس لهم عذر ولا ينبغي أن يكون في مصر المسلمين من لا يصلى الجمعة إلا من هو عاجز عنها كالمريض والمحبوس وهؤلاء قادرون عليها. لكن المسافرون لا يعقدون جمعة لكن إذا عقدها أهل المصر صلوا معهم وهذا أولى من إتمام الصلاة خلف الإمام المقيم» ا. هـ. ونقله عنه في الاختيارات ملخصًا (ص 119). وقال في الفروع (2/ 74): ويحتمل أن يلزمه تبعًا للمقيمين خلافًا لهم قاله شيخنا وهو متجه. أ. هـ. يعني بشيخنا شيخ الإسلام ونقله ابن قاسم عن الشيخ وصاحب الفروع قال وهو من المفردات. وقال الحافظ ابن رجب في شرحه على البخاري المسمى فتح الباري (1/ 403): على قول البخاري «باب من أين تؤتى الجمعة وعلى من تجب» لقول الله - عز وجل - {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= اللَّهِ} وقال عطاء إذا كنت في قرية جامعة، فنودي بالصلاة من يوم الجمعة، فحق عليك أن تشهدها، سمعت النداء أو لم تسمعه. وكان أنس ابن مالك في قصره، أحيانًا يجمع، وأحيانًا لا يجمع، وهو بالزاوية على فرسخين. قال: تضمن الذي ذكره مسألتين: المسألة الأولى: أن من هو في قرية تقام فيها الجمعة، فإنه إذا نودي فيها بالصلاة للجمعة وجب عليه السعي إلى الجمعة، وشهودها سواء سمع النداء أو لم يسمعه، وقد حكاه عن عطاء. وهذا الذي في القرية، إن كان من أهلها المستوطنين بها، فلا خلاف في لزوم السعي إلى الجمعة له، وسواء سمع النداء أو لم يسمع، وقد نص على ذلك الشافعي وأحمد، ونقل بعضهم الاتفاق عليه. وإن كان من غير أهلها، فإن كان مسافرًا يباح له القصر، فأكثر العلماء على أنه لا يلزمه الجمعة مع أهل القرية، وقد ذكرنا فيما تقدم أن المسافر لا جمعة عليه. وحكي عن الزهري والنخعي، أنه يلزمه تبعًا لأهل القرية. وروي عن عطاء -أيضًا، أنه يلزمه. وكذا قال الأوزاعي: إن أدركه الأذان قبل أن يرتحل فليجب ... الخ. وقال الصنعاني في سبل السلام (2/ 157): في شرح حديث ابن عمر «ليس على مسافر جمعة» ما نصه: «والمسافر لا يجب عليه حضورها وهو يحتمل أن يراد به: مباشر السفر وأما النازل فتجب عليه ولو نزل بمقدار الصلاة والى هذا جماعة من الآل وغيرهم، وقيل لا تجب عليه لأنه =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= داخل في لفظ المسافر واليه ذهب جماعة من الآل أيضًا وغيرهم وهو الأقرب لان أحكام السفر باقية له من القصر ونحوه، ولذا لم ينقل أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى الجمعة بعرفات في حجة الوداع لأنه كان مسافرا، وكذلك العيد تسقط صلاته على المسافر، ولذا لم يرو أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة العيد في حجته، وقد وهم ابن حزم - رحمه الله - فقال إنه صلاها في حجته، وغلطه العلماء» ا. هـ. وقال في مطالب النهى في شرح غاية المنتهى (1/ 758): (ولا تجب على مسافر أبيح له القصر) لأنه - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه كانوا يسافرون في الحج وغيره فلم يصل أحد منهم الجمعة فيه مع اجتماع الخلق الكثير، وكما لا تجب عليه لا تلزمه بغيره نص عليه فلو أقام المسافر ما يمنع القصر لشغل أو علم أو نحوه. ولم ينوا استيطانًا لزمه بغيره لعموم الآية والأخبار. أ. هـ. وفي الدرر السنية (5/ 6): سئل الشيخ عبد الله بن محمد عن المسافر إذا أدركته الجمعة؟ فأجاب المسافر إذا قدم ولم ينو إقامة تمنع القصر والفطر في رمضان فهذا لا جمعة عليه بحال فإذا صلى الجمعة مع أهل البلد أجزأته والأفضل في حقه حضورها إذا لم يمنع مانع فإن كان المسافر قد نوى إقامة مدة تمنع القصر والفطر فهذا تلزمه بغيره فإذا كان في بلد تقام فيها الجمعة وجب عليه حضورها. ا. هـ. وقال الشيخ محمد بن عثيمين - رحمه الله - في الشرح الممتع (5/ 15): بعدما قرر عدم وجوب الجمعة على المسافر بل بعدم صحتها من المسافرين قال ما نصه: «أما المسافر في بلد تقام فيه الجمعة كما لو مر إنسان في =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= السفر ببلد ودخل فيه ليقيل ويستمر في سيره بعد الظهر فإنها تلزمه الجمعة لعموم قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} وهذا عام ولم نعلم أن الصحابة الذين يفدون إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ويبقون إلى الجمعة يتركون صلاة الجمعة بل إن ظاهر السنة أنهم يصلون مع النبي - صلى الله عليه وسلم -. ا. هـ. وقرر في فتاويه مثله (16/ 74). * وحاصل ما قيل في هذه المسألة: 1 - وجوب حضور الجمعة وأدائها وقال به النخعي والزهري وعطاء والأوزاعي والبخاري وابن حزم وشيخ الإسلام وابن حجر وصاحب الفروع وابن عثيمين وغيرهم. 2 - عدم وجوب حضور الجمعة وقال به جماهير الأمة كما نقله ابن المنذر وابن رجب وغيرهم. 3 - استحباب حضور الجمعة لأنه أولى وأكمل وخروجًا من الخلاف ومما قال به الموفق (3/ 220) ونقله النووي عن بعض أصحابه من الشافعية وقال في الإنصاف (5/ 175). فائدة كل من لا لم تجب عليه الجمعة لمرض أو سفر أو اختلف في وجوبها عليه كالعبد ونحوه فصلاة الجمعة أفضل في حقه وذكره ابن عقيل وهذا القول لا ينافي ما قبله. وخلاصة حجج الموجبين: * عموم قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ... } الآية. وهذا في البلد يسمع النداء، فهذا العموم يتناوله وليس له عذر في التخلف. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= * أن الصحابة في المدينة كانوا يفدون إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ويشهدون الجمعة ولا يتخلفون عنها ... وبينوا ذلك فقالوا: - لما كان مسافرًا جادًا به السير كان له الترخص بكامل رخص السفر من القصر والجمع والفطر والتنفل على الدابة، وإذا نزل في مكان فإن جماعة من أهل العلم يقولون يقصر مع التوقيت إما وجوبًا وإما استحبابًا. ويمنعونه من التنفل على الدابة ومع ترخيصهم له بالفطر والقصر ويقولون إن الفطر والقصر مشروع له في الإقامات التي تتخلل في السفر بخلاف الصلاة على الراحلة فإنه لا يشرع إلا في حالة السير، ولأن الله علق الفطر والقصر بمسمى السفر بخلاف الصلاة على الراحلة، فليس فيه لفظ عام بل فيه الفعل الذي لا عموم له، فهو من جنس الجمع بين الصلاتين الذي يباح للعذر مطلقًا. وقالوا أيضًا: إن نزول المسافر في مصر ومكثه مدة لا تمنع القصر، فما الذي يخرجه من عموم قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} وهو من الذين آمنوا وهو شاهد يسمع النداء معافى، فما الذي يحجزه عن شهود هذا الخير وامتناعه من السعي إلى ذكر الله؟ قالوا: وقد أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صلاة العيد بخروج العواتق وذوات الخدور والحيض ليشهدن الخير ودعوة المسلمين، وأيضًا والجمعة عيد المسلمين في الأسبوع، وهي عيد بالنص والإجماع، فلا بد أن يخرج لها من كان بالمصر من الذكور البالغين غير المعذورين والمسافر المستقر غير معذور، وكيف يأمر النساء بالخروج من خدورهن والحيض ليشهدن العيد ويدع المسافرين فلا يأمرهم بشهود الجمعة؟ بل =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= أمرهم بشهود الجمعة أولى، وأيضًا لم نعلم أن الصحابة الذين كانوا يفدون على النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا يتخلفون عن الجمعة معه، وقد أخرج مسلم من طريق سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال قال: قال أبو رفاعة: انتهيت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يخطب قال فقلت: يا رسول الله رجل غريب جاء يسأل عن دينه لا يدري ما دينه؟ قال فأقبل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وترك خطبته حتى انتهى إلي فأتي بكرسي حسبت قوائمه حديدًا قال فقعد عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجعل يعلمني مما علمه الله ثم أتى خطبته فأتم آخرها. ومسلم أخرجه في أبواب الجمعة وهذا هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - وهدي أصحابه، وقالوا إن من القواعد المقررة عند علماء الملة أنه يثبت تبعًا مالا يثبت استقلالا، وهذه قاعدة صحيحة عند جماهير علماء الأمة على اختلاف مذاهبهم وقد اختلفت تعبيراتهم عنها، فعند الحنابلة ما قدمناه من لفظ القاعدة وعند الشافعية يغتفر في التوابع ما لا يغتفر في غيرها، وعند الأحناف الأصل أنه قد يثبت الشيء تبعا وحكمًا وإن كان قد يبطل قصدا، وقد ضرب العلماء لهذا القاعدة أمثله كثيرة في العبادات والمعاملات وقد دلت عليها الأدلة الشرعية وجاءت بتقريرها ومسألتنا فرد من أفراد تلك القاعدة: فلما كان المسافر قارًا في البلد، كان حكمه في إجابة نداء الجمعة حكم المقيمين كما لو صلى المسافر خلف من يتم كان عليه أن يتم تبعا للإمام، كذلك يجب عليهم الجمعة تبعًا للمقيمين، بل شهودهم الجمعة أولى من إتمامهم الصلاة خلف المقيم. قال المسقطون: مهلًا مهلًا فقد أجلبتم علينا بخيلكم ورجلكم وقد =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= قلتم فأكثرتم وأحسنتم فأنصفونا فإنا نقول إن الله قد علق أحكامًا كثيرة بمسمى السفر من القصر والفطر والمسح ثلاثًا على الخفين، والعفو عن الجمعة والاستعاضة عنها بالظهر مقصورة رحمة من الله وتخفيفًا، وكل ذلك صدقة من الله على عباده فاقبلوا صدقته واكلفوا من الأعمال ما تطيقون فو الله لا يمل الله حتى تملوا ... وهذه المسامحة والعفو والتخفيف لا يحل رفعها عن عباد الله والاشقاق عليهم إلا بحجه بينه من كتاب الله وسنة نبيه أو أجماع متيقن أو قياس صحيح يجب المصير إليه، وأين هذا في مسألتنا؟ فأما قولكم عموم الآية وشمولها للمسافر القار فنحن نمنع ذلك. فكما لم يجب عليه الصوم ولم يدخل في قوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} كذلك لم يدخل في عموم آية الجمعة، وسبب سقوط الصوم عنه السفر بنص الآية قال تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} فكذا في مسألتنا ونحن معنا فهم السلف وجمهورهم فهذا ابن عمر يقول «لا جمعة على مسافر» فهذا عذرهم الذي عذرهم به السلف، وأنتم أبيتم ذلك.! ! وأما قولكم إن المسافر إن مكث بمكان لا يقطع حكم السفر فإنه لا يتنفل على الدابة ما دام نازلًا وتتوصلون بهذا إلى أن أحكام المسافر القار تتبعض! فنعم فلا حاجة له إلى ركوب دابته والتنقل عليها ما دام نازلًا، وإنما رخص له في حال السير وهكذا ثبتت به السنة. فكان ماذا؟ ! ! وأما قولكم فكيف يأمر الحيض وذوات الخدور بالخروج للعيد ليشهدن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= الخير ودعوة المسلمين، فكيف لا يشهد المسافر القار الخير في الجمعة ودعوة المسلمين وذكر الله؟ فالجواب أننا نحاكمكم إلى أنفسكم فالعيد أنما هو مرتان في السنة ومجمعه أكبر مجامع المسلمين بعد مشهد عرفة فشرع لعامة المسلمين شهوده ومنهم المذكورات لقلة دورانه في الحول، أما الجمعة فإنها تتكرر في السنة نحوًا من خمسين مرة، وأيضًا العيد لو لم تشهده المرأة فإنه لا بدل له، والجمعة لها بدل مفروض فلم يستويا. وأما قولكم لم نعلم أن الصحابة الذين كانوا يقصدون النبي - صلى الله عليه وسلم - ويفدون إليه أنهم كانوا يتخلفون عن التجميع معه، فنعم فلعمرو الله لقد كانوا يشهدونها ويحرصون عليها، فلقد كان نظرهم إليه وسماع كلامه أحب أليهم من آبائهم وأمهاتهم والناس أجمعين، ونحن نشهد الله على ذلك فإنه أحب إلينا من آبائنا وأمهاتنا وأولادنا والناس أجمعين ولو خيرنا بين لقياه - صلى الله عليه وسلم - ولو بذهاب الأهل والأولاد والأموال وأهل الأرض كلهم لاخترنا لقياه - صلى الله عليه وسلم - بأبي هو وأمي، على أن الصحابة - رضي الله عنهم - كان لزامًا عليهم إذا كانوا معه - صلى الله عليه وسلم - على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه، قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 62]. وقد فسر الأمر الجامع بشهود الجمعة أو كانوا في زحف، صح التفسير بذلك عن الزهري وابن جريج كما رواه ابن جرير عنهما واختاره =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= وهذا يعم أصحابه المقيمين والوافدين إليه وقد التزم نظير ذلك بعض أهل العلم في مسألتنا فقالوا: إذا حضر المسافر المسجد الجامع لزمته صلاة الجمعة وقد لام النبي - صلى الله عليه وسلم - من دخل المسجد ولم يصل وقال: ما منعكما أن تصليا معنا. مع أنهما قد صليا في رحالهما ... وهذه المسالة أخص من المسالة المتنازع فيها. وأما قولكم إنه يثبت تبعًا مالا يثبت استقلالًا وأن المسافر يأخذ حكم المقيم إن كان ماكثًا نازلا في وجوب إجابة النداء فنحن نسلم بصحة هذه القاعدة ولكننا نقول إن محلها ما لم يكن استقل التبع بحكم آخر يمنع إلحاقه بالمتبوع واعتبر هذا بالبهيمة المذكاة إن وجد جنين في بطنها أنه إذا خرج ميتًا فهو كجزء من أجزائها وإن خرج حيًا فلا بد من تذكيته ولا يتبع أمه، وفي مسألتنا فإن المسافر مستقل بأحكام خاصة تناسب حاله فلا يخرج عنها إلا بدليل، وإنما يثبت تبعًا هنا أهل مصر ممن لا يسمع النداء ومن كان حوله وحده كثير منهم بفرسخ. فهذا نهاية إقدام الفريقين وغاية سجال الطائفتين، وأنا على مذهب جماهير الأمة من عدم الوجوب والإلزام، نعم يستحب شهودها من غير حرج وانحتام. قال الشاطبي في الموافقات (1/ 443): وأما الرابع فكأسباب الرخص هي موانع من الانحتام بمعنى أنه لا حرج على من ترك العزيمة ميلاً إلى جهة الرخصة كقصر المسافر وفطره وتركه الجمعة وما أشبه ذلك. ا. هـ. والله يهدينا إلى صراطه المستقيم. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= وهنا مسائل مهمة أنبه عليها على الإيجاز في ختام هذا البحث. مسائل مهمة: 1 - السفر يوم الجمعة: الصحيح جواز السفر يوم الجمعة ما لم يؤذن لها وهذا قول جمهور أهل العلم فإذا أذن لها الأذان الذي تليه الخطبة فلا بد من شهودها، ما لم يتضرر بترك السفر بانقطاعه عن رفقه أو فوات مركوب كما في عصرنا في فوات السفر بالطائرة ونحوها، وكذلك يجوز له السفر إذا كان سيصلي الجمعة في بلد قريب. انظر المغني (3/ 247) وزاد المعاد (1/ 382) وغيرهما. وابن المنذر (4/ 21) والإنصاف (5/ 185). 2 - يجوز للمسافر أن يؤم في صلاة الجمعة وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ومذهب الجمهور خلافًا للمشهور من مذهب الحنابلة واختار شيخنا ابن باز - رحمه الله - ونص عليه في شرح الموطأ عند باب ما جاء في الإمام ينزل بقرية يوم الجمعة في السفر (1/ 107)، ونقل أبو حامد الغزالي الإجماع على صحتها خلف المسافر ... حاشية الروض (2/ 427). 3 - من فاتته الجمعة هل يصلي الظهر في جماعة؟ الصحيح جواز ذلك بل شرعيته لعموم فضل الجماعة، وفعله بعض الصحابة. لكن هل يصليها جماعة في الجامع؟ قال في المغني (3/ 224) «ويكره في المسجد الذي أقيمت فيه الجمعة لأنه يفضي إلى النسبة إلى الرغبة عن الجمعة أو أنه =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= لا يري الصلاة خلف الإمام. أو يعيد الصلاة معه وفيه افتيات على الإمام وربما أفضى إلى فتنه أو ضرر به وبغيره، وإنما يصليها في منزله، أو موضع لا تحصل هذه المفسدة بصلاتها فيه». ا. هـ. قلت: وهو كلام محرر متين. 4 - روى مسلم في صحيحه (883) من حديث عمر بن عطاء بن أبي الخوار أن نافع بن جبير أرسله إلى السائب ابن أخت نمر يسأله عن شيء رآه منه معاوية في الصلاة فقال نعم. صليت معه الجمعة في المقصورة فلما سلم الإمام قمت في مقامي فصليت فلما دخل أرسل إلي فقال: «لا تعد لما فعلت، إذا صليت الجمعة فلا تصلها بصلاة حتى تكلم أو تخرج فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرنا بذلك وأن لا توصل صلاة بصلاة حتى نتكلم أو نخرج» وأخرجه أحمد وأبو داود. وروى أبو داود من طريق ليث عن الحجاج بن عبيد عن إبراهيم بن إسماعيل عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: أيعجزكم أحدكم أن يتقدم أو يتأخر أو عن يمينه أو شماله يعني السبحة. وهذا الحديث ضعفه البخاري في صحيحه فقد قال في صحيحه: ويذكر عن أبي هريرة رفعه لا يتطوع الإمام في مكانه ولم يصح. وقد ذكره البخاري بالمعنى، والحديث ضعيف فيه ليث بن أبي سليم وإبراهيم مجهول وصحح البخاري إن اسمه إسماعيل بن إبراهيم (كما نقله عنه البيهقي) مع الاختلاف في سند الحديث كما قال ابن رجب في فتح الباري (5/ 262) ط. طارق. ولفظ الحديث عند البيهقي (2/ 190) إذا أراد =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= أحدكم إن يتطوع بعد الفريضة. وروى أبو داود (616) والبيهقي (2/ 190) من طريق عطاء الخراساني عن المغيرة بن شعبة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يصل أحدكم في الموضع الذي صلى فيه حتى يتحول». قال أبو داود: عطاء الخراساني لم يدرك المغيرة بن شعبة. وروى أبو داود (1130) من طريق الفضل بن موسى عن عبد الحميد بن جعفر عن يزيد من أبي حبيب عن عطاء عن ابن عمر قال: «كان إذا كان بمكة فصلى الجمعة تقدم فصلى ركعتين ثم تقدم فصلى أربعا، وإذا كان بالمدينة صلى الجمعة ثم رجع إلى بيته فصلى ركعتين ولم يصل في المسجد فقيل له: فقال كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل ذلك» وأخرجه مسلم من طريق ليث عن نافع عن عبد الله بشطره الأخير دون صلاته بمكة وسند أبي داود لا بأس به. وروى ابن أبي شيبه (2/ 24) من طريق شريك عن ميسره (وهو ابن حبيب) عن المنهال بن عمرو عن عباد بن عبد الله عن على قال إذا سلم الإمام لم يتطوع حتى يتحول من مكانه أو يفصل بينهما بكلام. ورواه البيهقي (2/ 191) من طريق الأعمش عن المنهال به بلفظ: من السنة إذا سلم الإمام إن لا يقوم من موضعه الذي صلى فيه يصلي تطوعًا حتى ينحرف أو يتحول أو يفصل بكلام. ثم قال البيهقي ورواه الثوري عن ميسره عن حبيب عن المنهال بن عمرو إلا انه قال لا يصلح للإمام وفي رواية لا ينبغي للإمام. أ. هـ. قال الحافظ في الفتح: إسناده حسن كذا قال مع إن في إسناده عباد بن عبد الله وهو الأسدي الكوفي. قال البخاري فيه نظر. وقال =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= ابن المديني ضعيف، ونقل ابن الجوزي عن أحمد الضرب على بعض حديثه. ومعنى قول البخاري فيه نظر أنه له مناكير. وقال الحافظ في بذل الماعون (ص 117) وهذه عبارة البخاري فيمن يكون وسطًا. وروى البيهقي (2/ 190) من طريق يعلى بن عبيد ثنا عبد الملك عن عطاء: قال رأيت ابن عمر - رضي الله عنه - دفع رجلا من مقامه الذي صلى فيه المكتوبة وقال إنما دفعتك لتقدم أو تأخر. وروى عنه بمعناه في الجمعة. وروى البيهقي أيضًا من طريق الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن حفص بن غياث عن ابن عمر كان إذا صلى تحول من مقامه الذي صلى فيه، وقد روى عن ابن عمر خلافه فقد روى البيهقي من طريق ابن وهب عن عبد الله بن عمر عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يصلي سبحته في مقامه الذي صلى فيه وكذلك رواه شعبه عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال البيهقي وكأنه كان يفصل بينهما بكلام أو انحراف أو فعل ما يجوز فعله. وطريق شعبه ذكره البخاري في صحيحه تحت باب: مكث الإمام في مصلاه بعد السلام قال لنا آدم حدثنا شعبه فذكره. قال حرب: حدثنا محمد بن آدم ثنا أبو المليح الرقي عن حبيب قال كان ابن عمر يكره أن يصلي النافلة في المكان الذي صلى فيه المكتوبة حتى يتقدم أو يتأخر أو يتكلم. وروى الشافعي عن ابن عيينه عن عمرو عن عطاء عن ابن عباس أنه كان يأمر إذا صلى المكتوبة فأراد أن يتنفل بعدها أن لا يتنفل حتى يتكلم أو يتقدم. قال ابن رجب: وقد اختلف العلماء في تطوع الإمام في مكان صلاته بعد الصلاة، فأما قبلها فيجوز بالاتفاق قاله بعض أصحابنا فكرهت =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= طائفة تطوعه في مكانه بعد صلاته وبه قال الأوزاعي والثوري وأبو حنيفة ومالك وأحمد وإسحاق، وروى عن على انه كرهه، وقال النخعي كانوا يكرهونه ورخص فيه ابن عقيل من أصحابنا كما رجحه البخاري ونقله عن ابن عمر والقاسم بن محمد فأما المروي عن ابن عمر فإنه لم يفعله وهو إمام بل كان مأمومًا، كذلك قال الإمام أحمد. وأكثر العلماء لا يكرهون للمأموم ذلك وهو قول مالك وأحمد وانظر المغني (3/ 250). قلت: خلاصة ما تقدم من أحاديث وآثار وما نقله الحافظ ابن رجب ما يأتي: * كراهة تنفل الإمام في مكانه الذي صلى فيه المكتوبة بل ينبغي التحول المكاني، وأيضًا ينبغي الاشتغال بالذكر بعد المكتوبة خلافًا للمشهور عند الأحناف من البداءة بالتطوع ولأن هذا التحول هو فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - الراتب وهذه الكراهة محكيه عن أكثر أهل العلم. * أما المأموم فإن تحول عن مكانه بعد الفريضة أو أتى بالذكر المشروع بعد الفريضة ولم يتحول أو فصل بينهما بكلام مباح فكل ذلك كاف، ودل على هذا حديث معاوية عند مسلم، نعم الجمع بين التحول والفصل بالذكر أبلغ وهو ظاهر المروي عن ابن عمر، وصلاة العبد في مكانه بعد الفصل بذكر أو كلام بعد الفريضة لا كراهة فيه عند أكثر العلماء وجميع ما ذكر إنما هو بين الفريضة والنافلة، وإما فعل ابن عمر بمكة في تحوله من موضع إلى موضع في النافلة فمن اجتهاده وهو مباح وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسرد صلاة الليل في موضع واحد. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= وهنا مسألة أختم بها وهي مسألة تحويل الغير عن مكانه لأجل فعل السنة الراتبة بعد الصلاة سواء كانت الجمعة أو غيرها، ففي هذا نظر فلا يجوز أن يقيم المسلم أخاه ويقعد أو يصلي مكانه وهذا إن كان روي عن بعض السلف كما ذكر ذلك أبن أبي سيبه في مصنفه في آخر أبواب الجمعة إلا إن عبد الرزاق رحمة الله في مصنفه فطن لهذا فقد عقد في مصنفه (3/ 268) باب إقامة الرجل أخاه ثم يختلف في مجلسه وذلك في أخر أبواب الجمعة. وذكر حديث جابر ابن عمر والحديثان وما جاء في معناهما وإن كانا جاءا في الجلوس إلا إن النهي أعم فيشمل إقامة الرجل من مكانه لأجل الصلاة أو القراءة أو غير ذلك والعلة جلية وهي العدوان على الغير بإقامته من مكان سبق إليه فلا يحل ذلك إلا بطيب نفس وما دام الشخص يريد هذا الفعل لتحقيق الفصل بين الفريضة والنافلة فالأذكار كافيه أو البحث عن مكان ليس فيه أحد أحرى من تحويل مسلم وإزعاجه وقطع ما هو فيه من ذكر أو فكر.

40 - باب قول الله تعالى: {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله}

908 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وحدثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون، وأتوها تمشون عليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا». 40 - باب قول الله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} 938 - عن سهل قال: «كانت فينا امرأة تجعل على أربعاء مزرعة لها سلقًا، فكانت إذا كان يوم جمعة تنزع أصول السلق فتجعله في قدر ثم تجعل عليه قبضة من شعير تطحنها فتكون أصول السلق عرقه. وكنا ننصرف من صلاة الجمعة فنسلم عليها، فتقرب ذلك الطعام إلينا فنلعقه، وكنا نتمنى يوم الجمعة لطعامها ذلك». قال الحافظ: ... وفي هذا الحديث جواز السلام على النسوة الأجانب (¬1). ¬

(¬1) قال الشيخ محمد بن عثيمين - رحمه الله - يجوز السلام على النساء من الأقارب والمعارف دون الأجانب. ا. هـ. قلت: الأقارب معروفات والأجنبية معروفة والمعارف: كالمرأة التي يعرفها الرجل كزوجة أخيه مثلًا أو زوجة خاله.

12 - كتاب العيدين

12 - كتاب العيدين 1 - باب في العيد والتجمل فيه 948 - عن عبد الله بن عمر قال: أخذ عمر جبة من استبرق تباع في السوق فأخذها، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، ابتع هذه، تجمل بها للعيد والوفود، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنما هذه لباس من لا خلاق له». فلبث عمر ما شاء الله أن يلبث، ثم أرسل إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بجبة ديباج، فأقبل بها عمر فأتى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إنك قلت إنما هذه لباس من لا خلاق له، وأرسلت إلي بهذه الجبة. فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تبيعها أو تصيب بها حاجتك» (¬1). 2 - باب الحراب والدرق يوم العيد 949 - عن عائشة قالت: «دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث (¬2)، فاضطجع على الفراش وحول وجهه. ودخل أبو ¬

(¬1) لا يلزم من الهدية الإباحة للشخص إذا كانت محرمة عليه، فلا يلزم من إهداء خاتم الذهب أو الحرير حله للرجل لقوله: لم أهدها لك لتلبسها، وفيه شرعية التجمل في العيد؛ لإقراره لعمر. وسئل الشيخ عن إهداء التلفاز أو بيعه؟ فقال: الشيء يكون محرمًا لنفسه أو لوصفه؛ فآلات اللهو محرمة، والتلفاز من جعله آلة لهو فيحرم وإن أعطاه لمن ينتفع به ولا يتعاطى ما حرم الله (كأنه لا حرج). (¬2) فيه جواز اللعب بما يعين على الحرب، ولو في المسجد؛ ليعلم أعداء الله أن في الدين فسحة، وهكذا الجواري في العرس والعيد، أو بين البنات الصغار إذا كان لا مضرة فيه من آلات لهو بل دف فقط يعني في العرس. وسئل عن العرضة؟ فقال: بدون آلات لهو بل بسلاح لإظهار العزة (بمعناه).

3 - باب سنة العيدين لأهل الإسلام

بكر فانتهرني وقال: مزمارة الشيطان عند النبي - صلى الله عليه وسلم -! فأقبل عليه رسول الله - عليها السلام - فقال: دعهما. فلما غفل غمزتهما فخرجتا». 3 - باب سنة العيدين لأهل الإسلام 951 - عن البراء قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب فقال: «إن أول ما نبدأ من يومنا هذا أن نصلي، ثم نرجع فننحر، فمن فعل فقد أصاب سنتنا» (¬1). 952 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: دخل أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار تغنيان بما تقاولت الأنصار يوم بعاث، قالت: وليستا بمغنيتين. فقال أبو بكر: أمزامير (¬2) الشيطان في بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ وذلك ¬

(¬1) هذه سنة المسلمين الصلاة وذكر الله، ونحر في عيد النحر، هذا في المدن والقرى وفي البوادي ذكر وتكبير ونحر في عيد النحر وهكذا أهل مني. * وسئل عن الأناشيد الإسلامية والصوت الجماعي بها؟ فقال لا أعلم بها بأسًا. قلت: قيدها بعضهم بشروط: ألا تشتمل على آلات لهو، وألا تكون بلحون أهل الفسق والغناء، وأن تكون كلماتها نافعة مفيدة محرضة على فعل الخير، وألا يكثر منها، ولهذا المنقول عن الصحابة والسلف من الإنشاد يكون في عمل في بناء المسجد أو في حفر الخندق أو في حداء الإبل. ونحو ذلك وما اتخذ صنعة قط! (¬2) الغناء يسمى مزامير. * أقره على تسمية مزامير الشيطان، لكن هذا من الشيء المباح.

4 - باب الأكل يوم الفطر قبل الخروج

في يوم عيد، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا أبا بكر، إن لكل قوم عيدًا، وهذا عيدنا». قال الحافظ: ... وقد روى ابن عدي من حديث واثلة أنه «لقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسلم يوم عيد فقال: تقبل الله منا ومنك، فقال: نعم تقبل الله منا ومنك» وفي إسناده محمد بن إبراهيم الشامي وهو ضعيف (¬1). 4 - باب الأكل يوم الفطر قبل الخروج 953 - عن أنس قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات «(¬2) وقال مرجأ بن رجاء حدثني عبيد الله قال حدثني أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «ويأكلهن وترًا». 5 - باب الأكل يوم النحر 954 - عن أنس قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من ذبح قبل الصلاة فليعد». فقام ¬

(¬1) قلت: وذكر التركماني في حاشيته على البيهقي أثر محمد بن زياد الألهاني عن أبي إمامة كان الصحابة يقولون: تقبل الله منا ومنك، ونقل عن أحمد قوله: جيد. (¬2) استحباب أكل التمرات وترًا في عيد الفطر سبع ونحوه. أما في الأضحى فالأفضل ألا يأكل حتى يصلي. * قلت: وهل الأكل وترًا دومًا سنة؟ محتمل، وقد أخرج مسلم برقم: (359) في أحاديث ترك الوضوء مما مست النار حديث ابن عباس: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع عليه ثيابه ثم خرج إلى الصلاة فأتي بهدية خبز ولحم فأكل ثلاث لقم ثم صلى بالناس وما مس ماء».

6 - باب الخروج إلى المصلى بغير منبر

رجل فقال: هذا يوم يشتهي فيه اللحم، وذكر من جيرانه، فكأن النبي - صلى الله عليه وسلم - صدقه، قال: وعندي جذعة أحب إلي من شاتي لحم. فرخص له النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا أدري أبلغت الرخصة (¬1) من سواه أم لا. 955 - عن البراء بن عازب قال: «خطبنا النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الأضحى بعد الصلاة فقال: من صلى صلاتنا ونسك نسكنا فقد أصاب النسك، ومن نسك قبل الصلاة فإنه قبل الصلاة ولا نسك له. فقال أبو بردة بن نيار خال البراء: يا رسول الله فإني نسكت شاتي قبل الصلاة وعرفت أن اليوم يوم أكل وشرب، وأحببت أن تكون شاتي أول ما يذبح في بيتي، فذبحت شاتي وتغديت قبل أن آتي الصلاة. قال: شاتك شاة لحم (¬2). قال: يا رسول الله فإن عندنا عناقًا لنا جذعة هي أحب إلي من شاتين أفتجزي عني؟ قال: نعم. ولن تجزي عن أحد بعدك». 6 - باب الخروج إلى المصلى بغير منبر 956 - عن أبي سعيد الخدري قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخرج يوم الفطر والضحى إلى المصلى، فأول شيء يبدأ به الصلاة، ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس - والناس جلوس على صفوفهم - فيعظهم، ويوصيهم، ويأمرهم. فإن كان يريد أن يقطع بعثًا قطعه أو يأمر بشيء أمر به، ثم ينصرف «قال أبو سعيد: فلم يزل الناس على ذلك حتى خرجت مع مروان - وهو أمير ¬

(¬1) في الرواية خاصة ولن تجزي عن أحد بعدك، فدل على الخصوصية. (¬2) أقره على أكله قبل الصلاة فدل على أن ذلك سنة أي: الأكل وتركه قبل الصلاة.

19 - باب موعظة الإمام النساء يوم العيد

المدينة - في أضحى أو فطر، فلما أتينا المصلى إذا منبر بناه كثير بن الصلت، فإذا مروان يريد أن يرتقيه قبل أن يصلي، فجبذت ثوبه، فجبذني، فارتفع فخطب قبل الصلاة (¬1)، فقلت له: غيرتم والله، فقال: أبا سعيد قد ذهب ما تعلم، فقلت ما أعلم والله خير مما لا أعلم. فقال: إن الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة، فجعلتها قبل الصلاة». قال الحافظ: ... قوله (وكان ابن عمر ... إلخ) وصله ابن المنذر والفاكهي في «أخبار مكة (¬2)، من طريق ... 19 - باب موعظة الإمام النساء يوم العيد 978 - عن جابر بن عبد الله قال سمعته يقول: «قام النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الفطر فصلى، فبدأ بالصلاة ثم خطب. فلما فرغ نزل فأتى النساء فذكرهن (¬3) ¬

(¬1) وهذا من أخطاء مروان، أما المنبر فقد جاء عن ابن عباس ما يدل على جوازه، فيقصد محلًا مرتفعًا يخطب عليه، ومروان اجتهد وخالف السنة. * قيل للشيخ: من يستدل بحديث أبي سعيد هذا في الشدة في الأمر وفي الإنكار فقال: ليس فيه شدة. (¬2) جزء (4/ 260) حديث رقم 2583 قلت وهو في أيام منى أيام التكبير المقيد والمطلق حيث يجتمعان. (¬3) السنة تذكير النساء بعد تذكير الرجال لفعله - صلى الله عليه وسلم -، وفيه استحباب صدقة النساء لأن الصدقة يقي الله بها النار لحديث «اتقوا النار ولو بشق تمرة»، «إني رأيتكن أكثر أهل النار». * فائدة: ذكر شيخ الإسلام - رحمه الله - في المجموع (6/ 458) وجه استحباب خروجهن للعيد دون الجمعة والجماعة.

20 - باب إذا لم يكن لها جلباب في العيد

وهو يتوكأ على يد بلال، وبلال باسط ثوبه يلقي فيه النساء الصدقة. قلت لعطاء: زكاة يوم الفطر؟ قال: لا، ولكن صدقة يتصدقن حينئذ: تلقى فتخها ويلقين. قلت: أترى حقًا على الإمام ذلك ويذكرهن؟ قال: إنه لحق عليهم، وما لهم لا يفعلونه؟ 979 - عن ابن عباس - رضي الله عنهم - قال: شهدت الفطر مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - يصلونها قبل الخطبة، ثم يخطب بعد. خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - كأني أنظر إليه حين يجلس بيده. ثم أقبل يشقهم حتى جاء النساء معه بلال فقال: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} الآية. ثم قال حين فرغ منها: آنتن على ذلك؟ قالت امرأة واحدة منهن - لم يجبه غيرها - نعم. لا يدري حسن من هي. قال فتصدقن (¬1)، فبسط بلال ثوبه ثم قال: هلم، لكُن فداء أبي وأمي. فيلقين الفتخ والخواتيم في ثوب بلال. قال عبد الرزاق: الفتخ (¬2): الخواتيم العظام كانت في الجاهلية. 20 - باب إذا لم يكن لها جلباب في العيد 980 - عن حفصة بنت سيرين قالت: كنا نمنع جوارينا أن يخرجن يوم ¬

(¬1) وفيه أنه لا يلزم استئذان المرأة زوجها في النفقة إذا كانت رشيدة، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قبض الصدقة ولم يأمرهن بالاستئذان، ومن هذا الباب إعتاق ميمونة مملوكتها ولم تستأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأقرها - صلى الله عليه وسلم -. قلت: وحديث: «لا يجوز لامرأة عطية في مالها إلا بإذن زوجها». وهو حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مخالف للأحاديث الصحيحة وانظر سنن البيهقي (6/ 60). (¬2) وفي القاموس فتخ وفتخ.

23 - باب كلام الإمام والناس في خطبة العيد وإذا سئل الإمام عن شيء وهو يخطب.

العيد فجاءت امرأة فنزلت قصر بني خلف، فأتيتها، فحدثت أن زوج أختها غزا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - اثنتي عشرة غزوة، فكانت أختها معه في ست غزوات، فقالت: فكنا نقوم على المرضى، ونداوي الكلمى. فقالت: يا رسول الله، على إحدانا باس - إذا لم يكن لها جلباب - أن لا تخرج؟ فقال: لتلبسها صاحبتها من جلبابها (¬1)، فليشهدن الخير ودعوة المؤمنين. قالت حفصة: فلما قدمت أم عطية أتيتها فسألتها: أسمعت في كذا وكذا؟ قالت: نعم، بأبي -وقلما ذكرت النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا قالت: بأبي - قال: ليخرج العواتق ذوات الخدور - أو قال: العواتق وذوات الخدور، شك أيوب - والحيض، ويعتزل الحيض المصلى (¬2)، وليشهدن الخير ودعوة المؤمنين. قالت: فقلت لها: الحيض؟ قالت، أليس الحائض تشهد عرفات وتشهد كذا وتشهد كذا؟ ». 23 - باب كلام الإمام والناس في خطبة العيد وإذا سئل الإمام عن شيء وهو يخطب. 983 - عن البراء بن عازب قال: خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر بعد الصلاة فقال: من صلى صلاتنا، ونسك نسكنا، فقد أصاب النسك. ومن نسك قبل الصلاة فتلك شاة لحم. فقام أبو بردة بن نيار فقال: يا رسول الله، والله لقد نسكت قبل أن أخرج إلى الصلاة (¬3)، وعرفت أن اليوم يوم ¬

(¬1) الجلباب كالعباءة تضع المرأة الجلباب على ثيابها، وفيه أخذ الجلباب، وفيه سماع الموعظة والترغيب في ذلك. (¬2) وهذا يدل على تأكيد حضور النساء للعيد، ولو كن حيض فتعتزل المصلى. (¬3) هذا الشاهد للباب.

24 - باب من خالف الطريق إذا رجع يوم العيد

أكل وشرب، فتعجلت، وأكلت وأطعمت أهلي وجيراني. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تلك شاة لحم». قال فإن عندي عناق جذعة هي خير من شاتي لحم، فهل تجزي عني؟ قال: «نعم، ولن تجزي عن أحد بعدك». 24 - باب من خالف الطريق إذا رجع يوم العيد (¬1) 986 - عن سعيد بن الحارث عن جابر قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان يوم عيد خالف الطريق». ¬

(¬1) قال شيخنا: وكذا ذهابه للجمعة والحج، ولو كان على راحلة، وقال: إنها ملحقة بالعيد.

14 - كتاب الوتر

14 - كتاب الوتر 1 - باب ما جاء في الوتر 990 - عن ابن عمر أن رجلًا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صلاة الليل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى» (¬1). 2 - باب ساعات الوتر قال أبو هريرة: أوصاني النبي - صلى الله عليه وسلم - بالوتر قبل النوم. 995 - عن أنس بن سيرين قال: «قلت لابن عمر: أرأيت الركعتين قبل صلاة الغداة أطيل فيهما القراءة؟ فقال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي من الليل مثنى مثنى، ويوتر بركعة، ويصلي الركعتين قبل صلاة الغداة وكأن الأذان بأذنيه» (¬2) قال حماد: أي بسرعة. 4 - باب ليجعل آخر صلاته وترًا 998 - عن نافع عن عبد الله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا» (¬3). ¬

(¬1) وهذا مخرج في الصحيحين، وفيه دلالة على أن صلاة الليل ليس لها عدد محدود، عشر أو عشرين مئة ولذا تنوعت صلاة السلف والصحابة صلوا ثلاثًا وعشرين، والأفضل بإحدى عشرة، لفعله - صلى الله عليه وسلم - ومن زعم أن لها حدًا محددًا فقد غلط. * ثلاث عشرة ركعة وكل ما في هذا الحديث سنة. (¬2) وينكر على من زاد على الركعتين. (¬3) ومن أوتر ثم استيقظ يصلى شفعًا.

5 - باب الوتر على الدابة

5 - باب الوتر على الدابة 999 - حدثنا إسماعيل قال حدثني مالك عن أبي بكر (¬1) بن عمر بن عبد الرحمن ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن سعيد بن يسار أنه قال: «كنت أسير مع عبد الله بن عمر بطريق مكة، فقال سعيد: فلما خشيت الصبح نزلت فأوترت ثم لحقته، فقال عبد الله بن عمر: أين كنت؟ فقلت: خشيت الصبح فنزلت فأوترت فقال عبد الله: أليس لك في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسوة حسنة؟ فقلت: بلى والله. قال: فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يوتر على البعير. 7 - باب القنوت قبل الركوع وبعده 1004 - عن أبي قلابة عن أنس قال: كان القنوت في المغرب والفجر» (¬2). ¬

(¬1) ثقة/ خ م ت س ق. * الأحوط الاستقبال عند الإحرام لورود الحديث. (¬2) المعروف على أنه بعد الركوع هذا هو الغالب؛ لحديث ابن عمر وأبي هريرة، أما في قنوت الوتر فقد علم النبي - صلى الله عليه وسلم - الحسن: اللهم أهدنا ... ويجهز بالقنوت في الصلاة السرية، والأفضل القنوت بعد الركوع، والقنوت في الوتر الأمر فيه واسع فمن تركه فلا حرج، ورد عن بعض السلف. * قلت هذه بعض أحكام قنوت النوازل: القنوت: يطلق على معان والمراد به هنا الدعاء في الصلاة في محل مخصوص من القيام. وقنوت النوازل: هو الدعاء في النوازل التي تنزل بالمسلمين لدفع أذى عدو =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= أو رفعه أو رفع بلاء ونحو ذلك. * قال النووي في شرح مسلم «والصحيح المشهور أنه إذا نزلت نازلة كعدو وقحط ووباء وعطش وضرر ظاهر بالمسلمين ونحو ذلك، قنتوا في جميع الصلوات المكتوبات». 1 - دليل المشروعية: عن أنس - رضي الله عنه - بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - سبعين رجلًا لحاجة يقال لهم القراء فعرض لهم حيان من بني سليم: رعل وذكوان .. فقتلوهم فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - شهرًا في صلاة الغداة وذلك بدء القنوت وما كنا نقنت» [متفق عليه والحديث فيه قصة معروفة. وعن انس وأبي هريرة - رضي الله عنهم - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قنت بعد الركعة في صلاته شهرًا «اللهم أنج الوليد ابن الوليد، اللهم نج سلمة بن هشام، اللهم انج عياش ابن أبي ربيعة. اللهم انج المستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف» [متفق عليه]. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد أن يدعو على أحد، أو يدعو لأحد قنت بعد الركوع ... الحديث» [أخرجه البخاري]. وقنت الصحابة بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - , فقد قنت أبو بكر في محاربة الصحابة لمسيلمة, وعند محاربة أهل الكتاب وكذلك قنوت عمر, وقنوت علي عند محاربته لمعاوية وأهل الشام. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= 2 - في أي الصلوات يشرع: ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قنت في الصلوات الخمس. ففي سنن أبي داود وغيرهما عن ابن عباس - رضي الله عنهم - قال: قنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهرًا متتابعًا في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر في دبر كل صلاة، إذا قال سمع الله لمن حمده من الركعة الأخيرة يدعو على أحياء من العرب من بني سليم رعل وذكوان وعصية ويؤمن من خلفه» وإسناده صحيح. وثبت قنوته في الظهر والعشاء والفجر من حديث أي هريرة (متفق عليه). وثبت قنوته في المغرب والفجر من حديث البراء عند مسلم ومن حديث انس عند البخاري. وأكثر ما قنت في صلاة الفجر، وهذا يدل على التوسعة في مسالة القنوت في الفرائض وأن الإنسان لو قنت في بعض الفرائض دون بعض أو فيها كلها أو في واحدة منها أن ذلك كله سائغ لا تضييق فيه. * قال ابن حبان «فإذا كان بعض ما وصفنا موجودًا. قنت المرء في صلاة واحدة أو الصلوات كلها أو بعضها دون بعض». * وقال النووي في شرح مسلم: «باب استحباب القنوت في جميع الصلوات إذا نزلت بالمسلمين نازلة». 3 - القنوت في صلاة الجمعة: اختلف العلماء في القنوت في صلاة الجمعة ولا أعلم في السنة أصلا للقنوت فيها، والجمعة إحدى الصلوات الخمس في يوم الجمعة، فالأمر يحتمل، وقد نقل في الإنصاف عن شيخ =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= الإسلام وجده المجد ترك القنوت فيها. وهكذا اختار الشيخ محمد بن عثيمين - رحمه الله - ونص كلامه: «يقول العلماء انه لا يقنت في صلاة الجمعة لأن الخطبة فيها دعاء للمؤمنين ويدعى لمن يقنت لهم إثناء الخطبة». [انظر مجموع فتاويه (16/ 115)]. ورجح في الشرح الممتع القنوت في الجمعة. 4 - لمن يشرع القنوت: القنوت مشروع لكل مصل كما قال شيخ الإسلام (انظر الإنصاف (4/ 136) وفتاوى ابن عثيمين (14/ 175) لكن ينبغي أن يكون الأمر منضبطًا فلا يقنت إلا في النوازل التي تنزل بالمسلمين، وينبغي مشاورة أهل العلم وعدم الاختلاف في ذلك. 5 - موضع القنوت: الأمر في ذلك واسع فيجوز القنوت قبل الركوع وبعده في الركعة الأخيرة، وقد بوب البخاري: باب القنوت قبل الركوع وبعده، لكن القنوت بعد الركوع أكثر في الأحاديث النبوية كما نص على ذلك جماعة من أهل العلم. وقد اعل حديث عاصم الأحول عن أنس في القنوت قبل الركوع بتفرد عاصم به. 6 - صفة القنوت: يدعو الإمام جهرًا وقد نقل الحافظ الاتفاق على ذلك في [فتح الباري (2/ 491)] ويؤمن من خلفه كما في حديث ابن عباس - رضي الله عنهم - وتقدم ويرفع يديه ويرفع المأمومون أيديهم، وقد صح هذا عن عمر أخرجه البيهقي وصححه البخاري في جزء رفع اليدين. وبعد الدعاء لا يمسح الإمام وجهه ولا المأمومون وجوههم وهكذا في كل الدعاء، وأحاديث مسح الوجه باليدين بعد الدعاء ضعاف لا تقوم بها =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= حجة، والأحاديث الصحيحة المتواترة في رفع اليدين ليس فيها مسح الوجه فلا يشرع هذا بل هو من البدع. 7 - صفة الدعاء: ينبغي أن يدعو بما يناسب النازلة وبما يفي بالمقصود. * قال شيخ الإسلام ابن تيميه (23/ 109): «فسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه الراشدين تدل على شيئين: 1 - أن دعاء القنوت مشروع عند السبب الذي يقتضيه، ليس بسنة دائمة في الصلاة. 2 - أن الدعاء فيه ليس دعاء راتبًا، بل يدعو في كل قنوت بالذي يناسبه، كما دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - أولا، وثانيًا كما دعا عمر وعلي - رضي الله عنهم - لما حارب من حاربه في الفتنة، فقنت ودعاء بدعاء يناسب مقصوده، والذي يبين هذا أنه لو كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقنت دائمًا، ويدعو بدعاء راتب، لكان المسلمون ينقلون هذا عن نبيهم، فإن هذا من الأمور التي تتوفر الهمم والدواعي على نقلها، وهم الذين نقلوا عنه في قنوته ما لم يداوم عليه، وليس بسنه راتبه، كدعائه على الذين قتلوا أصحابه، ودعائه للمستضعفين من أصحابه، ونقلوا قنوت عمر وعلي على من كانوا يحاربونهم». * وقال الحافظ ابن حجر في بذل الماعون في فضل الطاعون (ص 334) ما نصه «لم أقف في شيء من كتب الفقهاء على ما يدعو به في القنوت في النوازل، والذي يظهر أنهم وكلوا ذلك إلى فهم السامع، وانه يدعو في كل نازله بما يناسبها». وانظر [مجموع فتاوى ابن عثيمين (14/ 182)]. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= * مسائل مهمة: 1 - الصحيح استحباب الدعاء برفع الطاعون وانه من جملة النوازل، وقد أطال البحث فيه الحافظ ابن حجر في كتابه الماتع بذل الماعون (ص 315) وهذا خلاف المشهور عند الحنابلة. 2 - لا ينبغي للإمام إطالة الدعاء والاشقاق على الناس. 3 - لا ينبغي للإمام الإتيان بالأدعية المسجوعة المتكلفة. 4 - لا ينبغي للمأمومين العجلة بالتأمين قبل استكمال الدعاء, وقد روي أن معاذًا أبا حليمة قال في دعائه «اللهم قحط المطر فقالوا أمين. فلما فرغ قال قلت اللهم قحط المطر فقلتم آمين. إلا تسمعون ما أقول ثم تؤمنون» ا. هـ-من مسائل أبي داود لأحمد .. ط رشيد (ص 69). 5 - الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - مشروعة في القنوت، وقد جاءت في قنوت رمضان فقد كان أبو حليمة معاذ القاري يفعله وهو الذي رتبه عمر إمامًا في التراويح إذا غاب أبي بن كعب. أخرجه إسماعيل القاضي في كتاب فضل الصلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بسند صحيح كما قال الحافظ في نتائج الأفكار (2/ 156). وأبو حليمة اختلفوا في صحبته. واخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب قيام الليل بسند صحيح عن الزهري: «كانوا يلعنون الكفرة في رمضان يشير إلى دعاء القنوت ثم يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يدعو للمسلمين» ومن طريق وهب بن خالد عن أيوب نحوه وسنده صحيح أيضا .. انتهى من نتائج الأفكار. 6 - أحكام قنوت النوازل وقنوت الوتر متقاربة إلا ما ثبت الفرق فيه =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= فيشتركان مثلًا في الجهر بالدعاء ورفع اليدين والتأمين على الدعاء ونحو ذلك، وقد عقد البخاري «باب القنوت قبل الركوع وبعده» وذكر حديث أنس في القنوت في الفجر في أبواب الوتر. 7 - هل اليدان تكون مضمومة أو مفرجه حال الرفع؟ سألت شيخنا ابن باز - رحمه الله - عن ذلك فقال تكون مضمومة، ونص عليه الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - في الشرح الممتع. 8 - لا بأس من التنصيص على اسم أحد في الدعاء كما تقدم في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - وقد فعله أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من بعده. وقد عقد ابن أبي شيبه في مصنفه: «باب في تسمية الرجل في القنوت»، وقال العراقي في طرح التثريب على فوائد حديث أبي هريرة .... (الخامسة) فيه حجه على أبي حنيفة في منعه أن يدعى لمعين أو على معين في الصلاة وخالفه الجمهور فجوزوا ذلك لهذا الحديث وغيره من الأحاديث الصحيحة، وقال أيضًا ... (السابعة) فيه جواز الدعاء على الكفار ولعنتهم، وقال صاحب المفهم «ولا خلاف في جواز لعن الكفرة والدعاء عليهم». وقال ابن كثير في تفسير هذه الآية .. قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} [البقرة: 159]. «لا خلاف في جواز لعن الكفار, وقد كان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - , ومن بعده من الأئمة يلعنون الكفرة في القنوت وغيره فأما =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= الكافر المعين فقد ذهب جماعة من العلماء إلى أنه لا يلعن لانا لا ندري بما يختم له, واستدل بعضهم بهذه الآية {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}، وقالت طائفة أخرى: بل يجوز لعن الكافر المعين. واختار ذلك الفقيه أبو بكر بن العربي المالكي, ولكنه احتج بحديث فيه ضعف, واستدل غيره بقوله - عليها السلام - في صحيح البخاري في قصة الذي كان يؤتى به سكران فيحده, فقال رجل لعنه الله, ما أكثر ما يؤتى به, فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله» قالوا: فعلة المنع من لعنه؛ بأنه يحب الله ورسوله فدل على أن من لا يحب الله ورسوله يلعن, والله أعلم. وقد قسم بعض أهل العلم هذه المسألة تقسيمًا حسنًا فقال: * اللعن بوصف عام مثل: لعنة عامة على الكافرين وعلى الظالمين والكاذبين. * اللعن يوصف أخص منه, مثل: لعن آكل الربا, ولعن الزناة, ولعن السراق والمرتشين. والمرتشي, ونحو ذلك. * لعن الكافر المعين الذي مات على الكفر. مثل فرعون. * لعن كافر معين مات, ولم يظهر من شواهد الحال دخوله في الإسلام فيلعن. وإن توقى المسلم وقال: لعنه الله إن كان مات كافرًا, فحسن. * لعن كافر معين حي, لعموم دخوله في لعنة الله على الكافرين ولجواز قتله, وقتاله. ووجوب إعلان البراءة منه. * لعن المسلم العاصي -معينًا- أو الفاسق بفسقه, والفاجر بفجوره. فهذا اختلف أهل العلم في لعنه على قولين, والأكثر بل حكي الاتفاق =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= عليه على جوزا لعنه؛ لإمكان التوبة، وغيرها من موانع لحوق اللعنة، والوعيد مثل ما يحصل من الاستغفار، والتوبة، وتكاثر الحسنات وأنواع المكفرات الأخرى للذنوب. وإن ربي لغفور رحيم. ا. هـ- (معجم المناهي اللفظية) للشيخ بكر أبو زيد. * قلت: مما يدل على عدم جواز لعن المعين المسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لعن في الخمر عشرة كما في الحديث الذي في السنن ولما أتي بمن شرب فلعنه بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله، وأما الكافر الحي المعين فقد منع بعضهم لعنه واحتجوا بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [البقرة: 161]. فذكر لعنه بعد ما مات على الكفر ... انظر تفسير ابن سعدي. * مدة القنوت في النازلة يتبع حال النازلة وشدتها واستمرارها وقد قنت النبي - صلى الله عليه وسلم - شهرًا لما بلغه قتل أصحابه، فالنازلة قد انتهت لكنها كانت شديدة ... انظر فتاوى اللجنة الدائمة (ج 7 ص 49 ط).

15 - كتاب الاستسقاء

15 - كتاب الاستسقاء 2 - باب دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - «اجعلها عليهم سنين كسني يوسف» 1006 - عن أبي هريرة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رفع رأسه من الركعة الآخرة يقول: اللهم أنج عياش بن أبي ربيعة، اللهم أنج سلمة بن هشام (¬1)، اللهم أنج الوليد بن الوليد، اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين. اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها سنين كسني يوسف. وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: غفار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله». 1007 - عن أبي الضحى عن مسروق قال: كما عند عبد الله فقال: «إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما رأى من الناس إدبارًا قال: اللهم سبع كسبع يوسف. فأخذتهم سنة حصلت كل شيء، حتى أكلوا الجلود والميتة والجيف، وينظر أحدهم إلى السماء فيرى الدخان من الجوع. فأتاه أبو سفيان: فقال: يا محمد، إنك تأمر بطاعة الله وبصلة الرحم، وإن قومك قد هلكوا، فادع الله لهم. قال الله تعالى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ - إلى قوله - إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (15) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى} (¬2) فالبطشة يوم بدر، وقد مضت الدخان والبطشة واللزام وآية الروم». قال الحافظ: ... ولفظه «حول رداءه حين استقبل القبلة» ... «وإنه لما ¬

(¬1) أخو أبي جهل، وكان يؤذيه. * يدعو عليهم لعلهم يرجعون ويتوبون. وكان يدعو للمستضعفين. (¬2) والصحيح أن آية الدخان لم تقع.

6 - باب الاستسقاء في المسجد الجامع

أراد أن يدعو استقبل القبلة وحول رداءه» (¬1). 6 - باب الاستسقاء في المسجد الجامع (¬2) 1013 - عن شديك بن عبد الله بن أبي نمر أنه سمع أنس بن مالك يذكر أن رجلًا دخل يوم الجمعة من باب كان وجاه المنبر ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائم يخطب، فاستقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائمًا فقال: يا رسول الله هلكت المواشي، وانقطعت السبل، فادع الله يغيثنا. قال فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يديه فقال: «اللهم اسقنا، اللهم اسقنا، اللهم اسقنا». قال أنس: ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة ولا شيئًا. وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار. قال: فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس، فلما توسطت السماء انتشرت، ثم أمطرت - قال: والله ما رأينا الشمس سبتًا. ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة - ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائم يخطب - فاستقبله قائمًا: فقال يا رسول الله، هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادع الله يمسكها (¬3). قال فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يديه ثم قال: «اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظراب والأدوية ومنابت الشجر». قال: فانقطعت، وخرجنا نمشي في الشمس. قال شريك: فسألت أنسًا: أهو الرجل الأول؟ قال: لا أدري (¬4). ¬

(¬1) التحويل من جهة اليمين إلى اليسار، لا من جهة الفوق إلى تحت، وقلب الرداء من باب التحول إلى الأحسن. * قلت: التحويل يكون عند إرادة الدعاء. (¬2) والاستسقاء في المصلى أفضل. (¬3) في رواية: ضحك المصطفى، ولم يقل المصطفى: أمسكها وإنما قال اللهم على .... فلا يقال أمسكها. (¬4) هذه علامات النبوة، ومن آيات الله الظاهرة.

11 - باب ما قيل إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحول رداءه في الاستسقاء يوم الجمعة

11 - باب ما قيل إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحول رداءه في الاستسقاء يوم الجمعة 1018 - عن أنس بن مالك «أن رجلًا شكا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - هلاك المال وجهد العيال، فدعا الله يستسقي. ولم يذكر أنه حول رداءه، ولا استقبل القبلة» (¬1). 14 - باب الدعاء إذا كثر المطر «حوالينا ولا علينا» 1021 - عن أنس قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم جمعة، فقام الناس فصاحوا فقالوا: يا رسول الله قحط المطر، واحمرت الشجر، وهلكت البهائم، فادع الله يسقينا. فقال: «اللهم اسقنا» (مرتين) (¬2). وأيم الله ما نرى في السماء قزعة من سحاب، فنشأت سحابة وأمطرت، ونزل عن المنبر فصلى. فلما انصرف لم تزل تمطر إلى الجمعة التي تليها. فلما قام النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب صاحوا إليه: تهدمت البيوت وانقطعت السبل فادع الله يحبسها عنا. فتبسم النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: «اللهم حوالينا ولا علينا». فكشطت المدينة، فجعلت تمطر حولها، ولا ممطر بالمدينة قطرة، فنظرت إلى المدينة وإنها لفي مثل الإكليل». ¬

(¬1) المحفوظ أنه دعاء مستقبل الناس، ولما خرج صلى في الصحراء خطب الناس في الاستسقاء ثم استقبل القبلة ودعا وحول رداءه ورفع يديه. وسألت شيخنا: متى يعيد رداءه؟ فقال الأمر واسع. قال بعض الفقهاء إذا نزع ثيابه ... والأمر واسع. * الأغلب مطر في الخير أمطر في الشر. (¬2) أكثر الروايات ثلاثًا وكان إذا دعا ثلاثًا، وفيه جواز مخاطبة الإمام لمصلحة.

16 - باب الجهر بالقراءة في الاستسقاء

16 - باب الجهر بالقراءة في الاستسقاء 1024 - عن عباد بن تميم عن عمه قال: خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - يستسقي، فتوجه إلى القبلة يدعو، وحول رداءه، ثم صلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة (¬1). ¬

(¬1) جاء أنه بدأ بالصلاة كالعيد، وجاء أنه بدأ بالخطبة كالجمعة. * الاستسقاء كالعيد مع التكبيرات والجهر، وكذا الكسوف يجهر. * الدعاء الظاهر أنه سرًا.

16 - كتاب الكسوف

16 - كتاب الكسوف 4 - باب خطبة الإمام في الكسوف 1046 - عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: خسفت الشمس في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فخرج إلى المسجد، فصف الناس وراءه، فكبر، فاقترأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قراءة طويلة، ثم كبر فركع ركوعًا طويلًا، ثم قال سمع الله لمن حمده فقام ولم يسجد وقرأ قراءة طويلة هي أدنى من القراءة الأولى، ثم كبر وركع ركوعًا طويلًا وهو أدنى من الركوع الأول، ثم قال سمع الله لمن حمد ربنا ولك الحمد، ثم سجد، ثم قال في الركعة الآخرة مثل ذلك فاستكمل أربع ركعات في أربع سجدات، وانجلت الشمس قبل أن ينصرف. ثم قام فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال: «هما آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموهما فافزعوا إلى الصلاة». وكان يحدث كثير بن عباس أن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - كان يحدث يوم خسفت الشمس بمثل حديث عروة عن عائشة، فقلت لعروة: إن أخاك يوم خسفت بالمدينة لم يزد على ركعتين (¬1) مثل الصبح، قال: أجل، لأنه أخطأ السنة. ¬

(¬1) ركعتين بركوع. * الركوع الثاني هل هو سنة أو ركن؟ محتمل، وتدرك بالركوع الأول، والقول بوجوب الركوع الثاني قوي، صلوا كما رأيتموني أصلي، فقيل للشيخ: لو صلى ركعتين يأثم؟ قال: نعم، لو قيل بالوجوب قيل له: أليست الصلاة سنة؟ أي الكسوف قال بلى، ولكن خالف. * سألت الشيخ عن النساء في البيوت يصلين؟ قال: نعم. قلت على الصفة المذكورة؟ قال: نعم.

5 - باب هل يقول كسفت الشمس أم خسفت؟ وقال الله تعالى {وخسف القمر}

5 - باب هل يقول كسفت الشمس أم خسفت؟ وقال الله تعالى {وَخَسَفَ الْقَمَرُ} 1047 - عن ابن شهاب قال: أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرته أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى يوم خسفت الشمس فقام فكبر فقرأ قراءة طويلة، ثم ركع ركوعًا، طويلًا، ثم رفع رأسه فقال: سمع الله لمن حمده، وقام كما هو، ثم قرأ قراءة طويلة وهي أدنى من القراءة الأولى، ثم ركع ركوعًا طويلًا (¬1) وهي أدنى من الركعة الأولى، ثم سجد سجودًا طويلًا، ثم فعل في الركعة الآخرة مثل ذلك، ثم سلم - وقد تجلت الشمس - فخطب الناس فقال في كسوف الشمس والقمر: «إنهما آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموها فافزعوا إلى الصلاة». قال الحافظ: ... (باب هل يقول كسفت الشمس أو خسفت) (¬2). 6 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «يخوف الله عباده بالكسوف» قاله أبو موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - 1048 - عن أبي بكر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الشمس والقمر ¬

(¬1) يعني الركعة. * الخطبة بعد الصلاة سنة. * يقال: كسف للشمس والقمر، وخسف لكليهما. * وقيل: كسف للشمس، وخسف للقمر، والصواب أنه يطلق على الجميع. (¬2) وكلاهما جائز.

7 - باب التعوذ من عذاب القبر في الكسوف

آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد، ولكن الله تعالى يخوف بهما عباده» (¬1). 7 - باب التعوذ من عذاب القبر في الكسوف 1050 - ثم ركب رسول الله (¬2) - صلى الله عليه وسلم - ذات غداة مركبًا فخسفت الشمس، فرجع ضحى، فمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين ظهراني الحجر، ثم قام يصلي، وقام الناس وراءه فقام قياما طويلًا، ثم ركع ركوعًا طويلًا، ثم رفع فقام قيامًا طويلًا وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعًا طويلًا وهو دون الركوع الأول، ثم قام قيامًا طويلًا وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعًا طويلًا وهو دون الركوع الأول، ثم رفع فسجد وانصرف فقال ما شاء الله أن يقول، ثم أمرهم أن يتعوذوا من عذاب القبر» (¬3). 8 - باب طول السجود في الكسوف 1051 - عن عبد الله بن عمر أنه قال: «لما كسفت الشمس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نودي: إن الصلاة جامعة. فركع النبي - صلى الله عليه وسلم - ركعتين في سجدة (¬4)، ثم قام فركع ركعتين في سجدة، ثم جلس، ثم جلي عن الشمس. قال: وقال عائشة - رضي الله عنها -: ما سجدت سجودًا قط كان طول منها». ¬

(¬1) وما نرسل بالآيات إلا تخويفًا. فالسيول والزلازل والريح الشديدة كلها آيات للتخويف. (¬2) لعله سفر أو نحوه. (¬3) يشير في الخطبة إلى التعوذ من عذاب القبر، وكذا كل ما يخيفهم. (¬4) المراد سجدتين، والسجدة المراد بها جنس السجود. * هل يصلى للآيات غير الكسوف؟ لم يرد بذلك شيء وجاء عن ابن عباس يصلى لها.

1052 - عن عبد الله بن عباس قال: انخسفت الشمس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقام قيامًا طويلًا (¬1) نحوًا من قراءة سورة البقرة، ثم ركع ركوعًا طويلًا، ثم رفع فقام قيامًا طويلًا وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعًا طويلًا وهو دون الركوع الأول، ثم سجد، ثم قام قيامًا طويلًا وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعًا طويلًا وهو دون الركوع الأول ثم رفع فقام قيامًا طويلًا وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعًا طويلًا وهو دون الركوع الأول، ثم سجد، ثم انصرف وقد تجلت الشمس، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله». قالوا يا رسول الله، رأيناك تناولت شيئًا في مقامك، ثم رأيناك كعكت (¬2). قال - صلى الله عليه وسلم -: «إني رأيت الجنة، فتناولت عنقودًا (¬3) ولو أصبته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا (¬4). ورأيت النار فلم أر منظرًا كاليوم قط أفظع. ورأيت أكثر أهلها النساء»، قالوا: بم يا رسول الله؟ قال: «بكفرهن». قيل يكفرن بالله؟ قال: «يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، ¬

(¬1) لم يحفظ الراوي ما قرأ في الكسوف، مع العلم أنه جهر؛ لقوله نحو. (¬2) التقدم والتأخر لا يضر للحاجة، لما ثبت هنا. (¬3) يعني مد يده فلم يصبه. (¬4) لأن نزل أهل الجنة يدوم. * قال أبو هريرة: أكثر أهل الجنة نساء، وأكثر أهل النار نساء، وذلك لكثرة الحور العين، وكذلك نساء الدنيا. * فيه: رؤيته للجنة والنار، وفيه: أن التقدم والتأخر في الصلاة لحاجة لا يضر، كصلاته على المنبر وتأخره، وحمله أمامه، وقد احتج البخاري وجماعة بهذا الحديث على جواز الصلاة إلى النار، والأولى تركه إن تيسر، وسئل: هل هناك دليل يمنع من ذلك؟ فقال لا. إلا التشبه بعباد النار.

10 - باب صلاة النساء مع الرجال في الكسوف

لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله ثم رأت منك شيئًا قالت: ما رأيت منك خيرًا قط». 10 - باب صلاة النساء مع الرجال في الكسوف 1053 - عن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - أنها قالت: «أتيت عائشة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - حين خسفت الشمس - فإذا الناس قيام يصلون، وإذا هي قائمة تصلي. فقلت: ما للناس؟ فأشارت بيدها إلى السماء وقالت: سبحان الله (¬1). فقلت: آية؟ فأشارت أي نعم. قالت: فقمت حتى تجلاني الغشي، فجعلت أصب فوق رأسي الماء. فلما انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حمد الله وأثنى عليه ثم قال: ما من شيء كنت لم أره إلا قد رأيته في مقامي هذا، حتى الجنة والنار. ولقد أوحي إلى أنكم تفتنون في القبور مثل - أو قريبًا من (¬2) - فتنة الدجال (لا أدري أيتهما قالت أسماء)، يوتى أحدكم فيقال له: ما علمك بهذا الرجل؟ فأما المؤمن - أو الموقن - (لا أدري أي ذلك قالت أسماء) فيقول: محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ¬

(¬1) عائشة - رضي الله عنها - جمعت بين التسبيح والإشارة، لا حرج في ذلك أن يشير إذا سئل بما يفهم. (¬2) لشدتها وكثرة من يفتتن فيها. * أمر بالصدقة والعتق والذكر والصلاة، كله أمر به - صلى الله عليه وسلم -. * الإدراك بالركوع الأول في الركعة.

14 - باب الذكر في الكسوف، رواه ابن عباس - رضي الله عنهما -

جاءنا بالبينات والهدى فأجبنا وآمنا واتبعنا، فيقال له: نم صالحًا، فقد علمنا إن كنت لموقنًا. وأما المنافق - أو المرتاب - (لا أدري أيتهما قالت أسماء) فيقول: لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئًا فقلته». 14 - باب الذكر في الكسوف، رواه ابن عباس - رضي الله عنهما - 1059 - عن أبي موسى قال: «خسفت الشمس، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - فزعًا يخشى أن تكون الساعة (¬1)، فأتى المسجد فصلى بأطول قيام وركوع وسجود رأيته قط يفعله وقال: هذه الآيات التي يرسل الله لا تكون لموت أحد ولا لحياته، ولكن يخوف الله بها عباده، فإذا رأيتم شيئًا من ذلك فافزعوا إلى ذكره ودعائه واستغفاره». قال الحافظ: ... ويجاب عن هذا باحتمال أن تكون قصة الكسوف وقعت قبل إعلام النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذه العلامات (¬2). ¬

(¬1) قبل أن يعرف أشراط الساعة. * فيه شرعية الفزع عند رؤية الكسوف. * من كان في البرية أو في بيته مريضًا أو النساء يصلون وحدانًا. (¬2) ولعله خشي الساعة قبل أن يعلم بإماراتها.

16 - باب قول الإمام في خطبة الكسوف: أما بعد

16 - باب قول الإمام في خطبة الكسوف: أما بعد 1061 - عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء قالت: «فانصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد تجلت الشمس، فخطب فحمد الله بما هو أهله ثم قال: أما بعد» (¬1). 17 - باب الصلاة في كسوف القمر (¬2) 1062 - عن أبي بكر - رضي الله عنه - قال: «انكسفت الشمس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى ركعتين». 1063 - عن أبي بكرة قال: «خسفت الشمس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فخرج يجر رداءه حتى انتهى إلى المسجد، وثاب الناس إليه فصلى بهم ركعتين، فانجلت الشمس فقال: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، وإنهما لا يخسفان لموت أحد، وإذا كان ذاك فصلوا وادعوا حتى يكشف ما بكم. وذاك أن ابنًا للنبي - صلى الله عليه وسلم - مات يقال له إبراهيم، فقال الناس في ذاك» (¬3). قال الحافظ: ... ولفظه من طريق النضر بن شميل عن أشعث (¬4) بإسناده في هذا الحديث. ¬

(¬1) وهو سنة في الخطب، وهو يدل على شرعية أما بعد في الخطب. وسألته عن: وبعد؟ فقال: أما أولى، لكن لا حرج. (¬2) أي الحكم واحد حتى في كسوف الشمس. (¬3) فبين لهم أنه ليس لموت إبراهيم. (¬4) إن كان ابن سوار فهو ضعيف.

19 - باب الجهر بالقراءة في الكسوف

قال الحافظ: ... وفي هذا رد على من أطلق كابر رشيد (¬1) أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يصل فيه. 19 - باب الجهر بالقراءة في الكسوف 1066 - عن عائشة - رضي الله عنها - «إن الشمس خسفت على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبعث مناديًا بالصلاة جامعة، فتقدم فصلى أربع ركعات في ركعتين وأربع سجدات» وأخبرني (¬2) عبد الرحمن بن نمر سمع ابن شهاب مثله. قال الزهري: فقلت ما صنع أخوك ذلك، عبد الله بن الزبير ما صلى إلا ركعتين مثل الصبح إذ صلى بالمدينة. قال: أجل، إنه أخطأ السنة. تابعه سفان بن حسين وسليمان بن كثير عن الزهري في الجهر. قال الحافظ: ...... (أخبرنا ابن نمر) بفتح النون وكسر الميم (¬3). ¬

(¬1) ابن رشيد المالكي وابن القيم في الهدى جزما بعدم وقوعه. * وهذا يدل على أن المؤلف عنده توقف هل وقع أم لا؟ (يعني خسوف القمر). (¬2) في نسخة قال الوليد بن مسلم. (¬3) وهو ثقة .......

17 - كتاب سجود القرآن

17 - كتاب سجود القرآن 1 - باب سجدة ص 1069 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «ص ليس من عزائم السجود، وقد رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يسجد فيها» (¬1). 4 - باب سجدة النجم قال ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. 1070 - عن الأسود عن عبد الله - رضي الله عنه - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ سورة النجم فسجد بها، فما بقي أحد من القوم إلا سجد، فأخذ رجل من القوم كفًا من حصى أو تراب فرفعه إلى وجهه وقال: يكفيني هذا: فقد رأيته بعد قتل كافرًا» (¬2). ¬

(¬1) يعني ليس من المؤكدات، وهذا فهم ابن عباس، لكن ما دام سجد النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها فهي سنة. * ومن استدل أنه قال لا يسجد بها في الصلاة قالوا إنما سجدها شكرًا. والسنة ثبتت فيها فيشرع له في الصلاة وخارجها. * وفي الصحيحين قرأ زيد ولم يسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان حاضرًا معه. (¬2) وهذا سجود عام للكفار والمسلمين، حتى ظن مسلمو الحبشة أن الكفار أسلموا.

5 - باب سجود المسلمين مع المشركين، والمشرك نجس ليس له وضوء وكان ابن عمر - رضي الله عنهما - يسجد على وضوء.

5 - باب سجود المسلمين مع المشركين، والمشرك نجس ليس له وضوء وكان ابن عمر - رضي الله عنهما - يسجد على وضوء (¬1). 1071 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد بالنجم، وسجد معه المسلمون والمشركون، والجن والإنس» (¬2). 6 - باب من قرأ السجدة ولم يسجد 1072 - عن عطاء بن يسار أنه أخبره «أنه سأل زيد بن ثابت - رضي الله عنه - فزعم أنه قرأ على النبي - صلى الله عليه وسلم - والنجم فلم يسجد فيها» (¬3). ¬

(¬1) على غير ضوء. (¬2) الصواب لا يشترط الوضوء والسجود كسجود الصلاة. * القيام يروى عن عائشة لسجود التلاوة (من قام فلا بأس). * قلت: والأثر عن عائشة رواه البيهقى، وفيه شميسة، مقبولة كذا في التقريب وقد روى عنها شعبة وهشام بن حسان ووثقها ابن معين في رواية الدرامي فهي ثقة لا شك وأثر عائشة عند البيهقي (2/ 326) وهو مذهب لها واختاره شيخ الإسلام على سبيل الأفضلية (23/ 173). * فيه عدم وجوب السجود. * عند سماع المسجل إذا سجد .... سجد إيماءً وكذا (في السيارة). (¬3) السنة يكبر للسجود ويكبر للرفع (هذا في الصلاة)، وفي غير الصلاة لا يسلم ولا يكبر وإنما يكبر قبل. * دليل التكبير عند الرفع في الصلاة حديث «كان يكبر في كل خفض ورفع».

7 - باب سجدة {إذا السماء انشقت}

7 - باب سجدة {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} 1074 - عن أبي سلمة قال: «رأيت أبا هريرة - رضي الله عنه - قرأ {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} فسجد بها، يا أبا هريرة، ألم أرك تسجد؟ قال: لو لم أر النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد لم أسجد» (¬1). 8 - باب من سجد لسجود القارئ (¬2) وقال ابن مسعود لتميم بن حذلم - وهو غلام - فقرأ عليه سجدة فقال: اسجد، فأنت إمامنا فيها. 1075 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما -: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ علينا السورة فيها السجدة ونسجد حتى ما يجد أحدنا موضع جبهته». قال الحافظ: .... (باب من سجد لسجود القارئ) قال ابن بطال: أجمعوا على أن القارئ إذا سجد لزم المستمع أن يسجد كذا أطلق (¬3). ¬

(¬1) والسجود سنة مؤكدة. * إذا سجد الإمام في الصلاة للتلاوة لزم المأموم وجوبًا. * من قال إن المفصل لا يسجد فيه فهو غلط؛ لأن أبا هريرة ممن تأخر إسلامه ونقل ذلك. (¬2) القارئ هو الإمام؛ ولو كان مفضولًا، وهو مستثنى من قوله: يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله. (¬3) الظاهر أنه ليس بإجماع والإجماعات كثير المتساهل فيها كابن بطال وابن جرير وابن المنذر. * يروى عن عائشة السجود عن قيام ولو فعله دون قيام جاز. * إن فعل السجود على هيئة الصلاة فهو أفضل.

9 - باب ازدحام الناس إذا قرأ الإمام السجدة

9 - باب ازدحام الناس إذا قرأ الإمام السجدة 1076 - عن ابن عمر قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ السجدة ونحن عنده، فيسجد ونسجد معه، فنزدحم حتى ما يجد أحدنا لجبهته موضعًا يسجد عليه» (¬1). ¬

(¬1) الأقرب والله أعلم أنها إذا قاموا سجد، مثل ما في صلاة الخوف، والقول بالإيماء قول قوي؛ لأن المكان ممتلئ ولو قاموا، والقول بأنه يسجد على ظهر أخيه قول قوي، وكأن شيخنا يميل إلى ترجيح الإيماء عند اشتداد الزحام. قلت: فهذه أقوال ثلاثة عند الزحام: الإيماء، والسجود على ظهر أخيه والتأخر، وهي الأقوال الثلاثة فيمن زحم يوم الجمعة. * حديث ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسجد في المفصل قبل الهجرة ثم ترك السجود، ضعيف. قلت به مطر الوراق.

18 - كتاب تقصير الصلاة

18 - كتاب تقصير الصلاة 1 - باب ما جاء في التقصير، وكم يقيم حتى يقصر 1080 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - تسعة عشر يقصر، فنحن إذا سافرنا تسعة عشر قصرنا، وإن زدنا أتممنا» (¬1). 1081 - عن يحيى بن أبي إسحاق قال: سمعت أنسًا يقول: «خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - من المدينة إلى مكة، فكان يصلي ركعتين ركعتين، حتى رجعنا إلى المدينة. قلت: أقمتم بمكة شيئًا؟ قال: أقمنا بها عشرا» (¬2). 2 - باب الصلاة بمني 1083 - عن أبي إسحاق قال سمعت حارثة بن وهب قال: «صلى بنا النبي - صلى الله عليه وسلم - آمن ما كان بمنيً ركعتين» (¬3). 1084 - حدثنا إبراهيم قال سمعت عبد الرحمن بن يزيد يقول: «صلى بنا عثمان بن عفان - رضي الله عنه - بمنى أربع ركعات، فقيل ذلك لعبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -، فاسترجع (¬4) ثم قال: صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ¬

(¬1) التحديد بتسعة عشر قول لبعض أهل العلم، وقيل: خمسة عشر، والجمهور على أنه أربعة أيام؛ لأنه أقام في حجة الوداع أربعة أيام. (¬2) يعني أيام الحج، من الثامن إلى الرابع عشر في الحج، وقبلها من أربع إلى ثمان بمكة، فالمجموع عشرة. (¬3) يعني في أشد الأمن. (¬4) حيث قال: «إنا لله وإنا إليه راجعون» وعثمان اجتهد، واختلفت أقاويل أهل العلم فيه، فقيل: تأهل وقيل حتى يعلم الناس، إذ حج أعراب وناس كثير فأراد أن يعلمهم السنة.

3 - باب كم أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجته؟

بمنى ركعتين، وصليت مع أبي بكر - رضي الله عنه - بمنى ركعتين، وصليت مع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بمنى ركعتين، فليت حظي من أربع ركعات ركعتان متقلبتان». 3 - باب كم أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجته؟ 1085 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه لصبح رابعة يلبون بالحج، فأمرهم أن يجعلوها عمرة، إلا من معه الهدي» (¬1) تابعه عطاء عن جابر. 4 - باب في كم يقصر الصلاة؟ وسمى النبي - صلى الله عليه وسلم - يومًا وليلة سفرًا وكان ابن عمر وابن عباس - رضي الله عنهما - يقصران ويفطران في أربعة برد، وهي ستة عشر فرسخًا (¬2). 1086 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم». قال الحافظ: .... وهو إجماع في غير الحج والعمرة والخروج من دار الشرك (¬3). ¬

(¬1) الأفضل أن يبكر حتى يتمكن من الترفه بعد العمرة. (¬2) وهي مسافة يوم وليلة. (¬3) والصواب أنه محرم مطلقا. والهجرة لا بأس إن خافت على نفسها تخرج.

5 - باب يقصر إذا خرج من موضعه

5 - باب يقصر إذا خرج من موضعه وخرج علي - رضي الله عنه - فقصر وهو يرى البيوت، فلما رجع قيل له: هذه الكوفة، قال: لا، حتى ندخلها. 1089 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: «صليت الظهر مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة أربعًا وبذي الحليفة ركعتين» (¬1). 6 - باب يصلي المغرب ثلاثًا في السفر 1091 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أعجله السير في السفر يؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء» (¬2). ¬

(¬1) يقصر إذا غادر البلد، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث أنس (1089) وهكذا الرجوع على ما جاء في حديث علي. * المطارات إذا انفصلت فالرجل له حكم المسافر. (¬2) إذا جد به السير جمع، وإن كان نازلًا مسافرًا إن كان لحاجة جمع وإلا ترك، فهو الأفضل. * قلت هذه بعض آداب وأحكام السفر. 1 - طلب الصحبة في السفر لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الراكب شيطان والراكبان شيطانان والثلاثة ركب» [إسناده حسن أخرجه مالك وأحمد وأهل السنن]. 2 - التأمير في السفر لحديث أبي هريرة وأبي سعيد (إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم) أخرجه أبو داود بسند جيد وفي حديث علي - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث جيشًا وأمر عليهم رجلًا وأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوا. أخرجه البخاري وغيره. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= 3 - الإتيان بدعاء الركوب ودعاء السفر فقد جاء عن علي - رضي الله عنه - أنه أتي بداية ليركبها فلما وضع رجله في الركاب قال: بسم الله فلما استوى على ظهرها قال: الحمد لله ثم قال (سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون) ثم قال الحمد لله (ثلاثًا) الله أكبر (ثلاثًا) سبحانك اللهم إني ظلمت نفسي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا انت) الحديث رواه أحمد وأهل السنن وفي إسناده اختلاف وإسناده عن الطبراني والحاكم جيد ثابت وأخرج مسلم عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا استوى على بعيره خارجًا إلى سفر كبر ثلاثًا ثم قال (سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى اللهم هون علينا سفرنا هذا وأطو عنا بعده اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنظر وسوء المنقلب في المال والأهل) إذا رجع قالهن وزاد فيهن (آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون) وفي حديث أنس عند مسلم حتى إذا كنا بظهر المدينة قال: (آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون) فلم يزل يقول ذلك حتى قدمنا المدينة) فعلى هذا تقال هذه العبارة عند بداية القفول وعند قدومه لبلده، وروى مسلم عن عبد الله بن سرجس أيضًا: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سافر يتعوذ من وعثاء السفر وكآبة المنقلب والحور بعد الكون وفي بعض النسخ (الكور) ودعوة المظلوم وسوء المنظر في الأهل والمال). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= ودعاء الركوب إنما يقال في الأسفار خاصة كما اختاره شيخنا ابن باز رحمه الله تعالى. 4 - الخروج يوم الخميس إذا تيسر ذلك فقط روى البخاري عن كعب بن مالك قوله: (لقلما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخرج إذا خرج إلا يوم الخميس) وبوب عليه البخاري في كتاب الجهاد وهذا من باب الأفضلية وإلا فقد خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع يوم السبت. 5 - التسبيح عند هبوط الأودية والتكبير إذا علا مرتفعًا كما ثبت ذلك في حديث جابر وابن عمر ولفظ حديث ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قفل من غزو أو حج أو عمره يكبر على كل شرف من الأرض ثلاث تكبيرات ثم يقول: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير آيبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون، صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده) وهو عام في كل سفر. 6 - توديع الأهل والأقارب وغيرهم وجاء في ذلك أحاديث وآثار ثابتة. 7 - تعجيل العودة بعد الفراغ من الحاجة التي سافر لأجلها لقوله عليه الصلاة والسلام: «السفر قطعة من العذاب يمنع أحدكم طعامه وشرابه ونومه فإذا قضى أحدكم نهمته (بفتح النون حاجته) فليعجل رجوعه إلى أهله» [متفق عليه]. 8 - عدم اصطحاب المنكرات والمكروهات في السفر أخرج مسلم عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا تصحب الملائكة رفقة معهم كلب =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= ولا جرس». 9 - كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان في سفر وأسحر يقول: «سمع سامع بحمد الله وحسن بلائه علينا ربنا صاحبنا وأفضل علينا عائذًا بالله من النار» [أخرجه مسلم عن أبي هريرة]. 10 - الدعاء إذا نزل في مكان فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من نزل منزلًا فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك» [رواه مسلم]. 11 - الدعاء في السفر: فإن حال السفر من أسباب إجابة الدعاء وفي الحديث ثلاثة لا ترد دعوتهم وذكر منهم المسافر. أخرجه أهل السنن وعند مسلم ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر. 12 - من السنة ألا يطرق أهله ليلًا إذا قدم إلا إذا أخبرهم بذلك كما ثبت ذلك ف حديث جابر وغيره، ومعنى الطروق القدوم ليلًا. 13 - من السنة النقعية وهي الإيلام عند القدوم من السفر كما ثبت ذلك عنه - صلى الله عليه وسلم - في حديث جابر عند البخاري في أخر كتاب الجهاد من صحيحه وانظر المجموع النووي (4/ 285). 14 - كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قدم المدينة فرآها حرك دابته من حب المدينة. كما أخرجه البخاري. 15 - من السنة عند القدوم من السفر أن يأتي المسجد ويصلي فيه ركعتين. كما دل على ذلك حديث جابر المتفق عليه وقد أخرجه البخاري في بضعة عشر بابًا. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= مسائل هامة في السفر: 1 - يشرع الإنسان في السفر إذا خرج عن بنيان بلدته وقد علق البخاري في صحيحه عن علي - رضي الله عنه - أنه حرج من الكوفة فقصر وهو يرى البيوت فلما رجع قيل له هذه الكوفة قال: حتى ندخلها. ووصله الحاكم والبيهقي وصلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الظهر بالمدينة أربعًا والعصر بذي الحليفة ركعتين. 2 - إذا دخل عليه الوقت وهو مقيم ثم سافر فصلى الصلاة في السفر فهل يصليها تامة أو مقصورة؟ الصحيح القصر وحكاه ابن المنذر في الأوسط (4/ 354) إجماعًا والمشهور عند أصحابنا الحنابلة الإتمام وهو مرجوح. 3 - إن ذكر صلاة حضر في سفر أتم وحكاه ابن المنذر إجماعًا الأوسط (4/ 368) وإن ذكر صلاة سفر وهو في الحضر ففيه خلاف هل يتم أم يقصر والصحيح أنه يقصر. 4 - إذا صلى المسافر خلف المقيم فإنه يصلي أربعًا مطلقًا حتى لو لم يدرك إلا التشهد الأخير فإنه يصلي كصلاة المقيم أربعًا وهو قول الجمهور وظاهر السنة وهو اختيار الإمامين (ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله) وانظر المجموع للنووي (4/ 236). 5 - إذا صلى المسافر بمقيمين فإنه يقصر ويشرع له إذا سلم أن يقول (أتموا صلاتكم) وقد روى مالك عن نافع عن ابن عمر عن عمر - رضي الله عنه - أنه كان يأتي مكة ويصلى بهم فيقول: (أتمو صلاتكم فإنا قوم =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= سفر) وروي مرفوعًا عن عمران بن حصين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لكنه ضعيف أخرجه أبو داود وغيره وإن نبه عليهم قبل الصلاة فلا بأس حتى لا يقع عليهم الالتباس. 6 - السنن الرواتب التي تسقط في السفر هي سنة الظهر القبلية والبعدية وراتبة المغرب (وهي بعديه) وراتبة العشاء (وهي بعدية) ولا تسقط سنة الفجر ولا يسقط الوتر بل يصلى سنة الفجر والوتر وله أن يصلى صلاة الضحى وبعد الوضوء وعند دخول المسجد. 7 - السنة: تخفيف القراءة في السفر فقد ثبت عن عمر أنه قرأ في الفجر ب- {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ} وقرأ أيضًا ب- {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وقرأ أنس ب- {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} أخرجها ابن أبي شيبة وكلها صحيحة. 8 - إذا جمع بين الصلاتين المجموعتين فإنه يؤذن إذانًا واحدًا ويقيم أقامتين لكل صلاة إقامة وله أن يجمع في أول الوقت ووسطه وآخره فكل ذلك محل للصلاتين المجموعتين. 9 - الجمع بين الصلاتين في السفر سنة عند الحاجة إليه كما قال شيخ الإسلام - رحمه الله -، وعند عدم الحاجة مباح. 10 - من لا يجب عليه حضور الجمعة كالمسافرين والمرضى يجوز لهم أداء صلاة الظهر بعد أن تزول الشمس ولو لم يصل الإمام صلاة الجمعة. 11 - المسافر له أن يصلي النافلة على السيارة أو الطائرة كما ثبت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في التطوع على الدابة من وجوه كثيرة. 12 - كل من جاز له القصر جاز له الفطر بلا عكس. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= 13 - السفر يوم الجمعة جائز لكن إن أذن المؤذن الثاني لصلاة الجمعة وهو مقيم لزمه أن يمكث حتى يصلي الجمعة إلا إن كان يخشى فوات رفقة أو فوات حجز طائرة فيباح له السفر حينئذ وكذلك يجوز له السفر بعد نداء الجمعة الثاني إذا كان سيصلي الجمعة وهو مسافر كما لو كان سيمر ببلد قريب فيصلي معهم الجمعة. 14 - الأذكار التي بعد الصلاة الأولى عند الجمع تسقط وتبقى أذكار الصلاة الثانية لكن إن كان الذكر بعد الأولى أكثر فيأتي به كما لو جمع بين المغرب والعشاء فيأتي به بعد صلاة العشاء. 15 - إذا صلى الظهر وهو مقيم ثم سافر فهل أن يصلي العصر في السفر قبل دخول وقتها؟ اختار المنع الشيخان ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله. ا. هـ. وذلك لفقد شروط الجمع ولأنه لا حاجة إلى ذلك وهو سيصلي العصر ولا بد فلا يصليها إلا بعد دخول وقتها. 16 - إذا آخر الصلاتين المجموعتين وهو مسافر ثم أقام قبل خروج وقت الأولى لزمه الإتمام سواء صلى الأولى في الوقت أو بعد خروجه وأما إذا فاتت الأولى في السفر ثم أقام في وقت الثانية فيصلي الصلاة الأولى تامة واختاره الشيخ ابن عثيمين وأما الثانية فتامة على كل حال وانظر المجموع للنووي (4/ 245). 17 - إذا كان المسافر يعلم أو يغلب على ظنه أنه سيصل إلى بلده قبل صلاة العصر أو قبل صلاة العشاء فالأفضل له ألا يجمع لأنه ليس =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= هناك حاجة للجمع وإن جمع فلا بأس. انظر مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن عثيمين (15/ 422). 18 - لا يشترط في السفر نية القصر على الصحيح انظر فتاوى شيخ الإسلام (24/ 104). 19 - منع كثير من أهل العلم أن تجمع العصر مع الجمعة وهو المشهور عند الحنابلة والشافعية وغيرهم واختار المنع الشيخان (ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله انظر مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين (15/ 371). 20 - القصر سنة مؤكدة وقيل بوجوبه حتى قال ابن عمر - رضي الله عنهم - (صلاة السفر ركعتان من خالف السنة كفر) إسناده صحيح أخرجه عبد الرزاق (2/ 519 - 520) والطحاوي وغيره. 21 - رخص السفر تستباح في سفر الطاعة والمعصية على الصحيح وهو اختيار شيخ الإسلام المشهور عنه. 22 - المرأة لا تسافر إلا مع ذي محرم وهو (الزوج وكل ذكر بالغ عاقل تحرم عليه المرأة على التأبيد بنسب أو سبب مباح). 23 - إذا جمع المسافر بين المغرب والعشاء جمع تقديم يدخل وقت الوتر على القول الراجح من أقوال أهل العلم ولا يحتاج إلى الانتظار حتى يدخل وقت صلاة العشاء. 24 - إذا شك المأموم وهو مسافر في الإمام هل هو مسافر أو مقيم فالأصل أن المأموم يلزمه الإتمام لكن لو قال المأموم في نفسه إن أتم أتممت وإن قصر قصرت صح ذلك. وهذا من باب التعليق وليس من باب =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= الشك كما قال الشيخ محمد ابن عثيمين - رحمه الله - في الشرح الممتع (4/ 521). 25 - الجمعة لا تلزم المسافر المستقر في بلد ما دام يسمى مسافرًا، وقد نقل ابن المنذر في الأوسط الإجماع على ذلك وقال ولم يخالف فيه إلا الزهري. وإن حضر المسافر الجمعة أجزأته عن الظهر. 26 - المسافر إذا أدرك من الجمعة ركعة فأكثر أتمها جمعه، فإن أدرك أقل من ركعة فإنه يصليها ركعتين على أنها ظهر مقصورة. 27 - إذا كان الإنسان مسافرًا في شهر رمضان فله الفطر وله الصوم ولكن الأفضل له فعل الأيسر فإن كان الأيسر الصيام صام، وإن كان الأيسر له الفطر أفطر وإذا تساويا فالصوم أفضل لأن هذا فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو أسرع في إبراء الذمة وأهون على الإنسان وحكاه بعضهم قول الجمهور. 28 - ذكر النووي في المجموع أكثر من ستين فائدة في السفر وبعضها فيه نظر فراجعها إن شئت وفقك الله. *حديث: أصابهم مطر فصلوا على رواحلهم ... ضعيف.

7 - باب صلاة التطوع على الدواب، وحيثما توجهت به

7 - باب صلاة التطوع على الدواب، وحيثما توجهت به 1093 - عن عبد الله بن عامر عن أبيه قال: «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي على راحلته حيث توجهت به» (¬1). 8 - باب الإيماء على الدابة 1096 - عن عبد الله بن دينار قال: «كان عبد الله بن عمر - رضي الله عنهم - يصلي في السفر على راحلته أينما توجهت يومئ (¬2). وذكر عبد الله أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفعله». 11 - باب من لم يتطوع في السفر دبر الصلاة وقبلها 1101 - عن عمر بن محمد أن حفص بن عاصم قال «سافر ابن عمر - رضي الله عنهم - فقال: صحبت النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم أره يسبح (¬3) في السفر، وقال الله جل ذكره {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}. ¬

(¬1) فيه: جواز التنفل على الدابة، كالوتر والضحى وغيرها، والأفضل أن يستقبل القبلة عند التحريمة؛ لرواية أبي داود عن أنس بن مالك: كان إذا أراد ... استقبل القبلة. ويدل الحديث على أن الوتر ليس بواجب، حيث جاز على الراحلة. (¬2) يعني في الركوع والسجود، ويجعل السجود أخفض من الركوع. (¬3) أي يصلي النافلة، وتسمى سبحة.

12 - باب من تطوع في السفر في غير دبر الصلوات وقبلها

12 - باب من تطوع في السفر في غير دبر الصلوات وقبلها وركع النبي - صلى الله عليه وسلم - ركعتي الفجر في السفر. 1103 - عن عمرو بن أبي ليلى قال: «ما أنبأ أحد أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الضحى غير أم هانئ: ذكرت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة اغتسل في بيتها (¬1) فصلى ثمان (¬2) ركعات، فما رأيته صلى صلاة أخف منها، غير أنه يتم الركوع والسجود». 16 - باب إذا ارتحل بعدما زاغت الشمس صلى الظهر ثم ركب 1112 - عن أنس بن مالك قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر، ثم نزل فجمع بينهما، فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر ثم ركب» (¬3). ¬

(¬1) يراجع كلام العيني حيث تكلم على ذلك وقال الشيخ عنه: ليس بجيد. (¬2) بعضهم يسميها صلاة الفتح ولكنها سنة. (¬3) في بعض ألفاظه صلى الظهر والعصر ثم ركب، وعزاها الشيخ للحاكم في الأربعين، وقال: إنها جيدة، وقال في البلوغ: إنها جيدة. * وهذا في السفر، ويقصر. * الجمع سنة في السفر إذا دعت الحاجة إليه، والفقهاء يقولون رخصة. * والمسافر المقيم الأفضل التوقيت مع القصر، وإذا جد به السير الأفضل الجمع والقصر.

17 - باب صلاة القاعد

17 - باب صلاة القاعد 1113 - عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: «صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيته وهو شاك، فصلى جالسًا وصلى وراءه قوم قيامًا، فأشار إليهم أن أجلسوا. فلما انصرف قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا» (¬1). قال الحافظ: ... لكن الخلاف ثابتًا فقد نقله الترمذي بإسناده إلى الحسن البصري قال إن شاء الرجل صلى صلاة التطوع قائمًا وجالسًا ومضطجعًا وقال به جماعة من أهل العلم، وأحد الوجهين للشافعية وصححه المتأخرون (¬2). 18 - باب صلاة القاعد بالإيماء 1116 - عن عبد الله بن بريدة أن عمران بن حصين وكان رجلًا مبسورًا. وقال أبو معمر مرة: عن عمران قال: «سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن صلاة الرجل وهو قاعد فقال: من صلى قائمًا فهو أفضل، ومن صلى قاعدًا فله نصف ¬

(¬1) المراد إمام الحي إن صلى عاجزًا فيصلون خلفه جلوسًا، وإن صلوا قيامًا أجزأ خلف الإمام العاجز (القاعد). (¬2) الله أعلم.

أجر القائم، ومن صلى نائمًا فله نصف أجر القاعد» قال أبو عبد الله: نائمًا عندي (¬1) مضطجعًا ها هنا. ¬

(¬1) حمله بعضهم على المشقة، وهو يشمل الفريضة والنافلة. من صلى قاعدًا أو مضطجعًا لعذر فله أجر القائم. * الأقرب أن هذا الحديث في النافلة مع وجود مشقة تحتمل، ولا يضطجع. قلت: أعل هذه الزيادة البزار (كما في مسنده (9/ 12)) قال لا نعلمه يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة النائم على النصف من صلاة القاعد إلا في هذا الحديث. وإنما يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجوه في صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم وإسناده حسن، وقال ابن عبد البر في التمهيد (1/ 134) وقد اختلف علي حسين المعلم في إسناده اختلافًا يوجب التوقف عنه .. فحديث حسين هذا إما غلط وإما منسوخ، ونحوه كلام الخطابي فقد أومأ إلى أنها مدرجة (انظر معالم السنن (1/ 445)) وقال ابن بطال إنها وهم دخل على ناقل الحديث. وقال ابن حزم في الإعراب عن الحيرة والالتباس الموجودين في مذهب أهل الرأي والقياس (ص 854) وقد صح من طريق سفيان بن عيينه عن عمرو بن دينار عن ابن عباس وأبي هريرة وطائفة من أمهات المؤمنين .. المنع من صلاة القادر مستلقيًا ولا يعرف لهم في ذلك مخالف من الصحابة.

19 - باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب

19 - باب إذا لم يطق قاعدًا صلى على جنب وقال عطاء: إن لم يقدر أن يتحول إلى القبلة صلى حيث كان وجهه. 1117 - عن عمران بن حصين - رضي الله عنه - قال: كانت بي بواسير، فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة فقال: «صل قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنب» (¬1). 20 - باب إذا صلى قاعدًا ثم صح، أو وجد خفة، تمم (¬2) ما بقي 1119 - عن عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي جالسًا فيقرأ وهو جالس، فإذا بقي من قراءته نحو من ثلاثين أو أربعين آية قام فقرأها وهو قائم، ثم يركع، ثم سجد، يفعل في الركعة الثانية مثل ذلك، فإذا قضى صلاته نظر فإن كنت يقظى تحدث معي، وإن كنت نائمة اضطجع» (¬3). ¬

(¬1) المريض قسمان: قسم لا يستطيع غلا بمشقة فله النصف، وقسم لا يستطيع، فهذا أجره كامل، جمعًا بين الأحاديث. * سألت الشيخ: عن من لم يستطع القيام إلا معتمدًا على عصى هل يلزمه؟ قال الشيخ نعم لأنه مستطيع. (¬2) لأنه معذور، ولا يستأنف. (¬3) يتبين أنه لم يكن دائمًا يضطجع على شقه الأيمن.

تمت قراءته في يوم الاثنين 30/ 5/ 1411 هـ-وقد بدأنا قراءته في 20/ 5/ 1410 هـ فاستغرقنا بقراءته سنة كاملة وعشرة أيام والله المستعان

19 - كتاب التهجد

19 - كتاب التهجد 1 - باب التهجد بالليل وقوله - عز وجل -: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ}. 1120 - عن ابن عباس - رضي الله عنهم - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قام من الليل (¬1) يتهجد قال: «اللهم لك الحمد أنت قيم السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد لك ملك السماوات والأرض ومن فيهن ... ». 2 - باب فضل قيام الليل 1121 - عن الزهري عن سالم عن أبيه - رضي الله عنه - قال: «كان الرجل في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا رأى رؤياه قصها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتمنيت أن أرى رؤيا (¬2) فأقصها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكنت غلامًا شابًا، وكنت أنام في المسجد على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فرأيت في النوم كأن ملكين أخذاني فذهبا بي إلى النار، فإذا هي مطوية كطي البئر، وإذا لها قرنان، وإذا فيها أناس قد عرفتهم، فجعلت أقول: أعوذ بالله من النار. قال فلقينا ملك آخر فقال لي: لم ترع» (¬3). 3 - باب طول السجود في قيام الليل 1123 - عن الزهري قال أخبرني عروة أن عائشة - رضي الله عنها - أخبرته أن ¬

(¬1) في بعض الروايات: في الصلاة بعد تكبيرة الإحرام. (¬2) لا تنصب، كحبلى. (¬3) في هذا أن قيام الليل يمنع من عذاب النار.

4 - باب ترك القيام للمريض

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي إحدى عشرة ركعة، كانت تلك صلاته، يسجد السجدة من ذلك قدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية قبل أن يرفع رأسه، ويركع ركعتين قبل صلاة الفجر. ثم يضجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المنادي للصلاة (¬1). 4 - باب ترك القيام للمريض 1125 - عن جندب بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: «احتبس جبريل - عليها السلام - على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالت امرأة من قريش: أبطأ عليه شيطانه، فنزلت {وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} «(¬2). 5 - باب تحريض النبي - صلى الله عليه وسلم - على صلاة الليل والنوافل من غير إيجاب وطرق النبي - صلى الله عليه وسلم - فاطمة وعليًا - رضي الله عنهم - ليلة للصلاة. 1126 - عن أم سلمة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استيقظ ليلة فقال: «سبحان الله، ماذا أنزل الليل من الفتنة، ماذا أنزل من الخزائن (¬3)، من يوقظ صواحب الحجرات؟ يا رُب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة». ¬

(¬1) القول بفرض قيام الليل عليه عليه الصلاة والسلام يحتاج إلى دليل، وتفسير نافلة لك، زيادة يحتاج إلى دليل. (¬2) وهذا في مكة. (¬3) كنوز الأرض وأموالهما، ومنها البترول. * فيها شرعية قيام الليل، وأنه ينبغي على الرجل أن يوقظ أهله، وصلاة الليل دأب الأخيار من الأنبياء والصالحين.

1127 - عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طرقه وفاطمة بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة فقال: ألا تصليان؟ فقلت: يا رسول الله أنفسنا بيد الله، فإذا شاء أن يبعثنا يبعثنا. فانصرف حين قلت ذلك ولم يرجع إلي شيئًا، ثم سمعته وهو مول يضرب فخذه وهو يقول: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} (¬1). 1128 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «إن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليدع العمل وهو يحب أن يعمل به خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم، وما سبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبحة الضحى قط، وإني لأسبحها» (¬2). 1129 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى ذات ليلة في المسجد فصلى بصلاته ناس، ثم صلى من القابلة فكثر الناس، ثم اجتمعوا ¬

(¬1) الآية عامة. * فلم يرتض جواب علي. * الفقر أسلم من الغني لأن الغني، معه كثرة الشرور، إلا من رحم الله. * ينبغي للمؤمن إذا وعظ أن يتعظ، ويقول: نسأل الله العون .. وجواب على ما كان مناسبًا. * صلاة الليل من أعظم ما يحفظ من الفتن {تَتَجَافَى .. الآية} {كَانُوا قَلِيلًا .. الآية} {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ .. الآية} {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ .. الآية} (¬2) حتى لا يشق على الناس بفرضيته، وأما قولها: ما كان .. هذا اجتهاد منها حسب علمها، وإن كانت روت .. كان يصلي الضحى أربعًا ويزيد ما شاء الله. وأم هاني، وحديث عتبان بن مالك، وحديث قباء، فلعلها نسيت - رضي الله عنه -.

6 - باب قيام النبي - صلى الله عليه وسلم - الليل

من الليلة الثالثة أو الرابعة فلم يخرج إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما أصبح قال: «قد رأيت الذي صنعتم ولم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفرض عليكم»، وذلك في رمضان (¬1). قال الحافظ: ... «ودخل النبي - صلى الله عليه وسلم - علي وعلى فاطمة من الليل فأيقظنا للصلاة، ثم رجع إلى بيته فصلى هويًا من الليل فلم يسمع لنا حسًا، فرجع إلينا فأيقظنا» (¬2). 6 - باب قيام النبي - صلى الله عليه وسلم - الليل (¬3) 1130 - عن المغيرة - رضي الله عنه -: «إن كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ليقوم- أو ليصلي- حتى ترم قدمان- أو ساقاه- فيقال له: أفلا أكون عبدًا شكورًا؟ ». ¬

(¬1) فلما توفي وأمن الفرض فعلها عمر جماعة - رضي الله عنه -. *صلاة الضحى لا حد لها، ودليلها حديث: «فإذا طلعت الشمس .. ثم صل فإنها مشهودة حتى تزول ... » أخرجه مسلم، فلو صلى مئة ركعة جاز. (¬2) القدر لا يحتج به على ترك الطاعات وفعل المعاصي، ولكن يحتج به على المصائب لنتعزى بذلك. فقيل للشيخ: أليست المعاصي من المصائب؟ قال: بلى، لكنها من كسبه، ولكن من فعل الله يحتج به، وذكر الشيخ حديث «فحج آدم موسى» في أن التائب لا يلام. وقال الشيخ: إن آدم احتج بالأمرين فكونه قد تاب فلا يلام وبأن الإخراج من الجنة ليس من كسبه. (¬3) سألت الشيخ: ألا يكون أمن فرضية صلاة الليل بحادثة الإسراء؟ فقال: لا. * وقام ليلة بخمسة أجزاء، ركعتين أو أربع حتى انفجر الفجر.

7 - باب من نام عند السحر

7 - باب من نام عند السحر 1131 - عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهم - أخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له: «أحب الصلاة إلى الله صلاة داود - عليها السلام -، وأحب الصيام إلى الله صيام داود، وكان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، ويصوم يومًا ويفطر يومًا» (¬1). 1132 - عن عبدان قال: أخبرني أبي عن شعبة عن أشعت قال: سمعت أبي قال: سمعت مسروقًا قال: «سألت عائشة - رضي الله عنها -: أي العمل كان أحب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت: الدائم (¬2). قلت: متى كان يقوم؟ قالت: يقوم إذا سمع الصارخ» (¬3). قال الحافظ: ... وجرت العادة بأن الديك يصيح عند نصف الليل غالبًا قاله محمد بن ناصر (¬4). ¬

(¬1) وسألت الشيخ عن المراد بالمداومة، جنس العمل أم عدد الركعات؟ فقال: جنس العمل، ولو زاد لا حرج. (¬2) الدائم ولو قليل أفضل من الكثير المنقطع. (¬3) الصارخ: الديك. (¬4) لعلع ابن نصر المروزي.

8 - باب من تسحر فلم ينم حتى صلى الصبح

قال الحافظ: ... ويحتاج في إخراج الليالي القصار إلى دليل (¬1). 8 - باب من تسحر فلم ينم حتى صلى الصبح 1134 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -: «أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وزيد بن ثابت - رضي الله عنه - تسحرا. فلما فرغا من سحورهما قام نبي الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الصلاة فصلى. قلنا لأنس: كم كان بين فراغهما من سحورهما ودخولهما في الصلاة؟ قال: كقدر ما يقرأ الرجل خمسين آية» (¬2). ¬

(¬1) أقر به أمران: أنه ينام حتى يأتي السحر، فيقوم ويصلي، ومعناه أول السحر نائم ثم يقوم ويصلي، وهذا أظهر فمعناه ألفاه السهر. مرادها نومه الأخير في اضطجاعه على شقه الأيمن، فيفعل مثل هذا داود ينام السدس الأخير بعد فراغه من قيامه. والأول أظهر من صلاته آخر الليل كما في حديث: «حتى انتهى وتره إلى السحر». (¬2) قدر خمسين ما بين السحور والآذان كما في بعض الأحاديث. *وفيه تأخره في السحور - صلى الله عليه وسلم -. *خمسون آية مع الترتيل ربع ساعة أو عشر دقائق. *الآية {حَتَّى يَتَبَيَّنَ} لكن الأفضل الاحتياط بعض الشيء. *وقال الشيخ: ينبغي الاحتياط في صلاة الفجر، فيفصل بينهما وبين الآذان بنصف أو خمس وعشرين، فبعض الإخوة خرجوا إلى الصحراء، فالذي ينبغي الاحتياط.

9 - باب طول القيام في صلاة الليل

9 - باب طول القيام في صلاة الليل 1136 - عن حذيفة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - «كان إذا قام للتهجد من الليل يشوص فاه بالسواك». قال الحافظ: قال ابن المنير: يحتمل أن يكون أشار إلى أن استعمال السواك يدل على ما يناسبه من إكمال الهيئة والتأهب، وهو دليل طول القيام، إذ التخفيف لا يتهيأ له هذا التهيؤ الكامل (¬1). 10 - باب كيف صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكم كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي من الليل؟ 1138 - عن ابن عباس - رضي الله عنهم - قال: «كانت صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاث عشرة ركعة (¬2). يعني بالليل». 1139 - حدثنا إسحاق حدثنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا إسرائيل عن أبي حصين (¬3) عن يحيى بن وثاب عن مسروق قال: «سألت عائشة - رضي الله عنها - عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالليل. فقالت: سبع وتسع وإحدى عشرة، سوى ركعتي الفجر». ¬

(¬1) لعل المناسب حتى يتنشط بالسواك. قلت: لعله لأن طول القيام مظنة لتغير الفم .. وسألت الشيخ عنه .. فكأنه أقره .. وزاد: ويعين وينشط. (¬2) يعني بعض الأحيان، والغالب إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة ركعة. (¬3) بوزن عظيم.

11 - باب قيام النبي - صلى الله عليه وسلم - من نومه، وما نسخ من قيام الليل

11 - باب قيام النبي - صلى الله عليه وسلم - من نومه، وما نسخ من قيام الليل 1141 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفطر من الشهر حتى نظن أنه لا يصوم منه، ويصوم حتى نظن أن لا يفطر منه شيئًا، وكان لا تشاء أن تراه من الليل مصليًا إلا رأيته، ولا نائمًا إلا رأيته» (¬1). قال الحافظ: ... وذهب الجمهور إلا أنه ليس في القرآن شيء بغير العربية. وقالوا: ما ورد من ذلك فهو من توافق اللغتين (¬2)، وعلى هذا فناشئة الليل مصدر بوزن فاعلة من نشأ إذا قام (¬3). 12 - باب عقد الشيطان على قافية الرأس إذا لم يصل بالليل 1142 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب على مكان كل عقدة: عليك ليل طويل فارقد. فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقدة، فأصبح نشيطًا طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان». ¬

(¬1) وجاء معناه عن عائشة وابن عباس. قال بعض أهل العلم: فيه تجزئة - صلى الله عليه وسلم - لأوقات فراغه وعدم اشتغاله بأمور الناس فيصوم .. ولكن إن اشتغل بالناس ترك الصيام. قال الشيخ: ففيه تحري الفرص لفعل الخير. (¬2) ولأن القرآن بلسان عربي مبين. *وأقره الشيخ بحروفه؛ لأن القرآن بلسان عربي مبين. (¬3) بعض السلف قال: الناشئة ما كان بعد نوم، وذكر في القاموس أن الناشئة الصلاة مطلقًا قبل نوم وبعد نوم، فكله ناشئة.

1143 - عن سمرة بن جندب - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الرؤيا قال: «أما الذي يثلغ رأسه بالحجر فإنه يأخذ القرآن فيرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة» (¬1). قال الحافظ: ... وفي حديث أبي سعيد: «ما أحد ينام إلا ضرب على سماخه بجرير معقود» (¬2). قال الحافظ: ... قال ابن عبد البر: زعم قوم أن هذا الحديث يعارض قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يقولن أحدكم خبثت نفسي»، وليس كذلك لأن النهي إنما ورد عن إضافة المرء ذلك إلى نفسه كراهة لتلك الكلمة، وهذا الحديث وقع ذمًا لفعله (¬3). ¬

(¬1) هذا في المكتوبة، والباب في النافلة، فلعله مدرج. * هذان الحديثان فيهما: الحث على قيام الليل، والحذر من الشيطان. * والحديث الثاني أن من أخذ القرآن ولم يعمل به ولم يستقم عذب في البرزخ والعياذ بالله. * وكل مسلم يجب عليه الاستقامة، لكن من حمل كتاب الله كان الأمر أشد في تركه. (¬2) هذا العقد لمن لم يقرأ آية الكرسي عند النوم. فيكون من فوائد آية الكرسي سلامته من العقد. *القرآن مسؤول عن الإنسان عن فهمه وتدبره {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} «والقرآن حجة لك أو عليك» ولو أن ملكًا أعطى رجلًا رسالة فأهملها هل يعتبر حافظًا لها؟ . (¬3) ذكر هذا وأجاب عنه الشيخ بنحو كلام الحافظ. *قراءة الفاتحة عند النوم؟ لا أعلم فيها حديثًا صحيحًا.

13 - باب إذا نام ولم يصل بال الشيطان في أذنه

13 - باب إذا نام ولم يصل بال الشيطان في أذنه 1144 - عن منصور عن أبي وائل عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: «ذكر عند النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل فقيل: ما زال نائمًا حتى أصبح، ما قام إلى الصلاة (¬1)، فقال: بال الشيطان في أذنه». قال الحافظ: ... ويؤيده رواية سفيان هذا عندنا «نام عن الفريضة» أخرجه ابن حبان في صحيحه (¬2). قال الحافظ: ... واختلف في بول الشيطان، فقيل هو على حقيقته (¬3). 14 - باب الدعاء والصلاة من آخر الليل 1145 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول: من يدعوني فاستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له» (¬4). ¬

(¬1) ظاهرة التهجد، فهو من نام ولم يصل شيئًا بعد العشاء. (¬2) قلت: أخرجه ابن حبان بلفظ البخاري، ثم قال سفيان: هذا عندنا يشبه أن يكون نام عن الفريضة (4/ 117) موقوف. *الأقرب أنه صلاة الفرض. (¬3) الأصل الحقيقة، وكونه لم يأمره بالغسل يدل على أنه ليس له حكم النجاسة. (¬4) هذا حديث عظيم، ينبغي الحرص على التعرض لهذا النداء.

15 - باب من نام أول الليل وأحيى آخره

15 - باب من نام أول الليل وأحيى آخره وقال سلمان لأبي الدرداء - رضي الله عنهما -: نم. فلما كان آخر الليل قال: قم. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «صدق سلمان» (¬1). 1146 - عن أبي إسحاق عن الأسود قال: «سألت عائشة - رضي الله عنها -: كيف صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بالليل؟ قالت: كان ينام أوله، ويقوم آخره فيصلي، ثم يرجع إلى فراشه، فإذا آذن المؤذن وثب، فإن كانت به حاجة اغتسل، وإلا توضأ وخرج» (¬2). 16 - باب قيام النبي - صلى الله عليه وسلم - بالليل في رمضان وغيره 1147 - عن أبي سعيد المقبري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه أخبره أنه سأل عائشة - رضي الله عنها -: كيف كانت صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رمضان؟ فقالت: ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ¬

(¬1) استقر وتره - صلى الله عليه وسلم - إلى السحر وقت التنزل الإلهي، وهكذا قصة سلمان مع أبي الدرداء صليا في آخر الليل، وقال النبي: «صدق سلمان». (¬2) الجمع بين منام آخر الليل وحديث أفضل الصلاة صلاة داود أن السدس الخامس يقع في الثلث الأخير.

ركعة (¬1): يصلي أربعًا (¬2)، فلا تسل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعًا، فلا تسل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثًا. قالت عائشة: فقلت يا رسول الله أتنام قبل أن توتر؟ فقال: «يا عائشة إن عيني تنامان ولا بنام قلبي». 1148 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «ما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في شيء من صلاة الليل جالسًا، حتى إذا كبر قرأ جالسًا، فإذا بقي عليه من السورة ثلاثون أو أربعون آية قام فقرأهن، ثم ركع». ¬

(¬1) وقد يصلي ركعتين طويلتين، كما في حديث حذيفة فيطلع الفجر ولم يصل إلا ركعتين إذا استغرق في القراءة، واستلذها. (¬2) بسلامين والأحاديث يفسر بعضها بعضًا. * لا يسرد أربعًا بسلام واحد؛ لحديث: «صلاة الليل مثنى مثنى». بل ذهب بعض أهل العلم إلى بطلان من صلى أربعًا بسلام واحد، لأن قوله - صلى الله عليه وسلم -: «مثنى مثنى» خبر بمعنى النهي. * فيه فوائد: 1 - صلاته أنواع: القيام في الصلاة كلها. 2 - الجلوس في أول القراءة ثم القيام ثم القراءة ثم الركوع. 3 - القراءة كلها جالسًا، ثم إذا أراد أن يركع قام، والأمر واسع. زاد شيخنا: 4 - القراءة جالسًا ثم تكميل القراءة قائمًا ثم الركوع، فتتبع هذه الثالثة والرابعة «الصلاة كلها جالسًا». *في نومه عن صلاة الصبح العينان نائمتان كما أخبر، فلا ترى الصبح، أما قلبه محفوظ فيه ذكر الله وتعظيمه.

1149 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لبلال عند صلاة الفجر: «يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام، فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة». قال: ما عملت عملًا أرجى عندي أني لم أتطهر طهورًا في ساعة ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي» (¬1). قال أبو عبد الله: دف نعليك، يعني تحريك. قال الحافظ: ... والذي يظهر أن المراد بالأعمال التي سأله عن إرجائها الأعمال المتطوع بها، وإلا فالمفروضة أفضل قطعًا. ويستفاد منه جواز الاجتهاد في توقيت العبادة (¬2). ¬

(¬1) يشهد له: «ما من عبد يتطهر فيحسن الطهور ثم يصلي .. » فيشمل وقت النهي، وغير وقت النهي. * يدل على فضل سنة الوضوء، وأنه يصليها في أي وقت، وهي من ذوات الأسباب. * هذا الحديث ظاهره أنه في الجنة - رضي الله عنه -. (¬2) ليس بظاهر فبلال استفاده من النصوص. * قرئ إلى هنا (قول الحافظ: ويؤيده كونه وقع في المنام ما سيأتي في أول مناقب عمر .. ) من أول الشرح وعلق الشيخ: الحديث واضح فلا داعي للاحتمالات، في حديث: عمر من توضأ مثل وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسها ... الخ والنهي في أوقات النهي سدًا للذريعة، ومن صلى بعد الوضوء ليس قصده التشبه بالمشركين.

18 - باب ما يكره من التشديد في العبادة

18 - باب ما يكره من التشديد في العبادة 1150 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا حبل ممدود بين الساريتين، فقال: «ما هذا الحبل؟ » قالوا: هذا حبل لزينب، فإذا فترت تعلقت. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا، حلوه، ليصل أحدكم نشاطه، فإذا فتر فليقعد» (¬1). 1151 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «كانت عندي امرأة من بني أسد، فدخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «من هذه؟ » قلت: فلانة، لا تنام الليل- تذكر من صلاتها- فقال: «مه، عليكم ما تطيقون من الأعمال، فإن الله لا يمل حتى تملوا» (¬2). 19 - باب ما يكره من ترك قيام الليل لمن كان يقومه 1152 - عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا عبد الله، لا تكن مثل فلان كان يقوم من الليل فترك قيام الليل» (¬3). ¬

(¬1) ينبغي عدم التكلف، يأخذ ما تيسر، ويقرأ ما تيسر من غير مشقة، حتى لا يمل ويسأم العبادة، وهكذا التسبيح والتهليل والاستغفار. (¬2) كيفية الصفات الغضب والسخط .. هكذا مسألة الملل، والملل من المخلوق ضعف، ومن الله لا، ومن آثاره كما قال أهل العلم: قطع الثواب. *وسئل عن: يؤذيني ابن آدم؟ فقال الأذى غير الضرر فالضرر منفي عن الله {وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا}، فالأذى هنا لما يقع من غضبه من معاصي الخلق. (¬3) في الحث على قيام الليل، وقد قال الله في عباد الرحمن خلاصة الأمة: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا}.

21 - باب فضل من تعار من الليل فصلى

20 - باب 1153 - عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال: قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ألم أخبر أنك تقوم الليل وتصوم النهار؟ » قلت إني أفعل ذلك. قال: «فإنك إذا فعلت ذلك هجمت عينك ونفهت نفسك، وإن لنفسك حقًا ولأهلك حقًا، فصم وأفطر، وقم ونم» (¬1). 21 - باب فضل من تعار من الليل فصلى 1154 - عن عبادة بن الصامت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من تعار من الليل فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد (¬2)، وهو على كل شيء قدير، الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله. ثم قال: اللهم اغفر لي - أو دعا- استجيب، فإن توضأ قبلت صلاته». 1155 - عن الهيثم بن أبي سنان أنه سمع أبا هريرة - رضي الله عنه - يقصص في قصصه- وهو يذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن (¬3) أخا لكم لا يقول الرفث»، يعني بذلك عبد الله بن رواحة. 1157 - فقصت حفصة على النبي - صلى الله عليه وسلم - إحدى رؤياي، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل». فكان عبد الله - رضي الله عنه - ¬

(¬1) كأن هذا بعد أن قال له «لا تكن مثل فلان .. » ثم قال له هذا، يعني توسط. (¬2) في رواية: يحيي ويميت وهو حي لا يموت. (¬3) هذا من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -.

22 - باب المداومة على ركعتي الفجر

يصلي من الليل (¬1). قال الحافظ: ... وهو الحافظ الذي يقال له دحيم (¬2). قال الحافظ: ... والظاهر أنه من تصرف الرواة لأن الواو لا تستلزم الترتيب (¬3). قال الحافظ: ... فينبغي لمن بلغه هذا الحديث أن يغتنم العمل به ويخلص نيته لربه - سبحانه وتعالى - (¬4). 22 - باب المداومة على ركعتي الفجر 1159 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - العشاء، ثم صلى ثمان ركعات، وركعتين جالسًا (¬5)، وركعتين بين النداءين، ولم يكن يدعهما أبدًا». 23 - باب الضجعة على الشق الأيمن بعد ركعتي الفجر 1160 - عن عروة بن الزبير عن عائشة - رضي الله عنها - قال: «كان النبي ¬

(¬1) هذه منقبة عظيمة لعبد الله - رضي الله عنه -، وهذا يدل على أن قيامه الليل له أثر على النجاة من النار ودخوله الجنة. (¬2) هذا لقب عبد الرحمن، وقال الشيخ: وهذا موجود عند الناس يلقبون عبد الرحمن (دحيم)، فقيل له فيه الدحمي، فسكت. (¬3) وذكر شيخنا حديث مسلم: «أربع لا يضرك بأيهن بدأت». (¬4) هذا كلام حسن، وساقه بلفظ: سبحان الله فقدمها، وذكر الزيادات: يحي ويميت، والعلي العظيم. قال الشيخ: أول ما يستيقظ يقول من تعار وبعدها الحمد لله الذي أحيانا. (¬5) هما غير ركعتي الفجر، والعلة والسر والله أعلم جواز الصلاة بعد الوتر.

24 - باب من تحدث بعد الركعتين ولم يضطجع

- صلى الله عليه وسلم - إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع على شقه الأيمن» (¬1) 24 - باب من تحدث بعد الركعتين ولم يضطجع 1161 - عن عائشة - رضي الله عنها - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا صلى سنة الفجر فإن كنت مستيقظة حدثني وإلا اضطجع حتى يؤذن بالصلاة». (¬2) 26 - باب الحديث بعد ركعتي الفجر 1168 - عن عائشة - رضي الله عنها - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي ركعتين، فإن كنت مستيقظة حدثني، وإلا اضطجع» (¬3) ¬

(¬1) وهذا يعن من صلى في البيت ومن لم يصل لمرض، فيستحب الاضطجاع. وسألت الشيخ: لو بكر بعد الأذان في ذهابه للمسجد؟ قال الشيخ: الاضطجاع سنة، ولذلك ربما تركه وحدث عائشة - رضي الله عنها -. (¬2) وهذا يبين تأكيد سنة الفجر، وكان لا يدعهما أبدا، وهما ركعتان، وكان يضطجع، يعنى غالبًا وإلا قد يتحدث أحيانًا. * الحديث الذي فيه الأوامر بالاضطجاع أعله بعضهم بأن فيه تدليس الأعمش، والمحفوظ من فعله لا من أمره. قلت: تفرد عبد الواحد بن زياد عن الأعمش بلفظ الأمر والمحفوظ فعله ولعل هذا مراد شيخنا، فلم يستحضر العلة بالضبط. (¬3) لا بأس بالتحدث بعد ركعتي الفجر مع أهله مع ضيفه مع صاحبه، وهما يمشيان، فلا منع كما لو كان يسمع الخطبة.

27 - باب تعاهد ركعتي الفجر، ومن سماهما تطوعا

27 - باب تعاهد ركعتي الفجر، ومن سماهما تطوعًا 1169 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - علي شيء من النوافل أشد منه تعاهدًا على ركعتي الفجر» (¬1) 28 - باب ما يقرأ في ركعتي الفجر 1171 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخفف الركعتين اللتين قبل صلاة الصبح حتى إني لأقول: هل قرأ بأم الكتاب» (¬2). 25 - باب ما جاء في التطوع مثني مثني 1162 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمنا الاستخارة في الأمور كما يعلمنا السورة من القرآن يقول: «إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب. اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري- أو قال: عاجل أمر وآجلة- فاقدره لي، ويسره لي، ثم بارك لي فيه. وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري- أو قال: في عاجل أمري ¬

(¬1) هذا صريح في أنها نافلة. (¬2) فيه شرعية التخفيف، وعدم الإطالة، لكن لا ينقرهما. * السنة التخفيف، فهو فضل من الله، وكان يقرأ فيهما: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ} تارة {يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}.

29 - باب التطوع بعد المكتوبة

وآجلة- فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني به قال: ويسمي حاجته» (¬1). 1165 - عن عبد الله بن عمر رضي عنهما قال: «صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتين قبل الظهر وركعتين بعد الظهر وركعتين بعد الجمعة وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء» (¬2). 1166 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يخطب: «إذا جاء أحدكم والإمام يخطب- أو قد خرج- فليصل ركعتين» (¬3). 29 - باب التطوع بعد المكتوبة 1172 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: «صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - سجدتين قبل الظهر وسجدتين بعد الظهر وسجدتين بعد المغرب وسجدتين بعد العشاء وسجدتين بعد الجمعة. فأما المغرب والعشاء ففي بيته» (¬4). قال ابن أبي ¬

(¬1) الاستخارة في عمرة التطوع؟ لا، إلا إذا كانت الاستخارة متعلقة بأمر أخر من الطريق، أو ترك الأهل، وخشية حصول ضرر لهم. * وأصرح من هذا «صلاة الليل مثنى مثنى»، وزاد أحمد والنسائي «والنهار». * الشفع في الليل فوق اثنتين ممنوع، كأربع سردًا، أو ست أو ثمان، لكن إن كان مع وتر فخمس أو سبع لما ثبت. * من صلى أربعًا بالليل، المعروف أنها تبطل؛ لحديث: «صلاة الليل مثنى مثنى» يعني: صلوها ثنيتن. (¬2) كل هذا يؤيد التطوع بركعتين، هذا مقصود المؤلف. (¬3) زاد مسلم وليتجوز فيهما. (¬4) هذه الرواتب والسجدتان أي الركعتان.

30 - باب من لم يتطوع بعد المكتوبة

الزناد عن موسى بن عقبة عن نافع «بعد العشاء في أهله». تابعه كثير بن فرقد وأيوب عن نافع. 1173 - وحدثتني أختي حفصة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي سجدتين خفيفتين بعد ما يطلع الفجر، وكانت ساعة لا أدخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها» تابعه كثير بن فرقد وأيوب عن نافع. وقال ابن أبي الزناد عن موسى بن عقبة عن نافع «بعد العشاء في أهله» (¬1). 30 - باب من لم يتطوع بعد المكتوبة 1174 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثمانيًا جميعًا وسبعًا جميعًا» قلت: يا أبا الشعثاء، أظنه أخر الظهر وعجل العصر، وعجل العشاء وأخر المغرب. قال: وأنا أظنه. (¬2). 31 - باب صلاة الضحى في السفر 1175 - عن توبة عن مورق قال: «قلت لابن عمر - رضي الله عنهما -: أتصلي الضحى؟ قال: لا. قلت: فعمر؟ قال: لا. قلت: فأبو بكر؟ قال: لا. قلت: فالنبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: لا أخاله» (¬3). ¬

(¬1) وقع في نسخه مكررًا. (¬2) في رواية النسائي ذكر تأخير الظهر وتعجيل العصر .. وهذا جمع صوري، ولم يكن يقع منه ويتكرر. (¬3) كلام ابن عمر لا يدل على عدم مشروعية صلاة الضحى، والصواب أنها سنة مؤكدة تفعل دائمًا، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - أوصى أبا هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص وأبا الدرداء - رضي الله عنهم -.

32 - باب من لم يصل الضحى ورآه واسعا

32 - باب من لم يصل الضحى ورآه واسعًا 1177 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبح سبحه الضحى، وإني لأسبحها» (¬1). 33 - باب صلاة الضحى في الحضر 1178 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: أوصاني خليلي بثلاث لا أدعهن حتى أموت: صوم ثلاثة أيام (¬2) من كل شهر، وصلاة الضحى، ونوم على وتر». 34 - باب الركعتين قبل الظهر 1180 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: «حفظت من النبي - صلى الله عليه وسلم - عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل صلاة الصبح وكانت ساعة لا يدخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها». ¬

(¬1) اختلفت أقوال عائشة - رضي الله عنها - في صلاة الضحى، ففي رواية «كان يصلي الضحى أربعًا ويزيد ما شاء الله» وفي رواية أجابت: «لا إلا أن يجيء من مغيبه» وكذا هذه الرواية. والصواب فعلها مطلقًا، لحديث الوصية لأبي هريرة. (¬2) الصوم سنة مؤكدة يحصل من أي أيام الشهر، وإن كان البيض فهو أفضل.

35 - باب الصلاة قبل المغرب

1182 - عن عائشة - رضي الله عنها - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يدع أربعًا قبل الظهر (¬1)، وركعتين قبل الغداة. 35 - باب الصلاة قبل المغرب 1183 - عن عبد الله المزني عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «صلوا قبل صلاة المغرب- قال في الثالثة-: لمن شاء كراهية أن يتخذها الناس سنة (¬2)» (¬3). ¬

(¬1) هذا يدل على أن الصواب في راتبه الظهر القبلية أنها أربع. فيصبح عدد الرواتب اثنتا عشرة ركعة «من صلى الله اثنتي عشرة ركعة .. » الحديث. * وجاء في حديث أم حبيبة «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها». ففيه زيادة ركعتان تطوع غير راتبه، وكذا الأربع قبل العصر تطوع لا راتبه وكذا قبل المغرب والعشاء تطوع لا راتبه. * عائشة وأم حبيبة حفظوا أربعًا قبل الظهر، وابن عمر حفظ ثنيتن، واستقرت الرواتب أربع قبل الظهر وهو تفسير الحديث الصحيح: «من صلى الله .. ». * وسألت الشيخ عن عموم حديث بين كل أذان صلاة ينجر على المسافر؟ قال: ليس ببعيد، كركعتي الوضوء .. التي بأسباب؛ قلت ثم تتبين لي عدم شرعيتها فلو فعلها النبي - صلى الله عليه وسلم - لنقل ذلك فسبيلها سبيل الرواتب في الترك. (¬2) من كلام الراوي، ومراده سنة راتبه. (¬3) قال شيخنا فيه شرعية الصلاة قبل المغرب، لكنها ليست كالرواتب. * من دخل المسجد قبل الأذان صلى تحية المسجد، فإن أذن صلى هذه السنة. * سألت الشيخ محمد العثيمين: عن الجمع بين حديث عتبان بن مالك وترخيصه له في الجماعة، وحديث ابن أم مكتوم وعدم ترخيصه له في الجماعة؟ فقال: هذا لا يسمع النداء، وابن أم مكتوم يسمع.

36 - باب صلاة النوافل جماعة

36 - باب صلاة النوافل جماعة 1185 - عن عتبان بن مالك الأنصاري - رضي الله عنه - وكان ممن شهد بدرًا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: كنت أصلي لقومي ببني سالم، وكان يحول بيني وبينهم واد إذا جادت الأمطار، فيشق علي اجتيازه قبل مسجدهم. فجئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت له: إني أنكرت بصري، وأن الوادي الذي بيني وبين قومي يسيل إذا جاءت الأمطار، فيشق علي اجتيازه فوددت أنك تأتي فتصلي من بيتي مكانًا أتخذه مصلى (¬1). فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «سأفعل» ..... فقال رجل منهم: ما فعل مالك؟ لا أراه. فقال رجل منهم: ذاك منافق لا يحب الله ورسوله. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تقل ذاك، ألا تراه قال لا إله إلا الله يبتغي (¬2) بذلك وجه الله؟ » ... فإذا عتبان شيخ أعمى يصلي لقومه، فلما سلم من الصلاة سلمت عليه وأخبرته من أنا، ثم سألته عن ذلك الحديث، فحدثنه كما حدثنه أول مرة» (¬3) ¬

(¬1) * وسألت الشيخ ألم ترو الركعتين قبل المغرب من فعله؟ فذكر رواية ابن حبان، وقال: إن ابن حبان ربما تساهل، لكن من قوله وفعل الصحابة وإقراره لهم. قلت: والأمر كما قال الشيخ؛ فرواية ابن حيان غير محفوظة. فيتبرك بمكانة - صلى الله عليه وسلم -، كشعره وريقه. (¬2) قالها واستقام عليها وعمل بمقتضاها إلى أن يموت. (¬3) سألت شيخنا عن هذا الحديث هل يؤخذ منه شرعية صلاة الضحى جماعة؟ فأجاب: نعم في البيت. وسأله آخر: [وفي المسجد]؟ فقال قد يقع إيهام للداخل لمشابهة الفريضة .. الخ.

37 - باب التطوع في البيت

37 - باب التطوع في البيت 1187 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم، ولا تتخذوها قبورًا» (¬1). ¬

(¬1) * من أظهر النفاق أطلق عليه كلمة النفاق، (قاله بعد سؤال أحدهم وذكر كلمة أسيد لسعد). * فيه بيان فضل التوحيد وأن من مات عليه دخل الجنة .. وأبو أيوب استغرب إطلاق مثل هذا، وهذه النصوص المطلقة مقيدة بالسلامة من الذنوب كالكبائر. * النوافل جماعة لا حرج من غير اتفاق، وإنما زار النبي - صلى الله عليه وسلم - زيارة، ثم حصل هذا على وجه غير راتب. * وسألت الشيخ عن الاتفاق على صيام يوم معين الاثنين والخميس يتفقون على يوم ويقول أحدهم نوقظكم للسحور؟ قال الشيخ: لا أعلم في ذلك حرجًا. فيه شرعية الصلاة في البيوت قلت: وصح الحديث «أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة». * فيه أن الإنسان يخص بيته ببعض الصلوات، ولا يشبهها بالقبور؛ فالقبور لا يصلى فيها.

20 - كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة

20 - كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة 1 - باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة 1189 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومسجد الأقصى» (¬1). 1190 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام» (¬2). قال الحافظ: ... والحاصل أنهم ألزموا ابن تيمية بتحريم شد الرحل إلى زيارة قبر سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنكرنا صورة ذلك (¬3). 2 - باب مسجد قباء 1191 - عن نافع أن ابن عمر - رضي الله عنهما - كان لا يصلي من الضحى ¬

(¬1) والمنع من غيرها، حتى لا يشق على الناس، أو لا يحدث الناس من البدع والغلو ما لا يجوز؟ (¬2) المسجد الأقصى جاء في بعض الروايات أنه بخمسمائة صلاة. (¬3) قلت: ما اختاره شيخ الإسلام أبو العباس هو الصواب لمن تأمل الأدلة الشرعية، ونبذ التقليد، وترك التعلق بما لا يثبت من الأحاديث الواهية، وما رد السبكي وغيره إلا صرير باب، وطنين ذباب، وقد صمد له ابن عبد الهادي - رحمه الله - فكشف عواره وهتك أستاره، والله المستعان.

5 - باب فضل ما بين القبر والمنبر

إلا في يومين: يوم يقدم (¬1) مكة فإنه كان يقدمها ضحى فيطوف بالبيت ثم يصلي ركعتين خلف المقام، ويوم يأتي مسجد قباء فإنه يأتيه كل سبت، فإذا دخل المسجد كره أن يخرج منه حتى يصلي فيه. قال: وكان يحدث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يزوره (¬2) راكبًا وماشيًا». 5 - باب فضل ما بين القبر والمنبر 1195 - عن عبد الله بن زيد المازني - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة». 1196 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما بين بيتي ومنبري (¬3) روضة من رياض الجنة، ومنبري على حوضي». ¬

(¬1) زيارة مسجد قباء سنة. (¬2) وجاء أن زيارته والصلاة فيه ركعتين كعمرة؛ وأما فعل ابن عمر وقوله هذا فهو من اجتهاده، وإلا صلاة الضحى ثبتت من قوله وفعله، ولم يكن في فعله مواظبًا، وثبت أمره بالقول ووصيته لأبي هريرة وأبي الدرداء ولحديث: «وبجزيء عن ذلك ركعتان» فيدل على شرعية المداومة، وأما عدم مداومته فلئلا يشق على أمته. * هل يترك العمل ليصلي الضحى؟ لا العمل واجب والصلاة مستحبة، إلا أن يصليها قبل ذلك أو في وقت لا عمل عنده فيه. (¬3) وهذا يدل على فضل الروضة؛ فيشرع أن يصلي ويذكر الله، ولكن لا يبقى فيها وقت الصلاة ويترك الصفوف المقدمة. * قوله: «منبري على حوضي» يدل على أن حوضه هناك، وموضع المسجد من حوض النبي - صلى الله عليه وسلم -.

6 - باب مسجد بيت المقدس

6 - باب مسجد بيت المقدس 1197 - عن عبد الملك سمعت مولى قزعة مولى زياد قال: «سمعت أبا سعيد الخدري - رضي الله عنه - يحدث بأربع عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فأعجبتني وآنقتني قال: لا تسافر المرأة يومين (¬1) إلا ومعها زوجها أو ذو محرم. ولا صوم في يومين: الفطر والأضحى (¬2). ولا صلاة بعد صلاتين: بعد الصبح حتى تطلع الشمس، وبعد العصر حتى تغرب. ولا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجد الحرام، ومسجد الأقصى، ومسجدي». ¬

(¬1) المرأة ورد فيها ثلاثة أيام ويومين وواحد، وهذا وقع عن أحوال وأسئلة، الجامع من السفر بدون محرم. (¬2) وكذا صيام أيام التشريق فيمنع للنهي.

21 - كتاب العمل في الصلاة

21 - كتاب العمل في الصلاة 1 - باب استعانة اليد في الصلاة إذا كان من أمر الصلاة وقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: يستعين الرجل في صلاته من جسده بما شاء ووضع أبو إسحاق قلنسوته في الصلاة ورفعها ووضع علي - رضي الله عنه - كفه على رصغه الأيسر (¬1) إلا أن يحك جلدًا أو يصلح ثوبًا. 1198 - عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - أنه بات عند ميمونة أم المؤمنين - رضي الله عنه - وهي خالته - قال فاضطجعت على عرض الوسادة واضطجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأهله في طولها، فنام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى انتصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل، ثم استيقظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجلس فمسح النوم عن وجهه بيده (¬2)، ثم قرأ العشر الآيات خواتيم سورة آل عمران، ثم قام إلى شن معلقة فتوضأ منها فأحسن وضوءه، ثم قام يصلي، قال عبد الله ابن عباس - رضي الله عنهما -: فقمت فصنعت مثل ما صنع، ثم ذهبت فقمت إلى جنبه، فوضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده اليمنى على رأسي، وأخذ بأذني اليمنى يفتلها بيده فصلى ركعتين، ثم ركعتين ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم أوتر، ثم اضطجع حتى جاءه المؤذن، فقام فصلى ركعتين خفيفتين، ثم خرج فصلى الصبح». ¬

(¬1) ووضع الشيخ يده اليمنى على يده اليسرى على صدره. (¬2) وفعله الشيخ، وأمر يده على وجهه من أعلاه إلى أسفله .. ثم يقرأ.

2 - باب ما ينهى من الكلام في الصلاة

2 - باب ما ينهى من الكلام في الصلاة 1200 - عن أبي عمرو الشيباني قال: قال لي زيد بن أرقم: «إن كنا لنتكلم (¬1) في الصلاة على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، يكلم أحدنا صاحبه بحاجته، حتى نزلت {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} الآية، فأمرنا بالسكوت». 3 - باب ما يجوز من التسبيح والحمد في الصلاة للرجال 1201 - عن سهل - رضي الله عنه - قال: «خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلح بين بني عمرو بن عوف، وحانت الصلاة، فجاء بلال أبا بكر - رضي الله عنهما - فقال: حبس النبي - صلى الله عليه وسلم -، فتؤم الناس؟ قال: نعم، إن شئتم. فأقام بلال الصلاة، فتقدم أبو بكر - رضي الله عنه - فصلى، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - يمشي في الصفوف يشقها شقًا حتى قام في الصف الأول، فأخذ الناس بالتصفيح قال سهل: هل تدرون ما التصفيح؟ هو التصفيق. وكان أبو بكر - رضي الله عنه - لا يلتفت في صلاته، فلما أكثروا التفت، فإذا النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصف، فأشار إليه مكانك. فرفع أبو بكر يديه فحمد الله، ثم رجع القهقري وراءه، وتقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - فصلى» (¬2). ¬

(¬1) وكان هذا في أول الإسلام في الحاجة، كرد السلام ونحو ذلك، ثم نسخ، فتبطل الصلاة بالكلام - عمدًا. * وسألت الشيخ عمن قال: كل ذكر وجد سببه في الصلاة وهو من أذكار الصلاة فيقال؟ فقال: ليس على إطلاقه لا أعرف هذا القول. (¬2) فيه الالتفات للحاجة، وإلا فلا ينبغي، وفيه أنه لا بأس بالحمد في الصلاة إذا بشر بشيء يسره، وقلت يديه؟ قال: نعم، على ما فعل الصديق.

5 - باب التصفيق للنساء

5 - باب التصفيق للنساء (¬1) 1203 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «التسبيح للرجال والتصفيق للنساء». 6 - باب من رجع القهقري في صلاته (¬2) أو تقدم بأمر ينزل به 1205 - قال الزهري أخبرني أنس بن مالك أن المسلمين بينا هم في الفجر يوم الاثنين وأبو بكر - رضي الله عنه - يصلي بهم، ففجأهم النبي - صلى الله عليه وسلم - قد كشف ستر حجرة عائشة - رضي الله عنها -، فنظر إليهم وهم صفوف، فتبسم يضحك. فنكص أبو بكر - رضي الله عنه - على عقيبه وظن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريد أن يخرج إلى الصلاة، وهم المسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم فرحًا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - حين رأوه. فأشار بيده أن أتموا ثم دخل الحجرة وأرخى الستر. وتوفي ذلك اليوم». 7 - باب إذا دعت الأم (¬3) ولدها في الصلاة 1206 - قال أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «نادت امرأة ابنها وهو في صومعته قالت: يا جريج، قال: اللهم أمي وصلاتي. قالت: ¬

(¬1) المرأة إذا أسقط الرج آية تعلمه إذا لم يعلمه الرجال. * وسألت الشيخ عن مند قيد التصفيق بصفة معينة؟ فقال الشيخ: التصفيق هكذا، ومثله بضرب كف على كف، على المعروف. (¬2) التقدم والتأخر للمصلحة لا بأس، وذكر الشيخ شواهد. (¬3) وساقه المؤلف مختصرًا، وسرده الشيخ مطولًا، بمعناه.

8 - باب مسح الحصى في الصلاة

يا جريج، قال: اللهم أمي وصلاتي. قالت: يا جريج، قال: اللهم أمي وصلاتي. قالت: اللهم لا يموت جريج حتى ينظر في وجه المياميس. وكانت تأوي إلى صومعته راعية ترعى الغنم، فولدت، فقيل لها: ممن هذا الولد؟ قالت: من جريج نزل من صومعته. قال جريج: أين هذه التي تزعم أن ولدها لي؟ قال: يا بابوس، من أبوك؟ قال: راعي الغنم». 8 - باب مسح الحصى في الصلاة 1207 - عن أبي سلمة قال: حدثني معيقيب «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في الرجل يسوي التراب حيث يسجد قال: إن كنت فاعلًا فواحدة» (¬1). 9 - باب بسط الثوب في الصلاة للسجود 1208 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «كنا نصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في شدة الحر، فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن وجهه من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه» (¬2). ¬

(¬1) فيه الحرص على ترك الحركة في الصلاة. * إن كان واحدة فهو الأفضل وتكفي، وإن زاد فالظاهر لا بأس به، لما ورد من صعوده على المنبر، فالظاهر جواز الزيادة. (¬2) وفيه فوائد: أ- جواز الصلاة في الحر، ولو لم يبرد. ب- جواز اتقاء الأرض بالثوب، وكذا لو كانت باردة

10 - باب ما يجوز من العمل في الصلاة

10 - باب ما يجوز من العمل في الصلاة 1209 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كنت أمد رجلي في قبلة النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي، فإذا سجد غمزني، فرفعتها، فإذا قام مددتها» (¬1). 11 - باب إذا انفلتت الدابة في الصلاة وقال قتادة: إن أخذ ثوبه يتبع السارق ويدع الصلاة (¬2) 1211 - حدثنا الأزرق بن قيس قال: «كنا بالأهواز نقاتل الحرورية، فبينا أنا على جرف نهر إذا رجل يصلي، وإذا لجام دابته بيده، فجعلت الدابة تنازعه، وجعل يتبعها - قال شعبة: هو أبو برزة الأسلمي - فجعل رجل من الخوارج يقول: اللهم افعل بهذا الشيخ. فلما انصرف الشيخ قال: إني سمعت قولكم، وإني غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ست غزوات أو سبع غزوات وثمانيًا، وشهدت تيسيره، وإني إن كنت أن أرجع مع دابتي أحب إلي من أن أدعها ترجع إلى مألفها فيشق علي». 1212 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «خسفت الشمس، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - فقرأ سورة طويلة، ثم ركع فأطال، ثم رفع رأسه، ثم استفتح بسورة أخرى، ثم ركع حتى قضاها وسجد، ثم فعل ذلك في الثانية ثم قال: إنهما آيتان من آيات الله، فإذ رأيتم ذلك فصلوا حتى يفرج عنكم. لقد رأيت في مقامي هذا كل شيء وعدته، حتى لقد رأيتني أريد أن آخذ قطفًا (¬3) من ¬

(¬1) ومثل إدارته لابن عباس في صلاة الليل. (¬2) فيجوز له قطع الصلاة؛ لأن هذا يفوت، والصلاة لا تفوت. (¬3) فيه جواز التقدم والتأخر لحاجة؛ لعذر شرعي، كما تقدم في صلاة الكسوف، ليأخذ قطفًا من العنب وإمامته الناس، ورجوعه القهقري.

12 - باب ما يجوز من البصاق والنفخ في الصلاة

الجنة حين رأيتموني جعلت أتقدم، ولقد رأيت جهنم يحطم بعضها بعضًا حين رأيتموني تأخرت، ورأيت فيها عمرو بن لحي وهو الذي سيب السوائب». 12 - باب ما يجوز من البصاق والنفخ في الصلاة ويذكر عن عبد الله بن عمرو، نفخ النبي - صلى الله عليه وسلم - في سجوده في كسوف. 1214 - عن أنس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا كان في الصلاة فإنه يناجي ربه، فلا يبزقن بين يديه ولا عن يمينه، ولكن عن شماله تحت قدمه اليسرى» (¬1). 13 - باب من صفق جاهلًا من الرجال في صلاته لم تفسد صلاته (¬2) فيه سهل بن سعد - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬3) ¬

(¬1) البصاق في الصلاة جائز، لكن إن كان في المسجد في ثوبه. * النفث والبصاق يلف عنقه يسيرًا. * المعروف في النهي عن التنخم عند الصلاة (قاله بعدما سئل عن إطلاق حديث النهي عن البصاق جهة القبلة). قلت: وهو حديث أبي الدرداء «من نقل تجاه القبلة جاء يوم القيامة وتفله بين عينيه» [رواه أبو داود وهو حديث ثابت]. * النفخ ليس مثل الكلام (¬2) من صفق عامدًا؟ قال: إن كثر بطلت، وإن قل لا، كسائر العبث. (¬3) وجه ذلك أنهم صفقوا لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - من عند بني عمرو بن عوف، ولم يأمر من صفق بالإعادة.

15 - باب لا يرد السلام في الصلاة

15 - باب لا يرد السلام في الصلاة 1216 - عن علقمة عن عبد الله قال: «كنت أسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في الصلاة فيرد علي، فلما رجعنا سلمت عليه فلم يرد علي وقال: إن في الصلاة شغلًا» (¬1). 1217 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: «بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حاجة له، فانطلقت، ثم رجعت وقد قضيتها، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فسلمت عليه فلم يرد علي، فوقع في قلبي ما الله أعلم به، فقلت في نفسي: لعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجد علي أني أبطأت عليه ثم سلمت عليه فلم يرد علي، فوقع في قلبي أشد من المرة الأولى. ثم سلمت عليه فرد علي (¬2). فقال: إنما منعني أن أرد عليك أني كنت أصلي. وكان على راحلته متوجهًا إلى غير القبلة». 16 - باب رفع الأيدي في الصلاة لأمر ينزل به 1218 - عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال: بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن بني عمرو بن عوف بقباء كان بينهم شيء، فخرج يصلح بينهم في أناس من أصحابه (¬3)، فحبس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحانت الصلاة، فجاء بلال إلى أبي ¬

(¬1) يرد إشارة، ومثلها الشيخ، ورفع يده اليمنى. (¬2) قلت: يعني بعدما فرغ من صلاته، ففيه: أن الموالاة بين السلام والرد موسعة عند الحاجة (¬3) فيه فوائد: 1 - الإصلاح بين الناس، وتواضعه - صلى الله عليه وسلم -. 2 - أن المؤذن إذا تأخر الإمام عن عادته أن يقدم أحدهم يصلي بالناس. 3 - أن الإمام إذا أتى وقد صلوا بعض الصلاة وأطالوا لا يؤمهم، وإن كانوا في أول الصلاة يتقدم، جمعًا بين هذا الحديث وحديث إمامة عبد الرحمن بن عوف. 4 - التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء. 5 - رفع اليدين إذا حصل للإنسان نعمة، ولو في الصلاة. 6 - الحركة اليسيرة لا تضر بالصلاة؛ لتقدم الصديق. 7 - الالتفات للحاجة بالعنق. 8 - حينما شق الصفوف وأتى كأنه أراد الإمامة؛ فتأخر الصديق.

17 - باب الخصر في الصلاة

بكر - رضي الله عنهما - فقال: يا أبا بكر، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد حبس وقد حانت الصلاة، فهل لك أن تؤم الناس؟ قال: نعم إن شئت. فأقام بلال الصلاة وتقدم أبو بكر - رضي الله عنه - فكبر للناس، وجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمشي في الصفوف يشقها شقًا حتى قام في الصف ... الحديث. 17 - باب الخصر في الصلاة 1219 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «نهي أن يصلى الرجل مختصرا» (¬1). قال الحافظ: ... «لا تشبهوا باليهود» (¬2). ¬

(¬1) وهو أن يضع الرجل يده على خاصرته، وروي أنه من فعل اليهود. (¬2) ذكره الشيخ.

18 - باب يفكر الرجل الشيء في الصلاة

18 - باب يفكر الرجل الشيء في الصلاة وقال عمر - رضي الله عنه -: إني لأجهز (¬1) جيشي وأنا في الصلاة. 1221 - عن عقبة بن الحارث - رضي الله عنه - قال: صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - العصر، فلما سلم قام سريعًا دخل على بعض نسائه، ثم خرج ورأى ما في وجوه القوم من تعجبهم لسرعته، فقال: ذكرت - وأنا في الصلاة - تبرًا عندنا فكرهت أن يمسي - أو يبيت - عندنا، فأمرت بقسمته». 1222 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أذن بالصلاة أدبر الشيطان له ضراط حتى لا يسمع التأذين، فإذا سكت المؤذن أقبل، فإذا ثوب أدبر، فإذا سكت أقبل، فلا يزال بالمرء يقول له أذكر ما لم يكن يذكر حتى لا يدري كم صلى». قال أبو سلمة بن عبد الرحمن: إذا فعل أحدكم ذلك (¬2) فليسجد سجدتين وهو قاعد، وسمعه أبو سلمة من أبي هريرة - رضي الله عنه -. ¬

(¬1) هذا عبادة في عبادة، والأولى جمع القلب على الصلاة. * التفكير في الصلاة في الأمر لا يضر، لكن إن كثر صار نقصًا في الصلاة. (¬2) هذا مجمل، والمراد إن سها.

22 - كتاب السهو

22 - كتاب السهو 2 - باب إذا صلى خمسًا 1226 - عن عبد الله - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر خمسًا، فقيل له: أزيد في الصلاة؟ فقال: «وما ذاك؟ » قال: صليت خمسًا، فسجد سجدتين بعدما سلم» (¬1). 3 - باب إذا سلم في ركعتين أو في ثلاث فسجد سجدتين مثل سجود الصلاة أو أطول 1227 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «صلى بنا النبي - صلى الله عليه وسلم - الظهر - أو العصر - فسلم، فقال له ذو اليدين: الصلاة يا رسول الله أنقصت؟ ¬

(¬1) إذا زاد ركعة ونبه يسجد. * المأمون لهم أحوال ثلاثة عند زيادة الإمام: 1 - ما عنده خبر (ساهي) فيتابع. 2 - يعلمون، ليس لهم المتابعة، فإن تابعوا جهلًا صحت صلاتهم. 3 - من يعلم الزيادة ويعلم الحكم، تبطل صلاته إن تابع الإمام في الزيادة. * ومرة قسمهم فيها: 1 - من يعلم الحكم والزيادة فتبطل، إن زاد. 2 - من يعلم الحكم دون الزيادة. 3 - من يعلم الزيادة دون الحكم. فتصح منهم لو تابعوا. * المسبوق لا يعتد بالركعة الزائدة إذا كان يعلم زيادته، وإن كان لا يعلم صحت، ويعتد.

4 - باب من لم يتشهد في سجدتي السهو

فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: «أحق (¬1) ما يقول؟ » قالوا: نعم. فصلى ركعتين أخريين، ثم سجد سجدتين». قال سعد: ورأيت عروة بن الزبير صلى من المغرب ركعتين، فسلم وتكلم، ثم صلى ما بقي وسجد سجدتين وقال: هكذا فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -». 4 - باب من لم يتشهد في سجدتي السهو وسلم أنس والحسن ولم يتشهدوا. وقال قتادة: لا يتشهد. 1228 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انصرف من اثنتين، فقال له ذو اليدين أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أصدق ذو اليدين؟ » فقال الناس: نعم. فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى اثنتين أخريين، ثم سلم، ثم كبر فسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع» (¬2). 5 - باب من يكبر في سجدتي السهو 1229 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «صلى النبي إحدى صلاتي العشي - قال محمد: وأكثر ظني أنها العصر - ركعتين، ثم سلم، ثم قام إلى خشبة في مقدم المسجد فوضع يده عليها، وفيهم أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما - فهابا أن يكلماه، وخرج سرعان (¬3) الناس، فقالوا: أقصرت الصلاة؟ ¬

(¬1) دل على أن خبر الواحد لا يكفي، إلا إن يكون يصدق من غيره. (¬2) بين سجدتي السهو كما بين سجدتي الصلاة، في المقدار والدعاء. * من سلم عن يمينه ثم نبه يتم سلامة ثم يسأل ويستفسر. (¬3) يعيدون الصلاة إذا طال الفصل، وإذا قصر الفصل أتموا كالمسبوق.

6 - باب إذا لم يدر كم صلى -ثلاثا أو أربعا- سجد سجدتين وهو جالس.

ورجل يدعوه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذا اليدين فقال: أنسيت أم قصرت؟ فقال: لم أنس ولم تقصر. قال: بلى قد نسيت. فصلى ركعتين ثم سلم، ثم كبر فسجد مثل سجود أو أطول، ثم رفع رأسه فكبر، ثم وضع رأسه فكبر فسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه وكبر». 6 - باب إذا لم يدر كم صلى -ثلاثًا أو أربعًا- سجد سجدتين وهو جالس. 1231 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع الأذان، فإذا قضي الأذان أقبل، فإذا ثوب بها أدبر، فإذا قضي التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه يقول: اذكر كذا وكذا - ما لم يكن يذكر - حتى يظل الرجل إن يدري (¬1) كم صلى. فإذا لم يدر أحدكم كم صلى - ثلاثًا أو أربعًا - فليسجد سجدتين (¬2) وهو جالس». 8 - باب إذا كُلم وهو يصلي فأشار بيده واستمع 1223 - عن بكير عن كريب أن ابن عباس والمسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن أزهر - رضي الله عنهم - أرسلوه إلى عائشة - رضي الله عنها - فقالوا: اقرأ - عليها السلام - منا جميعًا وسلها عن الركعتين بعد صلاة العصر وقل لها: إنا أخبرنا أنك تصلينهما، وقد بلغنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عنها، وقال ¬

(¬1) يعني لا يدري. (¬2) هذا مطلق فيفسر بالأحاديث الأخرى. * سألت شيخنا عن حديث أم سلمة الذي رواه أحمد وفيه: «أنقضيهما (أي الركعتان بعد الظهر) إذا فاتتا» وقلت من طعن في إسناده؟ فقال: تأملت إسناده وذكر أنه جيد. وذكر مرة أن الطحاوي صححه. قلت: ذكره الطحاوي في كتابه (شرح معاني الآثار) في معرض الرد، وقد نص الطحاوي في مقدمته لذلك الكتاب أن ما احتج به ورد به على المخالفين هو من القرآن والسنة الصحيحة، والذي يظهر لي أن أصل الحديث محفوظ دون قوله «أنقضيهما إذا فاتتا» فإنها زيادة منكرة، وليس هذا محل بسط الكلام عليها، وممن ضعفها: ابن حزم، والبيهقي، وعبد الحق الإشبيلي، وغيرهم.

ابن عباس: وكنت أضرب الناس مع عمر بن الخطاب عنها. قال كريب: فدخلت على عائشة - رضي الله عنها - فبلغتها ما أرسلوني، فقالت: سل أم سلمة. فخرجت إليهم فأخبرتهم بقولها، فردوني إلى أم سلمة بمثل ما أرسلوني به إلى عائشة، فقالت أم سلمة - رضي الله عنها -: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - ينهى عنها، ثم رأيته يصليهما حين صلى العصر، ثم دخل علي وعندي نسوة من بني حرام من الأنصار فأرسلت إليه الجارية فقلت: قومي بجنبه قولي له: تقول لك أم سلمة يا رسول الله سمعتك تنهى عن هاتين وأراك تصليهما، فإن أشار بيده فاستأخري عنه. ففعلت الجارية، فأشار بيده، فاستأخرت عنه. فلما انصرف قال: «يا ابنة أبي أمية، سألت عن الركعتين بعد العصر (¬1)، وإنه أتاني ناس من عبد القيس فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر، فهما هاتان». ¬

(¬1) دليل أنه استمع.

23 - كتاب الجنائز

23 - كتاب الجنائز 2 - باب الأمر بإتباع الجنائز قال الحافظ: ... وسقط من المنهيات في هذا الباب واحدة (¬1) سهوًا. قال الحافظ: ... وكان حذيفة يقول: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأذني هاتين ينهى عن النعي (¬2). 5 - باب الإذن بالجنازة (¬3) 6 - باب فضل من مات له ولد فاحتسب 1249 - عن ذكوان عن أبي سعيد - رضي الله عنه - أن النساء قلن للنبي - صلى الله عليه وسلم -: اجعل لنا يومًا. فوعظهن وقال: «أيما امرأة مات لها ثلاثة من الولد كانوا لها حجابًا من النار». قالت امرأة: واثنان؟ قال: «واثنان» (¬4). قال الحافظ: .... فيلزم على قول القرطبي أنه إن مات له الرابع أن يرتفع عنه ذلك الأجر مع تجدد المصيبة وكفى بهذا فسادًا، والحق أن تناول الخبر الأربعة فما فوقها من باب أولى وأحرى (¬5). ¬

(¬1) هي الميثرة الحمراء. (¬2) النعي المحرم. (¬3) يعني الإعلام بها. (¬4) وسألت شيخنا عن الواحد؟ فقال: عموم حديث «ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفية من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة» يشمل الواحد. (¬5) قلت: وهذا هو التحقيق من المؤلف - رحمه الله -.

15 - باب كيف الإشعار للميت؟

15 - باب كيف الإشعار للميت؟ 1261 - أخبرنا ابن جريج أن أيوب أخبره قال: سمعت ابن سيرين يقول: «جاءت أم عطية - رضي الله عنها - امرأة من الأنصار من اللاتي بايعن - قدمت البصرة تبادر ابنًا لها فلم تدركه، فحدثتنا قالت: دخل علينا النبي - صلى الله عليه وسلم - ونحن نغسل ابنته فقال: «اغسلنها ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر، واجعلن في الآخرة كافورًا، فإذا فرغتن فآذنني، قالت: فلما فرغنا ألقى إلينا حقوه فقال: أشعرنها إياه، ولم يزد على ذلك» (¬1) ولا أدري أي بناته. وزعم أن الإشعار الففنها فيه. وكذلك كان ابن سيرين يأمر بالمرأة أن تشعر ولا تؤزر. 16 - باب يجعل شعر المرأة ثلاثة قرون (¬2) 1262 - عن أم عطية - رضي الله عنها - قالت: «ضفرنا شعر بنت النبي - صلى الله عليه وسلم -» - تعني ثلاثة قرون - وقال وكيع قال سفيان «ناصيتها وقرينها». 17 - باب يلقى شعر المرأة خلفها 1263 - عن أم عطية - رضي الله عنها - قالت: توفيت إحدى بنات النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأتانا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «اغسلنها بالسدر وترًا ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك، واجعلن في الآخرة كافورًا أو شيئًا من كافور، ¬

(¬1) ما يلي اللحم يسمى إشعار وشعار وما فوق يسمى دثار. قلت: وفي الحديث: «الأنصار شعار والناس دثار». (¬2) هذا هو الأفضل، وكذا الرجل لو كان له رأس.

18 - باب الثياب البيض للكفن

فإذا فرغتن فآذنني. فلما فرغنا آذناه، فألقى إلينا حقوه، فضفرنا شعرها ثلاثة قرون وألقيناها خلفها» (¬1). 18 - باب الثياب البيض للكفن 1264 - عن عائشة - رضي الله عنها - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كفن في ثلاثة أثواب يمانية بيض سحولية من كرسف ليس فيهن قميص ولا عمامة» (¬2). 19 - باب الكفن في ثوبين 1265 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: بينما رجل واقف بعرفة إذ وقع عن راحلته فوقصته - أو قال: فأوقصته - قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبين، ولا تحنطوه، ولا تخمروا رأسه، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيًا» (¬3). ¬

(¬1) هذا فيه صفة غسل الميت، وهو للرجل والأنثى، فالماء والسدر والإيتاء مشروع، وليس الوتر بلازم؛ لحديث الذي وقصته راحلته: (اغسلوه بماء وسدر) ولم يأمر بالوتر، وإن كان أقل من ثلاث أجزاء، والأفضل ثلاث. (¬2) وهذا هو الأفضل أن تكون بيضًا، للرجال والنساء. * وسئل عن حديث: حفاة عراة، وهذا الحديث أنه ملبي؟ فقال: ليس فيه أنه يلبس، ولكن هو ملبي. (¬3) هذا يدل على أنه باق على إحرامه، ولم يأمر بقضاء النسك؛ لأنه باق على إحرامه ونسكه؛ ورواية: «ووجهه» تدل على كشف الوجه. * وسئل عن وجه المحرمة أيغطى؟ فقال: نعم عند الرجال، ثم يكشف في القبر.

31 - باب زيارة القبور

31 - باب زيارة القبور 1283 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بامرأة تبكي عند قبر، فقال: «اتقي الله واصبري». قالت: إليك عني، فإنك لم تصب بمصيبتي ولم تعرفه. فقيل لها: إنه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم تجد عنده بوابين، فقالت: لم أعرفك. فقال: «إنما الصبر عند الصدمة الأولى» (¬1). 32 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه إذا كان النوح من سنته» (¬2) لقول الله تعالى: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كلكم راع ومسؤول عن رعيته» فإذا لم يكن من سنته فهو كما قالت عائشة - رضي الله عنها - {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} .... ¬

(¬1) هذا الحديث وقت الرخصة. * ينبغي الصبر والاحتساب وعدم الجزع. (¬2) هذا من المؤلف حملًا على أنه كان من سنة القوم، ولهم ينههم. * قلت: قال بعضهم. 1 - إذا أوصى. ... 2 - أو كان من سنتهم، ولم ينههم. 3 - أنه كان كافرًا. 4 - أنه يتألم، وليس بالعذاب المعروف؛ لحديث: «السفر قطعة من العذاب» واختاره شيخ الإسلام. 5 - وقيل: الآية عامة، وهذا الحديث خاص. * وسألت الشيخ عن حديث: «من سن في الإسلام» - يقتضي كتابه السيئة كلها، وهنا قال: (كفل منها) فيقتضي التبعيض؟ فقال: لا تكتب السيئة كلها بل بعضها.

1284 - عن أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - قال: «أرسلت ابنة النبي - صلى الله عليه وسلم - إليه: إن ابنًا لي قبض، فأتنا. فأرسل يقرئ (¬1) السلام ويقول: إن لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل عنده بأجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب. فأرسلت إليه تقسم عليه ليأتينها. فقام ومعه سعد بن عبادة ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وزيد بن ثابت ورجال. فرفع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصبي ونفسه تتقعقع - قال: حسبته أنه قال: كأنها شن - ففاضت عيناه، فقال سعد: يا رسول الله ما هذا؟ فقال: هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء». 1286 - عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة قال: «توفيت ابنة لعثمان - رضي الله عنه - بمكة وجئنا لنشهدها، وحضرها ابن عمر وابن عباس - رضي الله عنهم -، وإني جالس بينهما - أو قال: جلست إلى أحدهما، ثم جاء الآخر فجلس إلى جنبي - فقال عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - لعمرو ابن عثمان: ألا تنهى عن البكاء؟ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إن الميت ليعذب ببكاء (¬2) أهله عليه». 1288 - قال ابن عباس - رضي الله عنهما - «فلما مات عمر - رضي الله عنه - ذكرت ذلك لعائشة - رضي الله عنها - فقالت: رحم الله عمر، والله ما حدث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الله ليعذب المؤمن ببكاء أهله عليه، ولكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إن الله ليزيد الكافر عذابًا ببكاء أهله عليه، وقالت: حسبكم القرآن ¬

(¬1) قال شيخنا: يقرأ بالفتح، وقال الحافظ بضم أوله! * فيه جبر المصاب وزيارته وتواضع المصطفى - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) المراد: النياحة، رفع الصوت.

33 - باب ما يكره من النياحة على الميت

{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}. قال ابن عباس - رضي الله عنهما - عند ذلك: الله {هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى} قال ابن أبي مليكة: والله ما قال ابن عمر - رضي الله عنهما - شيئًا» (¬1). قال الحافظ: ... ويقويه أن في رواية ثابت (¬2) المذكورة بلفظ لا يدخل القبر أحد قارف أهله البارحة. 33 - باب ما يكره من النياحة على الميت وقال عمر - رضي الله عنه -: دعهن يبكين على أبي سليمان، ما لم يكن نقع أو لقلقة. والنقع: التراب على الرأس، واللقلقة: الصوت. 1291 - عن المغيرة - رضي الله عنه - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن كذبًا علي ليس ككذب على أحد، من كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار»، سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من نيح عليه يعذب بما نيح عليه» (¬3). ¬

(¬1) عائشة أنكرت ولم يبلغها الخبر، فأخبرت عن اجتهادها. وقال شيخنا: عائشة استدلت بأن الكافر يعذب ببكاء أهله عليه، وهذا مستثنى من الآية. فكذلك المؤمن، فالاستثناء هنا وهنا واحد. قلت: وهو استدلال بديع لطيف يرد على عائشة - رضي الله عنها -، قلت: وكذا أورده شيخنا ابن عثيمين عليها في دروس الحرم في مكة في رمضان 1409 هـ. (¬2) رواها المصنف في تاريخه الأوسط، المسمى غلطًا بالصغير (1/ 44) من طريق المسندي ثنا عفير ثنا حماد عن ثابت عن أنس. (¬3) البكاء لا بأس به.

34 - باب

34 - باب 1293 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهم - قال: جيء بأبي يوم أحد قد مثل به حتى وضع بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد سجي ثوبًا فذهبت أريد أن أكشف عنه فنهاني قومي، ثم ذهبت أكشف عنه فنهاني قومي، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرفع، فسمع صوت صائحة (¬1) فقال: «من هذه؟ » فقالوا. ابنة عمرو - أو أخت عمرو - قال: «فلم تبكي؟ أو لا تبكي، فما زالت الملائكة تظلله بأجنحتها حتى رفع». 36 - باب رثاء النبي - صلى الله عليه وسلم - سعد بن خولة 1295 - عن سعد بن أبي وقاص عن أبيه - رضي الله عنه - قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعودوني عام حجة الوداع من وجع اشتد بي، فقلت: إني قد بلغ من الوجع، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: لا. فقلت: بالشطر؟ فقال: لا. ثم قال: الثلث والثلث كبير - أو كثير - إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس، وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها، حتى ما تجعل في فيَّ امرأتك. فقلت: يا رسول الله، أخلف بعد أصحابي؟ قال: إنك لن تخلف فتعمل عملًا صالحًا إلا ازددت به درجة ورفعة، ثم لعلك أن تخلف حتى ينتفع بك أقوام ويضر بك آخرون، اللهم امض لأصحابي هجرتهم، ولا تردهم على أعقابهم، لكن البائس سعد بن خولة. يرثي (¬2) له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن مات بمكة». ¬

(¬1) تسامح معها، لشدة المصيبة. (¬2) يتوجع له؛ لأنه مات في الدار التي هاجر منها.

37 - باب ما ينهى عن الحلق عند المصيبة

قال الحافظ: ... «نهى (¬1) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المراثي». 37 - باب ما ينهى عن الحلق عند المصيبة 1296 - وقال الحكم بن موسى حدثنا يحيى بن حمزة (¬2) عن عبد الرحمن بن جابر أن القاسم بن مخيمرة حدثه قال: حدثني أبو بردة بن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: «وجع أبو موسى وجعًا فغشي عليه، ورأسه في حجر امرأة من أهله فلم يستطع أن يرد عليها شيئًا، فلما أفاق قال: أنا بريء ممن برئ منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بريء من الصالقة (¬3) والحالقة والشاقة». 39 - باب ما ينهى من الويل ودعوى الجاهلية عند المصيبة 1298 - عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ليس (¬4) منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية» (¬5). 41 - باب من لم يظهر حزنه عند المصيبة 1301 - عن أنس بن مالك قال: اشتكى ابن لأبي طلحة، قال فمات ¬

(¬1) سألت شيخنا عن حديث النهي عن المراثي؟ فقال: لا أعرفه. قلت: أخرجه أحمد وعبد الرزاق والحميدي وابن أبي شيبة وابن ماجه والطحاوي وغيرهم، من طريق إبراهيم الهجري عن عبد الله بن أبي أوفى. والهجري مضعف، وانظر: مسند أحمد (31/ 480). (¬2) في نسخة بن أبي حمزة، وهو غلط، والصواب المثبت. (¬3) من ترفع صوتها، وتحلق رأسها، وتشق ثوبها، على الترتيب، عند المصيبة. (¬4) للتحذير وليس المعنى بأنه كافر، وهذه اللفظة عند جمع من أهل العلم دالة على الكبيرة. ومثله: «من غشنا فليس منا». (¬5) في رواية: أو، فتدل على أن الواحدة منهي عنها.

42 - باب الصبر عند الصدمة الأولى

وأبو طلحة خارج. فلما رأت امرأته أنه قد مات هيأت شيئًا ونحته في جانب البيت. فلما جاء أبو طلحة قال: كيف الغلام؟ قالت: قد هدأت نفسه، وأرجو أن يكون قد استراح. وظن أبو طلحة أنها صادقة. قال: فبات. فلما أصبح اغتسل، فلما أراد أن يخرج أعلمته أنه قد مات، فصلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بما كان منهما، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لعل الله يبارك لكما في ليلتكما» (¬1). قال سفيان: فقال رجل من الأنصار: فرأيت لهما تسعة أولاد كلهم قد قرأ القرآن. 42 - باب الصبر عند الصدمة الأولى وقال عمر - رضي الله عنه -: نعم العدلان ونعم العلاوة (¬2) {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}. وقوله تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ (¬3) إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} 1302 - عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الصبر عند الصدمة الأول». ¬

(¬1) تأخير الدفن لحاجة لا بأس، كما أخر دفن النبي - صلى الله عليه وسلم - للبيعة. * الأولى إظهار الحزن؛ لفعله - صلى الله عليه وسلم -، وفعل النبي أفضل من فعل زوجة أبي طلحة. * وهذا يدل على أنها تصبرت - رضي الله عنه -، ولم تظهر الحزن، وفي رواية ذكرت: أرأيت لو أن قومًا أعاروا .. فهل لهم أن يمنعوهم؟ فقال: لا. فقالت: احتسب ابنك. (¬2) الصلاة والرحمة والهداية هي العلاوة. (¬3) يعني شاقة على أكثر الخلق، إلا على المؤمنين الخاشعين.

43 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «إنا بك لمحزونون»

43 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «إنا بك لمحزونون» وقال ابن عمر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «تدمع العين ويحزن القلب». 1303 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: دخلنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أبي سيف القين (¬1) - وكان ظئرًا لإبراهيم - عليها السلام - فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إبراهيم فقبله وشمه. ثم دخلنا عليه بعد ذلك - وإبراهيم يجود بنفسه - فجعلت عينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تذرفان. فقال له عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه -: وأنت يا رسول الله؟ فقال: «يا ابن عوف إنها رحمة». ثم أتبعها بأخرى فقال - صلى الله عليه وسلم -: «إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون». 44 - باب البكاء عند المريض 1304 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهم - قال: اشتكى سعد بن عبادة شكوى له، فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - يعوده مع عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود - رضي الله عنهم -، فلما دخل عليه فوجده في غاشية أهله فقال: «قد قضى؟ » قالوا: لا يا رسول الله. فبكى النبي - صلى الله عليه وسلم -. ¬

(¬1) وكان إبراهيم يرضع في بيت القين، وهو الحداد، وكان يذهب له - صلى الله عليه وسلم -، ففيه من الفوائد: 1 - تواضعه - صلى الله عليه وسلم - حيث يذهب لبيت القين. 2 - رحمته بابنه ورأفته - صلى الله عليه وسلم -. 3 - لا حرج في دمع العين وحزن القلب. * سألت الشيخ عن النياحة في غير الوفاة؟ فقال: ما تنبغي، قد تجر إلى النياحة عند الموت، وقد تكون أعظم عند الموت.

46 - باب القيام للجنازة

فلما رأى القوم بكاء النبي - صلى الله عليه وسلم - بكوا. فقال: «ألا تسمعون؟ إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا (¬1) - وأشار إلى لسانه - أو يرحم. وإن الميت يعذب ببكاء أهله عليه» وكان عمر - رضي الله عنه - يضرب فيه بالعصا، ويرمي بالحجارة، ويحشى بالتراب (¬2). 46 - باب القيام للجنازة 1407 - عن عامر بن ربيعة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا رأيتم الجنازة فقوموا (¬3) حتى تخلفكم» قال سفيان: قال الزهري أخبرني سالم عن أبي قال أخبرنا عامر بن ربيعة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. زاد الحميدي «حتى تخلفكم أو توضع». 47 - متى يقعد إذا قام للجنازة 1309 - حدثنا أحمد بن يونس حدثنا ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبيه قال: «كنا في جنازة فأخذ أبو هريرة - رضي الله عنه - بيد مروان فجلسا (¬4). ¬

(¬1) قوله: ويعذب بهذا اللسان والنياحة ليست من فعل اللسان. قال الشيخ: النياحة رفع الصوت. (¬2) من باب التعزيز. (¬3) السنة القيام لها حتى تجاوز الناس، أو توضع، وقعوده كما قال علي يدل على أنه ليس بواجب. (¬4) ولعله جلس لأنه علم أنه ليس بواجب.

49 - باب من قام لجنازة يهودي

قبل أن توضع، فجاء أبو سعيد - رضي الله عنه - فأخذ بيد مروان فقال: قم، فوالله لقد علم هذا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهانا عن ذلك. فقال أبو هريرة: صدق» (¬1). 49 - باب من قام لجنازة يهودي 1311 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهم - قال: مر بنا جنازة فقام لها النبي - صلى الله عليه وسلم - فقمنا به، فقلنا: يا رسول الله إنها جنازة يهودي، قال: «إذا رأيتم الجنازة فقوموا» (¬2). 1313 - وقال أبو حمزة عن الأعمش عن عمرو عن ابن أبي ليلى قال: «كنت مع قيس وسهل - رضي الله عنهم - فقالا: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم -». وقال زكريا عن الشعبي عن ابن أبي ليلى «كان أبو مسعود وقيس يقومان للجنازة» (¬3). قال الحافظ: ... (مر بنا) (¬4) بضم الميم على البناء للمجهول. ¬

(¬1) وسألت الشيخ: هل هذا الحديث يؤخذ منه الإنكار على ترك السنن؟ فقال: لعل أبا سعيد يرى أنه واجب، والإنكار يكون للتعليم دون الإنكار على ترك الواجبات. (¬2) في بعض الروايات أليست نفسًا؟ قلت: تأتي. (¬3) وهذه السنة، وحتى لو كانت جنازة مشرك. * زيادة: ثم أمرنا بالقعود، فيها نظر. (¬4) الظاهر: أنه بالفتح.

50 - باب حمل الرجال الجنازة دون النساء

50 - باب حمل الرجال الجنازة دون النساء 1314 - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا وضعت الجنازة واحتملها الرجال على أعناقهم (¬1) فإن كانت صالحة قالت: قدموني وإن كانت غير صالحة قالت: يا ويلها، أين يذهبون بها؟ يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان ولو سمعه صعق». 51 - باب السرعة بالجنازة وقال أنس - رضي الله عنه -: أنتم مشيعون. وامش بين يديها وخلفها وعن يمينها وعن شمالها. وقال غيره: قريبًا منها. 1315 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أسرعوا (¬2) بالجنازة، فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه، وإن يك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم». 54 - باب الصفوف على الجنازة 1319 - حدثنا الشعبي قال: أخبرني من شهد النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أتى على قبر منبوذ فصفهم وكبر أربعًا (¬3). قلت: يا أبا عمر ومن حدثك؟ قال: ابن عباس - رضي الله عنهم -». ¬

(¬1) هذا هو المشروع على الأعناق. (¬2) السنة الإسراع، وعدم التماوت. (¬3) من لم يعلم بصاحب القبر امرأة أو رجل أين يقف؟ قال الشيخ: الأمر واسع، ولعله يقف على الرأس. * هل يرفع يديه مع كل تكبيرة؟ نعم في الأربع سنة. * قال الشيخ: لم يحفظ أن الصحابة صلوا على الميت الغائب من أهل الفضل، وهذا يقوي من قال بالخصوصية للنجاشي، ولو قيل بالصلاة على أهل الفضل .. [كأنه جوده].

56 - باب سنة الصلاة على الجنائز

56 - باب سنة الصلاة على الجنائز وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من صلى على الجنازة». وقال: «صلوا على صاحبكم» وقال: «صلوا على النجاشي» سماها صلاة ليس فيها ركوع ولا سجود، ولا يتكلم فيها، وفيها تكبير وتسليم. وكان ابن عمر لا يصلي إلا طاهرًا، ولا يصلي عند طلوع الشمس ولا غروبها، ويرفع يديه. وقال الحسن: أدركت الناس وأحقهم على جنائزهم من رضوهم لفرائضهم (¬1). وإذا أحدث يوم العيد أو عند الجنازة يطلب الماء ولا يتيمم، وإذا انتهى إلى الجنازة وهم يصلون يدخل معهم بتكبيرة. وقال ابن المسيب: يكبر بالليل والنهار والسفر والحضر أربعًا. وقال أنس - رضي الله عنه -: تكبيرة الواحدة استفتاح الصلاة. وقال: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} (¬2) وفيه صفوف وإمام. ¬

(¬1) يعني الذي يصلي الفريضة هو الذي يصلي على الجنازة. (¬2) كل هذا واضح في أنها صلاة فيها تحريم وفيها تسليم، والصواب لا بد من القراءة. * وسئل شيخنا: عمن أوصى أن يصلي عليه فلان؟ فسكت طويلًا ثم قال: الله أعلم، ثم قال: الذي يظهر لي أن الإمام أولى.

57 - باب فضل إتباع الجنائز

57 - باب فضل إتباع الجنائز وقال زيد بن ثابت - رضي الله عنه -: إذا صليت فقد قضيت (¬1) الذي عليك. وقال حميد بن هلال: ما علمنا على الجنازة إذنًا، ولكن من صلى ثم رجع فله قيراط. 58 - باب من انتظر حتى تدفن 1325 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من شهد الجنازة حتى يصلى فله قيراط، ومن شهد حتى تدفن كان له قيراطان». قيل: وما القيراطان؟ قال: «مثل الجبلين العظيمين» (¬2). 59 - باب صلاة الصبيان مع الناس على الجنائز 1326 - عن ابن عباس - رضي الله عنهم - قال: «أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبرًا فقالوا: هذا دفن- أو دفنت- البارحة. قال ابن عباس - رضي الله عنهم -: فصفنا خلفه، ثم صلى عليها» (¬3). 60 - باب الصلاة على الجنائز بالمصلى والمسجد 1327 - عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة أنهما حدثاه عن أبي هريرة ¬

(¬1) يعني ليس بحتم الإتباع، فلو صلى ثم لم يتبع، لكن إن ظن مفسدة يخبرهم بعذره. (¬2) فيه الحث على شهود الجنائز وحضورها حتى تدفن؛ لهذا الأجر العظيم. (¬3) ابن عباس قد قارب الاحتلام. وفيه أن الصلاة على القبر مشروعة، وفعله - صلى الله عليه وسلم - مرارًا كصلاته على الخادمة. * وسألته: عن حديث من صلى على الجنازة في المسجد فلا شيء له؟ فقال: لو صح لكان فيه تصحيف (عليه) بدل (له).

61 - باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور

- رضي الله عنه - قال: «نعى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النجاشي صاحب الحبشة يوم الذي مات فيه فقال: «استغفروا لأخيكم» (¬1). 1329 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهم - «أن اليهود جاءوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - برجل منهم وامرأة زنيا، فأمر بهما فرجما قريبًا من موضع الجنائز عند المسجد» (¬2). 61 - باب ما يكره (¬3) من اتخاذ المساجد على القبور ولما مات الحسن بن الحسن بن علي - رضي الله عنهم - ضربت (¬4) امرأته القبة على قبره سنة، ثم رفعت، فسمعوا صائحًا يقول: ألا هل وجدوا ما فقدوا؟ فأجابه الآخر: بل يئسوا فانقلبوا. ¬

(¬1) الصلاة على الغائب إن كان له شأن وأهمية كالنجاشي ومثله العالم والأمير والداعية، وقال بعضهم: هذا خاص بالنجاشي. وقال بعضهم: هذا عام، والصواب أنه لا يعم ولا يخص النجاشي بل لما تقدم، وفيه جواز الصلاة في المسجد. (¬2) هذا في أهل الكتاب إذا تحاكموا عندنا. (¬3) الكراهة كراهة تحريم {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ ... } الآية. (¬4) ليس بجيد، ومخالف للأحاديث، والحاصل أن ضرب القباب مخالف للأحاديث الصحيحة، وهو وسيلة للصلاة عندها. * عمل المرأة هذا منكر، ولعله لم يطلع عليه أهل الشأن. * وفي الحديث نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الجلوس على القبر، أو يبنى عليه، وهذا عام فيه وغيرها، وإن كان البناء باللبن أشد لكنه ممنوع.

62 - باب الصلاة على النفساء إذا ماتت في نفاسها

1330 - عن عائشة - رضي الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في مرضه الذي مات فيه: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مسجدًا». قالت: ولولا ذلك لأبرزوا (¬1) قبره، غير أني أخشى أن يتخذ مسجدًا. 62 - باب الصلاة على النفساء إذا ماتت في نفاسها 1331 - عن سمرة - رضي الله عنه - قال: «صليت وراء النبي - صلى الله عليه وسلم - على امرأة ماتت في نفاسها، فقام عليها وسطها» (¬2). 63 - باب أين يقوم من المرأة والرجل؟ 1332 - عن سمرة بن جندب (¬3) - رضي الله عنه - قال: «صليت وراء النبي - صلى الله عليه وسلم - على امرأة ماتت في نفاسها، فقام عليها وسطها». ¬

(¬1) في نسخة: (لأبرز) وكذا في الشرح. * القبور لا يصلى إليها، ولا عندها، ولا يبنى عندها لا بناء ولا قبة، كل هذا من وسائل الشرك. * وسط الشيء: بين طرفيه، ويقال وسطًا: خيارًا. (¬2) هذا هو الأفضل، والرجل عند الرأس، وأما عند الصدر فلا دليل على عليه، ولا وجه له. (¬3) ويقال جندب. * يصلى على المرأة وإن ماتت في النفاس، وكذا الحيض تغسل ويصلى عليها.

64 - باب التكبير على الجنازة أربعا

قال الحافظ: ... وتعقب بأن الجنين (¬1) كعضو منها. قال الحافظ: ... (تنبيه) روى حماد بن زيد عن عطاء (¬2) بن السائب أن عبد الله بن معقل بن مقرن أتى بجنازة رجل وامرأة فصلى على الرجل ثم صلى على المرأة أخرجه ابن شاهين في الجنائز له، وهو مقطوع فإن عبد الله تابعي. 64 - باب التكبير على الجنازة أربعًا وقال حميد: صلى بنا أنس - رضي الله عنه - فكبر ثلاثًا ثم سلم، فقيل له فاستقبل القبلة، ثم كبر الرابعة، ثم سلم. 1333 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه، وخرج بهم إلى المصلى، فصفى بهم وكبر عليه أربع تكبيرات» (¬3). 65 - باب قراءة فاتحة الكتاب على الجنازة وقال الحسن: يقرأ على الطفل بفاتحة الكتاب ويقول: اللهم اجعله لنا فرطًا وسلفًا وأجرًا. 1335 - عن طلحة بن عبد الله بن عوف قال: «صليت خلف ابن عباس - رضي الله عنهم - على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب. فقال: لتعلموا أنها سنة» (¬4). ¬

(¬1) هذه المرأة قد خرج ولدها فلا وجه لكلام المؤلف. (¬2) عطاء اختلط والمعروف أنه صلى عليهم جميعًا. قلت: حماد بن زيد روى عن عطاء قبل الاختلاط. (¬3) هذا ما استقرت عليه الشريعة. (¬4) الطريق المتبعة، والمراد الواجبة، وليس المراد الاصطلاح أنها نافلة. وفي رواية وسورة خارج البخاري سورة قصيرة أو آيات. قلت: لكنه لا يثبت زيادة: وسورة. ووهم بعض المتأخرين تصحيحها؛ فالحديث يرويه شعبة وسفيان عن سعد بن إبراهيم عن طلحة بن عبد الله بن عوف عن ابن عباس دون قوله وسورة وهو ما اعتمده البخاري من طريق شعبة، وأما رواية إبراهيم بن سعد عن أبيه فغير محفوظة، فقد خالفه الجبلان شعبة وسفيان؛ ولهذا عدل البخاري عنها، وضعفها البيهقي وغيره. *وسألت الشيخ: صح في الزيادة على الفاتحة شيء؟ فقال: نعم، عند النسائي وغيره عن ابن عباس قلت تقدم ما فيها. * والطفل يدعي لوالديه، جاء هذا. * قراءة فصلاة فدعاء فتسليم، مع أربع تكبيرات، سواء رجل أو مرأة أو طفل. * يقرأ على الجنازة الفاتحة، وظاهر الأحاديث أنه لابد منها «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب». * صلاة الجنازة يقرأ فيها الفاتحة، والرسول - صلى الله عليه وسلم - سماها صلاة: «فلا صلاة ... » (تنبيه) حديث: «ما من مسلم يمر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه» ضعفه الحافظ ابن رجب في أهوال القبور. قلت: ورواه ابن حبان في المجروحين من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم تركوه. * ويفيد أن القراءة سرية، لكن جهر ابن عباس ليعلم الناس. * السكوت بعد التكبيرة الرابعة ليس فيه دعاء (قاله بعدما سألته).

66 - باب الصلاة على القبر بعدما يدفن

قال الحافظ: ... قال الطحاوي .. ولعل قراءة من قرأ الفاتحة من الصحابة كان على وجه الدعاء لا على وجه التلاوة (¬1). 66 - باب الصلاة على القبر بعدما يدفن 1336 - عن سليمان الشيباني قال: سمعت الشعبي قال: «أخبرني من مر مع النبي - صلى الله عليه وسلم - على قبر منبوذ فأمهم وصلوا خلفه. قلت: من حدثك هذا يا أبا عمرو؟ قال: ابن عباس - رضي الله عنهم -» (¬2). 1337 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن أسود - رجلًا أو امرأة - كان يقم بالمسجد، فمات، ولم يعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - بموته، فذكره ذات يوم فقال: ما فعل ذلك الإنسان؟ قالوا: مات يا رسول الله. قال: «أفلا أذنتموني؟ » فقالوا: إن كان كذا وكذا -قصته- قال فحقروا شأنه. قال: «فدلوني على قبره». فأتى قبره فصلى عليه (¬3). 67 - باب الميت يسمع خفق النعال 1338 - عن أنس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «العبد إذا وضع في قبره وتولي وذهب أصحابه - حتى إنه ليسمع (¬4) قرع نعالهم- أتاه ملكان ¬

(¬1) تأويل ساقط ليس بصحيح، والطحاوي كثيرًا ما يتأول النصوص. (¬2) فيه شرعية الصلاة على القبر لمن لم يصل على الميت. (¬3) فيه تواضعه - صلى الله عليه وسلم - وتشجيعه على أعمال الخير، وفي رواية امرأة سوداء كانت تقم المسجد، ذلك ليرفع من شأن الفقراء والمحاويج، وليحث الأمة على الخير. (¬4) {فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} عام، وهذا سماع خاص، أو المراد سماع ينفعهم.

فأقعداه، فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل محمد - صلى الله عليه وسلم -؟ فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله. فيقال: انظر إلى مقعدك من النار، أبدلك الله به مقعدًا من الجنة. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فيراهما (¬1) جميعًا. وأما الكافر - أو المنافق - فيقول: لا أدري، كنت أقول ما يقول الناس. فيقال: لا دريت، ولا تليت. ثم يضرب بمطرقة من حديد ضربة بين أذنيه، فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين» (¬2). قال الحافظ: ... ويدل على الكراهة حديث بشير بن الخصاصية: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا يمشي بين القبور وعليه نعلان سبتيتان (¬3) فقال: يا ¬

(¬1) هذا من آيات الله حيث إنه في الأرض ويرى الجنة، وفيه إقرار عينيه بوقايته هذا الشر. (¬2) عقوبة معجلة، ومعنى: لا دريت: لا علمت الحق، ومعنى: ولا تليت: لم تتبع أهله. * المشهور في المدة التي يصلى فيها على الميت شهر؛ لأنه أكثر ما ورد. * الميت لا يسمع إلا ما ورد به النص، فلا يسمع كلامهم وأمورهم إلا بدليل، كسماع قتلى بدر، أو قرع النعال. * وسألت الشيخ عن قول شيخ الإسلام استفاضت الآثار بمعرفة الميت أحوال أهله من بعده؟ فقال: جاء عن ابن أبي أوفى، وعن بعض السلف، لكن لا دليل عليه، ليس هناك شيء واضح. (¬3) السبتية: لا شعر فيها كنعال الناس اليوم، ولا شك أنها جميلة، وهي لبس النبي - صلى الله عليه وسلم -.

68 - من أحب الدفن في الأرض المقدسة أو نحوها

صاحب السبتيتين ألق نعليك» (¬1). 68 - من أحب الدفن في الأرض المقدسة أو نحوها 1339 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: أرسل ملك الموت إلى موسى - عليها السلام -، فلما جاءه صكه، فرجع إلى ربه فقال: أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت (¬2). فرد الله عليه عينه، وقال: ارجع فقل له يضع يده على متن ثور، فله بكل ما غطت به يده بكل شعرة سنة. قال: أي رب، ثم ماذا؟ قال: ثم الموت. قال: فالآن. فسأل الله أن يدنيه من الأرض المقدسة رمية بحجر. قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «فلو كنت ثم، لأريتكم قبره إلى جانب الطريق عند الكثيب الأحمر» (¬3). ¬

(¬1) المشي بين القبور بالنعال مكروه، إلا لحاجة، وأما حديث يسمع قرع نعالهم فلا يلزم بين القبور، بل بعدما يولي والكراهة كراهة تنزيه. (¬2) وهذا من عفوه عن أنبيائه. (¬3) فيه فضل الأرض المقدسة الشام. * من مات في بلد كفر؟ إن كان فيه مقبرة للمسلمين دفن، وإلا يدفن في مكان آخر، وإن نقل لا بأس. * وسئل عن القريب من مكة هل يوصي بالدفن فيها؟ فسكت، ثم قال هذا بين موسى وربه، ولا أعرف إلا هذا الأثر، والأصل الدفن بالبقعة التي مات بها، ولئلا يشق على غيره، فترك النقل أولى، وقد يقال: شرع موسى ليس شرعًا لنا ولم يرد بشرعنا هذا، فالأصل أن من مات بمحل يدفن فيه سدًا لباب المشقة والتكلف. * من أوصى أن يدفن في مكة والمدينة لا تنفذ وصيته؛ للمشقة، وإطالة النفقة.

70 - باب بناء المسجد على القبر

70 - باب بناء المسجد على القبر 1341 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: لما اشتكى النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكرت بعض نسائه كنيسة رأينها بأرض الحبشة يقال لها مارية، وكانت أم سلمة وأم حبيبة - رضي الله عنهما - أتتا أرض الحبشة فذكرتا من حسنها وتصاوير فيها. فرفع رأسه فقال: «أولئك إذا مات منهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدًا ثم صوروا فيه تلك الصورة، أولئك شرار الخلق عند الله» (¬1). 71 - باب من يدخل قبر المرأة 1343 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: شهدنا بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس على القبر- فرأيت عينيه تدمعان، فقال: «هل فيكم من أحد لم يقارف الليلة (¬2)؟ » فقال أبو طلحة: أنا. قال: «فانزل في قبرها (¬3)». ¬

(¬1) بناء المساجد على القبور من سنة اليهود والنصارى، ومن سنة شرار الخلق عند الله؛ لأنه وسيلة إلى الشرك بالله. (¬2) البارحة: قبل الزوال الليلة، وبعد الزوال البارحة، وقد تسمى الليلة ولو بعد الزوال. (¬3) لا يشترط كون الذي ينزل المرأة محرم، فأبوها - صلى الله عليه وسلم - محرمها ولم ينزل. * قارف: جامع، ولو كان المراد الذنب لكان النبي - صلى الله عليه وسلم - أولى، وفيه دلالة على نزول غير المحرم؛ لأن المقام مقام ذكر الآخرة، وسئل عدم نزول المقارف للوجوب أم للأفضلية؟ فقال: الله أعلم. * هل يشرع ستر المرأة عند إدخالها القبر. نعم، مستحب، ولا أدري هو من فعل الصحابة أم بأمره - صلى الله عليه وسلم -. فقلت: له: في المعنى عن الصحابة فقال: يحتاج إلى تأمل. قلت في هذا بحث في مشروعية ستر قبر المرأة عند الدفن: روى =

فنزل في قبرها فقبرها، قال مبارك قال فليح: أراه يعني الذنب. قال أبو عبد الله: (لِيَقْتَرِفُوا) أي ليكتسبوا. ¬

= عبد الرازق في مصنفه (3/ 498) عن معمر عن أبي إسحاق قال: حضرت جنازة الحارث الأعور الحوتي وكان من أصحاب علي وابن مسعود - رضي الله عنهما - فرأيت عبد الله بن يزيد الأنصاري كشف ثوب النعش عنه حين أدخل القبر وقال: إنما هو رجل، وقال: رأيت الذريرة على كفنه، واستله من نحو رجل القبر، ثم قال: هكذا (السنة) ورواه من طريق الثوري عن أبي إسحاق نحوه (3/ 500). ورواه البيهقي من طريق زهير عن أبي إسحاق أنه حضر جنازة الحارث الأعور فأبي عبد الله بن يزيد أن يبسطوا عليه ثوبًا، وقال إنه رجل قال أبو إسحاق وكان عبد الله بن يزيد قد رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا إسناد صحيح وإن كان موقوفًا رواه جماعة عن أبي إسحاق. اه-كلام البيهقي (4/ 54). قال الحافظ في التلخيص: (إسناده صحيح) (2/ 129). ورواه مختصرًا ابن أبي شيبة في مصنفه (3/ 16). قلت: وعبد الله بن يزيد روى عنه أبو إسحاق كما في التهذيب وفي التقريب صحابي صغير ولي الكوفة لابن الزبير. وروى البيهقي في سنته (1/ 54) عن علي بن الحكم عن رجل من أهل الكوفة عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه أتاهم قال: ونحن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= ندفن ميتًا وقد بسط الثوب على قبره فجذب الثوب من القبر وقال: إنما يصنع هذا بالنساء، ثم أسنده البيهيقي وقال: هو في معنى المنقطع لجهالة الرجل من أهل الكوفة. قال الحافظ في التلخيص (2/ 129): «وروى أبو يوسف القاضي بإسناده له عن رجل عن علي ... » مثله. وروى البيهقي في سننه (4/ 54) من طريق يحيى بن عقبة عن علي بن بذيمة الجزري عن مقسم عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: «جلل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبر سعد بثوبه». وقال عقبة: «لا أحفظه إلا من حديث يحيى بن عقبة بن أبي العيزار وهو ضعيف» اه-وضعفه البغوي في شرح السنة (5/ 399). ورواه من وجه آخر مرسل ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 16). قلت: «يحيى بن عقبة: قال ابن معين فيه ليس بشيء، وقال أبو حاتم: متروك الحديث، وضعفه أبو زرعة». ورواه عبد الرازق في مصنفه (3/ 500) عن ابن جريج عن رجل عن الشعبي أن زيد بن مالك قال: «أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بثوب فستر على القبر حين دلى سعد بن معاذ فيه .... » الحديث، وقد ضعفه النووي في المجموع (5/ 255). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= وذكر ابن أبي شيبة آثارًا عن شريح والحسن في المنع من ستر قبر الرجل بثوب. قال في المغني .. مسألة قال (والمرأة يخمر قبرها بثوب). قال: لا نعلم في استحباب هذا بين أهل العلم خلافًا وقد روى ابن سيرين أن عمر كان يغطي قبر المرأة .. ثم ذكر أثر على المتقدم وذكر مثله عن أنس - رضي الله عنه - قال: ولأن المرأة لا يؤمن أن يبدو منها شيء فيراه الحاضرون فإن كان الميت رجلًا كره ستر قبره لما ذكرنا ... ثم قال: ولأن كشفه أمكن وأبعد من التشبه بالنساء مع ما فيه من إتباع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اه- (3/ 429). وفي المجموع (5/ 255) قال: «ويستحب أن يسجى القبر بثوب عند الدفن سواء كان رجلًا أو امرأة، هذا هو المشهور الذي قطع به الأصحاب قالوا: والمرأة آكد، وحكي الرافعي وجهًا أن الاستحباب مختص بالمرأة، واختاره ابن عبدان أبو الفضل من أصحابنا، وهو مذهب أبي حنيفة» اهـ. قلت: فأصبح ستر قبر المرأة هو قول الجمهور، وفيه أثر عبد الله بن يزيد وهو جيد، وأثر عمر وعلي وأنس، وأثر على ضعيف، وأثر عمر وأنس لم أرهما، وفيه آثار لبعض التابعين، والله أعلم. * قرئ على شيخنا فقال لي: هذا بحث جيد وحديث عبد الله بن يزيد لا بأس به. فجزاك الله خيرًا. اه-بحروفه. * وهذه القصة لم تتكرر إلا واحدة؛ (وكأنه يهون من العمل بحكمها [نزول المقارف القبر].

72 - باب الصلاة على الشهيد

قال الحافظ: ... وأن لفظ المقارفة في الحديث أريد به ما هو أخص من ذلك وهو الجماع (¬1). 72 - باب الصلاة على الشهيد 1344 - عن عقبة بن عامر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج يومًا فصلى على أهل أحد صلاته على الميت، ثم انصرف إلى المنبر فقال: «إني فرط لكم، وأنا شهيد عليكم، وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن، وإني أعطيت مفاتيح خزائن الأرض، أو مفاتيح الأرض، وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي ولكن أخاف عليكم أن تنافسوا فيها» (¬2). قال الحافظ: ... وفيه جواز تكفين الرجلين في ثوب واحد لأجل الضرورة إما بجمعهما فيه وإما بقطعة بينهما (¬3). ¬

(¬1) هذا هو المشهور عند العلماء؛ ولعل ذلك لقرب المسيس والجماع، والمقام مقام ذكر الآخرة والقبر، ولأنه قد يمس المرأة. (انظر مزيد بحث (ص 158) من المجلد الثالث من الفتح). (¬2) لأن الصحابة عرفوا الشرك وكانوا أبصر الناس به وإنما خشي عليهم الدنيا. (¬3) فيه نظر، ولعله في قبر واحد، وإذا دعت الضرورة فالضرورة لها أحكامها. * دفن الرجل مع المرأة في قبر، قال العيني: قاله أبو حنيفة والشافعي ومالك وأحمد، وخصه اثنان بالضرورة.

73 - باب دفن الرجلين والثلاثة في قبر

73 - باب دفن الرجلين والثلاثة في قبر 1345 - عن عبد الرحمن بن كعب أن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - أخبره «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد» (¬1). 75 - باب من يقدم في اللحد. وسمي اللحد لأنه في ناحية وكل جائر ملحد {مُلْتَحَدًا}: معدلًا. ولو كان مستقيمًا كان ضريحًا (¬2). 1347 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد، ثم يقول: أيهم أكثر أخذًا للقرآن؟ فإذا أشير له إلى أحدهما قدمه في اللحد (¬3) وقال: أنا شهيد على هؤلاء. وأمر بدفنهم بدمائهم، ولم يصل عليهم، ولم يغسلهم». 76 - باب الإذخر والحشيش في القبر 1349 - عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: «حرم الله مكة، فلم تحل لأحد قبلي، ولا لأحد بعدي، أحلت لي ساعة من نهار: لا يختلي خلاها، ولا يعضد شجرها، ولا ينفر صيدها، ولا تلتقط إلا لمعرف. فقال ¬

(¬1) يجوز دفن أكثر من واحد في القبر للحاجة، ككثرة القتلى، ويقدم أفضلهم في اللحد جهة القبلة، وإلا فالأفضل كل واحد في قبر. (¬2) إذا كان شقًا كان ضريحًا. (¬3) اللحد مائل جهة القبلة.

77 - باب هل يخرج الميت من القبر واللحد لعلة؟

العباس - رضي الله عنه - إلا الإذخر لصاغتنا وقبورنا. فقال: إلا الإذخر». وقال أبو هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «لقبورنا وبيوتنا». وقال أبان بن صالح عن الحسن بن مسلم عن صفية (¬1) بنت شيبة «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم -» (¬2) مثله. 77 - باب هل يخرج الميت من القبر واللحد لعلة؟ 1351 - عن جابر - رضي الله عنه - قال: «لما حضر أحد دعاني أبي من الليل فقال: ما أراني إلا مقتولًا في أول من يقتل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإني لا أترك بعدي أعز علي منك، غير نفس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وإن علي دينًا، فاقض، واستوص بأخوتك خيرًا. فأصبحنا، فكان أول قتيل، ودفن معه آخر في قبر، ثم لم تطب نفسي أن أتركه مع الآخر، فاستخرجته بعد ستة أشهر، فإذا هو كيوم وضعته هنية (¬3)، غير أذنه» (¬4). ¬

(¬1) هذا صريح في سماعها وفي صحبتها، وهذا التعليق صحيح، مجزومًا به. (¬2) وصله ابن ماجه. * وسألت الشيخ: عمن قال ينزع الحديد والجلود؟ فقال: نعم. * وفيه أن لقطة الحرم لا تملك، بل تعرف أبدًا، وكذا المدينة. فتعرف دائمًا، أو يسلمها إلى الجهات المسؤولة. * هل يأخذ اللقطة أو يتركها؟ إن كان قادرًا على التعريف أخذ، إلا ترك؛ ليأخذ غيره أقوى منه. * وقوله: حرمت المدينة، يدل على أنها مثل مكة. (¬3) هنية: شيء يسير. (¬4) فيه جواز النبش للمصلحة. * فيه جواز نبش الميت، وجابر نبش أباه، وهذا لا دلالة فيه، لكن فعل جابر، وكذا نسوا في القبر شيئًا له أهمية. * كان حريصًا - صلى الله عليه وسلم - على إسلام عبد الله، وكان يتغاضى عن كثير من أذاه، وعبد الله صلى عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - ونفث عليه؛ لعله ينفعه ذلك، لكن تبين أنه خبيث لا ينفعه ذلك فالخبث الذاتي لا ينفع معه وفعل ذلك قبل أن يعلم ذلك، ونزل في قوله تعالى: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ ... } الآية.

78 - باب اللحد والشق في القبر

78 - باب اللحد والشق في القبر 1353 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يجمع بين رجلين من قتلى أحد ثم يقول: «أيهم أكثر أخذًا للقرآن؟ » فإذا أشير له إلى أحدهما قدمه في اللحد فقال: «أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة»، فأمر بدفنهم بدمائهم، ولم يغسلهم» (¬1). 79 - باب إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه، وهل يعرض على الصبي الإسلام؟ وقال الحسن وشريح وإبراهيم قتادة: إذا أسلم أحدهما فالولد مع المسلم وكان ابن عباس - رضي الله عنه - مع أمه من المستضعفين (¬2)، ولم يكن مع أبيه على دين قومه وقال: الإسلام يعلو ولا يعلى. 1355 - وقال سالم: سمعت ابن عمر - رضي الله عنه - يقول: «انطلق ¬

(¬1) فيه دلالة على أنه لحد لهم واحد جهة الجنوب. (¬2) ويدل على قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من مولود ... »؛ ولهذا كان ابن عباس يتبع لأمه، وهي مسلمة، وأبوه العباس كافر ثم أسلم.

بعد ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بن كعب إلى النخل التي فيها ابن صياد، وهو يختل أن يسمع من ابن صياد شيئًا قبل أن يراه ابن صياد، فرآه النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو مضطجع - يعني في قطيفة له فيها رمزة (¬1)، أو زمرة- فرأت أم ابن صياد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يتقي بجذوع النخل، فقالت لابن صياد: يا صاف- وهو اسم ابن صياد- هذا محمد - صلى الله عليه وسلم -، فثار ابن صياد. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لو تركته بين». وقال شعيب في حديثه: فرفصه. رمرمة، أو زمزمة. وقال إسحاق الكلبي وعقيل: رمرمة. وقال معمر: رمزة. 1356 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: كان غلام يهودي يخدم النبي - صلى الله عليه وسلم - فمرض، فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - يعوده، فقعد عند رأسه فقال له: «أسلم». فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال له: أطع أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم -. فأسلم. فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول: «الحمد لله الذي أنقذه من النار» (¬2). 1358 - قال ابن شهاب: يصلى على كل مولود متوفى وإن كان لغية، من أجل أنه ولد على فطرة الإسلام، يدعي أبواه (¬3) الإسلام أو أبوه خاصة وإن كانت أمه على غير الإسلام، إذا استهل صارخًا صلى عليه، ولا يصلى على من لا يستهل من أجل أنه سقط (¬4)، فإن أبا هريرة - رضي الله عنه - كان يحدث قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما من مولود إلا يولد على الفطرة، ¬

(¬1) كلام ليس مفهوم. (¬2) فيه عيادة المريض الكافر للمصلحة، وهي إسلام الصبي، مثل عيادة عمه أبي طالب. (¬3) يتبع المسلم منهما. (¬4) السقط يصلى عليه، ولو خرج ميتًا بعد الخامس والسادس.

80 - باب إذا قال المشرك عند الموت: لا إله إلا الله

فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، كما تنتج (¬1) البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء؟ » ثم يقول أبو هريرة - رضي الله عنه -: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} الآية. 80 - باب إذا قال المشرك عند الموت: لا إله إلا الله 1360 - عن سعيد بن المسيب عن أبيه أنه أخبره «أنه لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوجد عنده أبا جهل بن هشام وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي طالب: «يا عم، قل لا إله إلا الله كلمة أشهد لك بها عند الله». فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب، أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعرضها عليه ويعودان بتلك المقالة حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم: هو (¬2) على ملة عبد المطلب، وأبى أن يقول لا إله إلا الله. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أما والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك»، فأنزل الله تعالى فيه {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ} [التوبة: 113]. 81 - باب الجريدة على القبر وأوصى بريدة الأسلمي أن يجعل في قبره جريدتان. ورأى ابن عمر - رضي الله عنه - فسطاطًا على قبر عبد الرحمن فقال: انزعه يا غلام، فإنما يظله عمله ¬

(¬1) صيغة المجهول وهو للمعلوم، وكذا يهرعون ليست للمجهول. (¬2) كره الراوي أن يقول أنا. * ويدل على جواز عيادة المريض الكافر، وفيه الحذر من رفاق السوء.

82 - باب موعظة المحدث عند القبر، وقعود أصحابه حوله

وقال خارجة بن زيد: رأيتني ونحن شبان في زمن عثمان - رضي الله عنه - وإن أشدنا وثبة الذي يثب قبر عثمان بن مظعون حتى جاوزه. وقال عثمان ابن حكيم: أخذ بيدي خارجة فأجلسني على قبر وأخبرني عن عمه زيد بن ثابت قال: إنما كره ذلك لمن أحدث عليه (¬1). وقال نافع: كان ابن عمر - رضي الله عنه - جلس على القبور. 1361 - عن ابن عباس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه مر بقبرين يعذبان فقال: «إنهما لعذبان، وما يعذبان في كبير: أما أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة». ثم أخذ جريدة رطبة فشقها بنصفين، ثم غرز في كل قبر واحدة. فقالوا: يا رسول الله لم صنعت هذا؟ فقال: «لعله أن خفف عنهما، ما لم ييبسا» (¬2). 82 - باب موعظة المحدث عند القبر، وقعود أصحابه حوله 1326 - عن علي - رضي الله عنه - قال: «كنا في جنازة في بقيع الغرقد، ¬

(¬1) يعني تغوط أو بال، وفيه نظر، والصواب: منع الجلوس مطلقًا، ولم تبلغه السنة: «لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها» [رواه مسلم]. فالصواب العموم «لأن يجلس .... » رواه مسلم من حديث أبي هريرة. * صنيع المؤلف يرى جواز وضع الجريد، وكذا الجلوس، ولعله ما ثبت عند المؤلف - رحمه الله - .... [يعني المنع]. (¬2) وهو الذي جعل بريدة يوصي بذلك، والعلماء على خلاف ذلك، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم فعله في غيرهما، وهذا خاص بهما، ولم يفعله بأصحابه، ولا ببناته، وبريدة ظن أنه مشروع.

فأتانا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقعد، وقعدنا حوله، ومعه مخصرة. فنكس فجعل ينكت بمخصرته، ثم قال: «ما منكم من أحد، وما من نفس منفوسة إلا كتب مكانها من الجنة والنار، وإلا قد كتبت شقية أو سعيدة». فقال رجل: يا رسول الله، أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل، فمن كان منا من أهل السعادة فسيصير إلى عمل أهل السعادة، وأما من كان منا من أهل الشقاوة فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة؟ قال: «أما أهل السعادة فييسرون لعمل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل الشقاوة». ثم قرأ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} الآية (¬1)». ¬

(¬1) في اللفظ الآخر «اعملوا فكل ميسر لما خلق له» يعني لا يحتج بالقدر. فائدة: وحضرنا مجلسًا بمنزل شيخنا الفاضل عبد العزيز الراجحي يوم الخميس ليلة الجمعة 4/ 5/1413 هـ-وحضر شيخنا العلامة ابن باز - رحمه الله - وشيخنا عبد العزيز الداود وشيخنا صالح الفوزان وشيخنا عبد الله بن قعود وحضر الشيخ عبد الرحمن البراك والشيخ صالح الأطرم وشيخنا عبد الله بن جبرين والشيخ عبد الرحمن الفريان - رحمه الله - والشيخ صالح السدلان، وحضر خلق من المشايخ والدعاة وطلبة العلم، وسئل الشيخ عن الموعظة عند القبور والخطبة هناك. فلم ير بها بأسًا، فقيل له من المشايخ: ولو أكثر والتزم وأصبح عادة؟ فقال: لا بأس، الناس يحتاجون إلى التذكير فروجع في ذلك، وقيل له: هذا توسع ويفضى إلى .... قال: الأمر ليس توقيفيًا، واحتج عليهم بحديث علي هذا، فقال له الشيخ عبد الله بن قعود: لا بأس نقف مع النصوص لكن الإكثار والاستمرار؟ فقال مثل ما تقدم: ليس في هذا توقيف.: وسألته في هذا المجلس العامر عن الحلف بغير الله ألا يكون في بعض الأحيان شركًا أكبر؟ فقال: بلى إن عظم المحلوف به كتعظيم الله، كفر. وسئل عن حديث: «أخوف ما أخاف على أمتي الشرك الأصغر» فقال: لا بأس به، راجعت إسناده (قلت: هو عند أبي عبيد القاسم بن سلام في كتاب الإيمان ورواه أحمد) وسئل عن كلام الألباني في زكاة العروض وأنه لا يرى الوجوب [انظر تمام المنة (ص 363)] فقال: ينبغي أن يعلم أن الشيخ ناصر محدث، ولم يكن له شيوخ يقرأ عليهم، إنما يقرأ من الكتب وزكاة العروض حكى بعضهم الإجماع على وجوبها، وفيها حديثان يشد أحدهما الآخر.

83 - باب ما جاء في قاتل النفس

قال الحافظ: .... مناسبة إيراد هذه الآيات في هذه الترجمة للإشارة إلى أن المناسب لمن قعد عند القبر أن يقصر كلامه على الإنذار بقرب المصير (¬1) ... 83 - باب ما جاء في قاتل النفس 1364 - وقال حجاج بن منهال حدثنا جرير بن حازم عن الحسن: حدثنا جندب - رضي الله عنه - في هذا المسجد فما نسينا وما نخاف أن يكذب جندب على النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كان برجل جراح فقتل نفسه، فقال الله: بدرني عبدي بنفسه، حرمت عليه الجنة» (¬2). ¬

(¬1) الموعظة عند القبور في ذكر الموت وأمور الآخرة. *الموعظة عند القبور من سنته - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) وسألت الشيخ عن قصة الرجل الذي كان مع الطفيل بن عمرو الدوسي كما في حديث جابر عند مسلم برقم 311 وقطع يده ورؤي في الجنة؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: «اللهم وليديه فاغفر؟ ». فقال: يدل على أنه ليس بكافر ففيه رد على الخوارج. * يصلي على من قتل نفسه. * وسألت الشيخ عن من قتل في حوادث المرور بسرعة متهورة؟ فقال يخشى عليه أن يكون قتل نفسه. * وسألته عن تحديد السرعة؟ فقال: يرجع لأهل الخبرة، المرور وغيرهم، فيلزم، ويجب عدم التجاوز. * من يفجر من حوله ونفسه في العدو؟ لا، ما يجوز.

84 - باب ما يكره من صلاة على المنافقين والاستغفار للمشركين

84 - باب ما يكره (¬1) من صلاة على المنافقين والاستغفار للمشركين رواه ابن عمر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. 1366 - عن ابن عباس عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال: «لما مات عبد الله بن أبي بن سلول دعي له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلي عليه. فلما قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وثبت إليه فقلت: يا رسول الله أتصلي على ابن أبي وقد قام يوم كذا وكذا كذا وكذا - أعدد عليه قوله - فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: «أخر عني يا عمر». فلما أكثرت عليه قال: إني خيرت فاخترت. لو أعلم أني إن زدت على السبعين (¬2) يغفر له لزدت عليها. فقال: فصلى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم انصرف، فلم يمكث إلا يسيرًا حتى نزلت الآيتان من ¬

(¬1) كراهة التحريم. * الأصل في الكراهة التحريم (كل ذلك كان سيئة عند ربك مكروهًا ... ) وهو في كلام السلف، وقد يكون لغيره كقوله: (كان يكره النوم قبل العشاء). (¬2) إشارة إلى قوله تعالى: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً}. * لا غيبة لمن أظهر الشر. * وسألت الشيخ عن حديث عائشة (لا تسبوا الأموات؟ ). فقال: إن كان في السب مصلحة نعم.

85 - باب ثناء الناس على الميت

براءة {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا - إلى - وَهُمْ فَاسِقُونَ} قال: فعجبت بعد من جرأتي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ، والله ورسوله أعلم». 85 - باب ثناء الناس على الميت 1368 - حدثنا عفان بن مسلم (¬1) حدثنا داود بن أبي الفرات عن عبد الله ابن بريدة عن أبي الأسود قال: «قدمت المدينة - وقد وقع بها مرض - فجلست إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، فمرت بهم جنازة فأثنى على صاحبها خيرًا، فقال عمر - رضي الله عنه -: وجبت. ثم مر بأخرى فأثني على صاحبها خيرًا، فقال عمر - رضي الله عنه -: وجبت. ثم مر بالثالثة فأثني على صاحبها شرًا، فقال: وجبت. فقال أبو الأسود: فقلت: وما وجبت يا أمير المؤمنين؟ قال: قلت كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة. فقلنا: وثلاثة؟ قال: وثلاثة. فقلنا: واثنان؟ . ثم لم نسأله عن الواحد». 86 - باب ما جاء في عذاب القبر 1370 - عن ابن عمر - رضي الله عنه - قال: اطلع النبي - صلى الله عليه وسلم - على أهل القليب (¬2) فقال: «وجدتم ما وعد ربكم حقًا». فقيل له: تدعو أمواتًا؟ فقال: «ما أنتم بأسمع منهم، ولكن لا يجيبون». ¬

(¬1) الصفار ثقة ثبت. (¬2) القليب قبرهم. * هل السؤال عام فيشمل الصغار؟ الله أعلم. * مراد المؤلف - رحمه الله - إثبات عذاب القبر، وهو متواتر.

87 - باب التعوذ من عذاب القبر

1371 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: إنما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنهم ليعلمون الآن (¬1) أن ما كنت أقول حق، وقد قال الله تعالى: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى}». 87 - باب التعوذ من عذاب القبر 1375 - عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه (¬2) عن البراء بن عازب عن أبي أيوب - رضي الله عنه - قال: خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد وجبت الشمس، فسمع صوتًا فقال: «يهود تعذب في قبورها». 88 - باب عذاب القبر من الغيبة والبول 1378 - عن ابن عباس - رضي الله عنه - مر النبي - صلى الله عليه وسلم - على قبرين فقال: «إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير. ثم قال: بلى، أما أحدهما فكان يسعى ¬

(¬1) هذا من اجتهادها - رضي الله عنهم -، والصواب ما قاله الصحابة فالصواب: بأسمع، وليس بأعلم، والصواب عند أهل السنة أن الموتى يسمعون، فقيل: مطلقًا وقيل ما ورد به النص، وهذا الراجح لقوله {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} ومما استثني: «ليسمع قرع نعالهم» ومن قال السماع مطلقًا تأول الآيات {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ} يعني سمعًا ينفعهم، وإلا فهم يسمعون. * جاء في حديث صححه ابن عبد البر «ما من مسلم يعرف مسلمًا في الدنيا ثم يزوره ... إلا رد عليه». قلت تقدم وهو ضعيف. * العذاب في القبر أشده على الروح، ويقع على الجسد أيضًا. (¬2) فيه ثلاثة من الصحابة يروون عن بعضهم، فهي لطيفة.

89 - باب الميت يعرض عليه مقعده بالغداة والعشي

بالنميمة وأما أحدهما فكان لا يستتر من بوله (¬1)». قال: ثم أخذ عودًا رطبًا فكسره باثنتين، ثم غرز كل واحد منهما على قبر ثم قال: «لعله يخفف عنهما، ما لم ييبسا». 89 - باب الميت يعرض عليه مقعده بالغداة والعشي 1379 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي (¬2)، إن كان من أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، فيقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة». 90 - باب كلام الميت على الجنازة 1380 - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا وضعت الجنازة (¬3) فاحتملها الرجال على أعناقهم، فإن كانت صالحة قالت قدموني، قدموني. وإن كانت غير صالحة قالت: يا ويلها، أين يذهبون ¬

(¬1) هل هو عند صلاته أم عام؟ قال الشيخ: عام، لأنه قد ينساه ثم يصلي. وقال: الغيبة والنميمة سبب لعذاب القبر. (¬2) يعني من أيام الدنيا، وهذا من آيات الله في كونه يرى ذلك مع ما بينه وبين الجنة والنار من المسافات العظيمة. * الجنة فوق السماء السابعة، والنار في أسفل سافلين في الأرض، والبحار تكون نارًا يوم القيامة. * هذا من آيات الله. (¬3) هذا يوجب الحذر والاستعداد للقاء الله، لا حول ولا قوة إلا بالله.

91 - باب ما قيل في أولاد المسلمين

بها؟ يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان، ولو سمعها الإنسان لصعق». 91 - باب ما قيل في أولاد المسلمين وقال أبو هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من مات له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث كان له حجابًا من النار أو دخل الجنة». 1381 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من الناس مسلم يموت له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث (¬1) إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم» (¬2). 1382 - عن البراء - رضي الله عنه - قال: «لما توفي إبراهيم - عليها السلام - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن له مرضعًا في الجنة» (¬3). قال الحافظ: ... «توفي صبي من الأنصار فقالت [عائشة]: طوبى (¬4) له لم يعمل سوءًا ولم يدركه .... قال الحافظ: وكأنه عنى ابن أبي زيد فإنه أطلق الإجماع (¬5) في ذلك. ¬

(¬1) الحلم. (¬2) وهذا من أحاديث الوعد. (¬3) لعله مدة البرزخ، قاله بعد ما سئل: الجمع بين هذا وبين أن أولاد المسلمين يكونون كبارًا في الجنة لرواية في سن ثلاث وثلاثين؟ (¬4) هذا عند العلماء عند التعيين، لكن العموم لا بأس. (¬5) قال شيخنا: أفراط المسلمين بالإجماع في الجنة.

92 - باب ما قيل في أولاد المشركين

92 - باب ما قيل في أولاد المشركين 1384 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذراري المشركين فقال: «الله أعلم بما كانوا عاملين» (¬1). 1385 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمسجانه، كمثل البهيمة تنتج البهيمة، هل ترى فيها جدعاء» (¬2)؟ 93 - باب. 1386 - عن سمرة بن جندب قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى صلاة أقبل علينا بوجهه فقال: «من رأى منكم الليلة رؤيا؟ » قال: فإن رأى أحد قصها، فيقول ما شاء الله. فسألنا يومًا فقال: «هل رأى أحد منكم رؤيا؟ » قلنا: لا ... الحديث وفيه: ... وإذا رجل قريب من الشجرة بين يديه نار يوقدها، فصعدا بي في الشجرة وأدخلاني دارًا لم أر قط أحسن منها، فيها رجال شيوخ وشباب ونساء وصبيان (¬3)، ثم أخرجاني منها ¬

(¬1) وهذا يتبين في الآخرة عند الامتحان، واختلف في أولاد المشركين وأصح الأقوال قولان: 1 - في الجنة. 2 - يختبرون، فمن أطاع دخل الجنة، ومن عصى دخل النار، لكن في الدنيا حكمهم حكم أهليهم، لا يضمنون إذا أصابهم سهم غرب، ولكن لا يجوز تعمد قتلهم، وكذا النساء، فقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك. (¬2) وهذا ميل من المؤلف إلى أنهم في الجنة فإنهم على الفطرة. قلت: هو أرجح القولين وفي حديث سمرة في كتاب التعبير ... وأولاد المشركين؟ قال: وأولاد المشركين. (¬3) كله في البرزخ، وفي الجنة سنهم واحد.

94 - باب موت يوم الاثنين

فصعد ... فرفعت رأسي فإذا فوقي مثل السحاب (¬1)، قالا: ذاك منزلك. قلت: دعاني أدخل منزلي. قالا: إنه بقي لي عمر لم تستكمله، فلو استكملت أتيت منزلك». قال الحافظ: قالوا وأولاد المشركين؟ فقال: وأولاد المشركين (¬2). 94 - باب موت يوم الاثنين 1387 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «دخلت على أبي بكر - رضي الله عنه - فقال: في كم كفنتم النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت: في ثلاثة أبواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة. وقال لها: في أي يوم توفى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت: يوم الاثنين. قال: فأي يوم هذا؟ قالت: يوم الاثنين. قال: أرجو فيما بيني وبين الليل (¬3). قال الحافظ: ... «ما من مسلم يموت يوم الجمعة (¬4) أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر». 95 - باب موت الفجاءة، البغتة 1389 - عن عائشة - رضي الله عنها - أن رجلًا قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إن أمي افتلتت ¬

(¬1) هذه الوسيلة الدرجة العالية. * هذا العذاب في البرزخ. (¬2) ذكره الشيخ، وهو الشاهد. (¬3) رجى أبو بكر أن يوم الاثنين فتوفى ليلة الثلاثاء. (¬4) ضعيف، كل أحاديث الموت يوم الجمعة ضعيفة.

96 - باب ما جاء في قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر - رضي الله عنهما -.

نفسها، وأظنها لو تكلمت تصدقت، فهل لها أجر إن تصدقت (¬1) عنها؟ قال: «نعم». 96 - باب ما جاء في قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬2) وأبي بكر وعمر - رضي الله عنهما -. ¬

(¬1) الحث على الصدقة تنفع الميت. * الحي السليم لا يحج عنه، إنما جاء الحج عن العاجز ولا يتنفل عنه، يعني إن كان سليما؟ ، وإن كان عاجزًا حج عنه واعتمر. * وقال الشيخ: الأوصاف الواردة في حديث: «لا تستطيع الثبات ... » في حديث الخثعمية قيد. (¬2) قلت: فيه إشكال وهو صلاة عائشة - رضي الله عنها - في الحجرة النبوية مع وجود القبور الثلاثة وجواب ذلك: أخرج البخاري (3567)، ومسلم (6399) (7509)، وأبو داود (3654)، والترمذي (3639)، وأحمد (25377)، وغيرهم من طريق عروة قال: قالت عائشة: «ألا يعجبك أبو هريرة جاء فجلس إلى جانب حجرتي يحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسمعني ذلك، وكنت أسبح فقام قبل أن أقضي سبحي ولو جلس حتى أقضي سبحي لرددت عليه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يسرد الحديث كسردكم» لفظ أحمد (25745)، ولفظ مسلم، عن هشام بن عروة عن أبيه قال: كان أبو هريرة يحدث ويقول اسمعي يا ربة الحجرة! اسمعي يا ربة الحجرة! اسمعي يا ربة الحجرة! وعائشة تصلي فلما قضت صلاتها قالت لعروة: ألا تسمع إلى هذا ومقالته آنفًا؟ إنما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحدث حديثًا لو عده العاد لأحصاه. والحديث صريح في صلاتها في الحجرة، وأما قول الحافظ على شرح =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= البخاري: «وكنت أسبح أي أصلي النافلة» أو ظاهرة أذكر الله والأول أوجه. أ. هـ. ولم يزد وهو غفلة عما عند مسلم، ولكل فارس كبوة، فقد أخرجه مسلم من طريق سفيان بن عيينه عن هشام به بلفظ الصلاة، وأخرج كذلك من طريق ابن شهاب عن عروة بلفظ «السبحة» وأخرجه أبو داود من طريق سفيان عن الزهري عن عروة بلفظ «الصلاة» فكأن لسفيان فيه شيخين. والمقصود أن عائشة كانت تصلي والحديث صريح في أن هذا بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث قد حدثت عروة بهذا وعروة تابعي. فوقع الإشكال في الصلاة في الحجرة وفيها الأقبر الثلاثة، وقد أجيب عن ذلك بوجوه: أن قبره - صلى الله عليه وسلم - لما كان يقبر في مكانه الذي مات وهذا من خصائصه وكانت السكنى في الحجرة من قبل أزواجه حاجة ملحة، ولم ينقل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهاهن عن الصلاة في هذه الحجرة حجرة عائشة فيحتمل الخصوصية وهذا الوجه عندي فيه نظر. فقد صرح شيخ الإسلام في الفتاوى (1/ 355): أنه لا يلزم من جواز الشيء في حياته جوازه بعد موته، فإن بيته كانت الصلاة فيه مشروعة، وكان يجوز أن يكون مسجدًا، ولما دفن فيه حرم أن يتخذ مسجدًا. وقال - رحمه الله - في الفتاوى (27/ 324) ففي حياة عائشة - رضي الله عنه - كان الناس يدخلون عليها لسماع الحديث لاستفتائها وزيارتها من غير أن يكون إذا دخل أحد أن يذهب إلى القبر المكرم لا لصلاة ولا لدعاء ولا غير ذلك. بل ربما طلب بعض الناس منها أن تريه القبر فترياه إياهن .. ثم ذكر أثر سفيان التمار، ويأتي. ونقل عنه في الصارم نحوه (ص: 396). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= وقال أيضًا: (27/ 328): فإنه في حياة عائشة - رضي الله عنه - ما كان أحد يدخل إلا لأجلها، ولم تمكن أحد أن يفعل عند قبره شيئًا مما نهي عنه، وبعدها كانت مغلقة إلى أن أدخلت في المسجد فسد بابها وبني عليها حائط آخر. ونقل في الصارم عنه (ص 408) قوله: مع أن قبره حين دفن لم يمكن أحد من الدخول إليه لزيارة ولا لصلاة ولا لدعاء ولا غير ذلك، ولكن كانت عائشة فيه لأنه بيتها وكانت ناحية عن القبور لأن القبور في مقدم الحجرة وكانت هي في مؤخرة الحجرة، ولم يكن الصحابة يدخلون هناك. اهـ. ولقائل أن يقول: ما وجه سكني عائشة للحجرة والنبي - صلى الله عليه وسلم - لا يورث بل ما تركه صدقة، فلا حاجة للسكنى ولا للصلاة؟ والجواب عن الأول ما ذكره الحافظ في الفتح (7/ 66): على قولها - رضي الله عنه -: «ولأوثرنه اليوم على نفسي» قال الحافظ: استدل به وباستئذان عمر على أنها كانت تملك البيت وفيه نظر، بل الواقع أنها كانت منفعته بالسكنى فيه والإسكان ولا يورث عنها، وحكم أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - كالمعتادات لأنهن لا يتزوجن بعده - صلى الله عليه وسلم - وتقدم شيء من هذا في أواخر الجنائز وتقدم فيه وجه الجميع بين قول عائشة ولأوثرنه على نفسي، وبين قولها لابن الزبير «ادفني عندهم» باحتمال أن تكون ظنت أنه لم يبق هناك وسع ثم تبين لها إمكان ذلك بعد دفن عمر ويحتمل أن يكون مرادها بقولها ولأوثرنه على نفسي، الإشارة إلى أنها لو أذنت في ذلك لامتنع عليها الدفن لمكان عمر =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= لكونه أجنبيًا منها بخلاف أبيها وزوجها ولا يستلزم ذلك أن لا يكون في البيت سعة أم لا ولهذا كانت تقول بعد دفن عمر، لم أضع ثيابي منذ دفن عمر في بيتي. أخرجه ابن سعد وغيره وروي عنها حديث لا يثبت أنها استأذنت النبي - صلى الله عليه وسلم - إن عاشت بعده أن تدفن على جانبه فقال لها وأني لك بذلك وليس في ذلك الموضع إلا قبري وقبر أبي بكر وقبر عمر وعيسى بن مريم، وفي أخبار المدينة من وجه ضعيف عن سعيد بن المسيب، قال: إن قبور الثلاثة في صفة بيت عائشة وهناك موضع قبر يدفن فيه عيسى - عليها السلام -. اهـ. وقال الحافظ أيضًا - رحمه الله - في (3/ 258) في الجنائز: على ما أخرجه البخاري عن عائشة: أنها أوصت عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهم -: لا تدفني معهم وادفني مع صواحبي بالبقيع لا أزكي به أبدًا. قال: أي لا يثني علي بسببه ويجعل لي بذلك مزية وفضل وأنا في نفس الأمر يحتمل أن لا أكون كذلك، وهذا منها على سبيل التواضع وهضم النفس بخلاف قوها لعمر أريده لنفسي فكأن اجتهادها تغير أو لما قالت ذلك لعمر كان قبل أن يقع لها ما وقع في قصة الجمل فاستحيت بعد ذلك أن تدفن هناك، وقد قال عنها عمار بن ياسر وهو أحد من حاربها يومئذ إنها زوجة نبيكم في الدنيا والآخرة. اهـ. فهي تلك المنفعة بالسكنى فيه ولها في هذا اختصاص ولما كانت المرأة تصلي في بيتها كانت عائشة ضرورة مع وجود الأقبر أن عائشة اتخذت سترًا بينها وبين القبور يؤيد ذلك ما أخرجه أبو داود: حدثنا أحمد بن صالح =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= حدثنا ابن أبي فديك أخبرني عمرو بن عثمان بن هاني عن القاسم قال: دخلت على عائشة فقلت يا أمة اكشفي لي عن قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وصاحبيه - رضي الله عنهم - فكشفت لي عن ثلاثة قبور لا مشرفة ولا لاطئة مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء، قال أبو علي يقال أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقدم وأبو بكر عند رأسه، وعمر عند رجليه رأسه عند رجلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وأخرج الحاكم (3/ 92) من طريق هشام بن سعد عن عمرو بن عثمان وأخرجه عمر بن شبة في أخبار المدينة (3/ 161) بسند أبي داود ومتنه سواء. وأخرجه البيهقي (4/ 3) في سننه من طريق ابن وهب عن محمد ابن إسماعيل بن أبي فديك به وجعل وصف القبور من قول القاسم. والخبر فيه ضعف عمر بن عثمان مستور، ولكن الشاهد في قول القاسم فكشفت لي جاء ما يعضده أن القبور مستورة بساتر إما جدار أو غيره. فقد أخرج ابن سعد (2/ 294) في الطبقات: حدثنا موسى بن داود سمعت مالك بن أنس يقول: قسم بيت عائشة باثنين قسم كان فيه القبر، وقسم كانت تكون فيه عائشة وبينهما حائط، فكانت عائشة ربما دخلت حيث القبر فضلًا فلما دفن عمر لم تدخله إلا وهي جامعة عليها ثيابها. وموسى بن داود هو الضبي صدوق فقيه من رجال مسلم والسنن لكن الخبر منقطع بين مالك وعائشة، لكن له ما يشده. فقد روى ابن سعد في الطبقات (3: 364) أخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس المدني حدثني أبي عن يحيى بن سعيد وعبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو ابن حزم وغيرهما عن عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية عن عائشة قالت: مازلت =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= أضع خماري وأتفضل في ثيابي في بيتي حتى دفن عمر بن الخطاب فيه فلم أزل متحفظة في ثيابي حتى بنيت بيني وبين القبور جدارًا فتفضلت بعد. قالا ووصف لنا قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وقبر أبي بكر وقبر عمر، وهذه القبور في سهوة في بيت عائشة. رواه بسند ومتنه عمر بن شبة في أخبار المدينة (3/ 162). وإسماعيل بن عبد الله بن عبد الله بن أويس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي ابن أخت مالك خلاصة القول فيه أنه حسن الحديث، وقد أخرج البخاري له قليلًا ومسلم كذلك. وأبوه عبد الله بن عبد الله بن أويس ابن عم مالك وصهره على أخته حسن الحديث، وشيخاه في الإسناد يحيى بن سعيد الأنصاري وعبد الله ابن أبي بكر ثقتان شهيران مدنيان، وعمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصارية المدنية حدثت عن عائشة ثقة مشهورة، فالإسناد مدني جيد حسن. وقال الحاكم في المستدرك (4/ 6) رقم (6781) ج 5/ 9 الجديدة ط. المعرفة، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا الحسن بن علي بن عفان ثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة - رضي الله عنه - قالت: كنت أدخل البيت الذي دفن معها عمر، والله ما دخلت إلا وأنا مشدودة على ثيابي حياء من عمر - رضي الله عنه -. وهذا إسناد صحيح شيخ الحاكم هو الأصم حافظ مشهور وأبو أسامة حماد بن أسامة ثقة ثبت، وروايته عن هشام في الدواوين الستة. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= ولكن أثر عمرة عن عائشة أن الجدار لم يبن إلا بعد موت عمر، وأيضًا سبب البناء لعله تحفظها ثم لما بنت حصلت لها الراحة بالتفضل، ولم يكن لأجل الصلاة عند القبور إذ لو كان ذلك مرادها لبنت ذلك الجدار على قبره - صلى الله عليه وسلم - بعيد موته أو لم تصل في الحجرة وكلاهما وقع خلافه، ولم ينكر عليها من الصحابة منكر في الصلاة في الحجرة مع وجود القبور. وقد فتح الله بجواب قريب من الوجه الأول، وهو أن يقال لما كانت الصلاة عند القبور من الوسائل المفضية إلى الشرك أو الغلو في المقبور كان تحريم الصلاة عندها ونحو ذلك تحريم وسائل، وقد استقرت القاعدة الشرعية أن ما حرم لأنه وسيلة جاز للحاجة والمصلحة الراجحة. قال ابن القيم في الهدي (3/ 488): والشريعة لا تعطل المصلحة الراجحة لأجل المرجوحة ونظير هذا جواز لبس الحرير والخيلاء فيها إذ مصلحة ذلك أرجح من مفسدة لبسه .. إلى أن قال: ونظير هذا نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة قبل طلوع الشمس وبعد العصر سدًا لذريعة التشبه بالكفار، وأباح ما فيه مصلحة راجحة من قضاء الفوائت وقضاء السنن، وصلاة الجنازة وتحية المسجد ولأن مصلحة فعلها أرجح من مفسدة النهي. اهـ. ولا شك أن احتياج عائشة للسكنى بالحجرة ظاهر مستقر واحتياجها للصلاة في البيت أظهر من ذلك مع ترغيب الشارع في صلاة المرأة في بيتها وتفضل ذلك على صلاتها في المسجد، وإذا انضم إلى هذا الوجه ما ثبت في الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أني والله ما أخاف أن تشركوا بعدي، ولكن أخاف عليكم أن تنافسوا فيها»، أخرجاه من حديث أبي =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= الخير عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - وقوله فيما أخرجه مسلم من طريق الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم» وقد فسر المصلون بالصحابة، وقيل غير ذلك. والصحيح العموم والصحابة أول الناس دخولًا في هذا الحديث، وعلى هذا تكون الصلاة في الحجرة مباحة لدعاء الحاجة لا للخصوصية لأجل القبر ولا لأجل عائشة بل للهيئة الحاصلة من الاحتياج للسكنى وكون النبي - صلى الله عليه وسلم - يدفن حيث مات ولما تقدم من القاعدة الفقهية التي دلت عليها النصوص الصريحة الصحيحة، ونظير ذلك لو حبس شخص في مكان فيه قبر فلا مناص من الصلاة في ذلك المكان بل لو احتاج إلى المكث في مكان فيه قبر جازت الصلاة فيه لما تقدم، وقد ذكر شيخ الإسلام أمثلة للقاعدة المذكورة بعد أن قررها فقال: ما نهي عنه لسد الذريعة يباح للمصلحة الراجحة كما يباح النظر إلى المخطوبة، والسفر بها إذا خيف ضياعها، كسفرها من دار الحرب، مثل سفر أم كلثوم، وكسفر عائشة لما تخلفت مع صفوان بن المعطل، فإنه لم نهى عنه إلا لأنه يفضي إلى المفسدة فإذا كان مقتضيًا للمصلحة الراجحة لم يكن مفضيًا إلى المفسدة. وبكل حال، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد علم أنه سيدفن حيث مات في حجرة عائشة، وعلم مكثها في الحجرة فلم يقض بشيء ولم يأمر عائشة بالتحول عن الحجرة بعد موته أو ترك الصلاة فيها وهؤلاء أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - بعد وفاة نبيهم متوافرون يزورون عائشة في حجرتها بكرة وعشيًا ويعلمون =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= صلاتها في الحجرة مع وجود القبر النبوي، وبعده قبر أبو بكر ثم دفن عمر، فلم يستنكروا شيئًا، مع حملهم راية الدين وتبليغ الشريعة ننشر التوحيد وإزالة كل آثار الشرك فيما طالته أيديهم ووطئتهم أقدامهم من البلاد في الجزيرة وغيرها فكيف يقرون شيئًا من ذلك في المدينة النبوية؟ ! وقد رأى عمر أنسًا يصلي إلى القبر فقال القبر القبر. بل في مرض موته - صلى الله عليه وسلم - قال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد». فعلم أن مكث عائشة وصلاتها في الحجرة ليس سبيله من المنهي، ثم إن عائشة كانت تصلي مبتعدة عن القبور ولهذا تقدم قول شيخ الإسلام، ولكن كانت عائشة فيه لأنه بيتها وكانت ناحية عن القبور، لأن القبور في مقدم الحجرة وكانت هي في مؤخرة الحجرة .. ». ثم رأيت شيخنا ابن باز - رحمه الله - تعقب الحافظ ابن حجر في فتح الباري (1/ 524) وذلك عند قول الحافظ على أثر عمر ما نصه: «أورد معه أثر عمر الدال على أن النهي عن ذلك لا يقتضي فساد الصلاة». فعلق شيخنا وعنه كتبت ما نصه: «ليس بجيد وقد يقال القبر ليس كالمقبرة فلو تنحى وأتم فلا بأس» اهـ.

1389 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «إن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليتعذر (¬1) في مرضه: أين أنا اليوم، أين أنا غدًا؟ استبطاء ليوم عائشة. فلما كان يومي قبضه الله بين سحري ونحري، ودفن في بيتي» (¬2). 1392 - الحديث ... وأوصيه بالأنصار خيرًا الذين تبؤوا الدار والإيمان أن يقبل من محسنهم ويعفى عن مسيئهم. وأوصيه بذمة الله وذمة رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يوفى لهم بعهدهم، وأن يقاتل من ورائهم، وأن لا يكلفوا فوق طاقتهم» (¬3). ¬

(¬1) الأقرب: يبدي أشياء؛ حتى ينتقل إلى عائشة. (¬2) وهذا لحبه لعائشة - رضي الله عنه -، وكانت أحب النساء إليه من أزواجه، وفيه أنه لا بأس بمحبة الرجل بعض زوجاته أكثر من الغير. * وسألت الشيخ في ترتيب القبور الثلاثة؟ قال: النبي ثم أبو بكر ثم عمر. قلت: في صف واحد، أو متوالية؟ قال: في صف واحد، وأبو بكر دون قليل، وعمر دون قليل. (¬3) يعني أهل الجزية يحسن إليهم. * وسئل الشيخ: عما جاء في بعض الروايات أن عيسى يدفن معهم في الحجرة؟ فقال: جاء هذا في بعض الروايات، وذكره الترمذي، والله أعلم. قلت في باب فضل النبي - صلى الله عليه وسلم - في كتاب المناقب والحديث ضعيف برقم (3617).

97 - باب ما ينهى من سب الأموات

97 - باب ما ينهى من سب الأموات 1393 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تسبوا (¬1) الأموات، فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا». 98 - باب ذكر شرار الموتى 1394 - عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: قال أبو لهب عليه لعنة الله للنبي - صلى الله عليه وسلم -: تبًا لك سائر اليوم، فنزلت {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} (¬2). ¬

(¬1) السب إذا كان لبيان التحذير كالمبتدع لئلا يقتضي به فلا حرج، فيكون من باب التحذير، لا من باب السب. (¬2) كأن المؤلف يريد أن الشرار غير داخلين في النهي، وهذا ظاهركما تقدم، وحتى يحذر منهم وليس المقصود الذم.

24 - كتاب الزكاة

24 - كتاب الزكاة 1 - باب وجوب الزكاة 1395 - عن ابن عباس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث معاذًا - رضي الله عنه - إلى اليمن فقال: «ادعهم إلى شهادة (¬1) أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم. أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم». 1397 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن إعرابيًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة. قال: «تعبد الله لا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان (¬2)». قال: والذي نفسي بيده لا أزيد على هذا. فلما ولى قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا». 1400 - «فقال: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال (¬3). والله لو منعوني عناقًا كانوا يؤدونها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم ¬

(¬1) هذا يبين أن أعظم واجب وأهم واجب هو الدعوة إلى التوحيد توحيد الله. (¬2) وكان قبل فرض الحج. وسألت الشيخ: عن فريضة الزكاة؟ فقال: جنسها في مكة {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}، ومقاديرها بالمدينة. (¬3) فقال تاركي الزكاة لأنهم أنكروها.

2 - باب البيعة على إيتاء الزكاة

على منعها. قال عمرو - رضي الله عنه -: فو الله ما هو إلا أن قد شرح الله صدر أبي بكر - رضي الله عنه - فعرفت أنه الحق». 2 - باب البيعة على إيتاء الزكاة 1401 - عن قيس قال: قال جرير بن عبد الله: بايعت النبي - صلى الله عليه وسلم - على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم» (¬1). 3 - باب إثم مانع الزكاة وقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ}. 1402 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «تأتي الإبل على صاحبها على خير ما كانت إذا هو لم يعط فيها حقها، تطؤه بأخفافها. وتأتي الغنم على صاحبها على خير ما كانت إذا لم يعط فيها حقها تطؤه بأظلافها وتنطحه بقرونها. قال: ومن حقها أن تحلب على الماء. قال: ولا يأتي أحدكم يوم القيامة بشاة يحملها على رقبته (¬2) لها يعار فيقول: يا محمد، فأقول: لا أملك لك شيئًا، قد بلغت. ولا يأتي ببعير يحمله على رقبته له رغاء فيقول: يا محمد، فأقول: لا أملك شيئًا، قد بلغت». ¬

(¬1) وهذا يدل على عظم النصيحة في المعاملات؛ ولهذا عاهد النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) وهذه فضيحة من الفضائح يعذب بها، ويحملها، وحملها عذاب، نسأل الله العافية.

4 - باب من أدي زكاته فليس بكنز

1403 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من آتاه الله مالًا فلم يؤد زكاته مثل له شجاعًا أقرع له زبيبتان يطوقه (¬1) يوم القيامة ثم يأخذ بهزمتيه - يعني شدقيه - ثم يقول: -أنا مالك، أنا كنزك. ثم تلا: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ} الآية». 4 - باب من أدي زكاته فليس بكنز لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ليس فيما دون خمسة أواق صدقة». 1404 - عن خالد بن أسلم قال: «خرجنا مع عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - فقال أعرابي: أخبرني عن قول الله {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} قال ابن عمر - رضي الله عنهم -: من كنزها فلم يؤد زكاتها فويل له (¬2)، إنما كان هذا قبل أن تنزل الزكاة، فلما أنزلت جعلها الله طهرًا للأموال». 1405 - عن أبي سعيد - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ليس فيما دون خمس أواق صدقة، وليس فيما دون خمس ذود صدقة، وليس فيما دون خمس أوسق صدقة» (¬3). 1406 - عن زيد بن وهب قال: «مررت بالربذة، فإذا أنا بأبي ذر - رضي الله عنه -، فقلت له: ما أنزلك منزلك هذا؟ قال: كنت بالشام فاختلفت أنا ومعاوية في {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} قال ¬

(¬1) عذاب معجل قبل عذاب النار. (¬2) هذا وعيد لمن لا يزكي. (¬3) الحد الأدنى من الزكاة.

5 - باب إنفاق المال في حقه

معاوية: نزلت في أهل الكتاب، فقلت: نزلت فينا وفيهم، فكان بيني وبينه في ذاك، وكتب إلى عثمان - رضي الله عنه - يشكوني، فكتب إلي عثمان أن أقدم المدينة، فقدمتها، فكثر علي الناس حتى كأنهم لم يروني قبل ذلك، فذكرت ذلك لعثمان، فقال لي: إن شئت تنحيت فكنت قريبًا. فذاك الذي أنزلني هذا المنزل، ولو أمروا علي حبشيًا لسمعت وأطعت» (¬1). 1408 - قال لي خليلي - قال قلت: من خليلك؟ قال: النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يا أبا ذر أتبصر أحدًا؟ » قال: فنظرت إلى الشمس ما بقي من النهار، وأنا أرى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرسلني في حاجة له، قلت: نعم. قال: «ما أحب أن لي مثل أحد ذهبًا أنفقه كله إلا ثلاثة دنانير (¬2). وإن هؤلاء لا يعقلون، إنما يجمعون الدنيا. لا والله، لا أسألهم دنيا ولا أستفتيهم عن دين حتى ألقى الله». 5 - باب إنفاق المال في حقه 1409 - عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ¬

(¬1) أبو ذر - رضي الله عنه - اختار شيئًا، أنه لا يدخر أحد المال، وأنه يأخذ قدر حاجته فقط، وأنه يعذب على الزيادة، فأنكر عليه الناس، وهو شأن مخالف لأهل العلم، وأشار عليه عثمان بأن يبتعد عن المدينة درءًا للفتنة. (¬2) ومراد النبي - صلى الله عليه وسلم - الحث على النفقة، ويدل على الفضل، ولا يدل على الوجوب.

8 - باب الصدقة من كسب طيب

«لا حسد (¬1) إلا في اثنين: رجل أتاه الله مالًا فسلطه (¬2) على هلكته (¬3) في الحق، ورجل آتاه الله حكمة (¬4) فهو يقضي بها يعلمها». 8 - باب الصدقة من كسب طيب لقوله تعالى: {وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}. 1410 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من تصدق بعدل (¬5) تمرة من كسب طيب - ولا يقبل الله إلا الطيب - فإن الله يتقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبه كما يربي أحدكم فلوه، حتى تكون مثل الجبل». قال الحافظ: ... وهذا طرف من حديث أخرجه مسلم باللفظ الأول (¬6). ¬

(¬1) حسد الغبطة. (¬2) شرح صدره لإنفاقه. (¬3) يعني على إنفاقه. (¬4) الفقه في الدين، والبصيرة في الدين، * الحكمة كلمة مشتركة، والمراد بها هنا الفقه في الدين. * هل الابن ملزم بقضاء دين أبيه؟ لا، لكن من باب الإحسان. (¬5) بالكسر والفتح. (¬6) وذكره الشيخ، وقال عنه: لا يقبل الله صلاة بغير طهور. * الأموال المحرمة لا تحرق، بل تنفق في وجوه البر، ولا تلقى في البحر، كالربويات والغصوب والسرقات.

9 - باب الصدقة قبل الرد

قال الحافظ: .... «لا تقبل صدقة من غلول» أن الغال لا تبرأ ذمته إلا برد الغلول إلى أصحابه بأن يتصدق به (¬1). قال الحافظ: .... «حتى تكون أعظم من الجبل» (¬2). 9 - باب الصدقة قبل الرد 1412 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تقوم الساعة حتى يكثر فيكم المال، فيفيض، حتى يهم رب المال من يقبل صدقته، وحتى يعرضه فيقول الذي يعرضه عليه: لا أرب لي» (¬3). 1413 - عن عدي بن حاتم - رضي الله عنه - يقول: «كنت عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاءه رجلان: أحدهما يشكو العيلة، والآخر يشكو قطع السبيل. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أما قطع السبيل فإنه لا يأتي عليك إلا قليل حتى تخرج العير إلى مكة بغير خفير. وأما العيلة فإن الساعة لا تقوم حتى يطوف أحدكم بصدقته لا يجد من يقبلها منه. ثم ليقفن أحدكم بين يدي الله ليس بينه ¬

(¬1) وصحح الشيخ التصدق به عنهم إذا جهلهم، وقال: هذه الحاشية قديمة وذلك في (279/ 3). * الكسب الخبيث: ينفق في وجوه الخير ليبرأ منه، ولا يقضي به دينه. والأموال التي لأناس لا تعرف: ينفقها في وجوه البر لأصحابها. (¬2) وذكر الشيخ. (¬3) زاد مسلم: «وحتى تعود جزيرة العرب مروجًا وأنهارًا».

وبينه حجاب ولا ترجمان يترجم له، ثم ليقولن له: ألم أوتك مالًا؟ فليقولن: بلى. ثم ليقولن: ألم ألرسل إليك رسولًا؟ فليقولن: بلى. فينظر عن يمينه فلا يرى إلا النار، ثم ينظر عن شماله فلا يرى إلا النار. فليتقين أحدكم النار ولو بشق تمرة، فإن لم يجد فبكلمة طيبة» (¬1). 1414 - عن أبي موسى - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليأتين على الناس زمان يطوف الرجل فيه بالصدقة من الذهب (¬2) ثم لا يجد أحدًا يأخذها منه، ويرى الرجل الواحد يتبعه أربعون امرأة يلذن به، من قلة الرجال وكثرة النساء» (¬3). ¬

(¬1) وهذا الأمن في عهد عمر - رضي الله عنه - وغيره. (¬2) ولا يجد من يأخذه، الله المستعان فيدل على أمرين: 1 - الغنى وكثرة المال. 2 - الورع. (¬3) وفي رواية: خمسين إما لسبب حروب طاحنة، أو أوبئة، أو لتعقيم أرحام النساء عنهم. * المكالمة عامة، أما الرؤية فهي تخص أهل الإيمان، هذا مذهب الجمهور، وقال بعضهم، يرونه كلهم في الموقف وظاهر قوله {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ ... } يفيد عدم الرؤية. * يعني اغتنموا وجود الفقراء، ولعله الزمان الذي قال فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «لا تقوم الساعة حتى يكثر المال». * وقال الشيخ: زمن عيسى أو غيره. * هذه في زمن عيسى واضح، وذكر حديثًا، وكذلك زمن المهدي، أما زمننا هذا فالمال محبوب وكل يريده.

10 - باب اتقوا النار ولو بشق تمرة، والقليل من الصدقة

10 - باب اتقوا النار ولو بشق تمرة، والقليل من الصدقة 1345 - عن أبي مسعود - رضي الله عنه - قال: «لما نزلت آية الصدقة كنا نحامل، فجاء رجل فتصدق بشيء كثير، فقالوا: مرائي. وجاء رجل فتصدق بصاع (¬1)، فقالوا: أن الله لغني عن صاع هذا. فنزلت: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ} الآية. 1416 - عن أبي مسعود الأنصاري - رضي الله عنه - قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أمرنا بالصدقة انطلق أحدنا إلى السوق فتحامل، فيصيب المد وإن لبعضهم اليوم لمائة ألف» (¬2). 1418 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «دخلت امرأة معها ابنتان لها تسأل، فلم تجد عندي شيئًا غير تمرة (¬3)، فأعطيتها إياها، فقسمتها بين ابنتيها، ولم تأكل منها، ثم قامت فخرجت. فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - علينا، فأخبرته فقال: من ابتلي من هذه البنات بشيء كن له سترًا من النار». 11 - باب فضل صدقة الشحيح الصحيح 1419 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله أي الصدقة أعظم أجرًا؟ قال: «أن تصدق وأنت ¬

(¬1) هذا شأن المنافقين، لا يسلم منهم أحد. (¬2) يعني ولا يتصدق، وأما الآن مئات الملايين ولا يتصدق. * هذا من عظيم رغبة الصحابة في الصدقة، يعمل ويحمل فيتصدق. (¬3) وفي رواية: ثلاث تمرات.

28 - باب مثل المتصدق والبخيل

صحيح (¬1) شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا ولفلان كذا، وقد كان لفلان». 1420 - عن عائشة - رضي الله عنه - أن بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - قلن للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أينا أسرع بك لحوقًا؟ قال: «أطولكن يدًا». فأخذوا قصبة يذرعونها، فكانت سودة أطولهن يدًا (¬2). فعلمنا بعد أنما كانت طول يدها الصدقة، وكانت أسرعنا لحوقًا به، وكانت تحب الصدقة. 28 - باب مثل المتصدق والبخيل 1443 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مثل البخيل والمتصدق كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد». وعن أبي هريرة أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مثل البخيل والمنفق كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد من ثديهما إلى تراقيهما. فأما المنفق فلا ينفق إلا سبغت - أو وفرت - على جلده حتى تخفى بنانه وتعفو أثره. وأما البخيل فلا يريد أن ينفق شيئًا إلا لزقت كل حلقة مكانها، فهو يوسعها ولا تتسع» (¬3). ¬

(¬1) في حق الإنسان، أي صحيح ليس بمريض، وليس بغني. * أي أفضل الصدقة والأكل صدقة من كسب طيب مقبولة. (¬2) المشهور أن هذا كان في حق زينب. (¬3) وهذا يدل على صاحب الجود والكرم أن نفسه ترتاح للصدقة. وأن صاحب الشح والبخل كلما أراد أن يتصدق ضاقت نفسه، وهذا إشارة إلى ما في قلبه من الحرص، ولأنه لم يعتد الإنفاق.

30 - باب على كل مسلم صدقة، فمن لم يجد فليعمل بالمعروف

30 - باب على كل مسلم صدقة (¬1)، فمن لم يجد فليعمل بالمعروف 1445 - عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «على كل مسلم صدقة». فقالوا: يا نبي الله فمن لم يجد؟ قال: «يعمل بيده فينفع نفسه ويتصدق». قالوا: فإن لم يجد؟ قال: «يعين ذا الحاجة الملهوف». قالوا: فإن لم يجد؟ قال: «فليعمل بالمعروف، وليمسك عن الشر، فإنها له صدقة» (¬2). 31 - باب قدر كم يعطي من الزكاة والصدقة، ومن أعطى شاة 1446 - عن أم عطية - رضي الله عنها - قالت: بعث إلى نسيبة الأنصارية بشاة، فأرسلت إلى عائشة - رضي الله عنه - منها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «عندكم شيء؟ » فقلت: لا، إلا ما أرسلت به نسيبة من تلك الشاة. فقال: «هات، قد بلغت محلها» (¬3). 32 - باب زكاة الورق 1447 - عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ليس فيما دون خمس ذود صدقة من الإبل، وليس فيما دون خمس أواق صدقة، وليس فيما دون خمسة أو سق صدقة» (¬4). ¬

(¬1) على: صيغة ظاهرها الوجوب، فعلى المسلم الصدقة بما تيسر. وذكر الشيخ حديث مسلم عن أبي ذر في ذكر السلامي وهي المفاصل. (¬2) إذا أمسك عن الشر بنية أجر، وإن لم ينو لا شيء عليه. (¬3) هذا يدل على أن الإنسان لو تصدق بصدقة أو زكاة ثم دعاه الفقير له أن يأكل فهي هدية مون أم عطية. (¬4) 56 ريال فضة فما يقابلها من الورق زكى، وإن زكى عن 56 ريال ورق أحوط.

33 - باب العرض في الزكاة

33 - باب العرض في الزكاة وقال طاووس قال معاذ - رضي الله عنه - لأهل اليمن: أئتوني بعرض ثياب خميص أو لبيس بالصدقة مكان الشعير والذرة، أهون عليكم، وخير لأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة (¬1). وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «تصدقن ولو من حليكن» فلم يستبن صدقة الفرض من غيرها. فجعلت المرأة تلقي خرصها وسخابها. ولم يخص الذهب والفضة من العروض. 1449 - حدثنا مؤمل (¬2) حدثنا إسماعيل عن أيوب عن عطاء بن أبي رباح قال ابن عباس «أشهد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لصلى قبل الخطبة فرأى أنه لم يسمع النساء، فأتاهن ومعه بلال ناشر ثوبه فوعظهن وأمرهن أن يتصدقن، فجعلت المرأة تلقي» وأشار أيوب إلى أذنه وإلى حلقه. ¬

(¬1) فيه انقطاع، لكن جزم به المؤلف، وله شواهد في المعنى. * وهذا معناه يجوز العرض عند المصلحة كما لو اشترى بماله الذي هو فيه زكاة 100 ريال اشترى بها ملابس ودفعها للفقراء. (¬2) صوابه مؤمل بالفتح اسم مفعول. العرض: الدنيا كلها، وعند التفصيل. النقدان: الذهب والفضة، والباقي عرض، بالتسكين. * إذا دعت الحاجة لدفع النقود في زكاة الأنعام فهو جائز، للمصلحة، وكذا إخراج العروض كالملابس للحاجة؛ لأثر معاذ. * سئل عن زكاة الفطر تدفع نقودًا؟ فقال: الجمهور على المنع، لظاهر النصوص.

34 - باب لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع

قال الحافظ: .... وهو مصير منه إلى أن مصارف الصدقة الواجبة كمصارف صدقة التطوع (¬1) بجامع ما فيهما من قصد القربة. 34 - باب لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع 1450 - عن محمد بن عبد الله الأنصاري قال: حدثني أبي قال حدثني ثمامة أن أنسًا - رضي الله عنه - حدثه أن أبا بكر - رضي الله عنه - كتب له التي فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة» (¬2). 35 - باب ما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية وقال طاووس وعطاء: إذا علم الخليطان أموالهما فلا يجمع مالهما. وقال سفيان: لا تجب حتى يتم لهذا أربعون شاة ولهذا أربعون شاة (¬3). ¬

(¬1) الزكاة أوسع من جهة، والتطوع أوسع من جهة، ثم قال على الجملة، يعني في جنس الفقراء. (¬2) فيه سد لباب الحيل في إسقاط الواجبات، أو تقليلها، وذكر الشيخ حديث أبي هريرة: «لا تحلوا ما حرم الله فترتكبوا» الحديث، رواه ابن بطة بإسناد جيد. قلت: الحديث رواه ابن بطة في جزء إبطال الحيل ص 46. من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعًا، وجود إسناده ابن كثير في تفسيره، وكذلك حسنه شيخ الإسلام وابن القيم. (انظر مجموع الفتاوى (29/ 29) وإغاثة اللهفان (1/ 513) ط. عفيفي). (¬3) الحديث عام، هذا الذي عليه الجمهور، ولو كان نصيبه متميزًا ولو كان دون النصاب، فإن الخلطة لها أثر، فمن كان له ثلاثون والآخر عشر يخرجان بقدر الشركة، فيرجع الأول بالربع إن أخرج والثاني، بالثلاثة أرباع إن أخرج.

36 - باب زكاة الإبل

1451 - عن محمد بن عبد الله قال: حدثني ثمامة أن أنسًا حدثه أن أبا بكر - رضي الله عنه - كتب له التي فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية». 36 - باب زكاة الإبل 1452 - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن إعرابيًا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الهجرة فقال: «ويحك، إن شأنها شديد، فهل لك من إبل تؤدي صدقتها؟ » قال: نعم. قال: «فاعمل من وراء البحار (¬1) فإن الله لن يترك (¬2) من عملك شيئًا». ¬

(¬1) القرى. (¬2) ينقصك. * لا يهاجر من كان عند إبله وغنمه، وإنما يهاجر من كان عند المشركين. * من كان بالبوادي لا تلزمه الهجرة، متى ما أدى حق الله. * سألت شيخنا عن السائمة العوامل؟ ما الذي أخرجها من الإيجاب؟ فقال: هو قول الجمهور، وشبهوها بالعروض، والقول الآخر الزكاة، وهو أحوط.

37 - باب من بلغت عنده صدقت بنت مخاض وليست عنده

37 - باب من بلغت عنده صدقت بنت مخاض وليست عنده 1453 - عن ثمامة أن أنسًا - رضي الله عنه - حدثه أن أبا بكر - رضي الله عنه - كتب له فريضة الصدقة التي أمر الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - «من بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة وليست عنده جذعة وعنده حقة فإنها تقبل منه الحقة ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له أو عشرين درهمًا. ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليس عنده الحقة وعنده الجذعة فإنها تقبل منه الجذعة ويعطيه المصدق عشرين درهمًا أو شاتين. ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده إلا بنت لبون فإنها تقبل منه بنت لبون ويعطي شاتين أو عشرين درهمًا. ومن بلغت صدقته بنت لبون وعنده حقة فإنها تقبل منه الحقة ويعطيه المصدق عشرين درهمًا أو شاتين. ومن بلغت صدقته بنت لبون وليست عنده وعنده بنت مخاض فإنها تقبل منه بنت مخاض ويعطى معها عشرين درهمًا أو شاتين» (¬1). 38 - باب زكاة الغنم 1454 - عن ثمامة بن عبد الله بن أنس أن أنسًا حدثه أن أبا بكر - رضي الله عنه - كتب له هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين «بسم الله الرحمن الرحيم. هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المسلمين، والتي أمر الله بها رسوله، فمن سئلها من المسلمين على وجهها فليعطها، ومن سئل فوقها فلا يعط: في أربع وعشرين من الإبل فما دونها من الغنم من كل ¬

(¬1) الواجب قيمتها وقت الإخراج، وليس العشرين تحديدًا. * وهذا فيه جبر النقص.

خمس شاة، فإذا بلغت خمسًا وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض أنثى، فإذا بلغت ستًا وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها بنت لبون أنثى، فإذا بلغت ستًا وأربعين إلى ستين ففيها حقة طروقة الجمل، فإذا بلغت واحدة وستين إلى خمس وسبعين ففيها جذعة، فإذا بلغت- يعني ستًا وسبعين- إلى تسعين ففيها بنتًا لبون فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حقتان طروقتا الجمل. فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة. ومن لم يكن معه إلا أربع من الإبل فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها، فإذا بلغت خمسًا من الإبل ففيها شاة. وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة. فإذا زادت على عشرين ومائة إلى مائتين شاتان، فإن زادت على مائتين إلى ثلاثمائة ففيها ثلاث، فإذا زادت على ثلاثمائة ففي كل مائة شاة، فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاة واحدة فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها، وفي الرقة ربع العشر، فإن لم تكن إلا تسعين ومائة فليس فيها شيء ألا أن يشاء ربها» (¬1). ¬

(¬1) قال شيخنا: هو حديث عظيم، جدير بأن يحفظ، فيه تأمير الشباب؛ لأن أنسًا كان شابًا، وفيه اعتماد الكتاب من ولي الأمر والقاضي والأمير. * البخاري لم يخرج في زكاة البقر شيئًا؛ لأنه لم يصح على شرطه، وذكر الشيخ فروضها ونصبها.

39 - باب لا تؤخذ في الصدقة هرمة ولا ذات عوار ولا تيس، إلا ما شاء المصدق

39 - باب لا تؤخذ في الصدقة هرمة ولا ذات عوار ولا تيس، إلا ما شاء المصدق 1455 - عن ثمامة أن أنسًا - رضي الله عنه - حدثه أن أبا بكر - رضي الله عنه - كتب له التي أمر الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - «ولا يخرج في الصدقة هرمة ولا ذات عوار ولا تيس، إلا ما شاء المصدق» (¬1). قال الحافظ: المصدق: اختلف في ضبطه (¬2). 40 - باب أخذ العناق في الصدقة (¬3) 1456 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «قال أبو بكر - رضي الله عنه -: والله لو منعوني عناقًا (¬4) كانوا يؤدونها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم على منعها». ¬

(¬1) كأن يكون فيه مصلحة الفقراء، وقال بعضهم: الاستثناء يرجع للتيس فقط، ولا مانع من رجوعه لما قبلها. (¬2) قال الشيخ: الأقرب التخفيف، وهو الذي يأخذ الصدقة. (¬3) أي حكم أخذها. (¬4) على سبيل الأخذ منهم، وحتى لا يتأخروا، وفيه إلزامهم بالحق. * الأصل أن يأخذ جذع من الضان، وثني من المعز، لكن يتصور أخذ العناق من الزكاة، كأن تهلك الأمهات قبل الحول وتبقى الصغار، وهذا نادر، لكن ليس بمستحيل، والأقرب المبالغة لقوله: عقالًا، في رواية، ويمكن مثل قوله: «اتقوا النار ولو بشق تمرة».

41 - باب لا تؤخذ كرائم أموال الناس في الصدقة

41 - باب لا تؤخذ كرائم أموال الناس في الصدقة 1458 - عن ابن عباس - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما بعث معاذًا - رضي الله عنه - على اليمن قال: «إنك تقدم على قوم أهل كتاب (¬1)، فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله، فإذا عرفوا الله فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم، فإذا فعلوا الصلاة فأخبرهم أن الله فرض عليهم زكاة من أموالهم وترد على فقرائهم، فإذا أطاعوا بها فخذ منهم، وتوق كرائم أهل الناس». ¬

(¬1) وكانوا كثيرين باليمن في ذلك الوقت. * من اعترف بهذه الثلاثة سهل عليه الباقي، واعترف؛ ولذا لم يذكر: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا .... } وفي الآية الثانية: {فَإِخْوَانُكُمْ ... } فهذه الأسس تؤدي لما بعدها، فمن اقتنع بها ورضيها أدى ما بقي. * قلت: وللسيوطي كلام على هذا في سنن النسائي (ج 5/ 3). * من كان أكثر ماله كرائم؟ يأخذ من الوسط أو عرض الكرائم. * المد 120 مثقالًا والصاع 480 مثقالًا. * لما كان ليس على شرطه شيء في أنصباء لبقر ذكر ما يدل عليه وجاء في المسند والسنن، من حديث معاذ. قلت: حديث معاذ اختلف في وصله وإرساله. انظر الدارقطني في علله (6/ 66)، والبيهقي في سننه (9/ 193)، والحديث محفوظ من طريق الأعمش عن أبي وائل عن مسروق عن معاذ. وأما سماع مسروق من معاذ فالظاهر أنه يجري مجرى السند المتصل، وانظر بيان الوهم والإيهام (2/ 574) والحديث العمل عليه عند الأمة في نصاب البقر. وحكى أبو عبيد الإجماع عليه وانظر مجموع الفتاوى (25/ 36)

43 - باب زكاة البقر

43 - باب زكاة البقر قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لأعرفن (¬1) ما جاء الله رجلًا ببقرة لها خوار». ويقال جؤار. تجأرن: ترفعون أصواتكم كما تجأر البقرة. 1460 - عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: «انتهيت إليه قال: والذي نفسي بيده -أو والذي لا إله غيره، أو كما حلف - ما من رجل تكون له إبل أو بقر أو غنم لا يؤدي حقها إلا أتي بها يوم القيامة أعظم ما تكون وأسمنه، تطؤه بأخفافها وتنطحه بقرونها، كلما جازت أخراها ردت عليه أولاها حتى يقضي بين الناس» (¬2). 44 - باب الزكاة على الأقارب وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «له أجران: أجر القرابة والصدقة». 1461 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - يقول: «كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالًا من نخل، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدخلها ويشرب من ماء فيه طيب. قال أنس: فلما أنزلت هذه الآية {لَنْ تَنَالُوا (¬3) الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} قام أبو طلحة ¬

(¬1) يعني: سوف أعرفكم، قسم سوف تعملون هذا. (¬2) يعذب بها قبل دخول النار. * وسألت الشيخ عن دفع الزكاة إلى الوالدين وهم فقراء ولا يستطيع أن ينفق عليهم؟ فقال: يحتاط؛ لعله يستطيع النفقة. (¬3) يعني كمال البر، وقيل الجنة، والأول أولى. * هل يحلف في كذبه على امرأته؟ نعم وإن حنث كفر، وكذا هي هذا للمستقبل، أما الحلف على الماضي فيجوز، ولا حنث عليه، ولا يأثم. قلت: قال شيخ الإسلام (33/ 146) وما كان مباحًا قبل اليمين إذا حلف الرجل عليه لم يصر حرامًا، بل له أن يفعله ويكفر .... الخ. * وهذا يدل على فضل الصحابة ومسارعتهم للخير وتذاكرهم للقرآن.

إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إن الله تبارك وتعالى يقول: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وإن أحب أموالي إلي بيرحاء، وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله. قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «بخ، ذلك مال رابح، ذلك مال رابح»، وقد سمعت ما قلت، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين. فقال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله. فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه». 1462 - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - «خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أضحى أو فطر إلى المصلى، ثم انصرف فوعظ الناس وأمرهم بالصدقة فقال: «أيها الناس، تصدقوا». فمر على النساء فقال: «يا معشر النساء تصدقن، فإني رأيتكن أكثر أهل النار». فقلن: وبم ذلك يا رسول الله؟ قال: «تكثرن اللعن، وتكفرن العشير. ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم (¬1) ¬

(¬1) هذا الحازم فتذهب عقله، حتى يفعل ما لا ينبغي، فكيف بمن دونه؟ هذا يضيع. * {بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} القوة والحيلة والعقل والصبر والقوامة المالية. * الزوج أهل للصدقة، والولد كذلك، وظاهرة التطوع. * وهل يجوز دفع الزكاة للزوج؟ على قولين، والصواب: الجواز؛ للعموم، أما الولد لا يعطى الزكاة.

45 - باب ليس على المسلم في فرسه صدقة

من إحداكن يا معشر النساء». ثم انصرف، فلما صار إلى منزله جاءت زينب امرأت ابن مسعود تستأذن عليه، فقيل: يا رسول الله، هذه زينب. فقال: «أي الزيانب؟ » فقيل: امرأت ابن مسعود. قال: «نعم، أئذنوا لها»، فأذن لها. قالت: يا نبي الله، إنك أمرت اليوم بالصدقة، وكان عندي حلي لي فأردت أن أتصدق بها، فزعم ابن مسعود أنه وولده أحق من تصدقت به عليهم. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «صدق ابن مسعود، زوجك وولدك أحق من تصدقت به عليهم». 45 - باب ليس على المسلم في فرسه صدقة 1463 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ليس على المسلم في فرسه وغلامه صدقة» (¬1). 47 - باب الصدقة على اليتامى 1465 - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جلس ذات يوم على المنبر وجلسنا حوله فقال: «إن مما أخاف عليكم من بعدي ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها». فقال رجل: يا رسول الله، أويأتي الخير بالشر؟ فسكت النبي - صلى الله عليه وسلم -. فقيل له: ما شأنك تكلم النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يكلمك؟ فرأينا أنه ينزل عليه. قال فمسح عنه الرحضاء فقال: «أين السائل» - وكأنه حمده- فقال: «إنه لا يأتي الخير بالشر، وإن مما ينبت الربيع يقتل أو يلم (¬2) ¬

(¬1) إذا كان للتجارة فيه. (¬2) وما المقصود المال، إن أنفق في طاعة الله نفعه، وإن لم ينفقه إلا في المعاصي ضره فالمقصود سوء الاستعمال، إن استعمل في الخير نفع، وإن في الشر ضر.

48 - باب الزكاة على الزوج والأيتام في الحجر

إلا آكلة الخضراء، أكلت حتى إذا امتدت خاصرتاها استقبلت عين الشمس فثلطت وبالت ورتعت. وإن هذا المال خضرة حلوة، فنعم صاحب المسلم ما أعطى منه المسكين واليتيم وابن السبيل- أو كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنه من يأخذه بغير حقه كالذي يأكل ولا يشبع، ويكون شهيدًا عليه يوم القيامة». 48 - باب الزكاة على الزوج والأيتام في الحجر 1466 - عن زينب امرأت عبد الله بمثله سواء قالت: كنت في المسجد فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «تصدقن ولو من حليكن». وكانت زينب تنفق على عبد الله وأيتام في حجرها. فقالت لعبد الله: سل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيجزي عني أن أنفق عليك وعلى أيتامي في حجري من الصدقة؟ (¬1) 1467 - عن زينب بنت أم سلمة عن أم سلمة قالت: قلت يا رسول الله، إلى أجر أن أنفق على بني أبي سلمة؟ إنما هي بني. فقال: «أنفقي عليهم، فلك أجر ما أنفقت عليهم» (¬2). قال الحافظ: ... بل معناه أنها إذا أعطت زوجها فأنفقه على ولدها كانوا أحق من الأجانب، فالإجزاء يقع بالإعطاء للزوج والوصول إلى الولد بعد بلوغ الزكاة محلها. الذي يظهر لي أنهما قضيتان: إحداهما في سؤالها ¬

(¬1) والأقرب دفع الزكاة للزوج؛ لأنه كسائر الفقراء، أما الأيتام إن كان ينفق عليهم فالأظهر لا نقل الإجماع المنع من ذلك. (¬2) وذكر الشيخ حديث سلمان بن عامر الضبي وفيه: «الصدقة على المسكين صدقة وعلى ذي الرحم ثنتان صدقة وصلة» أخرجه الخمسة وابن خزيمة.

49 - باب قول الله تعالى {وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله}

عن تصدقها بحليها على زوجها وولده (¬1)، والأخرى في سؤالها عن النفقة والله أعلم. 49 - باب قول الله تعالى {وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} 1468 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالصدقة، فقيل: منع ابن جميل وخالد بن الوليد وعباس بن عبد المطلب، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما ينقم ابن جميل إلا أنه كان فقيرًا فأغناه الله ورسوله، وأما خالد فإنكم تظلمون خالدًا، قد احتبس أدراعه وأعتده في سبيل الله (¬2)، وأما العباس بن عبد المطلب فعم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهي عليه صدقة ومثلها معها». ¬

(¬1) الزوج لا إشكال فيه، أما الإشكال في الولد والأب والأم فالأحوط المنع. * البخاري كأنه يرى الحج في سبيل الله وللحديث «اركبيها فإنها في سبيل الله». أي سبلها. قلت: روى أبو داود: من طريق عيسى بن معقل عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أم معقل، وفيه قصة ثم قال: «فإن الحج في سبيل الله» والحديث لا بأس به، والخلاف في التحجيج من الزكاة معروف، والمشهور أن ذلك في الحج الفريضة لا النافلة، وذكر شيخ الإسلام أن الخلاف في الحج يجري في العمرة كذلك، وأنه يعمر في الزكاة كذلك (وانظر الاختبارات ص 156 والإنصاف (7/ 252) ط. الوزارة. وصح عن ابن عمر - رضي الله عنه - بأن الحج من سبيل الله، رواه أبو عبيد في الأموال (724) وعلى بن الجعد في مسنده برقم (1187) وانظر الإرواء (3/ 372). * لكن قد يحتج بهذا من توسع، لكن يقتصر على ما ورد الجهاد والحج بالنص، والمراد فقير ليحج. (¬2) أي سبلها.

50 - باب الاستعفاف عن المسألة

50 - باب الاستعفاف عن المسألة 1469 - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - إن ناسًا من الأنصار سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، حتى نفد ما عنده فقال: «ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء خيرًا وأوسع من الصبر» (¬1). 1470 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «والذي نفسي بيده، لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره خير له من أن يأتي رجلًا فيسأله، أعطاه أو منعه» (¬2). 1472 - عن سعيد بن المسيب أن حكيم بن حزام - رضي الله عنه - قال: «سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم سألته فأعطاني ثم قال: «يا حكيم، إن هذا المال خضرة حلوة، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه (¬3)، كالذي يأكل ولا يشبع. اليد العليا خير من اليد السفلى». قال حكيم: فقلت: يا رسول الله، والذي بعثك بالحق لا أرزأ أحدًا بعدك شيئًا حتى أفارق الدنيا. فكان أبو بكر - رضي الله عنه - يدعوا حكيمًا إلى العطاء فيأبى أن يقبله منه. ثم إن ¬

(¬1) هذا يدل على أن الصبر أفضل من السؤال، وأن الاستغناء عن السؤال أفضل حتى من بيت المال. (¬2) فيه الاستعفاف، ولو من بيت المال. (¬3) وفي العيني (وكان).

51 - باب من أعطاه الله شيئا من غير مسألة ولا إشراف نفس {وفي أموالهم حق للسائل والمحروم} [الذاريات: 19]

عمر - رضي الله عنه - دعاه ليعطيه فأبى أن يقبل منه شيئًا. فقال عمر: إني أشهدكم يا معشر المسلمين على حكيم أني أعرض عليه حقه من هذا الفيء فيأبى أن يأخذه، فلم يرزأ (¬1) حكيم أحدًا من الناس بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى توفي». 51 - باب من أعطاه الله شيئًا من غير مسألة ولا إشراف نفس {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [الذاريات: 19] 1473 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: سمعت عمر يقول: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُعطيني العطاء فأقول: أعطه من هو أفقر إليه مني، فقال: «خذه، إذا جاءك من هذا المال شيء وأنت غير مشرف ولا سائل، فخذه (¬2)، وما لا فلا تتُبعه نفسك». ¬

(¬1) لم ينقص بسؤال أو قبول من أحد. * وسئل الشيخ: عن شخص بيده صك لأرض لفلان وقال لا أعطيها إلا بخمسين ألف، وقيل له: اتق الله هل يجوز دفع خمسين ألف لاستخراج صك الأرض؟ قال الشيخ: الدفع ليس برشوة. الرشوة المحرمة: ما فيها ظلم، أو ميلان عن الحق. * القبول أفضل من غير سؤال، أو استشراف نفس. وسألت الشيخ: إن خشي منة؟ فقال: إن كان يخشى من شيء فلا يأخذ. (¬2) وهذا يدل على أن ما جاء من بيت المال، أو من الأحباب يؤخذ إذا كان بدون طلب، وهو مقيد بما لا يحرم من جهة أخرى، كالرشوة أو هدية لإبطال حق.

53 - باب قول الله تعالى: {لا يسألون الناس إلحافا}

53 - باب قول الله تعالى: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} وكم الغنى، قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ولا يجد غنى يُغنيه». 1476 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس المسكين الذي ترُدُه الأكلة (¬1) والأكلتان، ولكن المسكين الذي ليس له غنى ويستحي، أو لا يسأل الناس إلحافًا». عن خالد الحذاء عن ابن أشوع عن الشعبي حدثني كاتب المغيرة ابن شعبة قال: كتب معاوية إلى المغيرة بن شعبة أن اكتُب إلي بشيء سمعته من النبي - صلى الله عليه وسلم - فكتب إليه: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن الله كره لكم ثلاثًا: قيل (¬2) وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال» (¬3). عن عامر بن سعد عن أبيه قال: «أعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رهطًا وأنا جالس فيهم، قال فترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهم رجلًا لم يعطه- وهو أعجبهم إلي- فقمت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فساررته فقلت: مالك عن فلان، والله إني لأراه مؤمنًا. قال: أو مسلمًا. قال فسكت قليلًا، ثم غلبني ما أعلم فيه فقلت: يا رسول الله، ¬

(¬1) أي اللقمة، والأكلة الغداء والعشاء. (¬2) بل يسكت ولا يقول إلا ماله ثمرة. (¬3) سؤال الناس المال، وسؤال أهل العلم بما لا ثمرة فيه من الأغلوطات فُسر بالأمرين. * الكراهة الظاهر للتحريم.

مالك عن فلان، والله إني لأراه مؤمنًا. قال: أو مسلمًا. قال فسكت قليلًا ثم غلبني ما أعلم فيه فقلت: يا رسول الله، مالك عن فلان، والله إني لأراه مؤمنًا. قال: أو مسلمًا. إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه خشية أن يُكب في النار على وجهه» (¬1). قال أبو عبد الله: {فَكُبْكِبُوا}: قلبوا. {مُكِبًّا}: أكب (¬2) الرجل إذا كان فعلُه غير واقع على أحد، فإذا وقع الفعل قلت: كبه الله لوجهه، وكببته أنا. 1479 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس المسكين الذي يطوف على الناس ترده اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان، ولكن المسكين الذي لا يحد غنى يغنيه، ولا يُفطن به فيصدق عليه، ولا يقوم فيسأل الناس» (¬3). 1480 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لأن يأخذ أحدكم حبله ثم يغدو- أحسبه قال إلى الجبل- فيحتطب فيبع فيأكل ويتصدق خير له من ¬

(¬1) ومن هذا الباب إعطاء المؤلفة قلوبهم؛ ليثبتوا أو ليسلم نظراؤهم أو يرغبوا، ويترك غيرهم على ما في صدورهم من الخير. وهذا من السياسة الشرعية. * وفيه دليل لأهل السنة أن الإيمان غير الإسلام إذا اقترنا فمن لم يستكمل الإيمان مسلم، ومن استكمل مؤمن. فمن ظاهره الاستقامة والعلم مؤمن، ومن ظاهره الجهل والمعصية فهو مسلم. (¬2) أكب لازم كب: متعدي. (¬3) الفاء سببية.

54 - باب خرص التمر

أن يسأل الناس». قال أبو عبد الله صالح بن كيسان أكبر من الزهري، وهو قد أدرك ابن عمر (¬1). قال الحافظ: ... وأنه أمر بالإقبال أو القبول، ووقع عند مسلم «إقبالًا (¬2) أي سعد». 54 - باب خرص التمر 1481 - عن أبي حميد الساعدي قال: غزونا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - غزوة تبوك، فلما جاء وادي القُرى إذا امرأة في حديقة لها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: «اخرُصوا»، وخرص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشرة أوسُق، فقال لها: أحصي ما يخرج منها. فلما أتينا تبوك قال: «أما إنها ستهب الليلة ريح شديدة فلا يقومن أحد، ومن كان معه بعير فليعقله»، فعقلناها، وهبت ريح شديدة فقام رجل فألقته بجبل طيئ (¬3). وأهدى ملك أيلة للنبي - صلى الله عليه وسلم - بغلة بيضاء، وكساه بُردًا، وكتب له ببحرهم. فلما أتى وادي القُرى قال للمرأة: «كم جاء حديقتك؟ » قالت: عشرة أوسق خرص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ¬

(¬1) جملة: «قال أبو عبد الله» عند العيني بعد حديث رقم 1478. * إعطاء دولة كافرة دفعًا لشرها هذا من التأليف، دفعًا لشرها (ذكره الشيخ بعد سؤال أحدهم). (¬2) المعروف: (إقفالًا أي سعد). وكأن هذه الرواية تصحفت على الحافظ فلم يذكرها العيني، ولا أعلم أنها مرت علي. (¬3) الرجل احتملته الريح من تبوك إلى حائل، مسافة كبيرة. قلت: بقياس المسافات الحديثة أكثر من 600 كم فسبحان الله، وظاهر رواية ابن إسحاق أنه سلم، فلم يمت.

55 - باب العشر فيما يسقى من ماء السماء وبالماء الجاري

«إني متعجل إلى المدينة، فمن أراد منكم أن يتعجل معي فليتعجل». فلما - قال ابن بكار كلمة معناها- أشرف على المدينة قال: «هذه طابة»، فلما رأى أحُدًا قال: «هذا جُبيل يُحبنا (¬1) ونحبه» ... 55 - باب العُشر فيما يسقى من ماء السماء وبالماء الجاري ولم ير عمر بن عبد العزيز في العسل شيئًا. عن سالم بن عبد الله عن أبيه - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريًا العشر، وما سُقي بالنضح نصف العشر» (¬2). ¬

(¬1) وهذا من آيات الله، حيث جعل من الجمادات مثل هذا، قال تعالى: {وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ}. * المسلم يهدي للكافر، ويقبل هديته؛ للمصلحة وتأليفًا (لا ينهاكم ... أن تبروهم) وليس هذا من الموالاة. * صعود الجبل ليس بقربة. أي جبل أحد. * وسألته عن قبول هدية الكفار؟ قال: إن رأى المصلحة قبل، وإن رأى الرد رد. فقلت: يُحمل عليه حديث: «نهيت عن زبد المشركين ... »؟ قال: من هذا الباب، إن صح؛ للمصلحة. (¬2) سألته: ما كان تارة وتارة؟ قلا: ثلاثة أرباع العشر، إلا أن يغلب أحدهما. * العسل لا زكاة فيه، إلا أن يكون للتجارة، ففيه الزكاة. * الراجح: أن العسل ليس من أموال الزكاة.

57 - باب أخذ صدقة التمر عند صرام النخل

57 - باب أخذ صدقة التمر عند صرام النخل وهل يُترك الصبي فيمس تمر الصدقة؟ 1485 - حدثنا عمر (¬1) بن محمد بن الحسن الأسدي حدثني أبي حدثنا إبراهيم ابن طهمان عن محمد بن زياد عن أبى هريرة - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُؤتى بالتمر عند صرام النخل، فيجيء هذا بتمره وهذا من تمره، حتى يصير عنده كومًا من تمر، فجعل الحسن والحسين - رضي الله عنهما - يلعبان بذلك التمر (¬2)، فأخذ أحدهما تمرة فجعله في فيه، فنظر إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فأخرجها من فيه فقال: «أما علمت أن آل محمد لا يأكلون الصدقة» (¬3). ¬

(¬1) في النسخة الهندية في التقريب مات سنة 205 ... قال شيخنا: البخاري لم يحدث إلا بعد ذلك، فلم يدركه، فهنا غلط يحرر. قلت: صوابه مات سنة 250، وما وقع في الهندية وغيرها خطأ. * إخراج القيمة! الأحوط من جنس المال، وإن أخرج ثمن المال (القيمة) للحاجة وللمشقة لم يجد تمرًا فقد بلع تمره نعم. ثم قال؛ لكن إن رأى ولي الأمر ذلك فله. ثم سئل عن إفتائه ورأيه؟ فقال؛ إن رأى ولي الأمر ذلك نعم، وإلا فالأحوط المنع. (¬2) فيه: أن الصبي لا يمتهن ذلك إذا فعل مثل هذا بالطعام. (¬3) إن الصدقة لا تحل لآل البيت. تعليم الصبيان بالفعل والقول. * آل البيت: بنو هاشم وأزواجه من آل البيت الذين لهم الفضل ولا تحرم عليهم الصدقة.

59 - باب هل يشتري صدقته؟

1488 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمار حتى تُزهى. قال: حتى تحمار» (¬1). 59 - باب هل يشتري صدقته؟ ولا بأس أن يشتري صدقة غيره لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما نهى المتصدق خاصة عن الشراء ولم ينه غيره 1489 - عن سالم أن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهم - كان يحدث «أن عمر بن الخطاب تصدق بفرس في سبيل الله، فوجده يُباع، فأراد أن يشتريه، ثم أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستأمره فقال: «لا تعد في صدقتك». فبذلك كان ابن عمر - رضي الله عنهما - لا يترك أن يبتاع شيئًا تصدق به إلا جعله صدقه» (¬2). ¬

(¬1) * وسألت الشيخ: عن إلباس لذكور الثياب الطويلة المسبلة، فقال: لا، إلى الكعب، ومثل ذلك إلباسهم الحرير والذهب 0 فقال: لا. * يجوز إخراج الزكاة من غيرها في الثمار، كما لو أدى زكاة الدين من غير الدين. سألت الشيخ: عن بيع ما بدا صلاحه وبقي كثير لم يبدو؟ قال: الأولى بيع ما بدا صلاحه، ثم إذا بدا صلاح الآخر باعه، وقال بعض الفقهاء: يجوز؛ لأن حكمه واحد، والأولى ما تقدم 0 ثم ذكر أنواع التمور كنبوت السيف وغيره، وكل نوع يعتبر بدو صلاحه على حاله مستقل. (¬2) لا يشتريه ولا يرجع فيه؛ لأن المعطي قد يتساهل معه، وقد يبيعه بأرخص، لكن إذا أشتراه أحد غيره نعم، فيشتري صدقة غيره من المسكين، ولو انتقلت إلى غير الفقير بملك أو شراء هل له الشراء؟ الأحوط: الترك ولو اشترى .. لو أشتراها جاهلًا .. الظاهر الرد.

60 - باب ما يذكر في الصدقة للنبي - صلى الله عليه وسلم -

قال الحافظ: ... ويلتحق بالصدقة الكفارة والنذر وغيرهما من القربات. وأما إذا ورثه فلا كراهة. وأبعد من قال يتصدق به (¬1). قال الحافظ: ... وكأنه فهم أن النهي عن شراء الصدقة إنما هو لمن أراد أن يتملكها لا لمن يردها صدقها (¬2). 60 - باب ما يُذكر في الصدقة للنبي - صلى الله عليه وسلم - 1491 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: أخذ الحسن بن علي - رضي الله عنهما - تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كخ، كخ، ليطرحها. ثم قال: أما شعرت أنا لا نأكل الصدقة»؟ (¬3) 61 - باب الصَّدَقَةِ عَلَى مَوَالِى أَزْوَاجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 1492 - عَنِ ابْنِ عَبِّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ: «وَجَدَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - شَاةً مَيِّتَةً ¬

(¬1) ومما يرده: وجب أجرك، وردها عليك الميراث. (¬2) هذا ظاهر النص، لكن المثبت عن ابن عمر خلاف هذا، لا يشتري ولو في نيته الصدقة، لا الأكل، وهذا من اجتهاد ابن عمر، وله اجتهادات - رضي الله عنه - يخالف فيها؛ فالواجب إتباع السنة والمنع مطلقًا. (¬3) فيه تحريم الصدقة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وآل بيته، وفيه تعليم الصبي وتأديبه، والحسن ولد في السنة الثالثة من الهجرة. * إذا اضطر أهل البيت أخذوا من الزكاة، فالضرورة لها أحكامها، وقال أبو العباس: إن مُنعوا من الفيء أخذوا من الزكاة، وليس عليه دليل، لكن إن اضطروا أعطوا.

63 - باب أخذ الصدقة من الأغنياء وترد فى الفقراء حيث كانوا

أُعْطِيَتْهَا مَوْلاَةٌ لِمَيْمُونَةَ مِنَ الصَّدَقَةِ، قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - هَلاَّ انْتَفَعْتُمْ بِجِلْدِهَا؟ (¬1) قَالُوا: إِنَّهَا مَيْتَةٌ. قَالَ: «إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا». 63 - باب أَخْذِ الصَّدَقَةِ مِنَ الأَغْنِيَاءِ وَتُرَدَّ فِى الْفُقَرَاءِ (¬2) حَيْثُ كَانُوا 1496 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ: «إِنَّكَ سَتَأْتِى قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ، فَإِذَا جِئْتَهُمْ فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ ¬

(¬1) فأباح لها الجلد، والجلد من الزكاة وأباح لها أخذه، فدل على حل أخذ الزكاة لأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -. * قال شيخنا: الصدقة على الأزواج جائزة ولا تحرم كحلها لمواليهم وموالي القوم منهم. * القول باستعمال جلود السباع قول قوي، والترك أحوط. قلت: من منع وقال لا يطهر إلا جلد مأكول اللحم احتج بحديث ميمونة، وبما جاء في بعض ألفاظ حديثسلمة بن المحبق "ذكاة الأديم دباغه"، وبحديث عائشة عند النسائي (7/ 174) بلفظ: "ذكاة الميتة دباغها" وروي موقوفًا، انظر البيهقي (1/ 25). وبأحاديث النهي عن افتراش جلود السباع، وقد صحّ بعضها، كحديث المقدام، وأبي هريرة. * قال شيخنا: أزواج النبي من الآل في الترضي والترحم، أما في الصدقة لا، بل تحل لهم. قلت: ابن القيم له بحث نفيس في (جلاء الأفهام) فليراجع. * موالي بني هاشم لا تحل لهم الصدقة، وموالي غيرهم يجوز. (¬2) أغنياء البلد أو أغنياء المسلمين؟ شامل لهما ولكن فقراء البلد أولى. زكاة الفطر آكد في البلد لكن لو نقلت جاز للفقراء.

64 - باب صلاة الإمام ودعائه لصاحب الصدقة

بِذَلِكَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِى كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً (¬1) تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ». 64 - باب صَلاَةِ الإِمَامِ وَدُعَائِهِ لِصَاحِبِ الصَّدَقَةِ وَقَوْلِهِ: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة: 103]. 1497 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَتَاهُ قَوْمٌ بِصَدَقَتِهِمْ قَالَ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ فُلاَنٍ. فَأَتَاهُ أَبِي بِصَدَقَتِهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ صَلِّ (¬2) عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى». ¬

(¬1) فيه: الترتيب في الدعوة بالتوحيد أولًا، والإخلاص. (¬2) اللهم صل عليهم، اللهم اغفر لهم، اللهم ارحمهم، وفيه جواز الصلاة على غير الأنبياء مل لم يتخذ شعارًا. قلت: وانظر المسألة آخر (جلاء الأفهام). * المال المستخرج من البحر لا زكاة فيه، حتى يحول عليه الحول، وكذلك معادن البر لا زكاة فيه. * الركاز: شيء مجهول، أما هذه المعادن فقد جاءت بتعب وعمل، فهذه إذا حال عليها الحول إذا أراد بها التجارة أو كانت ذهبًا أو فضة ففيها الزكاة.

65 - باب ما يستخرج من البحر

65 - باب مَا يُسْتَخْرَجُ مِنَ الْبَحْرِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: لَيْسَ الْعَنْبَرُ بِرِكَازٍ، هُوَ شَىْءٌ دَسَرَهُ الْبَحْرُ وَقَالَ الْحَسَنُ: فِي الْعَنْبَرِ وَاللُّؤْلُؤِ الْخُمُسُ (¬1)، فَإِنَّمَا جَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الرِّكَازِ الْخُمُسَ، لَيْسَ فِى الَّذِى يُصَابُ (¬2) فِي الْمَاءِ. 1498 - وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّ رَجُلاً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ سَأَلَ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِأَنْ يُسْلِفَهُ أَلْفَ دِينَارٍ، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ، فَخَرَجَ فِي الْبَحْرِ فَلَمْ يَجِدْ مَرْكَبًا، فَأَخَذَ خَشَبَةً فَنَقَرَهَا فَأَدْخَلَ فِيهَا أَلْفَ دِينَارٍ فَرَمَى بِهَا فِي الْبَحْرِ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ أَسْلَفَهُ فَإِذَا بِالْخَشَبَةِ، فَأَخَذَهَا لأَهْلِهِ حَطَبًا -فَذَكَرَ الْحَدِيثَ- فَلَمَّا نَشَرَهَا وَجَدَ الْمَالَ» (¬3). ¬

(¬1) قول ضعيف. (¬2) رد من المؤلف على الحسن. * مسألة مفيدة: هل يصنع أحد مثل ما صنع هذا الرجل؟ لا هذا إضاعة للمال وهذا فيمن كان قبلنا في شرعهم، والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن إضاعة المال. (¬3) الشاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكرها، ولم يذكر أنه يخرج منها شيء. * وليس ما يخرج من البحر ركاز. * معادن البحر ليست لقطة، وليست ركاز. * الركاز من دفن الجاهلية، مال مجهول، إن وجد في خربة إن كان عليه علامة المسلمين فهو لقطة، أما المعادن فمال لواجده إن أراد به التجارة ففيه الزكاة، وإن استعمله فلا، وقال بعضهم: يزكيه إذا وجده، وحكاه عن الأكثر، والأظهر عدم الزكاة.

66 - باب في الركاز الخمس

66 - باب فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ وَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ إِدْرِيسَ: الرِّكَازُ دِفْنُ الْجَاهِلِيَّةِ، فِي قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ الْخُمُسُ. وَلَيْسَ الْمَعْدِنُ بِرِكَازٍ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَعْدِنِ جُبَارٌ، وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ. وَأَخَذَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنَ الْمَعَادِنِ مِنْ كُلِّ مِائَتَيْنِ خَمْسَةً. وَقَالَ الْحَسَنُ: مَا كَانَ مِنْ رِكَازٍ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ فَفِيهِ الْخُمُسُ، وَمَا كَانَ مِنْ أَرْضِ السِّلْمِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ، وَإِنْ وَجَدْتَ اللُّقَطَةَ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ فَعَرِّفْهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِنَ الْعَدُوِّ فَفِيهَا الْخُمُسُ (¬1). وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ الْمَعْدِنُ رِكَازٌ مِثْلُ دِفْنِ الْجَاهِلِيَّةِ، لأَنَّهُ يُقَالُ: أَرْكَزَ الْمَعْدِنُ إِذَا خَرَجَ مِنْهُ شَىْءٌ. قِيلَ لَهُ: قَدْ يُقَالُ لِمَنْ وُهِبَ لَهُ شَىْءٌ أَوْ رَبِحَ رِبْحًا كَثِيرًا أَوْ كَثُرَ ثَمَرُهُ أَرْكَزْتَ. ثُمَّ نَاقَضَ وَقَالَ: لاَ بَأْسَ أَنْ يَكْتُمَهُ فَلاَ يُؤَدِّيَ الْخُمُسَ (¬2). 1499 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ، وَالْبِئْرُ جُبَارٌ، وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ (¬3)، وَفِى الرِّكَازِ الْخُمُسُ». 67 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} وَمُحَاسَبَةِ الْمُصَدِّقِينَ مَعَ الإِمَامِ 1500 - عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رضى الله عنه قَالَ: اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ ¬

(¬1) يعني من الغنائم. (¬2) مقصود البخاري رحمه الله الرد على من قال هذا. (¬3) جبار: هدر. إلا أن تعدى صاحب البئر في طريق الناس أو الدابة ترمح وجعلها بين الناس فيضمنان.

68 - باب استعمال إبل الصدقة وألبانها لأبناء السبيل

صلى الله عليه وسلم رَجُلاً مِنَ الأَسْدِ عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ يُدْعَى ابْنَ اللُّتْبِيَّةِ فَلَمَّا جَاءَ حَاسَبَهُ (¬1). 68 - باب اسْتِعْمَالِ إِبِلِ الصَّدَقَةِ وَأَلْبَانِهَا لأَبْنَاءِ السَّبِيلِ 1501 - عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه «إنَّ نَاسًا مِنْ عُرَيْنَةَ اجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ، فَرَخَّصَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْتُوا إِبِلَ الصَّدَقَةِ فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا. فَقَتَلُوا الرَّاعِيَ وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ. فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأُتِيَ بِهِمْ فَقَطَّعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ وَتَرَكَهُمْ بِالْحَرَّةِ يَعَضُّونَ الْحِجَارَةَ» (¬2). 69 - باب وَسْمِ الإِمَامِ إِبِلَ الصَّدَقَةِ بِيَدِهِ 1502 - عن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضى الله عنه قَالَ: «غَدَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ لِيُحَنِّكَهُ، فَوَافَيْتُهُ فِي يَدِهِ الْمِيسَمُ (¬3) يَسِمُ إِبِلَ الصَّدَقَةِ». ¬

(¬1) حاسبه، وأنكر عليه. * وسألت الشيخ: عمن يُهدى إليه قبل ولايته؟ هل يقبل الهدية بعد ولايته؟ نعم، ما لم يجد لها أسباب. * العاملون: إن كان لهم رواتب لا يأخذون، إلا بإذن الإمام، فرواتبهم تكفيهم. (¬2) عوملوا معاملة قطاع الطريق؛ لأنهم قتلوا الرعاة، وأخذوا الإبل. وقال شيخنا: وسمروا عين الراعي، فسمر أعينهم قصاصًا. * فيه شرعية الوسم، وتواضعه صلى الله عليه وسلم. (¬3) مستثنى من التعذيب بالنار؛ لأنه يسير للحاجة.

70 - باب فرض صدقة الفطر

70 - باب فَرْضِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ 1503 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّي قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاَةِ» (¬1). 73 - باب صَدَقَةِ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ 1506 - عن أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ رضي الله عنه يَقُولُ: «كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ» (¬2). ¬

(¬1) إن أخرها بعد الصلاة أثم، وقضى. * لا تجزئ النقود في زكاة الفطر، خلافًا للأصناف الأخرى. * هذا صريح في أنها فرض، فهي زكاة البدن، فيؤدي عن نفسه وولده وزوجه ورقيقه إن كانوا مسلمين، أما الحمل فمستحب فقط، فعله عثمان رضي الله عنه. قلت: أثر عثمان أخرجه ابن أبي شيبة بسند منقطع، وتناقض ابن حزم في زكاة الجنين، فأوجبها مرة، وقيدها بإكمال الجنين في بطن أمه 120 يومًا، وأسقطها عنه أخرى. انظر المحلى (6/ 118 مسألة 704 ومسألة 718 من الجزء نفسه) وقد نقل ابن المنذر الإجماع على أنه لا زكاة على الجنين. اه-وانفرد أحمد بالقول بالاستحباب. (¬2) هذا يدل على أنه يُخرج مما يتقوته الناس، ولأنه مواساة، فلو كان كثيرًا يتقوتونه أو قليلًا. ولو كان يتقوته البعض دون الآخرين؟ جاز، فاليوم لا يتقوتون التمر، ومع ذلك يجوز إخراجه بالإجماع.

75 - باب صاع من زبيب

75 - باب صَاعٍ مِنْ زَبِيبٍ 1508 - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: «كُنَّا نُعْطِيهَا فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ فَلَمَّا جَاءَ مُعَاوِيَةُ وَجَاءَتِ السَّمْرَاءُ قَالَ: أُرَى مُدًّا مِنْ هَذَا يَعْدِلُ مُدَّيْنِ» (¬1). 77 - باب صَدَقَةِ الْفِطْرِ عَلَى الْحُرِّ وَالْمَمْلُوكِ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ فِي الْمَمْلُوكِينَ لِلتِّجَارَةِ: يُزَكَّى فِى التِّجَارَةِ، وَيُزَكَّى فِى الْفِطْرِ (¬2). 1511 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: «فَرَضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَدَقَةَ الْفِطْرِ -أَوْ قَالَ: رَمَضَانَ- عَلَى الذَّكَرِ وَالأُنْثَى وَالْحُرِّ وَالْمَمْلُوكِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، فَعَدَلَ النَّاسُ بِهِ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ. فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضى الله عنهما يُعْطِى التَّمْرَ، فَأَعْوَزَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنَ التَّمْرِ فَأَعْطَى شَعِيرًا، فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُعْطِي عَنِ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ حَتَّى إِنْ كَانَ يُعْطى عَنْ بَنِيَّ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضى الله عنهما يُعْطِيهَا الَّذِينَ يَقْبَلُونَهَا. وَكَانُوا يُعْطُونَ قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ» (¬3). ¬

(¬1) فعله معاوية اجتهادًا منه، والصواب صاع من الجميع. (¬2) الرقيق الذي للتجارة يزكي زكاتين؛ للفطر؛ وللتجارة؛ لأن الأدلة تدل على ذلك، مثل ما قال الزهري. (¬3) من أخر عن الصلاة قضى وأثم بالتأخر.

78 - باب صدقة الفطر على الصغير والكبير

78 - باب صَدَقَةِ الْفِطْرِ عَلَى الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ (¬1) 1512 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَدَقَةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ عَلَى الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَالْحُرِّ وَالْمَمْلُوكِ». ¬

(¬1) كرر رحمه الله حتى تستقر في الذهن.

26 - كتاب العمرة

26 - كتاب العمرة 1 - باب العمرة وُجُوبِ الْعُمْرَةِ وَفَضْلِهَا وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: لَيْسَ أَحَدٌ إِلاَّ وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: إِنَّهَا لَقَرِينَتُهَا فِى كِتَابِ اللَّهِ {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196]. 1773 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلاَّ الْجَنَّةُ». قال الحافظ: . . . وجزم المصنف بوجوب العمرة، وهو متابع في ذلك للمشهور عن الشافعي وأحمد وغيرهما من أهل الأثر (¬1). ¬

(¬1) مراد المؤلف بيان وجوب العمرة، وأنها كالحج، وهذا هو الصواب الذي دلت عليه الأدلة، وهذا معنى كلام ابن عمر وابن عباس، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولما لم يكن صح على شرط المؤلف اكتفى بقول ابن عمر وابن عباس. * وذكر شيخنا حديث عائشة: "عليكن جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة" وذكر حديث جبرائيل: "وتحج البيت وتعتمر وتغتسل من الجنابة" رواه ابن خزيمة والدارقطني بسند صحيح، وكذا: "حج عن أبيك واعتمر" حديث أبي رزين العقيلي. * الحج واجب على الجميع، فكذلك العمرة على الجميع، ومنهم أهل مكة. (قاله بعد سؤال أحدهم: هل أهل مكة عليهم عمرة؟ ).

2 - باب من اعتمر قبل الحج

2 - باب مَنِ اعْتَمَرَ قَبْلَ الْحَجِّ 1774 - عن ابْنُ جرير «إنَّ عِكْرِمَةَ بْنَ خَالِدٍ سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنِ الْعُمْرَةِ قَبْلَ الْحَجِّ فَقَالَ: لاَ بَأْسَ. قَالَ عِكْرِمَةُ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ» (¬1). 3 - باب كَمِ اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم؟ 1777 - عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: «سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: مَا اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَجَبٍ» (¬2). ¬

(¬1) والمعنى: له أن يعتمر قبل أن يحج، وقد اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم، واعتمر الصحابة قبل أن يحجوا. (¬2) عائشة وأنس وجماعة لم يعلموا أنه اعتمر في رجب، وابن عمر مثبت للعمرة، والقاعدة أن المثبت مقدم على النافي، وابن عمر حافظ وثقة وإمام، ولكن يجوز عليه النسيان عليه وعلى غيره، والأصل قبول خبر الثقة، وكون عائشة وأنس لم يحفظوا هذا لم يمنع من صحة ما قاله ابن عمر، وقد يقال إن هذا لا يخفى على الصحابة، ولكن هذا يرد على أشياء كثيرة وكان ابن عمر وجماعة من السلف يعتمرون في رجب؛ لحديث ابن عمر. تكون خامسة؟ نعم تكون خامسة، أربع مع هذه، والرابعة لم تتم، عمرة الحديبية، وقد يقال الرابعة مع حجته [لم تحسب]، وابن عمر أسقط واحدة، وحسب عمرة رجب بدلها.

1781 - قَالَ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رضي الله عنهما: «اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذِي الْقَعْدَةِ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ مَرَّتَيْنِ» (¬1). قال الحافظ: . . . (فقال بدعة) تقدم الكلام على ذلك والبحث فيه في أبواب التطوع (¬2). قال الحافظ: . . . وإنما سميت عمرة القضية والقضاء لأن النبي صلى الله عليه وسلم قاضى قريشا فيها لا أنها وقعت قضاء عن العمرة التي صد عنها (¬3). قال الحافظ: . . . سكوت ابن عمر على إنكار عائشة يدل على أنه كان اشتبه عليه أو نسي أو شك (¬4). ¬

(¬1) عمرة الجعرانة، وعمرة القضاء، وأسقط عمرته التي صد عنها، وعمرته التي مع الحج. قلت: وعائشة صح اعتمارها في رجب، كما تقدم عند البيهقي، فهل رجعت إلى قول ابن عمر؟ أم وقعت عمرتها اتفاقا! ؟ الأقرب الثاني. (¬2) رأى أنها في البيت، وتسميتها بدعة محل نظر؛ لأنه صلى الله عليه وسلم صلاها في غير البيت، فلعله خفي على ابن عمر. (¬3) والقاعدة الشرعية: أن من هم بعمل إرادة كتب له مثل من عمله "إذا مرض العبد". "إن بالمدينة أقوامًا" فالمعذور كالفاعل في الأجر. (¬4) سكوت ابن عمر ما يلزم منه الرجوع. قلت: كأن شيخنا لا يرى المنع منها وتحريها.

5 - باب العمرة ليلة الحصبة وغيرها

قال الحافظ: . . . (فصل) لم يعتبر النبي صلى الله عليه وسلم إلا في أشهر الحج كما تقدم، وقد ثبت فضل العمرة في رمضان بحديث الباب، فأيهما أفضل؟ (¬1). قال الحافظ: . . . وقال صاحب (¬2) "الهدى": يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم كان يشتغل في رمضان من العبادة بما هو أهم من العمرة، وخشي من المشقة على أمته إذ لو اعتمر في رمضان لبادروا إلى ذلك مع ما هم عليه من المشقة في الجمع بين العمرة والصوم، وقد كان يترك العمل وهو يحب أن يعمله خشية أن يفرض على أمته وخوفا من المشقة عليهم (¬3). 5 - باب الْعُمْرَةِ لَيْلَةَ الْحَصْبَةِ وَغَيْرِهَا 1783 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُوَافِينَ لِهِلاَلِ ذِي الْحَجَّةِ، فَقَالَ لَنَا: مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُهِلَّ بِالْحَجِّ فَلْيُهِلَّ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهِلَّ بِعُمْرَةٍ، فَلَوْلاَ أَنِّي أَهْدَيْتُ لأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ. قَالَتْ: فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ، وَكُنْتُ مِمَّنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، فَأَظَلَّنِي يَوْمُ عَرَفَةَ وَأَنَا حَائِضٌ، فَشَكَوْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: ارْفُضِي عُمْرَتَكِ (¬4)، ¬

(¬1) سألت شيخنا عن هذا في 10/ 10/1409 هـ-فقال: في رمضان أفضل؛ لأن قوله فصل الأمر، وأما عمرته في أشهر الحج؛ لاشتغاله بأمور أخرى. (¬2) يعني ابن القيم. (¬3) ولم يتعقبه شيخنا بشيء. (¬4) يعني أعمال العمرة، وإلا فهي قارنة، وهذا إشارة من البخاري إلى أنها غير مكروهة، أي العمرة بعد الحج.

6 - باب عمرة التنعيم

وَانْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي، وَأَهِلِّى بِالْحَجِّ. فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ أَرْسَلَ مَعِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ إِلَى التَّنْعِيمِ، فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ مَكَانَ عُمْرَتِي». 6 - باب عُمْرَةِ التَّنْعِيمِ (¬1) 1784 - عَنْ عَمْرٍو بْنَ أَوْسٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِى بَكْرٍ رضي الله عنهما أَخْبَرَهُ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُ أَنْ يُرْدِفَ عَائِشَةَ وَيُعْمِرَهَا مِنَ التَّنْعِيمِ». قال الحافظ: . . . قال صاحب "الهدي": لم ينقل أنه صلى الله عليه وسلم اعتمر مدة إقامته بمكة قبل الهجرة، ولا اعتمر بعد الهجرة إلا داخلا إلى مكة، ولم يعتمر قط خارجا من مكة إلى الحل ثم يدخل مكة بعمرة كما يفعل الناس اليوم (¬2)، ولا ثبت عن أحد من الصحابة أنه فعل ذلك في حياته إلا عائشة وحدها انتهى. 7 - باب الاِعْتِمَارِ بَعْدَ الْحَجِّ بِغَيْرِ هَدْيٍ 1786 - عن عَائِشَةُ رضي الله عنها قَالَتْ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُوَافِينَ لِهِلاَلِ ذِي الْحَجَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهِلَّ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُهِلَّ بِحَجَّةِ فَلْيُهِلَّ، وَلَوْلاَ أَنِّي أَهْدَيْتُ لأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ. فَمِنْهُمْ مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنْهُمْ مِنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ، وَكُنْتُ مِمَّنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، فَحِضْتُ قَبْلَ أَنْ أَدْخُلَ مَكَّةَ، فَأَدْرَكَنِي يَوْمُ عَرَفَةَ وَأَنَا حَائِضٌ، فَشَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: دَعِي عُمْرَتَكِ، وَانْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي، ¬

(¬1) لأنه من الحل، وسواء كان ذلك الجعرانة، أو غيره، المقصود الخروج من الحرم. (¬2) قلت: ذكر الخلاف في تكرار العمرة.

8 - باب أجر العمرة على قدر النصب

وَأَهِلِّى بِالْحَجِّ، فَفَعَلْتُ. فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ أَرْسَلَ مَعِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ إِلَى التَّنْعِيمِ، فَأَرْدَفَهَا، فَأَهَلَّتْ بِعُمْرَةٍ مَكَانَ عُمْرَتِهَا، فَقَضَى اللَّهُ حَجَّهَا وَعُمْرَتَهَا، وَلَمْ يَكُنْ فِي شَىْءٍ مِنْ ذَلِكَ هَدْيٌ وَلاَ صَدَقَةٌ وَلاَ صَوْمٌ» (¬1). 8 - باب أَجْرِ الْعُمْرَةِ عَلَى قَدْرِ النَّصَبِ 1787 - قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَصْدُرُ النَّاسُ بِنُسُكَيْنِ وَأَصْدُرُ بِنُسُكٍ؟ فَقِيلَ لَهَا: «انْتَظِرِي، فَإِذَا طَهُرْتِ فَاخْرُجِي إِلَى التَّنْعِيمِ فَأَهِلِّي، ثُمَّ ائْتِينَا بِمَكَانِ كَذَا، وَلَكِنَّهَا عَلَى قَدْرِ نَفَقَتِكِ، أَوْ نَصَبِكِ» (¬2). قال الحافظ: . . . قال النووي: ظاهر الحديث أن الثواب والفضل في العبادة يكثر بكثرة النصب والنفقة، وهو كما قال، لكن ليس ذلك بمطرد (¬3): فقد يكون بعض العبادة أخف من بعض وهو أكثر فضلا. . . ¬

(¬1) مراد المؤلف بيان أن العمرة بعد الحج لا يهدي فيها، وإنما الهدي بالحج، والله عز وجل قدر حيض عائشة، وولادة أسماء؛ ليستفيد الناس أحكامًا. * وفيه جواز العمرة المكية. * جواز إرداف المرأة مع محرمها. (¬2) كل ما يحصل للإنسان من تعب ونفقة فأجره على قدر ذلك، وكذا لو أتى من مكان بعيد من خراسان. . أجره على قدر تعبه. (¬3) قلت: ليس بجيد هذا التعقب، فهو لم يقل إن أجر العبادة التي فيها مشقة أكثر أفضل من أجر العبادة التي دون ذلك مطلقًا، وأما لو كانت =

9 - باب المعتمر إذا طاف طواف العمرة ثم خرج هل يجزئه من طواف الوداع؟

9 - باب الْمُعْتَمِرِ إِذَا طَافَ طَوَافَ الْعُمْرَةِ ثُمَّ خَرَجَ هَلْ يُجْزِئُهُ مِنْ طَوَافِ الْوَدَاعِ؟ 1788 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «خَرَجْنَا مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَحُرُمِ الْحَجِّ، فَنَزَلْنَا بسرف، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لأَصْحَابِهِ: مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَأَحَبَّ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلاَ. وَكَانَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِهِ ذَوِي قُوَّةٍ الْهَدْيُ فَلَمْ تَكُنْ لَهُمْ عُمْرَةً (¬1). فَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَبْكِي، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكِ؟ قُلْتُ: سَمِعْتُكَ تَقُولُ لأَصْحَابِكَ مَا قُلْتَ، فَمُنِعْتُ الْعُمْرَةَ. قَالَ: وَمَا شَأْنُكِ؟ قُلْتُ: لاَ أُصَلِّى. قَالَ، فَلاَ يَضُرَّكِ، أَنْتِ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ، كُتِبَ عَلَيْكِ مَا كُتِبَ عَلَيْهِنَّ، فَكُونِي فِي حَجَّتِكِ، عَسَى اللَّهُ أَنْ يَرْزُقَكِهَا، قَالَتْ: فَكُنْتُ حَتَّى نَفَرْنَا مِنْ مِنًى فَنَزَلْنَا الْمُحَصَّبَ، فَدَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَقَالَ: اخْرُجْ بِأُخْتِكَ من الْحَرَمَ فَلْتُهِلَّ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ افْرُغَا مِنْ طَوَافِكُمَا، أَنْتَظِرْكُمَا هَا هُنَا. فَأَتَيْنَا فِى جَوْفِ اللَّيْلِ، فَقَالَ: فَرَغْتُمَا؟ قُلْتُ: نَعَمْ. فَنَادَى بِالرَّحِيلِ فِى أَصْحَابِهِ، فَارْتَحَلَ النَّاسُ، وَمَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ قَبْلَ صَلاَةِ الصُّبْحِ، ثُمَّ خَرَجَ مُوَجِّهًا إِلَى الْمَدِينَةِ» (¬2). ¬

= زيادة الأجر لاعتبار آخر فنعم، كشرف الزمان، والمكان، فقد تكون أعظم مما أشق منها في غير محل الشرف مع إثبات الأجر على قدر المشقة فيما حصل فيه مشقة. (¬1) أي مفردة. (¬2) المعنى: ما أعادت طواف الوداع؛ لأنها حديثة عهد بطواف، وكذا من طاف الإفاضة ثم خرج كفاه طواف الإفاضة عن الوداع، والنبي عليه الصلاة والسلام طاف للوداع ثم صلى وارتحل.

10 - باب يفعل بالعمرة ما يفعل بالحج

10 - باب يَفْعَلُ بالْعُمْرَةِ مَا يَفْعَلُ بالْحَجِّ 1789 - عن صَفْوَانُ بْنُ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ يَعْنِي عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِالْجِعْرَانَةِ، وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ وَعَلَيْهِ أَثَرُ الْخَلُوقِ -أَوْ قَالَ صُفْرَةٍ- فَقَالَ: كَيْفَ تَأْمُرُنِى أَنْ أَصْنَعَ فِي عُمْرَتِي؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَسُتِرَ بِثَوْبٍ، وَوَدِدْتُ أَنِّي قَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ. فَقَالَ عُمَرُ: تَعَالَ، أَيَسُرُّكَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْوَحْىَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَرَفَعَ طَرَفَ الثَّوْبِ، فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ لَهُ غَطِيطٌ -وَأَحْسِبُهُ قَالَ: كَغَطِيطِ الْبَكْرِ- فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ (¬1) قَالَ: أَيْنَ السَّائِلُ عَنِ الْعُمْرَةِ؟ اخْلَعْ عَنْكَ الْجُبَّةَ، وَاغْسِلْ أَثَرَ الْخَلُوقِ عَنْكَ، وَأَنْقِ الصُّفْرَةَ، وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ كَمَا تَصْنَعُ فِي حَجِّكِ (¬2)». 1790 - عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم -وَأَنَا يَوْمَئِذٍ حَدِيثُ السِّنِّ- أَرَأَيْتِ قَوْلَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} فَلاَ أُرَى عَلَى أَحَدٍ شَيْئًا أَنْ لاَ يَطَّوَّفَ بِهِمَا. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: كَلاَّ، لَوْ كَانَتْ كَمَا تَقُولُ كَانَتْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لاَ يَطَّوَّفَ بِهِمَا، إِنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي الأَنْصَارِ، كَانُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ، وَكَانَتْ مَنَاةُ حَذْوَ قُدَيْدٍ، وَكَانُوا يَتَحَرَّجُونَ أَنْ يَطُوفُوا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلاَمُ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ¬

(¬1) في بعض الأحيان لا يصيبه شدة، كما أكل عرقًا مرة وأوحي إليه أن اخرجن، يعني لنسائه، ولم يسقط العرق من يده. انظر البخاري رقم 5237. (¬2) ولا يدخل في ذلك طواف الوداع؛ لأنه لا تعلق له بالعمرة بل هو عند الخروج.

11 - باب متى يحل المعتمر؟

ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} زَادَ سُفْيَانُ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامٍ: مَا أَتَمَّ اللَّهُ حَجَّ امْرِئٍ وَلاَ عُمْرَتَهُ لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ» (¬1). 11 - باب مَتَى يَحِلُّ الْمُعْتَمِرُ؟ وَقَالَ عَطَاءٌ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه: «أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً وَيَطُوفُوا، ثُمَّ يُقَصِّرُوا وَيَحِلُّوا». 1791 - عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: «اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاعْتَمَرْنَا مَعَهُ، فَلَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ طَافَ وَطُفْنَا مَعَهُ، وَأَتَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ وَأَتَيْنَاهَا مَعَهُ، وَكُنَّا نَسْتُرُهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ أَنْ يَرْمِيَهُ أَحَدٌ (¬2). فَقَالَ لَهُ صَاحِبٌ لِي: أَكَانَ دَخَلَ الْكَعْبَةَ؟ قَالَ: لاَ». 1792 - قَالَ فَحَدِّثْنَا مَا قَالَ لِخَدِيجَةَ، قَالَ: «بَشِّرُوا خَدِيجَةَ بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ (¬3)، لاَ صَخَبَ فِيهِ وَلاَ نَصَبَ». قال الحافظ: . . . وتقدم الكلام عن قوله "أدخل الكعبة" في "باب من لم يدخل الكعبة في أثناء الحج" وقوله "لا" في جواب "أدخل الكعبة" معناه أنه لم يدخلها في تلك العمرة (¬4). ¬

(¬1) لأن ذلك من أركان الحج والعمرة، فهو ركن من أركانهما على الصحيح. . وهذا رفع للحرج الذي ظنوه. (¬2) من باب الحيطة، وإلا قد أمن الناس، ثم استدرك الشيخ: الظاهر أنه في عمرة القضاء. (¬3) لؤلؤ. (¬4) مما يدل على أنها عمرة القضية، حيث لم يذكر الحج.

12 - باب ما يقول إذا رجع من الحج أو العمرة أو الغزو؟

12 - باب مَا يَقُولُ إِذَا رَجَعَ مِنَ الْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ أَوِ الْغَزْوِ؟ (¬1) 1797 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا قَفَلَ مِنْ غَزْوٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ يُكَبِّرُ (¬2) عَلَى كُلِّ شَرَفٍ (¬3) مِنَ الأَرْضِ ثَلاَثَ تَكْبِيرَاتٍ ثُمَّ يَقُولُ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ، آيِبُونَ، تَائِبُونَ، عَابِدُونَ، سَاجِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ. صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ (¬4)». 13 - باب اسْتِقْبَالِ الْحَاجِّ الْقَادِمِينَ، وَالثَّلاَثَةِ عَلَى الدَّابَّةِ (¬5) 1798 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ (¬6) اسْتَقْبَلَتْهُ أُغَيْلِمَةُ بَنِى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَحَمَلَ وَاحِدًا بَيْنَ يَدَيْهِ وَآخَرَ خَلْفَهُ». 14 - باب الْقُدُومِ بِالْغَدَاةِ 1799 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ يُصَلِّي فِي مَسْجِدِ الشَّجَرَةِ، وَإِذَا رَجَعَ صَلَّى بِذِي الْحُلَيْفَةِ بِبَطْنِ ¬

(¬1) وهكذا بقية الأسفار. (¬2) بصوت وسط، لا يرفع؛ ولهذا قال لهم: اربعوا على أنفسكم. (¬3) ربوة مرتفع. (¬4) في بعض الروايات: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. (¬5) لا بأس إذا كانت مطيقة، وفيه حسن خلقه وتواضعه. (¬6) وفي قدومه للمدينة في بعض أسفاره حمل الحسن وغيره.

15 - باب الدخول بالعشي

الْوَادِي وَبَاتَ حَتَّى يُصْبِحَ (¬1). 15 - باب الدُّخُولِ بِالْعَشِيِّ 1800 - عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لاَ يَطْرُقُ أَهْلَهُ، كَانَ لاَ يَدْخُلُ إِلاَّ غُدْوَةً أَوْ عَشِيَّةً» (¬2). 16 - باب لاَ يَطْرُقُ أَهْلَهُ إِذَا بَلَغَ الْمَدِينَةَ 1801 - عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: «نَهَى (¬3) النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَطْرُقَ أَهْلَهُ لَيْلاً» (¬4). 17 - باب مَنْ أَسْرَعَ نَاقَتَهُ إِذَا بَلَغَ الْمَدِينَةَ 1802 - عن أَنَس رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَأَبْصَرَ دَرَجَاتِ الْمَدِينَةِ أَوْضَعَ نَاقَتَهُ، وَإِنْ كَانَتْ دَابَّةً حَرَّكَهَا». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: زَادَ الْحَارِثُ بْنُ عُمَيْرٍ عَنْ حُمَيْدٍ «حَرَّكَهَا مِنْ حُبِّهَا». حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «جُدُرَاتٍ» (¬5). تَابَعَهُ الْحَارِثُ بْنُ عُمَيْرٍ. ¬

(¬1) على حسب التيسير، قد يقدم صلى الله عليه وسلم صباحًا، أو آخر النهار. . وفي بعض الروايات قدم آخر النهار، فقال: "أمهلوا حتى تمتشط الشعثة وتستحد المغيبة". (¬2) لا يطرقهم ليلًا، يخبرهم قبل يقول: إني قادم. (¬3) الأصل في النهي التحريم. (¬4) في لفظ آخر "إذا أطال الغيبة". (¬5) جدرات: أي حيطان، وهذا ينبغي حبًا لأهله وإخوانه.

18 - باب قول الله تعالى: {وأتوا البيوت من أبوابها} [البقرة: 189].

18 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} (¬1) [البقرة: 189]. 1803 - عَنْ الْبَرَاءَ رضي الله عنه قَالَ: «نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِينَا، كَانَتِ الأَنْصَارُ إِذَا حَجُّوا فَجَاءُوا لَمْ يَدْخُلُوا مِنْ قِبَلِ أَبْوَابِ بُيُوتِهِمْ، وَلَكِنْ مِنْ ظُهُورِهَا، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَدَخَلَ مِنْ قِبَلِ بَابِهِ، فَكَأَنَّهُ عُيِّرَ بِذَلِكَ، فَنَزَلَتْ {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا}». 19 - باب السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ 1804 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ (¬2): يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَنَوْمَهُ. فَإِذَا قَضَى نَهْمَتَهُ فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ» (¬3). 20 - باب الْمُسَافِرِ إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ يُعَجِّلُ إِلَى أَهْلِهِ 1805 - عَنْ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما بِطَرِيقِ مَكَّةَ، فَبَلَغَهُ عَنْ صَفِيَّةَ (¬4) بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ شِدَّةُ وَجَعٍ، فَأَسْرَعَ ¬

(¬1) وهذا هو المشروع، خلافًا للجاهلية ما هو (بينقز من الحوش). (¬2) يعني يؤذي، مثل حديث: "يعذب في قبره بما نيح عليه" يعني يتألم. (¬3) هذا من الآداب الشرعية، لا يطيل، والسفر قطعة من العذاب في الغالب يمنع الإنسان من الراحة ومن أهله. (¬4) زوجته لما بلغه عنها أنها مريضة أسرع رضي الله عنه؛ ليدركها قبل أن ينزل بها الموت، والمسافر يجمع تقديمًا أو تأخيرًا حسب الأرفق.

السَّيْرَ، حَتَّى كَانَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّفَقِ نَزَلَ، فَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعَتَمَةَ، جَمَعَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ قَالَ إِنِّى رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ، وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا».

تمت قراءة هذا الجزء في يوم الإثنين 5/ 7 /1412 هـ-وقد بدأنا قراءته في 30/ 5 / 1411 هـ-فاستغرقنا بقراءته سنة كاملة وشهر وخمسة أيام والله الهادي

الحلل الإبريزية من التعليقات البازية على صحيح البخاري بقلم أبي محمد عبد الله بن مانع الروقي الجزء الثاني

بسم الله الرحمن الرحيم

الحلل الإبريزية من التعليقات البازية على صحيح البخاري (2)

25 - كتاب الحج

25 - كتاب الحج 1 - باب وجوب الحج وفضله وقول الله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 97]. 1513 - عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال: «كان الفضل رديف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجاءت امرأة من خثعم، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، وجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يصرف وجه الفضل إلى الشَّق الآخر، فقالت: يا رسول الله إن فريضة (¬1) الله على عباده في الحجَّ أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يثُبت على الراحلة، أفأحجُّ عنه؟ قال: نعم. وذلك في حجة الوداع». 2 - باب قول الله تعالى: {يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} [الحج: 28]. فجاجًا: الطرُق السريعة 1514 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يركب راحلته بذي الحليفة ثم يُهلُّ حتى تستوي به قائمة» (¬2). ¬

(¬1) هذا هو الشاهد وإذا عجز الكبير حج عنه. (¬2) يهل بعد الركوب حينما تستوي به الراحلة، وقبل ذلك في الأرض يتأهب يتطيب.

3 - باب الحج على الرحل

3 - باب الحجَّ على الرَّحل (¬1) 1516 - وقال أبان حدثنا مالك (¬2) بن دينار عن القاسم بن محمد عن عائشة - رضي الله عنها - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث معها أخاها عبد الرحمن فأعمرها من التنعيم، وحملَها على قَتب». 1517 - عن عبد الله بن أنس قال: حجَّ أنس على رحل، ولم يكن شحيحًا، وحدَّث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجَّ على رحل وكانت زاملته» (¬3). 4 - باب فضل الحجَّ المبرور 1520 - عن عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - قالت: يا رسول الله، نرى الجهاد أفضل العمل، أفلا نُجاهد؟ قال: لا، ولكن أفضل الجهاد حج مبرور» (¬4). ¬

(¬1) يعني عدم التكلف في الركوب، بل المقصود أداء هذه الشعيرة العظيمة. * حديث: أنه أوجب في الأرض، وأوجب بعدما ركب، وأوجب في البيداء، ضعيف، والمحفوظ إهلاله بعدما ركب. (¬2) صدوق روى له الأربعة وعلّق له البخاري، كما هنا. (¬3) يعني ما فيه تكليف، حج على بعير معه زهابه. * الحج راكبًا أفضل فعله - صلى الله عليه وسلم -، وهو سيد الزهاد؛ ولأنه أريح. قلت ففيه رد على من يمشي بين المشاعر ويقول أفضل. وأما ما رواه ابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن عباس من تمنيه الحج ماشيًا فن اجتهاده. * قصة عائشة ليست خاصة بها، ولهذا اعتمر هو - صلى الله عليه وسلم - من الجعرانة. * يجوز تجاوز الميقات بدون إحرام، ثم العودة إلى الميقات للحاجة، كالزواج في جدة، يتزوج ثم يعود للميقات. (¬4) وفي رواية: عليكن جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة [رواه أحمد والنسائي].

8 - باب ميقات أهل المدينة، ولا يهلوا قبل ذي الحليفة

1521 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من حجَّ لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه» (¬1). 8 - باب ميقات أهل المدينة، ولا يُهلُّوا (¬2) قبل ذي الحُليفة 1525 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يُهلُّ (¬3) أهل المدينة من ذي الحليفة، وأهل الشام من الجُحفة، وأهل نجد من قرن». قال عبد الله «وبلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ويهُلُّ أهل اليمن من يلمْلم». ¬

(¬1) لأنه في هذه الحالة حج تائبًا نادمًا، فاستحق هذه المغفرة، فحجه كفارة لجميع الذنوب والسيئات. * لو حج عن ميت بهذه الصفة رُجي له هذا الوعد العظيم. * من نوى عند المرور بالميقات لزمه الإحرام. (قاله: جوابًا لمن أراد جدة، ومكث بها شهرًا، وأراد العمرة بعد شهر؟ ) * ينبغي ألا يحج بغير زاد، فإن وجد وإلا ترك. * وسألت الشيخ: عمن تبرع بنفقة الحج، هل يلزم الفقير الأخذ والحج؟ قالت: لا. لا يلزم القبول، والحج قد يكون عليه مِنّة وغضاضة، وروجع فيها فقال: الظاهر لا يلزمه. (¬2) لما فيه من المشقة، ومخالفة السنة، فلا ينبغي، لكن إن فعل لزمه. (¬3) خير بمعنى الأمر، أي أهلوا.

13 - باب ذات عرق لأهل العراق

13 - باب ذات عرق لأهل العراق 1531 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: «لما فُتح هذا المصران (¬1) أتَوا عمر فقالوا: يا أمير المؤمنين إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حدَّ لأهل نجد قرنًا وهو جَوْرُ عن طريقنا، وإنا إن أردنا قرنًا شقَّ علينا. قال: فانظروا حذوها من طريقكم. فحدَّ لهم ذات عرق (¬2). 15 - باب خروج النبي - صلى الله عليه وسلم - على طريق الشجرة 1533 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يخرُج من طريق الشجرة ويدخل من طريق المُعَرَّس، وإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كام خرج إلى مكة يُصلَّي في مسجد الشجرة، وإذا رجع صلَّى بذي الخليفة الوادي وبات حتى يُصبح» (¬3). 16 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «العقيق واد مبارك» (¬4) 1534 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال إنه سمع عمر - رضي الله عنه - يقول: «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - بوادي العقيق يقول: أتأني الليلة آت من ربَّي ¬

(¬1) الكوفة والبصرة، وبغداد تأخرت في عهد المنصور. (¬2) خفيت عليه السنة فوافقها، وقد ثبت من حديث عائشة وجابر وابن عباس ما جاء في حديث ابن عمر هذا من حدّ ذات عرق لأهل العراق. (¬3) فيه مخالفة الطريق في الحج والعمرة، كما في العيد، وهذا إذا تيسر، واختلف في الحكمة، فقيل: لشهادة البقاع، وقيل: لأجل السلامة، وقيل لقضاء حوائج الناس، وقيل: لإظهار شعائر الإسلام. (¬4) وادي العقيق هو وادي ذي الحليفة.

17 - باب غسل الخلوق ثلاث مرات من الثياب

فقال: صَلَّ (¬1) في هذا الوادي المبارك وقل: عُمرة في حجَّة». قال الحافظ: ... وفي الحديث فضل العقيق كفضل المدينة وفضل الصلاة فيه (¬2). 17 - باب غسل الخَلوق ثلاث مرات من الثياب 1536 - عن صفوان بن يعلى أخبره «أن يعلى قال لعمر - رضي الله عنه -: أرني النبي - صلى الله عليه وسلم - حين يوحى إليه. قال: فبينما النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجعرانة -ومعه نفر من أصحابه -جاءه رجل فقال: يا رسول الله، كيف ترى في رجل أحرم بعمرة وهو متُضَمَّخٌ بطيب؟ فسكت النبي - صلى الله عليه وسلم - ساعة، فجاءه الوحي، ¬

(¬1) محتمل الصلاة الفريضة، ويحتمل نافلة، فيكون حجه للجمهور، والمعروف أنه صلى الفريضة. * الذي يقصده - صلى الله عليه وسلم - يُصلي فيه كالمقام، ومقامه عند عتبان بن مال، وما لم يقصده فلا كما فعل عمر [يعني من نهيه عن الصلاة في المواضع التي نزل فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - اتفاقًا بدون قصد]. (¬2) قيل للشيخ: من زار المدينة يزور العقيق ويصلي فيه؟ قال: الله أعلم. * حديث الجبة منسوخ، وحديث عائشة دلّ على بقاء الطيب، أو حديث الجبة في النهي عن الصفرة، وأما حديث عائشة في المسك والعود وما أشبهه، وهذا أحسن؛ لأنه أولى [يعني في الجمع]. * الأقرب أن الناسي في الجماع معذور، وأما الجاهل فلا بأس أن يهريق دمًا والشيخ تقي الدين يرى عدم الفرق بين الناسي والجاهل. * التزعفر منهي عنه على الرجال؛ لأنه من طيب النساء.

18 - باب الطيب عند الإحرام، وما يلبس إذا أراد أن يحرم، ويترج ويدهن

فأشار عمر - رضي الله عنه - أن يعلى، فجاء يعلى -وعلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثوب قد أظل به -فأدخل رأسه، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محمرُّ الوجه وهو يِغطُّ، ثم سُرَّيَ عنه فقال: «أين الذي سأل عم العمرة؟ » فأتيَ برجل فقال: «اغسل الطيب الذي بك ثلاث مرات، وانزع عنك الجُبَّة، واصنع في عُمرتك كما تصنع في حجَّتك» قلت لعطاء: أراد الإنقاء حين أمره أن يغسل ثلاث مرات (¬1) قال: نعم. 18 - باب الطيب عند الإحرام، وما يلبس إذا أراد أن يحرم، ويترجَّ ويدَّهن وقال: ابن عباس - رضي الله عنهما -: يشمُّ المحرم الرَّيحان (¬2)، وينظرُ في المرآة، ويتداوى بما يأكل الزيت والسمن. وقال عطاء: يتختَّم ويلبس الهميان. وطاف ابن عمر - رضي الله عنهما - وهو محرم وقد حزم على بطنه بثوب (¬3). ولم تر عائشة بالتُّبان (¬4) بأسًا (¬5) للذين يرحلون هودجها. ¬

(¬1) إذا زال بمرة جاز، والثلاث للإنقاء. (¬2) الريحان لا يسمى طيب، وهو نبات. (¬3) هذا كله لا بأس. (¬4) الأقرب المنع لهيئة السراويل، واجتهادها خالف النص. (¬5) وظاهرة موافقة البخاري لعائشة في التبان. * صابون المسكة الأحوط عدم الفعل، ولا حرج من فعله. * الزعفران في القهوة تركه أحوط، نص عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يلبس المحرم ثوبًا مسَّه زعفران، فلا يضعه في أكله.

22 - باب الركوب والارتداف في الحج

22 - باب الركوب والارتداف في الحج 1543، 1544 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - «أن أسامة - رضي الله عنه - كان رِدف النبي - صلى الله عليه وسلم - من عرفة إلى المزدلفة، ثم أردف الفصل في المزدلفة إلى منى، قال فكلاهما قال: لم يزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يُلبَّ (¬1) حتى رمى جمرة العقبة». 23 - باب ما يلبس المحرم من الثياب والأردية والأزُر 1545 - عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال: «انطلق النبي - صلى الله عليه وسلم - من المدينة بعدما ترجَّل وادَّهن ولبس إزاره ورداءه هو وأصحابه، فلم ينه عن شيء من الأردية والأزُر تُلبس إلا المزعفرة التي تردع على الجلد، فأصبح بذي الحليفة، ركب راحلته حتى استوي على البيداء أهلَّ هو وأصحابه، وقلَّد بدنته، وذلك لخمس بقين من ذي القعدة، فقد مكة لأربع ليالي خلون من ذي الحجة، فطاف بالبيت، وسعى بين الصفا والمروة، ولم يحل من أجل بُدنه لأنه قلَّدها. ثم نزل بأعلى مكة عند الحجون وهو مهلٌّ بالحجَّ، ولم يقرب (¬2) الكعبة بعد طوافه بها حتى رجع من عرفة، وأمر أصحابه أن ¬

(¬1) * الهيل والقرنفل لا حرج، ولو كان له رائحة طيبة. وسألت الشيخ: ظاهر السنة عدم التلبية في الاستقرار في عرفات ومزدلفة؟ فقال: لم يقولوا: ثم قطع التلبية، وهي مشروعة. * هذه هي السنة، في الطريق يلبي. (¬2) قلت: فيه عدم الزيادة على طواف النسك لما فيه مصلحة للآخرين كما ذكره شيخنا ابن عثيمين، وذكره شيخنا وقال: لئلا يشق علي الناس.

26 - باب التلبية

يطوفوا بالبين وبين الصفا والمروة، ثم يقصروا من رؤوسهم ثم يحلوا، وذلك لمن لم يكن معه بدنة قلدها، ومن كانت معه امرأته فهي له حلال والطيب والثياب». 26 - باب التلبية 1549 - عند عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - «إن تلبية رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك له لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك» (¬1). قال الحافظ: ... لا بأس أن يزيد فيها من الذكر لله ما أحب، وهو قول محمد والثوري والأوزاعي، واحتجوا بحديث أبي هريرة يعني الذي أخرجه النسائي (¬2). 29 - باب الإهلال مستقبل القبلة 1553 - حدثنا أيوب عن نافع قال: «كان ابن عمر - رضي الله عنهما - إذا صلي بالغداة بذي الخليفة أمر براحلته فرحلت، ثم ركبن فإذا استوت به ¬

(¬1) ولزمها حتى رمي الجمار في الحج، وفي العمرة حين بدأ في الطواف. (¬2) قرئ علي الشيخ سند النسائي، فقال: صحيح علي شرط الشيخين. قلت: قال النسائي (3/ 161) لا أعلم أحدًا أسند هذا عن عبد الله بن الفضل إلا عبد العزيز رواه إسماعيل بن أمية مرسلًا. أ. هـ. وانظر علل ابن أبي حاتم رقم (813). *زيادات في التلبية لا بأس أن يزيد، والأفضل فعله - صلى الله عليه وسلم -.

30 - باب التلبية إذا انحدر في الوادي

استقبل القبلة قائمًا ثم يلبي حتى يبلغ المحرم (¬1)، ثم يمسك (¬2)، حتى إذا جاء إذا طوي بات به حتى يصبح، فإذا صلى الغداة اغتسل وزعم أن رسول الله فعل ذلك». 1554 - حدثنا فليح عن نافع قال: «كان ابن عمر - رضي الله عنهما - إذا أراد الخروج إلى مكة ادهن بدهن ليس له رائحة طيبة (¬3)، ثم يأتي مسجد الحليفة فيصلي، ثم يركب. وإذا استوت به راحلته قائمة أحرم ثم قال: هكذا رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعل». 30 - باب التلبية إذا انحدر في الوادي 1555 - عن مجاهد قال: «كنا عند ابن عباس - رضي الله عنهما -، فذكروا الدجال أنه قال مكتوب بين عينيه: كافر (¬4). فقال ابن عباس: لم أسمعه، ¬

(¬1) الحرم (عيني). (¬2) هذا من اجتهاده - رضي الله عنه -، وجابر ذكر أنه يلبي - صلى الله عليه وسلم - حتى يدخل المسجد ويشرع في الطواف، فهو - صلى الله عليه وسلم - يلبي في الحرم وغير الحرم. * استقبال القبلة لا أعلمه عنه - صلى الله عليه وسلم - في حديث جابر أو ابن عباس؛ ولعله من اجتهاد ابن عمر. (¬3) هذا اجتهاده فالنبي - صلى الله عليه وسلم - تطيب عند الإحرام، فهذا من أغلاطه - رضي الله عنه -. (¬4) يقرأه كل مؤمن ولو كان أميًا؛ والعلامة الأخرى أعور العين اليمني. * الدجال لا نستبعد خروجه قريبًا. * المشهور أنه موجود، كما في حديث الجساسة. * من أنكر الدجال وقال: هو خرافة ... الظاهر كفره.

31 - باب كيف تهل الحائض والنفساء؟

ولكنه قال: أما موسى كأني أنظر إليه إذا انحدر في الوادي يلبي» (¬1). 31 - باب كيف تهل الحائض والنفساء؟ 1556 - عن عائشة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع فأهللنا (¬2) بعمرة ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من كان معه هدي فليهل (¬3) بالحج مع العمرة ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعًا». فقدمت مكة وأنا حائض ولم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة (¬4)، فشكرت ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «انفضي رأسك وامتشطي وأهلي بالحج ودعي العمرة»، ففعلت، فلما قضينا الحج أرسلني النبي - صلى الله عليه وسلم - مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم فاعتمرت فقال: «هذا مكان عمرتك». قالت: فطاف الذين كانوا أهلوا بالعمرة بالبيت وبين الصفا والمروة ثم حلوا، ثم طوافًا واحدًا (¬5) بعد أن رجعوا من منى، وأما الذين جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافًا واحدًا». ¬

(¬1) فيه شرعيه الذكر عند المواضع المنخفضة، وكذا التسبيح، وإذا علوا كبروا الله. قلت: روى ابن أبي سيبة بإسناد صحيح عن عبد الرحمن بن سابط قال: كان السلف يستحبون التلبية في أربع مواضع: في دبر الصلاة، وإذا هبطوا واديًا، أو علو وعند التقاء الرفاق. (¬2) أهل: رفع صوته. (¬3) جميع أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - أحرمن بعمرة ما معهن هدي. (¬4) عائشة مستديمة للإحرام، فلعل أمرها بالنقض لإظهار الشعيرة. (¬5) المراد السعي. والرواية آخر كما في متن الشرح.

32 - باب من أهل في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - كإهلال النبي - صلى الله عليه وسلم -

32 - باب من أهل في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - كإهلال النبي - صلى الله عليه وسلم - 1558 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «قدم علي - رضي الله عنه - على النبي - صلى الله عليه وسلم - من اليمن فقال: «بما أهللت؟ » قال: بما أهل به النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «لولا أن معي الهدي لأحللت» وزاد محمد بن بكر بن ابن جريج قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بما أهللت يا علي؟ » قال: بما أهل به النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬1) قال: «فأهد وامكث حرامًا كما أنت». 1559 - عن أبي موسي - رضي الله عنه - قال: «بعثني النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى قوم باليمن، فجئت وهو بالبطحاء فقال: «بما أهللت؟ » قلت أهللت كإهلال النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال: «هل معك من هدي؟ » قلت: لا. فأمرني فطفت بالبيت وبالصفا والمروة. ثم أمرني فأحللت، فأتيت امرأة من قومي (¬2) فمشطتني أو غسلت رأسي. فقدم عمر - رضي الله عنه - فقال: إن نأخذ بكتاب الله فإنه يأمرنا بالتمام، قال الله: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ} [البقرة: 196]. وإن نأخذ بسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه لم يحل حتى نحر الهدي». ¬

(¬1) حتى لو قاله الآن صح، فإن لم يكن معه هدي يتحلل بعمرة. (¬2) من محارمه. * كان عمر يرى فضيلة بقاء الحاج علي إحرامه، وغاب عنه بأن العلة سوقه - صلى الله عليه وسلم - للهدي. * فعل عمر وكذا أبو بكر وعثمان خالف النص، ولا عبرة بالاجتهاد إذا خالص النص.

33 - باب قول الله تعالى: {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج}، {يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج}.

قال الحافظ: ... وظهر لي من ذلك أن المراد بقيس قيس بن سليم والد أبي موسى الأشعري وأن المرأة (¬1) زوج بعض إخوته. 33 - باب قول الله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ}، {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ}. وقال ابن - رضي الله عنهما -: «أشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة». وقال ابن عباس - رضي الله عنهما - «من السنة أن لا يحرم بالحج إلا في أشهر الحج». وكره عثمان - رضي الله عنه - أن يحرم من خراسان أو كرمان (¬2) 156 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أشهر الحج، وليالي الحج، وحرم الحج، فنزلنا بسرف. قالت: فخرج إلى أصحابه فقال: «من لم يكن منكم معه هدي فأحب أن يجعلها عمرة ¬

(¬1) قد تكون محرمًا له ولو كانت زوج أخيه. * قلت: لعل الحافظ غفل عما أخرجه البيهقي في سننه (4/ 338) عن قيس بن سلم به، وفيه امرأة من عماته، فهو صريح في المحرمية. (¬2) السنة يحرم من الميقات، لا يشق علي نفسه، ويكره أن يحرم قدامه لأن فيه تضييقًا ومخالفة للسنة، يصح.

34 - باب التمتع والقران والإفراد بالحج وفسخ الحج لمن لم يكن معه هدي

فليفعل، ومن كان معه الهدي فلا». قالت: فالآخذ بها والتارك لها من أصحابه. قالت: فأما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجال من أصحابه فكانوا أهل قوة وكان معهم الهدي فلم يقدروا (¬1) على العمرة. قالت: فدخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أبكي فقال: «ما يبكيك يا هنتاه؟ » قلت: سمعت قولك لأصحابك فمنعت العمرة ... [الحديث]. 34 - باب التمتع والقران والإفراد بالحج وفسخ الحج لمن لم يكن معه هدي 1561 - عن عائشة - رضي الله عنها -: «خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا نرى إلا أنه الحج، فلما قدمنا تطوفنا بالبيت، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - من لم يكن ساق الهدي أن يحل، فحل من لم يكن ساق الهدي ونساؤه لم يسقن فأحللن. قالت عائشة - رضي الله عنها -: فحضت، فلم أطف البيت. فلما كانت ليلة الحصبة قالت: يا رسول الله، يرجع الناس بعمرة وحجة وأرجع أنا بحجة. قال: «وما طفت ليالي قدمنا مكة؟ » قلت: لا. قال: «فاذهبي مع أخيك إلى التنعيم فأهلي بعمرة (¬2)، ثم موعدك كذا كذا». قالت صفية: ما أراني إلا حابستهم. قال: «عقرى حلقى، أو ما طفت يوم النحر؟ » قالت: قلت بلي. قال: «لا بأس، انفري». قالت عائشة - رضي الله عنها -: فلقيني النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو مُصعدٌ من مكة وأنا منهبطة عليها، أو أنا مصعدة وهو منهبط منها». 1562 - عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ¬

(¬1) لم يحلوا. (¬2) فدل علي جواز العمرتين، ولو قلت المدة، وكثير من السلق كانوا يكرهون الموالاة بينهما، لكن التحديد عليه دليل.

عام حجة الوداع، فمنا من أهل بعمرة، ومنا من أهل بحجة وعمرة، ومنا من أهل بالحج، وأهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحج (¬1). فأما من أهل بالحج أو جمع الحج والعمرة (¬2) لم يحلوا حتى كان يوم النحر» (¬3). 1564 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض، ويجعلون المحرم صفرًا، ويقولون: إذا برأ الدبر (¬4)، وعف الأثر، وانسلخ صفر، حلت العمرة لمن اعتمر. قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه صبيحة رابعة مهلين بالحج، فأمرهم أن يجعلوها عمرة، فتعاظم ذلك عنهم فقالوا: يا رسول الله، أي الحل. قال: «حل كله». 1567 - عن شعبة قال: أخبرنا أبو جمرة بن عمران الضبعي قال: «تمتعت، فنهاني أناس، فسألت ابن عباس - رضي الله عنهما - فأمرني، فرأيت في المنام كأن رجلًا يقول لي: حج مبرور وعمرة متقبلة، فأخبرت ابن عباس فقال: سنة النبي - صلى الله عليه وسلم -. فقال لي: أقم عندي فأجعل لك سهمًا من مالي. قال شعبة: فقلت: لم؟ فقال: للرؤيا التي رأيت» (¬5). ¬

(¬1) * لو ظهرت بعد مغادرة مكة لا ترجع (بعدما سألته). لم تسمع إهلاله بالعمرة كما علم ذلك غيرها. (¬2) فلم جواب الشرط. وكذا بالشرح. (¬3) ممن ساق الهدي. وهذه الرواية مختصرة. (¬4) الجرح بسبب الرحل في الحج، وهذا في الجاهلية (¬5) هو مبلغ ابن عباس أبو جمرة في مجلس ابن عباس

36 - باب التمتع على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

قال الحافظ: ... وقال صاحب الهداية من الحنفية: الخلاف بيننا وبين الشافعي مبني على أن القارن يطوف طوافًا واحدًا وسعيًا واحدًا فبهذا فإن الإفراد أفضل (¬1) ... قال الحافظ: ... وهذا أعدل المذاهب وأشبهها بموافقة الأحاديث الصحيحة (¬2). قال الحافظ: ... قوله (حدثنا أبو شهاب) هو الأكبر واسمه موسى بن نافع (¬3). قال الحافظ: ... قال مغلطاي: كأنه يقول من كان هكذا لا يجعل حديثه أصلًا من أصول العلم (¬4). 36 - باب التمتع على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - 1571 - عن قتادة قال: حدثني مطرف عن عمران - رضي الله عنه - قال: «تمتعنا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فنزل القرآن، قال رجل برأيه ما شاء» (¬5). ¬

(¬1) قلت: الخلاف في أي الأنساك أفضل، وبم حج النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) انظر: مجموع الفتاوى، ج 26 (ص 37 ص 85 وص 376 وص 288). (¬3) الحناط الهذلي صدوق خ م س. (¬4) كلام مغلطاي ليس بجيد. (¬5) يعني عمر - رضي الله عنه -، يعرض عنه.

38 - باب الاغتسال عند دخول مكة

قال الحافظ: ... قوله (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي) (¬1). قال الحافظ: ... والذي ذهب إليه الجمهور أن التمتع أن يجمع الشخص الواحد بينهما في سهر واحد في أشهر الحج في عام واحد وأن يقدم العمرة وأن لا يكون مكيًا (¬2). 38 - باب الاغتسال عند دخول مكة 1573 - أخبرنا أيوب عن نافع قال: «كان ابن عمر - رضي الله عنهما - إذا دخل أدني الحرم أمسك (¬3) عن التلبية، ثم يبيت بذي طوي، ثم يصلي به الصبح ويغتسل (¬4)، ويحدث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل ذلك». 39 - باب دخول مكة نهارًا أو ليلاً 1574 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: «بات النبي - صلى الله عليه وسلم - بذي طوي حتى أصبح ثم دخل مكة، وكان ابن عمر - رضي الله عنهما - يفعله» (¬5). ¬

(¬1) هذا فيما يتعلق بالدم، ليس علي أهل مكة دم. (¬2) قلت: هذه شروط ثبوت الدم علي المتمتع. (¬3) من اجتهاده، والمحفوظ أنه قطع التلبية - صلى الله عليه وسلم - عند المجسد للحرام (¬4) هذا مستحب عند دخول مكة للاغتسال، الآن المسافة قريبة. (¬5) الدخول نهارًا أفضل إن تيسر، وإن دخل ليلًا لا حرج، وفعله - صلى الله عليه وسلم - في عمره الجعرانة.

40 - باب من أين يدخل مكة

40 - باب من أين يدخل مكة 1575 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدخل من الثنية العليا ويخرج من الثنية السفلى» (¬1). 41 - باب من أين يخرج من مكة 1576 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل مكة من كداء من الثنية العليا التي بالبطحاء، ويخرج من الثنية السفلى». قال أبو عبد الله: كان يقال: هو مسدد كاسمه: قال أبو عبد الله: سمعت يحيى بن معين يقول سمعت يحيى ابن سعيد يقول: لو أن مسددًا أتيته في بيته فحدثته لاستحق ذلك، وما أبالي كتبي كانت عندي أو عند مسدد (¬2). قال الحافظ: ... (الثنية السفلى) ذكر في ثاني حديثي الباب «وخرج من كدا» وهو بضم الكاف مقصور وهي عند باب شبيكة بقرب شعب الشاميين من ناحية قعيقعان (¬3). 42 - باب فضل مكة وبنيانها 1583 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: لما بنيت الكعبة ذهب النبي - صلى الله عليه وسلم - والعباس ينقلان الحجارة، فقال العباس للنبي - صلى الله عليه وسلم -: اجعل إزارك ¬

(¬1) وهذا هو الأفضل إن تيسر. (¬2) لثقته وأمانته - رحمه الله - وجلالته. (¬3) * كدا بالفتح: للدخول. وكدي: بالضم كان بعضهم يقول: افتح وادخل، واضمم واخرج. وهي معروفة بهذا الاسم إلى الآن.

على رقبتك (¬1). فخر إلى الأرض (¬2)، وطمحت عيناه إلى السماء فقال: أرني إزاري، فشده عليه» (¬3). 1583 - عن عائشة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لها: «ألم تري أن قومك لما بنو الكعبة اقتصروا علي (¬4) قواعد إبراهيم»، فقلت: يا رسول الله ألا تردها على قواعد إبراهيم؟ قال: «لولا حدثان قومك بالكفر لفعلت». 1584 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الجدر (¬5) أمن بالبيت هو؟ قال: نعم. قلت: فما لهم لم يدخلوه في البيت؟ قال: «إن قومك قصرت بهم النفقة» (¬6). قلت: فما شأن بابه مرتفعًا؟ قال: «فعل ذلك قومك ليدخلوا من شاءوا ويمنعوا من شاءوا، ولولا أن قومك (¬7) ¬

(¬1) حتى تكون الحجارة فوق الإزار، وجابر ما حضر القصة لكن يرويها عن غيره، العباس أو غيره. (¬2) خجلًا وحياء. (¬3) كان الكفار يتساهلون في العري وعدم التستر، وكانوا يطوفون عراة ... ، وكان بناء الكعبة وعمره - صلى الله عليه وسلم - 35 سنة قبل البعثة. (¬4) عن، كذا الرواية. (¬5) الحجر. (¬6) كانوا جمعوا نفقة طيبة ليس فيه من حلوان الكاهن أو أموال الظلم فقصرت النفقة. ولما تولى ابن الزبير أتمها علي قواعد إبراهيم، بناها عام 65 بعد موت يزيد بن معاوية. (¬7) ولي الأمر له أن يدع بعض الحق إذا كانت هناك مضرة مفسدة كبرى.

حديث عهدهم بالجاهلية فأخاف أن تنكر قلوبهم أن أدخل الجدر في البيت وأن ألصق بابه بالأرض». 1586 - عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها: «يا عائشة لولا أن قومك حديث عهد بجاهلية لأمرت بالبيت فهدم، فأدخلت فيه ما أخرج منه، وألزقته بالأرض، وجعلت له بابين بابًا شرقيًا وبابًا غربيًا فبلغت به أساس إبراهيم». فذلك الذي حمل ابن الزبير - رضي الله عنهما - على هدمه. قال يزيد: وشهدت ابن الزبير حين هدمه وبناه وأدخل فيه من الحجر، وقد رأيت أساس إبراهيم حجارة كأسنمة الإبل. قال جرير: فقلته له أين موضعه؟ قال: أريكة الآن. فدخلت معه الحجر، فأشار إلى مكان فقال: ها هنا: قال جرير: فحزرت من الحجر ستة أذرع أو نحوها» (¬1). قال الحافظ: ... «خرجنا إلى منى فأقمنا بها ثلاثًا ننتظر العذاب، وارتقي ابن الزبير على جدار الكعبة هو بنفسه فهدم» (¬2). قال الحافظ: ... ولم يزل الحجر موجودًا في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - كما صرح به كثير من الأحاديث الصحيحة (¬3). ¬

(¬1) المشروع أنه سبعة أذرع عند المنحنى منحنى الحجر. (¬2) قلت: فيه شرح ذكر الحفر، وكيفيته، وذكر القواعد. * القبة التي علي المسجد تركها آل سعود خشية الفتنة [يعني في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -]. (¬3) كره العلماء أن يغير الكعبة، (وذكر الشيخ قصة مالك). * سألت الشيخ: عن الحجارة التي هي الكعبة هل هي الموجودة في الجاهلية؟ قال: محتمل، ويمكن أن يكونوا أخذوا من غير البناء.

44 - باب توريث دور مكة وبيعها وشرائها

44 - باب توريث دور مكة وبيعها وشرائها وأن الناس في المسجد الحرام سواء خاصة، لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً (¬1) ... الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}. البادي: الطارئ. معكوفًا: محبوسًا. 1588 - عن أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - أنه قال: يا رسول الله أين تنزل، في دارك بمكة؟ فقال: «وهل ترك عقيل من رباع أو دور؟ » وكان عقيل ورق أبا طالب وهو وطالب، ولم يرثه جعفر ولا علي - رضي الله عنهما - شيئًا، لأنهما كانا مسلمين وكان عقيل وطالب كافرين، فكان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول: لا يرث المؤمن الكافر» (¬2) قال ابن شهاب وكانوا يتأولون قول الله تعالي: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: 72] الآية. ¬

(¬1) المسجد خاصة. * من فرق بين الإجارة والبيع؟ ضعيف: فإذا ملك الأصل جاز له التصرف. وما اختاره شيخنا هو الصواب، وانظر: الفروق للقرافي (4/ 11) ط. دار السلام. (¬2) استقر الأمر علي عدم توريث المسلم من الكافر، والعكس، فلما توفي أبو طالب ورثه عقيل قبل أن يسلم، ولم يرثه علي؛ لأنه أسلم. * أراد المؤلف أن بيوت مكة تباع وتشترى، ولهذا أقر النبي - صلى الله عليه وسلم - بيع أبي طالب وعقيل، ولم ينقضه، أما المشترك فهو المسجد.

45 - باب نزول النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة

45 - باب نزول النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة 1589 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أراد قدوم مكة: «منزلنا غدًا إن شاء الله بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر» (¬1). 1590 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الغد يوم النحر- وهو بمنى-: «نحن نازلون غدًا بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر، يعني بذلك المحصب، وذلك أن قريشًا وكنانة تحالفت على بني هاشم وبني عبد المطلب- أو بني المطلب- أن لا يناكحوهم ولا يبايعوهم حتى يسلموا إليهم النبي - صلى الله عليه وسلم -» (¬2). وقال سلامة عن عقيل، ويحيى بن الضحاك عن الأوزاعي، أخبرني ابن شهاب. وقالا: بني هاشم وبني المطلب. قال أبو عبد الله: بني المطلب أشبه (¬3) ¬

(¬1) * البيع والتأجير جائز في دور مكة. * كيف يتفق هذا، مع أن مكة فتحت عنوة فهي موقوفة؟ الصواب: أنها ليست موقوفة، الموقوف المسجد وما حوله، أما هي فلا. لإظهار عز الإسلام؛ حيث نزله منصورًا مؤيدًا في حجة الوداع. (¬2) قلت: ألا يدل علي أنه قصده؟ فيشرع؟ (¬3) وهو الصواب.

47 - باب قول الله تعالي {جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد ذلك لتعلموا أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض وأن الله بكل

47 - باب قول الله تعالي {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [المائدة: 97]. 1591 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة» (¬1). 48 - باب كسوة الكعبة 1594 - عن أبي وائل قال: جئت إلى شيبة. وحدثنا قبيصة سفيان عن واصل عن أبي وائل قال: جلست مع شيبة على الكرسي في الكعبة فقال: لقد جلس هذا المجلس عمر - رضي الله عنه - فقال: «لقد هممت أن لا أدع فيها صفراء ولا بيضاء إلا قسمته. قلت إن صاحبيك لم يفعلا. قال: هما المرآن أقتدي بهما» (¬2). ¬

(¬1) المقصود هنا أن الحج باق ولو بعد يأجوج ومأجوج، وبهد تخريب الكعبة، وإنما تقوم الساعة بعد ذهاب أهل الإيمان. * الآيات: المهدي- خروج الدجال- نزول المسيح- يأجوج ومأجوج ثم الدخان ثم هدم الكعبة ثم طلوع الشمس أو خروج الدابة، وآخر الآيات حشر النار. (¬2) يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - والصديق، والمال لمصلحة الكعبة.

49 - باب هدم الكعبة

49 - باب هدم الكعبة قالت عائشة - رضي الله عنها -: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يغزو جيش الكعبة فيخسف بهم». 1595 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كأني به أسود (¬1) أفحج يقلعها حجرًا حجرًا». قال الحافظ: ... وكل ذلك لا يعارض قوله تعالي: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا} لأن ذلك إنما وقع بأيدي المسلمين (¬2) فهو مطابق لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ولن يستحل هذا البيت إلا أهله»، فوقع ما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو من علامات نبوته، وليس في الآية ما يدل على استمرار الأمن المذكور فيها. والله أعلم (¬3). 50 - باب ذكر في الحجر الأسود 1597 - عن عمر - رضي الله عنه - «أنه جاء إلى الحجر الأسود فقبله فقال: إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقبلك ما قبلتك» (¬4). ¬

(¬1) بدل الضمير في قوله به، ويقلعها الخبر. (¬2) المقصود أن الله يحفظه ويصونه لأمد معين، لأن الأمر قد دنا والآخرة أزفت. (¬3) قرئ هذا الشرح برمته. (¬4) فيه شرعية تقبيل الحجر في طواف القدوم والوداع وجميع الأطراف الواجبة والمستحبة، وكلام عرم يبين أن التقبيل للتأسي، لا لاعتقاد فيه. قلت: الحجر يستعلم ويقبل في الطواف وفي غير الطواف، وقد استلمه النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد الطواف وصلاة ركعتين عند المقام، وصح عن ابن عمر كما عند ابن أبي شيبة استلامه في غير طواف. فهو عبادة مستقلة.

51 - باب إغلاق البيت، ويصلي في أي نواحي البيت شاء.

قال الحافظ: ... ومنها حديث ابن عباس مرفوعًا «نزل الحجر الأسود من الجنة (¬1) وهو أشد بياضًا من اللبن. 51 - باب إغلاق البيت، ويصلي في أي نواحي البيت شاء. 1598 - عن سالم عن أبيه قال: «دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البيت هو وأسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة فأغلقوا عليهم، فلما فتحوا كنت أول من ولج، بلالا فسألته: هل صلي فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: نعم، بين العمودين اليمانيين» (¬2). 53 - باب من لم يدخل الكعبة 1600 - عن عبد الله بن أبي أوفي قال: «اعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فطاف بالبيت، وصلي خلف المقام ركعتين ومعه من يستره (¬3) من الناس، فقال له ¬

(¬1) * بعد هدم الكعبة يطاف علي محلها. ثبت أن الحجر نزل من الجنة رواه الترمذي، ولا بأس به، وسودته خطايا بني آدم. وقي رواية: خطايا أهل الشرك. * استلامه في نسك؟ بعد طواف القدوم ... لحديث جابر، قلت: في غير نسك؟ قال: ما بلغني. وكيفية الإشارة للحجر؟ باليد اليمني (ومثلها الشيخ). (¬2) استحباب الصلاة في الكعبة إذا دخلها، واستحباب دخلوها إذا تيسر، والحجر من الكعبة، كما قال لعائشة، وإن دخل الكعبة يكبر في نواحي البيت، ويدعو. (¬3) خوفًا عليه؛ لأنه في عمرة القضية.

54 - باب من كبر في نواحي الكعبة

رجل: أدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكعبة؟ قال: لا» (¬1). 54 - باب من كبر في نواحي الكعبة 1601 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قدم أبى أن يدخل البيت وفيه الآلهة، فأمر بها فأخرجت، فأخرجوا صورة إبراهيم وإسماعيل في أيديهما الأزلام، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قاتلهم الله، أما والله قد علموا أنهما لم يستقسما بها قط. فدخل البيت فكبر في نواحيه، ولم يصل فيه» (¬2). 56 - باب استلام الحجر الأسود حين يقدم مكة أو ما يطوف، ويرمل ثلاثًا 1603 - عن سالم عن أبيه - رضي الله عنه - قال: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين يقدم مكة إذا استلم الركن الأسود أول ما يطوف يخب ثلاثة أطواف من السبع» (¬3). ¬

(¬1) دخلها عام الفتح، أما في عمرة القضاء والجعرانة وحجة الوداع لم يدخلها؛ لئلا يشق علي أمته. (¬2) هذا النفي من ابن عباس لأنه لم يبلغه ذلك، والقاعدة أن المثبت مقدم علي النافي ورواية ابن عمر عن بلال أنه صلى، وهو المحفوظ. (¬3) الرمل مع البعد أفضل من المشي من القرب؛ لأجل الزحام؛ لأنه يأتي بالعبادتين ... (قاله بعدما سألته). * ثم إنه رمل في حجة الوداع من الحجر إلى الحجر في الثلاثة الأولى كلها، فاستقرت علي هذا.

57 - باب الرمل في الحج والعمرة

57 - باب الرمل في الحج والعمرة 1605 - عن زيد بن أسلم عن أبيه «أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال للركن (¬1): أما والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا إني رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - استلمك ما استلمتك؟ فاستلمه ثم قال: ما لنا وللرمل؟ إنما كنا رائينا به المشركين، وقد أهلكهم الله. ثم قال: شيء صنعه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلا نحب أن نتركه». 1606 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: ما تركت استلام هذين الركنين في شدة ولا رخاء منذ رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يستلمهما. قلت لنافع: أكان ابن عمر يمشي بين الركنين؟ قال: إنما كان يمشي ليكون أيسر لاستلامه» (¬2). 58 - باب استلام الركن بالمحجن 1607 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: طاف النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجن» (¬3). 59 - باب من لم يستلم إلا الركنين اليمانيين 1608 - عن أبي الشعثاء قال: ومن يتقي شيئًا من البيت؟ وكان معاوية يستلم الأركان، فقال له ابن عباس - رضي الله عنهما -: إنه لا يستلم هذان ¬

(¬1) لا يشرع قول عمر هذا، إلا لأجل تعليم أصحابه. (¬2) السنة عدم المزاحمة. (¬3) معناها العبير قريب من الحجر.

الركنان. فقال: ليس شيء من البيت مهجورًا (¬1). وكان ابن الزبير - رضي الله عنهما - يستلمهن كلهن». قال الحافظ: ... وأما غيره فنقل عن الإمام أحمد أنه سئل عن تقبيل منبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وتقبيل قبره فلم ير به بأسًا (¬2)، واستبعد بعض أتباعه صحة ذلك، ونقل عن ابن أبي الصيف اليماني أحد علماء مكة من الشافعية جواز تقبيل (¬3) المصحف وأجزاء الحديث وقبور الصالحين وبالله التوفيق. حاشية: الأحكام التي تنسب إلى الدين لابد من ثبوتها في نصوص الدين، وكل ما لم يكن عليه الأمر في زمن التشريع وفي نصوص التشريع فهو مردود على من يزعمه. وتقدم قول الإمام الشافعي وفي نصوص التشريع فهو مردود على من يزعمه. وتقدم قول الإمام الشافعي «ولكنا نتبع السنة فعلًا أو تركًا»، وهو مقتضى قول أمير المؤمنين عمر فيما خاطب به الحجر الأسود برقم 1597 و 1610. هذه هي النصوص، وسيأتي قول الحافظ عن ابن عمر في جوابه لم سأله عن استلام ¬

(¬1) وفي رواية أبن ابن عباس قال: لقد كان في رسول الله أسوة حسنة. فقال معاوية: صدقت. ورجع عن قوله. * ابن الزبير استلم الأركان، لأنه ظن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ترك الاستلام لأن الركنين ليسا علي قواعد إبراهيم. (¬2) بل بدعة، وأحمد ليس مشرعًا، ومن قال: يقبل، قلنا: عليك الدليل. (¬3) المصحف لا بأس من باب الإباحة، لا من السنة. قلت: كذا قال شيخنا، وفي قول له آخر منع، وأثر عكرمة بن أبي جهل في وضعه المصحف علي وجهه منقطع، ابن أبي مليكه لم يدركه، أخرجه الدرامي، فالتقبيل بدعة. * لم يحفظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه إذا حاذى الركن اليماني أشار أو كبر.

60 - باب تقبيل الحجر

الحجر «أمره إذا سمع الحديث أن يأخذ به ويتقي الرأي». والخروج عن هذه الطريقة تغيير للدين وخروج به إلى غير ما أراده الله (¬1). 60 - باب تقبيل الحجر 1611 - عن الزبير بن عربي قال: «سأل رجل ابن عمر - رضي الله عنهما - عن استلام الحجر فقال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستلمه ويقبله. قال قلت: أرأيت إن زحمت، أرأيت إن غلبت؟ قال: اجعل «أرأيت» (¬2). باليمن، رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستلمه ويقبله» (¬3). ¬

(¬1) قرئت هذه الحاشية علي شيخنا، فقال: طيب كافية لا بأس. (¬2) يعني دع عنك الاعتراض بالافتراض، قبله، وبس .. ولكن هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في تركه أثناء الزحام. (¬3) قال شيخنا الأحوال ثلاثة، يستلمه وقبله، وإن لم يستطيع استلمه بيده أو بمحجن وقبل يده أو المحجن، فإن لم يستطع أشار إليه وكبر. * الركن اليماني له حالتان: يستلمه ويكبر، وعدم شيخنا علي كلام ابن القيم في الهدي (2/ 226) في قوله: «وذكر الطبراني عنه بإسناد جيد أنه كان إذا استلم الركن اليماني قال: «بسم الله والله أكبر» قلت: أخرجه الطبراني في الدعاء (2/ 1201) وعبد الرزاق (5/ 33) موقوفًا علي ابن عمر والمراد بالركن هنا الحجر الأسود، وابن القيم ساقه من حفظه وليس فيه زيادة «اليماني» وتبويب الطبراني في كتاب الدعاء: باب القول عند استلام الحجر وإسناده صحيح. والتكبير ثابت في المرفوع وأما التسمية فلا أعلمها إلا موقوفة علي ابن عمر!

63 - باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة قبل أن يرجع إلى بيته ثم صلي ركعتين، ثم خرج إلى الصفا

63 - باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة قبل أن يرجع إلى بيته ثم صلي ركعتين، ثم خرج إلى الصفا 1614، 1615 - عن عائشة - رضي الله عنها - «أن أول شيء بدأ به حين قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه توضأ ثم طاف ثم لم تكن عمرة. ثم حج أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما - مثله». «ثم حججت مع أبي الزبير - رضي الله عنه -، فأول شيء بدأ به الطواف. ثم رأيت المهاجرين والأنصار يفعلونه. وقد أخبرتني أمي أنها أهلت وأختها والزبير وفلان وفلان بعمرة. فلما مسحوا الركن حلوا» (¬1). 161 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا طاف في الحج أو العمرة أول ما يقدم سعى ثلاثة أطواف ومشي أربعة، ثم سجد سجدتين (¬2)، ثم يطوف بين الصفا والمروة». 1617 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا طاف بالبيت الطواف الأول (¬3) يخب ثلاثة أطواف ويمشي أربعة، وأنه كان يسعى بطن المسيل إذا طاف بين الصفا والمروة». ¬

(¬1) * الجمهور علي اشتراط الطهارة، ومن أدلتهم الطواف بالبيت صلاة، والمشهور وقفه فيه إجمال، ومراد بعد السعي. (¬2) * إذا تيسر أن يقصد البيت قصدًا. (2) ركعتي الطواف. (¬3) طواف القدوم.

64 - باب طواف النساء مع الرجال

64 - باب طواف النساء مع الرجال 1618 - قال ابن جريج أخبرني عطاء- إذ منع (¬1) ابن هشام النساء الطواف مع الرجال- قال: كيف يمنعهن وقد طاف نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - مع الرجال؟ قلت: أبعد الحجاب أو قبل؟ قال: إي لعمري لقد أدركته بعد الحجاب. قلت: كيف يخالطن الرجال؟ قال: لم يكن يخالطن ... (الحديث). 1619 - عن أم سلمه - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: «شكوت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أني أشتكي فقال: «طوفي من وراء الناس (¬2) وأنت راكبة»، فطفت ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - حينئذ يصلي إلى جنب البيت ويقرأ {وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ}» (¬3). قال الحافظ: ... روي الفاكهي عن إبراهيم النخعي قال: نهي عمر (¬4) أن يطوف الرجال مع النساء، قال فرأى رجلًا معهن فضربه بالدرة، وهذا إن صح لم يعارض. قال الحافظ: ... ويلتحق بالراكب المحمول إذا كان له عذر، وهل يجزئ هذا الطواف عن الحامل والمحمول؟ (¬5). ¬

(¬1) فيه صعوبة فلا وجه له، وهشام هو أبو عبد الملك وهذا اجتهاد منه، والصواب ما كان عليه الناس في العمد النبوي، مع التحفظ. (¬2) لا مانع من طواف الرجال مع النساء، وتكن حجرة في ناحية المطاف. (¬3) وهذا فجر اليوم الرابع عشر. (¬4) قلت: لعله يعني المخالطة؛ لقوله: فرأى رجلًا. وقال شيخنا: هذا لم يثبت عن عمر؛ لأن إبراهيم لم يدرك عمر. (¬5) يجزئ علي الصواب إن نويا، أو كان المحمول صبيًا.

66 - باب إذا رأي سيرا أو شيئا يكره في الطواف قطعه.

66 - باب إذا رأي سيرًا أو شيئًا يكره في الطواف قطعه. 1621 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأي رجلًا يطوف بالكعبة بزمام أو غيره فقطعه» (¬1). 68 - باب إذا وقف في الطواف. وقال عطاء فيمن يطوف فتقام الصلاة، أو يدفع عن مكانه: إذا سلم يرجع إلى حيث قطع عليه (¬2). ويذكر نحوه عن ابن عمر وعبد الرحمن بن أبي بكر - رضي الله عنهم -. 69 - باب صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - لسبوعه وركعتين وقال نافع: كان ابن عمر - رضي الله عنهما - يصلي لكل سبوع ركعتين. وقال إسماعيل بن أمية: قلت للزهري إن عطاء يقول تجزئه المكتوبة من ركعتي الطواف، فقال: السنة أفضل، لم يطف النبي سبُوعًا قط إلا صلى ركعتين» (¬3). ¬

(¬1) لأن هذا شبيه بالدابة، فلا ينبغي هذا. * قلت: التشبه بالبهائم محرم، انظر فتاوى شيخ الإسلام (32/ 257). (¬2) وهذا هو الصواب يبدأ من محله، وقال بعض الفقهاء: يرجع إلى الحجر، والصواب الأول، ولا يعود، وإن قطعه بالحدث بدأ من أوله (أول شوط). (¬3) هذا هو الصواب، لا تكفي الفريضة، بل يصلي ركعتين للطواف. * إن جمع طواف صلى بعدها، كما لو طاف طوافين صلي صلاتين، والمواصلة لا بأس بها، فعلها السلف. * الصبي عمده كالجهل لا شيء عليه، ولا علي وليه (قاله بعدما سألته).

70 - باب من لم يقرب الكعبة ولم يطف حتى يخرج إلى عرفة ويرجع بعد الطواف الأول

70 - باب من لم يقرب الكعبة ولم يطف حتى يخرج إلى عرفة ويرجع بعد الطواف الأول 1625 - عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال: «قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة فطاف وسعى بين الصفا والمروة، ولم يقرب الكعبة بعد طوافه بها حتى رجع من عرفة» (¬1). 71 - باب من صلي ركعتي الطواف خارجا من المسجد وصلى عمر - رضي الله عنه - خارجًا من الحرم. 1626 - عن أم سلمه - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال وهو بمكة وأراد الخروج- ولم تكن أم سلمة طافت بالبيت وأرادت الخروج- فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أقيمت صلاة الصبح فطوفي على بعيرك والناس يصلون». ففعلت ذلك، فلم تصل حتى خرجت» (¬2). ¬

(¬1) * إذا رفض الصبي إكمال النسك، كفعل السعي؟ * يلزم وليه أن يكمل به (مثل ما انشبه يخلصه) بحروفه. طواف القدوم: مستحب علي الراجح. * لم يطف إلا ثلاثة أطواف؛ حتى لا يشق علي الناس. * سألت الشيخ: عن حديث «كان يزور البيت ليالي مني»؟ قال: ضعيف. (¬2) فيه فوائد: - جواز الطواف راكبًا؛ لحاجة تكون، كحال أم سلمه. - جواز الطواف والناس يصلون، للحاجة، كالمرأة. - جواز صلاة ركعتين خارج المسجد، ولقصة عمر، لكن في المسجد أفضل. * من طاف أول الليل ثم بات هل يعيد الطواف؟ لا، ما يهد طويلًا البيتوتة قد يحتاج لها؛ لانتظار رفقه، أو تعب.

73 - باب الطواف بعد الصبح والعصر

73 - باب الطواف بعد الصبح والعصر وكان ابن عمر - رضي الله عنهما - يصلي ركعتين ما لم تطلع الشمس وطاف عمر بعد الصبح فركب حتى صلى الركعتين بذي طوي. 1628 - عن عائشة - رضي الله عنها - «إن ناسا طافوا بالبيت بعد صلاة الصبح، ثم قعدوا إلى المذكر، حتى إذا طلعت الشمس قاموا يصلون، فقالت عائشة - رضي الله عنها -: قعدوا، حتى إذا كانت الساعة التي تكره فيها الصلاة قاموا يصلون» (¬1). 1631 - قال عبد العزيز «ورأيت عبد الله بن الزبير يصلي ركعتين بعد العصر ويخبر أن عائشة - رضي الله عنها - حدثته أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يدخل بيتها إلا صلاهما» (¬2). قال الحافظ: ... من حديث جبير بن مطعم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يا بني عبد مناف، من ولى منكم من أمر الناس شيئًا فلا يمنعن أحدًا طاف بهذا البيت وصلى أي ساعة شاء من ليل أو نهار» (¬3). قال الحافظ: ... والحسن بن عمر البصري (¬4). ¬

(¬1) كأنهم قاموا عند طلوع الشمس، ركعتي الطواف من ذوات الأسباب. (¬2) خاص بالنبي - صلى الله عليه وسلم - (وذكر شيخنا حديث الوفد الذي يشغلوه، وذكر حديث «أنقضيهما إذا فاتتا» الحديث .. ) (¬3) ذكر الشيخ وقال: الحديث صحيح. (¬4) كأنه مقل (وهو صدوق).

74 - باب المريض يطوف راكبا

74 - باب المريض يطوف راكبًا 1632 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طاف بالبيت وهو على بعير (¬1) كلما أتى على الركن أشار إليه بشيء في يده وكبر». قال الحافظ: ... وأبعد من استدل به على طهارة بول البعير وبعره (¬2) (¬3). 75 - باب سقاية الحاج 1635 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاء إلى السقاية فاستسقي. فقال العباس: يا فضل اذهب إلى أمك فأتِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشراب من عندها. فقال: «اسقني». قال: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنهم يجعلون أيديهم فيه. قال: اسقني. فشرب منه. ثم أتى زمزم وهم يسقون ويعملون فيها فقال: «اعملوا فإنكم على عمل صالح». ثم قال: «لولا أن تغلبوا لنزلت ¬

(¬1) المعروف أنه ركب حينما كثر عليه الناس، والحديث حجة في جواز الركوب، ولو لغير علة، ومنع بعضهم الطواف راكبًا إلا لعذر، وظاهر السنة الأول والأولى عدم الركوب، خروجًا من الخلاف. (¬2) هذا كلام المؤلف ليس بشيء كلام رديء، وجعله الحمار، كالبعير غلط، ولكن المؤلف لما كان ينتسب للشافعية نصر هذا القول، وهو أن روث مأكول اللحم نجس. (¬3) قال الشيخ: ما علقنا علي هذا البحث؟ فقيل لا؟ قال: حري أن يعلق عليه. قلت: تقدم للشيخ تعليق علي طهارة أبوال وأرواث مأكول اللحم.

حتى أضع الحبل على هذه». يعني عاتقة. وأشار إلى عاتقه» (¬1). قال الحافظ: ... واستدل به على أن الذي أرصد للمصالح العامة لا يحرم على النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا على آله تناوله، لأن العباس أرصد سقاية زمزم لذلك (¬2). قال الحافظ: ... وفي المستدرك من حديث ابن عباس مرفوعًا «ماء زمزم لما شرب له» (¬3). ¬

(¬1) لو نزل لقال كل واحد: أريد النزل مثله. * فيه فوائد: أ- تواضعه - صلى الله عليه وسلم -، وشربه من شراب الناس. ب- تشجيع العاملين في الخير: «أعملوا فإنكم علي عمل صالح». ج- فيه التأسي به فإنه خشي من نزوله أن يغلب الناس السقاة. د- فيه فضل الشرب من زمزم، وفي مسلم «مباركة إنها طعام طعم» زاد الطيالسي والبيهقي «وشفاء سقم» بسند صحيح. (¬2) استنباط جيد، صدقة التطوع لا تحرم. * الشق حصل وهو صغير، وحصل بمكة شقان. * هل يبقي ماء زمزم إلى يوم القيامة؟ لا أدري ... ما بلغني شيء. * هل يخلط الآن بغيره؟ ما بلغني (الظاهر أنه هو هو). (¬3) له طرق كثيرة يشد بعضها بعضًا ... إن شربه لعطش يوم القيامة رجي له ... أو لطلب العلم ... قلت: له طريق قوية عن معاوية موقوفًا، أخرجها الفاكهي في أخبار مكة (2/ 37) حدثنا محمد بن إسحاق [الصيني] (كذا) ثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد ثنا أبي عن ابن إسحاق ثنا يحيى بن عباد عن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال: لما حج معاوية - رضي الله عنه - حججنا معه فلما طاف بالبيت وصلى عند المقام ركعتين ثم مر بزمزم وهو خارج إلى الصفا فقال انزع لي منها دلوا يا غلام، قال فنزع له منها دلوًا فأتي به فشرب منه وصب علي وجهه ورأسه وهو يقول «زمزم شفاء هي لما شرب له». ومحمد بن إسحاق شيخ المصنف هو الصاغاني لا الصيني كما ظنه محقق أخبار مكة لوجوه: أولاً: أن شيوخ الصيني- في نظر المؤلف- حسب الفهارس هم يزيد بن هارون وشبابه بن سوار وعاصم بن علي وقبيصة بن عقبة ومحمد بن عبيد ويعقوب بن إبراهيم ويعلى بن عبيد وعثمان بن عمر، وليس الأمر كما ظن أيضًا، فالذي يروي عن يزيد بن هارون وقبيصة بن عقبة ويعقوب بن إبراهيم ويعلى بن عبيد وعثمان بن عمر إنما هو الصاغاني أبو بكر. ثانيًا: أن الصيني كذاب متروك، كما يعلم من ترجمته في الجرح والتعديل (7/ 196) وأوسع من ترجم له ابن عساكر في تاريخ دمشق (ج 52/ ص 35) ولم يذكر من تقدم من شيوخه. ثالثًا: أن هذا الأثر الموقوف حسنه الحافظ ابن حجر كما نقله عنه تلميذه كما في: المقاصد الحسنة، ولو كان من طريق الصيني لما خفي علي الحافظ! ! وهذا ظاهر بأدنى تأمل، يعلمه صغار الطلبة في الحديث من أن شيخ الفاكهي هو الصاغاني الثقة لا الصيني الكذاب، فإن قيل فقد وقع في كتاب الفاكهي الصيني لا الصاغاني قلت: كله تصحيف من النساخ ويبقي هنا النظر في حال الفاكهي، والذي يظهر لي أنه مشهور بالعلم، حمل عنه العقيلي والحاكم وغيرهما، وروى عن جماعة الأئمة الكبار، وليس في ترجمته كبير شيء. ووصفه الذهبي في سيره (16/ 44) الإمام ووصفه ابن حجر في: تغليق التعليق بالحافظ (5/ 437، 439) فهذا الأثر الموقوف ثابت عزيز عن هذا الصحابي الخليفة الإمام، حيث يقوله بين بقية أصحاب محمد، وخيار التابعين، مع شهرة العمل به عند العلماء ... فماء زمزم لما شرب له!

77 - باب طواف القارن

77 - باب طواف القارن 1638 - عن عائشة - رضي الله عنها - خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع فأهللنا بعمرة ثم قال: «من كان معه هدي فليهل بالحج والعمرة» ... فطاف الذين أهلوا بالعمرة ثم حلوا ثم طافوا طوافًا آخر بعد أن رجعوا من مني. وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة فإنما طافوا طوافًا واحدا» (¬1). 1639 - عن أيوب عن نافع «أن ابن عمر - رضي الله عنهما - دخل ابنه عبد الله (¬2) بن عبد الله وظهره (¬3) في الدار فقال: إني لا آمن أن يكون العام بين الناس قتال فيصدوك عن البيت، فلو أقمت. فقال: قد خرج رسول الله فحال كفار قريش بينه وبين البيت، فإن حيل بيني وبينه أفعل كما فعل رسول الله ¬

(¬1) * إن شرب قائمًا لحاجة لا بأس، والجلوس أفضل. يعني بين الصفا والمروة. (¬2) فيه من الفوائد: تسمية الولد علي اسم أبيه، وهكذا عبد الله بن عبد الله ابن أبي سلول وأمره النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬3) أدخل البعير في البيت من المرعى ليركبه.

78 - باب الطواف على وضوء

- صلى الله عليه وسلم - {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} ثم قال: أشهدكم أني قد أوجبت مع عمرتي حجًا. قال: ثم قدم فطاف لهما طوافًا واحدًا» (¬1). قال الحافظ: ... ولا أعلم أحدًا قال به غيره وغير أصحابه (¬2). قال الحافظ: ... ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافًا واحدًا طوافه الأول (¬3). 78 - باب الطواف على وضوء 1641 - عن عبد الرحمن بن نوافل القرشي أنه سأل عروة بن الزبير فقال: قد حج النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأخبرتني عائشة - رضي الله عنها - أنه أول شيء بدأ به حين قدم أنه توضأ ثم طاف بالبيت (¬4)، ثم لم تكن عمرة. ثم حج أبو بكر - رضي الله عنه - فكان أول شيء بدأ به الطواف بالبيت ثم لم تكن عمرة. ثم عمر - رضي الله عنه - مثل ذلك ... الحديث ... وهذا ابن عمر عندهم فلا ¬

(¬1) وهذا عام حصار ابن الزبير بمكة سنة 72. * ابن عمر مات سنة 73، أصابه شرخ في رجله. (¬2) ليس بشيء. (¬3) وهذا هو المتعين. (¬4) هذا الحديث عن عروة. - فيه البداءة بالطواف في القران. - وفيه البداءة بالطهارة، وهو معنى المنقول عن ابن عباس (الطواف بالبيت صلاة). - ما فعله هؤلاء اجتهاد منهم، وإلا الإقدام بعمرة أفضل، وكأن مراد عروة الرد علي ابن عباس.

79 - باب وجوب الصفا والمروة، وجعل من شعائر الله

يسألونه ولا أحد ممن مضى ما كانوا يبدؤون بشيء حين يضعوا أقدامهم من الطواف بالبيت ثم لا يحلون. وقد رأيت أمي وخالتي حين تقدمان لا تبتدئان بشيء أول من البيت تطوفان به ثم لا تحلان». 79 - باب وجوب الصفا والمروة، وجعل من شعائر الله 1643 - عن الزهري قال عروة «سألت عائشة - رضي الله عنها - فقلت لها: أرأيت قول الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} فوالله ما على أحد جناح أن لا يطوف بالصفا والمروة ... والحديث ... قال أبو بكر: فأسمع هذه الآية نزلت في الفريقين كليهما: في الذي كانوا يتحرجون أن يطوفوا في الجاهلية بالصفا والمروة، والذي يطوفون ثم تحرجوا أن يطوفوا بهما في الإسلام من أجل أن الله تعالى أمر بالطواف بالبيت ولم يذكر الصفا، حتى ذكر ذلك بعدما ذكر الطواف بالبيت» (¬1). 80 - باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة وقال ابن عمر - رضي الله عنهما -: السعي من دار بني عباد إلى زقاق بني أبي حسين (¬2). 1649 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «إنما سعى (¬3) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالبيت وبين الصفا والمروة ليري المشركين قوته». ¬

(¬1) {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} ولم يذكر الطواف بينهما [يعني الصفا والمروة] وهذا عرف من فعله - صلى الله عليه وسلم -، وأمره لأصحابه، فالطواف بينهما فرض، كما هو الطواف بالبيت. (¬2) هذا معروف عندهم في ذلك الوقت؟ (¬3) الرمل.

81 - باب تقضى الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت وإذا سعي على غير وضوء بين الصفا والمروة

81 - باب تقضى الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت وإذا سعي على غير وضوء بين الصفا والمروة 1650 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قدمت مكة وأنا حائض، ولم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة، قالت: فشكوت ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «افعلي كما يفعل الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري» (¬1). 1652 - .... الحديث ... فلما قدمت أم عطية - رضي الله عنها - سألتها أو قالت: سألناها- فقالت وكانت لا تذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا قالت: بأبي- فقلنا: أسمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول كذا وكذا؟ قالت: نعم بأبي (¬2). فقال: «لتخرج العواتق ذوات الخدور» ... الحديث. 82 - باب الإهلال من البطحاء وغيرها للمكي وللحاج إذا خرج إلى منى وسئل عطاء عن المجاور يلبي بالحج، قال: وكان ابن عمر - رضي الله عنهما - يلبي يوم التروية إذا صلى الظهر واستوي على راحلته. وقال عبد الملك عن عطاء عن جابر - رضي الله عنه -: قدمنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فأحللنا حتى يوم التروية وجعلنا مكة بظهر لبينا بالحج. وقال أبو الزبير عن جابر: أهللنا من البطحاء (¬3). وقال عبيد بن جريج لابن عمر - رضي الله عنهما -: رأيتك ¬

(¬1) ولم يقل ولا تسعي والطهارة للسعي مستحبة. (¬2) أفدية بأبي. (¬3) الأبطح هو المحصب، مكان نزولهم، وهكذا أهل مكة يحرمون هذا اليوم. * المقصود من هذا الباب أن السنة للحجاج أن يهلوا يوم التروية يوم الثامن، ويتجهون إلى منى فيصلون الظهر فيها.

83 - باب أين يصلي الظهر يوم التروية؟

إذا كنت بمكة أهل الناس رأوا الهلال ولم تهل أنت حتى يوم التروية، فقال: لم أر النبي - صلى الله عليه وسلم - يهل حتى تنبعث به راحلته» (¬1). 83 - باب أين يصلي الظهر يوم التروية؟ 1654 - حدثنا إسماعيل بن أبان حدثنا أبو بكر عن عبد العزيز قال: «خرجت إلى منى يوم التروية فلقيت أنسًا - رضي الله عنه - ذاهبًا على حمار، فقلت: أين صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا اليوم الظهر؟ فقال: انظر حيث يصلي أمراؤك فصل» (¬2). 84 - باب الصلاة بمنى 1657 - عن عبد الرحمن بن يزيد عبد الله - رضي الله عنه - قال: «صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ركعتين، ومع أبي بكر - رضي الله عنه - ركعتين، ومع عمر - رضي الله عنه - ركعتين، ثم تفرقت بكم الطرق، فياليت حظي من أربع ركعتان متقبلتان» (¬3). ¬

(¬1) من جاء الثامن الأفضل جعلها عمرة، وحتى التاسع، ثم يتجه لعرفات. (¬2) كأنه خاف عليه من الشقاق والخلاف، وإلا الأمر واضح ظهر الثامن بمنى، وعصر الثالث عشر بالأبطح، والأفضل للحجاج كذلك. (¬3) يشير إلى ما وقع من إتمام عثمان، وأعذاره عند العلماء معروفة. - لأنه تأهل. - ليتعلم الأعراب ... لكن السنة القصر.

85 - باب صوم يوم عرفة

85 - باب صوم يوم عرفة 1658 - عن عمر مولى أم الفضل عن أم الفضل «شك الناس يوم عرفة في صوم النبي - صلى الله عليه وسلم - فبعث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بشراب فشربه» (¬1). ¬

(¬1) سألت شيخنا عن هذا الحديث فقلت: ظاهره أنه ما أكل شيئًا؟ فقال: لا، لله أكل في مكان نزوله ولكن المقصود تناوله أما الناس لتيأسوا به. * فائدة: حديث: «نهي عن صوم يوم عرفة بمعرفة» الحديث رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وأحمد والحاكم والبيهقي، ومداره علي مهدي الهجري، وفيه مقال، ولكن شيخنا قال: الحديث جيد لا بأس به. * قلت: الأعذار في إتمام عثمان: 1 - أنه تأهل. 2 - أنه أمير المؤمنين، وكل بلد له دار. 3 - أنه عزم علي الإقامة بمكة. 4 - أنه استجد أرضًا بمنى. 5 - أنه كان يسبق الناس إلى منى، وردها الحافظ (2/ 570) فتح. 6 - أن القصر خاص بالسائر المسافر. 7 - أنه أراد تعليم الأعراب، وقوى هذين ابن حجر. وأما عائشة فقالت: إنه لا يشق علي.

86 - باب التلبية والتكبير إذا غدا من منى إلى عرفات

86 - باب التلبية والتكبير إذا غدا من منى إلى عرفات 1659 - عن محمد بن أبي بكر الثقفي أنه سأل أنس بن مالك- وهما غاديان من منى إلى عرفة- كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: كان يهل منا المهل فلا ينكر عليه، ويكبر منا المكبر فلا ينكر عليه» (¬1). 87 - باب التهجير بالرواح يوم عرفة 1660 - عن ابن شهاب عن سالم قال: كتب عبد الملك إلى الحجاج أن لا يخالف ابن عمر في الحج. فجاء ابن عمر - رضي الله عنه - وأنا معه يوم عرفة حين زالت الشمس، فصاح عنده سرادق الحجاج، فخرج وعليه ملحفة معصفرة فقال: مالك يا أبا عبد الرحمن؟ فقال: الرواح إن كنت تريد السنة. قال: هذه الساعة؟ قال: نعم. قال: فأنظرني حتى أفيض على رأسي ثم أخرج. فنزل حتى خرج الحجاج، فسار بيني وبين أبي، فقلت إن كنت تريد السنة فاقصر الخطبة وعجل الوقوف (¬2). فجعل ينظر إلى عبد الله، فلما رأي ذلك عبد الله قال: صدق». ¬

(¬1) يلبي، وهكذا من مكة إلى منى، ومن عرفات إلى مزدلفة، ومن مزدلفة إلى منى، وكذا لو هلل وسبح، لكن التلبية أفضل، وكونهم أقرهم يدل علي أن الأمر واسع. (¬2) يخطب الناس أو الوقت، ولا يطيل ثم يصلي.

89 - باب الجمع بين الصلاتين بعرفة

89 - باب الجمع بين الصلاتين بعرفة وكان ابن عمر - رضي الله عنهما - إذا فاتته الصلاة مع الإمام جمع بينهما. 1662 - عن عقيل بن ابن شهاب قال: «أخبرني سالم أنا الحجاج بن يوسف- عام نزل (¬1) بابن الزبير - رضي الله عنهما - سأل عبد الله - رضي الله عنه -: كيف تصنع في المواقف يوم عرفة؟ فقال سالم: إن كنت تريد السنة فهجر بالصلاة يوم عرفة. فقال عبد الله بن عمر: صدق، إنهم كانوا يجمعون بين الظهر والعصر في السنة (¬2). فقال لسالم: أفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال سالم: وهل يتبعون بذلك إلا سنته؟ ». 90 - باب قصر الخطبة بعرفة عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله «أن عبد الملك بن مروان كتب إلى الحجاج أن يأتم بعبد الله بن عمر في الحج، فلما كان يوم عرفة جاء ابن عمر - رضي الله عنهما - وأنا معه حين زاغت الشمس- أو زالت- فصاح عند فسطاطه: أين هذا؟ فخرج إليه، فقال ابن عمر: الرواح. فقال: الآن؟ قال: نعم. قال: أنظرني أفيض عليَّ ماء. فنزل ابن عمر - رضي الله عنهما - حتى خرج، فسار بيني وبين أبي، فقلت: إن كنت تريد أن تصيب السنة اليوم فاقصر (¬3) الخطبة وعجل الوقوف. فقال ابن عمر: صدق». ¬

(¬1) سنة 72. حديث النهي ثابت، واستنكره العقيلي وليس بجيد. قلت: هو حديث: «نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة». (¬2) أي في حكم السنة. (¬3) هذا التقصير نسبي.

91 - باب الوقوف بعرفة

91 - باب الوقوف بعرفة 1664 - عن جبير بن مطعم قال: أضللت بعيرًا لي، فذهبت أطلبه يوم عرفة، فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - واقفًا بعرفة (¬1)، فقلت: هذا والله من الحمس، فما شأنه ها هنا؟ ». 1665 - عن هشام عن عروة قال عروة: «كان الناس يطوفون في الجاهلية عراة إلا الحمس- والحمس قريش وما ولدت- وكانت الحمس يكتسبون على الناس، يعطي الرجل الرجل الثياب يطوف فيها (¬2)، وتعطى المرأة المرأة الثياب تطوف فيها، فمن لم يعطه الحمس طاف بالبيت عريانًا. وكان يفيض جماعة الناس من عرفات ويفيض الحمس من جمع. قال: وأخبرني أبي عن عائشة - رضي الله عنها - أن هذه الآية نزلت في الحمس {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} قال: كانوا يفيضون من جمع فدفعوا إلى عرفات». قال الحافظ: ... فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الجاهلية يقف مع الناس بعرفة على جمع له ثم يصبح مع قومه بالمزدلفة فيقف معهم ويدفع إذا دفعوا (¬3). ¬

(¬1) * وهل يغتسل لأحل الوقوف بعرفة؟ قلت: روي عن علي بسند صحيح من قوله، انظر البيهقي (3/ 278). قبل الهجرة. (¬2) وهذا من خرافات الجاهلية. (¬3) هذه الرواية تدل علي أنه قبل النبوة.

92 - باب السير إذا دفع من عرفة

قال الحافظ: ... وكانوا إذا أهلوا بحج أو عمرة لا يأكلون لحمًا ولا يضربون وبرًا ولا شعرًا. قال الحافظ: ... تحمس تشدد (¬1)، ومنه حمس الوغى إذا اشتد (¬2). قال الحافظ: ... ويحتمل أن يكون لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقفة بعرفة قبل الهجرة انتهى ملخصًا. وهذا الأخير هو المعتمد كما بينته قبل بدلائله (¬3). 92 - باب السير إذا دفع من عرفة 1666 - عن هشام بن عروة عن أبيه بأنه قال: «سئل أسامة وأنا جالس: كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسير في حجة الوداع حين دفع؟ قال: كان يسير العنق، فإذا وجد فجوة نص» (¬4). قال هشام: والنص فوق العنق. قال أبو عبد الله: فجوة: متسع، والجميع فجوات وفجاء، وكذلك ركوة وركاء. مناص ليس حين فرار. ¬

(¬1) لعله لا يبنون، فلا يستطيعون. (¬2) هذا هو معروف، ومنه الآن تحمس فلا لكذا، تشدد فيه. (¬3) مراد جبير قبل حجة الوداع بيقين، إما قبل الهجرة، وإما قبل البعثة. (¬4) كان يمشي بالهدوء والسكينة ولهذا كان يقول للناس: السكينة السكينة، ويشير بيده، والمعنى: ألزموا، وإذا وجد متسعا حرك، فالواجب على الحجاج ألا يضر بعضهم بعضًا. وفيه الحديث فوائد. - لا حرج من النزول في الطريق بين عرفة ومزدلفة إذا دعت الحاجة، وهكذا في طريقه إلى منى إذا دعت الحاجة. - جواز الإعانة على الضوء، وظاهره أنه استجمر.

94 - باب أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالسكينة عند الإفاضة، وإشارته إليهم بالسوط

قال الحافظ: .... وأما اعتلال ابن عبد البر بأن الوضوء لا يشرع مرتين لصلاة واحدة فليس بلازم لاحتمال أنه توضأ ثانيًا عن حدث طارئ، وليس الشرط بل ذهب جماعة إلى جوازه وإن كان الأصح خلافه (¬1). 94 - باب أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالسكينة عند الإفاضة، وإشارته إليهم بالسوط 1671 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه دفع مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم عرفة، فسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - وراءه زجرًا شديدًا وضربًا وصوتًا للإبل، فأشار بسوطه إليهم وقال: «أيها الناس، عليكم السكينة، فإن البر ليس بالإيضاح» (¬2). 95 - باب الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة 1672 - عن كريب عن أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - أنه سمعه يقول: دفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عرفة، فنزل الشعب فبال، ثم توضأ ولم يسبغ (¬3) الوضوء. فقلت له: الصلاة. فقال: «الصلاة أمامك». فجاء المزدلفة فتوضأ ¬

(¬1) - لم يصل في الطريق، وقال: الصلاة أمامك، يعني في مزدلفة. - جواز الإرداف على الدابة اثنان ثلاثة، إن كانت مطيقة. - تواضعه - صلى الله عليه وسلم -. - يلبي عند انصرافه من عرفة ومن مزدلفة. قرئ هذا على الشيخ وقال: الأمر واسع. وقال: الأفضل ألا يعيد حتى يصلي؛ لأن هذا تكلف. قلت: انظر مجموع الفتاوى (21/ 376). (¬2) الإسراع. (¬3) قد يكون أحدث، أو للنشاط.

96 - باب من جمع بينهما ولم يتطوع

فأسبغ، ثم أقيمت الصلاة فصلي المغرب، ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله، ثم أقيمت الصلاة فصلى، ولم يصل بينهما». 96 - باب من جمع بينهما ولم يتطوع 1673 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: «جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - بين المغرب والعشاء بجمع، كل واحدة منهما بإقامة ولم يسبح بينهما، ولا على إثر كل واحدة منهما» (¬1). 97 - باب من أذن وأقام لكل واحدة منهما 1675 - عن عبد الرحمن بن يزيد قال: «حج عبد الله - رضي الله عنه -، فأتينا المزدلفة حين الأذان بالعتمة أو قريبًا من ذلك، فأمر رجلًا فأذن وأقام، ثم صلى المغرب، وصلى بعدها ركعتين، ثم دعا بعشائه فتعشى، ثم أمر- أرى رجلًا- فأذن فأقام» قال عمرو لا أعلم الشك إلا من زهير «ثم صلى العشاء ركعتين (¬2)، فلما طلع الفجر قال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يصلي هذه الساعة إلا هذه الصلاة في هذا المكان من هذا اليوم. قال عبد الله: هما صلاتان تحولان عن وقتهما: صلاة المغرب بعدما يأتي الناس المزدلفة، والفجر حين يبزغ الفجر (¬3)، قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعله». ¬

(¬1) لو فصل نصف ساعة لا حرج. (¬2) الظاهر أنه نسي؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يصل ركعتين، ولعله لطول عهده، وكذا أذان العشاء الثاني نسي، والأكثر على أنه أذان واحد وإقامتين، ولأن هذا سنته في الأسفار. (¬3) التكبير بالفجر بعد تحقق دخول وقتها ليتسع وقت الذكر.

قال الحافظ: ... «ولم يتطوع قبل كل واحدة منهما ولا بعدها» (¬1). قال الحافظ: ... ولو تأتى له ذلك في حق عمر- لكونه كان الإمام الذي يقيم للناس حجهم- لم يتأت له في حق ابن مسعود لأنه إن كان معه ناس من أصحابه لا يحتاج في جمعهم إلى من يؤذن لهم، وقد أخذ بظاهره مالك، وهو اختيار البخاري (¬2). وروى ابن عبد البر عن أحمد بن خالد أنه كان يتعجب من مالك حيث أخذ بحديث ابن مسعود وهو من رواية الكوفيين مع كونه موقوفًا ومع كونه لم يروه ويترك ما روى عن أهل المدينة وهو مرفوع، قال ابن عبد البر: وأعجب أنا من الكوفيين (¬3) حيث أخذوا بما رواه أهل المدينة وهو أن يجمع بينهما بأذان وإقامة واحدة (¬4). قال الحافظ: ... وكأنه كان يراه من الأمر الذي يتخير فيه الإنسان، وهو المشهور عن أحمد، واستدل بحديث (¬5) ابن مسعود على جواز التنفل ... قال الحافظ: ... وإنما أراد أنها وقعت قبل الوقت المعتاد فعلها فيه في الحضر (¬6). ¬

(¬1) هذه الرواية توافق الأحاديث المشهورة. (¬2) ما يلزم أنه اختياره. (¬3) وهذا ما يدل على تحري السنة من أهل الكوفة، وليس العجب منهم، العجب من مالك كيف يأخذ بالموقوف؟ . (¬4) بأذان واحد وإقامتين، والعبارة غير مستقيمة. (¬5) هذا من أغرب الأشياء، حجة واحدة ومع هذا يقع هذا الخلاف، فهذا يدل علي ضعف الإنسان. (¬6) هذا هو المراد.

98 - باب من قدم ضعفة أهل بليل، فيقفون بالمزدلفة ويدعون، ويقدم إذا غاب القمر

98 - باب من قدم ضعفة أهل بليل، فيقفون بالمزدلفة ويدعون، ويقدم إذا غاب القمر 1978 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - يقول: «أنا ممن قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة المزدلفة في ضعفة أهله» (¬1). 1679 - عن عبد الله مولى أسماء عن أسماء أنها نزلت ليلة جمع عند المزدلفة فقامت تصلي، فصلت ساعة ثم قالت: يا بني هل غاب القمر؟ قلت: لا (¬2). فصلت ساعة ثم قالت: هل غاب القمر؟ قلت: نعم. قالت: فارتحلوا، فارتحلنا ومضينا، حين رمت الجمرة، ثم رجعت فصلت الصبح في منزلها. فقلت: يا هنتاه، ما أرانا إلا قد غلسنا. قالت: يا بني، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أذن للظعن». ¬

(¬1) قلت الوتر في مزدلفة فيه: - محافظته على الوتر حضرًا وسفرًا، ولا معارض لذلك أصلًا. - صلاة أصحابه تلك الليلة. - لم ينم تلك الليلة كلها، لأنه بعث ضعفه أهله. - أن قول الراوي: ولا علي إثر واحدة، لا ينفي الصلاة فيما بعد ذلك، علي أنه قد تفرد ابن أبي ذئب عن الزهري بهذا الحرف، وفي روايته عن الزهري كلام معروف، كما بينت ذلك بتوسع في شرح كتاب الحج من بلوغ المرام. - وهو قول سماحة الشيخ، وكذلك ابن عثيمين، وانظر (10/ 124 إعلاء السنن). * قلت: وفي مزدلفة ثلاثة أقوال: - ركن - واجب - سنة. (¬2) يدل علي أنهم يصلون من الليل في تلك الليلة، وأنه معروف عندهم.

1681 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «نزلنا المزدلفة، فاستأذنت النبي - صلى الله عليه وسلم - سودة أن تدفع قبل حطمة الناس- وكانت امرأة بطيئة- فأذن لها، فدفعت قبل حطمة الناس، وأقمنا حتى أصبحنا نحن، ثم دفعنا بدفعه، فلأن أكون استأذنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما استأذنت سودة أحب إلى من مفروح (¬1) به» (¬2). قال الحافظ: ويؤيده ما أخرجه الطحاوي من طريق شعبة مولى ابن عباس عنه قال: «بعثني النبي - صلى الله عليه وسلم - مع أهله وأمرني أن أرمي مع الفجر» (¬3). ¬

(¬1) * الانصراف بعد غياب القمر هو الأفضل للضعفة: النساء الصبيان الشيوخ المرضي .. * من الأدلة علي الرمي قبل طلوع الشم: أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يستفصل عند سؤالهم: حلقت قبل أن ارمي، هل هو قبل طلوع الشمس أم لا؟ * وحديث: «لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس» ضعيف، ولو صح لكان المراد الأفضلية، فالصبيان من الضعفة. قلت: وضعفه البخاري في التاريخ الأوسط (1/ 331) المسمى بالصغير وهمًا. * من كان مع الضعفة من خدم وسائقين فحكمه حكمهم، يرمي معهم. لما فيه من قبول الرخصة. (¬2) ما أحبت أن تخالف، أحبت أن تكون مع النبي - صلى الله عليه وسلم -. * رب العائلة مخير إن شاء قدم العائلة أو قدم البعض. * الاستئذان للضعفة ألا يدل علي وجوب المبيت للأقوياء؟ * المبيت الأفضل فالضعيف ومن معه من الأقوياء. (¬3) قلت: هو عند الطحاوي بلفظ «كنت فيمن بعض به النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر، فرمينا الجمرة مع الفجر» (1/ 215) فهو من فعله - رضي الله عنه -.

99 - باب متى يصلي الفجر بجمع

99 - باب متى يصلي الفجر بجمع 1682 - عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: «ما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة لغير ميقاتها، إلا صلاتين: جمع بين المغرب والعشاء، وصلى الفجر قبل ميقاتها» (¬1). 100 - باب متى يدفع من جمع 1684 - عن أبي إسحاق سمعت عمرو بن ميمون يقول: شهدت عمر - رضي الله عنه - صلى بجمع الصبح، ثم وقف فقال: إن المشركين كانوا لا يفيضون حتى تطلع الشمس، يقولون: أشرق (¬2) ثبير. وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - خالفهم، ثم أفاض قبل أن تطلع الشمس». ¬

(¬1) * حمل حديث ابن عباس علي الندب. * قلت: المسالة أعني رمي الجمرة قبل طلوع الشمس مبحوثة في مجلة البحوث (5/ 22). جمعه بين المغرب والعشاء معروفة في أسفاره، في الأحاديث الصحيحة، فلعله نسي وكذا الظهر والعصر، أما الفجر بكر بها لكن في الوقت. * هذا من اجتهاده - رضي الله عنه -، رأي أن وقت المغرب ما دامت جمعت مع العشاء واسع، والسنة معروفة. * سألت الشيخ: عمن وصل إلى المزدلفة المغرب؟ قال: يصلي عند وصول قبل حط الرحال، ولو في وقت المغرب. (¬2) تساهل في العبارة، وإلا الإشراق ليس لثبير. قلت: للتمني كقول الشاعر: ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي ...

101 - باب التلبية والتكبير غداة النحر حين ترمي الجمرة، والارتداف في السير.

101 - باب التلبية والتكبير غداة النحر حين ترمي الجمرة، والارتداف في السير. 1686، 1687 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - «أن أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - كان ردف النبي - صلى الله عليه وسلم - من عرفة إلى المزدلفة، ثم أردف الفضل من المزدلفة إلى منى، قال فكلاهما قالا: لم يزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يلبى حتى رمى جمرة العقبة» (¬1). قال الحافظ: ... واختلفوا أيضًا هل يقطع التلبية مع رمي أول حصاة أو عند تمام الرمي؟ فذهب إلى الأول الجمهور، وإلى الثاني (¬2) أحمد وبعض أصحاب الشافعي ويدل لهم ما روى ابن خزيمة (¬3) من طريق جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن الحسين عن ابن عباس عن الفضل. ¬

(¬1) يلبي الحجاج في سيرهم من مكة إلى منى، ومن منى إلى عرفات، ومن عرفات إلى مزدلفة، ومن مزدلفة إلى منى. (¬2) كلام ابن التركماني علي البيهقي يفيد الجمع بينهما؛ لرواية ابن حزم، وأثر بن مسعود. (¬3) والبيهقي. * سألت الشيخ هل يقطع التلبية مع أول حصاة أو مع آخر حصاة؟ فقال: مع أول حصاة، فذكر له هذا. وقرئ على الشيخ، فقال: هذا نفرد به ابن خزيمة، والمعروف في الروايات الأول. قلت: وانظر سنن البيهقي: (5/ 137، 138) وكلام التركماني الحاشية.

102 - باب {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري ا

102 - باب {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 196] 1688 - أخبرنا شعبة حدثنا أبو جمرة (¬1) قال: «سألت ابن عباس - رضي الله عنهما - عن المتعة فأمرني بها، وسألته عن الهدي فقال فيها جزور أو بقرة أو شاة أو شرك في دم (¬2). قال: وكأن ناسًا كرهوها، فنمت فرأيت في المنام كأن إنسانًا ينادي: حج مبرور، ومتعة متقبلة. فأتيت ابن عباس - رضي الله عنهما - فحدثته، فقال: الله أكبر، سنة أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم -». ¬

(¬1) نصر الضبعي وفرح ابن عباس لموافقته الحق، وكان علي وابن عباس يفتون بمثله. (¬2) الواجب السبع، والباقي تطوع، كم لو أهدى سبع بقرة أو بدنة. * سألت الشيخ: عن شركات الراجحي وغيرها؟ فقال: قد خرجت فتاوى بالدفع لهم، والاكتفاء بذلك. * من ذبح عن ابنه هل يجزي؟ إن كان ينفق عليه نعم، وإن استقل لا.

103 - باب ركوب البدن

103 - باب ركوب البدن 1690 - عن أنس - رضي الله عنه - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأي رجلًا يسوق بدنة فقال: «اركبها». قال: إنها بدنة قال: «اركبها». قال: إنها بدنة. قال: «اركبها». ثلاثة» (¬1). قال الحافظ: اركبها بالمعروف إذا ألجئت (¬2) إليها حتى تجد ظهرًا. قال الحافظ: ... وقال مالك لا يشرب من لبنه فإن شرب لم يغرم (¬3). 108 - باب إشعار البدن (¬4) 1699 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «فتلت قلائد هدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم أشعرها وقلدها- أو قلدتها- ثم بعث إلى بها إلى البيت وأقام بالمدينة فما حرم عليه شيء كان له حل». ¬

(¬1) هل يكري البدنة؟ الأقرب لا، ولم أبحثها من قبل. والمعني: لا حرج في ركوبها لو ألجي إليها من غير إيذاء لها، كما لو أعدها لأضحية، أو هدي. * من ركبها ينتقل بها بين المشاعر؟ لا حرج. (¬2) من ركبها مع وجود غيرها؟ الأقرب لا؛ لقوله: «إذا ألجئت إليها». (¬3) قال شيخنا يشرب من لبنها (بعدما سئل). (¬4) قلت: البدن سميت بذلك لعظم بدنها، أو لأنها تبدن أي تسمن، وقيل: تختص الإبل؛ لحديث «من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة».

109 - باب من قلد القلائد بيده

109 - باب من قلد القلائد بيده 1700 - عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن عمرة بن عبد الرحمن أنها أخبرته «أن زياد بن أبي سفيان كتب إلى عائشة - رضي الله عنها -: إن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال: من أهدى هديًا حرم عليه ما يحرم على الحاج حتى ينحر هديه. قالت عمرة: فقالت عائشة - رضي الله عنها -: ليس كما قال ابن عباس، أنا فتلت قلائد هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي، ثم قلدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيديه، ثم بعث بها مع أبي، فلم يحرم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيء (¬1) أحله الله له حتى نحر الهدى». 113 - باب الجلال للبدن وكان ابن عمرو - رضي الله عنهما - لا يشق من الجلال إلا موضع السنام وإذا نحرها نزع جلالها مخافة أن يفسدها الدم ثم يتصدق بها. 1707 - عن على - رضي الله عنه - قال: «أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أتصدق بجلال البدن التي نحرت وبجلودها» (¬2). ¬

(¬1) بخلاف المضحي؛ لحديث أم سلمه: «فلا يأخذ من شعره ولا من بشره» وابن عباس اجتهد. * وفيه أن الغنم لا تشعر. (¬2) يدل على أن علاجها تبع لها، وهو كساء يوضع على السنام، ويشق حتى يستقر، فإن رأى أنه يعطيه الفقراء فهو تبع، وإن رأي أنه يرجع فيه فهو علي نيته.

114 - باب من اشترى هدية من الطريق وقلدها

114 - باب من اشترى هّدْية من الطريق وقلدها 1708 - عن موسى بن عقبة عن نافع قال: «أراد ابن عمر - رضي الله عنهما - الحج، عام حجة الحرورية في عهد ابن الزبير - رضي الله عنهما -، فقيل له: إن الناس كائن بينهم قتال ونخاف أن يصدوك ... الحديث ... وأهدى هديًا مقلدًا اشتراه، حتى قدم فطاف بالبيت وبالصفا، ولم يزد على ذلك ولم يحلل من شيء حرم منه حتى يوم النحر، فحلق ونحر، ورأى أن قد قضى طوافه للحج والعمرة بطوافه الأول (¬1)، ثم قال: كذا صنع النبي - صلى الله عليه وسلم -». قال الحافظ: ... ونزول الحجاج بابن الزبير كان في سنة ثلاثة وسبعين (¬2). 115 - باب ذبح الرجل البقر عن نسائه من غير أمرهن 1709 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لخمس بقين من ذي القعدة لا نرى إلا الحج، فلما دنونا من مكة أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من لم يكن معه هدي إذا طاف وسعى بين الصفا والمروة أن يحل. قالت: فدخل علينا يوم النحر بلحم بقر، فقلت: ما هذا؟ قال: نحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أزواجه (¬3). قال يحيى: فذكرته للقاسم فقال: أتتك بالحديث على وجهه». ¬

(¬1) يعني بين الصفا والمروة. (¬2) اثنان وسبعون بآخرها. * وكأن الشيخ قال: ثلاثة وسبعين، لكن قال يراجع. قلت: أرخه ابن العماد في سنة 73، وذكر في سنة 72 بعث عبد الملك الحجاج لابن الزبير. (¬3) الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو القائم بأمرهن، والمتكفل بنفقتهن، وحججن علي حسابه.

116 - باب النحر في منحر النبي - صلى الله عليه وسلم - بمنى

116 - باب النحر في منحر النبي - صلى الله عليه وسلم - بمنى 1711 - عن موسى بن عقبة عن نافع «أن ابن عمر - رضي الله عنهما - كان يبعث بهدية من جمع من آخر الليل حتى يدخل به منحر النبي - صلى الله عليه وسلم - مع حجاج فيهم الحر والمملوك» (¬1). 117 - باب من نحر هديه بيده 1712 - عن أبي قلابة عن أنس- وذكر الحديث- قال: «ونحر النبي - صلى الله عليه وسلم - بيده (¬2) سبع بدن قيامًا، وضحى بالمدينة كبشين أملحين أقرنين، مختصرًا». 118 - باب نحر الإبل مقيدة 1713 - عن زياد بن جبير قال: «رأيت ابن عمر - رضي الله عنهما - أتى على رجل قد أناخ بدنته ينحرها، قال: ابعثها قيامًا مقيدة (¬3) سنة محمد - صلى الله عليه وسلم -». 119 - باب نحر البدن قائمة 1714 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: «صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الظهر بالمدينة أربعًا، والعصر بذي الحليفة ركعتين فبات بها، فلما أصبح ركب راحلته، ¬

(¬1) الأفضل النحر بمنى، ولو نحر في مكة جاز. * الهدي يذبح في الحرم، ولا بأس بإخراجه بعد، أما دم الجبران فيذبخ ويوزع مكة ولا يخرج باللحم من الحرم، بل هو لفقرائه. (¬2) الأفضل النحر بيده وكذا الأضحية، وإن استناب جاز. (¬3) أراد المؤلف بيان السنة في النحر، وأنها تنحر قائمة علي ثلاث، وتعقل الرابعة إحدى يديها ويتمكن سقوطها؛ لئلا تنفر، وأما البقر والغنة تذبح علي جنبها الأيسر، هذا هو الأفضل، وإن نحرت لا حرج.

120 - باب لا يعطي الجزار من الهدي شيئا

فجعل يهلل ويسبح. فلما علا على البيداء لبى بهما جميعًا. فلما دخل مكة أمرهم أن يحلوا ونحر النبي - صلى الله عليه وسلم - بيده سبع بدن قيامًا، وضحى بالمدينة كبشين أملحين أقرنين» (¬1). 120 - باب لا يعطي الجزار (¬2) من الهدي شيئًا 1716 - عن علي - رضي الله عنه - قال: «بعثني النبي - صلى الله عليه وسلم - فقمت علي البدن، فأمرني فقسمت لحومها ثم أمرني فقسمت جلالها وجلودها (¬3)». 1716 - عن علي - رضي الله عنه - قال: «أمرني النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أقوم على البدن، ولا أعطي عليها شيئًا في جزارتها». قال الحافظ: ... وأصح منه ما وقع عند مسلم في حديثه جابر الطويل فإن فيه «ثم انصرف النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المنحر فنحر ثلاثًا (¬4) وستين بدنة. ¬

(¬1) الحلقوم والمريء قطعها يكفي علي الصحيح، وبعده مع أحد الودجين، والكمال الأربعة. * فيه: خلط التلبية مع التهليل والتسبيح. * هل يحصل إنهار الدم بقطع الحلقوم والمريء؟ نعم. (¬2) القصاب لا يعطى أجره من الهدي، بل يعطيه من غير ذلك، وفيه تقسيم جلودها وجلالها، هذا إذا نوى وإذا لم ينو لا يلزمه. (¬3) الجلد لا يباع، يتصدق به. (¬4) قلت: قال أبو حاتم بن حبان (العلة في نحر المصطفي ثلاثًا وستين بيده ... انه لم في ذلك اليوم كانت ثلاثة وستين سنة ونحر لكل سنة بدنة» الإحسان (9/ 252).

124 - باب ما يأكل من البدن وما يتصدق

124 - باب ما يأكل من البدن وما يتصدق وقال عبد الله أخبرني نافع عن ابن عمر - رضي الله عنهما -: لا يؤكل من جزاء الصيد والنذر ويؤكل مما سوى ذلك. وقال عطاء: يأكل ويطعم من المتعة. 1719 - حدثنا عطاء سمع جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - يقول: «كنا نأكل (¬1) من لحوم بدننا فوق ثلاث منى، فرخص لنا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «كلوا وتزودوا»، فأكلنا وتزودنا (¬2)» قلت لعطاء: أقال حتى جئنا المدينة؟ قال: لا. 125 - باب الذبح قبل الحلق 1722 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال رجل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: زرت قبل أن أرمي، قال: «لا حرج». قال: حلقت قبل أن أذبح، قال: «لا حرج»، قال: ذبحت قبل أن أرمي، قال: «لا حرج». وقال عبد الرحيم الرازي (¬3). 1723 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: رميت بعدما أمسيت (¬4)، فقال: «لا حرج». قال: حلقت قبل أن أنحر، قال: «لا حرج». ¬

(¬1) في الشرح: (لا نأكل) وهو الصواب. (¬2) في بيوتهم وطريقهم عند رجوعهم إلى المدينة، أو بلده. * الهدي والتطوع يأكل، ودم الجبران الواجب لا يأكل شيئًا. (¬3) وما بعدها للمتابعة. (¬4) بعد الزوال فلا يجب الضحى ... والرمي بالليل: الصواب يجزئ عن اليوم الماضي.

127 - باب الحلق والتقصير عند الإحلال

1724 - عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: «قدمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بالبطحاء فقال: «أحججت؟ » قلت: نعم. قال: «بما أهللت؟ » قلت: لبيك بإهلال كإهلال النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال: «أحسنت»، انطلق فطف بالبيت وبالصفا والمروة. ثم أتيت امرأة من نساء بني قيس (¬1) ففلت رأسي، ثم أهللت بالحج، فكنت أفتي به الناس حتى خلافة عمر - رضي الله عنه -، فذكرته له: إن نأخذ بكتاب الله فإنه يأمرنا بالتمام، وأن نأخذ بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يحل حتى بلغ الهدي محله». 127 - باب الحلق والتقصير عند الإحلال 1728 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اللهم اغفر للمحلقين»، قالوا وللمقصرين، قال: «اللهم اغفر للمحلقين»، قالوا وللمقصرين، قالها ثلاثًا (¬2) قال: «للمقصرين». قال الحافظ: ... ومن ثم استحب الصلحاء إلقاء الشعور عند التوبة والله أعلم (¬3). ¬

(¬1) يدل علي أالله عبد لله من أعمامها. (¬2) المحفوظ: ثلاث مرات للمحلقين، والرابعة للمقصرين، والمقصود الدلالة علي فصل الحلق (¬3) ما عليه دليل، من عمل الصوفية.

128 - باب تقصير المتمتع بعد العمرة

قال الحافظ: ... فقد تظاهرت الأحاديث في مسلم وغيره أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قيل له ما شأن الناس حلوا من العمرة ولم تحل أنت من عمرتك؟ فقال: «إني لبدت رأسي وقلدت هديي فلا أحلل حتى أنحر (¬1)». 128 - باب تقصير المتمتع بعد العمرة 1731 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة أمر أصحابه أن يطوفوا بالبيت وبالصفا والمروة، ثم يحلوا ويحلقوا أو يقصروا» (¬2). 129 - باب الزيارة يوم النحر وقال أبو الزبير عن عائشة وابن عباس - رضي الله عنهم - «أخر النبي - صلى الله عليه وسلم - الزيارة إلى الليل». ويذكر عن أبي حسان عن ابن عباس - رضي الله عنهما - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يزور البيت أيام منى» (¬3). ¬

(¬1) كلام النووي مضبوط وجيد. (¬2) وهذا في حق من لم يسق الهدي كما تقدم ... وغاليًا الأحاديث الأمر بالتقصير، التي وردت عن كبار الصحابة لقرب الحج. * المعتمد أفاض يوم النحر ورواية أبي الزبير التي علقها المؤلف شاذة مخالفة للأحاديث الصحيحة فهو طاف نهارًا، وصلى الظهر بمكة ولعل هذا وهم من أبي الزبير، أو من دونه. (¬3) ما أتى البيت إلا ثلاث مرات: طواف القدوم، وطواف الإفاضة، والوداع، هذا هو المحفوظ. قلت: هذا الحديث صححه بعض المتأخرين وليس هذا بشيء

130 - باب إذا رمى بعدما أمسى، أو حلق قبل أن يذبح ناسيا أو جاهلا

130 - باب إذا رمى بعدما أمسى، أو حلق قبل أن يذبح ناسيًا أو جاهلاً 1734 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل له في الذبح والحلق والرمي والتقديم والتأخير فقال: لا حرج» (¬1). 131 - باب الفُتيا على الدابة عند الجمرة 1738 - عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: «وقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ناقته (¬2) .. فذكر الحديث». ¬

(¬1) ما اعتني المؤلف بالمقام، ورواية أبي الزبير شاذة مع أن أبا الزبير مدلس. قيل للشيخ: تصحيح الألباني لرواية: (كان يزور البيت ... إلخ). فقال: مهما صححت فهي شاذة. * التقيد بالنسيان وقوله «لا أشعر» ليس بقيد، فلو فعلها عامدًا لا حرج. * سألت شيخنا: عمن طاف وسعى هل يحل؟ قال: قد يقال هذا لأنه إن حل بالرمي فالطواف أعظم .. فقلت: لو حل لا حرج .. ؟ قال إن شاء (كأنه لا شيء عليه). (¬2) يعني يوم النحر. والناس يسألونه. * قلت رواية «سعيت قبل أن أطوف» رواها أبو دواد وابن خزيمة من طريق أبي إسحاق الشيباني عن زياد بن علاقة عن أسامة، وخالفه في عدم ذكرها ابن عيينة وشعبة والمسعودي والمطلب والأجلح وأبو عوانة ومسعر ومحمد ابن جحادة، فهي زيادة شاذة ضعيفة، ومال الدارقطني إلى أن الشذوذ جاء من رواية جرير عن الشيباني في التفرد بها قال (2/ 251): ولم يقل سعيت قبل أن أطوف إلا جرير عن الشيباني ا. هـ.

132 - باب الخطبة أيام منى

132 - باب الخطبة أيام منى 1739 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب الناس يوم النحر فقال: «يا أيها الناس، أي يوم هذا؟ » قالوا: يوم حرام. قال: «فأي بلد هذا؟ » قالوا: بلد حرام. قال: «فأي شهر هذا؟ » قالوا: شهر حرام. قال: «فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا». فأعادها مرارًا. ثم رفع رأسه فقال: «اللهم هل بلغت؟ اللهم هل بلغت؟ » قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: فوالدي نفسي بيده، إنها لوصيته إلى أمته فليبلغ الشاهد الغائب (¬1)، لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض». ¬

(¬1) كلام الدارقطني وخالفه أيضًا أسباط بن محمد عن الشيباني فلم يذكرها. انظر شرح المعاني (2/ 236) والطبراني (473) وابن أبي شيبة في المصنف. انظر الكلام عليه موسعًا في شرح مشكل الآثار (15/ 281) وقلت: جرير هو ابن عبد الحميد، وهو وأسباط ثقتان من رجال الستة فكلام الدارقطني محتمل! وانظر المسند الجامع (1/ 142) وقد يغني عنها: ما سئل عن شيء قدم ولا أخر ... أخرجاه. قال شيخنا عندها: فنشهد أنه بلغ، عليه الصلاة والسلام. * اليوم يوم النحر، والشهر ذي الحجة، والبلد مكة، حرام في حرام في حرام. * قال شيخنا: ابن عباس آية من آيات هذا الرجل؛ لحرصه علي طلب العلم وحفظه.

133 - باب هل يبيت أصحاب السقاية أو غيرهم بمكة ليالي منى؟

1742 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - بمنى: «أتدرون أي يوم هذا؟ » ... الحديث ... «وقف النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر بين الجمرات في الحجة التي جمع بهذا (¬1)، وقال: «هذا يوم الحج الأكبر». فطفق النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «اللهم اشهد». وودع الناس فقالوا: هذه حجة الوداع». 133 - باب هل يبيت أصحاب السقاية أو غيرهم بمكة ليالي منى؟ 1745 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - «أن العباس - رضي الله عنه - استأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - ليبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته، فأذن له» (¬2). قال الحافظ: ... وفي الحديث دليل على وجوب المبيت بمنى وأنه من مناسك الحج لأن التعبير بالرخصة يقتضي أن مقابلها عزيمة وأن الإذن (¬3) وقع للعلة ¬

(¬1) بهذا المكان. * يوم الجمعة الأكبر هو يوم النحر، لما فيه من أعمال الحج، فأعظم أعمال الحج فيه. وقيل: يوم عرفة، والصواب ما تقدم؛ ولأن هذا ظاهر القرآن؛ لأن المؤذنين بالحج في يوم النحر. (¬2) لا بأس بأهل السقاية وأشباههم أن يبيتوا بمكة ليالي منى ليلة الحادي عشر والثاني والثالث عشر، وهكذا رعاة الإبل. * المبيت معظم الليل يكفي. (¬3) جندي شغل عن المبيت بمنى لأجل إصلاح الطرق ... ؟ لا بأس، معذور، ولو كان عمله في عرفات، كأهل السقاية. * يلحق المريض بأهل السقاية وأشباه ذلك من أهل الحاجات التي لابد لهم منها، ولا يستطيعون تركها.

المذكورة، وإذا لم توجد أو ما في معناها لم يحصل الإذن، وبالوجوب قال الجمهور، وفي قول الشافعي ورواية عن أحمد وهو مذهب الحنفية أنه سنة، ووجوب الدم بتركه مبني على هذا الخلاف ولا يحصل المبيت إلا بمعظم الليل، وهل يختص الإذن بالسقاية وبالعباس أو بغير ذلك من الأوصاف المعتبرة في هذا الحكم؟ فقيل وهم بنو هاشم، وقبل كل من احتاج إلى السقاية فله ذلك. ثم قيل أيضًا يختص الحكم بسقاية العباس حتى لو عملت سقاية لغيره لم يرخص لصاحبها في المبيت لأجلها، ومنهم من عممه وهو الصحيح في الموضعين، والعلة في ذلك إعداد الماء للشاربين، وهل يختص ذلك بالماء أو يلتحق به ما في معناه من الأكل غيره؟ محل احتمال. وجزم الشافعية بإلحاق من له مال يخاف ضياعه أو أمر يخاف فوته أو مريض يتعاهده بأهل السقاية، كما جزم الجمهور بإلحاق الرعاء الخاصة، وهو قول أحمد واختاره ابن المنذر، أعني الاختصاص بأهل السقاية والرعاء لإبل، والمعروف عن أحمد اختصاص العباس بذلك وعليه اقتصر صاحب المغنى، وقال المالكية: يجب الدم في المذكورات سوى الرعاء، قالوا: ومن ترك المبيت بغير عذر وجب عليه دم عن كل ليلة.

134 - باب رمي الجمار

134 - باب رمي الجمار وقال جابر: رمي النبي صلي الله يوم النحر ضحي، ورمي بعد ذلك بعد الزوال. 1746 - حدثنا أبو نعيم حدثنا مسعر عن وبرة قال: «سألت ابن عمر - رضي الله عنهما -: متى أرمي الجمار؟ قال: إذا رمى إمامك فارمه. فأعدت عليه المسألة، قال: كنا نتحين، فإذا زالت الشمس رمينا» (¬1). 135 - باب رمي الجمار من بطن الوادي 1747 - عن عبد الرحمن بن يزيد قال «رمى عبد الله من بطن الوادي، فقلت: يا أبا عبد الرحمن، إن ناسًا يرمونها من فوقها (¬2)، فقال: والذي لا إله غيره، هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة (¬3) - صلى الله عليه وسلم -». قال الحافظ: ... وتمتاز جمرة العقبة عن الجمرتين الأخريين بأربعة أشياء: ¬

(¬1) حديث «لا ترموا جمرة العقبة حتى تطلع ... » ضعيف، وإن صح فهو على الأفضلية. * السنة الرمي ضحى يوم النحر، وبعد بعد الزوال والقول قبله شاذ وفيه قول أنه قبل الزوال يوم النفر، وهو قول ضعيف. (¬2) عقبة هناك وقد أزيلت، فالحاصل جواز الرمي من جميع الجهات. (¬3) لوجود آيات الحج فيها.

اختصاصها بيوم النحر، وأن لا يوقف عندها، وترمى ضحى، ومن أسفلها استحبابًا (¬1). ¬

(¬1) يعنى لا يرمي من العقبة. * ظهره إلى الجنوب ووجهه إلى الشمال، منى عن يمينه والبيت على يساره، هذا أفضل. * من أجل رمي لجمار من حاجة للغد؟ خالف السنة (ولم يقل شيخنا عليه شيء). * جميع الجمار سبع، كل واحدة سبع، ولا يرمى باللبن، ولا بالنعل كما يفعل الجهال، ولقطها من منى أفضل. من ذهب أول الليل إلى مكة ولم يرجع إلا بعد الفجر لأجل الزحام؟ يتصدق بشيء * إذا ضاقت منى يكون المزدلفة أو بالعزيزية أو ما عرفه لابد منها. * من سقط عنه الوجوب في منى لأجل الزحان فلا يلزمه أن يبيت بقربها، بل يتخير في مزدلفة أو غيرها. قلت: وخالف الشيخ محمد بن عثيمين، فقال: يلزمه النزول قرب الحجيج. قلت: وهذا أقرب لأن المكث بالبقعة مقصود، وما قاربها أولى؛ لتحصيل هذا المقصود. وفي عصرنا طرحت مسألة أخري قريبة منها، وهي: هل يصح المكث بطائرة في هواء عرفات ويكون واقفًا بها؟ وذلك لبعض المرضيَ أو نحوهم؟ فأفتى بعضهم بصحته، وقاسه على المرور بالميقات فيحرم إذا حاذاه، كذا قال وبينهما فرق ظاهر، يظهر بأدنى تأمل.

138 - باب يكبر مع كل حصاة

138 - باب يكبر مع كل حصاة قال ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: 1750 - عن عبد الواحد حدثنا الأعمش قال: «سمعت الحجاج يقول على المنبر: السورة الذي يذكر فيها البقرة (¬1). والسورة التي يذكر فيها آل عمران، السورة التي يذكر فيها النساء. قال فذكرت ذلك لإبراهيم فقال: حدثني عبد الرحمن بن يزيد أنه كان مع ابن مسعود - رضي الله عنه - حين رمى جمرة العقبة فاستبطن الوادي، حتى إذا حاذى بالشجرة اعترضها فرمى بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة، ثم قال: من ها هنا- والذي لا إله غيره- مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة - صلى الله عليه وسلم -». 140 - باب إذا رمى الجمرتين يقوم مستقبل القبلة ويسهل 1751 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - «انه كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات يكبر على إثر كل حصاة (¬2)، ثم يتقدم حتى يسهل فيقوم مستقبل القبلة، فيقوم طويلًا، ويدعو ويرفع يديه، ثم يرمي الوسطي، ثم يأخذ ¬

(¬1) المقصود: لا بأس أن يقول: سورة البقرة .. وكلام الحجاج لا يعول عليه، ولعله أخذه من بعض الناس. * أصل مشروعية الجمار عروض الشيطان لإبراهيم - عليها السلام -. قلت: انظر في مسند أحمد تحقيق أحمد شاكر (4/ح 2707، ح 2795) والإسناد صحيح فيه أن الذبيح إسماعيل. (¬2) قلت للشيخ: أي بعد الزوال قبل الصلاة؟ قال: ظاهر السنة يرمي بعد الزوال قبل الصلاة، قلت: ألا يؤدي لتأخير الصلاة؟ قال: بلى، التأخير لأجل عمل صالح.

142 - باب الدعاء عند الجمرتين

ذات الشمال فيسهل ويقوم مستقبل القبلة، فيقوم طويلًا ويدعو، ويرفع يديه ويقوم طويلًا، ثم يرمي جمرة ذات العقبة من بطن الوادي، ولا يقف عندها، ثم ينصرف، ثم ينصرف فيقول: هكذا رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعله». 142 - باب الدعاء عند الجمرتين 1753 - أخبرنا يونس عن الزهري «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رمى الجمرة التي تلي مسجد منى يرميها بسبع حصيات، يكبر كلما رمى بحصاه، ثم تقدم أمامها فوقف مستقبل القبلة، رافعًا يديه يدعو، وكان يطيل الوقوف (¬1)، ثم يأتي الجمرة الثانية فيرميها بسبع حصيات، يكبر كلما رمى بحصاة، ثم ينحدر ذات اليسار مما يلي الوادي، فيقف مستقبل القبلة رافعًا يديه يدعو. ثم يأتي الجمرة التي عن العقبة فيرميها بسبع حصيات، يكبر عند كل حصاة، ثم ينصرف ولا يقف عندها». قال الحافظ: ... كان ابن عمر يقوم عند الجمرتين مقدار ما يقرأ سورة البقرة (¬2). ¬

(¬1) أراد بتكرار التراجم التنبيه علي طول القيام و ... (¬2) نسبة ابن القيم في الهدي في صلب الحديث الذكور في البخاري فلعله وهم والمحفوظ من قبل ابن عمر.

143 - باب الطيب بعد رمي الجمار، والحلق قبل الإفاضة

143 - باب الطيب بعد رمي الجمار، والحلق قبل الإفاضة 1754 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «طيبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي هاتين حين أحرم، ولحله حين أحل قبل أن يطوف. وبسطت يديها» (¬1). قال الحافظ: ... والتحلل الأول يقع بأمرين من ثلاثة: الرمي والحلق والطواف، فلولا أنه حلق بعد أن رمى لم يتطيب. وفي هذا الحديث حديث لمن أجاز الطيب وغيره من محظورات (¬2) الإحرام بعد التحلل الأول. 144 - باب طواف الوداع 1755 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن الحائض» (¬3). 145 - باب إذا حاضت المرأة بعدما أفاضت 1757 - عن عائشة - رضي الله عنها - أن صفية بنت حيي زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - ¬

(¬1) هذا هو السنة، يتطيب عند الإحرام بعد الرمي والحلق، وجاء ما يدل علي التحلل بعد الرمي، والأفضل والأكمل: بعد الحلق. * حديث «إذا رميتم وحلقتم» فيه ضعف. (¬2) الدم عن ترك واجب أو فعل محظور بمكة يذبح بمكة، وإن فعل المحظور بغير مكة ذبح في مكانه، وإن ذبح بمكة أجرأ, (¬3) الحائض والنفساء لا وداع عليها، وهذا في الحج، أما العمرة فلا وداع فيها؛ لأنها مشروعة دائمًا، ولم يأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم -.

146 - باب من صلى العصر يوم النفر بالأبطح

حاضت، فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «أحابستنا هي؟ » (¬1) قالوا: إنها قد أفاضت، قال: «فلا إذا». 1758، 1759 - عن أيوب عن عكرمة «أن أهل المدينة سألوا ابن عباس - رضي الله عنهما - عن امرأة طافت ثم حاضت، قال لهم: تنفر، قالوا: لا نأخذ بقولك وندع قول زيد (¬2)، قال: إذا قدمتم المدينة فسلوا. فقدموا المدينة فسألوا، فكان فيمن سألوا أم سليم، فذكرت حديث صفية». 146 - باب من صلى العصر يوم النفر بالأبطح 1764 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - حدثه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه «صلى الظهر والعصر المغرب والعشاء ورقد رقدة بالمحصب، ثم ركب إلى البيت فطاف به» (¬3). ¬

(¬1) يدل علي أن الخائض تحبس رفقتها حتى تطوف للإفاضة، أما الوداع فلا تحبس. (¬2) خفي علي زيد هذا، ووقع هذا لابن عمر مثل ما وقع لزيد ... ثم بلغه أن الطواف يسقط عن الحائض (طواف الوداع). يفتي شيخ الإسلام بجواز الحائض للضرورة، وقال الشيخ: قول قوي، لاسيما لأهل أمريكا واندونيسيا. قلت: أنظر مجموع الفتاوى (26/ 176 - 219 - 242). (¬3) نزول المحصب قيل: سنة وقيل: نزله لأنه كان أسمح لخروجه.

147 - باب المحصب

147 - باب المحصب 1765 - عن عائشة - رضي الله عنها - قال: «إنما كان منزل ينزله النبي - صلى الله عليه وسلم - ليكون أسمح لخروجه» (¬1). 1766 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: ليس التحصيب بشيء، إنما هو منزل نزله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» (¬2). 148 - باب النزول بذي طوي قبل أن يدخل مكة والنزول بالبطحاء التي بذي الحليفة إذا رجع من مكة 1768 - سئل عبيد الله عن المحصب، فحدثنا عبيد الله عن نافع قال: «نزل بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعمر وابن عمر». وعن نافع «إن ابن عمر - رضي الله عنها - كان يصلي بها- يعني المحصب- الظهر والعصر- أحسبه قال: والمغرب- قال خالد: لا شك في العشاء، ويهجع هجعة، ويذكر ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -» (¬3). قال الحافظ: ... وفي حديث أبي الزبير عن جابر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لبث عشر سنين يتبع الناس في منازلهم في الموسم بمجنة وعكاظ يبلغ رسالات ربه» (¬4). ¬

(¬1) مراد عائشة وابن عباس ليس بسنة مثل بقية المنازل. (¬2) مراد عائشة وابن عباس ليس بسنة مثل بقية المنازل. (¬3) ظاهر فعل ابن عمر أن التحصيب سنة. (¬4) المقصود من هذا أن البيع والشراء في وقت الحج لا بأي به ولما تحرج الناس من هذا نزل قوله تعالى {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ} الآية.

قال الحافظ: ... (باب الادلاج من المحصب) وقع في رواية لأبي ذر الادلاج بسكون الدال والصواب تشديدها فإنه بالسكون سير أول الليل والتشديد سير آخره وهو المراد هنا، والمقصود الرحيل من مكان المبيت بالمحصب سحرًا وهو الواقع في قصة عائشة (¬1). ¬

(¬1) روى الشافعي عن علي: «العمرة كل شهر» لعل مراده لو صح أن يكون هناك وقت، وإلا عمرة عائشة تدل علي الجواز دون هذه المدة. قلت: قال البيهقي في سننه (4/ 343) باب من اعتمر في السنة مرارًا، وأسند حديث أبي هريرة «العمرة إلى العمرة كفارات لما بينهما .. » وذكر قصة عائشة وعمرتها من التنعيم .. وأسند عائشة بسند صحيح أنها كانت تعتمر في آخر ذي الحجة من الجحفة وتعتمر في رجب من المدينة وتهل من ذي الحلقية، وأسند عن القاسم عنها أنها اعتمرت في سنة ثلاثة مرات، وإسناده صحيح أيضًا، وأسند عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن علي أنه قال في كل شهر عمرة، وإسناده ضعيف منقطع، وهو الذي عناه شيخنا في كلامه المتقدم، وأسند البيهقي أيضًا عن ابن عمر بسند ثابت أنه اعتمر أعوامًا في عهد ابن الزبير عمرتين كل عام، وأسند آخر الباب عن بعض ولد أنس بن مالك قال: كنا مع أنس بن مالك بمكة وكان إذا حمم رأسه خرج فاعتمر. وفيه جهالة ولد أنس (قال أبو محمد)، وهذه الآثار لا حجة فيها علي قصد الخروج من مكة لأخل الاعتمار، وخبر عائشة في عمرتها بعد الحج لم يفعله غيرها وقد احتفت به قرائن تجعله على الأقل سائغ لمثل حالتها، ولهذا لم يبلغنا أن أخاها عبد الرحمن وهو معها في جميع مسيرها أن اعتمر، وأما ما وقع في البخاري (1788) ثم افرغا ن طوافكما انتظر كما ها هنا. فهذا وقع من طريق أبي نعيم عن أفلح بن حميد عن القاسم عن عائشة، وخالفه أبو بكر الحنفي (1560) عند المصنف ولفظه «ثم افرغا ثم ائتيا ها هنا فإني أنظركما» وإن كان أبو نعيم أثبت لكن سياق أبي بكر أتم. وقد رواه عن عائشة خلق ليس فيه هذا الحرف، علي أنه يمكن تخريجه من باب التغليب، وقد خرج ابن الزبير لما بني الكعبة فأهل بعمرة، وعامة السلق على إنكار مثل هذا، ومن عنده البيت فاشتغاله بالطواف أولى.

27 - كتاب المحصر

27 - كتاب المحصر 1 - باب إذا أحصر المعتمد 1807 - عن جويرية عن نافع أن عبيد الله بن عبد الله وسالم بن عبد الله أخبراه أنهما كلما عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - ليالي نزل الجيش بابن الزبير فقالا: لا يضرك أن لا تحج العام، وإنا نخاف أن يحال بينك وبين البيت. فقال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فحال كفار قريش دون البيت (¬1)، فنحر النبي - صلى الله عليه وسلم - هديه، وحلق رأسه. وأشهدكم (¬2) أني قد أوجبت العمرة إن شاء الله، أنطلق فإن خلي بيني وبين البيت طفت، وإن حيل بيني وبينه فعلت كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا معه. فأهل بالعمرة من ذي الحليفة (¬3)، ثم سار ساعة، ثم قال: إنما شأنهما واحد، أشهدكم أني قد أوجبت حجة مع عمرتي. فلم يحل منهما حتى دخل يوم النحر وأهدى وكان يقول لا يحل حتى يطوف طوافًا واحدًا (¬4) يوم يدخل مكة». ¬

(¬1) والصواب أن الإحصار يكون بالعدو وغيره لقوله: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} ويكون في الحج والعمرة، فلو سرقت نفقته له التحلل، يحلق ويهدي ويتحلل. * الصيام عند العجز في حق المحصر قياسًا علي المتمتع. (¬2) النية كافية لكن أراد أن يستفيدوا. (¬3) من أحرم بالعمرة له أن يغير نسكه ما لم يشرع في الطواف .. (فيدخل عليها الحج قبل الشروع في طوافها) ولهذا أمر الصحابة بها. (¬4) السعي.

3 - باب النحر قبل الحلق في الحصر

3 - باب النحر قبل الحلق في الحصر 1811 - عن المسور - رضي الله عنه - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحر قبل أن يحلق، وأمر أصحابه بذلك» (¬1). 4 - باب من قال: ليس على المحصر بدل وقال روح عن شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس - رضي الله عنهما - إنما البدل على من نقض حجة بالتلذذ، فأما من حبسه عذر أو غير ذلك فإنه يحل ولا يرجع، وإن كان معه هدي وهو محضر نحره إن كان لا يستطيع أن يبعث به، وإن استطاع أن يبعث به لم يحل حتى يبلغ الهدي محله. وقال مالك وغيره: ينحر هديه ويحلق في أي موضع كان ولا قضاء عليه، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه بالحديبية نحروا وحلقوا وحلوا من كل شيء قبل الطواف وقبل أن يصل الهدي إلى البيت، ثم لم يذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أحدًا أن يقضوا شيئًا (¬2) ولا يعودوا له. والحديبية خارج عن الحرم. ¬

(¬1) يعني يوم الإحصار علي ما في الآية. {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ .. حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ}. * لقوله {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} يعني ثم احلقوا بعد ذلك. (¬2) هذا هو الصواب، أن المحصر لا قضاء عليه. وسميت عمرة القضاء من المقاضاة المصالحة لا من أجل القضاء. ولهذا قال: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} ولم يقل عليكم القضاء.

5 - باب قول الله تعالى {فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك}.

1813 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال حين خرج إلى مكة معتمرًا في الفتنة «إن صددت عن البيت صنعنا كما صنعنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فأهل بعمرة من أجل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أهل بعمرة عام الحديبية. ثم إن عبد الله بن عمر نظر في أمره فقال: ما أمرهما (¬1) إلا واحد. فالتفت إلى أصحابه فقال: ما أمرهما إلا واحد، أشهدكم أني قد أوجبت الحج مع العمرة. ثم طاف لهما طوافًا واحدًا. ورأي أن ذلك مجزئ عنه (¬2)، وأهدى» (¬3). 5 - باب قول الله تعالى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} (¬4). 1814 - عن كعب بن عُجرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لعلك آذاك هوامك؟ » قال: نعم يا رسول الله. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «احلق رأسك، وصم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين (¬5) أو انسك بشاة». ¬

(¬1) يعني الحج والعمرة. (¬2) وكن قارنًا. (¬3) في عام 73 هـ-حصار الحجاج لأبن الزبير. (¬4) الشاة مقدمة إن تيسر؛ لأن نفعها أعظم وأمره بها في رواية. (¬5) لكل مسكين نصف صاع، وهذا تفسير للآية {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}

7 - باب الإطعام في الفدية نصف صاع

7 - باب الإطعام في الفدية نصف صاع 1816 - عن عبد الله بنن معقل، قال: جلست إلى كعب بن عجرة - رضي الله عنه - فسألته عن الفدية، نزلت في خاصة وهي لكم عامة. حملت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والقمل يتناثر على وجهي، فقال: «ما كنت أرى الوجع بلغ بك ما أرى». أو ما كنت أرى الجهد بلغ بك ما أرى. «تجد شاة؟ » فقلت: لا. فقال: «فصم ثلاثة أيام، أو اطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع» (¬1). 9 - باب قول الله تعالى {فَلَا رَفَثَ} 1819 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من حج هذا البيت فلم يرفث (¬2) ولم يفسق (¬3)، رجع كما ولدته أمه». ¬

(¬1) وهي علي التخيير. *وسألته: عن الشعرة والشعرتين؟ قال بعضهم: يتصدق بشيء فإن تصدق حسن، والفدية في الحلق الشعر الكثير. (¬2) الجماع ودواعيه. (¬3) المعاصي، فالمصر علي المعاصي فاسق، وهذا فضل عظيم. * بعضهم حمله علي الكبائر ولكن إن كانت الصلاة لا تكفر إلا باجتناب الكبائر فكيف بغيرها؟ !

28 - كتاب جزاء الصيد

28 - كتاب جزاء الصيد 1 - باب قول الله تعالى: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ... } الآية قال الحافظ: ... قوله: (باب جزاء الصيد ونحوه وقول الله تعالى: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ}) (¬1). 2 - باب إذا صاد الحلال فأهدي للمحرم (¬2) الصيد أكله ولم ير ابن عباس وأنس بالذبح بأسًا. وهو في غير الصيد، نحو الإبل والغنم والبقر والدجاج والخيل. يقال عدل ذلك: مثل. فإذا كسرت عدل فهو زنة ذلك. قيامًا: قوامًا: يعدلون: يجعلون عدلًا. 1821 - عند عبد الله بن أبي قتادة قال: «انطلق أبي عام الحديبية، فأحرم أصحابه ولم يحرم. وحدث النبي - صلى الله عليه وسلم - أن عدوًا يغزوه، فانطلق النبي - صلى الله عليه وسلم -، فبينما أنا مع أصحابه يضحك بعضهم إلى بعض، فنظرت، فإذا أنا بحمار وحش، فحملت عليه فطعنته فأثبته، واستعنت بهم فأبوا أن يعينوني. فأكلنا من لحمه، وخشينا أن نقتطع، فطلبت النبي - صلى الله عليه وسلم - أرفع فرسي شأوًا وأسير شأوًا، فلقيت رجلًا من بني غفار في جوف الليل، قلت: أين تركت النبي ¬

(¬1) المؤلف أراد بيان تحريم الصيد أكلًا واصطيادًا للمحرم وكذا لا ينفره ولا يساعد أحدًا في ذلك، وفي ذلك الكفارة هو نوع عقوبة .. ومن عاد فله عقوبة النار غير عقوبة الدنيا. (¬2) المحرم قتل لا قتل الأنعام فهذا غير داخل في النهي، وكذلك صيد البحر لا بأس.

3 - باب إذا رأي المحرمون صيدا فضحكوا ففطن الحلال

- صلى الله عليه وسلم -؟ قال: تركته بتعهن، وهو قائل السقيا. فقلت: يا رسول الله، إن أهلك يقرءون - عليها السلام - ورحمة الله، إنهم قد خشوا أن يقتطعوا دونك؟ فانتظرهم. قلت يا رسول الله أصبت حمار وحش وعندي منه فاضلة. فقال للقوم: كلوا. وهم محرمون». 3 - باب إذا رأي المحرمون صيدًا فضحكوا ففطن الحلال 1822 - عن عبد الله بن أبي قتادة أن أباه حدثه قال: «انطلقنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية، فأحرم أصحابه ولم أحرم. فأنبئنا بعدو بغيقة، فتوجهنا نحوهم، فبصر أصحابي بحمار وحش، فجعل بعضهم يضحك إلى بعض (¬1)، فنظرت فرأيته، فحملت عليه الفرس، فطعنته فأثبته، ... ». 5 - باب لا يشير المحرم إلى الصيد لكي يصطاده الحلال 1824 - عن عبد الله بن أبي قتادة أن أباه حدثه قال: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج حاجًا (¬2) فخرجوا معه، فصرف طائفة منهم فيهم أبو قتادة فقال: خذوا ساحل البحر حتى نلتقي، فأخذوا ساحل البحر، فلما انصرفوا أحرموا ¬

(¬1) * ما لم يصده المحرم فهو حلال، كما لو وجده المحرم يباع فاشتراه فأكله بشرط ألا يعينوه وألا ينوه لهم. * وسألته: إذا لمحرم هل يحل لمحرم آخر؟ الظاهر لا. * وهذا واضح في حل الصيد للمحرم إذا قتله الحلال ولم يعنه المحرم ولم يصده لأجلهم. إذا ضحكوا وفطن فليس الضحك إشارة، ولا يشيرون هم ولا يعينون. (¬2) هذا وهم، فهي عمرة الحديبية، ولعله تجوز في العبارة في العبارة فإن العمرة حج أصغر.

6 - باب إذا أهدى للمحرم حمارا وحشيا حيا لم يقبل

كلهم إلا أبو قتادة (¬1) فبينما هم يسيرون إذا رأوا حمر وحش، فحمل أبو قتادة على الحمر فعقر منها أتانًا، فنزلوا فأكلوا من لحمها وقالوا: أنأكل لحم صيد ونحن محرومون؟ ... قال الحافظ: ... وأما الخروج إلى الحج فكان في خلق كثير وكان كلهم على الجادة (¬2) لا على ساحل البحر. قال الحافظ: ... وأيضًا فالحج في الأصل قصد البيت فكأنه قال خرج قاصدًا البيت، ولهذا يقال للعمرة الحج الأصغر (¬3). 6 - باب إذا أهدى للمحرم حمارًا وحشيًا (¬4) حيًا لم يقبل 1825 - عن عبد الله بن عباس عن الصعب بن جثامة الليثي أنه أهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حمارًا وحشيًا (¬5) وهو بالأبواء- أو بودان- فرده عليه، فلما رأي ما في وجهه قال: إنا لم نرده عليه إلا أنا حرم». ¬

(¬1) صوابه أبا قتادة تام موجب. (¬2) طريق المدينة. (¬3) لعله أولى. (¬4) من باب التمثيل سواء طبيًا أو أرنبًا فإذا أهداه حيًا لم يقبله. وفي رواية: عجز حمار أو شق حمار، وهذه الرواية محمولة علي أنه صاد لأجله. (¬5) كاملًا حيًا هذا ظاهر الإطلاق فلا يقبل. * من دخل بصيد لم يلزمه إرساله علي الراجح وله ذبحه في الحرم، هذا لغير المحرم.

7 - باب ما يقتل المحرم من الدواب

7 - باب ما يقتل المحرم من الدواب 1826 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «خمس من الدواب ليس على المحرم في قتلهن جناح» (¬1). 1831 - عن عائشة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال للوزغ: «فويسق» (¬2)، ولم أسمعه أمر بقتله». قال الحافظ: ... وروى ابن أبي شيبة أن عطاء سئل عن قتل الوزغ في الحرم فقال: إذا آذاك فلا بأس بقتله وهذا يفهم توقف قتله على أذاه (¬3). 8 - باب لا يعضد شجر الحرم (¬4) وقال ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يعضد شوكه». ¬

(¬1) والعلة فسقها: أذاها المحرم ولغير المحرم، ومثلها كل مؤذ كالذباب والبعوض. (¬2) الوزغ يقتل؛ لأنه فاسق. * إلية تقتل في الطرقات وفي الصحاري، وكذا في السجد، أما في البيوت العوامر فينذرن وليس هذا خاص بالمدينة بل عام حتى عي الحرم. * في الصحارى تقتل الحيات مطلقًا، وإنما يستثني من الحيات جنان البيوت التي في البيوت. * تحنيط الحياة والحيوانات يجب إتلافها ولا توضع في البيوت. (¬3) والصواب قتله مطلقًا. (¬4) لا يعضد شجر الحرم؛ حتى يتوفر لدواب أهلها ولدواب الحجاج فترعى ولا تحصد. والخلاء: هو الرطب. * هل يكفر كما هو المنقول عن ابن عباس في عضد شجر الحرام؟ لا، إنما يتوب ويستغفر .. (بعدما سألته).

9 - باب لا ينفر صيد الحرم

1832 - عن أبي شريح العدوي أنه قال لعمرو بن سعيد وهو يبعث البعوث إلى مكة «ائذن لي أيها الأمير أحدثك قولًا قام به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للغد من يوم الفتح، فسمعته أذناي ووعاه قلبي وأبصرته عيناي حين تكلم به، إنه حمد الله وأثني عليه ثم قال: إن مكة حرمها الله (¬1) ولم يحرمها الناس، فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دمًا، ولا يعضد بها شجرة. فإن أحد ترخص لقتال رسول الله (¬2) - صلى الله عليه وسلم - فقولوا له: إن الله أذن لرسوله - صلى الله عليه وسلم - ولم يأذن لكم، وإنما أذن لي ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، وليبلغ الشاهد الغائب. فقيل لأبي شريح: ما قال لك عمرو، قال: أنا أعلم (¬3) بذلك منك يا أبا شريح، إن الحرم لا يعيذ عاصيًا، ولا فارًا بدم، ولا فرًا بخربه» خربة: بلية. 9 - باب لا ينفر صيد الحرم 1833 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله حرم مكة، فلم تحل لأحد قبلي، ولا تحل لأحد بعدي، وإنما أحلت لي ساعة من نهار، لا يختلي خلاها، ولا يعضد شجرها، ولا ينفر صيدها، ولا تلتقط لقطتها إلا لمعرف» (¬4). وقال العباس: يا رسول الله إلا الإذخر لصاغتنا ¬

(¬1) فيه تحريم مكة تحريمًا عامًا، وفي رواية في الصحيحين: حرمها يوم خلق الله السماوات والأرض .. وإنما أظهر تحريمها إبراهيم ثم محمد عليهما الصلاة والسلام، فلا يعضد شجرها. (¬2) يوم الفتح حيث دخلها عنوة، وقتل منها ناسًا قليلين. (¬3) كلام غلط غير صالح، لكن من انتهك الحرم أقيم عليه الحد قتلًا. (¬4) لقطتها لا تملك هذا خاص بالحرم، وكذا المدنية حرمها فلا تملك، وإنما تعرف مطلقًا ولو سنين بخلاف غيرها فتملك بعد التعريف أو توضع عند من يوصلها.

10 - باب لا يحل القتال بمكة

وقبورنا. فقال: «إلا الإذخر». وعن خالد عن عكرمة قال: هل تدري ما «لا ينفر صيدها»؟ هو أن ينحيه من الظل ينزل مكانه (¬1). 10 - باب لا يحل القتال بمكة وقال أبو شريح - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا يسفك بها دمًا. 1834 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «قال النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم افتتح مكة: «لا هجرة (¬2)، ولكن جهاد ونية (¬3)، وإذا استنفرتم فانفروا (¬4)، فإن هذا بلد حرم الله يوم خلق السماوات والأرض، وهو حرام بحرمه الله إلى يوم القيامة، وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبل، ولم يحل لي إلا ساعة من نهار، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يعضد شوكه، ولا ينفر ¬

(¬1) التافه: يعفى عن في كل مكان. وذكر الشيخ حديث «لو لم تكن من تمر الصدقة لأكلتها». * النعل عند الحرم؟ (بعدما قبل للشيخ: سعرها زهيد ولا طالب لها) يستعملها [يعني ما يسمى بالشباشب الملقاة]. هذا من صور تنفير الصيد المنهي عنه فيبحث في مكان آخر. (¬2) بعد الفتح من مكة لأنها صارت دار إسلام. (¬3) فيه التقرب إلى الله والإخلاص. (¬4) للجهاد {إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا .... }.

11 - باب الحجامة للمحرم

صيده، ولا يلتقط إلا من عرفها، ولا يختلي خلاها». قال العباس: يا رسول الله إلا الإذخر، فإنه لقينهم (¬1)، ولبيوتهم. قال: «إلا الإذخر». 11 - باب الحجامة للمحرم وكوي ابن عمر ابنه وهو محرم. ويتداوى ما لم يكن فيه طيب (¬2). 1835 - عن على بن عبد الله حدثنا سفيان قال: قال عمرو: أول شيء سمعت عطاء يقول: «سمعت ابن عباس - رضي الله عنهما - يقول: احتجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم» ثم سمعته يقول: «حدثني طاووس عن ابن عباس» فقلت: لعله سمعه منهما. 1836 - عن ابن بحينة - رضي الله عنه - قال: «احتجم النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم بلحي جمل (¬3) في وسط رأسه». ¬

(¬1) القين: الحداد (¬2) يعني المحرم ليس منوعًا، وإنما ممنوع من قص الشعر والطيب. (¬3) لحي جمل: موضع معروف بين مكة والمدينة .. وفيه الحجامة للمحرم في الرأس مع أخذ بعض الشعر، فمن احتاج إلى أخذ بعض الرأس والأحوط أن يكفر وإن كان لم ينقل أنه كفر ..

12 - باب تزويج المحرم

12 - باب تزويج المحرم 1837 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوج ميمونة وهو محرم» (¬1). 13 - باب ما ينهي من الطيب للمحرم والمحرمة وقالت عائشة - رضي الله عنها -: لا تلبس المحرمة ثوبًا بورس أو زعفران (¬2). 1838 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: قام رجل فقال: يا رسول الله ماذا تأمرنا أن نلبس من الثياب في الإحرام؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تلبسوا القميص ولا السراويلات ولا العمائم ولا البرنس، إلا أن يكون أحد ليست ¬

(¬1) المحققون ذكروا أن ابن عباس وهم في هذا، وهذا هو الثابت عن ميمونة نفسها. وهكذا عن أبي رافع السفير بينهما، وهما أعلم من ابن عباس بالواقعة، ولنهيه - صلى الله عليه وسلم - عن التزويج للمحرم. وبهذا بعلم أن رواية تزوجها وهو حلال أصح. قلت: ذكر شيخنا ثلاثة أوجه، وأزيد رابعًا: أن يزيد ابن الأصم ابن أخت ميمونة أخبر عمر بن عبد العزيز بأن ميمونة كانت حلالا، كما أخرجه عبدا لرزاق عنه بسند صحيح، وانظر مسلم (3453)، وروي عن ابن المصيب توهيم ابن عباس، كما في المسند وأبي داود (1845) وفي سنده مبهم، وقد قيل إن ابن عباس رجع. ونكاح المحرم باطل كما قضي به بعض الصحابة كما صح عن عمر وغيره وفرقوا بينهما، ونقل سعيد بن المصيب إجماع أهل المدينة علي ذلك (5/ 66) من سنن البيهقي. (¬2) الاكتحال: تركه أولي: لأنه ترفه وإن ترفه وإن كان فيه طيب يمنع ... (بعدما سألته).

له نعلان فليلبس الخفين وليقطع (¬1) أسفل من الكعبين. ولا تلبسوا شيئًا مسه زعفران ولا الورس. ولا تنتقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القفازين». تابعه موسي بن عقبة وإسماعيل بن إبراهيم بن عقبة وجويرية وابن إسحاق في النقاب والقفازين. وقال عبيد الله: ولا ورس. وكان يقول: لا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين. وقال مالك عن نافع عن ابن عمر: لا تنتقب المحرمة. وتابعه ليث بن أبي سليم. 1839 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: وقصت برجل محرم ناقته فقتلته، فأتي به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «اغسلوه وكفنوه ولا تغطوا رأسه (¬2) ولا تقربوه طيبًا (¬3)، فإنه يبعث يهل». قال الحافظ: ... والأصل أن كل ما ثبت لواحد في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثبت لغيره حتى يتضح التخصيص (¬4). قال الحافظ: ... واختلف في الصائم يموت هل يبطل صومه بالموت حتى يجب قضاء صوم ذلك اليوم عنه أولا؟ (¬5). ¬

(¬1) هذا في المدينة، وفي عرفات لم يأمرهم بالقطع، فيكون ناسخًا. (¬2) وفي رواية مسلم «ووجهه»، وهذا الرجل مات في عرفة فلم يأمر بإتمام نسكه، فدل علي أنه أجزأ عنه. (¬3) يعني يلبي، وهذا صريح في أن المحرم ممنوع من الطيب. (¬4) هذا هو الصواب لأنه شرع .. (¬5) ليس بشيء، من مات وهو صائم لم يقض عنه ذلك اليوم، وإنما يقضي ما قبل ذلك إن فرط.

14 - باب الاغتسال للمحرم

14 - باب الاغتسال للمحرم وقال ابن عباس - رضي الله عنه -: يدخل المحرم الحمام ولم ير ابن عمر وعائشة بالحك (¬1) بأسًا. 184 - عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين عن أبيه أن عبد الله بن العباس والمسور بن مخرمة اختلفا بالأبواء، فقال عبد الله بن عباس: يغسل المحرم رأسه، وقال المسور: لا يغسل المحرم رأسه. فأرسلني عبد الله بن العباس إلى أبي أيوب الأنصاري فوجدته يغتسل بين القرنين وهو يستر بثوب، فسلمت عليه، فقال: من هذا؟ فقلت أنا عبد الله بن حنين، أرسلني إليك عبد الله بن العباس أسألك: كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغسل رأسه وهو محرم؟ فوضع أبو أيوب يده على الثوب فطأطأه حتى بدا لي رأسه ثم قال لإنسان يصب عليه: اصبب. فصب رأسه، ثم حرك رأسه بيديه فأقبل بها وأدبر. وقال: هكذا رأيته - صلى الله عليه وسلم - يفعل (¬2). 15 - باب لبس الخفين للمحرم إذا لم يجد النعلين (¬3) 1841 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب ¬

(¬1) والمعني لا بأس بالحك في الجلد، ولا مانع من الاغتسال. (¬2) وهكذا في غسله للجنابة وغسله لغير ذلك. (¬3) مراد المؤلف أنه لا حاجة للقطع لأنه لما خطب بعرفات لم يأمرهم بالقطع في هذا الجمع العظيم، وإنما أمرهم بالقطع في المدينة، فيقال القطع مستحب أو منسوخ، وهذا الأخير هو الأرجح. قلت: روي النسائي (5/ 135) عن إسماعيل بن مسعود حدثنا يزيد بن زريع عن أيوب عن عمرو عن جابر بن زيد عن ابن عباس مرفوعًا وفيه ذكر القطع وما أظنه إلا وهمًا، والقطع إنما ذكر في حديث ابن عمر في المدينة. وانظر الفتح (3/ 403).

17 - باب لبس السلاح للمحرم

بعرفات: «من لم يجد النعلين فليلبس الخفين، ومن لم يجد إزارًا فليلبس سراويل للمحرم» (¬1). 1842 - عن سالم بن عبد الله - رضي الله عنه - سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما يلبس المحرم من الثياب؟ فقال: «لا يلبس القميص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرنس ولا ثوبًا مسه زعفران ولا ورس، وإن لم يجد نعلين فليلبس الخفين وليقطعهما حتى يكونا أسفل الكعبين» (¬2). قال الحافظ: ... واشترط الجمهور قطع الخف (¬3) وفتق السراويل فلو ... قال الحافظ: ... وقال الرازي من الحنفية: يجوز لبسه وعليه الفدية كما قال أصحابهم في الخفين، ومن أجاز لبس السراويل على حاله قيده بأن لا يكون في حالة لو فتقه لكان إزاراَ لأنه في تلك الحالة يكون واجد الإزار (¬4). 17 - باب لبس السلاح للمحرم وقال عكرمة إذا خشي العدو لبس السلاح وافتدي (¬5). ولم يتابع عليه في الفدية. ¬

(¬1) وليس عليه في لبس السراويل فدية إن لم يجد إلا هو، وكذا الخفين. (¬2) البخاري أشار إلى ترجيح الأول. (¬3) الجمهور قالوا بقطع الخفين حملًا للمطلق علي المقيد. (¬4) الصواب لبس السراويل بغير فتق، وإنما الخلاف في الخفين، والصواب عدم القطع. (¬5) قول عكرمة غلط فلا فدية هنا، وقد لبسه النبي - صلى الله عليه وسلم - في عمره القضاء، ولبسه أصحابه، فإذا دعت الحاجة إلى ذلك لبسه ولا فدية.

18 - باب دخول الحرم ومكة بغير إحرام

1844 - عن البراء - رضي الله عنه - «اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذي القعدة، فأبي أهل مكة أن يدعوه يدخل مكة حتى قاضاهم: لا يدخل مكة سلاحًا إلا في القراب» (¬1). 18 - باب دخول الحرم ومكة بغير إحرام ودخل ابن عمر وإنما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالإهلال لمن أراد الحج والعمرة. ولم يذكره للحطابين وغيرهم (¬2). 1845 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، هن لهن ولكل آت أتي عليهن من غيرهم ممن أراد الحج والعمرة، فمن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة». 1846 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل عام الفتح وعلى رأسه المِغفر، فلما نزعه جاء رجل فقال: إن ابن خطل متعلق (¬3) بأستار الكعبة، فقال: اقتلوه». 19 - باب إذا أحرم جاهلاً وعليه قميص وقال عطاء: إذا تطيب أو لبس جاهلاَ أو ناسيًا فلا كفارة عليه (¬4). ¬

(¬1) يعني السيوف، وهي سلاح. (¬2) هذا هو الصواب أن الإحرام لمن أراد الحج والعمرة لقوله: (فمن أراد الحج ... ) ولما دخل مكة عام الفتح دخل بلا إحرام لابسًا المغفر. (¬3) ابن خطل من السبابين، ومن الغالين في العداء. (¬4) وهذا هو الصواب

20 - باب المحرم يموت بعرفة، ولم يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يؤد عنه بقية الحج

1847 - عن صفوان بن يعلى عن أبيه قال: كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأتاه رجل عليه جبة فيه أثر صفرة أو نحوه، كان عمر يقول لي: تحب إذا نزل عليه الوحي أن تراه؟ فنزل عليه، ثم سري عنه، فقال: «اصنع في عمرتك ما تصنع في حجك» (¬1). 1848 - وعض رجل يد رجل- يعني فانتزع ثنيته- فأبطله النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬2). 20 - باب المحرم يموت بعرفة، ولم يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يؤد عنه بقية الحج 1849 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «بينا رجل واقف مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرفة إذ وقع عن راحلته (¬3) فوقصته- أو قال فأقعصته- فقال النبي ¬

(¬1) ولم يأمره بالفدية، لأنه جاهل. (¬2) أهدر ثنيته لأنه متعد، وأتي البخاري بهذا الحديث لأنه مع ما قبله حديث واحد. (¬3) تؤدي عنه حج الفريضة إذا مات قبل عرفات، وإن مات في عرفات فما بعدها فلا يؤدي عنه لأن الحج عرفه. قلت: الأصل في ذلك حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رجلًا كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فوقصته دابته وهو محرم، فمات، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تمسوه بطيب، ولا تخمروا رأسه، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيًا» [متفق عليه]. الحديث بوب عليه البخاري في صحيحة: باب المحرم يموت بعرفة، ولم يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يؤدي عنه بقية الحج. قال الحسين بن مسعود البغوي في شرح السنة (5/ 233) بعدما ذكر =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= الحديث: «وفي الحديث دليل علي أن المحرم لا يؤدي عنه بقية الحج؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر بذلك». ومن الفتاوى السعدية (ص 251): إذا مات المحرم في أثناء النسك فهل يقضي عنه بقيته؟ الجواب: لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أصحابه أن من مات، وقد شرع في النسك ولم يكمله أنه يكمل عنه مع وجود ذلك. بل الثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أصحابه أن من مات، وقد شرع في النسك ولم يكمله أنه يكمل عنه مع وجود ذلك. بل الثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قصة الذي وقصته راحلته عشية عرفة، أنه أمر بتغسيله وتجنبيه ما يتجنبه المحرم، وأخبر أن يبعث ملبيًا يوم القيامة. فهذا يدل علي انه من كرامته علي الله، أن نسكه مستمر، وأنه يبعث يوم القيامة بصفة المحرمين. فلو كان في الإمكان أن يناب عنه في الدنيا، لكان نائبه بمنزلته، وإذا أكمل النسك، خرج منه الأصيل والنائب. وأيضاَ فالنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر فيه ولا في أمثاله أن يكمل عنه، وإنما الثابت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه أجاز النيابة في الجميع النسك، لا في بعضه. ويؤيد هذا أن كل عبادة مات العبد قبل تكميلها، أنها لا تكمل عن صاحبها، فإما أن تسقط عنه ولا يلزم أن تقضي، وإما أن يقضي جميعها من أولها، فما الموجب لخروج النسك عن هذا الضابط العام؟ اهـ. وقال النووي في المجموع (7/ 122): «فرع إذا مات الحاج عن نفسه وفي أثنائه، هل تجوز النيابة علي حجه؟ فيه قولان مشهوران (الأصح) الجديد لا يجوز كالصلاة والصوم و (القديم) يجوز لدخول النيابة فيه ... الخ. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= وقال في المغني (5/ 40) ط التركي: «ولو أحرم بالحج ثم مات صحت النيابة، فإذا مات بعد فعل بعضها قضي عنه باقيها كالزكاة. قلت: لم يذكر رواية أخري. وفي الفتاوى الكبرى الفقهية لابن حجر المكي (2/ 130) سؤال عمن أحرم بالحج تصوغا ثم مات وقد بقي عليه نحو طواف الركن فهل يجب القضاء من تركته؟ فأجاب: لا قضاء عليه، لأن موجبه الفوات أو الإفساد ولم يوجد واحد منهما هنا، وتقصيره بنحو الطواف لو فرض أن فيه تقصيرًا لا يوجب القضاء كما هو ظاهر. وقال في الفتاوى الهندية (العالمكيرية) (1/ 260): الحاج عن الميت إذا مات بعد الوقوف بعرفة أجزأه عن الميت ولو يمت ورجع قبل طواف الزيارة فهو حرام عن النساء فيرجع بغير إحرام بنفقته ويقضي ما بقي كذا في الذخيرة في فصل المأمور بالحج اهـ. وقال في حاشية رد المحتار لابن عابدين (2/ 594): (قوله فلتمام حجه به) قالوا المأمور بالحج إذا بالحج إذا مات بعد الوقوف بعرفة قبل طواف الزيارة يكون مجزئًا (بحر). وفي موضع آخر (2/ 604) قال: وفي التجنيس: إذا مات بعد الوقوف بعرفة أجزأ عن الميت لأن الحج عرفة بالنص.

21 - باب سنة المحرم إذا مات

- صلى الله عليه وسلم -: «اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبين- أو قال ثوبيه- ولا تحنطوه ولا تخمروا رأسه، فإن الله يبعثه يوم القيامة يلبي» (¬1). 21 - باب سنة المحرم إذا مات 1851 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رجلًا كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فوقصته ناقته وهو محرم فمات، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اغسلوه بماء وسدر (¬2)، وكفنوه في ثوبيه، ولا تمسوه بطيب، ولا تخمروا رأسه، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيًا». 22 - باب الحج والنذور عن الميت، والرجل يحج عن المرأة 1852 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ قال: «نعم حجي عنها، أرأيت لو كان عن أمك دين أكنت قاضيته؟ اقضوا الله، فالله أحق بالوفاء» (¬3). ¬

(¬1) ما يقضي عنه، ولا يحج عنه حجة مستقبلة. (¬2) كرر المؤلف الترجمة والحديث للإيضاح فيغسل المحرم بالماء والسدر؛ لأن فيه نقاء ولينًا ولكن لا يقرب الطيب منه، وأما غيره فيوضح فيه كافور لأنه طيب وكذا لا يخمر رأسه ولا وجهه علي الصحيح لرواية مسلم. (¬3) فيه حج المرأة عن الرجل، والرجل عن المرأة. وهنا امرأة عن امرأة وفي الخثعمية امرأة عن رجل.

24 - باب حج المرأة عن الرجل

24 - باب حج المرأة عن الرجل 1855 - عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال «كان الفضل رديف النبي - صلى الله عليه وسلم -، فجاءت امرأة من خثعم، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه (¬1)، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر، فقالت: إن فريضة الله أدركت أبي شيخاَ كبيرًا لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: «نعم». وذلك في حجة الوداع» (¬2). ¬

(¬1) ولا حجة في الحديث علي جواز الكشف فقد ينظر إليها لحسن صوتها، أو لرشاقة جسمها وهي محرمة، لكن حديث عائشة فيه أنها تستتر بغير النقاب. قلت: حديث عائشة يرويه أحمد وأبو داود وغيرهما من طريق يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن عائشة، وفيه ستر وجهها وهي محرمة يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن عائشة، وفيه ستر وجهها وهي محرمة عند مرور الركبان، لكن يزيد ضعيف. وقد روي مالك وهي محرمة عند مرور الركبان، لكن يزيد ضعيف. وقد روي مالك (1/ 328) عن هشام بن عروة عن زوجته فاطمة بنت المنذر أنها قالت: كنا نخمر وجوهنا ونح محرمات ونحن مع أسماء بنت أبي بكر الصديق، ورواه الحاكم (1/ 454) عن طريق علي بن مسهر عن هشام بلفظ» كنا نغطي وجوهنا من الرجال» وإسناده صحيح. (¬2) فيه من الفوائد: 1 - الإنكار بالفعل كما يكون بالقول ويكون بهما جميعًا. 2 - وفيه حج المرأة عن الرجل العاجز، كما يقتل الرجل بالمرأة والمرأة بالرجل. وفيه حج المرأة عن الرجل العاجز، كما يقتل الرجل بالمرأة والمرأة بالرجل.

25 - باب حج الصبيان

قال الحافظ: ... ويقرب ذلك ما رواه أبو يعلي (¬1) بإسناد قوي من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس عن الفضل بن عباس قال: «كنت ردف النبي - صلى الله عليه وسلم - وأعرابي معه بنت حسناء فجعل الأعرابي يعرضها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجاء أن يتزوجها، وجعلت ألتفت إليها، ويأخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - برأسي فيلويه، فكان يلبي حتى رمي جمرة العقبة ... 25 - باب حج الصبيان 1857 - عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال: «أقبلت- وقد ناهزت الحلم- أسير على أتان لي، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائم يصلي بمني، حتى ¬

(¬1) رواية أبي يعلي التي ذكرها الحافظ محل نظر، تراجع لأنه في وقت الإحرام ما هو وقت زواج. قلت: وإسناد الحديث عند أبي يعلي (12/ 97) حديثا أبو بكر عبد الله بن محمد حدثنا قبيصة بن عقبة عن يونس ابن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن سعيد عن ابن عباس عن الفضل ابن عباس اهـ. قلت وأبو بكر هو ابن أبي شيبة وقبيصة هو السوائي ثقة روي له الجماعة. وظاهر إسناده صحيح به وليس فيه فجعل الأعرابي يعرضها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجاء أن يتزوجها. وإسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق أثبت من أبيه في أبي إسحاق كما نص عليه أحمد وغيره بل كان إسرائيل يقول: كنت أحفظ حديث أبي إسحاق كما نص عليه أحمد وغيره بل كان إسرائيل يقول: كنت أحفظ حديث أبي إسحاق كما نص عليه أحمد وغيره بل كان إسرائيل يقول: كنت أحفظ حديث أبي إسحاق كما أحفظ السورة من القرآن، بل قد ضعف أحمد حديث أبيه يونس في أبي إسحاق، وقال: حديث إسرائيل أحب إلى منه .. والخلاصة أن هذا الحرف منكر، والأمر كما قال شيخنا الإمام المحدث ابن باز - رحمه الله -.

26 - باب حج النساء

سرت بين يدي بعض الصف الأول، ثم نزلت عنها فرتعت، فصففت مع الناس وراء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال يونس عن ابن شهاب بمنى في حجة الوداع» (¬1). قال الحافظ: ... [حديث] أيما غلام حج به أهله ثم بلغ فعليه حجة أخري، ثم ساقه بإسناد صحيح (¬2). 26 - باب حج النساء 1861 - عن عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - قالت: «قلت يا رسول الله ألا نغزو ونجاهد معكم؟ فقال: «لكن أحسن الجهاد وأجمله الحج حج مبرور». قالت عائشة: فلا أدع الحج بعد إذ سمعت هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» (¬3). ¬

(¬1) وهذا واضح في أن الصبي له حج لكن لا تجزئه عن الفريضة لحديث ابن عباس «أيما غلام حج به أهله ثم بلغ فعليه حجة أخري». (¬2) ذكره الشيخ، ذكر: وأيما عبد حج ... (¬3) هذا يدل علي ضعف (هذه ثم ظهور الحصر ... ). * قلت: هذا بحث عند حديث (هذه ثم ظهور الحصر). رواه الإمام أحمد في مسنده، ثنا يزيد بن هارون وحجاج قالا: أنبأنا ابن أبي ذئب، وإسحاق بن سليمان قال: سمعت ابن أبي ذئب عن صالح مولي التوأمة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لنسائه عام حجة الوداع: «هذه ثم ظهور الحصر» قال: فكن كلهن يحججن إلا زينب بنت جحش وسودة بنت زمعة وكانتا تقولان: «والله لا تحركنا دابة بعد أن سمعنا ذلك من النبي - صلى الله عليه وسلم -». =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= وأخرجه أبو داود الطيالسي (2312) حدثنا ابن أبي ذنب به. وأخرج أبو يعلي (13/ 80، 88) من طريقين: حدثنا هارون بن عبد الله، حدثنا ابن أبي فديك ح وحدثنا أبو خيثمة، حدثنا إسحاق ين سليمان الرازي كلاهما عن ابن أبي ذئب به. ورواه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (ح 5603) حدثنا الربيع المرادي، حدثنا أسد بن موسي، حدثنا ابن أبي ذئب. ورواه البيهقي في سننه (5/ 228) من طريق الطيالسي. ورواه الطبراني (24/ 33) وعلي بن الجعد في مسنده (2/ 986) من طرق عن ابن أبي ذئب به. وهذا أسانيد صحيحة إلى ابن أبي ذئب وهو محمد بن عبد الرحمن ابن المغيرة القرشي العامري الفقيه، ثقة فاضل من رجال الجماعة. وصالح مولي التوأمة: هو ابن نبهان، والتوأمة بنت أمية بن خلف المديني، اختلط باخرة، قال مالك: ليس بثقة، وقال أحمد لما بلغه ذلك: كان مالك أدركه وقد اختلط فمن سمع منه قديماَ فذاك، وقد روي عنه أكابر أهل المدينة، وهو صالح الحديث ما أعلم به بأسًا، وقال ابن معين: إنما أدركه مالك بعد أن كبر وخوف. لكن ابن أبي ذئب سمع منه قبل أن يخرف، وقال الجوزجاني: تغير أخيرًا، فحديث ابن أبي روي عنه القدماء مثل ابن أبي ذئب، وابن جريج، وزياد بن سعد ... » اه-من التهذيب. قلت: والراوي عنه هنا ابن أبي ذئب فالإسناد جيد، ورواه البزار =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= (2/ 5 كشف) من طريقين عن سفيان وصالح بن كيسان عن صالح مولي التوأمة به، ويشهد له ما تقدم. طريق أخري: قال الإمام أحمد في مسنده (5/ 218): حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن زيد بن أسلم عن واقد بن أبي واقد الليثي عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فذكره. ورواه البيهقي (5/ 228) من طريق أحمد به. ورواه أبو داود (5/ 146 عون) عن النفيلي عن الدراوردي به. ورواه أبو يعلي (3/ 32) وابن أبي عاصم ي الآحاد والمثاني كلاهما من طريق الدراوردي. وواقد ابن أبي وأقد، قال ابن القطان لا يعرف حاله، وذكره ابن مندة في الصحابة، وكأنه أبا مراوح، قال: وقال أبو داود: له صحبة. اهـ. من التهذيب. وقال الحافظ في الفتح (4/ 74): إسناد حديث أبي وأقد صحيح قلت: ويعضدها ما تقدم. وللحديث طريق أخرجه الطبراني في الأوسط (3/ 192) (مجمع البحرين). من طريق عاصم بن عمر عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر بنحو ما تقدم، وعاصم ضعيف. فصل: قال البخاري في صحيحة: باب حج النساء (4/ 72)، وذكر إذن عمر - رضي الله عنه - لأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - في آخر حجة حجها فبعث معهن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= عثمان وعبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنهما - ثم أسند حديث عائشة، فلا أدع الحج بعد إذ سمعت هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال الحافظ: وأغرب المهلب فزعم أن حديث: «هذه ثم ظهور الحصر» من وضع الرافضة لقصد ذم أم المؤمنين عائشة في خروجها إلى العراق للإصلاح بين الناس في قصة وقعة الجمل، وهو إقدام منه علي رد الأحاديث الصحيحة بغير دليل، والعذر عن عائشة أنها تأولت الحديث المذكور كما تأوله غيرها من صواحباتها علي أن المراد أنه لا يجب الحج والعمرة». ومن ثم عقبه المصنف بهذا الحديث في هذا الباب، وكأن عمر - رضي الله عنه - كان متوقفًا في ذلك، ثم ظهر له الجواز فأذن لهن وتبعه علي ذلك من ذكر من الصحابة، ومن في عصره من غير نكير .... ». وقال الطحاوي في شرح مشكل الآثار في الجمع بين قوله - صلى الله عليه وسلم -: «جهادكن الحج المبرور» مع حديث الترجمة: وكان جواب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في استئذانها إياه لها ولمن سواها للخروج معه في الجهاد ما ذكر من جوابه إياها من هذا الحديث، فكان دليلًا علي أن جهادهن لا ينقطع كما لا ينقطع جهاد الرجال، فاحتمل أن يكون ذلك بعد قوله - صلى الله عليه وسلم - لها ولسائر نسائه: «هذه ثم ظهور الحصر» فوقفت علي ذلك هي ومن سواها من أزواجه دون من لم يقف عليه، ولم يقف علي ذلك منهن زينب ولا سودة فلزمتا ما في الحديث الأول، وكلهن رضي الله عنهن أجمعين علي ما ذكر عليه من ذلك محمودات، وخلفاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورضي عن أصحابه وسائر =

1863 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: لما رجع النبي - صلى الله عليه وسلم - من حجته قال لأم سنان الأنصارية: «ما منعك من الحج؟ » قالت: أبو فلان- تعني زوجها- كان له ناضحان حج على أحدهما، والآخر يسقي أرضا لنا. قال: «فإن عمرة (¬1) في رمضان تقضي حجة معي» رواه ابن جريج عن عطاء سمعت ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقال عبيد الله عن عبد الكريم عن عطاء عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. ¬

= الصحابة في تركهم الخلاف عليهن في ذلك، وفي إطلاقهم إياه لهن محمودون بعلمهم ما علموا من ذلك، ولا يجب أن يحمل تأويل الأحاديث إلا علي ما حملناه عليه؛ لأن في ذلك السلامة وحسن الظن بخلفاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأزواجه وأصحابه، وفيما سواه ضد ذلك مما نعوذ بالله منه» اهـ. تنبيه: قال الذهبي في الميزان: واقد بن أبي الليثي روي عن أبيه، تفرد عنه زيد بن أسلم حديثه قال - صلى الله عليه وسلم - لنسائه: «هذه ثم ظهور الحصر». وهذا منكر فما زلن يحججن» اهـ. قلت: الحديث صحيح فله طريق أخري والجمع ممكن، فلا نكارة، والله أعلم. * خروج المدرسات إلى الخرج أو رماح هذا مشكل، وظاهر الحديث المنع، فينبغي أن يعالج مهما أمكن. * المحرم لابد أن يكون كبيرًا يفهم ويعقل 10 سنين، 8 سنين، يهاب حتى لا يكون عنده كلام لا يليق (¬1) فيه فضل العمرة في رمضان، وأنها تعدل الحج معه - صلى الله عليه وسلم - فرمضان سيد الشهور.

1864 - عن قزعة مولي زياد قال: سمعت أبا سعيد- وقد غزا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ثنتي عشرة غزوة- قال: أربع سمعتهن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو قال يحدثهن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فأعجبني وآنفنني: «أن لا تسافر امرأة مسيرة يومين (¬1) ليس معها زوجها أو ذو محرم. ولا صوم يومين: الفطر والأضحى. ولا صلاة بعد صلاتين: بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الصبح حتى تطلع الشمس. ولا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجد الحرام، ومسجدي، ومسجد الأقصى». قال الحافظ: ... وإلا سودة لم تخرج من بيتها بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬2). قال الحافظ: ... والعذر عن عائشة أنها تأولت الحديث المذكور كما تأوله غيرها من صواحباتها على أن المراد بذلك أنه لا يجب (¬3) عليهن غير تلك الحجة. ¬

(¬1) في رواية: يوم وليلة، وذكر العلماء أنها لأجل اختلاف السائلين، وقيل بالنسخ، وأطلق في رواية: «لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم» والتقييد خرج علي حسب الأسئلة. (¬2) هذه الرواية قال الشيخ إنها معلولة. وهنا لم يذكر السند كله. (¬3) ولهذا حجت عائشة وخرجت للإصلاح بين الصحابة، وظاهر الأحاديث عموم الأفضلية للرجال والنساء في التكرار. الطفل إذا أحرم به وليه ثم لم يكمل الصبي النسك فهل يلزمه وليه بالتكميل؟ تردد فيه شيخنا ثم قال: لا يلزمه، ويستحب له الإكمال هذا هو الأقرب، لحديث «رفع القلم عن ثلاث ... » قلت: وهو مشهور مذهب الأحناف، واختاره أيضًا شيخنا ابن عثيمين، وهو الراجح.

27 - باب من نذر المشي إلى الكعبة

27 - باب من نذر المشي إلى الكعبة 1866 - عن عقبة عن عامر قال: نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله، وأمرتني أن استفتي لها النبي - صلى الله عليه وسلم -، فاستفتيته، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «لتمش ولتركب» (¬1). قال: وكان أبو الخير لا يفارق عقبة. قال الحافظ: ... «أن أخته نذرت أن تمشي حافية غير مختمرة» (¬2). قال الحافظ: ... «مرها فلتختمر ولتركب ولتصم ثلاثة أيام» (¬3). ¬

(¬1) لم يذكر هنا كفارة اليمين، وجاء في بعض الروايات أمرها بالكفارة ثلاثة أيام تصومها، والركوب أفضل، والنبي - صلى الله عليه وسلم - حج راكبًا. * النذر حكمه حكم اليمين إلا إذا كان طاعة فيوفي به. * وهنا قد يقال الركوب أفضل من المشي فلما انتقلت إلى الأفضل لم يلزمها الكفارة، كمن نذر أن يطوف راكبًا فطاف ماشياَ فلعله لا يلزمه؛ لأنه انتقل إلى الأفضل. (¬2) ذكرها شيخنا. (¬3) ذكرها شيخنا

29 - كتاب فضائل المدينة

29 - كتاب فضائل المدينة 1 - باب حرم المدينة 1870 - عن علي - رضي الله عنه - قال: «ما عندنا شيء إلا كتاب الله وهذه الصحيفة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: المدينة حرم ما بين عائر (¬1) إلى كذا (¬2)، من أحدث فيها حدثًا أو آوي محدثًا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل، وقال: ذمة المسلمين واحدة، فمن أخفر (¬3) مسلمًا فعلية لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل. ¬

(¬1) * المدينة حرام كمكة، لا ينفر صيدها ولا يختلي خلاها. * لا بأس بإزالة القبور والشجر لبقعة المسجد. * قبور المسلمين لا تنبش إلا لضرورة، كما نقل جابر قبر أبيه ونقل معاوية لبعض القبور .. وأما أهل الشرك فهو أسهل. عير. (¬2) ثور، كما جاء في رواية مسلم. * علي أفضل أهل البيت بعد محمد - صلى الله عليه وسلم -، ومع ذلك قال هذا، ففيه رد علي الشيعة. * فإذا أمن واحد أحدًا لا يجوز إخفاره ويرفع أمره إلى السلطان ولو كان المجير امرأة (قد أجرنا من أجرت يا أم هاني). (¬3)

2 - باب فضل المدينة وأنها تنفي الناس

ومن تولي قومًا بغير إذن مواليه فعليه لعنة الله والناس أجمعين، ولا يقبل منه صرف ولا عدل». قال الحافظ: ... لم يجعل الإذن شرطًا لجواز الادعاء، وإنما هو لتأكيد التحريم، لأنه إذا استأذنهم في ذلك منعوه وحالوا بينه (¬1) وبين ذلك قاله الخطابي وغيره ... 2 - باب فضل المدينة وأنها تنفي الناس 1871 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أمرت بقرية تأكل القرى، يقولون: يثرب، وهي المدينة، تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد» (¬2). قال الحافظ: ... وروى أحمد من حديث البراء بن عازب رفعه «من سمي المدينة يثرب فليستغفر الله، هي طابة هي طابة» (¬3). قال الحافظ: ... فدل أن المراد بالحديث تخصيص ناس دون ناس ووقت دون وقت (¬4). ¬

(¬1) ليس المراد أن الإذن يحله. * الواجب تسميتها طابة، طيبة. (¬2) وهذا يكون في آخر الزمان عند خروج الدجال، وإن كان قد يقع قبل ذلك فيستقر عند خروج الدجال فيخرج إليه كل منافق ومنافقة. (¬3) قلت: أثر البراء ضعيف، وآفته يزيد بن أبي زياد. وضعفه شيخنا في قراءة الهدي. (¬4) المقصود يقع في بعض الأحيان كما في عهده - صلى الله عليه وسلم - ـ، ولكن وقوعه الكلي في زمن الدجال، وما بينهما قد يقع وقد لا يقع.

3 - باب المدينة طابة

3 - باب المدينة طابة 1871 - عن عباس بن سهل بن سعد عن أبي حميد - رضي الله عنه - «أقبلنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - من تبوك حتى أشرفنا على المدينة فقال: هذه طابة» (¬1). 5 - باب من رغب عن المدينة 1874 - عن سعيد بن المسيب أن أبا هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «تتركون المدينة على خير ما كانت، لا يغشاها إلا العواف- يريد عوافي السباع والطير- وآخر من يحشر راعيان من مزينة يريدان المدينة ينعقان بغنمهما فيجدانها وحشًا، حتى إذا بلغا ثنية الوداع خرا على وجوههما» (¬2). 1875 - عن سفيان بن أبي زهير - رضي الله عنه - أنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «تفتح اليمن، فيأتي قوم يبسون (¬3)، فيتحملون بأهلهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون. وتفتح الشام، فيأتي قوم يبسون، فيتحملون بأهلهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون. وتفتح العراق، فيأتي قوم يبسون، فيتحملون بأهلهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون» (¬4). ¬

(¬1) كانوا يسمونها يثرب فسماها النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة وطابة، ويثرب جاءت في القرآن عن المنافقين، وتسميتها به مكروه. (¬2) يعني في آخر الزمان عند حشر الناس إلى محشرهم. (¬3) يبسون بفتح الياء. (¬4) وهذا وقع لما وقعت الفتوح.

6 - باب الإيمان يأرز إلى المدينة

وقال الحافظ: ... وقال النووي: المختار أن هذا الترك يكون في آخر الزمان عند قيام الساعة (¬1)، ويؤيده قصة الراعيين. قال الحافظ: ... معناه يسوقون دوابهم، والبس سوق الإبل تقول بس بس عند السوق وإرادة السرعة. وقال الداودي: معناه يزجرون دوابهم فيبسون (¬2) ما يطئونه من الأرض من شدة السير .... 6 - باب الإيمان يأرز إلى المدينة 1876 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها» (¬3). ¬

(¬1) هذا هو الصواب، والمدينة ما تركت، لم يزل بها ناس وأمراء وأخيار، وإن كان تغيرت حالها لما انتقلت الخلافة إلى العراق. (¬2) حريصون لما عرفوا هناك من الخيرات والنعم والأموال الكثيرة. (¬3) وفي لفظ: بين المسجدين، ووقع هذا في الأنصار، وفي أسلم وهاجر لها، ويقع فالناس الذين فيهم خير يأرزون لها ولمكة. * مكة أفضل ثم المدينة. * والسكن في مكان يستقيم فيه ويزداد إيمانه أحسن له. * من أوصي أن يدفن في المدينة؟ الأقرب لا تنفذ وصيته. * ويزيد لما فعل بهم ما فعل جري عليه من البلاء ما جري.

7 - باب إثم من كاد أهل المدينة

7 - باب إثم من كاد أهل المدينة 1877 - عند جُعيد عن عائشة- هي بنت سعد- قالت: سمعت سعدًا - رضي الله عنه - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا يكيد أهل المدينة (¬1) أحد إلا انماعَ كما ينماع الملح في الماء». قال الحافظ: في أفراد مسلم ... «ولا يريد أحد أهل المدينة بسوء إلا أذابه الله في النار (¬2) ذوب الرصاص ... ». قال الحافظ: ... كما وقع لمسلم بن عقبة (¬3) وغيره فإنه عوجل عن قرب وكذلك الذي أرسله. 9 - باب لا يدخل الدجال المدينة 1880 - عن مالك عن نعيم بن عبد الله المجمر (¬4) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «على أنقاب المدينة ملائكة، لا يدخلها الطاعون ولا الدجال». 1881 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال، إلا مكة والمدينة، ليس له من نقابها نقب إلا عليه ¬

(¬1) أهل الدين والإيمان ويعم أهلها، لكن البقية لا قيمة لهم، فالأخيار يدفع الله؛ ولهذا قال: «يأرز الإيمان إلى المدينة». (¬2) يعني يوم القيامة. (¬3) مات بعدها بثلاثة أشهر. (¬4) كان يطيب المسجد ويقال المجمر.

الملائكة صافين يحرسونها. ثم ترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات، فيخرج الله كل كافر ومنافق» (¬1). 1882 - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: «حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثًا طويلًا عن الدجال، فكان حدثنا به أن قال: يأتي الدجال- وهو محرَّم عليه أن يدخل نقاب المدينة - بعض السباخ التي بالمدينة- فيخرج إليه يومئذٍ رجل هو خير الناس- أو من خير الناس- فيقول: أشهد أنك الدجال الذي حدثنا عنك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثه. فيقول الدجال: أرأيت إن قتلت هذا ثم أحييته هل تشكون في الأمر؟ فيقولون: لا. فيقتله ثم يحييه، فيقول حين يحييه: والله ما كنت قط أشد بصيرة مني اليوم. فيقول الدجال: أقتله فلا أسلط عليه» (¬2). 1886 - عن أنس - رضي الله عنه - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قدم من سفر فنظر إلى جدرات (¬3) المدينة أوضع راحلته، وإن كان على دابة حركها، من حبها». قال الحافظ: ... (فبايعه على الإسلام، فجاء من الغد محمومًا فقال أقلني) ظاهره أنه سأل الإقالة من الإسلام وبه جزم عياض (¬4). ¬

(¬1) الأشرار يخرجون إلى الدجال من المدينة. (¬2) وفي لفظ «فلا يسلط عليه». (¬3) جمع الجمع «جدر». (¬4) الإقالة علي الإسلام، ويحتمل علي الهجرة.

11 - باب كراهية النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تعري المدينة

قال الحافظ: ... واستدل به عن على تفضيل المدينة (¬1) على مكة وهو ظاهر من هذه الجهة، لكن لا يلزم من حصول أفضلية المفضول في شيء من الأشياء ثبوت الأفضلية له على الإطلاق. قال الحافظ: ... الظاهر أن البركة حصلت في نفس المكيل بحيث يكفي المد فيها من لا يكفيه في غيرها، وهذا أمر محسوس عند من سكنها (¬2). 11 - باب كراهية النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تعري المدينة 1887 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: «أراد بنو سلمة أن يتحولوا إلى قرب المسجد، فكرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تعري المدينة وقال: يا بني سلمة ألا تحتسبون آثاركم؟ فأقاموا» (¬3). 12 - باب 1888 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة، ومنبري على حوضي» (¬4). ¬

(¬1) هذا فضل خاص للمدينة، وإلا مكة أفضل عند الجمهور، والبركة في حق المسلمين. (¬2) قال شيخنا في شرح البلوغ: ومن سكن المدينة يعرف ذلك. وقد سكنها شيخنا فترة حينما كان نائبًا للجامعة الإسلامية ثم رئيسًا لها. (¬3) فيه: الحث علي الصبر علي السير إلى المساجد، ومنه حديث أبي بن كعب في مسلم «لو اشتريت حمارًا ... ». (¬4) المسجد من محال الحوض يوم القيامة؛ لأن الحوض طويل طوله مسيرة شهر.

1889 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة وعك أبو بكر وبلال، فكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول: كل امرئ مصبح في أهله ... والموت أدني من شراك نعله وكان بلال إذا أقلع عنه الحمى يرفع عقيرته يقول: ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة ... بواد وحولي إذخر وجليل وهل أردن يومًا مياه مجنة ... وهل يبدون لي شامة وطفيل (¬1) وقال: اللهم العن شيبة بن ربيعة وأمية بن خلف، كما أخرجونا من أرضنا إلى أرض الوباء. ثم قال رسول - صلى الله عليه وسلم -: «اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد. اللهم بارك لنا في صاعنا وفي مدنا، وصححها لنا، وانقل حماها إلى الجحفة». قالت: وقدمنا المدينة وهي أوبأ (¬2) أرض الله، قالت: فكان بطحان يجري نجلًا. تعني ماء آجنا. 1890 - عن عمر - رضي الله عنه - قال: اللهم ارزقني شهادة في سبيلك، واجعل موتي في بلد (¬3) رسولك - صلى الله عليه وسلم -. وقال ابن زريع عن روح بن القاسم عن زيد بن أسلم عن أمه عن حفصة بنت عمر - رضي الله عنهما - قالت: سمعت عمر .. نحوه. وقال هشام عن زيد عن أبيه عن حفصة: سمعت عمر - رضي الله عنه -. ¬

(¬1) قال هذا من شدة الحمى، استنكروها. (¬2) ورفع الله ذلك فكانت من أصح البلاد. (¬3) وأجاب الله دعوته، فقتل شهيدًا مظلومًا ومات بالمدينة. * تسمية المكان الذي خلف الإمام روضة؟ لا أعرف فيه شيئًا عرف للناس (بعد ما سألته).

30 - كتاب الصوم

30 - كتاب الصوم 1 - باب وجوب صوم رمضان 189 - عن طلحة بن عبيد الله «أن أعرابيًا جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثائر الرأس فقال: يا رسول الله، أخبرني ماذا فرض الله على من الصلاة؟ فقال: «الصلوات الخمس إلا أن تطوع شيئا». فقال: أخبرني بما فرض الله على من الصيام؟ فقال: «شهر رمضان إلا أن تطوع شيئًا». فقال: أخبرني ما فرض الله على من الزكاة؟ قال فأخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشرائع الإسلام. قال: والذي أكرمك بالحق، لا أتطوع (¬1) شيئا ولا أنقص مما فرض الله على شيئًا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أفلح (¬2) إن صدق. أو دخل الجنة إن صدق». ¬

(¬1) من اقتصر علي الواجبات وترك المحرمات كان من السعداء الناجين لكن تفوته درجة السابقين ويكون من الأبرار، فالدرجات للمسلمين ظالم لنفسه والمقتصد والسابق للخيرات، وهؤلاء كلهم مسلمون {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا ... } الآية. (¬2) أفلح وأبيه؟ شاذة ضعيفة، أو قيل النسخ أو محرفة والله أعلم. قلت: الحديث أخرجه الشيخان، والبخاري رواه من طريق إسماعيل بن جعفر وحذفها وقد أثبتها مسلم، وقد خالف إسماعيل مالك، وهل يمكن أن يكون الحمل في ذلك علي يحيي بن أيوب المقابري الراوي عن إسماعيل كما عند مسلم لأن قتيبة يروي عن إسماعيل الحديث بدونها؟ والجواب: أن الحمل فيها علي إسماعيل نفسه لأني رأيتها عنه من طريق سليمان بن داود العتكي كما عند أبي داود ومن طريق علي بن حجر كما عند ابن خزيمة وأيضاَ لو كانت من لفظ يحيي وحده لميزها مسلم كعادته.

3 - باب الصوم كفارة

1892 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: «صام النبي - صلى الله عليه وسلم - عاشوراء (¬1) وأمر بصيامه، فلما فرض رمضان ترك (¬2). وكان عبد الله لا يصومه إلا أن يوافق صومه». 3 - باب الصوم كفارة 1895 - عن أبي وائل عن حذيفة قال: «قال عمر - رضي الله عنه -: من يحفظ حديثًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الفتنة؟ قال حذيفة: أنا سمعته يقول: فتنة الرجل في أهله وماله وجاره (¬3) تكفرها الصلاة والصيام والصدقة. قال: ليس أسال عن هذِه؟ إنما أسأل عن التي تموج كما يموج البحر. قال: وإن دون ذلك بابًا مغلقًا. قال: فيفتح أو يكسر؟ قال: يكسر. قال: ذاك أجدر أن لا يغلق إلى يوم القيامة. فقلنا لمسروق: سلة، أكان عمر يعلم من الباب؟ (¬4) فسأله فقال: نعم، كما يعلم أن دون غد الليلة». ¬

(¬1) صوم عاشوراء كان مؤكدًا ثم صار مستحبًا. (¬2) ترك ابن عمر لصوم عاشوراء اجتهاد منه. وإلا فهو مندوب. * كان المشركون يصومون عاشوراء تبعًا لليهود لأنهم مجاورون لهم. (¬3) قد يسب عبيده وأهله وجيرانه فتكفر الأعمال الصالحة. وسألته: الفتنة هنا خاصة بالصغائر؟ قال: عام قد يقع منه فوق ذلك. قلت: علي هذا يكون حجة في تكفير بعض الذنوب الكبائر. (¬4) والباب هو عمر، وكسره قتله فلما قتل انفتحت أبواب الفتن. * فعلي هذا الصوم له ثوابان: التكفير، وجزاء آخر إلا الصوم فيثاب.

4 - باب الريان للصائمين

قال الحافظ: ... يحتمل أن يكون المراد إلا الصيام فإنه كفارة (¬1) وزيادة ثواب على الكفارة. 4 - باب الريان للصائمين 1896 - عن سهل - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن في الجنة بابًا يقال له الريان، يدخل منه الصائمون (¬2) يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون؟ فيقومون، لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق، فلم يدخل منه أحد». 1897 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أنفق زوجين في سبيل الله نودي من أبواب الجنة: يا عبد الله هذا خير (¬3)، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة». فقال أبو بكر - رضي الله عنه -: بأبي أنت وأمي يا رسول، ما على من دعي من تلك الأبواب من ضرورة، فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها؟ قال: «نعم، وأرجو أن تكون منهم» (¬4). ¬

(¬1) هذا الصواب. (¬2) من جميع الأمم. وعلى هذا من أسلم ثم مات قبل أم يدركه الصوم لا يدخل من هذا الباب من الأبواب الأخرى، كالصلاة والصدقة مثلا. (¬3) كل الأبواب يحبون أن يدخل من عندهم. (¬4) - رضي الله عنه - (وشرح شيخنا في فضائل الصديق).

5 - باب هل يقال رمضان أو شهر رمضان، ومن رأى كله واسعا

قال الحافظ: ... قوله: (من أنفق زوجين (¬1) في سبيل الله). قال الحافظ: ... فقيل أراد الجهاد (¬2)، وقيل ما هو أعم منه. 5 - باب هل يقال رمضان أو شهر رمضان، ومن رأى كله واسعا (¬3) 1898 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذ جاء رمضان (¬4) فتحت أبواب الخير». 1900 - عن أبي عمر - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم فاقدروا له» (¬5). 6 - باب من صام رمضان إيمانا واحتسابا ونية وقالت عائشة - رضي الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يبعثون على نياتهم». 1901 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا (¬6) غفر له ما تقدم من ذنبه». ¬

(¬1) ثوبين, ذهبين, ناقتين, شاتين, يقال: زوج اثنين, وزوجين نوعين محتمل درهمين ومحتمل: درهمين وثوبين. تنبيه: أطنب العيني في شرح زوجين. (¬2) محل نظر, والأقرب العموم, وفي الجهاد أعظم. (¬3) كله واسع. (¬4) فيقال: شهر رمضان ورمضان هذا وهذا. (¬5) ثلاثين كما في رواية مسلم والأحاديث يفسر يعضها بعضا. (¬6) إيمانا: بأن الله شرعه, واحتسابا طلبا للأجر, بخلاف من فعل ذلك تقليدا, وهذه المغفرة مقيدة باجتناب الكبائر.

7 - باب أجود ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في رمضان

7 - باب أجود ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في رمضان 1902 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أجود (¬1) الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل - عليها السلام - يلقاه كل ليلة في رمضان حتى ينسلخ (¬2)، يعرض عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - القرآن، فإذا لقيه جبريل - عليها السلام - كان أجود بالخير من الريح المرسلة» (¬3). 8 - باب من لم يدع قول الزور والعمل به في الصوم 1903 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه» (¬4). ¬

(¬1) أجود الناس بالمال والعطاء لا التجويد (بعد سؤال أحدهم). (¬2) في السنة الأخيرة عارضة مرتين ختمتين. (¬3) فيه فوائد: - جودة - صلى الله عليه وسلم -. - دراسة القرآن وعرضه وأنه بالليل أولى. - فيه مدارسة الصالحين والعلماء والأخيار, والنبي - صلى الله عليه وسلم - يعرض عليه ليطابق ما عند الله, فالجود في أوقات الحاجة, ورمضان مطلوب. (¬4) فيه التحذير من التساهل في أمر الصوم, وفي رواية أخري ... والجهل وهو الظلم.

9 - باب هل قول إني صائم إذا شتم

9 - باب هل قول إني صائم إذا شتم 1904 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قال الله: كل عمل ابن آدم له، إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم (¬1). والذي نفس محمد بيده لخلوف في الصائم أطيب عند الله من ريح المسك. للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح، وإذا لقي ربه فرح بصومه». 10 - باب الصوم لمن خاف على نفسه العزبة 1905 - عن إبراهيم عن علقمة قال: بينا أنا أمشي مع عبد الله - رضي الله عنه - فقال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «من استطاع الباءة فليتزوج، فإنه أغض (¬2) للبصر، وأحصن للفرج. ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» (¬3). ¬

(¬1) قول: إني صائم ليس من الرياء, ويعم التطوع. (¬2) الأمر بغض البصر أمر بالأشياء الأخرى الداعية للعفة. (¬3) الصوم يعين على تضييق ماري الشيطان, فيشرع لمن خاف شر العزوبة أن يصوم, من الشباب وغيرهم. * فيه الحث على الزواج وأسباب حفظ الفرج. * الناس يتعللون بعلل: - إكمال الدراسة. - أعمر البيت ... الخ ولا ينبغي هذا, فالخطر عظيم.

11 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا»

11 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا» 1911 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: آلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نسائه، وكان انفكت رجله، فأقام في مشربة تسعا وعشرين ليلة ثم نزل، فقالوا: يا رسول الله آليت شهرا، فقال: «إن الشهر يكون تسعا وعشرين». (¬1) قال الحافظ: ... فإن أكثر الرواة عن شعبة قالوا فيه «فعدوا ثلاثين» (¬2) .. قال الحافظ: ... قوله: (فاقدروا) تقدم أن للعلماء فيه تأويلين، وذهب ¬

(¬1) هذه الأحاديث كلها واضحة أن العمدة على الرؤية أو إكمال العدة, فهذا ما شرع الله لعباده, ولم يعرج النبي - صلى الله عليه وسلم - على الحساب بل علق الحكم بالرؤية. وذكر أبو العباس إجماع أهل العلم عدم إثبات الحساب في مولد الهلال أو عدم مولده. * بلد يعتمد على الحساب وعصبة تعتمد على الرؤية فهل تخالف؟ الحكم معلق بالرؤية وقول (الصوم يوم تصومون) محمول على الرؤية والطاعة في المعروف؛ ثم قول الجمهور أنه إن ثبت في بلد لزم الجميع, وخالف آخرون واعتمدوا على اثر ابن عباس في صحيح مسلم وأن لكل بلد رؤيتهم ورجح ذلك بعض العلماء وفي المجلس عندنا أخذ به المشايخ لأجل قطع النزاع, يستعان بها ولا يعتمد عليها. * المناظير والمراصد: يستعان بها ولا يعتمد عليها. والعين المجردة ولو في جيل أو في منظار فهذا بالعين المجردة. (¬2) كله واحد فعدوا أو أكملوا.

12 - باب شهرا عيد لا ينقصان

آخرون إلى تأويل ثالث قالوا: معناه فاقدروا بحساب المنازل (¬1). قال الحافظ: ... قال ابن عبد البر: لا يصح عن مطرف، وأما ابن قتيبة (¬2) فليس هو ممن يعرج عليه في مثل هذا ... قال الحافظ: ... خامسها (¬3) يجوز لهما ولغيرهما مطلقا. وقال ابن الصباغ أما بالحساب فلا يلزمه بلا خلاف بين أصحابنا. 12 - باب شهرا عيد لا ينقصان 1912 - عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «شهران لا ينقصان، شهرا عيدا: رمضان (¬4) وذو الحجة». قال الحافظ: ... إن جاء أحدهما تسعا وعشرين جاء الآخر ثلاثين ولابد. وقيل لا ينقصان في ثواب العمل فيهما (¬5). ¬

(¬1) هذا قول باطل حدث في الإسلام. (¬2) يعني من أئمة اللغة ليس من المحدثين. (¬3) كلها أقوال باطلة مخالفة للشرع. (¬4) لأن العيد في آخره (بعدما سألته). * اختلف في معناه, فقيل: لا ينقصان في الفضل, وهذا قول إسحاق, والقول الآخر لا ينقصان عددا إذا نقص أحدهما تم الآخر. (¬5) الأقرب أحد هذين القولين.

13 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا نكتب ولا نحسب»

13 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا نكتب ولا نحسب» 1913 - عن أبي عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب (¬1)، الشهر هكذا وهكذا. يعني مرة تسعة وعشرين ومرة ثلاثين». 14 - باب لا يتقدم رمضان بصوم يوم ولا يومين 1914 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين إلا أن يكون رجل كان يصوم صومه فليصم ذلك اليوم» (¬2). 15 - باب قول الله جل ذكره {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ}. ¬

(¬1) تعتمد الرؤية ولا نعتمد الحساب, والغالب على الأمة الأمية ولو تعلم منهم من تعلم. (¬2) لأن ذلك مظنة الاحتياط والزيادة فمنع ذلك؛ ولهذا قال عمار (من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم) أما إذا بدأه قبل النصف لحديث «إذا انتصف شعبان فلا تصوموا» رواه أحمد وأهل السنن بإسناد جيد. * قلت: هذا يحث في حديث: «إذا انتصف شعبان فلا تصوموا». رواه عبد الرزاق في مصنفه (4/ 161) عن ابن عيينة, وأحمد في مسنده =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= (2/ 442)، حدثنا وكيع، حدثنا أبو العميس عتبة، وابن أبي شيبة في مصنفه (2/ 284)، حدثنا وكيع بن، والدرامي في سننه (1/ 350)، أخبرنا عبد الصمد بن عبد الوارث، ثنا عبد الرحمن الحنفي عن عبد الرحمن بن إبراهيم (ح). ورواه من طريق الحكم بن المبارك عن عبد العزيز بن محمد. ورواه أبو داود عون (6/ 460) بذل (11/ 133)، حدثنا قتيبة بن سعيد، أخبرنا عبد العزيز به. ورواه الترمذي في جامعة تحفة (3/ 437)، حدثنا قتيبة به. ورواه ابن ماجة في سننه (1/ 528)، حدثنا أحمد بن عبده، ثنا عبد العزيز بن محمد، ح وحدثنا هشام بن عمار، ثنا مسلم بن خالد. وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 82)، حدثنا ابن مرزوق، ثنا حبان ويعقوب بن إسحاق قالا: حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم. ورواه ابن حبان في صحيحه (8/ 355)، 8/ 358) من طريق الحسن ابن حبيب، ثنا روح بن القاسم (ح) ومن طريق أبي عامر العقدي، ثنا زهير بن محمد. ورواه النسائي في الكبرى (2/ 172)، أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، أنبأنا محمد بن ربيعة عن أبي العميس به. ورواه ابن حزم في المحلى (7/ 26) من طريقين عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي وسفيان، كلهم جميعًا عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: فذكره =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= فصل في ألفاظ المخرجين: لفظ النسائي وأبي داود والبيهقي: «إذا انتصف شعبان». فلفظ النسائي: فكفوا عن الصوم» ولفظ أبي داود والبيهقي: «فلا تصوموا». فصل في ألفاظ المخرجين: لفظ أحمد وابن أبي شيبة: «إذا كان النصف من شعبان فأمسكوا عن الصوم حتى يكون رمضان». ولفظ عبد الرزاق وابن حبان: «فأفطروا» زاد ابن حبان «حتى يجيء رمضان». ولفظ الدرامي: «فأمسكوا عن الصوم»، ولفظ ابن ماجه: «فلا صوم حتى يجيء رمضان». ولفظ الطحاوي: «لا صوم بعد النصف من شعبان حتى رمضان»، واللفظ الآخر لابن حبان: «حتى يجيء شهر رمضان». ولفظ الترمذي: «إذا بقي نصف من شعبان فلا تصوموا». واللفظ الآخر للبيهقي: «إذا مضى النصف من شعبان فأمسكوا عن الصيام حتى يدخل رمضان». فصل في علل الحديث: 1 - نكارته ومخالفته للأحاديث الصحيحة، قاله ابن رجب في اللطائف ص (260) ط السواس. ونقله عن أحمد وغيره. وقد تكلم في العلاء =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= غير واحد من الحفاظ والأثمة بسبب هذا الحديث. 2 - دعوى النسخ نقله ابن رجب عن الطحاوي، وانظر شرح المعاني (2/ 87). 3 - دعوى ترك العمل بع نقله ابن رجب عن الطحاوي. 4 - مخالفة راوي الحديث له، فأبو هريرة كان يصوم في النصف الثاني من شعبان، نقله العيني في شرح البخاري (9/ 153). 5 - دعوى تفرد العلاء به، وأنه لم يتابعه أحد نقل ذلك ابن القيم في تهذيب السنن (3/ 223). فصل فيمن ضعفه من الأئمة: 1 - الإمام أحمد نقله أبو داود عنه ذكره البيهقي في سننه، ونقله ابن رجب في اللطائف وابن حجر والعيني. 2 - عبد الرحمن بن مهدي نقله أبو داود في سننه عنه وابن رجب والعيني. 3 - ابن معين نقله الحافظ عنه في الفتح ونقله ابن حزم عنه. 4 - أبو زرعه الرازي نقله ابن رجب وانظر أبو زرعه الرازي وجهوده في السنة النبوية (ص 388). 5 - الأثرم نقله ابن رجب. 6 - النسائي. 7 - الخليلي. 8 - البيهقي في سننه فقد قال باب الرخصة في ذلك بما هو أصح من حديث العلاء (4/ 209). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= 9 - ظاهر كلام ابن رجب في لطائف المعارف. فصل في رد علل الطاعنين: 1 - نكارته ومخالفته .. وردت بأجوبة: أ- أن النهي لمن لم يكن له عادة فإن كان له عادة فليصم. ب- أو من أنشأ الصوم بعد النصف، وإن صوم قيام النصف فلا بأس حتى لو صام شعبان كله أو أكثره فلا يخالف أحاديث صيام شعبان. ج- أن النهي للكراهة وقوله: لا تقوموا شهر رمضان بصوم يوم أو يومين للتحريم فلا منافاة. د- أن النهي لمن يفعل ذلك لحال رمضان. هـ- أن ذلك لمن يضعفه الصوم. 2 - دعوى النسخ: وردها ابن حزم بقوله ومن ادعى النسخ فقد كذب وقفًا ما لا علم له به. 3 - دعوى ترك العمل به ويكفي في ردها تصحيح الأئمة له، وسيأتي ذكر أسمائهم- إن شاء الله- وإفتاؤهم بموجبه، انظر المجموع مثلا (6/ 452) وغيره. 4 - دعوى أن أبا هريرة لم يكن يعمل به. وتلك لعمر الله شكاه زائل عندك عارها .. فيكفي أن يصح عن سيد المرسلين وهذا المسلك مسلك ضعيف يقوم علي أساس إذا خالف الراوي ما روى فيؤخذ بما رأى لا بما روى؛ لأنه أدرى بمرويه والجمهور على خلافها، وأن الحجة في روايته المعصومة ويلتمس له العذر. وانظر المحلى (7/ 26). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= 5 - دعوى تفرد العلاء به .. وردت بأن هذا لا يقدح في صحته وهو حديث علي شرط مسلم، فإن مسلمًا قد أخرج عدة أحاديث عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة، فإن مسلمًا قد أخرج عدة أحاديث عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة، وتفرده به تفرد ثقة بحديث مستقل وله عدة نظائر في الصحيح. والتفرد الذي يعلل به هو تفرد الرجل عن الناس بوصل ما أرسلوه أو رفع ما وقفوه، اهـ. من تهذيب السنن. 6 - وأوردت أيضًا علة عليلة بأن العلاء لم يسمعه من أبيه، قال ابن القيم: وأما كون العلاء لم يسمعه من أبيه فهذا لم نعلم أحدًا علل الحديث به، فإن العلاء قد ثبت سماعه من أبيه، وفي صحيح مسلم عن العلاء عن أبيه بالعنعنة غير حديث وقد قال عباد بن كثير لقيت العلاء بن عبد الرحمن وهو يطوف، فقلت له: برب هذا البيت حدثك أبوك عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: فذكره؟ فقال: ورب هذا البيت سمعت أبي يحدث عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكره. 7 - وقد أثار بعضهم علة دقيقة في متنه نقلها الزيلعي (نصب 2/ 441) عن ابن القطان خلاصتها: أنه وقع في بعض ألفاظ الحديث فأمسكوا، وفي بعضها فكفوا، وهذا اللفظان نهي عن التمادي في الصوم .. اهـ. كلام ابن القطان بمعناه، ووجه كن هذه العلة أنه إذا كان نهي عن التمادي استحكمت مخالفته للأحاديث الصحيحة وتعين إطراحه، وترد بأن لفظة كفوا وأمسكوا تأتي لمنع التمادي ولمنع الابتداء، فمن الأول قول الرجل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: هلكت الأموال وانقطعت السبع فادع الله يمسكها، ومن الثاني ما جاء في حديث أبي ذر عند مسلم مرفوعًا =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= وتكف شرك عن الناس فإنه صدقة منك علي نفسك، وحديث أبي سعيد الخدري في بعض ألفاظه في بيان حقوق الطريق .. غض البصر، وكف الأذى ورد السلام. فصل في ذكر أسماء الصحيحين للحديث: 1 - أبو داود حيث سكت عنه وأجاب عن تعليل أحمد له عقبة. 2 - الترمذي، قال عقبة: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح. 3 - الطحاوي. 4 - ابن حبان في صحيحة. 5 - الحاكم، نقله عنه ابن رجب في اللطائف وعمن تقدم سوي أبي داود. 6 - ابن حزم كما في المحلي. 7 - ابن عبد البر نقله عنه ابن رجب. 8 - ابن عساكر، نقله عنه العيني. 9 - النووي وهو ظاهر صنيعه في المجموع. 10 - ابن القيم كما في تهذيب السنن؟ 11 - ابن حجر الهيتمي في فتاويه. 12 - السيوطي في الجامع الصغير. 13 - المحدث الفقيه سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله -. 14 - الحديث الألباني: - رحمه الله - كما في صحيح الجامع. والذي يترجح عندي أن الحديث منكر، وهذا جار على قواعد المتقدمين. لا إشكال عندهم في ذلك.

16 - باب قول الله تعالى: {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر}.

1915 - عن البراء - رضي الله عنه - قال: «كان أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - إذا كان الرجل صائمًا فحضر الإفطار فنام قبل أن يفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي. وإن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائمًا، فلما حضر الإفطار أتى امرأته فقال لها: أعندك طعام؟ قالت: لا، ولكن أنطلق فأطلب لك، وكان يومه يعمل. فغلبته عيناه، فجاءته امرأته، فلما رأته قالت خيبة لك، فلما انتصف النهار غُشي عليه، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فنزلت هذه الآية: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} ففرحوا بها فرحًا شديدًا (¬1)، ونزلت: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ}. 16 - باب قول الله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}. 1917 - عن عدي بن حاتم - رضي الله عنه - قال: لما نزلت {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} عمدت إلى عقال أسود وإلى عقال أبيض فجعلتهما تحت وسادتي، فجعلت أنظر في الليل فلا يستبين لي. فغدوت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرت له ذلك فقال: «إنما ذلك سواد الليل وبياض النهار» (¬2). ¬

(¬1) وهذا من رحمة الله. ابتلاهم الله فامتثلوا فخفف عنهم ونسخ ما كان، وصار الصوم من طلوع الفجر حتى غروب الشمس. (¬2) ولم يأمره بالقضاء، فمن فعل شيئًا ولم يتبين له فتبين أن عليه نهارًا فلا قضاء.

17 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال»

17 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «لا يمنعنَّكم من سحوركم أذان بلال» 1918، 1919 - عن عائشة - رضي الله عنها - أن بلالًا كان يؤذن بليل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كلوا واشربوا حتى يؤذِّن ابن أم مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر» قال القاسم: ولم يكن بين أذانهما إلا أن يرقى ذا وينزل ذا (¬1). قال الحافظ: ... وروى ابن المنذر بإسناد صحيح عن علي أنه صلى الصبح ثم قال: الآن حين تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود (¬2) ... قال الحافظ: ... وروى بإسناد صحيح عن سالم بن عبيد الأشجعي - وله صحبة - أن أبا بكر قال له: «أخرج فانظر هل طلع الفجر؟ قال: فنظرت ثم أتيته فقلت: قد ابيض وسطع، ثم قال: أخرج فانظر هل طلع؟ فنظرت فقلت: قد اعترض، فقال: الآن أبلغني شرابي» (¬3). 18 - باب تعجيل (¬4) السَّحور 1920 - عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال: «كنت أتسحَّر في أهلي، ثم تكون سُرعتي أن أُدرك السجود مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -». ¬

(¬1) مدة يسيرة. (¬2) فيه نظر، وكذا الأثر عن أبي بكر. (¬3) محل نظر، فلا يحتج بقول أبي بكر وعمر وغيرهما وإنما تؤخذ أقوال الصحابة إذا خفيت السنة. (¬4) في نسخة العيني تأخير.

19 - باب قدركم بين السحور وصلاة الفجر

19 - باب قدركم بين السحور وصلاة الفجر 1921 - عن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - قال: تسحَّرنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم قام إلى الصلاة. قلت: كم كان بين الأذان والسَّحور؟ قال: «قدر خمسين آية» (¬1). 20 - باب بركة السَّحور من غير إيجاب، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه واصلوا ولم يُذكر السَّحور (¬2) 1922 - عن عبد الله - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - واصل، فواصل الناس، فشق عليهم، فنهاهم، قالوا: إنك تواصل، قال: «لست كهيئتكم، إني أظلُّ أُطعم وأُسقى». 1923 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «تسحَّروا، فإن في السحور بركة» (¬3). 21 - باب إذا نوى بالنهار صومًا وقالت أم الدرداء: كان أبو الدرداء يقول: عندكم طعام؟ فإن قلنا لا، قال: فإن صائم يومي هذا (¬4). ¬

(¬1) بين الأذان والسحر أو السحور والصلاة لا منافاة لأن الأذان بعده الصلاة. (¬2) السحور سنة وليس بواجب ولكنه أفضل «تسحروا فإن في السحور بركة» وحديث «فصل ما بيننا ... » يدل على السنية والشرعية لأنه واصل - صلى الله عليه وسلم -. * الوصال هل له تحديد يومان ثلاثة؟ لا، لا حد له. (¬3) يدل على السنية ولو كان واجبًا لما تركه. (¬4) وجاء في رواية مسلم من حديث عائشة فإذا أصبح ولم يأكل شيئًا ونوى الصوم له أجر الصوم من حين نوى هذا في النفل. قلت: ويصح صيامه وقد جاء عن عدد من الصحابة: عثمان وأبي الدرداء وأبي طلحة وأبي هريرة وابن عباس وحذيفة وأبي أيوب وعبد الله بن عمر وعبد الله ابن مسعود، ومنع بعض المتأخرين صحة صوم النفل من النهار فسبحان الله.

22 - باب الصائم يصبح جنبا

1924 - عن سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث رجلًا ينادي في الناس يوم عاشوراء (¬1): أن من أكل فليُتمَّ أو فليصم، ومن لم يأكل فلا يأكل». 22 - باب الصائم يصبح جُنبًا 1925، 1926 - ... عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن أباه عبد الرحمن أخبر مروان أن عائشة وأم سلمة أخبرتاه «أن رسول الله ¬

(¬1) كان عاشوراء مؤكدًا ثم نسخ التأكيد وبقي الاستحباب، وكان هذا في السنة الأولى من الهجرة ثم شرع الله رمضان. * من لم يعلم برمضان إلا نهارًا يمسك وعليه القضاء، هذا عند عامة العلماء. * حديث حفصة وعائشة في القضاء؟ لعله الأفضل لو صح، وإلا في حديث جويرية لم يأمرها بالقضاء حينما صامت يوم الجمعة فأمرها بالفطر. قلت: حديث عائشة وحفصة مرسل لا يصح. * من صام الجمعة لأجل أنها عطلته وفراغه؟ يرجى عدم الكراهية. * صوم السبت؟ الحديث ضعيف مضطرب لا يعول عليه. * الست من شوال: لا يحصل له الفضل حتى يبدأ النية من الأول (أول اليوم). * الوصال مكروه وإلى السحر جائز.

- صلى الله عليه وسلم - كان يدركه الفجر وهو جُنْبٌ من أهله، ثم يغتسل ويصوم. وقال مروان لعبد الرحمن بن الحارث: أُقسم بالله لتُقرِّعنَّ بها أبا هريرة، ومروان يومئذ على المدينة، فقال أبو بكر: فكره ذلك عبد الرحمن. ثم قُدر لنا أن نجتمع بذي الحليفة - وكانت لأبي هريرة هنالك أرض (¬1) - فقال عبد الرحمن لأبي هريرة: إني ذاكرٌ لك أمرًا، ولولا مروان أقسَمَ عليَّ فيه لم أذكره لك. فذكر قول عائشة وأم سلمة، فقال: كذلك حدثني (¬2) الفضل بن عباس وهنَّ أعلم» وقال همام وابن عبد الله بن عمر عن أبي هريرة «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأمرُ بالفطر» والأول أسنَدُ (¬3). قال الحافظ: ... إذ يمكن أني حمل الأمر بذلك على الاستحباب في غير الفرض (¬4). قال الحافظ: ... صار ذلك إجماعًا أو كالإجماع لكن من الآخذين بحديث أبي هريرة من فرق بين من تعمد الجنابة وبين من احتلم (¬5). ¬

(¬1) يعني مزرعة. (¬2) بيّن أبو هريرة إسناده. (¬3) أصح. * حديث أبي هريرة عن الفضل في منع الجنب من الصوم، ولعله كان أولًا ثم نسخ. * حديث الفضل «من أصبح جنبًا فلا صوم له» ولكن الصواب لا حرج، كان يدركه الفجر وهو جنب ويصوم عليه الصلاة والسلام. (¬4) ما عليه دليل. (¬5) يعني من أصبح جنبًا لا حرج أن يصوم.

23 - باب المباشرة للصائم وقالت عائشة - رضي الله عنها -: يحرم عليه فرجها

23 - باب المباشرة للصائم وقالت عائشة - رضي الله عنها -: يحرُمُ عليه فرجُها 1927 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقبِّل ويباشر وهو صائم، وكان أملككم لإربه». وقال: قال ابن عباس {مَآرِبُ}: حاجة. قال طاووس {أُولِي الْإِرْبَةِ}: الأحمق لا حاجة له في النساء وقال جابر بن زيد: إن نظر فأمنى يُتمُّ صومه (¬1). 24 - باب القبلة للصائم قال الحافظ: ... وكما ثبت عندهم أن أوائل الشرب لا يفسد الصيام فكذلك أوائل الجماع اهـ. والحديث الذي أشار إليه أخرجه أبو داود والنسائي من حديث عمر، قال النسائي منكر (¬2) ... ¬

(¬1) * إذا قبّل ولو علم أنه يمذي ويعلم أنه يمسك نفسه فلا يفسد بذلك صومه. الجمهور على أنه إن كرر النظر فأمنى فعليه القضاء، أما إن كان لم يكرر النظر نظرة عابرة لكن لو احتضنها أو باشر فأمنى فعليه القضاء، أما المذي لا يبطل صومه لعموم البلوى به ولا دليل على فطره. (¬2) قلت: ولكن حسنه ابن المديني كما في مسند الفاروق لابن كثير، ولعل استنكار النسائي لأن المعروف عن عمر النهي عن القبلة للصائم. فلو كان عنده حديث بالجواز لما نهى عنه! !

25 - باب اغتسال الصائم

25 - باب اغتسال الصائم وبلَّ ابن عمر - رضي الله عنهما - ثوبًا فألقي عليه وهو صائم ودخل الشَّعبيُّ الحمام وهو صائم. وقال ابن عباس: لا بأس أن يتطعَّم القِدر أو الشيء وقال الحسن: لا بأس بالمضمضة والتبرُّد للصائم (¬1). وقال ابن مسعود: إذا كان صوم أحدكم فليُصبح دهينًا مُترجلًا. وقال أنس: إن لي أبزَنَ أتقحَّم فيه وأنا صائم. ويُذكر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه استاك وهو صائم. وقال ابن عمر: يستاك أول النهار وآخره ولا يبلعُ ريقه. وقال عطاء: إن ازدَردَ ريقَه لا أقول يُفطر وقال ابن سيرين: لا بأس بالسِّواك الرَّطب (¬2). قيل: له طعم. قال: والماء له طعم وأنت تمضمض به ولم ير أنس والحسن وإبراهيم بالكحل للصائم بأسًا (¬3). 27 - باب سواك الرطب واليابس للصائم قال الحافظ: ... قال ابن المنيّر أخذ البخاري شرعية السواك للصائم (¬4) بالدليل الخاص، ثم انتزعه من الأدلة العامة التي تناولت أحوال متناول السواك وأحوال ما يستاك به، ثم انتزع ذلك من أعم من السواك وهو المضمضة إذ هي أبلغ من السواك الرطب. ¬

(¬1) كل هذا لا بأس به، ينزل في مسبح، غدير، لا بأس به. (¬2) الماء له طعم وكذلك السواك، سنة للصائم وغير الصائم. (¬3) لأني ليس طعامًا ولا شرابًا ولا من جنسها، وليست العين منفذًا وتركه، أولى. (¬4) قلت: هو بديع.

31 - باب المجامع في رمضان هل يطعم أهله من الكفارة إذا كانوا محاويج؟

31 - باب المجامع في رمضان هل يُطعمُ أهله من الكفارة إذا كانوا محاويج؟ 1937 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن الآخِرَ (¬1) وقع على امرأته في رمضان. فقال: «أتجد ما تحرِّرُ رقبة؟ » قال: لا. قال: «فتستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ » قال: لا. قال: «أفتجد ما تُطعم به ستين مسكينًا؟ » قال: لا. قال: فأُتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بعَرق فيه تمرٌ - وهو الزَّبيل - قال: «أطعم هذا عنك»، قال: على أحوج منا؟ ما بين لابتيها أهل بيت أحوج منا. قال: «فأطعمك أهلك». 32 - باب الحجامة والقيء للصائم عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: إذا قاء فلا يفطر، إنما يخرج ولا يولج. ويذكر عن أبي هريرة أنه يفطر، والأول أصحُّ. وقال ابن عباس وعكرمة: الصوم مما دخل وليس مما خرج (¬2). وكان ابن عمر - رضي الله عنهما - يحتجم وهو صائم، ثم تركه، فكان يحتجم بالليل. واحتجم أبو موسى ليلًا. ¬

(¬1) الأبعد، يذم نفسه. الوطء في رمضان عليه الكفارة، كما في الظهار عتق رقبة مؤمنة فإن عجز صام شهرين متتابعين فإن عجز أطعم ستين مسكينًا فإن عجز سقطت. إذا تكرر الجماع في أيام ولم يكفر؟ لكل يوم كفارة، وإن جامع مرارًا في اليوم الواحد فكفارة واحدة. المرأة عليها كفارة إن كانت مطاوعة، فإن أكرهها وأجبرها فلا عليها. (¬2) هذا الأصل لكن إذا استقاء أفطر.

ويذكر عن سعد وزيد بن أرقم وأم سلمة أنهم احتجموا صيامًا. وقال بكير عن أم علقمة: كنا نحتجم عند عائشة فلا تُنهى. ويروى عن الحسن عن غير واحد مرفوعًا «أفطر الحاجم والمحجوم» (¬1). وقال لي عياش: حدثنا عبد الأعلى حدثنا يونس عن الحسن مثله، قيل له: عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم. ثم قال: الله أعلم. 1938 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم» (¬2). قال الحافظ: ... عن أبي هريرة رفعه قال: «من ذرعه القيء وهو صائم فليس عليه القضاء، وإن استقاء فليقض» (¬3). قال الحافظ: وقال ابن حزم .. لكن وجدنا من حديث أبي سعيد «أرخص النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحجامة للصائم» وإسناده صحيح فوجب الأخذ به لأن ¬

(¬1) الحجامة مفطرة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «أفطر الحاجم والمحجوم». (¬2) كان قبل النهي، أو في السفر. المحجوم يفطر، فالحاجم؟ لأنه أعان على محارم الله. قلت: وعلله شيخ الإسلام بشيء آخر، أنظر المجموع (25/ 257) حيث قال: لأنه يجتذب الهواء الذي في القارورة بامتصاصه ... إلخ. عدم الفطر بالحجامة منسوخ. (¬3) قلت: في البلوغ أعله أحمد وقواه الدارقطني. والصواب أنه معلول كما قال أحمد والبخاري وغيرهم، ويغني عنه ما رواه مالك عن نافع عن ابن عمر بنحوه، وعليه عامة الفقهاء.

33 - باب الصوم في السفر والإفطار

الرخصة إنما تكون بعد العزيمة، فدل على نسخ الفطر بالحجامة سواء كان حاجمًا أو محجومًا انتهى. والحديث المذكور أخرجه النسائي وابن خزيمة والدارقطني ورجاله ثقات، ولكن اختلف في رفعه ووقفه (¬1). قال الحافظ: ... «ثم رخص النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد في الحجامة للصائم. وكان أنس يحتجم وهو صائم» (¬2). قال الحافظ: ... «نهى النبي عن الحجامة للصائم وعن المواصلة ولم يحرمهما إبقاء على أصحابه» إسناده صحيح (¬3) والجهالة بالصحابي لا تضر. 33 - باب الصوم في السفر والإفطار 1941 - عن ابن أبي أوفى - رضي الله عنه - قال: «كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فقال لرجل: «انزل فاجدح لي»، قال: يا رسول الله الشمس، قال: «انزل فاجدح لي»، قال يا رسول الله الشمس، قال: «انزل فاجدح لي»، فنزل فجدح له فشرب، ثم رمى بيده هنا ثم قال: «إذا رأيتم الليل أقبل من ها هنا فقد أفطر الصائم» (¬4). ¬

(¬1) قلت: الراجح وقفه كما قال أبو حاتم وأبو زرعه، وأصل الحديث فتيًا لأبي سعيد. (¬2) قلت: شاذٌ وفي متنه خالد بن مخلد له مناكير، وأصل الحديث حديث شعبة عن ثابت عن أنس في البخاري وليس فيه هذا. (¬3) قلت: أجاب عنه شيخ الإسلام في العمدة (1/ 1438) بما حاصله: أن نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - كاف في التحريم .. وقد خالف هذا جمهور الصحابة. (¬4) إذا غابت الشمس كفى ولو بقي نور على الجدران.

34 - باب إذا صام أياما في رمضان ثم سافر

1943 - عن عائشة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أن حمزة بن عمرو الأسلمي قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أأصوم في السفر؟ -وكان كثير الصيام- فقال: «إن شئت فصم، وإن شئت فأفطر» (¬1). 34 - باب إذا صام أيامًا في رمضان ثم سافر 1944 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى مكة في رمضان فصام، حتى بلغ الكديد أفطر، فأفطر الناس» (¬2). قال أبو عبد الله: والكديد ماء بين عُسفان وقُديد. 35 - باب 1945 - عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: «خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره في يوم حار حتى يضع الرجل يده على رأسه من شدة الحر وما فينا صائم، إلا ما كان من النبي - صلى الله عليه وسلم - وابن رواحة» (¬3). 36 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لمن ظُلل عليه واشتد الحر (¬4) «ليس من البر الصوم في السفر» 1946 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهم - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ¬

(¬1) الأمر واسع، والنبي - صلى الله عليه وسلم - صام في السفر، والفطر أفضل وإن شق عليه تأكد «ليس من البر الصوم في السفر» ولهذا في حديث حمزة بن عمرو إن صمت فلا جناح عليك وإن أفطرت فحسن. (¬2) يدل على جواز الصوم في السفر ولا حرج فيه. من يذهب يومًا لعمل مسافة 150 كيلو ويعود عصرًا؟ له الترخص بالفطر والجمع؛ لعموم الأدلة. (¬3) وترك الصيام أفضل، وفعله لبيان الجواز. (¬4) ذكر المؤلف هذا لتقييد الحديث.

37 - باب لم يعب أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بعضهم بعضا في الصوم والإفطار

في سفر فرأى زحامًا ورجلًا قد ظُلل عليه فقال: «ما هذا؟ » فقالوا صائم، فقال: «ليس من البر الصوم في السفر» (¬1). 37 - باب لم يعب أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بعضهم بعضًا في الصوم والإفطار 1947 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «كنا نسافر مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلم يعب الصائم عن المفطر، ولا المفطر على الصائم» (¬2). 38 - باب من أفطر في السفر ليراه الناس 1948 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المدينة إلى مكة فصام حتى بلغ عُسفان، ثم دعا بماء فرقعه إلى يده ليراه الناس فأفطر حتى قدم مكة، وذلك في رمضان، فكان ابن عباس يقول: قد صام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأفطر، فمن شاء صام ومن شاء أفطر» (¬3). 39 - باب {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} قال ابن عمر وسلمة بن الأكوع: نسختها {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}. عن ابن أبي ليلى حدثنا أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - «نزل رمضان فشقَّ عليهم (¬4)، ¬

(¬1) في مثل هذا. (¬2) رضي الله عنهم، في غير شدة الحر. (¬3) صدق ابن عباس - رضي الله عنهما -. (¬4) والصوم فُرض على أطوار ثلاثة: تخفيف ثم شدة ثم تخفيف. * الصواب أن الناسخ الآية بعدها {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ}.

40 - باب متى يقضى قضاء رمضان

فكان من أطعم كل يوم مسكينا ترك الصوم ممن يُطيقه، ورُخِّص لهم في ذلك، فنسختها {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} فأمروا بالصوم». 1949 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - «قرأ {فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} قال: هي منسوخة» (¬1). 40 - باب متى يُقضى قضاء رمضان وقال ابن عباس: لا بأس أن يُفرَّق، لقول الله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (¬2) وقال سعيد بن المسيب في صوم العشر: لا يصلح حتى يبدأ برمضان. وقال إبراهيم: إذا فرَّط حتى جاء رمضان آخر يصومهما، ولم ير عليه إطعامًا. ويذكر عن أبي هريرة مرسلًا، وابن عباس أنه يُطعم، ولم يذكر الله تعالى الإطعام، إنما قال: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (¬3). 1950 - عن يحيى عن أبي سلمة قال: سمعت عائشة - رضي الله عنها - تقول «كان عليَّ الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان» قال يحيى (¬4): الشغل من النبي أو بالنبي - صلى الله عليه وسلم - (¬5). ¬

(¬1) بقوله: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}. (¬2) قال عدة ولم يقل متتابعة، فلا بأس بالتفريق ولم يقل على الفور بل على التراخي. (¬3) قلت: اختيار البخاري عدم الإطعام بحضور رمضان آخر. (¬4) قلت: هو الأنصاري. (¬5) في اللفظ الآخر: لمكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

41 - باب الحائض تترك الصوم والصلاة

41 - باب الحائض تترك الصوم والصلاة وقال أبو الزِّناد: إن السنن ووجوه الحق لنأتي كثيرًا على خلاف الرأي، فما يجد المسلمون بُدًا من اتباعها، من ذلك أن الحائض تقضي الصيام ولا تقضي الصلاة. 1951 - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أليس إذا حاضت لم تُصلِّ ولم تصُم؟ فذلك نقصان دينها» (¬1). 42 - باب من مات وعليه صوم وقال الحسن: إن صام عنه ثلاثون رجلًا يومًا واحدًا جاز. 1952 - عن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من مات وعليه صيام صام عنه وليُّه» (¬2). ¬

(¬1) مقصوده أن الرأي ليس بميزان بل يخطئ ويصيب، والشريعة كلها صواب لا خطأ فيها ولكن يشكل على العاقل، ومن تدبر تبين له الأمر. (¬2) الحديث عام النذر وغيره، وفي مسند أحمد عن ابن عباس .. التصريح بصوم رمضان فأمره بالقضاء. قلت: وقع في المسند (1/ 362) حدثنا ابن نمير عن الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: أتته امرأة فقالت إن أمي ماتت وعليها صوم شهر رمضان .. الحديث. وأصل حديث ابن عباس هذا مخرَّج ف الصحيحين، وغيرهما، وله عنه طرق وألفاظ كثيرة، وزيادة شهر رمضان ليست محفوظة، تفرد بها ابن نمير وهو عبد الله، وهذه الزيادة سقطت من النسخة الظاهرية كما أفاده محقق المسند، وكذلك لم توجد في أطراف المسند (3/ 103) ولا إتحاف المهرة (4/ 365) وعليه فابن نمير برئ من عهدتها فبان، ويغني عنها ما في المتفق عليه عن عائشة - رضي الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنها مقحمة ليس رواية من مات وعليه صيام صام عنه وليه. * هذا هو السنة، الولي قريبه يسنّ أن يصوم عنه إن كان فرّط. ولكن هل يصوم عنه واحد أو عدد؟ لا بأس يصوم عدد؛ لإطلاق الحديث؛ وهذا هو أثر الحسن.

43 - باب متى يحل فطر الصائم؟

1953 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إن أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأقضيه عنها؟ قال: «نعم، فدين الله أحق أن يُقضى» (¬1). قال الحافظ: ... قلت: لكن الجواز مقيد بصوم لم يجب فيه التتابع لفقد التتابع في الصورة المذكورة (¬2). 43 - باب متى يحل فطر الصائم؟ وأفطر أبو سعيد الخدري حين غاب قرص الشمس. 1954 - عن عاصم بن عمر بن الخطاب عن أبيه - رضي الله عنهما - قال: ¬

(¬1) ولم يستفصل هل هو نذر أو رمضان. * وهل هو على الوجوب (عني القضاء)؟ المعروف السنية {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}. (¬2) مثل صوم الكفارات، لا بد من صوم واحد حتى يتابع. * هذان الحديثان كلاهما يدل على البدار للإفطار؛ ولهذا راجعه الصحابي ثلاثًا وقال: لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر .. فاجتمع فعله وقوله. وفيه أن البياض الباقي بعد الغروب لا يؤثر، فالعبرة بغروب القرص، وفيه جواز مراجعة المفضول للفاضل.

44 - باب يفطر بما تيسر من الماء أو غيره

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أقبل الليل من ها هنا، وأدبر النهار من ها هنا، وغربت الشمس، فقد أفطر الصائم». 1955 - عن عبد الله بن أبي أوفى - رضي الله عنه - قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر وهو صائم، فلما غابت الشمس قال لبعض القوم: يا فلان قم فاجدح لنا، فقال: يا رسول الله لو أمسيت، قال: «أنزل فاجدح لنا» (¬1)، قال: يا رسول الله فلو أمسيت، قال: «انزل فاجدح لنا»، قال: إن عليك نهارًا، قال: «انزل فاجدح لنا. فنزل فجدح لهم، فشرب النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: «إذا رأيتم الليل قد أقبل من ها هنا فقد أفطر الصائم». قال الحافظ: ... (فاجدح) بالجيم ثم الحاء المهملة، والجدح تحريك السويق ونحوه بالماء بعود يقال له المجدح مجنح الرأس، وزعم الداودي أن معنى قوله اجدح (¬2) لي أي احلب، وغلطوه في ذلك. 44 - باب يُفطر بما تيسَّر من الماء أو غيره 1956 - عن عبد الله بن أبي أوفى - رضي الله عنه - قال: سرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو صائم، فلما غابت الشمس قال: «انزل فاجدح لنا»، قال: يا رسول الله لو أمسيت، قال: «أنزل فاجدح لنا»، قال: يا رسول الله إن عليك نهارًا، قال: «انزل فاجدح لنا»، فنزل فجدح لهم، ثم قال: «إذا رأيتم الليل قد أقبل من ها هنا فقد أفطر الصائم. وأشار بإصبعه قبل المشرق» (¬3). ¬

(¬1) إعداد الشراب. (¬2) اجدح: هيئ الشراب، وهذا الشراب فيه شيء من السوق. (¬3) لأن الظلمة تأتي من جهة المشرق، والنهار يدبر من جهة المغرب، والصائم يفطر على ما تيسر، والأفضل على رطبات وإلا فتمرات وإلا فماء.

45 - باب تعجيل الإفطار

45 - باب تعجيل الإفطار 1958 - عن ابن أبي أوفى - رضي الله عنه - قال: كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فصام حتى أمسى، قال لرجل: «انزل فاجدح لي»، قال: لو انتظرت حتى تُمسي، قال: «انزل فاجدح لي، إذا رأيت الليل قد أقبل من ها هنا فقد أفطر الصائم» (¬1). قال الحافظ: ... قوله (عن فاطمة) زاد أبو داود «بنت المنذر» (¬2). قال الحافظ: ... واختاره ابن خزيمة فقال قول هشام لا بد من القضاء لم يسنده ولم يتبين عندي أن عليهم قضاء (¬3). ¬

(¬1) كرره المؤلف للفائدة، كل ترجمة فيها فائدة. (¬2) ابن الزبير، وهو هشام بن عروة بن الزبير زوجته وابنة عمه. (¬3) الصواب أنه لا بد من القضاء كما قال الجمهور، لكن لا إثم عليهم كالذي أفطر أول يوم من رمضان لم يعلم يقضي ويمسك بالإجماع وفيه نزاع يسير لشيخ الإسلام والصواب القضاء، ومثله من أكل فبان نهارًا أو طلع عليه الفجر يقضي. قلت: من أفطر يظن غروب الشمس ثم تبين أنها لم تغب هل يقضي أم لا؟ اختلف في هذه المسألة على قولين: والأصل في هذا ما رواه البخاري في صحيحه: قال - رحمه الله -: (باب إذا أفطر في رمضان ثم طلعت الشمس): «وأسند حديث هشام بن عروة عن فاطمة عن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - قالت: أفطرنا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يوم غيم ثم طلعت الشمس قيل لهشام =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= فأمروا بالقضاء؟ قال: بدٌّ من القضاء؟ وقال معمر: سمعت هشامًا يقول: لا أدري أقضوا أم لا». فذهب الجمهور الأئمة الأربعة إلى وجوب لقضاء وهو إحدى الروايتين عن عمر - رضي الله عنه - وهو اختيار صاحب المغني والمجموع. واختاره شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وابنه عبد الله والشيخ محمد بن إبراهيم -على سبيل الاحتياط- واختاره سماحة الشيخ ابن باز، وذهب أحمد في الرواية الأخرى وإسحاق إلى عدم القضاء واختاره ابن خزيمة من الشافعية، وابن حزم وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وابن عثيمين رحمهم الله أجمعين. فصل: حاصل ما استدل به الموجبون للقضاء: أولاً: عموم قوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} الآية. وهذا قد أكل في النهار. ثانيًا: يقول هشام بن عروة أحد رواة الحديث: بدٌّ من القضاء. ثالثًا: ما روي عن عمر فقد روى الأثرم عنه أنه قال: من أكل فليقض يومًا مكانه، وروى البيهقي عن علي بن حنظلة عن أبيه قال: كنت عند عمر في رمضان فأفطروا وأفطر الناس فصعد المؤذن ليؤذن فقال: أيها الناس هذه الشمس لم تغرب، فقال عمر: من كان أفطر فليصم يومًا مكانه، وفي رواية له عنه: لا نبالي والله نقضي يومًا مكانه، وروى من طريق الشافعي عن مالك عن زيد بن أسلم عن أخيه خالد بن أسلم أن عمر أفطر في رمضان في يوم ذي غيم ورأى أنه قد أمسى وغابت الشمس فجاءه رجل فقال: يا أمير المؤمنين: قد طلعت الشمس، فقال عمر: الخطب يسير وقد =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= اجتهدنا. قال الشافعي ومالك: معنى الخطب يسير قضاء يوم مكانه. قال البيهقي: وفي تظاهر هذه الروايات عن عمر دليل على خطأ رواية زيد بن وهب - وستأتي - في ترك القضاء. رابعًا: ما رواه البيهقي بإسناده عن شعيب بن عمرو بن سليم الأنصاري قال: أفطرنا مع صهيب الخير في شهر رمضان في يوم غيم وطش، فبينما نحن نتعشى إذ طلعت الشمس، فقال صهيب: طعمة الله أتموا صامكم إلى الليل واقضوا يومًا مكانه. فصل: حاصل ما استدل به المسقطون للقضاء: أولاً: عموم قوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} فجمع بين النسيان والخطأ، ومن فعل محظورًا ناسيًا لم يكن قد فعل منهيًا عنه فلا يبطل بذلك شيء من العبادات. ثانيًا: الرواية الأخرى عن عمر في ترك القضاء، فقد روى البيهقي من طريق الأعمش عن المسيب بن رافع عن زيد بن وهب قال: «بينما نحن جلوس في مسجد المدينة في رمضان والسماء متغيمة فرأينا أن الشمس قد غابت وأنَّا قد أمسينا فأخرجت لنا عِساس من لبن من بيت حفصة فشرب عمر - رضي الله عنه - وشربنا فلم نلبث أن ذهب السحاب وبدت الشمس فجعل بعضنا يقول لبعض نقضي يومنا هذا فسمع بذلك عمر فقال: والله لا نقضيه وما تجانفنا لإثم». قال شيخ الإسلام: إسناده أثبت من إسناد الرواية الأخرى، وقال قوله: الخطب يسير: تأول ذلك من تأوله على أنه أراد خفة القضاء، لكن =

47 - باب صوم الصبيان

47 - باب صوم الصبيان وقال عمر (¬1) - رضي الله عنه - لنشوانٍ في رمضان: ويلك، وصبياننا صيام. فضربه. ¬

= اللفظة لا يدل على ذلك اهـ. وأخرجه في المعرفة والتاريخ (2/ 765). ورواية صهيب فيها نظر ففيها شعيب بن عمرو لم يوثقه سوى ابن حبان. ثالثًا: قول هشام: بدٌّ من القضاء من كلامه ولهذا قال في رواية معمر عنه لا أدري أقضوا أم لا. وقد خالفه أبوه وهو أعلم منه. قاله شيخ الإسلام - رحمه الله - ونقله ابن حزم عن عروة في ترك القضاء. رابعًا: دعوة الشارع إلى المسارعة بالفطر، قال شيخ الإسلام ومع الغيم المطبق لا يمكن اليقين الذي لا يقبل الشك إلا بعد أن يذهب وقت طويل من الليل يفوت المغرب، ويفوت تعجيل الفطور، والمصلي مأمور بصلاة الغروب، فإن الصحابة لم يفعلوا ذلك، ولم يأمرهم به والصحابة مع نبيهم أعلم وأطوع لله ورسوله والفطر قبل صلاة المغرب أفضل بالاتفاق. خامسًا: «أنه لو كان القضاء واجبًا لنقل، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لو أمرهم بالقضاء لشاع ذلك كما نقل فطرهم، فلما لم ينقل دلَّ على أنه لم يأمرهم به» اهـ. من كلام شيخ الإسلام - رحمه الله -، والله أعلم. (¬1) يلومه يقول أنت سكران وصبياننا صوام. يستحب صيام الأطفال إذا بلغوا سبعًا يمرنوا على ذلك، والصيام أشق لكي يعلَّموا ويشجَّعوا. أفطر قبل الأذان بدقيقتين؟ الخطب يسير المؤذنون يختلفون. عاشوراء كانت تصومه قريش كذلك.

49 - باب التنكيل لمن أكثر الوصال. رواه أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -

1960 - عن الرُّبَيع بنت معوِّذ قالت «أرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار: من أصبح مفطرًا فليتم بقية يومه، ومن أصبح صائمًا فليصم. قلت: فكنا نصوِّم صبياننا ونجعل لهم اللعبة من العهن. فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك حتى يكون عند الإفطار» (¬1). قال الحافظ: ... وقد اختلف السلف في ذلك فنقل التفصيل عن عبد الله ابن الزبير، وروى ابن أبي شيبة بإسناد (¬2) صحيح عنه أنه كان يواصل خمسة عشر يومًا. 49 - باب التنكيل لمن أكثر الوصال. رواه أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - 1965 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الوصال في الصوم، فقال له رجل من المسلمين: إنك تواصل يا رسول الله «قال وأيُّكم مثلي؟ إني أبيت يُطعمني ربي ويسقين». فلما أبّوا أن ينتهوا عن الوصال واصل بهم يومًا ثم يومًا، ثم رأوا الهلال (¬3)، فقال: «لو تأخر لزدتكم». كالتنكيل لهم حين أبّوا أن ينتهوا. ¬

(¬1) وهذا عند أول الهجرة في السنة الأولى، وهي أول السنة الثانية الهجرية بعد التاريخ. (¬2) قلت: (2/ 332) وإسناده حدثنا وكيع عن الأسود بن شيبان عن أبي نوفل بن أبي عقرب عن ابن الزبير صحيح، وهذا من أغرب ما يكون خمسة عشر يومًا بلا طعام ولا شراب فأيّ قوةٍ هذه؟ ! (¬3) هلا شوال.

50 - باب الوصال إلى السحر

50 - باب الوصال إلى السَّحر 1967 - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا تُواصلوا (¬1)، فأيُّكم أراد أن يواصل فليواصل حتى السَّحر»، قالوا فإنك تواصل يا رسول الله، قال: «لست كهيئتكم، إني أبيت لي مطعم يطعمني وساقٍ يسقين» (¬2). ¬

(¬1) فيه التوجيه للخير والتحذير من التكلف والتشديد المنهي عنه وقبول الرخصة. * الفطر عند غروب الشمس مستحب، والوصال إلى السحر جائز، والوصال الكامل مكروه. * وفيه إرشاد أهل العلم للخير ولو كان عندهم علم. * باب 48، 49، 50 هذه الأحاديث كلها تدل على كراهية الوصال، والوصال معناه يصل يومًا بيوم دون الإفطار في الليل لا في أوله ولا في آخره، هذا هو الوصال المكروه، لكن إن أراد الوصال إلى السحر لا بأس لمصلحة شرعية، لكن الصوم انتهى بغروب الشمس والأفضل الفطر أول الليل. (¬2) لما يفتح الله عليه من لذة الذكر ونحوه. وليس ما قال بعضهم أنه يأكل من الجنة فلو كان كذلك لم يكن صائمًا. قلت: وقال بعضهم: بل يطعم ويسقى من الجنة حقيقة؛ لأن نفي اللفظ بلا دليل من ضروب التأويل المذموم، وقال أيضًا أحكام الدنيا على الظاهر، فلما كان من الجنة لم يدخل في أحكام الدنيا، وإذا كان من يأكل ويشرب ناسيًا يصح صومه مع هذا العارض مع وجود الأكل والشرب حقيقة، فصحة صومه وهو يتناول من طعام الجنة، على وجه الإكرام من ربه من باب أولى، وهذا فعل الله برسوله، والله لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة. * هذا يدل على سرد الصوم ولو كثر، ويسرد الفطر ولو كثر.

52 - باب صوم شعبان

52 - باب صوم شعبان 1969 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم حتى نقول لا يُفطر، ويُفطر حتى نقول لا يصوم، وما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استكمل صيام شهر إلا رمضان، وما رأيته أكثر صيامًا منه في شعبان» (¬1). 1970 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - يصوم شهرًا أكثر من شعبان، وكان يصوم شعبان كلَّه، وكان يقول: خذوا من العمل ما تطيقون، فإن الله لا يَملْ (¬2) حتى تَملُّوا. وأحبُّ الصلاة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ما دُاوم عليه وإن قلَّت. وكان إذا صلى صلاة داوم عليها». 53 - باب ما يُذكر من صوم النبي - صلى الله عليه وسلم - وإفطاره 1972 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُفطر من الشهر ¬

(¬1) وهذا يدل على أنه يصومه كله أحيانًا، وربما أفطر بعضه. (¬2) حث على العمل، وهذا وصف يقوم بالله، ملل يقوم بالله لا نقص فيه. وسألت ابن عثيمين - رحمه الله - عن هذا فقال هذا مثل قولنا: لا أقوم حتى تقوم، فهل إذا قمت أنت أقوم أنا؟ قلت: لا يلزم، قال: فكذلك هنا. * إذا انتصف شعبان فلا تصوموا، هذا لمن لم يصم في النصف الأول.

54 - باب حق الضيف في الصوم

حتى نظن أن لا يصوم منه، ويصوم حتى نظن أن لا يفطر منه شيئًا: وكان لا تشاء تراه من الليل مصلِّيًا إلا رأيته، ولا نائمًا إلا رأيته» (¬1). 54 - باب حق الضيف في الصوم (¬2) 1974 - عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: «دخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» فذكر الحديث، يعني «إن لزّورك عليك حقًا، وإن لزوجك عليك حقًا. فقلت: وما صوم داود؟ قال: نصف الدهر؟ . 55 - باب حق الجسم في الصوم 1975 - عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا عبد الله، ألم أُخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل؟ » فقلت: بلى يا رسول الله. قال: «فلا تفعل، صُم وأفطر، وقم ونم، فإن لجسدك عليك حقًا، وإن لعينك عليك حقًا، وإن لزوجك عليك حقًا، وإن لزّورك عليك حقًا. وإن بحسبك أن تصوم كل شهر ثلاثة أيام، فإن لك بكل حسنة عشر أمثالها، فإن ذلك صيام الدهر كله». فشددت فشُدِّد عليَّ. قلت: يا رسول الله إني أجد قوة، قال: «فصم صيام نبي الله داود ¬

(¬1) هذا يفيد أن المؤمن يتحرى نشاط نفسه، إن نشط قام وصام، وإن ضعف نام ... «اكفلوا من الأعمال ما تطيقون». (¬2) قلت للشيخ: لو قال حق الضيف في الفطر؟ قال الأمر سهل. * الإنسان لا يتكلف، قد تعرض عوارض، فلا يكلف نفسه، والأمر واسع لا يشدد.

57 - باب حق الأهل في الصوم، رواه أبو جحيفة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -

- عليها السلام - ولا تزد عليه». قلت: وما كان صيام نبي الله داود - عليها السلام -؟ قال: «نصف الدهر». فكان عبد الله يقول بعدما كبر: يا ليتني قبلْتُ رخصة (¬1) النبي - صلى الله عليه وسلم -». 57 - باب حق الأهل في الصوم، رواه أبو جُحيفة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - 1977 - عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال: «بلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - أني أسرد الصوم، وأصلِّي الليل فإما أرسل إلى وإما لقيته فقال: «ألم أخبر أنك تصوم ولا تُفطر، وتصلِّي؟ فصم وأفطر وقُم ونم، فإن لعينيك عليك حظًا وإنَّ لنفسك وأهلك عليك حظًا». قال: إني لأقوى لذلك. قال: «فصم صيام داود - عليها السلام - قال: وكيف؟ قال: كان يصوم يومًا ويفطر يومًا ولا يفرُّ إذا لاقى». قال: من لي بهذه يا نبي الله» (¬2) قال عطاء: لا أدري كيف ذكر صيام الأبد، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا صام من صام الأبد» (¬3) مرتين. ¬

(¬1) ما عليه حرج لو قبلها بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -، لكن ما أحب أن يخل بما فارق عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم -. * إذا أمره والده بالفطر؟ الظاهر يلزم؛ لأن طاعتهما واجبة والصوم نفل. (¬2) من لي بهذا إني لا أفر عند اللقاء بخلاف الصوم فإنه يستطيع .. وذكر العيني مثل هذا. (¬3) ليس له صيام، أو ما كتب الله له أجر هذا.

61 - باب من زار قوما فلم يفطر عندهم

قال الحافظ: ... «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا أن نصوم البيض ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة وقال: هي كهيئة الدهر» (¬1). 61 - باب من زار قومًا فلم يُفطر عندهم (¬2) 1982 - عن أنس - رضي الله عنه - «دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - على أم سليم، فأتته بتمر وسمن، قال: «أعدوا سمنكم في سقائه وتمركم في وعائه فإني صائم». ثم قام إلى ناحية من البيت فصلَّى غير المكتوبة، فدعا (¬3) لأم سليم وأهل بيتها. فقالت أم سليم: يا رسول الله إن لي خُويصة، قال: «ما هي؟ » قالت: خادمك أنس (¬4). فما ترك خير آخرة ولا دنيا إلا دعا لي به: اللهم ¬

(¬1) قلت: صح عن عمر وابن مسعود صيام البيض. أنظر تهذيب الآثار للطبري (2/ 857) وأنظر ما صح من آثار الصحابة (2/ 671). (¬2) يشرع الدعاء للمزور. (¬3) دعاء بعد الصلاة، وهذا ظاهر في الحديث، فهو أحرى للإجابة. (¬4) فيه فوائد: - زيارة النبي - صلى الله عليه وسلم - لدار أنس. - استحباب زيارة العلماء والرؤساء لبعض الرعية للمصلحة .. وزار أم سليم، وزار أب طلحة، وزار عتبان بن مالك. - الضيف إذا كان صائمًا فهو مخير إن شاء أفطر وإن شاء صام، وقد صام هنا - صلى الله عليه وسلم -، وإن كان صائمًا فليصل وفي لفظ فليدعو، وإن كان نفلًا فالأفضل الأكل ليجبرهم بذلك. - فيه منقبة لأنس. - الصلاة عند المزورين، صلى عندهم صلاة الضحى. - وفيه طلب الدعاء من الصالحين لكن لا يكثر (بعد ما سُئل).

62 - باب الصوم من آخر الشهر

ارزقه مالًا وولدًا، وبارك له (¬1). فإني لمن أكثر الأنصار مالًا. وحدَّثتني ابنتي أمينة أنه دُفن لصُلبي مقدم الحجاج البصرة بضع وعشرون ومائة» (¬2). 62 - باب الصوم من آخر الشهر 1983 - عن عمران بن حُصين - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سأله - أو سأل رجلًا وعمران يسمع- فقال: «يا فلان أما صمتَ سَرَرَ هذا الشهر؟ » قال: أظنه قال نعم يعني رمضان، قال الرجل: لا، يا رسول الله. قال: «فإذا أفطرت فصم يومين»، لم يقل الصَّلت: أظنه يعني رمضان» (¬3). قال أبو عبد الله: وقال ثابت عن مطرِّف عن عمران عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «من سَرَرَ شعبان». ¬

(¬1) فأكثر الله ماله وولده وبارك له. (¬2) ماتوا في حياته، وزاد على المائة. (¬3) ظاهر الحديث آخر الشهر، وحمله على من له عادة طيّب. الحديث فيه احتمال آخره، ويحتمل وسطه من السُّره وسط الشيء، وظاهر الروايات أن هذا رجل له عادة من صيام في آخر الشهر فأمره بالقضاء، فهذا له عادة طيبة فإن تركها لأسباب وقضاها فحسن، وإن لم يقضه فلا حرج، ويحتمل وسط الشهر له عادة يصوم البيض، فالأولى حمله على مالا يخالف الأحاديث. بعض الناس لا يفرغ إلا يوم الجمعة هل يصوم قضاءه؟ يصومه ولا يدخل في النهي إن شاء الله، وإن صام قبله يوم أحسن وأسلم، وتركه أحسن ولو للقضاء والكفارة.

63 - باب صوم يوم الجمعة، وإذا أصبح صائما يوم الجمعة فعليه أن يفطر

63 - باب صوم يوم الجمعة، وإذا أصبح صائمًا يوم الجمعة فعليه أن يُفطر 1984 - عن محمد بن عبَّاد قال «سألت جابرًا - رضي الله عنه -: أنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن صوم يوم الجمعة؟ قال: نعم». زاد غير أبي عاصم «يعني أن ينفرد بصومه» (¬1). ¬

(¬1) إفراده تطوعًا لا يجوز؛ لأنه عيد الأسبوع، وفيه دلالة على أن حديث (لا تصوموا يوم السبت .. ) شاذ ضعيف مخالف للأحاديث الصحيحة. إذا صام قبله يوم أو عزم على صوم السبت معه لا حرج. فالنهي صوم يوم الجمعة مفردًا نفلًا، والأصل في النهي التحريم، وفيه جواز صوم يوم السبت تطوعًا، وحديث (لا تصوموا يوم السب) مضطرب، ومما يدل على ضعفه هذا الحديث. وكذلك كان يصوم يوم السبت والأحد مخالفة للمشركين، وذكر الحافظ في البلوغ أنه مضطرب وشاذ. والحديث ضعيف مطلقًا، وحمله على الإفراد كذلك، فالحديث ضعيف مطلقًا. يوم الجمعة إذا وافق عرفة؟ يصوم قبله يومًا، وقال في القراءة المتأخرة: لعله لا حرج، والأفضل يصوم قبله. حمل صوم يوم السبت على الانفراد؟ لا، لكن لأن الحديث لو صح. إلا فيما افترضت عليكم. حديث ميمونة قد يؤيد عدم إفراد الجمعة مطلقًا ولو في الفرض؛ لأنه لم يستفصل، وترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل عند أهل العلم منزلة العموم في المقال.

64 - باب هل يخص شيئا من الأيام

قال الحافظ: ... «يعني إذا لم يصم قبله ولا يريد أن يصوم بعده» (¬1). قال الحافظ: ... واستدل بأحاديث الباب على منع إفراد يوم الجمعة بالصيام (¬2). 64 - باب هل يخص شيئًا من الأيام 1987 - عن منصور عن إبراهيم عن علقمة «قلت لعائشة - رضي الله عنها -: هل كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يختص من الأيام شيئًا؟ قالت: لا، كان عمله ديمة، وأيُّكم يطيق ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطيق» (¬3)؟ 65 - باب صوم يوم عرفة 1989 - عن ميمونة (¬4) - رضي الله عنها - «أن الناس شكوا في صيام النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم عرفة، فأرسلت إليه بحلابٍ وهو واقف في الموقف، فشرب منه والناس ينظرون» (¬5). ¬

(¬1) في العيني مذكور في الترجمة. * من صام ناويًا الإفراد يفطر مثل ما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) القول بالتحريم قول قوي، وقول الجمهور بالكراهة، والتحريم أولى وأظهر، قلت وهو المنقول عن الصحابة. أما القول بأنه لا كراهة فيه قول باطل، لأنه مصادم للأحاديث. (¬3) مراده مثل ما في الحديث الآخر: يسرد الصوم حتى يقال: لا يفطر، ويفطر حتى يقال: لا يصوم، وخفي على عائشة صوم الاثنين والخميس. ولا ينافي كون عمله ديمة فهذا يعني غالبًا، وإلا قد يفطر حسب الأشغال. (¬4) أخت أم الفضل، ولعل إحداهما أشارت على الأخرى. (¬5) وهذا في حجة الوداع في حجته - صلى الله عليه وسلم -، فالسنة الإفطار للحاج بل يمنع من ذلك «نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة» فالحجاج لا يصومون .. ، ولهذا نهى عنه.

66 - باب صوم يوم الفطر

66 - باب صوم يوم الفطر 1990 - عن أبي عبيد مولى ابن أزهر قال «شهدت العيد مع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فقال: هذان يومان نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صيامهما: يوم فطركم من صيامكم. واليوم الآخر تأكلون فيه من نُسككم» (¬1). 1991 - عن أبي سعيد - رضي الله عنه - قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن صوم يوم الفطر والنحر (¬2)، وعن الصَّماء (¬3)، وأن يحتبي (¬4) الرجل في الثوب الواحد». ¬

(¬1) وهكذا أيام التشريق لا تصام. ومن نذر صيام أيام نهي عنها هل يأتي بالبدل؟ لا بل يكفر، فهذا نذر باطل. حديث النهي عن صوم يوم عرفة بعرفة جيد. (¬2) هذا إجماع بين المسلمين يحرم صيام يوم العيدين لا عن فرض ولا عن نفل، وهكذا أيام التشريف 11 - 12 - 13 لا عن قضاء ولا عن تطوع، ونهى عن صومها وقال إنها أيام أكل وشرب وذكر لله، لكن يرخص في صومها لمن عجز عن هدي التمتع خاصة يصوم ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع؛ لحديث عائشة وابن عمر «لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي» وهذا في حكم المرفوع. (¬3) قد يتحرك فتبدو عورته، والثوب: القطعة من القماش ليس القميص. (¬4) قد تبدو عورته إلى جهة السماء.

67 - باب صوم يوم النحر

67 - باب صوم يوم النحر 1993 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «يُنهى عن صيامين (¬1) وبيعتين: الفطر والنحر، والملامسة والمنابذة» (¬2). 1994 - عن زياد بن جبير قال: «جاء رجل إلى ابن عمر - رضي الله عنهما - فقال: رجل نذر أن يصوم يومًا قال: أظنه قال الاثنين فوافق ذلك يوم عيد، فقال ابن عمر: أمر الله بوفاء النذر، ونهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن صوم هذا اليوم» (¬3). 68 - باب صيام أيام التشريق 1997، 1998 - عن سالم عن ابن عمر - رضي الله عنهم - قال: «لم يُرخَّص في أيام التشريق أن يُصَمن إلا لمن لم يجد الهدي» (¬4). ¬

(¬1) بإجماع المسلمين لا يجوز صيام العيدين. (¬2) هذا من بيوع الغرر، والجهل. (¬3) يقضي يومًا مكانه؛ لأنه لم يعين يوم العيد ولا عليه كفارة، وإن عيّنه بطل النذر وعليه كفارة يمين، ويتصور هذا إن نذر صوم التاسع من ذي الحجة يوم الاثنين مثلًا فيختلف الوقت ويكون الاثنين العاشر. * إن نذر صوم يوم العيد فنذره باطل معصية، ولا قضاء، والأحوط الكفارة لحديث: «لا نذر في معصية وكفارته كفارة يمين» لا بأس به فيما أذكر. (¬4) إن لم يجد الهدي صامها، وليس لأحد أن يصومها غير الحاج الذي لم يجد الهدي، والأفضل أن يصوم قبل ذلك قبل عرفة. من صام ثلاثة أيام ثم وجد الهدي؟ لا يلزمه تمّ. وإن احتاط لا بأس. إن أخر الثلاثة بعد الحج وبعد ذي الحجة؟ يصوم ولا كفارة عليه مع التوبة.

69 - باب صيام يوم عاشوراء

69 - باب صيام يوم عاشوراء 2002 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية. وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصومه في الجاهلية، فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه، فلما فُرض رمضان يوم عاشوراء، فمن شاء صامه ومن شاء تركه» (¬1). 2003 - عن حميد بن عبد الرحمن أنه سمع معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنهما - يوم عاشوراء عام حجَّ على المنبر يقول: يا أهل المدينة، أين علماؤكم؟ سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «هذا يوم عاشوراء، ولم يكتب الله عليكم صيامه، وأنا صائم، فمن شاء فليصم ومن شاء فليفطر» (¬2). 2004 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال: «ما هذا؟ » قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجى الله بني إسرائيل من عدوِّهم فصامه موسى، قال: «فأنا أحق بموسى منكم»، فصامه وأمر بصيامه» (¬3). ¬

(¬1) يعني سقط التأكد وبقي المستحب، ويصوم يومًا قبله أو بعده يومًا؛ ليخالف اليهود. (¬2) وهذا من أدلة الاستحباب، وصيامه وحده يكره. (¬3) يصوم قبله يومًا أو بعده يومًا أو يترك لا يصم.

2005 - عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: «كان يوم عاشوراء تعدُّه اليهود عيدًا، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فصوموه أنتم» (¬1). 2007 - عن سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - قال: «أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلًا من أسلَم أن أذَّن في الناس أن من كان أكل فيصُم بقية يومه، ومن لم يكن أكل فليصُم، فإن اليوم يوم عاشوراء» (¬2). ¬

(¬1) اليهود الآن لا يصومون؟ ولو. العبرة بوقت النبوة. (¬2) وهذا في السنة الأولى.

31 - كتاب صلاة التراويح

31 - كتاب صلاة التراويح 1 - باب فضل من قام رمضان 2010 - عن عبد الرحمن بن عبدٍ القاريِّ أنه قال: «خرجت مع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ليلة في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرِّقون يصلِّي الرجل لنفسه، ويصلِّي الرجل فيُصلِّي بصلاته الرهط. فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل. ثم عزم فجمعهم على أُبيِّ بن كعب. ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلُّون بصلاة قارئهم، قال عمر: نِعْمَ البدعة (¬1) هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون - يريد آخر الليل - وكان الناس يقومون أوله». 2013 - عن أبي سلمه بن عبد الرحمن أنه «سأل عائشة - رضي الله عنها -: كيف كانت صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رمضان؟ فقالت: ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلِي أربعًا (¬2) فلا تسأل ¬

(¬1) نعمت البدعة: من حيث اللغة أحدثها من غير مثال سابق {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}. وكان الناس يصلون أوزاعًا في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وصلوا ثلاث ليال معه - صلى الله عليه وسلم -، فهي سنة حيث إن النبي - صلى الله عليه وسلم - شرع أصلها ومن حيث إنه لم يواظب عليها قال عمر: نعمت البدعة. * دخل بيته ثم خرج بعد إلى المسجد، ما صلى بعد العشاء مباشرة. (¬2) قد يظن البعض أنها مسرودة وليس الأمر كذلك، بل يسلم من كان ركعتين. * لو اتفقوا على تأخير الوتر آخر الليل؟ صلاتهم مجتمعين أول الليل أفضل مع الناس.

عن حُسنهن وطولهن، ثم يصلِّي أربعًا فلا تسأل عن حُسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثًا. فقلت: يا رسول الله أتنام قبل أن توتر؟ قال: يا عائشة، إن عينيَّ تنامان، ولا ينام قلبي». قال الحافظ: ... ورواه سعيد بن منصور من وجه آخر وزاد فيه «وكانوا يقرؤون بالمائتين ويقومون على العصي من طول القيام» (¬1). ¬

(¬1) قلت هي عند مالك في الموطأ من الطريق نفسه! ! .

32 - كتاب فضل ليلة القدر

32 - كتاب فضل ليلة القدر 1 - باب فضل ليلة القدر وقال الله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}. قال ابن عيينة: ما كان في القرآن {وَمَا أَدْرَاكَ} فقد أعلمه، وما قال {وَمَا يُدْرِيكَ} فإنه لم يُعلم (¬1). 2014 - عن عبد الله عن سفيان قال: حفظناه وأيّما (¬2) حفظ من الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا (¬3) غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه». قال الحافظ ... ومقصود ابن عيينة أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يعرف تعيين ليلة القدر، وقد تعقب (¬4) هذا الحصر بقوله تعالى: {لَعَلَّهُ يَزَّكَّى} ... قال الحافظ: ... وروى بنصب أيما (¬5) على أنه مفعول مطلق لحفظ المقدر. ¬

(¬1) قول ابن عيينة واضح {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا} لم يعلم، هذا مطرد؟ لا أعلم لهذه القاعدة مخالف. (¬2) يعني حفظ جيد، رد على من يتوهم عدم حفظه الحديث. (¬3) يلاحظ قوله: إيمانًا واحتسابًا: لا رياء ولا سمعة ولا عن مقاصد أخرى. (¬4) وجيه التعقب، لكن قد يجاب أنه لم يعلم انتفاعه إلا بعد ذلك. (¬5) وهذا هو الصواب بالنصب.

2 - باب التماس ليلة القدر في السبع الأواخر

2 - باب التماس ليلة القدر في السبع الأواخر 2016 - عن أبي سلمة قال: سألت أبا سعيد -وكان لي صديقًا- فقال «اعتكفنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - العشر الأوسط من رمضان، فخرج صبيحة عشرين فخطبنا وقال: إني أُريت ليلة القدر ثم أُنسيتُها -أو نسيتها- فالتمسوها في العشر الأواخر في الوتر، وإني رأيت أني أسجدُ في ماء وطين، فمن كان اعتكف معي فليرجع. فرجعنا، وما نرى في السماء قزعة، فجاءت سحابة فمطرت حتى سال سقف المسجد، وكان من جريد النخل، وأُقيمت الصلاة، فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسجد في الماء والطين (¬1)، حتى رأيت أثر الطين في جبهته». 3 - باب تحري ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر. فيه عُبّادة 2018 - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجاور في رمضان العشر التي في وسط الشهر، فإذا كان حين يُمسي من عشرين ¬

(¬1) في رواية .. في صبيحتها .. ففي تلك السنة 21. قد تكون في بلد 27 وفي آخر 25 في سنة واحدة، للاختلاف! . السبع الأواخر لا يمنع وجودها ليلة إحدى وعشرين، فيتحرى في الجميع، وتكون السبع الأواخر أخص أكثر وجودًا، وإلا قد أمر بتحريها في العشر الأواخر. واستقر أمر ليلة القدر أنها في العشر الأواخر، طلبها في الأولى ثم في الوسطى ثم استقر أمرها في العشر الأواخر حتى قيام الساعة. ليلة القدر متنقلة، هذا هو الصواب.

ليلة تمضي ويستقبل إحدى وعشرين رجع إلى مسكنه ورجع من كان يجاور معه، وأنه أقام في شهر جاور فيه الليلة التي كان يرجع فيها، فخطب الناس فأمرهم ما شاء الله، ثم قال: كنت أجاور هذه العشر، ثم قد بدا لي أن أجاور هذه العشر الأواخر، فمن كان اعتكف معي فليبت في معتكفه، وقد رأيت هذه الليلة ثم أنسيتها فابتغوها في العشر الأواخر، وابتغوها في كل وتر، وقد رأيتُني أسجد في ماء وطين. فاستهلَّت السماء في تلك الليلة فأمطرت، فوكف المسجد في مُصلَّى النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة إحدى وعشرين، فبصرت عيني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونظرت إليه انصرف من الصبح ووجهه ممتلئ طينًا وماء» (¬1). 2022 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «هي في العشر الأواخر»، في تسع يمضين أو في سبع يبقين، تابعه عبد الوهاب، عن أيوب. وعن خالد عن عكرمة عن ابن عباس «التمسوا في أربع وعشرين» (¬2) يعني ليلة القدر» (¬3). ¬

(¬1) فالإنسان يصبر حتى يفرغ من صلاته حتى يزيله بعد الفراغ؛ لأجل العناية بالصلاة. ليلة القدر تتحرى في العشر الأواخر كلها، والأوتار أرجى، وقد تكون في الأشفاع التي هي أوتار بالنسبة للباقي. (¬2) كل هذا يفيد الالتماس في جميع العشر كلها أشفاعها وأوتارها، لما في ذلك من الخير العظيم. (¬3) 24 هي سابعة تبقى. * ليلة القدر تعادل أكثر من ثلاث وثمانين سنة. قلت: وأربعة أشهر.

4 - باب رفع معرفة ليلة القدر لتلاحي الناس

قال الحافظ: ... وأرجاها عند الجمهور ليلة سبع وعشرين، وقد تقدمت أدلة ذلك. قال العلماء: الحكمة في إخفاء ليلة القدر ليحصل الاجتهاد في التماسها، بخلاف ما لو عينت لها ليلة لاقتصر عليها (¬1) ... 4 - باب رفع معرفة ليلة القدر لتلاحي الناس 2023 - عن أنس عن عبادة بن الصامت قال: خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - ليُخبرنا بليلة القدر، فتلاحى رجلان من المسلمين فقال: «خرجت لأخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلان وفلان فرُفعت (¬2)، وعسى أن يكون خيرًا لكم، فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة». ¬

(¬1) * بسم الله تربة أرضنا .. يأخذ من تربة تلك ويضعه على موضع الألم، ثم ينفث. (4) لِمَ لم تكن في الشهر كله؟ لعل ذلك لضعف الناس ففي العشر قد ينشطوا. (¬2) رُفع الأخبار بها، لا هي. هذا يفيد أن التلاحي بين المسلمين والخصومات التي بالباطل قد تسبب شرًا على المتلاحيين وغيرهم، وأنها من أسباب نزع الخير، وهنا رفعت ليلة القدر إلى ليلة أخرى، ومن هذا الباب: إن المتشاحنين يمنعوا من المغفرة وتؤجل «تُعرض الأعمال» [رواه مسلم]. لله الحكمة جل وعلان وأخفيت ليجتهد الناس في العبادة والدعاء.

5 - باب العمل في العشر الأواخر من رمضان

5 - باب العمل في العشر الأواخر من رمضان 2024 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل العشر شدَّ مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله» (¬1). ¬

(¬1) شمر عن ساعد الجد في العمل الصالح، وقيل اجتنب النوم مع النساء، وهو كذلك فهو معتكف ممنوع من قربان النساء لكن لا يَمنع من ذلك. * هذا فيه الاعتناء منه - صلى الله عليه وسلم - بفعله وقوله، مع أنه - صلى الله عليه وسلم - رسول الله وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، لكن الأكياس يزدادون نشاطًا وعملًا مع ما هم فيه من الخير العظيم.

33 - كتاب الاعتكاف

33 - كتاب الاعتكاف 1 - باب الاعتكاف في العشر الأواخر، والاعتكاف في المساجد (¬1) 2025 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتكف العشر الأواخر من رمضان». 2026 - عن عائشة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى، ثم اعتكف أزواجه من بعده» (¬2). 2027 - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يعتكف في العشر الأوسط من رمضان، فاعتكف عامًا، حتى إذا كان ليلة إحدى وعشر ... - وهي الليلة التي يخرج من صبيحتها من اعتكافه- قال: ¬

(¬1) إشارة إلى ضعف أثر: «ولا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة». قلت: هو موقوف على حذيفة وخالفه ابن مسعود والناس. (¬2) المرأة تعتكف مع التستر وعدم الإضرار بالمصلين. الاعتكاف يشمل الرجال والنساء. يبدأ من صلاة الفجر لمن اعتكف العشر الأواخر؛ لحديث عائشة: «كان إذا صلى الفجر دخل معتكفة» وإن دخل بعد المغرب لا بأس. الاعتكاف لزوم المسجد، وهو سنة وقربة، وليس له حد محدود يوم أو ليلة فما يسر له الله إن نوى الاعتكاف دخل في الاعتكاف ولو دخل المسجد ونوى الاعتكاف ساعة أو ساعتين كله حسن. قلت: هذا الأخير أنكره أبو العباس كما في الاختيارات في آخر كتاب الصيام.

«من كان اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر، فقد أُريت هذه الليلة ثم أُنسيتها، وقد رأيتُني أسجد في ماء وطين من صبيحتها، فالتمسوها في العشر الأواخر، والتمسوها في كل وتر». فمطرت السماء تلك الليلة، وكان المسجد على عريش، فوكف المسجد، فبصُرَت عيناي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على جبهته أثر الماء والطين من صبح إحدى وعشرين» (¬1). قال الحافظ: ... وشرطه مالك لأن الاعتكاف عندهما ينقطع بالجمعة، ويجب (¬2) بالشروع عند مالك. قال الحافظ: وخصه (¬3) حذيفة بن اليمان بالمساجد الثلاثة، وعطاء بمسجد مكة والمدينة وابن المسيب بمسجد المدينة (¬4)، واتفقوا على أنه لا حد لأكثره واختلفوا في أقله (¬5) فمن شرط فيه الصيام قال أقله يوم. قال الحافظ: ... واتفقوا على فساده بالجماع حتى قال الحسن والزهري: من جامع فيه لزمته الكفارة، وعن مجاهد: يتصدق بدينارين (¬6). ¬

(¬1) ليلة القدر ذلك العام. * حديث (لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة) شاذ مخالف للأحاديث الصحيحة. * الصواب في المساجد فلا يكون الاعتكاف إلا فيها، ولو في غير جامع جاز حتى يخرج للجمعة ... (وله أن يبكر بعد ما سألته). (¬2) الصواب أنه لا يجب بالشروع ولا ينتقض بالجمعة. (¬3) ظاهر كلام العيني والحافظ أنه موقوف. قلت: وهو كذلك. (¬4) كلها أقوال شاذة مخالفة للنص. (¬5) الصواب لا حدّ لأقله ولا أكثره. (¬6) يبطل ولا كفارة عليه، وهذان القولان المذكوران شاذان.

3 - باب لا يدخل البيت إلا لحاجة

3 - باب لا يدخل البيت إلا لحاجة 2029 - عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: «وإن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليدخل رأسه وهو في المسجد فأُرجِّله، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة إذا كان معتكفًا» (¬1). ¬

(¬1) * ولو اعتكف في غير جامع يخرج إلى الجمعة لأنه مأمور بالخروج. وهل يبكر؟ الأمر واسع. * يفيد أن المرأة الحائض ليست نجسة، إنما النجاسة في الدم، فعرقها وبدنها كله طاهر .. ولهذا يتعرق العظم بعدها وهي حائض، وأتت بالخمرة من المسجد، وقال: «إن حيضتك ليست في يدك» وهذا من قوله: «إلا عابري سبيل». * المسعى ليس له حكم المسجد ولو أدخل في المسجد، مثل بيت زيد تعداه المسجد هل هو مسجد؟ (كالمنكر لهذا القول). * وفيه حسن خلقه - صلى الله عليه وسلم - وإيناسه لأهله وطيب عشرته لهم. * وهذا يدل على طهارة بدن الحائض ويدها وشعرها كالجنب، والنجاسة في مكانها.

4 - باب غسل المعتكف

4 - باب غسل المعتكف 2030 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يباشرني وأنا حائض» (¬1). 5 - باب الاعتكاف ليلًا 2032 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن عمر سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد، قال: «أوف بنذرك» (¬2). 6 - باب اعتكاف النساء عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعتكف في العشر الأواخر من رمضان، فكنت أضربُ له خباء فيصلي الصبح ثم يدخله. فاستأذنت حفصة عائشة أن تضرب خباء، فأذِنت لها فضربت خباء. فلما ¬

(¬1) مقدمات الوطء كتقبيل وضم للحائض لا بأس به، وللمعتكف لا بل يبدع المباشرة. * {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ} هذا الجماع، وترك التقبيل أحسن وأحوط. ولم يجزم الشيخ بالمنع (بعدما سألته). * الحائض تقرأ عن ظهر قلب دون مس على الصحيح. (¬2) يفيد أن الكافر لو نذر عبادة ثم أسلم يشرع له الإيفاء بالنذر؛ لعموم (من نذر أن يطيع الله فليطعه) وهذا حجة لمن قال إنهم مخاطبون بفروع الشريعة. * قوله «أوف بنذرك» للوجوب أم للاستحباب؟ الأصل الوجوب (بعدما سألته).

7 - باب الأخبية في المسجد

رأته زينب بنت جحش ضربت خباء آخر، فلما أصبح النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى الأخبية فقال: «ما هذا؟ » فأُخبر، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الْبرَّ تُرون بهنَّ؟ » فترك الاعتكاف ذلك الشهر، ثم اعتكف عشرًا من شوال» (¬1). قال الحافظ: ... وكأنه - صلى الله عليه وسلم - خشي أن يكون الحامل لهن على ذلك المباهاة (¬2) والتنافس الناشئ عن الغيرة حرصًا على القرب منه خاصة فيخرج الاعتكاف عن موضوعه أو لما أذن لعائشة وحفصة ... قال الحافظ: ... دليل على أن النوافل المعتادة إذا فاتت تقضى استحبابًا، واستدل به المالكية على وجوب قضاء العمل لمن شرع فيه ثم أبطله، ولا دلالة فيه (¬3) لما سيأتي. قال الحافظ: ... وأن الأفضل للنساء أن لا يعتكفن في المسجد (¬4). 7 - باب الأخبية في المسجد 2034 - عن عائشة - رضي الله عنها - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يعتكف، فلما انصرف إلى المكان الذي أراد أن يعتكف إذا أخبية: خباء عائشة، وخباء حفصة، وخباء زينب. فقال: «آلبرَّ تقولون بهن؟ » ثم انصرف فلم يعتكف، حتى اعتكف عشرًا من شوال» (¬5). ¬

(¬1) فيه جواز الاعتكاف في غير رمضان، وأن للولي منع زوجته من الاعتكاف. (¬2) يريد إبعادهن عن المنافسة والرياء، وأن يكون العمل خالصًا لله. (¬3) لأن ما شرع فيه. (¬4) ليس بجيّد، وهذا غلط اعتكف أزواجه من بعده. (¬5) الاعتكاف يجوز في رمضان وفي غيره لهذا الحديث.

8 - باب هل يخرج المعتكف لحوائجه إلى باب المسجد؟

8 - باب هل يخرج المعتكف لحوائجه إلى باب المسجد؟ (¬1) 2035 - عن علي بن الحسين - رضي الله عنهما - «أن صفية زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرته أنها جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوره في اعتكافه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان، فتحدَّثت عنده ساعة ثم قامت تنقلب فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - معها يَقلبها، حتى إذا بلغت باب المسجد عند باب أم سلمة مرَّ رجلان من الأنصار فسلما على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت لهما النبي - صلى الله عليه وسلم -: «على رسلكما، إنما هي صفية (¬2) بنت حُييّ». فقالا: سبحان الله يا رسول الله، ¬

(¬1) يعني الجواز. خرج معها إلى باب المسجد فقط. (¬2) خشي أن يقذف في قلبوهما شيئًا فيقولان ما هذه المرأة؟ فيبين للناس. خروجه من المعتكف إلى مكان آخر في المسجد لا بأس؛ لأن المسجد كله محل للاعتكاف. أما خروجه خارج المسجد فالسنة ألا يخرج ألا لحاجة، كما قالت عائشة وبت عنها السنة للمعتكف لا يعود مريضًا ولا يشهد جنازة ولا يمس امرأة ولا يباشرها ولا يخرج لحاجة إلا لما لا بد له منه» وقول الصحابي: من السنة مرفوع. فيه فوائد: - شرعية زيارة الزوجة لزوجها في الاعتكاف. - حسن خلقه - صلى الله عليه وسلم - وتواضعه وتحدثه معها إلى باب المسجد. - وفيه دفع التهمة إن خشي سوء الظن وذلك بأن يبين أن الأمر كذا وكذا. - شدة خطر الشيطان .. وهذا الجري في الدم لا يعلمه إلا الله. - وفيه شرعية التشييع للزائر القادم.

9 - باب الاعتكاف وخروج النبي - صلى الله عليه وسلم - صبيحة عشرين

وكَبُر عليهما، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الشيطان يبلغ من ابن آدم مبلغ (¬1) الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئًا» (¬2). 9 - باب الاعتكاف وخروج النبي - صلى الله عليه وسلم - صبيحة عشرين 2036 - عن أبي سلمه بن عبد الرحمن قال: «سألت أبا سعيد الخدري - رضي الله عنه - قلت: هل سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذكر ليلة القدر؟ قال: نعم، اعتكفنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العشر الأوسط من رمضان، قال فخرجنا صبيحة عشرين (¬3)، قال فخطبنا رسول الله صبيحة عشرين فقال: «إني أُريت ليلة القدر، وإني نسيتها، فالتمسوها في العشر الأواخر في وتر، فإني رأيت أني أسجد في ماء وطين، ومن كان اعتكف مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فليرجع»، فرجع الناس إلى المسجد وما نرى في السماء قزعة، قال: فجاءت سحابة فمطرت، وأقيمت الصلاة فسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الطين والماء، حتى رأيت الطين في أرنبته وجبهته. ¬

(¬1) في لفظ يجري. (¬2) في لفظ شرًا. * الاشتراط في الاعتكاف قاله بعض الفقهاء ولا دليل عليه. (¬3) فيه الخروج صبيحة عشرين فلو خرج صبيحة ثلاثين لا حرج أو خرج صبيحة يوم العيد لا حرج، كله واسع؛ لأن الاعتكاف تم بالليالي. * صاحب السلس الأولى أن يؤم الناس. * صاحب الحدث الدائم له أن يعتكف كالمستحاضة وصاحب السلس مع التحفظ حتى يصان المسجد.

10 - باب اعتكاف المستحاضة

10 - باب اعتكاف المستحاضة 2037 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت «اعتكفت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امرأة مستحاضة من أزواجه، فكانت ترى الحُمرة والصُّفرة، فربما وضعنا الطَّست تحتها وهي تصلي» (¬1). قال الحافظ: فذكر الحديث وزاد فيه «قال وحدثنا به خالد مرة أخرى عن عكرمة أن أم سلمة كانت عاكفة وهي مستحاضة» فأفاد بذلك معرفة عينها وازداد بذلك عدد المستحاضات (¬2) .. 11 - باب زيارة المرأة زوجها في اعتكافه 2038 - عن عليّ بن الحسين كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في المسجد وعنده أزواجه، فرُحن، فقال لصفية بنت حييّ: «لا تعجلي حتى أنصرف معك»، وكان بيتها في دار أسامة، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - معها (¬3)، فلقيه رجلان من الأنصار، فنظرا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم أجازا، فقال لهما النبي - صلى الله عليه وسلم -: «تعاليا، إنها صفية بنت حييّ»، فقالا: سبحان الله يا رسول الله، قال: «إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، وإني خشيت أن يُلقيَ في أنفسكما شيئًا». ¬

(¬1) زينب هي المرادة، وأختها حمنة وأم حبيبة كلهن مستحاضات. (¬2) وهذا يدل على أن أم سلمة مستحاضة أيضًا، وهذه الطريق جيدة، والمعروف أنها زينب. (¬3) تقدم أنه خرج معها إلى باب المسجد الذي جهة دار أسامة، والمسجد له أبواب. * فيه شرعية دفع الشبهة عن النفس إذا كان في مقام شبهة.

12 - باب هل يدرأ المعتكف عن نفسه

12 - باب هل يدرأ المعتكف عن نفسه 2039 - عن علي بن حسين أن صفية - رضي الله عنها - أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو معتكف، فلما رجعت مشى معها، فأبصره رجل من الأنصار، فلما أبصره دعاه (¬1) فقال: «تعال، هي صفية - وربما قال سفيان: هذه صفية- فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم». قلت لسفيان: أتته ليلًا؟ وهل هو إلا ليلًا؟ . 13 - باب من خرج من اعتكافه عند الصبح 2040 - عن أبي سعيد - رضي الله عنه - قال: «اعتكفنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العشر الأوسط، فلما كان صبيحة عشرين (¬2) نقلنا متاعنا، فأتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «من كان اعتكف فليرجع إلى معتكفه، فإني رأيت هذه الليلة، ورأيتني أسجُدُ في ماء وطين». فلما رجع إلى معتكفه قال: وهاجت السماء فمُطرنا، فوالذي بعثه بالحق لقد هاجت السماء من آخر ذلك اليوم، وكان المسجد عريشًا رأيت على أنفه وأرنبته أثر الماء والطين». 14 - باب الاعتكاف في شوال 2041 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتكف في كل رمضان، فإذا صلى الغداة دخل مكانه الذي اعتكف فيه. قال ¬

(¬1) فيه حسن خلقه - صلى الله عليه وسلم - وحسن معاشرته لزوجته. وفيه أن المعتكف يزار، يزوره أصحابه. (¬2) وهذا من الدلائل على أنها تنتقل، أي ليلة القدر.

15 - باب من لم ير عليه إذا اعتكف صوما

فاستأذنته عائشة أن تعتكف، فأذن لها فضربت فيه قبَّة، فسمعت بها حفصة فضربت قبَّة، وسمعت زينب بها فضربت قبَّة أخرى. فلما انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الغداة أبصر أربع قباب، فقال: «ما هذا؟ » فأُخبر خبرهنَّ، فقال: «ما حملهنَّ على هذا؟ آلبرَّ؟ انزعوها فلا أراها»، فنُزعت، فلم يعتكف في رمضان حتى اعتكف في آخر العشر (¬1) من شوال». 15 - باب من لم ير عليه إذا اعتكف صومًا 2042 - عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أوف نذرك. فاعتكف ليلة» (¬2). 16 - باب إذا نذر في الجاهلية يعتكف ثم أسلم 2043 - عن نافع عن ابن عمر أن عمر - رضي الله عنه - نذر في الجاهلية ¬

(¬1) هذا صريح في العشر الأخيرة من شوال. * وهذا يدل على أن الاعتكاف ليس خاصًا برمضان. * منعهن خشي أن يكون ذلك من باب الغيرة، وخشي عليهن من قصد آخر، فلا بد من الإخلاص. * من اعتكف العشر الأواخر من رمضان الأفضل أن يدخل بعد صلاة فجر إحدى وعشرين، وهو في الليلة قبل مخيّر. (¬2) هذا واضح في أن الاعتكاف لا يلزم فيه الصوم؛ لأن الدليل ليس فيه صوم.

18 - من أراد أن يعتكف ثم بدا له أن يخرج

أن يعتكف في المسجد الحرام -قال: أُراه قال ليلةً - فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أوْف بنَذرك» (¬1). 18 - من أراد أن يعتكف ثم بدا له أن يخرج 2045 - عن عائشة - رضي الله عنها - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر أن يعتكف العشر الأواخر من رمضان، فاستأذنته عائشة فأذن لها، وسألت حفصة عائشة أن تستأذن لها ففعلت، فلما رأت ذلك زينب بنت جحش أمرت ببناء فبُني لها. قالت: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى انصرف إلى بنائه، فأبصر الأبنية فقال: «ما هذا؟ » قالوا: بناء عائشة وحفصة وزينب. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «آلبرَّ أردن بهذا؟ ما أنا بمعتكف» (¬2). فرجع. فلما أفطر اعتكف عشرًا من شوال». 19 - باب المعتكف يُدخل رأسه البيت للغسل 2046 - عن عائشة - رضي الله عنها - «أنها كانت تُرجِّل النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي حائض وهو معتكف في المسجد وهي في حُجرتها يُناولها رأسه» (¬3). ¬

(¬1) هذا عام، لو نذر صدقة أو حج: المشروع له الوفاء، يؤمر بالوفاء، لكن لا يلزمه لأن الكافر لا تلزمه العبادات إلا بدخوله في الإسلام. * وقال الشيخ مرة الظاهر الوجوب. (¬2) علمهن بفعله في قطع الاعتكاف. * من خرج لتشييع جنازة انقطع اعتكافه. (¬3) فيه فوائد: - مس المرأة ومسها له لا ينقض الوضوء. - يد الحائض طاهرة الدم في محله. - خروج العضو من المسجد (محل الاعتكاف) لا يسمى خروجًا.

34 - كتاب البيوع

34 - كتاب البيوع 1 - باب ما جاء في قول الله - عز وجل -: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10) وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}. 2047 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «إنكم تقولون: إن أبا هريرة يُكثر الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتقولون: ما بال المهاجرين والأنصار لا يُحدِّثون عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمثل حديث أبي هريرة؟ وإن إخوتي من المهاجرين كان يشغلهم الصَّفق بالأسواق وكنت ألزم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ملء بطني، فأشهد إذا غابوا، وأحفظ (¬1) إذا نسُوا ... [الحديث]. 2049 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: «قدم عبد الرحمن بن عوف المدينة، فآخى (¬2) النبي - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين سعد بن الربيع الأنصاري، وكان سعد ذا غِنى، فقال لعبد الرحمن: أُقاسمك مالي نصفين وأُزوِّجك (¬3). قال: بارك الله ¬

(¬1) * هل كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - كسب؟ ربما باع الشيء واشترى (بعدما سألته). قلت: قال شيخ الإسلام: جمع الله لرسوله بين الحالين كان فقيرًا فكان صابرًا، وصار غنيًا فكان شاكرًا. أبو هريرة كان مسكينًا لم يكن عنده تجارة فكان يلزم النبي - صلى الله عليه وسلم - ويحفظ الحديث. (¬2) هذه المؤاخاة منسوخة. * (لا حلف في الإسلام)، فلا تعود مرة أخرى. (¬3) وهذا يدل على جواز التجارة والحرث وطلب الرزق، والإنسان يفعل الأسباب.

2 - باب الحلال بين والحرام بين وبينهما مشتبهات

لك في أهلك ومالك، دُلُّوني على السوق (¬1)، فما رجع حتى استفضل أقطًا وسمنًا، فأتى به أهل منزله. فمكثنا يسيرًا -أو ما شاء الله- فجاء وعليه وضَرٌ من صُفرة فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَهْيَم» (¬2)؟ قال: يا رسول الله تزوجت امرأة من الأنصار. قال: «ما سُقت إليها؟ » قال: نواة من ذهب -أو وزن من ذهب- قال أُوْلم ولو بشاة». 2 - باب الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما مشتبهات 2051 - حدثنا علي بن عبد الله حدثنا ابن عُيينة حدثنا أبو فَروة (¬3) عن الشعبيِّ قال سمعت النعمان بن يشير - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - «الحلال بيِّن، والحرام بيِّن، وبينهما أمور مشتبهة. فمن ترك ما شُبِّه عليه من الإثم كان لما استبان أترك، ومن اجترأ على ما يشُكُّ فيه من الإثم أوشك أن بواقع ما استبان. والمعاصي حمى الله، من يرتع حول الحمى يوشك أن بواقعه» (¬4). ¬

(¬1) فيه الحديث على طلب الرزق، وفضل سعد بن الربيع. وهذا مؤاخاة خاصة زيادة على مؤاخاة الإسلام. وفيه عدم المبالغة في المهور وعدم التكلف. (¬2) يعني ما هذا. (¬3) هو عروة بن الحارث الهمذاني ثقة من الخامسة/ خ م د س، والآخر مسلم بن سالم أبو فروة الأصغر صدوق من السادسة خ م د س ق. (¬4) وهذا فيه الحث على الحذر من الشبهات وأن يرتع فيها، لأنه وسيلة للمحرمات.

3 - باب تفسير المشبهات

3 - باب تفسير المشبَّهات 2053 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت «كان عتبة بن أبي وقاص عهِدَ إلى أخيه سعد بن أبي وقاص أن ابن وليدة زمعة منِّي فاقبضه. قالت: فلما كان عام الفتح أخذه سعد بن أبي وقاص، وقال: ابن أخي، قد عهد إلى فيه. فقام عبد بن زمعة فقال: أخي، وابن وليدة أبي وُلد على فراشه. فتساوقا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال سعد: يا رسول الله، ابن أخي، كان قد عهد إلى فيه. فقال عبد بن زمعة: أخي، وابن وليدة أبي، ولد على فراشه. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «هو لك يا عبد بن زمعة». ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الولد للفراش وللعاهر الحجَرُ». ثم قال لسودة بنت زمعة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -. احتجبي منه يا سودة، لما رأى من شبهة بعُتبة، فما رآها حتى لقي الله» (¬1). 2054 - عن عديِّ بن حاتم - رضي الله عنه - قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المِعراض، فقال: «إذا أصاب بحدِّه فكل، وإذا أصاب بعرضه فقتل فلا تأكل، فإنه وقيذ». قلت: يا رسول الله أُرسل كلبي وأُسمِّي، فأجد معه على الصيد كلبًا آخر لم أُسمِّ عليه، ولا أدري أيهما أخذ. قال: «لا تأكل، إنما سمَّيت على كلبك ولم تُسمِّ على الآخر» (¬2). ¬

(¬1) إذا شك الزوج وَلا عَن فالولد لأمه. (¬2) وهذا يدل على أن اشتباه الحلال بالحرام يمنع الشيء، والأصل التحريم في الصيد. * من نسى التسمية في الصيد؟ لا بأس يأكل، وكذا الذبح {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}.

4 - باب ما يتنزه من الشبهات

4 - باب ما يُتنزه من الشبهات 2055 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: مرَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بتمرة مسقوطة قال: «لولا أن تكون صدقة لأكلتها» (¬1). قال الحافظ: ... وقد روى أحمد (¬2) من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: تضور النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة، فقيل له ما أسهرك؟ قال: «إني وجدت تمرة ساقطة فأكلتها، ثم ذكرت تمرًا كان عندنا من تمر الصدقة فما أدري أمن ذلك كانت التمرة أو من تمر أهلي، فذلك أسهرني» ... 5 - باب من لم ير الوساوس ونحوها من الشبهات 2056 - عن عبّاد بن تميم عن عمِّه قال: شُكي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الرجل يجد في الصلاة شيئًا أيقطَعُ الصلاة؟ قال: «لا، حتى يسمع صوتا أو يجد ريحًا» (¬3). ¬

(¬1) وهذا يدل على روعة العظيم. فالمؤمن يحذر ما يكون حرامًا عليه ولو قليلًا، وهذا يدل على أن الشيء الحقير اليسير يعفي عنه ويلتقط ويؤكل. * المال المختلط لا حرج في أكله؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكل أموال اليهود، وأموالهم مختلطة {وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ}. (¬2) قلت من طريق وكيع وأبي بكر الحنفي كلاهما عن أسامة بن زيد الليثي عن عمرو به، وهذا سند لا بأس به. (¬3) وهذا إذا كانت الوسوسة تخالف الأصل، فإذا شك أحدث أم لا فالأصل أنه طاهر. * قلت: وهل من أكل شيئًا حرامًا وهو يقدر على إخراجه يخرجه؟ مثل.

7 - باب من لم يبال من حيث كسب المال

2057 - عن عائشة - رضي الله عنها - أن قومًا قالوا يا رسول الله إن قومًا يأتوننا باللحم لا تدري أذكروا اسم الله عليه أم لا؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «سَمُّوا الله عليه وكلُوه» (¬1). 7 - باب من لم يُبال من حيث كسب المال 2059 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يأتي على الناس زمان لا يبالي المرء ما أخذ منه (¬2) أمن الحلال أم من الحرام» (¬3). ¬

(¬1) ما فعل أبو بكر، كما في صحيح البخاري، وفعل عمر، كما في الموطأ في لبن إبل الصدقة (الموطأ 1/ 269، الاستذكار 9/ 229). وأثر عمر منقطع. والجواب: أقول: لا يجب، وقد سألت شيخنا مرة عن هذا فقال: لا يجب. وهؤلاء حدثاء عهد بإسلام، شكت عائشة، والأصل أنهم سموا، شكّت في تسميتهم لا في إسلامهم. (¬2) يعني يضعف فيه الإيمان ويقل فيه الورع في زمان فيه الجهل وفيه رقة الدين، وها في زماننا وقَبْله بأزمان. (¬3) يعني المال، قلت: أنظر حديث 2083 ص 313 من الجزء الرابع.

8 - باب التجارة في البز وغيره

8 - باب التجارة في البَزِّ (¬1) وغيره (¬2) 2060، 2061 - عن أبي المنهال قال: «كنت أتجر في الصرف، فسألت زيد بن أرقم - رضي الله عنه - فقال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -». وعن أبي المنهال قال: «سألت البراء بن عازب وزيد بن أرقم عن الصرف فقالا: كنا تاجرين على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصرف فقال: إن كان يدًا بيد فلا بأس، وإن كان نسيئًا فلا يصلُح» (¬3). قال الحافظ: ... واختلف في ضبط البز (¬4). 9 - باب الخروج في التجارة وقول الله - عز وجل -: {فَانْتَشِرُوا (¬5) فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ}. 2062 - عن عُبيد بن عُمر أن أبا موسى الأشعري استأذن على عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فلم يُؤذن له -وكأنه كان مشغولًا- فرجع أبو موسى. ¬

(¬1) البزّ: الثياب، والنسبة إليه بزاز وإليه ينسب جماعة، والبزار نسبة إلى البزر وهو الحب الذي يعد للإنبات، والبزار من يبيع بزر الكتان أي زيته، وإليه ينسب جماعة كالبزار صاحب المسند واسمه أحمد بن عمرو، وغير كثير. (¬2) يعني ما عدا الذهب والفضة. (¬3) يعني بيع التقدمين، أحدهما بالآخر لا بد يدًا بيد وإلا ربًا. (¬4) الأمر واسع: البز أو البَرّ أو البُرّ. (¬5) للإباحة.

10 - باب التجارة في البحر

ففرغ عمر فقال: ألم أسمع صوت عبد الله بن قيس؟ ائذنوا له. قيل: قد رجع. فدعاه: فقال كنا نُؤمر بذلك. فقال: تأتيني على ذلك بالبيِّنة. فانطلق إلى مجالس الأنصار فسألهم، فقالوا: لا يشهد لك على هذا إلا أصغرنا أبو سعيد الخدري. فذهب بأبي سعيد الخدري، فقال عمر: أخفى عليَّ هذا من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ ألهاني الصَّفقُ. يعني الخروج إلى التجارة» (¬1). 10 - باب التجارة في البحر (¬2) 2063 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «أنه ذكر رجلًا من بني إسرائيل خرج في البحر فقضى حاجته». 11 - باب {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا} 2064 - عن جابر - رضي الله عنه - قال: «أقبلت عيرٌ ونحن نصلِّي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - الجمعة، فانفض الناس إلا اثني عشر رجلًا، فنزلت هذه الآية: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} (¬3). ¬

(¬1) هذا للإباحة والتسبب في طلب الرزق. وفي الحديث: أي الكسب أطيب؟ قال: «ما أكل الرجل من عمل يده وكل بيع مبرور». (¬2) ركوب البحر جائز إلا عند اضطراب لا يركبه، وحديث (لا يركب البحر إلا غاز أو حاج) ضعيف. (¬3) وقع ذلك قبل أن يعلموا الحكم الشرعي، فلما علموا تركوا. وكان ذلك جهلًا منهم في أول الأمر.

12 - باب قول الله تعالى: {أنفقوا من طيبات ما كسبتم}

12 - باب قول الله تعالى: {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} 2065 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مُفسدة كان لها أجرها بما أنفقت، ولزوجها بما كسب، وللخازن مثل ذلك، لا ينقُص بعضهم أجر بعض شيئًا» (¬1). 2066 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أنفقت المرأة من كسب زوجها عن غير أمره فلها نصف أجره» (¬2). 13 - باب من أحب البسط في الرزق 2067 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من سرَّه أن يُبسط له في رزقه أو يُنسأ (¬3) له في أثره فليصل رحمه» (¬4). 14 - باب شراء النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنَّسيئة 2068 - عن الأعمش قال: «ذكرنا عند إبراهيم الرَّهن في السَّلم فقال: حدَّثني الأسود عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشترى طعامًا من يهودي إلى أجل ورهنه درعًا من حديد» (¬5). ¬

(¬1) فيه الحث على التعاون بين الزوج والزوجة يشتركون في الأجر. (¬2) إذا أمرها فلها وله الأجر كاملًا، وهنا إذا لم يأمرها لكن لم يمنع. (¬3) وينسأ بالواو، لا بأو. (¬4) الرحم الأقارب. وفي مسلم: أمك ثلاثًا ثم أباك ثم الأقرب فالأقرب (¬5) وهذا يدل على جواز الشراء من الكفرة والبيع عليهم وليس هذا من الموالاة، وهذا مع اليهود أشد الناس عداوة.

15 - باب كسب الرجل وعمله بيده

2069 - عن محمد بن عبد الله بن حوشب حدثنا أسباط (¬1) أبو اليسع البصريُّ حدثنا هشام الدَّستوائي عن قتادة «عن أنس - رضي الله عنه - أنه مشى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بخبز شعير وإهالة سنخة، ولقد رهن النبي - صلى الله عليه وسلم - درعًا له بالمدينة عند يهودي وأخذ منه شعير لأهله. ولقد سمعته يقول: ما أمسى عند آل محمد - صلى الله عليه وسلم - صاعُ برٍّ ولا صاع حبِّ، وإن عنده لتسع نسوة». 15 - باب كسب الرجل وعمله بيده 2070 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «لما استُخلف أبو بكر الصديق قال: لقد علم قومي أن حرفتي لم تكن تعجز عن مؤنة أهلي، وشُغلت بأمر المسلمين، فسيأكل آل أبي بكر من هذا المال وأحترف للمسلمين فيه» (¬2). 2071 - عن عائشة - رضي الله عنها - «كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عُمّال أنفسهم، فكان يكون لهم أرواح (¬3)، فقيل لهم: لو اغتسلتم». ¬

(¬1) * واشترى منهم طعامًا وهم يتعاطون الربا، فالأصل الحل في أموال المشركين والفساق إلا أن نعلم أنه لحم خنزير أو ربًا. ضعيف، وله حديث واحد متابعة. (¬2) وهذا جائز، ولي الأمر يأكل من بيت مال المسلمين مع مراعاة الاعتدال، وأبو بكر يعمل للمسلمين ويأخذ حاجته وحاجة أهله (¬3) غسل الجمعة سنة، ومن له ريحة يشتد تأكيده عليه.

2072 - عن المقدام - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما أكل أحد طعامًا قطُّ خيرًا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبيَّ الله داود - عليها السلام - كان يأكل من عمل يده» (¬1). 2073 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «أن داود النبي - عليها السلام - كان لا يأكل إلا من عمل يده» (¬2). 2074 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لأن يحتطب أحدكم حُزمة على ظهره خير من أن يسأل أحدًا فيعطيه أو يمنعه» (¬3). قال الحافظ: ... وفوق ذلك من عمل اليد ما يكتسب من أموال الكفار بالجهاد وهو مكسب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وهو أشرف المكاسب لما فيه من إعلاء كلمة الله تعالى وخذلان كلمة أعدائه والنفع الأخروي (¬4). ¬

(¬1) إذا تيسر فعمل اليد أفضل الاكتساب. (¬2) داود كان حدادًا يصنع الدروع. * صاحب الوظيفة كاتب، مدير، كله من عمله يده. أبو بكر سوّى بين المسلمين وعمر فاضل بينهم لأجل السبق للإسلام، وفي الهجرة وغيرها. (¬3) وهكذا جاء من حديث الزبير. قلت: هو الذي بعده. (¬4) واختار أبو العباس وابن القيم أن هذا أشرف المكاسب؛ لحديث ابن عمر في المسند والسنن: بُعثت بالسيف بين يدي الساعة وجعل رزقي تحت ظل رمحي .. » وسنده جيد.

16 - باب السهولة والسماحة في الشراء والبيع، ومن طلب حقا فليطلبه في عفاف

16 - باب السهولة والسماحة في الشراء والبيع، ومن طلب حقًا فليطلبه في عفاف 2076 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «رحم الله رجلًا سمحًا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى» (¬1). 17 - باب من أنظر مُوسرًا 2077 - عن حذيفة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «تلقَّت الملائكة روح رجل ممن كان قبلكم»، فقالوا: أعملت من الخير شيئًا؟ قال: «كنت آمر فتياني أن ينظروا ويتجاوزوا عن الموسر. قال: فتجاوزوا عنه». قال أبو عبد الله: وقال أبو مالك عن ربعيّ. وقال أبو عوانة. عن عبد الملك عن ربعي «فأقبل من الموسر، وأتجاوز عن المعسر» (¬2). ¬

(¬1) فيه الحق على السماحة في البيع لا يكون شديدًا، ويسمح سماحة لا تخالف الشرع. (¬2) وهذا هو المشروع ليّن مع المعسر يتجاوز، ومع الموسر كذلك يقبل، ومع المعسرين أكثر يرفق بهم ويتسامح أكثر.

18 - باب من أنظر معسرا

18 - باب من أنظر مُعسرًا 2078 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كان تاجر يداينُ الناس، فإذا رأى معسرًا قال لفتيانه: تجاوزوا عنه لعل الله أن يتجاوز عنا، فتجاوز الله عنه» (¬1). 19 - باب إذا بيَّن البيعان، ولم يكتُما، ونصحا ويُذكر عن العدّاء بن خالد قال: كتب لي النبي - صلى الله عليه وسلم - «هذا ما اشترى محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من العدّاء بن خالد بيع المسلم من المسلم، لا داء ولا خبثة ولا غائلة» قال قتادة: الغائلة الزنا، والسرقة والإباق. وقيل لإبراهيم: إن بعض النخاسين يسمِّي: آرِي خُراسان، وسجستان، فيقول: جاء أمس من خُراسان، وجاء اليوم من سجستان. فكرهه كراهة شديدة. وقال عقبة بن عامر: لا يحلُّ لامرئ يبيع سلعة يعلم أن بها داء إلا أخبره (¬2). ¬

(¬1) الجزاء من جنس العمل، فتنبغي المروءة واللين. (¬2) الواجب النصيحة.

20 - باب بيع الخلط من التمر

2079 - عن حكيم بن حزام - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «البيعان بالخيار ما لم يتفرَّقا - أو قال: حتى يتفرَّقا - فإن صدقا وبيَّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا (¬1) مُحقت بركة بيعهما». قال الحافظ: ... والمعنى أن النخاسين كانوا يسمون مرابط دوابهم بأسماء البلاد ليدلسوا على المشتري بقولهم ذلك ليوهموا أنه مجلوب من خراسان (¬2) وسجستان فيحرص عليها المشتري ويظن أنها قريبة العهد بالجلب. 20 - باب بيع الخلط من التمر 2080 - عن أبي سعيد - رضي الله عنه - قال: كنا نُرزق تمر الجمع، وهو الخِلط من التمر، وكنا نبيع صاعين بصاع. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا صاعين بصاع ولا درهمين بدرهم» (¬3). ¬

(¬1) كتما: العيب كذبا: اشتريت بكذا. * البيع مع البراء من العيب فيه خلاف والأدلة الشرعية تقتضي التبيين، وإن قال ما أعلم وهو صادق فهو على كلاه. * فمن باع على البراءة من العيب وهو صادق لا بأس، ويسقط خيار العيب. * وإن كان يعلم العيب فلا يبرأ حتى يبيّن (¬2) آري خراسان: يعني توّها مجلوبة. (¬3) لأنه ربا، وفيه بيع الجمع نوع من التمر.

21 - باب ماذ قيل في اللحام والجزار

21 - باب ماذ قيل في اللحام والجزّار (¬1) 2081 - عن أبي مسعود - رضي الله عنه - قال: جاء رجل من الأنصار يُكنى أبا شُعيب فقال لغلام له قصاب: أجعل لي طعامًا يكفي خمسة من الناس، فإني أريد أن أدعو النبي - صلى الله عليه وسلم - خامس خمسة، فإني قد عرفت في وجهه الجوع، فدعاهم، فجاء معهم رجل، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - إن هذا قد تَبعنا، فإن شئت أن تأذن له فأذن له، وإن شئت أن يرجع رجع. فقال: «لا، بل قد أذِنت له» (¬2). 22 - باب ما يمحق الكذب والكتمان في البيع 2082 - عن حكيم بن حزام - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «البيعان بالخيار ما لم يتفرّقا - فإن قال حتى يتفرقا (¬3) - فإن صدقا وبيَّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا مُحقت بركة بيعهما». 23 - باب قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا (¬4) مُضَاعَفَةً} 2083 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليأتين على الناس زمان لا يُبالي المرء بما أخذ المال أمن الحلال أم من حرام» (¬5). ¬

(¬1) معنى الترجمة: لا بأس بقول لحام وجزار. (¬2) فيه الاستئذان للزيارة. (¬3) ماداما في المجلس لكل واحد خيار، إ لا إذا خير أحدهما الآخر فلا خيار. (¬4) المرّة من الربا محرمة، وكلما زاد الربا والإثم. (¬5) واقع كثير لغلبة الجهل والحرص.

قال الحافظ: .. ما أخرجه النسائي مرفوعًا «يأتي على الناس زمان يأكلون الربا، فمن لم يأكله أصابه من غباره» (¬1). ¬

(¬1) قلت هو منقطع لأنه مروي من طريق الحسن عن أبي هريرة اعن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: . * حديث: «يأتي على الناس زمان يأكلون الربا من لم يأكله أصابه من غباره» رواه أحمد في مسنده (2/ 494): قال حدثنا هشيم عن عباد بن راشد عن سعيد بن أبي خبرة قال: حدثنا الحسن منذ نحو من أربعين سنة عن أبي هريرة اأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فذكره. ورواه أبو داود في سننه (3/ 243) قال: حدثنا محمد بن عيسى قال: حدثنا هشيم بن نحوه. ورواه النسائي في المجتبى (7/ 243) قال: أخبرنا قتيبة قال: حدثنا ابن أبي عدي عن داود بن أبي هند عن سعيد بن أبي خبرة به. ورواه أبو داود في سننه (3/ 243) قال: حدثنا وهب بن بقية قال: أخبرنا خالد عن داود- يعني ابن أبي هند- به نحوه وفيه: «أصابه من بخار». رواه ابن ماجه في سننه (2/ 765) قال: حدثنا عبد الله بن سعيد قال: حدثنا إسماعيل بن عُليه قال: حدثنا داود بن أبي هند به. ورواه الحاكم في مستدركه (2/ 11) من طريق خالد بن عبد الله عن داود بن أبي هند عن الحسن عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: .. وقال عقبة: وقد اختلف أئمتنا في سماع الحسن عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إن صح سماعه منه فهذا حديث صحيح. ورواه البيهقي في سننه (5/ 275) من طريق هشيم قال: أنبأنا عباد ابن راشد قال: سمعت سعيد بن أبي خبرة يحدث داود بن أبي هند قال: حدثنا الحسن بن أي الحسن منذ أربعين سنة أو نحو ذلك عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: فذكره. ورواه كذلك من طريق أبي داود الثانية بإسناده ومتنه سواء. ورواه ابن عدي في الكامل (4/ 1647) من طريق المسيّب بن واضح قال: حدثنا ابن المبارك عن عبّاد بن راشد عن سعيد بن أبي خيرة عن الحسن به. ومدار هذا الحديث على الحسن وهو البصري الزاهد المشهور، وسماعه من أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: مختلف فيه، والمنقول عن أكثر الأئمة الكبار نفي سماعه، كما قال أحمد وابن معين، وابن المديني، وأبو حاتم، وأبو زرعة، والبزَّار والنسائي والترمذي، وكذلك قال أيوب ويهز بن أسد، ويونس بن عبيد وعلي بن زيد .. ولهذا قال المنذري في الترغيب والترهيب (3/ 10): «والجمهورية على أن الحسن لم يسمع من أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: فالحديث منقطع. * المبايعة بالهاتف؟ إذا قال بعتك كذا فقلت نعم فأغلقت السماعة تم البيع.

24 - باب أكل الربا وشاهده وكاتبه

24 - باب أكل الربا وشاهده وكاتبه قول الله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} 2084 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «لما نزلت آخر البقرة قرأهن النبي - صلى الله عليه وسلم - عليهم في المسجد، ثم حرَّم التجارة في الخمر» (¬1). ¬

(¬1) التجارة في الخمر محرمة كالتجارة في الربا. * المبايعة في السيارات لا تشترط الكتابة لكن من باب الوثيقة.

25 - باب موكل الربا، لقوله - عز وجل -: {ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين} إلى قوله: {وهم لا يظلمون}

2085 - عن سمرة بن جندب - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى أرض مقدسة، انطلقنا حتى أتينا على نهر من دم، فيه رجل قائم، وعلى وسط النهر رجل بين يديه حجارة، فأقبل الرجل الذي في النهر، فإذا أراد الرجل أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه فردّه حيث كان فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر فيرجع كما كان، فقلت: ما هذا؟ فقال الذي رأيته في النهر: آكل الربا» (¬1). 25 - باب موكل الربا، لقوله - عز وجل -: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} إلى قوله: {وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} وقال ابن عباس: هذه آخر آية نزلت على النبي - صلى الله عليه وسلم -. 2086 - عن عون بن أبي جُحيفة قال: «رأيت أبي اشترى عبدًا حَجَّاماَ (¬2). ¬

(¬1) وهذا إشارة إلى ما يقع فيه من الطمع، كلما أراد الخروج منه طمع، فرجع لحب المال. * أخذ الكرامة على الترع بالدم؟ لا يجوز. * فهم أبو جحيفة أنه حرام، وليس بحرام بل خبيث يعني رديء. (¬2) وقع سقط موجود في الشرح. * لا يجوز من التصوير إلا للضرورة كالتابعية. * ظن أبو جحيفة أن الحجامة داخلة في ثمن الدم، وليس كذلك وثمن الدم بيعه. * فيه أنه لا يجوز بيع الكلب ولو كلب صيد، إما لأنه من الحاجات التي لا تمنع أو لأنه من الخبائث.

26 - باب {يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم}

فسألته، فقال: نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ثمن الكلب وثمن الدم، ونهى عن الواشمة والموشومة، وآكل الربا وموكله، ولعن المصور». 26 - باب {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} 2087 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «الحلف منفقة (¬1) للسّلعة، ممحقة للبركة». 27 - باب ما يكره من الحلف في البيع 2088 - عن عبد الله بن أوفى - رضي الله عنه - «أن رجلًا أقام سلعة وهو في السوق، فحلف بالله لقد أعطى (¬2) بها ما لم يُعط ليوقع فيها رجلًا من المسلمين، فنزلت {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا} (¬3). ¬

(¬1) * تصوير المحاضرات محل نظر، قد يقال فيه علم وإذا رأوا صورته وسمعوا صوته استفادوا، هو قول قوي للمصالح العامة. * أخذ الكلى بعد الموت؟ هذا تلاعب بالميت وظاهر لام شيخنا بالبيع، ولقوله «كسر عظم المبيت ككسر عظم الحي» أما التبرع بالكلى فأسهل بكثير. * مسألة التبرع بالأعضاء؟ فيها خلاف عند المجلس وصدرت فيه فتوى. تذهب السلعة لكنها ممحقة لبركة مذهبة لها إن كان صادقًا، وإن كان كاذبًا فالأمر واضح. (¬2) يعني سميت منه. (¬3) وهذا فيه الحذر من الأيمان الكاذبة. * من علم أنه غشه فله الخيار.

28 - باب ما قيل في الصواغ

28 - باب ما قيل في الصَّواغ (¬1) وقال طاووس عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يُختلى خلاها» وقال العباس: «إلا الإذخر فإنه لقَينهم (¬2). فقال: إلا الإذخر». 2090 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله حرَّم مكة ولم تحل لأحد قبلي، ولا لأحد بعدي، وإنما أُحلت لي ساعة من نهار، لا يُختلى (¬3) خلاها، ولا يُعضد شجرها ولا يُنفر صيدها ولا يلتقط لقطتها إلا لمعرّف». وقال عباس بن عبد المطلب: إلا الإذخر لصاغتنا ولسُقف بيوتنا. فقال: «إلا الإذخر» فقال عكرمة: هل تدري ما يُنفر صيدها؟ هو أن تُنحية من الظل وتنزل مكانه. قال عبد الوهاب عن خالد «لصاغتنا وقبورنا». قال الحافظ: .. ولعل المصنف أشار إلى حديث «أكذب الناس الصباغون والصواغون» وهو حديث مضطرب الإسناد أخرجه أحمد وغيره (¬4). ¬

(¬1) الحداد. (¬2) فيه جواز الصفات: الحداد الصواغ. (¬3) حشيشها. (¬4) * أخلها الله لرسوله عام الفتح ثم حرمت. أحلها شيخنا: يغلب على الظن أن ابن القيم ذكره في المنار المنيف وأنه من الموضوعات وأشار إلى نكارة متنه. وصدق ظن شيخنا. انظر المنار المنيف (ص 53) حديث رقم (60).

29 - باب ذكر القين والحداد

29 - باب ذكر القين والحداد 2091 - عن أبي الضحى عن مسروق عن خباب قال: «كنت قينًا في الجاهلية، وكان لي على العاص بن وائل دين، فأتيته أتقاضاه، قال: لا أعطيك حتى تكفر بمحمد - صلى الله عليه وسلم -، قلت: لا أكفر حتى يُميتك الله ثم تُبعث. قال: دعني حتى أموت وأبعث، فسأوتي مالًا وولدًا فأقضي. فنزلت {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (77) أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا} (¬1). 30 - باب الخيّاط 2092 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: «إن خياطًا دعا (¬2) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لطعام صنعه، قال أنس بن مالك فذهبت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى ذلك الطعام، فقرّب إلى رسول الله خبزًا ومرقًا فيه دُباء وقديد، فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يتتبع الدُباء من حوالي القصعة. قال: فلم أزل أحب الدباء (¬3) من يومئذ». 31 - باب النسّاج 2093 - عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال: «جاءت امرأة ببردة - قال أتدرون ما البُردة؟ فقيل له: نعم هي الشّملة منسوجة في حاشيتها- ¬

(¬1) هذا من تكذيبهم بالآخرة. (¬2) فيه تواضعه - صلى الله عليه وسلم -، وفيه عدم التكلف ولو كان المدعو كبيرًا. (¬3) لحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لها. الدباء: القرع. * مقصود البخاري بالتراجم جواز التسمية لهذا، وجواز هذه الصناعات.

32 - باب النجار

قالت: يا رسول الله، إني نسجت هذه بيدي أكسوكها، فأخذها النبي - صلى الله عليه وسلم - محتاج إليها، فخرج إلينا وإنها إزارة، فقال رجل من القوم: يا رسول الله أكسُنيها، فقال: نعم. فجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - في المجلس، ثم رجع فطواها ثم أرسل بها إليه. فقال له القوم: ما أحسنت، سألتها إياه، لقد عرفت أنه لا يرُدُ سائلًا، فقال الرجل: والله ما سألتها إلا لتكون كفني يوم أموت. قال سهل فكانت كفنه» (¬1). 32 - باب النّجار 2094 - عن أبي حازم قال: «أتى رجال إلى سهل بن سعد يسألونه عن المنبر فقال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى فلانة - امرأة قد سماها سهل- أن مُري غلامك النجار يعمل لي أعوادًا أجلس عليهن إذا كلمت الناس (¬2)، فأمرته يعملها من طرفاء الغابة، ثم جاء بها، فأرسلت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بها، فأمر بها فوضعت فجلس عليها» (¬3). ¬

(¬1) وهذا فيه جودة - صلى الله عليه وسلم - وفيه رغبة المسلمين في التبرك بلباسه. (¬2) * قلت: ما أنكر عليه أنها كفنه؟ فقال الشيخ: لا بأس ن أب المباحات .. هذا إذا اطلع عليه .. والنبي لم يفعله. قلت: تقدم «باب من استعد للكفن في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -» في الجنائز. جواز اتخاذ المنبر لا بأس بذلك. (¬3) يعني يخط الناس.

33 - باب شراء الإمام الحوائج بنفسه

2095 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أن امرأة من الأنصار قالت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ألا أجعل (¬1) لك شيئًا تقعد عليه؟ فإن لي غلامًا نجارًا. قال: «إن شئت». فعملت له المنبر. فلما كان يوم الجمعة قعد النبي - صلى الله عليه وسلم - على المنبر الذي صنع فصاحت النخلة التي كان يخطُب عندها حتى كادت أن تنشق، فنزل النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى أخذها فضمَّها إليه، فجعلت تئن أنين الصبي الذي يسكت حتى استقرّت. قال: «بكت على ما كانت تسمع من الذكر». 33 - باب شراء الإمام الحوائج بنفسه وقال ابن عمر - رضي الله عنهما -: اشترى النبي - صلى الله عليه وسلم - جملًا من عمر، واشترى ابن عمر بنفسه (¬2)، وقال عبد الرحمن بن أبي بكر - رضي الله عنهما - جاء مشرك بغنم فاشترى النبي - صلى الله عليه وسلم - منه شاة، واشترى من جابر بعيرًا. 2096 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «اشترى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من يهودي طعامًا نسيئة، ورهنه درعه (¬3)». ¬

(¬1) في هذه الرواية عرضها، وفي التي قبلها طلبه ولا منافاة بينهما، وفيه معجزة ظاهرة لنبوته - صلى الله عليه وسلم - .. (¬2) يعني أنه عالم اشترى بنفسه. (¬3) ومات ودرعه مرهونة. * شراؤه من المشركين لا بأس به. وفي عامل اليهود إذا كان الشراء لا يترتب عليه محذور. * وفيه شراء الإمام نفسه، وإذا خشي أنهم يستحون منه ويخفضون السعر له يقيم وكيلًا.

34 - باب شراء الدواب والحمير

34 - باب شراء الدواب والحمير 2079 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -، قال: كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزاة فأبطأ بي جملي وأعيا، فأتى عليَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «جار؟ » فقلت: نعم، قال: «ما شأنك؟ » قلت: أبطأ عليّ جملي وأعيا فتخلفت. فنزل يحجنُه بمحجنه ثم قال: «اركب»، فركبته، فقد رأيته أكفه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال: «تزوجت؟ » قلت: نعم قال: «بكرًا أم ثيبًا؟ » قلت: بل ثيبًا قال: «أفلا جارية تلاعبها وتُلاعبك؟ » قلت: إن لي أخوات، فأحببت أن أتزوج امرأة تجمعهم وتمشطهن وتقوم عليهن، قال: «إما إنك قادم، فإذا قدمت فالكيس الكيس» (¬1). ثم قال: «أتبيع جملك؟ » قلت نعم. فاشتراه مني بأوقية. ثم قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبلي وقدمت بالغداة فجئنا إلى المسجد فوجدته على باب المسجد، قال: «الآن قدمت؟ » قلت: نعم. قال: «فدع جملك فادخل فصلَّ ركعتين»، فدخلت فصلت، . فأمر بلالًا أن يزن له أوقية (¬2)، فوزن لي بلال فأرجح في الميزان. فانطلقت حتى وليت. فقال: «ادعوا لي جابرًا»، ¬

(¬1) * من اشترى فاكهة من ثلاجة (سيارة) هل له أن يبيعها وهي في سيارة البائع؟ فقال الشيخ- بعدما قيل له: ليس للمشتري سيارة وقد تفسد الفاكهة- له ذلك ولو ما نقل أجل الضرر، والأحكام تدور مع علتها. الكيس: افعل الشيء الطيب ضد الجز العجز، من الإحسان والجماع وغيره. (¬2) قوله زن وأرجح في المسجد؟ ما هو بصريح، ثم ما فيه شيء هو تسليم. * فيه فوائد: - تواضعه - صلى الله عليه وسلم - واهتمامه بحال الجيش. - شرعية صلاة ركعتين للقادم من السفر.

35 - باب الأسواق التي كانت في الجاهلية، فتتابع بها الناس في الإسلام

قلت الآن يُرد عليّ الجمل، ولم يكن شيء أبغض إلى منه، قال: «خُذ جملك، ولك ثمنه». 35 - باب الأسواق التي كانت في الجاهلية، فتتابع بها الناس في الإسلام 9098 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «كانت عُكاظ ومجنَّة وذوي المجاز أسواقًا في الجاهلية، فلما كان الإسلام تأثموا من التجارة فيها، فأنزل الله {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ} في مواسم الحج (¬1) .. قرأ ابن عباس كذا» (¬2). 36 - باب شراء الإبل الهيم أو الأجرب الهائم: المخالف للقصد في كل شيء. 2099 - قال عمرو: «كان ها هنا رجل اسمه نواس، وكانت عنده إبل هيم، فذهب ابن عمر - رضي الله عنهما - فاشترى تلك الإبل من شريك له، فجاء إليه شريكه، فقال: بعنا تلك الإبل. فقال: ممن بعتها؟ فقال: من شيخ كذا وكذا. فقال: ويحك، ذاك والله ابن عمر. فجاءه فقال: إن شريكي باعك إبلًا هيمًا ولم يعرفك. قال: فاستقها. قال: فلما ذهب يستاقها فقال: دعها: رضينا بقضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا عدوى» (¬3). ¬

(¬1) - البكر أولى أن تيسرت، وإلا فالثيب لأجل حاجات، كما فعل جابر والنبي - صلى الله عليه وسلم - نكح ثيبات. الحاج لا بأس أن يبيع ويشتري، وكذا المعتمر. (¬2) من باب التفسير. (¬3) هذا اختيار ابن عمر رضي العيب، والواجب توضيح العيب من قبل البائع.

37 - باب بيع السلاح في الفتنة وغيرها

37 - باب بيع السلاح في الفتنة وغيرها وكره (¬1) عمران بن حًصين بيعه في الفتنة 2100 - عن أبي قتادة - رضي الله عنه - قال: «خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام حُنين فبعت الدِّرع فابتعت به مخرفًا في بني سلمة، فإنه لأول مال تأثلته في الإسلام». 38 - باب في العطار وبيع المسك 2101 - عن أبي برده بن أبي موسى عن أبيه - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل صاحب المسك وكير الحداد، لا يعدَمُك من صاحب المسك إما تشتريه أو تجد ريحه، وكير الحداد يحرق بيتك أو ثوبك أو تجد منه ريحًا خبيثة» (¬2). ¬

(¬1) * يدل على وجوب النصح وأن البائع يخبر المشتري بالعيب فإن رضي فلا بأس. * الفتن لها حالان: حال معروفة للمحق من غيره، كما بين عليّ ومعاوية، فلو باع لأصحاب علي فلا بأس، ومن جهل الأمر أو اشتبه عليه لا يبيع، وأن تبين له الأمر لا يبيع على المعتدي، أو يبيع على قطاع الطرق فلا. الصواب أنه لا يجوز بيع السلاح في الفتنة. المخرف: البستان. * دعوة الكفار للولائم يهودي أو نصراني؟ نعم، إن كان له مصلحة. المبتدع يضيف ويدعى، ولو كان داعية. (¬2) فيه الحث على مجالسة الأخيار والصلحاء والحذر من مجالسة الأشرار ودعاة الباطل، وهكذا كل مؤمن ومؤمنة.

39 - باب ذكر الحجام

39 - باب ذكر الحجام 2103 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «احتجم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأعطى الذي حجمه، ولو كان حرامًا لم يُعطه (¬1). 40 - باب التجارة فيما يُكره (¬2) لبسُه للرجال والنساء 2104 - عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال: أرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى عمر - رضي الله عنه - بحُلَّة حرير- أو سيراء- فرآها عليه فقال: «إني لم أرسل بها إليك لتلبسها إنما يلبَسُها من لا خلاق له، إنما بعثت إليك لتستمتع بها. يعني تبيعها». ¬

(¬1) * المسك طاهر كاللبن تحول من الدم إلى هذا الشيء الطاهر وقد كان يتطيب به - صلى الله عليه وسلم - فهو مستثنى مما أبين من الحي فهو ميت. وهذا صحيح كلام طيب. لأن الله قال: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}. (¬2) * التداوي مستحب ليس بواجب على الصحيح، وهذا قول الجمهور. * الاحتجام عند الحاجة وكذا القصد وأما من غير حاجة فلا ليست بسنة، يدل على استحبابها «إن خير ما تداويتم به الحجامة» قلت رواه مسلم ويدل على حل كسب الحجام، وقول (كسب الحجام خبيث) يعني رديء ليس بحرام؛ لأن هذه الصنعة لا ينبغي أخذ المال فيها، مثل البصل والكراث سماها خبيثة. الكراهة فيها نظر. * بيع المعارف للكفار؟ لا يجوز، هذا إعانة لهم، فقيل: إهداء عمر الحلة لأخيه الحلة من حرير؟ قال: لعله يبيعها أو يهديها لامرأة.

41 - باب صاحب السلعة أحق بالسوم

2105 - عن عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - أخبرته أنها اشترت نُمرقة فيها تصاوير، فلما رآها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام على الباب فلم يدخل فعرفتُ في وجهه الكراهة فقلت: يا رسول الله أتوب إلى الله والى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ماذا أذنَّبت؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما بال هذه النَّمرقة؟ » قلت: اشتريتها لك لتقعد عليها وتوسّدها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن أصحاب هذه الصور يوم القيامة يُعذبون، فيقال لهم: أحيوا ما خلقتم»، وقال: «إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة» (¬1). 41 - باب صاحب السِّلعة أحقُّ بالسوم (¬2) 2106 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يا بني النجار ثامنوني بحائطكم. وفيه خِربٌ ونخلٌ». ¬

(¬1) * الهدية لا يلزم منها الإجابة، فإذا أهدي إليك حلة من الحرير ليس معنى ذلك أنك تلبسها، بل تلبسها المرأة. وفي رواية اقرها. هذا مجمل والحديث في المعلق أما الممتهن لا بأس له لقصة دخول جبرائيل عند النسائي لا بأس به. * «صورة الرأس» معروفة عن ابن عباس، والمعنى صحيح. قلت: أخرجه البيهقي عنه بسند صحيح. * غلق الكتاب الذي به صورة يعتبر تغشية (طمس) وإن طمس أحسن. * العلب التي عليها صور هي ممتهنة، كحليب النيدو. (¬2) أحق بالسوم: أحق بأن يوضح الثمن لأنه صاحب الشيء، لكن للمشتري أن يسوم لكن لا يجبر. * بالهاتف إن كلمه تم البيع.

42 - باب كم يجوز الخيار؟

42 - باب كم يجوز الخيار؟ 2107 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن المتبايعين بالخيار في بيعهما ما لم يتفرَّقا أو يكون البيع خيارًا» قال نافع: وكان ابن عمر إذا اشترى شيئًا يُعجبه فارق صاحبه (¬1). 43 - باب إذا لم يوقِّت الخيار هل يجوز البيع؟ 2109 - عن ابن عمر - رضي الله عنها - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «البيعان بالخيار ما لم يتفرَّقا، أو يقول أحدهما لصاحبه اختر، وربما قال: أو يكون بيع خيار» (¬2). 44 - باب «البيِّعان بالخيار ما لم يتفرَّقا» 2110 - عن حكيم بن حزام - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «البيعان ¬

(¬1) * ابن عمر إما لم يبلغه الخبر أو قيامه قيامًا عاديًا. يقوم قيامًا لا بنية قطع الخيار، حتى لا يستقبله أخوه. * ماداما في المجلس إلا أن يسقطا الخيار أو يشترطا يوم يومين ثلاثة أربعة. * جاء في حديث عبد الله بن عمرو «ولا يحل له أن يفارقه خشية أن يستقبله» فلا يخرج بهذه النية، ولم يبلغ ابن عمر. (¬2) لا جد لخيار الشرط على شروطهم، قلت له: سنة سنتين؟ قال: لا نعلم له حدًا. * الدار المشئومة إذا بيعت لا يلزم البيان، فقد تكون مشئومة عليه دون غيره.

46 - باب إذا كان البائع بالخيار هل يجوز البيع؟

بالخيار ما لم يتفرَّقا فإن صدقا وبيَّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما مُحقت بركة بيعهما» (¬1). 2111 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «المتبايعان كل واحد منهما بالخيار على صاحبه ما لم يتفرَّقا، إلا بيع الخيار» (¬2). 46 - باب إذا كان البائع بالخيار هل يجوز البيع؟ (¬3) 2113 - عن أن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كل بيَّعِين لا بيع بينهما حتى يتفرقا، إلا بيع الخيار». 47 - باب إذا اشترى شيئًا فوهب من ساعته قبل أن يتفرقا ولم ينكر البائع على المشتري، أو اشترى عبدًا فأعتقه وقال طاووس فيمن يشتري السلعة على الرضا ثم باعها وجبت له والربح له؟ 2115 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: «كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر فكنت على بكر صعب لعمر، كان يغلبني يتقدم أمام القوم، فيزجُره عمر ويردّه، ثم يتقدم فيزجره عمر ويردُّه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمر: «بعنيه». قال: هو لك يا رسول الله. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «بعنيه»، فباعه من رسول ¬

(¬1) الصدق والبيان للسلعة من أسباب البركة، وهذا هو الواجب في جميع المعاملات، الإجارة والنكاح. (¬2) يفسر أمرين: 1 - على الأخيار. 2 - أن يشترطا خيارًا يوم، يومين. (¬3) المؤلف - رحمه الله - يعيد التراجم للشرح.

48 - باب ما يكره من الخداع في البيع

الله - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «هو لك يا عبد الله بن عمر تصنع به ما شئت» (¬1). 2116 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: «بعت من أمير المؤمنين عثمان بن عفان - رضي الله عنه - مالًا بالوادي بمال له بخيبر، فلما تبايعنا رجعت على عقبي حتى خرجت من بيته خشية أن يرادَّني البيع، وكانت السُّنة أن المتبايعين بالخيار حتى يتفرقا، قال عبد الله: فلما وجب بيعي وبيعه رأيت أني قد غبَنتُهُ بأني سُقته إلى أرض ثمود بثلاث ليال، وساقني إلى المدينة بثلاث ليال» (¬2). 48 - باب ما يُكره من الخداع في البيع 2117 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن رجلًا ذكر للنبي - صلى الله عليه وسلم - أنه يخدع في البيوع، فقال: «إذا بايعت فقل لا خِلابة» (¬3) (¬4). ¬

(¬1) هذا يدل على التصرف قبل القبض هذا في غير المعاوضة. أما البيع فلا حتى يحوزه، إذا باعه مرة أخرى فلابد من الحيازة، أما إن وهبه فلا حرج. (¬2) يعني الأقرب خير. * ابن عمر لم يبلغه النهي «ولا يحل له أن يفارقه .. » من حديث عبد الله ابن عمرو، رواه أحمد وأهل السنن بسند صحيح، ولا يحل له أن يفارقه خشية أن يستقيله. * الغبن ليس له حد فما يعد غبنًا فهو غبن. * أخذ العوض على الإقالة؟ لا بأس يصبح بيعًا جديدًا. (¬3) لا خديعة قلت: وفي رواية كان يقول: لا خيابة، قال الشيخ: في لسانه لثغة. (¬4) يعني اتقوا الله في لا تخدعوني.

49 - باب ما ذكر في الأسواق

49 - باب ما ذُكر في الأسواق 2118 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يغزو جيش الكعبة، فإذا كانوا ببيداء من الأرض يُخسف بأوَّلهم وآخرهم». قال: قلت يا رسول الله كيف يُخسف بأوّلهم وآخرهم وفيهم أسواقهم (¬1) ومن ليس منهم؟ قال: «يُخسف بأولهم وآخرهم، ثم يُبعثون على نيّاتهم (¬2)» (¬3). 2119 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة أحدكم في جماعة تزيد على صلاته في سوقه وبيته بضعًا وعشرين درجة، وذلك بأنه إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى المسجد لا يريد إلا الصلاة لا ينهزُه إلا الصلاة، لم يخطُ خطوة إلا رُفع بها درجة، أو حُطَّت عنه بها خطيئة، والملائكة تصلي على أحدهم مادام في مصلاه الذي يصلي (¬4) فيه: اللهم صلّ عليه، اللهم ارحمه، ما لم يُحدث فيه، ما لم يؤذ فيه، وقال أحدكم في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه». ¬

(¬1) * يدل على جواز البيع والشراء ولو من الأخيار. مني يبيعون الناس يرافقون الجيوش ويبيعون عليهم ما جاءوا إلا للبيع والشراء، وهكذا العقوبات العامة. (¬2) فيه الحذر من صحبة الأشرار، قد تنزل عقوبة فتعم الجميع. (¬3) وهذا لم يقع، وسيكون في آخر الزمان. وسئل عن هذا: يكون بعد الدجال؟ فقال: الظاهر بعده. (¬4) ما دام في المسجد قبل الصلاة وبعدها. * حديث دعاء السوق (لا إله إلا اله .. ) ضعيف

2121 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: دعا رجل بالبقيع: يا أبا القاسم، فالتفت إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: لم أعنِك، قال: «سمُّوا باسمي ولا تَكنَّوا بكنيتي» (¬1). 2122 - عن أبي هريرة الدَّوسي - رضي الله عنه - قال: «خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - في طائفة النهار لا يكلّمني ولا أكلمه، حتى أتى سوق بني قينقاع، فجلس بفناء بيت فاطمة فقال: «أثمَّ لُكعُ» فحسبته شيئًا، فظننت أنها تُلبسه سخابًا أو تغسله فجاء يشتد حتى عاتقه وقبله وقال: «اللهم أحِّبه وأحبَّ من يُحبُّه». 2124 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يُباع الطعام (¬2) إذا اشتراه حتى يستوفيه» (¬3). قال الحافظ: .. «أحب البقاع إلى الله المساجد، وأبغض البقاع إلى الله الأسواق (¬4). قال الحافظ: ... وحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: وقد تقدم مستوفي في أبواب الجماعة (¬5). ¬

(¬1) وهذا في حياته أما بعد ذلك فجاز الأمران. (¬2) وغير الطعام مثله. (¬3) هذا هو الواجب بنقل الطعام .... وفيه أبعاد الجميع عن أسباب الشحناء. (¬4) قلت: هو عند مسلم من حديث أبي هريرة، وغفل عنه الحافظ هنا! . (¬5) في الخطوة ثلاث فوائد: حط سيئة ورع درجة وكتابة حسنة.

53 - باب بركة صاع النبي - صلى الله عليه وسلم - ومده

53 - باب بركة صاع النبي - صلى الله عليه وسلم - ومُدِه (¬1) 2129 - عن عبد الله بن زيد - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أن إبراهيم حرَّم مكة ودعا لها، وحرَّمت المدينة كما حرَّم إبراهيم مكة، ودعوتُ لها في مُدِّها وصاعها مثل ما دعا إبراهيم - عليها السلام - لمكة» (¬2). 54 - باب ما يُذكر في بيع الطعام، والحُكرة 2131 - عن سالم عن أبيه - رضي الله عنه - قال: «رأيت الذين يشترون الطعام مجازفة يُضربون على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبيعوه حتى يُؤووه إلى رحالهم» (¬3). ¬

(¬1) صاع بلده ومد بلده نسب إليه لأنه هو السبب. (¬2) في بعض الروايات «بمثلي ما دعا إبراهيم لمكة» وهذا من فضل اله على أهل المدينة. (¬3) إذا كان جزافًا ينقل حتى يتحقق القبض ويتم البيع، وإن كان مكيلًا حتى يكتاله، وإن كاله ونقله كان أكمل وأكمل وهذا في السلع كلها (نهى أن تباع السلع .. ) رواه أحمد وأبو داود وهو صحيح. قلت: بلفظ: السلع، تفرد بن ابن إسحاق أخرجه أحمد (5/ 191) وأبو داود (3499) والطبراني (5/ 113) وخالفه جرير بن حازم كما عند الطبراني. وإسحاق ابن حازم كما عند الدارقطني (3/ 12) لكن هذه الأخيرة من طريق الواقدي فلا يفرح بها، وحديث ابن عمر في الصحيحين كل سياقاته في الطعام لا عامة السلع، مع أن في الطريق المذكورة عبد ارحمن ابن أبي الزناد وفيه مقال معروف.

55 - باب بيع الطعام قبل أن يقبض، وبيع ما ليس عندك

2134 - عن مالك بن أوس أنه قال: «من عنده صرف؟ فقال طلحة: أنا حتى يجيء خازننا من الغابة. قال سفيان هو الذي حفزناه عن الزهري ليس فيه زيادة، فقال: أخبرني مالك بن أوس سمع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يخبر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الذهب بالورقة ربًا إلا هاء وهاء» (¬1). قال الحافظ .... لكن مجرد إيواء الطعام إلى الرحال لأي يستلزم الاحتكار الشرعي، لأن الاحتكار الشرعي إمساك الطعام عن البيع وانتظار الغلاء مع الاستغناء عنه وحاجة الناس إليه (¬2). 55 - باب بيع الطعام قبل أن يُقبض، وبيع ما ليس عندك 2135 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «أما الذي نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو الطعام أن يباع حتى يُقبض. قال ابن عباس ولا أحسب كل شيء إلا مثله (¬3). ¬

(¬1) يعني يدًا بيد. (¬2) * سألت الشيخ: عن الشيك؟ فقال: محل هل يتم به القبض أم لا. والأحوط أن يقبض المال. وهذا هو الشيك المصدق، أما الشيك الذي لا رصيد له فلا يجوز غير الطعان مثل الطعام إذا أحتاج إليه؛ لأجل الضرر الذي يدخل على الناس. (¬3) ما حسبه ابن عباس جاء به النص. * التعزيز بالمال الصحيح أنه باق يجوز.

56 - باب من رأي اشتري طعاما جزافا أن لا يبيعه حتى يؤويه إلى رحله، والأدب في ذلك

56 - باب من رأي اشتري طعامًا جزافاُ أن لا يبيعه حتى يؤويه إلى رحله، والأدب (¬1) في ذلك 2137 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: «لقد رأيت الناس في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبتاعون جزافًا - يعنى الطعام - يضربون أن يبيعوه في مكانهم حتى يؤوه إلى رحلهم». 57 - باب إذا اشتري متاعًا أو دابة فوضعه عند البائع، أو مات قبل أن يُقبض وقال ابن عمر - رضي الله عنهما -: ما أدركت الصفقة حيًا (¬2) مجموعًا فهو من المبتاع (¬3). 2138 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «لقل يوم كان يأتي على النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يأتي فيه بيت أبي بكر أحد طرفي النهار، فلما أذن له في الخروج ¬

(¬1) الأدب: التأديب ومخالفة الأوامر التي ليس فيها حدود يؤدب فيها، كالاحتكار، وهو التعزيز. (¬2) بخلاف الموصوف في الذمة فهو من ضمان البائع، وبخلاف الحيوانات المتفرقة. (¬3) فيه إجمال، وظاهره من ضمان المشتري مطلقًا وليس بجيد. * ظاهر النصوص أن المبيع عند البائع حتى يقبضه المشتري فهو من ضمان البائع مطلقًا، وأما التفصيل في الذمة فيحتاج إلى دليل. * الحديث لا يتضمن شيئًا يتعلق بالضمان وعدمه. وفيه البيع مع عدم تحديد الثمن وبعد ذلك يتحدد، وهكذا يكون بين الأصحاب وأهل المودة.

58 - لا يبيع على بيع أخيه، ولا يسوم على سوم أخيه، حتى يأذن له أو يترك

إلى المدينة لم يرعنا إلا وقد أتانا ظهرًا، فخبر به أبو بكر فقال: ما جاءنا النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذه الساعة إلا لأمر حدث. فلما دخل عليه قال لأبي بكر: أخرج من عندك. قال: يا رسول الله، وإنما هما ابنتاي، يعنى عائشة وأسماء. قال: أشعرت أنه قد أذن لي في الخروج؟ قال: الصحبة يا رسول الله. قال: الصحبة قال: يا رسول الله، إن عندي ناقتين أعددتهما للخروج، فخذ إحداهما. قال: قد أخذتها بالثمن» (¬1). 58 - لا يبيع على بيع أخيه، ولا يسوم على سوم أخيه، حتى يأذن له أو يترك 2140 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبيع حاضر لباد. ولا تناجشوا. ولا يبيع الرجل على بيع أخيه. ولا يخطب على خطبة أخيه. ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفأ ما في إنائها» (¬2). 59 - باب بيع المزايدة 2141 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - «أن رجلًا أعتق غلامًا له عن دبر فاحتاج، فأخذه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «من يشتريه مني؟ » فاشتراه نعيم ابن عبد الله بكذا وكذا، فدفعه إليه» (¬3). ¬

(¬1) وفيه قبول الهدية ولو بالثمن، ففي الأول تثبيت المعروف، وفي الثاني مراعاة المصلحة ولئلا يحصل منه. (¬2) وما ذاك إلا لأن ذلك يؤدي إلى أسباب الفرقة والاختلاف. * والشريعة بل الشرائع جاءت بجمع القلوب. * وهذا عام في المسلم وغيره وقوله (أخيه) وصف أغلبي، ولأن ذلك من محاسن الإسلام. (¬3) هذا محل وفاق، بيع المزايدة كل يزيد.

60 - باب النجش ومن قال لا يجوز ذلك البيع

60 - باب النَّجش ومن قال لا يجوز ذلك البيع وقال ابن أبي أوفى «الناجش آكل (¬1) ربًا خائن» وهو خداع باطل لا يحلُّ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الخديعة في النار، ومن عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد». 2143 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: «نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النجش» (¬2). قال الحافظ: ... قوله (عن النجش) (¬3) تقدم أن المشهور أنه بفتح الجيم وحكا المطرزي فيه السكون. 61 - باب بيع الغرر، وحبل الحَبلة 2143 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهي عن بيع حبل الحبلة، وكان بيعًا يتبايعه أهل الجاهلية: كان الرجل يبتاع الجزور إلى أن تنتج الناقة، ثم تنتج التي في بطنها» (¬4). ¬

(¬1) قد يعطى شيئًا. (¬2) الأصل في النهي التحريم، والناجش يزيد في السلعة ولا يريد الشراء فيؤذي فهو ينفع البائع أو يضر المشتري، وهو كذب. (¬3) (النجش) الأصل التسكين نجش. (¬4) يفسر بمعنيين: أ- ولد وبيع معدوم حمل الحامل. ب- يبيع إلى أجل أن تلد الناقة وتحمل المولودة، وهذا جهل، وهذا نهي عن بيع المجهول والمغرر به.

62 - باب بيع الملامسة. قال أنس: نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه

62 - باب بيع الملامسة. قال أنس: نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه 2144 - عن عامر بن سعد أن أبا سعيد - رضي الله عنه - أخبره «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهي عن المنابذة (¬1)، وهي طرح الرجل ثوبه بالبيع إلى رجل قبل أن يقلبه أو ينظر إليه. ونهى عن الملامسة، والملامسة لمس الثوب لا ينظر إليه». 2145 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «نهي عن لبستين: أن يحتبي الرجل في الثوب الواحد (¬2)، ثم يرفعه على منكبه. وعن بيعتين: اللماس، والنَّباذ». 63 - باب بيع المنابذة. وقال أنس: نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه 2147 - عن أبي سعيد - رضي الله عنه -: «نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن لبستين (¬3) وعن بيعتين: الملامسة والمنابذة». ¬

(¬1) وذلك يفضي للعداوة والشحناء، لأن كل واحد يبيع على غيره بصيرة، فقد يندم هذا أو يندم هذا. (¬2) يفضي ذلك إلى كشف العورة، فإن عورته من جهة السماء مكشوفة، ومن عليه سراويل لا حرج عليه، ومن وقف على هذا أو سلم عليه أو سأله رأي عورته. * الإنسان ينبذ إليه الثوب من غير تقليب، وهكذا الملامسة وهذه فيها مقامرة ومخاطرة فينهى عن ذلك حتى ينظر ويتأمل، وهكذا بيع الحصاة. (¬3) مثل ما تقدم من الاحتباء في ثوب واحد اشتمال الصماء أن يلتف بالثوب ليس عليه سراويل فقد يتحرك لشيء فتنكشف عورته.

64 - باب النهي للبائع أن لا يحفل الإبل والبقر والغنم وكل محفلة والمصراة التي صري لبنها وحقن فيه وجمع فلم يحلب أياما. أوصل التصرية حبس الماء منه: صريت الماء إذا حبسته.

قال الحافظ: ... وظاهر الطرق كلها أن التفسير من الحديث المرفوع (¬1). 64 - باب النهي للبائع أن لا يحفل الإبل والبقر والغنم وكل محفلة والمصراة التي صري لبنها وحقن فيه وجمع فلم يحلب أيامًا. أوصل التصرية حبس الماء منه: صريت الماء إذا حبسته. 2148 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «لا تصروا (¬2) الإبل والغنم، فمن ابتاعها بعد فإنه بخير النظرين بعد أن يحتلبها: إن شاء أمسك وإن شاء ردها وصاع تمر». ¬

(¬1) * الظاهر أن التفسير من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم ينسب إلى أحد من الرواة. * بيع المعاطاة: من سلم الثمن وأخذ السلعة بدون كلام صحيح جرت العادة، وكذا صاحب التاكسي والسفينة الشيء المعلوم هذا بيع تراضي ما فيه شيء. الظاهر أنه من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبكل حال الصحابة من أئمة اللغة. * تلقي الركبان لا يجوز حتى تنزل السلعة إلى السوق وينظر حتى لا يخدع، فإن خدع فله الخيار، وهكذا بيع الحاضر لباد وهذا لأجل مصلحة أهل البلد، لأن هذا فيه مشقة لأهل البلد فإن باع هو صاحب السلعة كان أسمح يبيع سلعته ويمشى. دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض. وهو المحرج الدلال السمسار، كما قال ابن عباس لا يكون له سمسارًا. (¬2) التصرية: التحفيل: جمع اللبن في الضرع، يسميه العامة: حيلها. * يجمع لبن وجبتين لبن البارحة ولبن الصبح فيظن المشترى أن هذا عادة لها، والمشترى له الخيار ثلاثة أيام حتى ينظر فإن رضيها أمسكها وإن ردها ردها وصاعًا من طعام، والتمر إن وجد تمرًا وإلا فطعام، وهو مقابل اللبن الذي حلبه.

65 - باب إن شاء رد المصراة وفى حلبتها صاع من تمر

65 - باب إن شاء رد المصَراة وفى حلبتها صاع من تمر 2151 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من اشترى غنمًا مصراة فاحتلبها، فإن رضيها أمسكها، وإن سخطها ففي حلبتها (¬1) صاع من تمر». 66 - باب بيع العبد الزاني. وقال شُريح: إن شاء رد من الزنا (¬2) 2152 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - «إذا زنت الأمة فتبين زناها فليجلدها ولا يثرب، ثم إن زنت فليجلدها، ولا يثرب، ثم إن زنت الثالثة فليبعها ولو بحبل من شعر» (¬3). 2153، 2154 - عن أبي هريرة ويزيد بن خالد - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن قال: إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فبيعوها ولو بضفير» (¬4). ¬

(¬1) * النجش: زيادة في ثمن السلع وهو لا يريد الشراء. * هذه أنواع من البيوع المنهي عنها، لأنها تجر إلى البغضاء، ولأن منها مخاطرة، وهي ما بين غرر وغش وما بين جالبة للعداوة. المقصود إن حلبها، فإن لم يحلبها محل نظر. (¬2) إذا ما علم بالعيب رد. (¬3) وما ذاك إلا لأن زناها ثلاث مرات سجية، ولعلها نصلح بالبيع فلعل السيد الآخر يعفها يستمتع بها. (¬4) سألت الشيخ: يلزم البيع؟ قال هذا هو الظاهر. فقلت: أو يهب؟ قال من باب أولي أو أعتق، لكن لا ينبغي العتق فلعلها تستمر على فعلها القبيح.

67 - باب الشراء والبيع مع النساء

67 - باب الشراء والبيع مع النساء 2155 - عن عائشة - رضي الله عنها - «دخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرت له، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اشتري وأعتقي فإنما الولاء (¬1) لمن أعتق»، ثم قام النبي - صلى الله عليه وسلم - من العشي فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال: «ما بال الناس يشترطون شروطًا ليس في كتاب الله؟ من اشترط شرطًا ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن اشترط مائة شرط، شرط الله أحق وأوثق». 2156 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - «أن عائشة - رضي الله عنها - ساومت (¬2) بريرة، فخرج إلى الصلاة، فلما جاء قالت: إنهم أبوا أن يبيعوها إلا أن يشترطوا الولاء، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنما الولاء لمن أعتق» قلت لنافع: حرًا كان زوجها أو عبدًا؟ فقال: ما يدريني (¬3). 68 - باب هل يبيع حاضر لباد بغير أجر؟ وهل يعينه أو ينصحه؟ وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - «إذا استنصح أحدكم أخاه فينصح له» ورخص فيه عطاء 2158 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تلقوا الركبان، ولا يبع (¬4) حاضر لباد». قال: فقلت لابن عباس: ما قوله ¬

(¬1) * ما تكون رخيصة إلا إذا تبين. الولاء: العصبة. (¬2) لا بأس أن تشتري المرأة وتبيع إن كانت رشيدة. وبريرة بيعت منجمًا على تسعة أواق في تسع سنين، فقيه جواز بيع التقسيط، وفيه فوائد كثيرة. (¬3) كان مغيث عبدًا على الصحيح؟ (¬4) جاء «لا يبع» و «لا يبيع».

69 - باب من كره أن يبيع حاضر لباد بأجر

«لا يبيع حاضر لباد؟ » قال: لا يكون له سمسارًا (¬1). 69 - باب من كره أن يبيع حاضر لباد بأجر 2159 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: «نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبيع حاضر لباد» (¬2) وبه قال ابن عباس. 70 - باب لا يشتري حاضر لباد بالسمسرة وكرهه ابن سيرين وإبراهيم للبائع وللمشتري وقال إبراهيم: إن العرب تقول بع لي ثوبًا، وهي تعنى الشراء. 2160 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يبتع المرء على بيع أخيه (¬3)، ولا تناجشوا، ولا يبع حاضر لباد». 71 - باب النهي عن تلقى الركبان (¬4) وأن بيعه مردود لأن صاحبه عاص آثم إذا كان به عالمًا، وهو خداع في البيع والخداع لا يجوز. 2162 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن التلقي، وأن يبيع حاضر لباد». ¬

(¬1) يعنى دلال. (¬2) سواء بأجر أو بغير أجر لا يجوز، الحديث عام. (¬3) ليس له مفهوم، فلا يفعل مع غير المسلم لأنه يضره. (¬4) تلقي الركبان ليس كما قال المؤلف، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - أثبت الخيار فكلام المؤلف ليس بجيد، والخيار له ثبت في صحيح مسلم.

72 - باب منتهي التلقي

قال الحافظ: ... «لا تلقوا الجلب، فمن تلقاه فاشترى منه فإذا أتي سيده السوق فهو بالخيار» (¬1). 72 - باب منتهي التلقي 2166 - عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: «كنا نتلقى الركبان فنشتري منهم الطعام، فنهانا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نبيعه حتى يبلغ به سوق الطعام». قال أبو عبد الله: هذا في أعلى السوق (¬2)، ويبينه حديث عبيد الله. 2167 - عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: «كانوا يبتاعون الطعام في أعلى السوق فيبيعونه في مكانه، فنهاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبيعوه في مكانه حتى ينقلوه» (¬3). 73 - باب إذا اشترط شروطًا في البيع لا تحل 2168 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: جاءتني بريرة فقالت كاتبت (¬4) أهلي على تسع أواق في كل عام أوقية، فأعينيني. فقلت: إن أحب ¬

(¬1) هذا يدل على صحة البيع، أما بيع الحاضر لباد فيسد الباب مطلقًا فالبيع الأقرب لا يصح. (¬2) هذا فهمه، ليس بظاهر. * النهاية متى وصلوا السوق للبيع والشراء، وما لم يصلوا فلا. (¬3) حتى تنقطع علائق البائع وطعمه. (¬4) سألت الشيخ: عن المكاتبة؟ فقال: مستحبة، والقول بالوجوب قول قوي، لكن يخشى من مكاتبة قد تؤذي وينبغي مساعدته طرح الربع طرح الشيء فكاتبوهم وآتوهم. هذا هو طرح الشيء.

أهلك أن أعدها لهم، ويكون ولاؤك لي فعلت. فذهبت بريرة إلى أهلها فقالت لهم، فأبوا ذلك عليها، فجاءت من عندهم ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس فقالت: إني قد عرضت ذلك عليهم، فأبوا إلا أن يكون الولاء لهم. فسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرت عائشة النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «خذيها واشترطي لهم الولاء، فإنما الولاء لمن أعتق». ففعلت عائشة ثم قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: «أما بعد ما بال رجال يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله، ما كان من شرط ليس في كتاب (¬1) الله فهو باطل وإن كان مائة شرط، قضاء الله أحق، وشرط الله أوثق، وإنما الولاء لمن أعتق» (¬2). ¬

(¬1) حكم الله. (¬2) فيه فوائد: - التعويل على ما دل عليه شرع الله. - تصرف المرأة إذا كانت رشيدة. - جواز بيع التقسيط إذا كانت الآجال معلومة. - مشروعية المكاتبة مع العبد والأمة. - أن الولاء لمن أعتق، وهو عصوبته. - تخيير الأمة تحت الرقيق إن عتقت، كما في الرواية الأخرى. - لا يلزم قبول الشفاعة كما شفع عليه الصلاة والسلام في الرواية.

75 - باب بيع الزبيب بالزبيب، والطعام بالطعام

75 - باب بيع الزبيب بالزبيب، والطعام بالطعام 2171 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهي عن المزابنة. والمزابنة بيع الثمر بالتمر كيلًا، وبيع الزبيب بالكرم كيلًا» (¬1). 76 - باب بيع الشعير بالشعير 2174 - عن مالك بن أوس أخبره أنه التمس صرفًا بمائة دينار، فدعاني طلحة بن عبيد الله فتراوضنا، حتى اصطرف مني، فأخذ الذهب يقلبها في يده ثم قال: حتى يأتي خازني من الغابة، وعمر يسمع ذلك. فقال: والله لا تفارقه حتى تأخذ منه، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الذهب بالذهب (¬2) ربًا إلا هاء وهاء، والتمر بالتمر إلا هاء وهاء». 78 - باب بيع الفضة بالفضة 2177 - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا ¬

(¬1) لأنه لا يتحقق التماثل، وهكذا الحبوب إلا في العرايا خاصة: وهي بيع الرطب خرصًا بتمر حاضر يدًا بيد في حدود خمسة أوسق، فيشتري رطبًا بتمر يدًا بيد مثلاُ بمثل لكن خرصًا. (¬2) وفى رواية «الذهب بالورق» وهذا هو الشاهد، والعملة الجديدة تنزل منزلة هذا. * العرايا في دون خمسة أوسق لا تبلغ الخمسة.

79 - باب بيع الدينار بالدينار نساء

تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها غائبًا بناجز» (¬1) 79 - باب بيع الدينار بالدينار نساء 2178 و 2179 - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: «الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم. فقال له: فإن ابن عباس لا يقوله. فقال أبو سعيد: سألته فقلت سمعته من النبي - صلى الله عليه وسلم - أو وجدته في كتاب الله؟ قال: كل ذلك لا أقول، وأنتم أعلم برسول الله - صلى الله عليه وسلم - منى، ولكن أخبرني أسامة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لا ربا (¬2) إلا في النسيئة» (¬3). 81 - باب بيع الذهب بالورق (¬4) يدًا بيد 2182 - عن عبد الرحمن بن أبي بكر عن أبيه - رضي الله عنه - قال: «نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الفضة بالفضة، والذهب بالذهب إلا سواء بسواء، وأمرنا أن نبتاع الذهب بالفضة (¬5) كيف شئنا، والفضة بالذهب كيف شئنا». ¬

(¬1) لابد يدًا بيد. فلو قال: أجيبه العصر وهم في الظهر لم يصح حتى يكون يدًا بيد. (¬2) معناه معظم الربا وأشده وإلا يقع في النقد. (¬3) هذه شبة تعلق بها بعض الناس في حل المعاملة النقدية، واشتبه هذا على ابن عباس ثم رجع عن ذلك، واستقر الإجماع على منع ربا الفضل. (¬4) ذهب بفلوس مثل الآن، لكن لابد يدًا بيد. (¬5) الذهب بالفضة لا يشترط التماثل، فهذا معروف لكن التقابض مطلوب.

88 - باب شراء الطعام إلى أجل

88 - باب شراء الطعام إلى أجل 2200 - عن الأعمش قال: «ذكرنا عند إبراهيم الرهن في السلف فقال: لا بأس به. ثم حدثنا عن الأسود عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشتري طعامًا من يهودي إلى أجل فرهنه درعه» (¬1). قال الحافظ: ... قوله: «باب إذا أراد بيع تمر بتمر خير منه» (¬2). 90 - باب من باع نخلًا قد أُبِّرت أو أرضًا مزروعة، أو بإجارة 2203 - عن نافع مولي ابن عمر «أيما نخل بيعت قد أبرت (¬3) لم يذكر الثمر فالثمر للذي أبرها، وكذلك العبد (¬4) والحرث (¬5)، سمى له نافع هذه الثلاث». 91 - باب بيع الزرع بالطعام كيلاً 2205 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: «نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المزابنة (¬6): أن يبيع ثمر حائطه إن كان نخلًا بتمر كيلًا، وإن كان كرمًا أن ¬

(¬1) الشراء إلى أجل والبيع إلى أجل جائز، وسواء تأجيل الثمن أو الثمن. * الرهن جائز في الحضر والسفر. (¬2) لا يجوز بيع التمر بالتمر متفاضلًا. وفى اللفظ الآخر قال: (أوه عين الربا). (¬3) أبر. لقح .. (¬4) وهكذا لو باعه عبدًا فماله للبائع إلا بالشرط. (¬5) يبقى في رؤوس النخل حتى يجذها. (¬6) المزابنة: من الزبن. الدفع كل واحد يدفع ماله للآخر.

93 - باب بيع المخاضرة

يبيعه بزبيب كيلًا، وإن كان زرعًا أن يبيعه بكيل طعام. ونهى عن ذلك كلَّه» (¬1). 93 - باب بيع المخاضرة 2207 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المحاقلة والمخاضرة والملامسة والمنابذة والمُزابنة» (¬2). قال الحافظ: ... والمراد بيع الثمار والحبوب قبل أن يبدو صلاحها (¬3). 94 - باب الجُمَّار (¬4) وأكله 2209 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: كنت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يأكل جُمَّارًا، فقال: «من الشجر شجرة كالرجل المؤمن» (¬5)، فأردت أن أقول هي النخلة، فإذا أنا أحدثهم، قال: «هي النخلة». ¬

(¬1) كلها مزابنة، بيع الربوي بالربوي من غير تماثل .. بيع الرطب بالتمر، بيع العنب بالزبيب لا يجوز إلا في العرايا، بيع الرطب بالتمر. (¬2) ويشمل زرعًا أخضر بزرع أخضر؛ ولهذا قال مخاضرة. (¬3) حتى يبدو صلاحها، فقد يصيبها غرر، لكن لو باعها على أنها علف لا بأس. (¬4) شحم النخلة يباع ويؤكل. (¬5) فيه طرح السؤال على الأصحاب والجلساء للفائدة كما ذكر المؤلف فيما تقدم.

95 - باب من أجرى أمر الأمصار على ما يتعارفون بينهم

95 - باب من أجرى أمر الأمصار على ما يتعارفون (¬1) بينهم في البيوع والإجازة والمكيال والوزن وسُنتهم على نياتهم ومذاهبهم المشهورة وقال شُريح للغزّالين: سُنّتكم بينكم. وقال عبد الوهاب عن أيوب عن محمد: لا بأس العشرة بأحد عشر ويأخذ للنفقة ربحًا. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لهند «خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف». وقال تعالى: {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} وأكترى الحسن من عبد الله بن مرداس حمارًا فقال: بكم؟ قال: بدانقين، فركبه؛ ثم جاء مرة أخرى فقال الحمار الحمار، فركبه ولم يُشارطه فبعث إليه بنصف درهم (¬2). 2212 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} أُنزلت في والي اليتيم (¬3) الذي يُقيم عليه ويُصلح في ماله: إن كان فقيرًا أكل منه بالمعروف (¬4). ¬

(¬1) العرف جار فيما يفعلونه بلا مشارطة، كما يفعل أصحاب البقالات والحلاقة والحجام والتاكسي. (¬2) قصد المؤلف الواجب حمل الناس على عادتهم في البيع والشراء والإجارة والعارية، وأنهم يؤخذون بعرفهم ما لم يخالف الشرع المطهر {وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «خذي ما يكفيك بالمعروف» وقوله: «وإنما الطاعة في المعروف» يعني المعروف من الشرع مما لا نهي فيه. (¬3) إن كان الزوج شحيحًا تأخذ من ماله بالمعروف بما فيه الكفاية لها ولولدها بدون إسراف ولا تبذير. (¬4) وهذا داخل في القاعدة من يلي مال اليتيم يأكل بالمعروف ما لا يضر اليتيم ولا يكون منه إسراف إن كان يتجر فيه.

96 - باب بيع الشريك من شريكه

قال الحافظ: ... قوله: (لا بأس العشرة بأحد عشرة) (¬1). 96 - باب بيع الشَّريك من شريكه 2213 - عن أبي سلمة عن جابر - رضي الله عنه - «جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الشفعة في كل مال لم يُقسم، فإذا وقعت الحدود وصُرفت الطرق فعلا شُفعة» (¬2). 97 - باب بيع الأرض والدُّور والعروض مُشاعًا غير مقسوم 2214 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: «قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة في كل مال لم يُقسم. فإذا وقعت الحدود وصُرفت الطرق (¬3) فعلا شُفعة». ¬

(¬1) لا بأس إن كان إذا اشترى بمائة باعها بمائة وعشرة لا بأس على عادتهم. (¬2) يشتركان في أر أو دابة أو سيارة لا بأس ببيع حصته بما يتفقان عليه. وحديث «ينتظر بها إن كان غائبًا» رواه أحمد بسند جيد. (¬3) مفهومه: ما لم تصرف الطرق فله الشفعة. * إذا كان الطرق باق فالشفعة باقية، فإذا كانت البيوت محدودة لكن طريقها واحدة أو مزرعتان مسيلهما واحد. * الجوار وحده لا يكفي إلا إذا اشتركا في طريق أو نحوه، هذا الذي عليه الجمهور. *اختلف الناس في المنقول هل فيه شفعة؟ والصواب له الشفعة، كالسيارة والدواب فلا يبيع حتى يعرض على صاحبه.

98 - باب إذا اشترى شيئا لغيره بغير إذنه فرضي

98 - باب إذا اشترى شيئًا لغيره بغير إذنه فرضي 2215 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «خرج ثلاثة نفر يمشون فأصابهم المطر (¬1)، فدخلوا في جبل، فانحطت عليهم صخرة. فقال بعضهم لبعض ادعوا الله بأفضل عمل عملتموه. فقال أحدهم: اللهم إني كان لي أبوان شيخان كبيران، فكنت أخرج فأرعى، ثم أجيء بالحلاب فآتي به أبويَّ فيشربان، ثم أسقي الصبية وأهلي وامرأتي. فاحتبست ليلة فجئت، فإذا هما نائمان، قال: فكرهت أن أوقظهما، والصَّبية يتضاغون عند رجليَّ، فلم يزل ذلك دأبي ودأبهما حتى طلع الفجر. اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرُج عنا فُرجة نرى منها السماء. قال ففُرج عنهم. قال الآخر: اللهم إن كنت تعلم أني كنت أحبُ امرأة من بنات عمي كأشد ما يُحبُّ الرجل النساء، فقالت لا تنال ذلك منها حتى تعطيها مائة دينار، فسعيت فيها حتى جمعتها، فلما قعدت بين رجليها ¬

(¬1) في رواية: المبيت، ولا منافاة اجتمعا. * وفيه ما ترجم له المؤلف التصرف الطيب وينفذ صاحب المال ينفذ، ومنه قصة عروة البارقي في بيع الشاة. * هذا الحديث العظيم له طرق كثيرة عند المؤلف وله فوائد كثيرة، وساقه شيخنا بتعبيره سياقًا جميلًا - رحمه الله -. * عنده أمانة فعمل فيها فزادت رأس المال لصاحب الأمانة والزيادة له، وإن كسدت يضمن. * وإن تصرف لنفسه فهو لنفسه، وإن تصرف للأجير فهو للأجير (المال الزائد).

99 - باب الشراء والبيع مع المشركين وأهل الحرب

قالت: اتق الله ولا تفُضَّ الخاتم إلا بحقه، فقمتُ وتركتها، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرُح عنا فُرجة. قال: ففرج عنهم الثلثين. وقال الآخر: اللهم إن كنت تعلم أني استأجرت أجيرًا بفرق من ذرة، فأعطيته وأبي ذلك أن يأخذ، فعمدت إلى ذلك الفرق فزرعته حتى اشتريت منه بقرًا وراعيها، ثم جاء فقال: يا عبد الله أعطني حقَّي، فقلت: انطلق إلى تلك البقر وراعيها فإنها لك. فقال: أستهزئ بي؟ قال فقلت: ما أستهزئ بك، ولكنها لك. اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرُج عنا، فكُشف عنهم». 99 - باب الشراء والبيع مع المشركين وأهل الحرب 2216 - عن عبد الرحمن بن أبي بكر - رضي الله عنهما - قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم جاء رجل مشرك مُشعان طويل بغنمٍ يسوقها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بيعًا أم عطية - أو قال: أم هبة - فقال: لا، بيع. فاشترى منه شاة» (¬1). ¬

(¬1) لا مانع من معاملة المشركين فيما ينفع المسلمين وفيما أباحه الله، وقد فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - ومات ودرعه مرهون عند اليهود في الطعام، ولا بأس بشراء الرقيق واستخدام الرقيق في المعاملة من الشراء والبيع والهبة جائزة بشروطها الشرعية، ومثل شراء الشاة من المشرك ولا يتضمن ذلك مودة ولا محبة. * ومن ارتد وقد كان حج لا يلزمه إعادة الحج؛ لأن الردة المحبطة للعمل هي المتصلة بالموت.

100 - باب شراء المملوك من الحربي وهبته وعتقه

100 - باب شراء المملوك من الحربيَّ وهبته وعتقه 2217 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «هاجر إبراهيم - عليها السلام - بسارة، فدخل بها قرية فيها ملك من الملوك - أو جبّار من الجبابرة - فقيل: دخل إبراهيم بامرأة هي من أحسن النساء. فأرسل إليه أن يا إبراهيم من هذه التي معك؟ قال: أختي. ثم رجع إليها فقال: لا تُكذَّبي حديثي، فإني أخبرتهم أنك أختي، والله إن على الأرض من مؤمن غيري وغيرك. فأرسل بها إليه فقام إليها، فقامت توضأُ وتصلَّي فقالت: اللهم إن كنت آمنت بك وبرسولك وأحصنت فرجي إلا على زوجي فلا تسلَّط علىَّ الكافر (¬1). فغُط حتى ركض برجله - قال الأعرج قال أبو سلمة بن عبد الرحمن إن أبا هريرة قال - قالت اللهم إن يمُت يقال هي قتلته. فأُرسل ثم قام إليها فقامت توضأ وتصلى وتقول: اللهم إن كنت آمنت بك وبرسولك وأحصنت فرجي إلا على زوجي فلا تُسلَّط علىَّ هذا الكافر، فغُط حتى ركض برجله - قال عبد الرحمن قال أبو سلمة قال أبو هريرة - فقالت اللهم إن يمُت فيقال هي قتلته. فأُرسل في الثانية أو في الثالثة فقال: والله وما أرسلتم إلىَّ إلا شيطانًا، أرجعوها إلى إبراهيم، وأعطوها آجَرَ، فرجعت إلى إبراهيم - عليها السلام -، فقالت: أشعَرت أن الله كبَت الكافرَ وأخدم وليدة». ¬

(¬1) حماها الله، وهذا من كرامات الأولياء.

101 - باب جلود الميتة قبل أن تدبغ

2218 - عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: «اختصم سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة في غلام، فقال سعد: هذا يا رسول الله ابن أخي عتبة بن أبي وقاص، عهد إلىَّ أنه ابنه، انظر إلى شبه. انظر إلى شبهه. وقال عبد بن زمعة: هذا أخي يا رسول الله وُلد على فراش أبي من وليدته. فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى شبهه (¬1) فرأى شبيهًا بيَّنًا بعتبة، فقال: «هو لك يا عبد، الولد للفراش وللعاهر الحَجرُ، واحتجبي منه يا سودة بنت زمعة». فلم تره سودة قط». 2219 - قال عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - لصهيب: «اتق الله ولا تدَّع إلى غير أبيك. فقال صهيب: ما يسرُّني أن لي كذا وكذا وأني قلت ذلك، ولكني سُرقت وأنا صبيّ» (¬2). 101 - باب جلود الميتة قبل أن تُدبغ 2221 - عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرَّ بشاة ميتة فقال: «هلا استمتعتم بإهابها؟ » قالوا: إنها ميتة. قال: «إنما حَرُم أكلها» (¬3). ¬

(¬1) حكم بحكم الإسلام في الفراش ولم يلتفت للشبه. (¬2) الأمور إذا جرت بعد الإسلام تجري على الوجه الشرعي، وهكذا قصة صهيب وسلمان رقهم في الجاهلية بظلم ومع ذلك يُشترون ويُعتقون. (¬3) سألت شيخنا: له أن يبيعها قبل الدبغ؟ قال: لا. قيل: لم؟ قال ميتة لم تطهر.

102 - باب قتل الخنزير

102 - باب قتل الخنزير وقال جابر: حرَّم النبي - صلى الله عليه وسلم - بيع الخنزير 222 - عن ابن المسَّيب أنه سمع أبا هريرة - رضي الله عنه - يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «والذي نفسي بيده ليوشكنَّ أن ينزل فيكم ابن مريم حكيمًا مُقسطًا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد» (¬1). ¬

(¬1) هل يقتل الخنزير الآن؟ محتمل لأن قتله مع شيئين: 1 - كسر الصليب. 2 - وضع الجزية. * وكسر الصليب الآن، وأما وضع الجزية عند نزول عيسي. * قال الشيخ: الأقرب عندي عدم قتله؛ لأنه ليس بسبع عادي فهو كالكلب، ويمكن صاحب حياة الحيوان يتعرض لها. * وقد يقال إن الخنزير كالكلب لا يقتل إلا إذا تعدى، وليس الخنزير من السباع العادية. * إما الإسلام وإما السيف. *الصقر: يجوز بيعه فيه منفعة ولم يرد فيه نهي كالكلب. * هل يشرع قتل الخنزير اليوم؟ إنما أبيح لعيسى. * قلت هذا بحث في حكم قتل الخنزير (قبل نزول عيسى - صلى الله عليه وسلم -). عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «والذي نفسي بيده ليوشكنَّ أن ينزل فيكم ابن مريم حكمًا مقسطًا يكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد». [رواه الشيخان وغيرهما]. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= قال ابن القيم / في الهدي (5/ 783): «وفي رواية أبي طالب (يعني عن الإمام أحمد) إذا أسلم وله خمر أو خنازير، تصب الخمر، وتسرَّح الخنازير وقد حرُما عليه، وإن قتلها فلا بأس». وقال في أحكام أهل الذمة (1/ 61): «وقال يعقوب بن بختان: سألت أبا عبد الله عن خنازير أهل الذمة وخمورهم؟ قال: لا تقتل خنازيرهم فإن لهم عهدًا». وقال في الطرق الحكمية ص (251): «وفي مسائل صالح قال أبي: يُقتل الخنزير ويُفسد الخمر ويُكسر الصليب .. (ثم ذكر حديث الباب بعد ذلك في جملة أحاديث مستدلًا بها على جواز التعزير بإتلاف المال، ثم قال: فهؤلاء رسل الله، صلى الله عليهم وسلم كلهم على مَحْق المحرَّم وإتلافه بالكلية). وقال في شرح الشروط العمرية في أحكام أهل الذمة (2/ 725): «قوله: (ولا نجاورهم بالخنازير، ولا ببيع الخمور) قال: ولا تكون الخنازير مجاورة لهم ويجوز أن يكون بالزاي أي لا نتعدى بها عليهم جهرة بل إذا أتينا بها إلى بيوتنا أتينا بها خفية بحيث لا يطلعون على ذلك». وقال ابن قاسم في حاشية الروض (4/ 316) على قول صاحب الروض: «ويُمنعون من إظهار خمر وخنزير فإن فعلوا أتلفناهما قال: أي أتلفنا الخمر والخنزير إذا أظهروهما في الأسواق وغيرها لتأذي المسلمين بذلك وفُشوه فيهم، وإن لم يظهروهما لم نتعرض لهم». قال الخطابي في معالم السنن (تهذيب السنن 6/ 177): «قوله: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= ويقتل الخنزير: فيه دليل على وجوب قتل الخنزير .. وذلك أن عيسى صلوات الله عليه إنما يقتل الخنزير في حكم شريعة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - لأن نزوله إنما يكون في آخر الزمان وشريعة الإسلام باقية». وقال البغوي في شرح السنة (15/ 81): «ومعنى قتل الخنزير تحريم اقتنائه وأكله وإباحة قتله؛ لأن عيسى عليه السلام إنما يقتلها على حكم شرع الإسلام، والشيء الطاهر المنتفع به لا يباح إتلافه». وقال النووي في المجموع (9/ 278): «لا يجوز اقتناء الخنزير سواء كان فيه عدوى تعدو على الناس أم لم يكن، لكن إن كان فيه عدوى وجب قتله قطعًا وإلا فوجهان: 1 - يجب قتله. 2 - يجوز قتله، ويجوز إرساله وهو ظاهر نص الشافعي». وقال في الروضة (10/ 259): «وإذا دخلنا دارهم (يعني الكفار) غُزاة قتلنا الخنازير وأرقنا الخمور». وقال الحافظ في الفتح (5/ 42): «وقال أبو عبد الملك: وأما قوله في كل كبد رطبة أجر» قال: مخصوص ببعض البهائم مما لا ضرر فيه، لأن المأمور بقتله كالخنزير لا يجوز أن يُقوى ليزداد ضرره .. (وتعقبه ابن التين بقوله): «ولا تمتنع إجراؤه على عمومه يعني فيُسقى ثم يُقتل». وقال الحافظ (5/ 121): «على قول البخاري باب كسر الصليب وقتل الخنزير، قال: إيراده هنا إشارة إلى أن من قتل خنزيرًا أو كسر صليبًا لا يضمن لأنه فعل مأمورًا، وقد أخبر عليه الصلاة والسلام أن عيسى سيفعله وهو إذ نزل كان مقررًا لشرع نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -». =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= ونقل الدميري في حياة الحيوان (1/ 3003، 305) كلام الخطابي المتقدم وكلام النووي وقال: «ونقل ابن المنذر الإجماع علي نجاسته وفي دعواه الإجماع نظر، لأن مالكًا يخالف فيه نعم هو أسوأ حالًا من الكلب فإنه يستحب قتله». وقال العيني في شرح البخاري (10/ 349) تحت باب قتل الخنزير: «أي هذا باب في بيان قتل الخنزير هل هو مشروع كما شرع تحريم أكله؟ والجمهور على جواز قتله مطلقًا إلا ما روي شاذًا عن بعض الشافعية أنه يترك الخنزير إذا لم يكن فيه شراوة، وقال ابن التين: ومذهب الجمهور أنه إذا وجد الخنزير في دار الكفر وغيرها وتمكنا من قتله قتلناه. قلت: - القائل العيني: - ينبغي أن يستثنى خنزير أهل الذمة لأنه مال عندهم، ونحن نهينا عن التعرض لأموالهم فإن قلت: يأتي عن قريب أن عيسى عليه السلام ينزل يقتل الخنزير مطلقًا. قلت: يقتل الخنزير بعد قتل أهله». وقال ابن حزم في المحلى (11/ 335): «فيمن سرق خمرًا لذمي أو لمسلم أو سرق خنزيرًا .. قال بعد كلام طويل: من سرقها لم يسرق مالًا لأحد، لا قيمة لها أصلًا ولا سرق شيئًا يحلف إبقاءه جملة، فلا شيء عليه، والواجب هرقها على كل حال لمسلم وكافر وكذلك قتل الخنازير». تنبيه: روى حميد بن زنجويه في الأموال (1/ 180): «من طريق عبيد الله ابن عمرو عن ليث بن أبي سليم أن عمر بن الخطاب كتب إلى العمال يأمرهم بقتل الخنازير ونقص أثمانها لأهل الجزية من جزيتهم». قلت: وهذا إسناد ضعيف، ليث ضعيف ولم يدرك عمر، هذا ما تيسر إيراده مع ضيق الوقت، والله أعلم.

103 - باب لا يذاب شحم الميتة، ولا يباع ودكه

103 - باب لا يذاب شحم الميتة، ولا يباع ودكه رواه جابر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - 2223 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: بلغ عمر أن فلانًا باع خمرًا فقال: قاتل الله فلانًا، ألم يعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «قاتل الله اليهود، حرمت عليهم الشحوم فجملوها (¬1) فباعوها» (¬2). 2224 - عن أبى هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «قاتل الله يهودًا، حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها». قال أبو عبد الله: قاتلهم الله لعنهم. {قُتِلَ} لعن. {الْخَرَّاصُونَ} الكذابون (¬3). 104 - باب بيع التصاوير التي ليس فيها روح، وما يكره من ذلك 2225 - عن سعيد بن أبي الحسن قال: «كنت عند ابن عباس - رضي الله عنهما - إذ أتاه رجل فقال: يا أبا عباس إني إنسان إنما معيشتي من صنعة يدى، وإني أصنع هذه التصاوير (¬4) فقال ابن عباس: لا أحدثك إلا ما ¬

(¬1) أذابوها، قالوا: ما بعنا شحمًا بعنا ذوبًا (ودكًا). (¬2) فيه تحريم الحيل وسد أبوابها. (¬3) ويشهد له «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد». (¬4) بيع الصور ذات الأرواح محرم، لأنه لعن المصورين، رواه البخاري، ولهذا قال ابن عباس ما قال. * سألت الشيخ عن عرائس الأطفال؟ فذكر الخلاف وذكر حديث عائشة عن من احتج به، وقال: المخالف يقول ليس صريحًا في الصور بل خشب ونحوه.

105 - باب تحريم التجارة في الخمر

سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمعته يقول: «من صور صورة إن الله معذبه حتى ينفخ فيها الروح، وليس بنافخ فيها أبدًا». فربا الرجل ربوة شديدة واصفر وجهه. فقال: ويحك إن أبيت إلا أن تصنع فعليك بهذا الشجر، كل شيء ليس فيه روح». 105 - باب تحريم التجارة في الخمر وقال جابر - رضي الله عنه -: حرم النبي - صلى الله عليه وسلم - بيع الخمر. 2226 - عن عائشة - رضي الله عنها - لما نزلت آيات سورة البقرة عن آخرها خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «حرمت التجارة في الخمر» (¬1). 106 - باب إثم من باع حُرًا 2227 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «قال الله: ثلاثة أنا خصمهم (¬2) يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حُرًا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يعطه أجره». ¬

(¬1) * وقلت للشيخ: العرائس يشتريها الإنسان لوالده؟ قال: الأحوط الترك. * التحنيط فيه إضاعة مال، وقد يعتقد فيه اعتقادًا باطلًا وقد صدرت فتوى اللجنة بالمنع. * سئل الشيخ عن المحاضرات في الفيديو؟ فقال قد تربو مصلحتها على مفسدتها ولهذا عندي شبهة في التلفاز (يعنى الخروج فيه). الخمر أم الخبائث، ولهذا لعن في الخمر عشرة (¬2) من كان الله خصمة فهو مخصوم ........ * سئل شيخنا عن علاج مدمن بتقليل المخدرات شيئًا فشيئًا، لأن قطعها يقتله؟ يقطعها ولو مات، يتعالج بالمباح، هذا فيه فتح باب شر قلت: سألت شيخنا ابن عثيمين - رحمه الله - عما ذكره ابن حجر الهيتمي في فتاويه الفقهية من أن من ابتلي بشيء من هذه المحرمات ثم تاب منها فقيل له إن قطعها مرة هلك يقسطها حتى يتركها، فقلت للشيخ محمد: هل كلام الهيتمي صحيح قال: نعم صحيح. * القرض لا يسمى بيعًا فلو أقرض درهمًا ثم رده لا حرج.

108 - باب بيع العبد والحيوان بالحيوان نسيئة

108 - باب بيع العبد والحيوان بالحيوان نسيئة واشترى ابن عمر راحلة بأربعة أبعرة مضمونة عليه يوفيها صاحبها بالربذة وقال ابن عباس: قد يكون البعير خيرًا من البعيرين. واشترى رافع بن خديج بعيرًا ببعيرين فأعطاه أحدهما وقال: آتيك بالآخر غدًا رهوًا إن شاء الله. وقال ابن المسيب لا ربًا في الحيوان: البعير بالبعيرين والشاة بالشاتين إلى أجل. وقال ابن سيرين: لا بأس ببعير ببعيرين ودرهم بدرهم نسيئة (¬1). 2228 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: «كان في السبي صفية فصارت إلى دحية الكلبي، ثم صارت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -» (¬2). 109 - باب بيع الرقيق 2229 - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أخبره أنه بينما هو جالس عند النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: يا رسول الله إنا نصيب سبيًا فنحب الأثمان فكيف ترى ¬

(¬1) هذا خطأ، هذا ربا نسيئة، هذا غلط لو ثبت عنه، أما بعير ببعيرين لا بأس وثبت عنه بيع البعير بالبعيرين نسيئة، كما ذكر الحافظ في البلوغ. (¬2) اشتراها بسبعة رؤوس، كما في بعض الروايات.

110 - باب بيع المدبر

في العزل؟ (¬1) فقال: «أو إنكم تفعلون ذلك؟ لا عليكم أن لا تفعلوا ذلك، فإنها ليست نسمة كتب الله أن يخرج إلا هي خارجة». 110 - باب بيع المدبَّر 2234 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها فليجلدها الحد ولا يثرب عليها، ثم إن زنت فليجلدها الحد ولا يثرب عليها، ثم إن زنت الثالثة فتبين زناها فليبيعها (¬2) ولو بحبل من شعر». 111 - هل يسافر بالجارية قبل أن يستبرئها؟ ولم ير الحسن بأسًا أن يقبلها أو يُباشرها. وقال ابن عمر - رضي الله عنه -: إذا وهبت الوليدة التي توطأ أو بيعت أو عتقت فيستبرأ رحمها بحيضة، ¬

(¬1) الغزل لا بأس به. * الوقف المعلق بوقت: سأجعله وقفًا بعد شهر الأقرب أنه يلزم، مثل إن دخل رمضان فعبدي حر، الأقرب أنه يلزم. (¬2) تباع في الثالثة وجوبًا. * لم يفصل مدبرًا أم فدل على العموم. * باع النبي - صلى الله عليه وسلم - المدبر، الوصية لا تلزم فله الرجوع، كما في المدبر يعتق بموته مدبرًا يجوز بيعه قبل ذلك فهذه معلقة. أما المنجزة: كما لو أعتقه الآن أو وقف شيئًا من ماله نفذ في الحال. * نقل الملك قد يكون وسيلة لصلاحها، لابد أن يبين عيبها لقوله: (ولو بحب من شعر).

112 - باب بيع الميتة والأصنام

ولا تستبرأ العذراء. وقال عطاء: لا بأس أن يصيب من جاريته الحامل ما دون الفرج (¬1). وقال الله تعالى: {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ}. 2235 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال «قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - خيبر، فلما فتح الله عليه الحصن ذكر له جمال صفية بنت حيي بن أخطب - وقد قتل زوجها وكانت عروسًا - فاصطفاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لنفسه فخرج بها، حتى بلغنا سد الروحاء حلت فبنى بها، ثم صنع حيسًا في نطع صغير، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «آذن من حولك»، فكانت تلك وليمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على صفية. ثم خرجنا إلى المدينة، قال: فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحوي لها وراءه بعباءة، ثم يجلس عند بعيره فيضع ركبته، فتضع صفية رجلها على ركبته حتى تركب» (¬2). 112 - باب بيع الميتة والأصنام 2236 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول وهو بمكة عام الفتح «إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام» (¬3). فقيل: يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة فإنه يطلى بها السفن ¬

(¬1) هل له أن يستمتع إن كان الحمل لغيره؟ لا حرج. * قلت: المظاهر هل له أن يستمتع بما دون الفرج قبل أن يكفر؟ كذلك، لكن الأحوط تركه. (¬2) فيه حسن خلقه، وفيه التواضع في الوليمة. (¬3) الوثن أعم: كل صنم وثن، وليس كل وثن صنمًا، مثل شجرة، حجر وثن، وليس صنمًا عكس إنسان صنم، ويقال وثن.

ويُدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس، فقال: «لا، هو حرام». ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك: «قاتل اليهود، إن الله لما حرَّم شحومها جملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه». قال الحافظ: .. واستدل الخطابي على جواز الانتفاع بإجماعهم على أن من ماتت له دابة ساغ له إطعامها لكلاب الصيد فكذلك يسوغ دهن السفينة بشحم الميتة ولا فرق (¬1). قوله (ثم قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك: قاتل الله اليهود .. إلخ) وسياقه مشعر بقوة ما أوله الأكثر (¬2) ... قال الحافظ: ... فعلى هذا إن كانت بحيث إذا كسرت ينتفع برضاضها جاز بيعها (¬3). ¬

(¬1) رده شيخنا وقال: كلاب الصيد لا تؤكل. (¬2) الأكثر تقدم قوله إن قول الأكثر المنع. * ظاهر السياق المنع من الانتفاع والبيع؛ لأنها نجسة والتلطخ بها ممنوع، وهو وسيلة لبيعها. * بعض المتبرعين بالدم يُدفع له هديه؟ ما ينبغي أن يقبل (بعدما سألته) * شراء الدم للضرورة؟ الظاهر الجواز للحاجة الظاهرة. (¬3) إذا كسرت وانتفع برضاضها لم يعد فيها مفسدة، أما بيعها مصورة لا.

113 - باب ثمن الكلب

113 - باب ثمن الكلب 2237 - عن أبي مسعود الأنصاري - رضي الله عنه - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ثمن الكلب (¬1)، ومَهر (¬2) البغيَّ، وحُلوان الكاهن (¬3)». 2238 - عن عون بن أبي جحفة قال: «رأيت أبي اشترى حجّامًا فأمر بمحاجمه فكُسرت (¬4)، فسألته عن ذلك، فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ثمن الدم وثمن الكلب، وكسب الأمَة، ولعن الواشمة والمستوشمة، وآكل الربا وموكله، ولعن المصوَّر». قال الحافظ: .. حديث جابر قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ثمن الكلب إلا كلب صيد» (¬5). ¬

(¬1) سواء كلاب الصيد أو الحرس أو الزرع، فالحديث عام. (¬2) عوض الزنا فهو محرّم عليها ولا ترده للزاني بل تدفعه للفقراء مع التوبة. (¬3) ما يأخذه مقابل ما قاله للناس من إخبارهم عن المغيبات. (¬4) خاف أن يبيع الدم. * الحجام لا بأس فقد أعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا طيبة لما حجمه. ومعنى خبيث: رديء. (¬5) ضعيف شاذ مخالف للأحاديث الصحيحة.

35 - كتاب السلم

35 - كتاب السلم 1 - باب السَّلَم في كيل معلوم 2239 - عن عمرو بن زرارة أخبرنا إسماعيل بن عُلية أخبرنا ابن أبي نجيح عن عبد الله بن كثير عن أبي المنهال عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قَدِم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة والناس يُسلفون في التمر العام والعاملين - أو قال عامين أو ثلاثة، شكَّ إسماعيل - فقال: «من سلَّف في تمر فليُسلف في كيل معلوم ووزن معلوم» (¬1). 3 - باب السَّلم إلى من ليس عنده أصل 2244، 2245 - عن الشيباني عن محمد بن أبي المجالد قال: «بعثني عبد الله بن شداد وأبو بُردة إلى عبد الله بن أبي أوفى - رضي الله عنهما - فقالا: سَلْه هل كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - يُسلفون في الحنطة؟ (¬2) قال عبد الله: كنا نسلف نبيط أهل الشام في الحنطة والشعير والزيت في ¬

(¬1) * السلم تقديم الثمن وتأخير الثمن .. الواجب في المعاملات الحذر من أسباب الشقاق والنزاع، والواجب أن تكون المبيعات معلومات القدر والآجال والثمن. * كذلك السلم في السيارة أو غيرها، السلم لا يلزم أن يكون في مكيل موزون. (¬2) المقصود من هذا أنه لا بأس بالسلم مع المزارع أو غيره؛ لأنه متى حل الأجل اشترى من أهل الأموال وأدى ما عليه هذا لمن ليس له زرع. * لا تبع ما ليس عندك في الحال، أما في الذمة سلم فجائز بالإجماع.

4 - باب السلم في النخل

كيل معلوم إلى أجل معلوم. قلت: إلى من كان أصله عنده؟ قال: ما كنا نسألهم عن ذلك. ثم بعثاني إلى عبد الرحمن بن أبزى فسألته، فقال: كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يُسلفون على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم نسألهم ألهم حرث أم لا». قال الحافظ: ... (حتى يحرز) بتقديم الراء على الزاي أي يحفظ ويصان، وفي رواية الكشميهني بتقديم الزاي على الراء أي يوزن أو يخرص (¬1)، وفائدة ذلك معرفة كمية حقوق الفقراء ... 4 - باب السَّلم في النخل 2247، 2248 - عن عمرو عن أبي البختري قال: «سألت ابن عمر - رضي الله عنهما - عن السَّلم في النَّخل فقال: نُهي عن بيع النخل حتى يصبح (¬2)، وعن بيع الورق نساء بناحر. وسألت ابن عباس عن السَّلم في النخل فقال: ¬

(¬1) * بيع المعيّن لا يصلح (السلم فيه) بل من أي مكان يؤمنه من نخله أو من نخل غيره، أما بيع الحاضر فبعد نضوج الثمرة. * السكري يتفاوت؟ يعطي الوسط. * من صور بيع الكالي بالكالي لا يجوز، والحديث ضعيف ومعناه صحيح بالإجماع. * مائة صاع بر في رمضان بألف ريال في شوال كله دين في دين. المعنى متقارب. (¬2) حتى يبدو صلاحه: حتى يطيب حتى يصلح للأكل، المعنى حتى تذهب العاهة.

5 - باب الكفيل في السلم

نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع النخل حتى يُؤكل منه أو يأكُل منه حتى يوزن» (¬1). 5 - باب الكفيل (¬2) في السَّلَم 2251 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «اشترى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طعامًا من يهودي بنسيئة، ورهنه درعًا له من حديد». 7 - باب السَّلم إلى أجل معلوم 2253 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة وهم يُسلفون في الثَّمار السَّنتين والثلاث (¬3)، فقال: «أسلفوا في الثمار في كيل معلوم إلى أجل معلوم». وقال عبد الله بن الوليد حدثنا سفيان حدثنا ابن أبي نجيح وقال: «في كيل (¬4) معلوم ووزن (¬5) معلوم». ¬

(¬1) يقبض: يجذ. * الكفيل: الضمين، والكفيل يمكن يكون كفيل بدن، والكفيل المطلق: الضمين. (¬2) استنبط المؤلف من هذا جواز الكفيل لأنه إذا جاز الرهن جاز الكفيل لأن الرهن وثيق وكذا الكفيل وثيق. وفيه جواز الرهن في الحضر، والآية ليست لقصد التقييد. * السلم فيه مصلحة للمسلم له والمسلم. (¬3) كثمر في ثلاثة آلاف كيلو: الألف الأولى في السنة الأولى والثانية في السنة الثانية بثمن معلوم. (¬4) كيل في المكيل ووزن في الموزون (¬5) كيل في المكيل ووزن في الموزون

8 - باب السلم إلى أن تنتج الناقة

2254، 2255 - عن محمد بن أبي مجالد قال: «أرسلني أبو بُردة وعبد الله بن شداد إلى عبد الرحمن بن أبزى وعبد الله بن أبي أوفى فسألتهما عن السلف فقالا: كنا نُصيب المغانم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكان يأتينا أنباط من أنباط الشام، فنُسلِّفهم في الحنطة والشعير والزيت إلى أجل مسمى. قال قلت: أكان لهم زرع، أو لم يكن لهم زرع؟ قالا ما كنا نسألهم عن ذلك» (¬1). 8 - باب السلَّم إلى أن تنتج الناقة 2256 - عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: «كانوا يتبايعون الجزور إلى حَبَل الحبلة، فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه» (¬2). ¬

(¬1) يعني ما هو بشرط تسلم إليه ولو لم يكن له مزرعة. * أقصى مدة في أجل السلم؟ ليس لها مدة معلومة، لكن لابد أن يكون لها وقع في الثمن فلا يصلح يوم، يومين، ثلاثة؛ بل يكون له أثر. قلت: اختار شيخ الإسلام جوازه ولو قل إن كان الدين عند مالكه المسلم إليه. انظر حاشية المقنع (2/ 91). * المعين إن بدأ صلاحه جاز بيعه الآن وإلا فلا، وإن كان المعين سلمًا فلا؛ لأنه قد يثمر وقد لا يثمر. * المعين في سيارة أو بيت بيع ليس سلمًا. * حالة الأنصار تشبه حالة أهل نجد قبل عشرات من السنين. (¬2) هذا من جهلهم كانوا يتبايعون إلى أن تنتج الناقة، وأحيانًا إلى أن تنتج ثم تنتج المولودة فهذا فيه غرر وجهالة وإفضاء إلى الخصومة، وبعضهم يبيع حبل الحبلة.

36 - كتاب الشفعة

36 - كتاب الشفعة 1 - باب الشُّفعة فيما لم يُقسم، فإذا وقعت الحدود فلا شُفعة 2257 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: «قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة في كلِّ ما لم يُقسم، فإذا وقعت الحدود وصُرفت الطرُّق فلا شُفعة» (¬1). 2 - باب عرض الشُّفعة على صاحبها قبل البيع وقال الحكم: إذا أذن له قبل البيع فلا شفعة له (¬2). وقال الشَّعبي: من بيعت شفعته وهو شاهد لا يُغيِّرها فلا شفعة له (¬3). 2258 - عن عمرو بن الشريد قال: «وقفت على سعد بن أبي وقاص فجاء المسور بن مخرمة لوضع يده على إحدى منكبيَّ، إذ جاء أبو رافع مولى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا سعد ابتَع مني بيتيَّ في دارك. فقال سعد والله ما أبتاعهما. فقال المسور والله لتبتاعنَّهما. فقال سعد: والله لا أزيدك على أربعة آلاف مُنجَّمة أو مُقطَّعة. قال أبو رافع: لقد أُعطيت بها خمسمائة دينار، ولولا أني سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: الجار أحق بسقبه (¬4) ما أعطيتُكها بأربعة آلاف وأنا أُعطى بها خمسمائة دينار، فأعطاها إياه» (¬5). ¬

(¬1) الشفعة جائزة ما دامت الشركة موجودة، فإذا وقعت الحدود فلا شفعة. * إذا استأذن الشريك شريكه فقال مالي حاجة بطلت الشفعة. (¬2) هذا هو الصواب. (¬3) كذلك فلو شفع بعد البيع لم يقبل؛ لأنه ساكت راض. (¬4) لقربه شريكه، يعني إن كان بينهما شركة طريقهما واحدة. (¬5) رضي الله عن الجميع. * إذا رفض أن يأخذها بثمن المثل سقطت الشفعة. * النصراني لا شفعة له، والعموم له الشفعة لكن القواعد أن الكافر لا يظهر على المسلم، والإسلام يعلو ولا يُعلى.

3 - باب أي الجوار أقرب؟

3 - باب أيُّ الجوار أقرب؟ 2259 - عن عائشة - رضي الله عنها - قلت يا رسول الله إن لي جارين فإلى أيهما أُهدي؟ قال: «إلى أقربهما منك بابًا» (¬1). ¬

(¬1) يعني إن كانت الهدية لا تتسع لشخصين الأقرب بابًا هو الأولى ليس الأقرب جوارًا.

37 - كتاب الإجارة

37 - كتاب الإجارة 1 - باب استئجار الرجل الصالح 2260 - عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الخازن الأمين الذي يُؤدِّي ما أُمر به طيِّبة نفسه أحد المتصدِّقيْن» (¬1). 2261 - عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: «أقبلت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعي رجلان من الأشعريين، فقلت ما علمت أنهما يطلبان العمل. فقال: لن - أو لا - نستعمل على عملنا من أرادهُ» (¬2). ¬

(¬1) * عمل المسلم عند الكافر؟ إن كان فيه ذل لا يجوز، كالطبخ له أو غسل سيارته، ولهذا روي عن علي النزع كل دلو بتمرة عند يهودية. * تولية بيع برأس المال، مرابحة: بيع بزيادة على رأس المال لا بأس. في لفظ: المتصدقين بالجمع. (¬2) * الأمين أو الوكيل شريك للمتصدق إن نصح «من دل على خير فله مثل أجر فاعله» رواه مسلم. * إن رأى الخلل وطلب للمصلحة لا لحاجة بنفسه أجر {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ}. وفي حديث عبد الرحمن بن سمرة: «إنا لا نولي أحدًا سأله أو حرص عليه» فهو مظنة لعدم التوفيق «إن أعطيتها بمسألة وكلت إليها».

3 - باب استئجار المشركين عند الضرورة، أو إذا لم يوجد أهل الإسلام وعامل النبي - صلى الله عليه وسلم - يهود خيبر

قال الحافظ: ... قال العلماء (¬1): من الحكمة في إلهام الأنبياء من رعي الغنم قبل النبوة أن يحصل لهم التمرن برعيها ... 3 - باب استئجار المشركين عند الضرورة (¬2)، أو إذا لم يوجد أهل الإسلام وعامل النبي - صلى الله عليه وسلم - يهود خيبر 2263 - عن عائشة - رضي الله عنها - «واستأجر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر رجلًا من بني الديل ثم من بني عبد بن عديّ هاديًا خِرِّيتًا - الخرِّيت: الماهر بالهداية - قد غمس يمين حلف في آل العاص بن وائل، وهو على دين كفار قريش، فأمناه، فدفعا إليه راحلتيهما، وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال، فأتاهما براحلتيهما صبيحة ليال ثلاث فارتحلا، وانطلق معهما عامر بن فهيرة والدليل الدِيليُّ فأخذ بهم أسفل مكة وهو طريق الساحل». 4 - باب إذا استأجر أجيرًا ليعمل له بعد ثلاثة أيام - أو بعد شهر أو بعد سنة - جاز وهما على شرطهما الذي اشترطاه إذا جاء الأجل 2264 - عن عائشة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: واستأجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر رجلًا من بني الدِّيل هاديًا خرِّيتًا وهو على دين كفار ¬

(¬1) قال شيخنا نحوه مختصرًا. (¬2) * من الحكمة انتقال الأنبياء من رعي الغنم إلى رعي الآدميين. يعني لا بأس به. ومن ذلك استئجار يهود على خيبر ولما استغنى المسلمون أجلوهم كما فعل عمر. ومن ذلك استخدام الديلي في طريق الهجرة ... الصديق ومولاه والنبي - صلى الله عليه وسلم - والديلي.

5 - باب الأجير في الغزو

قريش، فدفعا إليه راحلتيهما، وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال، فأتاهما براحلتيهما صُبح ثلاث» (¬1). 5 - باب الأجير في الغزو 2265 - عن يعلى بن أمية - رضي الله عنه - قال: «غزوت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - جيش العُسرة، فكان من أوثق أعمالي في نفسي، فكان لي أجير، فقاتل إنسانًا، فعضَّ أحدهما إصبع صاحبه، فانتزع إصبعه فأندرّ ثنيَّته فسقطت، فانطلق إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأهدر (¬2) ثنيَّته وقال: أفيدع إصبعه في فيك تقضَمُها؟ قال أحسبه قال: كما يقضَم الفحل». 6 - باب إذا استأجر أجيرًا فبيَّن له الأجل، ولم يُبيِّن العمل (¬3) لقوله: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ - إلى قوله - وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ}. يأجرُ فلانًا: يعطيه أجرًا. ومنه في التعزية: آجرك الله. قال الحافظ: ... إذا قلنا أن شرع من قبلنا شرع لنا إذا ورد شرعنا بتقريره (¬4). ¬

(¬1) يجوز الاستئجار لمدة مستقبلة: تعمل في رجب أو رمضان، لا بأس، ولو كان العقد متأخرًا إذا كانت المدة معلومة لا بأس بتوقيت مباشرة العمل. * الجزيرة جزيرة العرب نجد والحجاز واليمن مساكن العرب. (¬2) الظالم إن أصابه شيء من تخلص المظلوم فهو هدر، كما هنا هدر. (¬3) محل نظر فقد بين شعيب له العمل. (¬4) هذا هو الصواب.

8 - باب الإجارة إلى نصف النهار

قال الحافظ: ... وقد أبعد من جوز أن يكون المهر شيئًا آخر غير الرعي، وإنما أراد شعيب (¬1) أن يكون يرعى غنمه هذه المدة ويزوجه ابنته ... قال الحافظ: ... قال ابن المنير وقصد البخاري أن الإجارة تضبط بتعين العمل (¬2) كما تضبط بتعين الأجل. 8 - باب الإجارة إلى نصف النهار 2268 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مثلُكم ومثل أهل الكتابين كمثل رجل استأجر أُجراء فقال: من يعمل لي من غُدوة إلى نصف النهار على قيراط؟ فعملت اليهود. ثم قال: من يعمل لي من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط؟ فعملت النصارى. ثم قال: من يعمل لي من العصر إلى أن تغيب الشمس على قيراطين (¬3)؟ فأنتم هم. فغضبت اليهود والنصارى فقالوا: ما لنا أكثر عملًا وأقلَّ عطاء؟ قال: هل نقصتُكم من حقِّكم؟ قالوا: لا. قال: فذلك فضلي أوتيه من أشاء». ¬

(¬1) قلت: كذا جزم الشارح وشيخنا بأنه شعيب واختلف في ذلك، وجزم شيخ الإسلام بأنه غيره، وقرره في رسالة بأدلة قوية، وهي مطبوعة من رسائله - رحمه الله -. (جامع الرسائل ج 1 ص 61 المجموعة الأولى). * ثم قال شيخنا بعد ما سألته عن الجزم بشعيب؟ فقال بعد كلام: شعيب ليس النبي ذاك متقدم، وإنما هذا رجل صالح. (¬2) قد يتعين العمل. (¬3) المجاز الذي يجوز نفيه ليس في القرآن، والمجاز مصدر جاز يجوز يعني يجوز هذا، وهو من توسع اللغة، فهذا في القرآن. * في الحديث دلالة على أن ما بين العصر إلى المغرب أقل مما بين الظهر والعصر.

10 - باب إثم من منع أجر الأجير

10 - باب إثم من منع أجر الأجير عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمُهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حُرًّا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يعطه أجره» (¬1). 11 - باب الإجارة من العصر إلى الليل 2271 - عن أبي موسى - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مثل المسلمين واليهود والنصارى كمثل رجل استأجر قومًا يعملون له عملًا يومًا إلى الليل على أجر معلوم، فعملوا له نصف النهار، فقالوا: لا حاجة لنا إلى أجرك الذي شرطت لنا وما عملنا باطل. فقال لهم: لا تفعلوا، أكملوا بقية عملكم وخذوا أجركم كاملًا، فأبوا وتركوا. واستأجر آخرين بعدهم فقال: أكملوا بقية يومكم هذا ولكم الذي شرَطت لهم من الأجر فعملوا، حتى إذا كان حين صلاة العصر قالوا: لك ما عملنا باطل، ولك الأجر الذي جعلت لنا فيه. فقال لهم: أكملوا بقية عملكم فإن ما بقي من النهار شيء يسير، فأبوا، فاستأجر قومًا أن يعملوا له بقية يومهم، فعملوا بقية يومهم حتى غابت الشمس، واستكملوا أجر الفريقين كليهما، فذلك مثلهم ومثل ما قبلوا من هذا النور» (¬2). ¬

(¬1) فيه الحذر من ظلم العال، وأن يعطى أجره حينما ينتهي من العمل «أعطوا الأجير أجره .. » وإن كان فيه ضعف لكنه شاهد. * الأجير ما يستحق بقدر ما عمل؟ لا. لا يستحق شيئًا حتى يتم. (¬2) هذا مثل ثانٍ فالأول في الذين أخذوا الأجر، والثاني ممن أدركوا النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يسلموا فبطلت أعمالهم من اليهود والنصارى.

13 - باب من آجر نفسه ليحمل على ظهره، ثم تصدق به، وأجر الحمال

13 - باب من آجر نفسه ليحمل على ظهره، ثم تصدَّق به، وأجر الحمّال 2273 - عن أبي مسعود الأنصاري - رضي الله عنه - قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أمرنا بالصدقة انطلق أحدنا إلى السوق فيُحامل، فيُصيب المدَّ وإن لبعضهم لمائة ألف. قال: ما نراه إلا نفسه» (¬1). 14 - باب أجر السمسرة وقال ابن سيرين: إذا قال بعهُ بكذا، فما كان من ربح فلك أو بيني وبينك، فلا بأس به وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «المسلمون عند شروطهم» (¬2). ¬

(¬1) وهذا يدل على همة الصحابة ورغبتهم في الخير - رضي الله عنهم - .. وحمل الإنسان على ظهره لا نقص فيه فينفع نفسه وينفع المحتاجين للحمل ويأكل، أو ينفقه على أهله. وفيه جواز استئجار الحمّالين. (¬2) إن أحق الشروط ما استحللتم به الفروج، وهكذا في البيوع.

15 - باب هل يؤاجر الرجل نفسه من مشرك في أرض الحرب؟

2274 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يُتلقى الرُّكبان، ولا يبيع حاضر لباد. قلت يا ابن عباس: ما قوله لا يبيع حاضر لباد؟ قال: لا يكون له سمسارًا». 15 - باب هل يُؤاجر الرجل نفسه من مُشرك في أرض الحرب؟ (¬1) 2275 - عن خباب - رضي الله عنه - قال: «كنت رجلًا قينًا، فعملت للعاص بن وائل، فاجتمع لي عنده، فأتيته أتقاضاه فقال: لا والله لا أقضيك حتى تكفر بمحمد. فقلت: أما والله حتى تموت ثم تُبعث فلا. قال: وإني لميِّت ثم مبعوث؟ قلت: نعم. قال: فإنه سيكون لي ثمَّ مال وولد، فأقضيك. فأنزل الله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا}. ¬

(¬1) * ليس هناك حرج في السمسرة (الدلال) يبيع البيت أو المزرعة بشيء معلوم في المائة خمسة .. أجره. * لا بأس أن يقول له بعها بكذا وما زاد فهو لك، سيارة بخمسين ألف فما زاد فهو لك. * لو حدد السعر لكنه زاد ليأخذ، ليس له أن يأخذ إلا بإذن، قال له بع بمائة فجاءت بمائة وخمسين فكلها لصاحب الحق. * لو جاء البادي إلى الدلال فقال بع لي هذا بأجرته؟ لا. لا يجوز لا يبيع الحاضر لباد ولا إجابته لذلك. مثل ما قال المؤلف فإن مكة حينئذ دار حرب آذوا المسلمين وعذبوهم؛ فيجوز العمل للمشرك الذي لا يضر المسلمين؛ لأنه إن كان بينهم لا يستطيع الخروج فيحتاج للعمل، فإذا كان لا يضر المسلمين سواء في أرض حرب أو صلح أو أرض الإسلام. * وحاصل ما ذكره الشيخ ثلاثة شروط: 1 - لا يستطيع الخروج والهجرة 2 - لا يضر المسلمين 3 - لا يعصي الله في عمله * العمل في أوربا وأمريكا بشروط: 1 - لا يضر المسلمين. 2 - ولا يعصي الله. * العمل في مطاعم الكفار قرب بارات أو خمارات في ديار الكفر؟ إذا احتاج إلى هذا ينقد نفسه بشرط لا يعين على ما حرم الله ولا يبار ما حرم الله. وعمل علي لليهود وكل دلو بتمرة. * قلت: قال: المهلب استئجار الكافر المسلم كرهه أهل العلم إلا لضرورة بشرطين 1 - فيما يحل. 2 - لا ضرر فيه على المسلمين. وقال ابن المنير: استقرت المذاهب على أن الصناع في حوانيتهم يجوز لهم العمل لأهل الذمة ولا يعد ذلك من الذلة بخلاف أن يخدمه في منزله وبطريق التبعية. * بيع قوارير الصحة المقروء فيها؟ لا أعلم فيه شيئًا لكن يخفف على الفقراء لا يكثر عليهم.

16 - باب ما يعطى في الرقية على أحياء العرب بفاتحة الكتاب

16 - باب ما يُعطى في الرقية على أحياء العرب بفاتحة الكتاب وقال ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله». وقال الشَّعبي: لا يشترط المعلِّم، إلا أن يُعطى شيئًا فليقبله. وقال الحكم: لم أسمع أحدًا كره أجر المعلم وأعطى الحسن دراهم عشرة. ولم ير ابن سيرين بأجر القسَّام بأسًا، وقال: كان يقال السُّحت الرِّشوة في الحكم، وكانوا يُعطون على الخَرص (¬1). ¬

(¬1) كل هذا لا بأس، أجر المعلم والخراص والقسام .. إن أحق ما أخذت .. يشمل المعلم والمعالج، أما الذي يتلو فقط لمجرد التلاوة فلا يأخذ شيئًا. نقل أبو العباس عدم النزاع في عدم جواز الأخذ على مجرد التلاوة. أما تعليم الصبيان وتحفيظهم وهكذا العلاج بشرط يعطى كذا يعطوه، كذا كل هذا جائز.

2276 - عن أبي سعيد - رضي الله عنه - قال: «انطلق نفر من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفرة سافروها، حتى نزلوا على حيّ من أحياء العرب فاستضافوهم فأبّوا أن يُضيِّفوهم، فلُدغ سيِّد ذلك الحي، فسَعَوا له بكلِّ شيء، لا ينفعه شيء. فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرَّهط الذي نزلوا لعله أن يكون عند بعضهم شيء. فأتوهم فقالوا: يا أيها الرهط إن سيدنا لُدغ، وسعينا له بكل شيء لا ينفعه، فهل عند أحد منكم من شيء؟ فقال بعضهم: نعم والله، إني لأرقى (¬1)، ولكن والله لقد استضفناكم فلم تُضيَّفونا، فما أنا براق لكم حتى تجعلوا لنا جُعلا. فصالحوهم على قطيع من الغنم. فانطلق يتفل عليه ويقرأ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} فكأنما نُشط من عقال، فانطلق يمشي وما به قَلبة. قال فأوفوهم جُعلهم الذي صالحوهم عليه. فقال بعضهم: اقسموا. فقال الذي رَقى: لا تفعلوا حتى نأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - فنذكر له الذي كان فننظر ما يأمرنا. فقدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكروا له، فقال: «وما يُدريك أنها رُقية؟ » ثم قال: «قد أصبتم» (¬2)، أقسموا واضربوا لي معكم سهمًا، فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم -». ¬

(¬1) كان بعضهم يحسن وبعضهم لا. (¬2) لتطييب أنفسهم، وهو حجة في جواز أخذ الأجرة على الرقى والعلاج. * الرقية عن طريق التلفون، ما أعرف لها أصلًا، يكفي الدعاء هذه ليست رقية ما يصل شيء مع الهاتف. * أفضل العلاج القراءة على المريض، والثاني القراءة على ماء وصبه على المريض، والثالث يكتبه بزعفران ثم يغسله ويشربه. * طبع آية الكرسي على الورق من زعفران مقروء فيه فيطبعها على ورق ثم يبيع الورق؟ ما أعرف لهذا أصلًا، لكن ما ذكر ابن القيم في مسألة الكتابة معروف وكذا ذكره ابن مفلح كونه يكتب آيات أو أدعية في إناء أو شيء نظيف إن هذا لا بأس به فعله السلف؛ لأنه من باب الطب ما هو من باب التقرب؛ بل من باب العلاج. * حديث عبادة في أخذ القوس في التعلم؟ لا بأس به، وحمل على أنه تبرع ثم أراد أن يأخذ فلا يأخذ. والأحاديث الصحيحة واضحة في الجواز. * المرقي هل كان مشركًا؟ محتمل ليس فيه شيء، وظاهر السياق أنهم غير مسلمين، والأشبه أنهم كفار، فيجوز أن يُرقى الكافر ما لم يكن حربيًا. * التأمين التجاري لا يجوز على السيارات أو البيوت أو النفس؟ لا يجوز فيه غرر وربًا، أما التأمين التعاوني جائز.

17 - باب ضريبة العبد، وتعاهد ضرائب الإماء

17 - باب ضريبة العبد، وتعاهد ضرائب الإماء 2277 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «حَجَم أبو طيبة النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمر له بصاع أو صاعين من طعام، وكلَّم مواليه فخفف عن غلَّته أو ضريبته» (¬1). ¬

(¬1) - جواز الحجامة وأنها من أنواع العلاج لبعض الأمراض. - جواز الاستئجار. - الأجرة حلال، وإن كانت خبيثة رديئة. - جواز ضرب الخراج على العبيد، يقول لهم سيدهم: كل يوم أعطوني عشرين .. عشرة والباقي لكم. * شركات الليموزين يقولون له أعطنا 250 والباقي لك؟ لا حرج ما دام رضي قد يحصل أكثر وقد يحصل أقل، مثل الخراج على العبد قد يتعطل بعض الأيام.

20 - باب كسب البغي والإماء

20 - باب كسب البغيِّ والإماء وكره (¬1) إبراهيم أجر النائحة والمغنِّية. 2282 - عن أبي مسعود الأنصاري - رضي الله عنه - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ثمن الكلب، ومهر البغيِّ وحُلوان الكاهن» (¬2). قال الحافظ: ... وزاد أن عبد الله بن أبيّ أمر أمة له بالزنا فزنت فجاءت ببرد (¬3). 21 - باب عَسْب الفَحْل 2284 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن عَسْب الفحل» (¬4). ¬

(¬1) كراهة التحريم. (¬2) الساحر لا توبة له على الصحيح، بل يقتل متى ثبت عليه. (¬3) * إذا صدقه في علم الغيب كفرًا أكبر «من أتى كاهنًا أو عرافًا فصدقه فقد كفر». «لم تقبل له صلاة .. » يعني لا ثواب له «لم يقبل له صلاة أربعين يومًا». لعلها بُرْد ثوب مخطط. (¬4) * لقاع النخل: يباع ويشترى لا بأس، مال له قيمة. عسب الفحل ضرابه يعني ما يحصل من الماء الذي يريقه في رحم الأنثى فالناس يحتاجونه لذلك يبذل، فالواجب بذله دون قيمة.

22 - باب إذا استأجر أرضا فمات أحدهما

قال الحافظ: وللترمذي من حديث أنس أن رجلًا من كلاب سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن عسب الفحل فنهاه، فقال: يا رسول الله إنا نطرق الفحل فنكرم، فرخص له في الكرامة (¬1) .... «من أطرق فرسًا فأعقب كان له كأجر سبعين فرسًا» (¬2). 22 - باب إذا استأجر أرضًا فمات أحدهما وقال ابن سيرين: ليس لأهله أن يخرجوه إلى تمام الأجل. وقال الحكم والحسن وإياس بن معاوية: تمضي الإجارة إلى أجلها. وقال ابن عمر: أعطي النبي - صلى الله عليه وسلم - خيبر بالشطر فكان ذلك على عهد ¬

(¬1) قلت: قال الترمذي: حدثنا عبدة بن عبد الله الخزاعي البصري ثنا يحيى ابن آدم عن إبراهيم بن حميد الرؤاسي عن هشام بن عروة عن محمد ابن إبراهيم التيمي عن أنس - رضي الله عنه -، ورواه النسائي (7/ 310). أخبرنا عصمة بن الفضل قال حدثنا يحيى بن آدم به. قلت: إسناده صحيح. (¬2) رواه أحمد وإسناده صحيح، وتمامه «وإن لم تعقب كان له أجر فرس حمل عليه في سبيل الله» (ابن حبان (10/ 534). * في مسألة أخذ الكرامة الأولى لا يأخذ. * قلت: مسألة أخذ الكرامة والخلاف في معنى عسب الفحل الهدى لابن القيم (5/ 793) واختار ابن القيم جواز أخذ الكرامة إن لم تكن على وجه المعاوضة. * المسلمون على شروطهم {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} فمن مات والعقد باق والإجارة باقية لا تفسخ.

النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وصدرًا من خلافة عمر، ولم يذكر أن أبا بكر وعمر جدّدا الإجارة بعدما قُبض النبي - صلى الله عليه وسلم -. 2285 - عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: «أعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر اليهود أن يملوها ويزرعوها ولهم شطر ما يخرج منها. وأن ابن عمر حدَّثه أن المزارع كانت تُكرى على شيء سماه نافع لا أحفظه» (¬1). ¬

(¬1) فيه استعمال اليهود على أرض خيبر للحاجة إليهم. وفيه إخراج اليهود أخرجهم عمر، والصديق كان مشغولًا بالحروب - رضي الله عنهم -، فالواجب تنقية الجزيرة من المشركين، وبهذا يعلم تساهل المسلمين في استقدام المشركين، الواجب على أصحاب المكاتب أن يحرصوا على استقدام المسلمين الحقيقيين، والله المستعان. * إجارة الرافضة الآن؟ هؤلاء من جنس المنافقين بالمدينة.

38 - كتاب الحوالة

38 - كتاب الحوالة 1 - باب الحوالة. وهل يرجع في الحوالة وقال الحسن وقتادة: إذا كان يوم أحال عليه مليًا جاز. وقال ابن عباس: يتخارج الشريكان وأهل الميراث فيأخذ هذا عينًا وهذا دينًا (¬1)، فإن توى لأحدهما لم يرجع على صاحبه. 2287 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مطل الغني ظلم (¬2)، فإذا أتبع أحدكم على ملي فليتبع». 2 - باب إذا أحال على ملي فليس له رد 2288 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مطل الغني ظلم، ومن أتبع على ملي فليتبع» (¬3). ¬

(¬1) هذه اتفاق على المخالصة، ليست حوالة. * الحوالة أمر مشروع، تحويل المدين دائنه على شخص آخر فإن كان مليًا وجب التحول، وإن لم يكن مليًا فالمحال بالخيار إن شاء وإلا لا يلزمه. (¬2) لا يجوز لمن يقدر على السداد أن يماطل، وفي الحديث الآخر: (ليُّ الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته) عرضه: الكلام فيه، وعقوبته، فإن كان معسرًا يخبره بالحقيقة، وإن كان أحاله يقبل الحوالة إن كان على مليء. (¬3) ظاهره الوجوب بشرط المليء وهو القادر على المال ليس المماطل، فإن كان مليًا مماطلاً فليس بمليء فله شرطان: 1 - القدرة. 2 - عدم المماطلة فلابد من شرطين فإن لم تتحقق يرجع على المحيل.

3 - باب إن أحال دين الميت على رجل جاز

3 - باب إن أحال دين الميت على رجل جاز 2289 - عن سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - قال: «كنا جلوسًا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ أتي بجنازة فقالوا: صل عليها، فقال: «هل عليه دين؟ » قالوا: لا. قال: «فهل ترك شيئًا؟ » قالوا: لا، فصلى عليه. ثم أتي بجنازة أخرى فقالوا: يا رسول الله صل عليها. قال: «هل عليه دين؟ » قيل نعم. قال: «فهل ترك شيئًا؟ » قالوا: ثلاثة دنانير. فصلى عليها. ثم أتي بالثالثة فقالوا: صل عليها. قال: هل ترك شيئًا؟ » قالوا لا. «فهل عليه دين؟ » قالوا: ثلاثة دنانير. قال: صلوا على صاحبكم. قال أبو قتادة: صل عليه يا رسول الله وعلى دينه. فصلى عليه» (¬1). ¬

(¬1) وهذا يدل على جواز ضمان دين الميت والحوالة عليه؛ لأن المقصود تخليصه فلا بأس، وكان هذا في أول الأمر ثم قضي دين كل ميت «من ترك دينًا فإلي وعلي».

39 - كتاب الكفالة

39 - كتاب الكفالة 1 - باب الكفالة في القرض والديون بالأبدان وغيرها 2291 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - «عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه ذكر رجلًا من بني إسرائيل سأل بعض بني إسرائيل أن يسلفه ألف دينار فقال: ائتني بالشهداء أشهدهم، فقال كفى بالله شهيدًا. قال: فائتني بالكفيل، قال: كفى بالله كفيلًا. قال: صدقت، فدفعها إليه على أجل مسمى. فخرج في البحر فقضى حاجته، ثم التمس مركباُ يركبها يقدم عليه للأجل الذي أجله فلم يجد مركبًا، فأخذ خشبة فنقرها فأدخل فيها ألف دينار وصحيفة منه إلى صاحبه، ثم زجج موضعها، ثم أتى بها إلى البحر فقال: اللهم إنك تعلم أني كنت تسلفت فلانًا ألف دينار فسألني كفيلًا فقلت كفى بالله كفيلًا، فرضي بك. وسألني شهيدًا فقلت كفى بالله شهيدًا، فرضي بذلك. وإني جهدت أن أجد مركبًا أبعث إليه الذي إليه فلم أقدر، وإني أستودعكها. فرمى بها في البحر حتى ولجت فيه، ثم انصرف وهو في ذلك يلتمس مركبًا يخرج إلى بلده، فخرج الرجل الذي كان أسلفه ينظر لعل مركبًا قد جاء بماله، فإذا بالخشبة التي فيها المال، فأخذه لأهله حطبًا، فلما نشرها

وجد المال والصحيفة، ثم قدم الذي كان أسلفه فأتى بالألف دينار فقال: والله ما زلت جاهدًا في طلب مركب لآتيك بمالك فما وجدت مركبًا قبل الذي أتيت فيه. قال: هل كنت بعثت إلى بشيء؟ قال: أخبرك أني لم أجد مركبًا قبل الذي جئت فيه. قال: فإن الله قد أدى عنك الذي بعثت في الخشبة، فانصرف بالألف الدينار راشدًا. قال الحافظ: ... قلت: والذي يظهر لي أنه «فآبوا» (¬1) بهمزة ممدودة وهي بمعنى فراجعوا فلا يفسد المعنى. قال الحافظ: ... والمقصود منه هنا الإشارة إلى أن الكفالة (¬2) التزام مال بغير عوض تطوعًا. ¬

(¬1) * هذه من آيات الله، من شدة ما في قلبه من الحرص على الوفاء أدى الله عنه. * جاء بالمال ظن عدم وصولها لصاحبها، وهذا يدل على أنه لا يجب الإشهاد في القرض والبيع ولكنه سنة. * وهل يلقى في البحر؟ لا. لا يضيع المال فلا يتأسى به في هذا العمل لما جاء في شريعتنا من النهي عن ذلك. (¬2) وجه إدخاله في الكفالة كأنه التزم بإحضاره وكأنه حلف. * التحالف في البلاد الكافرة بين المسلمين؟ معناه على الوجه الشرعي لا يتحالفون بما يخالف الإسلام.

3 - باب من تكفل عن ميت دينا فليس له أن يرجع. وبه قال الحسن

قال الحافظ: ... قوله: قلت لأنس بن مالك أبلغك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا حلف في الإسلام» (¬1). 3 - باب من تكفل عن ميت دينًا فليس له أن يرجع. وبه قال الحسن 2295 - عن سلمة بن الأكواع - رضي الله عنه - «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتي بجنازة ليصلي عليه فقال: «هل عليه من دين؟ » قالوا: لا فصلى عليه. ثم أتي بجنازة أخرى فقال: «هل عليه من دين؟ » قالوا: نعم، قال: فصلوا على صاحبكم. قال أبو قتادة: علي دينه يا رسول الله، فصلى (¬2) عليه» (¬3). 2296 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهم - قال: «قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لو قد جاء مال البحرين قد أعطيتك هكذا وهكذا»، فلم يجيء مال البحرين حتى قبض النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما جاء مال البحرين أمر أبو بكر فنادى: من كان له عند النبي - صلى الله عليه وسلم - عدة أو دين فليأتنا، فأتيته فقلت: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لي كذا وكذا، فحثى لي حثية، فعددتها، فإذا هي خمسمائة وقال: خذ مثليها» (¬4). ¬

(¬1) المقصود من هذا أن الأحلاف أغنى عنها الإسلام بما فيه من وجوب الإخوة والنصرة ... والمؤاخاة في أول قدوم المدينة لبيان وجوب الإخوة، ثم نسخ الإرث وبقي إخوة الإيمان، وما كان من حلف في الجاهلية فإن وافق الإسلام فإنه يزيده شدة، وإن خالف فهو باطل. (¬2) كان هذا في أول الإسلام ثم تحمله النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬3) يسمى في عرف الفقهاء ضمانًا ويسمى كفالة تسامحًا فيعبر بهذا عن هذا، وهذا عن هذا، والغالب أن الضمان في الأموال والكفالة في الأبدان. (¬4) وهذا فيه أن العدة دين، وأنه يجب الوفاء بالوعد؛ ولهذا اعتبر الصديق وعد النبي دينًا، ففيه الحث على عدم مشابهة المنافقين والحرص على الوفاء بالوعد فإذا وعده مالًا أو شفاعة أو زيارة فليف إلا بعذر شرعي يمنع ذلك.

4 - باب جوار أبي بكر في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وعقده

4 - باب جوار أبي بكر في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وعقده 2297 - عن عائشة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: «لم أعقل أبوي إلا وهما يدينان الدين». وعنها - رضي الله عنها - قالت: «لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان (¬1) الدين، ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طرفي النهار بكرة وعشية. فلما ابتلي المسلمون خرج أبو بكر مهاجرًا قبل الحبشة حتى إذا بلغ برك الغماد لقيه ابن الدغنة، وهو سيد القارة فقال: أين تريد يا أبا بكر؟ فقال أبو بكر: أخرجني قومي، فأنا أريد أن أسيح في الأرض وأعبد ربي. قال ابن الدغنة: إن مثلك لا يخرج ولا يُخرَج، فإنك تكسب المعدوم، وتصل الرحم، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق (¬2)، وأنا لك جار. فارجع فاعبد ربك ببلادك، فارتحل ابن الدغنة فرجع مع أبي بكر فطاف في أشراف كفار قريش فقال لهم: إن ¬

(¬1) فهو أول من أسلم من الأحرار الرجال أبو بكر - رضي الله عنه -. * هذه من الابتلاءات التي تعرض للمؤمنين، وهي من المحن التي وقعت لهم في مكة. * ابن الدغنة من السادات. (¬2) مثلما وصفت خديجة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهكذا الأخيار، والنبي - صلى الله عليه وسلم - في القمة في هذه الخصال.

أبا بكر لا يخرج مثله ولا يخرج، أتخرجون رجلًا يكسب المعدوم، ويصل الرحم، ويحمل الكل، ويقري الضيف ويعين على نوائب الحق؟ فأنفذت قريش جوار ابن الدغنة، وأمنوا أبا بكر، وقالوا لابن الدغنة: مر أبا بكر ليعبد ربه في داره، فليصل وليقرأ ما شاء ولا يؤذينا بذلك، ولا يستعلن به، فإنا قد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا. قال ذلك ابن الدغنة لأبي بكر، فطفق أبو بكر يعبد ربه في داره ولا يستعلن بالصلاة ولا القراءة في غير داره. ثم بدا لأبي بكر فابتني مسجدًا بفناء داره، وبرز، فكان يصلي فيه ويقرأ القرآن، فيتقصف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون وينظرون إليه، وكان أبو بكر رجلًا بكاء لا يملك دمعه حين يقرأ القرآن، فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين، فأرسلوا إلى ابن الدغنة فقدم عليه فقالوا له: إذا كنا أجرنا أبا بكر على أن يعبد ربه في داره، وإنه جاوز ذلك فابتنى مسجدًا بفناء داره، وأعلن الصلاة والقراءة، وقد خشينا أن يفتن أبنائنا ونساءنا، فأته، فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل، وإن أبى إلا أن يعلن ذلك فسله أن يرد إليك ذمتك، فإنا كرهنا أن يخفرك، ولسنا مقريين الإستعلان. قالت عائشة: فأتى ابن الدغنة أبا بكر فقال: قد علمت الذي عقدت لك عليه، فإما أن تقتصر على ذلك، وإما أن ترد إلى ذمتي؛ فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت في رجل عقدت له. قال أبو بكر: فإني أرد إليك جوارك وأرضي بجوار الله- ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ بمكة- فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قد أريت دار هجرتكم، رأيت سبخة ذات نخل بين لابتين (¬1). وهما الحرتان». فهاجر من هاجر قبل ¬

(¬1) المدينة.

المدينة حين ذكر ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجع إلى المدينة بعض من كان هاجر إلى أرض الحبشة. وتجهز أبو بكر مهاجرًا، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «على رسلك (¬1)، فإني أرجو أن يؤذن لي». قال أبو بكر: هل ترجو ذلك بأبي أنت؟ قال: «نعم» فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصحبه، وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السمر أربعة أشهر». ¬

(¬1) حتى نخرج جميعًا فخرجوا أربعة الديلي وعامر بن فهيرة مولى الصديق. * فلا ينبغي للعاقل أن يجزع، فإذا لم يسلم الأنبياء والصالحون فغيرهم من باب أولى، فينبغي أن يكون المرء قويًا حتى يفرج الله. * الجوار كفالة بالبدن يلتزم بما قيل لا يعلن، وكفالة البدن أقسام يلزم محل العين، كما في قصة الصديق. * زعم كفار قريش أنهم يخافون عليهم، وهذا من الجهل والبلاء خافوا عليهم من الحق والسعادة، لكن كما قيل: ما يبلغ الأعداء من جاهل ما يبلغ الجاهل من نفسه، وأولى منه قوله تعالى: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}.

5 - باب الدين

5 - باب الدين 2298 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يؤتى بالرجل المتوفى عليه الدين، فيسأل: «هل ترك لدينه فضلًا؟ » فإن حدث أنه ترك لدينه وفاء صلى، وإلا قال للمسلمين: «صلوا على صاحبكم». فلما فتح الله عليه الفتوح قال: «أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفي من المؤمنين فترك دينا فعلي قضاؤه، ومن ترك مالًا فلورثته» (¬1). ¬

(¬1) فيه الحث على قلة الدين، والحرص على قضاء الديون، فلا يتدين قدر الإمكان إلا عند الحاجة، ولهذا توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - ودرعه مرهونة. * بيت المال يقضى منه إن اتسع تقضى الديون.

40 - كتاب الوكالة

40 - كتاب الوكالة 1 - باب وكالة الشريك الشريك في القسمة وغيرها وقد أشرك النبي - صلى الله عليه وسلم - عليًا في هديه ثم أمره بقسمتها. 2300 - عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاه غنما يقسمها على صحابته، فبقي عتود (¬1)، فذكره للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «ضح به أنت». 2 - باب إذا وكل المسلم حربيًا في دار الحرب أو في دار الإسلام- جاز 2301 - عن عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - قال: «كاتبت أمية بن خلف كتابًا بأن يحفظني في صاغيتي بمكة وأحفظه في صاغيته بالمدينة، فلما ذكرت «الرحمن» قال: لا أعرف الرحمن، كاتبني باسمك الذي كان في الجاهلية، فكاتبته «عبد عمرو». فلما كان في يوم بدر خرجت إلى جبل لأحرزه حين نام الناس، فأبصره بلال، فخرج حتى وقف على مجلس من الأنصار فقال: أمية ابن خلف، لا نجوت إن نجا أمية. فخرج معه فريق من الأنصار في آثارنا، فلما خشيت أن يلحقونا خلفت لهم ابنه (¬2) لأشغلهم ¬

(¬1) الجذع من الضأن. * الوكالة جائزة بالإجماع فيما تدخله النيابة وتدعو لها الحاجة؛ ولهذا أجازها الشرع في أمور الدنيا وفي بعض العبادات كالحج؛ ولهذا وكل النبي - صلى الله عليه وسلم - عليًا. (¬2) يعني علي بن أمية. * لم ينقل أنه أنكر النبي - صلى الله عليه وسلم - على عبد الرحمن بن عوف .. وفي الحديث «ويسعى بذمتهم أدناهم .. » ولم يلتفت الصحابة لذلك؛ ولعل الصحابة لم يفهمو أن هذا تأمينًا والأصل عدم التأمين إلا بنص، وأمية خرج مقاتلًا. * إن أحسن إليه ليس من الموالاة بل للمصلحة (قاله بعد سؤال أحدهم أين الولاء والبراء في قصة عبد الرحمن؟ ). * بيع التمر متفاضلًا واضح أنه ربًا؛ ولهذا قال عين الربا. * الوكالة هنا يبيع التمر له.

3 - باب الوكالة في الصرف والميزان

فقتلوه، ثم أبو حتى يتبعونا- وكان رجلًا ثقيلًا- فلما أدركونا قلت له: ابرك، فبرك، فألقيت عليه نفسي لأمنعه، فتجللوه بالسيوف من تحتي حتى قتلوه، وأصاب أحدهم رجلي بسيفه وكان عبد الرحمن بن عوف يرينا ذلك الأثر في ظهر قدمه». 3 - باب الوكالة في الصرف والميزان وقد وكل عمر وابن عمر في الصرف 2302، 2303 - عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة - رضي الله عنهما - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعمل رجلًا على خيبر، فجاءهم بتمر جنيب فقال: أكل تمر خيبر هكذا؟ فقال: إنا لنأخذ الصاع بالصاعين والصاعين بالثلاثة. فقال: لا تفعل، بع الجمع بالدراهم ثم ابتع بالدراهم جنيبًا. وقال في الميزان مثل ذلك». 4 - باب إذا أبصر الراعي أو الوكيل شاة تموت أو شيئًا يفسد ذبح أو أصلح ما يخاف عليه الفساد 2304 - عن نافع أنه سمع ابن كعب بن مالك يحدث عن أبيه أنه كانت

5 - باب وكالة الشاهد والغائب جائزة

له غنم ترعى بسلع فأبصرت جارية لنا بشاة من غنمنا موتًا، فكسرت حجرا فذبحتها به (¬1)، فقال لهم: لا تأكلوا حتى أسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو أرسل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من يسأله- وأنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذاك- أو أرسل- فأمره بأكلها». 5 - باب وكالة الشاهد (¬2) والغائب جائزة 2305 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «كان لرجل على النبي - صلى الله عليه وسلم - جمل سن من الإبل، فجاءه يتقاضاه فقال: «أعطوه»، فطلبوا سنه فلم يجدوا له إلا سنًا فوقها، فقال: «أعطوه»، فقال: أوفيتني أوفى الله بك، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن خياركم أحسنكم قضاء». ¬

(¬1) إن لم يفعل الوكيل؟ لا حرج عليه لأنه قد يخشى التخوين. * فيه فوائد: 1 - أن الوكيل إن رأى المصلحة وتصرف فإنه ينفذ، كأن تكون شاة أو بعيرًا في ذبحة إصلاح، وهكذا إن نمى المال للمصلحة كما فعل أحد الثلاثة. والمقصود أنه إن تصرف خوف التلف أو للتنمية إذا نجح كله طيب وعمله ماض. 2 - وأن ذبح المرأة جائز، حرة أو أمة مسلمة أو كتابية. 3 - الذبح بالحجر ما هو ملزوم السكين (ما أنهر الدم). 4 - الذبيحة المريضة؟ إن ذبحها لا حرج وإن تركها لا حرج. (¬2) وكالة الحاضر بكلام والغائب بمكاتبة.

7 - باب إذا وهب لوكيل أو شفيع قوم جاز

7 - باب إذا وهب لوكيل أو شفيع قوم جاز لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لوفد هوازن حين سألوه المغانم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «نصيبي لكم». 2307، 2308 - عن عقيل عن ابن شهاب قال وزعم عروة أن مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة أخبراه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام حين جاءه وفد هوازن مسلمين فسألوه أن يرد أموالهم وسبيهم، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أحب الحديث إلى أصدقه فاختاروا إحدى الطائفتين: إما السبي وإما المال ... [الحديث] ... فارجعوا حتى يرفعوا إلينا عرفاؤكم أمركم». فرجع الناس، فكلمهم عرفاؤهم، ثم رجعوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبروه أنهم قد طيبوا (¬1) وأذنوا». ¬

(¬1) أذن الناس ووافقوا على إرجاع السبي كله ومن لم يطب نفسا يعوض من الفيء لأنه قد ملك السبي. * أمهل النبي - صلى الله عليه وسلم - قسم الأموال والسبي لعلهم يتوبون، فجاءوا تائبين. * يجوز لولي الأمر تأخير قسم الغنائم للمصلحة كانتظار الإسلام. * وفيه جواز رد السبي إن رآه ولي الأمر. * وجعل عرفاء للناس. قلت: جاءت أحاديث في الترهيب من العرافة من حديث أبي هريرة وأنس، والمقدام بن معد يكرب وغيرهم وهي لا تخلو من مقال، وإن ثبتت محمولة أن الغالب على العرفاء الاستطالة ومجاوزة الحد وترك الإنصاف المفضي إلى الوقوع في المعصية كما قال الحافظ، وسيأتي في باب العرفاء للناس في كتاب الأحكام للمنصف.

8 - باب إذا وكل رجل رجلا أن يعطى شيئا ولم يبين كم يعطى، فأعطى على ما يتعارفه الناس

8 - باب إذا وكل رجل رجلاً أن يعطى شيئًا ولم يبين كم يعطى، فأعطى على ما يتعارفه الناس 2309 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: «كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فكنت على جمل ثفال إنما هو في آخر القوم، فمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «من هذا؟ » قلت جابر بن عبد الله. قال: «مالك؟ » قلت: إني على جمل ثفال. قال: «أمعك قضيب؟ » قلت: نعم. قال: «أعطنيه»، فأعطيته فضربه فزجره، فكان من ذلك المكان من أول القوم. قال: «بعنيه»، فقلت: بل هو لك يا رسول الله. قال: «بل بعنيه، قد أخذته بأربعة دنانير ولك ظهره إلى المدينة». فلما دنونا من المدينة أخذت أرتحل، قال: «أين تريد؟ قلت: تزوجت امرأة قد خلا منها. قال: «فهلا جارية تلاعبها؟ » قلت: إن أبي توفى وترك بنات فأردت أن أنكح امرأة قد جربت خلا منها، قال: «فذلك». فلما قدمنا المدينة قال: «يا بلال اقضه وزده». فأعطاه أربعة دنانير وزاده قيراطًا: قال جابر: لا تفارقني زيادة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلم يكن القيراط يفارق جراب جابر بن عبد الله» (¬1). قال الحافظ: ... أي ليس جميع الحديث عند واحد منهم بعينه وإنما عند بعضهم منه ما ليس عند الآخر (¬2). ¬

(¬1) في الرواية الأخرى رد عليه البعير والثمن. * فيه تواضعه - صلى الله عليه وسلم - وعنايته بالضعيف. * قد يعطي المعطي حياء فيقابل بالثمن كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -. * فيه علم من أعلام النبوة ما حصل للجمل من قوة السير. (¬2) يعني مجموع كلامهم.

9 - باب وكالة المرأة الإمام في النكاح

9 - باب وكالة المرأة الإمام في النكاح (¬1) 2310 - عن سهل بن سعد قال: جاءت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله إني قد وهبت لك من نفسي. فقال رجل: زوجنيها. قال: «قد زوجناكها بما معك من القرآن». 10 - باب إذا وكل رجلا فترك الوكيل شيئًا فأجازه الموكل فهو جائز وإن أقرضه إلى أجل مسمى جاز 2311 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «وكلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام، فأخذته وقلت: والله لأرفعنك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: إني محتاج، وعلي عيال، ولي حاجة شديدة. قال فخليت عنه. فأصبحت، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة؟ » قال قلت: يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيالًا، فرحمته فخليت سبيله. «أما إنه قد كذبك وسيعود». فعرفت أنه سيعود لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنه سيعود، فرصدته، فجعل يحثو من الطعام، فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال دعني فإني محتاج، وعلي عيال، لا أعود. فرحمته فخليت سبيله. فأصبحت فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا أبا هريرة ما فعل أسيرك؟ » قلت: يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيالًا، فرحمته فخليت سبيله. قال: «أما إنه قد كذبك، وسيعود». ¬

(¬1) مراده إن لم يكن لها ولي. * فيه أن السلطان ولي من لا ولي له .. كالمحكمة. * التعليم إن لم يتيسر المال يصلح مهرًا، وإن وجد المال فهو مقدم.

فرصدته الثالثة، فجعل يحثو من الطعام، فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهذا آخر ثلاث مرات، إنك تزعم لا تعود ثم تعود. قال: دعني أُعلِّمك كلمات ينفعك الله بها. قلت: ما هنَّ؟ قال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} حتى تختم الآية فإنك لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربنَّك شيطان حتى تصبح. فخلَّيت سبيله. فأصبحت فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما فعل أسيرك البارحة؟ » قلت: يا رسول الله زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها فخلَّيت سبيله. قال: «ما هي؟ » قلت: قال لي إذا أويت (¬1) إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من ¬

(¬1) المعروف في نوم الليل، وإن قاله في النهار فالقراءة حسنة (بعدما سألته). إن الوكيل إذا سامح الموكل في بعض الشيء لا حرج، فإن الشيطان أخذ شيئًا من الطعام ولم يغرم النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا هريرة، وهذا ما ترجم له المؤلف. الشيطان وقد يتمثل للناس. قلت: وقد يرى على حقيقته واختاره شيخ الإسلام وقال: رآه آدم. انظر مجموع الفتاوى (17/ 509) (15/ 7) وهذا خلاف ما اختاره الحافظ. انظر (ص 489 من ج 4). - الشيطان الكافر قد يصدُق فَيُقبل الحق. - فيه فضل الآية العظيمة. - جعل حرس على الأموال وأن هذا لا ينافي التوكل. - ظاهر الأدلة عدم الاستعانة بالجن لأجل النهي عن الذهاب للكهنة والعرافين. - النبي - صلى الله عليه وسلم - وكيل الفقراء ووكيل المتصدقين.

11 - باب إذا باع الوكيل شيئا فاسدا فبيعه مردود

أولها حتى تختم الآية {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ... } وقال لي: لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تُصبح؛ وكانوا أحرص شيء على الخير، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أما أنه قد صدقك وهو كذوب. تعلم من تُخاطب من ثلاث ليال يا أبا هريرة؟ » قال: لا. قال: «ذاك شيطان». قال الحافظ: ... وفيه أن السارق لا يقطع في المجاعة (¬1). 11 - باب إذا باع الوكيل شيئًا فاسدًا فبيعه مردود 2312 - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: جاء بلال إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بتمر برني، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من أين هذا؟ » قال بلال: كان عندي تمر رديء، فبعت منه صاعين بصاع لنُطعم النبي - صلى الله عليه وسلم -. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك: «أوَّه أوَّه، عين الرِّبا، لا تفعل، ولكن إذا أردت أن تشتري فبع التمر ببيع آخر ثم اشتريه» (¬2). قال الحافظ: ... وقد وقع عند أحمد مرفوعًا «خير تمراتكم البرني (¬3)، يذهب الداء ولا داء فيه». ¬

(¬1) فيه نظر، وهذا أفتى به عمر عام المجاعة وهو ثابت عنه. (¬2) هذا واضح، وهذا فيه التحذير من الربا، والمذكور عين الربا بإجماع المسلمين. (¬3) انظر المسند (4/ 206, 207) بنحوه، وانظر أيضًا (3/ 432) وفيه ضعف.

12 - باب الوكالة في الوقف ونفقته وأن يطعم صديقا له ويأكل بالمعروف

12 - باب الوكالة في الوقف ونفقته وأن يطعم صديقًا له ويأكل بالمعروف 2313 - عن عمرو، قال في صدقة عمر - رضي الله عنه - «ليس على الوليِّ جُناح أن يأكل ويؤكل صديقًا له غير متأثِّل مالًا. فكان ابن عمر هو يلي صدقة عمر، يُهدي لناس من أهل (¬1) مكة كان ينزل عليهم» (¬2). 13 - باب الوكالة في الحدود 2316 - عن عقبة بن الحارث قال «جيء بالنُّعيمان - أو ابن النعيمان - شاربًا، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كان في البيت أن يضربوه، قال: فكنت أنا فيمن ضربه، فضربناه بالنِّعال والجريد» (¬3). 15 - باب إذا قال الرجل لوكيله: ضعه حيث أراك الله. وقال الوكيل: قد سمعت ما قلت 2318 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: كان أبو طلحة أكثر أنصاري بالمدينة مالًا، وكان أحبَّ أمواله إليه بيرُحاء وكانت مستقبلة المسجد، وكان ¬

(¬1) من باب المكافأة. (¬2) لا بأس أن يطعم صديقًا ولأنه فقير .. فوجوه البر كثيرة، أما إذا عين فعلى ما عين، وأما وجوه البر كثيرة. (¬3) كان هذا أولًا. هل الوكيل يوكل غيره؟ إن كان العرف يقتضي ذلك مثل السلطان لا يباشر ذلك فله التوكيل. ما ينص على الوكالة بأن يوكل؟ قد لا ينص.

16 - باب وكالة الأمين في الخزانة ونحوها

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدخلها ويشرب من ماء فيه طيّب. فلما نزلت {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} قام أبو طلحة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إن الله تعالى يقول في كتابه: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وإن أحبَّ أموالي إلى بيرُحاء، وإنها صدقة لله أرجو برَّها وذُخرها عند الله، فضعْها يا رسول الله حيث شئت. فقال: بخ (¬1)، ذلك مال رائح، ذلك مال رائح (¬2). قد سمعت ما قلت فيها، وأرى أن تجعلها في الأقربين (¬3). قال: أفعل يا رسول الله. فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمِّه». تابعه إسماعيل عن مالك. وقال روح عن مالك (رابح). 16 - باب وكالة الأمين في الخزانة ونحوها 2319 - عن أبي موسى - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الخازن الأمين الذي يُنفق - وربما قال: الذي يعطي - ما أُمر به كاملًا موفِّرًا طيبًا نفسه إلى الذي أُمر به أحد المتصدِّقين (¬4)» (¬5). ¬

(¬1) كهنيئا هنيئًا. (¬2) يروح عليك ثوابه وأجره، وفي رواية رابح. وفيه فضل الصدقة في الأرحام وأنها صدقة وصلة «من أحب أن يبسط له في رزقه» {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ ... } يعني كماله وتمامه. (¬3) عامٌّ في المحتاجين وغيرهم. (رائج .. رايح .. رابح .. ثلاث روايات. (¬4) المتصدقيْن، ويروى المتصدقين بالجمع. (¬5) الله أكبر، وهذا فضل عظيم لم يؤذ الناس ولم يتعتع عليهم.

تمت قراءة هذا الجزء في يوم الأحد 19/ 6/1413 هـ-وقد بدأنا قراءته في 13/ 8/1412 هـ فاستغرقنا بقراءته عشرة أشهر وستة أيام والله الهادي

41 - كتاب الحرث والمزارعة

41 - كتاب الحرث والمزارعة 1 - باب فضل الزرع والغرس إذا أُكل منه 2320 - عن قتادة عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من مسلم يغرس غرسًا، أو يزرع زرعًا- فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة، إلا كان له به صدقة» (¬1). 2 - باب ما يُحذر من عواقب الاشتغال بآلة الزرع، أو مجاوزة الحد الذي أُمر به 2321 - عن أبي أُمامة الباهلي قال - ورأى سكة (¬2) وشيئًا من آلة لحرث فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا يدخل هذا بيت قوم إلا أدخله الله الذُّل». ¬

(¬1) إذا احتسب كان الأجر أعظم. (وهذا يدل على فضل الزراعة؛ لما فيها من المصالح الكثيرة. وساقه المؤلف بطريقة العنعنة، ثم ساقه بالتصريح بالتحديث في حديث قتادة. (¬2) المسحاة وغيرها. (وهذا يدل أن المراد بذلك أنه قصّر في ذلك، أو توسّع فيه، فيحمل على ما قاله المؤلف التقصير في الواجب، أو التوسع المشغل، وإن لم يكن ذلك فلا حرج. (من له مزرعة كبيرة واسعة؟ الغالب أنها تشغله.

3 - باب اقتناء الكلب للحرث

3 - باب اقتناء الكلب للحرث 2322 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أمسك كلبًا فإنه ينقص كل يوم من عمله قيراط (¬1)، إلا كلب حرث أو ماشية». قال ابن سيرين وأبو صالح عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إلا كلب غنم أو حرث أو صيد» وقال أبو حازم عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كلب صيد أو ماشية». قال الحافظ: ... واختلفوا في اختلاف الروايتين في القيراطين (¬2) والقيراط. قال الحافظ: ... واختلف في القيراطين المذكورين هنا هل هما كالقيراطين المذكورين في الصلاة على الجنازة واتباعها (¬3). 4 - باب استعمال البقر للحراثة 2324 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «بينما رجل راكب على بقرة التفتت إليه فقالت: لم أُخلق لهذا، خُلقت للحراثة (¬4). قال: آمنت به أنا وأبو بكر وعمر. وأخذ الذئب شاة فتبعها الراعي، فقال ¬

(¬1) في حديث ابن عمر قيراطان، وهذا يدل على أن الأمر أشد، يعني سهمان من أجوره. والقيراط جزء من 24 جزء أو من 20 على الخلاف. (قلت: تقدم شرح القيراط في الجنائز (3/ 194). (¬2) قال الشيخ: زِيد بعد ذلك. (¬3) قلت للشيخ: ما يفسر القيراط هنا بقيراط الجنائز؟ قال: الله أعلم. (¬4) لكن لم ينه عن ركوبها؛ لأنه لم ينه - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فدل على جواز الحمل عليها، وعلى الغنم بقدر طاقتها، وفيه منقبة للشيخين.

5 - باب إذا قال اكفني مؤونة النخل وغيره وتشركني في الثمر

له الذئب: من لها يوم السَّبع (¬1)، يوم لا راعي لها غيري؟ قال: آمنت به أنا وأبو بكر وعمر. قال أبو سلمة: وما هما يومئذ في القوم» (¬2). قال الحافظ: ... والمستفاد من صيغة إنما في قوله: «إنما خلقت للحرث» عموم مخصوص (¬3). 5 - باب إذا قال اكفني مؤونة النخل وغيره وتُشركني في الثمر 2325 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «قالت الأنصار للنبي - صلى الله عليه وسلم -: اقسم بيننا وبين إخواننا النَّخيل. قال: «لا». فقالوا (¬4): تكفونا المؤونة ونشرككم في الثمرة. قالوا: سمعنا وأطعنا» (¬5). قال الحافظ: ... ولا يلزم من اشتراط المواساة ثبوت الاشتراك في الأرض، ولو ثبت بمجرد ذلك لم يبق لسؤالهم لذلك ورده عليهم معنى، وهذا واضح بحمد الله تعالى (¬6). ¬

(¬1) تعطل المواشي. (¬2) وهذا من آيات الله، كما ينطق الأسماع والأبصار في الآخرة، ينطق البقرة، والذئب، وسائر البهائم. (¬3) كلام طيب فهذا لا يمنع من أكلها، وقد ثبت عنه أكل الخيل وحلها. (¬4) المهاجرون يقولون: تكفونا .. (¬5) - رضي الله عنهم -، هذا من جودهم، وصدقوا. (¬6) ليس لهم شركاء، والأنصار على ملكهم.

6 - باب قطع الشجر والنخل.

6 - باب قطع الشجر والنخل. وقال أنس: أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنخل فقُطع 2326 - عن عبد الله - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه حرَّق (¬1) نخل بن النَّضير وقطع، وهي البويرة، ولها يقول حسَّان: لهان على سراة بني لُؤى ... حريق بالبويرة مستطير 7 - باب 2327 - عن حنظلة بن قيس الأنصاري سمع رافع بن خديج قال: «كنا أكثر أهل المدينة مُزدرعًا، كنا نُكري الأرض بالناحية منها مسمى لسيِّد الأرض، قال فمما يصاب ذلك وتسلم الأرض، ومما يصاب الأرض ويسلم ذلك، فنُهينا. وأما الذهب والورق فلم يكن يومئذ» (¬2). 8 - باب المزارعة بالشَّطر ونحوه وقال قيس بن مسلم عن أبي جعفر قال: ما بالمدينة أهل بيت هجرة إلا يزرعون على الثلث والربع. وزارع عليٌّ وسعد بن مالك ... وقال إبراهيم ¬

(¬1) فيه جواز قطع النخيل للحاجة، أو كان العدو يتقي به فإذا دعت المصلحة قطع، وهذا لما حاصر بني النضير، وكذلك قطع النخل الذي كان بأرض مسجده - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) كانت عندهم حالات في الزراعة غير صحيحة فيها جهالة فنهوا عن ذلك، فقد تنبت هذه ولا تنبت هذه. وأمرهم أن يزارعوا على النصف، والثلث مشاع. (وإن قال هذه أرضي أزرعها كل سنة 100 ريال جاز، وأفضل منها المزارعة بالمشاع، وإن زرعها بدارهم فهذه مؤاجرة. فالمزارعة أفضل من المؤاجرة؛ لأجل التعاون.

10 - باب

وابن سيرين وعطاء والحكم والزهري وقتادة: لا بأس أن يُعطى الثوب بالثلث أو الربع (¬1) ونحوه: وقال: معمر: لا بأس أن تُكرى الماشية على الثلث والربع إلى أجل مسمى (¬2). 10 - باب 2330 - عن علي بن عبد الله حدثنا سفيان قال عمرو: قلت لطاوس: لو تركت المخابرة، فإنهم يزعمون أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عنه (¬3). قال: أي عمرو، إني أعطيهم وأُعينهم. وإن أعلمهم أخبرني - يعني ابن عباس - رضي الله عنهما - - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينه عنه، ولكن قال: «أن يمنح أحدكم أخاه خير له من أن يأخذ عليه خرجًا معلومًا» (¬4). 11 - باب المزارعة مع اليهود 2331 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «أعطى خيبر ¬

(¬1) قطن، أنسجة عباءة بنصفه باعتبار ما سيكون. (فإن كان البذر من العامل جاز، أو من رب الأرض جاز، وهكذا لو قال: خذ هذا الجمل ولك نصف نسله. (¬2) وهذا كله واسع بحمد الله، فعلها النبي - صلى الله عليه وسلم - مع اليهود؛ لاحتياجه لذلك؛ لحرث الأرض؛ فهم أهل الخبرة؛ والمسلمون كانوا مشغولين بالجهاد. (¬3) يعني عن العمل. (¬4) المخابرة المنهي عنها لأجل الجهالة، وكان أولًا نهوا عن المزارعة ثم رخص لهم. (المساقاة: دفع الزرع ... المزارعة: دفع الأرض

12 - باب ما يكره من الشروط في المزارعة

اليهود على أن يعملوها ويزرعوها ولهم شطر ما يخرج منها» (¬1). 12 - باب ما يُكره من الشروط في المزارعة 2332 - عن رافع - رضي الله عنه - قال: «كنا أكثر أهل المدينة حقلًا، وكان أحدنا يُكري أرضه فيقول: هذه القطعة لي وهذه لك، فربما أخرجت ذهِ ولم تخرج ذهِ، فنهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم -» (¬2). 13 - باب إذا زرع بمال قوم بغير إذنهم، وكان في ذلك صلاح لهم 2333 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «بينما ثلاثة نفر يمشون أخذهم المطر، فأووْا إلى غار جبل ... وقال الثالث (¬3): ¬

(¬1) لا بأس أن يدفع الإنسان أرضه لإنسان يزرعها بجزء مشاع ربع، نصف وهكذا. (الشجر يسقيه بجزء مشاع نصف، ربع. وكذلك يجوز الإجازة بأجر معلوم. (أورده المؤلف أنه لا بأس بالمعاملة مع اليهود، وهكذا أشباههم وأن هذا ليس فيه مودة ولا موالاة، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لليهود: «نقرّكم ما أقرككم الله» وأوصى بإخراجهم؛ ولهذا أجلاهم عمر - رضي الله عنه -. (¬2) لأن هذا فيه غرر. (¬3) شاهد الترجمة وإذا أنفذه صاحب المال نفذ. (ليس للأجير إلا آصعه التي اشترطت له، لكن إن نواها له وتبرع بها يدفعها، يعني الزيادة والنماء. (النماء: يُعطى لصاحب المال أفضل، وإن نواه له لا يأخذ شيئًا. قلت: من قال إنه مناصفة؟ قال: قاله شيخ الإسلام، وروي عن عمر، كالمضاربة الصحيحة، لكن الأجير لا يستحق إلا أجره.

14 - باب أوقاف أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأرض الخراج ومزارعتهم ومعاملتهم

اللهم إني استأجرت أجيرًا بفرق أرزُ، فلما قضى عمله قال: أعطني حقي، فعرضت عليه فرغب عنه، فلم أزل أزرعه حتى جمعت منه بقرًا ورُعاتها، فجاءني فقال: اتق الله. فقلت اذهب إلى ذلك البقر ورعاتها فخذ. فقال: اتق الله ولا تستهزئ بي. فقلت: إني لا أستهزئ بك، فخذ. فأخذه، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرُج ما بقي. ففرج الله». 14 - باب أوقاف أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأرض الخراج ومزارعتهم ومعاملتهم وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمر: «تصدَّق بأصله لا يُباع، ولكن يُنفق ثمره فتصدَّقَ به». 2334 - عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: «قال عمر - رضي الله عنه -: لولا آخر المسلمين ما فتحت قرية إلا قسمتها بين أهلها كما قسم النبي - صلى الله عليه وسلم - خيبر» (¬1). 15 - باب من أحيا أرضًا مواتًا ورأى ذلك عليٌّ في أرض الخراب بالكوفة وقال عمر: من أحيا أرضًا ميتة فهي له. ويروى عن عمرو بن عوف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال في غير حق مسلم: وليس لعرق ظالم فيه حق. ويروى فيه عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. ¬

(¬1) (إن كان الرجل صحيحًا يوقف ما شاء، الثلث وإن زاد، وإن كان مريضًا فالثلث؛ لقصة سعد. الوقف يبقى أصله وينفق ثمره، فلو وقف دابة أنفق أجرة حملها وتصدق بلبنها.

17 - باب إذا قال رب الأرض أقرك ما أقرك الله - ولم يذكر أجلا معلوما - فهما على تراضيهما

2325 - عن عائشة - رضي الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أعمر أرضًا ليست لأحد فهو أحق (¬1)» قال عروة: قضى به عمر - رضي الله عنه - في خلافته. قال الحافظ: ... وفي أسانيدها مقال، لكن يتقوى بعضها ببعض (¬2). 2337 - عن ابن عباس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الليلة أتاني آت من ربي وهو بالعقيق أن صَلِّ (¬3) في هذا الوادي المبارك وقل: عمرة في حجَّة». قال الحافظ: وإنما أراد التنبيه على أن البطحاء (¬4) التي وقع فيها التعريس والأمر بالصلاة فيها لا تدخل في الموات الذي يحيا ويملك إذ لم يقع فيها تحويط ونحوه من وجوه الإحياء. 17 - باب إذا قال رب الأرض أقرِّك ما أقرِّك الله - ولم يذكر أجلاً معلومًا - فهما على تراضيهما 2338 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - «أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أجلى اليهود والنصارى من أرض الحجاز، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما ظهر ¬

(¬1) الأرض الميتة إن أحياها فهي له، وعلى ولي الأمر أن ينظم ذلك حتى لا يحصل نزاع، وليشترط إذن ولي الأمر في الإحياء. (¬2) لو لم يكن فيها إلا حديث الباب حديث عائشة لكفى. (مجرد وضع اليد لا يكفي في التملك حتى يحيى، والإحياء حسب العرف. (¬3) احتج به على ركعتين خاصة للإحرام وليس بصريح، وإن كان كذلك رأي الجمهور. (¬4) نزوله بالبطحاء أو نحوه ليس إحياء.

18 - باب ما كان من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يواسي بعضهم بعضا في الزراعة والثمر

على خيبر أراد إخراج اليهود منها (¬1)، وكانت الأرض حين ظهر عليها لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - وللمسلمين، وأراد إخراج اليهود منها فسألت اليهود رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليُقرهم بها أن يكفوا عملها ولهم نصف الثمر، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «نُقرُّكم بها على ذلك ما شئنا»، فقرُّوا بها حتى أجلاهم عمر إلى تيماء وأريحاء» (¬2). 18 - باب ما كان من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يواسي بعضهم بعضًا في الزراعة والثمر 2339 - قال ظُهير: «لقد نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أمر كان بنا رافقًا». قلت: ما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو حق. قال: دعاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما تصنعون بمحاقلكم؟ » قلت: نُؤاجرها على الربيع وعلى الأوسق من التمر والشعير. قال: «لا تفعلوا، ازرَعوها، أو أَزرِعوها، أو أمسكوها». قال رافع: قلت سمعًا وطاعة» (¬3). 2342 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينه عنه، ولكن قال: «أن يمنح أحدكم أخاه خير له من أن يأخذ شيئًا معلومًا» (¬4). 2345 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: «كنت أعلم في عهد ¬

(¬1) قبل أن يمنع الكفار من الجزيرة؛ ولهذا أوصى بعدُ بإخراجهم، فنفاهم عمر. (¬2) يجوز العقد على المساقاة والمزارعة على أجل سنة سنتين لكل واحد خيار إذا أكمل عمله. (¬3) كان هذا أولًا ثم رخص في التأجير، وحث أولًا على التعاون ثم رخص في المؤاجرة. (¬4) ابن عباس تأول المنع على الاستحباب.

20 - باب

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الأرض تُكرى. ثم خشيَ عبد الله أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أحدث في ذلك شيئًا لم يكن يعلمه، فترك كراء الأرض» (¬1). 20 - باب 2348 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يومًا يحدِّث - وعنده رجل من أهل البادية - أن رجلًا من أهل الجنة استأذن ربه في الزرع، فقال له: ألست فيما شئت؟ قال: بلى ولكن أحب أن أزرع. قال: فبذر، فبادر الطرف نباته واستواؤه واستحصاده، فكان أمثال الجبال. فيقول الله: دونك يا ابن آدم، فإنه لا يشبعك شيء. فقال الأعرابي: والله لا تجده إلا قرشيًا أو أنصاريًا، فإنهم أصحاب زرع. فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم -» (¬2). قال الحافظ: ... قوله: (فقال له ألست فيما شئت) (¬3) قال الحافظ: ... وفي هذا الحديث من الفوائد أن كل ما اشتهى في الجنة من أمور الدنيا ممكن فيها (¬4) قاله المهلب. 21 - باب ما جاء في الغرس 2349 - عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - أنه قال: «إن كَّنا لنفرح بيوم الجمعة، كانت لنا عجوز تأخذ من أصول سِلق لنا كنا نغرسه في أربعائنا ¬

(¬1) لكن استقر الأمر على جواز الأمرين المزارعة في المشاع والمؤاجرة، كما قال أبو رافع نفسه على شيء معلوم، وإنما أراد بالكراء المنهي عنه الشيء الذي فيه جهالة ما أنبتت هذه لفلان وتلك لغيره. (¬2) مثل ما قال جل وعلا {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}. (¬3) أولست من النعيم (¬4) كما قال الله تعالى: {وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ}.

فتجعله في قدر لها، فتجعل فيه حبَّات من شعير - لا أعلم إلا أنه قال: ليس فيه شحم ولا وَدَك - فإذا صلينا الجمعة زُرناها فقرَّبته إلينا، فكنّا نفرح بيوم الجمعة من أجل ذلك، وما كنا نتغدَّى ولا نقيل إلا بعد الجمعة» (¬1). 2350 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «يقولون إنا أبا هريرة يكثر الحديث، والله الموعد. ويقولون: ما للمهاجرين والأنصار لا يُحدِّثون مثل أحاديثه؟ وإن إخوتي من المهاجرين كان يشغلهم الصَّفق بالأسواق، وإن إخوتي من الأنصار كان يشغلهم عمل أموالهم، وكنت امرءً مسكينًا ألزم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ملء بطني، فأحضر حين يغيبون، وأعي حين ينسون. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - يومًا: «لن يبسُط أحد منكم ثوبه - حتى أقضي مقالتي هذه - ثم يجمعه إلى صدره فينسى من مقالتي شيئًا أبدًا»، فبسطت نمرة ليس عليَّ ثوب غيرها حتى قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - مقالته ثم جمعتها إلى صدري، فوالذي بعثه بالحق ما نسيت من مقالته تلك إلى يومي هذا. والله لولا آيتان في كتاب الله ما حدثتكم شيئًا أبدًا {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى - إلى - الرَّحِيمُ} (¬2). ¬

(¬1) وهذا من شدة الحاجة (¬2) اللهم ارض عنه، اللهم ارض عنه.

42 - كتاب المساقاة

42 - كتاب المساقاة 1 - باب من رأى صدقة الماء وهبته ووصيَّته جائزة، مقسومًا كان أو غير مقسوم 2351 - عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال: «أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بقدح فشرب منه، وعن يمينه غلام أصغر القوم والأشياخ عن يساره، فقال: «يا غلام أتأذن لي أن أعطيه الأشياخ؟ » قال: ما كنت لأوثر بفضلي منك أحدًا يا رسول الله. فأعطاه إياه» (¬1). 2352 - عن شعيب عن الزهري قال: حدثني أنس بن مالك - رضي الله عنه - أنه حلِبَت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - شاة داجن- وهو في دار أنس بن مالك- وشيب لبنُها بماء من البئر التي في دار أنس، فأعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القدح فشرب منه، حتى إذا نزع القدح عن فيه، وعن يساره أبو بكر وعن يمينه أعرابي، فقال عمر- وخاف أن يُعطيه الأعرابي- أعط أبا بكر يا رسول الله عندك، فأعطاه الأعرابي الذي عن يمينه ثم قال: الأيمن فالأيمن» (¬2). ¬

(¬1) الحديثان يدلان على شرعية البداءة باليمين بالنسبة للشارب إذا بقيت فضلة، فالسنة البدء باليمين إلا إذا سمح من كان على اليمين فلا بأس، فالكأس مجراها اليمين، ثم يدور يبدأ بكبير القوم كبير المجلس يقدمون، وكذا رئيس الحلقة ثم تدور على يمينه، إلا إذا سمح من على يمينه. * يستأذن الأيمن القريب أو كل من على يمينه؟ لا، الأول فقط، القريب. * كبًّر كبًّر؟ هذا في السواك. توزع شيء يهب شيئًا لا ينقسم فيبدأ بالأكبر. (¬2) مناسبتها لباب المساقاة؟ فيه فضل صدقة الماء، والحاجة له، والضرورة له شديدة.

2 - باب من قال: إن صاحب الماء أحق بالماء حتى يروى، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يمنع فضل الماء

قال الحافظ: ... وسيأتي البحث في هذه المسألة في باب «هل ينتفع الواقف بوقفه .. » (¬1). 2 - باب من قال: إن صاحب الماء أحق بالماء حتى يروى، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يمُنع فضل الماء 2353 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يُمنع فضل الماء ليُمْنَع به الكلأ» (¬2). ¬

(¬1) الصواب: له أن ينتفع في السقي، وإن أوقف دارًا لطلبة العلم أو للفقراء فإن افتقر فله الانتفاع. * القهوة والشاي؟ بالأكبر ثم من على يمينه. * الوالدان إن كان في منزله؟ يقدم هو رئيس المجلس، ولا يؤمن الرجل في سلطانه .. إلا بإذنه ولو كان صغيرًا. * عالم صغير السن وفيه أشياخ؟ يبدأ برئيس المجلس. * الأشياب أهل الماء إن كان لهم مكينة واحدة؟ لهم أن يمنعوا، ولهم أن يخرجوا بالأجرة. (¬2) صار شرًا إلى شر؛ فلا يمنع فضل الماء ليتوصل به إلى أن يمنع الانتفاع بالكلأ، والبادية يفعلونه لئلا ينزل عندهم أحد، نعم هم أحق بالماء، لكن الفضل لا يمنعوه. * إحضار المصحف عند الحلف؟ لا أعرف له دليلًا فعله بعض السلف. * الحلف عند المنبر له أصل؟ نعم له أصل، وذكر الشيخ «من حلف عند منبري كاذبًا .. » رواه أحمد وأهل السنن، وهذا خاص بمنبره. - صلى الله عليه وسلم - * الحلف بالمصحف؟ إن أراد كلام الله لا بأس، وإن أراد الورق والجلد لا يجوز.

3 - باب من حفر بئرا في ملكه لم يضمن

3 - باب من حفر بئرًا في ملكه لم يضمن 2355 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المعدن جُبارٌ (¬1)، والبئر جُبارٌ، والعجماء جُبارٌ وفي الرَّكاز (¬2) الخمس». 4 - باب الخصومة في البئر، والقضاء فيها 2356، 2356 - عن عبد الله - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من حلف على يمين يقتطع بها مال امرئ مسلم هو عليها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان، فأنزل الله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا .. الآية}» فجاء الأشعث فقال: ما حدَّثكم أبو عبد الرحمن فيَّ أنزلت هذه الآية، كانت لي بئر في أرض ابن عم لي، فقالي لي: شهودك. قلت مالي ¬

(¬1) جبار: هدر إن كانت في محله في بيته فالغير معتدي فلا يضمن صاحب البيت؛ لأنه ما ظلمهم في بيته لم يحفر في الطريق. * إن دخلوا منزله يضمن؟ إذا كانت البئر واضحة والمعدن واضح لم يضمن، وإن لم يكن واضحًا ضمن، على القواعد الشرعية. (¬2) من وجد الرِّكاز في بيته؟ يخمًّس والأربعة الأخماس الباقية له، والخمس قيل لبيت المال، وقيل للفقراء، وإن دفعه لبيت المال لا حرج. * المدعي إن لم يكن له بينة ليس له إلا اليمين. * من عاهد الله على عدم فعل شيء ثم فعله؟ ليس عليه كفارة، لكن عليه إثم عظيم، يخشى عليه النفاق، قلت: يعني {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ} .. * فيه الحذر من الظلم والأيمان الفاجرة، فالظلم ظلمات يوم القيامة.

5 - باب إثم من منع ابن السبيل من الماء

شهود. قال: فيمينه. قلت يا رسول الله إذًا يحلف. فذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الحديث فأنزل الله ذلك تصديقًا له (¬1). 5 - باب إثم من منع ابن السبيل من الماء 2358 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: رجل كان له فضل ماء بالطريق، فمنعه من ابن السبيل. ورجل بايع إمامه لا يبايعه إلا لدنيا، فإن أعطاه منها رضي، وإن لم يعطه منها سخط. ورجل أقام سلعته بعد العصر فقال: والله الذي لا إله غيره لقت أعطيت بها كذا وكذا، فصدًّقه رجل. ثم قرأ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا}» (¬2). 6 - باب سكر الأنهار 2359، 2360 - عن عروة عن عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما - أنه حدثه «أن رجلًا من الأنصار خاصم الزبير عند النبي - صلى الله عليه وسلم - في شراج الحرَّة التي يسقون بها النخل، فقال الأنصاري: سرَّح الماء يمرّ. فأبى عليه. فاختصما عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للزبير: «اسق يا زُبير ثم ¬

(¬1) وفي لفظ: «وإن كان شيئًا يسيرًا قال: ولو كان قضيبًا من أراك» [رواه مسلم]. (¬2) وفيه الحذر من الأيمان الفاجرة، والبيعة لأجل الدنيا، والحذر من منع الماء في الفلاة لمن يحتاج إليه. * بعد العصر أشد، يختم نهاره بالكذب والظلم. قلت: هذا من تغليظ الأيمان في الأوقات * نقض البيعة يشمل: الخروج عليه، وعدم السمع والطاعة

أرسل الماء إلى جارك». فغضب الأنصاري فقال: أن كان ابن عمتك. فتلوَّن وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم قال: «اسق يا زبير ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر». فقال الزبير: والله إني لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ}» (¬1). قال الحافظ: ... وحكا الواحدي أيضًا وشيخه الثعلبي والمهدوي أنه حاطب ابن أبي بلتعة (¬2). قال الحافظ: ... قوله: (الجدر هو الأصل) (¬3) كذا هنا في رواية المستملي وحده. ¬

(¬1) يدل على شرعية الصلح بين الناس إذا رضوا، وإن لم يرضوا يحكم الحاكم بالحق. * لما قال الأنصاري ما قال حكم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحق، وأن يحبس الماء إلى الجدر، وإذا كان هذا قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم - فالقضاة لا يسلمون بعد هذا والرسول لم يعاقب الرجل، ولم ينقل ذلك، بل صفح، لكن من بعده ليس لهم أن يعفوا عن حقه. - صلى الله عليه وسلم - * ويحتمل أن هذا الرجل منافق، وهذه الكلمة توجب الردة، نسأل الله العافية. (¬2) قال شيخنا: أغلب ظني أنه حاطب بن أبي بلتعة. * «اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم» توفيق لهم وتسديد لهم وتوفيق للتوبة، ليس إذنًا بالمعاصي. * الجرف الذي هو الحد إلى الكعبين، وإن تراضى الناس على غير هذا لا باس، الحق لهم، وإن تنازعوا حكم بحكم الرسول - صلى الله عليه وسلم -. (¬3) سقط من المتن.

9 - باب فضل سقى الماء

9 - باب فضل سقى الماء 2363 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «بينا رجل يمشي فاشتد عليه العطش، فنزل بئرًا يشرب منها، ثم خرج فإذا هو بكلب يلهث يأكل الثري من العطش، فقال: لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ بي فملأ خفه ثم امسك بقيه، ثم رقى فسقى الكلب (¬1)، فشكر الله له فغفر له. قالوا: يا رسول الله وان لنا في البهائم أجرًا؟ قال: في كل كبد رطبة أجر». 2364 - عن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة الكسوف فقال: دنت مني النار حتى قلت أي ربٌ وأنا معهم؟ فإذا امرأة - حسبت أنه قال- تخدُشها هرة. قال: ما شأن هذه؟ قالوا: حبستها حتى ماتت جوعًا». 10 - من رأي أن صاحب الحوض والقربة أحق بمائه 2366 - عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال: «أُتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بقدح فشرب، وعن يمينه غلام هو أحدث القوم، والأشياخ عن يساره، فقال: «يا ¬

(¬1) فسقي بني ادم المعصومين أكمل وأولي، ولاسيما المسلمون. * الحديث الأول في نفع المحتاج، وما فيه من الأجر العظيم، والثاني لبيان عاقبة الظلم، وأن نهايته وخيمة، ولو في البهائم الحقيرة .. ولهذا «اتقوا الظلم .. » وإذا كان هذا في حبس البهائم فكيف بحبس المسلم؟ * الإضراب عن لإطعام إن كان يضر لا يجوز، هذا انتحار، وان كان لا يضر ويحصل له مقصود لا حرج.

11 - باب لا حمي إلا لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -

غلام أتأذن لي أن أعطي الأشياخ؟ » فقال: ما كنت لأوثر بنصيبي منك أحدًا يا رسول الله. فأعطاه إياه (¬1). 2367 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «والذي نفسي بيده لأذودن (¬2) رجالًا عن حوضي كما تُذاد الغربية من الإبل عن الحوض». 2369 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ثلاثة لا يُكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم: رجل حلف على سلعة لقد أعطي بها أكثر مما أعطى وهو كاذب، ورجل حلف على يمين كاذبة بعد العصر (¬3) ليقتطع بها مال رجل مسلم، ورجل منع فضل مائة فيقول الله: اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمل يداك». 11 - باب لا حمي إلا لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - 2370 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن الصعب بن جثامة قال: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا حمى إلا لله ولرسوله». وقال: بلغنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حمى النقيع، وأن عمر حمى الرشف والربذة (¬4). ¬

(¬1) هذا استدلال عجيب! إذا كان الأيمن أحق لكونه عن اليمين فمن كان له قربه فهو أولى، واستنبط هذا المؤلف من باب الأولي فحوى الخطاب. (¬2) حوضه يطرد عنه من لا يستحق هذا وجه الاستنباط، والمذادون جميع الكفار أهل الردة وغيرهم. (¬3) اليمين الفاجرة محرمة مطلقًا، وبعد العصر اشد. (¬4) من قام مقام الرسول له أن يحمي إن رأى المصلحة لدواب المسلمين والصدقة، ويدل عليه «ألا وان لكل ملك حمى» حديث النعمان في الصحيحين، وبشرط المصلحة العامة، لا المصلحة الخاصة.

12 - باب شرب الناس وسقي الدواب من الأنهار

12 - باب شرب الناس وسقي الدواب من الأنهار 2371 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «الخيل لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر. فأما الذي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله فأطال لها في مرج أو روضة، فما أصابت في طيلها ذلك من المرج أو الروضة كانت له حسنات، ولو انه انقطع طيلُها فاستنت شرفًا أو شرفين كانت أثارها وأرواثها حسنات له، ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ولم يُرد أن يسقى كان ذلك حسنات له، فهي لذلك أجر. ورجل ربطها تغنيًا وتعفُفًا ثم لم ينس حق الله في رقابها ولا ظهورها فهي لذلك ستر. ورجل ربطها فخرًا ورياء ونواء لأهل الإسلام فهي على ذلك وزر. وسئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الحمر (¬1) فقال: «ما انزل علىٌ فيها شيء إلا هذه الآية الجامعة (¬2) الفاذة {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}». 2372 - عن زيد بن الجُهني - رضي الله عنه - قال: جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن اللقطة فقال: «اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرّفها سنة، فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها». قال: فضالة الغنم؟ قال: «هي لك أو لأخيك أو للذئب». قال فضالَّة الإبل؟ قال: «مالك ولها؟ معها سقاؤها وحذاؤها، ترد الماء وتأكل الشجر حتى يلقاها ربُّها» (¬3). ¬

(¬1) الحمير: إذا قضى حاجة أخيه على حماره فله أجره. (¬2) يعني: ما تركت شيئًا تدعو المؤمن أن يعمل الخير، ولو كان قليلًا، وان يترك الشر، وإن كان قليلًا. (¬3) المقصود منه (ترد الماء) مما أباح الله .. الناس شركاء في ثلاث: الماء والكلأ والنار وفيه ان اللقطة تملك بعد سنة التعريف. * من وجد ثقة في نفسه في أخذ اللقطة فليأخذها، وإلا فليتركها.

13 - باب بيع الحطب والكلإ

13 - باب بيع الحطب والكلإ 2373 - عن الزبير بن العوام - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لان يأخذ أحدكم حبلًا فيأخذ حزمة من حطب فيبيع فيكف الله بها وجهه خير من أن يسأل الناس أعطى أم منع» (¬1). 2375 - عن على بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: «أصبت شارفًا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مغنم يوم بدر، قال: وأعطاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شارفًا أخري، فأنختهما يومًا عند باب رجل من لأنصار وأنا أريد أن أحمل عليهما إذخرًا لأبيعه، ومعي صائغ من بني قينقاع فأستعين به على وليمة (¬2) فاطمة، وحمزة بن عبد المطلب يشرب (¬3) في ذلك البيت معه قينه. فقالت: ألا يا حمزة للشرف نواء، فثار إليها حمزة بالسيف فجبّ أسنمتهما، وبقر خواصرهما، ثم أخذ من أكبادها- قلت لابن شهاب: ومن السَّنام. قال: قد جبًّ أسنمتهما فذهب بها- قال ابن شهاب قال علي - رضي الله عنه -: فنظرت إلى منظر أفظعني، فأتيت نبي الله وعنده زيد بن حارثة فأخبرته الخبر فخرج ومعه زيد، فانطلقت معه، فدخل على حمزة فتغيًّظ عليه، ¬

(¬1) فيه الحث على الكسب والاستغناء عن الناس .. خشب أو حشيش، يطلب الرزق، ليستغنى عن الناس. (¬2) علي - رضي الله عنه - كان يريد الاحتشاش, لأجل توفير مهر فاطمة - رضي الله عنها -. (¬3) بيان قبح الخمر وعاقبته الوخيمة، وحمزة يشرب قبل أُحد، قبل نزول تحريم الخمر.

14 - باب القطائع

فرفع حمزة بصره وقال: هل أنتم إلا عبيد لآبائي (¬1)! فرجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُقهقر (¬2) حتى خرج عنهم، وذلك قبل تحريم الخمر». 14 - باب القطائع 2376 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقطع من البحرين، قالت الأنصار: حتى تُقطع لإخواننا من المهاجرين مثل الذي تقطع لنا. قال: «سترون (¬3) بعدي أثرة، فاصبروا حتى تلقوني» (¬4). 15 - باب كتابة القطائع 2377 - عن أنس - رضي الله عنه - دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - الأنصار ليقُطع (¬5) لهم بالبحرين، فقالوا: يا رسول الله إن فعلت فاكتب لإخواننا من قريش بمثلها، فلم يكن ذلك عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال إنكم: «سترون بعدي أثرة، فاصبروا حتى تلقوني». ¬

(¬1) لم يذهب السُكر عنه، قلت: قالي ابن القيّم: هذه الكلمة كُفر لولا السُكر. (¬2) خشية أن يفعل حمزة شيئًا، وهذا من الحزم والحذر، فينبغي هذا عند خوف القوم. (¬3) أي ستبتلون انتم وترون من يؤثر عليكم غيركم، ولا يراعي حقكم. (¬4) وهذا يدل على فضل الأنصار ورغبتهم في مواساة وإيثار إخوانهم المهاجرين. (¬5) إقطاع هي أرض زراعية، وهل تم ذلك وأقطع لهم؟ الله أعلم.

16 - باب حلب الإبل على الماء

16 - باب حلب الإبل على الماء 2378 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من حق الإبل أن تُحلب على الماء» (¬1). 17 - باب الرجل يكون له ممر أو شرب في حائط أو في نخل، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من باع نخلًا بعد أن تُؤبَّر فثمرتها للبائع، وللبائع الممر والسقي حتى يرفع، وكذلك رب العرية». 2382 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «رخَّص النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيع العرايا بخرصها من التمر فيما دون خمسة أو سق، أو في خمسة أو سق شك داود في ذلك» (¬2). ¬

(¬1) يحلب على الورود، ويسقى المحتاج، وظاهر الأدلة الوجوب. * تقدم وفيه إطراق فحلها، وإعارة دلوها، وحلبها على الماء. (¬2) والمقصود لابد من طريق يمر فيه، وهو مقصود المؤلف.

43 - كتاب الاستقراض وأداء الديون

43 - كتاب الاستقراض وأداء الديون 1 - باب من اشترى بالدين وليس عنده ثمنه، أو ليس بحضرته 2385 - عن جابر بن عبدا لله - رضي الله عنهما - قال: «غزوت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «كيف ترى بعيدك؟ أتبيعه؟ » قلت: نعم، فبعته إياه. فلما قدم المدينة غدوت إليه البعير، فأعطاني ثمنه» (¬1). 2386 - عن عبد الواحد عن الأعمش قال: «تذاكرنا عند إبراهيم الرهَّن في السَّلم فقال: حدثَّني الأسود عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشترى طعاما من يهودي إلى أجل ورهنه درعا من حديد» (¬2). 2 - باب من أخذ أموال الناس يريد أدائها، أو إتلافها 2387 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذ يريد إتلافها أتلفه الله» (¬3). ¬

(¬1) وفى قصة جابر فوائد: إفقار الظهر، وجواز الشرط، وصلاة ركعتين عند القدوم للمسجد، والمماسكة، وحسن الأخلاق في البيع، وجواز شراء السلطان. (¬2) وفيه: الشراء إلى أجل، وفيه الرهن، وفيه الشراء من الكافر، ولا موالاة في ذلك. وفيه: أنه مات ودرعه مرهونة في طعام لأهله. (¬3) هذا فيه الحث على النية الصالحة عند المداينة، أخذها ليتزوج, .. ونيته أن يوفى يوفي الله عنه. * أتلفه الله: عام في الدنيا والآخرة، وهذا من باب الوعيد.

3 - باب أداء الديون

3 - باب أداء الديون 2388 - عن أبى ذر - رضي الله عنه - قال: «كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما أبصر يعنى أحُدا - قال: ما أحب أنه تحول لي ذهبا يمكث عندي منه دينار فوق ثلاث إلا دينارا أرصده لدين. ثم قال: إن الأكثرين هم الأقلون (¬1)، إلا من قال بالمال هكذا وهكذا- وأشار أبو شهاب بين يديه وعن يمينه وعن شماله وقليل ما هم. وقال: مكانك، وتقدم غير بعيد فسمعت صوتا، فأردت أن أتيه. ثم ذكرت قوله: مكانك حتى أتيك. فلما جاء قلت: يا رسول الله، الذي سمعت- أو قال: الصوت الذي سمعت - قال: وهل سمعت؟ قلت: نعم، قال: أتاني جبريل - عليها السلام - فقال: من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة، قلت: ومن (¬2) فعل كذا وكذا؟ قال: نعم». 4 - باب استقراض الإبل قال الحافظ: ... وأن من عليه دين لا ينبغي له مجافاة (¬3) صاحب الحق وإن من أساء الأدب على الإمام كان عليه التعزيز بما يقتضيه الحال ... ¬

(¬1) أكثر أهل الجنة الفقراء، والأغنياء أقل. * الفقر لا يعتمده، وإن ابتلي به الصبر. * الغني الشاكر أفضل من الفقير الصابر؛ لأن الغني جاءته الشرور والفت فسلمه الله ووفقه. (¬2) في رواية وإن. فيهما الحث على النفقة والجود في الخير، والدين أولى؛ لأنه شيء لازم {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ}. (¬3) فيه الحلم والتحمل، وإن أساء الأدب.

5 - باب حسن التقاضي

5 - باب حسن التقاضي 2391 - عن حذيفة - رضي الله عنه - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مات رجل، فقيل له: ما كنت تقول؟ قال: كنت أبايع الناس: فأتجوز عن الموسر وأخفف عن المعسر (¬1). فغفر له» قال أبو مسعود: سمعته عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. 6 - باب هل يعطى أكبر من سنه؟ 2392 - عن أبى هريرة - رضي الله عنه - أن رجلا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يتقاضاه بعيرًا، قال: قال رسول الله: «أعطوه». فقال: لا نجد إلا سنًا أفضل من سنَّه، فقال الرجل: أوفيتني أوفاك الله. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أعطوه، فإن من خيار الناس أحسنهم قضاء» (¬2). 7 - باب حسن القضاء 2393 - عن أبى هريرة - رضي الله عنه - قال: كان لرجل على النبي - صلى الله عليه وسلم - سن من الإبل، فجاءه يتقاضاه، فقال: «أعطوه». فطلبوا سنَّه فلم يجدوا إلا سنًا فوقها، فقال: «أعطوه». فقال: أوفيتني أوفى الله بك. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن خياركم أحسنكم (¬3) قضاء». ¬

(¬1) وهذا يدل على أن التجاوز عن المعسرين من أسباب المغفرة، حتى الموسر قد تكون أمواله غير حاضرة فيتجاوز عنه. (¬2) وهذا من علامات حسن الخلق. * قال الشيخ: روى عنه أن اقترض 30 أو 40 وسقا وقضى 60 أو 80، ذكرها ابن القيم في الهدى. (¬3) داخل في قوله تعالى: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}.

8 - باب إذا قضى دون حقه أو حلله فهو جائز

2394 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: «أتيت النبي وهو في المسجد -قال مسعر: أراه قال ضحى- فقال: صل ركعتين (¬1). وكان لي عليه دين فقضاني وزادني». 8 - باب إذا قضى دون حقه أو حلله فهو جائز 2395 - عن ابن كعب بن مالك أن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أخبره أن أباه قتل يوم أحد شهيدًا وعليه دين، فاشتد الغرماء في حقوقهم، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فسألهم أن يقبلوا تمر حائطي ويحللوا أبي فأبوا، فلم يعطهم النبي - صلى الله عليه وسلم - حائطي وقال: سنغدو عليك، فغدا علينا حتى أصبح، فطاف في النخل ودعا في ثمرها بالبركة، فجددتها فقضيتهم، وبقى لنا من تمرها (¬2). 9 - باب إذا قاص، أو جازفه في الدين تمرا بتمر أو غيره 2396 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أنه أخبره «أن أباه توفى وترك عليه ثلاثين وسقا لرجل من اليهود، فاستنظره جابر، فأبى أن ينظره، فكلم ¬

(¬1) وفيه الأمر بتحية المسجد. * من دخل المسجد على غير وضوء؟ يجلس معذور. ما يجب عليه الوضوء؟ لا. (¬2) وهذا من فضل الله أوفاه وبقي خير كثير، إن تيسر الصلح يضع الدائن، ويعجل المدين، جاز. * والصواب: يضع، تعجل ضع مائتين وأوفيك قبل شهر مثلاً، فيه مصلحة للطرفين، فهذا جائز. أهل الدين يعطون الموجود وينتظرون الباقي ويُنظر المعسر.

10 - باب من استعاذ من الدين

جابر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليشفع له إليه، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكلم اليهودي ليأخذ تمر نخله بالتي له فأبى (¬1)، فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النخل فمشى فيها، ثم قال لجابر: جد له فأوف له الذي له، فجده بعدما رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأوفاه ثلاثين وسقا، وفضلت له سبعة عشر وسقا، فجاء جابر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليخبره بالذي كان فوجده يصلى العصر، فلما انصرف أخبر بالفضل، فقال: أخبر ذلك ابن الخطاب، فذهب جابر إلى عمر فأخبره، فقال له عمر: لقد علمت حين مشى فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليباركن فيها». 10 - باب من استعاذ من الدين 2397 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو في الصلاة ويقول: «اللهم إني أعوذ بك من المأثم (¬2) والمغرم». فقال له قائل: ما أكثر ما تستعيذ يا رسول الله من المغرم؟ قال: «إن الرجل إذا غرم حدث فكذب ووعد فأخلف» (¬3). ¬

(¬1) اليهود أهل لؤم، هذا النبي أمير، وأفضل، الخلق يشفع عند اليهود فيرده اليهودي! . * رد اليهودي صار بركة لجابر فضل 17 وسقا، ولو رضي اليهودي ما فضل شيء. (¬2) المأثم مصدر ميمي يدعو في أخر الصلاة .. قد تضطره الظروف يخاف من الحبس فيكذب، خشية العقوبة. (¬3) هذا واقع.

11 - باب الصلاة على من ترك دينا

11 - باب الصلاة على من ترك دينًا 2399 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما من مؤمن إلا وأنا أولى به في الدنيا والآخرة. اقرؤوا إن شئتم {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}، فأيما مؤمن مات وترك مالًا فليرثه عصبته من كانوا، ومن ترك دينًا (¬1) أو ضياعًا فليأتني، فأنا مولاه». قال الحافظ: ..... وأشار به إلى بقيته وهو أنه كان لا يصلى على من عليه دين، فلما فتحت الفتوح صار يصلي عليه (¬2). 12 - باب مطل الغني ظلم 2400 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مطل الغني ظلم» (¬3). 13 - باب لصاحب الحق مقال ويذكر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لي الواجد يحل عقوبته وعرضه». ¬

(¬1) فإليَّ ... وهل هذا عام لجميع الولاة أم خاص به - صلى الله عليه وسلم -؟ قولان، والقول بالعموم قول قوي، لأن هذا من المصالح التي يراعيها ولي الأمر وأعظم المصالح قضاء الديون، وهذا القول أظهر في الدليل إن كان في بيت المال سعة، والقول بالخصوص ليس بواضح. (¬2) قال شيخنا مثله. (¬3) والمعنى لا يجوز للغني مطل الدين وتأخيره، فالواجب على القادر البذل، بل هو ظلم، ولهذا في الرواية الأخرى: لي الواجد يحل عرضه). * هل يأخذ حقه من المماطل؟ إن كان سبب الحق ظاهرًا كما في قصة هند مع أبي سفيان، وكما لو منع الضيف قراه ... قلت: هي مسألة الظفر، وهذا اختيار الشيخ. إن كان سبب الحق ظاهرًا لا يخون الآخذ فيأخذ ....... قلت: وهو اختيار الشيخ تقي، الدين وانظر مجموع الفتاوى (30/ 371 - 374). وآخر مسألة في كتاب ابن اللحام في القواعد.

14 - باب إذا وجد ماله عند مفلس في البيع والقرض والوديعة فهو أحق به

2401 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - «أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل يتقاضاه فأغلظ له، فهم به أصحابه فقال: دعوه فإن لصاحب الحق مقالًا» (¬1). قال الحافظ: ........... (عرضه شكايته) وقال كل منهما: عقوبته حبسه (¬2). 14 - باب إذا وجد ماله عند مفلس في البيع والقرض والوديعة فهو أحق به 2402 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من أدرك ماله بعينه عند رجل أو إنسان قد أفلس فهو أحق به من غيره» (¬3). ¬

(¬1) فينبغي التسامح معه، لأجل أن له مقالًا. له أن يقول ويتكلم، لكن ليس له أن يتكلم بما لا يجوز. (¬2) العقوبة أعم من الحبس، قد تكون ضربًا أو توبيخًا. (¬3) الإفلاس عجز عن الوفاء، وقل ماله حتى لا يقدر على قضاء الديون، فيحجر عليه. * إذا تغير ماله بعض الشيء؟ لا كما لو حملت الجارية ........ فليس له وحده بل هو أسوة الغرماء. * إذا استلم بعض القيمة عل الخلاف، فإن صح الأثر هنا فهو أسوة بالغرماء كذلك.

15 - باب من أخر الغريم إلى الغد أو نحوه ولم ير ذلك مطلا

15 - باب من أخر الغريم إلى الغد أو نحوه ولم ير ذلك مطلاً وقال جابر: «اشتد الغرماء في حقوقهم في دين أبي، فسألهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقبلوا تمر حائطي فأبوا، فلم يعطهم الحائط ولم يكسره لهم وقال: «سأغدو عليكم غدًا»، فغدا علينا حين أصبح فدعا في ثمرها بالبركة، فقضيتهم» (¬1). 16 - باب من باع مال المفلس أو المعدم فقسمه بين الغرماء، أو أعطاه حتى ينفق على نفسه 2403 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: «أعتق رجل غلامًا له عن دبر فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من يشتريه مني؟ » فاشتراه نعيم بن عبد الله، فأخذ ثمنه فدفعه إليه» (¬2). 17 - باب إذا أقرضه إلى أجل مسمى، أو أجله في البيع وقال ابن عمر في القرض إلى أجل: لا بأس به وإن أعطي أفضل من دراهمه ما لم يشترط. وقال عطاء وعمرو بن دينار: هو إلى أجله في القرض (¬3). ¬

(¬1) التأخير لأسباب .. لا يسمى مطلًا ما دام لمصلحة المدينين، أو لمصلحة المال. (¬2) العتق المعلق لا يمنع التصرف ولا ينفذ، فله التصرف به قبل ذلك، وكذلك الوقف المعلق والوصية: إن مت فهي وقف، له الرجوع، لهذا الحديث الصحيح. (¬3) إذا أقرضه إلى أجل لزم الشرط، وإن أعطاه زيادة على المال بدون شرط فهذا من المحاسن (خياركم أحسنكم قضاء).

18 - باب الشفاعة في وضع الدين

18 - باب الشفاعة في وضع الدين 2405 - عن جابر - رضي الله عنه - قال: «أصيب عبد الله وترك عيالًا ودينًا، فطلبت إلى أصحاب الدين أن يضعوا بعضًا من دينه فأبوا، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستشفعت به عليهم فأبوا. فقال: صنف تمرك كل شيء منه على حدته: عذق ابن زيد على حدة، واللين على حدة، والعجوة على حدة، ثم أحضرهم حتى آتيك ففعلت. ثم جاء - صلى الله عليه وسلم - فقعد عليه، وكال لكل رجل حتى استوفى، وبقى التمر كما هو كأنه لم يمس» (¬1). 2406 - وغزوت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - على ناضح لنا، فأزحف الجمل فتخلف علي فوكزه النبي - صلى الله عليه وسلم - من خلفه. قال: «بعينه ولك ظهره إلى المدينة». فلما دنونا استأذنت قلت: يا رسول الله إني حديث عهد بعرس قال - صلى الله عليه وسلم -: «فما تزوجت، بكرًا أم ثيبًا؟ » قلت: ثيبًا، أصيب عبد الله وترك جواري صغارًا فتزوجت ثيبًا تعلمهن وتؤدبهن. ثم قال: «ائت أهلك». فقدمت فأخبرت خالي ببيع الجمل فلامني، فأخبرته بإعياء الجمل، وبالذي كان من النبي - صلى الله عليه وسلم - ووكزه إياه. فلما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - غدوت إليه بالجمل، فأعطاني ثمن الجمل والجمل وسهمي مع القوم» (¬2). ¬

(¬1) الغرماء من اليهود ولم يقبلوا شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم -. * ففيه طلب الشفاعة في الغض من الدين. * وكرمه وتواضعه صلى لله عليه وسلم حيث شفع. * وفيه لؤم اليهود وخبثهم. * وفيه إنزال البركة في التمر، حيث بقي كما هو بعد ماقضى الغرماء. (¬2) الشرطان لا، بل ممنوع مثل: حمل الحمل وتكسيره مع بيعه، فهنا شرطان، إنما شرط واحد جائز (بعدما سألته).

19 - باب ما ينهي عن إضاعة المال، وقول الله تعالى: {والله لا يحب الفساد}

19 - باب ما ينهي عن إضاعة المال، وقول الله تعالى: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} و{لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ}، وقال في قوله تعالى: {أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ}، وقال تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} وما ينهى عن الخداع 2407 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: «قال رجل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إني أخدع في البيوع، فقال: «إذا بايعت فقل لا خلابة». فكان الرجل يقوله» (¬1). 2408 - عن المغيرة بن شعبة قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنع وهات. وكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال» (¬2). ¬

(¬1) * فيه جواز بيع الرئيس الكبير والمكاسرة. * وفيه حسن خلقه، وطيب أخلاقه - صلى الله عليه وسلم -. * وفيه جواز البيع مع الشرط الشرعي. * جوده - صلى الله عليه وسلم -، حيث دفع البعير مع اثمن والزيادة. الرجل كان يخدع فيه ضعف، فكان يقول هذا، فإذا خدع كان له الخيار. (¬2) ولأن إضاعة المال من الإفساد ومن السفه (ولا تؤتوا السفهاء .. ). الكراهة كراهة تحريم. كثرة السؤال فسر بالمال، وفسر بسؤال أهل العلم على وجه الإيذاء والتعنيت.

20 - باب العبد راع في مال سيده ولا يعمل إلا بإذنه

20 - باب العبد راع في مال سيده ولا يعمل إلا بإذنه 2409 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «كلكم راع ومسئول عن رعيته: فالإمام راع، وهو مسئول عن رعيته، والرجل في أهله راع، وهو مسئول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية، وهي مسئولة عن رعيتها. والخادم في مال سيده راع، وهو مسئول عن رعيته. قال فسمعت هؤلاء من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأحسب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: والرجل في مال أبيه راع وهو مسئول عن رعيته. فكلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته» (¬1). ¬

(¬1) هذا حديث عظيم له شأن، من جوامع الكلم، فالسلطان والأمراء وشيوخ القبائل والمدرس ورئيس الشركة والرجل في بيته في بناته في أولاده مسؤول عن ذلك، وعن دواب البيت هل أدى حقها .... إلخ. *وبهذا تصلح الأمور عند التزام أمر الله، وعند الإخلال تقع المفاسد .... ، كما هو واضح.

44 - كتاب الخصومات

44 - كتاب الخصومات 1 - باب ما يذكر في الإشخاص، والخصومة بين المسلم واليهود 2410 - عن عبد الله بن ميسرة عن النزال بن سبرة سمعت عبد الله يقول: سمعت رجلًا قرأ آية سمعت من النبي - صلى الله عليه وسلم - خلافها، فأخذت بيده فأتيت به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «كلاكما محسن». قال شعبة أظنه قال: «لا تختلفوا، فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا» (¬1). 2411 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: استب رجلان: رجل من المسلمين ورجل من اليهود، فقال المسلم: والذي اصطفى محمدًا على العالمين، فقال اليهودي: والذي اصطفى موسي على العالمين. فرفع المسلم يده عند ذلك فلطم وجه اليهودي. فذهب اليهودي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بما كان من أمره وأمر المسلم، فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - المسلم فسأله عن ذلك، فأخبره. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تخيروني على موسى، فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأصعق معهم فأكون أول من يفيق، فإذا موسى باطش جنب العرش، فلا أدري أكان فيمن صعق فأفاق قبلي، أو كان ممن استثنى الله» (¬2). 2412 - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: بينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس جاء يهودي فقال: يا أبا القاسم ضرب وجهي رجل من أصحابك. فقال: «من؟ » قال: رجل من الأنصار. قال: ادعوه فقال: «أضربته؟ » قال: ¬

(¬1) وفيه ذم الاختلاف، بل بالتفاهم والكلام الحسن، لا الافتراق والنزاع. (¬2) هو أفضل الناس، ولكن نهى عن المفاضلة المفضية إلى النزاع، كما هنا، ومحمد وموسى كلاهما مصطفى عليهما الصلاة والسلام.

سمعته بالسوق يحلف: والذي اصطفى موسى على البشر، قلت: أي خبيث، على محمد - صلى الله عليه وسلم -؟ فأخذتني غضبة ضربت وجهه. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تخيروا بين الأنبياء، فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من تنشق عنه الأرض (¬1)، فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش، فلا أدري أكان فيمن صعق، أم حوسب بصعقة الأولى» (¬2). 2413 - عن أنس - رضي الله عنه - «أن يهوديًا رضً رأس جارية بين حجرين. قيل: من فعل هذا بك، أفلان أفلان؟ حتى سمى اليهودي فأومأت برأسها، فأخذ اليهودي فاعترف، فأمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - فرضَ رأسه بين حجرين» (¬3). ¬

(¬1) لعله قال هذا وهذا، وهذه صعقة التجلي. (¬2) هذه منقبة لموسى وإلا هو أفضل من موسى. * لعلها وهم من بعض الرواة. (¬3) أخذ اليهودي بالدعوى فصار متهًا فلما أقرّ اقتص منه النبي - صلى الله عليه وسلم -. إذا أحرق يحرق؟ لا بل يقتل بالسيف. وفي الحديث: - لؤم اليهود وشرهم. - انتصافه للجارية. - العمل بالإشارة عند الحاجة. - أن قتل الغيلة لا رجوع فيها للأولياء؛ لأنه خديعة، سدًا التعدي. - وفيه القصاص بالمثل إذا رض رض، وإذا خنق يخنق.

2 - باب من رد أمر السفيه والضعيف العقل، وإن لم يكن حجر عليه الإمام

قال الحافظ: ................ قوله: (بسم الله الرحمن الرحيم. ما يذكر في الإشخاص (¬1) والخصومة بين المسلم واليهود). 2 - باب من ردَ أمر السفيه والضعيف العقل، وإن لم يكن حجر عليه الإمام ويذكر عن جابر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ردَ على المتصدق قبل النهي، ثم نهاه، وقال مالك: إذا كان لرجل (¬2) مال وله عبد ولا شيء له غيره فأعتقه لم يجز عتقه (¬3). ¬

(¬1) أحضروا اليهودي والأنصاري، فهذا الأشخاص. (¬2) صوابه: إذا لم يكن له مال. (¬3) فيه: أن الموصي له الرجوع. - الأقرب أن هذا من باب المشورة، ليس من باب الحجر العام، لأن هذا يشق عليه وعلى الناس إنما عذره لأنه رشيد عاقل. - مراد البخاري بيان حال الناس في الصدقة والعتق وأنواع التبرع، وأن الإنسان متى عرف أنه فقير وليس له ما يقوم بحاله أو يقضي دينه أنه يمنع من التصرف، ويرد ولا يمضي، حفظًا لماله، لأنه كالسفيه، ولهذا جاء الحجر على من قل ماله، أو ظهر منه سوء التصرف. - المشهور أن تصرفات الرشيد ماضية، ولو كان قليلًا وعليه ديون، إلا أن يحجر عليه ولي الأمر، وعليه العمل، وهو قول الجمهور.

4 - باب كلام الخصوم بعضهم في بعض

4 - باب كلام الخصوم بعضهم في بعض 2416 - 2417 - عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من حلف على يمين وهو فيها فاجر ليقتطع بها مال أمرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبا». قال فقال الأشعث: فيَ والله كان ذلك. كان بيني وبين رجل من اليهود أرض، فجحدني، فقدمته إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال لي رسول الله: «ألك بينة؟ » قلت لا. قال فقال لليهودي: أحلف. قال: قلت يا رسول الله إذن يحلف ويذهب بمالي. فأنزل الله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} إلى آخر الآية» (¬1). 2418 - عن عبد الله بن كعب بن مالك عن كعب - رضي الله عنه - أنه تقاضى ابن أبي حدرد دينًا كان له عليه في المسجد، فارتفعت أصواتهما حتى سمعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في بيته، فخرج إليهما حتى كشف سجف حجرته فنادى: «يا كعب» قال: لبيك يا رسول الله، قال: «ضع من دينك هذا» (¬2) -وأومأ إليه أي الشطر- قال: لقد فعلت يا رسول الله قال: «قم فاقضه» (¬3). 2419 - عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: «سمعت هشام بن ¬

(¬1) هذا يبين أن القاعدة: (البينة على المدعي واليمين على من أنكر) ولو اختلفت الديانات، ومن ذلك قصة الزبير مع اليهودي. (¬2) لو اتفقوا على وضع بعض الدين مع التعجيل فالصواب جوازه، وفيه قصة بني النضير، والمنع يحكيه البعض عن الجمهور، والصواب جوازه، لأن فيه مصلحة للطرفين. (¬3) هذا من باب الإصلاح بينهم.

5 - باب إخراج أهل المعاصي والخصوم من البيوت بعد المعرفة

حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان على ما أقرؤها، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقرأنيها، وكدت أن أعجل عليه، ثم أمهلته حتى انصرف، ثم لببته بردائه فجئت به رسول الله صلى لله عليه وسلم فقلت: إني سمعت هذا يقرأ على غير ما أقرأينها. فقال لي: أرسله. ثم قال له: اقرأ فقرأ. قال: هكذا أنزلت. ثم قال لي: اقرأ. فقرأت. فقال: هكذا أنزلت، إن القرآن أنزل على سبعة أحرف (¬1)، فاقرءوا منه ما تيسرَ». 5 - باب إخراج أهل المعاصي والخصوم من البيوت بعد المعرفة وقد أخرج عمر أخت أبي بكر حين ناحت 2420 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم أخالف إلى منازل قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم» (¬2). قال الحافظ: ..... «فجعل يخرجهن امرأة امرأة وهو يضربهن بالدرة» (¬3). ¬

(¬1) الأحرف المراد بها: الاختلاف في الكلمات والألفاظ مع اتحاد المعنى، مثل: سميع عليم، سميع بصير، ثم جمعوا على حرف واحد في عهد عثمان. المقصود من هذا الباب: تجنيب البيوت شر العصاة وإخراجهم، وقد هم النبي - صلى الله عليه وسلم - بإحراق بيوت المتخلفين، والإخراج أسهل، وأمر بإخراج المخنثين من البيوت، فالفاسون والعصاة يخرجون من البيوت حتى لا يفسدوا بقية من في البيت، وهذا كله إذا لم يستجيبوا للنصيحة. اجتمعن على النياحة ففرقهن عمر. (¬2) المقصود من هذا الباب: تجنيب البيوت شر العصاة وأخراجهم، وقد همّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بإحراق بيوت المتخلفين، والإخراج أسهل، وأمر بإخراج المخنثين من البيوت؛ فالفاسدون والعصاة يخرجون من البيوت حتى لا يفسدوا بقية من في البيت، وهذا كله إذا لم يستجيبوا للنصيحة. (¬3) اجتمعن على الناحية ففرقهن عمر.

6 - باب دعوى الوصي للميت

6 - باب دعوى الوصيِّ للميت 2421 - عن عائشة - رضي الله عنها - أن عبد بن زمعة وسعد بن أبي وقاص اختصما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في ابن أمة زمعة، فقال سعد: يا رسول الله أوصاني (¬1) أخي إذا قدمت أن أنظر ابن أمة زمعة فأقبضه فإنه ابني. وقال عبد بن زمعة: أخي وابن أمة أبي، ولد على فراش أبي. فرأى النبي - صلى الله عليه وسلم - شبهًا بيِّنًا بعتبة، فقال: هو لك يا عبد بن زمعة، الولد للفراش (¬2). واحتجبي منه يا سودة». 7 - باب التوثق ممن تخشى معرَّته وقيد ابن عباس عكرمة على تعلم القرآن والسُّنن والفرائض (¬3). 2422 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيلًا قِبل نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثُمامة بن أُثال سيد أهل اليمامة، فربطوه بسارية من سواري المسجد. فخرج إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما عندك يا ثُمامة؟ قال: عندي يا محمد خير-فذكر الحديث- فقال: أطلقوا ثُمامة». ¬

(¬1) الوصية في الجاهلية تنفذ أن وافقت الشرع، ولهذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - عمر بوفاء نذر الاعتكاف وقد عقده في الجاهلية. (¬2) الولد للفراش, ولا يلتفت للشبه، والعاهر له الحجر. (¬3) وهذا من باب التأديب، لأن الشاب قد يعرض له الطيش فيضيع وقته، فإذا حبسه وليه أو منعه فلا بأس, لأن هذا في مصلحته، مثل ما فعل ابن عباس مع عكرمة، فصارت عاقبة عكرمة الإمامة في التفسير.

8 - باب الربط والحبس في الحرم

قال الحافظ: .... وصلة ابن سعد في الطبقات وأبو نعيم في الحلية (¬1). 8 - باب الربط والحبس في الحرم واشترى نافع بن عبد الحارث دارًا للسجن بمكة من صفوان بن أمية على إن رضي عمر فالبيع بيعه، وإن لم يرض عمر فلصفوان أربعمائة دينار. وسَجَنَ ابن الزبير بمكة (¬2). 2423 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - خيلًا قِبل نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثُمامة بن أُثال، فربطوه بسارية من سواري المسجد» (¬3). 9 - باب في الملازمة 2424 - حدثني الليث قال: حدثني جعفر بن ربيعة -عن عبد الله (¬4) بن هُرمز عن عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري «عن كعب بن مالك - رضي الله عنه - أنه كان له على عبد الله بن أبي حدرد الأسلميِّ دين، فلقيه فلزمه، فتلكما حتى ارتفعت أصواتهما، فمر بهما النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «يا كعب» - وأشار بيده كأنه يقول: النصف - فأخذ نصف ما عليه وترك نصفًا». ¬

(¬1) قلت: والدرامي في سننه برقم 559 (1/ 113) ط. مدني، وعلق عليه شيخنا هناك بقوله: ليحبسه عن اللعب. (¬2) الأربعمائة عربون، إن رضي عمر البيع فهي منه، وإلا فهي للبائع، جزاء للتأخير، والصحيح جواز هذا. (¬3) مكة وإن كانت حرمًا يجوز فيها السجن والتقييد؛ لأن الممنوع الظلم والقتل بغير حق، أما بحق فلا بأس فمن زنى محصنًا رُجم، ومن سرق قطع. (¬4) صوابه عبد الرحمن بن هرمز وكذا في العيني.

45 - كتاب في اللقطة

45 - كتاب في اللقطة 1 - باب إذا أخبره ربُّ اللقطة بالعلامة دفع إليه 2426 - عن سلمة سمعت سويد بن غفلة قال: لقيت أبيِّ بن كعب - رضي الله عنه - قال: «أصبت صُرَّة فيها مائة دينار، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال عرِّفها حولًا، فعرَّفتها حولًا فلم أجد من يعرفها، ثم أتيته فقال: عرِّفها حولًا، فعرَّفتها فلم أجد، ثم أتيته ثلاثًا (¬1) فقال: احفظ وعاءها وعددها ووكاءها، فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها، فاستمتعت. فلقيته بعد بمكة فقال: لا أدري ثلاثة أحوال أو حولًا واحدًا». قال الحافظ: في رواية حماد بن سلمة وسفيان الثوري وزيد بن (¬2) أنيسة. 2 - باب ضالة الإبل 2427 - عن زيد بن خالد الجهني - رضي الله عنه - قال: «جاء أعرابي النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله عما يلتقطه فقال: «عرِّفها سنة، ثم اعرف عفاصها ووكاءها، فإن جاء أحد يخبرك بها وإلا فاستنفقها». قال: يا رسول الله فضالة الغنم؟ قال: «لك أو لأخيك أو للذئب» (¬3). قال: ضالة الإبل؟ فتمعَّر وجه النبي ¬

(¬1) استقرت السُّنة الواحدة؛ ولهذا قال: لا أدري ثلاثة أحوال على الشك. - في الحول هي ونماؤها لصاحبها، وبعد الحول نماؤها (المنفصل) للملتقط. - نفقة التعريف إن نوى الرجوع إليه يرجع؟ (¬2) أبي. (¬3) لكن تُعرَّف والضالة: خاص بالحيوانات.

3 - باب ضالة الغنم

- صلى الله عليه وسلم - فقال: «مالك ولها؟ معها حذاؤها وسقاؤها، ترد الماء وتأكل الشجر». 3 - باب ضالة الغنم 2428 - عن زيد بن خالد - رضي الله عنه - يقول: «سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن اللُّقطة فزعم أنه قال: اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرِّفها سنة (يقول يزيد إن لم تُعرف استنفق بها صاحبها، وكانت وديعة عنده. قال يحيى: فهذا الذي لا أدري أفي حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم هو شيء من عنده). ثم قال: كيف ترى في ضالة الغنم؟ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: خذها (¬1)، فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب (قال يزيد: وهي تعرُّف أيضًا). ثم قال: كيف ترى في ضالة الإبل؟ قال فقال: دعها، فإن معها حذاءها وسقاءها، ترد الماء وتأكل الشجر حتى يجدها ربها». 5 - باب إذا وجد خشبة في البحر أو سوطًا أو نحوه 2430 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - «عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه ذكر رجلًا من بني إسرائيل- وساق الحديث- فخرج ينظر لعل مركبًا قد جاء بماله، فإذا هو بالخشبة فأخذها لأهله حطبًا، فلما نشرها وجد المال والصحيفة» (2). ¬

(¬1) عند مسلم: (من آوى ضالة فهو ضال ما لم يعرفها) قلت: من حديث زيد بن خالد الجهني. يدل على أن الأفضل الالتقاط إن وثق من نفسه. وذكره الشيخ مطولًا، وقال الشيء القليل لا بأس بالتقاطه ولا يُعرِّفه، كالخشبة والحبل والسوط، أو شيء لا أهمية، وفيه حديث وإنه وجد تمرة في الطريق. فقال: لولا أني أخشى أن تكون من تمر الصدقة لأكلتها.

6 - باب إذا وجد تمرة في الطريق

6 - باب إذا وجد تمرة في الطريق 2432 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إني لأنقلب إلى أهلي، فأجد التمرة ساقطة على فراشي فأرفعها لآكلها، ثم أخشى أن تكون صدقة فأُلقيها». قال الحافظ: ... كأنه أشار بذلك إلى إثبات لقطة الحرم (¬1). قال الحافظ: ... واستدل به على جواز تعريف الضالة في المسجد الحرام. ¬

(¬1) فائدة: جزم شيخنا أن لقطة المدينة كلقطة مكة لا تملك، بل تعرَّف أبدًا. قلت: يؤيده ما رواه أبو داوود في سننه (عون 6/ 20) قال أبو داود حدثنا ابن المثنى أخبرنا عبد الصمد أخبرنا همام أخبرنا قتادة عن أبي حسان عن علي .. وفيه: (ولا تلتقط لقطتها إلا لمن أنشدها) وانظر أضواء البيان (2/ 161) وانظر الهدى لابن القيم (3/ 454) وأبو حسان هو الأعرج ثقة من رجال مسلم. - تقدم أن هذا من باب الورع؛ ولأنها أوساخ الناس. - وهذا خاص بالحرمين أن لقطة الحرم لا تملك؛ بل تعرَّف أبدًا، وهكذا حرم المدينة، وأن الله حرَّم المدينة كما حرَّم إبراهيم مكة، فمن لم يقدر يدفعها للهيئات المسئولة. حديث: «نهى عن لقطة الحاج» لعل هذا محمول على الحرمين (بعد ما سألته) ومحتمل أعم لدروب الحجاج، وحديث: «نهى عن لقطة الحاج» رواه مسلم. ليس بجيد.

8 - باب لا تحتلب ماشية أحد بغير إذنه

8 - باب لا تُحتلب ماشية أحد بغير إذنه 2435 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يحلبُنَّ أحد ماشية امرئ بغير إذنه، أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته فتُكسر خزائنه فيُنتقل طعامه؟ فإنما تخزُنُ لهم ضروع ماشيتهم أطعماتهم، فلا يحلبُنَّ أحد ماشية أحد إلا بإذنه» (¬1). 10 - باب هل يأخذ اللقطة ولا يدعها تضيع حتى لا يأخذها من لا يستحق؟ 2437 - عن سويد بن غفلة قال: كنت مع سلمان بن ربيعه وزيد بن صوحان في غزاة، فوجدت سوطًا (¬2)، فقالا لي: ألقه، قلت: لا، ولكني إن وجدت صاحبه وإلا استمتعت به. فلما رجعنا حججنا، فمررت بالمدينة، فسألت أبيَّ بن كعب - رضي الله عنه - فقال: وجدت صُرَّة على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها مائة دينار، فأتيت بها النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال «عرِّفها حولًا»، فعرَّفتها حولًا. ثم أتيت فقال: «عرِّفها حولًا»، فعرَّفتها حولًا، ثم أتيته فقال: «عرِّفها حولًا»، فعرَّفتها حولًا. ثم أتيته الرابعة فقال: «اعرف عدَّتها ووكاءها ووعائها، فإن جاء صاحبها وإلا استمتع بها». 11 - باب من عرَّف اللقطة ولم يدفعها إلى السلطان 2438 - عن زيد بن خالد - رضي الله عنه - «أن أعرابيًا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن اللقطة، قال: «عرِّفها سنة، فإن جاء أحد يخبرك بعفاصها ووكاءها وإلا ¬

(¬1) وهذه إذا كانت عند مالكها، أما إذا كانت ضالة فتحلب؛ لأن بقاءه يضرها. (¬2) السوط في الغالب أنه يتساهل فيه؛ ولعل هذا سوط له قيمة. سألت الشيخ عن 10 ريالات أو 50 ريالًا؟ قال: بحسب الأحوال، قد تكون في زمن لها قيمة.

12 - باب

فاستنفق بها». وسأله عن ضالة الإبل فتمعَّر وجهه وقال: «مالك ولها؟ معها سقاؤها وحذاؤه، ترد الماء وتأكل الشجر، دعها حتى يجدها ربُّها». وسأله عن ضالة الغنم فقال: «هي لك، أو لأخيك أو للذئب» (¬1). 12 - باب 2439 - عن أبي بكر - رضي الله عنه - قال: «انطلقت فإذا أنا براعي غنم يسوق غنمه فقلت: لمن أنت؟ قال: لرجل من قريش - فسماه فعرفته- فقلت: هل في غنمك لبن؟ فقال: نعم. فقلت هل أنت حالب لي؟ قال: نعم. فأمرته فاعتقل شاة من غنمه، ثم أمرته أن ينفُض ضرعها من الغبار، ثم أمرته أن ينفض كفيه فقال هكذا - ضرب إحدى كفيه بالأخرى- فحلب كُثبة من لبن، وقد جعلت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إداوة، على فيها خرقة، فصببت على اللبن حتى برد اسفله، فانتهيت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: اشرب يا رسول الله، فشرب حتى رضيت» (¬2). ¬

(¬1) جميع روايات زيد بن خالد دالة على وجوب تعريف اللقطة، والمؤلف كرره للفائدة. - لا يلزم دفعها للسلطان؛ ولهذا قال (كسبيل مالك). - في السنة الأولى لصاحبها، ولو ولدت فالولد له. - في السنوات الأخرى فنماؤها للملتقط. - قال الشيخ: يشهد على اللقطة ويكتبها ويضبطها، فإن النفس أمارة بالسوء. (¬2) وهذا الحديث في طريق الهجرة مرّ براعي غنم لقريش، وفيه لا بأس أن يشرب من اللبن عند الحاجة من الراعي بعد استئذانه، ومثل هذا الراعي كالوكيل يتصرف بما يقتضيه العرف. قلت: لله در أبي بكر هذا الجبل الأشم ما أحسن تدبيره وصحبته لإمام المرسلين.

46 - كتاب المظالم

46 - كتاب المظالم 1 - باب قصاص الظالم الآية {وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ (¬1) وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ} وقال يونس بن محمد: حدثنا شعبان (¬2) عن قتادة 2 - باب قول الله تعالى: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} 2441 - عن صفوان بن محرز المازني قال: «بينما أنا أمشي مع ابن عمر - رضي الله عنهما - آخذٌ (¬3) بيده إذ عرض رجل فقال: كيف سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في النجوى؟ فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إن الله يدني المؤمن فيضع عليه كنفه (¬4) ويستره فيقول: أتعرف ذنب كذا، أتعرف ذنب كذا؟ فيقول: نعم أي رب حتى إذا قرره بذنوبه ورأى في نفسه أنه هلك قال: سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم؛ فيعطى كتاب حسناته. وأما الكافر والمنافقون فيقول الأشهاد: هؤلاء الذين كذبوا على ربهم، ألا لعنة الله على الظالمين». ¬

(¬1) باب فيه ذكر المظالم والتعدي والعدوان. وقال الشيخ: الظلم ثلاثة أنواع: 1 - الشرك. 2 - ظلم العبد لنفسه في معاصي بينه وبين الله. 3 - وفيما بينه وبين الخلق، فأشدها الشرك. فيه سقط في الآية {وعند الله مكرهم}. (¬2) صوابه: شيبان. (¬3) خبر ثان. (¬4) فيه نجوى الرب للمؤمن، وهذا من الصفات على ما يليق بالله كسائر الصفات.

3 - باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه

3 - باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يُسلمه 2442 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ويُسلمه (¬1)، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرَّج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة». قال الحافظ: ... في حديث أبي هريرة عند الترمذي (¬2) «ستره الله في الدنيا والآخرة» وفي الحديث حض على التعاون (¬3) وحسن التعاشر والألفة. 4 - باب أعن أخاك ظالمًا أو مظلومًا 2444 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا»، قالوا: يا رسول الله، هذا ننصره مظلومًا، فكيف ننصره ظالمًا؟ قال: «تأخذ فوق يديه» (¬4). 5 - باب نصر المظلوم 2445 - عن البراء بن عازب قال: أمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - بسبع، ونهانا عن سبع. ¬

(¬1) لا يخذله. (¬2) قال شيخنا عند مسلم. (¬3) قال شيخنا: مثله. (¬4) كانوا في الجاهلية ينصرون الظالم والمظلوم يقول قائلهم: لا يسألون أخاهم حين يندبهم في النائبات على ما قال برهانا لكن عدَّل النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الأمر، وبيَّن كيف يُنصر الظالم.

6 - باب الانتصار من الظالم

فذكر عيادة المريض، واتِّباع الجنائز، وتشميت العاطس، ورد السلام، ونصر المظلوم، وإجابة الداعي (¬1)، وإبرار القسم» (¬2). 6 - باب الانتصار من الظالم (¬3) {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا}. {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ} قال إبراهيم: كانوا يكرهون أن يستذلوا، فإذا قدروا عفوا. 7 - باب عفو المظلوم لقوله تعالى: {إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا} [النساء: 149]، {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40) وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (42) وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43) وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ} (¬4) [الشورى: 40 - 44]. ¬

(¬1) وسألت الشيخ: هل يقتضي وجوب إجابة الداعي مطلقًا؟ قال: نعم، وفي الحديث الآخر: «ومن لم يجب فقد عصى الله ورسوله». قلت: ما رواه مسلم «إذا دعي أحدكم فليجب عرسًا كان أو غيره». قال: كذلك حديث ابن عمر. (¬2) وهذه من مكارم الأخلاق. (¬3) لا بأس بالانتصار إذا رأى المصلحة تقتضي ذلك. (¬4) العفو مطلوب وفيه أجر عظيم، لكن إذا كان الانتقام فيه مصلحة للمسلمين كان أفضل وهو المراد {إذا أصابهم البغي هم ينتصرون} فبعض الناس العفو يفسده، فالعفو في محله مطلوب، والانتقام في محله مطلوب تبعًا للمصلحة. قلت: وقد قال الله تعالى: {فمن عفا وأصلح ... }

8 - باب الظلم ظلمات يوم القيامة

8 - باب الظلم ظلمات يوم القيامة 2447 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الظلم ظلمات يوم القيامة» (¬1). 10 - باب من كانت له مظلمة عند الرجل فحلَّلها له هل يُبيِّن مظلمته؟ 2449 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من كانت له (¬2) مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أُخذ منه بقدر مظلمته وإن لم تكن له حسنات أُخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه» (¬3). ¬

(¬1) وفي رواية مسلم عن جابر: «اتقوا الظلم فإن الظلم .... واتقوا الشح ... ». والظلم: وضع الشيء في غير موضعه. (¬2) نقله في البلوغ: (من كانت عنده مظلمة). قلت: لم أر الحديث في البلوغ، وهذا اللفظ المذكور هنا هو لفظ ابن أبي ذئب ويأتي لفظ مالك عن المقبري برقم 6534 (عنده). (¬3) إن لم يتمكن من تحلله من العرض فليدع له وليستغفر له. - المقصود التحذير من الظلم والتحلل قبل أن يموت. - سألت الشيخ عمن قال: ما أسامحك في مظلمة عرضي حتى تعطيني كذا وكذا من مال؟ فتوقف طويلا ثم قال: ما أعلم مانعًا.

11 - باب إذا حلله من ظلمه فلا رجوع فيه

11 - باب إذا حلَّله من ظُلمه فلا رجوع فيه 2450 - عن عائشة - رضي الله عنها - {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا} قالت: الرجل تكون عنده المرأة ليس بمستكثر منها يريد أن يفارقه، فتقول: أجعلك من شأني في حل، فنزلت هذه الآية في ذلك» (¬1). ¬

(¬1) إذا دعي على الظالم؟ خفف عليه. قلت: وفي الباب ما رواه أبو داوود في الوتر 1497 وفي الأدب 3909 من طريق حبيب بن أبي ثابت عن عطاء عن عائشة قالت: سُرقت ملحفة لها فجعلت تدعو على من سرقها، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا تسبخي عنه» قال أبو داوود: لا تسبخي: لا تخففي عنه. لكن نقل العقيلي في الضعفاء عن يحيى القطان قوله: أحاديث حبيب بن أبي ثابت عن عطاء ليست بمحفوظة، وأورد له العقيلي هذا الحديث 1/ 284). - إذا سامحتك فلا رجوع لها، فلو أراد الطلاق ثم قالت أهب يومي لفلانة سقط، ولا رجوع. قلت: على الصحيح؛ لأنه يجري مجرى الصلح، فلا يتجدد لها حق بعد. - من سرق مالا ثم تاب هل له أن يرده كهدية؟ قال: لا. يقول حق لك عندي، يرسله مع شخص، لأن الإخبار فيه مفسدة.

12 - باب إذا أذن له أو أحله ولم يبن كم هو

12 - باب إذا أذن له أو أحله ولم يبِّن كم هو 2451 - عن سعد الأنصاري ... (¬1). قال الحافظ: ... (ولم يبين كم هو) أورد فيه حديث سهل بن فهد في استئذان (¬2) الغلام في الشرب. 13 - باب إثم من ظلم شيئًا من الأرض 2453 - عن محمد بن إبراهيم أن أبا سلمة حدثه أنه كانت بينه وبين أناس خصومة، فذكر لعائشة - رضي الله عنها - فقالت: يا أبا سلمة اجتنب الأرض، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من ظلم قيد شبر من الأرض طُوِّقه من سبع أرضين» (¬3). 14 - باب أذا أذن إنسان لآخر شيئًا جاز 2455 - عن حفص بن عمر حدثنا شعبة عن جبلة: كنا بالمدينة في بعض أهل العراق فأصابنا سنة، فكان ابن الزبير يرزقنا التمر، فكان ابن عمر - رضي الله عنهما - يمر بنا فيقول: «إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الإقران (¬4)، ¬

(¬1) صوابه سهل بن سعد، ففيه سقط. (¬2) وسألته: هل يستأذن جميع من على يمينه، أو أولهم؟ الأول فقط. (¬3) استفيد من هذا أن من ملك أرضًا ملك قرارها فله أن يحفر فيه. - وهل يملك ما في الأرض من معادن ذهب؟ محل نظر، فيه تفصيل. (¬4) الإقران ولو كان في الأمر سعة؟ ولو، يستأذن، قلت، ولو جرى التسامح في مسألة الإقران والطعام كثير.

15 - باب قول الله تعالى: {وهو ألد الخصام}

إلا أن يستأذن (¬1) الرجل منكم أخاه». 2456 - عن أبي وائل عن أبي مسعود «أن رجلًا من الأنصار يقال له أبو شعيب كان له غلام لحام، فقال له أبو شعيب: اصنع لي طعام خمسة لعلي أدعو النبي - صلى الله عليه وسلم - خامس خمسة -وأبصرَ في وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - الجوع- فدعاه، فتبعهم رجل لم يُدع، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن هذا قد اتَّبعنا، أتأذن له؟ » قال: نعم» (¬2) (2). 15 - باب قول الله تعالى: {وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ} 2457 - عن عائشة - رضي الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن أبغض الرجال إلى الله الألَدُّ (¬3) الخصم». 16 - باب إثم من خاصم في باطل وهو يعلمه 2458 - عن أم سَلمة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنه سمع خصومة بباب حجرته، فخرج إليهم فقال: إنما أنا بشر، وإنه يأتيني الخصم، فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض، فأحسب أنه صَدَقَ فأقضي له بذلك، ¬

(¬1) شاهد الترجمة، وهذا يشمل التمر والفواكه التي تؤخذ واحدة واحدة، فلا يقرن إلا بإذنه، وإن كان وحده له أن يقرن. (¬2) الدعوة المحدودة لعدد معين لا يدخل معهم أحد إلا بإذن، وإن جرى العرف بقبول المدعو ومن معه وأنه لا يحتاج إلى استئذان فلا يلزم الإذن. - أراد المؤلف بهذه الترجمة أن الأخ إذا أذن لأخيه فيما هو مباح جاز؛ لأن الأصل حرمة مال أخيه، فلا يحل إلا بإذنه. (¬3) الأعوج بلغة العوام، ما يخلص إلا بتعب وبتنقل.

17 - باب إذا خاصم فجر

فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار، فليأخذها أو ليتركها» (¬1). 17 - باب إذا خاصم فجر 2459 - عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أربع من كُنَّ فيه كان منافقًا (¬2)، أو كانت فيه خُصلَّة من أربع كانت فيه خُصلَّة من النفاق حتى يدعها: إذا حدَّث كذب، وإذا وعَدَ أخلف، وإذا عاهد غَدَر، وإذا خاصم فَجَر» (¬3). 18 - باب قصاص المظلوم إذا وجد مال ظالمه 2460 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل مسيِّك فهل عليَّ حرج أن أطعم من الذي له عيالنا؟ فقال: «لا حرج عليك أن تطعميهم بالمعروف» (¬4). ¬

(¬1) وهذا وعيد عظيم، يدل على أن حكم القاضي لا يحل الحرام, ولو كان القاضي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذه في المسائل التي لا نص فيها يقضي فيها حسب قواعد الشرع. (¬2) نفاق عملي، وفي رواية: خالصًا. وذكر الشيخ كلام ابن القيم. قلت: قال أبو عباس: هذه نفاق عملي. وقال ابن القيم: والغالب أنها تجرّ من تلبس بها إلى النفاق الاعتقادي. (¬3) هذه خصال شنيعة يجب الحذر منها. (¬4) هذا فيه القصاص من الظالم، إن أخذ مالك ثم وجدت ماله تأخذ حقك، إن كان حقك له سبب ظاهر. قلت: هذه مسألة الظفر، وضابطها عند الشيخ إن كان سبب الحق ظاهرًا له القصاص، وإلا فلا.

19 - باب ما جاء في السقائف

2461 - عن عقبة بن عامر قال: «قلنا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إنك تبعثنا فننزل بقوم لا يقروننا فما ترى فيه؟ فقال لنا: «إن نزلتم بقوم فأُمر لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا، فإن لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيف» (¬1). 19 - باب ما جاء في السقائف وجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في سقيفة بن ساعدة. 2462 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - «عن عمر - رضي الله عنهم - قال حين توفى الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - إن الأنصار اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة، فقلت لأبي بكر: انطلق بنا، فجئناهم في سقيفة بني ساعدة». قال الحافظ: .. وكأنه أشار إلى أن الجلوس في الأمكنة العامة جائز، وأن اتخاذ صاحب الدار ساباطًا أو مستظلًا جائز إذا لم يضره المارة (¬2). 20 - باب لا يمنع جاره أن يغرز خشبة في جداره 2463 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يمنع ¬

(¬1) والمعنى: -والله أعلم- إذا لم يكن هناك شر؛ لأن قواعد الشرع تمنع فعل الشر. حديث «أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك» قال الشيخ: فيه كلام، ولو صح معناه: الأخذ بخفية على سبيل الخيانة فلا يأخذ، وحديث هند، وغيره أصح. (¬2) يعني السقيفة مثل العريش .. فيتحدث مع إخوانه تحتها وهي خارج البيت، فلا بأس، ما لم يؤذوا أحدًا «أعطوا الطريق حقه».

21 - باب صب الخمر في الطريق

جار جاره أن يغرز خشبه في جداره». ثم يقول أبو هريرة: مالي أراكم عنها معرضين؟ والله لأرمينَّ بها بين أكتافكم (¬1). 21 - باب صبِّ الخمر في الطريق 2464 - عن أنس - رضي الله عنه - «كنت ساقي القوم في منزل أبي طلحة، وكان خمرهم يومئذ الفضيخ (¬2) فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مناديا ينادي: ألا إن الخمر قد حُرِّمت. قال: فقال لي أبو طلحة: أُخرج فأهرقها، فخرجت فهرقتها، فجرت في سكك المدينة (¬3). فقال بعض القوم: قد قُتل قوم وهي في بطونهم. فأنزل الله: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} الآية» (¬4). ¬

(¬1) قال بعضهم: مراده بدل الجدار أكتافكم للمبالغة. وفيه الحث على التسامح بين الجيران والتعاون «من كان يؤمن ..... فليكرم جاره». إذا كان الجدار يتحمل فلا يمنع جاره من وضع خشبه عليه، وكان هذا قبل نظام البنيان الآن، والأصل تحريم المنع، إلا لعله، كضعف الجدار. (¬2) شراب من البسر. (¬3) على وجه لا يؤذي الناس؛ لأن الصحابة لا يؤذون غيرهم، والأذى ممنوع، فكيف يفعله الصحابة؟ (¬4) الجمهور على أن الخمر نجسة، والأصل في كل خبيث محرم سائل أنه نجس.

22 - باب أفنية الدور والجلوس فيها، والجلوس على الصعدات

قال الحافظ: ... قال المهلب: إنما صبت في الطريق للإعلان برفضها وليشهر تركها وذلك أرجح في المصلحة من التأذي بصبها في الطريق (¬1). 22 - باب أفنية الدور والجلوس فيها، والجلوس على الصعُدات قالت عائشة: فابتنى أبو بكر مسجدا بفناء داره يصلي فيه ويقرأ القرآن فيتقصَّف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون منه، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يومئذ بمكة. 2465 - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إياكم والجلوس على الطرقات». فقالوا: ما لنا من مجالسنا بد، إنما هي مجالسنا نتحدث فيها. فقال: «فإذا أتيتم إلى المجالس فأعطوا الطريق حقها»، قالوا: وما حق الطريق؟ قال: «غض البصر، وكف الأذى، وردُ السلام، وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر» (¬2). 23 - باب الآبار التي على الطريق إذا لم يُتأذ بها 2466 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي قال: «بينما رجل بطريق فاشتد عليه العطش، فوجد بئرًا فنزل فيها فشرب، ثم خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب ¬

(¬1) ليس بجيد، ولعله على وجه لا أذى فيه. (¬2) حديث أبي سعيد فيه الحذر من الجلوس في الطرقات، لأن في ذلك رؤية مالا يتبغي .. فلما أخبروه قال: لابد من حقوق الجلوس به ومن ذلك فعل أبي بكر. - سألت الشيخ: النظر من النافذة ما يلتحق به؟ قال: له نصيبه.

25 - باب الغرفة والعلية المشرفة وغير المشرفة على السطوح وغيرها

من العطش مثل الذي بلغ مني، فنزل البئر فملأ خُفه ماء فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له، قالوا: يا رسول الله، وإن لنا في البهائم لأجرًا؟ فقال: في كل ذات كبد رطبة أجر» (¬1). 25 - باب الغرفة والعُلِّيَّة المشرفة وغير المشرفة على السطوح وغيرها 2468 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: لم أزل حريصا أن أسأل عمر عن المرأتين من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - اللتين قال الله لهما: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} .. الحديث مطولًا ... وكان قد قال: «ما أنا بداخل عليهن شهرًا»، من شدة موجدته عليهن حين عاتبه الله. فلما مضت تسع وعشرون دخل على عائشة فبدأ بها، فقالت له عائشة: إنك أقسمت أن لا تدخل علينا شهرًا، وإنا أصبحنا بتسع وعشرين ليلة أعدها عدًا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الشهر تسع وعشرون»، وكان ذلك الشهر تسعًا وعشرين. قالت عائشة: فأُنزلت آية التخيير، فبدأ بي أول امرأة فقال: «إني ذاكرًا لك أمرًا ولا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أبويك». قالت: قد أعلم أن أبويَّ لم يكونا يأمراني بفراقك. ثم قال: إن الله قال: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ} إلى قوله: {عَظِيمًا} قلت: أفي هذا أستأمر أبويَّ، ¬

(¬1) لا بأس بوضع الآبار على لطريق تنفع المسلمين، مع صيانتها وحفظها تنفع المسلمين ولا تضرهم، وفيه فضل الإحسان «من لا يَرحم لا يُرحم» وقتلُ الكلب العقور له حالته ووجهه، وسقيه له وجهته، هذا في محل، وهذا في محل.

26 - باب من عقل بعيره على البلاط، أو باب المسجد

فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة. ثم خيَّر نساءه. فقلن مثل ما قالت عائشة» (¬1). 26 - باب من عقل بعيره على البلاط، أو باب المسجد 2470 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - المسجد فدخلت إليه وعقلت الجمل في ناحية البلاط فقلت هذا جملك، فخرج فجعل يطيف بالجمل قال: «الجمل والثمن لك» (¬2). ¬

(¬1) هل يسقى الخنزير؟ «في كل كبد رطبة أجر» وقتله له محل أخر. ذكر الشيخ موعظة في حسن عشرة النساء، والصبر عليهن، والتسامح والتحمل، وفيه الهجر إذا دعت إليه الحاجة. وقال: ينبغي الحرص على الزوجة لا سيما إن كانت صالحة. (¬2) فيه: جوده. ألم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - يدع ظهره للملائكة؟ لعل هذا في بعض الأحيان. وإلا في حجة الوداع كان الناس حوله من كل جهة. قلت: أحاديث تركه للحراس كلها متكلم فيها، وحراسة أصحابه له مشهورة في الصحاح والسنن، والآية قد اختلف في تفسيرها، أعني آية المائدة {والله يعصمك من الناس} وهي لا تمنع في أخذ الأسباب، نعم قد عصم الله نبيه في مواقع مشهورة صحيحة. وقد أخرج أحمد (3/ 302) وابن ماجه (246) وابن حبان (14/ 218) وأبو الشيخ في أخلاق النبي (2/ 32) والحاكم (4/ 281) من طريق الأسود بن قيس عن نبيح العنزي عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا مشى مشى.

27 - باب الوقوف والبول عند سباطة قوم

27 - باب الوقوف والبول عند سبُاطة قوم 2471 - عن حذيفة - رضي الله عنه - قال: «لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو قال: لقد أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - سباطة قوم فبال قائما» (¬1). قال الحافظ: ... وجاز البول (¬2) في السباطة وإن كانت لقوم بأعيانهم لأنها أعدت لإلقاء النجاسات والمستقذرات. 28 - باب من أخذ الغصن وما يؤذي الناس في الطريق فرمى به 2472 - عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخذه، فشكر الله له فغفر له» (¬3). قال الحافظ: ... هذا الحديث في أفراد جرير بن حازم رواية عن لزبير (¬4) هذا. ¬

(¬1) يدل على جواز البول قائمًا، والأفضل الجلوس. فيه جواز جمع الكناسات في محل معين بالأحياء. (¬2) مناسبة الباب لكتاب المظالم والغصب. (¬3) وهذا فيه أن إزالة الأذى عن الطريق من أسباب المغفرة؟ (¬4) هذا وجه كونه من الغرائب.

30 - باب النهي بغير إذن صاحبه

قال الحافظ: ... فإن كانت الطريق سبعة أزرع لم يمنع من القعود في الزائد، وإن كان أقل منع لئلا يضيق الطريق على غيره (¬1). 30 - باب النهي بغير إذن صاحبه وقال عبادة بايعنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن لا ننتهب. 2475 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم (¬2) حين ينتهبها وهو مؤمن». وعن سعيد وأبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ... مثله، إلا النُّهبة. قال البربري: وجدت بخط أبي جعفر «قال أبو عبد الله: تفسيره أن يُنزع منه، يريد الإيمان» (¬3). ¬

(¬1) هذا واضح في زمانه، ثم مابعده طريق للبهائم والحمير، أما اليوم فقد تغيرت الحال فصارت الطريق بهذا المقدار لا تكفي لأجل السيارات، فالظاهر لولي الأمر أن يقسم الطرق على مايرتفق به الناس ويدفع الضرر. وسبعة أزرع عند النزاع، وإلا إذا اصطلحوا على أكثر من ذلك لا بأس. (¬2) يخرج النهبة الحقيرة التي لا يبالي فيها الناس. (¬3) يعني المراد كمال الإيمان ينزع كماله الواجب ويبقى معه إسلامه، فلا حجة فيه للخوارج.

31 - باب كسر الصليب وقتل الخنزير

31 - باب كسر الصليب وقتل الخنزير قال الحافظ: .. ولا يخفى أن محل كسر الصليب إذا كان مع المحاربين، أو الذمي إذا جاوز به الحدّ الذي عوهد عليه ... (¬1) 32 - باب هل تُكسر الدَّنان التي فيها خمر، أو تُخرَّق الزِّقاق؟ فإن كسر صنمًا أو صليبًا أو طنبورًا أو مالا ينتفع بخشبه. وأتى شريح في طنبور كُسر فلم يقضِ فيه بشيء. 2477 - عن سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى نيرانًا توقد يوم خيبر فقال: «علام توقد هذه النيران؟ » قالوا: على الحمر الإنسية. قال: «اكسروها وهريقوها». قالوا: ألا نهريقها ونغسلها؟ قال: «اغسلوا» (¬2). 2479 - عن عائشة - رضي الله عنها - «أنها كانت اتخذت على سهوة لها سترا فيه تماثيل. فهتكه (¬3) النبي - صلى الله عليه وسلم - فاتخذت منه نمرقتين، فكانتا في البيت يجلس عليهما». ¬

(¬1) فيه قصور؛ لأن الصليب يكسر ولو مع المسلمين. (¬2) والتعزيز بالمال الصواب جوازه إن رأى الإمام ذلك، ككسر دنان الخمر، وآلات اللهو إن كان لها منفعة وإن لم يكن فيها منفعة فلا إشكال في إتلافها، مثل ما أمر بكسر الأصنام وكسر القدور التي تغلي بلحوم الحمر الأهلية، وهكذا الصليب. (¬3) هذا الشاهد تعزيز، فقال بعض أهل العلم: لا يعزز بالمال بل بالسجن.

33 - باب من قاتل دون ماله

33 - باب من قاتل دون ماله 2480 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من قُتل دون ماله فهو شهيد» (¬1). 34 - باب إذا كسر قصعة أو شيئًا لغيره 2481 - عن أنس - رضي الله عنه - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان عند بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين مع خادم بقصعة فيها طعام، فضربت بيدها فكسرت القصعة، فضمها وجعل فيها الطعام وقال كلوا. وحبس الرسول والقصعة حتى فرغوا فدفع القصعة الصحيحة وحبس المكسورة» (¬2). قال الحافظ: ... ولم يصب عمران في ظنه أنها حفصة بل هي أم سلمة (¬3). كما تقدم، نعم وقعت القصعة لحفصة أيضًا. ¬

(¬1) يعني مظلوم، ومنه مارواه مسلم «الرجل يريد أن يأخذ مالي .. فإن قتلني؟ قال: فأنت شهيد» وهكذا دون أهله، ودمه، وعرضه، كله في سبيل الله. وسئل عن القتال في البوسنة والهرسك؟ قال: هذا جهاد في سبيل الله ويدخل فيه الدفاع عن العرض والنفس. (¬2) الشاهد أنه ضمنها الصحفة، والأصل في القصاص المثل أو قيمته، وهذا من باب العدل، والمثل مقدم على القيمة. وقال: «طعام بطعام وإناء بإناء .. » وهذا من باب الغيرة. (¬3) اللهم ارض عنها.

35 - باب إذا هدم حائطا فليبن مثله

35 - باب إذا هدم حائطًا فليبن مثله 2482 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «كان رجل في بني إسرائيل يقال له جريج يصلِّي فجاءته أمه فدعته فأبى أن يجيبها فقال: أجيبها أو أصلّي ثم أتته فقالت: اللهم لا تمته حتى تريه وجوه المومسات (¬1). وكان جريج في صومعته فقالت امرأة لأفتنن جُريجًا. فتعرضت له فكلمته فأبى (¬2). فأتت راعيا فأمكنته من نفسها، فولدت غلاما فقالت هو من جريج فأتوه وكسروا صومعته (¬3)، فأنزلوه وسبُّوه فتوضأ وصلى ثم أتى الغلام فقال: من أبوك يا غلام (¬4) قال الراعي. قالوا نبني صومعتك من ذهب؟ قال: لا. إلا من طين». ¬

(¬1) المومسات: الزانيات. (¬2) حمى الله جريجًا من الزانة. (¬3) قبلوا قولها هدموا صومعته وكيف يقبل قولها وهي امرأة فاسدة؟ (¬4) يعني به الذي أنت من مائه، وإلا الولد للفراش. فيه أن الله ينجي المؤمنين ويظهر براءتهم، وفيه الحذر من العقوق، والحرص على الأمهات.

47 - كتاب الشركة

47 - كتاب الشركة 1 - باب الشركة في الطعام والنَّهد والعروض وكيف قسمة ما يُكال ويوزن مجازفة أو قبضة قبضة، لما لم ير لمسلمون في النَّهد بأسًا أن يأكل هذا بعضًا وهذا بعضًا. وكذلك مجازفة الذهب والفضة، والقران في التمر. 2484 - عن يزيد بن أبي عُبيد عن سلمة - رضي الله عنه - قال: خفَّت أزواد القوم وأملقوا، فأتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - في نحر إبلهم فأذن لهم، فلقيهم عمر فأخبروه فقال: ما بقاؤكم بعد إبلكم؟ فدخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله ما بقاؤهم بعد إبلهم؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ناد في الناس يأتون بفضل أزوادهم»، فبُسط لذلك نطع وجعلوه على النِّطع فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدعا وبرَّك عليه ثم دعاهم بأوعيتهم فاحتثى الناس حتى فرغوا، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله» (¬1). ¬

(¬1) * المقصود: بيان ما تدعوا الحاجة إلى توزيعه في الجيش أو السرية أو أهل البيت، ولو قليلاً قليلًا، ولا حرج في ذلك. * وفيه رزق الله للمجاهدين {ومن يتق الله يجعل له مخرجا}. * فيه من الفوائد أن من له رأي يدلي برأيه. أنزل الله فيه البركة بدعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - , وهذا من معجزاته - صلى الله عليه وسلم -.

4 - باب القرآن في التمر بين لا شركاء حتى يستأذن أصحابه

2485 - عن رافع بن خديج - رضي الله عنه - قال: «كنا نصلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - العصر فننحر جزورًا، فتقسم عشر قسم، فنأكل لحمًا نضيجًا قبلا أن تغرب الشمس» (¬1). 2486 - عن أبى موسى قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الأشعرين إذا أرملوا (¬2) في الغزو أو قل طعام عياله بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموا بينهم في إناء واحد بالسوية، فهم منى وأنا منهم» (¬3). 4 - باب القرآن في التمر بين لا شركاء حتى يستأذن أصحابه 2489 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقرن الرجل بين التمرتين جميعًا حتى يستأذن أصحابه» (¬4). 5 - بابا تقويم الأشياء بين الشركاء بقيمة عدل 2492 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عنى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أعتق ¬

(¬1) * فيه التبكير بالعصر. فيه شاهد لما قاله المؤلف, قسمة اللحوم التمور الخبز, لا مشاحنة في ذلك إذا تراضوا على القسم. (¬2) إذا أصابتهم شدة وافتقروا, وهكذا في المدن يجمعون ما عندهم ثم يقتسمون بالسوية. (¬3) المقصود حث غيرهم على فعل الأمر, ويوافق ذلك حديث النعمان: «مثل المؤمنين في توادهم» ويوافقه «المسلم للمسلم كالبنيان». (¬4) وهذا في التمر والفواكه والحلوى , لأن هذا من باب الأدب, إلا أن يستأذنهم.

6 - باب هل يقرع في القسمة؟ والاستسهام فيه

شقيصًا من مملوكه فعليه خلاصة في ماله، فإن لم يكن له مال قوم المملوك قيمة عدل، ثم استُسعي غير مشقوق عليه» (¬1) 6 - باب هل يُقرع في القسمة؟ والاستسهام فيه 2493 - عن النعمان بن بشير - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مثل القائم على حدود الله (¬2). والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقًا ولم نؤذ من فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعًا». 7 - باب شركة اليتيم وأهل الميراث 2494 - عن عروة بن الزبير أنه سأل عائشة - رضي الله عنها - عن قول الله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ - إلى- وَرُبَاعَ} فقالت: يا ابن أختي، هي اليتيمة تكون في حجر وليها تُشاركه في ماله، فيُعجبه مالها وجمالها، فيريد وليها أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها، فيُعطيها مثل ما يعطيها ¬

(¬1) إن تيسر من المعتق سلم القيمة، وإن كان عاجزًا استسعى العبد بعمل لا يشق عليه، حتى يؤدي ما عليه. (¬2) المعاصي ... {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا} وتطلق على المقدرات الشرعية حد الزنا والسرقة، كما قال عبد الرحمن بن عوف لعمر «أخف الحدود ثمانون».

8 - باب الشركة والأرضين وغيرها

غيره، فنُهوا أن ينكحوهن إلا أن يُقسطوا لهن ويبلغوا بهن أعلى سُنتهن من الصداق، وأُمروا أن ينكحوا ما طاب من النساء سواهن. قال عروة قالت عائشة: ثم إن الناس استفتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد هذه الآية، فأنزل الله {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ - إلى قوله- وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ}، والذي ذكر الله أن يُتلى عليكم في الكتاب الآية الأولى التي قال فيها {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} قالت عائشة: وقول الله في الآية الأخرى {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} يعني هي رغبة أحدكم ليتيمه التي تكون في حجره حين تكون قليله المال والجمال، فنهوا أن ينكحوا ما رغبوا في مالها من يتامى النساء إلا بالقسط من أجل رغبتهم عنهن» (¬1). 8 - باب الشركة والأرضين وغيرها 2495 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: «إنما جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - الشفعة في كل ما لم يقسمَ، فإذا وقعت الحدود وصُرفت الطريق فلا شفعة» (¬2). ¬

(¬1) وهذه من رحمته وإحسانه إلى اليتيمات، لأن وليها قد يرغب في مالها وجمالها، ولكن قد لا يصفها، لأنها تحت يده، فنهوا عن ذلك، إلا بالقسط (العدل) وإلا النساء سواهن كثير. ويظهر من الآية أن التعدد أولى من الانفراد {فَانْكِحُوا مَا طَابَ} لما في التعدد من كثرة الأولاد والعفة، وإن خاف ألا يعدل فواحدة {أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} تجوروا. (¬2) الطريق المشترك هو الطريق الخاص، لا الطريق العام.

9 - باب إذا قسم الشركاء الدور أو غيرها فليس لهم رجوع ولا شفعة

9 - باب إذا قسم الشركاء الدور أو غيرها فليس لهم رجوع ولا شُفعة 2496 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: «قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة في كل ما لم يُقسم، فإذا وقعت الحدود وصُرفت الطرق فلا شفعة» (¬1). 10 - باب الاشتراك في الذهب والفضة وما يكون فيه الصرف 2497، 2498 - عن سليمان بن أبي مسلم قال: سألت أبا المنهال عن الصرف يدًا بيد فقال: «اشتريت أنا وشريك لي شيئًا يدًا بيد ونسيئة، فجاءنا البراء بن عارب فسألناه فقال: فعلت أنا وشريكي زيد بن أرقم وسألنا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فقال: ما كان يدًا بيد فخذوه، وما كان نسيئة فردوه» (¬2). 11 - باب مشاركة الذمي والمشركين في المزارعة 2499 - عن عبد الله - رضي الله عنه - قال «أعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر اليهود أن يعملوها ويزرعوها، ولهم شطر ما يخرج منها» (¬3). ¬

(¬1) سألته: هل تثبت الشفعة لكافر؟ الظاهر العموم، ظاهر الحديث العموم. (¬2) هذا محل إجماع، والعُمَل القائمة تقوم مقام الذهب والفضة. * سألت الشيخ: عمن يشتري دولارات مثلًا من البنك بعملة أخرى ولا يقبض، لأن أهل البنك يقولون المبلغ كبير، وهو يريد الإيداع؟ فقال الشيخ: تكون عندهم أمانة والبيع لا يتم إلا بالقبض. (¬3) والمعنى ليس هذا من الموالاة، ومِنْ تولًى الكفار، ولهذا شاركهم النبي - صلى الله عليه وسلم -.

12 - باب قسم الغنم والعدل فيها

12 - باب قسم الغنم والعدل فيها 2500 - عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطاه غنمًا يقسمها على صحابته ضحايا، فبقي عتود، فذكره لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «ضحً به أنت» (¬1). 13 - باب الشركة في الطعام وغيره قال الحافظ: ... إذا قال الرجل للرجل أشركني فإذا سكت يكون شريكة في النصف (¬2). 14 - باب الشركة في الرَقيق 2503 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أعتق شركًا له في مملوك وجب عليه أن يعتق كله إن كان له مال قدر ثمنه يقام قيمة عدل ويُعطي شركاؤه حصنهم ويخلًى سبيل المعتق». 2504 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أعتق شقصًا له في عبد أُعتق كله إن كان له مال، وإلا يُستسع غير مشقوق عليه» (¬3). ¬

(¬1) ليس فيها ذكر العدد، ولكن من قواعد الشرع العدل. (¬2) لا يلزمه أن يشركه إذا سمح وإلا فلا، فهذا من مكارم الأخلاق. (¬3) هذا الحديثان في الشركة في الرقيق لا بأس كبقية الأموال، والحديثان فيهما أن من أعتق شركًا له في عبد فأعتقه يعتق كله إن كان له مال، لأن التبعيض يشق على العبد، ولأن العتق أمر مطلوب، وفيه إحسان إلى المملوك، فإن كان المعتق عاجزًا ليس عنده قيمة البقية يستسعى العبد، يعمل حتى يؤدي بقية المال للشريك الًاخر.

15 - باب الاشتراك في الهدى والبدن

15 - باب الاشتراك في الهدى والبُدن وإذا أشرك الرجل رجلًا في هديه بعدما أهدى 2505، 2506 - عن عطاء عن جابر وعن طاووس عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه صُبح رابعة من ذي الحجة مهلين بالحج لا يخلطهم شيء .. فلما قدمنا أمرنا فجعلناها عمرة، وأن نحل إلى نسائنا. ففشت في ذلك القالة. قال عطاء: فقال جابر فيروح أحدنا إلى منى وذكره يُقطر منيًا -فقال جابر بكفه- فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقام خطيبًا فقال: بلغني أن أقوامًا يقولون كذا وكذا، والله لا أنا أبرٌ وأتقى لله منهم، ولو أني استقبلت من أمري ما استدبرت وما هديت، ولولا أن معي الهدى لأحللت. فقام سراقة بن مالك بن جُعشم فقال: يا رسول الله، هي لنا أو للأبد؟ فقال: لا، بل للأبد. قال وجاء علي بن أبي طالب، فقال أحدهما يقول: لبيك بما أهل به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقيم على إحرامه، وأشركه في الهدى» (¬1). ¬

(¬1) أمرهم بما هو الأصلح، ولهذا قال: «أنا أبر وأتقى لله منكم» وفيه جواز الإخبار بمثل هذا للمصلحة. التمتع والحل قيل: خاص بالصحابة، فقال أبو ذر، وقيل: عام، لحديث سراقة، هذا ومن قالوا بالعموم اختلفوا هل يجب أم يستحب؟ على قولين: ذهب ابن القيم إلى الوجوب وأطال في الهدى مستدلًا لذلك والقول بالوجوب قول جيد، وقال أبو العباس: واجب على الصحابة سنة لغيرهم، وقول أبي العباس ليس بجيد، فيه نظر.

16 - باب من عدل عشرة من الغنم بجزور في القسم

16 - باب من عَدَلَ عشرة من الغنم بجزور في القسم 2507 - عن رافع بن خديج - رضي الله عنه - قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بذي الحليفة من تهامة فأصبنا غنمًا أو أبلًا، فعجل القوم فأغلوا بها القدور، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمر بها فأكفئت، ثم عدل عشرة من الغنم بجزور. ثم إن بعيرًا ندَّ وليس في القوم إلا خيل يسيرة فحبسه بسهم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش، فما غلبكم منها فاصنعوا به هكذا». قال: قال جدي: يا رسول الله إنا نرجو- أو نخاف- أن نلقى العدو غدًا، وليس معنا مُدى، أفنذبح بالقصب؟ فقال: «اعجل، أو أرني. ما أنهر الدم وذُكر اسم الله عليه فكلوا، ليس السن والظفر. وسأحدثكم عن ذلك: أما السن فعظم، وأما الظفر فمدى الحبشة» (¬1). ¬

(¬1) هذا صادف أن البعير يساوي عشرة من الغنم، في الغنيمة، أما الهدايا والأضاحي يعدل سبعة، وفي الغنيمة العبرة بالقيمة، ينظر ما يساوي.

48 - كتاب الرهن

48 - كتاب الرهن 1 - باب في الرهن في الحضر 2508 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: «ولقد رهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - درعه بشعير، ومشيت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بخبز شعير وإهالة سنخة. ولقد سمعته يقول: ما أصبح لآل محمد - صلى الله عليه وسلم - إلا صاع ولا أمسى، وإنهم لتسعة أبيات» (¬1). 2 - باب رهن درعه 2509 - عن الأعمش قال: «تذاكرنا عن إبراهيم الرهن والقبيل (¬2). في السلف، فقال إبراهيم: حدثنا الأسود عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشترى من يهودي طعامًا إلى أجل ورهنه درعة» (¬3). 3 - باب رهن السلاح 2510 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من لكعب بن الأشراف؟ فإنه قد آذى الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -» فقال محمد بن ¬

(¬1) فيه فوائد: * الرهن في الحضر، والآية للأغلب، فإن الأغلب عدم وجود الكاتب، فيحتاجون للرهن. * معاملة الكفرة. * ما أصابهم من الحاجة، مع كونه نبي الله وخيرة خلقه (¬2) الضمين. (¬3) فيه خبث اليهود، حيث لم يرضوا حتى طلبوا منه رهنًا - صلى الله عليه وسلم -.

4 - باب الرهن مركوب ومحلوب

مسلمة: أنا. فأتاه فقال: أردنا أن تُسلفنا وسقًا أو سقين. فقال ارهنوني نساءكم. قالوا: كيف نرهنك نساءنا وأنت أجمل العرب؟ قال: فارهنوني أبنائكم. قالوا: كيف نرهنك أبناءنا فيُسبُ أحدهم فيقال: رُهن بوسق أو وسقين (¬1)؟ هذا عار علينا، ولكنا نرهنك اللأمة- قال سفيان: يعني السلاح - فوعده أن يأتيه، فقتلوه، ثم أتوُ النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبروه». 4 - باب الرهن مركوب ومحلوب 2511 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول: «الرهن يُركب بنفقته، ويُشرب لبن الدًرُ إذا كان مرهونًا» (¬2). 2512 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الظهر يُركب بنفقته إذا كان مرهونًا، ولبن الًرٌ يُشرب بنفقته إذا كان مرهونًا، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة» (¬3). ¬

(¬1) كعب من يهود العرب. * من يسب الدين والله والرسول. لولي الأمر أن يبعث إليه من يقتله، فإنه يمكن أن يؤلب الناس على المسلمين. * هل يركب السيارة المرهونة؟ لا، ما يصلح. (¬2) إلا إذا كان الراهن أمن النفقة. (¬3) الركوب بقدر الحاجة، واللبن الزائد لصاحب الرهن.

6 - باب إذا اختلف الراهن والمرتهن ونحوه فالبينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه

6 - باب إذا اختلف الراهن والمرتهن ونحوه فالبينة على المدًعي، واليمين على المدعى عليه 2514 - عن ابن أبي مليكة قال: «كتبت إلى ابن عباس فكتب إليَّ: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى أن اليمين على المُدعى عليه» (¬1). ¬

(¬1) وهذا يبين أن الحكم في البينة واليمين عام، في الكافر والمسلم، والفاضل والمفضول.

49 - كتاب العتق

49 - كتاب العتق 1 - باب في العتق وفضله 2517 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أيما رجل أعتق امرأً مسلمًا استنقذ الله بكل عضو منه عضوًا منه من النار» (¬1). قال سعيد ابن مرجانة: فانطلقت به إلى علي بن الحسين، فعمد علي بن الحسين - رضي الله عنهما - إلى عبد له قد أعطاه به عبد الله بن جعفر عشرة آلاف درهم- أو ألف دينار- فأعتقه. 2 - باب أي الرقاب أفضل 2518 - عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: «سألت النبي - صلى الله عليه وسلم -: أي العمل أفضل؟ قال: إيمانًا بالله وجهاد في سبيله». قلت: فأي الرقاب أفضل؟ قال: «أعلاها ثمنًا، وأنفسها عند أهلها»: قلت: فإن لم أفعل؟ قال: «تُعين ضائعًا، أو تصنع لأخرق». قال: فإن لم أفعل؟ قال: «تدع الناس من الشر، فإنها صدقة تصدق بها على نفسك» (¬2). ¬

(¬1) عتق الرقاب من أفضل القربات، وقد جعله الله في كفارات عديدة، لأن الرقيق يشبه الأنعام، يباع ويشترى، فإذا أعتقه أراحه من تعب كثير ... ويلتحق بذلك إعتاق الأسارى من أيدي الكفار، ففي هذا خير عظيم. (¬2) من لم يستطع إعانة الناس فليكف شره عن الناس، والمقصود النظر في حفظ الوقت. * وتكلم الشيخ عن ضرر المسلم {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا} الآية وحديث: «من ضارّ مسلمًا ضاره الله».

3 - باب ما يستحب من العتاقة في الكسوف أو الآيات

قال الحافظ: ... (تعين ضائعًا) (¬1). بالضاد المعجمة وبعد الألف ...... 3 - باب ما يستحب من العتاقة في الكسوف أو الآيات 2519 - عن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - قالت: «أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالعتاقة في كسوف الشمس» (¬2). 4 - باب إذا أَعتق عبدًا بين أثنين، أو أمة بين الشركاء 2527 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أعتق نصيبًا- أو شقيصًا- في مملوك فخلاصه عليه في ماله إن كان له مال، وإلا قوم عليه فاستُسعى به غير مشقوق عليه» (¬3). 6 - باب الخطأ والنسيان في العتاقة والطلاق نحوه، ولا عتاقة إلا لوجه الله تعالى وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله تجاوز لي عن أمتي ما وسوست به صدورها ما لم تعمل أو تكلم» (¬4). ¬

(¬1) المقصود أن صانعًا أظهر، وضائعًا تصحيف. (¬2) وهكذا أمر بالصدقة، والحكمة من العتق لتفريج الكروب. * قلت للشيخ: قول بعض الحفاظ إن السعاية مدرجة في الخبر؟ قال: الصواب أنها محفوظة. (¬3) وسألته: يلزم السيد الاخر تمكينه من السعاية؟ قال نعم. (¬4) إذا قال لعبده إن دخلت دار فلان فأنت حر فدخل ناسيًا لم يعتق، ومثله في الطلاق، إن تكلمت بكذا فأنت طالق، لم تطلق إن تكلمت ناسية.

7 - باب إذا قال لعبده هو لله ونوى العتق، والإشهاد في العتق

2529 - عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الأعمال بالنية، ولامرئ ما نوى: فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه» (¬1). 7 - باب إذا قال لعبده هو لله ونوى العتق، والإشهاد في العتق 2530 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه لما أقبل يريد الإسلام- ومعه غلامه- ضلً كل واحد منهما من صاحبه، فأقبل بعد ذلك وأبو هريرة جالس مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: يا أبا هريرة هذا غلامك قد أتاك، فقال: أما إني أشهدك أنه حر (¬2). قال فهو حين يقول: يا ليلة (¬3) من طولها وعنائها ... على أنها من دارة الكفر نجًت. ¬

(¬1) * ذكر شيخنا العقبات السبع التي ذكرها ابن القيم، التي وضعها الشيطان في طريق ابن آدم، وعدها كلها حديث عظيم ذكره - رحمه الله - في مواضع سبعة من صحيحه، وهو غريب من طريق يحي عن محمد عن علقمة عن عمر، وروي من طرق عن بعض الصحابة لكن بسند ضعيف. (¬2) كافأه أبو هريرة على إباقة عتقه، فقابل السيئة بالحسنة. (¬3) طويلة يا لها من ليلة عظيمة. * إن قال هو لله فهو يعتق، لكن لا يثبت ذلك عليه إلا بإقراره، أو بينة.

8 - باب أم الولد

8 - باب أم الولد 2533 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «كان عتبه بن أبي وقاص عهد إلى أخيه سعد بن أبي وقاص أن يقبض إليه ابن وليدة زمعة. قال عتبة: إنه ابني. فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زمن الفتح أخذ سعد ابن وليدة معه فأقبل به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأقبل معه بعبد من زمعة. فقال سعد: يا رسول الله هذا أبن أخي، عهد إلى أنه ابنه. فقال بن ابن زمعة: يا رسول الله هذا أخي، ابن وليدة زمعة، ولد على فراشه. فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أبن وليدة زمعة فإذا هو أشبه الناس به، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هو لك يا عبد بن زمعة، من أجل أنه ولد على فراش أبيه. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: احتجبي منه يا سودة بنت زمعة. مما رأى من شبهه بعتبة. وكانت سودة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -» (¬1). 9 - باب بيع المُدبَّر 2534 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: «أعتق رجل منا عبدًا له عن دُبُر، فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - به قباعه. قال جابر: مات الغلام عام أول» (¬2). ¬

(¬1) الولد للفراش، ولو فيه شبه بالزاني، الولد للفراش، وللعاهر الحجر. * أُم الولد الصواب لاتباع اذا استولدها، لكن تعتق بموته. * إذا ولدت الأمة لم يجز لسيدها بيعها، هذا هو الصحيح، وحكاه بعضهم إجماعًا، والمسألة بسطها العلماء واستقر من عهد عمر على عدم جواز البيع. (¬2) إذا أوصى به بعد موته ما تمنع سيده من التصرف به، ببيعه أو استخدامه.

10 - بيع الولاء وهبته

10 - بيع الولاء وهبته 2535 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - يقول: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الولاء وعن هبته» (¬1). 2536 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «اشتريت بريرة، فاشترط أهلها ولاءها، فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «أعتقيها، فإن الولاء لمن أعطى الورق». فأعتقُها، فدعها النبي - صلى الله عليه وسلم - فخيًرها من زوجها فقالت: لو أعطاني كذا وكذا ما ثبتُ عنده. فاختارت نفسها» (¬2). 11 - باب إذا أُسِر أخو الرجل أو عمه هل يُفادى إذا كان مشركًا؟ وقال أنس: قال العباس للنبي - صلى الله عليه وسلم -: «فاديت نفسي وفاديت عقيلًا» وكان عليٌ له نصيب من تلك الغنيمة التي أصاب من أخيه عقيل وعمه عباس. 2537 - عن أنس - رضي الله عنه - أن رجالًا من الأنصار استأذنوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: ائذن لنا فلنترك لأبن أختنا عباس فداءه، فقال: «لا تدعون منه درهمًا» (¬3). 12 - باب عتق المشرك 2538 - عن هشام أخبرني أبي «أن حكيم بن حزام - رضي الله عنه - أعتق ¬

(¬1) الولاء مثل النسب، فلا يباع، كما لا يقال: أبيعك قرابتي من فلان. (¬2) المملوكة إذا أُعتقت تحت العبد تُخيًر. * قال شيخنا: أمرهما عجيب حُبٌ مغيث لها الشديد، وبغضها له. (¬3) الأسير رق خاص، ثم هو وسيلة إلى الرق، وإذا كان لا يعتق على قريبه.

13 - باب من ملك من العرب رقيقا فوهب وباع وجامع وفدى وسبى الذرية

في الجاهلية مائة رقبة، وحمل على مائة بعير. فلما أسلم حمل على مائة بعير وأعتق مائة رقبة. قال: فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا رسول الله، أرأيت أشياء كنت أصنعها في الجاهلية كنت أتحنث بها- يعني أتبرًر بها- قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أسلمت على ما سلفَ لك من خير» (¬1). قال الحافظ: ... وإنما تأويله أن الكافر إذا فعل ذلك انتفع به إذا أسلم لما حصل له من التدرب على فعل الخير فلم يحتج إلى مجاهدة جديدة، فيثاب بفضل الله عما تقدم بواسطة انتفاعه بذلك بعد إسلامه (¬2). 13 - باب من ملك من العرب رقيقًا فوهب وباع وجامع وفدى وسبى الذرية 2541 - عن علي بن الحسن عن عبد الله عن ابن عون قال: «كتب إلى نافع، فكتب إلي، إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أغار على بني المصطلق وهم غارون وأنعامهم تُسقى على الماء، فقتل مقاتلهم وسبى ذراريهم وأصاب يومئذ جويرية. حدثني به ابن عمر، وكان في ذلك الجيش» (¬3). ¬

(¬1) يعني كل ما أراد به وجه الله نفعه في الإسلام، وحفظ له. (¬2) لا يحتاج إلى هذا التأويل. (¬3) إذا كانوا قد أنذروا جازت مباغتتهم، والممنوع إذا لم يكن أُنذروا. * وسألت الشيخ: عن هذا الحديث فيه جواز استرقاق العرب؟ قال: نعم ما فيه شك استرق النبي - صلى الله عليه وسلم - وكذا الصحابة في حروب الردة.

14 - باب فضل من أدب جاريته وعلمها

2542 - عن ابن محيريز قال: رأيت أبا سعيد - رضي الله عنه - فسألته فقال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة بني المصطلق فأصبنا سبيًا من سبي العرب فاشتهينا النساء فاشتدت علينا العزُبة وأحببنا العزل، فسألنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «ما عليكم أن لا تفعلوا، ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة» (¬1). 2543 - عن أبي زرعة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: ما زلت أحبٌ بني تميم منذ ثلاث سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول فيهم، سمعته يقول: «هم أشدٌ أمتي» (¬2). على الدًجال: قال: وجاءت صدقاتهم فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «هذه صدقات (¬3) قومنا». وكانت سبيًة منهم عند عائشة فقال: «أعتقيها فإنها من ولد (¬4) إسماعيل». 14 - باب فضل من أدب جاريته وعلمها 2544 - عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من كانت له جارية فعلُمها فأحسن إليها، ثم أعتقها وتزوجها كان له أجران» (¬5). 15 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «العبيد إخوانكم فأطعموهم مما تأكلون» 2545 - عن المعرور بن سُويد قال: رأيت أبا ذر الغفاري - رضي الله عنه - ¬

(¬1) أذن لهم في العزل، والعزل من أسباب السلامة من الحمل. (¬2) أقوى الناس ضده. (¬3) هذه مزايا بني تميم. (¬4) وفيه سبي العرب. (¬5) فيه تأديب الخدم مماليك كانوا أم لا، بتعليمهم ونصحهم وتوجيههم.

16 - باب العبد إذا أحسن عبادة ربه، ونصح سيده

وعليه حُلًة وعلى غلامه حُلة، فسألناه عن ذلك فقال: إني ساببت رجلًا فشكاني إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أعيرته بأمه؟ » ثم قال: «إن إخوانكم خوَلُكم (¬1). جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليُطعمه (¬2). مما يأكل وليُلبسه مما يلبس، ولا تكلّفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم ما يغلبهم فأ عينوهم». 16 - باب العبد إذا أحسن عبادة ربه، ونصح سيده 2546 - عن أبي عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «العبد إذا نصح سيده وأحسن عبادة ربه كان له أجره مرتين» (¬3). 17 - باب كراهية التطاول على الرقيق 2552 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يقل أحدكم: أطعم ربك، وضئ ربك. وليقل: سيدي مولاي. ولا يقل أحدكم: عبدي، أمتي. وليقل: فتاي وفتاتي وغلامي» (¬4). ¬

(¬1) خدامكم (¬2) هذا على سبيل الاستحباب، وإلا الواجب الإطعام والكسوة، وإن ساواه به أفضل. (¬3) وهذا يرجى للعامل والخدم. (¬4) لئلا يجره إلى التعاظم والتعالي، لأنه يواجهه بالخطاب، أما قول سيد بني فلان ... عبد فلان فلا بأس. أما عبدي فلا، لأنه يكسب التعاظم والتكبّر.

19 - باب العبد راع في مال سيده

2544 - عن نافع عن عبد الله - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «كلكم راع ومسؤول عن رعيته: فالأمير الذي على الناس فهو راع عليهم وهو مسؤول عنهم، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم (¬1)، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم، والعبد راع على مال سيًده وهو مسؤول عنه. ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته». قال الحافظ: ... واتفق العلماء على أن النهي الوارد في ذلك للتنزيه، حتى أهل الظاهر (¬2). 19 - باب العبد راع في مال سيده 2588 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «كلكم راع ومسؤول عن رعيته: فالإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل في أهله راع وهو مسؤول عن رعيته ... الحديث» (¬3). 20 - باب إذا ضرب العبد فليجتنب الوجه 2559 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه» (¬4). ¬

(¬1) تعليمهم وتوجيههم .... يجوز تسمية الملوك عبد، وتسمية المالك سيد، وإنما كره المواجهة به، كسيدي، بل يقال: سيد بني فلان. (¬2) جمعًا بين النصوص، ومما يدل على عدم الوجوب قوله: «تلد الأمة ربتها». (¬3) وهذا عام في كل صاحب أمانة وعمل. (¬4) يعم الحدود، والتأديب مع الزوجة والأولاد والخدم ولا سم وسئل: والرأس؟ لا بأس.

قال الحافظ: .... وقال حرب الكرماني في «كتاب السنة» سمعت إسحاق ابن راهوية يقول: صح أن الله خلق آدم على صورة (¬1) الرحمن. ¬

(¬1) على صورته: يعني سميعًا بصيرًا. وفي الحرب، هل يشمل الامتناع من ضرب الوجه؟ الأولى ضرب غير الوجه، ولو في الحرب، ولو كانوا كفارًا

50 - كتاب المكاتب

50 - كتاب المكاتب 1 - باب المكاتب ونجومه في كل سنة (¬1) نجم وقوله: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33]. وقال رَوْح عن ابن جريج قلت لعطاء: أواجب علي إذا علمت له مالًا أن أكاتبه؟ قال: ما أراه إلا واجبًا .. إلخ. 2560 - عن عائشة - رضي الله عنها - إن بريرة دخلت عليها تستعينها في كتابتها وعليها خمس أواقي نجمت عليها في خمس سنين، فقالت لها عائشة- ونَفِست فيها- أرأيتِ أن عددت لهم عدة واحدة أيبيعك أهلك فأعتقك فيكون ولاؤك لي؟ فذهبت بريرة إلى أهلها فعرضت ذلك عليهم، فقالوا: لا، إلا أن يكون لنا الولاء. قالت عائشة: فدخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرتُ ذلك له، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «اشتريها فأعتقيها، فإنما الولاء لمن أعتق». ثم قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «ما بال رجال يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله؟ (¬2) من اشترط شرطًا ليس في كتاب الله فهو باطل، شرط الله أحق وأوثق». ¬

(¬1) السنة المكاتبة، والأصل الوجوب في الأوامر، لاسيما إن علم المكاتبة خيرًا فخيرًا في الآية: قال بعضهم: المال، والأولى حمله على الأخلاق الحميدة. قلت: انظر (ص 193) من جلد 5 من فتح الباري. (¬2) في حكم الله.

2 - باب ما يجوز من شروط المكاتب، ومن اشترط شرطا ليس في كتاب الله فيه عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -

2 - باب ما يجوز من شروط المكاتب، ومن اشترط شرطًا ليس في كتاب الله فيه عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - 2562 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: أرادت عائشة - رضي الله عنها - أن تشتري جارية لتعتقها، فقال أهلها: على أن ولاءها لنا. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يمنعك ذلك، فإنما الولاء لمن أعتق» (¬1). 3 - باب استعانة المكاتب وسؤاله الناس 2563 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: جاءت بريرة فقالت: إني كاتبت أهلي على تسع (¬2). أواق في كل عام أوقية فأعينيني. فقال عائشة: إن أحبً أهلك أن أعُدها لهم عدة واحدة وأعتقك فعلت فيكون ولاؤك لي. فذهبت إلى أهلها فأبوا عليها فقال: إني قد عرضت ذلك عليهم، فأبوا إلا أن يكون الولاء لهم. فسمع بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألني فأخبرته، ¬

(¬1) والمعنى العصوبة للمعتق كما تقدم في حديث ابن عمر (نهى عن بيع الولاء وهبته) فهو للمعتق وًاثاره. (¬2) المحفوظ هذا تسع، وفي رواية خمس. * فيه فوائد: - جواز السؤال للعاجز، كما فعلت بريرة مع عائشة. - تسمية السادة أهل، وأنه ليس خاصًا بالأقارب. - جواز بيع التقسيط. - الجارية إذا أعتقت تحت عبد تخيّر. - الولاء لمن أعتق ولعصبته.

4 - باب بيع المكاتب إذا رضي. وقالت عائشة: هو عبد ما بقي عليه شيء

فقال: «خُذيها فأعتقيها واشترطي لهم الولاء، فإن الولاء لمن أعتق». قالت عائشة: فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: «أما بعد، فما بال رجال منكم يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله؟ فأيما شرط كان ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط، فقضاء الله أحق، وشرط الله أوثق. ما بال رجال منكم يقول أحدهم أعتق يا فلان ولي الولاء إنما الولاء لمن أعتق». قال الحافظ: ... القوة الكسب، والوفاء (¬1) بما وقعت الكتابة عليه، وليس المراد به المال، ويؤيد ذلك أن المال الذي في يد المكاتب لسيدة فكيف يكاتبه بماله قال الحافظ ... فكذا إنما يقال فيه وفاء (¬2). وفيه أمانة وفيه حسن معاملة ونحو ذلك. 4 - باب بيع المكاتب إذا رضي (¬3). وقالت عائشة: هو عبد ما بقي عليه شيء 2564 - عن عمرة بنت عبد الرحمن «إن بريرة جاءت تستعين عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها -، فقالت لها: إن أحب أهلك أن أصُب لهم ثمنك صبة واحدة وأعتقك فعلت. فذكرت بريرة ذلك لأهلها فقالوا: لا، إلا أن يكون الولاء لنا. قال مالك قال يحيى: فزعمت عمرة أن عائشة ذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «اشتريها وأعتقيها، فإنما الولاء لمن أعتق». ¬

(¬1) هو الأقرب، المراد به الدين. (¬2) هو الأقرب، المراد به الدين. (¬3) لا وجه لهذا الشرط

51 - كتاب الهبة، وفضلها، والتحريض عليها

51 - كتاب الهبة، وفضلها، والتحريض عليها 2567 - عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت لعروة «ابن أختي، إن كان لننظر إلى الهلال ثم الهلال، ثلاثة أهلة في شهرين، وما أُوقدت في أبيات رسول الله نار. فقلت: يا خالة، ما كان يعيشكم؟ قالت: الأسودان التمر والماء. إلا أنه قد كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - جيران من الأنصار كانت لهم منائح، وكانوا يمنحون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ألبانها فيسقينا» (¬1). قال الحافظ ... والصدقة وهي هبة ما يتمحض به طلب ثواب الًاخرة، والهدية (¬2) وهي ما يكرم به الموهوب له. 2 - باب القليل من الهبة 2568 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لو دعيت إلى ذراع أو كُراع لأجبت، ولو أهدي إلى ذراع أو كُراع لقبلت» (¬3). ¬

(¬1) أصابهم في المدينة شدة، ولهذا أوصى بالتهادي لاسيما مع الحاجة، فليكرم جاره فليحسن إلى جاره، وكان يهدي إلى أهل الصفة وربما دعاهم وسقاهم اللبن فيشرع ذلك بل يجب عليهم. (¬2) الهدية لأجل التحابب، والهبة مطلق العطية لمجرد الإحسان والإفادة. * وسئل عن حديث «تهادوا تحابوا»؟ . فقال: رواه البخاري في الأدب المفرد وأبو يعلى بسند حسن، كما في البلوغ. قلت: وشيخنا يحفظ البلوغ رحمة الله. (¬3) ولهذا قال: «إذا دعي أحدكم فليجب عرسًا كان أو نحوه» قلت: رواه مسلم من حديث ابن عمر، وقال أيضًا: «أجيبوا الداعي».

3 - باب من استوهب من أصحابه شيئا

3 - باب من استوهب من أصحابه شيئًا 2570 - عن عبد الله بن أبي قتادة السلمى (¬1) عن أبيه - رضي الله عنه - قال: «كنت يومًا جالسًا مع رجال من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في منزل في طريق مكة- ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - نازل أمامنا- والقوم محرمون وأنا غير محرم، فأبصروا حمارًا وحشيًا- وأنا مشغول أخصف نعلي- فلم يؤُذنوني به، وأحبوا لو أني أبصرته ... الحديث». 4 - باب استسقى وقال سهل «قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: اسقني» 2571 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: «أتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في دارنا هذه فاستسقى، فحلبتا له شاة لنا، ثم شُبته من ماء بئرنا هذه، فأعطيته، وأبو بكر، فأعطى الأعرابي فضله، ثم قال: «الأيمنون الأيمنون، ألا فيمنوا». قال أنس: فهي سنة، فهي سنة. ثلاث مرات» (¬2). ¬

(¬1) نسبة إلى بني سَلَمة، والنسبة إلى بني سُليم: سُلمي. (¬2) إذا شرب الإنسان وترك فضلة يعطي اليمين، ولو كان من على يساره أفضل. وفيه أن قوله اسقني، أو أعطني للشيء المعتاد ليس من السؤال المذموم، أما السؤال العادي: هات الماء، هات الحذاء، أمور عادية. ثم ذكر الشيخ حديث: «بايعنا رسول الله على أن لا نسأل الناس شيئًا فكان أحدهم يسقط سوطه» وقال: السوط لأنه شيء سهل، ولهذا سأله أبو قتادة لما سقط.

6 - باب قبول الهدية

6 - باب قبول الهدية 2573 - عن عبد الله بن عباس عن الصعب بن جثَامة - رضي الله عنهم - أنه أهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حمارًا وحشيًا- وهو بالأبواء أو بودان- فردً عليه، فلما رأى ما في وجهه قال: «أما إنا لم نَرُده عليك إلا أنا حُرُم» (¬1). 7 - باب قبول الهدية 2575 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «أهدت أم حفيد- خالة ابن عباس- إلى النبي أهدت أم حفيد- خالة ابن عباس- إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أقِطًا وسمنًا وأضبُا، فأكل النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأقط والسمن وترك الأضُب تقدُرًا. قال ابن عباس: فأُكل على مائدة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولو كان حرامًا ما أُكل على مائدة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» (¬2). 2578 - عن عائشة - رضي الله عنها - «أنها أرادت أن تشتري بريرة، وأنهم اشترطوا ولاءها، فذُكر للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: اشتريها فأعتقيها، فإنما الولاء لمن أعتق. وأُهدي لها لحم، فقيل النبي - صلى الله عليه وسلم -: هل تُصدُق على بريرة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «هو لها صدقة ولنا هدية». وخُيًرت. قال عبد الرحمن: زوجها حرٌ أو عبد؟ قال شعبة: سألت عبد الرحمن عن زوجها، قال: لا أدري أحرٌ أم عبد» (¬3). ¬

(¬1) * من صاد خارج الحرم ثم دخل الحرم لا يجب إرساله. لأنه حمار وحشي، والمحرم لا يصيده ولا يشتريه، وفيه أنه إذا رد يبين الأسباب. هدية الصعب حمار حي في الأصح. (¬2) يدل على حل أكل الضب. (¬3) الجارية إذا أعتقت تحت عبد تُخيَّر، زوجها عبد. * أن الصدقة إذا بلغت محلها حلَّت.

8 - باب من أهدى إلى صاحبه، وتحرى بعض نسائه دون بعض

قال الحافظ: ... ووقع عند النسفي «باب الهدية» (¬1). قال الحافظ: .. ويستنبط من هذه القصة جواز استرجاع صاحب الدين من الفقير ما أعطاه له من الزكاة بعينه (¬2). 8 - باب من أهدى إلى صاحبه، وتحرى بعض نسائه دون بعض 2581 - عن عائشة - رضي الله عنها - «أن نساء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كن حزبين: فحزب فيه عائشة وحفصة وصفية وسودة، والحزب الآخر أم سلمة وسائر نساء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان المسلمون قد علموا حُب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عائشة ... الحديث .. فكلم حزب أم سلمة فقلن لها: كلمي (¬3) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُكلم الناس فيقول: من أراد أن يُهدي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هدية فليهديها حيث كان من بيوت نسائه ... الحديث ... ثم إنهن دعون فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأرسلت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تقول: إن نساءك ينشدنك العدل في بنت أبي بكر. فكلمته فقال: «يا بُنية، ألا تحبين ما أحب؟ » قالت بلى. فرجعت إليهن فأخبرتهن، فقلن ارجعي إليه، ¬

(¬1) هذا هو أولى في الترجمة، حتى لا يقع في التكرار (¬2) ما لم يتواطأ على الحيلة، فيجوز هذا. (¬3) يعني قولي لها تقول للناس من أراد أن يهدي فليهدي حيث كنت، ولا يتحرى بيتًا معينًا. * فيه فوائد: - محبة الرجل لبعض زوجاته أكثر هذا بيد الله، لا يملكه الإنسان «اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك» يعني الحب.

9 - باب ما لا يرد من الهدية

فأبت أن ترجع، فأرسلن زينب بنت جحش، فأتته فأغلظت وقالت: إن نساءك ينشدنك الله العدل في بنت ابن أبي قحافة، فرفعت صوتها حتى تناولت عائشة وهي قاعدة فسبًتها، حتى إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لينظر إلى عائشة هل تكلم، قال: فتكلمت عائشة تردٌ على زينب حتى أسكتتها. قالت: فنظر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى عائشة وقال: «إنها بنت أبي بكر» (¬1). 9 - باب ما لا يُردٌ من الهدية 2582 - عن ثمامة بن عبد الله قال: «دخلت عليه فناولني طيبًا، قال: كان أنس - رضي الله عنه - لا يردٌ الطيب» (¬2). قال الحافظ: ... من حديث ابن عمر مرفوعًا «ثلاث لا ترد: الوسائد والدهن واللبن، قال الترمذي: يعني بالدهن الطيب، وإسناده حسن (¬3) ... ¬

(¬1) إنها بنت أبي بكر: يعني: موفقة كما وفق أبوها. * لا يلزم العدل في الحب، والشهوة، أما القسم، والنفقة فهذا يستطيع. (¬2) هذا من مكارم الأخلاق فلا يرد الطيب، ولعله التطيب أما الطيب إذا كان قارورة وما أشبه فهذا قد يقبل لأحوال، ويرد ويمتنع لأحوال. (¬3) قلت إسناده هكذا: قال الترمذي: حدثنا قتيبة أخبرنا ابن أبي فديك عن عبد الله بن مسلم عن أبيه عن ابن عمر مرفوعًا فذكره. وهذا إسناد ظاهره حسن، عبد الله بن مسلم بن جندب الهذلي المقري لا بأس به من الثامنة، وأبو ثقة فصيح قارئ، وأبن أبي فديك هو الدَيلي محمد بن إسماعيل صدوق، لكن قال أبو حاتم: حديث منكر! ! .

10 - باب من رأى الهبة الغائبة جائزة

10 - باب من رأى الهبة الغائبة جائزة 2583، 2584 - ذكر عروة أن المسوّر بن مخرمة - رضي الله عنهما - ومروان أخبراه «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين جاءه وفد هوازن قام في الناس فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال: أما بعد فإن إخوانكم جاءونا تائبين، وإني رأيت أن أرُدَ إليهم سبيهم، فمن أحب منكم أن يُطيَّب ذلك فليفعل، ومن أحب أن يكون على حظَّه حتى نُعطيه إياه من أول ما يُفيء الله علينا. فقال الناس: طيَّبنا لك» (¬1). قال الحافظ: ... ففيه أنهم وهبوا ما غنموه من السبي من قبل أن يقسم (¬2) وذلك في معنى الغائب. قال الحافظ: ... بل في نفس الحديث أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يفعل ذلك إلا بعد تطييب نفوس المالكين (¬3). 12 - باب الهبة للولد وإذا أعطى بعض واده شيئًا لم يجُز حتى يعدل بينهم ويعطي الآخر مثله، ولا يُشهد عليه وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اعدلوا بين أولادكم في العطية» (¬4). 2586 - عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: ¬

(¬1) ذكر الشيخ مطولًا، وفيه جواز الوعد بالمكافأة، أما الهبة فمن باب أولى. (¬2) قد قسمت، وجاء في بعض الروايات أن بعضهم قد وطئ. (¬3) الخلاف في العوض فمن طيَّب لم يعوض، ومن لم يطيَّب له عوض. (¬4) لا يجوز تخصيص بعض الأولاد بعطية، ولأن هذا يقضي للعداوة، وظاهر الحديث عدم الفرق بين الصغير والكبير، والفاضل والمفضول للعموم.

13 - باب الإشهاد في الهبة

«إني نحلت ابني هذا غلامًا. فقال: أكلَّ ولدك نحلت مثله؟ قال: لا. قال: فأرجعه» (¬1). 13 - باب الإشهاد في الهبة 2587 - عن حُصين عن عامر قال: «سمعت النعمان بن بشير - رضي الله عنهما - وهو على المنبر يقول: أعطاني أبي عطية، فقالت عمرة بنت رواحة: لا أرضى حتى تُشهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني أعطيت ابني من عمرة بنت رواحة عطية، فأمرتني أن أُشهدك يا رسول الله. قال: «أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟ » قال: لا. قال: «فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم». قال: فرجع فردَّ عطيته» (¬2). 14 - باب هبة الرجل لامرأته والمرأة لزوجها قال إبراهيم: جائزة. وقال عمر بن عبد العزيز: لا يرجعان. واستأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - نساءه في أن يُمرَّض في بيت عائشة. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه». وقال الزهري- فيمن قال لامرأته: هبي لي بعض صداقك أوكلَّه، ثم لم ¬

(¬1) * الولد الكافر لاحق له في العطية، وجوده كالعدم. والعطية على قدر الميراث على الصحيح، للذكر مثل حظ الأنثيين. (¬2) فيه: شرعية الإشهاد على العطية حتى لا يجحد أو يموت فلا تعرف العطية، ووجوب العدل بين الأولاد، وقال الشيخ: أولاد البنات أولاد لكن إن كانوا مرشدين وتسامحوا لا بأس على القواعد الشرعية. * الهبة تثبت بالقول وتلزم بالقبض، وقال الشيخ: الأقرب لزومها بالقول.

يمكث إلا يسيرًا حتى طلَّقها فرجعت فيه- قال: يَرُدُّ إليها إن كان خلّبَها (¬1)، وإن كانت أعطته عن طيب نفس ليس في شيء من أمره خديعة جاز. 2588 - عن عُبيد الله بن عبد الله قالت عائشة - رضي الله عنها -: «لما ثقُل النبي - صلى الله عليه وسلم - فاشتدَّ وجعه استأذن أزواجه أن يُمرَّض، فأذنَّ له فخرج بين رجلين تخط رجلاه الأرض، وكان بين العباس وبين رجل آخر. فقال عُبيد الله: فذكرت لابن عباس ما قالت عائشة، فقال: وهل تدري من الرجل الذي لم تُسمِّ عائشة؟ قلت: لا، قال: هو عليُّ بن أبي طالب» (¬2). 2589 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «العائد في هبته كالكلب يقئُ ثم يعود في قيئه» (¬3). ¬

(¬1) خدعها، وكلام الزهري هو الصواب فلها الرجوع إن دلت القرائن أنها أعطته حتى لا يطلقها. * لو تزوجها وعند العقد على أن لا قسم لها، له هذا الشرط ولا رجوع لها، فإن أسقطته بعد العقد فلها الرجوع. قلت: هو ما يسميه أهل زمان: نكاح المسيار، وهو نكاح صحيح إذا استوفى شروطه وأركانه لكنني أقول إنما يصار إليه عند الحاجة الملحة وصلاحية ظروف الزوجين لفعله {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا}. * لو أعطته خوفًا أن يتزوج عليها .. فتزوج عليها لها الرجوع. (¬2) استنباط المؤلف جيد، فلو أعطاها قسمًا كذلك يعطيها مالًا، لكن إن كان لها ضرائر يعدل أو يسمحن. (¬3) تنفير شديد من الرجوع.

15 - باب هبة المرأة لغير زوجها، وعتقها إذا كان لها زوج، فهو جائز إذا لم تكن سفيهة فإذا كانت سفيهة لم يجز

15 - باب هبة المرأة لغير زوجها، وعتقها إذا كان لها زوج، فهو جائز إذا لم تكن سفيهة فإذا كانت سفيهة لم يجز 2590 - عن أسماء - رضي الله عنها - قالت: «قلت يا رسول الله مالي مال إلا ما أدخل عليَّ الزُبير، فأتصدق؟ قال: تصدَّقي، ولا تُوعي فيوعى عليك» (¬1). 2592 - عن كُريب مولى ابن عباس أن ميمونة بنت الحارث - رضي الله عنها - أخبرته أنها أعتقت وليدة ولم تستأذن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما كان يومها الذي يدور عليها فيه قالت: أشعرت يا رسول الله أني أعتقت وليدتي؟ قال: «أوَفعلت؟ » قال: نعم. قال: «أما أنك لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك» (¬2). 2593 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه، وكان يقسم لكل امرأة منهن يومها وليلتها غير أن سودة بنت زمعة وهبت يومها وليلتها لعائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - تبتغي بذلك رضا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» (¬3). ¬

(¬1) مما أعطاها الزبير ... فإذا أعطاها زوجها ملكته ... ومثله تصدقهن يوم العيد، لأنهن مكلفات رشيدات، فلهن التصرف من دون إذن أزواجهن أو آبائهن. * وسألته: إن علمت بُخْلَ زوجها؟ فقال: تشاور، إلا في الشيء اليسير الذي جرت به العادة. يهل بعد الركوب حينما تستوي به الراحلة، وقبل ذلك في الأرض يتأهب يتطيب. (¬2) الصدقة على الأقارب أعظم من العتق لأنها متعدية النفع صدقة وصلة. (¬3) فيه وجوب العدل في السفر بهن، فلا يسافر بواحدة إلا برضاهن أو بقرعة، أو يتركهن جميعًا، أو يذهب بهن جميعًا.

16 - باب بمن يبدأ بالهدية؟

16 - باب بمن يبدأ بالهدية؟ 2594 - عن كُريب مولى ابن عباس أن ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أعتقت وليدة لها، فقال لها: «ولو وصلت بعض أخوالك كان أعظم لأجرك» (¬1). 2595 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قلت يا رسول الله، إني لي جارين فإلى أيهما أُهدي؟ قال: «إلى أقربهما منك بابا» (¬2). 17 - باب من لم يقبل الهدية لعلَّة وقال عمر بن عبد العزيز: «كانت الهدية في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هدية، واليوم رشوة» (¬3). 2596 - عن الصعب بن جثامة الليثي- كان من أصحا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - يخبر «أنه أهدى لرسول الله حمار وحش وهو بالأبواء- أو بودان- وهو محرم فردَّه، قال صعب: فلما عرف في وجهي ردّه هديتي قال: ليس بنا ردٌ عليك، ولكنا حُرمُ» (¬4). 2597 - عن أبي حُميد الساعدي - رضي الله عنه - قال: «استعمل النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلًا من الأزد يقال له ابن اللُّتبيَّة على الصدقة، فلما قدم قال: هذا لكم وهذا أُهدى لي. قال: فهلا جلس في بيت أبيه- أو بيت أمه- فينظر ¬

(¬1) يعني الأقارب أولى من غيرهم، لأنها صدقة وصلة. (¬2) الجيران يعتبرون بقرب الباب. (¬3) الله المستعان. (¬4) لا بأس برد الهدية، والأصل قبولها، إلا لعلة.

18 - باب إذا وهب هبة أو وعد ثم مات قبل أن تصل إليه

أيهدى له أم لا؟ والذي نفسي بيده لا يأخذ أحد منكم شيئَا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على رقبته، إن كان بعيرًا له رُغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تَيْعر- ثم رفع بيده حتى رأينا عُفرة إبطيه- اللهم هل بلَّغت، اللهم هل بلَّغت. ثلاثًا» (¬1). 18 - باب إذا وهب هبة أو وعد ثم مات قبل أن تصل إليه وقال عَبيدة: إن ماتا وكانت فُصلت (¬2). الهدية والمهدَى له حيٌ فهي لورثته، وإن لم تكن فصلت فهي لورثة الذي أهدى. وقال الحسن أيهما مات قبل فهي لورثة المهدَى له قبضها الرسول (¬3). 2598 - عن جابر - رضي الله عنه - قال: قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لو جاء مال البحرين أعطيتك هكذا» (ثلاثا)، فلم يقدم حتى توفي النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأمر أبو بكر مناديًا فنادى: من كان له عند النبي - صلى الله عليه وسلم - عدة أو دين فليأتنا. فأتيته فقلت: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعدني فحثى لي ثلاثًا (¬4). ¬

(¬1) فيه الحذر من هدايا العمال القضاة، الأمراء والواجب ردها، ولأنها قد تقضي إلى الخيانة. * الأحوط ألًا يقبل المدرس من الطالب هدية، لأنها قد تؤثر عليه. (¬2) انتقلت، وهذا اجتهاد من عَبيدة ليس بشيء، بل هي مطلقًا للمهدي، والرسول - صلى الله عليه وسلم - رجعت له هديته إلى النجاشي. (¬3) الرسول يقوم مقام المهدى إليه. (¬4) هذا من باب الوفاء بالوعد.

19 - باب كيف يقبض العبد والمتاع

قال الحافظ: ... وذهب الجمهور إلى أن الهدية لا تنتقل إلى الُمهدى إليه إلا بأن يقبضها أو وكيله (¬1). 19 - باب كيف يُقبض العبد والمتاع 2599 - عن المسور بن مخرمة - رضي الله عنهما - أنه قال: «قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقبية ولم يُعط مخرمة منها شيئًا، فقال مخرمة: يا بُني انطلق بنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فانطلقت معه فقال: ادخل فادعه لي، قال فدعوته له، فخرج إليه وعليه قباء منها فقال: خبأنا هذا لك. قال فنظر إليه فقال: رضي مخرمة» (¬2). 20 - باب إذا وهب هبة فقبضها الآخر ولم يقل قبلت 2600 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: هلكت، فقال: «وما ذاك؟ قال: وقعت بأهلي في رمضان. قال: «أتجد رقية؟ » قال: لا. قال: «فهل تستطيع أن تصوم شهريين متتابعين؟ » قال: لا. قال: «فتستطيع أن تطعم ستين مسكينًا؟ » قال: لا. قال فجاء رجل من الأنصار بعرق والعَرق المكتل فيه تمر، فقال: «اذهب بهذا فتصدق به». قال: على أحوج منا يا رسول الله؟ والذي بعثك بالحق ما بين لابتيها أهل بيت أحوج منا. ثم قال: «اذهب فأطعمه أهلك» (¬3). ¬

(¬1) الهدايا لصاحبها ما لم يقبضها المهدى إليه، أو يخرج منه قول. (¬2) فيه حسن خلقه - صلى الله عليه وسلم - مع أصحابه. (¬3) كفارة الظهار تسقط بالعجز، بخلاف سائر الكفارات تبقى في ذمته، (بعد ما سألته) ولكن القبض أبلغ، ولو ما تكلم بشيء.

21 - باب إذا وهب دينا على رجل

21 - باب إذا وهب دينًا على رجل قال شعبة عن الحكم: هو جائز ووهب الحسن بن علي - رضي الله عنه - لرجل دَينه، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من كان له عليه حق فليعطه أو ليتحلله منه». فقال جابر: «قُتل أبي وعليه دين، فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - غُرماءه أن يقبلوا ثمر حائطي ويُحلِّلوا أبي» (¬1). 2601 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: «أن أباه قتل يوم أُحد شهيدًا فاشتد الغرماء في حقوقهم (¬2)، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكلمته، فسألهم أن يقبلوا ثمر حائطي ويُحلَّلوا أبي فأبوا، فلم يعطهم ولم يكسره لهم، ولكن قال: سأغدو عليك إن شاء الله. فغدا علينا حين أصبح، فطاف في النخل فدعا في ثمره بالبركة، فجددتها، فقضيتهم حقوقهم، وبقي لنا من ثمرها بقية. ثم جئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو جالس فأخبرته بذلك فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمر: «اسمع- وهو جالس- يا عمر». فقال: ألا يكون قد علمنا (¬3) أنك رسول الله؟ والله إنك لرسول الله». 22 - باب هبة الواحد للجماعة 2602 - عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أُتي بشراب ¬

(¬1) إذا أبرأه منه، أو من بعض سقط، إذا كان صاحب الدين رشيدًا، لكن الإشكال إذا أعطاه غيره، لأنه أعطاه شيئًا ليس في قبضته، القاعدة لا يصح، لكن إذا سمح بعد ما قبضه وأعطاه فلا بأس. (¬2) الغرماء كانوا من اليهود. (¬3) ألا يكون ذلك وقد جئته ودعوت؟ فالبركة حاصلة.

23 - باب الهبة المقبوضة وغير المقبوضة، والمقسومة وغير المقسومة

فشرب، وعن يمينه غلام (¬1)، وعن يساره الأشياخ، فقال للغلام: إن أذنت لي أعطيت هؤلاء، فقال: ما كنت لأوثر بنصيبي منك يا رسول الله أحدًا. فتلَّه في يده». 23 - باب الهبة المقبوضة وغير المقبوضة، والمقسومة وغير المقسومة 2606 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «كان لرجل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دين، فهمَّ به أصحابه فقال: دعوه فإن لصاحب الحق مقالًا. وقال: اشتروا له سنًا فأعطوها إياه، فإن من خيركم أحسنكم قضاء» (¬2). 25 - باب من أُهدي له هدية وعنده جلساؤه فهو أحق 2610 - عن ابن عُيينة عن عمرو عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر، وكان على بكرِ لعمر صعب، فكان يتقدم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيقول أبوه: يا عبد الله لا يتقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - أحدًا، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بعنيه»، فقال عمر: هو لك. فاشتراه، ثم قال: «هو لك يا عبد الله، فاصنع به ما شئت» (¬3). ¬

(¬1) وهو ابن عباس، والأيمن أولى بالفضيلة. (¬2) فيه تحمل جلافة أهل الدين .. طولت علينا، مطلتنا، انت كذا. * الحديث حجة في هبة المشاع إذا سمحوا، مثل ما فعلوا في حنين، كما لو كانت أرضًا مشتركة فوهب بعضهم. (¬3) فيه شراء الأمير بنفسه، وهبته، وبيعه. * العطية لمن أعطى دون الشركاء. * الأب له أن يأخذ من مال ابنه مالا يضر «أنت ومالك لأبيك».

26 - باب إذا وهب بعيرا لرجل وهو راكبه، فهو جائز

26 - باب إذا وهب بعيرًا لرجل وهو راكبه، فهو جائز 2611 - عن ابن عمرو - رضي الله عنهما - قال: «كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر، وكنت على بكر صعب، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمر: «بعْنيه»، فابتاعه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «هو لك يا عبد الله» (¬1). 27 - باب هدية ما يُكره لبسُها (¬2) 2612 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: «رأى عمر بن الخطاب حُلة سيراء عند باب المسجد فقال: يا رسول الله، لو اشتريتها فلبستها يوم الجمعة وللوفد. قال: «إنما يلبسها من لا خلاق له في الآخرة». ثم جاءت حُلل، فأعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمر منها حُلة، فقال: أكسوتَنيها وقلت في حُلة عُطارد ما قلت؟ فقال: «إني لم أكسكها لتلبسها». فكساها عمر أخَا له بمكة مشركًا» (¬3). قال الحافظ: ... ويستفاد من الترجمة الإشارة إلى منع مالا يستعمل أصلًا للرجال والنساء كآنية الأكل والشرب من ذهب وفضة (¬4). ¬

(¬1) هبة الإنسان ما في يده تعتبر قبضًا، ولعله فعل هذا لأنه لا يستطيع أن يتصرف فيه، لأنه لأبيه، فلما وهبه جاز له التصرف. (¬2) الظاهر كراهة تحريم فالحرير محرم. (¬3) لا يلزم من الهدية اللبس. - لبس الحسن في الجمعة والأعياد. - لا يلزم من دفعها للمشرك اللبس (¬4) لا يباع على الكفار مالا يحل للمسلمين، فإنهم مخاطبون بفروع الشريعة، ولأن في ذلك إعانة لهم.

28 - باب قبول الهدية من المشركين

28 - باب قبول الهدية من المشركين وقال أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «هاجر إبراهيم - عليها السلام - بسارة، فدخل قرية فيها ملك أو جبّار فقال: أعطوها آجَر» (¬1). وأُهديت للنبي - صلى الله عليه وسلم - شاة فيها سُمُّ. وقال أبو حميد «أهدي ملك أيلة للنبي - صلى الله عليه وسلم - بغلة بيضاء، وكساه بُردًا، وكتب إليه ببحرهم». 2615 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: «أُهدي للنبي - صلى الله عليه وسلم - جُبَّة سُندس، وكان ينهى عن الحرير، فعجب الناس منها، فقال: «والذي نفس محمد بيده لمناديل سعد (¬2). ابن معاذ في الجنة أحسن من هذا». 29 - باب الهدية للمشركين 2619 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: «رأى عمر حُلَّة على رجل تُباع، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ابتعْ هذه الحلَّة تلبسها يوم الجمعة وإذا جاءك ¬

(¬1) هل يقبلها ولي الأمر وغيره؟ ثبت عنه القبول - صلى الله عليه وسلم - وكذا إبراهيم وسارة قبلوا هاجر والنبي - صلى الله عليه وسلم - قبل هدايا المشركين صاحب مصر وأكيدر دومة وفي هذه الأحاديث جواز الشراء من المشركين، وفي هذه الأحاديث جواز قبول الهدية إن رأى ولي الأمر وغيره المصلحة، وإن رأى المصلحة في الرد يرد، فالقبول يتبع المصلحة. (¬2) فيه فضيلة سعد، والمنقبة الكبيرة بالشهادة له بأنه من أهل الجنة. * في هذا علم من أعلام النبوة ظاهر، وحسن صحبته لأصحابه.

23 - باب ما قيل في العمرى والرقبى

الوفد، فقال: إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة، فأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منها بحُلَل، فأرسل إلى عمر منها بحُلَّة، فقال عمر: كيف ألبسها وقد قلت فيها ما قلت؟ قال: «إني لم أكسُكها لتلبسها، تبيعها أو تكسوها». فأرسل بها عمر إلى أخ (¬1) له من أهل مكة قبل أن يسلم». 2620 - عن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنها - قالت: قدمت علىَّ أمَّي وهي مشركة في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاستفتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلت: إن أمَّي قدمت وهي راغبة، أفأصِلُ أمي؟ قال: «نعم، صِلي أمَّك» (¬2). 23 - باب ما قيل في العُمرى والرُقبى 2625 - عن جابر - رضي الله عنه - قال: «قضي النبي - صلى الله عليه وسلم - بالعُمرى أنها لمن وُهبت له» (¬3). ¬

(¬1) ليستفيد منها. * الهدية للمشركين: قد دل القرًان على جوازها، لما فيه من التأليف ودفع الشر {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ ... } الآية، أقارب أم فقراء، إذا لم يكونوا حربًا لنا. (¬2) هذا في وقت الصلح (الهدنة)، وفي هذه القصة تأليف ودعوة. (¬3) العمرى: تقول هذا البيت لك مدة حياتك، ولو مات لا ترجع إلى صاحبها بل لورثة الميت، أما إن قال تسكن هذه مدة كذا، فله الرجوع وهذا سد لباب الرجوع في الهبة، وفي الجاهلية كانوا يرجعون فأبطله النبي - صلى الله عليه وسلم -.يهل بعد الركوب حينما تستوي به الراحلة، وقبل ذلك في الأرض يتأهب يتطيب.

33 - باب من استعار من الناس الفرس

قال الحافظ: ... لكن ابن حزم قال بصحتها وهو شيخ الظاهرية. ثم اختلفوا إلى ما يتوجه التمليك، فالجمهور أنه يتوجه إلى الرقبة (¬1). كسائر الهبات. قال الحافظ: ... وعن الحنفية التمليك في العمرى يتوجه إلى الرقبة وفي الرقبى إلى المنفعة، وعنهم أنها باطلة (¬2). قال الحافظ: ... عن جابر قال: جعل الأنصار يعمرون المهاجرين، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أمسكوا عليكم أموالكم ولا تفسدوها، فإنه من أعمر عمرى فهي للذي أعمرها حيًا وميتًا ولعقبه» (¬3). 33 - باب من استعار من الناس الفرس 2627 - عن قتادة قال: سمعت أنسًا يقول: كان فزع بالمدينة، فاستعار النبي - صلى الله عليه وسلم - فرسًا من أبي طلحة يقال له المندوب فركبه، فلما رجع قال: «ما رأينا من شيء، وإن وجدناه لبحرًا» (¬4). ¬

(¬1) يعني كلها. (¬2) والصواب أنهما مملوكتان، وسميت رقبى لأن كلًا منهما يرقب الأخر. (¬3) إذا ما قال: ما عشت، فالصواب أنها ماضية له ولعقبة، وإن صرح بقوله: لك ولعقبك، فهذا صريح في المعنى. (¬4) سريع واسع الخطو. - وفيه شجاعته - صلى الله عليه وسلم -. - فيه جواز العارية للفرس، كالمتاع. - العناية بأحوال المسلمين.

34 - باب الاستعارة للعروس عند البناء

34 - باب الاستعارة للعروس عند البناء 2628 - حدثنا عبد الواحد بن أيمن حدثني أبي قال: دخلتُ على عائشة - رضي الله عنها - وعليها درع قِطرٍ ثمن خمسة دراهم، فقالت: ارفع بصرك إلى جاريتي انظر إليها فإنها تُزهى أن تلبسه في البيت. وقد كان لي منهن درع على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فما كانت امرأة تُقيَّن بالمدينة إلا أرسلت إلىَّ تستعيره» (¬1). 35 - باب فضل المنيحة 2629 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «نعم المنيحة اللَّقحة الصفَّي منحة، والشاة الصفي تغدو بإناء وتروح بإناء» (¬2). 2630 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «لما قدم المهاجرون المدينة من مكة وليس بأيديهم (¬3)، وكانت الأنصار أهل الأرض والعقار، فقاسمهم الأنصار (¬4). على أن يُعطوهم ثمار أموالهم كل عام ويكفوهم العمل والمؤنة. وكانت أم أنس أم سُليم كانت أم عبد الله بن أبي طلحة، فكانت أعطت أم أنس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عذاقًا، فأعطاهن النبي - صلى الله عليه وسلم - أم أيمن مولاته أمَّ أسامة بن زيد. قال ابن شهاب فأخبرني انس بن مالك «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما فرغ من قتال أهل خيبر فانصرف إلى المدينة ردَّ المهاجرون إلى الأنصار منائحهم من ¬

(¬1) ولهذا يستعيرون الدرع القطري، مع أن قيمته خمسة دراهم. (¬2) فيه الحث على الصدقة، سواء عارية أو صدقة. يعني كلها. (¬3) يعني شيء. (¬4) هذا من فضل الأنصار، وكرمهم، وجودهم - رضي الله عنهم -.

36 - باب إذا قال: أخدمتك هذه الجارية على ما يتعارف الناس فهو جائز

ثمارهم، فردَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أمَّه عذاقها، فأعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم أيمن مكانهنَّ من حائطه». 2631 - عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أربعون خَصلة- أعلاهن منيحة العنز- ما من عامل يعمل بخصلة منها رجاء ثوابها وتصديق موعدها إلا أدخله الله بها الجنة» (¬1). 2632 - عن جابر - رضي الله عنه - قال: كنت لرجال منا فضول أرضين، فقالوا: نُؤاجرها بالثلث والربع والنصف، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها أخاه، فإن أبى فليمسك أرضه» (¬2). 2634 - عن عمرو عن طاووس قال: حدثني أعلمهم بذلك- يعني ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى أرض تهتز زرعًا، فقال: «لمن هذه؟ » فقالوا: اكتراها فلان. فقال: «أما إنه لو منحها إياه كان خيرًا له من أن يأخذ عليها أجرًا معلومًا» (¬3). 36 - باب إذا قال: أخدمتُك هذه الجارية على ما يتعارف الناس فهو جائز وقال بعض الناس: هذه عارية (¬4). وإن قال: كسوتك هذا الثوب فهذه هبة ¬

(¬1) تكلم الشيخ عن فضل الصدقة، وذكر أن شعبة بن الحجاج كان يحرص عليها ولو يسيرًا. قلت: انظره في ترجمته في سير أعلام النبلاء (7/ 202). (¬2) كان هذا أولًا، ثم استقرت الشريعة على المساقاة والمزارعة. (¬3) يحثه على الصدقة. (¬4) ليس بصحيح، قد تكون عارية، وقد تكون للتمليك.

37 - باب إذا حمل رجل على فرس فهو كالعمرى والصدقة وقال بعض الناس: له أن يرجع فيها

2635 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «هاجر إبراهيم بسارة، فأعطوها آجرَ، فرجعت فقالت: أشعرت أن الله كبتَ الكافر، وأخدم وليدة؟ » وقال ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «فأخدمها هاجر» (¬1). 37 - باب إذا حمل رجل على فرس فهو كالعُمرى والصدقة وقال بعض الناس: له أن يرجع فيها 2636 - عن سفيان قال سمعت مالكًا يسأل زيد بن أسلم فقال: سمعت أبي يقول: قال عمر - رضي الله عنه -: حملت على فرس في سبيل الله، فرأيته يُباع، فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «لا تشتره ولا تعد في صدقتك» (¬2). ¬

(¬1) على حسب العرف، إن أعطاه على أنها عارية فهي كذلك. (¬2) وهكذا العمرى، والرقبى، كالصدقة، ليس له أن يعود، وكانوا في الجاهلية يستردونها. يعني كلها.

52 - كتاب الشهادات

52 - كتاب الشهادات 2 - باب إذا عدَّل (¬1). رجل رجلاً فقال: لا نعلم إلا خيرًا، أو ما علمت إلا خيرًا وساق حديث الإفك فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأسامة حين استشاره، فقال: أهلُك ولا نعلم إلا خيرًا 2637 - حدثنا حجاج حدثنا عبد الله بن عمر النميريُّ حدثنا ثوبان وقال الليث حدثني يونس عن ابن شهاب قال أخبرني عروة بن الزبير وابن المسيَّب وعلقمة بن وقاص وعبيد الله عن حديث عائشة - رضي الله عنها - حين قال لها أهل الإفك ما قالوا، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليًا وأسامة حين استلبث الوحي يستأمرها في فراق أهله، فأما أسامة فقال: أهلك ولا نعلم إلا خيرًا. وقالت بريرة إن (¬2) رأيتُ عليها أمرًا أغمصُهُ أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن فتأكله. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من يعذُرُنا في رجل بلغني أذاه في أهل بيتي، فوالله ما علمت من أهلي إلا خيرًا، ولقد ذكروا رجلًا ما علمت عليه إلا خيرًا». 3 - باب شهادة المختبئ وأجازه عمرو بن حُريث، قال: وكذلك يُفعل بالكاذب الفاجر وقال الشعبي وابن سيرين وعطاء وقتادة: السَّمع شهادة (¬3) ¬

(¬1) يعني المعدّل، وساق حديث الإفك. (¬2) إن نافية، ما رأيت. (¬3) المعنى أن المستمع شهادته مقبولة، وإن لم يكن شاهدًا، فليس من شرط الشهادة أن يحمّل إياها، ولهذا أراد عليه الصلاة والسلام أن يسمع من ابن صياد على الخفاء.

4 - باب إذا شهد أو شهود بشيء وقال آخرون ما علمنا بذلك يحكم بقول من شهد

قال الحافظ: .. قوله: (قال وكذلك يفعل بالكاذب الفاجر) (¬1). 4 - باب إذا شهد أو شهود بشيء وقال آخرون ما علمنا بذلك يُحكم بقول من شهد قال الحميدي: هذا كما أخبرنا بلال أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى في الكعبة، وقال الفضل: لم يُصلَّ، فأخذ الناس بشهادة بلال. كذلك عن شهد شاهدان أن لفلان على فلان ألف درهم، وشهد آخران بألف وخمسمائة يُقضى بالزيادة (¬2). 2640 - عن عبد الله بن أبي مُليكة عن عقبة بن الحارث أنه تزوج ابنة لأبي إهاب بن عزيز، فأتته امرأة فقالت: قد أرضعت عُقبة والتي تزوج، فقال لها عقبة: ما أعلم أن أرضعتني، ولا أخبرتني. فأرسل إلى آل أبي إهاب يسألهم فقالوا: ما علمناه أرضعت صاحبتنا. فركب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة فسأله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كيف وقد قيل؟ » ففارَقها ونكحت زوجًا غيره» (¬3). 5 - باب الشهداء العدول 2641 - عن عبد الله بن عتبة قال: سمعت عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول: «إن أُناسًا كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإن الوحي قد انقطع، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم، فمن أظهر ¬

(¬1) يُستمع قوله خفية. (¬2) وهذه قاعدة الشهادات والروايات والأخبار، فمن علم حجة على من لم يعلم، وهكذا من أثبت الزيادة مقدم على من لم يثبتها. (¬3) في اللفظ الآخر قال: فارقها.

6 - باب تعديل كم يجوز؟

لنا خيرًا أمِناه وقرَّبناه وليس إلينا من سريرته شيء، الله يحاسب سريرته. ومن أظهر لنا سوءًا لم نأمنه ولم نصدقه وإن قال إن سريرته حسنة» (¬1). 6 - باب تعديل كم يجوز؟ 2643 - عن عبد الله بن بريدة عن أبي الأسود قال: «أتيت المدينة وقد وقع بها مرض وهم يموتون موتًا ذريعًا، فجلست إلى عمر - رضي الله عنه - فمرَّت جنازة فأثنى خيرًا، فقال عمر: وجبت. ثم مر بأخرى فأثنى خيرًا، فقال عمر: وجبت. ثم مر بالثالثة فأثني شرًا، فقال: وجبت. فقلت: وما وجبت يا أمير المؤمنين؟ قال: قلت كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة». قلنا: وثلاثة؟ قال: «وثلاثة». قلنا: واثنان؟ قال: «واثنان» (¬2). ثم لم نسأله عن الواحد» (¬3). 7 - باب الشهادة على الأنساب، والرضَّاع المستفيض، والموت القديم 2644 - عن عروة بن الزبير عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: استأذن ¬

(¬1) وما قاله عمر هو الحق، وهو مقتضى الشريعة، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: «أمرت أن أقاتل ... فإذا فعلوا .. وحسابهم على الله». * من أظهر خيرًا أخذ منه وأحسن به الظن، وإن أظهر شرًا أخذ عليه، وأسئ به الظن. (¬2) ظاهر الترجمة أن التعديل يكفي فيه اثنان، وهذا هو المشهور عند العلماء، اثنان. (¬3) وفيه أن من أظهر شيئًا فقد فضح نفسه، ولهذا أقرهم على كلامهم عليه، وجرحة.

8 - باب شهادة القاذف والسارق والزاني.

عليَّ أفلَح فلم آذن له، فقال: أتحتجبين مني وأنا عمُّك؟ (¬1). فقلت وكيف ذلك؟ فقال: أرضعتك امرأة أخي بلبن أخي. فقالت: سألت عن ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «صدق أفلح، ائذني له». 2647 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - وعندي رجل فقال: «يا عائشة من هذا؟ » قلت: أخي من الرَّضاعة. قال: «يا عائشة انظرن من إخوانكن، فإنما الرضاعة من المجاعة» (¬2). 8 - باب شهادة القاذف والسارق والزاني (¬3). وجلد عمر أبا بكرة وشبل بن معبد ونافعًا بقذف المغيرة، ثم استتابهم وقال: من تاب قبلت شهادته ...... وقال بعض الناس (¬4): لا تجوز شهادة القاذف وإن تاب. ثم قال: لا يجوز نكاح بغير شاهدين، فإن تزوج بشهادة محدودين جاز، وإن تزوج بشهادة عبدين لم يجز. وأجاز شهادة المحدود والعبد (¬5) والأمة لرؤية هلال رمضان ¬

(¬1) إذا قال أنا عمك؟ تقبل كالمرأة في الرضاع إذا كان ثقة، لا سبيل إلا هذا الطريق. يعني كلها. (¬2) وهذا فيه تثبت من الرضاعة. (¬3) الفاسق يزني أو قذف أو غير ذلك إن تاب وحسنت حاله تقبل شهادته، لأن الأحكام تدور مع عللها، فمتى ما أظهر ما يدل على العدالة قبلت شهادته. (¬4) أشار المؤلف إلى تناقض أهل الرأي بخلاف أهل الحديث. (¬5) العبيد إن توفرت فيهم الشروط قبلت شهادتهم كغيرهم.

9 - باب لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد

وكيف تعرف توبته. وقد نفى (¬1) النبي - صلى الله عليه وسلم - الزاني سنة، ونهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن كلام كعب بن مالك وصاحبيه حتى مضى خمسون ليلة. 9 - باب لا يشهد على شهادة جور إذا أُشهد 2650 - عن النعمان بن بشير - رضي الله عنهما - قال: سألت أمي أبي بعض الموهبة لي من ماله، ثم بدا له فوهبها لي، فقال: لا أرضى حتى تشهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخذ بيدي وأنا غلام فأتى بي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن أمَّه بنت رواحة سألتني بعض الموهبة لهذا. قال: «ألك ولد سواه؟ » قال: نعم. قال فأراه قال: «لا تُشهدني على جور» (¬2). 2651 - عن عمران بن حصين - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» - قال عمران: لا أدري أذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - بعدُ قرنين أو ثلاثة (¬3) - قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن بعدكم قومًا يخونون ولا يؤتمنون، ويشهدون ولا يُستشهدون، وينذرون ولا يفون، ويظهر فيهم السَّمن» (¬4). ¬

(¬1) النفي ينظر ولي الأمر إن تيسر وإلا يحسبه ولي الأمر، ليبعده عن الناس. (¬2) هذا هو الشاهد. (¬3) الثابت ثلاثة قرون، قرنه ثم قرنان بعده. (¬4) ظهور السمن لكونه من أهل الشهوات، وليس بعيب أن يكون سمينًا إذا استقام على شرع الله.

10 - باب ما قيل في شهادة الزور

قال الحافظ: ... وتأولوا حديث عمران بتأويلات: أحدها أنه محمول على شهادة الزور (¬1). قال الحافظ: ... (كانوا يضربوننا (¬2) على الشهادة والعهد). 10 - باب ما قيل في شهادة الزور لقول الله - عز وجل -: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ (¬3) الزُّورَ} وكتمان الشهادة {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [البقرة: 283] تلووا ألسنتكم بالشهادة. 2653 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الكبائر قال: «الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، وشهادة الزور» (¬4). 2654 - عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ألا أُنبئكم بأكبر الكبائر (ثلاثًا)؟ » قالوا: بلى يا رسول الله. قال: «الإشراك بالله، وعقوق الوالدين - وجلس وكان متكئًا فقال -: ألا وقول الزور». قال فما زال يكرِّرها (¬5) حتى قلنا: ليته سكت. ¬

(¬1) وذكره شيخنا في تفسير حديث عمران، وقال: هو الأقرب. (¬2) حتى يعتادوا الخوف من الله. (¬3) وتشمل حضور مجالس الباطل. (¬4) يعني هذه من الكبائر وإلا فهي كثيرة. (¬5) حتى يحذروها.

11 - باب شهادة الأعمى وأمره ونكاحه وإنكاحه ومبايعته وقبوله في التأذين وغيره وما يعرف بالأصوات

11 - باب شهادة الأعمى (¬1) وأمره ونكاحه وإنكاحه ومبايعته وقبوله في التأذين وغيره وما يُعرف بالأصوات وأجاز شهادته قاسم والحسن وابن سيرين والزهري وعطاء. وقال الشعبي: تجوز شهادته إذا كان عاقلًا. وقال الحكم: رُبَّ شيء تجوز فيه. وقال الزهري: أرأيت ابن عباس لو شهد على شهادة أكنت ترُدُّ؟ وكان ابن عباس يبعث رجلًا، إذا غابت الشمس أفطر. ويسأل عن الفجر فإذا قيل له طلع صلى ركعتين .. وقال سليمان بن يسار: استأذنت على عائشة فعرفت صوتي، قالت: سليمان؟ ادخل فإنك مملوك ما بقي عليك شيء. وأجاز سمرة بن جندب شهادة امرأة منتقبة (¬2). 2656 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - «إن بلالًا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يُؤذِّن - أو قال: حتى تسمعوا أذان - ابن أم مكتوم» وكان ابن أم مكتوم رجلًا أعمى لا يؤذِّن حتى يقول له الناس: أصبحت (¬3). 2657 - عن المسور بن مخرمة - رضي الله عنه - قال: قدمت على النبي - صلى الله عليه وسلم - أقبية، فقال لي أبي مخرمة: انطلق بنا إليه عسى أن يعطينا منها شيئًا. فقام أبي على الباب فتكلم، فعرف النبي - صلى الله عليه وسلم - صوته، خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعه قباء وهو يريد محاسنه وهو يقول: «خبأت هذا لك، خبأت هذا لك» (¬4). ¬

(¬1) الأعمى إذا ضبط الصوت قبلت شهادته، لاسيما مع المخالطة. (¬2) إذا عرف صوتها. (¬3) الأعمى يعتمد على الصوت. (¬4) من حسن خلقه - صلى الله عليه وسلم -، وكان مخرمة فيه شدة.

13 - شهادة الإماء والعبيد

13 - شهادة الإماء والعبيد 2659 - عن ابن أبي مليكة قال: حدثني عقبة بن الحارث أو سمعته منه «أنه تزوج أم يحيى بنت أبي إهاب، قال فجاءت أمةٌ سوداء (¬1) فقالت: قد أرضعتكما. فذكرتُ ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فأعرض عني، قال فتنحيت فذكرت ذلك له، قال: وكيف وقد زعمت أنها قد أرضعتكما. فنهاه عنها». 14 - باب شهادة المرضعة 2660 - عن عقبة بن الحارث قال: تزوجت امرأة، فجاءت امرأة فقالت: إني قد أرضعتكما، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «وكيف وقد قيل؟ دعها عنك. أو نحوه» (¬2). 15 - تعديل النساء بعضهن بعضًا 2661 - حدثنا أبو الربيع سليمان بن داود - وأفهمني بعضه أحمد - حدثنا فُليح بن سليمان عن ابن شهاب الزهري عن عروة بن الزبير وسعيد بن المسيَّب وعلقمة بن وقاص الليثي وعُبيد الله بن عبد الله بن عُتبة عن عائشة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قال لها أهل الإفك ما قالوا فبرأها الله منه. قال الزهري وكلهم حدثني طائفة من حديثها - وبعضهم أوعى من بعض وأثبت له اقتصاصًا - وقد وعيت عن كل واحد منهم الحديث الذي حدثني عن عائشة، وبعض حديثهم يصدق بعضهم بعضًا. ¬

(¬1) الصواب أن العبد مقبول الشهادة مطلقًا، إذا كان عدلًا. * سكوت البخاري يدل على موافقته وإجازته شهادة العبيد. قلت: هذه قاعدته فيما يعلّق من آثار. (¬2) فيه أن شهادة المرأة في الرضاع تقبل، إذا كانت ثقة.

زعموا أن عائشة قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يخرج سفرًا أقرع بين أزواجه فأيتهن خرج سَهمها أخرج بها معه. وأقرع بيننا في غزاة غزاها فخرج سهمي فخرجت معه بعد ما أُنزل الحجاب، فأنا أُحمل في هودجٍ وأُنزل فيه. فسرنا حتى إذا فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غزوته تلك وقفل ودنونا من المدينة أذن ليلة من رحيل، فقمت حين آذن بالرحيل فمشيت حتى جاوزت الجيش، فلما قضيت شأني أقبلت إلى الرحل فسلمت صدري، فإذا عقد لي من جزع أظفار قد انقطع، فرجعت فالتمست عقدي، فحبسني ابتغاؤه فأقبل الذين يرحلون لي فاحتملوا هودجي فرحلوا على بعيري الذي كنت أركب وهم يحسبون أني فيه، وكان النساء إذ ذاك خفافًا لم يثقلن ولم يغشهُنَّ اللحم، وإنما يأكلن العُلقة من الطعام، فلم يستنكر القوم حين رفعوه ثقَل الهودج فاحتملوه، وكنت جارية حديثة السنِّ، فبَعثوا الجمل وساروا، فوجدت عقدي بعد ما استمر الجيش، فجئت منزلهم وليس فيه أحد، فأممتُ منزلي الذي كنتُ به فظننت أنهم سيفقدونني فيرجعون إليَّ. فبينا أنا جالسة غلبتني عيناني فنمت، وكان صفوان بن المُعطل السُّلمي ثم الذَّكوانيُّ من وراء الجيش، فأصبح عند منزلي، فرأى سواد إنسان نائم، فأتاني، وكان يراني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حتى أناخ راحلته فوَطئ يَدها فركبتها، فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعدما نزلوا مُعرِّسين في نحر الظهيرة، فهلك من هلك. وكان الذي تولى الإفك عبد الله بن أُبيّ بن سلول. فقدمنا المدينة فاشتكيت بها شهرًا، والناس يفيضون من قول أصحاب الإفك، ويريبُني في وجَعي أني لا أرى من النبي - صلى الله عليه وسلم - اللطف الذي كنت أرَى منه حين أمرض، إنما يدخل فيُسلِّم ثم يقول: «كيف تيكم؟ » لا أشعرُ بشيء من ذلك حتى نقهتُ، فخرجت

أنا وأُمُّ مسطح قبل المناصع متبرزنا، لا نخرج إلا ليلًا إلى ليل، وذلك قبل أن نتخذ الكُنف قريبًا من بيوتنا، وأمرُنا أمرُ العرب الأُوَل» في البرِّية أو في التنزه. فأقبلت أنا وأُمُّ مسطح بنت أبي رُهم نمشي، فعثرت في مرطها فقالت: تعس مسطح. فقلتُ لها: بئس ما قلت، أتسُبِّين رجلًا شَهدَ بدرًا؟ فقالت: يا هَنتَاه، ألم تسمعي ما قالوا؟ فأخبرتني بقول أهل الإفك، فازددت مرضًا على مرضي. فلما رجعت إلى بيتي دخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلَّم فقال: «كيف تيكم؟ » فقلت: ائذن لي إلى أبَويَّ - قالت: وأنا حينئذ أريد أن استيقن الخبر من قبَلهما - فأذن لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأتيت أبَويَّ، فقلتُ لأمي: ما يتحدَّث به الناس؟ فقالت: يا بُنية، هوِّني على نفسك الشأن، فوالله لقلَّما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا أكثرن عليها. فقلت: سبحان الله، ولقد يتحدث الناس بهذا؟ قالت: فبتُ تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمعٌ ولا أكتحلُ بنوم. ثم أصبحت، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليّ بن أبي طالب وأسامة بن زيد حين استلبث الوحيُ يستثيرهما في فراق أهله، فأما أسامة فأشار عليه بالذي يعلمُ في نفسه من الوُدِّ لهم، فقال أسامة: أهلُكَ يا رسول الله ولا نعلم والله إلا خيرًا. وأما عليُّ بن أبي طالب فقال: يا رسول الله لم يُضيِّق الله عليك، والنساء سواها كثير، وسل الجارية تصدُقك. فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بريرة فقال: يا بريرة هل رأيت فيها شيئًا يريبك؟ فقالت بريرة: لا والذي بعثك بالحق، إن رأيت منها أمرًا أغمصه عليها قط أكثر من أنها جارية حديثة السنِّ تنام عن العجين فتأتي الداجن فتأكله. فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من يومه فاستعذر من عبد الله بن أبيّ ابن سلول، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من يعذُرني من رجل بلغني أذاه في أهلي، فوالله ما علمتُ على

أهلي إلا خيرًا، وقد ذكروا رجلًا ما علمتُ عليه إلا خيرًا، وما كان يدخل على أهلي إلا معي». فقام سعد بن معاذ فقال: يا رسول الله، والله أنا أعذُرك منه، إن كان من الأوس ضرَبنا عُنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا فيه أمرك. فقام سعد بن عُبادة وهو سيد الخزرج - وكان قبل ذلك رجلًا صالحًا، ولكن احتَملته الحمية - فقال: كذَبتَ لعَمر الله، والله لا تقتُله ولا تقدر على ذلك. فقام أُسَيد بن الحَضير فقال كذبت لعمرُ الله، والله لنقتلنَّه، فإنك منافق تجادل عن المنافقين. فثار الحيّان الأوس والخزرج حتى هموُّا، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المنبر. فنزل فخفضهم حتى سكتوا وسكت. وبكيتُ يومي لا يرقأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم، فأصبح عندي أبواي وقد بكيت ليلتي ويومًا حتى أظنُّ أن البكاء فالق كبدي. قالت: فبينا هما جالسان عندي وأنا أبكي إذا استأذنت امرأة من الأنصار فأذنتُ لها فجلست تبكي معي، فبينا نحن كذلك إذ دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجلس ولم يجلس عندي من يوم قيلَ فيَّ ما قيل قبلها، وقد مكث شهرًا لا يُوحى إليه في شأني شيء. قالت: فتشهَّد ثم قال: «يا عائشة فإني بلغني عنكِ كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيُبرئك الله، وإن كنت ألَممْت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه». فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقالته قَلَص دمعي حتى ما أُحس منه قطرة. وقلت لأبي: أجِب عني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال: والله لا أدري ما أقول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقلت لأمي: أجيبي عني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما قال. قالت: والله ما أدري ما أقول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قالت وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ كثيرًا من القرآن، فقلت: إني والله لقد علمت أنكم سمعتم ما يتحدث به الناس ووقر في أنفسكم وصدَّقتم به، وإن قلت

لكم إني بريئة - والله يعلم أني بريئة - لا تُصدِّقونني بذلك، ولئن اعترفت لكم بأمر - والله يعلم أني بريئة - لتُصدِّقنِّي (¬1) والله ما أجد لي ولكم مثلًا إلا أبا وسف إذ قال: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ}. ثم تحوَّلت على فراشي وأنا أرجو أن يُبرِّئني الله. ولكن والله ما ظننت أن يُنزل في شأني وحيًا، ولأنا أحقر في نفسي من أن يُتكلم بالقرآن في أمري، ولكني كنت أرجو أن يرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في النوم رُؤيا تُبرِّئُني، فوالله ما رام مجلسَهُ ولا خرجَ أحد من أهل البيت حتى أُنزل عليه الوحي، فأخذه ما يأخذه من البُرحاء، حتى إنه ليتحرد منه مثل الجُمان من العَرَق في يوم شات. فلما سُرِّيَ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يضحك فكان أول كلمة تكلم بها أن قال لي: «يا عائشة أحمدي الله، فقد برأك الله». قالت لي أمي: ¬

(¬1) بكى شيخنا -رحمه الله تعالى - عند قراءة هذا الحديث وبعده، وتكلم بكلام مؤداه: الحذر من إشاعة الفاحشة، وحماية السمع والبصر، وقال هذه قصة عظيمة امتحن الله بها عائشة، ولا شك أن هذا امتحان عظيم لها فرأها الله، وتكلم ابن أبيّ بالمقالة السيئة عليه من الله ما يستحق، وتأذى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك، فالواجب الصبر والاحتساب حتى يأتي الفرج من الله ... وفيها: أن الصالح الفاضل قد يزلُّ عند المحن، كما وقع من سعد بن عبادة حيث غضب لقومه، وكان ينبغي أن يقول كما قال سعد بن معاذ، وفيه أن المؤمن يبتلى فيصبر ويتحمل، ومنها: وجوب التثبت ووجوب حفظ اللسان، ومنها الانتصار للحق وعدم التخاذل فيه، وفيه إنقاذ من يخشى عليه الهلكة، كما أنقذ صفوان عائشة لما وجدها، ثم تولى الله إبراءه.

16 - باب إذا زكى رجل رجلا كفاه

قومي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقلت: لا والله لا أقوم إليه، ولا أحمد إلا الله. فأنزل الله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} [النور: 11] الآيات. فلما أنزل الله هذا في براءتي قال أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - - وكان يُنفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه - والله لا أُنفق على مسطح الذي أبدًا بعد أن قال لعائشة فأنزل الله تعالى: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 22]. فقال أبو بكر - رضي الله عنه -: بلى والله، إني لأحب أن يغفر الله لي، فرجع إلى مسطح الذي كان يُجرى عليه. وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسأل زينب بنت جحش عن أمري، فقال: يا زينب ما علمت؟ ما رأيت؟ فقالت: يا رسول الله، أحمي سَمعي وبصَري، والله ما علمت عليها إلا خيرًا. قالت: وهي التي كانت تُساميني، فعصمها الله بالورع». قال وحدثنا فُلَيح عن هشام بن عروة عن عائشة وعبد الله بن الزبير مثله. قال وحدثنا فُلَيح عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن بن سعيد عن القاسم بن محمد بن أبي بكر مثله. 16 - باب إذا زكى رجل رجلاً كفاه 2662 - عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قال: أثنى رجل على رجل عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «ويلك، قطعت عنق صاحبك، قطعت عنق صاحبك» (مرارًا). ثم قال: «من كان منكم مادحًا أخاه لا محالة فليقل: أحسب فلانًا. والله حسيبه. ولا أزكي على الله أحدًا. أحسبه كذا وكذا. إن كان يعلم ذلك منه» (¬1). ¬

(¬1) فيه خطر المدح والإسراف فيه، والأولى الاقتصاد منه، فنقول فيه: أحسب فلانًا كذا .. إلا الشيء القليل، كقوله في عمر: «ما رآك الشيطان سالكًا فجًا .. » وما جاء من غير كثرة؛ لأن ذلك يفضي إلى الكبر والعجب، والعلماء اختلفوا في المزكي هل يكفي واحد أم اثنان؟ قيل هذا وهذا، فمن كان مبرزًا في التعديل كفى من واحد.

17 - باب ما يكره من الإطناب في المدح، وليقل ما يعلم

17 - باب ما يكره من الإطناب في المدح، وليقُل ما يعلم 2663 - عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلًا يُثني على رجل ويطريه في مدحه فقال: «أهلكتم - أو قطعتم - ظهر الرجل» (¬1). 18 - باب بلوغ الصبيان وشهادتهم 2664 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عرضه يوم أُحد وهو ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني، ثم عرضني يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة فأجازني» قال نافع: فقدمت على عمر بن عبد العزيز وهو خليفة فحدثته الحديث فقال: إن هذا الحدٌّ بين الصغير والكبير (¬2)، وكتب إلى عماله أن يفرضوا لمن بلغ خمس عشرة. 2665 - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: «غُسل يوم الجمعة واجب على كلِّ محتلم» (¬3). ¬

(¬1) مثل ما تقدم، المدح قد يفضي إلى شر وكبر، فينبغي الحذر، وفي الوجه المدح أشد. (¬2) الرجل يبلغ بخمسة عشر سنة، وبالإنبات، وبالاحتلام، والمرأة كذلك وتزيد الحيض. (¬3) استدل بعضهم على الوجوب، والجمهور على الاستحباب؛ لأدلة منها: أمره السواك وليس بواجب، وقال بعضهم: واجب على أهل الحرف أهل الروائح، سُنة لغيرهم، فالأقوال ثلاثة. والوجوب على من يحضر الجمعة (قال بعدما سئل: على النساء غسل؟ ).

19 - باب سؤال الحاكم المدعى: هل لك بينة؟ قبل اليمين

19 - باب سؤال الحاكم المدَّعى: هل لك بينة؟ قبل اليمين 2666، 2667 - عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من حلف على يمين - وهو فيها فاجر - ليقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان». قال فقال الأشعث بن قيس: فيَّ والله كان ذلك، كان بيني وبين رجل من اليهود أرض فجحدني فقدَّمته إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ألك بيِّنة؟ » (¬1) قال قلت: لا. قال فقال لليهودي: احلف. قال قلت: يا رسول الله إذن يحلف ويذهب بمالي. قال فأنزل الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} إلى آخر الآية». 20 - باب اليمين على المدعى عليه في الأموال والحدود وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «شاهداك أو يمينه». وقال قتيبة: حدثنا سفيان عن ابن شُبرمة كلمني أبو الزناد في شهادة ¬

(¬1) فلابد من البينة، وإلا سهل على الناس ادعاء ما ليس لهم فإن لم يجد فله يمين المدعى عليه، ولو كان كافرًا، وقد تدعو الحاجة إلى رد اليمين على المدعي إذا نكل المدعى عليه عن اليمين، قال به جماعة، فقد ترد للمصلحة. * هذا الحديث وما جاء في معناه أصل في حل القضايا وفصل الخصومات بين الناس، وفيه حديث: «لو يُعطى الناس بدعواهم ... » ولكن «البينة على المدعي واليمين على من أنكر» رواه البيهقي وجماعة، وأصله في الصحيحين، وفيه: شاهداك أو يمينه. * سألت الشيخ: عن شهادة النساء هل يقبلن منفردات؟ قال: نعم في الأموال إذا دعت الحاجة.

21 - باب إذا ادعى أو قذف فله أن يتلمس البينة وينطلق لطلب البينة

الشاهد ويمين المدعي، فقلت: قال الله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: 282] قلت: إذا كان يُكتفى بشهادة شاهد ويمين المدَّعى فما تحتاج أن تُذكَّر إحداهما الأخرى، ما كان يصنع بذكر هذه الأخرى؟ (¬1) 21 - باب إذا ادَّعى أو قذف فله أن يتلمس البيِّنة وينطلق لطلب البيِّنة 2671 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - «أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي - صلى الله عليه وسلم - بشريك بن سحماء، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: البيِّنة، أو حدُّ (¬2) في ظهرك، فقال: يا رسول الله، إذا رأى أحدنا على امرأته رجلًا ينطلق يلتمس البيِّنة؟ فجعل يقول: البينة وإلا حدٌّ في ظهرك. فذكر حديث اللِّعان». 22 - باب اليمين بعد العصر 2672 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: رجل على فضل ماء بطريق يمنع منه ابن السبيل. ورجل بايع رجلًا لا يبايعه إلا للدنيا، ¬

(¬1) هذا خفي على ابن شبرمة، خفيت عليه السنة في هذا، أما شاهدان أو شاهد وامرأتان، ويحكم كذلك بالشاهد واليمين لقوة جانبه، فيحكم له باليمين مع الشاهد الثقة. (¬2) حد القذف. * الدعاوى الصغيرة أو الكبيرة لا تقبل إلا ببينة؛ والبينة تختلف شاهد ويمين، أو شاهدان أو ثلاثة شهود أو أربعة.

23 - باب يحلف المدعى عليه حيثما وجبت عليه اليمين

فإن أعطاه ما يريد وفى له وإلا لم يف له. ورجل ساوم رجلًا بسلعة بعد العصر (¬1) فحلف بالله لقد أعطى بها كذا وكذا فأخذها». 23 - باب يحلف المدَّعى عليه حيثما وجبت عليه اليمين قال الحافظ: ... أي وجوبًا، وهو قول الحنفية والحنابلة، وذهب الجمهور إلى وجوب التغليظ، ففي المدينة عند المنبر (¬2)، وبمكة بين الركن والمقام وبغيرهما بالمسجد الجامع. واتفقوا على أن ذلك في الدماء والمال الكثير لا في القليل. 24 - باب إذا تسارع قوم في اليمين 2674 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عرض على قوم اليمين فأسرعوا، فأمر أن يسهم بينهم في اليمين أيهم يحلف» (¬3). 25 - باب قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران: 77]. ¬

(¬1) يختم النهار بالكذب والظلم. (¬2) تطلب منه اليمين حيث كان، في المسجد، في المحكمة، إلا إذا رأى ولي الأمر تغليظ اليمين عند منبره - صلى الله عليه وسلم - فله ذلك. (¬3) كما لو ادعى على ثلاثة غصب فحلفوا ما غصبوا، وكل واحد يقول أنا أحلف، يقرع بينهم، فمن خرجت له يحلف أولًا، ثم يتتابعون على اليمين.

26 - باب كيف يستحلف؟

2675 - عن عبد الله بن أبي أوفى - رضي الله عنهما - قال: «أقام رجل سلعته فحلف بالله لقد أُعطي بها ما لم يُعطها. فنزلت {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا}» (¬1). 26 - باب كيف يُستحلف؟ قال تعالى: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ} وقول الله - عز وجل -: {ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا} يقال: بالله وتالله ووالله. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ورجل حلف بالله كاذبًا بعد العصر» ولا يُحلف (¬2) بغير الله. 2678 - عن طلحة بن عبيد الله - رضي الله عنه - قال: جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا هو يسأله عن الإسلام، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خمس صلوات في اليوم والليلة»، فقال: هل عليَّ غيره؟ قال: «لا، إلا أن تطوَّع». فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «وصيام شهر رمضان»، هل عليَّ غيره؟ قال: «لا، إلا أن تطوَّع». قال وذكر له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الزكاة، هل عليَّ غيره؟ قال: «لا، إلا أن تطوَّع». قال: فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقُص. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أفلح (¬3) إن صدق». 27 - باب من أقام البينة بعد اليمين 2680 - عن أم سلمة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنكم تختصمون إليَّ، ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض، فمن قضيت له ¬

(¬1) الدنيا كلها برمتها ثمن قليل. (¬2) وهذا محل إجماع. (¬3) وفي رواية: أفلح والله إن صدق.

28 - من أمر بإنجاز الوعد. وفعله الحسن

بحق أخيه شيئًا (¬1) بقوله فإنما أقطعُ له قطعة من النار، فلا يأخذها». قال الحافظ: ... وقد ذهب الجمهور (¬2) إلى قبول البيِّنة. 28 - من أمر بإنجاز الوعد. وفعله الحسن 2681 - عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال: أخبرني أبو سفيان أن هرقل قال له «سألتك ماذا يأمركم؟ فزعمت أنه يأمر بالصلاة والصدق والعفاف والوفاء (¬3) بالعهد وأداء الأمانة، قال: وهذه صفة نبي». 2683 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهم - قال: لما مات النبي - صلى الله عليه وسلم - جاء أبا بكر مال من قبل العلاء بن الحضرمي فقال أبو بكر: من كان له على النبي - صلى الله عليه وسلم - دين، أو كانت له قبَلَه عدة فليأتنا: قال جابر: فقلت وعدني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يعطيني هكذا وهكذا وهكذا - فبسط يديه ثلاث مرات - قال جابر: فعدَّ في يدي خمسمائة ثم خمسمائة ثم خمسمائة» (¬4). 2684 - عن سعيد بن جبير قال: «سألني يهودي من أهل الحيرة: أي الأجلين قضى موسى؟ قلت: لا أدري حتى أقدَمَ على حبر العرب فأسأله. ¬

(¬1) حكم الحاكم لا يحل الحرام، فالحاكم ماله إلا الظاهر. إذا حكم الحاكم ثم وجدت البينة؟ البينة مقدمة على اليمين فيحكم بها. (¬2) وهو الصواب. (¬3) القول بوجوب الوفاء بالوعد قول قوي؛ تبارك وتعالى لخلفه ولتحريم الكذب، والخيانة {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا}. (¬4) في الأولى خمسمائة ثم عد مثلها مرتين.

29 - باب لا يسأل أهل الشرك عن الشهادة وغيرها

فقدمت فسألت ابن عباس فقال: قضى أكثرهما وأطيبهما، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قال فعل» (¬1). 29 - باب لا يُسأل أهل الشرك عن الشهادة وغيرها 2685 - عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال: «يا معشر المسلمين، كيف تسألون أهل الكتاب وكتابكم الذي أُنزل على نبيه - صلى الله عليه وسلم - أحدث الأخبار بالله تقرؤونه لم يُشب؟ وقد حدَّثكم الله أن أهل الكتاب بدَّلوا ما كتب الله وغيَّروا بأيديهم الكتاب فقالوا: {هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا} [البقرة: 79] أفلا ينهاكم بما جاءكم من العلم عن مُساءلتهم؟ ولا والله ما رأينا منهم رجلًا قط يسألكم عن الذي أُنزل عليكم» (¬2). قال الحافظ: ... لا تقبل ملة على ملة وتقبل بعض الملة على بعضها (¬3). 30 - باب القرعة في المشكلات 2686 - عن النعمان بن بشير - رضي الله عنهما - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مثل ¬

(¬1) موسى ما وعد الأكثر، لكنه خُيِّر ففعل الأفضل. * فائدة: سألت شيخنا ابن عثيمين: المهر مالًا أو منفعة حق للمنكوحة فأين ذلك هنا؟ قيل لو لم يرع موسى لرعت هي، فالمنفعة حاصلة لها. (¬2) لا شك أنهم متهمون، وقد أغنانا الله بما أنزل علينا. (¬3) يقبل منهم من يشهدون على عدالته، يهودي على يهودي، ولا بد من ذلك، والقول ببطلان شهادتهم معناه ضياع الحقوق. وقول ابن أبي ليلى أولى وأحسن، فتقبل أقوال أهل النحلة الواحدة على بعض، ولا يقبلون على غيرهم.

المُدهن (¬1) في حدود الله والواقع فيها مثل قوم استهموا سفينة فصار بعضهم في أسفلها وصار بعضهم في أعلاها (¬2)، فكان الذين في أسفلها يمرُّون بالماء على الذين في أعلاها، فتأذوا به، فأخذ فأسًا فجعل ينقر أسفل السفينة، فأتوه فقالوا: مالك؟ قال: تأذيتم بي ولا بُدَّّ لي من الماء، فإن أخذوا على يديه أنجوه ونجّوا أنفسهم، وإن تركوه أهلكوه وأهلكوا أنفسهم». 2687 - عن خارجة بن زيد الأنصاري أن أم العلاء امرأة من نسائهم قد بايعت النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرته «أن عثمان بن مظعون طار له سهمه في السُّكنى حين أقرعت الأنصار سكنى المهاجرين، قالت أم العلاء فسكن عندنا عثمان بن مظعون، فاشتكى فمرَّضناه، حتى إذا تُوفيَ وجعلناه في ثيابه دخل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: رحمة الله عليك أبا السائب، فشهادتي عليك لقد أكرمك الله. فقال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: «وما يُدريك أن الله أكرمه؟ » فقلت: لا أدري بأبي أنت وأمي يا رسول الله. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أما عثمان فقد جاءه والله اليقين، وإني لأرجو له الخير، والله ما أدري (¬3) - أنا رسول الله - ما يُفعل به». قالت: فوالله لا أزكي أحدًا بعده أبدًا، وأحزنني ¬

(¬1) المدهن: الساكت عن الحق لأسباب ضعف الدين أو غيره. هذه الرواية مشكلة فالمدهن كالواقع والمحفوظ القائم قلت: (انظر الشرح). (¬2) سفينة طابقين. * مثل عظيم يدل على خطورة الأمر بالمعروف، وعلى خطورة التساهل فيه. (¬3) قيل أن يعلم أنه في الجنة، ومثله الآية {وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ} الآية، قبل أن يعلم.

ذلك. قالت: فنمت فأُريت لعثمان عينًا تجري، فجئت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته، فقال: «ذلك عمله». 2688 - عن عائشة - رضي الله عنه - قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه. وكان يقسم لكل امرأة منهن يومها وليلتها. غير أن سودة بنت زمعة وهبت يومها وليلتها لعائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - تبتغي بذلك رضا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» (¬1). 2689 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا، ولو يعلمون ما في التَّهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوًا» (¬2) (¬3). ¬

(¬1) * الشهادة المعينة بالجنة أو النار تحتاج إلى دليل. من له زوجات وأراد سفرًا أقرع، إلا أن يسمحن لواحدة. (¬2) فيه فضل الأمور المذكورة. (¬3) فيه تسمية العشاء العتمة، فيجوز هذا أحيانًا.

53 - كتاب الصلح

53 - كتاب الصلح 2 - باب ما جاء في الإصلاح بين الناس 2690 - عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - «أن ناسًا من بني عمرو بن عوف كان بينهم شيء، فخرج إليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - في أناس من أصحابه يصلح بينهم، فحضرت الصلاة ولم يأت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأذّن بلال بالصلاة ولم يأت النبي - صلى الله عليه وسلم -. فجاء إلى أبي بكر فقال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - حُبس، وقد حضرت الصلاة، فهل لك أن تؤُم الناس؟ فقال: نعم، إن شئت. فأقام الصلاة فتقدم أبو بكر، ثم جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - يمشي في الصفوف حتى قام في الصف الأول، فأخذ الناس في التصفيح حتى أكثروا، وكان أبو بكر لا يكاد يلتفت في الصلاة، فالتفت فإذا هو بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وراءه، فأشار إليه بيده فأمره أن يصلِّي كما هو، فرفع أبو بكر يده فحمد الله (¬1)، ثم رجع القهقري، ¬

(¬1) فيه فوائد: - تواضعه - صلى الله عليه وسلم -. - حرصه على الإصلاح بين الناس - صلى الله عليه وسلم -. - وأنه إذا تأخر الإمام يقدّم الناس من يصلي بهم؛ حتى لا يشق على الناس. - الإمام لا يغضب إذا تقدم غيره وقد تأخر. - وأن من نابه شيء يسبح الرجال ويصفق النساء. - جواز الالتفات عند الحاجة وإلا هو مكروه. - فضل الصديق - رضي الله عنه -. - تنبيه الناس إذا وقع خلل فينبه الإمام.

2 - باب ليس الكاذب الذي يصلح بين الناس

وراءه حتى دخل في الصف، فتقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - فصلى بالناس، فلما فرغ أقبل على الناس فقال: يا أيها الناس، إذا نابكم شيء في صلاتكم أخذتم بالتصفيح، إنما التصفيح للنساء، من نابه شيء في صلاته فليقل سبحان الله، فإنه لا يسمعه أحد إلا التفت. يا أبا بكر، ما منعك حين أشرت إليك بم تُصلِّ بالناس؟ فقال: ما كان ينبغي لابن أبي قحافة أن يصلِّي بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم -». 2691 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: «قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: لو أتيت عبد الله بن أُبيّ. فانطلق إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وركب حمارًا، فانطلق المسلمون يمشون معه - وهي أرض سبخة - فلما أتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إليك عنِّي، والله لقد آذاني نتن حمارك. فقال رجل من الأنصار منهم: والله لحمار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أطيب ريحًا منك. فغضب لعبد الله رجل من قومه، فشتما، فغضب لكلِّ واحد منهما أصحابه، فكان بينهما ضرب بالجريد والأيدي والنعال، فبلغنا أنها نزلت {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (¬1) اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا}» (¬2). 2 - باب ليس الكاذب الذي يُصلح بين الناس 2692 - عن ابن شهاب أن حميد بن عبد الرحمن أخبره أن أمّه أمّ كلثوم بنت عقبة (¬3) أخبرته أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ليس الكذَّاب ¬

(¬1) الأنصار الذين تقاتلوا، وعبد الله منافق كافر. (¬2) وهذا مما يدخل في الآية وفيه خبث عبد الله بن أُبيّ، وقلة حيائه، ولهذا قال: {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ} الآية. (¬3) ابن أبي معيط، قُتل صبرًا يوم بدر كافرًا.

3 - باب قول الإمام لأصحابه: اذهبوا بنا نصلح

الذي يصلح بين الناس فينمى خيرًا أو يقول خيرا» (¬1). 3 - باب قول الإمام لأصحابه: اذهبوا بنا نصلح 2693 - عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - «أن أهل قباء اقتتلوا حتى تراموا بالحجارة، فأُخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك فقال: اذهبوا بنا نصلح بينهم» (¬2). 4 - باب قوله تعالى: {أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} 2694 - عن عائشة - رضي الله عنها - {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} قالت: «هو الرجل يرى من امرأته ما لا يُعجبه كِبرًا أو غيره فيريد فراقها، فتقول: أمسكني، واقسم لي ما شئت. قالت: ولا بأس إذا تراضيا» (¬3). ¬

(¬1) لا بأس بالكذب في الإصلاح بين الناس لعظم الفائدة فلا يسمى كذبًا كطائفتين متنازعتين يأتي إلى أحدهما فيقول: الطائفة الأخرى يريدون الصلح، ودَعَوا لكم، ويثنون عليكم، ويذهب للأخرى ويقول مثل ذلك. * للزوج والمصلح أن يحلف أنه حصل كذا وكذا؛ لأجل الإصلاح لأن الشارع أجاز ذلك، وليس ذلك من اليمين الغموس، وإن كان على الأمر المستقبلي ولم يفعل كفّر. (¬2) الجماعة أقرب أن توقع الصلح من الفرد لقوله: «اذهبوا بنا»، خاصة أهل العلم ورؤساء القبائل. (¬3) المرأة قد ينبو عنها زوجها لسوء خلقها أو نحوه فتقول: دعني في حبالك، واترك قسمي أو كذا، وحصل لسودة، وهذا نص القرآن، وهكذا هي تُعطى حليًا أو مالًا لإصلاحها.

5 - باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود

5 - باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود 2695، 2696 - عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني - رضي الله عنهما - قالا: «جاء أعرابي فقال: يا رسول الله اقض بيننا بكتاب الله. فقام خصمه فقال: صدق، اقض بيننا بكتاب الله. فقال الأعرابي: إن ابني كان عسيفًا على هذا فزنى بامرأته، فقالوا لي: على ابنك الرَّجم، ففديت ابني منه بمائة من الغنم ووليدة، ثم سألت أهل العلم فقالوا: إنما على ابنك جلد مائة وتغريب عام. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لأقضين بينكما بكتاب الله، أما الوليدة والغنم فردٌ عليك، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام. وأما أنت يا أُنيس- لرجل- فاغد على امرأة هذا فارجمها». فغدا عليها أنيس فرجمها» (¬1). 2697 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو ردّ» (¬2). 6 - باب كيف يُكتب «هذا ما صالح فلان بن فلان (¬3) فلان بن فلان» 2698 - عن البراء بن عازب - رضي الله عنهما - قال: لما صالح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل الحديبية كتب علي بن أبي طالب رضوان الله عليه بينهم كتابًا. فكتب «محمد رسول الله» فقال المشركون: لا تكتب محمد رسول الله، ¬

(¬1) وهذا واضح أن الصلح لابد أن يكون موافقًا للشرع، فإن خالف لم يصح ولم يقبل، كالصلح على ترك الحدود، كما هنا. (¬2) هذا عام. (¬3) ولو لم ينسبه فهو معروف؛ ولهذا قال محمد بن عبد الله.

لو كنت رسولًا لم نُقاتلك. فقال لعلي: امحُه. فقال علي: ما أنا بالذي أمحاه، فمحاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده، وصالحهم على أن يدخل هو وأصحابه ثلاثة أيام، ولا يدخلوها إلا بجُلبّان السلاح. فسألوه: ما جلبَّان السلاح؟ فقال: القراب بما فيه» (¬1). 2699 - عن البراء - رضي الله عنه - قال: «اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذي القعدة، فأبى أهل مكة أن يَدَعوه يدخل مكة، حتى قاضاهم على أن يقيم بها ثلاثة أيام. فلما كتبوا الكتاب كتبوا: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: لا نُقرُّ بها، فلو نعلم أنك رسول الله ما منعناك، لكن أنت محمد بن عبد الله. قال: أنا رسول الله، وأنا محمد بن عبد الله، ثم قال: لعلي أمح «رسول الله» قال: لا والله لا أمحوك أبدًا، فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكتاب فكتب (¬2): هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله، لا يدخل مكة سلاح إلا في القراب، وأن لا يخرج من أهلها بأحد إن أراد أن يتبعه، وأن لا يمنع أحدًا من أصحابه أراد أن يقيم بها. فلما دخلها ومضى الأجل أتوا عليًا فقالوا: قل لصاحبك اخرج عنا فقد مضى الأجل. فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم -، فتبعتهم ابنة حمزة- يا عم، يا عم- فتناولها عليٌّ فأخذ بيدها وقال لفاطمة: ¬

(¬1) فيه الصلح ولو مع الغضاضة لأحد الطرفين، إن كان لمصلحة فيجوز لولي الأمر هنا إن كان لمصلحة المسلمين، وفيه قاعدة ارتكاب أدنى المفسدتين لتفويت أعلاها، وتحققت بذلك مصلحة كبرى؛ ولهذا سماه فتحًا {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}، ودخل الناس في الإسلام بكثرة. (¬2) الشيء القليل.

7 - باب الصلح مع المشركين

دونك ابنة عمك احمليها. فاختصم فيها عليٌّ (¬1) وزيد وجعفر. فقال علي: أنا أحق بها وهي ابنة عمي وخالتها تحتي. وقال زيد: ابنة أخي. فقضى بها النبي - صلى الله عليه وسلم - لخالتها وقال: الخالة بمنزلة الأم، وقال لعلي أنت مني وأنا منك. وقال لجعفر أشبهت خلقي وخُلقي. وقال لزيد: أنت أخونا ومولانا». 7 - باب الصلح مع المشركين 2700 - عن البراء بن عازب - رضي الله عنهما - قال: صالح النبي - صلى الله عليه وسلم - المشركين يوم الحديبية على ثلاثة أشياء: على أن من أتاه من المشركين ردَّه إليهم، ومن أتاهم من المسلمين لم يردُّوه. وعلى أن يدخلها من قابل ويقيم بها ثلاثة أيام، ولا يدخلها إلا بجلبُّان السلاح: السيف والقوس ونحوه. فجاء أبو جندل (¬2) يحجل في قيوده فردَّه إليهم». 8 - باب الصلح في الدية 2703 - عن أنس أن الرُّبيّع- وهي ابنة النضر- كسرت ثنية جارية، فطلبوا الأرش وطلبوا العفو، فأبَوا. فأتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمرهم بالقصاص، فقال أنس بن النضر: أتُكسر ثنيَّة الرُّبيع يا رسول الله؟ لا والذي بعثك ¬

(¬1) علي هو أخو جعفر فهما ابنا أبي طالب. * قال علي: أن أحق بها وهي ابنة عمي، وقال جعفر: هي ابنة عمي، وخالتها تحتي. * وقال جعفر: ابنة عمي (ساقطة). (¬2) أبو جندل بن سهيل بن عمرو الذي تم الصلح على يديه.

9 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - للحسن بن علي - رضي الله عنهما -: «ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين، وقوله جل ذكره {فأصلحوا بينهما}.

بالحق لا تُكسر ثنيَّتُها. (¬1) فقال: يا أنس كتاب الله القصاص. فرضي القوم وعفوا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره». 9 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - للحسن بن علي - رضي الله عنهما -: «ابني هذا سيد، ولعل الله أن يُصلح به بين فئتين عظيمتين، وقوله جل ذكره {فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا}. 2703 - عن الحسن قال: «استقبل والله الحسن بن علي معاوية بكتائب أمثال الجبال، فقال عمرو بن العاص: إني لأرى كتائب لأتُولى حتى تقتل أقرانها. فقال له معاوية- وكان والله خير الرجلين- أي عمرو، إن قتل هؤلاء هؤلاء وهؤلاء هؤلاء من لي بأمور الناس، من لي بنسائهم، من لي بضيعتهم؟ فبعث إليه رجلين من قريش من بني عبد شمس- عبد الرحمن بن سمُرة وعبد الله بن عامر بن كُريز- فقال: اذهبا إلى هذا الرجل فاعرضا عليه وقولا له واطلبا إليه. فأتياه فدخلا عليه فتكلَّما وقالا له وطلبا إليه. فقال لهما الحسن بن علي: إنا بنو عبد المطلب قد أصبنا من هذا المال، وإن هذه الأمة قد عاثت في دمائها. قالا: فإنه يعرض عليك كذا وكذا، ويطلب إليك ويسألك. قال: فمن لي بهذا؟ قالا: نحن لك به. فما سألهما شيئًا إلا قالا: نحن لك به. فصالحه (¬2). فقال الحسن: ولقد سمعت أبا بكرة يقول: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المنبر- والحسن بن علي إلى جنبه- ¬

(¬1) ما قصد بها العناد للشرع، وإنما قصد أنهم سوف يسمحون أو يعفون؛ ولهذا برّ الله قسمه. (¬2) بهذا الصلح حقنت الدماء، وتم أمر الناس، فتحقق قوله - صلى الله عليه وسلم -، وقوله السيد: البصير العالم المطاع في قومه.

10 - باب هل يشير الإمام بالصلح؟

وهو يُقبل على الناس مرة وعليه أخرى ويقول: «إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين». 10 - باب هل يشير الإمام بالصُّلح؟ 2705 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صوت خصوم بالباب، عالية أصواتهم، وإذا أحدهما يستوضع الآخر ويسترفقه في شيء، وهو يقول: والله لا أفعل، فخرج عليهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «أين المتألّي على الله لا يفعل بالمعروف؟ » فقال: أنا يا رسول الله، فله أيُّ ذلك أحبَّ» (¬1). 12 - باب إذا أشار الإمام بالصلح فأبى، حكم عليه بالحكم البين 2709 ـ- عن عروة بن الزبير أن الزبير كان يُحدث أنه خاصم رجلًا من الأنصار قد شهد بدرًا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شراج من الحرَّة كانا يسقيان به كلاهما، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للزبير: «اسق يا زبير ثم أرسل إلى جارك» (¬2). فغضب الأنصاري فقال: يا رسول الله أن كان ابن عمّتك. فتلوَّن وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: «اسق، ثم احبس حتى يبلغ الجدر». فاستوعى رسول الله ¬

(¬1) المقصود الحث على الصلح، والأمر به، لاسيما عند اشتباه الأمور، وشدة الخصومة، والحكم قد لا تزول معه الشحناء، لكن إذا اضطر إلى الحكم أخذ به. (¬2) الحاكم يأمر بالرفق والإحسان، فإذا أبى الخصم الآخر استوفى الحكم، فلما قال الأنصاري كلمته التي لا ينبغي أن يقولها استوفى للزبير حقه، ويحتمل أنه لم يبلغه الحكم بعد. * وفيه الإشارة بالصلح، ولو مع العلم بالحكم.

13 - باب الصلح بين الغرماء وأصحاب الميراث، والمجازفة في ذلك

- صلى الله عليه وسلم - حينئذ حقه للزبير. وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل ذلك أشار على الزبير برأي سعة له وللأنصاري فلما أحفظ الأنصاري رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استوعى للزبير حقه في صريح الحكم، قال عروة قال الزبير: والله ما أحسب هذه الآية إلا في ذلك {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ}». 13 - باب الصلح بين الغرماء وأصحاب الميراث، والمجازفة في ذلك وقال ابن عباس: لا بأس أن يتخارج الشريكان (¬1) فيأخذ هذا دينًا وهذا عينًا فإن توَى لأحدهما لم يرجع على صاحبه 2709 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: «توفي أبي وعليه دين، فعرضت على غرمائه أن يأخذوا التمر بما عليه فأبوا، ولم يروا أن فيه وفاء، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له فقال: إذا جَددته فوضعته في المربد آذنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فجاء ومعه أبو بكر وعمر، فجلس عليه ودعا بالبركة ثم قال: ادع غُرماءك فأوفهم. فما تركت أحدًا له على أبي دَينٌ إلا قضيتَه، وفضل ثلاثة عشر وسقًا: سبعةٌ عجوةٌ وستةٌ لونٌ، أو ستةٌ عجوةٌ وسبعةٌ لون. فوافيت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المغرب فذكرت ذلك له، فضحك فقال: ائت أبا بكر وعمر فأخبرهما، فقالا: لقد علمنا- إذ صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما صنع- أن سيكون ذلك» (¬2). ¬

(¬1) يتخلصون من هذه الشركة، هذا يأخذ دين فلان، وهذا دين فلان، وهذا يأخذ العين. (¬2) هذا من علامات النبوة له - صلى الله عليه وسلم -.

14 - باب الصلح بالدين والعين

14 - باب الصلح بالدَّين والعين (¬1) 2710 - عن عبد الله بن كعب أن كعب بن مالك أخبره أنه تقاضى ابن أبي حدْرد دينًا كان له عليه في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد، فارتفعت أصواتهما حتى سمعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في بيته، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهما حتى كشف سجفَ حجرته فنادى كعب بن مالك، فقال: «يا كعب»، فقال: لبيك يا رسول الله، فأشار بيده أن ضع الشَّطر، فقال كعب: قد فعلت يا رسول الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قم فاقضه» (¬2). ¬

(¬1) لم يستفصل هل هو عين، أم شيء آخر؟ وقد يكون ما عند ابن أبي حدرد أنواع. (¬2) فيه اهتمامه - صلى الله عليه وسلم - بأمر أمته؛ ففيه اهتمام الإنسان بأمر إخوانه، يقوم بالصلح والمشورة {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ ... } الآية.

54 - كتاب الشروط

54 - كتاب الشروط 1 - باب ما يجوز من الشروط في الإسلام، والأحكام، والمبايعة 2711، 2712 - عن مروان والمسور بن مخرمة - رضي الله عنهما - يخبران عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لما كاتب سُهيل بن عمرو يومئذ كان فيما اشترط (¬1) سهيل بن عمرو على النبي - صلى الله عليه وسلم - أن لا يأتيك منا أحد (¬2) - وإن كان على دينك- إلا رددته إلينا وخليت بيننا وبينه. فكره المؤمنون ذلك وامتعضوا منه، وأبي سهيل إلا ذلك فكاتبه النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، فردَّ يومئذ أبا جندل إلى أبيه سهيل بن عمرو، ولم يأته أحد من الرجال إلا رده في تلك المدة وإن كان مسلمًا. وجاءت المؤمنات مهاجرات، وكانت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ممن خرج إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ- وهي عاتق- فجاء أهلها يسألون النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يرجعهم إليهم فلم يرجعها إليهم لما أنزل الله فيهن {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ - إلى قوله- وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}». 2713 - قال عروة فأخبرتني عائشة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يمتحنهن بهذه الآية {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ (¬3) - ¬

(¬1) الأصل في الشروط الصحة، إلا ما أبطله الشارع، كل شرط ليس في كتاب الله باطل. (¬2) أمر برد الرجال في هذا الصلح، أما النساء فقد قضى الله عدم ردهن؛ لأنهن ضعيفات. (¬3) خرجت حبًا لله ولرسوله، لا لبغض زوج.

2 - باب إذا باع نخلا قد أبر

إلى- غَفُورٌ رَحِيمٌ} قال عروة قالت عائشة: فمن أقرَّ بهذا الشرط منهن قال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قد بايعتك» كلامًا يكلمها به، والله ما مسَّت يده يد امرأة قط في المبايعة، وما بايعهم إلا بقوله». 2 - باب إذا باع نخلاً قد أُبر 2716 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من باع نخلًا قد أُبرت فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع» (¬1). 4 - باب إذا اشترط البائع ظهر الدابة إلى مكان مسمَّي جاز 2718 - عن جابر «أنه كان يسير على جمل له قد أعيا، فمرَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - فضربه، فسار سيرًا ليس يسير مثله. ثم قال: بعنيه بأوقية، فبعته، فاسثنيت حملانه إلى أهلي. فلما قدمنا أتيته بالجمل ونقدني ثمنه، ثم انصرفت، فأرسل على أثري قال: ما كنت لآخذ جملك، فخذ جملك ذلك فهو مالك» (¬2). ¬

(¬1) سألت الشيخ: عن قول الأصحاب إن تشقق الطلع كالتأبير فهو للبائع إلا بشرط؟ فقال العبرة بالتأبير. (¬2) حديث جابر فيه فوائد: - ولله الحكمة في إعياء جمل جابر. - تواضعه - صلى الله عليه وسلم - في إزجاء جمل جابر. - وفيه ضرب الدواب عند الحاجة. - شراء ولي الأمر من بعض رعيته ومماكسته، ما لم يكن ضرر. - الاشتراط في البيع: يبيع البيت بشرط السكنى شهر ... إلخ. - إعطاء الرعية على وجه التبرع.

6 - باب الشروط في المهر عند عقدة النكاح

5 - باب الشروط في المعاملة 2720 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: «أعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر اليهود أن يعملوها ويزرعوها، ولهم شطر ما يخرج منها» (¬1). 6 - باب الشروط في المهر عند عُقدة النكاح وقال عمر: إن مقاطع الحقوق عند الشروط، ولك ما شرطت. وقال المسور: «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر صهرًا له فأثنى عليه في مصاهرته فأحسن قال: حدثني فصدقني، ووعدني فوفى لي» (¬2). 2721 - عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أحق الشروط أن توفوا بها ما استحللتم به الفروج» (¬3). 7 - باب الشروط في المزارعة 2722 - عن رافع بن خديج - رضي الله عنه - قال: «كنا أكثر الأنصار حقلًا، فكنا نُكري الأرض، فربما أخرجت هذه ولم تخرج هذه. فنُهينا عن ذلك، ولم نُنْه عن الوَرِق» (¬4). ¬

(¬1) فيه جواز المعاملة مع الكفار، كما صالحهم هنا، وكان له - صلى الله عليه وسلم - خادم يخدمه من اليهود ثم أسلم عند موته، فمعاملة اليهود والكفار جائزة في غير الجزيرة، وهو عاملهم قبل النهي عن ذلك، والخليج واليمن والحجاز كله من الجزيرة. (¬2) هذا من باب الشكر للمحسن والوفاء بالشروط. (¬3) استحلال الفرج أعظم من استحلال البيت في البيع. (¬4) هذا في المزراعة الفاسدة: لك ما أخرجت هذه ... وهذه، قد يطيب زرعها وتلك قد لا يطيب، فهذا غرر وجهل، أما الأجرة المعينة بالجزء المشاع الثلث والربع فلا بأس.

9 - باب الشروط التي لا تحل في الحدود

9 - باب الشروط التي لا تحل في الحدود 2724، 2725 - عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني - رضي الله عنهما - أنهما قالا: » إن رجلًا من الأعراب أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله أنشدك الله إلا قضيت لي بكتاب الله. فقال الخصم الآخر - وهو أفقه منه-: نعم فاقض بيننا بكتاب الله وائذن لي. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قل». قال: إن ابني عسيفًا على هذا فزنى بامرأته، وإني أُخبرت أن على ابني الرجم فافتديت منه بمائة شاة ووليدة، فسألت أهل العلم فأخبروني أنما على ابني جلد مائة وتغريب عام، وأن على امرأة هذا الرجم. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «والذي نفسي بيده لأقضينَّ بينكما بكتاب الله: الوليدة والغنم ردُّ، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام. اغدُ يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها». قال فغدا عليها فاعترفت، فأمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرُجمت» (¬1). 10 - باب ما يجوز من شروط المكاتب إذا رضي بالبيع على أن يُعتق 2726 - عن عبد الواحد بن أيمن عن أبيه قال: دخلت على عائشة - رضي الله عنها - قالت: دخلت علي بريرة وهي مكاتبة فقالت: يا أم ¬

(¬1) فيه فوائد: - قوله: احكم بيننا بكتاب الله. - الصلح على ترك الحد باطل مخالف للشرع. - الاعتراف لا يشترط تربيعه، بل مرة واحدة إن اتضح الأمر.

11 - باب الشروط في الطلاق

المؤمنين اشتريني، فإن أهلي يبيعوني فأعتقيني. قالت: نعم قالت: إن أهلي لا يبغونني حتى يشترطوا ولائي. قالت: لا حاجة لي فيك. فسمع ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو بلغه- فقال: «ما شأن بريرة؟ » فقال: اشتريها فأعتقيها وليشترطوا ما شاءوا. قالت فاشتريتها فأعتقتها واشترط أهلها ولاءها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الولاء لمن أعتق، وإن اشترطوا مائة شرط - صلى الله عليه وسلم -» (¬1). 11 - باب الشروط في الطلاق 2727 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن التلقي، وأن يبتاع المهاجر للأعرابي، وأن تشترط المرأة طلاق أختها، وأن يستام الرجل على سوم أخيه. ونهى عن النَّجش، وعن التصرية» (¬2). قال الحافظ: ... في الرجل يقول امرأته طالق وعبده حر إن لم يفعل كذا يقدم الطلاق والعتاق (¬3). ¬

(¬1) وهذا قاعدة في الشروط الباطلة. (¬2) الزوج له أن يشترط إن فعلت كذا فأنت طالق (يقوله عند العقد) ويفعله بعد النكاح. سألته: إن شرطت ألا يتزوج عليها؟ قال: صحيح على الصحيح، فإن فعل هي بالخيار، إن شاءت مكثت. وإن شاءت يفسخ النكاح. (¬3) أو إن لم تفعلي كذا فأنت طالق، المعنى واحد هذا إن أراد الطلاق أما إذا أراد الحث أو المنع فلا؛ لقصة التابعية (ليلى العجمية) حينما حلفت، فأفتاها ابن عمرو وزيد وحفصة بأن تكفّر عن يمينها.

12 - باب الشروط مع الناس بالقول

12 - باب الشروط مع الناس بالقول 2728 - عن سعيد بن جبير- قال: إنا لعند ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: حدثني أبيُّ بن كعب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «موسى رسول الله .. فذكر الحديث قال: {قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا}: كانت الأولى نسيانًا، والوسطى شرطًا، والثالثة عمدًا قَالَ {قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا}، {لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ}، {فَانْطَلَقَا ... فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ} قرأها ابن عباس «أمامهم ملك» (¬1). 13 - باب الشروط في الولاء 2729 - عن عائشة قالت: جاءتني بريرة فقالت: كاتبت أهلي على تسع أواق، في كل عامٍ أوقية، فأعينيني. فقالت: إن أحبوا أن أعُدها لهم ويكون ولاؤك لي فعلت. فذهبت بريرة إلى أهلها فقالت لهم، فأبوا عليها، فجاءت من عندهم ... -ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس- فقالت: إني عَرضتُ ذلك عليهم، فأبَوا إلا أن يكون الولاء لهم، فسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبَرَت عائشة النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «خُديها واشترطي لهم الولاء، فإنما الولاء لمن أعتق». ففعلت عائشة. ثم قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: «ما بال رجال يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله؟ ما كان من شرط ليس في كتاب (¬2) الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط، فقضاء الله أحق، وشرط الله أوثق، وإنما الولاء لمن أعتق». ¬

(¬1) لابد من مراعاة الشروط، وهذا من الوفاء بالوعد والعهد إذا لم تخالف شرع الله. (¬2) حكم الله

14 - باب إذا اشترط في المزارعة «إذا شئت أخرجتك»

14 - باب إذا اشترط في المزارعة «إذا شئت أخرجتك» 2730 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: «لما دفع أهل خيبر عبد الله بن عمر قام عمر خطيبًا فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عامل يهود خيبر على أموالهم وقال نقرُّكم ما أقركم الله (¬1)، وإن عبد الله بن عمر خرج إلى ماله هناك فعُدي عليه من الليل ففدعت يداه ورجلاه، وليس لنا هناك عدوُّ غيرهم، هم عدوُّنا وتُهمتنا، وقد رأيت إجلاءهم (¬2). فلما أجمع عمر على ذلك أتاه أحد بني أبي الحقيق فقال: يا أمير المؤمنين، أتخرجنا وقد أقرَّنا محمد - صلى الله عليه وسلم -: كيف بك إذا أُخرجت من خيبر تعدو بك قلوصُك ليلة بعد ليلة. فقال: كان ذلك هزيلة من أبي القاسم. فقال: كذبت يا عدو الله. فأجلاهم عمر، وأعطاهم قيمة ما كان لهم من التمر وإبلًا وعروضًا من أقتاب وحبال وغير ذلك». قال الحافظ: ... وهذا لا يقتضي حصر السبب في إجلاء عمر إياهم (¬3). 15 - باب الشروط في الجهاد، والمصالحة مع أهل الحرب، وكتابة الشروط 2731، 2732 - حدثني عبد الله بن محمد حدثنا عبد الرازق أخبرنا معمر قال أخبرني الزهري قال أخبرني عروة عن المسور بن مخرمة ومروان- ¬

(¬1) يجوز أن يقول: أقرك سنة معي شريكا (¬2) المشهور أنه أجلاهم لأجل وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولعل حادثة ابن عمر وما جرى عليه من الأسباب التي ذكّرت عمر - رضي الله عنه -. (¬3) قلت: ذكر الحافظ أن أسباب إجلاء عمر لليهود ثلاثة، وقال شيخنا: المقصود أنهم أعداء، وأمر بإخراجهم من الجزيرة.

يُصدِّق كل واحد منهما حديث صاحبه- قالا» خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زمن الحديبية حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن خالد بن الوليد بالنميم في خيل لقريش طليعة، فخذوا ذات اليمين». فوالله ما شعر بهم خالد حتى إذا هم بقَتَرة الجيش، فانطلق يركض نذيرًا لقريش، وسار النبي - صلى الله عليه وسلم -، حتى إذا كان بالثَّنيَّة التي يُهبط عليهم منها بَرَكت به راحلته، فقال الناس: حَل حَل. فألحَّت. فقالوا خلأت القصواء. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخُلق، ولكن حبسها حابس الفيل». ثم قال: «والذي نفسي بيده، لا يسألونني خُطة يُعظمون فيها حُرمات الله إلا أعطيتهم إياها». ثم زجرها فوثبَت. قال فعدَل عنهم حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد قليل الماء يتبرضه الناس تبرُّضًا، فلم يلبثه الناس حتى نزحوه، وشُكَي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العطش، فانتزع سهمًا من كنانته، ثم أمرهم أن يجعلوه فيه، فوالله ما زال يجيش لهم بالرَّي حتى صدروا عنه. فبينما هم كذلك، إذ جاء بُديل بن وَرقاء الخزاعي في نفر من قومه من خزاعة - وكانوا عيبة نصح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أهل تهامة- فقال: إني تركت كعب بن لؤي نزلوا أعداد مياه الحديبية، ومعهم العود المطافيل، وهم مقاتلوك وصادُّوك عن البيت. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنا لم نجيء لقتال أحد، ولكنا جئنا معتمرين، وإن قريشا قد نهتكمُ الحرب وأضرَّت بهم، فإن شاءوا ماددتهم مدة ويُخلوا بيني وبين الناس، فإن أظهر فإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل الناس فعلوا، وإلا فقد جمُّوا. وإن هم أبَوا فو الذي نفسي بيده لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي، ولينفذن الله أمره. فقال بُديل: سأبلغهم ما تقول. قال فانطلق حتى أتى قريشًا قال: إنا جئناكم من هذا الرجل، وسمعناه يقول قولًا، فإن شئتم أن نعرضه عليكم فعلنا.

فقال سفهاؤهم: لا حاجة لنا أن تخبرونا عنه بشيء. وقال ذوو الرأي منهم: هات ما سمعته يقول. قال سمعته يقول كذا وكذا. فحدَّثهم بما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فقام عروة بن مسعود فقال: أي قوم، ألستم بالوالد؟ قالوا: بلى. قال: أو لست بالوَلد؟ قالوا: بلى. قال: فهل تتهموني؟ قالوا: لا. ألستم تعلمون أني استنفرت أهل عُكاظ، فلما بلَّحوا عليَّ جئتكم بأهلي وولدي ومن أطاعني؟ قالوا: بلى. قال: فإن هذا قد عرض عليكم خطة رُشد اقبلوها ودعوني آته. قالوا: ائته. فأتاه، فجعل يكَّلم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوًا من قوله لبديل. فقال عروة عند ذلك: أي محمد، أرأيت إن استأصلت أمر قومك، هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أهله قبلك؟ وإن تكن الأخرى، فإني والله لا أرى وجوهًا، وإني لأرى أشوابًا من الناس خليقًا أن يفرُّوك ويدعوك. فقال له أبو بكر: امصص بَظَر اللات، أنحن نفرُّ عنه وندعهُ؟ فقال: من ذا؟ قالوا: أبو بكر. قال: أما والذي نفسي بيده، لولا يد كانت لك عندي لم أجزك بها لأجبتك. قال وجعل يكلَّم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكلما تكلَّم كلمة أخذ بلحيته، والمغيرة بن شعبة قائم على رأس النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعه السيف وعليه المغفر (¬1)، فكلما أهوى عروة بيده إلى لحية النبي - صلى الله عليه وسلم -، ضرب يده بنعل السيف، وقال له آخر يدك عن لحية رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فرفع عروة رأسه فقال: من هذا؟ قال: المغيرة بن شعبة. فقال: أي غدر، ألست أسعى في غدرتَك؟ وكان المغيرة صَحَب قومًا في الجاهلية فقتلهم وأخذ أموالهم ثم جاء فأسلم. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أما الإسلام فأقبلُ وأما المال فلست منه في شيء». ثم إن عروة جعل ¬

(¬1) لا بأس بالحرس على السلطان والأمير، ومن عادة الأعراب المسك باليد وباللحية عند الحديث من حرصهم.

يرمُق أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بعينيه. فو الله ما تنخم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نُخامةً إلا وقعت في كفَّ رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدُّون إليه النظر تعظيمًا له. فرجع عروة إلى أصحابه فقال: أي قوم، والله لقد وفدتُ على الملوك، ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي، والله إن رأيت مليكا قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - محمدًا، والله إن يتنخَّمُ نُخامة إل وقعت في كفَّ رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلموا خفضوا أصواتهم عنده، وما يُحدُّدون إليه النظر تعظيمًا له، وإنه قد عرَض عليكم خطة رُشد فأقبلوها. فقال رجل من بني كنانة: دعوني آتيه، فقالوا: ائته. فلما أشرف على النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هذا فلان، وهو من قوم يُعظمون البدن، فابعثوها له. فبُعثت له، واستقبله الناس يُلبُّون. فلما رأى ذلك قال: سبحان الله، ما ينبغي لهؤلاء أن يُصدُّوا عن البيت. فلما رجع إلى أصحابه قال: رأيت البُدن قد قُلِّدت وأُشعرت، فما أرى أن يُصدُّوا عن البيت. فقام رجل منهم يُقال له مكرز بن حفص فقال: دعوني آته. فقالوا: ائته. فلما أشرف عليهم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «هذا مكرز، وهو رجل فاجر». فجعل يكلم النبي - صلى الله عليه وسلم -. فبينما هو يكلمه إذ جاء سهيل بن عمرو. قال معمر: فأخبرني أيوب عن عكرمة أنه لما جاء سهيل بن عمرو قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «قد سهل لكم من أمركم». قال معمر قال الزهري في حديثه: فجاء سهيل بن عمرو فقال: هات اكتُب بيننا وبينكم كتابًا. فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - الكاتب، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بسم الله الرحمن الرحيم» فقال سهيل: أما

«الرحمن» فو الله ما أدري ما هي، ولكن اكتب «باسمك اللهم» كما كنت نكتب، فقال المسلمون: والله لا نكتبها إلا «بسم الله الرحمن الرحيم»، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اكتب باسمك اللهم». ثم قال: «هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله»، فقال سهيل: والله لو كنَّا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك ولكن اكتب محمد بن عبد الله. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: وإني لرسول الله وإن كذَّبتموني، اكتب «محمد بن عبد الله» قال الزهري: وذلك لقوله «لا يسألونني خُطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها» فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: على أن تُخلُّوا بيننا وبين البيت فنطوف به. فقال: سهيل: والله لا تتحدث العرب أنا أخذنا ضغطة، ولكن ذلك من العام المقبل، فكتب، فقال سهيل: وعلى أنه لا يأتيك منا رجل- وإن كان على دينك- إلا رددته إلينا. قال المسلمون: سبحان الله، كيف يُردُّ إلى المشركين وقد جاء مسلمًا؟ فبينما هم كذلك إذ دخل أبو جندل بن سُهيل ابن عمرو يرسف في قيوده، وقد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين، فقال سهيل: هذا يا محمد أول من أقاضيك عليه أن تردُه إلى فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إنا لم نقض الكتاب بعد. قال: فو الله إذًا لم أصالحك على شيء أبدًا. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فأجزه لي، قال: ما أنا بمجيزة لك، قال: بلى فافعل، قال: ما أنا بفاعل. قال مكرز: بل قد أجزناه لك (¬1). قال أبو جندل: أي معشر المسلمين أُردُّ إلى المشركين وقد جئت مسلمًا؟ ألا ترون ما قد لقيت؟ وكان قد عُذُّب عذابًا شديدًا في الله. قال فقال عمر ابن الخطاب: فأتيت نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: ألست نبي الله حقًا؟ قال: بلى. قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى. قلت: فلم نُعطي ¬

(¬1) خالف سهيلًا ولم يطع سهيل.

الدَّنية في ديننا إذًا؟ قال: إني رسول الله ولست أعصيه، وهو ناصري، قلت: أو ليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال: بلى - صلى الله عليه وسلم - فأخبرتك أنا نأتيه العام؟ قال قلت: لا. قال فإنك آتيه ومُطوَّف به. قال: فأتيت أبا بكر فقلت: يا أبا بكر، أليس هذا نبي الله حقًا؟ قال: بلى. قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى. قلت: فلم نعطى الدنية في ديننا إذًا؟ قال: أيها الرجل، إنه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وليس يعصي ربه وهو ناصره، فاستمسك بغرزه فو الله إنه على الحق (¬1). قلت أليس كان يحدَّثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال: بلى - صلى الله عليه وسلم - فأخبرتك أنا تأتيه العام؟ قال قلت: لا: فإنك آتيه ومُطوَّف به. قال الزهري قال عمر: فعملت لذلك أعمالًا. قال: فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: قوموا فانحروا (¬2) ثم احلقوا. قال: فو الله ما قام منهم رجل، حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم (¬3) منهم أحد دخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس فقالت أم سلمة: يا نبي الله أتحب ذلك؟ اخرج، ثم لا تكلم أحدًا منهم كلمة حتى تنحر بُدنك، وتدعو حالقك فيحلقك. فخرج فلم يكلَّم أحدًا منهم حتى فعل ذلك: نحرَ بُدنه، ودعا حالقه فحلقه. فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضًا، ¬

(¬1) هذا الفرق العظيم بين الصديق وعمر عند الامتحان أهل التصديق الكامل ممن هو دون ذلك، وكان الصديق في القمة. (¬2) {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} الآية. (¬3) ولم يكن تأخرهم معصية، وإنما توقفوا لعل لعل ولعل يحصل كذا. - وفي الحديث: قبول المشورة الطيبة من أي شخص كان.

حتى كان بعضهم يقتُل غمًا. ثم جاء نسوة مؤمنات، فأنزل الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ - حتى بلغ- بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10] فطلق عمر يومئذ امرأتين كانتا له في الشرك، فتزوج إحداهما معاوية بن أبي سفيان والأخرى صفوان بن أمية ثم رجع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، فجاءه أبو بصير رجل من قريش وهو مسلم فأرسلوا في طلبه رجلين فقالوا: العهد الذي جعلت لنا، فدفعه إلى الرجلين، فخرجا به حتى بلغا ذا الحليفة، فنزلوا يأكلون من تمر لهم، فقال أبو بصير لأحد الرجلين: والله إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيدًا، فاستله الآخر، فقال: أجل والله إنه لجيد، لقد جرَّبت به ثم جرَّبت به ثم جرَّبت. فقال أبو بصير: أرني انظر إليه، فأمكنه منهن فضربه حتى برد، وفرَّ الآخر حتى أتى المدينة، فدخل المسجد يعدو، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين رآه: لقد رأى هذا ذُعرًا، فلما انتهى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قُتل والله صاحبي وإني لمقتول. فجاء أبو بصير فقال: يا نبي الله، قد والله أوفى الله ذمتك قد رددتني إليهم، ثم أنجاني الله منهم. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ويل أمَّه مسعر حرب لو كان له أحد، فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم، فخرج حتى أتى سيف البحر. قال وينفلت منهم أبو جندل بين سُهيل فلحق بأبي بصير، فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير، حتى اجتمع منهم عصابة، فو الله ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لها. فقتلوهم وأخذوا أموالهم. فأرسلت قريش إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - تناشده الله والرحم لما أرسل فمن أتاه فهو آمن فأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم، فأنزل الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ - حتى بلغ- حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ}.

وكانت حميَّتهم أنهم لم يقروُّا أنه نبيُّ الله، ولم يُقرُّوا ببسم الله الرحمن الرحيم، وحالوا بينهم وبين البيت». قال أبو عبد الله معرَّة العُرِّ: الجرَبُ. تزَيِّلوا. وحميتُ القومَ: منعتهم حماية. وأحميتُ الحمى: جعلته حمى لا يُدْخل. وأحميت الرَّجل إذا أغضبته إحماء. قال الحافظ: ... وقد اختلف العلماء في المدة التي تجوز المهادنة فيها مع المشركين: فقيل لا تجاوز عشر سنين على ما في هذا الحديث وهو قول الشافعي والجمهور، وقيل تجوز الزيادة، وقيل لا تجاوز أربع سنين، وقيل ثلاثًا، وقيل سنتين، والأول هو الراجح والله أعلم (¬1). ¬

(¬1) الراجح أن المهانة لا تتجاوز لا تتجاوز عشر سنين، وهو الجمهور. * قلت: مدة المهادنة مع الكفار: قال أبو محمد في المغني (13/ 154 - 155): «ولا تجوز المهادنة من غير تقدير مدة لأنه يفضي إلى ترك الجهاد بالكلية». فصل: ولا يجوز عقد الهدنة إلا على مدة مقدرة معلومة لما ذكرناه، قال القاضي: وظاهر كلام أحمد أنها تجوز أكثر من عشر سنين، وهو اختيار أبي بكر ومذهب الشافعي، لأن قوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} عام خُصَّ منه مدة العشر لمصالحة النبي - صلى الله عليه وسلم - قريشًا يوم الحديبية عشرًا ففيما زاد يبقى على مقتضى العموم، فعلى هذا إن زاد المدة على عشر بطل في الزيادة وهل تبطل في العشر على وجهين بناء على تفريق الصفقة، قال: وقال أبو الخطاب: ظاهر كلام أحمد أنه يجوز على أكثر من عشر على ما يراه الإمام من المصلحة، وبهذا قال أبو حنيفة، لأنه عقد يجوز في العشر فجاز على الزيادة عليها كعقد الإجازة، والعام مخصوص في العشر لمعنى موجود فيما زاد عليها، وهو أن المصلحة قد تكون في الصلح أكثر منها في الحرب» اهـ. وقال في حاشية الروض (4/ 299): «وقال الشيخ: وأما المطلق فهو عقد جائز يعمل فيه الإمام بالمصلحة، ومتى مات الإمام أو عزل، لزم من بعده الوفاء بعقده». وقال أبو العباس في مجموع الفتاوى (29/ 140): «ومن قال من الفقهاء من أصحابنا وغبرهم: أن الهدنة لا تصح إلا مؤقتة: فقوله- مع أنه مخالف لأصول أحمد- يرده القرآن وترده سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أكثر المعاهدين، فإنه لم يوقت معهم وقتًا». وقال أبي هبيرة في الإفصاح (2/ 296): «واختلفوا في مدة العهد فقال أبو حنيفة وأحمد: يجوز ذلك على الإطلاق إلا أن أبا حنيفة قال: متى وجد للإمام قوة نبذ إليهم عهدهم وفسخ، وقال مالك والشافعي: لا يجوز أكثر من عشر سنين» اهـ.

16 - باب الشروط في القرض

16 - باب الشروط في القرض 2734 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - «عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه ذكر رجلًا سأل بعض بني إسرائيل أن يسلفه ألف دينار، فدفعها إليه إلى أجل مسمى» (¬1). ¬

(¬1) الشروط في القرض جائزة، والصواب أنه إذا أجل يلزم، فالمسلمون على شروطهم، فلو أجله إلى سنة ليس له المطالبة قبل ذلك. فينبغي الحرص على الأداء والصدق في المواعيد في القرض وغيره، قال عليه الصلاة والسلام «من كان في حاجة أخيه .. » أخرجه الشيخان عن ابن عمر.

17 - باب المكاتب، وما لا يحل من الشروط التي تخالف كتاب الله

17 - باب المكاتب، وما لا يحل من الشروط التي تخالف كتاب الله 2735 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: أتتها بريرة تسألها في كتابتها فقالت: إن شئت أعطيت أهلك ويكون الولاء لي. فلما جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكرته ذلك، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ابتاعيها فأعتقيها، فإنما الولاء لمن أعتق». ثم قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المنبر، فقال: «ما بال أقوام يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله؟ من اشترط شرطًا ليس في كتاب (¬1) الله فليس له وإن اشترط مائة شرط». 18 - باب ما يجوز من الاشتراط والثُّنيا في الإقرار والشروط التي يعارفها الناس بينهم. وإذا قال مائة إلا واحدة أو اثنتين. وقال ابن عون عن ابن سيرين: قال الرجل لكريِّه: أدخل ركابك، فإن لم أرحل معك يوم كذا وكذا فلك مائة درهم، فلم يخرج، فقال شريح: من شرط على نفسه طائعًا غير مكره فهو عليه. وقال أيوب عن ابن سيرين: إن رجلًا باع طعامًا. قال: إن لم آتك الأربعاء فليس بيني وبينك بيع (¬2)، فلم يجئ، فقال شريح للمشتري: أنت أخلفت، فقضى عليه» (¬3). ¬

(¬1) ليس في حكم الله. (¬2) حديث النهي عن بيع العربون ضعيف؛ ولهذا أفتى عمر به؛ فلو قال: اشتريت السيارة بخمسين ألف وهذه ثلاثة آلاف إن جئتك الأربعاء وإلا الثلاثة آلاف لك، صح. (¬3) كل هذا واضح، فالأصل اعتبار الشروط، إلا ما خالف الشرع، ولا تستقم مصالح الناس إلا بهذا، فلهم مقاصد.

19 - باب الشروط في الوقف

2736 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن لله تسعة وتسعين اسمًا، مائة إلا واحدة (¬1)، من أحصاها دخل الجنة» (¬2). 19 - باب الشروط في الوقف 2737 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - «أن عمر بن الخطاب أصاب أرضًا بخيبر، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يستأمره فيها فقال يا رسول الله، إني أصبت أرضًا بخيبر لم أُصب مالًا قط أنْفَس عندي منه، فما تأمر به؟ قال إن شئت حبَسْت أصلها وتصدَّقت بها (¬3). قال فتصدق بها عمر أنه لا يُباع ولا يوهب ولا يورث. وتصدق بها في الفقراء وفي القربى وفي الرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل والضيَّف، ولا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف، ويُطعم غير متموِّل». ¬

(¬1) يعني من أسماء الله والشاهد قوله: مائة إلا واحدة، فلو قال: لك عندي مائة إلا واحد فبما أقر، ورواية سرد أسماء الله ضعيفة كما قال الحافظ. (¬2) في اللفظ الآخر: «من حفظها» من أتقنها وعمل بها. (¬3) مثل ما الشروط معتبرة في البيع والشراء فكذا في الوقف على ما قال الموصي، أو الواقف إذا كانت مباحة.

55 - كتاب الوصايا

55 - كتاب الوصايا 1 - باب الوصايا، قول النبي - صلى الله عليه وسلم - وصية الرجل مكتوبة عنده 2739 - عن عمرو بن الحارث خَتَن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخي جُويرية بنت الحارث قال: «ما ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند موته درهمًا ولا دينارًا ولا عبدًا ولا أمة ولا شيئًا، إلا بغلته البيضاء وسلاحه وأرضًا جعلها صدقة» (¬1). 2740 - عن طلحة بن مُصَرِّف قال: «سألت عبد الله بن أبي أوفى - رضي الله عنهما -: هل كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أوصى؟ فقال: لا. فقلت: كيف كُتب على الناس الوصيَّة أو أُمروا بالوصية؟ قال: أوصى بكتاب الله» (¬2). 2741 - عن إبراهيم عن الأسود قال: «ذكروا عند عائشة أن عليًا - رضي الله عنهما - كان وصيًا، فقالت: متى أوصى إليه وقد كنت مسندته إلى صدري- أو قالت: حَجْري- فدعا بالطسْت، فلقد انخنث في حجْري فما شعرت أنه قد مات، فمتى أوصى إليه؟ » (¬3). ¬

(¬1) كان ينفق ويعطي عطاء من لا يخشى الفقر، ولهذا لم يبق شيئًا - صلى الله عليه وسلم -، والحاصل أن الوصية مشروعة في ماله إن كان كثيرًا، الثلث فما دون، الربع الخمس، وظاهر الآية الوجوب، فلما نزلت آية المواريث استقر الأمر على ذلك، فنسخ ما تقدم. (¬2) وأخبر آخرون بأشياء أخرى كالصلاة وما ملكت أيمانكم، وبإخرج الكفار من جزيرة العرب ... إلخ، ولم يطلع عليها عبد الله بن أبي أوفى. (¬3) لأن من أكاذيب الرافضة.

2 - باب أن يترك ورثته أغنياء خير من أن يتكففوا الناس

قال الحافظ ... والمعتبر فيه أن يعقل ما يوصي به. وروى الموطأ (¬1) فيه أثرًا عن عمر أنه أجاز وصية غلام لم يحتلم، وذكر البيهقي أن الشافعي علق به على صحة الأثر المذكور، وهو قوي فإن رجاله ثقات وله شاهد، وقيد مالك صحتها بما إذا عقل ولم يخلط، وأحمد بسبع وعنه بعشر. 2 - باب أن يترُك ورثته أغنياء خير من أن يتكففوا الناس 2742 - عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال: «جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - يعودني وأنا بمكة، وهو يكره أن يموت بالأرض التي هاجر منها، قال: يرحم الله ابن عفراء. قلت: يا رسول الله أُوصي بمالي كله؟ قال: لا. قلت: فالشطر؟ قال: لا. قلت: الثلث؟ قال: فالثلث والثلث كثير، إنك أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس في أيديهم وإنك مهما أنفقت من نفقة فإنها صدقة، حتى اللقمة التي ترفعها إلى فيّ امرأتك، وعسى الله أن يرفعك فينتفع بك ناس ويُضرَّ بك آخرون. ولم يكن له يومئذ إلا ابنة» (¬2). ¬

(¬1) الجواز محل نظر، والصبي ليس من أهل الرشد، لكن عارض هذا مصلحة الصبي؛ لأن التبرع في الوصية ينفعه في الآخرة، أما في الدنيا فقد يضره التصرف في ومن قال إنها صحيحة إن كان يعقل ويفهم فقوله جيد؛ لأنه ينفعه في الآخرة، وإن صح أثر عمر فهو حجة؛ لأنه من الخلفاء الراشدين. قلت: أثر عمر صحيح، أخرجه في الموطأ (2/ 762) وقال شيخنا: كلام مالك كلام طيّب. (¬2) وهذا من أدلة الوصية إن ترك خيرًا. وقد حقق الله رجاء نبيه، فعمِّر سعد وقاتل الفرس، وتأخرت وفاته حتى سنة 56 هـ-في آخر حياة عائشة - رضي الله عنها -، وصلَّت عليه - رضي الله عنهما -.

3 - باب الوصية بالثلث

3 - باب الوصية بالثلث وقال الحسن: لا يجوز للذِّميِّ (¬1) وصيَّة إلا الثلث وقال الله - عز وجل -: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ}. 2744 - عامر بن سعد عن أبيه - رضي الله عنه - قال: «مرضت فعادني النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا رسول الله، ادع الله أن لا يرُدَّني على عقبي. قال: لعل الله يرفعك وينفع بك ناسًا. قلت: أريد أن أوصي وإنما لي ابنة. قلت: أوصي بالنصف؟ قال: النصف كثير. قلت: فالثلث؟ قال: الثلث والثلث كثير- أو كبير- قال فأوصى الناس بالثلث فجاز ذلك لهم» (¬2). 4 - باب قول الموصي لوصيِّه: تعاهد ولدي. وما يجوز للوصيِّ من الدعوى 2745 - عن عائشة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها قالت: «كان عتبة بن أبي وقاص عهد إلى أخيه سعد بن أبي وقاص ... الحديث ... فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «هو لك يا عبد بن زمعة، الولد للفراش وللعاهر الحَجرُ». ثم قال لسودة بنت زمعة احتجبي منه. لما رأى من شبهه بعتبة. فما رآها حتى لقي الله» (¬3). ¬

(¬1) لو تحاكموا إلينا نحكم لهم بالشرع الثلث في الوصية، كما نحكم للمسلمين. (¬2) ولهذا قال ابن عباس: لو أن الناس غضبوا من الثلث إلى الربع. وأوصى الصدِّيق بالخمس. (¬3) وهذا يدل على أن الوصية غير الموافقة للشرع تبطل؛ ولهذا أبطل وصية عتبة؛ وفيه الحكم للزوج والسيد؛ لأجل الفراش، وعدم اعتبار الشبه.

5 - باب إذا أومأ المريض برأسه إشارة بينة جازت

5 - باب إذا أومأ المريض برأسه إشارة بيِّنة جازت 2746 - عن أنس - رضي الله عنه - «أن يهوديًا رضَّ رأس جارية بين حجرين، فقيل لها: من فعل بك؟ أفلان أو فلان؟ حتى سُمِّي اليهودي فأومأت برأسها، فجيء به، فلم يزل حتى اعترف، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فرُضَّ رأسه بالحجارة (¬1). 6 - باب لا وصية لوارث 2747 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «كان المال للولد، وكانت الوصية للوالدين، فنسخ الله من ذلك ما أحبَّ، فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، وجعل للأبوين لكل واحد منهما السدس، وجعل للمرأة الثمن والربع، وللزوج الشطر والرُّبع» (¬2). 7 - باب الصدقة عند الموت 2748 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رجل للنبي - صلى الله عليه وسلم - يا رسول الله: أي الصدقة أفضل؟ قال: «أن تصدَّق وأنت صحيح حريص، تأمل الغنى وتخشى الفقر، ولا تُمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا ولفلان ¬

(¬1) من قَتل بالحجارة قُتل بالحجارة، ومن قَتل بالخنق قُتل بالخنق. الإشارة دعوى أو إقرار على حسبها وهنا الإشارة دعوى، ومثلها الإقرار، لو أشار برأسه أن نعم. (¬2) هذا لا يقال من جهة الرأي، هذه أمور توقيفية، وهذا له حكم الرفع، ويدل عليه حديث «إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث» والوصية تكون للأقربين من غير الورثة، أو غير الأقربين.

8 - باب قول الله - عز وجل - {من بعد وصية يوصي بها أو دين}

كذا وقد كان لفلان» (¬1). 8 - باب قول الله - عز وجل - {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} ويُذكر أن شُريحًا وعمر بن عبد العزيز وطاوسًا وعطاء وابن أُذينة أجازوا إقرار المريض بدَين. وقال الحسن أحق ما تصدق به الرجل آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة (¬2). وقال إبراهيم والحكم: إذا أبرأ الوارث من الدين برئ (¬3). وأوصى رافع بن خديج أن لا تُكشف امرأته الفزارية عما أغلق عليه بابها (¬4). وقال الحسن إذا قال لمملوكه عند الموت: كنت (¬5) أعتقتك جاز (¬6). وقال الشَّعبي: إذا قالت المرأة عند موتها: إن زوجي قضاني وقبضت (¬7) منه جاز. وقال بعض الناس (¬8): لا يجوز إقراره لسوء الظن به للورثة. ثم ¬

(¬1) وهذا يدل على أن الصدقة في حال الصحة والشح أفضل، لحرصه على المال، فإذا صدر المال في هذه الحالة دلت على الرغبة فيما عند الله، بخلاف المرض. (¬2) هذا اجتهاد من الحسن، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - أولى. (¬3) إن كان في صحته يبرأ، وإن كان في المرض له حكم الوصية. (¬4) ما عندها فهو لها، ورافع ليس بمتّهم، صحابي. (¬5) مقتضى القواعد من الثلث، وفيه قصة الأعبد الستة. (¬6) على شيء مضى، لكنه متهم ما بيّن إلا عند الموت. (¬7) الحنفية. (¬8) حديث «إن للوارث» والوصية تكون للأقربين من غير الورثة، أو غير الأقربين.

9 - باب تأويل قوله تعالى: {من بعد وصية يوصي بها أو دين}

استحسن فقال: يجوز إقراره بالوديعة والبضاعة والمضاربة (¬1). وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث» ولا يحل مال المسلمين لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «آية المنافق إذا ائتُمن خان» وقال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} فلم يخص وارثًا ولا غيره. 2749 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا ائتُمن خان، وإذا وعد أخلَف» (¬2). 9 - باب تأويل قوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} ويُذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى بالدَّين (¬3) قبل الوصية. وقوله - عز وجل -: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} فأداء الأمانة أحق من تطوع الوصية. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا صدقة إلا عن ظهر غنىً». وقال ابن عباس: لا يُوصِي العبد إلا بإذن أهله. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «العبد راع في مال سيده» (¬4). 2750 - عن حكيم بن حزام - رضي الله عنه - قال: «سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم قال لي: يا حكيم، إن هذا المال خَضر حلوٌ، فمن أخذه بسخاوة (¬5) نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس ¬

(¬1) المقصود حمل الناس على أحسن المحامل مع مراعاة الأمارات والعلامات فيراعيها القاضي. (¬2) فلا يخون عند مرضه. (¬3) لاشك، محل إجماع. (¬4) ليس له أن يوصي إلا أن يأذن له سيده. (¬5) طيب نفس بدون جشع، لا يهمه جاء، وإلاَّ راح.

10 - باب إذا وقف أو أوصى لأقاربه، ومن الأقارب؟

لم يُبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع، واليد العليا (¬1) خير من اليد السفلى. وقال حكيم: فقلت: يا رسول الله، والذي بعثك بالحق، لا أرزأُ أحدًا بعدك شيئًا حتى أفارق الدنيا فكان أبو بكر يدعو حكيمًا ليُعطيه العطاء بعدك شيئًا. ثم إن عمر دعاه ليعطيه فأبى أن يقبله، فقال: يا معشر المسلمين، إني أعرضُ عليه حقَّه الذي قسم الله له من هذا الفيء فأبى أن يأخذه. فلم يرزأ حكيم أحدًا من الناس بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى توفي - رحمه الله -» (¬2). 2751 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «كلكم راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية ومسؤولة عن رعيَّتها، والخادم في مال سيده راع ومسؤول عن رعيته، قال: وأحسب أن قد قال: والرجل راع في مال أبيه» (¬3). 10 - باب إذا وقف أو أوصى لأقاربه، ومِن الأقارب؟ وقال الأنصاري حدثني أبي عن ثمامة عن أنس بمثل حديث ثابت «قال ¬

(¬1) العليا المنفقة، السفلى السائلة الآخذة. (¬2) يعني: تأثر بكلام النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يعد للأخذ. (¬3) كل مسؤول يُسأل: هل أدى الواجب؟ هل نصح للأمة؟ فالأمر عظيم، {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.

11 - باب هل يدخل النساء والولد في الأقارب؟

اجعلها لفقراء قرابتك، قال أنس: فجعلها لحسان وأُبيَّ بن كعب وكانا أقرب إليه مني». 11 - باب هل يدخل النساء والولد في الأقارب؟ 2753 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أنزل الله - عز وجل - {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} (¬1) [الشعراء: 214] قال: يا معشر قريش - أو كلمة نحوها - اشتروا أنفسكم، لا أُغني عنكم من الله شيئًا. يا بني عبد مناف لا أغني عنكم من الله شيئًا. يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئًا. يا صفية عمه رسول الله لا أغني عنك من الله شيئًا. ويا فاطمة بنت محمد سليني ما شئت من مالي لا أغني عنك من الله شيئًا». ¬

(¬1) * الرضا ليس برحم، بل صلة خاصة، مشبه بالرحم، وليس برحم. * يدل على فضل الصدقة على الأقارب، ودعوتهم إلى الله، وتوجيههم وهذا أولى من المال. * الصلة تكون بالمال، بالكلام الطيب، بالزيارة، بالسلام، بالتحفي. * فيه فضل الصدقة في الأقربين {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ} وإذا كانوا فقراء كان الأمر اشد وآكد. * إبراهيم أفضل الرسل بعد محمد عليهم الصلاة والسلام لم يستطع أن يهدي أباه. وهذا واضح في أن الأقارب كلهم داخلون، ومنهم الأولاد، بل هم من أخص الأقارب. سأبلها ببلالها: بصلتها

12 - باب هل ينتفع الواقف بوقفه؟

12 - باب هل ينتفع الواقف بوقفه؟ 2755 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا سوق بدنة فقال: «أركبها»، قال: يا رسول الله إنها بدنة، قال: «أركبها ويلك» في الثانية أو في الثالثة» (¬1). 15 - باب إذا قال أرضي أو بستاني صدقة الله عن أمي فهو جائز، وإن لم يُبيَّن لمن ذلك 2756 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - «أن سعد بن عُبادة - رضي الله عنه - تُوفيت أمَّه وهو غائب عنها فقال: يا رسول الله إن أمي تُوفيت وأنا غائب عنها، أينفعها شيء إن تصدَّقت به عنها؟ قال: نعم. قال: فإني أُشهدك أن حائطي المخراف صدقة عليها» (¬2). 16 - باب إذا تصدق أو وقف بعض رقيقه أو دوابَّه فهو جائز 2757 - عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب (¬3) بن مالك - رضي الله عنه -: قلت يا رسول الله، إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله ¬

(¬1) والمعنى: أنه يدخل في وقفه إذا شمله الوصف، أو فيه مصلحة الوقف، فلو وقفه لأبناء السبيل دخل فيه إن احتاج إليه. * ومثل هنا يركب ليسقيه، ليعلفه، ليرعاه، أو يعتمر فيه. (¬2) كل هذا مثل ما تقدم، إن قال: هذا صدقة يصرفه في وجوه البر والخير، لا يباع ولا يوهب، يصرف في وجوه البر إن أطلق، وإن خص فعلى ما يقيد، المسلمون على شروطهم. (¬3) سقط: قال حدثنا عبد الله بن كعب قال سمعت أبي كعب .. الحديث.

17 - باب من تصدق إلى وكيله ثم رد الوكيل إليه

- صلى الله عليه وسلم -، قال: أُمسك عليك بعض مالك فهو خير لك. قلت: أمسك سهمي الذي بخيبر» (¬1). 17 - باب من تصدَّق إلى وكيله ثم ردَّ الوكيل إليه 2758 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: لما نزلت: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} جاء أبو طلحة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله يقول الله تبارك وتعالى في كتابه {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وإن أحبَّ أموالي إلىَّ بيرحاء - قال وكانت حديقة كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدخلها ويستظل بها ويشرب من مائها - فهي إلى الله - عز وجل - وإلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرجو بره وذُخره، فضعها أي رسول الله حيث أراك الله. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «بخٍ يا أبا طلحة، ذلك مال رابح قبلناه منك ورددناه عليك، فاجعله في الأقربين». فتصدَّق به أبو طلحة على ذوي رحمه. قال: وكان منهم أُبيٌّ وحسّان. قال وباع حسان حصته منه من معاوية فقيل له تبيع صدقة أبي طلحة؟ فقال: ألا أبيع صاعًا من تمر بصاع من دراهم؟ قال: وكانت تلك الحديثة في موضع قصر بني حُدَيلة الذي بناه معاوية» (¬2). 18 - باب قول الله - عز وجل -: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} [النساء: 8] 2759 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «إن ناسًا يزعمون أن هذه ¬

(¬1) إذا أوقفت ماله يوقف له بعض الشيء، ويترك له بعض الشيء. (¬2) فيه أنه أعطاها حسان عطية؛ ولهذا تصرف فيها حسان بالبيع، فهي صدقة يملكونها.

20 - باب الإشهاد في الوقف والصدقة

الآية نُسخت، ولا والله ما نُسخت، ولكنها مما تهاون الناس، هما واليان: والٍ يرث وذاك الذي رزق، ووالٍ لا يرث (¬1) فذاك الذي يقوم بالمعروف، يقول لا أملك لك أن أُعطيك». 2761 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن سعد بن عُبادة - رضي الله عنه - استفتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن أمي ماتت وعليها نذرٌ، فقال: «اقضِهِ عنها» (¬2). 20 - باب الإشهاد في الوقف والصدقة 2762 - عن عكرمة مولى ابن عباس يقول: «أنبأنا ابن عباس أن سعد بن عبادة - رضي الله عنه - - أخا بني ساعدة - توفيت أمه وهو غائب، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إن أمي توفيت وأنا غائب عنها، فهل ينفعها شيء إن تصدقت به عنها؟ (¬3) قال: «نعم». قال: فني أُشهدك أن حائطي المخراف صدقة عليها». 21 - باب قول الله تعالى: {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا * وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 2، 3]. ¬

(¬1) يشرع أن يرضخ له شيء إن كان غير وارث، كولي الأيتام والسفهاء، وظاهر الآية العموم. (¬2) من باب الصدقة بعد الموت، يعمّ ما أوصى به وما فعله له غيره من أقاربه وغيره. (¬3) الصدقة عن الميت والوقف عنه ينفعه.

باب وما للوصي أن يعمل في مال اليتيم وما يأكل منه بقدر عمالته

2763 - عن الزهري قال: «كان عروة بن الزبير يحدَّثُ أنه سأل عائشة - رضي الله عنها - {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} قالت: هي اليتيمة في حَجِر وليَّها، فيرغب في جمالها ومالها، ويُريد أن يتزوجها بأدنى من سُنة نسائها، فُنهوا عن نكاحهنَّ إلا أن يُقسطوا لهن في إكمال الصَّداق، وأُمروا بنكاح من سواهنَّ من النساء، قالت عائشة: ثم استفتى الناس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعدُ، فأنزل الله - عز وجل - {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ} [النساء: 127]. قالت [عائشة] فبيَّن الله في هذه أن اليتيمة إذا كانت ذات جمال ومال رغبوا في نكاحها ولم يُلحقوها بسنَّتها بإكمال الصداق، فإذا كانت مرغوبة عنها في قلة المال والجمال تركوها والتمسوا غيرها من النساء. قال فكما يتركونها حين يرغبون عنها فليس لهم أن ينكحوها إذا رغبوا فيها إلا أن يُقسطوا لها الأوفى من الصداق ويُعطوها حقها» (¬1). باب وما للوصي أن يعمل في مال اليتيم وما يأكل منه بقدر عمالته 2764 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - «أن عمر تصدَّق بمال له على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان يقال له ثمغ، وكان نخلًا - فقال عمر: يا رسول الله إني استفدت مالًا وهو عندي نفيس فأردت أن أتصدَّق به (¬2)، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «تصدق بأصله، لا يُباع ولا يوهب ولا يُورث، ولكن يُنفق ¬

(¬1) هذا هو العدل، يعطيها حقها (اليتيمة) كما يعطي غيرها، من طبيعة النفوس إذا كانت قادرة ألا تعدل، وإلا من عصم الله. (¬2) هذا هو سهم عمر الذي بخيبر - رضي الله عنه -.

23 - باب قول الله تعالى: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا} [النساء: 10]

ثمره». فتصدق به عمر، فصدَقتهُ تلك في سبيل الله وفي الرقاب والمساكين والضيَّف وابن السبيل ولذي القربى، ولا جُناح على من وليه أن يأكل منه بالمعروف، أو يوكل صديقه غير متموَّل به». 2765 - عن عائشة - رضي الله عنها - {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} قالت: أنزلت في والي اليتيم أن يُصيب من ماله إذا كان محتاجًا بقدر ماله (¬1) بالمعروف». 23 - باب قول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} [النساء: 10] 2766 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اجتنبوا السبع الموبقات». قالوا: يا رسول الله وما هُنَّ؟ قال: «الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرَّم الله إلا بالحق؛ وأكل الربا، وأكل (¬2) مال اليتيم، والتَّوالي يوم الزحف، وقذف المحصنات (¬3) المؤمنات الغافلات». ¬

(¬1) إن كان مال اليتيم واسعًا كان المعروف واسعًا، وإن كان ضيقًا كان المعروض ضيقًا، والأولى أن يضرب له الحاكم أجرة قطعًا للنزاع في مثل هذه الأزمنة. * الوقف على الأولاد ما ينبغي، ولكن في وجوه البر. * إن وقف على المحتاجين أكل منه أولاده، من احتاج منهم. (¬2) عبّر بالأكل لأنه الأغلب، ويدخل فيه التحريق وغيره. (¬3) الغالب قذفهن، وإلا قد يقذف المحصن من الرجال.

24 - باب {ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لأعنتكم إن الله عزيز حكيم} لأعنتكم: لأخرجكم وضيق ع

24 - باب {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} لأعنتكم: لأخرجكم وضيَّق عليكم. وعَنَتْ (¬1): خضعت. 2767 - عن أيوب عن نافع قال: ما ردَّ (¬2) ابن عمر على أحد وصيَّته وكان ابن سيرين أحب الأشياء إليه في مال اليتيم أن يجتمع إليه نصحاؤه وأولياؤه فينظروا الذي هو خير له. وكان طاووس إذا سُئل عن شيء من أمر اليتامى قرأ {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ}. وقال عطاء في يتامى الصغير والكبير: يُنفق الولي على كل إنسان بقدره من حصته. 25 - باب استخدام اليتيم في السفر والحضر إذا كان صلاحًا له. 2767 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: «قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة ليس له خادم، فأخذ أبو طلحة بيدي فانطلق بي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إن أنسًا غلام كيَّس فليخدمك، قال فخدمته في السفر والحضر، ما قال لي لشيء صنعته لم صنعت هذا هكذا؟ ولا لشيء لم أصنعه لم لم تصنع هذا وهكذا؟ » (¬3). ¬

(¬1) وعنت الوجوه للحي القيوم. (¬2) رأى ابن عمر القوة على ذلك، وكان عنده، رجال وأولاد يثق بهم يقدرون على تدبير شؤون اليتامى. (¬3) خدم أنس النبي - صلى الله عليه وسلم - عشر سنين، وتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسن أنس عشرون سنة.

26 - باب إذا وقف أرضا ولم يبين الحدود فهو جائز، وكذلك الصدقة

26 - باب إذا وقف أرضًا ولم يُبيَّن الحدود فهو جائز، وكذلك الصدقة 2769 - حدثنا عبد الله بن مَسلمة عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أنه سمع أنس بن مالك - رضي الله عنه - يقول: كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالًا من نخل، وكان أحب ماله إليه بيرحاء مستقبلة المسجد، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدخلها ويشرب من ماء فيها طيَّب، قال أنس: فلما نزلت {لن تنالوا البرَّ حتى تُنفقوا مما تُحبون} وإن أحب أموالي بيرحاء، وإنها صدقة لله أرجو برَّها وذخرها عند الله، فضعها حيث أراك الله، فقال: بخ، ذلك مال رابح - أو رايح، شك ابن مسلمة - وقد سمعت ما قلت، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين. قال أبو طلحة: أفعل ذلك يا رسول الله. فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه (¬1)». 277 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - «أن رجلًا (¬2) قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن أمَّه توفيت أينفعها إن تصدقتُ عنها؟ قال: نعم. قال: فإن لي مخرافًا فأنا أشهدك أني قد تصدقت به عنها». 27 - باب إذا وقف جماعة أرضًا مشاعًا فهو جائز 2771 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: «أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ببناء مسجد فقال: يا بني النجار ثامنوني بحائطكم هذا، قالوا: لا والله لا نطلب ثمنه إلا إلى الله (¬3)». ¬

(¬1) الشاهد أنه ما قال حدودها كذا وكذا وإذا كان المال معروفًا ومشهورًا. (¬2) هو سعد بن عبادة، كما تقدم. (¬3) إذا تبرع شركاء ينفذ ويصح، ولو لم تقسم وقف أو صدقة أو غير ذلك.

29 - باب الوقف للغني والفقير والضيف

29 - باب الوقف للغني والفقير والضيف قال الحافظ: ... وفيه جواز الوقف على الأغنياء لأن ذوي القربي والضيف (¬1) لم يقيد بالحاجة وهو الأصح عند الشافعية. 30 - باب وقف الأرض للمسجد 2774 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - «لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة أمر بالمسجد وقال: يا بني النجار ثامنوني بحائطكم هذا، فقالوا: لا والله لا نطلب ثمنه إلا إلى الله» (¬2). 31 - باب وقف الدواب والكُراع والعروض والصامت وقال الزهري فيمن جعل ألف دينار في سبيل الله، ودفعها إلى غلام له تاجر يتجر بها، وجعل ربحه صدقة للمساكين والأقربين، هل للرجل أن يأكل من ربح تلك الألف شيئًا وإن لم يكن جعل ربحها صدقة في المساكين؟ قال: ليس له أن يأكل منها (¬3). ¬

(¬1) الوقف على الأغنياء إن كان لحاجة مجاهدين أو يقومون على النفقة لطلبة العلم. * سألت الشيخ: عن الوقف على الذرية؟ فقال: الأحسن تركه يقف على الصفة، ورآه الشيخ محمد بن عبد الوهاب. (¬2) كانت أرضًا بها قبور المشركين وبعض النخل، فقلع النخل، ونبشت القبور؛ كل ذلك للمصلحة، وكما قطع نخيل بني النضير لما كانوا يستترون به فأنزل الله {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ} نوع من الشجر؛ وفيه: نبش قبور المشركين للحاجة، أما قبور المسلمين فلا تنبش إلا لضرورة. (¬3) الأصل لا يأكل منه، لكن يأكل من الربح.

32 - باب نفقة القيم للوقف

2775 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن عمر حمل على فرس له في سبيل الله أعطاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - له فحمل عليها رجلًا، فأُخبر عمر أنه قد وقفها يبيعها، فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبتاعها فقال: «لا تبتعُها، ولا ترجعنَّ في صدقتك» (¬1). 32 - باب نفقة القيَّم للوقف 2776 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تقتسم ورثتي دينارًا ولا درهمًا، ما تركت - بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي - فهو صدقة» (¬2). 33 - باب إذا وقف أرضًا أو بئرًا أو اشترط لنفسه مثل دلاء المسلمين ووقف أنس دارًا، فكان إذا قدم نزلها. وتصدَّق الزبير بدوره وقال للمردودة من بناته (¬3): أن تسكن غير مضرة ولا مُضر بها، فإن استغنت بزوج فليس لها حق. وجعل ابن عمر نصيبه من دار عمر سُكنى لذوي الحاجات من آل عبد الله. 2778 - عن أبي عبد الرحمن «أن عثمان - رضي الله عنه - حيث حُوصر أشرف عليهم وقال: أنشدُكم الله، ولا أنشد إلا أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -: ألستم تعلمون ¬

(¬1) ومثله الهبة، وصوابه: لا تبتعها. * الواقف إن ولي وقفه هل يأخذ شيئًا على عمله؟ يعمه قول عمر: لا جناح على من وليها أن يأكل بالمعروف، مثل ما ذكره الفقهاء. (¬2) الأنبياء لا يورثون لأن الله يعثهم لإصلاح أمر الدين، ولم يبعثهم لجمع الدنيا. (¬3) المطلقة، فإن كانت متزوجة لا، فإن طلقت تأكل

36 - باب قضاء الوصي ديون الميت بغير محضر من الورثة

أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: من حفرَ رُومة فله الجنة، فحفرتها؟ ألستم تعلمون أنه قال: من جهَّز جيش العسرة فله الجنة، فجهَّزته؟ قال فصدَّقوه بما قال. وقال عمر في وقفه: لا جُناح على من وليه أن يأكل، وقد يليه الواقف وغيره، فهو واسع لكل» (¬1). 36 - باب قضاء الوصيَّ ديون الميت بغير محضر من الورثة 2781 - عن جابر بن عبد الله الأنصاري - رضي الله عنهما - «أن أباه استشهد يوم أحد وترك ست بنات وترك عليه دينًا، فلما حضره جذاذ النخل أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا رسول الله قد علمت أن والدي استُشهد يوم أحُد وترك عليه دينًا كثيرًا، وإني أحبُّ أن يراك الغُرماء. قال: اذهب فبيدر كل تمر على ناحية. ففعلت، ثم دعوته، فلما نظروا إليه أغروا بي تلك الساعة، فلما رأى ما يصنعون طاف حول أعظمها بيدرًا ثلاث مرات، ثم جلس عليه ثم قال: ادع أصحابك، فما زال يكيل لهم حتى أدى الله أمانة والدي، وأنا والله راض أن يؤدي الله أمانة والدي ولا أرجع إلى أخواتي تمرة، فسلم والله والبيادر كلها حتى أني أنظر إلى البيدر الذي عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كأنه لم ينقص تمرة واحدة» (¬2). ¬

(¬1) وسألت الشيخ: قوله مع بلوى تصيبه، أليس القتل؟ قال: بلى. قلت: ألم يُقتل عمر؟ قال: بلى. قلت: فلِمَ لمْ يقل: مع بلوى تصيبه؟ قال: لا يلزم لأن فتنة قتل عثمان صاحبها أمور. (¬2) هذا من آيات الله الدالة على صدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وغرماء جابر يهود، وسألهم أن يسامحوا أباه فرفضوا.

تمت قراءة هذا الجزء في يوم الخميس 19/ 6/1413 هـ في يوم الأحد 20/ 6/1413 هـ فاستغرقنا سنة كاملة ولله الحمد

56 - كتاب الجهاد والسير

56 - كتاب الجهاد والسير 1 - باب فضل الجهاد والسير 2782 - عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلت: يا رسول الله أي العمل أفضل؟ قال: «الصلاة على ميقاتها». قلت: ثم أي؟ قال: «ثم بر الوالدين». قلت: ثم أي؟ قال: «الجهاد في سبيل الله». فسكتُّ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولو استزدته لزادني» (¬1). 2783 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونيَّة، وإذا استُنفرتم فانفروا» (¬2). 2784 - عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: يا رسول الله، نرى الجهاد أفضل العمل، أفلا نجاهد؟ قال: «لكُنَّ أفضل الجهاد حجٌ مبرور» (¬3). 2785 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: دُلَّني على عمل يعدل الجهاد. قال: لا أجده. قال: هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك فتقوم ولا تفتُر، وتصوم ولا تُفطر؟ قال: ومن يستطيع ذلك؟ قال أبو هريرة: إن فرس المجاهد ليستنُّ في طوله، فيُكتب له حسنات» (¬4). ¬

(¬1) هذا يبين عظم شأن بر الوالدين، ولو كانا كافرين، حيث قُدَّمَ على الجهاد. (¬2) والمعنى بعد فتح مكة، فلا هجرة منها، والباقي الجهاد ونية الخير، وإذا استنفرتم وجب النفير .. وهكذا كل بلد يفتحه المسلمون. (¬3) به تلاقي امر اسمه خيارات الملاحظة عني في حق النساء. نُرى: نعتقد. نَرى: نظن. (¬4) ما روي مرفوعًا؟ قال: بلى في الصحيح (بعدما سألته).

2 - باب أفضل الناس مؤمن مجاهد بنفسه وماله في سبيل الله

2 - باب أفضل الناس مؤمن مجاهد بنفسه وماله في سبيل الله 2786 - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قيل يا رسول الله أي الناس أفضل؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مؤمن (¬1) يجاهد في سبيل الله بنفسه وماله». قالوا: ثم من؟ قال: «مؤمن في شعب من الشعاب يتقي الله ويدع الناس من شرَّه (¬2) والله أعلم بمن يُجاهد في سبيله - كمثل الصائم القائم. وتوكل الله للمجاهد في سبيله بأن يتوفاه (¬3) أن يُدخله الجنة أو يرجعه سالمًا مع أجر أو غنيمة». 3 - باب الدعاء بالجهاد والشهادة للرجال والنساء 2788، 2789 - عن إسحاق بن أبي طلحة عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأطعمته وجعلت تَفلي (¬4) رأسه، فنام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم استيقظ وهو يضحك، ¬

(¬1) هذا فيه فضل الجهاد مع الإيمان، وأما بدونه لا ينفع. (¬2) هذا محمول عند أهل العلم في وقت الفتن والهرج وعند الحاجة، وأما كونه مع المؤمنين أفضل فيما سوى ذلك. (¬3) المعروف في الرواية: إن توفاه. (¬4) هي خالته من الرضا، فهي من محارمه. قلت: وأطال العيني الكلام عند هذا، وابن حجر وفي (الإصابة) في ترجمتها.

4 - باب درجات المجاهدين في سبيل الله

قالت: فقلت: وما يُضحك يا رسول الله؟ قال: «ناس من أمتي عُرضوا عليَّ غزاة في سبيل الله، يركبون ثبَجَ هذا البحر ملوكًا على الأسرة - أو مثل الملوك على الأسرَّة، شك إسحاق -» قالت: فقلت: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم، فدعا لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ثم وضع رأسه، ثم استيقظ وهو يضحك. فقلت: ما يضحكك يا رسول الله؟ قال: «ناس من أمتي عُرضوا عليَّ غزاة في سبيل الله» - كما قال في الأول - قالت: قلت: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم، قال: «أنت من الأولين». فركبَت البحر في زمن معاوية بن أبي سفيان فصُرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت». 4 - باب درجات المجاهدين في سبيل الله 2790 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من آمن بالله وبرسوله وأقام الصلاة وصام رمضان كان حقًا على الله أن يُدخله الجنة، جاهد في سبيل الله أو جلس في أرضه التي وُلد فيها» (¬1). فقالوا: يا رسول الله، أفلا نُبشَّر الناس؟ قال: «إن في الجنة مائة درجة أعدَّها الله للمجاهدين في سبيل الله ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة ... - أراه قال: وفوقه عرش الرحمن - ومنه تفجَّر أنهار الجنة» ¬

(¬1) فلو لم يجاهد دخل الجنة، فالجهاد أصله من العبادات غير الواجبة إلا بأسباب، فهذا محمول على عدم وجود أسباب الجهاد. * الجهاد فرض كفاية مع القدرة، وعند التعيين فرض عيني مع القدرة.

5 - باب الغدوة والروحة في سبيل الله، وقاب قوس أحدكم في الجنة

5 - باب الغدوة والرَّوحة في سبيل الله، وقاب قوس أحدكم في الجنة 2793 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لقاب قوس في الجنة خير مما تطلُعُ عليه الشمس وتغرب. وقال: لغدوة أو روحة في سبيل الله خير مما تطلُعُ عليه الشمس وتغرُب» (¬1). 6 - باب الحور العين وصفتهن 2796 - عن أنس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لروحة في سبيل الله أو غدوة خير من الدنيا وما فيها، ولقاب قوس أحدكم من الجنة أو موضوع قيد - يعني سوطه - خير من الدنيا وما فيها. ولو أن امرأة من أهل الجنة اطَّلعت إلى أهل الأرض لأضاءت ما بينهما ولملأته ريحًا، ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها» (¬2). 7 - باب تمني الشهادة 2797 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «والذي نفسي بيده، لولا أن رجالًا من المؤمنين لا تطيب أنفسهم أن يتخلَّفوا عني، ولا أجد ما أحملهم عليه، ما تخلَفتُ عن سرية تغدو في سبيل الله، والذي نفسي بيده لوددت أني أُقتل في سبيل الله ثم أحيا، ثم أُقتل ثم أحيا، ثم أُقتل ثم أحيا، ثم أُقتل» (¬3). ¬

(¬1) هذا يدل على فضل الجنة ولو كان قدر قليل نعيم مقيم بعيد عن الحياة المنغصة، فكيف ويعطي المنازل العظيمة؟ (¬2) هذه كله يبين نعيم الجنة وأنه شيء لا يقارب الدنيا ولا يدانيها، وهذه صفات لا تدور بالخيال. (¬3) وما ذاك إلا لفضل الشهادة، ولأن الجهاد نصر للحق ودفاع عن الحق

8 - باب فضل من يصرع في سبيل الله فمات فهو منهم

2798 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب، ثم أخذها عبد الله بن رواحة فأصيب، ثم أخذها خالد بن الوليد عن غير إمرة ففُتح له. وقال: ما يسرُّنا أنهم عندنا» (¬1). أول قال: «ما يسرُّهم أنهم عندنا، وعيناه تذرفان». 8 - باب فضل من يُصرع في سبيل الله فمات فهو منهم 2799، 2800 - عن أنس بن مالك عن خالته أم حرام بنت مِلحان قالت: نام النبي - صلى الله عليه وسلم - يومًا قريبًا مني ... الحديث ... فخرجت مع زوجها عُبادة بن الصامت غازيًا أول ما ركب المسلمون البحر مع معاوية، فلما انصرفوا من غزوتهم قافلين فنزلوا الشام فقُربت إليها دابة لتركبها فصرعتها فماتت» (¬2). 9 - باب من يُنكبُ في سبيل الله 2801 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - أقوامًا من بني سُليم إلى بني عامر في سبعين، فلما قدموا قال لهم خالي: أتقدَّمكم، فإن أمَّنوني حتى أُبلَّغهم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإلا كنتم مني قريبًا. فتقدم فأمَّنوه، فبينما يحدَّثُهم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أومُئوا إلى رجل منهم فطعنه فأنفذه، فقال: الله أكبر، فُزت وربَّ الكعبة. ثم مالوا على بقية أصحابه فقتلوهم إلا رجل أعرج صعد الجبل، قال همام: وأراه آخر معه، فأخبر جبريل - عليها السلام - النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهم قد لقوا ربَّهم فرضي عنهم وأرضاهم؛ فكنا نقرأ (¬3). أن بلَّغوا قومنا أن قد لقينا ربَّنا فرضي عنا وأرضانا، ثم نُسخ ¬

(¬1) لما وجدوه من النعيم، وهذا في غزوة تبوك. (¬2) - رضي الله عنهما -. (¬3) قرآن نُسخ.

11 - باب قول الله - عز وجل -: {قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين} [التوبة: 52]

بعد، فدعا عليهم أربعين صباحًا؛ على رِعلٍ وذكوان وبني لحيان وبني عُصيَّة الذين عصَوا الله ورسوله». قال الحافظ: ... وفي الباب ما أخرجه أبو داود والحاكم والطبراني من حديث أبي مالك الأشعري مرفوعًا «من وقصه فرسه أو بعيره في سبيل الله أو لدغته هامة أو مات على أي حتف شاء الله فهو شهيد» (¬1). 11 - باب قول الله - عز وجل -: {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ} [التوبة: 52] 2804 - عن أبي سفيان بن حرب أن هرقل قال له: «سألتك كيف كان قتالكم إياه، فزعمت أن الحرب سجال ودول، فكذلك الرسل تُبتلى ثم تكون لهم العاقبة» (¬2). 12 - باب قول الله - عز وجل - {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 23] 2805 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: غاب عمَّي أنس بن النَّضر عن قتال بدر. فقال: يا رسول الله، غبت عن أول قتال قاتلت المشركين، لئن الله أشهدني قتال المشركين ليرين الله ما أصنع (¬3). فلما كان يوم أُحد وانكشف ¬

(¬1) لأنه مات في سبيل الله، لكن التغسيل ولواحقه يحصل له ما لم يمت بالمعركة. (¬2) صدق {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ .. } الآية. (¬3) أنس بن النضير لما انهزم الناس تقدم يقاتل حتى قُتل.

13 - باب عمل صالح قبل القتال

المسلمون قال: اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء ... الحديث». 2806 - وقال: «إن أُخته - وهي تسمى الرُّبيَّع - كسرت ثنية امرأة فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالقصاص، فقال أنس: يا رسول الله، والذي بعثك بالحق لا تُكسر ثنيَّتها، فرضوا بالأرش وتركوا القصاص، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره». (¬1). 13 - باب عمل صالح قبل القتال 2808 - عن البراء - رضي الله عنه - قال: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل مقنع بالحديد فقال: يا رسول الله، أُقاتل أو أُسلم؟ قال: «أسلم ثم قاتل». فأسلم ثم قاتلَ فقُتل. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «عمل قليلًا وأُجر كثيرًا» (¬2). 14 - باب من أتاه سهم غربٌ فقتله 2809 - عن أنس بن مالك أن أم الرُّبيَّع بنت البراء وهي أم حارثة بن سراقة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا نبيَّ الله ألا تحدَّثني عن حارثة - وكان قُتل يوم بدر أصابه سهم غربٌ - فإن كان في الجنة صبرت، وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء. قال: «يا أم حارثة، إنها جنان في الجنة، وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى» (¬3). ¬

(¬1) لاستقامته وحسن ظنه بالله، لا اعتراضًا. (¬2) ما عاش، صارت له الجنة والسعادة بدخوله في الإسلام وقتاله في سبيل الله. * في هذه الترجمة الحث على الاستقامة، والعدو يقاتَل بالعمل الصالح لا بالعدد وكثرة العُدد. (¬3) شهادة منه - صلى الله عليه وسلم - لحارثة بالجنة.

15 - من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا

15 - من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا 2810 - عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل للذكر، والرجل يقاتل ليُرى مكانه، فمن في سبيل الله؟ قال: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله» (¬1). 16 - باب من اغبرَّت قدماه في سبيل الله 2811 - عن عبد الرحمن بن جبير أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما غبرَّنا قدما عبد في سبيل الله فتمسَّه النار» (¬2). 17 - باب مسح الغبار عن الرأس في سبيل الله 2812 - عن عكرمة أن ابن عباس قال له ولعليَّ بن عبد الله: ائتيا أبا سعيد فاسمعا من حديثه. فأتيا وهو وأخوه في حائط لهما يسقيانه، فلما رآنا جاء فاحتبى وجلس فقال: «كنا ننقل لبن المسجد لبنة لبنة، وكان عمَّار ينقل لبنتين لبنتين (¬3)، فمرَّ به النبي - صلى الله عليه وسلم - ومسح عن رأسه الغبار (¬4) وقال: ¬

(¬1) فيه الحث على الإخلاص. (¬2) هذا من أحاديث الرجاء والوعد، ولو لم يقتل. (¬3) لرغبته في الخير. (¬4) مسح الغبار لا بأس به ولو تنظف، وفيه الحث على طلب العلم كما فعل ابن عباس مع ابنه، وفيه الاشتغال بطلب الرزق ولو كان ما كان، وفيه فضل عمار. * قلت: وعند مسلم في صحيحه (4/ 2235) حديث رقم (2915) أن هذا وقع في حفر غزوة الخندق، فليحرر.

19 - باب فضل قول الله تعالى {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون (169) فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من

ويح عمار تقتله الفئة الباغية، عمار يدعوهم إلى الله ويدعونه إلى النار». 19 - باب فضل قول الله تعالى {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 169 - 171]. 2815 - ع جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - يقول: «اصطبح ناس الخمر (¬1) يوم أحد، ثم قُتلوا شهداء، فقيل لسفيان: من آخر ذلك اليوم؟ قال: ليس هذا فيه». 20 - باب ظلَّ الملائكة على الشهيد 2816 - عن جابر قال: «جيء بأبي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد مُثَّل به ووضع بين يديه، فذهب أكشف عن وجهه، فنهاني قومي، فسمع صوت نائحة، فقيلك ابنه عمرو - أو أخت عمرو - فقال: لم تبكي، أو لا تبكي، ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها» (¬2). 23 - باب من طلب الولد للجهاد 2819 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «قال سليمان بن داود - رضي الله عنه -: لأطوفن الليلة على مائة امرأة - أو تسع ¬

(¬1) لا يضرهم ذلك؛ فإن الخمر لم تحرَّم بعد. (¬2) وغسلته الملائكة في حديث آخر، وهو والد جابر بن عبد الله (ثم ذكر الشيخ تغسيله ظنًا).

24 - باب الشجاعة في الحرب والجبن

وتسعين - كلُّهن يأتي بفارس يجاهد في سبيل الله. فقال له صاحبه (¬1): قل إن شاء الله، فلم يقل (¬2) إن شاء الله، فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة جاءت بشقَّ رجل (¬3). والذي نفس محمد بيده لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فُرسانًا أجمعون». 24 - باب الشجاعة في الحرب والجُبن 2820 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس وأشجع الناس وأجود الناس. ولقد فزع أهل المدينة، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - سبقهم على فرس، وقال: «وجدناه بحرا» (¬4). 25 - باب ما يُتعوَّذ من الجبن 2822 - عن عمرو بن ميمون الأوديَّ قال: «كان سعد يُعلَّم بنيه هؤلاء الكلمات كما يُعلم المعلم الغلمان الكتابة ويقول: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يتعوذ منهن دُبُر الصلاة: اللهم إني أعوذ بك (¬5) من الجُبن، وأعوذ بك أن أُرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من عذاب ¬

(¬1) مَلَك، قرينه من الملائكة، وقد أباح الله لهم عددًا كثيرًا. (¬2) نسيانًا. (¬3) آية وعبرة. (¬4) ما وجد شيئًا، ووجد الفرس سريعًا. (¬5) في الرواية الأخرى زيادة البخل، وكان يقولها في آخر الصلاة في التشهد الأخير. * قلت: زيادة البخل ثابتة في كتاب الدعوات من الصحيح.

26 - باب من حدث بمشاهده في الحرب

القبر. فحدَّثت به مصعبًا فصدَّقه». 26 - باب من حدَّث بمشاهده في الحرب 2824 - عن السائب بن يزيد قال: «صبحتُ طلحة بن عُبيد الله وسعدًا والمقداد بن الأسود وعبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنهم -، فما سمعت أحدًا منهم يحدَّث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا أني سمعت طلحة يحدَّث عن يوم أحد» (¬1). قال الحافظ: ... كان كثير من كبار الصحابة لا يحدثون عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خشية المزيد والنقصان، وقد تقدم بيان ذلك في العلم، وأما تحديث طلحة فهو جائز إذا أمن الرياء والعجب (¬2). 27 - باب وجوب النفير (¬3)، وما يجب من الجهاد والنية وقول الله - عز وجل -: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (41) لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ} [التوبة: 41، 42]. وقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ - إلى قوله - عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التوبة: 38، 39]. يُذكر عن ابن عباس: «انفروا ثُبات: سرايا متفرَّقين» ويقال: واحد الثُّبات ثُبة. ¬

(¬1) لعل مقصودة: يتحرزون ولا يتحدثون إلا عند الحاجة، خشية الغلط. (¬2) والرياء بعيد عنهم. (¬3) إذا استنفرهم الإمام نفروا.

29 - باب من اختار الغزو على الصوم

29 - باب من اختار الغزو على الصوم قال الحافظ: ... وفيه [أبو طلحة] أنه كان لا يرى بصيام الدهر بأسًا (¬1). 30 - باب الشهادة سبع سوى القتل قال الحافظ: ... وفيه «الشهداء سبعون سوى القتل في سبيل الله» فذكر زيادة على حديث أبي هريرة الحريق، وصاحب ذات الجنب، والمرأة تموت بجمع (¬2). 31 - باب قول الله - عز وجل - {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ - إلى قوله - غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 95، 96] 2832 - عن سهل بن سعد الساعدي أنه قال: «رأيت مروان بن الحكم جالسًا في المسجد فأقبلت حتى جلست إلى جنبه، فأخبرنا أن زيد بن ثابت أخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أملى عليَّ {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} قال فجاءه ابن أمَّ مكتوب وهو يملُّها عليَّ فقال: ¬

(¬1) يدل على أنه ما بلغه النهي عن صيام الدهر. (¬2) الفاسق قد يكون شهيدًا، يشهد له للنص ويصيبه بفسقه. * وقال الشيخ: ينبغي أن يجمع الشهداء في مؤلفٍ، وأنتم أحق بذلك. قلت: يعني تلاميذه. * المرأة إذا حاضت هل يكتب لها كا كانت تعمل في طهرها؟ يرجى لها هذا إن نوت الخير (بعد ما سألته).

32 - باب الصبر عند القتال

يا رسول الله لو أستطيع الجهاد لجاهدت - وكان رجلًا أعمى - فأنزل الله تبارك وتعالى على رسوله - صلى الله عليه وسلم - فخِذُهُ على فخِذِي. فثقُلت عليَّ حتى خِفتُ أن ترضَّ فخِذي. ثم سُرَّي عنه، فأنزل الله - عز وجل -: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} (¬1). 32 - باب الصبر عند القتال 2833 - عن سالم أبي النَّضر أن عبد الله بن أبي أوفى كتب فقرأته إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا لقيتموهم فاصبروا» (¬2). 34 - باب حفر الخندق 2835 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: «جعل المهاجرون والأنصار يحفرون الخندق حول المدينة وينقلون التراب على متونهم (¬3) ويقولون: نحن الذين بايعوا محمدًا على الجهاد ما بقينا أبدا والنبي - صلى الله عليه وسلم - يجيبهم ويقول: اللهم أنه لا خير إلا خيرُ الآخرة، فبارك في الأنصار والمهاجرة. 36 - باب فضل الصوم في سبيل الله 2480 - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - ¬

(¬1) جعل الله جل وعلا المعذور شريكًا للعامل، إن صحت نيته. (¬2) والصابرين في السراء والضراء وحين البأس ... وحين البأس عند القتال فلا بد من الصبر، وذكرَ الصبر في نحو تسعين موضعًان قاله بعضهم. (¬3) وهذا من مناقب الصحابة وعلو مرتبتهم، وفيه الأخذ بالأسباب وإن كانوا موعودين بالنصر، وكان هذا في سنة خمس للهجرة

37 - باب فضل النفقة في سبيل الله

يقول: «من صام يومًا (¬1) في سبيل الله بعَّد الله وجهه عن النار سبعين خريفًا». 37 - باب فضل النفقة في سبيل الله (¬2) 2842 - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام على المنبر فقال: «إنما أخشى عليكم من بعدي ما يُفتَح عليكم من بركات الأرض. ثم ذكر زهرة الدنيا فبدأ بإحداهما وثنى بالأخرى. فقام رجل فقال: يا رسول الله، أوَيأتي الخير بالشرّ؟ فسكت عنه النبي - صلى الله عليه وسلم -، قلنا يُوحى إليه، وسكت الناس كأن على رؤوسهم الطير. ثم إنه مسح عن وجهه الرُّحضاء، فقال: أين السائل آنفًا؟ أوَخيرٌ (¬3) هو - ثلاثًا - إن الخير لا يأتي إلا بالخير. وإنه كل ما يُنبت الرَّبيع ما يقتل حَبَطًا أو يُلمُّ، أكلت حتى امتدَّت خاصرتاها استقبلت الشمس فثلطت وبالت ثم رتعت. وإن هذا المال خضرة حلوة، ونعم صاحب (¬4) المسلم لمن أخذه بحقَّه فجعله في سبيل الله واليتامى ¬

(¬1) حمله قوم على الجهاد وقالوا: إذا كان الصوم لا يشق عليه ولا يضعفه حيث جمع بين الصبرين، وقال بعضهم: معنى في سبيل الله: في طاعته ولأجله، وهذا محتمل، وظاهر اختيار المصنف الأول لكن إن كان يضعفه يفطر ولهذا قال في غزوة الفتح: أولئك العصاة. (¬2) لأن أعظم النفقة نفقة الجهاد. (¬3) معناه قد يكون خيرًا وقد يكون شرًا {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى}. (¬4) قلت: «وفيه نعم المال الصالح للرجل الصالح» رواه أحمد عن عبد الله ابن عمرو بإسناد جيد.

38 - باب فضل من جهز غازيا أو خلفه بخير

والمساكين ومن لم يأخذها بحقه فهو كالآكل الذي لا يشبع، ويكون عليه شهيدًا يوم القيامة». 38 - باب فضل من جهَّز غازيًا أو خلَفَهُ بخير 2844 - عن أنس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يدخل بيتًا بالمدينة غير بيت أم سُليم، إلا على أزواجه، فقيل له، فقال: «إني أرحمُها، قُتل أخوها معي» (¬1). 39 - باب التحنيط عند القتال قال الحافظ: .... واستدل به على أن الفخذ ليست عورة (¬2)، وقد مضى البحث فيه في أوائل كتاب الصلاة. 41 - باب هل يُبعث الطليعة وحده 2847 - عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: ندب النبي - صلى الله عليه وسلم - الناس - قال صدقةُ أظنُّه يوم الخندق - فانتدب الزبير، ثم ندب الناس فانتدب الزبير، ثم ندب الناس فانتدب الزبير، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن لكل نبيَّ حواريًا، وحواريَّ الزبير بن العوام» (¬3). ¬

(¬1) من باب الإحسان لها لما قتل أخوها معه. (بعدما سألت الشيخ ما مناسبته للترجمة). (¬2) الصواب أنهما عورة. (¬3) منقبة له راضي الله عنه.

42 - باب سفر الاثنين

42 - باب سفر الاثنين 2848 - عن مالك بن الحويرث قال: انصرفت من عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لنا - أنا وصاحب لي -: «أذَّنا وليَؤمّكما أكبركما» (¬1). قال الحافظ: قال الطبري: ... وليس بحرام فالسائر وحده في فلاة وكذا البائت في بيت وحده (¬2) لا يأمن من الاستيحاش لاسيما إذا كان ذا وساوس رديئة .. ¬

(¬1) لكن جاء في رواية أخرى أنهما في جماعة وكانوا شببة متقاربين، فينبغي أن يكون السفر ثلاثة فأكثر. (¬2) قلت: جاء النهي عن أن يبيت الرجل وحده عند أحمد: حدثنا أبو عبيدة الحداد عن عاصم بن محمد عن أبيه عن ابن عمر وأبو عبيدة تفرد بهذا اللفظ وخالفه نحو تسعة من أصحاب عاصم لا يذكرونه بهذا اللفظ والمحفوظ «لو يعلم الناس ما في الوحدة ما سار راكب بليل وحده» نعم البيتوتة وحده من أفراد الوحدة فتدخل في العموم .. والله أعلم. وحديث الراكب شيطان رواه أحمد (2/ 186): ثنا حسين بن محمد ثنا مسلم بن خالد عن عبد الرحمن بن حرملة عن ابن عجلان عن عمرو بن شعيب. والترمذي 1674 حدثنا إسحاق بن موسى الأنصاري ثنا معن حدثنا مالك عن ابن حرملة به، وأبو داود ثنا القعنبي عن مالك به والنسائي عن قتيبة بن سعيد عن مالك به وابن خزيمة والحاكم. * الأقرب المنع إلا من حاجة والطرقات اليوم مسلوكة ومثل ما وقع لعبد الله ابن أنيس فالأصل المنع للواحد والاثنين إلا للحاجة والطرق الآن فيها الناس وإن تيسر معه أحد فهو أحوط وأفضل.

43 - باب الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة

43 - باب الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة 2851 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «البركة في نواصي الخيل» (¬1). 44 - باب الجهاد ماضٍ مع البَرَّ والفاجر لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة». 2852 - عن عروة البارقي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة: الأجر والمغنمَ» (¬2). 45 - باب من احتبس فرسًا في سبيل الله لقوله تعالى: {وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} 2853 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من احتبس فرسًا في سبيل الله، إيمانًا بالله وتصديقًا بوعده، فإن شبَعَه وريَّهُ وروثَهُ وبولَهُ في ميزانه يوم القيامة» (¬3). ¬

(¬1) الخيل قد تعود لها الحاجة لقوله إلى يوم القيامة، ويظهر من الأخبار أن الأمر سيعود كذلك، وأن هذه الآلات الجديدة سوف ينتهي منها ما يمنع الجهاد بالخيل، فينظر أن استعمالها والحمل عليها سيعود. (¬2) هذا تفسير الخير. (¬3) من احتبس خيلًا لآن؟ ليس هناك مانع، لكن الصدقة والنفقة على طلاب العلم أنفع؛ لأنه لم تظهر أسباب الانتفاع بها.

46 - باب اسم الفرس والحمار

46 - باب اسم الفرس والحمار 2856 - عن معاذ - رضي الله عنه - قال: كنت رِدف النبي - صلى الله عليه وسلم - على حمار يقال له عُفير، فقال: «يا معاذ، هل تدري حق الله على عباده وما حق العباد على الله؟ » قلت: الله ورسوله أعلم. قال: «فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يُشركوا به شيئًا، وحقُّ (¬1) العباد على الله أن يُعذَّب من لا يشرك به شيئًا»، فقلت: يا رسول الله أفلا أُبشر به الناس؟ قال: «لا تُبشَّرهم فيتَّكلوا» (¬2). 2857 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «كان فزع بالمدينة، فاستعار النبي - صلى الله عليه وسلم - فرسًا لنا يقال له مندوب، فقال: ما رأينا من فزع، وإن وجدناه لبَحْرًا» (¬3). 47 - باب ما يذكر من شُؤم الفرس 2859 - عن سهل بن سعد الساعدي - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن كان في شيء ففي المرأة والفرس والمسكن» (¬4). ¬

(¬1) حق تفضل وإحسان وكرم. (¬2) * لا بأس باستعمال الحُمُر في الركوب والانتفاع. وفيه بيان حق الله على العباد، وحق العباد على الله. (¬3) سريع السير قوي. * فيه مشاركته وتقدمه إلى العدو - صلى الله عليه وسلم - وشجاعته. (¬4) يعني ليس من الطيرة قد يكون الشؤم في بعض الأشياء فهذه الثلاثة قد لا تلائم صاحبها ويرى الشر فيها، وليس هذا من الطيرة، ولا يلزم عند بيع الدار الإخبار أنها مشؤومة فقد تكون مشؤومة في حالة دون غيره. * السيارات تقاس على الدواب؟ الله أعلم.

48 - الخيل لثلاثة

48 - الخيل لثلاثة 2860 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الخيل لثلاثة: لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر. فأما الذي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله فأطال في مرج أو روضة، فلما أصابت في طيَلها ذلك من المرج أو الروضة كانت له حسنات، ولو أنها قطعت طيلها فاستنَّت شرفا أو شرفين كانت أرواثها وآثارها حسنات له، ولو أنها مرَّت بنهر فشربت منه ولم يُرد أن يسقيها كان ذلك حسنات له. فأما الرجل الذي هي عليه وزر فهو رجل ربطها فخرًا ورياء ونواء لأهل الإسلام فهي وزر (¬1) على ذلك». وسُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الحُمر فقال: «ما أنزل علىَّ فيها إلا هذه الآية الجامعة الفاذَّة: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}» (¬2). 49 - من ضرب دابة غيره في الغزو 2861 - عن جابر بن عبد الله قال: «سافرت معه في بعض أسفاره .. (الحديث) .. يا جابر استمسك، فضربه (¬3) بسوطه ضربة، فوثب البعير ¬

(¬1) وهكذا من اتخذ السيارات أو الطائرات، من اتخذها للخير فهي له أجر، ومن اتخذ سترًا فكذلك، ومن اتخذها للأذى للمسلمين ولعدائهم فهي وزر، وينبغي إحسان النية في السيارات والأكل والشرب وغيره حتى تحصل البركة ويعظم الأجر. (¬2) مراد المؤلف بيان فضل الخيل، وفضل الله على عباده بهذه الدواب والبغال والحمير وسائر ما خلق. (¬3) إذا دعت الحاجة إلى ضرب الجمل ضربه، ومثله إلى إصلاح سيارته أو قيادتها عنه فهذا طيب، من أخلاق المؤمنين.

51 - باب سهام الفرس

مكانه، فقال: أتبيع الجمل؟ قلت: نعم، فلما قدمنا المدينة ودخل النبي - صلى الله عليه وسلم - المسجد في طوائف أصحابه، فدخلت عليه وعقلتُ الجمل في ناحية البلاط فقلت له: هذا جملُك. فخرج فجعل يُطيف بالجمل ويقول: الجمل جملنا. فبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - أواق من ذهب فقال: «أعطوها جابرًا. ثم قال: «استوفيت الثمن؟ » قلت: نعم. قال: الثمن والجمل لك (¬1)». 51 - باب سهام الفرس 2863 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل للفرس سهمين ولصاحبه سهمًا (¬2). وقال مالك: يُسهم للخيل والبراذين منها لقوله: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا} ولا يُسهم لأكثر من فرس. 52 - باب قادة دابَّة غيره في الحرب 2864 - عن أبي إسحاق قال رجل للبراء بن عازب - رضي الله عنه -: أفررتم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حُنين؟ قال: لكنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يفرَّ، إن هوازن كانوا قومًا رُماة، وإنما لما لقيناهم حملنا عليهم فانهزموا، فأقبل المسلمون على الغنائم، فاستقبلونا بالسَّهام، فأما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يفرَّ، فلقد رأيته وإنه لعلى بغلته البيضاء، وإن أبا سفيان اخذ بلجامها (¬3) والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب» (¬4). ¬

(¬1) فيه حسن خلقه - صلى الله عليه وسلم - وتواضعه، فينبغي للأمراء والعلماء التأسي به في محله. (¬2) يعني في الغنيمة، فصار ثلاثة أسهم. (¬3) يقهقرها عن العدو. (¬4) وهذا يوم حنين، أصاب المسلمين إعجاب بكثرتهم فأصابتهم الهزيمة، ثم رد الله الكرة لهم.

53 - باب الركاب، والغرز للدابة

53 - باب الرَّكاب، والغرز للدابة 2865 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان إذا أدخل رجله في الغرز واستوت به ناقته قائمة أهلَّ من عند مسجد ذي الحليفة» (¬1). 54 - باب ركوب الفرس العُرى 2866 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - «استقبلهم النبي - صلى الله عليه وسلم - على فرس عُرْىٍ (¬2) ما عليه سرج في عُنقه سيف». 55 - باب الفرس القطوف 2867 - عن أنس ابن مالك - رضي الله عنه - «أن أهل المدينة فزعوا مرة فركب النبي - صلى الله عليه وسلم - فرسًا لأبي طلحة كان يقطفُ- أو كان فيه قطاف- فلما رجع قال: وجدنا فرسكم هذا بحرًا، فكان بعد ذلك لا يُجارى» (¬3). 56 - باب السبق بين الخيل 2868 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: «أجري النبي - صلى الله عليه وسلم - ما ضُمَّر من الخيل من الحفياء إلى ثنيَّة الوداع، وأجرى ما لم يُضمَّر (¬4) من الثَّنيَّة إلى ¬

(¬1) كان يهل إذا ركب فيتهيأ في الأرض ويلبس، ثم إذا استوى وركب أهلّ، ورواية أهل في مصلاه ثم عند ركوبه ثم على البيداء، ضعيفة. (¬2) لا بأس بركوب الفرس ما عليه شيء لا سرج ولا غيره (¬3) أنزل الله فيه البركة بعدما ركبة النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان قبل بطيئًا فأصبح جيد السير. (¬4) من هيئت على ما يعرفه أهل الخبرة للسباق.

58 - باب غاية السباق للخيل المضمرة

مسجد بني زُرَيق. قال ابن عمر: وكنت فيمن أجرى» (¬1). 58 - باب غاية السباق للخيل المضمَّرة 2870 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: «سابق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الخيل التي قد ضُمرت، فأرسلها من الحفياء، وكان أمدُها ثنيَّة الوداع. فقلت لموسى: فكم كان بين ذلك؟ قال: ستة أميال أو سبعة. وسابق بين الخيل التي لم تضمَّر، فأرسلها من ثنيَّة الوداع، وكان أمدُها مسجد بني زريق. قلت: فكم بين ذلك؟ قال: ميل أو نحوه. وكان ابن عمر ممن سابق فيها» (¬2). قال الحافظ: ... وقد أجمع العلماء على جواز المسابقة بغير عوض، لكن قصرها مالك والشافعي على الخف والحافر والنصل، وخصه بعض العلماء بالخيل، وأجازه عطاء في كل شيء (¬3). ¬

(¬1) أجرى المسابقة ليعرف سابقها وجيدها من غيره، لأن الفائدة والقيمة تختلف. (¬2) ويجوز العوض منهما أو من أحدهما أو من متبرع أو من بيت المال، وحديث المُحلَّل ضعيف (من أدخل فرسًا ... إلخ) فيجوز ذلك كله. قلت وانظر مجموع الفتاوى (28/ 22). * السبق في مسائل العلم ما أجازه الشيخ شيخ الإسلام؟ (¬3) الصواب في الثلاثة فقط، دون غيرها.

60 - باب الغزو على الحمير

قال الحافظ: .. وهو أن يخرج كل منهما سبقًا فمن غلب أخذ السبقين فاتفقوا على منعه (¬1) 60 - باب الغزو على الحمير قال الحافظ: ... (باب الغزو على الحمير) (¬2). 62 - جهاد النساء 2876 - عن عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - سأله نساؤه عن الجهاد فقال: «نِعْمَ الجهادُ الحجُ» (¬3). 63 - باب غزو المرأة في البحر 2877 - 2878 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ابنة ملحان فاتَّكأ عندها، ثم ضحك، فقالت: لم تضحك يا رسول الله؟ فقال: «ناس من أمتي يركبون البحر الأخضر في سبيل الله، مثلهم ¬

(¬1) الاتفاق محل نظر، وأبو العباس نقل الخلاف واختار الجواز، ولو بدون محلل، وحديث التحليل ضعيف. (¬2) إذا دعت الحاجة إلى ذلك استفيد منها، تنفع أكثر من الرَّجلين تعينه على حمل المتاع. (¬3) وفي رواية: «عليكن جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة» فعليهن الحج والعمرة وبقية الطاعات، وفي لفظ «لكن أفضل الجهاد الحج المبرور» ولا مانع من الاستعانة بهن في حاجة الجهاد حاجة المجاهدين وإلا فهو على الرجال لأنهم أصبر.

64 - باب حمل الرجل امرأته في الغزو دون بعض نسائه

مثل الملوك على الأسرة». فقالت يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: «اللهم اجعلها منهم». ثم عاد فضحك، فقالت له مثل- أو ممَّ- ذلك، فقال لها مثل ذلك، فقال ادع الله أن يجعلني منهم، قال: «أنت من الأولَّين (¬1) ولست من الآخرين». قال: قال أنس فتزوَّجت عُبادة بن الصامت فركبت البحر مع بنت قِرظة، فلما قفلت ركبت دابَّتها، فوقصت بها، فسقطت عنها فماتت» (¬2). 64 - باب حمل الرجل امرأته في الغزو دون بعض نسائه 2879 - عن عائشة - رضي الله عنها - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يخرج أقرَعَ بين نسائه فأيتهن يخرج سهمها خرج بها النبي - صلى الله عليه وسلم - فأقرع (¬3) بيننا في غزوة غزاها، فخرج فيها سهمي، فخرجت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل (¬4) أن ينزل الحجاب» (¬5). ¬

(¬1) أعوان المجاهدين، ولهذا قال: أنت من الأولين، أي من المجاهدين الأول ويشاركونهم في الأجر والفضل. (¬2) غفر الله لها، الله المستعان. (¬3) هذه السَّنة القرعة إذا أراد السفر وأراد بعض النساء، والأقرب والله أعلم عند التشاح أما إن رضين بذلك فلا إشكال، ولكنه لم يكن يشاورهن في هذا ليزيل ما في أنفسهن وإنما استأذنهن في تمريضه عند عائشة لحاجته. (¬4) عند العيني بعد أن نزل الحجاب، وفي القراءة الأولى للبخاري صحح الشيخ بعد أن نزل الحجاب. (5) ولقول صفوان فخمرت وجهي وكان يراني قبل الحجاب فهذا صريح. (¬5) يعني عند التعرض لهن، مثل ما جرى لأم سليم يوم حنين.

65 - باب غزو النساء وقتالهن مع الرجال

65 - باب غزو النساء وقتالهن (¬1) مع الرجال 2880 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: «لما كان يوم أحد انهزم الناس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ولقد رأيت عائشة بنت أبي بكر وأمَّ سُليم وإنهما لمشمَّرتان أرى خدم سوقهن تنقُزان القربِ- وقال غيرة: تنقُلان القِرب- على متونهما ثم تُفرغانه في أفواه القوم، ثم ترجعان فتملآنها ثم تجيئان فتُفرغانه في أفواه القوم» (¬2). 67 - باب مداواة النساء الجرحى في الغزو 2882 - عن الربُّيِّع بنت مُعوَّذ قالت: «كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - نسقي، ونُداوي الجرحى، ونَرُدُّ القتلى إلى المدينة» (¬3). 68 - باب رَّد النساء الجرحى والقتلى قال الحافظ: .. وفيه جواز معالجة المرأة الأجنبية الرجل الأجنبي للضرورة (¬4). 70 - باب الحراسة في الغزو في سبيل الله 2885 - عن عائشة - رضي الله عنها - قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - سَهرَ، فلما ¬

(¬1) (¬2) رضي الله عنهن. (¬3) هذا من باب الاستعانة بهن، ويحتمل هذا قبل الحجاب، ويحتمل هذا بعد الحجاب مع التستر وعدم الخلوة والتحفظ، واحتج به أهل السفور والاختلاط، ولا حجة لهم، والسنة يفسر بعضها بعضًا. (¬4) عند الحاجة إلى ذلك من غير خلوة، وكذا لو اقتُحم عليها وعلى بيتها تدفع عن نفسها وعن أولادها.

71 - باب فضل الخدمة في الغزو

قدم المدينة قال: «ليت رجلًا من أصحابي يحرُسني الليلة»، إذ سمعنا صوت سلاح، فقال: «من هذا؟ » فقال: أنا سعد بن أبي وقاص جئت لأحرسك. فنام النبي - صلى الله عليه وسلم -» (¬1). 2887 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «تعس عبدُ الدينار وعبدُ الدرهم وعبدُ الخميصة: إن أُعطي رضيَ وإن لم يُعط سخط، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش. طوبي لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله، أشعثِ رأسه مُغبرة قدماه، إن كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة. إن استأذن لم يَؤذن له، وإن شفَعَ لم يُشفَّع» (¬2). 71 - باب فضل الخدمة في الغزو 2888 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «صبحت جرير بن عبد الله فكان يخدمني (¬3). وهو أكبر من أنس. قال جرير: إني رأيت الأنصار يصنعون شيئًا لا أجد أحدًا منهم إلا أكرمته» (¬4). ¬

(¬1) كل هذا من فعل الأسباب (وأعدوا لهم)، وهو موعود بالنصر عليه الصلاة والسلام واستقاموا على الأسباب الشرعية. (¬2) وهذا فيه الحث على الإخلاص والحذر من العمل لأجل الدنيا والرياء، بل يكون حرصه على أن يكون عمله مسددَا خالصًا لله - عز وجل -. (¬3) وهذا من علو خلق جرير رأى أن من خدم النبي - صلى الله عليه وسلم - جدير بأن يخدم، وفيه دلالة على خدمة الأفاضل بإعانتهم على شؤونهم. (¬4) اللهم ارض عنهم.

72 - باب فضل من حمل متاع صاحبه في السفر

2889 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: خرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى خيبر أخدمه، فلما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - راجعًا وبدا له أُحُدَّ قال: «هذا جبل يُحبنا ونُحبه» (¬1). ثم أشار بيده إلى المدينة قال: «اللهم إني أُحرَّم ما بين لابتيها كتحريم إبراهيم مكة، اللهم بارك لنا في صاعنا ومُدَّنا». 2890 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثرُنا ظلًا الذي يستظل بكسائه، وأما الذين صاموا فلم يعملوا شيئًا، وأما الذين أفطروا فبعثوا الرَّكاب. وامتهنوا وعالجوا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ذهب المفطرون اليوم بالأجر» (¬2). 72 - باب فضل من حمل متاع صاحبه في السفر قال الحافظ: .. والسلامي (¬3) تقدم تفسيره في الصلح مع بعض الكلام عليه. 73 - باب فضل رباط يوم في سبيل الله 2892 - عن سهل بن سعد الساعديَّ - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «رباط يوم في سبيل الله (¬4) خير من الدنيا وما عليها. وموضع سوط ¬

(¬1) بعض الجمادات قد يخصه الله بشيء {وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ}. (¬2) صبروا في الحرب والشدائد طاعة لله ورسوله فهكذا يفعل الأخيار. (¬3) السُلامى المفاصل، وفي حديث عائشة عند مسلم برقم 2330 «إن الله خلق ثلاثمائة وستين مفصلًا». (¬4) قلت: فضل الرباط أطال فيه ابن كثير عند آية آل عمران بآخرها في تفسيرها.

74 - باب من غزا بصبي للخدمة

أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها، والروحة يروحها العبد في سبيل الله أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها» (¬1). 74 - باب من غزا بصبي للخدمة (¬2) 2893 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأبى طلحة: «التمس لي غلامًا من غلمانكم يخدمني حتى أخرج إلى خيبر»، فخرج بي أبو طلحة مردفي وأنا غلام راهقت الحلم، فكنت أخدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا نزل، فكنت أسمعه كثيرًا يقول: «اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضلع الدين، وغلبة الرجال». ثم قدمنا خيبر، فلما فتح الله عليه الحصن ذكر له جمال صفية بنت حيي بن أخطب - وقد قتل زوجها، وكانت عروسًا - فاصطفاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لنفسه، فخرج بها حتى بلغنا سد الصهباء حلت، فبني بها، ثم صنع حيسًا في نطع صغير، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «آذن من حولك». فكانت تلك وليمة (¬3) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على صفية .... الحديث». ¬

(¬1) الله أكبر الله أكبر. (¬2) فيه فضل أنس لخدمته له - صلى الله عليه وسلم -، وفيه أن اللحم ليس بواجب في الوليمة إن تيسر «أولم ولو بشاة» أفضل وإلا فما وجد حيس وهو تمر وسمن وأقط. (¬3) الوليمة تشمل العرس وغيره للحديث «إذا دعي أحدكم إلى وليمة فليجب عرسًا كان أو نحوه» ورواه مسلم عن ابن عمر - رضي الله عنهما -.

75 - باب ركوب البحر

75 - باب ركوب البحر قال الحافظ: ... وفي حديث زهير بن عبد الله يرفعه «من ركب البحر إذا ارتج فقد برئت منه الذمة» وفى رواية «فلا يلومن إلا نفسه» أخرجه أبو عبيد في «غريب الحديث» وزهير مختلف في صحبته، وقد أخرج البخاري حديثه في تاريخه (¬1). قال الحافظ: .. قوله (هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم) في رواية النسائي «إنما نصر الله هذه الأمة بضعفتهم، -بدعواتهم وصلاتهم وإخلاصهم» (¬2). 77 - باب لا يقول (¬3) فلان شهيد قال أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الله أعلم بمن يجاهد في سبيله، والله أعلم بمن يكلم في سبيله». 2898 - عن سهل بن سعد الساعدي - رضي الله عنه - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التقى هو والمشركون فاقتتلوا، فلما مال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عسكره ومال الآخرون إلى عسكرهم ... (الحديث) قال فجرح الرجل جرحًا شديدًا، ¬

(¬1) (3/ 426) من طريقين عن أبي عمران عن زهير عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن طريق شعبة عن أبي عمران سمعت محمد بن زهير ابن أبي جبل عن النبي. (¬2) ورحمة الله بهم وما يقوم بقلوبهم. (¬3) في الشرح: لا يقال.

79 - باب اللهو بالحراب ونحوها

فاستعجل الموت (¬1)، فوضع نصل سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه، ثم تحامل على سيفه فقتل نفسه ... الحديث» (¬2). 79 - باب اللهو بالحراب ونحوها 2901 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «بينا الحبشة يلعبون عند النبي - صلى الله عليه وسلم - بحرابهم، دخل عمر فأهوى إلى الحصي فحصبهم بها، فقال: دعهم يا عمر». زاد على: حدثنا عبد الرازق أخبرنا معمر «في المسجد» (¬3). 80 - باب المجن ومن يترس بترس صاحبه 2903 - عن أبي حازم عن سهل قال: «لما كسرت بيضة النبي - صلى الله عليه وسلم - على رأسه وأدمي وجهه وكسرت رباعيته، وكان على يختلف بالماء في المجن وكانت فاطمة تغسله، فلما رأت الدم يزيد على الماء كثرة عمدت إلى ¬

(¬1) وقتل النفس من أسباب دخول النار، وهذا الرجل من المتوعدين بالنار، أما خلوده فحسب عقيدته. (¬2) هذا الحديث يدل على اعتبار الحقائق بين العبد وربه، وأن الناس ليس لهم إلا الظاهر، فمن قتل في سبيل الله فأمره على ظاهره وسريرته إلى الله، وقد تطلق فلان شهيد لأجل الأحكام. قلت: الحكم بالشهادة أليس حكمًا له بالجنة؟ قال: لا. (¬3) وهذا من العبادة من الأعمال الصالحة لا بأس به في المسجد وغير المسجد. * تعلم الرمي لا يحتاج إلى أذن من ولي الأمر، إلا إذا اشترط ولي الأمر الأذن خشية الضرر في ذلك.

81 - باب الدرق

حصير فأحرقتها وألصقتها على جرحه فرقًا الدم» (¬1). 2905 - عن علي - رضي الله عنه - قال: «ما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يفدي رجلًا بعد سعد، سمعته يقول: ارم فداك أبى وأمي» (¬2). قال الحافظ: ... وفى حديث علي جواز التفدية، وسيأتي بسط ذلك بأدلته وبيان ما يعارضه في كتاب الأدب (¬3) إن شاء الله تعالي. 81 - باب الدرق 2906 - عن عائشة - رضي الله عنها - «دخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعندي جاريتان تغنيان (¬4) بغناء بعاث، فاضطجع على الفراش وحول وجهه، فدخل أبو بكر فانتهرني وقال: مزمارة الشيطان عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فأقبل عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «دعهما». فلما غفل غمزتهما فخرجتا». 82 - باب الحمائل وتعليق السيف بالعنق 2908 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس، وأشجع ¬

(¬1) وهذا يوم أحد، فإذا كان الرسل يبتلون فهم الأسوة. (¬2) ارم فداك أبي وأمي فيه تشجيع الرماة، وفيه التفدية بالأبوين غير المسلمين، أما المسلمين فمحل نظر. * أبوا النبي - صلى الله عليه وسلم - ماتا في الجاهلية، وقول العيني أحياهما الله فآمنا باطل، والتفدية عند الجمهور جائزة على وجه الإكرام. (¬3) ذكر أن ابن أبى عاصم استوعب أدلة الجواز في كتاب آداب الحكماء وعند حديث رقم 6184. (¬4) الغناء يوم العيد بالدف لا بأس به.

83 - باب ما جاء في حلية السيوف

الناس. ولقد فزع أهل المدينة ليلة فخرجوا نحو الصوت فاستقبلهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد استبرأ الخبر وهو على فرس لأبي طلحة عري وفى عنقه السيف وهو يقول: لم تراعوا، لم تراعوا. ثم قال: «وجدناه بحرًا». أو قال: إنه لبحر» (¬1). 83 - باب ما جاء في حلية السيوف 2909 - عن أبي أمامة قال: «لقد فتح الفتوح قوم ما كانت حلية سيوفهم الذهب ولا الفضة، إنما كانت حليتهم العلابي والآنك والحديد» (¬2). 84 - باب من علق سيفه بالشجر في السفر عند القائلة 2910 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أخبره أنه غزا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل نجد، فلما قفل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قفل معه، فأدركتهم القائلة في واد كثير العضاة، فنزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتفرق الناس يستظلون بالشجر، فنزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحت شجرة وعلق بها سيفه، ونمنا نومة، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعونا، وإذا عنده أعرابي فقال: إن هذا اخترط على سيفي وأنا نائم، فاستيقظت وهو في يده سلتًا، فقال: من يمنعك مني؟ فقلت الله (ثلاثًا) (¬3). ولم يعاقبه وجلس». ¬

(¬1) جيد السير، وفيه شجاعته - صلى الله عليه وسلم - وإقدامه حيث سبقهم إلى الخبر. (¬2) اللهم أرض عنهم. (¬3) وهذا من حفظ الله لنبيه - صلى الله عليه وسلم -. فسقط السيف منه وفى رواية أخده النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: «من يمنعك منى؟ » قال لا أحد ولكن لا أقاتلك ولا أكون مع قوم يقاتلونك.

85 - باب لبس البيضة

85 - باب لبس البيضة 2911 - عن سهل - رضي الله عنه - أنه سئل عن جرح النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد فقال: «جرح وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - وكسرت رباعيته وهشمت البيضة على رأسه، فكانت فاطمة - رضي الله عنها - تغسل الدم وعلى يمسك. فلما رأت أن الدم لا يرتد إلا كثرة أخذت حصيرًا فأحرقته حتى صار رمادًا، ثم ألزقته (¬1)، فاستمسك الدم». 86 - باب من لم ير كسر السلاح عند الموت قال الحافظ: ... قوله (باب من لم ير كسر السلاح وعقر الدواب (¬2) عند الموت). 87 - باب تفرق الناس عن الإمام عند القائلة والاستظلال بالشجر 2913 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - أنه غزا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فأدركتهم القائلة في واد كثير العضاة، فتفرق (¬3) الناس في العضاة يستظلون بالشجر ... الحديث». 88 - باب ما قيل في الرماح 2914 - عن أبى قتادة - رضي الله عنه - أنه كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى إذا ¬

(¬1) فيه المعالجة بالشيء المعتاد. (¬2) من خصال الجاهلية، عمل لا يجوز. (¬3) وسئل عن حديث: تفرقكم من الشيطان؟ فقال: يحمل على بعض الأحوال. * التفرق لا بأس به عند الحاجة، لكن ينبغي أخذ الحذر والحيطة.

89 - باب ما قيل في درع النبي - صلى الله عليه وسلم - والقميص في الحرب

كان ببعض طريق مكة تخلف مع أصحاب له محرمين وهو غير محرم، فرأى حمارًا وحشيًا، فاستوي على فرسه، فسأل أصحابه أن يناولوه سوطه فأبوا، فسألهم، فسألهم رمحه (¬1) فأبوا، فأخذه ثم شد على الحمار فقتله، فأكل منه بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبى بعض، فلما أدركوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سألوه عن ذلك فقال: «إنما هي طعمة أطعمكموها الله». قال الحافظ: .. وجعلت الذلة والصغار على من خلف أمرئ، ومن تشبه بقوم فهو منهم «وأخرج أبو داود منه قوله «من تشبه بقوم فهو منهم» (¬2). قال الحافظ: ... وله شاهد مرسل بإسناد حسن أخرجه ابن أبي شيبة من طريق الأوزاعي عن سعيد بن جبلة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ... 89 - باب ما قيل في درع النبي - صلى الله عليه وسلم - والقميص في الحرب وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أما خالد فقد احتبس أدراعه في سيبل الله». 2915 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في ¬

(¬1) هذا هو الشاهد في استعمال الرمح، لأن المجاهد يطعن عدوه به. (¬2) الحديث لا بأس به. قلت: وهو أيضًا عند ابن أبي شيبة متصلًا ومرسلًا برقم 19401/ 4 ورقم 19437/ 4. وفى اللسان (3/ 25) سعيد بن جبلة عن طاووس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر الحديث، قال ابن أبي حاتم عن أبيه: شامي وقال محمد بن خفيف الشيرازي ليس هو عندهم بذاك. والمرسل منه عن الأوزاعي عن سعيد عن طاووس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والحديث جودة شيخ الإسلام في الاقتضاء. وشيخنا كما في فتاوية (12/ 21).

قبة: «اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك. اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم». فأخذ أبو بكر بيده فقال: حسبك يا رسول الله، فقد ألححت على ربك. وهو في الدرع (¬1)، فخرج وهو يقوم: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45) بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} [القمر: 45، 46]. 2916 - عن عائشة - رضي الله عنهما - قالت: «توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعًا من شعير». 2917 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مثل البخيل والمتصدق مثل رجلين عليهما جبتان من حديد قد اضطرت أيديهما إلى تراقيهما، فكلما هم المتصدق بصدقته اتسعت عليه حتى تعفى أثره، وكلما هم البخيل (¬2) بالصدقة انقبضت كل حلقة إلى صاحبتها وتقلصت عليه وانضمت يداه إلى تراقيه». فسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «فيجتهد أن يوسعها فلا تتسع» (¬3). ¬

(¬1) الدروع من الحديد من أسباب الوقاية، فالمجاهد يتخذ أسباب الوقاية كالبيضة. (¬2) وذكر شيخنا قصة عن شخص غني لم تطاوعه نفسه أن يخرج الزكاة حتى صعد على سطح بيت وقال: أنقذوني فجاءوا فقال لهم: خذوا الزكاة واصرفوها. (¬3) فيه الاجتهاد في الكرم. * فيه فوائد: جواز المداينة، فقد استدان وليس هذا غاضًا منه، وقد مات ودرعه مرهونة فما كان عنده أموال. وفيه جواز معاملة الكافر، وليس هذا من الموالاة.

90 - باب الجبة في السفر والحرب

90 - باب الجبة في السفر والحرب 2918 - عن المغيرة بن شعبة قال: «انطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحاجته، ثم أقبل، فتلقيته بماء - وعليه جبة شامية - فمضمض واستنشق، وغسل وجهه، فذهب يخرج يديه من كميه وكانا ضيقين، فأخرجهما من تحت، فغسلهما، ومسح برأسه وعلى خفيه» (¬1). 91 - باب الحرير في الحرب 2919 - عن قتادة عن أنس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص لعبد الله بن عوف والزبير في قميص من حرير من حكة كانت بهما» (¬2). 92 - باب ما يذكر في السكين 2923 - عن جعفر بن عمرو بن أمية الضميري عن أبيه قال: «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يأكل من كتف يحتز (¬3) منها، ثم دعي إلى الصلاة فصلي ولم يتوضأ». ¬

(¬1) وهذا في عزوة تبوك. * وفيه ليس الضيق عند الحاجة. (¬2) فيه ليس الحرير للرجال عن الحاجة، ولأن تحريمه لعارض، ولهذا أحل للنساء، ولهذا أجاز أربعة أصابع منه وهذا بخلاف المحرم تحريمًا عامًا، كالخمر فال يتداوى بها. (¬3) ولو فعله في حضرة الناس لا يعد جشعًا. * يدل على جواز استعمال السكين في تقطيع اللحوم، وفيه ترك الوضوء مما مست النار.

93 - باب ما قيل في قتال الروم

93 - باب ما قيل في قتال الروم 2924 - عن أم حرام أنها سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا»، قالت أم حرام: قلت يا رسول الله أنا فيهم؟ قال: أنت فيهم. ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم». فقلت: أنا فيهم يا رسول الله؟ قال: «لا» (¬1). 94 - باب قتال اليهود 2925 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يقاتلون اليهود حتى يختبئ أحدهم وراء الحجر فيقول: يا عبد الله، هذا يهودي ورائي فاقتله» (¬2). 95 - باب قتال الترك 2928 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا الترك، صغار الأعين حمر الوجوه، ذلف الأنوف، كأن وجوههم المجان (¬3) المطرقة. ولا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قومًا نعالهم الشعر». قال الحافظ: ... وكان خروجه (بابك الخرمي) في سنة إحدى ومائتين أو قبلها، وقتله في سنة اثنتين وعشرين (¬4). ¬

(¬1) تقدم أنت مع الأولين. (¬2) وهذا سوف يقع حين ينزل المسيح ويقاتل معه المسلمون. (¬3) بفتح الميم. (¬4) ويحتمل خروج التتار.

97 - باب من صف أصحابه عند الهزيمة ونزل عن دابته فاستنصر

97 - باب من صَفَّ أصحابه عند الهزيمة ونزل عن دابته فاستنصر 2930 - عن البراء- وسأله رجل: «أكنتم فررتم يا أبا عُمارة يوم حُنين- قال: لا والله، ما ولَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج شُبّان أصحابه وخفافهم حُسَّرًا ليس بسلاح، فأتوا قومًا رُماة جمعَ هوازن وبني نصر، ما يكاد يسقط لهم سهم، فرشقوهم رشقًا ما يكادون يُخطئون، فأقبلوا هنالك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو على بغلته البيضاء وابن الحارث بن عبد المطلب يقود به، فنزل واستنصر ثم قال: «أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب»، ثم صفَّ أصحابه» (¬1). 2932 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو في القنوت: اللهم أنج سلمة بن هشام، اللهم أنج الوليد بن الوليد، اللهم أنج عياش بن أبي ربيعة، اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مُضر، اللهم سنين كسني يوسف» (¬2). 2933 - عن عبد الله بن أبي أوفى - رضي الله عنهما - يقول: «دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الأحزاب على المشركين فقال اللهم مُنزل الكتاب، سريع الحساب، اللهم اهزم الأحزاب، اللهم اهزمهم وزلزلهم» (¬3). 2934 - عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُصلِّي في ظل ¬

(¬1) فيه الابتلاء، وأنه قد يقع للأخيار، كما وقع للنبي - صلى الله عليه وسلم - خير الناس، ولأصحابه خير الناس بعد الأنبياء. (¬2) للمسلمين أن يدعوا على عدوهم، ولهم أن يدعوا لهم بالهداية إذا كفوا شرهم، كقوله: اهد دوسًا. (¬3) فأجاب الله دعوته فهزمهم وزلزلهم.

100 - باب الدعاء للمشركين بالهدى ليتألفهم

الكعبة، فقال أبو جهل وناس من قريش، ونُحرت جزور بناحية مكة فأرسلوا من سلاها وطرحوه عليه، فجاءت فاطمة فألقته عنه، فقال اللهم عليك بقريش، اللهم عليك بقريش، اللهم عليك بقريش، لأبي جهل بن هشام وعُقبة (¬1) بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عُتبة وأُبيَّ بن خلف وعُقبة بن أبي مُعيط. قال عبد الله: فلقد رأيتهم في قَليب بدر قتلى. قال أبو إسحاق: ونسيتُ السابع. وقال يوسف بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق: «أمية بن خلف»، وقال شعبة «أمية أو أُبيٌّ» والصحيح أمية (¬2). 2935 - عن عائشة - رضي الله عنها - «أن اليهود دخلوا على - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: السامُ عليك، ولعنتُهم. فقال: ما لك؟ قلت: أولم تسمع ما قالوا؟ قال فلم تسمعي ما قلت: وعليكم» (¬3). 100 - باب الدعاء للمشركين بالهدى ليتألَّفهم قال الحافظ: ... وأنه - صلى الله عليه وسلم - كان تارة يدعو عليهم وتارة يدعو لهم، فالحالة الأولى حيث تشتد شوكتهم ويكثر أذاهم كما تقدم في الأحاديث التي قبل هذا بباب، والحالة الثانية حيث تؤمن غائلتهم ويرجى تألفهم كما في قصة دوس (¬4). ¬

(¬1) عتبة. (¬2) أُبيّ تأخر يوم أحد، وأمية قتل يوم بدر. (¬3) الأصلح الرفق. * الدعاء في محله لا بأس، وتركه في محله لا بأس، والرفق عند الدعوة أقرب للقبول. (¬4) وذكر شيخنا نحو هذا التفصيل.

101 - باب دعوة اليهود والنصارى وعلى ما يقاتلون عليه؟

101 - باب دعوة اليهود والنصارى وعلى ما يقاتلون عليه؟ 2939 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث بكتابه إلى كسرى، فأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين يدفعه عظيم البحرين إلى كسرى. فلما قرأه كسرى خرَّقه، فحسبت أن سعيد بن المسيب قال: فدعا عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يُمزَّقوا كل ممزَّق» (¬1). 102 - باب دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - الناس إلى الإسلام والنبوة 2941 - قال ابن عباس: فأخبرني أبو سفيان بن حرب أنه كان بالشام في رجال من قريش قدموا تجارًا في المدة التي كانت بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين كفار قريش ... (الحديث) ... فقال: كنتم تتهمونه على الكذب قبل أن يقول ما قال؟ قلت: لا. قال: فهل كان من آبائه من ملك؟ قلت: لا. قال: فأشراف الناس يتَّبعونه أم ضعفاؤهم؟ قلت: بل ضعفاؤهم. قال: فيزيدون أم ينقصون؟ قلت: بل يزيدون. قال: فهل يرتدُّ أحد سخطةً لدينه بعد أن يدخل فيه؟ قلت: لا (¬2). قال: فهل يغدِرُ؟ ... (الحديث) ... ولو أرجو أن أخلُص إليه لتجشَّمتُ لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت قدميه (¬3) ... (الحديث) ... قال أبو سفيان: والله ما زلت ذليلًا مُستيقنًا ¬

(¬1) وقد مزقوا كل ممزق، وأجاب الله دعوة نبيه، وتملك المسلمون بلاد الفرس بلدًا بلدًا. (¬2) ومن ارتد نادر، ولم يبلغ أبا سفيان (قاله الشيخ بعد سؤال أحدهم من ارتد بعد المعراج؟ ) (¬3) قد وقع ما قال، وملك ما تحت قدميه، وهذه الكلمات تدل على كبر عقله، وقد كاد أن يسلم لولا أنه شح بالولاية.

103 - باب من أراد غزوة فورى بغيرها، ومن أحب الخروج يوم الخميس

بأن أمره سيظهر حتى أدخل الله قلبي الإسلام وأنا كاره» (¬1). 2942 - عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول يوم خيبر: لأعطين الراية رجلًا يفتح الله على يديه، فقاموا يرجون لذلك أيهم يُعطى، فقال: أين عليٌ؟ فقيل: يشتكي عينيه، فأمر فدُعي له فبصق في عينيه فبرأ مكانه حتى كأنه لم يكن به شيء، فقال: نُقاتلهم حتى يكونوا مثلنا. فقال: على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعُهُم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم، فوالله لأن يهدى بك رجل واحد خير لك من حُمُر النَّعَم» (¬2). 2943 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا غزا قومًا لم يُغِرْ حتى يصبح، فإن سمع أذانًا أمسك، وإن لم يسمع أذانًا أغار بعد ما يصبح، فنزلنا خيبر ليلًا (¬3). 103 - باب من أراد غزوة فورَّى بغيرها، ومن أحبَّ الخروج يوم الخميس 2947 - عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب - رضي الله عنه - وكان قائد كعب من بنيه- قال: «سمعت كعب بن مالك حين تخلَّف عن رسول الله ¬

(¬1) رضي الله عنه ورحمه. (¬2) لأن العرب تعظمها، وهي خير أموالهم. وهذه من علامات النبوة، ومن فضائل على وفيه الدعوة إلى الله وفضلها. (¬3) إذا أَذّنوا علم منهم الإسلام ولم يكن بالقوم نفاق، أما الآن فقد يؤذِّن ويقول: لا إله إلا الله وهو يعبد البدوي ... فالله المستعان.

104 - باب الخروج بعد الظهر

- صلى الله عليه وسلم - ولم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريد غزوة إلا ورَّى (¬1) بغيرها». 2949 - عن كعب بن مالك أن كعب بن مالك - رضي الله عنه - كان يقول: «لقلما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخرج في سفر إلا يوم الخميس» (¬2). 104 - باب الخروج بعد الظهر 2951 - عن أنس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلَّى بالمدينة الظهر أربعًا، والعصر بذي الحليفة ركعتين، وسمعتهم يصرخون بهما جميعًا» (¬3). 106 - باب الخروج في رمضان (¬4) 2953 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رمضان فصام حتى بلغ الكَديدَ أفطر». 107 - باب التوديع 2954 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال: بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ¬

(¬1) هذا من المصالح للإسلام ومن الخدعة. (¬2) هذا هو الأفضل إن تيسر يوم الخميس. * التورية إن كانت لمصلحة لا بأس (قاله بعد سؤال أحدهم عن استخدامها في غير الحرب). * الحكمة في الخروج يوم الخميس؟ الله أعلم. (¬3) خرج ظهرًا يوم السبت، والأكثر يوم الخميس بكرةً. (¬4) المقصود أنه لا حرج في الخروج والسفر في رمضان للتجارة أو الجهاد أو غير ذلك، وإذا سافر أفطر.

108 - باب السمع والطاعة للإمام

بعث فقال لنا: «إن لقيتم فلانًا وفلانًا- لرجلين من قريش سماهما- فحرِّقوهما بالنار». قال: ثم أتيناه نودِّعه حين أردنا الخروج فقال: «إني كنت أمرتُكم أن تحرِّقوا فلانًا وفلانًا بالنار، وإن النار لا يُعذِّب (¬1) بها إلا الله، فإن أخذتموهما فاقتلوهما». 108 - باب السمع والطاعة للإمام 2956 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «السمع والطاعة حق، ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أُمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة» (¬2). 109 - باب يُقاتل من وراء الإمام، ويُتَّقى به 2956 - عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «نحن الآخرون (¬3) السابقون». 110 - باب البيعة في الحرب أن لا يفرُّوا، وقال بعضهم: على الموت 2958 - عن عمر - رضي الله عنه - «رجعنا من العام المقبل، فما اجتمع منا ¬

(¬1) فيه تحريم التعذيب بالنار، بل يكون بغيرها؛ ولهذا أمرهم بقتل الشخصين، وفيه التوديع للأهل والأصحاب: استودع الله دينكم وأمانتكم، وخواتيم أعمالكم. (¬2) وفي اللفظ الآخر: «فيما أحب وكره» والمقصود أنه على السمع ما لم يؤمر بمعصية؛ لأن بذلك صلاح الأمر. (¬3) الآخرون بعثًا والسابقون يوم القيامة. التأمير في السفر؟ هي الفائدة من تأميره يرجعون إليه.

111 - باب عزم الإمام على الناس فيما يطيقون

اثنان على الشجرة (¬1). التي بايعنا تحتها، كانت رحمة من الله. فسألنا نافعًا: على شيء بايعهم، على الموت؟ قال: لا، بل بايعهم على الصبر». قال الحافظ: ... كأنه أشار إلى أن لا تنافي بين الروايتين لاحتمال أن يكون ذلك في مقامين، أو أحدهما يستلزم الآخر (¬2). قال الحافظ: ... وكان فرضًا عليهم أن لا يفروا عنه حتى يموتوا (¬3) دونه. 111 - باب عزم الإمام على الناس فيما يُطيقون 2964 - قال عبد الله - رضي الله عنه - «لقد أتاني اليوم رجل فسألني عن أمر ما دريت ما أردُّ عليه فقال: أرأيت رجلًا مؤديًا نشيطًا يخرج مع أمرائنا في المغازي ... (الحديث) ... وإن أحدكم لن يزال بخير ما اتقى الله. وإذا شكَّ في نفسه شيء سأل رجلًا فشفاه منه، وأوشك أن لا تجدوه. والذي لا إله إلا هو، ما أذكر ما أذكر ما غبرَ من الدنيا إلا كالثَّغْب شُرب صفوهُ، وبقي كَدَرُه» (¬4). ¬

(¬1) وهذه الشجرة بلغ عمر - رضي الله عنه - أن بعض الناس يتحراها ويصلي عندها فقطعها، وفيه أن البيعة على الصبر وعدم الفرار لا على الموت، لأن الموت شيء آخر. (¬2) وذكر شيخنا الاحتمال الآخر بمعناه. (¬3) الدفاع عنه مسألة أخرى غير مسألتنا لأن على المسلمين أن يدفعوا عنه بكل شيء عليه الصلاة والسلام. (¬4) الله المستعان، الله المستعان.

112 - باب كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا لم يقاتل أول النهار أخر القتال حتى تزول الشمس

قال الحافظ: وأما توقف ابن مسعود عن خصوص جوابه وعدوله إلى الجواب العام فللإشكال الذي وقع له من ذلك .. ويستفاد منه التوقف في الإفتاء فيما أشكل من الأمر كما لو أن بعض الأجناد استفتى ... إلخ (¬1). 112 - باب كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا لم يُقاتل أول النهار أخَّر القتال حتى تزول الشمس 2965 - عن عبد الله بن أبي أوفى - رضي الله عنه - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض أيامه التي لقيَ فيها انتظر حتى مالت الشمس» (¬2). 113 - باب استئذان الرجل الإمام لقوله {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} [النور: 62]. 2967 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -: «غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال فتلاحق بي النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا على ناضح لنا قد أعيا فلا يكاد يسير، فقال لي: «ما لبعيرك؟ » قال قلت: أعيا ... (الحديث) ... قال: فلما ¬

(¬1) قلت: فبعض المسائل جوابها السكوت أو الجواب العام، وهذا منهج سلفي، وقرر شيخ الإسلام مثله، لاسيما زمن الفتن والهرج وغلبة الجهل وركوب الأهواء، فإذا أنكر عليك هذا مُنْكِر فالحماقة ما دواؤها؟ (¬2) الإمام والأمير يتحرى الأوقات المناسبة في أول النهار وقت النشاط والقوة فإذا لم يقاتل أجَّل حتى تزول الشمس يستعيد الناس النشاط بعد زوال الحر.

116 - باب مبادرة الإمام عند الفزع

قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة غدوت عليه بالبعير، فأعطاني ثمنه وردَّه عليَّ» (¬1). 116 - باب مبادرة الإمام عند الفزع عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: كان بالمدينة فزع، فركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرسًا لأبي طلحة فقال: «ما رأينا من شيء، وإن وجدناه لبَحْرًا (¬2)» (¬3). 119 - باب الجعائل والحُملان في السبيل 2971 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - «أن عمر بن الخطاب حمل على فرس في سبيل الله فوجده يُباع، فأراد أن يبتاعه فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: لا تَبتَعْه ولا تعد في صدقتك» (¬4). 2972 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لولا أن أشُقَّ على أمتي ما تخلَّفت عن سرية، ولكن لا أجد حمولة، ولا أجد ما ¬

(¬1) المقصود أن هذا من حسن خلقه وجوده - صلى الله عليه وسلم - رد عليه البعير والثمن وزاده، وحينما قال بعنيه ليتعلم الناس والأمة أنه لا حرج في المماكسة .. ولا حرج في رد السلعة مع الثمن. (¬2) جيّد السير، يعني الفرس بعد ما ركبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل الله فيه البركة. (¬3) دل على شجاعته العظيمة وإقدامه. (¬4) ما أخرجه لله لا يرجع فيه، ليس له أن يشتريه فلا يتعلق به، وما يعطي ليجاهد به يوضع عند أهله يأكل منه ما دام باشر الجهاد فيتصرف كيف شاء فيه.

120 - باب الأجير وقال الحسن وابن سيرين: يقسم للأجير من المغنم

أحملهم عليه، ويشُقُّ عليَّ أن يتخلَّفوا عني، ولوَددتُ أني قاتلت في سبيل الله فقُتلت ثم أُحييت، ثم قُتلت ثم أحييت» (¬1). 120 - باب الأجير وقال الحسن وابن سيرين: يُقسم للأجير من المغنم 2973 - عن صفوان بن يعلى عن أبيه - رضي الله عنه - قال: غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزوة تبوك فحملت على بكر، فهو أوثق أعمالي في نفسي، فاستأجرت أجيرًا فقاتل رجلًا فعض أحدهما الآخر، فانتزع يده من فيه ونزع ثنيَّته، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأهدرها فقال: «أيدفع يده إليك فتقضمها كما يقضم الفحل» (¬2). قال الحافظ: ... للأجير في الغزو حالان: إما أن يكون استؤجر للخدمة أو استؤجر ليقاتل، فالأول قال الأوزاعي وأحمد وإسحاق: لا يسهم له (¬3). ¬

(¬1) وهذا يدل على فضل الجهاد وأن له فضلًا عظيمًا. (¬2) يعني ظالم، فإذا يده ليتخلص فلا شيء عليه لو سقطت أسنانه، وإذا استؤجر ليقاتل؟ ليسهم له فهو مجاهد وهل له أجر؟ على حسب نيته. (¬3) الأقرب يسهم له إن كان يسوس فرسه ويعد طعامه فهذا يقوم بعمل مهم، فالأقرب كما قال الأكثر.

131 - باب ما قيل في لواء النبي - صلى الله عليه وسلم -

131 - باب ما قيل في لواء النبي - صلى الله عليه وسلم - 29774 - عن ثعلبة بن أبي مالك القرظي «أن قيس بن سعد الأنصاري - رضي الله عنه - وكان صاحب لواء (¬1) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أراد الحجَّ فرجَّل». 2975 - عن سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - قال: «كان عليٌّ - رضي الله عنه - تخلَّف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في خيبر، وكان به رَمَدٌ، فقال: أنا أتخلَّف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فخرج عليٌ فلحق النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما كان مساء الليلة التي فتحها في صباحها فقال رسول الله: لأُعطينَّ الراية- أو قال ليأخدن- غدًا رجل يحبُّه الله ورسوله، أو قال: يحبُّ الله ورسوله، يفتح الله عليه. فإذا نحن بعلي وما نرجوه. فقالوا: هذا عليٌ، فأعطاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ففتح الله عليه» (¬2). 2976 - عن نافع بن جبير قال: «سمعت العباس يقول للزبير - رضي الله عنهما -: هاهنا أمرَكَ النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تركُزَ الراية» (¬3). قال الحافظ: ... وأبين تعيين المكان المشار إليه وأنه الحجون، وهو بفتح المهلة وضم الجيم الخفيفة (¬4). ¬

(¬1) وهذا هو الشاهد. (¬2) شفاه الله في الحال، وفتح الله على يديه، وهذا من الآيات الدالة على صدق رسوله - صلى الله عليه وسلم -. (¬3) قيل الراية اللواء، وقيل بالفرق، ويسمونه الناس البيرق. (¬4) ركز الراية يوم فتح مكة.

122 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «نصرت بالرعب مسيرة شهر»

122 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «نصرت بالرعب مسيرة شهر» وقول الله - عز وجل -: {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ} [آل عمران: 151] قال جابر عن النبي: 2977 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «بعثتُ بجوامع الكلم، ونصرتُ بالرعب». فبينا أنا نائم أوتيت مفاتيح خزائن الأرض فوضعت في يدي قال أبو هريرة: وقد ذهب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنتم تنتثلونها» (¬1). 2978 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - «أن أبا سفيان أخبره أن هرقل أرسل إليه ... - وهم بإيلياء - ثم دعا بكتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما فرغ من قراءة الكتاب كثر عنده الصخب وارتفعت الأصوات وأخرجنا، فقلت لأصحابي حين أُخرجنا: لقد أمِر أمْر ابن كبشة (¬2)، إنه يخافه ملك بنى الأصفر». 123 - باب حمل الزاد في الغزو وقول الله - عز وجل -: «{وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197]. 2979 - عن أسماء - رضي الله عنها - قالت: «صنعت سفرة (¬3) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيت أبي بكر حين أراد أن يُهاجر إلى المدينة. قالت: فلم نجد لسفرته ولا لسقائه ما نربطهما به، فقلت لأبى بكر: والله ما أجد شيئًا أربط به إلا ¬

(¬1) تستخرجونها من الخزائن فتح الله على الصحابة. * النصر بالرعب عام لجميع المسلمين. (¬2) يعنى النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬3) فيه حمل الزاد، وأنه مما يعين في الغزو، وكذا في الحج وغيره.

نطاقي. قال: فشقيه باثنين فاربطيه: بواحد السقاء، وبالآخر السفرة، فلذلك سميت ذات النطاقين» (¬1). 2980 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: «كنا نتزود لحوم الأضاحي على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة» (¬2). 2981 - عن سويد بن النعمان أنه خرج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - عام خيبر، حتى إذا كانوا بالصهباء - وهي أدنى خيبر - فصلوا العصر، فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - بالأطعمة، ولم يؤت النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا بسويق، فلكنا فأكلنا وشربنا، ثم قام النبي - صلى الله عليه وسلم - فمضمض ومضمنا وصلينا» (¬3). 2982 - عن سلمة - رضي الله عنه - قال: «خفت أزواد الناس وأملقوا، فأتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - في نحر إبلهم، فأذن لهم، فلقيهم عمر فأخبروه، فقال: ما بقاؤكم بعد إبلكم؟ فدخل عمر على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، ما بقاؤهم بعد إبلهم؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ناد في الناس يأتون بفضل أزوادهم، فدعا وبرك عليهم، ثم دعاهم بأوعيتهم فاحتثى الناس حتى فرغوا، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله» (¬4). ¬

(¬1) اللهم ارض عنها. (¬2) في التزود بلحوم الأضاحي. (¬3) المسافر مأمور بالزاد حسب التيسير تمر، سويق، وفى هذا كان طعامهم عيس، سمن، تمر، أقط. (¬4) وهذا من المعجزات، من دلائل صدقة - صلى الله عليه وسلم -، وفيه المشورة وأن الإنسان لا يحقر نفسه.

124 - باب حمل الزاد على الرقاب

124 - باب حمل الزاد على الرقاب 2983 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: «خرجنا ونحن ثلاثمائة نحمل زادنا على رقابنا، ففني زادنا، حتى كان الرجل منا يأكل في كل يوم تمرة. قال رجل: يا أبا عبد الله، وأين كانت التمرة تقع من الرجل؟ قال: لقد وجدنا فقدها حين فقدناها، حتى أتينا البحر، فإذا حوت قد قذفه البحر، فأكلنا منه ثمانية عشر يومًا ما أحببنا» (¬1). 125 - باب إرداف المرأة خلف أخيها 2984 - عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: يا رسول الله يرجع أصحابك بأجر حج وعمرة، ولم أزد على الحج؟ (¬2) فقال لها: «اذهبي، وليردفك عبد الرحمن». فأمر عبد الرحمن أن يعمرها من التنعيم. فانتظرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأعلى مكة حتى جاءت». 2985 - عن عبد الرحمن بن أبى بكر الصديق - رضي الله عنهما - قال: «أمرني النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أردف عائشة وأعمرها من التنعيم» (¬3). ¬

(¬1) وفيه أن المجاهد يصبر، فالجهاد كاسمه جهاد يحتاج الى صبر، وإذا جاءت الشدائد جاء الله بالفرج. (¬2) يعنى أعماله. (¬3) يجوز أن يحمل أخته عمته خالته، ويجوز للضرورة حمل غير المحرم، كما في قصة عائشة مع صفوان، وإن احتاجا للركوب ركب مع الحيطة والحذر مما حرم الله.

127 - باب الردف على الحمار

127 - باب الردف على الحمار 2988 - عن عبد الله - رضي الله عنه - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقبل يوم الفتح من أعلى مكة على راحلته مردفًا أسامة بن زيد ومعه بلال ومعه عثمان بن طلحة من الحجية حتى أناخ في المسجد، فأمره أن يأتي بمفتاح البيت (¬1)، ففتح ودخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه أسامة وبلال وعثمان، فمكث فيها نهارًا طويلًا، ثم خرج فاستبق الناس، فكان عبد الله بن عمر أول من دخل، فوجد بلالًا وراء الباب قائمًا. فسأله: أين صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأشار له إلى المكان الذي صلى فيه. قال عبد الله: فنسيت أن أسأله: كم صلى من سجدة». 128 - باب من أخد بالركاب ونحوه 2989 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كل سلامي من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس: يعدل بين الاثنين صدقة، ويعين الرجل على دابته فيحمل عليها - أو يرفع عليها متاعه - صدقة، والكلمة الطبية صدقة، وكل خطوة يخطوها إلى الصلاة صدقة، ويميط الأذى عن الطريق صدقة» (¬2). ¬

(¬1) دخول الكعبة ليس من سنن الحج، وهو دخلها في غزاة الفتح. * وفيه جواز الإرداف على الدابة، وهذا من تواضعه - صلى الله عليه وسلم -. * وفيه دخول الكعبة والصلاة فيها، وفيه دخول الدابة المسجد. (¬2) وفى هذا الحث على أنواع الصدقات وفعل الخير، وفى صحيح مسلم عن عائشة خلق الله ابن آدم من ستين وثلاثمائة مفصل وهى السلاميات.

129 - باب كراهية السفر بالمصاحف إلى أرض العدو

129 - باب كراهية السفر بالمصاحف إلى أرض العدو 2990 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهي أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو» (¬1). قال الحافظ: ... أجمع الفقهاء أن لا يسافر بالمصحف في السرايا والعسكر الصغير المخوف عليه (¬2). 130 - باب التكبير عند الحرب 2991 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: «صبح النبي - صلى الله عليه وسلم - خيبر وقد خرجوا بالمساحي على أعناقهم، فلما رأوه قالوا: محمد والخميس، محمد والخميس. فلجئوا إلى الحصن، فرفع النبي - صلى الله عليه وسلم - يديه، وقال: الله أكبر، خربت (¬3) خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين، وأصبنا حمرًا فطبخناها، فنادي منادي النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن الله ورسوله ينهياكم عن لحوم الحمر، فأكفئت القدور بما فيها» تابعه علي عن سفيان «رفع النبي - صلى الله عليه وسلم - يديه». ¬

(¬1) وهذا لئلا تناله أيديهم يخشى أن يمتهنوه، فالمقصود احترامه وأي مكان يخشى أن يمتهن لا يحمل إليه. (¬2) العلة تقتضي العموم، أرض العدو حربًا أم سلمًا، فالخطر على المصحف لا على حامله من الدعاة والمرشدين. (¬3) وخرابها لإصرارهم على الكفر، وإلا خيبر صارت غنيمة للمسلمين، فالخراب منسوب إليهم.

131 - باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير

131 - باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير 2992 - عن أبي موسي الأشعري - رضي الله عنه - قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكنا إذا أشرفنا علي واد هللنا وكبرنا، ارتفعت أصواتنا. فقال: النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يا أيها الناس، اربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا، إنه معكم (¬1)، وإنه سميع قريب، تبارك اسمه، وتعالي جده». 132 - باب التسبيح إذا هبط واديًا 2993 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: «كنا إذا صعدنا كبرنا، وإذا نزلنا سبحنا» (¬2). 133 - باب التكبير إذا علا شرفًا قال الحافظ: .... ولا يلزم من كون جهتي العلو والسفل محال على الله أن لا يوصف بالعلو لأن وصفه بالعلو من جهة المعني والمستحيل كون ذلك من جهة الحس (¬3). ¬

(¬1) معية العلم (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب) .... الآية. * المقصود الرفع الشديد الذي فيه تكلف هو المنهي عنه. (¬2) لأن النزول سفول والله موصوف بالعلو، وعند العلو فالله فوق العرش، فالمناسبة ظاهرة. (¬3) هو موصوف بذلك حسًا ومعنى فكلامه غير مضبوط هنا.

134 - باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة

134 - باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة 2996 - عن أبي موسي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا» (¬1). قال الحافظ: ... حديث أبي هريرة رفعه «من توطأ فأحسن وضوءه ثم خرج إلى المسجد فوجد الناس قد صلوا أعطاه الله مثل أجر من صلى وحضر، لا ينقص ذلك من أجره شيئًا» أخرجه أبو داود والنسائي والحاكم وإسناده قوي (¬2). 135 - باب السير وحده 2997 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: ندب النبي - صلى الله عليه وسلم - الناس يوم الخندق، فانتدب الزبير (¬3)، ثم ندبهم فانتدب الزبير، ثم ندبهم فانتدب الزبير، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن لكل نبي حواريًا وحوري الزبير» قال سفيان: الحواري الناصر. ¬

(¬1) وهذا من لطفه ورحمته وإحسانه لأن الغالب مشقة العمل في حال المرض والسفر فتفضل الله بهذا. (¬2) قلت في إسناد مقبول. (¬3) لا بأس يذهب وحده في مصلحة المسلمين، كما في قصة حذيفة يوم الخندق.

136 - باب السرعة في السير

قال الحافظ: ... قال ابن المنير: السير لمصلحة الحرب أخص من السفر، والخبر ورد في السفر فيؤخذ من حديث جابر جواز السفر منفردًا للضرورة (¬1). 136 - باب السرعة في السير 2999 - عن أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - - كان يحيي يقول: وأنا أسمع، فسقط عني - عن مسير النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع فقال: فكان يسير العنق. فإذا وجد فجوة (¬2) نص. والنص فوق العنق». 137 - باب إذا حمل على فرس فرآها تباع 3002 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن عمر بن الخطاب حمل على فرس في سبيل الله، فوجده يباع، فأراد أن يبتاعه، فسأل رسول الله ¬

(¬1) هذه لعلة والحاجة ماسة والأولى والأفضل ثلاثة لحديث: «والثلاثة ركب» لكن إن دعت الحاجة أو الضرورة لا بأس، فالأمر واسع أو الضرورة، كخروج المهاجر من بلاد الشرك حتى المرأة. * سئل الشيخ: عن حديث الراكب شيطان؟ فقال: هذا في السفر وهنا ليس بالسفر. حديث «الراكب شيطان» لا بأس به، أما الآن الأمور أخف لأن السيارات تمر، فالأقرب الجواز إن لم يكن هناك خطر. (¬2) التعجيل لا بأس به على وجه لا يكون فيه خطر، ومن التعجيل مواصلة السير وزيادة على السير المعتاد بلا خطر، أما الزيادة التي فيها خطر لا يجوز، وكذا السيارات الآن لا يتجاوز المحدد فلا تعدية فيجب أن يراعى السائق أسباب السلامة.

138 - باب الجهاد بإذن الأبوين

- صلى الله عليه وسلم -، قال: «لا تبتعه، ولا تعد في صدقتك» (¬1). 138 - باب الجهاد بإذن الأبوين 3004 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستأذنه في الجهاد فقال: «أحي والداك؟ » قال: نعم. قال: «ففيهما فجاهد» (¬2). قال الحافظ: ... لأن برهما فرض عين عليه والجهاد فرض كفاية، فإذا تعين الجهاد فلا إذن (¬3). 139 - باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل 3005 - عن عباد بن تميم أن أبا بشير الأنصاري رضي الله أخبره أنه كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره، قال عبد الله حسبت أنه قال: والناس في مبيتهم، فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رسولًا: لا تبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت (¬4). ¬

(¬1) متى ما أخرجه لله فينبغي صرف النفس عنه لأمرين: 1 - في ذلك نوع تعلق وعدم طيب نفس. 2 - من حصلت له الهبة قد يستحي ولا يماكس ويبيع بأقل. (¬2) وهذا فيه عظم حق الأبوين، وهنا جعل الأبوين أولى وهذه الحالة فقد يكون هذا أولى وقد يكون الجهاد وحمل السلاح أولى إذا تعين. (¬3) وضع الجهاد في البوسنة الآن يحتاج إلى إذن؟ نعم، لأنه فرض كفاية. تاريخ السؤال 3/ 11/1414 م. (¬4) وهذا شك من الراوي، والصواب قلادة من أوتار، فيجب قطعها كالتمائم، أما قلادة الزينة أو التي تقاد بها الدابة فلا بأس.

140 - باب من اكتتب في جيش فخرجت امرأته حاجة أو كان له عذر هل يؤذن له؟

قال الحافظ: ... ويؤيده حديث عقبة بن عامر رفعه «من علق تميمة فلا أتم الله له» (¬1). قال الحافظ: ... فأما ما فيه ذكر الله فلا نهي فيه فإنه إنما يجعل للتبرك والتعوذ بأسمائه وذكره (¬2). قال الحافظ: ... وكذلك لا نهى عما يعلق لأجل الزينة ما لم يبلغ الخيلاء أو السرف. واختلفوا في تعليق الجرس (¬3). أيضًا. 140 - باب من اكتتب في جيش فخرجت امرأته حاجَّة أو كان له عُذر هل يؤذن له؟ 3006 - عنى ابى عباس - رضي الله عنهما - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا يخلُونَّ رجل بامرأة، ولا تُسافرنَّ امرأه إلا ومعها مَحْرمَ، فقام رجل فقال: يا رسول الله، اكتتبت في غزو كذا وكذا، وخرجت امرأتي حاجَّة، قال: اذهب فاحجُج مع امرأتك» (¬4). ¬

(¬1) وذكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب في كتاب أمثال هذا مما يقع في العقيدة والتوكل. (¬2) وهذا قول بعض أهل العلم, وهو قول ضعيف كما حكاه شيخ الإسلام محمد, فالصواب المنع. (¬3) تعليق الجرس والجرس من الشيطان قد يَضُرُّ الدابة, وهو من مزامير الشيطان فتلهية لا يجوز يمنع. (¬4) هذا يدل على تأكيد صحبة المرأة للمحرم في السفر؛ لما في سفر المرأة من الخطر يدع الغزو ويتلطف مع امرأته.

141 - باب الجاسوس

141 - باب الجاسوس 3007 - عن على - رضي الله عنه - قال: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا والزبير والمقداد بن الأسود وقال: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة ومعها كتاب فخذوه منها. فانطلقنا تعادَى خيلُنا، حتى انتهينا إلى الروضة، فإذا نحن بالظعينة، فقلنا: أخرجي الكتاب. فقالت: ما معي من كتاب. فقلنا: لُتخرجن الكتاب، أو لنُلقينَّ الثياب. فأخرجته من عِقاصِها، فأتينا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا فيه: من حاطب بن أبي بلتعة إلى أُناس من أهل مكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا حاطب ما هذا؟ » قال: يا رسول الله لا تجعَل علىَّ، إني كنت امرءًا ملصقًا في قريش، ولم أكن من أنفُسها، وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات بمكة يحمون بها أهليهم وأموالهم فأحببت إذ فاتني ذلك من النَّسب فيهم أن أتخذ عندهم يدًا يحمون بها قرابتى، وما فعلت كفرًا ولا ارتدادا ولا رضًا بالكفر بعد الإسلام. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قد صدقكم». فقال عمر: يا رسول الله، دعني أضرب عنُق هذا المنافق. قال: «إنه شَهدَ بدرًا، وما يُدريك لعل الله أن يكون قد اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتُم فقد غفَرتُ لكم» (¬1). ¬

(¬1) يوفقهم لأسباب المغفرة أو يمنعهم من الوقوع, وقال الشيخ قبل ذلك على ظاهره. وهذا الحديث العظيم فيه مسألتان: 1 - جواز التجسس. 2 - ومنع التجسس, فالممنوع ما يضر المسلمين فيجب منعه, وحاطب عفا عنه - صلى الله عليه وسلم - لشبهته ولشهود حاطب بدرًا, وإلا التجسس على المسلمين يوجب القتل، وأما التجسس الذي ينفع المسلمين إذا علم وجود شيء يضر المسلمين وجب التجسس، كما في قصة المرأة هنا، فالأمور تدل على مصلحة المسلمين

142 - باب الكسوة للأسارى

142 - باب الكسوة للأُسارى (¬1) 3008 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: «لما كلن يوم بدر أُتيَ بالعباس ولم يكن عليه ثوب، فنظر النبي - صلى الله عليه وسلم - له قميصًا، فوجدوا قميص عبد الله بن أُبيّ يُقدَرُ عليه، فكساه النبي - صلى الله عليه وسلم - إياه، فلذلك نزع النبي - صلى الله عليه وسلم - قميصه الذي ألبسه». قال ابن عُيينة: كانت له عند النبي - صلى الله عليه وسلم - يدٌ، فأحبَّ أن يُكافئه (¬2). 143 - باب فضل من أسلم على يديه رجل 3009 - عن سهل - رضي الله عنه - يعني ابن سعد-قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم خبير: «لأُعطين الراية غدًا رجلًا يفتح الله على يديه يُحبُّ الله ورسوله ويُحبُّه الله ورسوله». فبات الناس ليلتهم أيهم يعطى، فغَدَوا كلُّهم يرجوه، فقال: «أين علىُّ؟ » فقيل: يشتكى عينيه، فبصق في عينيه ودعا له فبرأ كأن لم يكن به وجع، فأعطاه، فقال: أُقاتلهم حتى يكونوا مثلنا، فقال: «أنفُذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعُهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما ¬

(¬1) الأسارى محل الرحمة والعطف والإحسان إليهم ترغيبًا لهم في الإسلام, ولا يمنع من إطعامهم الطعام الحسن. (¬2) لما مات

144 - باب الأسارى في السلاسل

يجب عليهم، فوالله لأن يهدى الله بك رجلًا خيرٌ لك من أن يكون لك حُمْرُ النَّعَم» (¬1). 144 - باب الأُسارى في السلاسل قال الحافظ: وسيأتي عن أبى هريرة في قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} قال: «خير الناس للناس يأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام»، قال ابن الجوزي: معناه أنهم أسروا وقيدوا، فلما عرفوا صحة الإسلام دخلوا طوعًا فدخلوا الجنة (¬2). 145 - باب فضل من أسلم من أهل الكتابين 3011 - عن أبى بردة أنه سمع أباه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين: الرجل تكون له الأمَة فيُعلِّمها فيُحسن تعليمها، ويُؤدِّبُها فيُحسن تأديبها (¬3)، فيتزوجها، فله أجران. ومؤمن أهل الكتاب الذي كان مؤمنًا ثم آمن بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، فله أجران، والعبد الذي يؤدِّي حق الله لسيِّده». 146 - باب أهل الدار يبيتون، فيصاب الولدان والذِّرارىُّ 3012 - عن الصعب بن جثامه - رضي الله عنهم - قال: «مرَّ بي النبي - صلى الله عليه وسلم - ¬

(¬1) ولا شك أن هذا فضل عظيم, فعلى العلماء أن يدركوا هذا الفضل لاسيما في هذا العصر فإنهم موجودون, وحلف - صلى الله عليه وسلم - وهو الصادق, وفيه علم من أعلام النبوة, وفيه شفاء علي, وفية فضل علي. (¬2) اختار الشيخ هذا وقال: أُتى بهم في السلاسل ثم تاب الله عليهم وهداهم. (¬3) فيحسن تأديتها «ثم يعتقها» كما في العيني.

147 - باب قتل الصبيان في الحرب

بالأبواء -أو بوَدّان- فسئل عن أهل الدار يُبيَّتون من المشركين فيصاب من نسائهم وذراريهم، قال: هم منهم. وسمعته يقول لا حمى (¬1) إلا لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -». 147 - باب قتل الصبيان في الحرب 3014 - عن عبد الله - رضي الله عنه - أخبره «أن امرأة وُجدت في بعض مغازي النبي - صلى الله عليه وسلم - مقتولة، فأنكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قتل النساء الصبيان» (¬2). 149 - باب لا يُعذَّب بعذاب الله 3016 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال: بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعث فقال: «إن وجدت فلانًا وفلانًا فأحرقوهما بالنار». ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أردنا الخروج: «إني أمرتُكم أن تُحرقوا فلانًا وفلانًا، وإن النار لا يُعذِّب (¬3) بها إلا الله، فإن وجدتموهما فاقتلوهما». ¬

(¬1) ليس لأحد فعل ذلك إلا ما رآه ولى الأمر لمصلحة المسلمين, وولي الأمر كالرسول في هذا. * والمعنى إذا بيَّت المسلمون عدوهم لا يضر إصابة الولدان والنساء لأنهم لم يقصدوهم, وقد فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - مع بني المصطلق, والمنهي عنه تعمد قتلهم. (¬2) يعنى قصدهم كما تقدم, أما البيات فلا. (¬3) هذا نص في تحريم التعذيب بالنار, لا في الحدود ولا غير الحدود, لا المكلفين ولا غير المكلفين.

152 - باب إذا حرق المشرك المسلم هل يحرق؟

3017 - عن أيوب عن عكرمة أن عليًا - رضي الله عنه - حرَّق (¬1) قومًا، فبلَغ ابن عباس فقال: لو كنت أنا لم أُحرَّقهم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تعذِّبوا بعذاب الله»، ولقتلُتهم كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من بدَّل دينه فاقتلوه». 152 - باب إذا حرَّق المشركُ المسلمَ هل يحرَّق؟ 3018 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -: «أن رهطًا من عُكل ثمانية قدموا على النبي - صلى الله عليه وسلم - فاجتَووا المدينة، فقالوا: يا رسول الله أبلغنا رِسْلا، قال: «ما أجد لكم إلا أن تلحقوا بالذَّود». فانطلقوا فشربوا من أبوابها وألبانها حتى صَحُّوا وسَمنوا، وقتلوا الراعي واستاقوا الذَّود، وكفروا بعد إسلامهم. فأتى الصريخ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فبعث الطلب، فما ترجَّل النهار حتى أُتيَ بهم فقطع أيديهم وأرجلهم ثم أمر بمسامير فأُحميت فكحَلَهم بها وطرحَهم بالحرَّة يستسقون فما يُسقون حتى ماتوا» (¬2). ¬

(¬1) كانوا قومًا غلاة قالوا لعلي أنت الله؟ فاشتد غضب عليهم وأحرقهم, حمله على ذلك شدة غيظه عليهم لقبح مقالتهم فخدّ لهم أخاديهم وأحرقهم - رضي الله عنه -. * ولم يتكلم شيخنا بشيء على شرح باب 151 باب هل للأسير أن يقتل أو يخدع, بعدما قرئ عليه الشرح كاملًا. (¬2) لأن هذا من الباب القصاص قطاع طرق, أما التحريق فمحل نظر, فالأقرب أنه إذا أحرق لا يُحرق بل يقتل. * كحلهم بالمسامير المحماه أليس نوعًا من التحريق؟ لا شك أنه نوع تحريق ... وقد يقال يمنع ابتداء ويجوز قصاصًا, ولهذا في التمثيل يجوز قصاصًا, والمسألة محل اجتهاد والله أعلم.

154 - باب حرق الدور والنخيل

154 - باب حرق الدور والنخيل 3020 - عن قيس بن أبي حازم قال: «قال لي جرير: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ألا تُريحُنى من ذي الخَلَصة» - وكان بيتًا في خثعَمَ يسمِّى كعبة اليمانية- قال فانطلقت في خمسين ومائة فارس من أحمَس وكانوا أصحاب خيل، قال: وكنت لا أثُبتُ على الخيل، فضرب في صدري وقال: «اللهم ثبِّتْه واجعلْه هاديًا مَهْديا». فانطلق إليها فكسرها وحرّقها، ثم بعث إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخبره فقال رسول جرير: والذي بعثك بالحق ما جئتُك حتى تركتها كأنها جملٌ أجوفُ أو أجرب. قال: فبارك في أحْمَس ورجالها خمس مرات» (¬1). 155 - باب قتل النائم المشرك 3022 - عن البراء بن عازب - رضي الله عنهما - قال: «بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رهطًا من الأنصار إلى أبي رافع ليقتلوه، فانطلق رجل منهم فدخل حصنهم، قال فدخلت في مربط دواب لهم، قال وأغلقوا باب الحصن، ثم إنهم فقدوا حمارًا لهم فخرجوا يطلبونه، فخرجت فيمن خرج أُريهم أنني أطلُبه معهم، فوجدوا الحمار، فدخلوا ودخلت، وأغلقوا باب الحصن ليلًا، فوضعوا المفاتيح في كُوَّة حيث أراها، فلما ناموا أخذت المفاتيح ففتحت باب الحصن، ثم دخلت عليه فقلت: يا أبا رافع، فأجابنى فتعمدت فضربته، فصاح، ¬

(¬1) هذا معروف في تحريق الدور والنخيل لا بأس به لكن البحث في تحريق الشخص وتحريق النخيل فعله مع بني النضير. وإنما الإشكال في تحريق الأشخاص والقصاص محل نظر, والأقرب الجواز والله أعلم, كما لو قطع رِجْلًا تقطع رجله {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ}.

156 - لا تمنوا لقاء العدو

فخرجت، ثم جئت ثم رجعت كأني مغيث فقلت يا أبا رافع- وغيرت صوتي- فقال: ما لم لأمِّك الويل، قلت: ما شأنك؟ قال: لا أدرى من دخل عليَّ فضربني، قال فوضعت سيفي في بطنه، ثم تحاملت عليه حتى قرع العظم، ثم خرجت وأنا دَهشٌ، فأتيت سُلَّمًا لهم لأنزل منه فوقعت، فوُثئَت رجلي، فخرجت إلى أصحابي فقلت: ما أنا ببارح حتى أسمع الناعية، فما برحت حتى سمعت نعايا أبي رافع تاجر أهل الحجاز (¬1). قال: فقمت وما بي قَلَبَة حتى أتينا النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرناه». قال الحافظ: ... وجواز اغتيال ذوى الأذية البالغة منهم، وكان أبو رافع يعادى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويؤلب عليه الناس (¬2). 156 - لا تَمنَّوا لقاء العدو 3025 - ثم قام في الناس فقال: لا تمنَّوا لقاء العدوِّ (¬3) وسلوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا. واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف. ثم قال: اللهم منزِل الكتاب، ومجريَ السَّحاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم» (¬4). ¬

(¬1) لأن أبا رافع كان يؤلب على النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) سئل الشيخ: عن قتل بعض الطواغيت بشكل فردى فقال: لا, هذا يسبب مفاسد ولا يجوز هذا, بمعناه. (¬3) الأقرب والله أعلم تمني إعجابًا بالنفس ورغبة في إظهار العمل, هذا الذي يخشى منه أن لا يثبت عند اللقاء. (¬4) تمني الجهاد وطلب الجهاد عبادة عظيمة لكن على وجه العجب هذا هو الذي ورد فيه النص.

157 - باب الحرب خدعة

157 - باب الحرب خدعة 3027 - عن أبى هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «هلك كسرى، ثم لا يكون كسرى بعده. وقيصرٌ (¬1) ليهلكنَّ، ثم لا يكونُ قيصرٌ بعده. ولتُقسَمنَّ كنوزهما في سبيل الله» (¬2). 329 - عن أبى هريرة - رضي الله عنه - قال: «سمّى النبي - صلى الله عليه وسلم - الحرب خدعة» (¬3). 158 - باب الكذب في الحرب 3031 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من لكعب بن الأشرف، فإنه قد آذى الله ورسوله؟ » قال محمد بن مسلمة: أتحب أن أقتله يا رسول الله؟ قال: «نعم». قال فأتاه فقال: إن هذا- يعنى النبي - صلى الله عليه وسلم - قد عنّانا وسألنا الصدقة. قال: وأيضًا والله لتملُّنَّه. قال: فإنا أتبعناه فنكره أن ندعَهُ حتى ننظر إلى ما يصير أمره. قال فلم يزل يكلِّمه حتى استمكن منه فقتله» (¬4). ¬

(¬1) قيصر مصروف أم لا؟ الأقرب غير مصروف، علم أعجمي. (¬2) وهذا من علامات النبوة وقد وقع. (¬3) البصيرة في الحرب لها شأن؛ ولهذا لم يرخص في الكذب إلا في الحرب وفي الإصلاح وبين الزوجين، ولأن ذلك فرصة للمسلمين في قتال عدوهم والانتقام منهم من دون نقض للعهد وغدر، ولها أمثلة. (¬4) وهذا من الخدعة. * هل هذا كحال المكره؟ لا هذا بحث آخر نص القرآن جائز «إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان .. ».

160 - باب ما يجوز من الاحتيال، والحذر مع من يخشى معرته

160 - باب ما يجوز من الاحتيال، والحذر مع من يخشى معرَّته 3033 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أنه قال: «انطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه أبي بن كعب قِبَلَ ابن صياد (¬1) - فحدِّث به في نخل - فلما دخل عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النخل، طفق يتَّقي بجذوع النخل وابن صياد في قطيفة له فيها رمرَمة، فرأت أمُّ صياد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا صاف هذا محمد، فوثب ابن صياد، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لو ترَكَتْهُ بَيَّن». 161 - باب الرَّجز في الحرب، ورفع الصوت في حفر الخندق 3034 - عن البراء - رضي الله عنه - قال: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الخندق وهو ينقل التراب (¬2) حتى وارى التراب شعر صدره -وكان رجلًا كثير الشعر- وهو يرتجزُ بَرجز عبد الله: اللهم لولا أنت ما اهتدينا ... ولا تصدَّقنا ولا صلَّينا فأنزلن سكينة علينا ... وثبِّت الأقدام إن لاقينا إن الأعدا قد بَغَوا علينا ... إذا أرادوا فتنة أبينا يرفع بها صوته» (¬3). ¬

(¬1) ابن صيّاد من كهنة اليهود اتهم بأنه الدجال. * سئل عن حل الأزرار؟ فقال: فعله بعض الأحيان لحاجه حر ونحوه أو يفعله بعض الأحيان مع أصحابه, وهذا من الأمور العادية. قلت: فيه حديث معاوية بن قرة عن أبيه عند أبى داود وبوّب عليه باب: حلّ الأزرار أو نحو ذلك. (¬2) فيه أن الكبار والرؤساء يشاركون في المهمات في الأعمال في الخندق في بناء المسجد, وقد شارك ليشجع الناس. (¬3) اللهم صل وسلم عليه.

162 - باب من لا يثبت على الخيل

162 - باب من لا يثبُتُ على الخيل 3035 - عن قيس عن جرير - رضي الله عنه - قال: «ما حَجَبَني النبي - صلى الله عليه وسلم - منذ أسلمت، ولا رآني إلا تبسم في وجهه». 3036 - «ولقد شكوت إليه أني لا أثبتُ على الخيل، فضرب بيده في صدره، وقال: اللهم ثبِّته واجعلهُ هاديًا مهديًا» (¬1). 163 - باب دواء الجرح بإحراق الحصير 3037 - عن أبى حازم قال: «سألوا سهل بن سعد الساعدي - رضي الله عنه -: بأيِّ شيء دُووي جُرحُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: ما بقي أحدٌ من الناس أعلم به مني، كان عليٌّ يجيء بالماء في تُرسه، وكانت - يعنى فاطمة- تغسل الدم عن وجهه، وأُخذ حصيرٌ فأُحرق (¬2)، ثم حُشي به جُرح رسول الله - صلى الله عليه وسلم -». 164 - باب ما يُكره من التنازع والاختلاف في الحرب 3038 - عن سعيد بن أبى بُردة عن أبيه عن جدِّه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث معاذا وأبا موسى إلى اليمن قال: «يسِّرا ولا تُعسِّرا، وبشِّرا ولا تُنقِّرا، وتطاوعاَ ولا تختلفا» (¬3). ¬

(¬1) هذه منقبة كبيرة لجرير بن عبد الله البجلي أحد الأعيان الفرسان. (¬2) فيه الدواء بالشيء المعروف ولو كان ليس عند الأطباء، فالشيء المجرب المعروف يتداوى, لأن أكثر الطب مجرب. (¬3) وهذه وصية عظيمة للأمراء قادة الحرب قادة الجهاد التطاوع والائتلاف.

166 - باب من رأى العدو فنادى بأعلى صوته: يا صباحاه حتى يسمع الناس

3039 - عن البرء بن عازب - رضي الله عنه - قال: جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - على الرجالة يوم أُحُد-وكانوا خمسين رجلًا - عبد الله بن جُبير فقال: إن رأيتمونا تخطفُنا الطَّير فلا تبرحوا مكانكم هذا حتى أُرسل إليكم، وإن رأيتمونا هزَمنا القوم وأوطأناهم فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم. فهزموهم. قال: فأنا والله رأيت النساء يشددن، قد بجت خلاخلهنَّ وأسوقُهنَّ، رافعات ثيابهن. فقال أصحاب ابن جُبير: الغنيمة أي قوم الغنيمة، ظهر أصحابكم فما تنظرون؟ فقال عبد الله بن جُبير: أنسيتم ما قال لم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالوا: والله لنأتينَّ (¬1) الناس فلنُصيبنَّ من الغنيمة فلما أتوهم صُرفت وجوهم، فأقبلوا منهزمين، فذاك إذ يدعوهم الرسول في أُخراهم، فلم يبق مع النبي - صلى الله عليه وسلم - غير اثني عشر رجلا ... الحديث» (¬2). 166 - باب من رأى العدوَّ فنادى بأعلى صوته: يا صباحاه حتى يسمع الناس 3041 - عن سلمة قال: «خرجت من المدينة ذاهبًا نحو الغابة. حتى إذا كنت بثَنية الغابة لقيني غلام لعبد الرحمن بن عوف. قلت: ويحك، ما بك؟ قال: أخِذت لقاح النبي - صلى الله عليه وسلم -. قلت: من أخذها؟ قال: غطفان وفزارة. فصرخت ثلاث صرخات أسمعت ما بين لابتيها: يا صباحاه، يا صباحاه. ¬

(¬1) حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر يشير إلى قضه الرماة. (¬2) هنا فيه الامتحان والاختبار لأهل الحق. الله - عز وجل - يبتلي الصالحين بالفجار, والله - عز وجل - يبتلى رسله حتى تخرج آيات صدقهم وإذا زلت القدم فالواجب الصبر والثبات والعاقبة لهم {وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}.

167 - باب من قال: خذها وأنا ابن فلان. وقال سلمة: خذها وأنا ابن الأكوع

ثم اندفعت حتى ألقاهم وقد أخذوها، فجعلت أرميهم وأقول: أنا ابن الأكوع، واليوم يوم الرُضُّع. فاستنقذتُها منهم قبل أن يشربوا، فأقبلت، فلقيني النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا رسول الله، إن القوم عطاش، وإني أعجلتُهم أن يشربوا سقيهم، فأبعث في إثرهم. فقال: يا ابن الأكوع مَلَكت فأسْجحْ، إن القوم يُقرَون في قومهم» (¬1). 167 - باب من قال: خذها وأنا ابن فلان. وقال سلمة: خذها وأنا ابن الأكوع 3042 - سأل رجل البراء - رضي الله عنه - فقال: يا أبا عُمارة، أوَلَّيتُم يوم حُنين؟ قال البراء وأنا أسمعُ: أما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يوُلِّ يومئذ، كان أبو سفيان بن الحارث آخذًا بعنان بغلته، فلما غشيَهُ المشركون نزل فجعل يقول: أنا النبي - صلى الله عليه وسلم - لا كَذب، أنا ابن عبد المطلب، قال: فما رُئيَ من الناس يومئذ أشدُّ منه» (¬2). 168 - باب إذا نزل العدو على حُكم رجل 3043 - عن أبى سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: «لما نزلت بنو قريظة على حكم سعد هو ابن معاذ بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - وكان قريبًا منه - فجاء على حمار، فلما دنا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قوموا إلى سيِّدكم، فجاء فجلس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال له: إن هؤلاء نزلوا على حُكمك. قال: فإني ¬

(¬1) قصة سلمة فيها قوة وشجاعة وصبر فلما رأوا جلده وقوته ظنوا أن معه غيره قوة. (¬2) ثم تراجع الناس لما سمعوا صوت الداعي.

169 - باب قتل الأسير، وقتل الصبر

أحكمُ أن تُقتَل المقاتلة، وأن تُسبى الذُّرية. قال: لقد حكمت فيهم بحكم الملك» (¬1). 169 - باب قتل الأسير، وقتل الصَّبر 3044 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل عام الفتح وعلى رأسه المغفر، فلما نزعه جاء رجل فقال: إن ابن خَطَلٍ متعلِّق بأستار الكعبة، فقال: اقتلوه» (¬2). 170 - باب هل يستأسر الرجل؟ ومن لم يستأسر، ومن ركع ركعتين عند القتل 3045 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - «بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشرة رهط سرية عينًا، وأمَّر عليهم عاصم بن ثابت الأنصاري - جدَّ عاصم بن عمر بن الخطاب- فانطلقوا، ... (الحديث) ... والله ما رأيت أسيرًا قطُّ خيرًا من خُبيب، والله لقد وجدته يومًا يأكل من قطف عنب في يده وإنه لموثقٌ في الحديد وما بمكة من تمر. وكانت تقول إنه لرزق من الله رزقه خُبيبًا. ¬

(¬1) * وفيه جواز التحكيم في المسائل التي يكون فيها النظر, وإن أصاب له أجران وإن أخطأ له أجر. (1) وهذا من فضل الله على سعد, ومن فضائل سعد وهو سيد الأوس. * المكروه قيام التعظيم, وكذا قيام الطلبة لمدرسهم, أما القيام للمصافحة وللتهنئة كفعل طلحة مع كعب, أو للمعانقة فلا بأس بهذا. (¬2) وهذا فيه قتل الصبر كقتل عقبة بن أبى معيط عندما كانوا في الأسري في بدر إذا رأى ولى الأمر ذلك, والصبر: الحبس يوقف حتى يقتل.

171 - باب فكاك الأسير

فلما خرجوا من الحرم ليقتلوه في الحلِّ قال لهم خُبيبٌ: ذروني أركع ركعتين. ثم قال: لولا أن تظُنُّوا أن ما بي جزع لطوَّلتُها، اللهم أحصهم عددًا. ولست أُبالي حين أُقتل مسلمًا ... على أيِّ شق كان لله مصرَعي وذلك في ذات الإله، وإن يشأ ... يُبارك على أوصال شلْو ممزَّع فقتله ابن الحارث، فكان خُبيب هو سنَّ الركعتين لكل امريء مُسلم قُتل صبرًا. فاستجاب الله لعاصم بن ثابت يوم أُصيب، فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه خبرهم وما أُصيبوا، وبعث ناس من كفار قريش إلى عاصم حين حُدِّثوا أنه قُتل ليُؤتَوا بشيء منه يُعرَف، وكان قد قتل رجلًا من عُظمائهم يوم بدر، فبُعث على عاصم مثل الظُّله من الدَّبر، فحمته من رسولهم، فلم يقدروا على أن يقطعوا من لحمه شيئًا» (¬1). 171 - باب فكاك الأسير 3046 - عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «فكُّوا العاني ... -يعنى الأسير- وأطمعوا الجائع، وعُودوا المريض» (¬2). ¬

(¬1) هاتان الركعتان سنة؟ لا شك, يختم حياته بعمل صالح, والنبي - صلى الله عليه وسلم - أقره ولم ينكر. (¬2) فيه الحث على هذه الخصال, وعيادة المريض تنفع المريض فتفرج نفسه, فإن فرج النفس يقويها مما يدفع المريض. * والسجناء لهم شبه الأسرى, فيعانون ويفكون, وهذا فيه الرد على الرافضة, وأن أهل البيت خصوا بشيء؛ ولهذا بين علي هذا الشيء. فيه شرعية القراءة بطوال المفصل في المغرب أحيانًا.

172 - باب فداء المشركين

172 - باب فداء المشركين 3050 - عن محمد بن جبير عن أبيه - وكان جاء في أسارى بدر- قال: «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في المغرب بالطُّور» (¬1). 173 - باب الحربىِّ إذا دخل دار الإسلام بغير أمان 3051 - عن إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه قال: «أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - عينٌ من المشركين -وهو في سفر- فجلس عند أصحابه يتحدث، ثم انفتل، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: اطلبوه واقتلوه، فقتلتُه، فنفله سَلَبَه» (¬2). 174 - باب يقاتل عن أهل الذمة ولا يُسترقُّون 3052 - عن عمر - رضي الله عنه - قال: «وأوصيه بذمة الله وذمة ورسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يُوفَّى لهم بعهدهم، وأن يُقاتل من ورائهم، ولا يُكلَّفوا إلا طاقتهم» (¬3). 176 - هل يُستشفع إلى أهل الذِّمة؟ ومعاملتهم 3053 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «يوم الخميس وما يوم الخميس. ثم بكى حتى خضبَ دمعُهُ الحصباء، فقال: اشتد برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجعه يوم الخميس فقال: ائتوني بكتاب أكتبْ لكم كتابًا لن تضلُّوا بعده أبدًا. فتنازعوا، ولا ينبغي عند نبي تنازع. فقالوا هجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال: دعوني، فالذي أنا فيه خيرٌ مما تدعوني إليه. وأوصى عند موته بثلاث: ¬

(¬1) فيه شرعية القراءة بطوال المفصل في المغرب أحيانًا. (¬2) لأن العين تضر المسلمين, ينظر عوراتهم جاسوس. (¬3) إذا أدوا الجزية صاروا تبع المسلمين يقاتل عنهم.

177 - باب التجمل للوفود

أخرجوا المشركين من جزيرة العرب (¬1)، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم، ونسيتُ الثالثة». وقال يعقوب بن محمد: سألت المغيرة بن عبد الرحمن عن جزيرة العرب فقال: مكة والمدينة واليمامة واليمن. وقال يعقوب: والعَرجُ أول تهامة. 177 - باب التَّجمل للوفود 3054 - عن سالم بن عبد الله أن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: وجد عمر حُلة استبرق تُباعُ في السوق، فأتى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فقال: يا رسول الله ابتع هذه الحلة فتجمَّل بها للعيد والوفد (¬2). فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنما هذه لباس من لا خلاق له» - أو إنما يلبس هذه لا خلاق له- فلبث ما شاء الله ثم أرسل إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - بجُبَّة ديباج، فأقبل بها عمرُ حتى أتى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، قلت إنما هذه لباس من لا خلاق له، أو إنما يلبس هذه من لا خلاق له، ثم أرسلت إلىَّ بهذه. فقال: «تبيعُها، أو تُصيب بها بعض حاجتك». ¬

(¬1) من له امرأة كتابية يدخل بها الجزيرة؟ الظاهر: لا. * سفراء الدول الكافرة؟ مستثنون لأجل الحاجة, وقد بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - حذيفة لأهل نجران. (¬2) الحرير لا يجوز للرجال, والحديث واضح في شرعية التجمل للجمعة وللوفود ولمن يُقصد يكون بهيئة حسنة, وهكذا يوم العيد «إن الله جميل يجب الجمال».

178 - باب كيف يعرض الإسلام على الصبي؟

178 - باب كيف يُعرض الإسلام على الصبي؟ 3055 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه أخبره «أن عمر انطلق في رهط من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - مع النبي - صلى الله عليه وسلم - قِبل ابن صيَّاد حتى وجده يلعب مع الغلمان عند أُطُمِ بني مغالة وقد قارب يومئذ ابن صياد يحتلم، فلم يشعر بشيء حتى ضربَ النبي - صلى الله عليه وسلم - ظهره بيده، ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أتشهد أني رسول الله؟ (¬1). فنظر إليه ابن صياد فقال: أشهد أنك رسول الأميين. فقال ابن صياد للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أتشهد أني رسول الله؟ قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: آمنت بالله ورُسُله. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ماذا ترى؟ قال ابن صياد: يأتيني صادق وكاذب. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: خُلِط عليك الأمر. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إني قد خبأت لك خبيئًا. قال ابن صياد: هو الدُّخُّ. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: اخسأ، فلن تعدو قدرك. قال عمر: يا رسول الله ائذن لي فيه أضرب عُنقه. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن يَكُنْهُ فلن تُسَلَّط عليه، وإن لم يكن هو فلا خير لك في قتله». 180 - باب إذا أسلم قوم في دار الحرب ولهم مال وأرضون فهى لهم 3058 - عن أسامة بن زيد قال: «قلت يا رسول الله أين تنزل غدًا- في حجته-قال: وهل تركَ لنا عقيلٌ (¬2) منزلًا؟ ثم قال: نحن نازلون غدًا بخيف بني كنانة الُمحصَّب حيث قاسمت قريش على الكفر. وذلك أن بني ¬

(¬1) وهذا فيه من حرص الإسلام على الصبي حتى يتعلم, وفيه ذكر ابن صيّاد وليس هو الدجال؛ لأنه مات والدجال موجود وسيخرج متى أراد الله. (¬2) عقيل أسلم.

كنانة حالفت قريشًا على بني هاشم ألا يُبايعوهم ولا يؤووهم». قال الزهري: والخيف الوادي. 3059 - عن زيد بن أسلم عن أبيه «أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - استعمل مولى له يُدعى هُنَيًا على الحمى فقال: يا هُنَىُّ اضمُم جناحك عن المسلمين، واتق دعوه المسلمين فإن دعوة المظلوم مُستجابة. وأدخل ربَّ الصُّرَيمة وربَّ الغُنيمة، وإياي ونعَمَ ابن عوف ونَعَمَ ابن عفان، فإنهما إن تهلك ماشيتُهما يرجعا إلى نخل وزرع، وإن ربَّ الصُّريمة وربَّ الغُنَيمة (¬1) إن تهلك ماشيتُهما يأتني بينيه فيقول: يا أمير المؤمنين. أفتاركهم أنا لا أبالَكَ؟ فالماء والكلأ أيسر عليَّ من الذهب والورق ... الحديث». قال الحافظ ... لما أقر النبي - صلى الله عليه وسلم - عقيلًا على تصرفه فيما كان لأخويه علي وجعفر وللنبي - صلى الله عليه وسلم - من الدور والرباع بالبيع وغيره ولم يغير النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك ولا انتزعها ممن هي في يده لما ظفر كان في ذلك دلالة على تقرير من بيده دار أو أرض إذا أسلم وهي في يده بطريق الأولى (¬2). ¬

(¬1) لأنهم فقراء. * ولي الأمر يوصي من يقوم على الحمى بالرفق بالناس. * هذه قاعدة إذا أسلم الناس ولهم أموال فهي لهم, وهكذا أهل مكة لما أسلموا ترك لهم ما في أيديهم تأليفًا لقلوبهم. (¬2) الصواب أن مكة فتحت عنوة, قتل المسلمون من تعرض لهم, قتل ابن خطل, هذا هو الظاهر, وعقيل استولى على بيوت إخوانه فتصرف فيها قبل أن يسلم.

181 - باب كتابة الإمام الناس

181 - باب كتابة الإمام الناس (¬1) 3060 - عن حذيفة - رضي الله عنه -: «قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: اكتبوا لي من تلفَّظ بالإسلام من الناس. فكتبنا له ألفًا وخمسمائة رجل، فقلنا: نخاف ونحن ألف وخمسمائة؟ فلقد رأيتُنا ابتُلينا حتى إن الرجل ليُصلِّي وحده وهو خائف». 3061 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إني كُتبت في غزوة كذا وكذا، وامرأتي حاجَّة، قال: ارجع فحجَّ مع امرأتك» (¬2). 182 - باب الله يؤيد الدِّين بالرجل الفاجر 3062 - عن أبى هريرة - رضي الله عنه - قال: «شهدنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال لرجل من يدَّعى الإسلام: هذا من أهل النار. فلما حضر القتال قاتل الرجل قتالًا شديدًا فأصابته جراحة. فقيل: يا رسول الله، الذي قلت إنه من أهل النار فإنه قاتل اليوم قتالًا شديدًا وقد مات، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إلى النار. قال: فكاد بعض الناس أن يرتاب. فبينما هم على ذلك إذ قيل إنه لم يمُت، ولكن به جراحًا شديدًا. فلما كان الليل لم يصبر على الجراح فقتل نفسه، فأُخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك فقال: الله أكبر، أشهد أنى عبد الله ورسوله. ثم أمر بلالًا فنادى في الناس: إنه لا يدخل الجنة ¬

(¬1) لا بأس بالإحصاء, إحصاء الرجال, إحصاء المقاتلة, والمقصود هنا المهاجرين الذين قدموا إلى المدينة. (¬2) وهذا واضح في لزوم المحرم للمرأة.

183 - باب من تأمر في الحرب من غير إمرة إذا خاف العدو

إلا نفسٌ مسلمة، وإن الله ليؤيِّد هذا الدين بالرجل الفاجر» (¬1). 183 - باب من تأمَّر في الحرب من غير إمرة (¬2) إذا خاف العدو 3036 - عن أنس مالك - رضي الله عنه - قال: «خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أخذ الراية زيدٌ فأصيبَ، ثم أخذها جعفر فأصيبَ، ثم أخذها عبد الله بن رواحة فأصيبَ، ثم أخذها خالد بن الوليد عن غير إمرة ففتح (¬3) الله عليه، وما يسُرُّني ... - أو قال: ما يسرُّهم- أنهم عندنا. وقال: وإن عينيه لتذرفان». 184 - باب العون بالمدد 3064 - عن أنس - رضي الله عنه - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتاه رعلٌ وذكوانُ وعُصيَّة ¬

(¬1) وهذا فيه فوائد: - إثبات نبوته - صلى الله عليه وسلم - فهذا قاتل حمية ولم يقاتل لطلب الجنة والفرار من النار. - الحذر من قتل النفس ولو أصابته الجراحة. - قد يؤيد الدين بالفجار, قد يكون ناس في الجيش لا خلاق لهم لكن لهم قوة وشهامة. - أن الإيمان ينفع إذا كان في القلب, وأما مجرد الظاهر والنفاق فمآله إلى النار. (¬2) وهذا في غزوة مؤتة. (¬3) فلم يقتل منهم إلا القليل, ورجعوا بمغانم عظيمة وانحاز كل فريق إلى محله.

185 - باب من غلب العدو، فأقام على عرصتهم ثلاثا

وبنو لحيان فزعموا أنهم أسلموا، واستمدوه على قومهم، فأمدَّهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بسبعين من الأنصار، قال أنس: كنا نُسميهمُ القُرَّاء، يحطبون بالنهار ويُصلّون بالليل. فانطلقوا بهم حتى بلغوا بئر معونة غدروا بهم وقتولهم. فقَنتَ شهرًا يدعو على رعْل وذكوان وبني لحيان. قال قتادة: وحدثنا أنس أنهم قرءوا بهم قُرآنًا: ألا بلِّغوا عنا قومنا، بأنا قد لقينا ربَّنا، فرضيَ عنا وأرضانا. ثم رُفع ذلك بعد» (¬1). 185 - باب من غَلَبَ العَدُوَّ، فأقام على عرصتهم ثلاثًا 3065 - عن قتادة قال: «ذكر لنا أنس بن مالك عن أبى طلحة - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان ظهر على قوم أقام بالعَرْصة ثلاث (¬2) ليال». 187 - باب إذا غنم المشركون مال المسلم ثم وجده المسلم 3067 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: «ذهب فرس له فأخذه العدو، فظهر عليه المسلمون فرُدَّ عليه في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبق عبدٌ له فلحق بالروم، فظهر عليهم المسلمون فردَّه (¬3) عليه خالد بن الوليد بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -». ¬

(¬1) في هذه ابتلاء أهل الإيمان {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ} الآية. (¬2) وفى هذا مصالح كثيرة, تكميل أمر الفتح, ومنع تميّز بقية العدو وأن يكون له قائمة وقسم الغنائم فالمصالح كثيرة. (¬3) من يشْرد إلى أرض العدو من العبيد ثم يظهر المسلمون على عدوهم يرد إلى صاحبه, كما فعل خالد هنا, ولا يجعل غنيمة.

188 - باب من تكلم بالفارسية والرطانة

188 - باب من تكلم بالفارسية والرَّطانة 3070 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: قلت يا رسول الله ذبحنا بهيمة لنا وطحنتُ صاعًا من شعير فتعال أنت ونفر. فصاح النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «يأهل الخندق، إن جابرًا قد صنع سُؤرًا، فحىَّ هلا بكم». 3071 - عن أم خالد بنت خالد بن سعيد قالت: «أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع أبى وعليَّ قميص أصفر، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: سَنَهْ (¬1) سَنَهْ. قال عبد الله: وهى بالحبشية: حسنة. قالت: فذهبت ألعب بخاتم النبوة، فزَبَرَني أبي. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: دَعهْا. ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أبلي وأخلقي، ثم أبلي وأخلقي، ثم أبلي وأخلقي. قال عبد الله: فبقيَت حتى ذكر». 3072 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن الحسن بن علي أخد تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - بالفارسية: كِخْ (¬2)، كِخْ، أما تعرفُ أنا لا نأكل الصدقة». ¬

(¬1) * وسألت الشيخ: فيه الدعاء بطول العمر بدون قيد؟ قال: الأولى القيد على طاعة الله, وإن نوى وأطلق فالظاهر لا بأس بنيته. فيه جواز الكلام باللغة الأجنبية للمصلحة والحاجة, مثل ما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - زيد بن ثابت بتعلم لغة اليهود لإفهامهم والفهم عنهم. (¬2) فيه أن الصبي ينهى مما حرم الله ولا يمكن من ذلك وعلى وليه منعه, فلا يلبس الحرير, والذَّكَر لا يسبل ثوبه, والحسن مات النبي - صلى الله عليه وسلم - وسنُّه ثمان سنين, والحسين سبع - رضي الله عنهم -.

189 - باب الغلول وقول الله - عز وجل -: {ومن يغلل يأت بما غل}

قال الحافظ: ... وأخرج فيه أيضًا عن عمر رفعه «من أحسن العربية فلا يتكلمنَّ بالفارسية فإنه يورث النفاق» الحديث وسنده واه أيضًا (¬1). 189 - باب الغُلول وقول الله - عز وجل -: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ} 3073 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قام فينا النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر الغُلولَ فعظَّمه وعظَّم أمره، قال: «لا أُلفينَّ أحدكم يوم القيامة على رقبته فرس له حَمْحَمة، يقول: يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئًا، قد أبلغْتُك. وعلى رقبته بعير له رُغاء يقول: يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئًا، قد أبلغْتُك. وعلى رقبته صامت فيقول: يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئًا، قد أبلغْتُك. أو على رقبته رقاع تخفق، فيقول: يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئًا، قد أبلغْتُك» (¬2) وقال أيوب عن أبي حيان «فرس له حَمحَمة». 190 - باب القليل من الغلول 3074 - عن عبد الله بن عمرو قال: «كان على ثُقل النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل يقال له كِرْكِرِة، فمات، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هو في النار فذهبوا ينظرون إليه ¬

(¬1) وسئل الشيخ: عن لسان أهل الجنة وخطاب الله لهم؟ فقال الظاهر من النصوص بالعربية ... ا. هـ. كذا قال شيخنا. (¬2) هذه الآية مع الحديث فيها الحذر من الغلول, وهو الأخذ من الغنيمة قبل القسمة, وهكذا الأخذ بالباطل أو شيئًا من بيت المال. * سؤال النبي - صلى الله عليه وسلم - الشفاعة بعد موته من الشرك الأكبر.

191 - باب ما يكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم

فوجدوا عباءة قد غَلَّها» (¬1). قال الحافظ ... لو صح الحديث [في تحريق متاع الغالّ] لاحتمل أن يكون حين كانت العقوبة بالمال (¬2). 191 - باب ما يُكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم (¬3) 3075 - عن رفاعة عن جده رافع قال: «كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بذي الحُليفة فأصاب الناس جوع، وأصبنا إبلًا وغنمًا - وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - في أُخريات الناس- فعجلوا فنصبوا القدور، فأمر بالقدور فأُكفئت ثم قسَمَ، فعدل عشره من الغنم ببعير، فندَّ منها بعير، وفى القوم خيل يسيرة، فطلبوه فأعياهم، فأهوى إليه رجل بسهم فحسبه الله، فقال: هذه البهائم لها أوابد كأوابد الوحش، فما ندَّ عليكم فاصنعوا به هكذا. فقال جدي: إنا نرجو - أو نخاف - أن نلقى العدو غدًا، وليس معنا مُدى؛ أفنذبح بالقصَب؟ فقال: ما أنهَرَ الدَّم، وذُكر اسم الله عليه فكُلْ، ليس السِّن والظُّفر، وسأحدِّثكم عن ذلك: أما السِّنُّ فعظمٌ، وأما الظفر فمُدي الحَبشَة» (¬4). ¬

(¬1) وهذا يبين أن الغال لا يحرق متاعه, وما روي في هذا فهو ضعيف, بل هو لولي الأمر, والواجب أن يؤدي الغالون المال إلى أهله. (¬2) المقصود أن الصواب عدم التحريق بل يؤخذ. (¬3) إذا كانت بغير حق بل بتعليمات, ولا يذبحون بهواهم. (¬4) بهيمة الأنعام الأهلية إذا ندّ منها شيء تكون مثل الوحش, كالظباء فترمى حتى تقف, فيكون حكمه حكم الوحش.

192 - باب البشارة في الفتوح

192 - باب البشارة في الفتوح 3076 - عن جرير بن عبد الله - رضي الله عنه - «قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ألا تُريحني من ذي الخلَصة؟ وكان بيتًا في خَثْعمُ يسمى كعبة اليمانية. فانطلقت في خمسين ومائة من أحَمسَ -وكانوا أصحاب خيل- فأخبرت النبي - صلى الله عليه وسلم - أنى لا أثبُتُ على الخيل، فضرب في صدري حتى رأيت أثر أصابعه في صدري، فقال: اللهم ثبِّته، واجعله هاديًا مهديًا. فانطلق إليها فكسرها وحرَّقها، فأرسل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يُبَشِّره، فقال رسول جرير لرسول الله: يا رسول الله، والذي بعثك بالحق، ما جئتُك حتى تركتها كأنها جملٌ أجرب. فبارك (¬1) على خيل أحمَسَ ورجالها مرات». 193 - باب ما يُعطى البشير وأعطى كعب بن مالك ثوبين حين بُشِّر (¬2) بالتوبة قال الحافظ: (ما يُعطى البشير، وأعطى كعب بن مالك ثوبين حين بُشِّر بالتوبة). 194 - باب لا هجرة بعد الفتح 3077 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة: «لا هجرة، ولكن جهادٌ ونيَّة. وإذا استُنفرتم (¬3) فانفروا». ¬

(¬1) دعاء لهم بالبركة, وفي رواية خمس مرات. (¬2) البشير يعطى شيئًا لأنه أخبر بما يسر, بشرك بسلامة قريب أو بولد لك أو بفتح للمسلمين, وكعب لما سمع صوت البشير أعطاه ثوبين. (¬3) إذا استنفر الإمام الناس للجهاد وجب النفير على المستطيع.

195 - باب إذا اضطر الرجل إلى النظر في شعور أهل الذمة والمؤمنات إذ عصين الله، وتجريدهن

3078، 3079 - عن مجاشع بن مسعود قال: جاء مُجاشع بأخيه مجالد بن مسعود إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: هذا مجالد يبايعك على الهجرة. فقال: «لا هجرة (¬1) بعد فتح مكة، ولكن أبايعه على الإسلام». 195 - باب إذا اضطُرًّ الرجل إلى النظر في شعور أهل الذمة والمؤمنات إذ عصين الله، وتجريدهن 3081 - عن أبى عبد الرحمن وكان عثمانيًا، فقال لابن عطية وكان علويًا: إني لأعلم ما الذي جرَّأ صاحبك على الدِّماء، سمعته يقول: بعثني النبي - صلى الله عليه وسلم - والزبير فقال: ائتوا روضه كذا، وتجدون بها امرأة أعطاها حاطب كتابًا. فقلنا: الكتاب. قالت: لم يعطني. فقلنا: لتخرجنَّ أو لأجرِّدنك (¬2) فأخرجت من حُجزَتها ... (الحديث)». 197 - باب ما يقول إذا رجع من الغزو 3084 - عن عبد الله - رضي الله عنه - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قفلَ كبَّر ثلاثًا قال: آيبون إن شاء الله، تائبون، عابدون، حامدون، لربنا ساجدون. صدق الله وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده» (¬3). ¬

(¬1) لا هجرة يعنى من مكة, والهجرة باقية لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة, وأما مكة فقد صارت دار إسلام وانتهت الهجرة منها. (¬2) وهذا واضح إذا دعت الحاجة إلى التجريد لمصلحة المسلمين لإخراج ما مع المرأة من الشر كتب لمصلحة المسلمين, مثل ما يقام الحد عليها فقد يظهر منها. (¬3) وفى رواية: ساجدون لربنا حامدون, كله سنة عند القفول.

198 - باب الصلاة إذا قدم من سفر

3085 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - مقفَلَهُ من عُسفان (¬1) ورسوله الله - صلى الله عليه وسلم - على راحلته، وقد أردف صفيَّة بنت حُييّ، فعثرت ناقته فصُرعا جميعًا، فاقتحم أبو طلحة، فقال: يا رسول الله جعلني الله فداءك .. قال: عليك المرأة. فقلت ثوبًا على وجهه وأتاها فألقاه عليها، وأصلح لهما مركبهما فركبا، واكتنفنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فلما أشرفنا على المدينة قال: آيبون، تائبون، عابدون لربنا حامدون. فلم يزل يقول ذلك حتى دخل المدينة». 3086 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أنه أقبل هو وأبو طلحة مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومع النبي - صلى الله عليه وسلم - صفيَّة يُردفها على راحلته. فلما كان ببعض الطريق عثرت الدابة فصرُع النبي - صلى الله عليه وسلم - والمرأة (¬2)، وإن أبا طلحة ... (الحديث)». قال الحافظ: ... وهذا كما قيل في حديث سلمة بن الأكوع الآتي في تحريم المتعة في غزو أوطاس، وإنما كان تحريم المتعة بمكة فأضافها إلى أوطاس لتقاربهما (¬3). 198 - باب الصلاة إذا قدم من سفر 3087 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: «كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فى سفر فلما قدمنا المدينة قال لي: ادخُل فصلِّ ركعتين» (¬4). ¬

(¬1) المعروف مقفلة من خيبر, ولعل هذا وهم, يعني عسفان. (¬2) الرسل والصلحاء يبتلون, أشد الناس بلاء الأنبياء, وقد يمهل الظالم لحينه «إن الله ليملي للظالم». (¬3) هو وهم مقطوع به. (¬4) إن كان المسجد مغلقًا يصلى في بيته؟ حسن لو صلى في بيته.

199 - باب الطعام عند القدوم، وكان ابن عمر يفطر لمن يغشاه

3088 - عن كعب - رضي الله عنه - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قدم من سفر ضُحىً دخل المسجد فصلى ركعتين قبل أن يجلس» (¬1). 199 - باب الطعام عند القدوم، وكان ابن عمر يُفطر لمن يغشاه 3089 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قدم المدينة نحر جزورًا أو بقرة (¬2). زاد معاذ عن شعبة عن محارب سمع جابر بن عبد الله: اشترى منى النبي - صلى الله عليه وسلم - بعيرًا بأوقيَّتين ودرهم أو درهمين. فلما قدم صرارًا أمر ببقرة فذُبحت فأكلوا منها، فلما قدم المدينة أمرني أن آتي المسجد فأصلِّي ركعتين، ووزنَ لي ثمن البعير». ¬

(¬1) * وهذا هو السنة إذا قدم من سفر في وقت ليس وقت ليس نهي يصلي ثم يجلس للناس. (4) من ذوات الأسباب؟ ما هو الظاهر يستطيع يؤخر. * هاتان الركعتان قبل دخوله البيت؟ نعم. (¬2) يدل على الذبح عند القدوم من السفر لما فيه من الإيناس للأهل، وشكر نعمة الله على القدوم.

الحلل الإبريزية من التعليقات البازية على صحيح البخاري بقلم أبي محمد عبد الله بن مانع الروقي الجزء الثالث

بسم الله الرحمن الرحيم

الحلل الإبريزية من التعليقات البازية على صحيح البخاري (3)

57 - كتاب فرض الخمس

57 - كتاب فرض الخمس 4 - باب ما جاء في بيوت أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، وما نسب من البيوت إليهن 3101 - عن ابن شهاب عن علي بن حسين أن صفية زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرته أنها جاءت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوره وهو معتكف في المسجد- في العشر الأواخر من رمضان- ثم قامت تنقلب فقام معها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى إذا بلغ قريبًا من باب المسجد عند باب أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - مر بهما رجلان من الأنصار فسلما على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم نفذا، فقال لهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «على رسلكما». قالا: سبحان الله يا رسول الله، وكبر عليهما ذلك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الشيطان يبلغ من الإنسان مبلغ الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئًا» (¬1). 3102 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: «ارتقيت فوق بيت حفصة فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقضي حاجته مستدبر القبلة مستقبل الشام» (¬2). ¬

(¬1) فيه فوائد: - شرعية الاعتكاف في رمضان للرئيس وغيره. - شرعية قلب الزائر إلى الباب، هذا أصل في تشييع الزائر، يستحب الخروج معه إلى الباب. - التبيين خشية من التهمة أو مظنة ذلك، وهذا من باب الدفع عن النفس. - زيارة المعتكف. (¬2) وهذا يدل على جواز الاستقبال أو الاستدبار في البنيان، وتركه أحسن، ولو في البيوت.

5 - باب ما ذكر من درع النبي - صلى الله عليه وسلم - وعصاه وسيفه وقدحه وخاتمه

3103 - عن عائشة - رضي الله عنهما - قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي العصر والشمس لم تخرج من حجرتها» (¬1). 3104 - عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: «قام النبي - صلى الله عليه وسلم - خطيبًا فأشار نحو مسكن عائشة فقال: ها هنا الفتنة- ثلاثًا- من حيث يطلع قرن الشيطان» (¬2). 5 - باب ما ذكر من درع النبي - صلى الله عليه وسلم - وعصاه وسيفه وقدحه وخاتمه 3107 - عن عيسى بن طهمان قال: أخرج إلينا أنس نعلين جرداوين (¬3) لهما قبالان، فحدثني ثابت البناني عن أنس أنهما نعلا النبي - صلى الله عليه وسلم -». 3109 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - «أن قدح النبي - صلى الله عليه وسلم - انكسر فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة. قال عاصم: رأيت القدح وشربت فيه» (¬4). ¬

(¬1) يفيد أن البيوت كانت قصيرة ليست طويلة. (¬2) يعني المشرق، فالشرور منه الشرق الأدنى مسيلمة، والأقصى الجهمية والمعتزلة والرافضة، ونجد من الشرق فهي داخلة، ولا يمنع وجود الشيطان فيهم ا، يكون فيه أخيار وصلحاء وعلماء. وهكذا المشرق خرج منه علماء وعباد كالبخاري وغيره، فالشرق أوسع، نجد أوله. (¬3) ليس فيهما شعر. (¬4) يدل على جواز التجبير بالفضة اليسيرة. فقلت الفضة فقط؟ فقال الفضة فقط. - لبس الخاتم سنة؟ الله أعلم جائز، الجواز جائز. - خشي المسور أن يأخذه يزيد منه.

6 - باب الدليل على أن الخمس لنوائب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمساكين وإيثار النبي - صلى الله عليه وسلم - أهل الصفة والأرامل

6 - باب الدليل على أن الخمس لنوائب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمساكين وإيثار النبي - صلى الله عليه وسلم - أهل الصفة والأرامل 3113 - عن علي أن فاطمة - رضي الله عنهما - اشتكت ما تلقى من الرحى مما تطحنه، فبلغها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى بسبي، فأتته تسأله خادمًا فلم توافقه، فذكرت لعائشة، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك عائشة له، فأتانا وقد أخذنا مضاجعنا فذهبنا لنقوم فقال: على مكانكما؛ حتى وجدت برد قدمه على صدري، فقال ألا أدلكما على خير مما سألتماني؟ إذا أخذتما مضاجعكما فكبرا الله أربعًا وثلاثين، واحمدا ثلاثًا وثلاثين، وسبحا ثلاثًا وثلاثين، فإن ذلك خير لكما مما سألتماه» (¬1). 7 - باب قول الله تعالى: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [الأنفال: 41] يعني للرسول قسم ذلك وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «إنما أنا قاسم وخازن، والله يعطي» 3114 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: «ولد لرجل منا من الأنصار غلام، فأراد أن يسميه محمدًا- قال شعبة في حديث منصور: ¬

(¬1) وهذا التسبيح سنة عند النوم، قالت فاطمة فما اشتكيت بعد ذلك، يعني بعدما استعملت هذا الذكر، وهو مما يقوى به الله العبد على شؤونه. - وقد علم النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الذكر فقراء المهاجرين دبر الصلاة. - الخمس من الغنيمة قد وضح الله حكمه في الأنفال {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} يتصرف فيه ولي الأمر لمصالح المسلمين. - اعتذر إليها عن الخادم لحاجة المسلمين، ثم أعطاها لما وسع الله.

إن الأنصاري قال: حملته على عنقي، فأتيت به النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي حديث سليمان: ولد له غلام فأراد أن يسميه محمدًا- قال: سموا ولا تكنوا بكنيتي، فإني إنما جعلت قاسمًا أقسم بينكم. وقال حصين: بعثت قاسمًا أقسم بينكم. وقال عمرو: أخبرنا شعبة عن قتادة قال: سمعت سالمًا عن جابر: أرادا أن يسميه القاسم فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «تسموا باسمي، ولا تكتنوا بكنيتي» (¬1). 3116 - عن معاوية قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين، والله المعطي وأنا القاسم، ولا تزال هذه الأمة ظاهرين على من خالفهم حتى يأتي أمر الله (¬2) وهم ظاهرون» (¬3). 3118 - عن خولة الأنصارية - رضي الله عنها - قالت: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن رجالًا يتخوضون في مال الله بغير حق، فلهم النار يوم القيامة» (¬4). ¬

(¬1) وهذا فيه جواز التسمية بمحمد، وفي الصحابة محمد بن مسلمة ومحمد ابن أبي بكر، ثم رخص بعد وفاته، استأذنه على؛ لأنه بعد وفاته زالت العلة فلا مانع من التكني بأبي القاسم، وفي العلماء من تكنى بأبي القاسم كثيرون. (¬2) الريح في آخر الزمان. (¬3) وهذا فيه فضل الفقه في الدين وأنه من علامات السعادة، ومن علامات الشقاء الإعراض والجهل. ووعظ الشيخ موعظة طيبة في طلب العلم. (¬4) وهذا وعيد عظيم فيمن يخوض في الأموال بغير حق، فمن كان أميرًا أو ملكًا يجب عليه أن يتقيد بشرع الله.

8 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «أحلت لكم الغنائم»

8 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «أحلت لكم الغنائم» 3120 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده. والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله» (¬1). 3123 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «تكفل (¬2) الله لمن جاهد في سبيله لا يخرجه إلا الجهاد في سبيله، وتصديق كلماته، بأن يدخله الجنة، أو يرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من أجرٍ أو غنيمة». 3124 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه: لا يتبعني رجل ملك بضع امرأة وهو يريد أن يبني بها ولما يبن بها، ولا أحد بنى بيوتًا ولم يرفع سقوفها، ولا آخر اشترى غنمًا أو خلفات وهو ينتظر ولادها. فغزا. فدنا من القرية صلاة العصر أو قريبًا من ذلك، فقال للشمس: إنك مأمورة وأنا مأمور، اللهم احبسها علينا، فحبست (¬3) حتى فتح الله عليهم، فجمع الغنائم، فجاءت- يعني النار- لتأكلها فلم تطعمها، فقال: إن فيكم غلولًا، فليبايعني من كل قبيلة رجل، فلزقت يد رجل بيده، فقال: فيكم الغلول، فليبايعني قبيلتك، فلزقت يد رجلين أو ثلاثة بيده، فقال: فيكم الغلول، فجاءوا برأس بقرة ¬

(¬1) وقد وقه هذا في عهد الصديق وعمر، حققه الله للمسلمين. (¬2) من الصفات الفعلية، معناه ضمن. (¬3) وليس في هذا الدليل على أنها لم تحبس لغيره

9 - باب الغنيمة لمن شهد الوقعة

من الذهب فوضعوها، فجاءت النار فأكلتها، ثم أحل الله لنا الغنائم، رأى ضعفنا وعجزنا فأحلها لنا» (¬1). قال الحافظ: ... عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الشمس لم تحبس لبشر إلا ليوشع بن نون ليالي سار إلى بيت المقدس» (¬2). قال الحافظ: ... وهذا أبلغ في المعجزة وقد أخطأ ابن الجوزي بإيراده له في «الموضوعات» (¬3). 9 - باب الغنيمة لمن شهد الوقعة 3125 - عن عمر - رضي الله عنه - «لولا آخر المسلمين ما فتحت قرية إلا قسمتها بين أهلها كما قسم النبي - صلى الله عليه وسلم - خيبر» (¬4). 10 - باب من قاتل للمغنم هل ينقص من أجره؟ 3126 - عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال أعرابي للنبي - صلى الله عليه وسلم -: الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل ليذكر، ويقاتل ليرى مكانه، من في سبيل الله؟ فقال: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله» (¬5). ¬

(¬1) الحمد لله، الحمد لله، الله أكبر. (¬2) المقصود الأصل ثبوت الأدلة، فمتى ثبت تحبيسها لشخص. (¬3) يحتاج إلى جمع طرق، ومن أطلع حجة على من لم يطلع. (¬4) اجتهاد منه. (¬5) فمن قاتل للمغنم؟ لا أجر له.

13 - باب بركة الغازي في ماله حيا وميتا، مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وولاة الأمر

11 - باب قسمة الإمام ما يقدم عليه، ويخبأ لمن لم يحضره أو غاب عنه 3127 - عن عبد الله بن أبي مليكة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أهديت له أقبية من ديباج مزردة بالذهب، فقسمها في ناس من أصحابه، وعزل منها واحدًا لمخرمة بن نوفل، فجاء ومعه ابنه المسور بن مخرمة، فقام على الباب، فقال: ادعه لي، فسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - صوته فأخذ قباءً فتلقاه به واستقبله بأزراره فقال: يا أبا المسور خبأت هذا لك، يا أبا المسور خبأت هذا لك، وكان في خلقه شيء» (¬1). 13 - باب بركة الغازي في ماله حيًا وميتًا، مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وولاة الأمر 3129 - عن عبد الله بن الزبير قال: «لما وقف الزبير يوم الجمل دعاني فقمت إلى جنبه فقال: يا بني لا يقتل اليوم إلا ظالم أو مظلوم، ... الحديث ... فقتل الزبير - رضي الله عنه - ولم يدع دينارًا ولا درهمًا، إلا أرضين منها الغابة، ... الحديث ... فقال حكيم: والله ما أرى أموالكم تسع لهذه. فقال له عبد الله: أرأيتك إن كانت ألفي ألف ومائتي ألف؟ (¬2) قال: ما ¬

(¬1) - وهذا للإمام يخص بعضهم بعطية، وحتى لا يقع في إيمانهم شيء، وهذا من جنس ما يعطى للمؤلفة قلوبهم. شدة وهي في العيني، وهذه هدية ليست من الغنيمة ولا من الفيء. (¬2) يعني مليونين ومئتي ألف. - من باب الأمانة، يخشى عليها الضياع، بل تكون دينًا. - الله أكبر بركة من الله أخذ أموال الناس على وجه الإصلاح. وبكى شيخنا وقال: - رضي الله عنه - صالحًا ونوى صالحًا.

14 - باب إذا بعث الإمام رسولا في حاجة، أو أمره بالمقام، هل يسهم له؟

أراكم تطيقون هذا، فإن عجزتم عن شيء منه فاستعينوا بي ... الحديث. 14 - باب إذا بعث الإمام رسولًا في حاجة، أو أمره بالمقام، هل يسهم له؟ 3130 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: إنما تغيب عثمان عن بدر فإنه كان تحته بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكانت مريضة، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن لك أجر ممن شهد بدرًا وسهمه» (¬1). 15 - باب: ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين ما سأل هوازن النبي - صلى الله عليه وسلم - ... - برضاعة فيهم- فتحلل من المسلمين ... 3131، 3132 - عن ابن شهاب قال: وزعم عروة أن مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة أخبراه «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال حين جاءه وفد هوازن فسألوه أن يرد إليهم أموالهم وسبيهم، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أحب الحديث إلي أصدقه، فاختاروا إحدى الطائفتين: إما السبي وإما المال، وقد كنت استأنيت بهم- وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انتظرهم بضع عشرة ليلة حين قفل من الطائف- فلما تبين لهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غير راد إليهم إلا إحدى الطائفتين قالوا: فإنا نختار سبينا، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسلمين فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال: أما بعد فإن إخوانكم هؤلاء قد جاءونا تائبين، وإني قد رأيت أن أرد إليهم سبيهم، من أحب أن يطيب فليفعل، ومن أحب منكم أن يكون على حظه حتى نعطيه إياه من أول ما ¬

(¬1) ولي الأمر إذا رأى أن يحض إنسانًا لم يحض بشيء لا بأس لمصلحة شرعية؛ لأنه كان يمرض زوجته بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهكذا لو بعثه في حاجة.

يفيء الله علينا فليفعل. فقال الناس قد طيبنا ذلك يا رسول الله لهم، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنا لا ندري من أذن منكم في ذلك ممن لم يأذن (¬1)، فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم، فرجع الناس. فكلمهم عرفاؤهم ثم رجعوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبروه أنهم قد طيبوا فأذنوا. فهذا الذي بلغنا عن سبي هوازن». 3133 - عن أبي قلابة قال: وحدثني القاسم بن عاصم الكليني (¬2) - وأنا لحديث القاسم أحفظ- عن زهدم قال: «كنا عند أبي موسى، فأتى ذكر دجاجة وعنده رجل من بني تيم الله أحمر كأنه من الموالي، فدعاه للطعام فقال: إني رأيته يأكل شيئًا فقذرته فحلفت أن لا آكل. فقال: هلم فلأحدثكم عن ذلك: إني أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نفرٍ من الأشعريين نستحمله، فقال: والله لا أحملكم، وما عندي ما أحملكم ... الحديث. 3134 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث سرية فيها عبد الله بن عمر قبل نجد فغنموا إبلًا كثيرة، فكانت سهمانهم اثنى عشر بعيرًا، ونفلوا (¬3) بعيرًا بعيرًا». ¬

(¬1) لأن الجيش كثيرون. - وكانت هوازن أعلنت الحرب حينما فتح النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة، فقاتلهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فهزمهم. (¬2) بالنون كما في االتقريب، وقيل بالباء ذكره العيني. (¬3) فيه جواز النفل، من الخمس زيادة.

3136 - حدثنا محمد بن العلاء حدثنا أبو أسامة حدثنا يزيد (¬1) بن عبد الله عن أبي بردة عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: «بلغنا مخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - ونحن باليمن، فخرجنا مهاجرين إليه- أنا وأخوان لي أنا أصغرهم: أحدهما أبو بردة والآخر أبو رهم- إما قال في بضع وإما قال في ثلاثة وخمسين أو اثنين وخمسين رجلًا من قومي، فركبنا سفينة، فألقتنا سفينتنا إلى النجاشي بالحبشة، ووافقنا جعفر بن أبي طالب وأصحابه عنده، فقال جعفر: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثنا هاهنا، وأمرنا بالإقامة، فأقيموا معنا. فأقمنا معه حتى قدمنا جميعًا، فوافقنا النبي - صلى الله عليه وسلم - حين افتتح خيبر، فأسهم لنا- أو قال: فأعطانا- منها، وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر منها شيئًا، إلا لمن شهد معه، إلا أصحاب سفينتنا مع جعفر وأصحابه، قسم لهم معهم» (¬2). 3137 - عن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لو قد جاءنا مال البحرين لقد أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا». فلم يجيء حتى قبض النبي - صلى الله عليه وسلم -. فلما جاء مال البحرين أمر أبو بكر مناديًا فنادى: من كان له عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دين أو عدة فليأتنا فأتيته فقلت: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لي كذا وكذا. فحثا ثلاثًا. وجعل سفيان يحثو بكفيه جميعًا، ثم قال لنا: هكذا قال لنا ابن المنكدر. وقال مرة فأتيت أبا بكر ... الحديث (¬3). ¬

(¬1) صوابه: بريد مصغرًا. (¬2) تأليفًا لقلوبهم ومراعاة لما حصل لهم من التعب. (¬3) وهذا يدل على فضل الصديق - رضي الله عنه - وقيامه بوعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وليبر وعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفيه تصديق الثقة.

16 - باب ما من النبي - صلى الله عليه وسلم - على الأسارى من غير أن يخمس

قال الحافظ: ... وقوله (برضاعه) أي بسبب رضاعه، لأن حليمة السعدية مرضعته كانت منهم (¬1)، وقد ذكر قصة سؤال هوازن ... قال الحافظ: ... وأن وعده - صلى الله عليه وسلم - لا يجوز (¬2) إخلافه فنزل منزلة الضمان في الصحة. قال الحافظ: ... (لقد شقيت) بضم المثناة للأكثر ومعناه ظاهر ولا محذور فيه (¬3). 16 - باب ما من النبي - صلى الله عليه وسلم - على الأسارى من غير أن يخمس 3139 - عن الزهري عن محمد بن جبير عن أبيه - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في أسارى بدر: «لو كان المطعم بن عدي حيًا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له» (¬4). ¬

(¬1) مراعاة لرضاعها والشكر لهم، والأظهر أن السبب التأليف. قلت: وحليمة اختلف في إسلامها ولم يجزم فيه ابن القيم بشي بل توقف. الهدي (1/ 83). (¬2) هذا أولى/ وما سواه قاله بصيغة التمريض. - والأقرب عنا إلحاقه بالدية أو الضمان، فعن الميت يكون من الثلث إن شبه بالدين، ولا أقل أن يكون من الثلث لأن الوعد عظيم. - الجزية والخراج والخمس مصرفة في مصالح المسلمين. (¬3) السياق يقتضي الأول (الضم). (¬4) وفي هذا حث على المكافأة لأهل الأعمال الطيبة وأهل المعروف، والمطعم مات على دين قومه، وقد كان - صلى الله عليه وسلم - في جواره لما رجع من الطائف إلى مكة فشكر النبي - صلى الله عليه وسلم - صنيعه هذا.

18 - باب من لم يخمس الأسلاب

18 - باب من لم يخمس الأسلاب ومن قتل قتيلًا فله سلبه من غير أن يخمس، وحكم الإمام فيه. 3141 - عن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن جده قال: بينا أنا واقف في الصف يوم بدر، فنظرت عن يميني وشمالي، فإذا أنا بغلامين من الأنصار حديثة أسنانهما تمنيت أن أكون بين أضلع منهما، فغمزني أحدهما فقال: يا عم هل تعرف أبا جهل؟ قلت: نعم، ما حاجتك إليه يا ابن أخي؟ قال: أخبرت أنه يسب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا. فتعجبت لذلك، فغمزني الآخر فقال لي مثلها، فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل يجول في الناس فقلت: ألا إن هذا صاحبكما الذي سألتماني، فابتدراه بسيفيهما فضرباه حتى قتلاه (¬1). ثم انصرفا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبراه، فقال: أيكما قتله؟ قال: كل واحد منهما: أنا قتلته. فقال: هل مسحتما سيفيكما؟ قالا: لا. فنظر في السيفين فقال: كلا كما قتله. سلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح وكانا معاذ بن عفراء ومعاذ بن عمرو بن الجموح» (¬2). 3142 - عن أبي قتادة - رضي الله عنه - قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين، فلما التقينا كانت للمسلمين جولة، فرأيت رجلًا من المشركين علا رجلًا من المسلمين؛ فاستدبرت حتى أتيته من ورائه حتى ضربته بالسيف على حبل عاتقه، فأقبل علي فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت؛ ثم ¬

(¬1) الحمد لله. (¬2) كأنه رآى أن ضربة معاذ بن عمرو هي التي أثرت فيه.

19 - باب ما مان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس ونحوه

أدركه الموت فأرسلني، فلحقت عمر بن الخطاب فقلت: ما بال الناس؟ ... الحديث ... فقال أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -: لا ها الله إذًا لا يعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - يعطيك سلبه. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: صدق. فأعطاه، فابتعت (¬1) مخرفًا في بني سلمة، فإنه لأول مال تأثلته في الإسلام». قال الحافظ: ... وإلى ما تضمنته الترجمة ذهب الجمهور، وهو أن القاتل يستحق السلب سواء قال أمير الجيش قبل ذلك من قتل قتيلًا فله سلبه أو لم يقل ذلك. (¬2) .. 19 - باب ما مان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس ونحوه 3143 - عن حكيم بن حزام - رضي الله عنه - قال: «سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم قال لي: يا حكيم، إن هذا المال خضر حلو، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذ بإشراف نفس لم يبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع، واليد العليا خير من اليد السفلى. قال حكيم: فقلت يا رسول الله، والذي بعثك بالحق لا أرزأ (¬3) أحدًا بعدك ¬

(¬1) مخرف: بستان. وفيه قبول خبر الواحد الثقة. في نسخة: فبعت الدرع فابتعت به مخرفًا. (¬2) هل يحتاج أخذ السلب إلى إذن الإمام؟ لا، بل هو قضاء النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعلى ولي الأمر أن ينفذه. (¬3) لا أرزأ: لا أنقض. - فيه دلالة على فضل الاستعفاف وعدم الالتفاف إلى ما عند الناس،

شيئًا حتى أفارق الدنيا، فكان أبو بكر يدعو حكيمًا ليعطيه العطاء فيأبى أن يقبل منه شيئًا، ثم إن عمر دعاه ليعطيه فأبى أن يقبل منه، فقال: يا معشر المسلمين، إني أعرض عليه حقه الذي قسم الله له من هذا الفيء فيأبى أن يأخذه. فلم يرزأ حكيم أحدًا من الناس شيئًا بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى توفي». 3144 - عن أيوب عن نافع «أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: يا رسول الله إنه كان علي اعتكاف يوم في الجاهلية، فأمره أن يفي به. قال: وأصاب عمر جاريتين من سبي فوضعهما في بيوت مكة، قال فمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على سبي حنين، فجعلوا يسعون في السكك، فقال عمر: يا عبد الله انظر ما هذا؟ قال: من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على السبي. قال: اذهب فأرسل الجاريتين. قال نافع: ولم يعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الجعرانة (¬1)، ولو اعتمر لم يخف على عبد الله». 3145 - عن عمرو بن تغلب - رضي الله عنه - قال: «أعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قومًا ومنع آخرين، فكأنهم عتبوا عليه فقال: إني أعطى قومًا أخاف ظلعهم وجزعهم (¬2)، وأكل أقوامًا إلى ما جعل الله في قلوبهم من الخير والغنى، منهم عمرو بن تغلب. فقال عمرو بن تغلب: ما أحب أن تكون لي بكلمة، رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حمر النعم». ¬

(¬1) ولهذا صح في الحديث «قد أفلح من أمن ورزق كفافًا وقنعه الله بما آتااه» [رواه مسلم]. خفي هذا على ابن عمر. (¬2) فيه أن ولي الأمر يعطي من يرى إعطاؤه ويترك من يترك للمصلحة ولتأليف القلوب، وهذا من جنس سهم المؤلفة قلوبهم.

3147 - عن أنس بن مالك أن ناسًا من الأنصار قالوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أفاء الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - من أموال هوازن ما أفاء، فطفق يعطي رجالًا من قريش المائة من الإبل، فقالوا: يغفر الله لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يعطى قريشًا ويدعنا (¬1)، وسيوفنا تقطر من دمائهم. قال أنس: فحدث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمقالتهم، فأرسل إلى الأنصار فجمعهم في قبة من أدم، ولم يدع معهم أحدًا غيرهم، فلما اجتمعوا جاءهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما كان حديث بلغني عنكم؟ قال له فقهاؤهم أما ذوو آرائنا يا رسول الله فلم يقولوا شيئًا، وأما أناس منا حديثة أسنانهم فقالوا: يغفر الله لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعطي قريشًا ويترك الأنصار، وسيوفنا تقطر دمائهم. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إني لأعطي رجالًا حديث عهدهم بكفر، أما ترضون أن يذهب الناس بالأموال، وترجعوا إلى رحالكم برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فوالله ما تنقلبون به خير مما ينقلبون به. قالوا: بلى يا رسول الله، قد رضينا. فقال لهم: إنكم سترون بعدي أثرة شديدة، فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - على الحوض. قال أنس: فلم نصبر». 3149 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «كنت أمشي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجذبه جذبة (¬2) شديدة حتى نظرت إلى صفحة عاتق النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أثرت به حاشية الرداء من شدة ¬

(¬1) هل يؤخذ منه مشروعية مناقشة ولي الأمر في المال؟ نعم إذا أشكل شيء يستفسر. (¬2) وفي هذا حكمة النبي - صلى الله عليه وسلم - وصبره ولم يقل له شيئًا.

20 - باب ما يصيب من الطعام في أرض الحرب

جذبته ثم قال: مر لي من مال الله الذي عندك. فالتفت إليه فضحك ثم أمر له بعطاء» (¬1). 3152 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - «أن عمر بن الخطاب أجلى اليهود والنصارى من أرض الحجاز، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما ظهر على أهل خيبر أراد أن يخرج اليهود منها. وكانت الأرض- لما ظهر عليها- لليهود وللرسول وللمسلمين (¬2). فسأل اليهود رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتركهم على أن يكفوا العمل ولهم نصف الثمر. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نترككم على ذلك ماشئنا. فاقروا. حتى أجلاهم عمر في إمارته إلى تيماء وأريحا». 20 - باب ما يصيب من الطعام في أرض الحرب 3153 - عن عبد الله بن مغفل - رضي الله عنه - قال: «كنا محاصرين قصر خيبر، فرمى إنسان بجراب فيه شحم، فنزوت لآخذه فالتفت فإذا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فاستحييت منه» (¬3). ¬

(¬1) وفيه جواز لبس الملابس من بلاد الكفرة. (¬2) فيه الدلالة على استخدام الكفرة عند الحاجة إذا أمنوا على ما تحت أيديهم. (¬3) يؤكل الشيء العنب الشحم ليأكله لا ليجوز عن إخوانه شيئًا ليعينهم على الجهاد، ومثله إذا احتاجوا إلى أكل لحم فنحروا إبلًا أو غنمًا (بعد سؤال أحدهم).

3155 - عن ابن أبي أوفى - رضي الله عنهما - قال: «أصابتنا مجاعة ليالي خيبر، فلما كان يوم خيبر وقعنا في الحمر الأهلية فانتحرناها، فلما غلت القدور نادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أكفئوا القدور فلا تطعموا من لحوم الحمر شيئًا». قال عبد الله: فقلنا إنما نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنها لم تخمس. قال: وقال آخرون حرمها البتة. وسألت سعيد بن جبير فقال: حرمها البتة (¬1). ¬

(¬1) في الصحيحين قال: إنها رجس.

58 - كتاب الجزية والموادعة

58 - كتاب الجزية والموادعة 1 - باب الجزية والموادعة، مع أهل الذمة والحرب 3156 - عن سفيان قال سمعت عمرًا قال: «كنت جالسًا مع جابر بن زيد وعمرو بن أوس فحدثهما بجالة سنة سبعين- عام حج مصعب بن الزبير بأهل البصرة- عند درج زمزم قال: كنت كاتبًا لجزء بن معاوية عم الأحنف، فأتانا كتاب عمر بن الخطاب قبل موته بسنة: فرقوا بين كل ذي محرم من المجوس (¬1). ولم يكن عمر أخذ الجزية من المجوس» (¬2). 3158 - عن المسور بن مخرمة أنه أخبره أن عمرو بن عوف الأنصاري ... - وهو حليف لبني عامر بن لؤي، وكان شهد بدرًا- أخبره «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو صالح أهل البحرين وأمر عليهم العلاء بن الحضرمي، فقدم أبو عبيدة بمال من البحرين، فسمعت الأنصار بقدوم أبي عبيدة فوافقت صلاة ¬

(¬1) - الجزية على حسب اليسار، إن كانوا موسرين زيد عليهم وإن كانت أحوالهم دون خفف عنهم، والحكمة في ذلك أمران: 1 - إصغارهم وإحقارهم وليدخلوا في الإسلام. 2 - عون المسلمين على جهادهم وأمورهم. وكانوا يستحلون ذلك فيفرق بينهم إن ظهر المسلمون عليهم، أو عم أسلموا. (¬2) يدل على أن حكمهم حكم أهل الكتاب في الجزية، ولكن لا تؤكل أطعمتهم (ذبائحهم)

2 - باب إذا وادع الإمام ملك القرية هل يكون ذلك لبقيتهم؟

الصبح مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما صلى بهم الفجر انصرف، فتعرضوا له، فتبسم (¬1) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين رآهم وقال: أظنكم قد سمعتم أن أبا عبيدة قد جاء بشيء، قالوا: أجل يا رسول الله، قال: فأبشروا وأملوا ما يسركم، فوالله لا الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم». 3160 - فقال النعمان: ربما أشهدك الله مثلها مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يندمك ولم يخزك ولكني شهدت القتال مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كان إذا لم يقاتل في أول النهار (¬2) انتظر حتى تهب الأرواح. وتحضر الصلوات». 2 - باب إذا وادع الإمام ملك القرية هل يكون ذلك لبقيتهم؟ (¬3) 3161 - عن أبي حميد الساعدي قال: «غزونا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - تبوك، وأهدى ملك (¬4) أيلة للنبي - صلى الله عليه وسلم - بغلة بيضاء، وكساه بردًا، وكتب له ببحرهم» ¬

(¬1) وفي هذا حسن خلقه - صلى الله عليه وسلم - حيث تبسم لصنيعهم، وكان السبب في ذلك حاجتهم - رضي الله عنهم - بسبب الحروب. - البحرين بين البصرة وهجر. (¬2) التأخير عند إمكان التأخير أما إذا حمي القتال أو النهار وجب منازلة العدو، وأما عند الاختيار فيؤخر حتى يزول. (¬3) دل على أن الاتفاق مع الملك اتفاق مع الرعية. (¬4) من النصاري.

3 - باب الوصاة بأهل ذمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والذمة العهد، والإل القرابة

3 - باب الوصاة بأهل ذمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والذمة العهد، والإل القرابة 3162 - عن أبي جمرة قال: سمعت جويرية بن قدامة التميمي قال: «سمعت عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: قلنا أوصنا يا أمير المؤمنين، قال: أوصيكم بذمة الله، فإنه ذمة نبيكم، ورزق عيالكم» (¬1). 4 - باب ما أقطع النبي - صلى الله عليه وسلم - من البحرين، وما وعد من مال البحرين والجزية ولمن يقسم الفيء والجزية؟ 3163 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: «دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - الأنصار ليكتب لهم بالبحرين، فقالوا: لا والله حتى تكتب لإخواننا من قريش بمثلها، فقال: ذاك لهم ما شاء الله على ذلك يقولون له. فإنكم سترون بعدي أثرة (¬2)، فاصبروا حتى تلقوني على الحرص». 3165 - عن أنس «أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بمال (¬3) من البحرين فقال: انثروه في المسجد، فكان أكثر مال أتي به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ جاءه العباس فقال: يا رسول الله أعطني، فإني فاديت نفسي وفاديت عقيلا. فقال: خذ. فحثا في ثوبه، ثم ذهب يقله فلم يستطع فقال: أمر بعضهم يرفعه إلي، قال: لا. قال: فارفعه أنت علي، قال: لا. فنثر منه ثم ذهب يقله فلم يرفعه ¬

(¬1) اعدلوا فيهم .... ورزقكم ورزق عيالكم يعني الجزية. (¬2) قال شيخنا: وهو الواقع. (¬3) هذا الفيء لهم، وإنما أراد للأنصار شيء يخصهم فلما قالوا ما قالوا وقد علم أن الخراج مقسوم بين الجميع قال لهم سيؤثر عليكم ويعطي غيركم.

5 - باب إثم من قتل معاهدا بغير جرم

فقال: فمر بعضهم يرفعه علي، قال: لا، قال: فارفعه أنت علي، قال: لا. فنثر منه ثم احتمله على كاهله ثم انطلق، فما زال يتبعه بصره حتى خفي علينا، عجبًا من حرصه فما قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وثم منها درهم» (¬1). 5 - باب إثم من قتل معاهدًا بغير جرم 3166 - عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قتل معاهدًا (¬2) لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من ميسرة أربعين عامًا». 6 - باب إخراج اليهود من جزيرة العرب وقال عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أقركم ما أقركم الله» 3167 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «بينما نحن في المسجد خرج ¬

(¬1) كان يعطي من لا يخشي الفقر، وبهذا يتصرف ولي الأمر يعطي من يؤلفه لهذا الأمر. (¬2) معاهدًا بفتح الهاء أصوب. المعاهد: الذي له ذمة سواء كان من أهل الجزية أو كان من أهل الأمان أو العهد من دون جزية، لأنه بالعهد عصم دمه وماله، ولكون بعض الناس قد يستاهل في هذا جاء هذا الحديث العظيم، فالواجب على أهل الإسلام أن يحترموا العهود والمواثيق وأن يعطوها حقها ولا يحفزوها - العمليات الاستشهادية؟ لا. لا يقتل نفسه، لكن كونه يهاجم ويغامر قد ينجو وقد لا ينجو فلا بأس.

7 - باب إذا غدر المشركون بالمسلمين هل يعفى عنهم؟

النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: انطلقوا إلى يهود (¬1)، فخرجنا حتى جئنا بيت المدارس فقال: أسلموا تسلموا، واعلموا أن الأرض لله ورسوله، وإني أريد أن أجليكم من هذه الأرض، فمن يجد منكم بماله شيئًا فليبعه، وإلا فاعلموا أن الأرض لله ورسوله». 7 - باب إذا غدر المشركون بالمسلمين هل يعفى عنهم؟ 3169 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «لما فتحت خيبر أهديت للنبي - صلى الله عليه وسلم - شاة فيها سم (¬2)، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: اجمعوا لي من كان ها هنا من يهود، فجمعوا له، فقال: إني سائلكم عن شيء، فهل أنتم صادقي عنه؟ فقالوا: نعم. قال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: من أبوكم؟ قالوا: فلان. فقال: كذبتم، بل أبوكم فلان. قالوا: صدقت. قال: فهل أنتم صادقي عن شيء إن سألت عنه؟ فقالوا نعم يا أبا القاسم، وإن كذبنا عرفت كذبنا كما عرفته في أبينا. فقال لهم: من أهل النار؟ فقالوا: نكون فيها يسيرًا ثم تخلفونا فيها. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: اخسئوا فيها، والله لا نخلفكم فيها أبدًا. ثم قال: هل أنتم صادقي عن شيء إن سألتكم عنه؟ قالوا: نعم يا أبا ¬

(¬1) لعلهم بقايا لليهود بقيت منهم لأسباب منه - صلى الله عليه وسلم -، وإلا قد أجلى بنو النضير وبنو قينقاع وقتل بني قريظة. وهذا يدل على أن الواجب إخراج الكفرة من هذه الجزيرة، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - أوصى بإخراجهم، ولهذا قال: (أقركم ما أقركم الله) واستقر الأمر أن الجزيرة لا يجتمع فيها دينان، لكن لو دخل لحاجة، رسول دولته، او لحاجة مؤقتة فلا بأس ثلاثة أيام أو نحوها. (¬2) خبثهم لا ينتهي، وشرهم لا ينتهي {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ .... }.

8 - باب دعاء الإمام على من نكث عهدا

القاسم. قال: هل جعلتم في هذه الشاة سمًا؟ قالوا: نعم. قال: ما حملكم على ذلك؟ قالوا: إن كنت كاذبًا نستريح، وإن كنت نبيًا لم يضرك». 8 - باب دعاء الإمام على من نكث عهدًا 3170 - عن عاصم قال: سألت أنسًا - رضي الله عنه - عن القنوت قال: قبل الركوع. فقلت إن فلانًا يزعم أنك قلت الركوع، فقال: كذب. ثم حدثنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قنت شهرًا بعد الركوع يدعو على أحياء من بني سليم قال: بعث أربعين أو سبعين- يشك فيه- من القراء إلى أناس من المشركين، فعرض لهم هؤلاء فقتلوهم، وكتن بينهم وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - عهد، فما رأيته وجد على أحد ما وجد عليهم» (¬1). 9 - باب أمان النساء وجوارهن 3171 - عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله أن أبا مرة مولى أم هانئ ابنة أبي طالب أخبره أنه سمع أم هانئ ابنة أبي طالب تقول: «ذهبت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح فوجدته يغتسل وفاطمة ابنته تستره، فسلمت عليه ¬

(¬1) هذا ورد عن أنس بعد وقبل، وحمله ابن القيم - رحمه الله - أن المراد طول القيام قبل الركوع، والأحاديث الكثيرة بعد الركوع، حديث أبن عمر وغيره وهذه الرواية إما نسيانًا من أنس - رضي الله عنه - أو المراد طول القيام قبل الركوع، فالأفضل القنوت بعد الركوع. قلت: قال أحمد - رحمه الله - أخطأ فيه عاصم الأحول. - ليس لصلاة الضحى حد محدود وجاء في بعض الروايات من صلى اثني عشر وفي سندها ضعف، وفي حديث عمرو بن عبسة عند مسلم «فصل حتى يستقل الظل بالرمح» فكل الضحى محل صلاة.

10 - باب ذمة المسلمين وجوارهم واحدة يسعى بها أدناهم

فقال: من هذه؟ فقلت أنا أم هانئ بنت أبي طالب فقال: مرحبًا بأم هانئ، فلما فرغ من غسله قام فصلى ثمان ركعات ملتحفًا في ثوب واحد. فقلت: يا رسول الله، زعم ابن أمي علي أنه قاتل رجلًا قد أجرته (¬1)؛ فلان ابن هبيرة. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ. قالت أم هانئ: وذلك ضحى» (¬2). 10 - باب ذمة المسلمين وجوارهم واحدة يسعى بها أدناهم 3172 - عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال: «خطبنا علي فقال: ما عندنا كتاب نقرؤه إلا كتاب الله وما في هذه الصحيفة، فقال: فيها الجراحات، وأسنان الإبل، والمدينة حرم ما بين عير إلى كذا، فمن أحدث فيها حدثًا أو آوى فيها محدثًا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه ¬

(¬1) في الحديث: أن المرأة إذا أجارت يجار حتى يرد إلى مأمنه، كما أجارت أم هانئ بعض أحمائها، وهذا معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم» فلا يجوز قتله بعد الأمان. (¬2) وهذا عنج أهل العلم صلاة الضحى، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي الضحى بعض الأحيان وقال بعضهم إنها صلاة الفتح شكرًا لله وقيل هي ثمان ركعات صلاها شكرًا لله وهي ضحى وقالت عائشة: «كان يصلي الضحى أربعًا ويزيد ما شاء الله» وأوصى أبا هريرة وأبا الدرداء بها، فصلاة الضحى سنة مؤكده أقلها ركعتان، وجاء في رواية أبي داود وابن خزيمة يسلم من كل ركعتين ولكن في سندها بعض اللين، وتتأكد هذه الرواية بقول: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى» لم يسردها وإنما سلم من كل ركعتين.

11 - باب إذا قالوا صبأنا ولم يحسنوا أسلمنا

صرف ولا عدل، ومن تولى غير مواليه فعليه مثل ذلك. وذمة المسلمين واحدة فمن أخفر مسلمًا فعليه مثل ذلك» (¬1). 11 - باب إذا قالوا صبأنا ولم يحسنوا أسلمنا وقال ابن عمر فجعل خالد يقتل (¬2)، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أبرأ إليك مما صنع خالد». وقال عمر: إذا قال مترس فقد آمنه، إن الله يعلم الألسنة كلها. وقال: تكلم. لا بأس 12 - باب الموادعة والمصالحة مع المشركين بالمال وغيره، وإثم من لم يف بالعهد 3173 - عن سهل بن أبي حثمة قال: «انطلق عبد الله بن سهل ومحيصة ابن مسعود بن زيد إلى خيبر، وهي يومئذ صلح، فتفرقا، فأتى محيصة إلى عبد الله بن سهل وهو يتشحط في دمه قتيلًا، فدفنه، ثم قدم المدينة فانطلق عبد الرحمن بن سهل ومحيصة وحويصة ابنا مسعود إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، ¬

(¬1) - إيواء المحدث: أي نصره أو حمايته ممن يقيم الحد. وهذا وعيد عظيم يدل على وجوب الحذر من إخفاء المسلم، ويدل على وجوب الحذر من الإحداث في المدينة. وهذا يشمل البدع والمعاصي ومكة أعظم، فالواجب على أهل مكة والمدينة الحذر من المعاصي. (¬2) فوداهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا يدل على أن أمراء المسلمين يعفو عنهم ولي الأمر إذا رأى مصلحة، وفيه غلط الأكابر. - مثل ما تقدم إذا أظهر الإسلام أمسك عنه.

13 - باب فضل الوفاء بالعهد

فذهب عبد الرحمن يتكلم، فقال: كبر كبر- وهو أحدث القوم- فسكت، فتكلما، فقال: أتحلفون وتستحقون قاتلكم- أو صاحبكم- قالوا وكيف نحلف ولم نشهد ولم نر؟ قال: فتبرئكم يهود بخمسين. فقالوا: كيف نأخذ أيمان قوم كفار؟ فعقله النبي - صلى الله عليه وسلم - من عنده» (¬1). 13 - باب فضل الوفاء بالعهد 3174 - عن أبي سفيان بن حرب قال: «إن هرقل أرسل إليه في ركب من قريش كانوا تجارًا بالشام في المدة التي ماد فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا سفيان في كفار قريش» (¬2). ¬

(¬1) - الزوج ممن يحلف، وهي خاصة بالرجال. - أولياء المقتول يبدءون وهم المدعون معهم اللوث. هذا الحديث هو الأصل في باب القسامة، فإذا وجد قتيل عند قوم أو شهد شهود لم تقبل شهادتهم فإنهم أولياء الدم يحلفون خمسين يمينًا ويستحقون دم القاتل، وعبد الله عقله النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يبطل دمه للمصيبة به. (¬2) الوفاء بالعهود واجب إلا نقص العدو، ولما نقضوا قريشًا غزاهم، وهكذا إذا استأمن حتى يعاد إلى مأمنه. - ترك لبي بن الأعصم هل لأنه معاهد؟ يحتاج تأمل ونظر.

14 - باب هل يعفى عن الذمي إذا سحر؟

14 - باب هل يعفى عن الذمي (¬1) إذا سحر؟ 3175 - عن عائشة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سحر حتى كان يخيل إليه أنه صنع شيئًا ولم يصنعه». 15 - باب ما يحذر من الغدر 3176 - عن عوف بن مالك قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك- وهو في قبة من أدم- فقال: اعدد ستًا بين يدي الساعة: موتي، ثم فتح بيت المقدس، ثم موتان (¬2) يأخذ فيكم كقاص الغنم، ثم استفاضة (¬3) المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطًا، ثم فتنة (¬4) لا يبقى بيت من العرب ¬

(¬1) إذا عرف الساحر حده السيف، مثل ما فعل عمر، ويعالج السحر بالتعوذات الشرعية. - مشاهدة السحر؟ لا يجوز تعلم السحر ولا تعليمه ولا إقراره، ولا يجوز عرضه لضرره على الناس، فكونه شاهده في التلفاز وغيره شيء آخر والذي ينبغي الحذر. - وهذا من دلائل النبوة، وهذا وقع. (¬2) وهو الطاعون (عمواس). (¬3) وقد وقع. (¬4) قتل عثمان، وما تبعها مما وقع بين علي ومعاوية، وإتيان الروم في ذلك الوقت، ويحتمل هذا في آخر الزمان. قلت: نقل الحافظ عن ابن المنير (278/ 6) قوله: إما قصة الروم فلم تجتمع إلى الآن ولا بلغنا أنهم غزوا في البر في هذا العدد فهي من الأمور التي لم تقع بعد. اهـ. ويأتي بتعليق شيخنا عليه.

16 - باب كيف ينبذ إلى أهل العهد؟

إلا دخلته، ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر فيغدرون، فيأتونكم تحت ثمانين غاية، تحت كل غاية اثنا عشر ألفًا». قال الحافظ: قال ابن المنير ... أما قصة الروم فلم تجتمع إلى الآن ولا بلغنا أنهم غزوا في البر في هذا العدد فهي من الأمور التي لم تقع بعد (¬1). 16 - باب كيف ينبذ إلى أهل العهد؟ 3177 - عن أبي هريرة قال: «بعثني أبو بكر - رضي الله عنه - فيمن يؤذن يوم النحر بمنى: لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان. ويوم الحج الأكبر يوم النحر، وإنما قيل (الأكبر) من أجل قول الناس (الحج الأصغر) فنبذ أبو بكر إلى الناس في ذلك العام، فلم يحج عام حجة الوداع الذي حج فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - مشرك» (¬2). 17 - باب إثم من عاهد ثم غدر 3178 - عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أربع خلال من كن فيه كان منافقًا خالصًا: من إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر. ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها» (¬3). ¬

(¬1) خمس وقعت، والسادس وهو إتيان الروم محتمل أنه في تجمعاتهم التي قاتلوا فيها المسلمين في عهد عمر وعثمان، ويحتمل أنه سيقع بعده. (¬2) المقصود دعوتهم إلى الإسلام. (¬3) وهذا في النفاق العملي، وهو في الغالب يجر إلى النفاق ألاعتقادي، قال ابن القيم: وقل أن تجتمع في عبد إلا وهو منافق نفاقًا إعتقاديًا فيجب الحذر.

18 - باب

3179 - عن علي - رضي الله عنه - قال: «ما كتبنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا القرآن، وما في هذه الصحيفة، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: المدينة حرام ما بين عائر إلى كذا، فمن أحدث حدثًا أو آوى محدثًا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه عدل ولا صرف. وذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم، فمن أخفر (¬1) مسلمًا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل. ومن والى قومًا بغير إذن مواليه فعليه لعن الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل» (¬2). قال الحافظ: ... وفيه التحذير من ظلمهم وأنه متى وقع ذلك نقضوا العهد فلم يجتب المسلمون منهم شيئًا فتضيق أحوالهم (¬3). 18 - باب 3182 - عن أبي وائل قال: «كنا بصفين، فقام سهل بن حنيف فقال: أيها الناس اتهموا أنفسكم (¬4)، فإنا كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الحديبية ولو نرى قتالًا لقاتلنا، فجاء عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله ألسنا على الحق وهم ¬

(¬1) ما أمضى تأمينه. (¬2) وهذا رد على الشيعة الذين يدعون أن عليًا وفاطمة خصروا بشيء، ففيه رد على الرافضة الغلاة. (¬3) وذكر الشيخ معناه، وقال: هذا هو الواقع متى أظلم أهل الإسلام سلط عليهم عدوهم. (¬4) مقصود سها: تأملوا وتفكروا واحقنوا الدماء، وعدم القتال، وما ذاك إلا أنهم ظنوا أنهم مصيبين في المصالحة قبل فتح مكة فتبين خطؤهم.

على الباطل؟ فقال: بلى. فقال: أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال: بلى. قال: فعلام نعطى الدنية في ديننا؟ أنرجع ولا يحكم الله بيننا وبينهم؟ فقال: يا ابن الخطاب إني رسول الله، ولن يضيعني الله أبدًا. فانطلق عمر إلى أبي بكر فقال له مثل ما قاله للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إنه رسول الله، ولن يضيعه الله أبدًا. فنزلت سورة الفتح، فقرأها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عمر إلى آخرها، فقال عمر: يا رسول الله أو فتح هو؟ قال: نعم» (¬1). 3183 - عن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - قالت: «قدمت علي أمي وهي مشركة في عهد قريش إذ عاهدوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومدتهم مع أبيها (¬2)، فاستفتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله إن أمي قدمت علي وهي راغبة، أفاضلها؟ قال: نعم، صليها» (¬3). ¬

(¬1) يعني صلح الحديبية. - ما يقام الآن الصلح مع إسرائيل يقاس على الصلح مع قريش؟ قال: نعم. هم ضفعة ما لهم إلا هذا (تاريخ السؤال 25/ 5/ 1415 هـ). (¬2) في نسخة مع ابنها وذكر الحافظ فتح (5/ 234) «أن أبيها» تصحيف. (¬3) وهذه من باب صلة القرابة والترغيب في الإسلام. - ولما سئل عن الصلح مع اليهود الآن مع وجودهم في أراضي المسلمين وقد احتلوها؟ قال نعم لكن محدد عشر عشرين سنة إن رأى ولي الأمر. - قلا هذا بحث في مدة المهادنة مع الكفار. قال أبو محمد في المغني (15413 - 155): «ولا يجوز المهادنة من غير تقدير مدة لأنه يفضي إلى ترك الجهاد بالكلية». فصل: ولا يجوز عقد الهدنة إلا على مدة مقدرة معلومة بما ذكرناه، قال =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= القاضي: وظاهر كلام أحمد أنها تجوز أكثر من عشر سنين، وهو اختيار أبي بكر ومذهب الشافعي، لأن قوله تعالى {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5] عام خص منه مدة العشر لمصالحة النبي - صلى الله عليه وسلم - قريشًا يوم الحديبية عشرًا ففيما زاد يبقى على مقتضى العموم، فعلى هذا إن زاد المدة على عشر بطل في الزيادة وهل تبطل في العشر على وجهين بناء على تفريق الصفقة، قال: وقال أبو الخطاب: ظاهر كلام أحمد أنه يجوز على أكثر من عشر على ما يراه الإمام من المصلحة، وبهذا قال أبو حنيفة، والعام مخصوص في العشر لمعنى موجود فيما زاد عليها، وهو أن المصلحة قد تكون في الصلح أكثر منها في الحرب» اهـ. وقال في الإنصاف (وإن هادنهم مطلقًا لم يصح). هذا المذهب وعليه الأصحاب، وقال الشيخ تقي الدين: تصح وتكون جائزة ويعمل بالمصلحة لأن الله تعالى أمر بنبذ العهود المطلقة، وإتمام المؤقتة. فائدة: لو قال «هادنتكم ما شئنا وشاء فلان» لم يصح على الصحيح من المذهب، وقيل يصح اختاره القاضي، ولو قال: «نقركم على ما أقركم الله» لم يصح على الصحيح عن المذهب وعليه الأصحاب، وقال الشيخ تقي الدين: يصح أيضًا وأن معناه في قوله «ما شئنا» اهـ. وقال في حاشية الروض (4/ 299): «وقال الشيخ: وأما المطلق فهو عقد جائز يعمل فيه الإمام بالمصلحة، ومتى مات الإمام أو عزل، لزم من =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= بعده الوفاء بعقده». وقال أبو العباس في مجموع الفتاوي (29/ 140): «ومن قال من الفقهاء من أصحابنا وغيرهم: أن الهدنة لا تصح إلا مؤقتة: فقوله- مع أنه مخالف لأصول أحمد- يرده القرآن وترده سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أكثر المعاهدين، فإنه لم يوقت معهم وقتًا». وقال أبى هبيرة في الإفصاح (2/ 296): «واختلفوا في مدة العهد فقال أبو حنيفة وأحمد: يجوز ذلك على الإطلاق إلا أن أبا حنيفة قال: متى وجد للإمام قوة نبذ إليهم عهدهم وفسخ، وقال مالك والشافعي: لا يجوز أكثر من عشر سنين» اهـ. فصل: وقال النووي في شرح مسلم على حديث الصلح (12/ 143): «وفي هذه الأحاديث دليل لجواز مصالحة الكفار إذا كان فيها مصلحة وهو مجمع عليه عند الحاجة، ومذهبنا أن مدتها لا تزيد على عشر سنين إذا لم يكن الإمام مستظهرًا عليهم، وإن كان مستظهرًا لم يزد على أربعة أشهر، وفي قول يجوز دون سنة، وقال مالك: لا حد لذلك بل يجوز ذلك قل أم كثر بحسب رأي الإمام، والله أعلم» اهـ. وقال في روضة الطالبين (10/ 335): «وإن كان بالمسلمين ضعف، جازت الزيادة إلى عشر سنين بحسب الحاجة، ولا تجوز الزيادة على العشر، لكن إن انقضيت المدة والحاجة باقية استؤنف العقد» اهـ. وقال في شرح السنة في فوائد الصلح (11/ 161): «واختلف أهل العلم في مقدار المدة التي يجوز أن يهادن الكفار إليها عند ضعف الإسلام، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= فذهب الشافعي إلى أن أقصاها عشر سنين لا يجوز أن يجاوزها، لأن الله سبحانه أمر بقتال الكفار في عموم الأوقات، فلا يخرج منها إلا القدر الذي استثناه الرسول - صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية، وقال قوم لا يجوز أكثر من أربع سنين، وقال قوم: ثلاث سنين، لأن الصلح لم يبق بينهم أكثر من ثلاث سنين، ثم إن المشركين نقضوا العهد، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم وكانا لفتح، وقال بعضهم: ليس لذلك حد معلوم، وهو إلى الإمام يفعل على حسب ما يرى من المصلحة ... إلى أن قال: ولو هادنهم إلى غير مدة على أنه متى بدا له نقض العهد، فجائز» اهـ. وقال الحافظ في الفتح (5/ 343): «وقد اختلف في المدة التي لا يجوز المهادنة فيها مع المشركين، فقيل: لا تجاوز أربع سنين، وقيل ثلاثاُ، وقيل سنتين، والأول هو الراجح، والله أعلم» اهـ. فصل: قال ابن عبد البر في الكافي (1/ 469): «ويستحب ألا تكون مدة المهادنة أكثر من أربعة أشهر إلا مع العجز». وقال الشيخ محمد عليش في شرح مختصر في شرح مختصر خليل: «ويستحب ألا تكون مدة المهادنة أكثر من أربعة أشهر إلا مع العجز». وقال الشيخ محمد عليش في شرح مختصر خليل: «ولا حد لمدة المهادنة واجب والرأي فيها للإمام بحسب اجتهاده وندب ألا تزيد مدتها على أربعة أشهر لاحتمال حدوث قوة بالمسلمين، وهذا حيث استوت المصلحة في تلك المدة وفي غيرها» اهـ. وقال أحمد الدردير في الشرح الكبير (2/ 206): «ققوله: ولا حد واجب لمدتها» لا يقال هذا يخالف من أن شرط المهادنة أن تكون =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= مدتها معينة، لأنا نقول المراد أن شرطها أن يكون في مدة بعينها لا على التأييد ولا على الإبهام ثم تلك المدة لا حد لها بل يعينها الإمام باجتهاده» اهـ. وقال القرطبي في تفسيره (8/ 41): «وقال ابن حبيب عن مالك: تجوز مهادنة المشركين السنة والسنتين وإلى غير مدة» اهـ. فصل: قال ابن الهمام في فتح القدير على شرح البداية (5/ 458): «قوله وإن رأى الإمام موادعة أهل الحرب وأن يأخذ المسلمون على ذلك مالًا جاز لأنه لما جاز بلا مال، فبالمال وهو أكثر نفعًا أولى إلا أن هذا إذا كان بالمسلمين حاجة، أما إذا لم تكن فلا يوادعهم لما بينا من قبل يعني قوله، لأنه ترك للجهاد صورة ومعنى» اهـ. وقال الكاسني في بدائع الصنائع (7/ 108): ولا تجوز (يعني الموادعة) عند عدم الضرورة لأن الموادعة ترك القتال المفروض فلا يجوز إلا في حال يقع وسيلة إلى القتال .. » اهـ. وأطلق فلم يذكر مدة ولا أحدًا للمسلمين لأن المقصود وهو دفع الشر حال به ولا يقتصر الحكم على المدة المروية لتعدي المعنى إلى ما زاد عليها بخلاف ما إذا لم يكن خيراُ؛ لأنه ترك للجهاد صورة ومعنى» اه-بواسطة إعلاء السنن (12/ 30). فصل: قال ابن المنذر في الإقناع (2/ 498): «ولا يجوز أن يصالحهم إلى غير مدة؛ لأن في ذلك ترك قتال المشركين، وذلك غير جائز، ولا أحب أن يجاوز بالمدة عشر سنين لأن ذلك أكثر ما قيل إن النبي - صلى الله عليه وسلم - هادن قريشًا إليه» اهـ. =

19 - باب المصالحة على ثلاثة أيام أو وقت معلوم

19 - باب المصالحة على ثلاثة أيام أو وقت معلوم 3184 - عن البراء - رضي الله عنه - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أراد أن يعتمر أرسل إلى أهل مكة يستأذنهم ليدخل مكة، فاشترطوا عليه أن لا يقيم بها إلا ثلاث ليالٍ، ولا يدخلها إلا بجلبان السلاح، ولا يدعو (¬1) منهم أحدًا. قال: فأخذ يكتب الشرط بينهم علي بن أبي طالب، فكتب: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله. فقالوا: لو علمنا أنك رسول الله لم نمنعك ولتابعناك، ولكن اكتب: هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله. فقال: أنا والله محمد ابن ¬

= وقال الشوكاني في السيل الجرار (4/ 565): «وأما كون المدة معلومة فوجهه أنه لو كان الصلح مطلقًا أو مؤبدًا لكان ذلك مبطلًا للجهاد الذي هو من أعظم فرائض الإسلام، فلابد من أن يكون مدة معلومة على ما يرى الإمام من الصلاح، فإذا كان الكفار مستظهرين وأمرهم مستعلنًا جاز له أن يعقده على مدة طويلة ولو فوق عشر سنين في هذا ما يدل على أنه لا يجوز أن تكون المدة أكثر من عشر سنين إذا اقتضت المصلحة» اهـ. (¬1) فيه المصالحة مع أهل الشرك للمصلحة والحاجة، ولا يدعو وفي (5/ 304) وإن لا يخرج من أهلها بأحد، وهو بمعنى يدعو. - وسئل: هل الصلح الآن يعد صلحًا شرعيًا؟ فقال: إن أجمعوا مع تحديد المدة فلا بأس، وإن كان غير مؤقت فمحل نظر. وقال: صلحهم الآن ليس على طريقة إسلامية، وفلان بن فلان لم يعلنها إسلامية نسأل الله له الهداية.

22 - باب إثم الغادر للبر والفاجر

عبد الله، وأنا والله رسول الله. قال: وكان لا يكتب، قال: فقال لعلي امحُ رسول الله. فقال علي: والله لا أمحاه أبدًا. قال فأرنيه، قال فأراه إياه، فمحاه النبي - صلى الله عليه وسلم - بيده. فلما دخل ومضت الأيام أتوا عليًا فقالوا: مر صاحبك فليرتحل. فذكر ذلك علي - رضي الله عنه - لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: فارتحل» (¬1). 22 - باب إثم الغادر للبر والفاجر 3186، 3187 - عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لكل غادر لواء يوم القيامة، قال أحدهما ينصب- وقال الآخر يرى- يوم القيامة يعرف به» (¬2). ¬

(¬1) مقصود المؤلف لا يلزم التحديد، ويكون للمسلمين الخيار متى ساءوا، وإطلاق المؤلف والشارح يفهم عدم التحديد، لكن يفهم التحديد. (¬2) وهذا فضيحة له يوم القيامة عند فخده عند أسته

59 - كتاب بدء الخلق

59 - كتاب بدء الخلق 1 - باب ما جاء في قول الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} [الروم: 27] 3190 - عن عمران بن حصين - رضي الله عنهما - قال: «جاء نفر من بني تميم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا بني تميم أبشروا. فقالوا: بشرتنا فأعطنا. فتغير وجهه. فجاءه أهل اليمن، فقال: يا أهل اليمن اقبلوا البشرى (¬1) إذ لم يقبلها بنو تميم. قالوا: قبلنا. فأخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - يحدث بدء الخلق والعرش. فجاء رجل فقال: يا عمران راحلتك تفلتت. ليتني لم أقم» (¬2). 3192 - عن طارق بن شهاب قال: «سمعت عمر - رضي الله عنه - يقول: قام فينا النبي - صلى الله عليه وسلم - مقامًا، فأخبرنا عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم وأهل النار (¬3) منازلهم، حفظ ذلك من حفظه، ونسيه من نسيه». 3193 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قال الله تعالى: يشتمني ابن آدم. وما ينبغي له أن يشتمني ويكذبني وما ينبغي له، أما شتمه فقوله: إن لي ولدًا. وأما تكذيبه فقوله: ليس يعيدني كما بدأني» (¬4). ¬

(¬1) الجنة والسعادة والخير في الدنيا لكن استعجلوا. (¬2) وهذا يبين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتعاهدهم بالمواعظ مطولة ومختصرة. (¬3) علة المؤلف، وذكر كل ما وقع منذ بدء الخلق وما جرى على الأمم والرسل إلى يوم القيامة من الأهوال حتى يدخل أهل الجنة منازلهم، والقرآن فيه هذه القصص (¬4) فيه دلالة أن وصف الله بما لا يليق به يسمى شتمًا، وإذا أنكر ما أخبر به فهو تكذيب.

2 - باب ما جاء في سبع أرضين

3194 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لما قضى الله الخلق كتب في كتابه، فهو عنده فوق العرش: إن رحمتي غلبت غضبي» (¬1). قال الحافظ: والمراد من الغضب لازمه وهو إرادة إيصال العذاب إلى من يقع عليه الغضب (¬2). 2 - باب ما جاء في سبع أرضين 3197 - عن أبي بكرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السماوات والأرض. السنة اثنا عشر شهرًا، منها أربعة حرم: ثلاثة متواليات- ذو القعدة وذو الحجة والمحرم- ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان» (¬3). 3198 - عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل أنه خاصمته أروى- في حق زعمت أنه انتقصه لها- إلى مروان، فقال سعيد: أنا أنتقص من حقها شيئًا؟ أشهد لسمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من أخذ شبرًا من الأرض ظلمًا ¬

(¬1) فجوده وكرامته أن رحمته أوسع فينبغي الاستفادة من ذلك أن يسلك أسباب الرحمة حتى تدركه الرحمة (¬2) قلت: هذا تأويل الأشاعرة في نفي الصفات، فعفا الله عن المؤلف، قول المؤلف لازمه ... إلخ لا يفيد، إذا لم تفسر الصفة على الوجه اللائق. - قلت: الرواية الثانية ما هي مفسرة للتطويق بالخسف؟ قال: نعم. - وهذا فيه التحذير من الظلم. (¬3) عن أبي بكرة ساقطة وهي موجودة في الشرح، هذا في حجة الوداع وصادف الحج استدارة الزمان، وكانت العرب تنسى وتغير الشهور وصار الزمان ذو الحجة ذو الحجة ذو الحجة، ومحرم محرم.

3 - باب في النجوم

فإنه يطوقه يوم القيامة من سبع أرضين» قال ابن أبي الزناد عن هشام عن أبيه قال: قال لي سعيد بن زيد «دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - ... » (¬1). 3 - باب في النجوم وقال قتادة {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ} [الملك: 5]: خلق هذه النجوم لثلاث: جعلها زينة للسماء، ورجومًا للشياطين، وعلامات يهتدى بها، فمن تأول فيها بغير ذلك (¬2) أخطأ وأضاع نصيبه وتكلف ما لا علم له به. وقال ابن عباس: {هَشِيمًا} متغيرًا. والأب: ما يأكل الأنعام. والأنام الخلق. برزخ: حاجب. وقال مجاهد {أَلْفَافًا} ملتفة. والغلب: الملتفة: فراشا: مهادا. كقوله {وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ}، {نَكِدًا}: قليلا. 4 - باب صفة الشمس والقمر قال مجاهد: كحسبان الرحى. وقال غيره: بحساب ومنازل لا يعدوانها (¬3). حسبان: جماعة الحساب، مثل شهاب وشهبان. ضحاها: ضوؤها. أن تدرك القمر: لا يستر ضوء أحدهما ضوء الآخر، ولا ينبغي لهما ذلك سابق النهار: يتطالبان حثيثين. نسلخ: نخرج أحدهما من الآخر، ونجري كل واحد منهما ... ¬

(¬1) في الراوية الأخرى: «اللهم إن كانت كاذبة فأعم بصرها واقتلها في أرضها» فاستجاب الله. (¬2) الحوادث، وفي الحديث: من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد. (¬3) فضل من الله تسخير الشمس والقمر.

6 - باب ذكر الملائكة

3199 - عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي ذر حين غربت الشمس: أتدري أين تذهب؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش، فتستأذن فيؤذن لها، ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها، وتستأذن فلا يؤذن لها، فيقال لها: ارجعي من حيث جئت، فتطلع من مغربها (¬1). فذلك قوله تعالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} [يس: 38]. قال الحافظ: ... ولكنه تبكيت لمن كان يعبدهما في الدنيا ليعلموا أن عبادتهم لهما كانت باطلًا (¬2). 6 - باب ذكر الملائكة 3211 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا كان يوم الجمعة كان على باب من أبواب المسجد الملائكة يكتبون الأول فالأول، فإذا جلس الإمام طووا الصحف وجاءوا يستمعون الذكر» (¬3). ¬

(¬1) وسألته: هل تعود الشمس إلى حالها بعد ذلك؟ قال: تعود إلى حالها بعد ذلك تخرج من المشرق وتغرب في المغرب. - إذا حاذت العرش سجدت سجودا يليق بها، وكيفيته الله أعلم بها «ألم تر أن الله يسجد له ... » والشمس محاذاة وسط العرش؟ هذا هو الظاهر - المشروع عند الكسوف الصلاة وكثرة الذكر والاستغفار والصدقة والتكبير لأن الله يخوف عباده بهذه الظلمة. (¬2) ثم هما جمادان جعلها الله رحمة لقوم عذابًا لآخرين. (¬3) فيه فضل الملائكة عليهم الصلاة والسلام ومحبتهم للذكر ودعوتهم للمؤمنين «فاغفر للذين آمنوا» فجزاهم الله خيرًا.

3213 - عن البراء - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لحسَّان: «اهجهم- أو هاجهم- وجبريل معك» (¬1). 3215 - عن عائشة - رضي الله عنها - «أن الحارث بن هشام سأل النبي - صلى الله عليه وسلم -: كيف يأتيك الوحي؟ قال: كل ذلك. يأتيني الملك أحيانًا في مثل صلصلة (¬2) الجرس، فيفصم عني وقد وعيت ما قال، وهو أشده علي، ويتمثل لي الملك أحيانًا رجلًا فيكلمني، فأعي ما يقول». 3216 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من أنفق زوجين في سبيل (¬3) الله دعته خزنة الجنة: أي فل هلم». فقال أبو بكر ذاك الذي لا توى عليه. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أرجو أن تكون منهم». 3217 - عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها: «يا عائشة، هذا جبريل يقرأ عليك السلام»، فقالت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته، ترى ما لا أرى. تريد النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬4). 3220 - عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل ¬

(¬1) لا بأس بإنشاد الشعر الذي ينصر الحق، فحسنه حسن وقبيحه قبيح. (¬2) يتكلم دون أن يراه {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا ... } الآية [الشورى: 51]. (¬3) الأقرب أنه الجهاد. - وزوجان: درهمان، ديناران، بعيران. (¬4) يدل على أنه قد يكلمه ولا يراه إلا هو لا يراه غيره، وهذا من آيات الله العظيمة.

7 - باب إذا قال أحدكم «آمين» والملائكة في السماء فوافقت إحداهما الأخرى غفر له ما تقدم من ذنبه

يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدراسه القرآن. فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة. وعن عبد الله حدثنا معمر بهذا الإسناد نحوه وروى أبو هريرة وفاطمة - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أن جبريل كان يعارضه القرآن» (¬1). 3222 - عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «قال لي جبريل: من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة، أو لم يدخل النار (¬2). قال: وإن زنى وإن سرق؟ قال: وإن). 7 - باب إذا قال أحدكم «آمين» والملائكة في السماء فوافقت إحداهما الأخرى غفر له ما تقدم من ذنبه (¬3) 3224 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت «حشوت للنبي - صلى الله عليه وسلم - وسادة فيها تماثيل كأنها نمرقة، فجاء فقام بين الناس (¬4) وجعل يتغير وجهه، فقلت: ما لنا يا رسول الله؟ قال: ما بال هذه؟ قلت: وسادة جعلتها لك لتضطجع عليها. قال: أما علمت أن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه صورة؟ وأن من صنع الصورة يعذب يوم القيامة فيقول: أحيوا ما خلقتم». ¬

(¬1) في كل سنة مرة، وفي السنة الأخيرة مرتين سنة عشر. (¬2) شك من الراوي. - هذا من أحاديث الوعد، فمن مات على التوحيد ولو زني فهو سيدخل الجنة، وفيه رد على الخوارج {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ} [النساء: 48]. (¬3) الأقرب لا محل لهذه الترجمة. (¬4) في نسخة العيني «بين البابين» وهي نسخة.

3225 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: سمعت أبا طلحة يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ولا صورة تماثيل» (¬1). 3226 - عن أبي طلحة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تدخل الملائكة بيتًا فيه صورة». قال بسر: فمرض زيد بن خالد، فعدناه، فإذا نحن في بيته بستر فيه تصاوير، فقلت لعبيد الله الخولاني: ألم يحدثنا في التصاوير؟ فقال: إنه قال: «إلا رقم في ثوب» ألا سمعته؟ قلت: لا. قال: بلى قد ذكر» (¬2). 3229 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه، والملائكة تقول: اللهم اغفر له وارحمه، ما لم يقم من صلاته أو يحدث» (¬3). 3230 - عن صفوان بن يعلى عن أبيه قال: «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ على المنبر {وَنَادَوْا يَا مَالِ} (¬4) قال سفيان: في قراءة عبد الله: ونادوا يا مال». ¬

(¬1) - قرئ على الشيخ ما ذكره البخاري في كتاب اللباس باب ما يمتهن من التصاوير فقال: وهذا هو الذي جاءت به الأخبار، التفريق بين ما يمتهن وما لا يمتهن، فالأول مباح، أما المعلق الذي يمنع الصور المعلقة، ولهذا في حديث قصة جبرائيل عند النسائي بسند صحيح «فمر برأس التمثال يقطع ومر بالستر فيؤخذ منه وسادتان تؤطان ومر بالكلب فليخرج». البطانيات التي فيها تصاوير هي ممتهنة. (¬2) محل نظر قد يكون خفي على زيد. (¬3) ما لم يخرج من المسجد. (¬4) {وَنَادَوْا يَامَالِكُ} [الزخرف: 77].

3231 - عن ابن شهاب قال: حدثني عروة «أن عائشة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - حدثته أنها قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم -: هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ قال: لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجنبني إلى ما أردت ... الحديث ... فناداني ملك الجبال فسلم علي ثم قال: يا محمد، فقال: ذلك فيما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئًا» (¬1). 3232 - عن أبي إسحاق الشيباني قال: سألت زر بن حبيش عن قول الله تعالى: {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} قال: حدثنا ابن مسعود أنه رأى جبريل له ستمائة جناح» (¬2). 3234 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «من زعم أن محمدًا رأى ربه فقد أعظم، ولكن قد رأى جبريل في صورته وخلقه سادًا ما بين الأفق» (¬3). ¬

(¬1) وهداهم الله بعد عام الفتح، وهذا من رحمته - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) دنو الله ... جاء في حديث شريك وهو من أوهامه. (¬3) وهذا هو الحق أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ير ربه في الدنيا؛ لأن الرؤية في الآخرة، والرؤية نعيم والدنيا دار عمل لا دار نعيم، ولما سئل هل رأيت ربك؟ قال: رأيت نورًا وفي اللفظ الآخر: «نور أني أراه» ولو كان أحد يعطي الرؤية في الدنيا لأعطيها محمد والأنبياء، والكفار لا يرون في الآخرة {كَلَّا إِنَّهُمْ ... } والرؤية عامة لأهل الجنة رجالهم ونسائهم. - التكليم حصل لنبينا محمد ولموسى.

3237 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت، فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح» (¬1). 3238 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ثم فتر عني الوحي فترة (¬2)، فبينا أنا أمشي سمعت صوتًا من السماء، فرفعت بصري قبل السماء، فإذا الملك الذي قد جاءني بحراء قاعد على كرسي بين السماء والأرض، فجثثت منه حتى هويت إلى الأرض، فجئت أهلي فقلت زملوني زملوني، فأنزل الله تعالى {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ} [المدثر: 1، 2] إلى قوله {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر: 5]. قال أبو سلمة: والرجز الأوثان». 3239 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «رأيت ليلة أسري (¬3) بي موسى رجلًا أدم طوالًا جعدًا كأنه من رجال شنوءة، ورأيت عيسى (¬4) رجلًا مربوعًا، مربوع الخلق إلى الحمرة والبياض، سبط الرأس، ورأيت مالكًا خازن النار، والدجال في آيات أراهن الله إياه، فلا تكن في مرية من لقائه. قال أنس وأبو بكرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: تحرس الملائكة المدينة من الدجال» (¬5). ¬

(¬1) فيه الحذر من عصيان المرأة لزوجها إذا دعاها إلى فراشها وهذا وعيد شديد. (¬2) وهذه الفترة بين سورة اقرأ والمدثر. (¬3) هذا ليلة الإسراء والمعراج رأى الأنبياء. (¬4) الأنبياء رفعت أرواحهم إلى السماء، وصورت في أجساد كأجسادهم في الدنيا إلا عيسى. (¬5) دخول الدجال مكة هذا في النوم ... الدجال ليس ببعيد كفى الله شره.

8 - باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة

8 - باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة (والعُرُب): المحببات إلى أزواجهن (¬1). 3241 - عن عمران بن حصين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء، واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء» (¬2). 9 - باب صفة أبواب الجنة 3257 - عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «في الجنة ثمانية أبواب، فيها باب يسمى الريان لا يدخله إلا الصائمون» (¬3). 10 - باب صفة النار وأنها مخلوقة 3259 - عن أبي سعيد - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم» (¬4). 3263 - عن عائشة - رضي الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الحمى من فيح جهنم، فأبردوها بالماء» (¬5). ¬

(¬1) المتحببات إلى أزواجهن، والمحبوبات الزوج الزوج يحبها وهي تحبه. (¬2) النساء أكثر أهل الجنة وأكثر أهل النار. - وهذا فيه الحذر من شر المال {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} [العلق: 6 - 7]. (¬3) لا يدخله إلا الصائمون من جميع الأمم. (¬4) فالإبراد بالظهر ولو في السفر، ويؤخر الأذان مع الصلاة ولهذا قال: أبرد أبرد. - الآن المساجد مكيفة؟ ولو، الحر في الطرقات. (¬5) الحمى: الحرارة أما الحمى البادرة لا يناسبها الماء.

11 - باب صفة إبليس وجنوده

3267 - عن أبي وائل قال: «قيل لأسامة لو أتيت فلانًا فكلمته، قال: إنكم لترون أني لا أكلمه إلا اسمعكم، إني أكلمه في السر دون أن افتح بابًا لا أكون أول من فتحه، ولا أقول لرجل -أن كان على أميرًا- إنه خير الناس، بعد شيء سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قالوا: وما سمعته يقول؟ قال: سمعته يقول: يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار، فتندلق أقتابه في النار، فيدور كما يدور الحمار برحاه، فيجتمع أهل النار عليه فيقولون أي فلان ما شأنك؟ أليس كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ قال: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه» (¬1). 11 - باب صفة إبليس وجنوده 3269 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم -إذا هو نام- ثلاث عقد، يضرب على كل عقدة مكانها: عليك ليل طويل، فارقد. فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقده كلها فأصبح نشيطًا طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان» (¬2). ¬

(¬1) وهذا فيه الحذر من التساهل من مخالفة القول الفعل, وفيه نصيحة ولي الأمر. * وسألته من ينكر في المستحبات ويخالف هل يدخل فيه؟ لا, هذا في الواجبات والمحرمات. * من أتى بذئبين عنده لإخراج الجن؟ الذي يظهر لي المنع؛ لأنه يخيف الناس, فينبغي المنع ويفضي إلى استخدام ما لا يحل. (¬2) وفي هذا حذر الشياطين وأنها تثبط عن الخير.

3271 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أما إن أحدكم إذا أتى أهله وقال: بسم الله: اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، فرزقا ولدًا، لم يضره الشيطان» (¬1). 3274 - عن أبي سعيد الخدري قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا مر بين يدي أحدكم شيء وهو يصلي فليمنعه، فإن أبي فليمنعه، فإن أبي فليقاتله، فإنما هو شيطان» (¬2). 3285 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان وله ضراط، فإذا قضي أقبل، فإذا ثوب بها أدبر، فإذا قضي أقبل حتى يخطر بين الإنسان وقلبه فيقول: اذكر كذا وكذا، حتى لا يدري أثلاثًا صلى أم أربعًا، فإذا لم يدر ثلاثًا صلى أو أربعًا سجد سجدتي السهو» (¬3). ¬

(¬1) وهذا فيه الحث على استعمال هذه السنة عند الجماع؛ لأن هذه من أسباب سلامة الولد. * وسألته يشرع للمرأة أن تقول هذا؟ قال: نعم. (¬2) شيطان كل قوم متمردهم. (¬3) فيه شدة عدوة الشيطان لبني آدم, ولهذا يريد إبطال أجره وإضعافه. * وإذا لم يخشع في الصلاة كلها هل يعيد؟ لا, ما دام ما أخل بشيء. قلت: انظر بسط هذه المسألة في مدارج السالكين لابن القيم (1/ 525) ط. الفقي وخلص إلى ما ذكره شيخنا رحمهما الله.

3286 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - «كل بني آدم يطعن الشيطان في جنبيه (¬1) بإصبعيه حين يولد، غير عيسى بن مريم ذهب بطعن فطعن في الحجاب». 3288 - عن عائشة - رضي الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الملائكة تتحدث في العنان -والعنان الغمام- بالأمر يكون في الأرض، فتستمع الشياطين الكلمة فتقرها في أذن الكاهن كما تقر القارورة، فيزيدون معها مائة كذبة» (¬2). 3289 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «التثاؤب من الشيطان، فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع، فإن أحدكم إذا قال ها ضحك الشيطان» (¬3). 3290 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «لما كان يوم أحد هزم المشركون، ¬

(¬1) وهو يصرخ الولد من هذه الطعنة, والله قدرها فهو بشارة بحياته فيفرحون بذلك. (¬2) تمليها في أذن الكاهن كصوت الدجاج. * المقصود بهذه الأحاديث بيان أعمال الشياطين. (¬3) السنة وضع اليد على الفم, وليرده ولا يقول ها, الأصل في الأوامر الوجوب, والأقرب الوضع لليد اليسرى على الفم من باب إزالة الأذي, هل يقول: أعوذ بالله؟ لو قالها لا بأس. * استخدام صالحي الجن في الإخبار بمكان السحر لا يجوز, بل يجب الحذر منهم وسليمان سخرهم الله له خدام بأمر الله.

فصاح إبليس: أي عباد الله، أخراكم، فرجعت أولاهم فاجتلدت هي وأخراهم، فنظر حذيفة فإذا هو بأبيه اليمان، فقال: أي عباد الله، أبي أبي. فو الله ما احتجزوا حتى قتلوه فقال حذيفة: غفر الله لكم. قال عروة: فما زالت في حذيفة (¬1) منه بقية خير حتى لحق بالله». 3291 - عن مسروق قال: قالت عائشة - رضي الله عنها -: سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن التفات الرجل في الصلاة فقال: «هو اختلاس يختلس الشيطان من صلاة أحدكم» (¬2). 3292 - عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - «الرؤيا الصالحة من الله، والحلم من الشيطان فإذا حلم أحدكم حلمًا يخافه فليبصق عن يساره وليتعوذ بالله من شرها، فإنها لا تضره» (¬3). 3293 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزًا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر (¬4) من ذلك» (¬5). ¬

(¬1) منه حلمه ودعاؤه لإخوانه لأنهم ما تعمدوه. (¬2) يدل على كراهيته إلا من حاجة, فالسنة يقبل على صلاته. (¬3) الرؤيا لها جالتان ما يسره: يرى أنه يدخل الجنة, يحفظ القرآن. الثانية ما يكره: يرى خطرًا, يرى أنه يضرب, دخل النار. (¬4) لو قالها 200 مرة أفضل, 1000 مرة افضل. (¬5) وهذا خير عظيم وبشارة للمسلم لو أنفق الإنسان في معرفته الملايين لكان قليلًا, وقد خرجه مسلم أيضًا.

12 - باب ذكر الجن وثوابهم وعقابهم

3294 - عن سعد بن أبي وقاص قال: «استأذن عمر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعنده نساء من قريش يكلمنه ويستكثرنه عالية أصواتهن، فلما استأذن عمر قمن يبتدرن الحجاب، فأذن له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يضحك، فقال عمر: أضحك الله سنك يا رسول الله، قال: عجبت من هؤلاء اللائي كن عندي، فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب. قال عمر: فأنت يا رسول الله كنت أحق أن يهبن. ثم قال: أي عدوات أنفسهن، أتهبنني ولا تهبن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قلن: نعم، أنت أفظ وأغلظ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: والذي نفسي بيده، ما لقيك الشيطان قط سالكًا فجًا إلا سلك فجًا غير فجك» (¬1). 3265 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا استيقظ -أراه أحدكم- من منامه فتوضأ فليستنثر ثلاثًا، فإن الشيطان يبيت على خيشومه» (¬2). 12 - باب ذكر الجن وثوابهم وعقابهم 3296 - عن أبي صعصعة الأنصاري عن أبيه أنه أخبره أن أبا سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: «إني اراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك وباديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء، فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة. قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» (¬3). ¬

(¬1) وهذه منقبة لعمر. (¬2) في نوم الليل، لقوله: ويبيت. (¬3) وهذا فضل عظيم.

14 - باب قول الله تعالى: {وبث فيها من كل دابة}

14 - باب قول الله تعالى: {وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ} 3297 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب على المنبر يقول: «اقتلوا الحيات واقتلوا ذا الطفيتين والأبتر، فإنهما يطمسان البصر ويستقسطان الحبل» (¬1). قال الحافظ: ... واختلف في المراد بالثلاث فقيل ثلاث مرات، وقيل ثلاثة أيام (¬2). 15 - باب خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال 3301 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «رأس الكفر نحو المشرق، والفخر والخيلاء في أهل الخيل والإبل والفدادين أهل الوبر، والسكينة في أهل الغنم» (¬3). ¬

(¬1) إذا لدغت عمار البيوت: تقتل. * أمر عليه الصلاة والسلام بقتل الحيات وأمر بقتل الأبتر وذا الطغيتين، أما بقية الحيات فيقتلن إن كن في البراري والطرق وإن كن في البيوت ينذرن ويؤذن ثلاثًا. * صفة التعوذ: كفوا شركم إن عدتم فعلنا وفعلنا. (¬2) قلت: في صحيح مسلم التصريح بثلاثة أيام كما في حديث أبي سعيد برقم (2236). * أهل الإبل والخيل قد يحصل لهم الكبر لأن دوابهم عظيمة، بخلاف أهل الغنم. (¬3) وفيه الحذر مما يقع في الشرق من الشر، وهذا من علامات النبوة ارتداد.

3302 - عن عقبة بن عمرو أبي مسعود قال: «أشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده نحو اليمن فقال: الإيمان يمان هاهنا، ألا إن القسوة وغلظ القلوب في الفدادين عند أصول أذناب الإبل حيث يطلع قرنا الشيطان في ربيعة ومضر» (¬1). 3303 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله فإنها رأت ملكًا، وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان فإنه رأى شيطانًا» (¬2). 3305 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «فقدت أمه من بني إسرائيل لا يدري ما فعلت، وإني لا أراها إلا الفأر: إذا وضع لها ألبان الإبل لم تشرب، وإذا وضع لها ألبان الشاة شربت. فحدثت كعبًا فقال: أنت سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول؟ قلت: نعم. فقال لي مرارًا، فقلت: أفأقرأ التوراة؟ » (¬3). 3307 - عن سعيد بن المسيب أن أم شريك أخبرته «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرها بقتل الأوزاغ» (¬4). ¬

(¬1) * العرب من الشرق، والجهمية والمعتزلة ولأن فيه شر كثير، ومع ذلك حصل خير كثير العلماء والمحدثون، وكذلك نجد. النجد نجدان: نجد اليمن ونجد العراق. (¬2) هذا سنة «اللهم إني أسألك من فضلك». (¬3) المعروف أن المسخ لا يعيش أكثر من ثلاثة أيام، هكذا في الأحاديث الصحيحة، ولعل هذا قبل أن يعلم أن المسخ لا يعيش. (¬4) وهذا هو السنة المبادرة إلى قتلها.

3309 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتل الأبتر وقال: إنه يصيب البصر ويذهب الحبل» (¬1). قال الحافظ: ... «لا تسبوا الديك فإنه يوقظ للصلاة» يؤخذ منه أن كل من استفيد منه الخير لا ينبغي أن يسب ولا أن يستهان به (¬2). قال الحافظ: ... قال الداودي: يتعلم من الديك خمس خصال: حسن الصوت، والقيام في السحر، والغيرة (¬3)، والسخاء (¬4)، وكثرة الجماع. قال الحافظ: ... وكأنهما جميعًا لم يبلغهما حديث ابن مسعود (¬5). ¬

(¬1) فمن رآهما ذو الطفتين والأبتر يقتلان مطلقًا، بخلاف غيرهما من الحيات وقتل الحية والعقرب واجب قتلهما، ولا أعرف صارفًا لذلك. (¬2) جيد فكيف بدعاة الهدى. (¬3) يغير على أنثاه. (¬4) يؤثر زوجته. (¬5) وفي العيني أبي سعيد.

60 - كتاب أحاديث الأنبياء

60 - كتاب أحاديث الأنبياء 1 - باب خلق آدم وذريته 3326 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «خلق الله آدم وطوله ستون ذراعًا، ثم قال: اذهب فسلم على أولئك من الملائكة فاستمع ما يحبونك، تحيتك وتحية ذريتك. فقال: السلام عليكم فقالوا: السلام عليك ورحمة الله. فزادوه: ورحمة الله فكل من يدخل الجنة على صورة آدم، فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن» (¬1). 3329 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: بلغ عبد الله بن سلام مقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة، فأتاه فقال: إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي، قال: ما أو أشراط الساعة؟ وما أول طعام يأكله أهل الجنة؟ ومن أي شيء ينزع الولد إلى أبيه ومن أي شيء ينزع إلى أخواله؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: خبرني بهن آنفًا جبريل. قال فقال عبد الله: ذاك عدو اليهود من الملائكة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أما أول أشراط (¬2) الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب. وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد حوت وأما الشبه في الولد فإن الرجل إذا غشي المرأة فسبها ماؤه كان الشبه له، وإذا سبق ¬

(¬1) الطول ستون ذراعًا والعرض جاء في بعض الروايات سبعة أذرع، وفيه (مقال) قلت: هي عند أحمد من طريق حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة وعلى ضعيف. انظر المسند (2/ 295). * من شك في الخارج؟ لا عليه حتى يعلم أنه مني، قلت: له أن يشمه قال: نعم. (¬2) أول ما يكون بالحوادث المتصلة إلى قيام الساعة فهي أولية نسبية.

ماؤها كان الشبه لها. قال: أشهد أنك رسول الله. ثم قال: يا رسول الله إن اليهود قوم بهت، إن علموا إسلامي ... الحديث (¬1). 3330 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه، يعني «لولا بنو إسرائيل لم يخنز اللحم (¬2)، ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها» (¬3). 3331 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «استوصوا بالنساء، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء» (¬4). 3332 - عن زيد بن وهب عن عبد الله حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو الصادق المصدوق: «إن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يومًا، ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله إليه ملكًا بأربع كلمات: فيكتب عمله، وأجله، ورزقه، وشقي أم سعيد. ثم ينفخ فيه الروح. فإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخل الجنة، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخل النار» (¬5). ¬

(¬1) فهم قوم بهت خبثاء، ولهذا مدحوه قبل أن يعلموا إسلامه ثم ذموه بعده. (¬2) لم يخبث. (¬3) ومقتضى أنها سبقت بعد قول أحدهم قوله «أزلهما» يعني جميعًا. (¬4) فيحتمل ولا يدقق على كل صغيرة، ويصفح ويعفو. (¬5) وهذا فيه الحذر والحفظ للسان، وسؤال الله حسن الختام والخوف مع حسن الظن بالله.

2 - باب الأرواح جنود مجندة

قال الحافظ: ... وفي الحديث إشارة إلى تسلية الرجال فيما يقع لهم من نسائهم بما وقع من أمهن الكبرى، وأن ذلك من طبعهن فلا يفرط في لوم من وقع منها في شيء من غير قصد إليه أو على سبيل الندور، وينبغي لهن ألا يتمكن بهذا في الاسترسال في هذا النوع بل يضبطهن أنفسهن ويجاهدن هواهن (¬1). 2 - باب الأرواح جنود مجندة 3336 - قال (¬2) وقال الليث عن يحي بن سعيد عن عمرة عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف» (¬3). قال الحافظ: ... ويحتمل أن يراد الإخبار عن بدء الخلق في حال الغيب على ما جاء أن الأرواح خلقت قبل الأجسام (¬4). قل الحافظ: ... قال ابن الجوزي: ويستفاد من هذا الحديث أن الإنسان إذا وجد من نفسه نفرة ممن له فضيلة أو صلاح فينبغي أن يبحث عن المقتضى لذلك ليسعى في إزالته حتى يتخلص من الوصف المذموم (¬5). ¬

(¬1) قلت: كلام متين. (¬2) الفربري عن البخاري قال قال الليث. (¬3) وفيه الدلالة أن الأرواح أصناف مصنفة، هذا مؤمن وهذا منافق وهذا مخلط وهذا يغلب عليه كذا وهذا يغلب عليه كذا. (¬4) الأول هو المقصود بحسب عقائدهما، فأهل الخير يشاكلون أهل الخير. (¬5) كل يميل إلى مني يشاكله من الأخيار أو من غيرهم.

3 - باب قول الله - عز وجل -: {ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه} [هود: 25]

3 - باب قول الله - عز وجل -: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ} [هود: 25] 3337 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - «قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الناس فأثنى على الله بما هو أهله، ثم ذكر الدجال (¬1) فقال: إني لأنذركموه، وما من نبي إلا أنذره قومه، لقد أنذر نوح قومه، ولكني أقول لكم فيه قولًا لم يقله نبي لقومه: تعلمون انه أعور، وأن الله ليس بأعور». 3339 - عن أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يجيئ نوح وأمته، فيقول الله تعالى: هل بلغت؟ فيقول: نعم أي رب. فيقول لأمته: هل بلغكم؟ فيقولون: لا، ما جاءنا من نبي. فيقول لنوح من يشهد لك؟ فيقول: محمد - صلى الله عليه وسلم - وأمته، فنشهد أنه فد بلغ، وهو قوله جل ذكره {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة: 143] والوسط العدل» (¬2). 3340 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في دعوة، فرفعت إليه الذراع -وكانت تعجبه- فنهس منها نهسة وقال: أنا سيد الناس يوم القيامة. هل تدرون (¬3) بمن يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد، فيبصرهم الناظر، ... الحديث ... أما ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى على ما بغلنا ألا تشفع لنا إلى ربك؟ فيقول: ربي غضب اليوم غضبًا لم يغضب قله مثله، ولا يغضب بعده مثله. نفسي نفسي، ائتوا النبي ¬

(¬1) ولأن فتنته أعظم الفتن؛ ولهذا كان يتعوذ منه دبر كل صلاة. (¬2) نشهد لبلاغ الله وبلاغ رسوله، والله هو الصادق ورسوله صادق، وهكذا جميع الأنبياء. (¬3) لعلها تصفحت، والمعروف: مما.

5 - باب ذكر إدريس - عليها السلام -

- صلى الله عليه وسلم - فيأتوني، فأسجد تحت العرش، فيقال: يا محمد ارفع رأسك، واشفع تشفع، وسل تعطه. قال محمد بن عبيد: لا أحفظ سائره» (¬1). 5 - باب ذكر إدريس - عليها السلام - وهو جد أبي نوح (¬2)، ويقال جد نوح عليهما السلام وقول الله تعالى: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} [مريم: 57] 3342 - عن أنس بن مالك «كان أبو ذر - رضي الله عنه - يحدث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فرج عن سقف بيتي وأنا بمكة، فنزل جبريل ففرج صدري، ثم غسله بماء زمزم، ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانًا فأفرغها في صدري، ثم أطبقه، ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء ... الحديث ... قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ففرض الله على خمسين صلاة، فرجعت بذلك حتى أمر بموسى فقال موسى: ما الذي فرض على أمتك؟ قلت: فرض عليهم خمسين صلاة، قال: فراجع ربك، فإن أمتك لا تطيق ذلك، فرجعت ... الحديث ... فرجعت إلى موسى فقال: راجع ربك، فقلت: قد استحييت من ربي. ثم انطلق حتى أتى السدرة المنتهى، فغشيها ألوان لا أدري ما هي. ثم أدخلت الجنة فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ، وإذا ترابها المسك» (¬3). ¬

(¬1) هذا مختصر، والرواية المطولة الإحالة إلى إبراهيم ثم موسى ثم عيسى ثم محمد عليهم الصلاة والسلام، أولوا العزم. (¬2) كون إدريس جد نوح محل نظر، ما بين نوح وآدم فترة طويلة فلعل إدريس من ذريته. (¬3) وفي هذا فضل الله جلا وعلا، وفيه رفع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى مستوى فوق السماء السابعة وهذا من مناقبه.

17 - باب قول الله تعالى: {وإلى ثمود أخاهم صالحا} [الأعراف: 73]

3344 - عن أبي سعيد - رضي الله عنه - قال: «بعث على - رضي الله عنه - إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بذهيبة، فقسمها بين الأربعة، الأقرع بن حابس الحنظلي ثم المجاشعي، وعيينة بن بدر الفزاري، وزيد الطائي ثم أحد بني نبهان، وعلقمة بن علاقة العامري أحد بني كلاب. فغضبت قريش والأنصار قالوا: يعطي صناديد أهل نجد ويدعنا (¬1) ... الحديث». 3345 - عن أبي إسحاق عن الأسود قال: سمعت عبد الله قال: «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: 15] (¬2)». 17 - باب قول الله تعالى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا} [الأعراف: 73] {كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ} [الحجر: 80]: الحجر موضع ثمود. وأما {وَحَرْثٌ حِجْرٌ} [الأنعام: 138]: حرام، وكل ممنوع فهو حجر، ومنه «حجر محجور». والحجر كل بناء بنيته، وما حجرت عليه من الأرض فهو حجر، ومنه سمي حطيم البيت حجرًا، كأنه مشتق من محطوم، مثل قتيل من مقتول، ويقال للأنثى من الخيل حجر، ويقال للعقل: حجر (¬3). وحجى وأما حجر اليمامة فهو المنزل. 3378 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما نزل الحجر في غزوة تبوك أمرهم أن لا يشربوا من بئرها ولا يستقوا منها، فقالوا: قد عجنا منها واستقينا، فأمرهم أن يطرحوا ذلك العجين ويهريقوا ذلك الماء» (¬4). ¬

(¬1) أعطاهم من باب التأليف ليتألفهم على الإسلام. (¬2) مدكر: متذكر. (¬3) لأنه يحجر صاحبه عما لا ينبغي. (¬4) كره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يشربوا من مياهها لما حل فيها من الشر، لكن أذن لهم في بئر الناقة.

7 - باب قصة يأجوج ومأجوج

ويروي عن سبرة بن معبد وأبي الشموس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بإلقاء الطعام». وقال أبو ذر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «من اعتجن بمائه». 3380 - عن سالم بن عبد الله عن أبيه - رضي الله عنه - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما مر بالحجر قال: لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا، إلا أن تكونوا باكين أن يصيبكم ما أصابهم. ثم تقنع (¬1) بردائه وهو على الرحل». 7 - باب قصة يأجوج ومأجوج وقول الله تعالى: {قَالُوا يَاذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ} «قال رجل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: رأيت السد مثل البرد المحبر. قال: قد رأيته» (¬2). 3346 - عن زينب بنت جحش - رضي الله عنها - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها فزعًا يقول: لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ¬

(¬1) * المقصود التنفير ولئلا يصيب من يكن فيها ما أصابهم. * الذهاب للاطلاع على ديارهم؟ لا ... يمنع. * النبي - صلى الله عليه وسلم - تقنع وأسرع عليه الصلاة والسلام. تغشى بثوب حتى لا يرى مساكنهم. * صدر من هيئة كبار العلماء بيان بإخراج الناس في تلك المحال والديار وتحديد منطقة المنع هناك (قاله الشيخ بعد قول أحدهم هناك مزارع ومساكن). * خدود نجران؟ لا، ليست محل عذابهم الذين خدوها الناس. (¬2) المؤلف ذكره معلقًا مجزومًا به والأسانيد التي ذكرها الحافظ ضعيفه والقرآن كافٍ وهذا السد إذا قربت الساعة انفتح.

8 - باب قول الله تعالى: {واتخذ الله إبراهيم خليلا} [النساء: 125]

ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه - وحلق بإصبعه الإبهام والتي تليها (¬1) - فقالت زينب بنت جحش: فقلت يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم، إذا كثر الخبث». 3348 - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يقول الله تعالى: يا آدم. فيقول: لبيك وسعديك، والخير في يديك. فيقول: أخرج بعث النار. قال: وما بعث النار؟ قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين. فعنده يشيب الصغير، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد. قالوا: يا رسول الله، وأينا ذلك الواحد؟ قال: أبشروا فإن منكم رجلًا ومن يأجوج ومأجوج ألف. ثم قال: والذي نفسي بيده إني أرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة. فكبرنا. فقال: أرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة. فكبرنا. فقال: أرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة. فكبرنا. فقال: ما أنتم في الناس إلا كالشعرة السوداء في جلد ثور أبيض، أو كشعرة بيضاء في جلد ثور أسود» (¬2). 8 - باب قول الله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: 125] 3349 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنكم محشورون حفاة عراة غرلًا. ثم قرأ {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا ¬

(¬1) هكذا كما فعل شيخنا (مد الخنصر والبنصر والوسطى وحلق الإبهام والسبابة). (¬2) وهذا مصداق لقوله تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف: 103] وكبر شيخنا أربعًا, وهكذا يكبر كثيرًا، عندما يعجبه شيء.

فَاعِلِينَ} [الأنبياء: 104]». وأول من يكسي يوم القيامة إبراهيم (¬1). وإن أناسًا من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: أصحابي، أصحابي. فيقال إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم، فأقول كما قال العبد الصالح {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ -إلى قوله- الْحَكِيمُ} [المائدة: 117، 118]. 3350 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة وعلى وجه آزر قترة وغبرة، فيقول له إبراهيم: ألم أقل لك لا تعصني؟ فيقول أبوه: فاليوم لا أعصيك. فيقول إبراهيم: يا رب إنك وعدتني أن لا تخزيني يوم يبعثون، فأي خزي أخزي من أبي الأبعد؟ فيقول الله تعالى: إني حرمت الجنة على الكافرين. ثم يقال: يا إبراهيم ما تحت رجليك، فينظر فإذا هو بذيخ ملتطخ، فيؤخذ بقوائمه فيلقى في النار» (¬2). 3352 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما رأى الصورة في البيت لم يدخل حتى أمر (¬3) بها فمحيت. ورأى إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام بأيديهما الأزلام فقال: قاتلهم الله، والله إن (¬4) استقسما بالأزلام قط». ¬

(¬1) وهذه منقبة عظيمة لإبراهيم، وهو أفضل الخلق بعد نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) يوم القيامة ليس يوم عمل، ومسخ إلى ذيخ ثم ألقي في النار حتى لا يبقى إلى إبراهيم تعلق به وتزول شفقته به. (¬3) وإن دعت المصلحة إلى محل به صور دخل. (¬4) إن نافية يعني ما استقسما.

3353 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - «قيل يا رسول الله من أكرم الناس؟ قال: أتقاهم. فقالوا: ليس عن هذا نسألك، قال: فيوسف نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله. قالوا: ليس عن هذا نسألك. قال: فعن معادن العرب تسألون؟ خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا» (¬1). 3345 - عن سمرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أتاني الليلة آتيان، فأتينا على رجل طويل لا أكاد أرى رأسه طولًا (¬2)، وإنه إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -». 3355 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - - وذكروا له الدجال بين عينيه مكتوب كافر أو: ك، ف، ر- قال: «لم أسمعه، ولكنه قال: أما إبراهيم فانظروا إلى صاحبكم، وأما موسى فجعد آدم على جمل أحمر مخطوم بخلبة، كأني أنظر إليه انحدر في الوادي» (¬3). 3356 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اختتن (¬4) إبراهيم - عليها السلام - وهو ابن ثمانين سنة بالقدوم». ¬

(¬1) خيار الناس أتقى الناس. (¬2) والخلق نقص بعده حتى الآن. * أهل السنة يفضلون العرب من جهة النسب على غيرهم، والعمدة على التقوى، والصحيح عدم اشتراط الكفاءة. (¬3) في نسخة «يكبر» كما في العيني. قال شيخنا: كأنه رآه في النوم. (¬4) فيه الدلالة على شرعيته الختان وأنه من الفطرة، ولو كان كبيرًا إذا لم يخش ضررًا.

3358 - عن حماد بن زيد (¬1) عن أيوب عن محمد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لم يكذب إبراهيم - عليها السلام - إلا ثلاث كذبات: ثنتين (¬2) منهم في ذات الله - عز وجل -، قوله: {إِنِّي سَقِيمٌ} [الصافات: 89] وقوله {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} [الأنبياء: 63] وقال: بينا هو ذات يوم وسارة إذ أتى على جبار من الجبابرة، فقيل له: إن هاهنا رجلًا مع امرأة من أحسن الناس، فأرسل إليه فسأله عنها فقال: من هذه؟ قال: أختي ... الحديث ... فأتته وهو قائم يصلي، فأومأ بيده: مهيم؟ قالت: رد الله كيد الكافر -أو الفاجر- في نحره، وأخدم هاجر (¬3)، قال أبو هريرة: تلك أمكم يا بني ماء السماء». 3359 - عن أم شريك - رضي الله عنها - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتل الوزغ، وقال: كان ينفخ على إبراهيم - عليها السلام -» (¬4). 3360 - عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: «لما نزلت {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82] قلنا: يا رسول الله، أينا لا يظلم نفسه؟ قال: ليس كما تقولون {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ}: بشرك. أولم تسمعوا إلى قول لقمان لابنه {يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13]» (¬5). ¬

(¬1) وقع في بعض النسخ يزيد وهو غلط ظاهر، وليس في رجال الجماعة من نسبه هكذا. (¬2) كلهن في ذات الله كما في رواية. * قال أختي، لأنها أقرب إلى أن تسلم لئلا يغار. (¬3) وهذا من رحمة الله سخر هذا. (¬4) يسمى الضاطور، ويشرع قتله. (¬5) الشرك أعظم الظلم، ويطلق الظلم على التعدي على الناس.

قال الحافظ: ... قوله: (أمر بقتل الوزغ وقال كان ينفخ على إبراهيم - عليها السلام -) ووقع في حديث عائشة عند ابن ماجه وأحمد «أن إبراهيم لما ألقي في النار لم يكن في الأرض دابة إلا أطفأت عنه، إلا الوزغ فإنها كانت تنفخ عليه، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتلها» (¬1). 3364 - عن سعيد بن جبير قال ابن عباس: «أول ما اتخذ النساء المنطق من قبل أم إسماعيل اتخذت منطقًا لتعفي أثرها على سارة، ثم جاء بها إبراهيم وبابنها إسماعيل -وهي ترضعه- حتى وضعها عند البيت عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد، وليس بمكة يومئذ أحد، وليس بها ماء فوضعها هنالك، ثم قفى إبراهيم منطلقًا (¬2) ... الحديث ... فلما جاء إسماعيل كذا وكذا، فسألنا عنك فأخبرته، وسألني كيف عيشنا، فأخبرته أنا في جهد وشدة. قال: فهل أوصاك بشيء؟ قالت: نعم، أمرني أن أقرأ عليك السلام، ويقول: غير عتبة بابك. قال: ذاك أبي، وقد أمرني أن أفارقك، الحقي بأهلك. فطلقها (¬3). وتزوج منهم أخرى». ¬

(¬1) إسناده صحيح لولا سائبة مولاة الفاكه بن المغيرة ترويه عن عائشة، وفي التقريب: مقبولة، وحديثها حسن في الشواهد. (¬2) هذه قصة عظيمة من أعظم القصص، جاء بها من الشام ووضعها بأرض ليس فيها أحد ثم ما حصل من مجيء جرهم وبناء بيت الله العتيق، كل هذا من آيات الله العظيمة. (¬3) فيه امتثال إسماعيل لأبيه في كل شيء حتى في الذبح، وفي الحديث الثناء على الله والحث على الخير إذا سئل يقول: نحن بخير وعافية.

10 - باب

3365 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «لما كان بين إبراهيم وبين أهله ما كان خرج بإسماعيل، ومعهم شنة فيها ماء. فجعلت أم إسماعيل تشرب من الشنة فيدر لبنها على صبيها حتى قدم مكة فوضعها تحت دوحة، ثم رجع إبراهيم إلى أهله ... الحديث ... ثم بدا لإبراهيم فقال لأهله: إني مطلع تركتي» (¬1). 10 - باب 3368 - عن عائشة - رضي الله عنهما - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ألم ترى أن قومك لما بنوا الكعبة (¬2) اقتصروا عن قواعد إبراهيم. فقلت يا رسول الله ألا تردها على قواعد إبراهيم؟ فقال: لولا حدثان قومك بالكفر. فقال عبد الله بن عمر: لئن كانت عائشة سمعت هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أرى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترك استلام الركنين اللذين يليان الحجر إلا أن البيت لم يتم على قواعد إبراهيم». 3369 - عن أبي حميد الساعدي - رضي الله عنه - أنهم قالوا: «يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ (¬3) فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قولوا: اللهم صلِّ على ¬

(¬1) * وفيه تفريج الكربات عند الضيق، وفيه بركة زمزم طعام طعم وشفاء سقم، عاش عليها أبو ذر خمسة عشر يومًا. يعني ما تركته بمكة، يعني أم إسماعيل وابنها. * هل بنى البيت أحد قبل إبراهيم؟ ما بلغنا، يروي عن آدم وفي ذلك وأمثاله مقال. (¬2) بنوها قبل البعثة وبنوها بمال طيب ليس فيه ثمن خمر ولا زنا ولا ربا ولا ما يستقبح فقصرت النفقة فأخرجوا الحجر. (¬3) زاد ابن خزيمة وغيره: في صلاتنا، ورواية البخاري مطلقة.

محمد وأزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد». 3370 - عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: «لقيني كعب بن عجرة فقال ألا أهدي لك هدية سمعتها من النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقلت: بلى فأهدها لي، فقال: سألنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلنا: يا رسول الله كيف الصلاة عليكم أهل البيت، فإن الله قد علمنا كيف نسلم. قال: قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، الله بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد» (¬1). ¬

(¬1) * الصلاة مع التبريك لا تفصل واحدة عن الأخرى، فإذا صلى في التشهد الأول برك، فالصلاة لوحدها لا أصل لها. * الأقرب أن الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فرض، وقيل: واجبة وقيل: مستحبة، الأقوال ثلاثة والرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: قولوا، والأصل الوجوب هذا في التشهد الأخير وفي الأول مستحب. * هذا من أنواع الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وسرد الشيخ الباقي. * قلت له: أبو العباس ما أنكر هذه الرواية؟ قال: غلط من أبي العباس - رحمه الله - وهذا يدل على أن الإنسان مهما بلغ من العلم قد يخفي عليه بعض العلم. * قلت: انظر كلام أبي العباس (33/ 456 - 457) وقوله: لم يبلغني إلى الساعة حديث مسند ثابت كما صليت على إبراهيم كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم. هذا أكمل الروايات.

11 - باب قول الله - عز وجل - {ونبئهم عن ضيف إبراهيم (51) إذ دخلوا عليه} [الحجر 51، 52] الآية {وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحي الموتى} [البقرة: 260]

3371 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعوذ الحسن والحسين ويقول: إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق: أعوذ بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة» (¬1). 11 - باب قول الله - عز وجل - {وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ (51) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ} [الحجر 51، 52] الآية {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى} [البقرة: 260] 3372 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «نحن أحق بالشك من إبراهيم إذ قال: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: 260] ويرحم الله لوطًا لقد كان يأوي إلى ركن شديد، ولو لبثت في السجن طول ما لبث يوسف لأحببت الداعي» (¬2). قال الحافظ: ... قال ابن عباس: أرجى آية في القرآن هذه الآية: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى} الآية ... قال ابن عباس: هذا لما يعرض في الصدور ويوسوس (¬3) به الشيطان فرضي الله عن إبراهيم - عليها السلام - بأن قال: بلى. ¬

(¬1) في الرواية الأخرى: أعيذكما ... يقولها وهم نائمون، أو عند تنويمهم (بعد سؤال أحدهم) ويقولها مطلقا. (¬2) سماه شكًا لأنه مرتبة بين علم اليقين وعين اليقين، والعلوم ثلاثة ما تقدم مع حق اليقين، فأراد إبراهيم المعرفة بطريق عين اليقين واراد هذه المرتبة؛ ولهذا قال: {أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى} فقد حصل له علم اليقين وأراد عين اليقين. وقصة يوسف ثناء على يوسف توقف لم يعجل حتى يسأل لتعلم براءته، وكذلك لوطًا لقد كان يأوي إلى ركن شديد الركن الشديد هو الله لكن أراد من عشيرته. (¬3) سألته عن هذا التقرير من ابن عباس فقال: هذا له وجاهة عند الوسوسة.

12 - باب قول الله تعالى: {واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق} [مريم: 54]

12 - باب قول الله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ} [مريم: 54] 3373 - عن سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - قال: «مر النبي - صلى الله عليه وسلم - على نفر من أسلم ينتصلون، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميًا، ارموا وأنا مع بني فلان. قال: فأمسك أحد الفريقين بأيديهم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما لكم لا ترمون؟ فقالوا: يا رسول الله نرمي وأنت معهم؟ قال: ارموا وأنا معكم كلكم» (¬1). 13 - باب قصة إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام فيه ابن عمر (¬2) وأبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال الحافظ: ... قوله: (قصة إسحق بن إبراهيم النبي - صلى الله عليه وسلم -) ذكر ابن إسحاق أن هاجر لما حملت بإسماعيل غارت سارة فحملت بإسحاق فوضعتا معًا فشب الغلامان (¬3). ¬

(¬1) فيه الحث على الرمي، لأن هذا من الإعداد، ألا إن القوة الرمي، الرمي أعظم السلاح. (¬2) حديث الكريم بن الكريم من حديث أبي هريرة وابن عمر. (¬3) المعروف أن إسماعيل بكره الوحيد الأكبر وهذا غريب من الشارح. قلت: وانظر زاد المعاد (1/ 71) فما بعدها. * رد العيني على الحافظ هنا فيه تحامل.

18 - باب {أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت} [البقرة: 133]

18 - باب {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ} [البقرة: 133] 3382 (¬1) - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم: يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام». 3386 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اللهم أنج عياش بن أبي ربيعة، اللهم أنج سلمة بن هشام، الله أنج الوليد بن الوليد، اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين. اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها سنين كسني يوسف» (¬2). 3388 - عن شقيق عن مسروق قال: سألت أم رومان وهي أم عائشة لما قيل فيها ما قيل قالت: «بينما أنا مع عائشة جالستان، إذ ولجت علينا امرأة من الأنصار وهي تقول: فعل الله بفلان وفعل. قالت: فقلت: لم؟ قالت إنه نمى ذكر الحديث، فقالت عائشة: أي حديث؟ فأخبرتها. قالت: فسمعه أبو بكر ورسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت نعم، فخرت مغشيًا عليها، فما أفاقت إلا وعليها حمى بناقض. فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما لهذا؟ قلت حمى أخذتها ¬

(¬1) الحديث الذي قبله برقم 3376 وهنا 3382 فسقطت ستة أحاديث تقدمت ص 378. ونبه عليه المحشي هناك. * البكاء من خشية الله لا يؤثر في الصلاة، وهذا يجعل المأمومين يخشعون كذلك. (¬2) وفيه القنوت في النوازل، وقد أمر به الشيخ هذه الأيام للنوازل المتكاثرة والله المستعان، غزو الروس للشيشان وجال البوسنة ... إلخ بتاريخ 24/ 7/ 1415 هـ.

من أجل حديث تحدث به. فقعدت فقالت: والله لئن حلفت لا تصدقونني، ولئن اعتذرت لا تعذرونني، فمثلي ومثلكم كمثل يعقوب وبنيه، والله المستعان على ما تصفون. فانصرف النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأنزل الله ما أنزل، فأخبرها فقالت: بحمد الله لا بحمد أحد» (¬1). 3389 - عن ابن شهاب قال: «أخبرني عروة أنه سأل عائشة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -: أرأيت قول الله {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} [يوسف: 110] أو كذبوا؟ قالت: بل كذبهم قومهم، فقلت والله لقد استيقنوا أن قومهم كذبوهم وما هو بالظن. فقالت: يا عرية، لقد استيقنوا بذلك. قلت فلعلها «أو كذبوا» قالت: معاذ الله، لم تكن الرسل تظن ذلك بربها وأما هذه الآية قالت: هم أتباع الرسل الذين آمنوا بربهم وصدقوهم وطال عليهم البلاء واستأخر عنهم النصر، حتى إذا استيأست ممن كذبهم من قومهم وظنوا أن أتباعهم كذبوهم جاءهم نصر الله» (¬2). ¬

(¬1) الله أكبر، الله أكبر، الحمد لله. (¬2) المقام مقام عظيم، فإذا قريء بالتخفيف فكيف يظن الرسل، وإذا قريء بالتشديد يعني أيقنوا بتكذيب قومهم فهم ينتظرون نصر الله على قومهم، فلا إشكال هنا والإشكال بالتخفيف، وعروة أشكل عليه الأمر وهو واضح، والقراءة بالتثقيل أظهر وبالتخفيف فيه إشكال كبير. قلت: قرأ عاصم وحمزة والكسائي وأبو جعفر وخلف ووافقهم الأعمش بالتخفيف مع ضم أوله {كُذِبُوا} وقرأ الباقون بالتثقيل (كُذّبوا) ا. هـ-من الميسر في القراءات الأربعة عشرة.

21 - باب واذكر في الكتاب موسى

20 - باب قول الله تعالى: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ} [الأنبياء: 83] 3391 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «بينما أيوب يغتسل عريانًا خر عليه رجل جرادٍ من ذهب، فجعل يحثي في ثوبه فنادى ربه: يا أيوب ألم أكن أغنيتك عما ترى؟ قال: بلى يا رب، ولكني لا غنى لي عن بركتك» (¬1). 21 - باب واذكر في الكتاب موسى 3392 - عن عائشة - رضي الله عنها - «فرجع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى خديجة يرجف فؤاده، فانطلقت به إلى ورقة بن نوفل - وكان رجلًا تنصر، يقرأ الإنجيل بالعربية- فقال ورقة: ماذا ترى؟ فأخبره، فقال ورقة: هذا الناموس (¬2) الذي أنزل الله على موسى، وإن أدركني يومك أنصرك نصرًا مؤزرًا». الناموس: صاحب السر الذي يطلعه بما يستره عن غيره (¬3). 24 - باب قول الله تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى} [طه: 9] 3394 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ليلة ¬

(¬1) يعني ما يسوق الله لعباده من الأرزاق من بركة الله، والعباد لا غنى لهم عن بركة الله، وهذا من آيات الله، الجراد الذي يطير يصبح ذهبًا {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: 82]. (¬2) رسالة عيسى تابعة لموسى. * سألته: بعض الوعاظ يقول مثلًا إن يونس قصر في الدعوة ثم استدرك؟ هل يسوغ هذا؟ لا، ما ينبغي أن يقال هذا. (¬3) وهو جبرائيل.

27 - باب حديث الخضر مع موسى عليهما السلام

أسرى بي رأيت موسى وإذا هو رجل ضرب رجل كأنه من رجال شنوءة، ورأيت عيسى فإذا هو رجل ربعة أحمر كأنما خرج من ديماس، وأنا أشبه ولد إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - به. ثم أتيت بإناءين في أحدهما لبن وفي الآخر خمر فقال: اشرب أيهما شئت، فأخذت اللبن فشربته، فقيل: أخذت الفطرة، أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك». 3397 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قدم المدينة وجدهم يصومون يومًا - يعني يوم عاشوراء- فقالوا: هذا يوم عظيم، وهو يوم نجى الله فيه موسى، وأغرق آل فرعون، فصام موسى شكرًا لله. فقال: أنا أولى بموسى منهم، فصامه وأمر بصيامه» (¬1). 27 - باب حديث الخضر مع موسى عليهما السلام 3400 - عن ابن عباس أنه تمارى هو والحر بن قيس الفزاري في صاحب موسى، قال ابن عباس: هو خضر، فمر بهما أبي بن كعب، فدعا ابن عباس فقال: إني تماريت أنا وصاحبي وهذا في صاحب موسى الذي سأل السبيل إلى لقيه، هل سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذكر شأنه؟ قال: نعم، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: بينما موسى في ملإ من بني إسرائيل جاءه رجل فقال: هل تعلم أحدًا أعلم منك؟ (¬2) قال: لا فأوحى الله إلى موسى: ¬

(¬1) المقصود مثل ما تقدم بيان شيء من أخبار الأنبياء، إشارة إلى بعض ما ورد في القرآن وما جاء في السنة. (¬2) وفيه رغبة الأنبياء في العلم وحرصهم عليه؛ ولهذا طلب السبيل إلى الخضر ليستفيد، فطلبه من سنة الأنبياء.

28 - باب

بلى عبدنا خضر، فسأل موسى السبيل إليه، فجعل له الحوت آية، وقيل له: إذا فقدت الحوت فارجع فإنك ستلقاه، فكان يتبع الحوت في البحر، فقال لموسى فتاه: أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره. فقال موسى: ذلك ما كنا نبغي، فارتدا على آثرهما قصصًا، فوجدا خضرًا، فكان من شأنهما الذي قص الله في كتابه». قال الحافظ: ... هو حي عند جمهور العلماء والعامة معهم في ذلك (¬1). 28 - باب 2403 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قيل لبني إسرائيل: ادخلوا الباب سجدًا وقولوا حطة، فبدلوا ودخلوا يزحفون على أستاههم وقالوا حبة في شعرة» (¬2). 3404 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن موسى كان رجلًا حييًا ستيرًا لا يرى من جلده شيء استحياء منه، فآذاه من آذاه ¬

(¬1) * الرسل عليهم الصلاة والسلام لا يعلمون إلا ما علمهم الله، والخضر اختص بهذا العلم دون موسى وإن كان موسى أفضل، وفيه الحكمة البالغة حيث أذن الله بقتل الغلام لئلا يضر والديه ومسح الدار لئلا يسقط فيذهب كنز الغلامين وخرق السفينة حتى يقال سفينة معيبة فلا يتعرض لها الظالم، والخضر نبي على الراجح. قول من قاله إنه معمر قول ضعيف (انظر مجموع الفتاوى (4/ 337) وأما الفتوى بعدها فيها نظر، وانظر (ج 27/ 100) فقد نقل عن المحققين موته. وانظر شرح شيخ الإسلام لأفعال الخضر وتعليلها (11/ 426) (13/ 266). (¬2) المعروف حبة في شغيرة.

29 - باب يعكفون على أصنام لهم

من بني إسرائيل فقالوا: ما يستتر هذا التستر إلا من عيب بجلده: إما برص وإما أدرة، وإما آفة. وإن الله أراد أن يبرئه مما قالوا لموسى، فخلا يومًا وحده فوضع ثيابه على الحجر ثم اغتسل، فلما فرغ أقبل إلى ثيابه ليأخذها، وإن الحجر عدا بثوبه، فأخذ موسى عصاه وطلب الحجر فجعل يقول: ثوبي حجر، ثوبي حجر. حتى انتهى إلى ملأ من بني إسرائيل فرأوه عريانًا (¬1). أحسن ما خلق الله وأبرأه مما يقولون، وقام الحجر فأخذ ثوبه فلبسه، وطفق بالحجر ضربًا بعصاه، فو الله إن بالحجر لندبًا من أثر ضربه ثلاثًا أو أربعًا أو خمسًا، فذلك قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا} [الأحزاب: 69]. 3405 - عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: «قسم النبي - صلى الله عليه وسلم - قسمًا، فقال رجل: إن هذه القسمة ما أريد بها وجه الله. فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته، فغضب حتى رأيت الغضب في وجهه، ثم قال: يرحم الله موسى، قد أوذي بأكثر من هذا فصبر» (¬2). 29 - باب يعكفون على أصنام لهم 3406 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: «كنا مع رسول الله ¬

(¬1) أحسن ما خلقه الله (في نسخه). * كونهم يغتسلون عراة يحتمل أنه من تساهلهم والتوراة فيها شدة ولهذا اتهموا موسى بالعيب، وإنما فعله حفظًا للعورة وحياءً، وفيه آية حيث أخذ الحجر ثوبه، وكون العصا أثرت في الحجر كذلك آية. (¬2) اللهم صل عليه وسلم، الأنبياء والرسل هم أشد الناس بلاء، وطالب العلم له أسوة فعلية أني صبر ويحتسب.

31 - باب وفاة موسى، وذكره بعد

- صلى الله عليه وسلم - نجني الكباث، وإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: عليكم بالأسود منه فإن أطيبه. قالوا: أكنت ترعى الغنم؟ قال: وهل من نبي إلا وقد رعاها». قال الحافظ: ... وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: عليكم بالأسود منه فإنه أطيبه «قالوا: أكنت ترعى الغنم؟ قال: وهل من نبي إلا وقد رعاها». والكباث (¬1) بفتح الكاف والموحدة الخفيفة وآخره مثلثة هو ثمر الآراك ويقال ذلك للنضيج منه ... قال الحافظ: ... وقد نقل القطب الحلبي هذا عن الخطابي ثم قال: وينظر في وجه مناسبة هذا الحديث للترجمة (¬2). 31 - باب وفاة موسى، وذكره بعد 3407 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «أرسل ملك الموت إلى موسى عليهما السلام، فلما جاءه صكه، فرجع إلى ربه فقال أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت. قال: ارجع إليه فقل له يضع يده على متن ثور، فله بما ¬

(¬1) زبدة مثل الشحمة، والتين ما له فصمة. (¬2) المناسبة ظاهرة، موسى بعث لقومه ونهاهم عن الشرك، {إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ} وكذلك هذا فيه فوائد رعي الأغنام. * الأنبياء عليهم الصلاة والسلام رعوا الغنم، والحكمة في ذلك أن في رعي الغنم رفقًا بها وتعاهدًا لها لأنها ضعيفة لا تحتمل الشدائد كالأبل، الأبل أصبر، فتحتاج إلى عناية في المرعى وحفظها في المرعى من الذئاب والسراق فاستفاد معرفة رعاية الناس والمكلفين لتدربه على الرعاية والصيانة والمعاهدة، فينتقل من رعي البهائم إلى رعي المكلفين والعقلاء.

غطى يده بكل شعرة سنة. قال: أي رب، ثم ماذا؟ قال: ثم الموت. قال: فالآن. قال فسأل الله أن يدنيه من الأرض المقدسة رمية بحجر» (¬1). قال أبو هريرة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لو كنتم ثم لأريتكم قبره إلى جانب الطريق تحت الكثيب الأحمر. قال وأخبرنا معمر عن همام حدثنا أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه. 3408 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «استب رجل من المسلمين ورجل من اليهود، فقال المسلم: والذي اصطفى محمدًا على العالمين - في قسم يقسم به- فقال اليهودي: والذي اصطفى موسى على العالمين. فرفع المسلم عند ذاك يده فلطم اليهودي، فذهب اليهودي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره الذي كان من أمره وأمر المسلم، فقال: لا تخيروني على موسى، فإن الناس يصعقون فأكون أول من يفيق، فإذا موسى باطش بجانب العرش، فلا أدري أكان فيمن صعق فأفاق قبلي، أو كان ممن استثنى الله» (¬2). ¬

(¬1) في قصة موسى هذه دلالة على عفو الله عن أنبيائه ما لا يعفو عن غيرهم؛ لمزيتهم وفضلهم صلوات الله وسلامه عليهم فإن ضربه ملك الموت لها شأن، وفيه أن من طبيعة البشر محبة الحياة وكراهية الموت لا سيما أهل النعمة، وكذا من كان في علم يريد الزيادة وإنما يود الموت أناس لأسباب. * ما بلغنا أن ملك الموت يأتي الناس علانية إلا ما حصل لموسى فهذا خاص. (¬2) من باب التواضع، وإلا فهو سيد ولد آدم، وكذا قال لإبراهيم هو خير البرية، وكذا إن حمل على تعصب، أما من بين الفضل دون تعصب لا حرج، والله قال: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا} [البقرة: 253].

3409 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «احتج آدم وموسى، فقال له موسى: أنت آدم الذي أخرجتك خطيئتك من الجنة. فقال له آدم: أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالاته وبكلامه ثم تلومني على أمر قدر علي قبل أن أخلق؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فحج آدم موسى مرتين» (¬1). 3410 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «خرج علينا النبي - صلى الله عليه وسلم - يومًا فقال: عرضت علي الأمم، ورأيت سوادًا كثيرًا سد الأفق، فقيل: هذا موسى في قومه» (¬2). قال الحافظ: ... عن أبي هريرة عند أحمد والطبري «كان ملك الموت يأتي الناس عيانًا، فأتى موسى فلطمه ففقأ عينه» (¬3). ¬

(¬1) يعني خصمه؛ لأنه لامه على أمر ليس من فعله وهو خروجه من الجنة، والجواب الآخر لامه بعد التوبة. (¬2) هذا يدل على كثرتهم. (¬3) تراجع، وامرني بمراجعتها. * ظهور ملك الموت عيانًا لمن كان قبل موسى - صلى الله عليه وسلم -. قلت: حديث «إن ملك الموت كان يأتي الناس عيانًا فأتى موسى بن عمران فلطمه موسى ففقأ عينه، فعرج ملك الموت فقال: يا رب إن عبدك موسى فعل بي كذا وكذا، ولولا كرامته عليك لشققت عليه، فقال الله: إيت عبدي موسى فخيره بين أن يضع يده على متن ثور فله بكل شعرة وارته كفه سنة، وبين أن يموت الآن، فأتاه فخيره فقال موسى: فما بعد ذلك؟ قال: الموت، قال: فالآن إذًا، فشمه شمه فقبض».

قال الحافظ: ... في رواية إبراهيم بن سعد «فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأصعق معهم، فأكون أول من يفيق» (¬1) (¬2). ¬

(¬1) روحه ورد الله عليه بصره فكان بعد ذلك يأتي الناس في خفية. أخرجه أحمد في مسنده (2/ 533): حدثنا أمية بن خالد ويونس قالا: ثنا حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكره. ورواه الطبري في تاريخ الأمم والملوك (1/ 434): حدثنا أبو كريب، حدثنا مصعب بن المقدام عن حماد به. ورواه الحاكم في المستدرك (2/ 578) من طريق حماد به. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. أمية بن خالد أخو هدبة بن خالد صدوق من رجال مسلم، وحماد مشهور ثقة عابد تغير حفظه بأخره، وروى له مسلم والأربعة، وعمار بن أبي عمار صدوق ربما أخطأ، روى له مسلم والأربعة، وأبو كريب محمد بن العلاء ثقة حافظ من رجال الجماعة، ومصعب بن المقدام صدوق له أوهام، روى له مسلم وغيره. وقوله: «عيانًا» قال في القاموس: ولقيته عيانًا: أي معاينة لم يشك في رؤيته إياه، والله أعلم. صرح به يوم القيامة. (¬2) أول ما تنشق عنه الأرض محمد - صلى الله عليه وسلم - وهذه صعقة خاصة الظاهر أنها عند مجيء الله لفصل القضاء، هذا ما يغلب على ظني فهذا إفاقة في الحياة غير نفخة القيام من القبر.

32 - باب قول الله تعالى: {وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأت فرعون - إلى قوله- وكانت من القانتين} [التحريم: 11، 12]

32 - باب قول الله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ - إلى قوله- وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} [التحريم: 11، 12] 3411 - عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام» (¬1). 35 - باب قول الله تعالى: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (¬2) -إلى قوله- فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} [الصافات: 139، 148]-إلى قوله- {وَهُوَ عَلِيمٌ}. قال مجاهد: مذنب. المشحون: الموقر. {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ} الآية {فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ} بوجه الأرض {وَهُوَ سَقِيمٌ (145) وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ} [الصافات: 145، 146] من غير ذات أصل، الدباء ونحوه (¬3). ¬

(¬1) هذا يدل على أن الفضل في الرجال كثير لمن استقام على دين الله، ولم يكمل من النساء إلا قليل لأنهن ناقصات عقل ودين، ولم يكمل منهن إلا آسية بنت مزاحم، ومريم بنت عمران، وفضل عائشة على النساء .. وجاء خديجة وفاطمة فهؤلاء الخمس هن أفضل النساء .. من أفضلهن؟ ظاهر الحديث عائشة. (¬2) فظن أن لن نقدر عليه .. أي الضيق .. ومن قدر عليه رزقه .. هذا ظاهر السياق يونس يعلم قدرة الله وأنه على كل شيء قدير. * لما ابتلاه الله بالمصيبة العظيمة ثم نجاه. (¬3) سقطت من بعض النسخ.

3413 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما ينبغي لعبدٍ أن يقول إني خير (¬1) من يونس بن متى. ونسبه إلى أبيه». 3416 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «بينما يهودي يعرض سلعته أُعطىَ بها شيئًا كرهه، فقال: لا والذي اصطفى موسى على البشر، فسمعه رجل من الأنصار فقام فلطم وجهه وقال: تقول والذي اصطفى موسى على البشر والنبي - صلى الله عليه وسلم - بين أظهرنا؟ فذهب إليه فقال: أبا القاسم، إن لي ذمة وعهدًا، فما بال فلان لطم وجهي؟ فقال: لم لطمت وجهه؟ فذكره، فغضب النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى رُؤي في وجهه، ثم قال: لا تُفضلوا بين أولياء (¬2) الله، فإنه ينفخ في الصور، فيصعَق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله، ثم يُنفخ فيه أخرى فأكون أول من بُعث، فإذا موسى آخذ بالعرش، فلا أدري أحُوسب بصعقته يوم الطور، أم بُعث قبلي» (¬3). ¬

(¬1) المتحدث أم الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟ لا المتحدث الشخص نفسه لعبدٍ عام. (¬2) أنبياء الله هذا هو المعروف. وأولياء قد تصح من جهة العموم، لكن الرواية مثل ما تقدم الأنبياء. (¬3) كل هذا تواضعًا منه - صلى الله عليه وسلم -، والواجب على المؤمن أن يعرف قدر الأنبياء ولا يتعصب، ولم ينقل أنه أقاد الرجل أو عاقبه فدل على أن الغيرة قد تحمل بعض الناس حرصًا على دين الله، فلا ينبغي لولاة الأمر مؤاخذة مثل هذا لغيرته وديانته، ولم أعلم في رواية أنه عاقب الرجل الذي لطم اليهودي.

37 - باب قوله تعالى: {وآتينا داوود زبورا}

37 - باب قوله تعالى: {وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} 3417 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «خُفف على داود - عليها السلام - القرآن (¬1)، فكان يأمر بدوابِّه فتُسرج، فيقرأ القرآن قبل أن تُسرج دوابه، ولا يأكل إلا من عمل يده». 3418 - عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال: «أُخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أني أقول: والله لأصومنَّ النهار ولأقومن الليل ما عِشتُ فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنت الذي تقول: والله لأصومنَّ النهار ولأقومن الليل ما عشتُ؟ ... (الحديث) ... قال: فصُم يومًا وأفطر يومًا، وذلك صيام داود وهو أعدل صيام (¬2) قلت: إني أطيق أفضل منه يا رسول الله، قال: لا أفضل من ذلك». 38 - باب أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام إلى الله صيام داود: كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه وينام سُدُسه. ويصوم يومًا ويفطر يومًا قال علي: وهو قول عائشة: «ما ألفاهُ السحرُ (¬3) عندي إلا نائمًا» 3420 - عن عبد الله بن عمرو قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أحبُّ الصيام إلى الله صيام داود، كان يصوم يومًا ويُفطر يومًا. وأحب الصلاة إلى الله ¬

(¬1) القرآن يعني الزبور، وسمي القرآن لأنه يقرأ، وكان له صوت حسن. (¬2) أفضل الصيام لمن قدر صيام داود، يتحرى ما هو الأصلح لقلبه، فإن كان إن صام يومًا وأفطر يومًا يضعف عن الخيرات ينظر ما هو الأصلح لقلبه. (¬3) ثم انتهى وتره إلى السحر؟ السدس الخامس من آخر الليل فلا منافاة.

39 - باب {واذكر عبدنا داوود ذا الأيد إنه أواب -إلى قوله- وفصل الخطاب}

صلاة داود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثُلثه وينام سُدسه» (¬1). 39 - باب {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ -إلى قوله- وَفَصْلَ الْخِطَابِ} 3421 - عن مجاهد قال: «قلت لابن عباس أنسجد في ص؟ فقرأ {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ -حتى أتى- فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} فقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: نبيُّكم - صلى الله عليه وسلم - ممن أُمر أن يقتدي بهم» (¬2). 3422 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «ليس ص من عزائم (¬3) السجود، ورأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يسجد فيها». 40 - باب قول الله تعالى: {وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} يمسح أعراف الخيل وعراقيبها (¬4). ¬

(¬1) والمعنى أنه يصلي السدس الرابع والخامس وينام السدس الأخير ليستعين به على أعمال النهار لأنه نبي وملك، ملك بني إسرائيل يلي أعمال بني إسرائيل يشتغل فى أمور مملكته ومصالح العباد. (¬2) وكان يسجد فيها - صلى الله عليه وسلم -. (¬3) ليس من المؤكدات كأنه فهمه من شيء آخر، لكن سجد فيها الرسول - صلى الله عليه وسلم - {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ} الآية .. وسواء من العزائم أم لا. * التماثيل مساجد في شرعهم. (¬4) المعروف ضربها بالسيف غضبًا لله لما أشغلته عن العبادة، وبعض السلف استعظم هذا يعني قتل الخيل وقال المراد مسح الأعناق، وليس بظاهر، ولعل القتل جائز عندهم.

3423 - عب أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «إن عفريتًا من الجن تفلَّت البارحة ليقطع عليَّ صلاتي، فأمكنني الله منه، فأخذته، فأردت أن أربطه على سارية من سواري المسجد حتى تنظُروا إليه كلُّكم، فذكرت دعوة أخي سليمان {وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} (¬1) فرددته خاسئًا» عفريت: متمرِّد من إنس أو جان، مثل زبنية جماعتها الزَّبانية. 3424 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قال سليمان بن داود: لأطوفنَّ الليلة على سبعين امرأة تحمل كل امرأة فارسًا يجاهد في سبيل الله. فقال له صاحبه: إن شاء الله. فلم يقل، ولم تحمل شيئًا إلا واحدًا ساقطًا أحد شِقّيه. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لو قالها (¬2) لجاهدوا في سبيل الله». 3425 - عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قلت يا رسول الله أي مسجد وُضع أول؟ قال: المسجد الحرام. قلت: ثم أيٌّ؟ قال: ثم المسجد الأقصى (¬3). قلت: كم كان بينهما؟ قال: أربعون. ثم قال: حيثُما أدركت الصلاة فصلِّ والأرض لك مسجد». 3427 - وقال: كانت امرأتان معهما ابناهما، جاء الذئب فذهب بابن إحداهما، فقالت صاحبتها: إنما ذهب بابنك، وقالت الأخرى: إنما ذهب بابنك. فتحاكمتا إلى داود فقضى به للكبرى، فخرجتا على سليمان بن داود ¬

(¬1) هذا يدل على أن الشياطين تتسلط على الأنبياء لكن الله يحفظهم ويعينهم عليهم. (¬2) يقول إن شاء الله. (¬3) قد تم، ولكن نسبته إلى سليمان من باب التجديد.

41 - باب قوله تعالى: {ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله ... }

فأخبرتاه فقال: أتوني بالسكين أشُقُّه بينهما (¬1). فقالت الصغرى لا تفعل يرحمك الله، هو ابنها، فقضى به للصغرى. قال أبو هريرة: والله إن سمعت بالسكين إلا يومئذ، وما كنا نقول إلا المُدْية». قال الحافظ: ... {وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا} قال [مجاهد]: شيطانًا (¬2) يقال له آصف. 41 - باب قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ ... } (¬3) 3429 - عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: «لما نزلت {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} شق ذلك على المسلمين فقالوا: يا رسول الله أيُّنا لا يظلم نفسه؟ قال: ليس ذلك، إنما هو الشرك، ألم تسمعوا ما قال لقمان لابنه وهو يعظه {يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}» (¬4). 43 - باب قول الله تعالى: {ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا} 3430 - عن أنس بن مالك بن صعصعة أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - حدَّثهم عن ليلة أُسري به، ثم صعد حتى أتى السماء الثانية (¬5)، فاستفتح، قيل من هذا؟ قال: ¬

(¬1) ظهر له من رحمتها أنها أمّ، والكبرى لم ترحم. * في شرع من قبلنا يجوز نساء كثير، أما في شرعنا أربع. (¬2) ابتلاء وامتحانًا. (¬3) إيراد البخاري آيات لقمان يدل على اختياره أنه نبي. (¬4) وهذا يدل على أن الإيمان لا يبطله ولا ينافيه إلا الشرك الأكبر والظلم الأكبر فإذا ابتلي بهذا ذهب إيمانه. (¬5) يحيي وعيسى في السماء الثانية ورآهما النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة المعراج. * الوحي إلى مريم، وأم موسى إلهام.

44 - باب قول الله تعالى: {واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها .. }

جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم. فلما خَلَصت فإذا يحيي وعيسى وهما ابنا خالة. قال: هذا يحيي وعيسى، فسلَّم عليهما، فسلَّمت، فرَدا، ثم قالا: مرحبًا بالأخ الصالح والنبيَّ الصالح». 44 - باب قول الله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا .. } {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ -إلى قوله- يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} قال ابن عباس (وآل عمران). المؤمنون من آل إبراهيم وآل عمران وآل ياسين (¬1) وآل محمد - صلى الله عليه وسلم -. يقول {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ} وهم المؤمنون ... 4341 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - «سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ما من بني آدم مولود إلا يمسُّه الشيطان حين يولد فيستهل صارخًا من مسِّ الشيطان، غير مريم وابنها (¬2). ثم يقول أبو هريرة {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}». 45 - باب {وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ... } 3432 - عن النضر عن هشام قال أخبرني أبي قال: سمعت عبد الله بن جعفر قال سمعت عليًا - رضي الله عنه - يقول: «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ¬

(¬1) * يقال آل، وأهل ويطلق الآل على الأهل الذرية والأتباع. أهله أو أتباعه قلت: أليس قراءة الآية الكريمة {سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ} فقال كلها (يعني جاء هذا وهذا بالمد آل ياسين). (¬2) الظاهر أنه ليس له ذرية وليس لها غيره، يعني مريم وابنها.

46 - باب قوله تعالى: {وإذ قالت الملائكة يامريم ... }

خير نسائها مريم ابنة عمران، وخير نسائها خديجة» (¬1). 46 - باب قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ ... } 3434 - عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «نساء قريش خير نساء ركبن الإبل: أحناه على طفل، وأرعاه على زوج في ذات يده». يقول أبو هريرة على إثر ذلك: ولم تركب مريم بنت عمران بعيرًا قط (¬2). 47 - باب قوله: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا ... } 3435 - عن عُبادة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروحٌ منه، والجنة حق والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل» (¬3). ¬

(¬1) تقدم ذكر آسية وأفضل نساء العالمين خمس مريم وآسية وخديجة وفاطمة وعائشة. وظاهر قوله «وفضل عائشة ... إلخ» إن عائشة أفضلهن. * هل صحيح أن آسية ومريم زوجتان لنبينا محمد في الجنة؟ الله أعلم ما بلغني شيء يعتمد عليه. قلت: فيه حديث في السلسلة الضعيفة لا يصح. (¬2) يعني مريم لم تركب الإبل فلا يفضلن عليها، ومريم أفضل منهن. (¬3) قليلًا أو كثيرًا إذا سلم من المعاصي والشرك. * وهذا يدل على فضل هذه الشهادة العظيمة، وما ذلك إلا لأن الشهادة تقتضي قيامه بما عليه من الحق واستقامته على ذلك، فالشهادة الصادقة تقتضي العمل، فإن أصر على المعاصي دل على أنه لم يصدق الصدق المطلوب.

48 - باب قول الله: {واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها}

48 - باب قول الله: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا} 3446 - عن الشعبي قال: أخبرني أبو بُردة عن أبي موسى الأشعريّ - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «إذا أدَّب الرجل أمَتَه فأحسن تأديبها، وعلَّمها فأحسن تعليمها، ثم أعتقها فتزوجها كان له أجران، وإذا آمن بعيسى ثم آمن بي فله أجران، والعبد إذا اتقى ربه وأطاع مواليه فله أجران» (¬1). * قال محمد بن يوسف الفربري: ذُكر عند (¬2) أبي عبد الله بن قبيصة قال: هم المرتدُّون الذين ارتدُّوا على عهد أبي بكر، فقاتلهم أبو بكر - رضي الله عنه -» (¬3). 49 - باب نزول عيسى ابن مريم عليهما السلام 3448 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «والذي نفسي بيده، ليُوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكمًا وعدلًا، فيسكر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضَع الحرب (¬4)، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة الواحدة خيرًا من الدنيا وما فيها. ثم يقول أبو هريرة: واقرءوا ¬

(¬1) العامل إذا عمل ثم أدى حق الله فيرجى له أجران كالعبد. (¬2) عن: كما في الشرح، وهو الأقرب. (¬3) لاشك أنهم المرتدون الذين قاتلهم الصديق - رضي الله عنه -. (¬4) المعروف الجزية، وإن كانت محفوظة يقاتل لا يقبل إلا الإسلام. * والمعنى لا يقبل إلا الإسلام أو السيف، لا يقبل الجزية لا من اليهود ولا من النصارى، وهذا معناه أن الجزية مؤقتة.

50 - باب ما ذكر عن بني إسرائيل

إن شئتم {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا}. 3449 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم» (¬1). قال الحافظ: ... وقيل معناه أن الناس يرغبون عن الدنيا حتى تكون السجدة الواحدة أحب إليهم من الدنيا وما فيها (¬2). قال الحافظ ... لقوله: «حتى تكون السجدة الواحدة خيرًا من الدنيا وما فيها» فإنه يشير بذلك إلى صلاح الناس وشدة إيمانهم وإقبالهم على الخير (¬3) 50 - باب ما ذكر عن بني إسرائيل 3451 - قال حذيفة: وسمعته يقول: «إن رجلًا كان فيمن كان قبلكم أتاه الملك ليقبض روحه، فقيل له: هل عملت من خير؟ قال: ما أعلم. قيل له: انظر. قال: ما أعلم شيئًا، غير أني كنت أُبايع الناس في الدنيا وأُجازيهم، فأُنْظِر الموسر وأتجاوز عن المعسر. فأدخله الله الجنة» (¬4). ¬

(¬1) * الجزية الآن لا توجد؟ لضعف المسلمين، لا لسقوط الجزية. يعني القرآن، يُحكم بشرع الله. (¬2) يدخل الناس في الإسلام كلهم. (¬3) والمقصود تعظم رغبتهم في الإسلام حتى تكون السجدة أحب إليهم من الدنيا وما فيها، وما ذاك إلا لقرب الساعة وظهور الآيات. (¬4) وهذا فيه الحث على التيسير وعدم التعسير وعدم التشديد سواء كانوا موسرين أو معسرين، وهذا مع الإسلام والتوحيد لابد من هذا.

3452 - قال: وسمعته يقول: «إن رجلًا حضره الموت، فلما يئس من الحياة أوصى أهله: إذا أنا مُت فاجمعوا لي حطبًا كثيرًا وأوقدوا فيه نارًا، حتى إذا أكلَت لحمي وخلصت إلى عظمي فامتحشت، فخذوها فاطحنوها ثم انظروا يومًا واحدًا فاذروه في اليمِّ: ففعلوا. فجمعه الله فقال له: لم فعلت ذلك؟ قال: من خشيتك. فغفر الله له» (¬1) قال عقبة بن عمرو «وأنا سمعته يقول ذاك، وكان نبّاشًا». 3453، 3454 - عن عائشة وابن عباس - رضي الله عنهم - قالا: لما نزل برسول الله - صلى الله عليه وسلم - طفق يطرح خميصة على وجهه، فإذا غمَّ كشفها عن وجهه فقال وهو كذلك: «لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. يُحذِّر ما صَنَعوا» (¬2). 3455 - عن أبي حازم قال: قاعدت أبا هريرة خمس سنين، فسمعته يحدِّث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كانت بنو إسرائيل تسوسُهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفة نبي، وإنه لا نبي بعدي، وسيكون خلفاء فيكثرون. قالوا: ¬

(¬1) وهذا احتج به العلماء على أن دقائق الأمور التي قد تخفى يعفى عنها، ولهذا خفي على هذا كما القدرة وعمومها فخفي عليه هذا فعفى الله عنه، وهذا كان معظمًا لله وخائفًا. (¬2) عرف قرب الأجل والموت فخاف أن تفعل أمته ما فعل اليهود والنصارى، ولهذا رأى الصحابة دفنه في حجرته صيانة لئلا يتخذ قبره عيدًا، ولما تولى الوليد وسع المسجد وأدخل الحجرة وأهل العلم لم يروا ذلك ولكنه اجتهد وأدخل الحجرة، وجعلها محفوظة مصونة وإن كانت داخل المسجد.

فما تأمُرنا؟ قال: فوا ببيعة الأول فالأول، أعطوهم حقهم (¬1)، فإن الله سائلهم عما استرعاهم». 3458 - عن عائشة - رضي الله عنها - كانت تكره أن يجعل المصلِّي يده في خاصرته (¬2) وتقول: إن اليهود تفعله» (¬3). 3459 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنما أجلكم -في أجل من خلا من الأمم- ما بين صلاة العصر إلى مغرب الشمس. وإنما مَثَلُكم ومَثَلُ اليهود والنصارى كرجل استعمل عمالًا ... قال الله: هل ظلمتُكم من حقكم شيئًا؟ قالوا: لا. قال: فإنه فضلي، أعطيه من شئت» (¬4). 3461 - عن عبد الله بن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «بلِّغوا عني ولو آية، وحدِّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذَب عليَّ متعمِّدًا فليتبوأ مقعده من النار» (¬5). 3462 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن اليهود والنصارى لا يصبغون، فخالفوهم» (¬6). ¬

(¬1) النصيحة والتوجيه بالتي هي أحسن حتى يستقيموا على الطريقة السوية. (¬2) يعني في الصلاة مكروه أو محرم؟ الأصل التحريم، وجاء مرفوعًا: «نهى أن يصلي الرجل مختصرًا». (¬3) قلت: انظر آخر كتاب العمل في الصلاة. (¬4) وهذا من فضل الله. (¬5) وفيه تحريم الكذب عليه، عليه الصلاة والسلام، وتبليغ العلم للناس. (¬6) السُّنة صبغ الشيب، لكن بغير السواد.

51 - باب حديث أبرص وأعمى وأقرع في بني إسرائيل

51 - باب حديث أبرص وأعمى وأقرع في بني إسرائيل 3464 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن ثلاثة في بني إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى بدا لله - عز وجل - أن يبتليهم فبعث إليهم ملكًا، فأتى الأبرص فقال: أيُّ شيء أحبُّ إليك؟ قال: لونٌ حسن وجلد حسن، قد قذرني الناس. قال فمسحه فذهب عنه، فأُعطي لونًا حسنًا وجلدًا حسنًا. فقال: أي المال أحب إليك؟ قال: الإبل -أو قال البقر، هو شكَّ في ذلك: إن الأبرص والأقرع قال أحدهما الإبل، وقال الآخر البقر- فأُعطي ناقة عُشراء، فقال يبارك لك فيها ... الحديث» (¬1). 53 - باب حديث الغار 3465 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «بينما ثلاثة نفر ممن كان قبلكم إذ أصابهم مطر، فأووا إلى غار فانطبق عليهم، فقال بعضهم لبعض: إنه والله يا هؤلاء لا يُنجيكم إلا الصدق، فليدع كل رجل منكم بما يعلم أنه قد صدق فيه. فقال واحد منهم: اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي أجير عمل لي على فرَق من أرُز، فذهب وتركه، وأني عمدت إلى ذلك الفرَق فزرعته، فصار من أمره أني اشتريت منه بقرًا، ¬

(¬1) * والحديث عن بني إسرائيل ثلاثة أقسام، كما قال شيخ الإسلام وابن كثير وابن القيم. هذا الخبر شأنه عظيم، وقد رواه مسلم، وهو يدل على ما دل عليه القرآن {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}. * دعوة الملك أجيبت فيهما الأقرع والأبرص، هذا هو الأقرب.

وأنه أتاني يطلب أجره، فقلت له: اعمد إلى تلك البقر فسُقها (¬1)، فقال لي: إنما لي عندك فرق من أرز. فقلت له: اعمد إلى تلك البقر، فإنها من ذلك الفرق فساقها. فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرِّج عنا. فانساخت عنهم الصخرة. فقال الآخر: اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي أبوان شيخان كبيران، وكنت آتيهما كل ليلة بلبن غنم لي، فأبطأت عنهما ليلة، فجئت وقد رقدا؛ وأهلي وعيالي يتضاغون من الجوع (¬2)، وكنت لا أسقيهم حتى يشرب أبواي، فكرهت أن أوقظهما، وكرهت أن أدعهما فيستكنّا لشربتهما، فلم أزل أنتظر حتى طلع الفجر. فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرِّج عنا. فانساخت عنهم الصخرة حتى نظروا إلى السماء. فقال الآخر: اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي ابنة عم من أحبِّ الناس إليَّ، وأني راودتُها عن نفسها فأبت إلا أن آتيها بمائة دينار، فطلبتُها حتى قدرتُ، فأتيتُها بها فدفعتُها إليها، فأمكنتني من نفسها، فلما قعدتُ بين رجلَيها فقالت (¬3) اتَّق الله ولا تفُض الخاتم إلا ¬

(¬1) لو أعطاه الفرق كفاه؟ لا ما دام نماه بنيته يدفعه كله. (¬2) وسألته: دفع اللبن للصبية وهم يتضاغون أليس أولى؟ هذا الرجل اجتهد، وإلا لو أعطى الصبية وحفظ لوالديه اللبن لا بأس. (¬3) قالت بحذف الفاء وهذه عبرة وآية من آيات الله ابتلوا بثلاثة أشياء: 1 - البر ... 2 - العفة ... 3 - أداء الأمانة.

بحقه، فقمت وتركت المائة الدينار. فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرِّج عنا، ففرَّج الله عنهم فخرجوا» (¬1). قال الحافظ: ... قوله (يمشون) في حديث عقبة وكذا في حديث أبي هريرة عند ابن حبان والبزار أنهم خرجوا يرتادون لأهليهم (¬2). قال الحافظ: ... فأجابت في الثالثة بعد أن استأذنت زوجها (¬3) فأذن لها وقال لها أغني عيالك .. قال الحافظ: ... وفي حديث ابن أبي أوفى «فلما جلست منها مجلس الرجل من المرأة أذكرت (¬4) النار فقمت عنها». قال الحافظ: ... وقد استشكل تركه أولاده الصغار يبكون من الجوع طول ليلتهما مع قدرته على تسكين (¬5) جوعهم. ¬

(¬1) وسألته: هل هذا ينقض حظهم في الآخرة؟ لا، المؤمن يعطى في الدنيا حسنه وفي الآخرة حسنة بخلاف الكافر يعجل له. (¬2) قلت: وهو في الدعاء للطبراني بإسناد صحيح برقم 197 (ج 2/ 873) وكذا برقم 199. (¬3) قلت: وسنده لا بأس به عند الطبراني في الدعاء (2/ 863) وعند أحمد (4/ 274). (¬4) قلت: في الدعاء (ذكرت) بدون الألف وهو أوضح. (¬5) قال شيخنا: اجتهد، كما تقدم.

قال الحافظ: ... وعن النعمان بن بشير من ثلاثة أوجه حسان أحدها عند أحمد (¬1) والبزار وكلها عند الطبراني (¬2) ... قال الحافظ: ... ففيه بدل الأجير أن الثالث قال: «كنت في غنم أرعاها فحضرت الصلاة فقمت أصلي فجاء الذئب فدخل الغنم فكرهت أن أقطع صلاتي فصبرت حتى فرغت» فلو كان إسناده قويًا (¬3) لحمل على تعدد القصة. قال الحافظ: ... وفي حديث علي وابن أبي أوفى معًا المرأة ثم الأجير ثم الأبوين (¬4) وفي اختلافهم دلالة على أن الرواية بالمعنى عندهم سائغة شائعة. 54 - باب 3466 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول «بينا امرأة تُرضع ابنها إذ مر بها راكب وهي تُرضعه فقالت: اللهم لا تمت ابني حتى يكون مثل هذا. فقال: اللهم لا تجعلني مثله (¬5). ثم رجع في الثدي. ومُرَّ بامرأة تجرَّر ويُلعب به، فقالت: اللهم لا تجعل ابني مثلها. فقال: اللهم اجعلني مثلها. فقال: أما الراكب فإنه كافر، وأما المرأة ¬

(¬1) (4/ 274). (¬2) في الدعاء (2/ 863). (¬3) في إسناده ابن لهيعة وأبو سلمى ينظر من هو. انظر الدعاء (2/ 871) رقم 195. (¬4) قلت فحصل بهذا جميع الاحتمالات في التقديم والتأخير. (¬5) وهذا من الثلاثة الذين تكلموا في المهد, وعيسى وصاحب جريج.

فإنهم يقولون لها: تزني، وتقول: حسبي الله. ويقولون: تسرق، وتقول حسبي الله» (¬1). 3467 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بينما كلب يُطيف بركيَّة كاد يقتله العطش إذ رأته بغيُّ بني إسرائيل، فنزعت موقَها فسقته، فغُفر لها به» (¬2). 3468 - عن حُميد بن عبد الرحمن أنه «سمع معاوية بن أبي سفيان -عام الحج- على المنبر، فتناول قصة من شعر -وكانت في يد حَرَسيّ- فقال: يا أهل المدينة، أين عُلماؤكم؟ سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن مثل هذه ويقول: إنما هَلكت بنو إسرائيل حين اتخذ هذه نساؤهم» (¬3). 3469 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنه قد كان فيما مضى قبلكم من الأمم محدثون، وإنه إن كان في أمَّتي هذه منهم فإنه عمر ابن الخطاب» (¬4). 3470 - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كان ¬

(¬1) مظلومة. وأراد الصبي المظلومة لا الظالمة, والمسلم لا الكافر. وشرع من قبلنا شرع لنا ما لم يأت شرعنا بخلافه .. وفي شرعنا طلب العافية. (¬2) الإحسان إلى البهائم قد يغفر لصاحبه, فهذه غفر لها بسبب سقي الكلب. (¬3) وهذا يفيد الحذر من تزوير الشعر, ولهذا نهى عن وصل الشعر, وتبيَّن هذه القصة النهي عن اتخاذ النساء الشعر, والباروكة تشبه ذلك. وينبغي تبيين طلبة العلم في المجامع. (¬4) يعني ملهمون يدركون الصواب, قلما يخطي - رضي الله عنه -.

في بني إسرائيل رجل قتل تسعة وتسعين إنسانًا، ثم خرج يسأل، فأتى راهبًا فسأله فقال له: هل من توبة؟ قال: لا، فقتله (¬1). فجعل يسأل، فقال له رجل أئت قرية كذا وكذا، فأدركه الموت فناء بصدره نحوها، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فأوحى الله إلى هذه أن تقرَّبي، وأوحى الله إلى هذه أن تباعدي، وقال: قيسوا ما بينهما، فوُجد إلى هذه أقرب بشبر، فغفر له» (¬2) (¬3). 3471 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الصبح ثم أقبل على الناس فقال: «بينا رجل يسوق بقرة إذ ركبها فضربها، فقالت: إنا لم نُخلق لهذا، إنما خُلقنا للحرث. فقال الناس: سبحان الله، بقرة تكلَّم؟ فقال: فإني أومن بهذا أنا وأبو بكر وعمر. وما هما ثمَّ. وبينما رجل في غنمه إذا عدا الذئب فذهب منها بشاة، فطلب حتى كأنه استنقذها منه، فقال له الذئب: هذا استنقذتها مني، فمن لها يوم السبع، يوم لا راعي لها غيري؟ فقال الناس: سبحان الله، ذئب يتكلم؟ قال: فإني أومن بهذا أنا وأبو بكر وعمر. ما هم ثمَّ» (¬4). ¬

(¬1) أفتى بغير علم فقتله. (¬2) لا ينبغي للعبد اليأس لكثرة جرائره, ولا يجوز له ذلك بل يتوب, ومن تاب تاب الله عليه. (¬3) لا يلزم انتقاله إلا إذا كان أصلح, ومن تاب في محله قبلت, وذكر المسافة والتقارب للعبرة والآية. (¬4) هذه منقبة لهما في تصديقهما للنبي - صلى الله عليه وسلم - في كل شيء, وفيه نطق البهائم.

3472 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اشترى رجل من رجل عقارًا له، فوجد الرجل الذي اشترى العقار في عقاره جرة فيها ذهب، فقال له الذي اشترى العقار: خذ ذهبك مني، إنما اشتريت منك الأرض ولم ابتع منك الذهب. وقال الذي له الأرض: إنما بعتُك الأرض وما فيها، فتحاكما إلى رجل، فقال الذي تحاكما إليه: ألكما ولد؟ قال أحدهما: لي غلام، وقال الآخر: لي جارية، قال: أنكحوا الغلام الجارية، وأنفقوا على أنفسهما منه، وتصدَّقا» (¬1). 3473 - عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أنه سمعه يسأل أسامة ابن زيد: ماذا سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الطاعون؟ فقال أسامة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الطاعون رجس أرسل على طائفة من بني إسرائيل -أو على من كان قبلكم- فإذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارًا منه» (¬2) قال أبو النضر «لا يخرجكم إلا فرارًا منه». 3475 - عن عائشة - رضي الله عنها - «أن قريشًا أهمَّهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت، فقالوا: ومن يكلَّم فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حبُّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فكلمه أسامة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أتشفع في حد من حدود الله؟ ثم قام فاختطب ثم قال: إنما أهلك الذي قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق ¬

(¬1) هذا من باب الصلح الحسن, وهذا من شدة ورعهما, والقاعدة أن الأرض لمن اشتراها وأحياها. (¬2) إذا خرج بأسباب أخرى لا بأس. * وهذا خاص بالطاعون؛ ومن خرج ومات بالطاعون لا يكون شهيدًا بل عاص.

فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد. وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها» (¬1). 3476 - عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: «سمعت رجلًا قرأ آية وسمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ خلافها، فجئت به النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته، فعرفت في وجهه الكراهية، وقال: كلاكما محسن، ولا تختلفوا، فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا» (¬2). 3477 - عن عبد الله قال: «كأني أنظر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يحكي نبيًا من الأنبياء ضربه قومه فأدموه، وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون» (¬3). 3478 - عن أبي سعيد - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أن رجلًا كان قبلكم رَغَسه الله مالًا، فقال لبنيه لما حُضر: أي أب كنت لكم؟ قالوا: خير أب. ¬

(¬1) ساقه لأجل أخبار الماضين. (¬2) وفيه الحذر من أسباب الخلاف * رئيس الهيئة سلطان لا يستر بل يؤاخذ؛ وعموم الناس يسترون؛ فرئيس الهيئة سلطان مثل الأمير هذا هو الأقرب. (¬3) هذا يدل على ابتلاء الأنبياء وصبرهم العظيم .. وهذا الدعاء يتضمن طلب الهداية لهم؛ لأن المغفرة تابعة للهداية. فقوله: (اللهم اغفر لهم) مستلزم الهداية.

قال فإني لم أعمل خيرًا قط (¬1)، فإذا متُّ فأحرقوني، ثم اسحقوني ثم ذرُّوني في يوم عاصف. ففعلوا، فجمعه الله - عز وجل - فقال: ما حملَك؟ قال: مخافتك. فتلقاه برحمته» (¬2). 3479 - عن ربعيِّ بن حراش قال: قال عقبة لحذيفة: ألا تُحدَّثنا ما سمعت من النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: سمعته يقول: «إن رجلًا حضره الموت لما أيس من الحياة أوصى أهله: إذا متُّ فاجمعوا لي حطبًا كثيرًا، ثم أوروا نارًا، حتى إذا أكلت لحمي وخلصت إلى عظمي فخذوها فاطحنوها فذرُّوني في اليم في يوم حار -أو راح- فجمعه الله فقال: لم فعلت؟ قال: خشيتك، فغفر له (¬3). قال عقبة: وأنا سمعته يقول. 3480 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «كان الرجل يُداين الناس، فكان يقول لفتاه: إذا أتيت مُعسرًا فتجاوز عنه، لعل الله أن يتجاوز عنا. قال: فلقي الله فتجاوز عنه» (¬4). 3481 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كان رجل ¬

(¬1) خيرًا قط سوى الفرائض, أو سوى التوحيد فلابد من الإيمان والتوحيد. (¬2) وهذا يدل على أن الجهل في بعض المسائل التي قد تخفي كعموم القدرة قد تخفي على بعض الناس كهذا الرجل, وحمله على ذلك الخشية والخوف فعذره الله. (¬3) هذا حديث عظيم, حديث مهم. (¬4) فيه الحث على السماحة في البيع والشراء والتجاوز عن المعسرين, وفي الحديث الآخر «رحم الله امرؤًا سمحًا ... » وهذا في حدود الشريعة

يسرف (¬1) على نفسه، فلما حضره الموت قال لبنيه: إذا أنا متُّ فأحرقوني، ثم اطحنوني، ثم ذرُّوني في الريح، فوالله لئن قدر الله عليَّ ليُعذبني عذابًا ما عذبه أحدًا. فلما مات فُعل به ذلك، فأمر الله الأرض فقال: اجمعي (¬2) ما فيك منه، ففعلت، فإذا هو قائم، فقال: ما حملك على ما صنعت؟ قال: يا ربِّ خشيتك. فغفر له» وقال غيره «مخافتك يا رب» (¬3). 3482 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «عُذِّبت امرأة في هرَّة ربطتها حتى ماتت فدخلت فيها النار، لا هي أطعمتها ولا سقتها إذ حبستها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض» (¬4). 3483 - عن أبي مسعود عقبة قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - «إن مما أدرك الناس من كلام النبوة (¬5): إذا لم تستحي فاصنع ما شئت» (¬6). ¬

(¬1) تدل على أنه أسرف على نفسه وخاف على نفسه, وهذا يشبه من بعض الوجوه حديث من قتل تسعًا وتسعين. (¬2) هذا الجمع الظاهر يوم القيامة. (¬3) كبّر شيخنا ثلاثًا. (¬4) هذا يبين أن ينبغي الحذر من السيئات ولو قليلة, ولا تقنط من رحمة الله لحديث التسعة والتسعين, فلا يتساهل في المعصية ولا ييأس, لا هذا, ولا هذا لا قنوط ولا أمن. (¬5) من الكلام الحكيم, وليس هذا إذن بل للتهديد. (¬6) فالحياء من الإيمان.

3486 - حدثنا بشر بن محمد أخبرنا عبيد الله (¬1) أخبرنا يونس عن الزهري أخبرني سالم أن ابن عمر حدثه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «بينما رجل يجُرُّ إزاره من الخُيلاء خُسف به، فهو يُجلجَل (¬2) في الأرض إلى يوم القيامة» (¬3). 3487 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، بَيْدَ كلُّ أمة أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتينا من بعدهم، فهذا اليوم (¬4) الذي اختلفوا فيه، فغدًا لليهود، وبعد غد للنصارى». قال الحافظ: ... والحكم في شرعنا على هذا في مثل ذلك أن القول قول المشتري وأن الذهب باق على ملك البائع (¬5). قال الحافظ: ... قال ابن قتيبة: قد يغلط في بعض الصفات قوم من ¬

(¬1) عبد الله بن المبارك بالتصغير. (¬2) ينزل شيئًا فشيئًا. (¬3) انظر المعصية, انظر العذاب الأليم, خسف به لأجل تبختره. (¬4) * وسألته: الكِبْر بطر الحق وغمط الناس, على هذا يقال للعاصي متكبر؟ نعم؛ لأنه تابع هواه وترك الذي يجب, وقال مثل من لا يصلي مع الجماعة ويقول فيهم وسخين وضعفاء, وش معنى هذا إلا الكبر عن الحق. اليوم الجمعة, وغُسْلُها: الأكثرون على أنه مسنون, والأقوال فيه ثلاثة: الوجوب مطلقًا, والوجوب على أهل الحرف والروائح, والسنية؛ لحديث: (من توضأ فأحسن) أخرجه مسلم. (¬5) لا, إلاّ إذا ادعى البائع أنه له, وأما إذا وجد فلمن له الأرض.

المسلمين فلا يكفرون بذلك، ورده ابن الجوزي وقال: جحده صفة القدرة كفر اتفاقًا (¬1). قال الحافظ: ... وأظهر الأقوال أنه قال ذلك في حال دهشته وغلبة الخوف عليه حتى ذهب بعقله لما يقول، ولم يقله قاصدًا لحقيقة معناه بل في حالة كان فيها كالغافل والذاهل والناسي الذي لا يؤاخذ بما يصدر منه، وأبعد الأقوال قول من قال إنه كان في شرعهم (¬2) جواز المغفرة للكافر. ¬

(¬1) كلام ابن قتيبة أصح, وابن الجوزي وهم في هذا, وهو لم يجحد صفة القدرة لكن حاول أن يبعد عن أن يعاد. (¬2) هذا كله غلط, وقول ابن قتيبة أصح؛ فدقائق الأمور التي تخفى على العبد يغفرها الله للعبد لإيمانه وخوفه.

61 - كتاب المناقب

61 - كتاب المناقب 1 - باب قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى ... } [الحجرات: 13] 3492 - عن ربيبة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأظنها زينب - قالت: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الدُّباء والحنتم والمقيِّر والمزَفَّت. فممَّن كان إلا من مُضر؟ كان من ولد النضر ابن كنانة» (¬1). 3493 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «تجدون الناس معادن: خيارُهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، وتجدون خير الناس في هذا الشأن أشدَّهم له كراهية» (¬2). 3496 - «والناس معادن: خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، تجدون من خير الناس أشد الناس كراهية (¬3) لهذا الشأن حتى يقع فيه». 3498 - عن أبي مسعود يبلُغ به النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من ها هنا جاءت الفتن نحو المشرق، والجفاء وغلظ القلوب في الفدّادين أهل الوَبَر عند أصول أناب الإبل والبقر في ربيعة ومُضر» (¬4). ¬

(¬1) النضر هو جد قريش, وقيل هو قريش, وقال بعض أهل العلم بل حفيده فهر بن مالك بن النضر. (¬2) إذا صاروا فقهاء وعلموا بعلمهم صاروا خيار الناس. (¬3) لأنه أحرى أن يجتهد في تحري الحق بخلاف من طلبه وحرص عليه, والناس في الولاية تبع لقريش حسب الإمكان. (¬4) هذا يدل على أن أكثر الشر جاء من جهة الشرق, لكن أعظمه من حيث يطلع قرن الشيطان الجهمية والمعتزلة, وليس معنى أن الشر كله, بل فيه أخيار منهم المؤلف البخاري وأحمد ومسلم وابن ماجه وأبو داود لكن أصل الشر منهم, والشيوعية الآن.

2 - باب مناقب قريش

3499 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: الفخر والخُيلاء في الفدّادين أهل (¬1) الوَبَر، والسكينة في أهل الغنم، والإيمان يمان والحكمة يمانية». قال أبو عبد الله: سميت اليمن لأنها عن يمين الكعبة، والشام عن يسار الكعبة، والمشأمة الميسرة، واليد اليسرى: الشؤمى، والجانب الأيس الأشأم. قال الحافظ: ... قول (ويجدون خير الناس في هذا الشأن) (¬2). 2 - باب مناقب قُريش 3500 - عن شعيب عن الزهري قال: «كان محمد بن جُبير بن مُطعم يُحدِّث أنه بلغ معاوية -وهو عنده في وفد من قريش- أن عبد الله بن عمرو بن العاص يحدث أنه سيكون ملك من قحطان (¬3)، فغضب معاوية، فقام فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال: أما بعد فإنه بلغني أن رجالًا منكم ¬

(¬1) لأجل حيواناتهم الثمينة, وأهل الغنم ودوابهم ضعيفة, وهذا هو الغالب, والأوس والخزرج من اليمن شايعوا النبي - صلى الله عليه وسلم - وفتحوا الفتوح وهم الأنصار. (¬2) ويحتمل العموم (في الدين) كما حصل لعمر - رضي الله عنه -. أشدهم كراهة للحق فيكون له نشاط وقوة في الحق بعد الهداية تكفير لما مضى. (¬3) خروج ملك من قطحان من أشراط الساعة وهل هو صالح أم لا؟ يحتاج إلى جمع الروايات, في بعض الروايات يسوق الناس بعصاه, فلعله ظالم.

يتحدثون أحاديث ليست في كتاب الله، ولا تُؤثر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأولئك جُهّالكم، فإياكم والأماني التي تُضل أهلها، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إن هذا الأمر في قريش، لا يُعاديهم أحد إلا كبَّه الله على وجهه، ما أقاموا الدين» (¬1). 3501 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان» (¬2). 3502 - عن جُبير بن مُطعم قال: «مشيت أنا وعثمان بن عفان فقال: يا رسول الله أعطيت بني المطلب وتركتنا، وإنما نحن وهم منك بمنزلة واحدة. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد» (¬3). 3504 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قريش والأنصار وجُهينة وأسلم وأشجع وغفار مواليَّ، ليس لهم مولى دون الله ورسوله» (¬4). 3505 - عن عروة بن الزبير قال: «كان عبد الله بن الزبير أحب البشر إلى ¬

(¬1) وهذا شرط يقيّد بإقامة الدين, فإذا لم يقيموا يسمع غيرهم ويطاع, واسمعوا وأطيعوا (وإن تأمر عليكم عبد) عند الاختيار يسمع لقريش, وعند غير الاختيار يسمع لمن تولى. (¬2) خبر بمعنى الأمر. (¬3) لأن بني المطلب ناصروا بني هاشم في الجاهلية والإسلام دون بني نوفل وبني عبد شمس. (¬4) لإيمانهم {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ} [يونس: 62] , وكل من آمن بالله واتقاه كان من أولياء الله. وفي نسخة (ومزينة).

عائشة بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر، وكان أبر الناس بها، وكانت لا تمسك شيئًا مما جاءها من رزق الله تصدقت. فقال ابن الزبير: ينبغي أن يؤخذ على يديها، فقالت: أيؤخذ على يدي؟ عليَّ نذر إن كلَّمته. فاستشفع إليها برجال من قريش، وبأخوال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصة، فامتنعت فقال له الزهريون أخوال النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث والمسور بن مخرمة-: إذا استأذنا فاقتحم الحجاب، ففعل، فأرسل إليها بعشر رقاب، فأعتقتهم، ثم لم تزل تُعتقهم حتى بلغت أربعين، فقالت: وددت أني جعلت -حين حلفت- عملًا أعمله فأفرُغ منه» (¬1). قال الحافظ: ... قال الكرماني: ليست الحكومة في زمننا لقريش فكيف يطابق الحديث؟ وأجاب عن ذلك بأن في بلاد الغرب خليفة من قريش وكذا في مصر، وتعقب بأن الذي في الغرب هو الحفصي صاحب تونس وغيرها وهو منسوب إلى أبي حفص رقيق عبد المؤمن صاحب ابن تومرت الذي كان على رأس المائة السادسة ادعى أنه المهدي ثم غلب أتباعه على معظم الغرب وسموا بالخلافة وهم عبد المؤمن وذريته، ثم انتقل ذلك إلى ذرية أبي حفص ولم يكن عبد المؤمن من قريش، وقد تسمى بالخلافة هو وأهل بيته. وأما أبو حفص فلم يكن يدعي أنه من قريش في زمانه، وإنما ادعاه بعض ولده لما غلبوا على الأمر فزعموا أنهم من ذرية أبي حفص عمر ابن الخطاب، وليس بيدهم الآن إلا المغرب الأدنى، وأما الأقصى فمع بني ¬

(¬1) لأن هذا نذر في حكم اليمين, وهذه زلة من ابن الزبير يقول ينبغي أن يؤخذ على يديها, ورقبة واحدة تكفي لكن اجتهدت - رضي الله عنها -. * المحفوظ من نسبة إلى معد بن عدنان وبعد عدنان ستة إلى إسماعيل.

3 - باب نزل القرآن بلسان قريش

الأحمر وهم منسوبون إلى الأنصار، وأما الأوسط فمع بني مرين وهم من البربر. وأما قوله (فخليفة من مصر) فصحيح ولكنه لا حل بيده ولا ربط وإنما له من الخلافة الاسم فقط، وحينئذ هو خبر بمعنى الأمر (¬1). وإلا فقد خرج هذا الأمر عن قريش في أكثر البلاد، ويحتمل حمله على ظاهره وأن المتغلبين على النظر في أمر الرعية في معظم الأقطار وإن كانوا من غير قريش لكنهم معترفون أن الخلافة في قريش ويكون المراد بالأمر مجرد التسمية بالخلافة لا الاستقلال بالحكم والأول أظهر والله أعلم. 3 - باب نزل القرآن بلسان قريش 3506 - عن ابن شهاب عن أنس «أن عثمان دعا زيد بن ثابت وعبد الله ابن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد ابن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم. ففعلوا ذلك» (¬2). 4 - باب نسبة اليمن إلى إسماعيل 3507 - عن سلمة - رضي الله عنه - قال: «خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قوم من أسلم يتناضلون بالسوق فقال: ارموا بني إسماعيل، فإن أباكم كان راميًا، وأنا مع بني فلان -لأحد الفريقين- فأمسكوا بأيديهم. فقال: ما ¬

(¬1) يجب أن يولي إذا صلحوا. (¬2) بلسان عربي مبين.

5 - باب

لهم؟ قالوا: وكيف نرمي وأنت مع بني فلان؟ قال: ارموا، وأنا معكم كلكم» (¬1). قال الحافظ: ... وقد وقع في ذلك اضطراب شديد واختلاف متفاوت حتى أعرض الأكثر عن سياق النسب بين عدنان وإسماعيل (¬2). 5 - باب 3508 - عن أبي ذر - رضي الله عنه - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول «ليس من رجل ادَّعى لغير أبيه -وهو يعلمه- إلا كفر بالله، ومن ادعى قومًا ليس له فيهم نسب فليتبوأ مقعده من النار» (¬3). 3509 - عن عبد الواحد بن عبد الله النصريُّ قال سمعت واثلة بن الأسقع يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن من أعظم الفِرى أن يدعي الرجل إلى غير أبيه، أو يرى عينه ما لم ترَ، أو يقول على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما لم يقل» (¬4). 3510 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - يقول «قدم وفد عبد القيس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا رسول الله إنا هذا الحي من ربيعة، قد حالت بيننا وبينك كُفار مُضر، فلسنا نخلص إليك إلا في كل شهر حرام، فلو أمرتنا بأمر نأخذه عنك، ونُبلِّغه من وراءنا. قال - صلى الله عليه وسلم -: آمركم بأربعة وأنهاكم ¬

(¬1) وفيه دلالة على شرعية النضال والرمي والتدريب على ذلك {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60] وقال عليه الصلاة والسلام: (ألا إن القوة الرمي) يعني يعظمها, رمي بالبندق, بالمدفع, فكل زمان بحسبه. (¬2) في اجتهاد الحافظ لأن هذا موافق لحديث الباب قحطان من جملة بني إسماعيل من العرب المستعربة من مضر وهو قول الزبير بن بكار. (¬3) وهذا وعبد عظيم, نسأل الله العافية. (¬4) أي من أعظم الكذب.

6 - باب ذكر أسلم وغفار ومزينة وجهينة وأشجع

عن أربعة: الإيمان بالله شهادة أن لا إله إلا الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وأن تُؤدُّوا إلى الله خُمُس ما غنتم. وأنهاكم عن الدُّباء، والحنتم، والنَّفير، والمزفَّت» (¬1). 3511 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: «سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول وهو على المنبر: ألا إن الفتنة هاهنا -يشير إلى المشرق- من حيث يطلع قرنُ الشيطان» (¬2). 6 - باب ذكر أسلم وغفار ومُزينة وجهينة وأشجع 3516 - عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه «أن الأقرع بن حابس قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إنما بايعك سُرّاق الحجيج من أسلم وغفار ومُزينة -وأحسبه وجُهينة، ابن أبي يعقوب شك- قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أرأيت إن كان أسلم وغفار ومُزينة وأحسبه وجُهينة خيرًا من بني تميم وبني عامر وأسد وغطفان خابوا وخسروا؟ قال: نعم. قال: والذي نفسي بيده إنهم لأخير منهم» (¬3). 3523 - عن محمد [بن سيرين] عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «قال (¬4): ¬

(¬1) وهذا كان قبل صلح الحديبية وقبل فرض الحج وفي الروايات الأخرى: وصوم رمضان, فتصبح أربع مع أداء الخمس والنهي عن الدباء ... كان أولًا ثم أباح وفي كل وعاء, ونهى عن المسكر. (¬2) وقد صدق عليه الصلاة والسلام. (¬3) لمسارعتهم للإسلام وعدم توقفهم, والأقرع من بني تميم. (¬4) من صيغ الرفع. قلت: قال الحافظ: وهو اصطلاح لابن سيرين إذا قال عن أبي هريرة قال: (قال) ولم يسمِّ قائلًا والمراد به النبي - صلى الله عليه وسلم - , وقد نبه على ذلك الخطيب وابن الصلاح.

7 - باب ذكر قحطان

أسلم وغِفار وشيء من مُزينة وجهينة- أو قال: شيء من جُهينة أو مزينة -خيرٌ عند الله- أو قال: يوم القيامة- من أسد وتميم وهوزان وغطفان». 7 - باب ذكر قحطان 3517 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه» (¬1). قال الحافظ: .... قوله (يسوق الناس بعصاه) وهو كناية عن الملك (¬2). قال الحافظ: ... ويجاب بجواز أن يقيمه عيسى نائبًا عنه في أمور مهمة عامة (¬3). 8 - باب ما ينهى من دعوى الجاهلية 3517 - عن جابر - رضي الله عنه - قال: «غزونا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد ثاب معه ناس من المهاجرين حتى كثروا، وكان من المهاجرين رجل لعّاب فكسع (¬4) ¬

(¬1) أسلم من قحطان, وأسلم قال فيهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميًا» وإسماعيل من المستعربة. (¬2) ظاهر قوله: (يسوق الناس بعصاه) أنه ليس بعالم, بل يسوقهم بقوة وصلف وعسف, فالله أعلم به وبزمانه والأمر سهل. * المقصود أن المسلمين لا يتداعوا بالألقاب؛ لأن هذا معناه الفرقة, بل يتداعوا بالإسلام. (¬3) قوله (يسوق الناس بعصاه لا يتناسب كونه مع عيسى). (¬4) ترك التأديب على الكسعة سدًا لباب الفتنة, ولأنه لعاب.

10 - باب قصة إسلام أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه -

أنصاريًا، فغضب الأنصاري غضبًا شديدًا حتى تداعوا، وقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين. فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما بال دعوى أهل الجاهلية؟ ثم قال: ما شأنهم؟ فأخبر بكسعة المهاجريِّ الأنصاري ... الحديث». 3519 - عن مسروق عن عبد الله - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن سفيان بن زُبيد عن إبراهيم عن مسروق عن عبد الله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية» (¬1). 10 - باب قصة إسلام أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه - 3522 - عن أبي جمرة قال: «قال لنا ابن عباس: ألا أخبركم بإسلام أبي ذر؟ قال: قلنا: بلى. قال قال أبو ذر: كنت رجلًا من غفار، فبلغنا أن رجلًا قد خرج بمكة يزعمُ أنه نبيّ، فقلت لأخي: انطلق إلى هذا الرجل، كلمه ... الحديث ... فلما أن أصبحت الغد رجعت فقلت مثل ما قلت بالأمس. فقالوا: قوموا إلى هذا الصابئ، فصُنع بي مثل ما صنع بالأمس، وأدركني العباس فأكبَّ عليَّ وقال مثل مقالته بالأمس. قال: فكان هذا أول إسلام أبي ذر - رحمه الله -» (¬2). ¬

(¬1) هذا من باب الوعيد. (¬2) - رضي الله عنه -.

13 - باب من انتسب إلى آبائه في الإسلام والجاهلية

13 - باب من انتسب إلى آبائه في الإسلام والجاهلية 3527 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يا بني عبد مناف، اشتروا أنفسكم من الله. يا بني عبد المطلب، اشتروا أنفسكم من الله. يا أم الزُّبير بن العوام عمة رسول الله، يا فاطمة بنت محمد، اشتريا أنفسكما من الله، لا أملك لكما من الله شيئًا سلاني من مالي ما شئتما» (¬1). 15 - باب قصة الحبش، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - «يا بني أرفدة» 3529 - عن عائشة أن أبا بكر - رضي الله عنه - دخل عليها وعندها جاريتان في أيام منى تُدَقِّقان وتضربان، والنبي - صلى الله عليه وسلم - مُتغش بثوبه، فانتهرهما أبو بكر، فكشف النبي - صلى الله عليه وسلم - عن وجهه فقال: دعهما يا أبا بكر، فإنها أيام عيد. وتلك الأيام أيام منى» (¬2). 3530 - وقالت عائشة «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يستُرني وأنا أنظر إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد، فزجرهم عمر فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: دعهم، أمنًا بني أرفدة. يعني من الأمن» (¬3). ¬

(¬1) والمعنى اشترها بالتوحيد والإيمان, فالرسل لا يملكون هداية الناس إنما عليهم البلاغ. (¬2) لا بأس باللعب أيام العيد لمصلحة الجهاد إظهار القوة وهكذا النساء بما ليس محرَّم؛ ولهذا أذن للحبشة باللعب بالدراق والرماح. * الدف للنساء والجواري في العيد لا بأس. (¬3) تأمين لهم.

17 - باب ما جاء في أسماء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

قال الحافظ: ... واستدل قوم من الصوفية بحديث الباب على جواز الرقص وسماع آلات الملاهي (¬1). 17 - باب ما جاء في أسماء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - 3533 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «ألا تعجبون كيف يصرف الله عني شتم قريش ولعنهم؟ يشتمون مُذمَّمًا، وأنا محمد» (¬2). 18 - باب خاتم النبيين - صلى الله عليه وسلم - 3535 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتًا فأحسنه وأجمله، إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون: هلاّ وُضعت هذه اللبنة؟ قال: فأنا اللبنة، وأنا خاتم النبيين» (¬3). 20 - باب كُنية النبي - صلى الله عليه وسلم - 3539 - عن ابن سيرين قال: سمعت أبا هريرة يقول: «قال أبو القاسم - صلى الله عليه وسلم -: سمُّوا باسمي، ولا تكتنوا بكنيتي» (¬4). ¬

(¬1) هذا من جهلهم. (¬2) هم يقصدون ذلك من شدة حقدهم فصرف الله كيدهم. (¬3) كمّل اله به الرسل, وسد به الفُرجة, وهو أفضلهم وأكملهم ورسالته عامة لأهل الأرض (¬4) لئلا يحصل التباس, لكن رخص في هذا بعد مماته.

23 - باب صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -

23 - باب صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - 3562 - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أشدَّ حياء من العذراء في خدرها» (¬1). 3562 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «ما عاب النبي - صلى الله عليه وسلم - طعامًا قط، إن اشتهاه أكله، وإلا تركه» (¬2). 3564 - عن عبد الله بن مالك بن بُحينة الأسدي قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سجد فرَّج بين يديه حتى نرى إبطيه» (¬3). قال: وقال ابن كثير حدثنا بكر «بياض إبطيه». 3565 - عن قتادة أن أنسًا - رضي الله عنه - حدثهم «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء فإنه كان يرفع يديه حتى يُرى بياض إبطيه. وقال أبو موسى «دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - ورفع يديه» (¬4). ¬

(¬1) وهذا من الخلق العظيم الذي جبله الله عليه, والحياء من الإيمان فهو يستحي أن يقابل أحدًا بما لا يحسن ولا يجمل أو ينفر من الدعوة, فكان خلقه أحسن الأخلاق ولهذا قال {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4]. (¬2) وهذا من أخلاقه الكريمة لا يقول خانس أو مالح. سؤال: إن قال الطعام كذا من باب التنبيه؟ لا بأس, التنبيه شيء آخر؛ لأنه من باب التعليم. (¬3) فيه التفريج وعدم الضم في السجود يعتدل ولا يؤذي أحدًا. (¬4) وهذا محمول على الرفع الشديد, وإلا رفع اليدين في الدعاء جاء في أحاديث كثيرة.

3566 - عن عون بن أبي جُحيفة ذكر عن أبيه قال: «دُفعت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بالأبطح في قبة كان بالهاجرة، فخرج بلال فنادى بالصلاة، ثم دخل فأخرج فضل وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوقع الناس عليه يأخذون منه، ثم دخل فأخرج العنزة، وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كأني أنظر إلى وبيص ساقيه، فركز العنزة ثم صلَّى الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، يمرُّ بين يديه الحمار والمرأة» (¬1). 3567 - عن عائشة - رضي الله عنها - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يحدَّث لو عدَّه العادُّ لأحصاه» (¬2). 3568 - عن عائشة أنها قالت «ألا يعجبك أبو فلان جاء فجلس إلى جانب حجرتي يحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُسمعني ذلك، وكنت أسبَّح، فقام قبل أن أقضيَ سُبحتي، ولو أدركته لرددت عليه، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لك يكن يسرُد الحديث كسردكم» (¬3). قال الحافظ: ... قوله (وكنت أسبح) أي أصلي نافلة، أو على ظاهره أي أذكر الله، والأول أوجه (¬4). ¬

(¬1) يعني من وراء العنزة السترة, وفيه التشمير أن ثيابه مشمرة تبدو ساقاه ما كان يطيل الثياب ولهذا قال (ما جاوز الكعبين من الإزار ففي النار). (¬2) يعني في الغالب كانت خطبة مختصرة حتى يحفظها الناس, وإلا في بعض الأحيان يطول لدعاء الحاجة. (¬3) مرادها التطويل على الناس لأن الناس يضيعوا مع التطويل. *قراءة الآيات في الموعظة مرتلة أما سائر كلامه فلا يرتل. (¬4) قلت: هو صريح عند مسلم ولفظه وعائشة تصلي فلما قضت صلاتها .. فالعجب من الحافظ كيف يغفل عن هذا؟ !

24 - باب كان النبي - صلى الله عليه وسلم - تنام عينه ولا ينام قلبه

24 - باب كان النبي - صلى الله عليه وسلم - تنام عينه ولا ينام قلبه 3569 - عن أبي سلمة بن عبد الرحمن «أنه سأل عائشة - رضي الله عنها -: كيف كانت صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رمضان؟ قالت: ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة (¬1): يصلَّي أربع (¬2) ركعات فلا تسأل عن حُسنهن وطولهن، ثم أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلَّي ثلاثًا. فقلت: يا رسول الله تنام قبل أن تُوتر؟ قال: تنام عيني ولا ينام قلبي». 3570 - عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر «سمعت أنس بن مالك يحدثنا عن ليلة أسريَ بالنبي - صلى الله عليه وسلم - من مسجد الكعبة: جاءه ثلاثة نفر قبل أن يُوحي (¬3) إليه -وهو نائم في المسجد الحرام- فقال أولهم: أيهم هو؟ فقال أوسطهم: هو خيرهم. وقال آخرهم: خذوا خيرهم فكانت تلك. فلم يرهم حتى جاءوا ليلة أخرى فيما يرى قلبه، والنبي - صلى الله عليه وسلم - نائمة عيناه ولا ينام قلبه، وكذلك الأنبياء تنام أعينُهم ولا تنام قلوبهم. فتولاه جبريل، ثم عَرَج به إلى السماء» (¬4). ¬

(¬1) غالبًا, وإلا قد يزيد فيصلي ثلاثة عشر ركعة وقد ينقص إلى تسع. (¬2) ظن بعض الناس أنها مسرودة وليس كذلك بل يسلم من كل ركعتين ويسلم من كل ركعتين. * صلاة الليل مثنى مثنى, وفي اللفظ الآخر وليصل أحدكم مثنى مثنى, والأربع أقل أحوالها الكراهة وفي جوازها نظر, لكن لو سرد خمسًا أوتر بها لا بأس. (¬3) هذا من أوهام شريك - رحمه الله -. (¬4) نعم اللهم صلَّ عليه وسلم.

25 - باب علامات النبوة في الإسلام

قال الحافظ: ... قوله (حتى جاءوا إليه ليلة أخرى) أي بعد ذلك، ومن هنا يحصل رفع الإشكال في قوله «قبل أن يوحى إليه» (¬1). 25 - باب علامات النبوة في الإسلام 3571 - عن أبي رجاء قال «حدثنا عمران بن حُصين أنهم كانوا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في مسير فأدلَجوا ليلتهم، حتى إذا كان وجه الصبح عَرَّسوا، فغلبتهم أعينهم حتى ارتفعت الشمس، فكان أول من استيقظ من منامه أبو بكر -وكان لا يوقَظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من منامه حتى يستيقظ- فاستيقظ عمر، فقعد أبو بكر عند رأسه فجعل يكبَّر ويرفع صوته حتى استيقظ (¬2) النبي - صلى الله عليه وسلم - فنزل وصلى بنا الغداة، فاعتزل رجل من القوم لم يصل معنا، فلما انصرف قال: يا فلان ما يمنعك أن تصلي معنا؟ قال: أصابتني جنابة، فأمره أن يتيمم بالصعيد ثم صلَّى، وجعلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رَكوب بين يديه وقد عطشنا عطشًا شديدًا، فبينما نحن نسير إذا نحن بامرأة سادلة رجليها بين مزادتين، فقلنا لها: أين الماء؟ فقالت إنه لا ماء. فقلنا: كم بين أهلك وبين الماء؟ قالت: يوم وليلة. فقلنا: انطلقي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قالت: وما رسول الله؟ فلم نُملِّكها حتى استقبلنا بها النبي - صلى الله عليه وسلم -، فحدَّثته بمثل الذي حدَّثتنا، غير أنها حدثته أنها مؤتمة، فأمر بمزادتيها فسمح في العَزلاوَين، فشربنا عطاشًا أربعون رجلًا حتى روينا (¬3)، فملأنا كل قربة ¬

(¬1) ما يرفع الإشكال إلا إذا حمل على رفع الوحي الخاص بالإسراء. (¬2) قلبه في خير مع الله, لا ينافي تنام عينه ولا ينام قلبه. (¬3) معجزاته كثيرة عليه الصلاة والسلام.

معنا وإداوة غير أنه لم نَسق بعيرًا، وهي تكاد تنضُّ من المِل. ثم قال: هاتوا ما عندكم، فجمع لها من الكسر والتمر حتى أتت أهلها قالت: لقيت أسحر الناس، أو هو نبيٌّ كما زعموا. فهدى الله ذاك الصَّرم بتلك المرأة، فأسلمت وأسلموا» (¬1). 3572 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: «أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بإناء وهو بالزَّوراء (¬2)، فوضع يده في الإناء فجعل الماء ينبع من بين أصابعه، فتوضأ القوم. قال قتادة قلت لأنس: كم كنتم؟ قال: ثلاثمائة، أو زهاء ثلاثمائة». 3574 - عن عبد الرحمن بن مُبارك حدثنا حزم (¬3) قال سمعت الحسن قال: حدثنا أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض مخارجه ومعه أناس من أصحابه، فانطلقوا يسيرون، فحضرت الصلاة فلم يجدوا ماء يتوضئون. فانطلق رجل من القوم فجاء بقدح من ماء يسير. فأخذه النبي - صلى الله عليه وسلم - فتوضأ، ثم مدَّ أصابعه الأربع على القدح، ثم قال: قوموا فتوضئوا، فتوضأ القوم حتى بلغوا فيما يريدون من الوضوء، وكانوا سبعين أو نحوه». 3575 - عن أنس - رضي الله عنه - قال «حضّرت الصلاة، فقام من كان قريب الدار من المسجد يتوضأ، وبقي قوم. فأتىَ النبي - صلى الله عليه وسلم - بمخضب من حجارة ¬

(¬1) الله أكبر, هذا من آيات الله مزادتين يشربون منها كل هؤلاء ثم ترجع كما كانت. (¬2) الزوراء مكان معروف بالمدينة عند السوق. (¬3) ابن أبي حزم القطعي. * رواه عن أنس قتادة وإسحاق بن أبي طلحة والحسن وحميد.

فيه ماء، فوضع كفَّه فصغُر المخصب أن يبسط فيه كفَّه، فضم أصابعه فوضعها في المخضب، فتوضأ القوم كلُّهم جميعًا. قلت: كم كانوا؟ قال: ثمانون رجلًا» (¬1). 3577 - عن البراء - رضي الله عنه - قال «كنا يوم الحديبية أربع عشرة مائة، والحديبية بئر، فنزحناها حتى لم نترك فيها قطرة، فجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - على شفير البئر، فدعا بماء فمضمض ومجَّ في البئر، فمكثنا غير بعيد، ثم استقينا حتى روينا وروَت -أو صدرت- ركائبنا» (¬2). 3578 - عن أنس بن مالك قال: «قال أبو طلحة لأم سُليم: لقد سمعت صوت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضعيفًا أعرف فيه الجوع، فهل عندك من شيء؟ قالت: نعم. فأخرجت أقراصًا من شعير، ... الحديث ... هلُمي يا أمَّ سُليم ما عندك، فأتت بذلك الخبز، فأمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ففُتَّ، وعصرت أمُّ سُليم عُكَّة فأدَمَته، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه ما شاء الله أن يقول (¬3)، ثم قال: ائذن لعشرة، فأذن لهم، فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا، ثم قال: ائذن لعشرة، فأذن لهم، فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا، ثم قال: ائذن لعشرة، فأذن لهم، فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا، ثم قال: ائذن لعشرة، فأكل القوم كلُّهم حتى شبعوا، والقوم سبعون أو ثمانون رجلًا». ¬

(¬1) قال الشيخ: (أشهد أن الله على كل شيء قدير). (¬2) رد الله فيها الماء ونبع الماء. (¬3) سمى فيه ودعا.

3579 - عن علقمة عن عبد الله قال: «كنا نعدُّ الآيات بركة، وأنتم تعدُّونها تخويفًا (¬1)، كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر فقل الماء، فقال: اطلبوا فضلة من ماء، فجاء بإناء فيه ماء قليل، فأدخل يده في الإناء ثم قال: حيَّ على الطهور المبارك، والبركة من الله، فلقد رأيت الماء ينبُعُ من بين أصابع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل». 3580 - عن جابر - رضي الله عنه - «أن أباه توفي وعليه دين، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: إن أبي ترك عليه دينًا، وليس عندي إلا ما يُخرج نخلة، ولا يبلُغ ما يُخرج سنين ما عليه، فانطلق معي لكي لا يُفحش عليَّ الغرماء. فمشي حول بيدر من بيادر التمر فدعا، ثم آخَرَ، ثم جلس عليه فقال: انزعوه، فأوفاهم الذي لهم، وبقي مثل ما أعطاهم» (¬2). 3581 - عن عبد الرحمن بن أبي بكر - رضي الله عنهما - «أن أصحاب الصُفَّة كانوا أناسًا فقراء، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال مرة: من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث، ومن كان عنده طعام أربعة فليذهب بخامس أو سادس ... الحديث ... فنظر أبو بكر فإذا شيء أو أكثر. فقال لامرأته: يا أخت بني فراس. قالت: لا وقُرَّة (¬3) عيني، لهي الآن أكثر مما قبل بثلاث مرار. فأكل منها أبو بكر وقال: إنما كان الشيطان -يعني يمينه- ثم أكل منها لقمة (¬4)، ثم حملها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأصبحت عنده. وكان بيننا وبين قوم عهد، فمضى الأجل ¬

(¬1) الآيات تختلف, بعضها تخويف وبعضها رحمة. (¬2) أجاب الله دعوته وقضى جابر ما عليه وبقي لجابر ما فيه الخير. (¬3) كان هذا وقت الجواز ثم نسخ. (¬4) لأنه تعشى قبلُ مع النبي - صلى الله عليه وسلم -. * وسألت الشيخ: من منع الاستنجاء من ماء زمزم؟ لا, الصواب أنه لا يمنع, هذا الذي نبع بين أصابه النبي - صلى الله عليه وسلم - ماء مبارك فيشرب ويستنجى منه ويغتسل منه, وذكر مثل صاحب المنتقى.

ففرَّقنا اثنا عشرَ رجلًا مع كل رجل منهم أناس الله أعلم كم مع كل رجل، غير أنه بعث معهم، قال: أكلوا منها أجمعون، أو كما قال». 3582 - عن أنس - رضي الله عنه - قال «أصاب أهل المدينة قحط على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبينا هو يخطب يوم جمعة إذ قام رجل فقال: يا رسول الله، هلكت الكُراع، هلكت الشاء، فادع الله يسقينا. فمدَّ يده ودعا. قال أنس: وإن السماء كمثل الزجاجة. فهاجت ريح أنشأت سحابًا، ثم اجتمع، ثم أرسلت السماء عزالَيها، فخرجنا نخوض الماء حتى أتينا منازلنا، فلم نزل نُمطر إلى الجمعة الأخرى. فقام إليه ذلك الرجل -أو غيره- فقال: يا رسول الله، تهدَّمت البيوت، فادع الله يحبسه. فتبسَّم ثم قال: حوالينا ولا علينا. فنظرت إلى السحاب يتصدع حول المدينة كأنه إكليل» (¬1). 3584 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقوم يوم الجمعة إلى شجرة أو نخلة، فقالت امرأة من الأنصار -أو رجل-: يا رسول الله ألا نجعل لك منبرًا؟ قال: إن شئتم. فجعلوا له منبرًا. فلما كان ¬

(¬1) الله أكبر الله أكبر ابن آدم ضعيف عند الشدة ضعيف وعند بلوغ الرحمة ضعيف. * سألت الشيخ: لو وقع مطر شديد يوم الجمعة هل لهم أن يقدموا العصر مع الجمعة؟ لا, بل يصلون في بيوتهم كما قال ابن عباس.

يوم الجمعة دُفع إلى المنبر، فصاحت النخلة صياح الصبي، ثم نزل النبي - صلى الله عليه وسلم - فضمه إليه، يئن أنين الصبيِّ الذي يسكَّن. قال: كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذكر عندها» (¬1). 3586 - عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: أيُّكم يحفظ قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الفتنة؟ فقال حذيفة: أنا أحفظ كما قال. قال: هات، إنك لجريء. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فتنة (¬2) الرجل في أهله وماله وجاره تُكفَّرها الصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. قال: ليست هذه، ولكن التي تموج كموج البحر، قال: يا أمير المؤمنين لا بأس عليك منها، إن بينك وبينها بابًا مغلقًا. قال: يُفتح الباب أو يُكسر؟ قال: لا، بل يكسر، قال: ذلك أحرى أن لا يغلق. قلنا: علم الباب؟ قال: نعم، كما أن دون غد الليلة. إني حدثته حديثًا ليس بالأغاليط. فنهينا أن نسأله، وأمرنا مسروقًا فسأله فقال: من الباب؟ قال: عمر». ¬

(¬1) كان يتكئ عليها النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال الحسن: الجذع يحن إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنحن أحوج إلى الحنين إليه وإلى إتباع سنته. (¬2) وهذه من نعم الله أن الفتنة في المال في المال الأهل والولد تكفرها الأعمال الصالحة, والإنسان يبتلى بهذا الغضب الكلام الذي لا ينبغي فيكفر الله هذا بالأعمال الصالحة, بخلاف الفتنة التي تموج موج البحر فهذه التي أراد حذيفة, بينها وبين عمر بابًا مغلقًا فلما قتل عمر جرى ما جرى من قتل عثمان وتحزب أهل الباطل ثم أدى إلى قتل علي, ولم تزل الفتن تقع بعد ذلك.

3589 - «وليأتين على أحدكم زمان لأن يراني أحبُّ إليه من أن يكون له مثل أهله وماله» (¬1). 3591 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: صبحت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث سنين لم أكن في سنيَّ أحرص على أن أعي الحديث مني فيهن، سمعته يقول -وقال هكذا بيده-: «بين يدي الساعة تقاتلون قومًا نعالهم الشَّعر، وهو هذا البارز» (¬2). وقال سفيان مرَّة: وهم أهل البارز. 3592 - عن عمرو بن تغلب قال: «سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: بين يدي الساعة تقاتلون قومًا ينتعلون الشعر، وتقاتلون قومًا كأن وجوههم المجانُّ المطرقة» (¬3). 3593 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: «سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: تقاتلكم اليهود، فتُسلَّطون عليهم، حتى يقول الحجر: يا مسلم، هذا يهودي ورائي فاقتله» (¬4). 3595 - عن عدي بن حاتم قال «بينا أنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أتاه رجل فشكا ¬

(¬1) لشدة الفتن؛ لأجل أن يسأله عن المخرج ويتبصر. (¬2) كل هذا من أمم خوز وكرمان من مطلع الفتن. (¬3) النعال التي فيها شعر فيها شيء؟ لا, العمدة في الحديث على كفرهم وضلالهم, لكن قد لا يتشبه بهم, فأقل أحوالها الكراهية. (¬4) وهذا يقع في أخر الزمان في زمن عيسى. هل علم عمر أنه يقتل؟ لا أعلم شيئًا صحيحًا, وفيه حديث (أثبت أحد فإنما عليك نبي أو صديق وشهيد) وليس بصريح.

إليه الفاقة، ثم أتاه آخر فشكا إليه قطع السبيل، فقال: يا عديُّ، هل رأيت الحيرة؟ قلت: لم أرها، وقد أنبئت عنها. قال: فإن طالت بك حياة لتريَنَّ الظعينة (¬1) ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحدًا إلا الله -قلت فيما بيني وبين نفسي فأين دُعار طَي الذين قد سعَّروا البلاد؟ - ولئن طالت بك حياة لتُفتحتن كنوز كسرى. قلت: كسرى بن هرمز؟ قال: كسرى بن هرمز. ولئن طالت بك حياة لترَينَّ الرجل يخرج ملء كفه من ذهب أو فضة يطلب من يقبله منه لا يجد أحدًا يقبله منه (¬2) ... الحديث ... قال عدي: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: اتَّقوا النار ولو بشق تمرة (¬3)، فمن لم يجد شق تمرة فبكلمة طيبة. قال عدي: فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله ... ». 3596 - عن عقبة بن عامر «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج يومًا فصلى على أهل أحُد صلاته على الميت، ثم انصرف إلى المنبر فقال: إني فرَطُكم، وأنا شهيد عليكم. إني والله لأنظر إلى حوضي الآن، وإني قد أعطيت خزائن مفاتيح الأرض، وإني والله ما أخاف بعدي أن تُشركوا (¬4)، ولكن أخاف أن تنافسوا فيها». ¬

(¬1) وهذا يُردُّ إلى المحكم, وهنا إنما أخبر خبرًا. (¬2) وهذا في آخر الزمان يفيض المال حتى لا يقبله أحد, والمعنى يثبت الله الأمن بسبب الجهاد ويذهب قطع السبيل. (¬3) وفي هذا فضل الزكاة ولو قلّت. (¬4) هذا للصحابة لما أعطاهم الله من العلم والبصيرة, وإلا الأحاديث الأخرى كحديث «لا تقوم الساعة حتى تضطرب ... إلخ» فيمن بعدهم, فهذا في الصحابة.

3598 - عن زينب بنت جحش - رضي الله عنها - «أن النبي دخل عليها فزعًا يقول: لا إله إلا الله، ويل للعرب (¬1) من شر قد اقترب: فُتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا. وحلَّق بإصبعه وبالتي تليها. فقالت زينب: فقلت يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم، إذا كثر الخبث» (¬2). 3600 - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: «قال لي: إني أراك تحب الغنم وتتخذها، فأصلحها وأصلح رُعاتها (¬3)، فإني سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: يأتي على الناس زمان تكون فيه الغنم فيه خير مال المسلم يتبَعُ بها شَغف الجبال -أو سعف الجبال- في مواقع القَطْر، يفرُّ بدينه من الفتن» (¬4). 3601 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم، والقائم خير من الماشي، والماشي فيها ¬

(¬1) لأنهم أئمة الناس, فإذا فسدوا فسد غيرهم. (¬2) وهذا إذا كثر الخبث وعمت المعاصي وظهرت. (¬3) وهذا أحسن من رعامها لأجل إصلاحهم وإصلاح المرعى, وهذا عند تغير الأحوال وكثرة الفتن وخشية المؤمن على دينه يشرع الخروج إلى البادية حفاظًا على الدين, لكن المخالطة والتعليم والصبر على الأذى أفضل, المؤمن الذي يخالط الناس .... * التعرب جائز إذا دعت الحاجة. (¬4) الفيديو والتليفزيون من الفتنة وهي أشد وأخطر.

خير من الساعي، ومن تشرَّف لها تستشرفه، ومن وجد ملجأ أو معاذًا فليعُذ به» (¬1). 3603 - عن ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ستكون أثرة وأمور تُنكرونها. قالوا: يا رسول الله فما تأمرنا؟ قال: تُؤدون الحق الذي عليكم، وتسألون الله الذي لكم» (¬2). 3604 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «يُهلك الناس هذا الحيُّ من قريش. قالوا: فما تأمرنا؟ قال: لو أن الناس اعتزلوهم» (¬3). 3605 - عن عمرو بن سعيد الأموي عن جدِّه قال: «كنت مع مروان وأبي هريرة فسمعت أبا هريرة يقول: سمعت الصادق المصدوق يقول: هلاك أمَّتي على يدَي غلمة من قريش. فقال مروان، غلمة؟ قال أبو هريرة: إن شئت أن أسمِّيهم، بني فلان وبني فلان» (¬4). ¬

(¬1) الله أكبر الله أكبر. * هذا عند اشتباه الأمور, أما عند ظهور الحق فالواجب أن يكون مع الحق وأهله. (¬2) يعني إذا تغير الولاة وحصل منهم الظلم والجور تسمع الرعية وتطيع وتؤدي الزكاة لهم وتسأل الله الذي لهم؛ لأن الخروج عليهم يسبب الفتن لكن تبذل النصيحة مع السمع والطاعة بالمعروف. (¬3) عند ظهور مصلحة الاعتزال, وإذا كان الأصلح عدم الاعتزال فلا, كما ساعد الصحابة عليًا في قتاله. (¬4) منهم يزيد بن معاوية وما حصل من شره, ومنهم ما حصل من محمد ابن أبي بكر من الخروج على عثمان.

3606 - عن حذيفة بن اليمان قال: «كان الناس يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخير، وكنت اسأله عن الشر مخافة أن يُدركني. فقلت: يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشرّ، فجاءنا الله بهذا الخبر ... الحديث ... فقال: هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا (¬1). قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم. قلت فإن لم يكن لهم جماعة (¬2) ولا إمام؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعضَّ بأصل شجرة حتى يُدركك الموت وأنت على ذلك». 3608 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «لا تقوم الساعة حتى يقتتل فئتان دعواهما واحدة» (¬3). 3610 - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: «بينما نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقسم قسمًا- إذ أتاه الخويصرة وهو رجل من بني تميم فقال: يا رسول الله اعدل. قال: ويلك، ومن يعدل إذا لم أعدل، قد ¬

(¬1) المنافقون والشيعة والرافضة والعلمانيون يلبَّسون على الناس. (¬2) وهذا يشمل جماعة المسلمين مثلًا في أمريكا وفي غيرها من الجماعة المسلمة المستقيمة, فإذا وجد جماعة ولو ثلاثة ولو اثنين يلزمهم, فإذا وجد مركز فيه ثلاثة أو عشرة يلزمهم, وإن لم يكن أحد فيلزم الحق فإنه هو الجماعة. * وحديث حذيفة عظيم, وأخرجه مسلم أيضًا فيه تفصيل ما وقع. (¬3) كل هذا من علامات النبوة, والفئتان أهل الشام وأهل العراق, جرى بينهما مقتلة عظيمة صفين, وعلى هو المصيب, وسمى النبي - صلى الله عليه وسلم - معاوية الفئة الباغية.

خِبت وخسرت إن لم أكن أعدل ... الحديث ... فأشهد أني سمعت هذا الحديث من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأشهد عليَّ بن أبي طالب قاتلهم وأنا معه، فأمر بذلك الرجل فالتمس فأتى به، حتى نظرت إليه على نعت النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي نعته» (¬1). 3611 - عن سُويد بن غفلة قال: «قال عليّ - رضي الله عنه -: إذا حّدَّثتكم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلأن أخرّ من السماء أحبُّ إليَّ من أكذب عليه، وإذا حدثتكم فيما بيني وبينكم فإن الحرب خدعة. سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: يأتي في آخر الزمان قوم حُدَثاء الأسنان، سُفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البريَّة، يمرُقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرًا لمن قتلهم يوم القيامة» (¬2). 3612 - عن خباب بن الأرت قال: «شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو متوسد بُردة له في ظل الكعبة- قلنا له: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو الله ¬

(¬1) وهذا من علامات النبوة أخبر فوقع كما وقع, وفيه أن عليًا هو الراشد في قتاله مع معاوية, والخوارج الصواب أنهم كفار لأنهم بعلمهم هذا خرجوا عن الإسلام. (¬2) وهذا يتجدد وقع وقد يحصل كما في الجزائر و ... من قال إن المعاصي يخلد في النار يكفر بهذا؟ نعم بعد إزالة الشبهة {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ} [النساء: 48]. من أنكر هذه كفر, وفي بعض الألفاظ في الخوارج (يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ثم لا يعودون إليه).

لنا؟ قال: كان الرجل فيمن قبلكم يُحفر له في الأرض فيُجعل فيه، فيُجاء بالمشار فيوضع على رأسه فيُشق باثنتين، وما يصُدُّه ذلك عن دينه، ويُمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب، وما يصدُّه ذلك عن دينه. والله ليُتمنَّ هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله، أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون» (¬1). 3613 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - افتقد ثابت بن قيس، فقال رجل: يا رسول الله أنا أعلم لك علمه. فأتاه فوجده جالسًا في بيته منكسًا رأسه، فقال: ما شأنك؟ فقال: شر، كان يرفع صوته فوق صوت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد حبط عمله وهو (من أهل الأرض) (¬2) فأتى الرجل فأخبره أنه قال كذا وكذا. فقال موسى بن أنس: فرجع المرَّة الآخرة ببشارة عظيمة، فقال: اذهب إليه فقل له: إنك لست من أهل النار، ولكن من أهل الجنة» (¬3). 3614 - عن البراء بن عازب - رضي الله عنهما - «قرأ رجل الكهف وفي الدار ¬

(¬1) وهذا واقع يشجع أصحابه على الصبر والثبات, ومن أخذ الرخصة بالإكراه وقلبه مطمئن بالإيمان فلا حرج, والأخذ بالرخصة أحسن إلا إذا كان الأخذ بها فيه مفسدة من عدم وضوح الحق؛ ولهذا لم يأخذ بها أحمد - رحمه الله - , وكذلك بلال قال: أحد أحد. (¬2) من أهل النار. (¬3) الله أكبر (قالها الشيخ ثلاثًا) اللهم أرض عنه, وكان خطيب الأنصار وخاف من الآية الكريمة {أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ} [الحجرات: 2] وهذا من نعمة الله على ثابت, ورفع صوته في الخطب لأجل الحق والذود عنه كحسان.

الدّابة، فجعلت تنفر، فسلَّم، فإذا ضبابة غشيته، فذكره للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: اقرأ فُلان، فإنها السكينة (¬1) نزلت للقرآن، أو تنزلت للقرآن» (¬2). 3615 - عن البراء بن عازب قال: «جاء أبو بكر - رضي الله عنه - إلى أبي في منزله فاشترى منه رحلًا، فقال لعازب: ابعث ابنك يحمله معي، قال فحملته معه، وخرج أبي ينتقد ثمنه، فقال له أبي: يا أبا بكر حدثني كيف صنعتما حين سَرَيت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ ... الحديث ... واتبعنا سُراقة ابن مالك، فقلت: أُتينا يا رسول الله، فقال: لا تحزن، إن الله معنا. فدعا عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - فارتطمت به فرسه إلى بطنها -أُرى في جلد من الأرض، شك زهير- فقال: إني أراكما قد دعوتما عليَّ، فادعُوا لي، فالله لكما أن أردَّ عنكما الطلب. فدعا له النبي - صلى الله عليه وسلم -، فنجا. فجعل لا يلقى أحدًا إلا قال: كفيتُكم ما هنا، فلا يلقى أحدًا إلا ردَّه، قال: ووفى لنا» (¬3). 3616 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل على أعربي يعوده، قال وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل على مريض يعوده قال: لا بأس، ¬

(¬1) السكينة: نوع من الملائكة ... ونزلت عليهم السكينة فلعلها طائفة من الملائكة. (¬2) وهذه القصة جرت لأسيد بن الحضير فقراءة القرآن بخشوع وتدبر تنزل الملائكة لسماعها السكينة في دروس القرآن خاصة أما في دروس الحديث فيجتمع لها ملائكة أخرى وما بلغنا أن السكينة إلا في درس القرآن. ولا قياس, فالسكينة نوع خاص من الملائكة يتنزلون لسماع القرآن. (¬3) وهذا من نعم الله, وحمايته جاء سراقة طالبًا ثم رجع مخذِّلًا يقول: ما في الطريق أحد؛ لما رأي من الآيات العظيمة.

26 - باب قول الله تعالى {يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون} [البقرة: 146]

طهور إن شاء الله. فقال له: لا بأس، طهور إن شاء الله. قال: قلت طهور؟ كلا، بل هي حُمَّى تفور -أو تثور- على شيخ كبير، تزيره القبور. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فَنَعَم إذًا» (¬1). 3632 - عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: «انطلق سعد بن معاذ معتمرًا، قال فنزل على أمية بن خلف أبي صفوان، وكان أمية إذا انطلق إلى الشام فمرَّ بالمدينة نزل على سعد، فقال أمية لسعد: ألا انتظر حتى إذا انتصف النهار وغفل الناس انطلقت فطفت؟ فبينا سعد يطوف إذا أبو جهل، فقال: من هذا الذي يطوف بالكعبة؟ فقال سعد: أنا سعد. فقال أبو جهل: تطوف بالكعبة آمنا وقد آويتم محمدًا وأصحابه؟ فقال: نعم ... الحديث ... قال: فلما خرجوا إلى بدر وجاء الصريخ قالت له امرأته: أما ذكرت ما قال لك أخوك اليثربيُّ؟ قال فأراد أن لا يخرج فقال له أبو جهل: إنك من أشراف الوادي، فسر يومًا أو يومين، فسار معهم يومين، فقتله الله» (¬2). 26 - باب قول الله تعالى {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة: 146] 3635 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - «أن اليهود جاءوا إلى رسول ¬

(¬1) نسأل الله العافية. * فيه فضل عيادة المريض ولو كان ليس من الخواص, وفيه قول لا بأس طهور إن شاء الله تفاؤل ودعاء بالمعنى فردها الأعرابي بجهله فكان كما قال. ومن قال: اللهم طهره لا يستثني يقول إن شاء الله (لا يقولن أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت). (¬2) الله المستعان, الحمد لله.

28 - باب.

الله - صلى الله عليه وسلم - فذكروا له أن رجلًا منهم وامرأة زنيا. فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟ فقالوا: نفضحهم ويُجلدون. فقال عبد الله بن سلام: كذبتم، إن فيها الرَّجم. فأتوا بالتوراة فنشروها، فوضع أحدهم يده على آية الرجم، فقرأ ما قبلها وما بعدها. فقال له عبد الله بن سلام: ارفع يدك، فرفع يده، فإذا فيها آية الرجم؛ فقالوا: صدق يا محمد، فيها آية الرجم. فأمر بهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرُجما. قال عبد الله: فرأيت الرجل يجنأ (¬1) على المرأة يقيها الحجارة». 3638 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - «أن القمر انشق في زمان النبي - صلى الله عليه وسلم -» (¬2). 28 - باب. 3629 - عن أنس - رضي الله عنه - «أن رجلين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - خرجا من عند النبي - صلى الله عليه وسلم - في ليلة مظلمة ومعهما مثل المصباحين يُضيئان بين أيديهما، فلما افترقا صار مع كل واحد منهما واحد حتى أتى أهله» (¬3). 3640 - عن المغيرة بن شعبة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يزال ناس من أمتي ظاهرين، حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون» (¬4). ¬

(¬1) في العيني: يجنأ: فيها سبع روايات. * في رواية يجنأ يقي المرأة الحجارة, وهذا من شدة تعلقه بها ومحبته لها. (¬2) وهذا من علامات الساعة {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} [القمر: 1]. (¬3) هما أسيد بن الحضير وعباد بن بشر. * هذا من الكرامات من علامات النبوة, فإن الكرامات لأتباعه دلالة على صدق رسالته. (¬4) وهذا معنى حديث: لا تزال طائفة من أمتي.

3641 - عن عُمير بن هانئ أنه سمع معاوية يقول «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا يزال من أمتي أمة قائمة (¬1) بأمر الله لا يضرُّهم من خذلهم ولا من خالفهم، حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك» قال عمير فقال مالك بن يخامر: قال معاذ: «وهم بالشام» فقال معاوية: هذا مالك يزعم أنه سمع معاذًا يقول «وهم بالشام (¬2)» (¬3). 3642 - عن عروة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاه دينارًا يشتري له به شاة، فاشتري له به شاتين، فباع إحداهما بدينار، فجاء بدينار وشاة، فدعا له بالبركة في بيعه، وكان لو اشترى التراب لربح فيه» (¬4). قال سفيان كان الحسن بن عُمارة جاءنا بهذا الحديث عنه قال: سمعه شبيب عن عُروة، فأتيته، فقال شبيب: إني لم أسمعه من عروة، قال: سمعت الحي يخبرونه عنه (¬5). 3646 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الخيل لثلاثة: لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر. فأما الذي له أجر فرجل ¬

(¬1) قد يكون واحدًا وقد يكون جماعة. (¬2) وسألته: هل هذا مرفوع؟ يحتاج إلى جمع الطرق والنظر وفي العيني غير مرفوع. (¬3) يعني وقتًا ما ليس دائمًا. (¬4) أجاب الله دعوته, والوكيل لا بأس أن يتصرف بالمصلحة للموكل. * هذا بيع الفضولي؟ نعم إذا أجازه. (¬5) اشتهاره عند الحي لأن الحسن بن عمارة ضعيف.

ربطها في سبيل الله، فأطال لها في مرج أو روضة، فما أصابت في طيلها من المرج أو الروضة كانت له حسنات، ولو أنها قطعت طِيلها فاستنَّت شرفًا أو شرفين كانت أرواثُها حسنات له، ولو أنها مرَّت بنهر فشربت ولم يُرد أن يسقيها كان ذلك له حسنات. ورجل ربطها تغنَّيًا وتعفُّفًا ولم ينس حق الله في رقابها (¬1) وظهورها، فهي له كذلك ستر. ورجل ربطها فخرًا ورياء ونواء لأهل الإسلام فهي وزر. وسئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الحُمر فقال: ما أنزل عليَّ فيها إلا هذه الآية الجامعة الفاذة {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7، 8]» (¬2). 3648 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «قلت: يا رسول الله إني سمعت منك حديثًا كثيرًا فأنساه. قال: ابسُط رداءك، فبسطته، فغرف بيديه فيه ثم قال: ضُمَّه، فضممته، فما نسيت حديثًا بعد» (¬3). قال الحافظ: ... قول الخطابي والبيهقي وغيرهما: إنه غير متصل لأن الحي لم يسم أحد منهم فهو على طريقة بعض أهل الحديث يسمّون ما في إسناده مبهم مرسلًا أو منقطعًا، والتحقيق إذا وقع التصريح بالسماع أنه متصل في إسناده مبهم، إذ لا فرق فيما يتعلق بالاتصال والانقطاع بين رواية المجهول والمعروف، فالمبهم نظير المجهول في ذلك، ومع ذلك فلا ¬

(¬1) عند الحاجة في جهاد ونحوه, وإلا ليس فيها زكاة. (¬2) الله أكبر, آية عظيمة من تحرى الشر وجده, ومن تحرى الخير وجده, ولو قليل, فالواجب الحذر والحزم. (¬3) هذا من آيات الله.

يقال في إسناده صرح كل من فيه بالسماع من شيخه إنه منقطع وإن كانوا أو بعضهم غير معروف (¬1). قال الحافظ: ... وزعم ابن القطان أن البخاري لم يرد بسياق هذا الحديث إلا حديث الخيل ولم يرد حديث الشاة وبالغ في الرد على من زعم أن البخاري أخرج حديث الشاة محتجًا به لأنه ليس على شرطه لإبهام الواسطة فيه بين شيب وعروة، وهو كما قال لكن ليس في ذلك ما يمنع تخريجه ولا ما يحطه عن شروطه، لأن الحي يمتنع في العادة تواطؤهم على الكذب، ويضاف إلى ذلك ورود الحديث من الطريق التي هي الشاهد لصحة الحديث (¬2). تمت قراءة هذا المجلد يوم الأحد 2/ 11/1415 هـ-وقد بدأنا قراءته يوم الأحد 22/ 6/1414 هـ فاستغرقنا سنة وأربعة أشهر وعشرة أيام ولله الحمد والمنة ¬

(¬1) متصل من جهة السماع لكن العلة الجهالة, والمؤلف البخاري ساقه كما سمعه ومقصوده حديث «الخيل معقود في نواصيها» ويؤخذ تصرف عروة من أدلة أخرى, في التصرف في مال الموكل. (¬2) حديث عروة خرجه الحافظ في البلوغ, وقال: رواه البخاري وفيه قصة.

62 - كتاب فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -

62 - كتاب فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - 1 - باب فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال الحافظ: ... وقد وقع في حديث عبد الله بن بسر عند مسلم ما يدل على أن القرآن مائة وهو المشهور (¬1). قال الحافظ: ... حديث «للعامل منهم أجر خمسين منكم» لا يدل على أفضلية غير الصحابة، لأن مجرد زيادة الأجر لا يستلزم ثبوت الأفضلية المطلقة، وأيضًا فالأجر إنما يقع تفاضله بالنسبة إلى ما يماثله في ذلك العمل (¬2). 5 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «لو كنت متخذًا خليلاً» قاله أبو سعيد 3671 - عن محمد بن الحنفية قال: «قلت لأبي: أي الناس خير بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: أبو بكر. قلت: ثم من؟ قال: ثم عمر. وخشيت أن يقول عثمان، قلت: ثم أنت؟ قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين» (¬3). 3672 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره، حتى إذا كنا بالبيداء -أو بذات الجيش- انقطع عقد لي، ¬

(¬1) قلت: ليس عند مسلم بل عند الطبراني والبخاري في تاريخه (1/ 1/322) والسير (3/ 431) وقد عزاه الحافظ في الإصابة للبخاري في التاريخ. (¬2) فمن عمل عملًا عدل خمسين مرة من عمل الأصحاب لذلك العمل لا يدل على الفضل المطلق. (¬3) وهذا من تواضعه - رضي الله عنه - وهو الرابع.

فأقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على التماسه (¬1)، وأقام الناس معه، وليسوا على ماء، وليس معهم ماء. فأتى الناس أبا بكر فقالوا: ألا ترى ما صنعت عائشة؟ أقامت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبالناس معه، وليسوا على ماء، وليس معهم ماء. فجاء أبو بكر ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - واضع رأسه على فخذي قد نام، فقال: حبست رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والناس، وليسوا على ماء وليس معهم ماء. قالت فعاتبني وقال: ما شاء الله أن يقول، وجعل يطعنني بيده في خاصرتي فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فخذي، فنام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أصبح على غير ماء، فأنزل الله آية التيمم {فَتَيَمَّمُوا ... } [النساء: 43] فقال أسيد بن الحضير: ما هي بأول بركتكم (¬2) يا آل أبي بكر فقالت عائشة: فبعثنا البعير الذي كنت عليه فوجدنا العقد تحته». 3673 - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تسبوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أُحد ذهبًا ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصيفه» (¬3). 3674 - عن سعيد بن المسيب قال: أخبرني أبو موسى الأشعري أنه توضأ في بيته ثم خرج فقلت: لألزمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولأكونن معه يومي ¬

(¬1) وفيه: نظر ولي الأمر لمصلحة المسلمين والرفقة بهم, وكان هذا من أسباب نزول رخصة التيمم. (¬2) إذا كان تسبّب شخص في خير لا بأس أن يقال له: هذا من بركة فلان. (¬3) وهذا من فضل الصحابة - رضي الله عنهم - لسبقهم للدين وكونهم قدوة صالحة في الخير. وسبّهم كلهم المعروف عند أهل العلم أنه يكفر؛ لأنه بغض لهم بخلاف سب الواحد والاثنين.

هذا. قال فجاء المسجد فسأل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: خرج ووجَّه ها هنا، فخرجت على إثره أسأل عنه حتى دخل بئر أريس، فجلست عند الباب - وبابها من جريد- حتى قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاجته فتوضأ، فقمت إليه، فإذا هو جالس على بئر أريس وتوسَّط قُفَّها وكشف عن ساقيه ودلاهما في البئر، فسلمت عليه ثم انصرفت فجلست عند الباب فقلت: لأكوننَّ بوّاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اليومَ، فجاء أبو بكر فدفع الباب، فقلت من هذا؟ فقال أبو بكر. فقلت: على رسلك، ثم ذهبت فقلت: يا رسول الله هذا أبو بكر يستأذن، فقال: ائذَن له وبشَّره بالجنة. فأقبلتُ حتى قلت لأبي بكر: ادخل ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبشَّرك بالجنة. فدخل أبو بكر فجلس عن يمين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معه في القُفَّ ودلَّى رجليه في البئر كما صنعَ النبي - صلى الله عليه وسلم - وكشفَ عن ساقيه. ثم رجعت فجلست وقد تركت أخي يتوضأ ويلحقني، فقلت إن يرد الله بفلان خيرًا -يريد أخاه- يأت به. فإذا إنسان يُحرَّك الباب، فقلن: من هذا؟ فقال: عمر بن الخطاب، فقلت على رسلك ثم جئت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلمت عليه فقلت: هذا عمر بن الخطاب يستأذن. فقال: ائذن له وبشِّره بالجنة. فجئت فقلت: ادخل وبشَّرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالجنة. فدخل فجلس مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القُفِّ عن يساره ودلَّى رجليه في البئر. ثم رجعت فجلست فقلت: إن يُرد الله بفلان خيرًا يأت به، فجاء إنسان يُحرِّك الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: عثمان بن عفان فقلت: على رسلك. فجئت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته، فقال: ائذن له وبشِّره بالجنة على بلوى تصيبه، فجئت فقلت له: ادخل، وبشَّرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالجنة على بلوى تصيبك. فدخل فوجد القُفَّ قد

ملئَ، فجلس وجاهه من الشقِّ الآخر. قال شريك بن عبد الله قال سعيد ابن المسيب: فأولتها قبورهم» (¬1). 3675 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - حدثهم «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صعد أُحد وأبو بكر وعمر وعثمان، فرجف بهم، فقال: اثبُت أُحد. فإن عليك نبي وصدَّيق وشهيدان» (¬2). 3677 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: إني لواقف في قوم فدعوا الله لعمر بن الخطاب -وقد وُضع على سريره- إذ رجل من خلفي قد وضع مرفقه على منكبي يقول: رحمك الله، إن كنت لأرجوا أن يجعلك الله مع صاحبيك، لأني كثيرًا ما كنت أسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: كنت وأبو بكر وعمر، وفعلت وأبو بكر وعمر، وانطلقت وأبو بكر وعمر، فإن كنت لأرجو أن يجعلك الله معهما (¬3). فالتفتُّ فإذا هو علي بن أبي طالب». 3678 - عن محمد بن إبراهيم عن عروة بن الزبير قال: سألت عبد الله بن عمرو عن أشد ما صنع المشركون برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: رأيت عقبة بن أبي معيط (¬4) جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي، فوضع إدًا في عنقه فخنقه به خنقًا شديدًا، فجاء أبو بكر حتى دفعه عنه فقال: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ} [غافر: 28]. ¬

(¬1) اجتمع الثلاثة وانفرد عثمان. (¬2) دلالة على أنهما يستشهدان - رضي الله عنه - عنهما عمر وعثمان. (¬3) يجعله الله معهما, رضي الله عن الجميع. (¬4) وكان عقبة من أشد الناس عداوة للنبي - صلى الله عليه وسلم - , ولهذا قتله النبي - صلى الله عليه وسلم - صبرًا لشدة عداوته.

6 - باب مناقب عمر بن الخطاب

فال الحافظ: ... (فائدة) مات أبو بكر - رضي الله عنه - بمرض السل على ما قاله الزبير بن بكار، وعن الواقدي أنه اغتسل في يوم بارد فحم خمسة عشر يومًا، وقيل بل سمته اليهود في حريرة أو غيرها وذلك على الصحيح لثمان بقين من جمادي الآخرة سنة ثلاث عشرة من الهجرة، فكانت مدة خلافته سنتين وثلاثة أشهر وأيامًا، وقيل غير ذلك، ولم يختلفوا أنه استكمل سن النبي - صلى الله عليه وسلم - فمات (¬1) وهو ابن ثلاث وستين، والله أعلم. 6 - باب مناقب عمر بن الخطاب 3679 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو قال أبو القاسم - صلى الله عليه وسلم - «لو أن الأنصارَ سَلَكوا واديًا أو شعبًا لسلكت في وادي الأنصار، ولولا الهجرة لكنت امرءً من الأنصار. فقال أبو هريرة: ما ظَلَمَ -بأبي وأمي- آوَوهُ ونصروه. أو كلمة أخرى» (¬2). 3681 - عن الزهري قال: أخبرني حمزة عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «بينا أنا نائم شربت -يعني اللبن- حتى أنظر إلى الرَّيَّ يجري في ظُفُري -أو في أظفاري- ثم ناولت عمر. قالوا: فما أوَّلته يا رسول الله، قال: العلم» (¬3). ¬

(¬1) رضي الله عنه -آمين-. (¬2) لما ذكر الفضل العام شرع في بيان الفضل الخاص, وفي هذا فضل أم سليم وبلال وعمر - رضي الله عنهم -. (¬3) هذا فضل عظيم لعمر - رضي الله عنه - , وما أعطاه الله من العلم وشواهد ذلك واضحة, والله جعل العلم والسنة مائدة يردها الناس ويصدرون بما قسم الله لهم.

3682 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أُريت في المنام أني أنزع بدلو بكرة على قليب، فجاء أبو بكر فنوع ذنوبًا أو ذنوبين نزعًا ضعيفًا والله يغفر له. ثم جاء عمر بن الخطاب فاستحالت غربًا، فلم أرَ عبقريًا يفري فريَّة، حتى روي الناس وضربوا بعطن» قال ابن جُبير: العبقري (¬1) عتاق الزَّرابي. وقال يحي: الزرابي الطنافس لها خمل رقيق (¬2) {مَبْثُوثَةٌ} [الغاشية: 16]: كثيرة. ¬

(¬1) العبقري هنا ما هو اللباس, بل هو الرجل النشيط القوي. (¬2) يراجع في نزعة ضعف, فحتى الآن لم يتبين لي المراد من هذا, وكلام الحافظ سمعته ولكن ما تبيَّن لي. حاصل ما قيل في تفسير قوله - صلى الله عليه وسلم - في أبي بكر في حديث الرؤيا (فنزع ذنوبًا أو ذنوبين وفي نزعه ضعف, والله يغفر له ... ). قال الحافظ في الفتح (7/ 38): واتفق من شرح الحديث على أن ذكر الذنوب إشارة إلى خلافته, وفيه نظر لأنه ولي سنتين وبعض سنة فلو كان المراد لقال ذنوبين أو ثلاثة والذي يظهر لي أن ذلك إشارة إلى ما فتح في زمانه من الفتوح الكبار وهي ثلاثة, ولذلك لم يتعرض في ذكر عمر إلى عدد ما نزعه من الدلاء, وإنما وصف نزعة بالعظمة إشارة إلى كثرة ما وقع في خلافته من الفتوحات والله أعلم, وقد ذكر الشافعي في تفسير هذا الحديث في (الأم) بعد أن ساقه قال: ومعنى قوله (وفي نزعة ضعف) قصر مدته وعجلة موته وشغله بالحرب لأهل الردة عن الافتتاح والإزدياد الذي بلغه عمر في طول مدته). وقال الحافظ كذلك (في نزعة ضعف) أي أنه على مهل ورفق وقوله (والله يغفر له) قال النووي: هذا دعاء من المتكلم لا مفهوم له وقال غيره: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= فيه إشارة إلى قرب وفاة أبي بكر وهو نظير قوله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [النصر: 3] فإنها إشارة إلى قرب وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - , قلت: ويحتمل أن يكون فيه إشارة إلى أن قلة الفتوح في زمانه لا صنع له فيه, لأن سبب قصر مدته, فمعنى المغفرة له رفع الملامة عنه. وقال الحافظ أيضًا قال البيضاوي وقوله (يغفر له) إشارة إلى أن ضعفه -المراد به الرفق- غير قادح فيه أو المراد بالضعف ما وقع في أيامه من أمر الردة واختلاف الكلمة إلى أن اجتمع ذلك في آخر أيامه وتكمل في زمان عمر, وإليه الإشارة بالقوة, وقد وقع عند أحمد من حديث سمرة أن رجلًا قال يا رسول الله رأيت كأن دلوًا من السماء دُليت, فجاء أبو بكر فشرب شربًا ضعيفًا, ثم جاء عمر فشرب حتى تضلع) الحديث. ففي هذا إشارة إلى بيان المراد بالنزع القوي. وقال الحافظ في كتاب التعبير من الصحيح (12/ 413). قال القاضي عياض: ظاهر هذا الحديث أن المراد خلافة عمر, وقيل هو لخلافتهما معًا لأن أبا بكر جمع شمل المسلمين أولًا بدفع أهل الردة وابتدأت الفتوح في زمانه, ثم عهد إلى عمر فكثرت في خلافته الفتوح واتسع أمر الإسلام واستقرت قواعده, وقال غيره: معنى عظم الدلو في يد عمر كون الفتوح كثرت في زمانه ومعنى استحالت) انقلبت عن الصغر إلى الكبر. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= وقال النووي: قالوا هذا المنام مثال لما جرى للخليفتين من ظهور آثارهما الصالحة وانتفاع الناس بهما, وكل ذلك مأخوذ من النبي - صلى الله عليه وسلم - , لأنه صاحب الأمر فقام به أكمل قيام وقرر قواعد الدين ثم خلفه أبو بكر فقاتل أهل الردة وقطع دابرهم ثم خلفه عمر فاتسع الإسلام في زمنه, فشبه أمر المسلمين بقليب الماء الذي فيه حياتهم وصلاحهم وشبه بالمستقي لهم منها وسقيه هو قيامه بمصالحهم. وقوله (ليريحني) إشارة إلى خلافة أبي بكر بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم - , لأن الموت راحة من كدر الدنيا وتعبها, فقام أبو بكر بتدبير أمر الأمة ومعاناة أحوالهم, وقوله (وفي نزعة ضعف) فليس فيه حط من فضيلته, وإنما هو إخبار عن حاله في قصر مدة ولايته, وأما ولاية عمر فإنها لما طالت كثر انتفاع الناس بها واتسعت دائرة الإسلام بكثرة الفتوح وتمصير الأمصار وتدوين الدواوين وأما قوله (والله يغفر له) فليس فيه نقص له, ولا إشارة إلى أنه وقع منه ذنب, وإنما هي كلمة كانوا يقولونها يدعمون بها الكلام). ثم ذكر الحافظ حديث سمرة المتقدم وتمامه (ثم جاء عثمان فأخذ بعراقيبها فشرب حتى تضلع, ثم جاء علي فأخذ بعراقيبها فانتشطت وانتضح عليه منها شيء) قال: وهذا يبين أن المراد بالنزع الضعيف والقوي الفتوح والغنائم). وقال القسطلاني في شرح البخاري (6/ 97) (وفي نزعه ضعف) إشارة إلى ما كان في زمنه من الارتداد واختلاف الكلمة ولين جانبه ومداراته مع الناس) ونحوه قال الطيبي في شرح المشكاة (11/ 233).

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= وقال أبو حاتم بن حبان بعد إخراج الحديث في صحيحه (15/ 324) قال: فالذنوبان كانا خلافة أبي بكر رضي الله عنه سنتين وأيامًا. وقال ملا على قاري في شرح المشكاة (10/ 395). قوله "وفي نزعه ضعف والله يغفر له" جملة دعائية وقعت اعتراضية مبينة أن الضعف الذي وجد في نزعه لما يقتضيه تغير الزمان وقلة الأعوان غير راجع إليه بنقيصة. وقال البغوي في شرح السنة (14/ 91) قوله: "في نزعه ضعف لم يرد به نسبة التقصير إلى الصديق في القيام بالأمر فإنه جد بالأمر وتحمل من أعباء الخلافة ما كانت الأمة تعجز عنه ولذلك قالت عائشة رضي الله عنها: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وارتدت العرب واشرأب النفاق ونزل بأبي ما لو نزل بالجبال الراسيات لهاضها. . بل ذلك إشارة إلى أن الفتوح كانت في زمن عمر أكثر مما كانت في زمن الصديق لقصر مدة أيام ولايته. . .". وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (7/ 342): وسواء أراد قصر مدته أو أراد ضعفه عن مثل قوة عمر فلا ريب أن أبا بكر أقوى إيمانًا من عمر، وعمر أقوى عملًا، وقوة الإيمان أقوى وأكمل من قوة العمل، وصاحب الإيمان يكتب له أجر عمل غيره وما فعله عمر في سيرته مكتوب مثله لأبي بكر فإنه هو الذي استخلفه". وقال سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله (1/ 247) في فتاويه: "لا مطعن فيه على أبي بكر للروافض لأن أبا بكر أكثر إيمانًا، ثم هو =

3683 - حدثنا عبد العزيز بن عبد الله حدثنا إبراهيم بن سعد عن مصالح عن ابن شهاب عن عبد الرحمن (¬1) بن عبد الرحمن بن زيد ... 3684 - عن قيس قال: قال عبد الله «ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر» (¬2). 3685 - عن ابن عباس قال: «وُضع عمر على سريره، فتكنَّفه الناس يدعون ويُصلُّون قبل أن يُرفع- وأنا فيهم- فلم يرُعني إلا رجل آخذ منكبي، فإذا علي بن أبي طالب، فترحَّم (¬3) على عمر وقال: ما خلَّفت أحدًا أحبَّ إليَّ أن ألقى الله بمثل عمله منك. وأيم الله إن كنت لأظنُّ أن يجعلك الله مع صاحبيك، وحسبت إني كثيرًا أسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ذهبت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر». ¬

= الذي ولاه، ثم قال أيضًا والله يغفر له فهذا إذا كان المراد أنه نقص» اهـ. وقال سماحة الشيخ ابن باز - رحمه الله - سنة 1408 هـ-في شرح كتاب التعبير. قال: ولعل الضعف ما كان فيه من اللين والرقة وعمر كان أشد - رضي الله عنهما -». (¬1) صوابه عبد الحميد. (¬2) رضي الله عنهم. (¬3) رضي الله عنهم، في هذا أن الكرماء الأخيار يبتلون كالأنبياء، وهكذا ما جرى لعمر - رضي الله عنه - أفضل الأمة بعد النبي والصديق.

3686 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «صعد النبي - صلى الله عليه وسلم - أُحدًا، ومعه أبو بكر وعمر وعثمان، فرجف بهم، فضربه برجله وقال: اثبُت أُحد، فما عليك إلا نبيٌّ وصدِّيق (¬1) أو شهيدان» (¬2). 3688 - عن أنس - رضي الله عنه - «أن رجلًا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الساعة فقال: متى الساعة؟ قال: أنت مع من أحببت. قال أنس: فما فرحنا بشيء فرحنا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنت مع من أحببت (¬3) قال أنس: فأنا أحب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر، وأرجو أن أكون معهم بحبِّي إياهم، وإن لم أعمل بمثل أعمالهم». 3691 - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: «سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: بينا أنا نائم رأيت الناس عُرضوا عليَّ وعليهم قُمص، فمنها ما ¬

(¬1) الصديق هل ينالها غير أبي بكر الصديق؟ نعم ليست خاصة بي - رضي الله عنه -، لكن أكملهم الصديق، ولا يمنع أن يشاركوه فيها ولكنهم دونه في أشياء {فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ}. (¬2) وهذا من علامات النبوة، والله حرّك الجبل ليقول ما يقول عليه الصلاة والسلام. (¬3) ووعد الله لا يخلف «أنت مع من أحببت» لكن الشأن في صدق المحبة فأكثر الناس يدعون ولا يصدقون.

يبلغ الثَّدي، ومنها ما يبلغ دون ذلك، وعُرض عليَّ عمر وعليه قميص اجترَّه. قالوا: فما أوّلته يا رسول الله؟ قال: الدِّين» (¬1). 3692 - عن المسور بن مخرمة قال: «لما طُعن عمر جعل يألم، فقال له ابن عباس- وكأنه يُجزِّعه-: يا أمير المؤمنين، ولئن كان ذاك، لقد صحبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأحسنت صحبته، ثم فارقته وهو عنك راض، ثم صحبت أبا بكر فأحسنت صحبته، ثم فارقته وهو عنك راض، ثم صحبت صَحبتهم فأحسنت صحبتهم، ولئن فارقتهم لتفارقنَّهم وهم عنك رضوان. قال: أما ما ذكرت من صحبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورضاه فإنما ذلك منٌّ منَّ الله تعالى منَّ به عليَّ، وأما ما ذكرت من صحبة أبي بكر ورضاه فإنما ذاك منَّ الله جل ذكره منَّ به عليَّ، وأما ما ترى من جزعي فهو من أجلك وأجل أصحابك. والله لو أن لي طِلاع الأرض ذهبًا لافتديت به من عذاب الله - عز وجل - قبل أن أراه» (¬2). 3693 - عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: «كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في حائط من حيطان المدينة، فجاء رجل فاستفتح فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: افتح له وبشِّره بالجنة، ففتحت له فإذا هو أبو بكر، فبشرته بما قال رسول - صلى الله عليه وسلم -، فحمد الله، ثم جاء رجل فاستفتح، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: افتح له وبشّره بالجنة، ففتحت فإذا هو عمر فأخبرته بما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -، فحمد الله. ثم استفتح ¬

(¬1) وهذه نعمة عظيمة لعمر أسبغ الله عليه العلم والدين ومنه أن تأويل القمص الدين واللبن العلم. (¬2) اللهم أرض عنه، من كان بالله أعرف كان له أخوف.

7 - باب مناقب عثمان بن عفان أبي عمرو القرشي - رضي الله عنه - وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من يحفر بئر رومة فله الجنة. فحفرها عثمان» وقال: «من جهر جيش العسرة فله الجنة. فجهزه عثمان»

رجل، فقال لي: افتح له وبشِّره بالجنة على بلوى تُصيبه فإذا عثمان، فأخبرته بما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فحمد الله، ثم قال: الله المستعان» (¬1). قال الحافظ: ... قوله: (قال ابن عباس من نبي ولا محدث) (¬2). 7 - باب مناقب عثمان بن عفان أبي عمرو القرشي - رضي الله عنه - وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من يحفر بئر رُومة فله الجنة. فحفرها عثمان» وقال: «من جهَّر جيش العسرة فله الجنة. فجهَّزه عثمان» (¬3) 3695 - عن أبي موسى - رضي الله عنه - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل حائطًا وأمرني بحفظ باب الحائط، فجاء رجل يستأذن فقال: ائذن له وبشِّره بالجنة، فإذا أبو بكر. ثم جاء آخر يستأذن فقال: ائذن له وبشره بالجنة، فإذا عمر. ثم جاء آخر يستأذن، فسكت هُنيهة ثم قال: ائذن له وبشره بالجنة على بلوى ستُصيبه، فإذا عثمان بن عفان» (¬4). قال حماد وحدثنا عاصم الأحول وعلي بن الحكم سمعا أبا عثمان يحدث عن أبي موسى بنحوه، وزاد فيه عاصم «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قاعدًا في مكان ¬

(¬1) الله أكبر، الله المستعان، الله المستعان. (¬2) زيادة: ولا محدّث، لا تصلح فالمحدث لا نبي ولا رسول، بل ملهم يتكلم بالحق الذي في قلبه فيصيب الحق على ضوء الأدلة الشرعية، فزيادة محدث فيها نظر، وظاهره أنه عمر فقط في هذه الأمة ولا يمنع وجود فهم صائب ولو لم يكن محدثًا. (¬3) رضي الله عنه. (¬4) اللهم ارض عنهم.

فيه ماء قد كشف عن رُكبته- فلما دخل عثمان غطاها» (¬1). 3696 - عن عروة عن عُبيد الله بن عدي بن الخيار أخبره «أن المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث قالا: ما يمنعك أن تكلم عثمان لأخيه الوليد فقد أكثر الناس فيه؟ فقصدت لعثمان حتى (¬2) خرج إلى الصلاة، قلت: إن لي إليك حاجة، وهي نصيحة لك. قال: يا أيها المرء منك.- قال معمر: أراه قال: أعوذ بالله منك- فانصرفت فرجعت إليهما، إذ جاء رسول عثمان، فأتيته، فقال: ما نصيحتك؟ فقلت: إن الله سبحانه بعث محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بالحق، وأنزل عليه الكتاب، وكنت ممن استجاب لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -، فهاجرت الهجرتين، وصحبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورأيت هديَه. وقد أكثر الناس في شأن الوليد. قال: أدركت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قلت: لا، ولكن خلص إلىَ من علمه ما يخلُص إلى العذراء في سترها. قال: أما بعد فإن الله بعث محمدًا .... بالحق، فكنت ممن استجاب لله ولرسوله، وآمنت بما بُعث به وهاجرتُ الهجرتين- كما قلتَ- وصحبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبايعته، فو الله ما عصيته ولا غششته حتى توفاه الله. ثم أبو بكر مثله. ثم عمر مثله. ثم استُخلفتُ، أفليس لي من الحق مثل الذي لهم؟ قلت: بلى. قال: فما هذه الأحاديث التي تبلُغني عنكم؟ أما ما ¬

(¬1) كان عثمان حييًا - رضي الله عنه - فيستحي منه أكثر. (¬2) حين كما في رواية الكشميهني.

ذكرت من شأن الوليد فسنأخذ فيه بالحق إن شاء الله. ثم دعا عليًا فأمره أن يجلد، فجلده ثمانين» (¬1). 3698 - عن عثمان هو ابن موهب قال: «جاء رجل من أهل مصر وحجَّ البيت، فرأى قومًا جلوسًا فقال: من هؤلاء القوم؟ فقالوا: هؤلاء قريش. قال: فمن الشيخ فيهم؟ قالوا: عبد الله بن عمر. قال: يا ابن عمر إني سائلك عن شيء فحدِّثني عنه (¬2): هل تعلم أن عثمان فرَّ يوم أُحد؟ قال: نعم. فقال: تعلم أنه تغيَّب عن بدر ولم يشهد؟ قال: نعم. قال الرجل: هل تعلم أنه تغيَّب عن بيعة الرضوان فلم يشهدها؟ قال: نعم. قال: الله أكبر. قال ابن عمر: تعال أبيِّن لك. أما فراره يوم أُحد فأشهد أن الله عفا عنه وغفر له (¬3). وأما تغيُّبه عن بدر فإنه كانت تحته بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكانت مريضة، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن لك أجر رجل ممن شهد بدرًا وسهمه. وأما تغيُّبه عن بيعة الرضوان فلو كان أحد أعز ببطن مكة من عثمان لبعثه مكانه، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عثمان، وكانت بيعة الرضوان بعد ما ذهب عثمان إلى مكة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده اليمنى: هذه يد عثمان. فضرب بها على يده فقال: هذه لعثمان. فقال له ابن عمر: اذهب بها الآن معك» (¬4). ¬

(¬1) الوليد بن عقبة لأنه يتعاطى الخمر، وهو أخو عثمان لأمه. (¬2) كان في نفسه شيء على عثمان فأزاله ابن عمر - رضي الله عنه -. * هذا من الخوارج؟ ما هو بعيد. (¬3) {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [آل عمران: 155]. (¬4) اللهم ارض عنه.

8 - باب قصة البيعة، والاتفاق على عثمان بن عفان - رضي الله عنه - وفيه مقتل عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما -

8 - باب قصة البيعة، والاتفاق على عثمان بن عفان - رضي الله عنه - وفيه مقتل عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - 3700 - ... عن عمرو بن ميمون قال: «رأيت عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قبل أن يُصاب بأيام بالمدينة ووقف على حذيفة بن اليمان وعثمان ابن حُنيف ... (الحديث) ... فقال عبد الرحمن: أيُّكما تبرأ من هذا الأمر فنجعله إليه، والله عليه والإسلام لينظرن أفضلهم في نفسه؟ فأسكت الشيخان. فقال عبد الرحمن: أفتجعلوه إلىَّ والله عليَّ أن لا آلو عن أفضلكم قالا: نعم. فأخذ بيد أحدهما فقال: لك قرابة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والقدم في الإسلام ما قد علمت، فالله عليك لئن أمرتُك لتعدلنَّ، ولئن أمرَّت عثمان لتسمعنَّ ولتُطيعن. ثم خلا بالآخر فقال مثل ذلك. فلما أخذ الميثاق قال: ارفع يدك يا عثمان، فبايعه، فبايع له عليّ، وولج أهل الدار فبايعوه» (¬1). قال الحافظ: ... قوله (فأسكت) بضم الهمزة وكسر الكاف كأن مسكتا أسكتهما، ويجوز فتح الهمزة والكاف وهو بمعنى سكت (¬2). 11 - باب ذكر العباس بن عبد المطلب - رضي الله عنه - 3710 - عن أنس - رضي الله عنه - «أن عمر بن عبد الخطاب كان إذا قحطوا ¬

(¬1) رضي الله عن الجميع، رضي الله عنهم. (¬2) أسكت: سكت.

12 - باب مناقب قرابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

استسقى بالعباس (¬1) بن عبد المطلب فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا - صلى الله عليه وسلم - فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعمِّ نبيّنا فاسقينا، قال: فيُسقون» (¬2). 12 - باب مناقب قرابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - 3711 - عن عروة بن الزبير عن عائشة «أن فاطمة عليها السلام أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من النبي - صلى الله عليه وسلم -. مما أفاء الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - تطلب صدقة النبي - صلى الله عليه وسلم - التي بالمدينة وفدك، وما بقي من خُمس خيبر». 3712 - فقال أبو بكر: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لا نورث، ما تركناه فهو صدقة، إنما يأكل آل محمد من هذا المال- يعني مال الله- ليس لهم أن يزيدوا على المأكل. وإني والله لا أُغيِّر شيئًا من صدقات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي كانت عليها في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولأعملنَّ فيها بما عمل فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتشهَّد عليٌ ثم قال: إنا قد عرفنا يا أبو بكر. فقال: والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحبُّ إليَّ أن أصل من قرابتي» (¬3). ¬

(¬1) يدل على الاستسقاء بدعاء الأخيار. (¬2) والسقيا إنما كانت بدعائهم. * الذين طالبوا بالميراث: العباس وفاطمة لأنهم هم الورثة، لكن الأنبياء لا يورثون بل ذهب ماله لبيت المال. (¬3) والمعنى أني لا أغير شيئًا وإن كان قرابة الرسول - صلى الله عليه وسلم - صلتهم عندي أولى، وهذا معنى لا نورث ما تركناه صدقة فلم يعطهم.

13 - باب مناقب الزبير بن العوام

3715 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - فاطمة ابنته في شكواه الذي قبض فيها، فسارَّها بشيء فبكت، ثم دعاها فسارَّها فضحكت قالت فسألتها عن ذلك» (¬1). 3716 - فقالت: سارَّني النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرني أنه يُقبض في وجعه الذي تُوفي فيه فبكيت، ثم سارنَّي فأخبرني أني أول أهل بيته أتبعه فضحكت» (¬2). 13 - باب مناقب الزبير بن العوام وقال ابن عباس «هو حواريُّ النبي - صلى الله عليه وسلم -». وسُمِّي الحواريون (¬3) لبياض ثيابهم. 3717 - عن مروان بن الحكم قال: «أصاب عثمان بن عفان - رضي الله عنه - رُعاف شديد سنة الرُّعاف حتى حبسه عن الحجِّ وأوصى، فدخل عليه رجل من قريش قال: استخلف. قال: وقالوه؟ قال: نعم. قال: ومن؟ فسكت. فدخل عليه رجل آخر- أحسبه الحارث- فقال: استخلف. فقال عثمان: وقالوا: فقال: نعم. قال: ومن هو؟ فسكت. قال: فلعلهم قالوا إنه الزبير؟ قال: نعم. قال: أما والذي نفسي بيده إنه لخيرُهم ما علمت، وإن كان لأحبِّهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -». ¬

(¬1) وهذا الإخبار بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) قلت: ألم يجيء أيضًا أن سبب ضحكها أنها سيدة نساء أهل الجنة؟ فقال: لعله أخبرها بهما جميعًا. (¬3) الحواري: خلاصة القوم المناصرون.

باب ذكر طلحة بن عبيد الله

3719 - عن جابر - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن لكل نبي حواريًا، وإن حواريَّ الزبير بن العوام» (¬1). 3721 - عن هشام بن عُروة عن أبيه «أن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قالوا للزبير يوم وقعة اليرموك: ألا تشدُّ فنشدّ معك؟ فحمل عليهم فضربوه ضربتين على عاتقه بينهما ضربة ضُربها يوم بدر. قال عروة: فكنت أُدخل أصابعي في تلك الضربات ألعب وأنا صغير» (¬2). باب ذكر طلحة بن عُبيد الله وقال عمر: تُوفي النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو عنه راض 3722، 3723 - عن أبي عثمان قال: «لم يبق مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض تلك الأيام التي قاتل فيهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غير طلحة وسعد (¬3)، عن حديثهما». 3724 - عن أبي حازم قال: «رأيت يد طلحة التي وقى بها النبي - صلى الله عليه وسلم - قد شلَّت» (¬4). ¬

(¬1) - رضي الله عنه - هو الناصر، وهو أحد العشرة، وهو ابن عمة رسول الله صفية. (¬2) اللهم ارض عنه، معروف بالشجاعة والإقدام وقتل شهيدًا - رضي الله عنه -. (¬3) وسعد بن أبي وقاص. (¬4) يوم أحد. * هل صح أن مروان قتل طلحة؟ الله أعلم لكن قُتل يوم الجمل، قلت: نعم صح ذلك أخرجه ابن سعد والحاكم، وانظر سير الذهبي (1/ 35 فما بعدها).

15 - باب مناقب سعد بن أبي وقاص الزهري وبنو زهرة أخوال النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو سعد بن مالك

15 - باب مناقب سعد بن أبي وقاص الزهري وبنو زهرة أخوال النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو سعد بن مالك 3725 - عن سعيد بن المسيَّب قال: سمعت سعدًا يقول: «جمعَ لي النبي - صلى الله عليه وسلم - أبويه يوم أحد» (¬1). 3726 - عن عامر بن سعد عن أبيه قال: «لقد رأيتُني وأنا ثُلُث الإسلام» (¬2). 3728 - عن سعد - رضي الله عنه - قال: «إني لأول العرب رمى بسهم في سبيل الله، وكنّا نغزو مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وما لنا طعام إلا ورق الشجر، حتى إن أحدنا ليضع كما يضع البعير أو الشاة ماله خِلط، ثم أصبحت بنو أسد تُعزِّرني على الإسلام لقد خِبتُ إذًا وضل عملي. وكانوا وشوا به إلى عمر قالوا: لا يحسن يُصلِّي» (¬3). ¬

(¬1) وهو من بني النجار وهو سعد بن أبي وقاص. (¬2) كأنه أراد أنه ثالث من غير الصديق وبلال وسعد، وهذا من جهة الرجال وخديجة كانت آمنت قبل. قلت له: فعلي - رضي الله عنه -؟ قال: من الصبيان وهو من الرجال ويحتمل أراد الأحرار. (¬3) بنو سعد بالكوفة، فلما رأى ذلك عمر عزله للمصلحة، لا لعجز منه - رضي الله عنه - لكنه للمصلحة.

16 - باب ذكر أصهار النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم أبو العاص بن الربيع

قال الحافظ: .... وقد كانت خديجة أسلمت قطعًا فلعله خص (¬1) الرجال .... قال الحافظ: .... أو يحمل قول سعد على الأحرار البالغين ليخرج الأعبد (¬2) المذكورون. 16 - باب ذكر أصهار النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم أبو العاص بن الربيع 3729 - عن المسور بن مخرمة قال: «إن عليًا خطب بنت أبي جهل، فسمعت بذلك فاطمة، فأتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يزعم قومك أنك لا تغضب لبناتك، وهذا عليِّ ناكح بنت أبي جهل. فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسمعتُه حين تشهد يقول: أما بعد أنكحت أبا العاص بن الرَّبيع فحدثني وصدقني، وإن فاطمة بضعة مني، وإني أكره أن يسوءها، والله لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله عند رجل واحد. فترك عليٌّ الخطبة» (¬3). وزاد محمد بن عمرو بن حلحلة عن ابن شهاب عن علي بن الحسين عن مسور «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم -، ذكر صِهرًا له من بني عبد شمس فأثنى عليه في مُصاهرته فأحسن، قال: حدَّثني فصدقني، ووعدني فوَفى لي» (¬4). قال الحافظ: ... ليشيع الحكم المذكور بين الناس ويأخذوا به إما على سبيل الإيجاب وإما على سبيل الأولوية (¬5). ¬

(¬1) هذا محتمل. (¬2) هذا محتمل. (¬3) هذا معنى خاص رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - لا ينافي ما شرع الله من التعدد، وهذا له أسباب، والحكم عام ولكن هذه مسألة خاصة. (¬4) أبو العاص تزوج زينب وبقيت تنتظره حتى أسلم - رضي الله عنهما -. (¬5) ظاهر الحديث الإيجاب «والله لا تجتمع».

17 - باب مناقب زيد بن حارثة مولى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال البراء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنت أخونا ومولانا»

17 - باب مناقب زيد بن حارثة مولى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال البراء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنت أخونا ومولانا» 3730 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - قال: «بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - بعثًا وأمَّر عليهم أسامة بن زيد، فطعن بعض الناس في إمارته، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل. وايم الله إن كان لخليقًا للإمارة، وإن كان لمن أحبِّ الناس إليَّ، وإن هذا لمن أحبِّ الناس إليَّ بعده» (¬1). 3731 - عن عروة عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «دخل عليَّ قائف والنبي - صلى الله عليه وسلم - شاهد وأسامة بن زيد وزيد بن حارثة مُضطجعان فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض (¬2)، قال فسُرَّ بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - وأعجبه، فأخبر به عائشة». 18 - باب ذكر أسامة بن زيد 3732 - عن عائشة - رضي الله عنها - «أن قُريشًا أهمَّهم شأن المخزومية (¬3) فقالوا: من يجتري عليه إلا أسامة بن زيد حِبُّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -». ¬

(¬1) وهذه منقبة لزيد وأسامة، وكانا حِبَّا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) وهذا منه الشهادة بالقيافة حجة عند الاشتباه؛ ولهذا سر النبي - صلى الله عليه وسلم - بشهادة القائف وهو مجزّر المدلجي، ومجزّر لم يدرِ عنهما، وكان بعض الناس تكلموا في أسامة وكان أسامة أسود وأبوه زيد أبيض. (¬3) التي سرقت عام الفتح.

3733 - عن عائشة - رضي الله عنها - «أن امرأة من بني مخزوم سرقت، فقالوا: من يُكلِّم فيها النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فلم يجترئ أحد أن يُكلمه فكلمه أسامة ابن زيد، فقال: إن بني إسرائيل كان إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف قطعوه. لو كانت فاطمة لقطعت يدها» (¬1). 3734 - عن عبد الله بن دينار قال: «نظر ابن عمر يومًا- وهو في المسجد- إلى رجل يسحب ثيابه (¬2) في ناحية من المسجد فقال: انظر من هذا؟ ليت هذا عندي. قال له إنسان: أما تعرف هذا يا أبا عبد الرحمن؟ هذا محمد ابن أسامة. قال: فطأطأ ابن عمر رأسه ونقر بيديه في الأرض، ثم قال: لو رآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأحبَّه». (¬3) 3735 - عن أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - حدَّث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنه كان يأخذه والحسن فيقول: اللهم أحبَّهما فإني أحبُّهما» (¬4). 3736 - وقال نعيم عن ابن المبارك أخبرنا معمر عن الزهري أخبرني مولى لأسامة بن زيد أن الحجاج ابن أيمن بن أم أيمن -وكان أيمن بن أم أيمن أخا أسامة بن زيد لأمه- وهو رجل من الأنصار، فرآه ابن عمر لم يُتمَّ ركوعه ولا سجوده فقال: أعد» (¬5). ¬

(¬1) يعني أتريدون أن تتشبهوا ببني إسرائيل غيروا الحديث وألغوا الرجم؛ ويم الله يعني والله والهمزة همزة وصل. (¬2) لكن كونه يسحب ثيابه لا يقر على ذلك بل يُعلم ولو كان محمد بن أسامة بن زيد (¬3) هذا مولاه وهذا ابن بنته. (¬4) تساهل من المؤلف في مولى أسامة. قلت: سيأتي في الحديث بعده التصريح. (¬5) لعلها وإما.

19 - باب مناقب عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما -

قال الحافظ: ... «وكانت أم أيمن حاضنة النبي - صلى الله عليه وسلم -» وأما (¬1) الذهلي ... 19 - باب مناقب عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - 3738 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: «كان الرجل في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا رأى رُؤيا (¬2) قصَّها على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فتمنيت أن أرى رُؤيا أقصُّها على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكنت غلامًا أعزب، وكنت أنام في المسجد على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فرأيت في المنام كأن ملكين أخذاني فذهبا بي إلى النار، فإذا هي مطوية كطيِّ البئر، وإذا لها قرنان كقرني البئر، وإذا فيها ناس قد عرفتُهم، فجعلت أقول: أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار. فلقيَهما ملك آخر فقال لي: لن تُراع. فقصصتها على حفصة». 20 - باب مناقب عمار وحذيفة - رضي الله عنهما - 3742 - عن إبراهيم عن علقمة قال: «قدمت الشام، فصلَّيت ركعتين، ثم قلت: اللهم يسِّر لي جليسًا صالحًا. فأتيت قومًا فجلست إليهم، فإذا شيخ قد جاء حتى جلس إلى جنبي، قلت: من هذا؟ قالوا: أبو الدرداء. فقلت: إني دعوت الله أن يُيسِّر لي جليسًا صالحًا، فيسَّرك لي. قال: ممن أنت؟ قلت: من أهل الكوفة. قال: أوليس عندكم ابن أم عبد صاحب ¬

(¬1) (¬2) الرؤيا الصالحة بشرى للمؤمن في هذه الدار، وفيه منقبة لعبد الله، وفيه أن الرؤى تقص على أهل العلم. وفيه فضل قيام الليل وأنه من أسباب السلامة من النار {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ} [الفرقان: 64].

النعلين والوساد والمطهرة؟ (¬1) أفيكم الذي أجاره الله من الشيطان، يعني على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم -؟ أوليس فيكم صاحب سر النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي لا يعلم أحد غيره؟ ثم قال: كيف يقرأ عبد الله {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} [الليل: 1] فقرأت عليه {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2) وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} [الليل: 1 - 3] قال: والله لقد أقرأنيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من فيه إلى فيَّ». 3743 - عن مغيرة عن إبراهيم قال: «ذهب علقمة إلى الشام فلما دخل المسجد (¬2) قال: اللهم يسر لي جليسًا صالحًا. فجلس إلى أبي الدرداء، فقال أبو الدرداء: ممن أنت؟ قال: من أهل الكوفة. قال: أليس فيكم -أو منكم- صاحب السرِّ الذي لا يعلمه غيرُه؟ يعني حُذيفة. قال: قلتُ: بلى. قال: أليس فيكم- أو منكم- الذي أجارَه الله على لسان نبيِّه - صلى الله عليه وسلم -؟ يعني من الشيطان، يعني عمارًا، قلت: بلى. قال: أليس فيكم -أو منكم- صاحب السِّواك، والوساد أو السِّرار؟ قال: بلى. قال: كيف كان عبد الله يقرأ {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى} [الليل: 1، 2] قلت: {الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} [الليل: 3]، قال: ما زال بي هؤلاء حتى كادوا يستنزلونني عن شيء سمعته من النبي - صلى الله عليه وسلم -» (¬3). ¬

(¬1) صاحب الوساد عبد الله بن مسعود وهو ابن أم عبد، وهو من أفقه الصحابة، واستقرت القراءة في العرضة الأخيرة {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} [الليل: 3] وهي التي أثبتها الصحابة في عهد عثمان. (¬2) مسجد إيلياء القدس. (¬3) كأن أبا الدرداء - رضي الله عنه - لم يسمع إلا بهذه القراءة.

21 - باب مناقب أبي عبيدة بن الجراح - رضي الله عنه -

قال الحافظ: ... وفيه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ذاك الشيطان» فلعل ابن مسعود (¬1) أشار إلى هذه القصة. 21 - باب مناقب أبي عُبيدة بن الجرّاح - رضي الله عنه - 3744 - عن أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن لكل أمة أمينًا، وإن أميننا أيتها الأمة أبو عُبيدة بن الجراح» (¬2). قال الحافظ: .... ووقع في حديث أنس عند مسلم «أن أهل اليمن قدموا على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: ابعث معنا رجلًا يعلمنا السنة والإسلام، فأخذ بيد أبي عبيدة وقال: هذا أمين هذه الأمة» (¬3). باب ذكر مصعب بن عُمير (¬4) قوله (ذكر مصعب بن عمير) أي ابن هاشم بن عبد الدار بن عبد مناف، وقع كذلك في غير رواية أبي ذر الهروي، وكأنه بيض له، وقد تقدم من فضائله في كتاب الجنائز أنه لما استشهد لم يوجد له ما يكفن به. ¬

(¬1) قلت: القائل أبو الدرداء لا ابن مسعود، ثم ذكر الشيخ فلعل أبا الدرداء. (¬2) - رضي الله عنه -، وهو أحد العشرة. (¬3) المعروف في الرواية أنهم ما أسلموا وتركوا المباهلة وصالحهم على الخراج، وأهل اليمن أسلموا بعد ذلك. (¬4) من فضائله أنه أرسله إلى المدينة معلمًا.

22 - باب مناقب الحسن والحسين - رضي الله عنهما -

22 - باب مناقب الحسن والحسين - رضي الله عنهما - قال نافع بن جُبير عن أبي هريرة «عانق (¬1) النبي - صلى الله عليه وسلم - الحسن» 3746 - عن الحسن سمع أبا بكرة «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - على المنبر والحسن إلى جنبه، ينظر إلى الناس مرة وإليه مرة ويقول: ابني هذا سيِّد، ولعل الله أن يُصلح به بين فئتين من المسلمين». 3749 - عن عدي قال: سمعت البراء - رضي الله عنه - قال: «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - والحسن بن علي على عاتقه يقول: اللهم إني أحبُّه فأحبَّه» (¬2). 3750 - عن عقبة بن الحارث قال: «رأيت أبا بكر - رضي الله عنه - وحمل الحسن وهو يقول: بأبي (¬3) شبيه بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ليس شبيه بعليّ. وعلي يضحك». 3752 - عن أنس قال: «لم يكن أحد أشبه بالنبي - صلى الله عليه وسلم - من الحسن بن علي» (¬4). ¬

(¬1) الظاهر أن المراد حمله على عاتقه لأنه صغير، مات - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن سبع وأول الثامنة، والمعانقة مع الكبير. (¬2) وهما سيدا أهل الجنة - رضي الله عنهما - الحسن والحسين. (¬3) يعني أفديه بأبي. ويحتمل أنه فداه قبل أن يسلم أبوه. (¬4) قال بعضهم: الحسن يشبهه فيما علا، والحسين فيما نزل في النصف الأسفل - رضي الله عنهما -، ولا يستغرب فهما ابنا بنته.

23 - باب مناقب بلال بن رباح مولى أبي بكر - رضي الله عنهما -

3753 - عن عبد الله بن عمر وسأله عن المحرم- قال شعبة أحسبه يقتل الذباب- فقال: أهل العراق يسألون عن الذباب وقد قتلوا ابن ابنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «هما ريحانتاي من الدنيا» (¬1). 23 - باب مناقب بلال بن رباح مولى أبي بكر - رضي الله عنهما - وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - «سمعتُ دفَّ نعليك بين يديَّ في الجنة» (¬2). 3745 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: «كان عمر يقول: أبو بكر سيِّدُنا، وأعتق سيِّدنا. يعني بلالًا» (¬3). 24 - باب ذكر ابن عباس - رضي الله عنهما - 3756 - عن ابن عباس قال: «ضمني النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى صدره وقال: اللهم علَّمه الحكمة» (¬4). وعن أبي معمر حدثنا عبد الوارث «وقال: اللهم علِّمه الكتاب». والحكمة: الإصابة في غير النبوة. ¬

(¬1) المحرم يقتل الذباب، البعوض والحشرات، يقتل المؤذيات، خمس يقتلن في الحل ... (¬2) هذا فيه فضل بلال، وأنه شهد له بالجنة عليه الصلاة والسلام، وسأله عن أرجى عمل له فذكره. (¬3) فيه تواضع عمر حيث قال: أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا، وفيه جواز فلان سيدنا حيث لا فتنة، ولكن لا يواجه أنت سيدنا بل يخبر ... وفيه التواضع وأن الأفاضل هم الذين يعرفون لأهل الفضل فضلهم. (¬4) هذا فضل لابن عباس حيث دعا له النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن يعلم الكتاب فكان أعلم الناس وأفضلهم - رضي الله عنه -، وكان بيته مناخًا للناس في الطائف ومكة والمدينة وكان أبو جمرة ترجمانًا له لكثرة الناس.

25 - باب مناقب خالد بن الوليد - رضي الله عنه -

25 - باب مناقب خالد بن الوليد - رضي الله عنه - 3757 - عن أحمد (¬1) بن واقد عن حماد بن زيد عن أيوب عن حُميد بن هلال عن أنس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نعى زيدًا وجعفرًا وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم فقال: أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذ جعفر فأصيب، ثم أخذ ابن رواح فأصيب- وعيناه تذرفان- حتى أخذها سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم» (¬2). قال الحافظ ... أن خالد بن الوليد فقد قلنسوة فقال: «اعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحلق رأسه، فابتدر الناس شعره (¬3) فسبقتهم إلى ناصيته فجعلتها في هذه القلنسوة فلم أشهد قتالًا وهي معي إلا رزقت النصر». ¬

(¬1) أحمد بن عبد الملك بن واقد تُكِّلم فيه بلا حجة. (¬2) هذا يوم مؤتة سنة تسع من الهجرة، بعثهم النبي - صلى الله عليه وسلم - لمواجهة الروم، وأمر عليهم الأمراء الثلاثة ثم اصطلح الناس على خالد فنصره الله وفتح عليه. وفيه البكاء عند المصيبة، وفيه فضل خالد سماه سيفًا من سيوف الله، وذكر ابن كثير إن يوم مؤتة لم يصب فيه إلا ثمانية أو اثنا عشر منهم الأمراء الثلاثة. (¬3) المقصود إتباع شرع الله ودينه والنصر له أسباب والشعر قد يكون سببًا في النصر للبركة التي فيه، فقلت للشيخ: قول الله {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}؟ قال نعم بأسبابه. وسألت شيخنا عبد الرحمن البراك عن هذا فقال مثل ما قال شيخنا رحمه الله تعالى. قلت: أثر خالد هذا أخرجه أبو يعلى في مسنده (13/ 138) والحاكم (3/ 299) والطبراني في الكبير (4/ 104) وإسناده منقطع فالله أعلم.

26 - باب مناقب سالم مولى أبي حذيفة - رضي الله عنه -

26 - باب مناقب سالم مولى أبي حُذيفة - رضي الله عنه - 3758 - عن إبراهيم عن مسروق قال: «ذُكر عبد الله عن عبد الله بن عمرو فقال: ذاك رجل لا أزال أحبُّه بعدما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: استقرئوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود فبدأ به، وسالم مولى أبي حذيفة، وأُبيِّ بن كعب، ومعاذ بن جبل. قال: لا أدري، بدأ بأبي أو بمعاذ» (¬1). 27 - باب مناقب عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - 3760 - وقال: استقرئوا القرآن من أربعة: «من عبد الله بن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، وأبيِّ بن كعب، ومعاذ بن جبل» (¬2). 3761 - عن إبراهيم عن علقمة «دخلت الشام فصليت ركعتين فقلت: اللهم يسر لي جليسًا. فرأيت شيخًا مقبلًا، فلما دنا قلت: أرجو أن يكون استجاب الله. قال: من أين أنت؟ قلت: من أهل الكوفة، قال: أفلم يكن فيكم صاحب النعلين والوساد والمطهرة؟ أوَلم يكن فيكم الذي أُجير من الشيطان؟ أوَلم يكن فيكم صاحبُ السرِّ الذي لا يعلمه غيره؟ كيف قرأ ابن أمِّ عبد {وَاللَّيْلِ} فقرأت {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2) وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} [الليل: 1 - 3] قال: اقرأنيها النبي - صلى الله عليه وسلم - فاه إلى فيَّ، فما زال هؤلاء حتى كادوا يرُدُّونني» (¬3). ¬

(¬1) اللهم ارض عنهم. (¬2) رضي الله عنهم. (¬3) قلت للشيخ: هو أبو الدرداء.

28 - باب ذكر معاوية - رضي الله عنه -

3763 - عن أبي موسى الأشعري قال: «قدمت أنا وأخي من اليمن، فمكثنا حينًا ما نرى إلا أن عبد الله بن مسعود رجل من أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، لما نرى من دخوله ودخول أمّه على النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬1). 28 - باب ذكر معاوية - رضي الله عنه - 3764 - عن ابن أبي مليكة قال: «أوتر معاوية بعد العشاء بركعة وعنده مولى لابن عباس، فأتى ابن عباس، فقال: دعه فإنه قد صحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬2). 3765 - عن ابن أبي مليكة «قيل لابن عباس: هل لك في أمير المؤمنين معاوية فإنه ما أوتر إلا بواحدة، قال: إنه فقيه» (¬3). 3766 - عن أبي التَّياح قال: سمعت حُمران بن أبان عن معاوية - رضي الله عنه - قال: «إنكم لتصلون صلاة لقد صحبنا النبي - صلى الله عليه وسلم - فما رأيناه يُصلِّيها، ولقد نهى عنهما، يعني الركعتين قبل العصر» (¬4). ¬

(¬1) وقد أعطاه الله الفقه في الدين، وكذا غيره من الصحابة. والعالِم يجمع علوم الصحابة يضم علم هذا إلى علم هذا. (¬2) سب الصحابة كلهم كفر أو عابهم، ومن سب البعض لا، ولكن يزجر فيؤدب. (¬3) أصاب إنه فقيه، كذا في العيني. *وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الوتر ركعة من آخر الليل، وهذا يدل على فقهه - رضي الله عنه -، وقد انشغل بالخلافة - رضي الله عنه -. (¬4) صدق - رضي الله عنه -، فهي من خصائص النبي - صلى الله عليه وسلم -.

29 - باب مناقب فاطمة عليها السلام

قال الحافظ: ... قوله (باب ذكر معاوية) أي ابن أبي سفيان واسمه صخر ويكنى أيضًا أبا حنظلة ابن حرب بن أمية بن عبد شمس، أسلم قبل الفتح، وأسلم أبواه بعده (¬1). قال الحافظ: ... فكانت ولايته بين إمارة ومحاربة ومملكة أكثر من أربعين سنة متوالية (¬2). 29 - باب مناقب فاطمة عليها السلام وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - «فاطمة سيدة نساء أهل الجنة». 3767 - عن أبي مُليكة عن المسور بن مخرمة - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «فاطمة بضعة مني، فمن أغضبها أغضبني» (¬3). 30 - باب فضل عائشة - رضي الله عنها - 3768 - عن يونس عن ابن شهاب قال أبو سلمة: إن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومًا: يا عائش هذا جبريل يُقرئك السلام. فقلت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته، ترى ما لا أرى. تريد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» (¬4). ¬

(¬1) هند وأبو سفيان. (¬2) رضي الله عنه. (¬3) رضي الله عنها. (¬4) هذا فضل كبير لها - رضي الله عنها -.

3769 - عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كمل من الرجال كثير، ولم يكمُل من النساء إلا مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون. وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام» (¬1). 3771 - عن القاسم بن محمد «أن عائشة اشتكت، فجاء ابن عباس فقال: يا أم المؤمنين، تقدَمين على فرط صادق، على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى أبي بكر» (¬2). 3774 - عن هشام عن أبيه «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للما كان في مرضه جعل يدور في نسائه ويقول: أين أنا غدًا؟ حرصًا على بيت عائشة. قالت عائشة: فلما كان يومي سكن» (¬3). 3775 - عن هشام عن أبيه قال: كان الناس يتحرَّون بهداياهم يوم عائشة. قالت عائشة: فاجتمع صواحبي إلى أم سلمة فقلن: يا أم سلمة، والله إن الناس يتحرَّون بهداياهم يوم عائشة، وإنا نريد الخير كما تريده عائشة، فمري رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأمر الناس أن يُهدوا إليه حيث كان، أو حيث ما دار. قالت فذكرت ذلك أم سلمة للنبي - صلى الله عليه وسلم -، قالت: فأعرض عني. فلما عاد إليَّ ذكرت له ذلك، فأعرض عني. فلما كان في الثالثة ذكرت له فقال: يا أم سلمة، لا تؤذيني في عائشة، فإنه والله ما نزل عليَّ الوحي وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها» (¬4). ¬

(¬1) اجتمعت الأدلة على خمس: عائشة وفاطمة وخديجة ومريم وآسية هن أفضل النساء، وأفضلهن عائشة - رضي الله عنها -. (¬2) رضي الله عن الجميع. (¬3) اللهم صلِّ عليه وسلم (كررها ثلاثًا). (¬4) فضل الله يؤتيه من يشاء.

63 - كتاب مناقب الأنصار

63 - كتاب مناقب الأنصار 1 - باب مناقب الأنصار 3778 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: «قالت الأنصار يوم فتح مكة- وأعطى قريشًا- (¬1): والله إن هذا لهو العجب، إن سيوفنا تقطر من دماء قريش، وغنائمنا تُرد عليهم. فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فدعا الأنصار، قال فقال: ما الذي بلغني عنكم؟ - وكانوا لا يكذبون- فقالوا: هو الذي بلغك. قال: أولا ترضون أن يرجع الناس بالغنائم إلى بيوتهم، وترجعون برسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بيوتكم؟ لو سلكت الأنصار واديًا أو شعبًا لسلكت وادي الأنصار أو شعبهم». 3 - باب إخاء النبي - صلى الله عليه وسلم - بين المهاجرين والأنصار 3781 - عن حُميد عن انس - رضي الله عنه - قال: «قدم علينا عبد الرحمن ابن عوف وآخى النبي - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين سعد بن الربيع (¬2) - وكان كثير المال- فقال سعد: قد علمت الأنصار أني من أكثرها مالًا، سأقسم مالي بيني وبينك شطرين، ولي امرأتان فانظر أعجبهما إليك فأطلِّقها حتى إذا حلِّت تزوجتها. فقال عبد الرحمن: بارك الله لك في أهلك. فلم يرجع يومئذ حتى أفضل شيئًا من سمن وأقط، فلم يلبث إلا يسيرًا حتى جاء رسول الله ¬

(¬1) أعطى قريشًا يتآلفهم بذلك فقال بعض الأنصار ما قال فذكر فضل الأنصار. (¬2) فيه فضل الأنصار فضل سعد بن الربيع - رضي الله عنه - وفيه فضل التجارة. قال أين السوق؟ وفيه شرعية الوليمة ولو بشاة وفيه تخفيف المهور. * ما يروى من طيب الرجل ما يظهر ريحه .. الخ؟ لا أدري عنه، الأصل الطيب عند المرأة والرجل (ذو رائحة). قلت: الخبر في الفرق بين طيب الرجل والمرأة لا يثبت.

5 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - للأنصار: أنتم أحب الناس إلي

- صلى الله عليه وسلم - وعليه وضَرٌ من صفرة (¬1) فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مَهيَم؟ قال: تزوجت امرأة من الأنصار، فقال: ما سُقت فيها؟ قال: وزن نواة من ذهب- أو نواة من ذهب- فقال: أولم ولو بشاة». 3782 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «قالت الأنصار: أقسم بيننا وبينهم النخل (¬2)، قال: لا. قال: يكفوننا المئونة ويشركوننا في الثمر. قالوا: سمعنا وأطعنا». 3784 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «آية الإيمان حُبُّ الأنصار، وآية النفاق بُغض الأنصار» (¬3). 5 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - للأنصار: أنتم أحب الناس إليَّ 3786 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «جاءت امرأة من الأنصار إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعها صبيٌ لها، فكلمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: والذي نفسي بيده، إنكم أحبُّ الناس إليَّ. مرتين» (¬4). ¬

(¬1) من الزعفران، ليس من طيب الرجال أصابه من اختلاطه بالمرأة. (¬2) وفي المزارعة فقالوا ما قالوا. (¬3) وهذا يعم الأنصار بعد ذلك. (¬4) لا يلزم من محبتهم أن يكونوا أفضل من المهاجرين، فالمحبة شيء والأفضلية شيء. تأملت هذا فتبين لي، ومن هذا قوله في عائشة من أحب الناس إلي ولا يلزم فضلها على غيرها.

9 - باب دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - «أصلح الأنصار والمهاجرة»

9 - باب دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - «أصلح الأنصار والمهاجرة» 3795 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا عيش إلى عيش الآخرة فأصلح الأنصار والمهاجرة» (¬1). 3798 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - «أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فبعث إلى نسائه، فقلن: ما معنا إلا الماء، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من يَضُمُّ- أو يضيف- هذا؟ فقال رجل من الأنصار: أنا. فانطلق به إلى امرأته فقال: أكرمي ضيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقالت: ما عندنا إلا قوت صبياني. فقال: هيِّى طعامك، وأصبحي سراجك، ونوِّمي صبيانك إذا أرادوا عشاء. فهيِّأت طعامها، وأصبحت سراجها، ونوَّمت صبيانها، ثم قامت كأنها تُصلح سراجها فأطفأته، فجعلا يُريانه أنهما يأكلان، فباتا طاويين. فلما أصبح غدا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ضحك الله الليلة- أو عَجبَ من فعالكما. فأنزل الله {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (¬2) [الحشر: 9]. 11 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «اقبلوا من مُحسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم» 3799 - حدثني محمود (¬3) بن يحيى أبو علي حدثنا شاذان أخو عبدان حدثنا أبي أخبرنا شُعبة بن الحجاج عن هشام بن زيد قال: سمعت أنس ¬

(¬1) فيه شرعية الدعاء للمسلمين بالصلاح والتوفيق والهداية وصلاح ولاة الأمور وصلاح الأحوال. (¬2) اللهم ارض عنهم. (¬3) صوابه محمد، كما في الشرح.

12 - باب مناقب سعد بن معاذ - رضي الله عنه -

ابن مالك يقول: «مر أبو بكر والعباس - رضي الله عنهما - بمجلس من مجالس الأنصار وهم يبكون، فقال: ما يُبكيكم؟ قالوا «ذكرنا مجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - منّا. فدخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بذلك، قال فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد عصبَ على رأسه حاشية بُرد، قال فصعد المنبر، ولم يصعده بعد ذلك اليوم، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أوصيكم بالأنصار، فإنهم كَرشي وعيبَتي، وقد قضَوا الذي عليهم وبقى الذي لهم، فاقبلوا من محُسنهم، وتجاوزوا عن مُسيئهم» (¬1). 3800 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه مِلْحفة متعطِّفًا بها على منكبيه، وعليه عصابة دسماء، حتى جلس على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد أيها الناس إن الناس يكثرون وتقل الأنصار حتى يكونوا كالملح في الطعام، فمن ولى منكم أمرًا يضُرُّ فيه أحدًا أو ينفعه فليقبل من مُحسنهم ويتجاوز عن مُسيئهم» (¬2). 3801 - عن أنس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الأنصار كَرشي وعَيبَتي، والناس سيكثرون ويقلُّون، فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مُسيئهم» (¬3). 12 - باب مناقب سعد بن معاذ - رضي الله عنه - 3802 - عن البراء - رضي الله عنه - قال: «أهديت للنبي - صلى الله عليه وسلم - حُلة حرير، ¬

(¬1) اللهم ارض عنهم (مرتين). (¬2) اللهم ارض عنهم. (¬3) اللهم ارض عنهم.

13 - باب منقبة أسيد بن حضير وعباد بن بشر - رضي الله عنهما -

فجعل أصحابه يمسُّونها ويعجبون من لينها، فقال: أتعجبون من لين هذه؟ لمناديل سعد بن معاذ خير منها أو ألين» (¬1). 3803 - عن جابر - رضي الله عنه - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «اهتز العرش لموت سعد بن معاذ» وعن الأعمش حدثنا أبو صالح عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله «فقال رجل لجابر: فإن البراء يقول اهتزَّ السَّرير فقال: إنه كان بين هذين الحيَّين ضغائن، سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «اهتز (¬2) عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ». 3804 - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - «أن أناسًا نزلوا على حكم سعد بن معاذ، فأرسل إليه فجاء على حمار، فلما بلغ قريبًا من المسجد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: قوموا إلى خيركم- أو سيِّدكم- فقال: يا سعد، إن هؤلاء تزلوا على حكمك قال: فإني أحكم فيهم أن تُقتل مقاتلتهم، وتُسبى ذراريهم (¬3). قال: حكمت بحكم الله، أو بحكم الملك». 13 - باب منقبة أسيد بن حُضير وعباد بن بشر - رضي الله عنهما - 3805 - «عن أنس - رضي الله عنه - أن رجلين خرجا من عند النبي - صلى الله عليه وسلم - في ليلة مظلمة، وإذا نور بين أيديهما حتى تفرَّقا فتفرق النور معهما» (¬4). ¬

(¬1) فيه فضل سعد فإنه من أهل الجنة وهو سيد الأوس. (¬2) لشدة المصيبة، والسرير هو العرش، - رضي الله عنه -. (¬3) منقبة عظيمة وافق حكم الله. (¬4) سهرا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما انقلبا أضاء لهما سوطهما فلما تفرقا أضاء سوط كل واحد.

14 - باب مناقب معاذ بن جبل - رضي الله عنه -

14 - باب مناقب معاذ بن جبل - رضي الله عنه - 3806 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «استقرئوا القرآن من أربعة: من ابن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، وأُبىّ، ومعاذ بن جبل» (¬1). 15 - باب منقبة سعد بن عُبادة - رضي الله عنه - 3807 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال أو أسيد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خير دور الأنصار بنو النجار، ثم بنو عبد الأشهل، ثم بنوا الحارث ابن الخزرج، ثم بنو ساعدة، وفي كلَّ دور الأنصار خير، فقال سعد بن عبادة- وكان ذا قدَم في الإسلام-: أرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد فضل علينا. فقيل له: قد فضلَّكم على ناس كثر» (¬2). 16 - باب مناقب أُبَيَّ بن كعب - رضي الله عنه - 3809 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأُبيّ: «إن الله أمرني أن أقرأ عليك {لَمْ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} [البينة: 1] قال: وسمّاني؟ قال: نعم. فبكى» (¬3). ¬

(¬1) - رضي الله عنهم - يسر الله لهم العناية بالقرآن. (¬2) هل قتله الجن؟ يروى ذلك ويحتاج إلى تثبيت. قلت: نقل ابن عب البر اتفاقهم على أنه وجد ميتًا في مغتسله. قال: وقد قيل إن الجن قتلته. (¬3) - رضي الله عنه -، الله أكبر.

18 - باب مناقب أبي طلحة - رضي الله عنه -

18 - باب مناقب أبي طلحة - رضي الله عنه - 3811 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: «لما كان يوم أحد انهزم الناس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأبو طلحة بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - مُجوَّب به عليه بحَجَفة له، وكان أبو طلحة رجلًا راميًا شديد القدِّ يكسر يومئذ قوسين أو ثلاثًا، وكان الرجل يمر معه الجعبة من النَّبل، فيقول: انثرها لأبي طلحة، فأشرف النبي - صلى الله عليه وسلم - ينظر إلى القوم، فيقول أبو طلحة: يا نبيَّ الله، بأبي ان وأمي، لا تُشرفْ يصيبُك سهم من سهام القوم، نحري دون نحرك. ولقد رأيت عائشة بنت أبي بكر وأم سُليم وإنهما لمشمِّرتان أرى خَدَمَ سوقهما تُنقزان القرَب على مُتونهما، تفرغانه في أفواه القوم، ثم ترجعان فتملآنها، ثم تجيئان فتُفرغانه في أفواه القوم. ولقد وقع السيف من يد أبي طلحة إما مرَّتين وإما ثلاثًا» (¬1). 19 - باب مناقب عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - 3812 - عن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: «ما سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول لأحد يمشي على الأرض: إنه من أهل الجنة (¬2)، إلا لعبد الله بن سلام. قال: وفيه نزلت هذه الآية {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ} [الأحقاف: 10] الآية. قال: لا أدري قال مالك الآية أو في الحديث». ¬

(¬1) للنعاس أمنة من الله. (¬2) يحتمل قال سعد ذلك بعد موت العشرة المبشرين، ويحتمل أنه ذكر من كان حيًا، وإلا سعد لا يخفى عليه العشرة.

20 - باب تزويج النبي - صلى الله عليه وسلم - خديجة وفضلها - رضي الله عنها -

3814 - عن سعيد بن أبي بُردة عن أبيه (¬1) قال: «أتيت المدينة فلقيت عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - فقال: ألا تجيء فأطعمك سويقًا وتمرًا وتدخل في بيت؟ ثم قال: إنك في أرض الرِّبا بها فاش، إذا كان لك على رجل حق فأهدَى إليك حمل تبن أو حمل شعير أو حمل قَتٍّ فإنه ربا» (¬2). 20 - باب تزويج النبي - صلى الله عليه وسلم - خديجة وفضلها - رضي الله عنها - 3815 - عن هشام بن عروة عن أبيه قال: سمعت عبد الله بن جعفر عن عليِّ بن أبي طالب - رضي الله عنهم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «خير نسائها مريم، وخير نسائها خديجة» (¬3). قال الحافظ: ... وللنسائي (¬4) من حديث أنس قال «قال جبريل للنبي - صلى الله عليه وسلم - ¬

(¬1) مختلف في اسمه، قيل: عامر وقيل: الحارث. (¬2) أذا أهداه المدين لصاحب الدين استفاد إنظاره، وهذا من معاني قول أهل الجاهلية إما أن تقضي وإما أن تربي. (¬3) أفضل نساء المؤمنين وأفضل نساء الجنة خمس (خديجة وعائشة وفاطمة وآسية ومريم) رضي الله عنهن. (¬4) قلت: في الكبرى حديث رقم 8359 من طريق عبد الرزاق عن جعفر ابن سليمان عن ثابت عن أنس به وجعفر فيه كلام .. وقد تفرد به. وفي الباب في مسألة رد السلام على المسلم والمبلغ ما أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي في الكبرى، وفي أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن أبي يقرأ عليك السلام. قال: عليك وعلى أبيك السلام .. وفي إسناده مجاهيل. وجزم ابن القيم في الهدي (2/ 427) بأن هديه عند إرسال السلام، رد السلام على المسلم والمبلغ، وقد روى ابن السني بإسناد فيه نظر ما يدل عليه.

21 - باب ذكر جرير بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه -

إن الله يقرئ خديجة السلام ... وفيه وعلى جبريل السلام وعليك يا رسول الله السلام .. قال الحافظ: ... ويستفاد منه رد السلام على من أرسل وعلى من بلغه .. ». قال الحافظ: ... هذه القصة «فقال - صلى الله عليه وسلم -: ما أبدلني الله خيرًا منها، آمنت بي إذ كفر بي الناس» (¬1) 21 - باب ذكر جرير بن عبد الله البَجَليِّ - رضي الله عنه - 3823 - عن قيس عن جرير بن عبد الله قال: «كان في الجاهلية بيت يقال له ذو الخلَصة، وكان يقال له الكعبة اليمانية أو الكعبة الشامية. فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هل أنت مريحي من ذي الخلَصة (¬2)؟ قال: فنفرت إليه في خمسين ومائة فارس من أحمس، قال: فكسرناه، وقتلنا من وجدنا عنده، فأتينا فأخبرناه، فدعا لنا ولأحمس» (¬3). 22 - باب ذكر حُذيفة بن اليمان العبسيّ - رضي الله عنه - 3824 - عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «لما كان يوم أُحد هُزم المشركون هزيمة بيِّنة، فصاح إبليس: أي عبادَ الله أُخراكم. فرجعت أولاهم على أخراهم، فاجتلدت مع أخراهم. فنظر ¬

(¬1) هذه الرواية شاذة، وعائشة أفضل من خديجة لقوله «وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام». (¬2) وذو الخلصة يعود في آخر الزمان «لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس على صنم يقال ذو الخلصة». (¬3) وفيه تقدير أهل الجاه والفضل وكبراء القوم تأليفا لقلبه وتقديرًا لقومه.

23 - باب ذكر هند بنت عتبة - رضي الله عنها -

حذيفة فإذا هو بأبيه، فنادى: أي عباد الله، أبي، أبي، فقالت، فوالله ما احتجزوا حتى قتلوه. فقال حذيفة: غفر الله لكم. قال أبي: فوالله ما زالت في حُذيفة منها بقية خير حتى لقى الله - عز وجل -» (¬1). 23 - باب ذكر هند بنت عتبة - رضي الله عنها - 3825 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «جاءت هند بنت عتبة فقالت: يا رسول الله، ما كان على ظهر الأرض من أهل خباء أحبُّ إليَّ أن يذلُّوا من أهل خبائك، ثم ما أصبح اليوم على ظهر الأرض أهل خباء أحب إلىَّ أن يعزوا من أهل خبائك (¬2). قال: وأيضًا والذي نفسي بيده. قالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل مسيِّك، فهل عليَّ حرج أن أُطعم من الذي له عيالنا؟ قال: لا أراه إلا بالمعروف». 24 - باب حديث زيد بن عمرو بن نُفيل 3826 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لقي زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل بلدح قبل أن ينزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - الوحي، فقُدِّمت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - سُفرة، فأبى أن يأكل منها. ثم قال زيد: إني لست آكل مما تذبحون على أنصابكم، ولا آكل إلا ما ذُكر اسم الله عليه (¬3) وأن زيد بن عمرو كان يعيب على قريش ذبائحهم ويقول: الشاة خلَقها الله، وأنزل لها ¬

(¬1) وذلك لأنهم غلطوا فيه لأجل اختلاطهم في أرض المعركة. (¬2) وهذا يفيد أن هندًا كانت من شر الناس ثم هداها الله فكانت من خير الناس - رضي الله عنها -. (¬3) هل أكل - صلى الله عليه وسلم - من ذبائحهم؟ الأمر في هذا واسع ولا يؤاخذ بشيء قبل الوحي فإن عصمه الله فهو (حق).

25 - باب بنيان الكعبة

من السماء الماء، وأنبت لها من الأرض، ثم تذبحونها على غير اسم الله، إنكارًا لذلك وإعظامًا له». 25 - باب بنيان الكعبة 3829 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: «لما بنيت الكعبة ذهب النبي - صلى الله عليه وسلم - وعباس ينقلان الحجرة، فقال عباس للنبي - صلى الله عليه وسلم -: اجعل إزارك على رقبتك يقك من الحجارة، فخرَّ إلى الأرض، وطمحت عيناه إلى السماء، ثم أفاق فقال: إزاري إزاري، فشدَّ عليه إزاره» (¬1). 3830 - عن عمرو بن دينار وعبيد بن أبي يزيد قالا: «لم يكن على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - حول البيت حائط، كانوا يصلون حول البيت، حتى كان عمر فبنى حوله حائطًا» (¬2). 26 - باب أيام الجاهلية 3832 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من الفجور في الأرض، وكانوا يسمُّون المحرَّم صفر ويقولون: إذا برأ الدَّبر، وعفا الأثر، حلَّت العمرة لمن اعتمر. قال فقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رابعة مُهلِّين بالحج، وأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يجعلوها عمرة، قالوا: يا رسول الله، أي الحل؟ قال: الحل كله» (¬3). ¬

(¬1) استقبح بروز العورة وسقط مغشيًا عليه، وهذا حينما كان صغيرًا قبل الوحي. (¬2) حائط المسجد. قلت: يعني بينه وبين المباني. (¬3) لإبطال ما كانوا يعتدونه.

3834 - عن قيس بن أبي حازم قال: «دخل أبو بكر على امرأة من أحمس يقال لها زينب، فرآها لا تكلّم، فقال: ما لها لا تكلّم؟ (¬1) قالوا: حجّت مصمتة. قال لها: تكلَّمي، فإن هذا لا يحل، هذا من عمل الجاهلية. فتكلمت فقالت: من أنت؟ قال: امرؤ من المهاجرين، قالت: أي المهاجرين؟ قال: من قريش، قالت: من أي من قريش أنت؟ ، قال: إنك لسؤول، أنا أبو بكر، قالت: ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح الذي جاء الله به بعد الجاهلية؟ قال: بقاؤكم عليه ما استقامت بكم أئمتكم. قالت: وما الأئمة؟ قال: أما كان لقومك رؤوس وأشراف يأمرونهم فيطيعونهم؟ قالت: بلى. قال: فهم أولئك على الناس». 3836 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ألا من كان حالفًا فلا يحلف إلا بالله، فكانت قريش تحلف بآبائها فقال: لا تحلفوا بآبائكم» (¬2). 3837 - عن عبد الرحمن بن القاسم حدثه أن القاسم كان يمشي بين يدي الجنازة ولا يقوم لها، ويخبر عن عائشة قالت: كان أهل الجاهلية يقومون لها يقولون إذا رأوها: «كنت في أهلك ما أنت مرَّتين» (¬3). 3842 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «كان لآبي بكر غلام يخرج له الخراج، وكان أبو بكر يأكل من خراجه، فجاء يومًا بشيء فأكل منه أبو ¬

(¬1) المشروع الكلام الخير لا الصمت. (¬2) وفي حديث ابن عمر «من حلف بغير الله فقد أشرك». (¬3) وعلل القيام بقوله: إن للموت فزعًا إنما قمنا للملائكة أليست نفسًا. القيام مستحب، وقد قام وقعد عليه الصلاة والسلام.

27 - باب القسامة في الجاهلية

بكر، فقال له الغلام: أتدري ما هذا؟ فقال أبو بكر: وما هو؟ قال: كنت تكهَّنت لإنسان في الجاهلية، وما أُحسن الكهانة، إلا أني خدعته فأعطاني بذلك، فهذا الذي أكلت منه. فأدخل أبو بكر يده فقاء كل شيء في بطنه» (¬1). 3843 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: «كان أهل الجاهلية يتبايعون لحوم الجزور إلى حبل الحبَلة. قال: وحبل الحبلة أن تُنتج الناقة ما في بطنها، ثم تحمل التي نُتجت. فنهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك» (¬2). 3844 - عن غيلان بن جرير «كنا نأتي أنس بن مالك فيحدثنا عن الأنصار، وكان يقول لي: فعل قومُك كذا وكذا يوم كذا وكذا، وفعل قومك كذا وكذا يوم كذا وكذا» (¬3). 27 - باب القسامة في الجاهلية 3845 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «إن أول قسامة كانت في الجاهلية لفينا بني هاشم: كان رجل من بني هاشم استأجره رجل من قريش من فخذ أخرى، فانطلق معه في إبله، فمرَّ به رجل (¬4) من بني هاشم قد ¬

(¬1) لأنه كسب خبيث، وفعل أبي بكر لا يجب لأن فيه مشقة. قلت: يقال مستحب أو مباح؟ قال: قد يقال مستحب. فائدة: قلت وقع لعمر الاستفراغ (الاستقاءة) أخرجه مالك في الموطأ بسند منقطع، وذلك لما أعجب عمر اللبن فسأل عنه فقيل من لبن الصدقة، فاستفرغه. (¬2) لما فيه من الجهل. (¬3) للعظة والعبرة. (¬4) إن كانوا قليلين اثنين مثلًا كل واحد يحلف 25 يمينًا وهكذا.

انقطعت عُروة جوالقه فقال: أغثني بعقال أشد به عروة جوالقي لا تنفر الإبل فأعطاه عقالًا فشدَّ به عروة جوالقه. فلما نزلوا عُقلت الإبل إلا بعيرًا واحدًا، فقال الذي استأجره: ما شأن هذا البعير لم يُعقل من بين الإبل؟ قال: ليس له عقال. قال: فأين عقاله؟ قال فحذفه بعصًا كان فيها أجله. فمر به رجل من أهل اليمن، فقال: أتشهد الموسم؟ قال: ما أشهد وربما شهدته. قال: هل أنت مبلغ عني رسالة مرة من الدهر؟ قال: نعم. قال: فكتب: إذا أنت شهدت الموسم فناد يا آل قريش، فإذا أجابوك فناد يا آل بني هاشم، فإن أجابوك فاسأل عن أبي طالب فأخبره أن فلانًا قتلَني في عقال. ومات المستأجر. فلما قدم الذي استأجره أتاه أبو طالب فقال: ما فعل صاحبُنا؟ قال: مرض فأحسنت القيام عليه، فوليت دفنه. قال: قد كان أهل ذاك منك. فمكث حينًا ثم إن الرجل الذي أوصى إليه أن يبلغ عنه وافى الموسم فقال: يا آل قريش، قالوا: هذه قريش. قال يا بني هاشم، قالوا: هذه بنو هاشم. قال: أين أبو طالب؟ قالوا: هذا أبو طالب. قال أمرني فلان أن أبلغك رسالة أن فلانًا قتله في عقال. فأتاه أبو طالب فقال له: اختر منا إحدى ثلاث: إن شئت أن تؤدى مائة من الإبل فإنك قتلت صاحبنا، وإن شئت حلف خمسون من قومك إنك لم تقتله، وإن أبيت قتلناك به. فأتى قومه فقالوا نحلف. فأتته امرأة من بني هاشم كانت تحت رجل منهم قد ولدت له فقالت: يا أبا طالب أحبُّ أن تجيز ابني هذا برجل من الخمسين ولا تُصبر يمينه حيث تُصبر الأيمان، ففعل، فأتاه رجل منهم فقال: يا أبا طالب خمسين رجلًا أن يحلفوا مكان مائة من الإبل، يصيب كل رجل بعيران، هذا بعيران فاقبلهما مني ولا تصبر يميني حيث تُصبر الأيمان، فقبلهما. وجاء ثمانية وأربعون فحلفوا. قال ابن عباس: فو الذي

نفسي بيده ما حال الحول ومن الثمانية وأربعين عينٌ تطرف» (¬1). 3846 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «كان يوم بُعاث يومًا قدَّمه الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم -، فقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد افترق ملأهم، وقُتلت سرواتهم وجُرِّحوا، قدَّمه الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم - في دخولهم في الإسلام» (¬2). 3847 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «ليس السعي ببطن الوادي بين الصفا والمروة سُنَّة (¬3)، إنما كان أهل الجاهلية يسعونها ويقولون: لا نُجيز البطحاء إلا شدًا». 3849 - عن عمرو بن ميمون قال: «رأيت في الجاهلية قردة اجتمع عليها قِردة قد زنت فرجموها، فرجمتها معهم» (¬4). 3850 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «خلال من خلال الجاهلية: الطعن في الأنساب، والنِّياحة- ونسي الثالثة- قال سفيان: ويقولون إنها الاستسقاء بالأنواء» (¬5). ¬

(¬1) واللوث العداوة، أو بشهادة نساء، والقرائن. * القسامة أقرها الإسلام لما فيها من المصالح العظيمة، وهي أن يقتل إنسان ويشتبه في قاتله فلأولياء المقتول أن يحلفوا خمسين يمينًا، ومثل ذلك يحلف المتهمون خمسين يمينًا أنهم ما فعلوا وقد قضى بها النبي - صلى الله عليه وسلم - في خيبر. (¬2) هذا من رحمة الله إرهاصًا وتسهيلًا وتيسيرًا. (¬3) هذا رأيه، والأقرب أنه سنة، وهذا خفي عليه. (¬4) ابتسم شيخنا وقال: الله المستعان. (¬5) التسمية بحجر إسماعيل؟ لا أعلم لها أصلًا.

28 - باب مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم -

قال الحافظ: ... وأجاب الجمهور عن ذلك بأنه - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك قبل أن يوحى إليه بحقيقة الأمر في ذلك (¬1). 28 - باب مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصيِّ بن كلاب ابن مرة ابن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة ابن خزيمة ابن مُدركة بن الياس بن مُضر بن نزار بن معدِّ بن عدنان (¬2). 3851 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «أُنزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن أربعين، فمكث بمكة ثلاث عشرة سنة؛ ثم أمر بالهجرة، فهاجر إلى المدينة، فمكث بها عشر سنين، ثم توفي - صلى الله عليه وسلم -» (¬3). ¬

(¬1) ولهذا أخبر أن الممسوخ لا يعيش أكثر من ثلاثة أيام. فائدة: قال شيخنا: حدثني بعض بني غامد عن أحوال القردة وهي عندها غيرة قال: رأيت قردًا وقردة كبيرين في السن فشم القرد القردة فعلم أنها فعلت ووقع عليها غيره فضربها فقتلها، ثم تتبع أثر من وقع عليها فوجده فقتله ا. هـ-بمعناه القريب. (¬2) هذا محفوظ من نسبه - صلى الله عليه وسلم -، واختلفوا فيما بين عدنان إلى إسماعيل مع إجماعهم أنه من ولد إسماعيل بن إبراهيم، قيل: بين عدنان وإسماعيل خمسة أو ستة. (¬3) وعمره ثلاث وستون. * أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون، فلا بد من الصبر والتأسي.

29 - باب ما لقى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه من المشركين بمكة

29 - باب ما لقى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه من المشركين بمكة 3852 - عن قيس قال سمعت خبابًا يقول: «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو متوسد بُردة وهو في ظل الكعبة- وقد لقينا من المشركين شدة- فقلت: يا رسول الله، ألا تدعو الله لنا؟ فقعد وهو محمرٌّ وجهه فقال: لقد كان من قبلكم ليمشَط الحديد، ما دون من لحم أو عصب، ما يصرفه ذلك عن دينه ويوضع الميشار على مفرق رأسه فيُشقُّ باثنين، ما يصرفه ذلك عن دينه. وليُتمَّنَّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ما يخاف إلا الله» زاد بيان (¬1) «والذئب على غنمه». 3853 - عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: «قرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - النجم فسجد، فما بقي أحد إلا سجد، إلا رجل رأيته أخذ كفًا من حصى فرفعه، فسجد عليه وقال: هذا يكفيني. فلقد رأيته بعد قُتل كافراُ بالله» (¬2). 3854 - عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: بينا النبي - صلى الله عليه وسلم - ساجد وحوله ناس من قريش جاء عقبة بن أبي مُعيط بسَلى جزور فقذفه على ظهر النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلم يرفع رأسه، فجاءت فاطمة عليها السلام فأخذته من ظهره ودعت على من صنع، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: اللهم عليك الملأ من قريش: أبا جهل بن هاشم وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأمية بن خلف- أو أبيّ بن خلف، شعبة الشاك- فرأيتهم قُتلوا يوم بدر، فأُلقوا في بثر، غير أمية بن خلف أو أبي تقطَّعت أوصاله فلم يُلق في البئر» (¬3). ¬

(¬1) هذا كان أولًا والأحكام شرعت بالمدينة. (¬2) هو أمية بن خلف. (¬3) وهؤلاء قتلوا يوم بدر لخبثهم، إلا أبي بن خلف قتل يوم أحد قتله النبي - صلى الله عليه وسلم -.

32 - باب ذكر الجن وقول الله تعالى {قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن}

3855 - عن سعيد بن جُبير قال: «أمرني عبد الرحمن بن أبزى قال: سل ابن عباس عن هاتين الآيتين ما أمرهما؟ {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ} [الأنعام: 151] {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} [النساء: 93] فسألت أبن عباس، فقال: لما أنزلت التي في الفرقان [68] قال مشركو أهل مكة: فقد قتلنا النفس التي حرم الله، ودعونا مع الله إلهًا آخر، وقد أتينا الفواحش، فأنزل الله [الفرقان: 70] {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ} الآية، فهذه لأولئك، وأما التي في النساء [93] الرجل إذا عرف الإسلام وشرائعه ثم قَتَل فجزاؤه جهنم، فذكرته لمجاهد فقال: إلا من ندم» (¬1). 3856 - عن عروة بن الزبير قال: سألت ابن عمرو ابن العاص: أخبرني بأشدِّ شيء صنعه المشركون بالنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: بينا النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي في حجر الكعبة، إذ أقبل عقبة بن أبي مُعيط فوضع ثوبه في عنقه فخنقه خنقًا شديدًا، فأقبل أبو بكر حتى أخذ بمنكبه ودفعه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ} (¬2) [غافر: 28] الآية ... 32 - باب ذكر الجن وقول الله تعالى {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} 3860 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - «أنه كان يحمل مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إداوة لوضوئه وحاجته. فبينما هو يتبعه بها فقال: من هذا؟ فقال: أنا أبو هريرة. فقال: أبغني أحجارًا استنقض بها، ولا تأتني بعظم ولا بروثة. فأتيته ¬

(¬1) وهذا هو الصواب، من تاب تاب الله عليه. (¬2) وكان عقبة بن أبي معيط شديد العداوة للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وكذا النضر بن الحارث فأسرا يوم بدر وضربت أعناقهما.

33 - باب إسلام أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه -

بأحجار أحملها في طرف ثوبي حتى وضعت إلى جنبه، ثم انصرفت حتى إذا فرغ مشيت معه فقلت: ما بال العظم والروثة؟ قال: هما من طعام الجن، وإنه أتاني وفد جنِّ نصيبين- ونِعم الجن- فسألوني الزاد، فدعوت الله لهم أن لا يمرِّوا بعظم ولا بروثة إلا وجدوا عليها طُعمًا» (¬1). 33 - باب إسلام أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه - 3861 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «لما بلغ أبا ذر مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأخيه: اركب إلى هذا الوادي فأعلم لي عِلم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي يأتيه الخبر من السماء، وأسمع من قوله ثم ائتني. فأنطلق الأخ حتى قدمه وسمع من قوله، ثم رجع إلى أبي ذر فقال له: رأيته يأمر بمكارم الأخلاق (¬2)، وكلامًا ما هو بالشعر. فقال: ما شفيِتَني مما أردت. فتزود وحمل شنَّة له فيها ماء حتى قدم مكة، فأتى المسجد، فالتمس النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يعرفه، وكره أن يسأل عنه، حتى أدركه بعض الليل، فرآه علىٌّ فعرف أنه غريب، فلما رآه تبعه، فلم يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء حتى أصبح، ثم أحتمل قربته وزاده إلى المسجد، وظل ذلك اليوم ولا يراه النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى أمسى فعاد إلى مضجعه، فمر به عليٌ فقال: أما نال الرجل أن يعلم منزله؟ فأقامه، فذهب به معه، لا يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء، حتى إذا كان يوم الثالث فعاد عليٌ على مثل ذلك، فأقام معه ثم ¬

(¬1) من أدرك النبي وآمن من الجن يسمى صحابيًا ووجه إدخالهم في مناقب الأنصار أنهم أسلموا وتبعوا فهم من الأنصار. (¬2) «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» وفي اللفظ الآخر «لأتمم صالح الأخلاق» وكان ينهى عن سفساف الأخلاق ورديئها.

34 - باب إسلام سعيد بن زيد - رضي الله عنه -

قال: ألا تحدثني ما الذي أقدمك؟ قال: إن أعطيتني عهدًا وميثاقًا لترشدني فعلت. ففعل، فأخبره، قال: فإنه حق، وهو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا أصبحت فاتبَعني، فإني إن رأيتُ شيئًا أخاف (¬1) عليك قمت كأني أريق الماء، فإن مضيت فاتبعني حتى تدخل مدخلي، ففعل، فأنطلق يقفوه، حتى دخل على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ودخل معه فسمع من قوله وأسلم مكانه. فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: ارجع إلى قومك (¬2) فأخبرهم حتى يأتيك أمري. قال: والذي نفسي بيده لأصرُخنَّ بها بين ظهرانيهم. فخرج حتى أتى المسجد، فنادى بأعلى صوته: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله. ثم قام القوم فضربوه حتى أوجعوه. وأتى العباس فأكبَّ عليه قال: ويلكم، ألستم تعلمون أنه من غِفار، وأن طريق تجاركم إلى الشام؟ فأنقذه منهم. ثم عاد من الغد لمثلها فضربوه وثاروا إليه، فأكبَّ العباس عليه». 34 - باب إسلام سعيد بن زيد - رضي الله عنه - 3862 - عن قيس قال: «سمعت سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفيل في مسجد الكوفة يقول: والله لقد رأيتني وإن عمر لموثقي على الإسلام قبل أن يُسلم عمر، ولو أن أُحُدًا ارفضَّ للذي صنعتم بعثمان لكان محقوقًا أن يرفض» (¬3). ¬

(¬1) الخوف من المشركين، فإنهم لو علموا أنه أتى ليسمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - آذوه. (¬2) قلت: ما فهم أبو ذر الوجوب؟ قال: خشي عليه الأذى أو يرتد، وأخذ أبو ذر بالقوة. (¬3) سعيد ابن عم عمر، ومعنى قوله: لو أن أحدًا تدكدك للجريمة التي فعلتموها لكان يقع.

35 - باب إسلام عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -

35 - باب إسلام عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - 3865 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: «لما أسلم عمر، اجتمع الناس عند داره وقالوا: صبأ عمر- وأنا غلام فوق ظهر بيتي- فجاء رجل عليه قباء من ديباج فقال: قد صبأ عمر، فما ذاك؟ فأنا له جار قال: فرأيت الناس تصدَّعوا عنه. فقلت من هذا؟ قالوا: العاص بن وائل» (¬1). 3866 - عن عبد الله بن عمر قال: «ما سمعت عمر لشيء قط يقول إني لأظنه كذا إلا كان كما يظن (¬2). بينما عمر جالس إذ مر به رجل جميل فقال عمر: لقد أخطأ ظني، أو إن هذا على دينه في الجاهلية، أو لقد كان كاهنهم، علىَّ الرجل. فدُعي له، فقال له ذلك. فقال: ما رأيت كاليوم استُقبل به رجل مسلم. قال: فإني أعزمُ عليك إلا ما أخبرتني. قال: كنت كاهنهم في الجاهلية. قال: فما أعجبُ ما جاءتك به جنِّيَّتُك؟ قال: بينما أنا يومًا في السوق، جاءتني أعرف فيما الفزع فقالت: ألم تر الجنَّ وإبلاسها، ويأسها من بعد إنكاسها، ولحوقها بالقلاص وأحلاسها. قال عمر: صدق، بينما أنا نائم عند آلهتهم، إذ جاء رجل بعجل فذبحه، فصرخ به صارخ لم أسمع صارخًا قط أشد صوتًا منه يقول: يا جَليحْ، أمرٌ نجيح، رجل فصيح، يقول: لا إله إلا الله. فوثب القوم. قلت: لا أبرح حتى أعلم ما وراء هذا. ثم نادى: يا جَليحْ، أمرٌ نجيح، رجل فصيح، يقول: لا إله إلا الله. فقمت، فما نشبنا أن قيل: هذا نبيٌ» (¬3). ¬

(¬1) لأن له وجاهة، الله المستعان. (¬2) كان موفقًا ملهمًا - رضي الله عنه -. (¬3) وهذا من الآيات التي أقامها الله تأييدًا لدينه ولصدق رسوله - صلى الله عليه وسلم - أخبار الجن وغيرها.

36 - باب انشقاق القمر

3867 - عن قيس قال: «سمعت سعيد بن زيد يقول للقوم: لو رأيتُني موثقي عمر على الإسلام أنا وأخته، وما أسلم، ولو أن أُحُدًا انقضَّ لما صنعتهم بعثمان لكان محقوقًا أن ينقض» (¬1). 36 - باب انشقاق القمر 3868 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - «أن أهل مكة سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُريهم آية، فأراهم القمر شقَّتين، حتى رأوا حراء بينهما» (¬2). قال الحافظ: ... وقد خفي على بعض الناس فادعى أن انشقاق القمر وقع مرتين، وهذا مما يعلم أهل الحديث والسير أنه غلط فإنه لم يقع إلا مرة واحدة (¬3). 37 - باب هجرة الحبشة 3872 - عن عروة بن الزبير «أن عُبيد الله بن عدي بن الخيار أخبره أن المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث قالا له: ما يمنعك أن تكلم خالك عثمان في أخيه الوليد بن عقبة، وكان أكثر الناس فيما فعل به. قال عُبيد الله: فانتصبت لعثمان حين خرج إلى الصلاة فقلت له: إن لي إليك حاجة، وهي نصيحة. فقال: أيها المرء، أعوذ بالله منك. فانصرفت. فلما قضيت الصلاة جلست إلى المسور وإلى ابن عبد يغوث فحدثتهما بما ¬

(¬1) لعظم الجريمة وسعيد زوج فاطمة. (¬2) هذا من الآيات العظيمة قال تعالى {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} لكن (وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون). (¬3) القول بأنه انشق مرتين وهم من بعض الرواة، وقال: الأقرب أنه تصحيف.

قلت لعثمان وقال لي. فقالا: قد قضيت الذي كان عليك. فبينما أنا جالس معهما إذ جاءني رسول عثمان، فقالا لي: قد ابتلاك الله. فانطلقت حتى دخلت عليه، فقال: ما نصيحتك التي ذكرت آنفًا؟ قال فتشهدت ثم قلت: إن الله بعث محمدًا - صلى الله عليه وسلم - وأنزل عليه الكتاب، وكنت ممن استجاب لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وآمنت به، وهاجرت الهجرتين الأوليين، وصحبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورأيت هديه. وقد أكثر الناس في شأن الوليد بن عقبة، فحق عليك أن تُقيم عليه الحد. فقال لي: يا ابن أخي، أدركت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: قلت لا، ولكن قد خلَص إليَّ من علمه ما خلص إلى العذراء في سترها. قال فتشهد عثمان فقال: إن الله قد بعث محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بالحق، وأنزل عليه الكتاب، وكنت ممن استجاب لله ورسوله، وآمنت بما بُعث به محمد - صلى الله عليه وسلم -، وهاجرت الهجرتين الأوليين -كما قلت- وصحبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبايعته. والله ما عصيته، ولا غششته حتى توفاه الله. ثم استخلف الله أبا بكر، فو الله ما عصيته ولا غششته. ثم استخلف عمر، فو الله ما عصيته ولا غششته. ثم استخلفتُ، أفليس لي عليكم مثل الذي كان لهم عليَّ؟ قال: بلى. قال: فما هذه الأحاديث التي تبلُغني عنكم؟ فأما ما ذكرت من شأن الوليد بن عقبة فسنأخذ فيه إن شاء الله بالحق. قال فجلد الوليد أربعين جلدة، وأمر عليًا أن يجلده، وكان هو يجلده» (¬1). ¬

(¬1) الوليد بن عقبة ثبت عليه شرب الخمر فلذلك جلده الحد، وعثمان أراد منهم حسن الكلام، وترك القيل والقال وعدم الخوض. * حد الخمر أربعون، ويجوز فيه الزيادة إلى ثمانين.

3873 - عن عائشة - رضي الله عنها - «أن أم حبيبة وأم سلمة ذكرتا كنيسة رأينها بالحبشة فيها تصاوير، فذكرتا للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدًا، وصوَّروا فيه تيك الصور، أولئك شرار الناس عند الله يوم القيامة» (¬1). 3874 - عن أم خالد بنت خالد قالت: «قدمت من أرض الحبشة وأنا جويرية، فكساني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خميصة لها أعلام، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح الأعلام بيده (¬2) ويقول: سناه سناه. قال الحميدي: يعني حسن حسن». 3875 - عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: «كنا نسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلِّي فيرد علينا، فلما رجعنا من عند النجاشي سلمنا عليه فلم يرد علينا، فقلنا: يا رسول الله، إنا كنا نسلم عليك فترد علينا، قال: إن في الصلاة شغلًا. فقلت: لإبراهيم: كيف تصنع أنت؟ قال: أرد في نفسي» (¬3). 3876 - عن أبي موسى - رضي الله عنه - «بلغنا مخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - ونحن باليمن، فركبنا سفينة، فألقتنا سفينتنا إلى النجاشي بالحبشة، فوافقنا جعفر بن أبي طالب، فأقمنا معه حتى قدمنا، فوافقنا النبي - صلى الله عليه وسلم - حين افتتح خيبر، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لكم أنت يا أهل السفينة هجرتان» (¬4). ¬

(¬1) وهذا من سنن النصارى البناء على القبور، وكذا اليهود. (¬2) فيه حسن خلقه - صلى الله عليه وسلم -. (¬3) كان يرد بالسلام ثم نُسخ، فصار يرد بالإشارة. * وكانوا يتكلمون للحاجة في الصلاة، ادخل، أو اخرج. (¬4) لأن أبا موسى قصد الحبشة، ثم من الحبشة إلى المدينة، فصارت هجرتين.

38 - باب موت النجاشي

38 - باب موت النجاشي 3877 - عن جابر - رضي الله عنه - «قال النبي - صلى الله عليه وسلم - حين مات النجاشي: مات اليوم رجل صالح، فقوموا فصلوا على أخيكم أصْحمة» (¬1). 3878 - عن جابر بن عبد الله الأنصاري - رضي الله عنهما - أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - صلَّى على النجاشي، فصفَّنا وراءه، فكنت في الصف الثاني أو الثالث» (¬2). 39 - باب تقاسم المشركين على النبي - صلى الله عليه وسلم - 3882 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أراد حُنينًا: منزلنا غدًا -إن شاء الله- بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر» (¬3). ¬

(¬1) - رحمه الله -، هو الذي حمى الصحابة. (¬2) هذا الحديث هو الأصل في الصلاة على الغائب، فيصلى على الغائب إذا كان له قدم صدق في الإسلام. وقال بعضهم: هذا خاص بالنجاشي إذ لم يصل على غيره وقال آخرون: الأصل العموم؛ والأقرب القول الأول، وهو من كان له قدم وفضل. * وهل تحتاج صلاة الغائب إلى لإذن ولي الأمر؟ لا ما تحتاج (بعد ما سألته). (¬3) لإظهار نصر الدين وعزته، وأن الله خذلهم. * والمشهور أن هذا قاله في حجة الوداع يوم 13. قاله كتذكير بنصر الله، ويحتمل قاله بعد هوازن.

40 - باب قصة أبي طالب

40 - باب قصة أبي طالب 3883 - عن العباس بن عبد المطلب - رضي الله عنه - «قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: ما أغنيت عن عمِّك، فإنه كان يحوطك ويغضب لك، قال: هو في ضحضاح من نار، ولولا أنا (¬1) لكان في الدرك الأسفل من النار». 3885 - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - «أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - وذكر عنده عمه فقال: لعله (¬2) تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من النار يبلُغ كعبيه يغلي منه دماغه» (¬3). 41 - باب حديث الإسراء 3886 - عن أبي سلمة بن عبد الرحمن «سمعت جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: لما كذَّبني قريش قمت في الحجر فجلي الله لي بيت المقدس، فطفقت أخبرهم عن آياته، وأنا أنظر إليه» (¬4). ¬

(¬1) وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاول أن يسلم فلم يسلم، وهو أخف أهل النار عذابًا. * احتج به من يرى جواز هذا، والأولى: لولا الله ثم فلان، وجرى استعمال العلماء لولا كذا بدون ثم، والأحوط لولا الله ثم ... * حديث «إن عمك الشيخ الضال قد مات» صحيح؟ نعم رواه أحمد والنسائي. (¬2) وهناك جزم، فلعله قاله قبل أن يعلم. (¬3) في العيني متابعة ساقطة. (¬4) هذا من آيات الله وتأييده لنبيه - صلى الله عليه وسلم -.

42 - باب المعراج

42 - باب المعراج 3887 - عن أنس بن مالك بن صعصعة - رضي الله عنه - «أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - حدثه عن ليلة أسري به قال: بينما أنا في الحطيم - وربما قال في الحجر - مضطجعًا، إذ أتاني آت فقَدَّ - قال وسمعته يقول: فشقَّ - ما بين هذه إلى هذه. فقلت للجارود وهو إلى جنبي: ما يعني به؟ قال: من ثغرة نحره إلى شعرته - وسمعته يقول من قصِّه إلى شعرته - فاستخرج قلبي، ثم أتيت بطست من ذهب مملوءة إيمانًا، فغُسل قلبي، ثم حُشي، ثم أعيد، ثم أتيت بدابة دون البغل وفوق الحمار أبيض ... الحديث ... وإذا أربعة أنهار: نهران باطنان، ونهران ظاهران. فقلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: أما الباطنان فنهران في الجنة، وأما الظاهران فالنيل والفرات (¬1) ... الحديث ... ثم فُرضت الصلاة خمسين صلاة كل يوم، فرجعت فمررت على موسى، فقال: بما أمرت؟ قال: أمرت بخمسين صلاة كل يوم. قال: إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم، وإني والله قد جربت الناس قبلك، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، فرجعت، فوضع عني عشرًا، فرجعت إلى موسى فقال مثله. فرجعت فوضع عني عشرًا، فرجعت إلى موسى فقال مثله. فرجعت فوضع عني عشرًا، فرجعت إلى موسى فقال مثله. فرجعت فوضع عني عشرًا، فرجعت إلى موسى فقال مثله. فرجعت فأمرت بعشر صلوات كل يوم، فرجعت فقال مثله. فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم، فرجعت إلى موسى ¬

(¬1) النيل والفرات في الدنيا جزء مما في الجنة، والدنيا ليست كالآخرة لكن أصلها من التي في الجنة.

43 - باب وفود الأنصار إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة، وبيعة العقبة

فقال: بما أُمرت؟ قال: أمرت بخمس صلوات كل يوم (¬1). قال: إن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم، وإني قد جربت الناس قبلك، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك. قال سألت ربي حتى استحييت، ولكن أرضى وأسلم. قال فلما جاوزت نادى مناد: أمضيت فريضتي، وخففت عن عبادي» (¬2). قال الحافظ: ..... لكن روى الترمذي من حديث أنس ما بعث الله نبيًا إلا حسن الوجه حسن الصوت، وكان نبيكم أحسنهم وجهًا وأحسنهم صوتًا ... (¬3). 43 - باب وفود الأنصار إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة، وبيعة العقبة 3889 - عن عبد الله بن كعب - وكان قائد كعب حين عميَ - قال: سمعت كعب بن مالك يحدث حين تخلف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك بطوله، قال ابن بُكير في حديثه «ولقد شهدت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة العقبة حين تواثقنا ¬

(¬1) وهذه من نعم الله عز وجه إلى هذا المقام ثم يسر الله التخفيف بمراجعة موسى فجزى الله موسى خيرًا، والحمد لله على ما تفضل به وأنعم والأجر كامل. (¬2) وفيه إثبات علو الله وأنه فوق العرش، وفيه المعجزة في تجاوز هذه المسافة العظيمة. (¬3) قلت: لم أجده عند الترمذي، وأخرجه ابن عدى في الكامل (2/ 840) من طريق حسَام بن مِصك عن قتادة عن أنس به وحسام واهي الحديث، والحديث فيه إرسال أيضًا.

على الإسلام، وما أحب أن لي بها مشهد بدر، وإن كانت بدر أذكرَ في الناس منها» (¬1). 3891 - عن جابر قال: «أنا وأبي وخالايَ من أصحاب العقبة» (¬2). 3892 - عن أبي إدريس عائذ الله بن عبد الله «أن عبادة بن الصامت - من الذين شهدوا بدرًا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن أصحابه ليلة العقبة - أخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال وحوله عصابة من أصحابه: تعالوا بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئًا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوني (¬3) في معروف، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئًا فعوقب به في الدنيا فهو له كفارة، ومن أصاب من ذلك شيئًا فستره الله فأمره إلى الله: إن شاء عاقبه، وإن شاء عفا عنه. قال: فبايعناه على ذلك» (¬4). 3893 - عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - أنه قال: «إني من النقباء الذين بايعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال: بايعناه على أن لا نُشرك بالله شيئًا، ولا نسرق، ولا نزني، ولا نقتل النفس التي حرَّم الله إلا بالحق، ولا ¬

(¬1) المقصود ذكر ما منَّ الله عليه من بيعة العقبة، وإن كانت بدرًا أشهر منها. (¬2) رضي الله عنهم. (¬3) من عصى فأمره إلى الله ومن أصابه في الدنيا فهو كفارة. (¬4) اللهم ارض عنهم. * هذه بيعة النساء المذكورة في سورة الممتحنة.

44 - باب تزويج النبي - صلى الله عليه وسلم - عائشة وقدومها المدينة، وبنائه بها

ننهِبَ، ولا نقضي (¬1) (¬2) بالجنة إن فعلنا ذلك، فإن غشينا من ذلك شيئًا كان قضاء ذلك إلى الله». 44 - باب تزويج النبي - صلى الله عليه وسلم - عائشة وقدومها المدينة، وبنائه بها 3894 - عن عائشة - رضي الله عنها - قال: «تزوجني النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا بنت ستِّ سنين، فقدمنا المدينة فنزلنا في بني الحارث بن الخزرج، فوعكت فتمزَّق شعري، فوفى جُميمة، فأتتني أمي أم رومان - وإني لفي أرجوحة ومعي صواحب لي - فصرخت بي فأتيتُها، لا أدري ما تريد بي، فأخذت بيدي حتى أوقفتني على باب الدار، وإني لأنهج حتى سكن بعض نفسي. ثم أخذت شيئًا من ماء فمسحت به وجهي ورأسي، ثم أدخلتني الدار، فإذا نسوة من الأنصار في البيت، فقلن: على الخير والبركة، وعلى خير طائر. فأسلمتني إليهن، فأصلحن من شأني، فلم يرُعني إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضُحى، فأسلمتني إليه، وأنا يومئذ بنت تسع سنين» (¬3). 3896 - عن هشام عن أبيه قال: «توفيت خديجة قبل مخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة بثلاث سنين، فلبث سنتين أو قريبًا من ذلك، ونكح (¬4) عائشة وهي بنت ستِّ سنين، ثم بنى بها وهي بنت تسع سنين» (¬5). ¬

(¬1) ولا تعصني، في رواية. (¬2) ولنا الجنة. (¬3) اللهم ارض عنها. (¬4) عقد بنت سبع أو ست. (¬5) وهو يدل على جواز العقد على الصغيرة، والبناء على بنت تسع إن كانت تتحمل، وتسع يستأذن فيها ودونها لا، إذا كان الزوج كفوًا.

45 - باب هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه إلى المدينة

45 - باب هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه إلى المدينة 3897 - عن أبي وائل قال: «عُدنا خبّابًا فقال: هاجرنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - نريد وجه الله، فوقع أجرنا على الله، فمنّا من مضى لم يأخذ من أجره شيئًا منهم مصعب بن عُمير، قُتل يوم أحد وترك ونمرة، فكنا إذا غطَّينا بها رأسه (¬1) بدت رجلاه، وإذا غطَّينا رجليه بدا رأسه، فأمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نُغطي رأسه ونجعل على رجليه شيئًا من إذخر. ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها» (¬2). 3899 - عن مجاهد ببن جبر المكي «أن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - كان يقول: لا هجرة بعد الفتح» (¬3). 3901 - عن عائشة - رضي الله عنها - أن سعدًا قال: «اللهم إنك تعلم إنه ليس أحد أحبَّ إليَّ أن أجاهدهم فيك من قوم كذبوا رسولك الله - صلى الله عليه وسلم - وأخرجوه، اللهم فإني أظن أنك قد وضعت الحرب بيننا وبينهم» (¬4). 3904 - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جلس على المنبر فقال: إن عبدًا خيَّره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء وبين ما عنده، فاختار ما عنده. فبكى أبو بكر وقال: فديناك بآبائنا وأمهاتنا. ¬

(¬1) الكفن القاصر الذي لا يكفي يجعل على العورة والرأس والرجلان يضاف إليهما ما يستره مما تيسر. (¬2) الله أكبر (مرتين) - رضي الله عنهم -. (¬3) يعني من مكة فقد صارت بلد إسلام. (¬4) سعد بن معاذ - رضي الله عنه -.

فعجبنا له. وقال الناس: انظروا إلى هذا الشيخ، يخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن عبد خيَّره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا وبين ما عنده، وهو يقول: فديناك بآبائنا وأمهاتنا، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو المخيَّر، وكان أبو بكر هو أعلمنا به. وقال رسول - صلى الله عليه وسلم -: إن من أمنِّ الناس عليَّ في صحبته وماله أبا بكر، ولو كنت متخذًا خليلًا من أمتي لاتخذت أبا بكر، إلا خُلَّة الإسلام، لا يبقين في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر» (¬1). 3905 - عن عائشة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: «لم أعقل أبويَّ قط إلا وهما يدينان الدِّين، ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طرفي النهار: بكرة وعشية. فلما ابتُلي المسلمون، خرج أبو بكر مهاجرًا نحو أرض الحبشة حتى بلغ برك الغماد لقيه ابن الدِّغِنَة - وهو سيِّد القارة - فقال: أين تريد يا أبا بكر؟ فقال أبو بكر: أخرَجني قومي فأريد أن أسيح في الأرض وأعبد ربي، قال ابن الدغنة: فإن مثلك يا أبا بكر لا يخرج ولا يُخرج، إنك تكسب المعدوم، وتصل الرحم، وتحمل الكَلَّ، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق (¬2). فأنا لك جار. ارجع واعبُد ربك ببلدك. فرجع، وارتحل معه ابن الدَّغنة، فطاف ابن الدغنة عشية في أشراف قريش فقال لهم: إن أبا بكر لا يخرج مثله ولا يُخرج، أتخرجون رجلًا يكسب المعدوم، ويصل الرحم، ¬

(¬1) - رضي الله عنه -، وكان أعلم الناس برسول الله وأعلم الناس بدين الله وأسبق الناس إلى الخير، وهذا من دلائل استخلافه - رضي الله عنه -. (¬2) وصفات أبي بكر هذه قالتها خديجة في سيد الخلق - صلى الله عليه وسلم -.

ويحمل الكَل ويقري الضيف، ويُعين على نوائب الحق؟ فلم تكذِّب قريش بجوار ابن الدَّغنة، وقالوا لابن الدغنة: مر أبا بكر فليعبد ربه في داره، فليصل فيها وليقرأ ما شاء؛ ولا يؤذينا بذلك ولا يستعلن به، فإنا نخشى أن يفتن نساءنا وأبناءنا. فقال ذلك ابن الدغنة لأبي بكر، فلبث أبو بكر بذلك يعبد ربه في داره ولا يستعلن بصلاته ولا يقرأ في غير داره. ثم بدا لأبي بكر فابتنى مسجدًا بفناء داره وكان يصلي فيه ويقرأ القرآن فيتقذَّف عليه نساء المشركين وأبناؤهم وهم يعجبون منه وينظرون إليه. وكان أبو بكر رجلًا بكاء لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن؛ فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين، فأرسلوا إلى ابن الدغنة، فقدم عليهم، فقالوا: إنا كنا أجرنا أبا بكر بجوارك على أن يعبد ربهُ في داره، فقد جاوز ذلك فابتنى مسجدًا بفناء داره فأعلن بالصلاة والقراءة فيه، وإنا قد خشينا أن يفتن نساءنا وأبناءنا، فانههُ، فإن أحبَّ أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل، وإن أبى إلا أن يعلن بذلك فلسه أن يُرد إليك ذمتك، فإنا قد كرهنا أن نخفرك، ولسنا بمقرِّين لأبي بكر الاستعلان. قالت عائشة: فأتى ابن الدغنة إلى أبي بكر فقال: قد علمت الذي عاقدت لك عليه، فإما أن تقتصر على ذلك وإما أن ترجع إلىَّ ذمتي، فإني لا أحبُّ أن تسمع العرب أني أخفرت في رجل عقدت له. فقال أبو بكر: فإني أردُّ إليك جوارك، وأرضى بجوار الله - عز وجل -. والنبي - صلى الله عليه وسلم - يومئذ بمكة. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - للمسلمين: إني أريت قِبل المدينة، ورجع عامة من كان هاجر بأرض الحبشة إلى المدينة،

وتجهز أبو بكر قبل المدينة، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: على رسلك، فإني أرجو أن يُؤذن لي. فقال أبو بكر: وهل ترجو ذلك بأبي أنت؟ قال: نعم. فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله ليصحبه، وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السَّمر - وهو الخبط - أربعة أشهر. قال ابن شهاب قال عروة قالت عائشة: فبينما نحن يومًا جلوس في بيت أبي بكر في نحر الظهيرة قال قائل لأبي بكر هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متقعنًا - في ساعة لم يكن يأتينا فيها - فقال أبو بكر: فداء له أبي وأمي، والله ما جاء به في هذه الساعة إلا أمر. قالت: فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستأذن، فأذن له، فدخل. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر: أخرج من عندك، فقال أبو بكر: إنما هم أهلك بأبي أنت يا رسول الله، قال: فإني قد أذنَ لي في الخروج. فقال أبو بكر: الصحابة بأبي أنت يا رسول الله. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: نعم. قال أبو بكر: فخذ بأبي أنت يا رسول الله إحدى راحلتي هاتين. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بالثمن. قالت عائشة: فجهَّزناهما أحثَّ الجهاز، وصنعنا لهما سُفرة في جراب، فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها فربطت به على فم الجراب، فبذلك سميت ذات النطاق. قال: ثم لحق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر بغار في جبل ثور، فكمنا فيه ثلاث ليلٍ، يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر وهو غلام شاب ثقف لقن، فيُدلج من عندهما بسَحَر، فيصبح مع قريش بمكة كبائت، فلا يسمع أمرًا يكتادان به إلا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام، ويرعى عليهما عامر بن فُهيرة مولى أبي بكر منحة من غنم فُيريحها عليهما حين تذهب ساعة من العشاء فيبتان تلك

الليالي الثلاث. واستأجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر رجلًا من بني الدِّيل، وهو من بني عبد بن عدي هاديًا خريِّتا - والخرِّيت الماهر بالهداية - قد غمس حلفًا في آل العاص بن وائل السمهيّ، وهو على دين كفار قريش، فأمناه، فدفعا إليه راحلتيهما، وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال براحلتيهما صُبح ثلاث، وانطلق معهما عامر بن فهيرة والدليل، فأخذ بهم طريق الساحل». قال الحافظ: .... أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يا بني النجار ثامنوني بحائطكم، قالوا لا والله لا نطلب ثمنه إلا إلى الله» ويأتي مثله في آخر الباب الذي يليه، ولا منافاة بينهما (¬1). 3909 - عن أسماء - رضي الله عنها - أنها حملت بعبد الله بن الزبير، قالت: فخرجت وأنا متمٌ، فأتيت المدينة، فنزلت بقباء فولدته بقباء، ثم أتيت به النبي - صلى الله عليه وسلم - فوضعته في حجرة، ثم دعا بتمرة فمضغها ثم تفل في فيه، فكان أول شيء دخل جوفه ريق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم حنَّكه بتمرة، ثم دعا له وبرَّك عليه، وكان أول مولود ولد في الإسلام» (¬2). ¬

(¬1) محتمل أن اليتمين أرضاهما بثمن، وغير اليتمين قبله منهما. (¬2) يعني المدينة بعد الهجرة.

3910 - عن عائشة - رضي الله عنها - قال: «أول مولود ولد في الإسلام عبد الله بن الزبير. أتوا به النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - تمرة فلاكها، ثم أدخلها في فيه، أول ما دخل بطنه ريق النبي - صلى الله عليه وسلم -» (¬1). 3991 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «أقبل نبي الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة وهو مردف أبا بكر، وأبو بكر شيخ يعرف ونبي الله - صلى الله عليه وسلم - شابٌ لا يعرف. قال فيلقى الرجل أبا بكر فيقول: يا أبا بكر من هذا الرجل الذي بين يديك؟ فيقول: هذا الرجل يهديني السبيل، قال فيحسب الحاسب أنه إنما يعني الطريق (¬2)، وإنما يعني سبيل الخير. فالتفت أبو بكر فإذا هو بفارس قد لحقهم، فقال: يا رسول الله، هذا فارس قد لحق بنا، فالتفت نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: اللهم اصرعه؛ فصرعه الفرس، ثم قامت تُحمحم، فقال: يا نبيَّ الله مُرني بما شئت. قال: فقف مكانك، لا تتركن أحدًا يلحق بنا. قال فكان أول النهار جاهدًا على نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان آخر النهار مسلحة له (¬3). فنزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جانبَ الحرَّة، ثم بعث إلى الأنصار فجاءوا إلى نبيِّ الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر فسلمَّوا عليها وقالوا: اركبا آمنين مطاعين. فركب نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وحفُّوا دونهما بالسلام، فقيل في المدينة: جاء نبيُّ الله، جاء نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم -، فأشرفوا ¬

(¬1) التحنيك رفع اللهاة ليس خاصًا، وأما التبرك خاص بالنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يفعله الصحابة إلا معه. (¬2) خشية أن يكون من الجواسيس من أعداء الله. (¬3) هذا من فضل الله جلا وعلا.

ينظرون ويقولون: جاء نبيُّ الله. فأقبل يسير حتى نزل جانب دار أبي أيوب، فإنه ليحدِّث أهله إذ سمع به عبد الله بن سلام وهو في نخل لأهله يخترف لهم، فعجل أن يضع الذي يخترف لهم فيها، فجاء وهي معه، فسمع من نبيِّ الله - صلى الله عليه وسلم - ثم رجع إلى أهله، فقال نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم - أيُّ بيوت أهلنا أقرب؟ فقال أبو أيوب: أنا يا نبيَّ الله، هذه داري وهذا بابي. قال فانطلق فهيِّئ لنا مقيلًا. قال: قوما على بركة الله فلما جاء نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم - جاء عبد الله بن سلام فقال: أشهد أنك رسول الله، وأنك جئت بحق. وقد علمت يهود أني سيِّدهم وابن سيدهم وأعلمهم وابن أعلمهم، فادعُهم فأسألهم عني قبل أن يعلموا أني قد أسلمت، فإنهم إن يعلموا أني قد أسلمت قالوا فيَّ ما ليس فيَّ. فأرسل نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم - فأقبلوا فدخلوا عليه، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا معشر اليهود، ويلكم اتقوا الله، فوالله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أني رسول الله حقًا، وأني جئتكم بحق، فأسلموا. قالوا: ما نعلمه (¬1) - قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - قالها ثلاث مرار - قال: فأي رجل فيكم عبد الله بن سلام؟ قالوا: ذاك سيدنا، وابن سيدنا، وأعلمنا وابن أعلمنا. قال: أفرأيتم إن أسلم؟ قالوا: حاشا لله ما كان ليُسلم. قال: يا ابن سلام أخرُج عليهم. فخرج، فقال: يا معشر اليهود، اتقوا الله، فوالله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أنه رسول الله، وأنه جاء بحق. فقالوا: كذبت، فأخرجهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» (¬2). ¬

(¬1) هكذا البغي والعدوان {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} [النمل: 14]. (¬2) الله أكبر الله أكبر ما عندهم من الشقاء والحسد.

3912 - عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: كان فرض للمهاجرين الأولين أربعة (¬1) آلاف في أربعة، وفرض لابن عمر ثلاثة آلاف وخمسمائة. فقيل له: هو من المهاجرين، فلم نقصته من أربعة آلاف؟ فقال: إنما هاجر به أبواه. يقول: ليس هو كمن هاجر بنفسه» (¬2). 3914 - عن شقيق بن سلمة قال: حدثنا خباب قال: «هاجرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نبتغي وجه الله ووجب أجرنا على الله، فمنا من مضى لم يأكل من أجره شيئًا، منهم مصعب بن عمير: قتل يوم أحد فلم نجد شيئًا نكفِّنه فيه إلا نمرة كنا إذا غطينا بها رأسه خرجت رجلاه، فإذا غطينا رجليه خرج رأسه؛ فأمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نغطي رأسه بها، ونجعل على رجليه من إذخر، ومنا من أينعَت له ثمرته فهو يهدبها» (¬3). قال الحافظ: ... (أربعة آلاف في أربعة) كذا للأكثر، وسقطت لفظة «في» (¬4) من رواية النسفي وهو الوجه أي لكل واحد أربعة آلاف. ¬

(¬1) لكل واحد أربعة آلاف. (¬2) وهذا من تحريه - رضي الله عنه -، وهذه مساعدة سنوية من بيت المال لكل مهاجر أربعة آلاف. (¬3) يعني وسع الله عليه وأخذ من رزق الله ما كتب الله له. قال أبو عبد الله: ينع إذا نضج كما في العيني. (¬4) وهي غلط من بعض الرواة.

47 - باب إقامة المهاجر بمكة، بعد قضاء نسكه

3915 - عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري قال: «قال لي عبد الله ابن عمر: هل تدري ما قال أبي لأبيك؟ قال قلت: لا. قال: فإن أبي قال لأبيك: يا أبا موسى، هل يسُرُّك إسلامنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهجرتنا معه وجهادنا معه وعملنا كله معه بَرَدَ لنا، وأن كل عمل عملناه بعده نجونا منه كفافًا رأسًا برأس. فقلت: إن أباك والله خير من أبي» (¬1). 47 - باب إقامة المهاجر بمكة، بعد قضاء نسكه 3933 - عن عبد الرحمن الزهري قال: سمعت عمر بن عبد العزيز يسأل السائب ابن أخت النمر: ما سمعت في سكنى مكة؟ قال: سمعت العلاء ابن الحضرميِّ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «ثلاث للمهاجر بعد الصدر» (¬2). ¬

(¬1) يعني عمر، وهذا له وجه وهذا له وجه. عمر خاف التبعات وأبو موسى رجي ما مضى. (¬2) يعني بعد الصدور من منى، والمنع على سبيل التحريم هذا هو الظاهر، تركوها لله.

48 - باب التاريخ. من أين أرخو التاريخ؟

48 - باب التاريخ. من أين أرَّخو التاريخ؟ 3934 - عن سهل بن سعد قال: «ما عدُّو من مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا من وفاته، ما عدُّو إلا من مقدمه المدينة» (¬1). 49 - باب قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اللهم أمض لأصحابي هجرتهم» ومرثيته لمن مات بمكة 3936 - عن عامر بن سعد بن مالك عن أبيه قال «عادني النبي - صلى الله عليه وسلم - عام حجَّة الوداع من مرض أشفيت منه على الموت فقلت: يا رسول الله، بلغ بي من الوجع ما ترى، وأنا ذو مال، ولا يرثُني إلا ابنه لي واحدة، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: لا. قال: فأتصدق بشطره؟ قال: الثلث يا سعد، والثلث كثير، إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس - قال أحمد بن يونس عن إبراهيم: أن تَذرَ ذريتك - ولست بنافق نفقه تبتغي بها وجه الله إلا آجرك الله بها، حتى اللقمة تجعلها في فيِّ امرأتك. قلت: يا رسول الله، أُخلَّف بعد أصحابي؟ قال: إنك لن تخلَّف فتعمل عملًا تبتغي به وجه الله إلا ازددت به درجة ورفعة، ولعلك تخلف حتى ينتفع بك أقوام ويضَرَّ بك آخرون. اللهم أمض لأصحابي هجرتهم، ولا ترُدهم ¬

(¬1) الهجرة. * التاريخ أصله اختلاف عمر مع الصحابة في كتابة الكتب متى صدرت؟ وكم مضى عليها؟ وهكذا الوثائق؟ فجمعهم على البدء من هجرته - صلى الله عليه وسلم -، فكان هذا مما وفقه الله فيه - رضي الله عنه -.

51 - باب

على أعقابهم. لكن البائس (¬1) سعد بن خولة. يرثي له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن توفي بمكة» (¬2). قال الحافظ: .... وأنكر ابن تيمية في كتاب الرد على ابن المطهر الرافضي المؤاخاة بين المهاجرين وخصوصًا مؤاخاة النبي - صلى الله عليه وسلم - لعلي قال: لأن المؤاخاة شرعت لإرفاق بعضهم بعضًا ولتأليف قلوب بعضهم على بعض فلا معنى لمؤاخاة النبي لأحد منهم ولا لمؤاخاة مهاجري، لمهاجري (¬3). 51 - باب 3938 - عن أنس «أن عبد الله بن سلام بلغه مقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة، فأتاه يسأله عن أشياء فقال: إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي: ما أول أشراط الساعة (¬4)، وما أول طعام يأكله أهل الجنة، وما بال الولد ينزع إلى أبيه أو إلى أمه؟ قال: أخبرني به جبريل آنفًا. قال ابن سلام: ذاك عدو اليهود من الملائكة. قال: أما أول أشراط الساعة فنار تحشرهم من المشرق ¬

(¬1) توجع وتحزن. (¬2) قد عُمّر وبقي حتى توفي سنة 56 بالمدينة. والمشروع للمؤمن أن لا يبقى في محل هجرته بل ينتقل منه. (¬3) في مثل هذا نظر يحتاج إلى تأمل وجمع للأحاديث للنظر في صحتها، والمعروف أن المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار ليقوي هؤلاء، بهؤلاء وليس بظاهر المؤاخاة بين المهاجرين وإذا ثبت النص فلا كلام لأحد. * والشيخ تقي الدين معروف بسعة علمه واطلاعه وبصيرته. (¬4) المعروف أن النار آخر أشراط الساعة، تحشر الناس إلى أرض الشام.

إلى المغرب. وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد الحوت. وأما الولد فإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد، وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل نزعت الولد. قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. قال: يا رسول الله، إن اليهود قوم بُهت، فاسألهم عني قبل أن يعلموا بإسلامي. فجاءت اليهود؛ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أيُّ رجل عبد الله بن سلام فيكم؟ قالوا: خيرنا وابن خيرنا، وأفضلنا وابن أفضلنا. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أرأيتم إن أسلم عبد الله بن سلام؟ قالوا: أعاذه الله من ذلك. فأعاد عليهم فقالوا مثل ذلك. فخرج إليهم عبد الله فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله. قالوا: شرُّنا وابن شرِّنا، وتنقَّصوه. قال: هذا كنت أخاف يا رسول الله» (¬1). 3939، 3940 - عن أبي المنهال عبد الرحمن بن مطعم قال: «باع شريك لي دراهم (¬2) في السوق نسيئة، فقلت: سبحان الله، أيصلح هذا؟ فقال: سبحان الله، والله لقد بعتها في السوق فما عابه أحد. فسألت البراء بن عازب فقال: قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - ونحن نتبايع هذا البيع فقال: ما كان يدًا بيد فليس به بأس، وما كان نسيئة فلا يصلح، والق زيد بن أرقم فاسأله فإنه كان أعظمنا تجارة. فسألت زيد بن أرقم فقال مثله». وقال سفيان مرة «فقام قدم علينا النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة ونحن نتبايع، وقال: نسيئة إلى الموسم أو الحج». ¬

(¬1) وهذا يدل على خبثهم وعنادهم وأنهم أبعد الناس عن الحق. (¬2) ظاهره أنه دراهم بدراهم أو بذهب والخبر مجمل.

52 - باب إتيان اليهود النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قدم المدينة

52 - باب إتيان اليهود النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قدم المدينة 3941 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لو آمن بي عشرة من اليهود لآمن بي اليهود» (¬1). 53 - باب إسلام سلمان الفارسي - رضي الله عنه - 3946 - عن أبي عثمان «عن سلمان الفارسي أنه تداوله بضعة عشر من رب إلى رب» (¬2) (¬3). 3948 - عن أبي عثمان عن سلمان قال: «فترة بين عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم ستمائة سنة» (¬4). ¬

(¬1) ظاهره لو أسلم به عشرة في حياته. * يدل على أنه ما آمن إلا قليل، المقصود أنه ما آمن به إلا أقل من العشرة، وإذا ثبت أنه آمن به عشرة فالمسألة تحتاج إلى تأويل: من أحبارهم من علمائهم؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا ينطق عن الهوى. (¬2) يعني من سيد إلى سيد. (¬3) الممنوع الخطاب وضئ ربك أطعم ربك. (¬4) هذا هو المشهور ما بينهما فترة. * من مات على الفترة اختبر يوم القيامة، ومن بلغته الدعوة فقد جاءه الرسول في الدنيا. * أبوا النبي - صلى الله عليه وسلم - ماتوا في زمن فترة لكن بلغتهم الدعوة لقوله: إن أبي وأباك في النار.

64 - كتاب المغازي

64 - كتاب المغازي 2 - باب ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - من يقتل ببدر 3950 - عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - حدث: عن سعد بن معاذ أنه قال: كان صديقًا لأمية بن خلف، وكان أمية إذا مر بالمدينة نزل على سعد، وكان سعد إذا مرَّ بمكة نزل على أمية. فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة انطلق سعد معتمرًا، فنزل على أمية بمكة، فقال لأمية: انظر لي ساعة خلوة لعلي أن أطوف بالبيت. فخرج به قريبًا من نصف النهار، فلقيهما أبو جهل قال: يا أبا صفوان، من هذا معك؟ فقال: هذا سعد. فقال له أبو جهل: ألا أراك تطوف بمكة آمنًا وقد أويتم الصبُّاة وزعمتم أنكم تنصرونهم وتعينونهم. أما والله لولا أنك مع أبي صفوان ما رجعت إلى أهلك سالمًا. فقال له سعد - ورفع صوته عليه -: أما والله لئن منعتني هذا لأمنعنَّك ما هو أشد عليك منه: طريقك على المدينة، فقال له أمية: لا ترفع صوتك يا سعد على أبي الحكم سيد أهل الوادي. فقال سعد: دعنا عنك يا أمية، فوالله لقد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول إنهم قاتلوك. قال: بمكة؟ قال: لا أدري. ففزع لذلك أمية فزعًا شديدًا. فلما رجع أمية إلى أهله قال: يا أم صفوان، ألم تري ما قال لي سعد؟ قالت: وما قال لك؟ قال: زعم أن محمدًا أخبرهم أنها قاتليَّ. فقلت له: بمكة؟ قال: لا أدري. فقال أمية: والله لا أخرج من مكة. فلما كان يوم بدر استنفر أبو جهل الناس قال: أدركوا عهدكم فكره أمية أن يخرج، فأتاه أبو جهل فقال: يا أبا صفوان إنك متى ما يراك الناس قد تخلَّفت وأنت سيد أهل الوادي تخلَّفوا معك. فلم يزل به أبو جهل حتى قال: أما إذ غلبتني

4 - باب قول الله تعالى: {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم} [الأنفال: 9]

فوالله لأشترين أجود بعير بمكة. ثم قال أمية: يا أم صفوان جهِّزيني. فقالت له: يا أبا صفوان وقد نسيت مال قال لك أخوك اليثربي؟ قال: لا، ما أريد أن أجوز معهم إلا قريبًا. فلما خرج أمية أخذ لا يترك منزلًا إلا عقل بعيره، فلم يزل بذلك حتى قتله الله - عز وجل - ببدر» (¬1). 4 - باب قول الله تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} [الأنفال: 9] 3952 - عن طارق بن شهاب قال: «سمعت ابن مسعود يقول: شهدت من المقداد بن الأسود مشهدًا لأن أكون صاحبه أحبُّ إليَّ مما عُدل به: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يدعو على المشركين فقال: لا نقول كما قال قوم موسى {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا} [المائدة: 24] ولكنا نقاتل عن يمينك وعن شمالك وبين يديك وخلفك. فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - أشرق وجهه وسرَّه، يعني قوله» (¬2). 5 - باب 3954 - ابن جريج أخبرهم قال: أخبرني عبد الكريم أنه سمع مقسمًا مولى عبد الله بن الحارث يحدِّث «عن ابن عباس أنه سمعه يقول: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 95] عن بدر والخارجون إلى بدر». ¬

(¬1) أبو جهل كذلك قتل يوم بدر وأمية قتل يوم بدر. (¬2) وكان ذلك في السنة الثانية خرجوا لإدراك العير لعلهم يصيبونها، ولم يكن ألزم بالخروج بل من أراده خرج فكان ما كان بعد ذلك ونصر الله ورسوله وخذل عدوه.

6 - باب عدة أصحاب بدر

قال الحافظ: ... وفي طبقته ممن يروى عن مقسم (¬1) ويروى عنه ابن جريج عبد الكريم بن أبي المخارق أحد الضعفاء. 6 - باب عدة أصحاب بدر 3957 - عن أبي إسحاق قال: «سمعت البراء - رضي الله عنه - يقول: حدثني أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - ممن شهد بدرًا أنهم كانوا عدة أصحاب طالوت الذين جازوا معه النهر: بضعة وثلاثمائة. قال البراء: لا والله ما جاوز معه النهر إلا مؤمن» (¬2). 7 - باب دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - على كفار قريش شيبة وعُتبة والوليد وأبي جهل بن هشام، وهلاكهم 3960 - عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: «استقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - الكعبة فدعا على نفر من قريش (¬3): على شيبة بن ربيعة، وعتبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأبي جهل بن هشام، فأشهد بالله لقد رأيتهم صرعى قد غيَّرتهم الشمس، وكان يومًا حارًا». 8 - باب قتل أبي جهل 3961 - عن إسماعيل عن قيس: «عن عبد الله - رضي الله عنه - أنه أتى أبا ¬

(¬1) صدوق وكان يرسل. (¬2) اللهم ارض عنهم. (¬3) وهكذا في قصة وضع السلا على ظهره وهو ساجد، فدعا عليهم فقتلهم الله يوم بدر. * قوله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128] يعني الأمر لله ولو دعا الإنسان.

جهل وبه رمق يوم بدر، فقال أبو جهل: هل أعمد من رجل قتلتموه» (¬1). 3962 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: «قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: من ينظر ما صنع أبو جهل؟ فانطلق ابن مسعود فوجده قد ضربه ابنا عفراء حتى برد، قال: أأنت أبو جهل؟ » (¬2) قال: فأخذ بلحيته قال: وهو فوق رجل قتلتموه؟ أو رجل قتله قومه؟ ». 3963 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: «قال النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر: من ينظر ما فعل أبو جهل؟ فانطلق ابن مسعود فوجده قد ضربه ابنا عفراء حتى برد، فأخذ بلحيته فقال: أنت أبا جهل (¬3)؟ قال: وهل فوق رجل قتله قومه؟ أو قال: قتلتموه». ¬

(¬1) الحمد لله الذي قتله، احتز رأسه ابن مسعود وأتى به النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) ليتحقق منه فيقتله، وابن مسعود قدّم رأسه للنبي - صلى الله عليه وسلم - ليعلم أنه قتل. * وسئل عن تقديم الرؤوس بعد احتزازها؟ فقال: لا بأس. (¬3) تحتمل تحريفًا وأما النداء فبعيد، ولعل ابن مسعود لم يعرب للفرحة. قلت: روى أحمد (1/ 444) وغيره من طريق أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن أبيه - وفيه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «الحمد لله الذي أخزاك يا عدو الله، هذا كان فرعون هذه الأمة» يعني أبا جهل، وإسناده ثابت لا بأس به أبو عبيدة عن أبيه يجري مجرى المسند عندهم، كما قال يعقوب بن شيبة: إنما استجاز أصحابنا أن يدخلوا حديث أبي عبيدة عن أبيه في المسند لأنه لم يأت بحديث منكر، وقال ابن المديني في حديث عن أبي عبيدة عن أبيه: حديث ثابت (انظر علل ابن رجب).

3971 - عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن جده عبد الرحمن قال «كاتبت (¬1) أمية بن خلف، فلما كان يوم بدر - فذكر قتله وقتل ابنه - فقال بلال: لا نجوت إن نجا أمية». 3972 - عن عبد الله - رضي الله عنه - «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قرأ {وَالنَّجْمِ} [النجم: 1] فسجد بها وسجد من معه، غير أن شيخًا أخذ كفًا من تراب فرفعه إلى جبهته فقال: يكفيني هذا. قال عبد الله: فلقد رأيته (¬2) بعد قتل كافرًا». 3976 - عن قتادة قال: ذكر لنا أنس بن مالك عن أبي طلحة أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلًا من صناديد قريش فقُذفوا في طوى من أطواء بدر خبيث مُخبث. وكان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال. فلما كان ببدر اليوم الثالث أمر براحلته فشُدَّ رحلها، ثم مشى واتَّبعه أصحابه وقالوا: ما نرى ينطلق إلا لبعض حاجته، حتى قام على شفة الرَّكى، فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم: يا فلان ابن فلان، ويا فلان ابن فلان، أيسركُّم أنكم أطعتم الله ورسوله؟ فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقًا، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقًا. قال فقال عمر: يا رسول الله، ما تكلم من أجساد لا أرواح لها (¬3)، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «والذي نفس محمد بيده، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم». ¬

(¬1) قبل بدر، يعني يعتني كل واحد بمال غيره (كما في العيني). (¬2) هو أمية بن خلف قتل يوم بدر، وأخوه أُبي قتل يوم أحد. (¬3) الله يرد أرواح الموتى إذا شاء، وهذا من مواضع سماع الموتى، وكذلك سماع قرع النعال، هذا مستثى من الآية {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: 22].

3977 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - {الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا} [إبراهيم: 28] قال: هم والله كفار قريش. قال عمرو: هم قريش، ومحمد - صلى الله عليه وسلم - نعمة الله {وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ} [فاطر: 28]. قال: النار يوم بدر (¬1). 3978 - عن هشام عن أبيه قال: «ذُكر عند عائشة - رضي الله عنها - أن ابن عمر رفع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن الميِّت يعذَّب في قبره ببكاء أهله. فقالت: وهل، إنما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنه ليعذَّب (¬2) بخطيئته وذنبه، وإن أهله ليبكون عليه الآن» (¬3). 3979 - قالت: «وذلك مثل قوله: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام على القليب وفيه قتلى بدر من المشركين فقال لهم، ما قال: إنهم ليسمعون ما أقول، إنما قال: إنهم الآن ليعلمون أن ما كنت أقول لهم حق. ثم قرأ {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: 80]، {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: 22] يقول: حين تبوءوا مقاعدهم من النار» (¬4). ¬

(¬1) هم وأشباههم ممن استكبر. (¬2) مستثنى من قوله {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [فاطر: 18] فهو عام ليس فيمن أوصى؛ ليحذر الناس بترك النياحة. (¬3) هذا مما خفي عليها، علمت شيئًا وغابت عنها أشياء، وغاب عنها نداءه لأهل القليب والصحابة حضروا هذا وسمعوه. (¬4) قالت هذا باجتهادها وخفي عليها فاحتجت بظاهر القرآن.

9 - باب فضل من شهد بدرا

9 - باب فضل من شهد بدرًا 3982 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: «أصيب حارثة يوم بدر وهو غلام، فجاءت أمه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله قد عرفت منزلة حارثة مني، فإن يكن في الجنة أصبر وأحتسب، وإن تكن الأخرى تر ما أصنع. فقال: ويحك - أوَهَبِلتِ - أوَجنة واحدة هي؟ إنها جنان كثيرة، وإنه في جنة الفردوس» (¬1). 3983 - عن علي - رضي الله عنه - قال: «بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبا مرثد والزبير - وكلُّنا فارس - قال: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها امرأة من المشركين معها كتاب من حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين. فأدركناها تسير على بعير لها حيث قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلنا: الكتاب فقالت: ما معنا كتاب، فأنخناها، فالتمسنا فلم نر كتابًا، فقلنا: ما كذب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لتخرجن الكتاب أو لنجردنك. فلما رأت الجدًّ أهوت إلى حجزتها - وهي محتجزة بكساء - فأخرجته. فانطلقا بها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال عمر: يا رسول الله، قد خان الله ورسوله والمؤمنين، فدعني فلأضرب عنقه. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما حمَلَك على ما صنعت؟ قال حاطب: والله ما بي أن لا أكون مؤمنًا بالله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، أردت أن تكون لي عند القوم يدٌ يدفع الله بها عن أهلي ومالي، وليس أحد من أصحابك إلا له هناك من عشيرته من يدفع الله به عن أهله وماله. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -، صَدَق، ولا تقولوا له إلا خيرًا. فقال عمر: إنه قد خان الله والمؤمنين، فدعني فلأضرب ¬

(¬1) هذا من فضل الله شهادته لحارثة، قبله الله وأعطاه الشهادة.

عنقه. فقال: أليس من أهل بدر؟ (¬1) فقال: «لعل الله اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة - أو فقد غفرت لكم - فدمعت عينا عمر وقال: الله ورسوله أعلم». 3986 - عن البراء بن عازب - رضي الله عنهما - قال: «جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - على الرماة يوم أحد عبد الله بن جُبير، فأصابوا منا سبعين (¬2)، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه أصابوا من المشركين يوم بدر أربعين ومائة: سبعين أسيرًا، وسبعين قتيلًا. قال أبو سفيان: يومٌ بيوم بدر، والحرب سجال» (¬3). ¬

(¬1) أهل بدر لهم فضل كبير، وهم من خيرة أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأفضل الناس أصحابه وأفضلهم الأربعة الخلفاء ثم بقية العشرة ثم أهل بدر. * وعدهم الله المغفرة والرحمة ما ليس لغيرهم لشهودهم لبدر، وليس إذنًا لهم بالمعاصي. * وهذه زلة من حاطب - رضي الله عنه -، ليس شكًا في دينه ولا رجوعًا عن دينه ولكن نزغة من الشيطان أراد بها الدفع عن نفسه وأهله عند أهل مكة، وفيه فضيلة أهل بدر، والمراد سوف يوفقهم للتوبة ويسددهم حتى لا يَقَع منهم شيء، وإن وقع أن الله يغفرها. * قلت: وبمثل ما قال شيخنا هنا قال ابن القيم في الفوائد ص (14 - 17). (¬2) ولم يأسروا سبعين. (¬3) الله يبتلي هؤلاء بهؤلاء يوم أحد بيوم بدر، وهرقل قاله: هكذا الرسل تبتلى ثم تكون لها العاقبة. ولو أن الرسل تنتصر دائمًا لما بقي على الشرك أحد بل دخلوا في الإسلام جميعًا.

3987 - عن أبي موسى - أُراه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - - قال: «وإذا الخير ما جاء الله به من الخير بعد، وثواب الصدق الذي آتانا بعد يوم بدر» (¬1). 3988 - عن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن جده قال: قال عبد الرحمن بن عوف: إني لفي الصفِّ يوم بدر إذا التفتُّ فإذا عن يميني وعن يساري فتيان حديثا السنِّ فكأني لم آمن بمكانهما، إذ قال لي أحدهما سرًا من صاحبه: يا عمِّ أرني أبا جهل. فقلت: يا ابن أخي وما تصنع به؟ قال: عاهدت الله إن رأيته أن أقتُله أو أموت دونه. فقال لي الآخر سرًا من صاحبه مثله. قال: فما سرَّني أني بين رجلين مكانهما، فأشرت لهما إليه، فشدا عليه مثل الصقرين حتى ضرباه، وهما ابنا عفراء» (¬2). 3989 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشرة عينًا وأمَّر عليهم عاصم بن ثابت الأنصاري جد عاصم بن عمر بن الخطاب، حتى إذا كانوا بالهدة بين عُسفان ومكة دُكروا لحيٍّ من هُذيل يقال لهم بنو لحيان، فنفروا لهم بقريب من مائة رجل رام، فاقتصوا آثارهم حتى وجدوا مأكلهم التمر في منزل نزلوه، فقالوا: تمر يثرب. فاتبعوا آثارهم فلما حسَّ بهم عاصم وأصحابه لجأوا إلى موضع فأحاط بهم القوم فقالوا لهم: انزلوا فأعطوا بأيديكم، ولكم العهد والميثاق أن لا نقتل منكم أحدًا. فقال عاصم ابن ثابت: أيها القوم، أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر. ثم قال: اللهم أخبر عنا نبيَّك - صلى الله عليه وسلم -. فرموهم بالنبل فقتلوا عاصمًا، ونزل إليهم ثلاثة نفر على ¬

(¬1) من ذلك قوله {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} [الأحزاب: 9]. (¬2) معاذ ومعوذ.

العهد والميثاق، منهم خُبيبٌ وزيد بن الدَّثنة ورجل آخر. فلما استمكنوا منهم أطلقوا أوتار فسيِّهم فربطوهم بها. قال الرجل الثالث: هذا أول الغدر، والله لا أصحبكم، إن لي بهؤلاء أسوة - يريد القتل - فجرَّروه وعالجوه، فأبى أن يصحبهم. فانطلق بخبيب وزيد ابن الدَّثنة حتى باعوهما بعد وقعة بدر، فابتاع بنو الحارث بن عامر بن نوفل خُبيبًا - وكان خبيب هو قتلَ الحارث بن عامل يوم بدر - فلبث خبيب عندهم أسيرًا حتى أجمعوا قتله، فاستعار من بعض بنات الحارث موسى يستحدُّ بها، فأعارته، فدرج بُني لها وهي غافلة حتى أتاه، فوجدته مجلسه على فخذه والموسى بيده. قالت: ففزعت فزعة عرفها خُبيب. فقال: أتخشين أن أقتله؟ ما كنت لأفعل ذلك. قال: والله ما رأيت أسيرًا قط خيرًا من خُبيب، والله لقد وجدته يومًا يأكل قطفًا من عنب في يده وإنه لموثق بالحديد، وما بمكة من ثمرة (¬1). وكانت تقول: إنه لرزق رزقه الله خبيبًا. فلما خرجوا به من الحرم لقتلوه في الحِلّ قال لهم خبيب: دعوني أصلِّي ركعتين، فتركوه فركع ركعتين فقال: والله لولا أن حسبوا أن ما بي جزع لزدت. ثم قال: اللهم أحصهم عددًا، واقتلهم بددا، ولا تُبق منهم أحدا. ثم أنشأ يقول: فلست أبالي حين أُقتل مسلما ... على أيِّ جنب كان لله مصرعي وذلك في ذات الإله وإن يشأ ... يُبارك على أوصال شلوٍ ممزَّع ثم قام إليه أبو سروَعة عقبة بن الحارث فقتله. وكان خبيب هو سنَّ لكل مسلم قُتل صبرًا الصلاة. وأخبر - يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - - أصحابه يوم أصيبوا خبرهم. وبعث ناس من قريش إلى عاصم بن ثابت حين حُدِّثوا أنه قتل أن يؤتوا بشيء منه يُعرف - وكان قتل رجلًا عظيمًا من عظمائهم - فبعثَ ¬

(¬1) وهذا من كرامات الله جل وعلا يكرم المؤمنين، والكرامة تكون لحاجة في الدنيا أو حجة في الدين.

الله لعاصم مثل الظُّلة من الدَّبر فحمته من رُسُلهم، فلم يقدروا أن يقطعوا منه شيئًا». وقال كعب بن مالك «ذكروا مرارة بن الرَّبيع العمريًّ وهلال ابن أمية الواقفي رجلين صالحين قد شهدا بدرًا». 3990 - عن يحيى عن نافع «أن ابن عمر - رضي الله عنهما - ذُكر له أن سعيد ابن زيد بن عمرو بن نفيل - وكان بدريًا - مرض في يوم جمعة، فركب إليه بعد أن تعالى النهار واقتربت الجمعة، ترك الجمعة» (¬1). 3991 - عن عُبيد الله بن عبد الله بن عتبة «أن أباه كتب إلى عمر بن عبد الله ابن الأرقم الزهري يأمره أن يدخل على سُبيعة بنت الحارث الأسلمية فيسألها عن حديثها وعن ما قال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين استفته. فكتب عمر بن عبد الله بن الأرقم إلى عبد الله بن عُتبة يخبره أن سُبيعة بنت الحارث أخبرته أنها كانت تحت سعد بن خولة - وهو من بني عامر بن لؤي وكان ممن شهدَ بدرًا - فتوفيَ عنها في حجة الوداع وهي حامل، فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته، فلما تعلَّت من نفاسها تجمَّلت للخُطاب فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك - رجل من بني عبد الدار - فقال لها مالي أراكِ تجملت للخطاب ترَجِّين النكاح؟ فإنك والله ما أنت بناكح حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشر. قالت سُبيعة: فلما قال لي ذلك جمعت علىَّ ثيابي حين أمسيت وأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألته عن ذلك، فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي (¬2)، وأمرني بالتزوج إن بدا لي». ¬

(¬1) انظر: طبقات ابن سعد (3/ 383 - 385) والحاكم (3/ 438) وأعلام النبلاء (1/ 139) وعبد الرازق (3/ 240). (¬2) الحامل أجلها وضع جملها {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ ... } [الطلاق: 4] سواء كن مطلقات أو متوفى عنهن.

11 - باب شهود الملائكة بدرا

11 - باب شهود الملائكة بدرًا 3993 - عن معاذ بن رفاعة بن رافع، وكان رفاعة من أهل بدر وكان رافع من أهل العقبة، فكان يقول لابنه: ما يسرُّني أني شهدت بدرًا بالعقبة، قال: سأل جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - .... بهذا» (¬1). 3995 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال يوم بدر: هذا جبريل آخذ برأس فرسه عليه أداة الحرب» (¬2). 12 - باب 3997 - عن القاسم بن محمد ابن خباب «أن أبا سعيد بن مالك الخدري - رضي الله عنه - قدم من سفر، فقدَّم إليه أهله لحمًا من لحوم الأضحى فقال: ما أنا بآكله حتى أسأل. فانطلق إلى أخيه لأمه وكان بدريًا قتادة بن النعمان فسأله فقال: إنه حدث بعدك أمر نقض لما كانوا يُنهون عنه من أكل لحوم الأضحى بعد ثلاثة أيام» (¬3). ¬

(¬1) يعني بدل العقبة؛ لعظمة العقبة عنده. (¬2) حصل بهم تثبيت للمؤمنين، وقد باشر الملائكة القتال {فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ} [الأنفال: 9] الآية، ووقع مثل هذا في غزوة حنين، لا مانع من وقوع الآية للمؤمنين {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم: 47]. (¬3) وكان هذا من أجل الدافة الفقراء، فأمرهم بتوزيع اللحم وعدم الإدخار بعد ثلاث، وهذا يفيد أنه إذا اشتد الفقر وجاءت نازلة مثل هذه فإن المسلمين يوزعون اللحم ويواسون إخوانهم.

3998 - عن هشام بن عروة عن أبيه قال: «قال الزبير: لقيت يوم بدر عبيدة بن سعيد بن العاص وهو مدجج لا يرى منه إلا عيناه وهو يكنى أبا ذات الكرش فقال: أنا أبو ذات الكرش، فحملت عليه بالعنزة فطعنته في عينه فمات. قال هشام: فأُخبرت أن الزبير قال: لقد وضعت رجلي عليه ثم تمطأت فكان الجهد أن نزعتها وقد انثنى طرفاها. قال عروة: فسأله إياها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعطاه، فلما قُبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذها، ثم طلبها أبو بكر فأعطاه، فلما قبض أبو بكر سألها إياه عمر فأعطاه إياها، فلما قبض عمر أخذها، ثم طلبها عثمان منه فأعطاه إياها، فلما قتل عثمان وقعت عند آل علي فطلبها عبد الله بن الزبير، فكانت عنده حتى قتل» (¬1). 4001 - عن الرُّبَيَّع بن معوِّذ قالت «دخل عليَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - غداة بُني عليَّ، فجلس على فراشي كمجلسك مني، وجويريات يضربن بالدُّفِّ (¬2) يندبن من قُتل من آبائهن يوم بدر، حتى قالت جارية: وفينا نبيُّ يعلم ما في غد. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا تقولي هكذا وقولي ما كنت تقولين» (¬3). ¬

(¬1) قد يكون لأجل أن الله نصر بها الإسلام، وأن العنزة لها شأن، وهي لها طرفان ولعلها كانت جيدة ولها شأن فأخذها الخلفاء ليمدوا بها في الجيوش. * «إلا رقمًا في ثوب» النقوش والكتابة مما لا صورة فيه، وقيل: من الممتهن، جمعًا بين الأدلة. (¬2) إذا سمع صوت الدف وهو من عند النساء لا بأس من غير تلذذ. (¬3) لأن هذا لا يصح، لا يعلمه إلا الله أو ما خص به عيسى عليه الصلاة والسلام.

4002 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «أخبرني أبو طلحة - رضي الله عنه - صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - وكان قد شهد بدرًا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - أنه قال: لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلبٌ ولا صورة. يريد التماثيل التي فيها الأرواح» (¬1). 4003 - عن علي قال: «كانت لي شارف من نصيبي من المغنم يوم بدر، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاني مما أفاء الله عليه من الخمس يومئذ؛ فلما أردت أن أبتني بفاطمة عليها السلام بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - واعدت رجلًا صوّاغًا في بني قينقاع أن يرتحل معي فنأتي بإذخر فأردت أن أبيعه من الصوّاغين فنستعين به في وليمة عُرسي. فبينا أنا أجمع لشارفيَّ من الأقتاب والغرائر والحبال، وشارفاي مناخان إلى جنب حُجرة رجل من الأنصار، حتى جمعت ما جمعت، فإذا أنا بشارفيَّ قد أُجبًّت أسنتهما، وبُقرت خواصرهما، وأخذ من أكبادهما. فلم أملك عينيَ حين رأيت المنظر قلت: من فعل هذا؟ قالوا: فعله حمزة بن عبد المطلب وهو في هذا البيت في شرب من الأنصار، وعنده قينة وأصحاب، فقالت في غنائها: «ألا يا حمزَ للشُّرف النِّواء» فوثب حمزة إلى السيف فأجبَّ أسنمتَها وبقر خواصرهما وأخذ ¬

(¬1) بخلاف ما لا روح فيه كالجبل والشجرة. * التحنيط: لا ينبغي إضاعة مال، وقد يعود إلى تعليق الصور وإلى اعتقادات فاسدة، والظاهر حرمته, * والرأس ممنوع، يقول ابن عباس: الصورة الرأس، وجاء مرفوعًا، والعمدة على الرأس فيزال. قلت: وأخرجه موقوفًا البيهقي في سننه الكبرى بسند صحيح (7/ 270).

من أكبادها. قال علي: فانطلقت حتى أدخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - وعنده زيد ابن حارثة، وعرف النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي لقيت، فقال: مالَك؟ قلت يا رسول الله ما رأيت كاليوم، عدا حمزة على ناقتي فأجبَّ أسنمتَهما وبقر خواصرهما، وها هو ذا في بيت معه شَرْبٌ. فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - بردائه فارتدى، ثم انطلق يمشي واتبعته أنا وزيد بن حارثة حتى جاء البيت الذي فيه حمزة، فاستأذن عليه، فأذن له، فطفق النبي - صلى الله عليه وسلم - يلوم حمزة فيما فعل، فإذا حمزة ثَملٌ محمرة عيناه، فنظر حمزة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم صعَّد النظر: فنظر إلى ركبته، ثم صعَّد النظر فنظر إلى وجهه، ثم قال حمزة: وهل أنتم إلا عبيدٌ لأبي؟ فعرف النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه ثمل (¬1)، فنكص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عقبيه القهقري (¬2)، فخرج وخرجنا معه». 4004 - عن محمد بن عبّاد أخبرنا ابن عُيينة قال: أنفذه لنا ابن الأصبهاني سمعه من ابن معقل أن عليًا - رضي الله عنه - كبَّر على سهل بن حُنيف فقال: إنه شهد بدرًا» (¬3). ¬

(¬1) وهذا يدل على خبث الخمر وأنها تجعل صاحبها كالمجانين. وفيه الحث على الكسب حيث عليّ يريد أن يذهب إلى البر يحش ليستعين به على وليمة فاطمة .. قلت: قول حمزة «هل أنتم إلا عبيد لأبي» لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال ابن القيم: هي كفر لولا السكر. (¬2) لئلا يقوم حمزة فيفعل شيئًا يُنكر، وهذا يفعله من يخشى فعل قوم أن يصيبوه بأذى فيرجع القهقرى. (¬3) كبّر عليّ خمسًا أو ستًا اجتهادًا منه. * استقرت الشريعة على أربع، وكبر النبي - صلى الله عليه وسلم - على النجاشي أربعًا.

4005 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن عمر بن الخطاب حين تأيَّمت حفصة بنت عمر من خُنيس بن حذافة السهمي - وكان من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد شهد بدرًا - توفي بالمدينة، قال عمر: فلقيت عثمان بن عفان، فعرضت ع ليه حفصة فقلت: إن شئت أنكحتُك حفصة بنت عمر؛ قال: سأنظر في أمري. فلبثت لياليَ، فقال: قد بدا لي أن لا أتزوج يومي هذا. قال عمر: فلقيت أبا بكر فقلت: إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر، فصمت أبو بكر فلم يرجع إلىَّ شيئًا، فكنت عليه أوجد مني على عثمان. فلبثت ليالي. ثم خطبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنكتُها إياه، فلقيني أبو بكر فقال: لعلك وجدت عليَّ حين عرضت عليَّّّّ حفصة فلم أرجع إليك؟ قلت: نعم. قال: فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت إلا أني قد علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد ذكرها، فلم أكن لأفشي سر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولو تركها لقبلتها» (¬1). 4006 - عن عبد الله بن يزيد سمع أبا مسعود البدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «نفقة الرجل على أهله صدقة» (¬2). ¬

(¬1) فيه عرض الإنسان موليته على الأخيار ليلتمس لها الرجل الطيب مثل ما فعل عمر وهذا من النصح لها. (¬2) يعني يؤجر عليها وإن كانت واجبة، وظاهرة ولو لم ينو وإن نوى عظم الأجر. قلت: جميع أعمال الخير المتعدية فيها أجر للعامل ومع النية يعظم الأجر، ومصداق ذلك في قول الله تعالى: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 114].

4008 - عن أبي مسعود البدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الآيتان من آخر سورة البقرة من قرأهما في ليلة كفتاه (¬1). قال عبد الرحمن ابن زيد: فلقيت أبا مسعود وهو يطوف بالبيت، فسألته، فحدَّثنيه». قال الحافظ: .... أنه كان يكبر أربعًا وخمسًا وستًا وسبعًا وثمانيًا، حتى مات النجاشي فكبر عليه أربعًا، وثبت على ذلك حتى مات» وقال أبو عمر: انعقد الإجماع على أربع ... (¬2). قال الحافظ: ... حديث أبي مسعود «نفقة الرجل على أهله صدقة» وسيأتي في كتاب النكاح (¬3). 4012، 4013 - عن سالم بن عبد الله قال: «أخبر رافع بن خديج عبد الله ابن عمر أن عمَّيه - وكانا شهدا بدرًا - أخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن كراء المزارع، قلت لسالم: فتُكريها أنت؟ قال: نعم، إن رافعًا أكثر على نفسه (¬4). ¬

(¬1) كفتاه من كل سوء حرزًا له، من قرأها إيمانًا وتصديقًا. (¬2) استقر الأمر على أربع، فلا ينبغي لأحد أن يخالف ذلك. (¬3) قلت: بل في كتاب النفقات. (¬4) الذي أنكره الذي على وجه الجهالة في المحل الفلاني وفي الجدول الفلاني فربما أنبت هذا ولم ينبت هذا، لكن يجوز بجزء مشاع، النصف، الربع، أو بجزء معلوم.

4105 - عن المسور بن مخرمة «أن عمرو بن عوف - وهو حليف لبني عامر بن لؤي وكان شهد بدرًا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين (¬1) يأتي بجزيتها، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو صالح أهل البحرين وأمَّر عليهم العلاء بن الحضرمي، فقدم أبو عبيدة بمال من البحرين فسمعت الأنصار بقدوم أبي عبيدة، فوافوا صلاة الفجر مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما انصرف تعرَّضوا له، فتبسَّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين رآهم ثم قال: أظنكم سمعتم ان أبا عبيدة قدم بشيء؟ قال: أجل يا رسول الله، قال: فأبشروا وأمِّلو ما يسُرُّكم، فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشى أن تُبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها، وتُهلككم كما أهلكتهم». 4017 - عن أبي لُبابة البدري «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى من قتل جنّان (¬2) البيوت، فأمسك عنها». 4019 - عن عُبيد الله بن عديِّ ببن الخيار أخبره «أن المقداد بن عمرو الكنديّ - وكان حليفًا لبني زهرة وكان ممن شهد بدرًا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - أخبره أنه قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرأيت إن لقيت رجلًا من الكفار فاقتتلنا، فضرب إحدى يديَّ بالسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة فقال: أسلمت لله، أأقتله ¬

(¬1) البحرين معروفة المنطقة الشرقية، وكان فيها إذ ذاك مجوس تبع الفرس فقدم أبو عبيدة بجزيتهم. * وفيه أن الفقر أقل خطرًا من الغنى {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} [العلق: 6، 7]. (¬2) حيات البيوت لا تقتل إلا بعد إيذانها ثلاثًا، وجاء ثلاثة أيام، والمهم ثلاث مرات.

يا رسول الله بعد أن قالها؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تقتله. فقال: يا رسول الله إنه قطع إحدى يديَّ ثم قال ذلك بعدما قطعها. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تقتله، فإن قتله فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله، وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال» (¬1). 4020 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر: «من ينظر ما صنع أبو جهل؟ فانطلق ابن مسعود فوجده قد ضربه ابنا عفراء حتى برد، فقالك آنت أبا جهل؟ قال ابن علية قال سليمان هكذا قالها أنس قال: آنت أبا جهل؟ قال: وهل فوق رجل قتلتموه. قال سليمان: أو قال: قتله قومه. قال وقال أبو مجلز قال أبو جهل: فلو غير أكار قتلني» (¬2). 4022 - وعن إسماعيل عن قيس «كان عطاء البدريين خمسة آلاف خمسة آلاف، وقال عمر: لأفضلنَّهم على من بعدهم» (¬3). 4023 - عن محمد بن جُبير عن أبيه قال «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في المغرب بالطور، وذلك أول ما وقَر الإيمان في قلبي» (¬4). ¬

(¬1) وهذا تحريم عظيم لمن ظهر منه الإسلام، فيجب الكف عنه وتحريم قتله حتى ينكشف أمره فإن ظهر منه غير الإسلام تبين أنه مرتد. (¬2) مازال فيه كبر وغطرسة حتى عند الموت. (¬3) يعنى عطائهم من بيت المال كل سنة حسب مراتبهم. (¬4) حينما قدم المدينة في أسرى بدر.

13 - باب تسمية من سمى من أهل بدر في الجامع الذي وضعه أبو عبد الله، على حروف المعجم

4024 - عن الزهريّ عن محمد بن جُبير بن مطعم عن أبيه «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في أسارى بدر: لو كان المطعم بن عدي حيًا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له» (¬1). وقال الليث عن يحيى بن سعيد بن المسيَّب «وقعت الفتنة الأولى - يعني مقتل عثمان - فلم تُبق من أصحاب بدر أحدًا، ثم وقعت الفتنة الثانية - يعني الحرَّة - فلم تُبق من أصحاب الحديبية أحدًا، ثم وقعت الثالثة (¬2) فلم ترتفع وللناس طباخ». 13 - باب تسمية من سمِّى من أهل بدر في الجامع الذي وضعه (¬3) أبو عبد الله، على حروف المعجم النبي محمد بن عبد الله الهاشمي - صلى الله عليه وسلم - (¬4). إياس بن البُكير. بلال بن رباح مولى أبي بكر القرشي. حمزة بن عبد المطلب الهاشمي ..... معن بن عديّ الأنصاري. مسطح بن أثاثة بن عبَّاد بن المطلب (¬5) بن عبد مناف ... إلخ. ¬

(¬1) مقابل إحسانه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، والمطعم والد جبير أجار النبي - صلى الله عليه وسلم - عند خروجه من الطائف إلى مكة. (¬2) لعلها الفتنة بين ابن الزبير وعبد الملك بعد موت يزيد بن معاوية. * سعيد بن المسيب مات بعد التسعين. (¬3) قد تكون من الراوي الفربري. (¬4) في نسخة قدم الخلفاء الأربعة. (¬5) ليس بهاشمي، وزيادة عبد المطلب غلط كما في بعض النسخ.

14 - باب حديث بني النضير

14 - باب حديث بني النَّضير 4031 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: «حرَّق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نخل بني النضير قطع، وهي البُويرة، فنزلت {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ} (¬1) [الحشر: 5]». 4032 - عن ابن عمر - رضي الله عنها - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حرَّق نخل بني النَّضير، قال: ولها يقول حسان بن ثابت: وهان على سراة بني لؤي ... حريق بالبُويرة مُستطيرُ (¬2) 4034 - وعن عروة بن الزبير قال: «صدق مالك بن أوس، أنا سمعت عائشة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - تقول: أرسل أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - عثمان إلى أبي بكر يسألنه ثمنهن مما أفاء الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فكنت أنا أرُدهن، فقلت لهن: ألا تتقين الله؟ ألم تعلمن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: لا نورَث (¬3)، ما تركنا صدقة - يريد بذلك نفسه - إنما يأكل آل محمد - صلى الله عليه وسلم - من هذا المال. فانتهى أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى ما أخبرتهن. قال: فكانت هذه الصدقة بيد علي، منعها عليٌّ عباسًا فغلبه عليها. ثم كان بيد حسن بن عليّ، ثم بيد حُسين بن علي، ثم بيد علي بن حسين وحسن بن حسن كلاهما كانا ¬

(¬1) وكان ذلك وقت الحصار قطع نخليهم وحرقها ليشتد ذلك عليهم. واللينة: نوع من النخل، كما يقال: الصقعي والصفري والسلج. (¬2) أنهم أحرقوها في سبيل الله. والسراة الأكابر من قريش المهاجرين. (¬3) الأنبياء لا يورثون، لم يُبعثوا للدنيا بُعثوا للدعوة إلى الله فإذا تركوا شيئًا فلولي الأمر بعده.

15 - باب قتل كعب بن الأشرف

يتداولانها، ثم بيد زيد بن حسن وهي صدقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حقًا» (¬1). 4036 - قال أبو بكر: «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا نورث، ما تركنا صدقة، إنما يأكل آل محمد في هذا المال. والله لقرابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجبُّ إليَّ أن أصل من قرابتي» (¬2). 15 - باب قتل كعب بن الأشرف 4037 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: «قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من لكعب بن الأشرف؟ فإنه قد آذى الله ورسوله ... الحديث .. قال عندي أعطر نساء العرب وأكمل العرب. قال عمرو فقال: أتأذن لي أن أشمَّ رأسك؟ قال: نعم فشمَّه، ثم أشم أصحابه ثم قال: أتأذن لي؟ قال: نعم. فلما استمكن منه قال: دونكم. فقتلوه. ثم أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبروه» (¬3). 16 - باب قتل أبي رافع عبد الله بن أبي الحقيق، ويقال سلاّم بن أبي الحقيق 4039 - عن البراء بن عازب قال: «بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أبي رافع اليهودي رجالًا من الأنصار، فأمَّر عليهم عبد الله بن عتيك، وكان أبو ¬

(¬1) كان ينفق منها - صلى الله عليه وسلم - على زوجاته وعلى نوائبه وما فضل في وجوه الخير، وكذا فعل الصديق وعمر. (¬2) - رضي الله عنه - (مرتين). (¬3) وكان يحرض الكفار على النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر وغير ذلك، وكان خبيثًا جدًا فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتله، وانتقض عهده بهذا التحريض تحريض قريش وغيرهم.

رافع يؤذي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويعين عليه، وكان حصن له بأرض الحجاز، فلما دنوا منه - وقد غربت الشمس وراح الناس بسرحهم - فقال عبد الله لأصحابه: اجلسوا مكانكم، فإني منطلق ومتلطف للبواب لعلي أن أدخل. فأقبل حتى دنا من الباب، ثم تقنَّع بثوبه كأنه يقضي حاجة، وقد دخل الناس، فهتف به البواب: يا عبد الله إن كنت تريد أن تدخل فادخل، فإني أريد أن أُغلق الباب. فدخلت فكمنتُ، فلما دخل الناس أغلق الباب ثم علق الأغاليق على ود. قال فقمت إلى الأقاليد فأخذتها ففتحت الباب، وكان أبو رافع يُسمَر عنده، وكان في علالي له، فلما ذهب عنه أهل سمره صعدت إليه فجعلت كلما فتحت بابًا أغلقت عليَّ من داخل. قلت إن القوم نذروا بي لم يخلصوا إلىَّ حتى أقتله. فانتهيت إليه، فإذا هو في بيت مظلم وسط عياله، لا أدري أين هو من البيت، فقلت: أبا رافع. قال: من هذا؟ فأهويت نحو الصوت فأضربه ضربة بالسيف وأنا دهش فما أغنيت شيئًا. وصاح، فخرجت من البيت فأمكث غير بعيد، ثم دخلت إليه فقلت: ما هذا الصوت يا أبا رافع؟ لأمك الويل، إن رجلًا في البيت ضربني قبل بالسيف. قال فأضربه ضربة أثخنته ولم أقتله، ثم وضعت ضبيب السيف في بطنه حتى أخذ في ظهره، فعرفت أني قتلته، فجعلت أفتح الأبواب بابًا بابًا حتى انتهيت إلى درجة له، فوضعت رجلي وأنا أرى أني قد انتهيت إلى الأرض فوقعت في ليلة مقمرة، فانكسرت ساقي، فعصبتها بعمامة ثم انطلقت حتى جلست على الباب فقلت لا أخرج الليلة حتى أعلم أقتلته. فلما صاح الديك قام الناعي على السور فقال: أنعي أبا رافع تاجر أهل الحجاز، فانطلقت إلى أصحابي فقلت النجاء، فقد قتل الله أبا رافع، فانتهيت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فحدثته، فقال لي:

17 - باب غزوة أحد

ابسط رجلك، فبطست رجلي فمسحها، فكأنها لم أشتكها قط» (¬1). 4040 - عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: «بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أبي رافع عبد الله بن عتيك وعبد الله بن عتبة في ناس معهم، فانطلقوا حتى دنوا من الحصن ... الحديث .... ثم خرجت دهشًا حتى أتيت السُّلَّم أريد أن أنزل فأسقُطُ منه، فانخلعت رجلي فعصبتها، ثم أتيت أصحابي أحجُل، فقلت: انطلقوا فبشروا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإني لا أبرح حتى أسمع الناعية. فلما كان في وجه الصبح صعد الناعية فقال: أنعى أبا رافع. قال: فقمت أمشي ما بي قلبَة، فأدركت أصحابي قبل أن يأتوا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فبشرته» (¬2). 17 - باب غزوة أحد (¬3) وقول الله تعالى: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [آل عمران: 121]. قال الحافظ: ... إنه لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر (¬4)، ترد أنها الجنة، وتأكل من ثمارها» الحديث. ¬

(¬1) الله أكبر اللهم صل عليه. (¬2) وهذا من نصر الله لنبيه لما نقضوا العهد استحقوا هذا. (¬3) غزوة عظيمة امتحن الله بها عباده المؤمنين، وعفوه أعظم وجوده أكبر لكن أراد امتحان عباده. (¬4) الملائكة شهدوا أحدً؟ ظاهر النص يقتضي هذا.

4042 - عن عقبة بن عامر قال: «صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قتلى أحد بعد ثماني (¬1) سنين كالمودَّع للأحياء والأموات، ثم طلع المنبر فقال: إني بين أيديكم فرَط، وأنا عليكم شهيد، وإن موعدكم الخوض وإني لأنظر إليه من مقامي هذا. وإني لست أخشى عليكم أن تُشركوا، ولكني أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوها. قال: فكانت آخر نظرة نظرتها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» (¬2). 4043 - عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: «لقينا المشركين يومئذ، وأجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - جيشًا من الرماة، وأمَّر عليهم عبد الله وقال: لا تبرحوا، إن رأيتمونا ظهرنا عليهم فلا تبرحوا، وإن رأيتموهم ظهروا علينا فلا تعينونا. فلما لقينا هرَبوا، حتى رأيت النساء يشتددن في الجبل، رفعن عن سوقهنَّ قد بدت خلاخلهن فأخذوا يقولون: الغنيمة الغنيمة. فقال عبد الله: عهد إلىَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أن لا تبرحوا. فأبَوا. فلما أبوا صُرف وجوههم، فأصيب ¬

(¬1) سبع سنين ودون النصف فهو تجوّز. * الأصل صلاته الصلاة المعروفة فيها التكبير، لأن هذا هو المصطلح الشرعي. قلت: كذا قال شيخنا هنا، والمعروف عنه اختيار جواب النووي وغيره: أنه دعا لهم بمثل ما يدعو به للميت، ولهذا تردد الشيخ ثم جزم. * المشهور الدعاء لهم لأنه ترك الصلاة عليهم؛ ولأن الأصل في الشهيد ترك الصلاة عليه، وهذه الصلاة يحتمل الخصوص ويحتمل الدعاء. (¬2) وهذا في آخر حياته - صلى الله عليه وسلم -، وقوله: صلى على أهل أحد أي دعا لهم بدعاء الأموات، وأنذر أمته وخاف عليهم الدنيا.

سبعون قتيلًا. وأشرف أبو سفيان فقال: أفي القوم محمد؟ فقال: لا تجيبوه. فقال: أفي القوم ابن أبي قُحافة؟ قال: لا تجيبوه. فقال: أفي القوم ابن الخطاب؟ فقال: إن هؤلاء قُتلوا، فلو كانوا أحياء لأجابوا. فلم يملك عمر نفسه فقال: كذبت يا عدو الله، أبقى الله عليك ما يُخزيك. قال أبو سفيان: اعلُ هُبل. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أجيبوه. قالوا: ما نقول؟ قال: قولوا: الله أعلى وأجل. قال أبو سفيان: لنا العُزى ولا عزى لكم. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أجيبوه. قالوا: ما نقول؟ قال قولوا: الله مولانا ولا مولى لكم. قال أبو سفيان يوم بيوم بدر، والحرب سجال، وتجدون مُثله لم آمر بها ولم تسُؤني» (¬1). 4044 - عن عمرو عن جابر قال: «اصطبح الخمر يوم أحد ناس ثم قُتلوا شهداء» (¬2). 4045 - عن سعد بن إبراهيم عن أبيه إبراهيم أن عبد الرحمن بن عوف أُتيَ بطعام - وكان صائمًا - فقال: قُتل مصعب بن عمير وهو خير مني، كُفِّن في بُردة إن غطيَ رأسه بدت رجلاه وإن غُطيَ رجلاه بدا رأسه. وأُراه قال: وقُتل حمزة وهو خير مني. ثم بُسط لنا من الدنيا ما بسط - أو قال: أعطينا من الدنيا ما أُعطينا - وقد خشينا أن تكون حسناتنا قد عُجِّلت لنا. ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام» (¬3). ¬

(¬1) الله المستعان يبتلي عباده {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ} [محمد: 31]. (¬2) قبل أن تحرَّم لأنها حُرِّمت بعد ذلك. (¬3) - رضي الله عنه -، وكانت وفاته سنة 32 هـ-وهو من العشرة المبشرين بالجنة، لا شك أن بسط الدنيا محل خوف.

4047 - عن خباب بن الأرت - رضي الله عنه - قال: «هاجرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نبتغي وجه الله، فوجب أجرُنا على الله، ومنا من مضى أو ذهب لم يأكل من أجره شيئًا، كان منهم مصعب بن عمير قُتل يوم أحد لم يترك إلا نمرة كنا إذا غطينا بها رأسه خرجت رجلاه، وإذا غُطي بها رجلاه خرج رأسه. فقال لنا النبي - صلى الله عليه وسلم -: غطُّوا بها رأسه، واجعلوا على رجله الإذخر، أو قال: ألقوا على رجله من الإذخر. ومنا من أينعت له ثمرته، فهو يَهدبُها» (¬1). 4048 - عن أنس - رضي الله عنه - «أن عمَّه غاب عن بدر فقال: غبت عن أول قتال النبي - صلى الله عليه وسلم -، لئن أشهدني الله مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليرين الله ما أجدُّ (¬2) فلقي يوم أحد فهُزم الناس فقال: اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء - يعني المسلمين - وأبرأ إليك مما جاء به المشركون. فتقدم بسيفه، فلقي سعد بن معاذ فقال: أين يا سعد؟ إني أجد ريح الجنة (¬3) دون أُحد. فمضى فقُتل، فما عُرف حتى عرفته أخته بشامة - أو ببنانه - وبه بضع وثمانون: من طعنة، وضربة ورَمية بسهم». ¬

(¬1) تعجيل الطيبات يكون للمؤمن والكافر؟ يخشى، ولكن الآية في الكفار .. (بعدما سألته). (¬2) المعروف أفعل يعني ما أستطيع. (¬3) هل هو على ظاهره؟ الله أعلم. قلت: قال ابن القيم في حادي الأرواح: وريح الجنة نوعان: ريح يوجد في الدنيا تشمه الأرواح أحيانًا ولا تدركه العبارة، وريح يدرك بحاسة الشم للأبدان، كما تشم روائح الأزهار وغيرها، وهذا يشترك أهل الجنة في إدراكه من قرب ومن بُعد. وأما في الدنيا فقد يدركه من شاء الله من أنبيائه ورسله وهذا الذي وجده أنس ابن النضر يجوز أنه يكون من هذا القسم وأن يكون من القسم الأول. اهـ.

4050 - عن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - قال: «لما خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى غزو أحد، رجع ناس ممن خرج معه. وكان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فرقَتين: فرقة تقول نقاتلهم، وفرقة تقول: لا نقاتلهم. فنزلت {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا} [النساء: 88] وقال: إنها طيبة تنفي الذنوب، كما تنفي النار خبَثَ الفضة» (¬1). 4052 - عن عمرو بن جابر قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «هل نكحت يا جابر؟ قلت: نعم. قال: ماذا، أبكرًا أم ثيِّبًا؟ قلت: لا، بل ثيِّبًا. قال: فهلا جارية تُلاعبُك. قلت: يا رسول الله، إن أبي قُتل يوم أحد وترك تسع بنات كنَّ لي تسع أخوات، فكرهت أن أجمع إليهن جارية خرقاء مثلهن، ولكن امرأة تمشطُهن وتقوم عليهن. قال: أصبت» (¬2). 4053 - عن فراس عن الشَّعبي قال: حدثني جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أن أباه استشهد يوم أحُد وترك عليه دينًا وترك ستَّ بنات. فلما حضر جذاذ النخل قال أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: قد علمت أن والدي قد استشهد يوم أحد وترك دينًا كبيرًا، وإني أحب أن يراك الغرماء. فقال: اذهب فبيدر كل تمر على ناحية. فقلت، ثم دعوته، فلما نظروا إليه كأنهم أغروا بي تلك الساعة، فلما رأى ما يصنعون أطاف حول أعظمها بيدرًا ثلاث مرات، ثم جلس عليه ثم قال: ادع لك أصحابك. فما زال يكيل لهم حتى أدَّى الله عن والدي أمانته، وأنا أرضى أن يؤدي الله أمانة والدي ¬

(¬1) اختلفوا هل يخرجون أم لا؟ ثم عزم على الخروج. وهذا الاختلاف بعد الخروج من عبد الله بن أُبي وجماعته حيث رجع بقومه. (¬2) - رضي الله عنه - أراد امرأة جربت الأمور تقوم على اخواته.

ولا أرجع إلى أخواتي بتمرة، فسلم الله البيادر كلها، حتى إني أنظر إلى البيدر الذي كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - كأنها لم تنقص تمرة واحدة» (¬1). 4054 - عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد ومعه رجلان يقاتلان عنه عليهما ثياب بيض كأشد القتال (¬2)، ما رأيتُهما قبل ولا بعد». 4059 - عن بسرة (¬3) بن صفوان عن إبراهيم عن أبيه عن عبد الله بن شداد «عن علي - رضي الله عنه - قال: ما سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع أبويه لأحد إلا لسعد بن مالك، فإني سمعته يقول يوم أحد: يا سعد ارم فداك أبي وأمي». 4064 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: «لما كان يوم أحد انهزم الناس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأبو طلحة بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - مجوِّب عليه بحجفة له، وكان أبو طلحة رجلًا راميًا شديد النزع، كسر يومئذ قوسين أو ثلاثًا، وكان الرجل يمر معه بجعبة من النَّبل فيقول: انثُرها لأبي طلحة. قال: ويشرف النبي - صلى الله عليه وسلم - ينظر إلى القوم، فيقول أبو طلحة: بأبي أنت وأمي، لا تُشرف يصيبك سهم من سهام القوم، نحري دون نحرك. ولقد رأيت عائشة بنت أبي بكر وأم سليم وإنهما لمشمّرتان أرى خدم سوقهما تُنقزان القِرَب على متونهما تُفرغانه في أفواه القوم، ثم ترجعان فتملآنها، ثم تجيئان فتُفرغانه ¬

(¬1) هذا من البركة التي يسرها الله على يدي نبيه - صلى الله عليه وسلم - وكان مباركًا. (¬2) يعني ملكين. (¬3) اللخمي ثقة. كأنه مقلّ، ووقع في التقريب الشامية: بخ، وهو خطأ فقد أخرج له البخاري هنا في غزوة أحد.

19 - باب قول الله تعالى {إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم} [آل عمران: 155].

في أفواه القوم. ولقد وقع السيف من يدي أبي طلحة إما مرَّتين إما ثلاثًا» (¬1). 4065 - عن عائشة - رضي الله عنها - قال: «لما كان يوم أحد هزم المشركون، فصرخ إبليس لعنة الله عليه: أي عباد الله، أُخراكم. فرجعت أولاهم فاجتَلَدَت هي وأخراهم، فبصُر حذيفة فإذا هو بأبيه اليمان فقال: أي عباد الله، أبي أبي. قال قالت: فوالله ما احتَجَزوا حتى قتلوه. فقال حذيفة: يغفر الله لكم. قال عروة: فوالله مازالت في حذيفة بقية خير حتى لحق الله» (¬2). 19 - باب قول الله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [آل عمران: 155]. 4066 - عن عثمان بن موهب قال: جاء رجل حج البيت فرأى قومًا جلوسًا فقال: من هؤلاء القوم؟ قال: هؤلاء قريش. قال: من الشيخ؟ قالوا: ابن عمر. فأتاه فقال: إني سائلك عن شيء أتحدِّثني؟ قال: نعم. قال: أنشدُك بحرمة هذا البيت (¬3)، أتعلم أن عثمان بن عفان فرَّ يوم أحد؟ قال: نعم. قال: فتعلمه تغيِّب عن بدر فلم يشهدها؟ قال: نعم. قال: فتعلم أنه تخلَّف عن بيعة الرضوان فلم يشهدها (¬4)؟ قال نعم. قال فكبَّر. قال ابن عمر: ¬

(¬1) لما أصابهم من النعاس أرسل الله عليهم النعاس لحكمة وتأمينًا لقلوبهم. (¬2) اليمان التبس عليهم، وهو مسلم لكن لما اختلط الناس وصارت المصيبة وانهزم الكثير قُتِل اليمان غلطًا وسامحهم حذيفة. (¬3) هذا فيما بينهم أما إذا سأل الله فلا يسأله إلا بأسمائه وصفاته. (¬4) وهذا من القوم الذين خرجوا على عثمان فسأل عن هذه المسائل الثلاث.

20 - باب {إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم فأثابكم غما بغم لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم والله خبير بما تعملون} [آل عمران: 153]

تعال لأخبرك ولا بيِّن لك عما سألتني عنه: أما فراره يوم أحد فأشهد أن الله عفا عنه ... الحديث». 20 - باب {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [آل عمران: 153] 4067 - عن البراء بن عازب - رضي الله عنهما - قال: «جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - على الرَّحالة يوم أحد عبد الله بن جُبير، وأقبلوا منهزمين، فذاك «إذ يدعوهم الرسول في أخراهم (¬1)». 4068 - عن أنس عن أبي طلحة - رضي الله عنهما - قال: «كنت فيمن تغشاه الناس يوم أحد، حتى سقط سيفي من يدي مرارًا، يسقط وآخذه، ويسقط فآخذه» (¬2). 4069 - عن الزهري عن سالم عن أبيه «أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا رفع رأسه من الركوع من الركعة الآخرة من الفجر يقول: اللهم العَن فلانًا وفلانًا وفلانًا، بعدما يقول سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد. فأنزل الله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ} [آل عمران: 128]- إلى قوله - {فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} (¬3). ¬

(¬1) تأول أصحاب عبد الله بن جبير وقالوا قد تحقق النصر فنزلوا، والتأويل أضر بالأمة كثيرًا، فالواجب التمسك بالحق وترك مثل هذه التأويلات. (¬2) النعاس حصل للمؤمنين وأما المنافقون فكما قال الله {وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} [آل عمران: 154]. (¬3) كان يلعن بعض من له نشاط في الدعوة إلى الكفر ومناهضة المسلمين، فأسلم بعضهم وقتل بعضهم على كفره، وقبل الله دعاء نبيه فيهم فماتوا على كفرهم.

22 - باب ذكر أم سليط

4070 - عن سالم بن عبد الله يقول: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو على صفوان بن أمية وسهيل بن عمرو والحارث بن هشام (¬1). فنزلت: ليس لك من الأمر شيء - إلى قوله {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ} [آل عمران: 128]- إلى قوله - {فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ}» (¬2). 22 - باب ذكر أمِّ سُليط 4071 - عن يونس عن ابن شهاب وقال (¬3) ثعلبة بن أبي مالك «إن عمر ابن الخطاب - رضي الله عنه - قسم مُروطًا بين نساء من نساء أهل المدينة، فبقي منها مِرط جيد، فقال له بعض من عنده: يا أمير المؤمنين، أعط هذا بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي عندك - يريدون أم كلثوم بنت علي - قال عمر: أمُّ سُليط أحق به. وأم سُليط من نساء الأنصار ممن بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال عمر: فإنها كانت تُزفر لنا القرَبَ يوم أحد» (¬4). 23 - باب قتل حمزة بن عبد المطلب - رضي الله عنه - 4072 - عن جعفر بن عمرو بن أمية الضَّمري قال: «خرجت مع عُبيد الله ابن عديِّ بن الخيار، فلما قدمنا حمص قال لي عبيد الله بن عديّ: هل لك في وحشي نسأله عن قتل حمزة؟ قلت: نعم. وكان وحشيٌ يسكن ¬

(¬1) وهؤلاء الثلاثة أسلموا - رضي الله عنهم -. (¬2) لعل المعيّن إذا اشتد شره لا بأس. (¬3) في رواية عن ثعلبة. (¬4) والشاهد أن عمر لاحظ أعمال الأنصار واجتهادهم في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنهم أحق بالمنح والعطاء، وإن كانت أم كلثوم لها فضل خاض وأمها فاطمة.

حمص، فسألنا عنه، فقيل لنا: هو ذاك في ظل قصره كأنه حميت. قال فجئنا حتى وقفنا عليه بيسير، فسلمنا، فرد السلام، قال وعبيد الله مُعْتجِر بعمامته ما يرى وحشيٌ إلا عينيه ورجليه فقال عبيد الله: يا وحشي أتعرفني؟ قال فنظر إليه ثم قال: لا والله، إلا أني أعلم أن عديًّ بن الخيار تزوج امرأة يقال لها أم قتال بنت بنتُ أبي العيص، فولدت له غلامًا بمكة فكنت أسترضع له، فحملت ذلك الغلام مع أمه فناولتها إياه، فلكأني نظرت إلى قدميك (¬1). قال فكشف عبيد الله عن وجهه ثم قال: ألا تخبرنا بقتل حمزة؟ قال: نعم، إن حمزة قتل طعَيمة بن عديّ بن الخيار ببدر، فقال لي مولاي جُبير بن مطعم: إن قتلت حمزة بعمِّي فأنت حرّ قال: فلما أن خرَج الناس عام عينين - وعينين جبلٌ بحيال أحد، بينه وبينه واد - خرجت مع الناس إلى القتال، فلما اصطفوا للقتال خرج سباعٌ فقال: هل من مبارز؟ قال فخرج إليه حمزة بن عبد المطلب فقال: يا سباع، يا ابن أمِّ أنمار مقطِّعة البظور، أتحادُّ الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: ثم شد عليه، فكان كأمس الذاهب (¬2). قال: وكمنتُ لحمزة تحت صخرة، فلما دنا منى رميته بحربتي فأضعها في ثُنَّته حتى خرجت من بين وركيه، قال: فكان ذاك العهد به. فلما رجع الناس رجعت معهم، فأقمت بمكة حتى فشا فيها الإسلام، ثم خرجت إلى الطائف، فأرسلوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رسُلًا، فقيل لي: إنه لا يهيج الرُّسل، قال: فخرجت معهم حتى قدمتُ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما رآني قال: آنت وحشيّ، قلت: نعم. قال: أنت قتلت حمزة؟ قلت: ¬

(¬1) عرفه بقدميه وهو صغير رآه عبرة، الله المستعان. (¬2) يعني قَتَله حمزة.

قد كان من الأمر ما بلغت. قال: فهل تستطيع أن تُغيِّب وجهكَ عني؟ قال: فخرجت. فلما قُبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخرج مُسيلمة الكذاب قلت: لأخرُجن إلى مسيلمة لعلي أقتُله فأكافئ به حمزة. قال: فخرجت مع الناس فكان من أمره ما كان، قال: فإذا رجل قائم في ثلمة (¬1) جدار كأنه جمل أورق ثائر الرأس (¬2)، قال: فرميتُه بحربتي. فأضعها بين ثدييه حتى خرجت من بين كَتفيه (¬3). قال: ووثب رجل من الأنصار فضربه بالسيف على هامته». قال: قال عبد الله بن الفضل: فأخبرني سليمان بن يسار أنه سمع عبد الله ابن عمر يقول: «فقالت جارية على ظهر بيت: وا أمير المؤمنين، قتله العبد الأسود» (¬4). قال الحافظ: ... وزاد «فإذا شيخ كبير مثل البغاث» (¬5). ¬

(¬1) بالضم ثُلمة. (¬2) قبَّحه الله. (¬3) الله أكبر الله أكبر. (¬4) تعني مسيلمة قبحها الله وإياه. * وهذه منقبة لوحشي، والله يغفر لوحشي فالإسلام يجب ما قبله؛ ولشدة المصيبة كره النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه ينظر إليه {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا} [الزمر: 53]. (¬5) مثلث الباء. قلت: يعني بالضم والفتح والكسر.

50 - كيف آخى النبي - صلى الله عليه وسلم - بين أصحابه؟

50 - كيف آخى النبي - صلى الله عليه وسلم - بين أصحابه؟ وقال عبد الرحمن بن عوف «آخى النبي - صلى الله عليه وسلم - بيني وبين سعد بن الربيع لما قدمنا المدينة». 3937 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: «قدم عبد الرحمن بن عوف المدينة فآخى النبي - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين سعد بن الربيع الأنصاري، فعرض عليه أن ينُاصفه أهله وماله (¬1)، فقال عبد الرحمن: بارك الله لك في أهلك ومالك، دُلَّني على السوق. فربح شيئا من أقِط وسمن، فرآه النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد أيام وعليه وضرٌ من صُفرة فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: مَهْيَم يا عبد الرحمن؟ قال يا رسول الله، تزوجت امرأة من الأنصار، قال فما سُقت فيها؟ فقال: وزن نواة من ذهب. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أوْلم ولو بشاة». 24 - باب ما أصاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من الجراح يوم أُحد 4075 - عن أبي حازم أنه سمع سعل بن سعد وهو يسأل عن جرح (¬2) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أما والله إني لأعرف من كان يغسل جرح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن كان يسكب الماء وبما دُووي. قال: كانت فاطمة عليها السلام بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تغسله وعليُّ يسكب الماء بالمجن، فلما رأت فاطمة أن الماء لا يزيد الدَّم إلا كثرة أخذت قطعت من حصير فأحرقتها وألصقتها فاستمسك الدم. وكُسرت رباعيته يومئذ، وجُرح وجهه، وكسرَت البيضة على رأسه». ¬

(¬1) اللهم ارض عنه، وفيه مثل ما تقدم فضل الأنصار وإيثارهم. (¬2) كما في الحديث: أشد الناس بلاء الأنبياء، ابتلوا فجاهدوا وصبروا، فلهم المنازل العالية هم قدوة الناس.

26 - باب من قتل من المسلمين يوم أحد

26 - باب من قُتل من المسلمين يوم أُحد 4078 - عن قتادة قال: «ما نعلم حيًا من أحياء العرب أكثر شهيدًا أغرَّ يوم القيامة من الأنصار (¬1). قال قتادة: وحدثنا أنس بن مالك أنه قتل منهم يوم أحد سبعون (¬2). ويوم بئر معونة سبعون. قال: وكان بئر معونة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويوم اليمامة على عهد أبي بكر يوم مُسيلمة الكذاب». 4079 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: «إن رسول الله كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد ثم يقول: أيُّهم أكثر أخذًا للقرآن؟ فإذا أشير له إلى أحد قدَّمه في اللحد وقال: أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة، وأمر بدفنهم بدمائهم، ولم يُصلِّ عليهم، ولم يُغسَّلوا» (¬3). 4080 - عن جابر قال: «لما قُتل أبي جعلت أبكي وأكشف الثوب عن وجهه، فجعل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ينهونني (¬4)، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينه، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا تبكه مازالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رُفع». 4081 - عن أبي موسى - رضي الله عنه - - أُرَى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - - قال: «رأيت في رؤياي أني هززت سيفًا فانقطع صدره، فإذا هو ما أصيب من المؤمنين يوم أحد. ثم هززته أخرى فعاد أحسن ما كان، فإذا هو ما جاء ¬

(¬1) - رضي الله عنهم -، الأنصار هم أفضل الجيش. (¬2) حمزة ومصعب من المهاجرين، يعني قارب السبعين فمعظمهم من الأنصار. (¬3) هكذا شهيد المعركة السنَّة ألا يصلى عليه. (¬4) اللهم ارض عنه، يعني عبد الله بن عمرو بن حرام والد جابر.

27 - باب أحد جبل يحبنا ونحبه

به الله من الفتح واجتماع المؤمنين. ورأيت فيها بقرًا (¬1) والله خيرٌ، فإذا هم المؤمنون يوم أحد» (¬2). 27 - باب أحد جبل يحبُّنا ونحبُّه 4084 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طلع له أحُدٌ فقال: هذا جبل يحبُّنا ونحبّه. اللهم إن إبراهيم حرَّم مكة، وإني حرَّمت ما بين لابتيها» (¬3). 4085 - عن أبي الخير عن عقبة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج يومًا فصلَّى على أهل أحد صلاته على الميت، ثم انصرف إلى المنبر فقال: إني فرَطٌ لكم، وأنا شهيد عليكم، وإني لأنظر إلى حوضي الآن، وإني أعطيت مفاتيح خزائن الأرض - أو مفاتيح الأرض، وإني والله ما أخاف عليكم أن تُشركوا بعدي (¬4)، ولكني أخاف عليكم أن تنافسوا فيها». قال الحافظ: .... ثالثها أن الحب من الجانبين على حقيقته وظاهره (¬5). ¬

(¬1) البقر في النوم خير تحرث الأرض وتسقي (من كلام شيخنا في التعبير وهو عزيز). (¬2) بعد هذا استمر الخير والعز حتى غزوة الأحزاب فنصرهم الله، ثم فتح خيبر ثم الفتح الأكبر فتح مكة. (¬3) الصحابة هم المذكورون في قوله: إن الشيطان يئس أن يعبده المصلون؟ قال: نعم، والأرجح أن اللفظ عام للصحابة وغيرهم. (¬4) لما أعطاهم من البصيرة والدين، أما من بعدهم فالخطر عليهم واقع. (¬5) الصواب على ظاهره وحقيقته، وهو أصح الأقوال.

4086 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - سرية عينًا، وأمَّر عليهم عاصم بن ثابت - وهو جد عاصم بن عمر بن الخطاب - فانطلقوا، حتى إذا كان بين عُسفان ومكة ذُكروا لحيّ من هُذيل يقال لهم بنو لحيان، فتبعوهم بقريب من مائة رام فاقتصُّوا آثارَهم، حتى أتوا منزلًا نزلوه، فوجدوا فيه نوى تمر زوَّدوه من المدينة، فقالوا: هذا تمر يثرب، فتبعوا آثارهم حتى لحقوهم، فلما انتهى عاصم وأصحابه لجأوا إلى فدفد، وجاء القوم فأحاطوا بهم فقالوا: لكم العهد والميثاق إن نزلتم إلينا أن لا نقتُل منكم رجلًا. فقال عاصم: أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر، اللهم أخبر عنا نبيَّك. فقاتلوهم حتى قتلوا عاصمًا في سبعة نفر بالنَّبل، وبقي خُبيب وزيد ورجل آخر، فأعطوهم العهد والميثاق، فلما أعطوهم العهد والميثاق نزلوا إليهم، فلما استمكنوا منهم حَلُوا أوتار قسيِّهم فربطوهم بها، فقال الرجل الثالث الذي معهما: هذا أول الغدر، فأبى أن يصحبهم فجروه وعالجوه على أن يصحبهم فلم يفعل، فقتلوه، وانطلقوا بخبيب وزيد حتى باعوهما بمكة، فاشترى خبيبًا بنو الحارث بن عامر بن نوفل، وكان خبيب هو قتلَ الحارث يوم بدر - فمكث عندهم أسيرًا، حتى أجمعوا قتله، استعار موسى من بعض بنات الحارث ليستحدَّ بها، فأعارته، قالت: فغفلت عن صبيّ لي، فدرج إليه حتى أتاه فوضعه على فخذه، فلما رأيته فزعت فزعة عرف ذاك مني، وفي يده الموسى، فقال: أتخشين أن أقتله؟ ما كنت لأفعل ذاك إن شاء الله. وكانت تقول: ما رأيت أسيرًا قط خيرًا من خُبيب، لقد رأيته يأكل من قطف عنب وما بمكة يومئذ ثمرة. وإنه لموثق في الحديد، وما كان إلا رزق رزقه الله؛ فخرجوا به من الحرم ليقتلوه، فقال: دعوني أصلِّي ركعتين، ثم انصرف إليهم فقال: لولا أن تروا أن ما بي

جزع من الموت لزدت، فكان أول من سنَّ الركعتين عند القتل هو. ثم قال: اللهم أحصهم عددًا، ثم قال: ما أبالي حين أُقتل مسلما ... على أيِّ شق كان لله مصرعي وذلك في ذات الإله وإن يشأ ... يُبارك على أوصال شلوٍ ممزَّع ثم قام إليه عقبة بن الحارث فقتله. وبعثت قريش إلى عاصم ليُؤتوا بشيء من جسده يعرفونه، وكان عاصم قَتَل عظيمًا من عظمائهم يوم بدر، فبعث الله عليه مثل الظُّلة من الدبر فحمته (¬1) من رسلهم، فلم يقدروا منه على شيء». 4087 - عن جابر قال: «الذي قتل خُبيبًا هو أبو سروعة» (¬2). 4088 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: «بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - سبعين رجلًا لحاجة (¬3) يقال لهم القرّاء، فعرض لهم حيان من بني سليم رعل وذكوان عند بئر يقال لها بئر معونة، فقال القوم: والله ما إياكم أردنا، إنما نحن مجتازون في حاجة للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقتلوهم، فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - عليهم شهرًا في صلاة الغداة، وذلك بدء القنوت، وما كنا نقنتُ». قال عبد العزيز: وسأل ¬

(¬1) هكذا يبتلى الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل، يبتلون ثم تكون لهم العاقبة. (¬2) وهو عقبة بن الحارث، وقد أسلم - رضي الله عنه -. (¬3) للدعوة إلى الله والتعليم.

رجل أنسًا عن القنوت: أبعد الركوع، أو عند فراغ (¬1) من القراءة؟ قال: لا. بل عند فراغ من القراءة. 4090 - عن أنس - رضي الله عنه - «أن رِعلًا وذكوان وعُصيَّة وبني لحيان استمدوا (¬2) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عدوّ، فأمدَّهم بسبعين من الأنصار كنا نسميهم القراء في زمانهم، كانوا يحتطبون بالنهار، ويصلون بالليل. حتى كانوا ببئر معونة قتلوهم وغدروا بهم فبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقنت شهرًا يدعو في الصبح على أحياء من أحياء العرب: على رعل وذكوان وعُصيّة وبني لحيان. قال أنس فقرأنا فيهم قرآنًا، ثم إن ذلك رُفع: بلِّغوا عنا قومنا أنا لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا». 4093 - عن عائشة - رضي الله عنها - قال: «استأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - أبو بكر في الخروج حين اشتد عليه الأذى، فقال له: أقم. فقال: يا رسول الله، أتطمع أن يُؤذن لك؟ فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إني لأرجو ذلك. قالت: فانتظره أبو بكر. فأتاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم ظهرًا فناداه فقال: أخرج من عندك. فقال أبو بكر. إنما هما ابنتاي. فقال: أشعرتَ أنه قد أذِنَ لي في الخروج؟ (¬3) ... ». 4096 - عن عاصم الأحول قال: سألت أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن ¬

(¬1) وهذا في بعض الأحيان، والغالب بعد الركوع من فعله صلى الله عليه سلم، كما جاء في حديث ابن عمر، وأنس هنا ذكر الصفتين. والمقصود أنه مباح وواسع قبل وبعد، وسألته عن الوتر؟ فقال: الذي أعلم بعد الركوع. (¬2) لا منافاة استمدوهم للعدو وليعلموا الناس. (¬3) يعني للهجرة.

19 - باب غزوة الخندق وهي الأحزاب

القنوت في الصلاة. فقال: نعم. فقلت كان قبل الركوع أو بعده؟ قال: قبل. قلت فإن فلانًا أخبرني عنك أن قلت بعده، قال: كذَب، إنما قنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد الركوع شهرًا أنه كان بعث ناسًا يقال لهم القرّاء (¬1). 19 - باب غزوة الخندق وهي الأحزاب 4099 - عن أنس - رضي الله عنه - يقول: «خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الخندق، فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون (¬2) في غداة باردة، فلم يكن لهم عبيد يعملون ذلك لهم، فلما رأى ما بهم من النَّصب والجوع قال: إن العيش عيش الآخرة (¬3)، فاغفر للأنصار والمهاجرة. فقالوا مجيبين له: نحن الذين بايعوا محمدًا ... على الجهاد ما بقينا أبدًا قال الحافظ: ... وقبل كان المشركون أربعة آلاف (¬4) والمسلمون نحو الألف. قال الحافظ: ... وقال ابن إسحق: كانت في شوال سنة خمس (¬5)، وبذلك جزم غيره من أهل المغازي. ¬

(¬1) هذا فيه التفصيل قبل الركوع وبعده. (¬2) وهذا من ابتلاء الله لأنبيائه، لما علم أن قريشًا ستغزو حفروا الخندق المشهور أنه مشورة سلمان ونفع الله به، وفيه أنه لابد من الأخذ بالأسباب. (¬3) يعني العيش الكامل، وعيش الدنيا فيه نقص. (¬4) المشهور أن الأحزاب عشرة آلاف. (¬5) وهذا هو المشهور.

قال الحافظ: ... لاحتمال أن يكون ابن عمر في أُحد كان في أول ما طعن في الرابعة عشر وكان في الأحزاب قد استكمل الخمس عشرة (¬1). 4101 - عن عبد الواحد بن أيمن عن أبيه قال: «أتيت جابرًا - رضي الله عنه - فقال: إنا يوم الخندق نحفر فعرضت كدية شديدة، فجاءوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: هذه كدية عرضَت في الخندق فقال: أنا نازل. ثم قام وبطنه معصوب بحجر (¬2)، ولبثنا ثلاثة أيام لا نذوق ذواقًا، فأخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - المعول فضرب في الكدية، فعاد كثيبها أهيل أو أهْيم. فقلت: يا رسول الله ائذن لي إلى البيت. فقلت لامرأتي: رأيت بالنبي - صلى الله عليه وسلم - شيئًا ما كان في ذلك صبر، فعندك شيء؟ فقالت: عندي شعير وعَناق. فذبحت العَناق، وطحنت الشعير، حتى جعلنا اللحم بالبُرمة. ثم جئت النبي - صلى الله عليه وسلم - والعجين قد انكسر، والبرمة بين الأثافيِّ قد كادت أن تنضج، فقلت: طُعيِّم لي، فقم أنت يا رسول الله ورجلٌ أو رجلان. قال: كم هو: فذكرت له، فقال: كثيرٌ طيِّب. قال: قل لها لا تنزع البرمة ولا الخبز من التنُّور حتى آتي. فقال: قوموا. فقام المهاجرون والأنصار. فلما دخل على امرأته قال: ويحك، جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمهاجرين والأنصار ومن معهم. قالت: هل سألك؟ قلت: نعم. فقال: ادخلوا ولا تضاغطوا. فجعل يكسر الخبز ويجعل عليه اللحم، ويخمِّر البرمة والتنُّور إذا أخذ منه، ويقرِّب إلى أصحابه ثم ينزع، فلم يزل يكسر الخبز ويغرف حتى شبعوا، وبقي بقية، قال: كلي هذا وأهدي، فإن الناس أصابتهم مجاعة» (¬3). ¬

(¬1) هذا هو الأظهر، جمعًا بين الأدلة. (¬2) معصوب بحجر من الجوع (وأشار الشيخ إلى بطنه). (¬3) هذا من آيات الله ومن معجزات نبيه - صلى الله عليه وسلم -.

4102 - عن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: «لما حُفر الخندق رأيت بالنبي - صلى الله عليه وسلم - خمصًا شديدًا، فانكفيت إلى امرأتي فقلت: هل عندك شيء؟ فإني رأيت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمصًا شديدًا. فأخرجت إليَّ جرابًا فيه صاع من شعير، ولنا بهيمة داجن فذبحتها، وطحنت الشعير، ففرغت إلى فراغي، وقطعتها في بُرمتها. ثم وليت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقالت: لا تفضحني (¬1) برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبمن معه. فجئته فساررته فقلت: يا رسول الله ذبحنا بُهيمة لنا وطحنا صاعًا من شعير كان عندنا، فتعال أنت ونفر معك، فصاح النبي - صلى الله عليه وسلم -: يا أهل الخندق، إن جابرًا قد صنع سورًا، فحيَّ هلا بكم. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تُنزلنَّ برمتكم، ولا تخبرن عجينكم حتى أجيء. فجئت وجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقدُم الناس، حتى جئت امرأتي فقال: بك وبك. فقلت: قد فعلت الذي قلت. فأخرجت له عجينًا، فبصق فيه وبارك، ثم عمد إلى بُرمتنا فبصق وبارك. ثم قال: ادع خابزة فلتخبز معي (¬2). واقدحي من برمتكم ولا تنزلوها، وهم ألف، فأقسم بالله لقد أكلوا حتى تركوه وانحرفوا، وإن برمتنا لتغطُّ كما هي، وإن عجيننا ليخبز كما هو» (¬3). 4105 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «نُصرت بالصبَّا، وأُهلكتْ عادٌ بالدَّبور» (¬4). ¬

(¬1) خشية الفشل. (¬2) في نسخة معك. قال شيخنا: هذا هو الصواب. (¬3) هذه من آيات الله ومن دلائل صدق رسوله - صلى الله عليه وسلم -. (¬4) الصبا: ريح المشرق. والدَّبور: المغرب.

30 - باب مرجع النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأحزاب ومخرجه إلى بني قريظة، ومحاصراته إياهم

4106 - عن البراء قال: «لما كان يوم الأحزاب وخندق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأيته ينقل من تراب الخندق حتى واري عني التراب جلدة بطنه - كان كثير الشعر- فسمعته يرتجز بكلمات ابن رواحة وهو ينقل من التراب يقول: اللهم لولا أنت ما اهتدينا ... ولا تصدَّقنا ولا صلَّينا فأنزلن سكينة علينا ... وثبِّت الأقدام إن لاقينا إن الأُلى (¬1) قد بغَوا علينا ... وإن أرادوا فتنة أبينا قال: ثم يمد صوته بآخرها». 30 - باب مرجع النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأحزاب ومخرجه إلى بني قريظة، ومحاصراته إياهم 4117 - عن عائشة - رضي الله عنها - قال: «لما رجع النبي - صلى الله عليه وسلم - من الخندق ووضع السلاح واغتسل، أتاه جبريل - عليها السلام - فقال: قد وضعت السلاح، والله ما وضعناه، فاخرج إليهم. قال: فإلى أين؟ قال: ها هنا. وأشار إلى قريظة، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم» (¬2). ¬

(¬1) الأُلى: قريش. والفتنة: الشرك، وإذا أرادوا هذا أبينا وقاتلناهم، والفتنة هنا عام الشرك والظلم. (¬2) وما ذاك إلا لأنهم نقضوا العهد، فكان ذلك سبب قتلهم وسبي ذراريهم ونسائهم.

4119 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الأحزاب: «لا يصليَّن أحد العصر إلا في بني قريظة: فأدرك بعضهم العصر في الطريق فقال بعضهم: لا نصلِّي حتى نأتيهم، وقال بعضهم: بل نصلّي، لم يُرد منا ذلك. فذُكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يعنِّف واحدًا منهم» (¬1). 4120 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: «كان الرجل يجعل للنبي - صلى الله عليه وسلم - النخلات، حتى افتتح قريظة والنضير. وإن أهلي أمروني أن أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - فأسأله الذي كانوا أعطوه أو بعضه، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أعطاه أمَّ أيمن، فجاءت أم أيمن فجعلت الثوب في عنقي تقول: كلا والذي لا إله إلا هو، لا يعطيكم وقد أعطانيها - أو كما قالت - والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: لك كذا، وتقول: كلا والله، حتى أعطاها - حسبتُ أنه قال - عشرة أمثاله. أو كما قال» (¬2). قال الحافظ: ... وعاشت أم أيمن بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - قليلًا (¬3) - رضي الله عنها -. 4121 - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: «نزل أهل قريظة على حكم سعد بن معاذ، فأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى سعد فأتى على حمار، فلما ¬

(¬1) وهذا يدل على أنه من أخذ بظواهر النصوص فهو موفق لكن مراعاة الأصول (أحسن)؛ لأن الذين صلوا في الطريق راعو الأصول مع الأخذ بالنص. (¬2) اللهم ارض عنها، وأم أيمن حاضنته وكان يجلها ويخدمها، وكان فيها حدة - رضي الله عنها -. (¬3) في الخلاصة ماتت في خلافة عثمان.

دنا من المسجد قال للأنصار: قوموا إلى سيدِّكم - أو خيركم - فقال: هؤلاء نزلوا على حُكمك فقال: تقتل مقاتلتهم، وتسبي ذراريهم. قال: قضيت بحكم الله. وربما قال: بحكم الملك» (¬1). 4122 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «أصيب سعد يوم الخندق، رماه رجل من قريش يقال له حبان بن العرقة، رماه في الأكحل، فضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - خيمة في المسجد ليعوده من قريب. فلما رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الخندق وضع السلاح واغتسل، فأتاه جبريل - عليها السلام - وهو ينفض رأسه من الغبار فقال: قد وضعت السلاح، والله ما وضعتُه، اخرج إليهم. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فأين؟ فأشار إلى بني قُريظة. فأتاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنزلوا على حكمه، فردَّ الحكم إلى سعد. قال: فأني أحكم فيهم أن تُقتل المقاتلة، وأن تُسبى النساء والذُّرية، وأن تُقسم أموالهم. قال هشام: فأخبرني أبي عن عائشة أن سعدًا قال: اللهم إنك تعلم أنه ليس أحدُ أحبَّ إليَّ أن أجاهدَهم فيك من قوم كذَّبوا رسولَك وأخرجوه. اللهم فإني أظنُّ أنك قد وضعت الحرب بيننا وبينهم فإن كان بقي من حرب قريش شيء فأبقني له حتى أجاهدهم فيك، وإن كنت وضعت الحرب فافجرها واجعل موتتي (¬2) فيها. فانفجرت من لبَّته. فلم يرُعهم - وفي المسجد خيمة من بني غفار إلا الدَّم يسيل إليهم، فقالوا يا أهل الخيمة، ما هذا الذي يأتينا من قِبلكم؟ فإذا سعد يغذو جُرحُه دمًا، فمات منها - رضي الله عنه -» (¬3). ¬

(¬1) قالوا نرضى بحكم سعد، ظنوا أنه يعفو عنهم فقضى بهم بحكم الله. (¬2) من اجتهاده. (¬3) رضي الله عنه وأرضاه وأكرم مثواه.

31 - باب غزوة ذات الرقاع

31 - باب غزوة ذات الرقاع 4125 - وقال عبد الله بن رجاء أخبرنا عمران (¬1) القطان عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بأصحابه في الخوف في غزوة السابعة غزوة ذات الرِّقاع» قال ابن عباس «صلى النبي صلى الله عليه وسلام يعني صلاة الخوف بذي قَرَد». 4127 - عن جابر قال: «خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى ذات الرِّقاع من نخلٍ فلقي جمعًا من غطفان فلم يكن قتال، وأخاف الناس بعضهم بعضًا، فصلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ركعتي الخوف» (¬2). 4128 - عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: «خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزاة ونحن في ستة نفر بيننا بعير نعتقبه، فنقبت أقدامنا ونقبت قدماي وسقطت أظفاري، فكنا نلفُّ على أرجُلنا الخرق، فسُمِّيت غزوة ذات الرقاع لما كنا نعصب من الخرَق على أرجُلنا. وحدَّث أبو موسى بهذا الحديث ثم كره ذاك قال: ما كنت أصنع بأن أذكره. كأنه كره أن يكون شيء من عمله أفشاه» (¬3). 4129 - عن مالك عن يزيد بن رُومان عن صالح بن خوات عمن شهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم ذات الرِّقاع صلاة الخوف، أن طائفة صفَّت معه، ¬

(¬1) عمران بن داوَرْ (¬2) كون ذات الرقاع بعد الأحزاب لا يمنع ما فعل في الأحزاب من التأخير للصلاة ولا حاجة إلى النسخ، وكما أخر الصحابة الصلاة يوم فتح تستر. (¬3) وهذا يدل على ما أصاب الصحابة من الشدة في سبيل الله وفي الجهاد، وهذا يدل على الصبر العظيم.

وطائفة وُجاهَ العدوِّ، فصلى بالتي معه ركعة ثم ثبت قائمًا وأتموا لأنفسهم، ثم انصرفوا فصفُّوا وُجاه العدوِّ وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته، ثم ثبت جالسًا وأتموا لأنفسهم، ثم سلم بهم» (¬1). 4131 - ... حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله (¬2). 4133 - عن عبد الله بن عمر عن أبيه «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلَّى بإحدى الطائفتين، والطائفة الأخرى مواجهة العدو، ثم انصرفوا فقاموا في مقام أصحابهم، فجاء أولئك فصلى بهم ركعة ثم سلّم عليهم، ثم قام هؤلاء فقضوا ركعتهم وقام هؤلاء فقضوا ركعتهم» (¬3). 4135 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: «أنه غزا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قِبل نجد، فلما قفل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قفل معه، فأدركتهم القائلة في واد كثير العضاة، فنزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتفرَّق الناس في العضاة يستظلون بالشجر، ونزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحت سَمُرة فعلَّق بها سيفه. قال جابر: فنمنا نومة فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعونا، فجئناه، فإذا عنده أعرابي جالس، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن هذا اخترط سيفي وأنا نائم فاستيقظت وهو في ¬

(¬1) وهذه إحدى [صفات] صلاة الخوف، وقد صلى بهم أنواع وهي ستة أو سبعة. (¬2) رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬3) وهذا نوع آخر.

يده صَلتًا، فقال لي: من يمنعك مني. قلت: الله، فها هو جالس. ثم لم يُعاقبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» (¬1). 4146 - عن أبي سلمة عن جابر قال: «كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بذات الرِّقاع، فإذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها للنبي - صلى الله عليه وسلم -. فجاء رجل من المشركين وسيف النبي - صلى الله عليه وسلم - معلق بالشجرة، فاخترطه فقال له: تخافني؟ فقال له: لا. قال: فمن يمنعك مني؟ قال: الله. فتهدَّده أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأُقيمت الصلاة فصلى بطائفة ركعتين، ثم تأخروا وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين، وكان للنبي - صلى الله عليه وسلم - أربع (¬2) وللقوم ركعتان» وقال مسدد عن أبي عوانة عن أبي بشر «اسم الرجل غورَث (¬3) بن الحارث. وقاتل فيها محارب خَصَفَة». 4137 - عن أبي الزبير عن جابر «كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بنخل فصلى الخوف» وقال أبو هريرة «صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة نجد صلاة الخوف». وإنما جاء أبو هريرة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أيام خيبر (¬4). ¬

(¬1) تقدم أنه سقط من يده فأخذه النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: من يمنعك مني؟ فقال كن خير آخذ، فقال: أسلم .. إلخ. (¬2) سلم في الركعتين الأولى، وصلى بالطائفة الثانية ركعتين كما في رواية في السنن، وهذا يدل على العناية بالبحث. (¬3) الذي أخذ السيف. * وهذا من أدلة صلاة النفل وخلفه أهل الفرض، مثل ما فعل معاذ بأصحابه. (¬4) ما شرعت صلاة الخوف إلا بعد الأحزاب يستدلون به على النسخ، لكن جاءت قبل الأحزاب وبعد الأحزاب، ثم الجمع مقدم على النسخ.

32 - غزوة بني المصطلق من خزاعة وهي غزوة المريسيع

32 - غزوة بني المصطلق من خُزاعة وهي غزوة المُرَيسيع 4138 - عن ابن محيريز أنه قال: «دخلت المسجد فرأيت أبا سعيد الخدري فجلست إليه، فسألته عن العزل (¬1)، قال أبو سعيد: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة بني المصطلق، فأصبنا سبيًا من سبي العرب، فاشتهينا النساء واشتدَّت علينا العُزبة وأحببنا العزل، فأردنا أن نعزل، وقلنا نعزل ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أظهرنا قبل أن نسأله؟ فسألناه عن ذلك فقال: ما عليكم أن لا تفعلوا، ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة». 4139 - عن جابر بن عبد الله قال: «غزونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزوة نجد، فلما أدركته القائلة وهو في واد كثير العضاة فنزل تحت شجرة واستظلًّ بها وعلَّق سيفه، فتقرَّق الناس في الشجر يستظلون. وبينا نحن كذلك إذ دعانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجئنا فإذا أعرابي قاعد بين يديه فقال: إن هذا أتاني وأنا نائم، فاخترط سيفي، فاستيقظت وهو قائم على رأسي مخترط سيفي صلتا، قال: من يمنعك مني؟ قلت: الله. فشامه (¬2) ثم قعد، فهو هذا. قال ولم يُعاقبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -». ¬

(¬1) ثم رخص لهم في العزل، والقدر نافذ والعزل سبب من الأسباب؛ ولهذا قال جابر: كنا نعزل والقرآن ينزل وفي مسلم فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم ينهنا. فيعزل عن الجارية بدون إذن والزوجة بإذنها، ثم سألته: أليس للزوجة حق في الولد؟ فقال: بإذنهما جميعًا. (¬2) وفي رواية: سقط السيف من يدي، فلعلها واقعتان، كذا قال شيخنا.

33 - باب غزوة أنمار

33 - باب غزوة أنمار 4140 - عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة أنمار يُصلي على راحلته متوجِّهًا قِبَل المشرق متطوِّعًا» (¬1). 34 - باب حديث الإفك (¬2) 4141 - عن ابن شهاب حدثني عروة بن الزبير وسعيد بن المسيّب وعلقمة بن وقاص وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عائشة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قال لها أهل الإفك ما قالوا، وكلهم حدثني طائفة من حديثها وبعضهم كان أوعى لحديثها من بعض وأثبت له اقتصاصًا وقد وعيت عن كل رجل منهم الحديث الذي حدثني عن عائشة، وبعض حديثهم يصدِّق بعضًا، وإن كان بعضهم أوعى له من بعض، قالوا: «قالت عائشة: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد سفًر أقرع بين أزواجه، فأيتهن خرج سهمُها خرج بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معه (¬3). قالت عائشة: فأقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج فيها سهمي، فخرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعدما أُنزل الحجاب، فكنت أُحمل في هودجي وأُنزل فيه. فسرنا؛ حتى إذا فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غزوته تلك وقفل ودَنَونا من المدينة قافلين آذنَ ليلة بالرحيل، فقمت حين آذنوا بالرحيل فمشيت حتى جاوزت الجيش، فلما قضيت شأني أقبلت ¬

(¬1) لا بأس بالتطوع على الراحلة في السفر إلى جهة القبلة وإلى غير القبلة. (¬2) المراد بالإفك: هنا الكذب. (¬3) لو شاورهم قد يرضى بعضهن ولا تكون تامة الرضى فإذا قرع بينهن فالقرعة أحسن من المشاورة.

إلى رحلي فلمست صدري فإذا عقد لي من جزع ظفار قد انقطع، فرجعت فالتمست عقدي فحبسني ابتغاؤه. قالت: وأقبل الرهط الذين كانوا يُرحِّلوني فاحتملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب عليه - وهم يحسبون أني فيه، وكان النساء إذ ذاك خفافًا لم يهبُلن ولم يغشهن اللحم، إنما يأكلن العُلقة من الطعام - فلم يستنكر القوم خفة الهودج حين رفعوه وحملوه، وكنت جارية حديثة السِّن، فبعثوا الجمل فساروا، ووجدت عقدي بعد ما استمر الجيش. فجئت منازلهم وليس بها منهم داع ولا مجيب. فتيممت منزلي الذي كنت به، وظننت أنهم سيفقدوني فيرجعون إليّ. فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت، وكان صفوان بن المعطل السُّلمي ثم الذَّكواني من وراء الجيش، فأصبح عند منزلي، فرأى سواد إنسان نائم، فعرفني حين رآني، وكان رآني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فخمرت وجهي بجلبابي. ووالله ما تكلمنا بكلمة، ولا سمعت منه غير استرجاعه، وهوى حتى أناخ راحلته، فوطء على يدها، فقمت إليها فركبتُها، فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش موغرين في نحر الظهيرة وهم نُزول. قالت: فهلك من هلك. وكان الذي تولّى كبرَ الإفك عبد الله بن أبي ابن سلول. قال عروة: أُخبرت أنه كان يُشاع ويتحدث به عنده فيُقرُّه ويستمعه ويستوشيه. وقال عروة أيضًا: لم يسمّ من أهل الإفك أيضًا إلا حسان بن ثابت (¬1) ومسطح بن أُثاثة وحمنة بنت جحش في ناس آخرين لا علم لي بهم، غير أنهم عُصبة - كما قال الله تعالى - وإن كبرَ ذلك يُقال عبد الله بن أبيّ ابن سلول. قال عروة: كانت ¬

(¬1) وقع هؤلاء الأربعة في الإشاعة وجُلدوا سوى أبن أُبي.

عائشة تكره أن يُسبَّ عندها حسان وتقول إنه الذي قال: فإن أبي ووالدَه وعرضي ... لعرض محمد منكم وقاء قالت عائشة: فقدمنا المدينة، فاشتكيت حين قدمت شهرًا، والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك، لا أشعر بشيء من ذلك، وهو يريبُني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اللطف الذي كنت أرى منه حين اشتكي، إنما يدخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيُسلِّم ثم يقول: كيف تيكم؟ ثم ينصرف، فذلك يريبُني ولا أشعر بالشرَّ، حتى خرجت حين نقهت، فخرجت مع أم مسطح قبل المناصع - وكان متبرَّزنا، وكنا لا نخرج إلا ليلًا إلى ليل - وذلك قبل أن نتخذ الكنُف قريبًا من بيوتنا، قالت وأمرُنا أمرُ العرب الأُول في البرِّية قبلّ الغائط، وكنا نتأذى بالكنُف أن نتخذها ببيوتنا. قالت: فانطلقت وأنا وأمُّ مسطح - وهي ابنة أبي رُهم بن المطلب بن عبد مناف، وأمُّها بنت صخر بن عامر خالة أبي بكر الصديق، وابنها مسطح بن أثاثة ابن عبّاد بن المطلب - فأقبلت أنا وأمُّ مسطح قبل بيتي حين فرغنا من شأننا، فعثرت أمُّ مسطح في مرطها فقال: تعسَ مسطح، فقلت لها: بئس ما قلت، أتسبين رجلًا شهد بدرًا؟ فقالت: أي هنتاه ولم تسمعي ما قال؟ فأخبرتني بقول أهل الإفك. قالت: فازددت مرضًا على مرضي. فلما رجعت إلى بيتي دخل عليًّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسلَّم ثم قال: كيف تيكم؟ فقلت له: أتأذن لي أن آتي أبويَّ؟ قالت: وأريد أن أستيقن الخبر من قبلهما. قالت: فأذن لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقلت لأمي: يا أمَّتاه، ماذا يتحدث الناس؟ قالت: يا بنية، هوِّني عليك. فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبُّها لها ضرائر إلا أكثرن عليها. قالت فقلت: سبحان

الله، أو لقد تحدَّث الناس بهذا؟ قالت: فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم، ثم أصبحت أبكي. قالت: ودعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليَّ بن أبي طالب وأسامة بن زيد حين استلبث الوحيُ يسألهما ويستشيرهما في فراق أهله. قالت: فأما أسامة فأشار على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالذي يعلم من براءة أهله وبالذي يعلم لهم في نفسه، فقال أسامة: أهلُك، ولا نعلم إلا خيرًا. وأما علىٌّ فقال: يا رسول الله، لم يُضيِّق الله عليك، والنساء سواها كثير، وسل الجارية تصدُقك. قالت: فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بَريرة فقال: أي بريرة، هل رأيت من شيء يريبك؟ قالت له بريرة: والذي بعثك بالحق، ما رأيت عليها أمرًا قط أغمضه، غير أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن فتأكله. قالت: فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من يومه فاستعذر من عبد الله بن أُبيّ - وهو على المنبر - فقال: يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغني عنه أذاه في أهلي، والله ما علمت على أهلي إلا خيرًا. ولقد ذكروا رجلًا ما علمت عليه إلا خيرًا، وما يدخل على أهلي إلا معي. قالت: فقام سعد بن معاذ - أخو بني عبد الأشهل - فقال: أنا يا رسول الله أعذركن فإن كان من الأوس ضرَبتُ عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتَنا ففعلنا أمرك. قالت: فقام رجل من الخزرج - وكانت أمُّ حسان بنت عمه من فخذه وهو سعد بن عُبادة وهو سيِّد الخزرج. قالت: وكان قبل ذلك رجلًا صالحًا، ولكن احتملته الحميَّة - فقال لسعدك كذبت لعمرُ الله، لا تقتله ولا تقدر على قتله، ولو كان من رهطك ما أحببت أن يُقتل. فقال أسيدُ بن حضير - وهو ابن عم سعد - فقال لسعد بن عُبادة: كذبت لعمر الله، لنقتلنَّه، فإنك منافق تجادل عن المنافقين. قالت: فثار الحيّان الأوس

والخزرج - حتى همُّوا أن يقتتلوا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائم على المنبر. قالت: فلم يزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُخفِّضهم حتى سكتوا وسكت. قالت: فبكيت يومي ذلك كله لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم. قالت: وأصبح أبوايَ عندي وقد بكيت ليلتين ويومًا لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم، حتى أني لأظن أن البكاء فالق كبدي. فبينا أبوايَ جالسان عندي وأنا أبكي فاستأذنت عليَّ امرأة من الأنصار، فأذنت لها، فجلست تبكي معي. قالت: فبينا نحن على ذلك دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علينا فسلم ثم جلس. قالت: ولم يجلس عندي منذ قبل ما قيل قبلها، ولقد لبث شهرًا لا يوحي إليه في شأني بشيء. قالت: فتشهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين جلس ثم قال: أما بعد يا عائشة إنه بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيُبرِّؤك الله، وإن كنت ألمت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف ثم تاب تاب الله عليه. قالت: فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقالته قَلَصَ دمعي حتى ما أُحسُّ منه قطرة، فقلت لأبي: أجبْ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عني فيما قال، فقال أبي: والله ما أدري ما أقول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقلت لأمي: أجيبي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما قال. قالت أمي والله ما أدري ما أقول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقلت - وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ من القرآن كثيرًا-: إني والله لقد علمت لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقرَّ في أنفسكم وصدقتم به، فلئن قلت لكم إني بريئة - لا تصدقونني، ولئن اعترفت لكم بأمر - والله يعلم أني منه بريئة - لتصدِّقني، فوالله لا أجد لي ولكم مثلًا إلا أبا يوسف حين قال: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18] ثم تحوَّلت فاضطجعت على فراشي، والله يعلم أني حينئذ بريئة، وأن الله

مبرِّئي ببراءتي. لكن والله ما كنت أظن أن الله تعالى منزل في شأني وحيًا يتلى، لشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله فيَّ بأمر، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في النوم رؤيا يُبرِّؤني الله بها، فوالله ما رام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مجلسه ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أنزل عليه، فأخذه ما كان يأخذه من البُرجاء، حتى إنه ليتحدَّر منه العرق مثل الجُمان - وهو في يوم شات - من ثقل القول الذي أنزل عليه. قالت: فسُرِّي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يضحك، فكانت أول كلمة تكلم بها أن قال: يا عائشة، أمّا الله فقد برأك. قالت فقالت لي أمي: قومي إليه، فقلت: لا والله لا أقوم إليه، فإني لا أحمدُ إلا الله - عز وجل -. قالت: وأنزل الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ .. } [النور: 11] العشر الآيات. ثم أنزل الله تعالى هذا في براءتي (¬1). قال أبو بكر الصديق - وكان يُنفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره -: والله لا أنفق على مسطح شيئًا أبدًا بعد الذي قال لعائشة ما قال. فأنزل الله تعالى: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ} [النور: 22] إلى قوله {غَفُورٌ رَحِيمٌ}. قال أبو بكر الصديق: بلى والله، إني لأحب أن يغفر الله لي. فرجع إلى مسطح النفقة التي كان يُنفق عليه وقال: والله لا أنزعها منه أبدًا. قالت عائشة: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سأل زينب بنت جحش عن أمري، فقال لزينب ماذا علمت أو رأيت؟ فقالت: يا رسول الله أحمي سمعي وبصري، والله ما علمت إلا خيرًا. قالت عائشة: وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - فعصَمَها الله بالوَرع. قالت: ¬

(¬1) هكذا سنته في أوليائه وأهل طاعته تكون الشدة ثم يأتي الفرج.

35 - باب غزوة الحديبية

وطفقت أختها حمنة تحارب لها، فهلكت فيمن هلك». قال ابن شهاب: فهذا الذي بلغني من حديث هؤلاء الرهط. ثم قال عروة: «قالت عائشة: والله إن الرجل الذي قيل له ما قيل ليقول: سبحان الله، فوالذي نفسي بيده ما كشفت من كَنَف أنثى قط. قالت: ثم قُتل بعد ذلك في سبيل الله» (¬1). 4146 - عن مسروق قال: «دخلنا على عائشة - رضي الله عنها -، وعندها حسان بن ثابت (¬2) يُنشدها شعرًا يُشَبِّب بأبيات له وقال: حصان رَزانٌ ما تُزن بريبة ... وتصبح غرثى من لحوم الغوافل (¬3) فقالت عائشة: لكنك لست كذلك. قال مسروق: فقلت لها: لم تأذني له أن يدخل عليك وقد قال والله تعالى: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور: 12] فقالت: وأيُّ عذاب أشدُّ من العَمى. قالت له: إنه كان ينافح - أو يُهاجي - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -». 35 - باب غزوة الحديبية وقول الله تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: 18] 4147 - عن زيد بن خالد - رضي الله عنه - قال: «خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية فأصابنا مطر ذات ليلة فصلى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصبح، ثم ¬

(¬1) يعني صفوان بن المعطل - رضي الله عنه -. (¬2) فكان حسان ممن لبس عليه من كلام المنافقين فأقيم عليه الحد، والحد كفارة. (¬3) يري أنه مكذوب عليه، وزاد الشيخ: لئن كان ما قد قيل أني قلته فما رفعت يدي إليّ أناملي.

أقبل علينا فقال: أتدرون ماذا قال ربكم؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، فقال: قال الله أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر بي. فأما من قال مُطرنا برحمة الله وبرزق الله وبفضل الله فهو مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال مُطرنا بنجم كذا فهو مؤمن بالكوكب كافر بي» (¬1). 4148 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: «اعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عُمَرَ كلُّهن في ذي القعدة، إلا التي كانت مع حجته عمرة من الحديبية في ذي القعدة، وعمرة من العام المقبل في ذي القعدة، وعمرة من الجعرانة حيث قسم غنائم حُنين في ذي القعدة، وعمرة مع حجته» (¬2). ¬

(¬1) وهذا فيه بيان أن المشروع عند المطر أن يقول: «مُطرنا بفضل الله ورحمته» «اللهم صيبًا نافعًا» ومن قال بنوء كذا فهو مشابه لأهل الجاهلية، ثم الإخبار عن الوقت في الصيف فلا بأس أما بالباء لا يجوز وإن اعتقد أن النجم مؤثر صار كفرًا أكبر، وبالباء كفر أصغر، فالكفر كفران أصغر وأكبر. * حديث عهد بربه لأنه نزل من العلو كلما كان أعلى كان أقرب إلى الله. * العمرة في رجب قالت عائشة وهم فيها ابن عمر وعلى قول ابن عمر تصبح عُمَرُه خمسًا. (¬2) عُمَرُه أربع: الحديبية ولم تكتمل لكن لهم أجرها؛ ولأنهم صدوا بغير حق، والثانية عمرة القضاء سنة سبع، والثالثة عمرة الجعرانة بعد فتح مكة والرابعة مع حجته.

4150 - عن البراء - رضي الله عنه - قال: «تُعدُّون أنتم الفتح فتح مكة، وقد كان فتح مكة فتحًا، ونحن نعدُّ الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية (¬1): كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - أربع عشرة مائة، والحديبية بئرٌ، فنزحناها فلم نترك فيها قطرة، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأتاها فجلس على شفيرها، ثم دعا بإناء من ماء فتوضأ ثم مضمض ودعا، ثم صبَّه فيها، فتركناها غير بعيد، ثم إنها أصدرتنا ما شئنا نحن وركابنا» (¬2). 4152 - عن جابر - رضي الله عنه - قال: «عَطِش الناس يوم الحديبية، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين يديه ركوة، فتوضأ منها، ثم أقبل الناس نحوه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما لكم؟ قالوا: يا رسول الله، ليس عندنا ماء نتوضأ به ولا نشرب إلا ما في ركوتك. قال فوضع النبي - صلى الله عليه وسلم - يده في الركوة، فجعل الماء يفور من بين أصابعه كأمثال العُيون، قال فشربنا وتوضأنا. فقلت لجابر كم كنتم يومئذ؟ قال: لو كنا مائة ألف لكفانا، كنا خمس عشرة مائة» (¬3). ¬

(¬1) كلاهما فتح: فتح بالصلح وفتح بإذلال الكفار ودخول مكة وانتهاء الحرب مع قريش. (¬2) وهذا من المعجزات التي وقعت له عليه الصلاة والسلام. (¬3) كانوا ألفًا وزيادة فمنهم من جبر الكسر 1500 ومن حذف الكسر قال 1400، ولهذا قال أبو العباس في الواسطية كانوا أكثر من ألف وأربعمائة.

4154 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: «قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الحديبية: أنتم خير أهل الأرض. وكنا ألفًا وأربعمائة. ولو كنت أبصرُ اليوم لأريتكم مكان الشجرة» (¬1). تابعه الأعمش «سمع سالمًا سمع جابرًا ألفًا وأربعمائة». 4155 - عن عبد الله بن أوفى - رضي الله عنهما - «كان أصحاب الشجرة ألفًا وثلاثمائة (¬2)، وكانت أسلم ثُمن المهاجرين». 4156 - عن إسماعيل عن قيس أنه «سمع مرداسًا الأسلمي يقول وكان من أصحاب الشجرة: يُقبض الصالحون الأول فالأول، وتبقى حُفالة (¬3) كحفالة التمر والشعر لا يعبأ (¬4) الله بهم شيئًا» (¬5). 4157، 4158 - عن مروان والمسور بن مخرمة قالا «خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه، فلما كان بذي الحليفة قلد الهديَ (¬6) ¬

(¬1) وأنزل الله قوله {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: 18]. ولأهل بدر ولأهل الشجرة مزية؛ لصبرهم - رضي الله عنهم -. (¬2) من ذكر الزيادة مقدم. (¬3) في رواية حثالة، والمعنى لا يزال الإسلام في غربة ينقص الأخيار ويكثر الأشرار، يجاهد المؤمن نفسه ولا يغتر بالكثرة. (¬4) لا يبالي بهم لانحرافهم، ونسأل الله العافية. (¬5) الحديث ثابت كما ذكر المؤلف. (¬6) الإهداء يكون مع الحج ومع العمرة وبلا حج ولا عمرة، وفعل ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وأشعر وأحرم منها، لا أحصي كم سمعته من سفيان، حتى سمعته يقول: لا أحفظ من الزُّهريِّ الإشعار والتقليد، فلا أدري يعني موضع الإشعار والتقليد، أو الحديث كله». 4159 - عن كعب بن عُجرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رآه وقملُه يسقط على وجهه فقال: أيؤذيك هوامُّك؟ قال: نعم. فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يحلق وهو بالحديبية، لم يُبيِّن لهم أنهم يَحِلّون بها وهم على طمع أن يدخلوا مكة، فأنزل الله الفدية، فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُطعم فرقًا بين ستة مساكين، أو يُهدي شاة، أو يصوم ثلاثة أيام» (¬1). 4160، 4161 - عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: «خرجت مع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إلى السوق، فلحقت عمر امرأة شابة فقالت: يا أمير المؤمنين، هلك زوجي وترك صِبية صغارًا والله ما يُنضجون كُراعًا ولا لهم زرع ولا ضرع وخشيت أن تأكلهم الضَّبعُ، وأنا بنت خُفاف بن إيماء الغفاري وقد شهد أبي الحديبية مع النبي - صلى الله عليه وسلم -. فوقف معها عمر ولم يمض، ثم قال: مرحبًا بنسب قريب. ثم انصرف إلى بعير ظهير كان مربوطًا في الدار فحمل عليه غرارتين ملأهما طعامًا وحمل بينهما نفقة وثيابًا، ثم ناولها بخطامه، ثم قال: اقتاديه، فلن يفنى حتى يأتيكم الله بخير، فقال رجل: يا أمير المؤمنين أكثرت لها، قال عمر: ثكلتك أمك، والله إني لأرى أبا ¬

(¬1) وكذا لو احتاج إلى لبس ثوبه يجوز له ذلك ويفدي على التخيير المذكور، لو مرض واحتاج أن يغطي رأسه أو يلبس قميصًا لا بأس، ويفدي.

هذه وأخاها قد حاصر حصنًا زمانًا فافتتحناه، ثم أصبحنا نستفيء سهماننا فيه» (¬1). 4162 - عن سعيد بن المسيب عن أبيه قال: «لقد رأيت الشجرة، ثم أنسيتها بعد فلم أعرفها» (¬2). قال محمود «ثم أُنسيتها بعد». 4164 - عن سعيد بن المسيب عن أبيه أنه كان ممن بايع تحت الشجرة فرجعنا إليها العام المقبل فعميت علينا (¬3). 4166 - عن عمرو بن مرة قال: سمعت عبد الله بن أبي أوفى وكان من أصحاب الشجرة قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أتاه قوم بصدقة قال: اللهم صلِّ عليهم، فأتاه أبي بصدقته فقال: اللهم صلِّ على آل أبي أوفى» (¬4). 4167 - عن عبًاد بن تميم قال: «لما كان يوم الحرة - والناس يبايعون لعبد الله ابن حنظلة - فقال ابن زيد (¬5): على ما يبايع ابن حنظلة الناس؟ قيل له: ¬

(¬1) الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر اللهم ارض عنه، اللهم ارض عنه، هذا يدل على عطفه ورحمته للفقراء. (¬2) يعني التي بويع تحتها النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬3) لكن عمر عَلِمَها وقطعها - رضي الله عنه -. (¬4) وهذا عمل بقوله تعالى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ} ... {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 103]. (¬5) ابن زيد هو عبد الله بن زيد.

على الموت. قال: لا أبايع على ذلك أحدًا (¬1) بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وكان شهد معه الحديبية». 4168 - عن إياس بن سلمة بن الأكوع قال حدثني أبي وكان من أصحاب الشجرة قال: «كنا نصلِّي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - الجمعة ثم ننصرف وليس للحيطان ظلٌ نستظلُ فيه» (¬2). 4169 - عن يزيد بن أبي عُبيد قال: «قلت لسلمة بن الأكوع: على أي شيء بايعتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الحديبية؟ قال: على الموت» (¬3). 4173 - عن إسرائيل عن مجزأة بن زاهر الأسلميِّ عن أبيه - وكان ممن شهد الشجرة - قال: إني لأوقد تحت القدر بلحوم الحمر، إذ نادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهاكم عن لحوم الحمر» (¬4). ¬

(¬1) يعني الموت ما أبايع أحدًا على الموت إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإنما يبايعه على عدم الفرار، وهذا في وقعة الحرة سنة 63 هـ-بعدما نقضوا البيعة، وهذا خطأ، الواجب عد نقض البيعة. (¬2) في نسخة «لله» ولا محل لها، قال الشيخ: هذا من أحاديث العمدة حفظناها ونحن صغار، وهذا يدل على التبكير بعد الزوال وجدران المدينة قصيرة، وأكثر العلماء على أن الجمعة لا تصح قبل الزوال وهم الجمهور. (¬3) وفي معناه عدم الفرار. (¬4) هذا يوم خبير لكن أراد الشاهد أنه ممن شهد الشجرة، ويوم الحديبية ما فيه حمر.

4174 - وعن مجزأة عن رجل منهم من أصحاب الشجرة اسمه أُهبان بن أوس، وكان اشتكى ركبته، وكان إذا سجد جعل تحت ركبته وسادة» (¬1). 4176 - عن أبي جمرة قال: «سألت عائذ بن عمرو - رضي الله عنه - وكان من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من أصحاب الشجرة: هل يُنقض الوِترُ؟ قال: إذا أوترت من أوَّله فلا توتر من آخره» (¬2). قال الحافظ: ... وهذه المسألة اختلفت فيها السلف فكان ابن عمر ممن يرى نقض الوتر (¬3). 4177 - عن زيد بن أسلم عن أبيه «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسير في بعض أسفاره - وعمر بن الخطاب يسير معه ليلًا - فسأله عمر بن الخطاب عن شيء فلم يجبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم سأله فلم يجبه. وقال عمر بن الخطاب ثكلتك أمُّك يا عمر، نزرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث مرات كل ذلك لا يجيبك. قال عمر: فحرَّكت بعيري ثم تقدَّمت أمام المسلمين، وخشيت أن ينزل فيَّ قرآن. فما نشبت أن سمعت صارخًا يصرخ بي. قال فقلت: لقد خشيت أن يكون نزل فيَّ قرآن. وجئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلمت عليه، فقال: لقد أنزلت عليَّ الليلة سورة لهي أحب إليَّ مما طلعت عليه الشمس، ثم قرأ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}» [الفتح: 1] (¬4). ¬

(¬1) لا بأس، تقيه الوسادة قساوة الأرض. (¬2) هذا هو إذا أوتر من أول الليل ثم صلى بعد يصلي شفعًا لا يوتر. (¬3) روي عن علي النقض، ولكن هذا القول ضعيف. (¬4) وكان عمر اشتد عليه الصلح فلما نزلت السورة دعا عمر ليخبره أنه فتح.

4178، 4179 - عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم- يزيد أحدهما على صاحبه- قالا «خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه. فلما أتى ذا الحُليفة قلد الهدى وأشعره، وأحرم منها بعمرة، وبعث عينًا من خُزاعة. وسار النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى كان بغدير الأشطاط أتاه عينه قال: إن قريشًا جمعوا لك جموعًا، وقد جمعوا لك الأحابيش، وهم مقاتلوك وصادُّوك عن البيت ومانعوك. فقال: أشيروا أيها الناس عليَّ أترون أن أميل إلى عيالهم وذراريّ» هؤلاء الذين يريدون أن يصدُّونا عن البيت، فإن يأتونا كان الله - عز وجل - قد قطع عينًا من المشركين، وإلا تركناهم محروبين. قال أبو بكر: يا رسول الله خرجت عامدًا لهذا البيت لا تريد قتل أحد ولا حرب أحد، فتوجه له، فمن صدَّنا عنه قاتلناه. قال: امضوا على اسم الله» (¬1). قال الحافظ: ... قوله «فجاء أهلها يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يرجعها إليهم» (¬2) ... 4188 - عن عبد الله بن أبي أوفى - رضي الله عنهما - قال «كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حين اعتمر فطاف معه، وصلَّى وصلَّينا معه، وسعى بين الصفا والمروة، فكنا نستُرُه من أهل مكة لا يصيبه أحد بشيء» (¬3). ¬

(¬1) لكن الله أمره بقبول الصلح. (¬2) إذا هاجرت ترد النفقة ولا ترد المرأة. (¬3) يعني في عمرة القضاء سنة سبع من الهجرة.

4189 - عن أبي حصين قال: قال أبو وائل «لما قدم سهل بن حُنيف من صِفّين أتيناه نستخبره فقال: اتهموا الرأي، فلقد رأيتني يوم أبي جندل ولو أستطيع أن أرُدَّ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمره لرددت، والله ورسوله أعلم، وما وضعنا أسيافنا على عواتقنا لأمر يفظعنا إلا أسهلن بنا إلى أمر نعرفه، قبل هذا الأمر: ما نسُدُّ منها خُصمًا إلا تفجَّر علينا خُصمٌ ما ندري كيف نأتي له» (¬1). 4190 - عن كعب بن عُجرة - رضي الله عنه - قال: أتى عليَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - زمن الحديبية والقمل يتناثر على وجهي فقال: «أيؤذيك هوامُّ رأسك؟ قلت: نعم. قال: فاحلق وصم ثلاثة أيام، أو اطعم ستة مساكين، أو انسك (¬2) نسيكة. قال أيوب: لا أدري بأيِّ هذا بدأ» (¬3). 4191 - عن كعب بن عُجرة قال: «كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحديبية ونحن محرمون، وقد حصرنا المشركون. قال وكانت لي وفرة فجعلت الهوامُّ تساقط على وجهي، فمر بي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «أيؤذيك هوامُّ رأسك؟ قلت: نعم. وأنزلت هذه الآية {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}». [البقرة: 196] (¬4). ¬

(¬1) يعني الأمر بين علي ومعاوية، فتنة عظيمة كلما سدوا ثغرة فتحت ثغرة ما عرفوا لها. (¬2) الذبيحة في محل الحصر إن وجد فقراء، وإلا أجلها ودفعها لفقراء مكة. (¬3) وهذا يوم الحديبية قبل أن يتم الصلح. (¬4) وهكذا المحصر في محل احصاره يهدي ثم يحلق.

36 - باب قصة عكل وعرينة

36 - باب قصة عُكل وعُرَينة 4192 - عن أنس - رضي الله عنه - «أن ناسًا من عُكل عُرَينة قدموا المدينة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وتكلموا بالإسلام، فقالوا: يا نبي الله إنا كنا أهل ضَرع ولم نكن أهل ريف، واستوخموا المدينة، فأمر لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذود وراع، وأمرهم أن يخرجوا فيه يشربوا من ألبانها وأبوالها. فانطلقوا، حتى إذا كانوا ناحية الحرَّة كفروا بعد إسلامهم، وقتلوا راعي النبي - صلى الله عليه وسلم -، واستاقوا الذود. فبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فبعث الطلب في آثارهم، فأمر بهم فسمروا أعيُنهم وقطعوا أيديهم، وأرجلهم، وتركوا في ناحية الحرة حتى ماتوا على حالهم» (¬1). قال قتادة (¬2): «بلغنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك كان يحُثُ على الصدقة وينهى عن المثْلة». 37 - غزوة ذي القَرَد (¬3) 4194 - عن سلمة بن الأكوع قال: «خرجت قبل أن يُؤذَّن بالأولى، وكانت ¬

(¬1) وهذا داخل في قوله {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: 33] الآية؛ لأنهم قتلوا واستاقوا الذود وارتدوا. * هنا مثلوا فمثّل بهم، أما المحاربون لهم خصوصية في تقطيع أيديهم وأرجلهم من خلاف، والإمام مخير. * إذا أحرق حُرق فالنهي عن التعذيب بالنار؟ * هذا ابتداء ممنوع، بخلاف المعصية، إذا قتله باللواط لا يقتله باللواط. (¬2) ليس بظاهر كلام قتادة ليس بوجيه. (¬3) غزوة ذي قَرَد بعد الحديبية وقبل خبير.

38 - باب غزوة خيبر

لقاح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترعى بذي قَرَد. قال: فلقيني غلام لعبد الرحمن بن عوف فقال: أُخذت لقاح رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قلت: من أخذها؟ قال: غطفان. قال فصرخت ثلاث صرخات: يا صَبحاه. قال: فأسمعت ما بين لابتي المدينة. ثم اندفعت على وجهي حتى أدركتهم وقد أخذوا يستقون من الماء فجعلت أرميهم بنبلي - وكنت راميًا - وأقول: أنا ابن الأكوع، اليوم يوم الرُّضَّع. وارتجز حتى استنقذت اللقاح منهم، واستلبْتُ منهم ثلاثين بُردة. قال: وجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - والناس. فقلت: يا نبي الله، قد حميت القوم الماء وهم عطاش، فابعث إليهم الساعة. فقال: يا ابن الأكوع، مَلَكت فأسجِح. قال: ثم رجعنا، ويُردفني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ناقته حتى دخلنا المدينة» (¬1). 38 - باب غزوة خيبر 4206 - عن يزيد بن أبي عُبيد قال: «رأيت أثر ضربة في ساق سلمة فقلت: يا أبا مسلم، ما هذه الضربة؟ فقال: هذه ضربة أصابتها يوم خيبر، فقال الناس: أصيب سلمة. فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فنفث فيه ثلاث نفثات، فما اشتكيت حتى الساعة» (¬2). 4207 - عن ابن أبي حازم عن أبيه عن سهل قال: «التقى النبي - صلى الله عليه وسلم - والمشركون في بعض مغازيه فاقتتلوا، فمال كل قوم إلى عسكرهم، وفي المسلمين رجل لا يدع من المشركين شاذة ولا فاذة إلا اتبعها فضربها بسيفه، ¬

(¬1) اللهم ارض عنه. (¬2) لأنه مبارك عليه الصلاة والسلام، وقد أجاب الله دعاءه كثيرًا.

فقيل: يا رسول الله، ما أجزأ أحد ما أجزأ فلان. فقال: إنه من أهل النار. فقالوا: أيُّنا من أهل الجنة إن كان هذا من أهل النار؟ فقال رجل من القوم: لأتبعَنَّه، فإذا أسرع وأبطأ كنت معه، حتى جُرحَ فاستعجل الموت، فوضع نصاب سيفه بالأرض وذُبابهُ بين ثدييه، ثم تحامل عليه فقتل نفسه، فجاء الرجل إلى النبي فقال: أشهد أنك رسول الله. فقال: وما ذاك؟ فأخبره فقال: إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس، وإنه من أهل النار. ويعمل بعمل أهل النار فيما يبدو للناس، وهو من أهل الجنة» (¬1). 4208 - عن أبي عمران قال: «نظر أنس إلى الناس يوم الجمعة فرأى طيالسة فقال: كأنهم الساعة يهود خيبر» (¬2). 4209 - عن سلمة - رضي الله عنه - قال: «كان عليٌّ - رضي الله عنه - تخلَّف عن النبي في خيبر، وكان رَمِدًا، فقال: أنا أتخلَّف عن النبي فلحق به. فلما بتنا الليلة التي فُتحت قال: لأعطين الراية غدًا - أو ليأخذن الراية غدًا - رجل يحبُّه الله ورسوله يفتح عليه. فنحن نرجوها. فقيل: هذا عليٌّ، فأعطاه، ففُتح عليه» (¬3). ¬

(¬1) وهذا واضح في المنافقين ومنهم هذا، فقد قال كما في بعض الروايات: «لم أفعل هذا إلا حمية لقومي». وهذا الحديث مثل حديث ابن مسعود، وهذا فيه زيادة: فيما يبدو للناس. (¬2) ظاهر كلام أنس الإنكار، وعذرهم عدم وجود يهود فلا تحصل المشابهة. (¬3) وهذه منقبة عظيمة لعلي، وكل مؤمن يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، لكن كونه يشهد له ويعينه فهو فضل عظيم.

4210 - عن أبي حازم قال: «أخبرني سهل بن سعد - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يوم خيبر: لأعطين هذه الراية غدًا رجلًا يفتح الله على يديه، يُحبُّ الله ورسوله ويحبه الله ورسوله. قال: فبات الناس يدوكون ليلتهم: أيهم يُعطاها؟ فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلُّهم يرجو أن يُعطاها، فقال: أين علي بن أبي طالب؟ فقيل: هو يا رسول الله يشتكي عينيه. قال فأرسلوا إليه فأُتي به فبصق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عينيه ودعا له فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع فأعطاه الراية. فقال عليّ: يا رسول الله، أُقاتلهم حتى يكونوا مثلنا. فقال: انفُذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لك من أن يكون لك حُمرُ النعم» (¬1). 4211 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «قدمنا خيبر، فلما فتح الله عليه الحصن ذُكر له جمال صفية بنت حُيَيِّ بن أخطب، وقد قُتل زوجها، وكانت عروسًا. فاصطفاها النبي - صلى الله عليه وسلم - لنفسه، فخرج بها، حتى بلغنا سدَّ الصهباء حلَّت، فبنى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ثم صنع حيسًا في نِطع صغير، ثم قال لي: آذن من حولك، فكانت تلك وليمته على صفية. ثم خرجنا ¬

(¬1) وهذا فيه حث الجيش وأميره على أن يكون الحرص على الإسلام والدخول في دين الله. * تشمل هذه الأجور من دلّ فاسق على استقامة؟ يرجى له (بعدما سألته).

إلى المدينة، فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يُحوَّي لها وراءه بعباءة، ثم يجلس عند بعيره فيضع ركبته، وتضع صفية رجلها على ركبته حتى تركب» (¬1). 4214 - عن عبد الله بن مُغفَّل - رضي الله عنه - قال: «كنا محاصري خيبر، فرمى إنسان بجراب فيه شحم فنزوت لآخذه، فالتفتُّ، فإذا النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستحيَيْت» (¬2). 4216 - عن عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن متعة النساء يوم خيبر (¬3)، وعن أكل لحوم الحُمر الإنسية» (¬4). 4227 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال «لا أدري أنهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أجل أنه كان حمولة الناس، فكره أن تذهب حمولتهم، أو حرَّمه في يوم خيبر لحم الحمر الأهلية» (¬5). 4229 - عن جُبير بن مطعم قال: «مشيت أنا وعثمان بن عفان إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلنا: أعطيت بني المطلب من خُمس خيبر وتركتنا؛ ونحن بمنزلة واحدة ¬

(¬1) وهذا يدل على أنه لا بأس الوليمة بدون لحم، وهنا أوْلَمَ بحيس تمر وسمن وإقط، وقوله أوْلم ولو بشاة على الأفضلية وإن تيسر فهو أفضل. (¬2) لهم الأكل من الأطعمة، وفي رواية أنه أخذ. (¬3) ونهي عن ذلك فيما بعد في حجة الوداع. (¬4) الخيل حلال تقدم حديث أسماء نحرنا فرسًا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والحمير والبغال محرمة في الأكل ويحمل ويركب عليها. * لعاب الحمير الأهلية وعرقها طاهر كالهر. (¬5) اشتبه على ابن عباس الأمر، وإلا فهي محرمة لذاتها كالخنزير.

منك. فقال: إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد. قال جُبير: ولم يقسم النبي - صلى الله عليه وسلم - لبني عبد شمس وبني نوفل شيئًا» (¬1). 4231 - «فلما جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: يا نبي الله، أن عمر قال كذا وكذا. قال: فما قلتِ له؟ قالت: قلت له كذا وكذا. قال: ليس بأحق بي منكم، وله ولأصحابه هجرة واحدة، ولكم أنت أهل السفينة هجرتان (¬2). قالت: فلقد رأيت أبا موسى وأصحاب السفينة يأتونني أرسالًا يسألوني عن هذا الحديث، ما من الدنيا شيء هم به أفرح ولا أعظم في أنفسهم مما قال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -». 4223 - عن أبي موسى قال: «قدمنا على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد أن افتتح خيبر، فقسم لنا، ولم يقسم لأحد لم يشهد الفتح غيرنا» (¬3). 4235 - عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: «أما والذي نفسي بيده، لولا أن أترك آخر الناس ببّنا ليس لهم شيء، ما فُتحت عليَّ قرية إلا قسَمتها كما قسم النبي - صلى الله عليه وسلم - خيبر، ولكني أتركها خزانة لهم يقتسمونها» (¬4). ¬

(¬1) وما ذلك إلا لأن بني المطلب ناصروا بني هاشم، وبنو نوفل وبنو عبد شمس حاربوا بني هاشم. (¬2) هجرة للحبشة وهجرة إلى المدينة فلهم هجرتان. (¬3) تقديرًا لنصبهم وتعبهم قَسَم لهم مع الناس في خبير. (¬4) يشير إلى ما فعله في سواد العراق، ترك القسم وضرب الخراج لمصلحة المسلمين.

4240، 4241 - عن عائشة - رضي الله عنها - «أن فاطمة عليها السلام بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدَك وما بقي من خُمس خيبر، فقال أبو بكر: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا نُورَثُ، ما تركنا صدقة، إنما يأكل آل محمد - صلى الله عليه وسلم - من هذا المال (¬1). وإني والله لا أُغيِّر شيئًا من صدقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن حالها التي كانت عليها في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولأعملنَّ فيها بما عمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئًا. فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك فهجرته فلم تكلمه حتى توفِّيت وعاشت بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - ستة أشهر. فلما توفيت استنكر عليّ وجوه الناس، فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته، ولم يكن يُبايع تلك الأشهر (¬2)، فأرسل إلى أبي بكر أن ائتنا، ولا يأتنا أحد معك، كراهة لمحضر عمر فقال عمر: لا والله، لا تدخل عليهم وحدك. فقال أبو بكر: وما عسيتهم أن يفعلوا بي؟ والله لآتينهم. فدخل عليهم أبو بكر، فتشهد عليٌّ فقال: إنا قد عرفنا فضلك وما أعطاك الله، ولم ننفس عليك خيرًا ساقه الله إليك. ولكنك استددت علينا بالأمر، وكنا نرى لقرابتنا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نصيبًا، حتى فاضت عينا أبي بكر. فلما تكلَّم أبو بكر قال: والذي نفسي بيده، لقرابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحبُّ إليَّ ¬

(¬1) وما قضى به الصديق هو الصواب عند أهل العلم، وقد خفي على عليّ وفاطمة هذا الأمر، لكن ذكر ابن كثير أنه بايع مع الناس أولًا ثم بايع أخرى بعد وفاة فاطمة - رضي الله عنها -، والخلاصة أن الصواب مع الصديق فالأنبياء لا يورثون وإنما يعطى آله - صلى الله عليه وسلم - من بيت المال. (¬2) قلت: راجع الاعتقاد للبيهقي، فقد ذكر أن اللفظة ليست من كلام عائشة.

39 - باب استعمال النبي - صلى الله عليه وسلم - على أهل خيبر

أن أصل من قرابتي. وأما الذي شجر بيني وبينكم من هذه الأموال فلم آل فيه عن الخير، ولم أترك أمرً رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنعه فيها إلا صنعته. فقال عليٌّ لأبي بكر: موعدك العشية للبيعة. فلما صلى أبو بكر الظهر رقى على المنبر فتشهد، وذكر شأن عليّ وتخلُّفه عن البيعة وعذره بالذي اعتذر إليه، ثم استغفر. وتشهد عليٌّ فعظَّم حق أبي بكر، وحدَّث أنه لم يحمله على الذي صنع نفاسة على أبي بكر، ولا إنكارًا للذي فضَّله الله به، ولكنا نرى لنا في هذا الأمر نصيبًا فاستبد علينا، فوجدنا في أنفسنا. فسرًّ بذلك المسلمون. وقالوا: أصبت وكان المسلمون إلى عليَّ قريبًا حين راجع الأمر المعروف». 39 - باب استعمال النبي - صلى الله عليه وسلم - على أهل خيبر 4244، 4245 - عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة - رضي الله عنهما - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعمل رجلًا على خيبر، فجاءه بتمر جنيب، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كلُّ تمر خيبر هكذا؟ فقال: لا والله يا رسول الله، إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين بالثلاثة. فقال: لا تفعل، بِع الجمع بالدراهم، ثم ابتعْ بالدراهم جنيبًا» (¬1). ¬

(¬1) والمعنى لا يجوز بيع التمر بالتمر متفاضلًا، وهنا يبيع التمر بالدراهم ثم يشتري بالدراهم تمرًا.

40 - باب معاملة النبي - صلى الله عليه وسلم - أهل خيبر

40 - باب معاملة النبي - صلى الله عليه وسلم - أهل خيبر 4248 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال «أعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - خيبر لليهود أن يعملوها (¬1) ويزرعوها، ولهم شطر ما يخرج منها». 41 - باب الشاة التي سُمَّت للنبي - صلى الله عليه وسلم - بخيبر 4249 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «لما فُتحت خيبر أُهديت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - شاة فيها سُمٌّ» (¬2). 42 - باب غزوة زيد بن حارثة 4250 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: «أمَّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسامة على قوم فطعنوا في إمارته فقال: إن تطعنوا في إمارته فقد طعنتم في إمارة أبيه من قبله. وايم الله لقد كان خليقًا للإمارة، وإن كان من أحبِّ الناس إليَّ، وإن هذا لمن أحبِّ الناس إليَّ بعده» (¬3). ¬

(¬1) وبهذا عرف أن هذه المعاملة لا بأس بها، فللعامل النصف مقابل سقي الشجر وزرعه، ولأن فيه عدلًا، يشتركان في المغنم والمغرم، وكذا لو كان ثلثًا وربعًا. (¬2) سُم مثلثة السين. * المرأة التي وضعت السم عفا عنها أول الأمر، ثم لما مات بعض الصحابة قتلها بسبب قتل بشر بن البراء. (¬3) زيد كان من أمراء مؤتة ثم قتل - رضي الله عنه -، ثم استعمل النبي - صلى الله عليه وسلم - أسامة.

44 - باب غزوة مؤتة من أرض الشام

44 - باب غزوة مؤتة من أرض الشام 4260 - عن نافع أنّ ابن عمر أخبره أنه: «وقف على جعفر يومئذ وهو قتيل، فعددت به خمسين بين طعنة وضربة، ليس منها شيء في دُبره، يعني في ظهره» (¬1). قال الحافظ: ... قال العماد بن كثير: يمكن الجمع بأن خالدًا لما حاز المسلمين وبات، ثم أصبح وقد غير هيئة العسكر (¬2) ... قال الحافظ: ... ومشروعية الانتصاب (¬3) للعزاء على هيئته، وملازمة الوقار والتثبت. 4265 - عن قيس بن أبي حازم قال «سمعت خالد بن الوليد يقول: لقد انقطعت في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف، فما بقي في يدي إلا صفيحة يمانية» (¬4). 4267 - عن النعمان بن بشير - رضي الله عنهما - قال: «أغمي (¬5) على عبد الله ابن رواحة، فجعلت أخته عمرة تبكي: واجَبلاه، واكذا واكذا، تُعدد عليه، فقال حين أفاق: ما قلت شيئًا إلا قيل لي: آنت كذلك». ¬

(¬1) لأن جعفرًا أحد الأمراء، وقد قُطعت أطرافه وهو مقبل غير مدبر، وكانت العاقبة للمسلمين فنصرهم الله. (¬2) المقصود أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - سماه فتحًا، والفتح نصر وهزم الله العدو. (¬3) كونه جلس يُعرف الحزن في وجهه. (¬4) السيوف تندق بكثرة الضرب قد تصادف الظهر، وقد تصادف الرأس، قد تصادف حديدًا على الرأس. (¬5) أغمي عليه في المدينة قبل مقتله بمؤتة - رضي الله عنه -.

45 - باب بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - أسامة بن زيد إلى الحرقات من جهينة

45 - باب بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - أسامة بن زيد إلى الحُرقات من جُهَينة 4269 - عن أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - يقول: «بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الحُرقة، فصبَّحنا القوم فهزمناهم، ولحقْت أنا ورجل من الأنصار رجلًا منهم، فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله، فكفَّ الأنصاري، فطعنته برمحي حتى قتلته. فلما قدمنا بلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا أسامة أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله؟ قلت: كان متعوِّذًا، فما زال يُكرِّرها حتى تمنيتُ أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم» (¬1). 4270 - عن يزيد بن أبي عُبيد قال: «سمعت سلمة بن الأكوع يقول: غزوت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - سبع غزوات، وخرجتُ فيما يبعث من البعوث تسع غزوات: مرة علينا أبو بكر، ومرة علينا أسامة» (¬2). 46 - باب غزوة الفتح وما بعث به حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة يخبرهم بغزو النبي - صلى الله عليه وسلم - 4274 - عن عُبيد الله بن أبي رافع قال: «سمعت عليًا - رضي الله عنه - يقول: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا والزبير والمقداد فقال: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ، فإن بها ظعينة معها كتاب فخذوا منها، قال فانطلقنا تعادى بنا خيلُنا حتى أتينا الروضة، فإذا نحن بالظعينة، فلنا لها: أخرجي الكتاب، ¬

(¬1) والمقصود أن من أظهر الإسلام يكف عنه، فإن استقام فالحمد لله وإن رجع صار مرتدًا يؤخذ بذلك. (¬2) أسامة كان شابًا في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - توفي سنة 54 هـ-وعمره 75، فيكون توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - م وعمره نحو ثلاثين.

قالت: ما معي كتاب. فقلنا: لتُخرجن الكتاب أو لنُلقِين الثياب. قال: فأخرجته من عقاصها، فأتينا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا فيه: من حاطب بن أبي بلتعة - إلى ناس بمكة من المشركين - يخبرهم ببعض أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا حاطب ما هذا؟ قال: يا رسول الله، لا تعجل عليَّ، إني كنت أمرًا مُلصقًا في قريش - يقول: كنتُ حليفًا - ولم أكن من أنفُسها، وكان من معك من المهاجرين من لهم بها قرابات يحمون- أهليهم وأموالهم، فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ عندهم بدًا يحمُون قرابتي، ولم أفعله ارتدادًا عن ديني ولا رضًا بالكفر بعد الإسلام. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أما إنه قد صدقكم. فقال عمر: يا رسول الله، دعني أضرب عنق هذا المنافق. فقال: إنه قد شهد بدرًا، وما يدريك لعل الله اطَّلع على من شهد بدرًا قال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم. فأنزل الله السورة {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ} [الممتحنة: 1] إلى قوله {فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ}» (¬1). ¬

(¬1) هذه لا شك خيانة؛ ولهذا قال عمر ما قال، ولكن تأول هذا التأول وأيضًا شهد بدرًا. فشفع له أمران: شهود بدرًا وتأوله، وإلا هذه ردة وجسّ على المسلمين. قلت: كذا قال شيخنا أنه ردّة، وتقدم من كلامه ما يدل على خلافه، وأنه ليس بكفر، وهو الصحيح.

47 - باب غزوة الفتح في رمضان

47 - باب غزوة الفتح في رمضان 4276 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج في رمضان من المدينة ومعه عشرة آلاف، وذلك على رأس ثمان سنين ونصف من مقدمه المدينة، فسار هو ومن معه من المسلمين إلى مكة، يصوم ويصومون حتى بلغ الكديد - وهو ماء بين عُسفان وقُديد - أفطر وأفطروا» قال الزهري: وإنما يؤخذ من أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الآخر فالآخر (¬1). 48 - باب أين ركز النبي - صلى الله عليه وسلم - الراية يوم الفتح؟ 4280 - عن هشام عن أبيه قال: «لما سار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح، فبلغ ذلك قريشًا، خرج أبو سفيان بن حرب وحكيم بن حزام وبُديل بن ورقاء يلتمسون الخبرَ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأقبلوا يسيرون حتى أتَوا مرَّ الظهران، فإذا هم بنيران كأنها عرفة، فقال أبو سفيان: ما هذه؟ لكأنها نيران عرفة. فقال بُديل بن ورقاء: نيران بني عمرو. فقال أبو سفيان: عمرو أقل من ذلك. فرآهم ناس من حرس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأدركوهم فأخذوهم، فأتوا بهم رسول اله - صلى الله عليه وسلم - فأسلم أبو سفيان، فلما سار قال للعباس: احبس أبا سفيان عند خَطم الجبل حتى ينظُر إلى المسلمين، فحبسه العباس، فجعلت القبائل تمر مع النبي - صلى الله عليه وسلم -: تمر كتيبة كتيبة على أبي سفيان، فمرَّت كتيبة فقال: يا عباس من هذه؟ فقال: هذه غفار، ¬

(¬1) وما ذاك إلا لأن الوحي ينزل شيئًا فشيئًا، فقد يكون الآخر ناسخًا للأول أو مبينًا له أو مفصلًا أو مخصصًا له ومقيدًا.

قال: مالي ولغفار. ثم مرَّت جُهينة، قال مثل ذلك. ثم مرَّت سعد بن هُذيم، فقال مثل ذلك. ومرَّت سُليم، فقال مثل ذلك. حتى أقبلت كتيبة لم ير مثلها، قال: من هذه؟ قال: هؤلاء الأنصار، عليهم سعد بن عُبادة معه الراية، فقال سعد بن عُبادة: يا أبا سفيان، اليوم (¬1) يوم الملحمة، اليوم تُستحل الكعبة. فقال أبو سفيان: يا عباس، حبَّذا يوم الذِّمار. ثم جاءت كتيبة - وهي أقلُّ الكتائب - فيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وراية النبي - صلى الله عليه وسلم - مع الزبير بن العوام، فلما مرَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأبي سفيان قال: ألم تعلم ما قال سعد بن عُبادة؟ قال: ما قال؟ قال: كذا وكذا. فقال: كذبَ سعد، ولكن هذا يوم يعظم الله فيه الكعبة ويوم تُكسى فيه الكعبة. قال: وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تُركزَ رايته بالحجون». قال عروة: وأخبرني نافع بن جُبير بن مطعم قال: «سمعت العباس يقول للزبير بن العوام: يا أبا عبد الله، ها هنا أمرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تركز الراية. قال: وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ خالد بن الوليد أن يدخل من أعلى مكة، من كداء، ودخل النبي - صلى الله عليه وسلم - من كُدا، فقُتل من خيل خالد بن الوليد - رضي الله عنه - يومئذ رجلان: حُبيش بن الأشعر، وكرُزُ بن جابر الفهريّ». ¬

(¬1) قالها إغاظة لأبي سفيان، وقوله كذب سعد أي أخطأ، وإلا هذا اليوم تعظم فيه الكعبة وتطهر من الشرك. * اقتصر المؤلف على المرسل لشهرته؛ ولوجود الأخبار الأخرى الدالة عليه.

4281 - عن معاوية بن قُرَّة قال: «سمعت عبد الله بن مُغفل يقول: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة (¬1) على ناقته وهو يقرأ سورة الفتح يُرَجِّعُ، وقال: لولا أن يجتمع الناس حولي لرجعَّت كما رجَّع» (¬2). 4283 - «ثم قال: لا يرث المؤمن الكافر، ولا الكافر المؤمن. قيل للزهري: ومن ورث أبا طالب؟ قال: ورثه عقيل وطالب. وقال معمر عن الزهري: أين ننزل غدًا؟ في حجَّته. ولم يقل يونس حجَّته ولا زمن الفتح» (¬3). 4285 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أراد حُنينًا: منزلنا غدًا إن شاء الله بخيف (¬4) بني كنانة، حيث تقاسموا على الكفر» (¬5). قال الحافظ: ... قوله (يرجع) بتشديد الجيم، والترجيع ترديد القارئ الحرف في الحلق (¬6). ¬

(¬1) سماه الله فتحًا لما فيه من الخير العظيم ونصر الإسلام. (¬2) الترجيع: ترداد القراءة ولا بأس به، وإلا الغالب أن يستمر في القراءة، وقام ليلة يرجع آية {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ} [المائدة: 118] ومراده هنا يعود إلى الآية {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1] يكررها. (¬3) وهذا قبل إسلام عقيل، وهم أربعة عقيل وطالب وجعفر وعلي، بين كل واحد وآخر عشر سنين، وآخرهم علي. (¬4) الخيف: أسفل الجبل وما يرتفع عن الوادي وهو محل السلامة من الغرق. (¬5) نزل فيه يوم الثالث عشر قبل طواف الوداع وهو الأبطح. (¬6) ما هو بظاهر، المقصود ترديد الكلام.

49 - باب دخول النبي - صلى الله عليه وسلم - من أعلى مكة

قال الحافظ: ... فقلت لمعاوية: كيف ترجيعه؟ قال: أأأ ثلاث مرات» (¬1). 4286 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل مكة يوم الفتح وعلى رأسه المغفرُ، فلما نزعه جاء رجل فقال: ابن خَطَل متعلِّق بأستار الكعبة. فقال اقتُله. قال مالك: ولم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما نرى - والله أعلم يومئذ محرمًا» (¬2). 4288 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قدم مكة أبي أن يدخل البيت وفيه الآلهة، فأمر بها فأخرجت، فأُخرجت، فأُخرج صورة إبراهيم وإسماعيل في أيديهما من الأزلام، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: قاتلهم الله، لقد علموا ما استقسما بها قط. ثم دخل البيت فكبَّر في نواحي البيت وخرج ولم يُصلِّ فيه» (¬3) تابعه معمر عن أيوب. وقال وهيب حدثنا أيوب عن عكرمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. 49 - باب دخول النبي - صلى الله عليه وسلم - من أعلى مكة 4291 - عن هشام عن أبيه «دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح من أعلى مكة من كداء» (¬4). ¬

(¬1) ليس في الآية ما يقتضي هذه الآية فيها «إنا فتحنا»، فالمقصود ترديد الكلام. (¬2) دخلها حلالًا جاء للقتال ما جاء للعمرة وعلى رأسه المغفر وعليه عمامة سوداء، ولقوله ممن أراد الحج والعمرة ولم يرد هنا. (¬3) هذه رواية ابن عباس لم يحفظ الصلاة وقد حفظ أسامة بن زيد الصلاة، حفظه ابن عمر عنه وعن بلال. (¬4) والأسفل كُدي، ولهذا قيل: افتح وادخل واضمم واخرج.

50 - باب منزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح

50 - باب منزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح 4292 - عن أبي ليلى قال: «ما أخبرنا أحد أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي الضحى (¬1) غير أم هانئ، فإنها ذكرت أنه يوم فتح مكة اغتسل في بيتها، ثم صلى ثماني ركعات، قالت: لم أره صلى صلاة أخفَّ منها، غير أنه يتمُّ الركوع والسجود» (¬2). 51 - باب 4293 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي» (¬3). 4294 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر فقال بعضهم: لِمَ تُدخل هذا الفتى معنا، ولنا أبناء مثله؟ فقال: إنه ممن قد علمت؟ فدعاهم ذات يوم ودعاني معهم، قال: وما ¬

(¬1) * من تكلم في صلاته ناسيًا يسجد للسهو. سمتها أم هانئ صلاة الضحى، وسماها بعضهم سنة الفتح. (¬2) وقد رواه غير أم هانئ، فكان يصلي الضحى أربعًا ويزيد ما شاء الله وفي الحديث: «ويجزئ من ذلك ركعتان» فهي مؤكدة، وأقلها ركعتان ولا حدّ لأكثرها وتسنّ المداومة عليها. * وأوصى بها وقال «وصلاة الضحى». * حديث أنس «من صلى الفجر في جماعة وفيه تامة تامة» حسن بشواهده. (¬3) زيادة وبحمد «سبحان ربي العظيم وبحمد» ضعيفة.

أريته دعاني يومئذ إلا ليريهم مني، فقال: ما تقولون في {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا} [النصر: 1، 2]؟ حتى ختم السورة. فقال بعضهم: أُمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا. وقال بعضهم، لا ندري، أو لم يقل بعضهم شيئًا. فقال لي: يا ابن عباس أكذاك تقول؟ قلت: لا. قال: فما تقول؟ قلت: هو أجَل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلمه الله له إذا جاء نصر الله، والفتح فتح مكة فذاك علامة أجلك، فسبَّح بحمد ربك واستغفره، إنه كان توابًا. قال عمر: ما أعلم منها إلا ما تعلم» (¬1). 4295 - «عن أبي شريح العدوي أنه قال لعمرو بن سعيد وهو يبعث البعوث إلى مكة: ائذن لي أيها الأمير أحدثك قولًا قام به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الغد من يوم الفتح، سمعته أُذناي ووعاه قلبي وأبصرته عيناي حين تكلم به: إنه حمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن مكة حرَّمها الله ولم يحرِّمها الناس. لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دمًا، ولا يعضد بها شجرًا. فإن أحد ترخص لقتال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها فقولوا له: إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم، وإنما أذن له فيه ساعة من نهار، وقد عادت حُرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، وليبلغ الشاهد الغائب. فقيل لأبي شُريح: ماذا قال لك عمرو؟ قال: قال أنا أعلم بذلك منك يا أبا شُريح، إن الحرَمَ لا يُعيذ عاصيًا، ولا فارًا بدم، ولا فارًا بخربة» (¬2). ¬

(¬1) السورة تدل على هذا وهذا، على كثرة الذكر عند النصر والفتح، وعلى دنو أجله - صلى الله عليه وسلم -، فكلاهما صحيح. * وهذا في وقت الحرب بين ابن الزبير ويزيد بن معاوية. (¬2) هذا غلط من عمرو بن سعيد.

52 - باب مقام النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة زمن الفتح

52 - باب مقام النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة زمن الفتح 4297 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: «أقمنا (¬1) مع النبي - صلى الله عليه وسلم - عشرًا نقصر الصلاة». 4298 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة تسعة عشر يومًا يصلي ركعتين» (¬2). 4299 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «أقمنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر تسع عشرة نقصُر الصلاة. وقال ابن عباس: ونحن نقصر ما بيننا وبين تسع عشرة، فإذا زدنا أتممنا» (¬3). 53 - باب 4300 - وقال الليث حدثني يونس عن ابن شهاب «أخبرني عبد الله بن ثعلبة بن صُغير، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد مسح وجهه عام الفتح». 4302 - عن عمرو بن سلمة قال: «قال لي أبو قلابة ألا نلقاه فنسأله؟ قال: فلقيته فسألته فقال: كنا بما ممرِّ الناس، وكان يمرُّ بنا الركبان فنسألهم: ما للناس، ما للناس؟ ما هذا الرجل؟ فيقولون: يزعم أن الله أرسله، أوحى إليه، أو أوحى الله بكذا، فكنت أحفظ ذاك الكلام فكأنما يقرُّ في صدري، وكانت العرب تلوَّم بإسلامهم الفتح فيقولون اتركوه وقومه، فإنه إن ظهر ¬

(¬1) هذا في حجة الوداع، فهو وهم من المؤلف - رحمه الله -. (¬2) مشغول بالحرب وتأسيس قواعد الإسلام لم يجمع إقامة؛ فالمسافر ما لم يجمع إقامة يقصر ولو مضى سنون، لكن يصلي مع الجماعة إن وجدت. * قول شيخ الإسلام في مدة السفر قول قوي، والأربعة أيام أحوط. (¬3) اجتهاد منه - رضي الله عنه -.

عليهم فهو نبيٌّ صادق. فلما كانت وقعة أهل الفتح بادر كل قوم بإسلامهم، وبدر أبي قومي بإسلامهم، فلما قدم قال: جئتكم والله من عند النبي - صلى الله عليه وسلم - حقًا، فقال: صلوا صلاة كذا في حين كذا، وصلوا صلاة كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم، وليؤمّكم أكثركم قرآنًا، فنظروا، فلم يكن أحد أكثر قرآنًا مني، لما كنت أتلقى من الركبان، فقدّموني بين أيديهم (¬1) وأنا ابن ست أو سبع سنين، وكانت علىَّ بُردة كنت إذا سجدت تقلصت عني، فقالت امرأة من الحي: ألا تغطون عنا استَ قارئكم، فاشتروا، فقطعوا لي قميصًا، فما فرحت بشيء فرحي بذلك القميص». 4303 - عن عائشة - رضي الله عنها - قال: «كان عتبة بن أبي وقاص عهد إلى أخيه سعد أن يقبض ابن وليدة زمعة، وقال عتبة: إنه ابني، فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة في الفتح أخذ سعد بن أبي وقاص ابن وليدة زمعة فأقبل به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأقبل معه عبد بن زمعة، فقال سعد بن أبي وقاص: هذا ابن أخي عهد إليَّ أنه ابنه. فقال عبد بن زمعة: يا رسول الله هذا أخي، هذا ابن زَمعة وُلدَ على فراشه. فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى ابن وليدة زمعة فإذا أشبه الناس بعتبة بن أبي وقاص. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هو لكَ، هو أخوك يا عبدُ بن زمعة، من أجل أنه وُلدَ على فراشه. وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: احتجبي منه يا سودة، لما رأى من شبه عتبة بن أبي وقاص». ¬

(¬1) أكثرهم قرءانًا يقدم ولو كان أصغرهم سنًا، وهذا محمول على أنه بلغ سبعًا فلا بأس أن يؤم الصغير البالغين.

قال ابن شهاب قالت عائشة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «الولد للفراش، وللعاهر الحجر» (¬1) وقال ابن شهاب: وكان أبو هريرة يصيح بذلك. 4304 - عن عروة بن الزبير «أن امرأة سرقت في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة الفتح، ففزع قومها إلى أسامة بن زيد يستشفعونه. قال عروة: فلما كلَّمه أسامة فيها تلوَّن وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أتكلِّمني في حدّ من حدود الله؟ قال أسامة استغفر لي يا رسول الله. فلما كان العشي قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطيبًا فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال: أما بعد فإنما أهلك الناس قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد. والذي نفس محمد بيده، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها. ثم أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتلك المرأة فقُطعت يدُها. فحسُنت توبتها بعد ذلك وتزوجت. قالت عائشة: فكانت تأتيني بعد ذلك فأرفع حاجتها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» (¬2). ¬

(¬1) الجارية الفراش ينسب لها الولد ولو اشتبه أنه لغيره، حسمًا لمادة الشر. * وللعاهر الحجر أي الخيبة، والمراد بالفراش صاحب الفراش. * إذا لم تكن المرأة فراشًا يلحقها الولد. نعم، قلت: فالحديث خرج مخرج الغالب؟ قال نعم. ثم قال: يستلحق به الولد وبغيره. (¬2) فيه إقامة الحدود والحذر من المحاباة والتساهل في إقامة الحدود، ولهذا حلف لأجل إقامة الحد.

4307، 4308 - عن مجاشع بن مسعود «انطلقت بأبي معبد إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ليُبايعه على الهجرة، قال: مضت الهجرة لأهلها (¬1)، أبايعه على الإسلام والجهاد. فلقيت أبا معبد. فسألته فقال: صدق مجاشع». 4309 - عن أبي بشر عن مجاهد «قلت لابن عمر - رضي الله عنهما -: إني أريد أن أُهاجر إلى الشام، قال: لا هجرة، ولكن جهاد؛ فانطلق فاعرض نفسك، فإن وجدت شيئًا وإلا رجعت» (¬2). 4312 - عن عطاء بن أبي رباح قال: «زرت عائشة مع عبيد بن عمير، فسألها عن العجرة، فقالت: لا هجرة اليوم، كان المؤمن يفرُّ أحدهم بدينه إلى الله وإلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - مخافة أن يُفتن عليه، فأما اليوم فقد أظهر الله الإسلام، فالمؤمن يعبد ربه حيث شاء، ولكن جهاد ونية» (¬3). 4313 - عن مجاهد «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام يوم الفتح فقال: إن الله حرّم مكة يوم خلق السماوات والأرض، فهي حرام بحرام الله إلى يوم القيامة، لم تحل لأحد قبلي، ولا تحل لأحد بعدي، ولم تحلل لي قط إلا ساعة من الدهر: لا يُنفر صيدها، ولا يعضد شجرها، ولا يختلى خلاها، ولا تحل لقطتها إلا لِتُنشد. فقال العباس بن عبد المطلب: إلا الإذخر يا رسول الله، فإنه لابد منه للقين والبيوت. فسكت ثم قال: إلا الإذخر فإنه حلال» (¬4). ¬

(¬1) يعني من مكة انتهت والهجرة باقية من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام. (¬2) المقصود الجهاد «ولكن جهاد ونيّة». (¬3) قد جاء مرفوعًا في الصحيحين من حديث ابن عباس. (¬4) هذا معروف متصل فأرسله هنا.

54 - باب قول الله تعالى {ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين} [التوبة: 25] {ثم أنزل الله سكينته} [التوبة: 26] إلى

54 - باب قول الله تعالى {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} [التوبة: 25] {ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ} [التوبة: 26] إلى قوله - {غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 27]. 4316 - عن أبي إسحاق «قيل للبراء وأنا أسمع: أولّيتم مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين؟ فقال: أما النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا، كانوا رماة، فقال النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب» (¬1). 4318، 4319 - عن مروان والمسور بن مخرمة أخبراه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام حين جاءه وفد هوازن مسلمين فسألوه أن يرد إليهم أموالهم وسبيهم، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: معي من تَرون، وأحَبُّ الحديث إليَّ أصدقُه، فاختاروا إحدى الطائفتين: إما السبي، وإما المال. وقد كنتُ استأنيتُ بكم - وكان أنظرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بضع عشرة ليلة حين قفل من الطائف - فلما تبين لهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غيرُ رادٍّ إليهم إلا إحدى الطائفتين قالوا: فإنا نختار سَبينا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسلمين، فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: أما بعد فإن إخوانكم قد جاءونا تائبين، وإني قد رأيت أن رُدَّ إليهم سبيهم، فمن أحبَّ منكم أن يُطيِّب ذلك فليفعل. ومن أحب منكم أن يكون على حظِّه حتى نُعطيه إياه من أول ما يُفي الله علينا فليفعل. فقال الناس: قد طيَّبنا ذلك يا رسول الله. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنا لا ندري من أذن منكم في ذلك ممن لم يأذن، فارجعوا حتى يرفع إلينا عُرفاؤكم أمركم. فرجع الناس، فكلّمهم عُرفاؤهم، ثم رجعوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ¬

(¬1) كان يتقدم قومه - صلى الله عليه وسلم -، والمسلمون أصابهم رشق ونبل فتراجعوا.

فأخبروه أنهم قد طيَّبوا وأذنوا. هذا الذي بلغني عن سبي هوزان» (¬1). 4321 - عن أبي قتادة قال: «خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - عام حنين، فلما التقينا كانت للمسلمين جولة، فرأيت رجلًا من المشركين قد علا رجلًا من المسلمين، فضربته من ورائه على حبل عاتقه بالسيف فقطعت الدرع، وأقبل عليّ فضمّني ضمة وجدت منها ريح الموت، ثم أدركه الموت فأرسلني، فلحقت عمر فقلت: ما بال الناس؟ قال: أمر الله - عز وجل -. ثم رجعوا، وجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: من قتل قتيلًا له عليه بيِّنة فله سَلبُه. فقلت: من يشهد لي؟ ثم جلست. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله. قال: ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله، فقمت فقلت: من يشهد لي ثم جلست. قال ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله، فقمت، فقال: مالك يا أبا قتادة؟ فأخبرته، فقال رجل: صدق وسلبُه عندي، فأرضه مني. فقال أبو بكر: لاها الله، إذًا لا يعمد إلى أسد من أسد الله يُقاتل عن الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - فيُعطيك سلبه. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: صدق فأعطه، فأعطانيه، فابتعت به مخرفًا في بني سلمة، فإنه لأول مال تأثّلته في الإسلام» (¬2). 4322 - عن أبي قتادة قال: «لما كان يوم حنين نظرت إلى رجل من المسلمين يقاتل رجلًا من المشركين، وآخر من المشركين يختله من ورائه ليقتله، فأسرعت إلى الذي يختله، فرفع يده ليضربني، وأضرب يده فقطعتها، ثم أخذ بي فضمَّني ضمًا شديدًا حتى تخوَّفت، ثم برك فتحلل، ودفعته ثم قتلته، وانهزم المسلمون وانهزمت معهم، فإذا بعمر بن الخطاب في ¬

(¬1) ردوا إليهم سبيهم نسائهم وأولادهم وأما المال فقسمه بين المسلمين وقسم من الخمس لأناس يتألفهم كأبي سفيان وصفوان والأقرع بن حابس. (¬2) يعني بستان. * لا: نفي لما أرادها الله قسم، الباء والتاء والواو والهاء من حروف القسم.

55 - باب غزاة أوطاس

الناس، فقلت له: ما شأن الناس؟ فقال: أمر اله، ثم تراجع الناس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من أقام بيِّنة على قتيل قتله فله سلبُه. فقمت لألتمس بيِّنة على قتيلي، فلم أرَ أحد يشهدُ لي، فجلستُ. ثم بدا لي فذكرت أمره لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال رجل من جلسائه: سلاح هذا القتيل الذي يذكر عندي، فأرضه منه، فقال بكر: كلا، لا يُعطه أُصيبغ- من قريش، ويدع أسدًا من أُسْد الله، يقاتل عن الله ورسوله. قال فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأدّاه إليّ، فاشتريت منه خرافًا، فكان أول مال تأثّلته في الإسلام» (¬1). 55 - باب غزاة أوطاس 4323 - عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: «لما فرغ النبي - صلى الله عليه وسلم - من حنين بعث أبا عامر على جيش إلى أوطاس، فلقيَ دُريد بن الصَّمَّة، فقُتل دُريد، وهزم الله أصحابه. قال أبو موسى: وبعثني مع أبي عامر، فرُمي أبو عامر في ركبته، رماه جُشميّ بسهم فأثبته في ركبته. فانتهيت إليه فقلت: يا عمِّ من رماك؟ فأشار إلى أبي موسى، فقال: ذاك قاتلي الذي رماني، فقصدت له، فلحقته، فلما رآني ولى، فاتَّبعته وجعلت أقول له: ألا تستحي، ألا تثبت فكفَّ. فاختلفنا ضربتين بالسيف بقتلته، ثم قلت لأبي عامر: قتل الله صاحبك. قال: فانزع هذا السهم، فنزعته فنزا منه الماء. قال: يا ابن أخي، أقري النبي - صلى الله عليه وسلم - وقل له: استغفر لي. واستخلفني أبو عامر ¬

(¬1) هذا ليس بشاهد له، هذا معترف لقوله «عندي»، والشاهد الواحد جاء في رواية خزيمة بن ثابت ومع اليمين إذا رآى ولي الأمر، وقصة خزيمة ليست بخاصة.

56 - باب غزوة الطائف في شوال سنة ثمان. قاله موسى بن عقبة

على الناس. فمكث يسيرًا ثم مات. فرجعت فدخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيته على سرير مُرمَل، وعليه فراش قد أثَّرَ رمال السرير بظهره وجنبيه، فأخبرته بخبرنا وخبر أبي عامر وقال: قل له استغفر لي، فدعا بماء فتوضأ، ثم رفع يديه فقال: اللهم اغفر لعُبيد أبي عامر، ورأيت بيان إبطيه. ثم قال: اللهم اجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك من الناس. فقلت: ولي فاستغفر: فقال: اللهم اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه، وأدخله يوم القيامة مُدخلًا كريمًا. قال أبو بردة: إحداهما لأبي عامر، والأخرى لأبي موسى» (¬1). 56 - باب غزوة الطائف في شوال سنة ثمان. قاله موسى بن عقبة 4366، 4327 - عن عاصم قال: سمعت أبا عثمان قال: «سمعت سعدًا - وهو أول من رمى بسهم في سبيل الله - وأبا بكرة وكان تسوَّر حصنَ الطائف في أناس فجاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالا: سمعنا النبي - صلى الله عليه وسلم -: يقول: من ادَّعى إلى غير أبيه وهو يعلم فالجنة (¬2) عليه حرام» وقال هشام وأخبرنا معمر عن عاصم عن أبي العالية - أو أبي عثمان النهديّ - قال: سمعت سعدًا وأبا بكرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال عاصم: قلت لقد شهد عندك رجلان حسبُك بهما. قال: أجل، أما أحدهما فأول من رمى بسهم في سبيل الله، وأما الآخر فنزل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ثالث ثلاثة وعشرين من الطائف». ¬

(¬1) فيه شرعية الدعاء للمؤمنين لا سيما من المصائب، ورفع اليدين والوضوء كذلك كل ذلك من أسباب الإجابة، وفيه طلب الدعاء من الأخيار. (¬2) هذا من الوعيد، وهو من الكبائر.

4328 - عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: «كنت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو نازل بالجعرانة بين مكة والمدينة- ومعه بلال؛ فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - أعرابي فقال: ألا تنجز لي ما وعدتني؟ فقال له: أبشر، فقال: قد أكثرت علي من «أبشر». فأقبل علي أبي موسى وبلال كهيئة الغضبان فقال ردَّ البُشرى؛ فأقبلا أنتما، قالا: قبلنا. ثم دعا بقدح فيه ماء، فغسل يديه ووجهه فيه، ومجَّ فيه ثم قال: اشربا منه، وأفرغا على وجوهكما ونحوركما وأبشرا. فأخذا القدح ففعلا، فنادت أم سلمة من وراء الستر أن أفضلا لأمكما، فأفضلا لها منه طائفة» (¬1). 4329 - عن عطاء أن صفوان ابن يعلي بن أمية أخبره «أن يعلي كان يقول: ليتني أرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين يُنزل عليه. قال: فبينا النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجعرانة وعليه ثوب قد أظل به معه في ناس من أصحابه - إذ جاءه أعرابي عليه جُبَّة بعدما تضمخ بالطِّيب؟ فأشار عمر إلى يعلي بيده أن تعال. فجاء يعلي فأدخل رأسه، فإذا النبي - صلى الله عليه وسلم - محمرُّ الوجه يغط كذلك ساعة، ثم سُرِّي عنه فقال: أين الذي يسألُني عن العُمرة آنفًا، فالتُمس الرجل فأُتى به، فقال: أما الطيب الذي بك فأغسله ثلاث مرات؛ وأما الجبة فانزعها، ثم اصنع في عمرتك كما تصنع في حجِّك» (¬2). ¬

(¬1) فيه ما أعطاه الله من البركة نفع الله به أم سلمة وأبا موسى وبلال، وهذا أعرابي ومن عادتهم الحرص، وقال: عجِّل، وهذا من حرصه وسوء أدبه. (¬2) يعني يطوف ويسعى ويقصر أو يحلق، وفيه أن الجاهل لو لبس ممنوعًا لا فدية عليه بل يزيله.

4330 - عن عبد الله ابن زيد بن عاصم قال: «لما أفاء الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين قسم في الناس في المؤلفة (¬1) قلوبهم ولم يعط الأنصار شيئًا، فكأنهم وجدوا إذ لم يصبهم ما أصاب الناس، فخطبهم فقال: يا معشر الأنصار، ألم اجدكم ضلالًا فهداكم الله بي، وكنتم متفرِّقين فألفكم الله بي، وعالة فأغناكم الله بي؟ كلما قال شيئًا قالوا: الله ورسوله أمنُّ، قال: ما يمنعكم أن تجيبوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: كلما قال شيئًا قالوا: الله ورسوله أمنُّ، قال: لو شئتم قلتم: جئتنا كذا وكذا، ألا ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير وتذهبون بالنبي - صلى الله عليه وسلم - إلى رحالكم؟ لولا الهجرة، لكنت امرءً من الأنصار، ولو سلك الناس واديًا وشعبًا لسلكت وادي الأنصار وشعبها. الأنصار شعار، والناس دثار. إنكم ستلقون بعدي أثرة، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض» (¬2). 4331 - عن أنس ابن مالك - رضي الله عنه - قال: قال ناس من الأنصار -حين أفاء الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - ما أفاء من أموال هوازن، فطفق النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطي رجالًا المائة من الإبل فقالوا: يغفر الله لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يعطي قريشًا ويتركنا، وسيوفنا تقطر من دمائهم، قال أنس: فحُدِّث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمقالتهم، فأرسل إلى الأنصار فجمعهم في قبة من أدم، ولم يدعُ معهم غيرهم، فلما اجتمعوا قام النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما حديث بلغني عنكم؟ فقال: فقهاء الأنصار: أما رؤساؤنا يا رسول الله فلم يقولوا شيئًا، وأما ناس ¬

(¬1) من الخمس. (¬2) وفيه أنه يشرع الإمام إذا فعل فعلًا قد يلتبس على بعض الناس أن يوضح وجهته، وهذا من السياسة الشرعية لجمع القلوب.

منا حديثة أسنانهم فقالوا: يغفر الله لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يعطي قريشًا ويتركنا، وسيوفنا تقطر من دمائهم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - فإني أعطي رجالًا حديثي عهد بكفر أتألفهم، أما ترضون أن يذهب الناس بالأموال وتذهبون بالنبي - صلى الله عليه وسلم - إلى رحالكم؟ فوالله لما تنقلبون به خير مما ينقلبون به. قالوا: يا رسول الله قد رضينا، فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: ستجدون أثره (¬1) شديدة، فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - فإني على الحوض. قال: أنس فلم يصبروا». 4333 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: «لما كان يوم حنين التقى هوازن ومع النبي - صلى الله عليه وسلم - عشرة آلاف والطلقاء، فأدبروا. قال: يا معشر الأنصار. قالوا: لبيك يا رسول الله، لبيك نحن بيم يديك، فنزل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال أنا عبد الله ورسوله، فانهزم المشركون، فأعطى الطلقاء (¬2) والمهاجرين، ولم يعط الأنصار شيئًا. فقالوا: فدعاهم فأدخلهم في قبة فقال: أما ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وتذهبون برسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لو سلك الناس واديًا وسلكت الأنصار شعبًا لاخترت شعب الأنصار». 4636 - عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: «لما كان يوم حنين آثر النبي - صلى الله عليه وسلم - ناسًا: أعطى الأقرع مائه من الإبل، وأعطى عُيينة مثل ذلك، وأعطى ناسًا، فقال رجل: ما أريد بهذه القسمة وجه الله، فقلت: لأخبرن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال: رحم الله موسى، قد أوذي بأكثر من هذا فصبر» (¬3). ¬

(¬1) الأثرة: الظاهر أن معناها ولاة الأمور بعدهم لا يعطونهم كما ينبغي. (¬2) الطلقاء كانوا ألفين فالمجموع اثنى عشر ألفًا. (¬3) هذا إخبار بالشيء الذي تخشى عاقبته لو حصل كتمان فهو من باب النصيحة.

57 - باب السرية التي قبل نجد

4337 - عن أنس ابن مالك - رضي الله عنه - قال: «لما كان يوم حنين أقبلت هوازن وغطفان وغيرهم بنعمهم وذراريهم ومع النبي - صلى الله عليه وسلم - عشرة آلاف من الطلقاء، فأدبروا عنه حتى بقي وحده (¬1)، فنادى يومئذ نداءين لم يخلط بينهما: التفت عن يمينه فقال: يا معشر الأنصار، قالوا: لبيك يا رسول الله، أبشر نحن معك. ثم التفت عن يساره فقال: يا معشر الأنصار، فقالوا: لبيك يا رسول الله، أبشر نحن معك. وهو على بغلة بيضاء فنزل فقال أنا عبد الله ورسوله، فانهزم المشركون، فأصاب يومئذ غنائم كثيرة، فقسم في المهاجرين والطلقاء ولم يُعط الأنصار شيئًا، فقالت الأنصار: إذا كانت شديدة فنحن نُدعي، ويُعطي الغنيمة غيرنا. فبلغه ذلك، فجمعهم في قبة فقال: يا معسر الأنصار ما حديث بلغني عنكم؟ فسكتوا فقال: يا معشر الأنصار، ألا ترضون أن يذهب الناس بالدنيا وتذهبون برسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحوزونه إلى بيوتكم؟ قالوا: بلى، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لو سلك الناس واديًا وسلك الأنصار شعبًا لأخذت شِعبَ الأنصار. وقال هشام: قلت يا أبا حمزة وأنت شاهد ذلك؟ قال: وأين أغيبُ عنه». 57 - باب السرية التي قبل نجد 4338 - عن ابن عمر - رضي الله عنه - قال: «بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - سرية قبل نجد فكنت فيها فبلغت سهامنا اثنى عشر بعيرًا ونُقِّلنا بعيرًا بعيرًا، فرجعنا بثلاثة عشر بعيرًا» (¬2). ¬

(¬1) لله الحكمة لما رشقوهم بالنبل انكشفوا {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ} [التوبة: 25]. الآية. (¬2) زادهم من الخُمًس وهم سرية.

58 - باب بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد إلى بني جذيمة

58 - باب بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد إلى بني جذيمة 4339 - عن سالم عن أبيه قال: «بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد إلى بني جذيمة فدعاهم إلى الإسلام فلم يُحسنوا أن يقولوا: أسلمنا، فجعلوا يقولون: صبأنا، صبأنا، فجعل خالد يقتل منهم ويأسر. ودفع إلى كل رجل منا أسيره. حتى إذا كان يوم أمر خالد أن يقتُل كل رجل منا أسيره، فقلت: والله لا أقتل أسيري ولا يقتُل رجل من أصحابي أسيره، حتى قدمنا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرناه، فرفع النبي - صلى الله عليه وسلم - يديه فقال: اللهم أني أبرأ إليك مما صنع خالد، مرتين» (¬1). 61 - باب بعث علي بن أبي طالب - عليها السلام - وخالد ابن الوليد إلى اليمن قبل حجة الوداع 4349 - عن البراء - رضي الله عنه - «بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع خالد بن الوليد إلى اليمن. قال: ثم بعث عليًا بعد ذلك مكانه فقال: مُر أصحاب خالد من شاء منهم أن يُعقِّب معك فليُعقِّب، ومن شاء فليقبل. فكنت فيمن عقَّب معه، قال فغنمت، أواقي ذوات عدد» (¬2). ¬

(¬1) لأن خالدًا غلط ظن أن صبأنا كفرنا ولكن لم يعزله لأنه تأول، ووداهم النبي - صلى الله عليه وسلم -. * لابد من التثبت من الغزاة وهذه غلطة كبيرة من خالد - رضي الله عنه -. (¬2) النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث معاذًا وأبا موسى وخالدًا وعليًا وكل واحد على جهة. والتعقيب بعث خالدًا ثم بعث عليًا وأمر خالدًا بالرجوع.

4350 - عن عبد الله بن بُريدة عن أبيه قال: «بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - عليًا إلى خالد ليقبض الخمس؛ وكنت أبغض عليًا وقد اغتسل، فقلت لخالد ألا ترى إلى هذا؟ فلما قدمنا على النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكرت ذلك له. فقال: يا بُريدة أتبغض عليًا؟ فقلت نعم. فقال: لا تبغضه، فإن له في الخمس أكثر من ذلك» (¬1). قال الحافظ قوله: ... (فإن له الخمس أكثر من ذلك) في رواية عبد الجليل «فو الذي نفس محمد بيده لنصيب آل علي في الخمس أفضل من وصيفة» وزاد «قال فما كان أحد من الناس أحب إلي من علي» (¬2) .... 4351 - عن أبي سعيد الخدري قال: بعث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من اليمن بذهيبة في أديم مقروظ لم تحصَّل من ترابها، قال: فقسمها بين أربعة نفر، بين عيينة بن بدر، وأقرع بن حابس، وزيد الخيل، والرابع اما علقمة، وإما عامر بن الطفيل. فقال رجل من أصحابه: كنا نحن أحق بهذا من هؤلاء. فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء، يأتيني خبر السماء صباحًا ومساء؟ قال: فقام رجل غائر العينين، مشرف الوجنتين، ناشز الجبهة، كث اللحية، ¬

(¬1) والأصل أنه أخذ من الخمس جارية فتسراها وجامعها فأخبره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن له أكثر من ذلك أكثر من الجارية. (¬2) الخوارج لهم بقايا في الجزائر وعمان وليبيا. * والسعودية ما فيها؟ فيها الرافضة.

محلوق الرأس، مشمّر الإزار فقال: يا رسول الله اتق الله (¬1)، قال: ويلك: أولست أحق أهل الأرض أن يتقيَ الله؟ قال: ثم ولّى الرجل، قال خالد ابن الوليد: يا رسول الله ألا أضرب عنقه؟ قال: لا لعلَّه أن يكون يصلي. فقال خالد: وكم من مصلّ يقول بلسانه ما ليس في قلبه. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إني لم أؤمر أن أنقب قلوب الناس ولا أشق بطونهم، قال: ثم نظر إليه وهو مُقف فقال: «إنه يخرُج من ضئطيء هذا قوم (¬2) يتلون كتاب الله رطبًا، لا يجاوز حناجرهم يمرُقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية. وأظنه قال: لئن أدركتهم لأقتلنَّهم قتل ثمود». 4354، 4353 - عن بكر أنه ذكر لابن عمر أن أنسًا حدثهم عن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أهلّ بعمرة وحجة، فقال أهلّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحج، وأهللنا به معه، فلما قدمنا مكة قال: من لم يكن معه هدي فليجعلها عمرة، وكان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - هدي، فقدم إلينا علي بن أبي طالب من اليمن حاجًا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: بما أهللت، فإن معنا أهلك؟ قال: أهللت بما أهلّ به النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: فأمسك فإن معنا هديًا» (¬3). ¬

(¬1) عفى عنه تأليفًا. * وهذا يبين أن الرسل يبتلون، ومن ظن أنه يسلم من الناس فهو مخطئ، ولكل نعمة حاسد، والخوارج يقاتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان فهم قوم معفوسون. (¬2) وهم الخوارج. (¬3) وكان علي قدم بهدي من اليمن، ولهذا أمسك من التحلل.

4357 - عن جرير قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألا تُريحُني من ذي الخَلصة؟ فقلت: بلى. فانطلقت في خمسين ومائة فارس من أحمس، وكانوا أصحاب خيل وكنت لا أثبُت على الخيل، فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فضرب يده على صدري حتى رأيت أثرَ يده في صدري وقال: اللهم ثبِّته، واجعله هاديًا مهديًا، قال: فما وقعت (¬1) عن فرس بعد، قال: وكان ذي الخلصة بيتًا في باليمن لخثعم وبجيلة، فيه نُصب تُعبَد، يقال له الكعبة (¬2)، قال: فأتاها فحرَّقها بالنار وكسَرَها. قال: ولما قدم جرير اليمن كان بها رجلٌ يستقسم بالأزلام، فقيل له: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ها هنا، فإن قَدَر عليك ضَرَب عُنقك. قال: فبينما هو يضرب بها إذ وقف عليه جرير فقال: لتكسرنَّها ولتشهدنَّ أن لا اله إلا الله أو لأضربن عنُقك. قال: فكسرها وشَهد. ثم بعث جرير رجلًا من أحمسَ يكنى أبا أرطاه يبشره بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فلما أتى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: يا رسول الله، والذي بعثك بالحق ما جئت حتى تركتها كأنها جملٌ أجرب، قال فبرَّك النبي - صلى الله عليه وسلم - على خيل أحمسَ ورجالها خمس مرات». ¬

(¬1) أجاب الله دعوته. (¬2) المشهور أن مكانها أطراف بيشة وأعيدت وهدمها المسلمون في عهد الإمام محمد بن سعود - رحمه الله -، وقال عليه الصلاة والسلام: «لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس على صنم يقال له ذو الخلصة» يعني يطوفون بها.

66 - باب حج أبي بكر بالناس في سنة تسع

66 - باب حج أبي بكر بالناس في سنة تسع 4364 - عن أبي إسحاق عن البراء - رضي الله عنه - قال: «آخر سورة نزلت كاملة براءة، وآخر سورة نزلت خاتمة سورة النساء، {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} [النساء: 176] (¬1). 68 - باب قال ابن اسحاق: غزوة عُيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر بني العنبر من بني تميم بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم، فأغار وأصاب منهم ناسًا وسبى منهم سباء 4367 - عن ابن أبي مليكة أن عبد الله بن الزبير أخبرهم أنه قدم ركب من بني تميم على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال أبو بكر: أمِّر القعقاع بن معبد بن زرارة. فقال عمر: بل أمِّر الأقرع بن حابس. قال أبو بكر: ما أردت إلا خلافي. قال عمر: ما أردت خلافك، فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما، فنزل في ذلك {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات: 1] حتى انقضت» (¬2). ¬

(¬1) والقول الآخر أنه سورة المائدة. * النداء بالبراءة من على تتشبث به الرافضة في إيران في إحداث المظاهرات والأذية للمسلمين، ولا حجة لهم في هذا، ولهذا لم يفعل هذا في حجة الوداع، والرافضة على طريقة أهل الشر والبدع. (¬2) - رضي الله عنهما - من باب الاجتهاد (فأنزل الله التأديب)، فالواجب التأدب والمشورة وخفض الصوت. * تميم فيهم القوة والشدة معرفون بها في الجهاد؛ ولهذا قال: هم أشد أمتي على الدجال، وهم من بني إسماعيل.

70 - باب وفد بني حنيفة، وحديث ثمامة بن أثال

قال الحافظ: ... قال بن سعد: كان ذلك في المحرم (¬1) سنة تسع. 70 - باب وفد بني حنيفة، وحديث ثمامة (¬2) بن أثال 4372 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - خيلًا قبِل نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن أثال، فربطوه بسارية من سواري المسجد (¬3)، فخرج إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ماذا عندك يا ثمامة؟ فقال: عندي خير. يا محمد إن تقتلني تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل منه ما شئت. فتُرك حتى كان الغد ثم قال له: ما عندك يا ثمامة؟ فقال: عندي ما قلت لك. فقال: أطلقوا ثمامة (¬4). فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل، ثم دخل المسجد فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله. يا محمد، والله ما كان على الأرض وجه أبغض إليَّ من وجهك، ¬

(¬1) لو صح لكان جائزًا، والجمهور على أنه منسوخ وقيل: بل باقٍ (أي القتال في الأشهر الحرم). * هل يشرع خفض الصوت عند قبره - صلى الله عليه وسلم -؟ نعم. (¬2) هذا فيه فضل ثمامة. (¬3) وفيه جواز ربط الكافر في المسجد للمصلحة، وجواز دخوله المسجد ليشرب ماء، ليحضر ويسمع العلم، وهكذا أنزل وفد ثقيف، فيدخلون المسجد للمصلحة والحاجة والفائدة، ولما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - كلام ثمامة جيدًا مستقرًا ظن به الخير وعفا عنه، فصار العفو في محله. (¬4) فيه العفو عن أسرى الكفار للمصلحة، وكذا القتل للمصلحة.

فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إليَّ. والله ما كان أبغض إليَّ من دينك، فأصبح دينك أحب الدين إليَّ. والله ما كان من بلد أبغض إليَّ من بلدك، فأصبح بلدك أحب البلاد إليَّ، وإن خيلك أخذتني، وأنا أريد العمرة، فماذا ترى؟ فبشَّره رسول الله، وأمره أن يعتمر. فلما قدم مكة قال له قائل: صبَوت؟ قال: لا والله، ولكن أسلمت مع محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها النبي - صلى الله عليه وسلم -». 4373 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «قدم مسيلمة الكذاب على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجعل يقول: إن جعل لي محمد الأمر من بعده تبعته. وقدمها في بشر كثير من قومه، فأقبل إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه ثابت بن قيس بن شمّاس - وفي يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطعة من جريد - حتي وقف على مسيلمة في أصحابه فقال: لو سألتني هذه القطعة ما أعطيتُكها، ولن تعدوَ أمر الله فيك، ولئن أدبرت ليَعقرنك الله. وإني لأراك الذي أُريت فيه ما رأيتُ، وهذا ثابت يُجيبك عني. ثم انصرف عنه» (¬1). 4374 - قال ابن عباس «فسألت عن قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنك أرَى الذي أريت فيه ما أريت، فأخبرني أبو هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: بينا أنا نائم رأيت في يديَّ سوارَين من ذهب، فأهمني شأنهما فأُوحيَ إليَّ في المنام أن أنفخهما، فنختهما فطارا، فأوَّلتهما كذابين يخرجان بعدي: أحدهما العَنْسيَّ، والآخر مُسيلمة». ¬

(¬1) أغلظ له لنيته السيئة وقولته الخبيثة.

71 - قصة الأسود العنسي

قال الحافظ: ... ويؤخذ منه أن السوار وسائر آلات أنواع الحلي اللائقة بالنساء تعبر للرجال بما يسوؤهم ولا يسرهم (¬1) ... 4376 - عن مهدي بن ميمون قال: سمعت أبا رجاء العطاردي يقول: كنا نعبد الحجر، فإذا وجدنا حجرًا هو أخير منه ألقيناه وأخذنا الآخر، فإذا لم نجد حجرًا جمعنا جُثوة من تراب، ثم جئنا بالشاة فحلبناه عليه، ثم طفنا به، فإذا دخل شهر رجب قلنا: منصّل الأسنَّة، فلا ندع رمحًا فيه حديدة، ولا سهمًا فيه حديدة إلا نزعناه وألقيناه شهر رجب» (¬2). 71 - قصة الأسود العنْسيّ 4379 - عن ابن عباس: ذُكر لي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: بينا أنا نائم أُريت أنه وُضع في يدي سواران من ذهب، ففظعتها وكرهتهما، فأذن لي فنفختها فطارا، فأوّلتها كذابين يخرجان. فقال عبيد الله: أحدهما العنسيُّ الذي قتله فيروز باليمين، والآخر مسيلمة الكذاب» (¬3). 72 - باب قصة أهل نجران 4380 - عن صلة بن زُفر عن حذيفة قال: «جاء العاقب والسيد صاحبا نجران إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريدان أن يلاعناه. قال «فقال أحدهما لصاحبه: لا تفعل، فوالله لئن كان نبيًا فلاعننا لا نفلح نحن ولا عقبنا من بعدنا. قالا: إنا نعطيك ما سألتنا، وابعث معنا رجلًا أمينًا، ولا تبعث معنا إلا ¬

(¬1) كأن الذهب ليس بجيد للرجال، لكن في رؤياه سيزول لأنه نفخ فطارا. (¬2) وهذا يدل على عظم الجهل. (¬3) والنبوة المكذوبة كبريق الذهب يعرض ثم يزول.

73 - باب قصة عمان والبحرين

أمينًا. فقال: لأبعثن معكم رجلًا أمينًا حق أمين. فاستشرف له أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: قم يا أبا عبيدة بن الجراح. فلما قام، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هذا أمين هذه الأمة» (¬1). 4381 - عن حذيفة - رضي الله عنها - قال: «جاء أهل نجران إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -: فقالوا: ابعث لنا رجلًا أمينًا، فقال لأبعثن إليكم رجلًا أمينًا حقَّ أمين، فاستشرف له الناس، فبعث أبا عبيدة بن الجرّاح» (¬2). 73 - باب قصة عُمان والبحرين 4383 - عن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لو قد جاء مال البحرين لقد أعطيتك هكذا وهكذا (ثلاثًا). فلم يقدم مال البحرين حتى قُبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فلما قدم على أبي بكر أمر مناديًا فنادى: من كان له عند النبي - صلى الله عليه وسلم - ديْن أو عِدَة فليأتني. قال جابر: فجئت أبا بكر فأخبرته أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لو جاء مال البحرين أعطيتك هكذا وهكذا (ثلاثًا) قال: فأعطاني. قال جابر: فلقيت أبا بكر بعد ذلك فسألته فلم يُعطني، ثم أتيته يعطني، ثم أتيته الثالثة فلم يعطني. فقلت له: قد أتيتك فلم تعطني، ثم أتيتك فلم تعطني، ثم أتيتك فلم تعطني. فأما ¬

(¬1) منقبة عظيمة لأبي عبيدة، وهذا أصل في إرسال السفراء إلى بلاد الكفار. (¬2) أرسل أبا عبيدة يجبي منهم ما تم عليه الصلح من الخراج ويرفع للإمام ما يلزم رفعه.

74 - باب قدوم الأشعريين وأهل اليمن

أن تعطيني، وإما أن تبخل عني. قال: أقلتَ تبخل عني؟ أي داء أدوَأ من البخل؟ قالها ثلاثًا. ما منعتك من مرة إلا وأنا أريد أن أعطيك» (¬1). 74 - باب قدوم الأشعريين وأهل اليمن 4385 - عن أبي قلابة عن زهدم قال: لما قدم أبو موسى أكرم هذا الحيَّ من جرم. وإنا لجلوس عنده وهو يتغذى دجاجًا، وفي القوم رجل جالس، فدعاه إلى الغداء فقال: إني رأيته يأكل شيئًا فقذرته. فقال له: هلمَّ، فإني رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يأكله فقال: إني حلفت لا آكله. فقال: هلمَّ أخبرك عن يمينك، إنا أتينا النبي - صلى الله عليه وسلم - نفرٌ من الأشعريين، فاستحملناه، فأبي أن يحملنا، فاستحملناه فحلف أن لا يحملنا. ثم لم يلبث النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أُتيَ بنهبِ إبلٍ فأمر لنا بخمس ذَؤد، فلما قبضناه قلنا: تغفَّلْنا النبي - صلى الله عليه وسلم - يمينه، لا نفلح بعدها أبدًا. فأتيته فقلت: يا رسول الله، إنك حلفت أن لا تحملنا، وقد حملتنا. قال: أجل، ولكن لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرًا منها إلا أتيت الذي هو خير منها» (¬2). ¬

(¬1) الصدّيق ألحق العِدة بالديْن. قلت: قد جاء خبر «العدة دين» ولا يثبت. * في هذا الحث على الوفاء بالوعد، فأوفى أبو بكر بما وعده رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا من وصف أهل الإيمان الوفاء بالوعد وتركه من خصال المنافقين وذم المنافقين، وهذا يدل على وجوب الوفاء بالوعد. (¬2) وفي الرواية الأخرى: وكفرت عن يميني، وهكذا قال أبو موسى لمن امتنع عن أكل الدجاج.

4386 - عن عمران بن حصين قال: «جاءت بنو تميم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أبشروا يا بني تميم، قالوا: أما إذ بشرتنا فأعطنا. فتغير وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فجاء ناس من أهل اليمن، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: اقبلوا البشرى إذ لم يقبلها بنوا تميم. قالوا: قد قبلنا يا رسول الله» (¬1). 4388 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أتاكم أهل اليمن هم أرق أفئدة وألين قلوبًا. الإيمان يمان، والحكمة يمانية. والفخر والخيلاء في أصحاب الإبل، والسكينة والوقار في أهل الغنم» (¬2). 4391 - عن إبراهيم عن علقمة قال كنا جلوسًا مع ابن مسعود فجاء خباب فقال: يا أبا عبد الرحمن أيستطيع هؤلاء الشباب أن يقرءوا كما تقرأ؟ قال: أما إنك لو شئت أمرت بعضهم يقرأ عليك. قال: أجل. قال: اقرأ يا علقمة. فقال زيد بن حيدر -أخو زياد بن حيدر- أتأمر علقمة أن يقرأ وليس بأقرئنا؟ قال: أما إنك شئت أخبرتك بما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في قومك ¬

(¬1) المعنى أن الإنسان يقبل البشرى ولا يستعجل طلب المبشر به. * وسألته من حلف أن لا يدخل بيتًا لوجوده ملاهٍ ثم زالت هل يدخل؟ * نعم العلة المانعة زالت. * أهل اليمن من آمن منهم استحق المدح، ومن خالف لا، وحدث منهم منذ أزمنة شر كثير وبلاء، وقد كانوا قبل أهل خير ثم تغيرت أحوالهم. (¬2) وهذا فضل خاص لأهل اليمن، والوصف بالجفاء لأهل ربيعة ومضر أغلبي؛ ولهذا أسلم منهم كثير، وكذا ذمه لأهل المشرق. * من حلف يظن صدق نفسه فلا كفارة عليه.

75 - باب قصة دوس والطفيل بن عمرو الدوسي

قومه (¬1). فقرأت خمسين آية من سورة مريم. فقال عبد الله: كيف ترى؟ قال: قد أحسن. قال عبد الله: ما أقرأ شيئًا إلا وهو يقرؤه. ثم التفت إلى خباب وعليه خاتم من ذهب فقال: ألم يأن لهذا الخاتم أن يلقى؟ قال: أما إنك لن تراه علي بعد اليوم. فألقاه» (¬2). 75 - باب قصة دوس والطفيل بن عمرو الدَّوسي 4392 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «جاء الطفيل بن عمرو إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن دوسًا قد هلكت، عصت وأبت، فادع الله عليهم. فقال: اللهم اهد دوسًا وائت بهم» (¬3). 4393 - عن أبي هريرة قال: «لما قدمتُ على النبي - صلى الله عليه وسلم - قلت في الطريق: يا ليلة من طولها وعنائها ... على أنها من دارة الكفر نجَّت وأبقَ غلام لي في الطرق. فلما قدمت على النبي - صلى الله عليه وسلم - فبايعته فبينا أنا عنده إذ طلع الغلام، فقال لي النبي - صلى الله عليه وسلم - يا أبا هريرة، هذا غلامك. فقلت: هو لوجه الله. فأعتقه» (¬4). 77 - باب حجة الوداع 4395 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع فأهللنا بعمرة. ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من كان معه هدي ¬

(¬1) بني أسيد قوم زياد بن جُدير. (¬2) خباب بن الأرت التميمي. (¬3) فيه مشروعية الدعاء بالهداية، أما من كابر وعاند يدعى عليه؛ ولهذا دعا على قريش. (¬4) - رضي الله عنه -، واستطال الليلة من شدة الشوق إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.

فليُهلل بالحجِّ مع العمرة، ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعًا. فقدمت معه إلى مكة وأنا حائض، ولم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة. فشكوت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: انقضي (¬1) رأسك وامتشطي وأهلِّ بالحج ودعي العمرة، ففعلت. فلما قضينا الحج أرسلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع عبد الرحمن ابن أبي بكر الصديق إلى التنعيم فاعتمرت، فقال: هذه مكان عمرتك. قالت: فطاف الذين أهلوا بالعمرة بالبيت وبين الصفا والمروة، ثم حلوا، ثم طافو طوافًا آخر بعد أن رجعوا مني: وأما اللذين جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافًا واحدًا». 4396 - عن ابن جريج قال: حدثني عطاء عن ابن عباس «إذا طاف بالبيت فقد حل، فقلت من أين قال هذا ابن عباس؟ قال: من قول الله تعالى {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 33] ومن أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه أن يحلوا في حجة الوداع (¬2). قلت إنما كان ذلك بعد المعرف قال: كان ابن عباس يراه قبل وبعد». ¬

(¬1) وهذا مستحب عند الإحرام للحائض والنفساء. * السلف يكرهون تكرار العمرة، فيحمل حديث «تابعوا بين الحج والعمرة» على الشيء الذي بعد راحة واستجمام، ولا أذى وإذا كان مشقة وزحمة فالظاهر ترك العمرة؛ لأن الصحابة لم يكرروا وعائشة كررت لما راجعت والنبي - صلى الله عليه وسلم - أذن لها. * المرأة المحرمة تبقى حتى تطهر وإن جاء وقت الحج تدخل الحج على العمرة فتبقى قارنة، وإذا ظهرت طافت للحج والعمرة؛ لقوله «طوافك بالبيت وبالصفا والمروة يكفيك عن حجك وعمرتك». (¬2) إذا قدم ولا هدي معه يعتمر يطوف ويسعى ويقصر ويبقى حتى الحج.

قال الحافظ: والمراد بالمعرف وهو بتشديد الراء الوقوف بعرفة وهو ظاهر في أن المراد بذلك من اعتمر مطلقًا سواء كان قارنًا أو متمتعًا، وهو مذهب (¬1) مشهور لابن عباس. 4397 - عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: «قدمت على النبي - صلى الله عليه وسلم - بالبطحاء، فقال: أحججت؟ قلت نعم. اقل: كيف أهللت؟ قلت: لبيك بإهلال كإهلال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال: طف بالبيت وبالصفا والمروة، ثم حل. فطفت بالبيت، وبالصفا والمروة، وأتيت امرأة من قيس ففلت رأسي» (¬2). 4398 - عن نافع أن ابن عمر أخبره أن حفصة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أزواجه أن يحللن عام حجة الوداع فقالت حفصة: فما يمنعك؟ فقال: لبّدت رأسي (¬3)، وقلدت هديي، فلست أحل حتى أنحر هديي». ¬

(¬1) قلت: يعني لزوم الفسخ. (¬2) ولم يكن معه هدي. (¬3) يمسح على رأسه ... ولو ملبدًا بشمع أو غيره فيدل على جواز مثل هذا، ومثله الحنّا على رؤوس النساء، روي عن عائشة: كنا نمسح وعلى رؤوسنا الضماد. قلت: مراد شيخنا - نوّر الله مرقده - ما أخرجه أبو داود في سننه قال حدثنا نصر بن علي (هو الجهضمي) أخبر عبد الله ابن داود (هو الخُريبي) عن عمر بن سويد (هو ابن غيلان الثقفي) عن عائشة بنت طلحة عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «كنا نغتسل وعلينا الضماد ونحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محلات ومحرمات» إسناده صحيح

4399 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - «أن امرأة من خثعم، استفت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع - والفضل بن عباس رديف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - فقالت: يا رسول الله، إن فريضة الله على عباده أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يستطيع أن يستوي على الراحلة، فهل يقضي أن أحج عنه؟ قال: نعم» (¬1). 4400 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: «أقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح وهو مردف أسامة على القصواء- ومعه بلال وعثمان بن طلحة- حتى أناخ عند البيت، ثم قال لعثمان: ائتنا بالمفتاح، فجاءه بالمفتاح ففتح له الباب، فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - وأسامة وبلال وعثمان، ثم أغلقوا عليهم الباب، فمكث نهارًا طويلًا، ثم خرج، وابتدر الناس الدخول، فسبقتهم، فوجدت بلالًا قائمًا من وراء الباب (¬2)، فقلت له: أين صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: صلى بين ذينك العمودين المقدمين، وكان البيت على ستة أعمدة سطرين، صلى بين العمودين من السطر المقدم، وجعل باب البيت خلف ظهره، ¬

(¬1) وعمر بن سويد وثقه ابن معين، وتابع الخريبي وكيع كما عند أحمد، ففيه الحجة على جواز المسح على الرأس وعليه التلبيد (وهو ما يسكن الرأس من شمع أو صمغ أو نحوه، والنبي - صلى الله عليه وسلم - مسح على رأسه ضرورة وهو ملبد، ففيه الرد على من منع من مثل ذلك ومنع النساء من المسح على رؤوسهن وعليها بعض الأصباغ! ! (انظر عون المعبود 1/ 432). يدل على أنه يحج عن الشيخ الكبير العاجز ولا يحتاج إلى إذن، كالميت. (¬2) دخوله الكعبة كان في الفتح «وترجمة البخاري في حجة الوداع وهذا من باب الاستطراد».

واستقبل بوجهه الذي يستقبلك حين تلج البيت وبين الجدار. قال: ونسيت أن أسأله كم صلّى. وعند المكان الذي صلى فيه مرمرة حمراء» (¬1). قال الحافظ: وقد أشكل دخول هذا الحديث في «باب حجة الوداع» لأن فيه التصريح بأن القصة كانت عام الفتح، وعام الفتح كان سنة ثمان وحجة الوداع كانت سنة عشر (¬2). 4401 - عن عروة بن الزبير وأبي سلمة بن عبد الرحمن «أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرتهما أن صفية بنت حيي زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - حاضت في حجة الوداع، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - أحابستنا هي؟ فقلت إنها قد أفاضت يا رسول الله وطافت بالبيت. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فلتنفر» (¬3). 4406 - عن محمد عن ابن أبي بكرة عن أبي بكرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق السماوات والأرض: السنة اثنا عشر شهرًا، منها أربعة حُرم: ثلاثة متواليات - ذو القعدة وذو الحجة والمحرم- ورجب مُضَرَ الذي بين جمادى وشعبان. أي شهر هذا؟ قنا: الله ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: ¬

(¬1) وفيه أن دخول الكعبة مستحب وشرعية الصلاة فيها. (¬2) ودخولها مستحب وليس سنة، لم يدخلها إلا مرة واحدة في الفتح. (¬3) الحائض لا وداع عليها إذا طافت طواف الإفاضة.

أليس ذو الحجة؟ قلنا: بلى. قال: فأيُّ بلد هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: أليس البلدة؟ قلنا بلى. قال: فأي يوم هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: أليس يوم النحر؟ قلنا: بلى. قال: فإن دماءكم وأموالكم -قال محمد: وأحسبه قال: وأعراضكم - عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا. وستلقون ربكم فسيسألكم عن أعمالكم، ألا فلا ترجعوا بعدي ضلالًا يضرب بعضكم رقاب بعض. ألا ليُبلغ الشاهد الغائب، فلعل بعض من يُبلغه أن يكون أوعى له من بعض من سمعه - فكان محمد إذا ذكره يقول: صدق محمد - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: ألا هل بلغت (مرتين)» (¬1). 4407 - عن طارق بن شهاب «أن أُناسًا من اليهود قالوا: لو نزلت هذه الآية فينا لاتخذنا ذلك اليوم عيدًا. فقال عمر: أية آية؟ فقالوا {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] فقال عمر: إني لأعلم أي مكان أنزلت: أنزلت ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - واقف بعرفة» (¬2). 4408 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فمنّا من أهلَّ بعمرة، ومنّا من أهلّ بحجة، ومنا من أهلّ بحج وعمرة، وأهلّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحج (¬3)، فأما من أهل بالحج أو جمع الحجَّ والعمرة فلم يحلُّوا حتى يوم النحر». ¬

(¬1) وهذا التكرار للتحذير. (¬2) وهو يوم عيد يوم الجمعة. * خيَّر الناس عند الميقات وعند مكة أمرهم أن يجعلوها عمرة. (¬3) خفي على عائشة أنه حج قارنًا، وكذا خفي على جابر، وتواتر عنه أنه حج قارنًا وأهلّ بهما جميعًا. * احتج به العلماء على أن الوصية في الثلث وفاقًا.

78 - باب غزوة تبوك، وهي غزوة العسرة

4409 - عن عامر بن سعد عن أبيه قال: «عادني النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع من وجع أشفيت منه على الموت، فقلت: يا رسول الله، بلغ بي من الوجع ما ترى، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة لي واحدة، أفأتصدق بثُلثي مالي؟ قال: لا. قلت: أفأتصدق بشطره؟ قال: لا. قلت: فالثلث؟ قال: والثلث كثير؟ إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس، ولست تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجِرت بها، حتى اللقمة تجعلها في فيّ. امرأتك قلت: يا رسول الله، أَأُخلفُ بعد أصحابي؟ قال: إنك لن تُخلَّف فتعمل عملًا تبتغي به وجه الله إلا ازددت به درجة ورفعة، ولعلك (¬1) تُخلَّف حتى ينتفع بك أقوام ويضرَّ بك آخرون. اللهم أمض لأصحابي هجرتهم، ولا ترُدَّهم على أعقابهم، لكن البائس سعد بن خولة رثى له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تُوفِّي بمكة». 78 - باب غزوة تبوك، وهي غزوة العسرة قال الحافظ: هكذا أورد المصنف هذه الترجمة بعد حجة الوداع، وهو خطأ وما أظن ذلك إلا من النساخ، فإن غزوة تبوك كانت في شهر رجب من سنة تسع قبل حجة الوداع بلا خلاف (¬2). 4417 - عن صفوان بن يعلى بن أمية عن أبيه قال: «غزوت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - العسرة. قال كان يعلى يقول: تلك الغزوة أوثق أعمال عندي» قال عطاء: ¬

(¬1) فسح الله له في الأجل وعاش إلى سنة 56 من الهجرة ونصر الله به على الفرس وحقق الله رجاء نبيه. (¬2) الأمر واسع.

79 - باب حديث كعب بن مالك

فقال صفوان قال يعلى «فكان لي أجير فقاتل إنسانًا فعضَّ أحدهما يد الآخر - قال عطاء: فلقد أخبرني صفوان أيهما عض الآخر فنسيته- قال: فانتزع المعضوض يده من فيّ العاضِّ، فانتزع إحدى ثنيتيه. فأتيا النبي - صلى الله عليه وسلم - فأهدر ثنيته» قال عطاء: وحسبت أنه قال: «قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أفيدع يده في فيك تقضمها كأنها في فيّ فحل يقضَمها» (¬1). 79 - باب حديث كعب بن مالك 4418 - عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك أن عبد الله بن كعب بن مالك - وكان قائد كعب من بنيه حين عمى- قال: سمعت كعب بن مالك يحدث حين تخلف عن قصة تبوك: «قال كعب لم أتخلف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة غزاها إلا في غزوة تبوك، غير أني كنت تخلفت في غزوة بدر، ولم يعاتب أحدًا تخلف عنها، إنما خرج رسول الله صلى الله عيله وسلم يريد عير قريش حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد. ولقد شهدت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة العقبة حين تواثقنا على الإسلام، وما أحب (¬2) أن لي بها مشهد بدر، وإن كانت بدر أذكر في الناس منها. كان من خبري اني لم أكن قط اقوى ولا أيسر حين تخلفت عنه في تلك الغزاة. والله ما اجتمعت عندي قبله راحلتان قط حتى جمعتهما فير تلك الغزوة، ولم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ¬

(¬1) واحتج العلماء على أن المظلوم إذا فعل ما يخلصه من الظلم فأتلف شيئًا فإنه غير ضامن. (¬2) حسب اجتهاده - رضي الله عنه -؛ ولأن هذه كانت للدخول في الإسلام والبيعة على النصرة.

يريد غزوة إلا ورَّى بغيرها، حتى كانت تلك الغزوة غزاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حر شديد، واستقبل سفرًا بعيدًا ومفازًا، وعدوًا كثيرًا. فجلى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة غزوهم، فأخبرهم بوجهه الذي يريد، والمسلمون مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كثير، ولا يجمعهم كتاب حافظ - يريد الدوان- قال كعب: فما رجل يردي أن يتغيب إلا ظن أن سيخفى له، ما لم ينزل فيه وحي الله. وغزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلك الغزوة حين طابت الثمار والظلال، وتجهز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون معه، فطفقت أغدو لكي أتجهز معهم، فأرجع ولم أقض شيئًا، فأقول في نفسي: أنا قادر عليه. فلم يزل يتمادى بي حتى اشتد بالناس الجد، فأصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون معه ولم أقض من جهازي شيئًا. فقلت أتجهز بعده بيوم أو يومين، ثم ألحقهم، فغدوت بعد أن فصلوا لأتجهز، فرجعت ولم أقض شيئًا، ثم غدوت، ثم رجعت ولم أقض شيئًا. فلم يزل بي حتى أسرعوا وتفارط الغزو، وهمت أن أرتحل فأدركهم، وليتني فعلت، فلم يقدر لي ذلك، فكنت إذا خرجت في الناس -بعد خروج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فطفت فيهم، أحزنني أني لا أرى إلا رجلًا مغموصًا عليه النفاق، او رجلًا ممن عذر الله من الضعفاء. ولم يذكرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بلغ تبوك، فقال وهنو جالس في القوم بتبوك: ما فعل كعب؟ فقال رجل من بني سلمة: يا رسول الله، حبسه براده، ونظره في عطفه. فقال معاذ بن جبل: بئس ما قلت، والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيرًا. فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال كعب بن مالك: فلما بلغني أنه توجه قافلًا حضرني همي، وطفقت أتذكر الكذب وأقول: بماذا أخرج من سخطه غدًا؟ واستعنت على ذلك بكل ذي رأي

من أهلي. فلما قيل: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أظلَّ قادمًا زاح عني الباطل، وعرفت أني لن أخرُج منه أبدًا بشيء فيه كذب، فأجمعت صدقة، وأصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قادمًا، وكان إذا قدم من سفر بدا بالمسجد فيركع فيه ركعتين ثم جلس للناس، فلما فعل ذلك جاءه المخلَّفون، فطفقوا يعتذرون إليه ويحلفون له- وكان بضعة وثمانين رجلًا - فقبل منهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علانيتهم وبايعهم واستغفر لهم، ووكل سرائرهم إلى الله. فجئته، فلما سلَّمت عليه تبَسَّم تبسُّم المغضب ثم قال: تعالَ، فجئت أمشي حتى جلست بين يديه، فقال لي: ما خلَّفك؟ ألم تكن قد ابتعت ظهرك؟ فقلت: بلى، إني والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أن سأخرج من سخطه بعُذر، ولقد أعطيت جدلًا، ولكني والله لقد علمت لئن حدَّثتك اليوم حديث كذب ترضى به عني ليوشكنَّ الله أن يُسخطك عليَّ، ولئن حدثتك حديث صدق تجد عليَّ فيه إني لأرجو فيه عفوَ الله، لا والله ما كان لي من عذر، والله ما كنت قط أقوى ولا أيسر من حين تخلفت عنك. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أما هذا فقد صدق، فقم حتى يقضي الله فيك. فقمت. وثار رجال من بني سلمة فاتَّبعوني فقالوا لي: والله ما علمناك كنت أذنبت ذنبًا قبل هذا، ولقد عجزت أن لا تكون اعتذرت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما اعتذر إليه المتخلفون، قد كان كافيك ذنبك استغفار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لك. فوالله ما زالوا يؤنِّبونني حتى أردت أن أرجع فأكَّذب نفسي. ثم قلت لهم: هل لقي هذا معي أحد؟ قالوا: نعم، رجلان قالا مثل ما قلت، فقيل لهما مثل ما قيل لك. فقلت من هما؟ قالوا: مرارة بن الرَّبيع العمريّ وهلال بن أمية الواقفيّ، فذكروا لي رجلين قد شهدا بدرًا فيهما

أسوة فمضيت حين ذكروهما لي. ونهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسلمين عن كلامنا أيها الثلاثة من بين من تخلف عنه؛ فاجتنبنا الناس، وتغيَّروا لنا، حتى تنكرت في نفسي الأرض فما هي التي أعرف. فلبثنا على ذلك خمسين ليلة، فأما صاحباي فاستكانا، قعدا في بيوتهما يبكيان، وأما أنا فكنت أشبَّ القوم وأجلدَهم، فكنت أخرج فأشهد الصلاة مع المسلمين، وأطوف في الأسواق، ولا يكلمني أحد، وآتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلم عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة فأقول في نفسي: هل حرَّك شفتيه بردِّ السلام عليَّ أم لا؟ ثم أصلي قريبًا منه، فأسارقه النظر، فإذا أقبلت على صلاتي أقبل إليَّ، وإذا التفت نحوه أعرض عني. حتى إذا طال عليَّ ذلك من جفوة الناس مشيت حتى تسوَّرت جدا حائط أبي قتادة، وهو ابن عمي وأحب الناس إليَّ، فسلَّمت عليه، فوالله ما ردَّ عليَّ السلام. فقلت: يا أبا قتادة، أنشدُك بالله، هل تعلمني أحبُّ الله ورسوله؟ فسكت. فعدت له فنشدته فسكت. فعدت له فنشدته فقال: الله ورسوله أعلم. ففاضت عيناي، وتوليت حتى تسورت الجدار. قال: فبينا أنا أمشي بسوق المدينة إذا نبطيّ من أنباط أهل الشام ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة يقول: من يدل على كعب بن مالك؟ فطفق الناس يشيرون له: حتى إذا جاءني دفع إليَّ كتابًا من ملك غسان فإذا فيه: أما بعد فإنه قد بلغني أن صاحبك قد جفاك، ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة، فالحق بنا نُواسك. فقلت لما قرأتها: وهذا أيضًا من البلاء. فتيمَّمت بها التنور فسجرتُه بها. حتى إذا مضت أربعون ليلة من الخمسين، إذا رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأتيني فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمُرك أن تعتزل امرأتك. فقلت: أطلِّقها أما ماذا أفعل؟ قال: لا،

بل اعتزلها ولا تقربها. وأرسل إلى صاحبيَّ مثل ذلك. فقلت لامرأتي: الحقي بأهلك فتكوني عندهم حتى يقضيَ الله في هذا الأمر. قال كعب: فجاءت امرأة هلال بن أمية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إن هلال ابن أمية شيخ ضائع. ليس له خادم، فهل تكره أن أخدمه؟ قال: لا، ولكن لا يقربك. قالت: إنه والله ما به حركة إلى شيء، والله مازال يبكي منذ كان من أمره ما كان إلى يومه هذا. فقال لي بعض أهلي لو استأذنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في امرأتك كما أذن لامرأة هلال بن أمية أن تخدمه. فقلت: والله لا أستأذن فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وما يُدريني ما يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا استأذنته فيها، وأنا رجل شاب. فلبثت بعد ذلك عشر ليال حتى كملت لنا خمسون ليلة من حين نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كلامنا. فلما صلَّيت صلاة الفجر صبُح خمسين ليلة، وأنا على ظهر بيت من بيوتنا، فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله: قد ضاقت علىَّ نفسي، وضاقت عليَّ الأرض بما رَحُبت، سمعت صوت صارخ أوفى على جبل سَلع بأعلى صوته: يا كعب بن مالك أبشر. قال: فخررتُ ساجدًا، وعرفت أن قد جاء فرج. وآذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتوبة الله علينا حين صلى صلاة الفجر، فذهب الناس يُبشروننا؛ وذهب قِبل صاحبيَّ مُبشرون، وركض إليَّ رجل فرسًا، وسعى ساع من أسلم فأوفى على الجبل، وكان الصوت أسرع من الفرس. فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني نزعت له ثوبيَّ، فكسوته إياهما ببشراه. والله ما أملك غيرهما يومئذ واستعرت ثوبين فلبستهما، وانطلقت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيتلقاني الناس فوجًا فوجًا يهنَّوني بالتوبة ويقولون: لتهنك توبة الله عليك. قال كعب حتى دخلت

المسجد، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس حوله الناس؛ فقام طلحة بن عُبيد الله يهرول حتى صافحني وهنّاني، والله ما قام إليَّ رجل من المهاجرين غيره، ولا أنساها لطلحة. قال كعب: فلما سلمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يبرق وجهه من السُّرور: أبشر بخير يوم مرَّ عليك منذ ولدتك أمك. قال قلت: أمن عندك يا رسول الله أم من عند الله؟ قال: لا، بل من عند الله. وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سُرَّ استنار وجهه حتى كأنه قطعة قمر، وكنا نعرف ذلك منه. فلما جلست بين يديه قلت: يا رسول الله، إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أمسك عليك بعض مالك، فهو خير لك. قلت: فإني أُمسك سهمي الذي بخيبر. فقلت: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إن الله إنما نجاني بالصدق، وإن من توبتي أن لا أحدِّث إلا صدقًا ما بقيت. فوالله ما أعلم أحدًا من المسلمين أبلاه الله في صدق الحديث - منذ ذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - - أحسن مما أبلاني، ما تعمدت منذ ذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى يومي هذا كذبًا، وإني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقيت. وأنزال الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ} - إلى قوله - {وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 117] فوالله ما أنعم الله عليَّ من نعمة قط - بعد أن هداني للإسلام - أعظم، في نفسي من صدقي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا أكون كذبته فأهلك كما هلك الذين كذبوا، فإن الله قال للذين كذبوا حين أنزل الوحي شرَّ ما قال لأحد، فقال تبارك وتعالى: {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ} - إلى قوله - {فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: 95] قال كعب: وكنا تخلفنا أيها الثلاثة عن أمر أولئك الذين

80 - باب نزول النبي - صلى الله عليه وسلم - الحجر

قبلَ منهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين حلفوا له، فبايعهم واستغفر لهم، وأرجأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرنا حتى قضى الله فيه، فبذلك قال الله {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} [التوبة: 118] وليس الذي ذكر الله مما خُلِّفنا عن الغزو، إنما هو تخليفهُ إيانا وارجاؤه أمرنا عمَّن حلف له واعتذر إليه، فقبِلَ منه» (¬1). 80 - باب نزول النبي - صلى الله عليه وسلم - الحِجْرَ 4419 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: «لما مرَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - الحِجر قال: لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم أن يصيبكم ما أصابهم، إلا أن تكونوا باكين. ثم قنَّع (¬2) رأسه وأسرع السير حتى أجاز الوادي». 4420 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحاب الحِجر: «لا تدخلوا على هؤلاء المعذَّبين إلا أن تكونوا باكين أن يُصيبكم مثل ما أصابهم» (¬3). ¬

(¬1) هذه القصة فيها فوائد عظيمة: - فيها الحذر من التخلف عن الغزو إذا تعين. - جواز الهجر إذا دعت الحاجة. - وفيه فضل كعب وصاحبيه. - وفيه الحص على الصدق وأنه طريق النجاة. (¬2) رفع راسه * اتخاذ هذه الأماكن للنزهة والفرجة لا يجوز، وقد كُتبَ للدولة وبُيِّن أن هذا لا يجوز. (¬3) وهذا يدل على الحذر من مواقع العذاب، فالسنة الإسراع.

82 - باب كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى كسرى وقيصر

81 - باب 4421 - عن عروة بن المغيرة عن أبيه المغيرة بن شُعبة قال: «ذهب النبي - صلى الله عليه وسلم - لبعض حاجته فقمت أسكب عليه الماء - لا أعلمه إلا قال في غزوة تبوك - فغسل وجهه وذهب يغسل ذراعيه، فضاع عليه كُمّا الجبّة، فأخرجهما من تحت جِبَّته فغسلهما، ثم مسح على خُفَّيه (¬1)». 4423 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجع من غزوة تبوك فدَنا من المدينة فقال: إن بالمدينة أقوامًا ما سرتم مسيرًا ولا قطعتم واديًا إلا كانوا معكم. قالوا: يا رسول الله، وهم بالمدينة؟ قال: وهم بالمدينة، حَبَسهم العِذر» (¬2). 82 - باب كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى كسرى وقيصر 4425 - عن أبي بكرة قال: «لقد نفعني الله بكلمة سمعتُها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيام الجمل بعدما كدت أن ألحق بأصحاب الجمل فأُقاتل معهم. قال: ¬

(¬1) لا بأس بلبس الجبة الضيقة للدفء، وهذه الملابس من بلاد الكفار جبة شامية. * الحائض في زمن الحيض لا أجر لها في الصلاة لأنها امتنعت طاعة الله - فقلت له: سماها ناقصة عقل ودين. قال: هذا نقصان واقعي لا في الأجر. قلت في نفسي: أجر الامتثال بالترك غير أجر الصلاة وهو دونه. (¬2) وهذه بشارة أن من تأخر عن الخير للعذر فحكمه وأجره كمن حضر في الجهاد وصلاة الجماعة وغيرها ومر هذا في باب حديث «إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا».

83 - باب مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - ووفاته

لما بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أهل فارس قد ملَّكوا عليهم بنت كسرى قال: لن يُفلح قوم ولُّوا أمرهم امرأة» (¬1). 83 - باب مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - ووفاته 4429 - عن أم الفضل بنت الحارث قالت: «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في المغرب بالمرسلات عُرفًا، ثم ما صلَّى لنا بعدها حتى قبضه الله» (¬2). 4430 - عن ابن عباس قال: «كان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يُدني ابن عباس، فقال له عبد الرحمن بن عوف: إن لنا أبناء مثله، فقال: إنه من حيث تعلم، فسأل عمر ابن عباس عن هذه الآية {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: 1] فقال: أجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلمه إياه، فقال: ما أعلم منها إلا ما تعلم» (¬3). ¬

(¬1) المقصود عائشة لما كانت في موقعة الجمل وأرادت هي وطلحة والزبير الانتصاف من قتلة عثمان، وهي القائدة لو كان المتصدر غيرها - رضي الله عنها -. (¬2) فيه قراءة الطوال في المغرب، وقرأ بالأعراف، والغالب بقصار المفصل، وقرأ بالطور. (¬3) وكان يدينه عمر لعلمه وفقهه وبصيرته وكانت سنه عند وفاة عمر 26 أو نحوها.

4428* - عن عائشة - رضي الله عنها - «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في مرضه الذي مات فيه: يا عائشة، ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر، فهذا أوان وجدت انقطاع أبْهَرى من ذلك السُّمّ» (¬1). ¬

* ملحوظة: الأخطاء في ترقيم الأحاديث تابع لنسخة السلفية. (¬1) قال بعضهم إنه صار شهيدًا، وفيه نظر عاش أربع سنين بعدها. قلت: لي بحث في أنه مات شهيدًا. * بحث إدراكه - صلى الله عليه وسلم - مع النبوة فضيلة الشهادة: حديث «ما أزال أجدُ ألم الطعام الذي أكلت بخيبر، فهذا أوان وجدتَ انقطاع أبْهرَي من ذلك السم». أخرجه البخاري معلقًا في باب مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - ووفاته، قال: وقال يونس عن الزهري، قال عروة: قالت عائشة - رضي الله عنها -: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في مرضه الذي مات فيه: يا عائشة» فذكره من فتح (8/ 131). ورواه عبد الرزاق (11/ 29) برقم 19815 عن معمر الزهري عن ابن كعب بن مالك أن أم مُبشر قالت للبني - صلى الله عليه وسلم - في المرض الذي مات فيه: ما تتهم بنفسك يا رسول الله! فإني لا أتهم بابني إلا الشاة المشوية التي أكل معك بخيبر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «وأنا لا أتهم إلا ذلك بنفسي، فهذا أوان قطع أبَهري» يعني عرق الوريد. ورواه أحمد (6/ 18) في مسنده، حدثنا إبراهيم بن خالد، حدثنا روح، حدثنا معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أمه أن أم مبشر .. بنحو رواية عبد الرازق. * انظر تغليق التعليق للحافظ (4/ 162).

4439 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا اشْتَكَى نَفَثَ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ، وَمَسَحَ عَنْهُ بِيَدِهِ. فَلَمَّا اشْتَكَى وَجَعَهُ الَّذِى تُوُفِّيَ فِيهِ طَفِفتُ أَنْفِثُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ الَّتِي كَانَ يَنْفِثُ وَأَمْسَحُ بِيَدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْهُ» (¬1). 4441 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ مِنْهُ: لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ والنصارى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ. قَالَتْ عَائِشَةُ: لَوْلاَ ذَلِكَ لأُبْرِزَ قَبْر، خَشِىَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا» (¬2). 4446 - عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «مَاتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَإِنَّهُ لَبَيْنَ حَاقِنَتِي وَذَاقِنَتِي، فَلاَ أَكْرَهُ شِدَّةَ الْمَوْتِ لأَحَدٍ أَبَدًا بَعْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -» (¬3). ¬

= وذكر أثر عائشة، وقال: أخرج أحمد وابن سعد وأبو يعلى والطبراني والحاكم والبيهقي عن ابن مسعود، أنه قال: "لأن أحلف تسعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل قتلًا أحب إلى من أن أحلف واحدة وذلك بأن الله اتخذه نبيًا وجعله شهيدًا". وهذا الأثر صححه أحمد شاكر في حاشيته على المسند (5/ 220) وانظر مسند أبي يعلى (9/ 132). (¬1) كان يقرأ "قل هو الله أحد" والمعوذتين عند الشكوى وعند النوم ويمسح، وينفث عند الشكوى خاصة. قلت: هو ثابت فيهما بلا شك، ثم رجع إليه الشيخ بعد المراجعة. (¬2) اتخاذ القبور مساجد وسيلة للشرك. (¬3) لأنه كفارة للسيئات ورفعة للدرجات. * استحسن الشيخ هذا البحث وأخذ صورة منه. 13/ 6/ 1412 هـ.

4442 - عَنِ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: «لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاشْتَدَّ بِهِ وَجَعُهُ اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِي، فَأَذِنَّ لَهُ، فَخَرَجَ وَهْوَ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ تَخُطُّ رِجْلاَهُ فِي الأَرْضِ، بَيْنَ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَبَيْنَ رَجُلٍ آخَر. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَأَخْبَرْتُ عَبْدَ اللَّهِ بِالَّذِي قَالَتْ عَائِشَةُ، فَقَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ: هَلْ تَدْرِى مَنِ الرَّجُلُ الآخَرُ الَّذِي لَمْ تُسَمِّ عَائِشَةُ؟ قَالَ قُلْتُ: لاَ، قَالَ: ابْنُ عَبَّاسٍ هُوَ عَلِيٌّ. وَكَانَتْ عَائِشَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا دَخَلَ بَيْتِي وَاشْتَدَّ بِهِ وَجَعُهُ قَالَ: هَرِيقُوا عَلَيَّ مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ لَمْ تُحْلَلْ أَوْكِيَتُهُنَّ، لَعَلِّي أَعْهَدُ إِلَى النَّاسِ. فَأَجْلَسْنَاهُ فِى مِخْضَبٍ لِحَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ طَفِقْنَا نَصُبُّ عَلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الْقِرَبِ حَتَّى طَفِقَ يُشِيرُ إِلَيْنَا بِيَدِهِ أَنْ قَدْ فَعَلْتُنَّ. قَالَتْ: ثُمَّ خَرَجَ إِلَى النَّاسِ فَصَلَّى لَهُمْ وَخَطَبَهُمْ» (¬1). 4451 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ «تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم- فِي بَيْتِي، وَفِي يَوْمِي، وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، وَكَانَتْ إِحْدَانَا تُعَوِّذُهُ بِدُعَاءٍ إِذَا مَرِضَ، فَذَهَبْتُ أُعَوِّذُهُ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ: فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى. وَمَرَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَفِي يَدِهِ جَرِيدَةٌ رَطْبَةٌ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، ¬

* ملحوظة: الأخطاء في ترقيم الأحاديث تابع لنسخة السلفية. (¬1) لا بأس أن يستأذن الرجل زوجاته أن يكون عند واحدة لأسباب، كمرض ونحوه، فإذا سمحن زال المحذور. * التروش يعين على النشاط وإزالة الفتور وهذا مجرب وقوله سبع قرب الله أعلم بحكمتها. *السبع لها شأن، الأرض سبع والسموات سبع، ومن تصبح بسبع تمرات لم يضره سم ولا سحر.

فَظَنَنْتُ أَنَّ لَهُ بِهَا حَاجَةً، فَأَخَذْتُهَا فَمَضَغْتُ رَأْسَهَا وَنَفَضْتُهَا فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهِ، فَاسْتَنَّ بِهَا كَأَحْسَنِ مَا كَانَ مُسْتَنًّا، ثُمَّ نَاوَلَنِيهَا، فَسَقَطَتْ يَدُهُ -أَوْ سَقَطَتْ مِنْ يَدِهِ- فَجَمَعَ اللَّهُ بَيْنَ رِيقِي وَرِيقِهِ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنَ الدُّنْيَا وَأَوَّلِ يَوْمٍ مِنَ الآخِرَةِ» (¬1). 4454 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَرَجَ وَعُمَرُ يُكَلِّمُ النَّاسَ، فَقَالَ: اجْلِسْ يَا عُمَرُ، فَأَبَى عُمَرُ أَنْ يَجْلِسَ، فَأَقْبَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ وَتَرَكُوا عُمَرَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا بَعْدُ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لاَ يَمُوتُ، قَالَ اللَّهُ {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} إِلَى قَوْلِهِ {الشَّاكِرِينَ}. وَقَالَ: وَاللَّهِ لَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ هَذِهِ الآيَةَ حَتَّى تَلاَهَا أَبُو بَكْرٍ فَتَلَقَّاهَا مِنْهُ النَّاسُ كُلُّهُمْ، فَمَا أَسْمَعُ بَشَرًا مِنَ النَّاسِ إِلاَّ يَتْلُوهَا. فَأَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ: وَاللَّهِ مَا هُوَ إِلاَّ أَنْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ تَلاَهَا فَعَقِرْتُ حَتَّى مَا تُقِلُّنِي رِجْلاَيَ، وَحَتَّى أَهْوَيْتُ إِلَى الأَرْضِ حِينَ سَمِعْتُهُ تَلاَهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ مَاتَ» (¬2). 4455، 4456، 4457 - عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه قَبَّلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ مَوْتِهِ» (¬3). ¬

(¬1) فيه فضل خاص لعائشة، وفيه فضل الاستياك وأنه لا بأس أن يستاك بسواك غيره. (¬2) شك بعض الناس حتى بين أبو بكر الأمر (¬3) فيه جواز تقبيل الميت.

4458 - عن عَلِيٌّ حَدَّثَنَا يَحْيَى وَزَادَ «قَالَتْ عَائِشَةُ: لَدَدْنَاهُ فِي مَرَضِهِ، فَجَعَلَ يُشِيرُ إِلَيْنَا أَنْ لاَ تَلُدُّونِي فَقُلْنَا: كَرَاهِيَةُ الْمَرِيضِ لِلدَّوَاءِ. فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ: أَلَمْ أَنْهَكُمْ أَنْ تَلُدُّونِي؟ قُلْنَا: كَرَاهِيَةَ الْمَرِيضِ لِلدَّوَاءِ. فَقَالَ: لاَ يَبْقَى أَحَدٌ فِى الْبَيْتِ إِلاَّ لُدَّ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلاَّ الْعَبَّاسَ فَإِنَّهُ لَمْ يَشْهَدْكُمْ» (¬1). قال الحافظ: . . . قوله (لا يبقى أحد في البيت إلا لد وأنا أنظر إلا العباس فإنه لم يشهدكم) قيل: فيه مشروعية القصاص في جميع ما يصاب به الإنسان عمدًا، وفيه نظر، لأن الجميع لم يتعاطوا ذلك، وإنما فعل بهم ذلك عقوبة لهم لتركهم امتثال نهيه عن ذلك، أما من باشره فظاهر (¬2). . . 4459 - عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ قَالَ «ذُكِرَ عِنْدَ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَوْصَى إِلَى عَلِيٍّ، فَقَالَتْ: مَنْ قَالَهُ؟ لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَإِنِّي لَمُسْنِدَتُهُ إِلَى صَدْرِي، فَدَعَا بِالطَّسْتِ فَانْخَنَثَ فَمَاتَ فَمَا شَعَرْتُ، فَكَيْفَ أَوْصَى إِلَى عَلِيٍّ؟ » (¬3). 4460 - عَنْ طَلْحَةَ قَالَ: «سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنهما - أَوْصَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لاَ. فَقُلْتُ كَيْفَ كُتِبَ عَلَى النَّاسِ الْوَصِيَّةُ أَوْ أُمِرُوا بِهَا قَالَ أَوْصَى بِكِتَابِ اللَّهِ» (¬4). ¬

(¬1) لأنهم شاركوا في هذا أو أوتوا به. (¬2) المريض لا يعالج إلا برضاه إذا كان عقله معه، الدواء ليس بواجب، مستحب، فالمريض إذا كان يعقل لا يكوى ولا يقطع منه عضو إلا برضاه. (¬3) هذا من كذب الشيعة لم يوص لعلي بخلافة ولا بغيرها والشيعة أكذب الناس. (¬4) خفي على عبد الله فقد أوصى بأشياء.

84 - باب آخر ما تكلم النبى صلى الله عليه وسلم

4462 - عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «لَمَّا ثَقُلَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ يَتَغَشَّاهُ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلاَمُ: وَاكَرْبَ أَبَاهُ (¬1)، فَقَالَ لَهَا: لَيْسَ عَلَى أَبِيكِ كَرْبٌ بَعْدَ الْيَوْمِ. فَلَمَّا مَاتَ قَالَتْ: يَا أَبَتَاهْ أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ، يَا أَبَتَاهْ مَنْ جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ مَأْوَاهُ. يَا أَبَتَاهْ إِلَى جِبْرِيلَ نَنْعَاهْ. فَلَمَّا دُفِنَ قَالَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلاَمُ: يَا أَنَسُ، أَطَابَتْ نْفُوسُكُمْ أَنْ تَحْثُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم التُّرَابَ؟ » (¬2). 84 - باب آخِرِ مَا تَكَلَّمَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم 4463 - عن عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ وَهْوَ صَحِيحٌ: إِنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نَبِىٌّ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ، ثُمَّ يُخَيَّرَ. فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ وَرَأْسُهُ عَلَى فَخِذِى غُشِىَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ فَأَشْخَصَ بَصَرَهُ إِلَى سَقْفِ الْبَيْتِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى. فَقُلْتُ: إِذًا لاَ يَخْتَارُنَا، وَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَدِيثُ الَّذِى كَانَ يُحَدِّثُنَا وَهْوَ صَحِيحٌ. قَالَتْ: فَكَانَتْ آخِرَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا: اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى» (¬3). 85 - باب وَفَاةِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - 4464، 4465 - عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهم: «أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم لَبِثَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ، وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرًا» (¬4). ¬

(¬1) هذا من فاطمة رضي الله عنها وهو شيء يسير عفا الله عنها. (¬2) سنة الله في عباده؛ فالمؤمن يصيبه الكرب والشدة ويفرج الله عنه فتخرج الروح بأسهل شيء. (¬3) يعني حتى يخير بين الدنيا والآخرة، والرفيق الأعلى هو المذكور {فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ -إلى قوله- وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}. (¬4) فيه اختصار الكسر، والصواب ثلاثة عشر سنة في مكة.

86 - باب

4466 - عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تُوُفِّىَ وَهْوَ ابْنُ ثَلاَثٍ وَسِتِّينَ» (¬1). 86 - باب 4467 - عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ: «تُوُفِّىَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِىٍّ بِثَلاَثِينَ. يَعْنِى صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ» (¬2). قال الحافظ: . . . وأول شيء جهزه أبو بكر رضي الله عنه، وقد أنكر ابن تيمية في كتاب الرد على ابن المطهر أن يكون أبو بكر وعمر كانا في بعث أسامة (¬3). 89 - باب كَمْ غَزَا النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم؟ 4473 - عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ «عَنْ أَبِيهِ قَالَ: غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سِتَّ عَشْرَةَ غَزْوَةً» (¬4). ¬

(¬1) بعث على رأس الأربعين، ومكث ثلاثًا وعشرين سنة. (¬2) الرسل ما بعثوا لجمع المال بعثوا لتبليغ الناس الدعوة. * فيه جواز الاستدانة والرهن لحاجة الإنسان، وجواز أهل الكتاب ولو كانوا يتعاطون الربا إذا لم يعلم أنها منه فالأصل السلامة. (¬3) سألت الشيخ: هل ثبت أن أبا بكر وعمر كانا في ذلك الجيش؟ قال: نعم، فقيل له: قول شيخ الإسلام؟ فقال: تراجع الأسانيد. (¬4) هذه الرواية أخرجها المصنف من طريق أحمد.

65 - كتاب التفسير

65 - كتاب التفسير الرحمن الرحيم (¬1): اسمان من الرحمة، الرحيم والراحم بمعنى واحد كالعليم والعالم. 2 - باب {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ} 4475 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِذَا قَالَ الإِمَامُ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ} فَقُولُوا: آمِينَ (¬2). فَمَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلاَئِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». 1 - باب قَوْلِ اللَّهِ {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا} 4476 - عَنْ أَنَسٍ رضى الله عنه عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: «يَجْتَمِعُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُونَ: لَوِ اسْتَشْفَعْنَا إِلَى رَبِّنَا، فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ: أَنْتَ أَبُو النَّاسِ، خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، . . (الحديث). . ائْتُوا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم عَبْدًا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، فَيَأْتُون، فَأَنْطَلِقُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ عَلَى رَبِّى فَيُؤْذَنُ، فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّى وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِى مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُقَالُ: ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ. فَأَرْفَعُ رَأْسِى، فَأَحْمَدُهُ بِتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ. . (الحديث). . «ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِى حَدًّا فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، ثُمَّ أَعُودُ» (¬3). ¬

(¬1) الرحمن الرحيم صفة مبالغة تدل على صفة الحمة، بدأ بها لأن معاني القرآن ترجع إليها، يعني الفاتحة. (¬2) تأمين المأموم ليس مرتبطًا بتأمين الإمام، فمتى قال الإمام: "ولا الضالين" قال المأموم: "آمين". (¬3) هذه الشفاعة في أهل المعصية العظمى.

3 - باب قوله تعالى {فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون}

3 - باب قَوْلُهُ تَعَالَى {فَلاَ تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} 4477 - عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «سَأَلْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم: أَىُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهْوَ خَلَقَكَ. قُلْتُ: إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ، قُلْتُ: ثُمَّ أَىُّ؟ قَالَ: وَأَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ تَخَافُ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ، قُلْتُ: ثُمَّ أَىُّ؟ قَالَ: أَنْ تُزَانِىَ حَلِيلَةَ جَارِكَ» (¬1). 4 - باب {وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى. . .} وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْمَنُّ صَمْغَةٌ (¬2)، وَالسَّلْوَى الطَّيْرُ 4478 - عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ رضى الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْكَمْأَةُ (¬3) مِنَ الْمَنِّ، وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ». 4479 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «قِيلَ لِبَنِى إِسْرَائِيلَ {ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ} فَدَخَلُوا يَزْحَفُونَ عَلَى أَسْتَاهِهِمْ فَبَدَّلُوا، قَالُوا حِطَّةٌ حَبَّةٌ فِى شَعَرَةٍ» (¬4). ¬

(¬1) وهذا يبين عظيم حق الجار وخطره، وأن الزنى بامرأته مقرون بالشرك. (¬2) طعام لين يشبه الصمغ، حلو لين يشبه الفقع. (¬3) الفقع. (¬4) هذا من تبديلهم وتحريفهم. حطة: حط عنا الذنوب فدخلوا يزحفون على مقاعدهم ويقولون حبة في شعرة.

6 - باب قوله {من كان عدوا لجبريل}

6 - باب قَوْلُهُ {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ} وَقَالَ عِكْرِمَةُ: جَبْرَ، وَمِيكَ، وَسَرَافِ: عَبْدٌ. إِيلْ: اللَّهُ. 4480 - عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «سَمِعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ بِقُدُومِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهْوَ فِى أَرْضٍ يَخْتَرِفُ، فَأَتَى النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنِّى سَائِلُكَ عَنْ ثَلاَثٍ لاَ يَعْلَمُهُنَّ إِلاَّ نَبِىٌّ. . . (الحديث). . . قَالَ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ؟ فَقَالُوا: أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ. فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. فَقَالُوا: شَرُّنَا وَابْنُ شَرِّنَا، وَانْتَقَصُوهُ. قَالَ: فَهَذَا الَّذِى كُنْتُ أَخَافُ يَا رَسُولَ اللَّهِ» (¬1). 7 - باب قَوْلِهِ: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نَنْسَأْهَا} 4481 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «قَالَ عُمَرُ رضى الله عنه: أَقْرَؤُنَا أُبَىٌّ، وَأَقْضَانَا عَلِىٌّ. وَإِنَّا لَنَدَعُ مِنْ قَوْلِ أُبَىٍّ، وَذَاكَ أَنَّ أُبَيًّا يَقُولُ: لاَ أَدَعُ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نَنْسَأْهَا}» (¬2). 10 - باب قَوْلُهُ تَعَالَى {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ. . .} 4484 - عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها زَوْجِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ¬

(¬1) هذا يدل على ظلمهم وخبثهم وجرأتهم على الله، في مجلس واحد تمدحونه وتذمونه أين الحياء؟ أين الخوف من الله؟ (¬2) فيه فضل أبي وعلي. * وأراد ابن عباس أن العالم قد يخفى عليه بعض الشيء، والواجب على أهل العلم عرض ما أشكل على الأدلة الشرعية.

11 - باب {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا}

«أَلَمْ تَرَىْ أَنَّ قَوْمَكِ بَنَوُا الْكَعْبَةَ وَاقْتَصَرُوا عَنْ قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلاَ تَرُدُّهَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ؟ قَالَ: لَوْلاَ حِدْثَانُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ (¬1). فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: لَئِنْ كَانَتْ عَائِشَةُ سَمِعَتْ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا أُرَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَرَكَ اسْتِلاَمَ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الْحِجْرَ ألاَّ أَنَّ الْبَيْتَ لَمْ يُتَمَّمْ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ». 11 - باب {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} 4485 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ: «كَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ وَيُفَسِّرُونَهَا بِالْعَرَبِيَّةِ لأَهْلِ الإِسْلاَمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لاَ تُصَدِّقُوا أَهْلَ الْكِتَابِ وَلاَ تُكَذِّبُوهُمْ، وَقُولُوا {آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ. . .} الآيَةَ» (¬2). 17 - باب {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ. . .} 4491 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «بَيْنَا النَّاسُ بِقُبَاءٍ فِى صَلاَةِ الصُّبْحِ إِذْ جَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ: إِنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ، وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا. وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إِلَى الشَّأْمِ، فَاسْتَدَارُوا إِلَى الْكَعْبَةِ» (¬3). ¬

(¬1) ترك هذا الحيث المفسدة، وكانت قلوب الناس لا تحتمل. (¬2) لأن أهل الكتاب يدعون أشياء باطلة، إلا أن يدل على ذلك دليل على أنه حق وصدق. (¬3) وكانت هذه بعد ستة عشر شهرًا، السنة الثانية من الهجرة.

21 - باب قوله {إن الصفا والمروة من شعائر الله. . .}

21 - باب قَوْلِهِ {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ. . .} 4495 - عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: «قُلْتُ لِعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم -وَأَنَا يَوْمَئِذٍ حَدِيثُ السِّنِّ-: أَرَأَيْتِ قَوْلَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ. . .} فَمَا أُرَى عَلَى أَحَدٍ شَيْئًا أَنْ لاَ يَطَّوَّفَ بِهِمَا. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: كَلاَّ، لَوْ كَانَتْ كَمَا تَقُولُ كَانَتْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لاَ يَطَّوَّفَ بِهِمَا، إِنَّمَا نزلت هَذِهِ الآيَةُ فِى الأَنْصَارِ: كَانُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ، . . . الحديث» (¬1). 22 - باب {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا} 4497 - عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ «قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم كَلِمَةً وَقُلْتُ أُخْرَى: قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ مَاتَ وَهْوَ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ نِدًّا دَخَلَ النَّارَ» (¬2). 40 - باب {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} 4529 - عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ «أَنَّ أُخْتَ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، فَتَرَكَهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَخَطَبَهَا فَأَبَى مَعْقِلٌ، فَنَزَلَتْ {فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ}» (¬3). ¬

(¬1) التحرج من الأنصار لا وجه له فشرع ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله وفعله. (¬2) أخذها ابن مسعود من حديث آخر. (¬3) ليس للولي أن يمنع المرأة أن تتزوج سواء كان زوجًا جديدًا أو زوجًا سابقًا، فقد يكون بينهما ذرية.

42 - باب {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى}

42 - باب {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى} 4533 - عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَلِىٍّ رضى الله عنه «أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ: حَبَسُونَا عَنْ صَلاَةِ الْوُسْطَى حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ مَلأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ أَوْ أَجْوَافَهُمْ - شَكَّ يَحْيَى - نَارًا» (¬1). 43 - باب {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} أي مُطِيعِينَ 4534 - عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ «كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِى الصَّلاَةِ يُكَلِّمُ أَحَدُنَا أَخَاهُ فِى حَاجَتِهِ، حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ» (¬2). 44 - باب {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ. . .} وَقَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ: كُرْسِيُّهُ عِلْمُهُ (¬3). يُقَالُ: بَسْطَةً زِيَادَةً وَفَضْلاً. أَفْرِغْ أَنْزِلْ. وَلاَ يَئُودُهُ لاَ يُثْقِلُهُ، آدَنِى أَثْقَلَنِي، وَالآدُ وَالأَيْدُ الْقُوَّةُ. . . 4535 - عن مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضى الله عنهما كَانَ إِذَا سُئِلَ عَنْ صَلاَةِ الْخَوْفِ قَالَ: يَتَقَدَّمُ الإِمَامُ وَطَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ، فَيُصَلِّى بِهِمِ الإِمَامُ رَكْعَةً وَتَكُونُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْعَدُوِّ لَمْ يُصَلُّوا فَإِذَا صَلَّى الَّذِينَ ¬

(¬1) هذا يدل على عظم شأن الصلاة في وقتها. (¬2) هذا كان في أول الإسلام يتكلم الإنسان في حاجته في الصلاة، هاتوا كذا. . ثم نهى عن ذلك، وكان يسلم في الصلاة ثم ترك وقال: إن في الصلاة لشغلًا. (¬3) وهذا ضعيف، والصواب أن الكرسي موضع القدمين.

55 - باب {آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه}

مَعَهُ رَكْعَةً اسْتَأْخَرُوا مَكَانَ الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا وَلاَ يُسَلِّمُونَ، وَيَتَقَدَّمُ الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا فَيُصَلُّونَ مَعَهُ رَكْعَةً، . . . (الحديث). . فَإِنْ كَانَ خَوْفٌ هُوَ أَشَدَّ مِنْ ذَلِكَ صَلَّوْا رِجَالاً قِيَامًا عَلَى أَقْدَامِهِمْ أَوْ رُكْبَانًا مُسْتَقْبِلِى الْقِبْلَةِ أَوْ غَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا» (¬1). قَالَ مَالِكٌ قَالَ نَافِعٌ: لاَ أُرَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ذَكَرَ ذَلِكَ إِلاَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (¬2). 55 - باب {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ} 4546 - عَنْ مَرْوَانَ الأَصْفَرِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم -قَالَ أَحْسِبُهُ ابْنَ عُمَرَ- {إِنْ تُبْدُوا مَا فِى أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ} قَالَ: نَسَخَتْهَا الآيَةُ الَّتِى بَعْدَهَا» (¬3). 3 - سورة آلِ عِمْرَانَ قال الحافظ: قوله: وقال سعيد جبير: (وحصورًا لا يأتي النساء) (¬4) وقع هذا بعد ذكر المسومة، وصله الثوري في تفسيره عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير به. ¬

(¬1) وإن أجلوها بعد الوقت جاز، كما فعل يوم الخندق. وليست الصلاة يوم الخندق منسوخة بصلاة الخوف. (¬2) وهذا إحدى صلاة الخوف، وقد جاءت على أنواع. (¬3) {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به نفسها مالم تكلم أو تعمل متفق عليه". (¬4) يحتاج إلى نص عن المعصوم.

1 - باب {منه آيات محكمات}

1 - باب {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ} 4547 - عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ: «تَلاَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَذِهِ الآيَةَ {هُوَ الَّذِى أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ -إِلَى قَوْلِهِ- أُولُو الأَلْبَابِ} قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ، فَاحْذَرُوهُمْ» (¬1). 2 - باب {وَإِنِّى أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} 4548 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه «أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلاَّ وَالشَّيْطَانُ يَمَسُّهُ حِينَ يُولَدُ، فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِنْ مَسِّ الشَّيْطَانِ إِيَّاهُ، إِلاَّ مَرْيَمَ وَابْنَهَا». ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {وَإِنِّى أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}. 4551 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى أَوْفَى رضى الله عنهما «أَنَّ رَجُلاً أَقَامَ سِلْعَةً فِى السُّوقِ فَحَلَفَ فِيهَا: لَقَدْ أَعْطَى بِهَا مَا لَمْ يُعْطَهُ، لِيُوقِعَ فِيهَا رَجُلاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ. فَنَزَلَتْ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً} إِلَى آخِرِ الآيَةِ». ¬

(¬1) الواجب رد المتشابه إلى المحكم، والمحكم هو الواضح، والمشتبه هو الذي يشتبه تفسيره فيرد إلى المحكم. * وسألته عن الصحيح في الوقف وما يعلم تأويله إلا الله هنا؟ فقال: نعم هذا أحسن. (¬2) صرخته علامة حياته وإرثه ويترتب عليها أحكام، ولله الحكمة. (¬3) الآية عامة؟ نعم من تكلم بشيء يضر أخذ بكلامه، شهادة، حلف، تدليس ليضر يؤخذ بكلامه.

4 - سورة النساء

4552 - عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ «أَنَّ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا تَخْرِزَانِ فِى بَيْتٍ -أَوْ فِى الْحُجْرَةِ- فَخَرَجَتْ إِحْدَاهُمَا وَقَدْ أُنْفِذَ بِإِشْفًى فِى كَفِّهَا، فَادَّعَتْ عَلَى الأُخْرَى، فَرُفِعَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَذَهَبَ دِمَاءُ قَوْمٍ وَأَمْوَالُهُمْ. ذَكِّرُوهَا بِاللَّهِ، وَاقْرَءُوا عَلَيْهَا {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ}. فَذَكَّرُوهَا، فَاعْتَرَفَتْ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» (¬1). 4 - سورة النساء 4577 - عَنْ جَابِرٍ رضى الله عنه قَالَ: «عَادَنِى النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ فِى بَنِى سَلِمَةَ مَاشِيَيْنِ، فَوَجَدَنِى النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم لاَ أَعْقِلُ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ مِنْهُ ثُمَّ رَشَّ عَلَىَّ فَأَفَقْتُ، فَقُلْتُ مَا تَأْمُرُنِى أَنْ أَصْنَعَ فِى مَالِى يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَنَزَلَتْ {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِى أَوْلاَدِكُمْ}». قال الحافظ: . . . قوله (فنزلت يوصيكم الله في أولادكم) هكذا وقع في رواية ابن جريج، وقيل إنه وهم في ذلك وأن الصواب أن الآية التي نزلت في قصة جابر هذه الآية الأخيرة من النساء وهي {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} (¬2). 6 - باب {لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ. . . .} 4579 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ ¬

(¬1) اليمين عظيمة. (¬2) هذا هو المنطبق على قصة جابر.

7 - باب {ولكل جعلنا موالى مما ترك الوالدان والأقربون. . .}

كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} قَالَ: كَانُوا إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ كَانَ أَوْلِيَاؤُهُ أَحَقَّ بِامْرَأَتِهِ، إِنْ شَاءَ بَعْضُهُمْ تَزَوَّجَهَا، وَإِنْ شَاءُوا زَوَّجُوهَا وَهُمْ أَحَقُّ بِهَا مِنْ أَهْلِهَا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِى ذَلِكَ» (¬1). 7 - باب {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِىَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ. . .} 4580 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِىَ} قَالَ: وَرَثَةً. {وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} (¬2) كَانَ الْمُهَاجِرُونَ لَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَرِثُ الْمُهَاجِرُ الأَنْصَارِىَّ دُونَ ذَوِى رَحِمِهِ لِلأُخُوَّةِ الَّتِى آخَى النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمْ فَلَمَّا نَزَلَتْ {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِىَ} نُسِخَتْ. ثُمَّ قَالَ {وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} مِنَ النَّصْرِ وَالرِّفَادَةِ وَالنَّصِيحَةِ وَقَدْ ذَهَبَ الْمِيرَاثُ وَيُوصِى لَهُ. سَمِعَ أَبُو أُسَامَةَ إِدْرِيسَ. وَسَمِعَ إِدْرِيسُ طَلْحَةَ». ¬

(¬1) وهذا نسخ لما كان في الجاهلية من الاستيلاء على الأرملة من العضل والإكراه، بل متى خرجت من العدة فهي حرة تنكح من شاءت من الأكفاء. (¬2) كان الميراث بين المهاجرين، ثم نسخ الله ذلك وجعل الميراث للأقارب ونسخ الإرث بالولاء.

8 - باب {إن الله لا يظلم مثقال ذرة} يعنى زنة ذرة

8 - باب {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} يَعْنِى زِنَةَ ذَرَّةٍ 4581 - عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ رضى الله عنه أَنَّ أُنَاسًا فِى زَمَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: نَعَمْ، هَلْ تُضَارُّونَ فِى رُؤْيَةِ الشَّمْسِ بِالظَّهِيرَةِ، ضَوْءٌ لَيْسَ فِيهَا سَحَابٌ؟ قَالُوا: لاَ. قَالَ: وَهَلْ تُضَارُّونَ فِى رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، ضَوْءٌ لَيْسَ فِيهَا سَحَابٌ؟ قَالُوا: لاَ. قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: مَا تُضَارُّونَ فِى رُؤْيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلاَّ كَمَا تُضَارُّونَ فِى رُؤْيَةِ أَحَدِهِمَا. إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ تَتْبَعُ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ، فَلاَ يَبْقَى مَنْ كَانَ يَعْبُدُ غَيْرَ اللَّهِ مِنَ الأَصْنَامِ وَالأَنْصَابِ إِلاَّ يَتَسَاقَطُونَ فِى النَّارِ. حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلاَّ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ بَرٌّ أَوْ فَاجِرٌ وَغُبَّرَاتُ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَيُدْعَى الْيَهُودُ فَيُقَالُ لَهُمْ: مَنْ كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ قَالُوا: كُنَّا نَعْبُدُ عُزَيْرَ ابْنَ اللَّهِ، فَيُقَالُ لَهُمْ: كَذَبْتُمْ، مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ صَاحِبَةٍ وَلاَ وَلَدٍ، فَمَاذَا تَبْغُونَ؟ فَقَالُوا: عَطِشْنَا رَبَّنَا فَاسْقِنَا، فَيُشَارُ: أَلاَ تَرِدُونَ؟ فَيُحْشَرُونَ إِلَى النَّارِ كَأَنَّهَا سَرَابٌ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَيَتَسَاقَطُونَ فِى النَّارِ. ثُمَّ يُدْعَى النَّصَارَى، فَيُقَالُ لَهُمْ: مَنْ كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ قَالُوا: كُنَّا نَعْبُدُ الْمَسِيحَ ابْنَ اللَّهِ، فَيُقَالُ لَهُمْ: كَذَبْتُمْ، مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ صَاحِبَةٍ وَلاَ وَلَدٍ. فَيُقَالُ لَهُمْ: مَاذَا تَبْغُونَ؟ فَكَذَلِكَ مِثْلَ الأَوَّلِ. حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلاَّ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ مِنْ بَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ، أَتَاهُمْ رَبُّ الْعَالَمِينَ فِى أَدْنَى صُورَةٍ مِنَ الَّتِى رَأَوْهُ (¬1) فِيهَا، فَيُقَالُ: مَاذَا تَنْتَظِرُونَ؟ تَتْبَعُ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ. ¬

(¬1) الرؤية آمن بها أهل السنة والجماعة وكفر بها الجهمية والمعتزلة، والرؤية في الجنة أعظم نعيم الجنة.

9 - باب فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد، وجئنا بك على هؤلاء شهيدا

قَالُوا: فَارَقْنَا النَّاسَ فِى الدُّنْيَا عَلَى أَفْقَرِ مَا كُنَّا إِلَيْهِمْ وَلَمْ نُصَاحِبْهُمْ: وَنَحْنُ نَنْتَظِرُ رَبَّنَا الَّذِى كُنَّا نَعْبُدُ، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: لاَ نُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا. مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا». 9 - باب فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ، وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيدًا 4582 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ يَحْيَى بَعْضُ الْحَدِيثِ «عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ: قَالَ لِى النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: اقْرَأْ عَلَىَّ. قُلْتُ: آقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قَالَ: فَإِنِّى أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِى. فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ سُورَةَ النِّسَاءِ حَتَّى بَلَغْتُ {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ، وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيدًا} قَالَ: أَمْسِكْ، فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ» (¬1). 11 - باب {أطِيعُوا اللَّهَ، وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ، وَأُولِى الأَمْرِ مِنْكُمْ} (¬2) ذَوِى الأَمْرِ 4584 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما {أطِيعُوا اللَّهَ، وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ، وَأُولِى الأَمْرِ مِنْكُمْ} قَالَ: «نَزَلَتْ فِى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِىٍّ، إِذْ بَعَثَهُ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم فِى سَرِيَّةٍ». ¬

(¬1) تذكر هذا الموقف العظيم فبكى عليه الصلاة والسلام. (¬2) الآية الكريمة مقيدة بالسنة إنما الطاعة في المعروف.

12 - باب {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم}

12 - باب {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} 4585 - عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: «خَاصَمَ الزُّبَيْرُ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ فِى شَرِيجٍ مِنَ الْحَرَّةِ فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ أَرْسِلِ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ. فَقَالَ الأَنْصَارِىُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ؟ فَتَلَوَّنَ وَجْهُهُ، ثُمَّ قَالَ: اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ احْبِسِ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ، ثُمَّ أَرْسِلِ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ. وَاسْتَوْعَى النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم لِلزُّبَيْرِ حَقَّهُ فِى صَرِيحِ الْحُكْمِ حِينَ أَحْفَظَهُ الأَنْصَارِىُّ وكَانَ أَشَارَ عَلَيْهِمَا بِأَمْرٍ لَهُمَا فِيهِ سَعَةٌ. قَالَ الزُّبَيْرُ: فَمَا أَحْسِبُ هَذِهِ الآيَاتِ إِلاَّ نَزَلَتْ فِى ذَلِكَ {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ}» (¬2). 15 - باب {فَمَا لَكُمْ فِى الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ} 4589 - عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضى الله عنه {فَمَا لَكُمْ فِى الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} رَجَعَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ أُحُدٍ وَكَانَ النَّاسُ فِيهِمْ فِرْقَتَيْنِ: فَرِيقٌ يَقُولُ اقْتُلْهُمْ، وَفَرِيقٌ يَقُولُ لاَ» (¬3). 16 - باب {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} 4590 - عن سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ قَالَ: «آيَةٌ اخْتَلَفَ فِيهَا أَهْلُ الْكُوفَةِ، فَرَحَلْتُ فِيهَا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَسَأَلْتُهُ عَنْهَا فَقَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا ¬

(¬1) نفي لأصل الإيمان (بعدما سألته). (¬2) الواجب على المسلمين تحكيم الرسول صلى الله عليه وسلم وتحكيم شرعه. * فيه أن الأعلى يسقي ثم من يليه، عند نزول المياه في الأودية. (¬3) ظاهر السياق أهلكهم بما كسبوا حتى وقعوا فيما وقعوا فيه.

17 - باب {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا} السلم والسلام والسلم واحد

مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} هِىَ آخِرُ مَا نَزَلَ وَمَا نَسَخَهَا شَىْءٌ» (¬1). 17 - باب {وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} السِّلْمُ وَالسَّلاَمُ وَالسَّلَمُ وَاحِدٌ 4591 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما «{وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ رَجُلٌ فِى غُنَيْمَةٍ لَهُ، فَلَحِقَهُ الْمُسْلِمُونَ، فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ، فَقَتَلُوهُ وَأَخَذُوا غُنَيْمَتَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِى ذَلِكَ قَوْلِهِ {عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} (¬2) تِلْكَ الْغُنَيْمَةُ» قَالَ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ {السَّلاَمَ}. ¬

*وقرئ بحث على شيخنا أن ابن عباس أفتى بأن القائل للمؤمن له توبة، أخرجه ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب المفرد بسند جيد، فقال الشيخ رحمه الله: هذا يدل على أن عنه روايتين، ويحتمل الرجوع، وهذا اللائق بعلمه وفضله فكيف يخفى عليه هذا؟ (¬1) قول ابن عباس ضعيف، إلا أن يحمل على حق القتيل لا يسقط فقد يعوضه الله بحسنات. *هذا عند ابن عباس وجماعة أنه لا توبة للقاتل وهو قول ضعيف، والجمهور أن له توبة، والصواب أن هذا وعيد إلا أن يعفو الله عنه. (¬2) هذا يفيد التثبت، فمن علامة الإسلام إلقاء السلام، ومن شك في إسلامه تثبت في إسلامه. وسئل: ومن استبان كفره؟ استتيب وإلا قتل إن لم يكن من أهل الجزية.

18 - باب {لا يستوى القاعدون من المؤمنين والمجاهدون فى سبيل الله}

18 - باب {لاَ يَسْتَوِى الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ} 4592 - عن سَهْلُ السَّاعِدِىُّ أَنَّهُ رَأَى مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ فِى الْمَسْجِدِ، فَأَقْبَلْتُ حَتَّى جَلَسْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَأَخْبَرَنَاه أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ أَخْبَرَهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمْلَى عَلَيْهِ {لاَ يَسْتَوِى الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ} فَجَاءَهُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَهْوَ يُمِلُّهَا عَلَىَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ لَوْ أَسْتَطِيعُ الْجِهَادَ لَجَاهَدْتُ -وَكَانَ أَعْمَى- فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم وَفَخِذُهُ عَلَى فَخِذِى، فَثَقُلَتْ عَلَىَّ حَتَّى خِفْتُ أَنْ تُرَضَّ فَخِذِى. ثُمَّ سُرِّىَ عَنْهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {غَيْرَ أُولِى الضَّرَرِ} (¬1)». 4595 - عن ابْنَ عَبَّاسٍ رضى الله عنه قال: «لاَ يَسْتَوِى الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ بَدْرٍ وَالْخَارِجُونَ إِلَى بَدْرٍ» (¬2). 19 - باب {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ ظَالِمِى أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ. . .} 4596 - عن مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو الأَسْوَدِ قَالَ: «قُطِعَ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ بَعْثٌ، فَاكْتُتِبْتُ فِيهِ، فَلَقِيتُ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَأَخْبَرْتُهُ، فَنَهَانِى عَنْ ذَلِكَ أَشَدَّ النَّهْىِ (¬3) ثُمَّ قَالَ: أَخْبَرَنِى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ نَاسًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا مَعَ الْمُشْرِكِينَ يُكَثِّرُونَ سَوَادَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْتِى السَّهْمُ يُرْمَى بِهِ، فَيُصِيبُ أَحَدَهُمْ فَيَقْتُلُهُ، أَوْ يُضْرَبُ فَيُقْتَلُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ ظَالِمِى أَنْفُسِهِمْ} الآيَةَ». ¬

(¬1) والمعنى أن أولي الضرر لهم أجر المجاهدين. * عند البخاري عن أبي موسى: "إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا". (¬2) الحكم عام في بدر وغيرها. (¬3) كأن عكرمة تأول أن هذا القتال فيه شيء.

20 - باب {إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان. . .}

20 - باب {إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ. . .} 4597 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما {إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ} قَالَ كَانَتْ أُمِّى مِمَّنْ عَذَرَ اللَّهُ» (¬1). 22 - باب {وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى. . .} 4599 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما {إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى} قَالَ «عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفِ كَانَ جَرِيحًا» (¬2). 24 - باب {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} 4601 - عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} قَالَتِ «الرَّجُلُ تَكُونُ عِنْدَهُ الْمَرْأَةُ لَيْسَ بِمُسْتَكْثِرٍ مِنْهَا يُرِيدُ أَنْ يُفَارِقَهَا، فَتَقُولُ: أَجْعَلُكَ مِنْ شَأْنِى فِى حِلٍّ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِى ذَلِكَ» (¬3). 26 - باب قَوْلِهِ {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ -إِلَى قَوْلِهِ- وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ} 4604 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى فَقَدْ كَذَبَ» (¬4). ¬

(¬1) يعني في تأخرها عن الهجرة. (¬2) إذا كان المجاهد جريحًا أو مريضًا صلى وجاز له ترك السلاح. (¬3) ومن هذا قصة سودة حين أراد أن يطلقها فقالت: أنت في حل مني قد وهبت يومي لعائشة. (¬4) بعض الناس قد يتجرأ لما سمع قصة يونس فيذكر مثل هذا تنقصًا، فنهي عن ذلك.

27 - باب {يستفتونك قل الله يفتيكم فى الكلالة، إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد} والكلالة من لم يرثه أب أو ابن، وه

27 - باب {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِى الْكَلاَلَةِ، إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ (¬1) وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} وَالْكَلاَلَةُ مَنْ لَمْ يَرِثْهُ أَبٌ أَوِ ابْنٌ، وَهْوَ مَصْدَرٌ مِنْ تَكَلَّلَهُ النَّسَبُ (¬2). سورة الْمَائِدَةِ 2 - باب {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} 4606 - عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ «قَالَتِ الْيَهُودُ لِعُمَرَ: إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ آيَةً لَوْ نَزَلَتْ فِينَا لاَتَّخَذْنَاهَا عِيدًا. فَقَالَ عُمَرُ: إِنِّى لأَعْلَمُ حَيْثُ أُنْزِلَتْ وَأَيْنَ أُنْزِلَتْ، وَأَيْنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أُنْزِلَتْ: يَوْمَ عَرَفَةَ، وَإِنَّا وَاللَّهِ بِعَرَفَةَ. قَالَ سُفْيَانُ وَأَشُكُّ كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَمْ لاَ {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}» (¬3). 3 - باب {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} تَيَمَّمُوا تَعَمَّدُوا، آمِّينَ عَامِدِينَ (¬4) أَمَّمْتُ وَتَيَمَّمْتُ وَاحِدٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمَسْتُمْ وَتَمَسُّوهُنَّ وَاللاَّتِى دَخَلْتُمْ بِهِنَّ وَالإِفْضَاءُ النِّكَاحُ. ¬

(¬1) يعني ولا والد، لأن الأخت لا ترث مع الوالد بإجماع المسلمين. (¬2) وهكذا كالإجماع من أهل العلم. . . الكلالة من لا ولد له ولا والد. (¬3) في حجة الوداع، وصادف يوم عرفة يوم الجمعة. (¬4) قاصدين، كذا في نسخة العيني، فيه عناية الراعي بالرعية، أوقف الجيش على قلادة امرأة، فلا يقال الفرد والفردان والمرأة لا يبالى لهم. * إن ولي المرأة يعاتبها وينصحها ولو كانت كبيرة. * فيه عظم رحمة الله، وهي أعظم وأكبر، شرع التيمم عند فقد الماء.

4 - باب {فاذهب أنت وربك فقاتلا، إنا ها هنا قاعدون}

4 - باب {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاَ، إِنَّا هَا هُنَا قَاعِدُونَ} 4609 - عَنْ طَارِقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ الْمِقْدَادُ يَوْمَ بَدْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا لاَ نَقُولُ لَكَ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاَ، إِنَّا هَا هُنَا قَاعِدُونَ} وَلَكِنِ امْضِ وَنَحْنُ مَعَكَ. فَكَأَنَّهُ سُرِّىَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» (¬1). 12 - باب {لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} 4621 - عَنْ أَنَسٍ رضى الله عنه قَالَ: «خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خُطْبَةً مَا سَمِعْتُ مِثْلَهَا قَطُّ، قَالَ: لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا. قَالَ فَغَطَّى أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وُجُوهَهُمْ لَهُمْ حَنِينٌ، فَقَالَ رَجُلٌ مَنْ أَبِى؟ قَالَ: أبوك فُلاَنٌ. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} رَوَاهُ النَّضْرُ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ عَنْ شُعْبَةَ» (¬2). 4623 - عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: الْبَحِيرَةُ الَّتِى يُمْنَعُ دَرُّهَا لِلطَّوَاغِيتِ، فَلاَ يَحْلُبُهَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ، وَالسَّائِبَةُ كَانُوا يُسَيِّبُونَهَا لآلِهَتِهِمْ لاَ يُحْمَلُ عَلَيْهَا شَىْءٌ. قَالَ: وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرٍ الْخُزَاعِىَّ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِى النَّارِ، كَانَ أَوَّلَ مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ. وَالْوَصِيلَةُ ¬

(¬1) هذا من فضل الصحابة رضي الله عنهم. * قد يشكل على قول المقداد أنه في سورة المائدة وبدر قبل نزول المائدة بكثير فليحرر! قلت: لعله بلغهم برواية الأحبار وقد كانوا جيران أهل الكتاب؟ (¬2) المقصود أن السائل يسأل عن الحاجات التي تهمه في دينه حتى يوفق، وأما سؤال التعنت وامتحان السائل فعاقبته سيئة.

النَّاقَةُ الْبِكْرُ تُبَكِّرُ فِى أَوَّلِ نِتَاجِ الإِبِلِ بِأُنْثَى، ثُمَّ تُثَنِّى بَعْدُ بِأُنْثَى، وَكَانُوا يُسَيِّبُونَهُمْ لِطَوَاغِيتِهِمْ إِنْ وَصَلَتْ إِحْدَاهُمَا بِالأُخْرَى لَيْسَ بَيْنَهُمَا ذَكَرٌ. وَالْحَامِ فَحْلُ الإِبِلِ يَضْرِبُ الضِّرَابَ الْمَعْدُودَ، فَإِذَا قَضَى ضِرَابَهُ وَدَعُوهُ لِلطَّوَاغِيتِ وَأَعْفَوْهُ مِنَ الْحَمْلِ فَلَمْ يُحْمَلْ عَلَيْهِ شَىْءٌ وَسَمَّوْهُ الْحَامِىَ. وَقَالَ لي أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ سَمِعْتُ سَعِيدًا قَالَ يُخْبِرُهُ بِهَذَا قَالَ: وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ. وَرَوَاهُ ابْنُ الْهَادِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه سَمِعْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم» (¬1). 4625 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما قَالَ: «خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إِلَى اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلاً. ثُمَّ قَالَ {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} إِلَى آخِرِ الآيَةِ. ثُمَّ قَالَ: أَلاَ وَإِنَّ أَوَّلَ الْخَلاَئِقِ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ. أَلاَ وَإِنَّهُ يُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِى فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ، فَأَقُولُ يَا رَبِّ أُصَيْحَابِى. فَيُقَالُ: إِنَّكَ لاَ تَدْرِى مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ. فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ، فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِى كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ} فَيُقَالُ: إِنَّ هَؤُلاَءِ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ» (¬2). ¬

(¬1) هذا يدل على ضعف عقولهم، وهذا من خرافات الجاهلية كيف هذا؟ أموال تضيع. (¬2) فيه الحذر من أسباب الردة، فقد ارتد كثير من العرب بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، وفي لفظ للحديث "فأقول سحقًا سحقًا لمن بدّل بعدي" وفيه منقبة لإبراهيم عليه الصلاة والسلام. * العصاة يَرِدون الحوض لأنهم مؤمنون. قلت: وقع في النسائي وغيره =

6 - سورة الأنعام

6 - سورة الأَنْعَامِ 3 - باب {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} 4629 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنه قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} قَالَ أَصْحَابُهُ: وَأَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ؟ فَنَزَلَتْ {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}» (¬1). 4 - باب {وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ} 4631 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا يَنْبَغِى لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى» (¬2). 6 - باب {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِى ظُفُرٍ. . .} 4633 - عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنهما سَمِعْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «قَاتَلَ ¬

= من طريق أبي حصين عثمان بن عاصم الكوفي عن الشعبي عن عاصم العدوي عن كعب بن عجرة قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن تسعة فقال: إنه ستكون بعدي أمراء من صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه وليس بواردٍ عليّ الحوض. . . " الحديث إسناده صحيح وعاصم وثقه النسائي، وظاهره أن بعض العصاة لا يرد الحوض فهو من المستثنى. * الحوض قبل الصراط والقنطرة بعده. (¬1) يعني أعظم الظلم الشرك بالله، والأمن الكامل لمن سلم من الظلم كله، الشرك والمعاصي وظلم الناس. * وجه كون الشرك ظلمًا لأنه وضع للعبادة في غير محلها. (¬2) لأن الله ابتلاه ثم اجتباه.

7 - باب {ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن}

اللَّهُ الْيَهُودَ، لَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ شُحُومَهَا جَمَلُوها (¬1) ثُمَّ بَاعُوهُ فَأَكَلُوهَا». 7 - باب {وَلاَ تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} 4634 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنه قَالَ: «لاَ أَحَدَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ، وَلِذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ (¬2). وَلاَ شَىْءَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللَّهِ، لِذَلِكَ مَدَحَ نَفْسَهُ. قُلْتُ: سَمِعْتَهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: وَرَفَعَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ». 10 - باب {لاَ يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا} 4636 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا (¬3)، فَإِذَا طَلَعَتْ وَرَآهَا النَّاسُ آمَنُوا أَجْمَعُونَ وَذَلِكَ حِينَ لاَ يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا. ثُمَّ قَرَأَ الآيَةَ». 7 - سورة الأَعْرَافِ 1 - باب {إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّىَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} 4637 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنه قَالَ: «أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَرَفَعَهُ، قَالَ: لاَ أَحَدَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ، فَلِذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَلاَ أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمِدْحَةُ مِنَ اللَّهِ، فَلِذَلِكَ مَدَحَ نَفْسَهُ» (¬4). ¬

(¬1) أي أذابوها فباعوها وأكلوا أثمانها حيلة منهم. (¬2) الكبر والخيلاء والرياء والعياذ بالله. (¬3) طلوع الشمس من مغربها هي التاسعة، وبعدها النار التي تسوق الناس إلى أرض المحشر، وقد رتبها السفاريني. (¬4) في الرواية الأخرى "ولا أحد أحب إليه العذر من الله ولهذا أرسل الرسل".

2 - باب {ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرنى أنظر إليك قال لن ترانى ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه. . .} قال ابن عباس: أرنى أعطنى

2 - باب {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِى أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِى وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ. . .} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَرِنِى أَعْطِنِى (¬1) 4638 - عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ رضى الله عنه قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَدْ لُطِمَ وَجْهُهُ وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِكَ مِنَ الأَنْصَارِ لَطَمَ وَجْهِى. قَالَ: ادْعُوهُ، فَدَعَوْهُ، قَالَ: لِمَ لَطَمْتَ وَجْهَهُ؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّى مَرَرْتُ بِالْيَهُودِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: وَالَّذِى اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ. فَقُلْتُ: وَعَلَى مُحَمَّدٍ؟ وَأَخَذَتْنِى غَضْبَةٌ فَلَطَمْتُهُ. قَالَ: لاَ تُخَيِّرُونِى مِنْ بَيْنِ الأَنْبِيَاءِ، فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ، فَلاَ أَدْرِى أَفَاقَ قَبْلِى أَمْ جُزِىَ بِصَعْقَةِ الطُّورِ» (¬2). 4639 - عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْكَمْأَةُ مِنَ الْمَنِّ، وَمَاؤُهَا شِفَاءُ الْعَيْنِ» (¬3). ¬

(¬1) يعني مكنّي. (¬2) وهذا من باب التواضع وأنه لا يكون التفاضل بالتعصب بل بالأدلة الشرعية، وإلا هو سيد البشر. * ولم يعاقب الأنصاري لأنه مجتهد، ومن ذلك الآمرين بالمعروف والنهي عن المنكر إذا فعلوا ما لا ينبغي مجتهدين لا يؤاخذون لأنهم فعلوه غضبًا لله. (¬3) الكمأة (يسمونها الفقع).

3 - باب {قل يا أيها الناس إنى رسول الله إليكم جميعا. . .}

3 - باب {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّى رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا. . .} 4640 - عن الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عن عَبْدُ اللَّهِ (¬1) بْنُ الْعَلاَءِ بْنِ زَبْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنِىُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ يَقُولُ: «كَانَتْ بَيْنَ أَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ مُحَاوَرَةٌ فَأَغْضَبَ أَبُو بَكْرٍ عُمَرَ فَانْصَرَفَ عَنْهُ عُمَرُ مُغْضَبًا، فَاتَّبَعَهُ أَبُو بَكْرٍ يَسْأَلُهُ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَهُ (¬2)، فَلَمْ يَفْعَلْ، حَتَّى أَغْلَقَ بَابَهُ فِى وَجْهِهِ. فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم -فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: وَنَحْنُ عِنْدَهُ- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَمَّا صَاحِبُكُمْ هَذَا فَقَدْ غَامَرَ. قَالَ وَنَدِمَ عُمَرُ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ، فَأَقْبَلَ حَتَّى سَلَّمَ وَجَلَسَ إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم وَقَصَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْخَبَرَ. قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: وَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ يَقُولُ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لأَنَا كُنْتُ أَظْلَمَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو لِى صَاحِبِى، هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو لِى صَاحِبِى؟ إِنِّى قُلْتُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّى رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا، فَقُلْتُمْ كَذَبْتَ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ صَدَقْتَ». قال أبو عبد الله: غامر سبق بالخير (¬3). 4 - باب {وَقُولُوا حِطَّةٌ} 4641 - عن أَبي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: قِيلَ لِبَنِى إِسْرَائِيلَ {ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ} فَبَدَّلُوا، فَدَخَلُوا يَزْحَفُونَ عَلَى أَسْتَاهِهِمْ وَقَالُوا: حَبَّةٌ فِى شَعَرَةٍ» (¬4). ¬

(¬1) ثقة. (¬2) هذا فيه فضل الصديق وإنصافه. (¬3) ما هو بالظاهر، غامر: خاصم. (¬4) هذا من تغيرهم وتحريفهم.

5 - باب {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} العرف: المعروف

5 - باب {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} الْعُرْفُ: الْمَعْرُوفُ 4642 - عن ابْنَ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما قَالَ: «قَدِمَ عُيَيْنَةُ (¬1) بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ الْحُرِّ بْنِ قَيْسٍ، وَكَانَ مِنَ النَّفَرِ الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ عُمَرُ (¬2)، وَكَانَ الْقُرَّاءُ أَصْحَابَ مَجَالِسِ عُمَرَ وَمُشَاوَرَتِهِ كُهُولاً كَانُوا أَوْ شُبَّانًا. فَقَالَ عُيَيْنَةُ لاِبْنِ أَخِيهِ: يَا ابْنَ أَخِى لَكَ وَجْهٌ عِنْدَ هَذَا الأَمِيرِ، فَاسْتَأْذِنْ لِى عَلَيْهِ، قَالَ: سَأَسْتَأْذِنُ لَكَ عَلَيْهِ قَالَ: ابْنُ عَبَّاسٍ فَاسْتَأْذَنَ الْحُرُّ لِعُيَيْنَةَ، فَأَذِنَ لَهُ عُمَرُ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ: هِىْ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، فَوَاللَّهِ مَا تُعْطِينَا الْجَزْلَ، وَلاَ تَحْكُمُ بَيْنَنَا بِالْعَدْلِ. فَغَضِبَ عُمَرُ حَتَّى هَمَّ بِهِ، فَقَالَ لَهُ الْحُرُّ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} وَهَذَا مِنَ الْجَاهِلِينَ. وَاللَّهِ مَا جَاوَزَهَا عُمَرُ حِينَ تَلاَهَا عَلَيْهِ، وَكَانَ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللَّهِ». 4644 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: «أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْخُذَ الْعَفْوَ مِنْ أَخْلاَقِ النَّاسِ» (¬3) أَوْ كَمَا قَالَ. ¬

(¬1) من أمراء فزارة، والأمراء في الغالب عادتهم التعاظم وسوء الكلام إلا من رحم الله. (¬2) هذا فيه فضل عمر ووقفه عند كتاب الله وقوله النصيحة، وفيه اتخاذ البوابين فقد يدخل من لا يرتضى وقد يدخل المجرمون فيؤذونه. (¬3) يعني ما هو أيسر عليهم واسمح لهم ولا تشدد عليهم، والقول الثاني: اعف واصفح حيث كان العفو أنسب، وهما متقاربان.

8 - سورة الأنفال

8 - سورة الأَنْفَالِ 6 - باب {يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ. . .} 4653 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما «لَمَّا نَزَلَتْ {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} فَكُتِبَ عَلَيْهِمْ أَنْ لاَ يَفِرَّ وَاحِدٌ مِنْ عَشَرَةٍ، فَقَالَ سُفْيَانُ غَيْرَ مَرَّةٍ: أَنْ لاَ يَفِرَّ عِشْرُونَ مِنْ مِائَتَيْنِ، ثُمَّ نَزَلَتِ {الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمُ} الآيَةَ، فَكَتَبَ أَنْ لاَ يَفِرَّ مِائَةٌ مِنْ مِائَتَيْنِ، وزَادَ سُفْيَانُ مَرَّةً: نَزَلَتْ {حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ} قَالَ سُفْيَانُ وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ: وَأُرَى الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْىَ عَنِ الْمُنْكَرِ مِثْلَ هَذَا» (¬1). 9 - سورة بَرَاءَةَ . . . وَالْمُؤْتَفِكَاتِ ائْتَفَكَتْ انْقَلَبَتْ بِهَا الأَرْضُ. أَهْوَى أَلْقَاهُ فِى هُوَّةٍ. عَدْنٍ خُلْدٍ (¬2)، عَدَنْتُ بِأَرْضٍ أَىْ أَقَمْتُ، وَمِنْهُ مَعْدِنٌ وَيُقَالُ فِى مَعْدِنِ صِدْقٍ فِى مَنْبِتِ صِدْقٍ. . . 1 - باب {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} أذان: إعلام. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أُذُنٌ يُصَدِّقُ. تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَنَحْوُهَا كَثِيرٌ. وَالزَّكَاةُ الطَّاعَةُ وَالإِخْلاَصُ. لاَ يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ لاَ يَشْهَدُونَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ (¬3). يُضَاهُونَ يُشَبِّهُونَ. ¬

(¬1) يعني إذا كانوا اثنين، اجتهادًا منه جعله من جنس الجهاد، ولو أنكر واحد على مئة باللسان لا يضره شيء، الآية في الجهاد. (¬2) منه جنات عدن أي جنات الإقامة. (¬3) هذا محل النظر، وفي موضع يراد بها التوحيد، وفي موضع يراد بها المال.

2 - باب {فسيحوا فى الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزى الله}

4654 - عن الْبَرَاءَ رضى الله عنه قال: «آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِى الْكَلاَلَةِ} وَآخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ بَرَاءَةٌ» (¬1). 2 - باب {فَسِيحُوا فِى الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِى اللَّهِ} 4655 - عن أَبي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ: «بَعَثَنِى أَبُو بَكْرٍ فِى تِلْكَ الْحَجَّةِ فِى مُؤَذِّنِينَ بَعَثَهُمْ يَوْمَ النَّحْرِ يُؤَذِّنُونَ بِمِنًى أَنْ لاَ يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلاَ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ. قَالَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: ثُمَّ أَرْدَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ بِبَرَاءَةَ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَأَذَّنَ مَعَنَا عَلِىٌّ يَوْمَ النَّحْرِ فِى أَهْلِ مِنًى بِبَرَاءَةَ، وَأَنْ لاَ يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلاَ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ» (¬2). 4656 - عن حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: «بَعَثَنِى أَبُو بَكْرٍ رضى الله عنه فِى تِلْكَ الْحَجَّةِ فِى الْمُؤَذِّنِينَ بَعَثَهُمْ يَوْمَ النَّحْرِ يُؤَذِّنُونَ بِمِنًى أَنْ لاَ يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلاَ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ. قَالَ حُمَيْدٌ: ثُمَّ أَرْدَفَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم بِعَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ فَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ (¬3) بِبَرَاءَةَ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَأَذَّنَ مَعَنَا عَلِىٌّ فِى أَهْلِ مِنًى يَوْمَ النَّحْرِ بِبَرَاءَةَ، وَأَنْ لاَ يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلاَ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ». ¬

(¬1) حسب علم الصحابة واجتهادهم. (¬2) كانوا يقفون في سنة تسع، حجة الصديق بأربع: لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان ولا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة وأن العهد لمن ليس له عهد أربعة أشهر والذي له عهد يتمم له. (¬3) وهذا معنى {وأذان من الله ورسوله} الآية.

6 - باب {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها فى سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم}

قال الحافظ: . . . "فقام على أيام التشريق فنادى: ذمة الله وذمة رسوله بريئة من كل مشرك، فسيحوا في الأرض أربعة أشهر، ولا يحجن بعد العام مشرك، ولا يطوفن بالبيت عريان، ولا يدخل الجنة إلا مؤمن (1). 6 - باب {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنْفِقُونَهَا فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} 4660 - عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: «مَرَرْتُ عَلَى أَبِى ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ فَقُلْتُ: مَا أَنْزَلَكَ بِهَذِهِ الأَرْضِ؟ قَالَ: كُنَّا بِالشَّأْمِ، فَقَرَأْتُ {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنْفِقُونَهَا فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} قَالَ مُعَاوِيَةُ: مَا هَذِهِ فِينَا، مَا هَذِهِ إِلاَّ فِى أَهْلِ الْكِتَابِ. قَالَ قُلْتُ: إِنَّهَا لَفِينَا وَفِيهِمْ» (¬2). 7 - باب {يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِى نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} (¬3). قال الحافظ: . . . فيستحلون الشهر الحرام ثم يحرمون بدله شهرًا غيره فتتحول في ذلك شهور السنة وتتبدل، فإذا أتى على ذلك عدة من السنين استدار ¬

(¬1) كان النداء بهذه الأربع. (¬2) مثل ما قال أبو ذر فينا وفيهم، والمراد من لا يؤدي الزكاة، ومراد معاوية لعله من كنز مطلقًا وهم أهل الكتاب، وأبو ذر كان يشدد لا يكنز شيئًا مطلقًا بل ينفق، ولهذا نفاه عثمان إلى الربذة بعيدًا عن الناس. * المهاجرة لضرورة لا يشترط لها محرم. (¬3) وهذا هو الصواب: إذا أديت الزكاة فليس بكنز.

10 - باب {والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب} قال مجاهد: يتألفهم بالعطية

الزمان وعاد الأمر إلى أصله، فاتفق وقوع حجة النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك (¬1). 10 - باب {وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ} قَالَ مُجَاهِدٌ: يَتَأَلَّفُهُمْ بِالْعَطِيَّةِ 4667 - عَنْ سَعِيدٍ رضى الله عنه قَالَ: «بُعِثَ إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم بِشَىْءٍ، فَقَسَمَهُ بَيْنَ أَرْبَعَةٍ وَقَالَ: أَتَأَلَّفُهُمْ. فَقَالَ رَجُلٌ: مَا عَدَلْتَ. فَقَالَ: يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمٌ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ» (¬2). 11 - باب {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ} 4668 - عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ قَالَ: «لَمَّا أُمِرْنَا بِالصَّدَقَةِ كُنَّا نَتَحَامَلُ (¬3)، فَجَاءَ أَبُو عَقِيلٍ بِنِصْفِ صَاعٍ وَجَاءَ إِنْسَانٌ بِأَكْثَرَ مِنْهُ، فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ: إِنَّ اللَّهَ لَغَنِىٌّ عَنْ صَدَقَةِ هَذَا، وَمَا فَعَلَ هَذَا الآخَرُ إِلاَّ رِئَاءً، فَنَزَلَتْ {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِى الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ} الآيَةَ» (¬4). ¬

(¬1) وبمثله قال شيخنا. * قال الشيخ: قد تمت البيعة لابن الزبير واستقر له الأمر ثم مات سنة 73 هـ، وابن عباس أفضل وأعلم وتوقف عن البيعة لأجل الفتنة؛ ولأن الناس بايعوا مروان في الشام. (¬2) هؤلاء الخوارج. (¬3) في الرواية الأخرى نحامل أي نؤجر أنفسنا حتى نتصدق. (¬4) وهذا من شأن المنافقين لا يسلم منهم أحد.

12 - باب {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم. . .}

4669 - عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ الأَنْصَارِىِّ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُ بِالصَّدَقَةِ، فَيَحْتَالُ أَحَدُنَا حَتَّى يَجِئَ بِالْمُدِّ، وَإِنَّ لأَحَدِهِمِ الْيَوْمَ مِائَةَ أَلْفٍ. كَأَنَّهُ يُعَرِّضُ بِنَفْسِهِ» (¬1). 12 - باب {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ. . .} 4670 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضى الله عنهما قَالَ: «لَمَّا تُوُفِّىَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ جَاءَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ قَمِيصَهُ يُكَفِّنُ فِيهِ أَبَاهُ، فَأَعْطَاهُ. ثُمَّ سَأَلَهُ أَنْ يُصَلِّىَ عَلَيْهِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيُصَلِّىَ عليه، فَقَامَ عُمَرُ فَأَخَذَ بِثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أتُصَلِّى عَلَيْهِ وَقَدْ نَهَاكَ رَبُّكَ أَنْ تُصَلِّىَ عَلَيْهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا خَيَّرَنِى اللَّهُ فَقَالَ: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ، إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً، وَسَأَزِيدُهُ عَلَى السَّبْعِينَ. قَالَ: إِنَّهُ مُنَافِقٌ. قَالَ فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَنْزَلَ اللَّهُ {وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا، وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ}» (¬2). 13 - باب قَوْلِهِ {وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ}. 4672 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضى الله عنهما أَنَّهُ قَالَ: «لَمَّا تُوُفِّىَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ جَاءَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَعْطَاهُ قَمِيصَهُ، وَأَمَرَهُ أَنْ ¬

(¬1) والمقصود الحث على الصدقة، والآن الناس عندهم الآلاف من الملايين، والله المستعان. (¬2) وكان صلى الله عليه وسلم حريصًا على تأليف الناس، وكان عبد الله بن عبد الله بن أبيّ رجلًا صالحًا فأراد بر الابن فأعطى أباه القميص، وفيه لين الأمراء وحرصهم على التأليف.

15 - باب {وآخرون اعترفوا بذنوبهم، خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا. . .}

يُكَفِّنَهُ فِيهِ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّى عَلَيْهِ، فَأَخَذَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِثَوْبِهِ فَقَالَ: تُصَلِّى عَلَيْهِ وَهْوَ مُنَافِقٌ، وَقَدْ نَهَاكَ اللَّهُ أَنْ تَسْتَغْفِرَ لَهُمْ؟ قَالَ إِنَّمَا خَيَّرَنِى اللَّهُ -أَوْ أَخْبَرَنِى اللَّهُ- فَقَالَ: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ، إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} فَقَالَ: سَأَزِيدُهُ عَلَى سَبْعِينَ. قَالَ فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَصَلَّيْنَا مَعَهُ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ {وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا، وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ، إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ}» (¬1). 15 - باب {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ، خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا. . .} 4674 - عن سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ رضى الله عنه قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَنَا: أَتَانِى اللَّيْلَةَ آتِيَانِ فَابْتَعَثَانِى، فَانْتَهَيْنَا إِلَى مَدِينَةٍ مَبْنِيَّةٍ بِلَبِنِ ذَهَبٍ وَلَبِنِ فِضَّةٍ، فَتَلَقَّانَا رِجَالٌ شَطْرٌ مِنْ خَلْقِهِمْ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ وَشَطْرٌ كَأَقْبَحِ مَا أَنْتَ رَاءٍ، قَالاَ لَهُمُ: اذْهَبُوا فَقَعُوا فِى ذَلِكَ النَّهْرِ، فَوَقَعُوا فِيهِ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَيْنَا قَدْ ذَهَبَ ذَلِكَ السُّوءُ عَنْهُمْ فَصَارُوا فِى أَحْسَنِ صُورَةٍ. قَالاَ لِى: هَذِهِ جَنَّةُ عَدْنٍ، وَهَذَاكَ مَنْزِلُكَ. قَالاَ: أَمَّا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَانُوا شَطْرٌ مِنْهُمْ حَسَنٌ وَشَطْرٌ مِنْهُمْ قَبِيحٌ فَإِنَّهُمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُمْ» (¬2). ¬

(¬1) من تبين نفاقه لا يصلى عليه. (¬2) وهذا فيه بشارة للتائبين وأن التوبة تزيل الشرور {وقل ياعبادي الذين أسرفوا. . .} الآية.

16 - باب {ما كان للنبى والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين}

16 - باب {مَا كَانَ لِلنَّبِىِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} 4675 - عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ دَخَلَ عَلَيْهِ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدَهُ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى أُمَيَّةَ، فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: أَىْ عَمِّ قُلْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ. فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى أُمَيَّةَ: يَا أَبَا طَالِبٍ، أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ، فَنَزَلَتْ {مَا كَانَ لِلنَّبِىِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِى قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}» (¬1). 17 - باب {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِىِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِى سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ. . .} 4676 - عن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَعْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبٍ -وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ حِينَ عَمِىَ- قَالَ: «سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ فِى حَدِيثِهِ {وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} قَالَ فِى آخِرِ حَدِيثِهِ: إِنَّ مِنْ تَوْبَتِى (¬2) أَنْ ¬

(¬1) عبد الله بن أبي أمية أسلم رضي الله عنه. * أبو جهل وابن أمية ذكراه بملة السوء فمال إلى قولهما لما سبق له من الله الشقاوة. * وفيه الحذر من جلساء السوء وأن شرهم عظيم. * وفيه أن الأعمال بالخواتيم. (¬2) شكرًا لله لا نذرًا.

18 - باب {وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم. . .}

أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِى صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ (¬1)، فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: أَمْسِكْ بَعْضَ مَالِكَ، فَهْوَ خَيْرٌ لَكَ». 18 - باب {وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ. . .} 4677 - عن أَبِى كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ وَهْوَ أَحَدُ الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ تِيبَ عَلَيْهِمْ «أَنَّهُ لَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى غَزْوَةٍ غَزَاهَا قَطُّ غَيْرَ غَزْوَتَيْنِ: غَزْوَةِ الْعُسْرَةِ وَغَزْوَةِ بَدْرٍ. قَالَ فَأَجْمَعْتُ صِدْقَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضُحًى، وَكَانَ قَلَّمَا يَقْدَمُ مِنْ سَفَرٍ سَافَرَهُ إِلاَّ ضُحًى (¬2)، وَكَانَ يَبْدَأُ بِالْمَسْجِدِ فَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ، وَنَهَى النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ كَلاَمِى وَكَلاَمِ صَاحِبَىَّ، وَلَمْ يَنْهَ عَنْ كَلاَمِ أَحَدٍ مِنَ الْمُتَخَلِّفِينَ غَيْرِنَا؛ فَاجْتَنَبَ النَّاسُ كَلاَمَنَا، فَلَبِثْتُ كَذَلِكَ حَتَّى طَالَ عَلَىَّ الأَمْرُ، وَمَا مِنْ شَىْءٍ أَهَمُّ إِلَىَّ مِنْ أَنْ أَمُوتَ فَلاَ يُصَلِّى عَلَىَّ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم، أَوْ يَمُوتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَكُونَ مِنَ النَّاسِ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ فَلاَ يُكَلِّمُنِى أَحَدٌ مِنْهُمْ وَلاَ يُصَلِّى عَلَىَّ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَوْبَتَنَا عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ بَقِىَ الثُّلُثُ الآخِرُ مِنَ ¬

(¬1) الرسول بتوزيعها. * الأفضل ألا يتصدق بماله كله، ومن فعل هذا يبقي له ما ينفعه ويحتاجه إلا إذا كان له كسب؛ فالصدّيق كان يبيع ويتجر يتدارك ويقوم بحاله. (¬2) صلاة القدوم من السفر في وقت النهي الأحوط ألا يفعل إذا قدم من السفر، والمسألة محل نظر. فقيل للشيخ: هو إذا دخل المسجد يستحب له أن يصلي؟ قال: إذا دخل لغرض غير الصلاة يصلي، وإن دخل ليصلي هذه حيلة ما يصلح.

11 - سورة هود

اللَّيْلِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ، وَكَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ مُحْسِنَةً فِى شَأْنِى، مَعْنِيَّةً فِى أَمْرِى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا أُمَّ سَلَمَةَ، تِيبَ عَلَى كَعْبٍ. قَالَتْ: أَفَلاَ أُرْسِلُ إِلَيْهِ فَأُبَشِّرَهُ؟ قَالَ: إِذًا يَحْطِمَكُمُ النَّاسُ فَيَمْنَعُونَكُمُ النَّوْمَ سَائِرَ اللَّيْلَةِ. حَتَّى إِذَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلاَةَ الْفَجْرِ آذَنَ بِتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْنَا، وَكَانَ إِذَا اسْتَبْشَرَ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ حَتَّى كَأَنَّهُ قِطْعَةٌ مِنَ الْقَمَرِ. وَكُنَّا أَيُّهَا الثَّلاَثَةُ الَّذِينَ خُلِّفُوا عَنِ الأَمْرِ الَّذِى قُبِلَ مِنْ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ اعْتَذَرُوا حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ لَنَا التَّوْبَةَ، فَلَمَّا ذُكِرَ الَّذِينَ كَذَبُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْمُتَخَلِّفِينَ فَاعْتَذَرُوا بِالْبَاطِلِ ذُكِرُوا بِشَرِّ مَا ذُكِرَ بِهِ أَحَدٌ. قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ {يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ، قُلْ لاَ تَعْتَذِرُوا، لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ، قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ، وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ} الآيَةَ». 11 - سورة هُودٍ 3 - باب {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا} إِلَى أَهْلِ مَدْيَنَ، لأَنَّ مَدْيَنَ بَلَدٌ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ جَرَمْتُ. الْفُلْكُ وَالْفَلَكُ وَاحِدٌ وَهْىَ السَّفِينَةُ وَالسُّفُنُ. مُجْرَاهَا: مَدْفَعُهَا وَهْوَ مَصْدَرُ أَجْرَيْتُ. وَأَرْسَيْتُ: حَبَسْتُ. وَيُقْرَأُ، مَرْسَاهَا مِنْ رَسَتْ (¬1). وَمُجْرِيهَا وَمُرْسِيهَا مِنْ فُعِلَ بِهَا، الرَّاسِيَاتُ ثَابِتَاتٌ. 4685 - عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ قَالَ: «بَيْنَا ابْنُ عُمَرَ يَطُوفُ إِذْ عَرَضَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ -أَوْ قَالَ يَا ابْنَ عُمَرَ- هل سَمِعْتَ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فِى النَّجْوَى؟ فَقَالَ: سَمِعْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: يُدْنَى الْمُؤْمِنُ مِنْ رَبِّهِ وَقَالَ ¬

(¬1) مجراها ومرساها جريها ورسوها مصدر ميمي، والقراءة بالإمالة تركها أولى يعني (مجراها قراءة حفص).

5 - باب {وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهى ظالمة. . .}

هِشَامٌ: يَدْنُو الْمُؤْمِنُ حَتَّى يَضَعَ عَلَيْهِ كَنَفَهُ (¬1) فَيُقَرِّرُهُ بِذُنُوبِهِ: تَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ يَقُولُ: أَعْرِفُ، يَقُولُ رَبِّ أَعْرِفُ (مَرَّتَيْنِ) فَيَقُولُ سَتَرْتُهَا فِى الدُّنْيَا، وَأَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ. ثُمَّ تُطْوَى صَحِيفَةُ حَسَنَاتِهِ، وَأَمَّا الآخَرُونَ -أَوِ الْكُفَّارُ- فَيُنَادَى عَلَى رُؤُوسِ الأَشْهَادِ: هَؤُلاَءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ» (¬2). 5 - باب {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِىَ ظَالِمَةٌ. . .} 4686 - عَنْ أَبِى مُوسَى رضى الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِى لِلظَّالِمِ، حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ. قَالَ ثُمَّ قَرَأَ {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهْىَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} (¬3). 6 - باب {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَىِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ. . .} 4687 - عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضى الله عنه «أَنَّ رَجُلاً أَصَابَ مِنَ امْرَأَةٍ قُبْلَةً، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَىِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ، ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} قَالَ الرَّجُلُ: أَلِىَ هَذِهِ؟ قَالَ: لِمَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ أُمَّتِى» (¬4). ¬

(¬1) مثل سائر الصفات، فهو يكلّم عباده ويناجي عباده. (¬2) والكلام للمؤمن وللكافر جميعًا لكن للكافر عذاب وزجر وكذا الرؤية لهم يراهم جميعًا لكن الكفار يكلمهم دون رؤيا منهم له. (¬3) والمعنى أن الله يمهل ويملي ثم يعاقب بعد ذلك. * من عفا عن ظالم ليس له الرجوع. (¬4) وهذا عام، فمن تاب تاب الله عليه وأحسن الحسنات توبته توحيده لله. * والرجل جاء تائبًا مثل ما فعل ماعز والصلاة حسنة.

12 - سورة يوسف

12 - سورة يُوسُفَ 2 - باب {لَقَدْ كَانَ فِى يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} 4689 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَىُّ النَّاسِ أَكْرَمُ؟ قَالَ: أَكْرَمُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاهُمْ. قَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ. قَالَ فَأَكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفُ نَبِىُّ اللَّهِ، ابْنُ نَبِىِّ اللَّهِ، ابْنِ نَبِىِّ اللَّهِ، ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ. قَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ. قَالَ: فَعَنْ مَعَادِنِ الْعَرَبِ تَسْأَلُونِى؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: فَخِيَارُكُمْ فِى الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُكُمْ فِى الإِسْلاَمِ إِذَا فَقِهُوا» (¬1). 4 - باب {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِى هُوَ فِى بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ. . .} 4693 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنه «أَنَّ قُرَيْشًا لَمَّا أَبْطَئُوا عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم بِالإِسْلاَمِ قَالَ: اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ، فَأَصَابَتْهُمْ سَنَةٌ حَصَّتْ كُلَّ شَىْءٍ، حَتَّى أَكَلُوا الْعِظَامَ، حَتَّى جَعَلَ الرَّجُلُ يَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ فَيَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مِثْلَ الدُّخَانِ، قَالَ اللَّهُ {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِى السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ}، قَالَ اللَّهُ {إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَائِدُونَ. أَفَيُكْشَفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} وَقَدْ مَضَى الدُّخَانُ وَمَضَتِ الْبَطْشَةُ» (¬2). ¬

(¬1) هنا عرف مقصود السائل أراد المعادن. * المقصود أن أكرم الناس وأحسنهم عاقبة هو أتقاهم من الأنبياء وغيرهم من أتباعهم. * أخوة يوسف ليسوا بأنبياء، ثم حال إلقائهم ليوسف تتنزه الأنبياء عن هذا لكن هل أوحي إليهم بعد ذلك؟ الله أعلم. (¬2) الدخان الذي وقع لقريش غير الدخان الذي سيأتي، ولم يأت.

5 - باب {فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة}

5 - باب {فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ} 4694 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا، لَقَدْ كَانَ يَأْوِى إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ، وَلَوْ لَبِثْتُ فِى السِّجْنِ مَا لَبِثَ يُوسُفُ لأَجَبْتُ الدَّاعِىَ (¬1)، وَنَحْنُ أَحَقُّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لَهُ: {أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِى}». 6 - باب {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ} 4695 - عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: «أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ لَهُ وَهُوَ يَسْأَلُهَا عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ} قَالَ قُلْتُ: أَكُذِبُوا أَمْ كُذِّبُوا؟ قَالَتْ عَائِشَةُ: كُذِّبُوا. قُلْتُ: فَقَدِ اسْتَيْقَنُوا أَنَّ قَوْمَهُمْ كَذَّبُوهُمْ، فَمَا هُوَ بِالظَّنِّ. قَالَتْ أَجَلْ لَعَمْرِى، لَقَدِ اسْتَيْقَنُوا بِذَلِكَ فَقُلْتُ لَهَا: وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا؟ قَالَتْ: مَعَاذَ اللَّهِ، لَمْ تَكُنِ الرُّسُلُ تَظُنُّ ذَلِكَ بِرَبِّهَا. قُلْتُ: فَمَا هَذِهِ الآيَةُ؟ قَالَتْ: هُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ الَّذِينَ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَصَدَّقُوهُمْ، فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْبَلاَءُ وَاسْتَأْخَرَ عَنْهُمُ النَّصْرُ، حَتَّى اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ مِمَّنْ كَذَّبَهُمْ مِنْ قَوْمِهِمْ، وَظَنَّتِ الرُّسُلُ أَنَّ أَتْبَاعَهُمْ قَدْ كَذَّبُوهُمْ، جَاءَهُمْ نَصْرُ اللَّهِ عِنْدَ ذَلِكَ» (¬2). ¬

(¬1) هذا من تواضعه صلى الله عليه وسلم، ولوط المراد من جهة قومه. (¬2) يعني أيقنوا، فالظن يأتي بمعنى اليقين، أيقنوا أنهم لا رجاء في قومهم فجاءهم النصر، أما على قراءة التخفيف ففيه الإشكال.

13 - سورة الرعد

13 - سورة الرَّعْدِ {وَإِلَيْهِ مَئابِ} (¬1) تَوْبَتِى. {أَفَلَمْ يَيْأَسْ} لَمْ يَتَبَيَّنْ. {قَارِعَةٌ} دَاهِيَةٌ. . . 14 - سورة إِبْرَاهِيمَ 1 - باب {كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِى السَّمَاءِ. . .} 4698 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضى الله عنهما قَالَ: «كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَخْبِرُونِى بِشَجَرَةٍ تُشْبِهُ أَوْ كَالرَّجُلِ الْمُسْلِمِ لاَ يَتَحَاتُّ وَرَقُهَا وَلاَ وَلاَ وَلاَ، تُؤْتِى أُكْلَهَا كُلَّ حِينٍ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَوَقَعَ فِى نَفْسِى أَنَّهَا النَّخْلَةُ، وَرَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لاَ يَتَكَلَّمَانِ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ. فَلَمَّا لَمْ يَقُولُوا شَيْئًا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هِىَ النَّخْلَةُ. فَلَمَّا قُمْنَا قُلْتُ لِعُمَرَ: يَا أَبَتَاهُ، وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ وَقَعَ فِى نَفْسِى أَنَّهَا النَّخْلَةُ، فَقَالَ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَكَلَّمَ؟ قَالَ لَمْ أَرَكُمْ تَكَلَّمُونَ فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ أَوْ أَقُولَ شَيْئًا. قَالَ عُمَرُ: لأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا» (¬2). 2 - باب {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} 4699 - عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْمُسْلِمُ إِذَا سُئِلَ فِى الْقَبْرِ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِى الآخِرَةِ}» (¬3). ¬

(¬1) متاب: لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه متاب. قال شيخنا المآب والمتاب واحد. * مراد المؤلف: إيراد ما تيسر من المعاني للآيات في اللغة ثم إيراد الأحاديث. (¬2) هذا فيه التشجيع على العلم، والمؤمن كالنخلة رطبها نافع وعسيبها نافع. (¬3) الآخرة: المراد أول الآخرة. * نسأل الله لنا ولكم الثبات.

16 - سورة النحل

16 - سورة النَّحْلِ 1 - باب {وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ} 4707 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضى الله عنه «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْعُو: أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبُخْلِ، وَالْكَسَلِ، وَأَرْذَلِ الْعُمُرِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَفِتْنَةِ الدَّجَّالِ، وَفِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ» (¬1). 17 - سورة بَنِى إِسْرَائِيلَ (¬2) 1 - باب. . . 4708 - عن ابْنَ مَسْعُودٍ رضى الله عنه قَالَ فِى بَنِى إِسْرَائِيلَ وَالْكَهْفِ وَمَرْيَمَ: «إِنَّهُنَّ مِنَ الْعِتَاقِ الأُوَلِ، وَهُنَّ مِنْ تِلاَدِى» (¬3) {فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَهُزُّونَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: نَغَضَتْ سِنُّكَ أَىْ تَحَرَّكَتْ. قال الحافظ: . . . قوله (وليّ من الذل لم يحالف أحدًا) وروى الطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله {ولم يكن له ولي من الذل} قال: لم يحالف أحدًا (¬4). ¬

(¬1) وهذا في آخر الصلاة كما جاء عن سعد بن أبي وقاص، ويكون في كل وقت. * ولد البنت سبط وولد الذكر حفيد، هذا هو الغالب. (¬2) لذكر بني إسرائيل فيها. (¬3) قلت: يدل على تسميتها بني إسرائيل ما رواه الترمذي عن عائشة: كان لا ينام حتى يقرأ بني إسرائيل والزمر (إسناده قوي). (¬4) له أولياء للمحبة والأصطفاء لا من أجل الذل له سبحانه، بخلاف السلاطين فقد يأخذونه أولياء للتقوي والمنعة.

3 - باب {أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام}

3 - باب {أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} 4710 - عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنهما قَالَ: «سَمِعْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لَمَّا كَذَّبَنِى قُرَيْشٌ قُمْتُ فِى الْحِجْرِ فَجَلَّى اللَّهُ لِى بَيْتَ الْمَقْدِسِ (¬1) فَطَفِقْتُ أُخْبِرُهُمْ عَنْ آيَاتِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ. زَادَ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِى ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ: لَمَّا كَذَّبتنِى قُرَيْشٌ حِينَ أُسْرِىَ بِى إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ. . نَحْوَهُ». قَاصِفًا: رِيحٌ تَقْصِفُ كُلَّ شَىْءٍ. 5 - باب {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا} 4712 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ: «أُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِلَحْمٍ، فَرُفِعَ إِلَيْهِ الذِّرَاعُ -وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ- فَنَهَسَ مِنْهَا نَهْسَةً ثُمَّ قَالَ: أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهَلْ تَدْرُونَ مِمَّ ذَلِكَ؟ يُجْمَعُ (¬1) النَّاسُ -الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ- فِى صَعِيدٍ وَاحِدٍ، يُسْمِعُهُمُ الدَّاعِى، وَيَنْفُذُهُمُ الْبَصَرُ، وَتَدْنُو الشَّمْسُ فَيَبْلُغُ النَّاسَ مِنَ الْغَمِّ وَالْكَرْبِ مَا لاَ يُطِيقُونَ وَلاَ يَحْتَمِلُونَ. فَيَقُولُ النَّاسُ: أَلاَ تَرَوْنَ مَا قَدْ بَلَغَكُمْ؟ أَلاَ تَنْظُرُونَ مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ؟ فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ: عَلَيْكُمْ بِآدَمَ، فَيَأْتُونَ آدَمَ عليه السلام فَيَقُولُونَ لَهُ: أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ، خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَمَرَ الْمَلاَئِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ أَلاَ تَرَى إِلَى ¬

(¬1) هذا مما أعطى الله نبيه دلالة على صدق رسوله، وأنه أسري به فجعل الله بيت المقدس بين يديه، ولكن كما قال الله {وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون}. (¬2) الله كما في نسخة.

مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَيَقُولُ آدَمُ: إِنَّ رَبِّى قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ نَهَانِى عَنِ الشَّجَرَةِ فَعَصَيْتُهُ، نَفْسِى نَفْسِى نَفْسِى، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِى، اذْهَبُوا إِلَى نُوحٍ. فَيَأْتُونَ نُوحًا فَيَقُولُونَ: يَا نُوحُ، إِنَّكَ أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ، وَقَدْ سَمَّاكَ اللَّهُ عَبْدًا شَكُورًا، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَيَقُولُ لَهُمْ: إِنَّ رَبِّى عَزَّ وَجَلَّ قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ. وَإِنَّهُ قَدْ كَانَتْ لِى دَعْوَةٌ دَعَوْتُهَا عَلَى قَوْمِى، نَفْسِى نَفْسِى نَفْسِى، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِى، اذْهَبُوا إِلَى إِبْرَاهِيمَ. فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُونَ: يَا إِبْرَاهِيمُ، أَنْتَ نَبِىُّ اللَّهِ وَخَلِيلُهُ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَيَقُولُ لَهُمْ: إِنَّ رَبِّى عَزَّ وَجَلَّ قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ. وَإِنِّى قَدْ كُنْتُ كَذَبْتُ ثَلاَثَ كَذَبَاتٍ -فَذَكَرَهُنَّ أَبُو حَيَّانَ فِى الْحَدِيثِ- نَفْسِى نَفْسِى نَفْسِى، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِى، اذْهَبُوا إِلَى مُوسَى. فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُولُونَ: يَا مُوسَى، أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، فَضَّلَكَ اللَّهُ بِرِسَالَتِهِ وَبِكَلاَمِهِ عَلَى النَّاسِ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَيَقُولُ: إِنَّ رَبِّى قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنِّى قَدْ قَتَلْتُ نَفْسًا لَمْ أُومَرْ بِقَتْلِهَا، نَفْسِى نَفْسِى نَفْسِى، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِى، اذْهَبُوا إِلَى عِيسَى. فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُونَ: يَا عِيسَى، أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ، وَرُوحٌ مِنْهُ، وَكَلَّمْتَ النَّاسَ فِى الْمَهْدِ صَبِيًّا، اشْفَعْ لَنَا، أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَيَقُولُ عِيسَى: إِنَّ رَبِّى قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ -وَلَمْ يَذْكُرْ ذَنْبًا- نَفْسِى نَفْسِى نَفْسِى، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِى اذْهَبُوا إِلَى

6 - باب {وآتينا داود زبورا}

مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. فَيَأْتُونَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم فَيَقُولُونَ: يَا مُحَمَّدُ، أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، وَخَاتَمُ الأَنْبِيَاءِ، وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ (¬1)، أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَأَنْطَلِقُ، فَآتِى تَحْتَ الْعَرْشِ فَأَقَعُ سَاجِدًا لِرَبِّى عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَىَّ مِنْ مَحَامِدِهِ وَحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ شَيْئًا لَمْ يَفْتَحْهُ عَلَى أَحَدٍ قَبْلِى. ثُمَّ يُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، سَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ. فَأَرْفَعُ رَأْسِى فَأَقُولُ: أُمَّتِى يَا رَبِّ، أُمَّتِى يَا رَبِّ. فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ، أَدْخِلْ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لاَ حِسَابَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْبَابِ الأَيْمَنِ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، وَهُمْ شُرَكَاءُ النَّاسِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الأَبْوَابِ. ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ إِنَّ مَا بَيْنَ الْمِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَحِمْيَرَ، أَوْ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَبُصْرَى». 6 - باب {وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا} 4713 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «خُفِّفَ عَلَى دَاوُدَ القرآن، فَكَانَ يَأْمُرُ بِدَابَّتِهِ لِتُسْرَجَ، فَكَانَ يَقْرَأُ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ». يَعْنِى الْقُرْآنَ (¬2). 7 - باب {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ} 4714 - عَنْ أَبِى مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ {إِلَى رَبِّهِمِ الْوَسِيلَةَ} قَالَ: كَانَ نَاسٌ مِنَ الإِنْسِ يَعْبُدُونَ نَاسًا مِنَ الْجِنِّ، فَأَسْلَمَ الْجِنُّ، وَتَمَسَّكَ هَؤُلاَءِ بِدِينِهِمْ. زَادَ الأَشْجَعِىُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الأَعْمَشِ {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ} (¬3). ¬

(¬1) هذا يبين أن هؤلاء الفازعين من المؤمنين. (¬2) يعني الزبور. (¬3) كانوا يعبدون ناسًا صالحين أو أنبياء.

8 - باب {أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة}

8 - باب {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمِ الْوَسِيلَةَ} 4715 - عَنْ أَبِى مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنه فِى هَذِهِ الآيَةِ (¬1) {الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمِ الْوَسِيلَةَ} قَالَ: نَاسٌ مِنَ الْجِنِّ يُعْبَدُونَ، فَأَسْلَمُوا. 9 - باب {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِى أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ} 4716 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِى أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ} قَالَ: هِىَ رُؤْيَا عَيْنٍ أُرِيَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ أُسْرِىَ بِهِ {وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ (¬2) فِي الْقُرْآنِ} قال: شَجَرَةُ الزَّقُّومِ. 10 - باب {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} قَالَ مُجَاهِدٌ: صَلاَةَ الْفَجْرِ 4717 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «فَضْلُ صَلاَةِ الْجَمع عَلَى صَلاَةِ الْوَاحِدِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً، وَتَجْتَمِعُ مَلاَئِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةُ النَّهَارِ فِى صَلاَةِ الصُّبْحِ. يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: اقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}» (¬3). ¬

(¬1) في الآية التي قبلها {لا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا} فلا يملكون إزالته ولا تحويله من مكان إلى مكان أو تخفيفه. (¬2) الملعونة: المذمومة. (¬3) وهكذا يجتمعون في صلاة العصر يشهدون مع الناس ويصعدون بما شهدوا.

11 - باب {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا}

11 - باب {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} 4718 - عن ابْنَ عُمَرَ رضى الله عنهما قال: «إِنَّ النَّاسَ يَصِيرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جُثًا (¬1)، كُلُّ أُمَّةٍ تَتْبَعُ نَبِيَّهَا، يَقُولُونَ: يَا فُلاَنُ اشْفَعْ، حَتَّى تَنْتَهِىَ الشَّفَاعَةُ إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَذَلِكَ يَوْمَ يَبْعَثُهُ اللَّهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ». 4719 - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلاَةِ الْقَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِى وَعَدْتَهُ، حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (¬2). 12 - باب {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ، إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} يَزْهَقُ: يَهْلِكُ. 4720 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضى الله عنه قَالَ: «دَخَلَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ وَحَوْلَ الْبَيْتِ سِتُّونَ وَثَلاَثُمِائَةِ نُصُبٍ، فَجَعَلَ يَطْعُنُهَا بِعُودٍ فِى يَدِهِ وَيَقُولُ: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} {جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ}» (¬3). ¬

(¬1) {وترى كل أمة جاثية}. (¬2) وهذا من أحاديث الوعد والرجاء، فالإنسان يعمل ويرجو مع ملاحظة ما أوجب الله وترك ما حرم الله. * زيادة: إنك لا تخلف الميعاد؟ لا بأس بها "رواه البيهقي بإسناد حسن". قلت: تفرد بها محمد بن عوف الطائي وخالفه نحو عشرة أنفس. * الفضيلة: هي الوسيلة وصف لها. (¬3) فيه خبث الشيطان، 360 صنم! ما يكفيهم ثلاثة أو اثنان؟ انظر خبث الشيطان وأهل الشر.

13 - باب {ويسألونك عن الروح}

13 - باب {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ} 4721 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنه قَالَ: «بَيْنَا أَنَا مَعَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فِى حَرْثٍ -وَهْوَ مُتَّكِئٌ عَلَى عَسِيبٍ- إِذْ مَرَّ الْيَهُودُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ، فَقَالَ مَا رَابَكُمْ إِلَيْهِ -وَقَالَ بَعْضُهُمْ لاَ يَسْتَقْبِلُكُمْ بِشَىْءٍ تَكْرَهُونَهُ- فَقَالُوا: سَلُوهُ، فَسَأَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ، فَأَمْسَكَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ شَيْئًا، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ، فَقُمْتُ مَقَامِى. فَلَمَّا نَزَلَ الْوَحْىُ قَالَ {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّى، وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} (¬1)». 14 - باب {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا} 4722 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما فِى قَوْلِهِ تَعَالَى: «{وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا} قَالَ: نَزَلَتْ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُخْتَفٍ بِمَكَّةَ كَانَ إِذَا صَلَّى بِأَصْحَابِهِ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْقُرْآنِ، فَإِذَا سَمِع الْمُشْرِكُونَ سَبُّوا الْقُرْآنَ وَمَنْ أَنْزَلَهُ، وَمَنْ جَاءَ بِهِ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ} أَىْ بِقِرَاءَتِكَ فَيَسْمَعَ الْمُشْرِكُونَ فَيَسُبُّوا الْقُرْآنَ {وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا} عَنْ أَصْحَابِكَ فَلاَ تُسْمِعُهُمْ {وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً}» (¬2). 4723 - عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ: «أُنْزِلَ ذَلِكَ فِى الدُّعَاءِ» (¬3). ¬

(¬1) الروح: هي المادة التي تكون بها الحياة وهي النفس، وهي التي تخرج عند الموت. وفيه من الفوائد أن العالم لا يجيب عن شيء إلا عن بصيرة. * الروح لها جرم وجسم لأن الروح إذا قبضت تبعها البصر، فهي تأتي وتذهب وهي خفيفة وتخرج في النوم وتبقى آثارها، وخروجها في النوم خروج خاص. (¬2) وهذا هو السنة إذا دعت الحاجة. (¬3) الأظهر الأول في الصلاة.

20 - سورة طه

20 - سورة طه 1 - باب {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِى} 4736 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْتَقَى آدَمُ وَمُوسَى، فَقَالَ مُوسَى لآدَمَ: أَنْتَ الَّذِى أَشْقَيْتَ النَّاسَ وَأَخْرَجْتَهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ؟ قَالَ لَهُ آدَمُ: أَنْتَ الَّذِى اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالَتِهِ، وَاصْطَفَاكَ لِنَفْسِهِ، وَأَنْزَلَ عَلَيْكَ التَّوْرَاةَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَوَجَدْتَهَا كُتِبَ عَلَىَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِى؟ قَالَ: نَعَمْ. فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى» (¬1). 2 - باب {وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِى فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِى الْبَحْرِ يَبَسًا، لاَ تَخَافُ دَرَكًا وَلاَ تَخْشَى. فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ. وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى} 4737 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما قَالَ: «لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، وَالْيَهُودُ تَصُومُ عَاشُورَاءَ فَسَأَلَهُمْ فَقَالُوا: هَذَا الْيَوْمُ الَّذِى ظَهَرَ فِيهِ مُوسَى عَلَى فِرْعَوْنَ؛ فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: نَحْنُ أَوْلَى بِمُوسَى مِنْهُمْ فَصُومُوهُ» (¬2). 21 - سورة الأَنْبِيَاءِ قال الحافظ: . . . (تنبيه): وقع في رواية أبي ذر "يعيون" بفتح أوله ووهاه ¬

(¬1) حج آدم موسى؛ لأن موسى لام آدم من ذنب قد تاب منه؛ ولأنه قد لامه على شيء ليس بيده وهو خروجه من الجنة وهذا ليس بيده، فلومه على المصيبة لوم على ما لا قدرة للعبد فيه، فحجة من جهتين. (¬2) صامه قبل رمضان وأكده ثم لما جاء رمضان صامه، وصار عاشوراء مستحبًا.

2 - باب {كما بدأنا أول خلق}

ابن التين وقال: هو من أعيى أي الصواب بضم (¬1) أوله. 2 - باب {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ} 4740 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما قَالَ: «خَطَبَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إِلَى اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلاً {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} ثُمَّ إِنَّ أَوَّلَ مَنْ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ، ثم يُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِى فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ (¬2)، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أَصْحَابِى، فَيُقَالُ: لاَ تَدْرِى مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ. . . الحديث». 22 - سورة الْحَجِّ 1 - باب {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى} (¬3) 4741 - عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ: قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: «يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ¬

(¬1) الصواب بالفتح قاله الشيخ، وكذا في العيني. (¬2) إلى النار ويمنعون من حوضه. * المعنى أن الله يبعث الناس كما خلقهم وأول من يكسى إبراهيم. * أهل الكبائر من المسلمين يأخذون كتابهم باليمين لأنهم مسلمون. قلت: وشذ ابن حزم كما في المحلى (1/ 17) فقال: المؤمنون أهل الكبائر يعطون كتبهم يوم القيامة وراء ظهورهم، والعجب أنه احتج بآية الانشقاق {وأما من أوتي كتابه وراء ظهره. . .} الآية وهي صريحة في الكفار لقوله {إنه ظن أن لن يحور} أي لن يبعث. . لكن التوفيق عزيز، ويا لها من كبوة، وله مثلها في السمعيات، فسامحه الله. (¬3) وهذا يدل على عظم الهول يوم القيامة، وطريق الأمن هو الثبات والاستقامة. وفيه دلالة على أن اكثر الخلق إلى النار {وقليل من عبادي} =

يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا آدَمُ، فَيقُولُ: لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ. فَيُنَادَى بِصَوْتٍ: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُخْرِجَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ بَعْثًا إِلَى النَّارِ. قَالَ: يَا رَبِّ وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟ قَالَ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ -أُرَاهُ قَالَ- تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ. فَحِينَئِذٍ تَضَعُ الْحَامِلُ حَمْلَهَا (¬1)، وَيَشِيبُ الْوَلِيدُ، وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ. فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ حَتَّى تَغَيَّرَتْ وُجُوهُهُمْ، فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: مِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ، وَمِنْكُمْ وَاحِدٌ. ثُمَّ أَنْتُمْ فِى النَّاسِ كَالشَّعْرَةِ السَّوْدَاءِ فِى جَنْبِ الثَّوْرِ الأَبْيَضِ أَوْ كَالشَّعْرَةِ الْبَيْضَاءِ فِى جَنْبِ الثَّوْرِ الأَسْوَدِ، وَإِنِّى لأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَكَبَّرْنَا (¬2). ثُمَّ قَالَ: ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَكَبَّرْنَا. ثُمَّ قَالَ: شَطْرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَكَبَّرْنَا». ¬

= {فاتبعوه إلا فريقًا من المؤمنين} وفيه أن يأجوج ومأجوج من ذرية آدم. وفيه إثبات كلام الله. (¬1) ظاهر السياق أن فيه حوامل يوم القيامة. (¬2) التكبير الجماعي: بدعة. * التصفيق تركه أولى في حق النساء خارج الصلاة لأنه ورد في الصلاة. * بعث النار الظاهر أهل الخلود فيها. * الأمم السابقة لا ذكر لها؟ لا؛ البقية منهم ومن هذه الأمة. * التكبير عند سماع الخير، وكان إذا أعجبه شيئًا كبّر أو سبّح.

2 - باب {ومن الناس من يعبد الله على حرف} {فإن أصابه خير اطمأن به، وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة. . .}

2 - باب {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ} {فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ (¬1) خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ. . .} 3 - باب {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِى رَبِّهِمْ} 4743 - عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ عَنْ أَبِى ذَرٍّ رضى الله عنه «أَنَّهُ كَانَ يُقْسِمُ فِيهَا قسما: إِنَّ هَذِهِ الآيَةَ {هَذَانِ (¬2) خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِى رَبِّهِمْ} نَزَلَتْ فِى حَمْزَةَ وَصَاحِبَيْهِ وَعُتْبَةَ وَصَاحِبَيْهِ يَوْمَ بَرَزُوا فِى يَوْمِ بَدْرٍ» 24 - سورة النُّورِ 1 - باب {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ. . .} 4745 - عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ «أَنَّ عُوَيْمِرًا أَتَى عَاصِمَ بْنَ عَدِىٍّ وَكَانَ سَيِّدَ بَنِى عَجْلاَنَ فَقَالَ: كَيْفَ تَقُولُونَ فِى رَجُلٍ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً، أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ، أَمْ كَيْفَ يَصْنَعُ؟ سَلْ لِى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ. فَأَتَى عَاصِمٌ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَسَائِلَ، فَسَأَلَهُ عُوَيْمِرٌ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَرِهَ الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا قَالَ عُوَيْمِرٌ: وَاللَّهِ لاَ أَنْتَهِى حَتَّى أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ فَجَاءَ عُوَيْمِرٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَجُلٌ وَجَدَ مَعَ ¬

(¬1) ارتد. * بعض الناس يعبد الله على طرف ليس عنده يقين كامل، إن أصابه خير اطمأن وإن أصابته فاقة انقلب على وجهه وخسر. (2) الآية أعم من ذلك ولا شك أن هؤلاء خصمان فهما مثال.

امْرَأَتِهِ رَجُلاً، أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَصْنَعُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ الْقُرْآنَ فِيكَ وَفِى صَاحِبَتِكَ فَأَمَرَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمُلاَعَنَةِ بِمَا سَمَّى اللَّهُ فِى كِتَابِهِ فَلاَعَنَهَا. . . الحديث» (¬1). ¬

(¬1) وهذا الحديث تفسير لقوله {والذين يرمون أزواجهم} هو اللعان إذا رماها بالفاحشة وليس عنده بينة فيلاعن. * إذا اكذب الزوج نفسه بعد الملاعنه؟ لا، انتهى. * اعتبر الشبه هنا مع التهمة والملاعنة. وفي حديث الولد الأسود الزوجية قائمة، فالشبه لا يؤثر. * من وجد مع أهله. .؟ يخرجه يخاصمه لا بد منه، لكن دعوى أنه يقتله لا، لابد من الحاكم لو قتله يرجع إلى الحكم الشرعي. قلت: قال شيخ الإسلام في الاختيارات: ومن رأى رجلًا يفجر بأهله جاز له قتلهما فيما بينه وبين الله تعالى وسواء كان الفاجر محصنًا أو غير محصن، معروفًا بذلك أم لا كما دل عليه كلام الأصحاب وفتاوى الصحابة، وليس هذا من باب دفع الصائل كما ظنه بعضهم بل هو من باب عقوبة المعتدين المؤذين. قلت: وحصول الشهود متعذر فمن يريد أن يقتل يأتي خفية، وعلى المذهب يقتل القاتل، وعليه فليصبر لذلك فإن هذا رفعة في درجاته عند الله. . فإن قيل لا يحتمل قتل المسلم ظلماَ. . وحينئذ فما اختاره شيخ الإسلام بقوله: "إن كان المقتول معروفًا بالفجور والقاتل معروفًا بالبر فالقول قول القاتل مع يمينه لا سيما إذا كان معروفا بالتعرض له قبل ذلك" وقال شيخنا ابن عثيمين =

4 - باب {والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين}

4 - باب {وَالْخَامِسَةُ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} 4748 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضى الله عنهما «أَنَّ رَجُلاً رَمَى امْرَأَتَهُ فَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا فِى زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَلاَعَنَا كَمَا قَالَ اللَّهُ، ثُمَّ قَضَى بِالْوَلَدِ لِلْمَرْأَةِ وَفَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلاَعِنَيْنِ» (¬1). 10 - باب {وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ، وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} 4756 - عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: دَخَلَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ عَلَى عَائِشَةَ فَشَبَّبَ وَقَالَ: حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ ... وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ قَالَتْ عَائِشَة: لَسْتَ كَذَاكَ. قُلْتُ: تَدَعِينَ مِثْلَ هَذَا يَدْخُلُ عَلَيْكِ وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ (¬2) {وَالَّذِى تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ} فَقَالَتْ: وَأَىُّ عَذَابٍ أَشَدُّ مِنَ الْعَمَى. وَقَالَتْ: وَقَدْ كَانَ يَرُدُّ (¬3) عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم». 25 - سورة الْفُرْقَانِ 1 - باب {الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ. . .} 4760 - عن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضى الله عنه «أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا نَبِىَّ اللَّهِ يُحْشَرُ الْكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: أَلَيْسَ الَّذِى أَمْشَاهُ عَلَى الرِّجْلَيْنِ فِى ¬

= على حاشية الاختيارات ما نصه: أما إذا لم يكن معروفًا لا بهذا ولا بهذا فهذا محل نظر والأصل ألا يقبل إلا ببينة تشهد بصيالته والله أعلم". (¬1) تحريمًا أبديًا ويكون الولد منسوبًا إليها، ولا يحتاج إلى طلاق منه. (¬2) وهذا تبرؤ من حسان من ما نُسب إليه. (¬3) ينافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. * اسم رزان ما فيه شيء يعني جيدة العقل. * واستعبر شيخنا هنا، ووعظ.

2 - باب {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس. . .}

الدُّنْيَا قَادِرًا عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. قَالَ قَتَادَةُ: بَلَى وَعِزَّةِ رَبِّنَا» (¬1). 2 - باب {وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ. . .} 4761 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنه قَالَ: «سَأَلْتُ -أَوْ سُئِلَ- رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَىُّ الذَّنْبِ عِنْدَ اللَّهِ أَكْبَرُ؟ قَالَ: أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهْوَ خَلَقَكَ. قُلْتُ: ثُمَّ أَىٌّ؟ قَالَ: ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ. قُلْتُ: ثُمَّ أَىٌّ؟ قَالَ: أَنْ تُزَانِىَ بِحَلِيلَةِ جَارِكَ. قَالَ وَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ تَصْدِيقًا لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم {وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ. . . الآية}» (¬2). 4762 - عن الْقَاسِمُ بْنُ أَبِى بَزَّةَ أَنَّهُ سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ: هَلْ لِمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ {وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ} فَقَالَ سَعِيدٌ: قَرَأْتُهَا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا قَرَأْتَهَا عَلَىَّ فَقَالَ: هَذِهِ مَكِّيَّةٌ نَسَخَتْهَا آيَةٌ مَدَنِيَّةٌ الَّتِى فِى سُورَةِ النِّسَاءِ» (¬3). ¬

(¬1) إي والله {ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم}. * مراتب الذنوب: الشرك، البدع، الكبائر، الصغائر، المكروهات، المفضولات. (¬2) وفي الصحيحين عن أبي بكرة "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر" قلت: بلى يا رسول الله قال "الشرك بالله وعقوق الوالدين وشهادة الزور". * ابن عباس له رواية أخرى في قبول توبة القاتل أخرجها ابن أبي شيبة، والبخاري في الأدب المفرد، وذكر شيخ الإسلام عنه روايتين في المسألة. (¬3) الصواب لم تنسخها، كلها وعيد، وآية النساء فصلتها آية الفرقان {إلا من تاب} والشرك أعظم فمن تاب منه تاب الله عليه، وهذا من الأشياء التي وهم فيها ابن عباس.

4 - باب {إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك. . .}

4764 - عن ابْنَ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} قَالَ: لاَ تَوْبَةَ لَهُ. وَعَنْ قَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ {لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} قَالَ: كَانَتْ هَذِهِ فِى الْجَاهِلِيَّةِ» (¬1). 4 - باب {إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُولَئِكَ. . .} 4766 - عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: «أَمَرَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبْزَى أَنْ أَسْأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ هَاتَيْنِ الآيَتَيْنِ {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: لَمْ يَنْسَخْهَا شَىْءٌ وَعَنْ {وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} قَالَ: نَزَلَتْ فِى أَهْلِ الشِّرْكِ» (¬2). 26 - سورة الشُّعَرَاءِ 1 - باب {وَلاَ تُخْزِنِى يَوْمَ يُبْعَثُونَ} 4768 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ رَأَى أَبَاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ الْغَبَرَةُ وَالْقَتَرَةُ» الْغَبَرَةُ هِىَ الْقَتَرَةُ (¬3). 4769 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَلْقَى إِبْرَاهِيمُ أَبَاهُ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ إِنَّكَ وَعَدْتَنِى أَنْ لاَ تُخْزِنِى يَوْمَ يُبْعَثُونَ. فَيَقُولُ اللَّهُ: إِنِّى حَرَّمْتُ الْجَنَّةَ عَلَى الْكَافِرِينَ» (¬4). ¬

(¬1) الله يعفو عنا وعنه. (¬2) قول ابن عباس يعني لابد أن يعاقب، هذا معنى لا توبة له عنده. (¬3) القول بفناء النار؟ باطل. (¬4) في الرواية الأخرى يمسخ ذيخًا في صورة الضبع.

2 - باب {وأنذر عشيرتك الأقربين}

2 - باب {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} 4770 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} صَعِدَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الصَّفَا فَجَعَلَ يُنَادِى: يَا بَنِى فِهْرٍ، يَا بَنِى عَدِىٍّ -لِبُطُونِ قُرَيْشٍ- حَتَّى اجْتَمَعُوا، فَجَعَلَ الرَّجُلُ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَخْرُجَ أَرْسَلَ رَسُولاً لِيَنْظُرَ مَا هُوَ، فَجَاءَ أَبُو لَهَبٍ وَقُرَيْشٌ، فَقَالَ: أَرَأَيْتَكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلاً بِالْوَادِى تُرِيدُ أَنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِىَّ؟ قَالُوا: نَعَمْ، مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إِلاَّ صِدْقًا. قَالَ: فَإِنِّى نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَىْ عَذَابٍ شَدِيدٍ. فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ سَائِرَ الْيَوْمِ، أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا؟ فَنَزَلَتْ {تَبَّتْ يَدَا أَبِى لَهَبٍ وَتَبَّ مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ}» (¬1). ¬

(¬1) هذا فيه البلية من هذا العم نسأل الله العافية. وسألت شيخنا: أبو لهب بعد نزول سورة تبت هل يكون مخاطبًا بالإيمان بعد ذلك؟ قال شيخنا: الله أعلم (بعد سكوت طويل) ثم قال: الله أعلم لو أسلم قُبِل إسلامه (*) وهذا فيه قطع التعلق بالأقارب فلا بد من الإيمان والتقوى. * قلت: وقال أبو العباس شيخ الإسلام ابن تيمية إن أبا لهب بعد نزول سورة تبت لم يعد مخاطبًا بالدعوة ولو آمن لكان إيمانه كإيمان من عاين العذاب فلا ينفعه {فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا}.

28 - سورة القصص

28 - سورة الْقَصَصِ {كُلُّ شَىْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ} إِلاَّ مُلْكَهُ (¬1). 30 - سورة الرُّومِ باب {لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} لِدِينِ اللَّهِ. 4775 - عن أَبي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ؟ ثُمَّ يَقُولُ: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِى فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ}» (¬2). 31 - سورة لُقْمَانَ 4776 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنه قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالُوا: أَيُّنَا لَمْ يَلْبِسْ إِيمَانَهُ بِظُلْمٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّهُ لَيْسَ بِذَاكَ، أَلاَ تَسْمَعُ ¬

(¬1) قال شيخنا: هذا من التأويل. (¬2) وهذا دليل ظاهر على أن الطفل إذا مات فدينه الإسلام، ولهذا الصواب أن أولاد الكفار إذا ماتوا وهم صغار فهم في الجنة، وقيل: يمتحنون، والأول أقرب؟ لحديث سمرة وأولاد المشركين مع إبراهيم على الفطرة؛ ولأن حكمته لا يعذب إلا من عصى وهؤلاء لم يفعلوا وليس لهم بصيرة ولا علم.

2 - باب {إن الله عنده علم الساعة}

إِلَى قَوْلِ لُقْمَانَ لاِبْنِهِ {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (¬1)». 2 - باب {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} 4777 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَوْمًا بَارِزًا لِلنَّاسِ، إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ يَمْشِى فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الإِيمَانُ؟ قَالَ: الإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَمَلاَئِكَتِهِ، وَرُسُلِهِ، وَلِقَائِهِ، وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ الآخِرِ. قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الإِسْلاَمُ؟ قَالَ: الإِسْلاَمُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمَ الصَّلاَةَ، وَتُؤْتِىَ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ. قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الإِحْسَانُ؟ قَالَ: الإِحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ. قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ، وَلَكِنْ سَأُحَدِّثُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا: إِذَا وَلَدَتِ الْمَرْأَةُ رَبَّتَهَا (¬2) فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا، وَإِذَا كَانَ الْحُفَاةُ الْعُرَاةُ رُؤسَ النَّاسِ فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا، فِى خَمْسٍ لا يَعْلَمُهُنَّ إِلاَّ اللَّهُ {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ، وَيَعْلَمُ مَا فِى الأَرْحَامِ} ثُمَّ انْصَرَفَ الرَّجُلُ، فَقَالَ: رُدُّوا عَلَىَّ. فَأَخَذُوا لِيَرُدُّوا فَلَمْ يَرَوْا شَيْئًا، فَقَالَ: هَذَا جِبْرِيلُ جَاءَ لِيُعَلِّمَ النَّاسَ دِينَهُمْ» (¬3). ¬

(¬1) وهذا من رحمة الله أن من مات على غير الشرك فله الأمن والهداية وإن كان عاصيًا، وإن كان كامل الهداية فله الأمن الكامل، وإن كان عاصياَ فله مطلق الأمن {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا} فمنهم ظالم، فالعاصي مصطفى لكنه على خطر فقد يعذب وقد يعفى عنه لأعمال صالحة أو لشفاعة. (¬2) وهذه أشراط قديمة قد ظهرت من مئات السنين. (¬3) هذا حديث عظيم، وجاء من حديث عمر وفيه اختلاف.

32 - سورة السجدة

32 - سورة السَّجْدَةِ 4779 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِى الصَّالِحِينَ مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ، وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِىَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ}» (¬1). 4780 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِى الصَّالِحِينَ مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، ذُخْرًا بَلْهَ مَا أُطْلِعْتُمْ عَلَيْهِ. ثُمَّ قَرَأَ {فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِىَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}» (¬2). 33 - سورة الأَحْزَابِ 1 - باب 4781 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلاَّ وَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِهِ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {النَّبِىُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ تَرَكَ مَالاً فَلْيَرِثْهُ عَصَبَتُهُ مَنْ كَانُوا، فَإِنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضِيَاعًا فَلْيَأْتِنِى وَأَنَا مَوْلاَهُ» (¬3). ¬

(¬1) من فضله وجوده من النعيم، جعلنا الله وإياكم منهم، يا لها من نعمة، الله أكبر. (¬2) اللهم اجعلنا وإياكم منهم (مرتين). (¬3) واستنبط بعض أهل العلم أن ولي الأمر كذلك، إذا مات رجل وعليه دين أو عنده أطفال صغار فيسدد دينه وينفق على ولده، وهذا قول واضح جيد.

2 - باب {ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله}

2 - باب {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} 4782 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضى الله عنهما «أَنَّ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا كُنَّا نَدْعُوهُ إِلاَّ زَيْدَ ابْنَ مُحَمَّدٍ، حَتَّى نَزَلَ الْقُرْآنُ {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ}» (¬1). 3 - باب {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} 4783 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضى الله عنه قَالَ: «نُرَى هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِى أَنَسِ بْنِ النَّضْرِ {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ}» (¬2). 4 - باب {قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً} التَّبَرُّجُ (¬3): أَنْ تُخْرِجَ مَحَاسِنَهَا. سُنَّةَ اللَّهِ اسْتَنَّهَا جَعَلَهَا. 5 - باب {وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا}. 4786 - عن أَبي سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: «لَمَّا أُمِرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِتَخْيِيرِ أَزْوَاجِهِ بَدَأَ بِى فَقَالَ: إِنِّى ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا فَلاَ عَلَيْكِ أَنْ لاَ تَعْجَلِى حَتَّى تَسْتَأْمِرِى أَبَوَيْكِ. قَالَتْ: وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ أَبَوَىَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِى بِفِرَاقِهِ، قَالَتْ: ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَالَ: {يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ ¬

(¬1) كانوا في الجاهلية يتبنون فنسخ ذلك. (¬2) لأن أنس بن النضر لم يحضر غزوة بدر فحضر أحداً ووفى بما قال. (¬3) التبرج: اظهار المحاسن والمفاتن. . . إظهار الوجه والرقبة والصدر.

7 - باب {ترجئ من تشاء منهن وتؤوى إليك من تشاء. . .}

قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا -إِلَى- أَجْرًا عَظِيمًا}. قَالَتْ: فَقُلْتُ: فَفِى أَىِّ هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَىَّ؟ فَإِنِّى أُرِيدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ. قَالَتْ: ثُمَّ فَعَلَ أَزْوَاجُ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَ مَا فَعَلْتُ» (¬1). 7 - باب {تُرْجِئُ مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِى إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ. . .} 4788 - عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ: «كُنْتُ أَغَارُ عَلَى اللاَّتِى وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَقُولُ: أَتَهَبُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا؟ فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {تُرْجِئُ مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِى إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ، وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ} قُلْتُ: مَا أُرَى رَبَّكَ إِلاَّ يُسَارِعُ فِى هَوَاكَ» (¬2). قال الحافظ: . .. قوله (يستأذن المرأة في اليوم) أي الذي يكون فيه نوبتها إذا أراد أن يتوجه إلى الأخرى (¬3). 8 - باب {لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِىِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ. . .} 4792 - عن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ «أَنَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِهَذِهِ الآيَةِ آيَةِ الْحِجَابِ: لَمَّا ¬

(¬1) هجرهن شهراً لأجل النفقة وخيرهن لأجل أن يصبرن على الحال التي كان عليها عليه الصلاة والسلام. (¬2) اللهم صلِّ عليه، له منزلة عظيمة فهو خليل الله. (¬3) هو الظاهر؛ لتطييب النفوس حتى إذا عرض حاجة استأذن في الظهر والعصر، والعصر وقت مشترك لهن ثم يبيت عند صاحبة الليلة. * إذا تم العقد وهي صغيرة فلما كبرت رفضت الزوج؟ لا، ما لها كلام.

أُهْدِيَتْ زَيْنَبُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَتْ مَعَهُ فِى الْبَيْتِ، صَنَعَ طَعَامًا وَدَعَا الْقَوْمَ، فَقَعَدُوا يَتَحَدَّثُونَ، فَجَعَلَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَخْرُجُ ثُمَّ يَرْجِعُ، وَهُمْ قُعُودٌ يَتَحَدَّثُونَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِىِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ -إِلَى قَوْلِهِ- مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} فَضُرِبَ الْحِجَابُ، وَقَامَ الْقَوْمُ» (¬1). 4794 - عَنْ أَنَسٍ رضى الله عنه قَالَ: «أَوْلَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم -حِينَ بَنَى بِزَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ- فَأَشْبَعَ النَّاسَ خُبْزًا وَلَحْمًا (¬2)، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى حُجَرِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ صَبِيحَةَ بِنَائِهِ فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِنَّ وَيَدْعُو لَهُنَّ، وَيُسَلِّمْنَ عَلَيْهِ وَيَدْعُونَ لَهُ. فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى بَيْتِهِ رَأَى رَجُلَيْنِ جَرَى بِهِمَا الْحَدِيثُ، فَلَمَّا رَآهُمَا رَجَعَ عَنْ بَيْتِهِ، فَلَمَّا رَأَى الرَّجُلاَنِ نَبِىَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجَعَ عَنْ بَيْتِهِ وَثَبَا مُسْرِعَيْنِ، فَمَا أَدْرِى أَنَا أَخْبَرْتُهُ بِخُرُوجِهِمَا أَمْ أُخْبِرَ، فَرَجَعَ حَتَّى دَخَلَ الْبَيْتَ، وَأَرْخَى السِّتْرَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ، وَأُنْزِلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ». 4795 - عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ: «خَرَجَتْ سَوْدَةُ -بَعْدَ مَا ضُرِبَ الْحِجَابُ- لِحَاجَتِهَا، وَكَانَتِ امْرَأَةً جَسِيمَةً لاَ تَخْفَى عَلَى مَنْ يَعْرِفُهَا، فَرَآهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ: يَا سَوْدَةُ، أَمَا وَاللَّهِ مَا تَخْفَيْنَ عَلَيْنَا، فَانْظُرِى كَيْفَ ¬

(¬1) وهذا فيه الدلالة على أن الضيوف ينبغي أن يلاحظوا صاحب الدار، فإذا كان العرف بعد الطعام القهوة والطيب فلا بأس، وإذا كانوا إذا غسلوا أيديهم مشوا فليمشوا. (2) وكان أوْلَمَ على زينب وليمة كبيرة، قال لأنس: ادع من لقيت، وأوْلَم على صفية بحيس لا لحم فيه، فيدل على جواز الوليمة بدون لحم لكن باللحم أفضل؛ ولهذا قال لعبدالرحمن "أولم ولو بشاة".

9 - باب {إن تبدوا شيئا أو تخفوه فإن الله كان بكل شئ عليما. . .}

تَخْرُجِينَ. قَالَتْ: فَانْكَفَأَتْ رَاجِعَةً، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى بَيْتِى، وَإِنَّهُ لَيَتَعَشَّى وَفِى يَدِهِ عَرْقٌ، فَدَخَلَتْ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى خَرَجْتُ لِبَعْضِ حَاجَتِى فَقَالَ لِى عُمَرُ كَذَا وَكَذَا، قَالَتْ: فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ، ثُمَّ رُفِعَ عَنْهُ وَإِنَّ الْعَرْقَ فِى يَدِهِ مَا وَضَعَهُ فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ» (¬1). 9 - باب {إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمًا. . .} 4796 - عن عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتِ: «اسْتَأْذَنَ عَلَىَّ أَفْلَحُ أَخُو أَبِى الْقُعَيْسِ بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ، فَقُلْتُ: لاَ آذَنُ لَهُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ فِيهِ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّ أَخَاهُ أَبَا الْقُعَيْسِ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِى، وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِى امْرَأَةُ أَبِى الْقُعَيْسِ، فَدَخَلَ عَلَىَّ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِى الْقُعَيْسِ اسْتَأْذَنَ، فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ حَتَّى أَسْتَأْذِنَكَ. فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: وَمَا مَنَعَكِ أَنْ تَأْذَنِين؟ عَمُّكِ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِى، وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِى امْرَأَةُ أَبِى الْقُعَيْسِ، فَقَالَ: ائْذَنِى لَهُ فَإِنَّهُ عَمُّكِ، تَرِبَتْ يَمِينُكِ. قَالَ عُرْوَةُ: فَلِذَلِكَ كَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ: حَرِّمُوا مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا تُحَرِّمُونَ مِنَ النَّسَبِ» (¬2). ¬

(¬1) كان عمر يريد ألا يخرجن مطلقًا. * الجاهلية الآتية هل هي مثل الجاهلية الأولى؟ الجاهلية الأولى هي جاهلية الكفار (قبل البعثة)، والجاهلية كل شر "إنك امرؤ فيك جاهلية" "أربع في أمتي من أمر الجاهلية". (¬2) وهكذا جاء الحديث "يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب". *والد الزوج من الرضاعة محرم كوالده من النسب بالنسبة للزوجة. * وفيه قول شاذ ذكره ابن كثير عن بعض الناس وينسب إلى شيخ الإسلام، ولكنه قول لا قيمة له.

10 - باب {إن الله وملائكته يصلون على النبى يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما}

10 - باب {إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} 4797 - عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رضى الله عنه «قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمَّا السَّلاَمُ عَلَيْكَ فَقَدْ عَرَفْنَاهُ، فَكَيْفَ الصَّلاَةُ عليك؟ قَالَ: قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ» (¬1). قال الحافظ: . . . قوله (فكيف الصلاة عليك)؟ في حديث أبي سعيد "فكيف نصلي عليك"؟ زاد أبو مسعود في روايته "إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا" (¬2) أخرجه أبو داود والنسائي وابن خزيمة وابن حبان بهذه الزيادة. قال الحافظ: . . . وقريب من هذا أنه لا يقال قال محمد عز وجل (¬3) وإن كان معناه صحيحاً، لأن هذا الثناء صار شعاراً لله سبحانه فلا يشاركه غيره فيه. قال الحافظ: . . . ثم أخرج عن ابن عباس بإسناد صحيح قال: "لا تصلح الصلاة على أحد إلا على النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن للمسلمين والمسلمات الاستغفار" (¬4). ¬

(¬1) جاء في هذا عدة صفات. (¬2) الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة؟ المشهور عند أهل العلم الفرضية في التشهد الأخير، وقيل: سنة وقيل واجب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما أوجبها أصلاً وإنما ذكرها بعدما سألوه، ومن أوجب قال "قولوا اللهم. . ." والأحوط أن يأتي بها حتى في التشهد الأول. (¬3) لأن هذا من شعار الله عز وجل. (¬4) يعني ما تتخذ شعاراً لكن أحياناً كما قال اللهم صل على آل أبي أوفى.

34 - سورة سبإ

34 - سورة سَبَإٍ وَقَالَ مُجَاهِدٌ: لاَ يَعْزُبُ لاَ يَغِيبُ. سيل الْعَرِمُ: السُّدُّ (¬1) مَاءٌ أَحْمَرُ أَرْسَلَهُ اللَّهُ فِى السُّدِّ فَشَقَّهُ وَهَدَمَهُ وَحَفَرَ الْوَادِىَ فَارْتَفَعَتَا عَنِ الْجَنْبَيْنِ وَغَابَ عَنْهُمَا الْمَاءُ فَيَبِسَتَا. . 1 - باب {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا: مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا: الْحَقَّ} 4800 - عن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: «إِنَّ نَبِىَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِذَا قَضَى اللَّهُ الأَمْرَ فِى السَّمَاءِ ضَرَبَتِ الْمَلاَئِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ، فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا: مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا لِلَّذِى قَالَ الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِىُّ الْكَبِيرُ، فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُ السَّمْعِ وَمُسْتَرِقُ السَّمْعِ هَكَذَا بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ -وَوَصَفَ سُفْيَانُ بِكَفِّهِ فَحَرَفَهَا وَبَدَّدَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ- فَيَسْمَعُ الْكَلِمَةَ فَيُلْقِيهَا إِلَى مَنْ تَحْتَهُ، ثُمَّ يُلْقِيهَا الآخَرُ إِلَى مَنْ تَحْتَهُ، حَتَّى يُلْقِيَهَا عَلَى لِسَانِ السَّاحِرِ أَوِ الْكَاهِنِ، فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الشِّهَابُ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيَهَا، وَرُبَّمَا أَلْقَاهَا قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ، فَيُقَالُ: أَلَيْسَ قَدْ قَالَ لَنَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا، فَيُصَدَّقُ بِتِلْكَ الْكَلِمَةِ الَّتِى سَمِعَ مِنَ السَّمَاءِ» (¬2). ¬

(¬1) في رواية الأكثرين، وفي رواية أبي ذر عن الحموي شديد. * في القاموس السُّدّ: ما خلقه الله، وبالفتح: السَّد ما صنعناه. (¬2) العلاج مستحب ليس ضرورياً ولا يحصل الشفاء دوماً ولو حصل به الشفاء ما مات أحد. * يبتلي الله عبادة بمسترقي السمع ويفتن الناس بالكلمة التي أصاب. * وضع اليد على رأس المرأة عند القراءة إذا كان مستوراً عند الحاجة لا بأس به.

37 - سورة الصافات

37 - سورة الصَّافَّاتِ 1 - باب {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} 4804 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مَا يَنْبَغِى لأَحَدٍ أَنْ يَكُونَ خَيْرًا مِنِ ابْنِ مَتَّى» (¬1). 38 - سورة ص 4807 - عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِىُّ عَنِ الْعَوَّامِ قَالَ: «سَأَلْتُ مُجَاهِدًا عَنْ سَجْدَةِ ص فَقَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ مِنْ أَيْنَ سَجَدْتَ؟ فَقَالَ: أَوَمَا تَقْرَأُ {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} فَكَانَ دَاوُدُ مِمَّنْ أُمِرَ نَبِيُّكُمْ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقْتَدِىَ بِهِ. فَسَجَدَهَا دَاوُدَ فَسَجَدَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» (¬2). 2 - باب {هَبْ لِى مُلْكًا لاَ يَنْبَغِى لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِى، إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} 4808 - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الْجِنِّ تَفَلَّتَ عَلَىَّ الْبَارِحَةَ -أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا- لِيَقْطَعَ عَلَىَّ الصَّلاَةَ، فَأَمْكَنَنِى اللَّهُ مِنْهُ. وَأَرَدْتُ أَنْ أَرْبِطَهُ إِلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِى الْمَسْجِدِ، حَتَّى تُصْبِحُوا وَتَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ، فَذَكَرْتُ قَوْلَ أَخِى سُلَيْمَانَ {رَبِّ هَبْ لِى مُلْكًا لاَ يَنْبَغِى لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِى} قَالَ رَوْحٌ: فَرَدَّهُ خَاسِئًا» (¬3). ¬

(¬1) معلوم أن إبراهيم وموسى خير من يونس لكن هذا محمول على أن هذا على سبيل التَّنقص. (¬2) الصواب أن سجدة ص يسجد فيها خارج الصلاة، وفيها. (¬3) هذا يدل على أن الشياطين تتمثل للإيذاء.

3 - باب {وما أنا من المتكلفين}

3 - باب {وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} 4809 - عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ «دَخَلْنَا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ عَلِمَ شَيْئًا فَلْيَقُلْ بِهِ، وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلْيَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ، فَإِنَّ مِنَ الْعِلْمِ أَنْ يَقُولَ لِمَا لاَ يَعْلَمُ: اللَّهُ أَعْلَمُ (¬1). قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنِ الدُّخَانِ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَعَا قُرَيْشًا إِلَى الإِسْلاَمِ، فَأَبْطَئُوا عَلَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَعِنِّى عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ، فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ فَحَصَّتْ كُلَّ شَىْءٍ، حَتَّى أَكَلُوا الْمَيْتَةَ وَالْجُلُودَ، حَتَّى جَعَلَ الرَّجُلُ يَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ دُخَانًا (¬2) مِنَ الْجُوعِ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِى السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} قَالَ فَدَعَوْا {رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ * أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ * ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ * إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَائِدُونَ * أَفَيُكْشَفُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} قَالَ فَكُشِفَ، ثُمَّ عَادُوا فِى كُفْرِهِمْ، فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ يَوْمَ بَدْرٍ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ}» (¬3). ¬

(¬1) هذا هو الحق وهذا هو الواجب على كل مسلم. (¬2) هذا دخان وقع لهم في مكة غير الدخان الذي سيأتي. (¬3) البطشة الأولى يوم بدر أهلك الله فيها صناديد المشركين.

39 - سورة الزمر

39 - سورة الزُّمَرِ (¬1) 1 - باب {يَا عِبَادِىَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} 4810 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما «أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ كَانُوا قَدْ قَتَلُوا وَأَكْثَرُوا، وَزَنَوْا وَأَكْثَرُوا، فَأَتَوْا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: إِنَّ الَّذِى تَقُولُ وَتَدْعُو إِلَيْهِ لَحَسَنٌ، لَوْ تُخْبِرُنَا أَنَّ لِمَا عَمِلْنَا كَفَّارَةً. فَنَزَلَ {وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ، وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ، وَلاَ يَزْنُونَ} وَنَزَلَ {قُلْ يَا عِبَادِىَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ}» (¬2). قال الحافظ: . . . واستدل لعموم هذه الآية على غفران جميع الذنوب كبيرها وصغيرها سواء تعلقت بحق الآدميين أم لا (¬3). 2 - باب {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} 4811 - عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ (¬4) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنه قَالَ: «جَاءَ حَبْرٌ مِنَ الأَحْبَارِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّا نَجِدُ أَنَّ اللَّهَ يَجْعَلُ السَّمَوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالشَّجَرَ ¬

(¬1) سورة الزُمُر: الزُمَر بفتح اليم. (¬2) أجمع العلماء على أن هذه الآية في التائبين؛ ولهذا قال: {وإن الله يغفر الذنوب جميعاً}. (¬3) نعم حتى حقوق الآدميين يغنيهم الله من عنده، لكن في الإسلام يعطيهم، وفي حال الكفر يمحو كل شيء. (¬4) عبيدة السلماني بفتح العين.

4 - باب {ونفخ فى الصور فصعق من فى السموات ومن فى الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون}

عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْمَاءَ وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ، وَسَائِرَ الْخَلاَئِقِ عَلَى إِصْبَعٍ، فَيَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ. فَضَحِكَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ تَصْدِيقًا لِقَوْلِ الْحَبْرِ، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ، وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}» (¬1). قال الحافظ: . . . وما ورد في بعض طرقه "أصابع الرحمن" يدل على القدرة والملك (¬2). 4 - باب {وَنُفِخَ فِى الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِى السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِى الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} 4813 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنِّى أَوَّلُ مَنْ يَرْفَعُ رَأْسَهُ بَعْدَ النَّفْخَةِ الآخِرَةِ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى مُتَعَلِّقٌ بِالْعَرْشِ، فَلاَ أَدْرِى، أَكَذَلِكَ كَانَ، أَمْ بَعْدَ النَّفْخَةِ» (¬3). ¬

* يدي الله يمين وشمال لكن كلاهما في الفضل يمين. . ظاهر السنة أن الأصابع خمسة. قلت: في إثبات الشمال ما هو معلوم وقد روى مسلم من طريق عمر بن حمزة عن سالم عن أبيه ما يدل على إثباتها وعمر له مناكير. (¬1) وفيها إثبات الأصابع لله و {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}. (¬2) الصواب إثباتها على حقيقتها. (¬3) نفخة الفزع يمدها إسرافيل حتى إن الرجل يسمعها فيصغي ليتاً. * الصعقة التي في ذكر موسى صعقة أخرى يوم القيامة، وهي التي يفيق فيها أول واحد رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر بعضهم أنها عند مجيء الله لفصل القضاء. * هذا فيه التنبيه والإعداد لهذا اليوم العظيم.

40 - سورة المؤمن

40 - سورة الْمُؤْمِنُ قَالَ مُجَاهِدٌ: مَجَازُهَا مَجَازُ أَوَائِلِ السُّوَرِ، وَيُقَالُ: بَلْ هُوَ اسْمٌ، لِقَوْلِ شُرَيْحِ بْنِ أَبِى أَوْفَى الْعَبْسِىِّ: يُذَكِّرُنِى (¬1) حَامِيمَ وَالرُّمْحُ شَاجِرٌ ... فَهَلاَّ تَلاَ حَامِيمَ قَبْلَ التَّقَدُّمِ 4815 - عن عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ: «قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: أَخْبِرْنِى بِأَشَدِّ مَا صَنَعَ الْمُشْرِكُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّى بِفِنَاءِ الْكَعْبَةِ إِذْ أَقْبَلَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِى مُعَيْطٍ فَأَخَذَ بِمَنْكِبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَوَى ثَوْبَهُ فِى عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ خَنْقًا شَدِيدًا، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ بِمَنْكِبِهِ وَدَفَعَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّىَ اللَّهُ، وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ}» (¬2). 41 - سورة حم السَّجْدَةِ {أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} وَأَمَّا قَوْلُهُ {مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ - وَلاَ يَكْتُمُونَ اللَّهَ} فَإِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ لأَهْلِ الإِخْلاَصِ ذُنُوبَهُمْ (¬3). . . . ¬

* ما بين النفختين نفخة الصعق ونفخة الفزع أربعون، ولم يفسرها أبو هريرة؛ لأنه هكذا سمعها. (¬1) المقصود أن المحدِّث والمذكِّر ليس من المقنّطين بل من المذكرين والمنذرين، كما جاءت بذلك الرسل. (¬2) وهذا معروف من خبث عقبة؛ ولهذا لما ظفر به يوم بدر قتله صبراً؛ لشدة عداوته. (¬3) المعنى أن يوم القيامة يوم طويل، في وقت يتساءلون، وفي وقت لا يتساءلون، وفيه لا يكتمون الله حديثاً وفيه وقت. . فهو يوم طويل =

2 - باب {وذلكم ظنكم الذى ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين}

2 - باب {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِى ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} 4817 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنه قَالَ «اجْتَمَعَ عِنْدَ الْبَيْتِ قُرَشِيَّانِ وَثَقَفِىٌّ -أَوْ ثَقَفِيَّانِ وَقُرَشِىٌّ- كَثِيرَةٌ شَحْمُ بُطُونِهِمْ، قَلِيلَةٌ فِقْهُ قُلُوبِهِمْ. فَقَالَ أَحَدُهُمْ: أَتُرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ يَسْمَعُ مَا نَقُولُ؟ قَالَ الآخَرُ: يَسْمَعُ إِنْ جَهَرْنَا وَلاَ يَسْمَعُ إِنْ أَخْفَيْنَا. وَقَالَ الآخَرُ إِنْ كَانَ يَسْمَعُ إِذَا جَهَرْنَا فَإِنَّهُ يَسْمَعُ إِذَا أَخْفَيْنَا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ} (¬1) الآيَةَ. 55 - سورة الرَّحْمَنِ . . . {فيهما فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} قَالَ بَعْضُهُمْ: لَيْسَ الرُّمَّانُ وَالنَّخْلُ (¬2) ¬

= الوقت وفيه أحوال. قلت: وبنحو إجابة شيخنا أجاب الإمام أحمد على ما أوردته الزنادقة في رسالته المشهورة. (¬1) ولهذا قال: {وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم. . .} نسأل الله العافية. (¬2) من عطف الخاص على العام. * الوفد كانوا يقولون: ولا بشيء من الائك ربنا نكذب فلك الحمد، يعني وفد الجن، والظاهر أن هذا الحديث لا بأس به. قلت: رواه الترمذي من طريق الوليد بن مسلم عن زهير بن محمد عن محمد بن المنكدر عن جابر، وزهير بن محمد يروي عنه أهل الشام مناكير، ولهذا نقل الترمذي عن أحمد قوله: كأن زهير بن محمد الذي وقع بالشام ليس هو الذي يروي عنه بالعراق كأنه رجل آخر قلبوا اسمه يعني لما يروون عنه من المناكير، قال الترمذي وسمعت محمد بن إسماعيل [البخاري] =

2 - باب {حور مقصورات فى الخيام}

بِالْفَاكِهَةِ، وَأَمَّا الْعَرَبُ فَإِنَّهَا تَعُدُّهَا فَاكِهَةً. . . {مَرَجَ} اخْتَلَطَ {الْبَحْرَانِ} (¬1) مِنْ مَرَجْتَ دَابَّتَكَ: تَرَكْتَهَا. 2 - باب {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِى الْخِيَامِ} 4879 - عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّ فِى الْجَنَّةِ خَيْمَةً مِنْ لُؤْلُؤَةٍ مُجَوَّفَةٍ عَرْضُهَا سِتُّونَ مِيلاً، فِى كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنْهَا أَهْلٌ مَا يَرَوْنَ الآخَرِينَ، يَطُوفُ عَلَيْهِمُ الْمُؤْمِنُونَ» (¬2). 56 - سورة الْوَاقِعَةِ قال الحافظ: . . . قوله (المخضود لا شوك له) كذا لأبي ذر، ولغيره: المخضود الموقر حملًا (¬3)، ويقال أيضًا. . . 57 - سورة الْحَدِيدُ {لِئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} لِيَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ. يُقَالُ الظَّاهِرُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ عِلْمًا، وَالْبَاطِنُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ عِلْمًا (¬4). أَنْظِرُونَا: انْتَظِرُونَا. ¬

= يقول أهل الشام يروون عن زهير بن محمد مناكير وأهل العراق يروون عنه أحاديث مقاربة. اه-قلت: وهذا الخبر من المناكير، الوليد شامي. (¬1) البحر المالح والبحر الحلو. (¬2) في رواية: المؤمن، يعني كل مؤمن مع أهله. (¬3) المقصود ليس من جنس ما في الدنيا لا شوك فيه، ليس في الآخرة مما في الدنيا إلا الأسماء، نعيمها لا يشبه نعيم الدنيا. (¬4) جاء في التفسير النبوي: الظاهر ليس فوقه شيء، والباطن ليس دونه شيء، ولا يخفى عليه خافية، وهو فوق العرش يعلم كل شيء، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.

59 - سورة الحشر

59 - سورة الْحَشْرِ 2 - باب {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ} نَخْلَةٍ، مَا لَمْ تَكُنْ عَجْوَةً أَوْ بَرْنِيَّةً 4884 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضى الله عنهما «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَرَّقَ نَخْلَ بَنِى النَّضِيرِ وَقَطَعَ، وَهْىَ الْبُوَيْرَةُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِىَ الْفَاسِقِينَ}» (¬1). 4 - باب {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} 4886 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُوتَشِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ، الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ. فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِى أَسَدٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ يَعْقُوبَ، فَجَاءَتْ فَقَالَتْ: إِنَّهُ بَلَغَنِى أَنَّكَ لَعَنْتَ كَيْتَ وَكَيْتَ، فَقَالَ: وَمَا لِى لاَ أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ (¬2) رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَنْ هُوَ فِى كِتَابِ اللَّهِ. فَقَالَتْ: لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ، فَمَا وَجَدْتُ فِيهِ مَا تَقُولُ. قَالَ: لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ، أَمَا قَرَأْتِ {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ، وَمَا نَهَاكُمْ ¬

(¬1) لما صاروا يتقون بها ويحتمون بها من المسلمين أمر بقطعها، فقطعها لأجل تسهيل الحرب؛ ولإغاظتهم ولهذا يقول حسان: "وهان على سراة بني لؤي حريق بالبويرة مستطير". * وفيه من الفوائد: - إتلاف بعض مال العدو إذا رأى المصلحة، وكذا التحريق لتسهيل نصر المسلمين عليهم. (¬2) والمقصود أن من لعنه الرسول صلى الله عليه وسلم فهو من أمر الله {وما اَتاكم الرسول فخذوه}.

6 - باب {ويؤثرون على أنفسهم} الآية

عَنْهُ فَانْتَهُوا}؟ قَالَتْ: بَلَى. قَالَ: فَإِنَّهُ قَدْ نَهَى عَنْهُ. قَالَتْ: فَإِنِّى أَرَى أَهْلَكَ يَفْعَلُونَهُ. قَالَ: فَاذْهَبِى فَانْظُرِى، فَذَهَبَتْ فَنَظَرَتْ فَلَمْ تَرَ مِنْ حَاجَتِهَا شَيْئًا. فَقَالَ: لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ مَا جَامَعَتها» (¬1). 6 - باب {وَيُؤْثِرُونَ (¬2) عَلَى أَنْفُسِهِمْ} الآيَةَ 4889 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ «أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَصَابَنِى الْجَهْدُ. فَأَرْسَلَ إِلَى نِسَائِهِ فَلَمْ يَجِدْ عِنْدَهُنَّ شَيْئًا. . . الحديث. . . فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}» (¬3). 61 - سورة الصَّفِّ 1 - باب {يأتي مِنْ بَعْدِى اسْمُهُ أَحْمَدُ} 4896 - عن مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ رضى الله عنه قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: إِنَّ لِى أَسْمَاءً، أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَنَا أَحْمَدُ، وَأَنَا الْمَاحِى ¬

(¬1) ما جامعتها: ما أبقيتها * تقويم الأسنان المعوجة لا بأس به، وشدّ البشرة لا بأس به من جراء الحوادث والأمراض. (¬2) يعني الأنصار يحبون المهاجرين ويؤثرونهم (¬3) رضي الله عنهم، رضي الله عنهم، وفي هذا الحث على إكرام الضيف، وأن من نزل به ضيق ولم يجد عنده شيئاً يلتمس من يضيفه، يشفع للضيف عند من يقضي حاجته.

62 - سورة الجمعة

الَّذِى يَمْحُو اللَّهُ بِىَ الْكُفْرَ، وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِى يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِى، وَأَنَا الْعَاقِبُ» (¬1). 62 - سورة الْجُمُعَةِ 1 - باب قَوْلُهُ {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} 4897 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ: «كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْجُمُعَةِ {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} قَالَ قُلْتُ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَلَمْ يُرَاجِعْهُ حَتَّى سَأَلَ ثَلاَثًا -وَفِينَا سَلْمَانُ الْفَارِسِىُّ، وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ عَلَى سَلْمَانَ- ثُمَّ قَالَ: لَوْ كَانَ الإِيمَانُ عِنْدَ الثُّرَيَّا لَنَالَهُ رِجَالٌ -أَوْ رَجُلٌ- مِنْ هَؤُلاَءِ» (¬2). 2 - باب {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا} 4899 - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنهما قَالَ: «أَقْبَلَتْ عِيرٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ -وَنَحْنُ مَعَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم- فَثَارَ (¬3) النَّاسُ إِلاَّ اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا}». ¬

(¬1) ومعنى العاقب ليس بعده نبي صلى الله عليه وسلم. * قول لوط "هؤلاء بناتي" من جنس النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم. . وفي قراءة: وهو أب لهم. قلت: هي شاذة، والمعنى الولاية عليهم والتعليم لهم والقيام عليهم. (¬2) وقد أسلم منهم الجمع الغفير من فارس وغيرهم إلى يومنا هذا، يسلم منهم الكثير من النصارى وغيرهم، أما اليهود فقوم أهل حسد لا يكاد يسلم منهم أحد. (¬3) ظنوا أنهم لا يلزمهم فقاموا حتى بيّن الله الأحكام.

63 - سورة المنافقين

63 - سورة الْمُنَافِقِينَ 1 - باب قَوْلِهِ {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ. . .} 4900 - عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: «كُنْتُ فِى غَزَاةٍ فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَىٍّ يَقُولُ: لاَ تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِهِ، وَلَوْ رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِهِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ. فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمِّى -أَوْ لِعُمَرَ- فَذَكَرَهُ لِلنَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَدَعَانِى فَحَدَّثْتُهُ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَىٍّ (¬1) وَأَصْحَابِهِ فَحَلَفُوا مَا قَالُوا: فَكَذَّبَنِى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَصَدَّقَهُ، فَأَصَابَنِى هَمٌّ لَمْ يُصِبْنِى مِثْلُهُ قَطُّ، فَجَلَسْتُ فِى الْبَيْتِ، فَقَالَ لِى عَمِّى: مَا أَرَدْتَ إِلَى أَنْ كَذَّبَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَقَتَكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} فَبَعَثَ إِلَىَّ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم فَقَرَأَ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ صَدَّقَكَ يَا زَيْدُ» (¬2). ¬

*وفي العيد ينبغي ألا يقوموا، وحديث "فمن أحب أن يستمع" فيه وهم. *قول بعضهم إن الصلاة قبل ثم الخطبة؟ قال الشيخ: ليس بثابت، جاء في أخبار مرسلة. قلت: وهو الصحيح، ومراد شيخنا حديث عبدالله بن السائب يرفعه "إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس ومن أحب أن يذهب فليذهب" قال أبو داود: هذا مرسل عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم. قلت: وهو الصواب بلا شك. (¬1) عبدالله بن أُبيّ لم يزل على حاله حتى مات، نسأل الله العافية. (¬2) ذبح الأضحية قبل تمام خطبة العيد مجزية؟ نعم. *اللغة العربية في الخطبة واجبة؟ نعم، ثم تفسر إن دعت الحاجة.

2 - باب {اتخذوا أيمانهم جنة يجتنون بها}

2 - باب {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً يَجْتَنُّونَ بِهَا} 4901 - عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رضى الله عنه قَالَ: «كُنْتُ مَعَ عَمِّى، فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَىٍّ ابْنَ سَلُولَ يَقُولُ: لاَ تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا. وَقَالَ أَيْضًا: لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمِّى، فَذَكَرَ عَمِّى لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَىٍّ وَأَصْحَابِهِ فَحَلَفُوا مَا قَالُوا، فَصَدَّقَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَذَّبَنِى فَأَصَابَنِى هَمٌّ لَمْ يُصِبْنِى مِثْلُهُ، فَجَلَسْتُ فِى بَيْتِى، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ -إِلَى قَوْلِهِ- هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -إِلَى قَوْلِهِ- لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ} فَأَرْسَلَ إِلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَرَأَهَا عَلَىَّ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ صَدَّقَكَ» (¬1). 5 - باب قَوْلِهِ {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ. . .} 4905 - عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنهما قَالَ: «كُنَّا فِى غَزَاةٍ -قَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً فِى جَيْشٍ- فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ الأَنْصَارِىُّ: يَا لَلأَنْصَارِ، وَقَالَ الْمُهَاجِرِىُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ (¬2). فَسَمِعَ ذَاكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ مَا بَالُ دَعْوَى جَاهِلِيَّةٍ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ: دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ. فَسَمِعَ بِذَلِكَ ¬

(¬1) يؤخذ من هذا أن خبر الواحد في الكفر أو الحدود على الناس لا يؤخذ حتى يكون شاهدان فأكثر، أما خبر الواحد في الأخبار تؤخذ. (¬2) المعنى أن المسلم يقول: ساعدوني يا إخوان، لا يقول: يا كذا يا كذا، يدعو للتحزب والتفرق بل ينبغي أن يلتم المسلمون.

6 - باب قوله {هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا}

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ فَقَالَ: فَعَلُوهَا؟ أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ. فَبَلَغَ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِى أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ، فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: دَعْهُ، لاَ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ وَكَانَتِ الأَنْصَارُ أَكْثَرَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ، ثُمَّ إِنَّ الْمُهَاجِرِينَ كَثُرُوا بَعْدُ». قَالَ سُفْيَانُ فَحَفِظْتُهُ مِنْ عَمْرٍو، قَالَ عَمْرٌو «سَمِعْتُ جَابِرًا كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم. .». 6 - باب قَوْلِهِ {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا} 4906 - عَنْ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ «حَزِنْتُ عَلَى مَنْ أُصِيبَ بِالْحَرَّةِ، فَكَتَبَ إِلَىَّ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ -وَبَلَغَهُ شِدَّةُ حُزْنِى- يَذْكُرُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلأَنْصَارِ وَلأَبْنَاءِ الأَنْصَارِ (¬1). وَشَكَّ ابْنُ الْفَضْلِ فِى أَبْنَاءِ أَبْنَاءِ الأَنْصَارِ، فَسَأَلَ أَنَسًا بَعْضُ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ فَقَالَ: هُوَ الَّذِى يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَذَا الَّذِى أَوْفَى اللَّهُ لَهُ بِأُذُنِهِ». 7 - باب {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ. . .} 4907 - عَنْ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنهما قال: «كُنَّا فِى غَزَاةٍ فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ الأَنْصَارِىُّ: يَا لَلأَنْصَارِ، ¬

(¬1) في هذا منقبة للأنصار رضي الله عنهم. * معنى اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها: معنى خيراً منها يعوضه عن المفقود بأحسن، ولد بدل الولد، ومالاً غير المال (بعدما سألته).

64 - سورة التغابن

وَقَالَ الْمُهَاجِرِىُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ (¬1). فَسَمَّعَهَا اللَّهُ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَا هَذَا؟ فَقَالُوا: كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ الأَنْصَارِىُّ: يَا لَلأَنْصَارِ وَقَالَ الْمُهَاجِرِىُّ: يَالَلْمُهَاجِرِينَ، فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ. قَالَ جَابِرٌ: وَكَانَتِ الأَنْصَارُ حِينَ قَدِمَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم أَكْثَرَ ثُمَّ كَثُرَ الْمُهَاجِرُونَ بَعْدُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ: أَوَقَدْ فَعَلُوا؟ وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضى الله عنه: دَعْنِى يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ. قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: دَعْهُ، لاَ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ». 64 - سورة التَّغَابُنِ وَقَالَ عَلْقَمَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ}: هُوَ الَّذِى إِذَا أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ رَضِىَ وَعَرَفَ أَنَّهَا مِنَ اللَّهِ. وقال مجاهد: التغابن (¬2) غبن أهل ¬

(¬1) فيه أن الاعتزاز بغير الإسلام والدين منتن لأنها تفرق الجماعة؛ فالمسلم يقول يا أخواني لا يقول: يا مطير، يا عتيبة، وفيه اعتناء النبي صلى الله عليه وسلم بالسياسة الشرعية في عدم قتله المنافق. (¬2) يذهب ولده إلى الجنة والوالد إلى النار. * هل طلاق ابن عمر واقع أم لا؟ الاكثرون قالوا واقع، لقوله: راجعْها، وقال بعضهم لم يقع، وهو أظهر، وقوله فليراجعها يعني المراجعة الرد، والصواب أنها لا تقع. * وسألت سماحة الشيخ عن فتوى له في نور على الدرب: إن كان يعلم أنها حائض لم يقع، وإن لم يعلم فصادف الحيض وقع، قال: لأنها قد تدعي الحيض حتى لا يقع عليها الطلاق.

65 - سورة الطلاق

الجنة أهل النار. إن ارتبتم: إن لم تعلموا أتحيض، أم لا تحيض. فاللائي قعدن عن الحيض واللائي لم يحضن بعد فعدتهن ثلاثة أشهر. 65 - سورة الطَّلاَقِ 1 - باب. 4908 - عَنْ سَالِمٌ «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضى الله عنهما أَخْبَرَهُ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهْىَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ عُمَرُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَغَيَّظَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ: لِيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ يُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ فَتَطْهُرَ، فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ» (¬1). 4910 - عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: «كُنْتُ فِى حَلْقَةٍ فِيهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى لَيْلَى وَكَانَ أَصْحَابُهُ يُعَظِّمُونَهُ، فَذَكَرَ آخِرَ الأَجَلَيْنِ، فَحَدَّثْتُ بِحَدِيثِ سُبَيْعَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ فَضَمَّزَ لِى بَعْضُ أَصْحَابِهِ، قَالَ مُحَمَّدٌ فَفَطِنْتُ لَهُ فَقُلْتُ: إِنِّى إِذًا لَجَرِئٌ إِنْ كَذَبْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ وَهْوَ فِى نَاحِيَةِ الْكُوفَةِ. فَاسْتَحْيَا وَقَالَ: لَكِنَّ عَمَّهُ لَمْ يَقُلْ ذَاكَ، فَلَقِيتُ أَبَا عَطِيَّةَ مَالِكَ بْنَ عَامِرٍ فَسَأَلْتُهُ فَذَهَبَ يُحَدِّثُنِى حَدِيثَ سُبَيْعَةَ، فَقُلْتُ هَلْ سَمِعْتَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ فِيهَا شَيْئًا؟ فَقَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: أَتَجْعَلُونَ عَلَيْهَا التَّغْلِيظَ وَلاَ تَجْعَلُونَ عَلَيْهَا الرُّخْصَةَ؟ لَنَزَلَتْ سُورَةُ النِّسَاءِ الْقُصْرَى بَعْدَ الطُّولَى {وَأُولاَتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}» (¬2). ¬

(¬1) هذا هو الواجب، ليس له أن يطلقها في الحيض ولا النفاس ولا طهر جامعها فيه. (¬2) الإحداد تبع العدة، إذا تمت العدة تم الإحداد (بعدما سألته).

66 - سورة التحريم

66 - سورة التَّحْرِيمِ 1 - باب {يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ. . .} 4912 - عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَشْرَبُ عَسَلاً عِنْدَ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ وَيَمْكُثُ عِنْدَهَا، فَوَاطَأتُ أَنَا وَحَفْصَةُ عَنْ أَيَّتُنَا دَخَلَ عَلَيْهَا فَلْتَقُلْ لَهُ أَكَلْتَ مَغَافِيرَ؟ إِنِّى أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ (¬1)، قَالَ: لاَ، وَلَكِنِّى كُنْتُ أَشْرَبُ عَسَلاً عِنْدَ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ فَلَنْ أَعُودَ لَهُ، وَقَدْ حَلَفْتُ لاَ تُخْبِرِى بِذَلِكِ أَحَدًا» (¬2). 2 - باب {تَبْتَغِى مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} 4913 - عَنْ ابْنَ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما قَالَ: «مَكَثْتُ سَنَةً أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَنْ آيَةٍ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَسْأَلَهُ هَيْبَةً لَهُ، حَتَّى خَرَجَ حَاجًّا فَخَرَجْتُ مَعَهُ، . . . الحديث. . . قَالَ عُمَرُ: فَقَصَصْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ¬

* وهذا هو الحق أنها متى وضعت خرجت من العدة كالطلاق سواء بسواء، وحديث سبيعة يوافق ذلك، وقال بعض السلف آخر الأجلين، والذي قال هذا خفي عليه حديث سبيعة. (¬1) ريحة ليست بطيبة، وهذا من الغيرة على زينب احتلن لأجل شربه عندها عسل. (¬2) وهذا يدل على أن الإنسان إذا حرم شيئاً أو حلف عليه كفر عن يمينه، لقصة العسل، وقيل نزل لقصة مارية الجارية، فكذلك إذا حرم الجارية كفّر عن يمينه فليست من الزوجات.

صلى الله عليه وسلم هَذَا الْحَدِيثَ، فَلَمَّا بَلَغْتُ حَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ (¬1) تَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَإِنَّهُ لَعَلَى حَصِيرٍ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ شَىْءٌ، وَتَحْتَ رَأْسِهِ وِسَادَةٌ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، وَإِنَّ عِنْدَ رِجْلَيْهِ قَرَظًا مَصْبُوبًا، وَعِنْدَ رَأْسِهِ أَهَبٌ مُعَلَّقَةٌ، فَرَأَيْتُ أَثَرَ الْحَصِيرِ فِى جَنْبِهِ فَبَكَيْتُ، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكَ؟ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ كِسْرَى وَقَيْصَرَ فِيمَا هُمَا فِيهِ، وَأَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ. فَقَالَ: أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَهُمُ الدُّنْيَا وَلَنَا الآخِرَةُ؟ » (¬2). ¬

(¬1) عمر أراد إيناس الرسول صلى الله عليه وسلم. هجرهن شهراً لأنها معصية (يعني لم يتقيد بثلاثة) ومعصيتهن المطالبة بالنفقة وليس عنده شيء، فالواجب الصبر. * وهذا يدل على تواضعه صلى الله عليه وسلم وحلمه وصبره، اعتزل أزواجه شهراً في المشربة غرفة، وكان على حصير وسادة حشوها ليف، فلا ينبغي أن يغتر بالدنيا وزخرفها؛ فالدنيا أمرها زائل لا قيمة لها. (¬2) وفيه أنه لابد من الصبر على الزوجة والزوجات. * تحريم الزوجة ظهار، إلا أن علقه على شيء، ففيه الكفارة إذا صرح بالظهار وعلقه ظهار، بخلاف التحريم فهو مشترك. * إذا قصد بالتحريم الطلاق يكون طلاقاً؛ لأن التحريم كناية.

3 - باب {وإذ أسر النبى إلى بعض أزواجه. . .}

3 - باب {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِىُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ. . .} 4914 - عن ابْنَ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما قال: «أَرَدْتُ أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ رضي الله عنه فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَنِ الْمَرْأَتَانِ اللَّتَانِ تَظَاهَرَتَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَمَا أَتْمَمْتُ كَلاَمِى حَتَّى قَالَ: عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ» (¬1). 68 - سورة نون والْقَلَمِ 1 - باب {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} 4918 - عن حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ الْخُزَاعِىَّ قَالَ: «سَمِعْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ؟ كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعِّفٍ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ. أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ؟ كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ». قال الحافظ: . . . والمراد بالضعيف (¬2) من نفسه ضعيفة لتواضعه وضعف حاله في الدنيا، والمستضعف المحتقر لخموله في الدنيا. ¬

(¬1) إذا هجر الزوجة لا يهجر إلا وهو في البيت، يهجر وينام في البيت عندها لا يتركها، وإان كن مجتمعات في بيت هجرهن في مكان آخر. * لو قال عليّ الحرام لضيفه حتى يطعم، وأراد بالحرام زوجته وقصد ذلك يعني قصد الأمرين قال الشيخ: يقع (لو حنث). (¬2) إن فسرت ضعيف بمستضعف يستضعفه الناس زال الإشكال، ويبقى المراد بالمستضعف فهو مظهر لضعفه، ومع ذلك فهو مستقيم على الحق ومعرض عن الباطل، فلم يحمله فقره للميل إلى الباطل أو سؤال الناس.

2 - باب {يوم يكشف عن ساق}

2 - باب {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} 4919 - عَنْ أَبِى سَعِيدٍ رضى الله عنه قَالَ: «سَمِعْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: يَكْشِفُ رَبُّنَا عَنْ سَاقِهِ (¬1)، فَيَسْجُدُ لَهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ، وَيَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ فِى الدُّنْيَا رِئَاءً وَسُمْعَةً، فَيَذْهَبُ لِيَسْجُدَ، فَيَعُودُ ظَهْرُهُ طَبَقًا وَاحِدًا». 69 - سورة الْحَاقَّةِ عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ: يُرِيدُ فِيهَا الرِّضَا، الْقَاضِيَةَ الْمَوْتَةَ الأُولَى الَّتِى مُتُّهَا ثُمَّ (¬2) أُحْيَا بَعْدَهَا. 70 - سورة {سَأَلَ سَائِلٌ} قال الحافظ: النصب والنصب واحد وهو مصدر والجمع أنصاب انتهى، يريد أن الذي بضمتين (¬3) واحد لا جمع مثل حقب واحد الأحقاب. 71 - سورة نُوحٍ 1 - باب {وَدًّا وَلاَ سُوَاعًا وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ} 4920 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما «صَارَتِ الأَوْثَانُ الَّتِى كَانَتْ فِى ¬

(¬1) ساقه: من آيات الصفات، ساقه سبحانه. وفي اللغة: الساق الشدة، والمراد هنا الساق العلامة الحقيقة له سبحانه. * قلت: انظر الكلام على لفظة "عن ساقه" ومن تفرد بها في: الأسماء والصفات، للبيهقي (2/ 180). (¬2) صوابها: لم. (¬3) يعني: شيء منصوب تستبقون إليه.

72 - سورة {قل أوحى إلى}

قَوْمِ نُوحٍ فِى الْعَرَبِ بَعْدُ. أَمَّا وُدٌّ كَانَتْ لِكَلْبٍ بِدَوْمَةِ الْجَنْدَلِ، وَأَمَّا سُوَاعٌ كَانَتْ لِهُذَيْلٍ، وَأَمَّا يَغُوثُ فَكَانَتْ لِمُرَادٍ، ثُمَّ لِبَنِى غُطَيْفٍ بِالْجُرُفِ عِنْدَ سَبَأ. وَأَمَّا يَعُوقُ فَكَانَتْ لِهَمْدَانَ. وَأَمَّا نَسْرٌ فَكَانَتْ لِحِمْيَرَ، لآلِ ذِى الْكَلاَعِ. أَسْمَاءُ رِجَالٍ صَالِحِينَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ. فَلَمَّا هَلَكُوا أَوْحَى الشَّيْطَانُ إِلَى قَوْمِهِمْ أَنِ انْصِبُوا إِلَى مَجَالِسِهِمُ الَّتِى كَانُوا يَجْلِسُونَ أَنْصَابًا وَسَمُّوهَا بِأَسْمَائِهِمْ فَفَعَلُوا، فَلَمْ تُعْبَدْ، حَتَّى إِذَا هَلَكَ أُولَئِكَ وَتَنَسَّخَ الْعِلْمُ عُبِدَتْ» (¬1). 72 - سورة {قُلْ أُوحِىَ إِلَىَّ} 1 - باب. . . 4921 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ، وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ. . . قَالَ: فَانْطَلَقَ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِنَخْلَةَ، وَهْوَ عَامِدٌ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ وَهْوَ يُصَلِّى بِأَصْحَابِهِ صَلاَةَ الْفَجْرِ. فَلَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ تَسَمَّعُوا لَهُ، فَقَالُوا: هَذَا الَّذِى حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ. فَهُنَالِكَ رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ فَقَالُوا: يَا قَوْمَنَا، إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِى إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ، وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا. وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم {قُلْ أُوحِىَ إِلَىَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} وَإِنَّمَا أُوحِىَ إِلَيْهِ قَوْلُ الْجِنِّ» (¬2). ¬

(¬1) هذا يدل على عظم خطر الصور لا سيما صور المعظمين والعُبّاد، ولهذا وقع الشرك بسببها، فالواجب على ولاة الأمور الحذر من وسائل الشرك. (¬2) ظاهر هذا أنه بعد فرض الصلوات، والصلاة فرضت بمكة قبل الهجرة بثلاث سنين.

74 - سورة المدثر

74 - سورة الْمُدَّثِّرِ 1 - باب. . . 4922 - عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ «سَأَلْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَوَّلِ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ قَالَ: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} (¬1) قُلْتُ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ} فَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ: سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنهما عَنْ ذَلِكَ وَقُلْتُ لَهُ مِثْلَ الَّذِى قُلْتَ، فَقَالَ جَابِرٌ: لاَ أُحَدِّثُكَ إِلاَّ مَا حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: جَاوَرْتُ بِحِرَاءٍ، فَلَمَّا قَضَيْتُ جِوَارِى هَبَطْتُ، فَنُودِيتُ، فَنَظَرْتُ عَنْ يَمِينِى فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، وَنَظَرْتُ عَنْ شِمَالِى فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، وَنَظَرْتُ أَمَامِى فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، وَنَظَرْتُ خَلْفِى فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، فَرَفَعْتُ رَأْسِى فَرَأَيْتُ شَيْئًا، فَأَتَيْتُ خَدِيجَةَ فَقُلْتُ: دَثِّرُونِى وَصُبُّوا عَلَىَّ مَاءً بَارِدًا، قَالَ: فَدَثَّرُونِى وَصَبُّوا عَلَىَّ مَاءً بَارِدًا، قَالَ: فَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ}». 3 - باب {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} 4924 - عَنْ يَحْيَى قَالَ: «سَأَلْتُ أَبَا سَلَمَةَ: أَىُّ الْقُرْآنِ أُنْزِلَ أَوَّلُ؟ فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} فَقُلْتُ: أُنْبِئْتُ أَنَّهُ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ} فَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ: أَىُّ الْقُرْآنِ أُنْزِلَ أَوَّلُ؟ فَقَالَ {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} فَقُلْتُ أُنْبِئْتُ أَنَّهُ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ} فَقَالَ: لاَ أُخْبِرُكَ إِلاَّ بِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَاوَرْتُ فِى حِرَاءٍ، فَلَمَّا قَضَيْتُ جِوَارِى هَبَطْتُ فَاسْتَبْطَنْتُ الْوَادِىَ، فَنُودِيتُ، فَنَظَرْتُ أَمَامِى وَخَلْفِى وَعَنْ يَمِينِى ¬

(¬1) وما قاله جابر أن المدثر أول ما نزل، هذا بعد فتور الوحي فإنه نُبئ بإقرأ وأُرسل بالمدثر، هذا وجه الجمع.

4 - باب {وثيابك فطهر}

وَعَنْ شِمَالِى، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ (¬1) عَلَى عَرْشٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ. فَأَتَيْتُ خَدِيجَةَ فَقُلْتُ دَثِّرُونِى وَصُبُّوا عَلَىَّ مَاءً بَارِدًا، وَأُنْزِلَ عَلَىَّ {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ}». 4 - باب {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} 4925 - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنهما قَالَ: «سَمِعْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم وَهْوَ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الْوَحْىِ فَقَالَ فِى حَدِيثِهِ: فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِى إِذْ سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِى فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِى جَاءَنِى بِحِرَاءٍ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِىٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَجَئِثْتُ مِنْهُ رُعْبًا. فَرَجَعْتُ فَقُلْتُ زَمِّلُونِى زَمِّلُونِى. فَدَثَّرُونِى. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ -إِلَى- وَالرِّجْزَ فَاهْجُرْ} قَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ الصَّلاَةُ وَهْىَ الأَوْثَانُ» (¬2). باب {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} 4928 - عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِى عَائِشَةَ أَنَّهُ سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ} قَالَ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَقِيلَ لَهُ {لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ} -يَخْشَى أَنْ يَنْفَلِتَ مِنْهُ- {إِنَّ عَلَيْنَا ¬

(¬1) يعني جبرائيل. في استدلال بعض الفقهاء بقوله {وثيابك فطهر} على طهارة الثياب من الأنجاس وجيه؟ لا الأظهر عملك فطهر من الشرك، الصلاة لم تشرع بعد، ولباس التقوى. . (بعدما سألته). (¬2) وهذا صريح في أنه في فترة الوحي وأن الملك جاءه بإقرأ.

77 - سورة والمرسلات

جَمْعَهُ: أَنْ نَجْمَعَهُ فِى صَدْرِكَ، وَقُرْآنَهُ أَنْ تَقْرَأَهُ {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ -يَقُولُ أُنْزِلَ عَلَيْهِ- فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} أَنْ نُبَيِّنَهُ عَلَى لِسَانِكَ» (¬1). 77 - سورة وَالْمُرْسَلاَتِ وَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ لاَ يَنْطِقُونَ، وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ، والْيَوْمَ نَخْتِمُ على أفواههم، فَقَالَ: إِنَّهُ ذُو أَلْوَانٍ، مَرَّةً يَنْطِقُونَ، وَمَرَّةً يُخْتَمُ عَلَيْهِمْ (¬2). 4931 - عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ «بَيْنَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى غَارٍ، إِذْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ {وَالْمُرْسَلاَتِ} فَتَلَقَّيْنَاهَا مِنْ فِيهِ، وَإِنَّ فَاهُ لَرَطْبٌ بِهَا، إِذْ خَرَجَتْ حَيَّةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: عَلَيْكُمُ، اقْتُلُوهَا، قَالَ: فَابْتَدَرْنَاهَا فَسَبَقَتْنَا، قَالَ فَقَالَ: وُقِيَتْ شَرَّكُمْ كَمَا وُقِيتُمْ شَرَّهَا» (¬3). ¬

(¬1) أنزل الله على رسوله ما يطمئنه، وأن على ربه جمعه في صدره وبيانه على لسانه. * لا يجوز التحدث عند تالي القرآن {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون}. (¬2) يوم القيامة طويل مرة ينطقون ومرة لا ينطقون، ومرة يجحدون ومرة يُقرّون. (¬3) هذه القصة وقعت في منى. * قصة الحية فيها دلالة على أنها تقتل المؤذيات، خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم.

4 - باب {هذا يوم لا ينطقون}

4 - باب {هَذَا يَوْمُ لاَ يَنْطِقُونَ} 4934 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فِى غَارٍ، إِذْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ {وَالْمُرْسَلاَتِ} (¬1) فَإِنَّهُ لَيَتْلُوهَا وَإِنِّى لأَتَلَقَّاهَا مِنْ فِيهِ، وَإِنَّ فَاهُ لَرَطْبٌ بِهَا، إِذْ وَثَبَتْ عَلَيْنَا حَيَّةٌ، فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم اقْتُلُوهَا. فَابْتَدَرْنَاهَا فَذَهَبَتْ، فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: وُقِيَتْ شَرَّكُمْ كَمَا وُقِيتُمْ شَرَّهَا». 78 - سورة {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} 1 - باب {يَوْمَ يُنْفَخُ فِى الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا} زُمَرًا. 4935 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ (¬2)، قَالَ: أَرْبَعُونَ يَوْمًا؟ قَالَ: أَبَيْتُ. قَالَ: أَرْبَعُونَ شَهْرًا وقَالَ: أَبَيْتُ. قَالَ: أَرْبَعُونَ سَنَةً؟ قَالَ: أَبَيْتُ. قَالَ: ثُمَّ يُنْزِلُ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً، فَيَنْبُتُونَ كَمَا يَنْبُتُ الْبَقْلُ، لَيْسَ مِنَ الإِنْسَانِ شَىْءٌ إِلاَّ يَبْلَى، إِلاَّ عَظْمًا وَاحِدًا وَهْوَ عَجْبُ الذَّنَبِ، وَمِنْهُ يُرَكَّبُ الْخَلْقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». ¬

(¬1) مكيّة قبل الهجرة. (¬2) المقصود بالأربعين أنها لم تفسّر. * أبو هريرة لم يحفظ المراد بالأربعين، والنفخات قيل ثلاث وقيل نفختان وهو الصواب، الأُولى طويلة يفزعون ثم يموتون، فتكون نفخة صعق وفزع معاً.

89 - سورة والفجر

89 - سورة وَالْفَجْرِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ: كُلُّ شَىْءٍ خَلَقَهُ فَهْوَ شَفْعٌ، السَّمَاءُ شَفْعٌ (¬1)، وَالْوَتْرُ: اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى. 91 - سورة {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} 4942 - عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَمْعَةَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ وَذَكَرَ النَّاقَةَ وَالَّذِى عَقَرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «{إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا} انْبَعَثَ لَهَا رَجُلٌ عَزِيزٌ عَارِمٌ (¬2) مَنِيعٌ فِى رَهْطِهِ مِثْلُ أَبِى زَمْعَةَ. وَذَكَرَ النِّسَاءَ فَقَالَ: يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ يَجْلِدُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ (¬3)، فَلَعَلَّهُ يُضَاجِعُهَا مِنْ آخِرِ يَوْمِهِ. ثُمَّ وَعَظَهُمْ فِى ضَحِكِهِمْ مِنَ الضَّرْطَةِ (¬4) وَقَالَ: لِمَ يَضْحَكُ أَحَدُكُمْ مِمَّا يَفْعَلُ»؟ 92 - سورة {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} 1 - باب {وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى} 4943 - عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ دَخَلْتُ فِى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ ¬

(¬1) قول مجاهد هذا ليس بشيء، فالوتر ثلاث وخمس، ولكن أعظم الوتر وأخصه واحد، والله واحد سبحانه، والشفع المنقسم كاثنين وأربعة. (¬2) رجل عزيز في ثمود عارم فانبعث فعقر الناقة لشقائه، والعياذ بالله. (¬3) وفيه الحث على عدم ضرب النساء وإن كان مباحاً له لكن المسامحة أولى وأقرب. (¬4) وكذلك إذا وقعت الضرطة ينبغي عدم الفضيحة بل التغاضي وكأنه لم يسمع شيئاً، وقد يقع هذا في حلقه أو جماعة، فالتغاضي هو المطلوب.

2 - باب {وما خلق الذكر والأنثى}

الشَّأْمَ فَسَمِعَ بِنَا أَبُو الدَّرْدَاءِ فَأَتَانَا فَقَالَ: أَفِيكُمْ مَنْ يَقْرَأُ؟ فَقُلْنَا: نَعَمْ. قَالَ: فَأَيُّكُمْ أَقْرَأُ؟ فَأَشَارُوا إِلَىَّ، فَقَالَ: اقْرَأْ. فَقَرَأْتُ {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى} قَالَ: أَنْتَ سَمِعْتَهَا مِنْ فِى صَاحِبِكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: وَأَنَا سَمِعْتُهَا مِنْ فِى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، وَهَؤُلاَءِ يَأْبَوْنَ عَلَيْنَا» (¬1). 2 - باب {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى} 4944 - عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قَدِمَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى أَبِى الدَّرْدَاءِ، فَطَلَبَهُمْ فَوَجَدَهُمْ فَقَالَ: أَيُّكُمْ يَقْرَأُ عَلَى قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: كُلُّنَا. قَالَ: فَأَيُّكُمْ يَحْفَظُ؟ وَأَشَارُوا إِلَى عَلْقَمَةَ، قَالَ: كَيْفَ سَمِعْتَهُ يَقْرَأُ {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} قَالَ عَلْقَمَةُ {وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى} قَالَ: أَشْهَدُ أَنِّى سَمِعْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ هَكَذَا، وَهَؤُلاَءِ يُرِيدُونِى عَلَى أَنْ أَقْرَأَ {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى} وَاللَّهِ لاَ أُتَابِعُهُمْ» (¬2). 3 - باب {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} 4945 - عَنْ عَلِىٍّ رضى الله عنه قَالَ: «كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فِى بَقِيعِ الْغَرْقَدِ فِى جَنَازَةٍ، فَقَالَ: مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَمَقْعَدُهُ ¬

(¬1) القراءة المستقرة والتي في مصحف عثمان {وما خلق الذكر والأنثى} فهذه القراءة الأخيرة، ولعلها التي كانت في العرضة الأخيرة. (¬2) وما خلق الذكر موصولة ويجوز أن تكون مصدرية، وبحذفها القسم بالذكر والأنثى، وبوجودها القسم بالله.

6 - باب {وكذب بالحسنى}

مِنَ النَّارِ. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ نَتَّكِلُ؟ فَقَالَ: اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ. ثُمَّ قَرَأَ {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى -إِلَى قَوْلِهِ- لِلْعُسْرَى}» (¬1). 6 - باب {وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى} 4948 - عَنْ عَلِىٍّ رضى الله عنه قَالَ: «كُنَّا فِى جَنَازَةٍ فِى بَقِيعِ الْغَرْقَدِ، فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَعَدَ وَقَعَدْنَا حَوْلَهُ، وَمَعَهُ مِخْصَرَةٌ، فَنَكَّسَ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِمِخْصَرَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ، وَمَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ، إِلاَّ كُتِبَ مَكَانُهَا مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَإِلاَّ قَدْ كُتِبَتْ شَقِيَّةً أَوْ سَعِيدَةً. قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا وَنَدَعُ الْعَمَلَ، فَمَنْ كَانَ مِنَّا مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَسَيَصِيرُ إِلَى أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنَّا مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ؟ قَالَ: أَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا أَهْلُ الشَّقَاوَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاءِ، ثُمَّ قَرَأَ {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} الآيَةَ» (¬2). ¬

(¬1) وفيه الوعظ عند القبور لا مانع منه، كما في حديث البراء ذكّرهم النبي صلى الله عليه وسلم. * القدر سابق، وعليهم أن يعملوا بما أمروا به وعليهم أن ينتهوا عما نهوا عنه، ولا ينافي الكتابة السابقة أنهم صائرون إلى ما كتب. (¬2) وهكذا أمور دنياهم أعطاهم العقول ليعلموا أمور دينهم ودنياهم، فكما قسم أرزاقهم فعليهم أن يعملوا، وكذا عليهم أن يعملوا لطلب السعادة.

1 - باب {ما ودعك ربك وما قلى}

1 - باب {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} 4950 - عن جُنْدُبَ بْنَ سُفْيَانَ رضى الله عنه قَالَ: «اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: يَا مُحَمَّدُ إِنِّى لأَرْجُو أَنْ يَكُونَ شَيْطَانُكَ قَدْ تَرَكَكَ، لَمْ أَرَهُ قَرِبَكَ مُنْذُ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} (¬1). 93 - سورة وَالضُّحَى 2 - باب {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} (¬2) تُقْرَأُ بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ: مَا تَرَكَكَ رَبُّكَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا تَرَكَكَ وَمَا أَبْغَضَكَ. 96 - سورة {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ} وَقَالَ قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: اكْتُبْ فِى الْمُصْحَفِ فِى أَوَّلِ الإِمَامِ «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» (¬3). . . ¬

(¬1) الحلف بغير الله لا يجوز، فلله أن يحلف بما يشاء وليس للمخلوق أن يحلف بغير الله. * (أفلح وأبيه) هذا منسوخ كان أولًا. * الله عز وجل لم يزل برسوله حفيًا فلم يتركه ربه ولم يبغضه {ما ودعك ربك وماقلى} "يقال ودعّ وودَع بالتخفيف". (¬2) الترجمة متكررة. (¬3) هذا اجتهاد من الحسن لتفصل السور وتتميز. * ورقة أسلم وصدق بالنبي صلى الله عليه وسلم.

1 - باب. . .

1 - باب. . . 4953 - عن عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: «كَانَ أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ فِى النَّوْمِ، فَكَانَ لاَ يَرَى رُؤْيَا إِلاَّ جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ. . . الحديث. . . فَقَالَتْ خَدِيجَةُ يَا عَمِّ، اسْمَعْ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ، قَالَ وَرَقَةُ: يَا ابْنَ أَخِى مَاذَا تَرَى؟ فَأَخْبَرَهُ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم خَبَرَ مَا رَأَى، فَقَالَ وَرَقَةُ: هَذَا النَّامُوسُ الَّذِى أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى، لَيْتَنِى فِيهَا جَذَعًا لَيْتَنِى أَكُونُ حَيًّا -ذَكَرَ حَرْفًا (¬1) - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَوَمُخْرِجِىَّ هُمْ؟ قَالَ وَرَقَةُ: نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ بِمَا جِئْتَ بِهِ إِلاَّ أُوذِىَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِى يَوْمُكَ حَيًّا أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا. ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّىَ وَفَتَرَ الْوَحْىُ فَتْرَةً حَتَّى حَزِنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم». 4954 - عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىَّ رضى الله عنهما قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهْوَ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الْوَحْىِ، قَالَ فِى حَدِيثِهِ: بَيْنَا أَنَا أَمْشِى سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ بَصَرِى فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِى جَاءَنِى بِحِرَاءٍ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِىٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَفَرِقْتُ مِنْهُ، فَرَجَعْتُ فَقُلْتُ: زَمِّلُونِى زَمِّلُونِى، فَدَثَّرُوهُ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرِّجْزَ فَاهْجُرْ} قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: وَهْىَ الأَوْثَانُ الَّتِى كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَعْبُدُونَ، قَالَ: ثُمَّ تَتَابَعَ الْوَحْىُ» (¬2). ¬

(¬1) يعني "إذ يخرجك قومك". (¬2) وبهذا صار رسولاً، فبإقرأ صار نبياً وبالمدثر صار رسولاً.

97 - سورة {إنا أنزلناه}

97 - سورة {إنا أَنْزَلْنَاهُ} يُقَالُ الْمَطْلَعُ هُوَ الطُّلُوعُ، وَالْمَطْلِعُ الْمَوْضِعُ الَّذِى يُطْلَعُ مِنْهُ. أَنْزَلْنَاهُ الْهَاءُ كِنَايَةٌ عَنِ الْقُرْآنِ؛ إنا أَنْزَلْنَاهُ خرج مَخْرَجَ الْجَمِيعِ، وَالْمُنْزِلُ هُوَ اللَّهُ تعالى، وَالْعَرَبُ تُوَكِّدُ فِعْلَ الْوَاحِدِ فَتَجْعَلُهُ بِلَفْظِ الْجَمِيعِ لِيَكُونَ أَثْبَتَ وَأَوْكَدَ (¬1). 98 - سورة {لَمْ يَكُنْ} مُنْفَكِّينَ: زَائِلِينَ، قَيِّمَةٌ: الْقَائِمَةُ، دِينُ الْقَيِّمَةِ (¬2) أَضَافَ الدِّينَ إِلَى الْمُؤَنَّثِ. قال الحافظ: . . . وفي تخصيص أبي بن كعب التنويه به في أنه أقرأ الصحابة، فإذا قرأ عليه النبي صلى الله عليه وسلم مع عظيم منزلته كان غيره بطريق التبع له، وقد تقدم في المناقب مزيد كلام في ذلك (¬3). 99 - سورة {إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا} 1 - باب قَوْلِهِ {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} 4962 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْخَيْلُ لِثَلاَثَةٍ: لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ. فَأَمَّا الَّذِى لَهُ أَجْرٌ، ¬

(¬1) المعنى أن الله واحد لا شريك له، وتأتي بعض الآيات بالجمع للتوكيد والتعظيم، وهذا جاء على سنن العرب ولغتهم. (¬2) دين القيمة يعني دين الملة القيمة العادلة الكاملة. (¬3) أحسن ماقيل في تخصيص أُبيّ ليستن أهل الفضل بالقراءة على غيرهم ولا يأنفوا حتى يستفيدوا؛ فقرأ عليه النبي صلى الله عليه وسلم حتى لا يأنف الفاضل أن يقرأ على المفضول.

100 - سورة والعاديات، والقارعة

فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِى سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَطَالَ لَهَا فِى مَرْجٍ أَوْ رَوْضَةٍ، فَمَا أَصَابَتْ فِى طِيَلِهَا ذَلِكَ فِى الْمَرْجِ وَالرَّوْضَةِ كَانَ لَهُ حَسَنَاتٍ. وَلَوْ أَنَّهَا قَطَعَتْ طِيَلَهَا فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ، كَانَتْ آثَارُهَا وَأَرْوَاثُهَا حَسَنَاتٍ لَهُ، وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ -وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِىَ بِهِ- كَانَ ذَلِكَ حَسَنَاتٍ لَهُ، فَهْىَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ أَجْرٌ. وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِّيًا وَتَعَفُّفًا وَلَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِى رِقَابِهَا وَلاَ ظُهُورِهَا فَهْىَ لَهُ سِتْرٌ. . . الآية} (¬1). 100 - سورة وَالْعَادِيَاتِ، والقارعة وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْكَنُودُ الْكَفُورُ (¬2). يُقَالُ فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا: رَفَعْنَ بِهِ غُبَارًا. لِحُبِّ الْخَيْرِ: مِنْ أَجْلِ حُبِّ الْخَيْرِ. لَشَدِيدٌ: لَبَخِيلٌ وَيُقَالُ لِلْبَخِيلِ شَدِيدٌ، حُصِّلَ: مُيِّزَ. ¬

(¬1) وهذه الآية جامعة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم تعم الحمر وغير ذلك، فكما أنه يؤجر على الحمل على الخيل ونفع الناس بها فكذا الحمر لو حمل عليها. * الخير المتعدي يؤجر عليه ولو لم ينو، ومع النية أكثر خيراً "ما من مسلم يزرع زرعاً". قلت: ومثله قوله جل وعلا {لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً}. (¬2) جحود.

102 - سورة {ألهاكم}

102 - سورة {أَلْهَاكُمُ} قوله: (سورة ألهاكم (¬1). بسم الله الرحمن الرحيم) كذا لأبي ذر، ويقال لها سورة التكاثر. وأخرج ابن أبي حازم من طريق سعيد (¬2) بن أبي هلال قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمونها المقبرة. 103 - سورة {وَالْعَصْرِ} (¬3) ¬

(¬1) ألهاكم التكاثر بالمال والأولاد عما أوجب الله حتى زرتم المقابر حتى متم. وقوله: كلا لو تعلمون علم اليقين يعني لما ألهاكم التكاثر، الجواب محذوف. (¬2) سعيد لم يدرك أحداً من الصحابة. (¬3) حديث في فضل سورة العصر: وقال الطبراني في الأوسط (البحرين) (8/ 272): حدثنا محمد بن هشام المُستلمي، ثنا عبيد الله بن عائشة ثنا حماد بن سلمة عن تْابت البُناني عن أبي مدينة الدارمي، وكانت له صحبة، قال: كان الرجلان من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا التقيا لم يفترقا حتى يقرأ أحدهما على الاَخر {والعصر. إن الإنسان لفي خُسر}، ثم يسلم أحدهما على الأخر. قال في المجمع (10/ 233): ورجاله رجال الصحيح. قلت: محمد بن هشام هو أبو جعفر الحافظ صاحب سليمان بن حرب من أكابر مشايخ الطبراني (كذا في الشذرات) وفي تاريخ الخطيب: ثقة ذكره الدارقطني فقال: لا بأس به (3/ 361). وعبيد الله بن عائشة هو عبيد الله بن محمد بن عائشة نسب إلى عائشة بنت طلحة ويقال له العائشي والعيشي، لأنه من ذريتها ثقة جواد رمي =

105 - سورة {ألم تر}

وَقَالَ يَحْيَى: {وَالْعَصْرِ} الدَّهْرُ (¬1)، أَقْسَمَ بِهِ. 105 - سورة {أَلَمْ تَرَ} وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ {مِنْ سِجِّيلٍ} هِىَ سَنْكِ وَكِلْ قال الحافظ: . . . قال: هي بالأعجمية سنك وكل. ومن طريق حصين عن عكرمة قال: كانت ترميهم بحجارة معها نار، قال: فإذا أصابت أحدهم خرج به الجدري، وكان أول يوم رؤي فيه الجدري (¬2). ¬

= بالقدر ولم يثبت روى له الأربعة إلا ابن ماجه (كذا في التقريب). وحماد وثابت شهيران، وأبو مدينة الدارمي صحابي ترجمه في الإصابة وقال عبدالله بن حصن معروف بكنيته، وذكر له هذا الحديث، وذكر في التعجيل كذلك والحديث عزاه السيوطي للبيهقي في الشعب ووجدته في الشعب نسخة دار الكتب العلمية (6/ 501) من طريق يحيى بن أبي كثير عن حماد به، وقال البيهقي: ورواه غيره عن حماد عن ثابت عن عتية بن الغافر (كذا) قال: كان الرجلان وأبو مدينة ضبطه ابن ماكولا بفتح الميم بعدها دال مكسورة. والله أعلم. (¬1) العصر: هو الزمن ويطلق على آخر النهار، وهي سورة عظيمة. * هل في القرآن كلمات أعجمية؟ . كانت قديماً أعجمية ثم استعملها العرب فصارت من لغتهم. (¬2) نسأل الله العافية.

107 - سورة {أرأيت}

107 - سورة {أَرَأَيْتَ} قال ابن عيينة: لإيلاف لنعمتي على قريش. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: يَدُعُّ يَدْفَعُ عَنْ حَقِّهِ، يُقَالُ هُوَ مِنْ دَعَعْتُ، يُدَعُّونَ يُدْفَعُونَ، سَاهُونَ لاَهُونَ، وَالْمَاعُونَ الْمَعْرُوفَ كُلُّهُ، وَقَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ: الْمَاعُونُ (¬1) الْمَاءُ، وَقَالَ عِكْرِمَةُ: أَعْلاَهَا الزَّكَاةُ الْمَفْرُوضَةُ، وَأَدْنَاهَا عَارِيَّةُ الْمَتَاعِ. 108 - سورة {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرِ} 1 - باب. . . 4964 - عَنْ أَنَسٍ رضى الله عنه قَالَ: «لَمَّا عُرِجَ بِالنَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى السَّمَاءِ قَالَ: أَتَيْتُ عَلَى نَهَرٍ حَافَتَاهُ قِبَابُ اللُّؤْلُؤِ مُجَوَّف، فَقُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا الْكَوْثَرُ» (¬2). ¬

(¬1) الماعون ما يُحتاج إليه، يمنعون الزكاة وما يحتاج إليه. * العارية تجب في بعض الأحيان، كإنسان لا دلو معه وأخوه معه يجب عليه. (¬2) الكوثر نهر في الجنة عظيم يصب منه ميزابان في الحوض في الأرض يوم القيامة، وهذا ما أكرم الله به نبيه صلى الله عليه وسلم. * الشاني: المبغض. الأبتر: هو المقطوع من كل خير. * الذود عن الحوض خاص بالكفار؟ نعم، قلت له: حديث سيكون عليكم أمراء فمن صدّقهم بكذبهم فليس وارداً على الحوض؟ قال الشيخ: هؤلاء كفار ومن الكفار! !

109 - سورة {قل يا أيها الكافرون}

109 - سورة {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} يُقَالُ {لَكُمْ دِينُكُمْ} الْكُفْرُ {وَلِىَ دِينِ} الإِسْلاَمُ وَلَمْ يَقُلْ دِينِى لأَنَّ الآيَاتِ بِالنُّونِ فَحُذِفَتِ الْيَاءُ كَمَا قَالَ يَهْدِينِ وَيَشْفِينِ. وَقَالَ غَيْرُهُ {لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ {الآنَ؛ وَلاَ أُجِيبُكُمْ فِيمَا بَقِىَ مِنْ عُمُرِى {وَلاَ أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} (¬1) وَهُمُ الَّذِينَ قَالَ: {وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا}. 110 - سورة {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ} 2 - باب. . . 4968 - عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِى رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى. يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ» (¬2). 3 - باب قوله: {وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِى دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا} 4969 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ عُمَرَ رضى الله عنه سَأَلَهُمْ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} قَالُوا: فَتْحُ الْمَدَائِنِ وَالْقُصُورِ، قَالَ: مَا تَقُولُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ؟ قَالَ: أَجَلٌ، أَوْ مَثَلٌ ضُرِبَ لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، نُعِيَتْ (¬3) لَهُ نَفْسُهُ». ¬

(¬1) والآية تدل على أن الشرك ليس عابداً لله ولو عبد الله، لأن عبادته لله باطلة لم يخلصها لله، فمن عبد الله وعبد معه غيره فهو مشرك لم يعبد الله حقاً. (¬2) يعمل به. (¬3) هو الصواب مثل ما قال ابن عباس وزادهم بالفتح هنا فتح مكة.

4 - باب قوله {فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا}

4 - باب قوله {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} 4970 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانَ عُمَرُ يُدْخِلُنِى مَعَ أَشْيَاخِ بَدْرٍ، فَكَأَنَّ بَعْضَهُمْ وَجَدَ فِى نَفْسِهِ فَقَالَ: لِمَ تُدْخِلُ هَذَا مَعَنَا وَلَنَا أَبْنَاءٌ مِثْلُهُ؟ فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّهُ مِنْ حَيْثُ عَلِمْتُمْ. فَدَعَا ذَاتَ يَوْمٍ فَأَدْخَلَهُ مَعَهُمْ فَمَا رُئِيتُ أَنَّهُ دَعَانِى يَوْمَئِذٍ إِلاَّ لِيُرِيَهُمْ. قَالَ: مَا تَقُولُونَ فِى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أُمِرْنَا نَحْمَدُ اللَّهَ وَنَسْتَغْفِرُهُ إِذَا نُصِرْنَا وَفُتِحَ عَلَيْنَا، وَسَكَتَ بَعْضُهُمْ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا. فَقَالَ لِى: أَكَذَاكَ تَقُولُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ؟ فَقُلْتُ: لاَ، قَالَ: فَمَا تَقُولُ؟ قُلْتُ: هُوَ أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْلَمَهُ لَهُ، قَالَ: إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ -وَذَلِكَ عَلاَمَةُ أَجَلِكَ- فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا. فَقَالَ عُمَرُ: مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلاَّ مَا تَقُولُ» (¬1). 111 - سورة {تَبَّتْ يَدَا أَبِى لَهَبٍ وَتَبَّ} 1 - باب. 4971 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ، وَرَهْطَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (¬2)، خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى صَعِدَ الصَّفَا فَهَتَفَ: يَا صَبَاحَاهْ. فَقَالُوا: مَنْ هَذَا؟ فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلاً تَخْرُجُ مِنْ سَفْحِ هَذَا الْجَبَلِ أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِىَّ؟ قَالُوا: مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ كَذِبًا. قَالَ: فَإِنِّى نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَىْ عَذَابٍ شَدِيدٍ. ¬

(¬1) هذا يبين أنه إذا ظهر من الشباب العلم والفضل يُقرَّبون ويُدنون؛ ولهذا أدنى عمر ابن عباس رضي الله عنهم، ومعنى هذا أنه أجلك قد قرب فاستعد فقد دنى الرحيل. (¬2) قد تكون آية فنسخت.

4 - باب {وامرأته حمالة الحطب}

قَالَ أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ مَا جَمَعْتَنَا إِلاَّ لِهَذَا؟ ثُمَّ قَامَ. فَنَزَلَتْ: {تَبَّتْ يَدَا أَبِى لَهَبٍ وَتَبَّ} وَقَدْ تَبَّ (¬1). هَكَذَا قَرَأَهَا الأَعْمَشُ يَوْمَئِذٍ». 4 - باب {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةُ الْحَطَبِ} {فِى جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ} يُقَالُ: مِنْ مَسَدٍ لِيفِ الْمُقْلِ، وَهْىَ السِّلْسِلَةُ الَّتِى فِى النَّارِ (¬2). 112 - سورة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} 1 - باب. 4974 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «قَالَ اللَّهُ كَذَّبَنِى ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَشَتَمَنِى وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ. فَأَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّاىَ، فَقَوْلُهُ: لَنْ يُعِيدَنِى كَمَا بَدَأَنِى، وَلَيْسَ أَوَّلُ الْخَلْقِ بِأَهْوَنَ عَلَىَّ مِنْ إِعَادَتِهِ، وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّاىَ فَقَوْلُهُ: اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا وَأَنَا الأَحَدُ الصَّمَدُ، لَمْ أَلِدْ وَلَمْ أُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لِى كُفْأً أَحَدٌ» (¬3). ¬

(¬1) تب: يعني خسر. (¬2) ذكر بعضهم أنها تحمل الأشواك فتضعها في طريق النبي صلى الله عليه وسلم، غير مسألة النميمة. (¬3) هو الواحد الأحد في الكتب المنزلة، وهو واحد في ذاته وألوهيته وأسمائه وصفاته لا شريك له ولا ند له. * الحديث القدسي لفظه ومعناه كله من الله.

2 - باب قوله {الله الصمد}

2 - باب قَوْلِهِ {اللَّهُ الصَّمَدُ} (¬1) وَالْعَرَبُ تُسَمِّى أَشْرَافَهَا الصَّمَدَ. قَالَ أَبُو وَائِلٍ: هُوَ السَّيِّدُ الَّذِى انْتَهَى سُودَدُهُ. 113 - سورة {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} 4976 - عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ: سَأَلْتُ أُبَىَّ بْنَ كَعْبٍ عَنِ الْمُعَوِّذَتَيْنِ فَقَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «قِيلَ لِى فَقُلْتُ. فَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» (¬2). ¬

(¬1) الصمد: الذي تصمد إليه الخلائق في طلب الحاجات. (¬2) نقول كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قل. * الإخلاص من المعوذات في الجملة.

تمت قراءة هذا المجلد يوم الإثنين 24/ 10/ 1417 هـ-وقد بدأنا قراءته يوم الإثنين 12/ 7/ 1416 هـ-فاستغرقنا سنة وثلاثة أشهر واثني عشر يومًا ولله الحمد والمنة

الحلل الإبريزية من التعليقات البازية على صحيح البخاري بقلم أبي محمد عبد الله بن مانع الروقي الجزء الرابع

بسم الله الرحمن الرحيم

الحلل الإبريزية من التعليقات البازية على صحيح البخاري (4)

66 - كتاب فضائل القرآن

66 - كتاب فضائل القرآن 1 - باب كيف نزل الوحي، وأول ما نزل 4981 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما من الأنبياء نبي إلا أعطى من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيًا أوحاه الله إليّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة» (¬1). 49885 - عن صفوان بن يعلى بن أمية «أن يعلى، كان يقول: ليتني أرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين يُنزل عليه الوحي، فلما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجعرانة عليه ثوب قد أظل عليه، ومعه الناس من أصحابه، إذ جاءه رجل متضمِّخ بطيب، فقال: يا رسول الله، كيف ترى في رجل أحرم في جبة، بعد ما تضمخ بطيب؟ فنظر النبي - صلى الله عليه وسلم - ساعة فجاءه الوحي، فأشار عمر إلى يعلى: أن تعال، فجاء يعلى فأدخل رأسه، فإذا هو محمر الوجه، يغطُّ كذلك ساعة، ثم سري عنه، فقال: «أين الذي يسألني عن العمرة آنفا» فالتمس الرجل فجيء به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «أما الطيب الذي بك فاغسله ثلاث مرات، ¬

(¬1) الآيات المستمرة إلى يوم القيامة هذا القران والآيات المعجزة التي انقطعت كثيرة كتكثير الطعام ونبع الماء إلى غير ذلك من الآيات الدالة على صدقه عليه الصلاة والسلام. * التوراة والقرآن معجزان له لكن التوراة وقع فيها التحريف والقرآن صانه الله إلى يوم القيامة. * التوراة والقرآن من كلام الله.

3 - باب جمع القرآن

وأما الجبة فانزعها، ثم اصنع في عمرتك كما تصنع في حجك» (¬1). 3 - باب جمع القرآن عن زيد بن ثابت - رضي الله عنه -، قال: «أرسل إلي أبو بكر مقتل أهل اليمامة، فإذا عمر بن الخطاب عنده، قال أبو بكر - رضي الله عنه -: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقُرَّاء القرآن ... الحديث ... فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر (¬2) - رضي الله عنهما -. فتتبعت القرآن أجمعه من العُسُب واللخاف، وصدور الرجال، حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع أحد غيره {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ} [التوبة: 128]، حتى خاتمة براءة، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر - رضي الله عنه -». 4988 - قال ابن شهاب وأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت سمع زيد بن ثابت قال: «فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف، قد كنت أسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ بها، فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري ¬

(¬1) المعنى طواف وسعي وتقصير كما في الحج وألا يقرب الطيب الذي له لون ويتطيب في بدنه بما لا لون له. * هل يشمل طواف الوداع؟ لا، ما هو ظاهر المراد. أعمال العمرة والطواف للوداع عند وداع البيت. (¬2) الحمد لله، الحمد لله.

4 - باب كاتب النبي - صلى الله عليه وسلم -

{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 23] فألحقناها في سورتها في المصحف» (¬1). 4 - باب كاتب النبي - صلى الله عليه وسلم - 4989 - عن ابن شهاب، أن ابن السبَّاق، قال: «إن زيد بن ثابت، قال: أرسل إلي أبو بكر - رضي الله عنه - قال: إنك كنت تكتب الوحي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاتبع القرآن، «فتتبعت حتى وجدت آخر سورة التوبة آيتين مع أبي خزيمة (¬2) الأنصاري، لم أجدهما مع أحد غيره، {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ} [التوبة: 128] إلى آخره». 4990 - عن أبي إسحاق عن البراء، قال: «لما نزلت: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [النساء: 95]، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ادع لي زيدا وليجي باللوح والدواة والكتف - أو الكتف والدواة - ثم قال: اكتب {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ} [النساء: 95] وخلف ظهر النبي - صلى الله عليه وسلم - عمرو بن أم مكتوم الأعمى فقال: يا رسول الله فما تأمرني؟ فإني رجل ضرير البصر، فنزلت مكانها: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: 95]» (¬3). 5 - باب أُنزل القرآن على سبعة أحرف 4992 - عن عمر بن الخطاب قال: «سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاستمعت لقراءته، فإذا هو يقرأ على حروف ¬

(¬1) وجدوها مكتوبة مع خزيمة؟ نعم. (¬2) خزيمة ويقال: أبو خزيمة. (¬3) أنزل الله هذا وأعذر من له العذر الشرعي.

6 - باب تأليف القرآن

كثيرة لم يقرئنيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكدت أساوره في الصلاة، فتصبرت حتى سلم، فلببَّته بردائه فقلت: من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ؟ قال: أقرأنيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: كذبت، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أقرأنيها على غير ما قرأت. فانطلقت به أقوده إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: إني سمعت هذا يقرأ بسورة الفرقان على حروف لم تقرئينها. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أرسله، اقرأ يا هشام». فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرأ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كذلك أنزلت»، ثم قال: اقرأ يا عمر، فقرأت القراءة التي أقرأني، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كذلك أنزلت إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرءوا ما تيسر منه» (¬1). 6 - باب تأليف القرآن 4993 - عن يوسف بن ماهَك: قال: إني عند عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - إذ جاءها عراقي، فقال: أي الكفن خير؟ قالت: ويحك وما يضرك؟ قال: يا أم المؤمنين، أريني مصحفك، قالت: لم؟ قال: لعلي أؤلف القرآن عليه، فإنه يقرأ غير مؤلف، قالت: وما يضرك أيه قرأت قبل إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا تاب الناس إلى ¬

(¬1) معنى هذا عند العلماء أن الأحرف متقاربة المعنى أو متحدة المعنى فلما كثر الأمر بها جمع عثمان المصاحف على لفظ واحد مثل: {كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ... بَصِيرًا}. * فائدة: ذكر الحافظ ما رواه ابن سعد في الطبقات عن معن بن عيسى عن مالك عن الزهري: كان هشام بن حكيم يأمر بالمعروف، فكان عمر يقول إذا بلغه الشيء أما ما عشت أنا وهشام فلا يكون ذلك.

7 - باب كان جبريل يعرض القرآن على النبي - صلى الله عليه وسلم -

الإسلام نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر، لقالوا: لا ندع الخمر أبدًا، ولو نزل: لا تزنوا، لقالوا: لا ندع الزنا أبدًا، لقد نزل بمكة على محمد - صلى الله عليه وسلم - وإني لجارية ألعب: {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} [القمر: 46] وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده. قال: فأخرجت له المصحف، فأملت عليه آي السور (¬1). 4994 - عن أبي إسحاق، قال: سمعت عبد الرحمن بن يزيد، سمعت ابن مسعود، يقول في بني إسرائيل، والكهف، ومريم، وطه، والأنبياء: إنهن من العتاق الأول، وهن من تلادي (¬2). 4995 - عن أبي البراء - رضي الله عنه -، قال: تعلمت {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: 1]، قبل أن يقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬3). 4996 - عن الأعمش، عن شقيق، قال: قال عبد الله: لقد تعلمت النظائر التي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرؤهن اثنين اثنين، في كل ركعة، فقام عبد الله ودخل معه علقمة، وخرج علقمة فسألناه، فقال: عشرون سورة من أول المفصل على تأليف ابن مسعود، آخرهن الحواميم: حم الدخان وعم يتساءلون. 7 - باب كان جبريل يعرض القرآن على النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال مسروق: عن عائشة - رضي الله عنها - عن فاطمة - عليها السلام -: «أسرَّ إليَّ ¬

(¬1) - رضي الله عنها -. (¬2) يعني حفظها قديمًا. (¬3) لأنها مكية.

9 - باب فضل فاتحة الكتاب

النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أن جبريل كان يعارضني (¬1) بالقرآن كل سنة، وإنه عارضني العام مرتين، ولا أراه إلا حضر أجلي». 4998 - عن أبي هريرة، قال: «كان يعرض على النبي - صلى الله عليه وسلم - القرآن كل عام مرة، فعرض عليه مرتين في العام الذي قُبض فيه، وكان يعتكف كل عام عشرًا، فاعتكف عشرين في العام الذي قُبض فيه» (¬2). 9 - باب فضل فاتحة الكتاب 5007 - عن أبي سعيد الخدري، قال: «كنا في مسير لنا فنزلنا، فجاءت جارية، فقالت: إن سيد الحيِّ سليم، وإن نفرنا غيَّب، فهل منكم راق؟ فقام معها رجل ما كنا نأبنُه برُقية، فرقاه فبرأ، فأمر له بثلاثين شاة وسقانا لبنا. فلما رجع قلنا له: أكنت تحسن رقية أو كنت ترقي؟ قال: لا، ما رقيت إلا بأم الكتاب (¬3). قلنا: لا تحدثوا شيئًا حتى نأتي أو نسأل النبي - صلى الله عليه وسلم -. فلما قدمنا المدينة ذكرناه للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: وما كان يدريه أنها رقية؟ اقسموا واضربوا لي بسهم». ¬

(¬1) يعارضه لحفظ القرآن وضبطه؛ فلما كان السنة الأخيرة عارضه مرتين لحفظ القرآن وضبطه. (¬2) ظاهر الحديث أنه في السنة الأخيرة اعتكف عشرين. * يعارضه كل ليلة القرآن كاملًا، هذا ظاهر الحديث. * قلت: لكن قوله عارضني مرتين وقبله مرة يدل على أنه لم يستوف القرآن إلا في الشهر كله. (¬3) يكرر القراءة للفاتحة ما شاء. * في الرواية الأخرى «اشرطوا شرطًا» حيث إنهم لم يضيفوهم.

10 - باب فضل سورة البقرة

10 - باب فضل سورة البقرة 5009 - عن أبي مسعود - رضي الله عنه -، قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه» (¬1). 1 - باب فضل الكهف 5011 - عن البراء قال: «كان رجل يقرأ سورة الكهف، وإلى جانبه حصان مربوط بشطنَين، فتغشَّته سحابة، فجعلت تدنو وتدنو، وجعل فرسُه ينفر. فلما أصبح أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له، فقال: «تلك السكينة تنزلت بالقرآن» (¬2). 2 - باب فضل سورة الفتح 5012 - عن زيد بن أسلم، عن أبيه: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسير في بعض أسفاره، وعمر بن الخطاب يسير معه ليلًا، فسأله عمر عن شيء، فلم يجبه ¬

(¬1) كفتاه من كل سوء. (¬2) مثل ما في الحديث الصحيح «ما اجتمع قوم يتلون كتاب الله .. ونزلت عليهم السكينة». * السكينة: خلق من خلق الله من الملائكة. * قراءة سورة الكهف يوم الجمعة، مستحبة قراءتها يوم الجمعة. * مستحبة، ثبت عن بعض الصحابة، وفي المرفوع فيه ضعيف. قلت: صح عن أبي سعيد موقوفًا ومثله لا يقال بالرأي، وجاء من مرسل المهلب بن أبي صفرة .. والعمدة على الموقوف.

3 - باب فضل {قل هو الله أحد} فيه عمرة، عن عائشة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم سأله فلم يجبه، ثم سأله فلم يجبه، فقال عمر: ثكلتك أمك، نزرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث مرات كل ذلك لا يجيبك. قال عمر: فحركت بعيري حتى كنت أمام الناس، وخشيت أن ينزل فيَّ قرآن، فما نشبت أن سمعت صارخًا يصرخ، قال: فقلت: لقد خشيت أن يكون نزل فيَّ قرآن، قال: فجئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلمت عليه، فقال: «لقد أنزلت عليَّ الليلة سورة لهي أحب إليَّ مما طلعت عليه الشمس، ثم قرأ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1]» (¬1). 3 - باب فضل {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} فيه عَمرة، عن عائشة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - 5014 - عن أبي سعيد الخدري، أخبرني أخي قتادة بن النعمان: «أن رجلًا قام في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ من السَّحر: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬2) لا يزيد عليها، فلما أصبحنا أتى الرجل النبي - صلى الله عليه وسلم - ... نحوه». ¬

(¬1) والفتح هو صلح الحديبية سماه الله فتحًا ولعل النبي - صلى الله عليه وسلم - كان مشغولًا بشيء فلم يجب عمر. (¬2) هي سورة عظيمة فيها صفة الرحمن. * ومن كونها ثلث أن القرآن ثلاثة أقسام: 1 - قسم عما كان وما يكون. 2 - أوامر وشرائع. 3 - إخبار عن الله، وهذه السورة متعلقة بهذا الشطر {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وهكذا آية الكرسي صارت أعظم آية بسبب هذا، وصف الله والفاتحة أعظم سورة.

14 - باب فضل المعوذات

قال الحافظ: ... والضحاك المذكور هو ابن شراحيل ويقال شراحيل (¬1)، وليس له في البخاري سوى هذا الحديث ... 14 - باب فضل المعوذات 5016 - عن عائشة - رضي الله عنها -: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوِّذات (¬2) وينفُثُ، فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح بيده رجاء بركتها». 5017 - عن عروة، عن عائشة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه، ثم نفث فيهما فقرأ فيهما: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}، ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات» (¬3). 15 - باب نزول السكينة والملائكة عند قراءة القرآن 5018 - عن أسيد بن حضير، قال: «بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة، وفرسه مربوطة عنده إذ جالت الفرس، فسكت فسكنت، فقرأ فجالت ¬

(¬1) الألف غلط ... شرحبيل. (¬2) المعوذات: قل هو الله أحد والمعوذتين؛ لأنه يستعاذ بها من الشر. * هذا سنة وعلاج ومن أسباب الشفاء والعافية. (¬3) هذا سنة ومستحب عند النوم. * القرآن يشفي به الله الكافر .. (أخذه الشيخ من حديث أبي سعيد، مع سيد القوم اللديغ).

16 - باب من قال: لم يترك النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا ما بين الدفتين

الفرس، فسكت وسكت الفرس، ثم قرأ فجالت الفرس فانصرف، وكان ابنه يحيى قريبًا منها، فأشفق أن تصيبه، فلما اجتَرّه رفع رأسه إلى السماء حتى ما يراها، فلما أصبح حدَّث النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له: اقرأ يا ابن حُضير، اقرأ يا ابن حضير. قال: فأشفقت يا رسول الله أن تطأ يحيى، وكان منها قريبا، فرفعت رأسي فانصرفت إليه، فرفعت رأسي إلى السماء، فإذا مثل الظلة فيها أمثال المصابيح، فخرجت حتى لا أراها، قال: وتدري ما ذاك؟ ، قال: لا، قال: تلك الملائكة دنت لصوتك، ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها، لا تتوارى منهم» (¬1). 16 - باب من قال: لم يترك النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا ما بين الدَّفَّتين (¬2) 5019 - عن عبد العزيز بن رُفيع قال: «دخلت أنا وشداد بن معقل، على ابن عباس - رضي الله عنهما -، فقال له شداد بن معقل: أتَرك النبي - صلى الله عليه وسلم - من شيء؟ قال: ما ترك إلا ما بين الدفتين. قال: ودخلنا على محمد بن الحنفية، فسألناه، فقال: ما ترك إلا ما بين الدَّفتين». ¬

(¬1) في هذا فضل قراءة القرآن وأن الملائكة يستمعون لقراءة القرآن ويسرون بذلك؛ لما فطرهم الله عليه من محبة الذكر واستماعه ولما حباهم من الذل لله والحرص على الخير «إن لله ملائكة سياحة يلتمسون حلق الذكر». * والسكينة: نوع وطائفة من الملائكة، والسكينة غير الطمأنينة. (¬2) يعني القرآن، والسنة معروفة.

17 - باب فضل القرآن على سائر الكلام

17 - باب فضل القرآن على سائر الكلام 5020 - عن أبي موسى الأشعري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مثل الذي يقرأ القرآن كالأترجة طعمها طيِّب، وريحها طيب، والذي لا يقرأ القرآن كالتمرة طعمُها طيب ولا ريح لها. ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة، ريحها طيب، وطعمها مرُّ، ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن: كمثل الحنظلة طعمُها مر، ولا ريح لها» (¬1). 5021 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنما أجلكم في أجل من خلا من الأمم، كما بين صلاة العصر ومغرب الشمس، ومثلكم ومثل اليهود والنصارى، كمثل رجل استعمل عُمالًا، فقال: من يعمل لي إلى نصف النهار على قيراط قيراط؟ فعملت اليهود، فقال: من يعمل لي من نصف النهار إلى العصر؟ فعملت النصارى، ثم أنتم تعملون من العصر إلى المغرب بقيراطين قيراطين، قالوا: نحن أكثر عملًا وأقل عطاء، قال: هل ظلمتُكم من حقكم؟ قالوا: لا. قال: «فذاك فضلي أوتيه من شئت» (¬2). قال الحافظ: ... وأطلق الزركشي هنا أن هذه الرواية (¬3) وهم وأن الصواب ... ¬

(¬1) في هذا الحث على تدبر القران مع الفهم والتعقل. * المنافق الكافر، والمراد بالفاجر: الكافر. (¬2) وهذا من فضل الله وجوده، يستحق الشكر على ما أنعم الله به على هذه الأمة من الشرائع اليسيرة والأجور العظيمة. (¬3) وصوّبه الشيخ.

19 - باب من لم يتغن بالقرآن

19 - باب من لم يتغن بالقرآن 5023 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، أنه كان يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لم يأذن الله لشيء ما أذن (¬1) لنبي أن يتغنى بالقرآن. وقال صاحب له: يُريد يجهر به» (¬2). 5024 - عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما أذن الله لشيء ما أذن للنبي أن يتغنى بالقرآن» قال سفيان: تفسيره يستغني به (¬3). قال الحافظ: ... وهذا المعنى في حق الله لا يراد به ظاهره وإنما هو على سبيل التوسع (¬4) على ما جرى به عرف المخاطب. قال الحافظ: ... وعند أحمد وابن ماجه والحاكم وصححه من حديث فضالة بن عبيد الله «أشد أذنًا إلى الرجل الحسن (¬5) الصوت بالقرآن من صاحب القينة إلى قينته». 20 - باب اغتباط صاحب القرآن 5025 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -، قال: سمعت رسول الله ¬

(¬1) ما أذن الله: يعني ما استمع الله. والتغني بالقرآن التلذذ به وتحسين الصوت به والجهر حتى يستمع الناس ويستفيدوا. (¬2) ليس منا من لم يتغن: يدل على الوعيد لمن لم يفعل هذا، يتدبر حتى يفهم. (¬3) تفسير سفيان ضعيف. (¬4) هذا من التأويل بل يجب إطلاقه على ظاهره. (¬5) يدل على أن ذلك ليس خاصًا بالنبي - صلى الله عليه وسلم -.

21 - باب: خيركم من تعلم القرآن وعلمه

- صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا حسد إلا على اثنتين: رجل آتاه الله الكتاب، وقام به آناء الليل (¬1)، ورجل أعطاه الله مالًا، فهو يتصدق به آناء الليل والنهار». 5026 - عن أبي هريرة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا حسد إلا في اثنتين: رجل علمه الله القرآن، فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار، فسمعه جار له، فقال: ليتني أوتيت مثلما أوتي فلان، فعملت مثل ما يعمل. ورجل آتاه الله مالًا فهو يُهلكه في الحق، فقال رجل: ليتني أوتيت مثل ما أوتيَ فلان، فعملت مثل ما يعمل» (¬2). 21 - باب: خيركم من تعلم القرآن وعلمه 5027 - عن عثمان - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه. قال: وأقرأ أبو عبد الرحمن في إمرة (¬3) عثمان حتى كان الحجاج، قال: وذاك الذي أقعدني مقعدي هذا» (¬4). 5029 - عن سهل بن سعد قال: «أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - امرأة، فقالت: إنها قد وهبت نفسها لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -. فقال: ما لي في النساء من حاجة، فقال رجل: زوَّجنيها، قال: أعطها ثوبًا، قال: لا أجد، قال: أعطها ولو خاتمًا من حديد، فاعتلَّ له، فقال: ما معك من القرآن؟ قال: كذا وكذا قال: فقد زوجتكها بما معك من القرآن» (¬5). ¬

(¬1) في رواية والنهار. (¬2) فهما في الأجر سواء، كما في الرواية الأخرى. (¬3) من 23 إلى 72 قرابة خمسين سنة. (¬4) هذا فيه الحث على تعلم القرآن وتعليمه. (¬5) المهر مُجزٍ ولو قليلًا {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ}. * وهذا يدل على جواز كون التعليم مهرًا، وهكذا تعليم العلم.

22 - باب القراءة عن ظهر القلب

22 - باب القراءة عن ظهر القلب 5030 - عن سهل بن سعد «أن امرأة جاءت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله جئت لأهب لك نفسي. فنظر إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فصعد النظر إليها وصوبه، ثم طأطأ رأسه، فلما رأت المرأة ... الحديث ... إن لبسَته لم يكن عليها منه شيء، وإن لبسْته لم يكن عليك شيء (¬1) فجلس الرجل حتى طال مجلسه، ثم قام، فرآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موليًا، فأمر به فدُعي. فلما جاء قال: ماذا معك من القرآن ... الحديث». 23 - باب استذكار القرآن وتعاهده 5032 - عن أبي وائل عن عبد الله قال: «قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: بئس ما لأحدهم أن يقول نسيت آية كيتَ وكيتَ بل نُسيَ، واستذكروا القرآن فإنه أشد تفصيًا من صدور الرجال من النَّعم» (¬2). ¬

(¬1) يدل على ما أصاب المسلمين من الحاجة حتى فرج الله عنهم. * هو وليها عليه الصلاة والسلام. * الواهبة تهب نفسها بلا وليها؟ بلا إذنه؟ * إن كان لها ولي يزوجه الولي، وليس للولي اعتراض إن وهبت. (¬2) هذا يدل على تعاهد القرآن من حافظه؛ حتى لا يضيع منه شيء. * انظر مزيد بحث لحكم نسيان القرآن في باب 26، وانظر ص 86 من هذا المجلد. * من الآداب يقول نُسَّيتها، ولا يقول: نسيت، أقل الأحوال الكراهة، ويجوز أسقطتها، الأفضل أُنسيتها.

30 - باب الترجيع

قال الحافظ: ... والتثقيل هو الذي وقع في جميع الروايات في البخاري (¬1). قال الحافظ: ... ولأبي داود عن سعد بن عبادة مرفوعًا «من قرأ القرآن ثم نسيه لقي الله وهو أجذم» وفي إسناده أيضًا مقال (¬2). 30 - باب الترجيع 5047 - عن عبد الله بن مغفل، قال: «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ وهو على ناقته -أو جمله- وهي تسير به وهو يقرأ سورة الفتح - أو من سورة الفتح - قراءة ليِّنة يقرأ وهو يرجَّع» (¬3). 31 - باب حُسن الصوت بالقراءة للقرآن 5048 - عن أبي موسى - رضي الله عنه - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: يا أبا موسى، لقد أُوتيت مزمارًا من مزامير آل داود» (¬4). قال الحافظ: ... وأخرجه مسلم من طريق طلحة بن يحيى عن أبي بردة ¬

(¬1) وهو الظاهر. (¬2) الأقرب أن يجتهد في حفظه وتعاهده، لكن إن حصل نسيان لا يكون دنبًا وال جريمة. (¬3) فيه الحث على ترجيع الصوت؛ ليتدبر وليعقل، وكرر الآية. * إن رجّع في الفريضة؟ لا بأس للمصلحة. (¬4) يعني صوتًا حسنًا. * وفي الحث على تحسين الصوت. حبّرته لك تحبيرًا؟ لأجل أن يسرّ النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومعلوم أن القراءة لله.

33 - باب قول المقرئ للقارئ حسبك

بلفظ «لو رأيتني وأنا أستمع قراءتك البارحة» الحديث .. وأخرجه أبو يعلى (¬1) من طريق سعيد بن أبي بردة ... 33 - باب قول المقرئ للقارئ حسبك 5050 - عن عبد الله بن مسعود قال: «قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: اقرأ عليّ، قلت: يا رسول الله، آقرأ عليك، وعليك أنزل؟ قال: نعم، فقرأت سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} [النساء: 41]. قال: حسبك الآن، فالتفتُّ إليه، فإذا عيناه تذرفان» (¬2). 34 - باب: في كم يقرأ القرآن؟ 051 - عن عليٌّ حدثنا سفيان قال لي ابن شبرمة: نظرت كم يكفي الرجل من القرآن، فلم أجد سورة أقل من ثلاث آيات، فقلت: لا ينبغي لأحد أن يقرأ أقل من ثلاث آيات (¬3)، قال عليٌّ: حدثنا سفيان أخبرنا ¬

(¬1) فيه خالد بن نافع فيه مقال، ورواه ابن سعد (2/ 345) بإسناد صحيح يرويه ابن سعد عن عفان بن مسلم عن حماد عن ثابت عن أنس نحوه، وفيه لحبرته لكن تحبيرا. (¬2) يعني تذكر عليه الصلاة والسلام هذا الوقت العظيم حين يشهد على أمته فبكى، ففيه استحباب سماع القرآن من الغير، ولا بأس أن يستمع الأفضل من المفضول، وكان إذا اجتمع بهم قرأ عليهم القرآن فإذا مرَّ بالسجدة سجد وسجدوا. (¬3) لا دليل عليه، لو قرأ آية لا بأس، وهذا في الصلاة، والظاهر العموم.

منصور عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد أخبره علقمة عن أبي مسعود ولقيته وهو يطوف بالبيت، فذكر قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أنه من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه» (¬1). 5052 - عن عبد الله بن عمرو، قال: «أنكحني أبي امرأة ذات حسب، فكان يتعاهد كنَّته، فيسألها عن بعلها، فتقول: نعم الرجل من رجل، لم يطأ لنا فراشًا، ولم يفتِّش لنا كَنفًا منذ أتيناه. فلما طال ذلك عليه ذكر للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: القني به، فلقيته بعد، فقال: كيف تصوم؟ قلت: أصوم كل يوم. قال: وكيف تختم؟ ، قلت: كل ليلة. قال: صم في كل شهر ثلاثة، واقرأ القرآن في كل شهر. قال: قلت: أطيق أكثر من ذلك، قال: صم ثلاثة أيام في الجمعة»، قال: قلت: أطيق أكثر من ذلك، قال: أفطر يومين وصم يومًا. قال: قلت: أطيق أكثر من ذلك، قال: صم أفضل الصوم صوم داود، صيام يوم وإفطار يوم، واقرأ في كل سبع ليال مرة. فليتني قبلت رُخصة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ذاك أني كبرت وضعفت فكان يقرأ على بعض أهله السبع من القرآن بالنهار، والذي يقرؤه يعرضه من النهار ليكون أخف عليه بالليل وإذا أراد أن يتقوى أفطر أيامًا وأحصى وصام مثلهن، كراهية أن يترك شيئًا فارق النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه» (¬2). قال أبو عبد الله وقال بعضهم: في ¬

(¬1) وهي {آمَنَ الرَّسُولُ ... } (¬2) وهذا يدل على عظيم همة عبد الله بن عمرو ورغبته في الخير حتى أهمل أهله فكان يصوم النهار ويختم بالليل من يقوى على هذا؟ حتى أرشده - صلى الله عليه وسلم -.

35 - باب البكاء عند قراءة القرآن

ثلاث (¬1) أو في سبع وأكثرهم على سبع. قال الحافظ: ... عن عائشة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يختم القرآن في أقل من ثلاث» وهذا اختيار أحمد وأبي عبيد وإسحاق بن راهوية وغيرهم (¬2). 35 - باب البكاء عند قراءة القرآن 5055 - عن أبي الضحى، عن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اقرأ عليَّ، قال: قلت: آقرأ عليك وعليك أُنزل؟ قال: إني أشتهي أن أسمعه من غيري، قال: فقرأت النساء حتى إذا بلغت: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ ¬

(¬1) في اللفظ الآخر «لا يفقه من قرأ في أقل من ثلاث» ولا بأس به، قلت: هو عند أبي داود عن عبد الله بن عمرو، وسنده جيد. (¬2) وهذا ظاهر السنة، فظاهر السنة أن الأقل ثلاث، والسبع أفضل، ومن له مشاغل فليعتني بما هو أرفق به. * الهجر: عدم العمل به لا هجر القرآن، قلت: شيخنا لا يرى ترك القراءة هجرًا ما دام يعمل به. * ما روى عن بعض السلف من الختمة في يوم أو ركعة لأجل قوتهم، وقد يكون خفي عليهم ما ورد قلت: نقل ابن رجب في اللطائف: أن عمل السلف يدل على أن الأزمنة الفاضلة يبالغ فيها بالعمل كشهر رمضان أو الأماكن الفاضلة وإنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك. قال: وهذا قول أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمة وعليه يدل عمل غيرهم. انظر ص 319 ط. السواس.

36 - باب إثم من راءى بقراءة القرآن أو تأكل به أو فخر به

أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} [النساء: 41] قال لي: كفَّ أو أمسك. فرأيت عينيه تذرفان» (¬1). 36 - باب إثم من راءى بقراءة القرآن أو تأكل به أو فخر به 5057 - عن علي - رضي الله عنه -: «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يأتي في آخر الزمان قوم حُدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البريَّة، يمرُقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن قتلهم أجر لمن قَتَلهم يوم القيامة» (¬2). 5058 - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أنه قال: «سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم، وعملكم مع عملهم، ويقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين، كما يمرق السهم من الرمية، ينظر في النَّصْل فلا يرى شيئًا، وينظر في القدح فلا يرى شيئًا، وينظر في الرِّيش فلا يرى شيئًا، ويتمارى في الفُوق» (¬3). ¬

(¬1) سئل شيخنا عن حديث: (اقرأ القرآن فإن لم تبكوا فتباكوا). فقال: لا أعرفه. قلت: رواه ابن ماجه بإسناد ضعيف (1337) في إسناده أبو رافع العاص إسماعيل بن رافع ضعيف. (¬2) وهؤلاء هم الخوارج يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان. وفيه الحذر من العناية بالظواهر وتضييع الباطن ويكون حسن الصلاة وهو فاجر. (¬3) هم الذين قاتلهم علي فقتلهم، لهم بقية الآن في عمان والجزائر ليبيا. * يتصور المؤمن لا يقرأ القرآن؟ نعم يكون عاميًّا.

37 - باب اقرءوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم

5059 - عن أبي موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المؤمن الذي يقرأ القرآن ويعمل به كالأترجة طعمها طيِّب وريحها طيِّب، والمؤمن الذي لا يقرأ القرآن ويعمل به كالتمرة طعمها طيب ولا ريح لها، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كالريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كالحنظلة طعمها مر أو خبيث وريحها مر» (¬1). 37 - باب اقرءوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم 5060 - عن عبد الله، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اقرءوا القرآن ما ائتلفت قلوبكم، فإذا اختلفت فقوموا عنه» (¬2). ¬

(¬1) تقدم في رواية همام عن قتادة «لا ريح لها ... ». * القراء على الحقيقة هم الحفاظ، يقرأونه متى شاءوا. (¬2) لأن النزاع يجر إلى شيء كثير.

67 - كتاب النكاح

67 - كتاب النكاح 1 - باب الترغيب في النكاح لقوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} (¬1) 5063 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -، يقول: «جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - يسألون عن عبادة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما أُخبروا كأنهم تقالُّوها، فقالوا: وأين نحن من النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. قال أحدهم: أما أنا فأنا أصلي الليل أبدًا. وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر. وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج (¬2) أبدًا فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلِّي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنُتَّي فليس مني». 5064 - عن عروة، أنه سأل عائشة عن قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ¬

(¬1) هذه الآية مع الحديث فيهما الحث على التزوج وعدم العزوبة {فَانْكِحُوا مَا طَابَ} تحثهم على التزويج والتعدد، فإن خاف ألا يعدل فواحدة. وقال: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ} فوعدهم بالغنى، فالمستقبل بيد الله ويعينه الله عليه. (¬2) أتفرغ للعبادة. * فيه التحذير من التبتل واعتزال النساء تعبدًا، وفيه حث الشباب على الزواج.

2 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من استطاع الباءة فليتزوج لأنه أغض للبصر وأحصن للفرج» وهل يتزوج من لا أرب له في النكاح؟

فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} [النساء: 3] قالت: يا ابن أختي، اليتيمة تكون في حجر وليِّها فيرغب في مالها وجمالها يريد أن يتزوجها بأدنى من سُنة صداقها، فنُهوا أن ينكحوهن إلا أن يُقسطوا لهن، فيُكملوا الصداق، وأُمروا بنكاح من سواهن من النساء» (¬1). 2 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من استطاع الباءة فليتزوج لأنه أغض للبصر وأحصن للفرج» وهل يتزوج من لا أرَبَ له في النكاح؟ 5065 - عن علقمة، قال: كنت مع عبد الله، فلقيه عثمان بمنى، فقال: يا أبا عبد الرحمن إن لي إليك حاجة فخليا، فقال عثمان: هل لك يا أبا عبد الرحمن في أن نزوجك بكرًا، تذكرك ما كنت تعهد؟ فلما رأى عبد الله أن ليس له حاجة إلى هذا أشار إليَّ، فقال: يا علقمة، فانتهيت إليه وهو يقول: أما لئن قلت ذلك، لقد قال لنا النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» (¬2). ¬

(¬1) وهذا من باب العدل والإنصاف، يتزوج اليتيمة الجميلة إذا رغب فيها يعطيها مهرها وليقسط في ذلك، كما أنه إذا رغب عنها تركها. (¬2) فليتزوج، الصواب للوجوب مطلقًا لمن له شهوة ولو لم يخف الزنا. وهذا فيصل في الموضوع من استطاع منكم الباءة فليتزوج، وفيه حسن خلق عثمان، وفيه زواج الكبير مادام عنده قدرة على الجماع، وخاطب الشباب لأنهم في الغالب أعظم شهوة وأكثر حاجة.

4 - باب كثرة النساء

4 - باب كثرة النساء 5067 - عن عطاء قال: «حضرنا مع ابن عباس جنازة ميمونة (¬1) بسرف، فقال ابن عباس: هذه زوجة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإذا رفعتم نعشها فلا تُزعزعوها، ولا تزلزلوها، وارفقوا، فإنه كان عند النبي - صلى الله عليه وسلم - تسع كان يقسم لثمان ولا يقسم لواحدة». 5068 - عن أنس - رضي الله عنه - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يطوف على نسائه في ليلة واحدة وله تسع نسوة. وقال لي خليفة: حدثنا يزيد بن زُريع، حدثنا سعيد، عن قتادة، أن أنسًا حدثهم عن النبي - صلى الله عليه وسلم -» (¬2). 5069 - عن سعيد بن جُبير قال: «قال لي ابن عباس: هل تزوَّجت؟ قلت: لا. قال: «فتزوَّج فإن خير هذه الأمة أكثرها نساء» (¬3). ¬

(¬1) ميمونة تزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم - بسرِف، وماتت بسرِف، وتزوجها في عمرة القضاء. (¬2) وهذا يدل على قوته العظيمة عليه الصلاة والسلام، ويدل على جواز مثل هذا لمن له أربع خص وقتًا يطوف عليهن في ليلة فلا بأس. (¬3) كان الحسن بن علي كثير التزوج، وكذا المغيرة بن شعبة، فإذا أكثر الإنسان ليعف نفسه وليكثر النسل لا بأس، دون تلاعب. قلت: روى ابن أبي شيبة عن حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: قال علي: «يا أهل العراق أو يا أهل الكوفة لا تزوجوا حسنًا فإنه رجل مطلاق» جعفر هو الصادق وأبوه هو الباقر وأبو الباقر زين العابدين علي بن الحسين، والباقر أرسل عن جديه الحسن والحسين وجده الأعلى: علي - رضي الله عنهم -، وأما الأخبار في الذواقين فضعيفة لكن هو تلاعب كما قال شيخنا. وقال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (32/ 89): «ولولا أن الحاجة داعية إلى الطلاق لكان الدليل يقتضي تحريمه كما دلت عليه الآثار والأصول، لكن الله تعالى أباحه رحمة منه بعباده لحاجتهم إليه أحيانًا، وحرمه في مواضع باتفاق العلماء، كما إذا طلقها في الحيض ولم تكن سألته الطلاق، فإن هذا الطلاق حرام باتفاق العلماء».

5 - باب من هاجر أو عمل خيرا لتزويج امرأة فله ما نوى

5 - باب من هاجر أو عمل خيرًا لتزويج امرأة فله ما نوى 5070 - عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، قال: «قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: العمل بالنيَّة، وإنما لامرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه» (¬1). 6 - باب تزويج المعسر الذي معه القرآن والإسلام 5071 - عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: «كنا نغزو مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس لنا نساء، فقلنا: يا رسول الله، ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك» (¬2). ¬

(¬1) فمن تزوج أو طلق أو ... المهم النية الصالحة، فعلى حسب نيته مع موافقة الشرع فهما شرطا العمل: - النية الصالحة - موافقة الشرع (¬2) الخصاء لا يجوز. من يخصي العبد؟ هذا منكر.

7 - باب قول الرجل لأخيه: انظر أي زوجتي شئت حتى أنزل لك عنها

7 - باب قول الرجل لأخيه: انظر أي زوجتَيَّ شئت حتى أنزل لك عنها 5072 - عن أنس بن مالك قال: «قدم عبد الرحمن بن عوف فآخى النبي - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين سعد بن الربيع الأنصاري، وعند الأنصاري امرأتان، فعرض عليه أن يناصفه أهله وماله (¬1)، فقال: بارك الله لك في أهلك ومالك، دلوني على السوق، فأتى السوق فربح شيئًا من أقِط، وشيئًا من سَمْن، فرآه النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد أيام وعليه وضَرٌ من صُفرة، فقال: مَهْيَم يا عبد الرحمن؟ فقال: تزوجت أنصارية. قال: فما سُقت؟ قال: وزن نواة (¬2) من ذهب. قال: أولم ولو بشاة» (¬3). 8 - باب ما يكره من التبتل والخصاء 5074 - عن سعد بن أبي وقاص قال: «لقد ردَّ ذلك -يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - على عثمان بن مظعون، ولو أجاز له التبتل (¬4) لاختصينا». 5075 - عن إسماعيل عن قيس قال: «قال عبد الله: كنا نغزو مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليس لنا شيء، فقلنا: ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك، ثم رخص ¬

(¬1) فيه فضل الأنصار وجودهم. - فيه الحث على الزواج. - فيه الحث على الوليمة ولو بشاة أو أقل. (¬2) فيه التزوج ولو بالقليل. (¬3) الوليمة: سنة مؤكدة. (¬4) التبتل: الانقطاع للعبادة مكروه لا يجوز، فالمؤمن يعمل ويعبد ربه ويعمل ويختصي بل يتزوج إن تيسر.

9 - باب نكاح الأبكار

لنا أن ننكح المرأة بالثوب، ثم قرأ علينا: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [المائدة: 87]» (¬1). 5076 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال: قلت: يا رسول الله إني رجل شاب، وأنا أخاف على نفسي العَنَت، ولا أجد ما أتزوج به النساء، فسكت عني. ثم قلت: مثل ذلك، فسكت عني. ثم قلت له مثل ذلك، فسكت عني. ثم قلت مثل ذلك فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: يا أبا هريرة جفَّ القلم بما أنت لاق، فاختصِ (¬2) على ذلك أو ذَر». 9 - باب نكاح الأبكار 5077 - عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة - رضي الله عنها -، قالت: «قلت يا رسول الله، أرأيت لو نزلت واديًا وفيه شجرة قد أُكل منها، ووجدت شجرًا لم يؤكل منها، في أيها كنت ترتع بعيرك؟ قال: في الذي لم يرتَع منها. يعني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يتزوج بكرًا غيرها» (¬3). 5078 - عن عائشة، قالت: «قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أُريتك في المنام مرَّتين، إذا رجل يحملك في سرقة حرير، فيقول: هذه امرأتك، فأكشفها فإذا هي ¬

(¬1) الاختصاء من الاعتداء، وفيه تخفيف المهر ولو بثوب. (¬2) الأقرب أن هذا من باب الترهيب والتحذير كقوله {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ}. * المخصي: الظاهر لا شهوة له كما في الحيوانات إذا خصيت لم يعد لها شهوة. (¬3) فيه الحث على نكاح الإبكار لأنها لم تجرب الناس، ففيه أن ذلك أقرب إلى الوئام بينهما، إلا إذا دعت الحاجة كقصة جابر.

10 - باب تزويج الثيبات

أنت، فأقول: إن يكن هذا من عند الله (¬1) يمضه» (¬2). 10 - باب تزويج الثيِّبات 5079 - عن جابر بن عبد الله، قال: «قفلنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - من غزوة، فتعجلت على بعير لي قطوف، فلحقني راكب من خلفي، فنخس بعيري بعنزة كانت معه، فانطلق بعيري كأجود ما أنت راء من الإبل، فإذا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ما يُعجلك؟ قلت: كنت حديث عهد بعرس. قال: «أبكرًا أم ثيِّبًا؟ »، قلت: ثيبًا، قال: فهلا جارية تلاعبها وتلاعبك (¬3). قال: فلما ذهبنا لندخل، قال: أمهلوا حتى تدخلوا ليلًا - أي عشاء - لكي تمتشط الشعثة، وتستحد المغيبة». 5080 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -، يقول: «تزوجت، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما تزوجت؟ فقلت: تزوجت ثيِّبًا. فقال: ما لك وللعذارى ولعابها (¬4). فذكرت ذلك لعمرو بن دينار، فقال عمرو: سمعت جابر بن عبد الله يقول: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هلا جارية تلاعبها وتلاعبك». 11 - باب تزويج الصغار من الكبار 5081 - عن عراك، عن عُروة (¬5) «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب عائشة إلى أبي بكر، ¬

(¬1) كيف يستقيم هذا مع أن رؤيا الأنبياء وحي؟ كأن ذاك الوقت لم يعلم. (¬2) فأمضاه الله. (¬3) زواج الثيباب لمصلحة لا بأس، والبكر أفضل إن تيسر. (¬4) لاعب لعابًا. (¬5) ظاهره مرسل لكن عروة أخذه عن عائشة وأرسله المؤلف لأنه معلوم. قلت: يسمونه صورته: مرسل.

12 - باب إلى من ينكح، وأي النساء خير

فقال له أبو بكر: إنما أنا أخوك، فقال: «أنت أخي في دين الله وكتابه، وهي لي حلال» (¬1). 12 - باب إلى من ينكح، وأي النساء خير 5082 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «خير نساء ركبن الإبل صالح نساء قريش: أحناه على ولد في صغره، وأرعاه على زوج في ذات يده» (¬2). 13 - باب اتخاذ السراري، ومن أعتق جاريته ثم تزوجها 5083 - عن أبو بردة، عن أبيه، قال: «قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيما رجل كانت عنده وليدة، فعلمها فأحسن تعليمها، وأدَّبها فأحسن تأديبها، ثم أعتقها وتزوجها، فله أجران، وأيما رجل من أهل الكتاب، آمن بنبيِّه وآمن يعني بي، فله أجران. وأيما مملوك أدى حق مواليه وحق ربه، فله أجران» (¬3). 5085 - عن أنس - رضي الله عنه -، قال: «أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - بين خيبر والمدينة ثلاثًا يُبنى عليه بصفية بنت حُيي، فدعوت المسلمين إلى وليمته (¬4)، فما ¬

(¬1) وهذا واضح أن الأخوة في الله والصداقة لا تمنع نكاح البنت منه الممنوع الأخ من النسب. (¬2) فيه الحث على صالح النساء من قريش، وهذه منقبة كبيرة للنساء الصالحات من قريش، وفيه الحث على الخصال الحميدة. (¬3) من هذا أنه اعتق صفية - صلى الله عليه وسلم - ثم تزوجها. (¬4) الوليمة لا يشترط فيها اللحم، بل لو أوْلم بخبز ونحوه أجزأ. * القول بوجوب الوليمة قول قوي.

14 - باب تزويج المعسر لقوله تعالى: {إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله} [النور: 32]

كان فيها من خبز ولا لحم، أمر بالأنطاع، فألقىَ فيها من التمر والأقط والسمن، فكانت وليمته. فقال المسلمون: إحدى أمهات المؤمنين، أو مما ملكت يمينه؟ فقالوا: إن حجبها فهي من أمهات المؤمنين، وإن لم يحجُبها فهي مما ملكت يمينه, فلما ارتحل وطَّى لها خلفه ومد الحجاب بينها وبين الناس». 14 - باب تزويج المعسر لقوله تعالى: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: 32] 5087 - عن سهل بن سعد الساعدي، قال: «جاءت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: يا رسول الله، جئت أهب لك نفسي (¬1). قال: فنظر إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصعَّد النظر فيها وصوَّبه، ثم طأطأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأسه، فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئًا جلست. فقام رجل من أصحابه، فقال: يا رسول الله، إن لم يكن لك بها حاجة فزوِّجنيها. فقال: وهل عندك من شيء؟ قال: لا والله يا رسول الله، فقال: اذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئًا، فذهب، ثم رجع، فقال: لا والله ما وجدت شيئًا (¬2)، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: انظر ولو خاتمًا من حديد، فذهب ثم رجع، فقال: لا والله يا رسول الله ولا خاتمًا من حديد، ولكن هذا إزاري - قال سهل: ما له رداء - فلها نصفه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما تصنع بإزارك إن لبستَه لم يكن عليها منه شيء، ¬

(¬1) جواز هبة المرأة نفسها للنبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة. (¬2) يدل على شرعية تزويج المعسر. وجواز تعليم القرآن مهرًا. وجواز الخطبة علنًا من ولي الأمر. قلت: وعدم وجوب خطبة الحاجة عند النكاح.

15 - باب الأكفاء في الدين

وإن لبسته لم يكن عليك منه شيء. فجلس الرجل حتى إذا طال مجلسه قام، فرآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موليًا، فأمر به فدُعي، فلما جاء قال: ماذا معك من القرآن؟ قال: معي سورة كذا وسورة كذا - عدَّدها - فقال: تقرؤهن عن ظهر قلبك؟ قال: نعم. قال: اذهب فقد ملَّكتكها بما معك من القرآن» (¬1). 15 - باب الأكفاء في الدين 5088 - عن عائشة - رضي الله عنها -: أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس - وكان ممن شهد بدرًا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - تبنى سالمًا، وأنكحه بنت أخيه (¬2) هندًا بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة، وهو مولى لامرأة من الأنصار، كما تبنى النبي - صلى الله عليه وسلم - زيدًا، وكان من تبنَّى رجلًا في الجاهلية دعاه الناس إليه وورث من ميراثه، حتى أنزل الله {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} [الأحزاب: 5] إلى قوله {وَمَوَالِيكُمْ} [الأحزاب: 5] فردُّوا إلى آبائهم، فمن لم يعلم له أب، كان مولى وأخًا في الدين. فجاءت سهلة بنت سهيل بن عمرو القرشي ثم العامري - وهي امرأة أبي حذيفة بن عتبة - النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، إنا كنا نرى سالمًا ولدًا، وقد أنزل الله فيه ما قد علمت». ¬

(¬1) وفيه ضعف الحال في المدينة، وقلة المال. (¬2) المقصود أن الكفاءة هي الدين والناس كلهم واحد كلكم لآدم {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى} ولهذا أنكح أبا حذيفة سالما، وتزوج أسامة فاطمة. * لا بأس أن يتزوج عربي أعجمية، وحر أصلي من حر محرر.

5089 - عن عائشة، قالت: «دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ضُباعة بنت الزبير، فقال لها: لعلك أردت الحجَّ، قالت: والله لا أجدني إلا وجعة، فقال لها: حُجِّي واشترطي، قولي: اللهم محلِّي حيث حبستني. وكانت تحت المقداد بن الأسود» (¬1). 5091 - عن سهل، قال: «مرَّ رجل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ما تقولون في هذا؟ قالوا: حريٌّ إن خطب أن يُنكح، وإن شفع أن يُشفَّع (¬2)، وإن قال أن يُستمع، قال: ثم سكت. فمر رجل من فقراء المسلمين؛ فقال: ما تقولون في هذا؟ قالوا: حريٌّ إن خطب أن لا ينكح، وإن شفع أن لا يُشفع، وإن قال أن لا يُستمع، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هذا خير من ملء الأرض مثل هذا» (¬3). قال الحافظ: ... وأما قول بعض الشافعية يستحب أن لا تكون المرأة ذات قرابة قريبة فإن كان مستندًا إلى الخبر فلا أصل له أو إلى التجربة وهو أن الغالب أو الولد بين القريبين يكون أحمق فهو متجه (¬4). ¬

(¬1) الكندي وضباعة من سادات بني هاشم. (¬2) لأجل السمعة. (¬3) وهذا يبين أن العبرة بالدين لا بالأموال والجاه .. وكلهم من الصحابة. * إن اشترط في الإحرام من غير خوف؟ ينفعه كالمرأة تشترط للحيض. (¬4) قرأت كلام الحافظ أعلاه على شيخنا فقال: هذا غلط، ومعنى هذا أن الحسن والحسين حمقى؟ ! هذا من الجهل الصرف فقلت للشيخ: المؤلف عبّر بالأغلب. فقال: لا الأغلب ولا غيره ...

16 - باب الأكفاء في المال وتزويج المقل المثرية

16 - باب الأكفاء في المال وتزويج المقل المثرية 5092 - عن عروة، أنه سأل عائشة - رضي الله عنها -: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} [النساء: 3]، قالت: «يا ابن أختي، هذه اليتيمة تكون في حجر وليها، فيرغب في جمالها ومالها، ويريد أن ينتقص صداقها فنهوا عن نكاحهن إلا أن يُقسطوا في إكمال الصداق، وأُمروا بنكاح من سواهن. قالت: واستفتى الناس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك، فأنزل الله تعالى: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ} [النساء: 127]- إلى - {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} [النساء: 127] فأنزل الله لهم: أن اليتيمة إذا كانت ذات جمال ومال رغبوا في نكاحها ونسبها في إكمال الصداق، وإذا كانت مرغوبة عنها في قلة المال والجمال تركوها وأخذوا غيرها من النساء. قالت: فكما يتركونها حين يرغبون عنها، فليس لهم أن ينكحوها إذا رغبوا فيها، إلا أن يقسطوا لها، ويُعطوها حقها الأوفى في الصداق» (¬1). 17 - باب ما يتقى من شؤم المرأة 5093 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الشؤم في المرأة، والدار، والفرس» (¬2). 5096 - عن أسامة بن زيد - رضي الله عنهما -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء» (¬3). ¬

(¬1) وهذا هو الواجب إذا كانت يتيمة يعطيها حقها من الصداق لا يظلمها. (¬2) قد يقع قد تكون الدابة غير مباركة وكذا الدار والمرأة فلا مانع من طلاقها، وكذا يستبدل الدار والدابة، وهذا مستثنى من الشؤم، والتطير منهي عنه ويلحق بالدابة السيارة والمراد بالشؤم المضرة والأذى. (¬3) هذا يفيد الحذر من طاعتهن فيما يضر، ولا يفعل إلاّ فيما تبين خيره.

18 - باب الحرة تحت العبد

18 - باب الحرة تحت العبد 5097 - عن عائشة - رضي الله عنها -، قالت: «كانت في بريرة ثلاث (¬1) سُنن عتقت فخيِّرت، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الولاء لمن أعتق، ودخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبُرمة على النار، فقرِّب إليه خبز وأُدم من أُدم البيت، فقال: ألم أر البُرمة؟ ، فقيل: لحم تُصدِّق به على بريرة، وأنت لا تأكل الصدقة، قال: هو عليها صدقة، ولنا هدية». 19 - باب لا يتزوج أكثر من أربع لقوله تعالى: {مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3] وقال علي بن الحسين - رضي الله عنه - (¬2): يعني مثنى أو ثلاث أو رباع. 5098 - عن عائشة {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} [النساء: 3]، قالت: هي اليتيمة تكون عند الرجل وهو وليها، فيتزوجها على مالها، ويُسيء صُحبتها، ولا يعدل في مالها، فليتزوج ما طاب له من النساء سواها، مثنى وثلاث ورباع» (¬3). ¬

(¬1) صار في حقها هذه الفوائد: إذا عتقت تحت العبد خُيِّرت، وإن الصدقة إذا بلغت محلها جاز أكل الغني منها. * المحرَّم على آل البيت الزكاة فقط. (¬2) هذا من بعض النساخ. (¬3) الأمة أباح الله لها اثنين وثلاث وأربع، والنبي عليه الصلاة والسلام أباح له فوق ذلك وهذا من خصائصه ولما أسلم بعض الناس وعنده أكثر من أربع أمره بأن يفارق ما زاد على أربع.

20 - باب {وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم} [النساء: 23] ويحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب

20 - باب {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} [النساء: 23] ويحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب 5099 - عن عمرة بنت عبد الرحمن «أن عائشة، زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرتها: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان عندها، وأنها سمعت صوت رجل يستأذن في بيت حفصة، قالت: فقلت: يا رسول الله، هذا رجل يستأذن في بيتك، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أُراه فلانًا - لعم حفصة من الرضاعة - قالت عائشة: لو كان فلان حيًا - لعمِّها من الرضاعة - دخل عليِّ؟ فقال: نعم، الرضاعة تحرِّم ما تحرِّم الولادة» (¬1). 5101 - عن عروة بن الزبير، أن زينب ابنة أبي سلمة أخبرته: «أن أم حبيبة بنت أبي سفيان، أخبرتها أنها قالت: يا رسول الله، انكحْ أُختي بنت أبي سفيان، فقال: أو تحبِّين ذلك؟ ، فقلت: نعم، لست لك بمخلية (¬2)، وأحب من شاركني في خير أختي، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن ذلك لا يحل لي. قلت: فإنا نحدَّث أنك تريد أن تنكح بنت أبي سلمة. قال: بنت أمِّ سلمة؟ قلت: نعم، فقال: لو أنها لم تكن ربيبتي في حجري ما حلَّت لي، إنها لابنة أخي من الرضاعة. أرضعتني وأبا سلمة ثُويبة (¬3)، فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن. قال عروة: وثويبة مولاة لأبي لهب وكان أبو لهب أعتقها، ¬

(¬1) وهذا محل إجماع، قال تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ .. } فنص على الأم والأخت، وهذا بشرطين خمس رضعات وفي الحولين. (¬2) الفتح أظهر. (¬3) والمعنى محرمة من جهتين ربيبة، وابنة أخي من الرضاعة.

21 - باب من قال: لا رضاع بعد حولين

فأرضعت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما مات أبو لهب أُريه بعض أهله بشرِّ حيبة، قال له: ماذا لقيت؟ قال أبو لهب: لم ألق بعدكم (¬1) غير أني سُقيت في هذه بعتاقتي ثُويبة». قال الحافظ: ... وفي الحديث دلالة على أن الكافر قد ينفعه العمل الصالح في الآخرة (¬2). قال الحافظ: ... انعقد الإجماع على أن الكفار لا تنفعهم أعمالهم ولا يثابون عليها بنعيم ولا تخفيف عذاب، وإن كان بعضهم أشد عذابًا من بعض (¬3). 21 - باب من قال: لا رضاع بعد حولين 5102 - عن عائشة - رضي الله عنها -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها وعندها رجل، فكأنه تغير وجهه، كأنه كره ذلك، فقالت: إنه أخي، فقال: «انظُرن من إخوانكن، فإنما الرضاعة من المجاعة» (¬4). ¬

(¬1) رخاء أو راحة. (¬2) ما حصل لأبي لهب لو صحت من الخصائص وهي يسيرة أيضًا ومن رآه في المنام مجهول، وفي الخبر إرسال. (¬3) وهو واضح. (¬4) المجاعة حال الحولين. * قصة سالم مولى أبي حذيفة خاصة ومن قال يحصل هذا لمن احتاج إليه قول ضعيف موجوح. قلت: هو اختيار أبي العباس - رحمه الله -.

22 - باب لبن الفحل

22 - باب لبن الفحل 5103 - عن عروة بن الزبير، عن عائشة «أن أفلح، أخا أبي القُعيس جاء يستأذن عليها، وهو عمُّها من الرضاعة، بعد أن نزل الحجاب، فأبَيتُ أن آذن له، فلما جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبرته بالذي صنعتُ، فأمرني أن آذن له» (¬1). 23 - باب شهادة المرضعة 5104 - عن عقبة بن الحارث - قال: وقد سمعته من عقبة لكني لحديث عُبيد أحفظ - قال: «تزوجت امرأة، فجاءتنا امرأة سوداء، فقالت: أرضعتكما، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: تزوجت فلانة بنت فلان، فجاءتنا امرأة سوداء، فقالت لي: إني قد أرضعتكما، وهي كاذبة (¬2)، فأعرض عني، فأتيته من قِبل وجهه، قلت: إنها كاذبة. قال: كيف بها وقد زعمت أنها قد أرضعتكما، دعها عنك. وأشار إسماعيل بإصبعيه السبابة والوسطى، يحكي أيوب». 24 - باب ما يحل من النساء وما يحرم 5105 - عن ابن عباس: «حَرُمَ من النسب سبع ومن الصِّهر سبع. ثم قرأ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] الآية. وجمع عبد الله بن جعفر، بين ابنة علي ¬

(¬1) وقال أنه عمك. (¬2) ما دامت ثقة لا يقبل قوله. * قول بعض أهل العلم إن كل امرأتين لو كانت إحداهما ذكرًا لا يحل له أن يتزوج الأخرى لم يجمع بينهما وهنا (فعل عبد الله بن جعفر) مشكل؟ قال الشيخ: هذا مستثنى من القاعدة. قلت: قال شيخ الإسلام: (32/ 69) والضابط: أن كل امرأتين بينهما رحم محرم فإنه يحرم الجمع بينهما بحيث لو كان إحداهما ذكرًا لم يجز له التزوج بالأخرى؛ لأجل النسب .. (إلى قوله) وجمع عبد الله بن جعفر لما مات علي بين امرأة علي وابنته وهذا يباح عند أكثر العلماء، الأئمة الأربعة وغيرهم، فإن هاتين المرأتين وإن كانت إحداهما تحرم على الأخرى فذاك تحريم بالمصاهرة لا بالرحم .. إلخ» اهـ. فإذا أضيف إلى الضابط لفظة النسب صحّت القاعدة ولم يحتج إلى الاستثناء.

وامرأة (¬1) عليّ. وقال ابن سيرين: لا بأس به، وكرهه الحسن مرة، ثم قال: لا بأس به. وجمع الحسن بن الحسن بن علي بين ابنتي عم (¬2) في ليلة، وكرهه جابر بن زيد، للقطيعة وليس فيه تحريم لقوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: 24]، وقال عكرمة، عن ابن عباس: إذا زنى بأخت امرأته لم تحرم عليه امرأته (¬3). ويروى عن يحيى الكندي، عن الشعبيِّ، وأبي جعفر، فيمن يلعب بالصبيِّ إن أدخله فيه فلا يتزوجن أمَّه. ويحيى هذا غير معروف، ولم يتابع عليه. وعن عكرمة، عن ابن عباس إذا زنى بها لم تحرُم عليه امرأته. ويُذكر عن أبي نصر أن ابن عباس حرمه. وأبو نصر هذا لم يُعرف بسماعه من ابن عباس. ويروى عن عمران بن حصين وجابر بن زيد، والحسن، وبعض أهل العراق قال: يحرُمُ (¬4) عليه. وقال أبو هريرة: لا تحرُم حتى يُلزق ¬

(¬1) لا بأس بالجمع بين بنت الرجل ومطلقته؛ لأنها ليست أمها. (¬2) لا بأس ولو دخل عليهما في ليلة. (¬3) هذا هو الصواب الوطء الحرام لا يؤثر. (¬4) والصواب أن الوطء المحرم لا يؤثر، وهذا القول شاذ فالوطء المحرم لا يوجب المحرمية. * ابنته من الزنا؟ هل ينكحها؟ لا ينبغي أن لا يفعل. قلت: نقله أبو العباس قول الجمهور قال وهو الصواب المقطوع به. قال: حتى تنازع الجمهور هل يُقتل من فعل ذلك. انظر مجموع الفتاوى (32/ 134).

25 - باب {وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن} [النساء: 23]

بالأرض يعني حتى يجامع. وجوَّزه ابن المسيَّب وعروة والزهري، وقال الزهري: قال علي: لا يحرم، وهذا مرسل. 25 - باب {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: 23] وقال ابن عباس: الدخول (¬1) والمسيس واللماس هو الجماع. ومن قال: بنات ولدها هن من بناتها في التحريم، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لأم حبيبة: لا تعرضن عليَّ بناتكن ولا أخواتكن، وكذلك حلائل ولد الأبناء (¬2) هن حلائل الأبناء ... قال الحافظ: ... والأثر صحيح عن علي (¬3). ¬

(¬1) المسيس والدخول: الوطء والجماع. (¬2) حلائل أولاد البنات يحرمن؟ نعم هو جدّ. * زوجات الأبناء من الرضاع من المحارم عند عامة أهل العلم، وفيه قول شاذ للشيخ تقي الدين بالجواز. (¬3) قول ضعيف. قلت: كان فيه خلاف قديم لعلي، وروى عن عمر أيضًا وقد قال ابن المنذر: أجمع علماء الأمصار على خلاف هذا القول. اه-والتعبير بالحجر تعبير بالغالب .. انظر المغني (9/ 546) والأثر عن علي عرضه الحافظ الذهبي على شيخ الإسلام فاستشكله وتوقف فيه، نقله ابن كثير في تفسيره.

34 - قول الله جل وعز: {ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم علم الله} [البقرة: 235] الآية.

34 - قول الله جل وعز: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ} [البقرة: 235] الآية. 5124 - عن ابن عباس {فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} [البقرة: 235] يقول: إني أريد التزويج، ولوددت أنه تُيسر لي امرأة صالحة. وقال القاسم: يقول إنك عليَّ كريمة، وإني فيك لراغب، وإن الله لسائق إليك خيرًا، أو نحو هذا. وقال عطاء: يُعرَّض ولا يبوح، يقول: إن لي حاجة، وأبشري، وأنت بحمد الله نافقة. وتقول هي: قد أسمع ما تقول، ولا تعد شيئًا، ولا يواعد وليُّها بغير علمها (¬1)، وإن واعدت رجلًا في عدتها، ثم نكحها بعد لم يُفرَّق بينهم. وقال الحسن، {لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} [البقرة: 235] الزنا. ويذكر عن ابن عباس: {حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} [البقرة: 235]: «تنقضي العدة». 35 - باب النظر إلى المرأة قبل التزويج 5126 - عن سهل بن سعد «أن امرأة جاءت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، جئت لأهب لك نفسي. فنظر إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصَعَّد ¬

(¬1) المطلقة البائن الأوْلى أن يُعرِّض بخطبتها لا يصرح؛ لأنها لا زالت في وقت يحرم فيه النكاح. قلت: قال في المغني (9/ 572) وجملة ذلك أن المعتدات على ثلاثة أضرب, معتدة من وفاة، أو طلاق ثلاث، أو فسخ لتحريمها على زوجها كالفسخ برضاع أو لعان أو نحوه مما لا تحل بعده لزوجها، فهذه يجوز التعريض بخطبتها في عدتها .. ثم ذكر باقي الأقسام. * النظر منه مستحب وله أن ينظر إلى الشعر ويديها.

36 - باب من قال: لا نكاح إلا بولي

النظر (¬1) إليها وصوَّبه، ثم طأطأ رأسه ... الحديث ... قال: اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن». 36 - باب من قال: لا نكاح إلا بوَليّ (¬2) 5127 - عن عروة بن الزبير، أن عائشة، زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرته «أن النكاح في الجاهلية كان على أربعة أنحاء: فنكاح منها نكاح الناس اليوم يخطب الرجل إلى الرجل وليَّته أو ابنته، فيُصدقها ثم ينكحها. ونكاح آخر: كان الرجل يقول لامرأته إذا طهرت من طمثها: أرسلي إلى فلان فاستبضعي ¬

(¬1) وفيه فوائد: - جواز النظر إلى المخطوبة وأنه لا بأس، وهذا قبل فرض الحجاب ثم فرض الحجاب، وسواء نظر بإذنها وبإذن أهلها أو بطريقة أخرى لكن من دون خلوة. - وفيه بيان حال المسلمين أول الإسلام وأنهم أصابهم شدة وحاجة. - وفيه جواز التزويج بالقرآن لمن فقد المال. - ينظر قبل الخطبة فإن صلحت فيخطب وإن لم تصلح ترك. (¬2) قلت: حديث أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى يرفعه بلفظ الترجمة، والحديث اختلف في وصله وإرساله والمحفوظ الوصل، والمصنف ساق من الآيات والأحاديث ما يدل على معناه، والحديث صححه ابن المديني والبخاري كما نقله البيهقي في سنته (7/ 108) وصححه الترمذي كما في العلل الكبير (ا/430) وكذلك الطيالسي. * وسألته: هل يزوج الولي الكافر؟ لا يزوج إلا عند الضرورة حتى يصون المرأة ولا نتساهل.

منه، ويعتزلها زوجها ولا يمسها أبدًا، حتى يتبين حملُها من ذلك الرجل الذي تستبضع منه، فإذا تبين حملها أصابها زوجها إذا أحب، وإنما يفعل ذلك رغبة في نجابة الولد، فكان هذا النكاح نكاح الاستبضاع. ونكاح آخر يجتمع الرهط ما دون العشرة، فيدخلون على المرأة، كلهم يُصيبها، فإذا حملت ووضعت، ومرَّ عليها ليال بعد أن تضع حملها، أرسلت إليهم، فلم يستطع رجل منهم أن يمتنع، حتى يجتمعوا عندها، تقول لهم: قد عرفتم الذي كان من أمركم وقد ولدت، فهو ابنك يا فلان، تُسمِّي من أحبَّت باسمه فيلحق به ولدها، لا يستطيع أن يمتنع به الرجل. ونكاح الرابع: يجتمع الناس الكثير فيدخلون على المرأة لا تمنع من جاءها، وهنَّ البغايا، كُن ينصبن على أبوابهن رايات تكون علمًا، فمن أرادهن دخل عليهن، فإذا حملت إحداهن ووضعت حملها جمعوا لها، ودعوا لهم القافة، ثم ألحقوا ولدها بالذي يرون، فالتاطته به، ودُعي ابنه، لا يمتنع من ذلك. فلما بعث محمد - صلى الله عليه وسلم - بالحق، هدم نكاح الجاهلية كله إلا نكاح الناس اليوم» (¬1). 5129 - عن ابن عمر «أن عمر، حين تأيَّمت حفصة بنت عمر من ابن حُذافة السهمي - وكان من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، من أهل بدر - توفي بالمدينة، فقال عمر: لقيت عثمان بن عفان فعرضت عليه فقلت: إن شئت أنكحتك حفصة، فقال: سأنظر في أمري، فلبثت ليالي ثم لقيني فقال: بدا لي أن ¬

(¬1) والحمد لله الذي شرع لعباده ما فيه صيانة أنسابهم وحفظ نسائهم فلابد من الولي. * دون التسع يزوجها أبوها خاصة وبعد ذلك لا تتزوج إلا بإذن، وغير الأب يستأذن مطلقًا.

37 - باب إذا كان الولي هو الخاطب

لا أتزوج يومي هذا. قال عمر: فلقيت أبا بكر، فقلت: إن شئت أنكحتك حفصة» (¬1). 5130 - عن يونس، عن الحسن، {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} [البقرة: 232] قال: حدثني معقل بن يسار، أنها نزلت فيه، قال: زوجت أختًا لي من رجل فطلَّقها، حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها، فقلت له: زوجتك وأفرشتُك وأكرمتك، فطلقتها، ثم جئت تخطبها، لا والله لا تعود إليك أبدًا، وكان رجلًا لا بأس به، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه، فأنزل الله هذه الآية: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} [البقرة: 232] (¬2) فقلت: الآن أفعل يا رسول الله، قال: فزوجها إياه. 37 - باب إذا كان الولي هو الخاطب وخطب المغيرة بن شعبة، امرأة هو أولى الناس بها، فأمر رجلًا فزوَّجه، وقال عبد الرحمن بن عوف، لأم حكيم بنت قارظ: أتجعلين أمرك إلي؟ قالت: نعم. فقال: قد زوجتك. وقال عطاء: ليُشهد أني قد نكحتك، أو ليأمر رجلًا من عشيرتها. وقال سهل: قالت امرأة للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أهب لك نفسي. فقال رجل: «يا رسول الله، إن لم تكن لك بها حاجة فزوِّجنيها» (¬3). ¬

(¬1) لا بأس أن يعرض الرجل موليته على الرجل الصالح إذا رضيت بذلك. (¬2) ما يجوز للولي عضلها ولو لزوجها الأول. (¬3) الصواب الذي عليه الجمهور أنه لابد من الولي إلا عند عدم الولي، فالسلطان، ولا تزوج المرأة نفسها «لا نكاح إلا بولي». فلابد منه على ترتيب الميراث وقصة الواهبة خاص له عليه الصلاة والسلام وكونه زوّجها لعله لا ولي لها، ومن الفوائد لابد من المال؛ ولهذا قال «ولو خاتمًا من حديد» {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ}.

5132 - عن سهل بن سعد قال: «كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - جلوسًا، فجاءته امرأة تعرض نفسها عليه، فخفض فيها النظر ورفعه، فلم يردها، فقال رجل من أصحابه: زوجنيها يا رسول الله، قال: أعندك من شيء؟ قال: ما عندي من شيء، قال: ولا خاتم من حديد (¬1)؟ قال: ولا خاتم، ولكن أشق بُردتي هذه فأعطيها النصف، وآخذ النصف، قال: لا، هل معك من القرآن شيء؟ قال: نعم، قال: اذهب فقد زوجتكها بما معك من القرآن». ¬

(¬1) وفيه لبس الخاتم من الحديد، وحديث أنه من حلية أهل النار فهو ضعيف مخالف للأحاديث الصحيحة. قلت: أخرجه النسائي (5198) وغيره من طريق عبد الله بن مسلم أبي طيبة عن عبد الله بن بريدة عن أبيه أن رجلًا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وعليه خاتم من حديد فقال: مالي أرى عليك حلية أهل النار .. الحديث، وعبد الله بن مسلم قال أبو حاتم فيه: يكتب حديثه ولا يحتج به، وذكره ابن حبان في الثقات وقال يخطئ ويخالف .. قلت: هذا الخبر منكر وما في الصحيح أصح. * وسألته: ما اشتهر أن أم سليم جعلت مهرها إسلام أبي طلحة؟ لا بد من المال ولعل قوله {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} بعد قصة أم سليم {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} فلا بد منه. قلت: أخرجه النسائي من وجهين عن أنس من طريق عبد الله بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس ومن طريق جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس .. وفيه قصة تزوج أبي طلحة أم سليم على الإسلام. وانظر كلام الشارح في الفتح (9/ 212).

38 - باب إنكاح الرجل ولده الصغار

38 - باب إنكاح الرجل ولده الصغار 5133 - عن هشام، عن أبيه، عن عائشة - رضي الله عنها -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوجها وهي بنت ست سنين، وأُدخلت عليه وهي بنت تسع، ومكثت عنده تسعًا (¬1). 39 - باب تزويج الأب ابنته من الإمام وقال عمر: خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلي حفصة فأنكحته 5134 - عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوجها وهي بنت ست سنين، وبنى بها وهي بنت تسع سنين، قال هشام: وأنبئت أنها كانت عنده تسع سنين (¬2). 40 - باب: السلطان ولي، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: زوَّجناكها بما معك من القرآن 5135 - عن سهل بن سعد، قال: جاءت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: إني وهبت من نفسي، فقامت طويلًا، فقال رجل: زوِّجنيها إن لم تكن لك بها حاجة، ... الحديث ... فقال: «قد زوَّجناكها بما معك من القرآن» (¬3). ¬

(¬1) الولي الأب خاصة له أن يزوج موليته إذا كانت صغيرة دون التسع إذا رأى المصلحة، ولا بد من إذن من فوق تسع ولو بالصمات. قلت: ولو لم تبلغ بنت تسع؟ قال: نعم. قالت عائشة إذا بلغت المرأة تسعًا فهي امرأة، هذا هو الأصل. (¬2) وتوفى عنها وهي بنت ثمان عشرة سنة. (¬3) السلطان ولي يزوج من لا ولي له، ومنها حديث صحيح ليس على شرط المؤلف.

42 - باب إذا زوج ابنته وهي كارهة، فنكاحه مردود

قال الحافظ: ... وفيه «والسلطان ولي من لا ولي لها» (¬1). 42 - باب إذا زوَّج ابنته وهي كارهة، فنكاحه مردود 5138 - عن خنساء بنت خدام الأنصارية، أن أباها زوجها وهي ثيِّب فكرهت ذلك، فأتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فردَ نكاحها (¬2). 43 - باب تزويج اليتيمة 5140 - عن عروة بن الزبير، أنه سأل عائشة - رضي الله عنها -، قال لها: يا أمتاه: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} [النساء: 3]- إلى - {مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3] ... في هذه الآية أن اليتيمة إذا كانت ذات مال وجمال (¬3) ورغبوا في نكاحها ونسبها والصداق ... الحديث». 44 - باب إذا قال الخاطب للوليِّ زوجني فلانة، فقال: قد زوجتك بكذا وكذا جاز النكاح، وإن لم يقل للزوج: أرَضيت أو قبلت 5141 - عن سهل - رضي الله عنه - «أن امرأة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فعرضت عليه نفسها فقال: ما لي اليوم في النساء من حاجة، فقال رجل: يا رسول الله ¬

(¬1) لا بأس به جيد. (¬2) إن زوجها بغير إذنها فنكاحها مردون، مثل ما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -، والثيب لا بد من إذنها الصريح والبكر تستحي. * وسألته: إذا زوّجها وهي كارهة ثم رضيت هل يرد، وجاء في بعض الروايات أنها أجازته وخيّرها النبي - صلى الله عليه وسلم -، لكن الرد أصح كما في البخاري. (¬3) الواو زائدة.

45 - باب لا يخطب على خطبة أخيه حتى ينكح أو يدع

زوجنيها، قال: ما عندك؟ قال ما عندي شيء، قال: أعطها ولو خاتمًا من حديد، قال: ما عندي شيء قال: فما عندك من القرآن؟ قال: كذا وكذا، قال: فقد ملكتكها بما معك من القرآن» (¬1). 45 - باب لا يخطب على خطبة أخيه (¬2) حتى ينكح أو يدع 5142 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - كان يقول «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يبيع بعضكم على بيع بعض، ولا يخطب (¬3) الرجل على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب قبله أو يأذن له الخاطب». 46 - باب تفسير ترك الخطبة 5145 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - يحدث «أن عمر بن الخطاب حين تأيمت حفصة قال عمر: لقيت أبا بكر فقلت: إن شئت أنكحتك (¬4) حفصة بنت عمر، فلبثتُ لياليَ ثم خطبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلقيني أبو بكر فقال: إنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت إلا أني قد علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد ذكرَها، فلم أكن لأفشيَ سرَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولو تركها لقبلتها». ¬

(¬1) إن قال قبلت زيادة تأكيد لا بأس، وإلا قوله زوجنيها كاف. (¬2) قوله: أخيه التورع أن لا يفعل بالكافر؛ لأن هذا من محاسن الإسلام. (¬3) حتى يرد الخاطب أو يترك أو يأذن. (¬4) لا حرج ولا نقص في عرض الرجل موليته على الرجل الصالح، هذا من النصح للمرأة، ومن محاسن الإسلام.

47 - باب الخطبة

47 - باب الخطبة 5146 - عن ابن عمر قال: «جاء رجلان من المشرق فخطبا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن من البيان لسحرا» (¬1). 48 - باب ضرب الدُّفِّ في النكاح والوليمة (¬2) 5147 - عن خالد بن ذكوان قال: «قالت الرُّبيع بنت معوِّذ بن عفراء: جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فدخل حين بُني عليَّ، فجلس على فراشي كمجلسك مني؛ فجعلت جوَيريات لنا يضربن بالدُّف (¬3) ويندُبن من قُتل من آبائي من ¬

(¬1) هذا محمول على المدح إذا كانت الخطبة طيبة، وعلى الذّم إذا كانت غير طيبة. * خطبة النكاح مستحبة، ولهذا لم يخطب في حديث الواهبة. (¬2) الوليمة وليمة العرس. (¬3) يضرب الدف في الزواج من باب الإعلان للنساء ولو سمعه الرجال فضربه سنة للنساء، قلت: وفي الروض المربع: ويباح الدف .. في النكاح للنساء وكذا ختان وقدوم غائب وولادة وإملاك. قلت: أما الختان والولادة فلا أعلم فيه شيئًا ثابتًا وأما قدوم الغائب فقيل خاص بالرسول - صلى الله عليه وسلم - وفي حديث بُريدة، وقيل خاص بالولادة، وقيل لكل غائب، وأما الإملاك فهو تبع النكاح، والأصل في المسألة أن الدف آلة لهو لا يحل إلا بما دلّ عليه الدليل كالعيد والنكاح، وقد توسع بعض المتفقهة فقال: يشرع لكل سرور حادث، والأصل المنع، والتوسع فيه واتخاذه هو صنيع فساق عصرنا.

49 - باب قول الله تعالى: {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة} [النساء: 4]

بدر، إذ قالت إحداهن: وفينا نبيٌ يعلم ما في غد، فقال: دعي هذه وقولي بالذي كنت تقولين» (¬1). قال الحافظ: ... والذي وضح لنا بالأدلة القوية أن من خصائص النبي - صلى الله عليه وسلم - جواز الخلوة بالأجنبية والنظر إليها، وهو الجواب الصحيح عن قصة أم حرام بنت ملحان في دخوله عليها ونومه عندها وتفليتها رأسه ولم يكن بينهما محرمية ولا زوجية (¬2). قال الحافظ: ... في هذا الحديث إعلان النكاح بالدف (¬3) بالغناء المباح، وفيه إقبال الإمام إلى العرس وإن كان فيه لهو ما لم يخرج عن حد المباح. 49 - باب قول الله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4] 5148 - عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس «أن عبد الرحمن بن عوف تزوج امرأة على وزن نواة، فرأى النبي - صلى الله عليه وسلم - بشاشة العرس، فسأله، ¬

(¬1) لأنه لا يعلم ما في غد إلا الله. (¬2) قلت: كذا قال هنا، وقد ذكر الحافظ في الإصابة أن أم حرام من خالاته، وأيضًا قد قال للأنصاريين لما مرّا عليه: على رسلكما إنها صفية .. فما ذكره الحافظ فيه نظر .. وقد عقد البيهقي في سننه (7/ 54) بابًا في الخصائص النبوية ولم يذكر هذا منها، وهو من هو في سعة الاطلاع وقوة الاستنباط، وأما جلوسه عليه الصلاة والسلام مع لرُّبيِّع فله محامل، كما قال الكرماني. (¬3) ضرب الدف بعد أسبوع من دخول الزوج: للنساء الأمر سهل.

50 - باب التزويج على القرآن وبغير صداق

فقال: إني تزوجت امرأة على وزن نواة» (¬1). 50 - باب التزويج على القرآن وبغير صداق 5149 - عن سهل بن سعد الساعدي يقول: إني لفي القوم عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ قامت امرأة فقال: يا رسول الله إنها قد وهبت نفسها لك ... الحديث ... قال: اذهب فقد أنكحتكها بما معك من القرآن» (¬2). قال الحافظ: ... فإن ثبت نقله فقد خرق هذا الإجماع أبو محمد بن حزم فقال: يجوز بكل ما يسمى شيئًا (¬3) ولو كان حبة من شعير. قال الحافظ: ... فالظاهر أن الواقع من النبي - صلى الله عليه وسلم - أحد الألفاظ المذكورة، ¬

(¬1) المهر لا يحدد كثر أو قلّ التمس ولو خاتمًا من حديد، لكن المشروع عدم المبالغة. * وهذا فيه الاقتصاد والاختصار في المهر أولى، وكذا عدم التكلف في الولائم؛ ولهذا قال أوْلم ولو بشاه. (¬2) وفيه فوائد: - جواز التزويج بتعليم القرآن لمن لم يجد مالًا. - جواز عرض المرأة نفسها على الرجل أو الولي للمصلحة. - لبس الخاتم من الحديد، والنهي شاذ، ووقوفها قِبَل الرجال منسوخ بالحجاب. (¬3) قلت: هذا من الظاهرية الممقوتة التي هي بعيدة كل البعد عن الفقه والمعاني، فما أسهل مذهبهم على الجهلة.

52 - باب الشروط في النكاح

فالصواب في مثل هذا النظر إلى الترجيح، وقد نقل عن الدارقطني أن الصواب رواية من روى «زوجتكها» وأنهم أكثر وأحفظ (¬1). قال الحافظ: ... وما المانع أن يكون المراد أن كلًا منهما يلبسه (¬2) مهايأة لثبوت حقه فيه. 52 - باب الشروط في النكاح 5151 - عن أبي الخير عن عقبة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أحق ما أوفيتم من الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج» (¬3). ¬

(¬1) قلت: قال أبو العباس وتلميذه: ينعقد النكاح بكل لفظ يدل عليه، وقالا: هو مذهب جمهور العلماء وأحد القولين في مذهب أحمد، والحافظ عند تحرير هذه المسألة استفاد من كلام شيخ الإسلام وابن القيم ولم يسِّهما. (¬2) قلت: لكن هنا إشكال فهو لبس الرجل فكيف تلبسه المرأة؟ . ولعل الجواب: أن هذا من اللباس الذي يقع فيه قدر مشترك بين الجنسين في ذلك الوقت، والأعراف معتبرة، فلم تقع المشابهة. * فائدة: قول صاحب مدين: {إن أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج .. } الآية لم يذكر المهر، والمنفعة هنا لصاحب مدين .. فسألت شيخنا ابن عثيمين عن هذا فقال: بل المرأة منتفعة بهذا، حيث لو لم يرع موسى لرعت هي. (¬3) ما استحلت به الفروج هو أحق الشروط أن يوفي به؛ ولهذا قال عمر: مقاطع الحقوق عند الشروط. والواجب الصدق وتحري الأداء. - هل لها أن تشترط أن يكون الطلاق لها؟ لا الطلاق للرجال.

54 - باب الصفرة للمتزوج

54 - باب الصفرة للمتزوج 5153 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن عبد الرحمن بن عوف جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبه أثر صفرة فسأله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار قال: كم سقت إليها قال: زنة نواة من ذهب. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أولمْ ولو بشاة (¬1). 56 - باب كيف يُدعى للمتزوج 5155 - عن أنس - رضي الله عنه - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر صُفرة، فقال: ما هذا؟ قال: إني تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب. قال: بارك الله لك (¬2). أوْلمْ ولو بشاة». قال الحافظ: ... عن أبي هريرة قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا رفأ إنسانًا قال: بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير» (¬3). 58 - باب من أحب البناء قبل الغزو 5157 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «غزا نبي من الأنبياء، فقال لقومه: لا يتبعني رجل ملك بُضع امرأة وهو يريد أن يبني ¬

(¬1) هذا يدل على شرعية الوليمة ولو بشيء يسير، وفيه أيضًا الاقتصاد وعدم التكلف في المهور. (¬2) وفيه شرعية الدعاء للمتزوج. (¬3) قلت: وإسناده جيد، رواه أحمد والترمذي من طريق الدراوردي عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة.

59 - باب من بنى بامرأة وهي بنت تسع سنين

بها ولم يبن بها» (¬1). 59 - باب من بنى بامرأة وهي بنت تسع (¬2) سنين 5158 - عن هشام بن عروة عن عروة «تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - عائشة وهي بنت ست سنين، وبنى بها وهي بنت تسع، ومكثت عنده تسعًا». 60 - باب البناء في السفر 5159 - عن أنس قال «أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - بين خيبر والمدينة ثلاثًا يُبنى عليه بصفية بنت حُيَي، فدعوت المسلمين إلى وليمته، فما كان فيها من خبز ولا لحم (¬3) أمر بالأنطاع فألقي فيها من التمر والإقط والسمن، فكانت وليمته، فقال المسلمون: إحدى أمهات المؤمنين، أو مما ملكت يمينه؟ فقالوا: إن حَجَبها فهي من أمهات المؤمنين، وإن لم يحجُبها فهي مما ملكت يمينه. فلما ارتحل وطّأ لها خلفه، ومدَّ الحجاب بينها وبين الناس». 61 - باب البناء بالنهار، بغير مركب ولا نيران 5160 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت «تزوجني النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأتتني أمي فأدخلتني الدار، فلم يُرعني إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضُحى» (¬4). ¬

(¬1) سبب ذلك تعلق قلبه، ولذلك فإنه ينبغي أن يبني بها قبل الغزو، ولئلا يتعلق قبله بها بل يبقى مشغولًا بالجهاد. (¬2) لا بأس أن يزوج الرجل ابنته الصغيرة دون التسع. (¬3) فيه جواز الزواج في السفر، وأن اللحم لا يشترط في الوليمة. (¬4) الإعلان يكفي، فلا يحتاج إلى الإعلان بالنار.

63 - باب النسوة اللاتي يهدين المرأة إلى زوجها ودعائهن، بالبركة

63 - باب النسوة اللاتي يهدين المرأة إلى زوجها ودعائهن، بالبركة (¬1) 5162 - عن هشام بن عروة عن أبيه «عن عائشة أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار، فقال نبي الله - صلى الله عليه وسلم -: يا عائشة، ما كان معكم لهو (¬2)، فإن الأنصار يعجبهم اللهو». 64 - باب الهدية للعروس 5163 - عن أنس بن مالك قال: «مر بنا في مسجد بني رفاعة، فسمعته يقول: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا مرَّ بجنبات أمَّ سُليم دخل عليها فسلم عليها. ثم قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - عروسًا بزينب، فقالت لي أم سليم: لو أهدينا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - هدية، فقلت لها: افعلي (¬3). فعمدت إلى تمر وسمن وأقط فاتخذت حيسة في برمة فأرسلت بها معي إليه، فانطلقت بها إليه، فقال لي: ضعها. ¬

(¬1) إن صح فلعل المؤلف: أشار إلى هذا. (¬2) يعني الدف ونحو ذلك. (¬3) فيه علم من إعلام النبوة من تكثير الطعام للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد وقع هذا كثيرًا للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وفيه أن لا بأس بالهدية للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وفيه مشروعية الدعوة العامة للوليمة، وجواز السلام على المرأة الأجنبية من غير خلوة. قلت: السلام على النساء ينقسم إلى قسمين: 1 - أن يكون على نساء من المحارم كالأم والأخت أو الأجنبيات من المعارف (يعني المرأة المعروفة للشخص سواء كانت قريبة أم لا، كزوجة الأخ مثلًا) فهذا سلام مشروع. 2 - السلام على الأجنبيات غير المعارف فلا ينبغي.

65 - باب استعارة الثياب للعروس وغيرها

ثم أمرني فقال: ادع لي رجالًا سماهم، وادع لي من لقيت. قال ففعلت الذي أمرني، فرجعت فإذا البيت غاص بأهله، فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وضع يديه على تلك الحيسة، وتكلم بها ما شاء الله، ثم جعل يدعو عشرة عشرة يأكلون منه، ويقول لهم: اذكروا اسم الله، وليأكل كل رجل مما يليه، قال: حتى تصدَّعوا كلهم عنها ... الحديث». 65 - باب استعارة الثياب للعروس وغيرها 5164 - عن هشام عن أبيه «عن عائشة - رضي الله عنها - أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت، فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ناسًا من أصحابه في طلبها، فأدركتهم الصلاة فصلوا بغير وضوء، فلما أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - شكوا ذلك إليه، فنزلت آية التيمم، فقال أُسيد بن حضير: جزاك الله خيرًا فوالله ما نزل بك أمر قط إلا جعل الله لك منه مخرجًا، وجعل للمسلمين فيه بركة» (¬1). 66 - باب ما يقول الرجل إذا أتى أهله 5165 - عن ابن عباس قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أما لو أن أحدهم يقول حين يأتي أهله: بسم الله، اللهم جنِّبني الشيطان وجنِّب الشيطان ما رزقتنا، ثم قُدر بينهما في ذلك أو قضِيَ ولد لم يضرَّه شيطان أبدًا». قال الحافظ: ... وقيل لم يضره بمشاركة أبيه في جماع أمه كما جاء عن مجاهد «أن الذي يجامع ولا يسمي يلتفّ الشيطان على إحليله فيجامع معه ¬

(¬1) ومن لا يستطيع الوضوء ولا التيمم صحت صلاة لقوله تعالى {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16].

68 - باب الوليمة ولو بشاة

ولعل هذا أقرب الأجوبة (¬1)، ويتأيد الحمل على الأول بأن الكثير ممن يعرف هذا الفضل العظيم يذهل عنه عند إرادة المواقعة والقليل الذي قد يستحضره ويفعله. 5166 - عن عُقيل عن ابن شهاب قال «أخبرني أنس بن مالك - رضي الله عنه - أنه كان ابن عشر سنين مقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة، فكان أمهاتي يواظبنني على خدمة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فخدمته عشر سنين. وتوفي النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا ابن عشرين سنة، فكنت أعلم الناس بشأن الحجاب حين أُنزل وكان أول ما أنزل في مُبتنى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بزينب بنت جحش: أصبح النبي - صلى الله عليه وسلم - بها عروسًا فدعا القوم فأصابوا من الطعام (¬2)، ثم خرجوا وبقي رهط منهم عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فأطالوا المكث ... الحديث». 68 - باب الوليمة ولو بشاة 5167 - عن أنس - رضي الله عنه - قال «سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عبد الرحمن بن عوف ... - وتزوج امرأة من الأنصار -: كم أصدقتها، قال وزن نواة من ذهب» وعن حميد قال سمعت أنسًا قال: «لما قدموا المدينة نزل المهاجرون على الأنصار، فنزل عبد الرحمن بن عوف على سعد بن الربيع، فقال: ¬

(¬1) قلت: بل هذا من أضعف الأجوبة، وقول مجاهد ليس بشيء ولا يحل الإشكال؛ لأنه ليس تفسيرًا للمراد أصلًا فإن الضرر منفي عن الولد. وقول مجاهد في المشاركة في الجماع وهو موقوف عليه لا حجة فيه والأصح أن التسمية سبب من أسباب الحفظ والصيانة ودفع الضرر عن الولد. (¬2) الوليمة سنة، والقول بالوجوب قول قوي لقوله: أوْلم.

69 - باب من أولم على بعض نسائه أكثر من بعض

أقاسمك مالي، وأنزل لك عن إحدى امرأتيّ، قال: بارك الله لك في أهلك ومالك. فخرج إلى السوق، فباع واشترى، فأصاب شيئًا من أقط وسمن، فتزوج، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أولم ولو بشاة» (¬1). 69 - باب من أولم على بعض نسائه أكثر من بعض 5171 - عن ثابت قال ذُكر تزويج زينب بنت جحش عند أنس فقال: ما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - أولم على أحد من نسائه ما أوْلمَ عليها، أولمَ بشاة. قال الحافظ: ... وقال ابن المنير (¬2): يؤخذ من تفضيل بعض النساء على بعض في الوليمة جواز تخصيص بعضهن دون بعض بالأتحاف والألطاف والهدايا. 71 - باب حق إجابة الوليمة والدعوة 5173 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا دُعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها» (¬3). 73 - باب من أجاب إلى كُراع 5178 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لو دُعيت إلى كُراع لأجبت، ولو أهدي إليّ كراع لقبلت» (¬4). ¬

(¬1) وهذا فيه فضل الأنصار وطيب نفوسهم، رضي الله عنهم وأرضاهم. (¬2) استنباط غير صحيح. (¬3) الوليمة على حسب ما تدعوا إليه الحاجة، والدعوة تجاب في كل مرة، وإذا كان هناك مشقة فإنها لا تلزم. (¬4) هذا يدل على تواضعه، وعلى عظم شأن الدعوة لحصول الألفة بالإجابة. * كروت الدعوة تقوم مقام الدعوة.

74 - باب إجابة الداعي في العرس وغيره

74 - باب إجابة الداعي في العُرس وغيره 5179 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أجيبوا هذه الدعوة إذا دعيتم لها» (¬1). قال الحافظ: ... عن نافع بلفظ «إذا دعا أحدكم أخاه فليجب عرسًا كان أو نحوه» (¬2). قال الحافظ: ... ووقع في حديث جابر عند مسلم (¬3) «إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب، فإن شاء طعم وإن شاء ترك». ¬

(¬1) ولهذا في مسلم: «فليجب عرسًا كان أو نحوه» ولو ما هو بعرس يجيب الدعوة، فظاهر الأدلة الوجوب. (¬2) وسئل الشيخ عن قبول الهدية هل يلزم؟ فقال: الظاهر لا يلزم، فقلت له: حديث أجيبوا الداعي ولا تردوا الهدية رواه أحمد؟ فقال الشيخ: لا أعرفه. قلت: الحديث لا بأس به أخرجه أحمد من طريق إسرائيل عن الأعمش عن شقيق عن عبد الله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - المسند (1/ 404). * إذا اجتمع الداعيان أجاب السابق. (¬3) برقم (1430) من طريق سفيان عن أبي الزبير عن جابر.

75 - باب ذهاب النساء والصبيان إلى العرس

قال الحافظ: ... وتحمل رواية جابر على من كان صائمًا، ويؤيده رواية بن ماجه (¬1) فيه بلفظ «من دعي إلى طعام وهو صائم فليجب، فإن شاء طعم وإن شاء ترك». 75 - باب ذهاب النساء والصبيان إلى العرس 5180 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «أبصر النبي - صلى الله عليه وسلم - نساء وصبيانًا مقبلين من عرس فقام ممتنًا فقال: اللهم أنتم من أحب الناس إليّ» (¬2). 76 - باب هل يرجع إذا رأى منكرًا في الدعوة؟ 5181 - عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها أخبرته أنها اشترت نمرقة فيها تصاوير، فلما رآها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام على الباب فلم يدخل، فعرفت في وجهه الكراهية، فقلت يا رسول الله أتوب إلى الله وإلى رسوله (¬3)، ماذا أذنبت؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما بال هذه النمرقة؟ قالت فقلت اشتريتها ¬

(¬1) قلت: تفرّد بها أحمد بن يوسف السلمي عن أبي عاصم عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر، وقد خالفه ابن نمير وهو الحافظ المشهور محمد ابن عبد الله بن نمير، والحديث يروى من طريق ابن مهدي وعبد الله بن نمير كلاهما عن سفيان الثوري عن أبي الزبير به، دون زيادة: وهو صائم. (¬2) المقصود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بين فضل الأنصار؛ ولهذا قال حُبّ الأنصار آية الإيمان. (¬3) أتوب إلى الله من حقه، وأتوب إلى رسوله من حقه؛ ولهذا في اللفظ الآخر: أتوب إلى الله لا إلى رسوله، فقال: عرفت الحق لأهله.

77 - باب قيام المرأة على الرجال في العرس وخدمتهم بالنفس

لك لتقعد عليها وتوسَّدها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن أصحاب هذه الصور يعذَّبون يوم القيامة، ويقال لهم أحيوا ما خلقتم، وقال: إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة» (¬1). قال الحافظ: ... فقال ابن عمر: «يا فلان متى تحولت الكعبة في بيتك؟ ثم قال لنفر معه من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -: ليهتك كل رجل ما يليه» (¬2). 77 - باب قيام المرأة على الرجال في العرس وخدمتهم بالنفس 5182 - عن سهل قال: «لما عرَّس أبو أُسيد الساعدي دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه فما صنع لهم طعامًا ولا قرَّبه إليهم إلا امرأته أم أُسيد، بلَّت تمرات في تور من حجارة من الليل، فلما فرغ النبي - صلى الله عليه وسلم - من الطعام أماثته له فسقته تتحفه بذلك» (¬3). 78 - باب النقيع والشراب الذي لا يُسكر في العرس 5183 - عن سهل بن سعد أن أبا أسيد الساعدي دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - لعرسه فكانت امرأته خادمهم يومئذ وهي العروس فقالت أو قال: أتدرون ما أنقعت ¬

(¬1) وهذا يدل على تعظيم شأن الصور وشدة خطرها، فلا يجوز تعليقها؛ ولهذا هتكها، وفيه الوعيد على الصور المرقومة كما هو الوعيد على الصور المجسمة. (¬2) في رواية مسلم: «إنا لم نؤمر أن تستر الجدر» أقل أحواله الكراهة؛ لأنه نوع إسراف لا حاجة إليها. * ستائر النوافذ لا بأس بها، وكذا إذا كان على الأبواب أمَّا على الجدر فينكر. (¬3) هذا كان قبل الحجاب، وأو خدمة بلا بروز، فما فيه بروز قبل الحجاب.

79 - باب المداراة مع النساء وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - «إنما المرأة كالضلع»

لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ أنقعت له تمرات من الليل في تور» (¬1). 79 - باب المُداراة مع النساء وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - «إنما المرأة كالضِّلع» 5184 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «المرأة كالضِّلَع: إن أقمتها كسرتها، وإن استمتعت بها استمتعت بها وفيها عِوَج» (¬2). 80 - باب الوصاة بالنساء 5187 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال «كنا نتَّقي الكلام والانبساط إلى نسائنا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - هيبة أن ينزل فينا شيء، فلما توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - تكلمنا وانبسطنا» (¬3). 81 - باب {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [التحريم: 6] 5188 - عن عبد الله قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كلكم راع وكلكم مسئول: فالإمام راع وهو مسئول، والرجل راع على أهله وهو مسئول، والمرأة ¬

(¬1) الشراب لا بأس به من التمر أو من العسل لا بأس به؛ لأنه لا يسكر والممنوع إن كان مسكرًا. (¬2) في اللفظ الآخر: «استوصوا بالنساء خيرًا فإنهن خلقن من ضلع ... » الحديث، وفيه الصبر على النساء وعدم مطالبتهن بالكمال فلابد من نقص، فهذا من أخلاق الرجال الكرام، وكان عليه الصلاة والسلام ذا صبر كثير وتحمل وحسن خلق لأهله. (¬3) وهكذا السنة الوصية بالمرأة.

82 - باب حسن المعاشرة مع الأهل

راعية على بيت زوجها وهي مسئولة، والعبد راع على مال سيده وهو مسئول، ألا فكلكم راع وكلكم مسئول» (¬1). 82 - باب حسن المعاشرة مع الأهل 5189 - عن عائشة قالت: «جلس إحدى عشرة امرأة فتعاهدن وتعاقدن أن لا يكتُمن من أخبار أزواجهن شيئًا. قالت: الأولى: زوجي لحمُ جمل غث على رأس جبل، لا سهل فيرتقى، ولا سمين فيُنتقل. قالت الثانية: زوجي لا أبث خبره، إني أخاف أن لا أذره، إن أذكره أذكر عُجرَهُ وبُجره، قالت الثالثة: زوجي العشنَّق (¬2). إن أنطق أُطلق، وإن أسكت أُعلِّق. قالت الرابعة: زوجي كليل تهامة، لا حرٌ ولا قرٌ ولا مخافة ولا سآمة. قالت الخامسة: زوجي إن دخل فهدَ، وإن خرج أسدَ، ولا يسأل عما عهد. قالت السادسة: زوجي إن أَكل لف، وإن شرب اشتف، وإن اضطجع التف، ولا يولج الكفَ ليعلم البثَّ (¬3). قالت السابعة: زوجي غياياء - أو عياياء - طباقاء، كل داء له داء، شجَّك أو فلَّك أو جمع كلاّ لك (¬4). قالت الثامنة: زوجي المسُّ مس أرنب، والريح ريح زَرنَب (¬5). قالت التاسعة: ¬

(¬1) هذا حديث عظيم يدل على وجوب العناية بالأهل. * رئيس الشركة راع، رئيس العمال راع، شيخ القبيلة راع. (¬2) الطويل المذموم الطول. * وأخذ شيخنا يبتسم عند قراءة هذا الحديث. (¬3) الله المستعان. (¬4) لا حول ولا قوة إلا بالله. (¬5) طيب. * العرضة التي فيها دفوف وطبول لا (ممنوع). * زيادة: غير أن أبا زرع طلَّق ولا أطلق، قال الشيخ: ما أعرفها.

زوجي رفيع العماد، طويل النجاد، عظيم الرماد، قريب البيت من الناد. قالت العاشرة: زوجي مالك وما مالك، مالك خير من ذلك له إبل كثيرات المبارك، قليلات المسارح، وإذا سمعن صوت المزهر، أيقنَّ أنهن هوالك. قالت الحادية عشرة: زوجي أبو زرع وما أبو زرع، أناس من حُليٍّ أذنيَّ، وملأ من شحم عضُديَّ، وبجَّحني فبجحت إليَّ نفسي ... الحديث ... قالت عائشة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كنت لك (¬1) كأبي زرع لأم زرع. قال سعيد بن سلمة قال هشام: ولا تُعشِّش بيتنا تعشيشًا. قال أبو عبد الله وقال بعضهم فأتقمَّح بالميم وهذا أصح». 5190 - عن عائشة قالت كان الحبش يلعبون بحرابهم فسترني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أنظر، فما زلت أنظر حتى كنت أنا أنصرف، فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن تسمع اللهو (¬2). ¬

(¬1) هذا هو الشاهد من القصة. * أقرهم على اللعب في المسجد لأجل التمرن على الجهاد والقوة. (¬2) وهذا يدل على جواز النظر إلى عموم الرجال، والممنوع النظر بشهوة؛ ولهذا أقرها النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ ولهذا قال: {يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [النور: 31] ولم يقل يغضضن أبصارهن. * عند البيع والشراء على المرأة التستر، أما إذا كانت أمةً يشتريها فله النظر إلى ما يحتاج.

83 - باب موعظة الرجل ابنته لحال زوجها

83 - باب موعظة الرجل ابنته لحال زوجها 5191 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «لم أزل حريصًا على أن أسأل عمر بن الخطاب عن المرأتين من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - اللتين قال الله تعالى: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4] (¬1) حتى حجَّ وحججت معه، وعدل وعدلت معه بإداوة، فتبرز ثم جاء فسكبت على يديه منها فتوضأ، فقلت له: يا أمير المؤمنين من المرأتان من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - اللتان قال الله تعالى {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4]، قال: واعجبا لك يا ابن عباس، هما عائشة وحفصة ثم استقبل عمر الحديث يسوقه، قال: كنت أنا وجار لي من الأنصار في بني أمية بن زيد وهم من عوالي المدينة، وكنا نتناوب النزول على النبي - صلى الله عليه وسلم - فينزل يومًا وأنزل يومًا، فإذا نزلت جئته بما حدَث من خبر ذلك اليوم من الوحي أو غيره، ... الحديث». ¬

(¬1) وهذا الخبر الطويل يدل على أن الرسل يمتحنون وهم أفضل الخلق، وأن النساء يحصل منهن التكدير للزوج؛ ولهذا هجرهن شهرًا تأديبًا لهن، فدل على جواز هجرهن في غير المضاجع. * الهجر شهرًا وأكثر للحاجة؟ لا بأس من لم يزد على أربعة أشهر. * وفيه الصبر وعدم العجلة في الأمور وعدم العجلة في الطلاق، فليصبر، وفيه حصول الشدة له عليه الصلاة والسلام وقلة المال.

84 - باب صوم المرأة بإذن زوجها تطوعا

84 - باب صوم المرأة بإذن زوجها تطوعا 5192 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تصوم المرأة وبعلُها شاهد إلا بإذنه» (¬1). 5194 - عن أبي هريرة قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى ترجع» (¬2). 86 - باب لا تأذن المرأة في بيت زوجها لأحد إلا بإذنه 1595 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه، وما أنفقت من نفقة عن غير أمره فإنه يؤدَّى إليه شطرُه» (¬3). ¬

(¬1) الواجب على المرأة مراعاة حال الزوج، وهذا في صوم التطوع، وأما الواجب بل تصوم كالكفارات والنذر إذ هي واجبة على الفور، وهكذا النذر إذا كان معلقًا أما إذا كان مطلقًا فمحل نظر فالأقرب أنه يقدم حق الزوج. (¬2) وهذا وعيد شديد وعلى طالب العلم أن ينبه النساء على هذا لئلا تفعل هذا النساء لأسباب تافهة وهذا إذا كان بغير حق. أما إذا كان بحق فلا يدخل فإنه إذا ضيع حقها لا تكون في البيت بالكلية. * وإذا كان مقيمًا على بعض المعاصي كشرب الخمر وترك الصلوات فالمرأة لها أن تطلب الطلاق. (¬3) ليس لها أن تأذن لوالديها إلا بإذنه. * الإذن تارة يكون النطق، وتارة بالعرف, إذا شكَّت فلابد أن يكون الإذن صريحًا.

87 - باب

87 - باب 5196 - عن أسامة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «قمت على باب الجنة، فكان عامة من دخلها المساكين (¬1)، وأصحاب الجد محبوسون، غير أن أصحاب النار قد أُمر بهم إلى النار، وقمت على باب النار فإذا عامة من دخلها النساء» (¬2). 88 - باب كفران العشير وهو الزوج وهو الخليط من المعاشرة 5197 - عن عبد الله بن عباس أنه قال: «خسفت الشمس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والناس معه، فقام قيامًا طويلًا نحوًا من سورة البقرة، ثم ركع ركوعًا طويلًا ثم رفع فقام قيامًا طويلًا وهو دون القيام الأول ... الحديث ... ورأيت أكثر أهلها النساء، قالوا لم يا رسول الله؟ قال بكفرهن. قيل يكفرن بالله؟ قال يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر، ثم رأت منك شيئًا، قالت: ما رأيت منك خيرًا قط» (¬3). 89 - باب لزوجك عليك حق 5199 - عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا عبد الله، ألم أُخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل؟ قلت؟ بلى يا رسول الله. قال: فلا تفعل، صُم وأفطر، وقم ونم، فإن لجسدك عليك حقًا، وإن لعينك عليك حقًا، وإن لزوجك عليك حقًا» (¬4). ¬

(¬1) هذا فيه تسلية وتعزية للفقراء. (¬2) يجب على المؤمن أن يحذر أهله من الأعمال التي توجب النار. (¬3) فيه التحذير من كفران العشير. (¬4) في اللفظ الآخر «وأن لزورك عليك حقًا».

92 - باب هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - نساءه في غير بيوتهن

92 - باب هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - نساءه في غير بيوتهن 5202 - عن أم سلمة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حلف لا يدخل على بعض أهله شهرًا فلما مضى تسعة وعشرون يومًا غدا عليهن - أو راح - فقيل له: يا نبي الله حلفت أن لا تدخل عليهن شهرًا، قال إن الشهر يكون تسعة وعشرين يومًا» (¬1). 93 - باب ما يُكره من ضرب النساء 5204 - عن عبد الله بن زمعة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يجامعها في آخر اليوم» (¬2). 94 - باب لا تُطيع المرأة زوجها في معصية 5205 - عن صفية عن عائشة: «أن امرأة من الأنصار زوجت ابنتها، فتمعَّط شعر رأسها، فجاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له فقالت: إن زوجها أمرني أن أصل في شَعرها فقال: لا، إنه قد لُعن الموصِّلات» (¬3). 96 - باب العزل 5207 - عن عطاء عن جابر قال: «كنا نعزل على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -». ¬

(¬1) إذا هجرهن جميعًا كان في غير بيته، وإذا هجر واحدة كان معها في البيت يهجرها في البيت فيوليها ظهره. (¬2) ينبغي للعبد أن ينظر في العواقب. (¬3) الطاعة في المعروف، فليس لها وصل شعرها ولو أمرها زوجها.

97 - باب القرعة بين النساء إذا أراد سفرا

5208 - عن عطاء أنه سمع جابرًا - رضي الله عنه - يقول: «كنا نعزل والقرآن ينزل» (¬1). 97 - باب القرعة بين النساء إذا أراد سفرًا 5211 - عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه، فطارت القرعة (¬2) لعائشة وحفصة، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان بالليل سار مع عائشة يتحدث، فقالت حفصة ألا تركبين الليلة بعيري وأركب بعيرك تنظرين وأنظر، فقالت بلى فركبت فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى جمل عائشة وعليه حفصة فسلم عليها ثم سار حتى نزلوا وافتقدته عائشة، فلما نزلوا جعلت رجلَيها بين الإذخر وتقول: ربِّ سلِّط عليِّ عقربًا أو حية تلدغني ولا أستطيع أن أقول له شيئًا». ¬

(¬1) هذا يدل على جواز العزل، وفي رواية مسلم فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم ينهنا. والعزل من الأسباب التي تمنع حصول الولد، وكل هذا يفعل غالبًا مع الإماء، والصواب لا حرج منه عند الحاجة إليه. * وحديث النهي عن العزل عن الحرة إلا بإذنها ضعيف، ومعناه صحيح. (¬2) قلت هذا بحيث التعدد. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ... أما بعد: فهذا ملخص نافع -إن شاء الله- في أحكام تهم الذي تزوج أكثر من زوجة كتبته تيسيرًا على المعددين وتقريبًا للفقه بين المسلمين بعد طلب بعض الفضلاء لكثرة الجهل في أحكام القسم بين النساء عند الخلق إلا من =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= رحم الله وقد انتقيته من كتب الحديث وشروحها وكتب الفقه والنوازل والقواعد الفقهية. والله أسأل أن يجعله طريقًا لنيل رضاه ومقربًا لجنات النعيم يوم لقاه. وصلى الله وسلم على رسول الله. 1 - يجب العدل بين الزوجات قال ربنا جل في علاه: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3] وقد روى أحمد والأربعة من طريق همام عن قتادة عن النضر بن أنس عن بِشير بن نَهيك عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من كان له امرأتان فما إلى أحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل». قال أبو عيسى وإنما أسند هذا الحديث همام بن يحيى عن قتادة ورواه هشام الدستوائي عن قتادة قال كان يقال ولا نعرف الحديث مرفوعا إلا من حديث همام وهمام ثقة حافظ. أ. هـ. وفي العلل الكبير قال حديث همام أشبه. أ. هـ. قلت وهذا مصير من الترمذي إلى ترجيح المرفوع وهو الصواب إن شاء الله. فالحديث ثابت. والعدل الواجب هنا في القسم والسكن والكسوة والنفقة، وهل العدل في الواجب من ذلك فقط، أم يشمل العدل في الواجب والمستحب والمباح؟ فعلى القول الأول يجب العدل في الواجب من النفقة والملبس والمسكن فما فضل بعد ذلك من مال أو ملابس أو حلي أو سعة في مسكن فهذا كله لا ينافي العدل لأن ما زاد نفل والنفل فضل وهذا اختيار شيخنا ابن باز، ونص عليه أحمد رحمهما الله. انظر المغني (10/ 242) وهو قول أكثر أهل العلم وجمهورهم ولهذا قال الحافظ أبو الفضل ابن حجر في فتح الباري على قول البخاري باب العدل بين النساء، وذكر الآية {وَلَنْ =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ} قال ما نصه أشار بذكر الآية إلى أن المنتهى فيها العدل بينهن من كل جهة وبالحديث إلى أن المراد بالعدل التسوية بينهن بما يليق بكل منهن فإذا وفَّى لكل واحدة منهن كسوتها ونفقتها والإيواء إليها لم يضره ما زاد على ذلك من ميل قلب أو تبرع بتحفة. أ. هـ. والقول الثاني العدل واجب في كل ما يقدر عليه مما يجب عليه أو يستحب أو يباح وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية كما نقله صاحب الإنصاف وكذلك اختيار الشيخ ابن عثيمين رحمهما الله، وقال بعض أهل العلم التسوية في مثل هذا تشق فلو وجب لم يمكنه القيام به إلا بحرج فسقوط وجوبه أقرب. وعدم العدل بين الزوجات من كبائر الذنوب ولهذا توعد عليه في الآخرة بسقوط شقه والجزاء من جنس العمل فلما مال في الدنيا عن العدل جاء بهذه الصفة يوم القيامة على رؤوس الأشهاد. وأما العدل في المحبة والجماع، فعامة العلماء على عدم وجوبه لأنه ليس في ملكه، ولهذا قال ابن القيم في الهدي (5/ 151) لا تجب التسوية بين النساء في المحبة فإنها لا تملك وكانت عائشة - رضي الله عنها - أحب نسائه إليه وأخذ من هذا أنه لا تجب التسوية بينهن في الوطء لأنه مُوقف على المحبة والميل وهي بيد مقلب القلوب، وفي هذا تفصيل وهو أنه إن تركه لعدم الداعي إليه وعدم الانتشار فهو معذور وإن تركه مع الداعي إليه ولكن داعيه إلى الضرة أقوى فهذا مما يدخل تحت قدرته وملكه فإن أدى =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= الواجب عليه منه لم يبق لها حق ولم يلزمه التسوية وإن ترك الواجب منه فلها المطالبة به. أ. هـ. وقد روى أبو داود والنسائي من طريق حماد بن سلمة عن أيوب عن أبي قلابة عن عبدالله بن يزيد عن عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقسم بين نسائه فيعدل ثم يقول (اللهم هذا فعلي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك) ورواه حماد بن زيد عن أيوب فأرسله لم يذكر فيه عائشة وهو المحفوظ. والنبي - صلى الله عليه وسلم - كان يحب عائشة أكثر من سائر أزواجه وهذا أمر مشهور عنه - صلى الله عليه وسلم - وفي الصحيح عن عمرو بن العاص لما سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أي الناس أحب إليك قال: عائشة، قال من الرجال قال أبوها ... الحديث. وبوب البخاري: باب حب الرجل بعض نسائه أفضل من بعض على حديث ابن عباس والجماع تابع لشهوة النفس وانبعاثها ومحبتها .. وحيث قلنا لا يجب العدل في الجماع لكن يجب أن يعفها ويعاشرها بالمعروف وكذلك لا يجب العدل في مقدمات الجماع من أنواع الاستمتاعات لكن يستحب ذلك وروي عن بعض السلف أنه كان يعدل بين نسائه حتى في القُبل. 2 - القسم يكون بين الزوجات يوم لهذه ويوم لتلك .. فإن أحب أن يقسم يومين يومين أو ثلاثة ثلاثة فقيل يجوز له ذلك وقيل بل لابد من رضاهن فيما زاد على اليوم وهذا أرجح لأن في العمل به إزالة الوحشة عنهن لقرب عهده بهن اللهم أن يكون للزوج غرض صحيح في الزيادة =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= على اليوم لا يمكن إدراكه إلا بذلك فيجوز والحالة هذه بلا رضاهن. 3 - القسم يكون للمريضة والحائض والنفساء، فلا يسقط حقهن في القسم لأجل ما عرض لها، وكذا يقسم لمن آلى منها أو ظاهر منها أو رتقاء أو مُحرمة وكذا يقسم لكتابية ومجنونة إلا أن تكون غير مأمونة لأنه لا يحصل الأنس بها ولا لها وكذا يجب القسم على الزوج المريض والعنِّين والمجنون إلا إن يكون غير مأمون لأنه لا يحصل منه أنس، وأصل المسألة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في مرضه (أين أنا غدًا) رواه البخاري. ولأن القسم القصد منه السَكن والأنس، وهو حاصل بالمبيت. 4 - إذا مرضت إحدى زوجاته ولم يوجد لها متعهد أو ممرض واحتاجت لتعهد زوجها فإنه يمكث معها ويقضي للباقيات بعد البرء فإن ماتت تعذر القضاء لأنه. إنما يحسب من نوبتها، وإذا تعذر القسم للمريضة من أجل كونها في مستشفى، فإنه لا قسم لها ولا يقضي لها بعد خروجها من المستشفى كسفرها في حاجتها بإذنه على القول الراجح. 5 - القسم عماده بالليل، والنهار تبع له .. ولهذا قالت عائشة - رضي الله عنها -: (قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيتي وفي يومي) وإنما قبض النبي - صلى الله عليه وسلم - نهارًا، والنهار تبع الليلة الماضية، وأما من كان معاشه بالليل كالحارس ونحوه فقسمه يكون بالنهار. 6 - الزوجة المغمى عليها يسقط حقها في القسم لتعذر حصوله لها ولا قضاء لها. 7 - لا قسم للناشز ولا المطلقة الرجعية. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= 8 - يجوز الدخول على نسائه نهارًا والمكث قليلًا ولو في غير نوبتهن، ولهذا قال البخاري باب دخول الرجل على نسائه في اليوم ثم أسند حديث عائشة قالت: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا انصرف من العصر دخل على نسائه فيدنو من إحداهن .. ). ولفظه عند أبي داود (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يفضل بعضنا على بعض في القسم في مكثه عندنا وكان قلّ يوم إلا وهو يطوف علينا جميعًا فيدنو من كل امرأة من غير مسيس حتى يبلغ التي هو يومها فيبيت عندها) ولفظ البيهقي (7/ 300) (يطوف علينا جميعًا فيقبل ويلمس ما دون الوقاع .. ). وهذا الدخول للحاجة من دفع نفقة أو عيادة أو سؤال عن أمر يحتاج إلى معرفته أو زيارة لبعد عهده بها وكذلك للتأنيس والمباشرة والتقبيل من غير جماع. وهذا كما ترى لا ينافي العدل بل هو العدل، ولهذا قال ابن القيم في الهدي (5/ 152) في حكمه - صلى الله عليه وسلم - في قسم الابتداء والدوام بين الزوجات وذكر من فوائد حديث عائشة (أن الرجل له أن يدخل على نسائه كلهن في يوم إحداهن ولكن لا يطؤها في غير نوبتها). وأما الدخول ليلًا لغير صاحبة النوبة فقد صرح العلماء بتحريمه إلا لضرورة تستدعي ذلك كحريق ومرض مفاجئ، ونحو ذلك من الضرورات أو الحاجات الملحة. 9 - يجوز للرجل جماع نسائه كلهن في ساعة واحدة ولو كان في نوبة إحداهن فقد روى البخاري من طريق هشام الدستوائي عن قتادة عن أنس قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدور على نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= وهن (إحدى عشرة) قال قتادة قلت لأنس أو كان يطيقه؟ قال كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلاثين وقال سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس (تسع نسوة). وبوب عليه البخاري: من طاف على نسائه في غسل واحد، وجاء نحوه عن عائشة قالت: (كنت أطيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيطوف على نسائه ثم يصبح محرمًا ينضخ طيبًا) أخرجه البخاري أيضًا، فمثل هذا جائز كما ثبت به الخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا كان هذا بإذن صاحبة النوبة أو كان عادة للإنسان أنه ربما وطيء نسائه كلهن في نوبة إحداهن فلا بأس إذ لا جور في ذلك بل هو عدل، وقد كان هذا من عادة سيد الخلق - صلى الله عليه وسلم -. فإن اغتسل بعد كل جماع فحسن وإن توضأ فهو حسن، وأقل الأحوال أن يغسل ذكره حتى لا تختلط المياه لاختلاف الأرحام. 10 - يجوز اجتماع النساء في بيت صاحبة النوبة وهل إذا لم تحضر تكون ناشزًا؟ فيه تفصيل: إن كان الاجتماع في بيت الزوج؟ نعم. 11 - لا يجوز أن يجمع بين ضرتين في مسكن واحد إلا برضاهن. 12 - لا يجوز أن يستمتع الزوج بزوجته بحضرة أخرى، لا بجماع ولا بغيره .. (انظر فتح الملهم التكملة 1/ 97). 13 - إذا تزوج البكر على الثيب (زوجته أو زوجاته السابقات قطع الدور) وأقام عند البكر سبعة أيام ثم قسم وإذا تزوج ثيبًا على زوجته أو زوجاته السابقات قطع الدور وأقام عندها ثلاثة أيام ثم قسم فإن أرادت الثيب الجديدة أن يمكث عندها سبعًا فلها ذلك إذا رضي الزوج، فإن سبَّع لها سبَّع لسائر زوجاته، ففي الصحيحين عن أنس - رضي الله عنه - أنه قال: من السنة إذا تزوج الرجل البكر على الثيب أقام عندها سبعًا وقسم، وإذا =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= تزوج الثيب أقام عندها ثلاثًا ثم قسم. قال أبو قلابة الراوي عن أنس: لو شئت لقلت إن أنسًا رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي صحيح مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما تزوج أم سلمة أقام عندها ثلاثًا فأراد أن يخرج فأخذت بثوبه فقال لها إنه ليس بك على أهلك هوان إن شئت سبَّعت لك، وإن سبَّعت لك سبعت لنسائي وإن شئت ثلَّثت ثم درت قالت: ثلَّث) أ. هـ- (من مجموع الألفاظ عند مسلم). ومعنى قوله (ليس بكِ على أهلكِ هوان) يعني بأهلك نفسه عليه الصلاة والسلام، ومعنى هوان أي هون يريد أنك عزيزة وغالية ولكن هذا القسم هو الحق. وتخيير الزوج الثيب بين ثلاث وسبع ليس بواجب بل هو سنة ولا يجب على الزوج مشاورة البواقي فيما تختار الثيب الجديدة، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يشاور زوجاته في ذلك. فإن قيل لم زاد الثيب أربعة أيام وقضى البواقي سبعًا قيل هذا من العدل لأنه أخر حقهن وزاد الأولى أربعًا. فإن قيل لما خص البكر بسبع والثيب بثلاث قيل الحكمة ظاهرة لوجهين. أولاً: قوة الرغبة في البكر غالبا. (وفي هذا مراعاة الرجل). ثانيا: استيحاش البكر من الرجال غالبًا فزيد في المدة للإستئناس. (وفي هذا مراعاة للمرأة). 14 - وإذا تزوج بكرًا على بكر ويتصور هذا لو عقد على بكر وتردد عليها من غير جماع ثم تزوج بكرًا أخرى فهل حكمه كحكم من تزوج بكرًا على ثيب؟ =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= الجواب نعم ويكون معنى قوله: (تزوج البكر على الثيب) من باب الأغلب مع أن هذه الصورة نادرة. 15 - تجب الموالاة في سبع البكر وثلاث الثيب ولو فرق لم تحسب أصلا على القول الراجح. 13 - بعد انقضاء أيام البكر أو الثيب يدور على باقي نسائه وتصبح الجديدة آخرهن نوبة. 16 - إذ سافر بجديدة وقديمة بقرعة أو برضى البواقي تمم للجديدة حق العقد ثم قسم بينها وبين الأخرى. 18 - إذا أقام الزوج عند الثيب سبعا فأقام بغير اختيارها في الأربع الزائدة فانه يقضي للباقيات الأربع الزائدة فقط لأن مكثه عندها بغير رضاها فلم تؤاخذ به. 19 - وإذا تزوج بكرين في عقد واحد كما لو عقد له رجل على ابنته وابنة أخيه (ابنتي عم) فإنه يقرع بينهما فإذا خرجت قرعة إحداهن مكث عندها سبعًا ثم الأخرى سبعًا وإن تقدم عقد إحداهما على الأخرى فزفت إليه قبلًا فهي المقدمة بلا قرعة. 20 - إذا تزوج امرأة بكرًا أو ثيبًا وليس عنده غيرها، فلا يتعين عليه التسبيع أو التثليث، لأنه لم ينكحها على غيرها، وهي طِلق له دهرها، فلم تقع المشاحة في الزمن حتى يلزمه التسبيع أو التثليث على القول الراجح. 21 - لو تزوج وهو في سفر ومعه بعض نسائه قسم للجديدة ثلاث أو سبع (بحسب حالتها) ثم عدل بينها وبين المستصحبات في السفر. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= 22 - إذا سافر الزوج بنسائه كلهن أو بدونهن فلا إشكال، وكذا إذا سافر بواحدة أو أكثر وترك البعض ورضي المقيمات بذلك فلا إشكال أيضًا، فإن أبين فلا بد من القرعة فمن خرجت قرعتها سافر بها سواء في يومها أو في يوم غيرها، وإذا عاد من سفره قسم لهن ولم يقض للمقيمات. ففي الصحيحين عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه فآيتهن خرج سهمها خرج بها معه) قال ابن القيم في الهدي (5/ 151) إذا أراد السفر لم يجز أن يسافر بإحداهن إلا بقرعة، وقال: إنه لا يقضي للبواقي إذا قدم، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يقضي للبواقي. أ. هـ. أما إذا خرج بدون قرعة بإحداهن أو بعضهن فإنه إذا قدم يقضي للبواقي حقهن متواليا ويحسب عليه مدة غيابه بما فيها الذهاب والإياب، وقولنا يقضي حقهن متواليا لأن هذا حق مجتمع في ذمته فليقضه من غير تأخير ومن ضرورة ذلك التوالي ولا يقسط عليهن إلا بإذنهن. قال في الإنصاف: إذا رضي الزوجات بسفر واحدة معه، فإنه يجوز بلا قرعة نعم إذا لم يرض الزوج بها وأراد غيرها أقرع. أ. هـ. قلت: فإن خرج سهم التي لم يردها أولًا لزمه السفر بها. 23 - إذا سافر بزوجتين بقرعة عدل بينهما فان ظلم أحداهما قضى لها بالسفر فان لم يتفق قضى في الحضر من نوبة التي ظلمها بها. 24 - لو استصحب واحدة بقرعة وأخرى بلا قرعة عدل بينهما أيضا ثم إذا رجع قضى للمخلفة من نوبة المستصحبة بلا قرعة. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= 25 - إذا سافر الزوج بامرأة لحاجتها فإنه يقضي للبواقي. 26 - إذا سافرت الزوجة في حاجة لها ولزوجها جميعًا فلا يسقط حقها في القسم فيقضي لها إذا عادت وضم حاجتها إلى حاجته لا يضرها. 27 - إذا خرجت القرعة لإحداهن في السفر لم يجز السفر بغيرها فإن أبت صاحبة القرعة فله إكراهها على السفر معه فإن أبت فهي ناشز عاصية وللزوج استئناف القرعة مرة أخرى. 28 - من لا يمكن اصطحابها في السفر لمرض أو نحوه فإنه يخرج بالأخرى فإن كن أكثر من اثنتين أقرع بينهن لأن القرعة إنما تكون مع استواء حالهن وصلاحيتهن للسفر وهذه قاعدة القرعة. 29 - إذا سافرت المرأة في حاجة لها بإذن الزوج فلا قسم لها، فإذا عادت لا يقضي لها على القول الراجح، وإذنه لها لدفع الإثم عنها، وأما إذا سافرت في حاجة له أي للزوج بإذنه، فإنه يقضي لها إذا عادت وأما إذا سافرت في حاجة لها بلا إذن الزوج فهي عاصية ناشز لا قسم لها ولا نفقة. 30 - لو سافر ببعض نسائه بقرعة فأراد إبقاء إحداهن أو بعضهن في بعض المنازل في السفر فبالقرعة. 31 - لو خرج مسافرًا وحده ثم نكح في سفره لم يلزمه القضاء للباقيات لأنه تجدد حقها في وقت لم يكن عليه تسوية وإن خرج لأجل النكاح احتسب عليه مدة الغياب بعد حق المنكوحة. 32 - إذا سافر بإحدى زوجاته بقرعة إلى محل ثم بدا له غيره أو أبعد منه فله أن يصحبها معه لأن حكمه حكم سفر القرعة. 33 - إذا تزوج امرأة وأراد السفر بها لم يجز إلا بقرعة بينها وبين =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= نسائه ويحتمل أن له السفر بلا قرعة ووجه ذلك أن القسم قسمان ابتدائي واستمراري وهذه الجديدة قسمها ابتدائي بنص الحديث تستحقه بلا قرعة وشرط القرعة تساوي جهات الاستحقاق وهذه لها البداءة كما لو تزوجها ومكث أيامًا ثم سافر بها قبل انقضاء حق العقد فلم يحتج إلى القرعة فكذا في مسألتنا ويتداخل حق العقد مع حق السفر فإن قدم من سفره قبل مضي مدة ينقضي بها حق العقد أتمه في الحضر. 34 - للمرأة أن تهب ليلتها لإحدى ضراتها فإن لم يقبل الزوج فإنه يقسم للواهبة ويرد هبتها وإن قبل فلا يجوز للزوج جعلها لغير الموهوبة وإن وهبتها للزوج فله جعلها لمن شاء منهن، وفي حال هبتها لضرتها إذا كانت ليلة الواهبة تلي ليلة الموهوبة قسم لها ليلتين متواليتين، وإن كانت لا تليها، فهل له نقلها إلى مجاورتها؟ الصحيح عدم الجواز إلا بإذن البواقي، لأن في ذلك تأخير حق غيرها، وتغيير لليلتها بغير رضاها، (وهو اختيار صاحب المغني) وللزوج إن وهبته إحدى نسائه ليلتها له أن يجعلها مرة لأحدى نسائه ومرة لأخرى أو يجعله مشاعًا بينهن ومعنى مشاعًا بينهن أن وجود الواهبة كعدمها فيبقى القسم للأخريات بينهن. وأصل المسألة ما ثبت في الصحيحين عن عائشة - رضي الله عنها - (أن سودة بنت زمعة وهبت يومها لعائشة وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقسم لعائشة بيومها ويوم سودة). وللواهبة أن ترجع متى شاءت في المستقبل دون الماضي لأن الأيام تتجدد فهي هبة في شيء لم يقبض فحقها يتجدد أما الماضي فقد قبض ولا رجعة لها فيه. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= وقولنا (للواهبة أن ترجع متى شاءت) هذا ما لم يكن صلحًا بينهما كما لو كره الزوج المقام معها أو عجز عن حقوقها أو بعض حقوقها فخيرها بين الطلاق وبين المقام معه على أن لاحق لها في القسم والوطء والنفقة أو في بعض ذلك بحسب ما يتفقان عليه، فإن رضيت بذلك لزم وليس لها المطالبة بعد الرضى وليس لها الرجوع بعد ذلك فإن هذا الصلح جرى مجرى المعاوضة وهذا هو الصواب الذي لا يسوغ غيره. أ. هـ. انظر زاد المعاد (5/ 153). 35 - يباح للرجل إذا كره من إحدى نسائه شيئًا أن يخبرها بين الأثرة عليها أو الطلاق. فإن اختارت الطلاق فالأمر ظاهر. وإن اختارت البقاء مع الأثرة فلا صبر عليه لأنه لا يلزمه إمساكها، ولهذا، هبت سودة يومها لعائشة، وفي الباب قصة أبي رافع مع ابنة محمد بن مسلمة (انظر التمهيد 16/ 379). 36 - لو وهبت نوبتها لامرأة معينة وأذن الزوج وأبت الموهوبة فيقسم للموهوبة ولا يشترط رضاها. 37 - إذا شق القسم على الزوج المريض فإنه يستأذن زوجاته في المكث عند إحداهن كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا أذنَّ له مكث عند إحداهن فإذا أبين إلا أن يدور أو تشاححن ولم يكن به قدرة على الدوران فإنه يقرع فأبتهن خرج سهمها مكث عندها وعلم مما تقدم أنه إذا كان مرضه لا يمنعه من القسم فيجب عليه القسم. 38 - القسم في أثناء السفر في النزول والمسايرة في الطريق. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= 39 - إذا رغبت المريضة والنفساء ونحوهن في تأخير قسمهن ثم القضاء بعد متواليًا لم يجز إلا برضى الزوج وإذن سائر نسائه. 40 - من كان له امرأتان في بلدين فعليه العدل بينهما لأنه اختار المباعدة بينهما فلا يسقط حقهما، فإما أن يمضي إلى الغائبة في أيامها وإما أن يقدمها إليه فإن امتنعت من القدوم مع الإمكان فهي ناشز لا حق لها في القسم وإن أحب أن يقسم بينهما في بلديهما ولم يمكن القسم ليلة ليلة جعل القسم على حسب ما يمكن كشهر أو أكثر أو أقل. 41 - يجوز للمرأة أن تبذل قسمها لزوجها بمال فتعاوضه على ليلتها على القول الراجح، وأما بذلها مالًا لزوجها ليزيدها في القسم على حساب ضراتها فحرام لأنه رشوة. 42 - من أتاها زوجها ليبيت عندها فأغلقت بابها دونها ومنعته من الاستمتاع أو قالت لا تدخل علي فهي ناشز لا قسم لها. 43 - إذا طلق الرجل إحدى زوجاته طلاقًا رجعيًا وكان عنده أربع زوجات فلا يحل له أن يتزوج ما دامت مطلقة بالعدة باتفاق العلماء، لأن الرجعية كالزوجة في كثير من الأحكام، فلا يحل له أن يجمع تحته خمسًا، وحينئذ يجب أن ينظر حتى يخرج مطلقته من العدة، أما إذا كان الطلاق بائنًا فالجمهور على جواز نكاحه فورًا. 44 - تجزي أضحية واحدة عن الرجل ونسائه، ولهذا ضحى النبي - صلى الله عليه وسلم - بأضحية واحدة عنه وعن أهل بيته وأما الهدايا في الحج فعلى كل واحدة هدي إذا تمتعت أو قرنت. =

98 - باب المرأة تهب يومها من زوجها لضرتها، وكيف يقسم ذلك

98 - باب المرأة تهب يومها من زوجها لضرَّتها، وكيف يقسم ذلك 5212 - عن عائشة «أن سودة بنت زمعة وهبت يومها لعائشة، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقسم لعائشة بيومها ويوم سودة» (¬1). ¬

= 45 - لا يجوز أن تؤخذ بويضة المرأة ثم تلقح بماء زوجها ثم توضع في رحم ضرتها. 46 - لو مات الزوج فلزوجاته أن يغسلنه فان وضعت إحداهن وهو على السرير فلا يجوز لها أن تغسله لخروجها من العدة وحلها للأزواج. 47 - إذا مات المعدد يحد جميع نسائه وهذا لإخفاء به لكن عند بعض النساء اعتقاد فاسد أنه إذا ولدت إحداهن بعد موته ولدا فإنها ترفع الإحداد عن نفسها وعن سائر ضراتها وهذا باطل فالبواقي على أحد ادهن حتى يخرجن من العدة على حسب حالهن. 48 - إذا حبس الزوج فهو باق على نصيبه منهن وهن كذلك فإذا أمكن خروجه إليهن أو ترددهن إليه فذاك ولو تباعد ما بين ذلك فهو على ترتيب النوبات. وختاما أقول والعاقل من الأزواج صاحب الدين يستطيع صيانة دينه ونفسه وعرضه دون كثير عناء والأحمق منهم لا يزيده ما ذكرت إلا بلاء وفتنة وحيرة والموفق من وفقه الله والمهتدي من هداه الله والصلاة والسلام على رسول الله. أ. هـ (¬1) فيه دلالة على أن تهب الزوجة ليلتها لزوجة أخرى، وإذا أرادت الرجوع فلها ذلك.

99 - باب العدل بين النساء

99 - باب العدل بين النساء (¬1) {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ - إلى قوله - وَاسِعًا حَكِيمًا}. [النساء: 129، 130]. 100 - باب إذا تزوَّج البكر على الثَّيِّب 5213 - عن أنس - رضي الله عنه -، ولو شئت أن أقول قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ولكن قال «السنَّة إذا تزوج البكر أقام عندها سبعًا، وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثًا» (¬2). 102 - باب من طاف على نسائه في غُسل واحد 5215 - عن أنس بن مالك حدثهم «أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - كان يطوف على نسائه في الليلة الواحدة وله يومئذ تسع نسوة» (¬3). 103 - باب دخول الرجل على نسائه في اليوم 5216 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا انصرف من العصر دخل على نسائه فيدنو من إحداهن، فدخل على حفصة، فاحتبس أكثر مما كان يحتبس» (¬4). ¬

(¬1) العدل بين النساء واجب. (¬2) يقيم عند البكر سبعا ثم يقسم بعد ذلك، والثيب يقيم عندها ثلاثا ثم يقسم بعد ذلك. (¬3) فيه الدلالة على جواز أن يجعل وقتًا خاصًا يطوف عليهن فيه، فلا حرج. (¬4) فيه الدلالة على أن يرتب وقتًا في اليوم يمر عليهن فيه في النهار، ولابد أن يعدل.

107 - باب الغيرة

107 - باب الغيرة 5220 - عن عبد الله بن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما من أحد أغير من الله، من أجل ذلك حرَّم الفواحش، وما أحد أحبُّ إليه المدح من الله» (¬1). 5224 - عن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - قالت: «تزوجني الزبير وما له في الأرض من مال ولا مملوك ولا شيء غير ناضح وغير فرسه، فكنت أعلف فرسه وأستقي الماء وأخرز غرَبه وأعجن، ولم أكن أُحسن أخبز، وكان يخبز جارات لي من الأنصار وكنَّ نسوة صدق، وكنت أنقل النَّوى من أرض الزبير - التي أقطعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على رأسي، وهي مني على ثلثَي فرسخ: فجئت يومًا والنوى على رأسي، فلقيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه نفر من الأنصار، فدعاني، ثم قال: إخ إخ، ليحملني خلفه، فاستحييت أن أسير مع الرجال، وذكرت الزبير وغيرته - وكان أغير الناس - فعرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أني قد استحييت، فمضى، فجئت الزبير فقلت: لقيني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى رأسي النوى ومعه نفر من أصحابه، فأناخ لأركب، فاستحييت منه وعرفت غيرتك، فقال: والله لحملُك النوى كان أشد عليَّ من ركوبك معه. قالت: حتى أرسل إليَّ أبو بكر بعد ذلك بخادم تكفيني سياسة الفرس، فكأنما أعتقني» (¬2). ¬

(¬1) قلة العلم وكثرة الجهل هو الذي جرّأ الناس على معاصي الله. (¬2) إذا دعت الحاجة إلى ركوب المرأة مع الرجل فلا حرج إذا كان مع الناس. * فيه الدلالة على أن الزوجة تخدم زوجها وتقوم على راحته، وكل ذلك بحسب العرف.

114 - باب نظر المرأة إلى الحبش ونحوهم من غير ريبة

5227 - عن أبي هريرة قال: «بينما نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جلوس فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بينما أنا نائم رأيتني في الجنة فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر، فقلت: لمن هذا؟ قال: لعمر، فذكرت غيرتك فوليت مدبرًا. فبكى عمر وهو في المجلس ثم قال أوَعليك يا رسول الله أغار» (¬1). 114 - باب نظر المرأة إلى الحبش ونحوهم من غير ريبة 5236 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يستُرني بردائه، وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد، حتى أكون أنا التي أسأم. فاقدُروا قدْر الجارية الحديثة السِّن الحريصة على اللهو» (¬2). 109 - باب ذبِّ الرجل عن ابنته في الغيرة والإنصاف 5230 - عن المسور بن مخرمة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول وهو على المنبر: «إن بني هشام بن المغيرة استأذنوا في أن يُنكحوا ابنتهم عليَّ بن أبي طالب، فلا آذن ثم لا آذن، ثم لا آذن، إلا أن يُريد ابن أبي طالب أن يُطلِّق ابنتي وينكح ابنتهم، فإنما هي بضعة مني يُريبني ما أرابها، ويؤذيني ما آذاها» (¬3). ¬

(¬1) فيه فضل عمر - رضي الله عنه -. * الوضوء في الجنة من باب النعيم. (¬2) فيه جواز النظر إلى العموم من غير شهوة ولا قصد الفتنة، كما لو نظرت إلى المصلين أو اللاعبين. (¬3) هذا خاص بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، وإلا فقد أباح الله تعالى المرأتين والثلاث. * ظاهر المنع يدل على أن ذلك لكونها بنت عدو الله، ولو كانت غيرها من بنات المؤمنين لكان الأمر سهل، والأقرب أنه خاص ببنت أبي جهل.

110 - باب يقل الرجال ويكثر النساء

110 - باب يقل الرجال ويكثر النساء 5231 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: لأحدثنكم حديثًا سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يحدثكم به أحد غيري، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن من أشراط الساعة أن يُرفع العلم، ويكثر (¬1) الجهل، ويكثر الزنا، ويكثر شرب الخمر، ويقلَّ الرجال، ويكثر النساء، حتى يكون لخمسين امرأة القيِّم الواحد». 111 - باب لا يخلون رجل بامرأة إلا ذو محرم 5232 - عن عقبة بن عامر «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إياكم والدخول على النساء. فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله، أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت» (¬2). 113 - باب ما يُنهى من دخول المتشبِّهين بالنساء على المرأة 5235 - عن زينب بنت أم سلمة عن أم سلمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان عندها ... - وفي البيت مخنث - فقال المخنث لأخي أم سلمة عبد الله بن أبي أمية: إن فتح الله لكم الطائف غدًا أدلُّك على بنت غيلان، فإنها تُقبل بأربع وتُدبر بثمان. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يدخلن هذا عليكم» (¬3). ¬

(¬1) الثلاث الأول وجدت. (¬2) فيه التحذير من أسباب الشر، ولما فيه من التهمة. (¬3) لأنه صار يميز بين الجميلة وغير الجميلة؛ وبهذا تحصل الفتنة، والتخنث يجب الحذر منه.

115 - باب خروج النساء لحوائجهن

115 - باب خروج النساء لحوائجهن 5237 - عن عائشة قالت: «خرجت سودة بنت زمعة ليلًا فرآها عمر فعرفها، فقال: إنك والله يا سودة ما تخفين علينا، فرجعت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له وهو في حُجرتي يتعشى، وإن في يده لعرقا، فأنزل الله عليه فرُفع عنه وهو يقول: قد أذن الله لكن أن تخرُجن لحوائجكن» (¬1). 116 - باب استئذان المرأة زوجها في الخروج إلى المسجد وغيره 2538 - عن سالم عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «إذا استأذنت امرأة أحدكم إلى المسجد فلا يمنعها» (¬2). 117 - باب ما يحلُّ من الدخول، والنظر إلى النساء في الرَّضاع 5239 - عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت «جاء عمي من الرضاعة فاستأذن عليَّ، فأبيت أن آذن له حتى أسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألته عن ذلك، فقال: إنه عمك فأذني له، قالت: فقلت: يا رسول الله، إنما أرضعتني المرأة، ولم يُرضعني الرجل، قالت: فقال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنه عمك فليلج عليك، قالت عائشة: وذلك بعد أن ضُرب علينا الحجاب. قالت عائشة يَحرُم من الرضاعة ما يَحرُم من الولادة» (¬3). ¬

(¬1) الخروج لقضاء الحاجة من السوق والزيارة للأقارب لا بأس به. (¬2) وفي اللفظ الآخر «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله». (¬3) هذا يدل على أن محرم النسب أو الرضاع يؤذن له مالم يكن هناك ريبة تمنع، فهذا شيء آخر.

118 - باب لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها

118 - باب لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها 5240 - عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تُباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها» (¬1). 119 - باب قول الرجل لأطوفن الليلة على نسائي 5242 - عن طاووس عن أبي هريرة قال: قال سليمان بن داود - رضي الله عنه -: لأطوفن الليلة بمائة امرأة، تلد كل امرأة غلامًا يقاتل في سبيل الله. فقال له الملك: قل إن شاء الله، فلم يقل ونسيَ، فأطاف بهن، ولم تلد منهن إلا امرأة نصف إنسان. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لو قال إن شاء الله لم يحنَث، وكان أرجَى لحاجته» (¬2). 120 - باب لا يطرق أهله ليلاً إذا أطال الغيبة 5244 - عن جابر بن عبد الله قال: «قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا أطال أحدكم الغيبة فلا يطرُق أهله ليلًا» (¬3). ¬

(¬1) إنما نهى عن هذا لأنه وسيلة إلى الفتنة بها، فلا يجوز للمرأة أن تذكر المرأة بصفاتها المباشرة. (¬2) يدل على ما أعطاه الله من القوة العظيمة، وفي اللفظ الآخر تسعين امرأة، وفيه الحث على قول إن شاء الله في الأمور المستقبلية. (¬3) لأن في ذلك خطرًا ينبغي أن يكون عندهم خبر، والسفر هنا: الطويل الذي يحصل معه التغير أما القصير فلا.

121 - باب طلب الولد

121 - باب طلب الولد 5245 - عن الشعبي عن جابر قال: «كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة فلما قفلنا تعجَّلت على بعير قطوف، فلحقني راكب من خلفي، فالتفت فإذا أنا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ما يُعجلك؟ قلت: إني حديث عهد بعرس. قال: فبكرًا تزوجت أم ثيِّبًا قلت: بل ثيِّبًا. قال: فهلا جارية تلاعبُها وتلاعبك. قال: فلما قدمنا ذهبنا لندخل فقال: أمهلوا حتى تدخلوا ليلًا - أي عشاء - لكي تمتشط الشعثة، وتستحد المغيبة». قال وحدثني الثقة أنه قال في هذا الحديث «الكَيسَ الكيس يا جابر» يعني الولد (¬1). قال الحافظ: .. قال ابن الأعرابي: الكيس العقل (¬2). 122 - باب تستحدُّ المغيبة وتمتشط الشعثة 5247 - عن جابر بن عبد الله قال: «كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة، فلما قفلنا كنا قريبًا من المدينة، تعجلت على بعير لي قطوف، فلحقني راكب من خلفي ... الحديث ... قال: فلما قدمنا ذهبنا لندخل، فقال: أمهلوا حتى تدخلوا ليلًا - أي عشاء - لكي تمتشط الشعثة، وتستحد المغيبة» (¬3). ¬

(¬1) أي النشاط والهمة العالية، ويدخل في ذلك طلب الولد بالجماع. (¬2) العقل آلة يستعان بها على الكيس. (¬3) فيه المسارعة إلى الأهل بعد قضاء الحاجة من الأسفار ولا سيما الشاب؛ لأن الأهل في حاجة إليه وهو في حاجة إليهم.

124 - باب {والذين لم يبلغوا الحلم منكم} [النور: 58]

124 - باب {وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ} [النور: 58] 5249 - عن عبد الرحمن بن عابس «سمعت ابن عباس - رضي الله عنهما - سأله رجل: شهدت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العيد، أضحىً أو فطرًا؟ قال: نعم، ولولا مكاني منه ما شهدته - يعني من صغره - قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى ثم خطب، ولم يذكر أذانًا ولا إقامة. ثم أتى النساء فوعظهن وذكَّرهن، وأمرهن بالصدقة، فرأيتهن يهوين إلى آذانهن وحُلوقهن يدفعن إلى بلال، ثم ارتفع هو وبلال إلى بيته» (¬1). 125 - باب قول الرجل لصاحبه هل أعرستم الليلة وطعن الرجل ابنته في الخاصرة عند العتاب 5250 - عن عائشة قالت: «عاتبني أبو بكر وجعل يطعنُني بيده في خاصرتي (¬2)، فلا يمنعني من التحرك إلا مكانُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورأسه على فخذي». ¬

(¬1) يستحب للإمام يأتي النساء ويذكرهن يوم العيد، وفيه الحث على الصدقة، والحديث ليس فيه أنه قبل الحجاب أو بعده. (¬2) إذا رأى الأب المصلحة في تأديب ابنته فلا بأس، ولو كانت متزوجة. * قلت: تقدم النقل عن شيخ الإسلام (32/ 89) قريبًا وأن الأصل في الطلاق المنع لولا الحاجة إليه.

68 - كتاب الطلاق

68 - كتاب الطلاق 1 - باب قول الله تعالى {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ} [الطلاق: 1] 5251 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - «أنه طلق امرأته وهي حائض (¬1) على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسأل عمر بن الخطاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مُره فليراجعها، ثم ليُمسكها حتى تطهر، ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك بعد، وإن شاء طلق قبل أن يمسَّ، فتلك العدة التي أمر الله أن تُطلَّق لها النساء». 2 - باب إذا طُلقت الحائض تعتد بذلك الطلاق 5252 - عن أنس بن سيرين قال: سمعت ابن عمر قال «طلق ابن عمر امرأته وهي حائض، فذكر عمر للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ليراجعها. قلت: تُحتسب؟ قال: فمه». وعن قتادة عن يونس بن جُبير عن ابن عمر قال «مُره فليراجعها. قلت: تُحتسب؟ قال: أرأيت إن عجز واستحمق» (¬2). ¬

(¬1) إذا كان لا يعلم أنها حائض وقع الطلاق عند الجميع! ! ! وإذا طلقها وهو يعلم فلا يقع. (¬2) هذا من كلام ابن عمر، وهو اجتهاد منه.

3 - باب من طلق وهل يواجه الرجل امرأته بالطلاق؟

5253 - عن سعيد بن جُبير «عن ابن عمر قال: حُسبت عليَّ بتطليقة» (¬1). قال الحافظ: ... وفيه تحريم الطلاق في طهر جامعها فيه، وبه قال الجمهور، وقال المالكية لا يحرم وفي رواية كالجمهور ورجحها الفاكهاني لكونه شرط في الاذن في الطلاق عدم المسيس، والمعلق بشرط معدوم عند عدمه (¬2). 3 - باب من طلَّق وهل يواجه الرجل امرأته بالطلاق؟ 5255 - عن أبي أُسيد - رضي الله عنه - قال: «خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى انطلقنا إلى حائط يقال له الشوط، حتى انتهينا إلى حائطين فجلسنا بينهما، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: اجلسوا ها هنا، ودخل، وقد أُتي بالجونيَّة. فأُنزلت في بيت في نخل في بيت أميمة بنت النعمان بن شراحيل، ومعها دايتها حاضنة لها - فلما دخل عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: هَبي نفسك لي، قالت: وهل تهب الملكة نفسها للسُّوقة؟ قال فأهوى بيده يضع يده عليها لتسكن، فقالت: أعوذ بالله منك. فقال: قد عُذت بمعاذ، ثم خرج علينا فقال: يا أبا أُسيد، اكسُها رازقيَّين، وألحقها بأهلها» (¬3). ¬

(¬1) وهذا احتج به من رآها تطليقة وهو قد حسبها على نفسه، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحسبها. (¬2) يعني يؤذن بالطلاق حيث لا يمس، وإن مسّ حرم. (¬3) لا بأس من أن يباشر الرجل امرأته ويبلغها الطلاق، فإن وكل من يطلقها فلا بأس، وفيه مشروعية أن يمتع الزوجة بشيء من النقود أو ملابس من باب ختم الاجتماع بالمعروف.

4 - باب من جوز الطلاق الثلاث

5258 - عن أبي غلاب يونس بن جُبير «قال قلت لابن عمر: رجل طلق امرأته وهي حائض. فقال: تعرف ابن عمر؟ إن ابن عمر طلق امرأته وهي حائض، فأتى عمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له، فأمره أن يُراجعها، فإذا طهُرت فأراد أن يطلقها فليُطلِّقها. قلت: فهل عدَّ ذلك طلاقًا؟ قال: أرأيت إن عجز واستحمق» (¬1). 4 - باب من جوَّز الطلاق الثلاث 5259 - « ... الحديث ... فأقبل عويمر حتى أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسط الناس فقال: يا رسول الله، أرأيت رجلًا وجد مع امرأته رجلًا، أيقتله فتقتلونه، أم كيف يفعل؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك، فاذهب فأت بها. قال سهل: فتلاعنا، وأنا مع الناس عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فلما فرغا قال عويمر: كذبتُ عليها يا رسول الله إن أمسكتها. فطلَّقها ثلاثًا قبل أن يأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال ابن شهاب: فكانت تلك سنَّة المتلاعنين» (¬2). 5261 - عن عائشة «أن رجلًا طلق امرأته ثلاثًا، فتزوجت، فطلَّق؛ فسُئل النبي - صلى الله عليه وسلم -. أتحلُّ للأول؟ قال: لا، حتى يذوق عسيلتها كما ذاق الأول» (¬3). ¬

(¬1) كل الروايات تدل على أن ابن عمر طلق من نفسه وحسب من نفسه ولم يحسبها النبي - صلى الله عليه وسلم -، والمراجعة أي القولية. (¬2) أي الفراق الأبدي. * إذا كانت حاملا ينسب إليها الولد بعد الملاعنة، والملاعنة ليست طلاقًا بل هي أشدّ من الطلاق، وخص الله المرأة بالغضب لعظم جرمها. (¬3) إذا طلق الرجل ثلاثًا وعقد عليها فإن مجرد العقد لا يكفي بل لابد من الجماع.

5 - باب من خير أزواجه

5 - باب من خيَّر أزواجه وقول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [الأحزاب: 28]. 5263 - عن مسروق قال: سألت عائشة عن الخيرة فقالت: خيَّرنا النبي - صلى الله عليه وسلم -، أفكان طلاقًا؟ قال مسروق: لا أبالي أخيَّرتها واحدة أو مائة بعد أن تختارني» (¬1). 6 - باب إذا قال فارقتك، أو سرَّحتك، أو الخليَّة، أو البرية (¬2)، أو ما عني به الطلاق، فهو على نيته. وقول الله - عز وجل -: {وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [الأحزاب: 49] وقال {وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [الأحزاب: 28]، وقال {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229]، وقال: {أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: 2]. وقالت عائشة «قد علم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أبويَّ لم يكونا يأمراني بفراقه». ¬

(¬1) المقصود أن التخير ليس بطلاق إن شئتن صبرتن وإن شئتن اخترتن، بل هو تخيير، أما إذا قال: اختاري نفسك فاختارت نفسها وهو ينوي الطلاق وقع؛ لأنه كناية ويقع واحدة. (¬2) المقصود هذه كنايات، وإذا أراد الطلاق صار طلاقًا وإذا لم يرده لم يقع؛ لقوله «إنما الأعمال بالنيات». * لفظ الحرام ظهار ولو نوى به الطلاق.

7 - باب من قال لامرأته: أنت علي حرام

7 - باب من قال لامرأته: أنت عليَّ حرام وقال الحسن: نيته (¬1). وقال أهل العلم (¬2): إذا طلق ثلاثًا فقد حرُمت عليه، فسموه حرامًا بالطلاق والفراق. 5265 - عن عائشة قالت: «طلق رجل امرأته، فتزوجت زوجًا غيره فطلقها، وكانت معه مثل الهُدبة فلم تصل منه إلى شيء تُريده، فلم يلبث أن طلقها، فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله إن زوجي طلقني، وإني تزوجت زوجًا غيره فدخل بي ولم يكن معه إلا مثل الهدبة (¬3) فلم يقربني إلا هنة واحدة لم يصل مني إلى شيء، أفأحل لزوجي الأول؟ (¬4). فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تحلِّين لزوجك الأول حتى يذوق الآخر عسيلتك وتذوقي عُسيلته». 8 - باب لم تحرِّم ما أحل الله لك؟ 5266 - عن سعيد بن جُبير أنه أخبره أنه «سمع ابن عباس يقول: إذا حرَّم ¬

(¬1) خلاف المشهور، والصواب أنه صريح في الظهار. (¬2) جمهورهم وأكثرهم السنة أن يُطلِّ واحدة ثم اثنتين فإذا طلقها الثالثة فلا تحل له بإجماع المسلمين حتى تنكح زوجا غيره، أما إذا جمعها فمحل خلاف، والأكثرون تبين بذلك، والصواب واحدة لما ثبت عن ابن عباس في صحيح مسلم «كان طلاق الثلاث واحدة ... » الحديث. (¬3) ما استطاع أن يجامع حتى يولج ذكره في فرجها. (¬4) لابد من وطء «حتى تنكح زوجًا غيره».

امرأته ليس بشيء، وقال {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]» (¬1). 5267 - عن عبيد بن عمير يقول «سمعت عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يمكُث عند زينب ابنة جحش ويشرب عندها عسلًا (¬2)، فتواصيت أنا وحفصة أن أيتنا دخل عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - فلتقل: إني أجد منك ريح مغافير، أكلت مغافير. فدخل على إحداهما فقالت له ذلك. فقال: لا بأس شربت عسلًا عند زينب ابنة جحش، ولن أعود له. فنزلت {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ - إلى إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ} لعائشة وحفصة {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا} [التحريم: 3] لقوله: بل شربت عسلًا». 5268 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب العسل والحلوى، وكان إذا انصرف من العصر دخل على نسائه فيدنو من إحداهن، فدخل على حفصة بنت عمر فاحتبس أكثر ما كان يحتبس، فغِرت، فسألت عن ذلك، فقيل لي: أهدت لها امرأة من قومها عُكة عسل، فسقتِ النبي - صلى الله عليه وسلم - منه شربة، فقلت: أما والله لنحتالن له، فقلت لسودة بنت زمعة: إنه سيدنو منك، فإذا دنا منك فقولي: أكلت مغافير، فإنه سيقول لك: لا، فقولي له: ما هذه الريح التي أجد منك؟ .... الحديث ... قال: سقتني حفصة شربة عسل. فقالت: جرَست (¬3) نحله العُرفط. فلما دار إليَّ قلت له نحو ذلك. فلما دار إلى صفية قالت له مثل ذلك. فلما دار إلى حفصة ¬

(¬1) قول ابن عباس ليس بظاهر، والتحريم هنا في العسل والجواري، وليس في الزوجات. (¬2) هذا من غيرة النساء لما شرب عندها عسلًا ظنن أنها تمتاز عنده بشيء. (¬3) رعت نحلة العرفط، والعرفط له رائحة ما هي بطيبة.

12 - باب الخلع، وكيف الطلاق فيه؟

قالت: يا رسول الله ألا أسقيك منه؟ قال: لا حاجة لي فيه. قالت تقول سودة: والله لقد حرمناه، قلت لها: اسكتي». 12 - باب الخُلع، وكيف الطلاق فيه؟ وقول الله تعالى: {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا - إلى قوله - الظَّالِمُونَ} [البقرة: 229] وأجاز عمر الخُلع دون السلطان. وأجاز عثمان الخُلع دون عقاص رأسها (¬1). وقال طاوس: إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فيما افترض لكل واحد منهما على صاحبه في العشرة والصحبة، ولم يقل قول السفهاء لا يحل حتى تقول: لا أغتسل لك من جنابة. 5273 - عن ابن عباس «أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكُفر في الإسلام، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أتردِّين عليه حديقته؟ (¬2) ¬

(¬1) الفداء لا بأس به إذا خافت ألا يقيم حدود الله، ولقضية امرأة ثابت بن قيس، ولو ظلمها لم يجز له أخذ المال، وأما إذا ظلمت هي لا بأس، أو قالت: ما أستطيع أن أوفيك حقك، وبذلت مالًا لا بأس. (¬2) إذا أعطته مهره يطلق؛ فإذا كان السوء منها يأخذه، وينبغي ألا يزيد على مهره لقوله «اقبل الحديقة»، والآية عامة، و «اقْبل» للوجوب فإذا رأى الإمام الإلزام ألزم الزوج. قلت: واختلف قول الشيخ تقي الدين في إلزام الزوج وأفتى باللزوم بعض فضلاء الحنابلة من المقادسة كما قاله ابن مفلح. * حديث: ولا تزدد، في سنده بعض المقال، والأقرب منع الزيادة؛ لأن الزيادة لا حد لها فيكون الحديث ولا تزدد مخصص بالآية. قلت: الزيادة غير ملحوظة، وانظر نصب الراية (3/ 245). * الخلع يجوز في الحيض، ولم يستفصل عن حال امرأة ثابت. * الخلع طلقة يجوز الرجوع بعقد جديد ولو في عدتها؛ لأن الماء ماؤه، وتعتد بحيضة، والأحوط ثلاث.

20 - باب إذا أسلمت المشركة أو النصرانية تحت الذمي أو الحربي

قالت: نعم. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اقبل الحديقة وطلِّقها تطليقة. 5276 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «جاءت امرأة ثابت بن قيس بن شماس إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، ما أنقمُ على ثابت في دين ولا خلق، إلا أني أخاف الكفر (¬1)، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فتردين عليه حديقته؟ فقالت: نعم، فردَّت عليه، وأمره ففارقها». 20 - باب إذا أسلمت المشركة أو النصرانية تحت الذِّمي أو الحربيِّ وقال عبد الوارث عن خالد عن عكرمة عن ابن عباس «إذا أسلمت النصرانية قبل زوجها بساعة حَرُمت عليه» (¬2). وقال داود عن إبراهيم الصائغ سئل عطاء عن امرأة من أهل العهد أسلمت ثم أسلم زوجها في العدَّة أهي امرأته؟ قال: لا، إلا أن تشاء هي بنكاح جديد وصداق (¬3). وقال مجاهد: إذا أسلمت في العدة يتزوجها (¬4)، وقال الله تعالى: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: 10] ... ¬

(¬1) كفر العشير. (¬2) فيه نظر، النبي - صلى الله عليه وسلم - أقر الزوجات على عصمة أزواجهن، إذا أسلم أزواجهن في العدة فهو زوجها. (¬3) وهذا ضعيف، هي امرأته حتى تخرج من العدة. (¬4) هذا ميول المؤلف إلى قولهم، والصواب خلاف ذلك، والصواب الإقرار على النكاح الأول.

21 - باب قول الله تعالى: {للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر - إلى قوله - سميع عليم} [البقرة: 226].

5288 - عن عائشة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: كانت المؤمنات إذا هاجرن إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يمتحنُهن بقول الله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} [الممتحنة: 10] إلى آخر الآية. قالت عائشة فمن أقرَّ بهذا الشرط من المؤمنات فقد أقر بالمحنة، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أقررن بذلك من قولهن قال لهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: انطلقن فقد بايعتكن. لا والله ما مسَّت يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يد امرأة قط (¬1)، غير أنه بايعهن بالكلام، والله ما أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على النساء إلا بما أمره الله، يقول لهن إذا أخذ عليهن: قد بايعتكن. كلامًا». قال الحافظ: ... وأخرج الطحاوي من طريق أيوب عن عكرمة عن ابن عباس في اليهودية أو النصرانية تكون تحت اليهودي أو النصراني فتسلم فقال «يفرق (¬2) بينهما الإسلام يعلو ولا يعلى عليه». 21 - باب قول الله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ (¬3) مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ - إلى قوله - سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 226]. ¬

(¬1) مثل ما قال: إني لا أصافح النساء. (¬2) لكن إذا أسلم هي زوجته، ومتى أسلمت تمتنع منه حتى يسلم، ومتى أسلم في العدة فلا خيار لها، وبعد العدة لها الخيار. (¬3) لا بأس أن يولي إذا دعت الحاجة.

52 - باب المهر للمدخول عليها وكيف الدخول، أو طلقها قبل الدخول والمسيس

5289 - عن أنس بن مالك قال: «آلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نسائه، وكانت انفكت رجله، فأقام في مشربة له تسعًا وعشرين ثم نزل، فقالوا: يا رسول الله آليت شهرًا، فقال: الشهر تسع وعشرون». 5291 - عن نافع عن ابن عمر «إذا مضت أربعة أشهر يوقف حتى يطلق، ولا يقع عليه الطلاق حتى يطلق» (¬1). 52 - باب المهر للمدخول عليها وكيف الدخول، أو طلقها قبل الدخول والمسيس 5349 - عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عمر: رجل قذف امرأته. فقال فرَّق نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم - بين أخوَي بني العجلان وقال: الله يعلم أن أحدكما كاذب، فهل منكما تائب؟ فأبَيا. فقال: الله يعلم أن أحدكما كاذب، فهل منكما تائب؟ فأبَيا. ففرَّق بينهما. قال أيوب فقال لي عمرو بن دينار: في الحديث شيء لا أراك تحدِّثه. قال قال الرجل: مالي. قال: لا مال لك. إن كنت صادقًا فقد دخلت بها، وإن كنت كاذبًا فهو أبعد منك». قال الحافظ: ... الغالب عند إغلاق الباب وإرخاء الستر على المرأة وقوع الجماع فأقيمت المظنة مقام المئنة لما جبلت عليه النفوس في تلك الحالة من عدم الصبر عن الوقاع غالبًا لغلبة الشهوة وتوفر الداعية (¬2). ¬

(¬1) إذا آلى إذا مرت أربعة أشهر إما أن يطأ وإما يطلق، إلا إذا سمحت. (¬2) قلت: انظر الأسانيد عن الصحابة بذلك سنن البيهقي (7/ 255)، وهذا الكتاب أعني سنن البيهقي لا يستغني عنه محدث فقيه.

70 - كتاب الأطعمة

70 - كتاب الأطعمة 13 - باب الأكل متكئًا 5399 - عن أبي جحفة قال: «كنت عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال لرجل عنده: لا آكل وأنا متكئ». قال الحافظ: ... قوله (باب الأكل متكئًا) أي ما الحكمة؟ وإنما لم يجزم به لأنه لم يأت فيه نهي صريح (¬1). ¬

(¬1) قلت: بل قد جاء فيه نهي صريح، انظر معجم الطبراني الكبير (10/ 124) حديث ابن مسعود من طريق أبي إسحاق عن أبي الأحوص عنه رقم 10087، وقال عنه الحافظ في تخريج الكشاف في سورة يوسف: إسناده جيد (2/ 463). قلت: وهو كما قال، وقد غفل عنه في شرح البخاري. وروى ابن أبي شيبة حدثنا ابن نمير عن عبد الملك بن أبي سليمان عن أبي الزبير عن جابر قال نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأكل أحدنا بشماله وأن يأكل متكئًا. وفي الباب عن أبي الدرداء عند الطبراني في معجمه الأوسط، وانظر تخريج أحاديث الكشاف للزيلعي (2/ 163) وحديث جابر إسناده لا غبار عليه لكن تبين لي أن زيادة: «وأن يأكل متكئًا» غير محفوظة؛ فالعمدة على حديث ابن مسعود، وهو جيد كما قال الحافظ.

19 - باب تعرق العضد

19 - باب تعرُّق العضُد (¬1) 5407 - عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قال: «خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - نحو مكة ... ». 20 - باب قطع اللحم بالسِّكين 5408 - عن الزهري قال «أخبرني جعفر بن عمرو بن أمية أن أباه عمرو بن أمية أخبره أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يحتزُّ من كتف شاة في يده، فدُعي إلى الصلاة، فألقاها والسكين التي يحتز بها، ثم قام فصلى ولم يتوضأ» (¬2). قال الحافظ: ... حديث أبي معشر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رفعته «لا تقطعوا اللحم بالسكين فإنه من صنيع الأعاجم، وانهشوه فإنه أهنًا وأمرأ» قال أبو داود: هو حديث ليس بالقوي. قلت: له شاهد من حديث صفوان بن أمية أخرجه الترمذي بلفظ «انهشوا (¬3) اللحم نهشًا فإنه أهنأ وأمرأ». 21 - باب ما عاب النبي - صلى الله عليه وسلم - طعامًا 5409 - عن أبي هريرة قال «ما عاب النبي - صلى الله عليه وسلم - طعامًا قط: إن اشتهاه أكله، وإن كرهه تركه» (¬4). ¬

(¬1) يدل على حلِّ الصيد للمحرم إذا لم يصده ولم يصد له. (¬2) فيه جواز الحز بالسكين والتعرق للعظم مع جماعته. (¬3) حديث ضعيف. قلت: وطريق الترمذي بها عبد الكريم بن أبي المحازق، ضعيف كما قال الحافظ. (¬4) هذا من خلقه الكريم، لأنه قد يتكدر صاحب الطعام ويكدر ما بينه وبين أهله. * لا يعيب الطعام ويكدِّر من أضافه ويكدر الحاضرين، وسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - المجاملة في مثل هذا.

22 - باب النفخ في الشعير

22 - باب النفخ في الشعير 5410 - عن أبي غسان قال: «حدثني أبو حازم أنه سأل سهلًا: هل رأيتم في زمان النبي - صلى الله عليه وسلم - النَّقيَّ؟ قال: لا. فهل كنتم تنخلون الشعير؟ قال: لا، ولكن كنا ننفخه» (¬1). 23 - باب ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه يأكلون 5411 - عن أبي هريرة قال: «قسم النبي - صلى الله عليه وسلم - يومًا بين أصحابه تمرًا، فأعطى كل إنسان سبع تمرات، فأعطاني سبع تمرات إحداهن حشفة، فلم يكن فيهن تمرة أعجب إلي منها، شدَّت في مضاغي» (¬2). 5413 - عن أبي حازم قال «سألت سهل بن سعد فقلت: هل أكل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النَّقيَّ؟ فقال سهل: ما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النَّقيَّ (¬3) من حين ابتعثه الله حتى قبضه الله. قال فقلت: هل كانت لكم في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مناخل؟ قال: ما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منخلًا من حين ابتعثه الله حتى قبضه الله. قال قلت: كيف كنتم تأكلون الشعير غير منخول؟ قال: كنا نطحنه وننفخه، فيطير ما طار، وما بقي ثرَّيناه فأكلناه». ¬

(¬1) الله المستعان. (¬2) وهذا كله على ما أصاب الناس من شدة ثم وسع الله بعد، وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خير الناس بعد الأنبياء أصابهم شدة ثم فرّج الله. (¬3) الحنطة، فهو قليل، وهذا حسب علم سهل.

5414 - عن سعيد المقبُري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه مرَّ بقوم بين أيديهم شاة مصلية، فدعوه، فأبى أن يأكل قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الدنيا ولم يشبع من خبز الشعير» (¬1). 5415 - عن قتادة عن أنس بن مالك قال «ما أكل النبي - صلى الله عليه وسلم - على خوان، ولا في سُكرُّجة، ولا خبز له مرقق. فقلت لقتادة: علام يأكلون؟ قال: على السُّفر» (¬2). 5416 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت «ما شبع آل محمد - صلى الله عليه وسلم - منذ قدم المدينة من طعام البر ثلاث ليال تباعًا حتى قُبض» (¬3). ¬

(¬1) أبو هريرة لعله تأول، وإجابة الدعوة واجبة في كل دعوة. (¬2) المطروحة في الأرض. (¬3) اللهم صلّ عليه، الله صلّ عليه. * لعل الادخار لسنة ينفد مع كثرة النفقة والضيوف والعطاء. * المنكر كونه يصنع الطعام ويدعو الناس وأما اجتماع المعزين للتخفيف عن الميت فخفف فيه شيخنا. قلت: حديث جرير: «كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام من النياحة» أعله الإمام أحمد كما في مسائل الإمام أحمد لأبي داود ط. رشيد رضا، حيث قال: زعموا أن هُشيمًا سمعه من شريك، وقال: لا أرى لهذا الحديث أصلًا أ. هـ-وظاهر حديث عائشة الاجتماع اليسير. * مجيء الضيوف للعزاء يذبح لهم ويغديهم هذا حق الضيوف.

24 - باب التلبينة

24 - باب التلبينة 5417 - عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها كانت إذا مات الميت من أهلها فاجتمع لذلك النساء ثم تفرَّقن - إلا أهلها وخاصتها - أمرت ببُرمة من تلبينة فطُبخت، ثم صُنع ثريد فصُبَّت التلبينة عليها ثم قالت: كلن منها، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «التلبينة مجمَّة لفؤاد المريض، تذهب ببعض الحزن» (¬1). 29 - باب الأكل في إناء مفضَّض 5426 - عن مجاهد قال: «حدثني عبد الرحمن بن أبي ليلى أنهم كانوا عند حذيفة، فاستسقى؛ فسقاه مجوسيٌّ، فلما وضع القدح في يده رماه به وقال: لولا أني نهيته غير مرة ولا مرتين، كأنه يقول لم أفعل هذا، ولكني سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا تلبسوا الحرير ولا الديباج، ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها، فإنها لهم في الدنيا ولنا في الآخرة» (¬2). ¬

(¬1) الاجتماع هنا يريح القلوب، وهنا أكلة خفيفة، والمنكر صنعة الطعام بعد الدفن، وأما الاجتماع للتعزية لا بأس مع شرب فنجال شاهي أو قهوة (ويمشون). (¬2) لا يجوز للمسلم الشرب في آنية الذهب والفضة والأكل في صحائفهما والأواني محرمة على الجميع، أما الحرير والديباج خاص بالرجال فيحرم عليهم. * أواني الذهب والفضة اتخاذها للزينة لا يجوز. * استخدام المرأة النظارة الذهبية والقلم؟ الأحوط ترك ذلك. * رواية: «فالعبوا بها» فيها شذوذ ونكارة. قلت: أخرجه أبو داود من طريق أسيد بن أبي أَسيد البرّاد عن نافع بن عياش عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: من أحبَّ أن يحلق حبيبه حلقة من نار فليحلقه حلقة من ذهب ... الحديث، وفيه: «ولكن عليكم بالفضة فالعبوا بها» وهذا الحديث كان في الأول ثم نُسخ وأبيح للنساء التحلي بالذهب محلقًا كان أو غير محلق، هذا لو كان الحديث محفوظًا فإن أسيد بن أبي أسيد قال الدارقطني فيه يُعتبر به.

30 - باب ذكر الطعام

30 - باب ذكر الطعام 5427 - عن أبي موسى الأشعري قال: «قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأُترجّة: ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة: لا ريح لها وطعمها حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الرَّيحانة ريحها طيّب وطعمها مرّ، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة: ليس لها ريح وطعمها مر» (¬1). 5429 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «السَّفر قطعة من العذاب: يمنع أحدكم نومه وطعامه، فإذا قضى نهمته من وجهه فليُعجل إلى أهله» (¬2). ¬

(¬1) الشاهد الأترجة طعمها طيب وريحها طيب. (¬2) فيه فائدة أن المؤمن لا يتعب نفسه بكثرة الأسفار، فإن في هذا تعذيبًا له، فينبغي ترك الأسفار إلا لحاجة وإذا قضى حاجته فليتعجل.

31 - باب الأدم

31 - باب الأُدم 5430 - عن القاسم بن محمد قال: «كان في بريرة ثلاث سُنن (¬1): أرادت عائشة أن تشتريها فتعتقها، فقال أهلها: ولنا الولاء. فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: لو شئت شرطتيه لهم، فإنما الولاء لمن أعتق. قال وأُعتقت فخيِّرت في أن تقرَّ تحت زوجها أو تفارقه. ودخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومًا بيت عائشة وعلى النار بُرمَة تفور، فدعا بالغداء فأُتي بخبز وأُدم من أُدم البيت، فقال: ألم أر لحمًا؟ قالوا: بلى يا رسول الله، ولكنه لحم تُصدِّق به على بريرة فأهدته لنا، فقال: هو صدقة عليها وهدية لنا» (¬2). 32 - باب الحلوى والعَسل 5431 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب الحلوى والعسل» (¬3). 5432 - عن أبي هريرة قال: «كنت ألزم النبي - صلى الله عليه وسلم - لشَبع بطني، حين لا آكل الخمير، ولا ألبس الحرير، ولا يخدُمني فلان ولا فلانة، وألصق ¬

(¬1) لقول عائشة في بريرة ثلاث سنن. 1 - البائع إذا شرط الولاء له فالحكم باطل فمن اعتق له الولاء. 2 - الجارية إذا أعتقت تحت العبد تخير. 3 - أهدي لها لحم فأهدت منه إلى بيت النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) إذا كان المال المقدم حرام لا تأكل، وكذا لو ربا لا تأكل. (¬3) من طبيعة ابن آدم حب هذا، والرسول - صلى الله عليه وسلم - بشر، ورسول الله جُبل على خير الأخلاق، والعسل طيّب وكذا الحلوى.

33 - باب الدباء

بطني بالحصباء؛ وأستقرئ الرجل الآية - وهي معي - كي ينقلب بي فيطعمني. وخير الناس للمساكين جعفر بن أبي طالب: ينقلب بنا فيطعمنا ما كان في بيته، حتى إن كان ليُخرج إلينا العُكة ليس فيها شيء، فنشتقُّها فنلعق ما فيها» (¬1). 33 - باب الدباء عن ثمامة بن أنس عن أنس «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى مولى له خياطًا، فأتى بدُبّاء فجعل يأكله فلم أزل أحبُّه منذ رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأكله» (¬2). 54 - باب ما يقول إذا فرغ من طعامه 5458 - عن خالد بن معدان عن أبي أمامة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رفع مائدته قال: «الحمد لله كثيرًا طيبًا مباركًا فيه (¬3)، غير مكفّي ولا مُودع ولا مستغنى عنه ربنا» (¬4). ¬

(¬1) جعفر أخو عليّ قُتل يوم مؤتة. (¬2) فيه دلالة على حل الدباء وهو طعام طيب وهو القرع، وهو من الطعام والأدم. (¬3) هذا سنة بعد الطعام، وهو من أفضل الحمد، وهكذا الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه، رواه أهل السنن بسند جيد. (¬4) ربنا يجوز فيه ثلاثة: رفع ونصب وجر.

55 - باب الأكل مع الخادم

55 - باب الأكل مع الخادم 5460 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه فإن لم يُجلسه معه فليناوله أكلة أو أُكلتين، أو لقمة أو لقمتين، فإنه وليَ حرَّه وعلاجه» (¬1). قال الحافظ: ... وفيه رفع الاختلاف المشهور في الغنى الشاكر والفقير الصابر وأنهما سواء، كذا قيل (¬2). 57 - باب الرجل يُدعى إلى طعام فيقول: وهذا معي 5461 - عن أبي مسعود الأنصاري قال: كان رجلٌ من الأنصار يُكنى أبا شعيب، وكان له غلام لحام، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في أصحابه، فعرف الجوع في وجه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فذهب إلى غلامه اللحام فقال: اصنع لي طُعيِّمًا ¬

(¬1) وهذا من الأدب للصانع إذا تيسر يأكل معه، وإلا يدفع له شيئًا. وهذا إذا كان ما عنده بقية أما إذا كان عنده بقية لا بأس، ويدل على جواز أن يكون للسيد طعام خاص، وحديث: «فليطعمهم مما يطعم» على الأفضلية. (¬2) ما تقدم يقضي أن الغني الشاكر أفضل، فحاله أفضل؛ لأنه تعبّد مع القدرة وحبس نفسه وجاهدها واستقام، وحديث: «ذهب أهل الثور» يدل على هذا. وقيل للشيخ: دخول الفقراء قبل الأنبياء الجنة؟ فقال: لأن الأغنياء هنا عليهم حقوق وتوابع. قلت: ولا يلزم من تأخر دخولهم أن يكون الفقراء أفضل منهم، فيدخلون ويكونون بعد ذلك أعلى درجة، كما قال شيخ الإسلام وغيره.

58 - باب إذا حضر العشاء فلا يعجل عن عشائه

يكفي خمسة لعلِّي أدعو النبي - صلى الله عليه وسلم - خامس خمسة. فصنع له طُعيِّمًا، ثم أتاه فدعاه فتبعهم رجل، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: يا أبا شعيب، إن رجلا تبعنا، فإن شئت أذنت له وإن شئت تركته. قال: لا بل أذنت له» (¬1). 58 - باب إذا حضر العشاء (¬2) فلا يعجل عن عشائه 5462 - عن جعفر بن عمرو بن أمية «أن أباه عمرو بن أمية أخبره أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحتزُّ من كتف شاة في يده، فدعي إلى الصلاة فألقاها والسِّكين التي كان يحتز بها، ثم قام فصلَّى ولم يتوضأ» (¬3). 5464 - وعن أيوب عن نافع «عن ابن عمر أنه تعشى مرة وهو يسمع قراءة الإمام» (¬4). ¬

(¬1) إذا حدد الضيف يستأذن في الزيادة، وإذا لم يحدد لا حاجة. * إذا كان ما يُتهم يقبل طعامه ولا يسأل. * من كان معروفًا بالأموال الخبيثة يستحق الهجر، وقال الشيخ: يتحرى. (¬2) ليس بقيد، كل طعام في الظهر والعصر والمغرب. (¬3) يدل على أن ما مسته النار لا يوجب الوضوء، وأن من أخذ نصيبه من الطعام لا بأس أن يقوم. * ما دام يشتهي يجلس. (¬4) لكن لا يجوز أن يتخذ هذا حيلة لتعمد ترك الصلاة مع الجماعة.

59 - باب قول الله تعالى: {فإذا طعمتم فانتشروا} [الأحزاب: 53]

59 - باب قول الله تعالى: {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا} [الأحزاب: 53] (¬1) 5466 - عن أنس قال: أنا أعلم الناس بالحجاب، كان أُبيُّ بن كعب يسألني عنه، أصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عروسًا بزينب بنت جحش- وكان تزوجها بالمدينة- فدعا الناس للطعام بعد ارتفاع النهار، فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجلس معه رجال بعد ما قام القوم، حتى قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمشى ومشيت معه، حتى بلغ باب حجرة عائشة، ثم ظن أنهم خرجوا، فرجع فرجعت معه، فإذا هم جلوس مكانهم، فرجع ورجعت معه الثانية حتى بلغ باب حُجرة عائشة، فرجع ورجعت معه فإذا هم قد قاموا، فضرب بيني وبينه سترًا، وأُنزل الحجاب». ¬

(¬1) فيه الدلالة على الانتشار بعد الطعام في الوليمة حتى لا يتأذى مضيفه؛ ولأن المقصود حصل وهو الفراغ من الطعام. * الأحاديث الصحيحة ليس فيها الأذان ولا إقامة في الأذان، وحديث الأذان فيه عاصم بن عبيد الله ضعيف.

71 - كتاب العقيقة

71 - كتاب العقيقة 1 - باب تسمية المولود غداة يولد لمن لم يعقَّ عنه، وتحنيكه 5467 - عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: «ولد لي غلام، فأتيت به النبي - صلى الله عليه وسلم -، فسمّاه إبراهيم، فحنَّكه بتمرة (¬1). ودعا له بالبركة؛ ودفعه إليَّ وكان أكبر ولد أبي موسى». 5468 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بصبيٍّ يُحنِّكه (¬2)، فبال عليه، فأتبعه الماء». 5469 - عن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - أنها حَملت بعبد الله بن الزبير بمكة، قالت: فخرجت وأنا متمٌّ، فأتيت المدينة، فنزلت قُباء، فولدت بقباء (¬3)، ثم أتيت به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوضعته في حجره، ثم دعا بتمرة فمضغها ¬

(¬1) يدل على شرعية التسمية أول ما يولد، والتحنيك والتسمية في الأول، والسابع سُنة، فسمى ابنه إبراهيم يوم ولد، وكذا ولد أبي طلحة. وفيه أن بول الصبي يكفي فيه النضح ما لم يأكل للطعام. وفيه أن التحنيك يستحب لأن فيه رفع لهاة الصبي بتمرة، والتحنيك يفعله أبوه أو أمه. * أم سُليم استعملت التورية بقولها: أسكن ما كان عند الحاجة للتورية لا بأس. (¬2) أخذ الصبية للناس لأجل تحنيكه لا أعرف له أصلًا، يفعله أبوه أو أمه. (¬3) أول مولود في الإسلام بعد الهجرة.

2 - باب إماطة الأذى عن الصبي في العقيقة

ثم تفل في فيه، فكان أول شيء دخل جوفه ريق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم حنكَه بالتمرة، ثم دعا له فبرَّك عليه، وكان أول مولود ولد في الإسلام. ففرحوا به فرحًا شديدًا، لأنهم قيل لهم: إن اليهود قد سحرتكم فلا يولد لكم». قال الحافظ: ... والتحنيك (¬1) مضغ الشيء ووضعه في فم الصبي ودلك حنكه به، يصنع ذلك بالصبي ليتمرن على الأكل ويقوى عليه. 2 - باب إماطة الأذى عن الصبي في العقيقة 5471 - عن سلمان بن عامر قال: «مع الغلام عقيقة» (¬2). 5472 - عن سلمان بن عامر الضَّبيُّ قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مع الغلام عقيقة، فأهريقوا عنه دمًا، وأميطوا عنه الأذى» (¬3). ¬

(¬1) التحنيك لمصلحة لهاة الصبي، والعامة يعرفون هذا. * يكسر عظام العقيقة؟ الأمر واسع، روي عن عائشة فيه. (¬2) العقيقة: سنة مؤكدة. * عن الذكر شاتان وعن الأنثى شاة. (¬3) هذا الحديث الذي صرح الحسن فيه بالسماع من سمرة. * الختان يختن متى شاء، ليس له حد محدود، وختان النساء كذلك إذا تيسر من يحسن ذلك سُنة. * فصل في كلام بعض أهل العلم في مسألة ختان المرأة: قال النووي في المجموع (1/ 349) الختان واجب على الرجال والنساء عندنا وبه قال كثيرون من السلف كذا حكاه الخطابي وممن أوجبه أحمد وقال مالك وأبو حنيفة سنة في حق الجميع. أ. هـ. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= وقال ابن عابدين في حاشيته تعليلًا لإباحة النظر إلى محل الختان لأن الختان سنة للرجال من جملة الفطرة لا يمكن تركها، وهو مكرمة في حق النساء. وقال الباجي في شرح الموطأ (7/ 232): وقال مالك ومن ابتاع أمةً فليخفضها إن أراد حبسها .. وقال النساء يخفضن الجواري. وقال أبو محمد في المغني (1/ 115) فأما الختان فواجب على الرجال ومكرمة في حق النساء، وليس واجبًا علىهن هذا قول كثير من أهل العلم، قال أحمد الرجل أشد. وسئل شيخ الإسلام - رحمه الله - (21/ 114) عن المرأة هل تختتن أم لا؟ فأجاب: الحمد لله، نعم تختتن، وختانها أن تقطع أعلى الجلدة التي كعرف الديك. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، للخافضة، وهي الخاتنة: «أشمِّي ولا تنهكي، فإنه أبهى للوجه، وأحظى لها عند الزوج» يعني لا تبالغي في القطع وذلك أن المقصود بختان الرجل تطهيره من النجاسة المحتقنة في القلفة والمقصود من ختان المرأة تعديل شهوتها فإنها إذا كانت قلفاء كانت مغتلمة شديدة الشهوة. ولهذا يقال في المشاتمة: يا ابن القلفاء فإن القلفاء تتطلع إلى الرجال أكثر ولهذا يوجد من الفواحش في نساء التتر ونساء الإفرنج ما لا يوجد في نساء المسلمين وإذا حصلت المبالغة في الختان ضعفت الشهوة فلا يكمل مقصود الرجل فإذا قطع من غير مبالغة حصل المقصود باعتدال. أ. هـ. وقال ابن القيم في تحفة المودود «الفصل التاسع» في أن حكمه يعني الختان يعم الذكر والأنثى. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= قال صالح بن أحمد: إذا جامع الرجل امرأته ولم ينزل؟ قال إذا التقى الختانان وجب الغسل. قال أحمد وفي هذا ان النساء كن يختتن وسئل عن الرجل تدخل عليه امراته فلم يجدها مختونه ايجب عليها الختان: قال الختان سنه. قال الخلال وأخبرني أبو بكر المروزي وعبد الكريم الهيثم ويوسف بن موسى دخل كلام بعضهم في بعض أن أبا عبد الله سئل عن المرأة تدخل على زوجها ولم تختتن أيجب عليها الختان فسكت والتفت إلى أبي حفص فقال تعرف في هذا شيئا قال لا فقيل له إنها أتى عليها ثلاثون أو أربعون سنة فسكت قيل له فإن قدرت على أن تختتن قال حسن. قال وأخبرني محمد بن يحيى الكحال قال سألت أبا عبد الله عن المرأة تختتن فقال قد خرجت فيه أشياء ثم قال فنظرت فإذا خبر النبي - صلى الله عليه وسلم - حين يلتقي الختانان ولا يكون واحدا إنما هو اثنان قلت لأبي عبد الله فلا بد منه قال الرجل أشد وذلك أن الرجل إذا لم يختتن فتلك الجلدة مدلاة على الكمرة فلا يبقى مأثم والنساء أهون قلت لا خلاف في استحبابه للأنثى واختلف في وجوبه وعن أحمد في ذلك روايتان إحداهما يجب على الرجال والنساء والثانية يختص وجوبه بالذكور. أ. هـ. وقال القاري في المرقاة (8/ 289) وأما للنساء فمكرمة ففي خزانة الفتاوى ختان الرجال سنة واختلفوا في المرأة، قال في أدب القاضي مكروه وفي موضع آخر سنة، وقال بعض العلماء واجب وقال بعضهم فرض قلت والصحيح أنه سنة. أ. هـ. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= ولمزيد النظر في الخلاف انظر: شرح السنة (12/ 110) شرح الشنقيطي على النسائي (1/ 145)، غاية المرام شرح مغني ذوي الأفهام (1/ 362)، مجموع رسائل الشيخ ابن عثيمين (4/ 117)، أحكام الطفل للعيسوي ص 206، مجموع مؤلفات ابن سعدي، الفقه (2/ 96)، فتاوى اللجنة جمع الدويش (5/ 119). وقد تحصل من أقوال العلماء في المسألة أقوال كما تقدم تبتدى من الكراهة حتى الوجوب، ولاشك أن إطلاق القول بأن حكم هذا الشيء محرم أو واجب لابد له من دليل وإلا كان قولًا على الله بغير علم، وهو من أشد المحرمات، نسأل الله السلامة قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 33]، وقال تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ} [النحل: 116]. وقد روى عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي وأبو داود من طريق سعيد بن أبي أيوب عن بكر بن عمرو عن أبي عثمان مسلم بن يسار عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من أفتى بغير علم كان إثمه على من أفتاه» ولفظ الدارمي: «من أفتى من غير ثبت» إسناده حسن. وروى الدارمي من طريق ابن المبارك عن سعيد بن أبي أيوب عن عبيد الله بن أبي جعفر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار» مرسل جيّد، واعلم أن أحاديث الأمر بالختان أو أنه =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= سنة في حق المرأة كلها معلولة وقد ضعفها أبو داود، والبيهقي وابن عبد البر كما في التمهيد (21/ 59) , وابن المنذر نقله عند المناوي في الفيض (1/ 216)، والعراقي كذلك ضعفها كما في تخريج الأحياء (1/ 312) والحافظ في الفتح (10/ 341)، والتلخيص (4/ 82 - 83)، والشوكاني في النيل (1/ 113) وغيرهم. * فصل في تخريج الأحاديث والآثار الواردة في الباب الحديث الأول: قوله «اشمي ولا تنهكي فإن ذلك أحظى للمرأة وأحب إلى البعل». رواه أبو داود عون (14/ 183) ومن طريق البيهقي (8/ 324)، حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي وعبد الوهاب بن إبراهيم الأشجي عن مروان عن محمد بن حسان عن عبد الوهاب الكوفي عن عبد الملك بن عمير عن أم عطية أن امرأة كانت تختتن بالمدينة فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكره. وقد وقع في إسناده اضطراب واختلاف كثير، فرواه البيهقي في السنن، والمعرفة (13/ 62) من وجه آخر عن عبيد الله بن عمرو الرقي حدثني رجل من أهل الكوفة عن عبد الملك بن عمير عن الضحاك بن قيس قال كان بالمدينة امرأة يقال لها أم عطية تخفض الجواري فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والسلام يا أم عطية. ومن طريق محمد بن حسان رواه ابن عدي في الكامل (6/ 2223) عن عبد الملك بن عمير عن أم عطية ... دون ذكر عن الوهاب ورواه الحاكم في المستدرك (3/ 525) من طريق عبيد الله به وسمى الرجل المبهم زيد بن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= أبي أنيسة، ورواه ابن أبي الدنيا في كتاب العيال (2/ 780) من طريق عبيد الله بن عمرو عن عطية القرظي قال كان بالمدينة خافضة يقال لها أم عطية وهذا اختلاف شديد واضطراب. قال الحافظ في التلخيص (4/ 83) واختلف فيه على عبد الملك بن عمير فقيل عنه الضحاك بن قيس كان بالمدينة امرأة ... وقيل عنه عن عطية القرظي رواه أبو نعيم في المعرفة، وقيل عنه عن أم عطية رواه أبو داود في السنن وأعله بمحمد بن حسان فقال مجهول ضعيف .. اهـ. وطريق الحاكم المذكورة لا تصلح للمتابعة فإنها من طريق هلال بن العلاط عن أبيه عن عمرو به، والعلاء ضعفه أبو حاتم بقوله منكر الحديث ضعيف، وكذلك حصل في إسناده اختلاف آخر هل سمعه عبد الملك بن عمير من أم عطية أم بينهما واسطة فقد قال الحافظ في الإصابة في ترجمة الضحاك وذكر بعض طرق هذا الحديث قال: وظهر من هذا أن عبد الملك دلسه على أم عطية والواسطة بينهما الضحاك بن قيس، والضحاك هذا قال يحيى لما سأله المفضل الغلابي عنه قال: الضحاك بن قيس هذا ليس بالفهري وعبد الملك بن عمير قال عنه أحمد كما في بحر الدم (279) مضطرب الحديث جدًا، ما أرى له خمسمائة حديث، وقد غلط في كثير منها وهو مع ذلك مدلس قال الحافظ: مشهور بالتدليس وصفه بذلك الدارقطني وابن حبان، وذكر ذلك عنه الذهبي والعلائي والمقدسي والحلبي. قلت: وتغيّر حفظه فإنه كبر وشاخ فالحديث ضعيف مضطرب. حديث آخر: روى الخطيب في تاريخ (12/ 291) من طريق عوف =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= بن محمد أبو غسان حدثنا أبو تغلب عبد الله بن أحمد بن عبد الرحمن الأنصاري حدثنا مسعر عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن علي قال: كانت خفاضة بالمدينة فأرسل إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا خفضت فأشمي ولا تنهكي، فإنه أحسن للوجه وأرضى للزوج .. » رواه في ترجمة عوف هذا وقال عنه حدث عن يوسف بن عبده، وعنه عمرو بن علي وبندار قاله ابن منده اهـ. وأبو البختري لم يسمع من علي شيئًا قال ابن سعد في الطبقات (6/ 293) كان أبو البختري كثير الحديث يرسل حديثه ويروي عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يسمع من كبير أحد فما كان من حديثه سماعًا فهو حسن وما كان عن فهو ضعيف. اهـ. وأبو تغلب لا يُدرى ما حاله فالحديث لا يصح. حديث آخر: روى البيهقي (8/ 324) وابن أبي الدنيا (2/ 779) والطبراني في الصغير (1/ 92)، والأوسط (7/ 195)، وابن عدي في الكامل (3/ 1083) والخطيب في تاريخه (5/ 327)، كلهم من طريق زائدة بن أبي الرقاد عن ثابت عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا خفضت فأشمي ولا تنهكي فإنه أسرى للوجه وأحظى عند الزوج». وزائدة منكر الحديث كما قال البخاري والنسائي، قال ابن عدي له أحاديث أفرادات وفي بعض حديث ما منكر. ورواه أبو نعيم من حديث أنس قال: حدثنا أبو محمد بن حيان حدثنا جعفر بن أحمد بن فارس حدثنا إسماعيل بن أبي أمية حدثنا أبو هلال =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= الراسبي سمعت الحسن حدثنا أنس قال: كانت ختانة بالمدينة يقال لها أم أيمن فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا خفضت فأضجعي يدك، ولا تنهكيه، فإنه أسنى للوجه، وأحظى للزوج». وإسماعيل بن أبي أمية غالب ظني أنه الذي ذكره الدارقطني في سننه (3/ 32، 34) و (4/ 20) فإنه من هذه الطبقة قال الدارقطني ضعيف متروك الحديث، وقال مرة: يضع الحديث فإن يكنه فالحديث باطل، وأبو هلال ليّن الحديث. حديث آخر: روى أحمد في مسنده (5/ 75) وابن أبي الدنيا (2/ 776 في كتاب العيال)، وابن أبي شيبة في المصنف (5/ 317)، والبيهقي (8/ 325)، والطبراني في الكبير (77/ 329)، من طريق حجاج بن أبي المليح بن أسامة عن أبيه عن شداد بن أوس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الختان سنة للرجال، ومكرمة للنساء» عند أحمد والبيهقي دون ذكر شداد. حديث آخر: روى البيهقي (8/ 325) وابن عساكر في تبيين الامتنان بالأمر بالختان (ح 26) من طريق حجاج عن مكحول عن أبي أيوب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: فذكره بمثل الذي قبله. قال أبو حاتم في علله (2/ 247) سألت أبي عن حديث رواه حفص بن غياث عن حجاج بن أرطأة عن أبي المليح عن أبيه عن شداد بن أوس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الختان سنة للرجال ومكرمة للنساء»، ورواه عبد الواحد بن زياد عن حجاج عن مكحول عن أبي أيوب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال أبي: الذي عن حجاج عن مكحول خطأ وإنما أراد حديث حجاج ما قد رواه =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= مكحول عن أبي الشمال عن أبي أيوب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «خمس من سنن المرسلين ... » الحديث فترك أبا الشمال فلا أدري هذا من الحجاج أم من عبد الواحد وقد رواه النعمان بن المنذر عن مكحول عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكره. اه يعني مرسلًا. وقال ابن عبد البر في التمهيد (21/ 59) بعد ذكر حديث شداد، واحتج من جعل الختان سنة بحديث أبي المليح هذا وهو يدور على حجاج بن أرطأة وليس ممن يحتج بما انفرد به، والذي أجمع عليه المسلمون الختان في الرجال على ما وصفنا اهـ. وقال البيهقي عقب حديث شداد: الحجاج بن أرطأة، لا يحتج به وقيل عنه عن مكحول عن أبي أيوب، وهذا منقطع ثم أسنده عن حجاج به. قلت لأن مكحولًا لم يسمع من أبي أيوب. وقال الحافظ في التلخيص (4/ 82)، والحجاج مدلس وقد اضطرب فيه فتارة يرويه كذا (يعني عن أبي المليح عن أبيه) وتارة بزيادة شداد بن أوس بعد والد أبي المليح ثم ذكر ما تقدم من كلام الأئمة، فالحديث ضعيف مضطرب. حديث آخر: وروى البيهقي (8/ 325)، والطبراني (11/ 233) من طريق الوليد حدثنا ابن ثوبان عن محمد بن عجلان عن عكرمة عن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الختان سنة للرجال، مكرمة للنساء» وضعفه البيهقي بقوله هذا إسناد ضعيف والمحفوظ موقوف وقال في المعرفة لا يصح رفعه، ورواته موثوقون إلا أن فيه تدليسًا (كذا في التلخيص). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= قلت: الوليد بن الوليد قال أبو حاتم صدوق وقال الدارقطني متروك اهـ. من الميزان ووقع في تعيينه اختلاف كما في اللسان وقال ابن حبان في المجروحين (3/ 81): «الوليد بن الوليد يروي عن ابن ثوبان وثابت بن يزيد العجائب» وشيخه عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان متكلم فيه. ثم رواه البيهقي في سننه من طريق إبراهيم بن مجشر ثنا وكيع عن سعيد بن بشير عن قتادة عن جابد بن زيد عن ابن عباس من قوله، ورواه ابن عدي في الكامل (1/ 272) من طريق إبراهيم به، ثم قال: وإبراهيم به أحاديث منكرة من جهة الإسناد غير محفوظة، وترجمة في اللسان، وذكره حديث الترجمة في منكراته، وذكر جرحه عن جماعة، وسعيد ضعيف، ورواه الطبراني في الكبير (12/ 182) من طريق سعيد به. ورواه الطبراني في الكبير من وجه آخر (11/ 359). حدثنا الحسن بن على الفسوي ثنا خلف بن عبد الحميد ثنا عبد الغفور عن أبي هاشم عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال: فذكره موقوفًا وعبد الغفور متروك ترجمة في المجروحين والميزان وضعفاء العقيلي وغيرها. حديث آخر: روى البراز في مسنده (1/ 669) مختصر الزوائد لابن حجر من طريق مندل بن علي عن ابن جريج عن إسماعيل بن أمية عن نافع عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: دخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - نسوة من الأنصار فقال: يا نساء الأنصار اختضبن غمسًا، واخفضن ولا تنهكن، فإنه أحظى عند أزواجكن، وإياكن وكفر المنعمين. قال مندل يعني الزوج، ومندل ضعيف، ورواه ابن عدي (3/ 901) من طريق خالد بن عمرو =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= القرشي عن الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن سالم عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه وخالد بن عمرو متروك الحديث بل كذّبه يحيى بن معين ونسبه إلى الوضع جماعة كصالح جزره وابن عدي وغيرهم. فصل في الإثار: روى البخاري في الأدب المفرد (1245). حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا عجوز من أهل الكوفة - جدة علي بن غراب - حدثتني أم المهاجر قالت: سُبيت في جواري من الروم فعرض علينا عثمان الإسلام فلم يسلم منا غيري وغير أخرى، فقال عثمان: «اذهبوا فاخفضوهما وطهروهما». والعجوز هذا اسمها طلحة [انظر: تهذيب الكمال (35/ 241)] تكنى بأم غراب لا يعرف حالها وأم المهاجر الرومية مقبولة. أثر آخر: روى البخاري في الأدب المفرد. حدثنا أصبغ أخبرني ابن وهب أخبرني عمرو أن بكيرًا حديث أن أم علقمة أخبرته أن بنات أخي عائشة - رضي الله عنها -، وخُتنّ فقيل لعائشة ألا ندعو لهن من يلهيهن .. ». أصبغ بن الفرج ورّاق عبد الله بن وهب، وعمرو بن الحارث وبكير بن الأشج لا يُسأل عنهم، وأما أم علقمة هذه خرج لها البخاري في الآداب كما هنا وعلق لها في الحيض من صحيحه [كذا قال الحافظ في اللسان والذي رأيت في الصحيح في الصيام في باب الحجامة والقيء للصائم وانظر: تحفة الأشراف (13/ 433) ولم يصرح بها في الحيض بل أبهمت.] قال العجي، ومدنية تابعية ثقة، وذكرها ابن حبان في الثقات وفي التقريب مقبولة [والأقرب أنها فوق ذلك، وأنها لا بأس بها.] واسمها مرجانة. =

30 - باب جلود الميتة

30 - باب جلود الميتة 5531 - عن بن عباس - رضي الله عنهما - أخبره «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرَّ بشاة ميتة فقال: هلا استمتعتم بإهابها؟ قالوا: إنها ميتة. قال: إنما حرُم أكلها» (¬1). ¬

= أثر آخر: قال إبراهيم بن إسحاق الحربي في غريب الحديث (2/ 553). حدثنا موسى حدثنا حماد عبيد الله بن أبي المليح عن أبي المليح «أن ختانة خفضت جارية فماتت فرفعت إلى عمر فقال: كيف خفضتيها؟ قالت: كما كنت أخفض قال: لو ما أبقيت، فضمنها». قلت موسى هو ابن إسماعيل المنقري، وحماد هو ابن سلمة وعبيد الله بن أبي حُميد هكذا صوابه لا ابن أبي المليح فهذا تحريف وليس لأبي المليح ابن اسمه عبيد الله، ثم لو كان كذا لقيل عن أبيه، كما هو الجادة، وعبيد الله هذا أبو الخطاب ضعيف منكر الحديث يروي عن أبي المليح عجائب كما قال الأئمة. * الصدقة بوزن الشعر، ورد فيه حديث ضعيف. * حلق الصبي خاص به لا تحلق البنت، وقلت للشيخ: تعليله بكونه أذى ما يدل على العموم؟ قال: لا البنت يوفر لها رأسها، وقال في الصبي الغلام يحلق رأسه ويُسمّى. (¬1) اشتهر الخلاف في جلود الميتة، فقيل يطهر بالدباغ كل جلد، وقيل: يطهر ما كان طاهرًا في حياته، وقيل: تطهر جلود المذكاة، والاختيار الثاني.

34 - باب إذا وقعت الفأرة في السمن الجامد أو الذائب

34 - باب إذا وقعت الفأرة في السمن الجامد أو الذائب 5538 - عن ابن عباس عن ميمونة أن فأرة وقعت في سمن فماتت، فسُئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عنها فقال: «ألقوها وما حولها، وكلوه» (¬1). 35 - باب الوسم والعَلم في الصورة 5541 - عن حنظلة عن سالم «عن ابن عمر أنه كره أن تُعلم الصورة (¬2). وقال ابن عمر: نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تُضرب» .. 5542 - عن زيد عن أنس قال: «دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - بأخ لي يُحنِّكه وهو في مربد له فرأيته يسم شاة، حسبته قال: في آذانها» (¬3). 36 - باب إذا أصاب قوم غنيمة، فذبح بعضهم غنمًا أو إبلاً بغير أمر أصحابهم، لم تؤكل لحديث رافع عن النبي - صلى الله عليه وسلم - 5543 - عن رافع بن خديج قال: قلت للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إننا نلقى العدو غدًا وليس معنا مُدىً، فقال: ما أنهر الدم وذُكر اسم الله فكلوه، ما لم يكن سن ولا ظُفر، وسأحدِّثكم عن ذلك: أما السن فعظم، وأما الظفر فمدَى الحبشة، وتقدم سرعان الناس فأصابوا من الغنائم والنبي - صلى الله عليه وسلم - في آخر الناس، ¬

(¬1) والفأرة من الطوافين والطوافات، السمن الجامد يلقى ما لوثته الفأرة وأما المائع فيزاد في نسبة المأخوذ حول الفأرة، وكذا لو سقطت في لبن. (¬2) الصورة: الوجه. قلت: صح عن ابن عباس عن البيهقي: الصورة الرأس، وتسمية الوجه صورة جاءت في ما حديث .. (¬3) فيه من تواضعه - عليها السلام -، والقيام بمهام دون تكبر.

فنصبوا قدورًا. فأمر بها فأُكفئت، وقسَم بينهم، وعدل بعيرًا بعشر شياه. ثم ند بعير منها بعير من أوائل القوم، ولم يكن معهم خيل، فرماه رجل بسهم فحبسه الله، فقال: إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش. فما فعل منها هذا فافعلوا مثل هذا» (¬1). ¬

(¬1) ذبيحة السارق تحرم من حيث غصبها وسرقها، أما لو سمى الله عند ذبحها أو نسيها فهي حلال لمن أكلها، والأولى التنزه عنها، وهي من المشتبه.

73 - كتاب الأضاحي

73 - كتاب الأضاحي 1 - باب سُنَّة الأضحية. وقال ابن عمر: هي سُنَّة ومعروف 5545 - عن البراء - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نُصلِّي، ثم نرجع فننحر، من فعله فقد أصاب سُنَّتنا، ومن ذبح قبل فإنما هو لحم قدَّمه لأهله ليس من النُّسك في شيء. فقام أبو بردة بن نيار - وقد ذبح - فقال: إن عندي جذعة، فقال: اذبحها، ولن تجزيَ عن أحد بعدك» (¬1). 2 - باب قسمة الإمام الأضاحي بين الناس 5547 - عن عُقبة بن عامر الجهنيِّ قال: «قسَم النبي - صلى الله عليه وسلم - بين أصحابه ضحايا، فصارت لعقبة جذعة، فقلت: يا رسول الله صارت لي جذعة، قال ضحِّ بها» (¬2). ¬

(¬1) هذا يدل على شرعية الأضحية، وأنها سنة في كل عام في عيد النحر وثلاثة أيام بعده، والسنة بعد صلاة العيد ولا تجوز قبل صلاة العيد، وهي سنة مؤكدة وليست بواجبة، وحديث «من وجد سعة فلم يضح» ضعيف فلا تجب على الموسر ولا غيره. قلت: الحديث لا يصح رفعه، وقد نقل ابن حزم في المحلى (7/ 358) أنه: لا يصح عن أحد من الصحابة أن الأضحية واجبة. (¬2) الجذعة تجزئ في الضأن لا في الماعز «لا تذبحوا إلا مسنة إلا إن تعسر عليكم» يدل على الأفضلية للثني ويجوز ذبح الجذعة مع وجود الثني.

3 - باب الأضحية للمسافر والنساء

3 - باب الأضحية للمسافر والنساء 5548 - عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها وحاضت بسرف قبل أن تدخل مكة وهي تبكي، فقال: ما لكِ، أنفسُتِ؟ قالت: نعم قال: إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم، فاقضي ما يقضي الحاجُّ؟ غير أن لا تطوفي بالبيت. فلما كنَّا بمنى أتيت بلحم بقر، فقلت: ما هذا؟ قالوا: ضحى (¬1) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أزواجه بالبقر». قال الحافظ: ... فقد جاء عن مالك كراهة مباشرة المرأة الحائض (¬2) للتضحية. قال الحافظ: ... وادعى الطحاوي أنه مخصوص (¬3) أو منسوخ ولم يأت لذلك بدليل. 4 - باب ما يُشتهى من اللحم يوم النحر 5549 - عن أنس بن مالك قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر: «من كان ذبح قبل الصلاة فليُعدْ. فقام رجل فقال: يا رسول الله، إن هذا يوم يشتهى فيه ¬

(¬1) هذا يحتمل أنه في الأضحية، ويحتمل أنها تساهلت في التعبير، والمراد أهدى بقرًا، فيكون ذبح بقرة وشاتين أو بقرات. قلت: المحفوظ أهدى، لا ضحّى. * الحاج يشرع له الهدي والأضحية. (¬2) قول مالك لا دليل عليه. (¬3) قول الطحاوي ضعيف ولا حاجة أ، يخصهم بشيء فالأضحية تكفي للرجل وأهل بيته.

5 - باب من قال: الأضحى يوم النحر

اللحم - وذكر جيرانه - وعندي جذعة خير من شاتيْ لحم. فرَخَّص (¬1) له في ذلك، فلا أدري بلغت الرخصة من سواه أم لا. ثم انكفأ النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى كبشين فذبحهما، وقام الناس إلى غُنيمة فتوزَّعوها، أو قال: فتجزَّعوها». 5 - باب من قال: الأضحى يوم النحر 5550 - عن أبي بكرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض. السنة اثنا عشر شهرًا، منها أربعة حُرُم: ثلاث متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرَّم، ورجب مُضر الذي بين جمادى وشعبان. أيُّ شهر هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيُسمِّيه بغير اسمه، فقال: أليس ذا الحجة؟ قلنا: بلى. قال: أي بلد هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيُسمِّيه بغير اسمه، فقال: أليس البلدة؟ قلنا: بلى. قال: فأي يوم هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيُسمِّيه بغير اسمه، فقال: أليس يوم النَّحر؟ قلنا: بلى. قال: فإن دماءكم وأموالكم - قال محمد: وأحسبه قال: وأعراضكم حرام، كحُرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا. وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم. ألا فلا ترجعوا بعدي ضُلالًا يضرب بعضكم رقاب بعض. ألا ليبلِّغ الشاهد الغائب، فلعل بعض من يبلغُه أن يكون أوعى له من بعض من سمعه (¬2) - فكان ¬

(¬1) هذه خاصية لأبي برده لقوله «ولن تجزئ عن أحد بعدك». (¬2) حديث أبي بكرة حديث عظيم خشي عليهم العداوة فيما بينهم، والمراد هم ومن بعدهم. * من قال إنه خاص بالإمام؟ ما هو خاص بالإمام له ولغيره (بعد ما سألته).

6 - باب الأضحى والنحر بالمصلى

محمد إذا ذكره قال: صدَق النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: ألا هل بلَّغت، ألا هل بلَّغت؟ ». 6 - باب الأضحى والنَّحر بالمصلى 5552 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أخبره قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذبح وينحر بالمصلى» (¬1). 7 - باب في أضحية النبي - صلى الله عليه وسلم - بكبشين أقرنين. ويُذكر سمينين. 5553 - عن صهيب قال: سمعت أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُضحي بكبشين، وأنا أضحِّي بكبشَين» (¬2). ¬

(¬1) وهذا يبين إظهار السنة، فإذا وجد مكانًا حول المصلى تنحر فيه الأضحية فحسن وإلا في بيته. (¬2) أضحية واحدة تكفي، والنبي - صلى الله عليه وسلم - كان يضحي بكبشين، واحد عنه وعن أهل بيته، وواحد عمن وحّد من أمته ممن لم يضح. * الكبش: ذكر الضأن، فإذا تيسر بالكبشين أفضل تأسيًا بالنبي - صلى الله عليه وسلم -. * قلت: هذا بحث عن حديث (نهى أن يُضحى بأعضب القرن والأذن). أخرجه أبو داود (2805) والترمذي (1504) والنسائي (7/ 217) وابن ماجه (3145) وأحمد (1/ 83) والحاكم والبيهقي وأبي يعلى وغيرهم من طريق قتادة عن جُري بن كليب عن علي - رضي الله عنه - قال نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يضحي بأعضب القرن والأذن. وهذا إسناد ضعيف جُري بن كليب قال ابن المديني: مجهول ما روى عنه غير قتادة، وقال أبو =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= حاتم: شيخ لا يحتج بحديثه، وقال العجلي بصري تابعي ثقة! وذكره ابن حبان في الثقات. وقال ابن حزم في المحلى (7/ 360) وروى في الأعضب أثر أنه لا يجزئ ولا يصح لأنه من طريق جُري بن كليب وليس مشهورًا .. أ. هـ-وقال ابن عبد البر في الاستذكار (15/ 133 - 134) وفي إجماعهم على إجازة التضحية بالجماء ما يبين لك أن حديث القرن لا يثبت ولا يصح. أ. هـ. طريق أخرى: قال أحمد في مسنده (864) حدثنا أسود بن عامر حدثنا إسرائيل عن جابر عن عبد الله بن نجيّ عن علي به، وإسناده تالف من أجل جابر الجعفي. والمحفوظ عن علي ما رواه أحمد (1/ 95) ومواضع أخرى والدارمي (1957) وابن ماجه (3143) والترمذي (1503) والنسائي (7/ 217) وغيرهم من طرق عن سلمة بن كهيل عن حجية الكندي عن علي - رضي الله عنه - قال: «أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نستشرف العين والأذن» حسب، وجاء من طريق أخرى ... فأخرجه عبد الله بن أحمد (1/ 132) وهو من زوائده عن محمد بن بكار عن الجراح بن مليح (والد وكيع) عن أبي إسحاق عن هبيرة بن يريم عن علي مرفوعًا ولفظه: «أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نستشرف العين والأذن فصاعدا» حسب. وأما ما رواه أحمد (1/ 809) وأبو داود (2804) والترمذي (1498) والنسائي (7/ 216) وابن ماجه (3142) وغيرهم من طرق عن أبي إسحاق عن شريح بن النعمان عن علي قال: «أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن =

5555 - عن عمر (¬1) بن خالد الليث عن يزيد عن أبي الخير «عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاه غنمًا يقسمها على صحابته ضحايا، فبقي عتود، فذكره للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ضحِّ أنت به». ¬

= نستشرف العين والأذن وأن لا نضحي بعوراء ولا مقابلة ولا مدابرة ولا شرقاء ولا خرقاء» فهذا لم يسمعه أبو إسحاق عن شريح كما قال الدارقطني عن علله (3/ 238) بل صحح وقفه على علي - رضي الله عنه - من قوله. قلت: ومما يدل على ذلك ما رواه أحمد في مسنده (105) عن عفان عن شعبة عن سلمة بن كهيل أنباني حجّية بن عدي قال: سمعت رجلًا سأل عليًا قال أني اشتريت هذه البقرة للأضحى عن سبعة قال القرن قال: لا يضرك ... وحجية لا بأس به، ورواه أحمد أيضًا (1/ 95) عن وكيع عن سفيان عن سلمة به وفيه (مكسورة القرن. قال: لا يضرك). ولو كان النهي عن الأعضب ثابتًا لما أفتى علي بخلافه. وحديث جُري أيضًا مخالف لمفهوم حديث البراء .... «أربع لا تجوز في الأضاحي» وحديث البراء جرى مجرى البيان والحصر ولهذا أنكر البراء على من كره العيب في الأذن والقرن. وقال في الفروع (3/ 542) ويتوجه احتمال أعضب القرن والأذن مطلقًا لأن في صحة الخبر نظرًا ثم الخبر الصحيح المشهور «أربع لا تجوز في الأضاحي ... » يقتضي الأعضب فيكون النهي للكراهة والمعنى يقتضي ذلك لأن القرن لا يؤكل، والأذن لا يقصد أكلها غالبا .... أ. هـ. (¬1) صوابه عمرو، كما في التقريب وعمدة القاري.

8 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بردة: ضح بالجذع من المعز، ولن تجزي عن أحد بعدك

قال الحافظ: ... قوله (فقال: ضحِّ به أنت) زاد البيهقي في روايته من طريق يحيى بن بكير عن الليث «ولا رخصة فيها لأحد بعدك» (¬1). 8 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بُردة: ضحَّ بالجذع من المعز، ولن تجزي عن أحد بعدك 5556 - عن البراء بن عازب - رضي الله عنهما - قال: ضحَّى خالٌ لي يقال له أبو بُردة قبل الصلاة، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: شاتُك شاة لحم. فقال: يا رسول الله، إن عندي داجنًا جذعة من المعز، قال: اذبحها ولن تصلُح لغيرك. ثم قال: من ذبح قبل الصلاة فإنما يذبح لنفسه، ومن ذبح بعد الصلاة فقد تم نُسكه وأصاب سُنَّة المسلمين» (¬2). 9 - باب من ذبح الأضاحي بيده 5558 - عن قتادة عن أنس قال: «ضحَّى النبي - صلى الله عليه وسلم - بكبشين أملحين، فرأيته واضعًا قدمه على صفاحِها يُسمِّي ويُكبِّر، فذبحهما بيده» (¬3). ¬

(¬1) حمل العتود على ما بلغ السنة أقرب للأحاديث الأخرى، وإن كان دون السن فهو كما أذن لأبي بردة فيكون خاصًا. (¬2) لم يأذن له في الوقت وأذن له في الصفة، ألا يدل على أن الوقت شرط أعظم؟ الرسول - صلى الله عليه وسلم - بيّن الأمرين (بعدما سألته). * وسئل: عن قول شيخ الإسلام في قوله في تفسير لن تجزئ عن أحد بعدك يعني من مثل حالك؟ فرده الشيخ، لم يرضه. (¬3) السنة يسمِّي ويكبِّر، وإن زاد: اللهم هذا منك ولك، فلا بأس. * هل يجمع بين الأضحية والعقيقة؟ قال الشيخ: لا.

12 - باب من ذبح قبل الصلاة أعاد

12 - باب من ذبح قبل الصلاة أعاد 5561 - عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من ذبح قبل الصلاة فليُعد. فقال رجل: هذا يوم يُشتهى فيه اللحم - وذكر هنة من جيرانه، فكأن النبي - صلى الله عليه وسلم - عذره - وعندي جذعة خير من شاتين. فرخص له النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلا أدري بلَغت الرخصة أم لا؟ ثم انكفأ إلى كبشين - يعني فذبحهما - ثم انكفأ الناس إلى غُنيمة فذبحوها» (¬1). 13 - باب وضع القدم على صفح الذبيحة 5564 - عن أنس - رضي الله عنه - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يُضحِّي بكبشين أملحين أقرنين، ويضع رجله على صفحتهما (¬2)، ويذبحهما بيده». ¬

(¬1) يعيد من ذبح قبل الصلاة. * لا يشرط الذبح بعد ذبح الإمام، فمتى ما صلى دخل وقت الذبح، سواء ذبح الإمام أو لا. (¬2) وهذا هو السنة يضع قدمه على صفحة العنق حتى لا تضطرب. * من فاتته صلاة العيد متى يذبح؟ بعدما يُصلي. * فقيل للشيخ فاتته ولم يصل؟ محتمل أن يقال العبرة بصلاة غير، ومحتمل لابد أن يصلي لقوله: «من صلى» الأمر محتمل.

15 - باب إذا بعث بهديه ليذبح لم يحرم عليه شيء

15 - باب إذا بعث بهديه ليُذبح لم يحرُم عليه شيء 5566 - عن مسروق أنه أتى عائشة فقال لها: يا أم المؤمنين، إن رجلًا يبعث بالهدي إلى الكعبة ويجلس في المصر فيوصي أن تُقلَّد بدنته، فلا يزال من ذلك اليوم محرمًا حتى يحل الناس. قال: فسمعت تصفيقها من وراء الحجاب، فقالت: لقد كنت أفتل قلائد هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيبعث هديه إلى الكعبة، فما يحرُمُ عليه مما حلَّ للرجال من أهله حتى يرجع الناس» (¬1). 16 - باب ما يؤكل من لحوم الأضاحي، وما يتزود منها 5568 - عن القاسم أن ابن خَبَّاب أخبره أنه «سمع أبا سعيد يحدِّث أنه كان غائبًا فقدم، فقدِّم إليه لحم قالوا: هذا من لحم ضحايانا، فقال: أخِّروه، لا أذوقه. قال: ثم قمت فخرجت حتى آتي أخي أبا قتادة (¬2) - وكان أخاه لأمه وكان بدريًا - فذكرت ذلك له فقال: إنه قد حدث بعدك أمر». 5571 - عن الزهري قال: حدثني أبو عُبيد مولى ابن أزهر أنه شهد العيد يوم الأضحى مع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، فصلى قبل الخطبة ثم ¬

(¬1) إذا أهدى الإنسان شيئًا إلى الحرم فلا يحرم عليه شيء، ما يحرم إلا بالإحرام بالنسك. * استقرت الشريعة على أن المتصدق يأكل ويطعم بغير تحديد، وكان التحديد بثلاث لأجل حاجة في المدينة. (¬2) وهذا غلط من بعض الرواة، والصواب أنه أخي قتادة بن النعمان زاد أبا.

خطب الناس فقال: يا أيها الناس، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد نهاكم عن صيام هذين العيدين: أما أحدهما فيوم فطركم من صيامكم، وأما الآخر فيوم تأكلون من نُسككم» (¬1). 5572 - قال أبو عبيد «ثم شهدت العيد مع عثمان بن عفان، فكان ذلك يوم الجمعة (¬2)، فصلى قبل الخطبة ثم خطب فقال: يا أيها الناس، إن هذا يوم قد اجتمع لكم فيه عيدان، فمن أحبَّ أن ينتظر الجمعة من أهل العوالي فلينتظر، ومن أحب أن يرجع فقد أذنت له». 5573 - قال أبو عبيد: «ثم شهدته مع علي بن أبي طالب، فصلى قبل الخطبة، ثم خطب الناس فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهاكم أن تأكلوا (¬3) لحوم نُسُككم فوق ثلاث». 5574 - حدثني محمد (¬4) بن عبد الرحيم أخبرنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن ابن أخي ابن شهاب عن عمّه ابن شهاب عن سالم عن عبد الله بن ¬

(¬1) وهذان اليومان محرم صيامهما بإجماع المسلمين. (¬2) إذا ما حضر الجمعة يصلي لكن إذا كان واحد حضر الجمعة، وإن كانوا جماعة يصلون في بيوتهم لكن لا يقيمونها في المسجد حتى لا يظهروا المخالفة لشعيرة الجمعة، ولا يؤذن للظهر في المسجد الذي لا يجمّع فيه. وهذا يدل على أنه إذا اجتمع عيد وجمعة يسقط حضور الجمعة ويصلي الظهر، وإن حضر الجمعة أفضل. (¬3) خفي على علي الأمر وظن أن النهي باق. (¬4) صاعقه، هذا لقبه.

عمر - رضي الله عنهما -، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كلوا من الأضاحي ثلاثًا (¬1). وكان عبد الله يأكل بالزَّيت حين ينفر من منى من أجل لحوم الهدي». قال الحافظ: ... وأيضًا فظاهر الحديث في كونهم من أهل العوالي أنهم لم يكونوا ممن تجب عليهم الجمعة لبعد منازلهم عن المسجد، وقد ورد في أصل المسألة حديث مرفوع (¬2). ¬

(¬1) خفي عليه الإذن كما خفي على علي - رضي الله عنهما -. (¬2) قلت: ما رواه أبو داود عن محمد بن طريف البجلي ثنا أسباط بن محمد عن الأعمش عن عطاء قال: صلى بنا ابن الزبير في يوم عيد في يوم الجمعة أول النهار ثم رحنا إلى الجمعة فلم يخرج إلينا فصلينا وحدانًا وكان ابن عباس بالطائف فما قدم ذكرنا ذلك له فقال: أصاب السنة. وجاء من حديث زيد بن أرقم وأبي هريرة، وكلها عند أبي داود.

74 - كتاب الأشربة

74 - كتاب الأشربة 1 - باب قول الله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ ... } [المائدة: 90]. قال الحافظ: ... ويؤيده حديث أبي سعيد مرفوعًا «من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة، وإن دخل الجنة لبسه أهل الجنة ولم يلبسه هو» قلت: أخرجه الطيالسي وصححه بن حبان (¬1). وقريب منه حديث عبد الله بن عمرو رفعه «من مات من أمتي وهو يشرب الخمر حرم الله عليه شربها في الجنة» أخرجه أحمد بسند حسن (¬2). 5580 - عن أبي شهاب (¬3) عبد ربه بن نافع عن يونس عن ثابت البُناني عن أنس قال: «حُرّمت علينا الخمر حين حُرمت، وما نجد - يعني بالمدينة - خمر الأعناب إلا قليلًا، وعامة خمرنا البُسرُ والتمر». 4 - باب الخمر من العسل، وهو البتع 5585 - عن عائشة قالت: «سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن البتع فقال: كلُّ شراب أسكر فهو حرام» (¬4). ¬

(¬1) به داود السراج مجهول. (¬2) قلت: في إسناده ميمون بن أستاد وهو ضعيف. (¬3) قلت: الحناط. (¬4) هذه قاعدة، وأعم من هذه «كل مسكر خمر، وكل خمر حرام» يعم المأكول والمشروب. * من انتبذ عسلًا أو حنطة فله شربه يومًا أو يومين ما لم يشتد.

5 - باب ما جاء في أن الخمر ما خامر العقل من الشراب

قال الحافظ: ... وعلى تقدير تسليم أنها ليست بمسكرة (¬1). فقد ثبت في أبي داود النهي عن كل مسكر ومفتر وهو بالفاء. 5 - باب ما جاء في أن الخمر ما خامر العقل من الشراب 5588 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: «خطب عمر على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنه قد نزل تحريم الخمر وهي من خمسة أشياء: العنب، والتمر، والحنطة، والشعير، والعسل. والخمر ما خامر العقل (¬2) ... الحديث». 5589 - عن ابن عمر «عن عمر قال: الخمر تُصنع من خمسة: من الزبيب، والتمر، والحنطة، والشعير، والعسل» (¬3). 6 - باب ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه 5590 - عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري قال: حدثني أبو عامر - أو أبو مالك - الأشعري والله ما كذبني «سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ليكونن من أمتي أقوام يستحلُّون الحر والحرير والخمر والمعازف، ولينزلن أقوام إلى جنب علم يروح عليهم بسارحة لهم، يأتيهم - يعني الفقير - لحاجة فيقولون: ارجع إلينا غدًا فيُبيِّتُهم الله، ويضع العَلم، ويمسخُ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة» (¬4). ¬

(¬1) فيه لين، لأنه من طريق الحكم بن عتيبة عن شهر بن حوشب عن أم سلمة، وشهر به كلام معروف. (¬2) يعني تغيّر العقل من الخمسة هذه أو غير الخمسة. (¬3) يعني غالبًا وإلا قد تصنع من غيرها. (¬4) وهذا يفيد الحذر، وأن الله قد ينزل العقوبة ببعض الناس بسبب ذنوبهم.

14 - باب شرب اللبن بالماء

قال الحافظ: ... وأما دعوى ابن حزم التي أشار إليها فقد سبقه إليها ابن الصلاح في «علوم الحديث» (¬1). 14 - باب شُرب اللبن بالماء 5612 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شرب لبنا وأتى داره، فحلبتُ شاة، فشُبت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من البئر، فتناول القدح فشرب - وعن يساره أبو بكر وعن يمينه أعرابي - فأعطى الأعرابيَّ فضله ثم قال: الأيمن فالأيمن» (¬2). ¬

(¬1) كلام ابن حزم كلام فاسد. (¬2) سألت الشيخ عن رواية أبي يعلى «إذا سقيتم أو شربتم فابدءوا بالأكابر». فقال الشيخ: لا أعرفها، والأحاديث الصحيحة على تقديم الأيمن، ورواية أبي يعلى ما تعارض الصحيحين، قد تكون شاذة. * سألت الشيخ عن استئذان الأيمن؟ فقال يكفي الأول. * شوب اللبن بالماء لا بأس به، وفيه إعطاء من على يمينك ولو كان مفضولًا إلا أن يسمح من على يمينك فتناوله يسارك، وفيه جواز الكرع إذا دعت الحاجة إليه وهو الشرب بالفم، وإن تيسّر بالإناء أو بالكفين فهو أولى حتى لا يشابه البهائم.

15 - باب شراب الحلواء والعسل

15 - باب شراب الحلواء والعسل وقال الزهري: لا يحل شرب بول الناس لشدة تنزل، لأنه رجس، قال الله تعالى {أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} [المائدة: 5] وقال ابن مسعود في السكر: إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرَّم عليكم (¬1). 5614 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعجبه الحلواء والعسل». 16 - باب الشرب قائمًا 5615 - عن عبد الملك بن ميسرة عن النزال قال: «أُتى عليّ - رضي الله عنه - على باب الرَّحبة فشرب قائمًا فقال: إن ناسًا يكره أحدهم أن يشرب وهو قائم، وإني رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل كما رأيتموني فعلت» (¬2). ¬

(¬1) الضرورة لها أحكامها وقد فصَّل لكم ما حرم عليكم، لا يلتفت إلى قول الزهري ولا غيره لكن هل ينفع تناوله؟ * هل النشرة ضرورة؟ لا، لا تحل بغير السحر؛ ولهذا نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: «هي من عمل الشيطان». (¬2) رحْبة ورَحَبة فيها لغتان وتُجمع على رَحَبات. * هذا يدل على جواز الشرب قائمًا، والنهي للتنزيه أو منسوخ، والجمع أولى من النسخ.

17 - باب من شرب وهو واقف على بعيره

5617 - عن ابن عباس قال: «شرب النبي - صلى الله عليه وسلم - قائمًا من زمزم» (¬1). 17 - باب من شرب وهو واقف على بعيره 5618 - عن ابن عباس «عن أم الفضل بنت الحارث أنها أرسلت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بقدح لبن وهو واقف عشية عرفة، فأخذ بيده فشربه» (¬2). 24 - باب الشرب من فم السقاء 5628 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يُشرب من في السقاء» (¬3). قال الحافظ: ... ومنها ما أخرجه الحاكم من حديث عائشة بسند قوي بلفظ «نهى أن يشرب من في السقاء لأن ذلك ينتنه» (¬4). ¬

(¬1) هل يقال في شرب زمزم يسن قائمًا؟ لا، الأمر واسع والقعود أفضل. * ما يقال الشرب قائمًا مكروه؟ لا، بل جائز بلا كراهة. (¬2) وفعل أمام الناس ليعلم الناس أنه مفطر، والسنة يوم عرفة الفطر للحاج، بل ينهوا عنه [الصيام] وحديث النهي لا بأس به (وانظر: باب رقم: 29 وتعليق الشيخ). (¬3) الشرب من قوارير الصحة هل يدخل في اختناث الأسقية؟ لا، القوارير هذه مضبوطة، القِرب قد يكون فيها دواب صغيرة فالأقرب لا يدخل، وعند الضرورة ما وجد إناء يشرب من فمها، أو فم القربة. (¬4) رواه الحاكم من طريق حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به، ورواه البيهقي في الشعب من طريق معمر عن هشام عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - به وقال هشام: «فإن ذلك ينتنه» فأرسله معمر وجعل التعليل مدرجًا، انظر الشعب للبيهقي (11/ 9).

25 - باب النهي عن التنفس في الإناء

25 - باب النهي عن التنفس في الإناء 5630 - عن أبي قتادة عن أبيه قال: «قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء، وإذا بال أحدكم فلا يمسح ذكره بيمينه، وإذا تمسَّح أحدكم فلا يتمسح بيمينه» (¬1). 26 - باب الشرب بنفسين أو ثلاثة 5631 - عن ثمامة بن عبد الله «قال كان أنس يتنفس في الإناء مرتين أو ثلاثًا، وزعم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتنفس ثلاثًا» (¬2). 27 - باب الشرب في آنية الذهب 5632 - عن ابن أبي ليلى قال: «كان حذيفة بالمدائن، فاستسقى، فأتاه دهقان بقدح فضة، فرماه به فقال: إني لم أرمه إلا أني نهيتُه فلم ينته. ¬

(¬1) هذا هو الواجب، يتمسح باليسار ويستنجي باليسار، ولا يتنفس في الإناء قد يخرج من أنفه شيء. * قول بعض الفقهاء: إن كان من الآداب ليس واجبًا؟ ما عليه دليل، الأصل في الأوامر الوجوب. (¬2) هذا هو الأفضل، يفصل الإناء، أهنأ وأمرأ.

28 - باب آنية الفضة

وإن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهانا عن الحرير والديباج والشرب في آنية الذهب والفضة، وقال: هنَّ لهم في الدنيا، وهي لكم في الآخرة» (¬1). 28 - باب آنية الفضة (¬2) 5634 - عن أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الذي يشرب في إناء الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم» (¬3). ¬

(¬1) ترك الفضة للرجل في غير الخاتم أحوط، ما جاء إلا بالسيف، الآنية المطلية بماء الذهب ممنوع. * ميل المكحلة؟ تركه من الذهب ما يجوز، ومن الفضة تركه أولى، رأس القلم تركه أولى حتى للنساء؛ لأنه يشبه الأواني. * الأحجار الكريمة الأصل الجواز. * الحرير يرخص أربعة أصابع زرار .. أورقعة قدر أربعة أصابع من أعلا الأصبع إلى أسفله، أو للحكة فيجوز. * وهذا من باب التعزير لما نهاه فلم ينته رماه به، والحديث يدل على تحريم الشرب في آنية الذهب والفضة، وهذا يعم الرجال والنساء، أما لبس الحرير فيجوز للنساء. (¬2) اتخاذ الفضة للزينة؟ لا، ما الدليل؟ النهي؛ ولأنه وسيلة لأن يأكل أو يشرب، إن كانت غير أواني؟ قد يمنع لأجل السرف والخيلاء ولأن الأواني منعت مع الحاجة فغيرها من باب أولى. * جلجل أم سلمة ما يدل على استعمال الفضة في غير الأكل والشرب؟ لا، لا، قد تكون غلطت - رضي الله عنها -. (¬3) في رواية مسلم «في إناء ذهب أو فضة».

29 - باب الشرب في الأقداح

5635 - عن البراء بن عازب قال: «أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسبع (¬1)، ونهانا عن سبع: أمرنا بعيادة المريض، واتباع الجنازة، وتشميت العاطس، وإجابة الداعي، وإفشاء السلام، ونصر المظلوم، وإبرار المقسم. ونهانا عن خواتيم الذهب، وعن الشرب في الفضة - أو قال آنية الفضة - وعن المياثر (¬2)، والقَسِّيِّ، وعن لبس الحرير، والديباج، والإستبرق». 29 - باب الشرب في الأقداح 5636 - عن أم الفضل «أنهم شكُّوا في صوم النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم عرفة، فبُعث إليه بقدح من لبن فشربه» (¬3). 30 - باب الشرب من قدح النبي - صلى الله عليه وسلم - وآنيته 5637 - عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال: «ذُكر للنبي - صلى الله عليه وسلم - امرأة من العرب، فأمر أبا أُسيد الساعدي أن يرسل إليها، فأرسل إليها، فقدمت فنزلت في أجمُ بني ساعدة، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى جاءها فدخل عليها، ¬

(¬1) الأصل في الأوامر الوجوب، لكن المعروف في اتباع الجنائز وعيادة المريض السنية. (¬2) المياثر الحمر من ألبسة العجم، وقيل: لأجل الحرير. * غير الخاتم للرجال تركه من باب الورع. (¬3) دل على أن السنة الفطر يوم عرفة للحجاج، ولا بأس بالشرب في الأقداح، الصوم يوم عرفة: ظاهر الحديث عدم الجواز «نهى عن صوم عرفة بعرفة» لا بأس بسنده. قلت: فيه مهدي الهجري يرويه عن عكرمة عن أبي هريرة أخرجه أبو داود وغيره، ومهدي فيه جهالة.

فإذا امرأة مُنكسة رأسها، فلما كلمها النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: أعوذ بالله منك. فقال قد أعذتك مني، فقالوا لها: أتدرين من هذا؟ قالت: لا. قالوا: هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاء ليخطبك. قالت: كنت أنا أشقى من ذلك. فأقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - يومئذ حتى جلس في سقيفة بني ساعدة هو وأصحابه، ثم قال: اسقنا يا سهل، فخرجت لهم بهذا القدح فأسقيتهم فيه. فأخرج لنا سهل ذلك القدح فشربنا منه، قال: ثم استوهبه عمر بن عبد العزيز بعد ذلك فوهبه له» (¬1). 5638 - عن عاصم الأحول قال: «رأيت قدح النبي - صلى الله عليه وسلم - عند أنس بن مالك - وكان قد انصدع فسلسله بفضة. قال: وهو قدح جيد عريض من نُضار. قال قال أنس: لقد سقيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا القدح أكثر من كذا وكذا» (¬2). ¬

(¬1) - رحمه الله -. * التبرك بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ما أعلم مانعًا إذا كان ثوبه أو قدحه. * هل بقي شيء من فضلاته - صلى الله عليه وسلم -؟ يقولون إن له شعرًا بالشام، خرافات. (¬2) هذا يدل على جواز الضبة في القدح لأجل الكسر فضبّبه بشيء من الفضة، واحتج به العلماء على جواز الضبة لأن الفضة أسهل من الذهب.

75 - كتاب المرضى

75 - كتاب المرضى 1 - باب ما جاء في كفارة المرض قال الحافظ: ... هو واقع كالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وسؤال الوسيلة له. وأجيب عنه بأن الكلام فيما لم يرد فيه شيء، وأما ما ورد فهو مشروع، ليثاب من امتثل الأمر فيه على ذلك (¬1). 6 - باب فضل من يصرع من الريح قال الحافظ: ... وعند البزار من وجه آخر عن بن عباس في نحو هذه القصة أنها قالت: «إني أخاف الخبيث أن يجردني (¬2)، فدعا لها فكانت إذا خشيت أن يأتيها تأتي أستار الكعبة فتتعلق بها». 14 - باب ما يقال للمريض، وما يُجيب 5662 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل على رجل يعوده فقال: لا بأس، طهور إن شاء الله، فقال: كلا، بل حُمى تفور، على شيخ كبير، حتى تزيره القبور، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فنَعَم إذًا». قال الحافظ: ... وأخرج ابن ماجه أيضًا بسند حسن لكن فيه انقطاع عن عمر رفعه (¬3) إذا دخلت على مريض فمره يدعو لك فإن دعاءه كدعاء الملائكة. ¬

(¬1) قلت: قد أطنب شيخ الإسلام البحر ابن تيمية في مثل هذه المسألة، انظر مثلًا (8/ 192 - 196) مجموع و (8/ 287). (¬2) قلت: إن صح فيه حجة لمن قال بتلبس الجان بالإنسان، وهو الحق. (¬3) قلت: لأنه من طريق ميمون بن مهران عن عمر، منقطع.

20 - دعاء العائد للمريض

20 - دعاء العائد للمريض قال الحافظ: ... والجواب أن الدعاء عبادة، ولا ينافي الثواب والكفارة لأنهما يحصلان بأول مرض وبالصبر عليه، والداعي بين حسنتين: إما أن يحصل له مقصوده، أو يعوض عنه بجلب نفع أو دفع ضر، وكل من فضل الله تعالى (¬1). ¬

(¬1) قلت: وعندي جواب آخر أن حسنة العمل في حال الصحة أعظم منه حسنة الصبر في حال المرض، لاسيما إن منعه المرض من أفعال يتعاطاها الصحيح.

76 - كتاب الطب

76 - كتاب الطب قال الحافظ: ... ومنه ما جاء عن غيره، وغالبه راجع إلى التجربة. ثم هو نوعان: نوع لا يحتاج إلى فكر ونظر بل فطر الله على معرفته الحيوانات (¬1). قال الحافظ: ... وفي تنقيص ما يضر بالبدن زيادته أو عكسه، ومدار (¬2) ذلك على ثلاثة أشياء ... 18 - باب الإثمد والكحل من الرمد فيه عن أم عطية قال الحافظ: ... فيكون الوتر في كل واحدة على حدة، أو اثنتين في كل عين وواحدة بينهما، أو في اليمين ثلاثًا وفي اليسرى ثنتين فيكون الوتر بالنسبة لهما جميعًا وأرجحها الأول والله أعلم (¬3). 19 - باب الجذام 5707 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر. وفرَّ من المجذوم كما تفرُّ من الأسد» (¬4). ¬

(¬1) انظر ص 8 من الطب النبوي جلد 4 من الهدي. (¬2) من ها هنا هو كلام ابن القيم - رحمه الله - مع تصرف الحافظ فيه بعض الشيء، فكان ينبغي أن يذكر مستنده، والله المستعان. * انظر الهدي (ج 4/ 6) والكلام الذي في المقدمة كثير منه لابن القيم. * وهو في حق الرجال والنساء جميعًا. (¬3) أي ثلاثًا في كل عين. (¬4) لا عدوى تعدي بطبعها بل النفع والضر بيد الله، وقد أبطل المصطفى ما كان عليه أهل الجاهلية من هذه الاعتقادات الفاسدة، وعدم مخالطة المرضى والمجذومين سبب من الأسباب التي أُمر بها المسلم ولا ينافي التوكل.

20 - باب المن شفاء للعين

قال الحافظ: ... ويؤيده حديث «إذا تغولت الغيلان فنادوا بالأذان» (¬1). قال الحافظ: ... ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم - «فر من المجذوم فرارك من الأسد» وقال: «لا يورد ممرض على مصح» (¬2). قال الحافظ: ... فقال أعرابي: فما بال الإبل يخالطها الأجرب فتجرب؟ قال: فمن أعدى الأول» (¬3) ... 20 - باب المنُّ شفاء للعين 5708 - عن سعيد بن زيد قال: «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: الكمأة (¬4) من المنّ، وماؤها شفاء للعين». قال الحافظ: ... وقال النووي: الصواب أن ماءها شفاء للعين مطلقًا فيعصر ماؤها ويجعل في العين منه، قال: وقد رأيت أنا وغيري في زماننا من كان أعمى وذهب بصره حقيقة فكحل عينه بماء الكمأة مجردًا فشفي وعاد إليه بصره (¬5) ... ¬

(¬1) وهم خبلة الجن، وكانوا يتعرضون للناس في الصحارى وتضرهم. (¬2) فيه تجنب أسباب العطب والهلاك. (¬3) فيه إثبات النفع والضر لله، وأن العدوى لا تعدى بطبعها بل بمشيئة الله، فقد يرد المريض على الصحيح ولا يمرض. (¬4) وهي المسماة الفقع أو الزبيدي، والتي تخرج على سطح الأرض في نوع من الأرض عند نزول المطر أ. هـ. بمعناه. (¬5) ويختار ما كان أجودها وأحسنها تربة لتحري حصول النفعة بإذن الله.

21 - باب اللدود

21 - باب اللدود 5712 - عن عائشة قالت: «لددناه في مرضه فجعل يشير إلينا أن لا تلدُّوني، فقلنا: كراهية المريض للدواء. فلما أفاق قال: ألم أنهكم أن تلدُّوني؟ قلنا: كراهية المريض للدواء. فقال: لا يبقى في البيت أحد إلا لُدَّ وأنا أنظر، إلا العباس فإنه لم يشهدكم» (¬1). 29 - باب من خرج من أرض لا تُلايمه 5727 - عن أنس بن مالك حدثهم «أن ناسًا - أو رجالًا - من عُكل وعُرينة قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتكلموا بالإسلام، وقالوا: يا نبي الله إنا كنا أهل ضرع ولم نكن أهل ريف. واستوخموا المدينة. فأمر لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذود وبراع، وأمرهم أن يخرجوا فيه فيشربوا من ألبانها وأبوالها. فانطلقوا، حتى كانوا ناحية الحرة كفروا بعد إسلامهم وقتلوا راعي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، واستاقوا الذود، فبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - فبعث الطلب في آثارهم، وأمر بهم فسَمروا أعيُنهم، وقطعوا أيديهم، وتُركوا في ناحية الحرة حتى ماتوا على حالهم» (¬2). 30 - باب ما يُذكر في الطاعون 5729 - عن عبد الله بن عباس «أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - خرج إلى الشام، حتى إذا كان بسرغ لقيه أمراء الأجناد - أبو عبيدة بن الجراح ¬

(¬1) لا يجبر المريض على التداوي؛ لأنه ليس بواجب، وهو قول الجمهور. (¬2) تنوعت جريمتهم وتعددت فتعدد عقابهم من قطع وسمر أعينهم وتركوا في الحرة حتى الموت.

31 - باب أجر الصابر على الطاعون

وأصحابه - فأخبروه أن الوباء قد وقع بأرض الشام. قال ابن عباس فقال عمر: ادْع لي المهاجرين الأولين، فدعاهم، فاستشارهم، وأخبرهم أن الوباء قد وقع بالشام ... الحديث ... قال فجاء عبد الرحمن بن عوف - وكان متغيبًا في بعض حاجته - فقال: إن عندي في هذا علمًا، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارًا منه. قال فحمد الله عمر، ثم انصرف» (¬1). قال الحافظ: ... فأخرج أحمد (¬2) وابن خزيمة من حديث عائشة مرفوعًا في أثناء حديث بسند حسن «قلت يا رسول الله فما الطاعون؟ قال: غدة كغدة الإبل، المقيم فيها كالشهيد والفار منها كالفار من الزحف». 31 - باب أجر الصابر على الطاعون قال الحافظ: ... قوله (صابرًا) أي غير منزعج ولا قلق، بل مسلمًا لأمر الله راضيًا بقضائه، وهذا قيد في حصول أجر الشهادة لمن يموت بالطاعون، وهو أن يمكث بالمكان الذي يقع به فلا يخرج فرارًا منه كما تقدم النهي عنه في الباب قبله صريحًا (¬3). ¬

(¬1) وإنما حمد الله لإصابته الوحي ومطابقته له - رضي الله عنه -، وله في ذلك مواقف كالحجاب والصلاة عند المقام وغيرها. (¬2) رواه أحمد عن يحيى بن إسحاق ويزيد بن هارون كلاهما عن جعفر بن كيسان عن عمرة عن عائشة. (¬3) وإن خرج لشيء آخر دون الفرار فلا حرج.

32 - باب الرقى بالقرآن والمعوذات

32 - باب الرُّقى بالقرآن والمعوِّذات 5735 - عن عائشة - رضي الله عنها - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينفث (¬1) على نفسه - في المرض الذي مات فيه - بالمعوذات، فلما ثقل كنت أنفث عليه بهنَّ، وأمسح بيد نفسه لبَرَكتها» (¬2). 35 - باب رقية العين 5738 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «أمرني النبي - صلى الله عليه وسلم - أو أمر - أن يسترقى من العين» (¬3). ¬

(¬1) مثّلها شيخنا - رحمه الله - بأن جمع يديه ورفعهما كهيئة الداعي ثم يقرأ وينفث ويمسح رأسه ووجهه وأعلى صدره بيمينه وشماله ثم سائر جسده. (¬2) انظر حديث رقم 6136 ج 11/ 125 * سئل شيخنا: هل ورد في النفث على الإناء حديث؟ ورد في كتاب الطب في سنن أبي داود النفث في الماء ثم صبه على المريض. قلت: أخرجه أبو داود من طريق يوسف بن محمد بن ثابت بن قيس بن شماس عن أبيه عن جده، ويوسف مجهول. (¬3) قلت: يستدل بحديث عائشة وأم سلمة - رضي الله عنهما - شرعية الاسترقاء بعد نزول البلاء؛ لأمره عليه الصلاة والسلام، ولا يأمر إلا بخير ورشد.

38 - باب رقية النبي - صلى الله عليه وسلم -

38 - باب رُقية النبي - صلى الله عليه وسلم - 5743 - عن مسلم عن مسروق «عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعوِّذ بعض أهله يمسح بيده اليمنى ويقول: اللهم ربَّ الناس، أذهب الباس، واشفه وأنت الشافي. لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر (¬1) سَقَمًا». قال الحافظ: ... قوله (أنت الشافي) يؤخذ منه جواز تسمية الله تعالى بما ليس في القرآن بشرطين (¬2): أحدهما أن لا يكون في ذلك ما يوهم نقصًا، والثاني أن يكون له أصل في القرآن وهذا من ذاك، فإن في القرآن {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء: 80]. 39 - باب النَّفث في الرُّقية 5749 - عن أبي المتوكل «عن أبي سعيد أن رهطًا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انطلقوا في سفرة سافروها حتى نزلوا بحي من أحياء العرب، ¬

(¬1) لا يترك سقمًا. * قال شيخنا في التداوي من العين: يغسل العائن وجهه ويديه ثم يأخذ غسالته ويُصبّ على المعيون. * قلت: وجربناه في طفل معيون أصابته ممرضة بعين فصار يصيح بشدة ويتلوى فأمرت الممرضة بغسل وجهها وذراعيها ورجليها وصببناه على الصبي فكأن لم يكن به قلبة في الحال، والحمد لله. (¬2) فيه نظر، بل الصواب عدم جواز التسمية إلا بما ورد في الكتاب والسنة. وهذا الاسم (الشافي) ورد في السنة قاله المصطفي - صلى الله عليه وسلم - فلا يجوز غير ذلك لأن الأسماء توقيفية. * يقرأ السورة ثم يمسح، ثم الأخرى ثم يمسح ... ثلاثًا.

41 - باب المرأة ترقي الرجل

فاستضافوهم فأبوا أن يُضيِّفوهم ... الحديث ... فصالحوهم على قطيع من الغنم. فانطلق فجعل يتفل ويقرأ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 1] حتى لكأنما نشط من عقال؛ فانطلق يمشي ما به قَلَبة (¬1). قال فأوفوهم جُعلهم الذي صالحوهم عليه ... الحديث». 41 - باب المرأة ترقي الرَّجل 5751 - عن عروة «عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينفث على نفسه في مرضه الذي قُبض فيه بالمعوِّذات (¬2)، فلما ثقل كنت أنا أنفث عليه بهن، فأمسح بيد نفسه لبركتها» فسألت ابن شهاب: كيف كان ينفث؟ قال: ينفث على يديه، ثم يمسح بهما وجهه. 42 - باب من لم يرق (¬3) 5752 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: خرج علينا النبي - صلى الله عليه وسلم - يومًا فقال: «عُرضت عليَّ الأمم، فجعل يمر النبي معه الرجل والنبي معه الرجلان، ¬

(¬1) من دلائل صدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأن ما جاء به حق. (¬2) وفيه سورة الإخلاص ولكن غُلِّبت المعوذات، أما المعوذتان فتخرج سورة الإخلاص. (¬3) الصواب من لم يسترق. * ترك الإرقاء أولى وهو الاسترقاء، ويستثنى العين أو الحاجة الشديدة، وكذا الكي مكروه إلا لحاجة فليس مكروهًا عندها، وقد كوى النبي - صلى الله عليه وسلم - بعض الصحابة.

والنبي معه الرَّهط، والنبي ليس معه أحد. ورأيت سوادًا كثيرًا سد الأفق، فرجوت أن تكون أمتي، فقيل: هذا موسى وقومه. ثم قيل لي: انظر، فرأيت سوادًا كثيرًا سد الأفق، فقيل لي: انظر هكذا وهكذا، فرأيت سوادًا كثيرًا سد الأفق، فقيل: هؤلاء أمتك، ومع هؤلاء سبعون ألفا (¬1) يدخلون الجنة بغير حساب. فتفرق الناس ولم يُبيِّن لهم. فتذاكر أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: أما نحن فولدنا في الشرك، ولكنا آمنا بالله ورسوله، ولكن هؤلاء هم أبناؤنا. فبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: هم الذين لا يتطيرون، ولا يكتوون ولا يسترقون، وعلى ربهم يتوكلون. فقام عكاشة بن محصَن فقال: أمنهم أنا يا رسول الله؟ قال: نعم. فقام آخر فقال: أمنهم أنا؟ فقال: سبقك بها عُكاشة». قال الحافظ: ... وقال الذي سأله: أعقل ناقتي أو أدعها؟ قال «اعقلها وتوكل» فأشار إلى أن الاحتراز لا يدفع التوكل، والله أعلم (¬2). ¬

(¬1) سألت شيخنا: هل السبعون للتكثير أو الحصر؟ فقال: في بعض الألفاظ «مع كل ألف سبعون ألف»، وفي لفظ وثلاث حثيات من حثيات ربي ........ (¬2) وهو الصواب.

43 - باب الطيرة

43 - باب الطيرة 5754 - عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة «أن أبا هريرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا طيرة، وخيرُها الفأل. قالوا: وما الفأل (¬1)؟ قال: الكلمة الصالحة يسمعُها أحدكم». 49 - باب هل يستخرج السحر؟ 5765 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سُحرَ حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن. قال سفيان: وهذا أشد ما يكون من السحر إذا كان كذا. فقال: يا عائشة، أعلمت أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه؟ أتاني رجلان، فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجليَّ، فقال الذي عند رأسي للآخر: ما بال الرجل؟ قال: مطبوب. قال: ومن طبَّه؟ قال: لبيد بن أعصم رجل من بني زُريق حليف ليهود كان منافقًا. قال: وفيم؟ قال: في مُشط ومشاطة. قال: وأين؟ قال: في جُف طلْعة ذكر تحت رعُوفة في بئر ذروان، قالت: فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - البئر حتى استخرجه، فقال: هذه البئر التي أريتها، وكأن ماءها نُقاعة الحناء، وكأن نخلها رؤوس الشياطين. قال فاستُخرج. قالت فقلت: أفلا - أي تنشرت -؟ فقال: أما والله فقد شفاني، وأكره أن أُثيرَ على أحد من الناس شرًا» (¬2). ¬

(¬1) كأن يسمع: سليم ... موفق ... ونحو ذلك، فيرتاح لذلك. (¬2) وقد اختلفت الروايات هل أخرج المصطفى المشاطة وما سحر به أم لا؟ وحبذ شيخنا لو جمعت الروايات ورتبت وكتبت لزيادة الإيضاح.

53 - باب لا هامة

قال الحافظ: ... وذكر ابن بطال أن في كتب وهب بن منبه أن يأخذ سبع ورقات من سدر أخضر فيدقه بين حجرين ثم يضربه بالماء ويقرأ فيه آية الكرسي والقوافل ثم يحسو منه ثلاث حسوات ثم يغتسل به فإنه يذهب عنه كل ما به، وهو جيد للرجل إذا حُبس عن أهله ... (¬1). 53 - باب لا هامة 5770 - عن أبي سلمة «عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا عدوى (¬2) ولا صَفَرَ ولا هامة. فقال أعرابي: يا رسول الله، فما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء فيخالطها البعير الأجرب فيُجربها؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فمن أعدى الأول؟ ». قال الحافظ: ... قاله القرطبي في «المُفْهم». قال (¬3): ويحتمل أن يكون خاف اعتقاد جاهل يظنها متناقضين فسكت عن أحدهما. ¬

(¬1) وزاد شيخنا: ويقرأ آيات السحر وأدعية .. اللهم رب الناس ... قال شيخنا: وقد جربناه كثيرًا فنفع. قلت: والقواقل ما بدئ من السور بقل، وقد جربته لبعض المرضى والمحبوسين فنفع الله به، وأحيانًا نأمرهم بتكرار الاغتسال. * النشرة نوعان كما ذكره ابن القيم: 1 - نشرة بالأدعية المشروعة والأذكار والآيات، وهي جائزة. 2 - والأخرى المنهي منها حل السحر بمثله، وهي المنهي عنها. (¬2) النفي ليس نفي وجود بل هي موجودة، ولكن المقصود نفي العقيدة الباطلة من أنها تعدي بطبعها. (¬3) قال الشيخ: وهذا هو الأقرب.

55 - باب ما يذكر في سم النبي - صلى الله عليه وسلم -

55 - باب ما يذكر في سمِّ النبي - صلى الله عليه وسلم - 5777 - عن أبي هريرة قال: لما فُتحت خيبر أهديت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - شاة فيها سم ... الحديث ... قال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من أهلُ النار؟ فقالوا: نكون فيها يسيرًا ثم تخلفوننا فيها (¬1). فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اخسئوا فيها، والله لا نخلُفكم فيها أبدًا. ثم قال لهم: فهل أنتم صادقوني عن شيء إن سألتكم عنه؟ قالوا: نعم. فقال: هل جعلتم في هذه الشاة سُمًا؟ فقالوا: نعم. فقال: ما حملكم على ذلك؟ فقالوا: أردنا إن كنت كذابًا نستريح منك، وإن كنت نبيًا لم يضرك». 56 - باب شُرب السُّم والدواء به وبما يخاف منه والخبيث 5778 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من تردَّى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردَّى فيه خالدًا مخلدًا فيها أبدًا. ومن تحسَّى سمًا فقتل نفسه فسمُّه في يده يتحساه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا. ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يَجأُ بها في بطنه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا» (¬2). ¬

(¬1) ابتسم عند هذه شيخنا. * قال شيخنا: وأمر اليهود عجيب كيف يرضون بالنار لأنفسهم؟ ! ثم تكلم عن عنادهم وما هم عليه من رفض الحق وإتيان الباطل، نسأل الله العافية. (¬2) معنى الحديث يحمل على: 1 - الاستحلال فيكفر بذلك. 2 - أو غير مستحل فهو من الكبائر. * أهل الكبائر قسمان: 1 - تخليد. ... 2 - غير تخليد. وما ورد فيه تخليد فهو تخليد له نهاية، كالزاني {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ ... } الآية [الفرقان: 68]، والعرب تعرف هذا، وهذا أي الخلود الدائم، والخلود غير الدائم.

57 - باب ألبان الأتن

5779 - عن عامر بن سعد قال: «سمعت أبي يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: من اصطبح بسبع تمرات عجوة لم يضرَّه ذلك اليوم سمٌّ ولا سحر» (¬1). 57 - باب ألبان الأُتن 5780 - عن ابن شهاب قال: «وسألته: هل نتوضأ أو نشرب ألبان الأُتن أو مَرارة السَّبُع أو أبوال الإبل؟ فقال: قد كان المسلمون يتداوون بها فلا يَرَون بذلك بأسًا. فأما ألبان الأُتن (¬2) فقد بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لحومها، ولم يبلُغنا عن ألبانها أمرٌ ولا نهي. وأما مرارة السَّبُع قال ابن شهاب: أخبرني أبو إدريس الخولاني أن أبا ثعلبة الخشنيَّ أخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن أكل كلِّ ذي ناب من السباع». ¬

(¬1) سَمُّ، سُمُّ، سِمٌ مثلث، وأفصحها الأول. (¬2) ألبان الأتن مثل لحومها محرمة، ولحومها رجس لحوم الحمر الأهلية، وهكذا السباع ومرارتها محرمة.

58 - باب إذا وقع الذباب في الإناء

58 - باب إذا وقع الذباب في الإناء 5782 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغْمسه كلَّه ثم ليطرحه، فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء» (¬1). ¬

(¬1) في رواية «شراب أحدكم» وأخرى «طعام».

77 - كتاب اللباس

77 - كتاب اللباس 1 - باب قول الله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ (¬1) زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ} [الأعراف: 32] قال الحافظ: ... وأخرج الترمذي في الفصل الأخير - منه وهي الزيادة المشار إليها - من طريق قتادة بهذا الإسناد، وهذا مصير من البخاري إلى تقوية شيخه عمرو بن شعيب (¬2) ... 2 - باب من جر إزاره من غير خيلاء 5784 - عن سالم بن عبد الله عن أبيه - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من جرَّ ثوبه خُيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة، قال أبو بكر: يا رسول الله، إن أحد شقي إزاري يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لست ممن يصنعه خيلاء». قال الحافظ: ... وقال ابن التين هي بوزن مفعلة (¬3) من اختال إذا تكبر .. ¬

(¬1) الأصل الحل {قُلْ مَنْ حَرَّمَ ... } الآية [الفرقان: 68]. وهذا من فضل الله، ما عدا السرف والخيلاء والتبذير أشر. (¬2) تابعي وليس شيخًا للبخاري، وصحيفة عمرو بن شعيب قوّى ما فيها البخاري والحميدي وأحمد وهي حسنة. * قلت: ولعلها: نسخة فتصحفت. (¬3) مخْيلَة. * قد تتعلق به بعض الناس، ولكن الصدّيق كان يتعاهده، ولم يتعمد ذلك وكان يسيرًا، وأعمال القلوب لها مدخل في هذه النوايا.

3 - باب التشمر في الثياب

5785 - عن يونس عن الحسن «عن أبي بكرة - رضي الله عنه - قال: خسَفت الشمس ونحن عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقام يجرُّ ثوبه (¬1) مستعجلًا حتى أتى المسجد، وثاب الناس، فصلى ركعتين، فجلي عنها. ثم أقبل علينا وقال: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، فإذا رأيتم منها شيئًا فصلوا وادعوا الله حتى يكشفها». 3 - باب التشمُّر في الثياب 5786 - عن عون بن أبي جُحيفة عن أبيه أبي جُحيفة قال ... فرأيت بلالًا جاء بعنزة فركزها، ثم أقام الصلاة، فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج في حُلة مشمرًا، (¬2) فصلى ركعتين إلى العنزة، ورأيت الناس والدواب يمرون بين يديه من وراء العنزة». 4 - باب ما أسفل من الكعبين فهو في النار قال الحافظ: ... وخالفهم زيد بن أبي أنيسة فقال: «عن العلاء عن نعيم المجمر عن أبي (¬3) عمر». ¬

(¬1) لعجلته وفزعه ارتخى الثوب. (¬2) التشمير: رفع الإزار، وفي الحديث أنه رفع ثوبه فوق الكعبين. وقال الشيخ: التشمير إلى نصف الساق. (¬3) ابن عمر.

5 - باب من جر ثوبه من الخيلاء

قال الحافظ: ... عن ابن عمر قال: «رآني النبي - صلى الله عليه وسلم - أسبلت إزاري فقال: يا ابن عمر، كل شيء يمس الأرض من الثياب في النار» وأخرج الطبراني بسند حسن عن ابن مسعود أنه «رأى أعرابيًا يصلي قد أسبل فقال: المسبل في الصلاة ليس من الله في حل ولا حرام» (¬1). قال الحافظ: ... نبه على ذلك شيخنا (¬2) في «شرح الترمذي» واستدل على ذلك بإذنه - صلى الله عليه وسلم - لعبد الرحمن ... 5 - باب من جر ثوبه من الخيلاء 5788 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره بطرًا» (¬3). قال الحافظ: ... فالنظر إذا أضيف إلى الله كان مجازًا، وإذا أضيف إلى المخلوق كان كناية (¬4)، ويحتمل أن يكون ... قال الحافظ: ... وقال الكرماني (¬5): نسبة النظر لمن يجوز عليه النظر كناية .. ¬

(¬1) قلت: أخرجه أبو داود بسند ضعيف. (¬2) يعني العراقي. (¬3) التكبير: أظهر صفات أهل النار {فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} [الزمر: 72] وفيه العقوبة أو تعجيلها، كما حصل لقارون. (¬4) هذا من التأويل، من تأويل الأشاعرة، ربنا يرى على وجه يليق به. (¬5) كل هذا من أغلاطهم. * العراقي هل يؤول؟ أجاب شيخنا: لا أعلم وليس ببعيد، مذهب الأشاعرة غلب على الناس من القرن الرابع وما بعده. * النظر نظران، نظر محبة ورضًا، ونظر غضب ومقت. * وهكذا التكليم، فإن الله يكلم جميع الخلق «ما منكم إلا وسيكلمه ربه .. » الحديث.

قال الحافظ: ... بل فهمت الزجر عن الإسبال (¬1) مطلقًا سواء كان عن مخيلة أم لا ... قال الحافظ: ... من حديث أم سلمة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - شبر لفاطمة شبرًا» ويستنبط من سياق الأحاديث أن التقييد بالجر خرج للغالب، وأن البطر والتبختر مذموم ولو لمن شمر ثوبه، والذي يجتمع من الأدلة أن من قصد بالملبوس الحسن إظهار نعمة الله عليه مستحضرًا لها شاكرًا عليها غير محتقر لمن ليس له مثله لا يضره ما لبس من المباحات (¬2) ... قال الحافظ: ... من حديث أبي الأحوص عوف بن مالك الجشمي عن أبيه «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له ورآه رث الثياب: إذا آتاك الله مالًا فلير أثره عليك» أي بأن يلبس ثيابًا تليق بحاله من النفاسة والنظافة ليعرفه المحتاجون للطلب منه، مع مراعاة القصد وترك الإسراف جمعًا بين الأدلة (¬3) ... قال الحافظ: ... قوله (محارب) (¬4) بالمهملة والموحدة وزن مقاتل ... قال الحافظ: ... قال سماك بن حرب: «كان أهل الجاهلية إذا كان في ¬

(¬1) الإسبال محرم مطلقًا. (¬2) كلام جيد. (¬3) حال اللابس تؤثر في لبسه. (¬4) ثقة إمام زاهد «تقريب».

6 - باب الإزار المهدب

الرجل ست خصال سوّدوه: الحلم والعقل والسخاء والشجاعة والبيان والتواضع ولا يكملن في الإسلام إلا بالعفاف (¬1) وقد اجتمعن في هذا الرجل» يعني محارب بن دثار. 6 - باب الإزار المهدَّب 5792 - عن عائشة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - - قالت: «جاءت امرأة رفاعة القرَظي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا جالسة وعنده أبو بكر فقالت: يا رسول الله، إني كنت تحت رفاعة فطلقني فبتَّ طلاقي، فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزَّبير، وإنه والله ما معه يا رسول الله إلا مثل هذه الهُدْبة (¬2) - وأخذت هُدبة من جلبابها - فسمع خالد بن سعيد قولها وهو بالباب لم يُؤذن له - قالت فقال خالد: يا أبا بكر، ألا تنهى هذه عما تجهر به عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فلا والله ما يزيد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على التبسم. فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة، لا، حتى يذوق عُسيلتَك وتذوقي عُسيلته. فصار سنَّة بعد». 8 - باب لبس القميص (¬3) وقول الله تعالى حكاية عن يوسف: {اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا} [يوسف: 93]. ¬

(¬1) العفة عن محارم الله والاستقامة. (¬2) الشاهد، ويدل على أنه معروف عند القوم. (¬3) العرب يغلب عليهم لبس الأردية - ما يوضع على الكتفين - والإزار هو ما يغطي الجزء السفلي - كالإحرام - والقميص جائز أيضًا.

5794 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - «أن رجلًا قال: يا رسول الله ما يلبس المحرم من الثياب؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا يلبس المحرم القميص، ولا السراويل، ولا البرنس، ولا الخفين (¬1)، إلا أن لا يجد النعلين فيلبس ما هو أسفل من الكعبين». 5795 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: «أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن أُبي بعد ما أُدخل قبره، فأمر به فأخرج ووُضع على ركبتيه، ونفث عليه من ريقه، وألبسه قميصه. فالله أعلم» (¬2). 5796 - عن عبد الله بن عمر قال: «لما توفي عبد الله بن أُبيّ جاء ابنه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، أعطني قميصك أكفنه فيه «وصلِّ عليه واستغفر له، فأعطاه قميصه وقال له: إذا فرغت منه فآذنا. فلما فرغ آذنه به، فجاء ليصلي عليه، فجذبه عمر فقال: أليس قد نهاك الله أن تُصلي على المنافقين فقال: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة: 80] فنزلت {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84] فترك الصلاة عليهم» (¬3). ¬

(¬1) قطع الخفين منسوخ، أو هو للندب. (¬2) فيه التأليف وجمع القلوب، وفيه رجاء أن ينفع الله بذلك عبد الله بن أُبيّ بن سلول، ومنها جبر قلب ابنه عبد الله، ومنها العناية بالرعية. * قال شيخنا: وذكر بعض من ألّف في السيرة أن عبد الله بن أُبيّ بن سلول كان يخطب بعد الجمعة في الناس: الحمد لله الذي بعث فيكم هذا النبي اتبعوه وأطيعوا أمره. قلت: انظر تفسير ابن كثير سورة المنافقون على قول الله {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ ... } [المنافقون: 5] الآية. (¬3) أي نزلت بعد الصلاة، بعد ذلك.

9 - باب جيب القميص من عند الصدر وغيره

9 - باب جيب القميص من عند الصدر وغيره 5797 - عن أبي هريرة قال: ضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثل البخيل والمتصدِّق كمثل رجلين عليهما جُبتان من حديد قد اضطرَّت أيديهما إلى ثُديهما وتراقيهما، فجعل المتصدق كلما تصدَّق بصدقة انبسطت عنه حتى تغشى أنامله وتعفو أثره. وجعل البخيل كلما هم بصدقة قلَصت وأخذت كل حلقة بمكانها» قال أبو هريرة: فأنا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول بإصبعه هكذا في جيبه، فلو رأيته يُوسعُها ولا تتوسع» (¬1). 10 - باب من لبس جُبة ضيقة الكمين في السفر 5798 - عن المغيرة بن شعبة قال: «انطلق النبي - صلى الله عليه وسلم - لحاجته، ثم أقبل، فتلقيته بماء، فتوضأ، وعليه جُبة شامية، فمضمض واستنشق وغسل وجهه، فذهب يُخرج يديه من كميه، فكانا ضيِّّقين، فأخرج يديه من تحت بدنه فغسلهما، ومسح برأسه وعلى خفيه» (¬2). ¬

(¬1) الطيلسان كالرداء مفتوح الوسط لدخول الرأس. (¬2) في غزوة تبوك في آخر الليل عند طلوع الفجر، وقد كان متأخرًا فصلى عبد الرحمن بن عوف بالقوم. * كنى عن شرح صدره بالتصدق بارتخاء الجبة وتوسعها، وكنى عن ضيق نفسه بإنقاص الجبة وضيقها. * فيه جواز لبس الضيق لحاجة وإن كان الواسع أفضل. * الالتفات لحاجة لا يضر في الصلاة.

12 - باب القباء وفروج حرير وهو القباء ويقال هو الذي له شق من خلفه

12 - باب القباء وفرُّوج حرير وهو القباء ويقال هو الذي له شق من خلفه 5800 - عن المسور بن مخرمة أنه قال: «قسمَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقبية ولم يُعط مخرمة شيئًا، فقال مخرمة: يا بنيَّ انطلق بنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فانطلقت معه؛ فقال: ادخل فادعه لي، قال فدعوته له، فخرج إليه وعليه قباء منها فقال: خبأت هذا لك. قال فنظر إليه فقال: رضي مخرمة» (¬1). 5801 - عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال: «أُهدي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرُّوج حرير؛ فلبسه، ثم صلى فيه ثم انصرف فنزعه نزعًا شديدًا - كالكاره له - ثم قال: لا ينبغي هذا للمتقين» (¬2). 22 - باب الخميصة السوداء 5823 - عن سعيد بن فلان - هو عمرو - بن سعيد بن العاص - عن «أم خالد بنت خالد قالت أُتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بثياب فيها خميصة سوداء صغيرة فقال: من ترون أن نكسوَ هذه؟ فسكت القوم. قال: ائتوني بأم خالد، فأُتيَ بها تحمل، فأخذ الخميصة بيده فألبَسها وقال: أبلي وأخِلقي. وكان فيها علم أخضر أو أصفر، فقال: يا أم خالد هذا سناه، وسناه بالحبشية» (¬3). ¬

(¬1) فيه مراعاة أحوال الناس، وفيه حسن خلقه - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) وهذا نسخ. (¬3) فيه الرفق بالصغار: أم خالد. وفيه جواز التكلم بغير العربية للمصلحة.

24 - الثياب البيض

قال الحافظ: ... ووقع في رواية أبي (¬1) السكن «خيبرية» بالخاء المعجمة والموحدة نسبة إلى خيبر البلد المعروف ... 24 - الثياب البيض 5827 - عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وعليه ثوب أبيض وهو نائم، ثم أتيته وقد استيقظ فقال: ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة. قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: وإن زنى وإن سرق. قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: وإن زنى وإن سرق. قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: وإن زنى وإن سرق على رغم أنف أبي ذر. وكان أبو ذر إذا حدَّث بهذا قال: وإن رغم أنف أبي ذر. قال أبو عبد الله: هذا عند الموت أو قبله إذا تاب وندم وقال: لا إله إلا الله، غُفر له». قال الحافظ: ... قوله (هذا عند الموت أو قبله إذا تاب) (¬2) أي من الكفر. ¬

(¬1) صوابه: ابن السكن صاحب الصحيح المعروف. * قال الشاعر: أقاموا فأخلدوا .. أي أطالوا. الخلود لأصحاب المعاصي دون الشرك له نهاية، وليس خلودًا أبديًا. * أصحاب المعاصي لهم أحوال: 1 - التوبة. ... 2 - عدم التوبة، وهذا بين أمرين: أ- عفو الله. ب- لا يتوب ولا يعفى عنه، فيعذب على معاصيه في النار. (¬2) فيه نظر وليس بجيد. * الشرك الأصغر لا يغفر عند جماعة من العلماء، ولكن عند كثرة الأعمال الصالحة يسقط لرجحان الحسنات، وإذا تيب منه غفر إجماعًا.

25 - باب لبس الحرير للرجال، وقدر ما يجوز منه

25 - باب لبس الحرير للرجال، وقدر ما يجوز منه 5828 - عن أبي عثمان النهدي قال: «أتانا كتاب عمر ونحن مع عتبة بن فرقد بأذربيجان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الحرير إلا هكذا، وأشار بإصبعيه (¬1) اللتين تليان الإبهام. قال فيما علمنا أنه يعني الأعلام». ¬

(¬1) وفي رواية لمسلم «أربعة أصابع» مجمعة.

78 - كتاب الأدب

78 - كتاب الأدب 13 - باب من وصل وصلّهُ الله قال الحافظ: ... وقال ابن أبي جمرة: تكون صلة الرحم بالمال، وبالعون على الحاجة، وبدفع الضرر، وبطلاقة الوجه، وبالدعاء. والمعنى الجامع إيصال ما أمكن من الخير، ودفع ما أمكن من الشر بحسب الطاقة، وهذا إنما يستمر إذا كان أهل الرحم أهل استقامة، فإن كانوا كفارًا أو فجارًا فمقاطعتهم في الله هي صلتهم، بشرط بذل الجهد في وعظهم، ثم إعلامهم إذا أصروا أن ذلك بسبب تخلفهم عن الحق، ولا يسقط مع ذلك صلتهم بالدعاء لهم بظهر الغيب أن يعودوا إلى الطريق المثلى (¬1). 14 - باب تبل الرحم ببلالها 5990 - عن قيس بن أبي حازم «أن عمرو بن العاص قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - جهارًا غير سر - يقول: إن آل أبي - قال عمرو في كتاب محمد ابن جعفر: بياض - ليسوا بأوليائي، إنما وليِّي الله (¬2) وصالح المؤمنين» زاد عنبسة بن عبد الواحد عن بيان عن قيس عن عمرو بن العاص قال: «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم -: ولكن لهم رحم أبلُّها ببلاها، يعني أصلُها بصلتها». ¬

(¬1) كلام طيب. (¬2) فيه أن ولاية المؤمن للمؤمنين، وأنه لا ولاية بين المسلمين والكفار.

15 - باب ليس الواصل بالمكافئ

15 - باب ليس الواصل بالمُكافئ 5991 - عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو - قال سفيان: لم يرفعه الأعمش إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ورفعه الحسن وفِطرٌ - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قُطعت (¬1) رحمه وصلَها». 16 - باب من وصل رحمه في الشِّرك ثم أسلم 5992 - عن عروة بن الزبير «أن حكيم بن حزام أخبره أنه قال: يا رسول الله، أرأيت أمورًا كنت أتحنَّث بها في الجاهلية، من صلة وعتاقة وصدقة، هل كان لي فيها من أجر؟ قال حكيم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أسلمت على ما سلف من خير» (¬2) ويقال أيضًا عن أبي اليمان «أتحنَّث». وقال معمر ¬

(¬1) قال الشيخ: قَطَعت رحِمُه بفتح القاف والطاء. * سمعت شيخنا ابن عثيمين يقول على هذا الحديث: وفيه أن من وصل ليوصل فهو مكافئ، وأن من وصل لأنه وُصل فهو مكافئ، وأما تواصل الناس من الطرفين بعضهم لبعض فالظاهر أنهم واصلون من الطرفين وإلا لقلنا إنه لا وصل إلا مع القطيعة بمعناه ... وهذا ممتنع. (¬2) فيه أن الكافر إذا أسلم وكانت له أعمال في الجاهلية فإنها تكتب له. * سئل الشيخ عمن ارتد ثم أسلم هل تكتب أعماله الصالحة في إسلامه الأول؟ قال الشيخ: نعم، لأنها لا تحبط إلا بالموت على الكفر، وذكر الآية، وقال: إن سيئاته تبدل حسنات إذا تاب فمن باب أولى أن تكتب حسناته الأولى .. بمعناه.

17 - باب من ترك صبية غيره حتى تلعب به، أو قبلها أو مازحها

وصالح وابن المسافر «أتحنثُ» وقال ابن إسحاق: التَّحنُّث التَّبرُّر، وتابعه هشام عن أبيه. 17 - باب من ترك صبية غيره حتى تلعب به، أو قبَّلَها (¬1) أو مازحها 5993 - عن خالد بن سعيد عن أبيه عن أم خالد بنت خالد بن سعيد قالت: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع أبي وعليَّ قميص أصفر، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «سَنَه سَنَه. قال عبد الله وهي بالحبشية: حسنة. قالت: فذهبت ألعب بخاتم النبوَّة، فزَبرني أبي. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: دَعْها. ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أبلي وأخلقي، ثم أبلي وأخلقي، ثم أبلي وأخلقي. قال عبد الله: فبقيت حتى ذكر .. يعني من بقائها». 18 - باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته 5994 - عن ابن أبي نعم قال: «كنت شاهدًا لابن عمر وسأله رجل عن دم البعوض فقال: ممَّن أنت؟ قال: من أهل العراق. قال: انظروا إلى هذا يسألني عن دم (¬2) البعوض، وقد قتلوا ابن النبي - صلى الله عليه وسلم - وسمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: هما ريحانتاي من الدنيا». ¬

(¬1) ليس في الحديث ما يدل على الترجمة هذه، ولعلها صحت على غير شرط البخاري، وفيه الرطانة بالأعجمية للحاجة لأنها أتت من الحبشة فكلمها بما تعلم، وهل في دعائه لها أبلي وأخلقي دعاء بطول العمر مع عدم تقييده بالصلاح؟ لو قُيِّد أفضل. (¬2) يعني عن قتله، كذا قال شيخنا ابن عثيمين، ولأن ابن عمر قال: وقد قتلوه ... إلخ بمعناه، وقيل: ألا يحتمل النجاسة فقال: لا.

45 - باب ما يجوز من ذكر الناس نحو قولهم الطويل والقصير

5996 - عن عمرو بن سُلَيم «حدثنا أبو قتادة قال: خرج علينا النبي - صلى الله عليه وسلم - وأُمامة بنت أبي العاص على عاتقه فصلى، فإذا ركع وضعها، وإذا رفع رفعها» (¬1). 45 - باب ما يجوز من ذكر الناس نحو قولهم الطويل والقصير 6051 - عن أبي هريرة قال: صلى بنا النبي - صلى الله عليه وسلم - الظهر ركعتين ثم سلم، ثم قام إلى خشبة في مقدَّم المسجد ووضع يده عليها - وفي القوم يومئذ أبو بكر وعمر، فهابا أن يُكلماه - وخرج سَرَعان الناس فقالوا قُصرت الصلاة، وفي القوم رجل كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعوه ذا اليدين، فقال يا نبي الله أنسيت أم قصُرَت؟ فقال: لم أنس ولم تقصر، قالوا بل نسيت يا رسول الله. قال: صدق ذو اليدين، فقام فصلَّى ركعتين ثم سلم، ثم كبَّر فسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه وكبَّر، ثم وضع مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه وكبَّر» (¬2). ¬

(¬1) قال شيخنا ابن عثيمين: فيه رأفته وشفقته بالأطفال، وقال العلماء لأن أمها ماتت. (¬2) الخلاف في سجود السهو قبل أو بعد السلام إنما هو في الاستحباب، ولو سجد لأجزأ عنه قبل أو بعد.

116 - باب المعاريض مندوحة عن الكذب

116 - باب المعاريض (¬1) مندوحة عن الكذب 6210 - عن أنس - رضي الله عنه - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في سفر وكان غلام يحدو بهنَّ يقال له أنجشة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - رُويدك يا أنجشة سوقَكَ بالقوارير» قال أبو قلابة: يعني النساء. 118 - باب رفع البصر (¬2) إلى السماء وقوله: {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} [الغاشية: 17] 6214 - عن أبي سلمة بن عبد الرحمن يقول: «أخبرني جابر بن عبد الله أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ثم فتر عني الوحي، فبينما أنا أمشي سمعت صوتًا من السماء، فرفعت بصري إلى السماء فإذا الملك الذي جاءني بحِراء قاعد على كرسي بين السماء والأرض». 121 - باب التكبير (¬3) والتسبيح عند التعجب 6218 - عن هند بنت الحارث «أن أم سلمة - رضي الله عنها - قالت: استيقظ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: سبحان الله، ماذا أنزل من الخزائن وماذا أُنزل من الخزائن وماذا أُنزل من الفتن، ¬

(¬1) ويجوز استخدام المعاريض تلافيًا للكذب، ولكن الظالم لا يجوز له ذلك ولا ينفعه لحديث: «اليمين على نية المستحلف». وحديث: «يمينك على الذي يصدقك صاحبك». (¬2) المراد بالنظر نظر التفكر والاعتبار. (¬3) وكذا ورد التكبير لقول عمر: الله أكبر، حينما علم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يطلق أزواجه، وكذا تكبير الصحابة عندما قال المصطفى «إني أرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة» الحديث، وكذا كل أمر هام فيذكر الله عنده.

122 - باب النهي عن الخذف

من يُوقظ صواحب الحُجر - يريد به أزواجه - حتى يُصلِّين. رُبَّ كاسية في الدنيا عارية في الآخرة». 122 - باب النهي عن الخذف 6220 - عن عقبة بن صُهبان الأزدي يحدث «عن عبد الله بن مُغفل المزني قال: نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الخذف وقال: إنه لا يقتل الصيد ولا ينكأ العدو، وإنه يفقأ العين ويكسر السن» (¬1). قال الحافظ: ... ولكن ليس هكذا علمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال الترمذي: غريب لا نعرفه إلا من رواية زياد بن الربيع. قلت: وهو صدوق (¬2). 124 - باب تشميت العاطس إذا حمد الله 6222 - عن البراء - رضي الله عنه - قال: «أمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - بسبع ونهانا عن سبع. أمرنا بعيادة المريض، واتِّباع الجنازة، وتشميت العاطس، وإجابة الداعي، ورد السلام، ونصر المظلوم، وإبرار المقسم. ونهانا عن سبع عن خاتم الذهب - أو قال حلقة الذهب - وعن لبس الحرير، والديباج، والسندس، والدياثر» (¬3). ¬

(¬1) ولا يخذف ولو كان وحده فلربما فقأ عينه وكسر سنه، والخذف فرك السبابة على الإبهام بالحصى ونحوه. (¬2) في التقريب: ثقة. (¬3) اقتصر على البعض. * هل ينبه العاطس إلى أن يحمد الله؟ قيل: ينبه، وقيل: لا، لفعله عليه الصلاة والسلام، وقيل: ينبه الجاهل الذي لا يعلم فيتعلم هذا الأدب النبوي الذي لم يكن يعرفه ولا ينبه غيره، واختاره شيخنا.

126 - باب إذا عطس كيف يشمت؟

126 - باب إذا عطس كيف يُشمَّت؟ 6224 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله، وليقل له أخوه أو صاحبه - يرحمك الله، فإذا قال له يرحمك الله، فليقل: يهديكم الله ويصلح بالكم» (¬1). 128 - باب إذا تثاءب فليضع يده على فيه 6226 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب، فإذا عطس أحدكم وحمد الله كان حقًا على كل مسلم سمعه أن يقول له يرحمك الله. وأما التثاؤب فإنما هو من الشيطان، فإذا تثاءب أحدكم فليرُدَّه ما استطاع، فإن أحدكم إذا تثاءب ضحك منه الشيطان». ¬

(¬1) هل يجب التشميت؟ قيل بوجوبه للأمر به، وقيل سنة مؤكدة، وهو أولى.

قال الحافظ: ... ومن الخصائص النبوية ما أخرجه ابن أبي شيبة والبخاري في «التاريخ» (¬1) من مرسل يزيد بن الأعصم قال: «ما تثاءب النبي - صلى الله عليه وسلم - قط» وأخرج الخطابي من طريق مسلمة بن عبد الملك بن مروان قال: «ما تثاءب نبي قط» ومسلمة أدرك بعض الصحابة وهو صدوق (¬2). ¬

(¬1) وفي هذه المراسيل نظر إذ التثاؤب من طبيعة البشر والخصائص لا بد لها من دليل صحيح لإثباتها. (¬2) في التقريب: مقبول.

فرغنا من قراءة هذا المجلد يوم الإثنين 7/ 4/1407 هـ-من القراءة الأولى وبدأنا بقراءته الأحد 21/ 10/1418 هـ-من القراءة الثانية فبين القراءتين نحو إحدى عشرة سنة وهي مدة قراءة كاملة للبخاري والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل

79 - كتاب الاستئذان

79 - كتاب الاستئذان 9 - باب السلام للمعرفة وغير المعرفة 6236 - عن أبي أيوب - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيصدُّ هذا ويصدُ هذا، وخيرُهما الذي يبدأ بالسلام (¬1)». وذكر (¬2) سفيان أنه سمعه منه ثلاث مرات. 13 - باب التسليم والاستئذان ثلاثًا 6244 - عن ثمامة بن عبد الله، عن أنس - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سلَّم سلَّم ثلاثًا (¬3)، وإذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثًا». ¬

(¬1) خيرهما الذي يبدأ بالسلام، أي يرجع إلى أخيه ويطلب المسامحة منه. (¬2) هجر المسلم لأخيه المسلم لأمور دنيوية لا يجوز أن يكون فوق ثلاث. أما في الأمور الدينية كهجر صاحب البدعة والمعصية فلا حد له من الزمن وإنما حده التوبة، وإذا تاب عاد إليه كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - مع من تخلف عن غزوة تبوك وهم الثلاثة. * وسألت الشيخ محمد بن عثيمين عن هذا الحديث وعن حمله على الأمور الدنيوية؟ فقال: الحديث عام لا يحمل على الأمور الدنيوية. وجمع بينه وبين حديث كعب في الهجر خمسين ليلة بأن الهجر لا يجوز فوق ثلاث إلا لمصلحة وعليه يحمل حديث كعب بن مالك. قلت: قول الشيخين متقارب. (¬3) أما إذا سمع فلا حاجة أن يعيد.

16 - باب تسليم الرجال على النساء، والنساء على الرجال

6245 - عن أبي سعيد الخدري قال: كنت في مجلس من مجالس الأنصار، إذ جاء أبو موسى كأنه مذعور، فقال: استأذنت على عمر ثلاثًا فلم يُؤذن لي فرجعت، فقال: ما منعك؟ قلت: استأذنت ثلاثًا فلم يؤذن لي فرجعت، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا استأذن أحدكم ثلاثًا فلم يؤذن له فليرجع. فقال: والله لتُقيمن عليه بيِّنة (¬1). أمنكم أحد سمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال أبيُّ بن كعب: والله لا يقوم معك إلا أصغر (¬2) القوم، فكنتُ أصغر القوم، فقمت معه فأخبرت عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك». 16 - باب تسليم الرجال على النساء، والنساء على الرجال 6248 - عن ابن أبي حازم عن أبيه عن سهل قال: كنا نفرح يوم الجمعة. قلت لسهل: ولمَ؟ قال: كانت لنا عجوز ترسل إلى بضاعة - نخل بالمدينة - فتأخذ من أصول السِّلق فتطرحه في قدر وتكركرُ حبات من شعير، فإذا صلَّينا الجمعة انصرفنا ونسلم عليها، فتقدِّمه إلينا، فنفرح من أجله، وما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة» (¬3). 17 - باب إذا قال: من ذا؟ فقال: أنا 6250 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في دَين كان على أبي، فدقَقت الباب، فقال: من ذا؟ فقلت: أنا. فقال: أنا أنا. كأنه كرهها» (¬4). ¬

(¬1) وهذا من باب التثبت في الأمر من عمر - رضي الله عنه - لأن هذا تشريع. (¬2) لأنها سنة معروفة قد عرفها حتى الصغير. (¬3) وفيه من الفوائد جواز إجابة دعوة المرأة إذا لم يكن هناك فتنة. (¬4) من السنة أن يصرح باسمه، وذلك أن الصوت يشتبه فلا يعرف.

20 - باب التسليم في مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين

20 - باب التسليم في مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين 6254 - عن عروة بن الزبير قال: أخبرني أسامة بن زيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ركب حمارًا عليه إكاف تحته قطيفة فدكية، وأردف وراءه أسامة بن زيد وهو يعود سعد بن عُبادة في بني الحارث بن الخزرج - وذلك قبل وقعة بدر - حتى مر في مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود، وفيهم عبد الله بن أُبي بن سلول، وفي المجلس عبد الله بن رواحة. فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة خمَّر عبد الله بن أبيّ أنفه بردائه، ثم قال: لا تغبِّروا علينا. فسلَّم عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم وقف فنزل فدعاهم إلى الله، وقرأ عليهم القرآن ... الحديث» (¬1). 21 - باب من لم يسلم على من اقترف ذنبًا ولم يرُدَّ سلامه حتى تتبين توبته وإلى متى تتبين توبة العاصي؟ وقال عبد الله بن عمرو: لا تسلِّموا على شربة الخمر (¬2). 6255 - عن عبد الله بن كعب قال: «سمعت كعب بن مالك يحدِّث حين تخلف عن تبوك ونهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كلامنا وآتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلِّم عليه، فأقول في نفسي: هل حرَّك شفتيه برد السلام أم لا؟ حتى كملت خمسون ليلة، وآذن النبي - صلى الله عليه وسلم - بتوبة الله علينا حين صلى الفجر». ¬

(¬1) المقصود أن من مر على مجلس فيه مسلمون وأخلاط من غيرهم فإنه يسلم ويقصد بسلامه المسلمين. (¬2) يعني المدمنين والمصرين عليه.

25 - باب بمن يبدأ في الكتاب

قال الحافظ: ... وأما بعده فيكفي ظهور علامة الندم والإقلاع وأمارة صدق ذلك (¬1). 25 - باب بمن يبدأ في الكتاب 6261 - عن عبد الرحمن بن هُرمز عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه ذكر رجلًا من بني إسرائيل أخذ خشبة فنقرها فأدخل فيها ألف دينار وصحيفة منه إلى صاحبه. وقال عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «نجر خشبة فجعل المال في جوفها وكتب إليه صحيفة: من فلان إلى فلان» (¬2). 26 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - قوموا إلى سيِّدكم 6262 - عن أبي أمامة بن سهل بن حُنيف عن أبي سعيد أن أهل قريظة نزلوا على حكم سعد، فأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - إليه فجاء، فقال: قوموا إلى سيِّدكم - أو قال خيركم - فقعد عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: هؤلاء نزلوا على حكمك، قال: فإني أحكُم أن تُقتَل مقاتلتهم، وتسبى ذراريهم. فقال: لقد حكمت بما حكم به الملك» (¬3). ¬

(¬1) وهذا هو الصواب فإن التوبة لا حد لها. (¬2) وقد بكى شيخنا - رحمه الله - عند تكملة الحديث. (¬3) فصل النزاع في مسألة القيام ثلاثة أنواع: 1 - قيام الناس على رأسه تعظيمًا له، وهذا منهي عنه. 2 - قيام الناس للأخذ بيده للمصافحة، وهذا لا بأس به قد فعله النبي - صلى الله عليه وسلم -. 3 - القيام بدون مصافحة تعظيمًا، وهذا الذي نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - في مثل قوله «من أحب أن يتمثل له الرجال قيامًا فليتبوأ مقعده من النار».

28 - باب الأخذ باليد. وصافح حماد بن زيد ابن المبارك بيديه

28 - باب الأخذ باليد. وصافح حماد بن زيد ابن المبارك بيديه قال الحافظ: ... ومن حديث أسامة بن شريك قال «قمنا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقبلنا يده» وسنده قوي ومن حديث جابر «أن عمر قام إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقبل يده» (¬1). 29 - باب المعانقة قال الحافظ: ... والسنة البداءة بالسلام، وكأن السبب فيه ما وقع من الطاعون فكانت الداعية متوفرة على سؤال الشخص من صديقه عن حاله فيه ثم كثر ذلك حتى اكتفوا به عن السلام، ويمكن الفرق بين سؤال الشخص عمن عنده ممن عرف أنه متوجع وبين سؤال من حاله يحتمل الحدوث (¬2). ¬

(¬1) أحاديث التقبيل كثيرة منها الصحيح والضعيف، وعلى هذا فإن اتخذه عادة وكرّر ذلك فلا يجوز، لكن إذا لم يكن عادة وإنما فعل أحيانًا كأن يأتي من سفر ونحو ذلك فلا بأس، وقد كان الصحابة يفعلونه رضي الله عنهم أجمعين. (¬2) وخلاصة ما تقدم أن المعانقة ورد فيها عدة أحاديث، والأصل المصافحة في الأمور العادية، والمعانقة عند القدوم من السفر، ولو قبل يديه أو ما بين عينيه فلا بأس، والمعانقة مأخوذه من تخالف الأعناق.

30 - باب من أجاب بلبيك وسعديك

30 - باب من أجاب بلبيك وسعديك 6267 - عن أنس عن معاذ قال: أنا رديف النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا معاذ، قلت لبيك وسعديك - ثم قال مثله ثلاثًا -هل تدري ما حق الله على العباد قلت لا قال حق الله على العباد؟ قلت: لا. قال: «حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا. ثم سار ساعة فقال: يا معاذ، قلت لبيك وسعديك. قال: هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟ أن لا يعذبهم» (¬1). 34 - باب الاحتباء باليد (¬2)، وهو القُرفصاء 6272 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بفناء الكعبة محتبيًا بيده هكذا ... ». 35 - باب من اتكأ بين يدي أصحابه وقال خباب «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو موسّد (¬3) بُردة، قلت: ألا تدعو الله؟ فقعد». ¬

(¬1) وفيه من الفوائد: شرعية تكرار السؤال ليستعد الطلاب للجواب. (¬2) وسئل عن فعلها يوم الجمعة؟ قال: لا حرج في فعلها يوم الجمعة ما لم تسبب نومًا فيدعها (ومثّل الشيخ هذه الجلسة). قلت: وقد ورد في النهي عنها في المسند (3/ 439) والترمذي (514) وأبو داود (1110) من طريق عبد الرحيم بن ميمون عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني عن أبيه، وهذا السند فيه عدة علل وضعّفه ابن المنذر كما في الأوسط (4/ 83)، وقد صح عن ابن عمر أنه كان يحتبي يوم الجمعة، أخرجه ابن المنذر (4/ 83) والبيهقي (3/ 235). (¬3) الرواية المشهورة (متوسِّد).

36 - باب من أسرع في مشيه لحاجة أو قصد

6273 - عن عبد الرحمن بن أبي بكرة «عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ألا أخبركم بأكبر الكبائر؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين»؟ 6274 - حدثنا مسدد حدثنا بشر مثله «وكان متكئًا (¬1) فجلس، فقال: ألا وقول الزور، فما زال يُكررها حتى قلنا ليته سكت». 36 - باب من أسرع في مشيه لحاجة أو قصد 6275 - عن عمر بن سعيد عن ابن أبي مُليكة أن عقبة بن الحارث حدثه قال: «صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - العصر، فأسرع ثم دخل البيت» (¬2). 39 - باب القائلة بعد الجمعة قال الحافظ: ... أخرجه الطبراني في «الأوسط» من حديث أنس رفعه قال: «قيلوا فإن الشياطين لا تقيل» وفي سنده كثير بن مروان وهو متروك، وأخرج سفيان بن عيينة في جامعه من حديث خوات بن جبير - رضي الله عنه - موقوفًا قال: «نوم أول النهار خرق، وأوسطه خلق، وآخره حمق» وسنده صحيح (¬3). 42 - باب الجلوس كيفما تيسر 6284 - عن عطاء بن يزيد الليثي «عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - ¬

(¬1) وفيه من الفوائد أن الاتكاء ميل على أحد الجانبين، وهو ردّ على من زعم أن التربع من الاتكاء، كالخطابي وغيره. (¬2) العادة التوسط والقصد، والإسراع لحاجة جائز. (¬3) قلت: حديث: «قيلوا» لا يصح من طريق.

43 - باب من ناجى بين يدي الناس، ومن لم يخبر بسر صاحبه، فإذا مات أخبر به

قال: نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن لبستين وعن بيعتين: اشتمال الصّماء، والاحتباء في ثوب واحد ليس على فرج الإنسان منه شيء، والملامسة، والمنابذة» (¬1). 43 - باب من ناجى بين يدي الناس، ومن لم يُخبر بسرِّ صاحبه، فإذا مات أخبر به 6285، 6286 - عن عامر عن مسروق «حدثتني عائشة أم المؤمنين قالت: إنا كنا أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - عنده جميعًا لم تغادر منا واحدة، فأقبلت فاطمة - عليها السلام - تمشي، لا والله ما تخفى مشيتها من مشية رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فلما رآها رحَّب قال: مرحبًا بابنتي، ثم أجلسها عن يمينه - أو عن شماله - ثم سارَّها (¬2). فبكت بكاء شديدًا، فلما رأى حزنها سارَّها الثانية. فإذا هي تضحك. فقلت لها - أنا من بين نسائه - خصَّك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالسر من بيننا ثم أنت تبكين. فلما قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سألتها عما سارَّك؟ قالت: ما كنت لأفشي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سره. فلما توفي قلت لها: عزمت عليك - بما لي عليك من الحق - لما أخبرتني. قالت: أما الآن فنعم ... الحديث». قال الحافظ: ... وكذا لو أخبرتهن أنها سيدة نساء المؤمنين لعظم ذلك عليهن واشتد حزنهن، فلما أمنت من ذلك بعد موتهن أخبرت به (¬3). ¬

(¬1) ما لم يفض إلى كشف العورة، كاشتمال الصماء وما في معناه. (¬2) هذا صريح في تفضيل فاطمة - رضي الله عنها - على النساء حتى على خديجة وعائشة، وقد قال بعضهم بخلافه. (¬3) الصواب بعد موته - صلى الله عليه وسلم -.

44 - باب الاستلقاء

44 - باب الاستلقاء قال الحافظ: ... وأن محل النهي حيث تبدو العورة والجواز حيث لا تبدو، وهو جواب الخطابي ومن تبعه (¬1). 47 - باب إذا كانوا أكثر من ثلاثة فلا بأس بالمسارَّة والمناجاة 6290 - عن أبي وائل «عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى رجلان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس، أجل أن ذلك يُحزنه» (¬2). 48 - باب طول النجوى 6292 - عن عبد العزيز «عن أنس - رضي الله عنه - قال: أقيمت الصلاة ورجل يناجي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فما زال يناجيه (¬3) حتى نام أصحابه، ثم قام يصلي». 49 - باب لا تُترك النار في البيت عند النوم 6293 - عن الزهري عن سالم عن أبيه «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون» (¬4). ¬

(¬1) وبه قال شيخنا - رحمه الله -. (¬2) وهكذا إذا كانوا أربعة فلا يتناجوا دون الرابع منهم، والمقصود أن يكون الباقي أكثر من واحد، قلت: إذا تسارَّ جماعة دون جماعة فلا بأس، وتقدم قريبًا حديث عائشة وفيه مناجاته لفاطمة دون من في البيت من أزواجه. (¬3) لأهمية أمره. (¬4) المصابيح الموجودة الآن لا تدخل في الحديث حيث لا ضرر لها، ولكن إن كان لا حاجة لها تقفل.

50 - باب غلق الأبواب بالليل

50 - باب غلق الأبواب بالليل 6296 - عن عطاء «عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أطفئوا المصابيح بالليل إذا رقدتم، وغلقوا الأبواب، وأوكئوا الأسقية، وخمروا الطعام والشراب. قال همام: وأحسبه قال: ولو بعود يعرضه» (¬1). 51 - باب الختان بعد الكبر ونتف الإبط 6298 - عن أبي الزناد عن الأعرج «عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: اختتن إبراهيم - عليها السلام - بعد ثمانين سنة، واختتن بالقدوم» (¬2). 6300 - وقال ابن إدريس عن أبيه عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير «عن ابن عباس: قُبض النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا ختين» (¬3). ¬

(¬1) قلت: قال ابن دقيق العيد: لما في ذلك من حفظ مصالح الدنيا والدين من حراسة الأنفس والأموال من أهل العبث والفساد. (¬2) حيث لم يؤمر إلا في ذلك الوقت عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، والختان سنة مؤكدة، وذهب ابن عباس وجماعة إلى الوجوب. (¬3) الختان الذي صرفه عن الوجوب أنه بلفظ الإخبار، بخلاف الشارب جاء بلفظ الأمر. * قال ابن حزم: اتفق العلماء على أن إعفاء اللحية والأخذ من الشارب أمر مفترض. * الأمر للوجوب في الأخذ من الإبط ولذلك حدد بأربعين. قلت: فيه حديث أنس أخرجه أحمد ومسلم ولفظه عند مسلم «وقّت لنا أن لا ندع ذلك ... » ولفظ أحمد: «وقّت لنا رسول الله ... » وهو بهذا اللفظ غير محفوظ تفرد به صدقة بن موسى الدقيقي وهو ضعيف. * انتقاص الماء: الاستنجاء. * بذمتك؟ لا يجوز، والمعروف عن الناس: في ذمتك، أي تأكيد على عدم الكذب.

52 - باب كل لهو باطل إذا شغله عن طاعة الله

52 - باب كل لهو باطل إذا شغله عن طاعة الله 6301 - عن حُميد بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من حلف منكم فقال في حلفه باللات والعزى فليقل لا إله إلا الله (¬1). ومن قال لصاحبه تعال أقامرك فليتصدق». قال الحافظ: ... من حديث عقبة بن عامر رفعه «كل ما يلهو به المرء المسلم باطل إلا رمية بقوسه وتأديبه فرسه وملاعبته أهله» (¬2) الحديث. ¬

(¬1) لأن الشرك يكفَّر بالتوحيد والإخلاص. * ضابط القمار المخاطرة بالمال. قلت: يعني لا يدري من يقمر صاحبه فيأخذ ماله، فهو دائر بين الغنم والغرم، وهو من صور الميسر الذي يحصل فيه المرء على المال بيسر. (¬2) قلت: ورواه النسائي في الكبرى بزيادة والسباحة.

80 - كتاب الدعوات

80 - كتاب الدعوات 3 - باب استغفار النبي - صلى الله عليه وسلم - في اليوم والليلة 6307 - عن أبي سلمة عن عبد الرحمن قال: «قال أبو هريرة: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة» (¬1). 7 - باب ما يقول إذا نام 6312 - عن ربعيِّ بن حراش «عن حذيفة قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أوى إلى فراشه قال: باسمك أموت وأحيا. وإذا قام قال: الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا، وإليه النشور» (¬2) ننشرها: نخرجها. 8 - باب وضع اليد اليمنى تحت الخد الأيمن 6314 - عن ربعي «عن حذيفة - رضي الله عنه - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أخذ مضجعه من الليل وضع يده تحت خده ثم يقول: اللهم باسمك أموت وأحيا. وإذا استيقظ قال: الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا، وإليه النشور» (¬3). 10 - باب الدعاء إذا انتبه بالليل 6316 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: بتُّ عند ميمونة، فقام النبي ¬

(¬1) الراجح عصمة الأنبياء من الكبائر والصغائر. * الغين: الفتور عن ذكر الله، أو شيء يعتري القلب فيقع في حديث النفس. (¬2) ويستحب: اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك، ثلاثًا. (¬3) قلت: عند مسلم برقم 2711 بلفظ «اللهم باسمك أحيا وأموت».

- صلى الله عليه وسلم - فأتى حاجته فغسل وجهه ويديه، ثم نام ثم قام فأتى القربة فأطلق شناقها؛ ثم توضأ وضوء بين وضوءين لم يُكثر وقد أبلغ، فصلى فقمت فتمطيت (¬1) كراهية أن يرى أني كنت أتقيه، فتوضأت، فقام يصلي فقمت عن يساره، فأخذ بأذُني فأدارني عن يمينه، فتتامَّت صلاته ثلاث عشرة ركعة (¬2)، ثم اضطجع فنام حتى نفخ - وكان إذا نام نفخ - فآذنه بلال بالصلاة، فصلى ولم يتوضأ. وكان يقول في دعائه: اللهم اجعل في قلبي نورًا، وفي بصري نورًا واجعل لي نورًا. قال كُريب: وسبع في التابوت فلقيت رجلًا من ولد العباس فحدثني بهن، فذكر عصبي ولحمي ودمي وشعري وبشري، وذكر خصلتين. 6317 - عن ابن عباس كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قام من الليل يتهجد قال: «اللهم لك الحمد، أنت نور السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت قيم (¬3) السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد، أنت الحق ووعدك حق، وقولك حق ولقاؤك حق، والجنة حق والنار حق، والساعة ¬

(¬1) كأنه استيقظ الآن كراهية أن يعرف أنه يراقبه. (¬2) وهو أكثر ما ورد، ولا يمنع الزيادة على ذلك لحديث «صلاة الليل مثنى مثنى» ولم يحدّ حدًا، وبهذا يعلم أن من زاد على ذلك فلا حرج عليه، خلافًا لمن منع فقد أخطأ، ولكن الأفضل الاقتصار على ما ورد، وجاء عنه أنه سرد خمسًا وغيرها فيجوز ولكن الأفضل مثنى مثنى. * والخمس والثلاث سردًا بلا جلوس، والتسع والسبع جلوس في السادسة والثامنة. (¬3) روي «قيَّام» و «قيوم».

11 - باب التكبير والتسبيح عند المنام

حق، والنبيون حق ومحمد حق، اللهم لك أسلمت وعليك توكلت وبك آمنت وإليك أنبت وبك خاصمت وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدَّمت وما أخّرت؛ وما أسررت وما أعلنت، أنت المقدِّم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت - أو - لا إله غيرك». 11 - باب التكبير والتسبيح عند المنام 6318 - عن ابن أبي ليلى عن علي أن فاطمة عليهما السلام شكت ما تلقى في يدها من الرَّحى فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - تسأله خادمًا، فلم تجده، فذكرت ذلك لعائشة، فلما جاء أخبرته، قال (¬1) فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا، فذهبت أقوم، فقال: مكانك (¬2)، فجلس بيننا حتى وجدت برد قدميه على صدري، فقال: ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم؟ إذا أوَيتما إلى فراشكما - أو أخذتما مضاجعكما - فكبرا أربعًا وثلاثين، وسبحا ثلاثًا وثلاثين واحمدا ثلاثًا وثلاثين (¬3)، فهذا خير لكما من خادم». 12 - باب التعوذ والقراءة عند المنام (¬4) 6319 - عن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أخذ مضجعه نفث في يديه، وقرأ بالمعوّذات، ومسح بهما جسده (¬5). ¬

(¬1) قال علي. (¬2) الرسول - صلى الله عليه وسلم - يخاطب عليًا. (¬3) هذا هو المحفوظ. (¬4) يمسح بعد الثلاث المعوذات ثم يعيدها ثم يمسح. (¬5) النفض بداخلة الإزار تتم لو نفضه بشيء آخر.

14 - باب الدعاء نصف الليل

14 - باب الدعاء نصف الليل (¬1) 6321 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ينزل ربُّنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له؟ ». قال الحافظ: ... خصه الله بالتنزيل فيه، فيتفضل على عباده بإجابة دعائهم، وإعطاء سؤلهم، وغفران ذنوبهم، وهو وقت غفلة وخلوة واستغراق في النوم واستلذاذ له، ومفارقة اللذة والدعة صعب، لا سيما أهل الرفاهية وفي زمن البرد. وكذا أهل التعب ولا سيما في قصر الليل، فمن آثر القيام لمناجاة ربه والتضرع إليه مع ذلك دل على خلوص نيته وصحة رغبته فيما عند ربه، فلذلك نبه الله عباده على الدعاء في هذا الوقت الذي تخلو فيه النفس من خواطر الدنيا وعلقها، ليستشعر العبد الجد، والإخلاص لربه (¬2). قال الحافظ: ... النزول محال على الله لأن حقيقته الحركة من جهة العلو إلى السفل، وقد دلت البراهين القاطعة (¬3) على تنزيهه على ذلك فليتأول ... 16 - باب ما يقول إذا أصبح 6323 - عن بشير بن كعب عن شداد بن أوس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: سيّد ¬

(¬1) إشارة إلى إحدى الروايات في نصف الليل. (¬2) والنزول صفة لائقة بالله كسائر صفاته، ولا يعرف كيفيته إلا الله. وليست مجازًا كمن قال نزول الرحمة فهذا باطل، بل هو نزول مضاف إلى الله تبارك وتعالى. (¬3) بل الفاسدة والباطلة.

17 - باب الدعاء في الصلاة

الاستغفار (¬1) اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أبوء لك بنعمتك، وأبوء لك بذنبي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، أعوذ بك من شر ما صنعت. إذا قال حين يمسي فمات دخل الجنة - أو كان من أهل الجنة - وإذا قال حين يصبح فمات من يومه مثله». 17 - باب الدعاء في الصلاة 6326 - عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - أنه قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: علِّمني دعاء أدعو به في صلاتي (¬2)، قال: قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم». 18 - باب الدعاء بعد الصلاة 6329 - عن أبي هريرة: قالوا يا رسول الله، قد ذهب أهل الدثور بالدرجات والنعيم المقيم، قال: كيف ذاك؟ قالوا: صلوا كما صلينا، وجاهدوا كما جاهدنا، وأنفقوا من فضول أموالهم، وليست لنا أموال. قال: أفلا أخبركم بأمر تدركون من كان قبلكم وتسبقون من جاء بعدكم، ولا يأتي أحد بمثل ما جئتم به إلا من جاء بمثله: تسبِّحون في دبر كل صلاة عشرًا، وتحمدون عشرًا، وتكبرون عشرًا» (¬3). ¬

(¬1) معناه أفضل الاستغفار. (¬2) رواية مسلم «وفي بيتي» ففيه زيادة. (¬3) هذا نوع من أنواع في الأذكار عقب الصلاة وهذا أخصر ما ورد، وإذا جمع بين الصلاتين يكفي ذكر الأخرى.

6330 - عن ورّاد مولى المغيرة بن شعبة قال: «كتب المغيرة إلى معاوية بن أبي سفيان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في دبر كل صلاة إذا سلم: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد» (¬1). ¬

(¬1) زاد مسلم لا حول ولا قوة إلا بالله. قلت: هذه الزيادة عند مسلم (1343) من حديث ابن الزبير، وشيخنا ابن باز يرى أن الذكر بعد الصلاة كالتالي: الاستغفار ثلاثًا، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام ثم يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد .. إلخ انظر تتمة كلام شيخنا في مجموع فتاويه (11/ 188). فشيخنا يرى أن التهليل في حديث المغيرة وحديث ابن الزبير واحد، فانتزعه من الحديثين، وأثبت الزائد. وقال بعضهم بل التهليل يكرر، فيقال ما جاء في حديث المغيرة كاملًا على حدة، ويتبع بحديث ابن الزبير كاملًا، ولا يختزل التهليل بل يكرر، وقال إن في هذا تكثيرًا للذكر بعد الصلاة وهو مراد للشارع، ولا يتأتى العمل بكل الخبرين إلا بجميع ما فيهما من الذكر، وحجة شيخنا ما تقدم من أن ابن الزبير والمغيرة اتفقا على نقل (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) وانفرد المغيرة بشيء لم ينقله ابن الزبير، وروى ابن الزبير ما لم يرو المغيرة، فنأخذ بما اتفقا عليه، مع ما زادا جميعًا. * حديث: اللهم أعني على ذكرك، الأفضل قبل السلام لأنه دعاء، وإن دعا بعد السلام كله جائز. قلت: ولفظ النسائي (3/ 53) «فلا تدع أن تقول في كل صلاة ... ».

25 - باب الدعاء مستقبل القبلة

25 - باب الدعاء مستقبل القبلة 6343 - عن عبد الله بن زيد قال: خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى هذا المصلى يستسقي، فدعا واستسقى، ثم استقبل القبلة (¬1) وقلب رداءه. 26 - باب دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - لخادمه بطول العمر وبكثرة ماله 6344 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: قالت أمي: يا رسول الله، خادمك أنس ادعُ الله له. قال: «اللهم أكثر ماله وولده، وبارك له فيما أعطيته». قال الحافظ: ... فقال بعض الشرّاح مطابقة الحديث للترجمة أن الدعاء بكثرة الولد يستلزم حصول طول العمر، وتعقب بأنه لا ملازمة بينهما إلا بنوع من المجاز بأن يراد أن كثرة الولد في العادة تستدعي بقاء ذكر الولد (¬2) ما بقي أولاده، فكأنه حي. والأولى في الجواب أنه أشار كعادته إلى ما ورد في بعض طرقه، فأخرج في «الأدب المفرد» (¬3) من وجه آخر عن أنس ... ¬

(¬1) الأصل أن الاستقبال للقبلة في الدعاء أفضل. (¬2) صوابه: الولد. (¬3) ولو تكلم الحافظ عليه لكان أحسن، والأدب المفرد فيه الصحيح وغيره، وإن كان إن سكت عنه فهو حسن أو صحيح، كما تقدم في مقدمة المؤلف هدي الساري.

27 - باب الدعاء عند الكرب

قال الحافظ: ... قول أنس «أخبرتني ابنتي أمينة أنه دفن من صلبي إلى يوم مقدم الحجاج البصرة مائة وعشرون» وقال النووي في ترجمته كان أكثر الصحابة أولادًا (¬1). قال الحافظ: ... وكان له بستان يأتي في كل سنة الفاكهة مرتين (¬2)، وكان فيه ريحان يجيء منه ريح المسك. 27 - باب الدعاء عند الكرب 6346 - عن قتادة عن أبي العالية «عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول عند الكرب: لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم» (¬3). 28 - باب التعوذ من جهد البلاء قال الحافظ: ... والبلاء بالفتح مع المد ويجوز الكسر مع القصر (¬4). 30 - باب الدعاء بالموت والحياة 6349 - عن إسماعيل عن قيس قال: «أتيت خبّابًا وقد اكتوى سبعًا، قال: لولا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهانا أن ندعوَ بالموت لدعوت به» (¬5). ¬

(¬1) أي أكثرهم أولادًا أو أحفادًا. (¬2) وهذا من البركة. (¬3) سمي دعاء وهو ذكر لأن فيه كشف الكرب، وهذا دعاء عبادة، ويقال لصريح السؤال دعاء مسألة، ودعاء المسألة دعاء عبادة أيضًا. (¬4) البلى، البلاء. (¬5) ولا يجوز الدعاء بقوله «اللهم أمتني ... ونحو ذلك».

31 - باب الدعاء للصبيان بالبركة، ومسح رءوسهم

6351 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا يتمنين أحد منكم الموت لضُر نزل به، فإن كان لا بد مُتمنيًا للموت فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرًا لي، وتوفَّني إذا كانت الوفاة خيرًا لي» (¬1). 31 - باب الدعاء للصبيان بالبركة، ومسح رءوسهم 6352 - عن الجعد بن عبد الرحمن قال: «سمعت السائب بن يزيد يقول: ذهبت بي خالتي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، إن ابن أختي وجع. فمسح رأسي ودعا لي بالبركة (¬2). ثم توضأ فشربت من وضوئه، ثم قمت خلف ظهره فنظرت إلى خاتمه بين كتفيه مثل زرِّ الحجلة». 6356 - أخبرني عبد الله بن ثعلبة بن صُعير - وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد مسح عينه - أنه رأى سعد بن أبي وقاص يوتر بركعة» (¬3). 32 - باب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬4) 6358 - عن أبي سعيد الخدري قال: قلنا يا رسول الله، هذا السلام عليك فكيف نصلِّي؟ قال: قولوا اللهم صل على محمد عبدك ورسولك كما ¬

(¬1) وعند مسلم: ولا يتمنين أحدكم الموت ولا يدعو به. (¬2) وكان ابن سبع سنين، ففيه الرحمة والشفقة على الصبية. (¬3) والركعة تجزي في الوتر. (¬4) أكملها: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك ... أخرجه البخاري من حديث كعب بن عجرة. قلت: انظر ص 158 فما بعدها من الجلد الحادي عشر من شرح البخاري للحافظ.

33 - باب هل يصلى على غير النبي - صلى الله عليه وسلم -؟

صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم» (¬1). قال الحافظ: ... الرابع أن الكاف للتعليل (¬2) كما في قوله {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ} [البقرة: 151]. 33 - باب هل يصلَّى على غير النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ 6359 - عن عمرو بن مرة «عن ابن أبي أوفى قال: كان إذا أتى رجل النبي - صلى الله عليه وسلم - بصدقته قال: اللهم صلِّ عليه. فأتاه أبي بصدقته فقال: اللهم صل على آل أبي أوفى» (¬3). 6360 - عن عمرو بن سُليم الزرقي قال: «أخبرني أبو حُميد الساعدي أنهم قالوا: يا رسول الله، كيف نصلي عليك؟ قال: قولوا اللهم صلِّ على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد» (¬4). ¬

(¬1) وهذا الحديث عام في الصلاة وغيرها. (¬2) وسمعت الشيخ العلامة محمد بن عثيمين يقرر هذا القول ويختاره، فيكون المعنى اللهم صل على محمد .. لأنك صليت على إبراهيم ... إلخ. (¬3) ويجوز أن يصلي على غير الأنبياء ما لم يتخذ عادة، اللهم صل على أبي بكر ونحو ذلك، ما لم يتخذ عادة. قلت: بسط المسألة ابن القيم في آخر كتابه جلاء الأفهام. (¬4) وأخرجه مسلم في الصحيح.

34 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «من آذيته فاجعله له زكاة ورحمة»

34 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «من آذيته فاجعله له زكاة ورحمة» 6361 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «اللهم فأيما مؤمن سببته فاجعل ذلك له قربة إليك يوم القيامة». قال الحافظ: ... وفي الحديث كمال شفقته - صلى الله عليه وسلم - على أمته وجميل خلقه وكرم ذاته حيث قصد مقابلة ما وقع منه بالجبر والتكريم (¬1). 35 - باب التعوذ من الفتن 6362 - عن أنس - رضي الله عنه - سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أحفوه (¬2) المسألة، فغضب، فصعد المنبر فقال: لا تسألوني اليوم عن شيء إلا بيَّنته لكم ... الحديث». 48 - باب الدعاء عند الاستخارة 6382 - عن جابر - رضي الله عنه - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كالسورة من القرآن: إذا همَّ بالأمر فليركع ركعتين ¬

(¬1) ولو فعلها أهل الولايات كالأمراء ونحوهم فحسن، أي عند الدعاء والسبب لمن لا يستحق. (¬2) ألحوا عليه. * إذا هم بأمر أشكل عليه، أما الواضح فلا استخارة فيه كالصيام والحج .. أما الزواج بفلانة أو السير في الطريق الفلاني فيستخير، والدعاء خارج الصلاة، وإذا ما انشرح صدره يكرر ويشاور. * وقد مرض شيخنا في رمضان ثم بلغنا أنه المرض الخطير عافاه الله منه، واستأنف الدرس وذلك بتاريخ الأحد 7/ 10/1419 هـ.

49 - باب الدعاء عند الوضوء

من غير الفريضة ثم يقول (¬1): اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم؛ فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب. اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني، ومعاشي، وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله؛ فاقدره لي، ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي، في ديني، ومعاشي، وعاقبة أمري، أو قال: في عاجل أمري وآجله؛ فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني به». قال: «ويسمي حاجته». 49 - باب الدعاء عند الوضوء عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى قَال دَعَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أَبِي عَامِرٍ وَرَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَوْقَ كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِكَ مِنَ النَّاسِ» (¬2). 50 - باب الدعاء إذا علا عقبه عَنْ أَبِي مُوسَى - رضي الله عنه -، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَفَرٍ فَكُنَّا إِذَا عَلَوْنَا كَبَّرْنَا فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ ¬

(¬1) ويرفع يديه لأنه من أسباب الإجابة. (¬2) وإنما قال ذلك عليه الصلاة والسلام لأنه أراد قتل يهودي فأصاب ركبته فظن الناس أنه قتل نفسه فدعا له. * الدعاء بعد الوضوء من أسباب الإجابة، وكذا بعد الصلاة. * فيه شرعية التكبير عند علو الشرف.

51 - باب الدعاء إذا هبط واديا

فإنكم لا تدعون أصمَّ (¬1) ولا غائبًا، ولكن تدعون سميعًا بصيرًا. ثم أتى على وأنا أقول في نفسي: لا حول ولا قوة إلا بالله، فقال: يا عبد الله بن قيس، قل لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنها كنز من كنوز الجنة. أو قال: ألا أدلك على كلمة هي كنز (¬2) من كنوز الجنة؟ لا حول ولا قوة إلا بالله». قال الحافظ: ... وكأنه أخذه من قوله في الحديث «إنكم لا تدعون أصمّ ولا غائبًا» فسمى التكبير دعاء (¬3). 51 - باب الدعاء (¬4) إذا هبط واديًا قال الحافظ: ... ومناسبة التكبير عند الصعود إلى المكان المرتفع أن الاستعلاء والارتفاع محبوب النفوس لما فيه من استشعار الكبرياء، فشرع لمن تلبس به أن يذكر كبرياء الله تعالى ... ومناسبة التسبيح عند الهبوط (¬5) ... إلخ. 52 - باب الدعاء إذا أراد سفرًا، أو رجع 6385 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا ¬

(¬1) ممنوع من الصرف، لأنها على وزن أفعل. * فيه فضل هذا الدعاء على نشز من الأرض، وكانوا إذا هبطوا سبحوا الله تنزيهًا له عن السفول. * ويستحب الإكثار من لا حول ولا قوة إلا بالله. (¬2) وسيلة إلى هذا الخير العظيم (¬3) دعاء في المعنى، لأنهم يرجون ثواب الله. (¬4) ورد التسبيح والدعاء لا أعلمه، والتسبيح والتكبير دعاء في المعنى. (¬5) ولأن الهبوط لا يليق بالله فينزه الله عن السفول.

53 - باب الدعاء للمتزوج

قفل من غزو أو حج أو عمرة يكبر على كل شرف من الأرض ثلاث تكبيرات ثم يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. آيبون تائبون عابدون (¬1)، لربنا حامدون. صدق الله وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده». قال الحافظ: ... والمراد بحديث يحيى بن أبي إسحاق فيما أظن الحديث الذي أوله «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقبل من خبير وقد أردف صفية، فلما كان ببعض الطريق عثرت الناقة» فإن في آخره «فلما أشرفنا على المدينة قال: آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون (¬2). فلم يزل يقولها حتى دخل المدينة». 53 - باب الدعاء للمتزوج 6386 - عن حماد بن زيد عن ثابت «عن أنس - رضي الله عنه - قال: رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - على عبد الرحمن بن عوف أثر صُفرة فقال: مَهْيم - أو مَهْ - قال: تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب. فقال: بارك الله لك. أوْلمْ، ولو بشاة» (¬3). ¬

(¬1) جاء «ساجدون» في رواية أخرى. * وسيتحب الإكثار من ذكر الله في السفر، ويقال هذا الذكر في جميع الأسفار حتى سفر المعصية. (¬2) يقول هذا عند القفول، وعند رؤية القرية عند وصولها. (¬3) في اللفظ الآخر: بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير، قلت: رواه الترمذي عن أبي هريرة بسند صحيح. يقال للرجل والمرأة أيضًا. * وله رواية أخرى «أحسنت» لما ذكر من أمره - رضي الله عنه -. * فيه اختيار الزوجة العاقلة ذات الدين خاصة لمن كان عند أطفال.

54 - باب ما يقول إذا أتى أهله

54 - باب ما يقول إذا أتى أهله 6388 - عن جرير عن منصور عن سالم (¬1) عن كُريب «عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: النبي - صلى الله عليه وسلم -: لو أن أحدهم إذا أراد أن يأتي أهله قال: باسم الله، اللهم جنَّبنا الشيطان وجنَّب الشيطان وجنَّب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن يُقدَّر بينهما ولد في ذلك لم يضرَّه شيطان أبدًا» (¬2). 55 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ربَّنا آتنا في الدنيا حسنة 6389 - عن عبد الوارث عن عبد العزيز «عن أنس قال: كان أكثر دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -: ربنا آتنا في الدنيا (¬3) حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار» (¬4). قال الحافظ: .... فذكر القصة وفيها: إذا آتاكم الله ذلك فقد آتاكم الخير كله قال عياض إنما كان يكثر الدعاء بهذه الآية لجمعها معاني الدعاء كله من أمر الدنيا والآخرة (¬5). ¬

(¬1) هو ابن أبي جعد. (¬2) على ظاهره لحسن الظن بالله. * وهذا الحديث فيه الحث على الدعاء عند الجماع، وأن هذا من أسباب سلامة الولد وإعاذته من الشيطان. (¬3) الزوجة الصالحة والعمل الصالح فالحديث عام. (¬4) هذا دعاء عظيم جامع. (¬5) قلت ذكر الحافظ هنا اختلاف السلف في تفسير الحسنة.

56 - باب التعوذ من فتنة الدنيا

56 - باب التعوذ من فتنة الدنيا 6390 - عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص «عن أبيه - رضي الله عنه - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلمنا هؤلاء الكلمات كما تعَّلم الكتابة: اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك من أن نُردَّ إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا وعذاب القبر» (¬1). 57 - باب تكرير الدعاء (¬2) 6391 - عن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى إنه ليخيَّل إليه قد صنع الشيء وما صنعه. وأنه دعا ربه، ثم قال: أشعرت أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه؟ فقالت عائشة: وما يا رسول الله؟ قال: جاءني رجلان فجلس أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي، فقال أحدهما لصاحبه: ما وجعٌ الرجل؟ قال: مطبوب. قال: من طبّه. قال: لبيد بن الأعصم. قال: فبماذا؟ قال: في مشط ومشاطة وجُفَّ طلْعة (¬3). قال: فأين هو؟ قال: في ذروان. وذروان بئر في بني زُريق. قالت: فأتاها ¬

(¬1) تقدم هذا، وفي بعض الروايات في دبر الصلاة. * الحني يُسأل عن مكان السحر؟ ما أعلم مانعًا، وهو قد لا يصدق لكن من باب الحيطة إن وجد ما يدل على ما قال، وإلا الجن يكذبون. * وكان إذا دعا دعا ثلاثًا. (¬2) الله يحب الملحّين في الدعاء فيشرع تكرير الدعاء {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} فهو يحب أن يُدعى ويكرر. (¬3) في نسخة العيني «طلعه ذكر».

58 - باب الدعاء على المشركين

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إلى عائشة فقال: والله لكأن ماءها نُقاعة الحنّاء، ولكأن نخلها رؤوس الشياطين. قالت: فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرها عن البئر. فقلت: يا رسول الله فهلا أخرجته؟ قال: أما أنا فقد شفاني الله، وكرهت أن أثير على الناس شرًا» (¬1). زاد عيسى (¬2) بن يونس والليث بن سعد عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت: «سحر النبي - صلى الله عليه وسلم - فدها ودعا (¬3) ... ». 58 - باب الدعاء على المشركين وقال ابن مسعود قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف. وقال: اللهم عليك بأبي جهل. وقال ابن عمر: دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة وقال: اللهم العن فلانًا، حتى أنزل - عز وجل - {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128] (¬4). ¬

(¬1) في رواية أنه أخرجه. (¬2) جاء في رواية أخرى أنه أخرج وأتلف. (¬3) الشاهد للترجمة. * السحر يقع له حقيقة {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ} الآية. * طب: سحر ثم شفاه الله من ذلك. * هذا يدل على جواز لعن من آذى المسلمين، أما من لم يتعّد فلا، كما في دوس لما تأخر إسلامهم قال: «اللهم اهد دوسًا وائت بهم». (¬4) يعني أن الأمر بيده إن شاء هداهم، وبيده الدعاء عليه الصلاة والسلام. * فيه شرعية الدعاء على المشركين إذا آذوهم، ويدل على الدعاء على المشركين مطلقًا، لأنهم يضرون المسلمين خصوصًا أهل الظلم منهم. * اللعن من المسلم والكافر إن آذى؟ نعم، المستبان ما قالا ... * إذا كان المقام مقام أمن من جانبهم فلا يسبون، كما لم يدع النبي - صلى الله عليه وسلم - عليهم أي اليهود، وكدوس «اللهم اهد دوسًا؟ .

6394 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: «بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - سرية يقال لهم القراء، فأصيبوا، فما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وجد على شيء ما وجد عليهم، فقنت شهرًا في صلاة الفجر، ويقول: «إن عصية عصت الله ورسوله» (¬1). 6396 - عن محمد بن المثنى (¬2) حدثنا الأنصاري حدثنا هشام بن حسان حدثنا محمد بن سيرين حدثنا عبيدة «حدثنا علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الخندق فقال: ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارًا كما شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس. وهي صلاة العصر» (¬3). ¬

(¬1) وفيه شرعية الدعاء للمستضعفين بأن يرفع الله عنهم الظلم. (¬2) العنزي أبو موسى شيخ البخاري. (¬3) ثبت عنه القنوت في الصلوات كلها وبالذات في الفجر. قلت: جاء في الصلوات الخمس عند أبي داود من طريق هلال بن خباب عن عكرمة عن ابن عباس، وهلال لا بأس به ... * إذا أصابت المشركين كارثة جاز الدعاء بالزيادة؛ ولهذا قال «اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف». * الأفضل ترك سب المعين، وبعض أهل العلم يجوز سب المعين مطلقًا، والأولى تركه إلا إذا اشتد أذاه. * وردًا على من قال إن الواو تقتضي التشريك؟ قال الشيخ: يستجاب لنا فيهم، ولا يستجاب لهم فينا (انظر باب 62).

59 - باب الدعاء للمشركين

59 - باب الدعاء للمشركين 6397 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «قدم الطفيل بن عمرو على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إن دوسًا قد عصت وأبت، فادع الله عليها (¬1). فظن الناس أنه يدعو عليهم، فقال: اللهم اهد دوسًا، وأت بهم» (¬2). 60 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت 6398 - عن ابن أبي موسى «عن أبيه النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يدعو بهذا الدعاء: رب اغفر لي خطيئتي وجهلي، وإسرافي في أمري كله وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي خطاياي وعمدي، وجهلي وجدي، وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، أنت المقدم وأنت المؤخر، وأنت على كل شيء قدير» (¬3). 61 - باب الدعاء في الساعة التي في يوم الجمعة 6400 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «قال أبو القاسم - صلى الله عليه وسلم -: في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله خيرًا إلا أعطاه». ¬

(¬1) لعن الكافر المعين يجوز إذا دعت الحاجة، مثل ما دعا على أبي جهل وغيره. (¬2) فهداهم وأتى بهم. * إذا كان سيد ولد آدم الذي غفر له ما تقدم من ذنبه يقول هذا فكيف بغيره! (¬3) فيه انكسار المصطفى - صلى الله عليه وسلم - لربه مع أنه مغفور ذنبه، فقيه التأسي به عليه الصلاة والسلام.

62 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: يستجاب لنا في اليهود، ولا يستجاب لهم فينا

وقال بيده، قلنا: يقللها، يزهدها» (¬1). 62 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: يستجاب لنا في اليهود، ولا يستجاب لهم فينا 6401 - عن ابن أبي ملكية «عن عائشة - رضي الله عنها -: أن اليهود أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: السام عليك. وقال: وعليكم. فقالت عائشة: السام عليكم ولعنكم الله وغضب عليكم. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مهلًا يا عائشة، عليك بالرفق، وإياك والعنف - أو الفحش - قالت: أولم تسمع ما قالوا؟ قال: ألم تسمعي ما قلت؟ رددت عليهم، فيستجاب لي فيهم، ولا يستجاب لهم في» (¬2). 64 - باب فضل التهليل 6403 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قال ¬

(¬1) أي قليلة فاغتنموها «ولوح الشيخ بيه ثم بأصابعه وضمها». * جاء أنها بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس، واستغرب هذا بعض الناس لقوله يصلي، والجواب أنه ينتظر للصلاة والمنتظر مصل. (¬2) وهذا جواب من يستنكر زيادة الواو، وظاهر كلام الشيخ أنه يرد عليه وعليكم فقط، ولو صرح بالسلام ونرده عليه. قلت: وبسط المسألة ابن القيم في أحكام أهل الذمة. * وهذا فيه الرفق في الدعوة لأن هذا أقرب إلى النجاح. * روايات المائة فيها عتق عشر رقاب وحرز من الشيطان وكتب له مائة حسنة ومحيت عنه مائة خطيئة، ورواية العشر عتق أربع رقاب. * ذكر المؤلف هذا الذكر في كتاب الدعوات لأن الذكر دعاء في المعنى، ويسمى دعاء العبادة. * الأصل يقال صباحًا، وقال الشيخ: لا أعرف لها ورودها في المساء. قلت: أشار الحافظ إلى من رواها وهو عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن سمي فخالف مالكًا ومالك أحفظ أتقن ورواية سعيد عند أحمد (2/ 360) والنسائي في الكبرى.

لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد (¬1)، وهو على كل شيء قدير في يوم (¬2) مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزًا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء إلا رجل عمل أكثر منه» (¬3). 6404 - عن عمرو بن ميمون قال «من قال عشرًا كان كمن أعتق رقبة من ولد اسماعيل» .... ورواه أبو محمد الحضرمي عن أبي أيوب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان كمن أعتق رقبة من ولد إسماعيل، قال أبو عبد الله: والصحيح ¬

(¬1) زاد الترمذى «يحيى ويميت» وزاد بعضهم «بيده الخير»، الأفضل يقال هذا مرة وهذا مرة مع الزيادات والأمر واسع. قلت: أما زبادة «يحى ويميت» فقد أخرجها الترمذي عن إسحاق بن موسى عن معن بن عيسى القزاز عن مالك به، ومعن أثبت وأتقن أصحاب مالك وإن لم يكن أشهرهم رواية عنه. (¬2) في الصباح في الظهر في المساء وحتى في الليل؛ لأنه قوله في يوم لا مفهوم له. (¬3) في رواية «مما جاء به».

قول عمرو. قال الحافظ أبو ذر الهروي صوابه عمر، وهو ابن أبي زائدة. قال اليونيني (¬1) قلت: وعلى الصواب ذكره أبو عبد الله البخاري في الأصل كما تراه لا عمرو. قال الحافظ: ... وفي رواية عبد الله بن سعيد عن أبي هند (¬2) عن سمي مولى أبي بكر بن عبدالرحمن بن الحارث. قال الحافظ: ... ويوافقه رواية مالك حديث (¬3) البراء بلفظ «من قال لا إله إلا الله». قال الحافظ: ... وزاد «ومن قال مثل ذلك حين (¬4) يمسي كان له مثل ذلك». قال الحافظ: ... قال عمرو بن ميمون، قال فلقيت عمرًا (¬5) فقلت ... قال الحافظ: ... وكن له حرسًا من الشيطان حتى يمسي. وإذا قالها بعد المغرب فمثل ذلك (¬6) ¬

(¬1) أحد رواة الصحيح. (¬2) ابن أبي هند. (¬3) لعلها من الحديث. (¬4) ذكرها في المساء (¬5) صوابه عمرو (¬6) جاءت أدلة في هذا عشر مرات بعد الفجر والمغرب بعد الصلاة.

65 - باب فضل التسبيح

قال الحافظ: ... (تنبيه): أكمل ما ورد من ألفاظ هذا الذكر في حديث ابن عمر رفعه من قال حين يدخل السوق .. الحديث أخرجه الترمذي وغيره وفي سنده لين (¬1). 65 - باب فضل التسبيح 6405 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت عنه خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر» (¬2). 6406 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله العظيم، سبحان الله وبحمده» (¬3). ¬

(¬1) قلت: حديث دعاء السوق معلول لا يثبت، ضعّفه الأئمة أحمد وابن المديني والدارقطني وأبو حاتم والبخاري وغيرهم. قال ابن القيم في المنار المنيف (46): فهذه الحديث معلول أعله أئمة الحديث. * زاد أبو داود «سبحان الله العظيم وبحمده» بسند صحيح. قلت: زيادة: وبحمده، فيها مقال في الركوع والسجود، وعن أحمد فيها روايتان. (¬2) وهذا فضل عظيم، وفي اللفظ الآخر إذا أتى بها حين يصبح وحين يمسي. (¬3) هذان الحديثان يدلان على فضل التسبيح وأنه ينبغي أن يكثر منه. * هذا التكفير مقيد بعدم الإصرار ولقوله {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} فهما شرطان: اجتناب الكبائر، وعدم الإصرار على الذنوب. * اجتناب الكبائر من أسباب تكفير الصغائر فتضم للمكفرات الأخرى مثل: الجمعة إلى الجمعة ... إلخ. * السبحة لا بأس بها لكن باليد أفضل، وعد بعض الصحابيات بالنوى يدل عليها. * سأل الشيخ أيهما أفضل التهليل أم التسبيح؟ فقال: التهليل أفضل لقوله- عليه الصلاة والسلام- «الإيمان بضع وسبعون شعبة فأعلاها قول لا إله إلا الله». * في حديث عبد الله بن بسر: لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله.

66 - باب فضل ذكر الله - عز وجل -

66 - باب فضل ذكر الله - عز وجل - 6407 - عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت» (¬1). 6408 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قومًا يذكرون الله تنادوا هلموا إلى حاجتكم، قال فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا ... الحديث ... قال يقول: فما يسألوني؟ (¬2) قال: يسألونك الجنة. قال يقول: وهل رأوها؟ قال يقولون: لا والله يا رب ما رأوها. قال فيقول: فكيف لو أنهم رأوها؟ قال يقولون: لو أنهم رأوها؟ ... الحديث ... قال يقول ملك من الملائكة فيهم: فلان ليس منهم، إنما جاء لحاجة. قال: هم الجلساء لا يشقى جليسهم». ¬

(¬1) مثل عظيم، ولا يستوي الأحياء ولا الأموات. * إذا كان هذا الحديث في فضل التسبيح ففي فضل العلم أولى. (¬2) ما المقتضى لحذف نون الرفع؟ التخفيف.

67 - باب قول لا حول ولا قوة إلا بالله

رواه شعبة عن الأعمش ولم يرفعه، ورواه سهيل عن أبيه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬1). قال الحافظ: ... وفي دخول قراءة الحديث النبوي ومدارسة العلم الشرعي ومذاكرته والاجتماع على صلاة النافلة في هذه المجالس نظر (¬2). 67 - باب قول لا حول ولا قوة إلا بالله 6409 - عن أبي موسى الأشعري قال: أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - في عقبة- أو قال في ثنية- قال: فلما على عليها رجل نادى فرفع صوته لا إلا الله والله أكبر. قال ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بغلته قال: فإنكم لا تدعون أصم (¬3) ولا غائبًا. ثم قال: يا أبا موسى- أو يا عبد الله- ألا أدلك على كلمة من كنز الجنة؟ قلت: بلى، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله». ¬

(¬1) وهذا فضل عظيم، وأرجو أن يكون مجلسنا هذا ومجالس العلم أولى من مجالس التسبيح. (¬2) قال شيخنا: في كلام الحافظ نظر، بل مجالس العلم أولى من التسبيح. (¬3) وهذا فيه لا حول ولا قوة إلا بالله، وفيه كراهة رفع الأصوات الرفع غير المناسب.

68 - باب لله مائة اسم غير واحدة

68 - باب لله مائة اسم غير واحدة 6410 - عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رواية قال: لله تسعة وتسعون اسمًا- مائة إلا واحدة (¬1) - لا يحفظها أحد إلا دخل الجنة، وهو وتر يحب الوتر» (¬2). قال الحافظ: ... وأبعد من استدل به على جواز الاستثناء مطلقًا حتى يدخل استثناء الكثير حتى لا يبقى إلا القليل (¬3). قال الحافظ: ... وقد قال أبو الحسن اللخمي منهم: لو قال أنت طالق ثلاثًا (¬4) إلا اثنتين وقع عليه ثلاث. 69 - باب الموعظة ساعة بعد ساعة 6411 - عن الأعمش قال: حدثني شقيق قال: «كنا ننتظر عبد الله إذ جاء يزيد بن معاوية، قلت ألا تجلس؟ قال: لا، ولكن أدخل فأخرج إليكم صاحبكم، وإلا جئت أنا فجلست. فخرج عبد الله وهو آخذ بيده، فقام علينا فقال: أما إني أخبر بمكانكم، ولكنه يمنعني من الخروج إليكم أن ¬

(¬1) تأنيث واحدة؟ يمكن إلا كلمة واحدة. (¬2) وهذه التسعة والتسعون بعض الأسماء، والأسماء كثيرة، والمقصود حفظها وتعلقها؛ لأن ذلك يدعو إلى العمل. (¬3) والصواب صحة الاستثناء مطلقًا؛ لأن الإنسان لا يؤاخذ إلا بما أقر به، ولقوله تعالى: {إِنَّ عِبَادِي ... إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ} وهم أكثر، وأما استثناء القليل من الكثير فمتفق عليه. (¬4) بل تحسب طلقة.

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يتخولنا بالموعظة في الأيام كراهية السآمة علينا» (¬1). قال الحافظ: ... وختم به أبواب الدعوات التي عقبها بكتاب الرقاق لأخذه من كل منهما شوبًا (¬2). قال الحافظ: ... فمر بنا يزيد بن معاوية النخعي. قلت: وهو كوفي تابعي ثقة عابد (¬3). ¬

(¬1) وهذا معناه أن الاستغراق في المواعظ قد يورث السآمة. (¬2) وشيء آخر ان التذكير فيه دعاء. (¬3) ثقة. ويوهم كلام الحافظ أن له رواية في البخاري وليس الأمر كله.

81 - كتاب الرقاق

81 - كتاب الرقاق 1 - باب ما جاء في الرقاق، وأن لا عيش إلا عيش الآخرة 6412 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ» (¬1). 6413 - عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اللهم لا عيش (¬2) إلا عيش الآخرة، فأصلح الأنصار والمهاجرة». 6414 - عن سهل بن سعد الساعدي قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الخندق، وهو يحفر ونحن ننقل التراب وبصر بنا، فقال: «اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة، فاغفر للأنصار والمهاجرة» تابعه سهل بن سعد (¬3) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ... مثله. ¬

(¬1) وهذا واقع كثير من الناس مغبون في هاتين النعمتين تذهب عليه دون طائل، أي تذهبان عليه دون فائدة. (¬2) لا عيش له أهمية إلا عيش الآخرة، ولأنه لا ينتهي. (¬3) وفي الشرح ساقطة، قال شيخنا: لا مكان لها هنا، وأشار في العيني إلى سقوطه. * والمعنى لا عيش كامل وهو الباقي الدائم، أما عيش الدنيا فهو زائل، وفي ذلك الأخذ بالأسباب؛ ولهذا حفر الخندق، وهو داخل في قوله: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ... } الآية.

2 - باب مثل الدنيا في الآخرة

قال الحافظ: ... قوله (بسم الله الرحمن الرحيم. كتاب الرقاق. الصحة والفراغ (¬1) ولا عيش إلا عيش الآخرة». 2 - باب مثل الدنيا في الآخرة 6415 - عن أبي حازم عن أبيه عن سهل قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها، ولغدوة (¬2) في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها». 3 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل» 6416 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمنكبي فقال: «كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل». وكان ابن عمر يقول: «إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء. وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك» (¬3). ¬

(¬1) الصحة والفراغ زائدة. (¬2) المعروف بالجهاد. * متاع الدنيا زائل، ومتاع الآخرة دائم لا يزول. * وفي رواية «رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها». (¬3) وهذ أمر عظيم؛ لأن الغريب لا يهمه إلا أمر الرحيل فليستعد من كان في الدنيا. * وهكذا ينبغي للمؤمن أن يكون غريبًا لأن الغريب يستعد للسفر، وهكذا العاقل يكون في إعداد وحذر.

قال الحافظ: ... وبقوله «وعد نفسك في أهل القبور» (¬1). قال الحافظ: ... وكذلك عابر السبيل لا ينفذ في سفره إلا بقوته عليه وتخفيفه (¬2) من الأثقال غير متثبت ... قال الحافظ: ... والمعنى اشتغل في الصحة بالطاعة بحيث لو حصل تقصير في المرض لا يجبر (¬3) بذلك. قال الحافظ: ... «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل وهو يعظه: اغتنم خمسًا قبل خمس، شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك» وأخرجه ابن المبارك في الزهد بسند صحيح من مرسل عمرو بن ميمون (¬4). ¬

(¬1) رواها غير المؤلف. قلت: أشار الحافظ إليها، وقد رواها الترمذي وغيره من طريق ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن ابن عمر، وليث ضعيف. (¬2) وتخففه. * كل مؤمن موطنه الجنة لأنها موطن أبيه الأول. فحيا على جنات عدن فإنها منازلك الأولى وفيها المخيم كما قال ابن القيم. (¬3) لا زائدة. (¬4) قلت: وصله بعضهم من طريق عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن أبيه عن ابن عباس فوهم، والذي روى بهذا الإسناد هو ما أخرجه البخاري بلفظ نعمتان مغبون ...

4 - باب في الأمل وطوله

4 - باب في الأمل وطوله وقال على بن أبي طالب «ارتحلت الدنيا مدبرة، وارتحلت الآخرة مقبلة، ولكل واحدة منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا؛ فإن اليوم عمل ولا حساب، وغدًا حساب ولا عمل» (¬1). 5 - باب من بلغ ستين سنة فقد أعذر الله إليه في العمر 6419 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أعذر (¬2) الله إلى امرئ أخر أجله حتى بلغه ستين سنة». 6420 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا يزال قلب الكبير شابًا في اثنتين: في حب الدنيا، وطول الأمل» (¬3). قال الحافظ: ... قوله (باب من بلغ ستين سنة فقد أعذر الله إليه في العمر، لقوله تعالى: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ} [فاطر: 37] (¬4). ¬

(¬1) صدق - رضي الله عنه -، كلام مضبوط، كلام صحيح (¬2) أي لم يبق له عذر. *وذكر الستين لأنها طويلة، وفي لفظ آخر: «أعمال امتى ما بين الستين إلى السبعين وقليل من يجاول ذلك» رواه الترمذي بسند حسن. *وسئل شيخنا: لماذا يرسم مربعًا ولم يرسم مستديرًا مع أن المستدير محيط؟ وبعد ذكر أجوبة قال: لعلها إشارة إلى الجهات الأربع. (¬3) في لفظ «يكبر ... ولا يزال ... » وهو وصف أغلبي، ولعلها الرواية بعدها. (¬4) النذير: يعني الشيب على قول. * هنا قال ويكبر معه اثتنان وهناك يشيب. * وذكر الستين ليس له مفهوم فلا يدل على أنه من بلغ دون ذلك بأن له العذر.

6 - باب العمل الذي يبتغي به وجه الله

قال الحافظ: وقد استنبط منه بعض الشافعية أن من استكمل ستين فلم يحج مع القدرة فإنه يكون مقصرًا ويأثم إن مات قبل أن يحج (¬1). قال الحافظ: ... ويشب معه اثنتان الحرص على المال (¬2) ... 6 - باب العمل الذي يبتغي به وجه الله 6423 - قال «سمعت عتبان بن مالك الأنصاري ثم أحد بني سالم قال: غدا علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: لن يوافي عبد يوم القيامة يقول لا إله إلا الله يبتغي بها وجه الله إلا حرم الله عليه النار» (¬3). 6424 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا، ثم احتسبه إلا الجنة» (¬4). ¬

(¬1) هذا على القول بأن الحج واجب على التراخي، والصحيح وجوبه على الفور (وعزاه شيخنا للجمهور). (¬2) وقوله يشب يعني يقوى، الله المستعان. (¬3) والمعنى أن من لقي الله بالتوحيد الخالص مع ذنوب فإن الله يحرمه على النار، فمن وافى تائبًا غير مصر فلا يدخلها، ومن كان عليه معاصي وتوحيد قد أخلص فإنه يحرم عليه الخلود لا الدخول. (¬4) صفيه: حبيبه، أخوه، أبوه، زوجته فإذا صبر واحتسب كان له الجنة.

7 - باب ما يحذر من زهرة الدنيا، والتنافس فيها

قال الحافظ: ... (إذا قبضت صفيه) بفتح الصاد المهملة، وكسر الفاء، وتشديد التحتانية، وهو الحبيب المصافي كالولد والأخ وكل من يحبه الإنسان، والمراد بالقبض قبض روحه وهو الموت (¬1). 7 - باب ما يحذر من زهرة الدنيا، والتنافس فيها 6425 - قال ابن شهاب حدثني عروة بن الزبير أن المسور بن مخرمة أخبره أن عمرو بن عوف (¬2) - وهو حليف لبني عامر بن لؤي كان شهد بدرًا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو صالح أهل البحرين وأمر عليهم العلاء بن الحضرمي؛ فقدم أبو عبيدة بمال من البحرين، فسمعت الأنصار بقدومه، فوافقت صلاة الصبح مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما انصرف تعرضوا له، فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين رآهم وقال: «أظنكم سمعت بقدوم أبي عبيدة وأنه جاء بشيء قالوا: أجل يا رسول الله، قال فأبشروا وأملوا ما يسركم، فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتلهيكم كما ألهتهم». ¬

(¬1) الصفي المحبوب ابنًا وأخًا أو صديقًا ... إلخ، ويدخل فيه من مات له واحد فإذا احتسبه كانت له الجنة جزاءًا وكذا إن أخذ الله سمعه وبصره. (¬2) صحابي بدري. * هذا فيه الحذر من الدنيا وعدم الاغترار بها وأن يحذر شرها، لا بأس بالتجارة ولكن ليحذر شر المال أن يفتنه أو يوقعه فيما حرم الله.

6426 - عن عقبة عن عامر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج يومًا فصلى على أهل أحد صلاته على الميت، ثم انصرف إلى المنبر فقال: إني فرطكم، وأنا شهيد عليكم. وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن، وإني قد أعطيت مفاتيح خزائن الأرض- أو مفاتيح الأرض- وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي، ولكني أخاف عليكم أن تنافسوا فيها» (¬1). 6427 - عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن أكثر ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من بركات الأرض؟ قيل وما بركات الأرض؟ قال: زهرة الدنيا. فقال له رجل: هل يأتي الخير بالشر؟ فصمت النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى ظننت أنه ينزل عليه، ثم جعل يمسح عن جبينه، فقال: أين السائل؟ قال: أنا. قال أبو سعيد: لقد حمدناه حين طلع لذلك، قال: لا يأتي الخير إلا بالخير. إن هذا المال خضرة حلوة، وإن كل ما أنبت الربيع يقتل حبطًا أو يلم، إلا آكلة الخضرة، أكلت حتى إذا امتدت خاصرتاها ¬

(¬1) وقوله: صلى على أهل أحد أي دعا لهم دعاء الميت. * لم يخف على الصحابة أن يرتدوا لإيمانهم وعلمهم لما أعطاهم الله من البصيرة في الدين ولكن: أخشى عليكم الدنيا. * وسألت الشيخ: من ينكر الصلاة على الجنازة وهي على شفير القبر، ويقول يصلي عليها وهي في القبر؟ فقال: هذا من جهله فيصلي عليها وهي في القبر وهي خارج القبر. * الصلاة على القبر إلأى شهر لأجل قصة في أم سعد. قلت: صلاته على قبرها أخرجها الترمذي في سننه (1038) من مرسل سعيد بن المسيب: وانظر التمهيد (6/ 262 - 264).

استقبلت الشمس فاجترت وثلطت وبالت، ثم عادت فأكلت. وإن هذا المال حلوة: من أخذه ووضعه في حقه، فنعم المعونة هو. وإن أخذه بغير حقه كان كالذي يأكل ولا يشبع» (¬1). 6429 - عن عبد الله - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجيء من بعدهم قوم تسبق شهادتهم أيمانهم، وأيمانهم شهادتهم» (¬2) (¬3). 6430 - عن إسماعيل عن قيس قال: سمعت خبابًا وقد اكتوى يومئذ سبعًا في بطنه، وقال: لولا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهانا أن ندعو بالموت لدعوت بالموت، إن أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - مضوا ولم تنقصهم الدنيا بشيء (¬4)، وإنا أصبنا من الدنيا ما لا نجد له موضعًا إلا التراب» (¬5). ¬

(¬1) بين النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الخير لا يأتي إلا بخير، والمال ليس خيرًا محضًا بل فتنة، فمن صرفه في حقه فهو خير ومن صرفه في الوجوه المشبوهة فهو شر له، مثل آكلة الخضرة فإن ثلطت سلمت من شره. (¬2) من العجلة يقول «والله وأشهد» «وأشهدوا الله» فلا يبالي بما يقول. (¬3) في حديث ابن مسعود قرنين ليس فيه شك كما في حديث عمران «قرن الصحابة ثم التابعون ثم تابعو التابعين». (¬4) أي ماتوا على خير عظيم ولم يدركوا زهرة الدنيا. (¬5) القصور والدور.

8 - باب قول الله تعالى: {ياأيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ... الآية}

6431 - عن قيس قال: «أتيت خبابًا وهو يبني حائطًا له فقال: إن أصحابنا الذين مضوا لم تنقصهم الدنيا شيئًا، وإنا أصبنا من بعدهم شيئًا لا نجد له موضعًا إلا في التراب» (¬1). قال الحافظ: ... قوله (فتهلككم) (¬2) أي لأن المال مرغوب فيه فترتاح النفس لطلبه ... قال الحافظ: ... ويستدل به على أن الفقر أفضل من الغنى (¬3) لأن فتنة الدنيا مقرونة بالغنى والغنى مظنة الوقوع في الفتنة .. 8 - باب قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ (¬4) فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ... الآية} 6433 - عن معاذ بن عبد الرحمن أن ابن أبان أخبره قال: أتيت عثمان بن عفان بطهور وهو جالس على المقاعد فتوضأ فأحسن الوضوء، ثم قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ وهو في هذا المجلس فأحسن الوضوء ثم قال: من ¬

(¬1) أي نضع المال في التراب. (¬2) روايتان «تلهيكم»، «تهلككم». (¬3) فيه نظر، قال شيخنا: والغنى مع الشكر أفضل، واستدل بحديث التسبيه وفيه: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والفقير يصبر فحسبه نفسه، وأما الغني الشاكر فينفع نفسه وغيره، والغني الشاكل أفضل بمراتب عظيمة. (¬4) هذه الآية عظيمة.

9 - باب ذهاب الصالحين

توضأ مثل هذا الوضوء ثم أتى المسجد فركع (¬1) ركعتين ثم جلس (¬2) غفر له ما تقدم من ذنبه». قال الحافظ: ... قدمت شرحه في الطهارة وحاصله لا تحملوا الغفران على عمومه في جميع الذنوب فتسترسلوا في الذنوب اتكالًا على غفرانها بالصلاة، فإن الصلاة التي تكفر الذنوب هي المقبولة (¬3). 9 - باب ذهاب الصالحين قال الحافظ ... قوله (ويقال الذهاب المطر) ثبت هذا في رواية السرخسي وحده ومراده أن لفظ الذهاب مشترك على المضي وعلى المطر (¬4). وقال بعض أهل اللغة: الذهاب الأمطار اللينة. ¬

(¬1) هذا نوع في المسجد، ونوع آخر مطلق في أي مكان وفي وقت النهي على الصحيح. (¬2) يتعبد بذكر الله في المسجد. * وفي لفظ «ثم صلى ركعتين لا يحدث بهما نفسه» وفيه استحباب صلاة ركعتين بعد الوضوء وأنه مكفر للذنوب إذا اجتنبت الكبائر. * الإصرار على الكبائر يمنع تكفير الصغائر، قال الله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا ... } الآية، ويكون الوضوء والمكفرات الأخرى موقوفة لا تنفذ إلا باجتناب الكبائر على الصحيح. * الجمهور على تقييد الأحاديث المطلقة في التكفير باجتناب الكبائر. (¬3) قال معناه شيخنا: وهو الذي رجحه شيخ الإسلام وبن القيم، بل لا يجوز غيره. (¬4) وتعقبه العيني، قال شيخنا: هذه فائدة الذهبة، والذهاب المطر. * والمقصود من هذا الحذر من الشغل بالمال والفتنة به، وأن المؤمن ينبغي أن يكون همه في الآخرة.

11 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «هذا المال خضرة حلوة»

11 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «هذا المال خضرة حلوة» 6441 - عن حكيم بن حزام قال: سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأعطاني، ثم سألته فأعطاني ثم سألته فأعطاني، ثم قال: إن هذا المال وربما قال سفيان: قال لي يا حكيم (¬1) «إن هذا المال- خضرة حلوة، فمن أخذه بطيب نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع. واليد العليا خير من اليد السفلى» (¬2). 12 - باب ما قدم من ماله فهو له 6442 - عن الحارث بن سويد قال: «قال عبد الله: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله؟ قالوا: يا رسول الله، ما منا أحد إلا ماله أحب إليه، قال: فإن ماله ما قدم، وما وارثه ما أخر» (¬3). 13 - باب المكثرون هو المقلون وقوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا ¬

(¬1) هو ابن حزم القرشي المعروف، والخطاب للأمة عام. (¬2) وهذا فيه الحث على القناعة وأخذ المال بطيب نفس من وجوهه الشرعية. * المعطي يده اعليا، والآخذ يده السفلى. (¬3) يعني قدموا لأنفسكم، اعملوا، تصدقوا.

وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [هود: 15، 16] (¬1). 6443 - عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: خرجت ليلة من الليالي، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمشي وحده وليس معه إنسان، قال فظننت انه يكسره أن يمشي معه احد، قال فجعلت أمشي في ظل القمر، فالتفت فرآني فقال: من هذا؟ قلت: أبو ذر جعلني الله فداءك. قال: يا أبا ذر، تعال. قال فمشيت معه ساعة، فقال لي: إن المكثرين هم المقلون يوم القيامة، إلا من اعطاه الله خيرًا فنفخ فيه يمينه وشماله، وبين يديه ووراءه، وعمل فيه خيرًا. قال فمشيت معه ساعة فقال لي: اجلس هاهنا، قال فأجلسني في قاع حوله حجارة فقال ليك اجلس هاهنا حتى أرجع إليك. قال فانطلق في الحرة حتى لا أراه، فلبث عني فأطال اللبث، ثم إني سمعته وهو مقبل وهو يقول: وإن سرق، وإن زنى. قال فلما جاء لم أصبر حتى قلت: يا نبي الله جعلني الله فداءك، من تكلم في جانب الحرة؟ ما سمعت أحدًا يرجع إليك شيئًا. قال ذلك جبريل - عليها السلام - عرض لي في جانب الحرة قال: بشر أمتك أنه من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة، قلت: يا جبريل: وإن سرق، وإن زنى؟ قال: نعم. قال قلت: وإن سرق وإن زنى؟ قال: نعم، قلت: وإن سرق وإن زنى؟ قال: نعم» (¬2). ¬

(¬1) وهي في الكفار، وهي توجب الحذر من الشرك كله. (¬2) فيه رد على الخوارج المكفرين بالكبائر، والحديث رواه مسلم أيضًا، وغيره.

14 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «ما يسرني أن عندي مثل أحد هذا ذهبا»

قال الحافظ: ... وهو بلال وهو ابن مرداس الفزاري شيخ كوفي أخرج له أبو داود؛ وهو صدوق لا بأس به (¬1). 14 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «ما يسرني أن عندي مثل أحد هذا ذهبًا» 6444 - عن زيد بن وهب قال: «قال أبو ذر كنت أمشي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في حرة المدينة فاستقبلنا أحد فقال: يا أبا ذر، قلت: لبيك يا رسول الله، قال: ما يسرني أن عندي مثل أحد ذهبًا تمضي علي ثالثة وعندي منه دينا، إلا شيئًا أرصده لدين، إلا أن اقول به في عباد الله هكذا وهكذا وهكذا- عن يمينه، وعن شماله، ومن خلفه- ثم مشى ثم قال: إن الأكثرين هم المقلون يوم القيامة، إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا- عن يمينه وعن شماله ومن خلفه- وقليل ما هم (¬2) ... الحديث». 6445 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لو كان لي مثل أحد ذهبًا ما يسرني أن لا (¬3) تمر علي ثلاث ليال وعندي منه شيء إلا شيئًا أرصده لدين». 16 - باب فضل الفقر قاتل الحافظ: ... عن جابر «أن أم مالك كانت تهدي للنبي - صلى الله عليه وسلم - في عكة لها سمنًا فيأتيها بنوها فيسألون الأدم فتعمد إلى العكة فتجد فيها سمنًا، فما زال يقيم لها أدم بيتها حتى عصرته فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: لو تركتها ¬

(¬1) وفي التقريب: مقبول. (¬2) أي والله قليل ماهم. (¬3) زائدة، أو من تصرف بعض الرواة.

17 - باب كيف كان عيش النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وتخليهم عن الدنيا

ما زال قائمًا» وقد استشكل هذا النهي من الأمر بكيل الطعام وترتيب البركة على ذلك كما تقدم في البيوع من حديث المقدام بن معد يكرب بلفظ «كيلوا طعامكم يبارك لكم فيه». واجيب بأن الكيل عند المبايعة مطلوب من أجل تعلق حق المتبايعين فلهذا القصد يندب، وأما الكيل عند الإنفاق فقد يبعث عليه الشح فلذلك كره، ويؤيد ما أخرجه مسلم من طريق معقل بن عبيد الله عن أبي الزبير عن جابر «أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يستطعمه، فأطعمه شطر وسق شعير، فما زال الرجل يأكل منه وامراته وضيفهما حتى كاله، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لو لم تكله لأكلتم منه ولقام لكم» (¬1) .... 17 - باب كيف كان عيش النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وتخليهم عن الدنيا 6452 - إن أبا هريرة كان يقول: «الله الذي لا إله إلا هو، أن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع، وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع. ولقد قعدت يومًا على طريقهم الذي يخرجون منه، فمر أبو بكر فسألته عن آية من كتاب الله، ما سألته إلا ليشبعني، فمر ولم يفعل، ثم مر بي عمر فسألته عن آية من كتاب الله، ما سألته إلا ليشبعني، فمر فلم يفعل، ثم مر بي أبو القاسم - صلى الله عليه وسلم - فتبسم حين رآني وعرف ما في نفسي وما في وجهي، ثم قال يا أبا هر، قلت: لبيك يا رسول الله، قال: الحق، ومضي ..... قال: ¬

(¬1) جمع بين حديثين ... كلام طيب. * وإعراض أبي بكر وعمر لعدم فطنتهما له، أو انه لا يوجد عندهما شيء، رضي الله عنهم أجمعين. * الشرب قائمًا لا بأس به والقعود أفضل.

أبا هر، قلت: لبيك يا رسول الله، قال: الحق إلى أهل الصفة (¬1) فادعهم لي ... وما عسى أن يبلغني من هذا اللبن، ولم يكن من طاعة الله وطاعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بد، فأتيتهم فدعوتهم، فأقبلوا فاستأذنوا فأذن لهم، وأخذوا مجالسهم من البيت. قال: يا أبا هر، قلت: لبيك يا رسول الله، قال خذ فأعطهم، فأخذت القدح فجعلت أعطيه الرجل فيشرب حتى يروى، ثم يرد علي القدح فأعطيه الرجل فيشرب حتى يروى، ثم يرد علي القدح، فيشرب حتى يروى، ثم يرد علي القدح، حتى انتهيت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد روى القوم كلهم، فأخذ القدح فوضعه على يده، فنظر إلي فتبسم فقال أبا هر، قلت لبيك يا رسول الله. قال بقيت أنا وأنت. قلت صدقت يا رسول الله، قال: اقعد فاشرب، فقعدت فشربت، فقال اشرب. فشربت، فما زال يقول: اشرب، حتى قلت: لا والذي بعثك بالحق، ما أجد له مسلكًا (¬2). قال فأرني، فأعطيته القدح، فحمد الله وسمى وشرب الفضلة». 6453 - عن سعد قال: «إني لأول العرب رمى بسهم في سبيل الله، ورأيتنا نغزو وما لنا طعام إلا ورق الحُبلة وهذا السمر، وإن أحدنا ليضع كما تضع ¬

(¬1) في رواية كانوا سبعين، فيه أن ساقي القوم آخرهم شربًا، وكذا الضائف (صاحب البيت) هذا إذا كان الشيء يسيرًا. اما إذا كان كثيرًا شاركهم لأنه كان يطعم معهم احيانًا. (¬2) يدل على جواز الشبع والري. * هذا من آيات الله ومن دلائل المعجزة، قدح يسقي به أمة كثيرة، في بعض الروايات كانوا سبعين، ودل على أن الشرب من قعود أفضل لقوله: «اقعد فاشرب» وهذا يدل على الأفضلية.

الشاة ما له خلط، ثم أصبحت بنو أسد تعزرني على الإسلام، خبت إذًا وضل سعيي» (¬1). 6454 - عن عائشة قالت: «ما شبع آل محمد منذ قدم المدينة من طعام بُر ثلاث ليال تباعًا حتى قُبض» (¬2). 6455 - عن إسحاق (¬3) بن إبراهيم بن عبد الرحمن حدثنا إسحاق هو الأزرق عن مسعر بن كدام عن هلال الوزان عن عروة «عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: ما أكل آل محمد - صلى الله عليه وسلم - أكلتين في يوم إلا إحداهما تمر». 6456 - عن أحمد بن رجاء (¬4) عن النضر عن هشام قال أخبرني أبي «عن عائشة قالت: كان فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أدم وحشوه ليف». 6458 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «كان يأتي علينا الشهر (¬5) ما نوقد فيه نارًا، إنما هو التمر والماء، إلا أن نؤتى باللحيم». ¬

(¬1) وفي رواية خبز الشعير، وفيه دلالة على الصبر والتأسي بالقوم. (¬2) وكان يأتيه المال الكثير فيؤثر غيره - صلى الله عليه وسلم -. (¬3) هو البغوي، وذكر اسمه ثلاثيًا حتى لا يلتبس مع ابن راهويه. (¬4) صوابه ابن أبي رجاء. * هل فعله هذا نومه على فراش حشوه ليف بسن الاقتداء به فيه؟ يقتدى به في الزهد، وكسر النفس والتواضع. (¬5) وفي بعض الروايات الشهران. * وهو مختصر «كنا نرى الهلال ثم الهلال ... ».

18 - باب القصد والمداومة على العمل

6460 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اللهم ارزق آل محمد قوتًا» (¬1). قال الحافظ: ... بطريق الوجادة أو الإجازة (¬2) أو حمله عن شيخ آخر غير أبي نعيم، قلت: أو سمع بقية الحديث من شيخ سمعه من أبي نعيم، ولهذين الاحتمالين الأخيرين ... فإن القوت ما يقوت البدن ويكف عن الحاجة، وفي هذه الحالة سلامة من آفات الغني والفقر جميعًا (¬3)، والله أعلم. 18 - باب القصد والمداومة على العمل 6461 - عن مسروق قال: سألت عائشة - رضي الله عنها -: أي العمل كان أحب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت: الدائم. قال: قلت في أي حين كان يقوم؟ قالت: كان يقوم إذا سمع الصارخ (¬4). ¬

(¬1) يعني كفاية ولا زيادة لأنه أقرب إلى الخشوع والخضوع، والمال كلما كثر كثرت الشهوات، والله المستعان. (¬2) فجمع بين السماع للبعض والوجادة للبعض الآخر في هذا الحديث. (¬3) وفي هذا ما رواه مسلم «قد أفلح من أسلم ورزقه الله الكفاف وقنعه بما آتاه». * العمل الدائم أحب إلى الله من العمل المنقطع ولو كثر. * العمل ليس موجبًا لدخول الجنة لكنه سبب، والمتفضل بالنجاة هو الله - عز وجل -. (¬4) استقر قيامه آخر حياته إلى آخر الليل عندما يسمع الصارخ عليه الصلاة والسلام وهو يوافق النزول الإلهى.

6462 - عن عائشة أنها قالت: «كان أحب العمل إلى رسول الله الذي يدوم عليه صاحبه» (¬1). 6463 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لن ينجى أحدًا منكم عمله. قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدنى الله برحمته. سدَّودا وقاربوا، واغدوا وروحوا، وشيء من الدجلة (¬2)، والقصد القصد (¬3) تبلغوا». 6464 - عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «سدَّودا وقاربوا، واعلموا أن لن يدخل أحدكم عمله الجنة، وأن أحب الأعمال أدومها إلى الله وإن قلَّ» (¬4). 6465 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: سئل النبي - صلى الله عليه وسلم -: أي الأعمال أحبٌّ إلى الله؟ قال: «أدوَمها وإن قل. وقال: اكلفوا من الأعمال ما تطيقون» (¬5). 6466 - عن إبراهيم عن علقمة قال: سألت أم المؤمنين عائشة قلت: يا أم المؤمنين، كيف كان عمل النبي - صلى الله عليه وسلم -، هل كان يخص شيئًا من الأيام؟ ¬

(¬1) العامل كالمسافر يسير إلى الجنة. (¬2) المعنى: العامل يأخذ العمل في أوقات نشاطه، كما ان المسافر يتحرى أوقات نشاطه؛ لأن المسافر قد يستريح أول الليل ويدلج آخره. (¬3) الوسط. (¬4) الفاضل يوتر بخمس أكثر المرات وإن زاد لا بأس، والمفضول أن يوتر مرة بخمس ومرة بثلاث ومرة لا يوتر. * الأعمال أسباب {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل: 32]. (¬5) ومثله حديث «عليكم بالدجلة فإن الأرض تطوى بالليل».

قالت: لا، كان عمله ديمة (¬1)، وأيكم يستطيع ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستطيع؟ 6467 - عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «سدَّدوا وقاربوا وأبشروا، فإنه لا يدخل أحدًا الجنة عمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله بمغفرة ورحمة» (¬2). 6468 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: سمعته يقول: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لنا يومًا الصلاة، ثم رقى المنبر فأشار بيده قبل قبلة المسجد فقال هذا الجدار فلم أر كاليوم في الخير والشر، فلم أر كاليوم في الخير والشر» (¬3). قال الحافظ: .... ومنه قوله في حديث جابر بن سمرة عند مسلم «كانت خطبته قصدًا» أي لا طويلة ولا قصيرة (¬4). قال الحافظ: ... محمد الزبرقان وثقه علي بن المديني والدارقطني وغيرهما وقال أبو حاتم الرازي: صدوق (¬5). ¬

(¬1) أي لا ينقطع عنه - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) الأعمال أسباب، لقوله تعالى {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} والباء سببية. والحديث «لن يدخل الجنة أحد بعمله» الباء عوضية أو ثمنية، فالأعمال سبب في دخول الجنة. (¬3) الخير الجنة والشر النار، نسأل الله السلامة، أعظم خير الجنة وأعظم شر النار. (¬4) متوسطة. (¬5) وفي تقريب المؤلق: صدوق ربما وهم.

19 - باب الرجاء مع الخوف

19 - باب الرجاء مع الخوف وقال سفيان (¬1): ما في القرآن آية أشد عليَّ من {لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ (¬2)} [المائدة: 68]. 6469 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن الله خلق الرحمة يوم خلقها مائة رحمة، فأمسك عنده تسعًا وتسعين رحمة. وأرسل في خلقه كلَّهم رحمة واحدة؛ فلو يعلم الكافر بكل الذي عند الله من الرحمة لم ييأس من الجنة، ولو يعلم المسلم بكل الذي عند الله من العذاب لم يأمن من النار» (¬3). ¬

(¬1) هو ابن عيينة. (¬2) لأن الإنسان لا يدري هل قام بهذا القرآن؟ والله المستعان. * فلستم على شيء من العمل حتى تقيموا ما أنزل عليكم، ونحن أولى من أهل الكتاب. (¬3) المقصود الترغيب والترهيب. * الرحمة رحمتان: 1 - صفة له. 2 - التي يرحم عباده بها، وهي مئة قسم. وهذه الرحمة مخلوقة، ورحمته التي هي وصفه غير مخلوقة، والمائة رحمة مخلوقة وفي حال الصحة يغلب جانب الخوف حتى يحذر من الوقوع فيما حرم الله، وفى حال المرض يحسن الظن ويغلب الرجاء.

20 - باب الصبر عن محارم الله {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} [الزمر: 10]

20 - باب الصبر عن محارم الله {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10] وقال عمر: وجدنا خير عيشنا بالصبر (¬1). 6470 - عن عطاء بن يزيد «أن أبا سعيد أخبره أن ناسًا من الأنصار سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلم يسأله أحد منهم إلا أعطاه، حتى نفد ما عنده، فقال لهم حين نفد كل شيء أنفق بيديه: ما يكون عندي من خير لا أدَّخره عنكم؛ وإنه من يستعفَّ يعفُّه الله، ومن يتصبر يصبره الله، ومن يستغن يغنه الله، ولن تُعطوا عطاء خيرًا وأوسع من الصبر». 6471 - عن زياد بن علاقة قال: «سمعت المغيرة بن شعبة يقول: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي حتى تَرم (¬2) - أو تنتفخ - قدماه، فيقال له، فيقول: أفلا أكون عبدًا شكورًا» (¬3). ¬

(¬1) لأنه يعين على طاعة الله، يعين على ترك محارم الله، يعين على أقدار الله المؤلمة. وهذا فيه الحث على الصبر. * قال أحمد: وقد ذكر الله الصبر في تسعين موضعًا في كتابه. * وقال علي: الصير في الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد. (¬2) ومع ذلك يقول: «اكلفوا من العمل ما تطيقون». (¬3) هذا وهو يحث الناس على التيسير إلا انه كان يتحمل، ومع كونه يأمر الناس بالقصد إلا أنه - صلى الله عليه وسلم - لما أعطاه الله الصبر كان له قدرة على الطاعة.

21 - باب {ومن يتوكل على الله فهو حسبه} [الطلاق: 3] وقال الربيع بن خثيم: من كل ما ضاق على الناس

21 - باب {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3] وقال الربيع بن خثيم: من كل ما ضاق على الناس (¬1) 6472 - عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفًا بغير حساب: هم الذين لا يسترقون (¬2)، (¬3) ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون». 22 - باب ما يكره من قيل وقال 6473 - عن هشيم أخبرنا غير واحد منهم مغيرة وفلان ورجل ثالث أيضًا عن الشعبي عن وراد كاتب المغيرة بن شعبة أن معاوية كتب إلى المغيرة أن ¬

(¬1) أي كافية من كل ما ضامه من الناس. * التوكل له أمران: 1 - الاعتماد على الله. 2 - بذل الأسباب، بعض الأسباب واجب، وبعضها مشروع، مع اعتماد قلبه على الله. * وهو من باب ترك الاستغناء عن الأسباب المفضولة بالأسباب الفاضلة. * وفي حديث: الشفاء في ثلاثة، منها: وكية بنار، وما أحب أن أكتوي. * ورقية جبريل للمصطفى تبرع من جبريل لا من طلب النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) لأنه حاجة إلى الناس، وفي رواية «ولا يكتوون» لأن فيه عذاب من النار، ولكن تركه أولي إذا أمكن الاستغناء عنه، وكذا الاسترقاء إن استغنى عنه فهو أولي، وإن دعت الحاجة فلا بأس. (¬3) وهذا يدل على أن ترك الاسترقاء أفضل لأنه من عمل السبعين، وهذا من باب الفضائل، وإلا فقد أمر عائشة بالاسترقاء وأولاد جعفر. * قد عرف من الشارع التثليث كثيرًا. * زيادة: بيده الخير، سندها جيد.

23 - باب حفظ اللسان. ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت

أكتب إلي بحديث سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال فكتب إليه المغيرة: إني سمعته يقول عند انصرافه من الصلاة: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. قال: وكان ينهى عن قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال، ومنع وهات، وعقوق الأمهات، ووأد البنات» (¬1). 23 - باب حفظ اللسان. ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت 6474 - عن سهل بن سعد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة» (¬2). ¬

(¬1) زيادة ثلاث مرات عند أحمد والنسائي وعبد بن حميد، وزاد عبد بن حميد «يحيى ويميت». قلت: كل هذه الزيادات لا تصح، والقدر المحظوظ من هذا الخبر ما وقع في الصحيحين. * وتقال هذه بعد: أستغفر الله ثلاثًا، اللهم أنت السلام .. إلخ لا إله إلا الله. * يعنى اللسان والفرج، فمن يحفظ لسانه وفرجه له الجنة. (¬2) يحتاج إلى أمرين: 1 - كثرة الذكر. 2 - اجتناب مجالس الغفلة والشبه، وما يجره إلى الزنا واللغو من القول.

6476 - عن أبي شريح الخزاعي قال: سمع أذناي ووعاه قلبي النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «الضيافة ثلاثة أيام جائزته» قيل: وما جائزته؟ قال: «يوم وليلة» قال: ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه. ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت» (¬1). 6477 - عن أبى هريرة سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين (¬2) فيها يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق» (¬3). 6478 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقى لها بالا يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقى لها بالا يهوي بها في جهنم» (¬4). قال الحافظ: ... ويحتمل أن يكون اكتفى بأحد المتقابلين عن الآخر مثل (سرابيل تقيكم الحر) (¬5) قال: وقد ثبت في بعضها بلفظ «بين المشرق والمغرب» قال ابن عبد البر: الكلمة التي يهوى (¬6) صاحبها بسببها في النار هي التي يقولها عند السلطان الجائر. ¬

(¬1) السنة والكمال ثلاثة أيام، والواجب يوم وليلة. (¬2) ما يثبت فيها، كلمة خبيثة. (¬3) في اللفظ الآخر: سبعين خريفًا. (¬4) رواية «يهوي في النار سبعين خريفا» صحيحة. (¬5) يعنى والبرد. (¬6) الصواب العموم ولا تحصر بكونها عند السلطان، ولكن لو كانت عند السلطان تكون أشد.

24 - باب البكاء من خشية الله - عز وجل -

قال الحافظ: ... بلفظ «لا يرى بها بأسًا يهوى بها في النار سبعين خريفًا» (¬1). 24 - باب البكاء من خشية الله - عز وجل - 6479 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: سبعة يظلهم الله في ظله: «رجل ذكر الله ففاضت عيناه» (¬2). 25 - باب الخوف من الله 6480 - عن حذيفة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كان رجل ممن كان قبلكم يسيئ الظن بعمله، فقال لأهله: إذا أنا مت فخذوني فذروني في البحر في يوم صائف. ففعلوا به، فجمعه الله ثم قال: ما حملك على الذي صنعت؟ قال: ما حملني عليه إلا مخافتك. فغفر له» (¬3). 6481 - ... فحدثت أبًا عثمان فقال: سمعت سلمان، غير أنه زاد «فاذروني ¬

(¬1) وهي صحيحة. (¬2) رواية في ظل عرشه؟ هذا حق وهذا حق. * خاليًا أي بعيدًا عن الرياء. * وهذا الحديث مختصر، وقيده «خاليًا» لأنه أقرب إلى الخشوع ولكنه ليس بشرط بدليل: «عينان لا تمسهما النار عين بكت من خشية الله ... ». * وذلك لتدبره وعنايته، وهكذا الناظر في مخلوقات الله. * الخوف من الله وخشيته من أسباب النجاة {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ}. (¬3) هذا يدل على ان الإنسان إذا خفي عليه شيء من الدقائق لا ينكر عليه كما قال أبو العباس وغيره، حيث ظن أن هذا الفعل لا يقدر الله عليه، ولكن غفر الله لجهله بقدرة الله على إعادته.

26 - باب الانتهاء عن المعاصي

في البحر» أو كما حدث. وقال معاذ حدثنا شعبة عن قتادة سمعت (¬1) أبا سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. 26 - باب الانتهاء عن المعاصي 6482 - عن أبي موسى قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مثلي ومثل ما بعثني الله كمثل رجل أتى قومًا فقال: رأيت الجيش بعيني، وإني أنا النذير العريان، فالنجاة النجاة. فأطاعته طائفة فأدلجوا على مهلهم فنجوا، وكذبته طائفة فصبحهم الجيش فاجتاحهم» (¬2). 6483 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنما مثلي ومثل الناس كمثل رجل استوقد نارًا (¬3)، فلما أضاءت ما حوله جعل الفراش وهذه الدواب التي تقع في النار يقعن فيها، فجعل الرجل يزعهن ويغلبنه فيقتحمن فيها فأنا آخذ بحجزكم عن النار وأنتم تقتحمون فيها» (¬4). 6484 - عن عبد الله بن عمرو قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر (¬5) من هجر ما نهى الله عنه». ¬

(¬1) قال سمعت عقبة، ساقطة. (¬2) وهذه الحقيقة هو إنذارهم - صلى الله عليه وسلم - من أطاعه نجا، ومن تخلف هلك وهو العريان النذير الصادق خلع ثوبه وأومأ لقومه. * بعيني: يقال بالإفراد والتثنية وهذه قاعدة. (¬3) في الصحراء. (¬4) يعنى بأعمالكم وعصيانك، اللهم صل على محمد. (¬5) والمهاجر الكامل لكل المعاصي. * أى المسلم الكامل والمهاجر الكامل. * المسلم الكامل المحقق من سلم منه الناس، من لسانه فلا يغتابهم ولا ... ومن يده.

28 - باب حجبت النار بالشهوات

قال الحافظ: ... قوله (وإني أنا التذير العريان) (¬1). 28 - باب حجبت النار بالشهوات 6487 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «حجبت النار بالشهوات، وحجبت الجنة بالمكاره» (¬2). 29 - باب الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله، والنار مثل ذلك 6488 - عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله، والنار مثل ذلك» (¬3). 30 - باب لينظر إلى من هو أسفل منه، ولا ينظر إلى من هو فوقه 6490 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا نظر أحدكم إلى من فضل عليه في المال والخلق فلينظر إلى من هو أسفل منه ممن فضِّل عليه» (¬4). ¬

(¬1) أي ربما خلع ثيابه ليومي بها إلى قومه لتحذيرهم، فصار عريانًا. (¬2) المعنى: بين العبد وبين النار إتباع لذاته وشهواته. وحجبت الجنة بالمكارة: بأفعال الطاعات الجهاد,, إلخ وجاء في رواية «حفت». (¬3) وهو من جوامع الكلم: ليس بينه وبين الجنة إلا الموت على الإيمان فهي لحظة، وليس بينه وبين النار إلا الموت على الكفر وهي لحظة. (¬4) حتى يعلم فضل الله عليه، وفي رواية أخرى «حتى لا يزدري نعمة الله عليه». * في أعمال الخير يتأسى بالأعلى وينافس، وفي امور الدنيا ينظر إلى ما هو دونه.

31 - باب من هم بحسنة أو بسيئة

31 - باب من هم بحسنة أو بسيئة 6491 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يروى عن ربه - عز وجل - قال: «إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو هم بها فعملها كتبها الله له عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة». ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو هم بها فعملها كتبا الله له سيئة واحدة» (¬1). قال الحافظ: ... قوله (فإن هو هم بها فعملها كتبها (¬2) الله له سيئة واحدة». ¬

(¬1) الهم بالسيئة له أحوال: 1 - يهم بها ولا يعملها ويتركها تشاغلًا فلا شيء عليه. 2 - أن يهتم بها ولا يعملها لأجل خوف الله، فتكتب حسنة لقوله: إنما تركها من جرائي. 3 - أن يهم بها ولا يعملها ولكن يجتهد ويحرص، فتكتب له سيئة، وفي الحديث «إنه كان حريصًا على قتل صاحبه». 4 - أن يهم بالسيئة فيعملها فتكتب له سيئة واحدة. قلت: كل هذا التقسيم إذا لم يكن دعا إليها أو سنها. * هم بها فلم يعملها كما في قصة يوسف، فتكتب حسنة على الصحيح، ومن قال بغير ذلك فليس بشيء. قلت: هم يوسف هم خطرات وهم امرأة العزيز: هم إصرار. (¬2) قلت: وهذا يدل على نكارة ما روى الطبراني من طريق القاسم عن أبي أمامة يرفعه أن صاحب الشمال ليرفع القلم ست ساعات عن العبد المسلم فإن ندم واستغفر الله منها ألقاها وإلا كتب واحدة، فبمجرد الفعل تكتب السيئة، والقاسم بن عبد الرحمن له مناكير.

32 - باب ما يتقى من محقرات الذنوب

32 - باب ما يتقى من محقرات الذنوب (¬1) 6492 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: «إنكم لتعملون أعمالًا هي أدق في أعينكم من الشعر، إن كنا لنعدها على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - الموبقات (¬2)» قال أبو عبد الله: يعني بذلك المهلكات (¬3). قال الحافظ: ... في حديث سهل بن سعد رفعه «إياكم ومحقرات الذنوب فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن واد فجاء ذا بعود وجاء ذا بعود حتى جمعوا ما أنضجوا به خبزهم، وإن محقرات الذنوب منى يؤخذ بها صاحبها تهلكه» (¬4). 33 - باب الأعمال بالخواتيم، وما يخاف منها 6493 - عن سهل بن سعد الساعدي قال: نظر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى رجل يقاتل المشركين - وكان من أعظم المسلمين غناء عنهم - فقال: من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل النار (¬5) فلينظر إلى هذا، فتبعه رجل، فلم يزل على ¬

(¬1) المحقرات مثل: المال الذي لا يوجب القطع أي سرقته، وكذلك النظر إلى النساء، وكذلك مس النساء غير المحارم حيث لا وعيد في هذه. (¬2) من ساقطة. (¬3) وهذا يفيد الحذر من السيئات صغيرها وكبيرها. (¬4) ذكر هذا شيخنا. (¬5) من باب الوعيد إن كان من أهل التوحيد فلا يخلد، وإن كان من غيرهم خلد. * وهذا فيه الحذر وأن المؤمن يحاسب نفسه ويحذر التساهل.

34 - باب العزلة راحة من خلاط السوء

ذلك حتى جرح، فاستعجل الموت فقال بذبابة سيفه فوضعه بين ثدييه فتحامل عليه حتى خرج من بين كتفيه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن العبد ليعمل - فيما يرى الناس - عمل أهل الجنة، وإنه لمن أهل النار، ويعمل - فيما يرى الناس - عمل أهل النار وهو من أهل الجنة، وإنما الأعمال بخواتيمها» (¬1). 34 - باب العزلة راحة من خلاط السوء 6494 - عن أبي سعيد الخدري قال: «جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، أي الناس خير؟ قال: رجل جاهد بنفسه وماله (¬2)، ورجل في شعب من الشعاب يعبد ربه ويدع الناس من شره» (¬3). ¬

(¬1) وهذا من جنس ما جاء عن ابن مسعود «وإن العبد ليعمل بعمل أهل الجنة ... » الحديث، فذكره، فالإنسان ظاهره الخير وهو منافق فيختم له بشر، فالواجب الحذر، وبعض أهل العلم حمل هذا الحديث على مراد آخر، وهو أنه كان صادقًا في عمله إلا أن بعض سيئاته قد تلحقه فتهلكه فيختم له بشر. * لكن من سنته من أظهر الخير صدقًا له به، ومن أظهر الشر صدقًا ختم له به، هذا هو الغالب. (¬2) وفي رواية «ثم من؟ » الحديث. * قال بعض أهل العلم: وهذا محمول على فساد المدن والقرى، وإلا فالمخالطة فيها خير ودعوة للناس. (¬3) وهذا يدل على فضل العزلة عند الحاجة، وهذا إذا كانت الخلطة فيها خطر. =

35 - باب رفع الأمانة

35 - باب رفع الأمانة 6496 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة. قال: كيف إضاعتها يا رسول الله؟ قال: إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة» (¬1). 6497 - عن زيد بن وهب «حدثنا حذيفة قال: حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثين رأيت أحداهما وأنا أنتظر الآخر، حدثنا أن الأمانة نزلت في جذر (¬2) قلوب الرجال، ثم علموا من القرآن، ثم علموا من السنة، وحدثنا عن رفعها قال: ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة من قلبه (¬3)، فيظل أثرها مثل أثر الوكت. ثم ينام النومة فتقبض (¬4)، فيبقى أثرها مثل المجل، كجمر دحرجته على رجلك فنفط، فتراه منتبرًا وليس فيه شيء. فيصبح الناس يتبايعون، ¬

= * حديث «المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط ولا يصبر على أذاهم «وفي لفظ عند أحمد «أعظم أجرًا من الذي لا يخالطهم» رواه ابن ماجه بسند حسن. قلت: ذكر شيخنا هنا تخريج الحافظ له في بلوغ المرام، والحديث أخرجه أحمد (2/ 43) والطيالسي والترمذي (25033) وغيرهم وإسناده صحيح. * سئل الشيخ هل العزلة الآن أفضل؟ قال: لا، بل الخلطة الآن في المملكة أفضل، الحمد لله. (¬1) أي أسندت الأمور إلى الخونة ومن يضيعها. (¬2) ويقال: جذر وجذر. (¬3) بسبب أعماله الخبيثة. (¬4) وقد زاده شره وزاد خبثه فتقبض ما بقي من الأمانة.

36 - باب الرياء والسمعة

فلا يكاد أحدهم يؤدى الأمانة، فيقال: إن في بني فلان رجلًا أمينًا (¬1). ويقال للرجل ما أعقله وما أظرفه وما أجلده، وما في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان. ولقد أتى علي زمان وما أبالي أيكم بايعت، لئن كان مسلمًا رده على الإسلام، وإن كان نصرانيًا رده على ساعيه. فأما اليوم فما كنت أبايع إلا فلانًا وفلانًا» (¬2). 6498 - عن سالم بن عبد الله «أن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إنما الناس كالإبل المائة لا تكاد تجد فيها راحلة» (¬3). 36 - باب الرياء والسمعة 6499 - عن مسلمة قال: سمعت جندبًا يقول: «قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم أسمع أحدًا يقول: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - غيره، فدنوت منه فسمعته يقول: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - من سَمَّع سَمَّع الله به، ومن يرائي يرائي الله به» (¬4). ¬

(¬1) لقلة الأمانة وهو يتظاهر بالامانة. * ينطبق قوله: ما أجلده وما أظرفه، على تاركي الصلاة اليوم وغيرهم. (¬2) في عهد عثمان، أي لأني أعرف دينه وأمانته. (¬3) عند التفتيش، فعندما تريد أن تولي القضاء أو التدريس لا تجد أحدًا * الأمانة قسمان: 1 - حق لله، وهي الفرائض من المأمورات والمنهيات. 2 - حق الناس، أعراضهم ودماؤهم وأموالهم وما يؤتمن عليه الإنسان. (¬4) لأن الجزاء من جنس العمل، وجاء بلفظ المضارع، وقال تعالى: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا ... الآية}. * السمعة تكون في الأقوال، الرياء يكون في الأعمال المشاهدة.

37 - باب من جاهد نفسه في طاعة الله

37 - باب من جاهد نفسه في طاعة الله 6500 - عن أنس بن مالك عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قال: «بينا أنا رديف النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس بيني وبينه إلا آخرة الرجل فقال: يا معاذ، قلت: لبيك يا رسول الله وسعديك. ثم سار ساعة، ثم قال: يا معاذ، قلت: لبيك رسول الله وسعديك. ثم سار ساعة، ثم قال: يا معاذ بن جبل، قلت لبيك رسول الله وسعديك. قال: هل تدري ما حق الله على عباده؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: حق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا. ثم سار ساعة ثم قال: يا معاذ بن جبل، قلت: لبيك رسول الله وسعديك. قال: هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوه؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: حق العباد على الله أن لا يعذبهم» (¬1). ¬

(¬1) حق الله حق إلزام، وحق العباد حق تفضل وإكرام «إنه لا يدخل أحد منكم الجنة بعمله». * فيه تواضع النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيه محادثته جليسه وتواضعه في ذلك.

38 - باب التواضع

38 - باب التواضع 6501 - عن أنس قال: كانت ناقة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسمى العضباء، وكانت لا تسبق، فجاء أعرابي على قعود له فسبقها، فاشتد ذلك على المسلمين وقالوا: سبقت العضباء، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن حقًا على الله أن لا يرفع شيئًا من الدنيا (¬1) إلا وضعه» (¬2). 6502 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله قال من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب. وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه. وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به (¬3) ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذ بي لأعيذنه، وما ترردت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته». ¬

(¬1) المراد جنس أمور الدنيا. (¬2) هذه الرواية محل نظر عند أهل العلم فقال: «لا يرتفع» أي بنفسه، أما ما رفعه الله فإنه لا يضعه. ولكن قال شيخنا: هذه الرواية مقيدة بقوله: من الدنيا، فلا إشكال. * فيجب أن يتواضع ويقدر أولياء الله وغيرهم ,, مناسبة الحديث للباب. (¬3) تسديد وتوفيق لما يحب الله ويرضاه؛ بسبب طاعته.

39 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «بعثت أنا والساعة كهاتين»

قال الحافظ: ... هذا حديث غريب جدًا لولا هيبة الصحيح لعدوه في منكرات خالد بن مخلد (¬1) ... قال الحافظ: ... قوله (من عادى لي وليًا) (¬2). قال الحافظ: ... قوله (وما ترددت (¬3) عن شيئ أنا فاعلة ترردي عن نفس المؤمن). 39 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «بعثت أنا والساعة كهاتين» 6503 - عن سهل قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «بعثت أنا والساعة كهاتين. ويشير بإصبعيه فيمدهما» (¬4). 40 - باب - 6506 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت فرآها الناس آمنوا أجمعون، فذاك حين لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرًا. ولتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه. ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته ¬

(¬1) صدوق له افراد. (¬2) الولي: المؤمن. (¬3) التردد في صفة المخلوق لما يعتريه من الشك، أما في حق الله فلا، بل يليق به لأنه عالم بكل شيء لا يلحقه شك، وليس هذا تنقص، ولا يعلم كيفيته إلا الله، كما في بقية الصفات. (¬4) يدل على أن ما مضى من الدنيا فهو أكثر ولم يبق الا القليل الذي فيه تقوم الساعة.

41 - باب من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه

فلا يطعمه. ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقى فيه. ولتقومن الساعة وقد رفع أحدكم أكلته إلى فيه فلا يطعمها» (¬1). 41 - باب من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه 6507 - عن عبادة بن الصامت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه. قالت عائشة - أو بعض أزواجه - إنا لنكره الموت قال: ليس ذلك، ولكن المؤمن إذا حضره الموت بشر برضوان الله وكرامته، فليس شيء أحب إليه مما أمامه، فأحب (¬2) لقاء الله وأحب الله لقاءه. وإن الكافر إذا حضر بشر بعذاب الله وعقوبته، فليس شيء أكره إليه مما أمامه، فكرة لقاء الله وكره الله لقاءه». 6509 - عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول وهو صحيح: «إنه لم يقبض نبي قط حتى يرى مقعده من الجنة ثم يخير، فلما نزل به ورأسه على فخدي غشي عليه ساعة ثم أفاق، فأشخص بصره إلى السقف ثم قال: اللهم الرفيق الأعلى. قلت: إذا لا يختارنا، وعرفت أنه الحديث الذي كان يحدثنا به. قالت: فكانت تلك آخر كلمة تكلم بها النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله: اللهم الرفيق الأعلى» (¬3). ¬

(¬1) والمعنى أن الساعة تقوم عليهم وهم غافلون لاهون بأعمالهم. (¬2) فهذا تفسير من أحب لقاء الله وكره لقاء الله. (¬3) المذكورون في قوله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69]. * وفي رواية «بين سحري ونحري» وفي الرواية هذه «على فخذي» ولا منافاة، فربما تعدل ثم كان آخر الأمر بين سحرها ونحرها.

42 - باب سكرات الموت

42 - باب سكرات الموت 6510 - عن عائشة - رضي الله عنها - كانت تقول: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان بين يديه ركوة - أو علبة فيها ماء، يشك عمر - فجعل يدخل يده في الماء فيمسح بها وجهه ويقول: لا إله إلا الله، إن للموت سكرات. ثم نصب يده فجعل يقول: في الرفيق الأعلى (¬1). حتى قبض ومالت يده». 6511 - عن عائشة قالت: كان رجال من الأعراب جفاة يأتون النبي - صلى الله عليه وسلم - فيسألونه: متى الساعة؟ فكان ينظر إلى أصغرهم فيقول: إن يعش هذا لا يدركه الهرم حتى تقوم عليكم ساعتكم» (¬2). قال هشام: يعني موتهم. ¬

(¬1) وحسن أولئك رفيقًا. * وهذا دليل على اشتداد الأمر عند الموت، وأن شدته مما يكفر به عن الإنسان، وهذا سيد الخلق شدد عليه الصلاة والسلام. * س: ما ورد أن المؤمن تسيل نفسه كما تسيل القطرة؟ ما يمنع، يعني ما يمنع شدة الموت. (¬2) قال شيخنا: كل من مات فقد قامت قيامته. * وهكذا كل ميت مستريح ومستراح منه، والمعنى يحرص كل مؤمن أن يكون مستريحًا. * وهذا فيه الحث على العمل الصالح، وأنه لا ينفعه إلا عمله الصالح.

6512 - عن أبي قتادة بن ربعي الأنصاري أنه كان يحدث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر عليه بجنازة فقال: مستريح ومستراح منه. قالوا: يا رسول الله، ما المستريح والمستراح منه، قال العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله - عز وجل -، والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب» (¬1). 6514 - عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يتبع الميت ثلاثة، فيرجع اثنان ويبقى معه واحد، يتبعه أهله وماله وعمله، فيرجع أهله وماله، ويبقى عمله» (¬2). 6515 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا مات أحدكم عرض عليه معقدة غدوة وعشيًا: إما النار وإما الجنة، فيقال: هذا مقعدك حتى تبعث إليه» (¬3). 6516 - عن عائشة قالت: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تسبوا الأموات، فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا» (¬4). ¬

(¬1) يقوله ترغيبًا للمؤمنين وترهيبًا للفاسقين. (¬2) على الغالب، وإلا قد يكون معدوم المال ولا أهل له. * أهله إخوانه أبوه وماله الأدوات التي يحفر بها قبره وما يكون على كفنه من طراحة ... إلخ. (¬3) وهذا أمر عظيم، خير للمؤمن ونعيم معجل، وشر على الكافر. (¬4) استثنى بعض الأئمة من إذا ذكر يخشى شره، فقالوا: لا بأس بذمه والتحذير من بدعته وشره. وفي الحديث: «فاثنوا عليها شرًا» بعد موتها وأقرهم على ذلك. * لا تسبوا الاموات وحديث أثنيتم عليه شرًا؛ لأنه أظهر الشر، فيمستثنى فيمن أظهر الشر.

43 - باب نفخ الصور

قال الحافظ: ... قوله (إذا مات (¬1) أحدكم عرض عليه مقعده). 43 - باب نفخ الصور 6517 - عن أبي هريرة قال: «استب رجلان رجل من المسلمين ورجل من اليهود فقال المسلم: والذي اصطفى محمدًا على العالمين، فقال اليهودي: والذي اصطفى موسى على العالمين. قال فغضب المسلم عند ذلك فلطم وجه اليهودي، فذهب اليهودي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بما كان من أمره وأمر المسلم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تخيروني على موسى، فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق، فإذا موسى باطش بجانب العرش، فلا أدري أكان موسى فيمن صعق فأفاق، أو كان ممن استثنى الله - عز وجل -» (¬2). ¬

(¬1) ربك على كل شئ قدير، يريه الجنة وهي في الأعلى وعذاب النار وهي في أسفل سافلين. * قلت: ذكر الحافظ هنا حال المؤمن المخلط في القبر. (¬2) وهذا عند أهل العلم محمول على تواضعه - صلى الله عليه وسلم -، وقال بعضهم بل يفضل بالادلة لاحمية، وقد ثبت «أنا سيد ولد آدم» ولم يعاتب النبي - صلى الله عليه وسلم - الأنصاري عند لطم وجه اليهودي فقد يؤخذ منه أنه على حق، حيث لم يضربه، وبالأدلة الشرعية النبي - صلى الله عليه وسلم - أفضل البشر. * وأختار شيخنا أن الصعقات صعقتان، وقال إن الثلاث مذهب ضعيف. * ثم قال: صعقات أهل الدنيا صعقتان: الفزع والصعق للقيامة، فأما صعقات الآخرة فواحدة.

44 - باب يقبض الله الأرض يوم القيامة

44 - باب يقبض الله الأرض يوم القيامة 6521 - عن سهل بن سعد قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي. قال سهل - أو غيره - ليس فيها معلم لأحد» (¬1). 45 - باب الحشر 6522 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يحشر الناس على ثلاث طرائق راغبين وراهبين، واثنان على بعير وثلاثة على بعير وأربعة على بعير وعشرة على بعير، ويحشر (¬2) بقيتهم النار تقيل معهم حيث قالوا وتبيت معهم حيث باتوا وتصبح معهم حيث أصبحوا وتمسى معهم حيث أمسوا». 6523 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن رجلًا قال: يا نبي الله، كيف يحشر الكافر على وجهه؟ قال: «أليس الذي أمشاه على الرجلين في الدنيا قادرًا على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة» (¬3). ¬

(¬1) تذهب الجبال والأشجار. (¬2) تحشر. (¬3) إشارة إلى قوله تعالى: {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ .. } [الإسراء: 97].

6526 - عن ابن عباس قال: فينا النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب فقال: «إنكم محشورون حفاة عراة غرلا (¬1) {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} [الأنبياء: 104] الآية. وإن أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم الخليل، وإنه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: يارب أصيحابي، فيقول: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول كما قال العبد الصالح {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ - إلى قوله - الْحَكِيمُ} قال فيقال: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم» (¬2). 6528 - عن عمرو بن ميمون عن عبد الله قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في قبة فقال: «أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة؟ قلنا: نعم. قال: أترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة؟ قلنا: نعم. قال: أترضون أن تكونوا شطر أهل الجنة؟ قلنا: نعم. قال: والذي نفس محمد بيده، إني لأرجو أن تكونوا شطر أهل الجنة. وذلك الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة، وما أنتم في أهل الشرك إلا كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود، أو الشعرة السوداء في جلد الثور الأحمر» (¬3). 6529 - عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أول ما يدعى يوم القيامة آدم، فتراءى ذريته فيقال: هذا أبوكم آدم، فيقول: لبيك وسعديك فيقول: أخرج بعث جهنم من ذريتك، فيقول يارب كم أخرج؟ فيقول أخرج من كل مائة تسعة وتسعين، فقالوا: يا رسول الله، إذا أخذ منا من كل مائة ¬

(¬1) فتعاد الجلدة التى أخذت منه. (¬2) وهذا في المرتدين الذين ارتدوا في عهد الصديق - رضي الله عنه -. (¬3) في رواية «ثلثا»، وفي رواية «ثمانون صفا من مئة وعشرين» هم أهل الجنة.

46 - باب قوله - عز وجل - {إن زلزلة الساعة شيء عظيم} [الحج: 1]

تسعة وتسعون فماذا يبقى منا؟ قال: إن أمتي في الأمم كالشعرة البيضاء قي الثور الأسود» (¬1). قال الحافظ: ... عن قبيصة قال: هم الذين ارتدوا على عهد أبي بكر فقاتلهم أبو بكر، يعنى حتى قتلوا وماتوا على الكفر (¬2). 46 - باب قوله - عز وجل - {إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} [الحج: 1] 6530 - عن أبي سعيد قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يقول الله يا آدم، فيقول: لبيك وسعديك، والخير في يديك. قال يقول: أخرج بعث النار، قال: وما بعث النار؟ قال: من كل ألف تسعمائه وتسعة وتسعين (¬3)، فذاك حين يشيب الصغير، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكرى وما هم بسكرى ولكن عذاب الله شديد. فاشتد ذلك عليهم فقالوا: يا رسول الله أينا ذلك الرجل؟ قال: ابشروا، فإن من يأجوج ومأجوج ألفًا ومنكم رجل. ثم قال: والذي نفسي بيده إني لأطمع أن تكونوا ثلث أهل الجنة». قال فحمدنا الله وكبرنا. ثم قال: «والذي نفسي بيده، إني لأطمع أن تكونوا شطر أهل الجنة. إن مثلكم في الأمم كمثل الشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود، أو كالرقمة في ذراع الحمار» (¬4). ¬

(¬1) في رواية «فيه أمتان ما وجدت إلا كثرت هما يأجوج ومأجوج ,,, منكم واحد ومنهم ألف». (¬2) قال شيخنا: وتقدم. (¬3) يعني أن غالب الناس قد ضلت عن السبيل. (¬4) فالمؤمنون قليلون في أهل الكفر، وهذا يدل على قلة أهل الإيمان في أهل الكفر من عهد آدم إلى عهدنا.

47 - باب قول الله تعالى {ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون (4) ليوم عظيم ... } [المطففين: 4، 5] وقال ابن عباس {وتقطعت بهم الأسباب} [البقرة: 166] قال: الوصلات في الدنيا.

47 - باب قول الله تعالى {أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ ... } [المطففين: 4، 5] وقال ابن عباس {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ} [البقرة: 166] قال: الوصلات في الدنيا (¬1). 6531 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - النبي - صلى الله عليه وسلم - «{يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} قال: يقوم أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيهٍ» (¬2). 6532 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين ذراعًا، ويلجمهم حتى يبلغ آذانهم» (¬3). 48 - باب القصاص يوم القيامة، وهي الحاقة لأن فيها الثواب وحواق الأمور الحقه والحاقة واحد، والقارعة والغاشية والصاخبة، والتغابن غبن أهل الجنة أهل النار (¬4). 6533 - عن عبد الله - رضي الله عنه - قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أول ما يقضى بين الناس في الدماء» (¬5). ¬

(¬1) التي في غير طاعة الله. (¬2) أي عرقه من شدة الهول إلى كعبيه إلى حقويه إلى فمه ... الله المستعان. (¬3) كالسيل، اللهم سلم سلم، اللهم سلم سلم. * ولأن الشمس تدنو منهم فيشتد الحر ويخفف الله عمن يشاء, والمؤمنون ليس عليهم خطر ولو عرقوا. (¬4) كلها من أسماء يوم القيامة، الله المستعان. (¬5) يعني فيما بينهم من الدماء.

49 - باب من نوقش الحساب عذب

6534 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها، فإنه ليس ثم دينار ولا درهم، من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات لأخيه فطرحت عليه» (¬1). 6535 - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يخلص المؤمنون من النار، فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار، فيقص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة. فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة منه بمنزلة كان في الدنيا» (¬2). 49 - باب من نُوقش الحساب عُذب 6536 - عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من نوقش (¬3) الحساب عُذب. قالت: قلت أليس يقول الله تعالى {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} قال: ذلك العرض». ¬

(¬1) وهذا فيه الحث على المقاصة والمسامحة في الدنيا قبل يوم القيامة. (¬2) وهذا بعد القضاء بين الناس، يخلص أهل الجنة على الصراط ثم يحسبون على قنطرة، كما بين هذا أبو العباس في الواسطية، وهو كتاب مهم عظيم، وهذا خاص بأهل الإيمان. * الذي يعطى كتابه بشماله هو الذي يعطى وراء ظهره. (¬3) وأنه إذا نوقش لابد له من أعمال سيئة خبيثة. * يعنى عرض حسناته وسيئاته ثم يغفرها لله له، ثم يعطى كتابه بيمينه، ومن نوقش الحساب عذب.

50 - باب يدخل الجنة سبعون ألفا بغير حساب

6538 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يجاء بالكافر يوم القيامة فيقال له: أرأيت لو كان لك ملء الأرض ذهبًا أكنت تفتدي به؟ فيقول: نعم. فيقال له: قد كنت سئلت ما هو أيسر من ذلك» (¬1). 654 - عن عدي بن حاتم قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اتقوا النار ثم أعرض وأشاح ثم قال: أتقوا النار. ثم أعرض وأشاح ثلاثًا حتى ظننا أنه ينظر إليها. ثم قال: اتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة» (¬2). 50 - باب يدخل الجنة سبعون ألفًا بغير حساب 6541 - حدثنا عمران بن ميسرة ... ح. وحدثني أسيد (¬3) بن زيد حدثنا هشيم عن حصين قال: كنت عند سعيد بن جبير فقال: حدثني ابن عباس قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «عرضت علي الأمم، فأخذ النبي يمر معه الأمة، والبني يمر معه النفر، والنبي يمر معه العشرة، والنبي يمر معه الخمسة، ¬

(¬1) نسأل الله العافية، للتقريع والتوبيخ. (¬2) وهذا فيه الحث على التصدق ولو بالقليل، شق تمرة ينفع الفقير إذا كان مضطرًا. (ثم يذكر الشيخ قصة عائشة وتصدقها بالتمرات الثلاث) (¬3) قلت: أسيد بن زيد متروك الحديث والمصنف لم يخرج له إلا حديثًا واحدًا مقرونًا. * التداوي مباح.

والنبي يمر وحده (¬1)، فنظرت فإذا سواد كثير، قلت: يا جبريل هؤلاء أمتي؟ قال: لا، ولكن انظر إلي الأفق، فنظرت فإذا سواد كثير، قال: هؤلاء أمتك، وهؤلاء سبعون ألفًا قدامّهم لا حساب عليهم ولا عذاب. قلت: ولمَ؟ قال: كانوا لا يكتوون، ولا يسترقون، ولا يتطيرون، وعلي ربهم يتوكلون. فقام إليه عكاشة بن محصن فقال: ادع الله يجلعني منهم. قال: سبقك بها عكاشة». 6542 - عن سعيد بن المسيب أن أبا هريرة حدثه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يدخل الجنة من أمتي زمرة هم سبعون ألفاَ تضئ وجوههم إضاءة القمر ليلة البدر. وقال أبو هريرة فقام عكُاشة بن المحصن الأسدي يرفع نمرة عليه فقال: يا رسول الله ادعي الله أن يجعلني منهم، قال: اللهم اجعله منهم. ثم قام رجل من الأنصار فقال: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: سبقك بها عكُاشة» (¬2). 6543 - عن سهل بن سعد قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ليدخلن الجنة من أمتي سبعون ألفاَ - أو سبعمائة ألف، شك في أحدهما - متماسكين، آخذ ¬

(¬1) الأنبياء متفاوتون، بعضهم معه جمع غفير، وبعضهم معه نفر قليل، وبعضهم ليس معه، بل بعضهم قتل. * الأصل في سؤال الناس مذموم. * ترك الإسترقاء أفضل عند الاستغناء عنها، ولذا أمر بالاسترقاء من العين، أما الحاجة فجائز، وكذلك الكي. (¬2) قال هذا سدًا للباب لئلا يقوم من لا يستحقه.

بعضهم ببعض، حتي يدخل أولهم وآخرهم الجنة ووجوههم علي ضوء القمر ليلة البدر» (¬1). 6544 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، ثم يقوم مؤذنٌ بينهم: يا أهل النار لا موت، ويا أهل الجنة لا موت، خلود» (¬2). 6545 - عن أبي هريرة قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: يقال لأهل الجنة يا أهل الجنة خلود لا موت، ولأهل النار يا أهل النار خلود لا موت» (¬3). قال الحافظ: ... والمعني الذي حمله علي التغليظ موجود في المسترقي (¬4) لأنه اعتل بأن الذي لا يطلب من غيره أن يرقيه تام التوكل فكذا يقال له والذي يفعل غيره به ذلك ينبغي أن لا يمكنه منه لأجل تمام التوكل. قال الحافظ: ... فذكر حديثًا وفيه «وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفًا بغير حساب، وإني لأرجو أن لا يدخلوها حتي تبوؤا (¬5) أنتم ومن صلح من أزواجكم وذرياتكم مساكن في الجنة فهذا يدل علي أن ¬

(¬1) الله يجعلنا وإياكم منهم ... فقلنا آمين. (¬2) ولعله بعد خروج العصاة من النار. * هؤلاء وهؤلاء فيزداد أهل الجنة وشقاوة أهل النار، وهذا بعد خروج الموحدين من النار. (¬3) في الرواية الأخري يؤتي بالموت في صورة الكبش فيذبح. (¬4) الرقيا مثل الاسترقاء، وحتي لا يغلط الرواة، وهذا أمر محتمل. (¬5) فقد يسبقهم غيرهم

51 - باب صفة الجنة والنار

مزية السبعين بالدخول بغير حساب لا يستلزم أنهم أفضل من غيرهم (¬1) قال الحافظ: ... فذكر الحديث نحو سياق حديث سعيد بن المسيب عن أبي هريرة ثاني أحاديث الباب وزاد «فاستزدت ربي فزادني مع كل ألف سبعين ألفًا» (¬2). قال الحافظ: ... فعند أحمد وأبي يعلي من حديث أبي بكر الصديق نحوه بلفظ «أعطاني مع كل واحد من السبعين ألفًا سبعين ألفًا» (¬3). قال الحافظ: ... قال عياض: يحتمل أن يكون معني كونهم متماسكين أنهم علي صفة الوقار فلا يسابق بعضهم بعضًا بل يكون دخولهم جميعًا. وقال النووي: معناه أنهم يدخلون معترضين صفًا واحدًا بعضهم بجنب بعض. تنبيه: هذه الأحاديث تخص عموم الحديث الذي أخرجه مسلم (¬4) عن أبي برزة الأسلمي رفعه «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتي يسأل عن أربع .. 51 - باب صفة الجنة والنار وقال أبو سعيد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - «أول طعام يأكله أهل الجنة زيادة كبد حوت». ¬

(¬1) وقال معناه شيخنا، وقال إن الصديق يدخل الجنة بغير حساب، وكذا عمر، والصديق أفضل من عمر. (¬2) مع كل ألف هم الصحيح، وهو المحفوظ. (¬3) مع كل واحد سبعون ألف، غير محفوظة. (¬4) قلت: لم يروه مسلم بل هو عند الترمذي من حديث ابن مسعود ومن حديث أبي برزة - رضي الله عنهما -، وسند أبي برزة لا بأس به.

عدن (¬1): خلد: عدنت بأرض. أقمت: ومنه المعدن (في معدن صدق) في منبعت صدق. 6546 - عن أبي رجاء عن عمران عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء، واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء (¬2). 6547 - عن أسامة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «قمت (¬3) علي باب الجنة فكان عامة من دخلها المساكين، وأصحاب الجد محبوسون (¬4)، غير أن أصحاب النار قد أمُر بهم إلي النار. وقمت علي باب النار فإذا عامة من دخلها النساء». 6548 - عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «إذا صار أهل الجنة إلي الجنة وأهل النار إلي النار جئ بالموت (¬5) حتي يجعل بين الجنة والنار، ثم يذُبح، ثم ينُادي مناد: يا أهل الجنة لا موت، يا أهل النار لا موت، فيزاد أهل الجنة فرحًا إلي فرحهم، ويزداد أهل النار حُزنًا إلي حُزنهم». ¬

(¬1) أي جنات الإقامة. (¬2) لأجل كفران العشير، فهذا يوجب علي المرأة الحذر. (¬3) صوروا له وإلا لم يدخلوها. (¬4) الفقر فيه فضل عظيم وعاقبة حميدة، لأن الدنيا قد تجره إلي المفاسد والطغيان (كلا إن الإنسان ليطغي أن رآه استغني) فليتحمل وليصبر، وأهل الجد- هم أهل الغني - لما يتعلق بغناهم من المحاسبة. (¬5) ليس الملك بل الموت نفسه يجعل عرضًا علي صورة كبش.

6549 - عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أن الله تبارك وتعالي يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة. فيقولون لبيك ربنا وسعديك. فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضي وقد أعطيتنا ما لم تُعط أحدًا من خلقك. فيقول: أنا أعطيكم أفضل من ذلك: قالوا: يا رب، وأي شئ أفضل من ذلك؟ فيقول: أحلُ عليكم رضواني، فلا أسخط عليكم بعده أبدًا» (¬1). 6550 - عن حميد قال: سمعت أنساُ يقول: أصيب حارثة يوم بدر - وهو غلام- فجاءت أمه إلي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت يا رسول الله قد عرفت منزلة حارثة مني، فإن يك في الجنة أصبر وأحتسب. وإن تك الأخري تري ما أصنع؟ فقال: ويحك - أو هبلت - أو جنة واحدة هي؟ إنها جنان كثيرة، وإنه لفي جنة الفردوس» (¬2). 6551 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من بين منكَبي الكافرة مسيرة ثلاثة أيام للراكب المسرع» (¬3) ¬

(¬1) الله أكبر، الله أكبر، الله يجعلنا وإياكم منها. (¬2) في اللفظ الآخر الفردوس الأعلى. * أكثر أهل الجنة النساء من نساء الدنيا والحور، وأكثر أهل النار النساء من نساء أهل الدنيا، وأقل أهل الجنة من له زوجتان، والزيادة على حسب فضل الله. (¬3) يعظم حتى يأخذ العذاب مأخذه، وضرسه كأحد.

6552 - عن سهل بن سعد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها» (¬1). 6555 - عن سهل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن أهل الجنة ليتراءون الغُرف في الجنة كما تتراءون الكوكب في السماء» (¬2). 6559 - عن أنس بن مالك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يخرج قوم من النار بعدما مسهم منها سفع، فيدخلون الجنة، فبُسميهم أهل الجنة: الجهنميين» (¬3). 6561 - عن أبي إسحاق قال: سمعت النعمان سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن أهون أهل النار عذابًا يوم القيامة لرجل علي أخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه» (¬4). 6562 - عن النعمان بن بشيرقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن أهون أهل النار عذابًا يوم القيامة رجل علي أخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل بالقُمقم» (¬5). 6565 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «يجمع الله ¬

(¬1) يقال لها طوبى. (¬2) لتفاوت ما بينهم من النعيم، كل واحد يرى أنه الأعظم لذة ونعيمًا. (¬3) ثم يزيل الله العلامة التي عليهم كما جاء في بعض الروايات. (¬4) منهم أبو طالب، لكل قدم جمرة. (¬5) النعلان والجمرتان والضحضاح أصحاب هذه أهون أهل النار عذابًا، وهي متقاربة، والمرجل شبيه بالقمقم، فالصواب: كما يغلي المرجل أو القمقم، بعطف أو شك، وأما بالباء فهو وهم من بعض الرواة.

الناس يوم القيامة قيقولون: لو استشفعنا علي ربنا حتي يُريحنا من مكاننا، فيأتون آدم فيقولون أنت الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك، فاشفع لنا عند ربنا. فيقول: لست هناكم، وذكر خطيئته (¬1)، ويقول: ائتوا نوحًا أول رسول بعثه الله. فبأتونه، فيقول: لست هناكم، وذكر خطيئته، ويقول ائتوا إبراهيم الذي اتخذه الله خليلًا. فيأتونه فيقول: لست هناكم، وذكر خطيئته، ويقول: ائتوا موسي الذي كلمه الله. فيأتونه فيقول: لست هناكم، ائتوا محمد - صلى الله عليه وسلم - فقد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. فيأتوني، فأستأذن علي ربي، فإذا رأيته وقعت له ساجدًا، فيدعني ما شاء الله، ثم يقال لي: ارفع رأسك، وسُل تُعطه، وقل يُسمع، واشفع تُشفع. فأرفع فأحممد ربي بتحميد يعمني، ثم أشفع فيحد لي حدًا، ثم أخرجهم من النار وأُدخلهم الجنة (¬2). ثم أعود ¬

(¬1) سئل الشيخ عن خطيئة نوح فقال: قد جاء في بعض الروايات أنها سؤال ربه إنجاء ابنه كما في قوله: {رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي ... } الآية. (¬2) وهذه الشفاعة الثانية، بل الثالثة، فالأولى في إراحة أهل الموقف، والثانية في أهل الجنة أن يدخلوا الجنة، والثالثة في إخراج بعض من في النار، وله رابعة في أبي طالب. قلت: وخامسة في رفع درجات بعض أهل الجنة، وأخذوها من حديث: «اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين». وسادسة: في عدم دخول بعض العصاة النار أصلًا.

فأقع ساجداُ مثله في الثالثة أو الرابعة، حتي ما يبقي في النار إلا من حبسه (¬1) القرآن (¬2)». 6567 - عن أنس أن أم حارثة أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد هلك حارثة يوم بدر أصابه سهم غرب، فقالت: يا رسول الله، قد علمت موقع حارثة من قلبي، فإن كان في الجنة لم أبك عليه، وإلا سوف تري ما أصنع. فقل: لها هبلت، أجنة واحدة هي؟ أنها جنان كثيرة، وإنه في الفردوس الأعلي» (¬3). 6586 - وقال (غدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها، ولقاب قوس أحدكم - أو موضع قدم - من الجنة خير من الدنيا وما فيها. ولو أن امرأة من نساء أهل الجنة اطلعت إلي الأرض لأضاءت ما بينهما، ولملأت ما بينهما ريحًا، ولنيفها (يعني الخمار) خير من الدنيا وما فيها» (¬4). 6569 - عن أبي هريرة قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يدخل أحد الجنة إلا أُري مقعده من النار لو أساء، ليزداد شكرًا، ولا يدخل أحد النار إلا أُري مقعده من الجنة لو أحسن، ليكون عليه حسرة» (¬5). ¬

(¬1) لمعاصيه وسيائته أو كفره. س: هل له شفاعة في رفع درجات أهل الجنة؟ الله أعلم. (¬2) ما جاء في بعض الروايات أن أول الرسل نوح، وبعضها أول الرسل آدم؟ نوح أول الرسل بعدما وقع الشرك، وآدم أول الرسل لذريته قبل وقع الشرك، هكذا قال ابن عباس. (¬3) اللهم ارض عنه، اللهم ارض عنه. (¬4) وهذا كله يبين عظمة الجنة وما فيها، حتي ذكر فضل الحوراء. (¬5) لا حول ولا قوة إلا بالله، نسأل الله العافية.

6570 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال: قلت يا رسول الله، من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال: «لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أول منك، لما رأيت من حرصك علي الحديث، أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصاُ من قبل نفسه» (¬1). قال الحافظ: ... والثاني يعذبون فيها إلي أن تنقلب طبيعتهم فتصير نارية حتي يتلذذوا بها لموافقة طبعهم وهذا قول بعض من ينسب إليه التصوف من الزنادقة» (¬2). قال الحافظ: ... وقد مال بعض المتأخرين (¬3) إلي القول السابع ونصره. قال الحافظ: ... وأخرجه البزار من وجه ثالث عن أبي هريرة بسند صحيح بلفظ «غلظ جلد الكافر وكثافة جلده اثنان وأربعون ذراعًا بذراع الجبار» (¬4). ¬

(¬1) وفي اللفظ الآخر «خالصًا من قلبه» أي: بإيمان وصدق وثبات على ذلك. (¬2) قلت: هو ابن عربي، وإياه عني الحافظ هنا، والحافظ يعني ببعض المتأخرين ابن القيم، فهذه خلاصة بحث ابن القيم للمسألة كما في كتابه حادي الأرواح، انظر ص 579 من نسخة الزغلي. (¬3) المؤلف أراد ما ذكره ابن القيم في حادي الأرواح، وسرد الأقوال مختصرة على ترتيب ابن القيم كما تقدم العزو له. * الذين يحشرون أمثال الذر ما يدل على أن أجسام الكفار تختلف؟ قال الشيخ: لا، هذا وقت حشرهم يوم القيامة، ثم يدخلون النار فيعظمون. (¬4) هذا يد على أنهم أ، واع هذا الجمع.

قال الحافظ: ... وجزم ابن حبان لما أخرجه في صحيحه بأن الجبار ملك كان باليمن (¬1). قال الحافظ: ... وزاد بعضهم شفاعة سابعة وهي الشفاعة لأهل المدينة لحديث سعد رفعه (¬2) «لا يثبت عاى لأوائها أحد إلا كنت شهيدًا أو شفيعًا». قال الحافظ: ... قوله (هل نفعت أبا طالب بشئ)؟ هكذا ثبت في جميع النسخ بحذف الجواب، وهو اختصار من المصنف، وقد رواه مسدد في مننده بتمامه، وقد تقدم في كتب الأدب عن موسي بن إسماعيل عن أبي عوانة بالسند المذكور هنا بلفظ «فإنه كان يحوطك ويغضب لك، قال: نعم هو في ضحضاح من نار (¬3)، ولولا أنا (¬4) لكان في الدرك الأسفل من النار. ¬

(¬1) كلام ابن حبان يعتبر تأويلًا، ومثله البيهقي. (¬2) جاء من حديث أبي هريرة وابن عمر وأبي سعيد وثلاثتها عند مسلم ولم أره من حديث سعد؛ فالعجب من الحافظ كيف غاب عنه هذا؟ (¬3) إن كانت محفوظة فهي أول الأمر ثم نسخت، ولهذا قال: قولوا ما شاء الله ثم ما شاء محمد، فيأتيون بثم. قلت: في الصحيح قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لولا حواء لم تخن أنثى زوجها، ولولا بنو إسرائيل لم يخنز اللحم» فيجوز إضافة الشيء إلى سببه إذا كان السبب صحيحًا سواء كان السبب شرعيًا أو حسيًا، ومثل قول النبي - صلى الله عليه وسلم - هنا: «ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار» واللفظة محفوظة وليست منسوخة، وهو القول الآخر لشيخنا بجوازها. (¬4) المقصود أنه كان في ضحضاح من نار بشفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي شفاعة خاصة.

52 - باب الصراط جسر جهنم

52 - باب الصراط جسر جهنم 6573 - عن سعيد وعطاء بن يزيد أن أبا هريرة أخبرهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ... الحديث ... وأراد أن يخرج من النار من أراد أن يخرج ممن كان يشهد أن لا إله إلا الله، أمر الملائكة أن يخرجوهم فيعرفونهم بعلامة آثار السجود، وحرم الله علي النار أن تأكل من ابن آدم أثر السجود (¬1) ... الحديث». 6574 - قال عطاء وأبو سعيد الخدري جالس مع أبي هريرة لا يُغير عليه شيئًا من حديثه حتي انتهي إلي قوله «هذا لك ومثله معه» قال أبو سعيد «سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: هذا لك وعشرة أمثاله)) قال قال أبو هريرة: حفظت «مثله معه» (¬2). قال الحافظ: ... قوله (باب الصراط جسر (¬3) جهنم). قال الحافظ: ... (¬4). ¬

(¬1) * قال شيخنا: صرح جماعة من أهل العلم بكفر الخوارج والمعتزلة، والمنافقون لا يرون الله (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ .. ) الآية. دخلوها بذنوب أخري كالزنا وغيره. (¬2) ولا مانع أن يكون أخبر الله بهذا أولًا، ووما في رواية أبي سعيد آخرًا، ذكره الحافظ وأمثاله. (¬3) جَسْرُ - جِسْرُ لغتان. (¬4) في مجئ الله لهم رحمة لهم، وكذا الكشف عن ساقه، صفات حق، وهو إتيان يليق بالله.

53 - باب في الحوض

قال الحافظ: ... قوله (فيأتيهم الله في غير الصورة التي يعرفون) (¬1). 53 - باب في الحوض 6575 - عن عبد الله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنا فرطكم على الحوض» (¬2). 6567 - عن عبد الله - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أنا فرطكم على الحوض، وليُرفعن رجال منكم ثم ليختلجُن دوني، فأقول: يا رب أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك» (¬3). 6587 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: الكوثر (¬4) الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه. قال أبو بشر قلت لسعيد إن أناسًا يزعمون أنه نهر في الجنة، فقال سعيد: النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه». ¬

(¬1) التي وعدهم بها وهي كشفه عن ساقه. (¬2) أي سابقكم. (¬3) فيه دلالة علي من غير وبدل بعده، وهو كثير في زم الصحابة وبعدهم، ومعرفته للمختلجين. (¬4) الكوثر الخير الكثير، أو فسر بأمرين * الكوثر له ميزابان يصبان في الحوض. * الموحد الذي أمر به إلي النار هل يذاد به عن الحوض؟ الله أعلم. * وسألته: هل يسقيهم النبي لي الله عليه وسلم بيده؟ جاء في بعض الروايات أنه يسقي بعضهم بيده. قلت: جاء في بعض طرق الحديث عند البخاري.

6581 - عن أنس بن مالك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «بينما أنا أسير في الجنة، إذا أنا بنهر حافتاه قباب الدر المجوف، قلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الكوثر الذي أعطاك ربُك، فإذا طيبه - أو طينه - مسك أذفر. شك هُدبة» (¬1). 6582 - عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليردن علي ناس من أصيحابي الحوض حتي إذا عرفتهم (¬2) اختلجوا دوني، فأقول: أصحابي، فيقول: لا تدري ما أحدثوا بعدك». 6586 - عن ابن المسيب أنه كان يحدث عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يردُ علي الحوض رجال من أصحابي فيُلحئون (¬3) منه، فأقول يا رب أصحابي، فيقول: إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك، إنهم ارتدوا علي أدبارهم القهقهري». 6587 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: بينا أنا نائم (¬4) فإذا زمرة، حتي إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلم، فقلت أين؟ قال: إلي النار والله، قلت وما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا (¬5) بعدك علي أدبارهم ¬

(¬1) ولعله في ليلة المعراج (¬2) بآثار الوضوء، فلا عليهم هذا. وهذه الأحاديث تأولها الرافضة قبحهم الله ولعنهم علي أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، علي الصديق وعمر والعرة. (¬3) وجاء «يجلئون». (¬4) وفي رواية: قائم. (¬5) جماعة من الأعراب وغيرهم من بني أسد ارتدوا.

القهقري. ثم إذا زمرة، حتي إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال هلم، فقلت أين؟ قال: إلي النار والله، قلت وما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك علي أدبارهم القهقري، فلا أراه يخلُص منهم إلا مثل همل النعم». 6590 - عن عقبة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج يوما فصلي علي أهل أُحد (¬1) صلاته علي الميت، ثم انصرف علي المنبر فقال: «إني فرط لكم، وأنا شهيد عليكم، وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن. وأني أعطيت مفاتيح خزائن الأرض - أو مفاتيح الأرض - وإني ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي، ولكن أخاف عليكم أن تنافسوا فيها». 6593 - عن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - قالت: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إني علي الحوض حتي أنظر من يرد علي منكم، وسيُوخذ ناس دوني، فأقول: يا رب مني ومن أمتي، فيقال: هل شعرت ما عملوا بعد؟ والله ما برحوا يرجعون علي أعقابهم» (¬2) فكان ابن أبي مُلكية يقول: اللهم إنا نعوذ بك أن نرجع علي أعقابنا، أو نثفتن عن ديننا. ¬

(¬1) المشهور عند أهل العلم الدعاء. * هؤلاء أهل البصيرة والعلم والإيمان من الصحابة - رضي الله عنهم - بخلاف غيرهم ممن ضعف إيمانهم، فالأخيار هم الذين مرادون بقوله: «والله ما أخاف عليكم». * وحمل بعضهم أن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلحون يعني صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقط، وأما ظهور الشرك فقد أخبر المصطفى بوقوعه في هذه الأمة، فوجب التوفيق بين هذه الأحاديث. (¬2) لا حول ولا قوة إلا بالله.

علي أعقابكم تنكصون: ترجعون علي العقب. قال الحافظ: ... وفي علامات النبوة فيما يتعلق بذلك، وقد تقدم الكلام علي المنافسة (¬1) (1) في شرح حديث أبي سعيد في أوائل كتاب الرقاق. ¬

(¬1) تنافسوا في الدنيا. * كذلك لم يخرج مسلم حديث «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس».

82 - كتاب القدر

82 - كتاب القدر 1 - باب 6594 - عن عبد الله قال حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - وهو الصادق المصدوق - قال: «إن أحدكم يُجمع في بطن أمه أربعين يومًا، ثم علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله ملكًا فيؤمر بأربع برزقه وأجله، وشقي أو عيد. م ينفخ فيه الروح. فوالله إن أحدكم - أوالرجل -ليعمل بعمل أهل النار، حتي ما يكون بينه وبينها غير باع أو ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها (¬1). وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتي ما يكونبينه وبينها غير ذراع أو ذراعين، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها». قالآدم: إلا ذراع. قال الحافظ: ... قوله حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو الصادق المصدوق) (¬2). ¬

(¬1) * في لفظ لهذا الحديث «فيما يظهر للناس». الخواتم بالسوابق فمن سبق في علم الله أنه من أهل الجنة يسر له العمل، عمل أهل الجنة، وأهل النار كذلك. قلت: نقل الحافظهنا عن عبد الحق الإشبيلي في كتابه العاقبة ما نه: إن سوء الخاتمة لا يقع لمن استقام باطنه وح ظاهره وإنما يقع لمن في طويته فساد أو ارتياب ويكثر وقوعه للمصر علي الكبائر والمجتري علي العظائم فيهجم عليه الموت بغتة فيصطلمه الشيطان عند تلك الصدمة، فقد يكون سببًا لسوء الخاتمة. اه-كلام الإشبيلي. (¬2) صدقته قلت: إنك صادق صَدَقْته، أخبرته بالحقيقة

قال الحافظ: ... ووقع عند أبي عوانة من رواية وهب بن جرير عن شعبة مثل رواية آدم زاد (نطفة) (¬1). قال الحافظ: ... وأما صفة الكتابة فظاهر الحديث أنها الكتابة المعهودة في صحيفته ووقع ذلك صريحًا في رواية لمسلم في حديث حذيفة بن أسيد «ثم تطوى الصحيفة فلا يزاد فيها ولا ينقص» وفي رواية الفرياني «ثم تطوي تلك الصحيفة إلي يوم القيامة» ووقع حديث أبي ذر «فيقضي الله ما هو قاض فيكتب ما هو لاق بين عينيه (¬2). وتلا أبو ذر خمس آيات من فاتحة سورة التغابن، ونحوه في حدي ابن عمر في صحيح ابن حبان (¬3) دون تلاوة الآية وزاد «حتي النكبة ينكبها». ¬

(¬1) لم تقع في الصحيحين وإنما هي عند أبي عوانه وفي بعض نسخ الأربعين موجودة «نطفة». (¬2) ينظر من خرجه؟ (¬3) وأما حديث ابن عمر عند ابن حبان وأبي يعلي 5775 فإسناده قوي، أخرجه أبو يعلي عن زهير عن وهب بن جرير عن أبيه عن يونس عن الزهري عن عبد الرحمن بن هنيدة عن ابن عمر كما رواه عبد الرزاق (11/ 112) ومن طريقه الفريابي في القدر، قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم بعدم ذكر حديث ابن عمر هذا: وحديث حذيفة بن أسيد المتقدم صريح في أن الملكيكتب ذلك في صحيفته، ويكتب بين عيني الوالد اهـ. قلت: الرفع في حديث ابن عمر اثبت، ثم هو لا يقال بالرأي.

3 - باب الله أعلم بما كانوا عاملين

3 - باب الله أعلم بما كانوا عاملين 6597 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أولاد المشركين فقال: «الله أعلم بما كانوا عاملين» (¬1). 6599 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يُهودانه ويُنصرانه، كما تُنتجون (¬2) البهيمة، هل تجدون فيها من جدعاء حتي تكونوا أنتم تجدعونها» (¬3). 4 - باب وكان أمر الله قدراُ مقدورًا 6601 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «لا تسأل المرأة طلاق (¬4) أختها لتستفرغ ولتنكح فإن لها ما قدر لها». 6602 - عن أسامة قال: كنت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ جاءه رسول إحدى بناته ... - ¬

(¬1) حكم أطفال المشركين حكم أهل الفترات {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} يوم القيامة يظهر علم الله فيهم وذلك بامتحانهم. (¬2) للمعلوم تنتجون. (¬3) والمعنى أن الأطفال يولدون على الفطرة وعلى ملة الإسلام، فلو مات قبل أن يفعل به أبواه شيئًا مات على الفطرة، ولحديث «خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين» رواه مسلم. * أولاد المسلمين تبع لآبائهم عند أهل السنة. (¬4) المعنى أن من خطب لا يقال له طلق زوجتك وإلا لم نزوجك، فلا يجوز هذا بل هو ظلم وتعرض للزوجة بغير حق، ولو شرط فالشرط باطل.

وعنده سعد وأبي بن كعب ومعاذ- أن ابنها يجود بنفسه، فبعث إليها: لله ما أخذ ولله ما أعطى (¬1)، كل بأجل، فلتصبر ولتحتسب». 6603 - عن عبد الله بن محيريز الجُمحي أنأبا سعيد الخدري أخبره أنه بينما هو جالس عند النبي - صلى الله عليه وسلم - جاء رجل من الأنصار فقال: يا رسول الله، إنا نصيب سُبيًا ونحب المال، كيف ترى في العزل؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أوإنكم تفعلون ذلك؟ لا عليكم ألا تفعلوا، فإنه ليت نسمة كتب الله أن تخرج إلا وهي كائنة» (¬2). 6604 - عن موسى بن مسعود (¬3) حدنا سفيان عن الأعمش عن أبي وائل «عن حذيفة - رضي الله عنه - قال: لقد خطبنا النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم خطبة ما ترك فيها شيئًا إلي قيام الساعة إلا ذكره، علمه من علمهوجهاه من جهله، إنكنت لأرى الشئ قد نسبته، فأعرفه كما يعرف الرجل الرجل إذا غاب عنه فرآه فعرفه». قال الحافظ: ... فمن عنه ضل وتاه لأن القدر سر من أسرار الله لا يطلع عليه إلا هو، فإذا أدخل أهل الجنة الجنة كشف لهم عنه حينئذ (¬4). ¬

(¬1) هذا هو الشاهد. (¬2) قد يغلبه الماء فيكون الولد. (¬3) صدوق سيء الحفظ، روى له البخاري في المتابعات. قلت: هو أبو حذيفة النهْدي. * وسألته قول من قال لا يعزل إلا بإذن الحرة؟ فقال: نعم. (¬4) قرئ على شيخنا، فقال: الله أعلم.

5 - باب العمل بالخواتيم

5 - باب العمل بالخواتيم 6606 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: شهدنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لرجل ممن معه يدعي الإسلام: هذا من أهل النار، فلما حضر القتال قاتل الرجل من أشد القتال، وكثرت به الجراح فأثبتته؛ فجاء رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، أرايت الذي تحدثت أنه من أهل (¬1) النار؟ قاتل في سبيل الله من أشد القتال فكثرت به الجراح. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أما إنه من أهل النار؛ فكاد بعض المسلمين يرتاب، فبينما هو علي ذلك إذ وجد الرجل ألم الجراح، فأهوي بيده إلي كنانته فانتزع منها سهمًا فانتحر بها، فاشتد رجال من المسلمين إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا رسول الله، صدق الله حديثك، قد انتحر فلان فقتل نفسه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا بلال، قم فأذن: لا يدخل الجنة إلا مؤمن. وإن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر». 6607 - عن سهل بن سعد أن رجلًا من أعظم المسلمين غناء عن المسلمين في غزوة غزاها مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فنظر النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: من أحب أن ينظر إلي رجل من أهل النار فلينظر إلي هذا، فاتبعه رجل من القوم وهو على تلك الحال من أشد الناس على المشركين حتى جُرح فاستعجل الموت، فجعل ذُبابة سيفه بين ثدييه حتى خرج من بين كتفيه، فأقبل الرجل إلي النبي - صلى الله عليه وسلم -. ¬

(¬1) إن كان من أهل التوحيد فهو وعيد ولا يخلد. * وهذا من علامات النبوة، وأن هذا الرجل سيقتل نفسه فأطلع الله نبيّه على هذا. * من أظهر المعاصي ممن قد مات فلا بأس بإظهار سبه.

6 - باب إلقاء العبد النذر إلي القدر

مسرعًا فقال: أشهد أنك رسول الله، فقال: وما ذاك؟ قال: قلت لفلان من أحب أن ينظر إلي رجل من أهل النار فلينظر إليه، وكان من أعظمنا غناءً عن المسلمين، فعرفت أنه لا يموت على ذلك، فلما جرح استعجل الموت فقتل نفسه. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك: «إن العبد ليعمل عمل أهل النار وإنه من أهل الجنة، ويعمل عمل أهل الجنة وإنه من أهل النا، وإنما الأعمال بالخواتيم» (¬1). 6 - باب إلقاء العبد النذر إلي القدر 6609 - عن أبي هريرةعن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يأتي ابن آدم النذر بشئ لم يكن قد قدرتُه (¬2) ولكن يُلقيه وقد قدرته له، أستخرج به من البخيل». 7 - باب لا حول ولاقوة إلا بالله 6610 - عن أبي موسى قال كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزاة، فجعلنا لا نصعد شرفًا ولا نعلو شرفًا ولانهبط في واد إلا رفعنا أصواتنا بالتكبير (¬3). قال فدنا منا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا أيها الناس، اربعوا علي أنفسكم، ¬

(¬1) وربك على كل شيء قدير، يعلم من أهل الجنة ومن أهل النار. (¬2) في اللفظ الآخر «قدر له» قلت: ويأتي 6694. * وفي اللفظ الآخر قال: «لا تنذروا فإن القدر لا يرد من قدر الله شيئًا». * العامة ينذرون ويظنون أن النذر ينفع من القدر. (¬3) في الرواية الأخرى بيّن لهم التسبيح والتكبير، فالتكبير عند العلو لأجل تعظيم الله، والتسبيح عند السفول لأجل تنزيه الله. * هذا من الصحابة كانوا يرفعون أصواتهم فدلهم النبي - صلى الله عليه وسلم - على الرفق. قلت: احتج بهذا البيهقي وغيره على أن السنة في الذكر بعد الصلاة لا يرفع صوته، وأجاب عن حديث ابن عباس بأنه كان أولًا ثم نسخ أو للتعليم، وليس كلامه بسديد؛ فالسنة واضحة كما تقدم في رفع الصوت بالذكر عند الانقضاء من المكتوبة، وهنا أمرهم بالرفق بأنفسهم وترك الاشقاق عليهم حسب، وأيضًا الوارد خلف الصلاة خاص، وذكر يسير فلم يضر رفع الصوت به. قلت: نسخ أو للتعليم دعوى لا مستند لها.

8 - باب المعصوم من عصم الله. عاصم: مانع

إِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا، إِنَّكُمْ إِنَّمَا تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا» قَالَ: وَدَعَانِي وَكُنْتُ مِنْهُ قَرِيبًا، فَقَالَ: «يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ، أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ مِنْ كَنْزِ الْجَنَّةِ؟ » قُلْتُ: بَلَى، قَالَ «قُلْ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ» (¬1). 8 - باب المعصوم من عصم الله. عاصم: مانع 6611 - عن أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ما استُخلف خليفة إلا له بطانتان: بطانة تأمره بالخير وتحضه عليه، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه، والمعصوم من عصَم الله» (¬2). ¬

(¬1) وهذه الكلمة من الذكر وهي اعتراف بالعجز. قلت: قال بعضهم معناها لا حول: لا تحول إلى حال ولا قوة على هذا التحول إلا بالله، وقال أبو العباس ابن تيمية بها تحمل الأثقال وتكابد الأهوال وينال رفيع الأحوال .. (¬2) وهذا يوجب على الأمراء أن يحذروا البطانة التي تحث أميرها على تأخير رواتب العمال هذه بطانة سوء، وعكسها بطانة الخير.

9 - باب {وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون ... } الآية

9 - باب {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ... } الآية 6612 - عن ابن عباس قال: ما رأيت شيئًا أشبه اللمم (¬1) مما قال أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله كتب على ابن آدم حظَّه من الزنا أدرك ذلك لا محالة: فزنا العين النظر، وزنا اللسان المنطق، والنفس تمنِّى وتشتهي (¬2)، والفرج يصدِّق ذلك ويكذبه. وقال شبابة حدثنا ورقاء عن ابن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -». قال الحافظ: ... قوله: (باب: {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا} كذا لأبي ذر وفي رواية غيرها {وَحَرَامٌ} بفتح أوله وزيادة الألف وزادوا بقية الآية والقراءتان مشهورتان: قرأ أهل الكوفة بكسر أوله وسكون (¬3) ثانيه وقرأ أهل الحجاز والبصرة والشام بفتحتين وألف وهما بمعنى كالحلال والحل ... ¬

(¬1) {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ} يعني يبتلي العبد بهذا. (¬2) هذه صغائر. (¬3) هذا صريح في الضبط وحرْم، والشكل في الفتح لا يعتمد عليه. قلت: الشيخ - رحمه الله - لا يعتمد إلا الضبط بالحروف وأما الشكل لا عمدة عليه سواء في هذا الشرح أو غيره، وهذا هو جادة العلماء.

83 - كتاب الأيمان والنذور

83 - كتاب الأيمان والنذور 1 - باب قول الله تعالى {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ ... } 6621 - عن عائشة أنا أبا بكر - رضي الله عنه - لم يكن يحنث في يمين قط حتى أنزل الله كفارة اليمين وقال: «لا أحلف على يمين فرأيت غيرها خيرًا منها إلا أتيت الي هو خير وكفَّرت عن يميني» (¬1). 6623 - عن أبي بردة عن أبيه قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في رهطٍ من الأشعريين أستحمله، فقال: والله لا أحملكم (¬2)، وما عندي ما أحملكم عليه. قال: ثم لبثنا ما شاء الله أن نلبث، ثم أتى بثلاث ذودٍ غُرِّ الذُّرى فحملنا عليها، فلما انطلقنا قال -أو قال بعضنا- والله لا يبارك لنا، أتينا النبي - صلى الله عليه وسلم - نستحمله فحلف أن لا يحملنا ثم حملنا فارجعوا بنا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فنذكِّره، فأتيناه فقال: ما أنا حملتكم بل الله حملكم، وإني والله -إن شاء الله- لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرًا منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير، أو أتيت الذي هو خير وكفَّرت عن يميني» (¬3). 6625 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «والله لأن يلجّ أحدكم بيمينه في أهله آثم له عند الله من أن يعطى كفارته التي افترض الله عليه» (¬4). ¬

(¬1) وهذا جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) يعني فكفر لأنه قال: «الله لا أحملكم». (¬3) يعني مثل ما قال لعبد الرحمن بن سمرة. (¬4) يعني يكفر ولا يلج فيما يضر أهله، فالله جعل له فرجًا ومخرجًا، فلو قال: والله لا أعطيكم ولا أشتري لكم، فلا يلج في يمينه ويتعصب عليها بل يكفِّر ويأتي الذي هو خير.

2 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «وأيم الله»

2 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «وأيم الله» (¬1) 6627 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثًا وأمَّر عليهم أسامة بن زيد، فطعن بعض الناس في إمرته، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «إن كنتم تطعنون في إمرته فقد كنتم تطعنون في إمرة أبيه من قبل، وأيم الله إن كان لخليقًا للإمارة، وإن كان لمن أحب الناس إليَّ، وإنَّ هذا لمن أحبِّ الناس إليَّ بعده» (¬2). 3 - باب كيف كانت يمين النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ 6628 - عن ابن عمر قال: «كانت يمين النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا، ومقلِّب القلوب» (¬3). 6630 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده. والذي نفس محمد بيده، لتنفقن كنوزهما في سبيل الله» (¬4). 632 - عن أبي عقيل زهرة بن معبد أنه سمع جده عبد الله بن هشام قال: «نا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب، فقال له عمر: يا رسول ¬

(¬1) وهي في لفظ شيخنا وصْل. (¬2) اللهم ارض عنهما جميعًا، في هذا إدخال وأيم قبل لفظ الجلالة. (¬3) اليمين لا تختص باسم من أسماء الله، ومقلب القلوب، فمتى حلف باسم من أسماء الله انعقد، ويأتي: والذي نفسي بيده. (¬4) وقد وقع هذا وأُنفقت كنوزهما في سبيل الله.

الله، لأنت أحبُّ إليَّ من كل شيء إلا من نفسي. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا والذي نفسي بيده، حتى أكون أحب إليك من نفسك. فقال له عمر: فإنه الآن والله لأنت أحب إليَّ من نفسي. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: الآن يا عمر» (¬1). 6633، 6634 - عن أبي هريرة وزيد بن خالد أنهما أخبراه أن رجلين اختصما إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال أحدهما: اقض بيننا بكتاب الله، وقال الآخر -وهو أفقههما-: أجل يا رسول الله، فاقض بيننا بكتاب الله، وأذن لي أن أتكلم. قال: تكلم، قال: إن ابني كان عسيفًا على هذا -قال مالك: والعسيف الأجير- زنى بامرأته، فأخبروني أن علي ابني الرجم فافتديت منه بمائتي (¬2) شاة وجارية لي. ثم إني سألت أهل العلم فأخبروني أن ما على ابني جلد مائة وتغريب عام، وإنما الرجم على امرأته. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أما والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله: أما غنمك وجاريتك فردُّ عليك، وجَلَدَ ابنه مائة وغرّبه عامًا، وأمر أُنيسا الأسلمي أن يأتي امرأة الآخر فإن اعترفت رجمها، فاعترفت فرجمها» (¬3). 6636 - عن عروة عن أبي حميد الساعدي أنه أخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعمل عاملًا فجاءه العامل حين فرغ منعمله فقال: يا رسول الله، هذا لكم، وهذا أُهدي لي. فقال له: أفلا قعدت في بيت أبيك وأمك فنظرت ¬

(¬1) وهذا معناه يجب أن يكون حب النبي - صلى الله عليه وسلم - مقدمًا على حب النفس بالصدق لا بالدعوى، فحبه يثمر طاعة الله ورسوله. * التغريب بالحبس لا لا، والأنثى مع محرمها تغرَّب. (¬2) المعروف مائة شاة هذا هو المعروف، والذي نحفظ في العمدة لعبد الغني. (¬3) هذا هو الحكم بالإجماع عند المسلمين.

أيُهدى لك أم لا؟ ثم قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشية بعد الصلاة فتشهد وأثنى على الله بما هو أهله ثم قال: «أما بعد فما بال العامل نستعمله، فيأتينا فيقول: هذا من عملكم وهذا أُهدي لي، أفلا قعد في بيت أبيه وأمه فنظر هل يهدَى له أم لا؟ فوالذي نفس محمد بيده، لا يغل أحدكم منها شيئًا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عُنقه: إن كان بعيرًا جاء به له رُغاء، وإن كانت بقرة جاء بها لها خُوار، وإن كانت شاة جاء بها تعير (¬1). فقد بلغت. فقال أبو حميد: ثم رفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده حتى إنا لننظر إلى عُفرة إبطيه. قال أبو حميد: وقد سمع ذلك معي زيد بن ثابت من النبي - صلى الله عليه وسلم -، فسلوه». 6638 - عن أبي ذر قال: انتهيت إليه وهو يقول في ظل الكعبة: هم الأخسرون ورب الكعبة، هم الأخسرون ورب الكعبة. قلت: ما شأني أيُرى فيَّ شيء، ما شأني؟ فجلست إليه وهو يقول -فما استطعت أن أسكت- وتغشاني ما شاء الله، فقلت: من هم بأبي أنت وأمي يا رسول الله؟ قال: الأكثرون أموالًا، إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا» (¬2). ¬

(¬1) العامل إذا أخذها تكون لبيت المال وهو لا يجوز له أن يأخذها، فإن أخذها فلبيت المال. * وهذا فيه التحذير من الغلول، وأن الواجب على من استعمل أن يؤدي القليل والكثير من الأدوات والهدايا ولا يقبل شيئًا لأنه إنما أهدي له لإمرته، فإذا سلم لمرجعه لا بأس. (¬2) أي: من بذله في وجوه الخير، وإلا شَرُّ المال عظيم. * ربما قال: والذي نفسي بيده، وأيم الله ... وفيه أن يقول إن شاء الله إذا حلف على المستقبل، وفيه أ، هـ-يجوز أكثر من أربع في شريعة سليمان. قلت: وسمعت شيخنا ابن عثيمين يقول: إن قول إن شاء الله من أسباب الفعل الشرعية لهذا الحديث. * لعمرك، ليست قسم بل من باب التأكيد، ولعمر الله حياة الله قسم.

6640 - عن البراء بن عازب قال: أُهديَ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - سَرَقة من حرير، فجعل الناس يتداولونها بينهم ويعجبون من حُسنها ولينها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتعجبون منها؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: والذي نفسي بيده لمناديل سعد (¬1) في الجنة خير منها» (¬2). 6641 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: إن هند بنت عتبة بن ربيعة قالت: يا رسول الله، ما كان مما على ظهر الأرض أهل أخباء -أو خباء- أحبَّ إليَّ أن يذلُّوا من أهل أخبائك -أو خبائك، شك يحيى- ثم ما أصبح اليوم أهل أخباء أو خباء أحبَّ إليَّ من أن يعزوا من أهل أخباك أو خبائك. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وأيضًا والذي نفس محمد بيده (¬3). قالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل مسِّيك، فهل عليَّ حرَجٌ أن أُطعم من الذي له؟ قال: لا، إلا بالمعروف» (¬4). 6642 - عن أبي إسحاق قال: سمعت عمرو بن ميمون قال: «حدثني ¬

(¬1) ما يمسح به الإنسان وجهه ويديه. (¬2) المراد بسعد بن معاذ، وكان أصيب يوم الخندق أصابه سهم في يده فانفجر عليه ومات بسببه. (¬3) يعني كلما زاد الإيمان زاد حبه من المؤمنين، وفيه أن الزوج إذا كان بخيلًا تأخذ الزوجة من ماله بالمعروف ولو كان لا يدري. (¬4) هند زوجة أبي سفيان وبنت عتبة بن ربيعة.

4 - باب لا تحلفوا بآبائكم

عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مُضيفٌ ظهره إلى قبة من أدم يمانيّ إذ قال لأصحابه: أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة؟ قالوا: بلى. قال: أفلا ترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة؟ قالوا: بلى. قال: فوالذي نفس محمد بيده، إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة» (¬1). 6644 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: أتموا الركوع والسجود، فوالذي نفسي بيده إني لأراكم من بعد ظهري إذا ما ركعتم وإذا ما سجدتم» (¬2). 665 - عن أنس بن مالك أن امرأة من الأنصار أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - معها أولاد لها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الذي نفسي بيده إنكم لأحب الناس إليَّ (¬3). قالها ثلاث مرات». 4 - باب لا تحلفوا بآبائكم 6646 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أدرك عمر بن الخطاب -وهو يسير في ركب، يحلف بأبيه- فقال: «ألا إن الله ¬

(¬1) وفيه فضل هذه الأمة المستجيبة لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) وهذا فيه الحث على الطمأنينة الكاملة في الركوع والسجود وكونه يراهم في الركوع والسجود، وهذا من الخصائص في الصلاة. (¬3) يعني الأنصار - رضي الله عنهم -. * من حلف بيمين واحدة على ثلاثة أفعال ألا يفعلها ثم حنث في واحد هل تنحل اليمين في الباقي؟ نعم، هي يمين واحدة إذا حنث في واحد حنث في الجميع فتنحل في الباقي.

ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، من كان حالفًا فليحلف بالله، أو ليصمت» (¬1). 6647 - قال ابن عمر: سمعت عمر يقول: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم» قال عمر: فوالله ما حلفت بها منذ سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - ذاكرًا ولا آثرًا» (¬2). 6649 - عن زهدم بن الحارث قال: «كان بين هذا الحيِّ من جرم وبين الأشعريين وُدٌّ وإخاء، فكنا عند أبي موسى الأشعري، فقُرِّب إليه طعام فيه لحم دجاج، وعنده رجل من بني تيم الله أحمر كأنه من الموالي، فدعاه إلى الطعام، ... الحديث ... فلما انطلقنا: ما صنعنا؟ حلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يحملنا وما عنده وما يحملنا، ثم حملنا. تغفلنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمينه، والله لا نُفلح أبدًا. فرجعنا إليه فقلنا له: إنا أتيناك لتحملنا فحلفت أن لا تحملنا وما عندك ما تحملنا. فقال: إني لست أنا حملتكم، ولكن ¬

(¬1) لا يجوز الحلف بالآباء ولا بغيرهم، كانوا يحلفون بآبائهم ثم نسخ ذلك ونهوا عنه. - قال ابن عبد البر: أجمع أهل العلم على تحريم الحلف بغير الله. وقوله: «أفلح وأبيه إن صدق» كان جائزًا ثم نسخ. قلت: وقد قيل إن يحيى بن أيوب المقابري تفرد بها. (¬2) ولم يحكها عن غيره - رضي الله عنه -. - وفي سنن أبي داود عن ابن عمر - رضي الله عنهما -: «من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك» وسنده صحيح.

5 - باب لا يحلف باللات والعزى، ولا بالطواغيت

الله حملكم، والله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرًا منها إلا أتيت الذي هو خير، وتحللتها» (¬1). 5 - باب لا يُحلف باللات والعزى، ولا بالطواغيت (¬2) 6650 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من حلف فقال في حلفه باللات والعزى فليقل (¬3) لا إله إلا الله، ومن قال لصاحبه: تعالى أقامرك فليتصدق» (¬4). ¬

(¬1) إذا حلف لا بأس أن يحنث للمصلحة ويكفّر، وهذا هو السنة لا يلج في يمينه إذا رأى الخير في الحنث يحنث. - لا بأس بتقديم الكفارة على الحنث «إلا كفرت عن يميني ثم أتيت الذي هو خير». (¬2) هذا آخر باب قرئ على شيخنا ابن باز - رحمه الله - حيث أوقف الدرس ثم سافر في الصيف إلى الطائف وتوفي به ليلة الخميس قبل الفجر بتاريخ 27/ 1/1420 هـ-فإنا لله وإنا إليه راجعون، والتعليق الآتي في القراءة السابقة للبخاري. (¬3) لأن التوحيد من التوبة، والشرك كفارته التوحيد وليتصدق بدل من تحصيل المال المحرم، والمقامرة: المغامرة بالمال. (¬4) يتصدق بشيء إذا قال: تعال أقامرك أو أراهنك. - وكذا من قال: والأمانة ... إلخ. فليقل لا إله إلا الله، وكذا من قال: أقامرك يتوب ويستغفر ويتصدق وهو جزء من الكفارة. - ظاهر النص وجوب لا إله إلا الله. - المباح للرجال من الفضة الخاتم فقط؟ هذا هو المعروف.

6 - باب من حلف على الشيء وإن لم يحلف

6 - باب من حلف على الشيء وإن لم يُحلَّف 6651 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اصطنع خاتمًا من ذهب وكان يلبسه، فيجعل فصَّه في باطن كفِّه، فصنع الناس الخواتيم ثم إنه جلس على المنبر فنزعه فقال: إني كنت ألبس هذا الخاتم وأجعل فصَّه من داخل، فرمى به ثم قال: والله لا ألبسه أبدًا، فنبذ الناس خواتيمهم» (¬1). 7 - باب من حلف بملة سوى ملة الإسلام 6652 - عن ثابت بن الضحاك قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من حلف بغير ملة الإسلام فهو كما قال. ومن قتل نفسه بشيء عُذب به في نار جهنم. ولعن المؤمن كقتله. ومن رمى مؤمنًا بكفر فهو كقتله» (¬2). 8 - باب لا يقول ما شاء الله وشئت. وهل يقول أنا بالله ثم بك؟ 6653 - عن عبد الرحمن بن أبي عمرة أن أبا هريرة حدثه أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن ثلاثة في بني إسرائيل أراد الله أن يبتليهم، فبعث ملكًا فأتى الأبرص فقال: تقطعت بين الجبال فلا بلاغ لي إلا بالله ثم بك». فذكر الحديث (¬3). ¬

(¬1) وهذا كان أولًا ثم نهي عنه للرجال وبقي مباحًا للنساء. - وهذا فيه أن لبس الخاتم من الذهب منسوخ، وإنما يجوز لبسه للنساء، وخواتيم الرجال من فضة. (¬2) وفيه وعيد عظيم من هذا وهو السبّ. (¬3) ولم يذكر حديثًا عن ما شاء الله، ولعله ليس على شرطه.

9 - باب قول الله تعالى: {وأقسموا بالله جهد أيمانهم}

9 - باب قول الله تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} وقال ابن عباس: قال أبو بكر «فوالله يا رسول الله لتحدِّثني بالذي أخطأت في الرؤيا. قال: لا تقسم». 6654 - عن البراء - رضي الله عنه - قال: «أمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - بإبرار المقسم» (¬1). 6655 - عن أسامة أن ابنه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسلت إليه -ومع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسامة بن زيد وسعد وأبي أو أُبيٌّ- أن ابني قد احتضر، فاشهدنا. فأرسل يقرأ السلام ويقول: إن لله ما أخذ وما أعطى، وكل شيء عنده مسمى، فلتصبر وتحتسب. فأرسلت إليه تقسم عليه، فقام وقمنا معه، فلما قعد رُفع إليه فأقعده في حجره ونفس الصبي تقعقع (¬2)، ففاضت علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال سعد: ما هذا يا رسول الله؟ قال: هذه رحمة يضعها الله في قلوب من يشاء من عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء» (¬3). 6656 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد تمسُّه النار إلا تحلَّة القسم» (¬4). 6657 - عن حارثة بن وهب قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ألا أدُلُّكم ¬

(¬1) فيه إبرار القسم، فلو حلف عليه أخوه لتأكلن من طعامي فالسنة إبرار قسمه إذا تيسر ذلك. (¬2) قاربت الخروج. (¬3) أبر قسمها - صلى الله عليه وسلم - فأتاها. (¬4) وفي لفظ اثنين، ويدلّ على الواحد حديث: «ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة».

الرقبة. 10 - باب إذا قال: أشهد بالله، أو شهدت بالله

على أهل الجنة؟ كل ضعيف متضعّف (¬1) لو أقسم على الله لأبره، وأهل النار كل جوّاظ عُتُل مستكبر». قال الحافظ: ... إشارة إلى أنها لو كانت يمينًا لكان أبو بكر أحق (¬2) بأن يبر قسمه لأنه رأس أهل الجنة ... قال الحافظ: ... ونقل ابن التين عن الداودي أن الجواظ هو الكثير اللحم الغليظ الرقبة (¬3). 10 - باب إذا قال: أشهد بالله، أو شهدتُ بالله 6658 - عن عبد الله قال: سُئل النبي - صلى الله عليه وسلم - أي الناس خير؟ قال: قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم. ثم يجيء قوم تسبق شهادة أ؛ دهم يمينه ويمينه شهادته». قال إبراهيم (¬4): وكان أصحابنا ينهونا -ونحن غلمان- أن نحلف بالشهادة والعهد». 11 - باب عهد الله - عز وجل - 6659 - عن عبد الله - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من حلف علي ¬

(¬1) ويروى متضعِّف ومتضعَّف أي فقير يحتقره الناس. (¬2) قول أبي بكر: والله يا رسول الله، قسم. (¬3) ليس المقصود الخلقة، المقصود العمل السيئ، وهو الجموع المنوع الفاجر. - ويدل على أنه بعد القرون الثلاثة يضعف الإيمان، وهذا في القرن الرابع فكيف الآن؟ ! (¬4) إبراهيم بن يزيد النخعي.

13 - باب قول الرجل: لعمر الله. قال ابن عباس لعمرك: لعيشك

يمين كاذبة ليقتطع بها مال رجل مسلم -أو قال أخيه- لقي الله وهو عليه غضبان. فأنزل الله تصديقه {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ ... }» (¬1). 12 - باب الحلف بعزة (¬2) الله وصفاته وكلماته 6661 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يبقى رجل بين الجنة والنار، فيقول: يا رب اصرف وجهي عن النار، لا وعزَّتك لا أسألك غيرها، وقال أبو سعيد: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «قال الله: لك ذلك وعشرة أمثاله». وقال أيوب (¬3): وعزتك لا غنى لي عن بركتك». 13 - باب قول الرجل: لعمر الله. قال ابن عباس لعمرك: لعيشك (¬4) 6662 - عن عبيد الله بن عبد الله عن حديث عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قال لها أهل الإفك ما قالوا فبرَّأها الله، وكل حدثني طائفة من الحديث، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستعذر من عبد الله بن أبي، فقام أسيد بن حُضير فقال لسعد بن عبادة: لعمر الله لنقتلنه» (¬5). ¬

(¬1) وفي رواية عند مسلم «ولو كان شيئًا يسيرًا». (¬2) العزة صفة من صفاته، ويقال رب العزة أي صاحب العزة، وفي الحديث: «أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر .. ». (¬3) النبي عليه الصلاة والسلام. (¬4) لحياتك. (¬5) لعمر الله: قسم لا يترتب عليه كفارة .. وهو حياة الله، وهو من باب التأكيد لا من باب الأيمان، ولهذا يجوز لعمري، لعمر فلان، فليست إيمانًا.

85 - كتاب الفرائض

85 - كتاب الفرائض 1 - باب قول الله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ... } الآية. 6723 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - يقول: مرضت فعادني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وهما ماشيان فأتياني وقد أُغمي عليَّ فتوضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصبَّ عليَّ وضوءه (¬1) فأفقت فقلت يا رسول الله كيف أصنع في مالي؟ كيف أقضي في مالي؟ فلم يُجبني بشيء حتى نزلت آية المواريث». 2 - باب تعليم الفرائض. وقال عقبة بن عامر: تعلموا قبل الظانِّني، يعني الذين يتكلمون بالظن (¬2) 6724 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إياكم والظنَّ أكذب الحديث، ولا تحسَّسوا (¬3) ولا تجسسوا ولا تباغضوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا». ¬

(¬1) فيه بركة ما مس جسد النبي - صلى الله عليه وسلم -. - قال شيخنا: الماء البارد قد يساعد المغمي عليه على الإفاقة، وكذا عند مرضى الحمى. (¬2) الظن ظنان: ظن بأمارات وعلامات تدل عليه، وظن هو وهم، وهو المقصود بالذم هنا. (¬3) التحسس يكون بالأقوال وبالأفعال.

3 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا نورث ما تركنا صدقة»

3 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا نورث ما تركنا صدقة» 6727 - عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا نُورَث ما تركنا صدقة» (¬1). 4 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من ترك مالاً فلأهله» 6731 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن مات وعليه دين ولم يترك وفاء فعلينا قضاؤه، ومن ترك مالًا فلورثته» (¬2). 5 - باب ميراث الولد من أبيه وأمه وقال زيد بن ثابت (¬3): إذا ترك رجل أو امرأة فلها النصف، وإن كانتا اثنتين أو أكثر فلهنَّ الثلثان وإن كان معهن ذكر بديَ بمن شركهم فيعطى فريضته، فما بقي فللذكر مثل حظ الأنثيين. ¬

(¬1) الصواب مع أبي بكر - رضي الله عنه -، وهذا الحديث متواتر قد رواه عثمان وعبد الرحمن والزبير وسعد وقبلهم أبو بكر، وعمل به الخلفاء الأربعة - رضي الله عنهم - فلم يورثوا أزواجه ولا فاطمة ولا العباس شيئًا؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «لا نورث» ... الحديث ولو ورّثهم لكان لأزواجه الثمن ولفاطمة النصب وللعباس الباقي 3/ 8. - والرافضة يسبون أبا بكر لهذا السبب وكذا عمر، قاتلهم الله. (¬2) وكذا الخلفاء بعده - صلى الله عليه وسلم - يعملون كعمله فيقضون دين من عليه دين من بيت المال ويواسون القُصَّر والفقراء. (¬3) ما قاله زيد هو موافق للآية، وفي الحديث: «أفرضكم زيد».

6 - باب ميراث البنات

6 - باب ميراث البنات 6733 - عن سعد بن أبي وقاص قال: مرضت بمكة مرضًا فأشفيت منه على الموت، فأتاني النبي - صلى الله عليه وسلم - يعودني، فقلت: يا رسول الله، إني لي مالًا كثيرًا وليس يرثني إلا ابنتي، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: لا، قال: قلت فالشطر، قال: لا، قلت: الثلث؟ قال: الثلث كبير، إنك إن تركت ولدك أغنياء خير من أن تتركهم عالة يتكففون الناس، وإنك لن تنفق نفقة إلا أُجرت عليها حتى اللقمة ترفعها إلى فيّ امرأتك، فقلت: يا رسول الله أخلَّف عن هجرتي؟ فقال: لن تخلَّف بعدي فتعمل عملًا تريد به وجه الله إلا ازددت به رفعة ودرجة، ولعلك أن تخلَّف بعدي حتى ينتفع بك أقوام ويُضرَّ بك آخرون، ولكن البائس سعد بن خولة، يرثي له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن مات بمكة» (¬1). 7 - باب ميراث ابن الابن إذا لم يكن ابن، وقال زيد ولد الأبناء بمنزلة الولد إذا لم يكن دونهم (¬2) ولد ذكرٌ ذكرهم كذكرهم وأنثاهم كأنثاهم ثرثون كما يرثون ويحجبون ولا يرث ولد الابن مع الابن. 6735 - عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر». ¬

(¬1) ظاهر الحديث أن الثلث كثير، فالأفضل أقل؛ ولهذا قال ابن عباس لو أن الناسَ غضوا من الثلث إلى الربع. - الوصية بالثلث فأقل لو كان الوارث واحدًا .. وفيه دلالة أن العبد كلما تأخر وطال عمره في طاعة الله كان أفضل. (¬2) وهذا محل إجماع.

9 - باب ميراث الجد مع الأب والإخوة

9 - باب ميراث الجد مع الأب والإخوة وقال أبو بكر وابن عباس وابن الزبير الجد أب (¬1)، وقرأ ابن عباس {يَابَنِي آدَمَ} - {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} ولم يذكر أن أحدًا خالف أبا بكر في زمانه وأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - متوافرون، وقال ابن عباس: يرثني ابن ابني دون إخوتي ولا أرث أنا ابن ابني (¬2). ويذكر عن عمر وعلي وابن مسعود وزيد أقاويل مختلفة. 10 - باب ميراث الزوج مع الولد وغيره قال الحافظ: ... {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} (¬3). 11 - باب ميراث المرأة والزوج مع الولد وغيره 6740 - عن أبي هريرة أنه قال: قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جنين المرأة من بني لحيان سقط ميتًا بغرة عبد أو أمة، ثم إن المرأة التي قضى لها بالغرة توفيت فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن ميراثها لبنيها وزوجها، وأن العقل على عصبتها» (¬4). ¬

(¬1) الجد أب يسقط الإخوة. (¬2) على سبيل الإنكار. (¬3) يشير إلى هذه الآية المنسوخة. (¬4) قتل الخطأ ديته على العاقلة. وقتل العمد ديته على القاتل وفي تركته.

13 - باب ميراث الأخوات والإخوة

13 - باب ميراث الأخوات والإخوة 6743 - عن جابر - رضي الله عنه - قال: دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا مريض، فدعا بوضوء فتوضأ ثم نضح عليَّ من وضوئه فأفقت فقلت: يا رسول الله، إنما لي أخوات فنزلت آية الفرائض (¬1). 29 - باب من ادعى إلى غير أبيه 6766 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا ترغبوا عن آبائكم، فمن رغب عن أبيه فهو كفر» (¬2). 30 - باب إذا ادعت المرأة ابنًا 6799 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: كانت امرأتان معهما ابناهما جاء الذئب فذهب بابن إحداهما فقالت لصاحبتها إنما ذهب بابنك وقالت الأخرى إنما ذهب بابنك، فتحاكمتا إلى داود - عليها السلام - فقضى به للكبرى، فخرجتا على سليمان بن داود - رضي الله عنه - فأخبرتاه، فقال ائتوني بالسكين أشقُّه بينهما، فقالت الصغرى: لا تفعل يرحمك الله هو ابنها، فقضى به للصغرى» (¬3). ¬

(¬1) هي {يَسْتَفْتُونَكَ ... } الآية. (¬2) ليس ذلك ردة بل هي من جملة المعاصي كالعقوق وهو من العقوق، ولأن الأحاديث المطلقة ترد إلى المقيدة والله يقول: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ} فالمعاصي تدخل في ما دون ذلك، هذا مذهب السلف كالصحابة، أما من استحل ذلك فهو كفر أكبر. (¬3) فيه الاجتهاد فيما ليس فيه نص. - الحديث ليس فيه بينات وإلا فهي مقدمة.

31 - باب القائف

قال الحافظ: ... وترجم أيضًا الحاكم (¬1) بخلاف ما يعترف به المحكوم ... قال الحافظ: ... وترجم له «التوسعة للحاكم أن يقول للشيء الذي لا يفعله أفعل ليستبين له الحق» (¬2). 31 - باب القائف 6770 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل عليَّ مسرورًا تبرُق أسارير وجهه فقال: ألم تري أ، مجزِّزًا نظر آنفًا إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض» (¬3). ¬

(¬1) الحكم. (¬2) ذكر شيخنا نحوه. - فيه شرعية الفرح بالحق .. {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ} الآية. (¬3) والناس كانوا يطعنون في نسب أسامة من زيد؛ لأن أسامة كان أسود وزيد كان أبيض.

86 - كتاب الحدود

86 - كتاب الحدود (¬1) 2 - باب الزنا وشرب الخمر 6772 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينتهب نُهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم وهو مؤمن» (¬2). 3 - باب من أمر بضرب الحدّ في البيت 6774 - عن عقبة بن الحارث قال: جيء بالنُّعيمان -أو بابن النعيمان- شاربًا، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - من كان بالبيت أن يضربوه، قال: فضربوه، فكنت أنا فيمن ضربه بالنعال» (¬3). ¬

(¬1) وتطلق الحدود على الفرائض {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا}. - الحدود: 1 - حدود مقدرة كالزنا، وأخف الحدود ثمانون جلدة، كما استشار عمر عبد الرحمن. 2 - المعاصي مثل «باب ما يحذر من الحدود» كما ذكر المصنف هنا. (¬2) المراد نفي كمال الإيمان «هذا مذهب أهل السنة». قلت: ومراد شيخنا كماله الواجب، وقد قال شيخ الإسلام لم يقع في النصوص: نفي كمال الإيمان المستحب. (¬3) فيه جواز إقامة الحد في البيت أو في السوق أو في أي مكان، وكان في أول الإسلام يضرب بالثوب والنعل ... إلخ ثم استقر الضرب بالجريد. - هل يجوز لولي الأمر الزيادة؟ زاد عمر بنفي وحلق رأس نصر بن حجاج.

5 - باب ما يكره من لعن شارب الخمر، وأنه ليس بخارج من الملة

6777 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - برجل قد شرب، قال: «اضربوه». قال أبو هريرة - رضي الله عنه -: فمنا الضارب بيده والضارب بنعله والضارب بثوبه. فلما انصرف قال بعض القوم: أخزاك الله. قال: لا تقولوا هكذا، لا تعينوا عليه الشيطان» (¬1). 6778 - عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: ما كنت لأقيم حدًا على أحد فيموت فأجد في نفسي، إلا صاحب الخمر فإنه لو مات ودَيته، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يسُنَّه» (¬2). قال الحافظ: ... وزاد في آخره: «ولكن قولوا اللهم اغفر له، اللهم ارحمه» (¬3). 5 - باب ما يكره من لعن شارب الخمر، وأنه ليس بخارج من الملة (¬4) 6780 - عن عمر بن الخطاب أن رجلًا كان على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - كان اسمه عبد الله وكان يُلقب حمارًا، وكان يُضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد جلده في الشراب، فأُتي به يومًا فأمر به فجلد، فقال رجل من القوم: ¬

(¬1) يقال: هداه الله، وأصلحه الله. (¬2) أي: لم يحدد فيه شيء، أي: يحدد الضرب، وكان هذا أولًا ثم استقر الأمر على الضرب بالجريد. (¬3) كما قال شيخنا. (¬4) الجمهور على أنه لا يقتل بل يكرر عليه الحدّ لهذا الحديث «ما أكثر ما يؤتى به». قلت: بسط الحافظ المسألة في ص 78 من هذا المجلد (الأصل) فما بعدها.

7 - باب لعن السارق إذا لم يسم

اللهم العنه (¬1)، ما أكثر ما يؤتى به! فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تلعنوه، فوالله ما علمت أنه يحب الله ورسوله». 7 - باب لعن السارق إذا لم يُسم (¬2) 6783 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده» (¬3). 8 - باب الحدود كفارة 6784 - عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال: كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - في مجلس فقال: بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئًا ولا تسرقوا ولا تزنوا. وقرأ هذه الآية كلها: (فمن وفى منكم فأجره على الله) ومن أصاب من ذلك شيئًا فعوقب به فهو كفارة، ومن أصاب من ذلك شيئًا فستره الله عليه إن شاء غفر له وإن شاء عذَّبه به» (¬4). ¬

(¬1) وفي رواية «أخزاه الله» وفيه دليل على عدم لعن المعين بل يلعن العموم، لعن الله المجرمين، لعن الله الخمر ... الحديث. (¬2) والبخاري يفرق بين المعين وغير المعين. (¬3) وسرقة القليل تؤدي إلى سرقة الكثير. - أقل نصاب السرقة ربع دينار. (¬4) الحد كفارة لا يؤاخذ بالذنب يوم القيامة؛ فالحد كالتوبة في رفع الإثم، ولو حُدّ دون توبة لم يأثم. - القتل يكفّر بالقصاص فإن تاب توبة صادقة كفر عنه، وإلا يبقى حق القتيل وقد يعوضه الله يوم القيامة.

12 - باب كراهية الشفاعة في الحد إذا رفع إلى السلطان

12 - باب كراهية الشفاعة في الحد إذا رُفع إلى السلطان 6788 - عن عائشة رضا أن قريشًا أهمتهم المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا: من يُكلم فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن يجترئ عليه إلا أسامة حِبُّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أتشفع في حد من حدود الله؟ ثم قام فخطب فقال: يا أيها الناس إنما ضلَّ من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق الشريف تركوه، وإذا سرق الضعيف فيهم أقاموا عليه الحد. وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها» (¬1). قال الحافظ: ... وله شاهد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رفعه «تعافوا الحدود فيما بينكم فما بلغني من حد فقد وجب» (¬2). 13 - باب قول الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}، وفي كم يقطع؟ 6792 - عن هشام عن أبيه قال: «أخبرتني عائشة أن يد السارق لم تُقطع على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا في ثمن مجنِّ حَجَفة أو ترس» (¬3). ¬

(¬1) إذا ستر على الإنسان وترك فلا بأس قبل أن يبلغ السلطان. (¬2) والستر مطلوب. قلت: نقل الحافظ عن ابن عبد البر الإجماع على جواز الشفاعة فيما يقتضي التعزيز ص 88 من الأصل. - قال بعض أهل العلم: إلا أن يكثر منه فلا، بل يرفع للحاكم. قلت: لقوله تعالى: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ} فما دام في العفو إفساد فلا ينبغي العفو، وانظر ما نقله الحافظ عن مالك ص 95 من الأصل. (¬3) نصاب القطع هو ربع دينار هو مذهب الجمهور، وهو ثمن المجن وقيمته ثلاثة دراهم وكان الدينار على عهد المصطفى قيمته 12 درهمًا ربعها ثلاثة دراهم .. ربع دينار = سبع جنيه. - وقال قوم: النصاب 10 دراهم، وهو قول ضعيف لا دليل عليه.

14 - باب توبة السارق

6799 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لعن الله السارق، يسرق البيضة (¬1) فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده». 14 - باب توبة السارق 6800 - عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قطع يد امرأة، قالت عائشة: وكانت تأتي بعد ذلك فأرفع حاجتها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فتابت وحسُنت توبتها» (¬2). 6801 - عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال: بايعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رهط فقال: أبايعكم على أن لا تشرطوا بالله شيئًا، ... الحديث ... قال أبو عبد الله: إذا تاب السارق بعدما قطع يده قُبلت شهادته، وكلٌّ محدود كذلك إذا تاب قُبلت شهادته» (¬3). 15 - باب المحاربين من أهل الكفر والرِّدَّة 6802 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: «قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - نفر من عُكل فأسلموا، فاجتوَوا (¬4) المدينة، فأمرهم أن يأتوا إبل الصدقة فيشربوا من ¬

(¬1) والجواب عنه: أما الحبل الذي يساوي ربع دينار، والبيضة بيضة الترس، وتساوي ربع دينار أو أكثر. - الحديث هذا مجمل فيحمل على المفصّل. (¬2) السنة: قطع اليمنى، ولو أخطأ وقطعت الشمال أجزأت. (¬3) وهذا مذهب أهل السنة والجماعة. (¬4) فلم تناسبهم.

16 - باب لم يحسم النبي - صلى الله عليه وسلم - المحاربين من أهل الردة حتى هلكوا

أبوالها وألبانها، ففعلوا فصحُّوا، فارتدوا، فقتلوا رعاتها واستاقوا الإبل. فبعث في آثارهم فأتى بهم، فقطع (¬1) أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم، ثم لم يحسمهم حتى ماتوا». 16 - باب لم يحسم النبي - صلى الله عليه وسلم - المحاربين من أهل الردة حتى هلكوا 6803 - عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قطع العُرَنيين، ولم يحسمهم (¬2) حتى ماتوا». 17 - باب لم يُسق المرتدون المحاربون حتى ماتوا 6804 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: «قدم رهط من عُكل على النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا في الصفَّة، فاجتووا المدينة فقالوا: يا رسول الله أبغنا رسلًا، فقال: ما أجد لكم إلا أن تلحقوا بإبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأتوها فشربوا من ألبانها وأبوالها (¬3) حتى صحُّوا وسمنوا وقتلوا الراعي وةاستاقوا الذَّود، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - الصَّريخ، فبعث الطلب في آثارهم، فما ترجل النهار حتى أتى بهم، فأمر بمسامير فأحميت فكحلهم وقطع أيديهم وأرجلهم وما حسمهم، ثم أُلقوا في الحرَّة يستسقون، فما سُقوا حتى ماتوا». ¬

(¬1) لأنهم كفروا وقتلوا وأخذوا المال. (¬2) الحسم: الكي لقطع الدم. - جمع لهم بين القصاص والحد. (¬3) فيه طهارة أبوال الإبل، وهكذا كل مأكول اللحم فيجوز الصلاة في مرابض مأكول اللحم؛ وأما النهي عن الصلاة في معاطن الإبل لا لأجل النجاسة. قلت: وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي في مرابض الغنم. انظر صحيح مسلم برقم 524 حديث أنس.

19 - باب فضل من ترك الفواحش

19 - باب فضل من ترك الفواحش 6806 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «سبعة يظلهم الله يوم القيامة في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل ذكر الله في خلاء ففاضت عيناه، ورجل قلبه معلق في المسجد، ورجلان تحابا في الله، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال (¬1) إلى نفسها قال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما صنعت يمينه». 20 - باب إثم الزناة 6808 - عن أنس قال: لأحدثنكم حديثًا لا يحدثكموه أحد بعدي، سمعته من النبي - صلى الله عليه وسلم -، سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا تقوم الساعة» -وإما قال: «من أشراط الساعة» - «أن يُرفع العلم، ويظهر الجهل، ويُشرب الخمر، ويظهر الزنا، ويقلَّ الرجال، ويكثر النساء (¬2) حتى يكون للخمسين امرأة القيم الواحد». ¬

(¬1) شاهد الترجمة. قلت: قال الحافظ ويلتحق بهذه الخصلة من وقع له نحوها كالذي دعا شابًا جميلًا لأن يزوجهُ ابنةً له جميلة كثيرة الجهاز لينال منه الفاحشة فعفى الشاب عن ذلك وترك المال والجمال، وقد شاهدت ذلك. أهـ. قلت: في عصرنا من هذا ألوان وألوان، والله المستعان. (¬2) وقد ظهر ذلك بسبب الحروب التي تطحن الرجال وكثرة مواليد النساء. - أسباب هذا الفساد قلة العلم وكثرة الجهل وضعف الوازع الديني.

21 - باب رجم المحصن

21 - باب رجم المحصن 6813 - عن خالد عن الشيباني «سألت عبد الله بن أبي أوفى: هل رجم (¬1) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم. قلت: قبل سور النور أم بعد؟ قال: لا أدري». 22 - باب لا يرجم المجنون والمجنونة 6816 - قال ابن شهاب: فأخبرني من سمع جابر بن عبد الله قال: «فكنت فيمن رجمه، فرجمناه بالمصلى، فلما أذلقته الحجارة هرب، فأدركناه بالحرَّة فرجمناه» (¬2). قال الحافظ: ... ويؤخذ من قضيته أنه يستحب لمن وقع في مثل قضيته أن يتوب إلى الله تعالى ويستر (¬3) نفسه ولا يذكر ذلك لأحد ... ¬

(¬1) والرجم متواتر بالسنة. - الإحصان إذا دخل بالزوجة. - الزنا بالمحارم كالزنا بغير المحارم وقيل يقتل مطلقًا. ورجح الشيخ الأول. (¬2) قال بعض أهل العلم أن الهروب نوع من الرجوع في الاعتراف، ولكن الصواب: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقر الصحابة على الحادثة وقتله. قلت: اختار أبو العباس أن من جاء تائبًا بنفسه واعترف فهذا لا يجب أن يُقام عليه الحد في ظاهر مذهب أحمد ... وقرره مطولًا. انظر فتاويه (16/ 31) (28/ 301). (¬3) المشروع لمن فعل من هذا شيئًا أن يتوب ويستر نفسه، ولا حاجة إلى إقامة الحد.

23 - باب للعاهر الحجر

قال الحافظ: ... وفيه أنه يستحب لمن وقع في معصية وندم أن يبادر إلى التوبة منها ولا يخبر بها أحدًا ويستتر بستر الله» وإن اتفق أنه يخبر أحدًا فيستحب أن يأمره بالتوبة وستر ذلك عن الناس كما جرى لماعز مع أبي بكر ثم عمر (¬1). 23 - باب للعاهر الحجرَ 6817 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: اختصم سعد وابن زمعة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: هو لك يا عبد بن زمعة، الولد للفراش، واحتجبي منه يا سودة» زاد لنا قتيبة عن الليث: «وللعاهر الحجَر» (¬2). 24 - باب الرجم في البلاط 6819 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيهودي ويهودية قد أحدثا جميعًا، فقال لهم: «ما تجدون في كتابكم؟ » قالوا: إن أحبارنا أحدثوا تحميم الوجه والتجبية، قال عبد الله بن سلام: ادعهم يا رسول الله بالتوراة، فأتى بها، فوضع أحدهم يده على آية الرجم وجعل يقرأ ما قبلها وما بعدها، فقال له ابن سلام: ارفع يدك، فإذا آية الرجم تحت يده، فأمر بهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرُجما. قال ابن عمر: فرُجما عند البلاط، فأريت اليهودي أجنأ عليها» (¬3). ¬

(¬1) قلت: كلام طيب للحافظ. (¬2) العاهر: الزاني فله الخيبة، والفراش الزوج فلا ينتقي منه إلا باللعان، ولهذا ردّ النبي أمر سعد. (¬3) آية الرجم لم تحرّف كما حرف الباقي.

25 - باب الرجم بالمصلى

25 - باب الرجم بالمصلى قال الحافظ: ... يستفاد منه أن المصلى لا يثبت له حكم المسجد إذ لو ثبت له ذلك لاجتنب الرجم فيه لأنه لا يؤمن من التلويث من المرجوم خلافًا لما حكاه الدارمي أن المصلى يثبت له حكم المسجد ولو لم يوقف (¬1) .. 27 - باب إذا أقرَّ بالحد ولم يُبين، هل للإمام أن يستر عليه؟ 6823 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: كنت عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فجاءه رجل فقال: يا رسول الله إني أصبت حدًا فأقمه عليَّ، قال: ولم يسأله عنه، قال: وحضرت الصلاة فصلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلاة قام إليه الرجل فقال: يا رسول الله إني أصبت حدًا فأقم فيَّ كتاب الله. قال: «أليس قد صليت معناه؟ » قال: نعم، قال: «فإن الله قد غفر لك ذنبك»، أو قال: «حدَّك» (¬2). 30 - باب الاعتراف بالزنا 6829 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال عمر لقد خشيت أن يطول بالناس زمان حتى يقول قائل: لا نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا ¬

(¬1) المرجوم إذا هرب فإن صحت «هلا تكتموه» يترك، ثم قيده شيخنا بمن جاء تائبًا نادمًا وإلا فلا. قلت: وهو صريح كلام شيخ الإسلام - رحمه الله - الذي تقدمت الإشارة إليه قريبًا. (¬2) ونزل قوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ}.

31 - رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت

بترك فريضة أنزلها الله، ألا وإن الرجم حق على من زنى وقد أحصنَ إذا قامت البيّنة أو كان الحمل أو الاعتراف. قال سفيان: كذا حفظت، ألا وقد رجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورحمنا بعده» (¬1). 31 - رجم الحُبلى من الزنا إذا أحصنت 6830 - عن ابن عباس قال: كنت أُقرئ رجالًا من المهاجرين منهم عبد الرحمن بن عوف، فبينما أنا في منزله بمنًى وهو عند عمر بن الخطاب في آخر حجَّة حجَّها، إذا رجع إليَّ عبد الرحمن فقال: لو رأيتَ رجلًا أتى أمير المؤمنين اليوم فقال: يا أمير المؤمنين هل لك في فلان يقول: لو قد مات عمر لقد بايعت فلانًا فوالله ما كانت بيعة أبي بكر إلا فلتة فتمَّت، فضغب عمر ثم قال: إني إن شاء الله لقائم العشية في الناس فمحذِّرهم هؤلاء الذين يريدون أن يغضبوهم أمورهم. قال عبد الرحمن: فقلت يا أمير المؤمنين لا تفعل، فإن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم، فإنهم هم الذين يغلبون على قُربك حين تقوم في الناس، وأنا أخشى أن تقوم فتقول مقالة يُطيرها عنك كل مُطيِّر، وأن لا يعوها، وأن لا يضعوها على مواضعها، فأمهل حتى تقدم المدينة فإنها دار الهجرة والسنة، فتخلص بأهل الفقه وأشراف الناس، فتقول ما قلت متمكنًا، فيعي أهل العلم مقالتك، ويضعونها على مواضعها. فقال عمر: أما والله -إن شاء الله- لأقومنَّ بذلك أول مقام أقوم بالمدينة قال ابن عباس: فقدمنا المدينة في عقب ذي الحجة، فلما كان يوم الجمعة عجلت الرَّواح حين زاغت الشمس حتى ¬

(¬1) البينة أو الإقرار والاعتراف أو الحمل توجب الحد.

أجد سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفيل جالسًا إلى ركن المنبر، فجلست حوله تمسُّ ركبتي ركبته، فلم أنشب أن خرج عمر بن الخطاب فلما رأيته مُقبلًا قلت لسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل: ليقولنَّ العشية مقالة لم يقلها منذ استخلف. فأنكر عليَّ وقال: ما عسيت أن يقول ما لم يقل قبله! فجلس عمر على المنبر، فلما سكت المؤذنون (¬1) قام فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال: أما بعد فإني قائل لكم مقالة قد قُدِّر لي أن أقولها، لا أدري لعلها بين يدي أجلي، فمن عقلها ووعاها فليحدث بها حيث انتهت به راحلته ومن خشي أن لا يعقلها فلا أحل لأحد أن يكذب على إن الله بعث محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل الله آية الرجم فقرأنها وعقلناها ووعيناها، رجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله، فيضل بترك فريضة أنزلها الله، والرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحسن من الرجال والنساء إذا قامت البيِّنة أو كان الحبل أو الاعتراف. ثم إن كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله أن لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم -أو إن كفرًا بكم أن ترغبوا عن آبائكم- ألا ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا تطروني كما أطري عيسى بن مريم وقولوا عبد الله ورسول. ثم إنه بلغني أن قائلًا منكم يقول والله لو قد مات عمر بايعت فلانًا فلا يغترن امرؤ أن يقول إنما كانت بيعة أبي بكر (¬2) فلتة وتمَّت، ألا ¬

(¬1) في بعض الروايات المؤذن .. (¬2) لم يجتمع لها قبل بل يسرها الله في الحال على يد عمر - رضي الله عنه -، وأبو بكر هو أولى الناس بها. قلت: قال شيخ الإسلام (35/ 48) والتحقيق في خلافة أبي بكر وهو الذي يدل عليه كلام أحمد أنها انعقدت باختيار الصحابة ومبايعتهم له وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر بوقوعها على سبيل الحمد لها والرضي بها، وأنه أمر بطاعته .. فهذه الأوجه الثلاثة: الخبر والأمر والإرشاد ثابت من النبي - صلى الله عليه وسلم - .. (ثم شرحها شيخ الإسلام) ..

وإنها قد كانت كذلك، ولكن الله وفقى شرها، وليس فيكم من تقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر، من بايع رجلًا من غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا، وإنه قد كان من خبرنا حين توفى الله نبيه - صلى الله عليه وسلم -، أن الأنصار خالفونا واجتمعوا بأسرهم في سقيفة بني ساعدة، وخالف عنا علي والزبير ومن معهما واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر فقلت لأبي بكر: يا أبا بكر، انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء من الأنصار فانطلقنا نريدهم، فلما دنونا منهم لقينا منهم رجلان صالحان فذكرا ما تمالأ عليه القوم فقالا: أين تريدون يا معشر المهاجرين؟ فقلنا: نريد إخواننا هؤلاء من الأنصار، فقالا: لا عليكم أن لا تقربوهم، اقضوا أمركم. فقلت: والله لنأتينهم. فانطلقنا حتى أتيناهم في سقيفة بني ساعدة، فإذا رجل مزمل بين ظهرانيهم، فقلت: من هذا؟ فقالوا: هذا سعد بن عبادة. فقلت: ما له؟ قالوا: يوعك. فلما جلسنا قليلًا تشهد خطيبهم فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: أما بعد فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام، وأنتم -معشر المهاجرين- رهط، وقد دفّت دافة من قومكم، فإذا هم يريدون أن يختزلونا من أصلنا وأن يحضنونا من الأمر، فلما سكت أردت أن أتكلم -وكنت قد زودت مقالة أعجبتني أريد أن أقدمها بين يدي أبي بكر-

وكنت أداري منه بعض الحد، فلما أردت أن أتكلم قال أبو بكر: على رسلك. فكرهت أن أغضبه، فتكلم أبو بكر، فكان هو أحلم مني وأوقر، والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري إلا قال في بديهته مثلها أو أفضل منها حتى سكت. فقال: ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل، ولن يُعرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش، هم أوسط العرب نسبًا ودارًا. وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين أيهما شئتم -فأخذ بيدي ويد أبي عبيدة بن الجراح وهو جالس بيننا- فلم أكره مما قال غيرها، كان والله أن أقدم فتضرب عنقي لا يقربني هذا من إثم أحب إليّ من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر، اللهم إلا أن تسول إليّ نفسي عند الموت شيئًا لا أجده الآن. فقال قائل من الأنصار أنا جذيلها المحكك، وعذيقها المرجب. منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش. فكثر اللغَط وارتفعت الأصوات، حتى فرقت من الاختلاف، وقلت: أبسط يديك يا أبا بكر، فبسط يده، فبايعته وبايعه المهاجرين ثم بايعت الأنصار، ونزونا على سعد بن عبادة فقال قائل منهم: قتلتم سعد بن عبادة، فقلت: قتل الله (¬1) سعد بن عبادة. قال عمر: وإنا والله ما وجدنا فيما حضرنا من أمر أقوى من مبايعة أبي بكر، خشينا إن فارقنا القوم ولم تكن بيعة أن يبايعوا رجلًا منهم بعدنا، فإما بايعناهم على ما لا نرضى وإما نخالفهم فيكون فسادًا، فمن بايع رجلًا على غير مشورة من المسلمين فلا يتابع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا». ¬

(¬1) هذا من باب الزجر له حينما تخلف.

32 - باب البكران يجلدان وينفيان

32 - باب البكران يجلدان وينفيان 6831 - عن زيد بن خالد الجهنَّي قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يأمر فيمن زنى ولم يُحصن جلْد مائة وتغريب عام». قال الحافظ: ... وعمل به الخلفاء الراشدون فلم ينكره أحد فكان إجماعًا، واختلف في المسافة التي ينفى إليها: فقيل هو إلى رأي الإمام (¬1) ... قال الحافظ: ... ويتأكد بحديث «لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم» قال: وإذا انتفى أن يكون على النساء نفي انتفى أن يكون على الرجال، كذا قال وهو مبني على أن العموم إذا خص سقط الاستدلال به، وهو مذهب ضعيف جدًا (¬2). 33 - با ب نفي أهل المعاصي والمخنَّثين 6834 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «لعن النبي - صلى الله عليه وسلم - المخنثين (¬3) من الرجال والمترجلات من النساء وقال: أخرجوهم من بيوتكم، وأخرج فلانًا، وأخرج عمر فلانًا». 34 - باب من أمر غير الإمام بإقامة الحد غائبًا عنه 6835، 6836 - عن أبي هريرة وزيد بن خالد أن رجلًا من الأعراب ¬

(¬1) اختاره الشيخ وذلك إلى بلد فيها أخيار. (¬2) هذا مذهب باطل، بل العموم حجة والخصوص يعمل به ويخص من العموم، ويبقى العموم فيما سوى ذلك حجة. (¬3) المخنث المتشبه بالنساء إما بكلامه أو مشيته أو في طبيعته فإن تعمد ذلك كان ملعونًا، وإن لم يتعمد بل كان خلقه فلا.

باب إذا زنت الأمة

جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو جالس فقال: يا رسول الله اقض بكتاب الله، فقام خصمه فقال: صدق، اقض له يا رسول الله بكتاب الله، إن ابني كان عسيفًا على هذا فزنى بامرأته فأخبروني أن على ابني الرجم (¬1)، فافتديت بمائة من الغنم ووليدة (¬2)، ثم سألت أهل العلم فزعموا أن ما على ابني جلد مائة وتغريب عام. فقال: والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله، أما الغنم والوليدة فردُّ عليك، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام، وأما أنت يا أُنيس فاغد على امرأة هذا فارجمها، فغدا أنيس فرجمها» (¬3). باب إذا زنت الأمة (¬4) 6837، 6838 - عن أبي هريرة وزيد بن خالد - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن قال: «إذا زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها (¬5)، ثم بيعوها ولو بضفير». ¬

(¬1) هذا خطأ مطبعي، وهذا يدل على أن الصلح إذا خالف الشرع فإنه يبطل. (¬2) جارية. (¬3) فيه التوكيل بإقامة الحد. (¬4) لا يجوز للحر نكاح الأمة إلا بشروط: 1 - عدم القدرة على نكاح الحرة. ... 2 - أن يخشى العنت (الزنا) على نفسه. 3 - كون الأمة مؤمنة. (¬5) دلّ على أن جلدها محصنة أو غير محصنة هو الجلد 50 جلدة. - الصبر أفضل من نكاح الأمة مع توافر الشروط.

36 - باب لا يثرب على الأمة إذا زنت، ولا تنفى

36 - باب لا يُثرَّب على الأمة إذا زنت، ولا تُنفى 6839 - عن أبي هريرة قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا زنت الأمة فتبين زناها فليجلدها ولا يُثرِّب، ثم إن زنت فليجلدها (¬1) ولا يثرب ثم إن زنت الثالثة فليبعها ولو بحبل من شعر». 37 - باب أحكام أهل الذمة وإحصانهم إذا زنوا ورُفعوا إلى الإمام 6840 - عن عبد الله بن أبي أوفى قال: رجم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: أقبل النور (¬2) أم بعده؟ قال: لا أدري». ¬

(¬1) - الأمة عليها نصف ما على المحصنات من العذاب، فدل على أنهن لا يرجمن؛ لأنهن أموال بل يجلدن. عذاب الأمة الجلد على النصف، فلا تنفى ولا تعنّف. (¬2) أي سورة النور وآية المائدة {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} هذا ما وافقت شريعتنا شريعة من كان قبلنا. - سورة النور بينت الحكم في حق الكبار (الجلد). - الجمع بين الجلد والرجم منسوخ لفعله - صلى الله عليه وسلم -، وقيل يجوز الترك، والأول أصح. - لا يُغيَّر الرجم بالسيف لأن الرجم أنكى. - السنة فيها الرجم، والنور فيها الجلد، والواقعات تدل على أن الرجم كان بعد سورة النور، والحكم لا يختلف سواء قبل النور أم بعد النور، وشبهة السائل أن النور ربما نسخت الرجم.

38 - باب إذا رمى امرأته أو امرأة غيره بالزنا عند الحاكم والناس هل على الحاكم أن يبعث إليها فيسألها عما رميت به؟

38 - باب إذا رمى امرأته أو امرأة غيره بالزنا عند الحاكم والناس هل على الحاكم أن يبعث إليها فيسألها عما رُميت به؟ 6842، 6843 - عن أبي هريرة وزيد بن خالد أنهما أخبراه أن رجلين اختصما إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال أحدهما: اقض بيننا بكتاب الله، وقال الآخر ... -وهو أفقههما-: أجل يا رسول الله فاقض بيننا بكتاب الله، وأْذن لي أن أتكلم؛ قال: تكلم. قال: إن ابني كان عسيفًا على هذا -قال مالك: والعسيف الأجير- فزنى بامرأته فأخبروني أن على ابني الرجم، فافتديت منه بمائة شاة وبجارية لي، ثم إني سألت أهل العلم فأخبروني أنا ما على ابني جلد مائة وتغريب عام. وإنما الرجم على امرأته. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أما والذي نفسي بيده لأقضينَّ بينكما بكتاب الله. أما غنمك وجاريتك فردٌّ عليك (¬1). وجلد ابنه مائة وغربه عامًا. وأمر أنيسًا الأسلمي أن يأتي امرأة الآخر فإن اعترفت فارجمها، فاعترفت فرجمها». 39 - باب من أدَّب أهله (¬2) أو غيره دون السلطان وقال أبو سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا صلى فأراد أحد أن يمر بين يديه فليدفعه، ¬

(¬1) فيه إلغاء الأحكام الأخرى والإلزام بتطبيق الحدود، والصلح على إلغاء الحدود باطل لهذا الحديث. - في حق الله الصلح مردود. - في حق المخلوق إذا تسامحوا وتساقطوا فلا يضر؛ لأن الحق لهم فإذا تسامحوا في القصاص وفي الديون فالصلح خير. (¬2) فيه أن الأمور التي تتعلق بالآداب لا يحتاج إلى رفعها إلى الحاكم بل ترفع الخصومات والحدود، ولهذا أنكر الصديق على عائشة وأخذ يطعن فيها ولم ينكر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك أمر -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- بضرب الأولاد ولم يأمر برفع ذلك للولاة ... إلخ.

40 - باب من رأى مع امرأته رجلا فقتله

فإن أبى فليقاتله (¬1)». 6844 - عن عائشة قالت: جاء أبو بكر - رضي الله عنه - ورسو ل الله - صلى الله عليه وسلم - واضع رأسه على فخذي- فقال: حبست رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والناس وليسوا على ماء. فعاتبني وجعل يطعن بيده خاصرتي. ولا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأنزل الله آية التيمم» (¬2). 40 - باب من رأى مع امرأته رجلاً فقتله 6846 - عن المغيرة قال: قال سعد بن عُبادة لو رأيت رجلًا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مُصفح (¬3). فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أتعجبون من غيرة سعد؟ لأنا أغير منه والله أغير مني». قال الحافظ: ... وقد أخرج عبد الرزاق بسند صحيح إلى هانئ بن حزام «أن رجلًا وجد مع امرأته رجلًا فقتلهما، فكتب عمر كتابًا في العلانية أن ¬

(¬1) المدافعة بشدة، وأذن به النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو إمام الأئمة. (¬2) وذلك لعقد لها سقط - رضي الله عنها -، وبعدما نزلت آية التيمم قال أسيد: ما هي بأول بركاتكم يا آل أبي بكر، يعني لكثرتها. - وفيه جواز التأديب للأولاد الكبار فليس خاصًا بالصغير. (¬3) أي: غير مضروب بظهره بل بحدّه. - والغيرة لها حدود، فليس الأمر كذلك فلا يقتله وليس له ذلك بل يرفع أمره ويتثبت في أمره.

41 - باب ما جاء في التعريض

يقيدوه به وكتابًا في السر أن يعطوه الدية» وقال ابن المنذر: جاءت الأخبار عن عمر في ذلك مختلفة وعامة أسانيدها منقطعة، وقد ثبت عن علي أنه سئل عن رجل قل رجلًا وجده مع امرأته فقال: إن لم يأت بأربعة شهداء وغلا فليعط برمته، قال الشافعي (¬1): وبهذا نأخذ، ولا نعلم لعلي مخالفًا في ذلك. 41 - باب ما جاء في التعريض 6847 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاءه أعرابي فقال: يا رسول الله، إن امرأتي ولدت غلامًا أسود، فقال: هل لك من إبل؟ قال: نعم. قال: ما ألوانها؟ قال: حُمر. قال: فيها من أورَق؟ (¬2) قال: نعم. قال: فأنى كان ذلك؟ قال: أراه عرق نزعة. قال: فلعل ابنك هذا نزعة عرق» (¬3). 42 - باب كم التعزيز والأدب؟ 6848 - عن أبي بردة - رضي الله عنه - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا يُجلد فوق عشر جلدات إلا في حد من حدود الله» (¬4). ¬

(¬1) وهذا هو الأظهر، وإلا فليقاد لأنه الأصل. (¬2) أسود. (¬3) المعنى أن تعريض الرجل بزنا امرأته لا يكون ذلك قاذفًا. (¬4) وهذا في أمور الإنسان لحاجة، كضرب ولده وزوجته وخادمه، أما حدود الله فله الزيادة، كما جلد عمر من زور خاتمه مائة جلده.

6850 - عن عمرو أن بُكيرًا حدثه قال: بينما أنا جالس عند سليمان بن يسار إذ جاء عبد الرحمن بن جابر فحدَّث سليمان بن يسار، ثم أقبل علينا سليمان بن يسار فقال: حدثني عبد الرحمن بن جابر أن أباه (¬1) حدثه أنه سمع أبا بُردة الأنصاري قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا تجلدوا فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله» (¬2). 6851 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الوصال، فقال له رجال من المسلمين: فإنك يا رسول الله تواصل فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيكم مثلي؟ إني أبيت يُطعمني ربي ويسقين (¬3). فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال واصل بهم يومًا ثم يومًا، ثم رأوا الهلال فقال: لو تأخر لزدتكم، كالمنِّكل بهم حين أبوا». 6852 - عن ابن عمر أنهم كانوا يُضربون -على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اشتروا طعامًا جزافًا أن يبيعوه في مكانهم حتى يؤوه إلى رحالهم» (¬4). 6853 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: ما انتقم رسول الله لنفسه في شيء يؤتى إليه، حتى يُنتهك من حُرمات الله فينتقم لله». ¬

(¬1) صرح بأنه سمع من أبيه فذكر واسطته. (¬2) ولو زاد التأديب على الحدود المقدرة فجائز. (¬3) لذة الطاعة والذكر والمناجاة. وهو له خاص، ومن قال إنه من الجنة فهذا غلط فإنه يفطر بذلك. - التعزير ليس بلازم أن يكون جلدًا، بل يكون غير ذلك، وكتعزير المتخلفين عن غزوة تبوك بالهجر. (¬4) هذا تعزير بالضرب.

43 - باب من أظهر الفاحشة واللطخ والتهمة بغير بينة

قال الحافظ: ... فلا يزاد على العشر في التأديبات التي لا تتعلق بمعصية كتأديب الأب ولده الصغير (¬1). قال الحافظ: ... ففي الناس من يردعه الكلام ومنهم من لا يردعه إلا الضرب الشديد، فلذلك كان تعزير كل أحد بحسبه (¬2) 43 - باب من أظهر الفاحشة واللطخ والتهمة بغير بيّنة 6856 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: ذكر المتلاعنان (¬3) عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال عاصم بن عدي في ذلك قولًا ثم انصرف، وأتاه رجل من قومه يشكو أنه وجد مع أهله رجلًا، فقال عاصم: ما ابتليت بهذا إلا لقولي، فذهب به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بالذي وجد عليه امرأته وكان ذلك الرجل مُصفرًا قليل اللحم سبط الشعر، وكان الذي ادعى عليه أنه وجده عند أهله آدم خدلًا كثير اللحم ... الحديث». قال الحافظ: ... وتعقبه الذهبي بأن في إسناده عمرو (¬4) بن عيسى شيخ الليث وفيه (¬5) منكر الحديث. ¬

(¬1) مثل ما ذكره الشيخ، وتقدم. (¬2) وهذا هو الصواب، ولا يجوز غيره. (¬3) إذا تم اللعان انتفى الولد ويلحق بأمه. (¬4) صدوق اختلط. (¬5) في نسخة وهو منكر.

44 - باب رمي المحصنات

44 - باب رمي المحصنات 6857 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اجتنبوا السبع الموبقات. قالوا: يا رسول الله وما هنَّ؟ قال: الشرك بالله، والسِّحر، وقتل النفس التي حرَّم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات» (¬1). 45 - باب قذف العبيد 6858 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم - يقول: من قذف مملوكه وهو بريء مما قال جُلد يوم القيامة، إلا أن يكون كما قال» (¬2). ¬

(¬1) وهكذا قذف المحصنين، ولكن عبر بأكثر من يحصل له ذلك. * القتل من أقبح الذنوب بعد الشرك. (¬2) فيقام عليه الحد يوم القيامة.

87 - كتاب الديات

87 - كتاب الديات 1 - باب قول الله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: 93] 6861 - عن عمرو بن شرحبيل قال: قال عبد الله: قال رجل يا رسول الله أي الذنب أكبر عند الله؟ قال: أن تدعو لله ندًا وهو خلقك. قال: ثم أيّ؟ قال: ثم أن تقتل ولدك (¬1) خشية أن يطعم معك. قال: ثم أي؟ قال: ثم أن تزاني حليلة جارك (¬2): فأنزل الله - عز وجل - تصديقها {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} [الفرقان: 68]. 2 - باب قول الله تعالى {وَمَنْ أَحْيَاهَا ... } [المائدة: 31] 6867 - عن عبد الله - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تُقتل نفس إلا كان على ابن آدم الأول كفل منها» (¬3). 6872 - عن أسامة بن زيد بن حارثة - رضي الله عنهما - يحدث قال: «بعثنا ¬

(¬1) قتل الولد فيه إثما: 1 - قتل النفس. 2 - قطيعة الرحم. (¬2) الزنا بحليلة الجار فيه إثمان: 1 - الزنى. 2 - أذى الجار. (¬3) يعني له قسط منها.

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الحرقة من جُهينة، قال فصبَّحنا القوم فهزمناهم. قال: ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلًا منهم، قال: فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله، قال فكفَّ عنه الأنصاري، فطعنته برمحي حتى قتلته. قال فلما قدمنا بلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: فقال لي: يا أسامة أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله؟ (¬1). قال قلت: يا رسول الله إنه إنما كان متعوذًا، قال: قتلته بعدما قال لا إله إلا الله؟ قال: فما زال يكررها عليَّ حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم». 6873 - عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال: «إني من النُّقباء الذين بايعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بايعناه على أن لا نشرك بالله شيئًا ولا نسرق، ولا نزني، ولا نقتل النفس التي حرم الله، ولا ننتهب، ولا نعصي بالجنة (¬2) إن فعلنا ذلك، فإن غشينا من ذلك شيئًا كان قضاء ذلك إلى الله». 6875 - عن الأحنف بن قيس قال: «ذهبت لأنصر هذا الرجل، فلقيني أبو بكرة فقال: أين تريد؟ قلت أنصر هذا الرجل قال: ارجع، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار. قلت: يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: إنه كان حريصًا على قتل صاحبه» (¬3). ¬

(¬1) لكن لم يلزم النبي - صلى الله عليه وسلم - أسامة بالدية ولا الكفارة؛ لأنه كان متأولًا في قتله. (¬2) أي إن فعلوا ذلك فلهم الجنة. (¬3) هذا الحديث عند عدم وجود شبهة فيأثمون جميعًا، وأما إذا كان لإحقاق حق أو قمع باغ فيأثم الباغي.

4 - باب سؤال القاتل حتى يقر، والإقرار في الحدود

4 - باب سؤال القاتل حتى يُقرَّ، والإقرار في الحدود 6876 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن يهوديًا رضَّ رأس جارية بين حجرين، فقيل لها من فعل بك هذا؟ أفلان أو فلان -حتى سُمِّي اليهودي، فأتى به النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلم يزل به حتى أقرَّ، فرُضَّ رأسه بالحجارة» (¬1). 5 - باب إذا قتل بحجر أو بعصًا 6877 - عن هشام بن زيد بن أنس عن جده أنس بن مالك قال: «خرجت جارية عليها أوضاح بالمدينة، قال فرماها يهودي بحجر. قال فجيء بها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وبها رمق. فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فلان قتلك؟ فرفعت رأسها (¬2)، فأعاد عليها قال: فلان قتلك؟ فرفعت رأسها. فقال لها الثالثة: فلان قتلك: فخفضت رأسها. فدعا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقتله بين الحجرين». 6 - باب قول الله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ} [المائدة: 45]. 6878 - عن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يحل دم أمرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمفارق لدينه التارك (¬3) للجماعة». ¬

(¬1) فيه العمل بالإشارة، والعمل بالدعوى لادعاء الجارية على اليهودي، وفيه القصاص بما فعل بالجارية وهو المماثلة؛ ولأنه أنكى فإذا قتل بالغرق أغرق، إلا النار قال تعالى (ولكم في القصاص حياة) أي المماثلة، وفيه قتل الرجل بالمرأة. (¬2) إذا لم يتيسر الكلام عمل بالإشارة. (¬3) يُدعى للتوبة فإن تاب وإلا قتل.

8 - باب من قتل له قتيل فهو بخير النظرين

8 - باب من قُتل له قتيل فهو بخير النظرين 6880 - عن أبي هريرة أن خُزاعة قتلوا رجلًا ... وقال عبد الله بن رجاء حدثنا حرب عن يحيى حدثنا أبو سلمة «حدثنا أبو هريرة أنه عام فتح مكة قتلت خزاعة رجلًا من بني ليث بقتيل لهم في الجاهلية، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «إن الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليهم رسوله والمؤمنين. ألا وإنها لم تحل لأحد قبلي، ولا تحل لأحد من بعدي ألا وإنها أحلّت لي ساعة من نهار، ألا وإنها ساعتي هذه حرام: لا يختلى شوكها، ولا يعضد شجرها، ولا يلتقط ساقطتها إلا منشد. ومن قُتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يؤدي وإما أن يقاد». فقام رجل من أهل اليمن يقال له أبو شاه فقال: أكتب لي يا رسول الله. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أكتبوا لأبي شاه» (¬1). ثم قام رجل من قريش فقال: يا رسول الله إلا الإذخر فإنما نجعله في بيوتنا وقبورنا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إلا الإذخر». 6881 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كانت في بني إسرائيل قِصاصُ ولم تكن فيهم الدّية، فقال الله لهذه الأمة {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} إلى هذه الآية {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ ... } [البقرة: 178] قال ابن عباس: فالعفو أن يقبل الدية في العمد، قال {فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} أن يطلب بمعروف ويؤدي بإحسان (¬2). ¬

(¬1) أي الخطبة، وهذه من أدلة الأئمة على كتابة العلم، وذلك أنه كان منهيًا عن ذلك لخشية التباسه بالقرآن. (¬2) شدد الله على أهل الكتاب بأنه لا دية بل القصاص، وفي هذه الأمة الخيار بين القتل أو الدية أو العفو، وهذا من العفو والرحمة.

10 - باب العفو في الخطأ بعد الموت

قال الحافظ: ... لأن شرع من قبلنا إنما يتمسك منه بما لم يرد في شرعنا ما يخالفه، وقد قيل إن شريعة عيسى لم يكن فيها قصاص وأنه كان فيها الدية فقط (¬1). قال الحافظ: ... ولو كان الخيار للولي لأعلمهم النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ لا يجوز للحاكم أن يتحكم (¬2) لمن ثبت له أحد شيئين بأحدهما. قال الحافظ: ... وتعقب بأن قوله - صلى الله عليه وسلم - «كتاب الله القصاص» (¬3). 10 - باب العفو في الخطأ بعد الموت 6883 - عن هشام عن أبيه «عن عائشة هُزم المشركون يوم أحد .. » وحدثني محمد بن حرب حدثنا أبو مروان يحيى بن أبي زكريا -يعني الواسطيّ-عن هشام عن عروة «عن عائشة - رضي الله عنها - قال: صرخ إبليس يوم أحد في الناس: يا عباد الله أُخراكم، فرجعت أولاهم على أخراهم حتى قتلوا اليمان، فقال حذيفة: أبي، فقتلوه، فقال حذيفة (¬4): غفر الله لكم. قال: وقد كان انهزم منهم قوم حتى لحقوا بالطائف». ¬

(¬1) ليس بثابت. (¬2) لعله: يحكم. (¬3) عربي فوق عربي تحتلا ينفي الدية وغيرها وإنما أهل المقتول طلبوا القصاص. (¬4) ولعل حذيفة عفى لأن لم يكن له إلا هو، وقد يقال إن المسلمين أعذروا للالتباس في الناس.

12 - باب إذا أقر بالقتل مرة قتل به

قال الحافظ: ... وقد أخرج أبو إسحاق الفزاري في السنن عن الأوزاعي عن الزهري (¬1) قال: «أخطأ المسلمون بأبي حذيفة يوم أحد حتى قتلوه، فقال حذيفة يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين، فبلغت النبي - صلى الله عليه وسلم - فزاده عنده خيرًا ووداه من عنده» وهذه الزيادة ترد (¬2) قول من حمل قوله «فلم يزل في حذيفة منها بقية خير» على الحزن على أبيه. 12 - باب إذا أقر بالقتل مرة قُتل به (¬3) 6884 - عن أنس بن مالك أن يهوديًا رض رأس جارية بين حجرين، فقيل لها: من فعل بك هذا؟ أفلان أفلان حتى سمّيَ اليهودي فأومأت برأسها، فجيء باليهودي فاعترف (¬4)، فأمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - فرُضَّ رأسه بالحجارة. وقد قال همام: بحجرين». ¬

(¬1) الزهري لم يدرك حذيفة. (¬2) ولعله وهم من الحافظ. (¬3) القصاص: المماثلة، من أغرق أُغرق. (¬4) بخلاف الزنا واللواط ... لحديث «ادرأوا الحدود ... » أما القتل والذرب وأخذ المال فلا حاجة إلى التكرار، وهذا أي الإقرار مرة بالقتل هو الصواب، ولا خلاف فيه، والخلاف في الزنا واللواط، وإن أقر مرة في الزنا واللواط فصحيح إقراره ولو مرة لحديث «واغد يا أُنيس ... فاعترفت .. » ولم يكرر عليها.

14 - باب القصاص بين الرجال والنساء في الجراحات. وقال أهل العلم: يقتل الرجل بالمرأة

14 - باب القصاص بين الرجال والنساء في الجراحات. وقال أهل العلم: يُقتل (¬1) الرجل بالمرأة ويذكر عن عمر: تُقاد المرأة من الرجل في كل عمد يبلغ نفسه فما دونها من الجراح. وبه قال عمر بن عبد العزيز وإبراهيم وأبو الزَّناد عن أصحابه. وجرحت أخت الرُّبيع إنسانا فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «القصاص». 6886 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: لددنا النبي - صلى الله عليه وسلم - في مرضه فقال: «لا تلدُّوني»، فقلنا: كراهية المريض للدواء، فلما أفاق قال: «لا يبقى أحد منكم إلا لُدَّ، غير العباس فإنه لم يشهدكم». 15 - باب من أخذ حقه أو اقتص دون السلطان 6887 - عن أبي هريرة قال: إنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «نحن الآخرون السابقون يوم القيامة» (¬2). 6888 - وبإسناده «لو اطلع في بيتك أحد ولم تأذن له حذفته بحصاة ففقأت عينه ما كان عليك من جُناح» (¬3). ¬

(¬1) وقوله تعالى: {وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} ليس له مفهوم. (¬2) هذا تابع للحديث بعده. (¬3) دعوى إطلاعه يحتاج إلى بينة، هذا في الخصومات، وإن كان ليس عليه جناح.

16 - باب إذا مات في الزحام أو قتل

16 - باب إذا مات في الزحام (¬1) أو قُتل 6890 - عن عائشة قالت: لما كان يوم أحد هُزم المشركون، فصاح إبليس: أي عباد الله، أخراكم .... الحديث». قال الحافظ: .. وهو ما أخرجه أبو العباس السراج في تاريخه من طريق عكرمة أن والد حذيفة قتل يوم (¬2) أحد بعض المسلمين ... ورجاله ثقات مع إرساله (¬3). قال الحافظ: ... وتوجيهه أن الدم لا يجب إلا بالطلب. ومنها قول مالك دمه هدر (¬4)، وتوجيهه أنه إذا لم يعلم قاتله بعينه استحال أن يؤخذ به أحد، وقد تقدمت الإشارة إلى الراجح من هذه المذاهب في «باب العفو عن الخطأ». 17 - باب إذا قتل نفسه خطأ فلا دية له 6891 - عن سلمة قال: خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى خيبر، فقال رجل منهم: أسمعنا يا عامر من هُنيّاتك، فحدا بهم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من السائق؟ » قالوا: عامر فقال: - رحمه الله -، فقالوا: يا رسول الله هلا أمتعتنا به؟ فأصيب صبيحة ليلته. فقال القوم: حَبط عمله، قتل نفسه. فلما رجعتُ -وهم ¬

(¬1) المقتول في الزحام لا دية له ويكون هدرًا، إلا أن يديه ولي الأمر من بيت المال. (¬2) في نسخة قتله. (¬3) لأن عكرمة لم يلق حذيفة. (¬4) أي أنه يؤدى من بيت المال، وهذا هو الأقرب.

24 - باب العاقلة

يتحدثون أن عامرًا (¬1) أحبط عمله -فجئت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا نبي الله فداك أبي وأمي، زعموا أن عامرًا حبط عمله، فقال: «كذب من قالها، إن له لأجرين اثنين، إنه لجاهد مجاهد، وأيُ قتل يزيده عليه». 24 - باب العاقلة (¬2) 3903 - عن أبي جحيفة قال: سألت عليًا - رضي الله عنه -: هل عندكم (¬3) شيء ما ليس في القرآن، وقال مُرة ما ليس عند الناس فقال والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما عندنا إلا ما في القرآن -إلا فهمًا يعطى رجل في كتابه -وما في الصحيفة، قلت: وما في الصحيفة؟ قال: العقل وفكاك الأسير وأن لا يقتل مسلم بكافر». قال الحافظ: ... وهو مخالف لظاهر قوله {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] لكنه خص من عمومها ذلك (¬4) لما فيه من المصلحة. ¬

(¬1) لأن سيفه رجع عليه فأصاب ركبته فقتله. (¬2) في قتل الخطأ وشبه العمد تتحمل العاقلة الدية. (¬3) أي يا علي والعباس وآل البيت. * فيه رد على الرافضة الذين قالوا إن أهل البيت خُصوا بعلم دون الناس ... ومن ذلك قولهم بعصمة الأئمة الإثني عشر وأنهم يعلمون الغيب ومتى يموتون ... الخ. (¬4) قال شيخنا مثله.

25 - باب جنين المرأة

25 - باب جنين المرأة 6905 - عن المغيرة بن شعبة عن عمر - رضي الله عنه - أنه استشارهم في إملاص (¬1) المرأة، فقال المغيرة: قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالغرَّة عبد أو أمة». 26 - باب جنين المرأة وأن العقل على الوالد وعصبة الوالد لا على الولد (¬2) 3909 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى في جنين امرأة من بني لحيان بغرة عبد أو أمة. ثم إن المرأة التي قضى عليها بالغرة توفيت فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ميراثها لبنيها وزوجها، وأن العقل على عصبتها» (¬3). 6910 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: اقتتلت امرأتان من هُذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها، فاختصموا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقضى أن دية غُرة عبد أو وليدة، وقضى أن دية المرأة على عاقلتها» (¬4). 27 - باب من استعان عبدًا أو صبيًا 6911 - عن أنس قال: لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة أخذ أبو طلحة بيدي فانطلق بي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إن أنسًا غلام كيس فليخدمك، قال: «فخدمته في الحضر والسفر، فوالله ما قال لي لشيء صنعته: ¬

(¬1) إسقاط الجنين قبل التمام، ودية ذلك غرة أي عشر دية أمه. (¬2) وفيه خلاف، والصواب أنه عليه فهو من العصبة. (¬3) والدية على العصبة، الأقرب فالأقرب والأغنى فالأغنى. (¬4) وهي عُشر دية الأمّ، خمس من الإبل.

28 - باب المعدن جبار، والبئر جبار

لم صنعت هذا هكذا، ولا لشيء لم أصنعه لمّ لمْ تصنع هذا هكذا» (¬1). قال الحافظ: ... وكأنه منقطع (¬2) بين ابن المنكدر وأم سلمة ولذلك لم يجزم به. 28 - باب المعدن جبار، والبئر جُبار 6912 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «العجماء جرحها جُبار والبئر جبار (¬3) والمعدن جُبار، وفي الرِّكاز الخمس». قال الحافظ: ... لأن أهل اليمن يكتبون النار بالياء لا بالألف فظن بعضهم البئر الموحدة (¬4) النار ... 29 - باب العجماء جبار 6913 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «العجماء عقلها جبار، والبئر جبار، والمعدن جبار، وفي الرِّكاز الخمس» (¬5). ¬

(¬1) كان عُمْر أنس إذ ذاك عشر سنين أو تسع، وكان سن أنس عند وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - عشرين عامًا أو تسعة عشر عامًا. (¬2) الانقطاع بين محمد بن المنكدر وأم سلمة، محمد بن المنكدر مات سنة 13 ومئة. (¬3) البئر جُبار أي هدر إلا إن كان له تسبّب. (¬4) بالباء الموحدة. * العجماء جرحها هدر إلا إن تسبب أحد في كمونها تؤذي الناس برفسها. (¬5) الركاز أموال في الجاهلية تدفن وتكنز.

30 - باب إثم من قتل ذميا بغير جرم

30 - باب إثم من قتل ذميًا بغير جرم 6914 - عن عبد الله بن عمرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قتل نفسًا معاهدًا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عامًا» (¬1). 32 - باب إذا لطم المسلم يهوديًا عند الغضب (¬2) 6916 - عن أبي سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تخيِّروا بين الأنبياء». ¬

(¬1) * العجماء جرحها جبار ليلًا ونهارً، وما يكون في الطرق الآن الدابة هدر لا ضمان عليها، وأما كون صاحبها يضمن أو لا يضمن فهذا كتب فيه ودرس. النبي - صلى الله عليه وسلم - أهدر لطمة اليهودي لأنه أخطأ بتفضيل موسى، ولذلك لم يُقده - صلى الله عليه وسلم -، والنهي الوارد فيما إذا كان للتعصب، وإلا فالنبي - صلى الله عليه وسلم - أفضل. (¬2) فكيف بقتل المؤمن؟

88 - كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم

88 - كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم 1 - باب إثم من أشرك بالله وعقوبته في الدنيا والآخرة 6920 - عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال: جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله ما الكبائر؟ قال: «الإشراك بالله». قال: ثم ماذا؟ قال: «ثم عقوق الوالدين». قال: ثم ماذا؟ قال: «اليمين الغموس». قالت: وما اليمين الغموس؟ قال: «الذي يقتطع مال أمرئ مسلم هو فيها كاذب» (¬1). 6921 - عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رجل يا رسول الله أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية؟ قال: «من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية، ومن أساء (¬2) في الإسلام أُخذ بالأول والآخر». 2 - باب حكم المرتد والمرتدة واستتابتهم وقال ابن عمر والزهري وإبراهيم تقتل المرتدة (¬3)، وقال الله تعالى: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا .... إلى قوله: .... وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ} [آل عمران: 86 - 90] .... وقال: ¬

(¬1) وأعظم ما تكون في الأموال فهو الأغلب، ولا يمنع أن تكون في غيره. قلت: نقل ابن عبد البر الاتفاق على أن اليمين الغموس ما كان فيها اقتطاع مال. (¬2) كمن أسلم وهو يشرب الخمر فيؤخذ بالأول والآخر، وكذا كل معصية استمر عليها. * الوضوء هل يبطل بالردة؟ ذهب جمع إلى أن نعم. وظاهر الآية إن تاب ولم يمت على الكفر أجزأه، والأحوط أن يتوضأ. (¬3) كالمرتد سواء.

{وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ .... } [البقرة: 217]. 6923 - عن أبي موسى قال: أقبلت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعي رجلان من الأشعريين أحدهما عن يميني والآخر عن يساري ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستاك، فكلاهما سأل، فقال: يا أبا موسى -أو يا عبد الله بن قيس -قال قلت: والذي بعثك بالحق ما أطلعاني على ما في أنفسهما، وما شعرت أنهما يطلبان العمل. فكأني أنظر إلى سواكه تحت شَفّته قَلصت، فقال: لن ـ أولاً: نستعمل على عملنا من أراده، ولكن اذهب أنت يا أبا موسى -يا عبد الله بن قيس -إلى اليمن، ثم أتَّبعثُ معاذ بن جَبل، فلما قدم عليه ألقى له وسادة: قال: انزل، فإذا رجل عنده موثق، قال: ما هذا؟ قال: كان يهوديًا فأسلم ثم تهوَّد. قال: اجلس. قال: لا أجلس حتى يقتل (¬1)، قضاء الله ورسوله (ثلاث مرات)؛ فأمر به فقُتل، ثم تذاكرا قيام الليل، فقال أحدهما: أما أنا فأقوم وأنام، وأرجو في نومتي ما أرجو في قومتي». قال الحافظ: ... إن عليًا بلغه أن قومًا ارتدوا عن الإسلام .. ثم ألقى عليهم الحطب .. (¬2). ¬

(¬1) * الحبوط إنما يكون بالموت على الكفر، أما الردة ثم الرجوع إلى الإسلام فتحسب له الأعمال. ورواه مسلم، وفيه المبادرة إلى قتل المرتد؛ ولأنهم استتابوه فلم يرجع. (¬2) فعل ابن عباس هو الصحيح، ولكن عليًا غضب عليهم لشدة مقالهم فأحرقهم، ولربما لم يبلغه النهي، وحديث السرية وإيقاد النار وفيه «لو دخلوها لم يخرجوا منها» راوي علي، ولعله نسي.

6 - باب قتل الخوارج والملحدين بعد إقامة الحجة عليهم

6 - باب قتل الخوارج (¬1) والملحدين بعد إقامة الحجة عليهم 6930 - قال علي - رضي الله عنه -: إذا حدثتكم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثًا فوالله لأن أخرَّ من السماء أحب إليِّ من أن أكذب عليه، وإذا حدَّثتكم فيما بيني وبينكم فإن الحرب خدعة، وإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «سيخرج قوم في آخر الزمان أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية (¬2)، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرًا لمن قتلهم يوم القيامة». ¬

(¬1) البخاري - رحمه الله - روى أربعة أحاديث في شأن الخوارج، وزاد مسلم إلى عشرة فروى عنه أخرى. * الخوارج تأولوا الآيات التي نزلت في الكفار في المؤمنين كما قال ابن عمر. (¬2) يعني: سبحان الله والحمد لله ولا حاكم إلا الله. * قيل إن الخوارج كفار، وقيل مبتدعة، وظاهر النصوص كفرهم وخروجهم من الملة؛ الحديث «يمرقون من الدين»، وحديث «يخرجون من الإسلام ثم لا يعودون إليه ... » وقال علي فيهم: من الكفر فروا فكأنه لا يرى كفرهم. قلت: نقل أبو العباس في منهاج السنة النبوية اتفاق الصحابة على عدم كفرهم. * في حديث: يخرجون على حين فرقة من المسلمين ... إثبات الإسلام للمؤمنين المختلفين وهما فرقة علي وفرقة معاوية.

8 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان دعواهما واحدة

8 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان دعواهما واحدة 6935 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان دعواهما واحدة» (¬1). 9 - باب ما جاء في المتأولين 6936 - عن عمر بن الخطاب قال: سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرؤها على حروف كثيرة لم يُقرئنيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذلك، فكدت أساوره في الصلاة فانتظرته حتى سلَّم ثم لبَّبته بردائه -أو بردائي -فقلت: من أقرأك هذه السورة؟ قال: أقرأنيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .. قلت له: كذبت. فوالله إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقرأني هذه السورة التي سمعتك تقرؤها. فانطلقت أقوده إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت له: يا رسول الله إني سمعت هذا يقرأ بسورة الفرقان على حروف لم تُقرئنيها، وأنت أقرأتني سورة الفرقان. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أرسله يا عمر اقرأ يا هشام»، فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرؤها. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «هكذا أنزلت». ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اقرأ يا عمر»، ¬

(¬1) كلهم يريد الحق، معاوية يريد القصاص من قتلة عثمان، وعلي يريد جمع كلمة المسلمين ... ثم ينظر في قتلة عثمان، وجرى ما جرى من قدر الله السابق لحكمة بالغة، وهما فئة أهل الشام وفئة أهل العراق أي علي ومعاوية - رضي الله عنهما -.

فقرأت، فقال: «هكذا أنزلت». ثم قال: «إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف (¬1)، فاقرؤوا ما تيسر منه». 6937 - عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: لما نزلت هذه الآية {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ ... } [الأنعام: 82] شق ذلك على أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وقالوا: أينا لم يظلم نفسه؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ليس كما تظنون، إنما هو كما قال لقمان لابنه {يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13] (¬2). 6938 - عن عتبان بن مالك قال: غدا عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال رجل: أين مالك بن الدُخشن؟ فقال رجل منا: ذلك منافق لا يحب الله ورسوله. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ألا تقولونه يقول لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله؟ » قال: بلى. قال: «فإنه لا يوافي عبد يوم القيامة به إلا حرَّم الله عليه النار» (¬3). ¬

(¬1) الصواب أن الأحرف متقاربة المعنى واختلاف الألفاظ باختلاف لغات العرب مثل «سميع عليم» «عليم خبير» ومثل «هلموا، أقبلوا، تعالوا» هذا هو المعنى. * ولسد باب الخلاف في الاختلاف جمعت القراءة على حرف واحد في عهد عثمان، وقد أحسن عثمان - رضي الله عنه -. * القراءات السبع الآن هي داخلة في الحرف الذي جمعهم عليه عثمان، وهي قراءات خفيفة بزيادة ألف ونحو ذلك. (¬2) الظلم هنا الشرك، وعند الإطلاق الشرك. (¬3) الميعاد لا مانع من إخلافه إن كان صاحبه أهلًا، والوعد لا يخلفه الله. * والعرب تتمدح بإنجاز الوعد وإخلاف الميعاد: وإني وإن أوعدته ووعدته لمخلف إيعادي ومنجز موعدي.

6939 - عن حصين عن فلان قال: تنازع أبو عبد الرحمن وحبان بن عطية، فقال أبو عبد الرحمن لحبان: لقد علمت ما الذي جرأ صاحبك على الدماء (¬1) -يعني عليًا -قال: ما هو لا أبالك؟ قال شيء سمعته يقول. قال ما هو؟ قال: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والزبير وأبا مرثد -وكلنا فارس -قال: انطلقوا حتى تأتوا روضة حاج -قال أبو سلمة: هكذا قال أبو عوانة حاج (¬2) -فإن فيها امرأة معها صحيفة من حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين فأتوني بها. فانطلقنا على أفراسنا حتى أدركناها حيث قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسير على بعير لها، وكان كتب إلى أهل مكة بمسير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم فقلنا أين الكتاب الذي معكِ؟ قالت: ما معي كتاب. فأنخنا بها بعيرها، فابتغينا في رَحْلها فما وجدنا شيئًا. فقال صاحبايَ ما نرى معها كتابًا، قال فقلت: لقد علمنا ما كذب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ثم حلفَ عليّ: والذي يُحلف به لتُخرجنَّ الكتاب أو لأجرَّدنك - فأهوت إلى حُجزتها -وهي محتجزة بكساء فأخرجت الصحيفة، فأتوا بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال عمر: يا رسول الله، قد خان الله ورسوله والمؤمنين، دعني فأضرب عنقه (¬3). فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يا حاطب ما حملك على ما صنعت؟ ¬

(¬1) هذا ظن وليس بجيد وليس بصحيح. * أحاديث الوعيد وكافة نصوص ذلك تجري على ظاهرها لأنها أبلغ في الزجر ولكن تفسر عند الرد على المخالفين لبيان الشبهة. (¬2) المعروف خاخ. (¬3) أسباب منع قتل حاطب كونه من أهل بدر، وكونه متأولًا. * الأصل أن الجاسوس يقتل، فمن تجسس فقد يكون صالحًا متأولًا فهذه زلة تشفع له ولا يقتل.

قال: يا رسول الله، مالي أن لا أكون مؤمنًا بالله ورسوله، ولكني أردت أن يكون لي عند القوم يد يُدفع بها عن أهلي ومالي، وليس من أصحابك أحد إلا له هنالك من قومه من يدفَع الله به عن أهله وماله. قال: صدَق، لا تقولوا له إلا خيرًا. قال: فعاد عمر فقال: يا رسول الله، قد خان الله ورسوله والمؤمنين، دعني فلأضرب عنقه: قال: أوليس من أهل بدر؟ وما يدريك لعلَّ الله اطلع عليهم فقال: اعملوا ما شئتم فقد أوجبت لكم الجنة: فاغرورقت عيناه فقال: الله ورسوله أعلم».

89 - كتاب الإكراه

89 - كتاب الإكراه قول الله تعالى: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ ... الآية} [النحل: 106] وقال الحسن: التقية (¬1) إلى يوم القيامة. وقال ابن عباس فيمن يُكرهه اللصوص فيطلِّق ليس بشيء (¬2). 1 - باب من اختار الضرب والقتل والهوان على الكفر 6942 - عن سعيد بن زيد قال: لقد رأيتني وإن عمر موثقي على الإسلام. ولو انقضَّ أُحدُ مما فعلتم بعثمان كان محقوقًا أن ينقضَّ» (¬3). 6943 - عن خباب بن الأرت قال: شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة فقلنا: ألا تستنصر لنا ألا تدعو لنا؟ فقال: قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيُحفر له في الأرض فيجعل فيها، فيجاء ¬

(¬1) يقال تقاة وتقيّة. (¬2) هذا من الفقه فإن الله عذره بالكفر (إلا من أُكره ... ) لكن لابد من اطمئنان القلب بالإيمان، وهكذا لو أكره على الطلاق أو العتق، وفي هذا ما يروي عن عمر من المرأة مع زوجها قالت أما أن تطلق وإلا قطعته (أي الحبل) فلم يعتد به عمر - رضي الله عنه -. (¬3) يعني لو انقض جبل أحد من شدة ما فعلوا بعثمان وقتله. * ظاهرة أن عمر كان يعذب سعيد بن زيد قبل إسلام عمر ولكن سعيدًا ظل صابرًا ثابتًا. * المقصود التعزية والتسلية حتى يتأسوا.

2 - باب في بيع المكره ونحوه في الحق لغيره

بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين ويمشط بأمشاط الحديد من دون لحمه وعظمه، فما يصدّه ذلك عن دينه. والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب (¬1) على غنمه؛ ولكنكم تستعجلون». 2 - باب في بيع المكره ونحوه في الحق لغيره 6944 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: بينما نحن في المسجد إذ خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «انطلقوا إلى يهود». فخرجنا معه حتى جئنا ببيت، المدارس، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - فناداهم: «يا معشر يهود، أسلموا تسلموا». فقالوا: بلّغت يا أبا القاسم. فقال: «ذلك أريد». ثم قالها الثانية، فقالوا: قد بلّغت يا أبا القاسم. ثم قال الثالثة فقال: «اعلموا أن الأرض لله ورسوله وأني أريد أن أُجليكم (¬2)، فمن وجد منكم بماله شيئًا فليبعه، وإلا فاعلموا أنما الأرض لله ورسوله». ¬

(¬1) هل تكون من باب ما شاء الله وشئت؟ يحتمل فيكون هذا قبل؛ لأنهم كانوا بمكة كما هنا فكانوا يقولون ما شاء الله وشاء فلان ... ثم نهوا عن هذا فيكون بعد النهي، يكون منسوخًا. * ينبغي أن يقول إلا الله ثم الذئب على غنمه. (¬2) فيه أن ولي الأمر إذا أراد إجلاء أحد فإنه يبلغه حتى يتخلص من أمواله.

6 - باب إذا استكرهت المرأة على الزنا فلا حد عليها

6 - باب إذا استُكرهت المرأة على الزنا فلا حد عليها لقوله تعالى: {وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ} 6949 - عن نافع «أن صفية ابنة أبي عُبيد أخبرته أن عبدًا من رقيق الإمارة وقع على وليدة من الخمس فاستكرهها حتى افتضها، فجلده عمر الحد ونفاه، ولم يجلد الوليدة من أجل أنه استكرهها». قال الحافظ: ... قوله (فجلده عمر الحد ونفاه) أي جلده خمسين جلدة ونفاه نصف (¬1) سنة. ¬

(¬1) لأنه عبد.

90 - كتاب الحيل

90 - كتاب الحيل 1 - باب في ترك الحيل (¬1)، وأن لكل امريء ما نوى 6953 - قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يخطب قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يا أيها الناس، إنما الأعمال بالنية، وإنما لامرئ ما نوى: فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن هاجر إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه». 2 - باب في الصلاة (¬2) 6954 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ». 3 - باب في الزكاة (¬3) وأن لا يُفرق بين مجتمع ولا يجمع بين متفرق خشية الصدقة. 6956 - عن طلحة بن عبيد الله أن أعرابيًا جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثائر ¬

(¬1) الحيل لا محل لها في العبادات ولا في المعاملات، فالواجب أن تؤتى الأمور من أبوابها. قلت: ظاهر سياق حديث عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب بهذا الحديث ومع ذلك لم يصح إلا من طريق عمر! (¬2) ذكر الصلاة كما أنه لو تخيل وصلى ولم يتوضأ لم تنفعه صلاته. * فائدة: ذكر ابن رجب في شرح البخاري (4/ 116) أن من كان يأتي بأفعال الصلاة وهو لا يريد الصلاة أن ذلك لا يجوز. (¬3) من كان له مال يجمع كما لو كان له عشرون بالقصيم و ... فإنه يجمع ويزكى.

4 - باب الحيلة في النكاح

الرأس فقال: يا رسول الله أخبرني ماذا فرض الله علي من الصلاة؟ فقال: الصلوات الخمس إلا أن تطوع شيئًا. فقال: أخبرني بما فرض الله علي من الصيام؟ قال: شهر رمضان إلا أن تطوع شيئًا. قال: أخبرني بما فرض الله علي من الزكاة؟ قال فأخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشرائع الإسلام. قال: والذي أكرمك لا أتطوع شيئًا ولا أنقص مما فرض الله علي شيئًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ أفلح إن صدق. أو دخل الجنة إن صدق» وقال بعض الناس (¬1): في عشرين ومائة بعير حقتان، فإن أهلكها متعمدًا أو وهبها أو احتال فيها فرارًا من الزكاة فلا شيء عليه. قال الحافظ: ... قوله (باب في الزكاة) أي ترك الحيل في إسقاطها (¬2). 4 - باب الحيلة في النكاح 6960 - عن عبد الله - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الشغار. قلت لنافع: ما الشغار؟ قال: ينكح ابنة الرجل وينكحه ابنته بغير صداق، وينكح أخت الرجل وينكحه أخته بغير صداق» وقال بعض الناس (¬3): إن احتال ¬

(¬1) * ذكر الزكاة لأنه قد يجمع للتخفيف أو الإسقاط وذلك حيلة. قصد البخاري - رحمه الله - الإنكار على هذا لأنه من الحيل وهو مصادم لقواعد الشرع والسنة. (¬2) ومقصود البخاري الرد عليهم. * أكثر المذاهب الأربعة مخالفة للنصوص وإتباعًا للرأي هو مذهب الأحناف، عفى الله عن الجميع. (¬3) الصواب أن الشعار باطل مطلقًا سمى مهرًا أو لم يسم. وقد كتبت فيه رسالة قديمة.

5 - باب ما يكره من الاحتيال في البيوع

حتى تزوج على الشغار فهو جائز، والشرط باطل. وقال في المتعة: النكاح فاسد والشرط باطل، وقال بعضهم (¬1): المتعة والشعار جائزان والشرط باطل. 6961 - عن الحسن وعبد الله ابني محمد بن علي عن أبيهما «أن عليًا - رضي الله عنه - قيل له: إن ابن عباس لا يرى بمتعة النساء بأسًا. فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عنها يوم خيبر، وعن لحوم الحمر الأنسية» وقال بعض الناس (¬2): إن احتال حتى تمتع فالنكاح فاسد، وقال بعضهم: النكاح جائز والشرط باطل. 5 - باب ما يُكره من الاحتيال في البيوع ولا يُمنع فضل (¬3) الماء ليمنع به فضل الكلأ 6962 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يمنع فضل الماء ليمنع به ضل الكلأ». ¬

(¬1) * من قال إن الزواج بنية الطلاق فيه ظلم كما في الشغار؟ فأجاب: الزواج بنية الطلاق ليس كالشغار؛ لأنه قد يبدو له ترك الطلاق والرغبة في المرأة فهو جائز. قال بعضهم إن سمي مهرًا كاملًا بلا حيلة صح والصواب البطلان مطلقًا. * المتعة باطلة والشغار باطل. * والشغار اشتراط امرأة بامرأة. (¬2) مقصده الرد عليهم والمتعة باطلة. (¬3) أي يمنع فضل الماء حتى يمنع الناس من النزول إلى واد يرعون فيه، وهو باب من الحيل، فمن كان له حوض فليترك غيره يسقي لأنه للجميع للحديث «الناس شركاء في ثلاث الماء والكلأ والنار» فالمنع محرم.

6 - باب ما يكره من التناجش

6 - باب ما يُكره من التناجش 6963 - عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن النجش (¬1). 7 - باب ما يُنهى من الخداع في البيوع وقال أيوب: يخادعون الله كأنما يخادعون آدميًا، لو أتوا الأمر عيانًا كان أهون عليّ (¬2). 6964 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن رجلًا ذكر للنبي - صلى الله عليه وسلم - أنه يخدع في البيوع فقال: «إذا بايعت فقل: لا خلابة» (¬3). 8 - باب ما ينهى عن الاحتيال للولي في اليتيمة المرغوبة، وأن لا يكمل لها صداقها 6965 - عن الزهري قال: كان عروة يحدث أنه سأل عائشة {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3]، قالت: هي ¬

(¬1) * إذا كان الماء قليلًا والفضل ... وكانت مواشيه كثيرة فيبعد أن يمنعه للحيلة، لكن صحت الأخبار بمنع فضل الماء مطلقًا. * من سبق إلى غدير فهو أحق به، ولا يجوز له بيعه حتى يحوزه إلى حوضه أو في قربة؛ لأنه لما سحبه ملكه. النجش: أن يزيد في اللمعة وهو لا يريد الشراء، بعضهم يفعله عبثًا أو لأذية المشتري. النجش بالتسكين، نجش ينجش نجشًا على القاعدة. (¬2) أيوب هو السختياني - رحمه الله -، وصدق أيوب. (¬3) أي لا خديعة، وكان يُخدع.

9 - باب إذا غصب جارية فزعم أنها ماتت فقضي بقيمة الجارية الميتة ثم وجدها صاحبها فهي له ويرد القيمة ولا تكون القيمة ثمنا

اليتيمة في حجر وليها فيرغب في مالها وجمالها فيريد أن يتزوجها بأدنى من سنة (¬1) نسائها، فنهوا عن نكاحهن إلا أن يُقسطوا لهن في إكمال الصداق ثم استفتى الناس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد، فأنزل الله {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ} فذكر الحديث. 9 - باب إذا غصب جارية فزعم أنها ماتت فقُضي بقيمة الجارية الميتة ثم وجدها صاحبها فهي له ويرد القيمة ولا تكون القيمة ثمنًا وقال بعض الناس: الجارية للغاصب لأخذه القيمة منه. وفى هذا احتيال لمن اشتهى جارية رجل لا يبيعها فغصبها واعتل بأنها ماتت حتى يأخذ ربها قيمتها فتطيب للغاصب جارية غيره - قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أموالكم عليكم حرام، ولكل غادر لواء يوم القيامة» (¬2). 10 - باب 6967 - عن عروة عن زينب ابنة أم سلمة «عن أم سلمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي (¬3)، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحُجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه شيئًا فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من النار». ¬

(¬1) الحديث ظاهر نصه في الغدر عامة ولكنه في العقود أشد. (¬2) في بعض الروايات (عند استه) أي عند إليته ففيه الفضيحة نسأل الله السلامة، والقول بصحة البيع قول فاسد، أي بصحة بيع الجارية للغاصب بدعوى الموت، وهو قول شنيع، والجارية ترد إلى مالكها ويؤدب الغاصب. (¬3) النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا لم يأته الوحي بحكم الظاهر، والإثم على فاعله. * من نكحت بغير رضاها وهي صغيرة ثم رضيت بالزوج بعد الدخول، الأحوط تجديد العقد خروجًا من الخلاف وإلا بعض العلماء يجيزه.

11 - باب في النكاح

11 - باب في النكاح 6968 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تُنكح البكر حتى تستأذن، ولا الثيب حتى تستأمر». فقيل: يا رسول الله كيف إذنها؟ قال: «إذا سكتت». وقال بعض الناس: إن لم تستأذن البكر ولم تزوج فاحتال رجل فأقام شاهدي زور أنه تزوجها فأثبت القاضي: نكاحها والزوج يعلم أن الشهادة باطلة فلا بأس أن يطأها (¬1) وهو تزوج صحيح. 6969 - عن القاسم أن امرأة من ولد جعفر تخوفت أن يزوجها وليُها وهي كارهة، فأرسلت إلى شيخين من الأنصار- عبد الرحمن ومجمع ابني جارية - قالا: فلا تخشين فإن خنساء بنت خذام أنكحها أبوها وهي كارهة فرد النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك» (¬2). 6971 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «البكر تستأذن»، قلت: إن البكر تستحيي، قال: «إذنها صماتها». وقال بعض الناس (¬3): إن هوى رجل جارية يتيمة أو بكرًا فأبت، فاحتال فجاء بشاهدي زور على أنه ¬

(¬1) هذا من أشنع المقالات، والأصل في هذا ما وقع في مذهب الأحناف لأنهم ليسوا بأهل عناية بالحديث وغلب عليهم الجهل في السنة والأصول، فو؛ ع في مذهبهم من المخالفة والخطأ الشيء الكثير. قلت: عقد ابن أبى شيبة في مصنفه بآخره كتابًا أسماه: كتاب الرد على أبى حنيفة، فعفا الله عنه ورحمه. (¬2) من كانت دون تسع فإذن أبيها هو المعتبر، لحديث عائشة تزوجني النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا بنت تسع. (¬3) هم الأحناف، نسأل الله العافية.

12 - باب ما يكره من احتيال المرأة مع الزوج والضرائر وما نزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك

تزوجها فأدركت فرضيت اليتيمة فقبل القاضي بشهادة الزور- والزوج يعلم ببطلان ذلك- حل له الوطء. 12 - باب ما يُكره من احتيال المرأة مع الزوج والضرائر وما نزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك 6972 - عن عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب الحلواء ويحب العسل، وكان إذا صلى العصر أجاز على نسائه فيدنو منهن، فدخل على حفصة فاحتبس عندها أكثر مما كان يحتبس، فسألت عن ذلك فقيل لي: أهدت لها امرأة من قومها عكة عل فسقت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منه شربة. فقلت: أما وافه لنحتالن له. فذكرت ذلك لسودة وقلت لها: إذا دخل عليك فإنه سيدنو منك فقولي له: يا رسول الله أكلت مغافير؟ فإنه سيقول: لا. فقولي له: ما هذه الريح؟ (¬1)، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشتد عليه أن يوجد منه الريح، فإنه سيقول سقتني حفصة شربة عسل، فقولي له: جرست نحله العرفط (¬2)، وسأقول ذلك، وقوليه أنت يا صفية. فلما دخل على سودة قلت- تقول سودة-: والذي لا إله إلا هو لقد كدت أن أبادئه بالذي قلت لي وإنه لعلى الباب فرقًا منك، فلما دنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلت له: يا رسول الله أكلت مغافير؟ قال: لا. قلت: فما هذه الريح؟ قال: سقتني حفصة ¬

(¬1) أي الكريهة. (¬2) يعنى رعت النحلة هذا العشب الذي له رائحة. * فعلهن هذا أقل أحوال الكراهة، كما قال المؤلف - رحمه الله - .. وظاهر القرآن أنه خطأ وذنب {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} الآية.

13 - باب ما يكره من الاحتيال في الفرار من الطاعون

شربة عسل. قلت: جرست نحلة العرفط فلما دخل عليّ قلت له مثل ذلك. ودخل على صفية فقالت له مثل ذلك. فلما دخل على حفصة قالت له: يا رسول الله ألا أسقيك منه؟ قال: لا حاجة لي به. قالت تقول سودة: سبحان الله لقد حرمناه. قالت: قلت لها اسكتي». قال الحافظ: ... وقال ابن المنير؛ إنما ساغ لهن أن يقلن «أكلت مغافير» لأنهن أوردنه على طريق الاستفهام بدليل جوابه بقوله «لا» وأردن بذلك التعريض (¬1) لا صريح الكذب. 13 - باب ما يُكره من الاحتيال في الفرار من الطاعون 6973 - عن عامر بن ربيعة «أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - خرج إلى الشام، فلما جاء سرغ بلغه أن الوباء وقع بالشام، فأخبره عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال؛ إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارًا منه (¬2). فرجع عمر من سرغ». ¬

(¬1) أكلت؟ يعنى أأكلت؟ والأصل المنع في فعل مثل هذا مع الزوج. (¬2) من أصابه المرض فلا يخرج. * الجمع بين حديث؛ «لا عدوى ... »، وحديث؛ «لا يورد ممرض على مصح ... »، إلخ. يعني العدوى التي كانت في الجاهلية من أنها تعدي بطبعها دون أن يكون ذلك في قدر الله. والثاني أنه أخذ بالأسباب والاحتياط إلا من وثق بإيمانه فلا حرج.

14 - باب في الهبة والشفعة

14 - باب في الهبة والشفعة وقال بعض الناس: إن وهب هبة ألف درهم أو أكثر حتى مكث عنده سنين واحتال في ذلك ثم رجع الواهب فيها فلا زكاة على واحد منهما، فخالف الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الهبة وأسقط الزكاة (¬1). 6975 - عن عكرمة عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه، ليس لنا مثل السوء». 15 - باب احتيال العامل ليُهدى له 6979 - عن أبي حُميد الساعدي قال: استعمل رسول الله رجلًا على صدقات بني سُليم يدعى ابن الّلتبية، فلما جاء حاسبه قال: هذا مالكم وهذا هدية - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فهلا جلست في بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقًا ثم خطبنا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله، فيأتي فيقول: هذا مالكم وهذا هدية أُهديت لي - صلى الله عليه وسلم - أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته، والله لا يأخذ أحد منكم شيئًا بغير حقه إلا لقي الله ¬

(¬1) وهذا قول خطير. * الهبة لا تلزم إلا بالقبض. * والهدية الفرق بينها وبين الهبة: أن الهدية تعطى لطلب المودة، والهبة قد تكون تبرعًا أو تصدقًا.

يحمله يوم القيامة, فلأعرفنَّ (¬1) أحدً منكم لقي الله يحمل بعيرًا له رُغاء, أو بقرة لها خوار, أو شاه تيعر. ثم رفع يديه حتي رؤي بياض إبطه يقول: اللهم هل بلَّغت؟ بصر عيني وسمع أذني» (¬2). 6980 - عن أبي رافع قال: قال النبي: - صلى الله عليه وسلم - «الجار أحق بصقبه» (¬3). ¬

(¬1) يحتمل النهي ... لا أري أحدا فاحذروا. ويحتمل الإخبار. (¬2) من أظهر الفسق والمعصية لا غيبة له؛ لأنه جاهر. - الغلول: أخذ مال بغير حق من بيت المال أو ... وهذا يعم العمال وغير العمال ممن يلي الأوقاف. - هدايا العمال غلول ... لا أعرف صحته, ولكن يكفي هذا الحديث. قلت: الحديث ضعيف أخرجه أحمد وبه إسماعيل بن عياش, ويرويه عن الحجازيين, وهو ضعيف في غير الشاميين فاختصر الحديث وأصله في الصحيح كما هنا بقصة ابن اللتبيّة. (¬3) صقبة: المراد به قربه وما كان مشتركاُ, أما إذا صرفت الحدود فلا شفعة. - والخلاصة من هذا تحريم الاحتيال لإسقاط الشفعة, لأنه يرفع القيمة حتي يحرم من يستحق الشفعة وفي الباطن السعر دون ذلك. - الأوْلي باب حكم العامل .. لأن هذا محرم سواء احتيال أو لم يحتل فهو غلول, وقد يظن بعض الناس أن العامل إذا لم يحتل جاز له ذلك, وليس ذلك صحيحًا بل تبويب المؤلف محمول علي الغالب.

91 - كتاب التعبير

91 - كتاب التعبير 1 - باب أول ما بُدئ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الوحي الرؤيا الصالحة. 6982 - عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: أول ما بُدئ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم, فكان لا يري رؤيا إلا جاءته مثل فلق الصبح فكان يأتي حراء فيتحنث فيه - وهو التعبد - الليالي ذوات العدد, ويتزود لذلك, ثم يرجع إلي خديجة فتزوِّده لمثلها, حتي فجئه الحق وهو في غار حراء, فجاءه الملك فيه فقال: اقرأ, فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما أنا بقارئ, فأخذني فغطَّني حتي بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال: اقرأ. فقلت: ما أنا بقارئ, فأخذني فغطَّني الثانية حتي بلغ مني الجهد, ثم أرسلني فقال: اقرأ, فقلت: ما أنا بقارئ, فأخذني فغطَّني الثالثة حتي بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ - حتي بلغ - مَا لَمْ يَعْلَمْ} , فرجع بها ترجف بوادره, حتي دخل علي خديجة فقال: زمِّلوني, زمِّلوني. فزمِّلوه حتي ذهب عنه الروَّع فقال: ياخديجة مالي؟ وأخبرها الخبر وقال: قد خشيت علي نفسي, فقالت له: كلا, أبشرْ, فو الله لا يخزيك الله أبدًا, إنك لتصل الرحم, وتصدقُ الحديث, وتحمل الكل, وتقري الضيف, وتعين علي نوائب الحق. ثم انطلقت به خديجة حتي أتت به ورقة بن نوفل ابن أسد بن عبد العزي بن قصيّ - وهو ابن عم خديجة أخو أبيها- وكان امرءًا تنصر في الجاهلية, وكان يكتب الكتاب العربي فيكتب بالعربية من الإنجيل ماشاء الله أن يكتب وكان شيخًا كبيرًا قد عميَ, فقالت له خديجة: أي ابن عمِّ, اسمعْ من ابن أخيك. فقال ورقة: ابن أخي ماذا تري؟ فأخبره النبي - صلى الله عليه وسلم - ما رأي,

2 - باب رؤيا الصالحين

فقال ورقة: هذا الناموس الذي أُنزل علي موسي, ياليتني فيها جذعًا أكون حيًا حين يخرجك قومك. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أو مخرجيِّ هم؟ فقال ورقة: نعم, لم يأت رجل قط بما جئت به إلا عُوديَ. وإن يُدركني يومك أنصرك نصرًا مؤزرًا. ثم لم ينشب ورقة أن توفي, وفتر الوحي فترة حتي حزن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما بلغنا حُزنًا غدا منه مرارًا كي يتردَّي من رؤوس شواهق الجبال (¬1) , فكلما أوفي بذروة جبل لكي يُلقي منه نفسه تبدَّي له جبريل فقال: يا محمد, إنك رسول الله حقًا فيسكن لذلك جأشه وتقرُّ نفسه فيرجع, فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك, فإذا أوفي بذروة جبل تبدَّي له جبريل فقال له مثل ذلك ... » الحديث. قال الحافظ: ... فصار كله مدرجًا علي رواية الزهري وعن عروة عن عائشة, والأول هو المعتمد (¬2). 2 - باب رؤيا الصالحين (¬3) وقوله تعالي: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ ... الآية}. ¬

(¬1) وهذا مرسل, وذكر التردي لا يثبت لأنه من كلام الزهري. (¬2) البلاغ هو المعتمد, ولو صح كان ذلك في أول الإسلام قبل تحريم قتل النفس ... وبلاغات الزهري ضعيفة. (¬3) أصدق الناس رؤيا أصدقهم حديثًا وأكثرهم دينًا, ولأن الفاسقين يصيبهم من تحزين الشيطان.

3 - باب الرؤيا من الله

3 - باب الرؤيا من الله 6985 - عن أبي سعيد الخدري أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا رأي أحدكم رؤيا يحبها فإنما هي من الله, فليحمد الله عليها وليحدث (¬1) بها, وإذا رأي غير ذلك مما يكره فإنما هي من الشيطان فليستعذ من شرها ولا يذكرها لأحد فإنها لا تضرُّه». قال الحافظ: ... «حدثنا قتيبة حدثنا ليث وحدثنا ابن رمح أنبأنا الليث عن أبي الزبير عن جابر رفعه إذا أحدكم الرؤيا يكرهها فليبصق علي يساره ثلاثًا وليستعذ بالله من الشيطان ثلاثاَ وليتحول (¬2) عن جنبه الذي كان عليه». ¬

(¬1) التحدث بالرؤيا الصالحة مستحب وقد يقال مباح لأنه في الرواية الأخري فلا يحدث بها, والأول أقرب. قلت: وجه القول بالإباحة أنه مقابل للقول بالحظر في الرؤيا المكروهة, كما ذكر شيخنا. (¬2) من رأي ما يكره وهو علي جنبه الأيمن ينقلب علي الجانب الأيسر لحديث ... (وليتحول .. ). - الحلم لا يسأل حتي يعبرها له .. ولا يخبر بها أحدًا. - قلت: محصّل ما يفعل عند الرؤي الصالحة ثلاث آداب: 1 - يحمد الله عليها. ... 2 - يستبشر بها. ... 3 - يتحدث بها. - والرؤيا المكروهة لها ستة آداب: 1 - أن يتعوذ بالله من شرها. ... 2 - ومن شر الشيطان. 3 - أن يتفل حين يهب من نومه عن يساره ثلاثًا. 4 - لا يذكرها لأحد أصلًا. ... 5 - ليقم فليصل. 6 - التحول عن جنبه الذي كان عليه.

4 - باب الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة

4 - باب الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة (¬1) 6986 - عن أبي قتادة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الرؤيا الصالحة من الله, والحلم من الشيطان, فإذا حلم أحدكم فليتعوذ منه وليبصق عن شماله فإنها لا تضره». 5 - باب المبشِّرات (¬2) 6990 - عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لم يبق من النبوة إلا المبشِّرات» قالوا: وما المبشِّرات؟ قال: «الرؤيا الصالحة». قال الحافظ: ... فإن من الرؤيا ماتكون منذرة وهي صادقة يريها الله للمؤمن رفقًا به ليستعد لما يقع قبل وقوعه. وقال ابن التين (¬3): معني الحديث أن الوحي ينقطع بموتي ولا يبقي ما يعلم منه ما سيكون إلا الرؤيا. 6 - باب رؤيا يوسف وقوله تعالي: {إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَاأَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ (¬4) ... أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4) قَالَ يَابُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ .. }. ¬

(¬1) يعني في صدقها. وقيل النبوة 23 سنة والرؤيا كانت ستة أشهر فنسبة الرؤيا للنبوة 46: 1, والأقرب والله أعلم أنها تختلف باختلاف الرائي من استقامته وصدقه, ولهذا في الرواية الأخري (من سبعين جزءًا .. ). (¬2) المبشرات كما في قوله تعالي {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ}. (¬3) كلام ابن التين قد يقع وقد لا يقع أي الإلهام. ولذلك أشار إليه في الحديث بقوله (إن يكن في أمتي محدثون فعمر). (¬4) المراد أن رؤيا الأنبياء حق وصدق.

7 - باب رؤيا إبراهيم

7 - باب رؤيا إبراهيم وقوله تعالي: {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى (¬1) فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ... } الآية. 8 - باب التواطؤ علي الرؤيا 6991 - عن ابن عمر - رضي الله عنه - أن أناسًا أُروا ليلة القدر في السبع الأواخر, وأن أناسًا أروها في العشر الأواخر, فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «التمسوها في السبع الأواخر» (¬2). 9 - باب رؤيا أهل السجون والفساد والشرك لقوله تعالي: {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ ... } (¬3) الآية. 6992 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لو لبثتُ (¬4) في السجن ما لبث يوسف ثم أتاني الداعي لأجبته». ¬

(¬1) المراد أن رؤيا الأنبياء حق وصدق وقد يقع فيها تشريع كقصة إبراهيم. (¬2) لم يعلق شيخنا بشيء. قلت: قال الحافظ: ويستفاد من الحديث أن توافق جماعة علي رؤيا واحدة دال علي صدقها وصحتها كما تستفاد قوة الخبر من التوارد علي الأخبار من جماعة. (¬3) ومراد المؤلف أن الرؤيا قد تقع من كافر أو فاسق, وقد تصدق. (¬4) هذا من تواضعه - صلى الله عليه وسلم - ومن تثبت يوسف وتمهله حتي تظهر براءته {ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ .. } الآية.

10 - باب من رأي النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام

قال الحافظ: ... وهذا مرسل وقد وصله الطبري من طريق إبراهيم بن يزيد الخوزي (¬1) بضم المعجمة ... 10 - باب من رأي النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام 6993 - عن أبي هريرة قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من رآني في المنام فسيراني (¬2) في اليقظة, ولا يتمثل الشيطان بي». قال الحافظ: ... ويمكن الجمع بينهما بما قال القاضي أبو بكر بن العربي (¬3): رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - بصفته المعلومة إدراك علي الحقيقة ... ¬

(¬1) الخوزي ضعيف. (¬2) المعروف من الرواية: فقد رآني, ولو صحت تحمل يوم القيامة. - إن رأه حليقًا أو غير ما ورد فلم يره عليه الصلاة والسلام. تدل علي أن من رآه في المنام فقد رآه علي الحقيقة (إذا رآه علي صورته) فإن كان من رآه يأمره بالحق فليستقم, ومن رآه ينهاه عن الشر فلينته. وإن رآه يأمره بباطل فهذا من القرائن علي عدم رؤيته. (¬3) قول ابن العربي ليس بجيد, والصواب ماتقدم عن ابن سيرين وابن عباس - رضي الله عنهم -. - الحسن بن علي يشبه النبي - صلى الله عليه وسلم - في النصف الأعلي. - رواية فسيراني إن كانت محفوظة فالمقصود بها أهل عصره, أي أنه إن لم يره فسيوفق لرؤيته من أهل عصره لكن لا يراه من غير أهل عصره؛ لأنه قال: (أنا أول من ينشق عنه القبر يوم القيامة).

11 - باب رؤيا الليل

11 - باب رؤيا الليل 6998 - عن أبي هريرة قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أعطيت مفاتيح الكلم, ونُصرت بالرعب. وبينا أنا نائم البارحة إذ أتيت بمفاتيح خزائن الأرض حتي وضعت في يدي» قال أبو هريرة: فذهب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنتم تنتقلونها (¬1). 12 - باب رؤيا النهار وقال ابن عون عن ابن سيرين: رؤيا النهار مثل رؤيا الليل. 7001 - عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدخل علي أم حرام (¬2) بنت ملحان -وكانت تحت عبادة بن الصامت, فدخل عليها يومًا, فأطعمته وجعلت تفلي رأسه فنام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , ثم استيقظ وهو يضحك». 7002 - قالت: فقلت ما يضحكك يا رسول الله؟ قال: ناس من أمتي عُرضوا عليَّ غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ملوكًا علي الأسرة - أو مثل الملوك علي الأسرة - شك إسحاق- قالت: فقلت يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم, فدعا لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ثم وضع رأسه ثم استيقظ, فقلت ما يضحكك يا رسول الله؟ قال: أناس من أمتي عُرضوا عليَّ غزاة في سبيل الله - كما قال في الأولي - قالت: ¬

(¬1) يعني أصحابه فيسنفقون كنوز الأرض في سبيل الله. الرؤيا يعبرها المتفقه في الكتاب والسنة, ويعطيه مزيد فهم معرفة أحوال الرائي. وقد يكون الرجل عالمًا فلا يعرف الرؤيا. (¬2) المعروف أن بينها وبينه محرمية, وكذا أم سليم بينها وبين خؤولة.

13 - باب رؤيا النساء

فقلت يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم (¬1) , فقال: أنت من الأولين. فركبت البحر في زمن معاوية بن أبي سفيان, فصُرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت». قال الحافظ: ... وقد تقدم شرحه مستوفي في كتاب الاستئذان في (باب من رأي (¬2) قومًا فقال عندهم). 13 - باب رؤيا النساء (¬3) 7003 - عن أم العلاء - امرأة من الأنصار بايعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبرته أنهم اقتسموا المهاجرين قرعة, قال: فطار لنا عثمان بن مظعون وأنزلناه في أبياتنا, فوجع وجعه الذي توفي فيه, فلما توفي غُسل وكفِّن في أثوابه دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , قال فقلت: رحمة الله عليك أبا السائب, فشهادتي عليك لقد أكرمك الله. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وما يدريك أن الله أكرمه؟ فقلت: بأبي أنت يارسول الله فمتى (¬4) يكرمه الله؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أما هو فو الله لقد جاءه اليقين, والله إني لأرجو له الخير, ووالله ما أدري - وأنا رسول الله- ماذا يُفعل بي (¬5). فقالت: والله لا أزكي بعده أحدًا أبدًا». ¬

(¬1) ووقع ما رأي في الأول والثاني في عهد الصحابة في خلافة معاوية, فقد غزا الناس كثيرًا في البحر. (¬2) لعله من زار قومًا. (¬3) رؤيا الرجال والنساء سواء ... والعبرة بالتقوي. (¬4) الأقرب: من, كما في نسخه. (¬5) ثم تلا شيخنا: {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ ... } الآية وقال أهل العلم: قال هذا قبل أن يعلم أنه في الجنة حيث أعلمه الله - النبي في الجنة وأبو بكر ... إلخ.

14 - باب الحلم من الشيطان ...

14 - باب الحلم من الشيطان ... 7005 - عن أبي سلمة «أن أبا قتادة الأنصاري - كان من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وفرسانه- قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «الرؤيا من الله, والحلم من الشيطان, فإذا حلم أحدكم الحلم يكرهه فليبصق عن يساره وليستعذ بالله منه فلن يضره» (¬1). 15 - باب اللبن 7006 - عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «بينا أنا نائم أتيت بقدح لبن فشربت منه حتي إني لأري الرَّيَّ يخرج في أظافيري, ثم أعطيت فضلي يعني عمر. قالوا: فما أوَّلته يا رسول الله؟ قال: العلم» (¬2). 16 - باب القميص في المنام 7008 - عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «بينما أنا نائم رأيت الناس يعرضون عليَّ وعليهم قمص منها ما يبلغ الثُّديَّ, ومنها ما يبلغ دون ذلك. ومرَّ عليَّ عمر بن الخطاب وعليه قميص يجرُّه. قالوا: ما أوَّلته يارسول الله؟ قال: الدين» (¬3). ¬

(¬1) يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ومن شرما رأيت, ثلاثًا. (¬2) إذا كان الرائي من أهل العلم فسر اللبن بالعلم. * ومن رأي حلمًا شرع له ستة أشياء. قلت: تقدمت قريبًا. (¬3) هذا يدل علي أن سبوغ اللباس في المنام هو الخير والدين {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} وأهل العلم يطبقون الرؤيا علي ما يناسبها فإن كان الرأي من أهل الشر قد يعبرونها بغير ذلك, قال ابن القيم: إذا رؤي الرجل عريانا دل علي فساد دينه. أخذها ابن القيم من الحديث. قلت: انظر في الأعلام (1/ 190) وقد ذكر فوائد هناك في التعبير.

20 - باب كشف المرأة في المنام

20 - باب كشف المرأة في المنام 7011 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أريتك في المنام مرتين: إذا رجل يحملك في سرقة من حرير فيقول: هذه امرأتك, فأكشفها فإذا هي أنت, فأقول: إن يكن هذا من عند الله يمضه» (¬1). 22 - باب المفاتيح في اليد 7013 - عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «بُعثت بجوامع الكلم (¬2) , ونصرت بالرعب. وبينا أنا نائم أُتيت بمفاتيح خزائن الأرض فوضعت في يدي». 23 - باب التعليق بالعروة والحلقة 7014 - عن عبد الله بن سلام قال: رأيت كأني في روضة, وسط الروضة عمود, في أعلي العمود عروة, فقيل لي: ارقهْ, قلت لا أستطيع, فأتاني وصيف فرفع ثيابي فرقيتُ فاستمسك بالعروة, فانتبهت وأنا مستمسك بها. فقصصتها علي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «تلك الروضة روضة الإسلام, وذلك العمود عمود الإسلام, وتلك العروة العروة الوثقي لا تزال مستمسكًا بالإسلام حتي تموت» (¬3). ¬

(¬1) أي سوف يتزوجها في الدنيا, فكان ذلك. (¬2) هذا من جوامع كلمة - صلى الله عليه وسلم - كقوله: (كل مسكر حرام). (إنما الأعمال بالنيات). (¬3) من استمسك بالإسلام حتي يموت دخل الجنة.

25 - باب الاستبرق ودخول الجنة في المنام

قال الحافظ: ... وله طريق عند عبد الرازق رجاله رجال الصحيح إلا أن فيه انقطاعًا بين أبي قلابة وعبد الله بن عمرو ولفظه (أخذوا عمود الكتاب فعمدوا به إلي الشام) (¬1). 25 - باب الاستبرق ودخول الجنة في المنام 7015 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: رأيت في المنام كأن في يدي سرقة من حرير لا أهوي بها إلي مكان في الجنة إلا طارت بي إليه, فقصصتها علي حفصة. 7016 - فقصتها حفصة علي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «إن أخاك رجل صالح, أو قال: إن عبد الله رجل صالح» (¬2). 26 - باب القيد في المنام 7017 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا اقترب الزمان (¬3) لم تكد رؤيا المؤمن تكذب, ورؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءًا من ¬

(¬1) الشام قد تكون فاضلة في بعض الأزمان, وقد مر عليه عصور كانت في خير وقد يكون في المستقبل, أما الآن ففيها شر كثير, فيها النصيرية. (¬2) وهي منقبة لعبد الله, والسرقة القطعة, في بعض الروايات رجل صالح لو كان يقوم من الليل. وفي هذا الحديث وذاك إشارة إلي أن قيام الليل من أسباب دخول الجنة لقوله تعالي: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ} , {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}. (¬3) في نهاية الزمان .. أي في الغالب إنها رؤيا المؤمن تصدق وتقع, وكانوا يكرهون الغلّ: وهو ما يجعله في العنق.

27 - باب العين الجارية في المنام

النبوة, وما كان من النبوة فإنه لا يكذب - قال محمد: وأنا أقول هذه- قال: وكان يقال الرؤيا ثلاث حديث نفس, وتخويفالشيطان, وبشري من الله (¬1). فمن رأي شيئًا يكرهه فلا يقصهعلي أحد ... » الحديث. قال الحافظ: ... قوله (حديث النفس وتخويف الشيطان وبشري من الله) وقع في حديث عوف بن مالك عند ابن ماجه بسند حسن رفعه (الرؤيا ثلاث منها أهاويل من الشيطان ليحزن ابن آدم, ومنها ما يهم به الرجل في يقظته فيراه في منامه, ومنها جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة (¬2). 27 - باب العين الجارية في المنام 7018 - عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أم علاء - وهي امرأة من نسائهم بايعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت: طار لنا عثمان بن مظعون في السُكنى حين اقترعت الأنصار علي سكني المهاجرين, فاشتكي, فمرضناه حتي توفي, ثم جعلناه في أثوابه, فدخل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: رحمة الله عليك ¬

(¬1) رواية مسلم أصرح: الرؤيا الثلاث * حديث النفس: لا خير ولا شر, ولا بأس أن يخبر بها. (¬2) قلت: حاصل تقسيم الرؤيا كما ذكر الحافظ ستة: أ - من الله بشري ... ب - تخويف من الشيطان ج-- حديث النفس ... د - تلاعب الشيطان هـ- ما يعتاده الرائي و- ما يهم به الرجل في المنام. قلت: تلاعب الشيطان وتخويفه يتقارب, وحديث النفس وما يهم به الرجل ويعتاده متقارب, فمآلها إلي ثلاث, وهي قسمة النبي - صلى الله عليه وسلم - فهي قسمة حاصرة.

28 - باب نزع الماء من البئر حتي يروي الناس

أبا السائب, فشهادتي عليك لقد أكرمك الله. قال: «وما يدريك؟ قلت: لا أدري والله. قال: أما هو فقد جاءه اليقين, إني لأرجو له الخير من الله, والله ما أدري - وأنا رسول الله- ما يفعل بي ولا بكم .. قالت أم العلاء: فو الله لا أزكي أحدًا بعده. قال: ورأيت لعثمان في النوم عينًا تجري, فجئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له, فقال: ذاك عمله يجري له» (¬1). 28 - باب نزع الماء من البئر حتي يروي الناس 7019 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «بينا أنا علي بئر أنزع منها إذ جاءني أبو بكر وعمر, فأخذ أبو بكر الدلو, فنزع ذنوبًا أو ذنوبين, وفي نزعه ضعف, فغفر الله له. ثم أخذها ابن الخطاب من يد أبو بكر فاستحالت في يده غربًا, فلم أر عبقريًا من الناس يفري فريه حتي ضرب الناس بعطن» (¬2). 31 - باب القصر في المنام 7033 - عن أبي هريرة قال: بينا نحن جلوس عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «بينا أنا نائم رأيتني في الجنة, فإذا امرأة تتوضأ إلي جانب قصر. قلت: ¬

(¬1) المؤمن يرجي له الخير, وهذا الحديث قبل أن يعلم أنه في الجنة وقبل أن يعلم المؤمنين أنهم في الجنة , وفي هذا توقي الشهادة بل يرجو الخير له (¬2) فيه منقبتان للصدّيق وعمر, وأن عمر أقوي في خلافته؛ ولذا انتشرت الفتوح, أما الصدّيق فكانت مدته قليلة وحصل به خير كثير, كقتال أهل الردة, ولعل الضعف ما كان فيه من اللين والرقة, وعمر - رضي الله عنه - كان في شدة .. وقوله استحالت: أي صارت دلوًا كبيرة.

32 - باب الوضوء في المنام

لمن هذا القصر؟ قالوا: لعمر بن الخطاب فذكرت غيرته فوليت مدبرًا. قال: أبو هريرة: فبكي عمر بن الخطاب ثم قال: أعليك - بأبي أنت وأمي يا رسول الله - أغار» (¬1). قال الحافظ: ... قال: والوضوء لغوي (¬2) ولا مانع منه. 32 - باب الوضوء في المنام 7025 - عن أبي هريرة قال: بينا نحن جلوس عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «بينا أنا نائم رأيتني في الجنة, فإذا امرأة تتوضأ (¬3) إلي جانب قصر. قلت: لمن هذا القصر؟ قالوا: لعمر بن الخطاب فذكرت غيرته فوليت مدبرًا. قال: أبو هريرة: فبكي عمر بن الخطاب ثم قال: أعليك - بأبي أنت وأمي يا رسول الله - أغار». 33 - باب الطواف بالكعبة في المنام 7026 - عن سالم بن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «بينما أنا نائم رأيتني أطوف بالكعبة, فإذا رجل آدم سبط الشعر ¬

(¬1) فيه منقبة لعمر - رضي الله عنه - زيادة, وإلا فهو من العشرة, ورؤياه هذه يحتمل في المنام ويحتمل في الإسراء والمعراج. (¬2) وضعف شيخنا في هذا القول, وقال: بل المراد الوضوء الحقيقي وليس بمستنكر لأنه عبادة ونعيم. ولهذا يلهمون التحميد والتسبيح كما يلهمون النفس. وقد يقال إن هذا الحديث قبل دخول الناس الجنة, مثل ما حصل لآدم في الجنة. (¬3) لا يلزم وجود صلاة وإنما هو نظافة وتعبد, مثل ما في الجنة تسبيح وتحميد وتهليل ويحصل لهم بذلك نعيم ... ولا يلزم أيضًا نفي الصلاة.

34 - باب إذا أعطي فضله غيره في النوم

بين رجلين ينطف رأسه ماء, فقلت: من هذا؟ قالوا: ابن مريم, فذهبت ألتفت فإذا رجل (¬1) أحمر جسيم جعد الرأس أعور العين اليمني كأن عينه عنبة طافية, قلت: من هذا؟ قالوا: هذا الدجال, أقرب الناس به شبهًا ابن قطن (¬2) , وابن قطن رجل من بني المصطلق من خزاعة» (¬3). 34 - باب إذا أعطي فضله غيره في النوم 7027 - عن حمزة بن عبد الله بن عمر أن ابن عمر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «بينا أنا نائم أتيت بقدح لبن فشربت منه حتي إني لأري الرِّيَ يجري, ثم أعطيت فضله عمر. قالوا: فما أوَّلته (¬4) يا رسول الله؟ قال: العلم». 35 - باب الأمن وذهاب الروع في المنام 7028 - عن ابن عمر قال: إن رجالًا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يرون الرؤيا علي عهد رسول الله فيقصونها علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيقول ¬

(¬1) القول بحياة الدّجال؟ قال الشيخ: علي حديث الجساسة, وهو صحيح خرجه مسلم. قلت: وله شواهد. (¬2) يقال إنه ملك من اليهود. (¬3) وهذه لعله قبل خروجه, وإلا فإنه بعد خروجه لا يدخل مكة, ويحتمل المراد أنه يظهر التنسك والدين ليدعو الناس إلي أمره وحتي يلبس علي الناس. (¬4) التأويل يكون علي حسب حال الرائي, حسب الصلاح والفساد.

فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما شاء الله وأنا غلام حديث السن (¬1) وبيتي المسجد قبل أن أنكح, فقلت في نفسي لو كان فيك خير لرأيت مثل ما يري هؤلاء. فلما اضطجعت ليلة قلت: اللهم إن كنت تعلم فيَّ خيرًا فأرني رؤيا. فبينما أنا كذلك إذ جاءني ملكان في يد كل واحد منهما مقمعة من حديد يقبلان بي إلي جهنم وأنا بينهما أدعو الله: اللهم أعوذ بك من جهنم, ثم أراني لقيني ملك في يده مقمعة من حديد فقال: لن تُراع, نِعمَ الرجل أنت لو تكثر الصلاة. فانطلقوا بي حتي وقفوا بي علي شفير جهنم, فإذا هي مطوية كطيِّ البئر, له قرون كقرون البئر, بين كل قرنين ملك بيده مقمعة من حديد, وأري فيها رجالًا معلَّقين بالسلاسل, رؤوسهم أسفلهم عرفت فيها رجالًا من قريش, فانصرفوا بي عن ذات اليمين». قال الحافظ: ... وفي آخره أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن عبد الله رجل صالح لو كان يكثر الصلاة من الليل» قال وفيه وقوع الوعيد علي ترك السنن وجواز وقوع العذاب علي ذلك (¬2). قلت: هو مشروط بالمواظبة علي الترك رغبة عنها. ¬

(¬1) سِنّه تقارب العشرين أو الحادي والعشرين وكذا أنس. ورؤيا ابن عمر رؤيا عظيمة ومهولة. - ولعل رؤيا السرقة من حرير بعد هذه الرؤيا المهولة, وفي هذا الحث علي الإكثار من الصلاة, فهي من أعظم أسباب النجاة من النار ودخول الجنة. - وسألت شيخنا عمن قال: من أصر علي ترك الوتر ترد شهادته؟ فقال: ليس بشيء. (¬2) كل هذا ليس بجيد, والنوافل لا عذاب عليها, ففي حديث طلحة ( ... دخل الجنة إنْ صدق).

36 - باب الأخذ علي اليمين في النوم

36 - باب الأخذ علي اليمين في النوم 7031 - فزعمت حفصة أنها قصتها علي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «إن عبد الله رجل صالح لو كان يكثر (¬1) الصلاة من الليل. قال الزهري فكان عبد الله بعد ذلك يكثر الصلاة من الليل». 38 - باب إذا طار الشيء في المنام 7034 - قال ابن عباس: ذُكر لي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «بينا أنا نائم رأيت أنه وضع في يدي سواران من ذهب فقطعتهما وكرهتهما, فأُذن لي فنفختهما فطارا, فأوَّلتهما كذابين يخرجان» (¬2). فقال عبيد الله: أحدهما العنسيَّ الذي قتله فيروز في اليمن, والآخر مسيلمة. 39 - باب إذا رأي بقرًا تنحر 7035 - عن أبي موسي أُراه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: رأيت في المنام أني أُهاجر من مكة إلي أرض بها نخل, فذهب وهَلى إلي أنها اليمامة أو الهجر, ¬

(¬1) وافق كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - كلام الملك وتقدم في الحديث قبله. أصحاب اليمين أصحاب النجاة. فعلامة النجاة أنه أخذ به ذات اليمين. (¬2) وهذا والله أعلم أن النبوة لها لمعان كلمعان الذهب, لكن لما زالا دلاّ علي أنها باطل ... وهكذا هما كذابان. قلت: هذا يدل علي أن شيخنا له إلمام بهذا العلم. ويحتمل أن هذا من شيخنا جري للتوفيق بين الرؤيا وتفسيرها, فسلك الجادة في التوفيق علي طريقة الفقهاء لتحصل المناسبة.

41 - باب إذا رأي أنه أخرج الشيء من كوة وأسكنه موضعا آخر

فإذا هي المدينة يثرب , ورأيت فيها بقرًا (¬1) والله خير؛ فإذا هم المؤمنون يوم أحد, وإذا الخير ما جاء الله به من الخير وثواب الصدق الذي آتانا الله به بعد يوم بدر». 41 - باب إذا رأي أنه أخرج الشيء من كوة وأسكنه موضعًا آخر 7038 - عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «رأيت كأن امرأة سوداء ثائرة الرأس خرجت من المدينة حتي قامت بمهيعة وهي الجحفة, فأوَّلت (¬2) أن وباء المدينة نقل إليها». 45 - باب من كذب في حُلمه 7042 - عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من تحلم بحلم لم يره كلِّف أن يعقد بين شعيرتين, ولن يفعل. ومن استمع إلي حديث قوم وهم له كارهون أو يفرُّون منه صبَّ في أذنه الآنك (¬3) يوم القيامة. ومن صوَّر صورة عُذِّب وكلِّف أن ينفخ فيها (¬4) , وليس بنافخ».قال سفيان: وصله ¬

(¬1) البقر فيه خير كثير من لحم ولبن وحرث, والمؤول بذلك كذلك , فصار يوم أحد فحصل به من الموعظة والتذكير. ونحر البقر هو قتل الصحابة. (¬2) صوابه: فأولت أنه, كما في متن الشرح. وهذه رؤيا صالحة فيها خروج المرأة السوداء الثائرة الرأس وابتعادها عنه. (¬3) الرصاص المذاب الكذب في الرؤيا كبيرة من كبائر الذنوب. (¬4) يوم القيامة, كما في رواية أخري.

46 - باب إذا رأي ما يكره فلا يخبر بها ولا يذكرها

لنا أيوب. وقال قتيبة حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن عكرمة عن أبي هريرة قوله (من كذب في رؤياه). وقال شعبة عن أبي هاشم الرّماني (¬1): سمعت عكرمة قال أبو هريرة قوله من صوَّر صورة ومن تحلم ومن استمع. حدثنا إسحاق حدثنا خالد عن خالد عن عكرمة عن ابن عباس قال: من استمع ومن تحلَّم ومن صوَّر .. ) نحوه. 7043 - عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أفري الفِري أن يُري عينه ما لم تر» (¬2). 46 - باب إذا رأي ما يُكره فلا يخبر بها ولا يذكرها 7044 - عن أبي سلمه قال: «لقد كنت أري الرؤيا فتمرضني حتي سمعت أبا قتادة يقول: وأنا كنت أري الرؤيا تمرضني حتي سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «الرؤيا الحسنة من الله, فإذا رأي أحدكم ما يحب فلا يحدث به إلا من يحب. وإذا رأي ما يكره فليتعوذ بالله من شرها ومن شر الشيطان, وليتفل ثلاثًا ولا يحدِّث بها أحدًا, فإنها لن تضره» (¬3). ¬

(¬1) اسمه يحي بن دينار ثقة. (¬2) هذا عام في المنام واليقظة. (¬3) هذا من أجمع الروايات في الرؤيا. - إن تيسر له أن يصلي, لكن في غير وقت النهي. - من يحب ليس بقيد, وفي بعض الروايات الإطلاق, لكن الأحباب أولي وأخص الناس بذكرها لهم.

47 - باب من لم ير الرؤيا لأول عابر إذا لم يصب

47 - باب من لم ير الرؤيا لأول عابر إذا لم يصب 7046 - عن عُبيد الله بن عبد الله بن عُتبة «أن ابن عباس - رضي الله عنهما - كان يحدث أن رجلًا أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني رأيت الليلة في المنام ظُلة تنطف السمن والعسل, فأري الناس يتكففون منها: فالمستكثر والمستقل, إذا سبب واصل من الأرض إلي السماء, فأراك أخذت به فعلوت. ثم أخذ به رجل آخر فانقطع ثم وصل. فقال أبو بكر: يارسول الله بأبي أنت والله لتدعني فأعبرها, فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - له اعبرها. قال: «أما الظلة فالإسلام؛ وأما الذي ينطف من العسل والسمن فالقرآن حلاوته تنطف, فالمستكثر من القرآن والمستقل. وأما السبب الواصل من السماء إلي الأرض فالحق الذي أنت عليه تأخذ به فيعليك الله. ثم يأخذ به رجل فيقطع. ثم يوصل له فيعلو به. فأخبرني يا رسول الله - بأبي أنت- أصبت أم أخطأت؟ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أصبت بعضًا وأخطأت بعضًا, قال: فو الله يارسول الله لتحدثني بالذي أخطأت. قال: لاتقسم». قال الحافظ: ... قال أبو العبيد وغيره: معني قوله (الرؤيا لأول عابر) (¬1) إذا كان العابر الأول عالما فعبر فأصاب وجه التعبير, وإلا فهي لمن أصاب بعده, إذ ليس المدار إلا على إصابة الصواب في تعبير المنام .... إلخ. ¬

(¬1) قلت: بحث الرؤيا لأول عابر إن أصاب وإلا فمن بعده , انظر السلسلة الصحيحة 1/ 168 وما بعدها.

قال الحافظ: ... وذكر أئمة التعبير أن من أدب الرائي (¬1) أن يكون صادق اللهجة وأن ينام على وضوئه على جنبه الأيمن وأن يقرأ عند نومه والشمس والليل والتين وسورة الإخلاص والمعوذتين ويقول: اللهم إني أعوذ بك من سيء الأحلام، وأستجير بك من تلاعب الشيطان في اليقظة والمنام، اللهم إني أسألك رؤيا صالحة صادقة نافعة حافظة غير منسية، اللهم أرني في منامي ما أحب ومن أدبه أن لا يقصها على امرأة ولا عدو ولا جاهل. ومن أدب العابر أن لا يعبرها عند طلوع الشمس ولا عند غروبها ولا عند الزوال ولا في الليل. وكان الفراغ منه في يوم الاثنين 15/ 5/1408 هـ وكنا قد بدأنا قراءته على شيخنا بتاريخ 20/ 1/1408 هـ فاستغرقنا ثلاثة أشهر وخمسة وعشرين يومًا ¬

(¬1) قلت: ذكر الحافظ هنا آداب الرائي والعابر عن أئمة التعبير وفي بعضها.

92 - كتاب الفتن

92 - كتاب الفتن 1 - باب ما جاء في قوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} 7048 - عن أسماء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أنا على حوضي أنتظر من يرد عليَّ، فيؤخذ بناس من دوني أقول: أمَّتي، فيقال: لا تدري، مشَوا على القهقري» (¬1). 7049 - عن عبد الله قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أنا فرطَكم على الحوض، ليُرفعن إليَّ رجال منكم حتى إذا أهويت لأناولهم اختلجوا دوني فأقول: أي ربِّ، أصحابي (¬2)، فيقول: لا تدري ما أحدثوا بعدك». قال الحافظ: ... وفي حديث أبي سعيد «إنك لا تدري ما بدلوا» وقع في رواية الكشميهني «ما أحدثوا» وحاصل ما حمل عليه حال المذكورين أنهم كانوا ممن ارتد عن الإسلام فلا إشكال في تبري النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم (¬3) وإبعادهم، وإن كانوا ممن لم يرتد لكن أحدث معصية كبيرة من أعمال البدن أو بدعة من اعتقاد القلب ... 2 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «سترون بعدي أمورًا تنكرونها» 7052 - عن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنكم سترون بعدي ¬

(¬1) أي مرتدين عن دينك، وفي هذا من الفوائد أنه لا يعلم الغيب - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) وهم الذين ارتدوا في عهد الصديق من الأعراب وغيرهم. (¬3) التبديل خاص بالكفر الذي تحصل به الردة.

3 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: هلاك أمتي على يدي أغيلمة سفهاء

أثرة (¬1) وأموراَ تنكرونها. قالوا: فماذا تأمرنا يا رسول الله؟ قال: أدُّوا إليهم حقهم، وسلوا الله حقكم». 7053 - عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من كره من أميره شيئًا فليصبر (¬2)، فإنه من خرج من السلطان شبرًا مات ميتة جاهلية». 7055 - عن جنادة بن أبي أمية قال: «دخلنا على عبادة بن الصامت (¬3) وهو مريض قلنا: أصلحك الله، حدِّث بحديث ينفعك الله بما سمعته من النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: دعانا النبي - صلى الله عليه وسلم - فبايعناه». 7057 - عن أُسيد بن حضير أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، استعملت فلانًا ولم تستعملني. قال: «إنكم سترون بعدي أثرة، فاصبروا حتى تلقوني» (¬4). 3 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: هلاك أمتي على يدي أغَيلمة سفهاء (¬5) 7058 - حدثنا عمرو بن يحيى بن سعيد بن عمرو بن سعيد قال: أخبرني جدي قال: كنت جالسًا مع أبي هريرة في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة ومعنا ¬

(¬1) أي سترون من ولاة الأمور بعدي أثرة في الوظائف بأنهم يعطون من لايستحق ... (¬2) وفي لفظ: فإن رأى معصية فليكره مايأتي من معصية الله ولا ينزع يدًا من طاعة. (¬3) وقد توفي - رضي الله عنه - 34 هـ. (¬4) يعني أمرته ولم تؤمرني، وظفته ولم توظفني. (¬5) تولى غلمة من قريش فحصل منهم شر كثير.

4 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ويل للعرب، من شر قد اقترب

مروان، قال أبو هريرة: سمعت الصادق المصدوق يقول: «هلكة أمتي على يدي غلمة من قريش، فقال مروان: لعنة الله عليهم غِلمة، فقال أبو هريرة لو شئت أن أقول بني فلان بني فلان لفعلت». فكنت أخرج مع جدي إلى بني مروان حين ملكوا بالشام فإذا رآهم غلمانًا أحداثًا قال لنا عسى هؤلاء أن يكونوا منهم. قلنا: أنت أعلم. 4 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ويل للعرب، من شر قد اقترب 7060 - عن أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - قال: أشرف النبي - صلى الله عليه وسلم - على أُطم من آطام المدينة فقال: «هل ترون ما أرى؟ قالوا: لا. قال: فإني لأرى الفتن تقع خلال بيوتكم كوقع القطر (¬1)». 5 - باب ظهور الفتن 7061 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يتقارب الزمان (¬2)، وينقص ¬

(¬1) ومن أعظم الفتن قتل عثمان ثم تسلسلت الفتن ولا حول ولا قوة إلا بالله. فائدة: قال الحافظ تنبيه: يُتعجب من لعن مروان الغلمة المذكورين مع أن الظاهر أنهم من ولده .. وقد وردت أحاديث في لعن الحكم والد مروان وما ولد أخرجها الطبراني وغيره وغالبها فيه مقال وبعضها جيد، ولعل المراد تخصيص الغلمة المذكورين بذلك. (¬2) تقارب الزمان الظاهر أنه حسي، فُسّر بتشاغل الناس، وفسر بوجود المراكب السريعة، وكله حاصل حسي ومعنوي، والناس يشعرون بهذا إذا جاءت الشرور طالت المدة وإذا جاءت النعمة قصرت المدة وفسر بذهاب البركة.

6 - باب لا يأتي زمان إلا الذي بعده شر منه

العمل، ويُلقى الشُّح، وتظهر الفتن (¬1)، ويكثر الهرج. قالوا: يا رسول الله أيما هو؟ قال: القتل القتل». 7062، 7063 - عن الأعمش عن شقيق قال: «كنت مع عبد الله وأبي موسى فقالا: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن بين يدي الساعة لأيامًا ينزل فيها الجهل، ويُرفع فيها العلم (¬2)، ويكثر فيها الهرج. والهرج القتل». 6 - باب لا يأتي زمان إلا الذي بعده شر منه 7068 - عن الزبير بن عدي قال: أتينا أنس بن مالك فشكونا إليه ما يلقون من الحجاج، فقال: اصبروا، فإنه لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده أشرُّ منه حتى تلقوا ربكم سمعته من نبيكم - صلى الله عليه وسلم -». 7069 - عن أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: استيقظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة فزعًا يقول: سبحان الله؛ ماذا أنزل الله من الخزائن، وماذا أنزل من الفتن؟ من يوقظ صواحب الحُجرات - يريد أزواجه - لكي يُصلِّين؟ رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة» (¬3). ¬

(¬1) من فوائد الأخبار برقوع الفتن: - الوقوع لا محالة. - وجوب الحذر وتجنب مايقع. - النصيحة والأمر والنهي. (¬2) قال شيخنا: في القرون الثلاثة الأولى كانت الحلقة الواحدة بالآلاف في مكة والمدينة وبغداد وغيرها من مدن العالم ... الله المستعان. (¬3) مثل حديث مسلم: «صنفان من أمتي من أهل النار لم أرهما» وفيه: «نساء كاسيات عاريات». فتح الله عليهم المدائن فجاءت الفتن معها ففتحوا كسرى وقيصر. قال بعضهم: إن الحجاج قتل مئة ألف نفس.

قال الحافظ: ... وقد ذكر الزبير في الموفقيات من طريق مجالد عن الشعبي قال «كان عمر فمن بعده إذا أخذوا العاصي أقاموه للناس ونزعوا عمامته، فلما كان زياد ضرب في الجنايات بالسياط (¬1)، ثم زاد مصعب بن الزبير حلق اللحية، فلما كان بشر بن مروان سمر كف الجاني بمسمار، فلما قدم الحجاج قال: هذا كله لعب فقتل بالسيف. قال الحافظ: ... عن زيد بن وهب قال: «سمعت عبد الله بن مسعود يقول: لا يأتي عليكم يوم إلا وهو شر من اليوم الذي كان قبله حتى تقوم الساعة، لست أعني رخاء من العيش يصيبه ولا مالًا يفيده ولكن لا يأتي عليكم يوم إلا وهو أقل علمًا من اليوم الذي مضى قبله، فإذا ذهب العلماء استوى الناس فلا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر فعند ذلك يهلكون» (¬2). ¬

(¬1) هذا هو الأَولى، إما فعل عمر أو فعل زياد أما حلق اللحية وسمر الكف فمنكر وأما فعل الحجاج فهو الطامة الكبرى .. ومجالد فيه ما فيه. (¬2) وهذا معنى اللفظ الآخر «ولكن ذهاب خياركم وعلمائكم» هل يُترحّم على الحجاج؟ نعم، له حسنات وله سيئات وتنقيطه المصحف من حسناته. قلت: انظر كلام شيخ الإسلام على الدعاء على أئمة الجور والضلالة وحكمه (4/ 487) وقد قال شيخ الإسلام ص 474 من الجزء نفسه: وإن لعن الملوك الظلمة من البدع.

7 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «من حمل علينا السلاح فليس منا»

قال الحافظ: ... عن عبد الله قال: «لا يأتي عليكم عام إلا وهو شر من الذي قبله، أما أني لست أعني عاما» (¬1). 7 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «من حمل علينا السلاح فليس منا» 7070 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من حمل علينا السلاح فليس منّا» (¬2). 7072 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يشير أحدكم على أخيه بالسلاح، فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزغ في يديه فيقع في حفرة من النار» (¬3). ¬

(¬1) لا أقول عامًا من عام، ولا أميرًا من أمير ولكن ذهاب خياركم. والخلاصة أنه فسر على وجهين: 1 - أنه في الأغلب فقد يأتي تنفيس وتفريج كقول الحسن، كما وقع في عهد عمر بن عبد العزيز، وهكذا ما يقع في عهد المهدي وعهد عيسى، وهذا من العام الذي خُصّ بنص كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -. 2 - وهو الذي أشار إليه ابن مسعود وهو ذهاب العلماء الأخيار ولو ظهر الدين فإن العلماء في قلة، وكلا القولين صحيح. (¬2) يعني يشق عصى الطاعة ويفرق بين المسلمين. قلت: انظر إلى شرح مثل هذا اللفظ «من غش فليس منا» أو «من حمل ... فليس منا» في مجموع الفتاوى (19/ 294). (¬3) فلا ينبغي اللعب بالسلاح ولو هازلًا. أما التدرب بالسلاح والتعلم على حمله ... إلخ فهذا محمود، كما فعله الأحباش في المسجد. المزح بالسيارات داخل في النهي؛ لأنها قد تزل وقد لا يستطيع إمساكها.

7075 - عن أبي موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا مرَّ أحدكم في مسجدنا - أو في سوقنا - ومعه نبل فليمسك على نصالها (¬1) - أو قال: فليقبض بكفه - أن يصيب أحدًا من المسلمين منها بشيء» (¬2). قال الحافظ: ... عن ابن سيرين بلفظ «من أشار إلى أخيه بحديدة لعنته الملائكة» (¬3). ¬

(¬1) ويدخل في هذا ماله شيء يشبه النِّصال كالحطب والخشب. (¬2) وهذا فيه التحرز والحرص على سلامة المسلمين وعدم أذيتهم. ينزع: يقلعه من يده ويضرب به أخاه. ينزغ: يُغري بعضهم بعضًا لتحقيق ضربته للآخر. (¬3) وهذا الموقف يشهد للمرفوع، فالموقوف هذا لا يقال بالرأي.

8 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض»

8 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض» 7076 - عن عبد الله قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «سباب (¬1) المسلم فسوق وقتاله كفر (¬2)». 7078 - عن أبي بكرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب الناس فقال: «ألا تدرون أي يوم هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم - قال: حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه - فقال: أليس بيوم النحر؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: أي بلد هذا؟ أليست بالبلد الحرام؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: فإن دماءكم وأعراضكم (¬3) وأبشاركم (¬4) عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا. ألا هل بلغت؟ قلنا: نعم، قال: اللهم اشهد، فليبلغ الشاهد الغائب ... » (¬5). ¬

(¬1) مصدر: ساب يُساب سبابًا. (¬2) يدل على أن القتال شعبة من شعب الكفر، والكفر المنكَّر يدل على أنه شعبة من شعب الكفر الأصغر، أو من استحله فهو كافر كفرًا أكبر. (¬3) العرض الجانب، والمعنى الأعراض به كسبه وشتمه. (¬4) أي الجلد والأطراف. (¬5) خطبهم في يوم عرفة ويوم النحر .. وفتح الله مسامع الناس لها، وعاش بعدها قرابة ثمانين يوما ثم توفى - صلى الله عليه وسلم -. في هذه الأحاديث الخمسة التي ذكرها المؤلف هنا ليحذر الناس من الرجوع إلى التقاتل على نعرات الجاهلية.

9 - باب تكون فتنة القاعد فيها خير من القائم

9 - باب تكون فتنة القاعد فيها خير من القائم 7081 - عن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن أبي مسلمة (¬1) بن عبد الرحمن عن أبي هريرة، قال إبراهيم: وحدثني صالح بن كيسان عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب «عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم، والقائم خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، من تشرَّف لها تستشرفه، فمن وجد منها ملجأ أو معاذًا فليعُذبه» (¬2). 10 - باب إذا التقى المسلمان بسيفيهما 7083 - عن الحسن قال: «خرجت بسلاحي لياليَ الفتنة فاستقبلني أبو بكرة فقال: أين تريد؟ قلت أريد نصرة ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: قال رسول اله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فكلاهما من أهل النار. قيل: فهذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: إنه أراد قتل صاحبه» (¬3). قال حماد بن زيد: فذكرت هذا الحديث لأيوب ويونس بن عُبيد وأنا أريد أن يحدثاني به، فقالا: إنما روى هذا الحديث الحسن عن الأحنف (¬4) بن قيس عن أبي بكرة. ¬

(¬1) صواب سلمة. (¬2) وهذه الحروب التي لا يعرف وجهها ولا موجبها، أما المأمور بها شرعًا فلا. فيه التحذير من فتنة الشبهات والشهوات والقتال. (¬3) المقتول لم يقف هند الهمّ بل حرص وبارز وعمل وأراد القتل. (¬4) هذا هو الصواب. من كان له تأويل واجتهاد في قتال المسلمين وهو مسلم فلا يدخل في الوعيد الذي في هذا الحديث، وله أجر الشهيد. حديث أبي بكرة هذا عند أهل العلم عند عدم وضوح القتال (هل موجبها صحيح أم لا) أما إن كان لنصرة الحق ودفع البغاة فلا يحمل عليه الحديث وهو الواقع بين أهل الشام والعراق وأمر به الله {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي ..... }. قال شيخنا غير مرة: أهل السنة عندهم أن أهل الشام بغاة، وعلي هو أمير المؤمنين. وقاتل المؤمن له توبة ويدل عليه القرآن والسنة، كما في حديث من قتل تسعة وتسعين وغيرها، وحديث التسعة والتسعين حكاه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأقره. وإذا كان الشرك له توبة فكيف بما دون ذلك.

11 - باب كيف الأمر إذا لم تكن جماعة؟

11 - باب كيف الأمر إذا لم تكن جماعة؟ 7084 - عن حذيفة بن اليمان قال: كان الناس يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم. قلت: وهل بعد هذا الشرِّ من خير؟ قال: نعم وفيه دخَن. قلت: وما دَخَنُه؟ قال: قوم يهدون بغير هديي، تعرف منهم وتُنكر، قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم، دُعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها. قلت: يا رسول الله، صفهم لنا، قال: هم من جلدتنا (¬1)، ويتكلمون بألسنتنا. قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم، قلت، فإن لم يكن لهم جماعة (¬2) ¬

(¬1) يعني من العرب .. وقد أفسدوا الآن البلاد بالصحف والإذاعات .. الله المستعان. قلت: والقنوات المرئية والتي تنشر الشبه والشهوات، والله المسؤول أن ينصر دينه. (¬2) الجماعة الذين على الحق قائمة في هذه البلاد .. وتوجد في بلاد أخرى ولو كانت الدولة فاسدة، فالأقليات المسلمة ولو كانوا عشرة فرئيسهم إمامهم.

ولا إمام؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك». قال الحافظ: ... وفي رواية أبي الأسود «يكون بعدي أئمة يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي» (¬1). قال الحافظ: ... وأن القادر على التحول عنهم لا يعذر كما وقع للذين كانوا أسلموا ومنعهم المشركون من أهلهم من الهجرة ثم كانوا يخرجون (¬2) مع المشركين لا لقصد قتال المسلمين بل لإيهام كثرتهم في عيون المسلمين فحصلت لهم المؤاخذة بذلك. ¬

(¬1) يعني تعرف منهم وتنكر .. خلطوا عملًا صالحًا وآخر سيئًا .. يعني عندهم تناقض، شيء من الشرع وشيء ليس منه .. وهذا إن صح حذف «لا» النافية. (¬2) هذا تأويل حسن، وقيل خرجوا بالإكراه .. (ظالمي أنفسهم) فوصفهم بالظلم بالخروج معهم ولو لم يقاتلوا، والظاهر أنهم كانوا قادرين ولهذا قال «ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها» والخلاف في ارتدادهم أم لا؟ وقد أجمع العلماء على أن من ناصر الكفار وساعدهم على المسلمين فهو مرتد إذا خرج باختياره {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} ولو كره الكفار بقلبه لكن ساعدهم فهو مرتد أما مساعدتهم على غير المسلمين فهذا شيء آخر.

13 - باب إذا بقي في حثالة من الناس

13 - باب إذا بقي في حُثالة من الناس 7086 - عن حذيفة قال: حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثين رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر: حدثنا أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال، ثم علموا من القرآن ثم علموا من السنة، وحدثنا عن رفعها قال: «ينام الرجل النومة فتُقبض الأمانة (¬1) من قلبه فيظل أثرها مثل أثر الوكت، ثم ينام النومة فتُقبض فيبقى فيها أثرها مثل أثر المجل، كجمر دحرجته على رجلك فنفط فتراه منتبرًا وليس فيه شيء، ويصبح الناس يتبايعون فلا يكاد أحد يؤدِّي الأمانة، فيقال: إن في بني فلان رجلًا أمينًا، ويقال للرجل: ما أعقله وما أظرفه وما أجلده وما في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان، ولقد أتى عليَّ زمان ولا أبالي أيكم بايعت، لئن كان مسلمًا رده عليَّ الإسلام، وإن كان نصرانيًا رده عليَّ ساعيه (¬2)، وأما اليوم (¬3) فما كنت أبايع إلا فلانًا وفلانًا». 14 - باب التعرّب (¬4) في الفتنة 7087 - عن سلمة بن الأكوع أنه دخل على الحجاج فقال: يا ابن الأكوع ¬

(¬1) ينام النومة .. الحديث يعني نام على معاصي ومخالفات، فينبغي على العبد النوم على توبة وعمل صالح. (¬2) ساعيه أي أميره. (¬3) هذا في زمن الصحابة فكيف بالقرن الخامس عشر؟ ! (¬4) التعرّب: لا ينبغي بعد الهجرة ولكن إذا دعت الحاجة جاز، وحديث سلمة - رضي الله عنه - محمول على هذا وقد إذن له البدو .. وحديث «مؤمن يعبد الله في شعب من الشعاب» رواه البخاري هذا محمول على الفتنة وإلا المخالطة أفضل لما فيها من تكثير السواد والدعوة، وفي الحديث «المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط ولا يصبر على أذاهم». وحديث «يوشك أن يكون خير مال أحدكم غنمًا .. » عند الفتنة.

15 - باب التعوذ من الفتن

ارتددت على عقبيك، تعرَّبت؟ (¬1) قال: لا، ولكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أذن لي في البدو. 15 - باب التعوُّذ من الفتن 7089 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى أحفوه بالمسألة، فصعد النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم المنبر فقال: لا تسألوني عن شيء إلا بيَّنت لكم، فجعلت أنظر يمينًا وشمالًا فإذا كل رجل رأسه في ثوبه يبكي، فأنشأ رجل كان إذا لاحى يُدعى إلى غير أبيه فقال: يا نبيَّ الله، من أبى؟ فقال: أبوك حذافة. ثم أنشأ عمر فقال: رضينا بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد رسولًا. نعوذ بالله من سوء الفتن، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما رأيت في الخير والشر كاليوم قط، إنه صُوِّرت لي الجنة والنار حتى رأيتهما دون الحائط». قال قتادة يُذكر هذا الحديث عند هذه الآية {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} (¬2). ¬

(¬1) قلت: انظر إلى جفاء الحجاج مع أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كيف يواجهه بمثل هذا الكلام القبيح. (¬2) كونهم يبكون خوفًا من غضبه - صلى الله عليه وسلم - وأنه يحدث شيء يسؤهم، ولهذا قال قتادة هذا يذكر عند قوله ... الآية ... قوله أبوك حذافة ... وكان عبدالله إذا لوحي في خصام يقال له أنت لست ابن فلان .. أي يلمزونه فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره أن أباه كان حقيقة هو الذي يدعي به ... فالحمد لله .. وحينما اشتد الأمر برك عمر وقال رضينا باله .. الحديث قال بعضهم لو قال هذا «رضينا .. عند الشدة كان له وجه».

16 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «الفتنة من قبل المشرق»

16 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «الفتنة من قبل المشرق» 7094 - عن ابن عمر قال: ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا، قالوا: يا رسول الله، وفي نجدنا، قال: اللهم بارك لنا في شامنا، وفي يمننا. قالوا: يا رسول الله وفي نجدنا، فأظنه قال في الثالثة: هناك الزلازل والفتن وبها يطلع قرن الشيطان (¬1). 17 - باب الفتنة التي تموج كموج البحر وقال ابن عيينة عن خلف بن حوشب كانوا يستحبون أن يتمثلوا بهذه الأبيات عند الفتن قال امرؤ القيس: ¬

(¬1) أكثر الفتن من قبل المشرق كالدجال ويأجوج ومأجوج والتتار وكذا بدعة الجهمية والمعتزلة ... وكذا في نجد حصل بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم - شر كثير فارتداد أسد وخزيمة وناس من تميم، وكان الشام حينئذ أفضل، فيه جمع كثير من المسلمين وليس المراد مطلقًا بل الأغلب؛ فأغلب الخير كما ذكروا وأغلب الشر كما ذكر في الحديث، ولا يمنع خروج صالحين ووجودهم في المشرق كالبخاري والدرامي ... والعلماء من المشرق .. وعلى العكس الشام الآن بها عباد آل البيت من النصيرية والباطنية وغيرهم، وباليمن بعض الشيوعية في الجنوب. ونجد عام للمشرق، ولهذا قال في ربيعة ومضر وهما في نجد المعروف الآن.

الحرب أول ما تكون فتية ... تسعى بزينتها لكل جهول حتى إذا اشتعلت وشبَّ ضرامها ... ولَّت عجوزًا غير ذات حليل شمطاء يُنكر لونها وتغيرت ... مكروهة للشَّمِّ والتقبيل (¬1) 7097 - عن أبي موسى الأشعري قال: خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى حائط من حوائط المدينة لحاجته وخرجت في إثره، فلما دخل الحائط جلست على بابه وقلت: لأكونن اليوم بواب النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يأمرني. فذهب النبي - صلى الله عليه وسلم - وقضى حاجته، وجلس على قُف البئر فكشف عن ساقيه ودلاهما في البئر، فجاء أبو بكر يستأذن عليه ليدخل فقلت كما أنت حتى أستأذن لك، فوقف، فجئت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا نبي الله، أبو بكر يستأذن عليك. قال: ائذن له وبشِّره بالجنة. فدخل، فجاء عن يمين النبي - صلى الله عليه وسلم - فكشف عن ساقيه ودلاهما في البئر. فجاء عمر، فقلت كما أنت حتى أستأذن لك، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ائذن له وبشره بالجنة. فدخل، فجاء عن يسار النبي - صلى الله عليه وسلم - فكشف عن ساقيه ودلاهما في البئر، فامتلأ القُفُّ فلم يكن فيه مجلس. ثم جاء عثمان فقلت: كما أنت حتى أستأذن لك. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ائذن له وبشره بالجنة معها بلاء (¬2) يصيبه، فدخل فلم يجد ¬

(¬1) يعني يتبين للناس أنها شر ووبال عليهم. (¬2) هي قتله وقبل ذلك حصاره - رضي الله عنه -. البشارة: إن فتنة الرجل في أهله تكفرها الصدقة، وذلك كالسب والقول السيء وقد لا يملك نفسه بأذية جاره. الأمر الخطير الفتن التي تموج كموج البحر هي التي لا يتبيَّن أمرها فيقع فيها من الشر والبلاء ما لا يحصيه إلا الله. وكسر الباب قتل عمر - رضي الله عنه - وقد حصل بقتله اندلاع أبواب الفتنة لا حول ولا قوة إلا بالله ويوافقه حديث: «إذا وضع السيف في أمتي لا يرفع إلى يوم القيامة». قلت: الحديث أخرجه أبو داوود (4252) والترمذي (2202) وأحمد (4/ 123) والبيهقي (9/ 181) وغيرهم من حديث ثوبان، وأصله في مسلم (7258) دون قوله: «إذا وضع السيف» وصحابيه هو ثوبان لا شداد، ووهم معمر في ذكر شداد وإنما هو ثوبان، والحديث ثابت صحيح ومعنى وضع السيف: ظهرت الحروب فمتى وقعت فإنها تبقى إلى يوم القيامة، وصدق رسول الله فمنذ قتل عمر ثم قتل عثمان، والأمة في دماء والله المستعان.

18 - باب

معهم جلسًا، فتحوَّل حتى جاء مقابلهم على شفة البئر، فكشف عن ساقيه ثم دلاهما في البئر، فجعلت أتمنى أخًا لي، وأدعو الله أن يأتي. قال ابن المسيب: فتأولت ذلك قبورهم، اجتمعت ها هنا وانفرد عثمان. 18 - باب (¬1) 7099 - عن أبي بكرة قال: لقد نفعني الله بكلمة أيام الجمل، لما بلغ النبي ¬

(¬1) هذا الخبر يتعلق بخروج عائشة وطلحة والزبير الى البصرة للمطالبة بدم قتلة عثمان الذي قتل بغير حق وليتصلوا بعلي ويبحثوا معه هذا الأمر. عائشة وطلحة والزبير اشتبه عليهم الأمر فاخطأوا على هذا الاجتهاد مع جلالة قدرهم - رضي الله عنهم -.

- صلى الله عليه وسلم - أن فارسًا ملَّكوا ابنة كسرى قال: «لن يُفلح قوم ولُّوا أمرهم امرأة» (¬1). 7100 - عن أبي مريم عبد الله بن زياد الأسدي قال: «لما سار طلحة والزبير وعائشة إلى البصرة بعث عليُّ عمار بن ياسر وحسن بن علي فقدما علينا الكوفة فصعدا المنبر، فكان الحسن بن علي فوق المنبر في أعلاه وقام عمار أسفل من الحسن فاجتمعا إليه، فسمعت عمارًا يقول: إن عائشة قد سارت إلى البصرة، والله إنها لزوجة نبيكم - صلى الله عليه وسلم - في الدنيا والآخرة، ولكن الله تبارك وتعالى ابتلاكم (¬2) ليعلم إياه تُطيعون أم هي». 7105، 7106، 7107 - عن شقيق بن سلمة قال: «كنت جالسًا مع أبي مسعود وأبي موسى وعمار، فقال أبو مسعود: ما من أصحابك أحد إلا لو شئت لقلت فيه غيرك، وما رأيت منك شيئًا منذ صحبت النبي - صلى الله عليه وسلم - أعيب عندي من استسراعك في هذا الأمر قال عمار (¬3): يا أبا مسعود وما رأيت منك ولا من صاحبك هذا شيئًا منذ صحبتما النبي - صلى الله عليه وسلم - أعيب عندي من إبطائكما في هذا الأمر. فقال أبو مسعود - وكان موسرًا - يا غلام ¬

(¬1) استنتج منه أبو بكرة أن طاعة علي أولى من عائشة بالطاعة والولاية، وعائشة لم تخرج لأجل الولاية. (¬2) أي أيهما تطيعون ولي الأمر والأحق بالخلافة أم عائشة؟ ولا شك أن عليًا أولى بالطاعة. (¬3) عمار يعيب عليهم تباطؤهم في مناصرة علي، وهما يعيبان عمارًا في إسراعه في مناصرة علي ... والله المستعان.

19 - باب إذا أنزل الله بقوم عذابا

هات حُلَّتين، فأعطى إحداهما أبا موسى والأخرى عمارًا، وقال: روحا فيه إلى الجمعة» (¬1). 19 - باب إذا أنزل الله بقوم عذابًا 7108 - عن حمزة بن عبد الله بن عمر أنه سمع ابن عمر - رضي الله عنهما - يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أنزل الله بقوم عذابًا أصاب العذاب من كان فيهم، ثم بُعثوا على أعمالهم» (¬2). 20 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - للحسن بن علي «إن ابني هذا لسيد (¬3) ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين» قال الحافظ: ... لم يذكر مضمون الرسالة ولكن دل مضمون قوله «فلم يعطني شيئًا» على أنه كان أرسله يسأل عليًا شيئًا من المال (¬4). قال الحافظ: ... قال ابن بطال: أرسل أسامة إلى علي يعتذر عن تخلفه عنه في حروبه، ويعلمه أنه من أحب الناس إليه، وأنه يحب مشاركته في السراء والضراء، إلا أنه لا يرى قتال المسلم (¬5). ¬

(¬1) وهذا مما يبين اختلاف الاجتهاد. (¬2) ودل عليه القرآن {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ ..... }. (¬3) السيد: الرجل الكريم الفاضل الخير. (¬4) فيه نظر، فليس المقام مقام مال وإنما هو لتقبل اعتذار أسامة. (¬5) هذا هو المعتمد.

22 - باب لا تقوم الساعة حتى يغبط أهل القبور

7112 - عن أبي المنهال قال: لما كان ابن زياد ومروان بالشام، وثب ابن الزبير بمكة، ووثب القراء بالبصرة، فانطلقت مع أبي إلى أبي برزة الأسلمي حتى دخلنا عليه في داره وهو جالس في ظل عليَّة له من قصب فجلسنا إليه، ... الحديث ... وهذه الدنيا التي أفسدت بينكم. إن ذاك الذي بالشام والله إن يقاتل إلا على دنيا، وإن هؤلاء الذين بين أظهركم والله إن يقاتلون إلا على دنيا، وإن ذاك الذي بمكة والله إن يقاتل إلا على دنيا (¬1). 22 - باب لا تقوم الساعة حتى يُغبط أهل القبور 7115 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تقوم الساعة حتى يمرّ الرجل بقبر الرجل فيقول: يا ليتني مكانه». قال الحافظ: ... قوله (حدثنا إسماعيل) هو ابن أويس (¬2). قال الحافظ: ... عن أبي هريرة عند مسلم «لا تذهب الدنيا حتى يمر الرجل على القبر فيتمرغ عليه ويقول: يا ليتني مكان صاحب هذا القبر، وليس به الدين إلا البلاء» (¬3). قال الحافظ: ليس بين هذا الخبر وحديث النهي عن تمني الموت معارضة، لأن النهي صريح وهذا إنما فيه إخبار عن شدة ستحصل ينشأ عنها هذا التمني (¬4) ..... ¬

(¬1) هذا اجتهاد من أبي برزة. (¬2) ابن أبي أويس. (¬3) لما يرى من الفتن وليس المراد أنه خوف على الدين. (¬4) لا حجة فيه على تمني الموت وإنما هو إخبار عما يقع .. والنهي عن تمني الموت صريح فلا يتمنى الموت ولا يدع به.

23 - باب تغير الزمان حتى تعبد الأوثان

23 - باب تغير الزمان حتى تعبد الأوثان 7117 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه» (¬1). 24 - باب خروج النار وقال أنس: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أول (¬2) أشراط الساعة نار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب». ¬

(¬1) استنبط البخاري أن يدعو لعبادة الأوثان، وليس بصريح بل قد يدعوهم إلى الظلم. أي يطوفون به، وقد وقع وأدركه رجال الدعوة في القرن الثاني عشر، وربما يعود. حديث لا أخشى عليكم الشرك يعني الصحابة .. ويكون الجمع بين حديث الباب وحديث إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون .. هو أن المراد به الصحابة للحديث الأول «لاأخشى عليكم الشرك .... ». وسئل الشيخ عمن قال: إن القحطاني قد ظهر. فأجاب: لا. وذكر كلامًا ا. هـ. قلت: وفيه مصنف لطيف في نفيه لابن عتيق - رحمه الله -. (¬2) أي بالنسبة للأشراط الكبيرة فهي آخر الآيات كما في حديث أبي ذر، والنار تخرج في قعر عدن (وهو جنوب) ثم تحشر الناس إلى الشام (والنار تبيت معهم حيث باتوا وتمسي معهم حيث أمسوا وتأكل من تخلف). ويخشى أن هذا الحرف (أول) وهم.

25 - باب

7118 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصري» (¬1). 25 - باب 7120 - عن حارثة بن وهب قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «تصدقوا، فسيأتي على الناس زمان يمشي الرجل بصدقته فلا يجد من يقبلها» (¬2). 7121 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظمتان (¬3) تكون بينهما مقتلة عظيمة، دعوتهما واحدة، وحتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين كلهم يزعم أنه رسول الله، وحتى يقبض العلم، وتكثر الزلازل، ويتقارب الزمان، وتظهر الفتن ... الحديث ... ولتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه، ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه، ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقي فيه، ولتقومن الساعة وقد رفع أكلته إلى فيه فلا يطعمها» (¬4). ¬

(¬1) وقعت سنة 654 قبل هدم بغداد بسنتين ... إلخ. (¬2) فهل تدفع الصدقة للأغنياء؟ لا بل تصرف في وجوه أكثر كالجهاد. * وهذا يكون في زمن عيسي عليه الصلاة والسلام، وقد يكون في زمان آخر، وكذا في قرب علامات الساعة. (¬3) هما فئة الشام وفئة العراق وكلهم على الإسلام. (¬4) أي فلا يتمكنوا من ذلك فيسقطون موتى كلهم من نفخة الصعقة، وهؤلاء هم شرار الناس. والمعنى أن الساعة تقع والناس غافلون على حين غرة.

26 - باب ذكر الدجال

26 - باب ذكر الدجال 4122 - عن قيس قال: قال لي المغيرة بن شعبة: ما سأل أحد النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الدجال ما سألته، وإنه قال لي: «ما يضرك منه؟ قلت: لأنهم يقولون إن معه جبل خبز ونهر ماء، قال: بل هو أهون على الله من ذلك» (¬1). 7124 - عن أنس بن مالك قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يجيء الدجال حتى ينزل في ناحية المدينة، ثم ترجف المدينة ثلاث رجفات فيخرج إليه كل كافر ومنافق» (¬2). 7125 - عن أبي بكر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يدخل المدينة رعب المسيح الدجال، ولها يومئذ سبعة أبواب على كل باب ملكان» (¬3). 7127 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الناس فأثنى على الله بما هو أهله، ثم ذكر الدجال فقال: «إني لأنذركموه، وما من نبي إلا وقد أنذره قومه، ولكني سأقول لكم فيه قولًا لم يقله نبي لقومه، إنه أعور وإن الله ليس بأعور» (¬4). ¬

(¬1) المعنى أن الله سيصون المؤمنين من كيده. ومناسبة قوله هنا: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال هذا قبل أن يعلم أن الدجال معه خوارق ثم علم بعد ذلك أن معه خوارق. (¬2) وحديث .. المدينة تنفي خبثها .. في عهد الدجال وإلا فيها الآن خبثاء. (¬3) وهكذا مكة فيمنعانه من الدخول. (¬4) هذا يدل على أن لله عينين.

27 - باب لا يدخل الدجال المدينة

7131 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما بعث نبي إلا أنذر أمته الأعور الكذاب، ألا إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور، وإن بين عينيه مكتوب: كافر» (¬1). قال الحافظ: ... وأما سبب خروجه فأخرج مسلم في حديث ابن عمر عن حفصة أنه يخرج من غضبة يغضبها. وأما من أين يخرج؟ فمن قبل المشرق جزمًا (¬2) ... قال الحافظ: ... وفي حديث هشام بن عامر «سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة فتنة أعظم من الدجال» أخرجه الحاكم (¬3). 27 - باب لا يدخل الدجال المدينة 7132 - عن أبي سعيد قال: حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومًا حديثًا طويلًا عن الدجال-وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة-فينزل بعض السباخ التي تلي المدينة، فيخرج إليه يومئذ رجل هو خير الناس-أو من خيار الناس-فيقول: أشهد أنك الدجال الذي حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثه، فيقول الدجال: أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته (¬4) هل تشكون في الأمر؟ ¬

(¬1) حتى لا يلتبس أمره على الناس وضح بهذه الصفة. (¬2) يخرج من جهة الشرق ويتبعه من يهود أصبهان سبعون ألفًا، وأصحابه الآن في إيران. (¬3) قلت: أخرجه مسلم ووهم الحاكم في استدراكه والحافظ في عزوه إليه دون مسلم وقوله «ما بين» نافية. (¬4) إحياء الأموات من الآيات التي خصه الله بها كعيسى؛ فعيسي دلالة على نبوءته والدجال دلالة على كذبه ولذا ازداد هذا المؤمن بصيرة.

28 - باب يأجوج ومأجوج

فيقولون: لا؛ فيقتله ثم يحييه، فيقول: والله ما كنت فيك أشد بصيرة مني اليوم، فيريد الدجال أن يقتله فلا يسلط عليه». 28 - باب يأجوج ومأجوج 7135 - عن زينب ابنة جحش أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها يومًا فزعًا يقول: «لا إله إلا الله، ويل للعرب، من شر قد اقترب. فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه-وحلق بإصبعيه الإبهام والتي تليها-قالت زينب ابنة جحش: فقلت يا رسول الله، أفنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم، إذا كثر الخبث» (¬1). 7136 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يفتح الردم-ردم يأجوج ومأجوج-مثل هذه» (¬2). قال الحافظ: ... من حديث ابن مسعود رفعه «إن يأجوج ومأجوج أقل ما يترك أحدهم لصلبه ألفًا من الذرية» وللنسائي (¬3) من رواية عمرو بن أوس عن أبيه. قال الحافظ: ... ولابن حبان من طريق شريح (¬4) بن يونس عن سفيان ... ¬

(¬1) الخبث: هي المعصية والشرور. (¬2) خرق يأجوج ومأجوج هذا الخرق اليسير في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬3) قلت: إنما هو في الكبرى وإسناده ضعيف، وعمرو بن أوس لا يعرف حاله. (¬4) صوابه سريج.

93 - كتاب الأحكام

93 - كتاب الأحكام 1 - باب قول الله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} 7137 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني ومن عصى أميري فقد عصاني» (¬1). 7138 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ألا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فالإمام الأعظم (¬2) الذي على الناس راع وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده وهي مسؤولة عنهم، وعبد الرجل راع على مال سيده وهو مسؤول عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته». 2 - باب الأمراء من قريش 7139 - عن الزهري قال: كان محمد بن جبير بن مطعم يحدث أنه بلغ معاوية-وهم عنده في وفد من قريش-أن عبد الله بن عمرو يحدث أنه سيكون ملك من قحطان، فغضب فقام فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال: أما بعد فإنه بلغني أن رجالًا منكم يحدثون أحاديث ليست في كتاب ¬

(¬1) في طاعة الله. (¬2) قد تكون من النساخ زيادة.

3 - باب أجر من قضي بالحكمة

الله، ولا تؤثر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأولئك جهالكم، فإياكم والأماني التي تضل أهلها، إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله في النار على وجهه ما أقاموا الدين» (¬1). 7140 - عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان» (¬2). 3 - باب أجر من قضي بالحكمة (¬3) 7141 - عن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا حسد (¬4) إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالًا فسلط على هلكته (¬5) في الحق، وآخر آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها». قال الحافظ: ... وحكى ابن التين عن الداودي أن البخاري اقتصر على هذه الآية دون ما قبلها عملًا بقول من قال إن الآيتين قبلها (¬6) نزلتا في اليهود والنصارى. ¬

(¬1) إذا غلبت قريش على الأمر وجبت الطاعة لمن تولى هذا الأمر، وهذا الحديث عند الاختيار، ويدل عليه حديث «وإن تأمر عليكم عبد حبشي» يعني إن غلبكم وقهركم لزمكم الطاعة. (¬2) هذا خبر بمعنى الأمر. (¬3) الفقه في الدين. (¬4) الغبطة. (¬5) يعني بالإنفاق. (¬6) لا يقتضي تخصيص أهل الكتاب بل هي للأمة محذرة.

4 - باب السمع والطاعة للإمام، ما لم تكن معصية

قال الحافظ: ... وقال الكرماني: الخصلتان المذكورتان هنا غبطة لا حسد؛ لكن قد يطلق أحدهما على الآخر، أو المعنى لا حسد (¬1) إلا فيهما. 4 - باب السمع والطاعة للإمام، ما لم تكن معصية 7142 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة» (¬2). 7143 - عن ابن عباس يرويه، قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من رأى من أميره شيئًا يكرهه فليصبر، فإنه ليس أحد بفارق (¬3) الجماعة شبرًا فيموت إلا مات ميتة جاهلية». 7145 - عن علي - رضي الله عنه - قال: بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - سرية وأمر عليهم رجلًا (¬4) من الأنصار وأمرهم أن يطيعوه، فغضب عليهم، قال: أليس قد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تطيعوني؟ قالوا: بلى: قال: قد عزمت عليكم لما جمعتم حطبًا وأوقدتم نارًا ثم دخلتم فيها. فجمعوا حطبًا فأوقدوا نارًا؛ فلما هموا بالدخول فقاموا ينظر بعضهم إلى بعض فقال بعضهم: إنما تبعنا النبي - صلى الله عليه وسلم - فرارًا من النار أفندخلها؟ بينما هم كذلك إذ خمدت النار، وسكن غضبه فذكر للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: لو دخلوها ما خرجوا منها أبدًا، إنما الطاعة في المعروف». ¬

(¬1) لا حسد محمود إلا فيهما. (¬2) هذا يفصل حديث معاوية، ذاك بالاختيار وذا بالغلبة. (¬3) فلا يخرج إلا أن يرى كفرًا بواحًا. (¬4) هو عبد الله بن حذافة السهمي.

5 - باب من لم يسأل الإمارة أعانه الله عليها

5 - باب من لم يسأل الإمارة أعانه الله عليها 7146 - عن عبد الرحمن بن سمرة قال: قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: يا عبد الرحمن، لا تسأل الإمارة، فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها. وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرًا منها فكفر عن يمينك (¬1) وائت الذي هو خير». 7 - باب ما يكره من الحرص على الإمارة قال الحافظ: ... ورواية الوقف لا تعارض رواية الرفع لأن الرواي قد ينشط فيسند وقد لا ينشط فيقف (¬2). قال الحافظ: ... ويوضح ذلك ما أخرجه البزار والطبراني بسند صحيح عن عوف بن مالك بلفظ «أولها ملامة؛ وثانيها ندامة، وثالثها عذاب يوم القيامة، إلا من عدل» (¬3). ¬

(¬1) ولا يلج في اليمين بأن يستمر ويصر بل ينبغي أن يحنث ويأتي الذي هو خير. - والحنث قد يكون واجبًا ومستحبًا ومباحًا حسب الأحوال. - احفظوا أيمانكم: 1 - عدم عقدها أصلًا. 2 - تكفيرها بعدما وقعت وإتيان الذي هو خير. (¬2) هذه قاعدة. (¬3) وقليل ما هم، والله المستعان.

8 - باب من استرعى رعية فلم ينصح

قال الحافظ: ... وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها (¬1). قال الحافظ: ... وقد يغتفر الحرص في حق من تعين عليه لكونه يصير واجبًا عليه، وتولية القضاء على الإمام فرض عين وعلى القاضي فرض كفاية إذا كان هناك غيره (¬2). 8 - باب من استرعى رعية فلم ينصح 7150 - عن الحسن أن عبيد الله بن زياد عاد معقل بن يسار (¬3) في مرضه الذي مات فيه، قال له معقل: إني محدثك حديثًا سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما من عبد يسترعيه الله رعية فلم يحطها بنصحه لم يجد رائحة الجنة». 7151 - عن الحسن قال: أتينا معقل بن يسار نعوده فدخل علينا عبيد الله، فقال له معقل: أحدثك حديثًا سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «ما من وال يلي رعية من المسلمين فيموت وهو غاش لهم إلا حرم الله عليه الجنة» (¬4). ¬

(¬1) وذكرها شيخنًا. (¬2) قد يقال النهي عن سؤال الإمارة هي العظمى وإمارات البلاد (الولايات) وأما الإمامة والقضاء فلا تدخل في ذلك، وقد يقال إنه من أراد الإمامة والقضاء إنما يريدها للمصلحة والعفة وليقوم بأمرها. (¬3) المزني. (¬4) يدل على عظم مسؤلية القاضي والوالي. * هل يدخل غير ذلك كولاية السفر؟ لا مانع، ما من عبد نكرة فتعم.

9 - باب من شاق شق الله عليه

9 - باب من شاق شق الله عليه 7152 - عن طريف أبي تميمة قال: شهدت صفوان وجندبًا (¬1) وأصحابه وهو يوصيهم فقالوا: هل سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا؟ قال: سمعته يقول: «من سمع سمع الله به يوم القيامة ... الحديث» (¬2). 11 - باب ما ذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن له بواب (¬3) 7154 - عن أنس بن مالك يقول لامرأة من أهله: تعرفين فلانة؟ قالت: نعم، قال: فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر بها وهي تبكي عند قبر، فقال: اتقي الله واصبري، فقالت: إليك عني، فإنك خلو من مصيبتي، قال فجاوزها ومضى، فمر بها رجل فقال: ما قال لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت: ما عرفته، قال: إنه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: فجاءت إلى بابه فلم تجد عليه بوابًا فقالت: يا رسول الله، والله ما عرفتك، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الصبر عند أول صدمة». ¬

(¬1) ابن عبد الله البجلي. (¬2) فيه الحذر من الرياء والشرك في حق الله، والحذر من الظلم للناس، وأخطر الناس هم الولاة، وسمع: وراءي فيما يرى. (¬3) وهذا هو الغالب وقد يتخذ بوابًا أحيانًا للحاجة ... كما في حديث أبي موسى في العريش. * والحراسة كذلك إذا دعت الحاجة، ولو بعد نزول قوله تعالى {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}.

12 - باب الحاكم يحكم بالقتل على من وجب عليه دون الإمام الذي فوقه

12 - باب الحاكم يحكم بالقتل على من وجب عليه دون الإمام الذي فوقه 7155 - عن أنس بن مالك قال: إن قيس بن سعد كان يكون بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - بمنزلة صاحب الشرطة من الأمير (¬1). 7157 - عن أبي موسى أن رجلًا أسلم ثم تهود، فأتاه معاذ بن جبل-وهو عند أبي موسى-فقال: ما لهذا؟ قال أسلم ثم تهود، قال: لا أجلس حتى أقتله، قضاء الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -» (¬2). 13 - باب هل يقضي القاضي أو يفتي وهو غضبان؟ 7158 - عن عبد الرحمن بن أبي بكر قال: كتب أبو بكرة إلى ابنه-وكان بسجستان-بأن لا تقضي بين اثنين وأنت غضبان، فإني سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا يقضين حكم بين اثنين وهو غضبان» (¬3). 7159 - عن أبي مسعود الأنصاري قال: جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إني والله لأتأخر عن صلاة الغداة من أجل فلان مما يطيل بنا فيها: فما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - قط أشد غضبًا في موعظة منه يومئذ، ثم قال: «يا أيها الناس، إن منكم منفرين، فأيكم ما صلى بالناس فليوجز، فإن فيهم الكبير والضعيف وذا الحاجة» (¬4). ¬

(¬1) يعني حارسًا ينفذ الأوامر. (¬2) هذا إشارة إلى قوله «من بدل دينه فاقلتوه». (¬3) لأن الغضب قد يجر إلى خلخلة الحكم وعدم العدل. (¬4) وهذا فيه الغضب في الموعظة، أما في القضاء فلا، والغضب في الموعظة قد يؤثر، كان إذا خطب «علا صوته ... » إلخ.

14 - باب من رأى للقاضي أن يحكم بعلمه في أمر الناس ...

7160 - عن سالم أن عبد الله بن عمر أخبره أنه طلق امرأته وهي حائض، فذكر عمر للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فتغيظ فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: «ليراجعها، ثم يمسكها حتى تطهر، ثم تحيض فتطهر، فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها» (¬1). 14 - باب من رأى للقاضي أن يحكم بعلمه في أمر الناس ... 7161 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: جاءت هند بنت عتبة بن ربيعة فقالت: يا رسول الله، والله ما كان على ظهر الأرض أهل خباء أحب إلى أن يذلوا من أهل خبائك، وما أصبح اليوم على ظهر الأرض أهل خباء أحب إلى أن يعزوا من أهل خبائك. ثم قالت: إن أبا سفيان رجل مسيك، فهل على من حرج أن أطعم من الذي له عيالنا؟ قال لها: «لا حرج عليك أن تطعميهم من معروف» (¬2). ¬

(¬1) وطلقوهم لعدتهن، في طهر لم يجامعها فيه أو حامل، هذا طلاق للعدة وإن طلقها وهي حائض أو نفساء أو في طهر جامعها فيه فلا، والجمهور يقع مع الإثم، وقيل لا يقع «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد» وهو ثابت عن ابن عمر وقال به طاووس وشيخ الإسلام وابن القيم، وهو أظهر من حديث الدليل. (¬2) أفتاها يقال فتوى ويقال حكم، والفتوى فيما لا نزاع فيه وهو مشهور، والحكم أخص من الفتيا فأفتاها ... وكذا القاضي يجوز له الفتيا بدون شهود ولا بينة إذا علمت الحقيقة ولم يخف الظنون الفاسدة. قلت: يحكم القاضي بعلمه بما حصل في مجلس الحكم كمن أقر عنده ثم أنكر وكذا يحكم بعلمه فيما اشتهر واستفاض عند الناس، وكذا ما يتعلق بالشهود إذا كان يعلم أحوالهم من عدالة أو فسق.

15 - باب الشهادة على الخط المختوم، وما يجوز من ذلك وما يضيق عليه وكتاب الحاكم إلى عماله، والقاضي إلى القاضي

15 - باب الشهادة على الخط المختوم، وما يجوز من ذلك وما يضيق عليه وكتاب الحاكم إلى عماله، والقاضي إلى القاضي (¬1) وقال بعض الناس: كتاب الحاكم جائز إلا في الحدود، ثم قال: إن كان القتل خطأ فهو جائز لأن هذا مال بزعمه، وإنما صار مالًا بعد أن ثبت القتل، فالخطأ والعمد واحد. 16 - باب متى يستوجب الرجل القضاء؟ وقال مزاحم بن زفر قال لنا عمر بن عبد العزيز: خمس إذا أخطأ القاضي منهن خطة كانت فيه وصمة: أن يكون فهمًا، حليمًا، عفيفًا، صليبًا (¬2)، عالمًا سئولًا عن العلم. 17 - باب رزق الحاكم والعاملين عليها وكان شريح القاضي يأخذ على القضاء أجرًا، وقالت عائشة: يأكل الوصي بقدر عمالته (¬3)، وأكل أبو بكر وعمر. ¬

(¬1) الصواب اعتماد كتب القضاة ما لم يشك وكانت معلومة لديه، وأما إن شك فلا بد من التحري ومكالمته بالهاتف ونحوه. (¬2) قوي في أمر الله. (¬3) إذا لم يكن هناك دولة وصار يقضي جاز أن يقضي على كل خصومة بمال يسير، وأما إذا كان مستغنيًا فلا يأخذ. الخلاصة: إن من احتاجت له الدولة يعطي من بيت المال قدر حاجته؛ ولأنه يشتغل عن كسبه وتحصيل المال له ولأهله.

18 - باب من قضي ولاعن في المسجد

18 - باب من قضي ولاعن في المسجد (¬1) 7166 - عن سهل أخي بني ساعدة أن رجلًا من الأنصار جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أرأيت رجلًا وجد مع امرأته رجلًا أيقتله؟ فتلاعنا في المسجد (¬2) وأنا شاهد. 21 - باب الشهادة تكون عند الحاكم في ولاية القضاء أو قبل ذلك للخصم 7170 - عن أبي قتادة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين: «من له بينة على قتيل قتله فله سلبه، فقمت لألتمس بينة على قتيلي فلم أر أحدًا يشهد لي، فجلست، ثم بدا لي فذكرت أمره إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال رجل من جلسائه سلاح هذا القتيل الذي يذكر عندي قال: فأرضه منه، قال أبو بكر: كلا، لا يعطه أصيبغ من قريش ويدع أسدًا (¬3) من أسد الله يقاتل عن الله ورسوله، قال: فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأداه إلى فاشتريت منه خرافًا، فكان أول مال تأثلته». 7171 - عن علي بن حسين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتته صفية بنت حيي، فلما رجعت انطلق معها، فمر به رجلان من الأنصار، فدعاهما فقال: إنما هي صفية. قالا: سبحان الله، قال: «إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم» (¬4). ¬

(¬1) الأمر واسع في القضاء في المسجد وفي البيت وفي الطريق. (¬2) الرحبة المسورة من المسجد، وكذا إن لم تسور إذا كانت موقوفة لكن إذا سورت كان أبلغ. (¬3) شهادة واحدة لكن فيها إقرار، والمراد بأسد من أسد الله هو أبو قتادة. (¬4) وإذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتقي التهمة فكيف بغيره؟

22 - باب أمر الوالي إذا وجه أميرين إلى موضع أن يتطاوعا ولا يتعاصيا

قال الحافظ: ... وهذا من المواضع التي ينبه عليها من يغتر بتعميم قولهم إن التعليق الجازم صحيح (¬1)، فيجب تقييد ذلك بأن يزاد إلى من علق عنه ويبقى النظر فيما فوق ذلك. 22 - باب أمر الوالي إذا وجه أميرين إلى موضع أن يتطاوعا ولا يتعاصيا 7172 - عن أبي بردة قال: سمعت أبي قال: بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - أبي ومعاذ بن جبل إلى اليمن فقال: «يسرا ولا تعسرا، وبشرًا ولا تنفرًا، وتطاوعًا» (¬2). فقال له أبو موسى: إنه يصنع في أرضنا البتع، فقال: «كل مسكر حرام». 23 - باب إجابة الحاكم الدعوة 7173 - عن أبي موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «فكوا العاني، وأجيبوا الداعي» (¬3). ¬

(¬1) التعليقات المجزومة صحيحة إلى من علقت عنه ثم ينظر ما بعد ذلك. (¬2) وفي رواية تطاوعا ولا تختلفا. (¬3) وفي رواية وأطعموا الجائع والعاني: الأسير. * ظاهر الأدلة تقتضي وجوب إجابة الداعي في العرس وغيره؛ لما ثبت في هذا الحديث وفي الأحاديث الأخرى «من دعي إلى وليمة فلم يجب ... إلخ» عدا صاحب المعاصي والبدعة إذا لم يرتدع عن هذه المعاصي فلا يجاب.

24 - باب هدايا العمال

24 - باب هدايا العمال 7174 - عن أبي حميد الساعدي قال: استعمل النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلًا من بني أسد يقال له ابن اللتبية على صدقة، فلما قدم قال: هذا لكم وهذا أهدى لي (¬1) ... الحديث». 25 - باب استقضاء الموالي واستعمالهم 7175 - عن ابن عمر قال: كان سالم مولى أبي حذيفة يؤم المهاجرين الأولين وأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في مسجد قباء، فيهم أبو بكر وعمر وأبو سلمة وزيد وعامر بن ربيعة» (¬2). ¬

(¬1) قلت: حديث «هدايا العمال غلول» رواه أحمد (5/ 424) من طريق إسماعيل بن عياش عن يحيي بن سعيد عن عروة بن الزبير عن أبي حميد الساعدي وهذا إسناد ضعيف إسماعيل يأتي بمناكير عن غير أهل بلده وهو شامي وشيخه يحي بن سعيد الأنصاري حجازي، وقد اختصره إسماعيل ولم يأت به على وجهه وأصل الحديث مطولًا بقصة ابن اللتبية كذا رواه الزهري عن عروة. (¬2) هذا فيه دلالة على جواز تولية الموالي والعجم في الإمارات وإمامة المسجد وغير ذلك من الإمارات إذا كان أهلًا لها ومن أهل الاستقامة، عدا الإمارة الكبرى فلا يتولاها إلا قرشي.

28 - باب القضاء على الغائب

قال الحافظ: ... والحديث المذكور أخرجه أبو داود من طريق المقدام بن معد يكرب رفعه «العرافة حق، ولا بد للناس من عريف، والعرفاء في النار» ولأحمد وصححه ابن خزيمة (¬1) .... 28 - باب القضاء على الغائب 7180 - عن عائشة - رضي الله عنها - أن هندًا قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إن أبا سفيان رجل شحيح، فأحتاج أن آخذ من ماله، قال - صلى الله عليه وسلم -: «خذ ما يكفيك وولدك بالمعروف» (¬2). ¬

(¬1) ابن خزيمة - رحمه الله - قد يتساهل في تصحيح بعض الأحاديث التي قد تكون ضعيفة والله أعلم. قلت: وقع للحافظ هنا أوهام: فقوله: والحديث المذكور أخرجه أبو داود من طريق المقدام بن معد يكرب رفعه «العرافة حق ولابد للناس من عريف والعريف في النار» فيه مؤاخذات. فحديث المقادم عند أبي داود برقم (2933) والبيهقي (6/ 361) بلفظ: أفلحت يا قديم إن مت ولم تكن أميرًا ولا كاتبًا ولا عريفًا، وأما اللفظ الذي ذكره الحافظ فقد رواه أبو داود (2934) ومن طريقه البيهقي من طريق غالب القطان عن رجل عن أبيه عن جده مطولًا وفي آخره «العرافة حق ولابد للناس من العرفاء ولكن العرفاء في النار» وإسناده ضعيف فيه مجاهيل. (¬2) قال بعضهم فيه جواز القضاء على الغائب وقال بعضهم إنما هي فتوى وليست قضاء ولكن إن جازت الفتوى جاز القضاء ولكن إن حضر المدعي عليه فعلى دعواه ويدلي ببينته ولم يحضر النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا سفيان - رضي الله عنه - لأن المقام ليس مقام شبهة إنما هو رد حقوق واستيفائها.

29 - باب من قضي له بحق أخيه فلا يأخ

29 - باب من قضي له بحق أخيه فلا يأخذه 7181 - عن أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه سمع خصومة بباب حجرته، فخرج إليهم فقال: «إنما أنا بشر وإنه يأتيني الخصم فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض فأحسب أنه صادق فأقضي له بذلك، فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار، فليأخذها أو ليتركها» (¬1). 31 - باب القضاء في كثير المال وقليله 7185 - عن أم سلمة قالت: سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - جلبة خصام عند بابه، فخرج إليهم فقال لهم: «إنما أنا بشر، وإنه يأتيني الخصم فلعل بعضًا أن يكون أبلغ من بعض أقضي له بذلك وأحسب أنه صادق، فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار، فليأخذها أو ليدعها» (¬2). 32 - باب بيع الإمام على الناس أموالهم وضياعهم 7186 - عن جابر بن عبد الله قال: بلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - أن رجلًا من أصحابه أعتق غلامًا له عن دبر لم يكن له مال غيره، فباعه بثمانمائة درهم ثم أرسل بثمنه إليه» (¬3). ¬

(¬1) وإنما لم يأته وحي - صلى الله عليه وسلم - بذكر المبطل من المحق حتى يتأسى به الناس بعده في القضاء فيحكمون بالأيمان والبينات. (¬2) في الحديث الآخر «من اقتطع مال امرئ مسلم بيمينه أوجب له النار» قالوا وإن كان شيئًا يسيرًا قال: «وإن كان قضيبًا من آراك» [رواه مسلم]. (¬3) فيه تصرف الإمام لما فيه المصلحة ومنع بيع مال المفلس والرهن.

33 - باب من لم يكترث بطعن من لا يعلم في الأمراء حديثا

33 - باب من لم يكترث بطعن من لا يعلم في الأمراء حديثًا (¬1) 7187 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثًا وأمر عليهم أسامة بن زيد فطعن في إمارته، فقال: «إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبله. وأيم الله إن كان لخليقًا بالإمارة، وإن كان لمن أحب الناس إلى بعده». 34 - باب الألد الخصم، وهو الدائم في الخصومة 7188 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أبغض الرجال إليَّ الله الألد الخصم» (¬2). 35 - باب إذا قضي الحاكم بجور أو خلاف أهل العلم (¬3) فهو رد 7189 - عن سالم عن أبيه قال: بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد إلى بني جذيمة، فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا، فقالوا: صبأنا صبأنا (¬4)، فجعل ¬

(¬1) حديثًا فيها نظر فلا يلزم وجود حديث حتى لا يكذب بطعنه. (¬2) لا ينبغي للمؤمن أن يلج في الخصومة وأن يلد فيها. (¬3) يعني الإجماع. (¬4) صبأنا: أسلمنا - وكذا أسامة لم تنقل الكفارة لأجل التأويل ولم يقتص منه لأجل الخطأ. - وقد ودى النبي - صلى الله عليه وسلم - قتلاهم وأموالهم. - إذا اتضح أن الحكم مخالف ينقض وفي هذه البلاد وضعت هيئة التمييز لرد الأقضية المخالفة.

36 - باب الإمام يأتي قوما فيصلح بينهم

خالد يقتل ويأسر، ودفع إلى كل رجل منا أسيره، فأمر كل رجل منا أن يقتل أسيره، فقلت: والله لا أقتل أسيرين ولا يقتل رجل من أصحابي أسيره، فذكرنا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد. مرتين». قال الحافظ: ... وقال ابن بطال: الإثم وإن كان ساقطًا عن المجتهد في الحكم إذا تبين أنه بخلاف جماعة أهل العلم، لكن الضمان لازم للمخطئ عند الأكثر مع الاختلاف، هل يلزم ذلك عاقلة الحاكم أو بيت المال (¬1) 36 - باب الإمام يأتي قومًا فيصلح بينهم 7190 - عن سهل بن سعد الساعدي قال: كان قتال بين بني عمرو، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، فصلى الظهر ثم أتاهم يصلح بينهم، فلما حضرت صلاة العصر فأذن بلال وأقام، وأمر أبا بكر فتقدم، وجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر في الصلاة فشق الناس حتى قام خلف أبي بكر فتقدم في الصف الذي يليه، قال وصفح (¬2) القوم، وكان أبو بكر إذا دخل في الصلاة لم يلتفت ¬

(¬1) والصواب في بيت المال ولهذا فداهم النبي - صلى الله عليه وسلم - من بيت المال. (¬2) صفح: صفق، وزنًا ومعنى. فيه فوائد: 1 - عدم حبس الناس إذا تأخر الإمام الراتب. وفي بعض ألفاظه أنه أوعز للناس إذا تأخرت فقدم أبا بكر. 2 - الإمام إن أتى أم الناس وأخر النائب وإن صلى خلف فهو أفضل فالأمران جائزان والأفضل أن يصلي خلف النائب حتى لا يشوش على الناس. =

37 - باب يستحب للكاتب أن يكون أمينا عاقلا

حتى يفرغ، فلما رأى التصفيح لا يمسك عليه التفت فرأى النبي - صلى الله عليه وسلم - خلفه، فأومأ إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - أن امضه-وأومأ بيده هكذا-ولبث أبو بكر هنية فحمد الله على قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم مشى القهقري ... الحديث». 37 - باب يستحب للكاتب أن يكون أمينًا عاقلاً 7191 - عن زيد بن ثابت قال: بعث إلي أبو بكر لمقتل أهل اليمامة وعنده ¬

= 3 - جواز الإشارة والالتفات بالعنق للحاجة. 4 - التسبيح للرجال والتصفيق للنساء. 5 - فيه فضل الصديق. 6 - فيه حمد الله على النعمة ولو في الصلاة لأن أبا بكر حمد الله على إشارة النبي - صلى الله عليه وسلم - لأن رضيه إمامًا. قلت: وهنا قاعدة: كل ذكر من جنس أذكار الصلاة وجد سببه في الصلاة، يقال فيها، كالحمد والاستغفار والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - والاسترجاع والاستعاذة والحوقلة. * تقديم الأدب على الامتثال في حديث أبي بكر نعم. في حديث ابن عوف لا فالأمر يختلف، قلت: مراد شيخنا أن أبا بكر تأخر لما رأى النبي أشار إليه وفهم أن الأمر للتكريم، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يفته شيء من الصلاة هذا هو الظاهر، وعبد الرحمن لما أشار إليه النبي لزم مكانه، وإتيان النبي - صلى الله عليه وسلم - لما كان عبد الرحمن يؤمهم قد فاته ركعة. وسمعت شيخنا ابن عثيمين في شرح مسلم يقول أبو بكر أكثر إدلالًا للنبي - صلى الله عليه وسلم - فلهذا تأخر مع أنه أشار إليه.

38 - باب كتاب الحاكم إلى عماله، والقاضي إلى أمنائه.

عمر، فقال أبو بكر: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن وإني أخشى أن يستحر القتل بقراء القرآن في المواطن كلها فيذهب قرآن كثير، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن. قلت: كيف أفعل شيئًا لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال عمر: هو والله خير. فلم يزل عمر يراجعني في ذلك حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر عمر ورأيت في ذلك الذي رأى عمر ... الحديث» (¬1). 38 - باب كتاب الحاكم إلى عماله، والقاضي إلى أمنائه. 7192 - عن سهل بن أبي حثمة أنه أخبره هو ورجال من كبراء قومه أن عبد الله بن سهل ومحيصة خرجا إلى خيبر من جهد أصابهم، فأخبر محيصة أن عبد الله قتل وطرح في فقر - أو عين - فأتى يهود فقال: أنتم والله قتلتموه. قالوا: ما قتلناه والله. ثم أقبل حتى قدم على قومه فذكر لهم فأقبل هو وأخوه حويصة - وهو أكبر منه - وعبد الرحمن بن سهل، فذهب ليتكلم - وهو الذي كان بخيبر - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: كبر كبر يريد السن. فتكلم حويصة، ثم تكلم محيصة. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إما أن يدروا صاحبكم، وإما أن يؤذنوا بحرب، فكتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم به، فكتب: ما قتلناه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحويصة ومحيصة وعبد الرحمن: ¬

(¬1) فيه شرعية الاجتهاد فيما لا نص فيه فكيف إذا كان يوافق الأصول وينفع الأمة؟ ! وفيه مراجعة الصغير للكبير من العلماء، وفيه حرص الصحابة على نفع الأمة وحفظ الدين وفي الآخر جمعهم عثمان على حرف واحد وكانوا قبل على سبعة أحرف ورضي الله عن الجميع.

39 - باب هل يجوز للحاكم أن يبعت رجلا وحده للنظر في الأمور؟

أتحلفون (¬1) وتستحقون دم صاحبكم؟ قالوا: لا. قال: أفتحلف لكم يهود؟ قالوا: ليسوا بمسلمين. فوداه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عنده مائة ناقة حتى أدخلت الدار. قال سهل: فركضتني منها ناقة». 39 - باب هل يجوز للحاكم أن يبعت رجلاً وحده للنظر في الأمور؟ 7193، 7194 - عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني قالا: جاء أعرابي فقال يا رسول الله، اقض بيننا بكتاب الله، فقام خصمه فقال: صدق فاقض بيننا بكتاب الله. فقال الأعرابي: إن ابني كان عسيفًا على هذا فزنى بامرأته، فقالوا لي علي ابنك الرجم، ففديت ابني منه بمائة من الغنم ووليدة. ثم سألت أهل العلم فقالوا: إنما على ابنك جلد مائة وتغريب عام. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لأقضين بينكما بكتاب الله، أما الوليدة والغنم فرد عليك، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام. وأما أنت يا أنيس لرجل فاغد على امرأة هذا فارجمها. فغدا عليها أنيس فرجمها» (¬2). ¬

(¬1) فيها مسألة القسامة وفيها أن الإمام إذا رأى الصلح عمل به لإطفاء الفتنة ... وفيه أن اليهود محل تهمة وفيه تقديم الكبير في الدعاوي والخصومات وورد تقديمه في إعطائه السواك. (¬2) فيه أن الصلح الباطل مردود ولحديث «الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحًا حرم حلالًا أو أحل حرامًا» ومعنى وليدة جارية. * التغريب: قال الأحناف هو الحبس وهو قول ضعيف، والصواب التغريب وهو إبعاده عن بلده.

40 - باب ترجمة الحكام، وهل يجوز ترجمان واحد؟

40 - باب ترجمة الحكام، وهل يجوز ترجمان واحد؟ 7195 - عن زيد بن ثابت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يتعلم كتاب اليهود، حتى كتبت للنبي - صلى الله عليه وسلم - كتبه، وأقرأته كتبهم إذا كتبوا إليه». وقال عمر - وعنده علي وعبد الرحمن وعثمان - «ماذا تقول هذه؟ قال عبد الرحمن بن حاطب: فقلت تخبرك بصاحبها الذي صنع بها» وقال أبو جمرة «كنت أترجم بين ابن عباس وبين الناس». وقال بعض الناس. لابد للحاكم من مترجمين (¬1). 41 - باب محاسبة الإمام عماله 7197 - عن أبي حميد الساعدي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استعمل ابن اللتبية على صدقات بني سليم، فلما جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحاسبه قال: هذا الذي لكم، وهذه هدية أهديت (¬2) لي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «فهلا جلست في بيت أبيك وبيت أمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقًا؟ ثم قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخطب الناس وحمد لله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإني أستعمل رجالًا منكم على أمور مما ولاني الله، فيأتي أحدكم فيقول: هذا لكم وهذه ¬

(¬1) الصواب جواز كون المترجم واحدًا فيكفي إذا كان ثقة، ووجه الاستدلال من قصة أبي سفيان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينكر القصة بل أقرها ولم يقل إن المترجم الواحد لا يكفي. * المشهور أن السريانية للنصارى والعبرانية لليهود. (¬2) الهدية إن كانت لرشوة حرمت وإن كانت لمحبته لا حرج ... إن كانت سابقة (يعني للعامل). قلت: مراد شيخنا سابقة يعني كان يهدي إليه قبل العمالة.

42 - باب بطانة الإمام وأهل مشورته

هدية أهديت لي، فهلا جلس في بيت أبيه وبيت أمه حتى تأتيه هديته إن كان صادقًا؟ فوالله لا يأخذ أحدكم منها شيئًا - قال هشام: بغير حقه - إلا جاء الله يحمله يوم القيامة. ألا فلأعرفن ما جاء الله رجل ببعير له رغاء، أو ببقرة لها خوار، أو شاة تيعر - ثم رفع يديه حتى رأيت بياض إبطية - ألا هل بلغت؟ ». 42 - باب بطانة الإمام وأهل مشورته 7198 - عن أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان: بطانة تأمره بالمعروف وتحضه عليه، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه، فالمعصوم (¬1) من عصم الله تعالى» .... وقال ابن أبي حسين وسعيد بن زياد (¬2) عن أبي سلمة عن أبي سعيد ... 43 - باب كيف يبايع الإمام الناس 7202 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: كنا إذا بايعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على السمع والطاعة يقول لنا: «فيما استطعتم» (¬3). ¬

(¬1) بالإجماع الأنبياء معصومون في شأن ما يبلغون .. والجمهور على عصمتهم من الكبائر لكن الصغائر تقع فينبهون عليها فيرجعون، وفي الحديث «اللهم إغفر لي جدي وهزلي وخطأي وعمدي وكل ذلك عندي». (¬2) مجهول. (¬3) وهكذا قال جرير لما بايعه على إقامة الصلاة لقنني (فيما استطعت). وهي قاعدة في إطاره إذا مرض في رمضان ... إلخ.

44 - باب من بايع مرتين

7203 - عن عبد الله بن دينار قال: شهدت ابن عمر حيث اجتمع الناس على عبد الملك قال: كتب إني أقر بالسمع والطاعة لعبد الله عبد الملك أمير المؤمنين على سنة الله وسنة رسوله ما استطعت، وإن بني قد أقروا بمثل ذلك» (¬1). 7204 - عن جرير بن عبد الله قال: بايعت النبي - صلى الله عليه وسلم - على السمع والطاعة فلقنني: «فيما استطعت، والنصح لكل مسلم» (¬2). 7206 - عن يزيد بن أبي عبيد قال: قلت لسلمة: على أي شيء بايعتم النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الحديبية؟ قال: على الموت» (¬3). 44 - باب من بايع مرتين 7208 - عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة قال: بايعنا النبي - صلى الله عليه وسلم - تحت الشجرة، فقال لي: يا سلمة ألا تبايع؟ قلت: يا رسول الله قد بايعت في الأول، قال: وفي الثاني» (¬4). ¬

(¬1) سنة 73 هـ-بعد مقتل ابن الزبير - رضي الله عنه - ومات ابن عمر في أثرها إما في ذي الحجة أو محرم من سنة 74 هـ. (¬2) فليس لأحد أن يغش أخاه المسلم. (¬3) يعني يقاتلون حتى يقتلوا، وفي رواية: أن لا نفر، ولا منافاة فإن من بايع أن لا يفر مكانه بايع على الموت. (¬4) لا بأس بالتكرار للأفراد أو للجميع إذا رأى الإمام المصلحة. قلت: هذا الحديث من ثلاثيات البخاري.

45 - باب بيعة الأعراب

45 - باب بيعة الأعراب 7209 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أن أعرابيًا بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الإسلام فأصابه وعك، فقال: أقلني بيعتي فأبى، ثم جاءه فقال: أقلني بيعتي فأبى، فخرج، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المدينة كالكير: تنفي خبثها (¬1) وتنصع طيبها». 47 - باب من بايع ثم استقال البيعة 7211 - عن جابر بن عبد الله أن أعرابيًا بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الإسلام فأصاب الأعرابي وعك بالمدينة، فأتى الأعرابي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله أقلني بيعتي، فأبى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ثم جاء فقال: أقلني بيعتي، فأبى، ثم جاءه (¬2) قال: أقلني بيعتي، فأبى. فخرج الأعرابي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنما المدينة كالكير تنفي خبثها، تنصع طيبها». 48 - باب من بايع رجلاً لا يبايعه إلا للدنيا 7212 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاثة لا يكلمهم الله ¬

(¬1) يقع كثيرًا في عهده - صلى الله عليه وسلم - وفي غيره ولا يعم لكن يعم في آخر الزمان في عهد الدجال فترجف ثلاث رجفات، وقد يحصل مرض لبعض الناس أو فقر .. فلا يصبر فيخرج، وعدم التعميم لأنه وجد فيها منافقين ويهود. وفيه دلالة على أن من بايع على الإسلام والحق لا يقال لأن في إقالته رجوع إلى الضلالة. (¬2) فيه تكرار ذلك ثلاث بخلاف الرواية قبله بباب.

49 - باب بيعة النساء

يوم القيامة، ولا يزكيهم (¬1) ولهم عذاب أليم: رجل على فضل ماء بالطريق يمنع منه ابن السبيل. ورجل بايع إمامًا لا يبايعه إلا لدنياه، إن أعطاه ما يريد وفي له، وإلا لم يف له. ورجل بايع رجلًا بسلعة بعد العصر (¬2)، فحلف بالله لقد أعطى بها كذا وكذا؛ فصدقه فأخذها، ولم يعط بها». 49 - باب بيعة النساء 7213 - عن عبادة بن الصامت قال: قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن في مجلس -: تبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئًا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوا في معروف. فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئًا فعوقب في الدنيا (¬3) فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئًا فستره الله فأمره إلى الله: إن شاء عاقبه وإن شاء عفا عنه (¬4). فبايعناه على ذلك». قال الحافظ: .... وقد ذكرت في تفسير الممتحنة من خالف ظاهر ما قالت عائشة، من اقتصاره في مبايعته - صلى الله عليه وسلم - النساء على الكلام؛ وما ورد أنه بايعهن بحائل أن (¬5) بواسطة بما يغني عن إعادته ..... ¬

(¬1) حذف الياء خطأ والصواب إثباتها. (¬2) حيث يختم يومه بكبيرة أو بمعصية فيضره. (¬3) كحد أو عقوبات أخرى. (¬4) ما لم يتب فإن تاب فلا. (¬5) صوابه أو وهو نسخه.

50 - باب من نكث بيعة

قال الحافظ: .... وقد أخرج إسحاق بن راهويه بسند حسن عن أسماء بنت يزيد مرفوعًا إني لا أصافح النساء وفي الحديث أن كلام الأجنبية مباح سماعه وأن صوتها ليس بعورة، ومنع لمس بشرة الأجنبية من غير ضرورة لذلك (¬1). 50 - باب من نكث بيعة 7216 - عن جابر قال: جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: بايعني على الإسلام، فبايعه على الإسلام، ثم جاء الغد محمومًا، فقال: أقلني، فأبى، فلما ولى قال: «المدينة كالكير تنفي خبثها وتنصع طيبها» (¬2). 51 - باب الاستخلاف 7217 - عن عائشة - رضي الله عنها - قال: وارأساه (¬3)، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ذاك لو كان وأنا حي فأستغفر لك وأدعو لك. فقالت عائشة: واثكلياه، والله إني لأظنك تحب موتي، ولو كان ذلك لظللت آخر يومك معرسًا ببعض أزواجك. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: بل أنا وارأساه، لقد هممت - أو أردت - أن أرسل إلى أبي بكر وابنه فأعهد أن يقول القائلون أو يتمنى المتمنون. ثم قلت يأبي الله ويدفع (¬4) المؤمنون، أو يدفع الله ويأبى المؤمنون». ¬

(¬1) كمسألة الطب مثلًا. (¬2) تنصع طيبها: تظهر وروي ينصع طيبها. (¬3) فيه جواز قول الإنسان وارأساه وابطناه، أو أنا أشكي رأسي. (¬4) ووقع ما قاله فبويع الصديق - رضي الله عنه -.

7218 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: قيل لعمر ألا تستخلف؟ قال: إن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني أبو بكر، وإن أترك فقد ترك من هو خير مني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأثنوا عليه فقال. راغب وراهب، وددت أني نجوت منها كفافًا لا لي ولا علي، لا أتحملها حيًا وميتًا» (¬1). 7220 - عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - امرأة فكلمته في شئ، فأمرها أن ترجع إليه، قالت: يا رسول الله أرأيت إن جئت ولم أجدك - كأنها تريد الموت - قال: «إن لم تجديني فأتي أبا بكر» (¬2). قال الحافظ: ..... هذه المجلية قد عرفناها فما المخزية، قال: ننزع منكم الحلقة والكراع ونغنم ما أصبنا منكم، وتردون علينا ما أصبتم منا وتردون لنا قتلانا، ويكون قتلاكم (¬3) في النار. 7222، 7223 - عن جابر بن سمرة قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يكون اثنا عشر أميرًا - فقال كلمة لم أسمعها - فقال أبي: إنه قال كلهم من قريش» (¬4). ¬

(¬1) هذا من ورعه - رضي الله عنه -. وقد عهد عهدًا مشتركًا بين الستة، وما عمل الصديق من التعيين أفضل لقطع النزاع. (¬2) من أدلة تقديم أبي بكر في الخلافة. (¬3) لأنهم تابعوا طليحة الأسدي وارتدوا فشدد عليهم الصديق - رضي الله عنه -. (¬4) وكله وقع وفي رواية تجتمع عليكم الأمة وهم: الأربعة الخلفاء ومعاوية وابنه وعبد الملك وأبناؤه الأربعة وعمر بن عبد العزيز فهؤلاء الاثنا عشر. * الحسن خلافته يسيره وتابعة لأبيه، وابن الزبير لم يجتمع عليه الناس.

52 - باب إخراج الخصوم وأهل الريب من البيوت بعد المعرفة

52 - باب إخراج الخصوم وأهل الريب من البيوت بعد المعرفة 7224 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «والذي نفسي بيده، لقد هممت أن آمر بحطب يحتطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلًا فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم (¬1) والذي نفسي بيده، لو يعلم أحدهم أنه يجد عرقًا سمينًا أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء». 53 - باب هل للإمام أن يمنع المجرمين وأهل المعصية من الكلام معه والزيارة ونحوه 7225 - عن كعب بن مالك قال: لما تخلف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك - فذكر حديثه - ونهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسلمين عن كلامنا؛ فلبثنا على ذلك خمسين ليلة، وآذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتوبة الله علينا» (¬2). ¬

(¬1) مناسبة الحديث أنهم إذا حرق خرجوا، وهو في المتخلفين عن صلاة الجماعة. (¬2) لولي الأمر الإخراج من البيت الذي فيه معصية أظهرها أو النهي عن كلام أحد أو نفي ... لما فيه المصلحة والأمر بإزالة المنكر وتقليله ... ومن ذلك هجر الثلاثة، وما روي عن عمر ومن ذلك إخراج المخنثين، ومن ذلك قصة إخراج عمر نصر بن حجاج.

94 - كتاب التمني

94 - كتاب التمني 1 - باب ما جاء في التمني، ومن تمنى الشهادة 7137 - عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «والذي نفسي بيده، لولا أن رجالًا يكرهون أن يتخلفوا بعدي ولا أجد ما أحملهم ما تخلفت، لوددت أني أقتل، ثم أحيا ثم أقتل، ثم أحيا ثم أقتل» (¬1). 2 - باب تمني الخير، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - «لو كان لي أُحد ذهبًا» 7228 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لو كان عندي أحد ذهبًا لأحببت أن لا يأتي على ثلاث وعندي منه دينار، ليس شيء أرصده (¬2) في دين عليَّ أجد من يقبله» (¬3). 3 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «لو استقبلت من أمري ما استدبرت» 7229 - عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولحللت مع الناس حين حلو» (¬4). ¬

(¬1) لشرف الشهادة في سبيل الله. (¬2) أبقيه لقضاء الدين، فالحال نعم أما المؤجل فمحل نظر إن كان عنده ما يقضي دينه ... إلخ. (¬3) فيه الحث على النفقة والإحسان وعدم كنز المال. (¬4) ليبين للناس فضل الإحرام بالعمرة. * لو إن كانت لتمني الخير وليس اعتراضية فلا بأس لكنه لو اعترض ولو تمنى .... إلخ فهذا ممنوع.

9 - باب ما يجوز من اللو، وقوله تعالى {لو أن لي بكم قوة}

723 - عن الحسن بن عمر (¬1) حدثنا يزيد عن حبيب عن عطاء «عن جابر بن عبد الله قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلبينا بالحج وقدمنا مكة لأربع خلون من ذي الحجة، فأمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نطوف بالبيت وبالصفا والمروة وأن نجعلها عمرة ولنحل، إلا من كان معه هدي .... » الحديث. قال الحافظ .... أو لعل الكراهية مختصة بمن يثق بقوته ويعجب (¬2) بنفسه ونحو ذلك. 9 - باب ما يجوز من اللو، وقوله تعالى {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً} 7238 - عن القاسم بن محمد قال: «ذكر ابن عباء المتلاعنين فقال عبد الله بن شداد: أهي التي قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لو كنت راجمًا امرأة من غير بينة؟ قال: لا، تلك امرأة أعلنت» (¬3). ¬

(¬1) صدوق. (¬2) قالت عائشة إنا نرى الجهاد أفضل الأعمال ... يعني التطوع: فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: عليكن جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة ... وفي الحديث الآخر كالصائم لا يفطر ... إلخ فيشكل على قوله .. لا تتمنوا ... إلخ فالجواب أنه إذا كان على سبيل الافتخار والعجب فممنوع أما إن كان لنصر الدين وعزته .... إلخ. فذلك جائز. (¬3) فيه أن إشاعة الفاحشة لا تدل على لزوم الحد .... وفيه جواز لو لأن المنهي عنها هي الاعتراضية لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا. * في حديث أبي سعيد ... «فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر». لكن الأفضل البدار والإفطار مع غروب الشمس.

7241 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: واصل النبي - صلى الله عليه وسلم - آخر الشهر وواصل أناس من الناس، فبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «لو مد بي الشهر لواصلت وصالًا يدع المتمعقون تعمقهم، إني لست مثلكم، إني أظل يطعمني ربي ويسقيني». 7243 - عن عائشة قالت: سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الجدر (¬1) أمن البيت هو؟ قال: نعم. قلت: فما بالهم لم يدخلوه في البيت؟ قال: إن قومك قصرت بهم النفقة (¬2) ...... » الحديث. 7244 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لولا الهجرة لكنت امرءً من الأنصار، ولو سلك الناس واديًا وسلكت الأنصار واديًا - أو شعبًا - لسلكت وادي الأنصار، أو شعب الأنصار» (¬3). ¬

(¬1) سبعة أذرع من الحجر هي من البيت. * والحجر من البيت لحديث عائشة «صلي من الحجر فإنه من البيت». (¬2) جمعوا مالًا طيبًا خاليًا من المكاسب المحرمة كمهور البغايا وأثمان الخمر ... إلخ. (¬3) وفي رواية أخرى .. «الأنصار شعار والناس دثار» أخرجاه، وفيه فضلهم - رضي الله عنهم -.

95 - كتاب أخبار الآحاد

95 - كتاب أخبار الآحاد (¬1) 1 - باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق في الأذان والصلاة والصوم والفرائض والأحكام 7250 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انصرف من اثنتين، فقال له ذو اليدين أقصرت الصلاة يا رسول الله أم نسيت؟ فقال: أصدق (¬2) ذو اليدين؟ فقال الناس نعم، فقام رسول الله فصلى ركعتين أخرين ثم سلم، ثم كبر ثم سجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع ثم كبر فسجد مثل سجوده ثم رفع». 7254 - عن حذيفة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأهل نجران (¬3): «لأبعثن إليكم رجلًا أمينًا حق أمين، فاستشرف لها أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فبعت أبا عبيدة». 7256 - عن عبيد بن حسين (¬4) عن ابن عباس: عن عمر - رضي الله عنهم - قال: وكان رجل من الأنصار إذا غاب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشهدته أتيته بما يكون من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإذا غبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشهد أتاني بما يكون من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ¬

(¬1) أجمع العلماء أن خبر الواحد حجة في الأحكام والعقائد خلافًا للمعتزلة ومن شابههم المشترطين التواتر في خبر العقيدة. * الأذان خبر واحد ويدل على أنه حجة ... «وليؤذن لكم أحدكم». (¬2) فيه التثبت من كلام الواحد من باب الحيطة. (¬3) وبها نصارى في ذلك الوقت. (¬4) صوابه: عبيد بن حنين، وانظر تحفة الأشراف.

5 - باب وصاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وفود العرب أن يبلغوا من وراءهم

5 - باب وصاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وفود العرب أن يبلغوا من وراءهم 7266 - عن ابن عباس قال: إن وفد عبد القيس لما أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من الوفد؟ قالوا: ربيعة. قال: مرحبًا بالوفد والقوم غير خزايا ولا ندامى. قالوا: يا رسول الاله إن بيننا وبينك كفار مضر، فمرنا بأمر ندخل به الجنة ونخبر به من وراءنا، فسألوا عن الأشربة، فنهاهم عن أربع وأمرهم بأربع: أمرهم بالإيمان بالله قال: هل تدرون ما الإيمان (¬1) بالله؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: شهادة أن لا إله الا إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا رسول الله وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة وأظن فيه صيام رمضان وتؤتوا من المغانم الخمس. ونهاهم عن الدباء والحنتم والمزفت والنقير، وربما قال المقير. قال: احفظوهن وأبلغوهن من وراءكم». 6 - باب خبر المرأة الواحدة 7267 - عن الحسن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقاعدت ابن عمر قريبًا من سنتين أو سنة ونصف فلم أسمعه يحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - غير هذا قال: كان ناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فيهم سعد، فذهبوا يأكلون من لحم، فنادتهم امرأة من بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -: إنه لحم ضب (¬2)، فأمسكوا، فقال رسول الله ¬

(¬1) وفيه أن الإيمان هو الإسلام لأنه فسر الإيمان بأركان الإسلام. وقد نسخ النهي عن الشرب في هذه الأوعية ويعني بالنهي عن شرب المسكر لقوله .... «كنت نهيتكم .... فانتبذوا واشربوا ولا تشربوا مسكرًا ... » وقد خفي النسخ على بعض العلماء فكان علي - رضي الله عنه - ينهي عن الشرب في هذه الأوعية. (¬2) وفيه أن لحم الضب حلال وإنما تركه - صلى الله عليه وسلم - لأن نفسه تعافه.

- صلى الله عليه وسلم -: كلوا - أو اطعموا - فإنه حلال، أو قال: لا بأس به، شك فيه، ولكنه ليس من طعامي».

96 - كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة

96 - كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة 7268 - عن طارق بن شهاب قال: قال رجل من اليهود لعمر: «يا أمير المؤمنين لو أن علينا نزلت هذه الآية {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]، لاتخذنا ذلك اليوم عيدًا. فقال عمر: إني لأعلم أي يوم نزلت هذه الآية، نزلت يوم عرفة في يوم جمعة» (¬1). 7270 - عن ابن عباس قال: «ضمني إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: «اللهم علمه الكتاب» (¬2). 1 - باب قول النبي ق «بعتث بجوامع الكلم» 7273 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «بعثت بجوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وبينا أنا نائم رأيتني أتيت بمفاتيح خزائن الأرض فوضعت في يدي» قال أبو هريرة: فقد ذهب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنتم تلغثونها أو ترغثونها (¬3)، أو كلمة تشبهها. ¬

(¬1) الجمعة عيد وعرفة عيد. قلت: وأيام منى كلها عيد في الصحيحين عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «دعهما يا أبا بكر فإنها أيام عيد وتلك الأيام أيام منى» انظر البخاري رقم (987). (¬2) وله ألفاظ أخرى. (¬3) يعني تأكلونها.

2 - باب الاقتداء بسنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

7274 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما من الأنبياء نبي إلى أعطي من الآيات ما مثله أو من- أو آمن- عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيًا أوحاه الله إليَّ (¬1)، فأرجو أني أكثرهم تابعًا يوم القيامة». قال الحافظ: ... ومن أمثلة جوامع الكلم من الأحاديث النبوية حديث عائشة «كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد» وحديث «كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل» [متفق عليه]، وحديث «وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» وسيأتي شرحه قريبًا، وحديث المقدام «ما ملأ ابن آدم وعاء شرًا من بطنه» (¬2). 2 - باب الاقتداء بسنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - 7275 - عن أبي وائل قال: جلست إلى شيبة في هذا المسجد قال: «جلس إليَّ عمر في مجلسك هذا فقال: هممت أن لا أدع فيها صفراء ولا بيضاء إلا قسمتها بين المسلمين. قلت: ما أنت بفاعل. قال: لم؟ قلت: لم يفعله صاحباك. قال: هما المرآن يقتدي بهما» (¬3). 7281 - عن محمد بن عبادة (¬4) أخبرنا يزيد حدثنا سليم بن حيان- وأثنى عليه- حدثنا سعيد بن مينا ... ¬

(¬1) والمعنى أن القرآن من أعظم المعجزات فيرجو النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يكون أكثرهم تابعًا لقوة المعجزة وكثرتها والقرآن معجزة. (¬2) ومثله «الحج عرفة» «الدين النصيحة». (¬3) يعني النبي وأبا بكر. (¬4) عبادة بفتح أوله. قلت وشيخه يزيد بن هارون وشيخ شيخه سليم بن حيان بفتح السين.

5 - باب ما يكره من التعمق والتنازع والغلو في الدين والبدع

5 - باب ما يكره من التعمق والتنازع والغلوِّ في الدين والبدع 7299 - عن أبي هريرة قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تواصلوا، قالوا: إنك تواصل، قال: إني لست مثلكم، إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني. فلم ينتهوا عن الوصال (¬1). قال فواصل بهم النبي - صلى الله عليه وسلم - يومين أو ليلتين، ثم رأوا الهلال فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لو تأخر الهلال لزدتكم. كالمنكي لهم». 7301 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: صنع النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئًا ترخَّص فيه وتنزه عنه قوم، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: «ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه؟ فوالله إني أعلمهم بالله، وأشدُّهم له خشية» (¬2). 7304 - عن سهل بن سعد الساعدي قال: «جاء عويمر العجلاني إلى عاصم ابن عدي فقال: أرأيت رجلًا مع امرأته رجلًا فيقتله، أتقتلونه به؟ سل لي عاصم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... الحديث ... قد أنزل الله فيكم قرآنًا، فدعا بهما فتقدما فتلاعنا (¬3) .. الحديث». 6 - باب إثم من آوى محدثًا 7306 - عن عاصم قال: قلت لأنس: أحرَّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة؟ قال: نعم، ما بين كذا إلى كذا، لا يُقطع شجرها، من أحدث فيها حدثًا فعليه ¬

(¬1) فيه أن الوصال ليس بحرام. (¬2) قاله بيانًا لا تزكية - صلى الله عليه وسلم - (وهو الزكي - صلى الله عليه وسلم -). (¬3) من قذف زوجته فحد تبقى زوجته إذا لم يلاعن.

7 - باب ما يذكر من ذم الرأي وتكلف القياس

لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. قال عاصم: فأخبرني موسى بن أنس أنه قال: أو أوى محدثًا» (¬1). 7 - باب ما يذكر من ذم الرأي وتكلف القياس 7308 - عن سهل بن حُنيف قال: «يا أيها الناس اتهموا رأيكم على دينكم، لقد رأيتني يوم أبي جندل ولو أستطيع أن أرُدَّ أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لرددته وما وضعنا سيوفنا على عواتقنا إلى أمر يفظعنا إلا أسهلن بنا إلى أمر نعرفه غير هذا الأمر. قال وقال أبو وائل: شهدت صفين وبئست صفين» (¬2). 8 - باب ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسأل مما لم ينزل عليه الوحي فيقول لا أدري أو لم يجب حتى ينزل عليه الوحي 7309 - عن جابر بن عبد الله قال: «مرضت فجاءني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعودني وأبو بكر وهما ماشيان، فأتاني وقد أغميَ عليَّ، فتوضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم صب وضوءه عليَّ، فأفقت فقلت: يا رسول الله- وربما قال سفيان: فقلت أي رسول الله- كيف أقضي في مالي، كيف أصنع في مالي؟ قال: فما أجابني بشيء حتى نزلت آية الميراث» (¬3). ¬

(¬1) إذا كان هذا في المدينة فمكة أولى. - واللقطة في المدينة تعرّق كمكة على الراجح. - ولا ينبغي في المدينة تأجير البيوت لم يحدث فيها كالرافضة، فالأقرب المنع. (¬2) لما فيها من الشر العظيم. (¬3) آخر آية النساء (يسفتونك ... ).

9 - باب تعليم النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته من الرجال والنساء

قال الحافظ: ... والحال أن الرأي إن كان مستندًا للنقل من الكتاب أو السنة فهو محمود وإن تجرد عن علم (¬1) فهو مذموم. 9 - باب تعليم النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته من الرجال والنساء 7310 - عن أبي سعيد: جاءت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله ذهب الرجال بحديثك، فاجعل لنا من نفسك يومًا نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله. فقال: «اجتمعن في يوم كذا وكذا في مكان كذا وكذا، فاجتمعن؛ فأتاهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعلمهن مما علمه الله. ثم قال: ما منكن امرأة تقدِّم بين يديها من ولدها ثلاثة (¬2) إلا كان لها حجابًا من النار. فقالت امرأة منهن: يا رسول الله، اثنين؟ قال فأعادتها مرتين، ثم قال: واثنين واثنتين واثنين». 10 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «لا تزال طائفة من أمتي على الحق وهم أهل العلم» 7311 - عن المغيرة بن شعبة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون». ¬

(¬1) هذا هو المعتمد، فإن رجعت إلى دليل كنص أو لغة أو مما يتمسك به قبل وإن تجرد فهو مذموم فهما قسمان مقبول ومردود أو مذموم ومحمود. قلت: قال شيخ الإسلام (9/ 199): وأما مسألة مجردة اتفقوا على أنه لا يستدل فيها بنص جلي ولا خفي فهذا ما لا أعرفه. (¬2) في لفظ «لم يبلغوا الحنث».

11 - باب قول الله تعالى {أو يلبسكم شيعا} [الأنعام: 65]

قال الحافظ: ... وذكرت أن المراد بأمر الله هبوب تلك الريح ... (¬1). 11 - باب قول الله تعالى {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا} [الأنعام: 65] 7313 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: «لما نزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} قال: أعوذ بوجهك {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} قال: أعوذ بوجهك. فلما نزلت {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} قال: هاتان أهون، أو أيسر» (¬2). 12 - باب من شبَّه أصلاً معلومًا بأصل مبين وقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - حكمهما ليفهم السائل 7314 - عن أبي هريرة أن أعرابيًا أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «إني امرأتي ولدت غلامًا أسود وإني أنكرته، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هل لك من أبل؟ قال: نعم. قال: فما ألوانها؟ قال: حمر. قال: هل فيها من أورق؟ قال: إن فيها لورقًا. قال: فأنى ترى ذلك جاءها؟ قال: يا رسول الله عرق نزعها. قال: ولعل هذا عرق نزعه. ولم يرخص له في الانتفاء منه» (¬3). ¬

(¬1) وترتيب حصول الآيات رتبها السفاريني في منظومته في العقيدة، وذكر شيخنا طرفًا منها. (¬2) وفي بعض الروايات أنه تعوذ في الأولين فاستجيب ولم يجب في الثالثة لأنها أيسر. (¬3) بين النبي - صلى الله عليه وسلم - بضرب المثل فتبين للأعرابي صحة لحوق ولده له.

13 - باب ما جاء في اجتهاد القضاء بما أنزل الله تعالى

7315 - عن ابن عباس أن امرأة جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: «إن أمي نذرت أن تحج فماتت قبل أن تحج، أفأحُج عنها؟ قال: نعم، حُجِّي عنها، أرأيت لو كان على أمِّك دين أكنت قاضيته؟ قالت: نعم. قال: فاقضوا الذي له، فإن الله أحق بالوفاء» (¬1). 13 - باب ما جاء في اجتهاد القضاء بما أنزل الله تعالى 7317 - عن المغيرة بن شعبة قال: سأل عمر بن الخطاب عن إملاص (¬2) المرأة- وهي التي يضرب بطنها فتلقى جنينًا فقال: أيكم سمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه شيئًا؟ فقلت: أنا. فقال: ما هو؟ قلت: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «فيه غرةٌ عبدٌ أو أمة». فقال: لا تبرح حتى تجيئني بالمخرج فيما قلت. 14 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «لتتبعن سنن من كان قبلكم» 7319 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها شبرًا بشبر وذراعًا بذراع، فقيل: يا رسول الله كفارس والروم؟ فقال: ومن الناس إلا أولئك؟ » (¬3). ¬

(¬1) قضاء الدين معلوم، واشتبه دين الله هل يقضى أم لا على المرأة؟ فبين النبي - صلى الله عليه وسلم - بضرب المثل. (¬2) تضرب المرأة فتسقط الجنين ميتًا ففيه الغرة تدفع للورثة وعلى القاتل الكفارة فإن عدمت فخمس من الإبل أي العُشر، عشر دية المرأة. - قول الصحابي حجة، وإنما يفعله عمر تثبتًا رضي الله عنه وأرضاه. (¬3) في زيادة: حتى لو أن أحدهم أتى أمه علانية لكان في أمتي من يفعل ذلك. قلت: واللفظ الذي ذكره شيخنا وقع في حديث عبد الله بن عمرو ابن العاص أخرجه الترمذي (2641) والحاكم (1/ 129) من طريق عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي عن عبد الله بن يزيد عن عبد الله ابن عمرو قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل حتى إن كان منهم من أتى أمه علانية لكان من أمتي من يصنع ذلك ... » الحديث. قال الترمذي حسن غريب، وقال الحاكم تفرد به عبد الرحمن الأفريقي ولا تقوم به حجة. قلت: هو ضعيف.

15 - باب إثم من دعا إلى ضلالة أو سن سنة سيئة لقول الله تعالى: {ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم} الآية

7320 - عن أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرًا وشبرًا وذراعًا ذراعًا حتى لو دخلوا حُجر ضب تبعتموهم. قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن» (¬1). 15 - باب إثم من دعا إلى ضلالة أو سن سنة سيئة لقول الله تعالى: {وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} الآية 7321 - عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن عبد الله قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ليس من نفس تُقتل ظلمًا إلا كان على ابن آدم الأول كفل منها. وربما قال سفيان من دمها- لأنه سن القتل أولًا». قال الحافظ: ... عن جرير بن عبد الله البجلي في حديث طويل قال فيه: «فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من سن (¬2) في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده .. ». ¬

(¬1) وهذا من المبالغة في مشابهتهم، وإن كان البعض لا يفعل ذلك. (¬2) هذا صرح من حديث الباب.

16 - باب ما ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - وحض على اتفاق أهل العلم

16 - باب ما ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - وحض على اتفاق أهل العلم 7322 - عن جابر بن عبد الله السَّلمي «أن أعرابيًا بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الإسلام، فأصاب الأعرابي وعك بالمدينة، فجاء الأعرابي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله أقلني بيعتي، فأبى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم جاءه فقال: أقلني بيعتي (¬1)، فأبى ثم جاءه فقال: أقلني بيعتي. فأبى فخرج الأعرابي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنما المدينة كالكير (¬2) تنفي خبثها وينصع طيبها». 7323 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «كنت أقرئ عبد الرحمن بن عوف، فلما كان آخر حجة حجها عمر فقال عبد الرحمن بمنى: لو شهدت أمير المؤمنين، أتاه رجل قال: إن فلانًا يقول لو مات أمير المؤمنين لبايعنا فلانًا .. الحديث .. والله لأقومن به في أول مقام أقومه بالمدينة. قال ابن عباس: فقدمنا المدينة (¬3)، فقال: إن الله بعث محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان فيما أنزل آية الرجم». ¬

(¬1) لا تقال بيعة من بايع على الإسلام والهجرة لأن ذلك خير له فلا يسمح له بالرجوع. لكن يبقى الأعراب ممن قال الله فيهم (من يعبد الله على حرف). (¬2) يعني تارة وتارة وليس دائمًا. (¬3) سنة 23، وفي تلك السنة قُتل عمر - رضي الله عنه -.

7325 - عن عبد الرحمن بن عابس قال: «سئل ابن عباس: أشهدت العيد مع النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم، ولولا منزلتي منه ما شهدته من الصِّغر، فأتى لتعلم الذي عند دار كثير بن الصَّلت فصلى، ثم خطب- ولم يذكر أذانًا ولا إقامة ثم أمر بالصدقة، فجعل النساء يُشرن إلى آذانهن وحلوقهن فأمر بلالًا فأتاهن (¬1)، ثم رجع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -». ¬

(¬1) المرأة لها التصرف في أموالها. حديث «لا يحل عطية إلا بإذن زوجها» هذا لو صح محمول على العطية من مال زوجها. قلت: الحديث الذي أشار إليه شيخنا أخرجه النسائي (6/ 278) وأبو داود برقم (3546) والبيهقي (6/ 60) من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يجوز لامرأة أمر في مالها إذا ملك زوجها عصمتها» وفي لفظ النسائي «لا يجوز لامرأة أمر في مالها إذا ملك زوجها عصمتها» وفي لفظ النسائي «لا يجوز لامرأة عطية إلا بإذن زوجها» وإسناده صحيح قال الشافعي كما نقل البيهقي: هذا الحديث سمعناه ولي بثابت فيلزمنا أن نقول به، والقرآن يدل على خلافه ثم السنة ثم الأثر .. قال البيهقي: الطريق إلى عمرو بن شعيب صحيح ومن أثبت أحاديث عمرو بن شعيب لزمه إثبات هذا إلا أن الأحاديث التي مضت في الباب قبله أصح إسنادًا أهـ. قلت: يعني حديث ميمونة في اعتقاها وليدتها دون أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - متفق عليه. وحديث ابن عباس في ذكر صلاة العيد وتصدق النساء من حليهن .. وعلق شيخنا ابن باز في شرح النسائي على هذا الحديث ما نصه: وقع في هذا الحديث بعض الوهم والصواب من ماله أما مالها فلها أن تتصرف فيه ثم ذكر حديث ابن عباس وميمونة أهـ. قلت: وحمله البيهقي على الأدب والاختيار.

7326 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كأن يأتي قباء ماشيًا وراكبا) (¬1). 7330 - عن السائب بن يزيد قال: كان الصاع على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - مدًا وثلثًا بمدكم اليوم وقد زيد فيه «سمع القاسم (¬2) بن مالك الجعيد. 7333 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طلع له أحد فقال «هذا جبل يحبنا ونحبه، اللهم إن إبراهيم حرم مكة وإني أحرم ما بين لابيتها» (¬3). 7335 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما بين بيتي ومنبري روضة (¬4) من رياض الجنة، ومنبري على حوضي». 7336 - عن عبد الله قال: سابق النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الخيل، فأرسلت التي ضمرت منها - وأمدها إلى الحفياء - إلى ثنية الوداع، والتي لم تضمر - أمدها ثنية الوداع - إلى مسجد بني زريق. وإن عبد الله كان فيمن سابق» (¬5). 7340 - عن أنس قال: «حالف النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الأنصار وقريش (¬6) في داري التي بالمدينة». ¬

(¬1) وثثبت عنه أنه كعمرة أي الصلاة فيه. (¬2) صدوق فيه لين من صغار الثامنة. (¬3) بعض الجمادات تحب أهل الإيمان وهذا جعله الله فيها. (¬4) لكن الصف الأول يقدم عليها في الصلاة. (¬5) مقصودة ذكر الأماكن. (¬6) أي المهاجرين

20 - باب إذا أجتهد العامل - أو الحاكم - فأخطأ خلاف الرسول من غير علم فحكمه مردود

7343 - عن إبن عباس أن عمر - رضي الله عنه - حدثه قال: حدثني النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أتاني الليله آت من ربي وهو بالعقيق أن صل في هذا الوادي المبارك (¬1) وقل: عمرة وحجة». 20 - باب إذا أجتهد العامل - أو الحاكم - فأخطأ خلاف الرسول من غير علم فحكمه مردود 7350، 7351 - عن سعيد بن المسيب قال: إن أبا سعيد الخدري وأبا هريرة حدثاه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث أخا بني عدي الأنصاري وإستعمله على خيبر فقدم بتمر جنيب، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أكل تمر خيبر كذا؟ قال: لا والله يارسول الله، إنا لنشتري الصاع بالصاعين من الجمع، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تفعلوا، ولكن مثلًا بمثل، أو بيعوا هذا وإشتروا بثمنه من هذا، أو بيعوا هذا وإشتروا بثمنه من هذا، وكذلك الميزان» (¬2). 23 - باب من رأى ترك النكير من النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة، لا من غير الرسول 7355 - عن حماد (¬3) بن حميد .... عن محمد بن المنكدر قال: «رأيت جابر بن عبد الله يحلف بالله أن إبن الصياد الدجال. قلت: تحلف بالله؟ ». ¬

(¬1) وادي ذي الحليفة وأخذ بعضهم شرعية صلاة للإحرام، وبهذا أخذ الجمهور، وقال البعض هي الفريضة. - الجمهور قالوا بصلاة ركعتي الإحرام. والآخرون: هاتان الركعتان هما الفريضة ... وقول الجمهور قوي. (¬2) في الرواية الأخرى أمر برد التمر. (¬3) مقبول.

24 - باب الأحكام التي تعرف بالدلائل

قال: إني سمعت عمر يحلف على ذلك عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم ينكره النبي - صلى الله عليه وسلم -» (¬1). 24 - باب الأحكام التي تعرف بالدلائل 7356 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الخيل لثلاثة: لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر، فأما الذي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله فأطال في مرج أو روضة، فما أصابت في طيلها ذلك المرج والروضة كان له حسنات، ولو أنها قطعت طيلها فإستنت شرفًا أو شرفين كانت آثارها وأرواثها حسنات له، ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ولم يرد أن تسقي به كان ذلك حسنات له، وهي لذلك الرجل أجر, ورجل ربطها تغنيا وتعففا ولم ينس حق الله في رقابها (¬2) ولا ظهورها فهي له ستر، ورجل ربطها فخرًا ورياءً فهي على ذلك زور. وسئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الحمر قال: «ما أنزل الله عليَّ فيها إلا هذه الآية الفاذة الجامعة {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}. 7358 - عن ابن عباس أن أم حفيد بنت الحارث بن حزن أهدت - صلى الله عليه وسلم - سمنًا وأقطًا وأضبًا فدعا بهن النبي - صلى الله عليه وسلم - فأكلن على مائدته، فتركهن النبي ¬

(¬1) ولم يجزم بذلك لقوله «إن يكن هو فلن تسلط عليه وإن يكن غيره فلا خير لك في قتله». (¬2) لا دلالة فيه على وجوب الزكاة فيها لحديث «ليس على الرجل زكاة في عبده ولا في فرسه». والجمهور على عدم وجوب الزكاة في الخيل بخلاف الحنفية.

25 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء ... »

- صلى الله عليه وسلم - كالمتقدر لهن، ولو كن حراما ما أكلن على مائدته ولا أمر بأكلهن» (¬1) 7359 - عن جابر بن عبد الله قال: قال النبي ق: «من أكل ثومًا أو بصلًا فليعتزلنا» (¬2) -أو ليعتزل مسجدنا - وليقعد في بيته. وإنه أتى ببدر قال ابن ذهب: يعني طبقًا في خضرات من بقول، فوجد لها ريحًا، فسأل عنها فأخبر بما فيها من البقول فقال: قربوها، فقربوها إلى بعض أصحابه كان معه، فلما رآه أكلها قال: «كل فاني أناجي من لا تناجي». وقال ابن عفير عن ابن وهب «بقدر فيه خضرات». 7360 - عن جبير بن مطعم أن إمرأة من الأنصار أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكلمته في شيء، فأمرها بأمر، فقالت: أرأيت يارسول الله إن لم أجدك؟ قال: إن لم تجديني فائتي أبا بكر» (¬3) 25 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء ... » 7361 - عن حميد بن عبد الرحمن سمع معاوية يحدث رهطًا من قريش بالمدينة وذكر كعب (¬4) الأحبار فقال: إن كان من أصدق هؤلاء المحدثين الذين يحدثون عن أهل الكتاب، وإن كنا - مع ذلك - لنبلو عليه الكذب». ¬

(¬1) السمن والإقط لا كلام فيهن حيث كان يأكلهن - صلى الله عليه وسلم - والمراد الضب. (¬2) من أكلهن لحاجة كانت له عذرًا في ترك الجماعة (¬3) مما احتج بها العلماء على خلافة أبي بكر - رضي الله عنه -. (¬4) كعب معروف بالصدق والخير لكن كثر تحديثه بأحاديث أهل الكتاب وأحاديثهم يقع فيها أشياء. ويحتمل كذب هنا بمعنى الخطأ ولو لم يتعمد. كعب ثقة مخضرم.

7363 - عن عبيد الله بن عبد الله أن ابن عباس (¬1) - رضي الله عنهما - قال: كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء وكتابكم الذي أنزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحدث، تقرؤونه محضًا لم يشب، وقد حدثكم أن أهل الكتاب بدلوا كتاب الله وغيروه، وكتبوا بأيديهم الكتاب وقالوا هو من عند الله ليشتروا به ثمنًا قليلًا، لا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم، لا والله ما رأينا منهم رجلًا يسألكم عن الذي أنزل عليكم». 7366 - عن إبن عباس قال: لما حضر النبي - صلى الله عليه وسلم - قال - وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب - قال: هلم (¬2) اكتب لكم كتابًا لن تضلوا بعده، قال عمر: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - غلبه الوجع، وعندكم القرآن فحسبنا كتاب الله. وإختلف أهل البيت وإختصموا، فمنهم من يقول: قربوا. يكتب لكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتابًا لن تضلوا بعده، ومنهم من يقول ما قال عمر. فلما أكثروا اللغط والإختلاف عند النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قوموا عني. قال عبيد الله: فكان ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب، من إختلافهم ولغطهم». ¬

(¬1) وهذا محض النصح من ابن عباس - رضي الله عنهما -. (¬2) المشهور أنه قال ذلك يوم الخميس وعاش بعده ثلاثًا فلم يكتب لهم إكتفاء بالقرآن وما صح من السنة.

27 - باب نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - على التحريم، إلا ما تعرف إباحته

27 - باب نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - على التحريم، إلا ما تعرف إباحته 7368 - عن ابن بريدة عن عبد الله المزني عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «صلوا قبل صلاة المغرب، قال - في الثالثة - لمن شاء، خشية أن يتخذها الناس سنة» (¬1). 28 - باب قول الله تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى (¬2) بَيْنَهُمْ ... } وأن المشاورة قبل العزم والتبين لقوله تعالى {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} فإذا عزم الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يكن لبشر التقدم على الله ورسوله. ¬

(¬1) أي سنة لازمة (¬2) محل الشورى هو محل الإشتباه، وكذا الإستخارة محل الإشتباه وعدم معرفة وجه الأمر.

97 - كتاب التوحيد

97 - كتاب التوحيد 13 - باب السؤال بأسماء الله تعالى والإستعاذة بها 7393 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا جاء أحدكم فراشه فلينفضه (¬1) بصنفه ثوبه ثلاث مرات وليقل: بإسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فإغفر لها، وإن أرسلتها فأحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين». 7398 - عن عائشة قالت: قالوا يا رسول الله إن أقوامًا حديثًا عهدهم بشرك يأتونا بلحمان لا ندري يذكرون إسم الله عليها أن لا، قال: إذكروا أنتم إسم الله وكلوا» (¬2) 14 - باب ما يذكر في الذات (¬3) والنعوت وأسامي الله - عز وجل - وقال خبيب: وذلك في ذات الإله، فذكر الذات باسمه تعالى 7042 - عن أبي هريرة قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشرة منهم خبيب الأنصاري فأخبرني عبيد الله بن عياض أن إبنة الحارث أخبرته أنهم حين ¬

(¬1) ما حكمة النفض؟ قال الشيخ: جاء في بعض الروايات: فإنه لا يدري ما خلفه عليه. قلت: جاء هذا في حديث أبي هريرة هذا في كتاب الدعوات عند المصنف برقم 6320 وفيه «إن أمسكت نفسي فأرحمها». (¬2) لتطييب النفوس (¬3) قلت: ومما يدل على الذات قوله - صلى الله عليه وسلم - «لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات ثنتين منها في ذات الله .. » أخرجه أحمد والشيخان

20 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «لا شخص أغير من الله»

إجتمعوا أستعار منها موسى يستحد بها، فلما خرجوا من الحرم ليقتلوه قال خبيب الأنصاري: ولست أبالي حين أقتل مسلمًا ... على أي شق كان لله مصرعي وذلك في ذات الإله وإن يشأ ... يبارك على أوصال شلو ممزع 20 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «لا شخص أغير من الله» وقال عبيد الله بن عمرو عن عبد الملك «لا شخص (¬1) أغير من الله» 7416 - قال سعد بن عبادة لو رأيت رجلًا مع إمرأتي لضربته بالسيف غير مصفح فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «تعجبون من غير سعد، والله لأنا أغير منه، والله أغير مني، ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا أحد أحب إليه العذر من الله، ومن أجل ذلك بعث المبشرين والمنذرين، ولا أحد أحب إليه المدحة من الله، ومن أجل ذلك وعد الله الجنة». قال الحافظ: قال ابن دقيق العيد: المنزهون لله إما ساكت عن التأويل وإما مؤول (¬2). قال الحافظ: .... وإن لم يكن شخصًا بوجه، وأما الخطابي (¬3) فبنى على هذا التركيب يقتضي إثبات هذا الوصف لله تعالى فبالغفي الإنكار وتخطئة الراوي. ¬

(¬1) كقوله لا أحد لا ذات، ولأنه قائم بنفسه شخص قائم بنفسه، ولا يلزم من ذلك مشابهته للمخلوقات كالسميع والبصير ... إلخ (¬2) المعتمد الإثبات مع التنزيه (¬3) كلام الخطابي رديء، عفا الله عنه.

22 - باب «وكان عرشه على الماء وهو رب العرش العظيم»

22 - باب «وكان عرشه على الماء وهو رب العرش العظيم» قال أبو العالية: إستوى إلى السماء: إرتفع. فسواهن، خلقهن، وقال مجاهد، استوى: علا على العرش (¬1)، وقال ابن عباس المجيد: الكريم، والودود: الحبيب، يقال: حميد مجيد، كأنه قيل من ماجد محمود من حمد. 7421 - حدثنا خلاد بن يحيي حدثنا عيسى بن طهمان (¬2) قال «سمعت أنس ابن مالك (¬3) - رضي الله عنه - يقول: نزلت آية الحجاب في زينب بنت جحش، وأطعم عليها يومئذ خبزًا ولحمًا».وكانت تفخر على نساء النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكانت تقول: إن الله أنكحني في السماء. 7427 - عن أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يصعقون يوم القيامة فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش» (¬4). 7428 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «فأكون أول من بعث (¬5)، فإذا موسى آخذ بالعرش». 23 - باب قول الله تعالى {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} وقوله جل ذكره {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} وقال أبو جمرة عن أبن عباس «بلغ أبا ذر مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لأخيه: ¬

(¬1) العرش سقف المخلوقات (¬2) صدوق (¬3) آخر ثلاثيات البخاري، وعددها ثلاثة وعشرون. (¬4) هذه صعقة في الموقف (¬5) يعني من يفيق، كما نبه على ذلك ابن القيم في الروح.

أعلم لي علم هذا الرجل الذي يزعم أنه يأتيه الخبر في السماء»، وقال مجاهد: «العمل الصالح يرفع الكلم الطيب» (¬1) يقال، ذي المعارج: الملائكة تعرج إلى الله. 7430 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يصعد إلى الله إلا الطيب، فإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوة حتى تكون مثل الجبل» ورواه ورقاء عن عبد الله بن دينار عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ولا يصعد (¬2) إلى الله إلا الطيب». 7431 - عن ابن عباس أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو بهن عند الكرب: «لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب العرش الكريم» (¬3). 7432 - عن أبي سعيد الخدري قال: بعث على وهو في اليمن إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بذهبية في تربتها فقسمها بين الأقرع بن حابس الحنظلي ثم أحد بني مجاشع وبين عيينة بن بدر الفزاري وبين علقمة بن علاثة العامري ثم أحد بني كلاب وبين زيد الخيل الطائي ثم أحد بني نبهان فتعيظت قريش والأنصار ¬

(¬1) المقصود من هذا الباب بيان العلو والصعود والرفع، ويكون من أسفل إلى أعلى، وهكذا بقية النصوص الدالة على العلو. (¬2) هذا هو الشاهد (¬3) لفظها ثناء، وفيها معنى الدعاء وهي دعاء عبادة. وفي بعض الروايات يدعو بعد هذا بكشف الكرب.

24 - باب قول الله تعالى {وجوه يومئذ ناضرة (22) إلى ربها ناظرة}

فقالوا يعطيه صناديد أهل نجد ويدعنا، قال: إنما أتالفهم، فأقبل رجل غائر العينين ناتيء الجبين كث اللحية مشرف الوجنتين محلوق الرأس فقال: يا محمد اتق الله، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فمن يطيع الله إذا عصيته فيأمنني على أهل الأرض ولا تأمنوني، فسأل رجل من القوم قتله، أراه خالد بن الوليد، فمنعه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما ولى قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن من ضئضيء هذا قوماً يقرؤن القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان (¬1) لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد». 7433 - عن أبي ذر قال: سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قوله {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} قال: مستقرها (¬2) تحت العرش. 24 - باب قول الله تعالى {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} 7434 - عن جرير قال: «كنا جلوسًا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ نظر إلى القمر البدر قال: «إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته، فإن إستطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروب الشمس فإفعلوا» (¬3). ¬

(¬1) الخوارج في الجزائر وليبيا وعمان. * الله أعلم بكيفية سجودها (¬2) أي وسطت في سيرها * الوقوف على المنصوب بالألف أفصح، رأيت زيدًا، ويجوز في لغة ربيعة رأيت زيد. (¬3) لهاتين الصلاتين ميزة في رؤية الله في الآخرة.

7436 - عن قيس بن حازم حدثنا جرير قال: خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة البدر فقال: «إنكم سترون ربكم يوم القيامة كما ترون هذا لا تضامون في رؤيته» (¬1). 7437 - عن أبي هريرة أن الناس قالوا: يارسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «هل تضارون في القمر ليلة البدر؟ قالوا: لا يارسول الله، قال: فهل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب؟ قالوا: لا يارسول الله، قال: فإنكم ترونه كذلك يجمع الله الناس يوم القيامة، فيقول من كان يعبد شيئا فليتبعه فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس، ويتبع من كان يعبد القمر القمر، ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت، وتبقى هذه الأمة فيها شافعوها، أو منافقوها، شك إبراهيم، فيأتيهم الله فيقول أنا ربكم، فيقولون هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا فإذا جاء ربنا عرفناه، فيأتيهم الله في صورته (¬2) التي يعرفون فيقول أنا ربكم، فيقولون أنت ربنا فيتبعونه، ويضرب السراط بين ظهري جهنم، فأكون أنا وأمتى أول من يجيزها، ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل ودعوى الرسل يومئذ: اللهم سلم سلم، وفي جهنم كلاليب مثل شوك السعدان، هل رأيتم السعدان؟ قالوا: نعم يارسول الله، قال فإنها مثل شوك السعدان، غير أنه لا يعلم قدر عظمها إلا الله تخطف الناس أعمالهم فمنهم الموبق بقى بعمله، ومنهم المخردل أو المجازي أو نحوه، ثم يتجلى حتى إذا فرغ الله من القضاء بين العباد، وأراد أن يخرج برحمته من أراد من أهل النار أمر الملائكة أن ¬

(¬1) أما الكفار فإنهم محجوبون (كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) (¬2) هي كشفه عن ساقه سبحانه

يخرجوا من النار من كان لا يشرك بالله شيئا ممن أراد الله أن يرحمه ممن يشهد أن لا إله إلا الله فيعرفونهم في النار بأثر السجود، تأكل النار ابن آدم إلا أثر السجود، حرم الله على النار أن تأكل أثر السجود، فيخرجون من النار قد امتشحوا (¬1) فيصب عليهم ماء الحياة فينبتون تحته، كما تنبت الحبة في حميل السيل، ثم يفرغ الله من القضاء بين العباد، ويبقى رجل مقبل بوجهه على النار هو آخر أهل النار دخولًا الجنة، فيقول أي رب اصرف وجهى عن النار، فإنه قد قشبني ريحها وأحرقني ذكاؤها (¬2)، فيدعو الله ما شاء أن يدعوه، ثم يقول الله: هل عسيت إن أعطيت ذلك أن تسألني غيره، فيقول: لا وعزتك لا أسألك غيره ويعطي ربه من عهود ومواثيق ما شاء، فيصرف الله وجهه عن النار فإذا أقبل على الجنة ورآها سكت ما شاء الله أن يسكت، ثم يقول أي رب قدمني إلى باب الجنة، فيقول الله له ألست قد أعطيت عهودك ومواثيقك أن لا تسألني غير الذي أعطيت أبدًا، ويلك يابن آدم ما أغدرك، فيقول: أي رب، ويدعو الله حتى يقول هل عسيت أن أعطيت ذلك أن تسأل غيره، فيقول: لا وعزتك لا أسألك غيره، ويعطي ما شاء من عهود ومواثيق فيقدمه إلى باب الجنة، فإذا قام إلى باب الجنة انفهقت (¬3) له الجنة فرأى ما فيها من الحبرة والسرور، فيسكت ما شاء الله أن يسكت، ثم يقول: أي رب ادخلني الجنة فيقول الله ألست قد أعطيت عهودك ومواثيقك أن لا تسأل غير ما أعطيت، فيقول: ويلك ياابن آدم ما ¬

(¬1) بفتح التاء والحاء وهو الذي عليه أكثر الروايات، وهو وجه الكلام. (¬2) أخرج منها لكن وجهه إليها لم يصرف عنها. (¬3) انفهقت هكذا.

أغدرك، فيقال (¬1) أي رب لا أكون أشقى خلقك فلا يزال يدعو حتى يضحك الله منه، فإذا ضحك منه قال له أدخل الجنة، فإذا دخلها قال الله له تمنه فسأل ربه وتنمي، حتى أن الله ليذكره، يقول: كذا وكذا حتى انقطعت به الأماني، قال الله ذلك لك ومثله معه» (¬2). 7438 - قال عطاء بن يزيد وأبو سعيد الخدري مع أبي هريرة لا يرد عليه من حديثه شيئًا حتى إذا حدث أبو هريرة أن الله تبارك وتعالى قال ذاك لك ومثله معه قال أبو سعيد الخدري: وعشرة أمثاله معه يا أبا هريرة؟ قال أبو هريرة: ما حفظت إلا قوله ذلك لك ومثله معه، قال أبو سعيد الخدري: أشهد أني حفظت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوله ذلك لك وعشرة أمثاله، قال أبو هريرة فذلك الرجل آخر أهل الجنة دخولًا الجنة (¬3). 7439 - عن أبي سعيد الخدري قال: قلنا يارسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة، قال: هل تضارون في رؤية الشمس والقمر إذا كانت صحوًا؟ قلنا لا، قال: فإنكم لا تضارون في رؤية ربكم يومئذ إلا كما تضارون في رؤيتهما، ثم قال: ينادي مناد ليذهب كل قوم إلى ما كانوا يعبدون فيذهب أصحاب الصليب مع صليبهم، وأصحاب الأوثان مع أوثانهم، وأصحاب كل آلهة مع آلهتهم (¬4)، حتى يبقى من كان يعبد الله من بر أو فاجر وغبرات (¬5) ¬

(¬1) فيقول. (¬2) فيه أن العبد لا ييأس من ربه. (¬3) آخر من يخرج من النار. (¬4) يعني إلى النار. (¬5) عبرات بتثقيل الموحدة كذا في العمدة.

من أهل الكتاب ثم يؤتي بجهنم تعرض كأنها سراب، فيقال لليهود ما كنتم تعبدون؟ قالوا كنا نعبد عزيرا ابن الله، فيقال: كذبتم لم يكن لله صاحبة ولا ولد فما تريدون، قالوا: نريد أن تقينا فيقال اشربوا فيتساقطون في جهنم، ثم يقال للنصاري ما كنتم تعبدون؟ فيقولون كنا نعبد المسيح ابن الله، فيقال كذبتم لم يكن لله صاحبة ولا ولد، فما تريدون فيقولون نريد أن تسقينا، فيقال اشربوا فيتساقطون حتى يبقى من كان يعبد الله من برة أو فاجر فيقال لهم ما يحبسكم وقد ذهب الناس فيقولون: فارقناهم ونحن أحوج منا إليه (¬1) اليوم، وإنا سمعنا مناديًا ينادي: ليلحق كل قوم بما كانوا يعبدون وإنما ننتظر ربنا. قال: فيأتيهم الجبار في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة، فيقول: أنا ربكم فيقولون أنت ربنا، فلا يكلمه إلا الأنبياء فيقول هل بينكم وبينه آية تعرفونه؟ فيقولون الساق. فيكشف عن ساقه (¬2)، فيسجد له كل مؤمن، ويبقي من كان يسجد لله رياء وسمعة فيذهب كيما يسجد فيعود ظهره طبقًا واحدًا ثم يؤتي بالجسر فيجعل بين ظهري جهنم، قلنا يارسول الله وما الجسر؟ قال: مدحضة مزلة عليه خطاطيف وكلاليب وحسكة مفلطحة لها شوكة عقيفاء تكون بنجد يقال لها السعدان، المؤمن عليها كالطرف وكالبرق وكالريح وكأجاويد الخيل والركاب فناج مسلم وناج مخدوش ومكدوس في نار جهنم حتى يمر آخرهم يسحب سحبًا فما أنتم بأشد لي مناشدة (¬3) في الحق قد تبين لكم ¬

(¬1) يعني إلى الله. (¬2) تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} .. (¬3) لعلها له وينظر! ثم قال الشيخ لي: صواب.

من المؤمن يومئذ للجبار، وإذا رأوا أنهم قد نجوا في إخوانهم يقولون ربنا إخواننا الذين كانوا يصلون معنا ويصومون معنا ويعملون معنا، فيقول الله تعالى: إذهبوا فمن وجدتهم في قلبه مثقال دينار من إيمان فأخرجوه، ويحرم الله صورهم على النار فيأتونهم وبعضهم قد غاب في النار إلى قدمه وإلى أنصاف ساقيه فيخرجون من عرفوا ثم يعودون، فيقول: إذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار فأخرجوه فيخرجون من عرفوا ثم يعودون، فيقول إذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من إيمان فأخرجوه فيخرجون من عرفوا، قال أبو سعيد فإن لم تصدقوني فاقرءوا: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا} فيشفع النبيون والملائكة والمؤمنون، فيقول الجبار بقيت شفاعتي فيقبض قبضة من النار فيخرج أقواما قد أمتحشوا فيلقون في نهر بأفواه الجنة يقال له ماء الحياة فينبتون في حافتيه كما تنبت الحبة في حميل السيل قد رأيتموها إلى جانب الصخرة وإلى جانب الشجرة فما كان إلى الشمس منها كان أخضر، وما كان منها إلى الظل كان أبيض فيخرجون كأنهم اللؤلؤ فيجعل في رقابهم الخواتيم فيدخلون الجنة فيقول أهل الجنة هؤلاء عتقاء الرحمن أدخلهم الجنة بغير عمل عملوه ولا خير قدموه، فيقال لهم لكم ما رأيتم ومثله معه». 7440 - عن أنس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يحبس المؤمنون يوم القيامة حتى يهموا بذلك فيقولون لو استشفعنا إلى ربنا فيريحنا من مكاننا، فيأتون آدم فيقولون أنت آدم أبو الناس، خلقك الله بيده وأسكنك جنته، وأسجد لك ملائكته، وعلمك أسماء كل شيء، لتشفع لنا عند ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا، قال: فيقول لست هناكم، قال: ويذكر خطيئته

التي أصاب أكله من الشجرة وقد نهى عنها، ولكن ائتوا نوحًا أول نبي بعثه الله تعالى إلى أهل الأرض. فيأتون نوحًا فيقول لست هناكم، ويذكر خطيئته التي أصاب سؤاله ربه بغير علم، ولكن ائتوا إبراهيم خليل الرحمن، قال: فيأتون إبراهيم، فيقول: إني لست هناكم، ويذكر ثلاث كذبات كذبهن، ولكن أئتوا موسى عبدًا آتاه الله التوراه وكلمه وقربه نجيا، قال فيأتون موسى فيقول إني لست هناكم، ويذكر خطيئته التي أصاب قتله النفس، ولكن ائتوا عيسي عبد الله ورسوله، وروح الله وكلمته، قال: فيأتون عيسي فيقول لست هناكم، ولكن ائتوا محمدًا - صلى الله عليه وسلم - عبدًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فيأتوني فأستأذن على ربي في داره (¬1)، فيؤذن لي عليه، فإذا رأيته وقعت ساجدًا فيدعني ما شاء الله أن يدعني، ثم يقول: ارفع محمد وقل يسمع، واشفع تشفع، وسل تعط، قال: فأرفع رأسي، فأثني على ربي بثناء وتحميد يعلمينه، فيحد لي حدًا فأخرج فأدخلهم الجنة. قال قتادة: وسمعته أيضًا يقول: فأخرج فأخرجهم من النار، وأدخلهم الجنة ثم أعود فأستأذن على ربي في داره فيؤذن لي عليه، فإذا رأيته وقعت ساجدًا فيدعني ما شاء الله أن يدعني، ثم يقول، أرفع محمد وقل يسمع، واشفع تشفع، وسل تعطه، قال: فأرفع رأسي، فأثني على ربي بثناء وتحميد يعلمينه، قال: ثم أشفع فيحد لي حدًا فأخرج فأدخلهم الجنة. قال قتادة: وسمعته يقول: فأخرج فأخرجهم من النار، وأدخلهم الجنة ثم أعود الثالثة فأستأذن على ربي في داره فيؤذن لي عليه، فإذا رأيته وقعت ساجدًا فيدعني ما شاء الله أن يدعني، ثم يقول: ارفع محمد وقل يسمع، واشتفع تشفع ¬

(¬1) المكان الذي هو فيه العرش

وسل تعطه، قال: فأرفع رأسي، فأثني على ربي بثناء وتحميد يعلمينه، قال: ثم أشفع (¬1) فيحد لي حدا فأخرج، فأدخلهم الجنة. قال قتادة: وقد سمعته يقول: فأخرج فأخرجهم من النار، وأدخلهم الجنة حتى ما يبقي في النار إلا من حبسه القرآن (¬2)، أي وجب عليه الخلود، ثم تلا الآية: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا}، قال: وهذا المقام المحمود الذي وعده نبيكم - صلى الله عليه وسلم -. 7442 - عن ثابت بن محمد (¬3) عن سيفان عن ابن جريج عن سليمان الأحول عن طاوس عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ¬

(¬1) المرة الرابعة (¬2) قال الشيخ هذا حسب علمه - صلى الله عليه وسلم - وإلا فإن الله يخرج قومًا من النار بغير شفاعة - حملة العرش في الدنيا أربعة لأن أمية بن أبي الصلت قال شعرًا فأقره النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيه أن حملة العرش أربعة أما يوم القيامة ثمانية. قلت: جاء هذا في حديث ابن عباس أخرجه أحمد (1/ 256) وابن خزيمة في التوحيد ص 204 وبوب عليه باب ذكر إثبات الرجل لله - عز وجل - ولفظه «عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنشد قول أمية بن أبي الصلت الثقفي»: رجل وثور تحت رجل يمينه ... والنسر للأخرى وليث مرصد فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صدق» [وإسناده صحيح]. (¬3) صدوق زاهد * ترجما ... ترجمان ... ترجمان .... ترجمان ... أربع لغات

25 - باب ما جاء في قول الله تعالى {إن رحمت الله قريب من المحسنين}

إذا تهجد من الليل قال: اللهم ربنا لك الحمد أنت قيم السماوات والأرض ولك الحمد، أنت رب السموات والأرض ومن فيهن ولك الحمد، أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد، أنت نور السموات والأرض ومن فيهن، أنت الحق وقولك الحق. ووعدك الحق، ولقاؤك الحق، والجنة حق، والنار حق، والساعة حق، اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك خاصمت. وبك حاكمت فأغفر لي ما قدمت وما أخرت وأسسرت وأعلنت وما أنت أعلم به مني لا إله إلا أنت». 7446 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم رجل حلف على سلعة لقد أعطى (¬1) بها أكثر مما أعطى وهو كاذب، ورجل حلف على يمين كاذبة بعد العصر ليقتطع بها مال امريء مسلم، ورجل منع فضل ماء فيقول الله يوم القيامة: اليوم امنعك فضلي، كما منعت فضل ما لم تعمل يداك». 25 - باب ما جاء في قول الله تعالى {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} 7449 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اختصمت الجنة والنار إلى ربهما، فقالت الجنة: يارب ما لا يدخلها إلا ضعفاء الناس وسقطهم، وقالت النار يعني أوثرت بالمتكبرين، فقال الله تعالى للجنة: أنت رحمتي، وقال للنار: أنت عذابي، أصيب بك من أشاء، ولكل واحدة منكما ملؤها، قال فأما الجنة فإن الله لا يظلم من خلقة أحدًا وأنه ينشيء للنار (¬2) من يشاء ¬

(¬1) بضم أوله في الفعلين (¬2) هذا وهم القلب على الراوي، وصوابه: أنه ينشيء للجنة.

26 - باب قول الله تعالى {إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا}

فيلقون فيها فتقول هل من مزيد ثلاثًا، حتى يضع فيها قدمه فتمتليء، ويرد بعضها إلى بعض وتقول قط قط قط: قط». قال الحافظ: .... ومن طريق همام بلفظ «فأما النار فلا تمتليء حتى يضع رجله (¬1)» فتقول قط قط فهناك تمتلي ... 26 - باب قول الله تعالى {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا} 7451 - عن عبد الله قال: «جاء حبر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يامحمد إن الله يضع السماء على إصبع، والأرض على إصبع، والجبال على إصبع، والشجر والأنهار على إصبع (¬2)، وسائر الخلق على إصبع، ثم يقول بيده أنا الملك، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: وما قدروا الله حق قدره». 27 - باب ما جاء في تخليق السماوات والأرض وغيرهما من الخلائق 7452 - عن ابن عباس قال: بت في بيت ميمونة ليلة والنبي - صلى الله عليه وسلم - عندها لأنظر كيف صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالليل فتحدث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع أهله ساعة ثم رقد فلما كان ثلث الليل الأخير أو بعضه، قعد فنظر إلى السماء فقرأ: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ - إلى قوله - لِأُولِي الْأَلْبَابِ}.ثم قام فتوضأ واستن ثم صلى إحدى عشرة ركعة، ثم أذن بلال بالصلاة فصلى ركعتين، ثم خرج فصلى للناس الصبح" (3). ¬

(¬1) يبطل تأويل من أول القدم على غير ما هي عليه. (¬2) فيه إثبات الأصابع، خلافًا للجهمية ومن وافقهم.

29 - باب قول الله تعالى {إنما قولنا لشيء إذا أردناه}

29 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ} 7460 - عن عُمَيْرُ بْنُ هَانِئٍ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لاَ يَزَالُ مِنْ أُمَّتِى أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ لا يَضُرُّهُمْ مَنْ كَذَّبَهُمْ وَلاَ مَنْ خَذلَهُمْ حَتَّى يَأْتِىَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ» فَقَالَ مَالِكُ بْنُ يُخَامِرَ سَمِعْتُ مُعَاذًا يَقُولُ وَهُمْ بِالشَّأْمِ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ هَذَا مَالِكٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاذًا يَقُولُ وَهُمْ بِالشَّأْمِ (¬1). 7461 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وَقَفَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى مُسَيْلِمَةَ فِى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: «لَوْ سَأَلْتَنِى هَذِهِ الْقِطْعَةَ مَا أَعْطَيْتُكَهَا وَلَنْ تَعْدُوَ أَمْرَ اللَّهِ فِيكَ، وَلَئِنْ أَدْبَرْتَ لَيَعْقِرَنَّكَ (¬2) اللَّهُ». قال الحافظ: . . . وقال ابن بطال المراد بأمر الله في هذا الحديث الساعة والصواب أمر الله (¬3) بقيام الساعة فيرجع إلى حكمه وقضائه. قال الحافظ: . . . فالإضافة على ثلاث مراتب: إضافة إيجاد وإضافة تشريف وإضافة صفة (4). ¬

= جـ) فيه صلاته بالليل وإطالته صلى الله عليه وسلم. د) نوم الصبي الصغير في بيت زوج خالته. . أخته. (¬1) لا يلزم ذلك في كل وقت، والآن في الشام النصيرية (وعدّد شيخنا القارات ثم قال: فيها من يدعو إلى الحق). (¬2) وقُتل في عهد الصدّيق، فوقع ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم. قلت: زاد في رواية (وهذا ثابت يجيبك عني). (¬3) وصوّب الشيخ أنها الريح التي تقبض أرواح المؤمنين. (¬4) روح عيسى وآدم أضيفت إلى الله من باب إضافة المخلوق إلى خالقه كبيت الله، وناقة الله، وهو تشريف وتكريم.

35 - باب قول الله تعالى {يريدون أن يبدلوا كلام الله}

35 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلاَمَ اللَّهِ} 7501 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا أَرَادَ عَبْدِى أَنْ يَعْمَلَ سَيِّئَةً فَلاَ تَكْتُبُوهَا عَلَيْهِ حَتَّى يَعْمَلَهَا فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا بِمِثْلِهَا، وَإِنْ تَرَكَهَا مِنْ أَجْلِى فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْمَلَ حَسَنَةً فَلَمْ يَعْمَلْهَا، فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةٍ» (¬1). 7503 - عَنْ صَالِحٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: مُطِرَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «قَالَ اللَّهُ: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِى كَافِرٌ بِى وَمُؤْمِنٌ بِى» (¬2). 7506 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «قَالَ رَجُلٌ -لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ- فَإِذَا مَاتَ فَحَرِّقُوهُ وَاذْرُوا نِصْفَهُ فِى الْبَرِّ وَنِصْفَهُ فِى الْبَحْرِ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ لَيُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا لاَ يُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ، فَأَمَرَ اللَّهُ الْبَحْرَ فَجَمَعَ مَا فِيهِ، وَأَمَرَ الْبَرَّ فَجَمَعَ مَا فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: لِمَ فَعَلْتَ؟ قَالَ: مِنْ خَشْيَتِكَ وَأَنْتَ أَعْلَمُ، فَغَفَرَ لَهُ» (¬3). ¬

(¬1) السيئة: 1 - أن يتركها تشاغلاً فلا له ولا عليه. 2 - أن يتركها لله فتكتب حسنة. 3 - أن يباشر أسبابها فتكتب عليه، وفيه "إذا التقى المسلمان بسيفيهما". (¬2) إن اعتقد أنها سبب فكُفْرٌ أصغر، وإن اعتقد أنها تؤثر فهو أكبر. (¬3) هذا أساء الظن وفعل ما فعل جهلاً بكمال القدرة فعفا الله عنه بجهله، قال أبو العباس: بخلاف الأمور الواضحة فلا يعذر. * المصرّ: الذي لا يتوب، يفعل ويفعل دون توبة.

36 - باب كلام الرب عز وجل يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم

7507 - عن أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ عَبْدًا أَصَابَ ذَنْبًا -وَرُبَّمَا قَالَ: أَذْنَبَ ذَنْبًا- فَقَالَ: رَبِّ أَذْنَبْتُ -وَرُبَّمَا قَالَ أَصَبْتُ- فَاغْفِرْ، فَقَالَ رَبُّهُ أَعَلِمَ عَبْدِى أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِى: ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَصَابَ ذَنْبًا -أَوْ أَذْنَبَ ذَنْبًا- فَقَالَ رَبِّ أَذْنَبْتُ -أَوْ أَصَبْتُ- آخَرَ فَاغْفِرْهُ، فَقَالَ: أَعَلِمَ (¬1) عَبْدِى أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِى ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا -وَرُبَّمَا قَالَ أَصَابَ ذَنْبًا- فَقَالَ: رَبِّ أَصَبْتُ -أَوْ أَذْنَبْتُ- آخَرَ فَاغْفِرْهُ لِى، فَقَالَ أَعَلِمَ عَبْدِى أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِى ثَلاَثًا فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ». 36 - باب كَلاَمِ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ الأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ 7509 - عن أَبي بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا (¬2) رضى الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ شُفِّعْتُ فَقُلْتُ يَا رَبِّ أَدْخِلِ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِى قَلْبِهِ خَرْدَلَةٌ فَيَدْخُلُونَ، ثُمَّ أَقُولُ: أَدْخِلِ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِى قَلْبِهِ أَدْنَى شَىْءٍ، فَقَالَ أَنَسٌ كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم». ¬

(¬1) في رواية: علم. * لم يعمل خيراً قط: معناه الخير في المسابقات والمسارعة، وليس المراد ترك الواجبات وفعل المحرمات. (¬2) مختصر من حديث الشفاعة. * الذين يفزعون للأنبياء هم المؤمنون، كما جاء في بعض الروايات: يفزع المؤمنون، والكفار في شغل شاغل عن الفزع لما فيهم من الكرب.

7513 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنه قَالَ: جَاءَ حَبْرة مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ: إِنَّهُ إِذَا كَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جَعَلَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ وَالأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ وَالْمَاءَ وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ وَالْخَلاَئِقَ عَلَى إِصْبَعٍ (¬1) ثُمَّ يَهُزُّهُنَّ ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ أَنَا الْمَلِكُ، فَلَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَضْحَكُ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ تَعَجُّبًا وَتَصْدِيقًا لِقَوْلِهِ، ثُمَّ قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ -إِلَى قَوْلِهِ- يُشْرِكُونَ». 7514 - عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ: كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِى النَّجْوَى؟ قَالَ: «يَدْنُو أَحَدُكُمْ مِنْ رَبِّهِ حَتَّى يَضَعَ كَنَفَهُ (¬2) عَلَيْهِ فَيَقُولُ: أَعَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، وَيَقُولُ عَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيُقَرِّرُهُ (¬3) ثُمَّ يَقُولُ إِنِّى سَتَرْتُ عَلَيْكَ فِى الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ». قال الحافظ: . . . والظاهر أن هذا من تخليط اليهود وتحريفهم، وإن ضحكه عليه الصلاة والسلام إنما كان على معنى التعجب والنكير له والعلم عند الله تعالى. ¬

(¬1) هنا ذكر أربعة، وفي رواية ذكر خمسة، فالأصابع خمسة {ليس كمثله شى. . .} فله يد لها أصابع خمسة. (¬2) المعروف: ستره، والصفات لا تفسر إلا بدليل. (¬3) هل الذنوب التي تاب منها العبد يقرر بها؟ الله أعلم، لكن التي يقرر بها التي عملها ثم لم تظهر، والظاهر أنه لم يتبْ منها لقوله: "فأنا أغفرها لك اليوم. . .". (¬4) الحافظ أشعري، فيه أشعرية.

37 - باب ما جاء في قوله عز وجل {وكلم الله موسى تكليما}

37 - باب ما جاء في قَوْلِهِ عز وجل {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} 7515 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى، فَقَالَ مُوسَى: أَنْتَ آدَمُ الَّذِى أَخْرَجْتَ ذُرِّيَّتَكَ مِنَ الْجَنَّةِ، قَالَ آدَمُ: أَنْتَ مُوسَى الَّذِى اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالاَتِهِ وَكَلاَمِهِ ثُمَّ تَلُومُنِى عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِّرَ عَلَىَّ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ، فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى» (¬1). 7516 - عَنْ أَنَسٍ رضى الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «يُجْمَعُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُونَ لَوِ اسْتَشْفَعْنَا إِلَى رَبِّنَا فَيُرِيحُنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ لَهُ أَنْتَ آدَمُ أَبُو الْبَشَرِ خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ وَأَسْجَدَ لَكَ الْمَلاَئِكَةَ، وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَىْءٍ (¬2)، فَاشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا فَيَقُولُ لَهُمْ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، فَيَذْكُرُ لَهُمْ خَطِيئَتَهُ الَّتِى أَصَابَ». 7517 - عَنْ سُلَيْمَانُ عَنْ شَرِيكِ (¬3) بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ (¬4) ابْنَ مَالِكٍ يَقُولُ لَيْلَةَ أُسْرِىَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَسْجِدِ الْكَعْبَةِ أَنَّهُ جَاءَهُ ثَلاَثَةُ ¬

(¬1) أي خصمه، لأن إخراج الذرية من الجنة ليس من عمل آدم فلا يلام على ما لا قدرة له عليه، وإنما يلام على المعصية فلما تاب منها فلا يلام. (¬2) هذا الشاهد يدل على جنس الكلام. (¬3) له أوهام، كل ذلك من أوهام شريك وقد بسط شيخ الإسلام وابن القيم وجماعة القول في هذا وبينوا أوهام شريك، كما بينها الحافظ هنا. قلت: قال الحافظ: ومجموع ما خالفت فيه رواية شريك غيره من المشهورين عشرة أشياء، بل تزيد على ذلك، الأول. . ثم سردها. (¬4) أنس. . ساقطة.

نَفَرٍ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ وَهْوَ نَائِمٌ فِى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَقَالَ أَوَّلُهُمْ: أَيُّهُمْ هُوَ؟ فَقَالَ أَوْسَطُهُمْ: هُوَ خَيْرُهُمْ، فَقَالَ آخِرُهُمْ خُذُوا خَيْرَهُمْ، فَكَانَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ فَلَمْ يَرَهُمْ حَتَّى أَتَوْهُ لَيْلَةً أُخْرَى فِيمَا يَرَى قَلْبُهُ وَتَنَامُ عَيْنُهُ وَلاَ يَنَامُ قَلْبُهُ، وَكَذَلِكَ الأَنْبِيَاءُ تَنَامُ أَعْيُنُهُمْ وَلاَ تَنَامُ قُلُوبُهُمْ، فَلَمْ يُكَلِّمُوهُ حَتَّى احْتَمَلُوهُ فَوَضَعُوهُ عِنْدَ بِئْرِ زَمْزَمَ فَتَوَلاَّهُ مِنْهُمْ جِبْرِيلُ فَشَقَّ جِبْرِيلُ مَا بَيْنَ نَحْرِهِ إِلَى لَبَّتِهِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَدْرِهِ وَجَوْفِهِ، فَغَسَلَهُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ بِيَدِهِ حَتَّى أَنْقَى جَوْفَهُ ثُمَّ أُتِىَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ فِيهِ تَوْرٌ مِنْ ذَهَبٍ مَحْشُوًّا إِيمَانًا وَحِكْمَةً، فَحَشَا بِهِ صَدْرَهُ وَلَغَادِيدَهُ -يَعْنِى عُرُوقَ حَلْقِهِ- ثُمَّ أَطْبَقَهُ ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَضَرَبَ بَابًا مِنْ أَبْوَابِهَا، فَنَادَاهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ جِبْرِيلُ، قَالُوا وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مَعِى مُحَمَّدٌ، قَالَ: وَقَدْ بُعِثَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالُوا فَمَرْحَبًا بِهِ وَأَهْلاً، فَيَسْتَبْشِرُ بِهِ أَهْلُ السَّمَاءِ لاَ يَعْلَمُ أَهْلُ السَّمَاءِ بِمَا يُرِيدُ اللَّهُ بِهِ فِى الأَرْضِ حَتَّى يُعْلِمَهُمْ فَوَجَدَ فِى السَّمَاءِ الدُّنْيَا آدَمَ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: هَذَا أَبُوكَ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَرَدَّ عَلَيْهِ آدَمُ وَقَالَ: مَرْحَبًا وَأَهْلاً بِابْنِى نِعْمَ الاِبْنُ أَنْتَ، فَإِذَا هُوَ فِى السَّمَاءِ الدُّنْيَا بِنَهَرَيْنِ يَطَّرِدَانِ، فَقَالَ: مَا هَذَانِ النَّهَرَانِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَانِ النِّيلُ وَالْفُرَاتُ عُنْصُرُهُمَا ثُمَّ مَضَى بِهِ فِى السَّمَاءِ فَإِذَا هُوَ بِنَهَرٍ آخَرَ عَلَيْهِ قَصْرٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَزَبَرْجَدٍ فَضَرَبَ يَدَهُ فَإِذَا هُوَ مِسْكٌ قَالَ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِى خَبَأَ لَكَ رَبُّكَ ثُمَّ عَرَجَ إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ فَقَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَتْ لَهُ الأُولَى، مَنْ هَذَا؟ قَالَ جِبْرِيلُ، قَالُوا: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، قَالُوا: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالُوا مَرْحَبًا بِهِ وَأَهْلاً. ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ وَقَالُوا لَهُ مِثْلَ مَا قَالَتِ الأُولَى وَالثَّانِيَةُ، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى الرَّابِعَةِ فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ فَقَالُوا مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ

السَّادِسَةِ فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ كُلُّ سَمَاءٍ فِيهَا أَنْبِيَاءُ قَدْ سَمَّاهُمْ فَأَوْعَيْتُ مِنْهُمْ إِدْرِيسَ فِى الثَّانِيَةِ وَهَارُونَ فِى الرَّابِعَةِ وَآخَرَ فِى الْخَامِسَةِ لَمْ أَحْفَظِ اسْمَهُ، وَإِبْرَاهِيمَ فِى السَّادِسَةِ وَمُوسَى فِى السَّابِعَةِ بِفَضلِ كَلامه لله، فَقَالَ مُوسَى: رَبِّ لَمْ أَظُنَّ أَنْ تُرْفَعَ عَلَىَّ أَحَدٌ. ثُمَّ عَلاَ بِهِ فَوْقَ ذَلِكَ بِمَا لاَ يَعْلَمُهُ إِلاَّ اللَّهُ، حَتَّى جَاءَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى وَدَنَا الْجَبَّارُ (1) رَبُّ الْعِزَّةِ فَتَدَلَّى حَتَّى كَانَ مِنْهُ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى اللَّهُ فِيمَا أَوْحَى إِلَيْهِ خَمْسِينَ صَلاَةً عَلَى أُمَّتِكَ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ثُمَّ هَبَطَ حَتَّى بَلَغَ مُوسَى فَاحْتَبَسَهُ مُوسَى فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ: مَاذَا عَهِدَ إِلَيْكَ رَبُّكَ؟ قَالَ: عَهِدَ إِلَىَّ خَمْسِينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ فَارْجِعْ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ رَبُّكَ وَعَنْهُمْ فَالْتَفَتَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى جِبْرِيلَ كَأَنَّهُ يَسْتَشِيرُهُ فِى ذَلِكَ فَأَشَارَ إِلَيْهِ جِبْرِيلُ أَنْ نَعَمْ، إِنْ شِئْتَ فَعَلاَ بِهِ إِلَى الْجَبَّارِ، فَقَالَ وَهْوَ مَكَانَهُ يَا رَبِّ خَفِّفْ عَنَّا فَإِنَّ أُمَّتِى لاَ تَسْتَطِيعُ هَذَا فَوَضَعَ عَنْهُ عَشْرَ صَلَوَاتٍ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مُوسَى فَاحْتَبَسَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُرَدِّدُهُ مُوسَى إِلَى رَبِّهِ حَتَّى صَارَتْ إِلَى خَمْسِ صَلَوَاتٍ ثُمَّ احْتَبَسَهُ مُوسَى عِنْدَ الْخَمْسِ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ وَاللَّهِ لَقَدْ رَاوَدْتُ بَنِى إِسْرَائِيلَ قَوْمِى عَلَى أَدْنَى مِنْ هَذَا فَضَعُفُوا فَتَرَكُوهُ، فَأُمَّتُكَ أَضْعَفُ أَجْسَادًا وَقُلُوبًا وَأَبْدَانًا وَأَبْصَارًا وَأَسْمَاعًا، فَارْجِعْ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ رَبُّكَ، كُلَّ ذَلِكَ يَلْتَفِتُ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى جِبْرِيلَ لِيُشِيرَ عَلَيْهِ وَلاَ يَكْرَهُ ذَلِكَ جِبْرِيلُ، فَرَفَعَهُ عِنْدَ الْخَامِسَةِ فَقَالَ: يَا رَبِّ إِنَّ أُمَّتِى ضُعَفَاءُ أَجْسَادُهُمْ ¬

(¬1) الصواب أنه جبرائيل {علمه شديد القوى. . .} ثم دنا فتدلى، كل هذا في جبرائيل. قالت عائشة: سألت النبي عن ذلك، فقال: هو جبرائيل.

38 - باب كلام الرب مع أهل الجنة

وَقُلُوبُهُمْ وَأَسْمَاعُهُمْ وَأَبْدَانُهُمْ فَخَفِّفْ عَنَّا، فَقَالَ الْجَبَّارُ: يَا مُحَمَّدُ، قَالَ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: إِنَّهُ لاَ يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَىَّ كَمَا فَرَضْتُ عَلَيْكَ فِى أُمِّ الْكِتَابِ قَالَ فَكُلُّ حَسَنَةٍ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا فَهْىَ خَمْسُونَ فِى أُمِّ الْكِتَابِ وَهْىَ خَمْسٌ عَلَيْكَ، فَرَجَعَ إِلَى مُوسَى فَقَالَ: كَيْفَ فَعَلْتَ؟ فَقَالَ: خَفَّفَ عَنَّا، أَعْطَانَا بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا. قَالَ مُوسَى: قَدْ وَاللَّهِ رَاوَدْتُ بَنِى إِسْرَائِيلَ عَلَى أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ فَتَرَكُوهُ، ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ أَيْضًا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا مُوسَى قَدْ وَاللَّهِ اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّى مِمَّا اخْتَلَفْتُ إِلَيْهِ، قَالَ: فَاهْبِطْ بِاسْمِ اللَّهِ، قَالَ: وَاسْتَيْقَظَ وَهْوَ فِى مَسْجِدِ الْحَرَامِ». 38 - باب كَلاَمِ الرَّبِّ مَعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ 7519 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَوْمًا يُحَدِّثُ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ «أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ فِى الزَّرْعِ، فَقَالَ: أَوَ لَسْتَ فِيمَا شِئْتَ؟ قَالَ: بَلَى وَلَكِنِّى أُحِبُّ أَنْ أَزْرَعَ، فَأَسْرَعَ وَبَذَرَ فَتَبَادَرَ الطَّرْفَ نَبَاتُهُ وَاسْتِوَاؤُهُ وَاسْتِحْصَاؤهُ وَتَكْوِيرُهُ أَمْثَالَ الْجِبَالِ (¬1) فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى دُونَكَ يَا ابْنَ آدَمَ فَإِنَّهُ لاَ يُشْبِعُكَ شَىْءٌ، فَقَالَ الأَعْرَابِىُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لاَ تَجِدُ (¬2) هَذَا إِلاَّ قُرَشِيًّا أَوْ أَنْصَارِيًّا فَإِنَّهُمْ أَصْحَابُ زَرْعٍ فَأَمَّا نَحْنُ فَلَسْنَا بِأَصْحَابِ زَرْعٍ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ». ¬

(¬1) في طرفة عين. (¬2) يظهر أن هذا من الدعابة التي أراد الأعرابي منها إضحاك النبي صلى الله عليه وسلم.

39 - باب ذكر الله بالأمر وذكر العباد بالدعاء والتضرع والرسالة والبلاغ،

39 - باب ذِكْرِ اللَّهِ (¬1) بِالأَمْرِ وَذِكْرِ الْعِبَادِ بِالدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ وَالرِّسَالَةِ وَالبَلاَغِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاذْكُرُونِى أَذْكُرْكُمْ} {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِى وَتَذْكِيرِى بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ. . .} الآية. . . .والنَّبَأُ الْعَظِيمُ: الْقُرْآنُ، صَوَابًا: حَقًّا فِى الدُّنْيَا وَعَمَلٌ (¬2) بِهِ. قال الحافظ: . . . وإذا ذكره وهو على معصيته ذكره (¬3) بلعنته. 40 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {فَلاَ تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا} وَقَالَ عِكْرِمَةُ (¬4): وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ (¬5)، وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ وَمَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَذَلِكَ إِيمَانُهُمْ وَهُمْ يَعْبُدُونَ غَيْرَهُ. . . 7520 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم أَىُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ؟ قَالَ: «أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهْوَ خَلَقَكَ. قُلْتُ: إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ، قُلْتُ: ثُمَّ أَىّ؟ قَالَ: ¬

(¬1) أي تفسير للشيء ببعض معناه، ومعنى ذلك بالأمر أي {اتقون. . .} (والله يذكر بالقول والعمل). (¬2) قرئت هكذا. (¬3) محل نظر. (¬4) وهو معنى ما جاء عن ابن عباس، تلقاه من ابن عباس رضي الله عنهم. (¬5) شرك أكبر. * الآيات التي في الشرك الأكبر يحتج بها في الأصغر.

41 - باب قول الله تعالى {وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم. . .}

ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ تَخَافُ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ، قُلْتُ: ثُمَّ أَىّ؟ قَالَ: ثُمَّ أَنْ تُزَانِىَ بِحَلِيلَةِ جَارِكَ» (¬1). 41 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ. . .} 7521 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنه قَالَ: اجْتَمَعَ عِنْدَ الْبَيْتِ ثَقَفِيَّانِ وَقُرَشِىٌّ، أَوْ قُرَشِيَّانِ وَثَقَفِىٌّ -كَثِيرَةٌ (¬2) شَحْمُ بُطُونِهِمْ، قَلِيلَةٌ (¬3) فِقْهُ قُلُوبِهِمْ، فَقَالَ أَحَدُهُمْ: أَتَرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ يَسْمَعُ مَا نَقُولُ؟ قَالَ الآخَرُ: يَسْمَعُ إِنْ جَهَرْنَا، وَلاَ يَسْمَعُ إِنْ أَخْفَيْنَا. وَقَالَ الآخَرُ إِنْ كَانَ يَسْمَعُ إِذَا جَهَرْنَا فَإِنَّهُ يَسْمَعُ إِذَا أَخْفَيْنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ} الآيَةَ. قال الحافظ: . . . والتأنيث يسري من المضاف إليه إلى المضاف (¬4)، أو أنث بتأويل شحم بشحوم وفقه بفهوم. ¬

(¬1) أعظمها الشرك وفي قتل الولد قطيعة الرحم وقتل النفس بغير الحق، وفي الزنا بحليلة الجار، أذية الجار بإفساد فراشه، والزنى معظم الذنب. (¬2) و (¬3) التأنيث سرى من المضاف إليه إلى المضاف. (¬4) قال شيخنا: نعم

42 - باب قول الله تعالى: {كل يوم هو فى شأن، وما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث} وقوله تعالى: (لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا}

42 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِى شَأْنٍ، وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ (¬1)} وَقَوْلِهِ تَعَالَى: (لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ (¬2) بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} 7522 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما قَالَ: كَيْفَ تَسْأَلُونَ أَهْلَ الْكِتَابِ عَنْ كُتُبِهِمْ وَعِنْدَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ أَقْرَبُ الْكُتُبِ عَهْدًا بِاللَّهِ تَقْرَؤُونَهُ مَحْضًا (¬3) لَمْ يُشَبْ. 43 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ} وَفِعْلِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم حَيْثُ يُنْزَلُ عَلَيْهِ الْوَحْىُ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَنَا مَعَ عَبْدِى (¬4) إذا ذَكَرَنِى وَتَحَرَّكَتْ بِى شَفَتَاهُ}. قال الحافظ: . . . أي أنا معه بالحفظ (¬5) والكلاءة لا أنه معه بذاته حيث حل العبد. ¬

(¬1) ليس المراد المحدث: الجديد. ويشمل القرآن والسنة. (¬2) وحدثه ليس عن جهل بل لحكمة بالغة وهو الحكيم العليم. (¬3) أي خالصاً سالماً من التبديل والتحريف. (¬4) واصله في الصحيحين. * يبيّن المصنف رحمه الله في هذا الباب والذي قبله والذي بعده أن أفعال العبد مخلوقة له. (¬5) وهذا قول أهل السنة والجماعة في المعية الخاصة.

46 - باب قول الله تعالى {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالاته}

7525 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما فِى قَوْلِهِ تَعَالَى {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا} قَالَ: نَزَلَتْ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُخْتَفٍ بِمَكَّةَ فَكَانَ إِذَا صَلَّى (¬1) بِأَصْحَابِهِ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْقُرْآنِ فَإِذَا سَمِعَهُ الْمُشْرِكُونَ سَبُّوا الْقُرْآنَ وَمَنْ أَنْزَلَهُ وَمَنْ جَاءَ بِهِ، فَقَالَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم: وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ، أَىْ بِقِرَاءَتِكَ فَيَسْمَعَ الْمُشْرِكُونَ فَيَسُبُّوا الْقُرْآنَ، وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا عَنْ أَصْحَابِكَ فَلاَ تُسْمِعُهُمْ، وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً». 7526 - عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا} فِى الدُّعَاءِ» (¬2). 46 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالاَتِهِ} 7530 - عن بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِىُّ وَزِيَادُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ (¬4) قَالَ الْمُغِيرَةُ «أَخْبَرَنَا نَبِيُّنَا صلى الله عليه وسلم عَنْ رِسَالَةِ رَبِّنَا أَنَّهُ مَنْ قُتِلَ مِنَّا صَارَ إِلَى الْجَنَّةِ». ¬

(¬1) فيه تسمية القرءاة صلاة لما فيها من المناجاة والتضرع. . . ويشهد له "قسمت الصلاة. . ." فذكر الفاتحة. (¬2) الأظهر قول ابن عباس في الصلاة، لأن الدعاء يشرع فيه الإسرار. (¬3) في قراءة. (¬4) ثقة جليل.

47 - باب قول الله تعالى {قل فأتوا بالتوراة فاتلوها}

47 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا} وَقَوْلِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أُعْطِىَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ فَعَمِلُوا (¬1) بِهَا، وَأُعْطِىَ أَهْلُ الإِنْجِيلِ الإِنْجِيلَ فَعَمِلُوا بِهِ، وَأُعْطِيتُمُ الْقُرْآنَ فَعَمِلْتُمْ بِهِ، وَقَالَ أَبُو رَزِينٍ: يَتْلُونَهُ حق تلاوته: يَعْمَلُونَ بِهِ حَقَّ عَمَلِهِ يُقَالُ يُتْلَى: يُقْرَأُ، ، حَسَنُ التِّلاَوَةِ: حَسَنُ الْقِرَاءَةِ لِلْقُرْآنِ، لاَ يَمَسُّهُ (¬2): لاَ يَجِدُ طَعْمَهُ وَنَفْعَهُ إِلاَّ مَنْ آمَنَ بِالْقُرْآنِ وَلاَ يَحْمِلُهُ بِحَقِّهِ إِلاَّ الْمُوقِنُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} وَسَمَّى النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم الإِسْلاَمَ وَالإِيمَانَ عَمَلاً، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم لِبِلاَلٍ: أَخْبِرْنِى بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِى الإِسْلاَمِ، قَالَ: مَا عَمِلْتُ عَمَلاً أَرْجَى عِنْدِى أَنِّى لَمْ أَتَطَهَّرْ إِلاَّ صَلَّيْتُ، وَسُئِلَ: أَىُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ الْجِهَادُ ثُمَّ حَجٌّ مَبْرُورٌ (¬2). 7533 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضى الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ فِيمَنْ سَلَفَ مِنَ الأُمَمِ كَمَا بَيْنَ صَلاَةِ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ أُوتِىَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ فَعَمِلُوا بِهَا حَتَّى انْتَصَفَ النَّهَارُ ثُمَّ عَجَزُوا فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، ثُمَّ أُوتِىَ أَهْلُ الإِنْجِيلِ الإِنْجِيلَ فَعَمِلُوا بِهِ حَتَّى صُلِّيَتِ الْعَصْرُ ثُمَّ عَجَزُوا فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، ثُمَّ أُوتِيتُمُ الْقُرْآنَ فَعَمِلْتُمْ بِهِ حَتَّى غَرَبَتِ ¬

(¬1) سمى تلاوتهم عملاً لهم والمتن كلام الرب، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: "لا دريت ولا تليت لا فهمت الحق ولا اتبعت أهل الحق". (¬2) المشهور من معنى الآية لا يحمله، وأما تفسيره: لا يجد طعمه من باب أولى، وهذا مما يدخل في المعنى. (¬3) سمى صلاته عملاً، وطهوره عملاً.

48 - باب وسمى النبى صلى الله عليه وسلم الصلاة عملا

الشَّمْسُ فَأُعْطِيتُمْ قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، فَقَالَ أَهْلُ الْكِتَابِ هَؤُلاَءِ أَقَلُّ مِنَّا عَمَلاً وَأَكْثَرُ أَجْرًا، قَالَ اللَّهُ: هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ شَيْئًا؟ قَالُوا: لاَ، فقَالَ: فَهْوَ فَضْلِى أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ» (¬1). 48 - باب وَسَمَّى النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم الصَّلاَةَ عَمَلاً 7534 - عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضى الله عنه أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم أَىُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الصَّلاَةُ (¬2) لِوَقْتِهَا، وَبِرُّ الْوَالِدَيْنِ، ثُمَّ الْجِهَادُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ». 50 - باب ذِكْرِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم وَرِوَايَتِهِ عَنْ رَبِّهِ 7536 - عَنْ أَنَسٍ رضى الله عنه عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ عز وجل قَالَ: «إِذَا تَقَرَّبَ الْعَبْدُ إِلَىَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِذَا تَقَرَّبَ إِلَىَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَإِذَا أَتَانِى مَشْيًا أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً» (¬3). 7539 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ قَالَ: «لاَ يَنْبَغِى لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ (¬4) إِنَّهُ خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى». ¬

(¬1) قال شيخنا: الحمد لله الحمد لله. (¬2) فسمى الصلاة عملاً وكذا الحج. . . ولذلك رتب الله الجزاء على الأعمال {فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره. . . الآية} (الزلزلة). . {ولله ما في السماوات وما في الأرض ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا}. (¬3) الرواية كما جاءت من غير تعرض للكيفية. (¬4) نسبة القول إليه.

7540 - عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ الْمُزَنِىِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِىِّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْفَتْحِ عَلَى نَاقَةٍ لَهُ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفَتْحِ -أَوْ مِنْ سُورَةِ الْفَتْحِ- قَالَ: فَرَجَّعَ فِيهَا قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ مُعَاوِيَةُ يَحْكِى قِرَاءَةَ ابْنِ مُغَفَّلٍ وَقَالَ: «لَوْلاَ أَنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَيْكُمْ لَرَجَّعْتُ كَمَا رَجَّعَ ابْنُ مُغَفَّلٍ يَحْكِى النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ لِمُعَاوِيَةَ: كَيْفَ كَانَ تَرْجِيعُهُ (¬1) قَالَ: آآ آثَلاَثَ مَرَّاتٍ». 7543 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضى الله عنهما قَالَ: أُتِىَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ مِنَ الْيَهُودِ قَدْ زَنَيَا فَقَالَ لِلْيَهُودِ «مَا تَصْنَعُونَ بِهِمَا؟ قَالُوا نُسَخِّمُ (¬2) وُجُوهَهُمَا وَنُخْزِيهِمَا، قَالَ: فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ، فَجَاءُوا فَقَالُوا لِرَجُلٍ مِمَّنْ يَرْضَوْنَ يَا أَعْوَرُ: اقْرَأْ فَقَرَأَ حَتَّى انْتَهَى عَلَى مَوْضِعٍ مِنْهَا فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ قَالَ: ارْفَعْ يَدَكَ فَرَفَعَ يَدَهُ فَإِذَا فِيهِ آيَةُ الرَّجْمِ تَلُوحُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ عَلَيْهِمَا الرَّجْمَ وَلَكِنَّا نُتكَاتِمُهُ بَيْنَنَا فَأَمَرَ بِهِمَا فَرُجِمَا، فَرَأَيْتُهُ يُجَانِئُ عَلَيْهَا الْحِجَارَةَ». ¬

(¬1) الترديد تحسين الصوت بالقراءة {ورتل القرآن ترتيلا}. * الحديث القدسي لفظًا ومعنىً من الله وكذا القرآن. أما الحديث من كلام النبي صلى الله عليه وسلم لكن المعنى من الله. * اليهود قوم شر، قوم كذب. (¬2) تسويد الوجوه.

52 - باب قول النبى صلى الله عليه وسلم الماهر بالقرآن مع الكرام البررة

52 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ 7544 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَىْءٍ مَا أَذِنَ (¬1) لِنَبِىٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ». 7547 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما قَالَ: كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم مُتَوَارِيًا بِمَكَّةَ وَكَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ، فَإِذَا سَمِعَ الْمُشْرِكُونَ سَبُّوا الْقُرْآنَ وَمَنْ جَاءَ بِهِ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ (¬2) وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا}». 7549 - عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَرَأْسُهُ فِى حَجْرِى وَأَنَا حَائِضٌ» (¬3). ¬

(¬1) أي ما استمع وسمعه يليق به. * مراد المؤلف رحمه الله بيان أن ألفاظ الناس بالقرآن منسوبة إليهم. * الصوت صوت المخلوق والقرآن كلام الله، فالقرآن شيء وصوت المخلوق شيء آخر. (¬2) المراد بالصلاة القراءة لا الدعاء كما قالت عائشة، وتقدم في الحديث "قسمت الصلاة. . . الدعاء". (¬3) فيه فوائد: 1 - تواضعه صلى الله عليه وسلم بوضع رأسه على أهله، وفيه حسن العشرة. 2 - لا مانع من قراءة القرآن في حجر حائض والممنوع ملامسة الدم النجس أو الجماع. 3 - فيه قراءة القرآن وهو مضطجع {الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم. . .}

53 - باب قول الله تعالى {فاقرءوا ما تيسر منه}

قال الحافظ: . . . والأول من إضافة الموصوف إلى صفته والمراد بالسفرة الكتبة جمع (¬1) سافر مثل كاتب وزنه ومعناه. قال الحافظ: . . . وأخرجه مسلم بلفظه من طريق زرارة بن أبي (¬2) أوفى عن سعد بن هشام عن عائشة مرفوعًا "الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة". 53 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنه} 7550 - عن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قال: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ فِى حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَمَعْتُ لِقِرَاءَتِهِ فَإِذَا هُوَ يَقْرَأُ عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكِدْتُ أُسَاوِرُهُ فِى الصَّلاَةِ فَتَصَبَّرْتُ حَتَّى سَلَّمَ فَلَبَبْتُهُ بِرِدَائِهِ فَقُلْتُ: مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِى سَمِعْتُكَ تَقْرَأُ؟ قَالَ: أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: كَذَبْتَ أَقْرَأَنِيهَا عَلَى غَيْرِ مَا قَرَأْتَ، فَانْطَلَقْتُ بِهِ أَقُودُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: إِنِّى سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى حرفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيهَا فَقَالَ: أَرْسِلْهُ، اقْرَأْ يَا هِشَامُ؟ فَقَرَأَ الْقِرَاءَةَ الَّتِى سَمِعْتُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: اقْرَأْ ¬

(¬1) وفيه نظر بل الأمر أوسع من ذلك، فيقال جبريل من السفرة الرسل إلى البشر. (¬2) الصواب إسقاطها. فهو زرارة بن أوفى. * لا يلزم من السمع وجود الأذن.

55 - باب قول الله تعالى: {بل هو قرآن مجيد * فى لوح محفوظ}

يَا عُمَرُ؟ فَقَرَأْتُ فَقَالَ: كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ، إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ (¬1) فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ (¬2). 55 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِى لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} 7554 - عن أَبي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ كِتَابًا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ: إِنَّ رَحْمَتِى سَبَقَتْ غَضَبِى فَهْوَ مَكْتُوبٌ (¬3) عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ». 56 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} 7555 - عَنْ زَهْدَمٍ قَالَ: كَانَ بَيْنَ هَذَا الْحَىِّ مِنْ جُرْمٍ (¬4) وَبَيْنَ الأَشْعَرِيِّينَ وُدٌّ وَإِخَاءٌ، فَكُنَّا عِنْدَ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ فَقُرِّبَ إِلَيْهِ الطَّعَامُ فِيهِ لَحْمُ دَجَاجٍ ¬

(¬1) مختلفة بالألفاظ متقاربة في المعاني مثل: {خبير بما تعملون} تفعلون. . تصنعون. . وما شابه ذلك. (¬2) فيه فوائد: أ) إنكار المنكر على من فعله إذا كان يعتقد أنه منكر. ب) فيه رفع الخلاف إلى الولاة. جـ) فيه شدة عمر في أمر الله وغيرته على ذلك رضي الله عنه. د) فيه رفقه صلى الله عليه وسلم بعمر ففيه الرفق بالعظماء والأخيار والعلماء تقديراً لما عملوه من خير. (¬3) العرش سقف المخلوقات ولا مانع من وجود شيء فوقه، ومكتوب: كتاب. (¬4) صوابه الجرمي بفتح الجيم.

وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِى تَيْمِ اللَّهِ كَأَنَّهُ مِنَ الْمَوَالِى فَدَعَاهُ إِلَيْهِ فَقَالَ الرجل: إِنِّى رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ شَيْئًا فَقَذِرْتُهُ فَحَلَفْتُ لاَ آكُلُهُ: فَقَالَ: هَلُمَّ فَلأُحَدِّثْكَ عَنْ ذَاكَ، إِنِّى أَتَيْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فِى نَفَرٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ نَسْتَحْمِلُهُ، قَالَ: «وَاللَّهِ لاَ أَحْمِلُكُمْ وَمَا عِنْدِى مَا أَحْمِلُكُمْ، فَأُتِىَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم بِنَهْبِ إِبِلٍ فَسَأَلَ عَنَّا فَقَالَ: أَيْنَ النَّفَرُ الأَشْعَرِيُّونَ؟ فَأَمَرَ لَنَا بِخَمْسِ ذَوْدٍ غُرِّ لذُّرَى ثُمَّ انْطَلَقْنَا، قُلْنَا مَا صَنَعْنَا؟ حَلَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لاَ يَحْمِلُنَا وَمَا عِنْدَهُ مَا يَحْمِلُنَا ثُمَّ حَمَلَنَا، تَغَفَّلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمِينَهُ، وَاللَّهِ لاَ نُفْلِحُ أَبَدًا فَرَجَعْنَا إِلَيْهِ فَقُلْنَا لَهُ، فَقَالَ: لَسْتُ أَنَا أَحْمِلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَمَلَكُمْ (¬1)، إِنِّى وَاللَّهِ لاَ أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إِلاَّ أَتَيْتُ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ وَتَحَلَّلْتُهَا». قال الحافظ: . . . ولعل غرض البخاري في تكثير هذا النوع في الباب وغيره بيان جواز ما نقل عنه أنه قال "لفظي بالقرآن مخلوق" (¬2) إن صح عنه. قلت: قد صح عنه أنه تبرأ من هذا الإطلاق فقال "كل من نقل عني أني ¬

(¬1) فأعمال العباد مخلوقة لله، فهي من كسبهم لكن الله خلقهم وأعمالهم {والله خلقكم وما تعملون}. (¬2) لأن ذلك يحتمل الصوت أن يكون مخلوقًا لله، والملفوظ مخلوق لله فالأول مخلوق لله، واللفظ كلام الله. قلت: تقدم كلام شيخنا قريبًا أن صوت المخلوق شيء والقرآن كلام الله شيء آخر، ومن هنا منع أحمد وغيره هذا القول وهو "لفظي بالقرآن مخلوق" وأنكر على من قال ذلك كالكرابيسي. انظر طبقات الحنابلة (2/ 281) وقد وقع للبخاري من ذلك محنة وقد أنكر ذلك. انظر ترجمته في طبقات الحنابلة (2/ 257).

قلت لفظي بالقرآن مخلوق فقد كذب عليّ، وإنما قلت أفعال العباد مخلوقة" أخرج ذلك غنجار في ترجمة البخاري من تاريخ بخارا بسند صحيح إلى محمد بن نصر المروزي الإمام المشهور أنه سمع البخاري يقول ذلك، ومن طريق أبي عمر وأحمد بن نصر النيسابوري الخفاف أنه سمع البخاري يقول ذلك. . 7562 - عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ رضى الله عنه عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَخْرُجُ نَاسٌ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ وَيَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ (¬1) تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، ثُمَّ لاَ يَعُودُونَ (¬2) فِيهِ حَتَّى يَعُودَ السَّهْمُ ¬

(¬1) يعني لا يقبل، وقد يقال لا يمتثلونه إلا بقراءتهم فقط، والأول أظهر. (¬2) تمسك بها من أفتى بكفرهم. قلت: روى محمد بن نصر المرزوي في تعظيم قدر الصلاة ص 543 من طريق قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال: كنت عند علي حين فرغ من قتال أهل النهروان فقيل له أمشركون هم؟ ! قال: من الشرك فروا. فقيل: منافقون؟ قال: المنافقون لا يذكرون الله إلا قليلاً، قيل فما هم؟ قال: قوم بغوا علينا فقاتلناهم. إسناده صحيح وذكر طرقًا. ونقل شيخ الإسلام في منهاج السنة النبوية (5/ 241) اتفاق الصحابة على أنهم لم يكونوا مرتدين عن الإسلام ببدعتهم هذه، وأحضرت نسخة الكتاب لشيخنا ابن باز وقرأنا عليه كلام شيخ الإسلام هذا يوم 25/ 7/ 1416 هـ-فقال ما نصه: غلط، كم له من أغلاط رحمه الله، والصواب كفرهم "يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ئم لا يعودون إليه" وقال: لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد وإرم" قلت: أخرج مسلم أحاديث الخوارج، ذكرهم وقتالهم =

إِلَى فُوقِهِ، قِيلَ مَا سِيمَاهُمْ؟ قَالَ: سِيمَاهُمُ التَّحْلِيقُ (¬1) -أَوْ قَالَ- التَّسْبِيدُ». قال الحافظ: . . . فيستلزم أن كل من كان محلوق الرأس فهو من الخوارج والأمر بخلاف ذلك اتفاقاً ثم أجاب بأن السلف (¬2) كانوا لا يحلقون رؤوسهم إلا للنسك أو في الحاجة. قال الحافظ: . . . تنبيه: وقع لابن بطال في وصف الخوارج خبط أردت التنبيه عليه لئلا يغتر به، وذلك أنه قال: يمكن أن يكون هذا الحديث في ¬

= من وجوه كثيرة منها حديث أبي سعيد الخدري وفيه "يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر إلى رصافه فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر إلى نَضِيِّه فلا يوجد فيه شيء وهو القدح ثم ينظر إلى قذذه فلا يوجد فيه شيء سبق الفرث الدم. ." وأخرج ابن ماجه (176) عن سهل بن أبي سهل حدثنا سفيان ابن عيينة عن أبي غالب عن أبي أمامة يقول: شر قتلى تحت أديم السماء وخير قتيل من قتلوا كلاب أهل النار قد كان هؤلاء مسلمين فصاروا كفاراً قلت: يا أبا أمامة هذا شيء تقوله قال: بل سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. تفرد به أبو غالب وهو مختلف فيه، والا"حاديث في الخوارج ليست صريحة في كفرهم، ومعاملة الصحابة لهم كشفت الأمر، نعم بدعتهم قبيحة وشبهتهم ضعيفة. (¬1) قال الشيخ يوجبون التحليق. * حلق الرأس جائز، ومن رباه للتعبد به فلا بأس. (2) يعني كثير من السلف.

58 - باب قول الله تعالى {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة} وأن أعمال بنى آدم، وقولهم يوزن

قوم عرفهم النبي صلى الله عليه وسلم بالوحى أنهم خرجوا ببدعتهم عن الإسلام إلى الكفر وهم الذين قتلهم عليّ بالنهروان حين قالوا إنك ربنا فاغتاظ عليهم وأمر بهم فحرقوا بالنار فزادهم ذلك فتنة وقالوا الآن تيقنا أنك ربنا (¬1) إذ لا يعذب بالنار إلا الله انتهى. . . 58 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} وَأَنَّ أَعْمَالَ بَنِى آدَمَ، وَقَوْلَهُمْ يُوزَنُ 7563 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: «كَلِمَتَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ ثَقِيلَتَانِ فِى الْمِيزَانِ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ» (¬2). ¬

(¬1) هؤلاء هم الزنادقة الرافضة الباطنية. (¬2) قد أحسن المؤلف رحمه الله بختمه صحيحه بهذا الحديث. قلت: وبه ختم الشارح (ابن حجر) كتابه بلوغ المرام والحمد لله رب العالمين، وكان الفراغ منه عشية الجمعة 21/ 5/ 1425 هـ.

تم ختم هذا الكتاب في العاشر من جمادى الأولى من سنة 1409 هـ-وقد بدأنا بقراءته بتاريخ 18/ 5/ 1408 هـ-فاستغرقنا بقراءته سنة إلا ثمانية أيام والله الموفق

§1/1