الجغرافيا

ابن سعيد المغربي

بسم الله الرحمن الرحيم

بسم الله الرحمن الرحيم الأرض كروية يحيط بها الماء. وهما واقفان بالمركز في قلب الأفلاك ودورها ثلاثمائة وستون درجة. وكل درجة ونصف مائة ميل. والميل أربعة آلاف ذراع. والمعمور منها طوله من الجزائر الخالدات التي بالبحر المحيط بالغرب إلى جزائر السيلي التي بالبحر المحيط بالمشرق مائة وثمانون درجة. والظاهر منها مضرس لاستقرار البحار وسلوك الأنهار. وعرض المعمور من أقصاه في الجنوب إلى أقصاه في الشمال ثمانون درجة. وما بعد ذلك في الجنوب لا يسكن لقوة حرارة الشمس في الحضيض التي لها هناك. وما بعده في الشمال لا يسكن لقوة البرد. ومجموع المعمور مقسم على تسعة أقسام: المعمور خلف خط الاستواء إلى الجنوب والسبعة الأقاليم على التدريج من الخط. ثم يكون القسم التاسع المعمور ما بعدها إلى أقصى العمارة في الشمال وفي التعليل تطويل. المعمور خلف خط الاستواء إلى الجنوب عرضه ست عشرة درجة. لا يظهر فيه البحر المحيط من الغرب الأقصى ولا في الجنوب. وهو عشرة أجزاء. الجزء الأول: فيه من المدن السودانية مدينة كو (مدينة العراة) المهملين كالبهائم كما نقلوا، حيث الطول عشر درجات والعرض أربع. وفيه زفو، حيث الطول ثلاث عشرة درجة والعرض عشر. وغير ذلك رمال سائلة وطرق طامسة. الجزء الثاني: فيه من نوع ما تقدم ومنه زعنه، حيث الطول أربع وعشرون درجة والعرض سبع. وبرصنه، حيث الطول سبع وعشرون درجة والعرض سبع، وفيه أول نهر من أنهار النيل النازلة من عرض ست عشرة درجة من آخر العمارة. وهو آخر الجزء الثاني. الجزء الثالث: من أوله حيث الطول ست وثلاثون درجة ودقائق إلى طول تسع وثلاثين درجة وعشرين دقيقة، والعرض ست عشرة درجة، ينابيع النيل الأربعة التي هي بعد الجزء الخامس وفي آخر الجزء الثاني المتقدم الذكر. وهي نابعة في البسيط. والخمسة الأخرى ينابيعها أيضاً في الجزء الثالث. إلا أنها من جبل القمر حيث الطول ثمان وأربعون درجة إلى اثنتين وخمسين درجة وخمس دقائق. والعرض في جميع هذه الينابيع العشر لا يفارق ست عشرة درجة. فالخمسة (الأنهار) الأولى تنصب في البطيحة الغربية الأولى حيث الطول اثنتان وأربعون درجة والعرض سبعون والقطر خمس درجات. البطيحة الشرقية الثانية بينها وبين الأولى درجتان والمركز في العرض واحد. وكذلك القطر. ويخرج من كل بطيحة، كما يدخل إليها، خمسة أنهار من الجانب الشمالي، إلا أن الثاني والثالث من البطيحتين يصيران نهراً واحداً عن قريب، وينصب الجميع في البطيحة الكبرى التي تركز في الإقليم الأول. وفي هذا الإقليم الأول من السودان رفله، وهي بين النهرين الأوليين، وبينها وبين البطيحة درجة. وكوشه، على عيون تمتد على آخر الأنهار من البطيحة الثانية حيث الطول ثلاث وخمسون درجة والعرض درجتان. وتحتها يمر نيل مقدشو الخارج في شمال الخط. ومحلات القمر بين البطيحتين، ومحلات أكر في شماليها إلى بحيرة كورا. الجزء الرابع: فيه انتهاء جبل القمر على مذهب البطليموس حيث الطول إحدى وخمسون درجة وخمسون دقيقة والعرض إحدى عشرة درجة. وفيه عمائر القمر التي ينسب إليهم الجبل. وهم أخوة الصين. والمشهور عنهم في هذا الجزء من مدن السودان دمدمة التي خرج منها الدمدام على بلاد النوبة والحبشة، سنة سبع عشرة وستمائة في طالع خروج التتر على بلاد العجم. وهم تتر السودان. وفيه قلجور التي تنسب إليها السيوف القلجورية. وبالقرب منها معدن حديد فائق يصنع منه ذلك، وهي حيث الطول خمس وخمسون درجة وستون دقيقة والعرض درجتان وثلاثون دقيقة، وبربرا قاعدة البرابر التي ذكر امرؤ القيس خيلهم. ورقيقهم مستحسن. وقد اسلم أكثرهم فلذلك عدموا في بلاد الإسلام وهذه المدينة حيث الطول ثمان وستون درجة والعرض ست ونصف.

ونيل مقدشو لا يزال يصعد في هذا الجزء حتى عرض إحدى عشرة درجة حيث الطول ست وستون درجة ثم ينحدر على شرقي بربرا، ويبقى بينها وبينه نحو درجة ثم ينحدر على شرقي مقدشو. وفي هذا الجزء من مدن بربرا وهي أول مدنهم على ساحل البحر الهندي قرفونه، وموضوعها في أول ركن البحر حيث الطول أربع وستون درجة وثلاثون دقيقة والعرض عشرون دقيقة. وشرقيها من مدنهم على جون مرتفع برمه حيث الطول ست وستون درجة والعرض درجة. وفي شرقيها حافوني، الجبل المشهور عند المسافرين، ويظهر داخلاً في البر جنوباً نحو مائة ميل، ويدخل في البحر نحو مائة وأربعين ميلاً في الشمال بتعرج للمشرق. وفي الظاهر منه سبعة رؤوس يعدها المسافرون على بعد ويعطون البشارة إذا جاوزوها وخلصوا من ذلك الطرف. وفي شرقيه من بلاد بربرا المشهورة على البحر مركه حيث الطول تسع وستون درجة وثلاثون دقيقة والعرض درجة وعشر دقائق. وأهلها مسلمون وهي قاعدة الهاوية التي تنيف على خمسين قرية، وهي شاطئ نهر يخرج من نيل مقدشو وينصب على مرحلتين من المدينة في شرقيها. ومنه فرع يكون حوض المركه. وفي شرقي ذلك مدينة الإسلام المشهورة في ذلك الصقع والمترددة الذكر على ألسن المسافرين وهي مقدشو حيث الطول اثنتان وسبعون درجة والعرض درجتان. وهي على بحر الهند ومرساها غير مأمون الأنواء. الجزء الخامس: في أوله على اثنتي عشرة دقيقة من الجزء الرابع وعرض درجتين مصب نيل مقدشو وهو عابر على أرضها ويبقى بينها وبينه نحو اثني عشر ميلاً وينصب في بحر الهند وهو في رأي العين أقل من نيل مصر بالقرب من مقدشو ولكنه عميق ويخرج منه ما يضعف ماءه. قال ابن فاطمة: وخروج هذا النيل من بحيرة كورى تحت خط الاستواء من جبل المقسم شقيقاً لنيل مصر وذلك عند طول إحدى وخمسين درجة وعرض نصف درجة في الإقليم الأول وهو معوج ومستقيم ويخرج منه من الأنهار ما تصير به تلك الجهات كالديار المصرية في السكر والموز وكالهند في المقل والنارجيل والفوفل وبه يسقى كل ذلك وغيره. وهم يزرعون مرتين عليه وعلى المطر. وينصب من مقدشو في شرقيها ويكون طوله نحو ألفي ميل. وفي شرقي هذا النيل آخر حد البلاد البربرية وأول حد بلاد الزنج ويكون في هذا الجزء الخامس من مدن الزنج المشهورة ملنده حيث الطول إحدى وثمانون درجة ونصف والعرض درجتان ونصف وعشرون دقيقة على جون. وفي غربيها خور كبير ينزل إليه نهر من جبل القمر وعلى شطّي هذا الخور عمائر كثيرة للزنج وفي الجنوب عمائر القمر. وفي شرق ملنده الحراني وهو جبل مشهور عند المسافرين يدخل في البحر نحو مائة ميل آخذاً للشمال بتشريق ويظهر في البر آخذاً نحو الجنوب مستقيماً على نحو خمسين ميلاً. ومن غرائبه أن ما في البر منه فيه معدن حديد يعم بلاد الزنج ويسافر به إلى غيرها. وما في البحر منه فيه حجر المغناطيس الجاذب للحديد. وفي هذه المدينة سحرة الزنج وسكنى ملوكهم في مدينة ممبصة. وبينهما نحو درجة وهي على البحر. وفي غربيها خور كبير تدخله المراكب نحو يومين ويمتد نحو ثلاثمائة ميل. وفي هذا الجزء المفازة التي بين الزنج وبين سفاله. وفيه من مدن سفاله بتينه. وهي على ذيل جون عظيم يدخل في البحر من خط الاستواء أربع درجات، وعرض رأسه بالتدوير درجتان. والمدينة حيث الطول سبع وثلاثون درجة وعشر دقائق والعرض درجتان ونصف. وفي غربيها داخل الشمال والمشرق عجرد. وهو جبل طوله في البحر نحو مائة ميل. وللموج فيه أصوات هائلة وهو خور طويل ينصب فيه نهر يأتي من جبل القمر وهو في شرقيها. وطول الخور والنهر شهر. وعليه الغياظ والعمائر وينزل البحر من هذه المدينة مسافة شهر إلى أن يكون ساحله عند خط الاستواء حيث قبة أزين، التي هي كفة الميزان في الأرض وإليها من كل جهة تسعون درجة.

الجزء السادس: فيه على البحر الهندي عمائر السفالين وما لم يشتهر من مدنهم إلى أن يكون عليه قاعدتهم وهي صيونه حيث الطول تسع وتسعون درجة والعرض درجتان ونصف وهي على خور كبير ينزل فيه نهر من جبل القمر إلى غربيّها في جون كبير هي في شرقيّه، طوله من خط الاستواء خمس درجات ونصف. وفي هذه المدينة ملك السافلين وهم الزنج الذين يعبدون الأوثان والحجارة ويصبون عليها دهن السمك الكبار. وأكثر معاشهم من الذهب والحديد ولباسهم جلود النمور. والخيل لا تعيش عندهم، فعسكرهم رجّاله. وذكر المسعودي أن الزنج يقاتلون على البقر كما تقاتل النوبة على المهاري. ومن شرقي هذه المدينة يدخل خليج القمر من بحر الهند إلى أقصى العمارة في الجنوب. واتساعه هناك نحو مائتي ميل. وعلى هذا المنزع وما قاربه يمر كالقوس إلى الجنوب والمشرق إلى أن يضرب في جبل الندامة الذي يأتي ذكره. ومن شرقي صيونه جبل الملطم وهو كبير يمتد مع ساحل الخليج نحو مائتي ميل وستين ميلاً، وكثيراً ما يلطم المركب التي تدفع بها الريح الشمالية إليه. فالمسافرون يتحفظون منه فإن شرقوا عنه فقد خلصوا، وإن دخلوا في الخليج جنوباً احتالوا في أن يخرجوا بالريح الجنوبية لكي لا تحملهم المياه والرياح إلى جبل الندامة فيهلكوا. وعمائر القمر في جنوب هذا الجزء متصلة مع الجبل المنسوب إليهم. ويقع فيه من مدن: جزيرة القمر الطويلة العريضة التي يقال أن طولها أربعة أشهر وعرض الواسع منها نيف وعشرين يوماً. ليرانه، ذكر ابن فاطمة أنه دخلها وأنها للمسلمين كمقدشو. وأهلها مجتمعون من الأقطار. وهي بلد حط وإقلاع. وأشياخها الذين يديرونها يدارون صاحب مدينة ملاي التي في شرقهم. وليرانه على البحر حيث الطول مائة ودرجتان غير دقائق. والعرض نصف درجة ودقيقتان. وهي على خور كبير ينزل في الجزء السابع إلى غربيّها وعلى خمسين درجة منها ملاي، فيها ملك من ملوك الجزيرة. وقد يكون سلطاناً مستولياً على جميع الجزيرة أو أكثرها وذلك قليل لبعد المسافات وتشتت الآراء والفرق. وهي في عرض ليرانه، وفي غربيها خور ينزل من النهر الكبير النازل إلى ليرانه.

الجزء السابع: فيه ينتهي بر السودان المتصل من أقصى الغرب بجبل الندامة ثم يكون البحر عامراً لما في شرقه بطول جزيرة القمر. وأول جبل الندامة أول هذا الجزء، حيث الطول مائة وثمانون درجة ودقيقة. ويقال إن علوه في الجو نحو ثلاثة أيام وهو ممزوج بالغبرة والحمرة. ويمتد مع أول العمارة حيث العرض ست عشرة درجة نحو عشرين يوماً. ويكون منه مع البحر نحو أربعة عشر يوماً. وآخره حيث الطول مائة وسبع عشرة درجة ونصف. والبحر المحيط الداخل من المشرق والجنوب يضرب في ركنه الجنوبي، وفي شماليه خليج القمر. فإن زل المركب عن بحر الهند ودخل إلى هذا الخليج وحملته المياه والرياح إلى أن يرى هذا الجبل ندم على ما فرط فيه من حيث الاحتياط واستسلم للقضاء، فأما أن ينكسر عليه، وأما أن يدخل خلفه فلا يخرج له خبر ولا يعلم ما جرى له. ويقال إن هناك دورات لا تزال تدور بالمركب حتى تغرقه. ويسمي المسافرون في بحر الهند ذلك المكان بحر الخراب وبحر سهيل، لأنهم إذا وصلوا إليه رأوا سهيلاً مقارناً لرؤوسهم. وتحت هذا الجبل من شماليه على خليج القمر مدينة دغوطه وهي آخر مدن سفاله وآخر العمارة في البر المتصل بهذا البحر. وهي حيث الطول مائة وتسع درجات والعرض اثنتا عشرة درجة. ولها من شماليها خور ينزل له من نهر من جبل القمر. ويقال إن منبعه مشارك لمنبع نهر صيونه. ويقع في هذا الجزء السابع من مدن جزيرة القمر التي هي قواعد لملوكها دهمي. وهي حيث الطول مائة واثنتا عشرة درجة ونصف والعرض ثلاث درجات. وينزل إلى شرقيها خور مادته من النهر الكبير ويتقوس في دخوله البحر منها حتى يكاد يلاصق خط الاستواء إلى أن يكون على آخر القوس مدينة بلبق، وهي أيضاً من قواعد ملوك الجزيرة. وموضوعها حيث الطول مائة وثمان عشرة درجة ونصف والعرض درجة. وفي شرقيها جزيرة تنسب إلى هذه المدينة طولها نحو درجتين من الغرب إلى الشرق ووسعها ما يقرب من درجة وفي شرقي بلبق النهر الكبير المقوس وهو نهر ليرانه ونزوله من جبل العيون، وهو جبل طوله ثمان مراحل من المغرب إلى المشرق. وينزل من عيونه خمسة أنهار صغار إلى قوس هذا النهر الكبير فيتقوس وينصب في نهر ليرانه وبحر بلبق. وفي شرقي بلبق جزيرة سرنديب نصفها في هذا الجزء ونصفها الآخر في الثامن. ونصفها الجنوبي خلف خط الاستواء ونصفها الشمالي في الإقليم الأول. وهي مشهورة. وموضوع مدينتها التي يحل فيها ملكها حيث الطول مائة وأربع وعشرون درجة والعرض درجة ونصف ودقائق واسمها أغنا. وفيها مدائن غيرها، ويشقها بالنصف في خط الاستواء، الجبل الكبير الذي اسمه الرهون وهو عال جداً. ويقال إن آدم عليه السلام نزل عليه من الجنة. وفي شعابه وأوديته توجد أنواع الياقوت النفيسة وحجر الماس الذي يثقب به الياقوت. وفي بحرها مغاص لؤلؤ مشهور. وهي مستديرة الصورة. ويقال أنها ثمانون فرسخاً في مثلها. والعقاقير الهندية فيها كثيرة. وعلى قوس بحرها الجنوبي أغباب سرنديب المشهورة إلى الجنوب. وهي أربعة منحوتة، ينصب في كل غب منها نهر من أنهار جزيرة القمر. والغب المغربي في الجزء السابع والذي يليه مع خط الجزء الثامن ثم الرابع من آخر القوس المذكور. الجزء الثامن: أول ما يلقاك منه من قواعد جزيرة القمر مدينة خافورا. وهي حيث الطول مائة وثلاثون درجة والعرض درجة على الجون الأخير للمشرق من أغباب سرنديب. وينصب في شماليها النهر الأعظم النازل من الجبل المطل على قمري، وفي شرقها قاعدة ديملي وهي على البحر حيث الطول مائة وثلاث وأربعون درجة والعرض نصف درجة. وينصب في شرقيها نهر ينزل من النهر الأعظم. وفي هذا الجزء جبلان أحدهما في جنوب ديملي يخرج منه نهر طويل إلى الغب الثالث، والآخر قرب وسط المسافة بين القاعدتين بقرب البحر الجنوبي ويخرج منه ثلاثة أنهار صغار تنصب في هذا النهر الطويل.

الجزء التاسع: فيه مدن وعمائر من جزيرة القمر غير مشهورة. والمذكور من ذلك قاعدة الجزيرة القديمة وقد يكون صاحبها في بعض الأحيان غالباً على معظمها وهي قمرية. وموضوعها حيث الطول مائة وأربع وخمسون درجة، على جون عظيم يرتفع عن خط الاستواء ثلاث درجات ويتسع نحو ذلك. وهذه المدينة منسوبة إلى القمر وهو بنو عامور بن يافث ويشاركهم النسبة إلى عامور الصين. وكانوا يسكنون مع الصين في مشارق الأرض ثم تفاتنوا وأخرجهم الصين إلى الجزائر فكانوا بها مدة وكانت سمة كذا ملكهم قامرون. ثم تفاتنوا في تلك الجزيرة التي يأتي ذكرها، فخرج منهم الأباعد من الملك إلى هذه الجزيرة العظمى وكان سلطانهم في مدينة قمرية. ثم انهم كثروا وتشعبوا على القواعد المذكورة وصاروا فرقاً وملوك طوائف ثم تفاتنوا لما كثروا وخرج منهم خلق عظيم عمروا الجنوب في أول العمارة مع طول الجبل المنسوب إليهم. ومن لا يعرف يسميه بجبل القمر بفتح القاف. وفي هذه الجزيرة الكبيرة التي طولها أربعة اشهر وعرض أوسعها عشرون يوماً أنهار عظيمة وأعظمها نهر خافورا. يسافر فيه من عمقه واتساعه سفن البحر الكبار للوسق. وطوله ما بين مصبه وآخر الجزيرة الشرقي ومصبه تحت خافورا نحو شهرين. وعلى شطيه أشجار كبار يصنع من الشجرة منها المركب التي تعرفون ويجدف فيه مائة رجل. وهو محفور والمائدة التي يجلس عليها مائة نسمة. وذلك مذكور في الكتب مشهور على الألسن. ويصنعون من هذه الأخشاب دياراً على مراكب ويرسونها بحبال، فإذا كره أحد منهم جوار جاره انتقل إلى جار آخر. وكذلك إذا وقعت النار في دار جاره حلّ حبال داره وخلص منها. وفيها الطائر الكبير المعروف بالرخ زعموا أنه يغطي بظله سرية ويخطف بمخالبه فراخ الفيلة ويزقها فراخه. ويصنعون من قصبه قناطر على مياههم يجوزون عليها ومن قيعانها المجوفة حباباً للماء. وعندهم بقر يجرون بها، العجل الواحد يكون قدر الثلاثة من بقر أرضنا يسع في كل قرن من قرونه ألف " منٍ " من الزيت. وزيتهم التي يستصبحون بها إنما هي من شحم الدواب العظام التي يصيدونها في بحرهم. وعندهم الحشيش الذي ينسجون منه التقاصيل الملونة الملاح وتجلب للعراق واليمن. وفيها الموز والسكر والنارجيل الذي يصنعون منه حبال مراكبهم ويجرون ألواحها به. وأكثر ما ينبت فيها التنبيل وهو كالعريش في التوائه وكالرند في ورقه ويستعملون الورقة منه بقليل خبز وماء فيحدث لهم طيب نفس وسكر وعطرية يتلذذون بها وهو خمر بلاد الهند. وصورهم أميل إلى أهل الصين منهم إلى أهل الهند وكذلك ملابسهم وعبادتهم الأبداد كأهل الهند والصين. وعلى رأس مدينة قمرية الجبل المنسوب إليها يعلو نحو ثلاث درجات وتنحدر منه أنهار كثيرة إلى نهر خافورا الأعظم وينصب طرفه الشرقي في آخر الجزيرة من جهة الشرق وطرفه الغربي تحت خافورا. والبحر الذي يمر مع طولها الجنوبي يختلط من الجنوب بالبحر المحيط. ويقال أنه لا يدخله أحد لا من أهل الجزيرة ولا من غيرها. ومن وقع إليه تلف في دوراته وإنما سفرهم في البحر الشمالي الهندي وبحر الجهتين الشرقية والغربية.

الإقليم الأول

الجزء العاشر: فيه جزيرة الموجه طولها من الجنوب إلى الشمال اثنا عشر يوماً. وموضوعها في أول الجزء وعرضها نحو يومين ورأسها الجنوبي في آخر العمارة. ومدينتها حيث الطول مائة وثلاث وستون درجة والعرض تسع درجات. وهي مملكة مستقلة. وفي شمالها جزيرة المايد ومنها مجاز عرضه نصف درجة وهي أصغر من الأولى محسوبة من جزائر الصين المذكورة في الكتب، وحولها جزائر صغار يقال لها جزائر الشمسية أهلها من أوسخ خلق الله وهم يجلبون العسل والشمع إلى الصين. وهناك ينتهي البحر الهندي ويمتزج مع البحر المحيط حيث الطول مائة وأربع وثلاثون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة والعرض اثنتا عشرة درجة وثلاثون دقيقة خلف خط الاستواء على ما نقل عن بطليموس. ومدينة المايد حيث الطول مائة وثلاث وستون درجة ودقيقة والعرض أربع درجات، وإليها كان المسافرون يقصدون في القديم ثم عدلوا عنها إلى جزيرة الجاوه. وباختلاط البحرين مصب خمدان وهو أعظم أنهار الصين وعلى شرقيه وغربيه في هذا الجزء مدينة خمدان وهي من أشهر مدن الصين التي خلف خط الاستواء. وموضوعها حيث الطول مائة وثمان وستون درجة والعرض درجة. وعلى غربيه مدينة قيطاغور وهي من مشاهير مدن الصين وعرضها خلف خط الاستواء ست درجات. وخمدان أطول منها بدرجتين وللصين في شرقي هذا المركز عمائر ومدن لكنها غير مشهورة. وعند اختلاط البحر الهندي بالبحر المحيط يأخذ منه ذراع إلى الجنوب ويفصل بينه وبين المحيط جبل السحاب الكبير وهو جبل لا يزال السحاب يعمه لعلوه. وقيل: إنما سمي بذلك لأنه يخرج من جزيرة السحاب التي تحته سحب سوداء يهيج من رياحها البحر فيغرق ما عليه. والبحر في هذا المكان من آخر الجزء العاشر كأنه منفرد عن البحر الهندي والبحر المحيط ويقال له بحر الواق واق. وفيه جزائر أولها جزيرة السحاب بين طرفها الشمالي وخط الاستواء نحو خمس درجات. وفي جنوبها جزيرة الدجال طولها إلى جهة الجنوب. وجويرة الواق واق في آخر عمارة هذه الجزيرة مع المشرق. ويفصل بين بحرها وبين البحر المحيط الجبل الكبير الرأس وهي كبيرة. حكى المسعودي أن فيها شجراً يخرج منه نبات كالابرنج ويولد منه جوار يتعلقن بشعورهن وتصيح الواحدة منهن واق واق فإن قطعن شعورهن وفصلن من الشجرة متن ويقال أن الذهب في هذه الجزيرة كثير. وهذه الجزائر محدقة بجبل الفتح الذي يسكنه السود المشوهون الذين يقطعون الطريق على الناس ويأكلونهم، ولا يدخل أحد من المجاورين إلى جزائر هذا البحر. والكلام عن ساكنيه وعن جزيرة الدجال بمنزلة الأحدوثات فجلّ الخالق. الإقليم الأول سكانه سودان وعرضه ست عشرة درجة وسبع وعشرون دقيقة. وهو عشرة أجزاء:

الجزء الأول: فيه ظهور البحر المحيط على ما نقل عن بطليموس حيث الطول درجة والعرض عشر دقائق. ومن هناك الجزائر الخالدات على البحار المرسومة في الجغرافيا. وهي ست يستغرق جميعها سمت العرض من الإقليم الأول وقليل من سمت الثاني. ومن هذه الجزائر أخذ بطليموس الأطوال كما أخذ من خط الاستواء العروض. وهي ليست مسكونة ولكنها وصل إليها الإسكندر ذو القرنين ورام السلوك في عرضها فلم يتمكن له ما أراد، أما لأقاصير وضباب متراكم أو خوفاً من الضلال والهلاك في غير شيء. ثم أنه وضع على كل جزيرة منها منارة يهتدي بها من ضل وكتب على كل واحدة منها: لا مسلك خلفي. وفيها كلام يطول. قال ابن فاطمة: وجزائر السعادة فيما بين الجزائر الخالدات والبر مبددة في الإقليم الأول والثاني والثالث. وهي أربع وعشرون جزيرة. والحديث عنها كالخرافات. والبحر المحيط يتدرج قليلاً قليلاً لارتفاع في هذا الجزء إلى أن يكون مصب النيل الذي يمر على غانا ويكون حيث الطول عشر درجات وعشرون دقيقة والعرض أربع عشرة درجة. وأمام مصب النيل في البحر المحيط جزيرة الملح وطولها من الشمال إلى الجنوب درجتان وقليل، ووسعها نصف درجة. وفي طرفها الجنوبي على البحر مدينة أوليل وهي سراح كمدن والهنود وفيها كثير من أنواع القصب والنبات. وعيش أهلها من السمك والسلاحف وتجارتهم بالملح يصعدون به في المراكب إلى البلاد التي على شواطئ النيل. قالوا وليس في بلاد السودان ملاحة غيرها. وإلى جانب هذه الجزيرة جزيرة العنبر وبينهما مجاز مقداره نصف درجة. وبينها وبين البر أقل من ذلك وطولها درجتان ووسعها في الأعلى ثلاث درجات. ويقال لها أيضاً جزيرة السلاحف إذ فيها من ذلك الكثير. وأهل تلك البلاد يصطادونها ويقددون لحمها ويسافرون به. ويجدون أيضاً في هذه الجزيرة العنبر الكثير. وأول ما يلقاك على غربي النيل من مدائن التكرور مدينة قلنبو وهي فرضة مشهورة وكانت في زمن أبي عبيد البكري للكفار. وأما في عصرنا فما على شاطئ النيل من بلاد التكرور مدينة إلا وقد دخلها الإسلام وجميعها لسلطان التكرور. وقاعدتها على جانبي النيل واسمها تكرور وبها عرفوا. ونسلهم يقال له مغزاوه. وهم قسمان: قسم تحضر ويسكن المدن وقسم رجاله في البوادي. وأكثر مجالاتهم في جانب النيل الشمالي ولهم في الجنوب قليل، ومعظمه مجالات لملم وهم كفار مهملون يأكلون الناس. وموضوع مدينة تكرور حيث الطول سبع عشرة درجة والعرض ثلاث عشرة درجة ونصف ودقائق. وصاحبها يسبي رقيق لملم وهم بواد ولهم في الكتب مدينة كالقرية اسمها مويّه، وفيها بيت دكاكيرهم وهي الأوثان وموضوعها على البحر المحيط حيث العرض ست درجات.

الجزء الثاني من الإقليم الأول: أول ما يلقاك منه مدينة بريسا وهي من أشهر بلاد التكرور. وإن ضعف سلطان التكرور انفرد صاحب بريسا بنفسه. والمسافرون يترددون عليها وهي آخر مدائن التكرور على شمال النيل حيث الطول اثنان وعشرون درجة والعرض ثلاث درجات ونصف. والغالب على لباس السودان التكرور وغيرهم الجلود. وإذا احتشم الواحد منهم كان الجلد مدبوغاً. ومن خالط البيض وتخصص اتخذ لباسه من الصوف والقطن وذلك مجلوب له. والغالب على مأكلهم القطانيا، عصايد غير مختمرة. والخبز عندهم لا يوجد إلا طرفة عند الملوك المتخلقين بأخلاق البيض. وخيلهم قصار غير سابقة. وسلاحهم دبابيس الأبانوس، وهو كثير على النيل ومنه يحتطبون ولهم قسي وسهام من القصب الشوكي ومنه يصنعون أوتارها، وفي ديارهم شجر القطن. ولا يبني بالجبص والآجور إلا ملك أو من أذن له في ذلك من أهل الرفه والتخصص. وباديتهم عراة. المسلمون منهم يسترون فروجهم بعظام أو جلود والكفار لا يستترون. وفي شرقي بريسا وشمالها ينصب نهر لامي المنحدر من الجبال التي في جنوب مدينة لامي. وهذه المدينة كالقرية تحت طاعة كفار لملم. وأهلها يهود يعرف جنسهم في الرقيق ببلاد المغرب. وجبل لامي امتداده من الغرب إلى الشرق ثمان مراحل يخرج من طرفه الغربي نهر لامي المذكور فيمر في عمائرهم حتى ينصب في النيل. ويخرج من طرفه الشرقي نهر ملل ويتقوس حتى يمر على مدينة ملل، وهي من مدن الكفار المهملين. وعرض مدينة لامي عشر درجات وطولها مسامت لطول بريسا. وطول ملل ست وعشرون درجة. ونهرها ينصب في النيل من سمت مدينة درهم من مدن الكفار المهملين. وهي في وسط المسافة بين لامي وملل. وفي شرقي ما ذكر نهر " الهو " وهو من الأنهار التي ذكرها بطليموس وينحدر من جبل الهو، الذي يمتد خلف خط الاستواء. وهذا الجبل رأسه حيث الطول اثنان وثلاثون درجة والعرض تسع درجات خلف الخط، فيمتد من هناك إلى أن يجوز الخط بدرجتين ودقائق ويخرج منه مع الخط شعبة طولها درجتان يخرج من رأسها الغربي النهر المذكور ويلتوي إلى الشمال كالنون، ثم ينحدر إلى النيل حيث الطول عند مدينة ملل درجتان ونصف. وعلى شطي هذا النهر من مبتدئه إلى قرب مصبه مجالات نمنم وهم أخوم الملم في النسب وأشباههم في الأفعال. ومن شرقيه على أميال جبل سامقدي كبير مشرف، فيه عقاقير ونباتات من منافع تلك البلاد ويأوي إليه خلق من كفرة السودان المهملين المعروفين بسامقدي وبهم عرفت مدينة سامقدي. وهي في رأس هذا الجبل حيث الطول ثلاثون درجة والعرض ثمان درجات. ومدينة غانا على ضفتي النيل تقع من ذلك الجزء حيث الطول تسع وعشرون درجة والعرض عشر درجات وخمس عشرة دقيقة. وبها يحل سلطان غانا وهو من ذرية الحسين بن علي رضي الله عنهما. وله (..) كبيرة فيها ثقب يربط فيه فرسه ويفخر بذلك على سائر ملوك السودان. وهو كثير الجهاد للكفار وبذلك عرف بيته. وفي شرقي مدينة سامقدي جزيرة التبر، رأسها المغربي حيث الطول إحدى وثلاثون درجة ورأسها المشرقي حيث الطول ست وثلاثون درجة ونصف. ووسطها حيث العرض في سمت غانا، ووضعها درجتان. وفي هذه الجزيرة يجدون التبر الكثير يلمع بالليل إذا حسرت المياه الزائدة عن رملها وعلى هذه الجزيرة مدن مشهورة منها مدينة سمغاره. وعلى هذا الذراع الشمالي في آخر هذا الجزء اشهر ما في هذا الجزء بعد غانا من مدن التبر وهي غيارو وهي على خليج يخرج من جنوبي نيل الجزيرة حيث الطول أربع وثلاثون درجة والعرض خمس عشرة درجة. وعن جنوبي نيل غانا مجالات نمنم المتقدمة الذكر وعن شماليه مجالات وانقاره، وهم سودان البلاد وقد فشي فيهم الإسلام.

الجزء الثالث من الإقليم الأول: أول ما يلقاك منه جبل ثلا. رأسه الجنوبي في بحيرة كوري التي يخرج منها النيل ورأسه الشمالي يخرج منه نيل غانا. وفي شرقيه بلاد كوكو وهي منسوبة إلى مدينة صاحب البلاد. وهو من كفار السودان. وجبل كوكو يضرب به المثل، وهو يقابل من غربيه مسلمي غانا ومن شرقيه مسلمي الكانم. ومدينة كوكو في شرقي النهر المنسوب إليها حيث الطول أربع وأربعون درجة والعرض عشر درجات وخمس عشرة دقيقة. ومنبع نهر كوكو المغرب عن النيل من جبل مقورس؟ وهو من الجبال التي ذكرها بطليموس، حده الشمالي حيث الطول ثلاث وأربعون درجة وخمس وثلاثون دقيقة والعرض خارج عن الإقليم الأول إلى الثاني. ويتصل به جبل بدى المتصل ببحيرة كوري التي يخرج منها النيل. وقد قيل إن نهر كوكو مادته من بحيرة كوري وأنه يغوص منه ماء كثير في هذا الجبل ثم يخرج منه نهر كوكو وهو شماليها مسامت لنيل غانا حتى يغوص في رمال في الجزء الثاني مسامتاً لوسط جزيرة التبر وعليه مجالات كوكو في شطيه وهم عراة مهملون. وفي طرفه الغربي مجالات نعامه وهم برابر السود من نوع كوكو. وبين كوكو ومدينة بدى التي يخرج من جنوبها نيل غانا وكوكو أربع درجات. وخروجه من حيث الطول ثمان وأربعون درجة والعرض ست درجات ونصف. قال ابن فاطمة: فتكون مسافة جريه من بحيرة كوري إلى البحر المحيط بحسب تعريجاته نحو ثلاثة آلاف ميل. وفي هذا الجزء الثالث بحيرة كوري التي يخرج منها نيل مصر ونيل مقدشو ونيل غانا. وقد تقدم ذكر انحدار أنهار البطيحة إليها عند مماسة خط الاستواء. وصعودها فوق الخط دائر على نصف درجة يزيد قليلاً أو ينقص قليلاً. وطولها ألف ميل ورأسها الشرقي حيث الطول إحدى وخمسون درجة وآخرها المغربي مع خط الجزء الثالث. ووسعها عند الرأس تسع درجات ونصف ثم تسير قليلاً قليلاً على ما رسم إلى أن يكون وسع وسطها أربعمائة ميل وخمسون ميلاً ويكون وسع ذيلها ثلاثمائة وستون ميلاً.

قال ابن فاطمة: ولم أر من رأى جانبها وإنما وصفها الكانميون وجيرانهم ممن لقيناه بالجانب الشمالي. ويحدق بها من جميع جهاتها أمم طاغية من السودان الكفرة الذين يأكلون الناس، ولا دين يذكرهم بسكان الجانب الشمالي، ومنهم بدى. ومدينتهم تعرف بهم ومن تحتها يخرج نيل غانا. ومدينتهم حولها ويجاورها من الجانب الغربي جابي وهم الذين يبردون أسنانهم. وإذا مات لهم ميت دفعوه إلى جيرانهم وكذلك يفعل معهم جيرانهم. وعلى جنوبي البحيرة انكرار، وعلى شرقيها كوري، الذين تنسب البحيرة إليهم. وفي شرقي مدينة بدى من الكانم المسلمين مدينة جاجه، وهي كرسي مملكة مفرده ولها مدن وبلاد، وهي الآن لسلطان الكانم. وهي موصوفة بالخصب وكثرة الخيرات وبها الطواويس والببغاء والدجاج الرقط والغنم البلق التي على قدر الحمير الصغار ولها صور تخالف صور كباسنا. والزرافة كثيرة في أرض جاجه وفي شرقي مدينتها على ركن البحيرة المغزاة، حيث دار صناعة الكانم. وكثيراً ما يغزو من هنالك في أسطوله بلاد الكفار التي على جوانب هذه البحيرة ويقطع على مراكبهم فيقتل ويسبي. وموضوع مدينة جاجه حيث الطول ثمان وأربعون درجة وعشرون دقيقة والعرض سبع درجات في سمت ركن البحيرة حيث الطول إحدى وخمسون درجة. ومن مدن الكانم المشهورة مانان وعرضها ثلاث عشرة درجة. وفي شرقيها وجنوبيها قاعدة الكانم جيمي حيث الطول ثلاث وخمسون درجة والعرض تسع دقائق وفيها سلطان الكانم المشهور بالجهاد وأفعال الخير، محمدي من ولد سيف بن ذي يزن. وكانت قاعدة جدود الكفرة قبل أن يسلموا مدينة مانان. ثم أسلم منهم جده الرابع على يد فقهاء الإسلام في بلد الكانم ولهذا السلطان هنالك مثل سلطنة تجوه ومملكة كوارو ومملكة فزان وقد أيده الله وكثر نسله وعساكره. والثياب تحمل إليه من الحضرة التونسية. وعنده الفقهاء. وله في سمت جيمي على آخر هذا الجزء الرديني فيها سابين له وسمتنزه. وهي على غربي النيل الآتي لمصر. وبينها وبين جيمي أربعون ميلاً. وفواكههم لا تشبه فواكهنا ويوجد عندهم الرمان والخوخ كثيراً وقد عانوا قصب السكر فأنجب عندهم قليلاً ولا يستغله إلا السلطان وكذلك العنب والقمح. ومخرج النيل المصري في هذا الجزء من بحيرة كوري حيث الطول إحدى وخمسون درجة والعرض ست درجات. وعند اندفاعه من البحيرة مدينة كوري للسودان الذين يأكلون الناس وهي في شماليه، وعرضه حيث جبل المقسم الممتد من أول ركن البحيرة الشرقي الجنوبي ومن تحت هذا الجبل أيضاً يخرج نيل مقدشو بالقرب من خط الاستواء ومن خلف الخط وقد ذكروا أن في بحيرة كوري جبل لوراطس وهو واقع في هذا الجزء الثالث. وذكر بطليموس أنه يبدأ حيث الطول ثلاث وأربعون درجة والعرض ثلاث درجات وعشرون دقيقة. وينتهي حيث الطول ثمان وثلاثون درجة وخمس وأربعون دقيقة والعرض واحد. ويقال له أيضاً جبل الذهب. والسودان تزعم أن الذهب الذي يوجد على بلاد النيل عند مده إنما هو من معادن هذا الجبل. ولا يقدر أحد على قربه من كثرة ما فيه من الثعابين والوحوش المهلكة. وجوانبه الساحلية ملأى بالتماسيح وخيل النيل. وقد قيل إن فرس النيل لا تصاد في هذه البحيرة، وإنما تصاد في نيل غاتا ونيل النوبة. وفي شرقي جبل مقورس لفاصل بين الكانم وكوكو، مجالات الكانم وأتباعهم من البرابرة الذين اسلموا على يد سلطان الكانم، وهم له عبيد يغزو بهم وينتفع بجمالهم التي ملأت تلك الأقطار في مجالات مانان. وفي شرقي مانان مجالات الزغاوين ومعظمهم مسلمون تحت طاعة الكانمي. وفي شمال مانان ومجالات الكانم مجالات الكوار. ومدينتهم المشهورة تقع في الإقليم الثالث وهم مسلمون تحت طاعة الكانمي.

الجزء الرابع من الإقليم الأول: يمر من أوله النيل المغربي على ثلاث درجات في بلاد بنته، وهم سود كفار يفصلون بين الكانم والنوبة، ثم يغوص في الرمال حيث العرض تسع درجات. ويمر تحت الأرض على زعمهم ملتوياً من الجنوب إلى الشمال فلا يظهر إلا حيث الطول ثمان وخمسون درجة والعرض إحدى عشرة درجة. ويلتوي كالقوس وظهره إلى المشرق فيقع في غربيه قاعدة النوبة دنقله حيث الطول ثمان وخمسون درجة ودقائق والعرض أربع درجات وخمس عشرة دقيقة. وفي جنوبها من مدن النوبة، نوابه التي سموا بها. وهي حيث الطول ثمان وخمسون درجة وثلاثون دقيقة والعرض تسع درجات. وفي جنوبها وغربيها مجالات زنج النوبة التي قاعدتهم كوشه خلف الخط. والنوبة نصارى. وفي غربي دنقله وشماليها من مدنهم المذكورة في الكتب علوه، وهي في شرقي النيل وشماليه. وبينها وبين دنقله مائة وسبعون ميلاً حيث الطول سبع وخمسون درجة والعرض ست عشرة درجة غير دقائق. وفي غربي علوه ينعطف النيل كثيراً فيعود إلى الغرب حتى يدخل الجزء الثالث الذي خرج منه فينتهي إلى نصف درجة وينحدر من هنالك إلى الإقليم الثاني. وعلى شطيه عمائر النوبه ويبقى بين شرقيه الجنوبي وبين تاجوه قاعدة الزغاوين مائة ميل. وموضع هذه المدينة حيث الطول خمس وخمسون درجة والعرض أربع عشرة درجة. وقد اسلم أهلها ودخلوا في طاعة الكانمي. وفي جنوبيها مدينة زغاوه حيث الطول أربع وخمسون درجة والعرض إحدى عشرة درجة ونصف. ومجالات التاجويين والزغاويين ممتدة في المسافة التي بين قوس النيل من الجنوب إلى الشمال وهم جنس واحد، ولكن الملك وحسن الصورة والأخلاق في التاجويين. وهم كفار عصاة على الكانمي يألفون الصحارى والجبال في الإقليم الأول والثاني. وذكر ابن فاطمة أن الملوك من الكانم وتاجوه إنما هربوا بقواعدهم من النيل بسبب البعوض، فإنه يكثر من مجاورة النيل فيشتد أذاه على الآدميين والخيل. ولهم عيون في الرمال ومياه مشربة من النيل أيام الزيادة.

وفي هذا الجزء الرابع من مدن الحلشة المذكورة في الكتب حنبيه حيث الطول ثمان وخمسون درجة والعرض ثلاث درجات. وفي شرقيها بلاد كزله. وهم مشهورون في بلاد الحبشة مرغوب في جنسهم. والحبشة بالإطلاق أفضل أجناس السودان وخصيان الملوك والأكابر منهم. وهم نصارى وفيهم بالساحل مسلمون. وبلاد كزله من أول خط الاستواء في مجاورة زنج الحبشة إلى جنوب جبل موريس الذي زعموا أن أهل حنبيه وتلك الجهات يعيشون مما فيه من معادن الذهب والفضة. وهو على أربعة أيام من حنبيه، وفي شرقيها وشمالها يبدأ من هنالك ويمر مشرقاً منحرفاً إلى الشمال حتى يشق نيل الحبشة وينتهي إلى بحرهم. وفي شرقي كزله وجنوبها بحيرة الحاورس وهي منسوبة إلى أمة من زنوج الحبشة عراة متوحشون، ويقال أن الذهب والرصاص القلعي في أرضهم كثير. قال ابن فاطمة: نقل عن بطليموس أن مركز هذه البحيرة في خط الاستواء حيث الطول اثنان وستون درجة وقطرها من كل ناحية إلى المركز درجتان. ويخرج منها نيل الحبشة الذي يشبه نيل مصر في زيادته أيام نقص الأنهار وفي وجود التماسيح وفرس النيل وذلك حيث الطول إحدى وستون درجة والعرض درجتان. وعلى شرقيه إلى جانب البحيرة من مدنهم المذكورة في الكتب النجاعة. ويمر إلى الشمال فيكون عليه حيث الطول اثنان وستون درجة والعرض ست درجات مرقطة وفي شمالها جبل المعادن المتقدم الذكر. والمدينة في شرقي النيل وفي شمال الجبل بلاد سحرته من أجناس الحبشة المذكورة وعمائرهم ممتدة مع هذا النيل من الجانبين. وفي شرقيه من مدن الحبشة المشهورة كلغور، وهي مجمع لهم في كل ناحية وبها ملتقى من يريد البحر أو النيل أو البرية. وموضوعها حيث الطول ثلاث وستون والعرض إحدى عشرة درجة. وفي شمالي سحرته من النيل إلى البحر بلاد الخاسه وهم مذمومون بين أجناس الحبشة وقد اشتهر عنهم أنهم يخصون من يقع إلى أيديهم ويدفعون ذكور الآدميين في صداقاتهم ويفتخرون بذلك. ومن شرقيهم إلى البحر سمهر وهي أرض يكون فيها القنا الطوال السمهرية. ومن غريب شأنها أنها إذا احتك بعضها ببعض انقدحت منها نار تحترق بها كلها أو طائفة منها على قدر الالتصاق ومساعدة الرياح. والغزلان في أرض سمهر كثيرة. ومن جلودها يشدون على الخيل عوض السروج ويركبون عليها، وقتالهم بالقنا السمهرية المذكورة ولهم بالطعن بها واللعب حذق، ويزعمون أنهم يصل إليهم من الجنوب قوم كالترك بيض ولهم شعور ويقاتلونهم. وإن صح هذا تكون الأقاليم بالجنوب مرتبطة كالأقاليم بالشمال، والكلام في ذلك يطول. وفي أرضهم الكركدن وله قرنان في جبهته أحدهما أطول من الآخر وهو حيوان مؤذ يصيده الفارس بأن يعدو خلفه فيضرب رجليه بالسيف فيقع وإن لم يحترز منه وقع الكركدن عليه فقتله مع فرسه، وهم يأكلون لحمه. وايضاً على نيلهم الأسود والفيلة. وفي شرقي كلغور بانحراف إلى الشمال مدينة نجبه التي تنسب إليها الجمال النجيبية وذلك حيث الطول خمس وستون درجة والعرض اثنتا عشرة درجة. وفي غربيها جبل الخماهن ويوجد فيه هذا الحجر وكان عزيزاً عند الفرس وكانوا يختمون به ويتداوون بالماء إذا حك فيه من حرارة الخماهن. ويقال له الصندل المعدني وهو داخل مدخل الصندل في مداواة العلل الحارة. وطول هذا الجبل مائة ميل من الجنوب إلى الشمال باعوجاج عندما يمر شمالاً إلى المشرق، وأول ما يلقاك من مدن الحبشة على بحر الهند من ساحله الغربي، وحد بلاد بربرا المتقدمة الذكر، خلف خط الاستواء، مدينة بطا وهي مشهورة على ألسن الحبشة الذين ببلادنا وهي على درجتين من الخط وطولها أربع وستون درجة ونصف. وفي شمالها من مدنهم على مائة ميل بأقصلي على جون داخل إلى المغرب نحو خمسين ميلاً. وفي شماليها منقوبه وهي جبل الدخلة المستمرة إلى الشرق حيث الطول خمس وستون درجة والعرض ثمان درجات وثلاثون دقيقة. وفي طرفيها جبل مقورس داخل في البحر. وفي شماله من مدن الحبشة المشهورة بلاد الزيلغ، وأهلها مسلمون يكثرون الحج والتردد إلى ساحل عدن وزبيد، وهي محل حطّ وإقلاع، ومنها يتوزع رقيق الحبشة على بلاد الإسلام الساحلية. وموضوعها على ركن من البحر ينتهي إليه عرض طرفه الغربي والشمالي، حيث الطول ست وستون درجة والعرض إحدى عشرة درجة غير دقائق. والمذكور في الكتب من جزر هذا البحر المقاربة للساحل جزيرة قنبلو، بينها وبين باقصلي درجتان

ونصف وطرفها الجنوب في سمتها، وطولها مقارب لعرضها نحو درجتين. وبين ركنها الشرقي الشمالي وبين عدن أربع درجات ونصف، وكانت عامرة وهي الآن خراب يأوي إليها من أحزم من المراكب واحتاج إلى الماء والحطب. ف وطرفها الجنوب في سمتها، وطولها مقارب لعرضها نحو درجتين. وبين ركنها الشرقي الشمالي وبين عدن أربع درجات ونصف، وكانت عامرة وهي الآن خراب يأوي إليها من أحزم من المراكب واحتاج إلى الماء والحطب. وقد ذكر أن منتهى البحر الهندي حيث مدن الحبشة المذكورة كله فيما قارب السواحل أقاصير متصلة يضح عليها الماء إلى باب المندب ولا يسافر هناك إلا المراكب الصغار وربما غلبتها الرياح فكسرتها على تلك الحشو. وعرض ذنب البحر الهندي من باب المندب إلى بربرا ثمان مجاز، وجبل المندب هو الفاصل بين بحر الهند الكبير وبحر القلزم الذي يخرج منه وهو صغير يمتد اثنا عشر ميلاً من الشرق إلى الغرب بانحراف إلى الشمال، والبحر يضيق هناك حتى يرى الرجل صاحبه من البر الثاني. ويقولون أنه قدر مائتي سهم. ويسمي المسافرون هذا المكان باب المندب وقدر طوله مع الجبل. وهو موضوع حيث الطول ثمان وستون درجة ونصف والعرض إحدى عشرة درجة ودقائق، ولا بد للمركب في دخولها وخروجها منه. وقد حكى بعض المسافرين أنه احزم بهم مركب كبير في الضباب بكرة فخرج من غربي جبل المندب ما بين تلك الأقاصير فسلمه الله واعتبرت سلامته حكاية مستطرفة. وبحر القلزم من جنوب إلى شمال إذا فارق باب المندب يأخذ في زيادة العرض قليلاً قليلاً، إلى أن يكون اتساعه عند عوان فيما بينها وبين تهامة اليمن نحو ستين ميلاً، وهي من حيث الطول ثمان وستون درجة والعرض ثلاث عشرة درجة ونصف. وهي مشهورة وسكانها حبشة مسلمون وبها بقرات بلق محفوظة النسب لصاحبها وهم يعسون عليها من غيرتهم. وإذا كان الصحو ظهر منه الجناح، وهو جبل عال في البحر ومنه إلى جزيرة دهلك، جزائر صغار لصاحب اليمن ولصاحب دهلك. وأكبر هذه الجزائر وأشهرها جزيرة كمران، وهي مسكونة لصاحب اليمن في آخر الجزء الرابع من جهة العرض وهي أقرب إلى بر زبيد. وفي شرقي عوان وشماليها على ساحل اليمن في هذا الجزء ومن الفرض المشهورة، غلافقه وهي فرضة زبيد وبينهما أربعون ميلاً. وموضوع زبيد، قاعدة تهامة اليمن، حيث الطول سبع وستون درجة وأربعون دقيقة والعرض خمس عشرة درجة ونصف. وبين باب المندب ومدينة عدن، فرضة اليمن المشهورة في الشرق والغرب، ثلاث مراحل سهلاً وجبلاً، وهي منه في الشرق حيث الطول سبعون درجة والعرض اثنتا عشرة درجة والبحر يتدرج من باب المندب إلى عدن داخلاً في الجنوب ويدخل منه مع غربيها خور محدق بكثير منها حتى يبقى كالجزيرة وفيها ترسو مراكب بربرا والمراكب التي تخاف من النوء وليست بكبار إذ أن مرسى عدن غير مأمون عند هيجان البحر، وتمتد من شماليها الجبال فتقع منها قاعدة اليمن القديمة صنعاء، وذلك في شرقي عدن وشماليها، حيث الطول إحدى وسبعون درجة ونصف والعرض أربع عشرة درجة ونصف. وبينها وبين عدن مدينة جبلة التي بناها الصلحيون أصحاب دعوة العبيديين باليمن، وهي على نهرين ينزل أحدهما ينحدر من جبل المديخره العالي الذي في شمالي صنعاء ويمر على غربيها وجنوبيها ثم يمر على جبله ويمتزج بالنهر الآخر وينصبان في شرقي ابين، وهي بليدة مشهورة بينها وبين عدن مرحلتان صغيرتان. وفي الجبال المذكورة يوجد العقيق اليماني ونبت الورس وخيار شنبر وعلى الجبال الممتدة من الجنوب إلى الشمال في هذا الجزء تقع الدملوه التي يضرب المثل بمناعتها وحصانتها وهي في شمال عدن. وفي شمالي الدملوه تقع الجوا، وهي بليدة مشهورة في جادة طريق الجبال كثيراً ما كان يحل بها المنصور ابن رسول صاحب اليمن وصنع بها بستاناً ومباني سلطانية. وفي شماليها حيث الطول تسعون والعرض أربع عشرة درجة ونصف تقع تعز وهي قاعدة اليمن في متأخر الزمن، وفي أعلى جبلها المعقل الذي لا يرام واسمه صبر. وعلى مرحلة منها صغيرة إلى الشمال الجند المشهورة بالوخم لا يشرب الغريب من مائها إلا هلك. وفي جبالها القرود الكثيرة. الجزء الخامس من الإقليم الأول:

أول ما يلقاك منه جبال حضرموت، وهي ممتدة من الشمال إلى الجنوب، ولها مدن خاملة الأسماء لكونها قليلة الجد ولا يتردد عليها الركبان في البر ولا أصحاب المراكب في البحر. وأشهر مدنها الساحلية في الكتب لسعا وهي حيث الطول اثنتان وسبعون درجة وعشر دقائق والعرض اثنتا عشرة درجة وبينهما أربعون ميلاً. وبين لسعا وعدن جبل ممتد معترض يطوّل السفر في البر ومسافته من البحر إلى شمالي لسعا ثمانون ميلاً. وقاعدة حضرموت تريم وهي في الجبال في شمالي لسعا بينهما تسعون ميلاً. وفي شمالي تريم من مدنها المذكورة في الكتب شنوه المذكورة بكثرة التمر وبينهما نحو تسعين ميلاً. وفي الشرق بستين ميلاً من كل واحدة الخزيمة. وفي الشرق ظفار التي كانت قاعدة التبابعة فخربت. وهي حيث الطول ثلاث وسبعون درجة والعرض خمس عشرة درجة. ثم يلقاك على الساحل من مدن الشحر، وهي بلاد العنبر واللبان مدينة مرباط وهي على جون يدخل إلى الشمال حتى تكون هذه المدينة عند طول أربع وسبعين درجة والعرض أربع عشرة درجة ونصف. وفي شرقيها على الجون المذكور ظفار المحدثة، وهي الآن قاعدة بلاد الشحر وفرضتها المشهورة، إليها يجلب خيل العرب ومنها يحمل إلى بلاد الهند. ولصاحبها ابن الناحون عليها ضرائب، ويقال إن في أرض هذه المدينة كثيراً من عقاقير الهند مثل النارجيل والتنبيل والفوفل والعنبا وهي كالبطيخ توجد فيها طعوم مختلفة. والقفر الذي بينها وبين قلهات لا يسلك من الخلاء والنمور العادية. وهذا الجون الكبير يقال له جون الحشيش وهو يدخل في البر من حد البحر نحو مائة ميل ويمتد من غرب إلى شرق نحو ثلاثمائة ميل، ولا تخرج منه المراكب إلا بريح البر وكثيراً ما يحذر المسافرون من الهند إلى عدن السقوط فيه. وفي شمال هذا الجون رمال الأحقاف. وهنالك قبر هود عليه السلام. وفي شمالي هذه الرمال والمدن جبال اللبان ممتدة من الغرب إلى الشرق، وليس فيها مدينة مشهورة، بل سكانها قوم من مهرة كالوحوش في صورهم وكلامهم وإليهم تنسب الإبل المهرية وهم يعلفونها سمكاً صغاراً تخرج من بحرهم يقال لها الوزف. وفي داخل هذا الجزء مرتان وحرتان وهما جزيرتان والأولى هي الشرقية وبها قوم يتكلمون بلغة عاد. وفي جنوبها سقطره وهي جزيرة مشهورة وإليها ينسب الصبر السقطري المفضل، وهي منحرفة من جنوب إلى شمال مشرقه طولها نحو مائة وثمانين ميلاً. وبينها وبين الأحقاف نحو مائتي ميل، وسكانها نصارى من بقايا اليونان يقطعون في البحر على المراكب، وفيها عين ماء يقال إنه يزيد في العقل. وفي آخر جون الحشيش للشرق، الجبل الكبير العالي المعروف في الكتب برأس الجمجمة. ويعرف ذلك المكان أيضاً بغب القمر. وإلى هذا الرأس تقصد مراكب مقدشو وبه تهتدي هي وغيرها. ويقال إن هنالك جبلاً أيضاً مدوراً على صورة القمر تحت هذا الجبل الكبير. وهذا الجون يدخل الجبل منه في البحر نحو مائة ميل وكذلك في البر. وفي رأسه شعبتان يسميه البحريون من أجلهما ذا القرنين. وليس بعد في شرق الجزيرة الغربية عمران ولا مكان مذكور، إلى أن تلقاك في أول عمان قاعدتها الآن وهي قلهات، وموضوعها حيث الطول تسع وتسعون درجة وستون دقيقة، والعرض في آخر الإقليم الأول. وفي هذا البحر تقع جزائر المند، وهي معروفة بكثرة النارجيل، وأعظمها جزيرة كلوه. هكذا يعرفها الآن المسافرون. وهي جزر كثيرة ذكرها بطليموس وسماها جزيرة المند. وهم أخوة الهند والسند، لكنهم لم يرزقوا من حظ الشهرة ما رزقه الهند والسند. وقد ذكر ابن فاطمة أن الزنج تغلبوا عليهم وأخرجوا منهم كثيراً إلى بر السند وأبقوا الباقين رعايا.

وفي هذه الجزيرة من المدن المشهورة في الكتب ثلاث تقع على ثلاثة أنهار. فالأولى كلوة، وبها صاحب هذه الجزائر ومنها الإقلاع وإليها الحط. وهي في غربي الجزيرة وجنوبيها، حيث الطول أربع وثمانون درجة ونصف، والعرض سبع درجات وخمسون دقيقة. وفي الجانب الشرقي الجنوبي مدينة المند، وفي الغربي الشمالي مدينة كنك، ودور الجزيرة ألف وأربعمائة ميل، وهي تقارب التربيع وفيها دخلات من البحر. وفي غربيها جزائر صغار خاملة الأسماء. ومن جزائرها المذكورة في الكتب جزيرة القطربة وهي في غربيها، طولها من المغرب إلى المشرق مائة وستون ميلاً وعرضها نحو ستين ميلاً. وأهلها أمة على طريق الهند وطريق بحر فارس لا يزالون يقطعون على المراكب. وبين البحر الذي بينها وبين جزيرة كلوة مجرى وثلث، وفي جنوبيها جزيرة القرود، وهي مدورة ذات جبال وشعاب قد غلب عليها القرود. وأهل الجزيرة التي تقاربها يتحيلون في صيدها ويحملونها إلى البلاد فيبيعونها. ودون هذه الجزيرة نحو مائة ميل وستين ميلاً وهي في ركن جزيرة كلوة الجنوبي الغربي، بينها وبين البحر نحو مجراوين. وفي جنوبيها من جزائر كلوة جزيرة كرمدة دورها نحو ثلاثمائة وثلاثين ميلاً، وأهلها سود قطاع بمراكبهم. وفي شرقيها جزيرة البركان، فيها جبل لا تزال النيران تتقد فيه ليلاً والدخان يصعد منه نهاراً على منزع بركان صقلية. وسكانها زنوج ودورها نحو ثلاثمائة ميل. ويتلو هذه الجزائر المصاقبة لكلوة، جزائر الزانج، وهي مشهورة على ألسن المسافرين، وأعظمها جزيرة سربزه طولها من الشمال إلى الجنوب أربعمائة ميل، وعرضها في كل طرف من الجنوب والشمال نحو مائة وستين ميلاً، وفيها من البحر دخلات، ومدينتها سربزه في وسطها يدخل إليها جون من البحر وهي على نهر. وموضوعها حيث الطول ثمان وثمانون درجة ونصف والعرض ثلاث درجات وأربعون دقيقة، ولها مدائن غير مذكورة. وبعد جزائر الزابج جزيرة أنفوجه، لصاحبها من العدة والعدد ما يستطيل به في أكثر الأوقات ويستولي على جزائر الزابج بسببه. وفي الجانب الجنوبي مدينة أنجبه. قال البيهقي: " وأكثر عيش أهل هذه الجزائر من الموز ". وطول جزيرة أنفوجه نحو مائة وسبعين ميلاً ووسعها دائر على تسعين ميلاً. وعرض المجاز الذي بينها وبين جزيرة سربزه نصف مجرى. وفي جنوب سربزه وشرقيها من جزائر الزابج الصغار ما لا يعد كثرة. وأكثرها مسكونة بالسودان والقليل من هذه الجزائر هو الداخل في هذا الجزء الخامس. وعند انتهائه يكون خط الاستواء، وقبة أوزين وقد تقدم ذكرها. الجزء السادس: جميعه بحر فيه جزائر الديباجة وهي كثيرة وأكبرها جزيرة دويبي، وبذلك تعرف على ألسن المسافرين. ومدينتها حيث الطول اثنتان وتسعون درجة والعرض خمس عشرة درجة وعشرون دقيقة. وطول الجزيرة من المغرب للمشرق مئتان وعشرون ميلاً. ووسعها دائر على مائة وأربعين ميلاً. وسكان هذه الجزيرة أكثرهم من أبناء العرب، وهم مسلمون ينزل عندهم المسافرين إلى الهند ويبتاعون منهم قصب السكر. ومعظم قصبهم أسود اللون. ومن هذه الجزائر ما هو داخل في الإقليم الثاني. وأكثر الجزيرة الكبيرة داخل فيه. وبينها وبين بر السند نحو مجرى ونصف. الجزء السابع: معظمه يقع فيه جزائر النارجيل المحسوبة من عمل سرنديب. وهي كثيرة وليس فيها ماهو مذكور في الكتب غير جزيرة بلق. وقد ذكرت خلق الخط، كما ذكرت جزيرة سرنديب المشتركة بين ما في جنوبي خط الاستواء وشماليه. ويقع في ساحل هذا الجزء الشمالي من مدن الهند المشهورة على ألسنة المسافرين السومانات، وهي من بلاد الجزرات وتعرف أيضاً ببلاد اللار. وموضوعها في دخلة في البحر، فتحط بها كثيراً مراكب عدن لأنها ليست في جون ولها جون كبير تنزل مادته من الجبل الكبير الذي في شماليها إلى شرقيها، وموضوعها حيث الطول مائة وعشرون درجة والعرض خمس عشرة درجة. وفي شرقيها آخر الإقليم الأول على درجة في الطول مدينة تانه. وهي آخر مدن اللار المشهورة على ألسنة التجار. وأهل هذا الساحل الهندي جميعهم كفار يعبدون الأبداد ويسكن معهم المسلمون وتسافر إليهم مراكبهم. وأكثر ما يعبدون صنم السومانات، وهو معظّم عند الهنود يسافرون إليه من الأقطار وعليه مبنى أبيض يظهر للمراكب في البحر من بعيد. وأكثر ما ينبت في بلاد اللار البقم، ومنها يجلب اللاكي وهو صمغ أشجارهم.

الجزء الثامن: أول ما يلقاك من أول خطه، حيث العرض خمس عشرة درجة، من مدن الفلفل المشهورة ببلاد ماليبار مدينة صيمور، وهي على جون وخور وفي غربيها وداخل منها في الجنوب. واشهر ما على ألسن المسافرين في هذا البحر فاكنور، وهي على خور في شرقيها حيث الطول مائة وتسع وعشرون درجة والعرض ثلاث عشرة درجة غير دقيقتين. وفي سمتها من جهة العرض منجرور وبينهما في الطول درجتان ولها خور في غربيها. وعلى نحو مجراوين من منجرور، الغات الذي تنحدر منه المراكب لأنها إن وقعت في طرقه ضلت ولا تهتدي لمخلص إلا أن ييسر الله لها. وهي جبال في البحر يكون الطريق فيها من ميل إلى خمسين ميلاً وآخره مشدود لا مخلص منه والحكايات عنه مستطرفة. وهي من سمت هذه المدينة المذكورة في الإقليم الثاني. وفي شرقي منجرور في جهة مقصودة من المراكب كولم، وهي آخر بلاد الفلفل ومشهورة على ألسن المسافرين، وكثيراً ما ينسب إليها الزنجبيل. وهي حيث الطول مائة وأربع وثلاثون درجة، والعرض اثنتا عشرة درجة، ومنها إلى جزيرة السيلان مجراوان. وهذه الجزيرة طويلة عريضة. قال ابن فاطمة: والتحقيق فيها أن يقال طولها ستمائة ميل وعرضها يقارب ذلك فيكون دورها نيفاً على ألفي ميل. وفيها تجويفات من البحر ومدائن غير مشهورة والمذكور منها في الكتب الرامن، وبها تعرف في القديم. والمشهور منها على ألسن المسافرين سيلان، وإليها ينسب العود السيلاني وليس بالعالي. وموضوعها حيث الطول مائة وتسع وثلاثون درجة وعشرون دقيقة، والعرض سبع درجات ونصف. وكلتا المدينتين على خور ينزل من جبل في ركنها الغربي الشمالي، وبينهما مئتان وخمسون ميلاً. وفي هذه الجزيرة يكون الكركدن، وفي أطرافها العراة الذين يثبون على الشجر لخفتهم. وسماها بطليموس جيرة العراة. وفي جنوبها جزائر النجبالوس وهي عدة أكبرها ثلاث، وأهلها سود مشوهون عراة يقطعون على المسافرين وفيهم من يأكل الناس، وهم مجاورون لخط الاستواء وعرض البحر بينهم وبين جزيرة سيلان نحو مجراوين.

الجزء التاسع: أول ما يلقاك من الجزائر الهندية جزيرة نكواره. وهي من الجزر المشهورة على ألسن المسافرين، طولها نحو مائة ميل وعرضها نصف ذلك، وبينها وبين البحر حيث بلاد برقلي نحو نصف مجرى. وبينها وبين أول هذا الجزء درجة. وفي جنوبها جزيرة اندمان بينهما نحو مجراوين وهي على قدرها. وتوجد فيها جميعاً الفيلة ويجهز منها العاج. وفي شرقي هاتين الجزيرتين مع الداخل بالغرب من خط الإقليم الثاني مدينتان من مدن الرامن على جون من البحر والجون بينهما حيث الطول مائة وتسع وأربعون درجة. وفي شرقي ذلك وجنوبه جزائر المهراج وهي كثيرة ومذكورة في الكتب ويوجد فيها الذهب الطيب، وصاحبها من أغنى ملوك الهند وأكثرهم فيلة. وجزيرته الكبيرة التي فيها مدينة المهراج، طولها مئتا ميل ووسعها قريب من مائة ميل. والمدينة في طرفها الغربي حيث الطول مائة وإحدى وخمسون درجة والعرض اثنتا عشرة درجة ونصف. وفي شرقي المدينة خور مادته من جبل شماليها. ويقال إن قصر هذا الملك على جدول متسع وقد فرش قاعه بالفضة وجعل محصور الطرفين لئلا يخرج منه ما يوضع فيه. وسنة كل ملك منهم منذ ملك هذه الجزائر أن يرمي الملك أجرة من ذهب في كل سنة فإذا كانت موته حسبت الأجرّ وعرف قدر مدته في الملك ورد منها أجرة واحدة وأنفق الغير على الأجناد في هذا الملك القائم. وللأجر المفرد جهة وللآخر جهة فإذا أرادوا أن يعرفوا كم مَلِكٍ مَلِكَ منهم حسبوا الأجر المفرد بقضيب ولا يخرجونه من مكانه بل يكون في موضع تطلع عليه الشمس فيضاحك ذلك الذهب من خلال الماء. وهنالك من فصوص الياقوت والزمرد وحب اللؤلؤ الكبير مما يتنافس فيه مع الملوك ويفخر به عليهم. وذكر أن المكان، هو خزانة هذه الذخائر قالوا ولا يعلم أن هذه الجزيرة قد انتقلت من نسب واحد إلى غيره، وبذلك يفتخرون على مجاوريهم. والمهراج لقب يتوارثونه. وفي جنوبي جزيرة المهراج جزيرة الجاوه الكبيرة المشهورة التي تقصدها المراكب. أكثر ما فيها من العقاقير الهندية واشتهار أهلها بحسن السيرة مع المسافرين. وأولها الغربي حيث الطول مائة وأربع وأربعون درجة وفي ذلك الركن من مدنها المشهورة على ألسن التجار لامري، والعرض هناك خمس درجات. وفي جنوبيها في الركن الغربي الجنوبي مدينة فنصور التي ينسب إليها الكافور الفنصوري، وهي مسامتة للأخرى في الطول وعرضها درجة ونصف. وجبال الكافور ممتدة من المدينة إلى قرب آخر الجزيرة من غرب إلى شرق. وفي وسط الجزيرة على جبال الكافور قاعدتها مدينة الجاوه وبها صاحب الجزيرة وما جاورها من الجزر المنسوبة إليها. وإلى هذه المدينة ينسب العود الجاوي الأسود الرصين الذي يغرق في الماء كأنه الزلط، ويقال إنه عرق شجر العود. وموضوع هذه المدينة حيث الطول مائة وتسع وأربعون درجة وعشرون دقيقة والعرض ثلاث درجات وفي الركن الشرقي الجنوبي مدينة كله وهي مشهورة على ألسن المسافرين، وإليها ينسب الكلهي المفضل في عوده ودهانه. ويقال إنهم يصنعون مراكبهم من ذلك فلا يكون في بحر الهند مثلها. وهذه المدينة حيث الطول مائة وأربع وخمسون درجة واثنتا عشرة دقيقة وفي الجانب الشرقي الشمالي مدينة ملاير وهي مشهورة مقصودة للحط والإقلاع وطولها مقارب لطول كله، وعرضها مقارب لعرض لامري. وكل مدينة من المدن التي ذكرت في هذه الجزيرة على خور ويكون طول هذه الجزيرة ثمانمائة ميل من الغرب للشرق ووسعها دائر على ثلاثمائة ميل وأربعين ميلاً. وحينما تفارقها المراكب المشرفة للصين يخرج لها على اليمين واليسار طرفان يكون وسع البحر بينهما قدر ميلين. والماء هنالك ليس بالعميق ويقال لذلك المكان البنتن. وهنالك جزائر صغار يخرج منها لصوص سودان بسهام مسمومة، ومراكب عدوانية يأخذون السلب ولا يأخذون الأشخاص. قال بعض الثقات من المسافرين: كان لنا مركبان في أحدهما البضائع وأنا في الآخر، فسلم الله المركب الذي أنا فيه حتى أبلغني إلى الصين. قال رأيت هنالك رابطة بيضاء فيها (..) من البر فتعجبت من كونه هنالك مع أولئك الكفرة. وإذا خرج المسافرون من البنتن أعطوا البشارة على السلامة. ويلقى المشرف على البنتن جزائر قامرون وفي الكبرى منها مدينة الملك، في شرقي مدينة الجاوه. واسم المدينة قامرون. وقد تقدم نسبهم في جزيرة القمر. وهذه الجزيرة حيث الطول مائة وثمان وخمسون درجة

والعرض ست درجات، وله جزائر صغار كثيرة في غربيه، وطول الكبرى نحو أربعمائة ميل وعرضها دائر على مائة ميل. وفي غربي جزائره الصغار جزائر مضافة للجاوه فيها العقاقير الهندية والرصاص الكلهي، ومنها جزيرة البركان التي تقدمت من قبل. ومنها جزائر المهوى الذي لا يدرك قعره. وبعد جزائر قمرون الشمالية جبال الكافور، وهي لا تحصى ممتدة في البحر تسير المراكب منها إلى الصين. وهي تقامرون، وقد تغلب عليها أصحاب الصين أو على ما قارب ساحلهم منها. والشجر فيها كشجر الصفصاف في ورقه ولكن الشجرة منها تظل مائة رجل، والكافور صمغها. ويقال إنهم ينقرون الشجرة فتسيل منها قطع الكافور ثم تموت الشجرة بعد ذلك. قال من سار بين هذه الجبال: رأيتها بالليل مثل الكواكب في السماء تنير منها فسألت عنه فقيل لي في كل جبل منها بد، له قوم يعبدون الله فيه وهم يحيون الليل بالمصابيح للسابلة. ست درجات، وله جزائر صغار كثيرة في غربيه، وطول الكبرى نحو أربعمائة ميل وعرضها دائر على مائة ميل. وفي غربي جزائره الصغار جزائر مضافة للجاوه فيها العقاقير الهندية والرصاص الكلهي، ومنها جزيرة البركان التي تقدمت من قبل. ومنها جزائر المهوى الذي لا يدرك قعره. وبعد جزائر قمرون الشمالية جبال الكافور، وهي لا تحصى ممتدة في البحر تسير المراكب منها إلى الصين. وهي تقامرون، وقد تغلب عليها أصحاب الصين أو على ما قارب ساحلهم منها. والشجر فيها كشجر الصفصاف في ورقه ولكن الشجرة منها تظل مائة رجل، والكافور صمغها. ويقال إنهم ينقرون الشجرة فتسيل منها قطع الكافور ثم تموت الشجرة بعد ذلك. قال من سار بين هذه الجبال: رأيتها بالليل مثل الكواكب في السماء تنير منها فسألت عنه فقيل لي في كل جبل منها بد، له قوم يعبدون الله فيه وهم يحيون الليل بالمصابيح للسابلة.

الإقليم الثاني

الجزء العاشر: أول ما يلقاك منه جزائر الصين، فأولها من جهة ساحل الصين إلى الجهة الشمالية صندرفولات وهي من الجزر المذكورة في الكتب. وبينها وبين الساحل الصيني أقل من مجراوين. وطولها نحو مائتي ميل. وأوسعها رأسها الشمالي وهو نحو مائة وخمسين ميلاً. وفي جنوبها جزيرة الصنف المشهورة في الكتب التي ينسب إليها أشرف العود ويقال إنه كالشمع تنطبع فيه الكتابة وهو أبيض. وملوك الصين لا تتركه لغيرها. وطول هذه الجزيرة من الغرب إلى الشرق نحو مائتي ميل والعرض أقل من ذلك. ومدينة الصنف حيث الطول مائة واثنتان وستون درجة والعرض ست درجات. وفي غربيها جزيرة قمار التي ينسب إليها العود القماري، وهو دون الصنفي وفوق غيره. وعرض البحر بينهما أقل من مجرى. وهي قريبة من جزيرة الصنف في الطول والاتساع. ومدينة قمار طولها مائة وست وستون درجة والعرض درجتان. وفي شرقي هذه الجزائر الثلاث جزائر الصين الصغار وهي كثيرة ممتدة من الشمال إلى آخر العمارة في الجنوب وانتهاء البحر الهندي المعروف بالأخضر حيث شرقي هذه الجزائر. والطول هناك نحو مائة وسبع وستون درجة ونصف. ويبقى بين هذا البحر الأخضر والبحر الأسود المحيط أرض يمر في غربيها مع شرقي البحر خمدان الذي هو أحد أنهار العالم الكبار الكثيرة الماء. وليس بالصين نهر أطول ولا أوسع منه، ومنبعه من الجبل الكبير الحاجز بين الصين والترك مع خط الإقليم الرابع ومصبه حيث يختلط البحر الهندي مع البحر المحيط في آخر العمارة في الجنوب، فتكون مسافته نحو ثلاثة آلاف ميل وعليه من المدن عدد كبير. والذي يقع عليه في هذا الجزء العاشر مدينة قانطو وهي حيث الطول تسع وستون درجة والعرض إحدى عشرة درجة. وفي جنوبيها على شرقيه أيضاً مدينة سوسه وبينهما ست عشرة مرحلة. وهما متقاربتان في الطول، وسوسه أدخل للشرق حيث العرض درجتان. وتصب من أنهار الصين في البحر المحيط الذي شرقي خمدان ثلاثة أنهار كبار. وتقع في البحر المحيط بأقصى هذا الجزء جزائر السيلي، وهي مثل الجزائر الخالدات في البحر المحيط ليس خلفها عمارة ولكن هذه معمورة فيها خصب وخيرات وآخرها للشرق جزيرة صنجي التي بها الأصنام المشيرة اللا مسلك خلفي. وانتهاء شرقيها حيث الطول مائة وثمانون درجة. وفي جنوبي هذه الجزائر جزيرة الفضة. ذكرها بطليموس وذكر نهرها. ويقال إن أرضها كثيرة الفضة وإلى جانبها في أقصى العمارة بالمشرق جزيرة الياقوت، يدور بها من داخلها الجبل الكبير الذي ذكره بطليموس، ويقال إنه مثل جبل الراهون الذي في سرنديب يوجد فيه الياقوت أصنافاً، وآخر هذا الجزء مع خط الاستواء. الإقليم الثاني سكان ما قارب منه الإقليم الأول سودان وما قارب منه الإقليم الثالث سكانه سمر. وعرضه أربع وعشرون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة من خط الاستواء ووسعه ثمان درجات وأربع دقائق. الجزء الأول: تقع فيه الجزيرة السادسة من الجزائر الخالدات وأربع من جزائر السعادات. وينتهي صعود البحر المحيط فيه مشرقاً حيث الطول عشر درجات ثم يصعد عن ذلك جون التن من الإقليم الثاني ثلاث درجات، ووسعه أقل من درجتين. ويقال له الجون الأخضر لأن فيه أقاصير وحشيشاً أخضر كثيراً وفيه سرب التن. ويدخل مرة واحدة في بحر الرومان فيزعم الناس أنه يحج إلى حجر معلوم في جزائر البحر ثم يعود فيعيش منه أهل السواحل من بر العدوة والأندلس، ينشفونه ويرفعونه مقدداً ويحمل إلى البلاد فيخرج بأوفر ثمن في زمن العنب والتين. وذكر ابن فاطمة أنه ركب البحر المحيط مرة في نول لمطه فأخرم به المركب فوقع إلى ضباب وأقاصير وضل البحريون ولم يعلموا حيث هم حتى تركوا المركب الكبير وأخذوا زاداً في القارب الصغير وصاروا يجرونه على لحشيش وطوراً ينهضون بالمجاذيف إلى أن انتهوا بعد مدة إلى قاع هذا الجون وعاينوا من التن فيه ومن كثرته ما تعجبوا منه وكذلك من الطيور البيض ولم ينتهوا إلى البر إلا وقد كاد الزاد يفرغ. فلما انتهوا إلى تحت الجبل اللماع أشار عليهم برابرة كدالة ألا يقربوا الجبل ولم يعلموا سبب ذلك فأخذوا عنه شمالاً حتى خرجوا عن حده.

ولما خرجوا إلى الساحل لم يفهموا كلام كدالة حتى جاء شخص كان يفهم الكلامين فسألهم عن ضلالهم فأخبروه وسألهم أهل المركب عن تحذيرهم إياهم من الجبل اللماع، فقالوا كله حيات مهلكة قتالة يراه الغريب لماعاً من الحجارة المليحة الألوان فينخدع حتى يقرب منه فتهلكه ثعابينه، فبشروهم بالسلامة وابتاعوا منهم المركب وساروا معهم إلى مدينة تغيرا قاعدة كدالة وهي حيث الطول إحدى عشرة درجة والعرض عشرون درجة، وأقاموا معهم يشربون لبن النوق ويأكلون قديد الجمال حتى اتفق رحيلهم إلى نول فخرجوا معهم. قال: وبلادهم على ما هي عليه من الصحراء والرمال قد حسن فيها قصب السكر، بسبب الأنهار الخمسة التي تنزل من الجبل اللماع وقد ذكرها بطليموس وأخبر أن النهر الأوسط يعرف بنهر الحيات، وهي فيما قارب الجبل اللماع وما اتصل به من الجبال، كثيرة أرسلها الله نقمة على أهل تلك الجهات فصيروها نعمة، إذ يفضلونها في الأكل على الدجاج. ويتصل في هذا الجزء بجبل اللماع جبل لمتونه الذي كانت فيه سلطنة الملثمين، يمتد حيث الطول خمس عشرة درجة والعرض ثلاث درجات عن خط الإقليم الثاني ويمر مشرقاً آخذاً للشمال حتى يتجاوز الإقليم الثاني. وفي غربيه قاعدتهم أزقى وطولها أربع عشرة درجة ونصف ودقائق وعرضها اثنتان وعشرون درجة. ومنها يدخل إلى صحراء اللمط التي بين هذه البلاد وبلاد السودان. وقد ذكر البكري أن هذه المدينة في الجبل وهي حصن ولها نخيل ومن هذا الحيوان اللمط تعمل درق اللمط الحصينة وتدبغ في مدينة كوكدم. وهم يقتاتون بلبن النوق. وهذه المدينة في شمال أزقى وغربيها، وبينهما ثمانية أيام. وبينها وبين الخط الذي يخرج منه الإقليم الثالث درجة ونصف وهي لمسوقه المسلمين. وجبلهم في شرقها متصل بالجبل اللماع الذي يأخذ إلى الشمال حتى يتصل بجبل كزوله. وهذا الجبل طويل من البحر المحيط إلى أن ينتهي حيث الطول اثنتا عشرة درجة والعرض مع خط الإقليم الثالث. وفي جنوبيه قاعدة كزوله، وهي مدينة تغوست. وبينها وبين خط الثالث درجة. وبينها وبين البحر المحيط كزوله. وفي غربيها مدينة لمطه نول وهي حيث الطول سبع درجات ونصف وبينها وبين خط الإقليم الثالث نصف درجة. ولها نهر كبير مشهور ينزل من جبل لمطه الذي في شرقيها على مرحلتين، وعن جنوبيها وغربيها حتى يتجاوز خط الإقليم الثالث وينزل في البحر المحيط. وبينه وبين لمطه نول ثلاث مراحل. ولا يزال البحر بعد صعوده مشرقاً كلما أخد شمالاً عن الأنهار الخمسة ينزل مغرباً حتى يكون تحت نول حيث خط الإقليم الثالث على طول ست درجات. وآخر هذا الجزء في الصحراء، حصن الملح وهو مبني على ملح معدني ومنه يأخذ المسافرون الملح إلى بلاد السودان. وبينه وبين قاعدة لمتونه أزقى سبعة أيام. وبينه وبين خط الإقليم الثاني ثلاث درجات ونصف. الجزء الثاني: قال ابن فاطمة: في وضعه لا ماء ولا مرعى ولا عمارة، بل رمال سائلة وطرق مضللة طامسة. وأكثر ما يكون فيه اللمط وإنه صابر على العطش وهو على شبه الغزال لكنه أغلظ منه. وأول ما يلقاك من هذا الجزء صحراء سير التي يقطعها المسافرون ما بين سجلماسه وغانا وهي طويلة عريضة يكابدون فيها شدة العطش ووهج الحر. وربما هبت ريح جنوبية ونشفت المياه التي في القرب، فهم يعيدون إليها المياه التي في بطون الإبل ويجعلون على أفواهها الكمائم لئلا تأكل شيئاً، فإذا نشف الريح مياههم نحروها جملاً جملاً وشربوا ما في بطنها. وليس في هذا الجزء مدينة مذكورة غير أوداغست وسكانها أخلاط من البربر المسلمين، والرئاسة لصنهاجة. ولهذه المدينة وصاحبها نباهة في كتاب المسالك والممالك للبكري. وهي مع خط الإقليم الثاني حيث الطول اثنتان وعشرون درجة. وفي عرضها مدينة زافون وهي لسودان كفار. ولصاحبها بيت بين ملوك السودان ويمتد في هذه الصحراء جبل الكاف من شرقي لمتونه إلى أن يسامت أوداغست ثم يعرج إلى الجنوب فيبقى بينه وبين زافون خمس مراحل، وبه يهتدون في تلك الصحارى إلا أنهم لا يقربون منه لكثرة ثعابينه. وفي ظهره الشمالي جبل ميزاب وهو عالٍ وهر يعتصم به أهل واركلان إذا دهمهم جور من ذوي السلطان وبينهما أربعة أيام.

الجزء الثالث: قال ابن فاطمة: أوائل هذا الجزء جارية من حكم الصحارى والرمال السائلة وعدم الماء، يجري مجرى الجزء الذي قبله إلى أن يلقاك طرف جبل مقورس الذي ينبع منه نهر كوكو الداخل إلى الإقليم الأول، ثم بلاد كوار وهو سودان مسلمون وقاعدتهم اسمها كوار، وهي الآن داخلة في طاعة سلطان الكانم. وموضوعها حيث الطول خمس وأربعون درجة والعرض عشرون درجة ودقائق. وفي غربيها على مرحلتين بحيرة كوار المشهورة. طولها اثنا عشر ميلاً وعرضها ثلاثة أميال. وهي حلوة عميقة وفيها البوري يملحونه ويحملونه إلى البلاد. وفي شرق كوار على مرحلة بحيرة السول طولها عشرون ميلاً وعرضها أربعة أميال، وهي حلوة غير عميقة يظهر فيها حوت كثير الشوك وتمدها عين تأتي من جهة الجنوب من جبل صغير. وكثيراً ما تقع الفتن بين سكان كوار وبرابر الصحراء وأعراب فزان على هاتين البحيرتين إذ لا تزال هذه الفرق تنجع جهاتها. وفي شمالي كوار وغربيها من مدنهم المذكورة على الجادة، قصر عيسى، وهو على أربع مراحل منها. وغربيه على ذلك المنزع القصبة. وهي ذات نخل وكلأ، يوجد في أرضها الشب الذي يحمل إلى البلاد. ولكوار مدن وعمائر غير هذه لكنها خاملة الذكر. ولهم مجالات في الإقليم الثاني وفي شمالي الأول، وقد تخلقوا بأخلاق البيض في لبس الصوف والقطن والبرود. ويمتد جبل لونيا الكبير في جنوب هذه المدن إلى قريب من عطفة النيل المصري. ولذلك يقال إن فرعاً من ماء النيل يغوص عنده ويخرج بعد مدى بعيد في جبل مقورس المتقدم ذكره والذي خرج منه نهر كوكو وقيل غير ذلك. وفي شمالي هذا الجبل الممتد من الغرب إلى الشرق بلاد بركامي وهم سودان أهل عافية ولهم أودية بين جبال وفيها نخل ومياه وخضر. والذين يوالون منهم بلاد الكانم مسلمون. والذين يوالون بلاد النوبة نصارى. والذين يوالون زغاوه أهل أوثان. وجبل لونيا المطل عليهم الذاهب إلى بلاد كوار تنزل منه أنهار صغار يجد فيها المسافرون رحمة. قال ابن فاطمة: ويقال إنها من رشح النيل الغائص في الجبل. وفي جنوبي جبل لونيا مجالات زغاوه الكفار، ويقال لهم شعوه. وفي شمال كوار جبل غرغه ممتد من المغرب إلى المشرق بينه وبين خط الإقليم الثالث مرحلة، حكوا أن فيه نملاً كباراً على قدر العصافير. وفي شرقي كوار مع ميل إلى الشمال مجالات سندراته، وهم برابرة مسلمون ملثمون ولكنهم يورثون ابن الأخت جرياً على عادة كانت لهم قبل الإسلام. وفي طرف جبل لونيا الغربي بين جبال وأودية مدينة تادمكه، وهي معروفة عند المسافرين مذكورة في الكتب وأهلها برابرة مسلمون يكثرون من التجارة والسفر إلى بلاد السودان وهم في طاعة الكانم. وموضوعها في جنوبي الجبل وشمالي خط الإقليم الثاني حيث الطول أربع وأربعون درجة ودقائق. وفي آخر هذا الجزء من الجانب الشرقي الواحات الجنوبية وأكثرها قفار وفيها جزائر نخل في الرمال ومياه أكثرها غير عذبة. الجزء الرابع: أول ما يلقاك في غربيه، جزيرة النيل المصري على جانبيه عمائر النوبة إلى أن يكون في الوسط جزيرة بلاق وفيها مدينة بلاق المشهورة عند المسافرين وعلى هذا الذراع الشرقي وينصب تحتها نيل الحبشة.

وموضوعها حيث الطول خمس وخمسون درجة وعشرون دقيقة. والعرض تسع عشرة درجة. ثم يشرق النيل إلى أن يكون جبل الجنادل المشرق حيث الطول ست وخمسون درجة وعشرون دقيقة والعرض اثنان وعشرون درجة ونصف. ومن شماليه يبدو الحاجز الذي يمر في غربي النيل المصري إلى أن يتجاوز الفيوم. وإلى جبل الجنادل منتهى مراكب النوبة في انحدارها للشمال ومراكب مصر في صعودها إلى الجنوب لأنه عال من جهة الجنوب، والماء ينحدر منه انحداراً هائلاً. وهناك حجارة كبار مضرسة لا يمكن معها عبور المراكب، ثم يلتوي النيل إلى الشمال فيكون على شرقيه مدينة أسوان وهي أول مدن الصعيد من الديار المصرية حيث الطول سبع وخمسون درجة والعرض ثلاث وعشرون درجة. ويشرق النيل منها ثم يلتوي كالنون على خط الإقليم الثالث. وفي سمت أسوان من جهة الشرق طريق الحجاز، فمن أخذ مشرقاً فعلى الوضح. وهناك يلتقي طريق قوص مع طريق أسوان. وإنما عرف بالوضح لأن الطريق منه يتضح خالياً من الجبال المشتبكة التي في طريق قوص. وهو حيث الطول إحدى وستون درجة والعرض قريب من عرض أسوان. وأكثر ما يسلك الحجاج الطريق العليا المائلة إلى الجنوب. وغربيها العلاقي وهي مدينة ملك البجا، حيث الطول ثلاث وستون درجة والعرض عشرون درجة وثلاث دقائق. واللبجا، سودان فيهم مسلمون ونصارى وأصحاب أوثان وهم الذين يسيرون بالحجاج والتجار في تلك الصحاري على جمالهم. والمشهور عنهم الأمانة. والخوف في هذه الطريق من غارات النوبة على الجمال الصهب. وجبل العلاقي مشهور يوجد في أوديته الذهب الطيب. وتقع منه عيذاب، الفرضة المشهورة حيث الطول أربع وستون درجة ونصف والعرض إحدى وعشرون درجة وعشرون دقيقة. وعرض البحر منها إلى جدة درجتان وجدة مائلة في العرض إلى الشمال بدقائق. ومكة شرفها الله ومجدها في شرقيها مائلة إلى الجنوب قليلاً حيث الطول سبع وستون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة والعرض إحدى وعشرون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة. وفي شرقيها الطائف التي ينسب إليها الأديم الطائفي، وبينهما درجة في الطول. والطائف أعرض بدقائق، ومنها يجلب الليمون والعنب إلى مكة. وفي آخر الجزء حيث الطول إحدى وسبعون درجة وست وسبعون دقيقة والعرض إحدى وعشرون درجة وإحدى وعشرون دقيقة، اليمامة قاعدة بلادها في القديم. وبالقرب منها حجر التي صارت قاعدتها في صدر الإسلام ثم صارت قاعدة البلاد مدينة حضرموت، وهي شمالي المدينة وبينهما مرحلتان. وبين اليمامة وتهامة، بلاد نجد يسكنها في الخيم رجالة العرب، وبين نجد وتهامة السروات وهي جبال ممتدة من جنوب اليمن إلى شمال الحجاز كثيرات الغرس ينزلها فصحاء العرب. وفي شرقي جدة وجنوبها على ساحل البحر من بلاد اليمن المذكورة السرين وبينهما ثلاث مراحل. وفي شرقيها وجنوبيها من فرض اليمن المذكورة حلى وبينهما مرحلتان. وفي شرقيها وجنوبيها من الفرض المذكورة عثر، وفي غربيها في البحر جزيرة دهلك المشهورة على ألسن التجار. وطولها نحو ثمانين ميلاً، وبينها وبين بر اليمن نحو ثلاثين ميلاً. وهي للحبشة المسلمين وصاحبها يداري صاحب اليمن وله ضرائب على المراكب. وفي شرقي عثر، صعده مدينة البريد وبينها أربع مراحل، وبينها وبين خط الإقليم الثاني درجة. وحول جزيرة دهلك من جنوبها وشماليها جزائر مسكونة وخالية راجعة لصاحبها، وربما يحارب عليها مع صاحب جزيرة سواكن وهو من البحار وهو مسلم، وله ضرائب على المراكب وإنما تعدل المراكب إليه من بر العرب والحجاز واليمن لأن ذلك أرفق لها. وسواكن صغيرة جداً، أقل من ميل وبينها وبين البر الحبشي مجاز يقطع بالسباحة، وبين سواكن وعيذاب في البحر نحو سبع مراحل. وفي غربي سواكن على نيل الحبشة بلاد الباكه وهم أخوة الحبشة الذين على هذا النيل.

الجزء الخامس: أول ما يلقاك منه في غريبه نجران، وهي في آخر جبال اليمن قاعدة لولاتها حيث الطول خمس وسبعون درجة والعرض سبع عشرة درجة، وبالقرب منها مدينة يقال لها جرش ينسب إليها خلق كثير. وفي نجران أصحاب الأخدود المذكورون في القرآن العظيم. وفي شرقيها حيث الطول ست وسبعون درجة ونصف والعرض سبع عشرة درجة مدينة مارب المشهورة في زمان التبابعة، وهي آخر جبال حضرموت. وبها كان السد المذكور في القرآن. وفي شرقي ذلك، القفار التي بين حضرموت واليمامة وعمان لا يقدر أحد على سلوكها للرمال السائلة والعطش. وتقع صحار وهي مدينة عمان في القديم، حيث الطول إحدى وثمانون درجة والعرض تسع عشرة درجة وست وخمسون دقيقة وبينها وبين الرمال السائلة جبل نزوى، وهو مستطيل من الجنوب إلى الشمال يسكنه الخوارج ومدينتهم فيه واسمها نزوى، وهي حيث الطول ثمان وسبعون درجة ونصف والعرض تسع عشرة درجة ونصف. وبين قلهات قاعدة عمان المتقدمة الذكر في آخر عرض الإقليم الأول، وبين صحار المسقط، وهو محرس على جون عظيم من بحر فارس حيث الطول تسع وسبعون درجة وخمسون دقيقة والعرض ثمان عشرة درجة وستون دقيقة، وبينه وبين صحار في البحر الدردور، حيث الجبال الثلاث التي يقال لها كسير وعوير وثالث ليس له فيه خير. والماء يدور هناك فإذا وقع غليه المركب كسره على تلك الجبال. وهي على فم بحر فارس من بحر الهند. وهذا الفم عريض يكون وسعه من صحار إلى ساحل الهند نحو مائتين وثمانين ميلاً. وتقع هجر قاعدة بلاد البحرين في القديم على ساحل هذا البحر في جون أعظم من جون المسقط حيث الطول ثمان وسبعون درجة وأربعون دقيقة والعرض اثنتان وعشرون درجة وثلاثون دقيقة، وبثمرها يضرب المثل في الكثرة. وقد خربها القرامطة وعمروا مدينة الإحساء، وفيما بينها وبين اليمامة مجالات بني عامر لم يبق معهم لأحد من العرب عز في بلاد اليمامة والبحرين. ومنهم الآن ملوك الصقعين، ولا يستغرق بحر فارس من بقية هذا الجزء إلا مقدار أرض المند، وهم أخوة السند والهند وشأنهم قطع الطرق وسفك الدماء. وبلادهم هذه بين بحر الهند وخليج السند الداخل من بحر فارس في الجزء السادس. وقدر فتحة الأرض بين البحرين من الجنوب إلى الشمال مائة وستون ميلاً، ولها مدينة اسمها المند على جون خليج السند، حيث الطول خمس وثلاثون درجة ونصف والعرض عشرون درجة وثلاثون دقيقة. الجزء السادس: في ساحل البحر الهندي منه جزائر الديباجات. وقد تقدمت الكبرى منها وأشهرها على ساحل هذا الجزء من فرض الهند التي يقصدها التجار من عدن وغيرها مدينة القصى وهي منزح للمراكب يسهل عليها الحط فيها والإقلاع منها، وهي محسوبة في بلاد الجزرات وإليها ينسب اللك القصي وهو كثير في بلاد الجزرات، وهو صمغ شجر هنالك. وأهلها كفار ويعبدون الأوثان الأبداد ويسكن معهم مسلمون. وموضوعها حيث الطول مائة وسبع درجات والعرض سبع عشرة درجة وعشر دقائق. ويقع في هذا الجزء من مدن السند المذكورة في الكتب قندبيل التي يتسوق بها المند. وهي بين آخر خليج السند وبحر الهند في البرية حيث الطول ثلاث وتسعون درجة وأربعون دقيقة، والعرض على سمت صحار تسع عشرة درجة وست وخمسون دقيقة. وفي شرقيها جبال الخيزران. وفي أودية هذه الجبال يكون الساج الذي يحمل إلى فارس والعراق في البحر والقنا الهندية التي تحمل إلى الأقطار. وفي شرقيها مصب أنهار المولتان وهي كرسي ملك من ممالك السند على النهر الغربي منها، حيث الطول مائة درجة وأربع درجات والعرض مع خط الإقليم الثالث. ويقع في دخلة من البر في خليج السند مدينة الديبل المشهورة التي يجلب منها المتاع الديبلب، وهي أكبر فرض السند المشهورة واشهرها. وموضوعها حيث الطول اثنتان وتسعون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة والعرض أربع وعشرون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة.

الجزء السابع: تقع في جنوبه الساحلي من بلاد الجزرات الهندية كنباية وهي مشهورة يقصدها تجار الهند، وفيها المسلمون ولهم فيها مساجد. وهي على أول خط الإقليم الثاني حيث الطول مائة وسبع عشرة درجة ولها خور مالح تدخله المراكب الصغار. والمرسى الكبير على نصف مرحلة منها، وفي شرقيها السومانات التي تقدم ذكرها. والبحر بعدها يدخل إلى الإقليم الأول. وفي شماليها مدينة نهرووالا قاعدة الجزرات حيث الطول مائة وسبع عشرة درجة والعرض تسع عشرة درجة وأربعون دقيقة. وفي شرقيها وشماليها جاليور قاعدة العديسي من ملوك الهند. وهي مشهورة عند تجار المسلمين الذين يمرون من كنباية إلى دلهي، وهي حيث الطول مائة وتسع عشرة درجة والعرض إحدى وعشرون درجة وأربع وأربعون دقيقة. وفي الجنوب والشمال من هذا الجزء عمائر كبيرة للهند خاملة الأسماء. وفي غربيه وشماليه جبال الغشم وهم الهنود الذين لا يحسنون السياسة مع التجار فلا يدخل إليهم مسلم ولا يساكنهم أحد من غير ملتهم، وهم كالوحوش. الجزء الثامن: يقع فيه من بلاد مليبار التي يجلب منها الفلفل. وفرضتها المشهورة داخلة في الإقليم الأول. ويقع فيه قاعدة بلاد المكنونات اكنوني والجبال والمياه محدقة بها. وهي لكفار الهند حيث الطول مائة وخمس وثلاثون درجة ونصف والعرض ثلاث وعشرون درجة ونصف. وهي على شرقي نهر كنك الكبير المعظم عند الهنود وعلى غربي نهر الصوليان. وينزل إلى أراضيها من المياه والأنهار عدد كبير ويصب الجميع في هذين النهرين. فأما نهر كنك فإنه ينصب في بحر الهند. وفي غربيه طرخينه وهي فرصة المكنونات، مشهورة عند التجار المترددين على تلك البلاد، وهي مع خط الإقليم الثاني حيث الطول مسامت لأكنون. وأما نهر الصوليان فإنه ينصب إلى غربي مدينة المعبر المشهورة على الألسن. وهي قاعدة الصوليان، ومنها تجلب الملابس التي بقصارتها يضرب المثل، وهي حيث الطول مائة واثنتان وأربعون درجة والعرض سبع عشرة درجة وخمس وعشرون دقيقة. وفي شماليها مع خط الإقليم الثالث، جبال متصلة ببلاد بلهرا ملك ملوك الهند. وآخر هذا الجزء قاعدة برقلي، وهي حيث الطول مائة وثلاثة وأربعون درجة ونصف والعرض عشرون درجة وعشرون دقيقة. وفي جنوبيها خور طويل مالح يكون طوله من بحر الهند نحو مجراوين ونصف وعرضه ثلاثون ميلاً وأقله عشرة. الجزء التاسع: في غربيه بلاد برقلي وفي شرقيها خور فوفل وهو حلو طويل عريض تدخله مراكب المسافرين الكبار، وطوله من بحر الهند نحو أربع مجار، وأصله من بركة كبيرة مع الإقليم الثالث بين جبال بلهرا. وعلى شرقيه عند البحر قاعدة فوفل وهي مشهورة على ألسن المسافرين في البحر للهند. وهي لكفار الهند حيث الطول مائة وست وأربعون درجة والعرض مع خط الإقليم الثاني. وفي شرقيها جبال قاقلا ولها بلاد ومدن المذكور منها قافلا، وهي حيث الطول مائة وخمسون درجة والعرض إحدى وعشرون درجة وخمسون دقيقة. ولها نهر ينزل من جبل في شماليها فيمر على شرقيها وينصب في نهر طراغا الكبير. وفي شرقي بلاد قاقلا، الجبل الكبير الممتد من خط الإقليم الرابع، إلى بحر الهند وهو فاصل بينها وبين بلاد الحنبه. والمشهور منها قاعدة الحنبه وهي على شرقي نهر طراغا الكبير وفي شرقيها جبل الصين الفاصل بينها وبين بلاد الحنبه. ومن هناك تمتد الأنهار والجبال في الصين وهي اثنا عشر نهراً واثنا عشر جبلاً بين كل جبلين نهر. فأول ما يقع في هذا الجزء التاسع نهر زيتون، وعلى رأسه فرضة زيتون المشهورة على السن التجار الذين يصلون إلى البلاد الصينية. والمراكب تدخل إليها من بحر الصين قدر خمسة عشر ميلاً، وهي حيث الطول مائة وأربع وخمسون درجة والعرض سبع عشرة درجة ودقائق. وعلى نهر لوقين وهو الرابع من أنهار الصين مدينة لوقين وهي مشهورة بين فرض الصين، وموضوعها في خور على البحر حيث الطول تسع وخمسون درجة وخمسون دقيقة والعرض يقرب من خط الإقليم الثاني. وفي شرقيها نهر خمدان الأعظم وعليه في آخر هذا الجزء مدينة خانقو وهي مذكورة في الكتب وموضوعها على شرقيه بقرب خط الإقليم الثاني.

الإقليم الثالث

الجزء العاشر: تقع فيه بقية أنهار الصين وجبالها على ما صور في الجغرافيا. وفي شرقي الصين الجبل الفاصل بينهم وبين صين صين. وصور أهل الصين مائلة إلى صور الخلط وهي بين الترك والهنود، ولباسهم متوسط ومن عاداتهم أنهم يكشفون صدورهم. وسلطانهم يقال له البغبور وقاعدته مدينة تاجه في الإقليم الثالث، ورعيته محصورون بالجبال والحصون فلا يدخل أحد من جهتها ولا يخرج منها إلا بإذن. ويقال أن جميع طرق الصين مفروشة بالحجارة، والمزارع عن يمين وشمال، وفي أكثرها الأرز وزعمهم أنه يأكله دود يقتله اللبان فلذلك يحمل كثيراً إلى بلادهم من (..) والراوند الصيني.. كثير بهذه الأرض. ويقال إن عندهم اللفت يطبخون به وهو أخضر، اللحم. والفيلة عندهم كثيرة وعليها يحملون أثقالهم ومبانيهم أكثرها من خشب الكافور والصنوبر، ويضعون فيها أدهاناً ملاحاً ونقوشاً بديعة من نوع الكلهي، وكذلك مراكبهم، واسم المركب عندهم الزوو وهو كبير يكون فيه بين الإنسان وتحته مخزن للبضائع، ويتعاملون بسبائك الذهب والفضة الكبيرة. وعندهم فلوس من نحاس للقليل، وكلامهم صعب وكلام الهنود أحلى منه. وقد صارت مراكبهم في هذا العصر تصل إلى عدن. وفي آخر هذا الجزء من بلاد صين صين مدن معجمة. وآخر المعمور فيه جزيرة العلويين، كان بنو أمية قد بعثوهم إلى ملك الصين وأخبروه أنهم أهل جرائم اقتضت إبعادهم. فلما حضروا عنده أخبروه أنهم من بيت النبوة. فقال: يحملون إلى الجزيرة التي في آخر صين صين، وهي كثيرة الأفاعي القتالة، فإن كان كما زعموا لم تضرهم، وإن قتلتهم استريح منهم. فحماهم الله منها وسكنوا تلك الجزيرة وتناسلوا. قال البيهقي: ومنهم معظم أشراف العجم الذين يعقلون الضفائر في الرؤوس إشارة لتلك الحيات التي خلصهم الله منها. الإقليم الثالث سكانه سمر وعرضه من خط الاستواء ثلاثون درجة واثنتا عشرة دقيقة، ووسعه ست درجات غير تسع عشرة دقيقة.

الجزء الأول: ينتهي البحر المحيط فيه إلى ست درجات. وهناك مع أوله مصب نهر نول وعليه عمائر كثيرة للمطه وهو مشهور، وفي شماليه من الفرض المشهورة صمطمط. وهي قلعة على طرف خارج في البحر قطع بينها وبين البر بالماء. والطول ست والعرض ست وعشرون وربع درجة. ويقول البحريون أن بينها وبين مصب النهر خمسون ميلاً، وفي شماليها ينصب نهر ماست وعليه الرباط المشهور الذي يأوي إليه الصالحون، وبين المكانين ستون ميلاً. ومن مصب هذا النهر إلى مصب نهر السوس الذي ينبت عليه قصب السكر اثنا عشر ميلاً، وبينه وبين أجادير الطرف، وهو طرف جبل دارن الكبير الداخل في البحر ستة أميال ومنه إلى مصب نهر.. ستون ميلاً وهو في بلاد حاحه. ومنه يوسق الملح إلى تلك السواحل جنوباً وشمالاً. ومن هذا النهر إلى مصب نهر امكدول أربعون ميلاً وهو أيضاً في بلاد حاحه. وهناك جزيرة صغيرة بينها وبين النهر ميل، وهناك مشتى للمراكب، ومن هذا النهر إلى مصب نهر تانسفت الذي يمر شمالي مراكش ثمانية عشر ميلاً. وهناك فرضة أغمات وبينها وبين فرضة مراكش المشهورة الآن مدينة اسفي اثنان وثلاثون ميلاً، وهي آخر الإقليم على جون داخل والطول فيه سبع درجات والعرض ثلاثون درجة. وفي شمالي المدينة طرف داخل في البحر على أربعين ميلاً يقال له كنصلي تحذره المراكب، وتقع فيه مدينة السوس واسمها تارودنت على النهر من الجانب الشمالي، حيث الطول ثمان درجات والعرض ست وعشرون درجة وعشرون دقيقة. ولها عمائر كثيرة معجمة، ونهرها ونهر ماست ونهر نول جميعاً تأتي من الجنوب والشرق من جبل لمطه المتصل بجبل كزوله في الإقليم الثاني. وهو مار في هذا الإقليم الثالث إلى سجلماسه. وفي جنوبيه جبل سرطه وهم كسلطه من قبائل البربر الملثمين. وهو خارج من الإقليم الثاني على شرقي دارن إلى غربي سجلماسه. وفي غربيه على مرحلتين مدينة درعه وهي (..) وموضوعها حيث الطول إحدى عشرة درجة وست دقائق والعرض خمس وعشون درجة وعشر دقائق. ونهرها المشهور في غربيها ينزل من ربى حمر عند جبل درن وهو مسيرة سبعة أيام في عمائر متصلة. وأكثر ما ينبت عليه الحنا التي تحمل إلى الأقطار المغربية إلى أن يغوص ما يفضل منه في صحراء الإقليم الثاني. وفي شرقي درعه مدينة سجلماسه وهي قاعدة ولاية مشهورة حيث الطول ثلاث عشرة درجة واثنتان وعشرون دقيقة والعرض ست وعشرون درجة وأربع وعشرون دقيقة. ونهرها يأتي من الجنوب والشرق ومنبعه من جبل أزرو الكثير الحيات ومن عيونه. وينقسم منها على قسمين ثم يجتمع القسمان ويتصلا على غربيها وشرقيها ولها ثمانية أبواب من حيثما خرجت منها ترى النهر والنخيل وغير ذلك من الشجر. وينصب هذا النهر في نهر زيز الذي يمشي معه ومع نهر سجلماسه وإليها خمسة أيام في العمائر والخيرات، ثم ينصب نهر زيز في نهر ملويه الذي ينصب في بحر الرومان، ويتصل بجبل أزرو جبال صنهاجة وهي كثيرة ملتحمة ومتعرجة. وهذا القبيل أكثر قبائل المغرب، وفي كل أرض منهم خلق ويذكرون أن أصلهم من عرب اليمن، والعروبية بينهم ظاهرة. وبين جبالهم قاعدتهم مدينة تاكلا حيث الطول اثنتا عشرة درجة والعرض ثلاثون درجة. ويتصل من غربيها إلى البحر المحيط جبل درن الكبير المشهور الذي فيه بلاد المصامدة وهم المعروفون بالموحدين الذين ملكوا البربر. فأول ما فيه من الشرق بلاد هسكوره ثم غربيها بلاد هزرجه ثم بلاد هرغه وهي قبيل المهدي، وأكثرهم يزعمون أنهم من ذرية الحسين بن علي رضي الله عنهما. وفي غربيهم بلاد هنتاته قبيل الشيخ أبي حفص أعظم مشائخ الموحدين وسلطة إفريقية الآن في عقبه، وينسون إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وفي غربيهم بلاد تينملل، وهو الحصن الذي ما لمخلوق عليه من سبيل لانقطاعه بالإجراف والمهاوي من جميع الجهات، ولا يعبر إليه أحد إلا على جسر يرفع عند الحرب. وفي غربيها كدميوه وبلاد جنفيسه. وفي غربيها بلاد حاحه وهي مخصوصة بالعسل الأبيض والثيران الكبار الملاح، مثلما تينملل مخصوصة بالزيت المفضل في جميع المغرب. وفي غربيها بلاد ركراكه المخصوصة بشجر كان يفضل زيته على ما يعصر من الزيتون ورائحته عطرة، وتصنع فيها أكسية في غاية من الرفعة والنعمة بها يلتحف نساء الحضرة. وفيها نهر شفشاوه وعليه من الرمان الكبير الطيب، وهذه البلاد متصلة بالبحر المحيط. وفي شمالي جبل درن اغمات

وهي كانت حاضرة البلاد قبل بنيان مراكش، وهي ذات مياه وفواكه كثيرة. وفي شمالها بميلة قليلة إلى الغرب على نحو خمسة عشر ميلاً، حاضرة المغرب مراكش، بناها يوسف بن تاشفين المتولي سلطان الملثمين في أرض صحراوية، وجلب إليها الماء، وأكثر الناس فيها البساتين. وقد كثر وخمها ولا يكاد غريب يخلص فيها من الحمى ولا سيما الملثمة. وعلى أربعة أميال منها نهر تانسفت ينزل من جبل دارن فيمر شرقيها وشماليها وعليه أرحى وتخرج منه جداول تسقي البساتين وتنصب في نهر نفيس المليح الذي على شطيه الكروم ذوات الأعناب المفضلة والبساتين الكثيرة والعمائر المفضلة. وعند مصبه في البحر المحيط مرسى اغمات القديم. واختلف في عرض مراكش فقيل إحدى وثلاثون درجة والصواب تسع وعشرون درجة. وهي كانت حاضرة البلاد قبل بنيان مراكش، وهي ذات مياه وفواكه كثيرة. وفي شمالها بميلة قليلة إلى الغرب على نحو خمسة عشر ميلاً، حاضرة المغرب مراكش، بناها يوسف بن تاشفين المتولي سلطان الملثمين في أرض صحراوية، وجلب إليها الماء، وأكثر الناس فيها البساتين. وقد كثر وخمها ولا يكاد غريب يخلص فيها من الحمى ولا سيما الملثمة. وعلى أربعة أميال منها نهر تانسفت ينزل من جبل دارن فيمر شرقيها وشماليها وعليه أرحى وتخرج منه جداول تسقي البساتين وتنصب في نهر نفيس المليح الذي على شطيه الكروم ذوات الأعناب المفضلة والبساتين الكثيرة والعمائر المفضلة. وعند مصبه في البحر المحيط مرسى اغمات القديم. واختلف في عرض مراكش فقيل إحدى وثلاثون درجة والصواب تسع وعشرون درجة. الجزء الثاني: متصل بصحاري مقفرة ويقع فيه من البلاد المذكورة بلاد ومدينتها التي تسمى واركلان، حيث الطول عشرون درجة ونصف والعرض أربع وعشرون درجة ونصف وعشر دقائق. وهي بلاد نخل وعبيد ومنها تدخل العبيد إلى المغرب الأوسط وإفريقية، والسفر منها في الصحراء إلى بلاد السودان كثير. وفي شرقيها بلاد ريغ، طولها نحو خمسة أيام، وهي بلاد نخل ومحمضات ومياه تنبع على وجه الأرض فيصعد الماء كالسهم إلى أمد طويل ويسيح في المزارع. واسم قاعدتها تماريّه، وهي حيث الطول ثلاث وعشرون درجة. وفي شرقيها مدينة بسكرة قاعدة بلاد الزاب وهي بلاد نخل وزرع ومنها تجلب أصناف الثمر إلى حاضرتي تونس وبجايه. وهي حيث الطول أربع وعشرون درجة وخمس وعشرون دقيقة والعرض سبع وعشرون درجة ونصف. وفي شماليها مدينة المسيلة، وهي محدثة بناها العبيديون على نهر سحر من أجل الأنهار وهو يمر بغربيها وتغوص مياهه في رمال الصحراء. وهي حيث الطول ثلاث وعشرون درجة وأربعون دقيقة والعرض تسع وعشرون درجة وخمس وأربعون دقيقة. والبلاد التي حولها مجالات لعرب رياح. وتمتد الصحاري في شرقيها إلى أن يكون جبل رحوبه الذي يمتد من المغرب إلى المشرق. ذكر بطليموس أن رأسه المغربي حيث الطول ثلاثون درجة وخمسون دقيقة والعرض ست وعشرون درجة ودقائق. ويخرج منه نهر يغوص في شماليه حيث الأرض السواخة التي هي كالصابون وطالما هلك فيها من أخذ جنوباً عن بلاد الجريد وكان جاهلاً بها. وحدّها من بلاد نفزاوه إلى الصحراء. ويقع في آخر هذا الجزء من بلاد الجريد وهي بلاد التمر مدينة قفصه. وهي قاعدة مشهورة بالنخيل، والفستق لا يكاد يوجد بالغرب إلا فيها، وبها من الفواكه المشمومات خواص كثيرة ومنها يجلب دهن البنفسج وخل العنصل.

الجزء الثالث: أول ما يلقاك في غربيه من بلاد الجريد بلاد قسطلية وقاعدتها توزر ولها نخل ومحمضات، ونهرها يأتي من فوقها ويسقي بساتينها. وهي وبلادها جزائر في وسط رمال والصحارى تكتنفها وبها الكتان المفضل والنبلة والحلفا. وهي تشبه في ذلك وفي قلة المطر البلاد المصرية، وموضوعها حيث الطول ست وثلاثون درجة وست دقائق، والعرض تسع وعشرون درجة وثمان دقائق. وفي شرقيها بلاد نفزاوه وقاعدتها طره حيث الطول سبع وثلاثون درجة وعشرون دقيقة والعرض تسع وعشرون درجة، وهي أيضاً من بلاد الجريد ويجلب منها الزجاج الصافي والتفاصيل الصوفية التي تحمل إلى الإسكندرية وإلى بلاد الدروب. وتقع غدامس التي ينسب إليها الجلد المفضل حيث الطول تسع وثلاثون درجة ودقائق والعرض تسع وعشرون درجة وعشر دقائق. وهي حصون على الجادة التي تمر ببلاد الكانم، وفي شرقيها ودان وهي جزائر نخل ومياه وأولها حيث الطول إحدى وأربعون درجة والعرض سبع وعشرون درجة وخمسون دقيقة، وإليها كان يلتجئ المار في الطريق الطويلة المضنية. وفي شرقيها بلاد فزان وهي أيضاً جزائر نخل ومياه ولها مدن وعمائر أكثر من ودان، والجميع الآن في طاعة ملك الكانم. وقاعدة فزان مدينة زويلة حيث الطول ثلاث وأربعون درجة والعرض سبع وعشرون درجة وأربعون دقيقة وفي جنوبي فزان وودان مجالات أزكان وهم برابرة مسلمون أحذق خلق الله في خط الرمل، وفي جنوبه بالغرب من خط الإقليم الثالث جبل طنطه، وهو كبير يمتد من الشرق إلى الغرب نحو ست مراحل. وفي شماليه عيون تنحدر منه وتحتها مروج ينبت فيها حشيش كثير يرتاده البرابرة والعربان وتقع الحرب عليه، وفي أسفله معدن حديد جيد. وفي شمالي زويلة مدينة سرت، وهي من القواعد القديمة المذكورة في الكتب وعلى ألسن المارة، وقد خربها العرب ولم يبق فيها إلا قصور سكنها أتباعهم. وكذلك جهاتها فيها على الطريق قصور نجران العرب الذين يحرثون حولها. وموضوع هذه المدينة حيث الطول ثلاث وأربعون درجة ونصف والعرض ثلاثون درجة وهي على ساحل بحر الزقاق، وفي غربيها جون ردقية، الذي يقال له جون رديق، لادقيق. وفيما بين سرته واجدابيه يدخل البحر إلى الشمال في الإقليم الرابع وتقع منه مدينة اجدابيه حيث الطول أربع وأربعون درجة والعرض مع خط الإقليم الأول، وبينها وبين البحر أميال. ومنها إلى الفيوم مجالات عرب وبربر متفرقة وفيها صنع المعز صهاريج الماء من المطر حين عزم على فتح مصر من القيروان إذ الطريق عليها أقصر وعلى الساحل دورة. وعلى جنوبي الطريق إلى الإسكندرية أوجله وهي جزيرة في تلك الرمال وعمارة في تلك الصحارى فيها ماء ونخل وهي تحت خفارة هيت، وهي حيث الطول ثمان وأربعون درجة واثنتان وخمسون دقيقة وفي سمت عرضها مدينة سانتيرية حيث الطول خمس وأربعون درجة وستون دقيقة، وهي أيضاً جزيرة نخل ومياه في صحارى، والجبال محدقة بها والعربان مطلون على جهاتها ويكفهم عنها أنها من بلاد السلطنة المصرية. وفيها رمان يكون في أوله مراً ثم يكون حلواً إذا طاب. وفي أرضها شجرات من النخل وحب اللوز يجلب إلى الإسكندرية فيتعجب الناظرون منه، وهي مهلكة بالوباء لأهلها فكيف بالغرباء. وبين البحر وبينها حيث العقبة الصغيرة ثمان مراحل. وفي شرقيها وجنوبيها الواحات الشمالية وهي جزائر نخل ومياه على نوع ما تقدم. ويجلب منها الشب والزاج. وفي شماليها بلاد الفيوم ولا يدخل إليها إلا من الصحراء، والجبل دائر بها يمتد بينها وبين بحيرتها. وقطر ذلك كله نحو يوم. وتقع مدينتها التي يحل بها الوالي حيث الطول ثلاث وخمسون درجة والعرض ثمان وعشرون درجة وثمان دقائق. ونهر يوسف عليه السلام يقسمها إلى نصفين ويمر بها حتى ينصب في البحيرة المشهورة بكثرة الطير والسمك. ويقال أن يوسف عليه السلام دبر الفيوم ووضع فيها على ذلك الماء الذي أخرجه من النيل (..) على عدد أيام السنة. وهي كثيرة الغلات والسكر والكتان والفواكه. ويقع في آخر هذا الجزء قاعدة الديار المصرية وهي القاهرة التي بناها جوهر، غلام المعز العبيدي، في شرقي النيل وفي جنوبيها على ميل من مدينة الفسطاط التي اختطها عمرو بن العاص حيث الطول ثلاث وخمسون درجة وخمسون دقيقة والعرض تسع وعشرون درجة وخمس وخمسون دقيقة.

الجزء الرابع: يقع فيه انحدار المنهى وهو نهر يوسف عليه السلام الذي دبره من النيل حيث ذروة السريان بالجانب الغربي، وموضوع ذلك حيث الطول ست وخمسون درجة وأربعون دقيقة والعرض سبع وعشرون درجة وست وخمسون دقيقة، فيمر النهر مغرباً مسامتاً لجزيرة النيل إلى أن يكون اللاهون، حيث الطول أربع وخمسون درجة ونصف وقريباً من العرض المتقدم، وهو سد جعل فيه أبواب نهر، حفر احتياطاً لزيادة ماء نهر الفيوم. فإذا زاد على قدر الكفاية، نفس عنه من تلك الأبواب بما يخرج بالزيادة في ذلك النهر المحفور. وفي شرقي خروج المنهى مدينة أسيوط. وفي جهتها جبل الطير، وحديثه أنه يحج إليه الطير في كل سنة وينزل منه واحد يتعلق في سقيف هنالك مشهور. ولأسيوط جزيرة لا يوجد الأفيون المستعمل في الطب إلا فيها وهو من حشائشها. وفي شرقيها جبل الطيلمون يدخل في النيل فينزعج الماء بسببه في المكان الضيق انزعاجاً شديداً تحذر منه المراكب. وفي جنوبيه وجنوب البلاد المتقدمة الذكر جبل جالوت، وهو ممتد من فوق الواحات إلى أن يسامت اللاهون، ويقال إن فيه مطالب كثيرة وعليه كتب بأيدي المشتغلين بذلك. ونسب إلى جالوت على زعمهم، لأنه لما فر من فلسطين حيث قتل جالوت الذي كان قبله، أقام بهذا الجبل ومنه دخل بولده وقومه إلى المغرب. وفي جنوبي هذا الجبل اللازورد، زعموا أن فيه معدناً له وامتنع من استخراجه لانقطاع العمارة. وتقع مدينة اخميم من هذا الجزء على شرقي النيل حيث الطول خمس وخمسون درجة ونصف والعرض ست وعشرون درجة وخمس وثلاثون دقيقة. وتقع مدينة قوص حيث الطول سبع وخمسون درجة وثلاثون دقيقة والعرض ست وعشرون درجة وهي في شرقي النيل. وفي شماليها وشرقي اخميم جبل الزفت العالي الذي يظهر من الطور بالبر المشرقي. والقصير فرضة قوص المشهورة على بحر القلزم، تقع حيث الطول تسع وخمسون درجة، والعرض قريب من قوص. وأول بحر القلزم في هذا الجزء وهو منتهاه، حيث الطول خمس وخمسون درجة والعرض ثلاثون درجة. ومن هناك تسافر مراكب الحجاج وتجار اليمن. والبحر هنالك ضيق كالنهر ثم يأخذ في الاتساع إلى الجنوب والشرق إلى أن يكون اتساعه عند بحر الغزال نحو سبعين ميلاً. والبحر داخل في الإقليم الرابع وكذلك الطول. وايله على خورها. ثم ينتشر البحر إلى الإقليم الثالث فتكون مناهل حجاج مصر على ساحله. وبالقرب منه تقع مدينة مدين الخراب المذكورة في الكتب، حيث الطول إحدى وستون والعرض سبع وعشرون درجة واثنتان وخمسون درجة، وبينها وبين البحر نحو خمسين ميلاً. وفي واديها مسير الركب الحجازي. ويكون عرض البحر عند ساحله نحو مجرى. وفوق ذلك المكان مسامتة القصير من الجانب الغربي. وفي جنوب مدين وشرقيها من المنازل المشهورة والفرض المذكورة الحورا، كانت محل حط وإقلاع خربها العرب. وهي حيث الطول ثلاث وستون درجة وعشرون دقيقة والعرض سبع وعشرون درجة واثنتان وأربعون دقيقة. وفي جنوبيها وغربيها جزائر الغول وهي صغار تنيف على مائة جزيرة، ويأوي إليها سودان عراة يتكلمون بكلام مغلق ثقيل، ولهم مراكب على قدرهم وبيوت من قصب وحشيش ولا عيش لهم إلا من السمك، يصيدونه ويجعلونه في ماء البحر معرضاً للشمس، وذلك يملحونه ثم ينشفونه ويحملونه مقدداً إلى الطور والسويس، فيبيعونه إلى نصارى الكرك والشوبك، بالزبيب والزيت والزيتون ونحو ذلك. ويقع في هذا الجزء حيث الطول أربع وستون درجة وست وخمسون دقيقة والعرض سبع وعشرون درجة، مدينة خيبر المشهورة بسكنى اليهود. وأهلها سودان يذكرون أنهم مسلمون كانوا عبيداً لعلي رضي الله عنه. ومقالة اليهود عليهم بادية. وفيما بينها وبين المدينة النبوية الينبع وبها عيون وخضر وحصن، وهي منازل بني الحسن رضي الله عنه. وموضوعها حيث الطول أربع وستون درجة والعرض ست وعشرون درجة. ولها فرضة على بحر الحجاز على مرحلة منها ينزل فيها الحجاج الذين يقصدون المدينة.

وموضوع المدينة النبوية، على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، حيث الطول خمس وستون درجة وعشرون دقيقة والعرض خمس وعشرون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة. وفي شرقيها العوالي، وهي من السروات الممتدة من أول اليمن إلى الكرك بالشام. وفي شرقيها وشماليها تقع جبال طي وهي ثلاثة يمر بها حجاج الكوفة. الغربي منها وهو الأول حيث الطول ثمان وستون درجة والعرض حيث رأسه الجنوبي ثمان وعشرون درجة وأربعون دقيقة. ومن هنالك إلى آخر الجزء الرابع مجالات بطون طيّ وهي الباقية في الحجاز إلى عصرنا. الجزء الخامس: أول ما يلقاك منه مجالات خفاجة، وهم عرب العراق في عصرنا، وغاراتهم متصلة على البلاد التي صارت في إيالة التتر وكلما طلبوهم دخلوا الصحارى في الحجاز. ثم في شرقيها مجالات بني عامر عرب اليمامة والبحرين. وتقع مدينة البحرين قاعدة بلادها المشهورة على بحر فارس، حيث الطول تسع وسبعون درجة والعرض خمس وعشرون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة. والبحر يدخل في البر من جانبيها ولذلك عرفت بهذا الاسم. وفي شرقيها جزيرة أوال وهي مستطيلة من أول خط الإقليم الثالث إلى حيث العرض ست وعشرون درجة وهي ضيقة أعرض ما فيها عشرة أميال، وبينها وبين البحرين نحو ستين ميلاً، وبها كثير من بقايا القرامطة، وهي كانت مركزهم. وفي شماليها مع خط الإقليم الرابع جزيرة خارك المشهورة بمغاص اللؤلؤ وهي في جنوبي جنبه من مدن فارس. ووسط هذه الجزيرة في خط الإقليم الرابع حيث الطول ثمان وسبعون درجة، وهي من الجزائر الصغار التي لا تبلغ عشرين ميلاً. وفي شرقيها وجنوبها جزيرة كيش وهي مشهورة عند المسافرين وفيها مغاص اللؤلؤ وفيها خواص وأغنياء ومنها أهل فضل. وقدرها اثنا عشر ميلاً ووسطها حيث الطول ثلاث وثمانون درجة والعرض سبع وعشرون درجة. وفي شرقيها فرضة كرمان المشهورة على ألسن المسافرين، وهي مدينة هرمز على خور مالح تدخله المراكب من بحر فارس. وموضوعها حيث الطول أربع وثمانون درجة والعرض ثمان وعشرون درجة وعشرون دقيقة. ويقع في هذا الجزء من فرض مكران تيز حيث الطول ست وثمانون درجة والعرض ست وعشرون درجة وعشرون دقيقة. وفي شرقيها من فرض مكران كير. وبينهما على الساحل ثمانون ميلاً. ثم مدينة قنبلي، وهي حيث الطول سبع وثمانون درجة وخمس وخمسون دقيقة والعرض أربع وعشرون درجة واثنتان وأربعون دقيقة. وتقع قاعدة مكران، مدينة فيروز، حيث الطول سبع وثمانون درجة والعرض ست وعشرون درجة وستون دقيقة. الجزء السادس: أول ما يلقاك منه بطائح الزط، وهم أمة من عورام السند وبواديهم يضرب بها المثل في الركاكة، ومنازلهم في أخصاص كرجالة البرابر على أنهار وبرك واصلها من نهر البيرون. وفي شرقيهم مدينة البيرون التي ينتسب إليها أبو الريحان البيروني المتفنن في العلوم القديمة والحديثة وهو تلميذ ابن سينا. وهذه المدينة من فرض بلاد السند التي على خليجهم الملح الخارج من بحر فارس، والنهر المنسوب إليها في شرقيها ينصب في الخليج ومنبعه من جبال كابل المتصلة بجبال تخارستان، وهي هنالك منبع بعض الأنهار مثل جيحون الجاري إلى الشمال. وموضوع البيرون حيث الطول إحدى وسبعون درجة واثنتان وخمسون دقيقة. ويمر الخليج فينزل إلى الإقليم الثاني حيث مدينة الديبل التي تقدم ذكرها، ثم يقف مع خط الإقليم الثالث وينصب فيه هناك مهران الكبير على مقربة من الديبل. وفي شرقي ذلك حيث الطول خمس وتسعون درجة ونصف والعرض أربع وعشرون درجة واثنتان وأربعون دقيقة، قاعدة السند وهي المنصورة. والنهر في جنوبيها، ويحدق بها ذراع من مهران يرجع غليه فتصير من ذلك في جزيرة وتقع في شماليه قاعدة كابلستان، كابل التي ينسب إليها الخليج الكابلي. وفي جبالها عقاقر هندية وكانت من ثغور المسلمين في وجوه الهند وقد حصلت مع السند في إيالة التتر.

وموضوعها حيث الطول مائة درجة والعرض ثمان وعشرون درجة، ولها مدن وعمائر عظيمة. وفي غربيها مدينة غزنة العظمى، حيث كان سرير سلطنة محمود بن سبكة صاحب الغزوات المشهورة في الهنود، ثم كان بها سلاطين الغور الذين فتحوا كثيراً من قواعد الهند، وبقايا ممالكهم إلى الآن في مدينة دلهي لم يقدر عليهم التتر. والإسلام عزيز في حوزتهم. وغزنة المذكورة تقع حيث الطول اثنتان وتسعون درجة وإحدى وخمسون دقيقة والعرض ثمان وعشرون درجة وأربع وخمسون دقيقة ولها مدن معجمة. الجزء السابع: أول ما يلقاك من خط الإقليم الرابع مدينة القندبار وهي من قواعد بلاد الهند حيث الطول مائة وعشر درجات، ويقال إنها إحدى الإسكندريات التي بناها الاسكندر في الأقطار. ولما فتحها المسلمون بعد كابل صارت ثغراً في وجه الهند، وهي على النهر المنسوب إليها والذي ينزل من الجبال المنسوبة إليها التي في غربيها، ويمر النهر بجنوبها ويحتضنها منه باع فتبقى في وسط الماء وينزل النهر الصغير في النهر الكبير الذي ينزل في مهران. وعلى نهر السند في هذا الجزء، وجبال كفار الهنود في جانبه الجنوبي وفي شماليه، بلاد معجمة للمسلمين. وكفار الهند الكائنين تحت الذمة كانت مضافة للقندبار. وفي شرقي ذلك بلاد كفار الهند إلى أن يدخل في بلاد هندوستان التي فتحها غياث الدين الغوري صاحب غزنة وأخوه شهاب الدين. فأولها من كراسي الملك المشهورة يافون. فيها نائب سلطة من سلطان دلهي، وهي حيث الطول مائة وثلاث وعشرون درجة والعرض ست وعشرون درجة وخمس عشرة دقيقة. ولها بلاد معجمة ورعاياها هنود كفار والجند ترك مسلمون. ومياه هذه البلاد برك من مياه الأمطار يقولون لها البلاحات. الجزء الثامن: أول ما يلقاك منه بلاد هاشي التي قاعدتها في الإقليم الرابع. وفي شرقيها قاعدة بلهرا ملك ملوك الهند، وهي مدينة القنوج، التي أطال غزوها والتردد عليها السلطان محمود على مسيرة ثلاثة اشهر. وموضوعها حيث الطول مائة وإحدى وثلاثون درجة وخمسون دقيقة والعرض تسع وعشرون درجة. وهي بين ذراعين من نهر كنك المعظم عند الهنود، وتصير بهما جزيرة. وعلى جانبي هذا النهر، في انحداره من هنالك حتى بحر الهند، قلاع البراهمة التي لا ترى. وهم عباد الهند الذين ينسبون إلى البرهمن وهو أول حكمائهم وسلاطينهم الذين اجتمعت لهم ممالك الهند وأديانها. وهم لا يرون يؤكل ما فيه روح. والأبداد عندهم. الواحد عندهم يخلد في هذا العالم لأنه صفا وتروحن واستحق ذلك. ولهم في هذا الباب خوارق. وعبادتهم دائرة على رقص الجواري ولعبهن في الأبداد. ومن أراد التقرب منهن حرق نفسه أو دخل إلى نهر كنك المذكور. وهنالك شجر القنا في غاية الارتفاع وقوم مرتبون ولهم سيوف مسلولة وخناجر قائمة لبعض المتقربين يربط رأسه في طرف قناة ثم يحني عنقه فينزل الرأس وترتفع القناة على شط النهر. وآخر يلقي نفسه من شاهق على تلك السيوف والخناجر فيقطع. وآخر يغرق نفسه في النهر. ويزعمون أن هذا النهر من الجنة، وأنه متى جعلت فيه القاذورات أظلم جوه وامتلأت أرجاؤه من الرياح والأمطار والصواعق. وقد جرب ذلك السلطان محمود عند عقبة عوزك، فوجد ذلك صحيحاً. واطلب ذلك في التاريخ اليمني الذي صنفه أبو النصر العتبي في سريته. والمشهور من المدن التي على هذا النهر في هذا الجزء عوص. وهي على غربيه في جادة الطريق التي يسلكها تجار المسلمين في ساحل المكنونات إلى دلهي. وسكانها من كفار الهنود لكن لهم سياسة في مسلك التجار عليهم. وموضوعها حيث الطول مائة وثلاثة وثلاثون درجة والعرض سبع وعشرون درجة ونصف. ومن شرقي هذا النهر إلى آخر هذا الجزء جبال بلهارا، فيها كثير من بلاد الهند المعجمة. وهذه المملكة عندهم أعظم ممالك الهند ولصاحبها يدين سائر ملوكهم وفيها الفيلة الكثيرة والكركدنات التي تقطع الطرق فلا يسلكها إلا الجمع. ويقال إن الفلفل ينبت في مجاري مياهها بحيث لا يصل إليه أحد وتأخذه السيول فيلتقط وينشف.

الإقليم الرابع

الجزء التاسع: يمر منه في جبال بلهارا إلى حيث الطول مائة وتسع وأربعون درجة، ثم يدخل في قاقلا التي تقدمت قاعدتها وتتصل جبالها التي في هذا الجزء من غربيها بالجبل الحائل بينها وبين بلاد الحنبه. وفي شرقي هذا الجبل تقع مدينة أطرغا، وموضوعها حيث الطول مائة وخمسة وثلاثين درجة والعرض سبع وعشرون درجة وأربعون دقيقة. وهي أربع مدائن على النهر المنسوب إليها وعلى الذراعين الخارجين منه. ومنبع هذا النهر من الجبل الكبير الذي في غربيها بالقرب من خط الإقليم الرابع حيث الطول اثنتان وخمسون درجة. ويمر من هناك إلى الجنوب وعلى جانبيه عمائر الحنبه إلى أن ينصب في بحر الهند. وفي مدينة أطرغا يكون ملك هذه البلاد وسمته الحنبه. وفي جنوبي أطرغا الجبل المنسوب إليها، يمتد إلى أن يتصل بجبل الصين وتتشعب منه جبال فيها الكثير من عقاقير الهند والفيلة الكثيرة. وفي شمالي هذا الجبل وشرقي أطرغا بحيرة المدن الأربع وهي كبيرة ومدورة، ومركزها حيث الطول مائة وست وخمسون درجة والعرض ست وعشرون درجة ونصف. وطولها مثل عرضها درجتان. ويقع باب الصين الأعظم وهو مشيد بالبناء مع الحبل الكبير حيث الطول ستون درجة وعرضه مع خط الإقليم الرابع. وفي شرقيه في آخر الجزء مع خط الإقليم الرابع قاعدة الصين، وهي مدينة تاجه وفيها البغبور ملكهم الكبير. ومن الجبل الكبير الذي في شماليها ينزل خمدان، وهو أكبر أنهار الصين، وتصير المدينة بين ذراعيه جزيرة وينزل منه نهران، نهر يمر على هذا الجزء إلى الجنوب حتى ينصب في بحر الهند والفرع الأعظم يأخذ مشرقاً في الجزء العاشر. الجزء العاشر: أول ما يلقاك منه في بلاد الصين نهر خمدان إلى الشرق ثم ينصب في بحيرة كبيرة تنصب فيها أنهار صغار من جبل الصين، ثم يخرج من جنوبيها نهر خمدان الكبير وقد عظم فيمر في الإقليم الثالث وما بعده إلى آخر خلف خط الاستواء، في الصحاري المحيطة بهذه البحيرة قريباً وبعيداً من عمائر الصين. ومدنه المعجمة كثيرة والمذكور منها هاهنا صينية، وهي القاعدة القديمة وبها كان السلطان. وموضوعها حيث الطول مائة وسبع وستون درجة والعرض ست وعشرون درجة ودقائق. وهي على شرقي نهر ينصب من جبل الصين وعليه عمائر كثيرة. وفي هذه المدينة يعمل الفخار الصيني ويجلب له الطين من أرض كثيرة الفضة في مشارق الصين. ويقال إن صانعه لا ينتفع به وإنما ينتفع به وارثه. وفي شرقي هذه المدينة جبل صين صين الحائل بينها وبين الصين. وفي شرقي هذا الجبل من صين صن المعجمة الأسماء ما همل ذكره في الكتب وعلى الألسن. وتقع القاعدة وهي مدينة منزي التي لم يقدر عليها التتر بحيلة ولا حصار، حيث الطول مائة وست وتسعون درجة وثلاثون دقيقة والعرض ست وعشرون درجة. وهي على نهر مستمر ينزل من الجبل المذكور ويمر مشرقاً ويتسع اتساعاً كبيراً ثم يختلط في آخر العمارة بالبحر المحيط. وينزل إليه من الجبل الكبير الشمالي أنهار كثيرة عليها عمائر صين صين. والحرير المنزي نهاية في الطيب. الإقليم الرابع قال ابن فاطمة: هو عندهم أعدل الأقاليم وأحسنها حيواناً ونباتاً. والكلام في تفصيله يطول. وهو أوسط الأقاليم السبعة وخير الأمور أوسطها. وسكانه بين البياض والحمرة والسمرة والصفرة. ولما كان الإقليم الثالث في جنوبيه والإقليم الخامس في شماليه، حكم لهما بالاعتدال ولاحت لهما مشابهة من الرابع. وعرض هذا الإقليم الرابع ست وثلاثون درجة ووسعه من جنوبيه إلى شماله ست درجات وتسع عشرة دقيقة.

الجزء الأول: تقع فيه جزائر السعادات الأربع التي رسمت، ويصعد البحر المحيط في ساحله إلى حيث الطول ست درجات ونصف، فيقع هناك مازغان، وهي فرضة مشهورة تحمل منها المراكب القمح إلى سبتة وغيرها. وبينها وبين أسفى فرضة مراكش، خمسون ميلاً. ولها طرف يدخل في البحر اثنا عشر ميلاً. وفي شماليها نهر أم ربيع المشهور وتدخله المراكب المتوسطة. وعلى جنوبيه مدينة أزمور على ميلين من البحر وسكانها أكثرهم صنهاجة، وهي قاعدة لولاتها. وبينها وبين طرف مازغان اثنا عشر ميلاً. وفي شمالي هذا النهر على خمسين ميلاً الفرضة المشهورة بالفتح آنفاً. ومعظم سكانها برغواطه وفي شماليها على ستين ميلاً مصب نهر سلا. وهو صعب على دخول المراكب لا يهتدي إلى مسالكه غير قوم يعرفون بوقاصة، وينسبون إلى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه. وعلى جانبه الجنوبي عند المصب، مدينة رباط الفتح التي بناها عبد المؤمن أولاً فتممها على منزع الإسكندرية، المنصور بن عبد المؤمن وعزم أن يجعلها عوضاً عن مراكش، فعالجته المنية. وفي مقابلها على شمال النهر مدينة سلا المشهورة، حيث الطول سبع درجات وعشر دقائق والعرض ثلاث وثلاثون درجة ونصف. وفي شماليها مصب نهر المعمورة وهو من أنهار المغرب المشهورة، مخصوص بالحوت الطيب المعروف عندهم بالسائل، الذي يكون في اختلاط الماء المالح بالحلو ويحمل من هناك إلى الأقطار. وبين المصبين ستة عشر ميلاً، ويقال له أيضاً نهر سبو. وهو ونهر سلا لا يعبران إلا على جسر. وفي شماليه، على ستين ميلاً مصب نهر القصر وهو مشهور عند المسافرين في البحر المحيط وعلى جانبه الجنوبي عند البحر العرائش، وعلى جانبه الشمالي تشمس. وكانتا مدينتين في مدة العلويين ثم صارتا قريتين. ومن هذا المصب إلى مدينة ارباد على البحر المحيط عشرون ميلاً. وهي محل خط وإقلاع، حيث الطول ثمان درجات غير عشرين دقيقة والعرض أربع وثلاثون درجة وأربعون دقيقة. ومنها تشرق المراكب قليلاً قليلاً إلى فم الزقاق، وهو يدخل بحر الإسكندرية من البحر المحيط، وفي جانبيه الجنوبي طرط اسبرتال داخل في البحر. وعلى جانبه الشمالي الطرف الأغر على ذلك المنزع، وطالما تكسرت عليهما المراكب في هول البحر لملاطمة الأمواج على طرفيه ولانزعاج دخول الماء وخروجه. والسفر بين طرفيه أربعون ميلاً من ازيلا إلى طرف استريال ثم يضيق الزقاق بين بر العدوة وبر الأندلس فيكون قدر ثمانية عشر ميلاً. وطوله إلى جبل الميناء الذي على سبتة أربعة وأربعون ميلاً وهي على البحر المحيط. قال البكري: إن اتساع البحر عندها ثلث مجرى وهو أضيق بقليل عندما يشرق عنها إلى أن يكون عند قصر المجاز ثمانية عشر ميلاً. وبينه وبين طنجة ثمان درجات وإحدى وثلاثون دقيقة وعرضها خمس وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة. وتكون سبتة المشهورة حيث الطول تسع درجات والعرض خمس وثلاثون درجة ونصف. وهذه المدينة بين بحرين وهي ركاب البرين، شبه الإسكندرية في كثرة الحط والإقلاع وفيها التجار الأغنياء الذين يبتاعون المركب بما فيه من بضائع الهند وغيرها في صفقة واحدة ولا يحوجون صاحبها إلى تقاض. وهي الآن غير راجعة إلى سلطان بل يديرها الفقيه العرفي. وعسكرها في أسطولها في المراكب التي ترد عليها من البحر المحيط ومن ريف عمارة. وآخر هذه الجزيرة قادس وهي صغيرة قدرها اثنا عشر ميلاً.

وموضوعها حيث نصفها الجنوبي في الإقليم الرابع والنصف الشمالي في الإقليم الخامس وطولها قريب من طنجة. ويقابل قصر المجاز من الأندلس طريف. وأمامها في البحر جزيرة صغيرة يعرفها المسافرون فيقولون لها جزيرة طريف كما نقول الجزيرة الخضراء. وإنما هي أمام سبتة في بر الأندلس لكن في جهتها جزيرة خضراء عرفت بها. وأمام هذه المدينة في جنوبها جبل الفتح المشهور الذي فتحت منه الأندلس. هكذا يعرفه الناس. واسمه في الكتب جبل طارق. وهو مولى موسى بن نصير فاتح الأندلس. وهذا الجبل يظهر في البحر من سبتة وهو عال في البحر، وفيما بينه وبين الجزيرة الخضراء، الميناء المشهور فيه ترسو مراكب سبتة وغيرها فما للنوء عليها من سبيل. والبحر من شرقي سبتة يأتي إلى الجنوب فيمر قريباً مع خط الإقليم الخامس بجزيرة الأندلس. فأول ما يلقاك في بر العدوة بعد سبتة جبل غماره العالي الطول، العريض، فيه من الأمم ما لا يحصيهم إلا الله تعالى. ومنه يحمل خشب الأرز الذي تنشأ منه الأساطيل، ويعرف في الأبنية الملوكية ويحمل إلى الآفاق. وبينه وبين سبتة ستة وعشرون ميلاً، وإلى نهر لو النازل منه عشرة أميال وهو كبير تدخله المراكب وتسير فيه إلى مدينة باديس. وهي من أشهر فرض غماره وذلك الساحل يعرف بالريف. ومن باديس إلى المزمة مثل ما بين باديس إلى سبتة مائة ميل. وهي فرضة مشهورة. ومنها إلى مدينة مليله مائة ميل. وينصب على شرقيها على عشرة أميال نهر ملويه الكبير المشهور الذي ينزل فيه نهر زيز وينزل فيه نهر سلجماسه. فتكون مسافته من منبع سجلماسه في الجنوب نحو مائة ميل. ومنها إلى أرشغون فرضة تلمسان وحيث ينصب النهر الذي ينصب فيه نهر يسر الكبير سبعون ميلاً. ومنه إلى فرضة هونين اثنا عشر ميلاً. ومنها إلى فرضة وهران المشهورة ثمانون ميلاً. وهي آخر فرض هذا الجزء من المدن العدوية. وميناؤها مشهور مأمون في الهول. ويقابل مدينة باديس من بر الأندلس مالقه. وهي مع خط الإقليم الخامس وعرض البحر بينهما درجة. ومنها يحمل التين المالقي واللوز إلى الأقطار. ويقابل المزمة فرضة المنكب وهي مع الخط المذكور وفي ساحل غرناطة وعرض البحر هنالك مجرى. ويقابل ارشغون مدينة المريه المشهورة التي كانت لها دار صناعة الأندلس وكان فيها ديوانها. وهي أيضاً مه الخط المذكور، ويصنع فيها وفي مالقه وفي مرسية ثياب الحرير الموشاة بالذهب ذات الصنائع الغريبة. وعرض البحر هنالك درجتان. وتقع تلمسان المشهورة حيث الطول أربع عشرة درجة وأربعون دقيقة والعرض ثلاث وثلاثون درجة واثنتان وأربعون دقيقة. وبينها وبين ارشغون عشرون ميلاً. وبينها وبين هونين ثلاثون ميلاً. وهي الآن قاعدة بني عبد الواد من زناتة. ومنها تحمل ثياب الصوف المفضلة على جنسها المصنوع في سائر المغرب. وتحمل منها الجم الخيل والسروج وما يتبع ذلك. والأندلسيون يقولون كأنها من مدن الأندلس لمياهها وبساتينها وكثرة صنائعها. ويقع في غربيها بانحراف إلى الجنوب مدينة الرباط حيث الطول اثنتا عشرة درجة والعرض ثلاث وثلاثون درجة غير عشر دقائق. وفي غربيها مدينة فاس حيث الطول عشر درجات وستون دقيقة والعرض ثلاث وثلاثون درجة. وهي من خواص المغرب الملأى بالخيرات والصنائع الغريبة. ويقال إن فيها من العيون عدد أيام السنة. ويسقيها نهرها الآتي من المرج الذي في شرقيها وينصب في نهر سبو الذي يمر على شماليها. وفي شرقي فاس جبل مديون يمتد إلى الجنوب، وفيه تعمل البرانس المديونية التي لا ينفذ منها المطر. ويختلط هذا الجبل من جنوبه بجبل درن ومن شماله بجبال تازا وجبال غماره. ومن الجبال التي في جنوبي فاس ينزل نهر سبك، ومنها وفي جنوبي هذا النهر، ينزل نهر أم ربيع. ومن الجبال التي في شمالي فاس ينزل نهر يسر، وكلها تنصب في البحر المحيط على ما رسم. وفي شمالي فاس مدينة مكناس المشهورة الكثيرة الزيتون. وينزل من جبال غمارة التي في شرقيها نهر فلفل ويمر بجنوبيها وينصب في نهر سبو. وبينها وبين فاس أربعون ميلاُ. وفي غربيها بانحراف إلى الشمال مدينة القصر، ويعرف بقصر عبد الكريم وبقصر كتامه وهم بادية. وموضوع هذه المدينة حيث الطول ثمان درجات ونصف والعرض أربع وثلاثون درجة وأربعون دقيقة، وهو على شمالي النهر المنسوب إليه. وبينه وبين سبتة أربعة أيام. وبين نهر سلا ونهر سبو جبال

فازاز، وهم برابرة لهم في الخيل نتاج مشهور ولهم قلعة في هذا الجبل يخزنون فيها طعامهم ومحارثهم في تلك الجهات. وفي تلك الجهة معدن للفضة وأخوه معدن رقيد في جنوبي درن. وفي شرقي جبل مديون جبال مدغرة، وهم من قبيل عبد المؤمن، وهو أعلى هذه الجبال حيث الطول ثلاث عشرة درجة والعرض سبع وثلاثون درجة، ويتبع نهر ملويه الكبير الذي تقدم ذكره. وفي شرقي جبال مدغرة جبال يسر ومنها ينبع نهر يسر المتقدم الذكر، ويتصل بها من شرقيها جبل وانشريش الذي تعمل فيه البسط الملوكية، وهي لبني توجين من زناته، ممتد بقرب خط الإقليم الثالث. ومنه ينبع نهر الشلف الكبير المشهور ويخرج من هذا الجزء إلى الثاني وينصب عند مستغانم، وهو مثل النيل يزيد أيام نقص الأنهار، وعليه مجالات مغزاوه من زناته. ز، وهم برابرة لهم في الخيل نتاج مشهور ولهم قلعة في هذا الجبل يخزنون فيها طعامهم ومحارثهم في تلك الجهات. وفي تلك الجهة معدن للفضة وأخوه معدن رقيد في جنوبي درن. وفي شرقي جبل مديون جبال مدغرة، وهم من قبيل عبد المؤمن، وهو أعلى هذه الجبال حيث الطول ثلاث عشرة درجة والعرض سبع وثلاثون درجة، ويتبع نهر ملويه الكبير الذي تقدم ذكره. وفي شرقي جبال مدغرة جبال يسر ومنها ينبع نهر يسر المتقدم الذكر، ويتصل بها من شرقيها جبل وانشريش الذي تعمل فيه البسط الملوكية، وهي لبني توجين من زناته، ممتد بقرب خط الإقليم الثالث. ومنه ينبع نهر الشلف الكبير المشهور ويخرج من هذا الجزء إلى الثاني وينصب عند مستغانم، وهو مثل النيل يزيد أيام نقص الأنهار، وعليه مجالات مغزاوه من زناته.

الجزء الثاني: أول ما يلقاك منه مدينة تنس، وهي مشهورة بكثرة القمح. ومنها يحمل في المراكب إلى سواحل الأندلس وغيرها. وهي الآن قاعدة مغزاوه من زناته، وموضوعها حيث الطول ثمان عشرة درجة واثنتا عشرة دقيقة والعرض ثلاث وثلاثون درجة وعشرون دقيقة. ولها نهر يأتيها من جنوبها وينصب في البحر بشرقيها وبينها وبين البحر ميلان. وفي شرقيها مستغانم وهي من فرض مغزاوه وبينهما ستون ميلاً، وينصب في شرقيها نهر الشلف المتقدم الذكر، وعرض البحر هناك إلى ساحل دانيه من الأندلس نحو ثلاث مجار ونصف، وفي شرقيها مدينة الجزائر. وهي فرضة مشهورة من عمل بجاية، حيث الطول عشرون درجة وثمان عشرة دقيقة والعرض ثلاث وثلاثون درجة ونصف. وفي شرقيها تدلس على خمسين ميلاً منها وهي فرضة مشهورة. وفي شرقيها قاعدة الغرب الأوسط بجاية، حيث الطول اثنتان وعشرون درجة والعرض أربع وثلاثون درجة وخمس عشرة دقيقة، ولها نهر في نهاية من الحسن على شاطئيه البساتين والمنتزهات ويتفرج فيه أصحاب المراكب، ينصب إلى البحر بشرقيها، ومنبعه من جهة شقرا بصحراء الجنوب. وعرض البحر عند بجاية إلى جهة طرطوشة من الأندلس ثلاث مجار، وعلى الساحل الذي بشرقي بجاية جبال الرحمة تقاسي المراكب في بحرها هولاً شديداً. وسكانها من عصاة البرابر، أرضهم حصينة فيها القطن والتين. وفي شرقيها القل. وهي فرضة مشهورة في ساحل قسنطينه الهوى، وبينهما أربعون ميلاً، وموضوع قسنطينه في جنوبيها، حيث الطول ست وعشرون درجة وأربعون دقيقة والعرض ثلاث وثلاثون درجة واثنتان وعشرون دقيقة. ولها نهر ينصب في خندقها العظيم الشرقي، يسمع له دويّ هائل دائر من أعلى المدينة في قعر الخندق مثل ذؤابة النجم لبعد المسافة، وهذه المدينة على آخر سلطنة بجايه. وأول سلطنة إفريقيا على البحر مدينة بونه وهي حيث الطول ثمان وعشرون درجة والعرض ثلاث وثلاثون درجة وخمسون دقيقة ولها نهر متوسط ينصب في البحر بغربيها. وفي شرقيها مرسى الخرز المخصوص بالمرجان وأمامه في البحر في هذا الجزء سردانيه الجزيرة المشهورة التي يوجد فيها المرجان. وهو شجر في البحر مستحجر يخرج أبيض اللون لينا، فإذا ضربه الهواء احمرّ وصلب. ومدينة هذا المرسى حيث الطول تسع وعشرون درجة ودقائق والعرض يقارب عرض بونه. وفي شرقيها من الفرض المذكورة طبرقه التي يحمل منها الخشب والقصب الفارسي الجيد إلى الحضرة التونسية. وفي شرقيها مدينة ينزرت حيث الطول ثلاثون درجة وستون دقيقة والعرض ثلاث وثلاثون درجة ونصف، ولها نهر عليه منار ينصب في شرقيها ولها بحيرة حلوة في جنوبيها وبحيرة مالحة في شرقيها تنصب كل واحدة منهما في الأخرى ستة أشهر، فلا الحلوة تفسد بالمالحة ولا المالحة تصلح بالحلوة. وقد استفاض أن الحوت يخرج من هاتين البحيرتين في رأس كل شهر جنساً معلوماً ويغيب الجنس الأول حتى يدور العام. وفي شرقيها رأس الجبل حيث المرسى المأمون في فصل الشتاء وإليه تلجأ المراكب من مرسى تونس إذا كان الهول أو يرام إصلاحها وبين هذا الجبل وبين تونس ينصب نهر مجردة المشهور بإفريقية ويقال له عند مصبه المفزع. وتقع الحضرة التي اسمها تونس حيث الطول اثنتان وثلاثون درجة والعرض ثلاث وثلاثون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة، وهي على بحيرة مالحة تدخلها المراكب الصغار بالوسق من المراكب الكبار التي ترسي في مينائها. وبين ساحل البحيرة عند تونس وفمها عند البحر عشرة أميال، ودورتها أربعة وعشرون ميلاً. وهذه المدينة الآن هي قاعدة إفريقية، ومعظم بلاد المغرب تابع لها. وفي شرقها اقليبية، وهي حصن على البحر بينهما نحو تسعين ميلاً، والبحر يعطف من شرقيه على جنوبيه حيث تكون مدينة الحمامات على رأس تلك الدخلة، وبالقرب من تونس في البر، وهي في البحر دورة كبيرة. وفي شرقي اقليبية على ستين ميلاً في البحر، جزيرة قوصره، التي تجلب منها شريحة التين والقطن وبها المصطكي. وهي للمسلمين تحت عهد من فرنج صقلية وبينهما مجرى. ومعظم صقلية في الإقليم الخامس وفي شرقي الحمامات على الساحل مدينة سوسه، ومنها فتح المسلمون جزيرة صقلية. وهي حيث الطول أربع وثلاثون درجة ودقائق والعرض اثنتان وثلاثون درجة وأربعون دقيقة. وفي شرقيها بدخلة للجنوب مدينة المهدية التي بناها عبد الله المهدي وجعلها حاضرة إفريقية، وهي مستطيلة في البحر وهو

دائر بها في غير مكان واحد ضيق مثل سبتة. بها في غير مكان واحد ضيق مثل سبتة. وموضوعها حيث الطول أربع وثلاثون درجة وأربعون دقيقة والعرض اثنتان وثلاثون درجة. وفي شرقيها مدينة صفاقس وأمامها القصير الذي لا تدخله المراكب الكبار، وطوله من قبوديه إلى شرقي صفاقس نحو ثمانين ميلاً، وعند منتهاه في الشمال في البحر الكبير جزيرة قرقنّه التي يعمل فيها (..) الناعمة المفضلة وفيها زبيب أفضل من الجربي وهي للمسلمين، وتقع على ثلاثين ميلاً من صفاقس. وصفاقس تقع حيث الطول خمس وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة والعرض إحدى وثلاثون درجة وستون دقيقة. وفي شرقيها وجنوبها مع آخر الجزء الثاني وآخر الإقليم الثالث مدينة قابس التي هي في إفريقية كدمشق في الشام، وينزل إليها نهران من الجبل في جنوبها يخترقان غوطتها وينبوع جداولها عليها. وقد اختصت من بلاد إفريقية بالموز، وفيها الرطب الكثير الطيب، وحب عزيز والحنا. وبينها وبين البحر ثلاثة أميال والمراكب المتوسطة تدخل نهرها. ويمتد منها الجبل الكبير مشرقاً ومغرباً وهو في جنوبيها فيضرب في جهتها بجبل دمّر وفي جهة قفصه بجبل الأوراس وفي جهة القيروان بجبل وسلات، وهو خصيب بجميع هذه الأماكن تجبى منه أموال السلطنة. وتقع مدينة القيروان في جنوبي هذا الجبل حيث الطول ثلاث وثلاثون درجة والعرض إحدى وثلاثون درجة، وهي في الصحراء تصلح لجمال العرب، وكانت قاعدة إفريقية في أول الإسلام وهي الآن تابعة لتونس. ويتصل بجبل وسلات، جبال يسكنها أصناف من رعايا البربر، وفي جنوبيها الصحراء، وفي شماليها مجالات عوف من العرب ومجالات نفزوه وهواره من البربر. وبجهة باجه على خمسين ميلاً من تونس مجالات هديل، وهم فرسان محسبون في إفريقية. ثم يتصل بذلك جبل أوراس المشهور الذي كانت فيه الكاهنة، وسكانه أهل دعارة وعصيان لا يدخلون تحت طاعة سلطان لامتناع جبلهم العريض الطويل، ولما عندهم من الحيل والرجالة والأسلحة. وهو كثير الخيرات وأهله خوارج ومعظمهم من لواته، وهم خلق كثير داخلون في الرعية. وبين هذا الجبل ومدينة بونه مجالات للعرب. ومن حد قسنطينة إلى بجاية مجالات رياح، ومن غربي بجاية إلى تلمسان مجالات رحيبه، وهي متصلة بجبال ونشريش المتقدمة الذكر. وفي الجزء الأول جبل بني راشد، وهم من زناته، ولهم نتاج في الخيل معروف. وتتشعب في هذا الجزء جبال صنهاجة وزواوه وغيرهم مما يطول ذكره.

الجزء الثالث: أول ما يلقاك منه جزيرة جربه المشهورة بالزيت والزبيب والرطب والتفاح والأكسية الملاح، وهي في شرقي قابس، وبينها وبين البر مجاز ضيق يعبر بالزوارق، وبين هذا المجاز وقابس مرحلة، وطول هذه الجزيرة مرحلة وسكانها خوارج. وفي شماليها جزيرة لبدوشيه وهي خالية تأوي إليها المراكي وتسقي منها الماء، وفي شماليها تقع صقلية. وفي شرقي جربه وجنوبها يقهقر البحر إلى الشمال حتى تكون مدينة طرابلس المشهورة، وعليه حيث الطول ثمان وثلاثون درجة، والعرض اثنتان وثلاثون درجة وعشرون دقيقة، وفي شرقيها على مرحلتين جبل نفوسه المتصل بجبل دمر وما يتصل به من الجبال إلى جبل درن الذي يدخل في البحر المحيط، وطوله ستة أيام، وعرضه ثلاثة أيام، وفيه مدن وعمائر وخلق كثير ومياه وخصب، ومنه تمتاز طرابلس بأنواع من الخيرات حتى الخضر والفواكه، وفيه الزيتون والزيت والزبيب والتمر. ويتصل به جبال إلى أن ينقطع في شرقي مدينة لبده الخراب، وآثار هذه المدينة من الرخام والحجارة الهرقلية تشهد بحالها المتقدم. وهي على البحر حيث الطول تسع وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة، والعرض مقارب لعرض طرابلس. ومجالات دياب من حد قابس إلى بير السدرة من برقة. وبعد لبده يأخذ البحر في الدخول إلى الجنوب، وعلى ساحله هنالك عمائر لبطون من هواره تحت خفارة دياب. وعلى الجملة فإذا فارقت طرابلس لا تلتقي مدينة فيها حمام ولا خباز إلى أن تصل إلى الإسكندرية. وفي آخر صعود البحر إلى الجنوب يكون قصر أحمد وهو آخر حد إفريقية حيث الطول إحدى وأربعون درجة واثنتان وعشرون دقيقة والعرض مع خط الإقليم الرابع، وفي عرضه قصور مسراته وهي تمتد اثنا عشر ميلاً على زيتون ونخيل، وأهلها من هوارة تحت خفارة دياب، ولهم غرام بحمل الخيل إلى الإسكندرية، ويجد منهم الحجاج في تلك الطريق الشاق معونة. فأول ما يلقاك من حد برقة جون رديق المذكور وما بعده قد ذكر في الإقليم الثالث. شورقيه بير السدرة، أول مجالات العرب إلى العقبة الصغيرة من أرض الإسكندرية. وتقع في دخلة البر بين جون رديق ورأس التين طلميته، وهي فرضة مشهورة هنالك وبها قصر فيه اليهود الذين تحت خفارة العرب.

وموضوعها حيث الطول أربع وأربعون درجة، والعرض ثلاث وثلاثون درجة وعشر دقائق، ومنها تحمل المراكب الكبريت والعسل والقمح والشعير. وفي الشرق مدينة برقة التي كانت قاعدة البلاد البرقية، فخربها العرب، ويقال لها اليوم مدية المرج، وبينها وبين طلميته عشرة أميال. وخصب برقة الذي فيه الأشجار والخيرات هو في الدخلة التي في جنوبها ومسافته نحو عشرة مراحل من غرب إلى شرق، ومن حماه عرب هيت فله الصولة. ومن جبالها ينزل نهر درنه وينصب في البحر المالح. ولم أر في جميع بلاد برقه نهراً غيره، وفي جنوبه الصحراء المقفرة. وتقع درنه حيث الطول ست وأربعون درجة، والعرض خمس وثلاثون درجة وسبع عشرة دقيقة، وكانت من مدن برقة المذكورة فخربها العرب، وهي الآن محسوبة من قصور العرب التي يأوي إليها اليهود ووكلائهم، وفي ساحلها رأس أوثان الذي يأخذ البحريون على أنفسهم البشارة عنده، وهو واقع في الركن حيث الطول أربع وأربعون درجة والعرض أربع وثلاثون درجة واثنتان وخمسون دقيقة. وفي شرقيه الهلال المشهور، وهو جبل يظهر من بعيد في البحر في ميمنة جزيرة اقريطش الواقعة في الإقليم الخامس، وبينه وبين رأس أوثان مرحلتان. وفي شرقي درنه، رأس التين المشهور، وهو في الركن الشرقي، كما أن رأس أوثان في الركن الغربي، وموضعه حيث الطول خمس وثلاثون درجة غير دقائق. ومن هنالك يأخذ البحر ستاً وأربعون درجة وسبع وأربعون دقيقة والعرض في الصعود إلى الجنوب. فيكون في جنوبيه من المراسي المشهورة القرشي، ثم طبرقه، وهي قاعدة البلاد في أيام الروم، وكانت البلاد تعرف بانطابلس فسمتها العرب برقة لما رأتها فيها من كثرة الحجارة المختلطة بالرمل. ولطبرق مرسى قلّ أن يكون له نظير على هذا البحر، فما للرياح عليه سبيل، كأنه حوض منقور في حجر، وبقايا أسوار هذه المدينة تدل على قدمها. وهي حيث الطول سبع وأربعون درجة واثنتان وعشرون دقيقة والعرض اثنتان وثلاثون درجة وخمسون دقيقة، وفي جهتها المجرى المعروف بالبنطان. وفي شرقي ذلك من القصور المشهورة عند العرب لك وقمار، وفي شرقيها العقبة الكبيرة، وهي أول الديار المصرية. وهنالك مرسى المسلم من المراسي المذكورة. والعقبة حيث الطول تسع وأربعون درجة والعرض اثنتان وثلاثون درجة. وهنالك دخلة هواره المشهورة وهي دخلة في البحر. وفي شماليها مرسى الكنائس المشهورة ومن هنالك مجالات هواره، ثم مجالات (..) إلى آخر البحيرة. وتقع الإسكندرية المشهورة، التي هي ركاز بحر الهند وبحر الروم، حيث الطول إحدى وخمسون درجة وعشرون دقيقة والعرض إحدى وثلاثون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة، ولها بحران مثل سبتة والمهدية. إلا أن الإسكندرية يفصل بين طرفيها الطرف الخارج أمامها، وفيها المنار المشهور الذي تهتدي به المراكب بالنهار وبنوره بالليل، وطوله في زمننا أبع وثمانون قامة، وطول مأذنة إشبيلية خمس وثلاثون قامة، وطول مأذنة مراكش ست وثلاثون قامة، وطول عمود السواري الذي في الإسكندرية مائة ذراع ودوره أربعون شبراً. وللإسكندرية خليج في جنوبها يدخل إليه الماء من النيل أيام الزيادة فتأتي إليه المراكب من سائر السواحل المصرية بأنواع الغلال والخيرات، فإذا تعطل هذا الخليج عملت البحيرة التي في شرقيها. وهي مالحة يدخل إليها ماء البحر بين الإسكندرية ورشيد وتسافر فيه المراكب إلى البلاد التي على النيل. وعلى أربعين ميلاً من الإسكندرية تروجه وهي في الجنوب بميلة إلى الغرب يتسوق إليها عرب البحيرة وعرب برقة ولها شهرة بذلك، والعنب التروجي في نهاية الطيب وحسن المنظر، ويقال إنه كان بجهتها من الغرب مدينة قديمة فيها لقي أهل مصر المعز العبيدي حين قدم من إفريقية، ثم خربت بالفتن. وفي شرقي الإسكندرية وجنوبها دمنهور على خمسين ميلاً، وهي قاعدة البحيرة، ولها خليج من خليج الإسكندرية، وأكثر ما يتسوق فيها عرب البحيرة. وتقع رشيد على غربي النيل عند مصبه في البحر، حيث الطول اثنتان وخمسون درجة وأربع دقائق والعرض إحدى وثلاثون درجة وستون دقيقة، وفي شرقيها بحيرة نستروه. وليس في بحيرات الديار المصرية أكثر إيراداً منها، فقد بلغ في عصرنا خمسة وعشرين ألف دينار مصرية، وسائر البحيرات المصرية تضمن سبعين ألف دينار. وفي شرقيها رباط البورلص، ومنه يصير البحر إلى الجنوب فتقع دمياط المشهورة على مصب

النيل الشرقي حيث الطول أربع وخمسون درجة، فيكون في آخر الجزء الثالث والعرض إحدى وثلاثون درجة وعشرون دقيقة. وتقع المحلة قاعدة الغربية حيث الطول ثلاث وخمسون درجة واثنتان وعشرون دقيقة، والعرض إحدى وثلاثون درجة وست دقائق. وتقع المنصورة التي بنيت في عصرنا رباطاً على خليج أشمون الخارج من النيل الشرقي، والذي ينصب في بحيرة تنيس حيث الطول ثلاث وخمسون درجة ونصف والعرض إحدى وثلاثون درجة غير دقائق. ل الشرقي حيث الطول أربع وخمسون درجة، فيكون في آخر الجزء الثالث والعرض إحدى وثلاثون درجة وعشرون دقيقة. وتقع المحلة قاعدة الغربية حيث الطول ثلاث وخمسون درجة واثنتان وعشرون دقيقة، والعرض إحدى وثلاثون درجة وست دقائق. وتقع المنصورة التي بنيت في عصرنا رباطاً على خليج أشمون الخارج من النيل الشرقي، والذي ينصب في بحيرة تنيس حيث الطول ثلاث وخمسون درجة ونصف والعرض إحدى وثلاثون درجة غير دقائق. الجزء الرابع: أول ما يلقاك منه بحيرة تنيس وهي في شرقي دمياط، وتقع مدينة تنيس التي تنسب إليها الثياب العالية داخل هذه البحيرة في جزيرة حيث الطول أربع وخمسون درجة وأربعون دقيقة والعرض إحدى وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة، وفي شرقي هذه البحيرة على البحر المالح، الفرما الخراب، حيث الطول أربع وخمسون درجة وخمسون دقيقة والعرض اثنتان وثلاثون درجة. ويبقى بين بحر الروم الذي هو بحر المرجان، وبحر الهند الذي هو بحر اللؤلؤ، برزخ نحو سبعين ميلاً. وكان عمرو بن العاص قد أراد أن يخرق ما بين البحرين من جهة القلزم في مكانٍ يعرف الآن بذنب التمساح، فنهاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه لئلا يتخطف الحجاج بالحرم. وفي شرقي الفرما العريش، كانت مدينة منيعة في طريق الرمال، وهي حيث الطول ست وخمسون درجة ونصف والعرض اثنتان وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة، وفي شرقيها غزة، ويقال لها غزة هاشم. ويزعمون أن جد النبي عليه السلام مدفون بها. ويقال أن الإمام الشافعي رضي الله عنه منها. وهي حيث الطول سبع وخمسون درجة ودقائق. ومن هنالك يلتوي البحر إلى الغرب والشمال، فتكون عسقلان في دخلة حيث الطول خمس وخمسون درجة وعشرون دقيقة، والعرض أربع وثلاثون درجة وخمسون دقيقة. وهي على البحر، وغزة بينها وبين البحر أكوام رمال. وبعد عسقلان يافا، من الفرض المشهورة، حيث الطول ست وخمسون درجة والعرض أربع وثلاثون درجة ثم يكون على الساحل قيسارية حيث الطول سبع وخمسون درجة وثلاثون دقيقة والعرض ثلاث وثلاثون درجة وخمس عشرة دقيقة. ثم تقع مدينة عكا، ركاب الفرنج، ومجمع تجارهم وحجابهم، حيث الطول ثمان وخمسون درجة والعرض ثلاث وثلاثون درجة وعشرون دقيقة. وتقع صور التي لا ترام بحصار من جهة البر حيث الطول تسع وخمسون درجة وسبع عشرة دقيقة والعرض ثلاث وثلاثون درجة وأربعون دقيقة. وقد حفر الفرنج حولها حتى أرادوا بها البحر. وتقع بيروت فرضة دمشق حيث الطول تسع وخمسون درجة وثلاثون دقيقة والعرض أربع وثلاثون درجة. وتقع طرابلس على البحر حيث الطول إحدى وستون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة والعرض أربع وثلاثون درجة. وتقع اللاذقية على البحر، حيث الطول إحدى وستون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة والعرض أربع وثلاثون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة. وتقع الإنطاكية المشهورة حيث الطول إحدى وستون درجة وخمس وثلاثون دقيقة والعرض أربع وثلاثون درجة وعشر دقائق. وبينها وبين البحر السويدية على مصب نهر العاصي الذي ينزل من جهة بعلبك ويمر على شمالي حمص وحماه وشيزر ثم على شرقي إنطاكية وشماليها إلى بحر الرومان، ثم يلتوي إلى الشمال، ثم يكون جون الأرمن. والمدن المشهورة عليه تقع في أول عرض هذا الجزء. فأولها المصيصة على نهر سيحان حيث الطول تسع وخمسون درجة وخمسون دقيقة والعرض ست وثلاثون درجة، وبينها وبين البحر اثنا عشر ميلاً. وفي شماليها أدنه على شمال نهر سيحان، وبين المدينتين عشرون ميلاً وكذلك بين أدنه وبين البحر. وفي شماليها قاعدة بلاد سيس: طوسوس، وهي على جانبي نهرها، وهو ينصب في البحر على اثني عشر ميلاً. وبينها وبين أدنه عشرون ميلاً. وهي حيث الطول ثمان وخمسون درجة، والعرض ست وثلاثون درجة وسبع عشرة دقيقة. وسيس مدينة أحدثها ابن لاوي ملك الأرمن وصيرها حاضرة ملكه.

وهي حيث الجيل الدائر والبحر منها على رمية سهم. وأول ما يقع في الجزء الرابع من المعالم الجنوبية التيه، وهو على أربع مراحل، يتركه الركب المصري على يساره إذا سار من القلزم إلى الطور. ويقع جبل الطور الذي على بحر القلزم في شرقي بحر الغزال حيث الطول سبع وخمسون درجة وعشرون دقيقة. وتقع إيله على رأس خورها الخارج من بحر القلزم، حيث الطول ثمان وخمسون درجة وأربعون دقيقة والعرض ثلاثون درجة وخمسون دقيقة. وكانت من قواعد اليهود فخربت. وفي شماليها العقبة الشاقة المنسوبة إليها، يسير الراكب من أولها إلى آخرها مرحلة. وفي شماليها يقع الشوبك حيث الطول سبع وخمسون درجة والعرض إحدى وثلاثون درجة. وتقع الكرك المشهورة في شماليها، حيث الطول ست وخمسون درجة وخمسون دقيقة والعرض إحدى وثلاثون درجة ونصف. وهناك في مؤتة قبر جعفر الطيار وقبر أصحابه، وله واد فيه ماء وبساتين. وتقع القدس حيث الطول ست وخمسون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة والعرض اثنتان وثلاثون درجة. وبينها وبين الكرك البحيرة الميتة مائلة عنها للشرق، ولا يكون فيها ذو روح وبها يوجد محل (..) وفي التفاسير أنها ديار قوم لوط التي خسف بها. ونهر الأردن المعروف يخرج من بحيرة طبريا ويمر بالغور حتى ينصب في هذه البحيرة الميتة. ويقول الناس إن لها منفذاً إلى بحر القلزم. وتقع طبريا التي كانت قاعدة جند الأردن حيث الطول سبع وخمسون درجة وخمس وأربعون دقيقة وفي جهتها البحيرة المنسوبة إليها، بينها وبين عكا وصور ينزل إليها نهر من بحيرة قادوش التي فوقها، ويخرج منها نهر الأردن. وفي طبريا عيون سخنة تغني أهلها عن الحمام. وقد خربت المدينة باختلاف الملتين عليها وهي الآن مع عسقلان ويافا وقيسارية في حوزة المسلمين. وجبل عامر ممتد في شرقي الساحل وجنوبه حتى يقرب من صور وعليه السقيف الذي استرجع في عصرنا للمسلمين. وكان رعاياه في حكم الفرنج فعادوا إلى حكم المسلمين ودخلوا في أقطاع الجند. وفي شرقيه وجنوبه جبل عوف، وكان أهله عصاة فبنى عليهم سامه حصن عجلون حتى دخلوا في الطاعة. وفي شرقيه وجنوبيه جبل السلط، وكان أهله أيضاً عصاة، فبنى المعظم عليهم حصن السلط حتى دخلوا في الطاعة، وبينه وبين عجلون مرحلتان وكذلك بينه وبين الكرك. والغور طويل ويحسن فيه قصب السكر والموز. وآخره أريحا التي على أول البحيرة الميتة كانت مدينة للجبارين، وهي الآن منيعة. وما بين هذا الغور والساحل غور بيسان. ومن أخذ على الطريق اليسرى سار على تابلس التي جبلها حج وقبلة للسمرة وجبل الشراة في جنوبي البلقاء وخلفه برية ويسكنه الآن فلاحون، وفي جهة (..) التي خرج منها بنو العباس إلى الخلافة في العراق. وفي ذلك الخط الجنوبي الأزرق، وهو حصن بناه المعظم على طرف البرية التي فيها الطريق إلى الحجاز وعلى يمين الطريق العلا وتبوك وعلى اليسار طريق تيما. وفي شمالي الأزرق، البصرة، قاعدة حوران على أربع مراحل من دمشق، وفي شرقيها في الخط الجنوبي صلخد، قاعدة جبل بني هلال. وتقع قاعدة الشام، دمشق، حيث الطول ستون درجة والعرض أربع وثلاثون درجة. وفي الإصطرلبات ثلاث وثلاثون درجة مثل بغداد وتونس، وإنما كثرة الثلج فيها من الجبال التي في جهاتهما والتي لا يبرح الثلج عنها. ويقال إن جنان الدنيا أربع: سمرقند وشعب بوان والايله وغوطة دمشق. قال أبو بكر الخوارزمي: والغوطة تفضل هذه الثلاث وتفضل سائر جنان الدنيا. وتقع بعلبك في غربيها وشماليها وبينها أربعون ميلاً. وفيها الآثار العظيمة من الحجارة الطويلة العريشة، والثلج فيه كثير، وهو معروف بالصالحين، والجبال الثلجية ممتدة إلى جهة حمص، وبينه وبين البحر جبل الخيط تسكنه أقوام إباحية، كثيراً ما يبيعون المسلمين إلى الفرنج إذا مروا بهم. وتتصل بهم إلى جهة وادي التيم (..) المشهورة على مرحلة من دمشق. ويمتد جبل سكين الذي تنتشر فيه دعوة الإسماعيلية وفيه حصونهم، مصيات والكاف الحواني، فيما بين حمص وحماه إلى جهة البحر. وفي طرفه من جهة بعلبك وحمص حصن الأكراد الذي قيل إنه يأتي منه النبيذ المسكر. وفي غربي حصن الأكراد (..) الذي فتحه المسلمون. ويتصل بجبل الإسماعيلية، وعلى مذهبهم جبل السماق من عمل حلب. وهو ملآن بالإسماعيلية، وإلى جهة البحر يظهر قائماً كأنه حائط على جبله واللاذقية، جبل الناصرية.

وهم منسوبون إلى نصير مولى علي رضي الله عنه، ويزعمون أن علياً قدّس الله روحه، وقفت له الشمس كما وقفت ليوشع، وكلمته الجمجمة كما كلمت المسيح وغالوا في تأليهه. ومذهبهم شائع في جزيرة عانا من طرف الجزيرة التي تلي العراق. وفي جبل النصيرية في الشمال: صهيون، المشهورة بالمتعة، على مقربة منها. وموضوع حمص، وهي قاعدة من أجناد الشام، حيث الطول إحدى وستون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة والعرض أربع وثلاثون درجة. وحماه على مرحلة من حمص وهي من أنزه مدن الشام، ونهر العاصي شماليها، وعليه منار ونواعر والزوارق تتردد فيه بين البساتين. ثم منها إلى معرة، مرحلة. وهي مشهورة بكثرة الزيتون والتين والفستق، وفيها عامود يحركه الصغير فيميل وذلك بهندسة تحته. وفيها قبر يوشع عليه السلام. وفي خارجها دير سمعان تحت قبر عمر بن عبد العزيز وهو مكشوف للسماء كما أوصى. وفي الجنوب خناصر التي كان يحل بها أيام خلافته، وهي من مدن البرية، وكذلك سلمية التي يتردد أهلها على حماه. ومنها خرج عبد الله المهدي فأقام دعوته بالمغرب ثم توالى بنوه في الخلافة على مصر والشام إلى أن أزال دولتهم السلطان صلاح الدين بن أيوب. ومن معرة إلى قنسرين مرحلة كبيرة وكانت قاعدة جند من أجناد الشام، ثم ضعفت بقوة حلب وخربت بدخول الفرنج واستيلائهم على جهاتها، وهي الآن قرية وتحتها ينصب نهر قويق في بحيرة كبيرة. وربوة قنسرين مشرفة عليها والبسيط ممتد من هنالك إلى حلب مرحلة صغيرة. وتقع هذه المدينة المشهورة التي ضخمت بدولة بني حمدان فيها، ثم بالدول العربية والعجمية التي توالت عليها إلى أن دخلها التتر في عصرنا فخربوها وسكنوا ديار أهلها، وذلك حيث الطول ثلاث وستون درجة وثلاثون دقيقة والعرض أربع وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة، وهي في جنوب نهر قويق وشرقيه، وهو يأتي من جهة عزاز، وهو حصن مشهور في شمالي حلب. ولهذه المدينة جهات في نهاية الحسن والطيبة والخصب معظم تربتها أحمر، فهي تفرح النفس وأكثر ما يزرع فيها القطن الذي يحمل في المراكب إلى سبتة فيعم بلاد المغرب، وقد خصبت أرضها بالفستق الكبير. ومن أنزه المساكن التي في جهتها الباب، من أملح مما تبصره عين وترتاح إليه نفس. وهنالك النافورة التي ذكرها امرؤ القيس في شعره، والوادي الذي أتى في وصغه المناري بالعجب. وفي هذا المكان مدينة إلا أنها غير مشهورة، ولها حمام وبزازون وعطارون، وهي على مرحلة جيدة من حلب في طريق الفرات وفي الجهة الشمالية نهر الجوز من أحسن أنهارها الدنيا وأكثرها خيرات وأكنفها ظلالاً.

وفي تلك الجهة حصن تل باشر على مرحلة جيدة من حلي فيه المياه والبساتين، وقد خص بالعين المعروف، وبالأخص الذي لا نظير له ولا يستطيعون توصيله إلى حلب لأنه يستحيل إلى ماء في الطريق. وبين حلب وإنطاكية حازم، وهو حصن كثير الأرزاق، وقد خص بالرمان الذي يظهر باطنه من ظاهره مع عدم العجم وكثرة الماء، وهو على مرحلة جيدة من حلب. وفي شرقي الباب المتقدم الذكر فيما بين حلب والفرات مدينة منبج، التي سأل الرشيد بن عبد الملك بن صالح عن ليلها فقيل له سحر كله. ولأبي فراس الحمداني شعر في منتزهاتها وأماكن لذاتها، وفيها ماء سائح وأكثر شجرها التوت لتربية دود الحرير. وهي حيث الطول ثلاث وستون درجة وخمس وأربعون دقيقة والعرض خمس وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة. وبينها وبين الفرات حيث قلعة نجم والجسر خمسة وعشرون ميلاً، وهذه القلعة في السحاب، وصفها الفاضل بالوصف البديع، وكان يقال لذلك المكان منبج فصار يعرف بقلعة نجم، وهي من بناء السلطان محمود بن زنكي رحمه الله. وكان كثيراً ما يرابط بها ويغزو منها الفرنج الذين تسلطوا بالفتنة على ثغور الشام والجزيرة. وهذا الجسر جزنا عليه إلى حران، وفوقه بمرحلة جيدة حصن بداية يجاز عليه إلى سروج، التي بنا الحريري مقاماته على ذكرها، وهي كثيرة المياه والبساتين، وفيها الرمان المفضل والكمثري والخوخ والسفرجل، وبينها وبين حران مرحلة، وقد تعمل في مرحلتين. وأول ما يلقاك في هذا الجزء الرابع من الفرات المنحدر من جسر منبج إلى الشرق والجنوب، مدينة باليس المشهورة بالتجار الأغنياء، والبرية بينها وبين حلب وكثيراً ما تقطع فيها العرب على أهلها، وهي من الجانب الغربي الشامي. وفي شرقيها وجنوبها على الجانب الشرقي الجزيري، مدينة الرقة المعروفة بالبيضاء، لبياض رملها وسورها، وهي قاعدة ديار بلاد الجزيرة، حيث الطول ست وستون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة والعرض ست وثلاثون درجة. وتقع جزيرة قرقسيا، وهي بين الفرات والخابور النازل من رأس عين، حيث الطول ست وستون درجة وخمسون دقيقة، والعرض خمس وثلاثون درجة وعشرون دقيقة. وتحتها مدينة الرحبة، وهي ذات فواكه كثيرة على غربي الفرات في الجانب الشامي، وهي فرضة تدمر، وهي على مرحلة منها في البرية، وبها آثار عظيمة كبيرة. ويزعم شعراء العرب أن الجن بناها لسليمان بن داود عليهما السلام، وبها جامع من صخرة واحدة كأنه نقرة في جبل منقطع، وقد صنع سقف ذلك الجامع منه وكل ما فيه. وهي أرض زيتون ونخيل، وفيها الكثير من الغاسول. وتقع جزيرة عانة في وسط الفرات، حيث الطول سبع وستون درجة وعشرون دقيقة، وهي من بلاد الجزيرة، وأهلها الغالب عليهم النصرانية، وحرها مذكور في الأشعار. وتحتها في وسط الفرات الحديثة حيث الطول سبع وستون درجة ودقائق. وتقع مدينة هيت على غربي الفرات، وهي أيضاً من مدن الجزيرة وإليها منتهى الحد، حيث الطول ثمان وستون درجة وثلاثون دقيقة والعرض أربع وثلاثون درجة، وهي بلد خيرات ونخيل. وتقع مدينة الأنبار على جانب الفرات الشرقي، وهي أول مدن العراق من جهة الجزيرة، حيث الطول تسع وستون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة والعرض اثنتان وثلاثون درجة وعشرون دقيقة. وتقع مدينة الكوفة المشهورة على ذراع من الفرات في غربيه، حيث الطول تسع وستون درجة وثلاثون دقيقة والعرض إحدى وثلاثون درجة وخمسون دقيقة.

وهي إسلامية بنيت في مدة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. ويقال أن ماء الطوفان فاض من مكان قربها، وهي بلد نخل وفيها البنفسج العراقي. وتقع مدينة واسط على جانب دجلة حيث الطول اثنتان وستون درجة وثلاثون دقيقة والعرض اثنتان وثلاثون درجة وعشرون دقيقة. وفي هذا الجزء تقع بطائح الكوفة من فضلات مياه الفرات، تأوي إليها العربان وقطاع الطريق. ويقع في هذا الجزء الرابع من مدن الجزيرة حران القديمة، وهي من حيث الطول خمس وستون درجة والعرض ست وثلاثون درجة، وهي في جادة الموصل من حلب، وفيها تقع رأس عين حيث الطول ست وستون درجة وخمس وخمسون دقيقة والعرض ست وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة، وتحتها المياه الكثيرة والبساتين، ومن عيونها يتجمع الخابور. وفي خارجها بحيرة غاية في العمق، ترمى فيها الدنانير، فيقاس كيف تنزل إلى قعرها وينحدر في أثرها الغطاسون فيلتقطونها، وفيها النيلوفر الكثير ذي الألوان المختلفة المبهجة. وتقع في آخر عرض الإقليم الرابع مدينة نصيبين قاعدة ديار ربيعة، حيث الطول سبع وستون درجة وخمسون دقيقة. وهي مخصوصة بالورد الأبيض الذي يعم ماء ورده بلاد الدنيا ويفضل على سائر أنواعه. ولا يوجد فيها ورد أحمر ولا في الحدود. وهي محجوبة في الشمال بالجبال الكبير، ومنه ينزل نهر الهرماش الذي يمر مع سورها وعليه البساتين الكثيرة ثم ينصب في نهر سيحان. وبين رأس عين على الجبل ماردردين وقلعتها لا ترام، وكان بنو حمدان يسمونها الباز الأشهب، وفيها المرعز الكثير تحمل منها أكسيته إلى البلاد، وبينها وبين نصيبين دار ملك الفرس، وهي الآن قرية على نهر على حافتيه رمان كثير، وغير ذلك. وفي جنوبي نصيبين مدينة سنجار من أحسن المدن، وجبلها من أخصب الجبال فيه الجوز واللوز اللذان يكسران بصحن الكف، ومنها يجلب حب الرمان الكثير والعين الناشف و (..) المعمول من العنب. وفي داخلها عين معينة تخرج إلى ظاهر، وينضاف إليها ما يكون منه نهر، وينضاف إلى ذلك نهر نصيبين وينصب الجميع في الثرثار المشهور الذي كان عليه مدينة الخضر وهي خراب، وفي غياض هذا النهر الأسود الكثيرة، وهو ينصب في الصحارى. وموضوع سنجار، حيث الطول ثمان وستون درجة وعشرون دقيقة، والعرض خمس وثلاثون درجة وأربعون دقيقة. وتقع مدينة الموصل قاعدة بلاد الجزيرة في غربي دجلة، حيث الطول تسع وستون درجة والعرض خمس وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة. وأمامها من الجانب الشرقي، نينوى، مدينة يونس عليه السلام على ظهر ربوة، وهي خراب. وهناك تل التوبة، وهذه المدينة من أحسن البلاد منظراً في مياهها وبساتينها وشوارعها التي على دجلة. وأهلها فيهم خصوصية، وفيها صنائع جمة، ولا سيما أواني النحاس المطعم يحمل منها للملوك، وكذلك ثياب الحرير التي تنسج بها. وفي جنوبها وشرقها من الجانب الشرقي، مصب الزاب الأصغر بالقرب من مدينة أشور الخراب، وهي مذكورة في التوراة، وبها كان الملوك الآشوريون الذين خربوا بيت المقدس. وبعده ينصب الزاب الكبير من الجهة الشرقية، وعليه البساتين التي يجلب منها الرمان من دجلة إلى بغداد. وتقع تكريت، وهي آخر مدن الجزيرة مما يلي العراق، على غربي دجلة، حيث الطول اثنتان وسبعون درجة ونصف، وبينها وبين الموصل للقوافل ستة أيام، في أرض يصنع فيها النفط كأنها قطعة من جهنم. وبالقرب من الموصل قارة فيها ماء حار عليه ميناء سلطاني ينتفع الناس بها، وفي جنوبها وشرقها، النهر الإسحاقي، حفره في أيام المتوكل إسحاق بن إبراهيم صاحب شرطته. وهو أول سواد العراق ومنها تبدأ الأشجار، وخروج مياه دجلة التي تسبح فيها أرض العراق، وعنده ينتهي الجزء الرابع، وتقع مدينة اربل قاعدة بلاد شهر زور، وهي حيث الطول تسع وستون درجة وخمسون دقيقة والعرض ست وثلاثون درجة وعشرون دقيقة.

الجزء الخامس: أول ما يلقاك على جانب دجلة مدن العراق. وهي أربع عشرة، مدينة الزوراء منها، وهي مدينة المنصور في الجانب الغربي من نهر الصرات، ونهر عيسى النازلين من الفرات إلى دجلة. والمدينة التي كانت فيها الخلافة في عصرنا بالجانب الشرقي، طول وتر قوسها على دجلة ميلان ولها جسران. ومباني بغداد معظمها بالقصب والطوب، والكلس والجبس، يفسدها هواؤها، فلا يكاد اللحظ يقع عليها في جميع مبانيها. والرخام يتشقق من الحر. وأرخص ما فيها التمر، الذي يجلب من البصرة، والأرز وقصب السكر اللذان يجلبان من البطائح. وجهات واسط فيها التفاح الواسطي، والعنب الرازقي، والنارنج القروي، والليمون اليعقوبي، والورق البغدادي والأقلام الواسطية. وتصعد لها المراكب ببضائع الهند في دجلة. وموضوعها حيث الطول ثلاث وسبعون درجة والعرض ثلاث وثلاثون درجة وتسع دقائق. وينزل من الفرات نهر عيسى، فينصب في دجلة بين القرية والرشلة، وهو من الأنهار الكبار التي تخرج من الفرات، فيسقي من الضياع عدد أيام الشهور. وأشباهه في ذلك نهر الملك ونهر النيل. ويخرج من دجلة من المياه هذه في أرض العراق، القاطول، بالجانب الشرقي من سر من رأى، وينزل من شهرزور إلى بغداد النهروان. وإذا سار السائر منها إلى المدائن عبر هذا النهر على جسر كبير ومصبه في دجلة. والمدائن التي كانت للأكاسرة على مرحلة من بغداد، والإيوان منها باق في الجانب الشرقي، وهو من أجر وقار. وكثيراً ما يستعمل أهل العراق القار في أبنيتهم، ولا سيما في الحمامات وأماكن الماء. ومن المدائن، يلتوي دجلة، فيغرب حتى تقع واسط في الجزء الرابع، كما تقدم، ثم تقع بطائح واسط والبصرة من الأنهار الخارجة من دجلة تحت واسط في هذا الجزء، وهي ثمانون فرسخاً في مثلها، حدثت في أيام اشتغال الفرس بقتال العرب، في صدر الإسلام، فصارت ولاية منحازة وربما كان فيها ملك من الثوار وقاعدتها الجامد. وأكبر الأنهار التي تنصب فيها الفرات. ومعظم أهلها كلدانيون، على ملة الناس عليه السلام ويسمونهم الصابئة. ومن الكلدانيين كان أبو إسحاق الصابي الكاتب، وله مصنف في ذلك. وتقع دينة البصرة، التي بنيت في الخلافة العمرية، حيث الطول أربع وسبعون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة والعرض إحدى وثلاثون درجة، وهي على نهر يقال له الفيص (؟) مع شرقيها وجزيرة الإبله التي هي أحد منتزهات العالم بين هذا النهر ونهر معقل ونهر الإبله ودجلة، وإذا صعد المد من نهر فارس لم يشرب من هذه المياه. ويذكرون أنه يصعد ستة أيام، وتحل البصرة طوله سبعة أيام من العين إلى العين، يعنون من عباس إلى عبدان. وتقع عبدان على نهر فارس، وهو يدور بها، فلا يبقى بينها وبين البر إلا قليل، حيث الطول خمس وسبعون درجة وثلاثون دقيقة والعرض إحدى وثلاثون درجة وخمس دقائق. ويصب دجلة في البحر الفارسي. وفي جنوبي عبدان وشرقيها الخشبات، وهي علامات في البحر للمراكب تنتهي إليها، وتحذر الأقاصير التي تحدث من مصب دجلة عادة، فيرفع على هذه العلامات بالليل أشعار للمراكب. وفي شرقي الخشبات مصب دجلة الأهواز، حيث الطول سبع وسبعون درجة وثلاثون دقيقة، والعرض إحدى وثلاثون درجة غير عشر دقائق. وفي شرقي ذلك مهربان، من فرض فارس، حيث الطول سبع وسبعون درجة وثلاثون دقيقة، والعرض ثلاثون درجة وأربعون دقيقة. وفي شرقيها جنابة، ومن فرض فارس والتي ينسب إليها أبو سعيد الجنابي القرمطي، صاحب الأفعال الشنيعة. موضوعها حيث الطول ثمان وسبعون درجة وعشرون دقيقة. وفي شرقيها اشهر فرض فارس، سيراف، حيث الطول تسع وسبعون درجة والعرض ثلاثون درجة وثلاثون دقيقة. وأهلها أعرف الناس برئاسة البحر، ومبانيها من خشب الساج. ويقع في هذا الجزء من مدن فارس، قاعدتها القديمة، اصطخر، وهي حيث الطول تسع وسبعون درجة ودقيقة، والعرض اثنتان وثلاثون درجة، وبها كانت خزائن الأكاسرة وديوان فارس، فانتقل ذلك في الإسلام إلى شيراز، التي بنيت في زمن الحجاج، وهي حيث الطول تسع وسبعون درجة، والعرض اثنتان وثلاثون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة، وصاحبها الآن له عسكر جليل ودار للؤلؤ يأتي بعضه من مغاصها، فبقيت بلاداً بين رهبة ورغبة في أمن وعافية. وتقع جور، وهي إحدى قواعد كور فارس حيث الطول ثمان وتسعون درجة والعرض إحدى وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة، وإليها ينسب الورد

الجوري، وهو عال كالنصيبي. وتقع مدينة الأهواز، وهي قاعدة خوزستان القديمة، حيث الطول خمس وسبعون درجة والعرض اثنتان وثلاثون درجة، وهي موصوفة بشدة الحمى. ومنها إلى عسكر مكرم عشرة فراسخ. وهي مدينة مشهورة من خوزستان يحيط بها دجلة الأهواز ونهر المسرفان. وبها السكر العسكري، وبها العقارب الجرارة التي لا يعيش لديغها. ولذلك قيل: ما قام سكره تلدغ عقاربه. ومنها إلى الشمال والشرق مدينة ششتر، قاعدة خوزستان في عصرنا. وكان يقال لها شتر، وإليها تنسب ثياب الحرير الشترية، وبينها وبين عسكر مكرم مرحلة. ومنها تنزل مياه أصفهان التي تتجمع إلى دجلة الأهواز. وبينها وبين أصفهان جبل اللوز وطوله نحو ستة أيام، وفيه خلق من الأكراد وملك يقال له هرارست. وتقع اصفهان، إحدى قواعد عراق العجم المعروفة في الكتب بالجبال، حيث الطول خمس وسبعون درجة وثلاثون دقيقة والعرض أربع وثلاثون دقيقة. وهي اثنتا عشرة محلة، كل محلة منها كالمدينة، والمنعوت منها هي شهرستان واليهودية. ويمر على هذه المحلات زندرود، وهو نهر مليح. وهذه المدينة صحيحة الهواء بحيث قدم لعاملها ثلاث تفاحات كل تفاحة من سنة فلم يفرق بين القديمة منها والحديثة. ويقال حشيشها زعفران وترابها كحل وذبابها نحل. والشهد الأصفهاني هو الغاية وكذلك ورودها. وتقع نهاوند من مدن الجبل المشهورة، حيث الطول ثلاث وسبعون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة والعرض ست وثلاثون درجة. وتقع همدان قاعدة عراق العجم حيث الطول أربع وثلاثون درجة، والعرض ست وثلاثون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة، وهي آخر عرض الإقليم الرابع. وتقع نديتوند، حيث الطول خمس وسبعون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة، وهي في جبل دنياوند الملثم بالسحاب، وليس في عراق العجم جبل أعلى منه. وتقع مدينة معقل كردكوة المشهورة من معاقل الإسماعيلية، حيث الطول تسع وخمسون درجة والعرض ست وثلاثون درجة. وهو جبل قوهستان الذي بين خراسان وفارس وكرمان. وفي هذا الجزء قاعدة كرمان في عصرنا، وهي قواشر، حيث الطول أربع وثمانون درجة والعرض ثلاثون درجة وعشرون دقيقة، ومن قواعد كرمان القديمة، الشيرجان، وهي حيث الطول أربع وثمانون درجة والعرض اثنتان وثلاثون درجة. وكذلك مدينة جيرفت، وهي حيث الطول خمس وثمانون درجة ونصف، والعرض اثنتان وثلاثون درجة وعشر دقائق. وفي جبالها الحديد الكرماني الذي تصنع منه السيوف الكرمانية. وسيقع في هذا الجزء من فواعد خراسان، مدينة هراة، حيث الطول سبع وثمانون درجة وثلاثون دقيقة، والعرض خمس وثلاثون درجة ونصف، وفي غربيها قاعدة قوهستان حيث الطول أربع وثمانون درجة والعرض خمس وثلاثون درجة وعشر دقائق. وفي شرقيها مع الجنوب جبال الغور، وقاعدتها مدينة فيروزكوه، حيث الطول تسع وثمانون درجة وأربعون دقيقة، والعرض إحدى وثلاثون درجة. الجوري، وهو عال كالنصيبي. وتقع مدينة الأهواز، وهي قاعدة خوزستان القديمة، حيث الطول خمس وسبعون درجة والعرض اثنتان وثلاثون درجة، وهي موصوفة بشدة الحمى. ومنها إلى عسكر مكرم عشرة فراسخ. وهي مدينة مشهورة من خوزستان يحيط بها دجلة الأهواز ونهر المسرفان. وبها السكر العسكري، وبها العقارب الجرارة التي لا يعيش لديغها. ولذلك قيل: ما قام سكره تلدغ عقاربه. ومنها إلى الشمال والشرق مدينة ششتر، قاعدة خوزستان في عصرنا. وكان يقال لها شتر، وإليها تنسب ثياب الحرير الشترية، وبينها وبين عسكر مكرم مرحلة. ومنها تنزل مياه أصفهان التي تتجمع إلى دجلة الأهواز. وبينها وبين أصفهان جبل اللوز وطوله نحو ستة أيام، وفيه خلق من الأكراد وملك يقال له هرارست. وتقع اصفهان، إحدى قواعد عراق العجم المعروفة في الكتب بالجبال، حيث الطول خمس وسبعون درجة وثلاثون دقيقة والعرض أربع وثلاثون دقيقة. وهي اثنتا عشرة محلة، كل محلة منها كالمدينة، والمنعوت منها هي شهرستان واليهودية. ويمر على هذه المحلات زندرود، وهو نهر مليح. وهذه المدينة صحيحة الهواء بحيث قدم لعاملها ثلاث تفاحات كل تفاحة من سنة فلم يفرق بين القديمة منها والحديثة. ويقال حشيشها زعفران وترابها كحل وذبابها نحل. والشهد الأصفهاني هو الغاية وكذلك ورودها. وتقع نهاوند من مدن الجبل المشهورة، حيث الطول ثلاث وسبعون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة والعرض ست وثلاثون درجة. وتقع همدان قاعدة عراق العجم حيث الطول أربع وثلاثون درجة، والعرض ست وثلاثون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة، وهي آخر عرض الإقليم الرابع. وتقع نديتوند، حيث الطول خمس وسبعون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة، وهي في جبل دنياوند الملثم بالسحاب، وليس في عراق العجم جبل أعلى منه. وتقع مدينة معقل كردكوة المشهورة من معاقل الإسماعيلية، حيث الطول تسع وخمسون درجة والعرض ست وثلاثون درجة. وهو جبل قوهستان الذي بين خراسان وفارس وكرمان. وفي هذا الجزء قاعدة كرمان في عصرنا، وهي قواشر، حيث الطول أربع وثمانون درجة والعرض ثلاثون درجة وعشرون دقيقة، ومن قواعد كرمان القديمة، الشيرجان، وهي حيث الطول أربع وثمانون درجة والعرض اثنتان وثلاثون درجة. وكذلك مدينة جيرفت، وهي حيث الطول خمس وثمانون درجة ونصف، والعرض اثنتان وثلاثون درجة وعشر دقائق. وفي جبالها الحديد الكرماني الذي تصنع منه السيوف الكرمانية. وسيقع في هذا الجزء من فواعد خراسان، مدينة هراة، حيث الطول سبع وثمانون درجة وثلاثون دقيقة، والعرض خمس وثلاثون درجة ونصف، وفي غربيها قاعدة قوهستان حيث الطول أربع وثمانون درجة والعرض خمس وثلاثون درجة وعشر دقائق. وفي شرقيها مع الجنوب جبال الغور، وقاعدتها مدينة فيروزكوه، حيث الطول تسع وثمانون درجة وأربعون دقيقة، والعرض إحدى وثلاثون درجة.

الجزء السادس: أول ما يلقاك منه مدينة الباميان، وهي قاعدة لجهاتها، والجبال والمياه تحف بها. ومن جبلها تنزل بعض أنهار جيحون، وموضوع الباميان حيث الطول سبعون درجة وخمس دقائق، والعرض أربع وثلاثون درجة. وأشهر أنهار جيحون وأكبرها وأطولها مداً، نهر (..) ، وهو ينزل من جبال حتن، حيث الطول سبع وتسعون درجة، والعرض ثلاثون درجة وثلاث دقائق. وتنحدر إليه عيون كثيرة من ذلك الجبل ومن جبال كابلستان من الإقليم الثالث، فإذا مر بجبل الباميان انحدرت إليه أنهار أسماؤها معجمة، ثم تجتمع كلها بالقرب من آخر عرض الإقليم الرابع. وينحدر عمودها، وهو جيحون، إلى الخامس، وتقع في شرقي جبل الغر والباميان، وفي غربي كابلستان، بلاد سجستان. وقاعدتها القديمة زرنج، وهي حيث الطول أربع وسبعون درجة وسبع دقائق، والعرض اثنتان وثلاثون درجة وست دقائق. ونهر الهند سند الكبير، الذي يخرج من شرقي جبال الغور، يجوز بلاد سجستان من غرب إلى شرق، فيكون عليه مدينة بست المشهورة في شماليه، حيث الطول ثلاث وتسعون درجة، والعرض ثلاث درجات، ثم يمر النهر إلى أن ينتهي حيث الطول خمس وتسعون درجة إلى الجنوب، فيكون زرع في شماليه على نحو عشرين ميلاً، ويصلها منه جدول يشقها وينتفع به أهلها في الجامع وغيره، ثم يلتوي النهر إلى الغرب، فيكون في موضع التوائه، على جبل منقطع في نهاية المنعة، معقل الطاق، الذي لا يرام، وبه يعتصم ملوك هذه البلاد، وفيه يجعلون خزائنهم. وهو حيث الطول على سمت زرنج، والعرض إحدى وثلاثون درجة. ويمر النهر في شماليه مغرباً إلى أن ينصب في بحيرة سجستان. وطول هذه البحيرة، من الغرب إلى الشرق ثلاثة أيام، والعرض نصفها. وفي جنوبي سجستان مجالات القلج، وهم ترك. ولهم شهامة (قد أبلوا) في فتوح الهند، ففتحوا منها ما والاهم وملكوا مدينة أجه، ومدينة نهاور، على نهر مهران. وفي شمالي سجستان، بلاد طخارستان، وقاعدتها ترمذ في الإقليم الخامس، على نهر جيحون، وفي شرقيها بلاد حتن وأسماؤها معجمة، وفي أطرافها أنهار ومروج تسكنها أجناس الترك ويتحاربون عليها مع الهنود، فإنها تليهم من جهة الجنوب. الجزء السابع: أول ما يلقاك منه بلاد القندبار الهندية، وقد تقدمت قاعدتها في آخر خط الإقليم الثالث. وكان المسلمون قد فتحوها، وجعلوها ثغراً لما في شرقها، ثم فتحوا في شرقها بلاد أجه على شرقي مهران النازل إلى بلاد السند، حيث الطول مائة وعشرون درجة وخمس وخمسون دقيقة، والعرض ثلاث وثلاثون درجة. وفي شرقيها بلاد نهاور، فتحها المسلمون أيضا من الترك، وقاعدتها مدينة نهاور، وهي أيضاً على شرقي مهران، حيث الطول مائة وخمس وستون درجة، والعرض أربع وثلاثون درجة واثنتا عشرة دقيقة.

الإقليم الخامس

الجزء الثامن: أول ما يلقاك منه هندستان. وهي التي فتحها الغوريون من الهند، وقاعدتها دلهي وهي كبيرة، وموضوعها حيث الطول مائة وثمان وعشرون درجة وخمسون دقيقة، والعرض خمس وثلاثون درجة وخمسون دقيقة، ولها ثلاث برك من ماء المطر، إحداها للسلطان، والأخرى للجند، والأخرى للعامة. وصاحب دلهي في عصرنا، هو أحد مماليك الغوريين، وجنده أتراك مسلمون، والرعايا كفار الهنود، لم يقدر التتر على بلاده لما عنده من اسود الرجال وكثرة الفيلة. ويقع في هذا الجزء من قواعد هندستان، التي في كل واحدة ملك، هاسي: وهي في أول الجزء، حيث الطول مائة وست وعشرون درجة وثمان دقائق، والعرض إحدى وثلاثون درجة. وفي شرقيها على مرحلة منها مدينة براور. وهي حيث الطول مائة وتسع وعشرون درجة، والعرض إحدى وثلاثون درجة وخمس وثلاثون دقيقة، وفي شرقيها وشرقي دلهي، جبال القشمير، وهي مسكونة بجنس متولد بين الهند والسند. والأتراك في نهاية من الحسن، ولم يقدر عليهم التتر لمناعتهم بالجبال المحدقة بهم في هذا الإقليم الخامس. ونهر كنك المعظم عند الهنود يمر في بلادهم، وهم أيضاً يعظمونه، ويغرقون فيه أنفسهم لأنهم مشاركون لهم في الضلالة. وفي شرقيهم طمغاج، وهي بلاد الخط. يزعم المسافرون أن السور دائر على مدنها وضياعها وسائر عمائرها، نحو ثلاثة وعشرين يوماً في الطول من الغرب إلى الشرق، وحدها الغربي بلاد القشمير، وحدها الشرقي بلاد التتر. ويأخذ طولها واتساعها في هذا الجزء والجزء الذي يليه من الإقليم الخامس. والمشهور من مدنها مدينة طمغاج، وقد حل محلها في عصرنا هذا، مدينة خان بالق. ويذكرون عن كبر هذه المدينة ما لا يصدقه إلا من شاهده. وصاحبها مسلم يقال له لواجا، واصله من خوارزم، وهو يحمل الأموال للتتر. والرعايا كفار من أجناس الخط، ومعظمهم قد دخل في الإسلام. والحرير في بلادهم كثير. ويقال إن عندهم معادن الفضة الكثيرة. ويلي بلادهم من الجنوب بلاد بلهرا ملك ملوك الهند، وتقع مدينة خان بالق حيث الطول مائة وأربعون درجة والعرض خمس وثلاثون درجة وخمس وعشرون دقيقة. ومدينة طمغاج في الإقليم الخامس. الجزء التاسع: أول ما يلقاك منه مدينة خرمق من قواعد التتر القديمة، وحي حيث الطول ست وأربعون درجة، والعرض خمس وثلاثون درجة وخمس وأربعون دقيقة. وفي شرقيها مدينة ينبعا، وهي كانت قاعدة التتر في القديم. وهي على نهر ينزل من الجبل الكبير الممتد على بلاد الهند والصين. وهي حيث الطول مائة واثنتان وخمسون درجة، والعرض ثلاثون درجة وخمس دقائق. وفي شرقيها نهر ينزل من نهر المرفأ إلى نهر ياجوج. وفي شرقي ذلك قاعدة التتر في عصرنا، قراقرم. وهي حيث الطول مائة وخمسون درجة وأربعون دقيقة، والعرض ثلاثون درجة وست وثلاثون دقيقة. وفي جهاتها بلاد المغل وهم خاصة التتر، ومنها خاناتهم، ولهم في هذا الجزء والذي يليه بحيرة كوارث. وبجنوبيها جبل كوارث الذي ينزل منه نهر البحيرة (..) ونهر البحيرة التي سيأتي ذكرها. الجزء العاشر: فيه بقية بلاد المغل وبقية بحيرة بلاد كورث. وفي شرقيها بحيرة السوكام، طولها أربع مراحل وعرضها مرحلتان، وليس ينزل إليها نهر، بل في جوفها ينابيع ومياه الأمطار تتسرب إليها من الجهات. وفي شرقيها بلاد الطرغل، وهو طائر يصيد طائرين في نهضة واحدة، يضرب الأول ويتركه يقع ثم يصيد الثاني. ويقال لها أيضاً بلاد السنقر. وفي جنوبهم وشرقي بلاد المغل، بلاد سميغلي وهم أخوة المغل، إلا أن الرياسة للمغل، ولهم مدينة سميغلي على بحيرة، حيث الطول مائة وسبع وسبعون درجة واثنتان وعشرون دقيقة والعرض اثنتان وثلاثون درجة غير دقائق. ولهم جبل يلتوي على شرقي بلادهم من صين صين ويدخل في البحر المحيط، وينزل إليهم منه نهران إلى بحيرتين ينحدر فاضلهما إلى البحر في آخر المعمور. وفي شماليهم نهر منجار الكبير، ينزل من جبل الصين الأعظم ويكون في آخره بحيرة متوسطة، ثم يخرج منه نهر ويكون بحيرة صغيرة، ثم يصب فاضلها في البحر المحيط. وفي شمالي هذا النهر جبال القرقر، وهي دائرة ببلاد هؤلاء القوم، ويزعم المسافرون أن عيونهم في صدورهم. ولهم مدينة القرقر في آخر العمارة، وفي جنوبيها بحيرة يخرج منها نهر إلى بحيرة ثانية. الإقليم الخامس

بياض أهله ممتزج بالحمرة، وفيهم شقرة وزرقة في غالب الحال، ولا سيما فيما يلي السادس. والعرض عند آخره من خط الاستواء، إحدى وأربعون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة، ووسعه خمس درجات. الجزء الأول: أول ما يلقاك منه في البحر ثلاث جزائر من جزائر السعادات، كما رسمت. وجزيرة قادوس، وهي صغيرة، بعضها في الإقليم الرابع وبعضها في الإقليم الخامس. وبينها وبين البر مجاز عرضه قليل. والطول ثمان درجات وإحدى وعشرون دقيقة، ومن ذلك المكان يأخذ البحر المحيط في الانحطاط إلى الغرب مع الشمال، فيكون مصب نهر اشبيلية وقرطبة حيث الطول ثمان درجات وخمس عشرة دقيقة، والعرض ست وثلاثون درجة وخمس وأربعون دقيقة. ثم إلى جزيرة شالطيش ست وثلاثون درجة، حيث الطول سبع درجات وعشرون دقيقة، والعرض سبع وثلاثون درجة واثنتا عشرة دقيقة. ثم إلى مصب نهر يانه الكبير، الذي يمر على مارده وبطليوس تسعة أميال. ثم إلى مدينة طويرة ثلاثة وعشرون ميلاً. وهي على نهر يانه وشماليه. ثم إلى مصب نهر سنتمريه ثمانية عشر ميلاً. ثم إلى مصب نهر شلب ثمانية وعشرون ميلاً. ثم إلى حوز الريحان خمسة عشر ميلاً. ثم إلى طرف العرف ثمانون ميلاً. ويدخل في البحر من هذا الطرف اثنان وعشرون ميلاً، وهو آخر عرض الإقليم الخامس. والطول هناك ست درجات. وطول مدينة اشبيلية شرقي النهر وجنوبه تسع درجات وعشر دقائق، والعرض سبع وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة. وطول مدينة بطليوس على جنوب يانه، تسع درجات، والعرض ثمان وثلاثون درجة وخمسون دقيقة. وطول مدينة ماردة في جنوبي النهر المذكور عشر درجات غير دقائق، والعرض تسع وثلاثون درجة. وطول قرطبة، قاعدة الأندلس في مدة بني أمية، عشر درجات، وعرضها ثمان وثلاثون درجة ونصف. وهي على غربي النهر الكبير الذي عليه اشبيلية. وهذا النهر إنما حسن جانباه عند اشبيلية، ويصعد المد فيه من البحر المحيط اثنين وسبعين ميلاً. وتصعد مراكب الفرنج بوسقها إلى اشبيلية. وطول مدينة غرناطة إحدى عشرة دقيقة وأربعون دقيقة، والعرض سبع وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة. وفي جنوبيها جبل شلير الذي لا يفارقه الثلج. وحكى ابن اليشع أنه نزل منه نيف على عشرين نهراً، منها نهر الذهب الذي يشق غرناطة، ونهر مسيل الذي يمر مع سورها، وكلاهما عليه الأرجاء والبساتين. وهذه المدينة في عصرنا هي قاعدة ابن الأحمر، ملك من بقي من المسلمين بالأندلس. وطول مدينة جيان كطول غرناطة، والعرض تسع وثلاثون درجة غير دقائق. وطول مدينة مرسية ثمان عشرة درجة. والعرض تسع وثلاثون درجة ودقائق. وهي على شمالي نهر مليح عليه النواعير والبساتين، وهو آخر نهر اشبيلية الذي منبعه من جبل شقورة، حيث الطول خمس عشرة درجة، والعرض ثمان وثلاثون درجة وأربعون دقيقة، يخرج من عين واحدة فيشرق عن مرسيه وينصب في بحر الرمان، ويغرب نهر إشبيلية وينصب في البحر المحيط.

الجزء الثاني: أول ما يلقاك منه، على بحر الرمان، مدينة دانيه حيث الطول تسع عشرة درجة وعشر دقائق، والعرض تسع وثلاثون درجة وست دقائق. وفي شرقيها بلنسية المشهورة بالحسن، والتي تسمى بستان الأندلس. وهي على بحيرة ينصب فيها نهر على شمالي المدينة، وهي حيث الطول عشرون درجة، والعرض ثمان وثلاثون درجة وست دقائق. وفي شرقيها مدينة طرطوشة شرقي النهر الكبير الذي يمر على سرقسطه ومصبه في بحر الرمان على نحو عشرين ميلاً من طرطوشة. وهي حيث الطول اثنتان وعشرون درجة ونصف، والعرض أربعون درجة. وفي شرقيها في بحر الرمان جزيرة ماسرقة المشهورة بالحصب. ومدينتها حيث الطول أربع وعشرون درجة وسبع دقائق، والعرض ثمان وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة. ومسافة الجزيرة ستون ميلاً، وهي آخذة من الشمال إلى الجنوب. وبينها وبين بريونة مجرى وثلث، وفي شرقيها جزيرة منرقة. ولم يبق في تلك الجزر للمسلمين غيرها، يديرها سعيد بن المحكم، المشهور بحسن السيرة، تحت عهد مع (..) ، ومدينتها حيث الطول خمس وعشرون درجة غير دقائق، والعرض تسع وثلاثون درجة وأربعون دقيقة. ومسافتها أربعون ميلاً من الشمال إلى الجنوب، بانحراف إلى الشرق، ومنها إلى الساحل ثلاث مجار. وفي غربي مايرقة جزيرة يابسة، ومدينتها حيث الطول عشرون درجة وأربع دقائق، وهي آخذة من الغرب إلى الشرق، ومسافتها واحد وثلاثون ميلاً. وبينها وبين بلنسية مجرى، وفي شرقي منرقة جزيرة سردينيا، ومدينتها حيث الطول إحدى وثلاثون درجة واثنتا عشرة دقيقة. وفي غربيها يخرج المرجان، وطول هذه الجزيرة من الشمال إلى الجنوب مجراوان ونصف، والضيق بجهة مرسى الخزر مائة ميل وقليل. وفي شماليها جزيرة قرسقة المقابلة لجنوة، وطولها من الشمال إلى الجنوب مجرى ونصف، والضيق لجهة جنوة والوسع في الوسط قدره ستون ميلاً. والمجاز الذي بينها وبين سردينيا نحو عشرة أميال. وفي شرقيها جزيرة صقلية المشهورة، ذات المدن والجبال والأنهار، وكانت قد صفت للمسلمين ثم صفت للفرنج، وطولها مجراوان وعرضها مجرى وقليل. وتقع قاعدة بلرم حيث الطول خمس وثلاثون درجة، والعرض ست وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة، وهي على البحر. وتقع مسينة التي تقابل بر الإفرنج عند المجاز حيث الطول ست وثلاثون درجة غير عشرين دقيقة، والعرض ثمان وثلاثون درجة وخمس عشرة دقيقة. وبها البركان المشهور في جزيرة صغيرة في جهة مسينة. وبينها وبين طرابلس ثلاث مجار، وبين ذنبها الغربي وحضرة تونس مجرى وستون دقيقة. وصقلية إلى الشرق، من الجنوب إلى الشمال عشرون ميلاً. وعند مسينة مسناء يقال أن الإسكندر قد صنعه نقراً في الحجر. وفي شمالي صقلية بلاد قلورية في آخر الجزء الثاني من الإقليم الخامس. وتقع مدينة نابل المشهورة بذلك الساحل، حيث الطول أربع وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة. وبالقرب منها سلرن التي يجلب منها البندق الكبير. وفي غربي نابل مدينة روما قاعدة البابا، وهي على جانبي نهر الطبر، وكان قد دعمت جوانبه لأنه ينهار، والمراكب تدخل إليه من البحر إلى ما بين الدكاكين، فيبتاع الناس ما يحتاجون إليه. وهو يأتي من جبل في شماليها، وهي كبيرة جداً، وفي وسطها حصن منيع في ربوة منقطعة. وموضوع هذه المدينة حيث الطول ثلاث وثلاثون درجة، والعرض مع آخر الإقليم الخامس إحدى وأربعون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة. هكذا قال ابن فاطمة وهو المحقق. وقال الخوارزمي: طولها خمس وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة، والعرض ثلاث وأربعون درجة وخمسون دقيقة، فهي داخلة في الإقليم السادس. وفي غربيها بيس المشهورة، من فرض الإفرنج المترددين إلى بلاد الإسلام. وهي حيث الطول ثلاث وثلاثون درجة ونصف، والعرض إحدى وأربعون درجة، وبينها وبين البحر أميال يشقها نهر موصوف بالحسن. وفي غربيها مدينة جنوا المشهورة، وهي على غربي جون كبير، حيث الطول إحدى وثلاثون درجة غير دقائق، والعرض إحدى وأربعون درجة وعشرون دقيقة. والبحر بينها وبين الأندلس، يدخل إلى الشمال فيضيق ما عليه من الإقليم السادس. وعلى جنوا جبل الإنكبردية وفيها يعمل الشرب ويصهر الذهب، ولها ميناء صنعه أهلها بالحجارة، وهو مستدير يرسي فيه الإنسان مركبه عند داره.

الجزء الثالث: أول ما يلقاك منه في بحر الزقاق، بلاد بولية التي يجلب منها الإفرنج الزيت إلى الإسكندرية وغيرها. ومن هنالك، البحر إلى جزيرة اقريطش المشهورة، التي فتحها المسلمون، أهل رياض قرطبة في مدة المأمون، وملوكها مدة. ثم استرجعها الخرايطة، فهي الآن في أيديهم، وطولها ثلاثمائة وخمسون ميلاً من الغرب إلى الشرق. ومدينتها حيث الطول سبع وأربعون درجة وسبع دقائق، والعرض درجة ونصف، ويجلب منها إلى الإسكندرية الجبن والعسل. وفي شرقيها جزيرة رودس التي كان معاوية قد فتحها، وجعل فيها رابطة يغزو منها خليج القسطنطينية ثم عقل عنهم بريد العطاء، فهربوا إلى الشام، وجلوا عنها فملكها الروم. وهي الآن من جزائر الخرايطة. وطول هذه الجزيرة بانحراف من الشمال إلى الجنوب، نحو خمسين ميلاً، والعرض نصفها. وبينها وبين بر الخرايطة من جهة مدينتها، نحو خمسة عشر ميلاً. وبينها وبين ذنب اقريطش مجرى، واقريطش في الغرب بجنوب. وبين رودس وانطاكيا ثلاث مجار. وفي شرقها جزيرة قبرص التي فتحها المسلمون في مدة معاوية، ومدينتها في وسطها، حيث الطول داخل في الجزء الرابع خمس وخمسون درجة ونصف، والعرض ثلاثون درجة ودقائق. وطول هذه الجزيرة من غرب إلى شرق مائتا ميل، ولها ذنب دقيق ينظر إلى الشرق إلى ساحل الشام، وعرضها الواسع مائة ميل والضيق أميال. وبين الجزيرة وبر الكرك من بلاد سيس نصف مجرى، ومنها يجلب اللاك وهو صمغ. وذكر البكري أن فيها معدن نحاس.

الجزر الرابع: أول ما يلقاك منه في البر الشامي، ساحل بلاد الدروب. فتقع إنطاكية المشهورة حيث الطول اثنتان وخمسون درجة ونصف، والعرض ثمان وثلاثون درجة. وميناؤها غير مأمون في الأنواء، ولها أسطول صاحب الدروب. وكانت للروم فاستولى عليها المسلمون في عصرنا. وفي شمالها بحيرة المشاعل، إذا صعد الإنسان الجبال التي في شمالي إنطاكيا بالليل، رأى في جهاتها كأن المشاعل تشتعل. وفي شرقها العلايا، بناها علاء البيبر، صاحب قونية في عصرنا. وبين الفرضتين مائة ميل. وهي داخلة في جون، وهي أعرض بقليل من قونية. وفي شرقيها من الفرض المشهورة، سكين على مائة ميل أيضاً. وتقع أقسار المشهورة بالفواكه الكثيرة، ما بين العلايا وسكين في الطول، وعرضها أربعون درجة ونصف. وتقع اقصرا، المشهورة أيضا بالفواكه، حيث تزيد على اقسار في الطول بدرجة وهي في عرضها. وتقع سيس قاعدة بلاد الثغور الشمالية، في شمالي نهرها وغربي الجبل الدائر بها، حيث الطول ثلاث وستون درجة وعشرون دقيقة، والعرض ثمان وثلاثون درجة. وفي شمالي الجبل مدينة مالطية قاعدة الثغور الجزرية. وهي حيث الطول ثلاث وخمسون درجة، والعرض أربعون درجة وخمسون دقيقة. كذا ذكر في جغرافية ابن فاطمة. وقال الخوارزمي: الطول إحدى وستون درجة والعرض تسع وثلاثون درجة. وتقع (..) على شرقي الفرات، حيث الطول خمس وستون درجة، والعرض سبع وثلاثون درجة وأربعون دقيقة. وهي الآن ثغر الإسلام في وجوه التتر وقلعتها في صخرة قطعة واحدة. وتقع ميافارقين، قاعدة ديار بكر من بلاد الجزيرة، حيث الطول ست وستون درجة، والعرض ثمان وثلاثون درجة ونصف. وهي مثل نصيبين في إحداق المياه والبساتين بها. وقد أبان أهلها عن الدخولية في انحصارهم للتر عامين كاملين حتى فنوا واقلع التتر عنهم، فهرب منها من كان قد بقي فيها. وفيها قبر سيف الدولة ابن حمدان. وتقع آمد، قاعدة بني ارنق، في ديار بكر على غربي دجلة، حيث الطول خمس وستون درجة وأربعون دقيقة والعرض تسع وثلاثون درجة وخمسون دقيقة. ويقال لصاحبها شاه أرمن. وهي مشهورة بأغنياء التجار وكثرة الملاهي والمساخر. وفي شرقيها بحيرة ارجيش، طولها من غرب إلى شرق بانحراف إلى الجنوب، أربع مراحل، والعرض نحو مرحلة. ويوجد فيها الطريخ الذي يملح ويحمل إلى الأقطار. وتسافر فيها المراكب الكبار من أرجيش إلى خلاط وإلى غيرها. ويقع منبع دجلة على ما نقل عن بطليموس، حيث الطول أربع وستون درجة وأربعون دقيقة، والعرض تسع وثلاثون درجة. وذلك في شرقي قاليقلا، وغربي خلاط، بجبل يقال له القرس. ويقال للعين دجلة. وتنضاف إليه أنهار كثيرة فيتسع من تحت آمد، وينزل فيه كلاك من هنالك، وهي خشبات تحتها ظروف منقوشة. وتقع مدينة أرزن، حيث الطول ست وستون درجة، والعرض تسع وثلاثون درجة وعشر دقائق. فنهر أرزن ينزل إلى دجلة فيزيد فيها. وفي هذا الجزء تقع ماردين المعروفة بالباز الأشهب لعلوها، وذلك حيث الطول ست وستون درجة وعشرون دقيقة، والعرض سبع وثلاثون درجة وخمسون دقيقة. ومدينة رأس عين وهي مع أول الإقليم الخامس، والطول ست وستون درجة. ومن مياهها ينزل نهر الخابور. وفي شرق دجلة الجودي المذكور بالقرآن لا يبرح عليه الثلج. وهو يظهر من بعد لعلوه. وبه قرية ثمانين، وهم العدد الذي خلص مع نوح عليه السلام في السفينة. وفي شرق ذلك من بلاد أذربيجان، خوى، حيث الطول سبعون درجة والعرض أربعون درجة. وفي سمتها في العرض سلماس. وسلماس أطول بدرجة. وفي شمال سلماس أرمية، ويقول لها العجم أرمى، وهي حيث الطول إحدى وسبعون درجة والعرض تسع وثلاثون درجة. وفي شمال هذه البلاد بميلة إلى الغرب، بلاد شروان، ومدينتها في الإقليم السادس.

الجزء الخامس: في أوله وآخر الجزء الرابع، بحيرة أذربيجان، ووسطها حيث الطول اثنتان وسبعون درجة، والعرض تسع وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة. وطولها من الغرب إلى الشرق بانحراف إلى الجنوب، نحو مائة وثلاثين ميلاً، وعرضها نحو النصف من ذلك. وفي وسطها جزيرة، وهي جبل منقطع قدر ما صنع منه قلعة واسمها بلا، وفيها جعل ولد هلاون أهله وذخائره. وفي رأس هذه البحيرة الشرقي الشمالي على مرحلة، مدينة المراغة التي كانت قاعدة أذربيجان، فخربها التتر. وهي حيث الطول اثنتان وسبعون درجة وخمسون دقيقة، والعرض أربعون درجة وثلاثون دقيقة. وفي شرقي البحيرة، مدينة توريز قاعدة أذربيجان في عصرنا. وهي حيث الطول ثلاث وسبعون درجة، والعرض تسع وثلاثون درجة وعشر دقائق. واسمها في الكتب تبريز، ومبانيها ملاح بالجبس والكلس، وفيها مدارس حسنة. ولها غوطة مليحة، وكان فيها من رؤسائها من دبرها من التتر، فلم يجر لها ما جرى للمراغة وغيرها. وفي شماليها مدينة أردبيل، من قواعد أذربيجان القديمة. وهي حيث الطول أربع وستون درجة، والعرض إحدى وأربعون درجة غير سبع دقائق. وفي شرق ذلك بلاد الديلم وجبالها، وتقع مدينتها التي ترام واسمها الطزم، حيث الطول خمس وسبعون درجة ونصف، والعرض ثمان وثلاثون درجة واثنتان وأربعون دقيقة. وفي شمالها بلاد الجبل، وهم أخوة الديلم، ولهم على طبرستان فرضة سالوس، تسافر منها المراكب. وهي حيث الطول سبع وسبعون درجة وست وأربعون دقيقة، والعرض أربعون درجة. وفي شرقي ذلك بلاد طبرستان، وقاعدتها آمل، حيث الطول سبع وسبعون درجة وثمان عشرة دقيقة، والعرض ثمان وثلاثون درجة وخمسون دقيقة. وبساحلها فرضة عين الهيم، حيث الطول سبع وسبعون درجة وخمس عشرة دقيقة، والعرض تسع وثلاثون درجة ونصف. وفي شرقيها الري، وهي مشهورة على الجادة، وبينهما نحو ثمانين ميلاً، وفي شرقيها سمنان، قاعدة بلاد قوميس، حيث الطول سبع وسبعون درجة، والعرض سبع وثلاثون درجة، ومن مدن قوميس بسطام والدامغان، وفي شرقي ذلك وشماليه، مدينة جرجان، وهي قاعدة البلاد المنسوبة إليها. وهي حيث الطول ثمانون درجة ونصف، والعرض تسع وثلاثون درجة وعشر دقائق. وعلى بحر طبرستان، فرضة جرجان، وهي ابسكون، حيث الطول تسع وتسعون درجة وأربعون دقيقة. وفي ركن البحر الجنوبي الشرقي، مدينة فراق فرضة دهستان، حيث الطول اثنتان وثمانون درجة واثنتا عشرة دقيقة، والعرض أربعون درجة وعشرون دقيقة. وفي شماليها رباط دهستان على البحر في آخر عرض الإقليم الخامس، وبينه وبين فراق مرحلتان. وفي شرقي جرجان وجنوبيها مدينة نيسابور، قاعدة خراسان في أيام بني طاهر. ويقول لها العجم شاور، وكانت مقصداً للتجار. وهي حيث الطول إحدى وثمانون درجة والعرض سبع وثلاثون درجة. وفي شرقيها وشماليها من مدن خراسان المشهورة، مدينة نسا، وهي حيث الطول اثنتان وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة، والعرض تسع وثلاثون درجة. وفي شرقيها مدينة مرو، قاعدة خراسان في أيام السلجوقيين، وفي صدر الإسلام. وهي على نهر المرغاب، حيث الطول أربع وثمانون درجة وعشرون دقيقة، والعرض سبع وثلاثون درجة وأربعون دقيقة. وفي أرضها القطن الكثير، وتعمل فيها الثياب المروية، ويقال لها مرو الساهجان، فرقا بينها وبين مرو الرود. وفي شرقيها مدينة بلخ، قاعدة خراسان في مدة الأكاسرة، حيث نارهم المعبودة التي سدتها البرامكة. وكانت أيضاً قاعدة بني الصفار في الإسلام. وهي حيث الطول ثمان وثمانون درجة وخمس وثلاثون دقيقة. وفي شرقيها وجنوبيها مدينة الترمذ المشهورة على شرقي جيحون، وهي قاعدة طخارستان، حيث الطول تسعون درجة والعرض سبع وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة. الجزء السادس: أول ما يلقاك منه مدينة بخارى. وهي قاعدة ما وراء النهر، يسقيها نهر الصغد وينزل ما يفضل عن سقي أرضها إلى جيحون.

وموضوعها حيث الطول تسعون درجة وعشرون دقيقة، والعرض تسع وثلاثون درجة غير ثمان عشرة دقيقة. وفي شرقيها وجنوبيها مدينة سمرقند، قاعدة الصغد على جنوبي نهر الصغد، حيث الطول إحدى وتسعون درجة واثنتان وخمسون دقيقة، والعرض ست وستون درجة وثلاثون دقيقة. ونهرها ينزل من جبال البيتم التي في جنوبيها في الإقليم الرابع. وفي شرقي ذلك مدن كثيرة معجمة، في غربي نهر سيحون وفي شرقيه. ومع جنوبيه بلاد فرغان، ولها مدن كثيرة معجمة. وفي شماليه بلاد الشاش المشهورة بالمياه والبساتين، ولها مدن كثيرة مستعجمة. وفي شرقيها مدينة الطران، حيث الطول مائة درجة والعرض أربعون درجة غير دقائق. وهي على شرقي نهر ينزل من سيحون ويقال لها مدينة البحار ولها مدن كثيرة مستعجمة. الجزء السابع: أول ما يلقاك منه الباب الذي وضعه الفضل بن يحيى في وجوه الترك الذين كانوا يغيون من المشرق على بلاد الإسلام. وهنالك حائط ممتد من الشمال إلى الجنوب. وموضوع ذلك المكان، حيث الطول مائة وإحدى عشرة درجة. وفي شرقي ذلك تركستان، وهو إقليم طويل عريض له قاعدة غربية وهي كاشغر. وموضوعها حيث الطول مائة وأربع عشرة درجة، والعرض سبع وثلاثون درجة وعشرون دقيقة. والثانية شرقية وهي برسجان، وموضوعها حيث الطول مائة وثمان عشرة درجة وأربعون دقيقة، والعرض أربعون درجة وستون دقيقة. وكانت هذه في زمن الفضل بن يحيى البرمكي، لكفار الترك، ثم أسلموا بعد ذلك ودخلوا في طاعة السلجوقيين، وامتد الإسلام بهم إلى أرض التبت. ولهم مدن مستعجمة خاملة ومجالات لأهل الخيام. وفي شرقيهم قصر الضحك، وهو على جبل كالدال. وموضوعه حيث الطول مائة وخمس وعشرون درجة وسبع عشرة دقيقة، والعرض سبع وثلاثون درجة وأربع وثلاثون دقيقة. وتحت الجبل الذي تحت القصر، بركة، ربعها الجنوبي الغربي في هذا الجزء وربعها الجنوبي الشرقي في هذا الجزء الثاني، والنصف الشمالي في الإقليم السادس، ووسطها حيث الطول مائة وست وعشرون درجة، والعرض إحدى وأربعون درجة ودقيقة. وامتدادها من الشمال إلى الجنوب نحو ست مراحل، ووسعها نحو ثلاث مراحل ونصف. ويدور بها كالحلقة جبل السنبل، فيه ترعى غزلان المسك، وتشرب من مياهه التي هي في نهاية من الحلاوة، فتنحدر من جميع جوانبه إلى هذه البركة. الجزء الثامن: أول ما يلقاك منه بعد بحيرة التبت مدينة تبيته، وهي قاعدة البلاد، حيث الطول مائة وثلاثون درجة، والعرض أربعون درجة وعشرون دقيقة. وفي شرقيها جبال القشمير، التي لم يقدر عليها التتر لصعوبتها. وفي هذا الجزء من الجبال المذكورة مع نهر كنك المعظم عند الهنود الذي ينصب في بحرهم، وهو حيث الطول مائة وثلاث وثلاثون درجة، والعرض تسع وثلاثون درجة. وينزل له ماء من عرض إحدى وأربعين درجة. وفي شرقيه إلى آخر الجزء بلاد طمغاج التي فيها مدن الخط ومجالاتهم. وأكثر ما في بلادهم الحرير، ونقودهم دنانير يصنعها ملوكهم من ورق عليها نقوشهم. وفي هذا الجزء تقع القاعدة القديمة التي اسمها طمغاج. وذلك حيث الطول مائة وأربع وثلاثون درجة، والعرض إحدى وأربعون درجة. الجزء التاسع: أول ما يلقاك منه منبع نهر ياجوج، وهو حيث الطول مائة وخمس وأربعون درجة والعرض تسع وثلاثون درجة وأربع وعشرون دقيقة. وفي شماليه بحيرة الشياطين يحدق بها جبل على الصورة المرسومة. ونصفها في هذا الجزء، ونصفها الآخر في الإقليم السادس. وقد شاع في تلك الجهات أن الشياطين حموها، فإذا سبح فيها أحد أذوه. وعلى الجبل المتصل بها الممتد إلى ياجوج وماجوج، صنم الرخام الأصغر، وهو معبد يحج إليه الكثيرون من أهل تلك الجهات. وموضوعه حيث الطول مائة وعشرون درجة واثنتي عشرة دقيقة، والعرض مع آخر الإقليم الخامس. وفي تقوس على جنوبيها، ينزل نهر ياجوج إلى أن يدخل في الإقليم السادس. وفي شرقي هذا النهر بحيرة اغرى ويحدق بها جبل. وفي شرقيها بحيرة نهامه يخرج منها نهر يقع في نهر ياجوج ويدخل إليها نهر من جبل ياجوج. وطول هذه البحيرة من الغرب إلى الشرق أربع مراحل، وعرضها مرحلتان. وفي جنوبيها بحيرة غاغان طولها من الجنوب إلى الشمال خمس مراحل وعرضها ثلاث مراحل. وعلى شرقيها كيماكية، وهي مدينة كيماك من الأتراك. وموضوعها حيث الطول مائة وتسع وخمسون درجة، والعرض ست وثلاثون درجة وعشرون دقيقة.

الإقليم السادس

الجزء العاشر: أول ما يلقاك منه حصن ذي القرنين، الذي جعله لحفظ السد، حيث الطول مائة وثلاث وستون درجة، والعرض أربعون درجة. وفي شماليه باب السد. والسد ممتد من الشمال إلى الجنوب، متصل بالجبل المحيط بياجوج وماجوج من الجبل المعترض من رأس السد إلى البحر المحيط، حيث الطول مائة وخمس وستون درجة وأربع دقائق، والعرض سبع وستون درجة واثنتا عشرة دقيقة. وعليه عمائر ياجوج إلى أن ينصب في البحر بالإقليم السادس. وتقع في هذا الجزء إلى آخر العمارة بلاد زردقيا، ولم يقم لفرقة من الترك قائمة غيرهم، وقد شغلهم الله بقتالهم في بلاد نهر كيماك، المنحدر من الإقليم الرابع من طرف جبل ياجوج وماجوج، ويتكون من تفرعه جزيرة فيها مدينة زردقيا، حيث الطول مائة وسبعون درجة والعرض ثمان وثلاثون درجة. ولهم في غربي بلادهم بحيرة كبيرة ينصب فيها نهران من الجبل المذكور، وبحيرة أصغر منها في شرقيها. الإقليم السادس أهلهم يشتد بياضهم حتى يسري ذلك في شعورهم، وتعمقهم الزرقة والشقرة، وكثيراً ما يكون بينهم النمش، ولا تتمشى لهم حال في الشتاء إلا بالبخارات التي يوقدون فيها النار في بيوتهم، وذلك أزيد فيما بعده إلى الشمال. وينتهي العرض من خط الاستواء وفي آخره، لخمس وأربعين درجة، ووسعه أربع درجات غير إحدى وعشرين دقيقة.

الجزء الأول: أول ما يلقاك منه على البحر المحيط كنيسة الغراب المشهورة عند أهل البحر. وبينها وبين طرف العرف، الذي ذكر في آخر عرض الجزء الأول من الإقليم الخامس، سبعة أميال، والطول هنالك من سمت الجزائر الخالدات ست درجات. ومنها إلى حيث نهر أبو دانس، أربعون ميلاً. وعليه القصر المنسوب إليه، وكان لعباد الصليب عليه في عصرنا مع المسلمين حرب مشهورة، وكان آخر ثغور الإسلام بتلك الجهة، ومنه إلى مصب نهر لشبونه الكبير أربعون ميلاً. ومن البحر إلى لشبونه ثلاثون ميلاً، وهي على جانب النهر الجنوبي، حيث الطول سبع درجات غير دقائق، والعرض اثنتان وأربعون دقيقة، وأمامها في الشمال بحيرة مالحة، وفي غربيها أخرى. وذكر المسافرون أن عرض مصب النهر يتسع إلى أن يصير عشرة أميال. وفي شمالي هذا المصب على ثلاثين ميلاً، مدينة سنتره التي يوجد العشب كثيراً في ساحلها، وهي كانت قاضية ثغور الإسلام على الساحل قل الفتنة العمياء. وفي شماليها طرف جبل الشاره الكبير الذي يقسم الأندلس صفين. وفي شماليه مدينة منتمنون (؟) من بلاد غليسية التي يخرج منها البركان، وهي عل شمالي نهر ينصب من الجبل المذكور في المحيط. وفي شمالي ذلك مصب نهر قلمرية، وعلى شماليه مدينة سملنكه المشهورة بأرض بورتقال، وهي آخر عرض الإقليم السادس، حيث الطول سبع درجات وعشرون دقيقة، والعرض خمس وأربعون درجة. وبينها وبين مدينة قلمرية قاعدة غليسية مرحلتان، وهي في شرقيها. وعلى شمالي النهر، وعلى جبل الشارة الممتد من شرق الأندلس إلى غربيها، حصون كثيرة معجمة، منها في هذا الجزء حصن المائدة الذي يقال أن مائدة سليمان عليه السلام كانت محفوظة فيه. ومنه أخذها طارق بن زياد حين فتح طليطلة، وبينهما مرحلتان، والحصن في الشمال. وعلى جنوبي جبل الشارة مدينة قورية، وهي كانت ثغر المسلمين في مدة ملوك الطوائف. وموضوعها حيث الطول ثمان درجات وثلاثون دقيقة، والعرض أربع وأربعون درجة غير دقائق. وفي جنوبيها وجنوب نهر طليطلة، مدينة شونترين، حيث الطول ثمان درجات وعشر دقائق، والعرض اثنتان وأربعون درجة وخمس وثلاثون دقيقة. وفي سمتها في الشرق على جنوبي النهر، حصن قنطرة السيف، بينهما ثمانون ميلاً. وفي شرقي ذلك على شمالي النهر مدينة وليد، وهي من المدن الملاح التي يحلّ بها الفنش في أكثر أوقاته، وهي كثيرة البساتين، ولها ثلاثة أنهار غير النهر الكبير. وموضوعها حيث الطول إحدى عشرة درجة واثنتان وخمسون دقيقة والعرض ثلاث وأربعون درجة وثلاث دقائق. وفي شرقيها قاعدة الأندلس طليطله، حيث الطول خمس عشرة درجة ونصف، والعرض ثلاث وأربعون درجة وثمان عشرة دقيقة. وهي من أمنع البلاد على جبل عال، والنهر سمر بأكثرها، ونهرها ينزل من جبل الشارة عند حصن يقال له تاجه وبها يسمى. ودخل المسلمون جزيرة الأندلس وسلطانها من القوط يقال له رودريق وقاعدته طليطله، واسترجعها النصارى هي وجميع ما ذكر في هذا الجزء ويذكر، بعد ذهاب الدولة المروانية. وفي شرقي نهر تاجه، منبع نهر يانه، الذي يمر على بطليموس. وهو كبير يصعد فيه المد نحو ستين ميلاً في آخر عرض الإقليم السادس. وعلى نهر سنتره مدينة إبله، وهي مشهورة في الغزوات. وموضوعها حيث الطول ثلاث عشرة درجة غير تسع دقائق. وفي شرقي طليطلة مدينة الفرح، ويقال لنهرها وادي الحجارة. وهي حيث الطول سبع عشرة درجة غير دقائق، والعرض ثلاث وأربعون درجة وعشرون دقيقة. وفي شرقيها مدينة سالم، قاعدة الثغر الأوسط. وهي حيث الطول ثمان عشرة درجة، والعرض ثلاث وأربعون درجة.

الجزء الثاني: أول ما يلقاك منه منبع نهر شوكر، من جبل الشاره. وهو الذي يمر على جزيرة سومر المشهورة بالحسن، وينصب في البحر بين بالونيه ودانيه. وعن قرب منه، منبع نهر سرقسطة الكبير، الذي يمر أولاً على جبل مطله (؟) ثم جنوبي سرقسطه، ثم على غربي طرطوشه، وينصب في البحر تحتها. وتقع مدينة تطيله في جنوبي جبل الشارة حيث الطول عشرون درجة ونصف، والعرض ثلاث وأربعون درجة وخمس وخمسون دقيقة. وتقع سرقسطة قاعدة الثغر الأعلى، حيث الطول إحدى وعشرون درجة وثلاثون دقيقة. وفي شرقيها مدينة لاردة قاصية ثغور الأندلس، حيث الطول اثنتان وعشرون درجة وأربعون دقيقة. وهي على شرقي نهر ينزل في نهر سرقسطة، وفي شرقيها جبل البرت الفاصل بين جزيرة الأندلس وبين الأرض الكبيرة. ولما أحاطت البحار بالأندلس، ولم يبق إلا هذا المدخل ومسافته أربعة مراحل، سميت جزيرة. وفي هذا الجبل الأبواب التي حفرتها ملكة اليونان ليسهل دخولها إلى الأندلس. وفي وسط الجبل هيكل الزهرة الذي كان يعبده أهل تلك الجبال قبل النصرانية. وهو حيث الطول أربع وعشرون درجة، والعرض ثلاث وأربعون درجة. وفي طرف هذا الجبل مع بحر الزقاق، طرقون، وهي آخر مدن الأندلس الساحلية بشرقيها وجنوبيها. وموضوعها حيث الطول ثلاث وعشرون درجة وعشرون دقيقة، والعرض مع أول الإقليم السادس. وفي الطرف الشمالي من أقصى الأندلس، المقابل لطرف طرقونة على البحر المحيط، مدينة بيونة، وهي فرضة مملكة النبري ومنها تخرج القراقر. وموضوعها حيث الطول ثلاث وعشرون درجة وأربعون دقيقة، والعرض أربع وأربعون درجة. وفي غربيها خلف جبل الشارة، قاعدة النبري، وهي بنبلون، حيث الطول اثنتان وعشرون درجة، وخمس عشرة دقيقة، والعرض أربع وأربعون درجة. وفي غربيها، في سمت العرض كستالية، وهي مدينة برغش، وهي دار صناعة السلاح المعمول في بلاد الفنش. وموضوعها حيث الطول في شمالي الجبل الكبير تسع عشرة درجة وخمس وأربعون دقيقة. وخارج بلاد الأندلس، مدينة برشلونة قاعدة البرشلوني ملك الكطالين، وهو منتسب إلى جبلة بن اليهم، ملك غسان المنتصر في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وهي على بحر الزقاق حيث الطول أربع وعشرون درجة ونصف، والعرض اثنتان وأربعون درجة وثمان عشرة دقيقة. ولها مياه وبساتين، وكانت من فتوح المسلمين فاسترجعها المليون. وفي شرقيها قستليون وهي معقل القراصنة. وموضوعها حيث الطول خمس وعشرون درجة وسبع وعشرون دقيقة، والعرض ثلاث وأربعون درجة. وفي شمالي برشلونة، مدينة بردال، التي تنسب إليها السيوف البردالية. وهي حيث الطول خمس وعشرون درجة، والعرض أربع وأربعون درجة، وهي على شرقي بحيرة حلوة ينصب فيها نهر وتنصب هي في البحر. وفي شرقي بردال مدينة طلوزة. ويقال إن لصاحبها الفرنجي، في الجبال التي في شماليه وشرقيه، نيف على ألف حصن، وهو قريب من صاحب فرنسة. وموضوعها حيث الطول سبع وعشرون درجة، والعرض أربع وأربعون درجة. والنهر في جنوبيها تصعد منه المراكب في البحر المحيط بالقزدير والنحاس اللذان يجلبان من جزيرة انكلترة وجزيرة أيرلندة، ويحملان على الظهر إلى نربونة، ومنها يحملان في مراكب إلى الإسكندرية وتقع مدينة نربونة حيث الطول سبع وعشرون درجة، والعرض ثلاث وأربعون درجة وعشرون دقيقة. وفي جنوبيها بحيرة تتصل ببحر الزقاق وإليها انتهى موسى بن نصير في فتوح الأندلس ووجه الصنم في شرقيها، وفيه: يا بني إسماعيل، ارجعوا. وقيل إن ذلك وقع بحيلة من الجند ليرجع، فرجع، وبقيت نربونة أقصى ثغور المسلمين في شرق الأندلس حتى استرجعها الفرنج بالفتن. وفي شرقيها على أميال من جون، مدينة منبلير وهي مشهورة بالتجار الأغنياء. وموضوعها حيث الطول ثمان وعشرون درجة، والعرض ثلاث وأربعون درجة وخمسون دقيقة. وإلى الجنوب مدينة مرسيلية، وهي من فرض الفرنج المترددين على بلاد الإسلام.

وموضوعها حيث الطول تسع وعشرون درجة، والعرض ثلاث وأربعون درجة. وفي شرقيها الإنكبردية والجبال تحدق بها إلى حد جنوة. وهي مدن وعماير تخترقها أنهار تسير فيها المراكب بالقلوع. وقاعدتها مدينة ملان حيث الطول ثلاثون درجة وسبع وثلاثون دقيقة، والعرض ثلاث وأربعون درجة. وفي شرقيها مدينة البندقية على آخر خليج البنادقة، حيث الطول اثنتان وثلاثون درجة والعرض أربع وأربعون درجة وأربع دقائق. وهي في جزيرة، ومبانيها بالخشب والزوارق تتردد فيها من دار إلى دار، ومركب الإنسان يرسو عند داره. وليس لهم مكان يمشون فيه إلا البساط الذي فيه سوق الصرف، صنعوه لراحتهم إذا احتاجوا للمشي. وملكهم من أنفسهم يقال له الدج. وفي نهر من أنهار أرضه، الذهب المائل للخضرة. وعنده الأخشاب الكثيرة العظيمة. وعلى شط بحر البندقية جبل اشكفونية فيه الأخشاب والسناقر والرجال الشجعان الذين يغلب بهم في البحر أهل جنوة. ولهم جزائر كثيرة صغار في هذا الجزء وفي الذي يليه. وعلى شط بحرها عماير كثيرة لعباد الصليب. وفي جنوبي هذا البحر مدينة روما، قاعدة البابا؛ على مذهب الخوارزمي، وقد تقدم ذكرها في الإقليم الخامس. وتقع في هذا الجزء مدينة لوشيرة، التي أسكن الانبرور فيها المسلمين الذين أخرجهم من صقلية. وهي حيث الطول خمس وثلاثون درجة وست وعشرون دقيقة، والعرض اثنتان وأربعون درجة.

الجزء الثالث: أول ما يلقاك منه، على شمالي خليج البنادق، مدينة سبينقو، وهي للهنكر، وهم ترك على دين النصرانية. وموضوعها حيث الطول سبع وثلاثون درجة واربعون دقيقة، والعرض خمس وأربعون درجة. وإليها انتهى التتر، فأجمع عليهم بها الهنكر والباشقر والألمانيون، وكسروهم كسرة أيأستهم من العودة إلى تلك البلاد. وفي غربي هذه المدينة على الخليج، جبل اشكفونية، وقد تقدم ذكره. وفي أول الخليج من الجهة الجنوبية برنديس، وهي من الجانب الغربي على فم الخليج، وهو ضيق هنالك ثم يتسع بعد هذه المدينة إلى نحو مجرى ونصف، ولا يزال إلى آخره دائراً على ذلك. وبرنديس مشهورة عند أهل البحر، وهي حيث الطول أربعون درجة وإحدى عشرة دقيقة، والعرض أربع وأربعون درجة. وعلى شمالي الخليج حيث الطول أربعون درجة وخمس عشرة دقيقة، مدينة اثينة وهي مدينة أرسطو الحكيم وإليها يبلغ سلطان الأشكري صاحب القسطنطينية. وفي شماليها وغربيها مدينة برشان، كانت قاعدة لأمة استولى عليهم الألمانيون ولم يبقوا لهم ذكراً. وهي حيث الطول أربعون درجة والعرض خمس وأربعون درجة. ومن هذه المدينة إلى القسطنطينية، من البلاد التي يسكنها الخرايطة وهم بقايا الإغريقيين، عدد كبير، وهي معجمة خاملة عند المسلمين. وفي هذا الجزء تقع جزيرة لمريا وتعرف في الكتب بجزيرة بيلوبنس. وفيها مدن وعمائر، وهي أكبر الجزائر الرومانية. ودورها على التحقيق سبعمائة ميل، وفيها اجوان وتعريجات وفم إلى البرّ عرضه أميال عليه من جهة الغرب والجنوب مدينة كوريت، حيث الطول ست وأربعون درجة وعشرون دقيقة، والعرض أربعون درجة. وفي وسطها مدينة لمريا وبها يكون صاحب الجزيرة. وهي حيث الطول خمس وأربعون درجة واثنتان وخمسون دقيقة، والعرض ثلاث وأربعون درجة وخمس وعشرون دقيقة. وبين هذه الجزيرة وجزيرة اقريطش، المجاز الذي يدخل منه إلى الجزائر الرومانية الكثيرة، وقدره ستون ميلاً ولا بد منه للدخول إليها. وفي شمال هذه الجزيرة، جزيرة النغريب، وهي من أكبر الجزائر الرومانية. طولها من الغرب إلى الشرق بانحراف إلى الجنوب، مائة وخمسون ميلاً، وعرضها من عشرين ميلاً إلى نحو ذلك. وآخرها المشرقي حيث الطول ثمان وأربعون درجة وخمسون دقيقة، والعرض ثلاث وأربعون درجة غير دقائق، وهي مشهورة بخروج السفن والقطائع منها. وفي شرقيها من الجزائر الرومانية جزيرة المصطكي، ومنها يجلب إلى الأقطار وهو صمغ شجر، وطولها من شمال إلى جنوب نحو ستين ميلاً. وبينها وبين النغريب نحو ثلاثين ميلاً، وفي شماليها خليج القسطنطينية. وعلى شرقيه مدينة ابزو، وبها يعرف فم ابزو، وهي للخرايطة، وهم النصارى الذين لا يحلقون لحاهم. وموضوعها حيث الطول تسع وأربعون درجة وتسع وأربعون دقيقة. وعرض هذا الخليج رمية سهم، وطوله كذلك من بحر الزقاق إلى مدينة ابزو نحو خمسين ميلاً، ثم يأخذ في الاتساع إلى أن يكون بعد ثلاثين ميلاً منها بحيث يقارب ستين ميلاً، فيمر كذلك نحو مجرى، وعليه مدن الخرايطة التي في طاعة صاحب القسطنطينية، التي بناها قسطنطين واضع دين النصارى. وكان مكانها مروج في أرض ملك البرشان، فطلب منه أن يرفع خيله. ثم إنه لما انقطعت أخباره بالأمطار والأوحال، بنى هذه المدينة وصيرها قاعدة القياصرة، فلم يقدر ملك البرشان عليه، ثم فنى البرشان. والقسطنطينية حيث الطول تسع وأربعون درجة وخمسون دقيقة، والعرض في آخر الإقليم السادس خمس وأربعون درجة، والبحر من جوانبها الثلاثة، وإنما البر من الجهة الغربية. ويمر عنوة الخليج الضيق، فيمتد نحو ثمانين ميلاً يكون في آخره مدينة نيقومدية، وهي كانت قاعدة الإغريقيين. وفي الجغرافيا أن طولها إحدى وخمسون درجة، والعرض أربع وأربعون درجة وخمس عشرة دقيقة. وفي جنوبيها من البلاد المشهورة عند أهل تلك البلاد، مدينة أسمره على دخلة من البحر، حيث الطول خمسون درجة وأربعون دقيقة، والعرض ثلاث وأربعون درجة وثلاث وعشرون دقيقة. وفي جنوبيها على دخلة من البحر مدينة الإلية، وهي من مدن الحكماء المذكورة في كتبهم. وموضوعها حيث الطول خمسون درجة وخمس وخمسون دقيقة. وفي شرقي هذه البلاد جبال التركمان وبلادهم. وهم خلق كثير من نسل الترك الذين فتحوا بلاد الروم في مدة السلجوقيين، وقد مرنوا على الغارة على سكان الساحل من الخرايطة وأخذ أولادهم وبيعهم إلى

المسلمين، وما يصدهم عنهم إلا عضد الهدنة وقهر السلطان. وعندهم تعمل البسط التركمانية المجلوبة إلى البلاد. وبساحلهم جون يقال له جون مقري، وهو مشهور عند المسافرين، يجلب منه الخشب إلى الإسكندرية وغيرها. وينصب فيه نهر البطال، وهو عميق وعليه جسر، إذا كانت الهدنة نصب وإذا وقعت الحرب رفع، وهو حدّ بين المسلمين والنصارى. والبطال الذي ينسب إليه، هو الذي كان يكثر من غزو الروم في دولة بني أمية، والمذكور اسمه في كتب السمر، وهنالك قبره. وفي شمالي إنطاكية المتقدمة الذكر جبال طغورله، يقال إن فيها وفي جهاتها، نحو مائتي ألف بيت للتركمان، وهم الذين يقال لهم الأوج. وهنالك مدينة طغور له، وبينها وبين قلعة خياص التي تعمل فيها القسي الملاح فرسخان. وجبال التركمان متصلة من باب طغورله، بملك الأشكري صاحب القسطنطينية. وبين طغورله وبين الجسر في غربيها، ثلاثون ميلاً. وفي شرقي ذلك نهر هرقله ينزل من جبل العلايا إلى آخر سنوب، وعليه هرقله قرب البحر، وهي التي خربها الرشيد. وفي شرقيها جبل الكهف عند الروم، ويقال إن فيه الكهف هنالك، وذلك مذكور في تاريخ الوافق، حين أرسل من يقف على الأمر من صاحب القسطنطينية. ومن شرقي ذلك، المروج المشهورة التي كان المعتصم حريصاً على أن يرتع خيله فيها من العراق. وهنالك عيون كبيرة، وتسمي الروم ذلك المكان قرنبك. وفي تلك الجهة مدينة انكورية، ويقال أنها عمورية التي فتحها المعتصم، وهي الآن للمسلمين. لمسلمين، وما يصدهم عنهم إلا عضد الهدنة وقهر السلطان. وعندهم تعمل البسط التركمانية المجلوبة إلى البلاد. وبساحلهم جون يقال له جون مقري، وهو مشهور عند المسافرين، يجلب منه الخشب إلى الإسكندرية وغيرها. وينصب فيه نهر البطال، وهو عميق وعليه جسر، إذا كانت الهدنة نصب وإذا وقعت الحرب رفع، وهو حدّ بين المسلمين والنصارى. والبطال الذي ينسب إليه، هو الذي كان يكثر من غزو الروم في دولة بني أمية، والمذكور اسمه في كتب السمر، وهنالك قبره. وفي شمالي إنطاكية المتقدمة الذكر جبال طغورله، يقال إن فيها وفي جهاتها، نحو مائتي ألف بيت للتركمان، وهم الذين يقال لهم الأوج. وهنالك مدينة طغور له، وبينها وبين قلعة خياص التي تعمل فيها القسي الملاح فرسخان. وجبال التركمان متصلة من باب طغورله، بملك الأشكري صاحب القسطنطينية. وبين طغورله وبين الجسر في غربيها، ثلاثون ميلاً. وفي شرقي ذلك نهر هرقله ينزل من جبل العلايا إلى آخر سنوب، وعليه هرقله قرب البحر، وهي التي خربها الرشيد. وفي شرقيها جبل الكهف عند الروم، ويقال إن فيه الكهف هنالك، وذلك مذكور في تاريخ الوافق، حين أرسل من يقف على الأمر من صاحب القسطنطينية. ومن شرقي ذلك، المروج المشهورة التي كان المعتصم حريصاً على أن يرتع خيله فيها من العراق. وهنالك عيون كبيرة، وتسمي الروم ذلك المكان قرنبك. وفي تلك الجهة مدينة انكورية، ويقال أنها عمورية التي فتحها المعتصم، وهي الآن للمسلمين.

وموضوعها، حيث الطول ثلاث وخمسون درجة، والعرض ثلاث وأربعون درجة وثلث. وهي على نهر كبير يمر من غربيها. وفي جهاتها (..) وهي جبال، فيها نحو ثلاثين ألف بيت للتركمان. وفي غربي انكورية على ثمانية فراسخ، مدينة سلطان بولي، والطريق بينهما مزارع وعيون. وفي هذه المدينة حمامين ماؤها كمياه الحامة لا تحتاج إلى تسخين، وهو جار على الدوام، شديد الحرارة. ومن انكورية إلى قاعدة البلاد مدينة قونية أربعة أيام. وموضوع قونية، حيث الطول خمس وأربعون درجة، والعرض إحدى وأربعون درجة ونصف، ولها نهر ينزل من الجبل الذي في جنوبيها، ويسقيها من جهة غربيها، فتكون عليه بحيرة ومروج. والجبال دائرة بها من كل جهة، وتبعد عنها من جهة الشمال. وعلى بابها الناظر إلى الشمال صورة الحكيم الذي أمر بوضعها هنالك، تشير إلى جهة الشمال، كأنها تقول: الجبال هنا بعيدة، فما عليكم منها ضرر. ومبانيها بالطين وتبيض دور الرؤساء والأغنياء. وفي ديار الملوك والأكابر ألواح الرخام الأبيض، والليمون والأعناب والفواكه فيها وفي غيرها من بلاد الروم كثيرة. ويجلب الفستق الكبير الطيب من بعض جهاتها. وهناك المشمش الكبير المعروف بقمر الدين، وهو لوزي مفضل على مشمش دمشق. وسلطانها من نسل السلجوقية، وهم ترك آمنوا وملكوا من بلاد تركستان إلى بحر الشام، وفتحوا هذه البلاد المعروفة الآن ببلاد الروم. ويقال لهذا السلطان صاحب القبة والطير، وهو اليوم مدار للتتر بالأموال وبلاده داخلة في بلادهم. ويقال إن سلطنته تحتوي على أربع وعشرين مدينة من المدن الكبار، وفيها الولاة والقضاة فأصحاب الأعمال والجوامع والبزازون والحمامات. وأما الضياع فيقال إنها أربعمائة ألف ضيعة، منها ست وثلاثون ألفاً قد خربت. وبها معادن الفضة لا يزال عمالها، وفيها معادن الحديد. وفي شرقي قونية، اقشار، وهي أطول من قونية بدرجة ونصف. وقونية أعرض بربع درجة. وهذه المدينة من المدن الملاح الكثيرة السكان والمياه. وأكثر ما فيها التفاح المخضب المليح، والكمثرى الكبيرة، والسفرجل المفضل والخوخ العالي. وفي شرقيها مدينة اقصرا، التي تعمل فيها البسط الملاح، وهي في عرض اقشار وأطول منها بدرجة، وهي كثيرة الفواكه أيضاً تحمل على العجل إلى قونية في بسيط كله مزارع وأودية. ويقول أهل تلك البلاد إن مسافة هذه الطريق ثمانية وأربعون فرسخاً، وكذلك من أقصرا إلى مدينة قيصرية. وهي منسوبة إلى قيصر وتسمى في عصرنا قيسارية، وهي مدينة جليلة يحلها سلطان البلاد، ويتنقل منها إلى قونية ومن قونية إليها. وهي حيث الطول ست وخمسون درجة ونصف، والعرض اثنتان وأربعون درجة وأربعون دقيقة. والطريق الذي بينها وبين اقصرا كله مزارع وأودية في بسيط تسير فيه العجل بالبقر. وفي شرقي قيصرية مدينة سيواس، وهي من أمهات مدن البلاد مشهورة عند التجار. وهي من بسيط حيث الطول سبع وخمسون درجة ونصف، والعرض إحدى وأربعون درجة وأربعون دقيقة. ويقول المسافرون بتلك البلاد المنقطعون على هذه الطريق، أنهم يجدون فيها أربعة وعشرين خاناً فيها كل ما يحتاجون إليه، ولا سيما في أيام الثلوج. وفي شرقيها مدينة أرز الروم، وهي آخر بلاد الدروب من جهة الشرق. وموضوعها حيث الطول أربع وستون درجة والعرض اثنتان وأربعون درجة وثلاثون دقيقة. وفي شرقيها وشماليها منبع الفرات من عيون ومروج وغياض وبنفسج حيث الطول أربع وستون درجة وثلاثون دقيقة، والعرض ثلاث وأربعون درجة ونصف. ويقول أهل تلك البلاد أن أرز الروم من أعالي الأرض. وغالى بعضهم حتى قال أنها أعلى من جميع الأرض بأربعين ذراعاً. وفيها عين عظيمة يخرج منها قسمان، فقسم هو الفرات، وقسم يمر إلى المشرق وهو النهر الكبير الذي ينصب في بحر الباب. وحول تلك العين الكبيرة، عيون كثيرة، وهي ينبت فيما بينها البنفسج. وذكر ابن فاطمة أن الفرات يأتيه نهر يمده من جبل، حيث الطول ثمانية وستون درجة ونصف، والعرض إحدى وأربعون درجة وعشرون دقيقة. ومن هنا جعل بطليموس منبع الفرات. ومن الجبل المذكور منبع نهر أراس، الذي يشق بلاد أذربيجان وينصب نحو الباب، وذلك حيث الطول سبعون درجة، والعرض اثنتان وأربعون درجة واثنتان وعشرون دقيقة. ويقول أهل الروم أن بين سيواس وارز الروم مدينة أرزنكان المشهورة، وبينها وبين كل واحدة منهما ستون فرسخاً. والطريق التي بين

أرز الروم وأرزنكان، كلها عيون ومزارع وأودية وبسائط. قالوا: والمسافرين يحملون بضائعهم من توريز (تبريز) في العجل، وتجرها البقر إلى قونية، في تلك المسافة الطويلة وهي نحو أربعين يوماً. وفي جنوب النهر الذي يمد الفرات من المشرق تقع مدينة شروان وهي قاعدة لبلادها، وجبالها المضافة إلى سلطنة أذربيجان. وموضوعها حيث الطول ثمان وستون درجة وست وخمسون دقيقة، والعرض إحدى وأربعون درجة وثلاث وأربعون دقيقة. قال ابن فاطمة: وفي هذا الجزء يقع نهر الكر الكبير، الذي يشق بلاد أران وينصب في بحر طبرستان. وأصله من عين، حيث الطول ثلاث وستون درجة، والعرض أربع وأربعون درجة وأربعون دقيقة. وعليه قاعدة الكرخ مدينة تفليس، وهي من جانبه حيث الطول سبع وستون درجة والعرض أربع وأربعون درجة. وكان المسلمون قد فتحوها وسكنوها مدة طويلة، وخرج منها علماء، ثم استرجعها الكرخ وهم نصارى يعرفهم أهل ملتهم، ويقال لبلادهم الابخاز. وقبل الابخاز، قلعة لملكهم في الجبل الطويل الذي لا يرام. وفي شرقيها على جنوبي النهر من مدن اران المذكورة في الكتب، شمكور، وهي حيث الطول تسع وستون درجة ونصف، والعرض أربع وأربعون درجة. وفي شرقيها من مدن اران المذكورة بالنسبة إليها، مدينة خنزه، حيث الطول إحدى وسبعون درجة، والعرض ثلاث وأربعون درجة وسبع وثلاثون دقيقة. وهي على جنوبي نهر الكر، عبث فيها التتر شر العبث. ز الروم وأرزنكان، كلها عيون ومزارع وأودية وبسائط. قالوا: والمسافرين يحملون بضائعهم من توريز (تبريز) في العجل، وتجرها البقر إلى قونية، في تلك المسافة الطويلة وهي نحو أربعين يوماً. وفي جنوب النهر الذي يمد الفرات من المشرق تقع مدينة شروان وهي قاعدة لبلادها، وجبالها المضافة إلى سلطنة أذربيجان. وموضوعها حيث الطول ثمان وستون درجة وست وخمسون دقيقة، والعرض إحدى وأربعون درجة وثلاث وأربعون دقيقة. قال ابن فاطمة: وفي هذا الجزء يقع نهر الكر الكبير، الذي يشق بلاد أران وينصب في بحر طبرستان. وأصله من عين، حيث الطول ثلاث وستون درجة، والعرض أربع وأربعون درجة وأربعون دقيقة. وعليه قاعدة الكرخ مدينة تفليس، وهي من جانبه حيث الطول سبع وستون درجة والعرض أربع وأربعون درجة. وكان المسلمون قد فتحوها وسكنوها مدة طويلة، وخرج منها علماء، ثم استرجعها الكرخ وهم نصارى يعرفهم أهل ملتهم، ويقال لبلادهم الابخاز. وقبل الابخاز، قلعة لملكهم في الجبل الطويل الذي لا يرام. وفي شرقيها على جنوبي النهر من مدن اران المذكورة في الكتب، شمكور، وهي حيث الطول تسع وستون درجة ونصف، والعرض أربع وأربعون درجة. وفي شرقيها من مدن اران المذكورة بالنسبة إليها، مدينة خنزه، حيث الطول إحدى وسبعون درجة، والعرض ثلاث وأربعون درجة وسبع وثلاثون دقيقة. وهي على جنوبي نهر الكر، عبث فيها التتر شر العبث.

الجزء الخامس: أول ما يلقاك منه مدينة برذغه قاعدة سلطنة اران، وهي في جزيرة بين نهرين يخرجان من نهر الكر. وموضوعها حيث الطول ثلاث وسبعون درجة غير عشرين دقيقة، والعرض أربع وأربعون درجة غير خمس عشرة دقيقة. وهي بين نهر أراس ونهر الكر. وبين النهرين بطول، أرض الجزيرة وفيها التوت الكثير. وأهلها مشغوفون بالجميز، فيحمل منها إلى الأقطار. وفي شمالي نهر الكر مدينة نقجوان وهي من المدن المذكورة في شرقي أران، فخربها التتر، وقتلوا جميع أهلها. وهي حيث الطول ثلاث وسبعون درجة، وسبع عشرة دقيقة. وفي شرقيها وشماليها مدينة الباب، قاعدة سلطنة الباب، وهي ثلاث قطع على نهر أتل الكبير عند مصبه في بحر طبرستان. فالقطعة الجنوبية كانت للمسلمين، والقطعة الشمالية كانت لليهود والنصارى والمجوس، والقطعة التي في الجزيرة كانت لخاقان الخزر، وكان يهودياً، ثم خربها الروس، وأزالوا سلطنة الخزر منها. وعمرت بعد ذلك بالمسلمين، فخربها التتر. وموضوعها حيث الطول خمس وسبعون درجة، والعرض خمس وأربعون درجة. وفي شرقيها في بحر طبرستان جزيرة الباب، وهي كثيرة المروج يرعة فيها أهل الباب مواشيهم. وفي شرقيها جزيرة البركان، فيها جبل لا تبرح النار تتقد فيه بالليل والنهار، ويصعد منه الدخان مثل بركان صقلية وبركان الهند. ويقال أن نفط الطيار الذي عند الملوك يوجد في هذه الجزيرة. وفي شماليها جزيرة شياكو، وهي التي دخل إليها، لما فر قدام التتر، خوارزم شاه علاء الدين، فعلت في المركب قبل الوصول إليها. وفي شرقي بحر طبرستان جبل شياكو، وهو يستغرق عرض الإقليم السادي، وعرض الإقليم السابع، ثم يدور مع البحر إلى شمال مدينة الباب، وهو لا خير فيه ولا شر. وفي شرقيه مجالات العربة من أجناس الترك إلى جوانب بحيرة خوارزم. وهذه البحيرة ينصب فيها نهر جيحون في هذا الجزء، وينصب فيها نهر سيحون في الإقليم السابع. وبعد هذا لا يطيب ماؤها ولا ينفذ إليها التجار، وقيل أن دورها ستمائة ميل. وقال ابن فاطمة، وهو التحقيق، وكرفها المشرقي مع آخر الجزء السابع. الجزء السادس: أول ما يلقاك منه، مدينة خوارزم، هكذا يعرفها عامة العجم، وهو اسمها في الكتب الجرجانية. وهي على جانبي جيحون حيث الطول إحدى وتسعون درجة وخمسون دقيقة، والعرض اثنتان وأربعون درجة وعشر دقائق، ولها بين جيحون وسيحون مدن وعماير معجمة. ويستغرق هذا الجزء، ويمر فيه نهر سيحون. وفي شرقيه نهر الشاش، ينزل من جبل في أول عرض الإقليم السابع، ويستغرق عرض هذا الجزء ويمر من سمته في الإقليم الخامس، حتى ينصب في نهر سيحون. وعليه عمائر الشاش الكثيرة ذات البساتين والمياه، وهي معجمة خاملة، وليس في شرقي ذلك كله مدينة مشهورة، ومعظم تلك الأراضي مجالات للتركمان. وفي آخر الجزء من الركن الشمالي، يلتوي نهر سيحون إلى الجنوب، وإلى الغرب. الجزء السابع: كله خال من مدينة مشهورة. وفي آخر عرضه يمر سيحون، وعليه مجالات التركمان، وفي شرقيه بلاد التبت. الجزء الثامن: أول ما يلقاك منه، جبال السهروجية، وهم قوم توالدوا بين القشمير والترك. ومدينة سهروج قاعدتهم، تحدق بها بحيرة حلوة من عيون تفور في داخلها. وموضوع المدينة، حيث الطول أربع وثلاثون درجة، والعرض خمس وأربعون درجة. وفي شرقي هذه البحيرة، بحيرة خرمان، يتربع حولها طوائف من الترك ووسطها، حيث الطول مائة وأربعون درجة. ويمتد من شرقها جبل فرغان، وهو عال طويل من المغرب إلى المشرق وهو مشهور عند الترك. الجزء التاسع: يمتد فيه الجبل المذكور إلى طول مائة وتسع وأربعين درجة، ثم يمتد باستدارة حول بحيرة البليعة، التي تبتلع كل ما وقع فيها. وفي شرقيها الجبل الأحمر، ويقال له جبل الجرذان، أنه يخرج من أثقابه جرذان يتنافس في لباس جلودهما ملوك تلك الجهات. وفي شرقي ذلك مدينة بغبورية، من مدن أذكش، من أجناس التركة. وهي كبيرة، وموضوعها حيث الطول مائة وثمان وخمسون درجة، والعرض اثنتان وأربعون درجة وثلاث وخمسون دقيقة. ويمر في شرقيها نهر، وفي شرقيه وجنوبيه أذكشيه، وهي قاعدة أذكش المقاربين لسد ياجوج وماجوج. وموضوعها، حيث الطول مائة وستون درجة، والعرض إحدى وأربعون درجة وثمان وثلاثون دقيقة.

الإقليم السابع

الجزء العاشر: أول ما يلقاك منه سد ياجوج وماجوج، الذي بناه ذو القرنين، بين الجبلين، وقد تقدم ذكر الباب في الإقليم الخامس. وفي شرقيه بلادهم، ومعظمها على نهر ياجوج الكبير. وعند قرب مصبه في البحر المحيط على جنوبيه مدينة ياجوج، وهي حيث الطول مائة وإحدى وأربعون دقيقة، على ما في جغرافية بطليموس. وفي شرقيها وجنوبيها مع مدينة ماجوج، على شمالي نهرهم، حيث الطول مائة وإحدى وسبعون درجة، والعرض اثنتان وأربعون درجة. وفي شرقي المدينتين البحر المحيط، الذي لا معمور فيه. الإقليم السابع العرض في آخره ثمان وأربعون درجة وسعته ثلاث درجات. الجزء الأول: أول ما يلقاك منه على البحر المحيط مصب نهر سموره الكبير، حيث الطول من سمت الجزائر الخالدات خمس درجات ونصف، والعرض ست وأربعون درجة. وتقع سموره قاعدة غليسية وأكبر مدائن الفنش، في جزيرة بين فرعين من هذا النهر، حيث الطول عشر درجان، والعرض ست وأربعون درجة، ولها ذكر في غزوات الناصر المرواني والمنصور بن أبي عامر. وكان المسلمون قد ملكوها، ثم استرجعها النصارى بالفتنة. وفي شماليها بانحراف للشرق مدينة ليون المنيعة، التي خرب سورها العظيم المنصور بن أبي عامر، وهي على نهر ينصب في سموره، حيث الطول عشر درجات وثلاثون دقيقة، والعرض ست وأربعون درجة وخمس وخمسون دقيقة. وفي الشمال والغرب شنت ياقو، فيها ياقو الحواريّ، ولها شأن عظيم عند النصارى، وهي على البحر المحيط، وحولها أنهار تنزل من جبل الفخيرة في شرقيها، وهي حيث الطول تسع درجات، والعرض تسع وأربعون درجة. وفي شماليها مدينة (..) ، وهي آخر ركن الأندلس الشمالي. ومنها يعدل البحر إلى المشرق، وهي على آخر خط الإقليم السابع، حيث الطول عشر درجات وعشر دقائق، والعرض ثمان وأربعون درجة. ويقع في هذا الجزء على بحر بريطانيا الداخلة إلى المشرق من البحر المحيط، مدينة شنترين. وهي من قرى غليسية المشهورة التي تخرج منها القراقر، حيث الطول ثلاث عشرة درجة، والعرض سبع وأربعون درجة وأربع وخمسون دقيقة. وفي شرقيها لرمد، وهي من فرض قنساله التي تخرج منها المراكب القراقر، حيث الطول ست عشرة درجة وثلاث وثلاثون دقيقة، والعرض قريب من آخر الإقليم السابع. وفي شرقيها من فرض قنساله، أردالس، وهي حيث الطول سبع عشرة درجة وإحدى وعشرون دقيقة، والعرض سبع وأربعون درجة وثمان وعشرون دقيقة. وفي شرقيها على مرحلة منها منتهى خليج بريطانية. وتبقى بينه وبين البحر المحيط قدر مرحلة.

الجزء الثاني: أول ما يلقاك منه مدينة سنسبين، وهي كثيرة القراقر في دخلة على البحر المحيط، حيث الطول تسع عشرة درجة، والعرض سبع وأربعون درجة غير ثمان دقائق. وفي شرقيها ساحل، ثم يدخل البحر المحيط إلى الإقليم السادس. ويرجع الإقليم السابع، فتكون على ساحله بلاد بيطو، وسكانها أحرار الفرنج، ومنها تختار الملوك لفرنسة إذا عدموا في فرنسة. وهي عادة متوالية. وفي شمالي بيطو، مصب نهر سن حيث الطول ست وعشرون درجة وثلاثون دقيقة. وفي وسط هذا النهر وجانبه، مدينة بريس قاعدة فرنسة. وهي ثلاث قطع كما تقدم في شرح مدينة الباب. فالوسط الذي في الجزيرة لفرنسيس، سلطان الفرنج. والجنوبية للجند، والشمالية لسائر تجارهم ورعيتهم. وهذا النهر ينزل من جبل دنبوس الكبير، ويقال له في الشمال جبل مليحه. ومن شرقيه منبع نهر دنبوس، الذي يقال أنه أكبر من النيل ومن جيحون، وهو مشهور بنهر دنوبا، ويسميه الترك طنا. وعلى جانبيه في جزيرة إلى مصبه في بحر القسطنطينية كثير من المدن والعمائر إلا أنها معجمة الأسماء خاملة الذكر عندنا. وفي جنوبي هذا النهر وشماليه، بلاد ألمانية الطويلة التي يقال أن فيها أربعين ملكاً، وسلطانها هو المعروف بالإمبراطور، ومعناه ملك الملوك، والعامة تقول الأنبرور. وقاعدتها القديمة المذكورة في الكتب بيصه، وهي حيث الطول اثنتان وثلاثون درجة، والعرض ست وأربعون درجة وسبع وعشرون دقيقة. وفي شماليها جبل الخرواسيا الكبير، وهو يتصل بجبال لومبرديه وجبال اسكفونيه، وعليه كثير من المعامل والحصون، وينصب منه كثير من الأنهار التي أسماؤها خاملة عندنا. وفي شمالي هذا الجبل مدينة سيقلو، تصنع فيها السيوف الألمانية المشهورة، ولها معدن حديد يجلب منها. ويقال أنه في مكان فيه، معدن حديد مسموم تصنع منه سيوف وخناجر، لا يبيح الملوك اكتشافها لغيرهم. وهذه المدينة حيث الطول ثلاث وثلاثون درجة وأربع وخمسون دقيقة، والعرض ست وأربعون درجة واثنتان وخمسون دقيقة. وفي شرقيها وسمت عرضها مدينة بقصين وهي مخصوصة بعلمائها وحكمائها. وهي حيث الطول أربع وأربعون درجة ونصف. الجزء الثالث: أول ما يلقاك منه بلاد الباشقرد. وهم ترك، جاوروا الألمانيين على عهد متوارث. وهم مسلمون من جهة فقيه تركماني بصّرهم بشرائع الإسلام. وأكثر عمائرهم على نهر دنوبا الكبير، وعلى جنوبيه قاعدتهم. وهي حيث الطول تسع وثلاثون درجة وثمان وعشرون دقيقة، والعرض ست وأربعون درجة وثمان وأربعون دقيقة، وهي مما دخله التتر وخربوه وأهلكوا أهله. وفي شرقيها، بلاد الهنقر، وهم ترك أخوة الباشقرد، تنصروا بمجاورة الألمانيين، ولهم مدائن وعمائر على النهر الكبير مستعجمة. وقاعدتهم مدينة ترنبو (؟) حيث الطول اثنتان وأربعون درجة، والعرض ست وأربعون درجة، وهذه أيضاً مما دخله التتر. وفي شرقيهم مدائن وعمائر كثيرة داخلة في مملكة الأشكري، صاحب القسطنطينية معجمة الأسماء إلى حد بحرها. وعلى البحر إلى آخر الجزء الثالث ساحل الدروب، وهو للنصارى، وأشهر ما هنالك زاغن، وهو حصن على البحر، وعلى مصب نهر البطال، وتسميه الروم الآن نهر زاغن. وذلك حيث الطول ثلاث وخمسون درجة، والعرض خمس وأربعون درجة وإحدى وأربعون دقيقة.

الجزء الرابع: أول ما يلقاك منه مدينة هرقلة القديمة، التي خربها الرشيد. وهي حيث الطول أربع وخمسون درجة وثلاث دقائق، والعرض ست وأربعون درجة وخمس وثلاثون دقيقة. وعلى شرقي النهر الذي ينزل من جبل العلايا، نهر الحور، لما عليه من شجره. وفي شرقيها من فرض الروم المشهورة مدينة كستيمونيه وهي للمسلمين، حيث الطول خمس وخمسون درجة ونصف، والعرض ست وأربعون درجة وثلاث وأربعون دقيقة. ويقال إن في جهاتها مائة ألف بيت للتركمان، والخيل والأكاديش والبغال والممالك تجلب من عندهم. وبينها وبين سنوب الفرضة المشهورة في شرقيها، التي في بحرها أسطول سلطان قونيه، ثلاثة أيام. وهي حيث الطول سبع وخمسون درجة، والعرض ست وأربعون درجة وأربعون دقيقة. وفي شرقيها بميلة إلى الجنوب، مدينة أماسيا من مدن الحكماء، وهي مشهورة بالحسن، وبكثرة المياه والكروم والبساتين، وبينها وبين سنوب ستة أيام. والطريق إليها في جبال الصنوبر، كلها أخشاب ومياه تنحدر من هذه الجبال بقطع أخشاب الإنشاء لدار صناعة سنوب. ونهر أماسيا يمر على مدينة اماسيا، وينصب في بحر سنوب. وفي شرقيه سيمسون من فرض الروم المشهورة، يشقها نهر عليه أرجاء كثيرة. وهي حيث الطول تسع وخمسون درجة وعشرون دقيقة، والعرض ست وأربعون درجة وثمان وثلاثون دقيقة. وفي شرقيها تمتد من غرب إلى شرق، ومع ساحل البحر جبال جاتيك، فيها قوم عصاة حفاة، يدينون بالنصرانية. وفي جنوبي هذه الجبال، أرز الروم، التي تقدم ذكرها في الإقليم السادس. ومن اماسيا التي تقدم ذكرها، إلى مدينة نيكسار في الجنوب والشرق، ثمانية فراسخ، كلها جبال ذات أخشاب، وعيون جارية وأودية. ومن نيكسار إلى كمنه ثمان فراسخ. ومن كمنه إلى تقات، وهي من بلاد سلطان الدروب المشهورة، خمس فراسخ. ومن هذه القلعة إلى سيواس التي تقدم ذكرها، ست فراسخ. وفي شرقي جبال جاتيك على نهر سينوب مدينة أطرابزند، وهي فرضة مشهورة يقصدها طرائف العجم لأسواقها من الأقطار، وأكثر سكانها من الكبكز. وفي جنوبيها ممتد إلى الشرق جبل الكبكز الكبير، ويقال له جبل الألسن لكثرة ما فيه من اللغات، وهو جبل متصل بجبل الباب. ومعظم الكبكز مسلمون يحجون، وفيهم نصارى. وموضوع مدينتهم أطرابزند، على البحر حيث الطول أربع وستون درجة ونصف، والعرض ست وأربعون درجة وستون دقيقة. وفي شرقيها مدينة الكسا، وهم جنس من الترك تنصروا وتمدنوا. وموضوعها على البحر، حيث الطول ست وستون درجة، والعرض ست وأربعون درجة وثلاث وخمسون دقيقة. وفي شرقيها مدينة اذكشيه، يسكنها قوم من الأذكش، وهم من أجناس الترك تبصروا بالمجاورة. وهي على البحر، حيث الطول سبع وستون درجة وثلاث عشرة دقيقة، والعرض ست وأربعون درجة وأربعون دقيقة. وفي شرقيها على البحر الابخاز، وهي فرضة الكرج وهم نصارى. وموضوعها حيث الطول ثمان وستون درجة وثمانون دقيقة، والعرض ست وأربعون درجة. وفي شرقيها على البحر علانية، وهي مدينة يسكنها قوم من العلان، وهم ترك تنصروا. وموضوعها حيث الطول تسع وستون درجة ودقائق، والعرض ست وأربعون درجة. والعلان خلق كثير في تلك الجهة، وخلف باب الأبواب. ويجاورهم قوم من الترك، يقال لهم الأس وعلى منزعهم وعلى دينهم. وفي شرقي علانيه على جون في آخر منتهى بحر سينوب مدينة خزرية، وهي منسوبة إلى الذين أفناهم الروس. وقد يسمى هذا البحر ببحر الخزر نسبة لها، وهي حيث الطول إحدى وسبعون درجة، والعرض خمس وأربعون درجة وثلاثون دقيقة، وهي على نهر ينصب في البحر من جهة شماليها.

المعمور في شمالي الأقاليم السبعة

الجزء الخامس: أول ما يلقاك منه جبل القبق، وفيه، حيث يمكن التولج منه إلى الشمال، السور الذي بناه أنو شروان ملك الفرس، بين بحر طبرستان وبحر سينوب. وفي هذا السور، بني الأبواب التي قيل أنها كانت سبعة لكل أمة من الأمم التي في شمالي هذا السور، وعليه حصن فيه حفظ، كانوا يمنعون تلك الأمة التي تلي ذلك الباب من الدخول عليه إلى بلاد الأكاسرة. وأعظم هذه الأبواب باب الحديد، وهو يعرف إلى الآن كذلك. وعلى دور الجبل إلى جانبه قلعة العلان التي هي إحدى قلاع العالم، وهي ملثمة بالسحاب. وهي حيث الطول ثلاث وسبعون درجة وأربع وعشرون دقيقة، والعرض خمس وأربعون درجة وأربعون دقيقة. ويقال أن التتر قاسوا عليها شدة، ولم يأخذوها إلا بالحيل بعد مدة. وما في شمالي هذا السور اليوم، فهو في حيز ابن بركة من التتر المسلمين. وما في جنوبيه لابن هلاون، سلطان التتر الكفار. وقاعدة هذه الأبواب وسلطنتها هي مدينة الباب، وقد تقدم ذكرها في آخر عرض الإقليم السادس. ويستغرق عرض هذا الإقليم السابع نهر اتل الذي يشق مدينة الباب. وفي شرقيه بحر طبرستان. وتقع في هذا الجزء جزيرة (..) ، وهي أربع جزر في هذا البحر وطولها نحو مائة ميل. وآخرها الشرقي، حيث الطول إحدى وثمانون درجة، واتساعها نحو خمسين ميلاً. وفي شرقي هذا البحر مجالات العربة من الترك، وفي شرقيهم من هذا الجزء نصف بحيرة خوارزم التي تقدم ذكرها. ويقع مصب سيحون فيها في ثلث عرض الإقليم. الجزء السادس: أول ما يلقاك منه، جبل أصغرون، الطويل العالي، الذي لا يبرح الثلج منه. وهو ممتد حتى يستغرق طول هذا الجزء، وتنحدر منه أنهار إلى نهر اتل الكبير، وهو جار في شماليه، مع آخر عرض الإقليم السابع وخارجاً منه. وفي جنوبيه السور المعروف (..) الذي بناه المسلمون في وجه الكفار الترك الذين بالشمال. وهو ممتد من عطفة سيحون إلى جبل باب الفضل بن يحيى، نحو سبعة وعشرين يوماً، وعليه ثلاثة حصون في طرفه ووسطه. الجزء السابع: ليس فيه مدينة مذكورة، وإنما هو مجالات، لأصناف من الترك على نهر سيحون من جنوبيه، ونهر أتل من شماليه. الجزء الثامن: أول ما يلقاك منه، منبع سيحون وهو خارج من بحيرة بعضها خارج الإقليم السابع إلى ما خلفه في الشمال والمنبع عن شرقي البحيرة، حيث الطول مائة وثلاثون درجة. والبحيرة مدورة طولها مثل عرضها نحو درجة، وفي شرقيها منبع اتل من جبال الشهروجية، حيث الطول مائة واثنتان وثلاثون درجة، والعرض مع آخر الإقليم السابع. ثم يتقوس إلى ما خلفه، ثم يستقيم ماراً فيه، وله دخلات وخرجات حتى ينصب في بحر طبرستان. وفي شرقه جبال الشهروجية، المتصلة بجبل القشمير، ويميل منها إلى الجبل الكبير الذي يقال له سلسلة الأرض، حتى يستغرق طول هذا الجزء معرجاً فيه من الركن الجنوبي إلى الركن الشمالي، حتى يتصل بجبل قوقايا. الجزء التاسع: ليس فيه عمارة، بل يستغرق جميعه البلاد التي خربتها ياجوج وماجوج قبل بنيان السد. وفي آخره الجبل المحيط بهم. الجزء العاشر: جميعه خلف الجبل في بلاد ياجوج وماجوج. وفي آخره الشرقي ينصب نهر ياجوج الكبير في المحيط، بالمشرق. المعمور في شمالي الأقاليم السبعة والعرض عند آخره من أول العمارة في الجنوب، ثمانون درجة، ومن خط الاستواء أربع وستون درجة، ووسعه ست عشرة درجة، ولا يمكن العمارة بعده في الشمال، لأن الشمس لا تطلع على تلك الجهة. الجزء الأول من المعمور خلف الأقاليم: أول ما يلقاك منه في البحر المحيط، بالمغرب، جزيرة بريطانية. وأولها من جهة الجنوب والمغرب، حيث الطول تسع درجات، من سمت الجزائر الخالدات، والعرض مع آخر الإقليم السابع، ثم يدخل البحر فيها نحو درجة وثلث، ثم يرجع إلى خط الإقليم السابع. ويقال لهذا البحر، الخارج من البحر المحيط، بحر بريطانية. وهو مكتنف لهذه الجزيرة من جنوبيها، والبحر المحيط من سائر جوانبها، وبقي لها مدخل إلى بلاد الأندلس من الجهة الشرقية الجنوبية في آخر هذا الجزء. ومسافة هذه الجزيرة في الطول، ثمانية عشر يوماً من الجانب الجنوبي، واتساعها نحو أحد عشر يوماً في الوسط، ولا مياه فيها، إلا من المطر، ولها ملك منفرد قاعدته مدينة بريستل حيث الطول ثلاث عشرة درجة، والعرض تسع وأربعون درجة واثنتان وأربعون دقيقة.

الجزء الثاني من المعمور خلف الأقاليم: أول ما يلقاك منه جزيرة بلله (؟) وهي صغيرة معمورة تقع الحرب عليها بين صاحب انكلترة وبريطانية، لأنها بين الحدين، وطولها من شمال إلى جنوب، بانحراف إلى المشرق، نحو مائة ميل. ويقال إن فيها شجراً تخرج منه طيور كالدجاج، وهذا مستفيض عند الفرنج، كاستفاضة الخرفان التي تخرج من القرع عند الترك. وفي شرقي هذه الجزيرة، جزيرة انكلترة، وصاحبها الانكتار المذكور في تاريخ صلاح الدين في حروب عكا، وقاعدته مدينة لندرس، حيث الطول اثنتان وعشرون درجة وعشرون دقيقة، والعرض ثمان وأربعون درجة وخمس عشرة دقيقة. وبعض الجزيرة داخل في الإقليم السابع، وفيها مدن كبيرة وعمائر معجمة خاملة الذكر عندنا. وطول هذه الجزيرة من الجنوب إلى الشمال، بانحراف إلى المغرب والمشرق، نحو أربعمائة وثلاثين ميلاً، واتساعها في الوسط نحو مائتي ميل. وفي هذه الجزيرة الذهب والفضة والنحاس والقصدير، وليس فيها كروم لشدة الجمد، فأهلها يحملون جواهر هذه المعادن في البحر، ويدخلون بها فرنسا، ويتعوضون بذلك بالخمر. وصاحب فرنسا إنما كثرة الذهب والفضة عنده من ذلك. وعندهم يصنع الاسكرلاط العالي. وفي هذه الجزيرة غنم لها صوف ناعم كالحرير فيجعلون عليها جلالاً يقيها من الأمطار والغبار. ومع غناء الانكنار ووسع مملكته، فإنه يقر بالسلطنة للفرنسيس، وإذا كان مجتمع حفل، خدمه بان يحط قدامه زبدية طعام، وهي عادة متوارثة. وفي شمالي انكلترة وبعض شمالي بريطانية، جزيرة إيرلندة، وهي داخلة في الجزء الأول وفي الثاني. ومسافة طولها نحو اثني عشر يوماً، وعرضها في الوسط نحو أربعة أيام، وهي مشهورة بكثرة الفتن، وكان أهلها مجوساً، ثم تنصروا اتباعاً لجيرانهم. ويجلب منها أيضاً النحاس والقصدير الكثير. وفي الشمال من هذا الجزء الثاني جزيرة جرمونيه (؟) طولها اثنا عشر يوماً، وعرضها في الوسط نحو أربعة أيام، ومنها تجلب السناقر الجياد. وفي غربيها جزيرة السناقر البيض. طولها من غرب إلى شرق نحو سبعة أيام، وعرضها نحو أربعة أيام. ومنها ومن الجزائر الصغار الشمالية، تجلب السناقر التي تحمل من هنالك إلى سلطان مصر. ورسم الخارج منها في خزانته ألف دينار، وإن أتوا به ميتاً دفع لهم خمسمائة دينار. وعندهم الدب الأبيض يدخل البحر ويصيد السمك ويخطف ما فضل أو ما غفلت عنه هذه السناقر، ومن ذلك عيشها، إذ لا تطير هناك من شدة الجمد. وجلود هذه الدببة ناعمة. وعلى البحر المحيط في هذا الجزء، غراز، وهي قاعدة أحد ملوك الصقلب إلى جهة الغرب. وقد استولى على جميع بلاد الصقالبة، الألمانيون والهنقر والباشقرد. وهذه المدينة مشهورة، وهي متحصنة في وسط بحيرة مالحة كبيرة، ولا يدخل إليها إلا على جسر مصنوع، وهي حيث الطول أربع وثلاثون درجة ونصف، والعرض خلف الإقليم، ثمان درجات ونصف. وفي شرقيها من القواعد التي كانت للصقلب، فاستولى عليها المذكورون كوياتية. ويقال أنها كانت لأعظم ملوك الصقالبة الموصوفون بالكبر. ومرساها في البحر المحيط، مقصود، تتجمع فيه المراكب الكبيرة، وهو أحسن مراسي تلك الجهة. وقيل إن لها اثني عشر باباً. وفي شرقيها من قواعد ملكهم، صاصين، وهي على البحر المحيط. الجزء الثالث من المعمور خلف الأقاليم:

وعلى عشرة أيام من صاصين للمشرق، مدينة مشقه وكان صاحبها من الصقلب، واسع الملك، ضخم العسكر. وهي حيث الطول ثلاث وأربعون درجة، والعرض ثمان درجات عن الإقليم السابع. ويقع في هذا الجزء، مدينة النساء، والصحارى محدقة بها، وهي حيث الطول أربع وأربعون درجة، والعرض تسع درجات عن الإقليم السابع، ولا ملك عليهن إلا امرأة. ولهنّ في تلك الصحارى مماليك، إذا كان الليل طرق كل مملوك باب سيدته وبات معها ليلة، فإذا كان السحر، انصرف إلى مكانه، فإن ولدت المرأة ولداً قتلته، وإن ولدت بنتاً أحيتها، ولا يظهر رجل في بلدهن البتة. وفي البحر المحيط الذي في هذه الجهة الشمالية، جزيرة النساء. طولها من شرق إلى غرب، بانحراف إلى الجنوب، نحو مائتين وخمسين ميلاً، وعرضها في الوسط نحو مائة وعشرين ميلاً. ووسطها حيث الطول ثمان وثلاثون درجة، والعرض ستون درجة من خط الاستواء. وفي شرقيها، جزيرة الرجال، وبين الجزيرتين، مجاز عرضه عشرة أميال. وطول جزيرة الرجال، من غرب إلى شرق نحو مائتين وسبعين ميلاً، وعرضها في الوسط، نحو مائة وسبعين ميلاً. ولا تجتمع الرجال بها، ولا النساء المذكورات، إلا شهراً واحداً في السنة، وهو وقت الاعتدال عندهم، تركب الرجال في الزوارق إلى جزيرة النساء، ويعرف كل رجل امرأته، فيحيا معها مدة الشهر، ثم يرجع إلى جزيرة الرجال، فإن ولدت المرأة ذكراً، ربته حتى يصير في حد الرجال، فترسله إلى جزيرتهم، وإن ولدت أنثى، أسكنتها مع النساء. وفي شرقي هاتين الجزيرتين، جزيرة الصقلب الكبيرة، التي لا معمور في البحر المحيط خلف شرقيها، ولا شماليها. وطولها نحو سبعمائة ميل، واتساعها في المحيط الوسط نحو ثلاثمائة ميل وثلاثين ميلاً. وفيها جبال وأنهار، ومدن وعمائر، وخلق كثير. ويقال أنهم باقون على التمجس، وعبادة النار، ولا يرون أعظم منها منفعة، ولا سيما حين ينزل الجمد عندهم. والزروع في هذه الجزيرة وشبهها، لا تبلغها الشمس، وإنما تنبت بالدخان، وقرب النيران. وذكر صاحب جغرافية اجار، أن فيها قوماً قد التصقت رؤوسهم بأكتافهم، وأكثر ما يسكنون في الشجر، يحفرونها ويدخلون فيها. وقاعدة هذه الجزيرة، مدينة برغادنا التي يسمى بها البرغار، ويقال أن أصلهم من هذه المدينة. وهي على البحر المحيط، حيث الطول خمس وأربعون درجة ونصف، والعرض سبع وخمسون درجة. وآخر ما ينتهي إليه ظهور البحر المحيط، هو آخر هذا الجزء بالمشرق، وذلك في نهاية المعمور، في الشمال، وبذلك مدينة البروس، وهم أمة عاتية أجهل من الروس، والروس في شرقيهم وفي جنوبيهم. وفي الكتب إن وجوههم كالكلاب، وذلك دليل على الشجاعة. ويقال أن الواحد منهم، يخرج إلى العسكر، ويقاتل وحده، حتى يقتل تهوّراً وإقداماً على الموت. وفي هذا الجزء، بلاد كثيرة معجمة على شط نهر دنست، وهو أحد أنهار العالم الكبار، ومنبعه من جبل الصقلب الكبير الملتوي مع البحر المحيط، حتى يتصل بالجبل الأعظم، المعروف بقوقايا وأول جزيرة في هذا النهر، حيث الطول اثنتان وأربعون درجة ونصف، والعرض أربع وخمسون درجة وثلاثون دقيقة. ويمر مغرباً نحو شهر، ثم يلتوي مشرقاً، فيبقى بين الذراعين، جزيرة طويلة عريضة، فيها من العمائر والمدن شيء كثير، ولا يزال مشرقاً حتى ينصب في بحر سوداق، وقد بقي بينه وبين تمام هذا الجزء نحو مائة ميل. وأما نهر دنبوس، الذي تسميه الترك طنا، فإنه ينقسم حين يقارب بحر سوداق على ستة فروع، وتنصب جميعها في أماكن متقاربة، حيث الطول ثمان وأربعون درجة، وسبع وثلاثون دقيقة. وآخرها ينصب إلى الشمال، حيث الطول عنده تسع وأربعون درجة ونصف. ودنست ينصب في شمالي البحر المذكور، حيث الطول اثنتان وخمسون درجة، والعرض خمسون درجة. وبعدها يغرب إلى حيث الطول ثمان وعشرون درجة، ثم يشرق. الجزء الرابع من المعمور خلف الأقاليم:

أول ما يلقاك منه من الفرض المشهورة مدينة سوداق. وأهلها أخلاط من الأمم والأديان، والأمر فيها راجع إلى النصرانية. وهي على بحر نيطش، الذي يسافر فيه التجار منها إلى خليج القسطنطينية. وفي سمتها من الجانب الجنوبي، مدينة سينوب، الفرضة المشهورة. وعرض البحر بينهما نحو مجراوين وثلث. وموضوع سوداق حيث الطول ست وخمسون درجة، والعرض إحدى وخمسون درجة. وفي شرقيها مدخل بحر مانيطش، من بحر نيطش المتقدم الذكر. وعرضه نحو ثلاثين ميلاً، وامتداده من الجنوب إلى الشمال، نحو ستين ميلاً، ثم يتسع البحر، فيصير عرضه من غرب إلى شرق، نحو مجراوين وثلث، ويصير عرضه من جنوب إلى شمال، نحو مائة وستين ميلاً. وفيه جزائر تسكنها الروس، وكذلك يقال له بحر الروس، وهم الآن على دين النصرانية. وينصب في شمالي هذا البحر نهر يخرج من بحيرة طنا الكبيرة. وعلى جانب هذا النهر، من الضفة الغربية روسيا، وهي قاعدة الروس، وهم خلق كثير وفي وجوههم طول. وهذه المدينة حيث الطول سبع وخمسون درجة واثنتان وثلاثون دقيقة، والعرض ست وخمسون درجة، ولها على بحر نيطش ومانيطش مدن كثيرة معجمة. وفي شرقيها بحيرة طوما الكبيرة، طولها من المغرب إلى المشرق، نحو ستمائة ميل وثلاثين ميلاً، وعرضها في البر المشرقي نحو ثلاثمائة ميل. وفي وسطها جزيرة أليس، طولها نحو مائة وخمسين ميلاً، وعرضها نحو سبعين ميلاً. وفيها قلعة مانعة على جبل تكون فيه خزائن سلطان بلاد الطومانيين. وفيها اليوم أموال ولد بركة. وهي حيث الطول ست وستون درجة ونصف، والعرض ست وخمسون درجة وثمان وثلاثون دقيقة. وإنما نسبت هذه الجزيرة إلى (..) لأنه موجود فيها. وهو حيوان يشبه الأسد في قوته. وينزل إلى هذه البحيرة أنهار كثيرة، ذكر البيهقي أنها نيف على مائة نهر، وأكبرها نهر طنابرس الطويل الكبير المد، الذي عليه كثير من عمائر البلغار والترك. وعلى هذه البحيرة مدن كثيرة وعمائر غزيرة. وأكثر سكانها البلغاريون ومعظمهم مسلمون، وفيهم نصارى. والقاعدة المشهورة في هذا الصقع طوما، التي تنسب إليها البحيرة. وهي حيث الطول تسع وستون درجة، والعرض ثلاث وخمسون درجة وسبع وعشرون دقيقة. وفي جنوبيها إلى بحر نيطش شعراء البقس منها تجلب إلى سائر أقطار الدنيا. والعجب أنها قليلة المسافة عرضاً وطولاً. وتعم بلاد الشرق والغرب لما جعل الله تعالى فيها من النمو وسرعة الخلف. وفي شرقي هذه الشعراء على البحر، مدينة مطرخا، لها بلاد وملك منفرد بنفسه، وهي على ركن البحر الشرقي في الشمال، حيث الطول إحدى وخمسين درجة. ويقع في شمالي هذا الجزء الرابع، مدينة سقسين المشهورة، وهي حيث الطول، سبع وستون درجة، والعرض ثلاث وخمسون درجة. وفي شرقيها مدينة سود، وهي أيضاً مشهورة مضافة إليها. وفي شرقي سقسين مدينة قراغت، حيث الطول ثمان وسبعون درجة، والعرض ثلاث وخمسون درجة. وفي شرقيها بلغار، وهي مدينة من أخشاب، حيث الطول اثنتان وثمانون درجة ونصف، والعرض ثلاث وخمسون درجة ونصف. الجزء الخامس من المعمور خلف الأقاليم:

أول ما يلقاك في جنوبيه، مدينة السرير، وهي قاعدة بلاد السرير. وكان بعض الأكاسرة قد وضع هنالك سريراً لبعض أقاربه، واستنابه بتلك الجهة، فعرفت ببلاد السرير. وأهلها أخلاط من العرب والترك. وهي حيث الطول أربع وسبعون درجة، والعرض خمسون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة، وهي على جبل يتصل بجبل الألسن الذي فيه البواب. ومن هذا الجبل ينول نهر الغنم الذي ينصب في بحر خزريه، وفي شرقي مدينة مطرخا، وهو كبير يحمل في الشتاء، وتعبر الدواب عليه. وفي جنوبيه، ينصب نهر أتل الصغير، يأتي من نحو أتل الكبير، ويمر في جنوبي نهر الغنم، فيبقى بينهما جزيرة عرضها نحو ثلاث مراحل. وكان عسكر هلاون قد عبر هذين النهرين إلى قتال عسكر بركة، فكسرهم عسكر بركة، وغرقوا في رجوعهم في نهر الغنم الأول، ثم غرق الذين خلصوا، في النهر الآخر، وكانوا قد جازوا عليه في الثلج فانخسف بهم. ويقال إن الدروع والجواسق تخرج من هذين النهرين إلى الآن. وفي شرقي مدينة السرير، مدينة برطاس قاعدة هذا الجنس من الأتراك، حيث الطول ست وسبعون درجة، والعرض خمسون درجة واثنتان وخمسون دقيقة. وهي على طرف جبل قرمانيا الكبير، الدائر من شماليها نحو ثمانية وثلاثين يوماً إلى جانب نهر طنابرس، ومنه تنزل أنهار كثيرة إلى بحيرة طوما. ولبرطاس مجالات كثيرة على نهر اتل الذي في شرقهم وجنوبيهم. وفي شرقي برطاس دخلة من بحر طبرستان كبيرة. وفي شرقيها بحيرة مازغا، دورها نحو ثمانية أيام، وتنزل إليها أنهار كثيرة من جبل أصغرون الكبير، المنعطف من الإقليم السابع عليها. ومنه يخرج نهر مازغا الكبير وينصب فيها، ويخرج منها نهر ينصب في نهر اتل الطويل. وعلى هذا الجبل في هذا الجزء، قلعة دندره، وفيها يجعل ملك برطاس ذخائره، ومنه يغير على العربة، ومن يتربع حول هذه البحيرة من أجناس الترك. وهي حيث الطول سبع وأربعون درجة ونصف، والعرض إحدى وخمسون درجة. وعلى هذا الجبل أيضاً، قلعة درمو، فيها يجعل ملك العربة ذخائره، ومنها يغير على البرطاس وغيرهم. وهي في آخر طول الجزء الخامس، والعرض خمسون درجة واثنتان وخمسون دقيقة. وفي شمالي هذا الجزء مجرى نهر طنابرس الكبير، وعليه مدينة سقسين التي تقدم ذكرها وبها الآن ولد بركة ملك التتر المسلمين، وفيها مدارس ومساجد. الجزء السادس من المعمور خلف الأقاليم: ليس فيه بلد مذكور ولا معلم مشهور. وفي جنوبيه نهر أتل الطويل، وفي شماليه يمر نهر طنابرس الذي ينصب في بحيرة طوما من الجبل الأحدب العالي المتصل بالجبل الكبير الممتد مع آخر العمارة بالشمال، وذلك حيث الطول مائة وسبع درجات ونصف، والعرض إحدى وستون درجة. وفي جنوبي هذا الجبل، جبل ارستانا، الممتد من الشرق إلى الغرب، وينزل منه نهران كبيران إلى نهر أتل. الجزء السابع من المعمور خلف الأقاليم: أول ما يلقاك منه جبل اسقاسيا، الممتد من الشمال إلى الجنوب، وينزل منه ثلاثة أنهار إلى نهر أتل الطويل. وفي جهات هذا الجبل بلاد القمانية، وهم من أجناس الترك، ولهم اعتناء بالنجوم واشتغال بأحكامها، وهم يعبدونها. ولهم في هذا الجزء بحيرة عنقور، طولها من المشرق إلى المغرب بانحراف للجنوب، أحد عشر يوماً، وعرضها أربعة أيام. ويدور بها من جهة المغرب جبل طغورا قاعدة القمانيه، وهي حيث الطول مائة وست عشرة درجة، والعرض خمس وخمسون درجة، وبها مدن، على الأنهار النازلة من هذا الجبل وعلى البحيرة، خاملة الأسماء. الجزء الثامن من المعمور خلف الأقاليم:

أول ما يلقاك منه جبل البجناك، وهو معترض من الشمال إلى الجنوب، يخرج منه نهران، والشمالي يغرب ويكون عنه بحيرة دورها نحو مائة ميل، وعلى جانبها الغربي، بجناكبة، وهي قاعدة خاقان البجناك. وهم أمة من الترك يحرقون أنفسهم ويحرقون من وقع إليهم. وهذه المدينة حيث الطول مائة وخمس وعشرون درجة، والعرض خمس وخمسون درجة. وهي واقعة في آخر الجزء السابق. وللبجناك جبل ثان ينعطف من الإقليم السابع، ويمر متصلاً بجبل الشهروجية، وينحدر منه نهر إلى بحيرة، يكون عرضها مائة ميل، وكذلك طولها. وعليها وعلى النهر المذكور، مدن للبجناك خاملة الأسماء. ويخرج من هذه البحيرة، نهر يمر مغرباً إلى بحيرة أخرى على مدينة طيغوا، وهي لملك من البجناك، يحاربه صاحب بجناكية، مع أن الخاقانية عندهم متوارثة في عقبه. وهي حيث الطول مائة وثلاثون درجة، والعرض اثنتان وخمسون درجة ونصف، وشرقي البجناك الأرض المنتنة، لا يقدر أحد على سلوكها إلا بالروائح الطيبة وهي خالية. وفي شماليها بلاد سحرت، وهم كفار، لا يدخل إليهم أحد إلا قتلوه. الجزء التاسع من المعمور خلف الأقاليم: أول ما يلقاك في جنوبيه الأرض المحفورة، وهي مدورة، عرضها أربعة أيام وكذلك طولها، وزعموا أنها مسكونة بقوم لا يقدرون على الصعود، ولا يستطيع أحد النزول إليهم لبعد عمقها. ويشقها الجبل الكبير، المعروف بسلسلة الأرض. وحدها الشرقي حيث الطول، مائة وسبع وأربعون درجة ونصف، وحدها الجنوبي، في آخر عرض الإقليم السابع. وفي شماليها بلاد الخفشاق. ذكر البيهقي أنهم الذين صاروا يعرفون بالنقجار وعرجوا إلى بلاد القسطنطينية. وكان لهم ملوك كثيرة في المغرب، ففرق التتر شملهم ورأوا شجاعتهم فصيّروهم يركبون معهم. وفي آخر هذا الجزء انعطاف الجبل المحيط بياجوج وماجوج، واتصاله بالجبل المعروف بسلسلة الأرض. الجزء العاشر من المعمور خلف الأقاليم: جميعه داخل في بلاد ياجوج وماجوج وآخره المحيط بالمشرق. كموله والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد.

§1/1